كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
لَهُ بِهَا وَلَمْ يُزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ سُلِّمْت لِلْمُدَّعِي لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ بِالْحُكْمِ فَيُسْتَصْحَبُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ زَوَالَهُ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْحَاكِمَ حَكَمَ لَهُ بِهِ فَقَدْ قِيلَ الْحُكْمُ الْأَخِيرُ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَوَّلَ اُسْتُصْحِبَ حُكْمُهُ إلَى وَقْتِ الْحُكْمِ الثَّانِي ثُمَّ ثَبَتَ زَوَالُ الْمِلْكِ بِمُوجِبِ الْحُكْمِ الثَّانِي وَقِيلَ يَتَعَارَضُ الْحُكْمَانِ وَيَبْطُلَانِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ الشَّيْءَ مِلْكٌ وَادَّعَى خَصْمُهُ أَنَّهُ فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَبَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَوْلَى فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ فَالثَّانِي أَوْلَى بِهِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِمِلْكِهِ وَيَدِهِ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَقَدَّمْت أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا قُطِعَ بِإِثْبَاتِ الْمَشْهُودِ بِهِ فَكَأَنَّهُ خَامَرَ قَلْبَهُ رَيْبٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ بِإِثْبَاتِ الْمَشْهُودِ بِهِ
( فَصْلٌ وَإِنْ تَعَارَضَتَا ) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ ( وَلِأَحَدِهِمَا ) أَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ ( يَدٌ ) وَيُسَمَّى الدَّاخِلَ ( قُضِيَ لَهُ ) بِمَا ادَّعَاهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُ بَيِّنَتِهِ لِتَرَجُّحِهَا بِالْيَدِ كَخَبَرَيْنِ مَعَ أَحَدِهِمَا قِيَاسًا وَإِنَّمَا لَمْ تُرَجَّحْ الْبَيِّنَةُ بِهَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ اللَّقِيطِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ بِخِلَافِ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ أَنْ تُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَبَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ بَيِّنَتِهِ لِيَقْضِيَ لَهُ كَمَا فِي الْخَارِجِ ( وَإِنَّمَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ مَعَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ ) لَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً وَتُسْمَعُ حِينَئِذٍ ( وَإِنْ لَمْ تُعَدَّلْ ) بَيِّنَةُ الْخَارِجِ لِأَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الزَّوَالِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى دَفْعِ الطَّاعِنِ عَنْهَا وَحَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ مَنْعَ إقَامَتِهَا قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي إقَامَتِهَا دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الدَّاخِلِ بِتُهْمَةِ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ فَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ سَمَاعَهَا قَبْلَ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ لِدَفْعِ ضَرَرِ التُّهْمَةِ قَالَ فَإِذَا أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ فَهَلْ يَحْتَاجُ الدَّاخِلُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْإِعَادَةِ ( وَتُسْمَعُ ) بَيِّنَتُهُ ( بَعْدَ الْحُكْمِ ) لِلْخَارِجِ ( وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ ) لِلْمَالِ إلَيْهِ .
( وَكَذَا ) تُسْمَعُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ ( إنْ أَسْنَدَتْ ) أَيْ الْمِلْكَ ( إلَى مَا قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَاسْتِدَامَتِهِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى ( وَاعْتَذَرَ ) الدَّاخِلُ بِغَيْبَةِ ( شُهُودِهِ ) أَوْ نَحْوِهَا ( وَتُقَدَّمُ ) عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِي الْحَالَيْنِ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ أَمَّا سَمَاعُهَا وَتَقْدِيمُهَا فِي
الْأَوَّلِ فَلِبَقَاءِ الْيَدِ حِسًّا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْيَدَ إنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ وَقَدْ ظَهَرَتْ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْنَدْ الْمِلْكُ إلَى مَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَأَسْنَدَتْهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَذِرْ بِمَا مَرَّ ( فَهُوَ ) الْآنَ ( مُدَّعٍ خَارِجٌ ) فَلَا يُقَدَّمُ ( وَإِنْ قَالَ الْخَارِجُ ) هُوَ ( مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك ) وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً ( قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالِانْتِقَالِ ( أَوْ عَكْسُهُ ) بِأَنْ قَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً ( فَالدَّاخِلُ ) تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُقَدَّمٌ فَهُنَا أَوْلَى وَكَذَا لَوْ قَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي وَرِثْته مِنْ أَبِي وَقَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَفِي قَوْلِ الدَّاخِلِ ) لِلْخَارِجِ ( اشْتَرَيْته مِنْك لَا تُنْزَعُ يَدُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ بَيِّنَتَهُ فَإِنْ قَالَ هِيَ غَائِبَةٌ اُنْتُزِعَ ) الْمَالُ ( فَإِنْ بَانَ عَدَمُهَا اُسْتُرِدَّ ) قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ إلَى هُنَا سَهْوٌ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّ الدَّاخِلَ فِي قَوْلِهِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْك لَا يُنْتَزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ إقَامَتِهِ بَيِّنَتِهِ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فَالتَّأْخِيرُ إلَى إقَامَتِهَا سَهْلٌ فَلَا مَعْنَى لِلِانْتِزَاعِ وَالرَّدِّ فَإِنْ قَالَ هِيَ غَائِبَةٌ اُنْتُزِعَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ فَإِنْ أَثْبَتَ مَا يَدَّعِيهِ اُسْتُرِدَّ قَالَ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا فَقَالَ الْخَصْمُ أَبْرَأَنِي مِنْهُ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لَا يُلْزَمُ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ إقَامَتِهَا ( وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( الشِّرَاءَ مِنْ الْآخَرِ وَأَقَامَ ) بِهِ ( بَيِّنَةً وَجَهِلَ التَّارِيخَ قُدِّمَ الدَّاخِلُ ) لِانْفِرَادِهِ بِالْيَدِ
( قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَارَضَتَا وَلِأَحَدِهِمَا يَدٌ قُضِيَ لَهُ ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ { أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَضَى لِلَّذِي بِيَدِهِ } وَدَخَلَ فِي إطْلَاقِ الْيَدِ الْحُكْمِيَّةِ كَالتَّصَرُّفِ وَالْحِسِّيَّةِ كَالْإِمْسَاكِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ إلَخْ ) وَلَا فَرْقَ فِي تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ بَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَا سَبَبَ الْمِلْكِ أَوْ تُطْلَقَا وَلَا بَيْنَ إسْنَادِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِطْلَاقِهِمَا وَأَنْ يَتَّفِقَ السَّبَبَانِ أَوْ يَخْتَلِفَا وَبَيْنَ إسْنَادِهِ إلَى شَخْصَيْنِ وَكَذَا إلَى شَخْصٍ إذَا لَمْ يَسْبِقْ تَارِيخُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ ( قَوْلُهُ فَإِنَّ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ سَمَاعَهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْإِعَادَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتُسْمَعُ بَعْدَ الْحُكْمِ ) وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَتَكْفِيهِ هُنَا الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ وَمُرَجَّحٍ لِبَقَاءِ يَدِهِ .
( قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ شُهُودِهِ ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ فِي الْبَهْجَةِ وَأَصْلِهَا وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْعُذْرُ إنَّمَا يُطْلَبُ إذَا ظَهَرَ مِنْ صَاحِبِهِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ قُلْت وَلَعَلَّ ذِكْرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّصْوِيرِ دُونَ التَّقْيِيدِ ع وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ جَمَاعَةٌ فِي التَّصْوِيرِ وَعَلَى مُقْتَضَاهُ فَلَا يَنْبَغِي الْحَصْرُ فِيهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بَلْ لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِأَنَّهَا تُسْمَعُ مِنْهُ مَعَ حُضُورِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ ر وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ وَإِنْ قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَجَرَى عَلَيْهِ هُنَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ دَارًا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً بِأَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِمِلْكِهَا فَإِنْ بَانَ
أَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهَا لِأَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَيِّنَةٌ فَنَزْعُهَا مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَجَبَ أَنْ يَتَبَيَّنَ فَسَادُ حُكْمِهِ بِهَا لِعَمْرٍو لِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً مَعَ يَدِهِ وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ حَكَمَ بِهَا لَهُ لِعَدَالَةِ بَيِّنَتِهِ وَجَرْحِ بَيِّنَةِ زَيْدٍ فَإِنْ أَعَادَهَا بَعْدَ تَأَهُّلِهَا لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ أَقَامَ غَيْرَهَا حَكَمَ لَهُ بِالدَّارِ وَنَقَضَ الْحُكْمُ بِهَا لِعَمْرٍو ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ مُدَّعٍ خَارِجِ ) مَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّ زَوَالَ الْيَدِ مَعْلُومٌ وَقَدْ حَصَلَ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ فَالتَّرْجِيحُ حَاصِلٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهِ .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ ر ( قَوْلُهُ اشْتَرَيْته مِنْك ) أَوْ اتَّهَبْته وَقَبَضْته أَوْ نَحْوُهُ ( قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالِانْتِقَالِ ) فِي مَعْنَاهُ مَا إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الدَّاخِلَ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ وَأَقْبَضَهُ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً ) عَبَّرَ فِي نُسْخَةٍ بِحِينٍ بَدَلَ حَتَّى وَبِإِقَامِهَا بَدَلَ بَانَ عَدَمُهَا وَمَعْنَاهَا وَاضِحٌ وَحِينَئِذٍ ( فَاعِلُ قَالَ ) وَأَقَامَهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الدَّاخِلِ وَقَوْلُهُ فِي نُسْخَةٍ بِحِينٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ اُنْتُزِعَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ ) لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لِلْخَارِجِ ( قَوْلُهُ وَجَهِلَ التَّارِيخَ قُدِّمَ الدَّاخِلُ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ ظَهَرَ التَّارِيخُ فَالسَّابِقُ أَوْلَى
( فَصْلٌ مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مَنْ أَقَرَّ ( بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا إنْ ادَّعَى انْتِقَالًا ) لَهَا ( مِنْهُ ) إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيُسْتَصْحَبُ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الِانْتِقَالُ ( بِخِلَافِ مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَتِهِ ) تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ انْتِقَالًا كَالْأَجْنَبِيِّ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَأَضَافَتْهُ إلَى سَبَبٍ يَتَعَلَّقُ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ صَدَرَا مِنْهُ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ( وَتُقَدَّمُ ) عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ ( بَيِّنَةُ خَارِجٍ قَالَ ) لَهُ ( غَصَبْتهَا مِنِّي أَوْ أَجَّرْتُكَهَا ) أَوْ أَوْدَعْتُكهَا لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ ( وَلَوْ اُنْتُزِعَتْ مِنْ دَاخِلٍ ) لَا بَيِّنَةَ لَهُ حَاضِرَةً وَقَدْ ( نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْخَارِجُ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا ( ثُمَّ جَاءَ ) الدَّاخِلُ ( بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ ) كَمَا لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فَانْتِزَاعُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ ( وَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ لَا تُسْمَعَ ) عِبَارَةُ الْمُهِمَّاتِ وَالصَّحِيحُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ عَدَمُ سَمَاعِهَا لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ لَا كَالْبَيِّنَةِ انْتَهَى وَتُقَدَّمُ ثُمَّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ الصَّوَابَ مَا هُنَا وَالْأَوْجَهُ مَا هُنَاكَ وَمَا هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ .
( وَلَوْ أَثْبَتَ كُلٌّ ) مِنْ اثْنَيْنِ أَيْ أَقَامَ بَيِّنَتَهُ ( بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ فِي يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ بِشَاتَيْنِ وَفِي يَدِ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( شَاةٌ قُضِيَ لِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( بِمَا فِي يَدِهِ ) لِاعْتِضَادِ بَيِّنَتِهِ بِالْيَدِ ( وَإِنْ أَثْبَتَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَلَا تُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ شُهُودِ أَحَدِهِمَا أَوْ
تَوَرُّعِهِمْ ) أَوْ فِقْهِهِمْ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ لِلشَّهَادَةِ نِصَابًا فَيُتَّبَعُ وَلَا ضَابِطَ لِلرِّوَايَةِ فَيُعْمَلُ بِأَرْجَحِ الظَّنَّيْنِ ( وَلَا ) يُرَجَّحُ ( رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بَلْ ) يُرَجَّحَانِ ( عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ ) لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَبْعَدُ عَنْ تُهْمَةِ الْحَالِفِ بِالْكَذِبِ فِي يَمِينِهِ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) مَعَهُمْ الْأَوْلَى مَعَهُ أَوْ مَعَهُمَا ( يَدٌ فَيُرَجَّحُ ) أَيْ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ ( عَلَى الرَّجُلَيْنِ ) .
وَقَوْلُهُ وَلَا يُرَجَّحُ إلَى آخِرِهِ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( وَتُرَجَّحُ ) إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ ( بِسَبْقِ التَّارِيخِ ) مِنْهَا بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ ( فِي نِكَاحٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ ) مِنْ عَقْدٍ وَمِلْكٍ فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ أَكْثَرَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي وَقْتٍ بِلَا مُعَارَضَةٍ وَفِي وَقْتٍ بِمُعَارَضَةٍ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي الثَّانِي وَيَثْبُتُ مُوجِبُهَا فِي الْأَوَّلِ وَالْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ دَوَامُهُ وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمُتَقَدِّمِ يَمْنَعُ أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُتَأَخِّرُ إلَّا عَنْهُ وَلَمْ تَتَضَمَّنْهُ الشَّهَادَةُ لَهُ فَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا وَصَوَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ بِمَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ مَعَ ذَلِكَ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ ( وَسَوَاءٌ ) فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ ( اشْتَرَيَا مِنْ شَخْصٍ أَوْ شَخْصَيْنِ فَلَوْ أَطْلَقَتْ أَحَدَاهُمَا ) الْمِلْكَ ( وَبَيَّنَتْ الْأُخْرَى سَبَبَ الْمِلْكِ ) مِنْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ( أَوْ أَنَّهُ زَرَعَ الْأَرْضَ ) الْمُدَّعَاةَ بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّ الْأَرْضَ لَهُ زَرْعُهَا ( أَوْ أَنَّ الثَّمَرَ وَالْحِنْطَةَ مِنْ شَجَرِهِ وَبَذْرِهِ قُدِّمَتْ عَلَى الْمُطْلَقَةِ ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَلِإِثْبَاتِهَا ابْتِدَاءِ الْمِلْكِ لِصَاحِبِهَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ يَدٍ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَ بِقَوْلِهِ : ( وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى سَابِقَةِ
التَّارِيخِ ) لِأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِيهَا وَيَبْقَى مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الْيَدُ وَمِنْ الْآخَرِ الْمِلْكُ السَّابِقُ وَالْيَدُ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تُزَالُ بِهَا فَلَوْ كَانَتْ سَابِقَةُ التَّارِيخِ شَاهِدَةً بِوَقْفٍ وَالْمُتَأَخِّرَةُ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ شَاهِدَةٌ بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ قُدِّمَتْ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَمَلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْيَد عَادِيَةٌ بِاعْتِبَارِ تَرْتِيبِهَا عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بَعْضِهِمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَكَثِيرٌ تَقْدِيمُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَنِّي اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا وَهُوَ قَوِيُّ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا تَقْدِيمُ سَابِقَةِ التَّارِيخِ حِينَئِذٍ ( وَالْمُؤَرَّخَةُ كَالْمُطْلَقَةِ ) فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا بَلْ تُسَاوِيهَا لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ قَدْ تُثْبِتُ الْمِلْكَ قَبْلَ ذَلِكَ التَّارِيخِ لَوْ بُحِثَ عَنْهَا نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْحَقِّ وَالْأُخْرَى بِالْإِبْرَاءِ أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى قُدِّمْت بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ
( قَوْلُهُ إلَّا إنْ ادَّعَى انْتِقَالًا لَهَا مِنْهُ ) هَلْ يَكْفِي فِي دَعْوَى الِانْتِقَالِ أَنْ يَقُولَ انْتَقَلَ إلَيَّ مِنْهُ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يُشْبِهُ تَخْرِيجَهُ عَلَى مَا قَالُوهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ إنْسَانٍ وَقَدْ حَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ بِمِلْكِهَا فَجَاءَ خَارِجٌ وَادَّعَى انْتِقَالَ الْمِلْكِ إلَيْهِ مِنْهُ وَشَهِدُوا عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُبَيِّنُوهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَفْتَى فُقَهَاءُ هَمْدَانَ فِيهَا بِالسَّمَاعِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ السَّبَبَ وَرَأَيْت فَتْوَى الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ بِخَطِّهِمَا بِذَلِكَ قَالَ وَمَيْلِي إلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يُبَيِّنُوهُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِانْتِقَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ر غ وَكَتَبَ أَيْضًا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَسَائِلَ مِنْهَا مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْهِبَةِ عَنْ النَّصِّ لَوْ قَالَ وَهِبَتُهُ لَهُ وَمَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِلُزُومِ الْهِبَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ لُزُومَهَا بِالْعَقْدِ وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ وَحَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ عَنْ الْبَغَوِيّ فَلَوْ قَالَ هُوَ مِلْكُهُ وَلَمْ يُنْسِبْهُ إلَى هِبَةٍ ثُمَّ قَالَ كَانَ إقْرَارِي عَنْ هِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْأَبِ فِي عَيْنٍ أَنَّهَا مِلْكُ وَلَدِهِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ عَنْ هِبَةٍ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْجَحِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حَاصِلٌ لِلْوَلَدِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَحَلَّفُوهُ حَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ ثُمَّ قَالَ كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ .
وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَالَ
بِثَمَنِهِ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِحُرِّيَّتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَالُوا إنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَهَا الْمُتَعَاقِدَانِ لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِدُخُولِهِمَا فِي الْعَقْدِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْأَرْجَحُ يُقِيمُهَا مَنْ ذَكَرَ عِنْدَ ذِكْرِ التَّأْوِيلِ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّقْيِيدُ بِالْبَيِّنَةِ يُشْعِرُ بِسَمَاعِ دَعْوَاهُ وَتَحْلِيفِ خَصْمِهِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بِعْته وَأَنَا لَا أَمْلِكُهُ ثُمَّ مَلَكْته بِالْإِرْثِ مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ قَالَ حِينَ بَاعَ هُوَ مِلْكِي لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ بِعْتُك سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكُهُ قَالَ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ وَقْفٌ عَلَيْهِ .
ا هـ .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي عِنْدَ ذِكْرِ التَّأْوِيلِ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ كَمَا سَبَقَ فِي غَيْرِهِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الِانْتِقَالُ ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ وَهِبَتُهُ لَهُ وَمَلَكَهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِلُزُومِ الْهِبَةِ لِجَوَازِ أَنْ يُعْتَقَدَ لُزُومُهَا بِالْعَقْدِ وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ ( قَوْلُهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ ) وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ انْتِقَالًا وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَفَائِدَةُ سَمَاعِهَا : مُعَارَضَةُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ الْعَيْنُ بِهَا وَرُجُوعُهَا إلَى يَدِهِ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ الِانْتِزَاعِ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ بَعْدَهُ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْمُجَرَّدَةِ بِنَاءً عَلَى تَقَدُّمِ الدَّاخِلِ .
( قَوْلُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ )
وَكَمَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بَعْدَ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ ( قَوْلُهُ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ أَوْدَعْتُكهَا ) أَوْ أَعَرْتُكهَا ( قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عَمَلِهَا بِمَا ذَكَرَ ) لِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ وَالْيَدِ ( قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ لَا تُسْمَعَ ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ ( قَوْلُهُ وَمَا هُنَا مُفَرَّعُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ إلَخْ ) قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَنَكَلَ الدَّاخِلُ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ الْخَارِجُ وَحُكِمَ لَهُ ثُمَّ جَاءَ الدَّاخِلُ بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَصَوَّبَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ إلَخْ ) عِبَارَةُ الْبَيَانِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ زَالَ الْآنَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَةٍ لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ زَالَ عَنْهُ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ قَوْلُهُ وَلَا يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ شُهُودِ أَحَدِهِمَا إلَخْ ) أَيْ وَلَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ ( قَوْلُهُ وَصَوَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) أَيْ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَيُقَدِّمُ بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى سَابِقَةِ التَّارِيخِ ) قَالَ الكوهكيلوني هَلْ تُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ عَلَى الْمَضِيفَةِ أَوْ يَعْكِسُ وَهَلْ تُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ عَلَى بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ يَعْكِسُ وَهَلْ تُقَدَّمُ الْمَضِيفَةُ عَلَى بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ يَعْكِسُ ( قَوْلُهُ فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَخْ ) وَهُوَ كَذَلِكَ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِانْتِقَالِ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ مِنْ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَلِأَنَّ الثَّانِي اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَ مَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنَّهَا رُدَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ
وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِأَنَّ الْيَدَ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لِلْأَوَّلِ وَيَدُ الثَّانِي حَادِثَةٌ عَلَيْهَا فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَلَا يَبْقَى الْعَقْدَانِ فَيُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْيَدَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا نَعْمَلُ بِهَا وَنُقَدِّمُهَا إذَا لَمْ نَعْلَمْ حُدُوثَهَا فَإِنْ عَلِمْنَا فَالْيَدُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْأَوْلَى فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ مَعَهَا مُرَجِّحًا وَهُوَ الْيَدُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَسَلَّمَهُ ثَمَنَهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَسْبَقُ تَارِيخًا سُلِّمَتْ لَهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ ادَّعَى بِأَنَّ أَبَاهُ خَلَفَ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ وَادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمَيِّتِ بِأَنَّهُ عَوَّضَهَا لَهَا عَنْ صَدَاقِهَا وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ بَيِّنَتَهَا أَوْلَى لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَلَوْ قَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي وَرِثْته مِنْ أَبِي وَقَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيهِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ ( قَوْلُهُ تَقْدِيمُ سَابِقَةِ التَّارِيخِ حِينَئِذٍ ) أَيْ قَطْعًا وَقَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِزَمَانٍ مَعْلُومٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ نَسَبَ الْعَقْدَيْنِ إلَى وَاحِدٍ فَالسَّابِقُ أَوْلَى لَا مَحَالَهْ غ .
( قَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ وَأَقَرَّ الْمُقِرّ لَهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُقِرّ دَيْنًا وَلَا بَقِيَّةً مِنْ دَيْنٍ وَالْإِقْرَارُ أَنَّ جَمِيعًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ أَيُّهُمَا قَبْلُ فَبِأَيِّهِمَا يَعْمَلُ وَهَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ يَحْكُمُ بِبَيِّنَةِ
الْإِقْرَارِ الْمُثْبَتِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ بِهِ أَصْلُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ إذْ لَوْلَاهُ لَجَعَلَنَا إقْرَارَ الْمُقَرِّ لَهُ تَكْذِيبًا لِلْمُقِرِّ وَلَا يُصَارُ إلَى ذَلِكَ بِالِاحْتِمَالِ وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الشَّغْلِ وَالْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ الْإِقْرَارَيْنِ مَعًا فَلَا يُصَارُ إلَى تَصْدِيقِهِمَا بِتَقْدِيرِ تَأَخُّرِ الْإِقْرَارِ النَّافِي عَنْ الْإِقْرَارِ الْمُثْبَتِ بَنَاهُ عَلَى احْتِمَالِ طَرَيَان الْبَرَاءَةِ وَالْإِسْقَاطِ فَإِنَّهُ لَا يَتْرُكُ أَصْلَ الشَّغْلِ بِاحْتِمَالِ تَعَقُّبِ الْمُسْقَطِ فَيَتَعَيَّنُ تَصْدِيقُهُمَا فِي وُقُوعِ الْإِقْرَارِ النَّافِي قَبْلَ إقْرَارِ الْمُثْبِتِ وَإِذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا فَذَاكَ مَقُولٌ
( فَصْلٌ لَوْ شَهِدَتْ ) بَيِّنَةٌ لِأَحَدٍ ( بِمِلْكِهِ أَوْ يَدِهِ أَمْسِ لَمْ تُسْمَعْ ) كَمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِمَا لَمْ يَدَّعِهِ وَبِمُعَارَضَةِ السَّبْقِ الْيَدِ الدَّالَّةِ عَلَى الِانْتِقَالِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ ظَنُّ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لَهُ بِمِلْكِهِ أَمْسِ ( حَتَّى تَشْهَدَ ) لَهُ ( بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَوْ تَقُولُ لَا أَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا ) أَوْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ وَأَمَّا مَا يُصَحِّحُ - الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْيَدِ أَمْسِ فَسَيَأْتِي آخِرُ الْفَصْلِ ( وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ ) لَهُ ( بِالْمِلِكِ فِي الْحَالِ اسْتِصْحَابًا ) لِحُكْمِ مَا عَرَفَهُ كَشِرَاءٍ وَإِرْثٍ وَإِنْ اُحْتُمِلَ زَوَالُهُ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ ( وَلَا يُصَرِّحُ ) فِي شَهَادَتِهِ ( بِالِاسْتِصْحَابِ ) فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاعِ بِامْتِصَاصِ الثَّدْيِ وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا كَلَامٌ وَأَنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ عَنْ مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِ الِاسْتِصْحَابِ تَرَدُّدٍ ( وَيُسْمَعُ ) قَوْلُهُ هُوَ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ ( اشْتَرَاهُ ) مِنْ خَصْمِهِ أَمْسِ ( أَوْ أَقَرَّ ) لَهُ ( بِهِ أَمْسِ ) وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى تَحْقِيقٍ ( وَعَنْ النَّصِّ أَنَّهُ ) أَيْ الْمُدَّعِي ( وَيَحْلِفُ مَعَ قَوْلِهِمْ ) أَيْ الشُّهُودُ فِيمَا مَرَّ ( لَا نَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا ) لَا مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْخَصْمَ غَاصِبٌ أَوْ نَحْوُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجْهُ الْحَلِفِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِإِسْقَاطٍ مَا مَعَ الْخَصْمِ مِنْ الظَّاهِرِ فَأُضِيفَ إلَيْهَا الْيَمِينُ .
( فَإِنْ قَالَ ) الشَّاهِدُ ( لَا أَدْرِي أَزَالَ مِلْكَهُ أَمْ لَا لَمْ تُقْبَلْ ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهَا صِيغَةُ مُرْتَابٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ( وَلَوْ شَهِدَتْ ) بَيِّنَةٌ ( بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ أَمْسِ سُمِعَتْ ) شَهَادَتُهُمَا وَحُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ اسْتِدَامَةٌ لِحُكْمِ الْإِقْرَارِ
لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَقَارِير وَفَارِقٌ مَا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ أَمْسِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِإِقْرَارٍ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ يَقِينِيٍّ تَحْقِيقِيٍّ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ ثُمَّ يُسْتَصْحَبُ وَالشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ تَخْمِينِيٍّ فَإِذَا لَمْ يَنْضَمْ إلَيْهِ الْجَزْمُ فِي الْحَالِ لَمْ يُؤَثِّرْ قَالَ الْإِمَامُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَمْسِ مِنْ ذِي الْيَدِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْخَصْمِ وَالْإِقْرَارِ مِنْهُ مِمَّا يُعْرَفُ يَقِينًا وَلَيْسَ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِالشِّرَاءِ أَمْسِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ لِأَنَّ نَفْسَ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى ذِي الْيَدِ ( وَلَوْ قَالَ ) لَهُ ( الْخَصْمُ كَانَتْ ) أَيْ الْعَيْنُ الْمُدَّعَاةُ ( مِلْكُك أَمْسِ وَأَخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ فَتُنْزَعُ ) مِنْهُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا أَمْسِ وَفَارَقَتْ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكُهُ أَمْسِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ وَالشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ قَدْ يَتَسَاهَلُ وَيَعْتَمِدُ تَخْمِينً فَإِذَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْجَزْمُ فِي الْحَالِ ضُعِّفَ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ كَانَتْ ( فِي يَدِك أَمْسِ فَلَا ) يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْيَدَ قَدْ تَكُونُ مُسْتَحَقَّةٌ وَقَدْ لَا تَكُونُ فَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً أَخَذْنَا بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا الِاسْتِصْحَابُ فَإِذَا زَالَتْ ضَعُفَتْ دَلَالَتُهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُشَابِهُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا .
( وَلَوْ شَهِدَتْ ) أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ ( بِيَدِهِ أَمْسِ اُشْتُرِطَ أَنْ تَقُولَ ) مَعَ ذَلِكَ ( فَأَخَذَهُ الْخَصْمُ مِنْهُ ) أَوْ نَحْوُهُ كَغَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ قَهَرَهُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَيُجْعَلُ صَاحِبُ يَدٍ وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ دَارًا بِيَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ وَالْغَصْبُ وَيَلْغُو إقْرَارُ
الْغَاصِبِ لِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ حَتَّى تَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ ) لَوْ شَهِدَتْ أَنَّ هَذَا الْمَمْلُوكَ وَضَعَتْهُ أَمَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ هَذِهِ الثَّمَرَةَ أَثْمَرَتْهَا نَخْلَتُهُ فِي مِلْكِهِ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِمِلْكِ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ أَوْ أَنَّ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضِهِ أَوْ الْآجُرَّ مِنْ طِينِهِ أَوْ أَنَّ هَذَا كَانَ عَبْدَهُ وَأَعْتَقَهُ وَفَرَّقُوا بِفَرْقَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَاكَ بِمِلْكٍ مَقْصُودٍ غَيْرُ تَابِعٍ لِغَيْرِهِ وَلِهَذَا لَمْ تُقْبَلْ بِمِلْكٍ كَانَ حَتَّى يَصِلَ ذَلِكَ بِحَالَةِ التَّنَازُعِ وَهَاهُنَا لِشَهَادَةٍ بِالتَّبَعِ وَالْأَصْلُ مِلْكٌ ثَابِتٌ لَهُ فِي الْحَالِ فَثَبَتَتْ الثِّمَارُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ النَّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ لَمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِمَا مِلْكٌ صَارَ فِي حُكْمِ تَمَلُّكِهِمَا أَصْلًا وَثَمَّ الْمِلْكُ لَمَّا تَقَدَّمَ فِيهِ مَالِكٌ صَارَ فِي مِلْكِهِ فَرْعًا وَحُكْمُ الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الْفَرْعِ ( قَوْلُهُ اسْتِصْحَابًا بِالْحُكْمِ مَا عَرَفَهُ ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِاعْتِمَادِ الِاسْتِصْحَابِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْيَسَارِ ( قَوْلُهُ كَشِرَاءٍ وَإِرْثٍ ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لِلْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُتَّهِبِ وَنَحْوِهِمْ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْمِلْكِ وَلَا يَكْفِي الِاسْتِنَادُ إلَى مُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ مَعَ جَهْلِهِ بِمِلْكِيَّةِ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُوَرِّثِ وَنَحْوِهِمْ فَاعْلَمْهُ ( قَوْلُهُ وَإِنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى تَحْقِيقٍ ) وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نُؤَاخِذْهُ بِهِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْأَقَارِير ( قَوْلُهُ وَعَنْ النَّصِّ أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ ) قَالَ الْهَرَوِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ
( فَصْلُ الْبَيِّنَةُ ) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي الْمُطْلَقَةُ ( تُظْهِرُ الْمِلْكَ ) لَهُ ( وَلَا تُوجِبَهُ فَيَجِبُ ) لِصِدْقِهَا ( تَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا ) وَلَوْ ( بِلَحْظَةٍ ) لَطِيفَةٍ ( فَلَوْ شَهِدَتْ ) لَهُ ( بِمِلْكِ دَابَّةٍ أَوْ شَجَرَةٍ اسْتَحَقَّ الْحَمْلَ ) الْمَوْجُودَ عِنْدَ إقَامَتِهَا تَبَعًا لِلْأُمِّ كَمَا فِي الْعُقُودِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ انْفِصَالُهُ مِنْهُ بِوَصِيَّةٍ ( لَا النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ ) الظَّاهِرَةَ وَسَائِرًا لِزَوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ عِنْدَ إقَامَتِهَا بَلْ تَبْقَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتُحِقَّ ) لِغَيْرِهِ ( بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ ) أَيْ غَيْرُ مُؤَرَّخَةٍ ( رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ ) بِالثَّمَنِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ انْتِقَالُهُ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِهِ مِنْهُ إلَيْهِ فَيَسْتَنِدُ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا حُكِمَ بِبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ وَقِيلَ لَا رُجُوعَ بِذَلِكَ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَالْمَذْهَبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَالْأَوَّلُ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ جَامِعَةٌ لِأَمْرٍ مُحَالٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةِ كُلُّهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ وَهَذَا مُحَالٌ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَرَّرَ ( وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي ) لِغَيْرِهِ ( وَانْتُزِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي ) الثَّانِي ( رَجَعَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( عَلَى بَائِعِهِ ) فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِ بَائِعَهُ وَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِبَائِعِهِ وَفُهِمَ بِالْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ مُطْلَقَةٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْحُجَّةِ الْمُؤَرَّخَةِ بِزَمَنِ الشِّرَاءِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يُنْزَعْ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي
وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ إذْ إقْرَارُهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ ( وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا بِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ ) بِأَنْ ادَّعَى مِلْكًا وَذَكَرَ سَبَبَهُ فَشَهِدُوا بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا ( قُبِلَتْ ) شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْمَقْصُودِ وَلَا تَنَاقُضَ فِيهِ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّبَبِ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالتَّابِعِ ( لَكِنْ لَا تَرْجِيحَ ) لِلْبَيِّنَةِ ( بِالسَّبَبِ ) لِوُقُوعِهِ قَبْلَ الدَّعْوَى بِهِ وَالِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهِ ( حَتَّى يَدَّعِيَ ) الْمُدَّعِي ( الْمِلْكَ وَسَبَبَهُ وَيَشْهَدُونَ بِهِ وَإِنْ ذَكَرَ ) فِي دَعْوَاهُ ( سَبَبًا ) لِلْمِلْكِ ( وَذَكَرُوا ) سَبَبًا ( غَيْرِهِ رُدَّتْ ) شَهَادَتُهُمْ لِلتَّنَاقُضِ ( وَلَوْ شَهِدُوا بِانْتِقَالِ مِلْكٍ مِنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ لَمْ يُبَيِّنُوهُ فَفِي سَمَاعِهَا خِلَافٌ ) قِيلَ تُسْمَعُ كَمَا لَوْ بَيَّنُوا السَّبَبَ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِانْتِقَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ بِأَنَّ فُلَانًا وَارِثُ لَا تُقْبَلُ مَا لَمْ تُبَيَّنْ جِهَةُ الْإِرْثِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ السَّبَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ السَّمَاعُ هُنَا
( فَصْلٌ الْبَيِّنَةُ تُظْهِرُ الْمِلْكَ وَلَا تُوجِبَهُ ) ( قَوْلُهُ فَيَجِبُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهَا ) وَلَوْ بِلَحْظَةٍ حُكِيَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ شَرْطِ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ تَقَدُّمُ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ عَلَيْهَا وَمُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لَهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمِلْكِ قُبَيْلَ الدَّعْوَى لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا تَقَدُّمَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُنْشِئُ الْمِلْكَ وَإِلَّا لَكَانَ الْحُكْمُ مُرَتَّبًا عَلَى دَعْوَى لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهَا وَلَا وَافَقَتْهَا الْبَيِّنَةُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَتَضَمَّنُ دَعْوَاهُ وُجُودَ الْمِلْكِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَبْلَهَا فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ وَلَمْ يُحْكَمْ بِالْمِلْكِ إلَّا قُبَيْلَ الشَّهَادَةِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَا لَمْ تَضْمَنْهُ الدَّعْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْمَعَ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ سَلَكُوا فِيهِ طَرِيقَ التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ تَضَمُّنُ شَهَادَتِهِمْ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي أَكْثَرِ مِنْ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَاحْتِمَالُ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَى الدَّعْوَى لَا يُنْكَرُ وَهُوَ الْكَافِي فِي سَمَاعِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا سَمَاعُ الشَّهَادَةِ انْتِظَامُهَا وَإِمْكَانُهَا ظَاهِرٌ إلَّا مُوَافَقَتَهَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقَامُ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَيَتَعَذَّرُ عِنْدَ طَلَبِهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ كَأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلْمِلْكِ ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْضًا فَلَمْ تَقَعْ الشَّهَادَةُ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى .
( قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ الْحَمْلَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ إقَامَتِهَا ) وَلَوْ انْفَصَلَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا بِمِلْكِ بَهِيمَةٍ حَامِلٍ أَوْ نَخْلَةٍ قُبَيْلَ اطِّلَاعِهَا ثُمَّ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ إلَّا بَعْدَ
مُدَّةٍ وَضَعَتْ فِيهَا الْبَهِيمَةُ أَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ التَّحْلِيفُ لِأَسْبَابٍ كَالسَّعْيِ فِي إكْمَال الْبَيِّنَةِ ثُمَّ لَمْ يَتَّفِقْ إكْمَالُهَا أَوْ غِيبَةِ الْقَاضِي أَوْ مَرَضِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ يَحْلِفُ وَيُقْضَى لَهُ بِالْعَيْنِ فَهَلْ نَقُولُ يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ مِنْ حِينِ أَدَاءِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَتَّى تَكُونَ الْفَوَائِدُ الْحَادِثَةُ بَعْدَهَا لَهُ أَوْ مِنْ حِينِ الْحَلِفِ وَيَكُونُ مَا حَدَثَ قَبْلَهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِمَ يَقَعُ بِالشَّهَادَةِ أَوْ بِالْيَمِينِ أَوْ بِهِمَا وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ بِهِمَا ( قَوْلُهُ وَالثَّمَرَةَ الظَّاهِرَةَ ) قَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا تَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ لِكَوْنِهَا مُؤَبَّرَةً فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ أَوْ بِالنُّورِ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ دَخَلَتْ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الشَّجَرَةِ فَاسْتَحَقَّهَا مُقِيمُ الْبَيِّنَةِ بِمِلْكِ الشَّجَرَةِ قَالَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ شَاهِدٌ لَهُ ثُمَّ حَكَى تَعْبِيرَ النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ وَثَمَرَتُهَا بَادِيَةٌ وَإِنْ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَا تَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَفِي الْمَطْلَبِ الْمُرَادُ بِالْبَادِيَةِ الْمُؤَبَّرَةُ لِأَنَّهَا لَا تُتْبَعُ فِي الْبَيْعِ فَفِي الشَّهَادَةِ أَوْلَى .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ قَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْحَادِثَةُ بَيْنَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِينَ وَشَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَالْيَمِينِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ إلَخْ ) قَدْ يُقَالُ أَخْذُهُ لِلْمَذْكُورَاتِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَدْعَاةَ أَصَالَةٍ ، وَلَا جُزْءًا مِنْ الْأَصْلِ مَعَ احْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ فَصَحَّ كَلَامُ الْأَصْحَابِ ش .
( قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ إلَخْ ) قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي ( قَوْلُهُ
بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي ) أَوْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي الْمَرْدُودَةِ ( وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يُنْزَعْ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي ) أَيْ الصَّرِيحِ أَوْ الضِّمْنِيّ كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ( قَوْلُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ التَّعَرُّضُ لِلسَّبَبِ بَلْ لَوْ شَهِدَا بِدَيْنٍ أَوْ مِلْكٍ ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْمِلْكُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا سَبَبَهُمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَسْبَابِ الْمُثْبِتَةِ لِلدَّيْنِ وَالْمِلْكِ وَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدَانِ يَظُنَّانِ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا لَهُمَا وَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِكَثْرَةِ أَسْبَابٍ لِلْمِلْكِ وَالدَّيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدُ ذِكْرَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ذِكْرُ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ وَالدَّيْنِ ( قَوْلُهُ وَلَا تَنَاقَضَ فِيهِ ) فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَتْ مُنَاقِضَةً لِلدَّعْوَى وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ وَأَفْتَى الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ بِأَنَّهَا تُسْمَعُ وَلَا يَكُونُ مَا صَدَرَ مِنْهُ قَادِحًا فِيهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ إذَا غَيَّرَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ فَزَادَ فِيهَا أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا نَصٌّ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِ فَقَدْ يَشْهَدُ ثُمَّ يَتَذَكَّرُ فَلَا يُؤْثِرُ فِي شَهَادَتِهِ ( قَوْلُهُ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمِلْكَ وَسَبَبَهُ وَيَشْهَدُونَ بِهِ ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ ذِكْرَهُمْ السَّبَبِ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ هَؤُلَاءِ لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَوَائِدِ الْحَادِثَةِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ مِنْ حِينِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ الدَّعْوَى وَيَذْكُرَ السَّبَبَ ثُمَّ يَشْهَدُونَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِهِ غ ( قَوْلُهُ قَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ السَّمَاعُ هُنَا ) هُوَ الْأَصَحُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَاضِحٌ
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعُقُودِ ) لَوْ ( اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا اكْتَرَى مِنْ الدَّارِ ) مَثَلًا ( أَوْ ) فِي ( قَدْرِ الْأُجْرَةِ أَوْ فِي قَدْرِهِمَا ) وَلَا بَيِّنَةَ ( تَحَالَفَا وَفُسِخَ ) الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ التَّحَالُفِ ( وَسَلَّمَ ) الْمُكْتَرِي ( أُجْرَةَ ) مِثْلِ ( مَا سَكَنَ ) فِي الدَّارِ فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ بِهَا ( وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا ) لِتَكَاذُبِهِمَا فَتَسَاقَطَتَا ( ثُمَّ تَحَالَفَا ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ وَأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ يَثْبُتُ الْأَلْفَانِ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَيْنِ وَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ التَّارِيخُ بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى ( وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّارِيخُ ) بِأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّ كَذَا مُكْرًى سَنَةً مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ ، وَالْأُخْرَى بِأَنَّ كَذَا مُكْرِيٍّ سِنَةٌ مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ ( قُدِّمَ الْأَسْبَقُ ) تَارِيخًا لِأَنَّ الْعَقْدَ السَّابِقَ صَحِيحٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَكْثَرِ صَحَّ وَلَغَا الْعَقْدُ عَلَى الْأَقَلِّ بَعْدَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ بَطَلَ الثَّانِي فِي الْأَقَلِّ دُونَ الْبَاقِي ( إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ ) لَمْ يَجْرِ إلَّا ( عَقْدًا وَاحِدًا ) فَتَتَعَارَضَانِ .
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ مَحَلُّ التَّعَارُضِ فِي الْمُطْلَقَتَيْنِ وَفِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُؤَرَّخَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا وَتَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرُ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ فَيَثْبُتُ الزَّائِدُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ ( وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا ) أَيْ الدَّارُ ( مِنْهُ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ وَطَالَبَ بِتَسْلِيمِهَا ) لَهُ ( فَأَقَرَّ لِوَاحِدٍ ) مِنْهُمَا بِمَا ادَّعَاهُ ( أَوْ أَقَامَ ) أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ ( أَوْ أَقَامَاهُمَا
وَبَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ ) تَارِيخًا ( سُلِّمْت لَهُ ) لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي ( وَطَالَبَهُ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ ) جَوَازًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ ( وَلَا يُحَلِّفُهُ ) لِتَغْرِيمِ الْعَيْنِ بِنَاءً فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لِأَنَّ قَضِيَّةَ دَعْوَاهُ أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ انْفَسَخَ بِتَفْوِيتِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلَأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ الدَّارَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِمُطَالَبَةِ الْآخَرِ بِعَدَمِ التَّحْلِيفِ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( تَعَارَضَتَا ) بِأَنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَاسْتَمَرَّ الثَّالِثُ عَلَى التَّكْذِيبِ ( حَلِفَ لِكُلٍّ ) مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَدَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ ( وَلَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ ) مِنْهُ إذْ لَا تَعَارُضَ فِيهِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا شَهِدَتْ بِتَوْفِيَةِ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّعَارُضُ فِي الدَّارِ لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَسَقَطَتَا فِيهَا دُونَ الثَّمَنِ ( لَا إنْ تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ ) فَلَيْسَ لَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ مِنْهُ لِتَقَرُّرِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ ( وَمَنْ شَهِدَتْ ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ ( بِالْمِلْكِ ) فِي الْمُدَّعَى ( لِلْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي الْآنَ أَوْ بِنَقْدِ الثَّمَنِ ) دُونَ الْأُخْرَى ( قُدِّمَتْ ) شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى سَابِقَةً لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلنَّقْدِ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَالْأُخْرَى لَا تُوجِبُهُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ فَلَا يَكْفِي الْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعُقُودِ ) ( قَوْلُهُ لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا اكْتَرَى مِنْ الدَّار إلَخْ ) إذَا اخْتَلَفَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي فِي الرِّفَافِ فَإِنْ كَانَتْ مُسَمَّرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مُتَّصِلٍ كَالْأَبْوَابِ وَالتَّأْزِيرَاتِ وَالسَّلَالِمِ الْمُسَمَّرَةِ وَمَا لَا يَتَّصِلُ بِالدَّارِ مِنْ قُمَاشٍ وَنَحْوِهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْتَرِي لِيَدِهِ وَأَمَّا الرِّفَافُ غَيْرُ الْمُسَمَّرَةِ أَيْ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَالسَّلَالِمِ الْمُنْفَصِلَةِ وَإِغْلَاقِ الْأَبْوَابِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَالْعُرْفُ فِيهِ مُضْطَرِبٌ وَالْيَدُ فِيهِ مُشْتَرَكَةٌ قَالَهُ شُرَيْحٌ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقُمَاشِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُكْرِيَ إذَا انْتَقَلَ مِنْ الدَّارِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُكْتَرِي لَا يَتْرُكُ قُمَاشَهُ فِيهَا وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَرْكِ الرِّفَافِ وَتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُكْتَرِي وَيُحْتَمَلُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُكْتَرِي نَصَبَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْتَادُ فَيَتَعَارَضُ الْأَمْرَانِ فَقُلْنَا يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ تَكُونُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجِيءُ أَنْ يُقَالَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا وَرُبَّمَا يَنْصِبُ السَّاكِنُ الرِّفَافَ بِالْمِسْمَارِ أَيْضًا وَقَدْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ ا هـ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا ) إذْ الزِّيَادَةُ الْمُرَجَّحَةُ هِيَ الْمُشْعِرَةُ بِمَزِيدِ عِلْمٍ وَوُضُوحِ حَالٍ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ مَا فِيهِ التَّنَافِي كَإِسْنَادٍ إلَى سَبَبٍ وَسَبْقٍ وَانْتِقَالٍ عَنْ اسْتِصْحَابِ أَصْلٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا قَالَهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ إنَّمَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ مُقَدَّمَةٌ وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا التَّخْرِيجُ فَيُقَالُ لَوْ قُلْنَا بِهِ لَزِمَ كَثْرَةُ التَّقْدِيرِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا
يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِهِ إذَا قَلَّ تَجْوِيزُهُ إذَا كَثُرَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا فَتَارَةً يَتَعَرَّضَانِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَتَارَةً لَا يَتَعَرَّضَانِ لِاخْتِلَافٍ وَلَا اتِّفَاقَ وَقَوْلُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا قُلْنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّفِقًا فَلِمَ عَيَّنْت احْتِمَالَ الِاخْتِلَافِ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرَ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ قُلْنَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ هُوَ تَارِيخُ الْمُؤَرَّخَةِ وَقَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَنَافٍ ثَبَتَ أَكْثَرُ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ قُلْنَا هَذَا رُجُوعٌ إلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ الَّذِي هُوَ خِلَافُ النَّصِّ الْمُعْتَمَدِ ( قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدًا وَاحِدًا ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُصْدِرْ الْمُتَأَخِّرُ حَالَةَ الْخِيَارِ فَإِنْ صَدَرَ فِي الْخِيَارِ فُسِخَ الْأَوَّلُ وَكَانَ هُوَ صَحِيحًا فَإِنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَةُ الثَّانِي لِذَلِكَ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَيُقْضَى لِلْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ وَلَكِنْ تَعَرَّضَتْ لِكَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ حَالُ الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ فِي الْأُولَى ) هِيَ مَا لَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ أَحَدُهُمَا ) لِمَنْ بِيَدِهِ دَارٌ ( اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ وَ ) قَالَ ( الْآخَرُ ) اشْتَرَيْتهَا ( مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) بِمَا ادَّعَيَاهُ ( تَعَارَضَتَا ) فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهِيَ مِلْكُهُ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى مَالًا بِيَدِ شَخْصٍ وَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَقُولَ اشْتَرَيْته مِنْهُ - وَهُوَ مِلْكُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ ) أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي ( اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ تَسَلَّمْتُهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ كَالشَّهَادَةِ ) يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ اشْتَرَاهَا وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ ( لَا ) فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ ( مِنْ ذِي يَدٍ ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يُكْتَفَى بِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ .
( وَإِنْ شَهِدَا ) أَيْ اثْنَانِ لِلْمُدَّعِي فِيمَا ذَكَرَ ( بِأَنَّهُ بَاعَهُ ) مَا ادَّعَاهُ ( وَآخَرَانِ أَنَّ الْبَائِعَ ) كَانَ ( يَمْلِكُهُ حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ الْبَيْعِ ( جَازَ وَإِنْ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً ( بِالشِّرَاءِ ) لِلدَّارِ مِنْ مَالِكٍ لَهَا ( وَ ) أَقَامَ ( آخَرُ ) بَيِّنَةً ( بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُثْبِتِ ) الْأَوَّلِ ( كَفَى ) فِي شَهَادَتِهِ بَيِّنَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُثْبِتِ الْأَوَّلِ وَأَنْتَ تَمْلِكُهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامُهُ كَمَا لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَهُ لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَالْيَدِ ( وَحُكِمَ لِلْآخَرِ ) بِبَيِّنَتِهِ ( وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذِي الْيَدِ بِعْتُكهَا ) بِكَذَا ( وَهِيَ مِلْكِي فَأَدِّ الثَّمَنَ فَأَقَرَّ لَهُمَا ) بِمَا ادَّعَيَاهُ ( أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِهَا مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِأَنْ يَسِعَهُ مَا بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ (
نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا ) لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَلَا إقْرَارَ وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ لَهُ غَرِمَ لَهُ الثَّمَنَ الَّذِي سَمَّاهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ ( أَوْ لَمْ يَمْضِ ) بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ ( مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ ) مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ الْعَقْدِ الثَّانِي ( لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنَانِ ) لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَلَوْ حَذَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنَانِ وَأَخَّرَ تَعَارَضَتَا عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْضَحُ وَأَخْصَرُ ( وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ ) فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ إلَّا إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ فَلَا يَلْزَمَانِهِ لِلتَّعَارُضِ .
( وَلَوْ شَهِدَا ) عَلَيْهِ ( بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَتْلِ فِي وَقْتٍ وَ ) شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ ( الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ سَاكِتًا ) فِيهِ لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا ( تَعَارَضَتَا ) بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ( وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ ) لِسَيِّدِهِ ( أَعْتَقَتْنِي وَقَالَ الْآخَرُ بِعْتنِيهِ ) بِكَذَا ( فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا ) بِمَا ادَّعَاهُ ( لَمْ يُحَلِّفْهُ الْآخَرُ ) لِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ فَإِقْرَارُهُ إتْلَافٌ مِنْهُ لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى إتْلَافِ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ حِينَئِذٍ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُ نَعَمْ إنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ خِيَارًا يَنْفُذُ فِيهِ عِتْقُ الْبَائِعِ فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ لَقُبِلَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ مَا يَقْتَضِيهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَا يَخْتَصُّ التَّصْوِيرُ بِالْعِتْقِ بَلْ سَائِرِ أَسْبَابِهِ مِنْ تَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ وَإِيلَادٍ وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ
كَذَلِكَ ( وَلِمُسَلِّمِ الثَّمَنِ ) بِدَعْوَاهُ وَهُوَ الْآخَرُ ( طَلَبُهُ ) أَيْ الثَّمَنِ مِنْهُ فَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ يَمِينًا ( وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) بِمَا ادَّعَيَاهُ ( قُدِّمَ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا تَارِيخًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا ( تَعَارَضَتَا ) فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ
( قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَارَضَتَا حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا ) وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا جَمِيعًا جُعِلَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا مَبِيعًا لِكُلٍّ نِصْفُهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ إنْ صَدَّقَاهُ عَلَى قَدْرِهِ فَإِنْ كَذَّبَاهُ حَلَّفَاهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا تَرَجَّحَتْ يَدُهُ أَوْ فِي يَدِهِمَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا أَوْ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ نَائِبَةً عَنْ الْبَائِعِ أَوْ عَنْ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَوْ عَنْهُمَا كَانَ الْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ غَيْرَ نَائِبَةٍ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ لِنِسْبَتِهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تُوجِبُ بَيِّنَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتِزَاعَ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ بَيْعَ غَيْرِهِ لَهَا لَا يَجْعَلُهُ مَالِكًا لَهَا وَلَا مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِهَا لِذِي الْيَدِ أَيْضًا بَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ لِأَجَلِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَتُهُ فَإِذَا حُكِمَ بِإِبْطَالِ الْبَيْعَيْنِ وَأَخْذِ الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى هَذَا إنْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَإِنْ عَارَضَهَا ذُو الْيَدِ بِبَيِّنَتِهِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا رُفِعَتْ يَدُهُ وَثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مِلْكَهُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ فِي إحْدَى السَّنَتَيْنِ حُكِمَ بِالْبَيْعِ لِمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِالْبَيْعِ وَالْمِلْكِ دُونَ الْآخَرِ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَبَطَلَ حُكْمُ التَّعَارُضِ فِيهِمَا وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْمِلْكِ وَالْبَيْعِ ثَبَتَ حُكْمُ التَّعَارُضِ ( قَوْلُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ تَعَارَضَتَا ) وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا ( قَوْلُهُ أَوْ تَسَلَّمْتهَا مِنْهُ ) أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالتَّسْلِيمِ فِيمَا يَمْلِكُهُ ( قَوْلُهُ كَالشَّهَادَةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ
الشَّاهِدُ إلَخْ ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانٍ بَلْ شَهِدُوا أَنَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ أَنَّ ظَاهِرَ النَّصِّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقُولُوا اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ مَالِكًا لَهُ قَالَ وَعِنْدِي يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُشْتَرَطَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهِ مِنْ فُلَانٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَلَا يَكُونُ مَالِكًا بَلْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَلِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ فَمُطْلَقُ الشِّرَاءِ يُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ خَاصَّةً إذَا شَهِدُوا لِهَذَا الْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ .
ا هـ .
وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ تَارِيخُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشِّرَاءِ مِنْ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا ) بِأَنْ عَيَّنَا وَقْتًا وَاحِدًا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ يَضِيقُ عَنْ وُقُوعِ عَقْدَيْنِ فِيهِ عَقْدٌ عَقِبَ عَقْدٍ وَلَيْسَ اتِّحَادُ التَّارِيخِ هُنَا كَاتِّحَادِ التَّارِيخِ فِي الصُّورَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي تِلْكَ تَحْصِيلُ رَقَبَةِ ذَلِكَ الَّذِي وَقَعَتْ الدَّعْوَى بِهِ وَالْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَّسِعُ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالِكَهَا وَالْمَطْلُوبُ فِي هَذِهِ الثَّمَنِ وَهُوَ فِي الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ مُتَّسِعَةٌ لِلُزُومِ أَثْمَانٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ ) كَقَوْلِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ إنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ عِنْدَ بُرُوزِ شَيْءٍ مِنْ الشَّمْسِ بِطُلُوعِهَا وَالْأُخْرَى إنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ عِنْدَ بُرُوزِ نِصْفِهَا ( قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي آخَرِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ذَهَبًا وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الذَّهَبُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ
لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ وَأَنَّهُ حَانِثٌ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ .
ا هـ .
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعَارُضِ فِي الْمَوْتِ ) وَالْإِرْثِ لَوْ ( مَاتَ نَصْرَانِيٌّ ) أَيْ رَجُلٌ عُرِفَ تَنَصُّرُهُ عَنْ أَبْنَاءٍ ( وَفِي أَبْنَائِهِ مُسْلِمٌ فَادَّعَى إسْلَامَهُ ) أَيْ إسْلَامُ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لِيَرِثَهُ وَأَنْكَرَ الْبَاقُونَ ( لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ ( فَإِنْ قَامَتْ ) بِذَلِكَ ( بَيِّنَتَانِ ) مُطْلَقَتَانِ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا ( قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ ) لِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ لَهَا ( كَمَا لَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ وَارِثٍ ) أَقَامَهَا ( بِتَرِكَةٍ ادَّعَاهَا ) إرْثًا ( وَ ) بَيِّنَةُ ( زَوْجَةٍ ) لِلْمَيِّتِ أَقَامَتْهَا عَلَى ( أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا ) أَوْ بَاعَهَا لَهَا ( فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهَا ) لِذَلِكَ وَكَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ إنَّك عَبْدِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانٍ وَأَعْتَقَهُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ ( فَإِنْ ) قُيِّدَتَا أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ كَأَنْ ( قَالَتْ إحْدَاهُمَا آخِرُ كَلَامِهِ التَّوْحِيدُ ) أَيْ الْإِسْلَامُ أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا .
( وَ ) قَالَتْ ( ا لَأُخْرَى ) آخِرُ كَلَامِهِ ( التَّثْلِيثَ تَعَارَضَنَا ) لِتَنَاقُضِهِمَا ( فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِ الْأَبِ وَأَشَارَ بِالتَّثْلِيثِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ التَّنَصُّرِ أَنْ تُفَسَّرَ كَلِمَتُهُ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ النَّصْرَانِيُّ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُ الْأَبِ وَلَا بَيِّنَةٌ ) وَالْمَالُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ( حَلَفَا ) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ( وَيُقَسَّمُ ) الْمَالُ ( بِحُكْمِ الْيَدِ ) يَعْنِي بِحُكْمِ أَنَّهُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ( نِصْفَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ) وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ ذُو الْيَدِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْيَدِ بَعْدَ اعْتِرَافِ
صَاحِبِهَا بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ إرْثًا ( فَكَأَنَّهُ بِيَدِهِمَا وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( إنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ ) بِمَا ذَكَرَ ( وَتَعَارَضَتَا ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا فِي الْمُهَذَّبِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ ا هـ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ ( وَيُدْفَنُ ) هَذَا الْمَيِّتُ الْمَشْكُوكُ فِي إسْلَامِهِ ( فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُ ) مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ ( أُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا ) كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ .
( وَلَوْ خَلَفَ ) الرَّجُلُ ( مَكَانُ الِابْنِ ) الْمُسْلِمِ ( أَخًا وَزَوْجَةً مُسْلِمَيْنِ وَأَوْلَادًا كَفَرَةً ) فَادَّعَى الْمُسْلِمَانِ إسْلَامَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَنْكَرَ أَوْلَادُهُ ( وَلَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِ الْمَيِّتِ ) وَلَا بَيِّنَةٌ ( وُقِفَ الْمَالُ ) بَيْنَهُمْ ( حَتَّى يَنْكَشِفَ ) الْحَالُ ( أَوْ يَصْطَلِحُوا ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْإِمَامُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ قَالَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى أَيْ الَّتِي قَدَّمْتُ فِيهَا كَلَامَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ بِأَنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَفَرَ صُدِّقَ الْأَوْلَادُ بِأَيْمَانِهِمْ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنْ أُطْلِقَتَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمَيْنِ وَإِنْ قُيِّدَتَا أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ تَعَارَضَتَا ( فَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ ) عَنْ أَبْنَاءٍ وَوُجِدَ فِيهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْلِمٌ ( وَقَالَ ابْنُهُ الْمُسْلِمُ أَسْلَمْتُ بَعْدَهُ ) فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا ( وَقَالُوا ) بَلْ أَسْلَمْت ( قَبْلَهُ ) فَلَا تَرِثْهُ ( أَوْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ ) بِاتِّفَاقِهِمَا ( وَقَالَ ) ابْنُهُ الْمُسْلِمُ ( أَسْلَمْت فِي شَوَّالِ وَقَالُوا ) بَلْ أَسْلَمْت ( فِي شَعْبَانَ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ ( وَوَرِثَ ) مِنْهُ وَإِنْ
أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِهَا ( وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُمْ ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ .
( وَإِنْ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ ) بِاتِّفَاقِهِمَا ( وَقَالَ مَاتَ فِي شَعْبَانَ وَقَالُوا بَلْ فِي شَوَّالِ ) وَلَا بَيِّنَةَ ( صُدِّقُوا لِأَنَّ الْأَصْلَ ) بَقَاءُ الْحَيَاةِ ( وَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ ) لِأَنَّهَا تَنْقِلُ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فِي شَعْبَانَ وَالْأُخْرَى تَسْتَصْحِبُ الْحَيَاةَ إلَى شَوَّالِ ( إلَّا إنْ قَالَتْ بَيِّنَتُهُمْ ) فِي هَذِهِ ( رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالِ فَيَتَعَارَضَانِ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ ) الْمَحْكُومُ فِيهِمَا بِقَوْلِهِ حَلَفَ وَوَرِثَ ( كُنَّا نَسْمَعُ تَنَصُّرَهُ إلَى نِصْفِ شَوَّالِ ) الْأُولَى إلَى بَعْدَ الْمَوْتِ ( فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ ) أَيْضًا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ النَّصْرَانِيِّ بِيَمِينِهِ ( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعَارُضِ فِي الْمَوْتِ ) ( قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا ) هَكَذَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَعِنْدِي أَنَّ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ كَافٍ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِذَلِكَ انْتِقَالُهُ مِنْ التَّنَصُّرِ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا بِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ وَحُدُوثُ كُفْرِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَأَلَّا يَرِثَهُ أَحَدٌ وَأَمَّا قَوْلُ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا فَهَذَا لَيْسَ إطْلَاقًا وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ بِحَالَةِ الْمَوْتِ ا هـ قَوْلُهُ أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بِالْإِسْلَامِ مُطْلَقَةً وَبِالنَّصْرَانِيَّةِ مُقَيَّدَةً فَلَا تَعَارُضَ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْتَدُّ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَتَصِحُّ الشَّهَادَتَانِ وَيُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا وَقَالَ الْفُورَانِيُّ وَإِذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً وَالْأُخْرَى مُقَيَّدَةً فَالْعَمَلُ بِالْمُقَيَّدَةِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ وَقَالَتْ الْأُخْرَى آخِرُ كَلَامِهِ التَّثْلِيثُ ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ أَوْ بِأَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ سِوَاهُ .
( قَوْلُهُ تَعَارَضَتَا لِتَنَاقُضِهِمَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّعَارُضُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ آخِرَ كَلَامِهِ بِاعْتِبَارِ مَا شَاهَدْته كُلُّ بَيِّنَةِ لَا تُعَارِض فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيَّةِ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَلِمَةُ التَّنَصُّرِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي سَكَتَ فِيهَا عَنْ الْكَلَامِ بِحَضْرَتِهِمْ ثُمَّ إنَّهَا ذَهَبَتْ وَاسْتَصْحَبَتْ السُّكُوتَ وَجَاءَتْ بَيِّنَةُ
الْإِسْلَامِ فَتَكَلَّمَ فِي حَضْرَتِهَا بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ وَيَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّعَارُضُ لَوْ شَهِدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا كَذَا وَمَكَثَ عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ وَدُفِنَ قَالَ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ عَلِمْنَا الْحَالَةَ الَّتِي شَاهَدَتْهُ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ فِيهَا وَلَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ عَلِمْنَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَلَكِنَّهُ تَابَ مِنْهُ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) وَفِي وُجُوبِ تَفْسِيرِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَجْهَانِ أَطْلَقَاهُمَا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمُ الْوُجُوبِ هُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الْوُجُوبَ سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَاضِي فِيمَا يُسَلِّمُ بِهِ الْكَافِرُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ وَتَعَارَضَتَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا عِنْدِي مَمْنُوعٌ بَلْ الصَّوَابُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَطْرَأُ عَلَى التَّنَصُّرِ فَيَقْطَعُهُ وَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَقْطَعُهُ إلَّا الرِّدَّةُ وَلَا مِيرَاثَ مَعَهَا ( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَقُولُ أُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا ) وَكَذَا يُقَيِّدُ الدُّعَاءَ بِذَلِكَ ( قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ( قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُمْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ تَقْدِيمِ بَيِّنَتِهِمْ إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ
الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا حَالَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ ( قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا إلَخْ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْكُفْرِ إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ الْكُفْرَ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْكُفْرِ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ ( قَوْلُهُ فَتَتَعَارَضَانِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِاحْتِمَالِ اسْتِنَادِ بَيِّنَةِ شَعْبَانَ لِإِغْمَاءٍ أَوْ اسْتِفَاضَةِ مَوْتٍ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَاتَ مُسْلِمٌ ) وَلَهُ ابْنَانِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ مُسْلِمًا قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ ( وَاخْتَلَفَا فِي تَقَدُّمِ إسْلَامِ الْآخَرِ ) عَلَى مَوْتِهِ ( فَقَالَ ) لَهُ ( الْأَوَّلُ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ إسْلَامِك ) وَقَالَ هُوَ بَلْ بَعْدَهُ ، وَلَا بَيِّنَةَ ( صُدِّقَ الْأَوَّلُ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُفْرِ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( لَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَوْتِ الْأَبِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْأَوَّلُ لِلْآخَرِ أَسْلَمَتْ فِي شَوَّالِ ) وَقَالَ هُوَ بَلْ أَسْلَمَتْ فِي شَعْبَانَ وَلَا بَيِّنَةَ ( وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) بِذَلِكَ ( قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ ( وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْآخَرَ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ فَادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي شَوَّالِ وَقَالَ الْأَوَّلُ بَلْ مَاتَ فِي شَعْبَانَ صُدِّقَ الْآخَرُ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ ( وَفِي التَّعَارُضِ ) بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ ( تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ ( فَإِنْ قَالَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ( أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ مُسْلِمًا ) وَأَنْتَ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ ( وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَا وَجُعِلَ ) الْمَالُ ( بَيْنَهُمَا ) لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ يَشْهَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا يَقُولُهُ فِي نَفْسِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ أَزَلْ مُسْلِمًا أَيْضًا وَنَازَعَهُ الْأَوَّلُ فَقَالَ كُنْت نَصْرَانِيًّا وَإِنَّمَا أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ يَشْهَدُ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَقِسْ عَلَيْهَا ) أَيْ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ ( مَا لَوْ ) مَاتَ الْأَبُ حُرًّا وَ ( كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا ) بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَاخْتَلَفَا هَلْ عَتَقَ الْأَوَّلُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ بَعْدَهُ ( وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مَاتَ ) مُوَرِّثُنَا ( عَلَى دِينِنَا صُدِّقَ الْأَبَوَانِ ) لِأَنَّ وَلَدَهُمَا مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ابْتِدَاءً
تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ وَقِيلَ يُوقَفُ الْمَالُ حَتَّى يَنْكَشِفَ الْأَمْرُ أَوْ يَصْطَلِحُوا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ أَرْجَحُ دَلِيلًا لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ ( وَإِنْ مَاتَ ابْنُ رَجُلٍ وَزَوْجَتُهُ ) أَيْ الرَّجُلُ فَاخْتَلَفَ هُوَ وَأَخُوهَا ( فَقَالَ ) هُوَ ( مَاتَتْ أَوَّلًا فَوَرِثَهَا ابْنِي ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَوَرِثْتهَا أَنَا وَابْنِي وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ( ثُمَّ ) مَاتَ الِابْنُ وَ ( وَرِثْته ) أَنَا ( وَقَالَ أَخُوهَا بَلْ ) مَاتَتْ ( آخِرًا فَوَرِثَتْ الِابْنَ ) قَبْلَ مَوْتِهَا ( ثُمَّ ) وَرِثْتهَا أَنَا وَلَا بَيِّنَةَ ( صُدِّقَ ) الْأَخُ ( فِي مَالِ أُخْتِهِ وَالزَّوْجُ فِي مَالِ ابْنِهِ بِيَمِينِهِمَا فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا لَمْ يَرِثْ مَيِّتٌ مِنْ مَيِّتٍ فَمَالُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَخِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) بِذَلِكَ ( تَعَارَضَتَا فَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ ) مِنْ الِابْنِ وَالزَّوْجَةِ ( يَوْمَ الْجُمُعَةِ ) بِاتِّفَاقِهِمَا ( وَاخْتُلِفَ فِي مَوْتِ الْآخَرِ ) قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ ( صُدِّقَ مَنْ ادَّعَاهُ بَعْدُ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ ( فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) بِذَلِكَ ( قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مَنْ ادَّعَاهُ قَبْلُ ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ ( وَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ مَيِّتٍ لِزَوْجَتِهِ ) كُنْت أَمَةً ثُمَّ ( عَتَقَتْ ) بَعْدَ مَوْتِهِ ( أَوْ ) كُنْت كَافِرَةً ثُمَّ ( أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ ) بَلْ عَتَقْتُ أَوْ أَسْلَمْتُ ( قَبْلُ صُدِّقُوا ) بِأَيْمَانِهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ وَالْكُفْرِ ( وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَزَلْ حُرَّةً أَوْ مُسْلِمَةً صُدِّقَتْ ) بِيَمِينِهَا ( دُونِهِمْ ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ فَكَانَ الْأَبَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَالِابْنَانِ كَافِرَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ حُكِمَ بِإِسْلَامِ وَلَدِهِمَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا وَكَانَ أَحَقَّ بِمِيرَاثِهِ مِنْ ابْنَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ كُفْرُ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْكُفْرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَادَّعَاهُ ابْنَاهُ أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ مَعَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حُدُوثِ وِلَادَتِهِ وَعَلَى شَكٍّ مِنْ تَقَدُّمِهَا وَإِنْ كَانَ النِّزَاعُ فِي وَقْتِ إسْلَامِ الْأَبَوَيْنِ فَادَّعَى أَبَوَاهُ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ وَادَّعَى ابْنَاهُ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنَيْنِ مَعَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا عَلَى الْكُفْرِ عَقِبَهُ ( قَوْلُهُ صُدِّقَ الْأَبَوَانِ لِأَنَّ وَلَدَهُمَا إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُهُ قُصُورُ ذَلِكَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ وَطِئَ مَجُوسِيٌّ أُخْتَهُ مِنْ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَمَاتَ عَنْ جَدَّيْهِ أَبِي أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّهِ وَهِيَ أُمُّ أَبِيهِ أَيْضًا وَتَنَازَعَا مَعَ وَلَدٍ لَهُ مُسْلِمٍ فِي كُفْرِهِ وَإِسْلَامِهِ كَانَ كَذَلِكَ قَالَ وَإِنَّمَا فَرَضْنَا ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمَجُوسِ لِأَنَّ هُنَا أَصْلًا مُسْتَصْحَبًا وَهُوَ كُفْرُ الْأَصْلِ لِلْأَدْنَى فَإِنَّهُ لَوْ تَخَلَّلَ أَبٌ وَأُمٌّ وَكَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْجَدَّيْنِ وَالِابْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَصْلٌ مُسْتَصْحِبٌ لِلْكُفْرِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْجَدَّيْنِ قَالَ وَقَدْ يُفْرَضُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةِ الْكُفَّارِ وَلَا حَاجَةَ فِي التَّصْوِيرِ لِذِكْرِ الِابْنَيْنِ بَلْ الِابْنُ الْوَاحِدُ كَافٍ وَكَذَا ابْنُ الِابْنِ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَاسْتَشْكَلَهُ
الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ كُفْرُ الْأَبَوَيْنِ الْأَصْلِيِّ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُنَازِعِ فَلَا خِلَافَ فِي تَصْدِيقِهِمَا وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْفَتْوَى عَلَى الْوَقْفِ لِزَوَالِ الِاسْتِصْحَابِ قَالَ وَلَمْ أَرَ هَذَا الَّذِي حَقَّقْنَاهُ فِي كَلَامِ أَحَدٍ وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ إنَّ الْوَقْفَ أَرْجَحُ دَلِيلًا إنَّمَا يَكُونُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَنَا أَصْلٌ فِي الْأَبَوَيْنِ نَسْتَصْحِبَهُ فَإِنْ ثَبَتَ فَقَوْلُ الْأَبَوَيْنِ قَطْعًا .
( قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ ) هَذَا إذَا كَانَ الِابْنَانِ بَالِغَيْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُمَا مُسْلِمَةً فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ أَوْ أُمُّهُمَا كَافِرَةً وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِسْلَامِهِمَا أَوْ أَقَرَّ الْجَدَّانِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَتَكُونُ الدَّعْوَى مِنْ النَّاظِرِ فِي مَالِهِمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) السَّيِّدُ ( لِعَبْدِهِ إنْ قُتِلْت فَأَنْت حُرٌّ أَوْ إنْ مِتَّ فِي رَمَضَانَ فَأَنْت حُرٌّ فَأَثْبَتَ الْعَبْدُ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِمُوجِبِ عِتْقِهِ ) بِأَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي الْأُولَى أَنَّهُ قُتِلَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مَاتَ فِي رَمَضَانَ ( وَ ) أَقَامَ ( الْوَارِثُ ) بَيِّنَةً فِي الْأُولَى ( بِمَوْتِهِ ) حَتْفَ أَنْفِهِ ( أَوْ ) فِي الثَّانِيَةِ ( بِمَوْتِهِ فِي شَوَّالِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالْقَتْلِ فِي الْأُولَى وَبِحُدُوثِ الْمَوْتِ فِي رَمَضَانَ فِي الثَّانِيَةِ ( وَلَا قِصَاصَ ) فِي الْأُولَى لِأَنَّ الْوَارِثَ مُنْكِرٌ لِلْقَتْلِ ( فَإِنْ أَثْبَتَ الْوَارِثُ ) أَيْ أَقَامَ فِي الثَّانِيَةِ بَيِّنَةً ( بِمَوْتِهِ فِي شَعْبَانَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَلَوْ حُكِمَ بِشَاهِدَيْ رَمَضَانَ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ مَاتَ فِي شَوَّالِ فَهَلْ يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَيُجْعَلُ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ مَعًا أَوْ لَا فَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ تَخْرِيجُ قَوْلَيْنِ فِيهِ كَمَا لَوْ بَانَ فِسْقُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ نَقْضِهِ وَعَلَيْهِ جَرَى شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الضَّعِيفِ فَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ رَمَضَانَ فَلَا نَقْضَ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ مِتَّ فَأَنْت حُرٌّ وَشَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِقَتْلِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُعْتَقُ الْعَبْدُ لِأَنَّ مَنْ قُتِلَ فَقَدْ مَاتَ ( وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِمَوْتِهِ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَ ) عِتْقَ ( غَانِمٍ بِمَوْتِهِ فِي شَوَّالٍ أَوْ بِالْبُرْءِ مِنْ مَرَضِهِ فَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) بِمُوجِبِ عِتْقِهِمَا ( تَعَارَضَتَا وَرُقَّا ) وَجْهُ التَّعَارُضِ فِي الثَّانِيَةِ تُقَابِلُ زِيَادَةُ عِلْمِ إحْدَاهُمَا بِالْمَوْتِ فِي الْمَرَضِ وَزِيَادَةُ عِلْمِ الْأُخْرَى بِالْبُرْءِ وَفِي الْأُولَى تَقَابُلُ عِلْمَيَّ الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْمَوْتِ فِي الْوَقْتَيْنِ وَقِيلَ تُقَدَّمُ فِيهَا بَيِّنَةُ
سَالِمٍ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالْمَوْتِ فِي رَمَضَانَ وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ غَانِمٍ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْجَه تَقْدِيمُ بَيِّنَةُ سَالِمٍ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْأَنْوَارِ جَزَمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ مِتَّ فِي رَمَضَانَ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ
( قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ فِي الْأُولَى إلَخْ ) نَعَمْ لَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ الْعَقْلَ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ) مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَلَامًا سَقَطَ صَدْرُهُ وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ شَوَّالٍ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَوَافَقَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ عَنْهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ دَارٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَقَالَ رَدَدْتهَا عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي قَدْ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ فَمُرْهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى أَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتهَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَا بِأَلْفٍ قَالَ الْبَغَوِيّ يُجْعَلُ قَوْلُهُ السَّابِقُ إقْرَارًا بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ جَوَابٌ تَرَتَّبَ عَلَى دَعْوَاهُ بِهِ وَقَالَ قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالِ إلَيْك الْيَوْمَ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ مُقِرًّا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَفْهُومِ وَإِنَّمَا يَثْبُت بِالصَّرِيحِ ا هـ وَالصَّرِيحُ الْوَاقِعُ هُنَا مُطْلَقُ الشِّرَاءِ فَتَأَمَّلْهُ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ سَالِمٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ ادَّعَى نِصْفَ عَيْنَيْنِ عَلَى الشُّيُوعِ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى إحْدَاهُمَا أَوْ ادَّعَى إحْدَاهُمَا ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى نِصْفَهُمَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ كَذَا فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلشِّرَاءِ قُبِلَتْ قَالَ الْقَاضِي كُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَقُلْ لِي بَيِّنَةٌ أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَهَا فَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ
أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ نُكِحَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَادَّعَى الزَّوْجُ الْأَوَّلُ أَنَّهَا نُكِحَتْ فِي عِدَّتِي لَمْ تُسْمَعْ مَا لَمْ يَقُلْ لِي بَيِّنَةٌ أُقِيمُهَا عَلَى أَنِّي طَلَّقْتهَا يَوْمَ كَذَا وَلَا يُحْتَمَلُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ ظَانًّا بُلُوغَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً حَالَةَ الْعَقْدِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا إرْثَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّغَرِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْبَيْعِ طِفْلًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ .
ا هـ .
مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ ( فَرْعٌ ) لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ الْخَصْمُ أُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَحْلِفُ عَلَى خَمْسَةٍ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ أَحْلِفُ عَلَى خَمْسَةٍ وَأَرَادَ الْيَمِينَ فِي خَمْسَةٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ حَصَلَ مَقْصُودُ الْمُدَّعِي فِي الْبَعْضِ وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَأَنْكَرَ وَقَالَ هِيَ مِلْكِي وَرَثَتَهَا مِنْ أَبِي ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَمْ تَكُنْ بِعْتهَا مِنِّي أَوْ مِنْ أَبِي نُزِعَتْ مِنْهُ وَسُلِّمَتْ لِلْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ هَذَا ثُمَّ جَاءَتْ زَوْجَتُهُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا تُنْزَعُ مِنْ الْمُدَّعِي وَتُسَلَّمُ إلَيْهَا بِبَيِّنَتِهَا ثُمَّ الْمُدَّعِي يُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِإِصْدَاقِهَا الزَّوْجَةِ وَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً فَقُضِيَ لَهُ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ بِالْمِلْكِ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ تَشْهَدُ بِالْقَضَاءِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ كَانَ بِالْأَمْسِ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ ذِي الْيَدِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ بِالْمِلْكِ
وَلَا نَعْرِفُ زَوَالَ مِلْكِهِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكُ جَدِّهِ وَقَدْ وَرِثَهَا وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ لِجَدِّهِ وَهُوَ وَارِثُهُ فَالْأَوْلَى أَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُمَا وَقَدْ وَرِثَهَا شَهَادَةٌ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَقَوْلُهُمَا إنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَارِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ فَقَالَ مَاتَ أَبِي وَتَرَكَ هَذَا الْمَالَ لِي وَلِأَخِي هَذَا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَلَسْت بِابْنِهِ فَالْمَالُ لِي دُونَك جُعِلَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِالْأُخُوَّةِ فَيَدْفَعُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ نِصْفَهُ وَيَتْرُكُ الْبَاقِي فِي يَدِ الْمُقِرِّ بِحُكْمِ الْيَدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَاتَتْ زَوْجَتِي فُلَانَةُ وَخَلَفَتْ هَذَا الْمَالَ مِيرَاثًا لِي وَلِأَخِيهَا هَذَا فَقَالَ الْأَخُ أَنَا أَخُوهَا وَلَسَتْ زَوْجًا لَهَا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَى الْأَخِ نَصِيبَهِ وَيَتْرُكُ نَصِيبَ الزَّوْجِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ
( وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ التَّرِكَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجِهَةِ ) أَيْ جِهَةُ الْوِرَاثَةِ كَأُبُوَّةٍ وَأُخُوَّةٍ ( وَ ) مِنْ ذِكْرِ ( الْوَارِثَةِ ) وَذَلِكَ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( لِلْحُكْمِ ) لَهُ بِهَا ( فَيَقُولُ أَنَا ابْنُهُ وَوَارِثُهُ فَإِذَا أَشْهَدَ عَدْلَانِ خَبِيرَانِ ) بِبَاطِنِ حَالِ مُوَرِّثِهِ لِصُحْبَةٍ وَجِوَارٍ وَحَضَرٍ وَسَفَرٍ وَنَحْوِهَا إنَّ هَذَا وَارِثُهُ وَ ( أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ دُفِعَتْ إلَيْهِ التَّرِكَةُ فَإِنْ كَانَ ذَا فَرْضٍ وَشَهِدَا لَهُ هَكَذَا أُعْطِيَ ) فَرْضَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُطَالِبُ وَاحِدًا مِنْهَا بِضَمِينِ لِأَنَّ طَلَبَهُ مَعَ إقَامَةِ الشُّهُودِ طَعْنٌ فِيهِمْ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي ( فَإِنْ لَمْ يَقُولَا لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ أَوْ قَالَا ) ( وَلَمْ يَكُونَا خَبِيرَيْنِ ) بِبَاطِنِ الْحَالِ ( وَكَانَ سَهْمُهُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ أَوْ ) كَانَ مُقَدَّرًا لَكِنْ ( كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ لَمْ يُعْطَ ) شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ ( حَتَّى يَبْحَثَ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ حَالِ مُوَرِّثِهِ ( الْقَاضِي ) فِي الْبِلَادِ الَّتِي سَكَنَهَا أَوْ طَرَقَهَا فَيَكْتُب إلَيْهَا لِلِاسْتِكْشَافِ ( وَيُنَادِي ) الْمُرَادُ وَيَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي فِيهَا أَنْ فُلَانًا مَاتَ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ فَلِيَأْتِ الْقَاضِي أَوْ لِيَبْعَثَ إلَيْهِ ( وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ ثُمَّ يُعْطِيَهُ ) حَقَّهُ ( بِلَا ضَمِينٍ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً مُوسِرًا اكْتِفَاءً بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ .
ذَكَرَهُ الْأَصْلُ .
( وَإِنْ كَانَ سَهْمُهُ مُقَدَّرًا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ أُعْطِيَ أَقَلَّ فَرْضِهِ عَائِلًا ) بِلَا بَحْثٍ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ فَالزَّوْجَةُ تُعْطَى رُبْعَ الثُّمْنِ عَائِلًا لِاحْتِمَالِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَالزَّوْجُ يُعْطَى الرُّبْعُ عَائِلًا لِاحْتِمَالِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ مَعَهُ وَيُعْطَى الْأَبُ السُّدُسَ - عَائِلًا بِتَقْدِيرِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَالْأُمُّ السُّدُسَ عَائِلًا بِتَقْدِيرِ أُخْتَيْنِ
لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ مَعَهَا ( وَبَعْدَ الْبَحْثِ ) إذَا لَمْ يَظْهَرْ غَيْرُ الْمَشْهُودِ لَهُ ( يُعْطَى الْبَاقِي ) وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً ( وَلَا يُؤْخَذُ ضَمِينٌ لِلْمُتَيَقِّنِ وَالزَّائِدِ ) عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ ( فَلَوْ قَالَا ) أَيْ الشَّاهِدَانِ ( لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَمْ يُقْدَحْ فِيهِمْ ) أَيْ فِي شَهَادَتِهِمْ وَالْأَوْلَى فِيهِمَا ( وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ ) بِهَا ( خَطَأً ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِمَا اعْتَقَدَاهُ وَلَمْ يَقْصِدَا الْكَذِبَ ( وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوِرَاثَةَ ) أَيْ كَوْنُهُ وَارِثًا ( نُزِعَ ) بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ ( الْمَالُ مِنْهُ ) أَيْ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ ( وَأُعْطِيَهُ بَعْدَ بَحْثِ الْقَاضِي ) وَقِيلَ لَا يُعْطَى الْأَخُ لِأَنَّهُ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ ( وَإِنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا فِي الْبَلَدِ سِوَاهُ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْهِمُ أَنَّ لَهُ وَارِثًا فِي غَيْرِ الْبَلَدِ
( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْعِتْقِ ) وَالْوَصِيَّةِ ( قَدْ تَقَرَّرَ ) فِي الْفِقْهِ ( أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدَيْنِ مُرَتِّبًا كُلًّا ) مِنْهُمَا ( ثُلُثَ مَالِهِ وَلَمْ يَجْزِ الْوَرَثَةُ ) مَا زَادَ عَلَيْهِ ( عَتَقَ الْأَوَّلُ ) فَقَطْ ( أَوْ ) أَعْتَقَهُمَا ( مَعًا ) أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَعِيَّةٌ وَلَا تَرْتِيبَ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنُسَخِ الْكَبِيرِ الْمُعْتَمَدَةِ ( أُقْرِعَ ) بَيْنَهُمَا ( أَوْ عُلِمَ سَبْقٌ ) لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ ( أَوْ ) عُلِمَ ( سَابِقُ ) مِنْهُمَا ( وَجُهِلَ ) بَعْدُ ( فَمِنْ ) أَيْ فَيَعْتِقُ مِنْ ( كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( نِصْفُهُ ) وَلَا قُرْعَةَ لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى إرْقَاقِ الْحُرِّ وَالْعَكْسِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِهَذَا بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِهَذَا بِثُلُثِهِ وَلَمْ تُجْزَ الْوَرَثَةُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَكَذَا هُنَا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ ( فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ ا لِعَبْدَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَلَا تَارِيخَ ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تُجْزَ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ( عَتَقَ مِنْ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( نِصْفُهُ ) جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلِامْتِنَاعِ الْقُرْعَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْرُجُ بِرِقِّ الْحُرِّ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمِنْهَاجُ فَقَالَ قُلْت الْمَذْهَبُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْإِقْرَاعُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي الْحُدُودِ ( وَإِنْ أُرِّخَتَا ) بِتَارِيخَيْنِ ( وَاتَّحَدَا أُقْرِعَ ) لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ وَهَلْ يَحْلِفُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ قَوْلَانِ قَالَهُ الْقَاضِي فَإِنْ اخْتَلَفَا تَارِيخًا قُدِّمَتْ السَّابِقَةُ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ ( فَإِنْ كَانَ ) فِي الِاتِّحَادِ ( أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ سُدْسَ الْمَالِ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ عَتَقَ هُوَ وَ ) عَتَقَ مَعَهُ ( نِصْفُ الْآخَرِ )
لِيَكْمُلَ الثُّلُثُ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْآخَرِ عَتَقَ وَحْدُهُ ( وَلَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ ) أُطْلِقَتْ ( إحْدَاهُمَا عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( ثُلُثَاهُ ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخِرَ بِسُدُسِهِ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثِي مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ مِمَّا تَقَرَّرَ ( وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَتَانِ بِتَعْلِيقِ عِتْقِهِمَا بِمَوْتِهِ ) أَوْ بِالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِهِمَا ( وَكُلُّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( ثُلُثٌ ) لِمَالِهِ ( وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ) مَا زَادَ عَلَيْهِ ( أُقْرِعَ ) بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَمْ أُرِّخَتَا لِأَنَّ الْعِتْقَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِالْمَوْتِ كَالْوَاقِعَيْنِ مَعًا فِي الْمَرَضِ
الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْعِتْقِ ) ( قَوْلُهُ عَتَقَ الْأَوَّلُ ) أَيْ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنْجَزَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ ( قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الِاتِّحَادُ بِمُقْتَضَى تَعْلِيقٍ وَتَنْجِيزٍ بِأَنْ يَقُولَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ يَعْتِقُ غَانِمًا فَيَعْتِقُ سَالِمًا مَعَ عِتْقِ غَانِمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ وَالْمَشْرُوطَ يَقَعَانِ مَعًا وَهُوَ الْمُرَجَّحُ وَهَذَا تَارِيخٌ مُتَّحِدٌ وَلَا إقْرَاعَ وَيَتَعَيَّنُ السَّابِقُ وَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَه وَزَفَّهَا مَعَ الْجِهَازِ وَقَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا يُوَرَّثُ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَمَاتَتْ فَادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّهُ جِهَازُهَا فَلِي فِيهِ الْمِيرَاثُ وَقَالَ الْأَبُ بَلْ أَعَرْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ مَعَ يَمِينِهِ قُلْت وَفِيهِ إشْكَالٌ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً .
( قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ ) فَإِذَا أَعْتَقْنَا مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ عَتَقَ نِصْفُ الْمُتَقَدِّمِ وَعِتْقُهُ مُسْتَحَقٌّ وَرُقَّ نِصْفُ الْمُتَأَخِّرِ وَرِقُّهُ مُسْتَحَقٌّ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَآخَرَانِ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو قُسِمَ بَيْنَهُمَا
( وَيُقْبَلُ فِي الْعِتْقِ ) وَالْوَصِيَّةِ ( شَهَادَةُ الْوَارِثِ فَلَوْ شَهِدَا أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَوَارِثَانِ ) لَهُ ( حَائِزَانِ ) لِمِيرَاثِهِ ( أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ هَذَا الْإِيصَاءِ ( إلَى عِتْقِ ) أَيْ الْإِيصَاءُ بِعِتْقِ ( سَالِمٍ وَكُلٌّ ) مِنْهُمَا ( ثُلُثُ مَالِهِ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ لِسَالِمٍ ) بِشَهَادَةِ الْوَارِثَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِلرُّجُوعِ عَنْ غَانِمٍ بَدَلًا يُسَاوِيهِ فَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ عَنْهُمَا وَلَا نَظَرَ إلَى تَبْدِيلِ الْوَلَاءِ لِأَنَّ الثَّانِي قَدْ لَا يَكُونُ أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ وَقَدْ لَا يُوَرَّثُ بِالْوَلَاءِ وَمُجَرَّدِ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَوْ رُدَّتْ بِهِ الشَّهَادَةَ لِمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ قَرِيبٍ لِمَنْ يَرِثُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يَصْفُو عَنْ إشْكَالٍ لِأَنَّ الْغَرَضَ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِاسْتِبْقَاءِ غَانِمٍ وَإِنْ سَاوَاهُ سَالِمٌ فِي الْقِيمَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ التُّهْمَةَ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ هِيَ التُّهْمَةُ الْقَوِيَّةُ دُونَ الضَّعِيفَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ هَذَا إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ .
( فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لِاحْتِمَالِ الثُّلُثِ لَهُ ( وَثُلُثَا سَالِمٍ ) اللَّذَانِ هُمَا قَدْرُ مَا يَحْتَمِلهُ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ غَانِمٍ مُؤَاخَذَةً لِلْوَارِثَيْنِ بِإِقْرَارِهِمَا الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَانَ غَانِمًا تَلِفَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بِشَهَادَتِهِمَا لِفِسْقِهِمَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْعِتْقِ الْمُنْجَزِ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الرُّويَانِيِّ عِتْقُهُمَا جَمِيعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فَيُقَالُ إنْ كَانَ غَانِمُ دَخَلَ فِي يَدِ الْوَارِثَيْنِ قَبْلَ شَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَتَقَ جَمِيعُ سَالِمٍ وَإِلَّا فَثُلُثَاهُ لِأَنَّ غَانِمًا إذَا دَخَلَ فِي يَدِهِمَا فَكَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إلَيْهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ - الْمُعْتَقَيْنِ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إلَيْهِ حُسِبَ
عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ كُلُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِهِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ دُونَ الرِّقِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَيْهِ عَتَقَ وَلَوْ خَرَجَتْ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ فَقَطْ فَجَوَابُهُ أَنَّ مَا حَسَبْنَاهُ عَلَى الْوَارِثِ بَعْدَ الِامْتِدَادِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مَا يُنَافِي يَدَهُ بِخِلَافِ الَّذِي قَدَّرْنَا مَوْتَهُ فَإِنَّهُ وُجِدَ فِيهِ مَا يُنَافِي الْمِلْكَ وَهُوَ الْحُكْمُ بِعِتْقِهِ قَالَ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ وَالسُّؤَالُ قَوِيٌّ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتَقُ سَالِمٌ كُلُّهُ مُطْلَقًا لِاعْتِقَادِ الْفَاسِقَيْنِ أَنَّ غَانِمًا مِلْكُهُمَا وَأَنَّ الشَّهَادَةَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا وَقَطَعَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا يَشْهَدُ لَهُ .
( وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا ) وَهُمَا عَدْلَانِ ( لِلرُّجُوعِ ) عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ غَانِمٍ ( أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ) كَمَا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَجَانِبَ نَعَمْ إنْ قَالَا إنَّمَا أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَا نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ فِيمَا يَظْهَرُ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ لِاحْتِمَالِ ثُلُثِ الْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ لَهُمَا ( وَإِنْ كَانَ سَالِمُ السُّدْسَ ) أَيْ سُدُسُ الْمَالِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ( لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا بِالرُّجُوعِ ) عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ غَانِمٍ لِلتُّهْمَةِ بِرَدِّ الْعِتْقِ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ ( وَيُعْتَقُ سَالِمٌ ) بِإِقْرَارِهِمَا الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ ( أَيْضًا ) أَيْ مَعَ عِتْقِ غَانِمٍ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ ( أَوْ ) يُعْتَقُ مِنْ سَالِمٍ ( قَدْرُ نَصِيبِهِمَا مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِمَا وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ نِصْفِ
غَانِمٍ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بَدَلًا فَيُعْتَقُ هُوَ مَعَ كُلِّ سَالِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ الْمَبْنِيُّ عَلَى النَّصِّ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِرَجُلٍ ) فِيمَا إذَا كَانَ سَالِمُ السُّدْسُ ( وَشَهِدَ الْوَارِثَانِ ) وَهُمَا عَدْلَانِ ( بِالرُّجُوعِ عَنْ ) الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ ( سَالِمٍ لِغَانِمٍ كَمَا مَرَّ ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ مِنْ غَانِمٍ لِسَالِمٍ ( زَالَتْ التُّهْمَةُ ) لِأَنَّ لَهُمَا رَدُّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ ( فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا ) بِالرُّجُوعِ عَنْ غَانِمٍ .
( وَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا ) بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَبَيْنَ عِتْقِ سَالِمٍ فَيُعْطَى ( الثُّلُثَانِ ) مِنْهُ ( لِلْمُوصَى لَهُ ) بِالثُّلُثِ ( وَثُلُثٌ ) مِنْهُ ( يُعْتِقُ بِهِ مِنْ الْعَبْدِ ) وَهُوَ سَالِمٌ ( ثُلُثَاهُ ) وَهُمَا ثُلُثُ الثُّلُثِ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ لَكِنَّ رَدَّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْوَصَايَا بَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ الثُّلُثُ وَقَبُولُ شَهَادَةُ الرُّجُوعِ تُوجِبُ إرْقَاقَ غَانِمٍ وَحِرْمَانِهِ عَنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ مَحَلُّ تُهْمَةٍ لِتَعْلِيقِ الْأَغْرَاضِ بِأَعْيَانِ الْعَبِيدِ وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُهُ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ فَيُظْهِرْ أَنَّهُ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ مِنْ غَانِمٍ وَسَالِمٍ نِصْفُهُ وَخَمْسُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ وَأَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِثْلَ مَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ وَظَاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَدُورُ إذْ مَا يُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ كَالتَّالِفِ وَمَعْرِفَتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ بِالْعَكْسِ وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ أَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ شَيْءُ وَمِنْ سَالِمٍ نِصْفُ شَيْءٍ لِمُسَاوَاتِهِ نِصْفَ غَانِمٍ وَيُفْرَضُ لِلْمُوصَى لَهُ شَيْءٌ وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثُونَ يَبْقَى لِلْوَارِثَيْنِ ثَلَاثُونَ إلَّا شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا فَاتَ عَلَيْهِمَا بِالْإِيصَاءِ بِالثُّلُثِ وَ عَتَقَ سَالِمُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ
وَمَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ كَالتَّالِفِ كَمَا مَرَّ فَيُجْبَرُ وَيُقَابَلُ فَثَلَاثُونَ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةٌ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشْرَ جُزْءًا مِنْ الْوَاحِدِ فَيُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ نَظِيرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا مَرَّ وَالْبَاقِي أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَسِتَّةُ أَجَزَاءَ مِمَّا ذُكِرَ ثُلُثُهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَجُزْآنِ مِنْهُ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَعِتْقُ سَالِمٍ أَثْلَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَا ذَلِكَ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَلِعِتْقِ سَالِمٍ ثُلُثُهُ وَهُوَ نِصْفُ ذَلِكَ وَالْبَاقِي وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ لِلْوَارِثَيْنِ وَهِيَ ضِعْفُ مَا فَاتَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ مَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ .
( فَإِنْ كَانَا ) فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ ( فَاسِقَيْنِ عَتَقَا مَعًا ) غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَسَالِمٌ بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ وَهُوَ دُونَ ثُلُثِ الْبَاقِي مِنْ الْمَالِ بَعْدَ غَانِمٍ وَهَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ السَّابِقِ فِيهَا أَمَّا عَلَى النَّصِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ مَا رَجَّحَهُ هُوَ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( وَإِنْ كَانَ السُّدْسُ هُوَ غَانِمٌ ) الْأُولَى وَإِنْ كَانَ غَانِمُ السُّدْسَ وَسَالِمُ الثُّلُثَ ( وَرَجَعَا ) أَيْ شَهِدَا بِالرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ غَانِمٍ ( وَهُمَا فَاسِقَانِ عَتَقَا إلَّا سُدْسَ سَالِمٍ لَتَلَفِ سُدْسَ الْمَالِ ) بِعِتْقِ غَانِمٍ فَعَتَقَ مِنْ سَالِمٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَهِيَ قَدْرُ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ فَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ عَتَقَ سَالِمٌ فَقَطْ ( وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي الْمَرَضِ وَشَهِدَ ) الْوَارِثَانِ ( الْحَائِزَانِ ) عَدْلَيْنِ كَانَا أَوْ فَاسِقَيْنِ ( أَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَ سَالِمًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثٌ ) لِمَالِهِ ( عَتَقَ ) غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَسَالِمٌ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ عَتَقَ مِنْ سَالِمٍ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا ( وَقَالَ الرُّويَانِيُّ ) وَالْخُوَارِزْمِيّ الْمُعَبَّرُ عَنْهُمَا فِي الْأَصْلِ بِبَعْضِ
الْمُتَأَخِّرِينَ ( قِيَاسُهُ ) يَعْنِي مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِالْعِتْقِ وَكَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ ( أَنْ يَعْتِقَ مِنْ سَالِمٍ قَدْرَ ثُلُثِ الْبَاقِي ) بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ فَقَطْ وَكَانَ غَانِمًا تَلَفَ ( وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ شَهِدَا ) وَهُمَا عَدْلَانِ ( وَلَمْ يُكَذِّبَا ) الْأَجْنَبِيَّيْنِ بَلْ قَالَا أَعْتَقَ سَالِمًا وَلَا نَدْرِي هَلْ أَعْتَقَ غَانِمًا أَوْ لَا ( وَجُهِلَ السَّبَقُ ) وَالْمَعِيَّةُ الْأَوْفَقُ بِمَا مَرَّ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ وَلَمْ يُؤَرِّخَا ( عَتَقَ مِنْ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( نِصْفُهُ ) .
كَمَا لَوْ كَانَ شُهُودُ الْعَبْدَيْنِ أَجَانِبَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَاهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ فَيُعْتَقَانِ فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ آنِفًا وَيُقْرَعُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُقَدَّمُ السَّابِقُ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا لَوْ كَانَ الشُّهُودُ أَجَانِبَ ( وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ ( وَنِصْفُ سَالِمٍ ) بِاعْتِرَافِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فِيمَا قَبْلَهَا هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَكَثِيرِينَ ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ هَذَا سَهْوٌ وَصَوَابُهُ أَنْ يُعْتَقَ خُمُسَاهُ وَذُكِرَ تَوْجِيهُهُ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مَعَ بَيَانِ وَجْهِ السَّهْوِ ( فَلَوْ كَانَ سَالِمُ سُدْسِ الْمَالِ فَقِسْ ) حُكْمُهُ ( عَلَى مَا سَبَقَ ) فَيُقَالُ إنْ كَذِبَ الْوَارِثَانِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَتَقَا جَمِيعًا وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ وَلَمْ يُؤَرَّخَا عَتَقَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثَاهُ بِتَوْزِيعِ الثُّلُثِ عَلَى قِيمَتِيِّ الْعَبْدَيْنِ وَإِنْ أُرِّخَتَا وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أُقْرِعَ أَوْ اخْتَلَفَ قُدِّمَ السَّابِقُ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ
( قَوْلُهُ حَائِزَانِ ) ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ بَلْ وَلَا وَارِثَيْنِ قَوْلُهُ فَجَوَابُهُ إنَّمَا حَسِبْنَاهُ عَلَى الْوَارِثِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ فِيمَا يَظْهَرُ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلَهُ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِاتِّحَادِ الْمُسْتَحَقِّ ( قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مَعَ بَيَانِ وَجْهِهِ ) عِبَارَتُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ هَذَا سَهْوٌ لِأَنَّ غَانِمًا أَيْضًا لَا يَسْتَحِقُّ بِقَوْلِ الْوَارِثِينَ إلَّا عِتْقِ النِّصْفِ وَقَدْ حَكَمْنَا بِعِتْقِ جَمِيعِهِ فَنِصْفِهِ كَالْمَغْصُوبِ أَوْ الْهَالِكِ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ وَنِصْفِهِ سُدْسِ التَّرِكَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ عَبْدًا لَا سُدْسَ عَبْدٍ وَقَدْ أُعْتِقَا نِصْفَ عَبْدٍ فَبَقِيَ ثُلُثُ عَبْدٍ بِلَا مَزِيدٍ لَكِنَّ الْعَبْدَيْنِ سَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا يُعْتَقُ مِنْ الْآخَرِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُصَ مَا عَتَقَ مِنْ الْأَوَّلِ عَنْ النِّصْفِ وَأَنْ يَزِيدَ مَا يُعْتَقُ مِنْ الثَّانِي عَلَى الثُّلُثِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَالْبَاقِي مَغْصُوبٌ وَعَتَقَ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ مَعَ الثُّلُثِ الْكَامِلِ مِنْ التَّرِكَةِ فَمَعَهُمْ إذًا ثُلُثَانِ سِوَى شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا عَتَقَ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءٍ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ فَثُلُثَا التَّرِكَةِ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءٍ فَالشَّيْءُ خُمْسُ ثُلُثَيِ التَّرِكَةِ وَخُمْسُ الثُّلُثَيْنِ خُمْسَا الثُّلُثِ وَكُلُّ عَبْدٍ ثُلُثُ فَيُعْتَقُ مِنْ الْأَوَّلِ خُمُسَاهُ وَالْبَاقِي مَغْصُوبٌ وَمِنْ الثَّانِي خُمُسَاهُ يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْوَرَثَةِ مَعَ الثُّلُثِ الْكَامِلِ وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَخْمَاسٍ ضِعْفِ مَا عَتَقَ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ دَبَّرَ سَالِمًا وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى
بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي أَنَّ التَّدْبِيرَ مُقَدَّمٌ لِوُقُوعِ الْعِتْقِ فِيهِ بِالْمَوْتِ فَيُعْتِقُ الْمُدَبَّرُ بِهِ وَيَرِقُّ الْمُوصَيْ بِعِتْقِهِ وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ دَبَّرَ سَالِمًا وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا يُقَدَّمُ التَّدْبِيرُ وَالثَّانِي يُشْرِكُ فِي الثُّلُثِ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ وَالثَّالِثُ يُشْرِكُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَيَدْفَعُ ثُلُثَ الْمَالِ إلَى الْمُوصَى لَهُ وَيَقْرَعُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ فِي ثُلُثِي الثُّلُثِ فَمَنْ قُرِعَ عَتَقَ ثُلُثَاهُ وَرُقَّ ثُلُثُهُ وَجَمِيعُ الْآخَرِ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِبَكْرٍ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِعَمْرٍو وَشَهِدَ لِكُلٍّ ) مِنْهُمْ بِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مَعَ الرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ ( شَاهِدَانِ وَلَوْ وَارِثَيْنِ سُلِّمَ لِعَمْرٍو ) فَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا بِالرُّجُوعِ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِمَا شَهِدَا بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بَدَلًا ( وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِزَيْدٍ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو وَآخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ أَحَدِهِمَا ) الْأَوْلَى إحْدَاهُمَا ( وَلَمْ يُعَيِّنَا ) الْمَرْجُوعَ عَنْهَا ( لَغَتْ ) شَهَادَتُهُمَا لِإِبْهَامِهَا كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا ( وَقُسِّمَ ) الثُّلُثُ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِعَمْرٍو وَآخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعَيِّنَا الْمَرْجُوعَ عَنْهَا لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا وَأُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا السُّدْسَ أَمَّا إذَا عَيَّنَا الْمَرْجُوعَ عَنْهَا فَيُعْطَى الثُّلُثُ فِي الْأُولَى وَالسُّدْسُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْآخَرِ
( الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَسَائِل مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِأَدَبِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى ) ( يَحْضُرُ الْخَصْمُ ) مَجْلِسَ الْحُكْمِ ( وَلَوْ يَهُودِيًّا فِي ) يَوْمِ ( سَبْتٍ ) وَنَصْرَانِيًّا فِي يَوْمِ أَحَدٍ ( وَمُسْلِمًا فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ لَا وَقْتَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ ) أَيْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا فَلَا يَحْضُرُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْهُمَا ( وَلَوْ شَهِدَا ) أَيْ اثْنَانِ ( أَنَّهُ غَصَبَهُ ) كَذَا ( بُكْرَةً وَآخَرَانِ ) أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ ( عَشِيَّةً تَعَارَضَتَا ) فَلَا يُحْكَمُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاحْتِمَالُ - اسْتِرْدَادِهِ ثُمَّ غَصْبِهِ ثَانِيًا بَعِيدًا ( أَوْ ) شَهِدَ ( وَاحِدٌ ) هَكَذَا ( وَوَاحِدٌ ) هَكَذَا ( حَلَفَ ) الْمُدَّعِي ( مَعَ أَحَدِهِمَا ) وَأَخَذَ الْغُرْمَ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَا تَعَارُضَ ( وَلَوْ أَتْلَفَ ثَوْبًا وَقَوَّمَهُ شَاهِدٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَآخَرُ بِدِينَارٍ ثَبَتَ النِّصْفُ ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ ( وَحَلَفَ ) الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ ( مَعَ الْآخَرِ ) أَيْ الَّذِي قَوَّمَ بِالدِّينَارِ وَثَبَتَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِالنِّصْفِ لَا يُعَارِضُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ دِينَارًا وَآخَرُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ ( فَإِنْ تَمَّتْ الْبَيِّنَتَانِ ) فِي ذَلِكَ بِأَنْ قُوِّمَتْ إحْدَاهُمَا الثَّوْبُ بِالنِّصْفِ وَالْأُخْرَى بِالدِّينَارِ ثَبَتَ النِّصْفُ أَيْضًا وَ ( تَعَارَضَتَا فِي النِّصْفِ ) الْبَاقِي ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُتْلَفِ ) بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ وَزْنَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دِينَارًا وَأُخْرَى أَنَّ وَزْنَهُ نِصْفُ دِينَارٍ ( قُدِّمَتْ شَهَادَةُ الْأَكْثَرِ ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ ( بِخِلَافِ ) شَهَادَةِ ( التَّقْوِيمِ ) لِأَنَّ مُدْرَكَهَا الِاجْتِهَادُ وَقَدْ تَطْلُعُ بَيِّنَةُ الْأَقَلِّ عَلَى عَيْبٍ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِعَدَدٍ لِمَعْدُودٍ أَوْ بِأَذْرُعٍ لِمَذْرُوعٍ فَعَارَضَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
بِبَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ كَنِصْفِهِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ انْتَهَى وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ نَظَرٌ وَمَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْوِيمِ يُخَالِفُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَةَ سِلْعَةُ الْيَتِيمِ مِائَةً مَثَلًا فَأَذِنَ الْحَاكِمُ فِي بَيْعِهَا بِالْمِائَةِ فَبِيعَتْ بِهَا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَتَانِ مِنْ أَنَّهُ يُنْقَصُ الْبَيْعُ وَالْإِذْنُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِيمَا تُلِفَ وَتَعَذَّرَ تَحْقِيقٌ الْأَمْرِ فِيهِ وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ يَقْطَعُ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَةٌ
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ ) مَنْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَزْوِيجٍ مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى صِفَةً فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ التَّزْوِيجِ مِمَّا يُوجِبُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِهِ قُبِلَتْ وَأُبْطِلَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالتَّزْوِيجُ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَجَازَ لَهُمَا تَجْدِيدُ عَقْدِ النِّكَاحِ وَهَذَا إذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَنْكِحَهُ وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ بِفَسَادِ التَّزْوِيجِ فِي الْأَصْلِ وَالرَّجُلُ يُنْكِرُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَزْوِيجُهَا فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ ثُمَّ أَرَادَ رَفْعَ الطَّلَاقِ فَقَالَ كَانَ عَقْدُ نِكَاحِنَا فَاسِدًا لِعَدَمِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ أَوْ قَالَتْ كُنْت مُعْتَدَّةً وَوَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَا يُمْكِنُهَا رَفْعُ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ بِقَوْلِهِمَا هَذَا بَلْ طَلَاقُهَا وَاقِفٌ عَلَى دُخُولِهَا فَمَتَى دَخَلَ وَقَعَ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَتَجْدِيدُ نِكَاحِهِمَا صَحِيحٌ وَارْتَفَعَ الْيَمِينُ وَكَأَنَّهُ حَلَفَ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ .
( قَوْلُهُ فَلَا يَحْضُرُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُمَا ) أَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهُ مَتَى أَدَّى إحْضَارُهُ إلَى تَفْوِيتِ صَلَاتِهَا لَا يَحْضُرُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرِ ( قَوْلُهُ تَعَارَضَتَا ) لِمَ لَا يُقَالُ لَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنَّهُ اسْتَرْجَعَهُ مَالِكُهُ مِنْهُ ثُمَّ سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ عَشِيَّةً وَلَا سِيَّمَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ ذَلِكَ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَتْ دَعْوَاهُ أَوَّلًا مُطْلَقَةً لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا زَمَنَ الْأَخْذِ غ قَوْلُهُ وَقَوَّمَهُ شَاهِدٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ ) اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلْ الْقِيمَةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْعَيْنِ أَوْ هِيَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ رَغَبَاتُ
الرَّاغِبِينَ فِي ابْتِيَاعِهَا بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ ) هُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ فَرَضَهُ الشَّيْخَانِ فِي التَّالِفِ ( قَوْلُهُ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُنَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ لَنَا عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ سَالِمَةً مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ فَهُوَ كَمَا أُزِيلَتْ يَدُ الدَّاخِلِ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ لِذَلِكَ وَفِيهِ وَجْهٌ يَجِيءُ هُنَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ تَلِفَ ) أَيْ أَوْ هُوَ بَاقٍ وَلَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْأَقَلِّ
( وَلَا تُسْمَعُ ) بَيِّنَةُ مُدَّعِي عَبْدٍ ( أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ ) فَقَدْ تَلِدُهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا ( وَلَا ) بَيِّنَةُ مُدَّعِي ثَمَرَةٍ ( أَنَّ الثَّمَرَةَ مِنْ شَجَرَتِهِ ) فَقَدْ تُثْمِرُهَا قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا فَلَا تُسْمَعَانِ ( حَتَّى يَقُولَا وَلَدَتْهُ أَوْ أَثْمَرَتْهَا فِي مِلْكِهِ ) فَتُسْمَعَانِ وَإِنْ شَهِدَتَا بِمِلْكٍ سَابِقٍ لِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ فَإِذَا تَعَرَّضَتَا لِمِلْكِ الْأَصْلِ تَبِعَهُ النَّمَاءُ فِي الْمِلْكِ ( وَيُسْمَعُ ) مِنْ الْبَيِّنَةِ ( نَحْوَ ) قَوْلِهَا هَذَا الثَّوْبُ ( مِنْ غَزْلِهِ وَالدَّقِيقُ مِنْ حِنْطَتِهِ وَالْفَرْخُ مِنْ بَيْضَتِهِ ) وَالْخُبْزُ مِنْ دَقِيقِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْنُ مَالِهِ تَغَيَّرْت صِفَتُهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْأَمَةِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ ( وَيُقَدَّمُ مَنْ شَهِدَ بِالرِّقِّ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ ) لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهِيَ إثْبَاتُ الرِّقِّ ( وَلَوْ شَهِدَا ) أَيْ اثْنَانِ ( بِدَيْنٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا مُتَّصِلًا ) بِشَهَادَتِهِ أَنَّهُ ( قَضَاهُ ) أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ نَحْوُهُ ( بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ ) لِلتَّضَادِّ ( أَوْ قَالَهُ مُنْفَصِلًا ) عَنْهَا ( بَعْدَ الْحُكْمِ ) بِهَا ( لَمْ يُؤْثِرْ ) فِي شَهَادَتِهِ ( وَكَذَا قَبْلَ الْحُكْمِ إنْ قَالَ قَضَاهُ قَبْلَ شَهَادَتِي ) تُبِعَ كَالرَّوْضَةِ فِي هَذَا نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ بَعْدَ شَهَادَتِي فَإِنْ قَالَ قَبْلَهَا فَقَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ
( قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَرَّضَتَا لِمِلْكِ الْأَصْلِ تَبِعَهُ النَّمَاءُ فِي الْمِلْكِ ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مِلْكِ الشَّيْءِ مُنْذُ سَنَةٍ يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي مَعَ زَوَائِدِهِ فِي السَّنَةِ ( قَوْلُهُ وَالْخُبْزُ مِنْ دَقِيقِهِ ) أَيْ وَالدَّقِيقُ مِنْ حِنْطَتِهِ وَالزَّرْعُ مِنْ بَذْرِهِ وَهَذِهِ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ مِنْ ذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ وَهَذِهِ النَّخْلَةُ مِنْ نَوَاتِهِ ( قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ مَنْ شَهِدَ بِالرِّقِّ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ ) تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَالشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ وَشَرَحَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُرِّيَّةِ أَوْلَى خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ ) وَهِيَ إثْبَاتُ الرِّقِّ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ إحْدَاهَا إذَا بَاعَ شَيْئًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرُشْدِهِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ كَانَ سَفِيهًا أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهَا بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ السَّفَهِ كَمَا تُقَدَّمُ الْجَارِحَةُ عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرٍ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ صُورَةِ مَا تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ السَّفَهِ بِتَبْذِيرٍ أَوْ فِسْقٍ مُقَارِنٍ لِلْبُلُوغِ مُسْتَمِرٍّ إلَى حِينِ الْبَيْعِ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ تَقْدِيمَ الْبَيِّنَةِ الْجَارِحَةِ عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ رَشِيدٍ وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ رَشِيدًا فَبَيِّنَةُ الرُّشْدِ أَوْلَى وَكَذَا مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى الثَّانِيَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ وَالْعَقْلِ أَطْلَقَ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي فَتَاوِيهِ تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الْجُنُونِ لِأَنَّ عِنْدَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ حُدُوثُ الْجُنُونِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ جُنُونٌ سَابِقٌ فَبَيِّنَةُ الْجُنُونِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ أَيَّامًا وَيُفِيقُ أَيَّامًا وَعُرِفَ مِنْهُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ الثَّالِثَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ أَفْتَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ
مُعَاصِرِيهِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْفِرْكَاحِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيِّنَةَ الصِّحَّةِ مُسْتَصْحَبَةٌ وَالنَّاقِلَةُ تُقَدَّمُ عَلَيْهَا الرَّابِعَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتَيْ الْإِكْرَاهِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ الْخَامِسَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتِي الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمِ كَذَا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَا طَلَبًا أَجَابَ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تُقَدَّمُ وَهَذَا فِيهِ إطْلَاقٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فَفِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ يَشْهَدَا بِالْمَالِ وَآخَرَانِ بِالْإِبْرَاءِ فَشَاهِدُ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى إنْ أُطْلِقَتَا وَإِنْ وُقِّتَتَا فَالْأَخِيرَةُ أَوْلَى وَإِنْ أُطْلِقَتْ بَيِّنَةٌ وَأُرِّخَتْ أُخْرَى فَعَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ إنْ قَالَ قَضَاهُ قَبْلَ شَهَادَتِي ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ شَهَادَتِي ( قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ ) عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ ( فُرُوعٌ ) لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى زَيْدٍ فَأَقَامَ زَيْدُ بَيِّنَةً قَبْلَ الْحُكْمِ بِأَنَّ هَذَا الشَّاهِدَ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ وَكَّلَنِي فِي اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ هَذَا الْمَدِينِ وَقُبِلَتْ وَكَالَتُهُ كَانَ ذَلِكَ طَعْنًا فِي شَهَادَتِهِ فَلَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالدَّيْنِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ قَبْلَ شَهَادَتِهِ سُمِعَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَثَبَتَ الدَّيْنُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى سَبِيلِ الْحِسْبَةِ
بِأَنَّ هَذَا الَّذِي شَهِدَ عَزْلَ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ سُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ ثَبَتَ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ بِبَيِّنَةٍ فَأَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الشُّهُودَ أَعْدَاءُ الْوَارِثِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ وَفِي الْبَحْرِ احْتِمَالِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ قَادِحًا لِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُ الْوَارِثَ فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى الْخَصْمِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالثَّانِي لَا يَكُونُ قَادِحًا وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ التَّرِكَةَ انْتَقَلَتْ إلَى الْوَارِثِ
( وَلِلْخَصْمِ ) فِيمَا إذَا لَمْ تَبْطُلْ - شَهَادَةُ الشَّاهِدِ ( أَنْ يَسْتَشْهِدَهُ عَلَى الْقَضَاءِ ) أَوْ الْإِبْرَاءِ بَعْدَ الدَّعْوَى ( وَيَحْلِفُ مَعَهُ عَلَيْهِ ) وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِشْهَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ أَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ شَهَادَتِي لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ بَلْ يُحْكَمُ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْخَصْمُ مَعَهُ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ هُنَاكَ شَهِدَ بِنَفْسِ الْحَقِّ وَالْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ يُنَافِيَانِهِ فَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَهُنَا شَهِدَ بِالْإِقْرَارِ وَهُمَا لَا يُنَافِيَانِهِ فَلَا تَبْطُلُ انْتَهَى وَالْفَرْقُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِشَهَادَتِهِ لَكِنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ مُنْفَصِلًا عَنْهَا كَمَا أَفَادَتْهُ ثُمَّ ( وَلَوْ ادَّعَى ) عَلَى غَيْرِهِ ( أَلْفًا ) وَلَهُ بِهِ شَاهِدَانِ ( فَشَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا لَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَقِيلَ لَا تُسْمَعُ ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ ( وَقِيلَ يَثْبُتُ ) بِشَهَادَتِهِمَا ( خَمْسُمِائَةٍ وَ ) لَكِنْ ( يَحْلِفُ ) الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ ( لِلْبَاقِي ) مِنْ الْأَلْفِ ( مَعَ ) الشَّاهِدِ ( الْآخَرِ وَقِيلَ يَثْبُتُ بِهَا الْأَلْفُ وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْقَضَاءِ ) بَعْدَ إعَادَةِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْمَذْهَبَ ثُبُوتُ خَمْسِمِائَةٍ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُثْبَتُ الْأَلْفُ وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ مُؤَجَّلًا تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَالْأَوْجَهُ حَذْفُهُ كَمَا فِي بَاقِي نُسَخِهِ كَمَا لَا يَخْفَى ( وَلَوْ شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ ) مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ ( ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا عَزَلَهُ ) الْمُوَكِّلُ ( بَعْدَ شَهَادَتِهِ لَمْ تُبْطَلْ ) شَهَادَتُهُ ( وَيُحْكَمُ بِهَا ) وَالْعَزْلُ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَقِيلَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِثُمَّ
أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِشَهَادَتِهِ بَطُلَتْ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ
( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا خَمْسُمَائَةٍ ) هُوَ الصَّحِيحُ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ فِي يَدِهِ دَارًا أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي الْمُدَّعِي ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ بَاعَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إنْ شَهِدُوا حِسْبَةً أَوْ يَدَّعِي غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَقَدْ يُقَالُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إذَا أَبْدَى عُذْرًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ كَقَوْلِهِ ظَنَنْت أَنِّي وَرِثْتهَا ثُمَّ ظَهَرَ لِي كِتَابٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا وَحَضَرَ آخَرُ الْبَائِعُ وَصَدَّقَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الدَّارِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُصَدِّقُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْمُصَدِّقُ أَنَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَقَالَ إنْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي قَرِينَةُ تَقْتَضِي خَفَاءَ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَدِّقِ حِينَ صِدْقِهِ فَلَهُ سَمَاعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ ذَكَرَهُ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَقَالَ شُرَيْحٌ لَوْ قَدِمَ شَخْصٌ إلَى بَلَدٍ فَاسْتَأْجَرَ بِهَا دَارًا فَقِيلَ لَهُ هَذِهِ دَارُ أَبِيك وَرَثَتهَا عَنْهُ فَادَّعَاهَا فَفِي سَمَاعِ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ السَّمَاعُ حَيْثُ دَلَّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ وَخَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَلَمَّا حَلَّ نِقَابَهَا قَالَ هَذِهِ جَارِيَتِي وَلَمْ أَعْرِفْهَا لِلنِّقَابِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ طَلَبَ ابْتِيَاعِ شَيْءٍ مِنْ رَجُلٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لَهُ بِهِ
( وَلَوْ ادَّعَى الشُّرَكَاءُ عَلَى رَجُلٍ ) حَقًّا فَأَنْكَرَ ( حَلِفَ لِكُلٍّ ) مِنْهُمْ يَمِينًا ( فَإِنْ رَضُوا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ لَمْ تُجِزْهُ ) وَإِنْ اُدْعُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَدَارٍ وَرِثُوهَا مِنْ أَبِيهِمْ كَمَا لَا يُجْزِئُ الْحُكْمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسْأَلَةً تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِهِ لَهَا تَبَعًا لَهُ فِي الْعِتْقِ ( وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ ) مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ بِكَذَا ( وَآخَرُ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ التَّسْلِيطِ ) أَوْ الْإِذْنِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ ( لَا الْإِقْرَارَ ) بِالْوَكَالَةِ ( ثَبُتَتْ ) - أَيْ الْوَكَالَةُ لِاتِّحَادِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ مَعْنَى بِخِلَافِهِمَا مَعَ الْإِقْرَارِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ أَوْ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ فَوَّضْت إلَيْك لَمْ يَثْبُتْ ( أَوْ ) شَهِدَ ( وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالْآخَرُ ) بِالْوَكَالَةِ ( بِهِ وَبِقَبْضِ الثَّمَنِ ثَبَتَ الْبَيْعُ ) أَيْ الْوَكَالَةُ بِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا ( وَلَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الشِّرَاءِ وَالْعِتْقِ ) لِعَبْدٍ ( عَلَى بَيِّنَةِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ ) لَهُ ( فَقَطْ ) فَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَعْتَقَهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا وَذِكْرُ الْعِتْقِ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحًا ( وَلَوْ شَهِدَا فِي دَابَّةٍ حَدِيثَةٍ ) سِنًّا ( بِمِلْكٍ قَدِيمٍ ) فِيهَا كَأَنْ شَهِدَا أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ فَظَهَرَ أَنَّ لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ فَقَطْ ( لَمْ تُسْمَعْ ) شَهَادَتُهُمَا لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِمَا ( وَالْمُسَنَّاةُ ) الْحَائِلَةُ ( بَيْنَ نَهْرِ رَجُلٍ وَأَرْضِ آخَرَ تُجْعَلُ بَيْنَهُمَا ) كَالْجِدَارِ الْحَائِلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَجْمَعُ بِهَا الْمَاءَ لِنَهْرِهِ
وَالثَّانِي يَمْنَعُ بِهَا الْمَاءَ عَنْ أَرْضِهِ وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ : بِنَاءٌ يَمْنَعُ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِ شَخْصٍ وَيَجْمَعُهُ لِآخَرَ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ إلَخْ ) كَذَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ أَطْلَقَا وَغَيْرُهُمَا الْمَسْأَلَةَ وَفِي الْحَاوِي فِي كِتَابِ اللِّعَانِ أَنَّ الْإِصْطَخْرِيُّ قَالَ اسْتَحْلَفَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَيْ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ الْمَذْهَبُ رَجُلًا فِي حَقٍّ لِرَجُلَيْنِ يَمِينًا وَاحِدَةً فَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ زَمَانِنَا عَلَى أَنَّهُ خَطَأٌ قَالَ الدَّارَكِيُّ فَسَأَلَتْ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنْ كَانَا قَدْ ادَّعَيَا ذَلِكَ الْحَقَّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ إنْ ادَّعَيَا دَارًا وَرِثَاهَا أَوْ مَالَ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِنْ جِهَتَيْنِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ صَحِيحٌ .
ا هـ .
قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فَصَّلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَإِنَّمَا الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا كَانَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَجْهٍ غَيْرَ وَجْهِ الْمُدَّعِي الْآخَرِ أَفْرَدَهُ بِدَعْوَى مُسْتَقِلَّةٍ وَلَنَا عَوْدَةٌ إلَى هَذَا النَّوْعِ حَيْثُ ذَكَرَاهُ غ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِدَعْوَى حِصَّتِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا وَكَذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ اثْنَانِ وَدِيعَةً وَقَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَقَدْ نَسِيت عَيْنَهُ وَكَذَّبَاهُ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عِلْمَهُ بِأَنَّهُ الْمَالِكُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودِعِ بِيَمِينِهِ وَتَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّ لِلْمُدَّعِي شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ عِلْمُهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ وَآخَرُ بِالتَّفْوِيضِ إلَخْ ) لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ هَذِهِ الْعَيْنِ وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُدَّعِي وَآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ
طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَبِلَ نِكَاحَ فُلَانَةَ وَآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَوْلِهِ لَمْ تُلَفَّقَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إخْبَارٌ وَالْآخَرُ إنْشَاءٌ وَالضَّابِطُ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا بِعَقْدٍ أَوْ إنْشَاءٍ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارٍ بِهِ وَإِنَّمَا تُلَفَّقُ إذَا اتَّفَقْنَا عَلَى ذِكْرِ عَقْدٍ أَوْ ذِكْرِ إقْرَارٍ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْبَيْعِ وَآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ فَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْإِقْرَارِ وَشَهِدَ بِالْبَيْعِ قُبِلَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحْضِرَ الْأَمْرَيْنِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ لِنَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْبَيْعِ إلَى الْإِقْرَارِ بِهِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقْتَضِ الْأَدَاءُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ إنَّمَا تُجْمَلُ ذَلِكَ لَا غَيْرَهُ ( قَوْلُهُ وَالْمُسَنَّاةُ الْحَائِلَةُ بَيْنَ نَهْرِ .
إلَخْ ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي تَحْرِيرِ النَّوَوِيِّ أَنَّهَا حَفِيرَةٌ تُجْعَلُ فِي جَانِبِ النَّهْرِ لِتَمْنَعَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَعَنْ تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهَا الْأَحْوَاضُ الَّتِي تُجْمَعُ فِيهَا الْمَاءُ تَحْتَ النَّخْلِ
( وَلَوْ ادَّعَى ) عَلَى غَيْرِهِ ( مِائَةً فَقَالَ ) لَهُ ( قَبَضْت مِنْهَا خَمْسِينَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْمِائَةِ ) لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْخَمْسِينَ ( وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا ) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ ( فِي أَثَاثِ ) بِمُثَلَّثَتَيْنِ أَيْ مَتَاعُ ( بَيْتٍ يَسْكُنَا بِهِ ) مَثَلًا وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْيَدُ عَلَى الْأَثَاثِ لَهُمَا ( وَلَا بَيِّنَةَ فَهُوَ لِمَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ ) مِنْهُمَا ( فَإِنْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ جُعِلَ بَيْنَهُمَا ) فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ( وَلَوْ صَلُحَ الْأَثَاثُ لِأَحَدِهِمَا ) كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ لِلرَّجُلِ وَالْحُلِيِّ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ ( أَوْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَالِكُ ) لِلْبَيْتِ ( وَالسَّاكِنُ ) فِيهِ ( بِإِجَارَةٍ ) أَوْ نَحْوِهَا ( صُدِّقَ السَّاكِنُ ) بِيَمِينِهِ ( أَوْ فِي رَفٍّ مُسَمَّرٍ ) أَوْ مُثَبَّتٍ فِيهِ ( فَالْمَالِكُ ) هُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ ( وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا ) بِخِلَافِ الْأَثَاثِ لِأَنَّ مَالِكَ الْبَيْتِ إذَا أَكْرَاهُ يُنْقَلُ الْأَثَاثُ ظَاهِرًا وَالرَّفُّ تَارَةً يُنْقَلُ وَتَارَةً يُتْرَكُ وَكُلٌّ مُحْتَمَلٌ ( وَالْمَتَاعُ فِي الدَّارِ وَالْحَمْلُ فِي الْحَيَوَانِ وَالزَّرْعُ ) أَوْ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ ( فِي الْأَرْضِ يُثْبِتُ ) كُلٌّ مِنْهَا ( الْيَدَ ) لِمَالِكِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا دَارًا مَثَلًا وَلِأَحَدِهِمَا فِيهَا مَتَاعٌ كَانَتْ الْيَدُ لَهُ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الظَّرْفَ تَابِعٌ لِلْمَظْرُوفِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ عَلَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَبِهِ يَجْتَمِعُ مَا هُنَا مَعَ مَا مَرَّ أَوَاخِرَ الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِكَوْنِ أَمْتِعَةِ أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ ( وَلَا يُثْبِتُهَا ) أَيْ الْيَدَ ( عَلَى عَبْدٍ ثَوْبٌ ) هُوَ لَابِسُهُ ( لِمُدَّعِيهِ ) فَلَوْ تَنَازَعَاهُ وَلِأَحَدِهِمَا
عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَمْ يُثْبِتْ يَدَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الثَّوْبِ الْمَلْبُوسِ تَعُودُ إلَى الْعَبْدِ لَا إلَى الْمُدَّعِي ( وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ ) مِنْ اثْنَيْنِ ( بَيِّنَةً أَنَّهُ ) أَيْ أَنَّ فُلَانًا ( أَجَّرَهُ الدَّارَ قُدِّمَ أَقْدَمُهَا تَارِيخًا ) لِتَقَدُّمِهَا ( وَلَوْ شَهِدَا ) أَيْ اثْنَانِ ( أَنَّ زَيْدًا ابْنُهُ ) أَيْ ابْنُ فُلَانٍ ( وَآخَرَانِ لِعَمْرٍو ) أَنَّهُ ابْنُهُ ( وَقَالَ كُلٌّ ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ ( لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ ) ثُبِتَ ( نَسَبُهُمَا ) فَلَعَلَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ اطَّلَعَتْ عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى
( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ فِيمَا هُوَ أَحَقُّ بِمَنْفَعَتِهِ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَقْفٍ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا يَكُونُ فِي مِلْكِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِمَا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقَوْلِهِمَا مِنْ بَعْدُ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا أَوْ كَانَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ أَنَّهُمَا لَوْ سَكَنَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مِنْ دَارٍ وَاسِعَةٍ هِيَ مِلْكٌ لِأَحَدِهِمَا إنَّ مَا عَدَا مَا فِي الْبَيْتِ الْمَسْكُونِ بِهِمَا مِمَّا يَكُونُ فِي بَقِيَّةِ بُيُوتِهَا وَصَفَفِهَا أَنَّ الْيَدَ تَكُونُ فِيهِ لِمَالِك الدَّارِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِمَا قَدْ تُفْهِمُ خِلَافَهُ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِذَلِكَ لَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتَةٌ عَلَى نِصْفِ مَا فِي الدَّارِ فَقُضِيَ لَهُ بِهِ وَيَحْلِفُ الْآخَرُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ قَالَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مِلْكًا لِلزَّوْجِ أَوْ لَهُمَا أَوْ مُكْتَرَاهُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي إذَا كَانَا فِي دَارٍ سَكَنَاهَا إمَّا مِلْكًا لَهُمْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَاخْتَلَفَا فِي مَتَاعِهَا الَّذِي فِيهَا مِنْ آلَةٍ وَبَسْطٍ وَفَرْشٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ إلَى أَنْ قَالَ فَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي الْيَدِ حُكْمًا فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهِ .
الْمَسْأَلَةُ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ طِفْلَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ بِالضِّدِّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيَقُومُ وَلِيُّ النَّاقِصَةِ مَقَامَهَا فِي ذَلِكَ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ وَلِيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَحَصَلَ تَنَازُعُ فِيمَا فِي يَدَيْهِمَا بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ أَوْ بَيْنَ الْحُرِّ وَسَيِّدِ الرَّقِيقِ مِنْهُمَا هَلْ يَجْعَلُ يَدَ الرَّقِيقَيْنِ كَيَدِ
السَّيِّدَيْنِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَنَازَعَ الْحُرَّانِ شَيْئًا فِي يَدِهِمَا أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ حُرًّا فَهَلْ نَقُولُ الْيَدُ لَهُ فَقَطْ أَوَّله وَلِسَيِّدِ الْآخَرِ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَلْيُنْظَرْ أَيْضًا فِيمَا لَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ الْحُرَّانِ فِي نَفْسِ الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا هَلْ تَكُونُ الْيَدُ لَهُمَا جَمِيعًا فِيهَا كَالْمَتَاعِ أَوْ تَكُونُ الْيَدُ لِلزَّوْجِ عَمَلًا بِالْأَغْلَبِ إنَّ الْمَسْكَنَ يَكُونُ لَهُ أَوْ أَنَّ الْيَدَ لَهُمَا فِي الْبَيْتِ الْمَسْكُونِ مِنْهَا دُونَ بَقِيَّتِهَا قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْيَدَ لَهُمَا فِي جَمِيعِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ فِيمَا إذَا انْفَرَدَ الزَّوْجَانِ بِمَسْكَنٍ بِمُفْرَدِهِمَا أَمَّا لَوْ كَانَ يُسَاكِنُهُمَا فِيهِ وَلَدٌ كَبِيرٌ وَيَدُهُ مُشَارِكَةٍ لَهُمَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَسَنَذْكُرُهُ آخِرَ الْبَابِ وَلَوْ تَنَازَعَ الْخَيَّاطُ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي الْمِقَصِّ وَالْإِبْرَةِ وَالْخَيْطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهَا أَكْثَرُ أَوْ فِي الْقَمِيصِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ بِيَمِينِهِ وَهَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ النَّجَّارُ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي آلَةِ النَّجَّارِ أَوْ فِي الْخَشَبَةِ الْمَنْجُورَةِ أَوْ نَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ فِي قَوْسِ النَّدْفِ فَهُوَ لِلنَّدَّافِ أَوْ فِي الْفَرْشِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْقَرَّابُ فِي الْقِرْبَةِ فَهِيَ لِلْقَرَّابِ أَوْ فِي الْخَابِيَةِ وَالْجِدَارِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الدَّارِ .
( فُرُوعٌ ) وَإِنْ تَدَاعَيَا دَابَّةً وَأَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ سَائِقُهَا أَوْ آخِذٌ بِزِمَامِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالِانْتِفَاعِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كُلًّا لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَتْ لَهُ وَيَجْرِيَانِ فِي التَّنَازُعِ فِي ثَوْبٍ وَأَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ يُجَاذِبُهُ وَاتَّفَقُوا فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ وَمُمْسِكِهَا عَلَى تَصْدِيقِ الرَّاكِبِ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ وَكَذَا فِي مُمْسِكِهِ جَنْبِهَا
وَمُمْسِكِ رِبَاطِهَا يُصَدَّقُ مُمْسِكُ الْجَنْبِ لِأَنَّهُ مِنْهَا أَوْ دَابَّةٌ تَحْتَ يَدِهِمَا وَالْإِسْطَبْلُ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَوَابُّ لِغَيْرِهِ اسْتَوَيَا وَإِلَّا فَهِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ عِمَامَةٌ بِيَدِ أَحَدِهِمَا عُشْرِهَا وَالْآخَرُ بَاقِيهَا فَبَيْنَهُمَا كَدَارِ أَحَدِهِمَا فِي صَحْنِهَا وَالْآخَرُ فِي دِهْلِيزِهَا أَوْ عَلَى سَطْحِهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَ مَحْجُورًا أَوْ عَلَى مُمْرِقٍ أَمْ لَا وَلَوْ تَنَازَعَا مَتَاعًا فِي ظَرْفٍ وَيَدُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمَظْرُوفِ خُصَّ كُلٌّ بِمَا بِيَدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَازَعَا عَبْدًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَثَوْبِهِ بِيَدِ الْآخَرِ فَإِنَّ الْيَدَ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ عَلَى ثَوْبٍ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبَانِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي السَّرْجِ دُونَ الْآخَرِ
( فَصْلٌ إذَا عُرِفَتْ ضَيْعَةٌ بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ كَفَى ) ذِكْرُهَا وَهَذَا مُقَيَّدٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا أَنَّ الْعَقَارَ إذَا عُرِفَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَفَى ذِكْرُهُ وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَنَّ شُهْرَتَهُ إذَا أَغْنَتْ عَنْ تَحْدِيدِهِ لَمْ يَجِبْ تَحْدِيدُهُ ( وَلَوْ غَلَطَ الشُّهُودُ أَوْ الْمُدَّعِي فِي حَدٍّ مِنْ ) الْحُدُودِ ( الْأَرْبَعَةِ لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُمْ ) أَيْ الشُّهُودُ وَلَا دَعْوَى الْمُدَّعِي ( فَلَوْ قَالَ خَصْمُ الْمُدَّعِي ) لَهُ فِيمَا إذَا غَلَطَ فِي التَّحْدِيدِ ( لَا يَلْزَمُنِي دَارٌ صِفَتِهِ ) الْأَوْلَى صِفَتُهَا ( كَذَا كَانَ صَادِقًا ) وَإِذَا حَلَفَ كَانَ بَارًّا ( أَوْ قَالَ ) لَهُ فِي ذَلِكَ ( لَا أَمْنَعُهُ إيَّاهَا سَقَطَتْ دَعْوَاهُ ) عَنْهُ ( وَلَهُ ) مَعَ ذَلِكَ ( مَنْعُهُ ) مِنْ الدَّارِ الَّتِي بِيَدِهِ وَيَقُولُ لَهُ هِيَ غَيْرُ مَا ادَّعَيْت ( وَإِنْ أَتَى ) الْمُدَّعِي ( بِالْحُدُودِ كَمَا هِيَ لَمْ يَمْنَعْهُ ) خَصْمُهُ مِنْهَا ( إنْ قَالَ لَا أَمْنَعُهُ مِنْهَا فَإِنْ مَنَعَهُ ) مِنْهَا ( وَقَالَ ظَنَنْته غَلَطَ ) فِي الْحُدُودِ ( لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ أَوْ ) قَالَ إنَّمَا قُلْت لَا أَمْنَعُهُ لِأَنَّهَا ( لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِي إلَى الْآنَ قُبِلَ مِنْهُ ) بِيَمِينِهِ ( فَيَحْلِفُ ) عَلَيْهِ ( وَيَمْنَعُهُ ) مِنْهَا بَعْدَ الْحَلِفِ
قَوْلُهُ كَفَى ذِكْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّفَهِ حَالَةِ الْإِقْرَارِ أَوْ التَّصَرُّفِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ حِينَئِذٍ قُلْت وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَ سَبْقَ سَفَهِهِ لِذَلِكَ إنَّ بَيِّنَةَ الرُّشْدِ تُقَدَّمُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُسْتَصْحَبَةٌ فَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا بَيِّنَةُ السَّفَهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَبَيِّنَةُ السَّفَهِ أَوْلَى كَمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْجُرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو بِمَالٍ فِي مَكَانِ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَهُوَ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ وَإِقْرَارُهُ كَانَ فِي جُنُونِهِ قَالَ إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهِ جُنُونٌ سَابِقٌ فَبَيِّنَةُ الْجُنُونِ أَوْلَى لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ أَحْيَانَا وَيُفِيقُ أَحْيَانَا وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ ا هـ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قُلْت وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَلَوْ ادَّعَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ ) فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ ( إذْنًا ) مِنْهُ لَهُ ( فِي التِّجَارَةِ لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ ( أَوْ بَعْدَ مَا اشْتَرَى ) وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ( أَوْ بَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ) وَتَلِفَ بِيَدِهِ ( فَلِلْبَائِعِ ) فِي الْأُولَى إذَا طُلِبَ الثَّمَنُ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَلِلْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ إذَا طُلِبَ الْمَبِيعُ ( تَحْلِيفُ سَيِّدٍ ) لِلْعَبْدِ عَلَى نَفْيِ الْإِذْنِ إنْ ( أَنْكَرَ ) الْإِذْنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ ( فَإِذَا حَلَفَ ) فِيهِمَا حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي الثَّانِيَةِ وَبِمِلْكِ السَّيِّدِ لِلْمَبِيعِ فِي الْأُولَى بِزَعْمِ الْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ ( فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ أَيْضًا لِيَسْقُطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّتِهِ ) بِتَقْدِيرِ إقْرَارِ سَيِّدِهِ وَلَوْ حُكْمًا نَعَمْ إنْ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ فِي الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ تَحْلِيفُ السَّيِّدِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فِي الثَّانِيَةِ وَأَحَالَ بِهِ وَحَلَفَ السَّيِّدُ لِلْمُشْتَرِي ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَصْلُ غَالِبَهُ وَأَقَرَّهُ وَمَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْأُولَى قَدْ يَسْتَشْكِلُ بِالْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ لِزَيْدٍ شَيْئًا بِوَكَالَتِهِ بِذِكْرِهِ وَسَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ فِي الْعَقْدِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِيهَا فَأَنْكَرَهَا زَيْدٌ وَحَلَفَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَبْدَ أَقْوَى فِي تَحْصِيلِ الْمِلْكِ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْوَكِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِمُوَكِّلِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ إكْسَابَهُ تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا أَمَّا إذْ لَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ بَلْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ الَّذِي بِيَدِهِ أَوْ الْمَبِيعِ
( وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِأَلْفٍ ادَّعَاهُ لِيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ فَأَقَامَ خَصْمُهُ شَاهِدًا بِإِقْرَارِهِ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ حَلَفَ ) خَصْمُهُ ( مَعَ شَاهِدِهِ وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ ) أَيْ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ ( وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ غَاصِبٍ غَاصِبَةَ وَإِنْ سَفَلَ وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ ) إنْ ادَّعَى الْمَالِكُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدَّ الْمَغْصُوبِ بِصِفَةِ كَذَا أَوْ قِيمَتِهِ وَهِيَ كَذَا ( أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدَّ الْعَيْنِ ) وَلَا قِيمَتَهَا ( لِإِمْكَانِ الرَّدِّ وَعَدَمِهِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ إنْ قَدِرَ عَلَى الِانْتِزَاعِ لَزِمَهُ الِانْتِزَاعُ وَالرَّدُّ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْأَوَّلِ إلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَالتَّعْلِيلُ نَاطِقٌ بِهِ ( وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ ) أَيْ الْمُدَّعِي لِدَارٍ ( اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكٍ ) لَهَا ( وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِمِلْكِ الْمُدَّعِي لَهَا الْآنَ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ هَذَا مُنَزَّلٌ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي لِمَا ادَّعَاهُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الشَّهَادَةِ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمِلْكِ الْمُدَّعِي لَهَا الْآنَ .
( وَيَدَّعِي الْمَالِكُ عَلَى مَنْ غَصَبَ ) مِلْكَهُ ( الْمَرْهُونَ ) مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّ لِي عِنْدَهُ ثَوْبًا مَثَلًا صِفَتُهُ كَذَا وَ ( أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَيَّ وَلَهُ ذِكْرُ كَوْنِهِ مَرْهُونًا ) بِأَنْ يَقُولَ كُنْت رَهَنْته عِنْدَ فُلَانٍ وَلَا بَعْدُ فِي قَوْلِهِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَيَّ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ يَدُ الرَّاهِنِ وَلِهَذَا لَوْ نُوزِعَ فِي الْمَرْهُونِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُهُ ( وَلِمَنْ عَرَفَ تَنَاكُحَ وَالِدَيْ شَخْصٍ ) وَحُرِّيَّةَ أُمِّهِ ( الشَّهَادَةُ ) لَهُ ( بِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ ) وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ الْوِلَادَةَ
كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ ( لَا ) الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ ( لِغَرِيبٍ ) دَخَلَ بَلَدًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا تَجُوزُ ( وَإِنْ ادَّعَى الْخَارِجُ شِرَاءَ الْعَيْنِ ) الْمُدَّعَاةِ ( مِنْ الدَّاخِلِ ) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً ( وَ ) ادَّعَى ( الدَّاخِلُ أَنَّهُ وَهَبَهَا مِنْ الْخَارِجِ ) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً ( وَلَا تَارِيخَ ) لَهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ ( تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا وَتُقَرُّ ) الْعَيْنُ ( فِي يَدِ الْخَارِجِ ) وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ اسْتَحَقَّتْ ) وَأُخِذَتْ مِنْهُ ( أَوْ ظَهَرَتْ مَعِيبَةٌ ) وَأَرَادَ رَدَّهَا ( لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ ) فَإِنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ فَالْمُتَأَخِّرَةُ أَوْلَى قَالَهُ الْقَفَّالُ ( وَلَوْ تَنَازَعَا ) أَيْ اثْنَانِ ( دَارًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي ) لَهَا ( أَنَّهَا مِلْكُهُ وَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ آخَرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالشِّرَاءِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا يَوْمَئِذٍ ( ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً ) أُخْرَى ( أَنَّ الَّذِي بَاعَهُ إيَّاهَا بَاعَهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ ) الْأَوْلَى وَالْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا يَوْمَ بَيْعِهَا مِنْهُ ( جُعِلَتَا كَبَيِّنَةٍ وَتَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا ) أَيْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ وَبَيِّنَةُ الثَّانِي الْحَاصِلَةِ مِنْ بَيِّنَتَيْهِ
( قَوْلُهُ وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِأَلْفِ إلَخْ ) قَالَ الْقَفَّالُ لَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَافِعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ فَضَمِنَهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدَدْت أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَيْهِ فَقَالَ الْقَفَّالُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لِلْمُدَّعِي لَا فِي النِّصْفِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ قَرْضٌ عِنْدَهُ ا هـ قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَالتَّعْلِيلُ نَاطِقٌ بِهِ ) وَكَذَا رَأَيْته بِمَعْنَاهُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ هَذَا مُنَزَّلُ .
.
.
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِمْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِلْكَهُ أَمْسِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ مِلْكًا لِفُلَانٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَخَلَفَهَا مِيرَاثًا لِابْنِهِ هَذَا وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهَا الْآنَ مِلْكُ هَذَا الِابْنِ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ وَحُكْمِ هَذَا حُكْمِ مَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِفُلَانٍ أَمْسِ لَا يُقْبَلُ فِي الْجَدِيدِ .
ا هـ .
( وَقَوْلُهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً ) فِي سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ قَبْلَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا نَظَرٌ نَعَمْ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا عِنْدَ ظُهُورِ اسْتِحْقَاقٍ وَغَيْرِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فَظَاهِرٌ غ ( فَرْعٌ ) إذَا تَدَاعَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ دَارًا فِي يَدْيِهِمَا فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَهَا وَأَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا وَأَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى الرَّجُلُ مِلْكِيَّةَ الدَّارِ وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّ الدَّارَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا حُكْمًا بِيَدِهِمَا
وَالْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَالنِّكَاحِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ تَنَازَعَا سَفِينَةً أَحَدُهُمَا مُمْسِكٌ بِرِبَاطِهَا وَالْآخَرُ بِخَشَبِهَا كَانَتْ الْيَدُ لَهُ لِأَنَّ الْخَشَبَ مِنْ السَّفِينَةِ وَالرِّبَاطَ لَيْسَ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبَهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكُهَا كَانَتْ الْيَدُ لِلرَّاكِبِ دُونَ الْمُمْسِكِ لِأَنَّ لِلرَّاكِبِ تَصَرُّفًا لَيْسَ لِلْمُمْسِكِ ا هـ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَسْكُنَانِ دَارًا ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالدَّارُ دَارُهُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ عَبْدُهَا وَالدَّارُ دَارُهَا قَالَ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَهِيَ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَحْلِفَانِ عَلَى الدَّارِ وَتَبْقَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قَالَ فَبَيِّنَتُهَا أَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا أَوْلَى لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى رِقِّهِ كَانَ رَقِيقًا وَإِذَا حَكَمْنَا لَهَا بِمِلْكِيَّةِ الرَّجُلِ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا امْرَأَةٌ لَهَا وَلَدٌ أَقَامَا بِبَلَدٍ مُدَّةً عَلَى حُكْمِ الْأَحْرَارِ تَقُولُ هَذَا وَلَدِي وَيَقُولُ هُوَ هَذِهِ أُمِّي ثُمَّ جَاءَ مُدَّعٍ وَادَّعَى رِقّهَا فَقَالَتْ كُنْت مَمْلُوكَتَهُ فَأَعْتَقَنِي وَأَنْكَرَ الْوَلَدَ وَقَالَ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ وَلَسْت بِابْنٍ لَهَا حُكِمَ بِرِقِّهَا دُونَهُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ تَنَازَعَا دَارًا إلَخْ ) لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى ابْنُهُ بِأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلَادِنَا وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِنَا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لِأَبِي حِينَ بَاعَهَا وَهُنَاكَ أَوْلَادٌ سُمِعَتْ وَتَبْطُلُ دَعْوَاهُ فِي نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ الْأَطْفَالِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ نَصِيبَ أَوْلَادِهِ وَلَا يُحْكَمَ بِبَيِّنَةٍ لَا لَهُ وَلَا لِلْأَطْفَالِ لِخُرُوجِهِ بِإِقْرَارِهِ عَنْ كَوْنِهِ قَيِّمًا لَهُمْ فِي هَذِهِ الدَّارِ بَلْ يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ قَيِّمًا يَدَّعِي
عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ثَانِيًا عَلَى نَصِيبِهِمْ إنْ شَاءَ نَصَّبَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ شَاءَ نَصَّبَ ابْنَ الْبَائِعِ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا إنَّمَا بَطَلَتْ فِي حَقِّ أَبِيهِمْ لَا فِي حَقِّهِمْ فَلَوْ أَنَّ الِابْنَ الْمُدَّعِي لِلْوَقْفِ ادَّعَى بِأَنِّي كُنْت جَاهِلًا بِالْوَقْفِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَحْلِفُ
( وَإِنْ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( عَلَى زَيْدٍ بِمِلْكِ دَارٍ وَانْتَزَعَهَا ) مِنْهُ ( ثُمَّ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ ( آخَرُ ) بَيِّنَةً ( أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِلْكُهُ قُضِيَ بِهَا لِلْآخَرِ ) وَكَانَ كَمَا لَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الِانْتِزَاعِ مِنْهُ ( وَإِنْ أَثْبَتَ ) الثَّانِي ( أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي ) الْأَوَّلِ ( بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُ ) بِهَا ( لَمْ تَحْتَجْ بَيِّنَتُهُ ) فِي الْحُكْمِ لَهُ بِهَا عَلَى الْأَوَّلِ ( أَنْ تَقُولَ ) أَنَّهُ ( اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ ) أَثْبَتَ ذَلِكَ ( قَبْلَ الْحُكْمِ ) لِلْأَوَّلِ بِهَا ( فَلَوْ قَالُوا ) أَيْ شُهُودُهُ ( اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ اُنْتُزِعَتْ ) مِنْ ذِي الْيَدِ وَقُضِيَ بِهَا ( لِلثَّانِي وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ ) بَيِّنَتُهُ ( لِلْمِلْكِ سُمِعَتْ ) عَلَى الْأَوَّلِ ( فَإِذَا حُكْمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي ) الْأَوَّلِ ( اُنْتُزِعَتْ لِلثَّانِي ) وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ ( وَلِمُدَّعٍ عَلَى ذِي الْيَدِ شِرَاءُ دَارٍ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ ) وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ ( أَنْ يُثْبِتَ ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً ( بِالْبَيْعَيْنِ وَلَهُ أَنْ يُفْرِدَ كُلًّا ) مِنْهُمَا ( بِبَيِّنَةِ وَإِنْ قَدَّمَ وَأَخَّرَ لَمْ يَضُرَّ وَلِمَنْ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ تَبَدَّلَتْ حُدُودُهَا ) بَعْدَ الشِّرَاءِ ( أَنْ يُثْبِتَ ) بِبَيِّنَةٍ ( أَنَّهُ اشْتَرَاهَا ) مِنْ فُلَانٍ وَقْتَ كَذَا ( وَالْحُدُودُ ) يَوْمَئِذٍ ( كَذَا ثُمَّ يُثْبِتَ ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أُخْرَى ( بِكَيْفِيَّةِ - التَّبَدُّلِ ) لِلْحُدُودِ فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِ فُلَانٍ الْمَحْدُودِ بِهَا انْتَقَلَتْ إلَى فُلَانٍ وَاَلَّتِي كَانَتْ بِيَدِ فُلَانٍ انْتَقَلَتْ إلَى فُلَانٍ وَهَكَذَا ( لِيُقْضَى لَهُ ) بِالدَّارِ الْمُدَّعَاةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ شُهُودُ الشِّرَاءِ تَشْخِيصَ الْحُدُودِ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ بِحُضُورِ الْحَاكِمِ أَوْ
نَائِبِهِ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيِّنَةٍ أُخْرَى بِالِانْتِقَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ لَا يَجِدُهَا ( فَإِنْ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى غَيْرِهِ ( بِمِلْكِ دَارٍ فَقَالَ ) لَهُ ( الْقَاضِي هِيَ ) مِلْكٌ ( لِفُلَانٍ بِعِلْمِي فَأَثْبِتْ الشِّرَاءَ ) لَكَ ( مِنْهُ انْدَفَعَتْ بَيِّنَتُهُ ) بِذَلِكَ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي هَذِهِ لِوُجُودِ الْبَيِّنَةِ بِمَا يُخَالِفُ عِلْمُهُ
( قَوْلُهُ ثُمَّ أَثْبَتَ .
.
) أَيْ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ يَسِيرَةٍ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَا ذُكِرَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَقَالَ لَيْسَتْ فِي يَدِي أَوْ لَا أَمْنَعُك مِنْهَا فَكَذَّبَهُ ) الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ ( لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ بَلْ يَذْهَبُ ) أَيْ الْمُدَّعِي إلَيْهَا ( فَإِنْ مَنَعَهُ أَحَدٌ ) مِنْهَا ( ادَّعَى عَلَيْهِ ) وَإِلَّا فَلَا مُنَازَعَةَ ، وَتَعْبِيرُهُ بِأَوْ فِي أَوْ لَا أَمْنَعُك أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْوَاوِ ( فَإِنْ بَاعَ دَارًا فَقَامَتْ بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ بِوَقْفِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثَبَتَ الْوَقْفُ ) لَهَا وَنُزِعَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي ( وَرَدَّ ) عَلَيْهِ الْبَائِعُ ( الثَّمَنَ وَتُوقَفُ الْغَلَّةُ ) الْحَاصِلَةُ فِي حَيَاةِ الْبَائِعِ ( فَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَخَذَهَا وَإِلَّا صُرِفَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْأَقْرَبِ ) فَالْأَقْرَبِ ( إلَى الْوَقْفِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِبَيِّنَةِ الْحِسْبَةِ أَنَّ الْوَقْفَ يَثْبُتُ بِهَا إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْجِهَةَ الْعَامَّةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَوْجُودَةٌ فَفِيهِ نَظَرٌ وَكَلَامٌ آخَرْ ( وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ وَقْفَهَا وَلَمْ يَكُنْ قَالَ ) حِينَ الْبَيْعِ ( هِيَ مِلْكِي سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَبَيِّنَتُهُ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ ( لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ وَتَقْيِيدُ سَمَاعِ دَعْوَاهُ بِكَوْنِهِ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ أُخِذَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمُ سَمَاعِهَا فِيهِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا ( وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشَتِّرِي ) مِنْهُ ( بِعْتُك وَأَنَا لَا أَمْلِكُهُ وَالْآنَ قَدْ مَلَكْته ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ وَلِمَا يَأْتِي وَأَنَا لَا أَمْلِكُهَا وَالْآنَ قَدْ مَلَكْتهَا ( وَلَمْ يَكُنْ قَالَ ) حِينَ الْبَيْعِ ( هِيَ مِلْكِي سُمِعَتْ ) دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) لَهُ ( بَيِّنَةٌ حَلَّفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ ) إيَّاهَا ( وَهِيَ مِلْكُهُ ) وَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ
( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فُرُوعٌ ) بَاعَ حِمَارًا إلَى أَجَلٍ فَلِمَا انْقَضَى تَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ فَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ وَرَدَّ الْحِمَارَ وَحَلَفَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْكِرَاءِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحِمَارِ مِلْكًا لَهُ بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْحِسْبَةَ عَلَى قَيِّمِ صَبِيٍّ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا لِلصَّبِيِّ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ إنْ اتَّهَمَهُ فِيهِ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ وَأَنَّهُ مَلِيءٌ بِأَدَائِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مُفْلِسٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ذَهَابِ مَالِهِ وَأَنَّهُ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ مُفْلِسًا فَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي حَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَهَابَ مَالِهِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مَلَكَ هَذِهِ الضَّيْعَةُ بِالْإِرْثِ مِنْ أَبِيهِ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِي ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ بَاعَهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ الْقَفَّالُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا حِسْبَةً وَبِدَعْوَى غَيْرِهِ قُلْت فِي رَدِّ دَعْوَاهُ مُطْلَقًا نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ إذَا أَبْدَى عُذْرًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ بِأَنْ قَالَ ظَنَنْت أَنِّي وَرِثْتهَا ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابٌ بِأَنَّ أَبِي وَقَفَهَا عَلَيَّ فِي حَالَ صِغَرِي وَلِي بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ أَوْ أُخْبِرْت بَعْدَ دَعْوَايَ مِلْكِيَّتِهَا عَنْ أَبِي إرْثًا أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا عَلَيَّ بِشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ وَلَمْ أَعْلَمْ بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعَامَّةِ عَلَى مَا شَهِدْنَاهُ يُسَمِّيَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مِلْكًا وَيَقُولُ فِي دَعْوَاهُ لَهُ مِلْكِي وَمِلْكُ أَبِي وَجَدِّي وَهَذَا كِتَابِي بِهِ يُرِيدُ كِتَابَ الْوَقْفِ فَمِثْلَ هَذَا لَا يَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ غ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ سَمَاعِهَا فِيهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ
إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا أَيْ وَإِلَّا كَانَ قَالَ كُنْت جَاهِلًا بِالْوَقْفِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَيَحْلِفُ
( فَصْلٌ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا ) بِهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَفْهُومِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْجَوَابَ مَقْبُولٌ وَالصَّحِيحُ كَمَا مَرَّ فِي جَوَابٍ لِدَعْوَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْجَوَابُ إلَّا إذَا نُفِيَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فَيَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمَ شَيْءٍ مِنْهَا قُلْت الْقَاضِي مَاشٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ صِحَّةِ الْجَوَابِ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ بَلْ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا أَوْ لَا وَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَا تَنْقَطِعُ بِهِ مُطَالَبَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ بَعْدَ الْيَوْمِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ ( وَأَنَّهُ تَتَعَارَضُ بَيِّنَةُ وَقْفٍ وَ ) بَيِّنَةُ ( مِلْكٍ ) كَبَيِّنَتِي الْمِلْكِ فَلَا تُقَدَّمُ - بَيِّنَةُ الْوَقْفِ ( وَ ) أَنَّهُ ( إنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا أَخٌ وَأُخْتٌ وَزَوْجٌ يُسَاكِنُهَا فَادَّعَى ) الزَّوْجُ أَنَّ ( الْمَتَاعَ ) لَهُ ( صُدِّقَ فِي النِّصْفِ بِيَمِينِهِ ) وَأَخَذَهُ بِحُكْمِ الْيَدِ وَجُعِلَ النِّصْفُ لِلْمَيِّتَةِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ التَّنْصِيف ثِيَابُ بَدَنِهَا الَّتِي عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ بِالْيَدِ عَلَيْهَا فَيَحْلِفُ وَارِثُهَا عَلَيْهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ يُسَاكِنُهَا مَا إذَا لَمْ يُسَاكِنْهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ إذْ لَا يَدَ لَهُ ( وَيَحْلِفُ ) الزَّوْجُ ( لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمَا ) أَيْ الْأَخُ وَالْأُخْتُ ( يَمِينًا فَإِنْ أَثْبَتَتْ الْأُخْتُ ) بَعْدَ حَلِفِهِ لَهَا لِكَوْنِهَا الْحَاضِرَةِ وَالْأَخِ غَائِبًا ( أَنَّهُ ) أَيْ الْمَتَاعُ ( لَهَا وَلِأَخِيهَا ثَبَتَ لَهُمَا ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ ( وَ ) أَنَّهُ ( لَا يُطْلَقُ حَبِيسٌ ) بِحَبْسِ الْقَاضِي ( إلَّا بِثُبُوتِ إعْسَارِهِ أَوْ رِضَا خَصْمِهِ وَبَعْدَ رِضَاهُ ) بِإِطْلَاقِهِ ( لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِهِ ) لِأَنَّهُ لَا حَبْسَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّ
حَبَسَهُ ( وَمَنْ عَرَفَ عَادَةً قَدِيمَةً بِإِجْرَاءِ مَاءٍ ) أَوْ طَرْحِ ثَلْجٍ ( فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا مَانِعٍ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِاسْتِحْقَاقِهِ ) لِمُدَّعِيهِ ( وَلَا تُسْمَعُ ) شَهَادَتُهُ بِهِ ( إنْ صَرَّحَ بِالْعَادَةِ ) بِأَنْ يَقُولَ رَأَيْت ذَلِكَ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ
( قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ ) فِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَقَفَهَا مَالِكُهَا وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ أَوْلَى لِأَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ بِالْوَقْفِ فَشَهَادَةُ الْوَقْفِ بِأَمْرٍ زَائِدٍ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْوَقْفِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُرَجَّحُ بِالْيَدِ لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الْوَقْفِ وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَالثَّانِي يُرَجَّحُ .
ا هـ .
وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَطَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فَقَالَ الدَّارُ لِزَوْجَتِك لَا لَكَ فَقَالَ بَلْ مِلْكِي فَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ إلَيْهِ ثُمَّ لِلْمُقِرِّ لَهُ انْتِزَاعِ الدَّارِ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ هِيَ لِزَوْجَتِي وَكَّلَتْنِي فِي بَيْعِهَا نُظِرَ إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَصَدَّقَتْهُ فَلَهُ إجْبَارُهُ أَوْ غَائِبَةً فَلَهُ أَيْضًا إجْبَارُهُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الشِّرَاءِ مُقِرٌّ بِصِحَّةِ الْقَبْضِ لَهُ قُلْت وَسَبَقَ عَنْ فَتْوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ الدَّارَ الْمُوصَى بِبَيْعِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُك الثَّمَنَ حَتَّى تُثْبِتَ وَصِيَّتُك عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ ( تَنْبِيهٌ ) أَبْرَأَهُ إبْرَاءً عَامًا مُطْلَقًا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَاحِقٌ لَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِقْدَارٌ مِنْ الدِّبْسِ مُسَلَّمًا وَادَّعَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ حَالَةِ الْإِبْرَاءِ وَلَمْ يَرُدَّهُ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُمُومَ مُنْتَشِرُ الْإِفْرَادِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْعَدِّ وَ الْحَصْرِ وَغَيْبَةِ بَعْضِهَا عَنْ الذِّهْنِ لَيْسَ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ وَقَدْ وَجَدْت عَلَى مُوَافَقَةٍ قَرَّرْته نَصًّا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ رَوْضَةِ
الْحُكَّامِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي فِيمَا فِي يَدِ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لِعَبْدٍ لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ وَقْتِ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَكَتَبَ أَيْضًا ادَّعَتْ صَدَاقَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَبْرَأَتْنِي مِنْهُ فَقَالَتْ أَبْرَأْته وَلَمْ أَعْلَمْ مِقْدَارَهُ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا وَإِنْ كَانَتْ حِينَ الْعَقْدِ بَالِغَةً عَاقِلَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فِي عِلْمِهَا بِمِقْدَارِهِ حِينَ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّغِيرَةَ يُعْقَدُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا بِالصَّدَاقِ وَالْكَبِيرَةَ لَا يُعْقَدُ عَلَيْهَا إلَّا بِإِذْنِهَا بِالصَّدَاقِ قُلْت وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ الْمُجْبَرَةِ فَقَدْ لَا تُسْتَأْذَنُ أَصْلًا وَلَوْ أَبْرَأَ عَنْ دَيْنٍ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقْرَضَهُ هُوَ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ بِيَمِينِهِ الْمُقْتَرِضُ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ قُبَالَةً مُكْتَتَبَةً بِالشِّرَاءِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ فِي يَدِ فُلَانٍ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ فَشَهِدُوا عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْقُبَالَةِ فَإِنَّ الْمِلْكَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا يُثْبَتُ لِلْبَائِعِ حِينَ بَاعَهَا لِأَنَّ الْقُبَالَةَ مُكْتَتَبَةٌ مِنْ إقْرَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي شَهِدُوا بِمَا سَمِعُوا مِنْهُمَا فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَشْهَدُوا بِأَنَّهَا يَوْمَ بَاعَهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ ( فُرُوعٌ ) لَوْ ادَّعَى أَنَّ عَبْدَهُ هَرَبَ مِنْهُ وَدَخَلَ دَارَ فُلَانٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَوْ جَاءَ إلَى الْحَاكِمِ وَقَالَ امْرَأَتِي فِي بَيْتِ هَذَا وَهُوَ يَمْنَعنِي عَنْهَا وَلَا يَأْذَنُ لِي أَنْ أَدْخُلَ دَارِهِ وَأَخْرِجْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَإِلَّا أَقَامَهَا بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فِي دَارِهِ فَيَسْمَعُهَا الْقَاضِي ثُمَّ الْأَمْرُ إلَى
اجْتِهَادِهِ فَإِنْ رَأَى أَنْ يَخْتِمَ بَابَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِيهَا فَعَلَ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَهْجِمَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ فَعَلَ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِكَذَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَأَقَامَ الْخَصْمُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتَ بِمَوْضِعِ كَذَا مِنْ الْغَدَاةِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ سَقَطَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ إنْ حُكِمَ بِهِ وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَقَالَ أَنَا أَبُوهَا وَكُنْت فِي الْبَلَدِ فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ وَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا صَحَّ النِّكَاحُ قُلْت وَفِيمَا أَطْلَقَهُ يَعْنِي الْبَغَوِيّ إشْكَالٌ إنْ كَانَ التَّصْوِيرُ أَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِمُجَرَّدِ تَصَادُقِ الْمَجْهُولِ وَالْمُدَّعِي وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَهِيَ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَوَافَقَهُ الْعَبَّادِيُّ وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْمُزَنِيّ وَفِيهِ وَحْشَةٌ وَذَكَرَ الْقَاضِي كُرْهَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ وَلَا يُطْلَقُ حَبِيسٌ إلَّا بِثُبُوتِ إعْسَارِهِ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ
( فَصْلٌ سُئِلَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ عَنْ رَجُلٍ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِ دَارٍ فَادَّعَى آخَرُ وَقْفَهَا عَلَيْهِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَأَثْبَتَ الْأَوَّلُ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِالْحُكْمِ لَهُ بِالْمِلْكِ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِالْحُكْمِ ) لَهُ ( بِصِحَّةِ الْوَقْفِ قَبْلَ الْحُكْمِ ) لِلْأَوَّلِ ( بِالْمِلْكِ ) وَلَا يَدَ لِأَحَدِهِمَا هَلْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ أَوْ الْمِلْكُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ ( ثَبَتَ الْوَقْفُ ) دُونَ الْمِلْكِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَلَى الْمِلْكِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي مِنْ أَنَّ بَيِّنَتِي الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ يَتَعَارَضَانِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَعَارَضَانِ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ تَارِيخُهُمَا ( وَلَزِمَهُ ) أَيْ مُدَّعِي الْمِلْكِ ( أُجْرَةُ ) مِثْلُ ( مُدَّةِ وُقُوفِهِ ) الْأَوْلَى وُقُوفِهَا أَيْ الدَّارُ أَيْ مُدَّةُ إقَامَتِهَا ( تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ وُقِفَ ) مِلْكًا لَهُ ( وَأُقِرَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ بِصِحَّتِهِ وَلَمْ يُعِينُهُ ثُمَّ رَجَعَ ) عَنْهُ وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى جَوَازًا لِرُجُوعٍ عَنْهُ كَحَنَفِيٍّ فَهَلْ لَهُ الْحُكْمُ بِنُفُوذِ الرُّجُوعِ أَوْ لَا فَأَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ بِأَنَّهُ ( لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ تَنْفِيذُ رُجُوعِهِ ) أَيْ الْحُكْمُ بِنُفُوذِ رُجُوعِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ أَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمَنْ لَا يَرَى الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ
( قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَعَارَضَانِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ ) مَنْقُولٌ ( مِنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ ) لَوْ ( ادَّعَى دَارًا عَلَى مَنْ ) هِيَ بِيَدِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ ( اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِإِقْرَارِ زَيْدٍ لَهُ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ بِهَا لِزَيْدٍ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا تَارِيخَ ) لَهُمَا مَعْلُومٌ ( قُرِّرَتْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) لِاعْتِضَادِ بَيِّنَتِهِ بِالْيَدِ ( وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَبِيعًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي سَلَّمْت الثَّمَنَ ) لِلْبَائِعِ ( فِي الْمَجْلِسِ ) أَيْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ ( فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً ( بِأَنَّهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( لَمْ يُسَلِّمْ ) هـ ( فِي الْمَجْلِسِ شَيْئًا سُمِعَتْ ) هَذِهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ تُسْمَعْ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا لَكِنَّ النَّوَوِيَّ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ رَدَّهُ وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ بِهِ ( وَإِنْ ادَّعَتْ ) امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ ( أَنَّهُ نَكَحَهَا وَطَلَّقَهَا ) قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَطَالَبَتْ ) هـ ( بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَوْ ) ادَّعَتْ ( نِكَاحَ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ ) مِنْهُ ( ثُبِتَ ) ذَلِكَ ( بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ ) رَجُلٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِمَا النِّكَاحُ ( لِأَنَّ قَصْدَهَا الْمَهْرُ ) فِي الْأُولَى ( وَالْإِرْثُ ) فِي الثَّانِيَةِ وَقَاسَهُ الْغَزَالِيُّ عَلَى مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَصْبِ فَإِنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ السَّارِقُ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ
قَوْلُهُ وَقَاسَهُ الْغَزَالِيُّ إلَخْ ) وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَلَا مُعْتَمِدٍ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ إرْثَ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ زَوْجِيَّتُهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ تَثْبُتُ زَوْجِيَّتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَهَذَا بَعِيدٌ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَثْبُتَ لِلْمَرْأَةِ لِنَفَقَتِهِ وَالْكِسْوَةِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهَا وَهُوَ غَرِيبٌ لَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَنَازَعَ أَيْضًا فِي ثُبُوتِ الصَّدَاقِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ الْأَصَحُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ .
ا هـ .
وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي الْخَادِمِ لِلزَّرْكَشِيِّ هُوَ مَا جُزِمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحْ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ
( فَصْلٌ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ ) لِرَجُلٍ ( بِنِكَاحٍ مِنْ سَنَةٍ وَأَثْبَتَ آخَرُ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِنِكَاحِهَا مِنْ شَهْرٍ حُكِمَ لِلْمُقِرِّ لَهُ ) لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا النِّكَاحُ الْأَوَّلُ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي ( وَ ) أَنَّهُ ( إنْ قَالَ الْمُحَكِّمُ فِي النِّكَاحِ لِلْبِكْرِ قَدْ حَكَّمْتِنِي ) لَأَنْ ( أُزَوِّجَك هَذَا فَسَكَتَتْ كَانَ ) سُكُوتُهَا ( إذْنًا ) مِنْهَا لَهُ فِيهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ فَسَكَتَتْ ( وَ ) أَنَّهُ ( لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ ) رَجُلًا ( مَنْ ادَّعَتْ عِنْدَهُ طَلَاقًا مِنْ نِكَاحِ ) رَجُلٍ ( مُعَيَّنٍ ) أَوْ مَوْتِهِ عَنْهَا ( حَتَّى يُثْبِتَ ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً ( بِهِ ) لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ
( قَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ إلَخْ ) وَفِيهَا رَجُلٌ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمِلْكِ لَا حَقَّ لَك فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَارِيَّةٌ وَادَّعَاهُ الْمُجْرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمِلْكِ بِيَمِينِهِ قَالَ فَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى رَسْمِ الْمُلَّاكِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ وَلَا غَيْرُهُ فِيهِ جَازَ أَنْ يُشْهَدَ لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِجْرَاءَ إنَّمَا حَدَثَ فِي مِلْكِ هَذَا الْمَالِكِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ابْتِدَاؤُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ غ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ لِزَيْدٍ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِهِ لِعَمْرٍو قَالَ فَلِعَمْرِو أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ وُسْعَ الْبَيِّنَةِ أَنْ تَشْهَدَ جَزْمًا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْجِهَةِ وَالسَّبَبِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْبِرَهُمْ عَنْهُ وَلَوْ أَنَّ الْمُقِرَّ ادَّعَى أَنَّ الْمُقِرَّ لَهُ أَوَّلًا أَبْرَأَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِالْمَالِ لِلْغَيْرِ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ عَنْ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى قُلْت وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إبْرَاءَ مُتَقَدِّمِ التَّارِيخِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
وَهَلْ تُسْمَعُ لِلتَّحْلِيفِ لِلتَّغْرِيمِ فِيهِ احْتِمَالٌ ع ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا أَقْرَرْت بِاللِّسَانِ وَلَمْ أَقْبِضْ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَا رَأَيْنَا ذَلِكَ الْعَبْدَ فِي يَدِهِ وَقَالَ إنَّهُ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقْرَرْت وَلَمْ يَكُنْ وَصَلَ إلَيَّ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِهِ بِسَبَبٍ لَا بِتَسْلِيمٍ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ ادَّعَى دَارً
أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيَّ فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَقْفِيَّةِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى مُدَّعٍ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ بِالْوَقْفِيَّةِ بِأَنَّهَا مِلْكِي بِعْتهَا مِنِّي بِكَذَا قَبْلَ دَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ وَسَلَّمْتهَا إلَيَّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً قَالَ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَعَلَى مُدَّعِي الْوَقْفِيَّةِ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى مُدَّعِي الشِّرَاءِ مِنْهُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْوَقْفِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مِلْكُهُ زَالَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِتْقِ ، وَالْحَقُّ فِيهِ لَا قَوَّامَ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَبَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْوَقْفِيَّةِ وَزَوَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا حُكْمَ لِبَيْعِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ مُدَّعٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ هَلْ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِالْمِلْكِ قَالَ الْقَاضِي نَظَرٌ إنْ كَانَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ بِالْمِلْكِ كَانَ الْوَكِيلُ يَسْتَجِيزُ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَشْهَدَ لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِالْمِلْكِ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا جَوَّزْنَا لَهُ ذَلِكَ شَهِدَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا أَنِّي اشْتَرَيْته لَهُ قُلْت هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَسَبَقَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بِعْته مِنِّي وَقَدْ رَدَدْته عَلَيْك وَلَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالُ إلَيْك فَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أَدَّعِي عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَالَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَيُحَلِّفُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْمَالَ مِنْ جِهَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَيُحَلِّفُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْمَالَ مِنْ جِهَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ وَلَوْ أَوْدَعَهُ عَيْنًا وَقَالَ هِيَ مِلْكُ ابْنِي وَمَاتَ الدَّافِعُ فَادَّعَى مُدَّعٍ الْعَيْنُ عَلَى الْأَمِينِ فَطَرِيقُهُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْخُصُومَةِ أَنْ يَدْفَعَ الْعَيْنَ إلَى
الْحَاكِمِ لِيُسْقِطَ الْيَمِينَ عَنْ نَفْسِهِ
( فَصْلٌ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ ) أَنِّي ( مَا قُلْت ) لَهَا ( إنْ فَعَلْت ) كَذَا كَدُخُولٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ ( فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا هِيَ بَائِنٌ مِنِّي بِثَلَاثٍ فَقَدْ يَتَأَوَّلُ ) أَيْ يَحْلِفُ مُتَأَوِّلًا عَلَى مَذْهَبِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَتَابِعِيهِ ( أَنَّ الثَّلَاثَ لَا تَقَعُ مَعًا ) أَوْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُصَحِّحُ الدُّورَ فَيُشَدِّدُ عَلَيْهِ لِيَتَعَرَّضَ لِلْحَادِثَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ مَعَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ يَكْفِيهِ أَنَّهَا لَمْ تُبِنْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَالَ لَمْ تُبِنْ مِنِّي حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَيْ وَإِنْ قَالَهُمَا حَلَفَ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاصِّ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ أَخْصَرُ وَالتَّأْوِيلُ لَا يَنْفَعُ الْحَالِفُ - بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ ( وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً لَمْ يَكْفِ أَنْ يَقُولَ ) فِي الْجَوَابِ ( لَا يَلْزَمُنِي الدَّفْعُ ) إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَا دَفْعَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ ( بَلْ يَقُولُ ) فِي الْجَوَابِ مَا ( أَوْدَعْتنِي أَوْ تَلِفَتْ ) فِي يَدِي ( أَوْ رَدَدْتهَا ) إلَيْك وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي مُؤَوَّلٌ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ ( وَلَوْ أَثْبَتَ ) شَخْصٌ عَلَى آخَرَ ( أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ سَفِينَةٍ ) لَهُ ( بِدِينَارٍ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا ) مِنْهُ ( بِهِ تَعَارَضَتَا ) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ ( أَوْ ) شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ ( أَنَّهُ قَتَلَهُ فِي وَقْتٍ ) مُعَيَّنٍ ( وَشَهِدَتْ ) الْبَيِّنَةُ ( الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتَ عِنْدَنَا ) وَلَمْ يَغِبْ عَنَّا ( وَأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ تَعَارَضَتَا ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ كَمَا مَرَّ ( وَإِنْ ادَّعَى ) شَخْصٌ ( أَنَّ الدَّارَ مِلْكِي وَفُلَانٌ )
أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( يَمْنَعُنِي مِنْهَا تَعَدِّيًا لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لَهُ بِالْيَدِ ) وَهَذَا طَرِيقٌ يَسْلُكُهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقِرَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَدِ وَظَاهِرُ كَلَامُهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْفَصْلِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا نَقَلَ عَنْهُ الْأُولَى فَقَطْ وَنَقَلَ مَا عَدَاهَا عَنْ الْعَبَّادِيِّ
( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَالَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاصِّ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَالتَّأْوِيلُ إلَخْ ) وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ( خَاتِمَةٌ ) ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ ذُو الْيَدِ كَانَتْ لَهُ إلَّا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنِّي فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ وَشَهِدَ لِذِي الْيَدِ شَاهِدَانِ بِأَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلشِّرَاءِ مِنْ الْمُدَّعِي فَقَالَ الْقَاضِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمِلْكِ لِأَنَّ يَدَهُ قَدْ بَطَلَتْ بِالْإِقْرَارِ فَهُوَ يَدَّعِي مِلْكَ عَيْنٍ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهَا وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ قُلْت وَهُوَ الصَّحِيحُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَزَفَّهَا مَعَ الْجِهَازِ وَقَالَ هَذَا جِهَازُ ابْنَتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا يُوَرَّثُ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَمَاتَتْ فَادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّهُ جِهَازُهَا فَلِي فِيهِ الْمِيرَاثُ وَقَالَ الْأَبُ بَلْ أَعَرْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قُلْت وَفِيهِ إشْكَالٌ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً شَهِدَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا تُسْمَعُ وَلَا يُنْقَضُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ قُبِلَ وَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ أَصَرَّا عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فِسْقِهِمَا يُمْتَنَعُ الْقَضَاءُ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَيْضًا لِغَرَضِ التَّغْرِيمِ لِلشُّهُودِ لَا لِإِبْطَالِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بَاعَ دَارًا بِحُضُورِ فَقِيهٍ ثُمَّ صَارَ قَاضِيًا فَادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةٍ عِنْدَهُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مُطْلَقَةً عَلَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ عَلِمَ انْتِقَالَ الْمِلْكِ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الِامْتِنَاعُ عَنْ الْقَضَاءِ بِعِلْمِ نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ انْتِقَالَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ
بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَتُسْمَعُ وَيَقْضِي لَهُ بِالْبَيِّنَةِ .
وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُهُ عَلَى هَذَا الْمُشْتَرِي رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَسْكُنَانِ دَارًا فَادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالدَّارُ دَارِهِ وَهِيَ أَنَّهُ عَبْدُهَا وَالدَّارُ دَارُهَا قَالَ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَهِيَ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَحْلِفَانِ عَلَى الدَّارِ وَتَبْقَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَبَيِّنَتُهَا أَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا أَوْلَى لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ كَانَ رَقِيقًا وَإِذَا حَكَمْنَا لَهَا بِمِلْكِيَّةِ الرَّجُلِ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا قُلْت وَعَنْ رِوَايَةِ شُرَيْحٍ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَانِ وَقِيلَ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةٍ لِرَجُلٍ فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا مَدْرَسَةٌ مَوْقُوفَةٌ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ النَّظَرَ لَهُ فِيهَا وَلَمْ يُسَنِّدْ النَّظَرَ إلَى الْوَاقِفِ وَلَا أَنَّهُ تَلَقَّاهُ مِنْ جِهَتِهِ وَكَتَبَ مَحْضَرًا فَشَهِدَ لَهُ جَمَاعَةٌ عُدُولٌ بِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَفِي أَوْقَافِهَا وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَهِدَ عَلَى الْوَاقِفِ وَلَا عَلَى شَهَادَةِ مِنْ شَهِدَ عَلَى الْوَاقِفِ فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ الْمُتَنَازَعُ لَدَيْهِ عَنْ مُسْتَنِدِ شَهَادَتِهِمْ هَلْ عَلَى الْوَاقِفِ وَإِقْرَارِهِ أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَلَمْ يُسْنِدُوا ذَلِكَ وَصَمَّمُوا وَقَالُوا نَعْلَمُ ذَلِكَ فَهَلْ تَنْزِلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ وَيَثْبُتُ بِهَا النَّظَرُ أَمْ لَا وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ بَيَانُ سَبَبِ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ أَجَابَ الْعِمَادُ بْنُ الشِّيرَازِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِمَّنْ فَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْوَاقِفِ النَّظَرَ وَشَرْطٌ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ بِحَيْثُ يُسَنِّدُ ذَلِكَ الْوَاقِفَ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ
فِي كِتَابِ الْوَاقِفِ وَلَا فَتَكُونُ شَهَادَةٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ بِذَلِكَ وَلَا يَثْبُتُ مِثْلُ هَذَا النَّظَرِ بِالِاسْتِفَاضَةِ .
وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِمَا مِثَالُهُ إذَا كَانَتْ الْحَالُ فِي ذَلِكَ تَأْبَى تَلْقَيْنَهُ ذَلِكَ مِنْ السَّمَاعِ مِنْ الْوَاقِفِ وَمَنْ لَهُ التَّفْوِيضُ فَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مُسْتَنِدِ الِاسْتِفَاضَةِ وَلَيْسَ يَظْهَرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ كَتَبَ أَيْضًا لَهُ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِزَوْجَتِهِ وَابْنِهِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ أَجَابَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ وَالْجَوَابُ غَلَطٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الرَّهْنَ لِلْأَوَّلِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِغَيْرِهِ فَإِذَا انْتَقَلَ الَّذِي إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ الرَّهْنُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ ذَلِكَ الْآخَرِ وَصُورَةُ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ قَالَ صَارَ الدَّيْنُ لِوَالِدِهِ وَزَوْجَتِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ الدَّيْنُ لَهُمَا بِذَلِكَ بِالْحَوَالَةِ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ لَا يَصِيرُ لَهُمَا بِوَجْهٍ لَازِمٍ بِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ لَوْ قَالَ هَذَا الْمُقِرُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا صَحِيحًا لِأَنَّهُمَا لَا حَقَّ لَهُمَا عَلَيَّ وَإِنَّمَا قَصَدْت بِذَلِكَ تَخْصِيصِهِمَا بِهَذَا الدَّيْنِ دُونَ الْوَرَثَةِ وَالْحَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ مَرِيضًا حِينَ أَقَرَّ قَالَ الشَّيْخُ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ وَاعْتِيَادِ النَّاسِ ذَلِكَ يَشْهَدُ لَهُ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ كَمَا كَانَ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بَعْدَ اعْتِذَارٍ مِنْهُ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَعُودُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ أَوْجَبَ فَكَّ الرَّهْنِ وَذَلِكَ حَقٌّ لِآدَمِيِّ فَلَا يُقْبَلُ الرُّجُوعِ قَالَ الشَّيْخُ وَسَمِعْت الْقَاضِيَ نَجْمَ الدِّينِ بْنَ سُنِّيِّ الدَّوْلَةِ أَيْ الْفَقِيهُ الْعَلَّامَةُ يَقُولُ إنَّ هَذِهِ
الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةٌ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِآخَرِ انْتَقَلَ الدَّيْنُ بِالرَّهْنِ مَعَهُ .
ا هـ .
قُلْت إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ اسْمَهُ فِي الْوَثِيقَةِ كَانَ عَارِيَّةَ وَأَنَّ الْمُدَايِنَةَ وَالِارْتِهَانَ كَانَ لَهُمَا فَلَا شَكَّ فِي بَقَاءِ الرَّهْنِ وَإِنْ أَطْلَقَ أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْحَالِ فَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى احْتِمَالٍ فِيهِ وَإِنْ دَلَّ كَلَامُهُ عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِمَا بِحَوَالَةٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فَالِانْفِكَاكُ هُوَ الظَّاهِرُ وَالِاعْتِرَاضُ صَحِيحٌ وَعَجِيبٌ قَوْلُهُ فَإِنَّ الرَّهْنَ ثَبَتَ لِلْأَوَّلِ إلَخْ فَإِنَّ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَوْجِيهًا لِعَدَمِ إقْرَارِ يَدِهِمَا لَا لِانْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ قَصَدَ التَّخْصِيصَ فَظَاهِرٌ فِي حَقِّ الْوَلَدِ بَعِيدٌ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ لَا يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَصْلًا وَأَمَّا كَوْنُ الرَّهْنِ لَا يَعُودُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ فَصَحِيحٌ
( الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ ) النَّسَبُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ { دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا بِهَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ } فَإِقْرَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَافَةَ حَقٌّ وَسَبَبُ سُرُورِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ مُجَزِّزٌ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِأَنَّهُ كَانَ طَوِيلًا أَسْوَدَا أَقْنَى الْأَنْفِ وَكَانَ زَيْدٌ قَصِيرًا بَيْنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ أَخْنَسَ الْأَنْفِ وَكَانَ طَعْنُهُمْ مُغَايَظَةً لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ كَانَا حَبِيبُهُ فَلِمَا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَرَى إلَّا أَقْدَامَهُمَا سُرَّ بِهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد أَنَّ زَيْدًا كَانَ أَبْيَضُ ( وَشَرْطُهُ ) أَيْ الْقَائِفُ لِيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرَ ( أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا عَدْلًا حُرًّا ذَكَرًا بَصِيرًا نَاطِقًا مُجَرِّبًا ) كَالْحَاكِمِ وَالتَّجْرِبَةُ لَهُ كَالْفِقْهِ لِلْحَاكِمِ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْلِجِيًّا ) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ وَهُمْ بَطْنُ مِنْ خُزَاعَةَ وَيُقَالُ مِنْ أَسَدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ نَوْعٌ مِنْ الْعِلْمِ فَكُلُّ مَنْ عَلِمَهُ عَمِلَ بِعِلْمِهِ .
( وَيَكْفِي وَاحِدٌ ) كَالْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ ( وَيُقْبَلُ إثْبَاتُ الْقَائِفِ الْوَلَدَ لِعَدُوِّهِ لَا لِلْآخَرِ ) الْمُنَازِعُ لِعَدُوِّهِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ لِعَدُوِّهِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فِي الثَّانِي ( وَبِعَكْسِهِ أُبُوَّةُ ) فَيُقْبَلُ إثْبَاتُهُ الْوَلَدَ لِغَيْرِ أَبِيهِ لَا لِأَبِيهِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَبِيهِ
فِي الْأَوَّلِ وَلَهُ فِي الثَّانِي وَخُرِجَ بِإِثْبَاتِ النَّفْيِ فَهُوَ بِالْعَكْسِ مِمَّا ذُكِرَ ( وَلَوْ كَانَ ) الْقَائِفُ ( قَاضِيًا حُكِمَ بِعِلْمِهِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ ( وَالتَّجْرِبَةُ ) أَيْ كَيْفِيَّتُهَا ( أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ مَرَّتَيْنِ ) كَذَا وَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهَا الصَّحِيحَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ وَكَيْفِيَّةُ التَّجْرِبَةِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةِ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ( ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ فَيُصِيبُ فِي الْكُلِّ أَوْ ) أَنْ ( يُجْمَعَ أَصْنَافٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ) أَيْ أَحَدُهُمَا وَفِي كُلِّ ( صِنْفٍ ) مِنْهُمْ أَوْ فِي بَعْضِهِمْ ( وَلَدٌ لِبَعْضِهِمْ وَهَذَا ) الطَّرِيقُ ( أَوْلَى ) مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقَائِفَ فِيهِ قَدْ يُعْلَمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى أُمَّهُ فَلَا يَبْقَى فِيهَا فَائِدَةً وَقَدْ تَكُونُ أَصَابَتُهُ فِي الرَّابِعَةِ اتِّفَاقًا فَلَا يُوثَقُ بِتَجْرِبَتِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي مَعَ ذِكْرِ أَوْلَوِيَّتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَارِزِيُّ مُوَجِّهًا الْأَلْوِيَةُ بِمَا ذَكَرْته وَذَكَرَ الْأَصْلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ التَّجْرِبَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْأُمِّ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ الْمَوْلُودُ مَعَ أَبِيهِ فِي رِجَالٍ لَكِنْ الْعَرْضُ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى قَالَ الْبَارِزِيُّ .
وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ وَإِذَا حَصَلَتْ التَّجْرِبَةُ اعْتَمَدْنَا إلْحَاقَهُ وَلَا تُجَدَّدُ التَّجْرِبَةُ لِكُلِّ إلْحَاقٍ ( وَإِذَا تَدَاعَيَا مَجْهُولًا ) مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ ( عُرِضَ عَلَيْهِ ) أَيْ الْقَائِفُ كَمَا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ مَعَ زِيَادَتِهِ ( وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ ) لِامْرَأَةٍ ( يُثْبَتُ النَّسَبُ ) بِأَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ ( فَوَلَدَتْ
) وَلَدًا ( مُمْكِنًا ) كَوْنِهِ ( مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ إلْحَاقِهِ بِهِمَا وَنَفْيِهِ عَنْهُمَا وَذَلِكَ ( كَوَطْءِ مُشْتَرٍ ) مِنْ غَيْرِ أَمَةِ ( مَوْطُوءَةٍ ) لَهُ ( بِلَا اسْتِبْرَاءٍ ) لَهَا ( مِنْهُمَا ) بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ ( وَكَوَطْءِ مَنْكُوحَةٍ بِشُبْهَةِ ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنِهِ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا بِأَنَّ الْعِدَّةَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ عَنْ الْأَوَّلِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ ( فَإِنْ وَلَدَتْ ) مِنْ اشْتَرَكَ فِي وَطْئِهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَلَدًا مُمْكِنًا مِنْهُمَا ( لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَطْأَيْنِ وَادَّعَيَاهُ ) بَلْ أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ فَصْلِ عَدِمِ الْقَائِفِ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ ( فَإِنْ تَخَلَّلَتْ ) بَيْنَ الْوَطْأَيْنِ ( حَيْضَةٌ سَقَطَ حَقُّ الْأَوَّلِ ) لِظُهُورِ الْبَرَاءَةِ بِهَا عَنْهُ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا قَائِمَ الْفِرَاشِ ) فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ الْفِرَاشِ بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا شَمَلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إنَّمَا تَصِيرُ فِرَاشًا فِيهِ بِالْوَطْءِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُتَدَاعِيَانِ أَوْ الْوَاطِئَانِ مُسْلِمَيْنِ أَمْ حُرَّيْنِ أَمْ مُخْتَلِفَيْ الْحَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ وَطِئَهَا الثَّانِي سَقَطَ حَقُّ الزَّوْجِ وَلَحِقَ الْوَلَدُ الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ
( الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ ) قَوْلُهُ عَدْلًا ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَدَالَةُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَلَا تَكْفِي الظَّاهِرَةُ غ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فَيَشْمَلُ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ عَنْ الَّذِي يَنْفِيه عَنْهُ وَانْتِفَاءِ الْوِلَادَةِ عَنْ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِهِ ( قَوْلُهُ بَصِيرًا ) فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارِ السَّمْعِ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ هُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ نَقْلًا فَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ اعْتِبَارِهِ وَمَعْنَى لِأَنَّهُ يُبْصِرُ الصِّفَاتِ وَلَيْسَ هُنَا قَوْلٌ يُعْتَبَرُ سَمَاعُهُ وَقَوْلُنَا لَهُ هَذَا ابْنُ مَنْ فِي هَؤُلَاءِ قَدْ يُعْرَفُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ ثُمَّ هُوَ يَنْطِقُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ ( قَوْلُهُ مُجَرِّبًا ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا حُكْمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ } حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَمَا لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَحْكَامِ ( قَوْلُهُ كَالْحَاكِمِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فَشَمَلَ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ عَنْ الَّذِي يَنْفِيه عَنْهُ وَانْتِفَاءَ الْوِلَادَةِ عَنْ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِهِ ( قَوْلُهُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ ) جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الرَّاعِيَّ يَلْتَقِطُ النَّتَاجَ لَيْلًا فَإِذَا أَصْبَحَ جَعَلَ كُلَّ بَهِيمَةٍ عِنْدَ أُمِّهَا مُسْتَدِلًّا بِالصُّوفِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي التَّنَازُعِ كَالنَّسَبِ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ فَارِقِينَ بِشَرَفِ الْآدَمِيِّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَائِفَ فِيهِ يَعْلَمُ إلَخْ ) هَذَا إشْكَالٌ أَبْدَاهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي آخِرَهُ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُعْرَضُ تَارَةً فِي الْأَوَّلِ وَتَارَةً فِي الثَّانِي وَهَلُمَّ جَرًّا لِيُمْكِنَّ اعْتِبَارُهُ ( قَوْلُهُ لَكِنْ الْعَرْضُ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى ) بَلْ لَوْ فُقِدَتْ عُرِضَ مَعَ عَصَبَةِ الْمَيِّتِ وَقَرَابَتِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبَارِزِيُّ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ
الظَّنِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا ( قَوْلُهُ مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا كَالطِّفْلِ غ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ( قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَةٍ ) شَمَلَ وَطْءُ أَبَوَيْ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَوَطْءِ الشَّرِيكِ وَأَبِي الْآخَرِ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْمَجْهُولِ فِي أَحْكَامِ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا أَنَّ هَذَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا مُكَلَّفًا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ ثَانِيهَا أَنَّهُ يُعْرَضُ هُنَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَاكِنًا أَوْ مُنْكِرًا وَلَوْ أَنْكَرَاهُ مَعًا عُرِضَ ثَالِثُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ إلَى آخِرَ مَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ) كَانَ أَنْكَرَاهُ ( قَوْلُهُ بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ ) قَالَ الكوهكيلوني لَوْ فُرِضَ أَنَّهُمَا وَطِئَاهَا فِي حَيْضٍ فَلِيَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا إذَا وَطِئَا فِي الطُّهْرِ ( تَنْبِيهٌ ) إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْفِرَاشِ لَمْ يَصِحَّ إلْحَاقُهُ بِالْقَائِفِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ تَلْخِيصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ ذِكْرِ الْوَطْءِ اشْتِرَاطُ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِمُعْتَبَرٍ فِي هَذَا الْمَكَانِ بَلْ لَوْ لَمْ يُدَخِّلْ الْحَشَفَةَ كُلَّهَا وَأَنْزَلَ دَاخِلَ الْفَرْجِ كَانَ كَالْوَطْءِ وَكَذَا الْإِنْزَالُ خَارِجِ الْفَرْجِ بِحَيْثُ دَخَلَ الْمَاءُ فِي الْفَرْجِ وَاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ وَلَدَتْ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ وَأَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْأَيْنِ وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا رُوجِعَ الْقَائِفُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَحْسَنُ وَأَوْضَحُ نَعَمْ ادِّعَاؤُهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ ( فَرْعٌ ) سُئِلَ
الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ لَهُ زَوْجَةٌ وَابْنٌ مَاتَا فَاخْتَلَفَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا فِي صَدَاقِهَا فَقَالَ الزَّوْجُ مَاتَتْ أَوَّلًا فَوَرِثْتهَا أَنَا وَابْنِي ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْته أَنَا وَلَا شَيْءَ عَلَيَّ مِنْ الصَّدَاقِ وَقَالَ الْأَخُ بَلْ مَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَتْ أُخْتِي فَلِي مِنْ صَدَاقِهَا عَلَيْك النِّصْفُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ مِنْهُمَا مُقْتَضَى قِيَاسُ الْمَنْقُولِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَخِ ذَلِكَ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا اسْتِحْقَاقَ الزَّوْجَةِ لِلصَّدَاقِ فَهُوَ كَالْمَالِ الْمُعَيَّنِ وَشَكَّكْنَا فِي انْتِقَالِ بَعْضِهِ لِلِابْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهِ فَإِنْ عُورِضَ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الِابْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى تَقَابُلِ الْأَصْلَيْنِ فَجَوَابُهُ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الزَّوْجَةِ أَيْضًا فَتَسَاقَطَا وَيَبْقَى الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا فَإِنْ قِيلَ فَالْأَخُ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقًا عَلَى الزَّوْجِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهِ قُلْنَا شَغْلُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ قَدْ تَحَقَّقَ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي الْبَرَاءَةَ وَالْأَصْلُ عَدَمِهَا وَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ سَالِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اتَّفَقَا وَاخْتَلَفَا فِي تَقَدُّمِ الْآخَرِ وَتَأَخُّرِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي التَّأَخُّرِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا قَائِمُ الْفِرَاشِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُزَادُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ قَدْ حَصَلَ بَعْدَ طَلَاقِهِ حَيْضَةٌ أَمْ حَيْضَتَانِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلثَّانِي بَلْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ
( فَصْل ) لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ( وَطِئَ مُزَوِّجَةَ ) بِغَيْرِهِ ( بِشُبْهَةٍ ) وَأَتَتْ بِوَلَدٍ ( وَادَّعَى ) أَنَّ ( الْوَلَدَ ) مِنْهُ ( لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ ) بَلْ هُوَ لَاحِقٌ بِالزَّوْجِ ( وَإِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجَانِ ) عَلَى الْوَطْءِ ( مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً ) لَهُ ( بِالْوَطْءِ ) لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ وَتَصْدِيقِهِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْوَطْءِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللِّعَانِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ إنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ تَصْدِيقَ الزَّوْجِ فِي الْوَطْءِ كَافٍ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ ( وَيُعْرَضُ ) عَلَيْهِ ( بِتَصْدِيقِهِ ) مُدَّعِي الْوَطْءِ عَلَيْهِ ( إنْ بَلَغَ ) وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ ( وَإِنْ اسْتَلْحَقَ مَجْهُولًا ) نَسَبَهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ ( فَأَنْكَرَتْهُ زَوْجَتُهُ لَحِقَهُ ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ ( دُونَهَا ) لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ أُخْرَى ( وَإِنْ ادَّعَتْهُ ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ ( امْرَأَةٌ أُخْرَى دُونَ زَوْجِهَا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنْكَرَ زَوْجُهَا ( وَأَقَامَ زَوْجُ الْمُنْكِرَةِ وَزَوْجَةُ الْمُنْكِرِ بَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَسَاقَطَانِ وَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ ) الَّذِي فِي الْأَصْلِ فَهَلْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى أَمْ بَيِّنَتُهَا أَمْ يَتَعَارَضَانِ أَمْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَلَمَّا رَأَى الْمُصَنِّفُ الْأَخِيرَيْنِ يَرْجِعَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ عَبَّرَ عَنْهُمَا بِمَا قَالَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أُخِذَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ ( فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهَا لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا أَوْ بِالرَّجُلِ لَحِقَهُمَا ) أَيْ الرَّجُلُ وَزَوْجَتُهُ وَقَوْلُهُ لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا ضَعِيفٌ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَقَدْ مَرَّ فِي اللَّقِيطِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا
بَيِّنَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ فَهَلْ أُمُّهُ الْأُولَى أَمْ الثَّانِيَةِ أَمْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَيُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا فِيهِ أَوْجُهٌ انْتَهَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ وَلَدُ الْوَاحِدَةِ مِنْهُمَا فَقَدْ سَبَقَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اُسْتُلْحِقَ وَلَدًا لَا يَلْحَقُ زَوْجَتَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِي اللَّقِيطِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهَا عَلَى الصَّحِيحِ
( قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللَّعَّانِ ) هُنَا ثُمَّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُنَا مَا إذَا اشْتَرَكَا فِي الْوَطْءِ فَلَا يُعْرَضُ وَيُلْحَقُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَهُمَا وَالْمُرَادُ بِمَا فِي اللَّعَّانِ مَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَطَأْ أَصْلًا وَلَيْسَ الْوَلَدُ مِنِّي فَيُعْرَضُ بِشَرْطِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَاهُ وَقَالَ أَنَّهُ مِنِّي وَنَازَعَهُ الْوَاطِئُ فَيَقْوَى جَانِبُهُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَهُمَا وَحِينَئِذٍ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ غ ( قَوْلُهُ وَيُعْرَضُ بِتَصْدِيقِهِ بَلَغَ أَنَّهُ ) فِي نُسْخَةٍ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالْوَطْءِ وَيَكْفِي تَصْدِيقُ بَالِغٍ ( قَوْلُهُ يَرْجِعَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ إلَخْ ) قَالَ الْفُورَانِيُّ وَكَانَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ سَوَاءٌ ( قَوْلُهُ أَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَصَحُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( عَدِمَ الْقَائِفُ ) بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا مَرَّ فِي الْعَدَدِ ( أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ ) الْحَالُ بِأَنْ تَحَيَّرَ ( أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا وُقِفَ ) أَمْرُهُ ( حَتَّى يَبْلُغَ ) عَاقِلًا ( وَيَخْتَارُ ) الِانْتِسَابَ إلَى أَحَدِهِمَا بِحَسْبِ الْمَيْلِ الَّذِي يَجِدُهُ ( وَيُحْبَسُ ) لِيَخْتَارَ ( إنْ امْتَنَعَ ) مِنْ الِانْتِسَابِ ( إنْ لَمْ يَجِدْ مَيْلًا ) إلَى أَحَدِهِمَا ( فَيُوقِفُ ) الْأَمْرَ بِلَا حَبْسٍ إلَى أَنْ يَجِدَ مَيْلًا نَعَمْ إنْ سُئِلَ فَسَكَتَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَتَّجِهُ الْحَبْسُ إلَى أَنْ يُخْبِرَ بِمَا عِنْدَهُ ( وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ قَائِفٍ ) عَنْ إلْحَاقِهِ الْوَلَدَ بِأَحَدِهِمَا ( إلَّا قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ ) فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَمَا فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ ( ثُمَّ لَا يُصَدِّقُ لِلْآخَرِ ) أَيْ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي حَقِّهِ لِسُقُوطِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ .
( وَكَذَا ) لَا يُصَدِّقُ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ لِغَيْرِ الْآخَرِ ( إلَّا بَعْدَ ) مُضِيِّ مُدَّةٍ ( إمْكَانِ تَعَلُّمِ ) لَهُ فِيهَا ( مَعَ امْتِحَانٍ ) لَهُ لِذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ تَبَعًا لِمُخْتَصَرَيْ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْحُكْمِ مَعَ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ لَا يُصَدِّقُ لِلْآخَرِ ضَعِيفٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ تَصْحِيحٍ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَقِيلَ إنْ رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا قُبِلَ لَكِنْ فِي حَقِّ الْآخَرِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَسَبَبُ وُقُوعِهِمْ فِي ذَلِكَ سُقُوطُ لَفْظَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ اخْتَارُوا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَطْلَبِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامِ الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يُجْعَلَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا فَالْإِمْكَانُ حَمْلُ النَّقْلَيْنِ عَلَى حَالَيْنِ وَذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ .
( وَلَا يَسْقُطُ حُكْمُ قَائِفٍ بِقَوْلِ قَائِفٍ آخَرَ ) فَلَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ آخَرُ بِالْآخَرِ لَمْ يَسْقُطْ قَوْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ
الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ ( وَلَوْ أَلْحَقَ ) الْقَائِفُ ( التَّوْأَمَيْنِ بِاثْنَيْنِ ) بِأَنْ أَلْحَقَ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ بِالْآخِرِ ( بَطُلَ قَوْلُهُ حَتَّى يُمْتَحَنَ وَيَغْلِبَ ) عَلَى الظَّنِّ ( صِدْقِهِ ) فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَلْحَقَ الْوَاحِدَ بِاثْنَيْنِ ( وَكَذَا يَبْطُلُ قَوْلُ قَائِفَيْنِ اخْتَلَفَا ) فِي الْإِلْحَاقِ حَتَّى يُمْتَحَنَا وَيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صَدَقَهُمَا ( وَيَلْغُو انْتِسَابُ بَالِغٍ أَوْ تَوْأَمَيْنِ إلَى اثْنَيْنِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ التَّوْأَمَيْنِ إلَى الْآخَرِ قُبِلَ ) وَيُؤْمَرُ الْبَالِغُ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا ( وَمَتَى أَمْكَنَ كَوْنِهِ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ ) أَوْ أَنْكَرَاهُ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقٌّ فِي النَّسَبِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِنْكَارِ مِنْ غَيْرِهِ ( وَيُنْفِقَانِهِ ) أَيْ يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْقَائِف أَوْ يُنْتَسَبَ ( وَيَرْجِعُ بِهَا ) أَيْ بِالنَّفَقَةِ مَنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ ( عَلَى مَنْ لَحِقَهُ ) إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ كَمَا مَرَّ فِي الْعَدَدِ ( وَيَقْبَلَانِ لَهُ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أُوصِيَ لَهُ بِهَا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ وَتَقَدَّمَ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْعَدَدِ وَنَفَقَةُ الْحَامِلِ عَلَى الْمُطَلِّقِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ لَا لِلْحَمْلِ فَيُعْطِيهَا لَهَا ( وَيَرْجِعُ بِهَا ) عَلَى الْآخَرِ ( إنْ أُلْحِقَ ) الْوَلَدُ ( بِالْآخَرِ ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( فَإِنْ مَاتَ ) الْوَلَدُ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ ( عُرِضَ ) عَلَيْهِ مَيِّتًا لِأَنَّ الشَّبَهَ لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ ( لَا إنْ تَغَيَّرَ ) قَبْلَ دَفْنِهِ ( أَوْ دُفِنَ ) لِتَعَذُّرِ عَرْضِهِ فِي الْأُولَى وَهَتْكِ حُرْمَتِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَيَأْتِي فِيهَا مَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي مُسْتَنَدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ وَيُعْرَضُ السَّقْطُ إنْ ظَهَرَ فِيهِ التَّخْطِيطُ ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ ( وَإِنْ مَاتَ مُدَّعِيهِ ) الصَّادِقُ بِالْمُتَدَاعَيَيْنِ وَبِأَحَدِهِمَا الَّذِي اقْتَصَرَ
عَلَيْهِ الْأَصْلُ بَلْ أَوْ مَاتَ مُنْكِرُهُ ( عُرِضَ ) عَلَى الْقَائِف ( مَعَ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ وَنَحْوِهِ ) مِنْ سَائِرِ الْعُصْبَةِ كَعَمِّهِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَوْ عَمِّهِ ( وَلَا يُرْجَعُ إلَى قَائِفٍ فِي غَيْرِ آدَمِيٍّ ) مِنْ سِخَالٍ وَنَحْوِهَا بَلْ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ
( قَوْلُهُ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ ) لَوْ وَصَفّ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ خَالًا أَوْ أَثَرَ جِرَاحَةٍ بِظَهْرِهِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ الْبَاطِنَةِ وَأَصَابَ لَا يُقَدَّمُ جَانِبُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا طَلَبَ الْقَائِفُ أَجْرًا وَلَمْ نَجِدْ لَهُ مُتَطَوِّعًا رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْقَاسِمِ وَالْكَاتِبِ وَيَسْتَحِقُّهُ سَوَاءٌ أُلْحِقَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَأُجْرَتُهُ عَلَى الْمُتَنَازِعَيْنِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا اسْتَحَقَّهَا وَفِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى مَنْ أُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ قَافُهُ مُسْتَأْجِرًا لِلُّحُوقِ دُونَ النَّفْيِ وَالثَّانِي تَجِبُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْعَمَلَ مُشْتَرَكٌ فِي حَقِّهِمَا وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ لِإِشْكَالِهِ عَلَيْهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ لِتَكَاثُرِ الِاشْتِبَاهِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّهَا وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّهَا إذَا قِيلَ أَنَّهُ إذَا أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا اُخْتُصَّ بِالْتِزَامِ الْأُجْرَةِ تَعْلِيلًا بِالْإِلْحَاقِ أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ ( قَوْلُهُ وُقِفَ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَخْتَارَ الِانْتِسَابَ ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا قَامَتْ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي الِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَتَّجِهُ الْحَبْسُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مَعَ امْتِحَانٍ لَهُ ) لَا يَبْعُدَ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ جَرَّبَ عَنْ قُرْبٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَارِفًا بِالْقِيَافَةِ مَشْهُورًا بِمَعْرِفَتِهَا عَلَى تَقَادُمِ الزَّمَانِ فَأَخْطَأَ مَرَّةً وَنَحْوَهَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَجْدِيدِ امْتِحَانٍ كَالْمُجْتَهِدِ إذْ قَلَّ خَطَؤُهُ وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ رُدَّ قَوْلُهُ كَالشَّاهِدِ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَطَأُ غ
( فَرْعٌ لَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ ) بِأَحَدِهِمَا ( بِالْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ وَآخَرُ ) بِالْآخِرِ ( بِأَشْبَاهٍ خَفِيَّةٍ كَالْخُلُقِ وَتَشَاكُلِ الْأَعْضَاءِ فَالثَّانِي أَوْلَى ) مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةَ حِذْقٍ وَبَصِيرَةٍ وَلَوْ قَالَ الْقَائِفُ الْوَاحِدُ مَعِي شَبَهٌ جَلِيٌّ وَشَبَهٌ خَفِيُّ أُمِرَ بِالْإِلْحَاقِ بِالْخَفِيِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ ( وَإِنْ ادَّعَى ) الْوَلَدَ ( مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ بَيِّنَةً تَبِعَهُ نَسَبًا وَدِينًا ) كَمَا لَوْ أَقَامَهَا الْمُسْلِمُ ( أَوْ ) لَحِقَهُ ( بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ ) أَوْ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ( تَبِعَهُ نَسَبًا فَقَطْ ) أَيْ لَا دِينًا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ ( فَلَا يَحْضُنَهُ ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِحَضَانَتِهِ ( أَوْ ) ادَّعَاهُ ( حُرٌّ وَعَبْدٌ وَأَلْحَقَهُ ) الْقَائِفُ ( بِالْعَبْدِ ) أَوْ لَحِقَ بِهِ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ( لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ وَكَانَ حُرًّا ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ
( قَوْلُهُ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِالْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْقِيَافَةِ التَّشَابُهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا فِي تَخْطِيطِ الْأَعْضَاءِ وَإِشْكَالِ الصُّوَرِ وَالثَّانِي فِي الْأَلْوَانِ وَالشُّعُورِ وَالثَّالِثُ فِي الْحَرَكَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالرَّابِعُ فِي الْكَلَامِ وَالصَّوْتِ وَالْحِدَةِ وَالْأَنَاةِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَقَطْ أُلْحِقَ بِهِ سَوَاءٌ أَشْبَهَهُ مِنْ وَجْهٍ أَوْ وُجُوهٍ ظَاهِرًا كَانَ الشَّبَهُ أَوْ خَفِيًّا وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وُقِفَ الْأَمْرُ عَلَى الِانْتِسَابِ فِي وَقْتِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى أَضْرُبَ أَحَدُهَا أَنْ يَتَمَاثَلَ الشَّبَهَانِ وَلَا مُرَجِّحَ فَيُلْحَقُ بِمَنْ ظَهَرَ فِيهِ الشَّبَهُ دُونَ مَنْ خَفِيَّ فِيهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا مُرَجَّحٌ فَيُلْحَقُ بِهِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَتَمَاثَلَا فِي الظُّهُورِ وَالْخَفَاءِ وَيَخْتَلِفَا فِي الْعَدَدِ فَيَكُونُ الشَّبَهُ فِي أَحَدِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَفِي الْآخَرِ مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَظْهَرُ شَبَهًا فَيُلْحَقُ بِهِ وَالْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَخْفَى شَبَهًا وَفِي الْآخَرِ أَقَلَّ عَدَدًا وَأَظْهَرُ شَبَهًا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَالثَّانِي بِظُهُورِ الشَّبَهِ لِقُوَّةِ التَّشَابُهِ إذَا عُلِمَ هَذَا فَإِنْ كَانَ الْقَائِفُ عَارِفًا بِأَحْكَامِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا حَكَمًا وَإِلَّا كَانَ فِيهَا مُخْبِرًا لَا حَكَمًا لِيَحْكُمَ بِهَا مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَعْلَمُهَا وَيَجْتَهِدُ رَأْيُهُ فِيهَا .
ا هـ .
غ ( قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ تَدَّعِهِ مَعَهُ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ وَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِهَا أَيْضًا وَاعْتَبَرْنَا اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ أَيْضًا ( خَاتِمَةٌ ) سُئِلَ النَّوَوِيُّ عَنْ مُسْلِمِ لَهُ ابْنُ مَاتَتْ أُمُّهُ فَاسْتَرْضَعَ لَهُ يَهُودِيَّةً لَهَا
ابْنُ يَهُودِيِّ ثُمَّ غَابَ ثُمَّ حَضَرَ وَقَدْ مَاتَتْ الْيَهُودِيَّةُ الْمُرْضِعَةُ فَلَمْ يُعْرَفْ ابْنَهُ مِنْهُمَا وَلَيْسَ لِلْيَهُودِيَّةِ مَنْ يَعْرِفُ وَلَدَهَا وَلَا أَبَاهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَافَةُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمَا يُوقَفَانِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَافَةٍ أَوْ يَبْلُغَا فَيَنْتَسِبَا انْتِسَابًا مُخْتَلِفًا وَأَطَالَ فِي تَفْرِيعِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَتَاوِيهِ
( كِتَابُ الْعِتْقِ ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ ( الْعِتْقُ ) مِنْ الْمُسْلِمِ ( قُرْبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَكُّ رَقَبَةٍ } لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ } أَيْ بِالْإِسْلَامِ { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } أَيْ بِالْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ } .
( كِتَابُ الْعِتْقِ ) ( قَوْلُهُ الْعِتْقُ قُرْبَةٌ ) أَيْ سَوَاءٌ أَحَصَلَ بِتَنْجِيزٍ أَمْ بِتَعْلِيقٍ مِنْ الْمُسْلِمِ .
قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَقْفِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ صَارَ الْعَتِيقُ لِلَّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ قُرْبَةٌ ( قَوْلُهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ إلَخْ ) وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ { أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكًا لَهُ مِنْ النَّارِ } وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ فَلَوْ أَعْتَقَ جَمَاعَةٌ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ هَذَا الثَّوَابُ ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعِتْقِهَا وَفَكُّ الرَّقَبَة أَنْ يُعِينَ فِي ثَمَنِهَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ .
وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ مُعْتِقٌ وَعَتِيقٌ وَصِيغَةٌ كَمَا يُعْرَفُ اعْتِبَارُهَا مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ ( وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مَالِكٍ ) لَمْ يُصَادِفْ إعْتَاقُهُ مُتَعَلِّقَ حَقٍّ لَازِمٍ لِغَيْرِهِ ( مُطْلَقٍ ) لِلتَّصَرُّفِ ( أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ فِي كَفَّارَةٍ ) لَزِمَتْ مُوَلِّيَهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ بِلَا إذْنٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْكَفَّارَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيَصِحُّ مِنْ ) سَكْرَانَ وَمِنْ ( كَافِرٍ ) وَلَوْ حَرْبِيًّا ( وَيَثْبُتُ وَلَاؤُهُ عَلَى ) عَتِيقِهِ ( الْمُسْلِمِ ) سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا ، ثُمَّ أَسْلَمَ ( وَلَا يُعْتَقُ مَوْقُوفٌ ) أَيْ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ بَقِيَّةِ الْبُطُونِ .
( قَوْلُهُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ ) أَيْ مُخْتَارٍ أَهْلٍ لِلْوَلَاءِ لِيُخْرِجَ الْمُبَعَّضَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ السَّفِيهِ بِمُبَاشَرَتِهِ إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ : إحْدَاهَا إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي إعْتَاقِ عَبْدِهِ عَنْ اللَّازِمِ لَهُ قَبْلَ حَجْرِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
الثَّانِيَةُ إذَا وَكَّلَهُ إنْسَانٌ بِأَنْ يُعْتِقَ عَبْدَ نَفْسِهِ فَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَ فِي تَوَكُّلِهِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ جَوَازُهُ .
الثَّالِثَةِ قَالَ السَّفِيهُ لِإِنْسَانٍ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي مَجَّانًا ، فَقِيَاسُ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا أَصْدَقَ عَنْ ابْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَنْ يَصِحَّ لِحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ ، وَقَوْلُهُ إحْدَاهَا إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ إلَخْ هَذَا لَا يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ ؛ فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ بَلْ بِالصَّوْمِ كَالْعَبْدِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْحَجْرِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مَمْنُوعٌ ( قَوْلُهُ أَوْ وَلِيٌّ فِي كَفَّارَةٍ ) أَيْ لِلْقَتْلِ لَا لِغَيْرِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ يَدْخُلُ فِي الْوِلَايَةِ إعْتَاقُ عَبْدِ بَيْتِ الْمَالِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ هَذَا الْفَرْعَ فِي كِتَابِ الْهُدْنَةِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي جَاءَنَا بَعْدَمَا أَسْلَمَ عِنْدَهُمْ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ وَالْحَالُ حَالُ هُدْنَةٍ فَإِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ لَا يَحْكُمُ بِعِتْقِهِ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُهُ الْإِمَامُ إلَى سَيِّدِهِ بَلْ يُبَاعُ لِمُسْلِمٍ أَوْ يَشْتَرِيهِ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُعْتِقُهُ عَنْهُمْ وَوَلَاؤُهُ لَهُمْ .
ا هـ .
( وَصَرِيحُهُ الْعِتْقُ ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ ( وَالتَّحْرِيرُ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا وَفَكُّ الرَّقَبَةِ ) لِوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ وَاشْتِهَارِهَا ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَصَرِيحُهُ مَا تَصَرَّفَ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالتَّحْرِيرِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ كَأَنْتَ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ أَعْتَقَتْك أَوْ حُرٌّ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُك أَوْ مَفْكُوكُ الرَّقَبَةِ أَوْ فَكَّيْتُهَا أَوْ فَكَكْتهَا فَلَوْ قَالَ أَنْتَ إعْتَاقٌ أَوْ تَحْرِيرٌ أَوْ فَكُّ رَقَبَةٍ كَانَ كِنَايَةً كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَلَاقٌ ( فَلَا يَحْتَاجُ ) ذَلِكَ ( نِيَّةً ) أَيْ إلَيْهَا كَسَائِرِ الصَّرَائِحِ وَلِأَنَّ هَزْلَهُ جَدٌّ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ ( وَلَا يَضُرُّ تَذْكِيرٌ وَ ) لَا ( تَأْنِيثٌ لِغَيْرِ ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُذَكَّرِ وَغَيْرِ الْمُؤَنَّثِ كَأَنْ يَقُولَ لِلْعَبْدِ أَنْتَ حُرَّةٌ وَلِلْأَمَةِ أَنْتَ حُرٌّ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ عَلَى الْعِبَارَةِ
( قَوْلُهُ وَصَرِيحُهُ الْعِتْقُ إلَخْ ) وَابْنِي إنْ أَمْكَنَ هَذَا إذَا قَالَ أَنْتَ ابْنِي ، أَمَّا إذَا قَالَ لَهُ يَا ابْنِي عَلَى صِيغَةِ النِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ ، وَمِمَّنْ جَرَى عَلَى هَذَا ابْنُ كَبْنٍ فِي نُكَتِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِهِ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالنِّدَاءِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْمُلَاطَفَةَ وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا بِنْتِي عَدَمَ الْوُقُوعِ ( قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ نِيَّةً ) بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ وَإِنْ احْتَفَّ بِهَا قَرَائِنُ أَوْ اشْتَهَرَتْ لِلْعِتْقِ فِي نَاحِيَةٍ ( فَرْعٌ ) فِي الْكَافِي لَوْ قَالَ لَهُ عَلَى وَجْهِ السُّخْرِيَةِ أَنْت حُرٌّ عَتَقَ وَسَيَأْتِي
( وَالْكِنَايَةُ كَلَا سُلْطَانَ أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا يَدَ أَوْ لَا خِدْمَةَ ) لِي عَلَيْك ( أَوْ أَزَلْت حُكْمِي ) أَوْ مِلْكِي ( عَنْك وَأَنْتِ سَائِبَةٌ وَحَرَامٌ وَمَوْلَايَ وَسَيِّدِي وَكَذَا الظِّهَارُ ) أَيْ صَرَائِحُهُ وَكِنَايَتُهُ ( وَصَرَائِحُ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتُهُ ) لِاقْتِضَائِهَا التَّحْرِيمَ كَحَرَّمْتُك ، وَقِيلَ أَنْتَ سَيِّدِي لَغْوٌ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السُّؤْدَدِ وَتَدْبِيرُ الْمَنْزِلِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ اخْتَارَ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِيَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِغَيْرِ الْوَاقِعِ أَوْ خِطَابُ تَلَطُّفٍ وَلَا إشْعَارَ لَهُ بِالْعِتْقِ ( لَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ ) أَوْ مُظَاهِرٌ أَوْ نَحْوُهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا حَرَّمْتُك ، وَكَذَا لَفْظُ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ ، وَقَوْلُهُ لَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ ( وَمِنْهَا ) أَيْ الْكِنَايَةِ ( تَمْلِيكُهُ نَفْسَهُ ) كَمَلَّكْتُك أَوْ وَهَبْتُك نَفْسَك كَمَا فِي الطَّلَاقِ
( قَوْلُهُ وَالْكِنَايَةُ كَلَا سُلْطَانَ إلَخْ ) وَضَابِطُهَا كُلُّ مَا لَا يَنْتَظِمُ إلَّا بِتَقْدِيرِ اسْتِعَارَةٍ أَوْ إضْمَارٍ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ) وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُمَا ( قَوْلُهُ لَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ ) أَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالْخِنْزِيرِ لَا أَنْ يُرِيدَ خِدْمَتَك عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً ، وَاسْتَثْنَى أَيْضًا قَوْلَهُ تَجَرَّعِي وَذُوقِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ مُرَادُهُمَا دَوَامَ الْمِلْكِ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ كِنَايَةً ( قَوْلُهُ كَمَلَكْتُكِ أَوْ وَهَبْتُك نَفْسَك ) لَا عَلَى طَرِيقِ التَّمْلِيكِ بَلْ نَوَى بِهِ الْعِتْقَ فَيُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ
( وَإِنْ كَانَ اسْمُ أَمَتِهِ قَبْلَ إرْقَاقِهَا حُرَّةً فَسُمِّيَتْ بِغَيْرِهِ فَقَالَ ) لَهَا ( يَا حُرَّةُ عَتَقَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ النِّدَاءَ ) لَهَا بِاسْمِهَا الْقَدِيمِ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَعْتِقْ ( فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا فِي الْحَالِ حُرَّةً لَمْ تَعْتِقْ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ ) فَتَعْتِقُ ( وَإِنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ خَوْفًا مِنْ ) أَخْذِ ( الْمَكْسِ ) عَنْهُ إذَا طَالَبَهُ الْمَكَّاسُ بِهِ ( وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ لَمْ يَعْتِقْ بَاطِنًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) رَدًّا عَلَى مَفْهُومِ ذَلِكَ ( وَلَا ظَاهِرًا ) كَمَا اقْتَضَاهُ الْمَذْهَبُ فَفِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ طَلَاقَهَا مِنْ الْوَثَاقِ قُبِلَ لِلْقَرِينَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مُرُورَهُ بِالْمَكَّاسِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي إرَادَةِ صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إنَّمَا هُوَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إخْبَارٌ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَلَا يَسْتَقِيمُ كَلَامُهُ مَعَهُ إلَّا إنْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَنَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْوَثَاقِ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَمَتُك قَحْبَةٌ فَيَقُولُ بَلْ هِيَ حُرَّةٌ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْعِفَّةِ لَا الْعِتْقِ .
( قَوْلُهُ فَفِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا إلَخْ ) الصَّوَابُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ أَطَلَّقْت زَوْجَتَك فَقَالَ نَعَمْ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْكَذِبَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مِنْهُ ظَاهِرًا فَكَذَا هُنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ حَلِّ الْوَثَاقِ وُجِدَ فِيهَا مَعْنًى ظَاهِرٌ صَالِحٌ لِلْإِرَادَةِ وَهُوَ الْحَلُّ مِنْ الْوَثَاقِ فَقُبِلَتْ دَعْوَى إرَادَتِهِ لِإِمْكَانِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمِكَاسِ فَإِنْ لَفْظَ حُرٍّ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ ضِدُّ الرَّقِيقِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَعْنًى آخَرُ صَالِحٌ ادَّعَى إرَادَتَهُ .
( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( اُفْرُغْ مِنْ عَمَلِك وَأَنْت حُرٌّ وَقَالَ أَرَدْت حُرًّا مِنْ الْعَمَلِ ) دُونَ الْعِتْقِ ( لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا ) وَيَدِينُ .
( وَلَوْ قَالَ لِمُزَاحِمِهِ ) فِي طَرِيقٍ ( تَأَخَّرْ يَا حُرُّ فَبَانَ عَبْدَهُ لَمْ يَعْتِقْ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ أُرِيدَ فِي الظَّاهِرِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ هُنَا لَا يَدْرِي مَنْ يُخَاطِبُهُ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ يُخَاطِبُ غَيْرَ عَبْدِهِ وَثَمَّ خَاطَبَ الْعَبْدَ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِمُزَاحِمِهِ تَأَخَّرْ يَا حُرُّ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَزَالِيَّ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي الظَّاهِرِ لَكِنْ قَدْ يَخْدِشُهُ أَنَّهُ لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ ، قَالَ النَّاشِرِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ قَصَدَ الطَّلَاقَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ وَإِنَّمَا قَصَدَ النِّدَاءَ ، وَقَوْلُهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي الظَّاهِرِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْحُرِّيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ لِمَعْنَاهُ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدَيْ حُرٌّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتَ تَظُنُّ أَنَّهُ حُرٌّ ، وَلَوْ قَالَ تَرَى أَنَّهُ حُرٌّ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَقَعَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُحْمَلَ الرُّؤْيَةُ عَلَى الْعِلْمِ وَيَقَعُ .
قَالَ الشَّيْخُ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ ، وَلَوْ ضَرَبَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَقَالَ سَيِّدُهُ لِلضَّارِبِ عَبْدُ غَيْرِك حُرٌّ مِثْلَك لَا يُحْكَمُ بِالْحُرِّيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْنِ عَبْدَهُ غ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ قَالَ ) لَهُ ( قَدْ أَعْتَقْتُك ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ حَكَمْنَا بِعِتْقِهِ ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ " قَدْ " تُؤَكِّدُ مَعْنَى الْمُضِيِّ فِي الْفِعْلِ الْمَاضِي فَكَانَ إخْبَارًا لَا إنْشَاءً ، وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ رَجَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ ( وَ ) إنْ قَالَهُ ( بِحَذْفٍ قَدْ يُرَاجَعُ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى قَصْدِهِ ) أَيْ تَفْسِيرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ تَرَكَ ( وَ ) قَوْلُهُ ( أَنَا مِنْك حُرٌّ لَغْوٌ ، وَإِنْ نَوَى ) بِهِ الْعِتْقَ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِهِ ( وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ نَفْسَك فَقَالَ أَعْتَقْتُك ) خَطَأً بِسَيِّدِهِ لِذَلِكَ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنَّ الَّتِي قَبْلَهَا ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الطَّلَاقِ
( قَوْلُهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ ) قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ عَلَى صِفَةٍ تُوجَدُ بَعْدَ الْفَكِّ أَوْ يُحْتَمَلُ وُجُودُهَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ، وَكَذَا مِنْ مَالِكِ الْعَبْدِ الْجَانِي الَّذِي تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ وَمِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ رِدَّةٍ ع وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ الْقَطْعَ بِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَإِذَا وَقَفَهُ نَفَذَ وَلَغَا التَّوْقِيتُ
( فَرْعٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِ عَبْدِهِ ) بِصِفَةٍ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْسِعَةِ فِي تَحْصِيلِ الْقُرْبَةِ وَأَمَّا نَفْسُ التَّعْلِيقِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ حَثَّ أَوْ مَنْعَ أَيْ أَوْ تَحْقِيقَ خَبَرٍ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَعْلِيقَهُ الْعَارِيَ عَنْ قَصْدِ مَا ذُكِرَ كَالتَّدْبِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ وَأَمَّا نَفْسُ التَّعْلِيقِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ ) أَيْ لَيْسَ أَصْلُ وَضْعِهِ ذَلِكَ ، وَقَدْ يَقْتَرِنُ بِهِ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ قُرْبَةً كَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى تَحْصِيلِ نَفْعٍ لِمَنْ يَتَقَرَّبُ بِتَحْصِيلِ النَّفْعِ لَهُ كَقَوْلِهِ إنْ خَدَمْت الْعَالِمَ الْفُلَانِيَّ سَنَةً فَأَنْت حُرٌّ أَوْ عَلَى إيجَادِ قُرْبَةٍ كَقَوْلِهِ إنْ صَلَّيْت الضُّحَى فَأَنْتَ حُرٌّ وَنَحْوَ ذَلِكَ ع .
( وَ ) يَصِحُّ ( إعْتَاقُهُ بِعِوَضٍ ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَحُكْمُهُ كَالْخُلْعِ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ نَازِعَةٌ إلَى جَعَالَةٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ
( قَوْلُهُ وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي إلَخْ ) وَلَا يَقْدَحُ كَوْنُهُ تَمْلِيكًا إذْ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ .
( تَنْبِيهٌ ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ أَذِنَ لِمُشْتَرِيهِ فِي عِتْقِهِ فَأَعْتَقَهُ لَمْ يُعْتَقْ ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ إنَّمَا كَانَ مَضْمُونًا بِمِلْكِ الْعِوَضِ فَلَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّصْوِيرَ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ جَاهِلًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فَإِنْ عَلِمَهُ عَتَقَ قَطْعًا غ
( وَ ) يَصِحُّ ( تَفْوِيضُ عِتْقِهِ إلَيْهِ فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ ) الْعِتْقَ ( فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْحَالِ عَتَقَ ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ .
( قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ ) أَيْ فَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ ثَمَّ
( أَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ إلَى شَهْرٍ فَقَبِلَ فَوْرًا عَتَقَ وَالْأَلْفُ مُؤَجَّلٌ ) .
( قَوْلُهُ فَقَبِلَ فَوْرًا عَتَقَ ) إعَادَةُ الْعِوَضِ فِي الْقَبُولِ لَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَلَوْ قَالَ عَتَقْتُك وَعَلَيْك أَلْفٌ عَتَقَ مَجَّانًا ، وَإِنْ قَبِلَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ ، وَلَوْ بَاعَهُ بَعْضَ نَفْسِهِ فَهَلْ يَسْرِي عَلَى الْبَائِعِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ نَعَمْ إنْ قُلْنَا الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ .
وَلَوْ قَالَ لَهُ عَبْدُهُ أَعْتِقْنِي عَلَى كَذَا فَأَجَابَهُ عَتَقَ وَعَلَيْهِ مَا الْتَزَمَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَإِنْ ) ( أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ ) أَوْ نَحْوِهِ ( أَوْ ) عَلَى ( خِدْمَةٍ لَمْ تُقَدَّرْ ) بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ أَعْتَقْتُك عَلَى ( أَنْ تَخْدُمَنِي أَبَدًا ) ( عَتَقَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ) كَمَا فِي الْخُلْعِ وَلَا يَقْدَحُ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ كَوْنُ الْعِوَضِ خَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا ؛ لِأَنَّهُ ضِمْنِيٌّ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَقْصُودِ ( أَوْ ) عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي ( شَهْرًا ) مِنْ الْآنِ أَوْ تَعْمَلَ لِي كَذَا وَبَيَّنَهُ ( فَقَبِلَ عَتَقَ بِمَا الْتَزَمَ فَإِنْ ) خَدَمَهُ نِصْفَ شَهْرٍ ، ثُمَّ ( مَاتَ ) الْعَبْدُ أَوْ تَعَذَّرَتْ خِدْمَتُهُ وَعَمَلُهُ بِغَيْرِ الْمَوْتِ وَلَوْ بِتَرْكِهِ لَهُمَا بِلَا عُذْرٍ ( لِنِصْفِ الشَّهْرِ ) الْمَذْكُورِ ( لَزِمَ تَرِكَتَهُ ) فِي صُوَرِ مَوْتِهِ وَذِمَّتِهِ فِيمَا بَعْدَهَا ( نِصْفُ قِيمَتِهِ ) لِسَيِّدِهِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ بِزِيَادَةٍ فِي الْكِتَابَةِ .
( فُرُوعٌ ) لَوْ ( قَالَ مَنْ دَخَلَ الدَّارَ أَوَّلًا مِنْ عَبِيدِي ) أَوْ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَهَا مِنْهُمْ ( فَهُوَ حُرٌّ فَدَخَلَهُ ) الْأَوْلَى فَدَخَلَهَا ( وَاحِدٌ ) مِنْهُمْ ( عَتَقَ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ بَعْدَهُ ) كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ ( وَلَوْ دَخَلَ اثْنَانِ ) مَعًا ( ثُمَّ ثَالِثٌ فَلَا عِتْقَ ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ إذْ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ أَوَّلٌ ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الْمُسَابَقَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ يُطْلَقُ عَلَى الْمُتَعَدِّدِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ مِنْ الْإِطْلَاقِ ، ثَمَّ إذْ لَا يَلْزَمُ الْمُخْرِجَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ بِخِلَافِهِ هُنَا إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ زِيَادَةُ عِتْقٍ لَمْ يَلْتَزِمْهُ ( فَإِنْ ) كَانَ ( قَالَ ) فِي هَذِهِ ( أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ وَحْدَهُ ) حُرٌّ ( عَتَقَ الثَّالِثُ ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ وَحْدَهُ ( وَلَوْ قَالَ آخِرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ عَبِيدِي ) حُرٌّ فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بَعْضٍ ( تَبَيَّنَ عِتْقُ آخِرِ مَنْ دَخَلَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ ) أَيْ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَى أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ فَيَتَبَيَّنُ الْآخِرُ ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ وَعِنْدِي لَا يَحْتَاجُ إلَى مَوْتِ السَّيِّدِ بَلْ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً مَثَلًا فَآخِرُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْهُمْ هُوَ الْحُرُّ ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ دُخُولُ غَيْرِهِ إذْ الْحَلِفُ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَدْ وُجِدَتْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ دُخُولُ الْآخِرِ وَهُوَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَقَدْ يَصِيرُ الْآخِرُ غَيْرَ آخِرٍ فَلَا عِبْرَةَ بِالْآخِرِ مَا دَامَ حَيًّا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ فِيمَا لَوْ قَالَ آخِرُ مَنْ أُرَاجِعُهَا مِنْكُنَّ طَالِقٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّاخِلُ آخِرًا اثْنَيْنِ لَمْ يَعْتِقْ أَحَدٌ .
( قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الْمُسَابَقَةِ ) أَيْ وَالْجَعَالَةِ ( قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ يَتَبَيَّنُ عِتْقُ آخِرِ مَنْ دَخَلَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ ) إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ آخِرُهُمْ دُخُولًا مِلْكَهُ حِينَ الْيَمِينِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ وَاحِدٌ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ : أَوَّلُ مَا يَدْخُلُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَلَوْ قَالَ ) لِعَبْدِهِ ( إنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ فَأَنْت حُرٌّ ) فَمَضَى الْعَامُ وَاخْتَلَفَ فِي أَنَّهُ هَلْ حَجَّ أَوْ لَا ( فَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ عَتَقَ ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْحَجِّ .
( وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ إنْ جَاءَ الْغَدُ فَأَحَدُكُمَا حُرٌّ عَتَقَ بِمَجِيئِهِ ) أَيْ الْغَدِ ( وَاحِدٌ ) مِنْهُمَا ( وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ ، وَإِنْ بَاعَ وَاحِدًا ) مِنْهُمَا أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ مَاتَ ( قَبْلَ ) مَجِيءِ ( الْغَدِ ) وَجَاءَ الْغَدُ وَالْآخَرُ فِي مِلْكِهِ ( فَلَا عِتْقَ ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ حِينَئِذٍ إعْتَاقَهُمَا فَلَا يَمْلِكُ إعْتَاقَ أَحَدِهِمَا ( وَإِنْ اشْتَرَاهُ ) أَيْ مَنْ بَاعَهُ ( قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ فَإِنَّهُ لَا عِتْقَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ ( وَإِنْ بَاعَ نِصْفَهُ ) أَيْ نِصْفَ أَحَدِهِمَا وَجَاءَ الْغَدُ وَفِي مِلْكِهِ أَحَدُهُمَا وَنِصْفُ الْآخَرِ ( فَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ فَإِنْ عَيَّنَ مَنْ لَهُ نِصْفُهُ ) عَتَقَ نِصْفُهُ ( وَوَقَعَ النَّظَرُ فِي السِّرَايَةِ ) ، وَإِنْ عَيَّنَ مَنْ لَهُ كُلُّهُ عَتَقَ .
( أَوْ ) قَالَ لَهُمَا ( إنْ جَاءَ الْغَدُ وَأَحَدُكُمَا ) فِي ( مِلْكِي فَهُوَ حُرٌّ فَجَاءَ ) الْغَدُ ( وَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( لَمْ يَعْتِقْ ) لِأَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَحْصُلْ .
( فَصْلٌ لِلْعِتْقِ خَمْسُ خَصَائِصَ ) يَنْفَرِدُ بِهَا عَنْ الطَّلَاقِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ ( الْأُولَى السِّرَايَةُ فَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا ) شَائِعًا كَنِصْفٍ أَوْ مُعَيَّنًا كَيَدٍ ( مِنْ مَمْلُوكِهِ عَتَقَ ) الْجُزْءُ ( ثُمَّ سَرَى ) الْعِتْقُ إلَى الْبَاقِي ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لِقُوَّتِهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَلِأَنَّهُ إذَا جَرَتْ السِّرَايَةُ وَالْبَاقِي لِغَيْرِهِ فَلَأَنْ تَجْرِيَ وَالْبَاقِي لَهُ أَوْلَى ، وَقِيلَ يَعْتِقُ الْجَمِيعُ دَفْعَةً وَيَكُونُ إعْتَاقُ الْبَعْضِ إعْتَاقًا لِلْكُلِّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ لِلْعِتْقِ خَصَائِصُ ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ الْأَفْضَلُ الْحُرُّ أَمْ الْعَبْدُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُفْرَضْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَلِأَنَّهُ اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ مَعَ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى طَاعَةُ الْمَوْلَى ؟ قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ وَالِدِي الْحَدِيثُ { إذَا قَامَ الْعَبْدُ بِحَقِّ رَبِّهِ وَحَقِّ سَيِّدِهِ آتَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ } يَشْهَدُ لِتَفْضِيلِهِ ، وَإِنَّمَا حُطَّتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا لِإِشْغَالِهِ بِهَذَا الْفَرْضِ الْمُسْتَغْرِقِ قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ لِتَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ وَأَقُولُ فِيمَا قَالَهُ وَالِدِي نَظَرٌ لِكَوْنِ الْحُرِّ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ مَا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ تَفْضِيلُ الْحُرِّ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ مَمْلُوكِهِ ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ فَأَعْتَقَ الْوَكِيلُ نِصْفَهُ فَالْأَصَحُّ عِتْقُ ذَلِكَ النِّصْفِ فَقَطْ ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا اشْتَرَتْ الْأَمَةُ وَهِيَ حَامِلٌ نِصْفَ رَقَبَتِهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ وَيَعْتِقُ حَمْلُهَا ( قَوْلُهُ ثُمَّ سَرَى الْعِتْقُ إلَى الْبَاقِي إلَخْ ) أَيْ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ السِّرَايَةِ مَانِعٌ ، وَقَدْ سَبَقَ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الدَّمِ وَالشَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ وَفَضَلَاتِ الْبَدَنِ وَغَيْرِهَا فَوَائِدُ جَمَّةٌ وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهَا هُنَا ، وَقَدْ أَشَارَ الصَّيْمَرِيُّ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ غ .
( وَيَعْتِقُ الْحَمْلُ الْمَمْلُوكُ لَهُ ) لَا لِغَيْرِهِ بِعِتْقِ أُمِّهِ ( تَبَعًا لِلْأُمِّ وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ ) لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا ( وَلَا تَعْتِقُ الْأُمُّ ) بِعِتْقِهِ ( تَبَعًا لَهُ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْعِتْقُ فِي هَذِهِ وَفِي صُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِقُوَّتِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِمَا فِي الْبَيْعِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتْبَعْهَا الْحَمْلُ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ مَالِكِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَبَعِيَّةَ مَعَ اخْتِلَافِ الْمِلْكِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ تَبَعًا أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمَّةِ سِرَايَةً ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَشْقَاصِ لَا فِي الْأَشْخَاصِ وَإِلَّا لَتَبِعَتْ الْأُمُّ الْحَمْلَ فِي الْعِتْقِ وَمَحَلُّ صِحَّةِ إعْتَاقِ الْحَمْلِ وَحْدَهُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ .
قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ الْحَمْلُ الْمَمْلُوكُ لَهُ تَبَعًا لِلْأُمِّ ) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَوْضِعَ عِتْقَهُمَا جَمِيعًا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهُمَا ، أَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا الْأُمُّ فَقَطْ فَالظَّاهِرُ نَظَرًا لَا نَقْلًا أَنَّهَا تَعْتِقُ دُونَهُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنْ أَعْتَقْت سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ وَلَا يَحْتَمِلُ الثُّلُثُ إلَّا سَالِمًا وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْن أَنْ يُرَتِّبَ هُوَ الْعِتْقَ أَوْ يُرَتِّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي هَذِهِ إلَّا الْأَوَّلُ فَقَطْ ، وَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ وَضَعَتْ إحْدَى التَّوْأَمَيْنِ وَالْآخَرُ مُجْتَنٍ عَتَقَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ ، وَقَوْلُهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَلَوْ قَالَ ) لِأَمَتِهِ ( إنْ وَلَدْت فَوَلَدُك ) أَوْ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ( حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا عَتَقَ ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا ) عِنْدَ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ حِينَئِذٍ فَقَدْ مَلَكَ الْأَصْلَ الْمُفِيدَ لِمِلْكِ الْوَلَدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْلِكْ الْأُمَّ كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِحَمْلِهَا لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا إذَا كَانَتْ حَائِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَمَلَّكْ الْأُمَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَإِنْ قَالَ ) لَهَا ( إنْ كَانَ أَوَّلُ مَنْ تَلِدِينَ ذَكَرًا فَهُوَ حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْهُمَا وَ ) وَلَدَتْ ( الذَّكَرَ أَوَّلًا عَتَقَ دُونَهُمَا أَوْ الْأُنْثَى أَوَّلًا رُقَّتْ ) لِأَنَّ عِتْقَ الْأُمِّ طَرَأَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا ( وَعَتَقَتْ الْأُمُّ وَالذَّكَرُ ) أَيْضًا ( لِكَوْنِهِ فِي بَطْنِ عَتِيقَةٍ ، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا الْأَوْلَى السَّبَقُ ( فَلَا عِتْقَ ) إذْ لَا أَوَّلَ فِي الْأُولَى وَلِلشَّكِّ فِي الثَّانِيَةِ ( وَإِنْ عُلِمَ سَبْقٌ ) لِأَحَدِهِمَا ( وَأَشْكَلَ ) السَّابِقُ ( عَتَقَ الذَّكَرُ ) بِكُلِّ حَالٍ ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ عَتَقَ بِالتَّعْلِيقِ أَوْ سَبَقَتْ هِيَ عَتَقَ بِتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ ( وَرُقَّتْ الْأُنْثَى ) بِكُلِّ حَالٍ ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ لَمْ يَعْتِقْ غَيْرُهُ أَوْ سَبَقَتْ لَمْ يَعْتِقْ بِتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ لِتَأَخُّرِ عِتْقِهَا عَنْ مُفَارَقَتِهَا ( وَالشَّكُّ فِي ) عِتْقِ ( الْأُمِّ ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِسَبْقِ الْأُنْثَى وَأَنَّهَا رَقِيقَةٌ لِسَبْقِ الذَّكَرِ ( فَيُؤْمَرُ ) السَّيِّدُ ( بِالْبَيَانِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ رُقَّتْ ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَطَرْحًا لِلشَّكِّ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ لِتَبَيُّنِ حُرِّيَّةِ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّا شَكَكْنَا فِي عِتْقِهَا وَالْقُرْعَةُ لَا تُثْبِتُ مَشْكُوكًا فِيهِ ، وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي تَعْيِينِ مَا تَيَقَّنَّا أَصْلَهُ هَذَا إنْ وَلَدَتْ فِي صِحَّةِ السَّيِّدِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَوَفَّى الثُّلُثُ بِالْجَمِيعِ ( فَإِنْ وَلَدَتْ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا هِيَ وَمَا وَلَدَتْ أَقْرَعَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَأُمِّهِ فَإِنْ خَرَجَتْ لَهُ عَتَقَ ) وَحْدَهُ ( وَإِنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ ، أَوْ لِأُمِّهِ قُوِّمَتْ حَامِلًا بِالْغُلَامِ يَوْمَ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ ) وَمَحَلُّ الْإِقْرَاعِ وَالتَّقْوِيمِ يَكُونُ ( بِفَرْضِ وِلَادَتِهَا أَوَّلًا وَ يَعْتِقُ مِنْهَا وَمِنْ الْغُلَامِ قَدْرُ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأُنْثَى مِائَةً وَقِيمَةُ الْأُمِّ حَامِلًا بِالْغُلَامِ مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهَا وَنِصْفُهُ
وَذَلِكَ مِائَةٌ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ النِّصْفَانِ ) مُقَوَّمَانِ ( بِمِائَةٍ وَالْأُنْثَى ) مُقَوَّمَةٌ ( بِمِائَةٍ ) أُخْرَى .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ ) مِنْ الرَّقِيقِ ( وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَا سِرَايَةَ ) فَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ ( أَوْ ) وَهُوَ ( مُوسِرٌ بِكُلِّهِ ) أَيْ بِكُلِّ الْبَاقِي أَيْ بِقِيمَتِهِ ( عَتَقَ كُلُّهُ ) عَلَى الْمُعْتِقِ ( أَوْ بِبَعْضِهِ فَبِحِصَّتِهِ ) يَعْتِقُ ( وَأَدَّى ) لِشَرِيكِهِ ( قِيمَةَ مَا عَتَقَ ) مِنْ نَصِيبِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي الْعَبْدِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَهُوَ عَتِيقٌ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ } وَأَمَّا رِوَايَةُ { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ ، ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ } فَمُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِ الْمُعْتِقِ أَيْ يَخْدُمُهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهُ .
( قَوْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ إلَخْ ) أَيْ لَوْ بِإِعْتَاقِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِ نَصِيبِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِوَكِيلِهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ ، وَلَوْ اقْتَرَضَ الْمُعْسِرُ وَأَدَّى الْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ قَبُولُهَا وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ رِقِّ الْبَاقِي فِي الْمُعْسِرِ مَا إذَا بَاعَ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْبَاقِيَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى حِصَّةِ الْمُشْتَرِي ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُعْسِرًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ كُلَّهُ ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي الْخِيَارِ نَفَذَ وَلَا يُقَالُ لِمَا سَرَى كَانَ فَسْخًا فَلَا شَرِكَةَ ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَكِنْ انْقَطَعَتْ بِالسِّرَايَةِ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشِقْصٍ مِنْ رَقِيقِهِ ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ قَالَ وَيُجْرَى هَذَا فِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَحْضَةٍ فِي حَالِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ، ثُمَّ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَهَلْ يَسْرِي ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَتَّجِهُ أَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ شِرَاءٌ سَرَى أَوْ فِدَاءٌ فَلَا ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْعَبْدِ فَهَلْ يَسْرِي عَلَيْهِ الْبَاقِي إذَا كَانَ مُوسِرًا بِهِ ؟ يَتَّجِهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ بَيْعٍ أَوْ عَتَاقَةٍ .
وَ ( قَوْلُهُ أَوْ وَهُوَ مُوسِرٌ بِكُلِّهِ إلَخْ ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَسَارُ بِقِيمَةِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ بَلْ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَوَاضَعَا عَلَيْهِ الْمُقَابِلُ لِمَحَلِّ السِّرَايَةِ مِنْهَا أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ عَبْدِهِ وَيَلْزَمَ الْبَيْعُ ، ثُمَّ يُعْتِقَ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَسْرِي إلَى الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ إذَا كَانَ مُوسِرًا بِالثَّمَنِ الْمُقَابِلِ لَهَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ قَبْلَ
الْقَبْضِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي الْأَصَحِّ وَيَعُودُ الثَّمَنُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَعْتَبِرْ الْيَسَارَ بِالْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ قَالَ وَيُقَاسُ بِهِ كُلُّ مُعَاوَضَةٍ عَقَدَ فِيهَا عَلَى شِقْصِ رَقِيقٍ ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْمَالِكُ الْبَاقِيَ ( قَوْلُهُ وَأَدَّى لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ مَا عَتَقَ مِنْ نَصِيبِهِ ) عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَتُهُ مِائَةٌ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ لَا يَضْمَنُ خَمْسِينَ بَلْ قِيمَةَ نِصْفِهِ إذَا بِيعَ مُنْفَرِدًا .
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَهُوَ قِيمَةُ نِصْفٍ مُنْضَمٍّ لَا قِيمَةُ نِصْفٍ مُنْفَرِدٍ يَعْنِي نَاقِصٍ بِالتَّبْعِيضِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَسَائِلَ لَا غُرْمَ فِيهَا عَلَى الْمُعْتِقِ مَعَ يَسَارِهِ مِنْهَا إذَا وَهَبَ الْأَصْلُ لِفَرْعِهِ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ وَقَبَضَهُ ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَصْلُ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْفَرْعِ مَعَ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا عَلَى الْأَرْجَحِ وَمِنْهَا بَاعَ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَأَعْتَقَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي الَّذِي لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِشَرْطِ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَرُقَّ مِنْهُ مَا رُقَّ وَأَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولُهُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِهِ إلَخْ ) وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ
( وَلِلسِّرَايَةِ شُرُوطٌ ) أَرْبَعَةٌ ( الْأَوَّلُ ) وَفِي نُسْخَةٍ أَحَدُهُمَا ( أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ ) يَفِي بِقِيمَةِ الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَيُبَاعُ فِيهَا مَا ( يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ ) مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا مَرَّ فِي التَّفْلِيسِ ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ تَصِيرُ كَالدَّيْنِ لِتَنَزُّلِ الْإِعْتَاقِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ ( فَيَسْرِيَ ) الْعِتْقُ ( وَإِنْ كَانَ ) الْمُعْتِقُ ( مَدْيُونًا وَاسْتَغْرَقَتْ الْقِيمَةُ مَالَهُ ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ نَافِذٌ تَصَرُّفَهُ فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَبْدًا أَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ فَكَذَا يَسْرِي فِيمَا ذُكِرَ ( حَتَّى يُضَارِبَ الشَّرِيكُ ) بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ ( مَعَ الْغُرَمَاءِ ) فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمُضَارَبَةِ مَا يَفِي بِقِيمَةِ جَمِيعِ نَصِيبِهِ فَذَاكَ ، وَإِلَّا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَيَعْتِقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ ( كَمَنْ لَمْ يَجِدْ عَيْنَ مَالِهِ ) الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ قَالَ مَنْ يَمْلِكُ عَشَرَةً فَقَطْ لِأَحَدِ ) الشَّرِيكَيْنِ ( الْمُتَنَاصِفَيْنِ فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَعْتِقْ نَصِيبَك ) مِنْهُ ( عَنِّي عَلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ فَفَعَلَ عَتَقَ ) نَصِيبُهُ ( عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْمُسْتَدْعِي ( وَلَا سِرَايَةَ ) لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْعَشَرَةِ بِمَا جَرَى وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا ( أَوْ ) قَالَ لَهُ ( أَعْتِقْهُ ) عَنِّي ( عَلَى عَشَرَةٍ فِي ذِمَّتِي ) فَفَعَلَ ( عَتَقَ جَمِيعُهُ ) بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ وَأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُهَا ( وَتُقْسَمُ الْعَشَرَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ ) بِالسَّوِيَّةِ ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ قَسْمُهَا بَعْدَ الْحَجْرِ ( وَالْبَاقِي لَهُمَا ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ ( فِي ذِمَّتِهِ ) وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَكِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ عَشَرَةٌ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَيَتَضَارَبُ الشَّرِيكَانِ فِي