كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
( فَرْعٌ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا ) لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ الْعِتْقُ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ صَحَّ فَالْمُعْتَبَرُ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ وَلَمْ يُوجَدْ ( ثُمَّ إنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ الْقَبْضِ بَانَ صِحَّةُ الْعَقْدِ ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ ( وَفِي ) نُفُوذِ ( الْعِتْقِ وَجْهَانِ ) كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ وَقُلْنَا لَا يَنْفُذُ فَانْفَكَّ الرَّهْنُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَمُقْتَضَاهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ النُّفُوذِ وَالصَّحِيحُ النُّفُوذُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَفَّارِ الْقَزْوِينِيُّ فِي عُبَابِهِ وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى عِتْقِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ وَجْهٍ ( أَوْ ) تَفَرَّقَا ( قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَلَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ الصِّحَّةُ إنْ قَبَضَهُ وَإِلَّا فَلَا
( قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ الْقَبْضِ بِأَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ ) فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فَإِنَّهُ قَبَضَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْقَبْضُ دُونَ الْعِتْقِ قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ سُومِحَ فِيهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ ( قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ النُّفُوذُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَفَّارِ إلَخْ ) وَصَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ
( فَرْعٌ وَإِنْ فَسَخَ السَّلَمَ ) اقْتَضَى ( تَعَيُّنَ رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ ) إلَى الْمُسَلِّمِ ( وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْعَقْدِ ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ ( وَإِنْ تَلِفَ فَبَدَلُهُ ) وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ ( وَإِنْ قَالَ الْمُسَلِّمُ أَقْبَضْتُك ) رَأْسَ الْمَالِ ( بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَقَالَ ) بَلْ ( قَبْلَهُ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ) لِأَنَّهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِلظَّاهِرِ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَمْ بِيَدِ الْمُسَلِّمِ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ قَبَضْته قَبْلَ التَّفَرُّقِ ثُمَّ أَوْدَعْتَكَهُ أَوْ غَصَبْته مِنِّي فَعِبَارَتُهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ
( قَوْلُهُ تَعَيَّنَ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ ) إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ ( قَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ) لَوْ قَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ تَفَرَّقْنَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنْكَرَ الْمُسَلِّمُ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِلظَّاهِرِ نَاقِلَةٌ ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَهُوَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَ دَرَاهِمَ ) أَوْ دَنَانِيرَ ( فِي الذِّمَّةِ حُمِلَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) غَالِبٌ بِأَنْ اسْتَوَتْ النُّقُودُ ( بَيْنَهُ ) أَيْ النَّقْدِ الْمُرَادِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ ( أَوْ ) أَسْلَمَ ( عَرَضًا ) فِي الذِّمَّةِ ( وَجَبَ وَصْفُهُ ) أَيْ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ ( وَإِذَا أَسْلَمَ ) الْمَالَ ( الْمُعَيَّنَ ) مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ وَلَوْ مِثْلِيًّا ( جُزَافًا أَوْ كَانَ ) رَأْسُ الْمَالِ ( جَوْهَرَةً ) مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ ( صَحَّ ) وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي الْجَوْهَرَةِ اكْتِفَاءً بِالْمُعَايَنَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ صِفَتِهِ وَلَا قَدْرِهِ سَوَاءٌ السَّلَمُ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْعَاقِدَانِ الْقَدْرَ وَالْقِيمَةَ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا أَمْ لَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ أَحَبَّ الْقَوْلَيْنِ إلَيْهِ الِاشْتِرَاطُ ( وَالْقَوْلُ ) فِيمَا إذَا اتَّفَقَ فُسِخَ وَتَنَازَعَا ( فِي قَدْرِهِ ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ ( قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ
قَوْلُهُ اكْتِفَاءً بِالْمُعَايَنَةِ ) وَقِيلَ لَا تَكْفِي رُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ فَإِنْ عِلْمَاهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ صَحَّ قَطْعًا ( قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْعَاقِدَانِ إلَخْ ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مَجْهُولًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ حَصَلَ الْعِلْمُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْعِلْمَ هُنَاكَ لِدَفْعِ الْغَرَرِ فِي الْعَقْدِ وَهُنَا لِأَجْلِ مَا يَرُدُّ عِنْدَ الْفَسْخِ فَكَانَ أَخَفَّ
( الشَّرْطُ الثَّانِي كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا ) لِأَنَّهُ الَّذِي وُضِعَ لَهُ لَفْظُ السَّلَمِ ( فَإِنْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك أَلْفًا فِي هَذَا ) الْعَبْدِ مَثَلًا ( أَوْ ) أَسْلَمْت إلَيْك ( هَذَا ) الْعَبْدَ ( فِي هَذَا ) الثَّوْبِ ( فَلَيْسَ بِسَلَمٍ ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ ( وَلَا بَيْعًا ) لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ تَرْجِيحٍ اعْتِبَارًا لِلَّفْظِ وَقَدْ يُرَجِّحُونَ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى إذَا قَوِيَ كَتَرْجِيحِهِمْ فِي الْهِبَةِ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ انْعِقَادُهَا بَيْعًا وَالصُّورَةُ الْأُولَى فِي كَلَامِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِذَا قَالَ بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ ) أَوْ وَلَا ثَمَنَ لِي عَلَيْك ( فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً ) اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَلَا بَيْعًا لِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ بِرَفْعِ آخِرِهَا أَوَّلَهَا ( وَهَلْ يَضْمَنُهُ ) الْقَابِلُ ( بِالْقَبْضِ وَجْهَانِ ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنْ اعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ ضَمِنَ أَوْ الْمَعْنَى فَلَا ( أَوْ ) قَالَ ( بِعْتُك وَسَكَتَ ) عَنْ الثَّمَنِ فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً نَظَرًا لِلَّفْظِ وَلَا بَيْعًا لِعَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَإِذَا قَبَضَ الْقَابِلُ الْمَبِيعَ ( ضَمِنَهُ ) فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا ( وَالسَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ ) الْخَالِي عَنْ لَفْظِ السَّلَمِ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي ذِمَّتِي فَقَالَ بِعْتُك ( بِيعَ ) نَظَرًا لِلَّفْظِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَقِيلَ سَلَمٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْهُ وَعَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالْمُخْتَارُ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَاللَّفْظُ لَا يُعَارِضُهُ إذْ كُلُّ سَلَمٍ بَيْعٌ كَمَا أَنَّ كُلَّ صَرْفٍ بَيْعٌ فَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ عَلَى السَّلَمِ إطْلَاقٌ عَلَى مَا
يَتَنَاوَلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِهِ ( لَكِنْ ) عَلَى الْأَوَّلِ ( يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ ) فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ ) فَلَا يَجِبُ وَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ ذَلِكَ
( قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي ) الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَتَنَاوَلُ جُزْءَ الشَّيْءِ ( قَوْلُهُ كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا ) قَالَ شَيْخُنَا لَا تَكْرَارَ فِي هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِهِ وَمِنْ لَازِمِهِ الدَّيْنِيَّةُ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالرَّسْمِ ( قَوْلُهُ لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالضَّابِطُ الْجَامِعُ أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّفْظَ إنْ كَانَ مُتَهَافِتًا بِحَيْثُ يُنَاقِضُ آخِرُهُ أَوَّلَهُ كَبِعْتُ بِلَا ثَمَنٍ لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعًا قَطْعًا وَلَا هِبَةً عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَهَافِتًا وَلَكِنْ كَانَ اللَّفْظُ قَدْ اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنًى خَاصٍّ فَإِذَا نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ فَلَا نَنْظُرُ إلَى الْمَعْنَى عَلَى الْأَصَحِّ كَأَسْلَمْتُ إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ سَلَمًا لِفَقْدِ شَرْطِ الدَّيْنِيَّةِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَلَا بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ لِاشْتِهَارِ لَفْظِ السَّلَمِ فِي بُيُوعِ الذِّمَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَرْجَحُ فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ كَوَهَبْتُكَ بِكَذَا فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَعْنَى أَرْجَحَ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الصِّيغَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمَعْنَى تَابِعٌ كَاشْتَرَيْتُ مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِهِ ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِيمَانِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ يَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْإِطْلَاقِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ ) أَيْ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ) نَبَّهَ عَلَيْهِ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ تَأْجِيلِهِ ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ
قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُثَمَّنٌ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَمَّا إنَّهُ مُثَمَّنٌ وَلَيْسَ بِثَمَنٍ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الثَّمَنَ هُوَ النَّقْدُ فَهُوَ الدَّرَاهِمُ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ فَكَذَلِكَ ا هـ وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ حَذْفِ الْمُصَنِّفِ لَهُ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمَبِيعِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الثَّوْبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كَلَامُهُمَا فِي الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَجِبُ تَعْيِينُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَقَدْ عُلِمَ مَا ذَكَرْته مِنْ تَصْوِيرِهِ بِإِيرَادِهِ الشِّرَاءَ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَإِدْخَالِهِ الْبَاءَ فِي الدَّرَاهِمِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَوْصُوفَ مَبِيعٌ وَأَنَّ الدَّرَاهِمَ ثَمَنٌ
( فَصْلٌ يَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا ) كَالْمُؤَجَّلِ وَأَوْلَى لِبُعْدِهِ عَنْ الْغَرَرِ وَلَا مَانِعَ وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ { إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ } أَيْ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا قَبْلَهُ إذْ الْمَعْنَى فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مَكِيلًا وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مَوْزُونًا بِدَلِيلِ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ ( وَمُؤَجَّلًا ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ ( وَلَوْ أُطْلِقَ ) عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ ( فَهُوَ حَالٌّ ) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ فَلَوْ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَعْدُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَلَوْ أَلْحَقَا بِهِ أَجَلًا فِي الْمَجْلِسِ لِحَقٍّ أَوْ ذَكَرَا أَجَلًا ثُمَّ أَسْقَطَاهُ فِي الْمَجْلِسِ سَقَطَ أَوْ حَذَفَا فِيهِ الْمُفْسِدَ لَمْ يَنْحَذِفْ فَلَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ صَحِيحًا كَمَا قَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَأَعَادَهُ الْأَصْلُ هُنَا ( وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ ( فَلَا يُؤَقَّتُ بِالْحَصَادِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ ) وَنَحْوِهِمَا ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَذَكَرَ مَعَهَا وَقْتَهَا أَمْ لَا إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَمَا رُوِيَ مِنْ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ شَيْئًا إلَى مَيْسَرَتِهِ } فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ ( وَلَا بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَالْعُطَاسِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ ) كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ ( الْوَقْتَ ) أَيْ وَقْتَهَا الْمُعَيَّنَ فَيَصِحُّ ( وَيَجُوزُ ) التَّأْقِيتُ ( بِشُهُورِ الرُّومِ ) مَثَلًا كَتَمُّوزَ وَحُزَيْرَانَ ( وَأَعْيَادِ كُفَّارٍ ) كَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إلَى أَوَائِلِ بُرْجَيْ الْمِيزَانِ وَالْحَمَلِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ كَشُهُورِ الْعَرَبِ هَذَا ( إنْ عَرَفَهَا الْمُسْلِمُونَ ) وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ ( أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ ) بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهَا إذْ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ قَالَ
ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَّا أَنْ يَبْلُغُوا عَدَدًا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ ( وَلَوْ وَقَّتَا بِالنَّفْرِ وَرَبِيعٍ وَالْعِيدِ ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا وَلَمْ يُقَيِّدَا بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي ( صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ وَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ شَهْرُ رَبِيعٍ كَانَ أَوْلَى لِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ لَا يُقَالُ رَبِيعٌ بَلْ شَهْرُ رَبِيعٍ قَالُوا وَلَا يُضَافُ لَفْظُ شَهْرٍ إلَى شَيْءٍ مِنْ الشُّهُورِ إلَّا إلَى رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ وَيُنَوَّنُ رَبِيعٌ إذَا وُصِفَ بِالْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَلَا يُقَالُ بِالْإِضَافَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ مَالَهُ بِذَلِكَ تَعَلُّقٌ ( أَوْ ) وَقَّتَا ( بِالْقَرِّ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ( وَهُوَ حَادِي عَشَرَ ) ذِي ( الْحِجَّةِ صَحَّ ) سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يُقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى وَيَنْفِرُونَ بَعْدَهُ النَّفْرَيْنِ فِي الثَّانِي عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالتَّأْجِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ بِأَيَّامِهَا لَا بِهَا نَفْسِهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَتَقَدَّمُ وَقَدْ تَتَأَخَّرُ
( قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ ) خَرَّجَ بِهِ الْكِتَابَةَ لِعَجْزِ الرَّقِيقِ فِي الْحَالِ عَنْ الْحَالِّ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا اشْتَرَطَ فِيهِ التَّأْجِيلَ كَالْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَجَلُ غَيْرُهُمَا وَفَائِدَةُ الْعُدُولِ مِنْ الْبَيْعِ إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ أَنَّ الْمَالَ رُبَّمَا لَا يَكُونُ حَاضِرًا مَرْئِيًّا فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الْإِحْضَارِ وَالرُّؤْيَةِ يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَخَّرَ فَيَفُوتُهُ الْمُشْتَرَى قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا ) كَعَقِبِ شَهْرِ كَذَا أَوْ عَجْزِهِ ( قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ إلَخْ ) وَلَفْظُ النَّسَائِيّ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إلَى يَهُودِيٍّ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبَيْنِ إلَى الْمَيْسَرَةِ } فَفِيهِ جَوَابٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ بَلْ اسْتَدْعَى وَلِهَذَا لَمْ يَصِفْ الثَّوْبَيْنِ فَإِذًا عَقْدٌ عُقِدَ بِشُرُوطِهِ ( قَوْلُهُ يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إلَخْ ) لَكِنْ قَالَ الْقَمُولِيِّ النَّيْرُوزُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ تُوتٍ أَوَّلُ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَمَنْزِلُ الشَّمْسِ فِي الْمِيزَانِ وَبَيْنَ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ يَوْمًا ( قَوْلُهُ أَوْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ الصِّفَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ سِوَاهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ بِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْأَوْصَافِ لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا طُمَأْنِينَةَ لِهَذَا الْفَرْقِ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ ( قَوْلُهُ وَرَبِيعٌ ) وَجُمَادَى ( قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ ) يَعْنِي الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ
( فَرْعٌ وَالسَّنَةُ ) الْمُطْلَقَةُ ( تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ ) دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } ( فَلَوْ عَقَدَا فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ ) وَفِي مَعْنَاهُ لَيْلَتُهُ ( فَكُلُّ السَّنَةِ هِلَالِيَّةٌ ) فَيُكْتَفَى بِمُضِيِّهَا بَعْدَهُ فَلَا يَكْمُلُ الْيَوْمُ مِمَّا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ هَذَا ( إنْ نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ وَإِنْ كَمُلَ انْكَسَرَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ ) الَّذِي عَقَدَا فِيهِ فَيُكْمَلُ مِنْهُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ دُونَ الْبَقِيَّةِ ( أَوْ ) عَقَدَا فِي آخِرِ ( أَوَّلِ ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ بَعْدَ ( لَحْظَةٍ مِنْ الْمُحْرِمِ ) وَأُجِّلَ بِسَنَةٍ مَثَلًا ( فَهُوَ مُنْكَسِرٌ وَحْدَهُ ) فَيُكْمَلُ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَا يُلْغَى الْمُنْكَسِرُ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا عَقَدَا أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيُعْتَبَرُ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً ( وَإِنْ قَالَ ) الْعَاقِدُ ( شَمْسِيَّةً ) وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمٍ أَوَّلُهَا الْحَمَلُ وَرُبَّمَا جَعَلَ النَّيْرُوزَ ( أَوْ رُومِيَّةً ) وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ فَارِسِيَّةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَيُزَادُ فِي الْآخِرِ خَمْسَةٌ يُسَمُّونَهَا الْمُسْتَرِقَّةَ أَوْ قَمَرِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الْهِلَالِيَّةُ وَالْعَرَبِيَّةُ وَهِيَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي مُجَلِّي فِي زِيَادَةِ الْكَسْرَيْنِ وَصَحَّحَ الْجِيلِيُّ أَنَّهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَقَرَّرَ الْفَرْغَانِيُّ زِيَادَةَ الْكَسْرَيْنِ بِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا
فَإِذَا قُسِّطَتْ عَلَى السِّنِينَ خَصَّ كُلَّ سَنَةٍ خُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ قَالَ وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَمَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَا زِيَادَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَاضِي مُجَلِّي ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِ الْمُهَذَّبِ فِي الْهِلَالِيَّةِ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ عَلَى بُعْدٍ لَا مُنَاقَضَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْهِلَالِيَّةَ تَزِيدُ مِنْ حَيْثُ الِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ عَدَدِيَّةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ ( صَحَّ ) وَتَقَيَّدَ بِمَا قَالَهُ وَأَسْمَاءُ شُهُورِ الْفُرْسِ وَالرُّومِ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ
( قَوْلُهُ وَالسَّنَةُ الْمُطْلَقَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ ظَاهِرٌ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَكَذَا غَيْرُهَا إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُمْ التَّأْجِيلَ بِهَا أَمَّا لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ الْغَالِبُ عِنْدَهُمْ التَّأْقِيتُ بِشُهُورِهِمْ فَيَجِبُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهَا فَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَجَبَ التَّنْصِيصُ ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ شُرَيْحًا الرُّويَانِيَّ قَالَ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ إنَّهُ إذَا أَطْلَقَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْهِلَالِيَّ وَلَا الْعَدَدِيَّ إنَّهُ إنْ كَانَ عُرْفُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ الْهِلَالِيَّ انْصَرَفَ إلَيْهِ أَوْ الْعَدَدِيَّ انْصَرَفَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَجْرِي بِهِمَا انْصَرَفَ إلَى الْأَغْلَبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ ا هـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرُ الْحُسْنِ ( قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ لَيْلَتُهُ ) ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الْأَخِيرَةَ يَأْتِي بَعْدَهَا يَوْمٌ كَامِلٌ فَيُحْسَبُ وَيُكْمَلُ قَطْعًا بِخِلَافِ بَعْضِ الْيَوْمِ فِسْ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ أَمَّا إذَا عَقَدَ أَوَّلَ الشَّهْرِ إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ اُعْتُبِرَ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْعَدَدِ ( قَوْلُهُ أَوْ قَمَرِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الْهِلَالِيَّةُ إلَخْ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَشْهُرُ الْعَرَبِيَّةُ وَاضِحَةٌ شَهْرٌ مِنْهَا ثَلَاثُونَ وَشَهْرٌ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ إلَّا ذَا الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ فَالسَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا تَخْبِيطٌ فَاحِشٌ سَبَبُهُ إدْخَالُهُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْصِيصِ ذِي الْحِجَّةِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَعْجَبِ
الْعُجَابِ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ
( فَرْعٌ وَإِنْ قَالَ إلَى الْجُمُعَةِ أَوْ إلَى رَمَضَانَ ) مَثَلًا ( حَلَّ ) الْأَجَلُ ( بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ وَرُبَّمَا يُقَالُ بِانْتِهَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَبِانْتِهَاءِ شَعْبَانَ وَهُمَا بِمَعْنًى ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( فَإِنْ قَالَ يَحُلُّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي رَمَضَانَ ) مَثَلًا ( أَوْ إلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلًّا مِنْ الْأَوَّلَيْنِ ظَرْفًا فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِهِ وَالثَّالِثُ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَالرَّابِعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَهَذَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِجَوَازِ تَعْلِيقِهِ بِالْمَجَاهِيلِ وَرَدَّ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْفَرْقَ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي آخِرِهِ لَا فِي أَوَّلِهِ فَلَمَّا وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ اقْتَضَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِيه وَاسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَجَابَ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا قَبِلَ التَّعْلِيقَ بِالْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ قَبْلَهُ بِالْعَامِّ وَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ وَالسَّلَمُ لَا يُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ فَلَا يُؤَجَّلُ بِعَامٍّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ صِحَّةَ التَّأْجِيلِ بِالنَّفْرِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ اسْمَ النَّفْرِ وُضِعَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِعَيْنِهِ وَدَلَالَتِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ لَفْظِ الظَّرْفِ عَلَى أَزْمِنَتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِشَيْءٍ مِنْهَا بَلْ دَلَّ عَلَى زَمَنٍ مِنْهَا مُبْهَمًا وَذَلِكَ أَضْعَفُ مِمَّا وُضِعَ لِعَيْنِهِ فَانْقَطَعَ إلْحَاقُهُ بِهِ انْتَهَى وَالْبَاءُ فِيمَا ذَكَرَ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي إلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَا قَالَ الْإِمَامُ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُحْمَلَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ كَمَا فِي النَّفْرِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَقْوَى وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَدُلُّ لَهُ نَصُّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ
الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَ وَغَيْرِهِ وَعَنْ نَصِّ الْأُمِّ قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ نَقْلًا وَأَقْوَى دَلِيلًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمَا عَزَاهُ الشَّيْخَانِ لِلْأَصْحَابِ تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ ( وَإِذَا أَسْلَمَ فِي جِنْسَيْنِ ) أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً ( إلَى أَجَلٍ أَوْ عَكَسَ ) بِأَنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إلَى أَجَلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً ( صَحَّ ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ إلَخْ ) وَيَقْرَبُ مِنْهُ مَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مُسَوَّدَتِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَوْقَعُوا الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي يَوْمِ كَذَا فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ لَا أَنَّهُ يَقْتَضِيه الْوَضْعُ وَالْعُرْفُ وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَيُّ رَجُلٍ كَلَّمَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا نَقُولُ إنَّهُ اقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَلَوْ كَانَ يَقْتَضِي تَعْيِينَ أَوَّلِهِ لَمَا وَقَعَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مَنْعُ الْجَامِعِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ وَالطَّلَاقَ حَلُّ عَقْدٍ وَلَا يَسْتَقِيمُ قِيَاسُ الْعُقُودِ عَلَى الْحُلُولِ لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا الثَّانِي أَنَّ الْآجَالَ يُقَابِلُهَا قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ فِي يَوْمِ كَذَا شَائِعٌ فِي الْيَوْمِ وَالنَّظَرُ فِيهِ لَا دَلَالَةَ لَهَا بِطَرِيقِ النَّصِّ عَلَى أَوَّلِ الْيَوْمِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ لِلْإِبْهَامِ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ فَيَقَعُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ وَأَوَّلُ الْيَوْمِ شَامِلٌ لِذَلِكَ فَوَقَعَ فِيهِ لِصِدْقِ اسْمِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْ الْوَاضِحَاتِ ( قَوْلُهُ وَالْبَاءُ فِيمَا ذَكَرَ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ الْجَزْمُ بِمَقَالَةِ الْإِمَامِ الْبَغَوِيّ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ
صِنْفٍ ) عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي آخِرِهِ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَ وَغَيْرِهِ إلَخْ ) سَوَّى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بَيْنَ إلَى رَمَضَانَ وَإِلَى غُرَّتِهِ وَإِلَى هِلَالِهِ وَإِلَى أَوَّلِهِ فَإِنْ قَالَ إلَى أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ فَالْمَحْمَلُ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ وَكَذَا الْمَاوَرْدِيُّ
( الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ ) لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ( وَقْتَ الْوُجُوبِ ) لِلتَّسْلِيمِ لَهُ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَصْلُ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّلَمِ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا مَعَ الِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْفُرُوعَ الْآتِيَةَ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَقْصُودُ بَيَانُ مَحَلِّ الْقُدْرَةِ وَهُوَ حَالَةُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَتَارَةً تَقْتَرِنُ بِالْعَقْدِ لِكَوْنِ السَّلَمِ حَالًّا وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَيْ لِلْمُعَيَّنِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ اقْتِرَانُ الْقُدْرَةِ فِيهِ بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا ( فَإِنْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعْدَمُ فِيهِ ) أَيْ وَقْتَ الْحُلُولِ ( كَالرُّطَبِ فِي الشِّتَاءِ أَوْ ) فِيمَا ( يَعِزُّ ) وُجُودُهُ إمَّا ( لِقِلَّتِهِ كَالصَّيْدِ حَيْثُ يُفْقَدُ وَاللَّآلِئِ الْكِبَارِ ) وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّزَيُّنِ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ فَلَا يُحْتَمَلُ إلَّا فِيمَا يُوثَقُ بِهِ ( وَيَجُوزُ ) السَّلَمُ ( فِي ) اللَّآلِئِ ( الصِّغَارِ ) وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي وَضَبَطَهَا الْجُوَيْنِيُّ بِسُدُسِ دِينَارٍ تَقْرِيبًا وَإِنْ قُصِدَتْ لِلتَّزَيُّنِ ( إنْ عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا ) وَالْمُنَاسِبُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ ذِكْرِ اللَّآلِئِ بَعْدَ قَوْلِهِ ( أَوْ لِاسْتِقْصَاءِ الْأَوْصَافِ ) فِيهِ كَالْيَوَاقِيتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْمَرْجَانِ لِنُدْرَتِهَا بِاسْتِقْصَاءِ أَوْصَافِهَا مِنْ ذِكْرِ حَجْمٍ وَشَكْلٍ وَوَزْنٍ وَصَفَاءٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْبَلُّورِ لِأَنَّ صِفَتَهُ مَضْبُوطَةٌ بِخِلَافِ الْعَقِيقِ فَإِنَّ الْحَجَرَ الْوَاحِدَ مِنْهُ يَخْتَلِفُ .
( أَوْ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهَا ) بِضَمِّ النُّونِ ( مَعَ الْوَصْفِ ) الْمُنَاسِبِ أَوْ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِ بِالْوَصْفِ أَيْ الْمَشْرُوطِ ( كَجَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا أَوْ أُخْتِهَا وَشَاةٍ وَسَخْلَتِهَا وَكَذَا حَامِلٌ ) مِنْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَصْوِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَمَةِ ( وَشَاةٍ لَبُونٍ ) وَعَبْدٍ وَوَلَدِهِ أَوْ أَخِيهِ وَاسْتَشْكَلَ
الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الْجَارِيَةِ مَاشِطَةً حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ يَنْدُرُ اجْتِمَاعُ ذَلِكَ بِالصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالْمَشْطَ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعَلُّمِ بِخِلَافِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا ( أَوْ لِلْبُعْدِ ) عَنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ ( كَكَوْنِهِ بِمَسَافَةٍ لَا يُجْلَبُ مِثْلُهُ مِنْهَا فِي الْعَادَةِ ) الْغَالِبَةِ ( لِلْمُعَامَلَةِ ) بِأَنْ لَمْ يُجْلَبْ أَوْ يُجْلَبُ نَادِرًا أَوْ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ بَلْ لِلْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا ( لَمْ يَصِحَّ ) بِخِلَافِ مَا إذَا اُعْتِيدَ جَلْبُهُ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ فَيَصِحُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ هُنَا وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَحَيْثُ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ صَحَّ وَإِنْ تَبَاعَدَا بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ لِتَخْفِيفِهَا قُرْبُ الْمَسَافَةِ وَاعْتِبَارِي لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَثِيرٍ مَحَلَّ الْعَقْدِ وَإِنْ كُنْت تَبِعْتهمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ .
( وَكَذَا لَوْ عَسُرَ تَحْصِيلُهُ كَالْقَدْرِ الْكَثِيرِ مِنْ الْبَاكُورَةِ ) وَهِيَ أَوَّلُ الْفَاكِهَةِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ بِخِلَافِ قَدْرٍ مِنْهَا لَا يَعْسُرُ تَحْمِيلُهُ ( فَإِذَا انْقَطَعَ الْمَوْجُودُ ) أَيْ مَا يَعُمُّ وُجُودُهُ ( بِجَائِحَةٍ ) بَعْدَ الْعَقْدِ ( قَبْلَ الْحُلُولِ لَمْ يَضُرَّ ) فَلَوْ عَلِمَ قَبْلَهُ انْقِطَاعَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ قَبْلَهُ إذْ لَمْ يَجِئْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ ( أَوْ ) انْقَطَعَ ( بَعْدَهُ أَوْ عِنْدَهُ وَلَوْ ) كَانَ الْحُلُولُ ( بِمَوْتِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثَبَتَ ) لِلْمُسَلِّمِ ( الْخِيَارُ ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُسَلَّمُ
فِيهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ ( وَلَمْ يَنْفَسِخْ ) أَيْ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَالْوَفَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُمْكِنٌ ( فَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( أَجَازَ ) الْعَقْدَ ( لَمْ يَسْقُطْ الْفَسْخُ وَإِنْ أَسْقَطَهُ ) صَرِيحًا كَزَوْجَتَيْ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ إذَا رَضِيَتَا وَكَالْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْعَقْدَ عِنْدَ إبَاقِ الْعَبْدِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلتَّسْلِيمِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَالْإِسْقَاطُ إنَّمَا يُؤْثَرُ فِي الْحَالِ دُونَ مَا يَتَجَدَّدُ فَعُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لَا تَصْبِرْ وَخُذْ رَأْسَ مَالِكِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ ) أَيْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ ( بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ غَلَا وَلَوْ ) كَانَ تَحْصِيلُهُ ( مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ ) أَيْ بَلَدِ التَّسْلِيمِ ( إلَى دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ) لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى ذَلِكَ فَانْقِطَاعُهُ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ عَلَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ أَنْ يُفْقَدَ أَوْ يُوجَدَ بِمَحَلٍّ آخَرَ لَكِنَّهُ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عِنْدَ قَوْمٍ لَا يَبِيعُونَهُ أَوْ يَبِيعُونَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَا سِعْرُهُ .
وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ حِينَئِذٍ فَهُنَا أَوْلَى وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُلُوِّ هُنَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ لَا الزِّيَادَةَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُشِيرُ إلَيْهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ
بِمَنْعِ قِيَاسِ السَّلَمِ عَلَى الْغَصْبِ لِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ وُضِعَ لِطَلَبِ الرِّبْحِ وَالزِّيَادَةِ فَكُلِّفَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ التَّحْصِيلَ لِهَذَا الْغَرَضِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ بَابُ تَعَدٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ مَطْلُوبَةٌ فِيهِ فَلَمْ يُكَلَّفْ فِيهِ الزِّيَادَةُ لِآيَةِ { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ فَالزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ النَّمَاءِ الْحَاصِلِ مِمَّا قَبَضَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ
( قَوْلُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ ) يَأْتِي فِي تَعْبِيرِهِ بِالتَّسْلِيمِ مَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ ) وَهَذَا السُّؤَالُ يَأْتِي عَلَى قَوْلِهِمْ وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَقَوْلُهُمْ وَمَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعْدَمُ فِيهِ إلَخْ ) لَوْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا وَكَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي صَيْدٍ مِنْ مُحْرِمٍ إلَى وَقْتٍ يَعْلَمُ خُرُوجَهُ مِنْ الْإِحْرَامِ عِنْدَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَوْلُهُ أَوْ أُخْتِهَا ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّسَرِّي أَوْ أَحَدِ مُنَاسِبَيْهَا ( قَوْلُهُ وَكَذَا حَامِلٌ إلَخْ ) أَوْ خُنْثَى وَأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ ) اعْتَرَضَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْقِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ فِي السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِمَّا يَعُمُّ وُجُودُهُ وَيُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ لَا تَلْحَقُ ذَلِكَ بِمَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ الثَّانِي مِنْ قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ السَّلَمِ حَالًّا فِي عَبْدٍ كَاتِبٍ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِالتَّعْلِيمِ فِي يَوْمَيْنِ وَلَا شَهْرَيْنِ وَمَتَى كَانَ التَّعْلِيمُ مُتَعَذِّرًا وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ السَّلَمُ حَالًّا فِي الْعَبْدِ الْكَاتِبِ وَالْجَارِيَةِ الْمَاشِطَةِ فَظَهَرَ بُطْلَانُ هَذَا الْفَرْقِ بِالسَّلَمِ الْحَالِّ ا هـ وَوَجْهٌ فِي التَّتِمَّةِ الْمَنْعُ فِي الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا بِأَنَّهُ إذَا وَصَفَ الْجَارِيَةَ فَالسَّلَمُ فِي وَلَدِهَا سَلَمٌ فِي بَعْضٍ مُعَيَّنٍ وَالسَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ .
( قَوْلُهُ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعْلِيمِ ) وَهَذَا مُتَأَتٍّ وَلَوْ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصِّفَةُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ تَحُلُّ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْحَاصِلُ إنْ تَيَسَّرَ إحْضَارُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِتِلْكَ
الصِّفَةِ وَإِلَّا فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ أَخْلَفَ الشَّرْطَ فِي الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَسُرَ تَحْصِيلُهُ ) بِأَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ ( قَوْلُهُ فَانْقِطَاعُهُ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ إلَخْ ) فِي مَعْنَى انْقِطَاعِهِ مَا لَوْ غَابَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْوَفَاءِ مَعَ وُجُودِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُشِيرُ إلَيْهِ ) حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ جِنْسُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلَكِنْ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ فَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ وَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ مِلْكَهُ فَتَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ حَتَّى ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ وَكَذَلِكَ إذَا أَتْلَفَ عَلَى إنْسَانٍ حِنْطَةً فِي زَمَانِ الرُّخْصِ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْمِثْلَ ارْتَفَعَتْ الْأَسْعَارُ وَغَلَتْ الْحِنْطَةُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمِثْلِ فَكَذَا هُنَا ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي ثَمَنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا أَجَلَ فِيهِ
( الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ مَحَلٍّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَكَان ( تَسْلِيمِ ) الْمُسَلَّمِ فِيهِ ( الْمُؤَجَّلِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ ) كَانَ الْعَقْدُ ( بِمَكَانٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ ) لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَكَانَ الْعَقْدُ بِمَكَانٍ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ لِلْعُرْفِ وَيَكْفِي فِي تَعْيِينِهِ أَنْ يَقُولَ تُسَلِّمْهُ لِي فِي بَلْدَةِ كَذَا إلَّا أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَيَكْفِي إحْضَارُهُ فِي أَوَّلِهَا وَلَا يُكَلَّفُ إحْضَارَهُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَوْ قَالَ فِي أَيِّ الْبِلَادِ شِئْت فَسَدَ وَفِي أَيِّ مَكَان شِئْت مِنْ بَلَدِ كَذَا فَإِنْ اتَّسَعَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ أَوْ بِبَلَدِ كَذَا وَبِبَلَدِ كَذَا فَهَلْ يَفْسُدُ أَوْ يَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى تَسْلِيمِ النِّصْفِ بِكُلِّ بَلَدٍ وَجْهَانِ قَالَ الشَّاشِيُّ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَسَلُّمِهِ فِي بَلَدِ كَذَا وَتَسَلُّمِهِ فِي شَهْرِ كَذَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ اخْتِلَافُ الْغَرَضِ فِي الزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ ( فَلَوْ عَيَّنَهُ فَخَرِبٌ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَخَرَجَ عَنْ صَلَاحِيَّةِ التَّسْلِيمِ ( فَأَقْرَبُ مَكَان ) وَفِي نُسْخَةٍ مَوْضِعٌ ( صَالِحٌ ) لَهُ ( إلَيْهِ ) يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَقْيَسِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ مَعَ هَذَا إنْ كَانَ الصَّالِحُ أَبْعَدَ مِنْ الْخَرِبِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَاهُ لِغَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ فَجَمَعْنَا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ .
وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيُتَّجَهُ تَخْيِيرُ الْمُسَلِّمِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الْخَرِبِ وَلَا كَلَامَ وَأَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ إذْ كَيْفَ يُجْبَرُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَلَى النَّقْلِ
إلَى مَكَان بَعِيدٍ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ ذَلِكَ وَكَيْفَ يُسَلَّمُ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ صَارَ الْمُعَيَّنُ مَخُوفًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ إلَى مَكَان آخَرَ وَلَهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا قَدْ رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ قَالَ فَلَوْ قَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَا أَفْسَخُ السَّلَمَ لِأُؤَدِّيَ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ وَتَبْرَأَ ذِمَّتِي مِمَّا عَلَيَّ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَّ رَهْنٌ يُرِيدُ فَكَّهُ أَوْ ضَامِنٌ يُرِيدُ خَلَاصَهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْته عَنْ الْأَصْلِ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ إعَادَةِ مَا خَرِبَ بِخِلَافِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسَلَّمُ فِيهَا ( وَفِي السَّلَمِ الْحَالِّ يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ ) لِلتَّسْلِيمِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ بِأَنَّ لِحَمْلِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مُؤْنَةً لِلْعُرْفِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْبَيْعِ وَالتَّصْرِيحُ بِمُطْلَقًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ فَسَّرْته بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ هَذَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ .
( فَإِنْ عَيَّنَا غَيْرَهُ جَازَ ) وَتَعَيَّنَ ( بِخِلَافِ الْمَبِيعِ ) الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَقُبِلَ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ تِلْكَ النَّاحِيَةُ ) أَيْ الْمَحَلَّةُ ( لَا نَفْسَ الْمَوْضِعِ ) أَيْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ ( وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَ ) الثَّمَنُ ( الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ ) الْمُعَيَّنِ ( وَفِي التَّتِمَّةِ كُلُّ عِوَضٍ ) مِنْ
نَحْوِ أُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ ( مُلْتَزِمٌ فِي الذِّمَّةِ ) غَيْرُ مُؤَجَّلٍ ( لَهُ حُكْمُ السَّلَمِ الْحَالِّ ) إنْ عُيِّنَ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ جَازَ وَتَعَيَّنَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِأَنَّ كُلَّ عِوَضٍ مُلْتَزِمٌ فِي الذِّمَّةِ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ أَيْ فَيُقْبَلُ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ كَمَا مَرَّ
( قَوْلُهُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ مَحَلِّ تَسْلِيمِ الْمُؤَجَّلِ إلَخْ ) فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ قَوْلُهُ فَلَوْ عَيَّنَهُ فَخَرِبَ إلَخْ ) لَوْ لَمْ يَخْرُبْ وَلَكِنْ صَارَ مَخُوفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَحْضَرَهُ فِيهِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ وَلَيْسَ لِلْمُسَلِّمِ أَنْ يُكَلِّفَهُ نَقْلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ بَلْ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يَزُولَ الْخَوْفُ أَوْ يَأْخُذَهُ فِيهِ ا هـ وَهُوَ ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا بُدَّ إلَخْ ) ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ إلَخْ ) قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَاهُ فَلَا أُجْرَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيُتَّجَهُ تَخْيِيرُ الْمُسَلِّمِ إلَخْ ) اسْتَبْعَدَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ إنَّ الْوَجْهَ تَسْلِيمُهُ فِي الصَّالِحِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَلَامٌ عَجِيبٌ إلَخْ ) اعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ عَلَى الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمُسْتَحِقِّ الْمُسَلِّمَ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ إنَّهُ يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَرْضَ الَّذِي فَرَضَهُ مِنْ الْمُحَالِ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ إلَى مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ أَبْعَدُ فَمَا ذَكَرَهُ فَاسِدُ التَّصْوِيرِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِأُجْرَةِ الزَّائِدِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا تَوَهَّمَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الزَّائِدِ بَلْ يُقَالُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الزَّائِدِ وَبِأَنَّهُ أَحَالَ فِي الِاسْتِشْهَادِ عَلَى مَجْهُولٍ وَعَبَّرَ بِنَظَائِرَ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا وَاحِدًا وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ يَدُلُّ لَهُ مَا اعْتَبَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا اللُّقَطَةُ فِي الْبَادِيَةِ تُعْرَفُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ وَمِنْهَا الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ فِي الْبَادِيَةِ تُنْقَلُ إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ وَغَيْرُ ذَلِكَ .
( قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُتَخَيَّرَ
بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ كَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَتِلْكَ ( قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ ) ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ مَنْ يُرِيدُ خَلَاصَهُ ) وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ هُنَا وَلَا هُنَاكَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَيْ وَإِلَّا كَأَنْ أَسْلَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشَّعِيرِ وَهُمَا سَائِرَانِ فِي الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَهُوَ حَالٌّ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فِي الْحَالِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ صَالِحًا فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ فِيهِ بِأَنْ كَانَا فِي سَفَرٍ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ ( قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ جَازَ ) وَتَعَيَّنَ لَوْ عَيَّنَ مَوْضِعًا مَخُوفًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ فِيهِ وَهَلْ لَهُ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ أَقْرَبُهُمَا تَكْلِيفُهُ نَقْلَهُ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ صَالِحٍ لِلتَّسْلِيمِ لِلْأَمْنِ فِيهِ
( الشَّرْطُ الْخَامِسُ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ ) فِيمَا يُكَالُ ( أَوْ الْوَزْنِ ) فِيمَا يُوزَنُ ( أَوْ الذَّرْعِ ) فِيمَا يُذْرَعُ ( أَوْ الْعَدِّ ) فِيمَا يُعَدُّ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ قِيَاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ عَلَى مَا فِيهِ ( وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَكِيلِ بِالْوَزْنِ وَكَذَا عَكْسُهُ ) أَيْ فِي الْمَوْزُونِ بِالْكَيْلِ ( إنْ أَمْكَنَ ) كَيْلُهُ ( كَصِغَارِ اللُّؤْلُؤِ ) كَمَا مَرَّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَثَمَّ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا مَرَّ وَحَمَلَ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا فِيهِ بِخِلَافِ نَحْوِ فُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ لِأَنَّ لِلْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْهُ مَالِيَّةً كَثِيرَةً وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لَهُ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِمَا إنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْكَيْلُ فِيهَا ضَبْطًا لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بِالثِّقَلِ عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ تَرْكِهِ وَفِي اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ فَيَصِحُّ فِيهِ بِالْكَيْلِ فَلَا مُخَالَفَةَ فَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ الْإِمَامِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا فَلَا يُسَلَّمُ فِيهِمَا إلَّا وَزْنًا ( لَا بِهِمَا ) أَيْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ( مَعًا ) فَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةٍ صَاعٍ بُرٍّ مَثَلًا عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ ( وَلَا بِالذَّرْعِ وَالْوَزْنِ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ ) لِذَلِكَ وَذِكْرُ مَوْصُوفٍ إيضَاحٌ إذْ الْكَلَامُ
فِيهِ ( وَالْمُعْتَبَرُ فِي نَحْوِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَالْبُقُولِ وَالْبَيْضِ الْوَزْنُ ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَضْبِطُهُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ بِالْكَيْلِ لِأَنَّهُ يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَلَا بِالْعَدِّ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِيهِ وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ بِأَنَّ الْعُمْدَةَ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْضِ بَيْضُ الدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ فَمَا فَوْقَهُ بِخِلَافِ بَيْضِ الْحَمَامِ وَنَحْوِهِ ( وَإِنْ ذُكِرَ مَعَهُ ) أَيْ الْوَزْنِ ( الْعَدُّ فَسَدَ ) الْعَقْدُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى ذِكْرِ الْحَجْمِ وَذَلِكَ يُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى الْجَوَازِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْوَزْنِ التَّقْرِيبِيِّ وَحَمْلِ غَيْرِهِ عَلَى التَّحْدِيدِيِّ أَوْ بِحَمْلِهِ عَلَى عَدَدٍ يَسِيرٍ لَا يَتَعَذَّرُ تَحْصِيلُهُ عَلَيْهِ وَحَمْلِ غَيْرِهِ عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَالْمُرَادُ فِيمَا ذِكْرُ الْوَزْنِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَدَدٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا كَمِائَةٍ بِالْوَزْنِ فِي الْجَمِيعِ دُونَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ
( قَوْلُهُ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إلَخْ ) فَلَا يَصِحُّ فِي كَنْدُوحِ النَّحْلِ وَأَفْرَاخِهَا لَا مَعَ الْكَنْدُوحِ وَلَا بِدُونِهِ لِعَدَمِ الضَّبْطِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَذَرْعًا وَعَدًّا ( قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ ) خَصَّ فِيهِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ لِغَلَبَتِهِمَا وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ غَيْرُ مَرْوَ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ مَصْدَرٌ لَا يُمْكِنُ السَّلَمُ فِيهِ فَتَعَيَّنَ التَّقْدِيرُ أَيْ مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَالْكَيْلُ وَفِي مَوْزُونٍ فَالْوَزْنُ فَلْيَكُنْ كَيْلُهُ وَوَزْنُهُ مَعْلُومًا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ كَيْلُهُ ) بِأَنْ كَانَ لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَلَا يَلْتَصِقُ بِهِ ( قَوْلُهُ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَوْلَى لِرَزَانَتِهَا فِي الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ عِنْدَهُمَا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ وَاللَّآلِئُ الصِّغَارُ وَالْمُرَادَةُ لِلتَّدَاوِي قَدْ لَا يَكُونُ لَهَا خَطَرٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَا يُسَلِّمُ فِيهَا إلَّا وَزْنًا ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَفِي مَعْنَاهُمَا كُلُّ مَا يَعْظُمُ خَطَرُهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُضْبَطُ بِهِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ الْفَاكِهَةِ تُوزَنُ ( قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَ مَعَهُ الْعَدَّ فَسَدَ ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ جَوَازَ ذِكْرِ وَزْنِ الْخَشَبِ مَعَ صِفَاتِهِ الْمَشْرُوطَةِ لِأَنَّهُ إنْ زَادَ أَمْكَنَ نَحْتُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ ذِكْرَ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَثِخَنِهِ وَبِالنَّحْتِ تَزُولُ إحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَزْنَ عَلَى التَّقْرِيبِ فَلَا تَزُولُ الصِّفَاتُ ( قَوْلُهُ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا ) قَالَهُ
السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْحَجْمِ مَعَ الْعَدِّ فَيُؤَدِّي حِينَئِذٍ إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ
( وَيَصِحُّ ) السَّلَمُ ( فِي نَحْوِ الْجَوْزِ ) مِمَّا لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَيُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَبْطًا كَلَوْزٍ وَبُنْدُقٍ وَفُسْتُقٍ ( بِالْكَيْلِ وَكَذَا بِالْوَزْنِ ) وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِيهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ( إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ قُشُورُهُ ) غِلَظًا وَرِقَّةً ( غَالِبًا ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا اسْتَدْرَكَهُ الْإِمَامُ عَلَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازَ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهُ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لِأَنَّهُ مُسْتَتْبَعٌ لَا مُخْتَصَرٌ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ كَذَا كَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِهَا خِلَافًا فِيمَا بَعْدَهَا دُونَ مَا قَبْلَهَا وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَلِإِيهَامِهَا عَوْدَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ إلَى الْوَزْنِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُقْبَلُ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ فِي قِشْرِهِمَا الْأَسْفَلِ فَقَطْ بَلْ قَالُوا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا إلَّا فِي الْقِشْرِ الْأَسْفَلِ ( وَيُشْتَرَطُ ) فِي صِحَّةِ السَّلَمِ ( فِي اللَّبِنِ ) بِكَسْرِ الْبَاءِ ( ذِكْرُ الْعَدِّ ) لَهُ ( وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالثَّخَانَةِ ) لِكُلِّ لَبِنَةٍ ( وَ ) ذِكْرُ ( أَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ وَزْنِ اللَّبِنَةِ لِأَنَّهَا ) تُضْرَبُ ( بِاخْتِيَارِهِ ) فَلَا يَعِزُّ وُجُودُهَا وَالْأَمْرُ فِي وَزْنِهَا عَلَى التَّقْرِيبِ
( قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ ) لِأَنَّهُ آخِرُ مُؤَلَّفَاتِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمَا فِي بَابِ الرِّبَا جَوَازَ بَيْعِ الْجَوْزِ بِالْجَوْزِ وَزْنًا وَاللَّوْزِ بِاللَّوْزِ كَيْلًا مَعَ قِشْرِهِمَا وَلَمْ يَشْتَرِطَا فِيهِ هَذَا الشَّرْطَ مَعَ أَنَّ بَابَ الرِّبَا أَضْيَقُ مِنْ السَّلَمِ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمِشْمِشِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوَاهُ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ ا هـ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ التَّمْرُ بَدَلَ الْمِشْمِشِ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَلِهَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قِشْرُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ السَّلَمِ مِنْ الْأَصْلِ لَا لِاشْتِرَاطِ الْوَزْنِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ ( قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ ) وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يُعْجَنَ بِنَجِسٍ
( فَرْعٌ يَبْطُلُ السَّلَمُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِتَعْيِينِ مِكْيَالٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ ) كَكُوزٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ مَا يَسَعُ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْحَالُّ بِذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( بِخِلَافِ بَيْعِ مِلْئِهِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَدَمِ الْغَرَرِ ( وَإِنْ عَيَّنَ ) فِي الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ مِكْيَالًا ( مُعْتَادًا ) بِأَنْ عُرِفَ قَدْرُ مَا يَسَعُ ( جَازَ ) الْعَقْدُ ( وَلَغَا ) تَعْيِينُهُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا غَرَضَ فِيهَا وَيَقُومُ مِثْلُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَهُ فَلَوْ شَرَطَا أَنْ لَا يُبَدَّلَ بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُسَابَقَةِ وَتَعْيِينِ الْمِيزَانِ وَالذِّرَاعِ وَالصَّنْجَةِ فِي مَعْنَى تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ فَلَوْ شَرَطَ الذَّرْعَ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَكَايِيلُ وَالْمَوَازِينُ وَالذُّرْعَانُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ نَوْعٍ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَغْلِبَ نَوْعٌ مِنْهَا فَيُحْمَلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي أَوْصَافِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ ( وَلَوْ قَالَ ) أَسْلَمْت إلَيْك ( فِي ثَوْبٍ أَوْ ) فِي صَاعِ ( شَعِيرٍ مِثْلَ هَذَا ) الثَّوْبِ أَوْ الشَّعِيرِ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ الْمُشَارُ إلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ ( أَوْ ) قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك فِي ثَوْبٍ ( مِثْلَ ثَوْبٍ قَدْ وُصِفَ ) قَبْلَ ذَلِكَ ( وَلَمْ يَنْسَيَا ) وَصْفَهُ ( صَحَّ ) وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْمُعَيَّنِ لَمْ تَعْتَمِدْ الصِّفَةَ ( وَلَا يَصِحُّ ) السَّلَمُ ( فِي ) شَيْءٍ مِنْ ( تَمْرَةِ بُسْتَانٍ وَ ) لَا ثَمَرَةِ ( ضَيْعَةٍ و ) لَا ثَمَرَةِ ( قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ ) لِلْغَرَرِ بِتَوَقُّعِ عَدَمِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ بِجَائِحَةٍ فَتَقْطَعُ ثَمَرَتَهَا وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ يُنَافِي الدَّيْنِيَّةَ بِتَضْيِيقِ مَحَالِّ التَّحْصِيلِ ( وَيَجُوزُ فِي ثَمَرِ نَاحِيَةٍ ) أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ (
وَلَوْ لَمْ يُفِدْ تَنْوِيعًا ) فِي الثَّمَرِ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ غَالِبًا وَلَا تَتَضَيَّقُ بِهِ الْمَحَالُّ وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرَةِ مَا يُؤْمَنُ فِيهَا انْقِطَاعُ ثَمَرِهَا وَبِالصَّغِيرَةِ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ فَالْعِبْرَةُ بِكَثْرَةِ الثِّمَارِ وَقِلَّتِهَا وَالثَّمَرَةُ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا مِثْلُهَا
( قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْحَالُّ بِذَلِكَ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَيْسَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِالْوَاضِحِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعْيِينِ هُنَا تَعْيِينُ الْفَرْدِ مِنْ نَوْعِ الْمَكَايِيلِ أَمَّا تَعْيِينُ نَوْعِ الْمِكْيَالِ بِالْغَلَبَةِ أَوْ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ مَا يَسَعُ ) قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بَعْدَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا أَيْ وَلَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَهُ ( قَوْلُهُ وَتَعْيِينُ الْمِيزَانِ إلَخْ ) وَكَذَا لَوْ عَيَّنَ كَيَّالًا أَوْ وَزَّانًا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ ( قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِي ثَمَرِ بُسْتَانٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي هَذَا بَيْنَ السَّلَمِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَالًّا فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَهَذَا يَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْقَرْيَةِ وَالْبُسْتَانِ وَالْكَرْمِ وَأَوْلَى ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي ثَمَرِ نَاحِيَةٍ إلَخْ ) وَهَلْ يَتَعَيَّنُ أَوْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِاخْتِلَافِ الْفَرْضِ بِاخْتِلَافِهِ
( الشَّرْطُ السَّادِسُ الْوَصْفُ ) بِأَنْ يَذْكُرَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فِي الْعَقْدِ بِمَا يَنْضَبِطُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعِزُّ وُجُودُهُ ( فَلَا يَصِحُّ ) السَّلَمُ ( إلَّا فِيمَا يَنْضَبِطُ وَصْفًا ) مَعَ ذِكْرِ مَا يَجِبُ ذِكْرُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحْتَمِلُ جَهَالَةَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ عَيْنُ فُلَانٍ لَا يَحْتَمِلُهَا وَهُوَ دَيْنٌ أَوْلَى ( فَلَا يَصِحُّ فِي الْمُخْتَلَطَاتِ الْمَقْصُودَةِ ) الْأَرْكَانُ ( الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ ) قَدْرًا وَصِفَةً ( كَالْهَرِيسَةِ وَالْحَلْوَى وَالْمَعْجُونَاتِ وَالْغَالِيَةِ ) الْمُرَكَّبَةِ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَفِي تَحْرِيرِ النَّوَوِيِّ مُرَكَّبَةٌ مِنْ دُهْنٍ وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ ( وَالتِّرْيَاقِ الْمَخْلُوطِ ) فَإِنْ كَانَ نَبَاتًا أَوْ حَجَرًا جَازَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ وَهُوَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ أَوْ دَالٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ طَاءٍ كَذَلِكَ مَكْسُورَاتٌ وَمَضْمُومَاتٌ فَفِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَيُقَالُ دَرَّاقٌ وَطَرَّاقٌ ( وَالْقِسِيِّ ) الْمُرَكَّبَةِ مِنْ خَشَبٍ وَعَظْمٍ وَعَصَبٍ ( وَالنَّبْلِ ) أَيْ السِّهَامِ الْعَرَبِيَّةِ ( بَعْدَ الْخَرْطِ وَالْعَمَلِ عَلَيْهِ ) الشَّامِلِ لِلْخَرْطِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ عَصَبٌ وَرِيشٌ وَنَصْلٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا فَلِلِاخْتِلَاطِ وَلِاخْتِلَافِ وَسَطِهِ وَطَرَفَيْهِ دِقَّةً وَغِلَظًا وَتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَإِلَّا فَلِلثَّانِي وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتَّمْثِيلِ لِلْمُخْتَلَطَاتِ .
أَمَّا النَّبْلُ قَبْلَ الْخَرْطِ وَالْعَمَلِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهِ ( وَالْخِفَافِ وَالنِّعَالِ ) لِاخْتِلَافِ وَجْهَيْهَا وَحَشْوِهَا وَالْعِبَارَةُ لَا تَفِي بِذِكْرِ أَقْدَارِهَا وَأَوْصَافِهَا أَمَّا الْخِفَافُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَمِثْلُهَا النِّعَالُ قَالَ السُّبْكِيُّ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِلْدٍ وَمَنَعْنَا السَّلَمَ فِيهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ امْتَنَعَ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَيَظْهَرُ جَوَازُهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ جِلْدُهُ وَقُطِعَ قِطَعًا مَضْبُوطَةً وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ
جِلْدٍ فَكَالثِّيَابِ الْمَخِيطَةِ الَّتِي جَوَّزَ الصَّيْمَرِيُّ السَّلَمَ فِيهَا ( فَإِنْ انْضَبَطَتْ ) أَيْ الْمُخْتَلَطَاتُ الْمَقْصُودَةُ ( كَالْعَتَّابِيِّ ) الْمُرَكَّبِ مِنْ قُطْنٍ وَحَرِيرٍ ( وَالْخَزِّ ) الْمُرَكَّبِ مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ ( وَ ) الثَّوْبِ ( الْمَعْمُولِ عَلَيْهِ بِالْإِبْرَةِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ) كَإِبْرَيْسَمٍ عَلَى قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ ( جَازَ ) لِسُهُولَةِ ضَبْطِهَا وَقَيَّدَ الْأَخِيرَةَ بِغَيْرِ الْجِنْسِ لِيَكُونَ مِثَالًا لِلْمُخْتَلَطِ بِغَيْرِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَعْمُولِ عَلَيْهِ مِنْ الْجِنْسِ إذْ السَّلَمُ فِيهِ جَائِزٌ بِمَفْهُومِ الْأُولَى ( وَلَوْ لَمْ يَقْصِدَ الْخَلِيطَ ) فِي نَفْسِهِ ( كَخَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ ) وَهُوَ الْحَاصِلُ مِنْ اخْتِلَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَاءِ الْغَيْرِ الْمَقْصُودِ فِي نَفْسِهِ ( وَالْجُبْنِ ) وَلَوْ يَابِسًا ( وَالْأَقِطِ ) كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ مَعَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودِ الْمِلْحُ وَالْإِنْفَحَةُ مِنْ مَصَالِحِهِ وَيَزِيدُ الْأَقِطُ بِيَسِيرٍ دَقِيقٍ ( وَالسَّمَكُ الْمَمْلُوحُ لَمْ يَضُرَّ ) لِحَقَارَةِ اخْتِلَاطِهَا فَكُلٌّ مِنْهَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ ( لَا الْأَدْهَانُ الْمُطَيَّبَةُ ) بِطِيبٍ مِنْ نَحْوِ بَنَفْسَجٍ وَبَانٍ وَوَرْدٍ بِأَنْ خَالَطَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِهَا لِأَنَّ الطِّيبَ مَقْصُودٌ وَهُوَ لَا يَنْضَبِطُ .
( فَإِنْ تَرَوَّحَ سِمْسِمُهَا بِالطِّيبِ ) الْمَذْكُورِ وَاعْتُصِرَ ( لَمْ يَضُرَّ وَلَا مَخِيضَ فِيهِ مَاءٌ ) فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْحُمُوضَةِ وَلِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ وَفَارَقَ مَاءَ خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ بِأَنَّ ذَاكَ لَا غِنَى عَنْهُ فَإِنَّ قِوَامَهُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَخِيضِ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ أَمَّا الْمَخِيضُ الَّذِي لَا مَاءَ فِيهِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا مَصْلٍ ) وَهُوَ الْحَاصِلُ مِنْ اخْتِلَاطِ اللَّبَنِ بِالدَّقِيقِ لِمَا مَرَّ وَلَا كِشْكٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَلَوْ اخْتَلَطَ ) الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ ( خِلْقَةً كَالشَّهْدِ ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا وَهُوَ عَسَلٌ مُشَمَّعٌ ( صَحَّ ) لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ خِلْقِيٌّ
فَأَشْبَهَ النَّوَى فِي التَّمْرِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعَلَّلَهُ فِي الْأُمِّ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَا فِيهِ مِنْ الْعَسَلِ وَالشَّمْعِ لِكَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ وَثِقَلِهِ وَخِفَّتِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلَطَ الَّذِي يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مَا كَانَ مُنْضَبِطًا بِأَنْ كَانَ اخْتِلَاطُهُ خِلْقِيًّا كَالشَّهْدِ أَوْ صِنَاعِيًّا وَقُصِدَ بَعْضُ أَرْكَانِهِ سَوَاءٌ اسْتَهْلَكَ الْبَاقِيَ كَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ أَمْ لَا كَخَلِّ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ أَوْ قُصِدَتْ أَرْكَانُهُ كُلُّهَا وَانْضَبَطَتْ كَالْعَتَّابِيِّ وَالْخَزِّ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْمَعَاجِينِ وَالْهَرَائِسِ وَالْأَمْرَاقِ وَالْغَوَالِي وَالْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ وَالسَّفِينَةِ
( قَوْلُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فِي الْعَقْدِ ) بِمَا يَضْبِطُهُ بِهِ بِذِكْرِ الصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِسَبَبِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ بِالصِّفَاتِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَالضَّوَابِطُ الثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ عَلَى إطْلَاقِهَا لِأَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ قَوِيًّا فِي الْعَمَلِ وَضَعِيفًا وَكَاتِبًا وَأُمِّيًّا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ صِفَاتٌ يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ بِهِنَّ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا قَالَ السُّبْكِيُّ فَيُزَادُ فِي الضَّابِطِ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى عَدَمِهَا أَصْلٌ وَلَا عُرْفٌ فَإِنَّ الضَّعْفَ عَيْبٌ يَدُلُّ الْعُرْفُ عَلَى عَدَمِهِ وَالْكِتَابَةُ وَزِيَادَةُ الْقُوَّةِ فَضِيلَةٌ يَدُلُّ الْأَصْلُ عَلَى عَدَمِهَا وَالْأُمِّيَّةُ يَدُلُّ الْأَصْلُ عَلَيْهَا قَالَ الْغَزِّيِّ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ الْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الثُّيُوبَةِ ( قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعِزُّ ) أَيْ يَقِلُّ ( قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ فِي الْمُخْتَلَطَاتِ الْمَقْصُودَةِ ) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّ مَا خَالَطَهُ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ يَصِحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِمَاءٍ لَا يَصِحُّ سَلَّمَهُ مَخِيضًا أَوْ غَيْرَهُ كَبَيْعِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ انْضَبَطَتْ كَالْعَتَّابِيِّ إلَخْ ) مَا الْمُرَادُ بِالِانْضِبَاطِ هَلْ هُوَ أَنَّ ذَلِكَ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الصَّنْعَةِ أَوْ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ مَعْرِفَتُهُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَعَلَّلَ فِي الْمُهَذَّبِ وَجْهَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ قَدْرَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ اللُّحْمَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالسَّدَى مِنْ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَعْرِفَةُ قَدْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْوَزْنِ فَمَا أَظُنُّهُ يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ بَعْدَ النَّسْجِ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِهِ وَيُفْضِي إلَى النِّزَاعِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لِلَّفْظِ يَقْتَضِيه ا هـ وَقَوْلُهُ
لَعَلَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ اللُّحْمَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَخْ قَالَ مُجَلِّي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّ كَلَامَ الدَّارِمِيِّ مُصَرِّحٌ بِاعْتِبَارِ مَعْرِفَةِ الْوَزْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ إذْ الْقِيَمُ وَالْأَغْرَاضُ تَتَفَاوَتُ بِذَلِكَ تَفَاوُتًا ظَاهِرًا وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ لِسُهُولَةِ ضَبْطِ أَخْلَاطِهَا وَأَقْدَارِهَا ا هـ وَكَلَامُ الْإِمَامِ مُصَرِّحٌ بِاشْتِرَاطِهِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ وَيُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ كَثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ وَقُطْنٍ فَيَجُوزُ إذَا وَصَفَ كَمْ مِنْ وَاحِدٍ أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَالْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ
( فَصْلٌ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَرَضَ بَكْرًا } وَقِيسَ عَلَيْهِ السَّلَمُ وَعَلَى الْبَكْرِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ غَيْرُ ثَابِتٍ وَإِنْ خَرَّجَهُ الْحَاكِمُ ( فَلْيُذْكَرْ فِي الرَّقِيقِ النَّوْعُ ) كَتُرْكِيٍّ أَوْ حَبَشِيٍّ ( وَكَذَا ) يُذْكَرُ ( بِصِنْفِهِ إذَا اخْتَلَفَ ) كَخَطَابِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ ( وَ ) يَذْكُرُ ( اللَّوْنَ ) كَأَبْيَضَ وَأَسْوَدَ ( مَعَ صِفَتِهِ ) بِأَنْ يَصِفَ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ أَوْ شُقْرَةٍ وَسَوَادَهُ بِصَفَاءٍ أَوْ كُدْرَةٍ ( إنْ اخْتَلَفَ ) اللَّوْنُ فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ كَزِنْجِيٍّ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهَا ( وَ ) يَذْكُرُ ( الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ ) أَيْ أَحَدَاهُمَا ( وَالسِّنَّ كَابْنِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ ) مِنْ السِّنِينَ ( أَوْ مُحْتَلِمٍ ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ مُحْتَلِمًا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى السِّنِّ وَالْأُولَى أَنْسَبُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ الرَّابِعِ السِّنُّ فَيَقُولُ مُحْتَلِمٌ أَوْ ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَوَّلُ عَامِ الِاحْتِلَامِ أَوْ وَقْتُهُ وَإِلَّا فَابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً مُحْتَلِمٌ ( تَقْرِيبًا فَإِنْ حَدَّدَهُ ) كَانَ شَرْطُ كَوْنِهِ ابْنَ سَبْعٍ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ ( لَمْ يَجُزْ ) لِنُدْرَتِهِ .
( وَيَصْدُقُ الْبَالِغُ فِي سِنِّهِ وَاحْتِلَامِهِ ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَيَصْدُقُ الرَّقِيقُ فِي احْتِلَامِهِ وَالرَّقِيقُ الْبَالِغُ فِي سِنِّهِ ( وَالسَّيِّدُ ) الْبَالِغُ ( فِي سِنِّ صَغِيرٍ عِلْمُهُ ) وَتَعْبِيرُهُ بِعِلْمِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْله إنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِهَا إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ عَاقِلَيْنِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ الرَّقِيقُ وَلَا عَلِمَ السَّيِّدُ سِنَّهُ ( فَالنَّخَّاسُونَ ) بِنُونٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَهُمْ بَائِعُو الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَأَصْلُهُ مِنْ النَّخْسِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ
عَلَى الْكَفَلِ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ فَتُعْتَبَرُ ظُنُونُهُمْ ( وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ مُفَلَّجِ الْأَسْنَانِ أَوْ غَيْرِهِ وَجَعْدِ الشَّعْرِ أَوْ سَبْطِهِ ) وَصِفَةُ الْحَاجِبَيْنِ ( وَلْيَذْكُرْ الْقَدَّ ) أَيْ كَوْنَهُ ( طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا أَوْ رَبْعًا ) الْمَعْرُوفُ رَبْعُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ سِتَّةُ أَشْبَارٍ أَوْ خَمْسَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ خُمَاسِيٌّ أَوْ سُدَاسِيٌّ فَقِيلَ أَرَادَ بِهِ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ أَوْ سِتَّةً وَقِيلَ أَرَادَ خَمْسَ سِنِينَ أَوْ سِتًّا وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ غُلَامٌ رُبَاعِيٌّ وَخُمَاسِيٌّ وَلَا يُقَالُ سُبَاعِيٌّ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ سَبْعَةَ أَشْبَارٍ صَارَ رَجُلًا ( لَا سَائِرَ الْأَوْصَافِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ ) فَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ كُلِّ عُضْوٍ عَلَى حِيَالِهِ بِأَوْصَافِهِ الْمَقْصُودَةِ وَإِنْ تَفَاوَتَ بِهِ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ عِزَّةً .
( وَ ) لَا ( الْمُلَاحَةُ وَالدَّعَجُ ) وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سَعَتِهَا وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَعْتَنِي بِهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَتُرَغِّبُ فِي الْإِرْقَاءِ كَالْكَحَلِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ أَنْ يَعْلُوَ جُفُونَ الْعَيْنِ سَوَادٌ كَالْكُحْلِ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ وَهُوَ اسْتِدَارَتُهُ وَسَمْنِ الْجَارِيَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهَا لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِإِهْمَالِهَا غَالِبًا وَيَعُدُّونَ ذِكْرَهَا اسْتِقْصَاءً وَمُبَالَغَةً ( وَيَجِبُ ) فِي الْأَمَةِ ( ذِكْرُ الثِّيَابَةَ وَالْبَكَارَةِ ) أَيْ أَحَدِهِمَا ( وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( يَهُودِيًّا أَوْ كَاتِبًا ) أَوْ مُزَوَّجًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَنَحْوُهَا ( جَازَ ) بِخِلَافِ كَوْنِهِ شَاعِرًا لِأَنَّ الشِّعْرَ طَبْعٌ لَا يُمْكِنُ تَعَلُّمُهُ فَيَعِزُّ وُجُودُهُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَبِخِلَافِ خِفَّةِ الرُّوحِ وَعُذُوبَةِ الْكَلَامِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ لِلْجَهَالَةِ ( وَكَذَا ) يَجُوزُ ( إنْ شَرَطَهُ زَانِيًا أَوْ سَارِقًا أَوْ قَاذِفًا ) أَوْ نَحْوَهَا ( لَا ) كَوْنَهَا ( مُغَنِّيَةً أَوْ عَوَّادَةً ) أَوْ نَحْوَهُمَا وَفَرَّقَ بِأَنَّهَا
صِنَاعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَتِلْكَ أُمُورٌ تَحْدُثُ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا فَرْقٌ لَا يَقْبَلُهُ ذِهْنُك وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الْفَرْقُ صَحِيحٌ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْغِنَاءَ وَالضَّرْبَ بِالْعُودِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّعَلُّمِ وَهُوَ مَحْظُورٌ وَمَا أَدَّى إلَى الْمَحْظُورِ مَحْظُورٌ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهَا عُيُوبٌ تَحْدُثُ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ فَهُوَ كَالسَّلَمِ فِي الْعَبْدِ الْمَعِيبِ لِأَنَّهَا أَوْصَافُ نَقْصٍ تَرْجِعُ إلَى الذَّاتِ وَالْعَيْبُ مَضْبُوطٌ فَصَحَّ قَالَ لَكِنْ يُفَرَّقُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْغِنَاءَ وَنَحْوَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مَعَ التَّعَلُّمِ مِنْ الطَّبْعِ الْقَابِلِ لِذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ شَاعِرٍ بِخِلَافِ الزِّنَا وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَعَلَى الْفَرْقِ الثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْغِنَاءِ مَحْظُورًا أَيْ بِآلَةِ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ الْغِنَاءُ مُبَاحًا وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ الْقَوَّادَةُ بِالْقَافِ وَصَوَابُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ بِالْعَيْنِ وَلِهَذَا عَدَلَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْقَوَّادَةِ بِالْقَافِ بِالزَّانِيَةِ وَنَحْوِهَا
( فَصْلٌ ) وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ ( قَوْلُهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَرَضَ بَكْرًا } ) { وَأَمَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِأَنْ يَأْخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ وَهَذَا سَلَمٌ لَا قَرْضٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَجَلِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ مَهْرًا وَدِيَةً وَثَمَنًا ( قَوْلُهُ بِأَنْ يَصِفَ بَيَاضَهُ إلَخْ ) فِي الِاسْتِقْصَاءِ لَوْ قَالَ أَبْيَضُ مَشُوبٌ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ فَقَدْ قِيلَ يَجُوزُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ وَالذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْخُنْثَى سَوَاءٌ أَكَانَ مُشْكِلًا أَمْ وَاضِحًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِنُدُورِهِ مَعَ الصِّفَاتِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ تَقْرِيبًا ) لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ التَّقْرِيبَ إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى السِّنِّ خَاصَّةً وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَكُلُّهُ عَلَى التَّقْرِيبِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ إنْ سَاعَدَهُ عَلَيْهِ نَقْلٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا خَصُّوا السِّنَّ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ التَّحْدِيدِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ عَلَى التَّقْرِيبِ لَكِنْ إنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي اللَّوْنِ وَالْقَدِّ لَا فِي النَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَلَا يُقَالُ فِيهَا عَلَى التَّقْرِيبِ فَفِي الْعِبَارَةِ قَلَقٌ وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ لَنَا مَا هُوَ تَقْرِيبٌ بِلَا خِلَافٍ سِوَاهُ وَفِي مَعْنَاهُ الْوَكَالَةُ بِشِرَائِهِ أَوْ الْوَصِيَّةُ .
( قَوْلُهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ عَاقِلَيْنِ ) ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْفَاسِقِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ نِزَاعٌ رَجَعَ إلَى
النَّخَّاسِينَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا عَدْلًا وَحَكَى الْبَغَوِيّ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ فِي الْجَلَبِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ سِنَّهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ إلَخْ ) أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ أَوْ سِتَّةً أَنَّهُ يَكْفِي وَكَلَامُ الْوَسِيطِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَكَأَنَّهُ لِلْجَهْلِ بِالْأَشْبَارِ قَوْلُهُ لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِإِهْمَالِهَا إلَخْ ) وَلِأَنَّهَا أَوْصَافٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ ( قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ خَفِيفِ الرُّوحِ ) لَوْ قَالَ فِي غُلَامٍ خَفِيفِ الرُّوحِ أَوْ ثَقِيلِهَا أَوْ عَذْبِ الْكَلَامِ أَوْ حَسَنِ الْخُلُقِ أَيْ بِضَمِّ الْخَاءِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ ( قَوْلُهُ لَا مُغَنِّيَةً أَوْ عَوَّادَةً أَوْ نَحْوَهُمَا ) كَكَبْشِ النِّطَاحِ وَدِيكِ الْهِرَاشِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ بَلْ الْفَرْقُ إلَخْ ) أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي امْتِنَاعِ السَّلَمِ فِي الْمُغَنِّيَةِ وَالْعَوَّادَةِ كَوْنُهَا صِنَاعَةً مَحْظُورَةً فَلَوْ جَوَّزَ السَّلَمَ فِيهِمَا لَكَانَ فِي ذَلِكَ إعَانَةً عَلَى السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } وَالْبَيْعُ لَيْسَ فِيهِ سَعْيٌ فِي التَّحْصِيلِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي كَبْشِ النِّطَاحِ وَدِيكِ الْهِرَاشِ وَإِنْ جَازَ بَيْعُهُمَا .
( قَوْلُهُ وَالْعَيْبُ مَضْبُوطٌ ) فَصَحَّ حَتَّى إذَا جَاءَهُ بِهِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ لِرِضَاهُ بِهِ فِي الْعَقْدِ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِصِفَةِ النَّقْصِ حَتَّى إذَا جَاءَ بِهِ سَالِمًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْصَافَ الْمَذْمُومَةَ لَا تُقْصَدُ ( قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْقَوَّادَةِ إلَخْ ) هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْقَوَّادَةَ هِيَ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الْفَاحِشَةِ
( فَرْعٌ لَوْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ جَازَ ) كَإِسْلَامِ الْإِبِلِ فِي كَبِيرِهَا ( فَإِنْ كَبِرَتْ ) بِكَسْرِ الْبَاءِ ( أَجْزَأْت ) عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَإِنْ وَطِئَهَا كَوَطْءِ الثَّيِّبِ وَرَدَّهَا بِالْعَيْبِ وَتَرْجِيحُ الْأَجْزَاءِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ آخِرَ الْبَابِ لَوْ اتَّفَقَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى صِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَأَحْضَرَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَجِبُ قَبُولُهُ ( وَيَذْكُرُ فِي الدَّوَابِّ ) الَّتِي يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا مِنْ إبِلٍ وَغَنَمٍ وَخَيْلٍ وَغَيْرِهَا ( الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ مَعَ صِنْفِهِ إنْ اخْتَلَفَ فَيَقُولُ ) فِي بَيَانِ النَّوْعِ بَخَاتِيٌّ أَوْ عِرَابٌ أَوْ ( مِنْ نِتَاجِ بَنِي فُلَانٍ إنْ لَمْ يَعِزَّ وُجُودُهُ أَوْ بَلَدِ بَنَى فُلَانٍ ) كَذَلِكَ وَفِي بَيَانِ الصِّنْفِ الْمُخْتَلِفِ أَرْحَبِيَّةٌ أَوْ مُهْرِيَّةٌ أَوْ مُجَيْدِيَّةٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ أَمَّا إذَا عَزَّ وُجُودُهُ كَأَنْ نُسِبَ إلَى طَائِفَةٍ يَسِيرَةٍ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي ثَمَرِ بُسْتَانٍ ( وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ يُنْسَبَانِ إلَى الْبَلَدِ ) أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا مَعَ قُصُورِهِ عَنْ الْغَرَضِ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ لِتَعْبِيرِهِ فِيهِ بِالدَّوَابِّ وَالْأَصْلُ إنَّمَا أَفْرَدَهُ مَعَ اسْتِيفَاءِ الْغَرَضِ لِتَعْبِيرِهِ أَوَّلًا بِالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَمَا لَا يَتَبَيَّنُ نَوْعُهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى قَوْمٍ يُبَيَّنُ بِالْإِضَافَةِ إلَى بَلَدٍ وَغَيْرِهِ .
( وَ ) يَذْكُرُ فِي الدَّوَابِّ ( الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ ) أَيْ إحْدَاهُمَا ( وَالسِّنَّ ) كَابْنِ مَخَاضٍ وَابْنِ لَبُونٍ ( وَاللَّوْنَ ) كَأَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لَكِنْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ بِاشْتِرَاطِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَلَيْسَ لِلْإِخْلَالِ بِهِ وَجْهٌ قُلْت بَلْ لَهُ وَجْهٌ يُعْرَفُ مِمَّا
وَجَّهَ بِهِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الدَّعَجِ وَنَحْوِهِ ( وَيُنْدَبُ ذِكْرُ الشِّيَاتِ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ ) أَيْ أَلْوَانِهِ الْمُخَالِفَةِ لِمُعْظَمِ لَوْنِهِ ( كَالْأَغَرِّ وَالْمُحَجَّلِ وَاللَّطِيمِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ مِنْ الْخَيْلِ مَا سَالَتْ غُرَّتُهُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ وَجْهِهِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الَّذِي أَحَدُ شِقَّيْهِ أَبْيَضُ كَأَنَّهُ لُطِمَ بِالْبَيَاضِ وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ شِقَّيْهِ عَلَى شِقَّيْ وَجْهِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْإِبَاقِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ بِخِلَافِ الْأَعْفَرِ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ الْإِبِلِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْخَيْلِ ( فَلَوْ أَسْلَمَ فِي الطُّيُورِ وَالسَّمَكِ وَلُحُومِهَا جَازَ ) وَذِكْرُ السَّمَكِ وَلَحْمِهِ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا يَأْتِي بِزِيَادَةٍ ( وَيَذْكُرُ ) فِي الطُّيُورِ وَالسَّمَكِ وَلُحُومِهَا ( الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالْجُثَّةَ ) صِغَرًا وَكِبَرًا .
( وَكَذَا السِّنُّ إنْ عُرِفَ ) وَيَرْجِعُ فِيهِ لِلْبَائِعِ كَمَا فِي الرَّقِيقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ السِّنَّ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجُثَّةِ كَمَا فِي الْغَنَمِ وَلِمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ ذِكْرَهَا إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِأَنَّ السِّنَّ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ صِغَرُهَا وَكِبَرُهَا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ ( وَالذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ ) أَيْ إحْدَاهُمَا ( إنْ أَمْكَنَ ) تَمْيِيزُهَا ( وَتَعَلَّقَ بِهِ ) أَيْ بِذِكْرِهَا ( غَرَضٌ وَ ) يَذْكُرُ ( مَوْضِعَ اللَّحْمِ فِي كَبِيرٍ ) مِنْ الطَّيْرِ أَوْ السَّمَكِ كَالْغَنَمِ وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي ( و ) يَذْكُرُ ( اللَّوْنَ فِي الطَّيْرِ ) كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيَذْكُرُ فِي السَّمَكِ أَنَّهُ نَهْرِيٌّ أَوْ بَحْرِيٌّ طَرِيٌّ أَوْ مَالِحٌ ( وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الرَّأْسِ وَالرِّجْلِ مِنْ الطَّيْرِ و ) لَا ( الذَّنَبِ ) الَّذِي لَا لَحْمَ عَلَيْهِ ( مِنْ السَّمَكَةِ ) إذَا أَسْلَمَ فِي لُحُومِهَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ
الرِّيشِ وَمَا فِي الْجَوْفِ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُ رَأْسِ السَّمَكَةِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهِ وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ جِلْدِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَصَغِيرِ الْجِدَاءِ بِخِلَافِ كَبِيرِهَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ ( وَيَجُوزُ ) السَّلَمُ ( فِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا ) حَيْثُ عَمَّ وَيَذْكُرُ فِي الْحَيِّ الْعَدَدَ وَفِي غَيْرِهِ الْوَزْنَ ( وَيَصِفُ كُلَّ جِنْسٍ مِنْ الْحَيَوَانِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ ) مِمَّا يُرَادُ هَذَا تَأْكِيدٌ وَإِيضَاحٌ .
( فَائِدَةٌ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي النَّحْلِ وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُ بِعَدَدٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي أَوَزَّةً وَفِرَاخِهَا وَفِي دَجَاجَةٍ وَفِرَاخِهَا إذَا سَمَّى عَدَدَهَا وَلَا يَتَخَيَّلُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الدَّابَّةِ أَوْ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا إذْ لَا أَوْصَافَ هُنَا تَخْتَلِفُ وَتُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَبِيدٍ صِغَارٍ وَأَمَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ مِنْهُمْ وَأَوْلَى وَمَا قَالَهُ فِي هَذِهِ مَرْدُودٌ إذْ يَعِزُّ وُجُودُ الْأُمِّ وَأَوْلَادِهَا بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي مِنْهَا اللَّوْنُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِمْ حُكْمُ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا حُكْمُ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا
( قَوْلُهُ وَالسِّنَّ ) يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي بَقَرِ الْوَحْشِ وَحُمُرِهِ بِذِكْرِ الْجُثَّةِ عَنْ السِّنِّ لِعُسْرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ ( قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ بِاشْتِرَاطِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ فِي الرَّقِيقِ ( قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ ) فِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَلَيْسَ لِلْإِخْلَالِ بِهِ وَجْهٌ ) لِأَنَّ مَا يَرْفَعُهُ هَذَا فِي أَثْمَانِهَا أَكْثَرُ مِمَّا يَخْتَلِفُ أَثْمَانُ الْحِنْطَةِ بِصِغَرِ الْحَبَّاتِ وَكِبَرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَقْتَضِيه وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ كَأَصْلِهِ وَالْبَقَرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْجَزْمُ بِهِ حَتَّى فِي الْغَنَمِ أَيْضًا قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ يُحْمَلُ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ لَا يَخْتَلِفُ بِذِكْرِهِ وَعَدَمِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأَبْلَقِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) قَالَ لَوْ أَسْلَمَ فِي فَرَسٍ أَبْلَقَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ قَالَ فِي الْحَاوِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبَلَقَ مُخْتَلِفٌ لَا يَنْضَبِطُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْبَرَاذِينِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي الْعَتَاقِ وَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ بِبَلَدٍ يَكْثُرُ وُجُودُهَا فِيهِ وَيَكْفِي مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ أَبْلَقَ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ قَالَ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ بِكَثْرَةٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَعَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَ ( قَوْلُهُ وَيَذْكُرُ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالْجُثَّةَ ) يَذْكُرُ فِي الْحَيِّ الْعَدَدَ وَفِي الْمَذْبُوحِ الْوَزْنَ وَيُشْتَرَطُ تَنْقِيَةُ جَوْفِهِ وَإِذَا اخْتَلَفَ صِنْفُ النَّوْعِ مِنْ
الطَّيْرِ وَجَبَ بَيَانُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ السِّنَّ إلَخْ ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَمْنُوعٌ وَكَذَا مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ ) تَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ وَمُسَوَّدَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُهُ غَرِيبٌ وَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ حَيْثُ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ .
( قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ غَيْرَ حَاكٍ لِلنَّصِّ وَلَا لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ حَكَى فِيمَا إذَا كَانَ الْحُوتُ صَغِيرًا وَجْهًا أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ الرَّأْسِ وَالذَّنَبِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَكْلُهُمَا مَعَهُ ثُمَّ قَالَ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَقَالَ فِي الْمُتَوَسِّطِ الْمُتَّجَهُ فِيمَا تَنَاهَى صِغَرُهُ مِنْ السَّمَكِ قَبُولُ الذَّنَبِ وَالرَّأْسِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ الذَّنَبِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ لَحْمٌ وَمِثْلُهُ الرَّأْسُ ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي السَّمَكِ إلَخْ ) قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَيَصِفُ السَّمَكَ بِالسَّمْنِ وَالْهُزَالِ وَمَا صِيدَ بِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَزَمَانَ صَيْدِهِ إنْ كَانَ طَرِيًّا وَزَمَانَ تَمْلِيحِهِ إنْ كَانَ مَمْلُوحًا ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ مَرْدُودٌ إذْ يَعِزُّ وُجُودُ الْأُمِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ يَجُوزُ ) السَّلَمُ ( فِي اللَّحْمِ جَدِيدِهِ وَقَدِيدِهِ ) وَلَوْ مُمَلَّحًا وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ عَيْنُ الْمِلْحِ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَفِي كَلَامِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى لَحْمِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ مَعَ بَعْضِ صِفَاتِهِ الْآتِيَةِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا مَرَّ ( وَ ) فِي ( الشَّحْمِ وَالْكَبِدِ وَنَحْوِهِ ) كَالْأَلْيَةِ وَالْكُلْيَةِ وَالطِّحَالِ ( وَيَذْكُرُ جِنْسَ حَيَوَانِهِ وَنَوْعَهُ ) وَصِنْفَهُ إنْ اخْتَلَفَ وَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ يَمِيلُ إلَيْهِ ( وَذُكُورَتَهُ وَخِصَاءَهُ وَكَوْنَهُ رَضِيعًا أَوْ جَذَعًا أَوْ ثَنِيًّا وَمَعْلُوفًا ) وَالْعِبْرَةُ بِأَنْ يُعْلَفَ ( عَلَفًا يُؤْثَرُ ) فِي لَحْمِهِ ( أَوْ ضِدَّهَا ) أَيْ أُنُوثَتِهِ وَفُحُولَتِهِ وَكَوْنِهِ فَطِيمًا أَوْ ابْنَ مَخَاضٍ أَوْ ابْنَ لَبُونٍ أَوْ نَحْوَهَا وَرَاعِيًا فَلَوْ كَانَ بِبَلَدٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الرَّاعِي وَالْمَعْلُوفُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَلْزَمْ ذِكْرُهُ ( وَكَوْنَ اللَّحْمِ مِنْ الْفَخِذِ ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ ( وَنَحْوِهِ ) كَالْكَتِفِ وَالْجَنْبِ وَكَوْنَهُ مِنْ سَمِينٍ أَوْ هَزِيلٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ رَاعٍ أَوْ مَعْلُوفٍ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ لَكِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي اللَّبَنِ مِنْ اعْتِبَارِ ذِكْرِ نَوْعِ الْعَلَفِ اعْتِبَارُهُ هُنَا أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ ( وَيَأْخُذُهُ ) الْمُسَلِّمُ ( بِعَظْمٍ مُعْتَادٍ إنْ لَمْ يَشْرِطْ نَزْعَهُ ) لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ فَإِنْ شَرَطَهُ جَازَ وَلَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ ( وَالْعَجَفُ عَيْبٌ ) عَنْ عِلَّةٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّهُ هُزَالٌ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ ( وَلَا يَصِحُّ ) السَّلَمُ ( إنْ شَرَطَهُ ) لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ ( وَلَا مَدْخَلَ لِلْخِصَاءِ وَالْعَلَفِ ) وَضِدِّهِمَا ( فِي لَحْمِ الصَّيْدِ وَلْيَذْكُرْ مَا يُصَادُ بِهِ ) مِنْ أُحْبُولَةٍ أَوْ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ
وَإِنَّهَا كَلْبٌ أَوْ فَهْدٌ ( فَصَيْدُ الْكَلْبِ أَطْيَبُ ) لِطِيبِ نَكْهَتِهِ ( وَلَا يَجُوزُ ) السَّلَمُ ( فِي الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ ) وَإِنْ كَانَتْ نِيئَةً مُنَقَّاةً مِنْ الصُّوفِ وَمَضْبُوطَةً بِالْوَزْنِ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَبْعَاضِ الْمُخْتَلِفَةِ وَيُخَالِفُ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جُمْلَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَجْرِيدِ النَّظَرِ إلَى آحَادِ الْأَعْضَاءِ وَيُقَالُ فِي الْأَكَارِعِ كَوَارِعُ وَأَكْرُعٌ جَمْعُ كُرَاعٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مِنْ الدَّوَابِّ مَا دُونَ كُعُوبِهَا وَالْجَوْهَرِيُّ مُسْتَدَقُّ السَّاقِ وَالشَّائِعُ إطْلَاقُهَا عَلَيْهِمَا مَعًا
( فَصْلٌ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ وَصِنْفَهُ إنْ اخْتَلَفَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَوْنَهُ رَضِيعًا إلَخْ ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ وَيُبَيِّنُ نَوْعَ الْعَلَفِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَعْلُوفَةً لَا يَجِبُ قَبُولُ الرَّاعِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَايَةِ السَّمْنِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ الظَّاهِرُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّ الرَّاعِيَةَ سَمِينُهَا أَطْيَبُ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ لِأَنَّ الرَّاعِيَةَ تَتَرَدَّدُ فِي الْمَرْعَى وَالْمَعْلُوفَةَ مُقِيمَةٌ فَيَكُونُ سَمِينُهَا أَطْيَبَ ( قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذِكْرُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَوْنَ اللَّحْمِ مِنْ الْفَخِذِ إلَخْ ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ وَكُلَّمَا قَرُبَ مِنْ الْمَاءِ وَالْمَرْعَى فَهُوَ أَطْيَبُ فَلَحْمُ الرَّقَبَةِ أَطْيَبُ لِقُرْبِهِ وَلَحْمُ الْفَخِذِ أَدْوَنُ لِبُعْدِهِ وَهَذَا فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِهِ ( قَوْلُهُ وَكَوْنَهُ مِنْ سَمِينٍ أَوْ هَزِيلٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مُرَادُهُمْ بِالْهَزِيلِ غَيْرُ الْمَعِيبِ ( قَوْلُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ ) فَهُوَ الْمَذْهَبُ ( قَوْلُهُ وَيَأْخُذُهُ بِعَظْمٍ مُعْتَادٍ ) لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْجِلْدِ عَلَى اللَّحْمِ إلَّا جِلْدَ الصِّغَارِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِلَّا جِلْدَ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ وَلْيُنْظَرْ فِي جِلْدِ الْغَنَمِ السَّمِيطِ فَإِنْ صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّ النَّارَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ تَأْثِيرًا لَهُ بَالٌ فَالْأَشْبَهُ قَبُولُ جِلْدِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِاعْتِبَارِ ذِكْرِ لَوْنِ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ الْمُسَلَّمِ فِي لَحْمِهِ وَقَدْ اعْتَبَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي لَحْمِ الْوَحْشِيِّ وَقَالَ إنَّ لِأَلْوَانِهِ تَأْثِيرًا فِي لَحْمِهِ فَيَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ فِي الْأَهْلِيِّ إلَّا أَنْ يَتَّضِحَ فَرْقٌ وَلَا أَخَالُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ
( فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ ) السَّلَمُ ( فِي مَطْبُوخٍ وَ ) لَا ( نَاضِجٍ بِالنَّارِ وَلَوْ خُبْزًا ) عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهَا فِيهِ وَتَعَذُّرِ الضَّبْطِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَطْبُوخٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي كُلِّ مَطْبُوخٍ ( وَ ) لَوْ ( سُكَّرًا وَفَانِيذًا وَلِبَأً ) وَدِبْسًا وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ حَيْثُ شَبَّهَهُ بِالْخُبْزِ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَمَيْلُهُ فِيهَا إلَى الْجَوَازِ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي كُلِّ مَا دَاخَلَتْهُ نَارٌ لَطِيفَةٌ وَمَثَّلَ بِالْمَذْكُورَاتِ وَعَلَيْهِ يُفَرِّقُ بَيْنَ بَابَيْ الرِّبَا وَالسَّلَمِ بِضِيقِ بَابِ الرِّبَا لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَلَّ مَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَغَيْرِهِ إنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ بِعَمَلِ السُّكَّرِ وَكَذَا نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ فِي الرِّبَا إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ بِبَعْضٍ وَفِيمَا اسْتَدْرَكَ بِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ تَنَافٍ إذْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَمَا اسْتَدْرَكَ بِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمَاءِ الْمَغْلِيِّ بِمِثْلِهِ وَقِيَاسُهُ جَوَازُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَاللُّبَابَا بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ أَوَّلُ مَا يُجْلَبُ وَغَيْرُ الْمَطْبُوخِ مِنْهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا وَسَيَأْتِي ( وَيَصِحُّ ) السَّلَمُ ( فِي الْمَاوَرْدِ ) لِأَنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي وَعِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ ( و ) يَصِحُّ فِي ( الْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِالنَّارِ ) لِأَنَّ تَصْفِيَتَهُ بِهَا لَا تُؤَثِّرُ لِأَنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلْعَقْدِ بِخِلَافِهَا فِي
الدِّبْسِ وَالسُّكَّرِ عَلَى مَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ إلْحَاقُهُ بِهِمَا فِيمَا مَرَّ أَمَّا الْمُصَفَّى بِالشَّمْسِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا لِعَدَمِ اخْتِلَافِهِ ( وَ ) يَصِحُّ السَّلَمُ فِي ( الشَّمْعِ وَالْآجُرِّ ) لِمَا مَرَّ نَعَمْ يَمْتَنِعُ فِي الْآجُرِّ الْمَلْهُوجِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَكْمُلْ نُضْجُهُ وَاحْمَرَّ بَعْضُهُ وَاصْفَرَّ بَعْضُهُ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاخْتِلَافِهِ وَيَصِحُّ أَيْضًا فِي الْقَنْدِ وَالْخَزَفِ وَالْفَحْمِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ فِي الْمَسْمُوطِ لِأَنَّ النَّارَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ عَمَلًا لَهُ تَأْثِيرٌ
( قَوْلُهُ وَلَا نَاضِجَ بِالنَّارِ ) يَلْحَقُ بِمَا دَخَلَتْهُ النَّارُ مَا دَخَلَهُ السُّوسُ أَوْ الْبَلُّ أَوْ الْعَفَنُ مِنْ الطَّعَامِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ سُكَّرًا وَفَانِيدًا إلَخْ ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ السَّلَمُ فِي السُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَالدِّبْسِ جَائِزٌ لِأَنَّ لِلنَّارِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَدًّا مَضْبُوطًا ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَشْهَدُ لِلنَّوَوِيِّ نَصُّ الْأُمِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ الْخَلِيطِ الَّذِي يَجُوزُ السَّلَمُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَلِيطَيْهِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَمِنْ ذَلِكَ اللَّوْزُ الْمَخْلُوطُ بِالسُّكَّرِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِي السُّكَّرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَصَاحِبُ الْكَافِي ( قَوْلُهُ بِضِيقِ بَابِ الرِّبَا ) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَرْعِيَّةٌ فِيهِ وَتَأْثِيرُ النَّارِ يُفْضِي إلَى الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ أَوْ حَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ وَالْمَرْعِيُّ فِي السَّلَمِ قُرْبُ الضَّبْطِ وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ فَنَزَلَ كُلُّ بَابٍ عَلَى مَأْخَذِهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الْبَسِيطِ وَالسَّلَمُ يَجُوزُ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَتَنْضَبِطُ بِالْوَصْفِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فَمِنْ ذَلِكَ اللُّحُومُ وَالثِّمَارُ وَالْفَوَاكِهُ وَالْخُبْزُ دَخَلَتْهُ النَّارُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ قَطْعًا وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ ( قَوْلُهُ وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ بِعَمَلِ السُّكَّرِ ) مُرَادُهُ بِلَطِيفَةٍ إنَّهَا مَضْبُوطَةٌ قَالَ الْغَزِّيِّ قَدْ يُقَالُ إنَّ نَفْسَ السُّكَّرِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نَارٍ كَثِيرَةٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِتَمْيِيزِ السُّكَّرِ عَنْ الْقَصَبِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي إلَخْ ) وَقَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ إنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ ( قَوْلُهُ وَالْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِالنَّارِ ) أَوْ السَّمْنِ أَوْ نَحْوِهِ ( قَوْلُهُ وَالْآجُرِّ ) وَيَذْكُرُ نَوْعَهُ وَطِينَهُ وَلَوْنَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَسُمْكَهُ
وَوَزْنَهُ كَاللَّبِنِ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ فِي الْمَسْمُوطِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ وَيَذْكُرُ فِي التَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَالْحُبُوبِ كَالْحِنْطَةِ ) وَالشَّعِيرِ ( جِنْسًا ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَوْعًا كَمَعْقِلِيٍّ أَوْ بَرْنِيِّ ( وَلَوْنًا وَكِبَرًا ) أَوْ صِغَرًا ( وَبَلَدًا ) كَبَغْدَادِيٍّ وَالْقِيَاسُ ذِكْرُ الصِّنْفِ إنْ اخْتَلَفَ ( وَكَذَا كَوْنُهَا جَدِيدَةً أَوْ عَتِيقَةً إلَّا فِي الرُّطَبِ ) وَيَذْكُرُ أَنَّ الْجَفَافَ عَلَى النَّخْلِ أَوْ بَعْدَ الْجِذَاذِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ أَبْقَى وَالثَّانِيَ أَصْفَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَيِّنَ عَتِيقَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ فَإِنْ أَطْلَقَ فَالنَّصُّ الْجَوَازُ وَيَنْزِلُ عَلَى مُسَمَّى الْعَتِيقِ وَهُوَ قَوْلُ الْبَغْدَادِيِّينَ وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ لَا يَصِحُّ ( وَيَذْكُرُ لَوْنَ الْعَسَلِ وَبَلَدَهُ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ جَبَلِيٌّ أَوْ بَلَدِيٌّ ( وَوَقْتَهُ كَالصَّيْفِيِّ ) وَالْخَرِيفِيِّ لَا عِتْقَهُ وَحَدَاثَتَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَذْكُرُ مَرْعَاهُ وَقُوَّتَهُ وَرِقَّتَهُ ( فَإِنْ رَقَّ لَا لِعَيْبٍ ) كَحَرٍّ ( أَخَذَهُ ) الْمُسَلِّمُ أَيْ لَزِمَهُ قَبُولُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَقَّ لِعَيْبٍ أَوْ كَانَ رَقِيقًا خَلْقُهُ وَهُوَ بِخِلَافِ مَا شَرَطَهُ
( قَوْلُهُ وَيَذْكُرُ فِي التَّمْرِ ) اسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فِي التَّمْرِ التَّمْرَ الْمَكْنُوزَ فِي الْقَوَاصِرِ فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ صِفَتِهِ الْمَشْرُوطَةِ بَعْدَ كِنَازِهِ وَلَوْ شَرَطَ نَزْعَ نَوَى التَّمْرِ فَفِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَالزَّبِيبُ كَالتَّمْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ بِشَرْطِ نَزْعِ عَجَمِهِ .
ا هـ .
وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فِي نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ عَدَمُ الصِّحَّةِ ( قَوْلُهُ كَالْحِنْطَةِ ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَمْحِ أَنْ يَذْكُرَ حَبَّهُ صِغَارًا وَكِبَارًا وَوَسَطًا ( تَنْبِيهٌ ) يَذْكُرُ فِي الدَّقِيقِ آلَتَهُ وَخُشُونَتَهُ وَنُعُومَتَهُ وَقُرْبَ زَمَانِهِ وَبُعْدَهُ وَالسُّكَّرَ وَالنَّاحِيَةَ وَنَوْعَ الْقَصَبِ وَاللَّوْنَ وَالْقُوَّةَ وَاللِّينَ وَالْحَدَاثَةَ وَالْعِتْقَ وَفِي الْعَفْصِ يَذْكُرُ بَلَدَهُ وَلَوْنَهُ وَوَزْنَهُ وَصِغَرَهُ وَكِبَرَهُ وَجِدَّتَهُ وَعِتْقَهُ وَفِي التِّبْنِ يَذْكُرُ أَنَّهُ تِبْنُ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَالْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ لَا يَصِحُّ ) وَحَمَلُوا النَّصَّ عَلَى تَمْرِ الْحِجَازِ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ عِتْقُهُ فِي الرَّدَاءَةِ وَسَيَأْتِي عَنْ نَصِّ الْأُمِّ فِي الْحِنْطَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَوْصَافُ فِي الزَّبِيبِ قَالَ فِي الْأُمِّ وَيَصِفُ الْحِنْطَةَ مِنْ صِرَامِ عَامِهَا أَمْ عَامِ أَوَّلٍ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ هَذَا لَمْ يَجُزْ ا هـ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فَقَالَ يَصِفُ مُدَّةَ الْحُبُوبِ كَحَصَادِ عَامِ كَذَا إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ .
ا هـ .
وَحَكَاهُ عَنْهُ فِي الْكِفَايَةِ ( قَوْلُهُ لَا عِتْقَهُ ) ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ بِخَطِّهِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ بِكَسْرِهَا ( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ) وَتَبِعَهُ الْعِمْرَانِيُّ ( قَوْلُهُ وَيَذْكُرُ مَرْعَاهُ ) اشْتَرَطَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَكَثِيرٌ مِنْ
الْعِرَاقِيِّينَ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ
( فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي اللَّبَنِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ ذِكْرُ جِنْسِ حَيَوَانِهِ وَنَوْعِهِ وَمَا كَوْنُهُ ) مِنْ مَرْعًى أَوْ عَلَفٍ مُعَيَّنٍ بِنَوْعِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ اعْتِبَارُ السِّنِّ كَكَوْنِهِ لَبَنَ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَهُ لِذَلِكَ ( و ) يَذْكُرُ ( لَوْنَ السَّمْنِ وَالزُّبْدِ لَا اللَّبَنِ ) وَأَمَّا اللَّبَأُ فَيَذْكُرُ فِيهِ مَا يَذْكُرُ فِي اللَّبَنِ وَأَنَّهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَأَنَّهُ أَوَّلُ بَطْنٍ أَوْ ثَانِيهِ أَوْ ثَالِثُهُ وَلِبَأُ يَوْمِهِ أَوْ أَمْسِهِ كَذَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ( وَيَذْكُرُ فِي السَّمْنِ أَنَّهُ جَدِيدٌ أَوْ عَتِيقٌ ) التَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْعَتِيقِ وَالْجَدِيدِ وَجْهَانِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَا بَلْ الْعَتِيقُ مَعِيبٌ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْمُتَغَيِّرُ هُوَ الْمَعِيبُ لَا كُلُّ عَتِيقٍ فَيَجِبُ بَيَانُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ نُقِلَ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْبَيَانِ أَنْ تَخْتَلِفَ الْقِيمَةُ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا هُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ عَنْهُ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ مَذْهَبُنَا ا هـ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُتَغَيِّرِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَعِيبٌ وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ قَالَ وَنَصُّ الشَّافِعِيُّ يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي .
قُلْت فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ حَيْثُ اخْتَلَفَ النَّصَّانِ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ مِنْهُمَا أَحَدَهُمَا كَمَا عُرِفَ ( وَلَا يَصِحُّ فِي حَامِضِ اللَّبَنِ ) لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ عَيْبٌ فِيهِ ( إلَّا فِي مَخِيضٍ لَا مَاءَ فِيهِ ) فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ ( وَاللَّبَنُ ) الْمُطْلَقُ ( يُحْمَلُ عَلَى الْحُلْوِ وَإِنْ انْعَقَدَ ) أَيْ جَفَّ فَلَوْ
أَسْلَمَ فِي لَبَنٍ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا بَقِيَ حُلْوًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قَالَهُ الْأَصْلُ وَفِي الْأُمِّ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقُولَ حَلِيبًا أَوْ لَبَنَ يَوْمِهِ قَالَ وَالْحَلِيبُ مَا حُلِبَ مِنْ سَاعَتِهِ ( وَيَذْكُرُ طَرَاوَةَ الزُّبْدِ وَضِدَّهَا ) كَأَنْ يَقُولَ زُبْدُ يَوْمِهِ أَوْ أَمْسِهِ ( وَيَجُوزُ ) السَّلَمُ ( فِي اللَّبَنِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَيُوزَنُ اللَّبَنُ بِرَغْوَتِهِ ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمِيزَانِ ( وَلَا يُكَالُ بِهَا وَيَذْكُرُ نَوْعَ الْجُبْنِ وَبَلَدَهُ وَرُطُوبَتَهُ وَيُبْسَهُ ) الَّذِي لَا تَغَيُّرَ فِيهِ أَمَّا مَا فِيهِ تَغَيُّرٌ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعِيبٌ وَعَلَيْهِ مَنَعَ الشَّافِعِيُّ السَّلَمَ فِي الْجُبْنِ الْقَدِيمِ ( وَالسَّمْنُ يُوزَنُ وَيُكَالُ وَجَامِدُهُ ) الَّذِي يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ ( يُوزَنُ كَالزُّبْدِ وَاللِّبَأِ الْمُجَفَّفِ ) أَمَّا غَيْرُ الْمُجَفَّفِ فَكَاللَّبَنِ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الزُّبْدِ كَيْلًا وَوَزْنًا يُحْمَلُ عَلَى زُبْدٍ لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ
( قَوْلُهُ قَالَ وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي ) فَفِي آخِرِهِ وَهَذَا فِي كُلِّ مَا يَخْتَلِفُ جَدِيدُهُ وَقَدِيمُهُ مِنْ سَمْنٍ أَوْ حِنْطَةٍ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الْمُتَوَسِّطِ فَبَانَ أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي السَّمْنِ لِلْعِتْقِ وَالْحَدَاثَةِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحَدِيثَ أَشْرَفُ وَأَنَّ الْقَدِيمَ أَنْقَصُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ عَيْبٌ فِيهِ ) إنَّمَا قَالَ فِيهِ لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ الْخَلِّ ( قَوْلُهُ وَاللِّبَأِ الْمُجَفَّفِ ) وَهُوَ غَيْرُ الْمَطْبُوخِ فَيُوَافِقُ مَا قَدَّمَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ صِحَّتَهُ فِي الْمَطْبُوخِ كَالْمُجَفَّفِ
( فَصْلٌ وَيَذْكُرُ فِي الصُّوفِ وَالْوَبَرِ ) وَالشَّعَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا ( نَوْعَ أَصْلِهِ ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَذُكُورَتَهُ وَأُنُوثَتَهُ ) أَيْ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ صُوفَ الْإِنَاثِ أَنْعَمُ وَاغْتَنَوْا بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ ( وَبَلَدَهُ وَاللَّوْنَ وَالْوَقْتَ ) كَخَرِيفِيٍّ أَوْ رَبِيعِيٍّ ( وَالطُّولَ وَالْقِصَرَ ) أَيْ أَحَدَهُمَا ( وَالْوَزْنَ ) وَلَمْ يَذْكُرُوا عِتْقَهُ أَوْ حَدَاثَتَهُ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ وَقَدْ ذَكَرُوهُ فِي الْقُطْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ كَجٍّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( وَلَا يُقْبَلُ إلَّا مُنَقًّى مِنْ بَعْرٍ وَنَحْوِهِ ) كَشَوْكٍ ( وَيَجُوزُ شَرْطُ غَسْلِهِ إلَّا إنْ عَيَّبَهُ ) الْغَسْلُ ( وَفِي الْقُطْنِ وَحَلِيجِهِ ) بِمَعْنَى مَحْلُوجِهِ ( وَغَزْلِهِ ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا ( يَذْكُرُ ) مَعَ النَّوْعِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ ( الْبَلَدَ وَاللَّوْنَ وَكَثْرَةَ لَحْمِهِ وَقِلَّتَهُ وَنُعُومَتَهُ وَخُشُونَتَهُ وَدِقَّةَ الْغَزْلِ وَغِلَظَهُ ) أَيْ أَحَدَ كُلِّ مُتَقَابِلَيْنِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ ( وَكَوْنَهُ عَتِيقًا أَوْ جَدِيدًا إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ ) وَكَغَزْلِ الْقُطْنِ فِيمَا ذَكَرَ غَزْلَ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بَعْدُ ( وَمُطْلَقُ الْقُطْنِ يُحْمَلُ عَلَى ذِي الْحَبِّ ) فَإِذَا أَتَاهُ بِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْجَافِّ وَعَلَى مَا فِيهِ الْحَبُّ ( وَيَجُوزُ ) السَّلَمُ ( فِي حَبِّهِ ) كَمَا يَجُوزُ فِيهِ وَفِي حَلِيجِهِ ( لَا فِي الْقُطْنِ مَعَ ) عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي ( جَوْزِهِ ) وَلَوْ بَعْدَ التَّشَقُّقِ لِاسْتِتَارِ الْمَقْصُودِ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ ( وَفِي الْإِبْرَيْسَمِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا وَبِكَسْرِهِمَا مَعًا وَهُوَ الْحَرِيرُ ( يَذْكُرُ الْبَلَدَ وَالدِّقَّةَ وَالْغِلَظَ وَاللَّوْنَ ) دُونَ خُشُونَتِهِ أَوْ نُعُومَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا نَاعِمًا
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَيَذْكُرُ الطُّولَ أَوْ الْقِصَرَ ( وَلَا يَجُوزُ فِي الْقَزِّ بِدُودِهِ ) أَيْ وَفِيهِ دُودُهُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ وَزْنِ الْقَزِّ أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِ دُودِهِ فَيَجُوزُ
( قَوْلُهُ وَاغْتَنَوْا بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ ) مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِذِكْرِ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَوْنَهُ عَتِيقًا أَوْ جَدِيدًا ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنَّهُ لَقَطَ رَطْبًا فَإِنَّهُ أَنْعَمُ أَوْ يَابِسًا فَإِنَّهُ أَقْوَى وَطُولَ شَعْرِهِ وَقِصَرَهُ وَوَقْتَ لَقْطِهِ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ حَيْثُ يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ وَزْنِ الْقَزِّ ) وَفَارَقَ جَوَازَ بَيْعِهِ وَزْنًا بِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالْجَهَالَةُ مَعَهَا تَقِلُّ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ وَالْغَرَرُ مَعَهُ يَكْثُرُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ } فَالْمُدْرَكَانِ مُخْتَلِفَانِ
( فَصْلٌ وَيَذْكُرُ فِي الثِّيَابِ جِنْسَ الْغَزْلِ ) كَقُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ ( وَنَوْعَهُ وَبَلَدَ النَّسْجِ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ ) الْغَرَضُ ( وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالدِّقَّةَ وَالْغِلَظَ ) وَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَزْلِ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْإِرْشَادُ وَشَرْحُهُ وَالصَّفَاقَةُ وَالرِّقَّةُ وَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّسْجِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الدِّقَّةُ مَوْضِعَ الرِّقَّةِ وَبِالْعَكْسِ ( وَالنُّعُومَةَ وَالْخُشُونَةَ ) وَالْمُرَادُ ذِكْرُ أَحَدِ كُلِّ مُتَقَابِلَيْنِ فِي الثَّلَاثَةِ ( وَيَجُوزُ شَرْطُ الْقِصَارَةِ ) كَالْخَامِ ( وَمُطْلَقُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ ) دُونَ الْمَقْصُورِ لِأَنَّ الْقَصْرَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَإِنْ أَحْضَرَ الْمَقْصُورَ كَانَ أَوْلَى وَقَضِيَّتُهُ يَجِبُ قَبُولُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْغَرَضُ بِهِ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْكُرَ نَسْجَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ إضَافَةَ تَعْرِيفٍ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ نَسْجِهِ بِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَيَجُوزُ فِيمَا صَبَغَ ) غَزْلَهُ ( قَبْلَ النَّسِيجِ ) كَالْبُرُودِ ( لَا بَعْدَهُ ) لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَهُ يَسُدُّ الْفُرَجَ فَلَا يَظْهَرُ مَعَهُ الصَّفَاقَةُ خِلَافُهُ قَبْلَهُ ( وَ ) يَجُوزُ السَّلَمُ ( فِي الْقُمَّصُ وَالسَّرَاوِيلِ ) وَنَحْوِهِمَا الْجَدِيدَةِ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا وَلَوْ مَغْسُولًا ( إنْ ضَبَطَهُ طُولًا وَعَرْضًا وَسَعَةً وَضِيقًا ) أَيْ أَحَدَهُمَا ( وَلَا يَجُوزُ فِي مَلْبُوسٍ ) مِنْ ذَلِكَ مَغْسُولًا أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ فَأَشْبَهَ الْجِبَابَ وَالْخِفَافَ الْمُطْبَقَةَ وَالْقَلَانِسَ وَالثِّيَابَ الْمَنْقُوشَةَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا أَطْلَقَ هُنَا مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَمَا أَطْلَقَ فِي الْخُلْعِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِهِ فِيهِمَا
( فَصْلٌ وَيَذْكُرُ فِي الثِّيَابِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ) وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ ( قَوْلُهُ وَالصَّفَاقَةَ وَالرِّقَّةَ ) قَدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيُّ ( قَوْلُهُ وَالنُّعُومَةَ وَالْخُشُونَةَ وَاللَّوْنَ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِي بَعْضِ الثِّيَابِ كَالْحَرِيرِ وَالْقَزِّ وَالْوَبَرِ وَكَذَا الْقُطْنُ بِبَعْضِ الْبِلَادِ مِنْهُ أَبْيَضُ وَمِنْهُ أَشْقَرُ خِلْقَةً وَهُوَ غَزِيرٌ وَتَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ وَالْقِيَمُ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقُطْنِ وَيَقُولُ أَبْيَضَ نَقِيًّا أَوْ أَسْمَرَ وَإِطْلَاقُ الْأَئِمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يَخْتَلِفُ مِنْ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ ( قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ) فَإِنْ أَحْضَرَ الْمَقْصُورَ كَانَ أَوْلَى وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالشَّامِلُ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا أَعْطَاهُ مَا شَاءَ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا يَسِيرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمَقْصُورِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ ) وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْغَرَضُ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِيمَا صُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ ) إذَا بَيَّنَ الصَّبْغَ وَكَوْنَهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ الصَّيْفِ وَاللَّوْنَ وَمَا يُصْبَغُ بِهِ وَبَلَدَ الصَّبْغِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ يُنْسَجُ عَلَى صِفَتِهِ كَمَا يُنْسَجُ عَلَى لَوْنِ الْغَزْلِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ إلَخْ ) وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِأَنَّ الصِّفَةَ تُحِيطُ بِهِ وَفِي الْقَبَاءِ يَذْكُرُ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالضِّيقَ وَالسَّعَةَ وَالدَّوْرَ وَالظِّهَارَةَ وَالْبِطَانَةَ وَالْكُلُّ فِيهِ مَذْرُوعٌ
( فَصْلٌ وَفِي الْغَزْلِ يَجُوزُ شَرْطُ صَبْغِهِ أَنْ يُبَيِّنَهُ ) أَيْ الصَّبْغَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُبَيِّنُ لَوْنَهُ وَكَوْنَهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ الصَّيْفِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْكَتَّانِ عَلَى خَشَبِهِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الدَّقِّ فَيَذْكُرُ بَلَدَهُ وَلَوْنَهُ وَطُولَهُ أَوْ قِصَرَهُ وَنُعُومَتَهُ أَوْ خُشُونَتَهُ وَدِقَّتَهُ أَوْ غِلَظَهُ وَعِتْقَهُ أَوْ حَدَاثَتَهُ إنْ اخْتَلَفَ بِذَلِكَ ( وَفِي الْخَشَبِ ) الَّذِي ( لِلْحَطَبِ ) يَذْكُرُ ( النَّوْعَ وَالْغِلَظَ وَالدِّقَّةُ ) أَيْ أَحَدَهُمَا ( وَإِنَّهُ مِنْ الشَّجَرَةِ أَوْ ) مِنْ ( أَغْصَانِهَا وَالْوَزْنَ ) وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِرُطُوبَتِهِ وَجَفَافِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ رُطُوبَتَهُ عَيْبٌ ( وَيَقْبَلُهُ وَلَوْ مُعْوَجًّا وَمُطْلَقُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْجَافِّ فَإِنْ كَانَ ) الْخَشَبُ ( لِلْبِنَاءِ وَالْقِسِيِّ ) وَالسِّهَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ ( وَالْغِرَاسِ ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهَا كَنَصْبِ السَّكَاكِينِ وَالْأَدْوِيَةِ ( ذَكَرَ نَوْعَهُ وَعَدَدَهُ وَطُولَهُ وَغِلَظَهُ وَدِقَّتَهُ لَا وَزْنَهُ فَإِنْ ذَكَرَهُ جَازَ ) بِخِلَافِهِ فِي الثِّيَابِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْحِتَ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ مَعَ أَنَّ ذِكْرَهُ مُسْتَحَبٌّ وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ الْمَذْكُورَاتِ فِي ذَلِكَ حَسَنَةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ حَذَفَ مِنْ الَّذِي لِلْبِنَاءِ الْعَدَدَ وَمِنْ الَّذِي لِلْقِسِيِّ وَالسِّهَامِ الْعَدَدَ أَيْضًا وَالطُّولَ وَمِنْ الَّذِي لِلْغِرَاسِ الدِّقَّةَ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الَّذِي لِلْقِسِيِّ وَالسِّهَامِ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِكَوْنِهِ سَهْلِيًّا أَوْ جَبَلِيًّا وَيُعَيِّنُ أَرْضَهُ ( لَا فِي الْمَخْرُوطِ ) كَبَابٍ مَنْحُوتٍ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( إنْ لَمْ يَنْضَبِطْ ) كَأَنْ اخْتَلَفَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلُهُ فَإِنْ انْضَبَطَ صَحَّ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَا نِزَاعَ فِيهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَيَذْكُرُ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَاللَّوْنَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالثِّخَنَ وَالصَّنْعَةَ
( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَعْدَ الدَّقِّ ) الشَّامِلِ لِنَفْضِهِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْخَشَبِ الَّذِي لِلْحَطَبِ إلَخْ ) وَفِي الْقَصَبِ لِلْإِحْرَاقِ وَالسُّقُوفِ وَالْأَخْصَاصِ يَذْكُرُ النَّوْعَ وَالْوَزْنَ وَلِلْغِرَاسِ يَذْكُرُ الْعَدَدَ وَالطُّولَ وَالدَّوْرَ ( قَوْلُهُ وَعَدَدَهُ ) وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْحِتَ مِنْهُ مَا يَزِيدُ إلَخْ ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ النَّحْتَ تَزُولُ بِهِ إحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَزْنَ عَلَى التَّقْرِيبِ فَلَا تَزُولُ الصِّفَاتُ
( فَرْعٌ وَفِي الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا ( يَذْكُرُ الْجِنْسَ ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَالنَّوْعَ وَالْخُشُونَةَ ) أَوْ النُّعُومَةَ ( وَاللَّوْنَ وَاللِّينَ ) أَوْ الْيُبْسَ ( وَذُكُورَةَ الْحَدِيدِ وَأُنُوثَتَهُ ) أَيْ إحْدَاهُمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَالذَّكَرُ الْفُولَاذُ وَالْأُنْثَى اللِّينُ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الْأَوَانِي وَنَحْوُهَا ( وَالْوَزْنُ ) فِي الثَّلَاثَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَعَادِنُهَا ذَكَرَهَا ( وَمَا لَا يُوزَنُ بِالْقَبَّانِ لِكِبَرِهِ يُوزَنُ بِالْمَاءِ ) أَيْ بِالْعَرْضِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُوضَعَ فِي سَفِينَةٍ فِي الْمَاءِ وَيُعْرَفَ الْقَدْرُ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ غَوْصُهَا ثُمَّ يُخْرَجَ مِنْهَا وَيُوضَعَ فِيهَا مَا يُوزَنُ كَطَعَامٍ أَوْ رَمْلٍ حَتَّى يَنْزِلَ مِنْهَا فِي الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا نَزَلَ مِنْهَا أَوَّلًا ثُمَّ يُوزَنُ مَا وُضِعَ فِيهَا ثَانِيًا فَيُعْرَفُ قَدْرُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَقَدْ قَدَّمْت الْإِشَارَةَ إلَيْهِ فِي بَابِ الرِّبَا وَإِنْ وُضِعَ فِيهَا ثَانِيًا الصَّنْجُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَزْنٍ ( فَرْعٌ قَدْ يُغْنِي ذِكْرُ النَّوْعِ ) فِيمَا مَرَّ ( عَنْ الْجِنْسِ وَالْبَلَدِ ) وَتَأْخِيرُ هَذَا إلَى هُنَا أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُ فِي السَّلَمِ فِي الثِّيَابِ
قَوْلُهُ فَرْعٌ وَفِي الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ إلَخْ ) وَفِي الْمَسَالِّ وَالْإِبَرِ وَالْمَسَامِيرِ يَذْكُرُ نَوْعَهَا وَجِنْسَ الْحَدِيدِ وَنَوْعَهُ وَدِقَّتَهَا وَغِلَظَهَا وَيَجُوزُ فِي الْحُلِيِّ الْمُصَمَّتِ وَالْمُجَوَّفِ دُونَ الْمَحْشُوِّ بِالرَّمْلِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ ( قَوْلُهُ وَالرَّصَاصِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ
( فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ ) مَنْثُورَةٌ تَتَعَلَّقُ بِمَا مَرَّ ( السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَائِزٌ ) لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَالْأَعْيَانِ ( وَيَجُوزُ إسْلَامُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ ( فِيهِمَا ) كَغَيْرِهِمَا ( لَا ) إسْلَامُ ( أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَلَوْ حَالًّا ) وَقُبِضَا فِي الْمَجْلِسِ لِتَضَادِّ أَحْكَامِ السَّلَمِ وَالصَّرْفِ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ قَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْآخَرِ وَالصَّرْفُ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ قَبْضِهِمَا مَا فِيهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالنَّقْدَيْنِ أَعَمُّ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهِمَا بَلْ الْمَطْعُومَاتُ كَذَلِكَ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ سَلَمًا فَهَلْ يَنْعَقِدُ صَرْفًا يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهِمَا ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِيَا بِالسَّلَمِ عَقْدَ الصَّرْفِ وَالْأَصَحُّ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ ( وَيَجُوزُ ) السَّلَمُ ( فِي أَنْوَاعِ الْعِطْرِ ) الْعَامَّةِ الْوُجُودِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ كَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ وَعَوْدٍ ( وَيَذْكُرُ الْوَصْفَ ) مِنْ لَوْنٍ وَنَحْوِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَالْوَزْنَ وَالنَّوْعَ ) فَيَقُولُ عَنْبَرٌ أَشْهَبُ أَوْ غَيْرُهُ قِطَاعٌ أَوْ فُتَاتٌ ( وَ ) يَجُوزُ ( فِي الزَّاجِّ ) أَيْ الْخَالِصِ لَا الْمَغْشُوشِ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِ الْمَقْصُودِ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ ( وَالطِّينَ وَالْجِصَّ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا أَيْ الْجِبْسَ ( وَالنُّورَةَ ) أَيْ الْجِيرَ وَلَوْ بَعْدَ طَبْخِهِمَا وَيَذْكُرُ مَا يُمَيِّزُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ أَرْضِهِ وَلَوْنِهِ وَوَزْنِهِ ( وَأَحْجَارِ ) كُلٍّ مِنْ ( الرَّحَى وَالْبِنَاءِ وَالْأَوَانِي وَيَذْكُرُ نَوْعَهَا وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا وَغِلَظَهَا ) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَلَوْنَهَا وَكُلَّ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ
الْغَرَضُ ( وَلَا يَشْتَرِطُ ) فِيهَا ( الْوَزْنَ ) اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَ
( فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ ) ( قَوْلُهُ السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَائِزٌ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ أَسْلَمْت إلَيْك كَذَا فِي عَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا وَيَحْفَظُ مِنْ الْقُرْآنِ كَذَا فَلَوْ قَالَ وَأَنْ تُعَلِّمَهُ مِنْ الْقُرْآنِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنَافِعِ إنَّمَا تَحْصُلُ إذَا وَقَعَتْ فِي مِلْكِ الْمُسَلِّمِ وَالْعَبْدُ قَبْلَ قَبْضِهِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُ رَأْسِ الْمَالِ مَنْفَعَةً فَعَلَى هَذَا يَجْتَمِعَانِ كَأَنْ يَقُولَ أَسْلَمْت إلَيْك تَعْلِيمَ عَبْدِك هَذَا سُورَةَ كَذَا فِي تَعْلِيمِ عَبْدِي هَذَا سُورَةَ كَذَا وَيَشْتَرِطُ تَعْلِيمَ عَبْدِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إسْلَامُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ فِيهِمَا ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَلْ يَخْتَصُّ هَذَا بِالْخَالِصِ أَمْ يَجْرِي فِي الْمَغْشُوشِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ بِنَاؤُهُ فِي الْمَغْشُوشِ عَلَى جَوَازِ التَّعَامُلِ بِهِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَكَلَامُ الصَّيْمَرِيِّ الْآتِي فِي الزُّجَاجِ الْمَغْشُوشِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ لِكَوْنِ الْخَلِيطِ لَيْسَ مَقْصُودًا وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْغَصْبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّا إذَا جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِهَا جَعَلْنَاهَا مِثْلِيَّةً وَالْمِثْلِيُّ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ السَّلَمِ فِيهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي إلَخْ ) فَتَضَادَّتْ أَحْكَامُهُمَا ( قَوْلُهُ فَهَلْ يَنْعَقِدُ صَرْفًا إلَخْ ) الرَّاجِحُ عَدَمُ انْعِقَادِهِ صَرْفًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ وَإِنْ نَوَيَاهُ بِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَبَحْتك إيَّاهُ بِكَذَا وَنَوَيَا بِهِ الْبَيْعَ ( قَوْلُهُ وَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ إلَخْ ) وَفِي الرُّخَامِ يَذْكُرُ اللَّوْنَ وَالنَّوْعَ وَالصَّفَاءَ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَدَوْرَهُ إنْ كَانَ مُدَوَّرًا وَالْخُطُوطَ فِيهِ وَفِي حِجَارَةِ
الْأَبْنِيَةِ يَذْكُرُ لَوْنَهَا وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا وَغِلَظَهَا وَدِقَّتَهَا وَكَوْنَهَا جَبَلِيَّةً أَوْ مَائِيَّةً وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ وَزْنِهَا وَفِي حِجَارَةِ الْأَبْنِيَةِ يَذْكُرُ سَعَةَ ثُقْبَتِهَا وَضِيقَهَا أَيْضًا وَفِي الْجِصِّ وَالنُّورَةِ يَذْكُرُ أَصْلَهُمَا وَلَوْنَهُمَا وَوَزْنَهُمَا وَلَا يَجُوزُ إجْمَالًا ( فَرْعٌ ) وَفِي النَّفْطِ يَذْكُرُ بَلَدَهُ وَلَوْنَهُ وَنَوْعَهُ وَهُوَ مَكِيلٌ
( وَلَا يَجُوزُ ) السَّلَم ( فِي الْحِبَابِ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحِّدَتَيْنِ جَمْعُ حُبٍّ بِضَمِّهَا وَهِيَ الْخَابِيَةُ ( وَالْكِيزَانِ وَالطِّسَاسِ ) بِكَسْرِ الطَّاءِ جَمْعُ طَسٍّ بِفَتْحِهَا وَيُقَالُ فِيهِ طَسْتٌ بِإِبْدَالِ سِينِهِ الْأَخِيرَةِ تَاءً ( وَالْقَمَاقِمِ وَالطَّنَاجِيرِ ) جَمْعُ طِنْجِيرٍ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَهُوَ الدَّسْتُ ( وَالْمَنَائِرِ ) بِالْهَمْزِ وَأَصْلُهُ مَنَاوِرُ جَمْعُ مَنَارَةٍ ( وَالْبِرَامِ ) بِكَسْرِ الْبَاءِ حِجَارَةٌ تُعْمَلُ مِنْهَا الْقُدُورُ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ ( الْمَعْمُولَةِ ) لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِ الْوَزْنِ مَعَ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ ( فَإِنْ صُبَّ ) شَيْءٌ مِنْ أَصْلِهَا الْمُذَابِ ( فِي قَالَبٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا ( أَوْ كَانَ ) أَيْ وُجِدَ ( سَطْلٌ مُرَبَّعٌ جَازَ ) السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْمُرَبَّعِ بَلْ الْمُدَوَّرُ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ بَلْ كُلُّ مَا لَا يَخْتَلِفُ مِنْ ذَلِكَ مَضْرُوبًا أَوْ مَنْصُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَجُوزُ السَّلَمُ ( فِي قِطَعِ الْجُلُودِ وَزْنًا ) لِانْضِبَاطِهَا لِأَنَّ جُمْلَتَهَا مَقْصُودَةٌ وَمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاوُتِ يُجْعَلُ عَفْوًا ( لَا فِي الْجُلُودِ عَلَى هَيْئَتِهَا ) لِتَفَاوُتِهَا فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعِبَارَةُ لَا تَفِي بِذَلِكَ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ( وَيُبَيِّنُ فِي الْكَاغَدِ ) وَهُوَ الْوَرَقُ ( الْعَدَدَ وَالنَّوْعَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ ) قَالَ الْقَاضِي وَاللَّوْنَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْجَوْدَةَ أَوْ الرَّدَاءَةَ وَالدِّقَّة أَوْ الْغِلَظَ وَالصَّنْعَةَ قَالَ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الزَّمَانِ كَصَيْفِيٍّ أَوْ شَتْوِيٍّ انْتَهَى لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ ذِكْرَ الْجُودَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ وَذِكْرُ الْعَرْضِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ( وَيَجُوزُ فِي الدَّقِيقِ )
وَيَذْكُرُ فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ إلَّا مِقْدَارَهُ وَيَذْكُرُ أَيْضًا أَنَّهُ يُطْحَنُ بِرَحَى الدَّوَابِّ أَوْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَخُشُونَةَ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتَهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَيَجُوزُ فِي النُّخَالَةِ إذَا انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ وَلَمْ يَكْثُرْ تَفَاوُتُهَا فِيهِ بِالِانْكِبَاسِ وَضِدِّهِ وَيَجُوزُ فِي التِّبْنِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَفِي جَوَازِهِ فِي السَّوِيقِ وَالنَّشَاءِ وَجْهَانِ الْمَذْهَبُ الْجَوَازُ كَالدَّقِيقِ ( لَا ) فِي ( الْعَلَسِ وَالْأُرْزِ ) إذَا كَانَا ( فِي الْقِشْرِ ) الْأَعْلَى لِاسْتِتَارِهِمَا بِمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ ( وَلَا فِي الْعَقَارِ ) لِأَنَّهُ إنْ عَيَّنَ مَكَانَهُ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَمَجْهُولٌ
( قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ وَفِي قِطَعِ الْجُلُودِ وَزْنًا ) إذَا اسْتَوَتْ جَوَانِبُهَا وَدُبِغَتْ وَفِي قُصَاصَتِهَا لِلْغِرَاءِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ وَالْعِبَارَةُ لَا تَفِي بِذَلِكَ ) فَيَتَعَذَّرُ ضَبْطُهَا فَإِنَّ جِلْدَ الْوَرِكِ ثَخِينٌ قَوِيٌّ وَجِلْدَ الْبَطْنِ ضَعِيفٌ رَقِيقٌ ( قَوْلُهُ وَخُشُونَةَ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتَهُ ) وَقُرْبَ زَمَانِهِ أَوْ بُعْدَهُ ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي التِّبْنِ ) وَيَذْكُرُ أَنَّهُ تِبْنُ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَالْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ ( قَوْلُهُ لِاسْتِتَارِهِمَا بِمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ ) فَلَا يُعْرَفُ لَوْنُهُمَا وَلَا صِغَرُ الْحَبَّاتِ وَكِبَرُهَا وَأَمَّا فِي السُّفْلَى وَهِيَ الْقِشْرَةُ الْحَمْرَاءُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فِيهَا
( فَرْعٌ ) قَالَ السُّبْكِيُّ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ بِالْوَزْنِ وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ أَعْلَاهُ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ الْمُزَنِيّ وَأَنَا أَقُولُ وَقَطْعُ مَجَامِعِ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي اشْتِرَاطِ مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ عَلَى وَجْهَيْنِ
( قَوْلُهُ قَالَ الْمُزَنِيّ وَأَنَا أَقُولُ إلَخْ ) مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ هُوَ الْأَصَحُّ وَيَطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقِشْرِ
( فَصْلٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ ) أَيْ إحْدَاهُمَا فِيمَا يُسَلِّمُ فِيهِ وَيُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى الْجَيِّدِ لِلْعُرْفِ ( فَإِنْ شَرَطَ ) أَوْ أَطْلَقَ ( حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَةٍ ) لَهُ ( كَالصِّفَاتِ ) فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَتَى بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ كَفَى وَوَجَبَ قَبُولُهُ لِأَنَّ الرُّتَبَ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَهُوَ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ مَثَلًا ( وَلَوْ شَرَطَ رَدِئَ النَّوْعِ أَوْ الْأَرْدَأَ جَازَ ) لِانْضِبَاطِهِمَا فَإِنْ بَيَّنَهُ وَكَانَ مُنْضَبِطًا كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَمَى صَحَّ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَلَا ) إنْ شَرَطَ ( الْأَجْوَدَ ) لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ
( فَصْلٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ ) ( قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى الْجَيِّدِ لِلْعُرْفِ ) وَهُوَ السَّالِمُ مِنْ الْعُيُوبِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ مَا صَحَّحَاهُ صَحِيحٌ إنْ فُسِّرَتْ الْجَوْدَةُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فَإِنْ فُسِّرَتْ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ النَّصُّ ( قَوْلُهُ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَمَى ) فِي التَّمْثِيلِ بِهَذَيْنِ نَظَرٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِوُجُوبِ قَبُولِ السَّلِيمِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلُ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْوَصْفَ وَالْمِكْيَالَ شَرْطٌ ) فَلَوْ جَهِلَاهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَكَذَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ غَيْرِهِمَا لَهُمَا ( فَلَوْ جَهِلَهُمَا النَّاسُ فَلَا بُدَّ ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ( مِنْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ ) لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ ( بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْأَجَلِ ) مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ فِي التَّأْجِيلِ بِنَحْوِ شُهُورِ الرُّومِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَهُنَا إلَى الْعُقُودِ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يُحْتَمَلَ ثُمَّ مَا لَا يُحْتَمَلُ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ الِاكْتِفَاءِ بِعَدْلَيْنِ ثُمَّ وَبِهِمَا مَعَ الْعَاقِدَيْنِ هُنَا أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ الْوَصْفَ بِدُونِهِمَا ثُمَّ وَمَعَهُمَا هُنَا عَدْلَانِ فَقَطْ كَفَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَقَلُّ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَمْ يُرِدْ عَدْلَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ يَغِيبَا فِي وَقْتِ الْمَحَلِّ فَتَتَعَذَّرُ مَعْرِفَتُهُ لَكِنْ الْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَكَالْمِكْيَالِ فِيمَا ذَكَرَ الْمِيزَانُ وَالذِّرَاعُ
( قَوْلُهُ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْوَصْفَ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ فَإِنْ قُلْت مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ مَعْرِفَةَ الصِّفَاتِ هَلْ هُوَ أَنْ يَعْرِفَهَا عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ أَوْ يَعْرِفَهَا وَلَوْ بِالْوَصْفِ قُلْت أَمَّا الْعَاقِدُ فَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَكْفِيهِ الْمَعْرِفَةُ إجْمَالًا وَلَوْ بِالسَّمَاعِ وَلِهَذَا صَحَّ سَلَمُ الْأَعْمَى وَاحْتَجَّ لَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِصِحَّةِ سَلَمِ الْبَصِيرِ فِيمَا لَمْ يُشَاهِدْهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ بَغْدَادَ السَّلَمُ فِي الْمَوْزِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ وَلَا لِأَهْلِ خُرَاسَانَ فِي الرُّطَبِ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ لَهُ وَأَمَّا الْعَدْلَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا ذَلِكَ عَنْ مُعَايَنَةٍ وَإِحَاطَةٍ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ النَّصُّ وَلَا شَكَّ فِيهِ
( فَصْلٌ وَإِنْ أَدَّى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مَا عَلَيْهِ ) مِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ ( وَجَبَ قَبُولُهُ ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ( وَلَوْ أَجْوَدَ ) صِفَةً مِنْ الْمَشْرُوطِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ عِنَادٌ وَلَا شِعَارَ بِذِلَّةٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِغَيْرِهِ وَذَلِكَ يُهَوِّنُ أَمْرَ الْمِنَّةِ وَلِأَنَّ الْجَوْدَةَ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهَا فَهِيَ تَابِعَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي خَشَبَةٍ عَشْرَةِ أَذْرُعٍ فَجَاءَ بِهَا أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَعَمْ إذَا كَانَ عَلَى الْمُسَلِّمِ ضَرَرٌ فِي قَبُولِهِ كَأَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَجَاءَ بِفَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجِهَا فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ جَاءَ بِأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ فَوَجْهَانِ وَجْهُ الْمَنْعِ إنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَحْكُمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ انْتَهَى وَفِيهِ وَقْفَةٌ ( لَا أَرْدَأَ ) مِنْ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِهِ بِهِ ( بَلْ يَجُوزُ ) قَبُولُهُ ( إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ ) لِأَنَّهُ مُسَامَحَةٌ بِصِفَةٍ كَمَا يَجُوزُ دَفْعُ الْأُجُورِ لِذَلِكَ ( لَا إنْ اخْتَلَفَ ) النَّوْعُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَجُوزُ قَبُولُ جِنْسٍ أَوْ نَوْعِ بَدَلٍ آخَرَ كَبُرٍّ بَدَلَ شَعِيرٍ وَمَعْقِلِيٍّ بَدَلَ بَرْنِيِّ وَبِالْعَكْسِ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَرْدَأِ كَمَا تَقَرَّرَ ( وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ وَمَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْأَرْضِ وَالْعَبْدُ التُّرْكِيُّ ) وَالْعَبْدُ ( الْهِنْدِيُّ ) التَّفَاوُتُ بَيْنَ كُلِّ مُتَقَابِلَيْنِ مِنْهَا ( تَفَاوُتُ نَوْعٍ لَا ) تَفَاوُتَ ( وَصْفٍ ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ الْآخَرِ وَلَا يَجُوزُ
( قَوْلُهُ وَجَبَ قَبُولُهُ ) فَإِنْ وَجَبَ قَبُولُهُ فَإِنْ أَبَاهُ أُمِرَ بِقَبْضٍ أَوْ إبْرَاءٍ ثُمَّ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمٍ فَأَتَى بِهِ عَلَى صِفَاتِ السَّلَمِ فَقَالَ الْمُسَلِّمُ هَذَا لَحْمُ مَيْتَةٍ فَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ وَقَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ مُذَكًّى فَعَلَيْك قَبُولُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُسَلِّمُ قَطَعَ بِهِ الزُّبَيْرِيُّ فِي الْمُسْكِتِ وَالْعَبَّادِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَالْهَرَوِيُّ فِي الْأَشْرَافِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ لِأَنَّ اللَّحْمَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ تَحْرِيمِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَجْوَدَ ) لِعُمُومِ خَبَرِ { إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً } ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ فَجَاءَ بِفَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ ) أَوْ بِمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا فَرَدَّ أَوْ لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ قَبَضَهُ جَاهِلًا فَهَلْ يَفْسُدُ قَبْضُهُ وَيَصِحُّ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا ( قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَهُ بِأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ ) مِنْ النَّسَبِ ( قَوْلُهُ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) وَهُوَ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ ) وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ { مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا مَا أَسْلَفَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِهِ } وَالْحِيلَةُ فِي الِاعْتِيَاضِ أَنْ يَفْسَخَ السَّلَمَ ثُمَّ يَعْتَاضَ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ إلَخْ ) صُورَتُهُ عَلَى الْقَائِلِ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ فِي النَّوْعِ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي الرُّطَبِ وَزْنًا وَأَعْطَاهُ بِوَزْنِهِ تَمْرًا فَيَكُونُ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا أَوْ أَسْلَمَ فِي التَّمْرِ وَزْنًا وَأَعْطَاهُ بِوَزْنِهِ رُطَبًا وَإِلَّا فَالرُّطَبُ مَوْزُونٌ وَالتَّمْرُ مَكِيلٌ وَإِعْطَاءُ الْمَكِيلِ عَنْ الْمَوْزُونِ أَوْ بِالْعَكْسِ اعْتِيَاضٌ
( فَرْعٌ لَا يَقْبِضُ كَيْلًا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا وَلَا عَكْسُهُ ) فَإِنْ خَالَفَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِفَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ جُزَافًا وَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَكَذَا لَوْ اكْتَالَهُ بِغَيْرِ الْكَيْلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَأَنْ بَاعَ صَاعًا فَاكْتَالَهُ بِالْمُدِّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ ( وَلَا يُزَلْزِلُ الْمِكْيَالَ وَلَا يَضَعُ الْكَفَّ عَلَى جَوَانِبِهِ ) بَلْ يَمْلَؤُهُ وَيَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ ( وَيُسَلِّمُ الْحِنْطَةَ ) وَنَحْوَهَا ( نَقِيَّةً مِنْ الزُّؤَانِ ) وَغَيْرِهِ كَالتِّبْنِ وَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ وَالشَّعِيرِ وَالْقَصِيلِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مَعَ شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَقَعُ مَوْقِعَهُ ( وَ ) لَكِنْ ( قَلِيلُ التُّرَابِ وَدُقَاقُ التِّبْنِ ) وَغَيْرُهُمَا مِمَّا ذَكَرَ ( يُحْتَمَلُ فِي الْمَكِيلِ ) لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ ( لَا الْوَزْنُ ) لِظُهُورِهِ فِيهِ وَمَعَ احْتِمَالِهِ فِي الْكَيْلِ إنْ كَانَ لِإِخْرَاجِ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ كَمَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَقَرَّهُ ( وَيُسَلِّمُ التَّمْرَ جَافًّا ) وَلَوْ فِي أَوَّلِ جَفَافِهِ لِأَنَّهُ قَبْلَ جَفَافِهِ لَا يُسَمَّى تَمْرًا وَلَا يُجْزِئُ مَا تَنَاهَى جَفَافُهُ حَتَّى لَمْ تَبْقَ فِيهِ نَدَاوَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا .
( وَ ) يُسَلِّمُ ( الرُّطَبَ غَيْرَ مُشَدَّخٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْبُسْرُ يُعَالِجُ بِالْغَمِّ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَتَشَدَّخَ أَيْ يَتَرَطَّبَ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَعْمُولِ فِي بِلَادِ مِصْرَ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَلَا قَبُولُ بُسْرٍ وَلَا مُذَنِّبٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ بُسْرٌ بَدَا التَّرْطِيبُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهِ ( فَإِنْ عَجَّلَ ) الْمَدِينُ ( مُؤَجَّلًا فَامْتَنَعَ ) الدَّائِنُ وَفِي نُسْخَةٍ فَامْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ ( مِنْ قَبُولِهِ لِغَرَضٍ كَحَيَوَانٍ يُعْلَفُ ) أَيْ يَحْتَاجُ عَلَفًا ( أَوْ
عَرَضٍ يَحْتَاجُ مَكَانًا ) لِحِفْظِهِ ( بِمُؤْنَةٍ ) كَثِيرَةٍ ( أَوْ مَا يُطْلَبُ أَكْلُهُ طَرِيًّا ) عِنْدَ مَحَلِّهِ كَثَمَرَةٍ وَلَحْمٍ أَوْ كَانَ مِمَّا يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ كَحِنْطَةٍ أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي زَمَنِهِ ( لَمْ يَلْزَمْهُ ) قَبُولُهُ لِتَضَرُّرِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ امْتَنَعَ لَا لِغَرَضٍ ( لَزِمَهُ ) قَبُولُهُ كَالْمُكَاتَبِ يُعَجِّلُ النُّجُومَ لِيُعْتَقَ يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَى قَبُولِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ غَيْرُ الْبَرَاءَةِ كَفَكِّ رَهْنٍ أَوْ إبْرَاءِ ضَامِنٍ أَوْ خَوْفِ انْقِطَاعِهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمَدِينِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ ذَكَرَ فِي بَابِ الْمَنَاهِي أَنَّ الْمَدِينَ إذَا أَسْقَطَ الْأَجَلَ لَا يَسْقُطُ حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْإِسْقَاطَ وَسِيلَةٌ إلَى الطَّلَبِ الْمُؤَدِّي لِلْبَرَاءَةِ وَالدَّفْعُ مُحَصِّلٌ لَهَا نَفْسِهَا فَكَانَ أَقْوَى مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا تَقَابَلَ غَرَضَاهُمَا يُرَاعَى جَانِبُ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى غَرَضِ الْمُؤَدِّي إلَّا عِنْدَ عَدَمِ غَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ ( وَيُجْبَرُ ) الدَّائِنُ ( عَلَى قَبُولِ كُلِّ دَيْنٍ حَالٍّ ) إنْ كَانَ غَرَضُ الْمَدِينِ غَيْرَ الْبَرَاءَةِ .
وَعَلَيْهِ ( أَوْ ) عَلَى ( الْإِبْرَاءِ عَنْهُ ) إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إنْ أَحْضَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَنْ حَيٍّ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَارِثَ وَجَبَ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ التَّرِكَةَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدُ جَوَابٍ لِلْقَاضِي وَمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَمَا سَلَكَهُ هُوَ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْأَنْوَارِ ( فَإِنْ أَصَرَّ ) عَلَى الِامْتِنَاعِ فِيمَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ ( قَبَضَ لَهُ الْحَاكِمُ ) فَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَاتَبَ
عَبْدًا لَهُ عَلَى مَالٍ فَجَاءَ الْعَبْدُ بِالْمَالِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ أَنَسٌ فَأَتَى الْعَبْدُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ غَائِبًا فَقِيَاسٌ قَبَضَ الْحَاكِمُ عَنْهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ أَنْ يَقْبِضَ لَهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ ( فَإِنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ ) وَالدَّيْنُ حَالٌّ ( طَالَبَهُ ) بِهِ ( إنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ ) أَوْ كَانَ وَرَضِيَ بِدُونِهَا فَيُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى الْأَدَاءِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ ( وَإِلَّا فَلَا يُطَالِبُهُ بِهِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَسْلِيمَهُ ثَمَّ ( وَلَا بِالْقِيمَةِ ) لِلْحَيْلُولَةِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِلْزَامُهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ أَوْ بِالتَّوْكِيلِ وَلَا يُحْبَسُ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ وَاسْتِرْدَادُ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ ( وَيُخَالِفُ الْغَاصِبَ وَالْمُتْلَفَ ) فِيمَا إذَا ظَفِرَ الْمَالِكُ بِهِمَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ ( فَإِنَّهُمَا يُطَالِبَانِ بِهَا ) لَا بِالْمِثْلِ ( وَلَا يَلْزَمُ ) الدَّائِنَ فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ ( قَبُولُ مَالِهِ ) أَيْ لِحَمْلِهِ ( مُؤْنَةٌ ) إذَا أَحْضَرَهُ الْمَدِينُ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ لِتَضَرُّرِهِ ( لَا ) قَبُولَ ( غَيْرِهِ بِلَا غَرَضٍ ) فَيَلْزَمُهُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ كَخَوْفٍ هُنَاكَ وَلَوْ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ كَأَنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ كَانَ أَوْضَحَ
( قَوْلُهُ فَرْعٌ لَا يَقْبِضُ كَيْلًا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا إلَخْ ) لَوْ قَبَضَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَقَدْ تَلِفَ فَهَلْ لَهُ الْأَرْشُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ يَغْرَمُ التَّالِفَ وَيُطَالِبُ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ إذَا قَبَضَهُ جَاهِلًا بِعَيْبِهِ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالرِّضَا بِعَيْبِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَ مُؤَجَّلًا إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ عَجَّلَ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ الْأَصِيلَ بَعْدَ مَوْتِ ضَامِنِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ مُحْرِمًا وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ صَيْدًا فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ لِتَضَرُّرِهِ ) هَذَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَشْرُوطًا ابْتِدَاءً أَمَّا لَوْ كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً ثُمَّ أَجَّلَهُ بِنَذْرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيَجِبُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إلَّا عَلَى ذَلِكَ وَالتَّأْخِيرُ قَدْ يَضُرُّهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الطِّرَازِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَارِثَ إلَخْ ) بِخِلَافِ لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّيْنِ قَبُولُهُ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي النَّفَقَاتِ وَالْقَسَامَةِ ( قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ ) وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِي مَسْأَلَتِنَا اسْتَحَقَّ التَّسْلِيمَ فِيهَا لِوُجُودِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَامْتِنَاعُهُ مِنْهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ الْمُحْضَرِ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ ( قَوْلُهُ قَبَضَ لَهُ الْحَاكِمُ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وَضَعَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسَلِّمِ بِدُونِ رِضَاهُ لَا يَبْرَأُ فَإِنَّهُ لَوْ بَرِيءَ لَكَانَ الْقَاضِي فِي غَنِيَّةٍ عَنْ قَبْضِهِ لَهُ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنْ قُلْنَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ
الْحُصُولُ فَإِنَّهُ الْأَصَحُّ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ ( قَوْلُهُ فَقِيَاسُ قَبْضِ الْحَاكِمِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ أَحْضَرَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ أَوْ أَحْضَرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ قَبْضُهُ مِنْهُ وَكَذَا الْمَالِكُ فِي الْغَصْبِ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ مُؤْنَةُ النَّقْلِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ وَالْإِشْهَادِ فِي السَّلَمِ وَلَوْ لَمْ يَفِ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ خُيِّرَ الْمُسَلِّمُ وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَلْزَمْهُ لَكِنْ لَوْ تَبَرَّعَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِالرَّهْنِ وَسَلَّمَ أَوْ تَكَفَّلَ شَخْصٌ تَبَرُّعًا لَزِمَ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُطَالِبُهُ ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ حَيْثُ طُولِبَ بِهِ أَكْثَرَ ا هـ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَالِهِ مُؤْنَةً ) لَوْ بَذَلَهَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ قَالَ شَيْخُنَا يَمْتَنِعُ وَإِنْ جَرَى فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى مَا يُوهِمُ خِلَافَهُ ( قَوْلُهُ إذَا أَحْضَرَهُ الدَّائِنُ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ بِالنَّصْبِ وَاقِعٌ عَلَى الْمُسَلِّمِ وَفَاعِلُ أَحْضَرَ هُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَقَامِ نَحْوُ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا ( فَرْعٌ ) وَلَوْ اتَّفَقَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى صِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَأَحْضَرَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَجِبُ قَبُولُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ
( بَابٌ ) ( الْقَرْضُ ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا يُطْلَقُ اسْمًا بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يُرَدَّ بَدَلُهُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يَقْطَعُ لِلْمُقْتَرِضِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ سَلَفًا ( هُوَ قُرْبَةٌ ) لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى كَشْفِ كُرْبَةٍ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ أَقْرَضَ مُسْلِمًا دِرْهَمًا مَرَّتَيْنِ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ صَدَقَتِهِ مَرَّةً { وَاسْتَقْرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ جَمَاعَةٍ } نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ مَكْرُوهٍ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْوَفَاءَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُقْرَضُ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْوَفَاءِ وَأَرْكَانُهُ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ كَالْبَيْعِ وَيُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَوْنُ الْمُقْرِضِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ لِأَنَّ الْقَرْضَ فِيهِ شَائِبَةُ التَّبَرُّعِ وَلَوْ كَانَ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً لَجَازَ لِلْوَلِيِّ غَيْرِ الْقَاضِي قَرْضُ مَالِ مُوَلِّيهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَرْضِ الرِّبَوِيِّ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَجَازَ فِي غَيْرِهِ شَرْطُ الْأَجَلِ وَاللَّوَازِمُ بَاطِلَةٌ
( بَابُ الْقَرْضِ ) ( قَوْلُهُ وَمَصْدَرًا ) كَمَا هُنَا عَلَى حَذْفِ الزَّوَائِدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { أَنْبَتَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ نَبَاتًا } ( قَوْلُهُ الْقُرْبَةُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَافْعَلُوا الْخَيْرَ } وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ } وَالْقُرْبَةُ مَا كَانَ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ رَجَاءَ الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا ضَبَطَهُ الْقَفَّالُ ( قَوْلُهُ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ إلَخْ ) وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَقُلْت يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ } تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّامِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ الصَّدَقَةُ إنَّمَا يُكْتَبُ لَك أَجْرُهَا حِينَ تَتَصَدَّقُ بِهَا وَهَذَا يُكْتَبُ لَك أَجْرُهَا مَا كَانَ عِنْدَ صَاحِبِهِ وَفِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا { قَرْضُ الشَّيْءِ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَتِهِ } ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ ) بَلْ يَحْرُمُ فِي الْأَوَّلِ وَيُكْرَهُ فِي الثَّانِي وَقَدْ يَجِبُ كَالْمُضْطَرِّ وَلَوْ أَقْرَضَ الْمَاءَ لِعَادِمِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُقْرِضُ إلَخْ ) وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُظْهِرَ الْغِنَى وَيُخْفِيَ الْفَاقَةَ عِنْدَ الْقَرْضِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ إخْفَاءُ الْغِنَى وَإِظْهَارُ الْفَاقَةِ عِنْدَ أَخْذِ الصَّدَقَةِ ( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَوْنُ الْمُقْرِضِ إلَخْ ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْتَرِضِ إلَّا أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ ( قَوْلُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ ) النَّاجِزِ بِالْمَالِ
( وَيُشْتَرَطُ ) لَهُ ( الْإِيجَابُ ) كَالْبَيْعِ ( كَأَقْرَضْتُكَ وَأَسْلَفْتُك وَخُذْهُ بِرَدِّ مِثْلِهِ ) الْأَخْضَرُ بِمِثْلِهِ ( وَمَلَّكْتُكَهُ بِبَدَلِهِ ) أَوْ خُذْهُ وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ خُذْهُ بِكَذَا وَنَحْوَهُ كِنَايَةٌ فِيهِ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَقْرَضْتُكَ أَنَّهُ لَا حَصْرَ لِلصِّيَغِ فِيمَا قَالَهُ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَقْرَضْتُك إلَى آخِرِهِ ( فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ ) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَلَّكْتُكَهُ ( فَهُوَ هِبَةٌ ) فِي الظَّاهِرِ ( وَالْقَوْلُ فِي ذِكْرِهِ ) أَيْ الْبَدَلِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ ( قَوْلُ الْآخِذِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذِكْرِهِ وَالصِّيغَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ادَّعَاهُ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْعَقْدِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً حَيْثُ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ وَجْهًا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ قَالَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ أَيْ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهُ فِي الْأَطْعِمَةِ لَوْ قَالَ أَطْعَمْتُك بِعِوَضٍ فَقَالَ الْمُضْطَرُّ بِلَا عِوَضٍ صَدَقَ الْمُطْعِمُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ بَذْلِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ( وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ ) لِمَا ذُكِرَ نَعَمْ الْقَرْضُ الْحُكْمِيُّ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى اللَّقِيطِ الْمُحْتَاجِ وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ وَكِسْوَةِ الْعَارِي لَا يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ الِالْتِمَاسَ مِنْ الْمُقْرِضِ كَاقْتَرَضَ مِنِّي يَقُومُ مُقَامَ الْإِيجَابِ وَمِنْ الْمُقْتَرِضِ كَأَقْرِضْنِي يَقُومُ مُقَامَ الْقَبُولِ كَمَا فِي الْبَيْعِ .
( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ كَأَقْرَضْتُك ) قَالَ أَقْرِضْنِي عَشَرَةً فَقَالَ خُذْهَا مِنْ فُلَانٍ فَهُوَ تَوْكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ قَرْضِهَا فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ فُلَانٍ وَدِيعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا صَحَّ الْقَرْضُ ( قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنْ خُذْهُ بِكَذَا إلَخْ ) أَمَّا خُذْهُ بِمِثْلِهِ فَصَرِيحَةٌ هُنَا إذْ التَّصْرِيحُ بِالْمِثْلِ يَصْرِفُهُ إلَى الْقَرْضِ وَلَيْسَتْ كِنَايَةً فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَقَالَ الْغَزِّيِّ وَظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لِلْقَرْضِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لَوْ حُمِلَ عَلَيْهِ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَحْتَمِلُ الْقَرْضَ وَالْبَيْعَ ( قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ فَهُوَ هِبَةٌ ) كَمَا لَوْ قَالَ خُذْ الْحِنْطَةَ وَازْرَعْهَا لِنَفْسِك أَوْ هَذَا الدِّينَارَ وَاشْتَرِ بِهِ قَمِيصًا لِنَفْسِك ( قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ فِي ذَكَرَهُ قَوْلُ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ ) يُوَافِقُ مَا فِي آخِرِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ بَعَثَ شَيْئًا إلَى بَيْتِ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعَثْته بِعِوَضٍ فَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَمَا فِي آخِرِ الْهِبَةِ مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا قَالَ وَهَبْتُك بِبَدَلٍ فَقَالَ بِلَا بَدَلٍ أَنَّ الْمُصَدِّقَ الْمُتَّهِبُ وَيُفَارِقُ مَا إذَا قَالَ مَالِكُ الدَّابَّةِ أَجَرْتُكهَا وَقَالَ الْآخَرُ أَعَرْتنِيهَا حَيْثُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِاتِّفَاقِهِمَا فِيهَا عَلَى عَدَمِ انْتِقَالِ مِلْكِ الْعَيْنِ لِلْآخِذِ وَقَدْ انْتَفَعَ بِهَا وَيَدَّعِي عَدَمَ الْعِوَضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِهِ فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ يَقْتَضِي الْعِوَضَ ( قَوْلُهُ وَالصِّيغَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ادَّعَاهُ ) أَيْ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا ( قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُطْعِمُ فِي الْأَصَحِّ ) إنَّمَا صُدِّقَ الْمُطْعِمُ حِفْظًا لِنَفْسِ الْمُضْطَرِّ إذْ لَوْ صَدَّقْنَاهُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَامْتَنَعَ مَالِكُ الطَّعَامِ مِنْ بَذْلِهِ
إلَّا بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى فَوَاتِ نَفْسِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ ) مُوَافِقًا لَهُ فِي الْمَعْنَى كَالْبَيْعِ فَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُك أَلْفًا فَقَبِلَ خَمْسَمِائَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَصِحَّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمُقْرِضَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يَضُرُّهُ قَبُولُ بَعْضِ الْمُسَمَّى أَوْ الزَّائِدِ عَلَيْهِ
( وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْقَرْضُ فِيمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ ) لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ أَوْ يَنْدُرُ وُجُودُهُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ لَكِنْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَاخْتَارَ الْجَوَازَ قَالَ بِخِلَافِ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْإِرْفَاقِ وَيَجُوزُ رَدُّ الزَّائِدِ وَأَخْذُ النَّاقِصِ بِلَا شَرْطٍ فَلَا يُضَايَقُ فِيهِ كَالرِّبَا وَوَافَقَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى اخْتِيَارِ الْجَوَازِ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا عَرَفَ قَدْرَ غِشِّهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا لِلْجَهْلِ بِهَا ( وَاسْتَثْنَى ) مِنْ عَدَمِ جَوَازِ قَرْضِ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ ( جَوَازَ قَرْضِ الْخُبْزِ وَزْنًا ) لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ عَلَى فِعْلِهِ فِي الْأَعْصَارِ بِلَا إنْكَارٍ وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَظْهَرَيْ وَغَيْرُهُمَا وَاقْتَضَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ تَرْجِيحَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالرَّاجِحُ جَوَازُهُ فَقَدْ اخْتَارَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ عَدَدًا وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ مِنْ جَوَازِ إقْرَاضِ جُزْءٍ مِنْ دَارٍ فَبَنَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْقِيمَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي أَوْ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَقَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ .
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ صِحَّةُ اقْتِرَاضِ الدَّرَاهِمِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ تَرْجِيحُهُ ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَفِي الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ ) وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَيَحْرُمُ إقْرَاضُ الرُّوبَةِ ) لِاخْتِلَافِهَا بِالْحُمُوضَةِ وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ خَمِيرَةٌ مِنْ اللَّبَنِ الْحَامِضِ تُلْقَى عَلَى الْحَلِيبِ لِيَرُوبَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ وَجْهَيْنِ فِي إقْرَاضِ الْخَمِيرِ الْحَامِضِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالْوَزْنِ كَالْخُبْزِ ( وَ ) يَحْرُمُ إقْرَاضُ ( جَارِيَةٍ ) لِمَنْ ( تَحِلُّ لَهُ ) وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ وَإِنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ يَثْبُتُ فِيهِ الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا الْمُقْتَرِضُ ثُمَّ يَرُدُّهَا فَيُشْبِهُ إعَارَةَ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْأَبِ يَهَبُ وَلَدَهُ جَارِيَةً يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مَعَ جَوَازِ اسْتِرْجَاعِ الْأَبِ لَهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ ثَمَّ مِنْ قِبَلِ الْمُتَمَلِّكِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلِأَنَّ عَقْدَ الْقَرْضِ مَدْلُولُهُ إعْطَاءُ شَيْءٍ وَالرُّجُوعُ فِيهِ أَوْ فِي بَدَلِهِ فَكَانَ كَالْإِعَارَةِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ أَمَّا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْحَالِ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتِهَا كَذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجِهُ الْمَنْعُ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُشْعِرُ بِهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى حِلِّ أُخْتِ زَوْجَتِهِ بِأَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ بِخِلَافِ حِلِّ الْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا امْتِنَاعُ إقْرَاضِ الْخُنْثَى لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَمَا قِيلَ مِنْ جَوَازِ إقْرَاضِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ وَهُوَ كَوْنُهُ جَارِيَةً لَمْ يَتَحَقَّقْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ خَطَأٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ، وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَمَةِ لِلْخُنْثَى قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ وَاضِحًا فَيَطَؤُهَا ، وَيَرُدُّهَا ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ الْمَنْعُ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ تَمَلُّكُ الْجَارِيَةِ
الْمُلْتَقَطَةِ إنْ كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ ثُمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ظُهُورَ الْمَالِكِ ثَمَّ بَعِيدٌ .
( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ السَّلَمِ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْمَخِيضِ الصَّافِي مِنْ الْمَاءِ وَوَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ مَقْصُودَةٌ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَمِيرَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَجَارِيَةٌ تَحِلُّ لَهُ ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمُشْتَهَاةُ وَلَوْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ مُتَحَيِّرَةً أَيِسَ مِنْ بُرْئِهَا وَغَيْرُهَا إمَّا لِكَوْنِهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً أَوْ شَوْهَاءَ وَقَوْلُهُمْ .
لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَسَائِلُ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ وَتَعْلِيلَهُمْ يَقْتَضِيهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُقْتَرَضِ بَيْنَ أَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ الْمُقَدِّمَاتِ فَقَطْ كَالْمَمْسُوحِ وَالْعِنِّينِ وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ أَوْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالصَّبِيِّ ح ( قَوْلُهُ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ ) كَتَطْلِيقٍ ثَلَاثًا قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَالْمُتَّجِهُ الْمَنْعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا امْتِنَاعُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَمَةِ لِلْخُنْثَى ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السَّلَمُ فِيهَا فَجَازَ قَرْضُهَا لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ بَانَتْ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى الْمُقْتَرِضِ لِلْجَارِيَةِ أَوْ أُنُوثَةُ الْخُنْثَى الْمُقْتَرِضِ لِلرَّجُلِ فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ إنْ تَبَيَّنَ بِغَيْرِ إخْبَارِهِ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَكَذَا فِي الْأُولَى إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ أَوْ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا فِي إخْبَارِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ أَمَةٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَحَضَرَ وَأَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِالْإِعْتَاقِ حِينَئِذٍ فَاقْتَرَضَهَا وَأَعْتَقَهَا فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ
أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ وَالْوَثَنِيَّةَ مَثَلًا كَغَيْرِهِمَا وَإِنْ حَرُمَتَا عَلَيْهِ مَعَ بَقَائِهِمَا عَلَى مِلَّتِهِمَا وَيَحْتَمِلُ غَيْرُهُ ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ فِي اللُّقَطَةِ أَنَّ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَالْمَجُوسِيَّةِ كَالْعَبْدِ فَيَتَمَلَّكُهَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ فَعَلَى قَوْلَيْنِ كَالِاقْتِرَاضِ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ جَوَازَ اقْتِرَاضِهِ الْمَجُوسِيَّةَ وَنَحْوَهَا نَظَرًا إلَى الْحَالِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ ظُهُورَ الْمَالِكِ هُنَا بَعِيدٌ وَكَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ هُنَا مُصَرِّحٌ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إقْرَاضُ بَعْضِ الْجَارِيَةِ إذَا كَانَ بَاقِيهَا لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ كَإِقْرَاضِ شِقْصِ الدَّارِ وَقَوْلُهُ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ جَوَازَ اقْتِرَاضِهِ الْمَجُوسِيَّةَ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ وَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ
( وَ ) يَحْرُمُ إقْرَاضُ ( مَاءِ الْقَنَاةِ لِلْجَهْلِ بِهِ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي مَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ أَمَّا الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُهَا لِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ .
( قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْأَقْرَبُ مَا جَمَعَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا وَالْجَوَازُ عَلَى مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِإِمْكَانِ رَدِّ مِثْلِهَا الصُّورِيِّ س
( فَرْعٌ يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّةِ الْإِقْرَاضِ ( الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ ) لِيَتَأَتَّى أَدَاؤُهُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ كَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَمْ يَصِحَّ ، وَلَوْ أَقْرَضَهُ عَلَى أَنْ يُسْتَبَانَ مِقْدَارُهُ ، وَيُرَدُّ مِثْلُهُ صَحَّ ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَذَكَرَ الصِّفَةَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ( وَيَجُوزُ اقْتِرَاضُ الْمَكِيلِ ، وَزْنًا ، وَعَكْسُهُ ) إنْ لَمْ يَتَجَافَ فِي الْمِكْيَالِ كَالسَّلَمِ
( قَوْلُهُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ كَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَخْ ) أَوْ بُرًّا مُخْتَلِطًا بِشَعِيرٍ
( فَصْلٌ ) ( وَيَبْطُلُ قَرْضٌ ) بِشَرْطِ ( جَرِّ مَنْفَعَةٍ ) أَيْ يَجُرُّهَا إلَى الْمُقْرِضِ ( كَشَرْطِ رَدِّ الصَّحِيحِ عَنْ الْمُكَسَّرِ أَوْ رَدِّهِ بِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ فِيهِ خَوْفٌ ) مِنْ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْمُقْتَرِضُ ( مَلِيءٌ ) لِقَوْلِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْقَرْضِ الْإِرْفَاقُ فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ لِنَفْسِهِ حَقًّا خَرَجَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَمَنَعَ صِحَّتَهُ ، وَمَا رُوِيَ مِنْ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنْ يَأْخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ } فَمَحْمُولٌ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ إذْ لَا أَجَلَ فِي الْقَرْضِ كَالصَّرْفِ بِجَامِعِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ { أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَشْتَرِيَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ } ( وَكَذَا شَرْطُ ) رَدِّ ( زِيَادَةٍ ) فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ ( وَلَوْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ فَإِنْ فَعَلَهُ ) أَيْ الرَّدَّ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ( بِلَا شَرْطٍ ) فِي الْعَقْدِ ( اُسْتُحِبَّ ) ، وَلَوْ فِي الرِّبَوِيِّ ( وَلَمْ يُكْرَهْ أَخْذُهُ ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ رَبَاعِيًّا ، وَقَالَ إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً } وَرُوِيَ وَرَدَّ بَازِلًا ، وَرُوِيَ ، وَأُمِرَ بِرَدِّ بَكْرٍ، وَهُوَ الْفَتَى مِنْ الْإِبِلِ ، وَالرُّبَاعِيُ مِنْهَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ ، وَالْبَازِلُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ مَا لَهُ ثَمَانِ سِنِينَ هَذَا إنْ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ اقْتَرَضَ لِمَحْجُورِهِ أَوْ لِجِهَةِ وَقْفٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ زَائِدٍ ( وَفِي كَرَاهَةِ الْقَرْضِ ) بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ ( مِمَّنْ تَعَوَّدَ رَدَّ الزِّيَادَةِ ، وَجْهَانِ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ ) أَيْ إقْرَاضَهُ لِأَجْلِهَا ، وَقِيَاسُ كَرَاهَةِ نِكَاحِ مَنْ عَزَمَ عَلَى أَنَّهُ يُطَلِّقُ إذَا وَطِئَ
بِغَيْرِ شَرْطٍ كَرَاهَةُ هَذَا ( وَإِنْ شَرَطَ أَجَلًا لَا يَجُرُّ مَنْفَعَةً ) لِلْمُقْرِضِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ ( أَوْ أَنْ يَرُدَّ الْأَرْدَأَ ) أَوْ الْمُكَسَّرَ ( أَوْ ) أَنْ ( يُقْرِضَهُ قَرْضًا آخَرَ لَغَا الشَّرْطُ وَحْدَهُ ) أَيْ دُونَ الْعَقْدِ لِأَنَّ مَا جَرَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ ، وَالْعَقْدُ عَقْدُ إرْفَاقٍ فَكَأَنَّهُ زَادَ فِي الْإِرْفَاقِ ، وَوَعَدَهُ وَعْدًا حَسَنًا ، وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ مِثْلَهُ يُفْسِدُ الرَّهْنَ كَمَا سَيَأْتِي ، وَيُجَابُ بِقُوَّةِ دَاعِي الْقَرْضِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ بِخِلَافِ الرَّهْنِ ، وَيُنْدَبُ الْوَفَاءُ بِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ كَمَا فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ الْحَالِّ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَغَيَّرَ الْأَجَلَ مِمَّا ذُكِرَ فِي مَعْنَاهُ .
( قَوْلُهُ لِقَوْلِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ إلَخْ ) وَرُوِيَ مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ لَكِنْ صَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ رَفَعَهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَعْنَاهُ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ( قَوْلُهُ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً إلَخْ ) أَيْ شَرَطَ فِيهِ مَا يَجُرُّ إلَى الْمُقْرِضِ مَنْفَعَةً ( قَوْلُهُ بِجَامِعِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ ) لِأَنَّ الْأَجَلَ يَقْتَضِي جُزْءًا مِنْ الْعِوَضِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا شَرْطُ زِيَادَةٍ إلَخْ ) فِي مَعْنَاهُ الْقَرْضُ لِمَنْ يَسْتَأْجِرُ مِلْكَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَجَلٍ الْقَرْضِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ شَرْطًا فَحَرَامٌ إجْمَاعًا وَإِلَّا فَيُكْرَهُ عِنْدَنَا ( قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَهُ بِلَا شَرْطٍ إلَخْ ) وَلَا يَجُوزُ رُجُوعُهُ فِي الزَّائِدِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُ كَرَاهَةِ نِكَاحِ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِقُوَّةِ دَاعِي الْقَرْضِ إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقَرْضِ الرِّفْقُ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهِ
( وَيَصِحُّ ) الْإِقْرَاضُ ( بِشَرْطِ رَهْنٍ ، وَكَفِيلٍ ، وَإِشْهَادٍ ، وَإِقْرَارٍ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَوْثِيقَاتٌ لَا مَنَافِعُ زَائِدَةٌ فَلَهُ إذَا لَمْ يُوفِ الْمُقْتَرِضُ بِهَا الْفَسْخُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي الْبَيْعِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَمَا سَيَأْتِي عَلَى أَنَّ فِي التَّوَثُّقِ بِهَا مَعَ إفَادَتِهِ أَمْنَ الْجَحْدِ فِي بَعْضٍ ، وَسُهُولَةَ الِاسْتِيفَاءِ فِي آخِرِ صَوْنِ الْعِرْضِ فَإِنَّ الْحَيَاءَ ، وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ الرُّجُوعِ بِغَيْرِ سَبَبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ سَبَبٌ فَإِنَّ الْمُقْتَرِضَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمُقْرِضُ مَعْذُورًا فِي الرُّجُوعِ غَيْرَ مَلُومٍ ( لَا ) بِشَرْطِ رَهْنٍ ، وَكَفِيلٍ ، وَإِشْهَادٍ ، وَإِقْرَارٍ ( بِدَيْنٍ آخَرَ ) فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ بِهِ ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عِلْمُ انْقِسَامِ الشَّرْطِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ صَحِيحٍ ، وَفَاسِدٍ مُفْسِدٍ ، وَفَاسِدٍ غَيْرِ مُفْسِدٍ .
( قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ فِي التَّوَثُّقِ بِهَا مَعَ إفَادَتِهِ أَمْنَ الْجَحْدِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا قَبْلَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَالْمُقْتَرِضِ هَاهُنَا لَمْ يُبَحْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا بِشَرْطٍ صَحِيحٍ وَإِنَّ فِي صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ حَثًّا لِلنَّاسِ عَلَى فِعْلِ الْقَرْضِ وَتَحْصِيلِ أَنْوَاعِ الْبِرِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ
( ، وَإِذَا قَبَضَ الْقَرْضَ ) أَيْ مَا اقْتَرَضَهُ ( مَلَكَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ ) كَالْمَوْهُوبِ ، وَأَوْلَى لِثُبُوتِهِ بِعِوَضٍ ، وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِقَبْضِهِ كُلَّ التَّصَرُّفَاتِ ، وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ ( وَعَتَقَ ) عَلَيْهِ ( إنْ كَانَ بَعْضَهُ ) ، وَلَزِمَهُ نَفَقَةُ الْحَيَوَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَكِنْ إنْ رَجَعَ ) الْمُقْرِضُ ( فِيهِ ) أَيْ فِيمَا أَقْرَضَهُ ( وَهُوَ مِلْكُهُ ) أَيْ الْمُقْتَرِضِ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجِّرًا أَوْ مُعَلِّقًا عِتْقَهُ بِصِفَةٍ لِأَنَّ لَهُ تَغْرِيمَ بَدَلِهِ عِنْدَ الْفَوَاتِ فَالْمُطَالَبَةُ بِعَيْنِهِ أَوْلَى نَعَمْ إنْ بَطَلَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَانَ ، وَجَدَهُ مَرْهُونًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ فَلَا رُجُوعَ ، وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ ثُمَّ عَادَ فَوَجْهَانِ ، وَقِيَاسُ أَكْثَرِ نَظَائِرِهِ الرُّجُوعُ ، وَبِهِ جَزَمَ الْعِمْرَانِيُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ مَا دَامَ بَاقِيًا ، وَإِذَا جَازَ رُجُوعُهُ فَرَجَعَ فِيهِ ( لَزِمَهُ ) أَيْ الْمُقْتَرِضَ ( رَدُّهُ ) ، وَلِلْمُقْتَرِضِ رَدُّ مَا اقْتَرَضَهُ ، وَعَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولُهُ إلَّا إذَا نَقَصَ فَلَهُ قَبُولُهُ مَعَ الْأَرْشِ أَوْ مِثْلِهِ سَلِيمًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ، وَفِيمَا إذَا وَجَدَهُ مُؤَجَّرًا لَا أَرْشَ لَهُ بَلْ يَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا أَمَدًا يَنْتَظِرُ فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِذَلِكَ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ ، وَلَوْ زَادَ رَجَعَ فِي زِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ
( قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْمَالِكِ وَلَا وَلِيًّا عَلَيْهِ وَكَالْهِبَةِ لِلْوَلَدِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ رَجَعَ فِيهِ إلَخْ ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَسْلَمَ عَبْدٌ كَافِرٌ فَأَقْرَضَهُ مِنْ مُسْلِمٍ فَإِنَّ الْمُتَّجِهَ الِاكْتِفَاءُ بِالْقَرْضِ وَيَحْتَمِلُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ ( قَوْلُهُ أَوْ مُعَلِّقًا عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ) شَمَلَ الْمُدَبَّرَ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُ أَكْثَرِ نَظَائِرِهِ الرُّجُوعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولُهُ ) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ رَدَّهُ فِي زَمَنِ نَهْبٍ أَوْ إغَارَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ
( فَصْلٌ ) ( وَأَدَاؤُهُ ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ صِفَةً ، وَمَكَانًا وَزَمَانًا ( كَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ) فَلَا يَجِبُ قَبُولُ الرَّدِيءِ عَنْ الْجَيِّدِ ، وَلَا قَبُولُ الْمِثْلِ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ إنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ ، وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْتَرِضُ أَوْ كَانَ الْمَكَانُ مَخُوفًا ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الدَّفْعُ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَهُ مُؤْنَةٌ ، وَتَحَمَّلَهَا الْمُقْرِضُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ ( لَكِنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ بِقِيمَةِ مَالِهِ ) أَيْ لِحَمْلِهِ ( مُؤْنَةً ) لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إذَا لَمْ يَتَحَمَّلْ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكُلْفَةِ ، وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمِثْلِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَالْمَانِعُ مِنْ طَلَبِ الْمِثْلِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ ، وَكَثِيرُ مُؤْنَةِ الْحَمْلِ ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَوْنُ قِيمَةِ بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ، وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ( بِبَلَدِ الْقَرْضِ ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّمَلُّكِ ( يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ ) لِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِهَا ( وَيَنْقَطِعُ بِهَا ) أَيْ بِالْقِيمَةِ ( حَقُّهُ ) أَيْ الْمُقْرِضِ لِأَنَّهَا لِلْفَيْصُولَة لَا لِلْحَيْلُولَةِ فَلَوْ اجْتَمَعَا بِبَلَدِ الْإِقْرَاضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ رَدُّهَا ، وَطَلَبُ الْمِثْلِ ، وَلَا لِلْمُقْتَرِضِ اسْتِرْدَادُهَا ( فَرْعٌ لَهُ ) بَلْ عَلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَصْلِ ( رَدُّ مِثْلِ مَا اقْتَرَضَ ) حَقِيقَةً فِي الْمِثْلِيِّ ( وَلَوْ فِي نَقْدٍ بَطَلَ ) التَّعَامُلُ بِهِ ( وَصُورَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ ) { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ رَبَاعِيًّا } كَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ لَافْتَقَرَ إلَى الْعِلْمِ
بِهَا ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ اعْتِبَارُ مَا فِيهِ مِنْ الْمَعَانِي كَحِرْفَةِ الْعَبْدِ وَعَدْوِ الدَّابَّةِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ اُعْتُبِرَ مَعَ الصُّورَةِ مُرَاعَاةُ الْقِيمَةِ ( وَالْقَوْلُ فِي الصِّفَةِ أَوْ الْقِيمَةِ ) عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِيهَا ( قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ .
( قَوْلُهُ بِقِيمَةِ مَالِهِ أَيْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً ) الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّقْلِ لَهُ مُؤْنَةً أَنَّهُ تَزِيدُ قِيمَتُهُ بِالنَّقْلِ إلَى بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ النَّقْلِ لَهُ مُؤْنَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ نَقْلُ شَيْءٍ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ إلَّا بِمُؤْنَةٍ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ لَأَدَّى إلَى أَنَّهُ لَوْ أَقْرَضَهُ قَفِيزًا بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ ثُمَّ وَجَدَهُ بِأُخْرَى مِنْهَا وَقِيمَتُهُ بِالْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءٌ أَوْ فِي بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ أَقْضِي أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّقْلِ لَهُ مُؤْنَةً إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ قَائِلَ ذَلِكَ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ لَيْسَتْ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاسْتِقْلَالِهَا فَمُؤْنَةُ النَّقْلِ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مُؤْنَةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا اخْتِلَافُ غَرَضٍ لَا مُطْلَقُ الْمُؤْنَةِ ( قَوْلُهُ فَالْمَانِعُ مِنْ طَلَبِ الْمِثْلِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَكَثِيرٍ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَوْنُ قِيمَتِهِ إلَخْ ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا إمَّا بِقِيَاسِ الْأَوْلَى أَوْ الْمُسَاوَاةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ .
ا هـ .
وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا ذَكَرَاهُ فِي الْغَصْبِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ وَلَوْ أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِمَكَّةَ فَلَقِيَهُ بِمِصْرَ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِقِيمَةِ مَكَّةَ بَلْ عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَإِنْ تَرَاضَيَا بِقِيمَتِهِ جَازَ قَالَ شَيْخُنَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّا هُوَ عَلَى الْهَامِشِ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَاتِبُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ يُشِيرُ إلَى كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ فَإِذَا أَقْرَضَهُ طَعَامًا أَوْ نَحْوَهُ بِمِصْرَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ
لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَكَّةَ أَغْلَى كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَبِأَنَّ فِي نَقْلِهِ إلَى مَكَّةَ ضَرَرًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ ( قَوْلُهُ فَرْعٌ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَصْلِ ) كِلَا التَّعْبِيرَيْنِ حَسَنٌ فَإِنَّ قِيمَةَ مِثْلِ الْمُقْرِضِ حَتَّى مَا بَطَلَ مِنْ النَّقْدِ قَدْ تَنْقُصُ وَقَدْ تَزِيدُ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ اعْتِبَارُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ بِالصُّورَةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ وَفِي التَّتِمَّةِ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ مَا يَجْمَعُ أَوْصَافَهُ حَتَّى لَا يَفُوتَ شَيْءٌ مِنْ إقْرَاضِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ الرِّفْقِ .
ا هـ .
وَفِي التَّدْرِيبِ وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ وَلَوْ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ وَلَوْ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمُرَادُ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيَمُ حَتَّى لَوْ اقْتَرَضَ عَبْدًا كَاتِبًا رَدَّ مِثْلَهُ
( وَإِنْ قَالَ أَقْرَضْتُك أَلْفًا ، وَقَبِلَ ) الْمُقْتَرِضُ ( وَتَفَرَّقَا ثُمَّ سَلَّمَ إلَيْهِ أَلْفًا ) فَإِنْ كَانَ ( قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ جَازَ ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ الدَّفْعَ عَنْ الْقَرْضِ ( وَإِلَّا فَلَا ) يَجُوزُ ( وَعَلَّلَهُ فِي الرَّوْضَةِ ) تَبَعًا لِلْمُهَذَّبِ ( فَقَالَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ ) أَمَّا لَوْ قَالَ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الْأَلْفَ مَثَلًا ، وَتَفَرَّقَا ثُمَّ سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَيَجُوزُ ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ ( وَلَا كَرَاهَةَ فِي قَبُولِ هَدِيَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ ) بِغَيْرِ شَرْطٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ، وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ أَوْلَى قَبْلَ رَدِّ الْبَدَلِ ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَغَيْرُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ فَبَعْضُهُ شَرْطٌ فِيهِ أَجَلٌ ، وَبَعْضُهُ مَحْمُولٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْهَدِيَّةِ فِي الْعَقْدِ ( وَإِنْ قَالَ ) لِغَيْرِهِ ( خُذْ مِنْ مَا ) أَيْ الَّذِي ( لِي مَعَ زَيْدٍ ) يَعْنِي الَّذِي فِي جِهَتِهِ ( أَلْفًا قَرْضًا ) فَأَخَذَهَا مِنْهُ ( وَهُوَ ) أَيْ مَا فِي جِهَةِ زَيْدٍ ( دَيْنٌ ) عَلَيْهِ ( لَمْ يَصِحَّ ) قَرْضًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ تَوْكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَرْضٍ جَدِيدٍ ( أَوْ عَيْنٌ كَوَدِيعَةٍ صَحَّ ) قَرْضًا قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي خَمْسَةً ، وَأَدِّهَا عَنْ زَكَاتِي جَازَ ، وَهَذَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى مَا جَوَّزَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْتَرِضْ لِي مِائَةً ، وَلَك عَلَيَّ عَشَرَةٌ فَهُوَ جِعَالَةٌ فَلَوْ أَنَّ الْمَأْمُورَ أَقْرَضَهُ مِائَةً مِنْ مَالِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَشَرَةَ ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ ادْفَعْ مِائَةً قَرْضًا عَلَيَّ إلَى وَكِيلِي فُلَانٍ فَدَفَعَ ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ فَلَيْسَ لِلدَّافِعِ مُطَالَبَةُ الْآخِذِ لِأَنَّ الْآخِذَ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ عَنْ الْآمِرِ ، وَقَدْ انْتَهَتْ وَكَالَتُهُ بِمَوْتِ الْآمِرِ ، وَلَيْسَ لِلْآخِذِ الرَّدُّ عَلَيْهِ ، وَلَوْ رَدَّ
ضَمِنَ لِلْوَرَثَةِ ، وَحَقُّ الدَّافِعِ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ عُمُومًا لَا بِمَا دَفَعَ خُصُوصًا
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ الدَّفْعَ عَنْ الْقَرْضِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْقَرْضَ لَا يَجِبُ إيرَادُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَوْصُوفٍ ثُمَّ يُعَيَّنُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً مِنْ آخَرَ فَأَجَازَ الْمُقْرِضُ الْآخِذَ مِنْ مَطْمُورَةٍ أَوْ كَنْدُوجٍ مُعَيَّنٍ فَأَخَذَ وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ صُدِّقَ الْقَابِضُ بِيَمِينِهِ وَلَوْ رَدَّهَا إلَيْهِ بِإِذْنِ الْمُقْرِضِ وَهُنَاكَ حَافِظٌ لَهُ بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَبْرَأْ وَلَوْ تَلِفَتْ تَلِفَتْ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا وَرَدَّهَا بِإِذْنِهِ بَرِئَ وَلَوْ دَفَعَ أَلْفًا إلَى آخَرَ ثُمَّ قَالَ الْآخِذُ كَانَتْ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ وَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ قَرْضًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلدَّافِعِ مُطَالَبَةُ الْآخِذِ إلَخْ ) الْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ
( الرَّهْنِ ) هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ ، وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ أَيْ الثَّابِتَةُ ، وَقَالَ الْإِمَامُ الِاحْتِبَاسُ ، وَمِنْهُ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ، وَشَرْعًا جَعَلَ عَيْنَ مَالٍ ، وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يَسْتَوْفِي مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ ، وَفَائِهِ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ فَارْهَنُوا وَاقْبِضُوا لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ جُعِلَ جَزَاءً لِلشَّرْطِ بِالْفَاءِ فَجَرَى مَجْرَى الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } { فَضَرْبَ الرِّقَابِ } ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ يُقَالُ لَهُ أَبُو الشَّحْمِ عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ لِأَهْلِهِ ثُمَّ قِيلَ إنَّهُ افْتَكَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ } لِخَبَرِ { نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يَقْضِيَ } ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ { لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ } ، وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ تَنْزِيهًا لَهُمْ ، وَقِيلَ عَلَى مَنْ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءَ الْوَثَائِقِ بِالْحُقُوقِ ثَلَاثَةٌ شَهَادَةٌ ، وَرَهْنٌ وَضَمَانٌ فَالشَّهَادَةُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ ، وَالْآخَرَانِ لِخَوْفِ الْإِفْلَاسِ .
( كِتَابُ الرَّهْنِ ) ( قَوْلُهُ رَهِينَةٌ ) أَيْ مَحْبُوسَةٌ فِي الْقَبْرِ غَيْرُ مُنْبَسِطَةٍ مَعَ الْأَرْوَاحِ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ وَفِي الْآخِرَةِ مَعُوقَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ ( قَوْلُهُ جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ ) أَيْ مُتَمَوِّلَةٍ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرُ ) أَيْ مُفْرَدُهُ ( قَوْلُهُ { رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ } إلَخْ ) رَهَنَهُ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ لِبَيَانِ جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقِيلَ خَشْيَةً مِنْ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ الشَّرِيفَةِ لَوْ عَامَلَ أَصْحَابَهُ وَمَعْنَى مُعَلَّقَةٌ مَحْبُوسَةٌ فِي الْقَبْرِ غَيْرُ مُنْبَسِطَةٍ مَعَ الْأَرْوَاحِ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ وَفِي الْآخِرَةِ مَعُوقَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُوَفَّى عَنْهُ
( وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْمَرْهُونُ ، وَلَهُ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ كَوْنُهُ عَيْنًا فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ مَنْفَعَةٍ ) كَسُكْنَى دَارٍ سَنَةً ، وَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِهِ حَالًا لِأَنَّهَا تَتْلَفُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَلَا يَحْصُلُ بِهَا تَوَثُّقٌ ( وَلَا ) رَهْنُ ( دَيْنٍ ) ، وَلَوْ مِمَّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ ، وَالْكَلَامُ فِي إنْشَاءِ الرَّهْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْمَرْهُونِ دَيْنًا بِلَا إنْشَاءٍ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَإِنَّ بَدَلَهُ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ لِامْتِنَاعِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي .
( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ ) لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَقَبْضُهُ هُنَا لَا يُصَادِفُ مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ أَخْذِهِ لَهُ وَإِذَا أَخَذَهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا ( قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي كَوْنُ الْمَرْهُونِ دَيْنًا وَمَنْفَعَةً ) كَمَنْ مَاتَ عَنْهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ ضَمِنَ عَبْدَهُ بِصَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ رَهْنُهُ بِهِ لِاتِّحَادِ الْوَثِيقَةِ وَالْمَوْثُوقِ فِيهِ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ إلَخْ ) وَمَا إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَخَلَفَ دَيْنًا
( وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ ) كَرَهْنِ الْكُلِّ ، وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ شَرِيكِهِ ، وَإِنْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ أَمْ لِغَيْرِهِ ( وَلَوْ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ ) مُشْتَرَكَةٍ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ اثْنَيْنِ ( وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ الشَّرِيكُ ) كَبَيْعِهِ ، وَالتَّصْرِيحِ بِالتَّصْحِيحِ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَوْ خَرَجَ ) مَا رَهَنَهُ مِنْ الْبَيْتِ ( عَنْ مِلْكِهِ بِالْقِسْمَةِ ) لِلدَّارِ بِأَنْ ، وَقَعَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ ( غَرِمَ قِيمَتَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ ) لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بَدَلُهُ ، وَبِهَذَا فَارَقَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ( فَرْعٌ قَبْضُ الْمَشَاعِ بِقَبْضِ كُلِّهِ وَتَجْرِي الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ ، وَالشَّرِيكِ كَالشَّرِيكَيْنِ ) أَيْ كَجَرَيَانِهَا بَيْنَهُمَا ، وَلَا بَأْسَ بِتَبْعِيضِ الْيَدِ بِحُكْمِ الشُّيُوعِ كَمَا لَا بَأْسَ بِهِ لِاسْتِيفَاءِ الرَّاهِنِ الْمَنَافِعَ ( وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الشَّرِيكِ ) فِي الْقَبْضِ ( إلَّا فِيمَا يُنْقَلُ ) لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ قَبْضُهُ إلَّا بِالنَّقْلِ ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ ( فَإِنْ امْتَنَعَ ، وَتَنَازَعَا وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ ) يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا ( وَيُؤَجِّرُهُ ) إنْ كَانَ مِمَّا يُؤَجَّرُ ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ جَازَ ، وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ
( قَوْلُهُ وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَيْدَانِ وَجُمْلَةُ مَا أَقُولُهُ فِي رَهْنِ الْمَشَاعِ وَقِسْمَتِهِ إنَّهُ إمَّا أَنْ يَصْدُرَ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ مِنْهُمَا وَإِذَا صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَفِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ حَيْثُ نَقُولُ إنَّهَا إفْرَازٌ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهَا نَقْصٌ فَإِنْ حَصَلَ بِهَا نَقْصٌ وَرَضِيَ بِهَا الْمُرْتَهِنُ جَازَتْ وَإِلَّا فَاتَ طَلَبَهَا الرَّاهِنُ أَوْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بَعْدَ رِضَاهُ بِالرَّهْنِ فَلَا يُجَابُ وَإِلَّا فَيُجَابُ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ فَإِنْ طَلَبَهَا الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ وَلَمْ يَرْضَ بِرَهْنِ شَرِيكِهِ أُجِيبَ وَإِنْ طَلَبَهَا الرَّاهِنُ أَوْ الشَّرِيكُ الَّذِي رَضِيَ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ رَضِيَ جَازَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَهَذَا تَحْرِيرٌ عَزِيزٌ فَاشْدُدْ عَلَيْهِ يَدَيْك ( قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ ) فَإِنْ نَقَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَصَلَ قَبْضُهُ وَصَارَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مَضْمُونَةً عَلَى الرَّاهِنِ وَعَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ النَّقْلُ يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ سَوَاءٌ أَكَانَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِإِذْنٍ فَالْمَوْقُوفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ فِي الْمَنْقُولِ حِلُّ الْقَبْضِ لَا صِحَّتُهُ
( فَصْلٌ ) ( يَصِحُّ وَيُكْرَهُ رَهْنُ مُصْحَفٍ وَ ) رَقِيقٍ ( مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ وَسِلَاحٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَجَارِيَةٍ حَسْنَاءَ غَيْرِ صَغِيرَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ) إذْ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهِ لَكِنَّ فِيهِ نَوْعَ تَسْلِيطٍ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ فَكُرِهَ لِذَلِكَ ، وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ، وَتَصْحِيحُهَا فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَكَالْمُصْحَفِ كُتُبُ الْحَدِيثِ ، وَكُتُبُ الْفِقْهِ الَّتِي فِيهَا الْأَخْبَارُ ، وَآثَارُ السَّلَفِ قَالَهُ الْقَمُولِيُّ ، وَغَيْرُهُ ، وَكَالسِّلَاحِ الْخَيْلُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَتُوضَعُ ) هَذِهِ الْأَشْيَاءُ ( كُلُّهَا عِنْدَ عَدْلٍ ) ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ صِحَّةُ الرَّهْنِ فِي الْأُولَيَيْنِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِوَضْعِهِمَا عِنْدَ عَدْلٍ ( لَا الْجَارِيَةُ ) الْأُولَى إلَّا الْجَارِيَةَ أَيْ الْمَذْكُورَةَ فَلَا تُوضَعُ عِنْدَهُ كَغَيْرِهِ ( بَلْ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ ثِقَةً ، وَلَهُ زَوْجَةٌ أَوْ جَارِيَةٌ ) أَوْ مَحْرَمٌ ( أَوْ نِسْوَةٌ ) ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ أَيْ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ ( يُؤْمَنُ مَعَهُنَّ مِنْهُ عَلَيْهَا تُرِكَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَهُ ، وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ امْرَأَةٍ ) ثِقَةٍ ، وَلَوْ مُرْتَهِنًا ( أَوْ عَدْلٍ بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ ) فِي الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ الْمُرْتَهِنُ ، وَغَيْرُهُ فَإِنْ شَرَطَ وَضْعَهَا عُنِدَ غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ ، وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ لِلْمِلْكِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( وَالصَّغِيرَةُ ) غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ ( كَالْعَبْدِ لَا ) الْكَبِيرَةُ ( الْقَبِيحَةُ ) الْمَنْظَرِ ( وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ) ، وَلَوْ حَذَفَ فِيمَا مَرَّ حَسَنًا لَاغْتَنَى عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ ( وَالْخُنْثَى ) فِيمَا ذَكَرَ ( كَالْأُنْثَى لَكِنْ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي الْجَارِيَةِ ، وَفِي الْبَيَانِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَوَاضِحٌ
أَوْ كَبِيرًا وُضِعَ عِنْدَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةٍ لَا عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ وَلَا أَجْنَبِيَّةٍ .
( قَوْلُهُ وَكَالسِّلَاحِ الْخَيْلُ ) وَكَالْمُسْلِمِ الْمُرْتَدُّ ( قَوْلُهُ أَوْ امْرَأَةٍ ) أَيْ ثِقَةٍ ( قَوْلُهُ سَوَاءٌ الْمُرْتَهِنُ وَغَيْرُهُ ) مَضْرُوبٌ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ إلَخْ ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَقَاعِدَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَنْ تُفْسِدَ الْعَقْدَ إلَّا فِي صُورَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَإِلَّا فِي الْقَرْضِ إذَا شَرَطَ فِيهِ مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ لَغَا الشَّرْطُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ ا هـ وَإِلَّا فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى فِي الْأَصَحِّ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَمْشِيَتِهِ فَإِنْ شَرَطَ وَضْعًا عِنْدَ غَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ فَسَدَ الشَّرْطُ وَبِفَسَادِهِ يَفْسُدُ الرَّهْنُ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ وَفِي الْبَيَانِ إنْ كَانَ صَغِيرًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وُضِعَ عِنْدَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ إلَخْ ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُوضَعُ عِنْدَ مَحْرَمٍ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَهُوَ بَعِيدٌ بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَحْرَمٌ أَصْلًا فَيَتَعَيَّنُ رَدُّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَى يَدِ مَالِكِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً
( الشَّرْطُ الثَّانِي جَوَازُ بَيْعِهِ ) عِنْدَ الْمَحَلِّ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ فَاسْتِيفَاؤُهُ مَقْصُودُ الرَّهْنِ أَوْ مِنْ مَقَاصِدِهِ ( فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ ) مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ نَحْوَ ( أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَوَقْفٍ كَأَرْضِ السَّوَادِ ) ، وَهِيَ أَرْضُ الْعِرَاقِ سُمِّيَتْ سَوَادًا لِسَوَادِهَا بِالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا قَدِمُوا لِفَتْحِ الْكُوفَةِ ، وَأَبْصَرُوا سَوَادَ النَّخْلِ قَالُوا مَا هَذَا السَّوَادُ ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْخُضْرَةَ تُرَى مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا ، وَالسَّوَادُ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ لِلشَّجَرِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا ذُكِرَ إلَّا أَنَّهُ صَارَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ أَرْضِ الْعِرَاقِ لَا غَيْرُهَا غَالِبًا فَصَارَ مُرَادِفًا لِلْعِرَاقِ ، وَهُوَ الْإِقْلِيمُ الْمَعْرُوفُ بِإِقْلِيمِ فَارِسَ ( فَإِنْ رَهَنَ غَرْسًا ، وَنَحْوَهُ ) كَبِنَاءٍ ( مَمْلُوكًا فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ فَخَرَاجُهُ عَلَى الرَّاهِنِ ) لِأَنَّهُ مَضْرُوبٌ عَلَى الْأَرْضِ ، وَمِثْلُهُ لَوْ صَالَحَ الْإِمَامُ كُفَّارًا عَلَى خَرَاجٍ يُؤَدُّونَهُ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ فَهُوَ كَالْجِزْيَةِ ، وَالْأَرْضُ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ يَصِحُّ رَهْنُهَا ، وَالْخَرَاجُ عَلَى مَالِكِهَا ( فَإِنْ أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ رَجَعَ بِهِ ) عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ ( وَإِلَّا فَلَا ) رُجُوعَ لَهُ بَلْ هُوَ مُتَبَرِّعٌ
( قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي جَوَازُ بَيْعِهِ ) وَكَوْنُهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حِسًّا وَشَرْعًا كَالْمَبِيعِ وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْعَيْنِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ
( فَصْلٌ ) ( يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا ) الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا بَاقٍ فَلَا تَفْرِيقَ ( وَهُوَ ) لِكَوْنِ قِيمَتِهَا تَنْقُصُ بِتَقْوِيمِهَا حَاضِنَةً كَمَا سَيَأْتِي ( عَيْبٌ يَفْسَخُ بِهِ الْبَيْعَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ جَهِلَ ) الْمُرْتَهِنُ ( كَوْنَهَا ذَاتَ وَلَدٍ فَلَوْ اسْتَحَقَّ بَيْعَهَا بِيعَا مَعًا ) حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ( فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ غُرَمَاءُ ) لِلْمُفْلِسِ أَوْ لِلْمَيِّتِ ( وُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا لِأَجْلِهِمْ أَوْ لِيَتَصَرَّفَ ) أَيْ الرَّاهِنُ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غُرَمَاءُ ( فِي ثَمَنِ الْوَلَدِ ) لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَرْهُونٍ ، وَلَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ عَنْ قَوْلِهِ قِيمَتَهُمَا لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمَعْطُوفِ أَيْضًا ( فَتَقُومُ وَحْدَهَا حَاضِنَةً ) لَهُ لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ ( لَا مُنْفَرِدَةً ) إيضَاحٌ لِمَا قَبْلَهُ ( فَيُقَالُ ) قِيمَتُهَا مَثَلًا ( مِائَةٌ ثُمَّ تُقَوَّمُ مَعَ الْوَلَدِ فَيُقَالُ ) قِيمَتُهُمَا مَثَلًا ( مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ) فَالزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الْوَلَدِ ، وَهِيَ سُدُسُ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ ( فَقِسْطُ الْجَارِيَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ ) ، وَقِسْطُ الْوَلَدِ سُدُسُهُ ، وَيَجُوزُ أَيْضًا رَهْنُ الْوَلَدِ وَحْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَيُقَوَّمُ مَحْضُونًا ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ خَلَا الْعَيْبِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ لَا تَنْقُصُ بِذَلِكَ بَلْ تَزِيدُ ( وَإِنْ حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ ) فِي أُمِّهِ ( قُوِّمَتْ غَيْرَ حَاضِنَةٍ ) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ .
( قَوْلُهُ يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا ) حُكْمُ الْوَلَدِ مَعَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا كَحُكْمِهِ مَعَ الْأُمِّ وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ الْأُمِّ فَقَطْ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْبَيْعِ وَكَانَ يَفِي الدَّيْنَ بِبَيْعِ رُبْعِهَا يُبَاعُ رُبْعُهَا وَرُبْعُ وَلَدِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ رَهْنًا عِنْدَ زَيْدٍ وَالْوَلَدُ عِنْدَ عَمْرٍو وَاحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِمَا فِي الرَّهْنَيْنِ أَنَّهُمَا هَلْ يُبَاعَانِ مَعًا كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ رَهْنًا هَذَا مَعَ تَأَمُّلٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْجَمْعِ تَنْقِيصٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيعَا جَمِيعًا وَإِلَّا بِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ بَيْعُهُمَا مَعًا ( قَوْلُهُ حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَقَدْ الْتَزَمَ بِالرَّهْنِ بَيْعَ الْمَرْهُونِ فَجُعِلَ مُلْتَزِمًا لِمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ وَهُوَ بَيْعُ الْآخَرِ
( وَإِنْ رَهَنَهُ أَرْضًا فَنَبَتَ فِيهَا نَخْلٌ ) لِلرَّاهِنِ بِأَنْ دَفَنَ نَوَاهُ فِيهَا أَوْ حَمَلَهُ إلَيْهَا سَيْلٌ أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ ( لَمْ يَقْلَعْ ) قَهْرًا فَلَعَلَّهُ يُؤَدِّي الدَّيْنَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ ( لَكِنْ إنْ نَقَصَتْ ) قِيمَتُهَا ( بِهِ ) أَيْ بِالنَّخْلِ ( وَقْتَ الْبَيْعِ ، وَلَمْ تَفِ بِالدَّيْنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْقَلْعُ ) لِيَبِيعَ الْأَرْضَ بَيْضَاءَ ( إلَّا أَنْ يَرْضَى الرَّاهِنُ بِبَيْعِ النَّخْلِ ) مَعَهَا ( أَوْ كَانَ مَحْجُورًا ) عَلَيْهِ ( بِفَلَسٍ فَيُبَاعَانِ مَعًا ) ، وَلَا قَلْعَ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ ( وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا ) فَمَا قَابَلَ الْأَرْضَ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ ، وَمَا قَابَلَ الشَّجَرَ لِلرَّاهِنِ أَوْ الْغُرَمَاءِ ( فَإِنْ حَصَلَ ) فِيهَا ( نَقْصٌ ) بِسَبَبِهِ ( فَعَلَى الشَّجَرِ لَا الْأَرْضِ ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْأَرْضِ فَارِغَةً ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْ الْقَلْعِ لِرِعَايَةِ الرَّاهِنِ أَوْ الْغُرَمَاءِ فَلَا يُهْمِلُ جَانِبَهُ بِالْكُلِّيَّةِ ( وَتُقَوَّمُ هُنَا الْأَرْضُ فَارِغَةً ) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ ( فَإِنْ ارْتَهَنَهَا ) ، وَلَزِمَ الرَّهْنُ ( وَقَدْ دَفَنَ فِيهَا النَّوَى ) أَوْ حَمَلَهُ إلَيْهَا سَيْلٌ أَوْ غَيْرُهُ ، وَكَانَ ( عَالِمًا أَوْ عَلِمَ ) بَعْدَ جَهْلِهِ ( وَلَمْ يَفْسَخْ ) أَيْ الْبَيْعَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الرَّهْنُ ( قُوِّمَتْ مَشْغُولَةً ) لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ
( فَصْلٌ ) يَصِحُّ ( رَهْنُ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ ) كَرُطَبٍ وَعِنَبٍ يَتَجَفَّفَانِ ، وَتَجْفِيفُهُ عَلَى الْمَالِكِ ( أَوْ ) لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ لَكِنْ ( رُهِنَ بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ ) مُؤَجَّلٍ لَكِنْ ( يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ ، وَلَوْ احْتِمَالًا ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ ، وَتُفَارِقُ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ رَهْنَ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَا يَعْلَمُ هَلْ تَتَقَدَّمُ أَوْ تَتَأَخَّرُ حَيْثُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسَادِ ثَمَّ ، وَهُوَ التَّعْلِيقُ مَوْجُودٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا ، وَبِأَنَّ عَلَامَةَ الْفَسَادِ هُنَا تَظْهَرُ دَائِمًا بِخِلَافِهَا ثُمَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثَمَّ أَيْ بَعْدَ صِحَّةِ رَهْنِهِ إنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ أَوْ قَضَى مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَذَاكَ ، وَإِلَّا بِيعَ ، وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ ، وَهَذَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ ، وَرُهِنَ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ ( لَمْ يَجُزْ ) رَهْنُهُ ( إلَّا إنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ ، وَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا ) ، وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ ، وَيَصِيرُ الثَّمَنُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ مَنْعَ بَيْعِهِ ، وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ لِمُنَاقَضَتِهِ مَقْصُودَ الرَّهْنِ ، وَلَا فِيمَا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ .
وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ عِنْدَ الْحُلُولِ ، وَالْبَيْعُ قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الرَّهْنِ ، وَقِيلَ يَصِحُّ ، وَيُبَاعُ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ إفْسَادَ مَالِهِ ، وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ
الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ لَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ قَالَ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْرِطْ رَهْنَ ثَمَنِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ( فَلَوْ أَذِنَ ) الرَّاهِنُ ( لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ فَفَرَّطَ ) بِأَنْ تَرَكَهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ ، وَتَرَكَ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ ، وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ ( ضَمِنَ ) ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِيلَ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهَنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ هَذَا عَلَيْهِ ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ بَيْعَهُ ثَمَّ إنَّمَا امْتَنَعَ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ لِلِاسْتِيفَاءِ ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالِاسْتِعْجَالِ فِي تَرْوِيجِ السِّلْعَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ غَرَضَهُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ لِيَكُونَ ، وَثِيقَةً لَهُ ( وَإِنْ رَهَنَ مَا لَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فَحَدَثَ قَبْلَ الْأَجَلِ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ ) كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ ، وَتَعَذَّرَ تَجْفِيفُهَا ( لَمْ يَنْفَسِخْ ) الرَّهْنُ ( وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ ) إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْآبِقَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَلَوْ أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ ، وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ فَكَذَا هُنَا ( بَلْ يُبَاعُ ) وُجُوبًا ( وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا ) مَكَانَهُ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ
( قَوْلُهُ وَتَجْفِيفُهُ عَلَى الْمَالِكِ ) فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ مُؤْنَتِهِ مِنْهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهُ وَجَفَّفَهُ بِثَمَنِهِ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ تَجْفِيفُهُ حَتَّى يَأْذَنَ الرَّاهِنُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ عِنْدَ إمْكَانِ الْمُرَاجَعَةِ عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ وَإِلَّا فَتَظْهَرُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إذَا كَانَ تَجْفِيفُهُ يَنْقُصُهُ وَبَيْعُهُ أَوْفَرُ لِثَمَنِهِ أُجِيبَ طَالِبُ الْبَيْعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الرَّهْنِ سَوَاءٌ أَشَرَطَ التَّجْفِيفَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَرَهَنَهُ بِحَالٍّ أَمْ مُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُؤَجَّلُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّ تَجْفِيفَهُ مَخْصُوصٌ بِالْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَيُبَاعُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا ) الَّذِي يَضْبِطُ أَنْ يُقَالَ إذَا اُسْتُكْمِلَتْ الشُّرُوطُ حَالَةَ الْعَقْدِ وَالْمُفْسِدُ مُنْتَظِرٌ فَلَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُحَقَّقَ الْحُصُولِ فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ وَنَظِيرُهُ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ تَبْدُو مِنْهُ عَوْرَتُهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ مِنْ الْآنِ أَوْ حَتَّى يَرْكَعَ وَلَا يَجْرِي هُنَا الْقَوْلُ بِالْإِبْطَالِ مِنْ أَصْلِهِ لِإِمْكَانِ بَيْعِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مُحَقَّقَ الْحُصُولِ وَلَهُ حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا وَقَعَ فَاتَتْ الْمَالِيَّةُ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ كَرَهْنِ الْمُدَبَّرِ وَتَارَةً لَا تَفُوتُ أَصْلًا كَرَطْبٍ لَا يَعْلَمُ هَلْ يَفْسُدُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ لَا فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ .
( قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْفَسَادَ هُنَا يَظْهَرُ دَائِمًا إلَخْ ) وَبِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمَالِكِ إرَادَةُ بَيْعِهِ عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَيُبَاعُ إذْ الْعَاقِلُ لَا يَخْتَارُ إتْلَافَ مَالِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَقَدْ لَا
يُرِيدُ بَيْعَهُ طَلَبًا لِلثَّوَابِ وَبِأَنَّهُ هُنَاكَ يَفُوتُ الْحَقُّ بِالْكُلِّيَّةِ لِفَوَاتِ الرَّقَبَةِ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمَالِيَّةَ لَا تَبْطُلُ وَبِأَنَّا لَوْ صَحَّحْنَا ذَلِكَ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَأَدَّى إلَى إبْطَالِ قُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ وَحَقٍّ لِلْعَبْدِ وَهُنَا لَمْ يُؤَدِّ إلَّا إلَى إبْطَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ وَقَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ بِالرَّهْنِ ( قَوْلُهُ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ ) أَوْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ الْبَيْعَ ( قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ ( قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ ) وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مُطْلَقَ الْإِذْنِ بِالْبَيْعِ لَا يَقْتَضِي رَهْنَ الثَّمَنِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي وَفَاءَ الدَّيْنِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ حَالًّا ( قَوْلُهُ فَلَوْ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ إلَخْ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَوْ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ( قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ ( قَوْلُهُ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ ) حَيْثُ قَالَ قَوِيٌّ أَوْ مُتَعَيَّنٌ ( قَوْلُهُ بَلْ يُبَاعُ وُجُوبًا إلَخْ ) بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَهُ يَكُونُ بِرِضَاهُمَا أَوْ رِضَى الرَّاهِنِ وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ فِي الْعَبْدِ مُلْحَقٌ بِمَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فِي الْإِجْبَارِ عَلَى بَيْعِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا قَالَ الْإِمَامُ وَسَائِرُ الْحَيَوَانِ كَالْعَبْدِ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ أَنَا أَبْذُلُ قِيمَةَ هَذَا الْعَبْدِ لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ وَلَا أَبِيعُهُ هَلْ يُجَابُ الْأَقْرَبُ نَعَمْ
( فَصْلٌ ) ( رَهْنُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُحَارِبِ وَالْجَانِي جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ لَا الْمَالَ وَلَوْ دِرْهَمًا ) أَوْ أَقَلَّ ( صَحِيحٌ ) كَبَيْعِهِمْ ، وَتَرْجِيحُ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَانِي مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ رَهْنِهِ بِالْحَالِّ ، وَالْمُؤَجَّلِ بَلْ أَطْلَقُوا كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ ، وَلَمْ يَسْلُكُوا بِهِ مَسْلَكَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ ، وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْفَسَادِ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ حَيْثُ يَفْسُدُ لِأَنَّ ثَمَنَ ذَاكَ يُجْعَلُ رَهْنًا مَكَانَهُ ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَكَيْفَ يُقَالُ بِصِحَّةِ رَهْنِهِ ، وَالصَّحِيحُ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ مُحْتَمَلَةِ الْمَنْعِ ، وَإِنْ قِيلَ هُنَا يَحْتَمِلُ الْعَفْوُ فَهُنَاكَ أَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تُوجَدَ الصِّفَةُ انْتَهَى ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْعَفْوُ مَعَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَلِهَذَا أَطْلَقُوا الصِّحَّةَ ( وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي ) فَسْخِ ( بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ رَهْنَهُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ ( إنْ ارْتَهَنَهُ جَاهِلًا ) بِعَيْبِهِ ( وَلَوْ عَفَا عَنْ الْجَانِي ) بِمَالٍ أَوْ مَجَّانًا ( لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَيْبٌ ) ، وَالْمُرْتَهِنُ مَعْذُورٌ ، وَذِكْرُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَارَبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ مَاتَ ) كُلٌّ مِنْهُمْ ( فَوَجْهَانِ ) فِي كَوْنِ ذَلِكَ عَيْبًا فِي الْحَالِّ أَمْ لَا إنْ قُلْنَا عَيْبٌ فَلَهُ الْخِيَارُ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا ، وَهُوَ الْقِيَاسُ يَعْتَبِرُ الِابْتِدَاءَ فَيُثْبِتُهُ ، وَالْآخَرُ يَنْظُرُ إلَى الْحَالِّ فَلَا يُثْبِتُهُ ( وَإِنْ كَانَ عَالِمًا ) بِعَيْبِهِ ( فَلَا خِيَارَ لَهُ ، وَإِنْ قُتِلَ ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ ( وَإِنْ عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرَضِيَ ثُمَّ سَرَتْ إلَى النَّفْسِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ ) لِرِضَاهُ بِالْعَيْبِ ( وَإِنْ عَفَا ) عَنْهُ ( مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ ، وَبَيْعٍ ) أَوْ لَمْ
يَعْفُ عَنْهُ وَقُتِلَ ( بَطَلَ الرَّهْنُ ) لِفَوَاتِ الْعَيْنِ ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبِعْ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَقِيلَ يَبْطُلُ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا إنْ فَدَى أَوْ عَفَا ) عَنْهُ ( مَجَّانًا ) فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ ، وَعَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي ذَلِكَ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَإِنْ ارْتَهَنَ مَرِيضًا ، وَهُوَ جَاهِلٌ ) بِمَرَضِهِ ( فَمَاتَ سَقَطَ خِيَارُهُ ) لِأَنَّ الْمَوْتَ بِأَلَمٍ حَادِثٍ بِخِلَافِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ
( فَصْلٌ رَهْنُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ وَالْمُحَارِبُ ) أَيْ الْمُسْتَحَقُّ قَتْلُهُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ ( قَوْلُهُ صَحِيحٌ ) كَرَهْنِ الرَّقِيقِ الْمَرِيضِ الْمُدْنِفِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ ) وَلَا يَكُونُ بِرَهْنِهِ مُلْتَزِمًا لِفِدَائِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْقِصٍ لِعَيْنِهِ وَلَا لِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ تَزْوِيجِهِ لِلْجَانِيَةِ ( قَوْلُهُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ عَيْبًا فِي الْحَالِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ كَوْنَهُ عَيْبًا وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَالْآخَرُ يَنْظُرُ إلَى الْحَالِّ فَلَا يُثْبِتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْطُلُ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيُشْبِهُ جَرَيَانَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا .
ا هـ .
وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَا يَصِيرُ السَّيِّدُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لِأَنَّهُ حِينَ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مُعَيَّنًا بَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ .
ا هـ .
فَلَوْ حَفَرَ عَبْدٌ بِئْرًا عُدْوَانًا فَتَرَدَّى فِيهَا إنْسَانٌ وَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ فَفِي تَبَيُّنِ فَسَادِ الرَّهْنِ وَجْهَانِ مُسْتَنَدُهُمَا اسْتِنَادُ التَّعَلُّقِ إلَى أَوَّلِ السَّبَبِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ أَوْ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا وَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي وَلِهَذَا لَوْ حَفَرَ ذِمِّيٌّ بِئْرًا عُدْوَانًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَتَرَدَّى فِيهَا إنْسَانٌ وَجَبَتْ دِيَتُهُ فِي مَالِهِ
( فَرْعٌ ) قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ جَنَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ ، وَجَوَّزْنَاهُ كَانَ رَهْنُهُ إيَّاهُ دَلِيلًا مِنْهُ عَلَى عَفْوِهِ عَنْهُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا
( قَوْلُهُ فَرْعٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ جَنَى عَبْدٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ بَاطِلٌ ) وَلَوْ رُهِنَ بِحَالٍّ لِلْغَرَرِ إذْ قَدْ يَمُوتُ سَيِّدُهُ فَجْأَةً قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ ، وَلَمَّا كَانَ الْعِتْقُ فِيهِ آكَدَ مِنْهُ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَمِثْلُهُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ ) فَرَهْنُهُ بَاطِلٌ ( إلَّا إنْ تُيُقِّنَ حُلُولُهُ ) أَيْ الدَّيْنِ بِأَنْ رُهِنَ بِحَالٍّ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ ( قَبْلَ وُجُودِهَا ) أَيْ الصِّفَةِ بِزَمَنٍ يَسَعُ الْمَبِيعَ ، وَإِلَّا إنْ شَرَطَ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَيَصِحُّ رَهْنُهُ ( وَيُبَاعُ فِيهِ ) أَيْ فِي الدَّيْنِ فَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا تُيُقِّنَ الْحُلُولُ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَوْ احْتَمَلَ الْأَمْرَانِ أَوْ عُلِمَتْ الْمُقَارَنَةُ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ بَلْ كَانَتْ مُمْكِنَةً فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ أَصْلِهِ عَلَى الْأُولَيَيْنِ ( فَإِذًا ) الْأُولَى فَإِنْ ( لَمْ يَبِعْ حَتَّى وُجِدَتْ ) أَيْ الصِّفَةُ ( عَتَقَ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِحَالِ التَّعْلِيقِ لَا بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ ، وَكَذَا الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْعِتْقِ ، وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا بِنَاءً عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ ) بِالْعِتْقِ ( فِي ) فَسْخِ ( الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ جَهِلَ ) التَّعْلِيقَ ( كَمَا فِي ) رَهْنِ ( الْجَانِي ) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الْقِيَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِهِ مُطْلَقًا ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ قَدْ تُوجَدُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ، وَإِنْ رَهَنَ الثَّمَرَ مَعَ الشَّجَرِ صَحَّ مُطْلَقًا إلَّا إنْ كَانَ الثَّمَرُ لَا يُجَفَّفُ فَلَهُ حُكْمُ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ ) فَيَصِحُّ تَارَةً ، وَيَفْسُدُ أُخْرَى ، وَيَصِحُّ فِي الشَّجَرِ مُطْلَقًا ، وَوَجْهُهُ عِنْدَ فَسَادِهِ فِي الثَّمَرِ الْبِنَاءُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَلَا يَخْفَى تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ ، وَإِنْ رَهَنَ الثَّمَرَةَ مُفْرَدَةً فَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَجَفَّفُ فَهِيَ كَمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ ) فَيَصِحُّ رَهْنُهَا بِحَالٍّ ، وَبِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ ، وَلَوْ احْتِمَالًا نَعَمْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ قَبْلَ الْجِذَاذِ ، وَأَطْلَقَ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ تَتَجَفَّفُ ( وَإِنْ كَانَ تَتَجَفَّفُ جَازَ ) رَهْنُهَا ( وَلَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) وَبِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ بِاجْتِيَاحِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي يَبْطُلُ ، وَلِأَنَّ الْحُلُولَ الْمَعْلُومَ اشْتِرَاطُهُ مِمَّا يَأْتِي قَرِينَةٌ نَازِلَةٌ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ ، وَقَوْلُهُ ( صَحَّ ) زتد ( إلَّا إذَا رَهَنَهُ ) الْأَوْلَى رَهَنَهَا ( بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْجِذَاذِ وَأَطْلَقَ ) الرَّهْنَ بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ ، وَلَا عَدَمَهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الثِّمَارِ الْإِبْقَاءُ إلَى الْجِذَاذِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَهَنَ شَيْئًا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ .
قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَوْ اُعْتُبِرَتْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَامْتَنَعَ رَهْنُهَا بِالْحَالِّ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُلُولِ الْمُقَارَنِ ، وَالطَّارِئِ لَا يَظْهَرُ انْتَهَى ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ ثَمَّ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ حَالًّا لِحُلُولِ دَيْنِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا ، وَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ رَهَنَهَا بِحَالٍّ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ وَقْتَ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ لَكِنْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ، وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ زِيَادَةٌ
عَلَى مَا شَرَحْت عَلَيْهِ يُوجِبُ إثْبَاتَهَا تَكْرَارًا ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَثْبَتَ الْجَمِيعَ لِيَضْرِبَ عَلَى بَعْضِهِ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ ذَلِكَ ( وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى إصْلَاحِهَا ) مِنْ سَقْيٍ وَجَدَادٍ ، وَتَجْفِيفٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهَا ، وَأَنْفَقَهُ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ ( فَلَوْ أَهْمَلَهَا ) بِأَنْ تَرَكَ إصْلَاحَهَا ( بِرِضَى الْمُرْتَهِنِ جَازَ ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا بِخِلَافِ عَلْفِ الْحَيَوَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الْمُتَرَاهِنَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا الْمُطْلَقَيْ التَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَا وَلِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ مُكَاتَبَيْنِ أَوْ مَأْذُونَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا الْوَلِيِّ ، وَالْعَبْدِ بِمَا فِيهِ الضَّرَرُ بَلْ يُجْبِرُ الْحَاكِمُ الرَّاهِنَ أَوْ هُمَا بِحَسَبِ مَا فِيهِ النَّظَرُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ ( وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ قَطْعِهَا وَقْتَ الْجِذَاذِ ) بَلْ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إنْ حَلَّ ، وَإِلَّا أَمْسَكَهَا رَهْنًا ( وَلِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( الْمَنْعُ ) مِنْ قَطْعِهَا ( قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ وَقْتِ الْجِذَاذِ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ لِتَضَرُّرِهِ بِقَطْعِهَا ( وَإِنْ رَهَنَ ثَمَرَةً يَخْشَى اخْتِلَاطَهَا ) بِالْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ اخْتِلَاطًا لَا يَتَمَيَّزُ ( بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ ) مُؤَجَّلٍ ( يَحِلُّ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ ) .
وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ الثَّانِيَةِ ( وَكَذَا بَعْدَهُ بِشَرْطِ قَطْعِهَا قَبْلَهُ صَحَّ ) إذْ لَا مَانِعَ ، وَالْغَرَرُ فِي الْأَخِيرَةِ يَزُولُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ عَدَمَ قَطْعِهَا ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) الرَّهْنَ بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ وَلَا عَدَمَهُ ( فَقَوْلَانِ ) أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ لِخَوْفِ الِاخْتِلَاطِ ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِإِمْكَانِ الْفَصْلِ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُمَا الْقَوْلَانِ فِي رَهْنِ مَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ يَحِلُّ الدَّيْنُ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ لَا فَيَصِحُّ رَهْنُهَا عَلَى
الْأَصَحِّ ( فَإِنْ اخْتَلَطَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ ) فِي صُورَتَيْ شَرْطِ الْقَطْعِ وَالْإِطْلَاقِ حَيْثُ صَحَّ الْعَقْدُ ( انْفَسَخَ ) لِعَدَمِ لُزُومِهِ ( أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ ) لِلُزُومِهِ ( بَلْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ ) كَالنِّصْفِ ( رَهْنًا فَذَاكَ ) وَاضِحٌ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَرْهُونِ هَلْ هُوَ النِّصْفُ مَثَلًا أَوْ غَيْرُهُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ فِي قَدْرِهِ ) بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ بُرُّهُ الْمَرْهُونُ بِبُرٍّ آخَرَ لَهُ ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْيَدِ هُنَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ دُونَ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ رَهَنْتَنِيهِ ، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَإِنْ اخْتَلَطَ بُرُّهُ الْمَرْهُونُ بِبُرِّ الْمُرْتَهِنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي قَدْرِ الْمُخْتَلِطِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ .
قَوْلُهُ فَيَصِحُّ رَهْنُهَا ) بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ ( قَوْلُهُ نَعَمْ الظَّاهِرُ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهَا ) وَأَنْفَقَهُ عَلَيْهَا إذَا انْتَفَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ بِأَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الِاقْتِرَاضُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْحَمَّالِ وَنَظَائِرِهِ ثُمَّ مَحِلُّهُ إنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْفِي النَّفَقَةُ أَكْثَرَ ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِتَضَرُّرِهِ بِقَطْعِهَا ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى قَطْعِهَا قَبْلَ أَوَانِهِ جَازَ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ ( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ ) لِخَوْفِ الِاخْتِلَاطِ هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ بُرُّهُ الْمَرْهُونُ بِبُرٍّ آخَرَ لَهُ ) سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ حَالَتَيْنِ تَعَرَّضَ لَهُمَا الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَخْتَلِطَ بِحِنْطَةٍ لِلْمُرْتَهِنِ قَالَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي قَدْرِ الْمُخْتَلَطِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ لِأَجْنَبِيٍّ قَالَ فَالْكَلَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّاهِنِ فَإِذَا تَقَرَّرَ شَيْءٌ لِلرَّاهِنِ كَانَ رَهْنًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأُولَى مِنْ تَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ مُشْكِلٌ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ تَصْدِيقُهُ بِأَوْلَى مِنْ تَصْدِيقِ الرَّاهِنِ وَيَنْبَغِي التَّوَقُّفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَوْ يَتَرَاضَيَا وَلَمْ يُفْصِحْ بِحُكْمِ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ
( فَرْعٌ رَهْنُ مَا اشْتَدَّ حَبُّهُ مِنْ الزَّرْعِ كَبَيْعِهِ ) فَإِنْ رُئِيَتْ حَبَّاتُهُ صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا ( فَإِنْ رَهَنَهُ ) مَعَ الْأَرْضِ أَوْ مُنْفَرِدًا ( وَهُوَ بَقْلٌ فَكَرَهْنِ الثَّمَرَةِ ) مَعَ الشَّجَرِ أَوْ مُنْفَرِدَةً ( قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) ، وَقَدْ مَرَّ
( فَصْلٌ ) ( مَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ ) أَوْ وَكَّلَهُ مَالِكُهُ لِيَرْهَنَهُ عَنْ نَفْسِهِ ( جَازَ ) لِأَنَّ الرَّهْنَ تَوَثُّقٌ ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا لَا يُمْلَكُ بِدَلِيلِ الْإِشْهَادِ وَالْكَفَالَةِ بِخِلَافِ بَيْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ فَلَا يَمْلِكُ الثَّمَنَ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْمُثَمَّنَ ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فَتَصِحُّ إعَارَتُهَا لِذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، وَهُوَ الْمُتَّجِهُ ، وَإِنْ مَنَعْنَا إعَارَتَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ ( وَكَانَ ) عَقْدُ الْإِعَارَةِ مَعَ الرَّهْنِ ( ضَمَانًا ) لِلدَّيْنِ ( مِنْ الْمُعِيرِ فِي رَقَبَةِ الرَّهْنِ ) أَيْ الْمَرْهُونِ لَا إعَارَةَ لِأَنَّهُ كَمَا يَمْلِكُ أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّتَهُ دَيْنُ غَيْرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَ إلْزَامَ ذَلِكَ عَيْنُ مَالِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلُّ حَقِّهِ ، وَتَصَرُّفِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِلدَّيْنِ بِذِمَّتِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ
( قَوْلُهُ فَتَصِحُّ إعَارَتُهَا لِذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجِهُ إلَخْ ) وَجَرَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ لَا إعَارَةَ ) لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ يَنْتَفِعُ الْمُسْتَعِيرُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَالِانْتِفَاعُ هُنَا بِبَيْعِهَا فِي الدَّيْنِ فَلَمْ تَكُنْ عَارِيَّةً ثُمَّ إنَّنَا رَأَيْنَا الرَّهْنَ قَدْ لَزِمَ بِالْقَبْضِ مَعَ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَالِكِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ غَيْرُ الضَّمَانِ فِي رَقَبَةِ مَا أَعْطَاهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي ضَمَانِ دَيْنِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَتَكُونُ ذِمَّةُ الْمَالِكِ فَارِغَةً فَكَمَا مَلَكَ أَنْ يَلْزَمَ دَيْنُ الْغَيْرِ فِي ذِمَّةِ مَمْلُوكِهِ وَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ إلْزَامَ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلُّ حَقِّهِ وَتَصَرُّفِهِ
( فَرْعٌ لَوْ أَذِنَ فِي رَهْنِ عَبْدِهِ ) مَثَلًا ( فَلَهُ الرُّجُوعُ ) عَنْهُ ( قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ ) لَهُ لِعَدَمِ تَمَامِ الضَّمَانِ ، وَعَدَمِ لُزُومِ الرَّهْنِ ( ثُمَّ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ ) الرَّهْنَ ( إنْ جَهِلَ ) كَوْنَهُ مُعَارًا أَوْ أَنَّ لِمَالِكِهِ الرُّجُوعَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ ( أَوْ ) رَجَعَ ( بَعْدَهُ فَلَا ) يَصِحُّ الرُّجُوعُ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الرَّهْنِ مَعْنًى إذْ لَا وُثُوقَ بِهِ ( وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ ) أَيْ الرَّاهِنِ ( عَلَى فِكَاكِهِ ) أَيْ الرَّهْنِ ( وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ ) كَمَنْ ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا لَا يُطَالَبُ الْأَصِيلُ بِتَعْجِيلِهِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ ( فَإِذَا حَلَّ ) الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا ، وَأَمْهَلَهُ الْمُرْتَهِنُ ( فَلَهُ ) أَيْ لِلْمَالِكِ ( ذَلِكَ ) أَيْ إجْبَارُهُ عَلَى فِكَاكِهِ ( وَيَأْمُرُ ) الْمَالِكُ ( الْمُرْتَهِنَ بِالْمُطَالَبَةِ ) بِدَيْنِهِ لِيَأْخُذَهُ فَيَنْفَكَّ الرَّهْنُ ( أَوْ يَرُدُّ الرَّهْنَ ) أَيْ الْمَرْهُونَ إلَيْهِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا ، وَمَاتَ الْأَصِيلُ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ طَالِبْ بِحَقِّك أَوْ أَبْرِئْنِي ( فَإِنْ طَالَبَهُ ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ ( وَامْتَنَعَ مِنْ فِدَائِهِ ) أَيْ الْمَرْهُونِ أَيْ فِكَاكِهِ ( اُسْتُؤْذِنَ الْمَالِكُ ) فِي بَيْعِهِ ( فَقَدْ يُرِيدُ فِدَاءَهُ ) وَلِأَنَّهُ لَوْ رَهَنَ عَلَى دَيْنِ نَفْسِهِ لَوَجَبَ مُرَاجَعَتُهُ فَهُنَا أَوْلَى ( فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ ) ، وَلَمْ يُوَفِّ الدَّيْنَ ( بِيعَ ) عَلَيْهِ ( وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا ) كَمَا لَوْ ضَمِنَ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ ، وَإِنْ كَانَ الْأَصِيلُ مُوسِرًا ( وَيَرْجِعُ ) الْمَالِكُ عَلَى الرَّاهِنِ ( بِمَا بِيعَ ) بِهِ الْمَرْهُونُ كَمَا أَنَّ الضَّامِنَ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّاهُ لَا بِقِيمَتِهِ ، وَلِأَنَّهُ ثَمَنُ مِلْكِهِ ، وَقَدْ صَرَفَهُ إلَى دَيْنِ الرَّاهِنِ فَيَرْجِعُ بِهِ ( وَلَوْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ ) أَوْ نَقَصَ عَنْهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْمَالِكِ إنَّمَا
يَكُونُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ الصَّادِقِ بِذَلِكَ ، وَهُوَ كَمَا تَرَى مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الضَّمَانِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ عَارِيَّةٌ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ إنَّمَا يُحَطُّ فِي الْعُقُودِ دُونَ الْإِتْلَافَاتِ ، وَهُوَ فَرْعٌ حَسَنٌ انْتَهَى .
( قَوْلُهُ فَإِذَا حَلَّ فَلَهُ ذَلِكَ ) فَإِنْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَهَلْ نَقُولُ يَبِيعُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ مَا يُوَفَّى بِهِ الدَّيْنُ وَلَهُ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَمْ يُصَرِّحْ الرَّافِعِيُّ وَلَا أَصْحَابُهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَذَكَرُوا فِي ضَامِنِ الدَّيْنِ بِالْإِذْنِ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْأَصْلِ بِتَخْلِيصِهِ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَهَلْ لَهُ حَبْسُهُ إنْ حَبَسَ وَجْهَانِ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي نَقُولُهُ هُنَا إنَّ الْقَاضِيَ يَحْبِسُ الرَّاهِنَ بِطَلَبِ الْمَالِكِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَالِكَ يَتَضَرَّرُ هُنَا بِتَأَخُّرِ تَصَرُّفِهِ عَنْ عَيْنِهِ وَلَا كَذَلِكَ ضَمَانُ الذِّمَّةِ وَهَذَا فَرْعٌ تَقْدِيرِيٌّ زَادَ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَجْلِ تَضَرُّرِ الْمَالِكِ بِتَأَخُّرِ التَّصَرُّفِ فِي عَيْنِهِ الْمَرْهُونَةِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ( قَوْلُهُ أَوْ بِرَدِّ الرَّهْنِ إلَى الْمَرْهُونِ إلَيْهِ ) أَيْ بَعْدَ فَسْخِ الرَّهْنِ ( قَوْلُهُ اُسْتُؤْذِنَ الْمَالِكُ فِي بَيْعِهِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيلَ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا مِنْ إذْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى خِلَافِ الْمَذْهَبِ فَإِنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِلْوَفَاءِ وَهُنَا لِحِفْظِ ثَمَنِهِ ا هـ وَلَعَلَّ هَذَا صَادِرٌ مِمَّنْ يَرَى انْفِرَادَهُ بِالْبَيْعِ بِالْإِذْنِ لِلْوَفَاءِ وَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ احْتِمَالُ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَمَّا كَوْنُ ذَلِكَ مَفْرُوضًا فِي حَالِ حُضُورِ الرَّاهِنِ فَبَعِيدٌ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمُمْتَنَعُ انْفِرَادُهُ بِالْبَيْعِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ لَا لِحِفْظِ ثَمَنِهِ رَهْنًا فَإِنَّهُ يَحْرِصُ عَلَى تَوْفِيرِ الثَّمَنِ وَكَثْرَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ( قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِمَا بِيعَ بِهِ الْمَرْهُونُ ) وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا
( فَرْعٌ لَوْ تَلِفَ ) الْمُعَارُ لِلرَّهْنِ بَعْدَ رَهْنِهِ ( فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِيعَ فِي جِنَايَةٍ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ، وَلَا عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ عَنْ ذِمَّتِهِ ( وَمَتَى تَلِفَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ ضَمِنَهُ ) لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ ، وَلَمْ يَتِمَّ عَلَيْهِ حُكْمُ الضَّمَانِ ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ إنْسَانٌ أُقِيمَ بَدَلُهُ مُقَامَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ فَكَإِعْتَاقِ الْمَرْهُونِ ) فَيَنْفُذُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْمَالِكُ مُوسِرًا دُونَ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا ، وَقِيلَ لَا يَنْفُذُ بَعْدَهُ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( فَرْعٌ يَجِبُ ) عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِلرَّهْنِ ( أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُعِيرِ جِنْسَ الدَّيْنِ ) كَكَوْنِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً ( وَقَدْرَهُ ) كَعَشَرَةٍ أَوْ مِائَةٍ ( وَصِفَتَهُ مِنْ التَّأْجِيلِ ) أَصْلًا ، وَقَدْرًا ( وَغَيْرَهُ ) كَحُلُولٍ ، وَصِحَّةٍ ، وَكَسْرٍ ( وَكَذَا ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ ( مَنْ يَرْتَهِنُهُ ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ ( وَمَتَى خَالَفَ ) مَا عَيَّنَهُ لَهُ ( بَطَلَ الرَّهْنُ ) لِلْمُخَالَفَةِ ( إلَّا إنْ رَهَنَ بِأَقَلَّ مِمَّا عَيَّنَهُ ) لَهُ كَأَنْ عَيَّنَ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَرَهَنَهُ بِمِائَةٍ فَلَا يَبْطُلُ لِرِضَا الْمُعِيرِ بِهِ فِي ضِمْنِ رِضَاهُ بِالْأَكْثَرِ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ رَهَنَهُ بِأَزْيَدَ مِمَّا عَيَّنَهُ فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الزَّائِدِ فَقَطْ لِلْمُخَالَفَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَصِحُّ فِي شَيْءٍ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّا لَوْ أَبْطَلْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَبْنِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُسَاوِي الثَّمَنَ وَحْدَهُ مُلْزَمٌ أَنْ يُبْطِلَ بِإِزَائِهِ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ فَيَبْقَى الْقَدْرُ الَّذِي يُسَاوِي الثَّمَنَ بِأَقَلَّ مِمَّا يُسَاوِي فَيُؤَدِّي إلَى إبْطَالِهِ أَيْضًا فَلِهَذَا لَمْ يَخْرُجْ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَالْأَقْرَبُ عِنْدِي فِيهَا التَّخْرِيجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ ، وَنَظَرَهُ بِالْهُدْنَةِ ( فَلَوْ اسْتَعَارَ لِيَرْهَنَ عِنْدَ وَاحِدٍ فَرَهَنَ عِنْدَ اثْنَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَجُزْ ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ إذْ فِي الْأُولَى قَدْ يَبِيعُ أَحَدُ الْمُرْتَهِنَيْنِ الْمَرْهُونَ دُونَ الْآخَرِ فَيَتَشَقَّصُ الْمِلْكُ عَلَى الْمُعِيرِ ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَدَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَهُ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ بِأَدَاءِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمَرْهُونِ ( وَلَوْ قَالَ أَعِرْنِي ) كَذَا ( لِأَرْهَنَهُ بِأَلْفٍ أَوْ عِنْدَ فُلَانٍ فَكَتَقْيِيدِ
الْمُعِيرِ ) تَنْزِيلًا لِلْإِسْعَافِ عَلَى الِالْتِمَاسِ ( وَلَوْ قَالَ ) لَهُ الْمَالِكُ ( ضَمِنْت مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك فِي رَقَبَةِ عَبْدِي مِنْ غَيْرِ قَبُولِ غَرِيمِهِ ) ، وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ ( كَفَى ) ، وَكَانَ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ .
( قَوْلُهُ فَرْعٌ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُعِيرِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا عِلْمُهُ بِهِ مُغْنٍ عَنْ بَيَانِهِ كَمَا فِي الْإِسْعَادِ ( قَوْلُهُ إلَّا إنْ رَهَنَ بِأَقَلَّ مِمَّا عَيَّنَهُ لَهُ ) أَوْ عَيَّنَ غَيْرُ ثِقَةٍ فَرَهَنَ مِنْ ثِقَةٍ قَالَ الكوهكيلوني وَكَذَا إنْ خَالَفَ فِي الصِّفَةِ بِالنُّقْصَانِ كَمَا إذَا اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِأَلْفٍ صَحِيحٍ فَرَهَنَهُ بِأَلْفٍ مُكَسَّرٍ وَكَمَا إذَا اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِحَالٍّ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ إلَى شَهْرٍ فَرَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ إلَى شَهْرَيْنِ .
ا هـ .
( فَرْعٌ : وَإِنْ قَضَى الْمُعِيرُ الدَّيْنَ ) بِمَالِهِ ( انْفَكَّ الرَّهْنُ ، وَرَجَعَ ) بِهِ ( عَلَى الرَّاهِنِ إنْ سَلَمَ ) أَيْ قَضَى ( بِالْإِذْنِ ) أَيْ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا لَوْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت الرَّهْنُ بِالْإِذْنِ كَالضَّمَانِ بِهِ فَيَرْجِعُ ، وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ الْإِذْنِ أَيْضًا قُلْت مُسَلَّمٌ إنْ قَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ كَمَا مَرَّ أَمَّا إذَا قَضَى مِنْ غَيْرِهِ كَمَا هُنَا فَلَا ، وَحَاصِلُهُ قَصْرُ الرُّجُوعِ فِيهِمَا عَلَى مَحَلِّ الضَّمَانِ ، وَهُوَ هُنَا رَقَبَةُ الْمَرْهُونِ ، وَثَمَّ ذِمَّةُ الضَّامِنِ ( فَإِنْ أَنْكَرَ ) الرَّاهِنُ ( الْإِذْنَ فَشَهِدَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ ) لِلْمُعِيرِ ( قُبِلَ ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ، وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ( وَمَنْ رَهَنَ عَبْدَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ ) بِمَا بِيعَ بِهِ ( إنْ بِيعَ أَوْ ) رَهَنَهُ ( بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ ) بِشَيْءٍ ، وَإِنْ بِيعَ الْعَبْدُ كَنَظِيرِهِ فِي الضَّمَانِ فِيهِمَا ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَوْلَى مِنْ زِيَادَتِهِ .
قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ ) كَالْأَصِيلِ فِي دَعْوَى الضَّامِنِ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ
( الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَرْهُونُ بِهِ ، وَلَهُ شُرُوطٌ ) ثَلَاثَةٌ بَلْ أَرْبَعَةٌ ( الْأَوَّلُ كَوْنُهُ دَيْنًا فَلَا يَصِحُّ ) الرَّهْنُ ( بِالْأَعْيَانِ ) مَضْمُونَةً كَانَتْ أَوْ أَمَانَةً ( كَالْمَغْصُوبِ ، وَالْمَبِيعِ ) ، وَالْمُودَعِ ، وَالْمَوْقُوفِ ، وَمَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الرَّهْنَ فِي الْمُدَايَنَةِ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهَا ، وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِغَرَضِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْأَعْيَانِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ الشَّرْطِ ( الثَّانِي كَوْنُهُ ثَابِتًا فَلَا يَصِحُّ ) بِغَيْرِهِ كَالرَّهْنِ ( بِثَمَنِ مَا سَيَشْتَرِيهِ أَوْ ) بِمَا ( يَقْتَرِضُهُ ) لِأَنَّهُ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلَا تَقَدُّمَ عَلَيْهِ كَالشَّهَادَةِ فَلَوْ ارْتَهَنَ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ ، وَقَبَضَهُ كَانَ مَأْخُوذًا عَلَى جِهَةِ سَوْمِ الرَّهْنِ فَإِذَا اسْتَقْرَضَ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ لَمْ يَصِرْ رَهْنًا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ ( وَيَصِحُّ مَزْجُ الرَّهْنِ ) بِسَبَبِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ كَمَزْجِهِ ( بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ بِشَرْطِ تَأَخُّرِ طَرَفَيْ الرَّهْنِ ) يَعْنِي تَأَخُّرَ أَحَدِهِمَا عَنْ طَرَفَيْ الْآخَرِ ، وَالْآخَرِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيَقُولُ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا أَوْ أَقْرَضْتُك كَذَا ، وَارْتَهَنْت بِهِ عَبْدَك فَيَقُولُ الْآخَرُ ابْتَعْت أَوْ اقْتَرَضْت ، وَرَهَنْت لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ فِيهِمَا جَائِزٌ فَمَزْجُهُ أَوْلَى لِأَنَّ التَّوَثُّقَ فِيهِ آكَدُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ ، وَاغْتُفِرَ تَقَدُّمُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ قَالَ الْقَاضِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ ، وَيُقَدَّرُ وُجُوبُ الثَّمَنِ ، وَانْعِقَادُ الرَّهْنِ عَقِبَهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقَدِّرُ الْمِلْكَ لَهُ ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ الْعِتْقِ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ جَوَازِ الْمَزْجِ هُنَا ، وَعَدَمِ جَوَازِهِ فِي الْكِتَابَةِ مَعَ الْبَيْعِ كَأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَبِعْتُك
هَذَا الثَّوْبَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ قَبِلْت الْكِتَابَةَ ، وَالْبَيْعَ بِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ مَصَالِحِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ ، وَلِهَذَا جَازَ شَرْطُهُ فِيهِمَا مَعَ امْتِنَاعِ شَرْطٍ عُقِدَ فِي عَقْدٍ ، وَلَيْسَ الْبَيْعُ مِنْ مَصَالِحِ الْكِتَابَةِ ، وَبِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِمُعَامَلَةِ سَيِّدِهِ حَتَّى تَتِمَّ الْكِتَابَةُ ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ تَأَخُّرَ طَرَفَيْ الرَّهْنِ عَمَّا ذَكَرَ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لِيَتَحَقَّقَ سَبَبُ ثُبُوتِ الدَّيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فَلَوْ انْتَفَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ ، وَعَلَى مَا قَرَّرْته هُنَا فِي قَوْلِهِ بِشَرْطِ تَأَخُّرِ الطَّرَفَيْنِ يُحْمَلُ كَلَامِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى تَأَخُّرُ كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الرَّهْنِ عَنْ كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الْآخَرِ .
( قَوْلُهُ وَالْمَوْقُوفُ ) لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ فِيمَا إذَا وَقَفَ كِتَابًا أَوْ غَيْرَهُ وَشَرَطَ أَنْ لَا يُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ بِلُزُومِ هَذَا الشَّرْطِ وَضَعَّفَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا كَوْنُهُ رَهْنًا بِالْعَيْنِ الْغَيْرِ الْمَضْمُونَةِ وَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ ثَانِيهَا كَوْنُ الرَّاهِنِ أَحَدَ الْمُسْتَحِقِّينَ وَالرَّاهِنُ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا ثَالِثُهَا إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ الْوَفَاءُ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ التَّلَفِ وَهَذَا الْمَوْقُوفُ لَوْ تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْهُ فَالْوَجْهُ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ فَاسِدٌ لَا يُتَّبَعُ .
ا هـ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ مَرْدُودٌ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ ) فَيَدُومُ حَبْسُهُ لَا إلَى غَايَةٍ وَفَارَقَ صِحَّةَ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ بِأَنَّ الضَّامِنَ لَهَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ ( قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ ) عَبَّرَ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ إذْ غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ كَالْوَدِيعَةِ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا
( وَلَوْ قَالَ بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ أَجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا فَقَالَ ) الْآخَرُ ( اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ تَاجَرْتُ ) يَعْنِي اسْتَأْجَرْت ( وَرَهَنْت صَحَّ ) ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَوَّلُ بَعْدَهُ ارْتَهَنْت أَوْ قَبِلْت ( لِتَضَمُّنِ هَذَا الشَّرْطُ الِاسْتِيجَابَ ) ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَقُولَ الْأَوَّلُ ذَلِكَ ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
الشَّرْطُ ( الثَّالِثُ كَوْنُهُ لَازِمًا فَلَا يَصِحُّ بِدَيْنِ كِتَابَةٍ ) لِأَنَّ الرَّهْنَ لِلتَّوَثُّقِ ، وَالْمُكَاتَبُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِ النَّجْمِ مَتَى شَاءَ فَلَا مَعْنَى لِتَوْثِيقِهِ ( وَلَا ) بِدَيْنِ ( جِعَالَةٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ ، وَكَذَا ) بَعْدَهُ ( قَبْلَ الْفَرَاغِ ) مِنْ الْعَمَلِ لِأَنَّ لِعَاقِدَيْهَا فَسْخَهَا فَيَسْقُطُ بِهِ الْجُعْلُ وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ بِفَسْخِهِ وَحْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ ، وَفَارَقَ الرَّهْنَ بِالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِأَنَّ مُوجِبَ الثَّمَنِ الْبَيْعُ ، وَقَدْ تَمَّ بِخِلَافِ مُوجِبِ الْجُعْلِ ، وَهُوَ الْعَمَلُ ، وَبِأَنَّ الثَّمَنَ وَضَعَهُ عَلَى اللُّزُومِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْجُعْلِ بَلْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ أَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَيَصِحُّ لِلُزُومِ الدَّيْنِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، وَغَيْرُهُ ، وَلَا يُغْنِي عَنْ الثَّابِتِ اللَّازِمُ لِأَنَّ الثُّبُوتَ مَعْنَاهُ الْوُجُودُ فِي الْحَالِّ ، وَاللُّزُومُ ، وَعَدَمُهُ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ صِدْقُهُ عَلَى وُجُودِ الدَّيْنِ كَمَا يُقَالُ دَيْنُ الْقَرْضِ لَازِمٌ ، وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّيْنِ اللَّازِمِ لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ مَا سَيَقْتَرِضُهُ ، وَنَحْوَهُ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ ( ، وَيَصِحُّ بِالْأُجْرَةِ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ ) ، وَبِالصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُسْتَقِرَّيْنِ كَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ ، وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ الْمُصَرَّحِ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ الْأُجْرَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا .
( وَ ) يَصِحُّ ( بِالْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لَا ) بِهَا فِي إجَارَةِ ( الْعَيْنِ ) لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى دَيْنٌ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِيَةِ ( وَ ) يَصِحُّ ( بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ ، وَ ) بِهِ ( فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ ( وَبِمَالِ الْمُسَابَقَةِ لِأَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْعُقُودِ اللُّزُومُ ) ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي رَهْنِ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ حَيْثُ قُلْنَا مَلَكَ
الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِيَمْلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ فِي الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْخِيَارِ ( لَا بِالدِّيَةِ قَبْلَ الْحُلُولِ ) لِأَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ ، وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِطُرُقِ الْمَوْتِ ، وَالْجُنُونِ ، وَبِتَلَفِ الْمَالِ بِخِلَافِهَا بَعْدَ الْحُلُولِ لِثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ ( وَلَا بِالزَّكَاةِ ) ، وَلَوْ بَعْدَ الْحُلُولِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا قَبْلَهُ ، وَلِعَدَمِ الدَّيْنِ بَعْدَهُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ شَرِكَةً ، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ ، وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ بَعْدَهُ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ ابْتِدَاءً كَزَكَاةِ الْفِطْرِ ، وَدَوَامًا بِأَنْ يَتْلَفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ ، وَبِتَقْدِيرِ بَقَائِهِ فَالتَّعَلُّقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ الْحَقِيقِيَّةِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ غَيْرِهَا بِغَيْرِ رِضَا الْفُقَرَاءِ قَطْعًا فَصَارَتْ الذِّمَّةُ كَأَنَّهَا مَنْظُورٌ إلَيْهَا ، وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُمَا فَلَوْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الضَّمَانِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي ، وَغَيْرُهُ ، وَنَصُّ الْأُمِّ يَشْهَدُ لَهُ ، وَهَذَا قَدْ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ .
( قَوْلُهُ الثَّالِثُ كَوْنُهُ لَازِمًا ) هَذِهِ الشُّرُوطُ تَنْطَبِقُ عَلَى أَثْمَانِ الْبِيَاعَاتِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ سَلَمٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ أُجْرَةٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ عِوَضِ خُلْعٍ أَوْ غَرَامَةِ مُتْلَفٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى جَوَازِ الرَّهْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْمَعْنَى فِيهِ كَوْنُهُ حَقًّا ثَابِتًا فَقِيسَ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ ( قَوْلُهُ وَكَذَا قَبْلَ الْفَرَاغِ ) فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ صَحَّ قَطْعًا قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الثَّمَنَ وَضَعَهُ عَلَى اللُّزُومِ ) أَيْ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّيْنِ اللَّازِمِ لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ إلَخْ ) لَا يَرُدُّ ذَلِكَ لِخُرُوجِهِ بِالدَّيْنِ إذْ إطْلَاقُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ مَجَازٌ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ دَلَالَةُ الِالْتِزَامِ لَا يُكْتَفَى بِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ وَهُمَا وَصْفَانِ مَقْصُودَانِ يُحْتَرَزُ بِهِمَا عَنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ ( قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ الْمُصَرَّحِ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ إلَخْ ) الرَّهْنُ شُرِعَ وَثِيقَةً لِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَالْأُجْرَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ حَاصِلَةٌ لِاشْتِرَاطِ قَبْضِهَا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا قَالَ شَيْخُنَا فَصَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ وَالْأَعْيَانُ لَا يُرْهَنُ بِهَا .
( قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ زَوَالِ الْمِلْكِ وَاسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ إلَخْ ) كَلَامُ الْأَصْلِ مَحَلُّهُ إذَا تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ إذْ الْمَرْهُونُ لَا يَكُونُ إلَّا دَيْنًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا أَتْلَفَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلذِّمَّةِ وَكَذَلِكَ زَكَاةُ الْفِطْرِ ( قَوْلُهُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ ) عَجِيبٌ
فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَالْفِطْرَةِ لَا حَوْلَ لَهَا ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ النَّسَائِيّ فِي نُكَتِهِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا حَتَّى لَا يَصِحَّ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا إذْ لَا عِلْمَ مَعَ الْإِبْهَامِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ يَتَوَهَّمُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَرَهَنَ بِهِ مَالًا حَتَّى إنْ ظَهَرَ الْوُجُوبُ كَانَ مَرْهُونًا بَطَلَ وَإِنْ ظَهَرَ الْوُجُوبُ .
ا هـ .
وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُمْكِنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ إذَا شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ كَالْعَيْنِ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهِ وَكَوْنُهُ غَيْرَ الْمَوْثُوقِ بِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَضْمُونٌ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ رَهْنًا فِيهِ لِأَنَّ الْوَثِيقَةَ عَيْنُ الْمَوْثُوقِ بِهِ قَالَ النَّسَائِيّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُنَافِي اسْتِمْرَارَ النِّكَاحِ لِبَقَاءِ مِلْكِ السَّيِّدِ وَعَدَمِ مِلْكِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْبَيْعِ فَبَيْعُهُ أَيْضًا جَائِزٌ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَظَرٌ إذَا قُلْنَا إنَّ الْمَهْرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ
( فَرْعٌ مَا جَازَ الرَّهْنُ بِهِ جَازَ ضَمَانُهُ ، وَعَكْسُهُ إلَّا أَنَّ ضَمَانَ رَدِّ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ ، وَ ) ضَمَانَ ( الْعُهْدَةِ جَائِزٌ لَا الرَّهْنَ بِهِمَا ) فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الدَّيْنِ ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ يُوجِبُ الْحَجْرَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي التَّصَرُّفِ ، وَالضَّمَانُ لَا يُوجِبُهُ عَلَى الضَّامِنِ فَيَتَضَرَّرُ الرَّاهِنُ دُونَ الضَّامِنِ ، وَفِي مَعْنَى مَا اسْتَثْنَى ضَمَانَ إحْضَارِ الْبَدَنِ ، وَقَدْ اسْتَثْنَاهُ الْبُلْقِينِيُّ ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ خَيْرَانَ مَا لَوْ ضَمِنَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ ، وَأَقَرَّهُ .
( قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ مَعْلُومًا ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهِ إلَخْ ) الْوَجْهُ الصِّحَّةُ فِي الرَّهْنِ كَالضَّمَانِ
( فَرْعٌ يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ بِالدَّيْنِ ) الْوَاحِدِ ( رَهْنًا ) عَلَى رَهْنٍ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ تَوْثِقَةٍ ثُمَّ هُوَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا ( لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ بِالرَّهْنِ الْوَاحِدِ دَيْنًا عَلَى دَيْنٍ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِهِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ وَفَّى بِهِمَا أَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا ، وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ هَذَا شَغْلٌ مَشْغُولٌ ، وَذَاكَ شَغْلٌ فَارِغٌ ( لَكِنْ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ ) الْمَرْهُونُ ( فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِالْإِذْنِ ) مِنْ الرَّاهِنِ ( لِيَكُونَ رَهْنًا بِالْجَمِيعِ ) أَيْ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ ( جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الرَّهْنِ ) لِتَضَمُّنِهِ اسْتِبْقَاءَهُ ، وَلِأَنَّ بِالْجِنَايَةِ صَارَ الرَّهْنُ جَائِزًا فَيَكُونُ كَالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ يُزَادُ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمَرْهُونِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِعَجْزِ الرَّاهِنِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ غَيْبَتِهِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي ، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا قَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِنْفَاقِ إذْ لَا ضَرُورَةَ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ ، وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ ( وَإِنْ اعْتَرَفَ ) الرَّاهِنُ ( أَنَّهُ مَرْهُونٌ بِعِشْرِينَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ) رَهَنَهُ أَوَّلًا ( بِعَشَرَةٍ ثُمَّ عَشَرَةٍ ) ، وَتَنَازَعَا ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اعْتِرَافَ الرَّاهِنِ يُقَوِّي جَانِبَهُ ، وَلِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ ( فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ ) فِي جَوَابِهِ ( فَسَخْنَا ) الْأَوَّلَ ( وَارْتَهَنْت ) مِنْك ( بِالْجَمِيعِ ) أَيْ بِالْعِشْرِينَ ( صَدَقَ الرَّاهِنُ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفَسْخِ ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ ، وَمَيْلُ الصَّيْدَلَانِيِّ إلَى تَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ لِاعْتِضَادِهِ
بِقَوْلِ الرَّاهِنِ رَهَنَ بِعِشْرِينَ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنَّ الْأَقْوَى عِنْدَ الرُّويَانِيِّ الثَّانِي ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ ، وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَلَعَلَّ الْبَغَوِيّ بَنَى مَا صَحَّحَهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ تَصْحِيحِ قَوْلِ مُدَّعِي الْفَسَادِ ، وَعَلَّلَ الرُّويَانِيُّ مَا رَجَّحَهُ بِأَنَّ دَعْوَى الرَّاهِنِ أَنَّا عَقَدْنَا ثَانِيًا كَالدَّلِيلِ عَلَى حُصُولِ الْفَسْخِ بَيْنَهُمَا ، وَعَضَّدَهُ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ فِي الصَّدَاقِ إنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَكَحَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ بِأَلْفٍ ، وَيَوْمَ السَّبْتِ بِأَلْفٍ ، وَطَلَبَتْ أَلْفَيْنِ ، وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ لَزِمَهُ الْأَلْفَانِ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنِّي مَا طَلَّقْت بَلْ جَدَّدْت النِّكَاحَ ، وَبِمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا يَكُونُ إقْرَارًا بِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنْ قَبْلُ ( فَلَوْ شَهِدَا ) أَيْ شَاهِدَانِ ( أَنَّهُ رَهَنَ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تُسْمَعْ ) شَهَادَتُهُمَا فَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ ( حَتَّى يَقُولَا ، وَفَسَخَا ) أَيْ الْمُتَرَاهِنَانِ .
وَفِي نُسْخَةٍ ، وَفَسَخَ ( الْأَوَّلُ ) ، وَهَذَا رَتَّبَهُ الْبَغَوِيّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِيمَا مَرَّ قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَغَيْرُهُ وَنَحْنُ قَدْ ضَعَّفْنَا قَوْلَهُ فِيمَا إذَا سَبَقَ إقْرَارُهُ ، وَفِي هَذِهِ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارٌ فَلَا وَجْهَ إلَّا تَخْرِيجُهَا عَلَى دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَمَنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَغَوِيّ يُنَاسِبُهُ التَّوَقُّفُ فِي الْحُكْمِ حَتَّى يُصَرِّحَ الشَّاهِدَانِ بِالْفَسْخِ ، وَمَنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ يُنَاسِبُهُ أَنْ يُحْكَمَ هُنَا بِأَنَّهُ رَهَنَ بِأَلْفَيْنِ انْتَهَى ، وَقَدْ يُقَالُ فِي قَوْلِهِمْ لَمْ يَسْبِقْ فِي هَذِهِ إقْرَارٌ نُظِرَ .
( قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ بِالرَّهْنِ الْوَاحِدِ دَيْنًا إلَخْ ) شَمَلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مُسْتَعَارًا ثُمَّ رَهَنَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِدَيْنٍ آخَرَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ أَيْضًا مَا إذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الدَّيْنَيْنِ ( قَوْلُهُ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِهِ الْأَوَّلِ ) بِأَنْ لَمْ يَفْسَخْهُ الْمُرْتَهِنُ ( قَوْلُهُ إنَّ هَذَا شَغْلٌ مَشْغُولٌ ) أَيْ بِعَقْدٍ فَلَا يَنْتَقِضُ بِمَا إذَا تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الرَّقِيقِ الْجَانِي فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ مَعَ اشْتِغَالِ الرَّقَبَةِ بِبَدَلِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ وَلِأَنَّ بِالْجِنَايَةِ صَارَ الرَّهْنُ جَائِزًا إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْأَرْشَ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَإِذَا رَهَنَهَا بِهِ فَقَدْ عَلَّقَ بِهَا مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهَا ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَجْزِ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَعَضَّدَهُ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ فِي الصَّدَاقِ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ عَدَمَ لُزُومِ صَدَاقٍ بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ مَعَ بَقَائِهِ لَا يَكَادُ يُشْبِهُ عَلَى أَحَدٍ بِخِلَافِ عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ ( قَوْلُهُ فَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ رَهَنَ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ نَعَمْ لَوْ قَالَ عِنْدَ الشَّهَادَةِ كَانَ مَرْهُونًا بِعَشَرَةٍ فَجَعَلْته بِعِشْرِينَ وَنَقَلَ الشَّاهِدَانِ مَا سَمِعَا فَهَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ الْمُعْتَقِدُ لِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِعِشْرِينَ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَأَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ