كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
عِتْقِهِ ) وَلَوْ فِي ضِمْنِ كِتَابَةٍ ( أَوْ وَقْفِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ بَعْدَ شَهْرٍ ) مَثَلًا أَوْ بَيْعِهِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ( لَمْ يَصِحَّ ) إذْ لَمْ يَحْصُلْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا مَا تَشَوَّقَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ ( وَكَذَا لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ الْوَلَاءَ فِيهِ لِنَفْسِهِ ) لِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ سَوَاءٌ أَشَرَطَ مَعَ الْوَلَاءِ الْعِتْقَ أَمْ لَا بِأَنْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِي الْوَلَاءُ إنْ أَعْتَقْته وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي { خَبَرِ بَرِيرَةَ لِعَائِشَةَ وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ } فَأَجَابَ عَنْهُ الْأَقَلُّ بِأَنَّ رَاوِيَهُ هِشَامًا تَفَرَّدَ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ لَهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْذَنُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَالْأَكْثَرُ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ عَائِشَةَ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ كَمَا خَصَّ فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ بِالصَّحَابَةِ لِمَصْلَحَةِ بَيَانِ جَوَازِهَا فِي أَشْهُرِهِ وَبِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } ( أَوْ كَانَ ) الْمَشْرُوطُ إعْتَاقُهُ ( بَعْضًا ) لِلْمُشْتَرِي ( يُعْتَقُ ) عَلَيْهِ ( بِالشِّرَاءِ ) كَأَبِيهِ وَابْنِهِ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى ( وَإِنْ شَرَطَ عِتْقَ حَامِلٍ فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَفِي عِتْقِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ ) حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْوِلَادَةِ
( قَوْلُهُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ ) وَلِأَنَّ اسْتِعْقَابَ الْعِتْقِ عُهِدَ فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ فَاحْتَمَلَ شَرْطُهُ هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي عَبْدٍ وَيَشْتَرِطُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عِتْقَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ ر وَفَارَقَ الْعِتْقُ مَا سِوَاهُ مِنْ الشُّرُوطِ لِأَنَّهُ يَكْمُلُ بِبَعْضِهِ وَيَسْرِي إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ وَيَصِحُّ إيرَادُهُ عَلَى الْحَمْلِ ( قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ وَالْحَاوِي الصِّحَّةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ ) وَمِثْلُ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ بَاقِيهِ وَهُوَ مُوسِرٌ ( قَوْلُهُ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ إعْتَاقه أُجْبِرَ ) يَلْزَمُ مِنْ إجْبَارِهِ أَنَّهُ لَوْ جَنَى لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الَّذِي يَتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ الْعِتْقَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَقَدْ يُقَالُ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا سَمَحَ بِالْبَيْعِ أَوْ حَابَى فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ كَأَنْ قَالَ بِعْتنِيهِ بِمِائَةٍ لِأَعْتِقَهُ فَقَالَ بِعْتُك وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْجَبَهُ كَذَلِكَ فِيمَا أَحْسِبُهُ وَرَأَيْت فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ فِي بَابِ السَّبَقِ وَالرَّمْيِ لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ إطْعَامَهُ جَازَ .
وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا إنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ شَرَطَهُ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ إعْتَاقَهُ صَحَّ الْعَقْدُ ثُمَّ إنْ شَاءَ لَا يُعْتَقُ ا هـ وَمَعْنَى قَوْلِهِ جَازَ يَعْنِي بِهِ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَغَا الشَّرْطُ ا هـ الرَّاجِحُ صِحَّةُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ
كَلَامِهِ إذَا شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ الْعِتْقَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ وَلِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ إلَخْ ) سَيَأْتِي فِي الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُطَالَبَةِ وَإِنَّ النَّظَرَ فِي مِثْلِهِ لِلْحَاكِمِ ( قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ قُتِلَ قَبْلَ الْعِتْقِ ) كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذَا الدِّينَارِ عَلَى زَيْدٍ فَمَاتَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَخَّرَ الظَّرْفَ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ إذْ لَا تَكُونُ أَمَةً إلَّا قَبْلَ الْعِتْقِ كا ( قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَنْ يُعْتِقُهُ لَمْ يَصِحَّ ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ الْوَلَاءَ لِنَفْسِهِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ أَمَّا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَك فَفِي التَّتِمَّةِ فِي بَابِ الْخُلْعِ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الشَّرْطَ يَفْسُدُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ ا هـ وَقَدْ يُقَالُ لَا اسْتِثْنَاءَ بَلْ الْعَقْدُ فَاسِدٌ أَيْضًا بِدَلِيلِ عَدَمِ لُزُومِ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْهُ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِالْتِمَاسِهِ الْعِتْقَ عَلَى عِوَضٍ وَإِسْعَافِ الْمَالِكِ بِمَا سَأَلَهُ وَهُنَا لَمْ يُعْتِقْهُ الْمَالِكُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي مَجَّانًا فَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ ( قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ ) لِأَنَّهُ كَانَ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ ( قَوْلُهُ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ إلَخْ ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَجْوِبَةِ ( قَوْلُهُ { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } ) أُولَئِكَ لَهُمْ اللَّعْنَةُ ( قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ ) وَمِنْ هَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِشَرْطِ
الْعِتْقِ وَكَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ ر ( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الصِّحَّةُ ) وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ( قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْوِلَادَةِ ) وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إعْتَاقُهُ وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ
( فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ( فَإِنْ اشْتَرَى الْحَامِلَ مُطْلَقًا تَبِعَهَا الْحَمْلُ ) فِي الْبَيْعِ ( وَالْحَمْلُ يُعْرَفُ ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْرُوفِ فَيُقَابَلُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ ( وَلَوْ بَاعَهَا ) أَيْ دَابَّةً ( بِشَرْطِ أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ لَبُونٌ ) أَوْ كَاتِبَةٌ أَوْ نَحْوِهَا ( صَحَّ ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِنْشَاءِ مَا يَتَجَدَّدُ بَلْ هُوَ الْتِزَامُ صِفَةٍ نَاجِزَةٍ فَلَا يُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ كَمَا لَا يُؤَدِّي إلَيْهَا مَا لَا غَرَضَ فِيهِ ( لَا إنْ اسْتَثْنَى لَبَنَهَا أَوْ حَمْلَهَا ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ وَيُفَارِقُ صِحَّةَ بَيْعِ الشَّجَرَةِ دُونَ ثَمَرَتِهَا بِتَيَقُّنِ وُجُودِ الثَّمَرَةِ وَالْعِلْمِ بِصِفَاتِهَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ ( أَوْ كَانَ الْحَمْلُ حُرًّا أَوْ ) رَقِيقًا ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ ( وَلَوْ لِلْمُشْتَرِي ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِيهِمَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاسْتَشْكَلَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَدْخُلُ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَمْلَ أَشَدُّ اتِّصَالًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا شَرْعًا دُونَهُ ( وَلَوْ بَاعَهَا وَحَمْلَهَا أَوْ ) بَاعَهَا ( وَلَبَنَ ضَرْعِهَا لَمْ يَصِحَّ ) لِجَعْلِهِ الْحَمْلِ أَوْ اللَّبَنِ الْمَجْهُولِ مَبِيعًا مَعَ الْمَعْلُومِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا أَوْ لَبُونًا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَصْفًا تَابِعًا وَبَيْضُ الطَّيْرِ كَالْحَمْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيَصِحُّ بَيْعُ الْجُبَّةِ بِحَشْوِهَا ) وَالْجِدَارُ بِأُسِّهِ لِدُخُولِ الْحَشْوِ فِي مُسَمَّى الْجُبَّةِ وَالْأُسِّ فِي مُسَمَّى الْجِدَارِ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُمَا لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ بِخِلَافِ الْحَمْلِ وَدُخُولُهُ تَبَعًا لَا
يَسْتَلْزِمُ دُخُولَهُ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ وَتَعْبِيرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَمْلِ بِالْوَاوِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْحَشْوِ بِالْبَاءِ مِثَالٌ إذْ لَا فَرْقَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا بَيْنَ الْوَاوِ وَالْبَاءِ وَمَعَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي أَثْنَاءِ الْأَمْثِلَةِ ( وَإِنْ شَرَطَ وَضْعَ الْحَمْلِ لِشَهْرٍ ) مَثَلًا ( أَوْ أَنَّهَا تُدِرُّ كُلَّ يَوْمٍ صَاعًا ) مَثَلًا ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَغَيْرُ مُنْضَبِطٍ فِي الثَّانِيَةِ فَصَارَ ( كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَكْتُبَ الْعَبْدُ كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَ وَرَقَاتٍ ) مَثَلًا
( قَوْلُهُ تَبِعَهَا الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ ) وَإِنْ بِيعَتْ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَالِكِهَا أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ كَانَ ثَانِي تَوْأَمَيْنِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا سَمَكَةً ( قَوْلُهُ فَيُقَابَلُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ ) لِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ الْحَوَامِلَ فِي الدِّيَةِ فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ الْوَلَدِ إلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ إلَخْ ) قَدْ يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ مَا لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ فَبَاعَهُمَا دَفْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ
( فَرْعٌ لَوْ شَرَطَ ) الْبَائِعُ بِمُوَافَقَةِ الْمُشْتَرِي ( حَبْسَ الْمَبِيعِ ) بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ ( حَتَّى يُسْتَوْفَى الثَّمَنُ الْحَالُّ الْمُؤَجَّلُ ) وَخَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ ( صَحَّ ) لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ حِينَئِذٍ فِي التَّسْلِيمِ بِالْبَائِعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ( لَا إنْ قُلْنَا الْبُدَاءَةُ بِالْبَائِعِ وَإِنْ بَاعَهُ صُبْرَةً كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ أَوْ يُنْقِصَهُ صَاعًا لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ كَانَتْ صِيعَانُهَا مَعْلُومَةً كَعَشَرَةٍ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهَا ) فِي الزِّيَادَةِ ( تِسْعَةَ دَرَاهِمَ أَوْ ) فِي النَّقْصِ ( أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا ) فَيَجُوزُ فَفِي الْأُولَى قَدْ بَاعَ كُلَّ صَاعٍ وَتُسْعًا بِدِرْهَمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ بَاعَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَعَشَرَ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الصِّيعَانُ مَجْهُولَةً لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ كُلِّ صَاعٍ وَفِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ مَا ذَكَرَ كَأَنْ أَرَادَ فِي الْأُولَى هِبَةَ صَاعٍ أَوْ بَيْعَهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَفِي الثَّانِيَةِ رَدَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ ( فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ ) فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَزِيدَك صَاعًا أَوْ أُنْقِصَك ( أَنَّهُ أَرَادَ أَحَدَهُمَا بَطَلَ الْبَيْعُ ) مُطْلَقًا لِلْإِبْهَامِ ( وَإِذَا بَاعَهُ الْأَرْضَ أَوْ الصُّبْرَةَ ) مَثَلًا ( عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ أَوْ ) مِائَةُ ( صَاعٍ فَخَرَجَ ) الْمَبِيعُ ( زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا صَحَّ ) تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ وَتَنْزِيلًا لِخَلْفِ الشَّرْطِ فِي الْمِقْدَارِ مَنْزِلَةَ خَلْفِهِ فِي الصِّفَاتِ .
( وَ ) ثَبَتَ ( الْخِيَارُ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ ) وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ ( فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي ) لِلْبَائِعِ ( لَا تَفْسَخْ وَأَنَا أَقْنَعُ بِالْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ ) شَائِعًا وَلَك الزِّيَادَةُ ( أَوْ قَالَ لَا تَفْسَخْ وَأَنَا أُعْطِيَك ثَمَنَ
الزَّائِدِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الْبَائِعِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ الْمُشْتَرِي شَائِعًا يَجُرُّ ضَرَرًا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِهِ تَمْلِيكِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ ( وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي بِحَطِّ الْبَائِعِ ) مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ النَّقْصِ ( وَإِذَا أَجَازَ فَبِالْمُسَمَّى ) يُجِيزُ ( لَا غَيْرُ ) أَيْ لَا بِقِسْطِهِ لِأَنَّ الْمُتَنَاوَلَ بِالْإِشَارَةِ ذَلِكَ الْمَوْجُودُ لَا غَيْرُ وَإِذَا أَجَازَ الْبَائِعُ فَالْجَمِيعُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يُطَالِبُهُ لِلزِّيَادَةِ بِشَيْءٍ ( وَلَوْ قَالَ بِعْ ) عَبْدَك مَثَلًا ( مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ وَعَلَى خَمْسِمِائَةٍ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلَى أَنَّ عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ ( فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ ) الْبَيْعُ لِأَنَّ وُجُوبَ الثَّمَنِ خَاصٌّ بِالْمُشْتَرِي وَمَا ذُكِرَ فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك بِأَلْفٍ وَلَك عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ فَفَعَلَ صَحَّ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَى الْقَائِلِ شَيْئًا صُورَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْخَمْسَمِائَةِ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ
قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ ) الصِّفَةُ اللَّازِمَةُ تَجْرِي مَجْرَى الْإِشَارَةِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ زَوَّجْتُك بِنْتِي فُلَانَةَ وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا صَحَّ لِأَنَّ الْبِنْتَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَيُلْغَى الِاسْمُ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ ) فَلَوْ تَلِفَ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ
( فَصْلٌ الْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ ) لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ لِشَرْطٍ فَاسِدٍ ( يَضْمَنُهُ ) الْمُشْتَرِي ( ضَمَانَ الْغَصْبِ ) لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ كُلَّ لَحْظَةٍ بِرَدِّهِ فَيَضْمَنُهُ عِنْدَ تَلَفِهِ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَبِأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ لِلتَّعَيُّبِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا وَضَمَانُ زَوَائِدِهِ كَنِتَاجٍ وَتَعَلُّمِ حِرْفَةٍ ( وَعَلَيْهِ رَدُّهُ ) لِمَالِكِهِ وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ ( وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ ) وَلَا يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَالرَّهْنِ الْفَاسِدِ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِتَوْجِيهِ الشَّيْخَيْنِ فِي الضَّمَانِ عَدَمَ مُطَالَبَةِ ضَامِنِ الْعُهْدَةِ لَوْ بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِإِمْكَانِ حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْبَائِعَ الْتَزَمَ ثَمَّ حُكْمَ الضَّمَانِ فَلَزِمَهُ حُكْمُ التَّوَثُّقِ فَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْحَبْسُ لِذَلِكَ وَبِأَنَّ التَّوْجِيهَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْحَبْسِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ لِأَنَّهُمَا تَكَلَّمَا عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ ( وَإِنْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ ) عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ ( وَلَوْ جَهِلَ الْفَسَادَ ) لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ ذَلِكَ
( فَصْلٌ الْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ ) ( قَوْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ غَصْبٍ لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي ) أَوْ غَرَسَ فَنَقَضَ الْمُسْتَحِقُّ بِنَاءَهُ أَوْ قَلَعَ غِرَاسَهُ رَجَعَ بِأَرْشِ النَّقْصِ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ ) هَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ صَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ أَيْضًا وَادَّعَى فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ إذَا لَمْ يُقْبَضْ عَلَى جِهَةِ الْمُعَاوَضَةِ فَإِنْ قُبِضَ بِهَا فَلَا لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَقْتَ الْقَبْضِ بِالْمِثْلِ ا هـ وَجَوَابُهُ أَنَّ ضَمَانَهُ بِالْعِوَضِ قَدْ زَالَ بِالْفَسْخِ فَصَارَ كَمَا لَوْ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ عَقْدٌ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الثَّمَنِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَلَهُ الْحَبْسُ لَا سِيَّمَا إذَا جَهِلَ فَسَادَ الْبَيْعِ وَأَنْ لَا يَكُونَ تَصَرُّفُهُ مَبْنِيًّا عَلَى الِاحْتِيَاطِ فَلَوْ بَاعَ الْوَلِيُّ لِلطِّفْلِ فَاسِدًا وَأَقْبَضَ الثَّمَنَ فَلَهُ الْحَبْسُ لِاسْتِرْدَادِهِ لِبِنَاءِ تَصَرُّفِهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ ( قَوْلُهُ وَبِأَنَّ التَّوْجِيهَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْقَائِلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا أَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُ بِإِذْنِهِ لَا يُعْتَقُ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُهُ عَلَى الْجَاهِلِ بِفَسَادِهِ أَمَّا لَوْ عَلِمَ فَيُعْتَقُ ر وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُعْتَقُ وَإِنْ جَهِلَ الْبَائِعُ فَسَادَ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَعْتِقْهُ عَنِّي أَوْ مُطْلَقًا فَأَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ وَقَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَإِنْ وَطِئَهَا ) أَيْ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا ( لَمْ يُحَدَّ ) وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ ( إلَّا إنْ عَلِمَ ) الْفَسَادَ ( وَالثَّمَنُ مَيْتَةٌ أَوْ دَمٌ ) أَوْ نَحْوُهُمَا مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِهِ أَصْلًا فَيُحَدُّ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَحَدٍ ( لَا خَمْرٌ ) وَنَحْوُهُ كَخِنْزِيرٍ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعِلْمِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنْ كَانَا أَيْ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ عَالِمَيْنِ وَأُلْحِقَتْ الْمَيْتَةُ هُنَا بِالدَّمِ وَفِي الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ بِالْخَمْرِ لِأَنَّ النَّظَرَ ثَمَّ إلَى وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى مَقْصُودٍ وَالْمَيْتَةُ مَقْصُودَةٌ لِإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ وَالنَّظَرُ هُنَا إلَى مَا يَقُولُ الْحَنَفِيُّ أَنَّ الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ وَعِنْدَهُ الْمَيْتَةُ كَالدَّمِ فِي عَدَمِ إفَادَةِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ( وَحَيْثُ لَا حَدَّ يَجِبُ الْمَهْرُ ) وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ التَّمْلِيكُ الْفَاسِدُ ( فَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْأَمَةُ ( بِكْرًا فَمَهْرُ بِكْرٍ ) لِلتَّمَتُّعِ بِهَا وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِجَامِعِ التَّوَصُّلِ إلَى الْوَطْءِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ( وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ ) لِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ إذْ لَوْ أَزَالَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ وَلَوْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ إيجَابِ مَهْرِ بِكْرٍ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا لَزِمَهُ مَعَ أَرْشِ
الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلِفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ هُنَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ ( فَإِنْ أَحْبَلَهَا ضَمِنَ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ إحْبَالِهَا حَتَّى لَوْ مَاتَتْ بِالطَّلْقِ وَلَوْ بَعْدَ عَوْدِهَا إلَى مَالِكِهَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا ( وَالْوَلَدُ ) حَيْثُ لَا حَدَّ ( حُرٌّ ) نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ ( وَلَا تَصِيرُ بِهِ ) الْأَمَةُ ( أُمَّ وَلَدٍ ) وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ حَالَةَ الْعُلُوقِ ( وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ) لِتَفْوِيتِهِ رِقِّهِ عَلَى مَالِكِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِالْفَسَادِ فَهُوَ غَارٌّ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَهَا لَهُ لَرَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَارًّا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ( يَوْمَ الْوِلَادَةِ ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ ( إنْ خَرَجَ حَيًّا لَا ) إنْ خَرَجَ ( مَيِّتًا ) بِغَيْرِ جِنَايَةٍ ( وَلَا يَرْجِعُ بِهَا ) إذَا غَرِمَهَا عَلَى الْبَائِعِ ( بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى ) أَمَةً ( بِصِيغَةٍ صَحِيحَةٍ ) وَاسْتَوْلَدَهَا ( فَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْبَائِعِ ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِصِيغَةٍ صَحِيحَةٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ مُضِرًّا ( وَإِنْ مَاتَ بِجِنَايَةٍ فَالْغُرَّة ) عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي ( لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِلْمَالِكِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ مَوْلُودًا ) أَيْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ ( وَ ) مَنْ ( الْغُرَّةِ وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ ) مَنْ شَاءَ مِنْ ( الْجَانِي وَالْمُشْتَرِي ) وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ مَالَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ
قَوْلُهُ أَيْ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ عَالِمَيْنِ وَجَبَ الْحَدُّ ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَهِيَ أَفْيَدُ كا ( قَوْلُهُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ ) إنَّمَا وَجَبَا لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا لِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِهْلَاكِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ) مَا ذَكَرَهُ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ مِنْ كَوْنِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَا يُضْمَنُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَلْ الْوَاجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ فَقَطْ هُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلٍ ثَيِّبًا وَأَرْشِ بَكَارَةٍ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ ) قَالَ شَيْخُنَا فَالْعَقْدُ شَبَهُهُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ فَسَدَ أَقْرَبُ فَهَذَا وَجْهُ الْإِلْحَاقِ لَا أَنَّ الْغَاصِبَ أَحَقُّ بِالتَّغْلِيظِ فَيَكُونُ الْمُنَاسِبُ فِيهِ مَهْرَ بِكْرٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ ( قَوْلُهُ لَا إنْ خَرَجَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَلَا قِيمَةَ لَهُ ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَحَكَوْا فِي الْغَصْبِ وَجْهًا أَنَّهُ يُضْمَنُ وَلَمْ يُجْرُوهُ هُنَا لِتَعَدِّيهِ ( قَوْلُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ مَوْلُودًا وَمِنْ الْغُرَّةِ ) وَإِنَّمَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ وِلَادَتِهِ مَيِّتًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ أَمَّا الْغَاصِبُ فَلِتَعَدِّيهِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَلِابْتِنَاءِ يَدِهِ عَلَى يَدِهَا دِيَةٌ
( فَرْعٌ بَيْعُهُ مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا ) كَبَيْعِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ ( وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا نَقَصَ فِي يَدِ الثَّانِي ) كَمَا يُطَالِبُهُ بِمَا نَقَصَ فِي يَدِهِ ( وَ ) لَهُ ( مُطَالَبَةُ الثَّانِي أَيْضًا ) بِذَلِكَ ( لَا بِمَا نَقَصَ قَبْلَ قَبْضِهِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ ( وَالْقَرَارُ ) فِيمَا يُطَالِبُ بِهِ كُلًّا مِنْهُمَا ( عَلَى الثَّانِي إنْ تَلِفَ ) فِي يَدِهِ لِحُصُولِ التَّلَفِ فِيهَا وَكُلُّ نَقْصٍ حَدَثَ فِي يَدِهِ يُطَالِبُ بِهِ الْأَوَّلَ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الثَّانِي وَكَذَا حُكْمُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ
( فَصْلٌ لَوْ حَذَفَا ) أَيْ الْعَاقِدَانِ ( الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ ) وَلَوْ ( فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا ) إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْفَاسِدِ ( وَلَوْ زَادَا أَوْ نَقَصَا فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ ) وَلَوْ فِي السَّلَمِ ( أَوْ أَحْدَثَا أَجَلًا أَوْ خِيَارًا ) ابْتِدَاءً أَوْ زِيَادَةً ( أَوْ شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) أَيْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ ( اُلْتُحِقَ ) كُلٌّ مِنْهَا ( بِالْعَقْدِ ) أَيْ بِالْمُقْتَرِنِ بِهِ وَكَذَا حَطُّ بَعْضِ مَا ذَكَرَ إذْ مَجْلِسُ الْعَقْدِ كَنَفْسِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا صَلَحَ لِتَعْيِينِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَعِوَضِ الصَّرْفِ وَقِيسَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ خِيَارُ الشَّرْطِ بِجَامِعِ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَقَدْ يَحْتَاجُ فِي تَقَرُّرِ الْعَقْدِ إلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْعَاقِدَيْنِ بَلْ الْمُوَكِّلُ وَمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْخِيَارُ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْوَارِثِ بِالنِّسْبَةِ لِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَبِهِ يُقَاسُ غَيْرُهُ أَمَّا بَعْدَ اللُّزُومِ فَلَا يُلْتَحَقُ بِالْعَقْدِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ عَلَى الشَّفِيعِ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَهُ
( قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَا أَوْ نَقَصَا فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إلَخْ ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ ( قَوْلُهُ وَقِيسَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ خِيَارُ الشَّرْطِ ) قَالَ الكوهكيلوني فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ خِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي أَثْنَاءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَفْظُهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ
( الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْمَنَاهِي غَيْرِ الْمُفْسِدِ فَيَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ ) لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ } أَيْ آثِمٌ ( وَهُوَ إمْسَاكُ مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ ) بِالْمَدِّ ( لَا ) فِي وَقْتِ ( الرُّخْصِ لِيَبِيعَهُ ) بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَاجَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بِخِلَافِ إمْسَاكِ مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا ( وَلَا ) إمْسَاكَ ( غَلَّةِ ضَيْعَتِهِ ) وَلَا مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ أَوْ لِيَبِيعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ ( لَكِنْ فِي كَرَاهَةِ إمْسَاكِ مَا فَضَلَ عَنْهُ ) أَيْ عَمَّا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ سَنَةً ( تَرَدُّدٌ ) أَيْ وَجْهَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ لَكِنْ الْأَوْلَى بَيْعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيَخْتَصُّ ) تَحْرِيمُ الِاحْتِكَارِ ( بِالْأَقْوَاتِ وَمِنْهَا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ ) وَالذُّرَةُ وَالْأُرْزُ فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ ( وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ ) بِأَنْ يَأْمُرَ الْوَالِي السُّوقَةَ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إلَّا بِسِعْرِ كَذَا ( وَلَوْ فِي ) وَقْتِ ( الْغَلَاءِ ) لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلِأَنَّ { السِّعْرَ غَلَا عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا فَقَالَ إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّزَّاقُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ بِدَمٍ وَلَا مَالٍ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْأَصْلِ إنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَطْعِمَةِ وَعَلَفِ الدَّوَابِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( فَلَوْ سَعَّرَ الْإِمَامُ عُزِّرَ مُخَالِفُهُ ) الَّذِي بَاعَ بِأَزْيَدَ مِمَّا سَعَّرَ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاهَرَةِ الْإِمَامِ بِالْمُخَالَفَةِ ( وَصَحَّ الْبَيْعُ ) إذْ لَمْ يَعْهَدْ الْحَجْرُ عَلَى الشَّخْصِ فِي مِلْكِهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِنَوْعِ مَصْلَحَةٍ كَمَا يُحْجَرُ
عَلَى الْمُبَذِّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ مَا فَهِمَهُ الْمُخْتَصَرُ وَغَيْرُهُ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى جَوَازِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ لَمْ يُعَزَّرْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ انْتَهَى
( قَوْلُهُ { لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ } ) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ } ( قَوْلُهُ وَلَا مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ إلَخْ ) وَلَا مَا اشْتَرَاهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ طَالِبًا لِرِبْحِهِ وَلَمْ يُمْسِكْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ وَجْهَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَخْتَصُّ تَحْرِيمُ الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ إلَخْ ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّ الثِّيَابَ إذَا كَانَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا لِشِدَّةِ الْبَرْدِ غَايَةَ الِاحْتِيَاجِ أَوْ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ يُكْرَهُ لَهُ الْإِمْسَاكُ فَإِنْ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ فَظَاهِرٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْته مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي كُلِّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ غَالِبًا مِنْ الْمَطْعُومِ وَالْمَلْبُوسِ كَمَا قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ وَإِنْ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ فَبَعِيدٌ ( قَوْلُهُ لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ ) وَلَيْسَ الْمُشْتَرِي بِأَوْلَى مِنْ الْبَائِعِ بِالنَّظَرِ فِي مَصْلَحَتِهِ فَإِذَا تَقَابَلَتْ الْمَصْلَحَتَانِ فَلْيُمَكَّنَا مِنْ الِاجْتِهَادِ لِأَنْفُسِهِمَا ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْأَصْلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ } زَادَ مُسْلِمٌ { دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ } وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ ( وَلَا يَبْطُلُ ) وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا لِرُجُوعِ النَّهْيِ فِيهِ إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ ( وَهُوَ ) أَيْ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي ( أَنْ يَمْنَعَهُ ) أَيْ الْحَاضِرُ الْبَادِي ( مِنْ بَيْعِهِ ) أَيْ بَيْعِ مَتَاعِهِ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِتَرْكِهِ عِنْدَهُ ( لِيَبِيعَهُ لَهُ تَدْرِيجًا ) بِثَمَنٍ غَالٍ ( وَالْمَبِيعُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ ( إلَيْهِ ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَتَاعُ قُوتًا أَمْ لَا ظَهَرَ بِبَيْعِهِ سِعَةٌ فِي الْبَلَدِ أَمْ لَمْ تَظْهَرْ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ لِكِبَرِ الْبَلَدِ ( لَا إنْ الْتَمَسَهُ الْبَدَوِيُّ مِنْهُ ) بِأَنْ قَالَ لَهُ ابْتِدَاءً أَتْرُكُهُ عِنْدَك لِتَبِيعَهُ بِالتَّدْرِيجِ وَلَا إنْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَدَوِيُّ بَيْعَهُ بِالتَّدْرِيجِ فَسَأَلَهُ الْحَاضِرُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ أَتْرُكُهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ ( وَإِنْ اسْتَشَارَهُ ) الْبَدَوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ ( فَفِي وُجُوبِ إرْشَادِهِ ) إلَى الِادِّخَارِ وَالْبَيْعِ بِالتَّدْرِيجِ ( وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ وَالثَّانِي لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ ( وَلَوْ قَدِمَ ) الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ
الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاضِرِ وَالْبَادِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ
( فَصْلٌ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلِتَحْرِيمِهِ شُرُوطٌ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ فِيهِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي ا هـ فَدَخَلَ فِيهِ النَّجْشُ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْإِثْمُ عَلَى الْحَاضِرِ خَاصَّةً كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ الْإِرْشَادُ فَقَطْ لِأَنَّ التَّضْيِيقَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ دُونَ الْبَيْعِ لَا سِيَّمَا إذَا صَمَّمَ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ الْمُشِيرُ عَلَيْهِ بَاشَرَهُ غَيْرُهُ ( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ بَذْلًا لِنَصِيحَةٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ ) وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْكُتُ لَا أَنَّهُ يَكْذِبُ وَيُخْبِرُ بِخِلَافِ نَصِيحَتِهِ ( قَوْلُهُ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ ) أَيْ التَّحْرِيمِ وَقَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ إنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ ( قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ ) جَزَمَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ النَّهْيَ بِهِ وَتَفْسِيرُ الرَّاوِي يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَنَا وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد ( تَنْبِيهٌ ) فَاتَ الْإِرْشَادُ وَالْحَاوِي شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْجَالِبُ غَيْرَ قَادِمٍ لِوَطَنِهِ وَعَنْهُ احْتَرَزَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ غَرِيبٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ شَارِحِيهِ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْإِرْشَادِ تَقْيِيدُ الْقَادِمِ بِالْغَرِيبِ أَتّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْقَادِمُ غَيْرَ دَاخِلٍ لِوَطَنِهِ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْغَرِيبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ عَبَّرَ بِهِ عَلَى الْغَالِبِ
( وَ ) يَحْرُمُ ( تَلَقِّي الرُّكْبَانِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ ) قَطْعًا ( وَكَذَا الْبَيْعُ ) مِنْهُمْ ( فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ دُخُولِ الْبَلَدِ ) قَالَ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ { لَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ } وَالْمَعْنَى فِيهِ غَبْنُهُمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى أَوْ الْبَائِعَ فِي الثَّانِيَةِ كَاذِبًا أَمْ لَمْ يُخْبِرْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ مِنْهُمْ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ وَلِخَبَرِ { دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ } وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ التَّحْرِيمَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي وَخَرَجَ بِقَبْلِ دُخُولِ الْبَلَدِ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِهِ فَلَا يَحْرُمُ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ لَهُمْ غَبْنٌ فَالتَّقْصِيرُ مِنْهُمْ لَا مِنْ الْمُتَلَقِّينَ ( وَيَصِحُّ ) كُلٌّ مِنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَإِنْ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا لِمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ ( وَلَهُمْ بَعْدَ الدُّخُولِ ) لِلْبَلَدِ الْأُولَى بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِالسِّعْرِ ( الْخِيَارُ فَوْرًا إنْ غُبِنُوا ) لِلْخَبَرِ إلَّا فِي الْفَوْرِ فَقِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الْعَيْبِ ( وَلَوْ الْتَمَسُوا الْبَيْعَ مِنْهُ ) وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِمْ بِالسِّعْرِ ( أَوْ لَمْ يُغْبَنُوا ) كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِدُونِهِ وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ ( فَلَا خِيَارَ لَهُمْ ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى السَّابِقِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا تَغْرِيرَ وَكَذَا لَا خِيَارَ لَهُمْ إذَا كَانَ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِ الْبَلَدِ وَلَوْ خَارِجَ السُّوقِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِمْ الْأَسْعَارِ مِنْ غَيْرِ الْمُتَلَقِّينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَقَدْ يُقَالُ
يُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّلَقِّي خَارِجَ السُّوقِ وَيُمْنَعُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّحْرِيمِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى مَا بَاعُوا بِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ مَنْشَؤُهُمَا اعْتِبَارُ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ وَكَلَامُ الشَّاشِيِّ يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِهِ وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ كَمَا فِي زَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ وَأَثَرَهُ زَالَا ثُمَّ وَهَنَا وَإِنْ زَالَا أَثَرُهُ لَمْ يُزَلْ هُوَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِمُحَرَّمٍ ( وَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي ) كَأَنْ خَرَجَ لِصَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَآهُمْ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ لِشُمُولِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى لِذَلِكَ
( قَوْلُهُ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ ) مَتَاعًا ( قَوْلُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قِيلَ دُخُولُ الْبَلَدِ ) ذِكْرُ الْبَلَدِ مِثَالٌ فَلَوْ كَانَ الْجَالِبُ إلَى مَحَلَّةٍ بِالْبَادِيَةِ أَوْ إلَى رَكْبٍ أَوْ جَيْشٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ غَيْرَ مَكَانِ الْمُتَلَقِّي هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَتَلَقِّي قَاصِدِيهِ أَمْ لَا الْأَوْفَقُ لَا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ نَعَمْ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ لَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا أَوْفَقَ وَذِكْرُ الرُّكْبَانِ مِثَالٌ فَلَوْ تَلَقَّى جَالِبًا وَاحِدًا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ بَلَدًا آخَرَ غَيْرَ بَلَدِ الْمُتَلَقِّي هَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ بَلَدَهُ أَمْ لَا قَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِلْحَدِيثِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ الْبَلَدَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَلَدُ الْمُتَلَقِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ ( قَوْلُهُ وَلَهُمْ بَعْدَ الدُّخُولِ ) التَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ ( قَوْلُهُ الْخِيَارُ فَوْرًا إلَخْ ) يُعْذَرُ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ بِالْخِيَارِ وَبِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الْغَبْنِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ فَكَعِلْمِهِ بِالْغَبْنِ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ بِتَأْخِيرِ الْفَسْخِ ( قَوْلُهُ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ السِّرِّ وَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُمْ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ حَيْثُ اشْتَرَى مِنْهُمْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُمْ مَعْرِفَةُ الْحَالِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ ) هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْغَزِّيِّ وَابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ وَابْنِهِ
( وَكَذَا ) يَحْرُمُ ( السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ) لِخَبَرِ { لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ } وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الْأَخِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ فَالْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ ( وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ ) فِي ثَمَنِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ ( بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ ) بِالتَّرَاضِي صَرِيحًا وَقَبْلَ الْعَقْدِ ( أَوْ يَخْرُجُ لِلْمُشْتَرِي أَرْخَصَ ) مِمَّا يُرِيدُ شِرَاءَهُ أَوْ يَرْغَبُ مَالِكُهُ فِي اسْتِرْدَادِهِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ ( وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُ ) الْمَالِكُ ( بِالْإِجَابَةِ ) بِأَنْ عَرَّضَ بِهَا أَوْ سَكَتَ أَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ إذْ ذَاكَ يُنَادَى عَلَيْهِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ ( لَمْ يَحْرُمْ ) ذَلِكَ ( فَإِنْ أَخْرَجَ ) آخَرُ لِلْمُشْتَرِي ( الْأَرْخَصَ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ اللُّزُومِ ) بِأَنْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ وَوَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَلَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ مُضِرًّا ( فَهُوَ ) فِي الْأَوَّلِ ( بَيْعٌ عَلَى بَيْعِهِ ) أَيْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ ( وَ ) فِي الثَّانِي ( شِرَاءٌ عَلَى شِرَائِهِ ) وَالضَّابِطُ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَبِيعَهُ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ مِثْلِهِ بِأَقَلَّ وَفِي الثَّانِي أَنْ يَرْغَبَ الْبَائِعُ فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ ( وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ وَلَوْ رَآهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي فِي الْأَوَّلِ وَالْبَائِعُ فِي الثَّانِي ( مَغْبُونًا ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ } زَادَ النَّسَائِيّ { حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ } .
وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ } وَالْمَعْنَى فِيهِمَا الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الْمُؤْمِنِ لَيْسَ
لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَفِي ( مَعْنَى ) الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ نَهْيِ الرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ سِلْعَةً مِثْلَ الَّتِي اشْتَرَاهَا خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ الْأُولَى وَظَاهِرٌ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ فِيمَا قَالَهُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ طَلَبَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةِ رِبْحٍ وَالْبَائِعِ حَاضِرٌ لِأَدَائِهِ إلَى الْفَسْخِ أَوْ النَّدَمِ ( إلَّا أَنْ أَذِنَ لَهُ ) الْبَائِعُ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِي فَلَا تَحْرِيمَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَقَدْ أَسْقَطَاهُ وَلِمَفْهُومِ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ هَذَا إنْ كَانَ الْآذِنُ مَالِكًا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهَلْ شَرْطُ التَّحْرِيمِ تَحْقِيقُ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَظْهَرُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى تَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالتَّسَبُّبِ إلَيْهِمَا دُونَ تَعْلِيلِهِمَا بِكَوْنِ ذَلِكَ إفْسَادًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ مُطْلَقًا لِوُجُودِ الْإِيذَاءِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ رَآهُ إلَى آخِرِهِ فِي الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ بَلْ لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ ) وَلِلْجَرْيِ عَلَى الْغَالِبِ ( قَوْلُهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ ) أَطْلَقَ الثَّمَنَ فَشَمِلَ ثَمَنَ الْمِثْلِ وَدُونَهُ وَفَوْقَهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ مِثْلُهُ بِأَقَلَّ ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِثْلُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ جَازَ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ قَالَ لَا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ر وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ ) شَمِلَ مَا لَوْ طَلَبَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَمَا لَوْ قَالَ لَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ لَاشْتَرَيْته بِأَزْيَدَ وَمَا لَوْ قَالَ ثُمَّ رَاغِبٌ فِيهِ بِزِيَادَةٍ ( قَوْلُهُ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ وَلَوْ رَآهُ مَغْبُونًا ) قَالَ السُّبْكِيُّ أَمَّا تَعْرِيفُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِأَنَّهُ نَصِيحَةٌ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ إعْلَامُهُ بِالْحَالِ كَمَا فِي الْعَيْبِ بَلْ مَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالْإِيجَابِ وَقَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالشِّرَاءِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْجَوَازِ مَعَ الْإِذْنِ إذَا دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى الرِّضَا بَاطِنًا أَمَّا إذَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ وَإِنَّمَا أَذِنَ ضَجِرًا أَوْ حَنِقًا فَلَا وَقَوْلُهُ إذَا دَلَّتْ الْحَالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ مُطْلَقًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَالنَّجْشُ حَرَامٌ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ ( وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ بِلَا رَغْبَةٍ ) بَلْ ( لِيَغُرَّ غَيْرَهُ ) وَقَيَّدَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا يُسَاوِيهِ الْمَبِيعُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ عِنْدَ نَقْصِ الْقِيمَةِ وَلَا رَغْبَةَ لَهُ جَازَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ ( وَلَا خِيَارَ لِلْمَغْرُورِ ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَأَمَّلْ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَهْلَ الْخِبْرَةِ ( وَكَذَا لَوْ وَاطَأَهُ ) أَيْ النَّاجِشُ ( الْبَائِعَ أَوْ قَالَ ) الْمَالِكُ ( أَعْطَيْت ) فِي الْمَبِيعِ ( كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ ) فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَفَارَقَ ثُبُوتَهُ بِالتَّصْرِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ التَّغْرِيرَ ثَمَّ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَهُنَا خَارِجُهُ ( وَالتَّحْرِيمُ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي شَرْطُهُ الْعِلْمُ ) بِهَا ( إلَّا ) فِي ( النَّجْشِ ) لِأَنَّهُ خَدِيعَةٌ وَتَحْرِيمُهَا مَعْلُومٌ مِنْ الْعُمُومَاتِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ إنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ فَلَا يَعْرِفُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْخَبَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ هُوَ إضْرَارٌ وَتَحْرِيمُ الْإِضْرَارِ مَعْلُومٌ مِنْ الْعُمُومَاتِ وَالْوَجْهُ تَخْصِيصُ التَّعْصِيَةِ بِمَنْ عَرَفَ التَّحْرِيمَ بِعُمُومٍ أَوْ خُصُوصٍ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّجْشَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَنَاهِي
( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ بِلَا رَغْبَةٍ ) يَنْبَغِي إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ لِيَتِيمٍ وَلَمْ تَبْلُغْ قِيمَتَهَا وَهُنَاكَ عَارِفٌ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي شِرَائِهَا أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ حَتَّى تَبْلُغَ قِيمَتُهَا د وَقَوْلُهُ أَنْ لَا تَحْرُمَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ الْحُرْمَةُ ( قَوْلُهُ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ ) الْأَجْوَدُ حَذْفُ قَوْلِهِ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ إذَا زَادَ لِيَنْفَعَ الْبَائِعَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنْ يَغُرَّ غَيْرَهُ كَانَ مِنْ صُوَرِ النَّجْشِ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَارِفٌ بِأَنَّ هَذَا فَيْرُوزَجُ أَوْ عَقِيقٌ فَبَانَ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ إلَّا فِي النَّجْشِ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَتَّى ( قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَخْصِيصُ التَّعْصِيَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بَلْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ إلَخْ ) وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ عَنْ جُمْهُورِ النَّقْلَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَشَيْخُهُ فِي الرَّوْنَقِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ فَمَنْ نَجَشَ فَهُوَ عَاصٍ بِالنَّجْشِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( فَصْلٌ وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا الْمَمْلُوكَيْنِ ) لِوَاحِدٍ عَلَى مَالِكِهِمَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِقَوْلِهِ { مَلْعُونٌ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَإِنَّمَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ ( بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ قِسْمَةٍ ) أَوْ نَحْوَهَا بِأَنْ يَبِيعَ مَثَلًا أَحَدَهُمَا أَوْ بَعْضَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ جُمْلَةِ الْآخَرِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَمْ يَتَسَاوَ الْبَعْضَانِ ( وَلَوْ رَضِيَتْ ) أُمُّهُ بِالتَّفْرِيقِ لُحِقَ الْوَلَدُ وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ التَّفْرِيقَ بِالسَّفَرِ بِالتَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَطَرَدَهُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَوَلَدِهَا وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ لَا يَحْرُمُ لِإِمْكَانِ صُحْبَتِهَا لَهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَمْلُوكُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْمَمْلُوكَيْنِ أَوْ أَسْلَمَ الْأَبُ الْمَمْلُوكُ وَتَخَلَّفَتْ الْأُمُّ وَالْمَالِكُ كَافِرٌ فَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ قَالَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْبَالِسِيُّ وَيَنْبَغِي لَوْ مَاتَ الْأَبُ أَنْ يُبَاعَ الْوَلَدُ لِلضَّرُورَةِ وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ رَضِيَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا بِفَسْخٍ ) كَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَرُجُوعٍ بِفَلَسٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَهَذَا وَجْهٌ قَالَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ مَا جَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ .
( وَ ) لَا ( عِتْقَ ) لِأَنَّ مَنْ عَتَقَ مَلَكَ نَفْسَهُ فَلَهُ مُلَازَمَةُ الْآخَرِ ( وَ ) لَا ( وَصِيَّةَ ) لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي الْحَالِ وَلَعَلَّ مَوْتَ الْمُوصِي يَكُونُ بَعْدَ زَمَنِ التَّحْرِيمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَّجَهُ مَنْعُ التَّفْرِيقِ بِرُجُوعِ الْمُقْرِضِ وَمَالِكِ
اللُّقَطَةِ دُونَ الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ رَجَعَ فِي غَيْرِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّا لَوْ مَنَعْنَا الرُّجُوعَ فِيهَا لَمْ يَرْجِعْ الْوَاهِبُ بِشَيْءٍ ( وَهَذَا ) أَيْ تَحْرِيمُ التَّفْرِيقِ بِمَا ذُكِرَ ( فِيمَا دُونَ التَّمْيِيزِ ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَيَمْتَدُّ التَّحْرِيمُ إلَى بُلُوغِهِ سِنَّ التَّمْيِيزِ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ تَقْرِيبًا ( لَا ) فِيمَا دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ لِاسْتِقْلَالِ الْوَلَدِ حِينَئِذٍ وَخَبَرُ { لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا قِيلَ إلَى مَتَى قَالَ حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ } ضَعِيفٌ ( فَإِذَا فُرِّقَ ) بَيْنَهُمَا بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ ( بَطَلَ الْعَقْدُ ) وَإِنْ سَقَتْهُ اللَّبَأَ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا بِالْمَنْعِ مِنْ التَّفْرِيقِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّنْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَصِحَّةُ الْبَيْعِ بِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْحُرِّيَّةِ وَلِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ التَّفْرِيقِ بِالْإِعْتَاقِ .
( وَيُكْرَهُ ) التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّمْيِيزِ ( حَتَّى بَعْدَ الْبُلُوغِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ ( وَالْأَبُ ) وَإِنْ عَلَا ( وَالْجَدَّةُ ) وَإِنْ عَلَتْ ( مِنْ الْأُمِّ ) بَلْ أَوْ مِنْ الْأَبِ ( كَالْأُمِّ إنْ عَدِمَتْ ) بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَحَارِمِ فَكَمَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ عِنْدَ عَدَمِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَجَدَّتِهِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا إلَّا إذَا عُدِمَ الْآخَرُ ( فَإِذَا بِيعَ مَعَ الْأُمِّ أَوْ مَعَ الْأَبِ ) أَوْ الْجَدَّةِ أَوْ مَعَهُمَا ( بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ حَلَّ ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ الْمَمْلُوكَيْنِ لِوَاحِدٍ عَلَى مَالِكِهِمَا ) شَمِلَ وَلَدَ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْحَادِثَ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ ( قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْبَالِسِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي لَوْ مَاتَ الْأَبُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَنْ يُبَاعَ الْوَلَدُ لِلضَّرُورَةِ ) وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا مَا لَوْ سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا فَتَبِعَهُ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ الْكَافِرَةَ قَالَ فَلَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فِيمَا يَظْهَرُ ا هـ وَأَلْحَقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ وَزَّانُ مَسْأَلَةِ الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا قَبْلَهَا الضَّرُورَةُ فِي تِلْكَ لِإِزَالَةِ مِلْكِ الْكَافِرِ عَنْ الْمُسْلِمِ مُخَالَفَةُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ تَحْرِيمَ التَّفْرِيقِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْأُمِّ الْمُسْلِمَةِ وَالْأُمِّ الْكَافِرَةِ وَالتَّفْرِقَةُ وَجْهٌ حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ فس وَقَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ ( قَوْلُهُ لَا يُفْسَخُ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا بِفَسْخٍ لِهِبَةٍ فَرْعٌ ( قَوْلُهُ قَالَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ ) بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ مِنْ جَوَازِ التَّفْرِيقِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ( قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ مَا جَزَمَ بِهِ كَثِيرًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ ) وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ كَغَيْرِهِ وَالْمُتَّجَهُ مَنْعُ التَّفْرِيقِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ التَّمْيِيزِ ) أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي حَدِّ التَّمْيِيزِ أَنْ يَصِيرَ الطِّفْلُ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ ( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ ) أَشَارَ إلَى
تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بَلْ أَوْ مِنْ الْأَبِ ) قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ الْجَدَّةَ بِأَنْ يَكُونَ لَهَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ وَفِي الْجَدَّاتِ وَالْأَجْدَادِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَلَا أُمٌّ وَلَا جَدَّةُ أُمٍّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الشَّيْخَانِ فِي بَابِ السِّيَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ ثَالِثُهَا جَوَازُ التَّفْرِيقِ فِي الْأَجْدَادِ دُونَ الْجَدَّاتِ قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَيَظْهَرُ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْجُرْجَانِيُّ وَأَمَّا الْجَدُّ لِلْأُمِّ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالْجَدِّ لِلْأَبِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ كَسَائِرِ الْمَحَارِمِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا
( وَلَهُ بَيْعُ وَلَدِ بَهِيمَةٍ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ ) لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ مَا دَامَ رَضِيعًا إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَالذَّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ اللَّبَنِ حَرُمَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ إلَّا إنْ كَانَ لِغَرَضِ الذَّبْحِ ( وَ ) لَهُ ( ذَبْحُهُ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ أَمْ لَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ ذَبْحُ الْمَأْكُولِ إذْ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَلَا بَيْعُهُ لِذَبْحِهِ بِحَالٍ
( قَوْلُهُ وَبَطَلَ إلَّا أَنْ كَانَ لِغَرَضِ الذَّبْحِ ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَهُ لِغَرَضِ الذَّبْحِ بَعِيدٌ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ( قَوْلُهُ سَوَاءٌ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ أَمْ لَا ) أَمَّا ذَبْحُهَا فَقَطْ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَغَيْرِ الذَّبْحِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ
( فَلَوْ بَاعَ الْعِنَبَ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا ) بِأَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ مِنْهُ ذَلِكَ ( أَوْ الْأَمْرَدَ مِنْ مَعْرُوفٍ بِالْفُجُورِ ) بِهِ ( وَنَحْوِ ذَلِكَ ) مِنْ كُلِّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي إلَى مَعْصِيَةٍ كَبَيْعِ الرَّطْبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ نَبِيذًا وَبَيْعِ دِيكِ الْهِرَاشِ وَكَبْشِ النِّطَاحِ مِمَّنْ يُعَانِي ذَلِكَ ( حَرُمَ ) لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ إلَى مَعْصِيَةٍ ( وَيَصِحُّ ) لِرُجُوعِ النَّهْيِ لِغَيْرِهِ ( فَإِنْ تَوَهَّمَ ) مِنْهُ ( ذَلِكَ أَوْ بَاعَ السِّلَاحَ مِنْ الْبُغَاةِ ) أَوْ نَحْوِهِمْ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ ( أَوْ بَايَعَ مَنْ بِيَدِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ كُرِهَ ) وَإِنْ كَانَ الْحَلَالُ أَكْثَرَ نَعَمْ إنْ تَحَقَّقَ عِصْيَانُ الْمُشْتَرِي لِلسِّلَاحِ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَتَحْرِيمُ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فِي الثَّالِثَةِ حَرُمَ فِيهِمَا وَصَحَّ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ لَحْمِ مَجْهُولِ الذَّكَاةِ ) الشَّرْعِيَّةِ ( بِقَرْيَةٍ يَسْكُنُهَا مَجُوسٌ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَيَوَانِ التَّحْرِيمُ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ أَوْ ظَاهِرٍ فَإِنْ كَانَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مُسْلِمِينَ صَحَّ شِرَاؤُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ عَمَلًا بِالْغَالِبِ وَالظَّاهِرِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ
( قَوْلُهُ فَلَوْ بَاعَ الْخَمْرَ إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ رَوَى التِّرْمِذِيُّ { لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا } الْحَدِيثَ وَجْهُ الِاحْتِجَاجِ أَنَّ الْعَاصِرَ كَالْبَائِعِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةٍ مَظْنُونَةٍ ( قَوْلُهُ وَكَبْشُ النِّطَاحِ مِمَّنْ يُعَانَى ذَلِكَ ) وَالثَّوْبُ الْجَرُّ وَلِمَنْ يَلْبَسُهُ مِنْ الرِّجَالِ وَالْحَرِيرُ لِمَنْ يَعْمَلُ مِنْهُ الْكُلُوثَاتُ وَالْأَكْيَاسُ وَالذَّهَبُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ مُطَرَّزٌ لِلرِّجَالِ ر ( تَنْبِيهٌ ) أُفْتِي ابْنُ الصَّلَاحِ بِبَيْعِ أَمَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ تَحْمِلُهَا عَلَى الْفُجُورِ أَيْ أَنْ تُعِينَ طَرِيقًا وَقَوْلُهُ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ السِّلَاحَ مِنْ الْبُغَاةِ ) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَيَحْرُمُ بَيْعُ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا وَالسِّلَاحِ مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْمَعَاصِي .
ا هـ .
وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْغَزَالِيُّ وَسُلَيْمٌ وَنَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَغَيْرُهُمْ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْغَالِبِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْعِينَةِ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالنُّونِ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى ذِي الْحَاجَةِ ( وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ وَيُسَلِّمَهَا ) لَهُ ( ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا ) مِنْهُ ( بِنَقْدٍ يَسِيرٍ لِيَبْقَى الْكَثِيرُ فِي ذِمَّتِهِ وَنَحْوُهُ ) بِأَنْ يَبِيعَهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ نَقْدًا وَيُسَلِّمَهَا ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ قَبَضَ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ أَمْ لَا ( فَيَصِحُّ ) ذَلِكَ ( وَلَوْ صَارَ عَادَةً لَهُ ) غَالِبَةً
( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْعِينَةِ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَيْسَتْ الْعِينَةُ مِنْ الْمَنَاهِي الْمُحَرَّمَةِ وَلَا الْمَكْرُوهَةِ إنْ لَمْ تُعْتَدْ
( وَيَجُوزُ بَيْعُ دُورِ مَكَّةَ ) لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِيهِ فِي السِّيَرِ زِيَادَةٌ ( وَ ) يَجُوزُ بَيْعُ ( الْمُصْحَفِ ) قِيلَ وَثَمَنُهُ يُقَابِلُ الدَّفَّتَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَا يُبَاعُ وَقِيلَ أَنَّهُ بَدَلُ أُجْرَةِ نَسْخِهِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ ( لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ كَرَاهَةُ بَيْعِهِ ) لِأَنَّهُ ابْتِذَالٌ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِيهِ كَرَاهَةَ شِرَائِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بَيْعُ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكُتُبِ الْحَدِيثِ ( وَيُكْرَهُ غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ ) بِسِينَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ وَبِلَامٍ فِي آخِرٍ وَهُوَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْقِيمَةَ ( وَالشِّرَاءُ مِنْ مُضْطَرٍّ ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُكْرَهُ فَيَصِحُّ إنْ أُكْرِهَ بِحَقٍّ وَإِلَّا فَلَا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ يُبَاعُ مَالُهُ فِيهَا بِالْوَكْسِ أَيْ النَّقْصِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُبَاعَ مِنْهُ ( وَ ) لَكِنْ ( يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَانَ ) بِهِبَةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ اسْتِمْهَالِ رَبِّ الدَّيْنِ ( وَلَا يَصِحُّ إفْرَادُ مَاءِ بِئْرٍ وَنَهْرٍ ) وَعَيْنٍ بِالْبَيْعِ ( دُونَ مَكَانِهِ ) لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ مَكَانِهِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شُرْبِهَا مِنْ مَاءٍ فِي نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ التَّخْلِيصِ لَكِنَّهُ جَزَمَ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَاءِ وَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَخَالَفَهُمَا الْمُصَنِّفُ ثَمَّ فَجَزَمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مُجْتَمِعًا صَحَّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا وَتَابَعَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمِنْ الْمَنَاهِي النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ وَعَنْ بَيْعِ مَا فِيهِ عَيْبٌ
إلَّا أَنْ يُبَيِّنَهُ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ
قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِيهِ كَرَاهَةَ شِرَائِهِ أَيْضًا إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ إلَى بَيْعِهِ كُرِهَ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ النَّصُّ لِأَنَّهُ كَالْكَرَاهَةِ فِيهِ وَإِنْ بَاعَهُ لِحَاجَةٍ لِدَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ .
ا هـ .
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْأَصَحُّ كَرَاهَةُ الْبَيْعِ دُونَ الشِّرَاءِ
( بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الِانْتِهَاءِ أَيْ الدَّوَامِ أَوْ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَسَتَعْرِفُهَا كُلَّهَا مِنْ كَلَامِهِ ( وَيَجُوزُ بَيْعُ عَيْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ) بِاخْتِلَاطٍ أَوْ بِدُونِهِ ( صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيُوَزِّعُ الثَّمَنَ فِي الْمِثْلِيِّ و ) فِي ( الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ ) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ( عَلَى الْإِجْزَاءِ وَفِي غَيْرِهِمَا ) مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ ( بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَإِذَا بَطَلَ ) الْعَقْدُ ( فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْتِدَاءً ) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَلَالًا أَيْ قَابِلًا لِلْعَقْدِ وَالْآخَرُ حَرَامًا أَيْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهُ ( وَلَهُ قِيمَةٌ كَمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ صَحَّ فِي عَبْدِهِ بِالْقِسْطِ ) مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وَزَّعَ عَلَى قِيمَتِهِمَا وَبَطَلَ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ كَالثَّوْبِ وَالشِّقْصِ وَمِنْ الْعَقَارِ فِي الشُّفْعَةِ وَلِأَنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ فَالْعَدْلُ التَّصْحِيحُ فِي الصَّحِيحِ وَقَصْرُ الْفَسَادِ عَلَى الْفَاسِدِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ وَفَاسِقٌ ( وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ كَالْحُرِّ وَالْخِنْزِيرِ ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِالْقِسْطِ وَبِقَدْرِ الْحُرِّ رَقِيقًا وَالْخِنْزِيرِ شَاةً كَمَا سَيَأْتِي وَمَثَّلَ بِهِمَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ تَقْوِيمِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ كَالْحُرِّ وَمَا لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بِتَقْدِيرِ تَغَيُّرِهَا كَالْخِنْزِيرِ .
وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي مَجْهُولًا لِيَتَأَتَّى التَّقْسِيطُ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي وَعَبْدًا آخَرَ بَطَلَ فِيهِمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَمَحَلُّ التَّقْسِيطِ إذَا كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا كَالدَّمِ فَيُظْهِرَانِ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ ( وَجَوَازُ تَفْرِيقِهَا ) أَيْ الصَّفْقَةِ ( فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ
أَوْلَى ) مِنْهُ فِي الْبَيْعِ إذْ لَا عِوَضَ فِي الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالْجَهْلِ وَالثَّالِثُ لَا يَتَأَثَّرُ بِجَهْلِ الْعِوَضِ ( فَإِذَا زَوَّجَ أُخْتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً أَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً لَزِمَ ) فِيهِمَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْأُخْتِ وَالْمُسْلِمَةِ ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ الشَّرْعِيُّ وَالْمُسَمَّى لَيْسَ رُكْنًا فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ ( وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ أَوْ خَمْسَ نِسْوَةٍ ) لَيْسَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا ( بَطَلَ الْعَقْدُ ) فِي الْجَمِيعِ ( لِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ ) بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْخَمْسِ فَالْإِبْطَالُ فِي وَاحِدٍ وَالتَّصْحِيحُ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ فَيَسْتَثْنِي ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ وَمَا إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ فَزَادَ عَلَيْهِ وَمَا إذَا بَاعَ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَكَانَا مُتَمَيِّزَيْنِ وَمَا إذَا زَادَ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ أَوْ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ فَاضَلَ فِي الرِّبَوِيِّ حَيْثُ مَنَعْنَاهُ كَمُدَبَّرٍ بِمَدِينٍ مِنْهُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَبْطُلُ فِي جَمِيعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ .
وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ الْبَاطِلَ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك الْحُرَّ وَالْعَبْدَ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَا تَطْلُقُ لِعَطْفِهَا عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْخَمْسِ أُخْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا فَيَبْطُلُ فِيهِمَا وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ثُمَّ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ آخِرَ الْبُطْلَانِ كَمَا قَالَهُ الرَّبِيعُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْبُطْلَانُ أَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ
أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي عِلَّتِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَالثَّانِي جَهَالَةُ الْعِوَضِ الَّذِي يُقَابِلُ الْحَلَالَ ا هـ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ الْأَوَّلَ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ تَصْحِيحَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَلَعَلَّ نُسَخَهَا مُخْتَلِفَةٌ
( بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ) ( قَوْلُهُ وَيُوَزِّعُ الثَّمَنَ فِي الْمِثْلِيِّ إلَخْ ) أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةَ ( قَوْلُهُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِالْقِسْطِ ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الْخَلَّيْنِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَيْنِ كَهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدَ وَالْحُرَّ أَوْ هَذَا الْخَمْرَ وَالْخَلَّ فَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْبُطْلَانُ جَزْمًا وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ رَقِيقًا إلَخْ ) قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّا لَا نَرْجِعُ إلَى تَقْوِيمِ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى إخْبَارِ الْكُفَّارِ فِي الْقِيَمِ كَمَا لَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِمْ فِي التَّأْجِيلِ بَعِيدٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمْ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِيهِ تَقْدِيرَ الْخَمْرِ بِالْخَلِّ دُونَ الْعَصِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ عَصِيرًا وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ خَلًّا فَكَانَ التَّقْدِيرُ بِهِ أَوْلَى .
وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي الْوَصِيَّةِ النَّظَرَ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ دُونَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِنَا إلَى التَّقْوِيمِ لِصِحَّتِهَا بِالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ فَاكْتُفِيَ بِهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي الصَّدَاقِ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا عِنْدَ أَهْلِهِمَا لِمَعْرِفَةِ الزَّوْجَيْنِ الْقِيمَةَ عِنْدَ أَهْلِهَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا فَالرُّجُوعُ فِي الْحَقِيقَةِ إلَى قَوْلِهِمَا لَا إلَى قَوْلِ الْكَفَرَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْجَارِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي تَقْدِيرِ الْخِنْزِيرِ فَيَنْزِلُ عَلَى الْحَالَيْنِ فَحَيْثُ كَانَ فِي حَدِّ الشَّاةِ قُوِّمَ بِشَاةٍ وَحَيْثُ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ الشَّاةِ اُعْتُبِرَ بِبَقَرَةٍ تُقَارِبُهُ فَفِي الْكَبِيرِ كَبِيرَةٌ وَفِي الصَّغِيرِ صَغِيرَةٌ وَإِنَّمَا قَدَّرَ الْخَمْرَ فِي الصَّدَاقِ عَصِيرًا لَا خَلًّا لِأَنَّ مَجِيءَ الْعَصِيرِ مِنْ الْخَمْرِ مُسْتَحِيلٌ أَوْ
التَّقْدِيرُ لِيَرْهَنَهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَحِيلِ دُونَ الْمُمْكِنِ .
ا هـ .
وَهُوَ تَمَحُّلٌ فس ( قَوْلُهُ فَيُظْهِرَانِ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ ) وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهَا ( قَوْلُهُ مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ إلَخْ ) وَمَا إذَا وَكَّلَ فِي إجَارَةِ دَارٍ مُدَّةً فَزَادَ الْوَكِيلُ عَلَيْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ أَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ( قَوْلُهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحِلِّ الدَّيْنِ ) قَالَ شَيْخُنَا سَوَاءُ كَانَ عَالِمًا أَمْ جَاهِلًا وَمِثْلُ ذَلِكَ نَاظِرُ الْوَقْفِ خِلَافًا لِأَبِي زُرْعَةَ ( قَوْلُهُ وَمَا إذَا بَاعَ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ إلَخْ ) لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مُنَاصَفَةً فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا قِطْعَةً شَقِيقِهِ وَبَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ فُو قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الشَّارِحُ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ إنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْقِطْعَةِ الْمُدَوَّرَةِ كُلِّهَا وَلَمْ يَأْتِ فِيهَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ لِمَا فِي إثَابَتِهِ فِيهَا مِنْ تَضَرُّرِ الشَّرِيكِ بِمُرُورِ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْقِطْعَةِ الْمَبِيعَةِ ( قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ ) هُوَ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَلَا يُسْتَثْنَى وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ وَاضِحٌ قَالَ شَيْخُنَا إذْ التَّقْدِيرُ فِي الْبَيْعِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الطَّلَاقِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا إذْ الْأَوَّلُ مُطَابِقٌ لِمَا قَبْلَهُ وَالثَّانِي غَيْرُ مُطَابِقٍ إذْ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ جَمْعٌ وَالْمَعْطُوفُ مُفْرَدٌ فَاخْتَلَفَا ( قَوْلُهُ ثُمَّ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ
) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ) اعْتَذَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي تَرْجِيحِهِمْ الصِّحَّةَ بِأَنَّ قَوْلَ الرَّبِيعِ أَنَّ الْبُطْلَانَ آخِرُ قَوْلَيْهِ يَحْتَمِلُ آخِرَهُمَا فِي الذِّكْرِ لَا فِي الْفَتْوَى وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى بِهِ أَمَّا إذَا ذُكِرَ فِي مَقَامِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ وَجَبَ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ الْقَوْلَانِ قَالَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَهِيَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ بِالدَّالِ فَقُصِرَتْ فَقُرِئَتْ بِالرَّاءِ ( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ وَمَتَى حَصَلَ مُقْتَضِي التَّفْرِيقَ ) لِلصَّفْقَةِ ( فِي الِانْتِهَاءِ ) مِنْ تَلَفٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَلَفْظُ مُقْتَضِي بِكَسْرِ الضَّادِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ كَانَ ) أَيْ مُقْتَضِي التَّفْرِيقَ ( بِلَا اخْتِيَارٍ كَتَلَفِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ ) وَتَخَمُّرِ بَعْضِ الْعَصِيرِ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ( وَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَالتَّفْرِيقِ قَبْلَ قَبْضِ الْبَعْضِ فِي الصَّرْفِ وَ ) فِي ( السَّلَمِ فَالْجَوَازُ ) بِمَعْنَى الصِّحَّةِ فِي الْبَاقِي ( أَوْلَى ) مِنْهُ فِي الْبَاقِي فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ابْتِدَاءً لِطَرَيَانِ الِانْفِسَاخِ هُنَا فِي التَّالِفِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ نَكَحَ اثْنَيْنِ مَعًا ثُمَّ ارْتَفَعَ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا بِرِدَّةٍ أَوْ رَضَاعٍ لَا يَرْتَفِعُ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَلِعَدَمِ عِلَّتَيْ الْبُطْلَانِ ثَمَّ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ أَجَازَ فَبِالْقِسْطِ مِنْ الْمُسَمَّى وَإِنْ فَسَخَ ارْتَفَعَ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ ( فَإِنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَتَلِفَا ) أَيْ الْمَقْبُوضُ وَغَيْرُهُ ( فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ وَالثَّانِي وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَا وَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ اسْتَقَرَّ فِيهِ بِقَبْضِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) مُقْتَضِي التَّفْرِيقَ ( بِاخْتِيَارٍ كَرَدِّ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ ) الْمَوْجُودِ فِيهِ ( لَمْ يَجُزْ ) رَدُّهُ ( إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ ) الْبَعْضُ بِالنَّفْعِ بِأَنْ كَانَ نَفْعُهُ مُتَّصِلًا بِالْآخَرِ ( كَأَحَدِ الْخُفَّيْنِ ) أَوْ مِصْرَاعَيْ الْبَابِ ( وَكَذَا إنْ اسْتَقَلَّ ) بِهِ ( كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا ) وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ مُجْتَمِعَةً وَلَا حَاجَةَ إلَى تَفْرِيقِهَا ( فَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِرَدِّهِ جَازَ ) لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ ( فَيُقَوَّمُ الْعَبْدَانِ سَلِيمَيْنِ وَيُقَسَّطُ الْمُسَمَّى ) عَلَى
قِيمَتِهَا ( فَإِنْ كَانَ السَّلِيمُ تَالِفًا وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ لِلِاعْتِبَارِ ) لِلتَّقْسِيطِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي مَا يَقْتَضِي زِيَادَةَ الْمَرْجُوعِ بِهِ عَلَى مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْبَائِعُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ مَلَكَهُ فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إلَّا مَا اعْتَرَفَ بِهِ وَالْمُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَتِهِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ
( قَوْلُهُ وَالتَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَارِّ أَنَّ تَفْرِيقَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مُكْرَهًا فِي الرِّبَوِيِّ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّلَفِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا تَلِفَ بِلَا اخْتِيَارٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ وَإِنْ رَجَّعْنَاهُ إلَى قَوْلِهِ بِلَا اخْتِيَارٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ ثَمَّ فِي تَفْرِيقِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مُكْرَهًا مَعَ بَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمُقَابِلِهِ فَلَا بَأْسَ وَكَلَامُهُ هُنَا فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَحَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ قَبْضِهِ ( قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاسْتُشْكِلَ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِيمَا يَأْتِي التَّفْرِيطُ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا ( قَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ بَاعَهُ وَلَوْ لِبَائِعِهِ أَوْ كَانَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي لَا تَنْقُصُ بِالتَّبَعُّضِ
( فَصْلٌ مَنْ حَكَمَ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ) فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ ( أَثْبَتَ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ ( إنْ جَهِلَ ) كَوْنَ بَعْضِ الْمَبِيعِ حَرَامًا أَيْ وَكَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا آخِذًا مِمَّا مَرَّ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ إلَّا الْحِصَّةُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ حَيْثُ بَاعَ مَالًا يَمْلِكُهُ وَطَمِعَ فِي ثَمَنِهِ ( وَلَا يَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ ( إلَّا الْقِسْطُ ) مِنْ الثَّمَنِ لَا جَمِيعُهُ ( وَلَوْ عَلِمَ ) كَوْنَ الْآخَرَ حَرَامًا لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْجَمِيعِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِهِ إلَّا قِسْطُهُ ( وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ فِي التَّقْسِيطِ عَبْدًا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخَمْرُ خَلًّا وَالْخِنْزِيرُ شَاةً ) أَيْ شَاةَ عَنْزٍ لَا شَاةَ ضَأْنٍ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعَنْزَ فِي الشَّكْلِ
( قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ إلَخْ ) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ تَخْصِيصَهُ بِالْعِلْمِ ( قَوْلُهُ وَالْخِنْزِيرُ شَاةٌ ) وَقِيلَ بَقَرَةٌ
( فَرْعٌ لَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا ) كَقَوْلِهِ بِعْتُك عَبْدِي وَعَبْدًا آخَرَ ( بَطَلَ ) الْبَيْعُ ( فِي الْجَمِيعِ لِتَعَذُّرِ التَّقْسِيطِ )
( فَرْعٌ مَتَى اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مِنْ مَالِكَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِمَا ) أَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِ لِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( صَفْقَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَسَدَ الْبَيْعُ ) لِأَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَجْهُولًا وَقِيلَ يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَحَلُّ مَا قَالَهُ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدٌ بِعَيْنِهِ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدَانِ بَيْنَهُمَا مُشَاعَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْلُومَةٌ لِأَنَّهَا بِحَسَبِ نَصِيبِهِ مِنْهُمَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ حَمَامُ بُرْجٍ بِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ لِمَالِكَيْهِمَا بَيْعُهُمَا لِثَالِثٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الصَّيْدِ وَكَذَا لَوْ انْصَبَّتْ حِنْطَتُهُ عَلَى حِنْطَةِ غَيْرِهِ أَوْ مَائِعُهُ عَلَى مَائِعِهِ
( قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ عَنْ النَّصِّ ( قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) فِي مَسَائِلَ دَوْرِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ( لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ ) مَرَضَ الْمَوْتِ ( عَبْدًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَشَرَةٍ ) وَمَاتَ ( وَلَا مِلْكَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ تُجْرِي الْوَرَثَةُ ) الزَّائِدَ عَلَى الثَّالِثِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ يَصِحُّ فِي قَدْرِ مَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ وَمَا يُوَازِي الثَّمَنَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَبْطُلُ فِي الْبَاقِي وَيَصِحُّ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِالْعَشَرَةِ وَيَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ الثَّمَنُ وَثُلُثُ الْعَبْدِ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ وَهِيَ عَشَرَةٌ وَلَا دُورَ وَالثَّانِي وَرَجَّحَهُ آخَرُونَ وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْحِسَابِ وَهُوَ الْأَقْوَى فِي الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ارْتَدَّ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَجَبَ أَنْ يَرْتَدَّ إلَى الْمُشْتَرِي مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ لِأَنَّ مَا يَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ يَخْرُجُ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ يَدْخُلُ فِيهَا فَتَزِيدُ بِهِ فَيَزِيدُ الْمَبِيعُ فَيَزِيدُ الدَّاخِلُ .
وَلَمَّا كَانَ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحَ فِي الْأَصْلِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ ( صَحَّ ) أَيْ الْبَيْعُ ( فِي نِصْفِ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ وَطَرِيقُهُ ) بِالْجُبْرَانِ أَنْ تَقُولَ صَحَّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ بِثُلُثِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِثْلُ ثُلُثِ الْعَبْدِ وَبَقِيَ لِلْوَرَثَةِ عَبْدٌ إلَّا شَيْئًا لَكِنَّ بَعْضَ النَّقْصِ انْجَبَرَ بِثُلُثِ الشَّيْءِ الْعَائِدِ فَالْمُحَابَاةُ ثُلُثَا شَيْءٍ وَالْبَاقِي لَهُمْ عَبْدٌ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ ضِعْفَ الْمُحَابَاةِ وَهُوَ شَيْءٌ وَثُلُثُ شَيْءٍ فَاجْبُرْ وَقَابِلْ فَيَكُونُ عَبْدٌ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَالشَّيْءُ نِصْفُ عَبْدٍ فَيَصِحُّ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّةُ التَّوْزِيعِ فَالْمُحَابَاةُ عَشَرَةٌ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الثَّمَنِ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ وَبِالنِّسْبَةِ ( أَنْ تَعْرِفَ ثُلُثَ الْمَالِ وَقَدْرَ الْمُحَابَاةِ
فَإِنْ كَانَ نِصْفَهَا صَحَّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَبِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ فَبِأَقَلَّ فَثُلُثُ الْمَالِ فِي هَذِهِ ) الْمَسْأَلَةِ ( عَشَرَةٌ وَالْمُحَابَاةُ عِشْرُونَ وَالْعَشَرَةُ نِصْفُ الْعِشْرِينَ فَيَصِحُّ ) الْبَيْعُ ( فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى سُدُسَهُ بِخَمْسَةٍ وَوُصِّيَ لَهُ بِثُلُثِهِ يَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفُ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فَالْمَبْلَغُ عِشْرُونَ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ وَلَوْ بَاعَ صَاعًا يُسَاوِي عِشْرِينَ بِصَاعٍ يُسَاوِي عَشَرَةً ) وَمَاتَ وَلَا مِلْكَ لَهُ غَيْرُهُ ( صَحَّ فِي ثُلُثَيْ صَاعِ الْمَرِيضِ بِثُلُثَيْ صَاعِ الْمُشْتَرِي ) لِأَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَالْمُحَابَاةُ عَشَرَةٌ وَالسِّتَّةُ وَالثُّلُثَانِ ثُلُثَا الْعَشَرَةِ فَصَحَّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثَيْ الصَّاعِ .
( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي ( الْخِيَارُ ) لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ ( لَا لِلْوَرَثَةِ ) أَيْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ لِئَلَّا يُبْطِلَ الْمُحَابَاةَ الَّتِي هِيَ وَصِيَّةٌ ( فَلَوْ كَانَ صَاعُ الْمَرِيضِ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ صَحَّ ) الْبَيْعُ ( فِي نِصْفِ الصَّاعِ بِمِثْلِهِ ) كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ ( فَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ ( بِحَالِهَا وَصَاعُ الْمَرِيضِ يُسَاوِي أَرْبَعِينَ صَحَّ الْبَيْعُ فِي أَرْبَعَةِ اتِّسَاعِ الصَّاعِ بِأَرْبَعَةِ اتِّسَاعِ الصَّاعِ فَإِنْ أَتْلَفَ الْمَرِيضُ الصَّاعَ الَّذِي أَخَذَهُ ) ثُمَّ مَاتَ ( صَحَّ ) الْبَيْعُ ( فِي ثُلُثِهِ ) أَيْ ثُلُثِ صَاعِهِ ( بِثُلُثِ صَاعِ صَاحِبِهِ قَلَّتْ قِيمَةُ الصَّاعِ ) الْمَبِيعِ ( أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّ مَا أَتْلَفَهُ قَدْ نَقَصَ مِنْ مَالِهِ ) أَمَّا مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ فَهُوَ مِلْكُهُ وَقَدْ أَتْلَفَهُ وَأَمَّا مَا بَطَلَ فِيهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ فَيَنْقُصُ قَدْرُ غُرْمِهِ مِنْ مَالِهِ وَمَتَى كَثُرَتْ الْقِيمَةُ قَلَّ الْغُرْمُ وَكَثُرَتْ الْمُحَابَاةُ وَمَتَى قَلَّتْ انْعَكَسَ ذَلِكَ ( فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ صَاعِ الْمَرِيضِ
عِشْرِينَ وَ ) قِيمَةُ ( صَاعِ الْمُشْتَرِي عَشَرَةً أَتْلَفَ الْمَرِيضُ مِنْ الْعِشْرِينَ عَشَرَةً بَقِيَ مَالُهُ عَشَرَةٌ ) كَأَنَّهَا كُلُّ مَالِهِ ( وَالْمُحَابَاةُ عَشَرَةٌ فَثُلُثُ مَالِهِ ثُلُثُ الْمُحَابَاةِ ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ الصَّاعِ لِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَثُلُثُ صَاعِ الْمَرِيضِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَثُلُثُ صَاعِ الْمُشْتَرِي ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَالْمُحَابَاةُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ يَبْقَى ثُلُثَا صَاعٍ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ لِلْوَرَثَةِ يَغْرَمُونَ مِنْهَا لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ ثُلُثَيْ صَاعِهِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ يَبْقَى ) لَهُمْ ( مِثْلُهَا وَهُوَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ .
وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ صَاعِ الْمَرِيضِ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ ) الْبَيْعُ ( فِي ثُلُثِهِ بِثُلُثِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ) وَهُوَ النِّسْبَةُ الْمَذْكُورَةُ فَفِيمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَقَدْ أَتْلَفَ عَشَرَةً يَبْقَى مَالُهُ عِشْرِينَ كَأَنَّهُ كُلُّ مَالِهِ وَالْمُحَابَاةُ عِشْرُونَ فَثُلُثُ مَالِهِ ثُلُثُ الْمُحَابَاةِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ صَاعٍ لِأَنَّ ثُلُثَ صَاعِ صَاحِبِهِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَالْمُحَابَاةُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَقَدْ بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا صَاعٍ وَهُوَ عِشْرُونَ يَغْرَمُونَ مِنْهَا لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ ثُلُثَيْ صَاعِهِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ يَبْقَى لَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَهِيَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ
( فَصْلٌ وَإِذَا جَمَعَ ) فِي صَفْقَةٍ ( بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ أَوْ ) بَيْعٍ وَ ( سَلَمٍ ) أَوْ بَيْعٍ وَ ( نِكَاحٍ صَحَّ ) كُلٌّ مِنْهُمَا لِصِحَّتِهِ مُنْفَرِدًا فَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي بَيْعِ مَشْفُوعٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتِلَافُ الْحُكْمِ فِيمَا ذُكِرَ بِاشْتِرَاطِ التَّأْقِيتَ فِي الْإِجَارَةِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَالسَّلَمُ بِهِ وَعَدَمُ بُطْلَانِ النِّكَاحِ بِإِخْلَائِهِ عَنْ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ جَائِزًا كَالْبَيْعِ وَالْجَعَالَةِ إذْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَابَقَةِ وَتَقْيِيدُهُمْ الْعَقْدَيْنِ بِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُتَّفِقَيْنِ كَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ كَأَنْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ وَقَالَ شَارَكْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضْتُك عَلَى الْآخَرِ فَقَبِلَ صَحَّ جَزْمًا لِرُجُوعِهِمَا إلَى إذْنٍ فِي التَّصَرُّفِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الْعَقْدَيْنِ ( بِالتَّوْزِيعِ ) طَرِيقُهُ أَنْ يُقَالَ ( يُوَزَّعُ الْمُسَمَّى ) فِي الْأُولَى عَلَى قِيَمِهِ الْمَبِيعِ وَأُجْرَةِ الْمُؤَجَّرِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى قِيمَتَيْ الْمَبِيعِ وَالْمُسْلِمِ وَفِي الثَّالِثَةِ ( عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ ) وَخِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ ( وَأَمَّا النِّكَاحُ فَيَصِحُّ قَطْعًا ) لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَتَأَثَّرُ بِجَهَالَةِ الْمَهْرِ وَهَذَا لَا حَاجَةَ لِلْمُصَنِّفِ بِهِ ( وَصُورَةُ الْإِجَارَةِ وَالسَّلَمِ آجَرْتُك دَارِي سَنَةً وَبِعْتُك كَذَا سَلَمًا بِكَذَا وَصُورَتُهَا مَعَ الْبَيْعِ بِعْتُك عَبْدِي وَأَجَّرْتُك دَارِي سَنَةً بِكَذَا وَ ) صُورَةُ ( جَمْعِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ زَوَّجْتُك جَارِيَتِي وَبِعْتُك عَبْدِي بِكَذَا أَوْ ) زَوَّجْتُك ( بِنْتِي وَبِعْتُك عَبْدَهَا ) بِكَذَا ( وَهِيَ تَحْتَ حِجْرِهِ أَوْ ) رَشِيدَةً وَ ( وَكَّلَتْهُ ) فِي بَيْعِ عَبْدِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي
وَبِعْتُك عَبْدِي بِكَذَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ شَرْطُ التَّوْزِيعِ فِي زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك عَبْدَهَا أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ النِّكَاحِ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَعَمْ إنْ أَذِنَتْ الرَّشِيدَةُ فِي قَدْرِ الْمُسَمَّى فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ التَّوْزِيعُ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ إلَخْ ) الْمُرَادُ اخْتِلَافُهُمَا فِي شُرُوطِ الِانْعِقَادِ وَأَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ لِيَتَنَاوَلَ مَا مَثَّلُوا بِهِ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ مِنْ أَنَّ التَّأْقِيتَ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْإِجَارَةِ وَانْتِفَاءَهُ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ يَجِبُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ أَيْ إجَارَةِ الْعَيْنِ ( قَوْلُهُ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عُلِمَ مِنْ تَمْثِيلِهِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعُقُودُ اللَّازِمَةُ لِلطَّرَفَيْنِ وَيُلْتَحَقُ بِهَا اللَّازِمَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَالْبَيْعِ وَالْجَعَالَةِ وَمَا وَقَعَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْمُسَابَقَةِ مِنْ الِامْتِنَاعِ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ فَلَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَابَقَةِ ) أَيْ فَقَالَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ رِبَوِيًّا وَعَقَدَ عَقْدَ الْمُسَابَقَةِ بِعَشَرَةٍ فَإِنْ جَعَلْنَا الْمُسَابَقَةَ لَازِمَةً فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَإِنْ جَعَلْنَاهَا جَائِزَةً لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ جَعَالَةٍ لَا تَلْزَمُ وَبَيْعٍ يَلْزَمُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُمْكِنُ قُلْت يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَنَاقُضِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا عَنْ عَقْدِ الْجَعَالَةِ إلَّا بِفَرَاغِ الْعَمَلِ وَمِنْ جِهَةِ الصَّرْفِ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا فِي الْمَجْلِسِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى قَبْضِ مَا يَخُصُّ الصَّرْفَ مِنْهَا وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَقْتَضِي تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ كَمَا عُلِمَ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ إجَارَةِ ذِمَّةٍ أَوْ سَلَمٍ وَجَعَالَةٍ بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْجَعَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ ب ( قَوْلِهِ زَوَّجْتُك جَارِيَتِي إلَخْ ) أَيْ إذَا كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ
( وَإِنْ جَمَعَ بَيْعًا وَكِتَابَةً فَقَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُك عَلَى نَجْمَتَيْنِ وَبِعْتُك ثَوْبِي بِأَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ) لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ ( وَصَحَّ فِي الْكِتَابَةِ بِالْقِسْطِ ) الْحَاصِلُ بِتَوْزِيعِ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتَيْ الْعَبْدِ وَالْمَبِيعِ فَمَا خَصَّ الْعَبْدَ لَزِمَهُ مُنَجَّمًا فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُوهِمُ أَوْ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاخْتِلَافُ الْحُكْمِ فِيهِمَا أَنَّ الْكِتَابَةَ يَسْتَقِلُّ بِفَسْخِهَا الْمُكَاتَبُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ وَجَمَاعَةٌ هُنَا مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَلِهَذَا بَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ
( قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شَقِيقِهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَكَانَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَيْضًا لِفَقْدِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْإِبْطَالِ وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ أَهْلًا لِمُبَايَعَةِ السَّيِّدِ قَالَ وَيَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْمُبَعَّضِ مَعَ السَّيِّدِ فِي الْأَعْيَانِ مُطْلَقًا وَفِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَهُوَ مِنْ دَقِيقِ الْفِقْهِ ( قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ ) كَ بِعْنَاك هَذَا بِأَلْفٍ فَيَقْبَلُ مِنْهُمَا كَأَنْ يَقُولَ قَبِلْت أَوْ قَبِلْت نِصْفَ كُلَّ مِنْكُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ ( وَكَذَا ) بِتَعَدُّدِ ( الْمُشْتَرِي ) كَبِعْتُكُمَا هَذَا بِأَلْفٍ فَيَقْبَلَانِ مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَا قَبِلْنَا أَوْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا اشْتَرَيْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ سَوَاءٌ قَالَاهُ فِي الثَّانِيَةِ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَيَجُوزُ فِي ذَلِكَ إفْرَادُ كُلِّ نَصِيبٍ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ وَإِذَا بَانَ نَصِيبُ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ حُرًّا مَثَلًا فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ نَصِيبِ الْآخَرِ وَلَوْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ كَانَ الْعَقْدُ أَرْبَعَةً أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ كَانَ الْعَقْدُ تِسْعَةً فَلِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَرُدَّ تُسْعَ الْمَبِيعِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِينَ الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ ( وَ ) تَتَعَدَّدُ ( بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ بِعْتُك هَذَا بِمِائَةٍ وَهَذَا بِخَمْسِينَ صَفْقَتَانِ وَلَوْ قَالَ ) الْمُشْتَرِي ( قَبِلْتهمَا ) أَوْ قَبِلْت ( بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ) لِأَنَّ لَا لِقَبُولٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِيجَابِ فَإِذَا وَقَعَ مُفَصَّلًا وَقَعَ الْقَبُولُ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ وَجَارِيَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ .
قَالَ الْقَاضِي فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ ( وَفَائِدَةُ التَّعَدُّدِ ) يَعْنِي وَمِنْ فَوَائِدِ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ ( أَنَّهُ لَوْ وَزَنَ ) فِيمَا لَوْ بَاعَ وَاحِدٌ وَمِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا صَفْقَةً ( حِصَّةَ أَحَدِهِمَا ) مِنْ الثَّمَنِ ( لَزِمَ الْبَائِعَ أَنْ يُسَلِّمَهُ ) حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ تَسْلِيمُ الْمُشَاعِ ( نَعَمْ لَوْ بَاعَهُمَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بَاعَاهُ عَبْدٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَقَعَ جُمْلَةً وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَوَابَ كَذَلِكَ صَحَّحَهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْمَجْمُوعِ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَالْحَامِلُ عَلَى تَصْحِيحِهِ يَعْنِي
فِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَصْحِيحُ الْبَغَوِيّ وَنَقْلُ الْإِمَامِ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ فِي التَّتِمَّةِ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ أَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صِحَّةَ قَبُولِ أَحَدِهِمَا عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَبِالصِّحَّةِ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ قَالَ لِأَنَّ إيجَابَهُ لَهُمَا بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَقْدٌ فَصَحَّ قَبُولُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ حَكَى الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ وَجَزَمَ فِيهَا بِالصِّحَّةِ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمَالِكُ لِحَظِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا لِأَنَّ التَّشْقِيصَ يَضُرُّ بِالْمَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قُلْت لِحَظِّ نَفْسِهِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا أَوْ كَانَ الْمَالِكُ مُفْلِسًا فَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِهِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ فَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَصِحَّ قَبُولُ أَحَدِهِمَا فِي نِصْفِهِ قَطْعًا إذَا كَانَ التَّشْقِيصُ يَضُرُّ بِالْغُرَمَاءِ وَهُوَ الْغَالِبُ كَمَا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَهُ فَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ لَمْ يَصِحَّ
( قَوْلُهُ وَكَذَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ صُورَةُ تَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ بِعْتُكُمَا كَذَا بِأَلْفٍ فَيَقُولَانِ قَبِلْنَا أَوْ اشْتَرَيْنَا أَوْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا اشْتَرَيْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ سَوَاءٌ قَالَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَلِلْإِمَامِ فِي هَذِهِ احْتِمَالٌ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك يَا زَيْدُ هَذَا بِكَذَا وَبِعْتُك يَا عَمْرُو هَذَا بِكَذَا فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ صَحَّ قَطْعًا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تَخَلُّلِ الْإِيجَابِ الْآخَرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْآخَرِ قَوْلُهُ أَوْ ثَلَاثٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَانَ الْعَقْدُ تِسْعَةً إلَخْ ) الْعَدَدُ الْكَثِيرُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِحَسْبِهِ كَالْقَلِيلِ وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ طَالَ صَحَّ فِيمَا لَمْ يَطُلْ .
ا هـ .
مُلَخَّصًا وَالْمُتَّجَهُ اعْتِمَادُ إطْلَاقِهِمْ وَلَا يَضُرُّ الطُّولُ لِأَنَّهُ فَصَلَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ( أَنَّ ) ( قَوْلَهُ وَيَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ إلَخْ ) شَرْطُ التَّفْصِيلِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ إجْمَالٌ يُخَالِفُهُ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ نِصْفُهُ بِسِتِّمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ بِالسَّوِيَّةِ وَآخِرُهُ يُنَاقِضُهُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ قَبِلْتهمَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ) وَكَمَا قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ ( تَنْبِيهٌ ) عُلِمَ أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الثَّمَنِ فَقَطْ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا وَهَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ وَلَا بِتَعَدُّدِ الْمُثَمَّنِ فَقَطْ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا بِدِرْهَمٍ وَبِدِينَارٍ وَبِثَوْبٍ وَإِنَّمَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِمَا ( قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ ) مَا قَالَهُ الْقَاضِي جَارٍ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْقَبُولَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ (
قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ تَضْعِيفِ كَلَامِ الْقَاضِي لِوُقُوعِ الْقَبُولِ غَيْرِ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ فَلَا أَثَرَ لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ هُنَا لِأَنَّهُ خَلَفَ ذَلِكَ أَمْرٌ آخَرُ
( فَرْعٌ وَالِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْعَاقِدِ لَا الْمَعْقُودِ لَهُ ) لِتَعَلُّقِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِهِ كَرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ نَعَمْ الْعِبْرَةُ بِعَكْسِهِ فِي الشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِمَا لِأَنَّ مَدَارَ الشُّفْعَةِ عَلَى اتِّحَادِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ وَالرَّهْنُ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ ( فَلَوْ اشْتَرَى ) وَكِيلٌ ( لِرَجُلَيْنِ ) شَيْئًا فَخَرَجَ مَعِيبًا ( لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ ) أَيْ إفْرَادُ نَصِيبِهِ بِالرَّدِّ ( بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ) شَيْئًا ( وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ ) وَخَرَجَ مَعِيبًا ( لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَوْ اشْتَرَيَا لَهُ ) وَكَالَةً ( رَدَّ ) جَوَازًا ( عَقْدَ أَحَدِهِمَا ) بِالْعَيْبِ ( وَلَوْ بَاعَ لَهُمَا ) وَكَالَةً ( لَمْ يَرُدَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا ) بِالْعَيْبِ ( أَوْ بَاعَا لَهُ ) وَكَالَةً ( رَدَّ ) جَوَازًا نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ اعْتِبَارًا بِالْعَاقِدِ فِي الْخَمْسِ ( وَحَيْثُ لَا رَدَّ فَلِكُلٍّ ) مِمَّنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ مِنْ أَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ أَوْ الِابْنَيْنِ أَوْ الْمُشْتَرِي ( الْأَرْشُ ) عَلَى الْبَائِعِ ( وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَدِّ صَاحِبِهِ ) لِظُهُورِ تَعَذُّرِ الرَّدِّ
( قَوْلُهُ وَالِاعْتِبَارُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْعَاقِدِ ) أَيْ كَوَكِيلٍ وَحَاكِمٍ وَوَلِيٍّ وَرَقِيقٍ مَأْذُونٍ ( قَوْلُهُ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ عُهْدَةٍ حَتَّى يَنْظُرَ فِيهِ الْمُبَاشِرُ
( بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ ) الْخِيَارُ ضَرْبَانِ خِيَارُ نَقْصٍ وَسَيَأْتِي وَخِيَارُ تَرَوٍّ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي وَلَهُ سَبَبَانِ الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ كَمَا عَبَّرَ بِهِمَا الْأَصْلُ لَا خِيَارَ لَهُمَا وَإِنْ عَبَّرَ بِهِمَا الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ ( خِيَارُ التَّرَوِّي يَتَعَلَّقُ بِسَبَبَيْنِ الْأَوَّلِ ) مِنْهُمَا ( خِيَارِ الْمَجْلِسِ ) بِدَأْبِهِ لِثُبُوتِهِ بِالشَّرْعِ بِلَا شَرْطٍ ( فَيَثْبُتُ فِي كُلِّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ ) وَهِيَ الَّتِي تَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهَا ( وَاقِعَةٍ عَلَى الْعَيْنِ ) لَا الْمَنْفَعَةِ ( وَلَوْ اسْتَعْقَبَ ) الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ ( عِتْقًا كَالْبَيْعِ ) وَلَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَأَبِيهِ وَابْنِهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا } إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ أَيْ التَّخَايُرَ فَإِنَّهُ مُلْزِمٌ كَتَفَرُّقِهِمَا وَقَالَ { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ } رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ قَالَ فِي الْمَجْمُوع مَنْصُوبٌ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنْ أَوْ إلَى أَنْ وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا لَجَزَمَهُ فَقَالَ أَوْ يَقُلْ وَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ غَيْرُهَا كَالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَصُلْحِ الْحَطِيطَةِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَبِالْمَحْضَةِ غَيْرُهَا كَالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فَلَا خِيَارَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَالْخَبَرُ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَيْعِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِيَارَ فِي الْبَيْعِ رُخْصَةٌ شُرِعَ لِلتَّرَوِّي وَدَفْعِ الضَّرَرِ فَهُوَ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ لُزُومُهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ عَرَضَ بَعْدَ اللُّزُومِ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَقْتَضِي وَضْعُهَا اللُّزُومَ لِيَتَمَكَّنَ الْعَاقِدُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا أَخَذَهُ آمِنًا مِنْ نَقْضِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالَاتِهِ اللُّزُومُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ ( وَالسَّلَمِ ) أَيْ وَكَالسَّلَمِ ( وَالتَّوْلِيَةِ
وَالتَّشْرِيكِ وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ ) عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ ( وَلَوْ فِي عَقْدٍ تَوَلَّى الْأَبُ ) وَإِنْ عَلَا ( طَرَفَيْهِ كَبَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ ) أَوْ عَكْسِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِأَنَّ الْأَبَ أُقِيمَ مَقَامَ الشَّخْصَيْنِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَكَذَا فِي الْخِيَارِ وَلَفْظُ الْخَبَرِ وَرَدَ عَلَى الْغَالِبِ ( فَإِنْ فَارَقَ ) الْأَبُ ( مَجْلِسَهُ أَوْ اخْتَارَ لَهُمَا ) اللُّزُومَ ( لَزِمَ أَوْ ) اخْتَارَ ( لِنَفْسِهِ بَقِيَ ) الْخِيَارُ ( لِلْوَلَدِ ) وَكَذَا بِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْبَسِيطِ وَخَرَجَ بِصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ إبْرَاءٌ
( بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ شَرَعَ فِي لُزُومِهِ وَجَوَازِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَلِيّ أَوْ الْوَكِيلَ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَمَنْ خَالَفَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ تَعَلَّقَ بِأُمُورٍ أَكْثَرُهَا تَشْغِيبٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِإِبْطَالِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا ) يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ فِي قَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِتْقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي زَمَنٍ لَطِيفٍ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ تَقْدِيرٌ آخَرُ فَالْخِيَارُ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ رُقَّ ( قَوْلُهُ { مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا } ) فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَكَانِهِمَا ( قَوْلُهُ كَالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ ر ( قَوْلُهُ لِلتَّرَوِّي وَدَفْعِ الضَّرَرِ ) شَمِلَ بَيْعَ الْجِنْسِ الرِّبَوِيِّ بِمِثْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْغَزَالِيِّ الْأَوَّلُ فَإِنَّ إمَامَهُ قَالَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَقَدْ عَدَدْنَا الْخِيَارَ مِنْ الرُّخَصَ الَّتِي لَا يُعَدَّى بِهَا مَوَاضِعَهَا حَتَّى لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ( قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَسِيطِ ) وَقَالَ غَيْرُهُ وَإِذَا لَزِمَ الْعَقْدُ مِنْ طَرَفٍ بَقِيَ الْآخَرُ وَقَالَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فَإِذَا بَطَلَ خِيَارُ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ لِلْآخَرِ وَهُوَ مَا فِي الذَّخَائِرِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا أَحْسِبُ فِيهِ خِلَافًا
( وَلَا يَثْبُتُ ) الْخِيَارُ ( فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ ) وَالْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ وَالْجَعَالَةِ ( أَوْ ) مِنْ ( أَحَدِهِمَا كَالْكِتَابَةِ وَالرَّهْنِ ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا وَلِأَنَّ الْجَائِزَ فِي حَقِّهِ بِالْخِيَارِ أَبَدًا فَلَا مَعْنَى لِثُبُوتِهِ لَهُ وَالْآخَرُ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغَبْنِ الْمَقْصُودِ دَفْعُهُ بِالْخِيَارِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَأَقْبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْكَنَ فَسْخُهُ بِأَنْ يَنْفَسِخَ الْبَيْعُ فَيَنْفَسِخَ وَهُوَ تَبَعًا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَلَا ) يَثْبُتُ ( فِي الْوَقْفِ وَالْهِبَةِ ) كَمَا مَرَّ وَلَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ ذَاتَ ثَوَابٍ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا لَكِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمَا فِي بَابِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ وَأَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنْ قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ وَهُنَاكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَةَ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعٌ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ هُنَا بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ مَا هُنَاكَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( وَلَا فِي الشُّفْعَةِ ) فَلَا خِيَارَ فِيهِمَا لِلْمُشْتَرِي إذْ الشِّقْصُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ قَهْرًا وَلَا لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً إذْ يَبْعُدُ تَخْصِيصُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ .
وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ فَصَحَّحَ فِي بَابِهَا ثُبُوتَهُ لِلشَّفِيعِ وَاسْتَدْرَكَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ فَصَحَّحَ الْمَنْعَ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَهَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ الْأَخْذِ بَيْنَ رَدِّ الْمِلْكِ وَإِمْسَاكِهِ أَوْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ قَبْلَ الْأَخْذِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَ تَرْكِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْأَوَّلُ فَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ مَجْلِسُ
التَّمَلُّكِ ( وَ ) لَا فِي ( الْحَوَالَةِ ) لِأَنَّهَا جُعِلَتْ مُعَاوَضَةً لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعَاوَضَاتِ إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَبَطَلَتْ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ( وَلَا فِي النِّكَاحِ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَلِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَكَانَ كَالْإِجَارَةِ وَسَيَأْتِي ( وَ ) فِي ( الصَّدَاقِ ) وَعِوَضِ الْخُلْعِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ قَدَّرَ اسْتِقْلَالَهُمَا لَا خِيَارَ فِيهِمَا تَبَعًا لِلنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ ( وَ ) لَا فِي ( الْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ أَيْضًا ) وَإِنْ كَانَتَا مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ غَرَرُ وُرُودِهِ عَلَى مَعْدُومٍ وَغَرَرُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي السَّلَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَقَضِيَّةُ كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي الْبَيْعِ الْوَارِدِ عَلَى مَنْفَعَةٍ كَحَقِّ الْمَمَرِّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ يُخَالِفُهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَطَائِفَةٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ قَطْعًا كَالسَّلَمِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقِيلَ يَثْبُتُ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِمُدَّةٍ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ
( قَوْلُهُ لَكِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمَا فِي بَابِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ إلَخْ ) الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ وَشَرَطَ ثَوَابًا مَعْلُومًا انْعَقَدَ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ مِنْ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَإِنْ وَهَبَ وَلَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا وَقُلْنَا الْهِبَةُ تَقْتَضِي الثَّوَابَ أَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَجْهُولٍ وَفَرَّعْنَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَهَذَا لَيْسَ بَيْعٌ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَلِهَذَا قَالَ فِي تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَيْعًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَصْلُهُ لِلسُّبْكِيِّ وَإِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ لَمْ يُعْدَلْ إلَى التَّنَاقُضِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَقْدَحُ فِي الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ انْتِفَاءُ الْخِيَارِ لِعَدَمِ صِحَّةِ مَا وَقَعَ لِصِدْقِ اسْمِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ فَسَادِهَا فَصَحَّ نَفْيُ الْخِيَارِ فِيهَا وَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي نَفْيَهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً إلَخْ ) لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ الْخِيَارُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ( قَوْلُهُ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ إلَخْ ) فَالْخِيَارُ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ ضَمِّ غَرَرٍ إلَى غَرَرٍ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مَنَافِعَ مَعْدُومَةٍ وَالسَّلَمَ عَقْدٌ عَلَى أَعْيَانٍ فَبَعُدَ عَنْ الْغَرَرِ ( قَوْلُهُ ثُبُوتُهُ فِي الْبَيْعِ الْوَارِدِ عَلَى مَنْفَعَةٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ) وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْخِيَارِ اسْمُ الْمَبِيعِ ( قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ
( وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَالْعِتْقُ مَوْقُوفٌ ) سَوَاءٌ قُلْنَا الْمَالِكُ مَوْقُوفٌ أَمْ لَا ( حَتَّى يَتَفَرَّقَا ) أَوْ يَخْتَارَ اللُّزُومَ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ ( وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي شِرَاءِ الْجُمْدِ وَلَوْ بِشِدَّةِ الْحَرِّ ) بِحَيْثُ يَنْمَاعُ بِهَا ( لَا فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ ) لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعِتْقِ كَالْكِتَابَةِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلشِّرَاءِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّانِيَةِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ فَقَطْ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ بَيْعٌ وَمِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ يُشْبِهُ الْفِدَاءَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ دُونَهُ وَفِي الصُّورَتَيْنِ يَتَبَعَّضُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ابْتِدَاءً ( وَيَثْبُتُ فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ قِسْمَتَيْ الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ سَوَاءٌ جَرَتَا بِإِجْبَارٍ أَمْ بِتَرَاضٍ وَسَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُمَا فِي حَالَةِ التَّرَاضِي بَيْعٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا الشَّرِيكُ أُجْبِرَ عَلَيْهِمَا وَالْإِجْبَارُ يُنَافِي الْخِيَارَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَرْجِيحُ الشَّيْخَيْنِ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا بَيْعٌ تَبَعًا فِيهِ تَرْجِيحُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ ( وَلَوْ شَرَطَا نَفْيَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْبَيْعُ ) لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ ( وَلَوْ قَالَ ) لِعَبْدِهِ ( إنْ بِعْتُك فَأَنْت حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ لِأَنَّ عِتْقَ الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ نَافِذٌ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ نَفْيِ الْخِيَارِ لَا يُعْتَقُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ
( قَوْلُهُ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا وَ جَهِلَ الْبَائِعُ إعْسَارَهُ ( قَوْلُهُ دُونَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاضِحٌ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا مَحْضُ افْتِدَاءٍ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْحُرِّيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ كَاذِبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَوَقَعَ بَيْعًا فِي حَقِّهِ بَاطِنًا كَالْبَائِعِ ( قَوْلُهُ وَفِي الصُّورَتَيْنِ يَتَبَعَّضُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ابْتِدَاءً ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ ضَابِطُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لَا يَتَبَعَّضُ ابْتِدَاءً فَيَثْبُتُ لِوَاحِدٍ دُونَ الْآخَرِ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ أَحَدِهِمَا إذَا اشْتَرَى مَنْ اعْتَرَفَ بِحُرِّيَّتِهِ الثَّانِيَةِ فِي الشُّفْعَةِ إذَا أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَحَّحُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ .
ا هـ .
وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ تَخَيَّرَ الْبَائِعُ دُونَهُ عَلَى وَجْهٍ
( فَصْلٌ وَيَنْقَطِعُ ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ ( إمَّا بِالتَّخَايُرِ ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ ( نَحْوَ تَخَايَرْنَا الْعَقْدَ أَوْ اخْتَرْنَاهُ أَوْ أَلْزَمْنَاهُ ) أَوْ أَمْضَيْنَاهُ أَوْ اخْتَرْنَا إبْطَالَ الْخِيَارِ أَوْ إفْسَادَهُ ( فَلَوْ قَالَ ) أَحَدُهُمَا ( لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ انْقَطَعَ خِيَارُ الْقَائِلِ وَلَوْ لَمْ يَخْتَرْ صَاحِبُهُ ) لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِاللُّزُومِ وَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا لُزُومَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ وَبَقِيَ خِيَارُ الْآخَرِ وَاحْتَمَلَ تَبْعِيضَ الْخِيَارِ لِوُقُوعِهِ دَوَامًا ( وَالْفَسْخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِجَازَةِ ) فَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ قُدِّمَ الْفَسْخُ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِجَازَةِ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْخِيَارِ إنَّمَا قَصَدَ بِهِ التَّمَكُّنَ مِنْ الْفَسْخِ دُونَ الْإِجَازَةِ لِأَصَالَتِهَا ( وَتَبَايُعِهَا فِي الْعِوَضَيْنِ ) وَلَوْ رِبَوِيَّيْنِ ( بَعْدَ الْقَبْضِ ) لَهُمَا بَيْعًا ثَانِيًا ( إجَازَةٌ ) لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِلُزُومِهِ وَيَصِحُّ الثَّانِي وَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ ( وَلَوْ أَجَازَا فِي الرِّبَوِيِّ ) وَتَفَرَّقَا ( قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَقَدْ سَبَقَ ) بَيَانُهُ ( فِي الرِّبَا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ هُنَا وَلَوْ أَجَازَا فِي عَقْدِ الصَّرْفِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَلْغُو الْإِجَارَةُ فَيَبْقَى الْخِيَارُ وَالثَّانِي يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِمَا التَّقَابُضُ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَلَا يَأْثَمَانِ إنْ تَفَرَّقَا عَنْ تَرَاضٍ وَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْمُفَارَقَةِ أَثِمَ وَرَجَحَ فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي .
( وَإِمَّا بِالتَّفَرُّقِ بِأَبْدَانِهِمَا ) عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ ( فَلَوْ أَقَامَا ) فِيهِ ( مُدَّةً أَوْ تَمَاشَيَا مَرَاحِلَ فَهُمَا عَلَى خِيَارِهِمَا ) وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَعْرَضَا عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَيَحْصُلُ بِأَنْ يُفَارِقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنْ الْمَجْلِسِ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَإِنْ اسْتَمَرَّ الْآخَرُ فِيهِ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ التَّخَايُرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَاوِي
الْخَبَرِ إذَا ابْتَاعَ شَيْئًا فَارَقَ صَاحِبَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى مُسْلِمٌ قَامَ يَمْشِي هُنَيَّةَ ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ إذَا ابْتَاعَ شَيْئًا وَهُوَ قَاعِدٌ قَامَ لِيَجِبَ لَهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ حِلُّ الْفِرَاقِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ } وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ الْحِلِّ فِي الْخَبَرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ الْمُسْتَوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّفَرُّقِ الْعُرْفُ ( فَإِنْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ ) أَوْ دَارٍ ( أَوْ مَسْجِدٍ صَغِيرٍ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( فَبِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا ) مِنْهُ ( أَوْ صُعُودِهِ إلَى السَّطْحِ ) يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ ( وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ فَبِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الصَّحْنِ أَوْ مِنْ الصَّحْنِ إلَى الصُّفَّةِ ) أَوْ الْبَيْتِ ( وَإِنْ كَانَا فِي سُوقٍ أَوْ صَحْرَاءَ أَوْ بَيْتِ مُتَفَاحِشِ السِّعَةِ فَبِأَنْ يُولِيَ ) أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ( ظَهْرَهُ وَيَمْشِيَ قَلِيلًا وَلَوْ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ سَمَاعِ خِطَابِهِ وَلَا يَحْصُلُ ) التَّفَرُّقُ ( بِإِقَامَةِ سِتْرٍ وَلَوْ بِبِنَاءِ جِدَارٍ ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمَجْلِسَ بَاقٍ نَعَمْ إنْ بَنَيَاهُ أَوْ بُنِيَ بِأَمْرِهِمَا حَصَلَ التَّفَرُّقُ جَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَالْقَاضِي مَجْلِي وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمُفَارَقَةِ وَخَالَفَ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ فَصَحَّحَ عَدَمَ الْحُصُولِ بِذَلِكَ
( قَوْلُهُ إمَّا بِالتَّخَايُرِ ) أَيْ طَوْعًا ( قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِجَازَةِ ) أَيْ وَإِلَّا بَطَلَتْ فَائِدَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْخِيَارِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَجَازَ فِي الرِّبَوِيِّ إلَخْ ) السَّلَمُ وَإِجَارَةُ الذِّمَّةِ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَرَجَحَ فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فَيَبْطُلُ جَزْمًا إذْ الْإِجَازَةُ تُفَرَّقُ حُكْمًا وَقَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَطْلَقَ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ النَّصِّ وَصَوَّبَهُ أَنَّ تَفَرُّقَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي بَيْعِ الرِّبَا قَبْلَ التَّقَابُضِ لَا يَكْفِيهِمَا فِي مَنْعِ الْإِثْمِ كَمَا يَأْثَمَانِ بِالْعَقْدِ مَعَ التَّفَاضُلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ التَّقَابُضُ وَأَرَادَا التَّفَرُّقَ لَزِمَهُمَا أَنْ يَتَفَاسَخَا قَبْلَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الرِّبَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَإِذَا تَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَهُوَ كَالتَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ لِأَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَبْطُلُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى يَدًا بِيَدٍ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا بِالتَّفَرُّقِ بِأَبْدَانِهِمَا إلَخْ ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ لِأَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ شَرْعًا وَلَا لُغَةً يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ قَوْلُهُ وَيَمْشِي قَلِيلًا إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْمَشْيُ الْقَلِيلُ مَا يَكُونُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَلَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ فَالنُّزُولُ إلَى الطَّبَقَةِ التَّحْتَانِيَّةِ تَفَرُّقٌ كَالصُّعُودِ إلَى الْفَوْقَانِيَّةِ وَفِي صَغِيرَةٍ لَا طَرِيقَ إلَّا بِالْخُرُوجِ أَوْ التَّخَايُرِ وَقَوْلُهُ وَمَا يَكُونُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَيْ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ بَنَيَاهُ أَوْ بُنِيَ بِأَمْرِهِمَا إلَخْ ) وَقِيلَ إنْ بَنَاهُ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنٍ فَكَالْهَرَبِ أَوْ غَيْرُهُمَا فَالْحَمْلُ كَرْهًا ( قَوْلُهُ فَصَحَّحَ عَدَمَ الْحُصُولِ
بِذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَلَوْ جُعِلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ بِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْصُلْ التَّفَرُّقُ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ وَجْهًا أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّفَرُّقُ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِمَا وَهُوَ غَرِيبٌ .
ا هـ .
أَيْ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ فِي الْأَبْدَانِ وَلَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ وُجِدَ تَفَرُّقُ الْمَكَانِ
( فَرْعٌ لَوْ تَنَادَيَا بِالْبَيْعِ مِنْ بُعْدٍ ثَبَتَ لَهُمَا الْخِيَارُ ) وَامْتَدَّ ( مَا لَمْ يُفَارِقْ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ ) فَإِنْ فَارَقَهُ وَوَصَلَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْآخَرُ مَعَهُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ عُدَّ تَفَرُّقًا بَطَلَ خِيَارُهُمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ جِهَةَ الْآخَرِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِدَوَامِ الْخِيَارِ وَحُكْمُ مَا تَبَايَعَا بِالْمُكَاتَبَةِ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ
( قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِدَوَامِ الْخِيَارِ ) الَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِانْقِطَاعِهِ
( فَرْعٌ وَإِنْ مَاتَ ) الْعَاقِدَانِ أَوْ ( أَحَدُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ قَامَ الْوَارِثُ ) وَلَوْ عَامًا ( أَوْ الْمُوَكِّلُ أَوْ السَّيِّدُ ) أَيْ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ أَوْ الْمَأْذُونِ لَهُ ( مَقَامَهُ ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ سَوَاءٌ فِيهِ عَقْدُ الرِّبَا وَغَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ نَصَبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَفْعَلُ لَهُ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهُ مِنْ فَسْخٍ وَإِجَارَةٍ وَعَجْزُ الْمُكَاتَبِ كَمَوْتِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ ) مَثَلًا أَيْ وَارِثُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ حَاضِرًا ( فِي الْمَجْلِسِ ثَبَتَ لَهُ مَعَ الْعَاقِدِ الْآخَرِ الْخِيَارُ ) وَامْتَدَّا إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَتَخَايَرَا ( وَإِنْ كَانَ غَائِبًا ) وَوَصَلَهُ الْخَبَرُ ( فَإِلَى ) أَيْ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَيَمْتَدُّ إلَى ( أَنْ يُفَارِقَ مَجْلِسَ الْخَبَرِ ) لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فَلْيُثْبِتْ لَهُ مِثْلَ مَا يَثْبُتُ لَهُ هَذَا مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَبَنَى طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي كَيْفِيَّةَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِهِ لِلْمَعْنَى أَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ خِيَارُ الْوَارِثِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يُشَاهِدُ فِيهِ الْمَبِيعَ لِيَتَأَمَّلَهُ وَالثَّانِي يَتَأَخَّرُ خِيَارُهُ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الْوَارِثِ فِي مَجْلِسٍ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْوَارِثِ
( قَوْلُهُ أَيْ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ ) عَجْزُ الْمُكَاتَبِ كَمَوْتِهِ ( قَوْلُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ ) أَيْ بَلْ أَوْلَى لِثُبُوتِهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَطَعُوا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ بِالِانْتِقَالِ لِثُبُوتِهِ لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ
( فَرْعٌ لَوْ وَرِثَهُ جَمَاعَةٌ حُضُورٌ ) فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ ( لَمْ يَنْقَطِعْ ) خِيَارُهُمْ ( بِفِرَاقِ بَعْضِهِمْ ) لَهُ بَلْ يَمْتَدُّ حَتَّى يُفَارِقُوهُ كُلُّهُمْ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ كَالْمُوَرِّثِ وَهُوَ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ إلَّا بِمُفَارَقَةِ جَمِيعِ بَدَنِهِ ( أَوْ غَائِبُونَ ) عَنْ الْمَجْلِسِ ( ثَبَتَ لَهُمْ الْخِيَارُ إذَا اجْتَمَعُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي حَيْثُ قَالَ وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ أَنْ قُلْنَا فِي الْوَارِثِ الْوَاحِدِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ مُشَاهَدَةِ الْمَبِيعِ فَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا اجْتَمَعُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ النِّيَابَةَ لَهُمْ كُلُّهُمْ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَبْعِيضِ الْخِيَارِ فَجَعَلْنَا الْأَمْرَ مَوْقُوفًا عَلَى اجْتِمَاعِهِمْ وَإِنْ قُلْنَا لَهُ الْخِيَارُ اجْتَمَعَ هُوَ وَالْعَاقِدُ فَكَذَا لَهُمْ الْخِيَارُ إذَا اجْتَمَعُوا بِهِ انْتَهَى بِزِيَادَتِي لِلتَّعْلِيلِ مِنْ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْغَائِبِ الْوَاحِدِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُوَافِقُ لِلصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ ثُمَّ أَنْ يَثْبُتَ لَهُمْ الْخِيَارُ بِوُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِمْ وَأَنْ يَنْقَطِعَ بِمُفَارَقَةِ الْمُتَأَخِّرِ فِرَاقُهُ مِنْهُمْ مَجْلِسُهُ ( وَيَثْبُتُ ) الْخِيَارُ ( لِلْعَاقِدِ الْبَاقِي مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ ) سَوَاءٌ أَكَانَ لِوَارِثِ الْغَائِبِ وَاحِدٌ أَمْ مُتَعَدِّدٌ نَعَمْ إنْ فَارَقَ أَحَدُهُمَا مَجْلِسَهُ دُونَ الْآخَرِ انْقَطَعَ خِيَارُ الْآخَرِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ( وَيَنْفَسِخُ ) الْعَقْدُ ( بِفَسْخِ بَعْضِهِمْ ) فِي نَصِيبِهِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ ( وَلَوْ أَجَازَ الْبَاقُونَ ) كَمَا لَوْ فَسَخَ الْمُوَرِّثُ فِي الْبَعْضِ وَأَجَازَ فِي الْبَعْضِ وَلَا يُبَعَّضُ الْفَسْخُ لِلْإِضْرَارِ بِالْحَيِّ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُمْ وَاطَّلَعُوا عَلَى عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ فَفَسَخَ بَعْضُهُمْ لَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي لِأَنَّ لِلضَّرَرِ ثَمَّ جَابِرًا وَهُوَ
الْأَرْشُ وَلَا جَابِرَ لَهُ هُنَا وَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَقُلْنَا مَنْ بَاعَ مَالَ مِنْ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ يَصِحُّ قَالَ الْإِمَامُ فَالْوَجْهُ نُفُوذُ فَسْخِهِ دُونَ إجَازَتِهِ لِأَنَّهَا رِضًا وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الرِّضَا مَعَ الْعِلْمِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَبِهِ أَجَابَ فِي الْبَسِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلِهِ شَيْئًا فَبَلَغَ رَشِيدًا قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ الْخِيَارُ وَهَلْ يَبْقَى لِلْوَلِيِّ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ وَأَجْرَاهُمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْأَوْجَهُ بَقَاؤُهُ لَهُ مَعَ أَنَّ فِي جَزْمِهِ بِعَدَمِ انْتِقَالِهِ لِلرَّشِيدِ نَظَرًا
( قَوْلُهُ إذَا اجْتَمَعُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا فِي مَجْلِسٍ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ فَارَقَ أَحَدُهُمَا مَجْلِسَهُ إلَخْ ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاضِحٌ قَالَ شَيْخُنَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَتَبَ إلَى غَائِبٍ حَيْثُ يَمْتَدُّ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَى انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ لَهُ ( قَوْلُهُ وَلَا جَابِرَ لَهُ هُنَا ) حَاصِلُهُ أَنَّ فَسْخَ بَعْضِهِمْ يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ هُنَا وَهُنَاكَ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ شَيْءٌ وَقَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِمَّا كَتَبَهُ الْوَالِدُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي لَيْسَ عَلَى بَابِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَيْ كَمَا لَا يَنْفَسِخُ فِيمَا فَسَخَ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ ) وَبِهِ أَجَابَ فِي الْبَسِيطِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ بَقَاؤُهُ لَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ مَتَى حُمِلَ ) الْعَاقِدُ فَأُخْرِجَ مِنْ الْمَجْلِسِ ( مُكْرَهًا ) بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا ( وَكَذَا إذَا أُكْرِهَ ) عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ ( فَخَرَجَ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ وَلَوْ لَمْ يُسَدَّ فَمُهُ ) لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ وَالسُّكُوتُ عَنْ الْفَسْخِ لَا يَقْطَعُ الْخِيَارَ كَمَا فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا بِخِلَافِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ كَمَا مَرَّ لِتَقْصِيرِهِمَا وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلرِّبَوِيِّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْته فِي بَابِهِ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ثَمَّ ( فَإِنْ زَايَلَهُ ) أَيْ فَارَقَهُ ( الْإِكْرَاهُ فِي مَجْلِسٍ فَلَهُ الْخِيَارُ ) فِيهِ ( حَتَّى يُفَارِقَهُ أَوْ مَارًّا فَحَتَّى يُفَارِقَ مَكَانَهُ ) الَّذِي زَايَلَهُ فِي الْإِكْرَاهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِيَجْتَمِعَ مَعَ صَاحِبِهِ وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ ( وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ صَاحِبُهُ بَطَلَ خِيَارُهُ لَا أَنْ مُنِعَ ) مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُ فَلَا يَبْطُلُ ( وَلَوْ هَرَبَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَتْبَعْهُ الْآخَرُ بَطَلَ خِيَارُهُ ) كَخِيَارِ الْهَارِبِ ( وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ أَنْ يَتْبَعَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ وَلِأَنَّ الْهَارِبَ فَارَقَ مُخْتَارًا بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ ( وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ أَنْ يَتْبَعَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ وَلِأَنَّ الْهَارِبَ فَارَقَ مُخْتَارًا بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ فَإِنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ حِنْثِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ فَفَارَقَهُ غَرِيمُهُ وَأَمْكَنَهُ مُتَابَعَتُهُ فَلَمْ يَتْبَعْهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا مَنُوطٌ بِالتَّفَرُّقِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِوُجُودِ الْفُرْقَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُنَاكَ مَنُوطٌ بِالْمُفَارَقَةِ مِنْ الْحَالِفِ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا نَفْتَرِقُ كَانَ حُكْمُهُ كَمَا هُنَا أَمَّا إذَا تَبِعَهُ فَالْخِيَارُ بَاقٍ مَا لَمْ يَتَبَاعَدَا كَمَا حَكَمَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ
الْقَاضِي ضَبَطَهُ بِفَوْقِ مَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَفِي الْبَسِيطِ إنْ لَحِقَهُ قَبْلَ انْتِهَائِهِ إلَى مَسَافَةٍ يَحْصُلُ بِمِثْلِهَا الْمُفَارَقَةُ عَادَةً فَالْخِيَارُ بَاقٍ وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِلُحُوقِهِ
قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ إلَخْ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَغَيْرُهُ يُسْتَثْنَى مِنْ التَّفَرُّقِ كَرْهًا مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ غَاصِبًا مِنْ الْآخَرِ الْمَكَانَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ فَإِنَّهُ تَفْرِيقٌ مُعْتَبَرٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ فَإِنْ جُنَّ ) الْعَاقِدُ ( أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَامَ الْوَلِيُّ ) وَلَوْ عَامًا ( مَقَامَهُ ) فِي الْخِيَارِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ وَيَفْعَلُ الْوَلِيُّ مَا فِيهِ الْحَظُّ مِنْ فَسْخٍ وَإِجَازَةٍ فَلَوْ فَارَقَ الْمَجْنُونُ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الْمَجْلِسَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَإِنْ خَرِسَ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ ( وَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ ) وَلَا كِتَابَةَ لَهُ ( نَصَبَ الْحَاكِمُ نَائِبًا عَنْهُ ) كَمَا لَوْ جُنَّ وَإِنْ تَأَتَّتْ الْإِجَازَةُ مِنْهُ بِالتَّفَرُّقِ وَلَيْسَ هُوَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْحَاكِمُ نَابَ عَنْهُ فِيمَا تَعَذَّرَ مِنْهُ بِالْقَوْلِ كَمَا يَنُوبُ فِي الْبَيْعِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُ أَمَّا إذَا أَفْهَمَتْ إشَارَتُهُ أَوْ كَانَ لَهُ كِتَابَةٌ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّفَرُّقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُنْكِرِهِ ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ ( وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ ) وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ لِذَلِكَ ( وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ ) وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ( فَدَعْوَى الْفَسْخِ فَسْخٌ ) كَمَا لَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ فَإِنَّ دَعْوَى الزَّوْجِ لَهَا رَجْعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا
( قَوْلُهُ قَامَ الْوَلِيُّ وَلَوْ عَامًا ) أَيْ أَوْ الْمُوَكِّلُ ( قَوْلُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ ) أَيْ بَلْ أَوْلَى لِثُبُوتِهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَطَعُوا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ بِالِانْتِقَالِ لِثُبُوتِهِ لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالشَّرْطِ وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ الْحَجْرُ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ ر ( قَوْلُهُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ لِذَلِكَ ) لَوْ افْتَرَقَا فِي عَقْدِ الرِّبَوِيِّ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا افْتَرَقْنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صَدَقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ
( السَّبَبُ الثَّانِي خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ { ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَهُ لَا خِلَابَةَ } وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ { إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ } وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عُمَرَ { فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُهْدَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ } وَسَمَّى الرَّجُلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حَبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا مُنْقِذًا وَالِدُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَ بِهِ جَزَمَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُهِمَّاتِهِ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهُمَا صَحَابِيَّانِ أَنْصَارِيَّانِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ لَا خِلَابَةَ وَاَلَّذِي فِي الْخَبَرِ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقِيسَ بِهِ الْبَائِعُ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِاشْتِرَاطِهِمَا مَعًا وَخَرَجَ بِالثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا وَشَرْطُ الْخِيَارِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَجَازَ أَقَلُّ مِنْهَا بِالْأَوْلَى ( مُعَيَّنًا ) زَمَنَهُ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَا مَجْهُولًا .
وَسَيَأْتِي ( إنْ لَمْ يَفْصِلْهُ عَنْ الْعَقْدِ ) فَإِنْ فَصَلَهُ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالشَّرْطِ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ وَلِأَنَّ فَصْلَهُ يُؤَدِّي إلَى جَوَازِ الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَلِهَذَا لَوْ أَسْقَطَا أَوَّلَ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ سَقَطَتْ كُلُّهَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ شَرَطَاهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ دُونَ الثَّانِي بَطَلَ الْعَقْدُ ( لَا فِيمَا يَتْلَفُ فِي الْمُدَّةِ ) كَبَقْلٍ شَرَطَ فِي بَيْعِهِ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَا يَصِحُّ ( وَلَا ) فِي (
الرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ ) فَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِمَا لِأَنَّ مَا شُرِطَ فِيهِ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَحْتَمِلُ الْأَجَلَ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَحْتَمِلَ الْخِيَارَ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ غَرَرًا مِنْهُ لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ أَوْ لُزُومِهِ وَلِمَا فِي السَّلَمِ مِنْ غَرَرِ إيرَادِ عَقْدِهِ عَلَى مَعْدُومٍ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ غَرَرَ الْخِيَارِ وَذَكَرَ حُكْمَ الرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ بَعْدُ أَيْضًا وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ ثَمَّ أَوْلَى ( فَإِنْ أَطْلَقَ ) شَرْطَ الْخِيَارِ ( أَوْ ذَكَرَ ) لَهُ ( مُدَّةً مَجْهُولَةً ) كَبَعْضِ يَوْمٍ أَوْ إلَى أَنْ يَجِيءَ زَيْدٌ ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِلْغَرَرِ وَلَوْ قَالَا إلَى يَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ صَحَّ وَيُحْمَلُ عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنْ عَقَدَ نِصْفَ النَّهَارِ فَإِلَى مِثْلِهِ وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ لِلضَّرُورَةِ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَمْ يَجْعَلْ الْيَوْمَ مَحْمُولًا عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا انْتَهَى وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَا فِي الْإِجَارَةِ نَظِيرُ مَا هُنَا وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا قَالَهُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَصْلٌ وَالْخِيَارَ تَبَعٌ فَاغْتُفِرَ فِي مُدَّتِهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي مُدَّتِهَا .
( وَوَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَعْلُومٌ ) فَيَصِحُّ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ بِهِ ( وَكَذَا طُلُوعُهَا ) وَقَوْلُ الزُّبَيْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لِاحْتِمَالِ الْغَيْمِ فَلَا تَطْلُعُ بَعِيدٌ إذْ الْغَيْمُ إنَّمَا يَمْنَعُ الْإِشْرَاقَ لَا الطُّلُوعَ ( وَيَجْتَهِدُ فِي الْغَيْم ) وَيَعْمَلُ بِمَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ إلَى الْغُرُوبِ وَإِلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الزُّبَيْرِيِّ لِأَنَّ الْغُرُوبَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي وَقْتِ سُقُوطِ قُرْصِ الشَّمْسِ أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْغُرُوبِ وَوَقْتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ عَلَى الْمَرْجُوحِ بَيْنَ الْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ بِأَنَّ الطُّلُوعَ قَدْ
يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِشْرَاقِ بِخِلَافِ الْغُرُوبِ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا مَرَّ وَالْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ فِي الطُّلُوعِ كَالْغُرُوبِ يَقُولُ اسْتِعْمَالُهُ فِي وَقْتِ الطُّلُوعِ أَكْثَرُ فَكَانَ هُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ تَبَايَعَا نَهَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ إلَى اللَّيْلِ أَوْ عَكْسِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ كَمَا لَوْ بَاعَ بِأَلْفٍ إلَى رَمَضَانَ لَا يَدْخُلُ رَمَضَانُ فِي الْأَجَلِ
( السَّبَبُ الثَّانِي خِيَارُ الشَّرْطِ ) ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ إلَخْ ) أَيْ فِي أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ وَإِنْ بَاعَ وَشَرَطَ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ وَقَوْلُهُمْ أَنْوَاعُ الْبُيُوعِ مُخْرِجٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَفِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ جَزْمًا أَوْ عَلَى الْأَصَحِّ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا بِثَمَنِ الذِّمَّةِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِي الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا إلَخْ ) أَيْ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ غَالِبًا زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ أَوْ مُحَابَاةً فَإِذَا سَقَطَتْ انْجَرَّتْ الْجَهَالَةُ إلَى الثَّمَنِ بِسَبَبِ مَا يُقَابِلُ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ ( قَوْلُهُ وَلَا فِي الرِّبَوِيِّ ) شَمِلَ مَا لَوْ جَرَى بِلَفْظِ الصُّلْحِ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَقَدَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ إلَخْ ) وَإِنْ كَانَ عَقَدَ فِي اللَّيْلِ ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْمُتَّصِلِ بِذَلِكَ اللَّيْلِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ بِاللَّيْلِ وَجَبَ أَنْ يَشْرِطَ الْخِيَارَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ مِنْ الطُّلُوعِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَإِذَا شَرَطَ الْبَقِيَّةَ يَوْمًا فَالِابْتِدَاءُ مِنْ الْفَجْرِ وَالِانْتِهَاءُ بِالْغُرُوبِ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَخْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ فِيهِ خَلَلٌ وَصَوَابُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْلِ حَتَّى إذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ فَسَدَ لِكَوْنِهِ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا عَنْ الْعَقْدِ وَإِذَا شَرَطَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ وَالْيَوْمِ ثَبَتَ الْخِيَارُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ هَذَا لَفْظُ التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَكَتَبَ شَيْخُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَاءِ لَيْلَةٍ وَقَدْ شَرَطَ الْخِيَارَ يَوْمًا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ دُخُولَ بَقِيَّةِ اللَّيْلِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَإِنْ
أَدْخَلَهَا صَحَّ جَزْمًا أَوْ أَخْرَجَهَا بَطَلَ جَزْمًا وَحَيْثُ صَحَّ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الْعَقْدِ وَاسْتَمَرَّتْ إلَى غُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ ( قَوْلُهُ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ ) أَيْ وَغَيْرِهَا
( فَرْعٌ وَإِنْ خَصَّصَ ) الْعَاقِدُ ( أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ ) مَثَلًا ( لَا بِعَيْنِهِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فِيهِ ) عَلَى الْخِيَارِ فِي الْآخَرِ كَأَنْ شَرَطَ فِيهِ خِيَارَ يَوْمٍ وَفِي الْآخَرِ يَوْمَيْنِ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ ( فَإِذَا عَيَّنَهُ صَحَّ ) كَبَيْعِهِ فِيهِمَا ( وَإِذَا شَرَطَهُ ) أَيْ الْخِيَارَ ( فِيهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَلَوْ تَلِفَ الْآخَرُ ) كَمَا فِي رَدِّهِ بِالْعَيْبِ ( وَإِنْ اشْتَرَيَا عَبْدًا فِي صَفْقَةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَلِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ ) فِي نَصِيبِهِ ( كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَوْ بَاعَ ) شَيْئًا ( عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ ) أَيْ يُعْطِهِ ( الثَّمَنَ لِثَلَاثٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ ( فَلَا بَيْعَ ) بَيْنَهُمَا أَوْ إنَّهُ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ فِي الثَّلَاثَةِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا ( لَمْ يَصِحَّ ) كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بِشَرْطِ أَنَّهُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا
( فَرْعٌ قَوْلُهُ ) أَيْ الْعَاقِدِ ( لَا خِلَابَةَ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ( عِبَارَةٌ فِي الشَّرْعِ عَنْ ) اشْتِرَاطِ ( خِيَارِ الثَّلَاثِ ) وَمَعْنَاهَا لُغَةً لَا غَبْنَ وَلَا خَدِيعَةَ ( فَإِنْ أَطْلَقَاهَا عَالِمَيْنِ لَا جَاهِلَيْنِ ) وَلَا جَاهِلًا أَحَدَهُمَا ( بِمَعْنَاهَا صَحَّ ) أَيْ ثَبَتَ الْخِيَارُ ( وَإِنْ أَسْقَطَ ) مَنْ شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ( خِيَارَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَطَلَ الْكُلُّ ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَسْقَطَ خِيَارَ الثَّالِثِ لَمْ يَسْقُطْ مَا قَبْلَهُ أَوْ خِيَارُ الثَّانِي بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الثَّالِثُ سَقَطَ خِيَارُ الْيَوْمَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا عَنْ الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا وَإِنَّمَا أَسْقَطْنَا الْيَوْمَيْنِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْقَاطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا خِيَارَ الشَّرْطِ رُخْصَةً فَإِذَا عَرَضَ لَهُ خَلَلٌ حُكِمَ بِلُزُومِ الْعَقْدِ
( قَوْلُهُ فَإِنْ أَطْلَقَاهَا عَالِمَيْنِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْعُبَابِ فَإِنْ أَطْلَقَهَا الْمُتَبَايِعَانِ صَحَّ الْبَيْعُ وَخُيِّرَا ثَلَاثًا عَلِمَا مَعْنَاهَا وَإِلَّا بَطَلَ قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ خِيَارِ مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ ( قَوْلُهُ بَطَلَ الْكُلُّ ) أَيْ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَا خِيَارَ يَوْمَيْنِ ابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ الْغَدِ حَيْثُ فَسَدَ الْبَيْعُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي تِلْكَ وَقَعَ فِي صُلْبِ الْبَيْعِ فَاسِدًا فَأُبْطِلَ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَلَيْسَ فِيهَا الْإِلْزَامُ الْبَيْعُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَلَزِمَ مِنْهُ إسْقَاطُ بَقِيَّةِ الْخِيَارَاتِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ
( فَرْعٌ ابْتِدَاءُ ) مُدَّةِ ( الْخِيَارِ ) الثَّابِتِ بِالشَّرْطِ ( مِنْ الْعَقْدِ ) لَا مِنْ التَّفَرُّقِ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالشَّرْطِ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ وَلَا بُعْدَ فِي ثُبُوتِهِ إلَى التَّفَرُّقِ بِجِهَتَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ كَمَا يَثْبُتُ بِجِهَتَيْ الْخَلْفِ وَالْعَيْبِ وَلِأَنَّ التَّفَرُّقَ مَجْهُولٌ فَاعْتِبَارُهُ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ ( كَالْأَجَلِ ) فَإِنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْ الْعَقْدِ لَا مِنْ التَّفَرُّقِ ( وَإِنْ شَرَطَ ) الْخِيَارَ ( فِي الْمَجْلِسِ فَمِنْ ) أَيْ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ ( حِينِ شَرَطَ فَإِنْ شَرَطَ ) فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ ( ابْتِدَاءَهُ مِنْ التَّفَرُّقِ بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِلْجَهَالَةِ ( وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ ) الْمَشْرُوطَةُ ( وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَقِيَ خِيَارُهُ ) أَيْ الْمَجْلِسِ ( فَقَطْ وَإِنْ تَفَرَّقَا وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ فَبِالْعَكْسِ ) أَيْ فَيَبْقَى خِيَارُ الشَّرْطِ فَقَطْ ( وَيَجُوزُ إسْقَاطُ الْخِيَارَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ) فَيَسْقُطُ مَا أَسْقَطَهُ فِيهِمَا وَيَبْقَى الْآخَرُ فِي الثَّانِيَةِ ( فَإِنْ أَطْلَقَا ) الْإِسْقَاطَ كَأَنْ قَالَا أَلْزَمْنَا الْعَقْدَ أَوْ أَسْقَطْنَا الْخِيَارَ ( سَقَطَ وَلَهُ ) أَيْ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ ( الْفَسْخُ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ ) كَالْإِجَارَةِ وَالطَّلَاقِ ( وَبِلَا ) إذْنِ ( حَاكِمٍ ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُتَّفَقٌ عَلَى ثُبُوتِهِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُشْهِدَ حَتَّى لَا يُؤَدِّيَ إلَى النِّزَاعِ
( فَصْلٌ يَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ حَيْثُ يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ) فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ ( لَا فِي الرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ ) فَلَا يَثْبُتُ فِيهِمَا خِيَارُ الشَّرْطِ وَإِنْ ثَبَتَ فِيهِمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ
( قَوْلُهُ لَا فِي الرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ ) أَوْ رَدَّ عَلَى الْحَصْرِ فِيهِمَا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ وَمَا إذَا بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ فَسَخَ ثُمَّ بَاعَهُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ وَفَسَخَ وَهَكَذَا فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُلْزِمُهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ بَيْعًا بَاتًّا كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَقَضِيَّةُ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْكَافِرِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَأَقَرَّهُ وَفِي مَعْنَى السَّلَمِ بَيْعُ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَامْتَنَعَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ كَالسَّلَمِ وَيَمْتَنِعُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فِي مَبِيعٍ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ هَلْ لَهُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ دُونَ وَلَدِهِ وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَ فِيهِمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ ) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ وَالْخِيَارُ أَعْظَمُ غَرَرًا مِنْ الْأَجَلِ لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ أَوْ لُزُومِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَا عَلَاقَةَ بَيْنَهُمَا وَالْخِيَارُ يَقْتَضِي بَقَاءَهَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ
( فَصْلٌ وَيَجُوزُ ) لِلْعَاقِدَيْنِ ( شَرْطُهُ ) أَيْ الْخِيَارِ ( لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا ) بِالْإِجْمَاعِ نَعَمْ إنْ اسْتَعْقَبَ الْمِلْكَ الْعِتْقُ كَأَنْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ وَحْدَهُ لَمْ يَجُزْ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ ( وَ ) يَجُوزُ ( التَّفَاضُلُ فِيهِ ) كَأَنْ يَشْرِطَا لِأَحَدِهِمَا خِيَارَ يَوْمٍ وَلِلْآخَرِ خِيَارَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ شَرَطَا خِيَارَ يَوْمٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَائِهِ فَزَادَ وَارِثُهُ مَعَ الْآخَرِ خِيَارَ يَوْمٍ آخَرَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ أَشْبَهُهُمَا الْجَوَازُ ( وَكَذَا ) يَجُوزُ لِلْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ شَرْطُهُ ( لِلْأَجْنَبِيِّ أَوْ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ شَرَطَاهُ لِوَاحِدٍ أَمْ أَحَدَهُمَا لِوَاحِدٍ وَالْآخَرَ لِآخَرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ اشْتِرَاطُ بُلُوغِهِ لَا رُشْدُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ شَرَطَاهُ لِكَافِرٍ وَالْمَبِيعُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ لِمُحْرِمٍ وَالْمَبِيعُ صَيْدٌ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ وَالِدِهِ عَدَمُ الْجَوَازِ احْتِمَالًا فِي الْأُولَى وَجَزْمًا فِي الثَّانِيَةِ الْأَصَحُّ عِنْدِي الْجَوَازُ فِيهِمَا ( وَلَا يَثْبُتُ ) الْخِيَارُ ( مَعَهُ ) أَيْ مَعَ شَرْطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَوْ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ ( لِلشَّارِطِ ) اقْتِصَارًا عَلَى الشَّرْطِ وَفِي مَعْنَى الْعَبْدِ الْأَمَةُ ( فَلَوْ مَاتَ الْأَجْنَبِيُّ ثَبَتَ ) الْخِيَارُ ( لَهُ ) أَيْ لِلشَّارِطِ
( قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ إلَخْ ) وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الثَّلَاثِ فِي مُصَرَّاةٍ لِلْبَائِعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ مَا رَدَّهُ فِي كُلِّ حَلُوبٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُصَرَّاةً ( قَوْلُهُ أَشْبَهَهُمَا الْجَوَازُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لِلْأَجْنَبِيِّ ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ شَمِلَ شَرْطَهُ لِعَبْدِ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ اشْتِرَاطُ بُلُوغِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي الْجَوَازُ فِيهِمَا ) بَلْ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي الْعَقْدِ فَفِي إجَازَتِهِ وَفَسْخِهِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ مَعَهُ خِيَارٌ لِلشَّارِطِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ ثُمَّ ظَهَرَ مَالِكُهَا فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفَسْخُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ ( قَوْلُهُ اقْتِصَارٌ عَلَى الشَّرْطِ ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي أَنَّ ذَلِكَ تَمْلِيكٌ لَا وَكَالَةٌ ( مِنْهُ ) ( قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ الْأَجْنَبِيُّ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُ ) لَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَنْتَقِلْ الْخِيَارُ إلَيْهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ وَجْهَيْنِ قَالَ وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَفِي بَقَائِهِ لِلْوَلِيِّ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَأَصَحُّهُمَا بَقَاؤُهُ ( قَوْلُهُ أَيْ لِلشَّارِطِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ مُرَادُهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ أَوَّلًا بِالْعَاقِدِ وَفَهِمَ الْبَارِزِيُّ مِنْهُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْوَكِيلِ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ يَنْتَقِلُ إلَى الْعَاقِدِ فِي الْأَصَحِّ وَهَذَا وَهْمٌ مِنْهُ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ إنَّمَا أَرَادَ انْتِقَالَهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ .
ا هـ .
الْأَصَحُّ انْتِقَالُهُ لِلْوَكِيلِ فَإِنْ مَاتَ انْتَقَلَ لِمُوَكِّلِهِ
( وَلَوْ اشْتَرَى ) شَيْئًا ( عَلَى أَنْ يُؤْمِرَا فُلَانًا فَيَأْتِي بِمَا يَأْمُرهُ بِهِ ) مِنْ فَسْخٍ وَإِجَازَةٍ ( وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالثَّلَاثِ فَمَا دُونَهَا لَمْ يَصِحَّ ) كَمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ مُطْلَقًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ قَيَّدَ بِذَلِكَ ( صَحَّ ) وَيَأْتِي بِمَا يَأْمُرهُ بِهِ فُلَانٌ مِنْ فَسْخٍ وَإِجَازَةٍ ( فَإِنْ فَسَخَ وَلَمْ يُؤَامِرْهُ لَمْ يَنْفَسِخْ ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُؤَامِرْهُ وَآمَرَهُ وَلَمْ يُشِرْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَزِمَ الْعَقْدُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ فُلَانًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا بَلْ قَالَ عَلَى أَنْ أُشَاوِرَ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا لَمْ يَكْفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي وَهُوَ شَارِطٌ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ( وَلَوْ شَرَطَ الْوَكِيلُ ) فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ ( الْخِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لِنَفْسِهِ ) وَلَوْ ( بِلَا إذْنٍ صَحَّ ) لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَكِّلَهُ ( وَإِنْ اشْتَرَطَهُ لِمَنْ يُبَايِعْهُ ) بِأَنْ شَرَطَهُ وَهُوَ وَكِيلٌ فِي الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلٌ فِي الشِّرَاءِ لِلْبَائِعِ ( بَطَلَ الْعَقْدُ ) وَلَا يَتَجَاوَزُ الْخِيَارَ مِنْ شَرْطِهِ فَلَوْ شَرَطَ لِلْوَكِيلِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَكِّلِ وَبِالْعَكْسِ ( وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ ) مُوَكِّلُهُ وَأَطْلَقَ فَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لَك ( فَاشْتَرَطَهُ ) الْوَكِيلُ ( وَأَطْلَقَ ثَبَتَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ ) لِأَنَّ مُعْظَمَ أَحْكَامِ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ وَحْدَهُ .
( وَلَا يَلْزَمُ ) الْعَقْدُ ( بِرِضَا الْمُوَكِّلِ ) لِأَنَّ الْخِيَارَ مَنُوطٌ بِرِضَا وَكِيلِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَمَنَعَ وَكِيلَهُ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى الْأَرْجَحِ لِأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ السَّبَبِ السَّابِقِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَكَخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيمَا قَالَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ لِتَلَازُمِهِمَا غَالِبًا كَمَا مَرَّ ( وَلَا يَفْعَلُ الْوَكِيلُ ) حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ ( إلَّا مَا فِيهِ حَظُّ الْمُوَكِّلِ ) لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ ( بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ )
الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْحَظِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَجْعَلَ شَرْطَ الْخِيَارِ لَهُ ائْتِمَانًا وَهَذَا أَظْهَرُ إذَا جَعَلْنَا نَائِبًا عَنْ الْعَاقِدِ يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ لَهُ تَوْكِيلٌ أَيْ فَإِنْ جَعَلْنَا تَمْلِيكًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ تَخَيَّرَ كَالْمَالِكِ إذَا شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ عَزَلْت نَفْسِي لَمْ يَنْعَزِلْ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فِي الْمَجْلِسِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِبُطْلَانِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَاسْتَشْكَلَهُ تِلْمِيذُهُ الْعِرَاقِيُّ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ مُسْتَمِرٌّ قَطْعًا وَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِمَوْتِ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ الْخِيَارُ فِي الْجُمْلَةِ بُطْلَانُهُ بِمَوْتِ غَيْرِهِ هَذَا وَفِيمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا نَظَرٌ
( قَوْلُهُ وَيَأْتِي بِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ فُلَانٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَأَمَرْته فَأَمَرَنِي بِكَذَا يَصْدُقُ بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَكِيلُ ) شَمِلَ وَكِيلَ الْوَكِيلِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ لِمَنْ يُبَايِعُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ ) مِثْلُ الْوَكِيلِ الْوَلِيُّ وَكُلُّ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ الْغَيْرِ بِالْمَصْلَحَةِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ تَمْلِيكًا إلَخْ ) فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَمَا فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ إلَخْ ) هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ لَمْ يُسَوِّ الرُّويَانِيُّ فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَالرَّاجِحُ اسْتِمْرَارُ الْبَيْعِ فِي صُورَتَيْ الْعَزْلِ وَالِانْعِزَالِ
( فَصْلٌ الْمِلْكُ ) فِي الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ( لِمَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ ) مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ وَانْفِرَادِهِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَنْ يَخْتَارَ الْآخَرُ لُزُومَ الْعَقْدِ ( وَلَا ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا ( فَمَوْقُوفٌ ) أَيْ الْمِلْكُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَانَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ سَبَبُ زَوَالِهِ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بَعْدُ بِالزَّوَالِ جَزْمًا فَوَجَبَ انْتِظَارُ الْآخَرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ كَذَلِكَ أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ نَفْسُهُ كَغَيْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ عَنْهُمَا كَانَ الْمِلْكُ مَوْقُوفًا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا كَانَ لِذَلِكَ الْأَحَدِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ الْمِلْكُ لِمَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ مِنْ الْإِبْهَامِ لِأَنَّ مَنْ يَنْفَرِدُ بِهِ قَدْ يَكُونُ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُمَا وَإِذَا كَانَ أَحَدَهُمَا فَقَدْ يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ وَقَدْ يَعْقِدُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكُلَّ كَمَا لَا يَخْفَى ( وَالثَّمَنُ ) أَيْ الْمَالِكُ فِيهِ ( لِلْآخَرِ ) إنْ انْفَرَدَ صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ ( أَوْ مَوْقُوفٌ ) إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَلَوْ اجْتَمَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ لِأَحَدِهِمَا فَهَلْ يَغْلِبُ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ الْمِلْكُ مَوْقُوفًا أَوْ الثَّانِي فَيَكُونُ لِذَلِكَ الْأَحَدِ الظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ أَسْرَعُ وَأَوْلَى ثُبُوتًا مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ أَقْصَرُ غَالِبًا وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ الثَّانِي لِثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى ( فَلَوْ حَصَلَتْ زَوَائِدُ ) مُنْفَصِلَةٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَلَبَنٍ وَبَيْضٍ وَثَمَرٍ وَمُهْرٍ وَكَسْبٍ ( فَهِيَ لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ ) وَهُوَ مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ (
وَإِلَّا فَمَوْقُوفَةٌ ) كَالْبَيْعِ فِيهِمَا أَمَّا الْمُتَّصِلَةُ فَتَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ ( وَالْحَمْلُ الْمَوْجُودُ ) عِنْدَ الْبَيْعِ ( كَالْأُمِّ ) فِي أَنَّهُ مَبِيعٌ لِمُقَابَلَتِهِ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ بِيعَ مَعَهَا بَعْدَ الِانْفِصَالِ ( لَا كَالزَّوَائِدِ ) الْحَاصِلَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَهُوَ مَعَ أُمِّهِ كَعَيْنَيْنِ بِيعَتَا مَعًا فَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ فَهُمَا لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إذَا حَدَثَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ مِنْ الزَّوَائِدِ
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا كَانَ مُقَابِلُهُ دَيْنًا أَمَّا إذَا كَانَ مُقَابِلُهُ عَيْنًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْأَمَةِ بِالْعَبْدِ فَإِنَّ الْمِلْكَ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا قَصَدَ جَلْبَهُ لَا فِيمَا قَصَدَ إخْرَاجَهُ ( قَوْلُهُ الظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ ) فَلَوْ انْقَطَعَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَهُمَا مُجْتَمِعَانِ فَالظَّاهِرُ بَقَاءُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ التَّفَرُّقِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ إنَّمَا رَفَعَ الْمُدَّةَ لَا أَصْلَ الْخِيَارِ .
ا هـ .
قَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ ) أَيْ تَمَّ الْعَقْدُ أَوْ انْفَسَخَ ( تَنْبِيهٌ ) يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَاسْتِخْدَامِ الرَّقِيقِ
( فَرْعٌ وَلِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ ( عِتْقُهُ ) أَيْ اعْتَاقَهُ ( فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَا لِلْآخَرِ ) فَلَيْسَ لَهُ إعْتَاقُهُ فَلَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَنْفُذْ ( وَلَوْ آلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ ) لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهُ حِينَ إعْتَاقِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) الْخِيَارُ ( لَهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْبَائِعُ نَفَذَ ) إعْتَاقُهُ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِعْتَاقِ يَتَضَمَّنُهُ فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَيْهِ قَبِيلَهُ ( أَوْ ) أَعْتَقَهُ ( الْمُشْتَرِي فَمَوْقُوفٌ ) أَيْ الْعِتْقُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَانَ نُفُوذُهُ وَإِلَّا فَلَا
( فَرْعٌ وَمَتَى وَطِئَهَا ) أَيْ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ( مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ حَلَّ ) أَيْ الْوَطْءُ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا وَاسْتُشْكِلَ حِلُّ وَطْءِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِحِلِّ الْوَطْءِ حِلُّهُ الْمُسْتَنِدُ لِلْمِلْكِ لَا لِلِاسْتِبْرَاءِ أَيْ وَنَحْوُهُ كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ زَوْجَتَهُ فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِبْرَاءُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا ( فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا ) الْوَطْءُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ( وَلَا حَدَّ ) عَلَى الْوَاطِئِ لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ لَهُ الْمِلْكُ مِنْهُمَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَا حَدَّ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ( ثُمَّ لَا مَهْرَ عَلَى الْبَائِعِ ) بِوَطْئِهِ ( وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ ) حَيْثُ أَوْلَدَهَا ( إنْ كَانَ الْخِيَارُ ) فِيهِمَا ( لَهُ أَوْ لَهُمَا ) لِأَنَّ وَطْأَهُ فِي الْأُولَى وَقَعَ فِي مِلْكِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَتَضَمَّنُ الْفَسْخَ فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَيْهِ قَبِيلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَسَيَأْتِي ( فَإِنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنٍ ) مِنْ الْبَائِعِ ( وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ دُونَهُ فَوَطْؤُهُ ) لَهَا ( حَرَامٌ ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ ( وَلَا حَدَّ ) عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ كَمَا مَرَّ ( وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ ) لِلْبَائِعِ ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ تَمَّ الْبَيْعُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا إذْنٍ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ ( وَكَذَا ) يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ ( لَوْ كَانَ ) الْخِيَارُ ( لَهُمَا وَلَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ ) بِأَنْ فُسِخَ ( لَا إنْ تَمَّ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ فِيهِمَا ( وَالْوَلَدُ ) الْحَاصِلُ مِنْهُ ( حُرٌّ نَسِيبٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ
لَهُمَا لِلشُّبْهَةِ ( وَحَيْثُ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهُ ) وَإِنْ مَلَكَ الْأَمَةَ بَعْدَ الْوَطْءِ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ لَهَا حِينَ الْعُلُوقِ وَتَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ رِقَّهُ ( فَإِنْ وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي دُونَهُ فَكَمَا لَوْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ) دُونَهُ ( فِي ) وُجُوبِ ( الْمَهْرِ وَ ) ثُبُوتِ ( الِاسْتِيلَادِ وَ ) وُجُوبِ ( الْقِيمَةِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ ) يَعْنِي عَدَمَ وُجُوبِهِ وَذَكَرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَلَوْ قَالَ وَالْحَدُّ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ
( قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا دَفْعٌ لِلْإِشْكَالِ مُقَنَّعٌ مُسْتَمَدٌّ مِنْ قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } فَإِنَّ التَّحْرِيمَ بَعْدَ النِّكَاحِ دَائِمٌ وَلَكِنْ لِمَعْنَى آخَرَ وَهُوَ النِّكَاحُ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَمِثْلُهُ الْجِلْدُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ أَيْ تَطْهُرُ النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ وَتَبْقَى الْحُكْمِيَّةُ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ وَمِثْلُهُ وَطْءُ الْحَائِضِ مُحَرَّمٌ لِغَايَتَيْنِ الِانْقِطَاعِ وَالْغُسْلِ ( قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِبْرَاءُ ) قَالَ الكوهيكلوني وَجَوَابُهُ أَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ الزِّنَا فَوَضَعَتْ فِي الْحَالِ عِنْدَهُ فَيَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ ا هـ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ مَا ذَكَرَاهُ عَلَى صُورَةٍ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا فَيَطَؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا نَقَلَاهُ بَعْدُ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي وَطْءُ زَوْجَتِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ أَوْ الزَّوْجِيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَصُورَتُنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا فِي مُدَّتِهِ لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ أَوْ مَمْلُوكَةٌ أَمْ لَا لِلتَّرَدُّدِ فِي حِلِّهَا وَجْهَانِ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ) وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ وَطْءَ الْمُشْتَرِي حَلَالٌ إنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ إجَازَةٌ وَهُوَ بَحْثٌ لِلنَّوَوِيِّ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ ش وَقَدْ تَوَجَّهَ بِأَنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ حِلَّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَقَدْ رَضِيَا بِبَقَاءِ الْعَقْدِ لِحُصُولِ رِضَا الْبَائِعِ بِإِذْنِهِ فِيهِ
وَرِضَا الْمُشْتَرِي بِشُرُوعِهِ فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ
( فَرْعٌ لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ( بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ) وَحْدَهُ ( انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِذَلِكَ عِنْدَ بَقَاءِ يَدِهِ فَعِنْدَ بَقَاءِ مِلْكِهِ أَوْلَى وَلِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ بَعْدَ التَّلَفِ لَا يُمْكِنُ ( وَإِنْ كَانَ ) الْمَبِيعُ ( مُودَعًا مَعَهُ ) فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ ( لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ ) أَيْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ ( الثَّمَنَ وَلَهُ ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ( عَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ ( كَضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ ) وَالْمُسْتَامِ ( وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ) وَحْدَهُ ( أَوْ لَهُمَا فَتَلِفَ ) الْمَبِيعُ بَعْدَ قَبْضِهِ ( لَمْ يَنْفَسِخْ ) أَيْ الْبَيْعُ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ ( وَلَمْ يَنْقَطِعْ الْخِيَارُ ) كَمَا لَا يَمْتَنِعُ التَّحَالُفُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ وَيُفَارِقُ امْتِنَاعَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ التَّلَفِ لِأَنَّ الضَّرَرَ ثَمَّ يَنْدَفِعُ بِالْأَرْشِ ( وَلَزِمَ ) الْمُشْتَرِي ( الثَّمَنَ إنْ تَمَّ الْعَقْدُ وَإِنْ فُسِخَ فَالْقِيمَةُ ) أَوْ الْمِثْلُ ( عَلَى الْمُشْتَرِي ) وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ ( وَالْقَوْلُ ) عِنْدَ التَّنَازُعِ ( فِي قَدْرِهَا ) أَيْ الْقِيمَةِ ( قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ لَهَا ( وَلَوْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ ) وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ ( وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ كَمَا فِي صُورَةِ التَّلَفِ ( وَإِنْ كَانَ ) الْخِيَارُ ( لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي ) وَحْدَهُ ( وَأَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ ) وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ ( لَمْ يَنْفَسِخْ ) أَيْ الْبَيْعُ لِقِيَامِ الْبَدَلِ اللَّازِمِ لَهُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلِ مَقَامِهِ وَقَدْ ذَكَرَ لُزُومَ الْقِيمَةِ لَهُ بِقَوْلِهِ ( وَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ ) لِلْمُشْتَرِي لِفَوَاتِ عَيْنِ الْمَبِيعِ ( وَالْخِيَارُ بِحَالِهِ وَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ ) وَالْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا ( اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ ) لِأَنَّهُ بِإِتْلَافِهِ الْمَبِيعَ قَابِضٌ لَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (
أَوْ ) أَتْلَفَهُ ( الْبَائِعُ ) وَلَوْ ( بَعْدَ الْقَبْضِ فَكَتَلَفِهِ ) بِآفَةٍ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا إذَا تَلِفَ قَبْلَهُ ( وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ ) وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ كَعَبْدَيْنِ تَلِفَ أَحَدُهُمَا ( فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ) وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ ( وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ) وَحْدَهُ ( انْفَسَخَ فِيهِ ) أَيْ فِي التَّلَفِ دُونَ الْبَاقِي ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا ( فَلَا ) يَنْفَسِخُ لِدُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ
( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مُودَعًا ) الْغَايَةُ بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ ( قَوْلُهُ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ ) ذِكْرُهُ الْمِثْلَ هُنَا وَفِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا تَفْرِيعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ
( فَرْعٌ التَّسْلِيمُ ) لِلْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ ( فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا يَجِبُ ) لِاحْتِمَالِ الْفَسْخِ ( وَلَا يُبْطِلُهُ ) أَيْ التَّسْلِيمُ الْخِيَارَ ( فَلَوْ سَلَّمَهُ ) أَحَدُهُمَا تَبَرُّعًا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا عِنْدَهُ وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ ( فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ اللُّزُومِ
( فَرْعٌ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهِ ) أَيْ فِي زَمَنِهِ ( وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لَهُ لِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَيْهَا ( وَكَذَا ) يَقَعُ ( إنْ فُسِخَ ) الْبَيْعُ ( وَهُوَ ) أَيْ وَالْخِيَارُ ( لَهُمَا ) لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا ( لَا إنْ تَمَّ ) الْبَيْعُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ لِمِلْكِ الزَّوْجِ لَهَا ( وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمَّ ) الْبَيْعُ ( لَمْ يَقَعْ ) أَيْضًا لِأَنَّهَا مِلْكُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ بِأَنْ فُسِخَ ( فَوَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَالثَّانِي يَقَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ ( وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ) الثَّابِتِ لَهُ وَحْدَهُ ( لِجَهَالَةِ ) جِهَةِ ( الْمُبِيحِ ) لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ احْتِيَاطًا لِلْبُضْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَيَجُوزُ الْوَطْءُ بِالزَّوْجِيَّةِ لِبَقَائِهَا وَزَادَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَنْعِ حِلِّ الْوَطْءِ فِيمَا مَرَّ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْوَطْءِ إنْ حَرَّمْنَاهُ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَنْفَسِخُ لِمِلْكِهِ لَهَا وَالثَّانِي قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ اشْتَرَى مُطَلَّقَتَهُ ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَالرَّجْعَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ فُسِخَ وَقُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ صَحَّتْ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ انْتَهَى
( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالْمِلْكِ ) أَيْ الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ قَوْلُهُ إنْ حَرَّمْنَا يَلْزَمُ وَإِلَّا فَلَا ) طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ ( قَوْلُهُ وَالثَّانِي قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ .
ا هـ .
) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّتِهَا
( فَصْلٌ يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِفَسَخْت ) الْبَيْعَ ( وَاسْتَرْجَعْت الْمَبِيعَ وَنَحْوَهُ ) كَأَزَلْت الْبَيْعَ وَرَفَعْته ( وَقَوْلُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا أَبِيعُ ) إنْ كَانَ بَائِعًا ( وَلَا أَشْتَرِي ) إنْ كَانَ مُشْتَرِيًا ( حَتَّى تَزِيدَ لِي أَوْ تَنْقُصَ لِي فِي الثَّمَنِ أَوْ الْأَجَلِ وَامْتِنَاعُ ) أَيْ مَعَ امْتِنَاعِ ( الْآخَرِ ) مِنْ ذَلِكَ ( فَسْخٌ ) لِلْبَيْعِ وَكَذَا طَلَبُ الْبَائِعِ حُلُولَ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَطَلَبُ الْمُشْتَرِي تَأْجِيلَ الثَّمَنِ الْحَالِّ مَعَ امْتِنَاعِ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ ( مِنْهُمَا ) مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ يَحْصُلُ الْفَسْخُ إلَخْ ) يَحْصُلُ كُلٌّ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِالْكِنَايَةِ كَالصَّرِيحِ
( فَرْعٌ عِتْقُ الْبَائِعِ ) الرَّقِيقَ الْمَبِيعَ ( إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَوَطْؤُهُ ) الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فِي قُبُلِهَا أَيْ كُلٌّ مِنْهَا ( فَسْخٌ ) أَيْ مُتَضَمِّنٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهِ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَى الْبَيْعِ وَظُهُورِ النَّدَمِ وَيُخَالِفُ الرَّجْعَةَ حَيْثُ لَا تَحْصُلُ بِالْوَطْءِ لِأَنَّهَا لِتَدَارُكِ النِّكَاحِ وَابْتِدَاؤُهُ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ فَكَذَا تَدَارُكُهُ وَالْفَسْخُ هُنَا لِتَدَارُكِ الْمِلْكِ وَابْتِدَاؤُهُ يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ وَالِاحْتِطَابِ فَكَذَا تَدَارُكُهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ لَهُ خِيَارٌ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَإِنْ يُقَدِّمَ الشَّرْطَ عَلَى الْعِتْقِ وَالْوَطْءِ جَمِيعًا أَوْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُمَا لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِيهِمَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ مُوفٍ بِالْغَرَضِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي كَوْنِ الْوَطْءِ فَسْخًا كَوْنُهُ حَرَامًا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ وَطْأَهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ وَهُوَ مُخْتَارٌ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ هِيَ الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِوَطْئِهِ الزِّنَا وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ وَفِي الْمُعَلَّقِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الرِّبَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ عِتْقَ الْبَعْضِ .
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا فِي الْجَمِيعِ وَمَعَ كَوْنِ الْعِتْقِ فَسْخًا هُوَ صَحِيحٌ ( إلَّا إنْكَارُهُ الْبَيْعَ ) فَلَيْسَ فَسْخًا لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي إزَالَةَ مِلْكٍ وَلَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ بَلْ يُحْتَمَلُ مَعَهُ التَّرَدُّدُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ ( وَ ) لَا ( مُبَاشَرَتُهُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ ) فَلَيْسَتْ فَسْخًا كَالِاسْتِخْدَامِ وَصَحَّحَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهَا فَسْخٌ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ إلَّا بِالْمِلْكِ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْمُبَاحَةِ لَهُ لَوْلَا الْبَيْعُ وَكَذَا الْوَطْءُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِتَمَجُّسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ فَسْخًا قَطْعًا وَمِنْ هَذَا
وَطْءُ الْخُنْثَى وَاضِحًا وَعَكْسُهُ فَلَوْ اخْتَارَهُ الْمَوْطُوءُ فِي الثَّانِيَةِ الْأُنُوثَةَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ الْوَاطِئُ فِي الْأُولَى الذُّكُورَةَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ ( وَ ) لَا ( الِاسْتِخْدَامُ ) كَالرُّكُوبِ فَلَيْسَ فَسْخًا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْخِيَارِ التَّرَوِّي وَلَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا بِالِاسْتِخْدَامِ فَلَوْ جَعَلْنَاهُ فَسْخًا لَفَاتَ الْمَقْصُودُ ( وَلَوْ تَصَرَّفَ ) فِيهِ ( بِبَيْعٍ وَإِجَازَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ) كَالتَّزْوِيجِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَلَوْ مِنْ فَرْعِهِ مَعَ الْقَبْضِ فِيهِمَا ( صَحَّ ) كُلٌّ مِنْهَا ( وَكَانَ فَسْخًا ) كَالْعِتْقِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَأَخَّرُ عَنْ الْفَسْخِ فَيُقَدَّرُ الْفَسْخُ قُبَيْلَ التَّصَرُّفِ كَمَا يُقَدَّرُ الْمِلْكُ قُبَيْلَ الْعِتْقِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا فَأَجَابَهُ ( وَإِذْنُهُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ وَ ) فِي ( التَّصَرُّفِ ) بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ طَحْنٍ أَوْ غَيْرِهَا .
( وَ ) فِي ( الْوَطْءِ مَعَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَوَطْئِهِ إجَازَةٌ ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ ( وَصَحِيحٌ نَافِذٌ ) كَالْعِتْقِ وَكَذَا تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ إجَازَةً مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالدَّلَالَةِ عَلَى الرِّضَا وَهُوَ حَاصِلٌ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ انْتَهَى وَلَا تَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِذِكْرِ الْعِتْقِ لِشُمُولِ التَّصَرُّفِ لَهُ وَلَا لِذِكْرِ النُّفُوذِ لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِالصِّحَّةِ وَلِهَذَا تَرَكَ الْأَوَّلَ فِي طَرَفِ الْمُشْتَرِي وَالثَّانِي فِي طَرَفِ الْبَائِعِ ( وَيَثْبُتُ بِالْوَطْءِ ) أَيْ وَطْءِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ ( الِاسْتِيلَادُ لَا مَهْرُ وَلَا قِيمَةُ الْوَلَدِ ) لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ
الْوَطْءَ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ ( وَإِنْ عَلِمَ ) الْبَائِعُ ( بِذَلِكَ ) أَيْ بِوَطْءِ الْمُشْتَرِي أَوْ تَصَرُّفِهِ ( وَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ ) سُكُوتُهُ ( إجَازَةً ) مِنْهُ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَلَى وَطْءِ أَمَتِهِ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْمَهْرُ
( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَنَّ وَطْأَهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا إلَخْ ) يُسْتَثْنَى الْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ بِدُونِ الْبَيْعِ كَوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ نَحْوِهِ يَتَدَاوَ وَالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا قَطْعًا ( قَوْلُهُ كَالتَّزْوِيجِ ) أَيْ وَالْوَقْفُ ( قَوْلُهُ كَالْعِتْقِ ) لَوْ بَاعَ حَامِلًا ثُمَّ أَعْتَقَ حَمْلَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ حَامِلًا وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا ثُمَّ إنْ جَعَلْنَا الْحَمْلَ مَعْلُومًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى الْوَضْعِ فَإِنْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِعْتَاقِ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مُنْفَسِخًا وَقَدْ عَتَقَ الْحَمْلُ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ لَمْ يَنْفُذْ الْعِتْقُ فِي الْحَمْلِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ ( قَوْلُهُ وَصَحِيحٌ نَافِذٌ ) لَوْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ اشْتَرَى بِثَمَنِهِ شَيْئًا آخَرَ جَازَ وَيَكُونُ إجَازَةً لِلْعَقْدِ وَإِنْ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ فَكَمَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي بَعْضِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ وَيَجِبُ أَنْ يَجُوزَ لَهُمَا الْفَسْخُ فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلْعَقْدِ بِالتَّرَاضِي كَالْإِقَالَةِ
( فَرْعٌ وَطْءُ الْمُشْتَرِي ) بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ ( إجَازَةٌ ) مِنْهُ ( وَكَذَا عِتْقُهُ وَتَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ خِيَارِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِأَنَّ الْفَسْخَ أَقْوَى مِنْ الْإِجَارَةِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ وَأَمَّا عِتْقُهُ فَنَافِذٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا وَتَمَّ الْبَيْعُ وَمَا تَقَرَّرَ فِي وَطْءِ الْبَائِعِ وَعِتْقِهِ وَتَصَرُّفِهِ غَيْرَهَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا ( وَلَيْسَ الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ ) وَلَا الْإِذْنُ فِيهِ ( وَلَا الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ بِلَا إقْبَاضٍ ) فِيهِمَا ( إجَازَةُ ) مِنْ الْمُشْتَرِي ( وَلَا فَسْخًا ) مِنْ الْبَائِعِ لِمَا مَرَّ فِي إنْكَارِ الْبَيْعِ ( وَلَوْ بَاعَ ) أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ ( الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ) الثَّابِتِ لَهُ أَوْ لَهُمَا ( بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ ) أَوْ لَهُمَا ( فَقَرِيبٌ مِنْ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) يَعْنِي الْخَالِيَةَ عَنْ الْقَبْضِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَكُونُ فَسْخًا وَلَا إجَازَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ التَّصَرُّفُ مِنْ الْبَائِعِ فَسْخٌ وَمِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ التَّصَرُّفُ الَّذِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ ذَلِكَ
قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ خِيَارِ الْبَائِعِ ) فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ كَمَا مَرَّ ( قَوْلُهُ وَلَا الْإِذْنُ فِيهِ ) أَيْ لَا التَّوْكِيلُ فِي الْبَيْعِ
( فَرْعٌ وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَالْخِيَارُ لَهُمَا فَأَعْتَقَهُمَا مَعًا ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ( عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ فَقَطْ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ إعْتَاقَ الْبَائِعِ فِيهِ نَافِذٌ مُتَضَمِّنٌ لِلْفَسْخِ وَأَنَّ الْفَسْخَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ صَاحِبِهِ مِنْ الْخِيَارِ ( وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ ) أَيْ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ وَحْدَهُ ( عَتَقَ الْعَبْدُ ) لِأَنَّ اعْتَاقَهُ لَهُ إجَازَةٌ وَلِلْجَارِيَةِ فَسْخٌ وَالْإِجَازَةُ إبْقَاءٌ لِلْعَقْدِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَلِحُصُولِ عِتْقِ الْعَبْدِ بِلَا وَسَطٍ بِخِلَافِ عِتْقِهَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ تَقَدُّمِ الْفَسْخِ فَقُدِّمَتْ الْإِجَازَةُ هُنَا لِقُوَّتِهَا عَلَى أَنَّ اعْتَاقَهُ الْجَارِيَةَ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكَهُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ بَلْ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ ( أَوْ ) كَانَ الْخِيَارُ ( لِصَاحِبِهِ ) أَيْ لِبَائِعِ الْعَبْدِ وَحْدَهُ ( فَمَوْقُوفٌ ) أَيْ الْعِتْقُ ( فَإِنْ فُسِخَ ) الْبَيْعُ ( نَفَذَ ) الْعِتْقُ ( فِي الْجَارِيَةِ ) لِأَنَّهَا مِلْكُ مُعْتِقِهَا حَالَةَ اعْتِقَاقِهَا ( وَإِلَّا فَفِي الْعَبْدِ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكَ مُعْتِقِهِ حَالَةَ إعْتَاقِهِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لِقُوَّتِهِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ لَمْ يَلْغُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ وَقْفُ نُفُوذِهِ عَلَى تَمَامِ الْبَيْعِ هَذَا غَايَةُ مَا يُوجِبُهُ نُفُوذُ عِتْقِ الْعَبْدِ الْقَائِلِ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ نُفُوذِهِ لِيُوَافِقَ مَا قَدَّمُوهُ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا أَعْتَقَ الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لِلْبَائِعِ لَمْ يَنْفُذْ وَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ لِوُقُوعِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا قَالَاهُ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَمِلْكُ الْمَبِيعِ لَهُ فَكَيْفَ يَنْفُذُ عِتْقُهُ بِإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي ( وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا الْبَائِعُ ) وَالْخِيَارُ لَهُمَا أَوْلَهُ أَوْ لِصَاحِبِهِ ( فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَالْعَبْدُ لَهُ ) فِي عِتْقِهِ ( كَالْجَارِيَةِ ) لِلْمُشْتَرِي فِي
عِتْقِهَا وَلَا يَخْفَى تَقْرِيرُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْعَبْدُ لَهُ كَالْجَارِيَةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ فِيهِ قَلَاقَةٌ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي أَخَذَ فِي خِيَارِ النَّقْصِ فَقَالَ
( قَوْلُهُ وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ إلَخْ ) كَلَامُهُمْ هُنَا مُصَرِّحٌ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ مَبِيعٌ وَثَمَنٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مِثْلِهِ الثَّمَنُ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ ( قَوْلُهُ وَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ ) مَا قَالَاهُ هُوَ الْمُسْتَقِيمُ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَدَّمُوهُ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي تَصَرُّفِ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فَقَطْ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ وَفِي الثَّمَنِ كِلَيْهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَنَفَذَ إعْتَاقُهُ فِي الْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَأَجَازَ لِئَلَّا يَلْزَمَ اعْتِبَارُ الْفَسْخِ الضِّمْنِيِّ مِمَّنْ لَا خِيَارَ لَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُ الْبَائِعِ فِي الْجَارِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَنَفَذَ إعْتَاقُهُ فِي الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِمُشْتَرِيهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَأَجَازَ لِئَلَّا يَلْزَمَ إلْغَاءُ إجَازَةِ مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى تَقْرِيرُهُ ) فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَأَجَازَ وَالْجَارِيَةُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَفَسَخَ
( بَابُ خِيَارِ النَّقْصِ ) وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِفَوَاتِ مَقْصُودِ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنْ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ أَوْ تَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ كَمَا قَالَ ( يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِفَوَاتِ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ أَوْ تَغْرِيرٍ ) فَهِيَ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ ( الْأَوَّلُ مَا يُظَنُّ ) حُصُولُهُ ( بِشَرْطٍ وَفِيهِ غَرَضٌ ) مَقْصُودٌ ( فَإِنْ شَرَطَ كَوْنَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ الرَّقِيقَ ( كَاتِبًا أَوْ خَبَّازًا أَوْ مُسْلِمًا وَنَحْوَ ذَلِكَ ) مِنْ الْأَوْصَافِ الْمَقْصُودَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِفَوَاتِ فَضِيلَةِ مَا شَرَطَ ( وَكَذَا ) إنْ شَرَطَ كَوْنَهُ ( كَافِرًا أَوْ فَحْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ خَصِيًّا ) فَبَانَ خِلَافُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ إذْ فِي الْكَافِرِ مَثَلًا فَوَاتُ كَثْرَةِ الرَّاغِبِينَ إذْ يَشْتَرِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالْخَصِيُّ بِفَتْحِ الْخَاءِ مَنْ قُطِعَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ سُلِتَا وَبَقِيَ ذَكَرُهُ ( لَا ) إنْ شَرَطَ كَوْنَهُ ( أَقْلَفَ ) فَبَانَ مَخْتُونًا فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ إذَا لَمْ يُفْتِ بِذَلِكَ غَرَضٌ مَقْصُودٌ ( إلَّا أَنْ كَانَ ) الْأَقْلَفُ ( مَجُوسِيًّا بَيْنَ مَجُوسٍ يَرْغَبُونَ فِيهِ ) بِزِيَادَةٍ فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ الْخِيَارُ ( أَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا ) أَيْ الْأَمَةَ ( بِكْرًا أَوْ جَعْدَةَ الشَّعْرِ ) بِإِسْكَانِ عَيْنِ جَعْدَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ لِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الْبَكَارَةِ وَالتَّجَعُّدِ الدَّالِّ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ وَهُوَ مَا فِيهِ الْتِوَاءٌ وَانْعِقَاصٌ لَا الْمُفَلْفَلُ كَشُعُورِ السُّودَانِ ( لَا عَكْسَهُمَا ) بِأَنْ شَرَطَ كَوْنَهَا ثَيِّبًا أَوْ سَبْطَةَ الشَّعْرِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا أَيْ مُسْتَرْسِلَتَهُ ( فَبَانَ خِلَافُهُ ) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا شَرَطَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ فَاسِقًا أَوْ خَائِنًا أَوْ أُمِّيًّا وَأَحْمَقَ أَوْ نَاقِصَ الْخِلْقَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ وَكَلَامُهُ كَالرَّوْضَةِ يُفْهِمُ اخْتِصَاصَ حُكْمِ التَّجَعُّدِ بِالْأَمَةِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ تَشْمَلُ الْعَبْدَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ
وَالْأَشْبَهُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُهُمَا ( أَوْ ) شَرَطَ كَوْنَهَا ( يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً فَبَانَتْ مَجُوسِيَّةً وَنَحْوَهُ ) الْأَوْلَى وَنَحْوَهَا كَوَثَنِيَّةٍ ( ثَبَتَ الْخِيَارُ ) لِفَوَاتِ حِلِّ الْوَطْءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا يَهُودِيَّةً فَبَانَتْ نَصْرَانِيَّةً أَوْ بِالْعَكْسِ وَيَثْبُتُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْكَافِرِ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَبَانَ مَجُوسِيًّا أَوْ عَكْسَهُ وَبِعَكْسِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ
( بَابُ خِيَارِ النَّقْصِ ) ( قَوْلُهُ وَفِيهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ ) أَيْ فِي نَفْسِهِ لِأَغْرَاضِ النَّاسِ الْمَطْلُوبَةِ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ قِيمَةٍ وَغَيْرِهَا ( قَوْلُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَخْ ) لَوْ مَاتَ الرَّقِيقُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَيْبَهُ فَإِنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ نِسْيَانَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَمْكَنَ احْتَمَلَ كَلَامُهُ وَجْهَيْنِ .
ا هـ .
وَأَصَحُّهُمَا تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ سَلْتًا وَبَقِيَ ذَكَرَهُ ) لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى الْحُرُمِ كَذَا قَالُوهُ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَسْمُوحَ وَإِلَّا فَبَاقِي الذَّكَرِ كَالْفَحْلِ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ الرَّدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ بِهِ غَرَضٌ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ لَا رَدَّ لِأَنَّ الْفُحُولَةَ فَضِيلَةٌ قَوْلُهُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً ) أَيْ يَحِلُّ وَطْؤُهَا
( فَرْعٌ ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ فَبَانَ كَتَّانًا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ ( وَيَكْفِي فِي الْوَصْفِ ) الْمَشْرُوطِ ( مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ ) وَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ النِّهَايَةُ فَفِي شَرْطِ الْكِتَابَةِ يَكْفِي اسْمُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَنَةً فَلَوْ شَرَطَ حُسْنَهَا اُعْتُبِرَ حُسْنُهَا عُرْفًا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ( وَخِيَارُ الْخَلْفِ عَلَى الْفَوْرِ ) فَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِهَلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ الْأَرْشُ كَمَا فِي الْعَيْبِ
الْأَمْرُ ( الثَّانِي مَا يُظَنُّ ) حُصُولُهُ ( بِالْعُرْفِ ) الْمُطَّرِدِ ( وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ ) الْآتِي ضَابِطُهُ ( وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ الْبَائِعُ ( وَغَيْرُهُ ) عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ ( بَيَانُهُ ) أَيْ الْعَيْبِ ( لِلْمُشْتَرِي ) وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لَهُ لِخَبَرِ { مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِخَبَرِ { الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمَنْ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا يَعْلَمُ فِيهِ عَيْبًا إلَّا بَيَّنَهُ } رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَكَالْعَيْبِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا يَكُونُ تَدْلِيسًا كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدِهِ بِمِدَادٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ مَعِيبًا أَوْ بِهِ جَمِيعُ الْعُيُوبِ أَوْ أَبِيعُهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ أَوْ يَقُولَ الْفَقِيهُ عَنْ كِتَابِهِ الْمَغْلُوطِ هُوَ غَيْرُ مُقَابِلٍ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى مُقَابَلَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْعَيْبِ الْمَعْلُومِ بِعَيْنِهِ ( فَمِنْ الْعُيُوبِ الْخِصَاءُ ) بِالْمَدِّ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ ( وَالْجُبُّ ) لِلذَّكَرِ أَيْ قَطْعَهُ لِلنَّقْصِ الْمُفَوِّتِ لِلْغَرَضِ مِنْ الْفَحْلِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ ( وَ ) مِنْهَا ( مَرَّةٌ ) مِنْ كُلٍّ ( مِنْ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ ) مِنْ الرَّقِيقِ وَلَوْ صَغِيرًا لِنَقْصِ قِيمَتِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا ( وَلَوْ تَابَ ) مِنْهَا فَإِنَّهَا عُيُوبٌ لِأَنَّ تُهْمَةَ الزِّنَا لَا تَزُولُ وَلِهَذَا لَا يَعُودُ إحْصَانُ الْحُرِّ الزَّانِي بِالتَّوْبَةِ وَعَدُّ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ مَعَ التَّوْبَةِ مِنْ الْعُيُوبِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَاسَهُمَا عَلَى الزِّنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ .
فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ اقْتَضَضْتُكِ وَغَيْرُهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَ خَمْرًا ثُمَّ تَابَ لَا يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّ التَّوْبَةَ تَنْفِي سِمَةَ الشُّرْبِ وَلَا تَنْفِي سِمَةَ الزِّنَا بِدَلِيلِ أَنَّ قَاذِفَ الزَّانِي لَا يُحَدُّ وَسَيَأْتِي فِي الْمُرْتَدِّ
عَنْ الْكِفَايَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَلَا يَمْنَعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الرَّدِّ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وُجُودُهُ عِنْدَهُ ثَانِيًا لِأَنَّ الثَّانِيَ مِنْ آثَارِ الْأَوَّلِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ نَقْصًا بِذَلِكَ فَلَا رَدَّ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ ( وَ ) مِنْهَا ( الْبَخَرُ ) النَّاشِئُ ( مِنْ ) تَغَيُّرِ ( الْمَعِدَةِ ) لَا مِنْ قُلْحِ الْأَسْنَانِ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ يَزُولُ بِالتَّنْظِيفِ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمَعِدَةِ حَكَاهُ الْقَاضِي مُجَلِّي عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْبَخَرَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْهَا ( وَالصُّنَانُ الْمُسْتَحْكِمُ الْمُخَالِفُ لِلْعَادَةِ ) دُونَ مَا يَكُونُ لِعَارِضِ عَرَقٍ أَوْ حَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ أَوْ اجْتِمَاعِ وَسَخٍ وَلَوْ تَرَكَ الْمُسْتَحْكِمَ كَمَا تَرَكَهُ الْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرُهُ لَكَفَى عَنْهُ مَا بَعْدَهُ ( وَ ) مِنْهَا ( اعْتِيَادُ ابْنِ سَبْعٍ ) مِنْ السِّنِينَ ( بَوْلِهِ بِالْفِرَاشِ ) بِخِلَافِ مَنْ دُونَهَا أَيْ تَقْرِيبًا لِقَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مِثْلُهُ يُحْتَرَزُ مِنْهُ ( وَالْمَرَضُ ) وَلَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ نَعَمْ إنْ كَانَ قَلِيلًا كَصُدَاعٍ يَسِيرٍ فَفِي الرَّدِّ بِهِ نَظَرٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الْمَرَضَ وَإِنْ قَلَّ عَيْبٌ وَقَالَ الْعِجْلِيّ إنْ كَانَ الْمَرَضُ يَزُولُ بِالْمُعَالَجَةِ السَّرِيعَةِ فَلَا خِيَارَ كَمَا لَوْ غُصِبَ وَأَمْكَنَ الْبَائِعَ رَدُّهُ سَرِيعًا وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَى .
( وَكَوْنُهُ ) أَيْ الرَّقِيقُ ( مَجْنُونًا ) وَلَوْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ ( أَوْ مُخَبَّلًا ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ مَنْ فِي عَقْلِهِ خَبَلٌ أَيْ فَسَادٌ ( أَوْ أَبْلَهَ ) وَهُوَ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ رَوَى { أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ } أَيْ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِهَا وَهُمْ أَكْيَاسٌ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ ( أَوْ أَشَلَّ أَوْ أَقْرَعُ ) وَهُوَ مَنْ ذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ بِآفَةٍ ( أَوْ أَصَمَّ ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ ( أَوْ أَعْوَرَ ) وَهُوَ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُ إحْدَى عَيْنَيْهِ (
أَوْ أَخْفَشَ ) وَهُوَ صَغِيرُ الْعَيْنِ ضَعِيفُ الْبَصَرِ خِلْقَةً وَيُقَالُ هُوَ مَنْ يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ وَفِي الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا ( أَوْ أَجْهَرَ ) وَهُوَ لَا يُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ ( أَوْ أَعْشَى ) وَهُوَ مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ وَفِي الصَّحْوِ دُونَ الْغَيْمِ وَالْمَرْأَةُ عَشْوَاءُ ( أَوْ أَخْشَمَ أَوْ أَبْكَمَ ) أَيْ أَخْرَسَ ( أَوْ أَرَتَّ لَا يَفْهَمُ ) كَلَامَهُ غَيْرُهُ ( أَوْ فَاقِدَ الذَّوْقِ أَوْ أُنْمُلَةٍ أَوْ الظُّفْرِ أَوْ الشَّعْرِ ) وَلَوْ عَانَهُ ( أَوْ فِي رَقَبَتِهِ لَا ) فِي ( ذِمَّتِهِ ) فَقَطْ ( دَيْنٌ أَوْ ) بَانَ كَوْنُهُ ( مَبِيعًا فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا ) فَإِنْ تَابَ مِنْهَا فَوَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ أَنَّهُ عَيْبٌ أَيْضًا وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْته أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ يَمِيلُ إلَيْهِ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَيْبًا كَالزِّنَا فِيهِ نَظَرٌ ( أَوْ ) كَوْنُهُ ( مُكْثِرًا لِجِنَايَةِ الْخَطَأِ ) بِخِلَافِ مَا إذَا قَلَّ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَلِيلَ مَرَّةً وَالْكَثِيرَ فَوْقَهَا ( أَوْ لَهُ أُصْبُعُ زَائِدَةٌ أَوْ سِنٌّ شَاغِيَةٌ ) بِشِينٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَيْنِ أَيْ زَائِدَةٍ يُخَالِفُ نَبْتُهَا نَبْتَةَ بَقِيَّةِ الْأَسْنَانِ ( أَوْ ) سِنٌّ ( مَقْلُوعَةٌ ) لَا لِكِبَرٍ ( أَوْ بِهِ قُرُوحٌ أَوْ ثَآلِيلُ كَثِيرَةٌ ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ جَمْعُ ثَأْلُولَةٍ ( أَوْ ) كَوْنُهُ ( أَبْهَقَ ) مِنْ الْبَهَقِ وَهُوَ بَيَاضٌ يَعْتَرِي الْجِلْدَ يُخَالِفُ لَوْنَهُ وَلَيْسَ مِنْ الْبَرَصِ فَعُلِمَ مِنْهُ حُكْمُ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْمَرَضِ وَمِنْ الضَّابِطِ الْآتِي ( أَوْ أَبْيَضَ الشَّعْرِ فِي غَيْرِ سِنِّهِ وَلَا تَضُرُّ حُمْرَتُهُ ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَضُرُّ خُضْرَتُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ كَوْنُهُ أَعْسَرَ وَفَصَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ إنْ كَانَ أَضْبَطَ وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ مَعًا فَلَيْسَ
بِعَيْبٍ لِأَنَّ ذَلِكَ زَائِدَةٌ فِي الْقُوَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ وَمَا قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ ( وَمِنْهَا كَوْنُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( نَمَّامًا ) أَوْ كَذَّابًا ( أَوْ سَاحِرًا أَوْ قَاذِفًا لِلْمُحْصَنَاتِ أَوْ مُقَامِرًا أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ تَرْكِ مَا يُقْتَلُ بِهِ مِنْهَا ( أَوْ شَارِبًا لِخَمْرٍ ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ بِشُرْبِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ دُونَ مَنْ يُعْتَادُ ذَلِكَ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ غَالِبٌ فِيهِمْ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ( أَوْ مُزَوَّجًا أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ وَاضِحًا أَوْ مُخَنَّثًا ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَهُوَ الَّذِي تُشْبِهُ حَرَكَاتُهُ حَرَكَاتِ النِّسَاءِ خُلُقًا أَوْ تَخَلُّقًا ( أَوْ مُمَكِّنًا مِنْ نَفْسِهِ ) وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لِأَنَّهُ يَعْتَادُهُ وَيَأْلَفُهُ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ كَوْنُهُ زَانِيًا ( أَوْ مُرْتَدًّا ) .
قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَإِنْ تَابَ قَبْلَ الْعِلْمِ فَقِيلَ عَيْبٌ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَوْلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ عَيْبٌ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ قُلْت وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَأَوْفَقُ بِالْمَنْقُولِ فِي نَظَائِرِهِ لِأَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي الزِّنَا لِمَا مَرَّ فِيهِ ( أَوْ كَوْنُهَا ) أَيْ الْأَمَةِ ( رَتْقَاءَ أَوْ قُرَنَاءَ أَوْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ يَتَطَاوَلُ طُهْرُهَا ) فَوْقَ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ ( أَوْ لَا تَحِيضُ وَهِيَ فِي سِنِّهِ ) أَيْ الْحَيْضِ ( غَالِبًا ) بِأَنْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِعِلَّةٍ ( أَوْ مُزَوَّجَةٍ ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ مُزَوَّجًا ( أَوْ حَامِلًا ) لِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ هَلَاكِهَا بِالْوَضْعِ ( لَا فِي الْبَهَائِم ) إذَا لَمْ تَنْقُصْ بِالْحَمْلِ فَلَيْسَ عَيْبًا فِيهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا السَّلَامَةُ ( أَوْ مُعْتَدَّةٍ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ الْجِيلِيُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ
أَوْ مُصَاهَرَةٍ قَالَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ( أَوْ مُحْرِمَةً بِإِذْنٍ ) مِنْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمَةِ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهَا كَالْبَائِعِ وَكَالْمُحْرِمَةِ وَلَوْ قَالَ أَوْ مُحْرِمًا قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ كَوْنِهَا لَشَمِلَهُمَا ( وَكَذَا كُفْرُ رَقِيقٍ لَمْ يُجَاوِرْهُ كُفَّارٌ ) كَأَنْ يَكُونَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَيْبٌ ( لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِيهِ ) فَإِنْ جَاوَرَهُ كُفَّارٌ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ ( أَوْ كَافِرَةٍ كُفْرُهَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ ) كَوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ ( وَاصْطِكَاكِ الْكَعْبَيْنِ وَانْقِلَابِ الْقَدَمَيْنِ إلَى الْوَحْشِيِّ ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ هُوَ ظَهْرُ الرَّجُلِ وَالْيَدُ وَيُقَالُ لِلْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ ( وَسَوَادِ الْأَسْنَانِ ) .
وَكَذَا خُضْرَتُهَا وَزُرْقَتُهَا وَحُمْرَتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ ( وَتَرَاكُمِ الْوَسَخِ الْفَاحِشِ فِي أُصُولِهَا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْحَفْرُ فِي الْأَسْنَانِ وَهُوَ تَرَاكُمُ الْوَسَخِ الْفَاحِشِ فِي أُصُولِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي فِي الصَّحَّاحِ الْحَفْرُ بِالتَّحْرِيكِ فَسَادُ أُصُولِ الْأَسْنَانِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْوَسَخَ يُمْكِنُ إزَالَتُهُ انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ إلَّا فِي ضَبْطِ الْحَفْرِ فَفِيهِ فِي الصَّحَّاحِ التَّسْكِينُ أَيْضًا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ الْكَثَرُ ( وَالْكَلَفُ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ ( الْمُغَيِّرُ لِلْبَشَرَةِ ) قَالَ فِي الصَّحَّاحِ الْكَلَف شَيْءٌ يَعْلُو الْوَجْهَ كَالسِّمْسِمِ وَالْكَلَفُ لَوْنٌ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ وَهِيَ حُمْرَةٌ كَدِرَةٌ تَعْلُو الْوَجْهَ انْتَهَى وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ ( وَذَهَابِ الْأَشْفَارِ ) مِنْ الْأَمَةِ ( وَكِبَرِ أَحَدِ ثَدْيَيْهَا وَالْخِيلَانِ الْكَثِيرَةِ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ جَمْعُ خَالٍ وَهُوَ الشَّامَةُ ( وَآثَارِ الشِّجَاجِ وَالْقُرُوحِ وَالْكَيِّ الشَّائِنَةِ ) بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى النُّونِ مِنْ شَانَهُ يَشِينُهُ وَهَذَا الْقَيْدُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ قَطَعَ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ قِطْعَةً يَسِيرَةً وَلَمْ يُورِثْ شَيْئًا ) وَلَمْ يُفَوِّتْ غَرَضًا ( لَمْ
يَضُرَّ ) وَإِلَّا ضَرَّ ( وَكَوْنُ الدَّابَّةِ جَمُوحًا ) أَيْ تَمْتَنِعُ عَلَى رَاكِبِهَا ( أَوْ عَضُوضًا أَوْ رَمُوحًا ) أَوْ نُفُورًا ( أَوْ تَشْرَبُ لَبَنَهَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَبَنَ غَيْرِهَا ( أَوْ ) تَكُونُ بِحَيْثُ ( تُسْقِطُ رَاكِبَهَا ) بِأَنْ يَخَافَ مِنْهَا سُقُوطَهُ ( بِخُشُونَةِ الْمَشْيِ أَوْ ) كَوْنِهَا ( دَرْدَاءَ ) بِوَزْنِ صَحْرَاءَ أَيْ سَاقِطَةَ الْأَسْنَانِ ( لَا لِكِبَرٍ أَوْ قَلِيلَةِ الْأَكْلِ .
وَ ) مِنْ الْعُيُوبِ ( اخْتِصَاصُ الدَّارِ بِنُزُولِ الْجُنْدِ ) فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَا حَوْلَهَا بِمَثَابَتِهَا ( وَمُجَاوَرَةِ قَصَّارِينَ ) لَهَا ( يُؤْذُونَ ) هَا ( بِالدَّقِّ أَوْ يُزَعْزِعُونَهَا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُزَعْزِعُونَ الْأَبْنِيَةَ فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِأَوْ يُفِيدُ أَنَّ كِلَاهُمَا عَيْبٌ وَهُوَ حَسَنٌ ( وَ ) مِنْهَا أَنْ تَظْهَرَ ( الضَّيْعَةُ ) مُتَّصِفَةً ( بِثِقَلِ الْخَرَاجِ فَوْقَ الْعَادَةِ ) فِي أَمْثَالِهَا وَإِنْ كُنَّا لَا نَرَى أَصْلَ الْخَرَاجِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهَا ( وَ ) مِنْهَا أَنْ تَكُونَ بِقُرْبِ الْأَرْضِ ( قُرُودٌ تُفْسِدُ الزَّرْعَ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ سَلَامَتَهَا ) أَيْ الْأَرْضِ ( مِنْ خَرَاجٍ مُعْتَادٍ ) بِأَنْ ظَنَّ أَنْ لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّ عَلَيْهَا خَرَاجًا دُونَ خَرَاجِ أَمْثَالِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ سَلَامَتِهَا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْبَحْثِ أَمَّا إذَا زَادَ عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهَا فَلَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَ ) مِنْهَا ( نَجَاسَةُ مَا يَنْقُصُ بِالْغُسْلِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَانَ لِغَسْلِهِ مُؤْنَةٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بُسُطًا كَثِيرَةً فَوَجَدَهَا مُتَنَجِّسَةً لَا تُغْسَلُ إلَّا بِإِجَارَةٍ لَهَا وَقَعَ ( وَتَشْمِيسُ الْمَاءِ ) لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ إذَا بَرَدَ قَالَ وَعَلَى قِيَاسِهِ فَالْمُسْتَعْمَلُ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى لِلِاخْتِلَافِ فِي عَوْدِ طَهُورِيَّتِهِ وَلِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ وَكَذَا الْمَاءُ إذَا وَقَعَ فِيهِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً
وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ ( وَوُجُودُ رَمْلٍ فِي بَاطِنِ أَرْضِ الْبِنَاءِ ) أَيْ الْمَطْلُوبَةِ لَهُ ( وَأَحْجَارٍ ) مَخْلُوقَةٍ ( فِي بَاطِنِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ وَالْغِرَاسِ ) أَيْ الْمَطْلُوبَةِ لَهُمَا إذَا كَانَتْ الْحِجَارَةُ بِحَيْثُ تَضْرِبُهُمَا بِأَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا إذَا أَضَرَّتْ بِأَحَدِهِمَا لَا تَكُونُ عَيْبًا وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ عَيْبٌ فِيمَا إذَا أَضَرَّتْ بِالْغِرَاسِ دُونَ الزِّرَاعَةِ وَيُقَاسُ بِهِ عَكْسُهُ .
أَمَّا الْمَدْفُونَةُ فَإِنْ أَمْكَنَ قَلْعُهَا عَنْ قُرْبٍ بِحَيْثُ لَا تَمْضِي مُدَّةٌ يَكُونُ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَإِلَّا فَعَيْبٌ ( وَالْحُمُوضَةُ فِي الْبِطِّيخِ إلَّا الرُّمَّانَ عَيْبٌ ) لِأَنَّهَا لَا تُطْلَبُ فِي الْبِطِّيخِ أَصْلًا وَتُطْلَبُ فِي الرُّمَّانِ كَمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْحُلْوُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ نَوْعِ الْحَامِضِ أَمَّا الْخَارِجَةُ مِنْ الْحُلْوِ فَعَيْبٌ كَالْبِطِّيخِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَيْبٍ إيضَاحٌ
( قَوْلُهُ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ إلَخْ ) فَيَثْبُتُ الرَّدُّ لِلْمُشْتَرِي بِظُهُورِهِ فِي الْمَبِيعِ وَلِلْبَائِعِ بِظُهُورِهِ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ قَدَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إزَالَتِهِ لَا يَخْتَصُّ الْخِيَارُ بِظُهُورِ الْعَيْبِ بَلْ فَوَاتُ الْوَصْفِ الْمَقْصُودِ كَذَلِكَ فَلَوْ اشْتَرَطَ عَبْدًا كَاتِبًا أَوْ مُتَّصِفًا بِصِفَةٍ تَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ ثُمَّ زَالَتْ الصِّفَةُ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ( قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ وَغَيْرُهُ ) بَيَانُهُ لِلْمُشْتَرِي لَوْ كَانَ بِهِ تُزِيد أَوْ عُيُوبٌ فَهَلْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يَنْفِرُ مِنْ عَيْبٍ دُونَ عَيْبٍ أَوْ وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ تُزُيِّدَ بِحَيْثُ تَقِلُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجَمِيعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ ) صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَقَرَّهُ لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَا فِي الْبِغَالِ وَالْبَرَاذِينَ لِغَلَبَتِهِ فِيهَا أَتّ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ خَصَى كَبْشَ غَيْرِهِ وَبَرِئَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا إذْ لَا يَنْقُصُ بِهِ وَلَوْ خَصَى عَبْدَ غَيْرِهِ ضَمِنَ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْمَأْكُولِ .
( قَوْلُهُ وَعَدُّ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ مَعَ التَّوْبَةِ مِنْ الْعُيُوبِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ إلَخْ ) الرَّدُّ مَرْدُودٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَبَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ إلَخْ ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ قَدْ أَبَقَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَابَ مُنْذُ سِنِينَ لَهُ يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَصَلَ فِي ذَاتِهِ كَمَا لَوْ زَنَى فِي يَدِ الْبَائِعِ وَتَابَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ لِأَنَّ أَثَرَ الزِّنَا لَا يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَنَى فِي عُنْفُوَانِ وَالْأَنْفَعِ
وَتَابَ فَبَعْدِ الْكِبَرِ قَذْفٌ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ شِرِّيبًا أَوْ مُقَامِرًا فِي يَدِ الْبَائِعِ وَتَابَ قَالَ نَظَرَ إنْ كَانَ مَضَى زَمَانٌ لَوْ كَانَ حُرًّا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لَا رَدَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ ت قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَنَصَّ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ زَنَى مَرَّةً وَاحِدَةً فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ لِأَنَّ تُهْمَةَ الزِّنَا لَا تَزُولُ وَلِهَذَا لَا يَعُودُ حِصَانُ الْحُرِّ الزَّانِي بِالتَّوْبَةِ وَكَذَلِكَ الْإِبَاقُ وَالسَّرِقَةُ يَكْفِي فِي كَوْنِهِمَا عَيْبًا مَرَّةً وَاحِدَةً .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَقَوْلُهُ قَالَ نَظَرَ أَنْ مَضَى زَمَانٌ أَشَارَ إلَى أَحْرَمَ ( فَرْعٌ ) لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَنَّهُ لَا عَيْبَ فِيهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُ بِهِ وَلَا يُمْنَعُ ( قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ ) لِأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ إلَخْ ) الْأَصَحُّ الرَّدُّ مُطْلَقًا .
( قَوْلُهُ وَاعْتِيَادُ ابْنِ سَبْعٍ بَوْلَهُ بِالْفِرَاشِ ) شَمِلَ مَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ ( قَوْلُهُ فَفِي الرَّدِّ نَظَرٌ ) لَا رَدَّ بِهِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ عَيْبًا قَوْلُهُ أَوْ أَصَمَّ ) وَلَوْ فِي أَحَدٍ مِنْ الْأُذُنَيْنِ ( قَوْلُهُ أَوْ أَحْرِمْ لَا يَفْهَمُ ) أَوْ أَلْثَغَ أَوْ تِمْتَامًا ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّهَا عَيْبٌ مُطْلَقًا وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ قَتْلًا أَوْ قَدْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ وَالتَّوْبَةُ غَيْرُ وَوَطُؤَ وَلَا يُوثَقُ بِهَا عُزِيَ الْقَتْلِ عَنْهُ لَا تَزُولُ وَإِنْ تَابَ كَالزِّنَا وَأَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ قَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَيْبًا مُطْلَقًا كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَقَدْ حَكَاهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ .
ا هـ .
وَهَذَا حَقٌّ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْته أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ ) أَيْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ أَوْ بِهِ
قُرُوحٌ ) أَيْ أَوْ جَرَبٍ أَوْ بِسِمَنٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ وَشْمٍ أَوْ خَرْمٍ فِي أَنْفٍ أَوْ أُذُنٍ ( قَوْلُهُ فِي غَيْرِ سِنِّهِ ) وَهُوَ أَرْبَعُونَ سَنَةً ( قَوْلُهُ وَفَصَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمِنْهَا كَوْنُهُ نَمَّامًا ) قَالَ شَيْخُنَا صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّمَّامِ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا فَمُطْلَقُ الْقَذْفِ كَافٍ فِي ثُبُوتِ الرَّدِّ بِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ كَذَّابًا ) أَيْ أَوْ شَتَّامًا أَوْ آكِلَ الطِّينِ ( قَوْلُهُ أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ ) فِي الرَّدِّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ نَظَرٌ وَلَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِبُلُوغٍ أَوْ إسْلَامٍ إذْ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ التَّرْكُ وَلَا سِيَّمَا الْإِمَاءُ بَلْ هُوَ الْغَالِبُ فِي بِجَحَدِ الْإِسْلَامِ وَقَضِيَّةُ الضَّابِطِ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ مَنْعَ الرَّدِّ فُو .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ شَارِبًا بِجَحِدِ ) مِثْلُهُ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشُ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا ( قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ) مَا قَالَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ ضَابِطِ الْعَيْبِ ( قَوْلُهُ أَوْ مُزَوَّجًا ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْعَبْدَ مُتَزَوِّجٌ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عَلَيْهِ تَرَادٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ فَلَهُ الرَّدُّ ( قَوْلُهُ فَقِيلَ عَيْبٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ ( قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَحَاضَةً ) أَيْ أَوْ مُتَغَيِّرٌ رَائِحَةُ فَرْجِهَا ( قَوْلُهُ لَا فِي الْبَهَائِمِ إلَخْ ) بِهَذَا التَّفْصِيلِ أَجَابَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي كَفَّارَةِ الْإِحْرَامِ وَالزَّكَاةِ وَعَزَّاهُ لِلْأَصْحَابِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ مَا يُقْصَدُ لِلنِّتَاجِ وَتَزِيدُ قِيمَتُهُ بِحَمْلِهِ كَالْغَنَمِ وَأَكْثَرِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَالْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيهَا بَلْ زِيَادَةُ فَضِيلَةٍ وَمَالِيَّةٍ نَعَمْ قَدْ يَكُونُ نَقْصًا فِي بَعْضِ الْحَيَوَانِ
كَالنَّاقَةِ بِعُدْوَانِ الْغَنْمِ الَّتِي تَعْلُو قِيمَتُهَا انْحِسَار سَيْرِهَا قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ) يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْجِيلِيُّ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهَا مُحَرَّمًا لَهُ وَكَوْنِهَا مُعْتَدَّةً وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بَيْعَهَا فَلَا يَرْغَبُ فِيهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا فَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا سِيَّمَا إذَا طَالَتْ فَالْوَجْهُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهَا كَالْبَائِعِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ بِمُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الرَّدَّ بِالْإِحْرَامِ مَا قَلَّ زَمَنُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَكَذَا خُضْرَتُهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ نُفُورًا ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ تَرْهَبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَرَاهُ وَرَاءَ ( قَوْلُهُ أَوْ قَلِيلَةُ الْأَكْلِ ) أَيْ أَوْ مَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ بِقَدْرِ مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ ( قَوْلُهُ يُؤْذِنُ بِالدَّقِّ ) عِبَارَتُهُ صَادِقَةٌ يَتَأَذَّى سُكَّانُهَا بِهِ فَقَطْ مِثْلُهُ مَا إذَا أَظْهَرَ بِقُرْبِهَا دُخَّانٌ مِنْ نَحْوِ حَمَّامٍ ( قَوْلُهُ أَوْ يُزَعْزِعُونَهَا ) أَوْ عَلَى سَطْحِهَا مِيزَابُ رَجُلٍ أَوْ مَدْفُونٌ فِيهَا مَيِّتٌ أَوْ ظَهَرَتْ قُبَالَةً بِوَقْفِهَا وَعَلَيْهَا خُطُوطُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَيْسَ فِي الْحَالِ مَنْ يَشْهَدُ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا مُزَوِّرَةٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الشُّيُوعَ بَيْنَ النَّاسِ بِوَقْفِيَّتِهَا عَيْبٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كُنَّا لَا نَرَى أَصْلَ الْخَرَاجِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ ) إنْ قِيلَ كَيْفَ صَحَّ بَيْعُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَجَوَابُهُ مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْيَدَ لِلْمِلْكِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَرَاجَ مَا ضُرِبَ إلَّا بِحَقٍّ فَلَا يَتْرُكُ أَحَدَ الظَّاهِرَيْنِ لِلْآخَرِ ( فَرْعٌ ) لَوْ اشْتَرَى بُسْتَانًا فَأَلْزَمَهُ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَصِيرَ فَلَاحًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ الْبُسْتَانُ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا أَفْتَى بِهِ
النَّوَوِيُّ وَاسْتَشْهَدَ بِمَسْأَلَةِ الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَنْزِلِ الْجُنْدِ وَقَالَ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ بِكُلِّ مَا نَقَصَ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ أَوْ الرَّغْبَةَ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَانَ لِغَسْلِهِ مُؤْنَةٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ بَاعَ الطَّاهِرَ مِنْ الْأَوَانِي بِالِاجْتِهَادِ لَزِمَهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِهِ فَإِنْ كَتَمَهُ فَوَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَيَجِبُ طَرْدُهُمَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ مِمَّا مُسْتَنَدُ طَهَارَتِهِ ذَلِكَ وَالْأَشْبَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَطَعَ ابْنُهُ يَدَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي وَوَرِثَهُ ابْنُهُ الْقَاطِعُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَ لَزِمَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَاسْتَرَدَّ نِصْفَ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ فَعَيْبٌ كَالْبِطِّيخِ ) مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْفَرْقِ
( فَرْعٌ لَا رَدَّ بِكَوْنِ الرَّقِيقِ رَطْبَ الْكَلَامِ أَوْ غَلِيظَ الصَّوْتِ أَوْ ) بِكَوْنِهِ ( يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ) لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى وَأَوْلَى مِنْهُمَا مَعًا أَنْ يُقَالَ يُعْتَقُ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ فَيَشْمَلُ الْمُوَكِّلَ وَالْمُشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ ( أَوْ ) بِكَوْنِهِ ( سَيِّئَ الْأَدَبِ أَوْ ) بِكَوْنِهِ ( وَلَدَ زِنًا أَوْ مُغَنِّيًا ) أَوْ زَامِرًا أَوْ عَارِفًا بِالضَّرْبِ بِالْعُودِ ( أَوْ حَجَّامًا أَوْ أَكُولًا أَوْ قَلِيلَ الْأَكْلِ ) بِخِلَافِ قِلَّةِ أَكْلِ الدَّابَّةِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَتَّضِحُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَكَمَا تُؤَثِّرُ قِلَّةُ أَكْلِهَا فِي قُوَّتِهَا وَعَمَلِهَا كَذَلِكَ قِلَّةُ أَكْلِهِ انْتَهَى وَقَدْ يُفَرَّقُ لِأَنَّ قِلَّةَ الْأَكْلِ مَحْمُودَةٌ فِي الْآدَمِيِّ شَرْعًا وَعُرْفًا بِخِلَافِهِ فِي الدَّابَّةِ ( وَلَا بِكَوْنِهَا ثَيِّبًا إلَّا فِي غَيْرِ أَوَانِهَا ) أَيْ أَوَانِ ثُيُوبَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُعْهَدُ فِي مِثْلِهَا الْبَكَارَةُ ( وَلَا ) بِكَوْنِهَا ( عَقِيمًا ) أَيْ لَا تَحْمِلُ ( وَلَا بِكَوْنِ الْعَبْدِ عِنِّينًا ) أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ لِضَعْفٍ يَمْنَعُ الِانْتِشَارَ وَلَا بِكَوْنِهَا مُحَرَّمًا لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ ثَمَّ عَامٌّ فَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلَا بِكَوْنِهَا صَائِمَةً لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْخِدْمَةِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ أَعْمَالَهُ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَانِ الْحُكْمَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَا رَدَّ بِكَوْنِ الْعَبْدِ فَاسِقًا بِالْإِجْمَاعِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِفِسْقٍ لَا بِكَوْنِ سَبَبِهِ عَيْبًا ( وَلَيْسَ عَدَمُ الْخِتَانِ عَيْبًا إلَّا فِي عَبْدٍ كَبِيرٍ ) فَيَكُونُ عَيْبًا فِيهِ ( خَوْفًا عَلَيْهِ ) مِنْ الْخِتَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَمَةِ الْكَبِيرَةِ لِأَنَّ خِتَانَهَا سَلِيمٌ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَا بِكَوْنِ الْأَمَةِ
مَجْنُونَةً وَلَا بِكَوْنِ الْعَبْدِ مَخْتُونًا أَوْ غَيْرَ مَخْتُونٍ إلَّا إذَا كَانَ كَبِيرًا يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِتَانِ انْتَهَى وَضَبَطَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الصِّغَرَ هُنَا بِسَبْعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَغَيْرُهُ بِأَنْ يَكُونَ مَخْتُونًا فِي الْعَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَكَلَامُ كَثِيرٍ يُفْهِمُ ضَبْطَهُ بِعَدَمِ الْبُلُوغِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ
( قَوْلُهُ أَوْ قَلِيلَ الْأَكْلِ ) أَيْ أَوْ أَصْلَعَ أَوْ تَعَيَّبَا ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ قِلَّةَ الْأَكْلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ الْخِتَانِ ) أَوْ إنْ كَانَ لَا يَرَاهُ كَأَكْثَرِ النَّصَارَى ( قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ) لَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ إذْ الْمُعْتَبَرُ كِبَرٌ يَخَافُ مِنْ الْخِتَانِ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا أَطْلَقَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُخْتَتَنُ فَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ قَوْمٍ لَا يَرَوْنَهُ كَأَكْثَرِ النَّصَارَى وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَادَمَ إسْلَامُهُ أَوْ نَشَأَ التُّرْكِيُّ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ .
ا هـ .
الْأَصَحُّ الْإِطْلَاقُ
( وَلَوْ ظَنَّ ) الْمُشْتَرِي ( الْبَائِعَ مَالِكًا فَبَانَ وَكِيلًا وَنَحْوَهُ ) كَوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ ( لَمْ يَرُدَّ ) وَلَا نَظَرَ إلَى خَطَرِ فَسَادِ النِّيَابَةِ وَمِنْ الْعُيُوبِ ظُهُورُ مَكْتُوبٍ بِوَقْفِيَّةِ الْمَبِيعِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَكَذَا شُيُوعُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَشِقُّ أُذُنِ الشَّاةِ إنْ مَنَعَ الْإِجْزَاءَ فِي الْأُضْحِيَّةَ وَلَا مَطْمَعَ فِي اسْتِيفَاءِ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلرَّدِّ ( وَ ) لَكِنَّ ( الضَّابِطَ ) الْجَامِعَ لَهَا ( أَنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ بِكُلِّ مَا يُنْقِصُ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ تَنْقِيصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَالْغَالِبُ فِي أَمْثَالِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( عَدَمُهُ ) إذْ الْغَالِبُ فِي الْأَعْيَانِ السَّلَامَةُ فَبَذْلُ الْمَالِ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ فَإِذَا بَانَ الْعَيْبُ وَجَبَ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّدَارُكِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَفِلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ لَا يُورِثُ شَيْنًا وَلَا يُفَوِّتُ غَرَضًا فَلَا رَدَّ بِهِ كَمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَالْغَالِبُ إلَى آخِرِهِ عَمَّا لَا يَغْلِبُ فِيهِ ذَلِكَ كَلَقْعِ السِّنِّ فِي الْكِبَرِ وَالثُّيُوبَةِ فِي أَوَانِهَا فِي الْأَمَةِ وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِذَلِكَ فَلَا رَدَّ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ يُنَقِّصُ بِالتَّشْدِيدِ بِوَزْنِ يُكَلِّمُ بِقَرِينَةِ الْمَصْدَرِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْفَصِيحُ يُنْقِصُ بِالتَّخْفِيفِ قَالَ تَعَالَى { ثُمَّ لَمْ يُنْقِصُوكُمْ شَيْئًا } ( قَاعِدَةٌ ) الْعَيْبُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ فِي الْبَيْعِ وَالزَّكَاةِ وَالْغُرَّةِ وَالصَّدَاقِ إذَا لَمْ يُفَارِقْ قَبْلَ الدُّخُولِ مَا مَرَّ وَفِي الْكَفَّارَةِ مَا أَضَرَّ بِالْعَمَلِ إضْرَارًا بَيِّنًا وَفِي الْأُضْحِيَّةَ وَالْهَدْيُ وَالْعَقِيقَةُ مَا نَقَصَ اللَّحْمَ وَفِي النِّكَاحِ مَا نَفَّرَ عَنْ الْوَطْءِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحَلِّهِ وَفِي الصَّدَاقِ إذَا فَارَقَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَا فَاتَ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْغَالِبُ فِي أَمْثَالِهِ عَدَمَهُ أَمْ لَا وَفِي الْإِجَارَةِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي
الْأُجْرَةِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَيْبُ الْمَرْهُونِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ فَقَطْ
( قَوْلُهُ كَوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ ) أَيْ أَوْ مُلْتَقِطٍ ( قَوْلُهُ ظُهُورُ مَكْتُوبٍ بِوَقْفِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَخْ ) أَيْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُزَوِّرٌ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ بِسَبَبِهِ نَقْصٌ ( قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الضَّابِطَ إلَخْ ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُفْلِسُ إذَا كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الْإِمْسَاكِ وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ وَكَذَا فِي الْقِرَاضِ إذَا تَنَازَعَا وَصُورَةُ الْوَكِيلِ إذَا رَضِيَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرَّدُّ ( قَوْلُهُ أَنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ بِكُلِّ مَا يُنْقِصُ الْعَيْنَ إلَخْ ) الصَّوَابُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ يَثْبُتُ الرَّدُّ بِكُلِّ مَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ نَقْصًا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ أَوْ الْعَيْنَ نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ إذَا كَانَ الْغَالِبُ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمَهُ ت ر ( قَوْلُهُ يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ ) يَصِحُّ عَوْدُهُ إلَى الْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ ( قَوْلُهُ وَلَا يُفَوِّتُ غَرَضًا ) وَعَدَمُ نَبَاتِ عَانَةِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ يُتَدَاوَى لَهُ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ ضَعْفِ الْبَشَرَةِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْإِجَارَةِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ إلَخْ ) سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ ( فَرْعٌ ) لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا كَاتِبًا أَوْ مُتَّصِفًا بِصِفَةٍ تُزِيدُ فِي قِيمَتِهِ ثُمَّ زَالَتْ الصِّفَةُ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَوَاتُهَا عَيْبًا قَبْلَ وُجُودِهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ فُو
( فَصْلٌ إنَّمَا يَثْبُتُ الرَّدُّ ) لِلْمَبِيعِ ( بِعَيْبٍ وُجِدَ قَبْلَ الْبَيْعِ ) بِالْإِجْمَاعِ ( أَوْ ) بَعْدَهُ وَقَبْلَ ( الْقَبْضِ ) أَوْ بَعْدَهُ وَاسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ بَعْدَهُ وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى مَا ذُكِرَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّهُ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ أَمَّا قَبْلَهُ فَالْقِيَاسُ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا لَوْ تَلِفَ حِينَئِذٍ هَلْ يَنْفَسِخْ وَالْأَرْجَحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ ( فَالْمُرْتَدُّ يَصِحُّ بَيْعُهُ ) كَالْمَرِيضِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ ( كَذَا الْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ ) بِأَنْ لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ بَعْدَ الظَّفْرِ بِهِ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْمُرْتَدِّ ( وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِمَا ) لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْقَتْلَ وَالثَّانِيَةُ نَقَلَهَا الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَلَعَلَّهُ بَنَاهَا عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبِ مَعْنَى الْحَدِّ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَزِمَهُ دِيَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ قَاتِلَ الْعَبْدِ الْمُحَارَبِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ الْمُرْتَدُّ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِمَا كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالصَّائِلِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِأَنْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَيَصِحُّ بَيْعُهُمْ وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِمْ .
وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ الْمُرْتَدَّ مَثَلًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ قَتْلَهُ فِي حُكْمِ إقَامَةِ الْحَدِّ فَمَنْ ابْتَدَرَ قَتْلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُقِيمًا حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا يُمَثَّلُ بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَقُولُ لَهُ مَوْلَاهُ
اُقْتُلْهُ فَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ جَزَمَ بِذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فَلَوْ قَتَلَهُ الْغَاصِبُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ قَتَلَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْحَدِّ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ ضَمَانٌ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْقَتْلَ وَإِلَّا فَلْيُقْتَلْ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْغَاصِبِ نَعَمْ يَنْبَغِي فِي تَعَدِّي الْغَاصِبِ بِوَضْعِ يَدِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَكَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُتَحَتِّمِ قَتْلَهُ بِالْمُحَارَبَةِ يَصِحُّ بَيْعُ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ كَمَا مَرَّ ( فَلَوْ اشْتَرَاهُمَا ) شَخْصٌ ( أَوْ اشْتَرَى الْجَانِي فَقُتِلُوا ) أَيْ الثَّلَاثَةُ بِالرِّدَّةِ وَالْمُحَارَبَةِ وَالْقِصَاصِ ( فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا ) بِهَا ( انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْقَتْلِ ( وَاسْتَرَدَّ ) الْمُشْتَرِي ( جَمِيعَ الثَّمَنِ وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ ) مِنْ الْكَفَنِ وَغَيْرِهِ ( عَلَى الْبَائِعِ ) لِأَنَّ الْقَتْلَ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ .
( وَإِنْ كَانَ عَالِمًا ) بِهَا ( عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ) مِنْ الثَّمَنِ وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَإِمْسَاكِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ ( وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( قَطْعٌ بِجِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ صَحَّ بَيْعُهُ فَإِنْ قُطِعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا ) بِحَالِهِ حَتَّى قُطِعَ ( فَلَهُ الرَّدُّ ) وَاسْتِرْدَادُ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِحَالِهِ ( فَلَا ) رَدَّ لَهُ وَلَا أَرْشَ ( فَلَوْ حَدَثَ بِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ عَيْبٌ امْتَنَعَ الرَّدُّ ) لِأَنَّهُ بِقَبْضِ مُشْتَرِيهِ صَارَ مِنْ ضَمَانِهِ وَتَقْيِيدُهُ بِقَبْلِ الْقَطْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ ( وَرَجَعَ ) عَلَى الْبَائِعِ (
بِمَا ) أَيْ بِنِسْبَةِ مَا ( بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَأَقْطَعَ ) إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا مِنْ الثَّمَنِ ( وَلَهُ رَدُّ مُزَوَّجَةٍ اشْتَرَاهَا جَاهِلًا ) بِزَوَاجِهَا ( وَلَوْ افْتَضَّهَا الزَّوْجُ ) بِالْفَاءِ وَبِالْقَافِ ( بَعْدَ الْقَبْضِ ) لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ( فَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ رَجَعَ مِنْ الثَّمَنِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بِكْرًا غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ وَمُزَوَّجَةٍ مُفْتَضَّةٍ وَلَا رَدَّ ) وَلَا أَرْشَ ( إنْ عَلِمَ ) بِذَلِكَ ( وَإِنْ جَهِلَ مَرَضَ الْمَبِيعِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ وَجَبَ ) لَهُ ( الْأَرْشُ ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا بِالْمَرَضِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ دُونَ الزَّائِدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ ( لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَهُوَ ) أَيْ الْمَبِيعُ ( مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي ) وَالرِّدَّةُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وُجِدَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ زَادَ الْمَرَضُ فَعَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي امْتَنَعَ الرَّدُّ وَرَجَعَ بِالْأَرْشِ أَيْضًا
( فَصْلٌ إنَّمَا يَثْبُتُ الرَّدُّ ) ( قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ ) شَمِلَ مَا اشْتَرَاهُ الْوَلِيُّ لِمُوَلِّيهِ بِعَيْنِ مَالِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) أَيْ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا ( قَوْلُهُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي وَضْعِ الْحَوَائِجِ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ مَنْ ضَمِنَ الْكُلَّ ضَمِنَ الْجُزْءَ ( قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ ) يُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى قَاتِلِهِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا فَرْقَ فِي قَاتِلِهِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي ( قَوْلُهُ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إلَخْ ) يُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ قَتْلِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ لِظَنِّهِ حِرَابَتَهُ أَوْ كَانَ لِحَرْبِيٍّ وَقَتْلُ الْعَادِلِ الْبَاغِيَ أَوْ عَكْسَهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ ( قَوْلُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ ) هَذَا ضَعِيفٌ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَكَمَا لَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لَا يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ قَوْلِ مَالِكٍ الْمَغْصُوبُ لِغَاصِبِهِ أَقْتُلُهُ وَاضِحٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الرِّدَّةَ إنْ طَرَأَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهُ ( قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَى الْجَانِي ) أَيْ أَوْ تَارِكُ الصَّلَاةِ أَوْ الزَّانِي الْمُحْصَنُ بِأَنْ زَنَى الذِّمِّيُّ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِكَوْنِ امْتِنَاعِ الرَّدِّ حِينَئِذٍ سَبَبُهُ حُدُوثُ الْعَيْبِ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَعْلَمْ بِمُوجِبِ الْقَطْعِ حَتَّى قُطِعَ وَأَمَّا حُدُوثُهُ بَعْدَ الْقَطْعِ فَقَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ بِأَنْ أَخَّرَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بَعْدَ الْعِلْمِ
الْأَمْرُ ( الثَّالِثُ مَا يُظَنُّ ) حُصُولُهُ ( بِالتَّغْرِيرِ فَالتَّصْرِيَةُ حَرَامٌ ) وَهِيَ أَنْ يَتْرُكَ حَلْبَ النَّاقَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَمْدًا مُدَّةً قَبْلَ بَيْعِهَا لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهَا وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّدْلِيسُ وَالضَّرَرُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { لَا تَصُرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ النَّهْيِ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ } وَتَصُرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا مِنْ صَرَّ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَمَعَهُ ( وَيَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ إذَا عَلِمَ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ { مَنْ اشْتَرَى مُصْرَاةً وَفِي رِوَايَةٍ شَاةً مُصْرَاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ } فَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تَظْهَرُ إلَّا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا حَالَةَ نَقْصِ اللَّبَنِ قَبْلَ تَمَامِهَا عَلَى اخْتِلَافِ الْعَلَفِ أَوْ الْمَأْوَى أَوْ تَبَدُّلِ الْأَيْدِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ( هَذَا إذَا قَصَدَهَا وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا كَأَنْ تَرَكَ حَلْبَ الدَّابَّةِ نَاسِيًا أَوْ لِشَغْلٍ أَوْ تَصَرُّفٍ بِنَفْسِهَا ( فَوَجْهَانِ ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ لَا لِعَدَمِ التَّدْلِيسِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ مَا قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي نَعَمْ لِحُصُولِ الضَّرَرِ وَقَدْ يُؤَيَّدُ الْأَوَّل بِمَا فِي الْإِبَانَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِيمَا إذَا تَجَعَّدَ شَعْرُهُ بِنَفْسِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّصْرِيَةَ تُعْلَمُ غَالِبًا مِنْ الْحَلْبِ كُلَّ يَوْمٍ فَالْبَائِعُ مُقَصِّرٌ بِخِلَافِ التَّجَعُّدِ ( فَإِنْ زَادَ اللَّبَنُ بِقَدْرِ التَّصْرِيَةِ ) أَيْ بِقَدْرِ مَا أَشْعَرَتْ بِهِ ( وَاسْتَمَرَّ فَلَا خِيَارَ ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لَهُ
( قَوْلُهُ فَالتَّصْرِيَةُ حَرَامٌ ) أَيْ إنْ قَصَدَ بَيْعَهَا أَوْ تَضَرَّرَتْ ( قَوْلُهُ وَتُصِرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا إلَخْ ) وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيَهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّاءِ ( قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَصَحُّ مَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ وَالْمِفْتَاحِ لِلْمُعَاوِي وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَحَقِيقَةُ الْوَجْهَيْنِ تَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ يَلْحَقُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَيَثْبُتُ أَوْ خِيَارُ الْخَلْفِ فَلَا يَثْبُتُ ( قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لَهُ ) كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ إلَّا بَعْدَ زَوَالِهِ وَكَمَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِعِتْقِهَا تَحْتَ رَقِيقٍ حَتَّى عَتَقَ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلِمَ ) الْمُشْتَرِي ( بِالتَّصْرِيَةِ بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّهَا ) أَيْ الْمُصْرَاةَ ( وَلَزِمَهُ صَاعُ تَمْرٍ ) وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَتِهَا ( بَدَلَ اللَّبَنِ ) الْمَوْجُودِ حَالَةَ الْعَقْدِ ( إنْ تَلِفَ اللَّبَنُ أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى رَدِّهِ ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلَوْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الْحَلْبِ رَدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ( وَيَتَعَيَّنُ التَّمْرُ وَالصَّاعُ وَلَوْ قَلَّ اللَّبَنُ ) لِلْخَبَرِ فِيهِمَا وَقَطْعًا لِلنِّزَاعِ فِي الثَّانِي فَلَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ التَّمْرِ بِقِلَّةِ اللَّبَنِ وَكَثْرَتِهِ كَمَا لَا تَخْتَلِفُ غُرَّةُ الْجَنِينِ بِاخْتِلَافِ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ وَلَا أَرْشِ الْمُوضِحَةِ بِاخْتِلَافِهِمَا صِغَرًا وَكِبَرًا وَبِمَا قَالَهُ عَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ رَدَّ اللَّبَنِ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ مِلْكُهُ وَقَدْ اخْتَلَطَ بِالْمَبِيعِ وَتَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ فَإِذَا أَمْسَكَهُ كَانَ كَالتَّالِفِ وَأَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَحْمُضْ لِذَهَابِ طَرَاوَتِهِ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ ( فَإِنْ تَرَاضَيَا بِغَيْرِهِ ) أَيْ بِغَيْرِ صَاعِ تَمْرٍ مِنْ مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ ( جَازَ ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا وَفِي نُسْخَةٍ وَيَجُوزُ التَّرَاضِي بِغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ بِغَيْرِ شَيْءٍ جَازَ ( فَإِنْ أَعْوَزَهُ التَّمْرُ ) أَيْ عَدَمَهُ وَالْمُرَادُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ( فَقِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ ) تَلْزَمُهُ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا بَلْ حَكَى وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا هَذَا وَثَانِيَهُمَا قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ بِلَادِ التَّمْرِ إلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَدِينَةِ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْحِجَازِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَسْأَلَةُ الْإِعْوَازِ سَاقِطَةٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الرَّوْضِ
وَكَأَنَّهُ لِمَا عَرَفْت ( وَلَوْ اشْتَرَى مُصْرَاةً بِصَاعٍ ) مِنْ تَمْرٍ ( رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ إنْ شَاءَ وَاسْتَرَدَّ صَاعَهُ ) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْفُسُوخِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاسْتِرْدَادُ الصَّاعِ مِنْ الْبَائِعِ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ فَلَوْ تَلِفَ وَكَانَ مِنْ نَوْعِ مَا لَزِمَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ فَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي التَّقَاصِّ إنْ جَوَّزْنَاهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لِلرَّافِعِيِّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ شَاءَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَ بَلْ إنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمُصْرَاةَ وَحْدَهَا وَاكْتَفَى عَنْ رَدِّ الصَّاعِ بِالصَّاعِ الَّذِي وَقَعَ ثَمَنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا وَتَرَاضَيَا أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا لَكِنْ كَانَ مِنْ نَوْعِ مَا لَزِمَهُ رَدَّهُ وَقُلْنَا بِالتَّقَاصِّ فِي غَيْرِ النَّقْدِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ
( قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ صَاعُ تَمْرٍ ) يَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ التَّمْرُ هُنَا وَلَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ وَالِاقْتِيَاتُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا قَطْعُ النِّزَاعِ مَعَ ضَرْبِ تَعَبُّدٍ وَالْمَقْصُودُ فِي الْفِطْرَةِ سَدُّ الْخَلَّةِ ( قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ فِيهِمَا ) احْتَجَّ لَهُ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِتَقْدِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّاعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِاخْتِلَافِ أَلْبَانِهَا ( قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْوَسَطُ مِنْ تَمْرِ الْبَلَدِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ ) أَيْ لِكَثْرَةِ التَّمْرِ بِهَا رِفْقًا بِالْمُشْتَرِي يَوْمَ الرَّدِّ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ( قَوْلُهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بَاقِيًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( رَدَّ غَيْرَ الْمُصْرَاةِ ) بَعْدَ الْحَلْبِ ( بِعَيْبٍ فَهَلْ يَرُدُّ بَدَلَ اللَّبَنِ وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَاضِي وَابْنُ الرِّفْعَةِ نَعَمْ كَالْمُصْرَاةِ فَيَرُدُّ صَاعَ تَمْرٍ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ قِيمَةَ اللَّبَنِ لِأَنَّ الصَّاعَ عِوَضُ لَبَنِ الْمُصْرَاةِ وَهَذَا لَبَنُ غَيْرِهَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهَا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَثَانِيهِمَا لَا لِأَنَّهُ قَلِيلٌ غَيْرُ مُعْتَنًى بِجَمْعِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُصْرَاةِ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ كَغَيْرِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَوْ كَانَ يَسِيرًا كَالرَّشْحِ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ مَعَهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ حَدَثَ عَلَى مِلْكِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا الصَّاعَ كَالْمُصْرَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ اللَّبَنَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ
( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِيهِ أَوْجُهٌ ) هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ
( فَرْعٌ لَا يَخْتَصُّ هَذَا ) أَيْ خِيَارُ التَّصْرِيَةِ ( بِالنَّعَمِ بَلْ لَوْ اشْتَرَى أَتَانًا أَوْ جَارِيَةً مُصْرَاةً رَدَّهَا ) لِأَنَّ لَبَنَهَا مَقْصُودٌ لِلتَّرْبِيَةِ ( وَ ) لَكِنْ ( لَا بَدَلَ لِلَبَنِهَا ) لِأَنَّ لَبَنَ الْأَتَانِ نَجِسٌ وَلَبَنَ الْجَارِيَةِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إنَّ رَدَّ الصَّاعِ جَارٍ فِي كُلِّ مَأْكُولٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَاسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأَرْنَبِ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ وَنَحْوِهَا ( وَإِنْ حَبَسَ مَاءِ الْقَنَاةِ أَوْ ) مَاءِ ( الرَّحَى وَأَرْسَلَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ ) تَخْيِيلًا لِكَثْرَتِهِ ( أَوْ حَمَّرَ وَجْنَةَ الْجَارِيَةِ ) تَخْيِيلًا لِحُسْنِهَا ( أَوْ وَرَّمَ وَجْهَهَا لِيَظُنَّ ) الْمُشْتَرِي ( سِمَنَهَا أَوْ سَوَّدَ شَعْرَهَا أَوْ جَعَّدَهُ ) لِيُوهِمَ أَنَّهُ خِلْقَةٌ ( فَلَهُ الْخِيَارُ ) كَالتَّصْرِيَةِ بِجَامِعِ التَّلْبِيسِ وَخَرَجَ بِ جَعَّدَهُ مَا لَوْ سَبَّطَهُ وَبَانَ جَعْدًا فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْجُعُودَةَ أَحْسَنُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْجَارِيَةِ بَلْ الْعَبْدُ كَذَلِكَ وَكَذَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِغَالِبِ النَّاسِ أَنَّهُ مَصْنُوعٌ حَتَّى لَا يُنْسَبُ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ ( وَلَوْ لَطَّخَ ثَوْبَهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( بِالْمِدَادِ أَوْ أَلْبَسهُ زِيَّ خَبَّازٍ ) مَثَلًا لِيُوهِمَ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ ( أَوْ وَرَّمَ ضَرْعَ الشَّاةِ ) لِيُوهِمَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ ( فَلَا ) خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ لَمْ يَبْحَثْ
( قَوْلُهُ بِالنِّعَمِ ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَثُبُوتُهُ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ بِالنَّصِّ وَفِي الْبَقَرِ إمَّا بِالنَّصِّ لِرِوَايَةِ { مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً } وَإِمَّا بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ عَلَى الْإِبِلِ فَإِنَّهَا أَكْثَرُ لَبَنًا مِنْ الْإِبِلِ وَأَمَّا تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ مَأْكُولٍ وَالْجَارِيَةِ وَالْأَتَانِ فَلِرِوَايَةِ { مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً } ( قَوْلُهُ أَوْ الْإِجَارَةُ ) مِثْلُهَا جَمِيعُ الْمُعَوَّضَاتِ ( قَوْلُهُ أَوْ جَعَّدَهُ ) أَيْ أَوْ وَضَعَ قُطْنًا فِي شِدْقِهَا قَوْلُهُ حَتَّى لَا يُنْسَبَ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ ) قَالَ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ أَوْ مَنْ وَاطَأَهُ وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَحَقَّلَتْ الشَّاةُ بِنَفْسِهَا وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ كَالْإِسْنَوِيِّ وَالدَّمِيرِيِّ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ
( فَرْعٌ مَتَى رَضِيَ ) الْمُشْتَرِي ( بِالْمُصْرَاةِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا ) قَدِيمًا ( رَدَّهَا وَ ) رَدَّ ( بَدَلَ اللَّبَنِ مَعَهَا ) وَهُوَ صَاعُ تَمْرٍ كَمَا لَوْ رَدَّهَا بِالتَّصْرِيَةِ
( فَرْعٌ الْغَبْنُ لَا يُوجِبُ ) أَيْ يُثْبِتُ ( الرَّدَّ وَإِنْ فَحُشَ كَمَنْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً لِتَقْصِيرِهِ ) حَيْثُ لَمْ يَبْحَثْ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ الرَّدَّ فِي تَلَقِّي الرُّكْبَانَ كَمَا مَرَّ لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْفُحْشِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّفَاحُشِ إذْ لَا تَفَاعُلَ هُنَا
( قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ ) عَلِمَ أَنَّ لَهَا قِيمَةً وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهَا
( فَرْعٌ وَمَتَى بَاعَ ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ ( بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ ) فِيهِ ( بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِي الْحَيَوَانِ خَاصَّةً مَوْجُودٍ ) فِيهِ ( حَالَةَ الْعَقْدِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ ) عَيْبٍ ( غَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَا فِيهِ لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ بِعِلْمِهِ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ فِيهِ اجْتِهَادُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَقَالَ الْحَيَوَانُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحَوُّلُ طِبَاعِهِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ أَيْ فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِيهِ إلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ مُطْلَقًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَلْبِيسِهِ فِيهِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ فِيهِمَا لِنُدْرَةِ خَفَائِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْخَفِيِّ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْرَأْ مِمَّا حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ ( وَيَصِحُّ الْبَيْعُ )
مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ( وَلَوْ بَطَلَ الشَّرْطُ ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ وَلِاشْتِهَارِ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ ( وَهَكَذَا ) يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْرَأُ الْبَائِعُ مِمَّا ذُكِرَ وَلَوْ بَطَلَ الشَّرْطُ ( لَوْ قَالَ بِعْتُك ) هَذَا ( عَلَى أَنْ لَا تَرُدَّ ) هـ ( بِعَيْبٍ ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ ( وَإِنْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا يَحْدُثُ ) مِنْ الْعُيُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا مَعَ الْمَوْجُودِ مِنْهَا ( بَطَلَ الْعَقْدُ ) صَوَابُهُ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ ( أَوْ ) شَرَطَ الْبَرَاءَةَ ( مِنْ ) عَيْبٍ ( مُعَيَّنٍ ) فَإِنْ كَانَ مِمَّا ( لَا يُشَاهَدُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ ) وَالْإِبَاقِ ( أَوْ يُشَاهَدُ كَالْبَرَصِ وَشَاهَدَهُ الْمُشْتَرِي بَرِئَ ) لِأَنَّ ذِكْرَهَا إعْلَامٌ بِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُشَاهَدُ وَلَمْ يُشَاهِدْهُ الْمُشْتَرِي ( فَلَا ) يَبْرَأُ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مُطْلَقًا لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَبَعْضُ الْوَرَّاقِينَ فِي زَمَنِنَا يَجْعَلُ بَدَلَ شَرْطِ الْبَرَاءَةِ إعْلَامَ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ بِالْمَبِيعِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ وَرَضِيَ بِهِ وَهَذَا جَهْلٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَلَا يُفِيدُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تَكْفِي فِيمَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ حَتَّى يُرِيَهُ إيَّاهُ وَأَمَّا مَا لَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ فَذَكَرَهُ مُجْمَلًا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ كَذِكْرِهِ مَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ بِالتَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ فَلَا يُفِيدُ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِمُقْتَضَى هَذَا الْإِقْرَارِ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ وَبُطْلَانِهِ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ
( قَوْلُهُ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا ) أَيْ لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَيُعْلَمُ غَالِبًا فَأَعْطَيْنَا حُكْمَ الْمَعْلُومِ وَإِنْ خَفَى عَلَى نُدُورٍ قَالَ فِي الْعُبَابِ فَإِنْ جَهِلَ مَعَ سُهُولَةِ عِلْمِهِ بِهِ فَوَجْهَانِ وَفِي تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي وُجُودِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَأَصَحُّ وَجْهَيْ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ مَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَأَصَحُّ وَجْهَيْ الثَّانِيَةِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ إلَخْ ) يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمُرَادِ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ هَلْ الْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا فِي الْجَوْفِ مِمَّا لَا يُشَاهَدُ أَوْ مَا فِي الصُّورَةِ أَوْ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي الرُّؤْيَةِ حَتَّى يَخْرُجَ فَقْدُ الْأَسْنَانِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا فِي الْأَصَحِّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ ر وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا ( قَوْلُهُ صَوَابُهُ الشَّرْطُ ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ
( فَصْلٌ وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ) كَأَنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ أُكِلَ الطَّعَامُ ( أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ زَوَّجَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا فَعَلِمَ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( بِعَيْبٍ ) بِهِ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ ( رَجَعَ بِالْأَرْشِ ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ أَمَّا فِيهِ فَسَيَأْتِي ( وَهُوَ ) أَيْ الْأَرْشُ ( جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَاهُ مِنْ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْغَصْبِ لَرُبَّمَا سَاوَى الثَّمَنَ فَيَجْتَمِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ مِنْ الثَّمَنِ ( نِسْبَتُهُ إلَيْهِ نِسْبَةَ ) أَيْ كَنِسْبَةِ ( مَا يُنْقِصُ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ ) لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ سَلِيمًا إلَيْهَا ( وَيُعْتَبَرُ ) فِيهَا ( أَقَلُّ قِيمَتَيْ ) وَقْتَيْ ( الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَوْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَقَلُّ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّقْوِيمِ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالدَّقَائِقِ .
فَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا أَقَلَّ فَيُوَافِقُ مَا سَيَأْتِي فِي الثَّمَنِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ النَّقْصَ الْحَادِثَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَخَيَّرُ بِهِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّخْيِيرِ الَّذِي فِي ثُبُوتِهِ رَفْعُ الْعَقْدِ عَدَمُ الضَّمَانِ الَّذِي لَيْسَ فِي ثُبُوتِهِ ذَلِكَ ( مِثَالُهُ قِيمَتُهُ دُونَ الْعَيْبِ مِائَةٌ وَ ) قِيمَتُهُ ( تِسْعُونَ مَعَ الْعَيْبِ فَالتَّفَاوُتُ ) بَيْنَهُمَا وَاقِعٌ ( بِالْعُشْرِ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ فَإِذَا ثَبَتَ الْأَرْشُ ) لِلْمُشْتَرِي ( فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي
ذِمَّتِهِ بَرِئَ مِنْ قَدْرِ الْأَرْشِ لَكِنْ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ ) بِهِ فَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِالْمَعِيبِ بِكُلِّ الثَّمَنِ مَعَ بَقَاءِ الْمَبِيعِ فَكَذَا يَجُوزُ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِمَا عَلَى السَّوَاءِ وَكَمَا لَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ ثَمَّ بِالْفَسْخِ لَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ هُنَا بِالْأَرْشِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ الْفَوْرُ بِخِلَافِ الرَّدِّ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ ( وَيَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ ) بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ ( مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ وَ ) يَسْتَحِقُّ ( الرُّجُوعَ فِي عَيْنِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ ( عِنْدَ الْفَسْخِ ) لِلْبَيْعِ ( إنْ كَانَ ) بَاقِيًا ( فِي يَدِهِ ) فِيهِمَا يَعْنِي يَدَ الْبَائِعِ بِقَرِينَةٍ ( وَلَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَ ) إلَيْهِ أَوْ عَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ .
وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ قِيَمُ الْمَبِيعِ فَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ قِيمَتَاهُ سَلِيمًا وَقِيمَتَاهُ مَعِيبًا أَوْ يَتَّحِدَا سَلِيمًا وَيَخْتَلِفَا مَعِيبًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ يَتَّحِدَ مَعِيبًا وَيَخْتَلِفَا سَلِيمًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ يَخْتَلِفَا سَلِيمًا وَمَعِيبًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ سَلِيمًا أَقَلُّ وَمَعِيبًا أَكْثَرُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَذَلِكَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ لَا تَخْفَى أَمْثِلَتُهَا وَقَدْ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَإِذَا نَظَرْت إلَى قِيمَتِهِ فِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَيْضًا زَادَتْ الْأَقْسَامُ ( فَإِذَا تَلِفَ الثَّمَنُ ) وَقَدْ فُسِخَ الْبَيْعُ ( رُدَّ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّم لَكِنْ فِي ) الثَّمَنِ ( الْمُعَيَّنِ ) وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ ( يَرُدُّ قِيمَتَهُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ ) وَقْتِ ( الْعَقْدِ إلَى ) وَقْتِ ( الْقَبْضِ ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي
مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَقَلُّ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ لِأَنَّ التَّلَفَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ ( وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ ( كَالْقَرْضِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَخُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَالتَّلَفِ ( فَإِنْ تَعَيَّبَ بِنَقْصِ وَصْفٍ ) كَالشَّلَلِ ( أَوْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسَّمْنِ أَخَذَهُ لَهُ وَعَلَيْهِ ) أَيْ أَخْذُهُ ( بِلَا أَرْشٍ ) لَهُ فِي النَّقْصِ وَلَا عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَخَرَجَ بِنَقْصِ الْجُزْءِ فَيَسْتَحِقُّ أَرْشَهُ ( وَالْعَيْبُ إنْ لَمْ يُنْقِصْ الْمَبِيعَ كَالْخِصَاءِ لَا أَرْشَ لَهُ ) لِعَدَمِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ قَبْلَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ وَيَجِبَ الْأَرْشُ كَنَظِيرِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ حَيْثُ لَمْ تُوجِبْ أَرْشًا وَلَمْ تَنْقُصْ شَيْئًا بَعْدَ الِانْدِمَالِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَرْعِيُّ هُنَا الْمَالِيَّةُ وَلَمْ يَفُتْ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَأَنَّا لَوْ لَمْ نَنْظُرْ إلَيْهِ لَأُهْدِرَتْ الْجِنَايَةُ أَصْلًا
( قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَعَتِيقُهُ كَافِرَيْنِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّوَقُّعَ الْبَعِيدَ نَوْعًا مِنْ الْيَأْسِ ( قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَهُ ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ عَرَفَ عَيْبَ الرَّقِيقِ وَقَدْ زَوَّجَهُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَرْضَهُ مُزَوَّجًا فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ فَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ فَفِي الرَّدِّ وَأَخْذِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَأَرْجَحُهُمَا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَا أَرْشَ ( قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا ) أَوْ جَعَلَ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً وَيَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ فِي الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا ) أَيْ وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ حَقِّهِ فَرَجَعَ إلَى الْأَرْشِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَخْ ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الْأَرْشَ هُنَا مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ كَالْغَصْبِ وَالسَّوْمِ وَالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسَاوِي الْمُثَمَّنَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِعَشْرَةٍ فَلَوْ رَجَعَ بِعَشْرَةٍ لَجَمَعَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ هَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا فِي الْأَرْشِ الْوَاجِبِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَمَّا مَا يَجِبُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا إذَا رَجَعَ الْمَبِيعُ إلَيْهِ بِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَنْسُبُ الْأَرْشَ إلَى الْقِيمَةِ لَا إلَى الثَّمَنِ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى شِرَاءِ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ وَصَارَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ كَالْمُسْتَامِ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْعَكْسِ بِمَا يُخَالِفُهُ وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الصَّوَابُ .
( قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالدَّقَائِقِ ) وَفِي الْكَافِي وَتُعْتَبَرُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّا نُرَاعِي مَا هُوَ الْأَضَرُّ بِالْبَائِعِ فِي الْحَالَيْنِ وَالْأَنْفَعُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ ) يَعْنِي النَّقْصَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ ( مِنْهُ ) ( فَرْعٌ )