كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
( فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ الْخِطْبَةُ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَخَطَبَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ } رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ ( وَيَحْرُمُ التَّصْرِيحُ بِهَا لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ ) رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ لِمَفْهُومِ آيَةِ { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ } وَلِلْإِجْمَاعِ .
( وَتَجُوزُ ) الْخِطْبَةُ ( تَعْرِيضًا فِي عِدَّةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ ) لِهَذِهِ الْآيَةِ وَلِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا بِخِلَافِ التَّصْرِيحِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَنْكُوحَةِ أَمَّا الْمُعْتَدَّةُ مِنْهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ خِطْبَتُهَا لَا تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهِ ( وَالتَّعْرِيضُ ) مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا ( كَقَوْلِهِ ) أَنْتِ ( جَمِيلَةٌ وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيك ) وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَك وَلَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك ( وَلَا يَخْفَى التَّصْرِيحُ ) وَهُوَ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَأُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَك ، وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك وَلَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ ، وَهِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَوَازِمِهِ كَقَوْلِك فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ لِلطَّوِيلِ وَكَثِيرُ الرَّمَادِ لِلْمِضْيَافِ وَمِثَالُهَا هُنَا لِلتَّصْرِيحِ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَتَلَذَّذَ بِك ، وَلِلتَّعْرِيضِ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إنْ أَفَادَ الْقَطْعَ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ أَوْ الِاحْتِمَالُ لَهَا فَتَعْرِيضٌ وَكَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغُ مِنْ التَّصْرِيحِ الْمُقَرَّرِ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهَا
كَالتَّصْرِيحِ ؛ لِأَنَّهَا أَبْلَغُ مِنْهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ هُنَا بِالتَّصْرِيحِ ثَمَّ .
( وَلِجَوَابِهَا ) أَيْ الْخِطْبَةِ مِمَّنْ يَعْتَبِرُ إجَابَتَهُ ( حُكْمُ خِطَابِهِ ) أَيْ الْخَاطِبِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا فِيمَا ذُكِرَ وَلَوْ قَالَ وَلِجَوَابِهَا حُكْمُهَا كَانَ أَخْصَرَ وَمَعَ ذَلِكَ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا حُكْمُ الْخِطْبَةِ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ الْخِطْبَةُ ) أَيْ لِمَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ دُونَ غَيْرِهِ حَتَّى تُكْرَهَ لِمَنْ يُكْرَهُ لَهُ النِّكَاحُ نَعَمْ الْمُحْرِمُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ وَتُكْرَهُ لَهُ الْخِطْبَةُ وَيُكْرَهُ أَيْضًا لِلْحَلَالِ خِطْبَةُ الْمُحْرِمَةِ ( قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ التَّصْرِيحُ بِهَا لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ ) كَغَيْرِهَا مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ مُسْتَفْرَشَةً لِسَيِّدِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَرُبَّمَا جَرَّ إلَى فَسَادٍ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ لَهُ خِطْبَةُ مَنْ يَمْتَنِعُ نِكَاحُهَا فِي الْحَلَالِ كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ أَوْ الْبِكْرِ فَاقِدَةِ الْمُجْبِرِ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِيَقَعَ التَّزْوِيجُ إذَا زَالَ الْمَانِعُ .
( قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ إلَخْ ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَنَّ وَثَنِيَّيْنِ أَقَامَا عِنْدَنَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا عَلَى زَوْجَتِهِ الْوَثَنِيَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَثَنِيِّ الْآخَرِ أَنْ يَعْرِضَ بِنِكَاحِهَا ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ زَوْجَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ ا هـ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُعْتَدَّةُ بِالرِّدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ ا هـ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُ الْخِطْبَةِ وَلَوْ كَانَ فِي نِكَاحِ الْخَاطِبِ أَرْبَعٌ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِتَحْرِيمِهِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ خِطْبَةِ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ فِي نِكَاحِهِ أَرْبَعٌ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ الْقَصْدُ أَنَّهَا إذَا أَجَابَتْ أَبَانَ وَاحِدَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا قَالَ وَقِيَاسُهُ يَجْرِي فِي زَوْجٍ خَطَبَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ وَفِي هَذَا بُعْدٌ .
ا هـ .
( فَرْعٌ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِخِطْبَةِ مَنْ صَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ ) وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَعْرِضْ لِخَبَرِ { لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالتَّقَاطُعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَإِعْرَاضُ الْمُجِيبِ كَإِعْرَاضِ الْخَاطِبِ وَسُكُوتُ الْبِكْرِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ أَمَّا إذَا لَمْ تُعْلَمْ إجَابَتُهُ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يَجِبْ أَوْ أُجِيبَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( لَا إذَا عَرَضَ لَهُ بِهَا ) كَلَا رَغْبَةَ عَنْك أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ وَأَذِنَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ أَعْرَضَ وَلَوْ بِطُولِ الزَّمَنِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهُ لِسُقُوطِ حَقِّ الْأَوَّلِ فِي الْأَخِيرَةِ بِأَحْوَالِهَا الثَّلَاثَةِ وَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ فِي الْبَقِيَّةِ وَلِخَبَرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْآتِي حَيْثُ تَوَارَدَ عَلَيْهَا الْخُطَّابُ وَلَمْ يَنْهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمْ لِمَا لَمْ تُصَرِّحْ بِالْإِجَابَةِ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِغَيْرِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهِ وَأَنْ تَكُونَ الْخِطْبَةُ الْأُولَى جَائِزَةً فَلَوْ حَرُمَتْ كَأَنْ خُطِبَتْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ فَلَا تَحْرِيمَ ( وَالْمُعْتَبَرُ ) فِي التَّحْرِيمِ ( إجَابَتُهَا ) إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةً ( أَوْ إجَابَةِ الْوَلِيِّ الْمُجْبَرَ ) إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً أَوْ إجَابَتُهُمَا مَعًا إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ ( أَوْ ) إجَابَةُ ( السَّيِّدِ أَوْ السُّلْطَانُ فِي الْأَمَةِ ) غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ ( وَ ) فِي ( الْمَجْنُونَةِ ) الْبَالِغَةِ بِالنِّسْبَةِ
لِلسُّلْطَانِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَوْ إجَابَةُ السَّيِّدِ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً
( وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ ) شَمِلَ مَا لَوْ خَطَبَ لَهُ وَكِيلُهُ ( قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا إلَخْ ) أَمَّا الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ فِي إهْدَارِ الدَّمِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إيذَاؤُهُ ج وَلَوْ خَطَبَ الْكَافِرُ مُسْلِمَةً فَقَالَ إنْ أَجَبْتُونِي أَسْلَمْت وَتَزَوَّجْتهَا فَأَجَابَهُ الْوَلِيُّ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَهَلْ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْلَمَ يُحْتَمَلُ الْجَوَازُ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا لَوْ خَطَبَ الْمُسْلِمَةَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ مُعَلَّقَةٌ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَنْفِيرًا عَنْ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَطَبَ الْفَاسِقُ ، وَقَالَ لَهُ الْوَلِيُّ إنْ تُبْت زَوَّجْتُك إنْ كَانَتْ التَّوْبَةُ تُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ الذَّنْبِ كَالشُّرْبِ بِخِلَافِ الزِّنَا ت ( قَوْلُهُ وَسُكُوتُ الْبِكْرِ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ ) هَذَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الدَّارَكِيِّ حِكَايَةُ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ النِّكَاحَ يُسْتَحْيَا فِيهِ مَا لَا يُسْتَحْيَا فِي الْخِطْبَةِ ( قَوْلُهُ أَوْ أَعْرَضَ وَلَوْ بِطُولِ الزَّمَنِ إلَخْ ) أَوْ نَكَحَ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَخْطُوبَةِ ( قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ ) وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ إجَابَةُ الْوَلِيِّ إلَخْ ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَجَابَ الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ تَبْطُلُ الْخِطْبَةُ ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَالْجَوَابُ كَالْإِذْنِ فَيَبْطُلُ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَأْذَنَ أَوْ يَتْرُكَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْنِيَ عَلَى جَوَازِ رُجُوعِ
الْمُجِيبِ عَنْ الْجَوَابِ وَقَدْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي التَّصْحِيحِ ( قَوْلُهُ وَإِجَابَتُهُمَا مَعًا ) إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ يَنْبَغِي فِيمَا إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَالْوَلِيُّ مُجْبِرٌ أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَعَيَّنَ الْمُجْبِرُ غَيْرَهُ هَلْ الْمُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ أَوْ تَعْيِينُهَا ( قَوْلُهُ أَوْ أَجَابَهُ السَّيِّدُ ) أَيْ أَوْ وَلِيُّهُ ( قَوْلُهُ وَأَجَابَهُ السَّيِّدُ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ لَا بُدَّ مِنْ إجَابَتِهَا وَسَيِّدِهَا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ خَطَبَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَتَزَوَّجَ صَحَّ النِّكَاحُ وَهُوَ آثِمٌ كَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِإِثْمِ الْمَرْأَةِ إذَا صَرَّحَتْ بِالْإِجَابَةِ ثُمَّ أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِ الثَّانِي وَلَا لِإِثْمِ الْوَلِيِّ إذَا كَانَ مُجْبِرًا وَصَرَّحَ بِالْإِجَابَةِ ثُمَّ زَوَّجَ الثَّانِيَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا آثِمَانِ ؛ لِأَنَّهُ أَعَانَهُ الْخَاطِبُ عَلَى مُحَرَّمٍ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ فَأَجَابَتْ ثُمَّ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ فَزَوَّجَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْقَضِيَّةِ فَيُحْتَمَلُ إثْمُهُ أَيْضًا لِمُدْرِكِ الْإِعَانَةِ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَالثَّانِي أَرْجَحُ ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ الْإِجَابَة وَلِوَلِيِّهَا ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( خَطَبَ رَجُلٌ خَمْسًا وَلَوْ بِالتَّرْتِيبِ ) وَصَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ ( اجْتَنَبْنَ مِنْ ) أَيْ حَرُمَتْ خِطْبَةُ كُلٍّ مِنْهُنَّ ( حَتَّى يَعْقِدَ بِأَرْبَعٍ ) أَيْ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ أَوْ يَتْرُكَهُنَّ أَوْ بَعْضَهُنَّ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِي الْخَامِسَةِ
( فَرْعٌ يُكْرَهُ التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ لِمَخْطُوبَةٍ ) لِقُبْحِهِ وَقَدْ يَحْرُمُ بِأَنْ يَتَضَمَّنَ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ كَقَوْلِهِ أَنَا قَادِرٌ عَلَى جِمَاعِك أَوْ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُك مَنْ يُجَامِعُك ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ ، وَلَوْ قَالَ عِنْدِي جِمَاعٌ يُرْضِي مَنْ جُومِعَتْ فَقَدْ عَرَّضَ بِالْخِطْبَةِ تَعْرِيضًا مُحَرَّمًا وَأَنْهَاهُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ قُبْحٌ وَفُحْشٌ قَالَ تَعَالَى { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } أَيْ جِمَاعًا { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } أَمَّا التَّصْرِيحُ بِهِ لَهَا كَقَوْلِهِ مَكِّنِينِي مِنْ جِمَاعِك فَحَرَامٌ ( لَا التَّصْرِيحُ ) بِهِ ( لِلزَّوْجَةِ ) وَالْأَمَةِ فَلَا يُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ .
( وَتُبَاحُ الْغِيبَةُ لِلتَّحْذِيرِ مِنْ فِسْقِ ) أَوْ ابْتِدَاعِ ( خَاطِبٍ وَمَخْطُوبَةٍ وَوَالٍ ) بِأَنْ يُبَيِّنَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ ( وَرَاوِي عِلْمٍ ) بِأَنْ يُبَيِّنَ لِلْأَخْذِ عَنْهُ وَفِي مَعْنَاهُ الشَّاهِدُ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّوْضَةُ ( وَ ) لِلتَّحْذِيرِ ( مِنْ عَيْبِ خَاطِبٍ ) وَمَخْطُوبَةٍ ( وَمُشْتَرَى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ( وَ ) تُبَاحُ ( الْغِيبَةُ بِاللَّقَبِ لِتَعْرِيفٍ ) كَالْأَعْمَشِ وَالْأَعْرَجِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِهِ وَلَوْ أَمْكَنَ التَّعْرِيفُ بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى ( وَالشَّكْوَى ) أَيْ وَتُبَاحُ الْغِيبَةُ لِأَجْلِ شَكْوَى ظَالِمٍ ( عِنْدَ مُنْصِفٍ ) لَهُ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ظَلَمَنِي فُلَانٌ وَفَعَلَ بِي كَذَا ( وَ ) تُبَاحُ الْغِيبَةُ ( لِفَاسِقٍ ) أَيْ لِأَجْلِ فِسْقِهِ ( عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ فُلَانٌ يَعْمَلُ كَذَا فَازْجُرْهُ عَنْهُ ( وَعِنْدَ مُفْتٍ ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ : ظَلَمَنِي فُلَانٌ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَمَا طَرِيقِي فِي خَلَاصِي مِنْهُ ؟ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكُلُّ ذَلِكَ لِلنَّصِيحَةِ وَالتَّحْذِيرِ ( لَا لِإِيذَاءٍ ) { لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا : أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ
لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْك مِنْ شَقَاشِقِهِ وَلِقَوْلِهِ { إذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْهُ } ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَرَوَى خَبَرَ جَرِيرٍ { بَايَعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ } .
( وَمَنْ تَجَاهَرَ بِمَعْصِيَةٍ ) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَمُصَادَرَةِ النَّاسِ وَجِبَايَةِ الْأَمْوَالِ ظُلْمًا ( ذُكِرَ بِهَا فَقَطْ ) أَيْ لَا بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُوجَدَ لِجَوَازِ ذِكْرِهِ سَبَبٌ آخَرُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بَعْدَ قَوْلِهِمْ ذُكِرَ بِهَا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ : إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَجَاهِرُ بِهَا عَالِمًا يَقْتَدِي بِهِ فَيَمْتَنِعُ غَيْبَتُهُ ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا اطَّلَعُوا عَلَى زِلَّتِهِ تَسَاهَلُوا فِي ارْتِكَابِ - الذَّنْبِ قَالَ وَذَكَرَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ .
ا هـ .
وَلَعَلَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ : وَغِيبَةُ الْكَافِرِ مُحَرَّمَةٌ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ وَتَرْكًا لِوَفَاءِ الذِّمَّةِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ سَمِعَ ذِمِّيًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَمُبَاحَةٌ إنْ كَانَ حَرْبِيًّا ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ حَسَّانَ أَنْ يَهْجُوَ الْمُشْرِكِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغِيبَةَ وَهِيَ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُ وَلَوْ فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مُحَرَّمَةٌ سَوَاءٌ أَذَكَرَهُ بِلَفْظٍ أَمْ كِتَابَةٍ أَمْ إشَارَةٍ بِعَيْنٍ أَوْ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ نَحْوِهَا لَكِنَّهَا تُبَاحُ لِلْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ تَجِبُ بَذْلًا لِنَصِيحَةِ الْغَيْرِ وَتَحْذِيرِهِ مِنْ الشَّرِّ .
نَعَمْ إنْ انْدَفَعَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ هَذَا أَوْ لَا تَصْلُحْ لَك مُصَاهَرَتُهُ أَوْ مُعَامَلَتُهُ أَوْ لَا خَيْرَ لَك فِيهِ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ بِذِكْرِ
عُيُوبِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَقِيَاسُهُ إنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِذِكْرِ بَعْضِهَا لَا بِذِكْرِ جَمِيعِهَا قَالَ الْبَارِزِيُّ ، وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِيهِ وَجَبَ ذِكْرُهُ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ عَنْهُ وَلَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَسُوءِ الْخُلُقِ وَالشُّحِّ اُسْتُحِبَّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ فِي الْحَالِ وَسَتَرَ نَفْسَهُ وَإِنْ اُسْتُشِيرَ فِي وِلَايَةٍ فَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الْكَفَاءَةِ أَوْ الْخِيَانَةَ وَأَنَّ نَفْسَهُ لَا تُطَاوِعُهُ عَلَى تَرْكِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ أَوْ يَقُولَ لَسْت أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ انْتَهَى وَوُجُوبُ التَّفْصِيلِ بَعِيدٌ وَالْأَوْجَهُ دَفْعُ ذَلِكَ بِنَحْوِ قَوْلِهِ أَنَا لَا أَصْلُحُ لَكُمْ
( قَوْلُهُ وَتُبَاحُ الْغَيْبَةُ إلَخْ ) الْغَيْبَةُ تُبَاحُ لِسِتَّةِ أَسْبَابٍ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَقَبٌ وَمُسْتَفْتٍ وَفِسْقٌ ظَاهِرٌ وَالظُّلْمُ تَحْذِيرٌ مُزِيلُ الْمُنْكَرِ ( قَوْلُهُ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ ) الْمُرَادُ كَثْرَةُ الضَّرْبِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَذَكَرَهُ بِلَفْظٍ إلَخْ ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْقَلْبِ كَمَا يَحْصُلُ بِاللَّفْظِ ( قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ بَذْلًا لِنَصِيحَةِ الْغَيْرِ إلَخْ ) وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ كَالْخِتَانِ وَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ فِي الْمَذْهَبِ يَجِبُ ذِكْرُ مَعَايِبِ الْخَاطِبِ لِيَحْذَرَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا ذِكْرُهَا نَصِيحَةً وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرْ
( فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ ) فِي النِّكَاحِ أَرْبَعُ خُطَبٍ ( خُطْبَةٌ ) بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَاطِبِ ( قَبْلَ الْخِطْبَةِ ) بِكَسْرِهَا ( وَ ) خُطْبَةٌ مِنْ الْمُجِيبِ ( قَبْلَ الْإِجَابَةِ وَ ) خُطْبَتَانِ ( قَبْلَ النِّكَاحِ ) إحْدَاهُمَا مِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْإِيجَابِ وَالْأُخْرَى مِنْ الْخَاطِبِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ ، وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ عَلَى ذَلِكَ فَصَحَّحَ أَنَّ الْخُطْبَةَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ الَّتِي أَمَامَ الْعَقْدِ أَطْوَلَ مِنْ خُطْبَةِ الْخِطْبَةِ وَالْخُطْبَةُ تَحْصُلُ ( بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالصَّلَاةِ ) عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَالْوَصِيَّةِ ) بِالتَّقْوَى فَيَحْمَدُ اللَّهَ الْخَاطِبُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ رَاغِبًا فِي كَرِيمَتِكُمْ أَوْ فَتَاتِكُمْ وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك أَوْ نَحْوَهُ ، وَتَبَرَّكَ الْأَئِمَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا { قَالَ إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ : إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يَضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ } إلَى قَوْلِهِ { رَقِيبًا } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } إلَى قَوْلِهِ { عَظِيمًا } } وَتُسَمَّى هَذِهِ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ .
وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ
بَعْدَهَا : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَتَفَرَّقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَ كِتَابٍ قَدْ سَبَقَ وَإِنْ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقٍ كَذَا أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ ( فَلَوْ حَمِدَ اللَّهَ الْوَلِيُّ وَصَلَّى ) عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَأَوْصَى ) بِتَقْوَى اللَّهِ ( ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ فَفَعَلَ الزَّوْجُ مِثْلَهُ ) بِأَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى وَأَوْصَى ( ثُمَّ قَبِلَ ) النِّكَاحَ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا يَضُرُّ هَذَا الْفَصْلُ ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ فَلَا يَقْطَعُ الْوَلَاءَ كَالْإِقَامَةِ وَطَلَبِ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ وَالْخُطْبَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَهِيَ مِمَّنْ ذُكِرَ فَيَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِحْبَابُ وَيَصِحُّ مَعَهَا الْعَقْدُ ( فَإِنْ طَالَ ) الذِّكْرُ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ( أَوْ تَخَلَّلَ ) بَيْنَهُمَا ( كَلَامٌ يَسِيرٌ أَجْنَبِيٌّ ) عَنْ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ مَا يَشْمَلُ الْكَلِمَ وَالْكَلِمَةَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ ( وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ ) الْوَلِيِّ عَلَى الْعَقْدِ ( أُزَوِّجُك ) هَذِهِ أَوْ زَوَّجْتُكهَا ( عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ وَلَوْ شَرَطَهُ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْمَوْعِظَةُ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالشَّرْعِ
( قَوْلُهُ وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْإِبْطَالِ أَوْلَى
( فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لَهُمَا ) أَيْ لِلزَّوْجَيْنِ ( بِالْبَرَكَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ ) فَيُقَالُ بَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك ( وَالْجَمْعِ ) أَيْ وَبِالْجَمْعِ ( بِخَيْرٍ ) فَيُقَالُ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا رَفَّأَ مَنْ تَزَوُّجٍ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ تَأْخِيرَ قَوْلِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَنْ هَذَا أَوْ تَقْدِيمِهِ عَلَى بِالْبَرَكَةِ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْأَصْلِ وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ أَوَّلَ مَا يَلْقَى زَوْجَتَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاصِيَتِهَا وَيَقُولَ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي صَاحِبِهِ وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْجِمَاعِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا ( وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ ) لِخَبَرٍ وَرَدَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالرِّفَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ الِالْتِئَامُ وَالِاتِّفَاقُ مِنْ قَوْلِهِمْ رَفَأْت الثَّوْبَ ( وَيُسْتَحَبُّ ) لِلْوَلِيِّ ( عَرْضُ مُوَلِّيَتِهِ عَلَى ذَوِي الصَّلَاحِ ) كَمَا فَعَلَ شُعَيْبٌ بِمُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعُمَرُ بِعُثْمَانَ ثُمَّ بِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ( وَإِحْضَارُ الصَّالِحِينَ لِلْعَقْدِ ) زِيَادَةً عَلَى الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ ( وَأَنْ يَنْوِيَ بِالنِّكَاحِ السُّنَّةَ وَالصِّيَانَةَ ) لِدِينِهِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ إنْ قَصَدَ بِالنِّكَاحِ طَاعَةً مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ صِيَانَةَ فَرْجِهِ وَنَحْوَهُ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَأْثَمُ بِهِ
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ ) ( وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ ) الصِّيغَةُ وَهِيَ ( الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ النِّكَاحِ ) بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ وَالْمُرَادُ بِلَفْظِ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا وَهُوَ ( شَرْطٌ ) فَلَا يَنْعَقِدُ بِغَيْرِهِمَا كَلَفْظِ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْهِبَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ } وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْزِعُ إلَى الْعِبَادَاتِ لِوُرُودِ النَّدْبِ فِيهِ ، وَالْأَذْكَارُ فِي الْعِبَادَاتِ تُتَلَقَّى مِنْ الشَّرْعِ وَالشَّرْعُ إنَّمَا وَرَدَ بِلَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ مَلَّكْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ } فَقِيلَ وَهْمٌ مِنْ الرَّاوِي وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مُعَارَضٌ بِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ زَوَّجْتُكهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ وَأَفَادَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " شَرْطٌ " أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ الرُّكْنِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لَهُ وَلَوْ نَصَبَهُ كَانَ أَوْلَى ( لَوْ ) كَانَ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ ( بِالْعَجَمِيَّةِ ) فَإِنَّهُ يَكْفِي وَإِنْ أَحْسَنَ قَائِلُهَا الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ فَاكْتَفَى بِتَرْجَمَتِهِ هَذَا ( إنْ فَهِمَاهَا ) بِأَنْ فَهِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَلَامَ نَفْسِهِ وَكَلَامَ الْآخَرِ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ اللُّغَتَانِ أَمْ اخْتَلَفَتَا .
( فَإِنْ فَهِمَهُمَا ثِقَةٌ ) دُونَهُمَا وَأَخْبَرَهُمَا بِمَعْنَاهَا ( فَوَجْهَانِ ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ كَمَا فِي الْعَجَمِيِّ الَّذِي ذَكَرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَأَرَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ قَالَ : وَصُورَتُهُ أَنْ لَا يَفْهَمَهَا إلَّا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا فَلَوْ أَخْبَرَ بِمَعْنَاهَا قَبْلُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَمَا
قَالَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَيَنْعَقِدُ أَيْضًا بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ ، وَالْإِيجَابُ ( كَزَوَّجْتُكَ وَأَنْكَحْتُك ) ابْنَتِي ( فَيَقُولُ ) الزَّوْجُ ( تَزَوَّجْت ) هَا أَوْ ( نَكَحْت ) هَا ( أَوْ قَبِلْت نِكَاحَهَا ) أَوْ تَزْوِيجَهَا أَوْ هَذَا النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ ، وَلَوْ قَالَ وَيَقُولُ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى ؛ إذْ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ : تَزَوَّجْت ابْنَتَك أَوْ نَكَحْتهَا فَقَالَ الْوَلِيُّ : زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا صَحَّ ، وَلَوْ قَالَ رَضِيت نِكَاحَهَا فَكَقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا كَمَا حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ .
وَقَوْلُ السُّبْكِيّ نَقْلُ هَذَا الْإِجْمَاعِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اكْتَفَى بِقَبِلْتُ نِكَاحَهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرَّضَاعِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ النِّكَاحِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكْتَفِيَ بِرَضِيتُ نِكَاحَهَا .
قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ : وَكَزَوَّجْتُكَ زَوَّجْت لَك أَوْ إلَيْك فَيَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ ( لَا قَبِلْت فَقَطْ ) لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِوَاحِدٍ مِنْ لَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ لِحَاجَتِهِ إلَى مَزِيدِ احْتِيَاطٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( وَفِي قَبِلْتهَا أَوْ قَبِلْت النِّكَاحَ ) أَوْ التَّزْوِيجَ ( تَرَدُّدٌ ) أَيْ خِلَافٌ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا الصِّحَّةُ فِي قَبِلْت النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ دُونَ قَبِلْتهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ ( وَلَا يَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ ) إذْ لَا مَطْلَعَ لِلشُّهُودِ عَلَى النِّيَّةِ ، وَالْمُرَادُ الْكِنَايَةُ فِي الصِّيغَةِ أَمَّا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك ابْنَتِي فَقَبِلَ وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً صَحَّ
كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّ الشُّهُودَ لَا مَطْلَعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ فَالْكِنَايَةُ مُغْتَفَرَةٌ فِي ذَلِكَ ( وَ ) لَا بِ ( كِتَابَةٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَبِكِتَابَةٍ فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ ؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا بَلْ لَوْ قَالَ لِغَائِبٍ : زَوَّجْتُك ابْنَتِي أَوْ قَالَ زَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ كَتَبَ فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ أَوْ الْخَبَرُ فَقَالَ قَبِلْت لَمْ يَصِحَّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْأُولَى وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ كَلَامِهِ .
وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِتَرَاخِي الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِيهِ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ حَيْثُ نَقَلَهَا عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالْكِنَايَةِ وَأَقَرَّهُ ، وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ ، ثَمَّ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ بَابَ الْبَيْعِ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ انْعِقَادِهِ بِالْكِنَايَاتِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ ، وَجَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ الرَّاجِحَ فِيهِمَا عَدَمَ الصِّحَّةِ جَاعِلًا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ كَالرَّافِعِيِّ ثُمَّ عَنْ بَعْضِ الْأَصَحِّ لِلْأَبِ ضَعِيفٌ ، وَفِي الْأَصْلِ لَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَاضِي فَقِيهًا فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ لَمْ يَكْفِ الْكِتَابُ بَلْ يُشْتَرَطُ اللَّفْظُ وَلَيْسَ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْخَطِّ عَلَى الصَّحِيحِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ لِمَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ لَا لِقَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ : أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُعْتَمَدِ ؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الْقَاضِي وَالْقَاضِي يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ نَائِبَهُ الْقَضَاءَ بِالْمُشَافَهَةِ وَالْمُرَاسِلَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا ثَمَّ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَحْدَهَا لَا تُفِيدُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِ شَاهِدَيْنِ عَلَى التَّوْلِيَةِ .
( وَمَتَى قَالَ زَوِّجْنِي فَقَالَ ) الْوَلِيُّ ( زَوَّجْتُك انْعَقَدَ )
النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ لِوُجُودِ الِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي خَطَبَ الْوَاهِبَةَ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ زَوِّجْنِيهَا فَقَالَ زَوَّجْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبِلْت نِكَاحَهَا ( وَمِثْلُهُ ) فِي الِانْعِقَادِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ( تَزَوَّجْ ابْنَتِي فَيَقُولُ ) الْخَاطِبُ ( تَزَوَّجْتهَا ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَمَتَى قَالَتْ طَلِّقْنِي ) أَوْ خَالِعْنِي ( أَوْ أَعْتِقْنِي أَوْ صَالِحْنِي عَنْ الْقِصَاصِ بِأَلْفٍ فَفَعَلَ انْعَقَدَ ) وَلَزِمَ الْأَلْفُ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولٍ بَعْدَهُ ( وَلَا يُجْزِئُ زَوَّجْتنِي ابْنَتَك ) أَوْ تُزَوِّجْنِيهَا ( أَوْ تَتَزَوَّجُ ابْنَتِي ) أَوْ تَزَوَّجْتهَا ( لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ ) وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ ( وَلَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ ) لِلْوَلِيِّ ( زَوَّجْته ابْنَتَك فَقَالَ زَوْج ) تُهَا ( ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ قُلْ قَبِلْت نِكَاحَهَا فَقَالَ قَبِلْت نِكَاحَهَا انْعَقَدَ ) النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مُرْتَبِطَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَا أَوْ أَحَدُهُمَا : نَعَمْ ، وَقَوْلُهُ " قُلْ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ " قَبِلْت نِكَاحَهَا " هُوَ مَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَكْثَرِ نُسَخِهِ وَأَنَّهُ مُرَادُهُ بِتَعْبِيرِهِ فِي بَعْضِهَا بِقَبِلْتُ قَالَ وَأَمَّا تَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِقَبِلْتُهُ فَيُوهِمُ أَنَّ الْهَاءَ تَقُومُ مَقَامَ نِكَاحِهَا وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ .
ا هـ .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الرَّوْضَةَ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ النُّسَخِ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا بِقَبِلْتُ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ نُسَخَهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الْأَصْفُونِيَّ وَغَيْرَهُ عَبَّرُوا فِي مُخْتَصَرِهَا بِقَبِلْتُ نِكَاحَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهُ مُرَادُ الرَّوْضَةِ
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ ) ( قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ ) صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ بِأَنَّ النِّكَاحَ مَصْدَرٌ كَالْإِنْكَاحِ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ ( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ ) أَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ رَوَى بِالْمَعْنَى ظَنًّا مِنْهُ تَرَادُفَهُمَا ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ إلَخْ ) فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ النُّطْقَ بِالْكَافِ بَلْ بِالْهَمْزَةِ فَقَالَ قَبِلْت نَآحَهَا أَوْ هَذَا النَّوْحَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ تَرْجَمَهُ بِلُغَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْت أَوْ أَنْأَحْتُأَ بِإِبْدَالِ الْكَافِ هَمْزَةً ت وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ جَوَّزْتُكَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ تَجَوَّزْت وَعُلِمَ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الِانْعِقَادِ بِالْعَجَمِيَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيْنَ مَنْ لَا تُحْسِنُ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْمَعْدُولِ عَنْهَا وَبَيْنَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( قَوْلُهُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْآتِي بِالْإِيجَابِ يَعْرِفُ مَعْنَى مَا أَتَى بِهِ دُونَ صَاحِبِهِ .
( قَوْلُهُ فَيَقُولُ الزَّوْجُ تَزَوَّجْت إلَخْ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ النِّكَاحِ فَقَطْ وَأَمَّا الْمُسَمَّى فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا صَرَّحَ الزَّوْجُ بِهِ فِي لَفْظِهِ كَقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا عَلَى هَذَا الصَّدَاقِ أَوْ نَحْوَهُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَبُولَ بِغَيْرِ الْمُسَمَّى فَإِنْ نَوَى الْقَبُولَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ بِهِ وَلَزِمَ كَمَا فِي الْبَيْعِ (
قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْت ابْنَتَك إلَخْ ) أَوْ أَتَزَوَّجُهَا الْآنَ أَوْ أَنَا نَاكِحُهَا الْآنَ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ رَضِيت نِكَاحَهَا إلَخْ ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ اخْتَرْت نِكَاحَهَا أَوْ أَرَدْت نِكَاحَهَا صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ قَبِلْت ؛ لِأَنَّهَا أَلْفَاظٌ مُشْعِرَةٌ بِالْقَبُولِ ( قَوْلُهُ وَكَزَوَّجْتُكَ زَوَّجْت لَك ) أَوْ إلَيْك أَوْ مِنْك أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ لَا تُزَادُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الصَّحِيحِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ ) أَيْ فِي الصِّلَاتِ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِوَاحِدٍ مِنْ لَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ ) وَالْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ مُعَادًا فِي الْجَوَابِ لَكِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَاتِ قَوْلُهُ وَفِي قَبِلْتهَا أَوْ قَبِلْت النِّكَاحَ تَرَدُّدٌ ) جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالصِّحَّةِ فِي قَبِلْتهَا ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ إلَخْ ) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهَا الْوَجْهُ وَأَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الِانْعِقَادِ فِي قَبِلْتهَا لِعَدَمِ اللَّفْظِ الْمُعْتَبَرِ ( قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ ) وَيُقَوِّي الصِّحَّةَ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ تَقُومُ مَقَامَ الضَّمِيرِ كَثِيرًا لَا سِيَّمَا مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِ الْإِيجَابِ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ أَتَى بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ كَأَنَا مُزَوِّجُك أَوْ أَنَا مُتَزَوِّجٌ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا بَائِعُك دَارِي بِكَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخُلْعِ ر ت لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك فَقَالَ قَرَّرْت نِكَاحَهَا أَوْ ثَبَتَ نِكَاحُهَا فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ثَبَتَ نِكَاحُهَا أَوْ قَرَّرْته بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالِابْتِدَاءِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَالتَّثْبِيتَ يَقْتَضِي شَيْئًا سَابِقًا ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ قَرَّرْت فَلَا يَكْفِي وَبَيْنَ ثَبَتَ فَيَكْفِي وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( وَقَوْلُهُ إذْ لَا مُطَّلَعَ لِلشُّهُودِ عَلَى النِّيَّةِ ) وَالْإِثْبَاتُ عِنْدَ
الْجُحُودِ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ وَقَرَائِنُ الْحَالِ لَا تَنْفَعُ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْكِنَايَةُ فِي الصِّيغَةِ ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْكِنَايَةُ فِي الصِّيغَةِ لَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْكِنَايَةِ عَنْ الْعَقْدِ وَالْكِنَايَةِ عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الْعَقْدِ غَيْرَ مُحْتَمِلَةٍ سَلَّمْنَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّ كَلَامَهُمْ غَيْرُ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُرَادُهُمْ إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي وَهُوَ مِنْ أَتْبَاعِ الْبَغَوِيّ فَقَالَ وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنَتَانِ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا بِإِشَارَةٍ أَوْ تَسْمِيَةٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ مَكَان أَوْ تَوَافَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَنَوَيَاهَا حَالَةَ الْعَقْدِ وَالشُّهُودُ كَانُوا عَالِمِينَ بِهَا هَذَا لَفْظُهُ فَلْيَنْزِلْ إطْلَاقُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ اكْتَفَى بِالنِّيَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ .
وَإِنْ أُجْرِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ بِأَنَّ فَاطِمَةَ عَلَمٌ فَيَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى نِيَّةِ اللَّافِظِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا يَفْتَقِرُونَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ إلَى نِيَّةِ اللَّافِظِ وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ اللَّافِظِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِيَكُونَ لَفْظُهُ مُطَابِقًا لِمُرَادِهِ الظَّاهِرِ وَهُوَ صَرِيحٌ لَا كِنَايَةٌ فَلَا يَرِدُ اعْتِرَاضُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ اسْمُ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ فَقَالَ فَاطِمَةُ طَالِقٌ وَادَّعَى غَيْرَ زَوْجَتِهِ مِنْ الْفَوَاطِمِ لَمْ يُقْبَلْ بَلْ يُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ ر ( قَوْلُهُ وَمَتَى قَالَ زَوِّجْنِي فَقَالَ زَوَّجْتُك انْعَقَدَ ) صُورَتُهَا أَنْ يَذْكُرَ الْمَرْأَةَ صَرِيحًا أَوْ إشَارَةً أَوْ ضَمِيرًا ( قَوْلُهُ فَقَالَ زَوَّجْتهَا ) أَيْ إيَّاهُ
( فَرْعٌ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فَوْرًا كَالْبَيْعِ ) فَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ وَإِذَا أَتَى أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بِأَحَدِ شِقَّيْ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ إصْرَارِهِ عَلَيْهِ وَبَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ حَتَّى يُوجَدَ الشِّقُّ الْآخَرُ وَكَذَا الْآذِنَةُ فِي تَزْوِيجِهَا حَيْثُ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا ( فَإِنْ أَوْجَبَ ) الْوَلِيُّ ( ثُمَّ رَجَعَ ) عَنْ إيجَابِهِ ( أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ) أَوْ جُنَّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ ارْتَدَّ ( أَوْ رَجَعَتْ الْآذِنَةُ ) عَنْ إذْنِهَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا أَوْ جُنَّتْ أَوْ ارْتَدَّتْ ( امْتَنَعَ الْقَبُولُ ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ إغْمَاءَهَا دُونَ رُجُوعِهَا وَالْمُصَنِّفُ عَكَسَ ذَلِكَ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ
( قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فَوْرًا ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَقْبَلَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ إيجَابِ النِّكَاحِ
( فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ ) وَقَدْ أُخْبِرَ بِمَوْلُودٍ ( إنْ كَانَ الْمَوْلُودُ بِنْتًا فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا ) كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ ( فَإِنْ أُعْلِمَ ) أَيْ أُخْبِرَ بِحُدُوثِ بِنْتٍ لَهُ بِمَوْتِ إحْدَى نِسَاءِ زَيْدٍ مَثَلًا ( فَصَدَقَ ) الْمُخْبِرُ ( ثُمَّ قَالَ ) لِزَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ وَلِغَيْرِهِ فِي الْأُولَى ( إنْ صَدَقَ ) الْمُخْبِرُ ( فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا صَحَّ ) وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت زَوْجَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَخَافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَصَوَّرَهُ بِالتَّصْدِيقِ الْمَذْكُورِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَمَا قَالَهُ يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ تَعْلِيقٌ وَإِنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُ فَتَفْسُدُ الصِّيغَةُ بِصُورَةِ التَّعْلِيقِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إنْ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك مَنْعُهُ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ إنْ وَقَدْ صَدَقَ وَجَبَ جَعْلُهَا بِمَعْنَى إذْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَا مَعْنَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِاشْتِرَاطِ الْيَقِينِ بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّبَرُّكَ الْعَقْدَ ) وَكَذَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شِئْت وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ كَوْنِ التَّعْلِيقِ مَانِعًا إذَا كَانَ لَيْسَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك بِنْتِي إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَالصُّورَةُ أَنَّهَا كَانَتْ غَائِبَةً وَتَحَدَّثَ بِمَوْتِهَا أَوْ ذَكَرَ مَوْتَهَا أَوْ قَتْلَهَا وَلَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ وَبَسَطَ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ ) ؛ لِأَنَّ إنْ إذَا أُدْخِلَتْ عَلَى مَاضٍ مُحَقَّقٍ كَانَتْ بِمَعْنَى إذْ وَإِذْ مَعْنَاهَا التَّحْقِيقُ ( قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ الْمَوْلُودُ بِنْتًا إلَخْ ) أَوْ إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا اسْتَشْكَلَ تَصْوِيرَ الْإِذْنِ مِنْ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِي الْبِكْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَاعْتَدَّتْ وَأُجِيبُ بِتَصْوِيرِهِ فِيمَا إذَا وُطِئَتْ فِي الدُّبُرِ وَاسْتَدْخَلَتْ الْمَاءَ وَفِي الْمَجْنُونَةِ أَوْ فِي الْعَاقِلَةِ إذَا أَذِنَتْ لَهُ إنْ طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَمَا أَشَارَ إلَى صِحَّةِ هَذَا الْإِذْنِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ
( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ ( زَوَّجْتُك ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك وَيَكُونُ بُضْعُ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( صَدَاقَ الْأُخْرَى فَقَالَ تَزَوَّجْتهَا وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي ) عَلَى ذَلِكَ ( لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَتَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ آخِرِ الْخَبَرِ الْمُحْتَمَلِ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ الرَّاوِي أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ الرَّاوِي عَنْهُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ حَيْثُ جُعِلَ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَقِيلَ التَّعْلِيقُ وَقِيلَ : الْخُلُوُّ مِنْ الْمَهْرِ وَسُمِّيَ شِغَارًا إمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ شُغِرَ الْبَلَدُ عَنْ السُّلْطَانِ إذَا خَلَا عَنْهُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَهْرِ وَقِيلَ : لِخُلُوِّهِ عَنْ بَعْضِ الشَّرَائِطِ ، وَإِمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ شُغِرَ الْكَلْبُ إذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِيَبُولَ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ لَا تَرْفَعْ رِجْلَ ابْنَتِي حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ ابْنَتِك ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك اسْتِيجَابٌ قَائِمٌ مَقَامَ قَوْلِهِ زَوِّجْنِي ابْنَتَك وَإِلَّا لَوَجَبَ الْقَبُولُ بَعْدُ .
( وَكَذَا ) لَا يَصِحُّ ( لَوْ ذَكَرَ مَعَ الْبُضْعِ مَالًا ) كَقَوْلِهِ : زَوَّجْتُك بِنْتِي أَوْ أَمَتِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك أَوْ أَمَتَك بِأَلْفٍ وَبُضْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقُولُ : الزَّوْجُ تَزَوَّجْت بِنْتَك أَوْ أَمَتَك وَزَوَّجْتُك بِنْتِي أَوْ أَمَتِي عَلَى ذَلِكَ لِوُجُودِ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ ( فَلَوْ أَسْقَطَ ) فِيهَا وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا ( وَبُضْعُ كُلٍّ صَدَاقُ الْأُخْرَى صَحَّ النِّكَاحَانِ ) إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَهُوَ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ ، وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ عَلَى الْبُطْلَانِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ مَعَ إسْقَاطِ ذَلِكَ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ إسْقَاطِهِ
كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي بَقِيَّةِ نُصُوصِهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ مَعَ الْإِسْقَاطِ يَصِحُّ النِّكَاحَانِ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى ( وَلَوْ قَالَ وَبُضْعُ ابْنَتِي صَدَاقُ ابْنَتِك وَلَمْ يَزِدْ ) فَقَبِلَ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ ( صَحَّ الثَّانِي فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْأَوَّلِ لِجَعْلِ بُضْعِ بِنْتِ الْأَوَّلِ فِيهِ صَدَاقًا لِبِنْتِ الثَّانِي بِخِلَافِ الثَّانِي ( أَوْ عَكْسَهُ ) بِأَنْ قَالَ وَبُضْعُ ابْنَتِك صَدَاقُ ابْنَتِي وَلَمْ يَزِدْ ( صَحَّ الْأَوَّلُ ) فَقَطْ لِمَا عُرِفَ ، وَلَوْ قَالَ : زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنَّ بُضْعَك صَدَاقٌ لَهَا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ لَكِنْ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ سُمِّيَ خَمْرًا وَالثَّانِي الْبُطْلَانُ لِتَضَمُّنِ هَذَا الشَّرْطِ حَجْرًا عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ مِلْكُ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمِلْكِ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ التَّشْرِيكِ
( قَوْلُهُ أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ الرَّاوِي ) وَصَوَّبَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ ( قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ إلَخْ ) ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي قَوْلُهُ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُ الْأُخْرَى يَقْتَضِي اسْتِرْجَاعَهُ لِيَجْعَلَهُ صَدَاقًا فَقَدْ رَجَعَ عَمَّا أَوْجَبَ قَبْلَ الْقَبُولِ فَبَطَلَ ( قَوْلُهُ حَيْثُ جُعِلَ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى ) فَجَعَلَهُ عِوَضًا وَمُعَوَّضًا عَنْهُ وَالْمَحَلُّ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ فَاعِلًا وَقَابِلًا أَيْ لَا يُجْعَلُ عِلَّةً وَمَعْلُولًا كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ ( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ
( فَرْعٌ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ ) دُونَ النِّكَاحِ فِيمَا ( إذَا قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي بِمَنْفَعَةِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِمُتْعَةِ ( أَمَتِك وَنَحْوِهَا ) كَعَبْدِك لِلْجَهْلِ بِالْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ قَالَ ) لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ( زَوَّجْتُك جَارِيَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك بِصَدَاقٍ ) لَهَا ( هُوَ رَقَبَةُ الْجَارِيَةِ ) فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ ( صَحَّ النِّكَاحَانِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَشْرِيَك فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ عَقْدُ النِّكَاحِ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّعْوِيضِ فِي الْأُولَى وَفَسَادِ الْمُسَمَّى فِي الثَّانِيَةِ إذْ لَوْ صَحَّ الْمُسَمَّى فِيهَا لَزِمَ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَبِ جَارِيَةَ بِنْتِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَ التَّصْوِيرِ كَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْت بِنْتَك عَلَى رَقَبَةِ جَارِيَتِي وَزَوَّجْتُك جَارِيَتِي فَقَبِلَ لِتَقَارُنِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ وَخَالَفَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ لَا يَفْسُدُ الْمُسَمَّى فِي الْجَارِيَةِ بَلْ يُمَلِّكُهَا الْبِنْتَ عَنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ قَالَ هَذَا إذَا سَبَقَ تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ فَإِنْ تَأَخَّرَ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالتَّزْوِيجِ انْتَقَلَ إلَى الْبِنْتِ فَلَا يَجُوزُ لِأَبِيهَا أَنْ يَقْبَلَ نِكَاحَ الْجَارِيَةِ وَمَا قَالَهُ مُنْدَفِعٌ بِمَا قَدَّمْته ( وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ زَيْدٌ ابْنَتَهُ وَالصَّدَاقُ ) أَيْ وَصَدَاقُ الْبِنْتِ ( بُضْعُ الْمُطَلَّقَةِ فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ ) التَّزْوِيجُ لِمَا مَرَّ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ : وَكَانَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَقُولُ : لَا رَجْعَةَ لِلْمُطَلِّقِ وَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الزَّوْجِ ، ثُمَّ قَالَ فَرْعٌ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتَك عَلَى أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي وَجَعَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلَاقَ هَذِهِ بَدَلًا عَنْ طَلَاقِ الْأُخْرَى قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَقَعُ الطَّلَاقَانِ إذَا فَعَلَاهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّجْعَةُ وَعِنْدِي لَا
رَجْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ خُلْعٌ فَاسِدٌ وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ بِأَنَّهُ خُلْعٌ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ .
( وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ ) زَيْدٌ ( عَبْدَهُ وَيَكُونُ طَلَاقُهَا عِوَضًا عَنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ ( عِتْقِهِ ) فَأَعْتَقَهُ عَلَى ذَلِكَ ( طَلُقَتْ وَفِي الْعِتْقِ وَجْهَانِ ثُمَّ فِي رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَى السَّيِّدِ ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( وَعَكْسِهِ ) أَيْ وَرُجُوعُ السَّيِّدِ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ( إنْ قُلْنَا يُعْتَقُ وَجْهَانِ ) الْأَوْجَهُ مِنْهُمَا وَمِنْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ نُفُوذُ الْعِتْقِ وَرُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمَا ذُكِرَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْهُ آنِفًا
( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَ التَّصْوِيرِ كَذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَعِنْدِي لَا رَجْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ الْأَوْجَهُ مِنْهُمَا وَمِنْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهُوَ الْمُؤَقَّتُ ) وَلَوْ بِمَعْلُومٍ كَسَنَةٍ ( بَاطِلٌ ) كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّمَتُّعِ دُونَ التَّوَالُدِ وَسَائِرُ أَغْرَاضِ النِّكَاحِ وَكَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِلْمُضْطَرِّ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ ثُمَّ حُرِّمَتْ عَامَ خَيْبَرَ ثُمَّ رَخَّصَ فِيهَا عَامَ الْفَتْحِ وَقِيلَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ حُرِّمَتْ أَبَدًا ( يَسْقُطُ بِهِ ) أَيْ بِالْوَطْءِ فِيهِ ( الْحَدُّ وَلَوْ عَلِمَ فَسَادَهُ ) لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ ( وَلَوْ قَالَ نَكَحْتهَا مُتْعَةً ) وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ ( فَكَذَلِكَ ) أَيْ بَاطِلٌ يَسْقُطُ بِالْوَطْءِ فِيهِ الْحَدُّ ( وَيَلْزَمُ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَلْزَمُهُ ( بِالْوَطْءِ فِيهِ الْمَهْرُ وَالنَّسَبُ ) وَالْعِدَّةُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَلَيْسَ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكهَا مُدَّةَ حَيَاتِك أَوْ عُمُرِك بَلْ هُوَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك أَوْ أَعَمَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ مُدَّةَ حَيَاتِك أَوْ عُمُرِك
( قَوْلُهُ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكهَا مُدَّةَ حَيَاتِك إلَخْ ) لَوْ أَقَّتَ بِأَلْفٍ سَنَةً أَوْ بِمُدَّةِ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا فَاحْتِمَالَانِ مَأْخَذُهُمَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا وَالْمُرَجَّحُ الْبُطْلَانُ ا ش ، وَقَالَ النَّاشِرِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ هُوَ كَمَا قَالَ ( قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك إلَخْ ) وَنَظِيرُهُ مِنْ الْجِزْيَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ أُقِرُّكُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ مُدَّةَ حَيَاتِكُمْ أَوْ إلَى أَنْ يَنْزِلَ عِيسَى عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا الْجِزْيَةَ ت
( الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَنْكُوحَةُ وَيُشْتَرَطُ خُلُوُّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ ) الْآتِي بَيَانُهَا ( وَ ) يُشْتَرَطُ ( تَعْيِينُ ) كُلٍّ مِنْ ( الزَّوْجَيْنِ فَزَوَّجْتُك إحْدَى بَنَاتِي أَوْ زَوَّجْت ) بِنْتِي ( أَحَدَكُمَا بَاطِلٌ ) وَلَوْ مَعَ الْإِشَارَةِ كَالْبَيْعِ وَلَا يُشْتَرَطُ الرُّؤْيَةُ ( وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي أَوْ بِعْتُك دَارِي وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا ) بِأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ أَوْ بِعْتُك هَذِهِ وَهِيَ حَاضِرَةٌ أَوْ كَانَتْ بِنْتُهُ فِي الدَّارِ وَقَالَ زَوَّجْتُك الَّتِي فِي الدَّارِ وَلَيْسَ فِيهَا غَيْرُهَا ( صَحَّ ) كُلٌّ مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْبَيْعِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ سَمَّى الْبِنْتَ ) الْمَذْكُورَةَ فِي صُورَتِهَا ( بِغَيْرِ اسْمِهَا ) وَلَوْ عَمْدًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْخَطَأِ ( أَوْ غَلِطَ فِي حُدُودِ الدَّارِ ) الْمَذْكُورَةِ فِي صُورَتِهَا ( أَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ إلَى الْبِنْتِ ) الَّتِي يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا ( صَحَّ ) كُلٌّ مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْبَيْعِ .
أَمَّا فِيمَا لَا إشَارَةَ فِيهِ فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبِنْتِيَّةِ وَالدَّارِيَّةِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ مُمَيَّزَةٌ فَاعْتُبِرَتْ وَلَغَا الِاسْمُ كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهَا وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَأَمَّا فِيمَا فِيهِ إشَارَةٌ فَتَعْوِيلًا عَلَيْهَا وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك الدَّارَ الَّتِي فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ فِي حُدُودِهَا كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَمَا جَزَمَ بِهِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ مَمْنُوعٌ ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا رَأَيَاهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الصُّلْحِ إذَا صَالَحَهُ عَنْ الدَّارِ الَّتِي يَعْرِفَانِهَا يَصِحُّ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ بِعْتُك دَارِي وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا صَحَّ وَإِنْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالدَّارِ دُونَ دَارِي لَا يَنْقَدِحُ بِهِ فَرْقٌ ( فَإِنْ قَالَ ) مَنْ اسْمُ بِنْتِهِ
فَاطِمَةُ ( زَوَّجْتُك فَاطِمَةَ وَلَمْ يَقُلْ ابْنَتِي لَمْ يَصِحَّ ) التَّزْوِيجُ لِكَثْرَةِ الْفَوَاطِمِ ( فَلَوْ نَوَيَاهَا صَحَّ ) عَمَلًا بِمَا نَوَيَاهُ ( وَاسْتَشْكَلَ ) تَصْحِيحَهُ ( لِاشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ ) فِيهِ وَالشُّهُودُ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ وَقَدَّمْت أَنَّ الْكِنَايَةَ مُغْتَفَرَةٌ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْخُوَارِزْمِيَّ اعْتَبَرَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا عِلْمَ الشُّهُودِ بِالْمَنْوِيَّةِ
( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ خُلُوُّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ ) كَأَنْ تَكُونَ مَنْكُوحَةً أَوْ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ أَوْ مُلَاعَنَةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ زِنْدِيقَةً أَوْ كِتَابِيَّةً غَيْرَ إسْرَائِيلِيَّةٍ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ قَبْلَ نَسْخِهِ أَوْ إسْرَائِيلِيَّةً عُلِمَ دُخُولُهُ بَعْدَ نَسْخِهِ أَوْ أَمَةً وَالنَّاكِحُ حُرٌّ يَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرُ خَائِفٍ عَنَتًا أَوْ يَكُونُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا مِلْكًا لَهُ أَوْ لِفَرْعِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُحَرَّمًا لَهُ أَوْ خَامِسَةً أَوْ فِي نِكَاحِهِ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَوْ مُحْرِمَةً بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً أَوْ بِكْرًا صَغِيرَةً لَا مُجْبِرَ لَهَا أَوْ مُشْتَبِهَةً بِمَحْصُورَاتٍ ( قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْإِشَارَةِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِلْحَمَلَةِ كَهَؤُلَاءِ فَإِنْ قَالَ هَذِهِ صَحَّ ( قَوْلُهُ وَلَوْ عَمْدًا فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ فِي الْمُخْطِئِ وَكَلَامٌ كَثِيرٌ مِمَّنْ صَحَّحَ ذَلِكَ يُوَجِّهُهُ بِلُزُومِ الْبِنْتِيَّةِ فَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْتَمِدًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَطْعًا إذْ لَيْسَ لَهُ بِنْتٌ بِهَذَا الِاسْمِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إلَخْ ) الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْهِمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي الْأُولَى تُفِيدُ مَمْلُوكِيَّةَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لِلْبَائِعِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ الْغَلَطُ فِي حُدُودِهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ ( قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ لِاشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْكِنَايَةَ إنَّمَا تَضُرُّ فِي نَفْسِ الصِّيغَةِ الْمُعْتَدِّ بِهَا إذَا أَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ بِتَرْجَمَتِهَا وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ وُجِدَتْ الصِّيغَةُ الصَّرِيحَةُ وَتَسْمِيَةُ
الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فَلَا يَضُرُّ الْقَصْدُ فِي تَعْيِينِهَا وَقَدْ سُئِلْت عَنْ وَكِيلٍ قَالَ لِشَخْصٍ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ بِنْتَ مُوَكِّلِي وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَكِنْ نَوَاهُ هُوَ وَالزَّوْجَ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ
( وَلَوْ قَالَ ) وَلَهُ ابْنَتَانِ كُبْرَى وَصُغْرَى زَوَّجْتُك ابْنَتِي ( الْكُبْرَى وَسَمَّى ) الْكُبْرَى بِاسْمِ ( الصُّغْرَى صَحَّ ) التَّزْوِيجُ ( فِي الْكُبْرَى ) اعْتِمَادًا عَلَى الْوَصْفِ بِالْكِبَرِ ، قَالَ فِي الْبَحْرِ : وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي الصَّغِيرَةَ الطَّوِيلَةَ وَكَانَتْ الطَّوِيلَةُ الْكَبِيرَةَ فَالتَّزْوِيجُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ كِلَا الْوَصْفَيْنِ لَازِمٌ وَلَيْسَ اعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا فِي تَمْيِيزِ الْمَنْكُوحَةِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ الْآخَرِ فَصَارَتْ مُبْهَمَةً ( وَلَوْ ذَكَرَ ) الْوَلِيُّ لِلزَّوْجِ ( اسْمَ وَاحِدَةٍ ) مِنْ بِنْتَيْهِ ( وَقَصْدُهُمَا الْأُخْرَى صَحَّ ) التَّزْوِيجُ ( فِيمَا قَصَدَا ) هَا وَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ ( وَفِيهِ الْإِشْكَالُ ) السَّابِقُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ثَمَّ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا بَلْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَقَصَدَا مُعَيَّنَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ اخْتَلَفَ قَصْدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ ) التَّزْوِيجُ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَبِلَ غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ : قَصَدْنَا الْمُسَمَّاةَ فَالنِّكَاحُ فِي الظَّاهِرِ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
( قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا إلَخْ ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأُولَى
( وَإِنْ خَطَبَ رَجُلَانِ امْرَأَتَيْنِ ) بِأَنْ خَطَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا امْرَأَةً ( وَعَقَدَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بِمَخْطُوبَةِ الْآخَرِ ) وَلَوْ ( غَلَطًا صَحَّ النِّكَاحَانِ ) لِقَبُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ وَقَوْلُهُ غَلَطًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ خِلَافَ الْمُرَادِ
( قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ غَلَطًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَخْ ) غَيْرُ الْغَلَطِ مَفْهُومٌ مِنْهُ بِالْأُولَى
( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الشَّهَادَةُ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ : ذُكِرَ فِي الْوَسِيطِ أَنَّ حُضُورَ الشُّهُودِ شَرْطٌ لَكِنْ تَسَاهَلَ فِي تَسْمِيَتِهِ رُكْنًا وَبِالْجُمْلَةِ حُضُورُهُمْ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَنْكِحَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ ( لَا بُدَّ ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً ( مِنْ حُضُورِ ذَكَرَيْنِ سَمِيعَيْنِ يَعْرِفَانِ اللِّسَانَ ) أَيْ لِسَانَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ( وَلَا يَكْفِي ضَبْطُ اللَّفْظِ ) التَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ تَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْعَقْدِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا فِيهِ وَجْهَانِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ بَلْ رَجَّحَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ الِانْعِقَادَ بِذَلِكَ ( بَصِيرَيْنِ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ ) كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهَا لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ { لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ } وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَالْمَعْنَى فِي اعْتِبَارِهِمَا الِاحْتِيَاطُ لِلْإِبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ وَنَصَّ عَلَى قَوْلِهِ ذَكَرَيْنِ سَمِيعَيْنِ بَصِيرَيْنِ مَعَ دُخُولِهِ فِي مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ قَبُولِ شَهَادَةِ أَضْدَادِهِمْ ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأُنْثَى وَالْأَصَمِّ وَالْأَعْمَى مَقْبُولَةٌ فِي مَحَالَّ مَخْصُوصَةٍ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ اسْتِشْهَادُهُمْ لِعَدَمِ تِلْكَ الْمَحَالِّ ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْأَخْرَسِ وَلَا بِذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ فَالتَّرْجِيحُ فِيهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ .
( وَ ) يَصِحُّ ( بِابْنَيْ أَحَدِهِمَا ) أَيْ بِحُضُورِ ابْنَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ( أَوْ عَدُوَّيْهِ وَكَذَا ابْنَيْهِمَا أَوْ عَدُوَّيْهِمَا ) أَوْ ابْنُ أَوْ عَدُوُّ أَحَدِهِمَا مَعَ ابْنِ أَوْ عَدُوِّ الْآخَرِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ بِشَهَادَتِهِمَا اكْتِفَاءً بِالْعَدَالَةِ وَالْفَهْمِ وَثُبُوتِ الْأَنْكِحَةِ بِقَوْلِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ ( وَالْجَدُّ )
مِنْ قِبَلِ أَحَدِهِمَا ( إنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا ) لَهُ ( كَالِابْنِ ) فَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ بِخِلَافِهِ إذَا كَانَ وَلِيًّا لَهُ ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ عَاقِدٍ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا كَالزَّوْجِ وَوَكِيلِهِ نَائِبُهُ وَقَدْ يَكُونُ الْأَبُ شَاهِدًا أَيْضًا كَأَنْ تَكُونَ بِنْتُهُ كَافِرَةً أَوْ رَقِيقَةً أَوْ ابْنُهُ سَفِيهًا وَأَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَاقِدًا وَلَا الْعَاقِدُ نَائِبَهُ ( وَلَوْ شَهِدَ وَلِيَّانِ ) كَأَخَوَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ ( وَالْعَاقِدُ غَيْرَهُمَا ) مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ ( لَا ) إنْ عَقَدَ ( بِوَكَالَةٍ ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا ( مِنْهُ ) بِمَعْنَى لَهُ ( جَازَ ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَهُ غَيْرُهُمْ بِوَكَالَةٍ مِمَّنْ ذُكِرَ لِمَا مَرَّ ( وَلَا يَصِحُّ بِمَجْهُولَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ ) وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا بِالدَّارِ بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارُ بِالْأَرِقَّاءِ وَلَا غَالِبَ أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ فَلَوْ عَقَدَ بِمَجْهُولَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ بِهِمَا إذَا بَانَا ذَكَرَيْنِ ( وَيَصِحُّ بِسَرِيعَيْ نِسْيَانٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ النِّسْيَانُ لِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ حَالًا ( وَبِمَسْتُورَيْنِ ) أَيْ مَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا بِأَنْ عُرِفَتْ بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ وَلَوْ اعْتَبَرَ فِيهِ الْعَدَالَةَ الْبَاطِنَةَ لَاحْتَاجُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَشُقُّ هَذَا إذَا عَقَدَ بِهِمَا غَيْرُ الْحَاكِمِ فَإِنْ عَقَدَ بِهِمَا الْحَاكِمُ لَمْ يَصِحَّ لِسُهُولَةِ
الْكَشْفِ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُتَوَلِّي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا .
( وَيَبْطُلُ السَّتْرُ بِتَفْسِيقِ عَدْلٍ ) فِي الرِّوَايَةِ فَلَوْ أَخْبَرَ بِفِسْقِ الْمَسْتُورِ عَدْلٌ لَمْ يَصِحَّ بِهِ النِّكَاحُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ الْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ فَإِنَّ الْجَرْحَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ إثْبَاتَ الْجَرْحِ بَلْ زَوَالُ ظَنِّ الْعَدَالَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِخَبَرِ الْعَدْلِ ( وَإِنْ تَحَاكَمَ الزَّوْجَانِ ) وَقَدْ أَقَرَّا بِنِكَاحٍ عُقِدَ بِمَسْتُورَيْنِ ( فِي نَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا ) مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ ( وَعَلِمَ الْحَاكِمُ بِفِسْقِ شُهُودِ الْعَقْدِ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ سَوَاءٌ أَتَرَافَعَا إلَيْهِ أَمْ لَا ( أَوْ ) عَلِمَ ( بِكَوْنِهِمَا مَسْتُورَيْنِ حَكَمَ ) بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا هُنَا تَابِعٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ كَمَا يَثْبُتُ شَوَّالٌ بَعْدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا تَبَعًا لِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ ( وَلَا يَقْبَلُهُمَا فِي إثْبَاتِ النِّكَاحِ وَلَا فَسَادِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ ) حَتَّى يَعْلَمَ بَاطِنَهُمَا
( قَوْلُهُ بَصِيرَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَقْوَالَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْمُعَايَنَةِ وَالسَّمَاعِ ( قَوْلُهُ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُمَا إنْسِيَّيْنِ فَلَوْ عَقَدَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُهُمَا عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } وَكَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَفِي قَوْله تَعَالَى { مِنْكُمْ } إخْرَاجٌ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الْكَفَرَةِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ قُوتٌ وَكَوْنُهُمَا رَشِيدَيْنِ فَلَا يَقْبَلَا الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ الْمُرَادُ الْحُرِّيَّةُ مُطْلَقًا أَوْ بِقَيْدِ الْمُسْتَقِرَّةِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِعِتْقِهِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ عَدَمَهُ لِلدَّيْنِ أَوْ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجْزِ الْوَرَثَةُ فَيُرَقُّ فَلَوْ حَضَرَ شَاهِدًا هَلْ يَكْفِي فِيهِ نَظَرٌ ( قَوْلُهُ وَلَا غَالِبَ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مِثَالٌ لِمَا لَمْ يَظْهَرْ ( قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْخُنُوثَةَ لَا تَخْفَى غَالِبًا .
( قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بِسَرِيعِي نِسْيَانٍ ) يَجِبُ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِالسَّاعَاتِ وَاللَّحَظَاتِ وَلَا يَكْفِي الضَّبْطُ بِيَوْمِ الْعَقْدِ فَلَا يَكْفِي أَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا بِلَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ أَوْ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لَحَاقُ الْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِمْ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِذَلِكَ لِحَقِّ النَّسَبِ ت ( قَوْلُهُ وَبِمَسْتُورَيْنِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ قِيلَ فَفِي الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْبَغَوِيّ فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ النِّكَاحِ بِالشُّهُودِ وَلَوْ جَهِلَا حَالَ
الشَّاهِدَيْنِ وَتَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ بِشَاهِدَيْنِ جَازَ وَكَانَ عَلَى الْعَدْلِ حَتَّى أَعْرِفَ الْجُرْحَ يَوْمَ وَقَعَ النِّكَاحُ قُلْنَا مُرَادُ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ مَا إذَا جَهِلَ الزَّوْجَانِ بَاطِنَ أَمْرِهِمَا وَلَكِنْ ظَاهِرُهُمَا الْعَدَالَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَكَلَامُهُ أَوَّلًا يَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ شَهِدَ النِّكَاحَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالشُّهُودُ عَلَى الْعَدْلِ حَتَّى يَعْلَمَ الْجُرْحَ يُوقَعُ وَقَعَ النِّكَاحُ ( قَوْله فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ ) وَيَشُقُّ فَاكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ كَمَا اكْتَفَى مِنْهُمْ بِالتَّقْلِيدِ فِي الْحَوَادِثِ حَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ إدْرَاكُهَا بِالدَّلِيلِ وَيُعْلَمُ مِنْ حُكْمِ الْمُصَنِّفِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا بَانَ فِسْقُهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الصِّحَّةَ بِالْمَسْتُورِ إنَّمَا هِيَ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ فَلَا يَنْعَقِدُ فِي الْبَاطِنِ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا بِعَدْلَيْنِ بَاطِنًا ( قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُتَوَلِّي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الصَّحِيحَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ اغْتَرَّ بِهَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ ، وَقَالَ الْأَصَحُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْوَافِي وَكَذَلِكَ فِي التَّتِمَّةِ ت قو ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصَرَّحَ بِهِ الدَّبِيلِيُّ ( قَوْلُهُ كَمَا يَثْبُتُ شَوَّالٌ بَعْدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إلَخْ ) وَكَمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ تَبَعًا لِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ بِالْوِلَادَةِ
( فَرْعٌ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ ) أَيْ النِّكَاحِ ( بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ ) كُفْرِهِمَا أَوْ رِقِّهِمَا أَوْ نَحْوِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ ( أَوْ بِإِقْرَارِ ) وَفِي نُسْخَةٍ إقْرَارِ ( الزَّوْجَيْنِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ ( بِالْفِسْقِ ) أَوْ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ نَحْوِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ ( أَوْ ) بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ أَيْ أَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ ( بِالْإِحْرَامِ ) أَيْ بِوُقُوعِ الْعَقْدِ فِيهِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ الرِّدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ فِي بَعْضٍ وَوُجُودِ الْمَانِعِ فِي بَعْضٍ وَتَبَيُّنُ فِسْقِ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ كَتَبَيُّنِ فِسْقِهِمَا وَقِسْ عَلَيْهِ الْبَقِيَّةَ وَإِذَا تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ فَلَا مَهْرَ إلَّا إنْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهَا بِالزِّنَا بِوَطْئِهِ لَهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَمَحَلُّ تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ بِاعْتِرَافِهِمَا فِي حَقِّهِمَا أَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَوَافَقَا عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَا نِكَاحًا بِلَا مُحَلِّلٍ لِلتُّهْمَةِ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِقَوْلِهِمَا قَالَ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَسْمَعَ قَوْلَهُمَا وَلَا بَيِّنَتَهُمَا وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْقَاضِي أَمَّا بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ فَتُسْمَعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَبُولُ قَوْلِهِمَا مُطَّرِدٌ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الرَّشِيدَةِ أَمَّا السَّفِيهَةُ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا فِي إبْطَالِ مَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ الْمَالِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى لَا تَبْطُلُ الزِّيَادَةُ بِقَوْلِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ حَقُّ السَّيِّدِ بِمُوَافَقَةِ الْأَمَةِ انْتَهَى ( لَا بِإِقْرَارِ الشَّاهِدَيْنِ ) بِفِسْقِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إفْسَادِهِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا (
فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ ) أَيْ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ الزَّوْجُ ( دُونَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فُرْقَةَ فَسْخٍ ) لَا فُرْقَةَ طَلَاقٌ فَلَا يُنْقَضُ عَدَدُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالرَّضَاعِ ( وَلَا يَسْقُطُ مُسَمَّاهَا ) وَفِي نُسْخَةٍ مَهْرُهَا بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا فَكُلُّهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ ( وَتَرِثُهُ ) بَعْدَ مَوْتِهِ ( لَوْ حَلَفَتْ ) أَنَّهُ عَقَدَ بِعَدْلَيْنِ .
( وَلَوْ أَقَرَّتْ ) بِذَلِكَ ( دُونَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا ( وَ ) لَكِنْ ( لَا تَرِثُهُ ) إنْ مَاتَ ( وَلَا تُطَالِبُهُ بِمَهْرٍ ) إنْ مَاتَ أَوْ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِإِنْكَارِهَا وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا مَهْرَ لَهَا إلَى مَا قَالَهُ لِئَلَّا يُرَدَّ عَلَيْهِ مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهَا لَوْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ فِيمَا إذَا قَالَ : طَلَّقْتهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ الْجَمِيعَ فَلَا مُطَالَبَةَ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا أَخْذُ النِّصْفِ وَالنِّصْفُ هُنَاكَ كَالْجَمِيعِ هُنَا لَكِنْ أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي تِلْكَ اتَّفَقَا عَلَى حُصُولِ الْمُوجِبِ لِلْمَهْرِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُقَرِّرِ لَهُ وَهُوَ الْوَطْءُ وَهُنَا هِيَ تَدَّعِي نَفْيَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ فَلَوْ مَلَّكْنَاهَا شَيْئًا مِنْهُ لَمَلَكَتْهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ تَدَّعِيهِ ( نَعَمْ إنْ وَطِئَهَا طَالَبَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ ) فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا
( قَوْلُهُ فَرْعٌ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَبَيُّنَ فِسْقِ الْوَلِيِّ بِالْبَيِّنَةِ كَتَبَيُّنِ فِسْقِ الشَّاهِدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَبَيُّنُ فِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ بِزَمَانٍ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ الْمُعْتَبَرُ كَتَبَيُّنِهِ حَالَ الْعَقْدِ ( قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى فِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ إقْرَارِ الزَّوْجِ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ مِنْهُمَا إقْرَارٌ بِعَدَالَتِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا حَكَمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَاكِمٌ أَمْ لَا ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَقَرَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِعَقْدِهِ بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَعَدْلَيْنِ حَكَمَ عَلَيْهِمَا بِصِحَّتِهِ بِإِقْرَارِهِمَا فَلَوْ تَنَاكَرَاهُ بَعْدُ أَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا سَفَهَ الْوَلِيِّ أَوْ فِسْقَ الشَّاهِدَيْنِ لَزِمَهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِسَابِقِ إقْرَارِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ حُدُوثُ إنْكَارِهِ فَلَوْ أَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ كَذِبِهَا بِإِقْرَارِهِ وَقَدْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِصِحَّتِهِ ثُمَّ ادَّعَى سَفَهَ الْوَلِيِّ أَوْ فِسْقَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يُقَرَّ عَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ وَيَلْغُو اعْتِرَافُهُ اللَّاحِقُ لِأَجْلِ اعْتِرَافِهِ السَّابِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِمَا تَضَمَّنَهُ إقْرَارُهُ السَّابِقُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا لَا إنَّا نُقِرُّهُمَا بَلْ نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا يَضُرُّهُ بِاعْتِرَافِهِ اللَّاحِقِ لَا بِمَا يَنْفَعُهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَا يُخَالِفَانِ فِي ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا
ثُمَّ أَقَرَّا بِالْفَسَادِ لِيَنْدَفِعَ التَّحْلِيلُ قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي التَّعْلِيقِ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْفَسَادِ لَمْ تُسْمَعْ وَحَاصِلُ كَلَامِهِمَا أَنَّهَا تُسْمَعُ إنْ شَهِدَتْ حِسْبَةً وَلَا تُسْمَعُ إنْ أَقَامَهَا الزَّوْجُ وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُمَا .
ا هـ .
( فَرْعٌ ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِمَشْهَدِهِمْ ثُمَّ قَالَ إنِّي كُنْت خَالِعَتُهَا قَبْلَ هَذَا الْقَوْلِ قَالَ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا حِسْبَةً عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى إثْبَاتِ خُلْعٍ سَابِقٍ بِالْبَيْنُونَةِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فَأَمَّا إذَا قَالَ أَوَّلًا إنِّي خَالَعْتُ زَوْجَتِي ثُمَّ رَآهُ الشُّهُودُ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَشْهَدُونَ بِالطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ السَّابِقُ مَقْبُولٌ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَمَحَلُّ تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ أَمَّا بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ فَتُسْمَعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصُورَةُ سَمَاعِهَا بِأَنْ يَشْهَدَ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا الزَّوْجُ بِلَا مُحَلِّلٍ أَوْ بَعْدَ نَذْرٍ عُلِّقَ عَلَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَقَبُولُ قَوْلِهِمَا مُطَّرِدٌ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ سَفِيهَةً أَيْ مَحْجُورَةً فَفَائِدَةُ إقْرَارِهِمَا إنَّمَا هِيَ فِي سُقُوطِ شَطْرِ الْمَهْرِ إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ الرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ بَعْدَهُ ص وَإِقْرَارُهُمَا فِي إبْطَالِ مَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ الْمَالِ لَا يُسْمَعُ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ الزَّائِدُ بِقَوْلِهَا
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ حَقُّ السَّيِّدِ مِنْ الْمَهْرِ بِمُوَافَقَةِ الْأَمَةِ عَلَى فِسْقِهَا وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً لَا بِإِقْرَارِ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ كُنَّا فَاسِقَيْنِ هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَيَظْهَرُ قَوْلُهُمَا ذَلِكَ فِي صُوَرٍ كَمَا لَوْ حَضَرَا عَقْدَ أُخْتِهِمَا وَنَحْوِهَا ثُمَّ قَالَا ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُمَا وَارِثَاهَا أَثَّرَ قَوْلُهُمَا فِي سُقُوطِ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي فَسَادِ الْمُسَمَّى بَعْدَهُ وَكَذَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُمَا فِي إرْثِهَا مِنْ زَوْجِهَا إذَا مَاتَتْ بَعْدَهُ وَهُمَا وَارِثَاهَا وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ دُونَهَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تُنْكَحُ مَا دَامَتْ مُصِرَّةً عَلَى تَكْذِيبِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ مُسَمَّاهَا ) يَنْبَغِي إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَزْيَدَ مِنْ الْمُسَمَّى أَنْ لَا تَجِبَ لَهَا الزِّيَادَةُ ؛ لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ لَهَا فَيَتَخَرَّجُ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ قُلْته بَحْثًا ع ( قَوْلُهُ لَوْ خَلَفَتْ ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَسْقُطُ مُسَمَّاهَا ( قَوْلُهُ لَكِنْ أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ ) الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ لَا يُجْدِي شَيْئًا وَالْمُعْتَمَدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إذْ الْجَامِعُ الْمُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ يُنْكِرُهُ فَيُقَرُّ الْمَالُ فِي يَدِهِ فِيهِمَا
( فَرْعٌ ) قَالَتْ : نَكَحْتنِي بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَقَالَ : بَلْ بِهِمَا نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ وَكَانَ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْكَارُهَا الْوَلِيُّ إنْكَارَ الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الدَّعْوَى فِي الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ
( فَرْعٌ : لَوْ تَابَ الْفَاسِقُ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يُلْحَقْ بِالْمَسْتُورِ ) فَلَا يَصِحُّ بِهِ الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ حِينَئِذٍ تَصْدُرُ عَنْ عَادَةٍ لَا عَنْ عَزْمٍ مُحَقَّقٍ ( وَنُدِبَ اسْتِتَابَةُ الْمَسْتُورِ ) حِينَئِذٍ احْتِيَاطًا
( فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ ) بِالنِّكَاحِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِهِ ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْإِشْهَادُ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَرِضَاهَا يَحْصُلُ بِإِقْرَارِهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِخْبَارِ وَلِيِّهَا مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ الْحَاكِمَ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا ؛ لِأَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ بِجِهَةِ الْحُكْمِ فَيَجِبُ ظُهُورُ مُسْتَنَدِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ وَقَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ : الصَّحِيحُ عِنْدِي وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ لِلْأَبِ أَنْ يُشْهِدَ أَيْضًا عَلَى رِضَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَعْتَبِرُ رِضَاهَا كَالثَّيِّبِ وَلَا يَعْتَبِرُ إحْضَارَ الشَّاهِدَيْنِ ( بَلْ يَكْفِي سَمَاعُ النِّكَاحِ ) أَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ( دُونَ الصَّدَاقِ ) مِنْ شَاهِدَيْنِ حَضَرَا
( قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ الْحَاكِمَ إلَخْ ) لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَيْضًا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالزَّوْجِيَّةِ لِغَائِبٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ ادَّعَتْ وَفَاتَهُ أَوْ طَلَاقَهُ لَمْ يُقْبَلْ فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ فَتَزْوِيجُهَا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ قُبَيْلَ دَعْوَى الْكَسْبِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّ هُنَا بِإِقْرَارِهَا ثَبَتَ حَقُّ غَيْرِهَا فَلَا يَسُوغُ الْإِقْدَامُ عَلَى قَطْعِهِ إلَّا مَا يَسُوغُ الْحُكْمُ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْدَمُ عَلَيْهِ بِالظَّنِّ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ حُكْمًا ا هـ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لِلْقَاضِي كَانَ لِي زَوْجٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَطَلَّقَنِي ثَلَاثًا أَوْ مَاتَ وَاعْتَدَدْت فَزَوَّجَنِي فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَلَا بَيِّنَةَ .
( فَرْعٌ ) قَالَ رَجُلٌ لِابْنَتِهِ اذْهَبِي إلَى الْحَاكِمِ فَقُولِي لَهُ أَنَّ أَبِي قَدْ أَذِنَ لَك فِي أَنْ تُزَوِّجَنِي أَوْ قَالَ اذْهَبِي إلَى زَيْدٍ وَقُولِي لَهُ إنَّ أَبِي وَكَّلَك بِتَزْوِيجِي كَانَ لَهُمَا الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِهَا وَتَزْوِيجِهَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهَا وَهَذَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ الْمُرَتَّبَةِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ جَاءَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ فُلَانَةُ قَدْ أَذِنْت لَك بِتَزْوِيجِهَا مِنِّي جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا فَإِنْ اتَّهَمَهُ فِي إخْبَارِهِ لَمْ يَجُزْ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَلَوْ عَقَدَا ) النِّكَاحَ ( بِشَهَادَةِ خُنْثَيَيْنِ فَبَانَا رَجُلَيْنِ صَحَّ ) وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِخُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا ؛ لِأَنَّ جَزْمَ النِّيَّةِ مُؤَثِّرٌ ثَمَّ وَبِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الزَّوْجَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدِ وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الرُّكْنِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الرُّكْنِيَّةِ ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةً ثُمَّ بَانَ خَطَؤُهُمَا ؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ عَلَى أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ قَدْ جَزَمَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الرِّبَا بِخِلَافِهِ وَمَا قَرَّرْته أَوْجَهُ مِمَّا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ كَالشَّاهِدِ
( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ ) وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ بِبُطْلَانِهِ لِكَوْنِهِ رُكْنًا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ
( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَاقِدَانِ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ ( وَهُمَا الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ أَوْ النَّائِبُ ) عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ( فَلَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ ) نِكَاحَهَا ( بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ ) سَوَاءٌ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ إذْ لَا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ دُخُولُهَا فِيهِ لِمَا قُصِدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } وَتَقَدَّمَ خَبَرُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ { لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا } وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقَوْله تَعَالَى { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ } أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِعَضْلِهِ مَعْنًى ( وَإِنْ وَكَّلَ ابْنَتَهُ ) مَثَلًا ( أَنْ تُوَكِّلَ ) رَجُلًا فِي نِكَاحِهَا ( لَا عَنْهَا ) بَلْ عَنْهُ أَوْ أَطْلَقَ ( جَازَ ) ؛ لِأَنَّهَا سَفِيرَةٌ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَتْ عَنْهَا وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ ( وَإِذَا عُدِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ ) أَيْ عُدِمَا مَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ( فَوَلَّتْ ) مَعَ خَاطِبِهَا ( أَمْرَهَا ) رَجُلًا ( مُجْتَهِدًا ) لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ ( جَازَ ) ؛ لِأَنَّهُ مُحَكَّمٌ وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ .
( وَكَذَا ) لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ ( عَدْلًا ) جَازَ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَاشْتِرَاطُهُ كَالرَّوْضَةِ فِي ذَلِكَ عَدَمَ الْحَاكِمِ مَمْنُوعٌ فِي الْأُولَى فَسَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ جَوَازُ التَّحْكِيمِ فِي النِّكَاحِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّحِيحُ جَوَازُهُ سَفْرًا وَ حَضَرًا مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَدُونَهُ .
ا هـ .
( مَبْحَثٌ الرُّكْنُ الرَّابِعُ ) ( قَوْلُهُ وَالْوَلِيُّ ) شَرَطَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ ( قَوْلُهُ فَلَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ نِكَاحًا إلَخْ ) الْمَرْأَةُ لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إذَا اُبْتُلِينَا بِإِمَامَةِ امْرَأَةٍ أَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِأَنَّهَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهَا الثَّانِيَةِ إذَا زُوِّجَتْ الْمَرْأَةُ فِي دَارِ الْكُفْرِ وَفَرَّعْنَا عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ فَإِنَّهَا تُقَرِّرُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمَرْأَةِ فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا إلَّا فِي مِلْكِهَا أَوْ فِي سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ ) يُؤَيِّدُهُ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ زَوَّجَ أُخْتَهُ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ رَامَ رَجْعَتَهَا فَحَلَفَ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا قَالَ فَفِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ زَادَ أَبُو دَاوُد فَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي وَأَنْكَحْتهَا إيَّاهُ .
( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ ) وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِنَصٍّ فِي الْمُخْتَصَرِ ( قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّحِيحُ إلَخْ ) مُرَادُهُ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ فَأَمَّا هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فَشَرْطُهُ السَّفَرُ وَفَقْدُ الْقَاضِي ع
( فَرْعٌ لَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ ) كَأَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ وَلَا بِبُطْلَانِهِ ( لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) دُونَ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ النِّكَاحِ وَلِخَبَرِ { أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثًا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ ( وَيَسْقُطُ ) عَنْهُ ( الْحَدُّ ) سَوَاءٌ أَصَدَرَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَمْ لَا لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ ( وَ ) لَكِنْ ( يُعَزَّرُ بِهِ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ ) لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ ( وَلَوْ لَمْ يَطَأْ ) فِي النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ ( فَزُوِّجَتْ قَبْلَ التَّفْرِيقِ ) بِأَنْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي ( بَيْنَهُمَا فَوَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْفِرَاشِ وَأَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَرْعٍ أَوَّلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مَعَ زِيَادَةِ قَيْدٍ ( وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَتَحَلَّلْ لَهُ ) أَيْ لَا يَفْتَقِرُ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ لَهَا إلَى تَحَلُّلٍ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ ( وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ ) أَوْ بِبُطْلَانِهِ ( حَاكِمٌ ) يَرَاهُ ( لَمْ يُنْقَضْ ) حُكْمُهُ كَمُعْظَمِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا
( قَوْلُهُ لَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) فِي الْحِلْيَةِ لِلرُّويَانِيِّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ فَاسِدًا وَوَطِئَهَا لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِ بِكْرٍ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا أَوْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ .
ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ غَرِيبٌ لَكِنْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَوَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ إتْلَافَ الْبَكَارَةِ مَا دُونَ فِيهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَطْءُ ( قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ { أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا } إلَخْ ) قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ حُكْمٌ بِالْبُطْلَانِ وَأَكَّدَهُ بِالتَّكْرَارِ وَأَوْجَبَ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا لَوَجَبَ بِالْعَقْدِ وَنَقْلُ الْوِلَايَةِ إلَى السُّلْطَانِ عِنْدَ التَّشَاجُرِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ وَلِيَّةُ نَفْسِهَا لَكَانَتْ أَوْلَى
( فَرْعٌ إذَا تَصَادَقَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( عَلَى ) صُدُورِ ( النِّكَاحِ ) بَيْنَهُمَا ( جَازَ ) وَلَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمَا فَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا كَالْبَيْعِ وَهَذَا مَعْنَى صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ بَلْ إنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا اشْتَرَطَ تَصْدِيقَ سَيِّدِهِ أَيْضًا ( فَيُشْتَرَطُ ) فِي إقْرَارِهَا بِهِ ( أَنْ تَقُولَ زَوَّجَنِي بِهِ وَلِيٌّ بِعَدْلَيْنِ وَرِضَايَ بِكُفْءٍ إنْ اُعْتُبِرَ ) رِضَاهَا بِأَنْ لَا تَكُونَ مُجْبَرَةً وَهَذَا فِي إقْرَارِهَا الْمُبْتَدَأِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي إقْرَارُهَا الْمُطْلَقُ فَإِنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي إقْرَارِهَا الْوَاقِعِ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِكُفْءٍ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلٌ مِنْ بِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي إقْرَارِهَا بَلْ إذَا عَيَّنَتْ زَوْجًا نَظَرَ فِي أَنَّهُ كُفْءٌ أَمْ لَا وَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ ( فَلَوْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشَّاهِدَانِ لَمْ يُؤَثِّرْ ) لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَالْكَذِبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ تَصْدِيقِهَا فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يَدُلَّ الْحَالُ عَلَى كَذِبِهَا دَلَالَةً ظَاهِرَةً كَأَنْ تُؤَرِّخَ الْإِقْرَارَ بِوَقْتٍ كَانَتْ فِيهِ مَنْكُوحَةً أَوْ رَقِيقَةً أَوْ فِي عِدَّةٍ أَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَوْ نَحْوَهَا
قَوْلُهُ إذَا تَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ جَازَ ) مِثْلُ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ تَصْدِيقُ مَنْ يَمْلِكُ إجْبَارَهُ حَالَةَ التَّصْدِيقِ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ أَوْ السَّيِّدُ عَلَى وُقُوعِهِ بِإِذْنِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ صَغِيرَةٌ يَدَّعِي تَزَوُّجَهَا فَلَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا تُقَرُّ فِي يَدِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ بَعْدَ إقْرَارِهَا إقْرَارًا قَالَ وَغَلِطَ ابْنُ الْحَدَّادِ فَقَالَ نُقِرُّهَا فِي يَدِهِ فَإِذَا بَلَغَتْ وَأَنْكَرَتْ قُبِلَ قَوْلُهَا ( قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ ) أَيْ الْحُرَّةِ ( قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِكُفْءٍ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ بِالنِّكَاحِ شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ لِلْوَلِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَا رَضِيت بِالْعَقْدِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ لَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا إقْرَارُهَا لِغَيْرِ الْكُفْءِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَبُولُ إقْرَارِهَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ تَصْدِيقِهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ إقْرَارُ ) الْوَلِيِّ ( الْمُجْبِرِ بِالنِّكَاحِ لِكُفْءٍ ) بِعَدْلَيْنِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ ( كَافٍ ) وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْهُ ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ ( مَا لَمْ تُوطَأْ ) فَإِنْ وُطِئَتْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءً فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ ، نَعَمْ يَنْبَغِي صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِنِكَاحِ الْمَجْنُونَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ كَمَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى أَمَتِهِ بِهِ لِذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ : كُنْت زَوَّجْتهَا فِي بَكَارَتِهَا لَمْ يُقْبَلْ وَقَوْلُهُ : " لِكُفْءٍ " مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارٍ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ بَلْ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ( وَإِنْ أَقَرَّتْ لِزَوْجٍ وَالْمُجْبِرُ لِآخَرَ فَوَجْهَانِ ) : أَحَدُهُمَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهَا ، وَالثَّانِي ، بِإِقْرَارِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ السَّابِقِ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِبَدَنِهَا وَحَقِّهَا وَلَوْ جُهِلَ فَهَلْ يُتَوَقَّفُ أَوْ يَبْطُلَانِ ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِصَاحِبِ الْمَطْلَبِ وَنَقَلَ فِي الْأَنْوَارِ تَرْجِيحَ سُقُوطِ قَوْلِهِمَا فَقَالَ لَوْ أَقَرَّتْ لِزَوْجٍ وَالْوَلِيُّ لِآخَرَ فَالْمَقْبُولُ إقْرَارُهُ أَمْ إقْرَارُهَا أَمْ السَّابِقُ أَمْ يَتَسَاقَطَانِ فِيهِ وُجُوهٌ قَالَ فِي الْمُلَخَّصِ أَصَحُّهُمَا السُّقُوطُ
( قَوْلُهُ نَعَمْ يَنْبَغِي صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِنِكَاحِ الْمَجْنُونَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِكُفْءٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارٍ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُ الْكُفْءِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لَهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) كَالْبُلْقِينِيِّ فِي تَدْرِيبِهِ ، وَقَالَ فِي تَصْحِيحِهِ عِنْدِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّابِقَ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا بَطَلَا وَذَكَرْت فِي التَّدْرِيبِ اعْتِبَارَ إقْرَارِهَا وَلَهُ وَجْهٌ قَوِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ السَّابِقِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ ) وَبِهِ أَفْتَيْت ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُلَخَّصِ أَصَحُّهُمَا السُّقُوطُ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَرْجُ مَعْرِفَةَ كَيْفِيَّةِ وُقُوعِهِمَا
( فَرْعٌ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ زَوَّجْت نَفْسِي بِنْتَك وَقَبِلَ الْوَلِيُّ ) نُقِلَ ( فِيهِ ) أَيْ فِي انْعِقَادِهِ بِهَذَا ( خِلَافٌ ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ كَالْعِوَضَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ الْمَهْرُ لَا نَفْسُهُ وَلِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا مَعَهَا ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ فَعَلَيْهِ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ ، وَلِأَنَّ زَوَّجْت إنَّمَا يَلِيقُ بِالْوَلِيِّ لَا بِالزَّوْجِ
( قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ وَأَحْكَامِهِمْ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَطْرَافٍ ) الطَّرَفُ ( الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِ الْوِلَايَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ ) السَّبَبُ ( الْأَوَّلُ الْأُبُوَّةُ ) وَهِيَ أَقْوَى الْأَسْبَابِ لِكَمَالِ الشَّفَقَةِ ( فَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَيْثُ ( لَا ) يَكُونُ ( عَدُوًّا ظَاهِرًا تَزْوِيجُ الْبِكْرِ ) بِمَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ كُفْءٍ لَهَا مُوسِرٍ بِالْمَهْرِ ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ صَغِيرَةً أَمْ كَبِيرَةً ( بِغَيْرِ إذْنِهَا ) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ { الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا } وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ { وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا } حُمِلَتْ عَلَى النَّدْبِ وَلِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ فَهِيَ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَحْتَاطُ لِمُوَلِّيَتِهِ لِخَوْفِ الْعَارِ وَلِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ الْجَوَازَ .
قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ : وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْإِجْبَارِ أَيْضًا انْتِفَاءُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ انْتَهَى .
وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرْ ظُهُورَ الْعَدَاوَةِ هُنَا كَمَا اُعْتُبِرَ ثَمَّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا مِمَّنْ يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهَا أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا لَهُ فَلَا يُؤَثِّرُ ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ .
( لَا الثَّيِّبِ ) وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ ( إلَّا بِإِذْنِهَا بِالنُّطْقِ ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهَا مَارَسَتْ الرَّجُلَ بِالْوَطْءِ ( بَالِغَةٍ ) فَلَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ
الثَّيِّبَ حَتَّى تَبْلُغَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ إذْنِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَجْنُونَةً فَلَهُ تَزْوِيجُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِ الْبَكَارَةِ إلَّا بِوَطْءٍ فِي الْقُبُلِ وَلَوْ زِنًا وَنَائِمَةٍ وَمَجْنُونَةٍ ) وَمُكْرَهَةٍ بِخِلَافِ زَوَالِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ كَسَقْطَةٍ وَأُصْبُعٍ وَحِدَّةِ طَمْثٍ وَوَطْءٍ فِي الدُّبُرِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ الْوَطْءَ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ وَهِيَ عَلَى غَبَاوَتِهَا وَحَيَائِهَا فَهِيَ كَالْأَبْكَارِ ، وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَا يُخَالِفُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْبِكْرَ لَوْ وُطِئَتْ فِي قُبُلِهَا وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ وَهِيَ الَّتِي بَكَارَتُهَا دَاخِلَ الْفَرْجِ حُكْمُهَا كَسَائِرِ الْأَبْكَارِ وَهُوَ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي التَّحْلِيلِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ خِلَافُهُ ؛ لِأَنَّهَا مَارَسَتْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ
( بَابٌ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ ) ( قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُنَا سَبَبٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ وَلِيُّ مَالِكَةِ الْأَمَةِ أَوْ مُعْتِقِهَا وَسَبَبَانِ آخَرَانِ عَلَى قَوْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى قَوْلٍ تُوَلِّي أَمْرَهَا عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ رَجُلًا مُسْلِمًا الثَّانِي التَّحْكِيمُ وَهُوَ غَيْرُ السَّلْطَنَةِ ( قَوْلُهُ فَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ إلَخْ ) يُشْتَرَطُ لِإِجْبَارِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الْبِكْرَ عَدَمُ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَكَفَاءَةُ الزَّوْجِ وَكَوْنُهُ مُوسِرًا بِمَهْرِهَا وَكَوْنُهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْهَا إلَّا فِي الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ ( قَوْلُهُ لَا عَدُوًّا ظَاهِرًا ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَجُّ فَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْنَعُهَا مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ لِكَوْنِهِ عَلَى التَّرَاخِي وَلَهَا غَرَضٌ فِي تَعْجِيلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ ا هـ وَأَنْ لَا يُزَوِّجَهَا بِمَنْ تَتَضَرَّرُ بِمُعَاشَرَتِهِ كَشَيْخٍ هَرِمٍ وَأَعْمَى وَأَقْطَعَ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَنْعِ الْأَبِ مِنْ تَزْوِيجِ ابْنِهِ بِامْرَأَةٍ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي اللَّطِيفِ لِابْنِ خَيْرَانَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ خَصِيٍّ وَعَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ شَيْخٍ هَرَمٍ وَلَا أَقْطَعَ أَوْ أَعْمَى وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي مَا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ أَعْمَى قَوْلُهُ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ ) أَيْ وَلَوْ طَرَأَ سَفَهُهَا ( قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لَهُ تَزْوِيجَهَا صَغِيرَةً وَهِيَ لَا إذْنَ لَهَا صَحَّ بِذَلِكَ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا كَبِيرَةً إنْ كَانَتْ بِكْرًا ؛ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ ( قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا ) فَلَا
يُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ ( قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِخَوْفِ الْعَارِ ( قَوْلُهُ فَلَا تُزَوَّجُ الصَّغِيرَةُ الثَّيِّبُ حَتَّى تَبْلُغَ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ تُزَوَّجُ فِي عَشْرِ صُوَرٍ : الْأُولَى إذَا خُلِقَتْ ثَيِّبًا ، الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ أَمَةً ، الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ مَجْنُونَةً ، الرَّابِعَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَبُوهَا الْكَافِرُ ، الْخَامِسَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا جَدُّهَا الْكَافِرُ ، السَّادِسَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَخُوهَا أَوْ عَمُّهَا الْكَافِرُ ، السَّابِعَةُ أَنْ تَزُولَ بَكَارَتُهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ ، الثَّامِنَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا حَاكِمُ الْكَفَرَةِ ، التَّاسِعَةُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا ، الْعَاشِرَةُ أَنْ يَقْهَرَهَا كَافِرٌ عَلَى النِّكَاحِ وَيَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ نِكَاحًا وَالْبَالِغَةُ الْمَوْطُوءَةُ لَا تُجْبَرُ إلَّا فِي خَمْسِ صُوَرٍ فِي الْبَالِغَةِ الْمَجْنُونَةِ وَفِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ السَّابِقَةِ فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ .
( قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِ الْبَكَارَةِ إلَّا بِوَطْءٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْوَطْءُ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ بِتَمْكِينِهَا أَوْ غَشِيَهَا قِرْدٌ وَنَحْوُهُ وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ مَغْلُوبَةٌ عَلَى عَقْلِهَا هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ ؛ لِأَنَّهَا زَالَتْ بِوَطْءٍ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْبِكْرَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ لَوْ الْتَمَسَتْ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ ) الْعَاقِلَةُ ( لَا الصَّغِيرَةُ التَّزْوِيجَ مِنْ الْأَبِ ) مَثَلًا ( بِكُفْءٍ ) خَطَبَهَا كَمَا فِي الْأَصْلِ وَعَيَّنَتْهُ بِشَخْصِهِ أَوْ نَوْعِهِ حَتَّى لَوْ خَطَبَهَا أَكْفَاءٌ فَالْتَمَسَتْ مِنْهُ التَّزْوِيجَ بِأَحَدِهِمْ ( لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ ) تَحْصِينًا لَهَا كَمَا يَجِبُ إطْعَامُ الطِّفْلِ إذَا اسْتَطْعَمَ فَإِنْ امْتَنَعَ أَثِمَ وَزَوَّجَهَا السُّلْطَانُ كَمَا سَيَأْتِي ( فَلَوْ زَوَّجَهَا ) الْأَبُ ( بِكُفْءٍ غَيْرِهِ ) وَلَوْ دُونَهُ ( صَحَّ ) ؛ لِأَنَّهَا مُجْبَرَةٌ فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ وَهُوَ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا مِمَّنْ عَيَّنَتْهُ ؛ لِأَنَّ إذْنَهَا شَرْطٌ فِي أَصْلِ تَزْوِيجِهَا فَاعْتُبِرَ مُعَيَّنُهَا .
( وَلَوْ عَضَلهَا ) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا مِمَّنْ عَيَّنَتْهُ ( فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِهِ ثُمَّ زَوَّجَهَا بِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ قَبْلَ وَطْئِهِ ) أَوْ وَطْءِ غَيْرِهِ لَهَا فِي قُبُلِهَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَبْلَ إزَالَةِ بَكَارَتِهَا ( أَوْ ) قَبْلَ ( حُكْمِ حَاكِمٍ بِصِحَّتِهِ ) أَيْ بِصِحَّةِ نِكَاحِهَا بِنَفْسِهَا ( صَحَّ إنْكَاحُهُ ) وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا إذَا أَذِنَتْ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالصِّحَّةِ ( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا ) أَيْ الْبِكْرَ ( حَتَّى تَبْلُغَ وَتَأْذَنَ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَتُسْتَأْذَنَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْبَالِغَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةً ظَاهِرَةً وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ تَزْوِيجُهَا لِئَلَّا تَفُوتَ الْمَصْلَحَةُ وَلِخَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ( وَأَنْ تُسْتَفْهَمَ الْمُرَاهِقَةُ ) بِأَنْ يَنْظُرَ مَا فِي نَفْسِهَا ( وَالْمَخْلُوقَةُ ثَيِّبًا ) أَيْ بِلَا بَكَارَةِ ( بِكْرٍ ) فَلَهَا حُكْمُ سَائِرِ الْأَبْكَارِ .
( وَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ بِلَا يَمِينٍ ) وَلَا يُكْشَفُ حَالُهَا ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَمُ بِهِ ( وَكَذَا ) فِي
دَعْوَى ( الثُّيُوبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَطْءِ ) الَّذِي صَارَتْ بِهِ ثَيِّبًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا يَمِينِ قَيْدٍ فِي تَصْدِيقِهَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ إبْطَالَ حَقِّ وَلِيِّهَا مِنْ الْإِجْبَارِ فِيمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا نُطْقًا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ دَعْوَاهَا الثُّيُوبَةَ بَعْدَهُ وَقَدْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا نُطْقًا فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِمَا فِي تَصْدِيقِهَا مِنْ إبْطَالِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْبَكَارَةِ بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ لِجَوَازِ إزَالَتِهَا بِإِصْبَعٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ خُلِقَتْ بِدُونِهَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَكِنْ أَفْتَى الْقَاضِي بِخِلَافِهِ
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا مُجْبَرَةٌ فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ إلَخْ ) وَلِأَنَّا لَوْ أَجَبْنَاهَا جَعَلْنَاهُ مَجْبُورًا وَيُشْبِهُ أَنَّ الْخِلَافَ إذَا سَاوَى مُعَيِّنُهُ مُعَيَّنَهَا فَإِنْ زَادَ مُعَيَّنُهَا بِنَسَبٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حُسْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَجِّسَ حَظَّهَا مِنْهُ ع ( قَوْلُهُ وَكَذَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ ) هَذَا فِي الْبَالِغِ فَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً بِكْرًا وَأَرَادَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ إجْبَارَهَا فَقَالَتْ أَنَا ثَيِّبٌ فَهَلْ يَمْتَنِعُ مِنْ تَزْوِيجِهَا كَالْكَبِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْقَبُولُ ر ت الْوَجْهُ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي تَصْدِيقِهَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ أَيْضًا ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي مَنْعِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ مِنْ إجْبَارِ الْبِكْرِ عَلَى النِّكَاحِ ( قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا فَالْأَوْجَهُ تَحْلِيفُهَا قَوْلُهُ بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ) قَدْ اغْتَرَّ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي الْمُهِمَّاتِ فَتَوَهَّمَ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ وَجْهٌ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الرَّضَاعِ أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَمَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ أَنَّهَا إنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهَا وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا وَهَذَا مِثْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ ت يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ
( السَّبَبُ الثَّانِي الْعَصَبَةُ ) بِمَعْنَى عُصُوبَةِ مَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ ( كَالْأَخِ وَالْعَمِّ ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ( وَبَنِيهِمَا فَلَا يُزَوِّجُونَ حُرَّةً إلَّا بَالِغَةً ) عَاقِلَةً ( بِإِذْنِهَا ) بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي مَعْنَى الْأَبِ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ فِي غَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تَنْكِحُوا الْيَتَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالْحُرَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِذْنُ الْخَرْسَاءِ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِكَتْبِهَا ، قَالَ : فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ هَلْ تَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَجْنُونَةِ حَتَّى يُزَوِّجَهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّهَا عَاقِلَةٌ ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِكَتْبِ مَنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ ظَاهِرٌ إنْ نَوَتْ بِهِ الْإِذْنَ كَمَا قَالُوا كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ .
( فَلَوْ اسْتَأْذَنُوا بِكْرًا لِكُفْءٍ وَغَيْرِهِ فَسَكَتَتْ كَفَى ) سُكُوتُهَا ( وَإِنْ بَكَتْ ) وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ إذْنٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا } ( وَ ) إنْ بَكَتْ ( بِصِيَاحٍ وَضَرْبِ خَدٍّ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ زُوِّجَتْ بِحَضْرَتِهَا مَعَ سُكُوتِهَا لَمْ يَكْفِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ اسْتِئْذَانِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ
( قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْغَزِّيِّ : إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ الْأَخْرَسُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ فَكَالْمَجْنُونِ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَلْيَكُنْ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَأْذَنُوا بِكْرًا لِكُفْءٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ ظَنَّتْ غَيْرَ الْكُفْءِ كُفُؤًا ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ ) جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ
( فَرْعٌ لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ بِكْرٌ فِي التَّزْوِيجِ بِدُونِ الْمَهْرِ ) أَيْ بِدُونِهِ أَصْلًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ( أَوْ بِغَيْرِ النَّقْدِ ) أَيْ نَقْدِ الْبَلَدِ ( فَسَكَتَتْ لَمْ يَكْفِ ) فِيهِ سُكُوتُهَا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ كَبَيْعِ مَالِهَا ( أَوْ ) اُسْتُؤْذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ ( بِرَجُلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ) فَسَكَتَتْ ( كَفَى ) فِيهِ سُكُوتُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي الْإِذْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ( وَكَذَا لَوْ قَالَ ) لَهَا ( أَيَجُوزُ أَنْ أُزَوِّجَك أَوْ تَأْذَنِينَ فَقَالَتْ لِمَ لَا يَجُوزُ أَوْ لِمَ لَا آذَنُ ) كَفَى ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِرِضَاهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ سُكُوتِهَا وَلَا يَشْكُلُ بِقَوْلِ الْخَاطِبِ أَتُزَوِّجُنِي حَيْثُ لَمْ يَكُنْ اسْتِيجَابًا ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يُعْتَبَرُ فِيهِ اللَّفْظُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْجَزْمُ وَإِذْنُ الْبِكْرِ يَكْفِي فِيهِ السُّكُوتُ فَكَفَى فِيهِ مَا ذُكِرَ مَعَ جَوَابِهَا ( بِخِلَافِ الثَّيِّبِ ) لَا بُدَّ مِنْ صَرِيحِ إذْنِهَا لِمَا مَرَّ ( وَالْإِذْنُ مِنْهَا ) لِلْوَلِيِّ ( بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ جَائِزٌ ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ ( وَرُجُوعُهَا عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْإِذْنِ ( كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ ) عَنْ الْوَكَالَةِ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بَعْدَ رُجُوعِهَا وَقَبْلَ عِلْمِهِ لَمْ يَصِحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ
( قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ فِيهِ سُكُوتُهَا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ إلَخْ ) وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّيِّبِ لَا بُدَّ مِنْ صَرِيحِ إذْنِهَا لِمَا مَرَّ ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ فِي النِّكَاحِ فَأَقَرَّتْ بِالْبُلُوغِ فَزُوِّجَتْ ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَكُنْ بَالِغَةً يَوْمَ أَقْرَرْت بِالْبُلُوغِ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا وَإِنْ قَالَتْ كُنْت مَجْنُونَةً إنْ عُرِفَ لَهَا جُنُونٌ سَابِقٌ قُبِلَ قَوْلُهَا وَإِلَّا فَلَا ا هـ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأُولَى مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا مَمْنُوعٌ
( فَرْعٌ لَوْ قَالَتْ ) مَنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فِي تَزْوِيجِهَا ( رَضِيت بِمَنْ رَضِيَتْ بِهِ أُمِّي ) أَوْ بِمَنْ اخْتَارَتْهُ ( أَوْ بِمَا يَفْعَلُهُ أَبِي وَهُمْ فِي ذِكْرِ النِّكَاحِ كَفَى ) وَفِي نُسْخَةٍ رَضِيت بِالتَّزْوِيجِ بِمَنْ رَضِيَتْ بِهِ أُمِّي أَوْ بِمَا يَخْتَارُهُ أَبِي كَفَى وَالْأُولَى أَوْلَى لِمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ ( لَا إنْ قَالَتْ رَضِيت إنْ رَضِيَتْ أُمِّي أَوْ ) رَضِيت ( بِمَا تَفْعَلُهُ أُمِّي ) فَلَا يَكْفِي ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَا تَعْقِدُ وَلِأَنَّ الصِّيغَةَ الْأُولَى صِيغَةُ تَعْلِيقٍ ( وَكَذَا ) لَا يَكْفِي ( رَضِيت إنْ رَضِيَ أَبِي إلَّا أَنْ تُرِيدَ ) بِهِ رَضِيت ( بِمَا يَفْعَلُهُ ) فَيَكْفِي ( وَإِنْ أَذِنَتْ بِكْرٌ ) فِي تَزْوِيجِهَا ( بِأَلْفٍ ثُمَّ اُسْتُؤْذِنَتْ ) كَأَنْ قِيلَ لَهَا أَذِنْت فِي تَزْوِيجِك ( بِخَمْسِمِائَةٍ فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضَا ) أَيْ إذْنٌ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ بِقَوْلِهِ ( إنْ كَانَ مَهْرَ مِثْلِهَا ) وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قِيلَ ذَلِكَ لِأُمِّهَا وَهِيَ حَاضِرَةٌ فَسَكَتَتْ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَمَا قَالَهُ مَفْهُومٌ مِنْ الْفَرْعِ السَّابِقِ
( قَوْلُهُ زَادَهُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ ) أَيْ وَغَيْرِهِ
( السَّبَبُ الثَّالِثُ الْإِعْتَاقُ وَالرَّابِعُ السَّلْطَنَةُ فَالْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ يُزَوِّجُونَ كَالْأَخِ ) لِخَبَرِ { الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ فَيُزَوِّجُونَ الثَّيِّبَ الْبَالِغَةَ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ وَلَا يُزَوِّجُونَ الصَّغِيرَةَ ( وَالسُّلْطَانُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بَالِغَةً بِكُفْءٍ عُدِمَ وَلِيُّهَا ) الْخَاصُّ ( أَوْ غَابَ ) وَلِيُّهَا الْأَقْرَبُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ كَمَا سَيَأْتِي ( أَوْ أَرَادَ نِكَاحَهَا ) لِابْنِ عَمِّهَا وَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِبَقَاءِ الْأَقْرَبِ عَلَى وِلَايَتِهِ وَالتَّزْوِيجُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَإِذَا تَعَذَّرَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ السُّلْطَانُ ( فَإِنْ عَضَلَ الْوَلِيُّ ) وَلَوْ مُجْبَرًا أَيْ مَنَعَ ( بَالِغَةً ) عَاقِلَةً مِنْ تَزْوِيجِهَا ( أَمَرَهُ الْقَاضِي ) بِهِ ( فَإِنْ امْتَنَعَ ) مِنْهُ ( أَوْ سَكَتَ ) بِحَضْرَتِهِ ( زَوَّجَهَا ) كَمَا فِي الْغَائِبِ وَيَأْثَمُ بِالْعَضْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ } ( وَكَذَا ) يُزَوِّجُهَا ( إنْ اخْتَفَى أَوْ تَعَزَّزَ ) أَوْ غَابَ غَيْبَةً لَا يُزَوِّجُ فِيهَا الْقَاضِي ( وَأَثْبَتَتْ ) أَيْ أَقَامَتْ ( بِعَضْلِهِ ) حِينَئِذٍ بَيِّنَةٌ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ ( وَلَهُ الِامْتِنَاعُ ) مِنْ التَّزْوِيجِ ( لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ ) فَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ مِنْهُ عَضْلًا ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ دَعَتْهُ إلَى عِنِّينٍ أَوْ مَجْبُوبٍ بِالْبَاءِ فَامْتَنَعَ كَانَ عَاضِلًا ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ مَعَ الْكَفَاءَةِ أَنْ يَتَبَيَّنَ مَوْضِعَ الصَّلَاحِ لِلْمَرْأَةِ فِي مُنَاكَحَتِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ ، وَلَوْ دَعَتْ إلَى رَجُلٍ وَادَّعَتْ كَفَاءَتَهُ وَقَالَ الْوَلِيُّ لَيْسَ بِكُفْءٍ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ ثَبَتَتْ كَفَاءَتُهُ لَزِمَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْهُ ( لَا لِنُقْصَانِ الْمَهْرِ ) أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ تَزْوِيجِهَا
لِأَجْلِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مَحْضُ حَقِّهَا .
( وَالسُّلْطَانُ ) هَلْ ( يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ ) الْعَامَّةِ ( أَوْ النِّيَابَةِ ) الشَّرْعِيَّةِ ( وَجْهَانِ ) حَكَاهُمَا الْإِمَامُ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِ قَالَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالنِّيَابَةِ لَمَا زَوَّجَ مُوَلِّيَةَ الرَّجُلِ مِنْهُ ، وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ لِغَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ غَابَ عَنْهَا وَلِيُّهَا إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ زَوَّجَهُ أَحَدُ نُوَّابِهِ أَوْ قَاضٍ آخَرُ أَوْ بِالنِّيَابَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ صَحَّ أَوْ بِالنِّيَابَةِ فَلَا ، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا وَلِيَّانِ وَالْأَقْرَبُ غَائِبٌ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ قُدِّمَ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ أَوْ بِالنِّيَابَةِ فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ وَبَعْضَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بِالنِّيَابَةِ وَأَنَّ فُرُوعَ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَقَدْ صَحَّحَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ لِلْغَيْبَةِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ
( قَوْلُهُ السَّبَبُ الثَّالِثُ الْإِعْتَاقُ ) لَوْ قَالَ الْوَلَاءُ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَمَنْ لَمْ يُعْتِقْ الْمُزَوَّجَةَ بَلْ أَعْتَقَ أَصْلَهَا فِي وَلَاءِ الِانْجِرَارِ وَأَيْضًا فَإِعْتَاقُ الْإِمَامِ عَبْدَ بَيْتِ الْمَالِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ ( قَوْلُهُ فَالْمُعْتَقُ وَعَصَبَتُهُ يُزَوِّجُونَ كَالْأَخِ ) فَالْعَتِيقَةُ الْمَجْنُونَةُ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ دُونَ الْمُعْتِقِ ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهَا كَمَا يُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَةَ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا مُجْبِرٌ ( قَوْلُهُ وَالسُّلْطَانُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بَالِغَةً بِكُفْءٍ عُدِمَ وَلِيُّهَا وَغَابَ إلَخْ ) أَوْصَلَ الْبُلْقِينِيُّ الصُّوَرَ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا الْحَاكِمُ إلَى عِشْرِينَ صُورَةً فَنَظَّمَهَا الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ بِقَوْلِهِ عِشْرُونَ زَوَّجَ حَاكِمٌ عُدِمَ الْوَلِيُّ ، وَالْفَقْدُ وَالْإِحْرَامُ وَالْعَضْلُ السَّفَرُ حَبْسٌ تَوَارَ عِزَّةٌ وَنِكَاحُهُ أَوْ طِفْلَةٌ أَوْ جَاحِدٌ إذْ مَا قُهِرَ وَفَتَاةُ مَحْجُورٍ وَمَنْ جَنَتْ وَلَا أَبَ وَجَدَّ لِاحْتِيَاجٍ قَدْ ظَهَرَ أَمَّا الرَّشِيدَةُ لَا وَلِيَّ لَهَا وَبَيْتُ الْمَالِ مَعَ مَوْقُوفِهِ إذْ لَا ضَرَرَ مَعَ مُسْلِمَاتٍ عُلِّقَتْ أَوْ دُبِّرَتْ أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ كَانَ أَوْلَدَ مَنْ كَفَرَ قَوْلُهُ فَإِنْ عَضَلَ الْوَلِيُّ بَالِغَةً إلَخْ ) إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا دُعَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا حُرَّةٌ حُرِّيَّةً مُسْتَقِرَّةً أَوْ مُبَعَّضَةً وَرَضِيَ الْمَالِكُ وَكَانَ دُعَاؤُهَا إلَى كُفْءٍ مُعَيَّنٍ قَدْ خَطَبَهَا وَكَانَ الْوَلِيُّ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً وَحَصَلَ الِامْتِنَاعُ الْمُعْتَبَرُ بِحَيْثُ لَا يَقْتَضِي التَّفْسِيقَ فَخَرَجَ بِقَوْلِنَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا الْمُحَرَّمَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ وَالْمُرْتَدَّةُ وَكُلُّ مَنْ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا لِمَانِعٍ وَبِحُرَّةٍ الْأَمَةُ وَبِحُرِّيَّةٍ مُسْتَقِرَّةٍ الْعَتِيقَةُ فِي الْمَرَضِ الَّتِي تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَبِقَوْلِنَا إلَى مُعَيَّنٍ قَدْ خَطَبَهَا مَا لَوْ دُعَتْ إلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ إلَى مُعَيَّنٍ لَمْ يَخْطُبْهَا وَبِقَوْلِنَا بِحَيْثُ لَا
يَقْتَضِي التَّفْسِيقَ مَا إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِفِسْقِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَ مَا لَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَامْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا ، وَقَالَ فُلَانٌ أَكْفَأُ مِنْهُ وَمَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ هَذَا الْكُفْءِ فَقَالَ لَا أُزَوِّجُك إلَّا مِمَّنْ هُوَ أَكْفَأُ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) ضَعِيفٌ .
( تَنْبِيهٌ ) هَلْ لَنَا حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوِلَايَةِ الْحُكْمِ وَهِيَ فِي بَلَدٍ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُتَصَوَّرُ بِصُورَتَيْنِ الْأُولَى إذَا كَانَ لِيَتِيمٍ أَمَةٌ وَكَانَ الْيَتِيمُ مُقِيمًا مَثَلًا بِالْمَحَلَّةِ وَأَمَتُهُ مَثَلًا مُقِيمَةٌ بِدِمْيَاطَ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ بِالْبَيْعِ وَالنُّمُوِّ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ وَهِيَ الْمَحَلَّةُ وَحَاكِمُ بَلَدِ الْمَالِ وَهِيَ دِمْيَاطُ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ سِوَى بِالْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ فَحِينَئِذٍ إذَا تَزَوَّجَتْ أَمَتُهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا حَاكِمُ بَلَدِهِ وَالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ مُقِيمَةٌ بِالْمَحَلَّةِ مَثَلًا وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ سِوَى الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَلَهَا أَمَةٌ مُقِيمَةٌ بِدِمْيَاطَ مَثَلًا فَإِنَّ الَّذِي يُزَوِّجُ أَمَتَهَا هُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى سَيِّدَتِهَا ( قَوْلُهُ وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي إلَخْ ) وَمَا لَوْ كَانَتْ بِبَلَدٍ وَأَذِنَتْ لِحَاكِمِ بَلَدٍ آخَرَ فِي تَزْوِيجِهَا وَالْوَلِيُّ فِيهِ ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ امْتَنَعَ أَوْ بِالنِّيَابَةِ جَازَ وَمَا لَوْ اكْتَفَيْنَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْعَضْلِ فَزَوَّجَ الْقَاضِي ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ فَإِنْ قُلْنَا بِالنِّيَابَةِ خَرَجَ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِزَالِ الْقَاضِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِنْ فَوَائِدِهِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْغَائِبَ زَوَّجَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي زَوَّجَهَا فِيهِ الْحَاكِمُ فَإِنْ قُلْنَا بِالنِّيَابَةِ قُدِّمَ
تَزْوِيجُ الْوَلِيِّ ا هـ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ جَعَلَ حُكْمَ تَزْوِيجِ الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ مَعًا حُكْمَ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ مَعًا ( قَوْلُهُ وَقَدْ صَحَّحَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ ) فَيُقَدِّمُ الْقَرَابَةَ ثُمَّ الْوَلَاءَ ثُمَّ السَّلْطَنَةَ ( وَيُقَدِّمُ ) مِنْ الْقَرَابَةِ ( الْأَبَ ثُمَّ الْجَدَّ وَإِنْ عَلَا ) ثُمَّ بَقِيَّةَ الْعَصَبَةِ ( وَتَرْتِيبُهُمْ ) هُنَا كَالْمِيرَاثِ أَيْ كَتَرْتِيبِهِمْ فِيهِ ( إلَّا أَنَّ الِابْنَ لَا يُزَوِّجُ ) أُمَّهُ ( بِالْبُنُوَّةِ ) إذْ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي النَّسَبِ فَلَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ وَلِهَذَا لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ ( بَلْ ) يُزَوِّجُ ( بِالْعُصُوبَةِ أَوْ بِالْوَلَاءِ أَوْ بِالْقَضَاءِ ) وَلَا يَضُرُّ الْبُنُوَّةَ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٌ ( وَالْجَدُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَخِ هُنَا ) وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ وِلَايَةٌ وَالْجَدُّ أَوْلَى لِزِيَادَةِ شَفَقَتِهِ وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِوِلَايَةِ الْمَالِ ( وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ مُقَدَّمٌ ) عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ ( كَمَا فِي الْإِرْثِ ) وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَتَرْتِيبُهُمْ كَالْمِيرَاثِ ( وَمَتَى كَانَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ أَوْ ) أَحَدُ ( ذَوِي الْوَلَاءِ ) الْمُسْتَوِينَ - ( أَخًا لِأُمٍّ أَوْ ابْنًا قُدِّمَ ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ ( فَإِنْ اجْتَمَعَا ) بِأَنْ كَانَ لَهَا ابْنَا ابْنِ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخُوهَا مِنْ أُمِّهَا وَالْآخَرُ ابْنُهَا ( فَالِابْنُ ) مُقَدَّمٌ لِذَلِكَ ( وَيُقَدَّمُ عَصَبَةٌ أُعْتِقَ ) فَلَوْ كَانَ لَهَا ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا مُعْتَقٌ قُدِّمَ الْمُعْتَقُ ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى عُصُوبَةً وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ ابْنَ عَمٍّ لِأَبٍ وَالْآخَرُ شَقِيقًا قُدِّمَ الشَّقِيقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ
مَبْحَثٌ ( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ ) ( قَوْلُهُ فَتُقَدَّمُ الْقَرَابَةُ ) وَإِنْ طَرَأَ سَفَهُ الْمَرْأَةِ بَعْدَ بُلُوغِهَا وَنَسَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الْوَهْمِ فِي قَوْلِهِ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ ( قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ الْأَبُ ) ؛ لِأَنَّ سَائِرَ أَوْلِيَاءِ النَّسَبِ يُدْلُونَ بِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ الْجَدُّ ) عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ أَوْ عِنْدَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وُلِدَ لَهُ بِنْتٌ فِي كَمَالِ التَّاسِعَةِ فَإِنَّهَا تَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَحْكُمُ بِبُلُوغِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ النَّسَبِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْجَدَّ بَعْدَ الْأَبِ عَلَى سَائِرِ الْعَصَبَاتِ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْوِلَادَةِ مَعَ مُشَارَكَتِهِمْ فِي الْعُصُوبَةِ ( قَوْلُهُ إذْ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي النَّسَبِ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُدْلِي بِأَبِيهِ وَأَبُوهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْوِلَايَةِ ؛ لِأَنَّهُ زَوْجٌ وَالزَّوْجُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَالْأُمُّ لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا فَكَذَا مَنْ يُدْلِي بِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَرَّعُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ .
( قَوْلُهُ بَلْ بِالْعُصُوبَةِ أَوْ بِالْوَلَاءِ أَوْ بِالْقَضَاءِ ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا إذَا كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ أَوْ كَانَ أَخًا فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ نِكَاحِ الْمَجُوسِ أَوْ كَانَ ابْنَ ابْنِ أَخِيهَا أَوْ كَانَ عَمًّا لَهَا أَوْ كَانَ مُعْتِقًا أَوْ ابْنَ مُعْتِقٍ أَوْ كَانَ قَاضِيًا أَوْ عَاقِدًا أَوْ مُحَكَّمًا
( فَصْلٌ الْمُعْتَقُ إنْ عُدِمَتْ الْعَصَبَةُ ) النِّسْبِيَّة ( وَهُوَ رَجُلٌ فَالْوِلَايَةُ لَهُ ثُمَّ لِعَصَبَاتِهِ كَتَرْتِيبِ ) عَصَبَاتِ ( النَّسَبِ وَ ) لَكِنْ ( يُقَدَّمُ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُهُ هُنَا عَلَى الْجَدِّ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُقَدَّمُ الْعَمُّ عَلَى أَبِ الْجَدِّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ ( وَابْنُ الْمُعْتَقِ يُزَوِّجُ ) بَعْدَهُ ( وَيُقَدَّمُ عَلَى أَبٍ الْمُعْتَقِ ) ؛ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ لَهُ وَلَوْ قَالَ كَتَرْتِيبِ الْإِرْثِ لَمَا احْتَاجَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ ( وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ فِي حَيَاتِهَا ) بِإِذْنِهَا ( مَنْ يُزَوِّجُهَا ) بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا تَبَعًا لِوِلَايَتِهِ عَلَى مُعْتِقَتِهَا ( وَلَوْ لَمْ تَرْضَ ) مُعْتِقَتُهَا إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا ابْنُ الْمُعْتَقَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَالْمُعْتَقَةُ مُسْلِمَةٌ وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ لَا يُزَوِّجُهَا ، وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالْمُعْتَقَةُ كَافِرَةٌ وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ زَوَّجَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا ( فَإِنْ مَاتَتْ زَوَّجَهَا ابْنُهَا ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ أَبُوهَا عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ ) أَيْ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ وَتَبَعِيَّةُ الْوِلَايَةِ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ
قَوْلُهُ كَتَرْتِيبِ النَّسَبِ ) فِي نُسْخَةٍ فِي التَّزَوُّجِ ( قَوْلُهُ كَتَرْتِيبِ الْإِرْثِ ) أَيْ إرْثِ عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ ( قَوْلُهُ وَيُزَوِّجُ عَتِيقُ الْمَرْأَةِ فِي حَيَاتِهَا بِإِذْنِهَا إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَيَكْفِي سُكُوتُ الْبِكْرِ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ وَاضِحٌ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى بِالدِّيبَاجِ فِي تَوْضِيحِ الْمِنْهَاجِ خَالَفَهُ فَقَالَ وَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَلَمْ أَقِفْ لِغَيْرِهِ عَلَى تَصْرِيحٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلْيُحَرَّرْ وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَأَعْتَقَتْ هِيَ جَارِيَةً وَلِلْمُعْتِقَةِ ابْنٌ فَوِلَايَةُ الثَّانِيَةِ لِمُعْتِقِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ الْوَلِيِّ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ بَابِ الصَّدَاقِ ( قَوْلُهُ وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ لَا يُزَوِّجُهَا ) فَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا زَوَّجَهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ ، وَقَالَ فِي الْعُبَابِ لَوْ أَعْتَقَتْ مُسْلِمَةٌ أَمَةً كَافِرَةً وَلَهَا أَخٌ كَافِرٌ أَوْ عَكْسُهُ زَوَّجَ الْأَخُ الْعَتِيقَةَ دُونَ الْمُعْتِقَةِ .
( قَوْلُهُ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ التَّزْوِيجِ اتِّحَادُ دِينِ الْمُزَوِّجِ وَالْمُزَوَّجَةَ الَّتِي هِيَ الْعَتِيقَةُ لَا اتِّحَادُ دِينِ الْمُعْتِقَةِ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا ) فَلَوْ قَالَ يُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ لَاسْتَقَامَ وَكَانَ عَدْلٌ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ الْمُعْتِقَةِ يُزَوِّجُ فِي حَيَاتِهَا وَيُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ
( فَرْعٌ وَإِنْ أَعْتَقَهَا اثْنَانِ اُشْتُرِطَ رِضَاهُمَا ) فَيُوَكِّلَانِ أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ يُبَاشِرَانِ مَعًا ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى بَعْضِهَا فَكَمَا يُعْتَبَرُ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى التَّزْوِيجِ قَبْلَ الْعِتْقِ يُعْتَبَرُ بَعْدَهُ ( وَيُزَوِّجُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ مَعَ السُّلْطَانِ فَإِنْ مَاتَا ) اُشْتُرِطَ فِي تَزْوِيجِهَا ( اثْنَانِ مِنْ عَصَبَتِهِمَا ) وَاحِدٌ مِنْ عَصَبَةِ أَحَدِهِمَا وَآخَرُ مِنْ عَصَبَةِ الْآخَرِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَفَى مُوَافَقَةُ أَحَدِ عَصَبَتِهِ لِلْآخَرِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُهُ الْآخَرُ اسْتَقَلَّ بِتَزْوِيجِهَا وَلَوْ اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِنْ عَصَبَاتِ الْمُعْتَقِ فِي دَرَجَةٍ كَبَنِينَ وَإِخْوَةٍ كَانُوا كَالْإِخْوَةِ فِي النَّسَبِ فَإِذَا زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَاهَا صَحَّ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْآخَرِينَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ .
( فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ ) لَهَا ( خُنْثَى ) مُشْكِلًا ( زَوَّجَهَا أَبُوهُ ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ بِتَرْتِيبِهِمْ ( بِإِذْنِهِ ) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ فَيَكُونُ قَدْ زَوَّجَهَا وَكِيلُهُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ وَوَلِيُّهَا بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْحَاوِي وَالْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِمَا وُجُوبُ إذْنِهِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا أَبُوهُ بِإِذْنِهِ انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ : فَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ خُنْثَى مُشْكِلًا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ وَالْخُنْثَى كَالْمَعْقُودِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَ السُّلْطَانُ فَلَوْ عَقَدَ الْخُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا صَحَّ كَمَا مَرَّ
( قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ إلَخْ ) قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَرِيبُ خُنْثَى مُشْكِلًا أَنْ يُزَوِّجَ الْبَعِيدُ بِإِذْنِهِ لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْحَاوِي وَالْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِمَا وُجُوبُ إذْنِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ يُزَوِّجُهَا الْمَالِكُ مَعَ الْعَصَبَةِ ) الْقَرِيبِ ( ثُمَّ ) مَعَ ( مُعْتِقِ الْبَعْضِ ثُمَّ ) مَعَ ( عَصَبَتِهِ ثُمَّ ) مَعَ ( السُّلْطَانِ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ عَصَبَتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ ) وَهِيَ الرِّقُّ وَمَا يَسْلُبُ النَّظَرَ وَالْبَحْثُ عَنْ أَحْوَالِ الزَّوْجِ وَالْفِسْقُ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالْإِحْرَامُ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ ( لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ فَأَمَةُ الْمُبَعَّضِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ لَا تُزَوَّجُ أَصْلًا ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا بِلَا آذِنٍ لَا يَجُوزُ وَبَابُ التَّزْوِيجِ مُنْسَدٌّ عَلَيْهِ لِرِقِّهِ ، وَلَوْ جَازَ التَّزْوِيجُ بِإِذْنِهِ لِكَوْنِهَا لِبَعْضِهِ لَجَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَأَقَرَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِالْوِلَايَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ زَوَّجَهَا بِهِ كَالْمُكَاتَبِ قَالَ وَأَمَّا أَمَةُ الْمُبَعَّضَةِ فَيُزَوِّجُهَا مَنْ يُزَوِّجُ الْمُبَعَّضَةَ بِإِذْنِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ الْبَعْضِ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَنْ يُزَوِّجُهَا لَوْ كَاتَبَ حُرَّةً ( وَ ) لَا ( صَبِيٍّ ) لِسَلْبِ عِبَارَتِهِ ( وَ ) لَا ( ذِي جُنُونٍ فِي حَالَتِهِ ) أَيْ الْجُنُونِ ( وَلَوْ تَقَطَّعَ ) لِذَلِكَ وَتَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ فِي الْمُتَقَطِّعِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا قَصَرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ تَقَطُّعٍ ؛ لِأَنَّ السُّكُونَ الْيَسِيرَ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ إطْبَاقِ الْجُنُونِ وَإِذَا قَصَرَ زَمَنُ الْجُنُونِ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ الْوِلَايَةَ بَلْ يَنْتَظِرُ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَضَانَةِ ( وَذِي أَلَمٍ يَشْغَلُ عَنْ النَّظَرِ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا لِمُخْتَلٍّ وَلَوْ عَقِبَ إفَاقَتِهِ ) أَيْ وَلَا وِلَايَةَ لِذِي أَلَمٍ يَشْغَلُهُ عَمَّا ذُكِرَ وَلَا لِمَنْ اخْتَلَّ نَظَرُهُ لِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ جَبَلِيٍّ أَوْ عَارِضٍ وَلَا لِمَنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ وَبَقِيَتْ آثَارُ خَبَلٍ يَحْمِلُ مِثْلَهَا مِمَّنْ لَا يَعْتَرِيهِ جُنُونٌ عَلَى حِدَّةِ خَلْقٍ لِعَجْزِهِمْ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَةِ الْكُفْءِ مِنْهُمْ .
وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ
بِأَنَّ سُكُونَ الْأَلَمِ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ إفَاقَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا الْإِفَاقَةَ فِي الْإِغْمَاءِ وَجَبَ أَنْ يَنْتَظِرَ السُّكُونَ هُنَا وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الِانْتِظَارِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي صُورَةِ الْغَيْبَةِ ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الِانْتِظَارِ بَاقِيَةٌ وَشِدَّةُ الْأَلَمِ الْمَانِعَةُ مِنْ النَّظَرِ كَالْغَيْبَةِ وَأَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لِلْإِغْمَاءِ أَمَدًا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَجَعَلَ مَرَدًّا بِخِلَافِ سُكُونِ الْأَلَمِ وَإِنْ احْتَمَلَ زَوَالَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ وَلَيْسَ كَالْغَيْبَةِ ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ مَعَهَا وَلَا كَذَلِكَ مَعَ دَوَامِ الْأَلَمِ الْمَذْكُورِ ( وَلَا مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرِهِ مِنْهُمَا زَوَالُهَا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ ( لَا فَلَسٍ ) أَيْ لَا الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِكَمَالِ نَظَرِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ ( بَلْ تَكُونُ ) الْوِلَايَةُ ( لِلْأَبْعَدِ ) وَلَوْ فِي بَابِ الْوَلَاءِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ شَخْصٌ أَمَةً وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَخٍ كَبِيرٍ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ كَمَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ .
( وَلَا يُبْطِلُهَا إغْمَاءٌ وَسُكْرٌ بِعُذْرٍ وَلَوْ طَالَ ) زَمَنُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا قَرِيبَا الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ ( بَلْ تُنْتَظَرُ الْإِفَاقَةُ ) لِلْمُتَلَبِّسِ بِهِمَا كَالنَّائِمِ نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ ، قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ : زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ ، وَظَاهِرُ
كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُخَالِفُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بِعُذْرٍ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَالْأَعْمَى وَالْأَخْرَسُ الْمُفْهِمُ ) مُرَادُهُ لِغَيْرِهِ ( بِالْإِشَارَةِ ) الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ ( يُزَوِّجَانِ كَمَا يَتَزَوَّجَانِ ) لِقِيَامِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ مَقَامَ النُّطْقِ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ الْعَمَى مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْأَكْفَاءِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسَّمَاعِ ، وَإِنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِتَعَذُّرِ الْأَدَاءِ مِنْ الْأَخْرَسِ وَالتَّحَمُّلِ مِنْ الْأَعْمَى وَلِهَذَا لَوْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قُبِلَتْ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ لِلْأَخْرَسِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ الْإِشَارَةِ الْكِتَابَةَ فَقَالَ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ أَنَّ لِلْأَعْمَى أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي وِلَايَةِ الْأَخْرَسِ الَّذِي لَهُ كِتَابَةٌ أَوْ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا يُنَافِي اعْتِبَارَهُ لَهَا تَرْكُ الْمُصَنِّفِ لَهَا ؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ فِي وِلَايَتِهِ لَا فِي تَزْوِيجِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَاتِبًا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ فَيُوَكِّلُ بِهَا مَنْ يُزَوِّجُ وَالْمُصَنِّفُ نَظَرَ إلَى تَزْوِيجِهِ لَا إلَى وِلَايَتِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِهَا .
( وَكَذَا يُزَوِّجُ ذُو الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ ) مُطْلَقًا وَيُفَارِقُ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَتِهِ إذَا لَمْ تَلْقَ بِهِ حِرْفَتُهُ بِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ كَمَا سَيَتَّضِحُ بِمَا يَأْتِي قَرِيبًا ( وَالْفَاسِقُ غَيْرُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهُ ) بِفِسْقِهِ ( إلَى الْأَبْعَدِ ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ ( وَالْمُخْتَارُ ) عِنْدَ النَّوَوِيِّ كَابْنِ الصَّلَاحِ مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ ( بَقَاؤُهَا ) لِلْفَاسِقِ ( إنْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ إلَى حَاكِمٍ مُفَسَّقٍ ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مُرْتَكِبٍ مَا يَفْسُقُ بِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَلِ مَالَ وَلَدِهِ ) أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَقْدَحُ فِسْقُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ
فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ فَعَلَيْهِ إنَّمَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ غَيْرُهُ كَبَنَاتِ غَيْرِهِ
( مَبْحَثٌ ، الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ ) ( قَوْلُهُ وَهِيَ الرِّقُّ إلَخْ ) مَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الصَّيْمَرِيَّ إلَى الْحَبَشَةِ فَتَزَوَّجَ لَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ زَوَّجَهَا مِنْهُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنُ الْعَاصِ } كَمَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَوْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ كَمَا قَالَهُ عُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَكِلَاهُمَا ابْنُ عَمِّ أَبِيهَا وَكَانَ أَبُوهَا كَافِرًا حَيًّا وَهَذِهِ الْقَضِيَّةُ أَجْمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْمَغَازِي وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْكُفْرِ قِسْنَا عَلَيْهِ الْبَاقِيَ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ فَادَّعَى الْأَقْرَبُ أَنَّهُ زَوَّجَ بَعْدَ تَأَهُّلِهِ ، وَقَالَ الْأَبْعَدُ بَلْ قَبْلَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِمَا وَالرُّجُوعُ فِيهِ إلَى قَوْلِ الزَّوْجَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُمَا فَلَمْ يُقْبَلْ فِيهِ قَوْلُ غَيْرِهِمَا .
( قَوْلُهُ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ ) لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِلْبَحْثِ وَالنَّظَرِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ ) قَالَ ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ الْعَقْدَ مُمْتَنِعَةٌ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مَا لَمْ يَكْمُلْ الْحُرِّيَّةَ وَإِذَا امْتَنَعَتْ مُبَاشَرَتُهُ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ غَيْرَهُ وَتَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مُمْتَنِعٌ فَانْسَدَّ بَابُ تَزْوِيجِهَا ا هـ فَتَبَيَّنَ بِتَعْلِيلِهِ أَنَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ ( قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ إلَخْ ) لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ فَيَخْرُجُ كَلَامُهُ فِيهَا عَلَى رَأْيِهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الَّتِي لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا كا ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ الْبَعْضِ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ ) أَشَارَ
إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ يَلِي نِكَاحَ سَيِّدَتِهَا ( قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ بَقَاءُ وِلَايَتِهِ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ ، وَقَالَ الْأَصْبَحِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْفَتْوَى بِصِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَجَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِ وَمَنْ قَالَ بِغَيْرِ هَذَا فَقَدْ قَالَ مَا لَا يَعْلَمُ وَخَالَفَ الْعَامَّةَ وَقَدْ أَفْتَى أَكَابِرُ أَئِمَّتِنَا بِذَلِكَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي نِكَاحِهِ قَبْلَ إعَادَةِ الْحَجْرِ وَجْهَانِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ ( قَوْلُهُ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ كَمَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ) قَالَ فِيهِ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ تَفَقُّهًا حَيْثُ قَالَ لَا أَعْلَمُ فِي هَذِهِ نَصًّا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَخِ ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَلَاءِ فَرْعُ وِلَايَةِ النَّسَبِ ا هـ لَكِنْ نَقَلَ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَبٍ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ فَلَا يُزَوِّجُ أَيْ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَ الْبَغَوِيّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَدْ نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاخْتَلَفَ فِيهَا الْمُفْتُونَ وَالظَّاهِرُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لَكِنْ فِيهَا نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُزَوِّجُ هُوَ الْأَبْعَدُ وَهُوَ الصَّوَابُ .
ا هـ وَفِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ وَالِاحْتِيَاطِ بِالصَّوَابِ نَظَرٌ ش وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ بَلْ تُنْتَظَرُ الْإِفَاقَةُ ) جَعَلُوا الْإِغْمَاءَ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ السَّوَالِبِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا وَهَاهُنَا انْتَظَرُوا قَالَ شَيْخُنَا رُبَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَتَعَاطَى حَقَّ غَيْرِهِ وَالْوَلِيَّ حَقَّ نَفْسِهِ فَاحْتِيطَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ
مَا لَمْ يُحْتَطْ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ إذْ الْمُوَكِّلُ إمَّا أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِانْعِزَالِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ قَدْ لَا يُوجَدُ مَنْ يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ كَهُوَ كا ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُخَالِفُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قُبِلَتْ ) فَيَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْأَعْمَى عُقُودَ النِّكَاحِ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ بِمَنْعِهَا ( قَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ غَيْرُ الْإِمَامِ إلَخْ ) إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي غَيْرِ الْكُفْءِ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ وَيَكُونُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ قَالَ فِي الْمُذَاكَرَةِ عَنْ الْفَقِيه أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عُجَيْلٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَعَنْ الْفَقِيه إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَالَ الْأَصْبَحِيُّ وَمَا قَالَهُ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ أَوْلَى بَلْ قِيلَ بِرُجُوعِ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَمَّا قَالَهُ مِنْ اعْتِبَارِ إذْنِهِ ( قَوْلُهُ تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهُ إلَى الْأَبْعَدِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا نَقَلْنَا الْوِلَايَةَ بِالْفِسْقِ وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ الْمُنَاسِبُ إلَّا الْمُعْتَقُ زَوَّجَ السُّلْطَانُ دُونَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ .
ا هـ .
وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ } ش وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَيْ مُرْتَكِبُ مَا يَفْسُقُ بِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ ) إذْ الْفِسْقُ قَدْ عَمّ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ ( قَوْلُهُ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ إلَخْ ) مَا وَقَعَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ مِنْ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ بِالْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ لَمْ أَقِفْ عَلَى مُسْتَنَدِهِ وَاَلَّذِي فِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا حِكَايَةُ الْوَجْهَيْنِ وَالتَّرْجِيحُ فِي
تَزْوِيجِهِ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَجَعَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ التَّقْيِيدَ بِالْعَامَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْخَاصَّةِ حَتَّى لَا يُزَوِّجَ بِنْتَه وَنَحْوَهَا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ وَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهِ إذَا حَضَرَ شَاهِدًا بِالِاتِّفَاقِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي كَمَا لَوْ شَهِدَ بِحَقٍّ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِشَهَادَتِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَأَيْضًا فَإِنَّا لَا نَجِدُ إمَامًا عَادِلًا غَيْرَهُ وَنَجِدُ عَدْلًا شَاهِدًا غَيْرَهُ
( وَيُزَوِّجُ الْفَاسِقُ نَفْسَهُ ) ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَضُرَّ بِهَا وَيُحْتَمَلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلِهَذَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ ( وَلَا يَفْسُقُ بِالْعَضْلِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ ( إلَّا إذَا تَكَرَّرَ مَرَّاتٍ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَقَلُّهَا فِيمَا حَكَى بَعْضُهُمْ ثَلَاثٌ وَحِينَئِذٍ فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ ( وَلَوْ تَابَ الْفَاسِقُ لَمْ يُزَوَّجْ فِي الْحَالِ ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَذَا قَاسَهُ الْأَصْلُ عَلَى الشَّهَادَاتِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ وَكَذَا ذَكَرَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ فِي الْعَضْلِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَالَةُ الَّتِي هِيَ مَلَكَةٌ تُحْمَلُ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَبِأَنَّهُ بِالتَّزْوِيجِ فِي الْعَضْلِ زَالَ مَا لِأَجْلِهِ عَصَى وَفَسَقَ قَطْعًا بِخِلَافِ تَوْبَتِهِ عَنْ فِسْقٍ آخَرَ لِجَوَازِ بَقَائِهِ عَلَيْهِ بَاطِنًا فَافْتَقَرَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَبِأَنَّ فِسْقَ الْوَلِيِّ مَخْصُوصٌ فَتَوْبَتُهُ مَخْصُوصَةٌ كَمَا فِي الْقَاذِفِ تَوْبَتُهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْقَذْفِ وَيَقُولَ قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ
( قَوْلُهُ أَقَلُّهَا فِيمَا حَكَى بَعْضُهُمْ ثَلَاثٌ ) هَلْ الْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْأَنْكِحَةِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَرَضِ الْحَاكِمِ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ فِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي ش ( قَوْلُهُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا ذَكَرَ الْخُوَارِزْمِيَّ ) أَيْ وَأَبُو الْفَرَجِ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ
( وَلَا يُزَوِّجُ الْكَافِرُ مُسْلِمَةً ) إذْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا ( وَكَذَا ) لَا يُزَوِّجُ ( مُسْلِمٌ كَافِرَةً ) لِذَلِكَ ( إلَّا سَيِّدٌ ) مُسْلِمٌ فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ ( أَوْ وَلِيُّهُ ) أَيْ السَّيِّدِ ذَكَرًا مُطْلَقًا أَوْ أُنْثَى مُسْلِمَةً فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ ( أَوْ قَاضٍ ) فَيُزَوِّجُ نِسَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إمَّا ( لِعَدَمِ الْوَلِيِّ الْكَافِرِ ) لَهَا أَوْ لِسَيِّدِهَا وَإِمَّا لِعَضْلِهِ ( وَلَا يُزَوِّجُ قَاضِيهِمْ وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ ) بِخِلَافِ الزَّوْجِ الْكَافِرِ ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ وَإِنْ صَدَرَ مِنْ قَاضِيهِمْ ( وَلَوْ تَزَوَّجَ أَوْ زَوَّجَ الْيَهُودِيُّ نَصْرَانِيَّةً ) أَوْ النَّصْرَانِيُّ يَهُودِيَّةً ( صَحَّ ) كَالْإِرْثِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } وَذِكْرُ الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا التَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ قَطَعَ أَصْحَابُنَا وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْإِرْثِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِحَرْبِيٍّ عَلَى ذِمِّيَّةٍ وَبِالْعَكْسِ وَأَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( وَمُرْتَكِبُ الْمُحَرَّمِ ) الْمُفَسَّقُ ( فِي دِينِهِ ) مِنْ أَوْلِيَاءِ الْكَافِرَةِ ( كَالْفَاسِقِ عِنْدَنَا ) فَلَا يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا فَيُزَوِّجُهَا كَمَا تَقَرَّرَ وَفَرَّقُوا بَيْنَ وِلَايَتِهِ وَشَهَادَتِهِ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَرْتَكِبْ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَحْضُ وِلَايَةٍ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يُؤَهَّلُ لَهَا الْكَافِرُ وَالْوَلِيُّ فِي التَّزْوِيجِ كَمَا يَرْعَى حَظَّ مُوَلِّيَتِهِ يَرْعَى حَظَّ نَفْسِهِ أَيْضًا فِي تَحْصِينِهَا وَدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ
( قَوْلُهُ وَلَا يُزَوِّجُ الْكَافِرُ مُسْلِمَةً إلَخْ ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْمَحَاسِنِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ أَصْلَ الْوِلَايَاتِ تَتَعَلَّقُ بِاتِّفَاقِ الْأَدْيَانِ إذْ لَا عَدَاوَةَ أَشَدُّ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الدِّينِ فَوَقَعَتْ التُّهْمَةُ فِي الِاخْتِيَارِ ( قَوْلُهُ وَأَنَّ الْمُسْتَأْمِنَ ) أَيْ وَالْمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ أَيْ كَمَا صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ
( فَرْعٌ لِلْمُسْلِمِ تَوْكِيلُ نَصْرَانِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ فِي نِكَاحِ نَصْرَانِيَّةٍ ) ؛ لِأَنَّهُمَا يَقْبَلَانِ نِكَاحَهَا لِأَنْفُسِهِمَا ( لَا ) فِي نِكَاحِ ( مُسْلِمَةٍ ) إذْ لَا يَجُوزُ لَهُمَا نِكَاحُهُمَا بِحَالٍ ( بِخِلَافِ ) تَوْكِيلِهِمَا فِي ( طَلَاقِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا طَلَاقُهُمَا بِأَنْ أَسْلَمَتْ كَافِرَةً بَعْدَ الدُّخُولِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ قَدَّمَهَا فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا ( وَلِلنَّصْرَانِيِّ وَنَحْوِهِ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ فِي نِكَاحِ نَصْرَانِيَّةٍ ) وَنَحْوِهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلًا ( لَا ) فِي نِكَاحِ ( مَجُوسِيَّةٍ ) وَنَحْوِهَا ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا بِحَالٍ فَهُوَ كَالْعَبْدِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّزْوِيجِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ ( وَلِلْمُعْسِرِ تَوْكِيلُ الْمُوسِرِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ مِنْ أَهْلِ نِكَاحِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِي الْحَالِ لِمَعْنًى فِيهِ فَهُوَ كَمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَكَّلَهُ رَجُلٌ لِيَقْبَلَ لَهُ نِكَاحَ امْرَأَةٍ ( وَلَا وِلَايَةَ لِمُرْتَدٍّ مُطْلَقًا ) أَيْ لَا عَلَى مُسْلِمَةٍ وَلَا مُرْتَدَّةٍ وَلَا غَيْرِهِمَا لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ( وَإِحْرَامُ الْوَلِيِّ وَلَوْ حَاكِمًا ) بِنُسُكٍ وَلَوْ فَاسِدًا ( كَغَيْبَتِهِ ) فَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ لَا الْأَبْعَدُ إذْ الْإِحْرَامُ لَا يَسْلُبُ الْوِلَايَةَ لِبَقَاءِ الرُّشْدِ وَالنَّظَرِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ كَمَا يَمْنَعُهُ إحْرَامُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ بَيْنَ طَوِيلِهَا وَقَصِيرِهَا وَاَلَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي طَوِيلِهَا كَمَا فِي الْغَيْبَةِ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ أَحْرَمَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي فَلِخُلَفَائِهِ أَنْ يُزَوِّجُوا ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ جَزَمَ بِذَلِكَ الْخَفَّافُ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَقُبِلَ هَذَا فِي السُّلْطَانِ دُونَ الْقَاضِي ؛
لِأَنَّ خُلَفَاءَهُ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالِهِ بِخِلَافِ خُلَفَاءِ الْقَاضِي وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ ( وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ الْمُحْرِمِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ لَكِنْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَحْضُرَ ( وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ ) ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ كَالْإِمْسَاكِ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ
( قَوْلُهُ وَإِحْرَامُ الْوَلِيِّ إلَخْ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْكَافُ مَكْسُورَةٌ فِيهِمَا وَالْيَاءُ مِنْ الْأَوَّلِ مَفْتُوحَةٌ وَمِنْ الثَّانِي مَضْمُومَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا كَمَا لَا يَصِحُّ إنْكَاحُ الْمُحْرِمِ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِعَبْدِهِ الْحَلَالِ فِي النِّكَاحِ وَلَا إذْنُ الْمُحْرِمَةِ لِعَبْدِهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ الْمُحْرِمُ لِلسَّفِيهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ وَكَانَ الْمَأْخَذُ أَنَّ الْمُحْرِمَ سَاقِطُ الْعِبَارَةِ فِي النِّكَاحِ جُمْلَةً فِي كِتَابِ الْخِصَالِ كُلُّ نِكَاحٍ عَقَدَهُ مُحْرِمٌ أَوْ وَكِيلُ الْمُحْرِمِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ إلَّا فِي خَصْلَتَيْنِ فَمِنْ ذَلِكَ الْحَاكِمُ إذَا عَقَدَ خُلَفَاؤُهُ النِّكَاحَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ إذَا عَقَدَ خُلَفَاؤُهُ النِّكَاحَ وَذَلِكَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ سَوَاءٌ .
ا هـ .
وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ السُّلْطَانُ إذَا فَوَّضَ إلَى رَجُلٍ تَزْوِيجَ أَيِّمٍ فَأَحْرَمَ السُّلْطَانُ انْعَزَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَإِنْ كَانَ فَوَّضَ إلَيْهِ تَزْوِيجَ الْأَيَامَى فَأَحْرَمَ السُّلْطَانُ لَمْ يَنْعَزِلْ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ تَفْوِيضُ تَوْكِيلٍ وَتَخْصِيصٍ وَالثَّانِيَ تَوْلِيَةٌ وَتَعْمِيمٌ ا هـ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ ( قَوْلُهُ كَمَا يَمْنَعُهُ إحْرَامُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ ) لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ وَتَزَوَّجَ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ أَحْرَمَ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ أَمْ بَعْدَهُ فَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ وَلَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ فِي الْإِحْرَامِ لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ نَكَحَ مُرْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مُعْتَدَّةً وَوَطِئَ حُدَّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَوْ وَكَّلَ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ فَزَوَّجَهَا وَكِيلُهُ ثُمَّ بَانَ مَوْتُ مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَاتَ قَبْلَ تَزْوِيجِهَا أَمْ بَعْدَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّ
الظَّاهِرَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ لَوْ أَحْرَمَ وَكِيلُ النِّكَاحِ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ الْمَرْأَةُ ) بِنُسُكٍ ( لَمْ يَنْعَزِلْ ) لِبَقَاءِ رُشْدِهِ وَنَظَرِهِ كَمَا مَرَّ فَيُزَوِّجُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ( فَلَا يُزَوِّجُ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ وَتَحَلُّلِ مُوَكِّلِهِ ) وَتَحَلُّلِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ فَرْعٌ الْمَفْهُومُ كَمَا فَعَلْت كَانَ أَوْلَى ( وَلَوْ وَكَّلَهُ ) حَالَةَ كَوْنِ أَحَدِهِمْ ( مُحْرِمًا أَوْ أَذِنَتْ ) لِوَلِيِّهَا ( وَهِيَ مُحْرِمَةٌ ) أَنْ يُزَوِّجَهَا صَحَّ سَوَاءٌ أَقَالَ لِتَزَوُّجٍ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَمْ أَطْلَقَ ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ إنَّمَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ دُونَ الْإِذْنِ ( لِأَنَّ شَرْطَ الْعَقْدِ ) أَيْ صُدُورِهِ ( فِي الْإِحْرَامِ ) فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ
( وَلَوْ وَكَّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا لِيُوَكِّلَ حَلَالًا فِي التَّزْوِيجِ جَازَ ) ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ : وَكِّلْ عَنْ نَفْسِك قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَطْعًا كَمَا ذُكِرَ وَأُمَثِّلُهُ فِيمَا إذَا وَكَّلَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ لِتُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ أَهْلًا لِلتَّزْوِيجِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ فِي ذَاتِهِ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ
( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ ) أَيْ إذَا لَمْ يَقُلْ لِتَزَوُّجٍ حَالَ إحْرَامِي وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُحْرِمِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إذَا وَقَعَ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْمُحْرِمِ
( وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُصَلِّي نَاسِيًا ) لِلصَّلَاةِ ( صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَنِكَاحُهُ ) وَكَذَا وَكِيلُ الْمُصَلِّي كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْمُحْرِمِ ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُحْرِمِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَعِبَارَةُ الْمُصَلِّي صَحِيحَةٌ
( فَصْلٌ وَإِنْ غَابَ الْوَلِيُّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَا دُونَهَا زَوَّجَهَا قَاضِي بَلَدِهَا ) لَا الْأَبْعَدُ وَلَا قَاضِي غَيْرُ بَلَدِهَا أَمَّا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا يُزَوِّجُ حَتَّى يُرَاجِعَ الْوَلِيَّ فَيَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ كَمَا لَوْ كَانَ مُقِيمًا ، نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِفِتْنَةٍ أَوْ خَوْفٍ فَفِي الْجَبَلِيِّ عَنْ الْحِلْيَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ وَعَضَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ تَعَذُّرَ الْوُصُولِ إلَى مَالِكِ الْوَدِيعَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ عِنْدَ إرَادَةِ الْمُودِعِ السَّفَرَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسَافِرًا نَقَلَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامَ الْجَبَلِيِّ ثُمَّ قَالَ : فَإِنْ صَحَّ وَجَبَ تَقْيِيدُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بِهِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ فِي سِجْنِ السُّلْطَانِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُ ( وَكَذَا الْمَفْقُودُ ) الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ يُزَوِّجُ عَنْهُ الْقَاضِي لِتَعَذُّرِ نِكَاحِهَا مِنْ جِهَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا عَضَلَ ( مَا لَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ ) وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ ( وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ ) أَيْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ( بِغَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَبِالْخُرُوجِ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ ) فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهَا ( لَكِنْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ ) أَيْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ مُطَّلِعٍ عَلَى بَاطِنِ أَحْوَالِهَا وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ هَذَا وَيُسْتَحَبُّ تَحْلِيفُهَا عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى غَيْبَةِ وَلِيِّهَا وَخُرُوجِهَا عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ وَالْأُولَى هِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِلْأَصْلِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِقَوْلِهَا ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْعُقُودِ إلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا .
قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ ذِكْرِهِ اسْتِحْبَابَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ : فَعَلَى هَذَا لَوْ أَلَحَّتْ فِي الْمُطَالَبَةِ وَرَأَى التَّأْخِيرَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَجْهَانِ ( وَهَلْ يُحَلِّفُهَا ) وُجُوبًا ( عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لِلْغَائِبِ ) إنْ
كَانَ مِمَّنْ لَا يُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنٍ وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا فِي الْغَيْبَةِ ( وَجْهَانِ فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي عِنْدَ غَيْبَةِ ) الْوَلِيِّ ( الْأَقْرَبِ ) الْغَيْبَةَ الْمُعْتَبَرَةَ ( أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَبْعَدِ ) أَنْ يُزَوِّجَ ( أَوْ يَسْتَأْذِنَهُ ) لِيُزَوِّجَ ( فَإِنْ زُوِّجَتْ ) فِي غَيْبَتِهِ ( فَبَانَ الْوَلِيُّ قَرِيبًا ) مِنْ الْبَلَدِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامٍ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ ( لَمْ يَنْعَقِدْ ) نِكَاحُهَا ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ لَا يَصِحُّ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ
( فَصْلٌ وَإِنْ غَابَ الْوَلِيُّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ زَوَّجَهَا قَاضِي بَلَدِهَا ) أَيْ نِيَابَةً عَنْهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ فِي تَزْوِيجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ يُزَوِّجْهَا الْقَاضِي ( قَوْلُهُ لَا الْأَبْعَدُ ) لِبَقَاءِ الْأَقْرَبِ عَلَى وِلَايَتِهِ وَالتَّزْوِيجُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَإِذَا تَعَذَّرَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ الْقَاضِي ( قَوْلُهُ فَفِي الْجِيلِيِّ عَنْ الْحِلْيَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ أَيْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِغَيْبَةِ الْوَلِيِّ إلَخْ ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّصَرُّفَ الصَّادِرَ مِنْ الْحَاكِمِ فِي الْأُمُورِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا لَا يَسْتَلْزِمُ صُدُورَهُ مِنْهُ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهِ حَتَّى إذَا عَقَدَ نِكَاحًا أَوْ بَيْعًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْحُكَّامِ نَقْضُهُ كَمَا لَوْ عَقَدَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ حَكَمَ هُوَ بِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ فِي الْعُقُودِ وَالْأَمْلَاكِ وَغَيْرِهَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ أَرْبَابِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْعِلْمِ كَمَا قَدَّرُوهُ وَهَذَا الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَصْلٌ عَظِيمٌ وَقَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ فَلْنَذْكُرْ مَا حَضَرَنَا فِيهَا فَنَقُولُ اخْتَلَفُوا فِي تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ فَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا إذَا قُسِمَ مَالُ الْمُفْلِسِ ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ أَنَّهُ حَكَمٌ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَفْقُودِ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ بِالْقَاضِي فَقِسْمَتُهُ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمَوْتِ .
وَإِنْ قَسَمَ الْوَرَثَةُ مَالَهُ بِأَنْفُسِهِمْ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَصَرُّفَهُ حُكْمٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الشُّرَكَاءِ إذَا حَضَرُوا عِنْدَ حَاكِمٍ وَأَرَادُوا مِنْهُ الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُ لَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَعَلَّلَ بِأُمُورٍ مِنْهَا مَا قُلْنَاهُ وَذَكَرَ فِي الْأُمِّ نَحْوَهُ فَقَالَ : وَإِنْ أَرَدْتُمْ قَسْمِي فَأْتُوا بِالْبَيِّنَةِ
عَلَى أَصْلِ حُقُوقِكُمْ فِيهَا وَذَلِكَ إنِّي إنْ قَسَمْت بَيْنَكُمْ بِلَا بَيِّنَةٍ فَجِئْتُمْ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ بِأَنِّي قَسَمْت بَيْنَكُمْ هَذِهِ الدَّارَ إلَى حَاكِمٍ غَيْرِي كَانَ شَبِيهًا أَنْ يَجْعَلَهَا حُكْمًا مِنِّي لَكُمْ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْمُفْلِسَ إنْ تَوَلَّى بَيْعَ أَمْوَالِهِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ بَاعَ الْحَاكِمُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تَشْهَدَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِهِ لَهَا قَالُوا وَلَا تَكْفِي فِيهَا يَدُهُ وَلَا اعْتِرَافُهُ وَقِيَاسُ الرَّهْنِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَقِيَاسُهُ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى الْيَتِيمِ إذَا احْتَاطَ الْحَاكِمُ عَلَى أَمْوَالِ مُوَرِّثِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى مُبَاشَرَةِ الْحَاكِمِ لِبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ فَإِنَّ الْمُفْلِسَ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهَا بِخِلَافِ أَمْوَالِ الْيَتِيمِ وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْمُفْلِسِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى عِدَّةِ الْمَفْقُودِ وَتَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ فَقَالَ وَإِذَا ضَرَبَ الْقَاضِي الْمُدَّةَ أَرْبَعَ سِنِينَ فَهَلْ ضَرْبُهَا حُكْمٌ بِوَفَاتِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ حُكْمٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي .
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي حَاشِيَةٍ كَتَبَهَا فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ مِنْ الْكِفَايَةِ وَهَذَا فِي الْمَفْقُودِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا تَقَدَّمَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَاَلَّذِي قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ ( قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهَلْ يُحَلِّفُهَا وُجُوبًا إلَخْ ) صَحَّحَ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ ( قَوْلُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامٍ نَقَلَهُ لِلزَّرْكَشِيِّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ ) عِبَارَتُهَا لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ ، وَقَالَ أَنَا أَبُوهَا وَكُنْت فِي الْبَلَدِ قَالَ النَّسَبُ
ثَابِتٌ وَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَبِ قَالَ الْغَزِّيِّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِ زَوْجَةِ ابْنِهِ وَهِيَ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ وَقَدْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَوَافَقَهُ الْعَبَّادِيُّ وَنَقَلَهُ الْمُزَنِيّ عَلَى النَّصِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مَرَّةً أَنَّهُ يَنْفَسِخُ أَوْ يَكُونُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ
( فَرْعٌ لَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لِغَيْبَةٍ ثُمَّ قَدِمَ ) وَقَالَ كُنْت زَوَّجْتهَا فِي الْغَيْبَةِ قُدِّمَ نِكَاحُ الْحَاكِمِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدَ الْغَائِبِ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَقَدِمَ وَادَّعَى بَيْعَهُ حَيْثُ يُقَدَّمُ بَيْعَ الْمَالِكِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ فِي النِّكَاحِ كَوَلِيٍّ آخَرَ وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلِيَّانِ فَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ ثُمَّ قَدِمَ وَادَّعَى سَبْقَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ ثُمَّ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ سَبْقَهُ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ
( قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ ) أَيْ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ ( قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ ) لِلْعَقْدِ جَوَازًا وَمَنْعًا ( وَلَوْ تَوَلَّى الْجَدُّ طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي نِكَاحِ فَرْعَيْهِ ) كَبِنْتِ ابْنِهِ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْكَبِيرَةِ بِابْنِ ابْنٍ آخَرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ ( جَازَ ) لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ ( وَعَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى وَشَرَطَ ابْنُ مَعْنٍ وَغَيْرُهُ أَنْ يَقُولَ وَقَبِلْت نِكَاحَهَا بِالْوَاوِ فَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَصِحَّ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ( وَلِلْعَمِّ وَنَحْوِهِ ) كَابْنِهِ وَالْمُعْتِقِ ( تَزْوِيجُهَا مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ ( لَا ) مِنْ ابْنِهِ ( الطِّفْلِ ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَمْ يَحْضُرْهُ أَرْبَعَةٌ وَلَيْسَ لَهُ قُوَّةُ الْجُدُودَةِ وَعَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّبْرُ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ فَيَقْبَلُ بَلْ يَقْبَلُ لَهُ أَبُوهُ وَالْحَاكِمُ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ كَالْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ انْتَهَى وَيُزَوِّجُهَا مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ .
( وَلَوْ لَمْ تُعَيِّنْهُ ) الْمَرْأَةُ ( فِي الْإِذْنِ وَإِنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ ) كَابْنِ الْعَمِّ ( نِكَاحَهَا لَمْ يَتَوَلَّ الطَّرَفَيْنِ ) لِفَقْدِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْجَدِّ ( فَيُزَوِّجُهُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ ) كَابْنِ عَمٍّ آخَرَ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَوَّجَهُ ( الْقَاضِي وَيُزَوِّجُ الْقَاضِي وَطِفْلُهُ قَاضٍ آخَرَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ ) إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي عَمَلِهِ ( أَوْ يَسْتَخْلِفُ ) مَنْ يُزَوِّجُهُ ( إنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ) أَيْ الِاسْتِخْلَافُ ( وَالْإِمَامُ يُزَوِّجُهُ بَعْضُ قُضَاتِهِ ) كَمَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي خَلِيفَتَهُ ( وَابْنُ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ يُزَوِّجُهُ الْقَاضِي لَا ابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ وَمَنْ مَنَعَ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ لَا يُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهُ ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ فِعْلُ الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَتَزْوِيجِ خَلِيفَةِ الْقَاضِي مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْقَاضِي مِنْ الْإِمَامِ فَإِنَّهُمَا
يَتَصَرَّفَانِ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ ( وَلَوْ قَالَتْ لِابْنِ الْعَمِّ ) أَوْ لِمُعْتِقِهَا ( زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك زَوَّجَهُ الْقَاضِي بِهَذَا الْإِذْنِ ) كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَذِنَتْ لَهُ لَا لِلْقَاضِي زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ الْجَوَازُ ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَوِّضْ إلَيَّ مَنْ يُزَوِّجُك إيَّايَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ الصَّوَابُ الْمَنْعُ لِفَسَادِ ظَاهِرِ الْإِذْنِ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ كَمَا اخْتَارَهُ الْبَغَوِيّ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْوِيضِ الْوَلِيِّ لِلْقَاضِي وَهُوَ غَيْرُ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهُ بِهَذَا الْإِذْنِ قُلْت بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ بِهَذَا الْإِذْنِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى إذْنِهَا ثَانِيًا ، وَقَوْلُهَا : زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك لَمْ يُعْمَلْ بِظَاهِرِهِ حَتَّى يَكُونَ فَاسِدًا بَلْ بِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ فَوِّضْ إلَيَّ مَنْ يُزَوِّجُك إيَّايَ وَهَذَا لَيْسَ بِإِذْنٍ مِنْهَا ثَانِيًا حَتَّى يَكُونَ مُغَايِرًا لِقَوْلِهِ بِهَذَا الْإِذْنِ ( لَا إنْ قَالَتْ ) لَهُ ( زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت ) أَوْ زَوِّجْنِي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُهُ بِهَا بِهَذَا الْإِذْنِ ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ التَّزْوِيجُ بِأَجْنَبِيٍّ
( قَوْلُهُ وَلَوْ تَوَلَّى الْجَدُّ طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي نِكَاحِ فَرْعَيْهِ جَازَ ) لَوْ أَقَامَ مَقَامَهُ فِي طَرَفَيْهِ وَكِيلَيْنِ أَوْ فِي طَرَفٍ وَكِيلًا وَتَصَدَّى بِنَفْسِهِ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ فِيهِمَا وَاحِدًا وَ شَرْطُهُ كَوْنُ الِابْنِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَكَوْنُ بِنْتِ الِابْنِ بِكْرًا أَوْ مَجْنُونَةً وَكَوْنُ أَبَوَيْهِمَا مَيِّتَيْنِ أَوْ مَسْلُوبَيْ الْوِلَايَةِ لِفِسْقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَاسْتَفَدْنَا مِنْ الشَّرْطِ الثَّانِي تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْجَدُّ مُجْبِرًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ فِي بِنْتِ ابْنِهِ الثَّيِّبِ الْبَالِغِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَقَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ فَأَمَّا لَوْ قَالَ قَبِلْت النِّكَاحَ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا وَقَدْ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ عَنْ الْإِمَامِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ ( قَوْلُهُ وَشَرَطَ ابْنُ مَعْنٍ وَغَيْرُهُ أَنْ يَقُولَ وَقَبِلْت نِكَاحَهَا إلَخْ ) ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ لَا مِنْ ابْنِهِ الطِّفْلِ إلَخْ ) لَوْ أَرَادَ الْعَمُّ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَ أَخِيهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَيَقْبَلَ النِّكَاحَ لَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ ر ( قَوْلُهُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ الْجَوَازُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه
( الطَّرَفُ الْخَامِسُ ) فِي التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ ( لِلْمُجْبِرِ ) وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ فِي الْبِكْرِ ( التَّوْكِيلُ ) فِيهِ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْ مُوَلِّيَتِهِ كَمَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا ( وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ) الْمُجْبِرُ فِي تَوْكِيلِهِ ( الزَّوْجَ ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّعْيِينَ فِي التَّوْكِيلِ فَيَمْلِكُ الْإِطْلَاقَ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَشَفَقَتُهُ تَدْعُوهُ إلَى أَنْ لَا يُوَكِّلَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِحُسْنِ نَظَرِهِ وَاخْتِيَارِهِ ( وَعَلَى الْوَكِيلِ ) إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجَ ( رِعَايَةُ النَّظَرِ ) وَالِاحْتِيَاطُ ( لَهَا فَلَوْ زَوَّجَ بِغَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِأَدْنَى الْخَاطِبَيْنِ ) الْكُفْأَيْنِ ( شَرَفًا لَمْ يَصِحَّ ) التَّزْوِيجُ لِمُخَالَفَتِهِ الِاحْتِيَاطَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ ( وَلِغَيْرِ الْمُجْبِرِ ) بِأَنْ كَانَ غَيْرَ أَبٍ وَجَدٍّ مُطْلَقًا أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الثَّيِّبِ ( التَّوْكِيلُ ) أَيْضًا لَكِنْ ( بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ ) مِنْهَا ( فِي النِّكَاحِ وَالتَّوْكِيلِ أَوْ فِي التَّوْكِيلِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ النِّكَاحِ ( وَكَذَا فِي النِّكَاحِ وَحْدَهُ ) أَيْ دُونَ التَّوْكِيلِ ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْوِلَايَةِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ كَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ هَذَا ( إنْ لَمْ يَنْتَهِ ) عَنْ التَّوْكِيلِ فَإِنْ نَهَتْهُ عَنْهُ لَمْ يُوَكِّلْ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِالْإِذْنِ وَلَمْ تَأْذَنْ فِي تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ بَلْ نَهَتْ عَنْهُ أَمَّا تَوْكِيلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا لَهُ فَلَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهِ .
( وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فَزَوَّجَ ) بِنَفْسِهِ ( جَازَ ) إذْ يَبْعُدُ مَنْعُهُ مِمَّا لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ ( وَتَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي إذْنِهَا ) لِلْوَلِيِّ فِي نِكَاحِهَا أَوْ فِي التَّوْكِيلِ بِهِ ( لَا يُشْتَرَطُ ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فِي تَوْكِيلِ الْمُجْبِرِ ( فَيُزَوِّجُهَا ) الْوَلِيُّ أَوْ الْوَكِيلُ ( بِكُفْءٍ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَوْ قَالَتْ ) لِوَلِيِّهَا ( زَوِّجْنِي مَنْ شِئْتَ
فَزَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ جَازَ ) كَمَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت كُفُؤًا أَوْ غَيْرَهُ ( وَإِذَا أَذِنَتْ لَهُ ) أَيْ لِوَلِيِّهَا ( مُطْلَقًا ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَوْجٍ ( فَلَهُ التَّوْكِيلُ مُطْلَقًا ) كَذَلِكَ ( فَإِنْ عَيَّنَتْهُ ) فِي إذْنِهَا لَهُ ( وَجَبَ تَعْيِينُهُ لِلْوَكِيلِ ) فِي التَّوْكِيلِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي التَّوْكِيلِ ( لَمْ يَصِحَّ ) النِّكَاحُ ( وَلَوْ زَوَّجَ ) هَا ( الْمُعَيَّنُ ) ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُطْلَقَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُعَيَّنٌ فَاسِدٌ وَهَذَا .
( كَمَا لَوْ قَالَ وَلِيُّ الطِّفْلِ ) لِلْوَكِيلِ بِعْ ( مَالَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَبَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ) لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ صِيغَةِ التَّفْوِيضِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تُفَرِّقَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذْنٌ صَرِيحٌ فِي الْبَيْعِ الْمُمْتَنِعِ شَرْعًا ، وَقَوْلَهُ وَكَّلْتُك بِتَزْوِيجِهَا لَا تَصْرِيحَ فِيهِ بِالنِّكَاحِ الْمُمْتَنِعِ وَإِنَّمَا هُوَ لَفْظٌ مُطْلَقٌ ، وَكَمَا يَتَقَيَّدُ بِالْكُفْءِ جَازَ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِالْكُفْءِ الْمُعَيَّنِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْكُفْءِ جَاءَ مِنْ جِهَةِ اطِّرَادِ الْعُرْفِ الْعَامِّ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْعُقُودِ بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَوْ تَقَيَّدَ بِهِ لَكَانَ يَقْرَبُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَبَيْعُ الْحِصْرِمِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي بَلْدَةٍ عَادَتُهُمْ فِيهَا قَطْعُهُ حِصْرِمًا وَنَظَائِرُهُ
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الْخَامِسُ ) ( قَوْلُهُ لِلْمُجْبِرِ التَّوْكِيلُ بِلَا إذْنٍ ) لَوْ وَكَّلَ الْمُجْبِرُ رَجُلًا ثُمَّ زَالَتْ الْبَكَارَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَوْ لَا وَلَكِنْ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِالْإِذْنِ فِيهِ نَظَرٌ ر لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي تَزْوِيجِهَا فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَزَوَّجَهَا صَحَّ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجَ ) يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ عَالِمًا بِمَوَاضِعِ الْمَصْلَحَةِ عَارِفًا بِالْكَفَاءَةِ فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ امْتَنَعَ قَطْعًا ر ( قَوْلُهُ أَوْ بِأَدْنَى الْخَاطِبِينَ إلَخْ ) بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ لَوْ خَطَبَهَا إلَيْهِ كُفْءٌ مُمَاثِلٌ وَكُفْءٌ أَشْرَفُ مِنْهُ جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ الْمُمَاثِلِ وَمِثْلُهُ لَوْ خَطَبَهَا كُفْءٌ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَخَطَبَهَا كُفْءٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ لِلْآخَرِ جَازَ ( قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ صِيغَةِ التَّفْوِيضِ ) وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَكَالَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يَصِحُّ بِهَا عَقْدُ النِّكَاحِ وَإِنْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْفَرْقُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَغَلِطَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْوَكَالَةَ الْفَاسِدَةَ يَسْتَفِيدُ بِهَا عَقْدَ النِّكَاحِ كَالْبَيْعِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ ت ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَتْ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي وَلَا تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك فَسَدَ الْإِذْنُ ) لِأَنَّهَا مَنَعَتْ الْوَلِيَّ وَجَعَلَتْ التَّفْوِيضَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَأَشْبَهَ الْإِذْنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءً
( قَوْلُهُ قَالَتْ لَهُ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي وَلَا تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك إلَخْ ) مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ جَعَلْت إلَيْك أَنْ تُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِك فِي بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَا تَبِعْهَا بِنَفْسِك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ غَيْرَهُ ر ت
( فَرْعٌ لَوْ أَمَرَ الْحَاكِمُ قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ ) الْمَرْأَةُ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَا وَلِيَّ لَهَا غَيْرُهُ ( رَجُلًا ) بِتَزْوِيجِهَا ( فَزَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا جَازَ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْتِنَابَةَ الْحَاكِمِ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ تَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِخْلَافِ
( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ لَفْظِ الْوَكِيلِ وَلَفْظِ الْوَلِيِّ مَعَ وَكِيلِ الزَّوْجِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ ( وَلْيَقُلْ الْوَكِيلُ ) أَيْ وَكِيلُ الْوَلِيِّ لِلزَّوْجِ ( زَوَّجْتُك فُلَانَةَ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِنْتَ فُلَانٍ وَكُلٌّ صَحِيحٌ عِنْدَ تَمَيُّزِهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ( وَ ) لِيَقُلْ ( الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ ( زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا فَيَقُولُ ) الْوَكِيلُ ( قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ وَمَتَى تَرَكَ ) لَفْظَةَ لَهُ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ كَمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت وَلَمْ يَقُلْ نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ وَالزَّوْجُ الْوَكَالَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ إذَا عَلِمَهَا الشُّهُودُ وَالْوَلِيُّ وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ الْوَكِيلُ إلَى التَّصْرِيحِ فِيهِمَا بِهَا ( فَإِنْ قَالَ ) الْوَلِيُّ ( لِلْوَكِيلِ ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ ( زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَالَ قَبِلْت نِكَاحَهَا لِمُوَكِّلِي فَسَدَ ) الْعَقْدُ لِعَدَمِ التَّوَافُقِ ( أَوْ ) قَالَ ( قَبِلْت نِكَاحَهَا وَسَكَتَ انْعَقَدَ لَهُ وَلَا يَقَعُ ) الْعَقْدُ لِلْمُوَكِّلِ ( بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ هُنَا بِمَثَابَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ ثَمَّ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا وَلِأَنَّ الْبَيْعَ يَرِدُ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ يَنْتَقِلَ لِلْمُوَكِّلِ وَالنِّكَاحُ يَرِدُ عَلَى الْبُضْعِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ ( وَإِنْكَارُ الْمُوَكِّلِ ) فِي نِكَاحِهِ ( لِلْوَكَالَةِ يُبْطِلُ النِّكَاحَ ) بِالْكُلِّيَّةِ ( لَا الْبَيْعَ لِوُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ ) كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ ( ثُمَّ لِيَقُلْ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ ) وَهُوَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ ( زَوَّجْت فُلَانَةَ فُلَانًا وَيَقُولُ الْآخَرُ ) وَهُوَ وَكِيلُ الزَّوْجِ ( قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ ) أَيْ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِيَصِحَّ الْعَقْدُ ( وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ ( قَبِلْت نِكَاحَ فُلَانَةَ مِنْك لِفُلَانٍ فَقَالَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ زَوَّجْت ) هَا ( فُلَانًا صَحَّ ) ؛ لِأَنَّ
تَقَدُّمَ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ جَائِزٌ ( لَا إنْ اقْتَصَرَ ) وَكِيلُ الْوَلِيِّ ( عَلَى ) قَوْلِهِ ( زَوَّجْتهَا ) فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْقَبُولِ
( فَرْعٌ وَإِذَا قَبِلَ ) الْأَبُ أَيْ أَرَادَ أَنْ يَقْبَلَ ( النِّكَاحَ لِابْنِهِ ) بِالْوِلَايَةِ ( فَلْيَقُلْ ) لَهُ ( الْوَلِيُّ زَوَّجْت فُلَانَةَ بِابْنِك فَيَقُولُ الْأَبُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لِابْنِي )
( فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْكِيلِ ) بِقَبُولِ النِّكَاحِ أَوْ إيجَابِهِ ( ذِكْرُ الْمَهْرِ ) فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّوْجُ ( فَيَعْقِدُ لَهُ ) وَكِيلُهُ عَلَى مَنْ يُكَافِئُهُ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَمَا دُونَهُ ) لَا بِمَا زَادَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ إنْ عَقَدَ بِهِ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ قِيَاسًا عَلَى نَظِيرِهِ الْآتِي فِيمَا إذَا ذَكَرَ الزَّوْجُ قَدْرًا وَعَلَى نَظِيرِهِ فِي الْخُلْعِ وَعَلَى مَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ فِي وَكِيلِ الْوَلِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ جَزْمِهِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ( فَإِنْ ذَكَرَ ) الْمُوَكِّلُ ( قَدْرًا لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ ( بِدُونِهِ مِنْ وَكِيلِ الْوَلِيِّ ) كَمَا لَوْ قَالَ زَوِّجْهَا فِي يَوْمِ كَذَا أَوْ مَكَانِ كَذَا فَخَالَفَ لَمْ يَصِحَّ ( إلَّا بِرِضَاهَا ) فَيَصِحُّ بِدُونِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقُّهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَعَلَيْهَا جَرَى الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا النَّوَوِيُّ ثَمَّ فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( بِفَوْقِهِ ) أَيْ بِمَا فَوْقَهُ ( مِنْ وَكِيلِ الزَّوْجِ ) بَلْ يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْجَزْمِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ( وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ ) امْرَأَةً ( وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَرْأَةَ لَمْ يَصِحَّ ) التَّوْكِيلُ ( كَمَا فِي الْوَكَالَةِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ لَمْ يَصِفْهُ ) بَلْ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت يَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ وَمَا هُنَا مُطْلَقٌ وَدَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى فَرْدٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ ذَكَرَ الْمُوَكِّلُ قَدْرًا لَمْ يَصِحَّ ) أَيْ الْمَهْرُ أَمَّا النِّكَاحُ فَيَصِحُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( قَوْلُهُ أَمَّا طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا النَّوَوِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ ) قَالَ لِوَكِيلِهِ تَزَوَّجْ لِي فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ وَلِيُّهَا لِفِسْقِ الْأَبِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبِ فَهَلْ لِلْوَكِيلِ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ وَكَذَا لَوْ قَالَ تَزَوَّجَهَا إلَيَّ مِنْ أَبِيهَا فَمَاتَ الْأَبُ وَانْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِأَخِيهَا ر وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَتِهِ الَّتِي بَانَتْ مِنْهُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ بِأَلْفٍ وَعَقَدَ عَلَيْهَا وَضَمِنَ لَهَا الْوَكِيلُ الْأَلْفَ ثُمَّ قَدِمَ الزَّوْجُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَدَقَ بِيَمِينِهِ وَهَلْ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْأَلْفِ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُ فِي الْبَيَانِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت يَصِحُّ إلَخْ ) وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَإِنْ قَالَ هُنَا أَنَّ الرَّاجِحَ الْمُخْتَارَ خِلَافُهُ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ زَوِّجْهَا بِشَرْطِ رَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ بِالْمَهْرِ ) أَوْ لَا تُزَوِّجُهَا إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ فَزَوَّجَ ( وَلَمْ يَمْتَثِلْ ) شَرْطَهُ ( لَمْ يَنْعَقِدْ ) تَزْوِيجُهُ ( أَوْ قَالَ ) لَهُ ( زَوِّجْهَا بِكَذَا وَخُذْ ) بِهِ ( رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا فَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَأْخُذْ ) رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا ( انْعَقَدَ ) التَّزْوِيجُ كَمَا فِي الْبَيْعِ فِيهِمَا
( قَوْلُهُ فَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَأْخُذْ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا انْعَقَدَ التَّزْوِيجُ ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَمْرَيْنِ امْتَثَلَ أَحَدَهُمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَظِيرُ هَذَا مَا قَالَهُ الْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ وَاشْهَدْ فَبَاعَ وَلَمْ يُشْهِدْ جَازَ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ صُورَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَا تَبِعْ إلَّا بِالْإِشْهَادِ أَوْ وَكَّلْتُك أَنْ تَبِيعَ بِالْإِشْهَادِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ تُزَوِّجُ لِي فُلَانَةَ بِعَبْدِك هَذَا فَفَعَلَ صَحَّ ) التَّزْوِيجُ ( وَهَلْ تَمْلِكُهُ ) أَيْ الْعَبْدَ ( الْمَرْأَةُ وَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا تَمْلِكُهُ فَهُوَ قَرْضٌ ) عَلَى الزَّوْجِ ( أَوْ هِبَةٌ ) لَهُ ( وَجْهَانِ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَمْلِكُهُ فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) وَاجِبٌ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا تَرْجِيحٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَمْلِكُهُ وَأَنَّهُ قَرْضٌ عَلَى الزَّوْجِ
( قَوْلُهُ وَهَلْ تَمْلِكُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَهُوَ قَرْضٌ
( الطَّرَفُ السَّادِسُ فِيمَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ ) فِي التَّزْوِيجِ ( فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ ) الْمُجْبِرَ ( تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَ الْحَاجَةِ ) إلَيْهِ ( لِتَوَقَانٍ ) بِأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهَا فِي الرِّجَالِ وَرَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ ( أَوْ اسْتِشْفَاءٍ ) بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ وَعِنْدَ حَاجَةِ الْمَجْنُونِ إلَى مُتَعَهِّدٍ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَحْرَمٌ يَقُومُ بِهِ ، وَمُؤْنَةُ النِّكَاحِ أَخَفُّ مِنْ ثَمَنِ جَارِيَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْخَامِسِ ( وَإِنْ دُعِيَ وَلِيٌّ ) بِأَنْ دَعَتْهُ مُوَلِّيَتُهُ ( لَا نِكَاحَ ) لَهَا ( لَزِمَهُ ) إجَابَتُهَا ( وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهُ ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إعْفَافًا لَهَا وَكَمَا إذَا كَانَ فِي وَاقِعَةِ شُهُودٍ فَدُعِيَ بَعْضُهُمْ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ
( قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ إلَخْ ) لَا يَخْتَصُّ لُزُومُ تَزْوِيجِ الْمَجْنُونَةِ الْمُحْتَاجَةِ بِالْمُجْبِرِ بَلْ يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ( قَوْلُهُ إعْفَافًا لَهَا ) وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ النِّكَاحِ إعْفَافُهَا فَإِذَا أَعْرَبَتْ عَنْ حَاجَتِهَا وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهَا رِعَايَةُ مَصْلَحَتِهَا
( فَرْعٌ دَيْنُ الصَّدَاقِ ) بِأَنْ كَانَ دَيْنًا لَا عَيْنًا فِي نِكَاحِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَاجِبٌ ( فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ) وَذِمَّتِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ الْأَبُ عَلَيْهِمَا ( وَلَا يَضْمَنُهُ الْأَبُ ) بِغَيْرِ ضَمَانٍ كَالثَّمَنِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى لَهَا شَيْئًا ( فَإِنْ ضَمِنَ لِيَرْجِعَ ) بِمَا يُؤَدِّيَهُ ( فَقَصْدُ الرُّجُوعِ ) هُنَا ( كَإِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ ) فَإِنْ ضَمِنَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَغَرِمَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا ( وَلَوْ ضَمِنَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الِابْنِ فَسَدَ الضَّمَانُ وَالصَّدَاقُ ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الضَّمَانِ وَالرَّهْنِ
( قَوْلُهُ فَإِنْ ضَمِنَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَغَرِمَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا ) قَدْ عَلِمَ أَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ ضَمِنَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ
( الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ لِدَفْعِ الْعَارِ وَالضِّرَارِ وَهِيَ فِي السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالْحِرْفَةِ ( فَمَنْ بِهِ عَيْبٌ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ لَا عُنَّةَ فَلَيْسَ بِكُفْءٍ ) لِامْرَأَةٍ ( وَإِنْ اسْتَوَيَا ) فِي مُطْلَقِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِيهِ ( كَرَتْقَاءَ وَمَجْبُوبٍ ) أَمْ اتَّفَقَا كَأَبْرَصَ وَبَرْصَاءَ وَإِنْ كَانَ مَا بِهَا أَكْثَرَ وَأَفْحَشَ ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ ذَلِكَ وَالْإِنْسَانُ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَاسْتِثْنَاؤُهُ الْعُنَّةَ تَبِعَ فِيهِ كَالْإِسْنَوِيِّ الْبَغَوِيّ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ فَلَا نَظَرَ لَهَا ، وَنَقَلَهَا عَنْهُ الْأَصْلُ ثُمَّ قَالَ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يُوَافِقُهُ انْتَهَى وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحَقُّقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَزَادَ الرُّويَانِيُّ عَلَى الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ الْعُيُوبَ الْمُنَفِّرَةَ كَالْعَمَى وَالْقَطْعَ وَتَشَوُّهِ الصُّورَةِ وَقَالَ هِيَ تَمْنَعُ الْكَفَاءَةَ عِنْدِي وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ الصَّيْمَرِيُّ .
( وَلَا يُكَافِئُ الْحُرَّةَ ) أَصْلِيَّةً أَوْ عَتِيقَةً ( وَلَا مَنْ لَمْ يَمَسَّ آبَاءَهَا أَوْ الْأَقْرَبَ ) إلَيْهَا ( مِنْهُمْ الرِّقُّ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهَا فِي النَّسَبِ ) ؛ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ وَتَتَضَرَّرُ فِي الْأُولَى بِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَّا نَفَقَةَ الْمُعَسِّرِينَ ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي النَّسَبِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ ( وَلَا يُكَافِئُ الْعَرَبِيَّةَ وَالْقُرَشِيَّةَ وَالْهَاشِمِيَّةَ إلَّا مِثْلُهَا ) لِشَرَفِ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّ النَّاسَ تَفْتَخِرُ بِأَنْسَابِهَا أَتَمَّ فَخَارٍ وَلِخَبَرِ { قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا } رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { إنَّ
اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ اصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ } .
( وَبَنُو هَاشِمٍ و ) بَنُو ( الْمُطَّلِبِ أَكْفَاءُ ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ { نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ ، وَمَحَلُّهُ فِي الْحُرَّةِ فَلَوْ نَكَحَ هَاشِمِيٌّ أَوْ مُطَّلِبِيٌّ أَمَةً فَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِمَالِكِ أُمِّهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ } كَمَا سَيَأْتِي ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ مَوَالِيَ كُلِّ قَبِيلَةٍ لَيْسُوا أَكْفَاءَ لَهَا ( وَسَائِرُ الْعَرَبِ ) أَيْ بَاقِيهِمْ ( أَكْفَاءُ ) أَيْ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ مُقْتَضَى اعْتِبَارِ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ اعْتِبَارُهُ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ لَكِنْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُمْ أَكْفَاءٌ وَجَرَى النَّوَوِيُّ عَلَى مَا اخْتَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ مُسْتَدْرِكًا عَلَى الرَّافِعِيِّ مَا ذَكَرَهُ الْجَمَاعَةُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ ، وَذَكَرَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ غَيْرَ كِنَانَةَ لَا يُكَافِئُهَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ السُّبْكِيُّ بِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فَحَصَلَ فِي كَوْنِهِمْ أَكْفَاءُ وَجْهَانِ ، وَقَدْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُمْ أَكْفَاءُ وَعَنْ الْبَغْدَادِيِّينَ خِلَافَهُ فَتَفْضُلُ مُضَرُ عَلَى رَبِيعَةَ وَعَدْنَانُ عَلَى قَحْطَانَ اعْتِبَارًا بِالْقُرْبِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ عَنْهُ نَظِيرُهُ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْكَفَاءَةِ أَضْيَقُ مِنْهُ فِي الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى وَلِهَذَا سَوَّوْا بَيْنَ قُرَيْشٍ هُنَاكَ وَلَمْ يُسَوُّوا بَيْنَهَا هُنَا وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ قُرَشِيٌّ بِشَرْطِهِ فَكِنَانِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرَجُلٌ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَجَمِيٌّ فَإِذَا قَدَّمُوا الْكِنَانِيَّ عَلَى غَيْرِهِ ثَمَّ وَلَمْ يُكَافِئْ بَيْنَهُمَا فَهُنَا أَوْلَى
قَالَ وَاسْتِدْرَاكُ النَّوَوِيِّ عَلَى الرَّافِعِيِّ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ صَحَّحَ اعْتِبَارَ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ فَأَقَلُّ مَرَاتِبِ غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ إنْ كَانُوا كَالْعَجَمِ فَلَزِمَ اعْتِبَارُهُ فِيهِمْ كَمَا يَقُولُ الرَّافِعِيُّ بِلَا شَكٍّ وَاَلَّذِي اغْتَرَّ بِهِ النَّوَوِيُّ إنَّمَا هُوَ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ خِلَافَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تِلْكَ الْجَمَاعَةَ مِمَّنْ يَقُولُ أَنَّ الْكَفَاءَةَ فِي غَيْرِ الْعَرَبِ لَا تُعْتَبَرُ
الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ ) شَرْطُ الْكَفَاءَةِ خَمْسَةٌ قَدْ حُرِّرَتْ يُنْبِيكَ عَنْهَا بَيْتُ شِعْرٍ مُفْرَدٍ نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا ثَبَتَتْ فِيمَا مَضَى فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا وَتَوَقُّعُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ فِي امْرَأَةٍ أُخْرَى أَوْ نِكَاحٍ آخَرَ أَمْرٌ نَادِرٌ فَظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ أَرْجَحُ لِتَأَكُّدِهِ بِالْأَصْلِ ( قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يُوَافِقُهُ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحَقُّقِ ) أَيْ لَا يَتَحَقَّقُ بَقَاؤُهَا مَعَ طَلَبِ الْعِنِّينِ النِّكَاحَ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يَطْلُبَ النِّكَاحَ إلَّا عِنْدَ وَفَاتِهِ وَزَوَالِ الْمَرَضِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِهِ الْعُنَّةُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي زَوَالَ الْعُنَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ النِّسَاءِ لَا إلَى بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ( قَوْلُهُ وَلَا يُكَافِئُ الْحُرَّةَ إلَخْ ) وَلَا يُكَافِئُ الْعَبْدُ الْمُبَعَّضَةَ وَيُكَافِئُ الْمُبَعَّضُ الْمُبَعَّضَةَ إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّتُهَا .
( قَوْلُهُ فِي النَّسَبِ ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الرِّقَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي آبَاءِ النَّسَبِ لَا آبَاءِ الرَّضَاعِ ( قَوْلُهُ وَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ أَكْفَاءٌ ) قَالَ ابْنُ ظَهِيرَةَ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ كُفُؤُ الشَّرِيفَةِ مِنْ بَنَاتِ الْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ مُقْتَضَى اعْتِبَارِ النَّسَبِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ حَقٌّ غ ( قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُمْ أَكْفَاءٌ ) هَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ الْعَجَمُ مُتَكَافِئُونَ غ .
( تَنْبِيهٌ ) إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ لَهَا كُفُؤٌ أَصْلًا جَازَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُهَا لِلضَّرُورَةِ بِغَيْرِ كُفْءٍ لَوْ أَتَتْ الْقَاضِيَ امْرَأَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُ نَسَبَهَا وَهِيَ أَيْضًا لَا تَعْرِفُهُ فَهَلْ يُزَوِّجُهَا مِنْ دَنِيءِ الصَّنْعَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرَفِ أَبِيهَا أَمْ لَا
يُزَوِّجُهَا إلَّا بِابْنِ عَالِمٍ أَوْ قَاضٍ ؛ لِأَنَّهُمَا كُفْءٌ لِمَنْ سِوَاهُمَا الْمُتَّجَهُ الثَّانِي ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ يَقْتَضِي فَسَادَ النِّكَاحِ ق ( قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَتُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي نَسَبِ الْعَجَمِ ) كَالْعَرَبِ وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَيُعْتَبَرُ فِي كَفَاءَةِ الْعَجَمِ نَسَبُهُمْ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُعْتَبَرُ النَّسَبُ فِي الْعَجَمِ أَيْ فَتَفْضُلُ الْفُرْسُ عَلَى النَّبَطِ وَبَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى الْقِبْطِ ( وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَبِ ) فِي غَيْرِ أَوْلَادِ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَلَا أَثَرَ لِلْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً ) فَمَنْ أَبُوهُ عَجَمِيٌّ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ أَبُوهَا عَرَبِيٌّ وَأُمُّهَا عَجَمِيَّةٌ وَمَنْ وَلَدَتْهُ رَقِيقَةٌ كُفُؤٌ لِمَنْ وَلَدَتْهُ حُرَّةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ ( وَلَا يُكَافِئُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ آبَاؤُهُ الْأَقْرَبِينَ أَعْرَقَ ) أَيْ أَقْدَمَ ( مِنْهُ فِي الْإِسْلَامِ ) فَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا أَبٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْإِسْلَامِ وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَام لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِيهِ ( وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ ) قَالَ تَعَالَى { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ } وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ ( وَمَنْ لَا يُشْهَرُ بِالصَّلَاحِ كُفْءٌ لِلْمَشْهُورَةِ بِهِ ) اكْتِفَاءً بِمُطْلَقِ الصَّلَاحِ ( وَفِي الْحِرَفِ لَا يُكَافِئُ الْكَنَّاسُ وَالْحَجَّامُ وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ وَالْحَارِسُ ) وَالرَّاعِي وَنَحْوُهُمْ ( بِنْتَ الْخَيَّاطِ وَالْخَيَّاطُ لَا يُكَافِئُ بِنْتَ الْبَزَّازِ ) وَالتَّاجِرَ ( وَلَا ) يُكَافِئُ ( الْمُحْتَرِفُ بِنْتَ الْقَاضِي وَالْعَالِمَ ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ } أَيْ فِي سَبَبِهِ فَبَعْضُهُمْ يَصِلُ إلَيْهِ بِبَذْلٍ وَمَشَقَّةٍ وَبَعْضُهُمْ بِدُونِهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ .
وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّهُ تُرَاعَى الْعَادَةُ فِي الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ فَإِنَّ الزِّرَاعَةَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْعَكْسِ انْتَهَى وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ نَحْوَهُ أَيْضًا قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ يَنْبَغِي الْأَخْذُ بِهِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِذَا شَكَّ فِي الشَّرَفِ وَالدَّنَاءَةِ أَوْ فِي الشَّرِيفِ وَالْأَشْرَفِ أَوْ الدَّنِيءِ وَالْأَدْنَى فَالْمَرْجِعُ عَادَةُ الْبَلَدِ ( قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ ) وَشَرَفُ النَّسَبِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ جِهَةِ النُّبُوَّةِ وَجِهَةِ الْعِلْمِ وَجِهَةِ الصَّلَاحِ الْمَشْهُورِ قَالَا ( وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْتِسَابِ إلَى عُظَمَاءِ الدُّنْيَا وَالظُّلْمَةِ ) الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ وَإِنْ تَفَاخَرَ النَّاسُ بِهِمْ ( قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَلَامُ النَّقَلَةِ لَا يُسَاعِدُهُمَا ) عَلَيْهِ فِي عُظَمَاءِ الدُّنْيَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَيْفَ لَا يُعْتَبَرُ الِانْتِسَابُ إلَيْهِمْ وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْإِمْرَةِ أَيْ وَنَحْوِهَا أَنْ تَكُونَ كَالْحِرْفَةِ وَذُو الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يُكَافِئُ النَّفِيسَةَ
( قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي نَسَبِ الْعَجَمِ ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَجَمِيِّ مَنْ فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ بَلْ مَنْ لَيْسَ أَبُوهُ عَرَبِيًّا ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَعَاجِمِ الْيَوْمَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا فَتَحُوا الْبِلَادَ تَزَوَّجُوا وَاسْتَوْطَنُوا بِلَادَ الْعَجَمِ وَنَشَأَتْ فِيهَا أَوْلَادُهُمْ ( قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُعْتَبَرُ النَّسَبُ فِي الْعَجَمِ ) عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَاهَا ( قَوْلُهُ فَلَا أَثَرَ لِلْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً ) وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَيْهِ لِمَوْلَى أُمِّهِ لَا بَعْدَ ذَلِكَ نَقْصًا وَالْأَصَحُّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ ( قَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْعَفِيفَةِ ) أَفْهَمَ أَنَّ غَيْرَ الْفَاسِقِ كُفْءٌ لَهَا سَوَاءٌ فِيهِ الْعَدْلُ وَالْمَسْتُورُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَأَنَّ الْفَاسِقَ كُفْءٌ لِلْفَاسِقَةِ مُطْلَقًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمُسَاوِي فَلَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ فَيُشْبِهُ عَدَمَ التَّكَافُؤِ كَمَا فِي الْعُيُوبِ وَسَبَقَ أَنَّ الْكَامِلَ الرِّقَّ لَيْسَ كُفُؤًا لِلْمُبَعَّضَةِ فَلْيَكُنْ هَذَا مِثْلَهُ ر وَلَوْ تَابَ لَمْ يَعُدْ كُفُؤًا لَهَا وَقَوْلُهُ فَيُشْبِهُ عَدَمَ التَّكَافُؤِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ فَالْفَاسِقُ كُفُؤٌ لِلْفَاسِقَةِ مُطْلَقًا .
( فَرْعٌ ) لَوْ تَابَ الزَّانِي وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ لَمْ يَعُدْ كُفُؤًا لِلْعَفِيفَةِ أَبَدًا كَمَا لَا تَعُودُ عِفَّتُهُ وَحَصَانَتُهُ بِالتَّوْبَةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ قَدْ زَنَى وَتَابَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ ( قَوْلُهُ وَفِي الْحِرَفِ إلَخْ ) عُلُوُّ الْحِرْفَةِ تَارَةً تَكُونُ بِالنَّظَافَةِ وَتَارَةً بِطِيبِ الرَّائِحَةِ وَتَارَةً بِزِيَادَةِ الْكَسْبِ كَالتِّجَارَةِ وَأَطْيَبُ الْكَسْبِ مَا أُكِلَ مِنْ الْجِهَادِ وَأَدْنَاهُ مَا أُكِلَ مِنْ الصَّدَقَاتِ لَكِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ إنَّ
الْأَكْلَ مِنْ الصَّدَقَاتِ لِمَنْ يَشْغَلُهُ التَّكَسُّبُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ أَفْضَلُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ زَالَتْ الْحِرَفُ الدَّنِيئَةُ هَلْ تَعُودُ كَفَاءَتُهُ أَمْ لَا قَالَ الْأَزْرَقُ تَعُودُ كَفَاءَتُهُ وَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ التَّنْبِيهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِنُقْصَانِ مُرُوءَتِهِ فَتَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، وَقَالَ الْقَاضِي مُوَفَّقُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ النَّاشِرِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الْأَزْرَقِ وَهَذَا غَيْرُ مُنْقَاسٍ فَإِنَّ الشَّهَادَاتِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْكَفَاءَةَ حَقٌّ لِلْأَوْلِيَاءِ وَبِتَرْكِ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يَزُولُ الْعَارُ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَيْ فِي عُظَمَاءِ الدُّنْيَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ هَلْ هُوَ كُفُؤٌ لِلرَّشِيدَةِ أَمْ لَا ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّرُ غَالِبًا بِالْحَجْرِ عَلَى الزَّوْجِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي
( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ الْحِرَفُ الدَّنِيئَةُ وَالْفِسْقُ فِي الْآبَاءِ قَالَ الرَّافِعِيُّ مِنْ بَحْثِهِ ) وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ ( أَنَّ الْمُعَرَّقَ فِيهِمَا لَا يُكَافِئُ غَيْرَ الْمُعَرَّقِ كَمَا فِي الْإِسْلَامِ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُعَيَّرُ بِهِ الْوَلَدُ وَعِبَارَتُهُمَا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَالُ مَنْ كَانَ أَبُوهُ صَاحِبَ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ أَوْ مَشْهُورًا بِالْفِسْقِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا عَدْلٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا مُسْلِمٌ قَالَا وَالْحَقُّ أَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ فِي حَقِّ الْآبَاءِ دَيْنًا وَسِيرَةً وَحِرْفَةً مِنْ حَيِّزِ النَّسَبِ فَإِنَّ مَفَاخِرَ الْآبَاءِ وَمِثَالَهُمْ هِيَ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا أَمْرُ النَّسَبِ ( وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْهَرَوِيِّ ) فِي إشْرَافِهِ ( أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ ( كَوَلَدِ الْأَبْرَصِ ) وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ لَيْسَ كُفُؤًا لِبَنَاتِ التَّابِعِينَ وَهُوَ زَلَلٌ ( وَلَا أَثَرَ لِلْيَسَارِ فِيهَا ) أَيْ الْكَفَاءَةِ فَالْمُعْسِرُ كُفُؤٌ لِلْمُوسِرَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوآتِ وَالْبَصَائِرِ ( لَكِنْ لَوْ زَوَّجَ ) الْوَلِيُّ ( بِالْإِجْبَارِ ) مُوَلِّيَتَهُ ( مُعْسِرًا ) بِغَيْرِ رِضَاهَا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَصِحَّ ) النِّكَاحُ ؛ لِأَنَّهُ بَخَسَ حَقَّهَا كَتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ
( قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ مِنْ بَحْثِهِ إلَخْ ) مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ بِبَحْثٍ بَلْ مَنْقُولٌ فِي الْمَذْهَبِ قَالَ الْقَاضِي شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ حَكَى جَدِّي أَنَّ ابْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالصَّنْعَةِ وَالْمَالِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهَا بَزَّارًا أَوْ عَطَّارًا فَلَا يَكُونُ الَّذِي أَبُوهُ حَجَّامٌ أَوْ بَيْطَارٌ أَوْ دَبَّاغٌ كُفُؤًا لَهَا فَرَجَعَ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ وَلَدَ الْمَجْزُومِ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِمَنْ أَبُوهَا سَلِيمٌ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَالْحَقُّ أَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ فِي حَالِ الْآبَاءِ دِينًا وَسِيرَةً وَحِرْفَةً مِنْ حَيِّزِ النَّسَبِ ؛ لِأَنَّ مَفَاخِرَ الْآبَاءِ فِي حَالِهِمْ هِيَ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا أَمْرُ الْكَفَاءَةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ا هـ ت وَقَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَإِنَّ مَفَاخِرَ الْآبَاءِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيَاسُهُ النَّظَرُ إلَى حِرْفَةِ الْأُمِّ أَيْضًا فَإِنَّ ابْنَ الْمُغَنِّيَةِ وَالزَّامِرَةِ وَالْمَاشِطَةِ وَالْحَمَّامِيَّةِ وَنَحْوِهِنَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كُفُؤًا لِمَنْ أُمُّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي الْعُرْفِ وَعَارٌ وَمَأْخَذُ هَذِهِ الْخَصْلَةِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ ( قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ كَوَلَدِ الْأَبْرَصِ ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ سَلَامَةَ الْآبَاءِ مِنْ الْعُيُوبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُشَبَّهًا بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَإِذَا كَانَ الْعَفَافُ وَالْحِرْفَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْخِصَالِ تُرْعَى فِي الْآبَاءِ فَالسَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ أَوْلَى أَنْ تُرْعَى فَإِنَّ الْبَرَصَ وَالْجُذَامَ وَالْجُنُونَ أَشْنَعُ وَأَبْلَغُ شَيْءٍ يُعَيَّرُ بِهِ الْوَلَدُ قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي ) وَيَظْهَرُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ إثْبَاتَ خِيَارِ الْفَسْخِ لَهَا
بِالْإِعْسَارِ يُنَافِي الْإِجْبَارَ عَلَى نِكَاحِ الْمُعْسِرِ فَمَا زَعَمَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْيَسَارِ فِي الْكَفَاءَةِ مَمْنُوعٌ ا ش ؛ لِأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مَبْنِيٌّ إلَخْ ) لَوْ كَانَ بَنَاهُ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ مِنْ صُوَرِ تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ لَا أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ
( فَرْعٌ لَا اعْتِبَارَ ) فِي الْكَفَاءَةِ ( بِالطُّولِ وَالشَّبَابِ وَالْبَلَدِ ) وَالْجَمَالِ وَنَحْوِهَا فَالْقَصِيرُ وَالشَّيْخُ وَالْمِصْرِيُّ وَالذَّمِيمُ كُفُؤٌ لِلطَّوِيلَةِ وَالشَّابَّةِ وَالْمَكِّيَّةِ وَالْجَمِيلَةِ .
( فَرْعٌ لَا يُقَابِلُ بَعْضُ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ بَعْضًا ) أَيْ لَا يُجْبَرُ بَعْضُهُ بِفَضِيلَةٍ ( فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ عَجَمِيَّةٌ بِرَقِيقٍ عَرَبِيٍّ وَنَحْوِهِ ) وَلَا سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيئَةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ ، وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَبْدٍ عَفِيفٍ
( قَوْلُهُ فَالْقَصِيرُ وَالشَّيْخُ إلَخْ ) قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالشَّيْخُ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلشَّابَّةِ وَالْجَاهِلُ لِلْعَالِمَةِ قَالَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهَذَا التَّضْعِيفُ فِي الْجَاهِلِ وَالْعَالِمَةِ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْآبَاءِ إذَا كَانَ شَرَفًا لِلْأَوْلَادِ فَكَيْفَ بِعِلْمِهِمْ وَلِأَنَّ الْحِرْفَةَ تُرْعَى فِي الزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُوَازِي الْعِلْمَ وَقَدْ قَطَعَ بِمُوَافَقَةِ الرُّويَانِيِّ شَارِحُ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَنْوَارِ
( فَصْلٌ وَالْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً مُسْتَوِينَ فِي دَرَجَةٍ ( فَلَا بُدَّ مَعَ رِضَاهَا بِغَيْرِ الْكُفْءِ مِنْ رِضَا سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ ) بِهِ ( لَا ) رِضَا ( أَحَدِهِمْ ) يَعْنِي لَا يَكْفِي عَنْ رِضَا الْبَاقِينَ ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ بِتَرْكِهَا كَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِكُفْءٍ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْمَهْرِ وَلَا عَارَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُمْ ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا كُفْءَ لَهُنَّ } وَلِأَنَّهُ { أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ بِنِكَاحِ أُسَامَةَ فَنَكَحَتْهُ وَهُوَ مَوْلَى وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ } وَإِنَّمَا هِيَ حَقُّ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ وَقَدْ رَضِيَا بِتَرْكِهَا ( إلَّا فِي إعَادَتِهِ ) أَيْ النِّكَاحِ ( لِمُخْتَلِعٍ رَضَوْا بِهِ أَوَّلًا ) بِأَنْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُمْ ثُمَّ اخْتَلَعَهَا زَوْجُهَا فَأَعَادَهَا لَهُ أَحَدُهُمْ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُ دُونَ رِضَى الْبَاقِينَ فَإِنَّهُ يَكْفِي لِرِضَاهُمْ بِهِ أَوَّلًا ، وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ الصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَدِيدٌ وَفِي مَعْنَى الْمُخْتَلِعِ الْفَاسِخِ وَالْمُطَلِّقِ رَجْعِيًّا إذَا أَعَادَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ .
( وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْأَبْعَدِ ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ ( وَإِنْ زُوِّجَتْ الْبِكْرُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ الثَّيِّبُ بِإِذْنٍ ) مِنْهَا ( مُطْلَقٍ ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكُفْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ ( مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ ) التَّزْوِيجُ لِعَدَمِ رِضَاهَا بِهِ ( وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَالْوَلِيُّ السُّلْطَانُ لَمْ يُزَوِّجْهَا ) بِهِ ؛
لِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ فَلَا يَتْرُكُ الْحَظَّ وَخَبَرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ السَّابِقُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَهَا أُسَامَةَ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يَدْرِي مَنْ زَوَّجَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ بِرِضَاهَا عَلَى أَنَّ جَمَاعَاتٍ اخْتَارُوا الصِّحَّةَ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ مَا لَوْ كَانَ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ لِجَبٍّ أَوْ عُنَّةٍ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَالْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْكُفْءِ ( قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا ) وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً ( قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَيْت وَكَتَبَ أَيْضًا حَكَى فِيهَا طَرِيقَيْنِ أَحَدَهُمَا الْقَطْعَ بِالصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِهِ أَوَّلًا وَالثَّانِيَ عَلَى الْخِلَافِ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَدِيدٌ قَالَ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْغَالِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ ذَاتِ الطَّرِيقَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَحَّحُ مَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ .
( قَوْلُهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِفِسْقٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْأَبْعَدِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَجِبُ رِضَا الْأَبْعَدِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْآنَ حَقٌّ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعَارِ قُلْنَا ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَنْتَشِرُ كَثِيرًا فَيَشُقُّ اعْتِبَارُهَا وَلَا ضَابِطَ نَقِفُ عِنْدَهُ فَقُصِرَ عَلَى الْأَقْرَبِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ وَلِيٌّ أَقْرَبُ إلَّا أَنَّهُ صَغِيرٌ فَزَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا فَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الصِّغَرَ وَإِنْ نَقَلَ الْوِلَايَةَ فَلَا يَنْقُلُ الْحَقَّ فِي الْكَفَاءَةِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وِلَايَةٌ وَلَا حَقٌّ يُقَدِّرُ انْتِقَالَهُ وَهَذَا نَظَرٌ دَقِيقٌ وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ فَأَقَرَّ الْبَالِغُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْأَصَحِّ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الصَّغِيرِ وَهَذَا نَظِيرُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ
وَقَدْ سَبَقَ وَالْجَامِعُ عَدَمُ الرِّضَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى فس وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ كَتَبَ عَلَيْهِ الرَّاجِحُ الصِّحَّةَ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَالْوَلِيُّ السُّلْطَانُ لَمْ يُزَوِّجْهَا بِهِ ) أَفْهَمَ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا بِمَنْ صَدَّقَتْهُ عَلَى كَفَاءَتِهِ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَقَرَّتْ بِنِكَاحٍ لِغَيْرِ كُفْءٍ فَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِ الْوَلِيِّ الرِّضَا ) مِنْهُ ( بِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ لَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ ( وَإِنْ زَوَّجَتْ بِوَكَالَةٍ فَأَنْكَرَهَا الْوَلِيُّ وَأَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ قُبِلَ قَوْلُهَا ) كَمَا لَوْ أَنْكَرَ تَزْوِيجَهَا ( وَإِنْ سَكَتَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِهَا
( فَرْعٌ مَتَى زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ بِذَاتِ عَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ ) فِي النِّكَاحِ ( لَمْ يَصِحَّ ) التَّزْوِيجُ لِانْتِفَاءِ الْغِبْطَةِ ( أَوْ ) زَوَّجَهُ ( بِسَلِيمَةٍ لَا تُكَافِئُهُ ) بِجِهَةٍ أُخْرَى ( صَحَّ ) التَّزْوِيجُ ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِهِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ ( إلَّا الْأَمَةُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ ) فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ بِهَا ( لِفَقْدِ خَوْفِ الْعَنَتِ ) بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِهَا بِشَرْطِهِ
قَوْلُهُ أَوْ بِسَلِيمَةٍ لَا تُكَافِئُهُ صَحَّ ) وَيَثْبُتُ لِلصَّغِيرِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ بَابِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ ت ( قَوْلُهُ إلَّا الْأَمَةَ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ ) أَيْ أَوْ الْمَمْسُوحِ
( وَإِنْ زَوَّجَ الْمَجْنُونَ أَوْ الصَّغِيرَ بِعَجُوزٍ أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ قُطَعَاءَ ) لِلْأَطْرَافِ أَوْ بَعْضِهَا ( أَوْ الصَّغِيرَةَ بِهَرَمٍ أَوْ أَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ فَوَجْهَانِ ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي صُوَرِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُمَا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ فِي صُوَرِ الصَّغِيرَةِ ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إنَّمَا يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ مِنْ الْكُفْءِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ كُفْءٌ فَالْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مُخْتَلِفٌ ( وَالْخَصِيُّ وَالْخُنْثَى غَيْرُ الْمُشْكِلِ كَالْأَعْمَى ) فِيمَا ذُكِرَ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْهُمَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ الْمُشَارُ إلَيْهِ آنِفًا ( لَا ) مِثْلُ ( الْمَجْنُونِ ) بِالنُّونِ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْأَصْلِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ مَعَ عَدَمِ الرِّضَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَكَالصَّغِيرَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْكَبِيرَةُ إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا مُطْلَقًا
( قَوْلُهُ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ الصَّوَابُ مَذْهَبًا وَحِجَاجًا ( ر ) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ جَرَى عَلَيْهِ خَلَائِقُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْحَقُّ ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ) عِبَارَتُهَا وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا جَزْمَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ رَتْقَاءَ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ النِّكَاحُ وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً فِي نِكَاحِهَا ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَظَرٌ مِثْلَ عَجُوزٍ فَانِيَةٍ أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ قَطْعَاءَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَذْهَبًا وَحِجَاجًا وَكَيْفَ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِمَنْ لَا نَظَرَ لَهُ فِي تَزْوِيجِهِ بِهَا بَلْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَعَارٍ وَغُرْمٌ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ بِمَنْ بِهِ عَيْبٌ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ ) لِلْإِضْرَارِ بِهَا ( وَيُزَوِّجُهَا ) جَوَازًا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَلَوْ عَرَبِيَّةً ( مِنْ عَرَبِيٍّ دَنِيءِ النَّسَبِ ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَ قَضِيَّتُهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يَنْجَبِرُ بِبَعْضٍ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إذَا كَانَتْ عَرَبِيَّةً مِنْ عَجَمِيٍّ وَلَوْ حُرًّا بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيُزَوِّجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ فَيُنَافِي قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَالْأَمَةُ الْعَرَبِيَّةُ بِالْحُرِّ الْعَجَمِيِّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْ الْخِلَافِ فِي الِانْجِبَارِ كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ إلَى مَا قَالَهُ لِذَلِكَ وَالْحَقُّ مَا فِي الْأَصْلِ وَلَا مُنَافَاةَ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا وَقَدْ أَسْقَطَهُ هُنَا بِتَزْوِيجِهِ لَهَا مَنْ ذَكَرَ ، وَمَا مَرَّ مَحَلُّهُ إذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ سَيِّدِهَا بِإِذْنٍ أَوْ وِلَايَةٍ عَلَى مَالِكِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى عُدُولِ الْمُصَنِّفِ إلَى مَا قَالَهُ بَلْ عُدُولُهُ إلَيْهِ مُوهِمٌ خِلَافَ الْمُرَادِ ( لَا بِمَنْ لَا يُكَافِئُهَا بِسَبَبٍ آخَرَ ) أَيْ غَيْرَ دَنَاءَةِ النَّسَبِ كَعَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ وَكَدَيْنٍ وَحِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ أَيْ لَا يُزَوِّجُهَا بِهِ .
( إلَّا بِرِضَاهَا وَعَلَيْهَا تَمْكِينُهُ ) مِنْ نَفْسِهَا لِإِذْنِهَا ( وَلَهُ بَيْعُهَا مِنْ الْعَيْبِ ) ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَتَعَيَّنُ لِلِاسْتِمْتَاعِ ( وَيَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكَهُ ( وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ كَفَاءَةَ الْخَاطِبِ وَأَنْكَرَهَا الْوَلِيُّ رُفِعَ ) الْأَمْرُ ( إلَى الْقَاضِي فَإِنْ ثَبَتَتْ كَفَاءَتُهُ أَلْزَمَهُ تَزْوِيجَهَا ) فَإِنْ امْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْقَاضِي بِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ كَفَاءَتُهُ ( فَلَا ) يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُهَا بِهِ ( وَإِنْ أَقَرَّتْ بِزَوْجِيَّةِ رَجُلٍ فَسَكَتَ أَوْ عَكْسَهُ ) بِأَنْ أَقَرَّ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ فَسَكَتَتْ ( وَرِثَ السَّاكِتُ مِنْ الْمُقِرِّ ) إذَا مَاتَ
( لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَا الْمُقِرُّ مِنْ السَّاكِتِ إذَا مَاتَ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ يُقْبَلُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ لَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ فَمَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّ الْأَخَ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَأَنَّهَا لَا تَرِثُ فَقَالَتْ زَوَّجَنِي بِرِضَايَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَتَرِثُ
( قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِزَوْجِيَّةِ رَجُلٍ فَسَكَتَ إلَخْ ) لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ زَوْجَتِي فَأَنْكَرَتْ صَدَقَتْ بِيَمِينِهَا فَلَوْ مَاتَ فَرَجَعَتْ وَقَالَتْ كَذَبْت هُوَ زَوْجِي قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا لِلتُّهْمَةِ وَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ ؛ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِحَقٍّ عَلَيْهَا وَالزَّوْجُ مَاتَ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى الْمُطَالَبَةِ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا تَقَرَّرَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِمَالٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ وَصَدَّقَهُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُنَا تَابِعٌ لِلزَّوْجِيَّةِ وَهُنَاكَ مَقْصُودٌ أَصَالَةً وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ
( الطَّرَفُ الثَّامِنُ ) فِي ( اجْتِمَاعِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْمُسْتَحَبِّ ) إذَا اجْتَمَعُوا فِي دَرَجَةٍ كَإِخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَلَوْ بِقَوْلِهَا أَذِنْت فِي فُلَانٍ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُزَوِّجْنِي مِنْهُ ( أَنْ يَعْقِدَ أَفْضَلُهُمْ بِفِقْهٍ ) بِبَابِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِشَرَائِط الْعَقْدِ ( وَنَحْوِهِ ) كَالْوَرَعِ وَالسِّنِّ ؛ لِأَنَّ الْأَوْرَعَ أَشْفَقُ وَأَحْرَصُ عَلَى طَلَبِ الْحَظِّ وَالْأَسَنِّ أَخْبَرَ بِالْأُمُورِ لِكَثْرَةِ تَجْرِبَتِهِ ( بِرِضَا مَنْ فِي دَرَجَتِهِ ) لِتَجْتَمِعَ الْآرَاءُ وَلَا يَتَأَذَّى بَعْضُهُمْ بِاسْتِئْثَارِ الْبَعْضِ ( وَلَوْ تَعَارَضَتْ الْخِصَالُ قُدِّمَ ) نَدْبًا ( الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَسَنُّ ) لِمَا ذُكِرَ ( فَإِنْ زَوَّجَ الْمَفْضُولُ ) مِنْهُمْ الْمَرْأَةَ بِرِضَاهَا ( بِكُفْءٍ صَحَّ ) وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْبَاقِينَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْوِلَايَةُ كَوِلَايَةِ الْقَوَدِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى اسْتِيفَائِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ وَالنِّكَاحُ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَالْإِلْزَامِ ، وَلِهَذَا لَوْ عَضَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ زَوَّجَ الْآخَرُونَ وَلَوْ عَفَا وَاحِدٌ عَنْ الْقَوَدِ سَقَطَ حَقُّ الْكُلِّ ( فَإِنْ تَنَازَعُوا ) فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا ( وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْخَاطِبُ اُعْتُبِرَ رِضَاهَا ) فَتُزَوَّجُ مِمَّنْ تَرْضَاهُ ؛ لِأَنَّ إذْنَهَا مُعْتَبَرٌ فِي أَصْلِ التَّزْوِيجِ فَكَذَا فِي التَّعْيِينِ ( فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْجَمِيعِ أَمَرَ الْقَاضِي بِتَزْوِيجِهَا مِنْ الْأَصْلَحِ ) لَهَا مِنْهُمْ بَعْدَ تَعْيِينِهِ فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَهُوَ عَضْلٌ فَيُزَوِّجُ الْقَاضِي الْأَصْلَحَ مِنْهُمْ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ ( وَإِنْ اتَّحَدَ ) الْخَاطِبُ ( فَالْقُرْعَةُ ) وَاجِبَةٌ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ زَوَّجَهَا كَمَا يَقْرَعُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْقَوَدِ فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْقُضَاةِ عَلَى أَنْ يَسْتَقِلَّ
كُلٌّ مِنْهُمْ بِتَزْوِيجِهَا فَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُزَوِّجُ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْرَعُ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الِانْفِرَادِ وَلَا حَظَّ لَهُ فِيهِ فَلْيُبَادِرْ إلَى التَّصَرُّفِ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَأَطْلَقَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّ الَّذِي يَقْرَعُ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ هُوَ السُّلْطَانُ ، وَقَالَ ابْنُ دَاوُد : يُنْدَبُ أَنْ يُقْرِعَ السُّلْطَانُ فَإِنْ أَقْرَعَ غَيْرُهُ جَازَ ( فَلَوْ خَرَجَتْ لِزَيْدٍ فَزَوَّجَ عَمْرُو صَحَّ ) النِّكَاحُ ؛ لِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ وَفَائِدَةُ الْقُرْعَةِ قَطْعُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمْ لَا نَفْيُ وِلَايَةِ الْبَعْضِ .
( فَإِنْ أَذِنَتْ لِوَاحِدٍ ) مِنْهُمْ ( لَمْ يُزَوِّجْهَا الْآخَرُ ) لِعَدَمِ إذْنِهَا لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ قَالَتْ : زَوِّجُونِي اُشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمْ ) عَلَى الْعَقْدِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمْ عَمَلًا بِإِذْنِهَا ( وَلَوْ قَالَتْ رَضِيت فُلَانًا زَوْجًا ) أَوْ رَضِيت أَنْ أُزَوَّجَ ( أَوْ أَذِنْت لِأَحَدِ أَوْلِيَائِي أَوْ لِأَحَدِ مَنَاصِبِ الشَّرْعِ ) فِي تَزْوِيجِي ( فَلِكُلٍّ ) مِنْهُمْ ( تَزْوِيجُهَا ) أَمَّا فِي صُورَتَيْ الرِّضَا فَلِأَنَّهُمْ مُتَعَيَّنُونَ شَرْعًا وَالشَّرْطُ رِضَاهَا وَقَدْ وُجِدَ وَأَمَّا فِي صُورَتَيْ الْإِذْنِ فَلِصِدْقِ الْأَحَدِ عَلَى الْجَمِيعِ وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَذَكَرَهُمَا الْقَمُولِيُّ ( فَلَوْ عَيَّنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدَهُمْ لَمْ يَنْعَزِلْ الْبَاقُونَ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَعَلَى أَنَّ إفْرَادَ بَعْضِ الْعَامِّ بِالذِّكْرِ لَا يُخَصِّصُ
( مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الثَّامِنُ اجْتِمَاعُ الْأَوْلِيَاءِ ) ( قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ إلَخْ ) احْتَجَّ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِحَدِيثِ الْقَسَامَةِ كُبْرٌ كُبْرٌ قَوْلُهُ اشْتَرَطَ اجْتِمَاعَهُمْ ) ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لَهُ اسْتِقْلَالًا
( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ ) أَنْ يُزَوِّجَهَا ( هَذَا مِنْ زَيْدٍ وَهَذَا مِنْ عَمْرٍو ) أَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ أَوْ وَكَّلَ الْمُجْبِرُ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ ( فَزَوَّجَاهَا مِنْهُمَا وَتَرَتَّبَا ) أَيْ الْعَقْدَانِ وَعَلِمَ عَيْنَ السَّابِقِ وَلَمْ يَنْسَ ( صَحَّ الْأَوَّلُ ) وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي لِخَبَرِ إذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ السَّبْقُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالتَّصَادُقِ ( أَوْ ) زَوَّجَاهَا بِهِمَا ( مَعًا بَطَلَا ) لِتَدَافُعِهِمَا إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ مَعَ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ( وَكَذَا ) يَبْطُلَانِ ( لَوْ جَهِلَ السَّبْقَ ) وَالْمَعِيَّةَ لِتَعَذُّرِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ أَحَدُ النِّكَاحَيْنِ فَقَدْ حَكَمْت بِبُطْلَانِهِ لِيَكُونَ نِكَاحُهَا بَعْدُ عَلَى يَقِينِ الصِّحَّةِ وَتَثْبُتُ لِلْقَاضِي هَذِهِ الْوِلَايَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلضَّرُورَةِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ .
( فَإِنْ تَعَيَّنَ السَّابِقُ ثُمَّ نَسِيَ يُوقَفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ ) الْحَالُ ( أَوْ يُطَلِّقَاهَا أَوْ يَمُوتَا ) أَوْ يُطَلِّقَهَا أَحَدُهُمَا وَيَمُوتَ الْآخَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْ مَوْتِ آخِرِهِمَا ) ؛ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا صِحَّةَ الْعَقْدِ وَالْهُجُومَ عَلَى رَفْعِهِ أَوْ الْحُكْمُ بِارْتِفَاعِهِ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا يُبَالِي بِطُولِ ضَرَرِهَا كَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَاَلَّتِي انْقَطَعَ دَمُهَا بِمَرَضٍ فَإِنَّهَا تَصْبِرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ مَعَ الضَّرَرِ ( وَمَتَى عَلِمَ السَّبْقَ دُونَ ) عَيْنِ ( السَّابِقِ بَطَلَا ) لِتَعَذُّرِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ السَّابِقِ وَتَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهَا مِنْ الْجُمُعَةِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا وَقَعَ لِمَجْهُولٍ فَإِمْضَاؤُهُ مُتَعَذِّرٌ وَهُنَاكَ الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وَقَعَتْ الْأُولَى صَحِيحَةً فِي عِلْمِهِ تَعَالَى فَامْتَنَعَ إقَامَةُ جُمُعَةٍ أُخْرَى
وَلَزِمَ الْجَمِيعَ إعَادَةُ الظُّهْرِ فَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى تَقَعُ عَنْهُ هَذِهِ نَفْلًا وَالْآخَرُونَ تَقَعُ لَهُمْ فَرْضًا ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ فَرْضَهُمْ ( وَالْبُطْلَانُ هُنَا ) أَيْ فِيمَا إذَا عَلِمَ السَّبْقَ دُونَ السَّابِقِ ( وَعِنْدَ جَهْلِ السَّبْقِ ) وَالْمَعِيَّةِ ( ظَاهِرٌ لَا بَاطِنٌ ) أَيْ يَقَعُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا ( مَا لَمْ يَفْسَخْهُ الْحَاكِمُ ) فَإِنْ فَسَخَهُ بَطَلَ بَاطِنًا أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا الْعِوَضُ عَادَ إلَيْهَا الْمُعَوَّضُ كَالْبَائِعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ سِلْعَتِهِ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخِ الْحَاكِمِ مِلْكًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَا كُفُؤَيْنِ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ كُفُؤَيْنِ فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ أَوْ أَحَدُهُمَا كُفُؤًا فَنِكَاحُهُ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ تَأَخَّرَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْضَوْا بِكُلٍّ مِنْهُمَا
( قَوْلُهُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْ مَوْتِ آخِرِهِمَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ غَيْرَ فَرْعٍ لِأَحَدِهِمَا وَلَا أَصْلَ لَهُ ( قَوْلُهُ وَمَتَى عَلِمَ السَّبَقَ دُونَ السَّابِقِ بَطَلَا ) هَذَا إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِ الْإِشْكَالِ فَإِنْ رَجَا زَوَالَهُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ قَطْعًا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ ر
( فَرْعٌ حَيْثُ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ فَمَاتَ ) فِي مُدَّتِهِ ( أَحَدُهُمَا وَقَفَ ) مِنْ تَرِكَتِهِ ( مِيرَاثَ زَوْجَةٍ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَإِلَّا فَحِصَّتُهَا مِنْ الرُّبُعِ أَوْ الثُّمُنِ ( أَوْ مَاتَتْ ) هِيَ ( فَمِيرَاثُ زَوْجٍ ) يُوقَفُ بَيْنَهُمَا ( إلَى الْإِصْلَاحِ ) أَوْ تَبَيَّنَ الْحَالُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( وَلَا يُطَالَبُ ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا ( بِالْمَهْرِ ) لِلْإِشْكَالِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إلْزَامِ مَهْرَيْنِ وَلَا إلَى قِسْمَةِ مَهْرٍ عَلَيْهِمَا ( وَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا ) عَنْهُمَا مُدَّةَ التَّوَقُّفِ ( وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِعَدَمِ التَّمْكِينِ وَالْأَصْلُ الْبَرَاءَةُ وَحَبْسُهَا لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِمَا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَكَلَامُ الْوَسِيطِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَثَانِيهِمَا لَا لِصُورَةِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ النُّشُوزِ مَعَ حَبْسِهَا وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ وَالدَّارِمِيُّ وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ تَسْقُطُ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى وَلْيُنَاسِبْ قَوْلَهُ ( فَإِنْ أَوْجَبْنَا ) هَا ( وُزِّعَتْ ) عَلَيْهِمَا ( فَإِنْ تَعَيَّنَ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا ( رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ ) بِمَا أَنْفَقَ ( إلَّا إذَا أَنْفَقَ ) عَلَيْهَا ( بِإِذْنِ الْحَاكِمِ ) فَلَا يَرْجِعُ كَذَا فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ ( وَلَهَا طَلَبُ الْفَسْخِ ) لِنِكَاحِهَا إنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِمَا ( لِلضَّرُورَةِ ) هَذَا زَادَهُ بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ إنْ لَمْ يَرْجُ زَوَالَ الْإِشْكَالِ لِلضَّرَرِ كَالْعَيْبِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ
قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْوَسِيطِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ إلَخْ ) قُلْت قَدْ يَكُونُ أَرَادَ بِالْإِذْنِ الْإِلْزَامَ فَلَا يَكُونُ الصَّوَابُ الْعَكْسَ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الْحَاكِمُ بِشَيْءٍ لَا يَرْجِعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهِ رَجَعَ بِهِ ع
( فَرْعٌ لَوْ تَدَاعَيَا السَّبْقَ بَيْنَهُمَا ) بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ سَبْقَهُ ( لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَلَيْسَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ وَذِكْرُ الْحُرَّةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ مِنْ حَيْثُ الزَّوْجِيَّةُ مُطْلَقًا ( أَوْ عَلَيْهَا سُمِعَتْ إنْ ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( عِلْمَهَا بِأَنَّهُ السَّابِقُ ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالنِّكَاحِ مَقْبُولٌ ( لَا إنْ ادَّعَى ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( عِلْمَهَا بِالسَّبْقِ ) لِأَحَدِهِمَا فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّعِي قَالَ السُّبْكِيُّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَكِنَّ نَصَّ الْأُمِّ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ ( فَإِنْ أَنْكَرَتْ ) عِلْمَهَا بِهِ فِيمَا إذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى ( وَحَلَفَتْ ) عَلَيْهِ ( بَقِيَ الْإِشْكَالُ ) .
وَفِي بَقَاءِ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : لَا ، وَالثَّانِي : نَعَمْ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ وَهُوَ لَا يُنَافِي جَرَيَانَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءُ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَبْطِ الدَّعْوَى بِهَا ، وَنَقَلَ الْأَصْلُ هَذَا عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْأَوَّلُ بِصِيغَةِ قِيلَ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ ، كَمَا حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَرَّحَ كَغَيْرِهِ تَفْرِيعًا عَلَيْهِ بِبُطْلَانِ النِّكَاحَيْنِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ ( وَكَذَا لَوْ رَدَّتْ عَلَيْهِمَا ) الْيَمِينَ ( فَحَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَقِيَ الْإِشْكَالُ ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنْ يُقَالَ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا كَمَا لَوْ اعْتَرَفَا بِالْإِشْكَالِ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَقِيَ الْإِشْكَالُ زِيَادَةُ إيضَاحٍ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ
حَلَفَ أَحَدُهُمَا الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ( فَيَقْضِي لِلْحَالِفِ ) بِالنِّكَاحِ ( وَيَحْلِفَانِ عَلَى الْبَتِّ ) وَالْمَرْأَةُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِهَا وَلِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَيْهَا بِعِلْمِهَا وَالْيَمِينَ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى .
( وَ ) إذَا حَلَفَتْ ( هَلْ يَكْفِيهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ ) لَهُمَا كَمَا قَالَ الْقَفَّالُ ( أَمْ ) يَجِبُ ( لِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( يَمِينٌ ) وَإِنْ رَضِيَا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قَالَ الْبَغَوِيّ ( وَجْهَانِ ) رَجَّحَ السُّبْكِيُّ مِنْهُمَا الثَّانِيَ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِتَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ أَبْوَابِ الدَّعَاوَى وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي اللِّعَانِ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا ادَّعَيَا عَلَيْهِ مَالًا فَأَنْكَرَهُ يَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا .
( وَلَوْ حَلَّفَهَا الْحَاضِرُ فَهَلْ لِلْغَائِبِ تَحْلِيفُهَا ) لِتُمَيِّزَ حَقَّ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ ( وَجْهَانِ ) وَمَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَتْ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ وَلَا تَارِيخَ الْعَقْدَيْنِ فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ لِلثَّانِي وَأُجْرِيَ هَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ خَصْمَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَاحِدًا ( وَإِنْ أَقَرَّتْ بِالسَّبْقِ لِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُ ) بِإِقْرَارِهَا ( وَلِلثَّانِي تَحْلِيفُهَا فَإِنْ نَكَلَتْ ) عَنْ الْيَمِينِ ( وَحَلَفَ ) هُوَ يَمِينَ الرَّدِّ ( غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَهِيَ لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِالسَّبْقِ بَعْدَ إقْرَارِهَا بِهِ لِلْأَوَّلِ غَرِمَتْ لَهُ الْمَهْرَ لِمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ تَغْرِيمِ الْمُقِرِّ لِعَمْرٍو مَا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ ، بَلْ لَوْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : صَارَتْ زَوْجَةً لِلثَّانِي وَتَعْتَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إنْ لَمْ يَطَأْهَا وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِأَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُمَا وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءِ عِدَّةِ
الْوَطْءِ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِمَا غَرِمَتْهُ لَهُ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا غَرِمَتْهُ لِلْحَيْلُولَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَحْلِفْ يَمِينَ الرَّدِّ فَلَا غُرْمَ لَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ أَقَرَّتْ بِهِمَا مَعًا فَهُوَ لَغْوٌ فَيُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تُقِرِّي لِأَحَدِهِمَا أَوْ تَحْلِفِي ( وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْخَرْسَاءِ وَيَمِينُهَا بِالْإِشَارَةِ ) أَيْ الْمُفْهِمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَالْحَالُ حَالُ الْإِشْكَالِ ( فَرْعٌ ) قَوْلُهَا ( لِأَحَدِهِمَا لَمْ تَسْبِقْ إقْرَارٌ ) مِنْهَا ( لِلثَّانِي ) أَيْ لِلْآخَرِ ( إنْ اعْتَرَفَتْ ) قَبْلَهُ ( بِالتَّرْتِيبِ ) أَيْ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَا مَعًا فَلَا تَكُونُ مُقِرَّةً بِسَبْقِ الْآخَرِ
( قَوْلُهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْأَصْلُ هَذَا عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ حَيْثُ قَالَ فَإِذَا حَلَفَتْ كَمَا يَنْبَغِي أَوْ نَكَلَتْ بَقِيَ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قَضَى لَهُ وَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَقِيَ الْإِشْكَالُ وَالتَّوَقُّفُ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَمْ تَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ رَجَّحَ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فَهَلْ لِلْغَائِبِ تَحْلِيفُهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأُجْرِيَ هَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ خَصْمَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَاحِدًا ) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إنْ كَانَا قَدْ ادَّعَيَا ذَلِكَ الْحَقَّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ أَنْ ادَّعَيَا دَارًا وَرِثَاهَا أَوْ مَالَ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِنْ جِهَتَيْنِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ صَحِيحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فَصَلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مَحَلُّ وِفَاقٍ .
( قَوْلُهُ بَلْ لَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ لَهُ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ إلَخْ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَالْحَالُ حَالُ الْإِشْكَالِ ) عَلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْجُورِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ خَرْسَاءَ أَوْ مَعْتُوهَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ خَرِسَتْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَمِينٌ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ
( فَرْعٌ فَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلسَّبْقِ ) وَلَا لِعِلْمِهَا بِهِ ( وَادَّعَيَا ) عَلَيْهَا ( الزَّوْجِيَّةَ ) وَفَصَلَا الْقَدْرَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ ( لَزِمَهَا الْحَلِفُ ) الْجَازِمُ ( لِكُلٍّ ) مِنْهُمَا بِأَنْ تَحْلِفَ ( أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتُهُ ) وَلَا يَكْفِيهَا الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ ( وَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ إنْ لَمْ تَعْلَمْ سَبْقَهُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتْلَفَ كَذَا وَطَلَبَ غُرْمَهُ مِنْ التَّرِكَةِ حَلَفَ الْوَارِثُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ أَتْلَفَ ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ كَذَا مِنْ التَّرِكَةِ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ يُجَوِّزُ لَهُ الْحَلِفَ الْجَازِمَ ( وَلَهُمْ ) الْأَوْلَى وَلَهُمَا ( الدَّعْوَى ) بِمَا مَرَّ ( عَلَى ) الْوَلِيِّ ( الْمُجْبِرِ وَيَحْلِفُ ) عَلَى الْبَتِّ ( وَلَوْ كَانَتْ ) مُوَلِّيَتُهُ ( كَبِيرَةً ) لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالنِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُجْبِرِ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ لَا يُقْبَلُ ( ثُمَّ إنْ حَلَفَ فَلِلْمُدَّعِي ) مِنْهُمَا ( تَحْلِيفُ الْبِنْتِ ) أَيْضًا بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا ( فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ ) الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ( وَاسْتَحَقَّهَا ) أَيْ الزَّوْجَةَ أَيْ ثَبَتَ نِكَاحُهُ وَكَذَا إنْ أَقَرَّتْ لَهُ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ حَلِفُ الْوَلِيِّ
( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَزْوِيجِ الْمَوْلِيِّ عَلَيْهِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَيُقَالُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ ( وَلَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ وَ ) لَا ( مُخْتَلٌّ ) وَهُوَ مَنْ فِي عَقْلِهِ خَلَلٌ وَفِي أَعْضَائِهِ اسْتِرْخَاءٌ وَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى النِّكَاحِ غَالِبًا ( إلَّا كَبِيرًا ) الْأَرْجَحُ كَبِيرٌ ( لِحَاجَةِ شَبَقٍ ) أَيْ شِدَّةِ شَهْوَةٍ لِلْوَطْءِ بِأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَهُنَّ وَتَعَلُّقِهِ بِهِنَّ وَنَحْوِهِمَا ( أَوْ رَجَا شِفَاءً ) بِالْوَطْءِ ( أَوْ لِخِدْمَةٍ حَيْثُ لَا مَحْرَمَ ) لَهُ ( يَخْدُمُهُ وَكَانَ التَّزْوِيجُ أَرْفَقَ ) بِهِ ( مِنْ شِرَاءِ خَادِمَةٍ ) وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَقَدْ تَمْتَنِعُ مِنْهُ وَلَوْ وَعَدَتْ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ طَبْعَهَا يَدْعُوهَا لِتَعَهُّدِهِ وَخِدْمَتِهِ وَكَأَنَّهُمْ اقْتَصَرُوا عَلَى مَحَارِمِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ تَعَهُّدَهُ غَالِبًا وَإِلَّا فَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِثْلُهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهُمَا فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ لِمَا فِيهِ مِنْ لُزُومِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ تَدْعُو إلَيْهِ ( وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ) أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ( ثُمَّ السُّلْطَانُ لَا الْعَصَبَةُ ) كَوِلَايَةِ الْمَالِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُعَضِّدُهُ نَصُّ الْأُمِّ .
لَكِنْ فِي الشَّامِلِ فِي الْوَصَايَا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ وَالسَّفِيهُ عِنْدَ حَاجَتِهِمَا قَالَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ فِي الْفِقْهِ ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إخْرَاجَ الْعَصَبَاتِ لَا إخْرَاجَ الْوَصِيِّ ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ ( وَاحِدَةٌ ) فَقَطْ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ لَا تُعِفُّهُ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ
فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الزِّيَادَةُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مِقْدَارٍ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْفَافُ وَيُتَّجَهُ مِثْلُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى السَّفِيهِ وَقَدْ لَا تَكْفِي الْوَاحِدَةُ أَيْضًا لِلْخِدْمَةِ فَيُزَادُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ
( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ) ( قَوْلُهُ وَكَانَ التَّزْوِيجُ أَرْفَقَ مِنْ شِرَاءِ جَارِيَةٍ ) بِأَنْ زَادَ ثَمَنُهَا وَمُؤْنَتُهَا عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ مِنْ مَهْرٍ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ ( قَوْلُهُ وَيُتَّجَهُ مِثْلُهُ فِي الْمَجْنُونِ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت فِي وَصَايَا الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ وَلَا جَارِيَتَيْنِ لِلْوَطْءِ وَإِنْ اتَّسَعَ مَالُهُ إلَّا أَنْ تَسْقَمَ أَيَّتُهُمَا كَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهَا مَوْضِعٌ لِلْوَطْءِ فَيَنْكِحَ أَوْ يَتَسَرَّى إذَا كَانَ مَالُهُ مُحْتَمِلًا لِذَلِكَ .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ جُذِمَتْ أَوْ بَرِصَتْ أَوْ جُنَّتْ جُنُونًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَيْهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ نَعَمْ هَلْ تُتْرَكُ الزَّوْجَةُ تَحْتَهُ أَوْ يُؤْمَرُ بِفِرَاقِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ مِنْهُ وَلَمْ يُرْجَ شِفَاؤُهَا هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَأَمَّا الْأَمَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ فَتُبَاعُ
( وَلِلْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ لَا غَيْرِهِمَا تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ لَا الْمَمْسُوحِ وَلَوْ بِأَرْبَعٍ ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِي نِكَاحِهِ الْمَصْلَحَةُ وَقَدْ تَكُونُ لَهُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَغِبْطَةٌ تَظْهَرُ لِلْوَلِيِّ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الْمَجْنُونِ لَا يُزَوَّجُ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الْعَاقِلِ إذْ الظَّاهِرُ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا مَجَالَ لِحَاجَةِ تَعَهُّدِهِ وَخِدْمَتِهِ فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهِمَا .
وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ فِي صَغِيرٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيُلْحَقُ بِالْبَالِغِ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِهِ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ كَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي فَلَا يُزَوَّجُ الصَّغِيرُ لِانْتِفَاءِ كَمَالِ شَفَقَتِهِ وَبِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ فَلَا يُزَوَّجُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْمَصْلَحَةُ
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِي نِكَاحِهِ الْمَصْلَحَةُ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُمَا تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مَعَ أَنَّهَا تَبْقَى فِي قَهْرِ الزَّوْجِ أَبَدًا فَالصَّغِيرُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَاقِ إذَا بَلَغَ أَوْلَى ( قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) الْمُعْتَمَدُ مَنْعُهُ
( فَرْعٌ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ لِلْمَصْلَحَةِ ) عِنْدَ ظُهُورِهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ كِفَايَةِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا ( وَلَوْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا ) أَوْ طَرَأَ جُنُونُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُفِيدُهَا الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَيَغْرَمُ الْمَجْنُونُ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ تَزْوِيجِ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ لِلْبُلُوغِ غَايَةً مُرْتَقَبَةً فَيُمْكِنُ انْتِظَارُهَا لِلْإِذْنِ بِخِلَافِ الْإِفَاقَةِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ ( لِلسُّلْطَانِ لَا غَيْرِهِ ) تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ ( بِشَرْطِ الْكِبَرِ وَالْحَاجَةِ ) لِلنِّكَاحِ بِظُهُورِ رَغْبَتِهَا فِيهِ أَوْ بِتَوَقُّعِ شِفَائِهَا بِالْوَطْءِ فَلَا يُزَوِّجُهَا بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهَا وَقُدِّمَ عَلَى الْأَقْرَبِ ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَا لَهَا
( قَوْلُهُ مِنْ كِفَايَةِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا ) وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ جُنُونُهَا لِشِدَّةِ الشَّبَقِ
( وَنُدِبَ ) لَهُ ( مُرَاجَعَتُهُ لِأَهْلِهَا ) فِي تَزْوِيجِهَا ( وَ ) مُرَاجَعَةُ ( أَهْلِ الْمَجْنُونِ ) فِي تَزْوِيجِهِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهِمَا وَمِنْ هُنَا قَالَ الْمُتَوَلِّي يُرَاجَعُ الْجَمِيعُ حَتَّى الْأَخُ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْخَالُ وَقِيلَ تَجِبُ الْمُرَاجَعَةُ قَالَ وَعَلَيْهِ يُرَاجَعُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَوْ لَمْ يَكُنْ جُنُونٌ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يَقْتَضِيهِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَجَزَمَ الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخِطْبَةِ بِمَا حَاصِلُهُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ رَدُّ السُّلْطَانِ وَإِجَابَتُهُ فِي الْمَجْنُونَةِ فَلَوْ كَانَتْ مُرَاجَعَتُهُمْ وَاجِبَةً لَاعْتُبِرَ رَدُّهُمْ وَإِجَابَتُهُمْ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ .
( فَلَوْ لَمْ تَحْتَجْ ) الْمَجْنُونَةُ ( لِلنِّكَاحِ لَمْ يُزَوِّجْهَا ) السُّلْطَانُ ( لِمَصْلَحَةٍ كَكِفَايَةِ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا ) ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا حِينَئِذٍ يَقَعُ إجْبَارًا وَلَيْسَ هُوَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَفْظَةُ وَنَحْوُهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهَا
قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ) وَهُوَ الصَّوَابُ
( وَلَا يُزَوَّجُ مُغْمًى عَلَيْهِ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ ) عَادَةً لِكَوْنِهَا تُتَوَقَّعُ فَإِنْ لَمْ تُنْتَظَرْ لِكَوْنِهَا لَا تُتَوَقَّعُ جَازَ تَزْوِيجُهُ كَالْمَجْنُونِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ أَمَّا الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِمَرَضٍ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ فَإِنْ لَمْ تُتَوَقَّعْ إفَاقَتُهُ فَكَالْمَجْنُونِ
ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ مَحَلُّهُ فِي مُطْبَقِي الْجُنُونِ أَمَّا مُتَقَطِّعَاهُ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَمُنْقَطِعُ الْجُنُونِ وَمُنْقَطِعَتُهُ لَا يُزَوَّجَانِ إلَّا حَالَ الْإِفَاقَةِ ) لِيَأْذَنَا فِي نِكَاحِهِمَا ( وَيَبْطُلُ إذْنُهُمَا بِالْجُنُونِ ) كَمَا يَبْطُلُ بِهِ الْوَكَالَةُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْعَقْدِ فِي وَقْتِ الْإِفَاقَةِ
( فَصْلٌ ) وَ ( السَّفِيهُ يُزَوِّجُهُ الْوَلِيُّ بِإِذْنِهِ ) سَيَأْتِي مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِتَفْرِيعِهِ الْآتِي عَقِبَهُ وَالسَّفِيهُ يُزَوَّجُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ ( فَلَوْ أَذِنَ لَهُ ) الْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِهِ ( فَيَتَزَوَّجُ جَازَ ) ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ ثُمَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمَرْأَةَ فَقَطْ أَوْ الْمَهْرَ فَقَطْ أَوْ يُعَيِّنَهُمَا أَوْ يُطْلِقَ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ ( فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ امْرَأَةً ) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ ( أَوْ قَبِيلَةً ) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْ مِنْ بَنِي فُلَانٍ ( لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهَا وَلَوْ سَاوَتْهَا فِي الْمَهْرِ ) أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا فِيهِ اعْتِبَارًا بِالْإِذْنِ وَالتَّرْجِيحُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاوَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ نَعَمْ عُمُومُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ يُفِيدُهُ ( وَيَنْكِحُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا ( فَمَا دُونَ ) هـ ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا ( فَإِنْ زَادَ ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ( صَحَّ ) النِّكَاحُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ خَلَلُ الصَّدَاقِ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) أَيْ بِقَدْرِهِ ( مِنْ الْمُسَمَّى ) الْمُعَيَّنِ مِمَّا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَمْهِرْ مِنْ هَذَا فَأَمْهَرَ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْغُو الزَّائِدُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْمُسَمَّى وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ فِي الذِّمَّةِ انْتَهَى .
وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَسَدَ مَجْمُوعُ الْمُسَمَّى وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْهُ أَوْ ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَى الزَّائِدِ بِخِلَافِ
الْوَلِيِّ
( فَصْلٌ وَالسَّفِيهُ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ نَعَمْ عُمُومُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ يُفِيدُهُ ) وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَحِقَهُ مَغَارِمُ فِيهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْ الْمُعَيَّنَةِ نَسَبًا وَجَمَالًا وَدِينًا وَدُونَهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ قَطْعًا كَمَا لَوْ عَيَّنَ مَهْرًا فَنَكَحَ بِدُونِهِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ إلَخْ ) الْفَرْقُ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ هُنَاكَ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ فَبَطَلَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَلَى خِلَافِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ وَالسَّفِيهُ هُنَا يَمْلِكُ أَنْ يَعْقِدَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى عَيْنٍ هِيَ أَكْثَرُ مِنْهُ أَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهُوَ يَتَصَرَّفُ لِشَرِيكِهِ ع ( قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّ السَّفِيهَ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ