كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
فَلْيُتَأَمَّلْ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَرْضَعَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ أَوْ أُخْتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا ) ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا فِي الْأُولَى أُخْتَيْنِ ، وَالْكَبِيرَةُ فِي الثَّانِيَةِ خَالَةٌ لِلصَّغِيرَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ عَمَّةٌ لِأُمِّهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ( وَيَنْكِحُ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( إحْدَاهُمَا ) إنْ شَاءَ ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا ( فَإِنْ أَرْضَعَتْهَا بِنْتُ الْكَبِيرَةِ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ ) عَلَيْهِ ( أَبَدًا ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ جَدَّةَ زَوْجَتِهِ ( وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَدْخُولًا بِهَا ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ رَبِيبَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا ( وَالْغُرْمُ ) فِيمَا ذُكِرَ ( كَمَا سَبَقَ ) فَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ( إلَّا أَنَّ الْمَمْسُوسَةَ تُطَالِبُهُ بِكُلِّ الْمُسَمَّى ) أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَيَرْجِعُ ) الزَّوْجُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِتَفْوِيتِهَا مَنَافِعَ الْبُضْعِ عَلَيْهِ ، وَكَمَا لَوْ شَهِدُوا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا ، وَكَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَأَنْكَرَتْ فَصَدَّقْنَاهَا بِيَمِينِهَا فَنَكَحَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرَّجْعَةِ لِلْأَوَّلِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى الثَّانِي وَتَغْرَمُ لِلْأَوَّلِ مَهْرَ مِثْلِهَا ؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ بُضْعَهَا عَلَيْهِ ( ، وَإِنْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ وَارْتَضَعَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ الزَّوْجَةِ الْكَبِيرَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَى ذَاتِ اللَّبَنِ وَلَوْ أَمْكَنَهَا الدَّفْعُ ) بِأَنْ تَكُونَ مُسْتَيْقِظَةً سَاكِتَةً ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا ( وَلَا مَهْرَ لِلصَّغِيرَةِ ) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَذَلِكَ يُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ ( بَلْ يَرْجِعُ ) الزَّوْجُ ( فِي مَالِهَا بِنِسْبَةِ مَا غَرِمَ لِلْكَبِيرَةِ ) فَيَرْجِعُ فِيهِ بِمَهْرِ مِثْلِ الْكَبِيرَةِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا ، وَإِلَّا فَبِنِصْفِهِ لِمَا مَرَّ ( وَإِنْ حَمَلَتْ
الرِّيحُ اللَّبَنَ ) مِنْ الْكَبِيرَةِ إلَى جَوْفِ الصَّغِيرَةِ ( فَلَا رُجُوعَ لَهُ ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذْ لَا صُنْعَ مِنْهُمَا ( وَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ ) فَارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ ( مَرَّتَيْنِ ، وَأَرْضَعَتْهَا أُمُّ الزَّوْجِ ثَلَاثًا سَقَطَ ) مِنْ نِصْفِ مَهْرِهَا ( الْخُمُسَانِ ) وَلَزِمَ الزَّوْجَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى أُمِّهِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا ) أَرْبَعًا ( ثُمَّ دَبَّتْ إلَى الْمُرْضِعَةِ ) الْخَامِسَةِ فَأَرْضَعَتْهَا ( سَقَطَ الْخُمُسُ لَكِنْ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ ) بِزِيَادَةٍ لَكِنْ بِلَا حَاجَةٍ وَلَزِمَ الزَّوْجَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ ( وَيَرْجِعُ عَلَى أُمِّهِ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ) هَذَا ، وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّغْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ فِي الْأَخِيرِ وَلَفْظَةُ نِصْفِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ .
( قَوْلُهُ : فَلَا غُرْمَ عَلَى ذَاتِ اللَّبَنِ ) ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا الدَّفْعُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ تَصْحِيحَ النَّوَوِيِّ هَذَا غَلَطٌ فَقَدْ جَزَمَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الرَّضَاعِ كَالْإِرْضَاعِ قَالَ : وَهُوَ الْحَقُّ فَقَدْ جَعَلُوا مِثْلَ هَذَا تَمْكِينًا مَنْسُوبًا إلَيْهِ كَمَا إذَا أَتْلَفَ شَخْصٌ وَدِيعَةً تَحْتَ يَدِهِ أَوْ صَبَّ فِي جَوْفِهِ ، وَهُوَ صَائِمٌ مُفْطِرًا أَوْ حَمَلَهُ فَدَخَلَ بِهِ لِدَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : هَذَا التَّغْلِيطُ غَلَطٌ فِيمَا أَظُنُّ ، وَالتَّمْكِينُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى السُّكُوتِ الْمُجَرَّدِ ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ فِيهِ نَوْعُ إسْعَافٍ بِخِلَافِ السُّكُوتِ لَا صُنْعَ لَهَا مَعَهُ أَصْلًا قَالَ : وَفِيمَا شَبَّهَ بِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا نَظَرٌ يُدْرِكُهُ الْمُتَأَمِّلُ ، وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ ، وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ الضَّمَانُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْفِعْلُ ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي التَّحْرِيمِ ، وَالسُّكُوتُ لَيْسَ فِعْلًا كَالنَّوْمِ .
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمُصَاهَرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضَاعِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ مُرْضِعَةُ زَوْجَتِهِ ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ( وَ ) مُرْضِعَةُ ( مُطَلَّقَتِهِ الصَّغِيرَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ مَنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَلَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ ( وَإِنْ أَرْضَعَتْ مُطَلَّقَةٌ ) مِنْ رَجُلٍ زَوْجَهَا ( الصَّغِيرَ بِلَبَنِ الْمُطَلِّقِ حَرُمَتْ ) أَبَدًا ( عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ وَلَدِهِ ) وَعَلَى الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَزَوْجَةُ أَبِيهِ ( وَإِنْ فَسَخَتْ كَبِيرَةٌ نِكَاحَ صَغِيرٍ بِعَيْبٍ ) فِيهِ ( ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَارْتَضَعَ الصَّغِيرُ بِلَبَنِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ ضَرَّتِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا أَبَدًا ) ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ صَارَ ابْنًا لِلْكَبِيرِ فَهِيَ زَوْجَةُ ابْنِ الْكَبِيرِ وَزَوْجَةُ أَبِي الصَّغِيرِ بَلْ أُمُّهُ إنْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْهَا ( ، وَإِنْ زَوَّجَ مُسْتَوْلَدَةً لِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ ( فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ ، وَمَوْطُوءَةُ أَبِيهِ ( وَحَرُمَتْ عَلَى السَّيِّدِ ) ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ ( أَوْ ) أَرْضَعَتْهُ ( بِلَبَنِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ ابْنًا لَهُ فَلَا تَكُونُ هِيَ زَوْجَةُ ابْنِهِ ( وَإِنْ أَرْضَعَتْ أَمَتُهُ الْمَوْطُوءَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ ) بِلَبَنِهِ أَوْ ( بِلَبَنِ غَيْرِهِ حَرُمَتَا عَلَيْهِ أَبَدًا ) ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ ابْنَتُهُ إنْ كَانَ اللَّبَنُ لَهُ وَابْنَةُ مَوْطُوءَتِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ ( وَإِنْ أَرْضَعَتْ الْمُطَلَّقَةُ الصَّغِيرَ الَّذِي نَكَحَتْهُ بِغَيْرِ لَبَنِ الزَّوْجِ ) الْمُطَلِّقِ ( انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ ، وَإِنْ طَلَّقَ زَيْدٌ صَغِيرَةً ، وَعُمَرُ كَبِيرَةً ، وَتَزَوَّجَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( الْأُخْرَى ) بِأَنْ تَزَوَّجَ زَيْدٌ الْكَبِيرَةَ وَعَمْرٌو الصَّغِيرَةَ ( ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ بِلَبَنِ غَيْرِهِمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا الْكَبِيرَةُ ) أَبَدًا ( لِأَنَّهَا أُمُّ
زَوْجَتِهِمَا ، وَكَذَا ) تَحْرُمُ ( الصَّغِيرَةُ ) أَبَدًا ( عَلَى مَنْ دَخَلَ ) مِنْهُمَا ( بِالْكَبِيرَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا بِلَبَنِ أَحَدِهِمَا حَرُمَتَا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ بِنْتُهُ وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ عَلَى الْآخَرِ أَبَدًا ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ ( وَإِنْ طَلَّقَهُمَا زَيْدٌ ) بِأَنْ كَانَتَا تَحْتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهُمَا ( ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا عَمْرٌو ، وَأَرْضَعَتْهَا ) أَيْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ ( فَالتَّحْرِيمُ كَذَلِكَ ) فَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِمَا ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ عَلَى مَنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ ( لَكِنْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا ) مِنْ عَمْرٍو ( وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ عَمْرٌو بِالْكَبِيرَةِ لِلْجَمْعِ ) أَيْ لِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَبِنْتِهَا فِي نِكَاحِهِ وَفِيمَا مَرَّ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ ( وَيَغْرَمُ لِلصَّغِيرَةِ ) زَوْجُهَا ( وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ كَمَا سَبَقَ ) فَيَغْرَمُ لِلصَّغِيرَةِ نِصْفَ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفَ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَلَا شَيْءَ لِلْكَبِيرَةِ عَلَى زَوْجِهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ جَاءَ مِنْهَا .
ش ( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَرْضَعَتْ مُطَلَّقَةٌ زَوْجَهَا الصَّغِيرَ إلَخْ ) قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُطَلَّقَةَ بِالْحُرَّةِ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِبُطْلَانِ النِّكَاحِ إذْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الصَّغِيرِ الْأَمَةَ ( قَوْلُهُ : بِلَبَنِ الْمُطَلِّقِ ) فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ غَيْرِ الْمُطَلِّقِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا أَوْ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ ) زَوْجَتَهُ ( الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا ) لِصَيْرُورَةِ الصَّغِيرَةِ بِنْتًا لِلْكَبِيرَةِ وَاجْتِمَاعُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ ( وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ ) عَلَيْهِ ( أَبَدًا ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ ( وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ أَرْضَعَتْهَا ) الْكَبِيرَةُ ( بِلَبَنِهِ ) ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ ( فَهِيَ رَبِيبَةٌ ) لَهُ ( لَا تَحْرُمُ ) عَلَيْهِ ( إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ ) ، وَإِلَّا حَرُمَتْ عَلَيْهِ ( وَيَغْرَمُ ) الزَّوْجُ ( لِلصَّغِيرَةِ نِصْفَ الْمُسَمَّى ) إنْ صَحَّ ، وَإِلَّا فَنِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَتَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ) كَمَا مَرَّ ( وَلَا شَيْءَ لَهَا ) عَلَيْهِ ( إنْ لَمْ تَكُنْ مَمْسُوسَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْسُوسَةً لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا ) عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ إذَا غَرِمَهُ لَهَا ، وَإِنْ كَانَتْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بُضْعَهَا قَالُوا ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إخْلَاءِ نِكَاحِهَا عَنْ الْمَهْرِ فَتَصِيرُ كَالْمَوْهُوبَةِ وَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ، وَأَنْكَرَتْ فَصَدَّقْنَاهَا بِيَمِينِهَا فَنَكَحَتْ زَوْجًا آخَرَ ثُمَّ صَدَّقَتْ الْأَوَّلَ فِي الرَّجْعَةِ حَيْثُ يُغَرِّمُهَا الْأَوَّلُ مَهْرَ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ ثَمَّ بَاقٍ بِزَعْمِهِ وَزَعْمِهَا إلَّا أَنَّهَا حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِالْيَمِينِ وَلِذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا الثَّانِي أَوْ مَاتَ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَهْرِ إلَيْهَا ( وَإِنْ كَانَ ) الِارْتِضَاعُ فِيمَا ذُكِرَ ( بِفِعْلِ الصَّغِيرَةِ ) كَأَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ الْكَبِيرَةِ ، وَهِيَ نَائِمَةٌ ( فَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ وَلِلْكَبِيرَةِ ) عَلَيْهِ ( الْمُسَمَّى ) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا ( أَوْ نِصْفُهُ ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ( وَيَرْجِعُ ) الزَّوْجُ ( بِالْغُرْمِ عَلَى الصَّغِيرَةِ ) كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ أَمَةَ غَيْرِهِ )
تَعَلَّقَ الْغُرْمُ ( بِرَقَبَتِهَا ) ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهَا كَجِنَايَتِهَا وَالْقِيَاسُ فِي الْمُبَعَّضَةِ التَّقْسِيطُ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ ( أَوْ ) كَانَتْ ( أَمَتَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا ) لَهُ ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مَمْلُوكِهِ مَالًا ( إلَّا إنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً ) فَعَلَيْهَا الْغُرْمُ لَهُ فَإِنْ عَجَزَهَا سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْغُرْمِ كَمَا تَسْقُطُ النُّجُومُ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَاتِهِ الْخَمْسَ فَأَرْضَعْنَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ صَارَتْ بِنْتًا لَهُ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِنَّ بِالْغُرْمِ إنْ أَرْضَعْنَ مَعًا ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْغُرْمِ عَلَى الْخَامِسَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( قَوْلُهُ : وَالْقِيَاسُ فِي الْمُبَعَّضَةِ التَّقْسِيطُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ ) بِلَبَنِهِ أَوْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ ( حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَاتِهِ ( وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ أَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ ) ؛ لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُهُ أَوْ بَنَاتُ مَوْطُوآته سَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْكَبِيرَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا ، وَنِصْفُهُ لِكُلِّ صَغِيرَةٍ ، وَعَلَى الْكَبِيرَةِ الْغُرْمُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ ( فَيَحْرُمْنَ لِلْجَمْعِ ) أَيْ لِاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ فِي نِكَاحِهِ وَلِصَيْرُورَتِهِنَّ أَخَوَاتٍ فِيهِ لَا مُؤَبَّدًا ( فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا ) كَأَنْ أَوْجَرَتْهُنَّ ( أَوْ ) أَرْضَعَتْ ( وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا ) انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِصَيْرُورَةِ الصَّغَائِرِ أَخَوَاتٍ وَاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الصَّغِيرَةَ الْأُولَى صَارَتْ بِنْتَ الْكَبِيرَةَ وَالْأُخْرَيَيْنِ صَارَتَا أُخْتَيْنِ مَعًا ( أَوْ ) أَرْضَعَتْ ( ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةَ ) انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَيَيْنِ مَعَ الْكَبِيرَةِ لِثُبُوتِ الْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمَا وَلِاجْتِمَاعِهِمَا مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ ( وَبَقِيَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ ) لِانْفِرَادِهَا وَوُقُوعِ إرْضَاعِهَا بَعْدَ انْدِفَاعِ نِكَاحِ أُمِّهَا وَأُخْتِهَا ( فَإِنْ تَعَاقَبْنَ ) فِي الِارْتِضَاعِ ( انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَى ) مَعَ الْكَبِيرَةِ ( بِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْكَبِيرَةِ ) الَّتِي صَارَتْ أُمَّهَا فِي النِّكَاحِ ( وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ ) أُخْتِهَا ( الثَّانِيَةِ ) فِي النِّكَاحِ ( وَكَذَا ) يَنْفَسِخُ ( نِكَاحُ الثَّالِثَةِ مَعَهَا ) لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي النِّكَاحِ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِمُجَرَّدِ ارْتِضَاعِهَا ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً وَلَمْ تَجْتَمِعْ هِيَ وَأُمٌّ وَلَا هِيَ وَأُخْتٌ ( وَإِنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَتَيْهِ مَعًا ، وَكَذَا
مُرَتَّبًا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِلْجَمْعِ ) أَيْ لِاجْتِمَاعِ الْأُخْتَيْنِ فِي نِكَاحِهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيَّةُ أَبَدًا ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتَيْهِ ( أَوْ ) أَرْضَعَتْ ( زَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعَ مَعًا أَوْ مُثَنًّى ) أَيْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا ( انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ ) لِاجْتِمَاعِ الْأَخَوَاتِ فِي نِكَاحِهِ .
( وَكَذَا إنْ تَرَتَّبُوا ) بِأَنْ أَرْضَعَتْهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً لِذَلِكَ فَإِنْ أَرْضَعَتْ ثَلَاثًا مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةً لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ عَدَاهَا وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَثَلَاثُ كَبَائِرَ فَأَرْضَعَتْهَا كُلُّ كَبِيرَةٍ خَمْسًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ الْكَبَائِرَ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ ، وَالصَّغِيرَةَ بِنْتُ زَوْجَاتِهِ وَحَرُمَتْ الْكَبَائِرُ أَبَدًا ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِكَبِيرَةٍ ، وَإِلَّا فَلَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَتَانِ وَصَغِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا وَاحِدَةً ) مِنْ الصَّغِيرَتَيْنِ ( وَالْأُخْرَى الْأُخْرَى انْفَسَخَ ) نِكَاحُهُنَّ ( وَحَرُمْنَ مُؤَبَّدًا إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَتَيْنِ ، وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ( فَلَهُ نِكَاحُ الصَّغِيرَتَيْنِ مَعًا ) ، وَمُرَتَّبًا لِعَدَمِ أُخُوَّتِهِمَا بِخِلَافِ الْكَبِيرَتَيْنِ تَحْرُمَانِ مُؤَبَّدًا ؛ لِأَنَّهُمَا أُمَّا زَوْجَتَيْهِ ( فَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا إحْدَى الْكَبِيرَتَيْنِ مُرَتَّبًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَى مَعَ الْمُرْضِعَةِ ) لِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ نِكَاحِ الصَّغِيرَةِ الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ أُمٍّ وَلَا أُخْتٍ ( وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا ) الْكَبِيرَةُ ( الْأُخْرَى ) بَعْدَ إرْضَاعِ الْأُولَى ( عَلَى تَرْتِيبِ ) إرْضَاعِ ( الْأُولَى لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ ) الصَّغِيرَةِ ( الثَّانِيَةِ ) لِذَلِكَ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ الثَّانِيَةِ بِإِرْضَاعِ الصَّغِيرَةِ الْأُولَى ( أَوْ عَكْسُهُ ) بِأَنْ أَرْضَعَتْهُمَا الْأُخْرَى عَلَى عَكْسِ تَرْتِيبِ إرْضَاعِ الْأُولَى ( انْفَسَخَ ) نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا وَلَهُ نِكَاحُ كُلِّ صَغِيرَةٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْكَبِيرَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَوْجَرَتْ الْكَبِيرَتَانِ الصَّغِيرَةَ لَبَنَهُمَا مِنْ غَيْرِهِ دَفْعَةً ) بِأَنْ كَانَ مَخْلُوطًا ( تَأَيَّدَ تَحْرِيمُ الْكَبِيرَتَيْنِ ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا ) لِاجْتِمَاعِ الْبِنْتِ مَعَ أُمِّهَا فِي النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ تَحْرُمْ الصَّغِيرَةُ ( وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى ) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ ( لِلصَّغِيرَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَهُمَا عَلَيْهِ الْمُسَمَّى ) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ ( إنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا وَيَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ صَاحِبَتِهِمَا ) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ لِنِكَاحِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَفِعْلِ صَاحِبَتِهَا فَسَقَطَ النِّصْفُ بِفِعْلِهَا وَوَجَبَ
النِّصْفُ عَلَى صَاحِبَتِهَا ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ ) بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ( فَلِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( رُبْعُ الْمُسَمَّى ) أَوْ رُبْعُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ ( وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ( بِرُبْعِ مَهْرِ مِثْلِ صَاحِبَتِهَا ) ، وَإِنْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهَا تَمَامُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلِلْأُخْرَى رُبْعُهُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَعَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا بِرُبْعِ مَهْرِ مِثْلِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ( وَإِنْ أَوْجَرَهَا اللَّبَنَيْنِ فِي ) الرَّضْعَةِ ( الْخَامِسَةِ إحْدَاهُمَا ) فَقَطْ ( فَالتَّحْرِيمُ بِحَالِهِ ) السَّابِقِ ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُمَا ( وَ ) لَكِنْ ( لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوجِرَةِ ) فَقَطْ ( فِي غُرْمِهِ لَهُمَا ) أَيْ بِغُرْمِهِ لِلصَّغِيرَةِ وَلِغَيْرِ الْمُوجِرَةِ لِلْخَامِسَةِ ( وَلَا شَيْءَ لِلْمُوجِرَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْفُرْقَةِ .
( إلَّا إذَا كَانَتْ مَمْسُوسَةً فَلَهَا الْمُسَمَّى ) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْهُ فَتَحْرُمُ الصَّغِيرَةُ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ ( وَلَوْ ثَبَتَتْ الْأُبُوَّةُ فَقَطْ ) بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْضَ الْخَمْسِ ( وَتَفَاضَلَتَا ) أَيْ الْكَبِيرَتَانِ فِي الْإِرْضَاعِ ( بِأَنْ حَلَبَتَا لَبَنَهُمَا مِنْ الزَّوْجِ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَ دَفَعَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي ثَلَاثَةِ آنِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَالْأُخْرَى دَفْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي إنَاءَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ جُمِعَ ) الْجَمِيعُ ( وَأَوْجَرَتْهُ إحْدَاهُمَا الصَّغِيرَةَ ) وَلَوْ ثَلَاثًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَخْلُوطَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ النِّسَاءِ ، وَإِنْ أُوجِرَ دَفْعَةً ( غَرِمَتْ وَحْدَهَا ) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ بِفِعْلِهَا وَحَرُمَتْ الصَّغِيرَةُ مُؤَبَّدًا ؛ لِأَنَّهَا ابْنَتُهُ ( وَإِنْ أَوْجَرَتَاهُ ) لَهَا مَعًا ( غَرِمَتَا بِالسَّوِيَّةِ ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا ، وَإِنْ أَرْضَعَتَا مُتَفَرِّقًا كَأَنْ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا
وَالْأُخْرَى مَرَّتَيْنِ فَالْغُرْمُ عَلَى مُرْضِعَةِ الْخَامِسَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْ ثَلَاثُ خَالَاتٍ لَهُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثًا ) مِنْهُنَّ بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً ( لَمْ يُؤَثِّرْ ) فِي نِكَاحِهِنَّ ( لِجَوَازِ اجْتِمَاعِ بَنَاتِ الْخَالَاتِ فِي نِكَاحِهِ فَإِنْ أَرْضَعَتْ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( أُمُّ أُمِّهِ أَوْ امْرَأَةُ أَبِي أُمِّهِ بِلَبَنِهِ ) زَوْجَتَهُ ( لِرَابِعَةٍ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا ) وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا ( لِأَنَّهَا صَارَتْ خَالَتَهُ وَخَالَتَهُنَّ ) أَيْ الصَّغَائِرِ الثَّلَاثِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ صَيْرُورَتِهَا خَالَةً لَهُنَّ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يُعَلَّلُ بِهِ قَوْلُهُ ( وَكَذَا ) يَنْفَسِخُ ( نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ لِحُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُنَّ ) وَبَيْنَ الرَّابِعَةِ ( وَلَوْ كُنَّ ) الْأَفْصَحُ كَانَتْ ( الْخَالَاتُ ) اللَّاتِي أَرْضَعْنَ الثَّلَاثَ ( مُتَفَرِّقَاتٍ ، وَأَرْضَعَتْ ) الصَّغِيرَةَ ( لِرَابِعَةٍ أُمُّ أُمِّهِ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا الْخَالَةُ لِلْأَبِ ) ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ لَمْ تَصِرْ خَالَةً لَهَا ( وَإِنْ كَانَتْ مُرْضِعَةُ الرَّابِعَةِ امْرَأَةَ أَبِي أُمِّهِ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا الْخَالَةُ لِلْأُمِّ ) لِذَلِكَ ( وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ ) أَيْ مِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْخَالَاتِ ( إنْ أَرْضَعَتْهُنَّ ) أَيْ الصَّغَائِرَ الثَّلَاثَ ( ثَلَاثُ عَمَّاتٍ ) لَهُ ( وَأَرْضَعَتْ ) الصَّغِيرَةَ ( الرَّابِعَةُ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( أُمُّ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةُ أَبِي أَبِيهِ بِلَبَنِهِ .
فَرْعٌ ) لَوْ ( أَرْضَعَ ) تِ ( بَنَاتِ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ ) ، وَهُنَّ ثَلَاثٌ ( ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ ) بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً ( وَهِيَ ) أَيْ الْكَبِيرَةُ ( مَدْخُولٌ بِهَا حَرُمَ ) عَلَيْهِ ( الْكُلُّ مُؤَبَّدًا ) سَوَاءٌ أَرَضَعْنَ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ جَدَّةُ نِسَائِهِ وَالصَّغَائِرَ حَوَافِدُهَا ( وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْكَبِيرَةِ عَلَى بَنَاتِهَا إنْ أَرْضَعْنَ مَعًا ) لِاشْتِرَاكِهِنَّ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ ( وَإِلَّا )
بِأَنْ أَرْضَعْنَ مُرَتَّبًا ( فَعَلَى الْأُولَى ) مِنْهُنَّ ؛ لِأَنَّهَا الْمُفْسِدَةُ لِنِكَاحِهِ ( وَ ) يَرْجِعُ ( بِمَهْرِ ) الْأُولَى بِغُرْمِ ( كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ) أَيْ الْكَبِيرَةُ ( مَدْخُولًا بِهَا ، وَأَرْضَعْنَ الْمَرَّةَ الْخَامِسَةَ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ ) لِاجْتِمَاعِ الْجَدَّةِ مَعَ الْحَوَافِدِ فِي نِكَاحِهِ ( وَحَرُمَتْ ) عَلَيْهِ ( الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا دُونَهُنَّ ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَلِكُلٍّ مِنْهُنَّ ) أَيْ مِنْ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغَائِرِ ( نِصْفُ الْمُسَمَّى ) أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَالرُّجُوعُ بِهِ كَمَا سَبَقَ ) فَيَرْجِعُ بِغُرْمِ كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا وَبِغُرْمِ الْكَبِيرَةِ عَلَى الثَّلَاثِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سُدُسٌ ( أَوْ ) أَرْضَعْنَ ( مُرَتَّبًا انْفَسَخَ ) النِّكَاحُ ( فِي الْكَبِيرَةِ وَالْأُولَى ) وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ بِالْغُرْمِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ نِكَاحِ الْبَاقِيَتَيْنِ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ ( وَلَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِيَيْنِ سَوَاءٌ أَرَضَعَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَصِيرَا أُخْتَيْنِ وَلَا اجْتَمَعَتَا مَعَ الْجَدَّةِ فِي النِّكَاحِ ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْبَاقِيَيْنِ وَرَضَعَتَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَرْضَعَتْ ثِنْتَانِ صَغِيرَتَيْنِ مَعًا ثُمَّ أَرْضَعَتْ الثَّالِثَةُ الثَّالِثَةَ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ ، وَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمُسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا وَتَغْرَمُ الْكَبِيرَةُ عَلَى الْمُرْضِعَتَيْنِ جَمِيعًا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( زَوَّجَ ) رَجُلٌ ( ابْنَ ابْنِهِ بِنْتَ ابْنِهِ فَأَرْضَعَتْ جَدَّتُهُمَا أُمُّ أَبِيهِمَا ) أَيْ أَبِي كُلٍّ مِنْهُمَا ( إحْدَاهُمَا أَوْ ) أَرْضَعَتْهُ ( أُمُّ أَبِي أَحَدِهِمَا بِلَبَنِ جَدِّهِمَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُمَا ) ؛ لِأَنَّهَا إنْ أَرْضَعَتْ الصَّغِيرَ صَارَ عَمًّا لِلصَّغِيرَةِ أَوْ الصَّغِيرَةُ
صَارَتْ عَمَّةً لِلصَّغِيرِ ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا صُوَرًا تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا مَرَّ .
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ ) .
( الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى الرَّضَاعِ ) وَحُكْمِهَا ( فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ النِّكَاحِ بِرَضَاعٍ ) بَيْنَهُمَا مُحَرِّمٍ ( مُمْكِنٍ حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْكَرَتْ الرَّجْعَةَ وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ حَيْثُ تُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِ فُرْقَةِ الْبَيْنُونَةِ وَخَرَجَ بِالْمُمْكِنِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَالَ فُلَانَةُ بِنْتِي ، وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَغْوٌ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالزَّوْجَيْنِ تَجَوُّزٌ سَهَّلَهُ قَوْلُهُ ( وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ النِّكَاحِ ( حُكِمَ بِفَسَادِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ) عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ جَاهِلَةً وَدَخَلَ بِهَا ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ ( وَإِنْ ادَّعَاهُ ) أَيْ الرَّضَاعَ ( الزَّوْجُ ، وَأَنْكَرَتْ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى ) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا ( أَوْ نِصْفُهُ ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ( وَلَهُ تَحْلِيفُهَا إنْ لَمْ يَطَأْ ) هَا ( أَوْ ) وَطِئَهَا ( وَكَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ ) مِنْ الْمُسَمَّى ( فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ لَمْ يَطَأْ ) ، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ( فَإِنْ ادَّعَتْهُ ) أَيْ الرَّضَاعَ ( فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهَا إنْ سَبَقَ مِنْهَا إذْنٌ ) فِي تَزْوِيجِهَا بِهِ ( أَوْ تَمْكِينٌ ) لَهُ مِنْ وَطْئِهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ حِلَّهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا نَقِيضُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى وَقْفَهَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِإِذْنٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا ( صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) ؛ لِأَنَّ مَا تَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مَا يُنَاقِضُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ (
وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ لَمْ يَطَأْ ) عَمَلًا بِقَوْلِهَا ، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ( وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى ) أَوْ بَعْضَهُ ( فَلَهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ ، وَكَذَّبَهَا ) فَلَا يَسْتَرِدُّهُ مِنْهَا بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهَا لِزَعْمِهِ أَنَّهُ لَهَا ( وَالْوَرَعُ ) لَهُ ( أَنْ يُطَلِّقَهَا ) طَلْقَةً لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً .
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ حُكْمٍ بِفَسَادِهِ ) لَوْ قَالَ الزَّوْجَاتُ عَلِمْنَا الرَّضَاعَ قَبْلَ الْوَطْءِ دُونَ التَّحْرِيمِ أَوْ قَالَتْهُ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُشْبِهُ قَبُولَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ تَقْتَضِي الْعِلْمَ بِالتَّحْرِيمِ لَكِنَّهُ نَظَرَ فِي الْحَدِّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَهْرِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ سَبَقَ مِنْهَا إذْنٌ إلَخْ ) فِي الشَّرْحَيْنِ ، وَالرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ أَنَّ مَنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا ثُمَّ ادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا إلَّا إذَا ذَكَرَتْ عُذْرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْمَوْجُودُ هُنَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سَمَاعُهَا مُطْلَقًا ، وَالتَّحْلِيفُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ .
( فَرْعٌ : يَحْرُمُ ) عَلَى السَّيِّدِ ( وَطْءُ أَمَةٍ أَقَرَّتْ بِالْمُرَاضَعَةِ ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ ( قَبْلَ الشِّرَاءِ ) مِنْهُ لَهَا ( وَكَذَا ) بَعْدَهُ ( وَقَبْلَ التَّمْكِينِ ) ، وَقِيلَ لَا تَحْرُمُ فِي هَذِهِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةَ نَسَبٍ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلٌ يُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ فِي هَذِهِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا : الْوَجْهُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ عَدَمُ التَّحْرِيمِ ، وَقَدْ سُئِلَ وَالِدِي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَحِمَهُ - عَنْهَا بِمَا حَاصِلُهُ بَلْ نَصُّهُ عَمَّا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّ سَيِّدَهَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّمْكِينِ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى سَيِّدِهَا ، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الْحُرَّةُ ذَلِكَ هَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ .
ا هـ .
وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَيْهِ بِالنَّسَبِ مُطْلَقًا ، وَفِي الرَّضَاعِ كَذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ ، وَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فِيهِمَا مُطْلَقًا ( قَوْلُهُ : وَرُبَّمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ) قَالَ شَيْخُنَا ، وَالْعُبَابُ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلِيٌّ إلَخْ ) وَلِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ ، وَالرَّضَاعُ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ فَكَذَلِكَ التَّحْرِيمُ بِهِ .
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ ) فِي الرَّضَاعِ ( وَالْمُنْكِرُ لِلرَّضَاعِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي فِعْلَ الْغَيْرِ وَلَا نَظَرَ إلَى فِعْلِهِ فِي الِارْتِضَاعِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا ( وَمُدَّعِيهِ ) يَحْلِفُ ( عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ بَعْدَ نُكُولِ صَاحِبِهِ ) عَنْ الْيَمِينِ ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ فِعْلَ الْغَيْرِ وَلَوْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَشَكَّ الزَّوْجُ فَلَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا وَلَا كَذِبُهَا لَمْ يَحْلِفْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ .
( قَوْلُهُ : بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ ) ، وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِحَلِفِهِ .
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْإِرْضَاعِ ( يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ ، وَ ) فِي ( حَلْبِ لَبَنِهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ) لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَكُلُّ ثِنْتَيْنِ بِرَجُلٍ ، وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ يُقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنَّوْعَانِ ( وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ وَالْإِيجَارِ ) لِلَّبَنِ ( إلَّا رَجُلَانِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا الرِّجَالُ غَالِبًا ( وَيُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ أُمِّ الْمَرْأَةِ ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( وَبِنْتِهَا ) مَعَ غَيْرِهِمَا ( حِسْبَةً بِلَا تَقَدُّمِ دَعْوَى ) ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ الزَّوْجَةِ مُدَّعِيَةً ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ ( كَمَا يَشْهَدُ أَبُوهَا وَابْنُهَا ) أَوْ ابْنَاهَا ( بِالطَّلَاقِ ) لَهَا مِنْ زَوْجِهَا ( حِسْبَةً ) بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَتْهُ ( وَكَذَا ) تُقْبَلُ شَهَادَةُ أُمِّ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِهَا ( إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ فَأَنْكَرَتْ ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهَا ( لَا عَكْسُهُ ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَهَا ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ شَهَادَةُ بِنْتِهَا بِذَلِكَ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ الزَّوْجَ ارْتَضَعَ مِنْ أُمِّهَا أَوْ نَحْوِهَا أَمَّا شَهَادَتُهَا بِأَنَّ أُمَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يُمْكِنُ لِاسْتِحَالَةِ الْمُشَاهَدَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَلَوْ ذَكَرَتْ فِعْلَهَا ) بِأَنْ قَالَتْ أَرْضَعَتْهُ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجُرَّ بِشَهَادَتِهَا نَفْعًا وَلَمْ تَدْفَعْ بِهَا ضَرَرًا وَفِعْلُهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهَا بِوِلَادَتِهَا لِجَرِّهَا نَفْعَ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِمَا وَبِخِلَافِ شَهَادَةِ الْحَاكِمِ بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ بِحُكْمِهِ لِتَضَمُّنِهَا تَزْكِيَةَ نَفْسِهِ لِتَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ ؛ وَلِأَنَّ فِعْلَهُ مَقْصُودٌ بِالْإِثْبَاتِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ وَحِلِّ الْخَلْوَةِ فَإِنَّ
الشَّهَادَةَ لَا تُرَدُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَةِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ بِهَا حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ ( إلَّا إنْ طَلَبَتْ أُجْرَةً ) عَنْ الرَّضَاعِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِاتِّهَامِهَا بِذَلِكَ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( شَهِدَتْ وَاحِدَةٌ ) أَوْ أَكْثَرُ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ ( بِالرَّضَاعِ بَيْنَ رَجُلٍ ) وَامْرَأَةٍ ( فَالْوَرَعُ ) لَهُ ( أَنْ يَجْتَنِبَهَا ) بِأَنْ لَا يَنْكِحَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ نَكَحَهَا ( وَيُطَلِّقَ ) هَا ( إنْ نَكَحَهَا ) لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ { عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنِ أَبِي إهَابٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا فَقَالَ لَهَا لَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ } .
( فَرْعٌ : لَا يَقْدَحُ ) فِي الشَّهَادَةِ ( نَظَرُ الشَّاهِدَيْنِ إلَى الثَّدْيِ ، وَإِنْ تَعَمَّدَاهُ ) ، وَكَانَ نَظَرُهُمَا ( لَا لِلتَّحَمُّلِ ) لَهَا ( لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ ) فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ ( إلَّا إنْ اعْتَادَا ذَلِكَ ) يَعْنِي أَصَرَّا عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الصَّغَائِرِ بِحَيْثُ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِمَا طَاعَاتِهِمَا فَيُقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمَا .
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ الشَّهَادَةُ ) ( قَوْلُهُ : وَفِي حَلْبِ لَبَنِهَا إلَخْ ) أَمَّا الشَّهَادَةُ بِرَضَاعِ لَبَنٍ حُلِبَ فِي آنِيَةٍ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ رَجُلَيْنِ قَوْلُهُ : بِحَيْثُ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِمَا طَاعَاتِهِمَا ) أَيْ أَوْ اسْتَوَيَا .
( فَصْلٌ : شَرْطُ شَهَادَةِ الرَّضَاعِ ذَكَرَ شُرُوطَهُ ) الْآتِيَةَ فَلَا يَكْفِي فِيهَا بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ فَاشْتُرِطَ التَّفْصِيلُ لِيَعْمَلَ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ ( فَإِنْ شَهِدَ ) الشَّاهِدُ بِالرَّضَاعِ ( وَمَاتَ قَبْلَ تَفْصِيلِهَا ) أَيْ شَهَادَتِهِ ( فَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْقَاضِي ) أَوْ لَا ( وَجْهَانِ ) أَقْرَبُهُمَا وُجُوبُ التَّوَقُّفِ ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ التَّوَقُّفِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا فِي وُجُوبِهِ ( وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ ) فِي الشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ ( بِإِطْلَاقِ الْفَقِيهِ ) الْمَوْثُوقِ بِمَعْرِفَتِهِ ( الْمُوَافِقِ ) لِمَذْهَبِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْمُخَالِفِ لَهُ نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي الْوَاقِعَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَجَبَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُقَلِّدًا فَإِنْ كَانَا مُجْتَهِدَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَيْ فَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ مُطْلَقًا ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُوَافِقِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ ( وَإِقْرَارُ الْفَقِيهِ بِهِ مُطْلَقًا ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ( كَافٍ ، وَفِي ) إقْرَارِ ( غَيْرِهِ ) كَذَلِكَ ( وَجْهَانِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ ، وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْفَقِيهِ مُطْلَقًا كَافٍ ، وَيَحْسُنُ فِي الْفَقِيهِ تَقْيِيدُهُ بِالْمُوَافِقِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاهِدِ لِيَكُونَ غَيْرُهُ كَغَيْرِ الْفَقِيهِ قَالَ وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَكَلَامُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّهَا لَا تَكْفِي ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الشُّرُوطِ فَقَالَ ( فَيَذْكُرُ ) الشَّاهِدُ ( عَدَدَ الرَّضَعَاتِ فِي الْحَوْلَيْنِ ، وَكَذَا )
يَذْكُرُ ( وُصُولَ اللَّبَنِ الْجَوْفَ ) أَوْ الدِّمَاغَ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ كَمَا يَذْكُرُ الْإِيلَاجَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا ؛ وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَكَذَا ذُكِرَ ، وَفِي التَّعَرُّضِ لِلرَّضَعَاتِ مَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ التَّفَرُّقِ ، وَنَازَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ : وَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ أَطْلَقَهَا بِاعْتِبَارِ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَيْنِ ، وَمَأْخَذُ الِاشْتِرَاطِ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاهِدِ الْمُطْلِق لِذِكْرِ الْخَمْسِ فَقِيهًا أَوْ لَا .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ وَغَالِبُ النَّاسِ يَجْهَلُ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ أَوْ قَطْعَ الرَّضِيعِ الِارْتِضَاعَ لِلَهْوٍ وَتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِمَا وَعَوْدَهُ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ مُصَرِّحٌ أَوْ كَالْمُصَرِّحِ بِاعْتِبَارِ التَّفَرُّقِ وَلِذَلِكَ طَرَحَ مِنْ الرَّوْضَةِ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُ أَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُطْلَقَةَ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا أَوْ أُخُوَّةً أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ لَوَازِمِ فِعْلِ الرَّضَاعِ ، وَالِارْتِضَاعُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالتَّفْصِيلِ وَذَكَرَ مَعَ هَذَا حُكْمَ الْإِقْرَارِ السَّابِقِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِفِعْلِ الرَّضَاعِ وَالِارْتِضَاعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ .
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيهِمَا إنْ وَقَعَا بِنَفْسِ الْفِعْلِ فَإِنْ وَقَعَا مُلَازَمَةً فَكَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ فِي الْأَمْرَيْنِ ( وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ ) أَيْ بِالرَّضَاعِ ( لِرُؤْيَةِ الِامْتِصَاصِ ) لِلَّبَنِ ( وَحَرَكَةِ الِازْدِرَادِ ) لَهُ ( وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ ) مِنْهُ ( بِكَوْنِهَا ذَاتَ لَبَنٍ ) حَالَ الِارْتِضَاعِ أَوْ قُبَيْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ
اللَّبَنِ وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوُصُولِ اللَّبَنِ الْجَوْفَ وَلَا لِلرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ عِلْمِهِ تِلْكَ الْقَرَائِنَ بَلْ يَعْتَمِدُهَا وَيَجْزِمُ بِالشَّهَادَةِ وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ أَخْذِ الطِّفْلِ تَحْتَ ثِيَابِهَا ، وَإِدْنَاؤُهُ مِنْهَا كَهَيْئَةِ الْمُرْضِعَةِ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُوجِرُ لَبَنَ غَيْرِهَا فِي شَيْءٍ كَهَيْئَةِ الثَّدْيِ ، وَلَا سَمَاعُ صَوْتِ الْمَصِّ فَقَدْ يَمْتَصُّ أُصْبُعَهُ أَوْ أُصْبُعَهَا .
( قَوْلُهُ : أَقْرَبُهُمَا وُجُوبُ الْوَقْفِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : الْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا فِي وُجُوبِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَجَبَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُوَافِقِ ، وَالْمُخَالِفِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الطِّرَازِ : الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ التَّفْصِيلِ إلَّا مِنْ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ ( قَوْلُهُ : وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ ) أَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْفَقِيهِ مُطْلَقًا كَافٍ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : قَالَ ، وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا قَبُولُهَا ( قَوْلُهُ : قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ التَّفْصِيلُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( كِتَابُ النَّفَقَاتِ ) جَمْعُ نَفَقَةٍ مِنْ الْإِنْفَاقِ ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَجَمْعُهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَمُوجِبَاتُهَا النِّكَاحُ وَالْمِلْكُ وَالْقَرَابَةُ ) وَالْأَوَّلَانِ يُوجِبَانِهَا لِلزَّوْجَةِ وَالرَّقِيقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَلَا عَكْسَ وَالثَّالِثُ يُوجِبُهَا لِكُلٍّ مِنْ الْقَرِيبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِشُمُولِ الْبَعْضِيَّةِ وَالشَّفَقَةِ ( وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي ) نَفَقَةِ ( الزَّوْجَةِ ) بَدَأَ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِوُجُوبِهَا بِالْمُعَاوَضَةِ وَغَيْرِهَا بِالْمُوَاسَاةِ ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَالْعَجْزِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وَخَبَرُ { اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَبَرُ { مَا حَقُّ زَوْجَةِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ قَالَ تُطْعِمُهَا إذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَيْتَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوَّلِ الْمُوجِبُ الْأَوَّلُ ، وَأَعَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرَ ( وَفِيهِ ) وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّعَسُّفِ وَلَوْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ لَكَانَ فِي الْبَابِ أَبْوَابٌ ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُصْطَلَحِ وَلَكَانَ فِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَبْوَابٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَكَلَامُ أَصْلِهِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَيَشْتَمِلُ الْكِتَابُ عَلَى سِتَّةِ أَبْوَابٍ أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَوَاجِبَةٌ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ وَفِيهَا ( ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ ، وَكَيْفِيَّتِهِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجِبُ ، وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ ) مِنْ الْوَاجِبَاتِ ( الْأَوَّلُ الطَّعَامُ فَلِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ ) عَلَيْهِ ( وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مَرِيضَةً أَوْ ذَاتَ مَنْصِبٍ ) أَوْ ذِمِّيَّةً ( مُدَّانِ ، وَ )
لِزَوْجَةِ ( الْمُعْسِرِ ) عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ ( مُدٌّ ) وَلِزَوْجَةِ ( الْمُتَوَسِّطِ ) عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ ( مُدٌّ ، وَ نِصْفٌ ) وَالْعِبْرَةُ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ رَطْلِ بَغْدَادَ وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } الْآيَةَ .
وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هَلْ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَتَقَرَّرُ ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةَ الْأَذَى فِي الْحَجِّ ، وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَدٌّ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلَّ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا ( مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ ) أَيْ بَلَدِهَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا ، وَقِيَاسًا عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ ( فَإِنْ اخْتَلَفَ ) غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ أَوْ قُوتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَالِبٌ ( فَاللَّائِقُ بِهِ لَا بِهَا ) هُوَ الْوَاجِبُ ( وَالْمُعْسِرُ مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ ) الْوَاسِعِ فَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ فِي النَّفَقَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ تُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ فِي الزَّكَاةِ .
وَقَضِيَّةُ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِ لَا يَلْزَمُهُ كَسْبُهَا ( وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ ) يَمْلِكُ ذَلِكَ ، وَ ( يَصِيرُ بِتَكْلِيفِ الْمَدِينِ ) لَهُ ( مِسْكِينًا ) وَالْمُوسِرُ بِخِلَافِهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ ، وَقِلَّةِ الْعِيَالِ ، وَكَثْرَتِهِمْ ( وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ ) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا ، وَإِنْ كَثُرَ
مَالُهَا ( مُعْسِرٌ ) لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَنَقْصِ حَالِ الْمُبَعَّضِ وَعَدَمِ مِلْكِ غَيْرِهِمَا ، وَإِلْحَاقُ الْمُبَعَّضِ بِالْمُعْسِرِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ مِنْ أَنَّهُ يُكَلَّفُ كَفَّارَةَ الْمُوسِرِ وَذَكَرَ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ نَحْوَهُ ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَوْ أَلْحَقُوهُ بِالْمُعْسِرِ لَمَا صَرَفَ شَيْئًا لِلْمَسَاكِينِ وَلَا أَنْفَقَ شَيْئًا لِلْأَقَارِبِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِ ( وَالِاعْتِبَارُ فِي يَسَارِهِ ، وَإِعْسَارِهِ ) وَتَوَسُّطِهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَطْرَأُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ .
( كِتَابُ النَّفَقَاتِ ) .
( قَوْلُهُ : وَمُوجِبَاتُهَا إلَخْ ) قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الثَّلَاثَةَ بِالشَّرْعِ ، وَقَالَ : إنَّمَا قُلْت بِالشَّرْعِ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَجِبُ بِالشَّرْطِ فِي مَسَائِلَ كَعَبْدِ الْمَالِكِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَوْرَدَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى الْحَصْرِ الْهَدْيَ ، وَالْأُضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَيْنِ يَنْتَقِلُ مِلْكُهُمَا إلَى الْفُقَرَاءِ مَعَ وُجُوبِ نَفَقَتِهِمَا عَلَى النَّاذِرِ وَنَصِيبِ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ الْمَاشِيَةِ ، وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَخَادِمِ الزَّوْجَةِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : وَمِمَّا لَمْ يَذْكُرُوهُ مَا لَوْ أَشْهَدَ صَاحِبُ الْحَقِّ جَمَاعَةً عَلَى الْقَاضِي وَخَرَجَ لِيُؤَدُّوا عَنْ قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ ، وَامْتَنَعُوا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ حَيْثُ لَا شُهُودَ ، وَلَا قَاضٍ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَّطُوهُ نَعَمْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ ، وَكَذَا دَوَابُّهُمْ ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ ، وَأَمَّا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْخَادِمِ فَمِنْ عُلَقِ النِّكَاحِ .
( قَوْلُهُ : وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ } إلَخْ ) وقَوْله تَعَالَى { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } ، وَالْقَيِّمُ عَلَى الْغَيْرِ هُوَ الْمُتَكَفِّلُ بِأَمْرِهِ ، وَأَيْضًا قَوْلُهُ : وَرُبَّمَا أَنْفَقُوا يَدُلُّ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ ، وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ إلَخْ ( قَوْلُهُ : فَلِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مَرِيضَةً أَوْ ذَاتَ مَنْصِبٍ مُدَّانِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ اعْتِمَادُ الْكَيْلِ لَا الْوَزْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ : وَقَدْ يُمْنَعُ الْإِلْحَاقُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ ، وَالنَّفَقَةَ مُعَاوَضَةٌ ، وَالْوَزْنُ أَضْبَطُ فَيَكُونُ هُوَ
الْمُعْتَبَرُ ، وَمَا يُوَافِقُهُ مِنْ الْكَيْلِ دُونَ مَا يَنْقُصُ عَنْهُ أَوْ يَزِيدُ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ .
ا هـ .
وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ لَا يُجْدِي شَيْئًا .
وَقَوْلُهُ : فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ مُدًّا بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُلْزِمَ الْمُدَّيْنِ لَضَرَّهُ ، وَلَوْ اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِمُدٍّ أَضَرَّهَا ( قَوْلُهُ : أَيْ بَلَدِهَا ) قَالَ الكوهكيلوني لَوْ كَانَ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ الزَّوْجِ جِنْسًا وَغَالِبُ قُوتِ بَلَدِهِمَا جِنْسًا آخَرَ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، وَالْمُرَجَّحُ اعْتِبَارُ الزَّوْجِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ اخْتَلَفَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ إلَخْ ) أَوْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ ( قَوْلُهُ : وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ يَصِيرُ بِتَكْلِيفِ الْمُدَّيْنِ لَهُ مِسْكِينًا ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْإِنْفَاقِ الَّذِي لَوْ كُلِّفَ بِهِ لَرَجَعَ إلَى حَدِّ الْمِسْكِينِ .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ الْإِنْفَاقُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمًا بِيَوْمٍ ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَالْحَوْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّكَاةِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ كَمَا قِيلَ بِاعْتِبَارِهَا فِي صَرْفِ كِفَايَتِهِ مِنْ الزَّكَاةِ ؛ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ هُنَاكَ الِاحْتِيَاجُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَحْدِيدِ يَوْمٍ وَيَوْمٍ .
ا هـ
( الْوَاجِبُ الثَّانِي الْأُدْمُ فَيَجِبُ ) لَهَا ( وَلَوْ لَمْ تَأْكُلْهُ مِنْ غَالِبِ أُدْمِ الْبَلَدِ ) مِنْ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَخُبْزٍ وَتَمْرٍ وَغَيْرِهَا إذْ لَا يَتِمُّ الْعَيْشُ بِدُونِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ عَلَى الْخُبْزِ وَحْدَهُ ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهَا ، وَإِنْ لَمْ تَأْكُلْهُ ؛ لِأَنَّهَا إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَرْفِ بَعْضِ الْقُوتِ إلَى الْأُدْمِ ؛ لِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ فِي مِلْكِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ وُجُوبُ الْأُدْمِ حَيْثُ يَكُونُ الْقُوتُ الْوَاجِبُ مِمَّا لَا يُسَاغُ عَادَةً إلَّا بِالْأُدْمِ كَالْخُبْزِ بِأَنْوَاعِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَحْمًا أَوْ لَبَنًا أَوْ أَقَطًّا فَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ إذَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالِاقْتِيَاتِ بِهِ وَحْدَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأُدْمُ وَلَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَاللَّائِقُ بِهِ لَا بِهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ ( بِحَسَبِ ) اخْتِلَافِ ( الْفُصُولِ ) فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِعَادَةِ النَّاسِ .
( وَإِنْ كَانَ فَاكِهَةً وَيُقَدِّرُهُ الْقَاضِي ) بِاجْتِهَادِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَيَنْظُرُ فِي جِنْسِهِ وَيُقَدِّرُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُدُّ فَيَفْرِضُهُ لِلْإِعْسَارِ ( وَيُضَاعِفُهُ لِلْيَسَارِ ) وَيُوَسِّطُهُ بَيْنَهُمَا لِلتَّوَسُّطِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ أُوقِيَّةً فَتَقْرِيبٌ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ .
( وَ ) يَجِبُ لَهَا ( اللَّحْمُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ ) وَبِمَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَغَيْرِهِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ وَجُعِلَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رِطْلَانِ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رَطْلٌ وَنِصْفٌ ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوْسِيعِ فِيهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ بِمِصْرَ
مِنْ قِلَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرُ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ ( وَيُشْبِهُ أَنْ لَا أُدْمَ ) غَيْرَ اللَّحْمِ ( فِي يَوْمِهِ ) أَيْ اللَّحْمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً عَلَى الْعَادَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ يَوْمَ إعْطَاءِ اللَّحْمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَادَتِهِ ( وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِأُدْمٍ ) أَيْ سَئِمَتْ مِنْهُ ( لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهُ ) وَتُبْدِلُهُ هِيَ إنْ شَاءَتْ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَلَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إبْدَالُهُ عِنْدَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ .
( فَرْعٌ : تَجِبُ لَهَا ) عَلَيْهِ ( الْآلَةُ ) لِلطَّبْخِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ( كَقِدْرٍ وَآنِيَةٍ ) مِنْ كُوزٍ وَجَرَّةٍ مُفْرَغَةٍ ، وَقَصْعَةٍ وَنَحْوِهَا لِحَاجَتِهَا إلَيْهَا فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَذِكْرُ الْآنِيَةِ بَعْدَ الْقِدْرِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ ( وَيَكْفِي ) فِيهَا ( خَشَبٌ وَخَزَفٌ وَحَجَرٌ وَلَوْ كَانَتْ ) أَيْ الزَّوْجَةُ ( شَرِيفَةً ) فَلَا يَجِبُ لَهَا الْآلَةُ مِنْ نُحَاسٍ ؛ لِأَنَّهُ رُعُونَةٌ ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ ثَانِيهِمَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ مِنْهُ لِلْعَادَةِ وَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلَ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ .
قَوْلُهُ : فَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَاللَّحْمُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ ) فَيَخْتَلِفُ بِعَادَتِهِمْ كَلَحْمِ الْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ ، وَلَحْمُ بَعْضِ الْأَنْعَامِ أَطْيَبُ مِنْ بَعْضٍ فَلَحْمُ الْغَنَمِ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِ الْبَقَرَةِ فَلَا يُكَلَّفُ الزَّوْجُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمَ الضَّأْنِ دَائِمًا ، وَلَكِنْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَمَرَّةً ضَأْنًا ، وَمَرَّةً مَعْزًا ، وَمَرَّةً بَقَرًا ، وَمَرَّةً حَمَلًا عَلَى عَادَتِهِمْ ( قَوْلُهُ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ : قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ إلَخْ ) ، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ بَيْنَ ذَلِكَ ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَعَ اللَّحْمِ نِصْفُ الْأُدْمِ الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَالْمُتَعَيِّنِ إذْ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا مِنْ اللَّحْمِ مَا يَكْفِيهَا لِلْوَقْتَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ النَّهَارِ إدَامٌ غَيْرُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا إلَّا مَا يَكْفِيهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَبَ قَالَهُ فِي التَّفْقِيهِ ، وَقَوْلُهُ : الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا إلَخْ ( قَوْلُهُ : فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَلْزَمَ الزَّوْجَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْأَكْلِ ، وَالشُّرْبِ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الْمَشْرُوبِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الظَّرْفُ فَكَذَا الْمَظْرُوفُ ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَقَالَ الدَّمِيرِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكِفَايَةُ قَالَ وَيَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا حَتَّى لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ ، وَلَمْ تَشْرَبْهُ لَمْ تَمْلِكْهُ ، وَإِذَا شَرِبَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَاءً مِلْحًا وَخَوَاصُّهَا عَذْبًا وَجَبَ مَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ .
ا هـ .
وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ ( قَوْلُهُ : ثَانِيهِمَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ مِنْهُ لِلْعَادَةِ ) قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ : إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ هُوَ الصَّوَابُ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّرْحَيْنِ الْمُعْتَمَدَةِ لَا تَعْبِيرَ الرَّوْضَةِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ ، وَيَجِبُ أَنْ يَجِبَ لِلشَّرِيفَةِ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْعَزِيزِ قَالَ : وَقِيَاسُ الْبَابِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ وَبَسَطَ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ ) ، وَالْأَسْفُونِيِّ وَالْحِجَازِيِّ نَعَمْ إنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِكَوْنِهَا نُحَاسًا وَجَبَتْ لَهَا كَذَلِكَ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيمَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ عَادَةُ أَمْثَالِهَا .
( الْوَاجِبُ الثَّالِثُ الْخَادِمُ فَعَلَى الزَّوْجِ ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ عَبْدًا إخْدَامُ حُرَّةٍ ) وَلَوْ ذِمِّيَّةً ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا ( لَا ) إخْدَامُ ( أَمَةٍ ، وَإِنْ اعْتَادَتْ ) لِجَمَالِهَا بِالْخِدْمَةِ لِنَقْصِهَا بِالرِّقِّ ، وَحَقُّهَا أَنْ تَخْدُمَ لَا أَنْ تُخْدَمَ ، وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةِ قَالَهُ الْقَاضِي ( وَلَوْ ) كَانَتْ الْحُرَّةُ ( بَائِنًا حَامِلًا ) فَعَلَيْهِ إخْدَامُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهَا لَهَا لَا لِلْحَمْلِ هَذَا ( إنْ كَانَتْ مَخْدُومَةً ) أَيْ مِمَّنْ يُخْدَمُ عَادَةً ( فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا وَلَا عِبْرَةَ بِتَرَفُّهِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ ) بِحَيْثُ صَارَ يَلِيقُ بِحَالِهَا إخْدَامُهَا ، وَإِذَا أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ ( فَيُخْدِمُهَا بِامْرَأَةٍ ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ مُسْتَأْجَرَةً أَوْ صُحْبَتِهَا ( أَوْ صَغِيرٍ ) أَيْ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ ( أَوْ مَحْرَمٍ ) لَهَا ( أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لَهَا ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَالْأَخِيرَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْأُولَى ( لَا ذِمِّيَّةٍ لِمُسْلِمَةٍ إذْ لَا تُؤْمَنُ عَدَاوَتُهَا ) الدِّينِيَّةُ وَلِتَحْرِيمِ النَّظَرِ .
وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَهَانَةِ ، ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ .
( وَ ) لَا ( كَبِيرٍ وَلَوْ ) شَيْخًا ( هُمَا ) لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ ، وَالتَّرْجِيحُ فِي مَمْلُوكَتِهَا ، وَفِي الذِّمِّيَّةِ وَالْكَبِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَفِي مَعْنَى مَحْرَمِهَا الْمَمْسُوحُ ، وَمِثْلُهُ عَبْدُهَا ، وَقَدْ قَرَنَهُ الْأَصْلُ مَعَ الْهَمِّ فِي الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ ( وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ غَيْرَ مَمْلُوكِهِ وَغَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ ، وَهُوَ الَّذِي تَصْحَبُهُ ) هِيَ مَعَهَا وَلَوْ مِلْكَهَا ( مُدٌّ وَثُلُثٌ عَلَى الْمُوسِرِ ، وَ ) عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ ( مُدٌّ ) اعْتِبَارًا فِي الْمُوسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ بِثُلُثَيْ نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ ، وَاعْتُبِرَ فِي الْمُعْسِرِ مُدٌّ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا
تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا وَجَّهُوا التَّقْدِيرَ فِي الْمُوسِرِ بِمُدٍّ وَثُلُثٍ بِأَنَّ لِلْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فِي النَّفَقَةِ حَالَةَ كَمَالٍ وَحَالَةَ نَقْصٍ ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ يَسْتَوِيَانِ فَفِي الْأُولَى يُزَادُ لِلْمَفْضُولِ ثُلُثُ مَا يُزَادُ لِلْمُفَاضَلَةِ كَمَا أَنَّ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الْإِرْثِ حَالَةَ كَمَالٍ وَحَالَةَ نَقْصٍ ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَفِي الْأُولَى ، وَهِيَ إذَا انْفَرَدَ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَيُزَادُ لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا يُزَادُ لِلْأَبِ ( مِنْ جِنْسِ طَعَامِهَا وَأُدْمِهَا وَدُونَ نَوْعِهِ ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ لِلْعَادَةِ ( وَهَلْ لَهُ ) أَيْ الْخَادِمِ ( لَحْمٌ ) أَوْ لَا ( وَجْهَانِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَرُبَّمَا بُنِيَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّسْوِيَةِ فِي الْأُدْمِ بَيْنَ الْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّسْوِيَةِ فَلَهَا اللَّحْمُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ قُدِّرَ أُدْمُهَا بِحَسَبِ الطَّعَامِ أَمَّا مَمْلُوكُهُ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أُجْرَتُهُ .
( فَإِنْ قَالَتْ أَنَا أَخْدُمُ نَفْسِي وَآخُذُ مَا لِلْخَادِمِ ) مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ ( لَمْ يُجْبَرْ ) هُوَ ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِهِ لِابْتِذَالِهَا بِذَلِكَ ( فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَكَاعْتِيَاضِهَا عَنْ النَّفَقَةِ ) حَيْثُ لَا رِبَا ، وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ يَوْمًا بِيَوْمٍ ( أَوْ قَالَ لِزَوْجٍ أَنَا أَخْدُمُك ) لِتَسْقُطَ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْخَادِمِ ( لَمْ تُجْبَرْ ) هِيَ وَلَوْ فِيمَا لَا يَسْتَحْيِ مِنْهُ كَغَسْلِ ثَوْبٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ وَطَبْخٍ ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحْيِ مِنْهُ وَتُعَيَّرُ بِهِ ( وَتَعْيِينُ الْخَادِمِ ابْتِدَاءً إلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كِفَايَتُهَا بِأَيِّ خَادِمٍ كَانَ ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَدْخُلُهُ رِيبَةٌ وَتُهْمَةٌ فِيمَنْ تَخْتَارُهُ هِيَ ( لَكِنْ لَا ) فِي الِاسْتِدْرَاكِ نَوْعُ خَفَاءٍ فَكَانَ الْأَوْلَى
أَنْ يَقُولَ وَلَا ( يُبْدِلُهُ ) أَيْ الْخَادِمَ الْمُعَيَّنَ ( إنْ أَلِفَتْهُ لَا لِخِيَانَةٍ ) ظَهَرَتْ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عَنْ الْمَأْلُوفِ شَدِيدٌ فَلَا يُرْتَكَبُ لِغَيْرِ عُذْرٍ .
( وَلَوْ أَرَادَتْ زِيَادَةَ خَادِمٍ آخَرَ مِنْ مَالِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ ) دُخُولِ دَارِهِ ، وَمِنْ اسْتِخْدَامِهَا لَهُ ( وَ ) لَهُ ( إخْرَاجُ مَا عَدَا خَادِمَهَا مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ ) ذِكْرُهُ الْمَالَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ .
( وَ ) لَهُ ( مَنْعُ أَبَوَيْهَا الدُّخُولَ عَلَيْهَا ) مَعَ الْكَرَاهَةِ ( وَمَنْ لَا تُخْدَمُ ) فِي بَيْتِ أَبِيهَا لَا تُخْدَمُ بَلْ ( يُوَصِّلُ ) الزَّوْجُ ( مُؤْنَتَهَا إلَيْهَا ) مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ ( وَلَهُ إخْرَاجُ خَادِمِهَا ) الَّذِي صَحِبَتْهُ ، وَلَوْ بِشِرَائِهَا لَهُ ( فَإِنْ مَرِضَ ) وَلَوْ مَرَضًا لَا يَدُومُ أَوْ زَمِنَتْ ( وَاحْتَاجَتْ خَادِمًا فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ ) وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً لِضَرُورَتِهَا .
( قَوْلُهُ : وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةِ قَالَهُ الْقَاضِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ جَائِزٌ ، وَلَوْ فِيمَا فِيهِ امْتِهَانٌ ( قَوْلُهُ : وَهَلْ لَهُ أَيْ الْخَادِمِ لَحْمٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ يَوْمًا بِيَوْمٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : إلَّا لِخِيَانَةٍ ) أَيْ أَوْ رِيبَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَلَى الظُّهُورِ بَلْ يَكْفِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ أَوْ خَوْفُهُ مِنْهَا كَمَا فِي إسْكَانِ الْقَرِيبَةِ ، وَقَوْلُهُ : وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَرَادَتْ زِيَادَةَ خَادِمٍ آخَرَ مِنْ مَالِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ دَارِهِ ، وَإِخْرَاجُهُ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : الْأَقْرَبُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِحَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ دُونَ الْمُطَلَّقَةِ ، وَلَوْ رَجْعِيًّا لِفَقْدِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِاخْتِصَاصِ السَّكَنِ بِهَا قَالَ : وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِ .
ا هـ .
سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْحَضَانَةِ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ .
( فَرْعٌ ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَأْذَنَ لِغَيْرِهَا فِي دُخُولِ دَارِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَإِذْنِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً .
( الْوَاجِبُ الرَّابِعُ : الْكِسْوَةُ ) بِضَمِّ الْكَافِ ، وَكَسْرِهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ ؛ وَلِأَنَّهَا كَالْقُوتِ فِي أَنَّ الْبَدَنَ لَا يَقُومُ إلَّا بِهَا ( وَيَجِبُ ) لَهَا عَلَيْهِ ( كِفَايَتُهَا ) مِنْهَا ( طُولًا ) ، وَقِصَرًا ( وَضَخَامَةً ) وَنَحَافَةً فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ ( قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ ، وَإِزَارٌ اُعْتِيدَ وَخِمَارٌ ) أَيْ مِقْنَعَةٌ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ ، وَقَدْ يُخَصُّ بِمَا يُجْعَلُ فَوْقَهَا إذَا ادَّعَتْ الْحَاجَةَ إلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ يَجِبُ خِمَارٌ أَوْ مِقْنَعَةٌ وَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ حَيْثُ يُعْتَادُ ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ .
ا هـ .
، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ السَّابِقُ يُشِيرُ إلَيْهِ ( وَمُكْعَبٌ ) أَيْ مَدَاسٌ ( أَوْ نَعْلٌ ) وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ إذَا جَرَتْ عَادَتُهَا بِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ لَا يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ .
( وَيَزِيدُ ) لَهَا ( فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً مَحْشُوَّةً أَوْ فَرْوَةً بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا تَوَابِعُ ذَلِكَ مِنْ تِكَّةِ سَرَاوِيلَ وَكُوفِيَّةٍ لِلرَّأْسِ وَزِرٍّ لِلْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الرِّدَاءِ وَالْخُفِّ كَمَا سَيَأْتِي ( فَإِنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ فَجُبَّتَانِ ) أَوْ فَرْوَتَانِ فَأَكْثَرُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ( عَلَى الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ لَكِنَّ الْمُوسِرَ ) يَكْسُوهَا ( مِنْ جَيِّدِ الْقُطْنِ ، وَكَذَا الْكَتَّانُ وَالْحَرِيرُ ) وَالْخَزُّ ( إنْ اعْتَادُوهُ ) لِنِسَائِهِمْ عَمَلًا بِالْعَادَةِ ( وَالْمُعْسِرُ ) يَكْسُوهَا ( مِنْ خَشِنِهِ وَيَتَوَسَّطُ ) بَيْنَهُمَا ( الْمُتَوَسِّطُ فَإِنْ تَعَوَّدُوا رَقِيقًا ) بِحَيْثُ ( لَا يَسْتُرُ وَجَبَ صَفِيقٌ يُقَارِبُهُ ) فِي الْجُودَةِ فَلَا يَجِبُ لَهُنَّ مَا تَعَوَّدُوهُ مِنْ ذَلِكَ ( فَإِنْ احْتَاجَتْ لِلْبَرْدِ ) أَيْ لِأَجْلِهِ ( فَحْمًا أَوْ حَطَبًا ) لِلْوَقُودِ بِهِ ( لَزِمَهُ ) ذَلِكَ
بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَإِذَا كَانَ الْمَنَاطُ الْعَادَةَ فَأَكْثَرُ الْبَوَادِي لَا يُوقِدُونَ إلَّا بِالْبَعْرِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْوَاجِبَ .
( فَرْعٌ : وَعَلَى الْمُوسِرِ ) لِزَوْجَتِهِ ( طِنْفِسَةٌ ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهَا وَبِضَمِّهَا وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ هِيَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ ، وَقِيلَ لَهَا كِسَاءٌ ( فِي الشِّتَاءِ وَنَطْعٌ ) بِفَتْحِ النُّونِ ، وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا ( فِي الصَّيْفِ تَحْتَهُمَا زِلِّيَّةٌ أَوْ حَصِيرٌ لِقُعُودِهَا ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُبْسَطَانِ وَحْدَهُمَا ( وَ ) عَلَى الْمُتَوَسِّطِ ( زِلِّيَّةٌ ) بِكَسْرِ الزَّايِ ، وَهِيَ شَيْءٌ مُضْرَبٌ صَغِيرٌ ، وَقِيلَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ .
( وَ ) عَلَى ( الْمُعْسِرِ حَصِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَلَا بُدَّ فِي الشِّتَاءِ وَيَجِبُ ) لَهَا ( مَرْقَدٌ ) أَيْ فِرَاشٌ تَرْقُدُ عَلَيْهِ لِلْعَادَةِ ( كَمُضَرَّبَةٍ وَثِيرَةٍ ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ لَيِّنَةٍ ( أَوْ قَطِيفَةٍ ) ، وَهِيَ دِثَارٌ مُخْمَلٌ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ ( وَمِخَدَّةٌ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا تُوضَعُ تَحْتَ الْخَدِّ ( وَلِحَافٌ أَوْ كِسَاءٌ مِنْ الشِّتَاءِ أَوْ ) فِي ( بَلَدٍ بَارِدَةٍ ) الْأَوْلَى بَارِدٍ وَيَجِبُ لَهَا مِلْحَفَةٌ بَدَلُ اللِّحَافِ أَوْ الْكِسَاءِ فِي الصَّيْفِ ( وَكُلُّهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ ) نَوْعًا ، وَكَيْفِيَّةً حَتَّى قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ : لَوْ كَانُوا لَا يَعْتَادُونَ فِي الصَّيْفِ لِنَوْمِهِمْ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، وَإِنَّمَا يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَادَةً وَيُفَاوَتُ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ .
( فَرْعٌ ) يَجِبُ عَلَيْهِ ( لِلْخَادِمِ قَمِيصٌ وَخُفٌّ ، وَمِقْنَعَةٌ وَرِدَاءٌ لِلْخُرُوجِ ) صَيْفًا وَشِتَاءً حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا اعْتَادَ كَشْفَ الرَّأْسِ أَوْ لَا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَخْدُومَةِ فِي الْخُفِّ وَالرِّدَاءِ ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُهُمَا
لِلْمَخْدُومَةِ أَيْضًا فَإِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الضَّرُورَاتِ ، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا ، وَقَدْ أَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى ذَلِكَ ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْخُفِّ وَالرِّدَاءِ لِلْخَادِمِ إذَا كَانَتْ أُنْثَى وَلَا يَجِبُ لَهُ السَّرَاوِيلُ بِخِلَافِ الْمَخْدُومَةِ ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الزِّينَةُ ، وَكَمَالُ السَّتْرِ ( وَجُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ أَوْ فَرْوَةٌ ) بِحَسَبِ الْعَادَاتِ فَإِنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ يَدُلُّهُ عَلَى الْجُبَّةِ أَوْ الْفَرْوَةِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ ، وَجَمِيعُ مَا يَجِبُ لَهُ يَكُونُ ( دُونَ مَا لِلْمَخْدُومَةِ ) مِنْ الْكِسْوَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا .
( وَ ) يَجِبُ لَهُ ( وِسَادَةٌ وَكِسَاءٌ يَتَغَطَّى بِهِ لَيْلًا وَفِي ) وُجُوبِ ( الْفِرَاشِ وَجْهَانِ ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ .
( قَوْلُهُ : وَيَجِبُ كِفَايَتُهَا طُولًا وَضَخَامَةً إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِهِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ ، وَالْأَمَةِ إذَا وَجَبَ لَهَا النَّفَقَةُ التَّامَّةُ ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ اعْتَبَرْتُمْ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ الْقُوتِ ؟ .
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ مُحَقَّقَةٌ بِالْمُشَاهَدَةِ ، وَفِي الْقُوتِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ ، وَلَا مُحَقَّقَةٍ ، وَقَوْلُهُ : ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالْقَمِيصِ ، وَالسَّرَاوِيلِ كَوْنُهُمَا مِخْيَطَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُعَايَاةِ لَكِنْ ذَكَرَا قُبَيْلَ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ أَنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الثِّيَابِ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْخِيَاطَةِ ( قَوْلُهُ : وَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَيْ مَدَاسٌ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا ( قَوْلُهُ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ، وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَزِيدُ لَهَا فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً مَحْشُوَّةً إلَخْ ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَلَدٍ لَا تَخْتَلِفُ كِسْوَةُ أَهْلِهِ فِي زَمَانِ الْحَرِّ ، وَالْبَرْدِ لَمْ يَجِبْ لَهَا الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ فِي الشِّتَاءِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ ، وَالْعَادَةُ فِي حَقِّ أَهْلِ بَلَدِهَا فَلَمْ يَجِبْ لَهَا أَكْثَرُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَلْدَةٍ يَلْبَسُ غَالِبُ أَهْلِهَا الْأَدَمَ لَمْ يَجِبْ لَهَا غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُ بِلَادِهِمْ ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ : وَإِنْ كَانَتْ بَدْوِيَّةً فَمَا يَأْكُلُ أَهْلُ الْبَادِيَةِ ، وَمِنْ الْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مَا يَلْبَسُونَ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَمَا أَبْدَاهُ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ عَمَلًا بِالْعُرْفِ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ الْمَسْأَلَةِ ، وَقَوْلُهُ : لَمْ يَجِبْ لَهَا الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : لَمْ يَجِبْ لَهَا غَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا تَوَابِعُ
ذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَكُوفِيَّةٍ ) أَيْ أَوْ طَاقِيَّةٍ قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ ، وَقَوْلُهُ : فَيَكُونُ هُوَ الْجَوَابُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السَّرَخْسِيُّ إذَا لَمْ تَسْتَغْنِ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ عَنْ الْوُقُودِ فَيَجِبُ لَهَا مِنْ الْحَطَبِ أَوْ الْفَحْمِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَنْ اعْتَادُوهُ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْبَوَادِي ، وَالْقُرَى الْبَعِيدَةِ مِنْ الْحَطَبِ ، وَالْفَحْمِ لَا وُقُودَ لَهُمْ إلَّا زِبْلُ الْبَقَرِ وَبَعْرِ الْإِبِلِ فَلَا يُكَلَّفُ لَهَا حَطَبًا ، وَلَا فَحْمًا قَطْعًا ، وَقَوْلُهُ : قَالَ السَّرَخْسِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ إلَخْ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُهُمَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( الْوَاجِبُ الْخَامِسُ ) يَجِبُ عَلَيْهِ ( لِلزَّوْجَةِ لَا لِلْخَادِمِ آلَاتُ التَّنْظِيفِ ) مِنْ الْأَوْسَاخِ الَّتِي تُؤْذِيهَا وَتُؤْذِي بِهَا بِخِلَافِ الْخَادِمِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنْظِيفَ لَهُ بَلْ اللَّائِقُ بِهِ التَّشَعُّثُ لِئَلَّا يَمْتَدَّ إلَيْهِ النَّظَرُ وَذَلِكَ ( كَالْمُشْطِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ، وَكَسْرِهَا ( وَالسِّدْرِ وَالدُّهْنِ كَالْعَادَةِ ) أَيْ عَلَى عَادَةِ الْبُقْعَةِ وَيَجِبُ لَهَا ( مُطَيِّبَةٌ ) أَيْ مُطَيِّبُ الدُّهْنِ أَيْ الدُّهْنُ الْمُطَيِّبُ ( إنْ اُعْتِيدَ وَمَرْتَكٌ وَنَحْوُهُ لِصُنَانٍ ) أَيْ لِقَطْعِهِ ( إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ بِدُونِهِ ) لِتَأَذِّيهَا وَغَيْرِهَا بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ بِدُونِهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ وَالْمَرْتَكُ بِفَتْحِ الْمِيمِ ، وَكَسْرِهَا مُعَرَّبٌ أَصْلُهُ مِنْ الرَّصَاصِ يَقْطَعُ رَائِحَةَ الْإِبْطِ ؛ لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْعَرَقَ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَلَوْ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً طَوِيلَةً هَلْ يَجِبُ لَهَا آلَةُ التَّنْظِيفِ كَمَا فِي الْحَاضِرِ ، وَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ الظَّاهِرُ فِيهَا الْمَنْعُ ، وَإِنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لَهَا كَالرَّجْعِيَّةِ وَفِي الْغَيْبَةِ الْوُجُوبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لَهَا مَا يُزِيلُ الشَّعَثَ فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ فِيهِ زِينَةٌ لِلزَّوْجِ ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ ( وَأُجْرَةُ حَمَّامٍ اُعْتِيدَ ) دُخُولُهُ ( مَرَّةً لِشَهْرٍ ) أَيْ لِكُلِّ شَهْرٍ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ وَاعْتُبِرَ الشَّهْرُ لِيَخْرُجَ مِنْ دَنَسِ الْحَيْضِ الَّذِي يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً غَالِبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ لِعَادَةِ مِثْلِهَا وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ حَرًّا وَبَرْدًا وَخَرَجَ بِاُعْتِيدَ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ لَا يَعْتَادُونَ دُخُولَهُ فَلَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَتُهُ وَيُفَاوَتُ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ ( لَا طِيبٌ ) فَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ ( إلَّا لِقَطْعِ سَهُوكَةٍ ) أَيْ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ ( وَلَا ) يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ ( كُحْلٌ ، وَ ) لَا ( خِضَابٌ ) أَوْ
نَحْوُهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّلَذُّذِ لَا لِلتَّمَتُّعِ وَذَلِكَ حَقٌّ لَهُ رَاجِعٌ إلَى اخْتِيَارِهِ ( فَإِنْ أَحْضَرَهُ ) لَهَا ( وَجَبَ ) عَلَيْهَا ( اسْتِعْمَالُهُ وَلَا دَوَاءٌ ) لِمَرَضٍ ( وَ ) لَا ( أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحِجَامَةٍ ) وَفَصْدٍ ( وَخِتَانٍ ) وَوَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَ كَالْمُكْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ مُؤَنُ حِفْظِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمُشْطِ وَالدُّهْنِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُمَا لِلتَّنْظِيفِ ، وَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي ( وَلَا تَضْحِيَةٌ ) نَذَرَتْهَا أَمْ لَا ( وَعَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ وَوُضُوءٍ نَقَضَهُ ) هُوَ كَأَنْ لَمَسَهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ فِيمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ ، وَهُوَ نَائِمٌ كَمَا لَوْ احْتَلَمَتْ ، وَأَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُكْرَهَةٍ أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ ، وَفِي الثَّانِي حَيْثُ لَا إكْرَاهَ نَظَرٌ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَدْ أَفْتَى فِيهِ الْقَفَّالُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِيهِ وَفِي الثَّانِي مَعَ الْإِكْرَاهِ الْوُجُوبُ كَمَا يَجِبُ الْمَهْرُ ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مُعْتَبَرٌ فِي التَّعْلِيلِ ، وَإِلَّا لَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ هِيَ السَّبَبُ فِي نَقْضِ طُهْرِهِ ، وَكَالنِّفَاسِ فِيمَا ذُكِرَ الْوِلَادَةُ بِلَا بَلَلٍ كَمَا فَهِمْت مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِيهِمَا إذَا كَانَ الْإِحْبَالُ بِفِعْلِ الزَّوْجِ ، وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ الْمَاءِ أَوْ ثَمَنِهِ مَا يَكْفِي الْمَفْرُوضَ مِنْهُ دُونَ السُّنَنِ ( لَا ) لِغُسْلِ ( حَيْضٍ وَلَا احْتِلَامٍ ) إذْ لَا صُنْعَ مِنْهُ ( وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ سُمٍّ ، وَكَذَا لِغَيْرِهِ ) مَنْعُهَا مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ إهْلَاكٌ لِلنَّفْسِ ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ ( وَمِنْ أَكْلِ مُمْرِضٍ ) لِخَوْفِ الْهَلَاكِ ، وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ تَنَاوُلِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ
كَثُومٍ ( وَيَجِبُ تَرْفِيهُ الْخَادِمِ إنْ تَأَذَّى بِالْهَوَامِّ لِلْوَسَخِ ) أَوْ لِأَجْلِهِ ( وَفِي تَكْفِينِهِ وَنَحْوِهِ ) مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ إذَا مَاتَ ( وَجْهَانِ ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالْوُجُوبِ كَالْمَخْدُومَةِ ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ .
( الْوَاجِبُ الْخَامِسُ ) ( قَوْلُهُ : صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالدُّهْنِ كَالْعَادَةِ ) قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِدُهْنِ الرَّأْسِ ، وَهِيَ عِبَارَةُ الْإِمَامِ ، وَفِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا أَيْضًا أَقَلُّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدَهْنِ رَأْسِهَا وَجَسَدِهَا وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْمٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِدَهْنِ الرَّأْسِ دُونَ الْجَسَدِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ : مَحْمُولٌ عَلَى قَوْمٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِدَهْنِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُمْ تَعَرَّضُوا لِدَهْنِ السِّرَاجِ عَلَيْهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ ، وَالْعُرْفُ جَارٍ بِهِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى ، وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْخِيَامِ ، وَالْبَادِيَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْتَادُونَهُ ، وَقَوْلُهُ : وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَحْمُولٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَحْمُولٌ إلَخْ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ إلَخْ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ بِدُونِهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الرُّتْبَةِ حَتَّى يَجِبَ الْمَرْتَكُ وَنَحْوُهُ لِلشَّرِيفَةِ ، وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ يَقُومُ مَقَامَهُ إذَا لَمْ تَعْتَدْهُ ، وَقَوْلُهُ : وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَلِفَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : الظَّاهِرُ فِيهَا الْمَنْعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَفِي الْغَيْبَةِ الْوُجُوبُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ وَيَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ أَنْ يُخْلَى لَهَا الْحَمَّامُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْلَاؤُهُ لَهَا اعْتِبَارًا بِأَمْثَالِهَا وَسُئِلْت عَمَّنْ يَأْتِي أَهْلَهُ فِي الْبَرْدِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ بَذْلِ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ ، وَلَا يُمْكِنُهَا الْغُسْلُ فِي الْبَيْتِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ فَهَلْ لَهَا مَنْعُهُ إلَى
أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ ؟ .
فَأَجَبْت لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ .
ا هـ .
وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا لَيْلًا لَا تَغْتَسِلُ وَقْتَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَتَفُوتُهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَيَأْمُرُهَا بِالْغُسْلِ وَقْتَ الصَّلَاةِ ، وَفِي فَتَاوَى الْأَحْنَفِ نَحْوُهُ ، وَقَوْلُهُ : يَجِبُ عَلَيْهَا إخْلَاؤُهُ لَهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : فَأَجَبْت لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَحْرُمُ إلَخْ ( قَوْلُهُ : إلَّا لِقَطْعِ سَهْوَكَةٍ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمَا إلَّا لِقَطْعِ سَهْوَكَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ مِنْ الطِّيبِ مَا يَقْطَعُ بِهِ أَثَرَ الدَّمِ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ ، وَقَوْلُهُ : إنَّهُ يَجِبْ عَلَيْهِ إذَا طَهُرَتْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ أَحْضَرَهُ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الطِّيبِ ، وَمَا بَعْدَهُ ( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِ الْجِمَاعِ وَنِفَاسٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ لِشِدَّةِ بَرْدِهِ أَوْ بَرْدِ الْوَقْتِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَلْزَمَهُ مُؤْنَتُهُ أَوْ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ ، وَقَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : كَأَنْ لَمَسَهَا ) أَيْ أَوْ ، وَقَعَ اللَّمْسُ مِنْهُمَا مَعًا ، وَبَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ نَائِمٌ ) أَيْ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ هِيَ السَّبَبُ فِي نَقْضِ طُهْرِهِ ) أَيْ أَوْ لَمَسَتْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيهِمَا إذَا كَانَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى
تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ الْأَوْجَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ ، وَأَصْلِهَا .
( الْوَاجِبُ السَّادِسُ الْإِسْكَانُ ) لَهَا كَالْمُعْتَدَّةِ بَلْ أَوْلَى ( فَيَلْزَمُهُ ) لَهَا مَسْكَنٌ لَائِقٌ بِهَا عَادَةً لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ وَفَارَقَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِمَا التَّمْلِيكُ ، وَهُنَا الِامْتِنَاعُ ؛ وَلِأَنَّهُمَا مَا إذَا لَمْ يَلِيقَا بِهَا يُمْكِنُهَا إبْدَالُهُمَا بِلَائِقٍ فَلَا إضْرَارَ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهَا مُلْزَمَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ فَاعْتُبِرَ بِحَالِهِ وَاكْتَفَى بِهِ ( وَإِنْ اسْتَعَارَهُ ) الزَّوْجُ لِحُصُولِ الْإِيوَاءِ بِهِ ( وَلَا يَثْبُتُ ) السَّكَنُ فِي الذِّمَّةِ ؛ لِأَنَّهُ إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ .
( قَوْلُهُ : الْوَاجِبُ السَّادِسُ الْإِسْكَانُ ) لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسُدَّ الطَّاقَاتِ عَلَى زَوْجَتِهِ فِي مَسْكَنِهَا ، وَلَهُ أَنْ يُغْلِقَ عَلَيْهَا الْبَابَ إذَا خَافَ ضَرَرًا يَلْحَقُهُ مِنْ فَتْحِهِ ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْغَزْلِ ، وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا فِي مَنْزِلِهِ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ بِخَطِّ الْوَالِدِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَةٌ تَنْظُرُ مِنْ طَاقٍ فِي غَرْفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا إلَى الْأَجَانِبِ وَجَبَ عَلَيْهِ سَدُّهَا أَوْ بِنَاؤُهَا ( قَوْلُهُ : فَيَلْزَمُهُ مَسْكَنٌ لَائِقٌ بِهَا إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى حَالِ الزَّوْجِ فِي الْمَسْكَنِ ، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ ، وَلَا فِي غَيْرِهِ فِيمَا أَظُنُّ .
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْإِنْفَاقِ ) فِي هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ ( وَكُلِّ مَا يُسْتَهْلَكُ ) كَطَعَامٍ وَأُدْمٍ وَطِيبٍ ( يَسْتَحِقُّ تَمْلِيكَهُ ) لَهَا بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى لَفْظٍ ( وَكَذَا الْكِسْوَةُ وَالْفَرْشُ وَالْآلَةُ ) أَيْ آلَةُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالتَّنْظِيفِ كَمُشْطٍ وَدُهْنٍ وَاعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ التَّمْلِيكُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَقِيَاسًا عَلَى الْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ كِسْوَةَ الْأَهْلِ أَصْلًا لِلْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ كَالطَّعَامِ ، وَالْكِسْوَةُ تَمْلِيكٌ مِنْهَا فَوَجَبَ هُنَا مِثْلُهُ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهُ إمْتَاعٌ كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ كَالْخَادِمِ ؛ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْكُنُهُ بِخِلَافِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ إلَيْهَا .
وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَرْشَ كَالْمَسْكَنِ ، وَقَدْ قِيلَ بِهِ فِيهِ وَفِي سَائِرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ خِلَافُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْفَرْشِ وَالْمُشْطِ وَآلَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَا يَسْقُطُ بِمُسْتَأْجَرٍ ، وَمُسْتَعَارٍ ) بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ ( فَلَوْ لَبِسَتْ الْمُسْتَعَارَ وَتَلِفَ ) بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ ( فَضَمَانُهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعِيرُ ، وَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجَرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا ذَلِكَ عَنْ كِسْوَتِهَا .
( وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَخَادِمِهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ ) كُلَّ يَوْمٍ ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا يَوْمًا فَيَوْمًا لِكَوْنِهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْحَاصِلِ فِي الْيَوْمِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ إذْ الْوَاجِبُ الْحَبُّ كَمَا سَيَأْتِي فَيُحْتَاجُ إلَى طَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِطُلُوعِ
الْفَجْرِ أَنَّهَا تَجِبُ بِهِ وُجُوبًا مُوسَعًا كَالصَّلَاةِ أَوْ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لَكِنْ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُخَاصَمُ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ : وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا طَوِيلًا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَتِهَا لِمُدَّةِ ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ كَمَا لَا يَخْرُجُ إلَى الْحَجِّ حَتَّى يَتْرُكَ لَهَا هَذَا الْقَدْرَ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ هَيَّأَ ذَلِكَ إلَى نَائِبِهِ لِيَدْفَعَهُ إلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ كَفَى وَلَا يُكَلَّفُ إعْطَاءَهُ لَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَجِبُ ( حَبًّا ) سَلِيمًا إذَا كَانَ غَالِبَ الْقُوتِ ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي النَّفْعِ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ ( لَا دَقِيقًا وَخُبْزًا ) وَعَجِينًا مَعِيبًا كَمُسَوِّسٍ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهَا لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهَا الْحَبُّ فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ الْحَبِّ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ بَذَلَ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ ( وَيَمْلِكُ نَفَقَةَ مَمْلُوكِهَا ) الْخَادِمِ لَهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَمَا تَمْلِكُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا ( وَفِي مِلْكِهَا نَفَقَةَ الْحُرَّةِ الْخَادِمَةِ ) لَهَا بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ ( وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ فَتَأْخُذُهَا وَتَدْفَعُهَا إلَى الْحُرَّةِ وَعَلَيْهِ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا وَتُعْطِي مُؤْنَةَ الْحُرَّةِ مِنْ مَالِهَا وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ تَمْلِكُهَا الْحُرَّةُ كَمَا تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا ( لَكِنَّ لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( الْمُطَالَبَةَ ) لَهُ ( بِهَا ) لِيَتَوَفَّرَ حَقُّ الْخِدْمَةِ ( وَلَا تُطَالِبُهُ بِنَفَقَةِ مَمْلُوكَتِهِ ) الْخَادِمَةِ لَهَا ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ ( وَلَا نَفَقَةَ لِمُسْتَأْجَرَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا كَمَا مَرَّ ( وَلَهَا بَيْعُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ لَا الْغَدِ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ زَوْجِهَا ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) لِجَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ ( لَا مِنْ غَيْرِهِ ) عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَالرَّوْضَةِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا ، أَمَّا نَفَقَةُ الْغَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا بَيْعُهَا مُطْلَقًا
لِعَدَمِ مِلْكِهَا .
( وَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا بَعْدَ الْقَبْضِ ) مُطْلَقًا بِالْإِبْدَالِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا ( فَإِنْ سُرِقَتْ ) مِنْهَا أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ ( لَمْ تُبَدَّلْ ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهَا ( وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَقْتِيرٍ ) عَلَى نَفْسِهَا ( مُضِرٍّ ) بِهَا لِحَقِّ الِاسْتِمْتَاعِ ( وَعَلَيْهِ ) لَهَا مَعَ الْحَبِّ مُؤْنَةُ ( الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ وَالطَّبْخِ ) ، وَإِنْ اعْتَادَتْ تَعَاطِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا ؛ لِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ ( وَلَيْسَ عَلَى خَادِمِهَا إلَّا مَا يَخُصُّهَا ) أَيْ مَا تَحْتَاجُ هِيَ إلَيْهِ ( كَحَمْلِ مَاءٍ إلَى الْمُسْتَحَمِّ وَنَحْوِهِ ) كَصَبِّهِ عَلَى يَدِهَا وَغَسْلِ خِرَقِ الْحَيْضِ وَالطَّبْخِ لِأَكْلِهَا أَمَّا مَا لَا يَخُصُّهَا كَالطَّبْخِ لِأَكْلِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ هُوَ عَلَى الزَّوْجِ فَيُوَفِّيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ ( فَإِنْ بَاعَتْ الْحَبَّ ) أَوْ أَكَلَهُ حَبًّا ( فَفِي اسْتِحْقَاقِهَا الْمُؤْنَةَ تَرَدُّدٌ ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَثَانِيهِمَا لَا ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ تَبَعًا لِلْحَبِّ فَلَا تُفْرَدُ بِالْإِيجَابِ ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى هَذَا لَكِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ .
( وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ ) عَلَى الْعَادَةِ ( بِرِضَاهَا ، وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ ) لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً ، وَأَكَلَتْ ( بِإِذْنِ الْوَالِي سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا ) بِذَلِكَ لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ فَكَأَنَّ نَفَقَتَهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكِفَايَةِ إنْ أَرَادَتْ وَبَيْنَ التَّمْلِيكِ عَلَى قِيَاسِ الْأَعْوَاضِ إنْ طَلَبَتْ قَالَ ، وَهِيَ حَسَنٌ غَامِضٌ ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَلْيَكُنْ السُّقُوطُ مُفَرَّعًا عَلَى جَوَازِ اعْتِيَاضِ الْخُبْزِ ، وَأَنْ يُجْعَلَ مَا جَرَى قَائِمًا مَقَامَ الِاعْتِيَاضِ يُعِينُ إنْ لَمْ يُلَاحِظْ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَالتَّصْوِيرُ بِالْأَكْلِ مَعَهُ عَلَى
الْعَادَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا إذَا أَتْلَفَتْهُ أَوْ أَعْطَتْهُ غَيْرَهَا لَمْ تَسْقُطْ وَبِأَنَّهَا إذَا أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ لَمْ تَسْقُطْ ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْكُلِّ أَوْ بِالتَّفَاوُتِ فَقَطْ ؟ .
فِيهِ نَظَرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكَلَتْهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَتَنَازَعَا فِي قَدْرِهِ رُجِّحَ قَوْلُهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهَا وَخَرَجَ بِرِضَاهَا مَا لَوْ أَكَلَتْ بِدُونِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا فَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا الْأَكْلَ مَعَهُ مَعَ التَّمْلِيكِ وَدُونِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَقَوْلُهُمْ مَعَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَيْسَ بِقَيْدٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا ( فَلَا ) تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ وَالزَّوْجُ مُتَطَوِّعٌ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَأَفْتَى بِسُقُوطِهَا بِهِ قَالَ ، وَمَا قَيَّدَهُ النَّوَوِيُّ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ فِي الْأَمَةِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الْحُرَّةِ ، أَمَّا الْأَمَةُ إذَا أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ رِضَا السَّيِّدِ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ بِذَلِكَ دُونَ رِضَاهَا كَالْحُرَّةِ الْمَحْجُورَةِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالرَّشِيدَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبَالِغَةِ ( فَرْعٌ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَتْ قَصَدْت التَّبَرُّعَ فَقَالَ بَلْ قَصَدْت أَنْ يَكُونَ عَنْ النَّفَقَةِ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْهَدِيَّةَ ، وَقَالَ بَلْ قَصَدْت الْمَهْرَ ( وَلَوْ اعْتَاضَتْ ) عَنْ نَفَقَتِهَا ( دَقِيقَ الْحَبِّ وَالْوَاجِبِ ) خَبْزُهُ أَوْ سَوِيقُهُ ( لَمْ يَجُزْ لِلرِّبَا ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اعْتَاضَتْ عَنْهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ ثِيَابًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ كَانَ الْوَاجِبُ
بُرًّا أَوْ عَكْسَهُ أَوْ نَحْوَهَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهَا فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ ، وَلَا رِبَا فَجَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَاحْتَرَزُوا بِالِاسْتِقْرَارِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَبِكَوْنِهِ لِمُعَيَّنٍ عَنْ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ .
وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا لِاحْتِمَالِ سُقُوطِهَا بِنُشُوزٍ وَفِيهِ وَقْعَةٌ ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ فِيمَا مَرَّ لِلرِّبَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ رِفْقًا ، وَمُسَامَحَةً فَالْمُخْتَارُ جَعْلُهُ اسْتِيفَاءً لَا مُعَاوَضَةً وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَالَ وَيَقْوَى الْقَوْلُ بِهِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ صِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ سُقُوطِ النَّفَقَةِ بِالْأَكْلِ مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ ( وَلَوْ قَبَضَتْ نَفَقَةَ أَيَّامٍ مَلَكَتْهَا ) كَالْأُجْرَةِ وَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ ( فَإِنْ مَاتَتْ ) أَوْ مَاتَ ( أَوْ بَانَتْ ) بَعْدَ قَبْضِهَا نَفَقَةَ أَيَّامٍ فِي أَثْنَائِهَا ( اسْتَرَدَّ نَفَقَةَ مَا بَعْدَ يَوْمِ الْمَوْتِ وَالْإِبَانَةِ ) كَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ ( وَيَسْتَرِدُّ ) فِيمَا إذَا قَبَضَتْ نَفَقَةَ يَوْمٍ أَوْ كِسْوَةَ فَصْلٍ ( بِالنُّشُوزِ ) مِنْهَا أَيْ الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ ( فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ ) أَوْ اللَّيْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي ( نَفَقَتَهُ أَوْ ) فِي أَثْنَاءِ ( الْفَصْلِ كِسْوَتَهُ ) زَجْرًا لَهَا ، وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا بِمَوْتِهَا وَطَلَاقِهَا ) ، وَمَوْتِهِ وَبَيْنُونَتِهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا يَسْتَرِدُّ ذَلِكَ لِوُجُوبِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ أَوْ الْفَصْلِ فَلَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ .
( فَصْلٌ ) تَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ ( لِكُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كِسْوَةٌ وَتُجَدَّدُ صَيْفًا وَشِتَاءً ) كِسْوَةُ الصَّيْفِ لِلصَّيْفِ وَكِسْوَةُ الشِّتَاءِ لِلشِّتَاءِ فَتُعْطَاهَا أَوَّلَ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْعُرْفِ فَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ أَحَدِهِمَا فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي
نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي ( لَا مَا يَدُومُ ) سَنَةً فَأَكْثَرَ ( كَالْفُرُشِ وَالْجُبَّةِ ) أَيْ جُبَّةِ الْخَزِّ أَوْ الْإِبْرَيْسَمِ ( فَتُجَدَّدُ إنْ تَلِفَتْ ) الْأَوْلَى إنْ تَلِفَ ( أَوْ تَطَرَّى ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ تُصْلَحُ ( لِلْعَادَةِ فَلَوْ تَلِفَتْ الْكِسْوَةُ ) أَوْ تَمَزَّقَتْ فِي يَدِهَا ( قَبْلَ ) مُضِيِّ ( الْفَصْلِ ) وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهَا ( أَوْ بَقِيَتْ بَعْدَهُ ) لِرِفْقِهَا بِهَا ( لَمْ يُؤَثِّرْ ) فِي الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُهَا فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّى مَا عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْأَخِيرَةِ لِتَجَدُّدِ الْمُوجِبِ ، وَهُوَ الْفَصْلُ الثَّانِي ( وَيَجِبُ ) لَهَا فِي الْكِسْوَةِ ( الثِّيَابُ لَا قِيمَتُهَا وَعَلَيْهِ خِيَاطَتُهَا وَلَهَا بَيْعُهَا ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهَا ( وَلَوْ لَبِسَتْ دُونَهَا مَنَعَهَا ) ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَجَمُّلِهَا ( وَتَثْبُتُ الْكِسْوَةُ فِي الذِّمَّةِ ) إذَا مَضَتْ عَلَيْهَا مُدَّةٌ وَلَمْ يَكْسُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِيكٌ .
( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إلَخْ ) مَا تَفَقَّهَهُ مَمْنُوعٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا قَوْلُهُ : وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَخَادِمِهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ ) لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ ، وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ ، وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُدِّ ، وَلَوْ أَصْبَحَ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مُدَّانِ اعْتِبَارًا بِأَوَّلِ الْيَوْمِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَلَوْ حَصَلَ الْعَقْدُ ، وَالتَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ بِالْغُرُوبِ .
ا هـ .
أَيْ غُرُوبِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ بِالْقِسْطِ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي الْوُجُوبُ كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : وَالتَّقْيِيدُ بِالْغُرُوبِ ضَعِيفٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَنْ نُكِحَتْ وَسُلِّمَتْ لِلزَّوْجِ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إذَا كَانَتْ زَوْجَةً فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَصَارَتْ زَوْجَةً آخِرَهُ ثُمَّ سَلَّمَتْ وَمَكَّنَتْ وَجَبَتْ .
وَقَوْلُهُ : فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ ( قَوْلُهُ : كُلَّ يَوْمٍ ) الْمُرَادُ يَوْمٌ بِلَيْلَتِهِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ ( قَوْلُهُ : فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَتِهَا لِمُدَّةِ ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ إلَخْ ) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِالْخُرُوجِ لِلْحَجِّ إذْ لَا نَعْلَمُ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحُكْمِ لِظَاهِرٍ بِذَلِكَ هُنَاكَ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ .
وَقَوْلُهُ : يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ :
وَثَانِيهِمَا الْإِبِلُ تَمْلِكُهَا الْحُرَّةُ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ لِجَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اعْتِيَاضُهَا عَنْ الْوَاجِبِ دَقِيقِهِ أَوْ خُبْزِهِ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَالرَّوْضَةِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا ) يُفَرَّقُ بِضَعْفِ النَّفَقَةِ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا حِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْفَرْقِ وَيَرُدُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِهِ مُفَرَّعًا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ هُنَاكَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقَرًّا ، وَالِاسْتِقْرَارُ مُنْتَفٍ هُنَا كَاتِبُهُ .
( قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا نَعَمْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ ) ، وَفِي الْوَسِيطِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَمَحَلُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا كَانَتْ لَا تَحْتَاجُ إلَى بُرٍّ خُبْزًا أَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَى ذَلِكَ ، وَقَدْ أَتْلَفَتْ مَا قَبَضَتْهُ كُلِّفَ ذَلِكَ قَطْعًا ، وَأَطْلَقَا نَقْلَ التَّرَدُّدِ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ، وَالتَّحْقِيقُ عَنْهُ مَا ذَكَرْتُهُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً ، وَأَكَلَتْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ ) أَيْ ، وَكَانَ لَهَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ ( قَوْلُهُ : وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا ) مِنْ عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْآنَ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ ، وَلَا إنْكَارٍ ، وَلَا خِلَافٍ ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ امْرَأَةً طَالَبَتْ بِنَفَقَةٍ بَعْدَهُ ، وَلَوْ كَانَتْ لَا تَسْقُطُ مَعَ عِلْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِطْبَاقِهِمْ عَلَيْهِ لَا عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ ، وَلَقَضَاهُ مَنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ ، وَلَمْ يُوَفِّهِ ، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ قَوْلُهُ : وَبِأَنَّهَا إذَا أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ إلَخْ ) لَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ مَعَهُ أَقَلَّ
مِنْ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ لَهَا بِمِقْدَارٍ مَقْصُودٍ فِي الْعَادَةِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ إذْنَ الْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الزَّائِدَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ إلَّا أَنْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِ الْمُضَايَقَةِ فِي ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالزَّوْجُ مُتَطَوِّعٌ ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا أَكَلَتْهُ ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ جَعْلَهُ عِوَضًا عَنْ نَفَقَتِهَا ، وَمَثِيلُ نَفَقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ كِسْوَتُهَا ( قَوْلُهُ : فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ رِضَا السَّيِّدِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا إلَخْ ) تَقَدَّمَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ : وَفِيهِ وَقْفَةٌ ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ وَبِهِ أَفْتَيْتُ .
( قَوْلُهُ : لَا بِمَوْتِهَا وَطَلَاقِهَا إلَخْ ) سَكَتَ عَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهَا قَالَ فِي الْقُوتِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ ، وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا حَصَلَ الْمَوْتُ أَوْ الْبَيْنُونَةُ بِالطَّلَاقِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ قَبْلَ قَبْضِهَا الْكِسْوَةَ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ قَبْضِهَا فَتَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ أَوْ تَسْتَحِقُّ بِالْقِسْطِ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْبَالِسِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَقَالَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَجِبُ بِالْقِسْطِ وَتُوَزَّعُ عَلَى أَيَّامِ الْفَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ثُمَّ يُطَلِّقَ فِي يَوْمِهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ كِسْوَةُ فَصْلٍ كَامِلٍ ، وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْقَمُولِيُّ عَنْ شَرْحِ الْإِيضَاحِ لِلصَّيْمَرِيِّ ، وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ كِسْوَةً كَامِلَةً ، وَفِي تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ ، وَلَكِنَّ عَمَلَ الْحُكَّامِ عَلَى التَّقْسِيطِ .
ا هـ .
وَجَرَى الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنْ فَتَاوَى
الْغَزَالِيِّ مَا يَقْتَضِي الْكُلَّ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ .
( الْبَابُ الثَّانِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ ) .
وَمَا فِي مَعْنَاهَا ( لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِالْعَقْدِ ) ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةُ الْجُمْلَةِ وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ مَالًا مَجْهُولًا ؛ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ وَهُوَ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِهِ ( بَلْ بِالتَّمْكِينِ ) يَوْمًا فَيَوْمًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَوْ حَصَلَ الْعَقْدُ وَالتَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا بِالْغُرُوبِ .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُهَا كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ ( وَالْقَوْلُ ) فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّمْكِينِ فَقَالَتْ مَكَّنْت مِنْ وَقْتِ كَذَا ، وَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ ( قَوْلُهُ فِيهِ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ( لَا فِي الْإِنْفَاقِ ) عَلَيْهَا ( وَ ) لَا فِي ( النُّشُوزِ ) مِنْهَا بَلْ الْقَوْلُ فِيهِمَا قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا عِنْدَهَا أَوْ غَائِبًا عَنْهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا فِيهِمَا وَبَقَاءُ التَّمْكِينِ فِي الثَّانِيَةِ ( فَلَا تَجِبُ ) النَّفَقَةُ ( لَهَا وَلَا لِنَاشِزَةٍ أَطَاعَتْ حَتَّى تَعْرِضَ ) ، وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ ( نَفْسَهَا عَلَى الزَّوْجِ ) وَلَوْ بِأَنْ تَبْعَثَ إلَيْهِ أَنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي إلَيْك ( أَوْ يَعْرِضَ الْوَلِيُّ الْمُرَاهِقَةَ أَوْ الْمَجْنُونَةَ عَلَيْهِ ) وَلَوْ بِالْبَعْثِ إلَيْهِ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ بِذَلِكَ نَعَمْ لَوْ قَالَ أُصَدِّقُ الْمُخْبِرَ ، وَكَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ .
فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ ( فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا فَحَتَّى ) أَيْ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا حَتَّى ( يُعْلِمَهُ الْقَاضِي ) بِأَنْ تَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهَا وَتُظْهِرَ لَهُ التَّسْلِيمَ لِيُرْسِلَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الزَّوْجِ فَيُحْضِرَهُ وَيُعْلِمَهُ بِالْحَالِ ( وَيَمْضِيَ زَمَنُ وُصُولِهِ لِلتَّسْلِيمِ ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ إذْ بِذَلِكَ يَحْصُلُ التَّمْكِينُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ، وَمَضَى زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَتَهَا فِي مَالِهِ وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ
مِنْهُ وَفَارَقَتْ الْمُرْتَدَّةَ حَيْثُ تَعُودَ نَفَقَتُهَا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا بِأَنَّ نَفَقَتَهَا سَقَطَتْ لِرِدَّتِهَا فَإِذَا أَسْلَمَتْ ارْتَفَعَ الْمُسْقِطُ فَعَمِلَ الْمُوجِبُ عَمَلَهُ وَالنَّاشِزَةُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ ، وَإِنَّمَا تَعُودُ إذَا عَادَتْ إلَى قَبْضَتِهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْفَرْقُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْمَنْزِلِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ بَلْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا فَغَابَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ وَحَاصِلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَالنُّشُوزِ الْخَفِيِّ ( فَإِنْ جُهِلَ مَوْضِعُهُ كَتَبَ الْحَاكِمُ إلَى الْحُكَّامِ الَّتِي ) الْأَنْسَبُ الَّذِينَ ( تَرِدُ عَلَيْهِمْ الْقَوَافِلُ مِنْ بَلَدِهِ ) عَادَةً ( لِيُنَادِيَ بِاسْمِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْحَالَيْنِ ) أَيْ حَالَيْ عِلْمِ مَوْضِعِهِ وَجَهْلِهِ ( أَنْفَقَهَا ) الْقَاضِي أَيْ أَعْطَاهَا نَفَقَتَهَا ( مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ ، وَكَفَلَتْ ) أَيْ أَخَذَ مِنْهَا كَفِيلٌ بِمَا يُصْرَفُ إلَيْهَا ( إنْ جُهِلَ مَوْضِعُهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ ) أَوْ طَلَاقِهِ ( وَتَسْلِيمُ الْمُرَاهِقَةِ ) نَفْسَهَا إلَى الزَّوْجِ ( وَتَسَلُّمُهَا ) أَيْ تَسَلُّمُ الزَّوْجِ لَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا كَافٍ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ ( لَا عَرْضُ نَفْسِهَا ) فَلَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ وَلِيِّهَا كَمَا مَرَّ ( وَتَسَلُّمُ الْمُرَاهِقِ ) زَوْجَتَهُ ( كَافٍ ، وَإِنْ كَرِهَ الْوَلِيُّ بِخِلَافِ ) تَسَلُّمِهِ الْمَبِيعَ فِي ( الْبَيْعِ ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ أَنْ تَصِيرَ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي ، وَهِيَ لِلْوَلِيِّ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمُرَاهِقِ لَا لَهُ .
( الْبَابُ الثَّانِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ ) .
( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْمَهْرَ لَمَّا وَجَبَ بِالْعَقْدِ فَقَطْ لَمْ يَسْقُطْ بِالنُّشُوزِ فَلَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ تَجِبُ بِهِ لَمْ تَسْقُطْ بِالنُّشُوزِ ، وَلَوْ وَجَبَتْ بِمُجَرَّدِ التَّمْكِينِ لَوَجَبَتْ لِلْمَوْطُوءَةِ بِالشُّبْهَةِ إذَا مَكَّنَتْ ، وَهِيَ لَا تَجِبُ اتِّفَاقًا فَدُلَّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ .
( قَوْلُهُ : بَلْ بِالتَّمْكِينِ ) قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا سَلَّمَ الْأَمَةَ لَيْلًا لَا نَهَارًا أَوْ لِلْحُرَّةِ نَفْسَهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْمَنْزِلِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَيْتِ الْفُلَانِيِّ لَا غَيْرُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا ، وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَمْكِينًا ، وَهَلْ يُحْتَاجُ لِذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْبَائِنِ الْحَامِلِ أَمْ يَسْتَمِرُّ الْوُجُوبُ اسْتِصْحَابًا لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ نَظَرٌ ، وَلَوْ لَمْ تُسَلِّمْ نَفْسَهَا ، وَلَا سَلَّمَهَا الْوَلِيُّ بَلْ قَهَرَهَا وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ قَطْعًا ، قَالَ الْإِمَامُ : وَالتَّمْكِينُ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ أَوْ أَهْلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا مَتَى أَدَّيْت الصَّدَاقَ دَفَعْنَاهَا إلَيْهِ وَحُكِيَ نَحْوُهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ ، وَهَلْ لَهُ إسْكَانُهَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَجَوَازُ امْتِنَاعِهَا تَسْلِيمَ نَفْسِهَا ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُسْقِطُ عَنْهَا مَا لِلزَّوْجِ مِنْ حَقِّ حَبْسِ الْمَسْكَنِ ( قَوْلُهُ : ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَحَتَّى يُعْلِمَهُ الْقَاضِي ) قَالَ الْإِمَامُ : نَفَقَتُهَا وَلَسْت أَرَى الْإِعْلَامَ مَقْصُورًا عَلَى الْقَاضِي ، وَلَوْ حَصَلَ الْإِعْلَامُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكْفِيَ
، وَلَكِنَّ فَحَوَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ ، وَهَذَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُهُ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ مَا أَبْدَاهُ الْإِمَامُ أَوْ نَحْوُهُ فَإِنَّهُ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِوُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِقَاضٍ وَلَا حُكْمٍ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ مِنْ مَقْبُولِ الْخَبَرِ ، وَهَلْ يَكْفِي بُلُوغُهُ ذَلِكَ مِمَّنْ يُصَدِّقُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِيهِ نَظَرٌ وَسَبَقَ فِي الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا كَلَامٌ يُحْتَمَلُ مَجِيئَةُ هُنَا .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ كِتَابِ الْقَاضِي لَمْ يُصَرِّحُوا فِيهِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي كِتَابِ قَاضٍ إلَى قَاضٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءَ مِنْهُمْ بِالْمُرَاسَلَةِ حَتَّى لَوْ بَعَثَ إلَيْهِ مُشَافَهَةً مَعَ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ كَفَى إذْ الْغَرَضُ إطْلَاعُ الزَّوْجِ عَلَى طَاعَتِهَا ، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الْمَقْصُودُ إيصَالُ الْعِلْمِ بِزَوْجِهَا وَعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ أَوْ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ لَكِنَّهُ بِكِتَابِ الْقَاضِي آكَدُ ، وَأَثْبَتُ هَكَذَا ظَهَرَ ثُمَّ وَجَدْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي كِتَابِ الْغَايَةِ فِي اخْتِصَارِ النِّهَايَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ، وَمَضَى زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ فَرَضَ الْقَاضِي إلَخْ ) ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَجِيءِ ، وَالتَّوْكِيلِ لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي كَمَا نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ .
( قَوْلُهُ : الْأَنْسَبُ الَّذِينَ ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ .
( فَصْلٌ : وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِنُشُوزِ عَاقِلَةٍ ، وَمَجْنُونَةٍ ) بَعْدَ التَّمْكِينِ ( وَلَوْ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضَ أَحَدِهِمَا ) أَوْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى رَدِّهَا إلَى الطَّاعَةِ قَهْرًا ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابَلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فَإِذَا نَشَزَتْ عَلَيْهِ سَقَطَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ كُلُّهَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأْ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُسَلَّمُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَا تُفَرَّقُ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً ، وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ نُشُوزِهَا فِي بَعْضِ اللَّيْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَ ) تَسْقُطُ ( بِالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّمْكِينِ ) وَلَوْ ( فِي مَكَان عَيَّنَهُ ) لِعَدَمِ التَّمْكِينِ التَّامِّ ( وَتُعْذَرُ فِي الِامْتِنَاعِ ) مِنْ التَّمْكِينِ ( لِمَرَضٍ ) تَتَضَرَّرُ بِهِ مَعَهُ ( وَكَذَا ) فِي الِامْتِنَاعِ مِنْهُ ( لِعَبَالَةٍ ) فِيهِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَوْ كِبَرٍ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ ( لَا تَحْتَمِلُهَا ) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ الْمُمَكِّنُ وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ( وَتَثْبُتُ ) عَبَالَتُهُ ( بِالنِّسْوَةِ ) الْأَرْبَعِ ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ يَسْقُطُ بِهَا حَقُّ الزَّوْجِ ( وَلَهُنَّ نَظَرُ الْعَبْلِ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ أَيْ كِبَرِ الذَّكَرِ وَالْمُرَادُ نَظَرُ ذَكَرِهِ ( فِي ) حَالَةِ الْإِجْمَاعِ ( لِلشَّهَادَةِ ) بِذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّفَافِ لِعَبَالَتِهِ لَهَا ذَلِكَ بِالْمَرَضِ فَإِنَّهُ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَرْعٌ : وَإِذَا جَوَّزَنَا لَهَا حَبْسَ نَفْسِهَا بِصَدَاقٍ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي الصَّدَاقِ ) ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ حَالًّا ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ( اسْتَحَقَّتْ نَفَقَتَهُ ) الْأَوْلَى نَفَقَتُهَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ .
( فَرْعٌ : وَخُرُوجُهَا ) مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا لِسَفَرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ غَصْبًا ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ ( نُشُوزٌ ) لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَتِهِ ؛ وَلِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ
فِي مُقَابَلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ ( لَا ) خُرُوجُهَا ( لِخَوْفٍ ) مِنْ انْهِدَامِ الْمَنْزِلِ أَوْ غَيْرِهِ ( أَوْ أُخْرِجَتْ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ خَرَجَتْ لِاسْتِفْتَاءٍ ) لَمْ يُغْنِهَا الزَّوْجُ عَنْ خُرُوجِهَا لَهُ ( أَوْ زِيَارَةٍ ) أَوْ عِيَادَةِ ( أَبَوَيْنِ ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمَحَارِمِ لَا عَلَى وَجْهِ النُّشُوزِ ( وَالزَّوْجُ غَائِبٌ ) أَوْ لِنَحْوِهَا مِمَّا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ كَخُرُوجِهَا لِطَلَبِ حَقِّهَا مِنْهُ فَلَيْسَ بِنُشُوزٍ لِعُذْرِهَا وَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ لِمَوْتِ أَبِيهَا وَلَا لِشُهُودِ جِنَازَتِهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَمَوِيُّ شَارِحِ التَّنْبِيهِ ، وَأَقَرَّهُ وَذِكْرُ خُرُوجِهَا لِلِاسْتِفْتَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ( وَسَفَرُهَا ) وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ ( مُسْقِطٌ لِلنَّفَقَةِ ) لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَتِهِ ، وَإِقْبَالِهَا عَلَى شَأْنِهَا ( إلَّا إنْ كَانَ ) الزَّوْجُ ( مَعَهَا ) وَلَوْ فِي حَاجَتِهَا أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا ( أَوْ ) خَرَجَتْ وَحْدَهَا ( بِإِذْنِهِ فِي حَاجَتِهِ ) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى مُمَكِّنَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ هُوَ الَّذِي أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَرَضِهِ لَكِنَّهَا تَعْصِي فِيمَا إذَا خَرَجَتْ مَعَهُ بِلَا إذْنٍ نَعَمْ إنْ مَنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَفَقُّهًا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ لُزُومِ نَفَقَتِهَا فِيمَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِهِ بَلْ كَلَامُ أَصْلِهِ يَقْتَضِي عَكْسَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا مَعًا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِمَّا رَجَّحُوهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ فِيمَا إذَا ارْتَدَّا مَعًا قَبْلَ الْوَطْءِ وَاَلَّذِي بَحَثَهُ غَيْرُهُ عَدَمُ سُقُوطِهَا أَخْذًا مِنْ الْمُرَجَّحِ فِي الْإِيمَانِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهَا وَلِغَيْرِهَا ، وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا
بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ مُتَدَافِعٌ .
( فَرْعٌ لَا يُسْقِطُهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ ) عَادَةً ( كَمَرَضٍ وَرَتَقٍ ) ، وَقَرْنٍ ( وَضَنًا ) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ أَيْ مَرَضٍ مُدْنِفٍ ( وَحَيْضٍ ) وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ ، وَإِنْ قَارَنَتْ تَسْلِيمَ الزَّوْجَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَعْذَارٌ بَعْضُهَا يَطْرَأُ أَوْ يَزُولُ وَبَعْضُهَا دَائِمٌ ، وَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِيهَا ، وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ الْمُمَكِّنِ ، وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ غُصِبَتْ بِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَفَوَاتِ التَّمَتُّعِ بِالْكُلِّيَّةِ ( وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِالْحَبْسِ ) لَهَا ( وَلَوْ ظُلْمًا ) كَمَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَّتْ ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ كِتَابِ التَّفْلِيسِ مَعَ زِيَادَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَا هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ حَبَسَهَا الزَّوْجُ بِدَيْنِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَسْقُطَ نَفَقَتُهَا ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا إنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ عِنَادًا سَقَطَتْ أَوْ لِإِعْسَارٍ فَلَا .
النَّفَقَةُ بِنُشُوزِ عَاقِلَةٍ وَمَجْنُونَةٍ ( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ إلَخْ ) بِمَعْنَى لَمْ تَجِبْ إذْ السُّقُوطُ حَقِيقَةً إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ ( قَوْلُهُ : وَبِالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّمْكِينِ ) أَيْ اللَّازِمِ كَالْوَطْءِ وَسَائِرِ التَّمَتُّعَاتِ قَوْلُهُ : لِعَدَمِ التَّمْكِينِ التَّامِّ ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ قَالَتْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا أُمَكِّنُك مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِي حَالًّا صَدَاقِي كَمَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ لِمَوْتِ أَبِيهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا ) أَوْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا ، وَلَمْ يَرُدَّهَا ( قَوْلُهُ : سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تَفَقُّهًا ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا دَامَ لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي ذَلِكَ السَّفَرِ فَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا اتَّجَهَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا إنْ غَيَّرَهُ ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ مُرَادًا ) إذْ جَزَمَا فِي قَسَمِ الصَّدَقَاتِ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ ) قَالَ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُقْتَضِي ، وَالْمَانِعُ فَقُدِّمَ الْمَانِعُ ( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي بَحَثَهُ غَيْرُهُ عَدَمُ سُقُوطِهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ أَوْجُهُ إلَخْ ) لِاتِّحَادِ الْفِعْلِ ، وَهُوَ الْخُرُوجُ لِلْغَرَضَيْنِ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ مَا احْتَجُّوا بِهِ بِخِلَافِهِ فِيهَا مَعَ مَا احْتَجَّ هُوَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ لَا يُنَافِي عَدَمَ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِهَا خَالِيًا مِنْ الْمَانِعِ ، وَلَمْ يُوجَدْ ، وَالْأَصْلُ هُنَا بَعْدَ التَّمْكِينِ عَدَمُ سُقُوطِ النَّفَقَةِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِهَا خَالِيًا مِنْ الْمَانِعِ ، وَلَمْ يُوجَدْ إذْ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ خُرُوجُهَا لِغَرَضِهَا وَحْدَهُ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ أَنَّهَا إنْ امْتَنَعَتْ مِنْ
النَّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ إلَّا إذَا كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ .
ا هـ .
وَفِي الْحَاوِي وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى أَمْرَيْنِ لَا بُدَّ لَا يَتِمَّ إلَّا بِهِمَا أَحَدِهِمَا تَمْكِينُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا ، وَالثَّانِي تَمْكِينُهُ مِنْ النَّقْلَةِ مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ ، وَإِلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ إذَا كَانَتْ السَّبِيلُ مَأْمُونَةً فَلَوْ مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا ، وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ النَّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ لَمْ يَكْمُلْ إلَّا أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا فِي زَمَانِ الِامْتِنَاعِ مِنْ النَّقْلَةِ فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ ، وَيَصِيرُ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النَّقْلَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا إنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ عِنَادًا أَسْقَطَتْ إلَخْ ) الْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ سُقُوطِهَا مُطْلَقًا .
( فَصْلٌ : لَا نَفَقَةَ لِطِفْلَةٍ ) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لِتَعَذُّرِهِ لِمَعْنًى فِيهَا كَالنَّاشِزَةِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ فَإِنَّ الْمَرَضَ يَطْرَأُ أَوْ يَزُولُ وَالرَّتْقُ مَانِعٌ دَائِمٌ قَدْ رَضِيَ بِهِ وَيَشُقُّ مَعَهُ تَرْكُ النَّفَقَةِ مَعَ أَنَّ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ لَا يَفُوتُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ ( وَتَلْزَمُ ) النَّفَقَةُ ( الطِّفْلَ لِكَبِيرَةٍ بِالْعَرْضِ ) لَهَا ( عَلَى وَلِيِّهِ ) أَوْ تَسَلُّمِهِ لَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ الْوَطْءُ إذْ لَا مَنْعَ مِنْ جِهَتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى كَبِيرٍ فَهَرَبَ .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : لَا نَفَقَةَ لِطِفْلَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ إلَخْ ) ، وَقَالَ الْبَارِزِيُّ الْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ ، وَالصَّغِيرَةِ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ ، وَلَا يُتَلَذَّذُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَحْرَمَتْ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ مُطْلَقًا ( بِإِذْنِهِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا ) إنْ كَانَتْ ( مُقِيمَةً ، وَكَذَا إنْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَهُوَ مَعَهَا لِإِذْنِهِ ) لَهَا ( فِي الْإِحْرَامِ ) ، وَهِيَ فِي قَبْضَتِهِ وَتَفْوِيتِ التَّمَتُّعِ بِسَبَبٍ أَذِنَ فِيهِ وَلَا أَثَرَ لِنَهْيِهِ عَنْ الْخُرُوجِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي الْإِحْرَامِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ( فَلَا ) تَجِبُ نَفَقَتُهَا بَلْ تَسْقُطُ ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ ( وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ ( وَلَمْ تُسَافِرْ أَنْفَقَ ) عَلَيْهَا ( إذْ لَهُ تَحْلِيلُهَا ) ، وَهِيَ فِي قَبْضَتِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ ( فَإِنْ سَافَرَتْ دُونَهُ سَقَطَتْ ) نَفَقَتُهَا ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَ مَعَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا ( وَلَا يُسْقِطُهَا عَدَمُ الْإِذْنِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَإِنْ كَانَا فِي السَّفَرِ ، وَكَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ عَلَى الْمُتَّجَهِ خِلَافًا لِمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ .
( وَ ) لَا فِي ( قَضَائِهِ إنْ تَضَيَّقَ ) عَلَيْهَا الْوَقْتُ ( وَلَوْ ) تَضَيَّقَ ( لِلتَّعَدِّي ) مِنْهَا بِالْإِفْطَارِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ ( فَإِنْ تَوَسَّعَ الْوَقْتُ سَقَطَتْ كُلُّهَا ) إنْ مَنَعَهَا فَلَمْ تَمْتَنِعْ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ ، وَهَذَا عَلَى التَّرَاخِي ( وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إتْمَامِهِ ) أَيْ صَوْمِ الْقَضَاءِ الْمُوَسَّعِ ( وَإِتْمَامِ قَضَاءِ صَلَاةٍ مُوَسَّعٍ ) إذَا شَرَعَتْ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ( كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ ) وَلِمَا ذَكَرَ آنِفًا ، وَكَمَا أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى ذَلِكَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ مُطْلَقًا ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ إذَا أَرَادَ التَّمَتُّعَ قَالَ : وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ .
( فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْإِفْطَارِ ) وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (
سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا ) لِامْتِنَاعِهَا مِنْ التَّمْكِينِ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا كَمُتَحَيِّرَةٍ ، وَمَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ ( فَإِنْ تَزَوَّجَهَا صَائِمَةً فَلَهَا الْإِتْمَامُ وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا ) بِهِ ، وَقَدْ زُفَّتْ إلَيْهِ ( وَجْهَانِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَرْجَحُهُمَا السُّقُوطُ بَلْ هُوَ الْوَجْهُ ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ عِنْدَ طَلَبِهِ التَّمَتُّعَ .
( وَتَسْقُطُ بِالِاعْتِكَافِ ) لِمَا مَرَّ فِي امْتِنَاعِهَا مِنْ الْإِفْطَارِ ( إلَّا بِإِذْنٍ ) مِنْ زَوْجِهَا ( وَهُوَ مَعَهَا ) ؛ لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ ( أَوْ ) بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنْ اعْتَكَفَ ( بِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ سَابِقٍ لِلنِّكَاحِ ) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا فَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَكَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا مُطْلَقًا أَوْ مُعَيَّنًا مُتَأَخِّرًا عَنْ النِّكَاحِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا ( وَيَمْنَعُهَا مِنْ مَنْذُورٍ وَصَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ مُطْلَقٍ ) سَوَاءٌ أَنَذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُوَسَّعٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ جَزَمَ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ بِأَنَّهَا لَوْ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَعَلَّلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي نَذْرِ الصَّوْمِ الْمُتَتَابِعِ فَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهُ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْمَنْذُورِ الْمُطْلَقِ قَبْلَ النِّكَاحِ فِيهِ نَظَرٌ إذَا خَافَتْ الْفَوْتَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ( وَكَذَا ) يَمْنَعُهَا مِنْ مَنْذُورٍ ( مُعَيَّنٍ نَذَرَتْهُ بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ ؛ لِأَنَّهَا بِالنَّذْرِ مَنَعَتْ حَقَّهُ السَّابِقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَسْقَطَ حَقَّهُ
فِي الثَّانِيَةِ وَلِتَعْيِينِ وَقْتِهِ فِي الْأُولَى مَعَ تَقَدُّمِ وُجُوبِهِ عَلَى حَقِّ الزَّوْجِ ( وَ ) يَمْنَعُهَا ( مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي أَيْ إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ ( وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ ) صَلَاةِ ( سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ ) لِتَأَكُّدِهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ ( وَ ) لَا ( مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ ) أَوَّلَ الْوَقْتِ لِمَا فِي فِعْلِهَا فِيهِ مِنْ الْفَضِيلَةِ ؛ وَلِأَنَّ زَمَنَهَا ضَيِّقٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ نَعَمْ إنْ لَمْ يُنْدَبْ تَعْجِيلُهَا كَالْإِبْرَادِ فَيُشْبِهُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا جَزْمًا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ تَعْجِيلِ الرَّاتِبَةِ مَعَ الْمَكْتُوبَةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ ( وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِ الرَّوَاتِبِ وَ ) مِنْ ( صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَنَحْوِهِمَا ) كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ ( لَا ) مِنْ صَوْمِ ( عَاشُورَاءَ وَعَرَفَةَ ) كَمَا فِي رَوَاتِبِ الصَّلَاةِ ( وَ ) يَمْنَعُهَا ( مِنْ الْخُرُوجِ لِعِيدٍ وَكُسُوفٍ لَا مِنْ فِعْلِهَا فِي الْبَيْتِ ) .
قَوْلُهُ : فَإِنْ سَافَرَتْ دُونَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ مَا لَوْ أَفْسَدَ حَجَّهَا الْمَأْذُونَ فِيهِ بِجِمَاعٍ فَإِنَّهَا تَقْضِيهِ عَلَى الْفَوْرِ فَلَهَا الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ الْخُرُوجَ وَنَفَقَتَهَا .
ا هـ .
لَا يَرِدُ ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ السَّابِقَ يَسْتَتْبِعُ الْإِذْنَ فِي هَذَا الْقَضَاءِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَإِنْ كَانَا فِي السَّفَرِ ، وَكَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ عَلَى الْمُتَّجَهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إتْمَامِهِ ، وَإِتْمَامِ قَضَاءِ إلَخْ ) هَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِصَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ ، وَاجِبَيْنِ أَوْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا مَرَضًا مُدْنِفًا لَا يُمْكِنُهُ الْوِقَاعُ أَوْ مَمْسُوحًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ قُوَّةُ كَلَامِهِمْ وَتَعْلِيلِهِمْ تُفْهِمُ إرَادَةَ الْأَوَّلِ لَا سِيَّمَا كَلَامَ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ هَذَا كَالْغَائِبِ ، وَأَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يَقْدُمُ نَهَارًا فَيَطَأُ نَعَمْ يُلْمَحُ مَا إذَا كَانَ الصَّوْمُ يَضُرُّهَا أَوْ رَضِيعَهَا ، وَلَمْ أَرَ شَيْئًا فِي زَوْجَةِ الْمَجْنُونِ الْمُطِيقِ لِلِاسْتِمْتَاعِ هَلْ يُقَالُ يَمْتَنِعُ عَلَى زَوْجَتِهِ صَوْمُ التَّطَوُّعِ مَعَ حُضُورِهِ أَوْ يَنُوبُ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ أَوْ يُقَالُ إنْ كَانَ الِاسْتِمْتَاعُ يَضُرُّهُ أَذِنَ لَهَا وَلِيُّهُ ، وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُهُ أَوْ لَا يَضُرُّهُ فَلَا ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ، وَقَوْلُهُ : هَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمِنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا عَادَةً ؛ لِأَنَّهُ يَهَابُ انْتِهَاكَ الصَّوْمِ بِالْإِفْسَادِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ ) أَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ ( قَوْلُهُ : ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إلَخْ )
أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ ( قَوْلُهُ : أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنْ اعْتَكَفَتْ بِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ سَابِقٍ لِلنِّكَاحِ إلَخْ ) لَوْ نَذَرَتْ أَمَةٌ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا نَذَرَتْ قَبْلَ النِّكَاحِ صَوْمَ الدَّهْرِ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ فِي الْغَرَائِبِ .
وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ فِي ذِمَّتِهَا صَوْمًا مَنْذُورًا قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا إلَّا إذَا عَرَّفَتْهُ ذَلِكَ فِي حَالِ عَقْدِ النِّكَاحِ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ سُمِعَتْ ، وَأَنَّ الِاعْتِكَافَ كَالصَّوْمِ ، وَكَذَا الْحَجُّ فِيمَا يَظْهَرُ ( قَوْلُهُ : فَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهُ هُنَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فِيهِ نَظَرٌ إذَا خَافَتْ الْفَوْتَ بِالْمَوْتِ إلَخْ ) لَيْسَ هَذَا مُرَادُهُمْ ( قَوْلُهُ : وَيَمْنَعُهَا مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ ) شَمِلَ إجْبَارَهَا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ ( قَوْلُهُ : ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْنَعُهَا إلَخْ ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهَا قَوْلُهُ : لَا مِنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ ) أَيْ وَتَاسُوعَاءَ ، وَقَوْلُهُ : وَعَرَفَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا اسْتَثْنَى مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فِيمَا إذَا وَقَعَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الزِّفَافِ ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا لَا مَحَالَةَ فِيمَا أَرَاهُ فَإِنَّهَا أَيَّامُ بِعَالٍ يُسْتَحَبُّ فِطْرُهَا كَمَا سَبَقَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ، وَقَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الكوهكيلوني إنَّمَا مَثَّلَ فِي رَاتِبَةِ الصَّوْمِ بِعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ مَعَ أَنَّهُمَا مِمَّا لَا يَتَكَرَّرَانِ فِي كُلِّ سَنَة
، وَلَمْ يَكْتَفِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِيُعْلَمَ أَنَّهُ يَحْصُلُ النُّشُوزُ بِمَا يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَسِتَّةِ شَوَّالٍ إنْ صَامَتْ بِمَنْعِهِ ، وَيُوجِبُ سُقُوطَ النَّفَقَةِ ، وَكَذَا بِمَا يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَأَيَّامِ الْبِيضِ أَوْ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ ، وَالْخَمِيسِ ، وَأَنَّ رَوَاتِبَ الصَّوْمِ تَنْحَصِرُ فِيهَا .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( نَكَحَ مُسْتَأْجِرَةَ الْعَيْنِ سَقَطَتْ ) أَيْ لَمْ تَجِبْ ( نَفَقَتُهَا ) وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْعَمَلِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ ( وَفِي الْحَاوِي ) لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ ( لَهُ الْخِيَارُ ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ ( إنْ جَهِلَ ) الْحَالَ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ نَهَارًا مَعَ عُذْرِهِ ( وَإِنْ رَضِيَ ) ( الْمُسْتَأْجِرُ بِتَمْكِينِهِ ) مِنْهَا فِيهِ ( لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ عَلَيْهِ وَوَعْدٌ لَا يَلْزَمُ ) .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ : إنَّ ثُبُوتَهُ غَرِيبٌ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ وَسُقُوطُ نَفَقَتِهَا بِذَلِكَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي ، وَأَقَرَّهُ وَاسْتُشْكِلَ بِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِنَذْرِهَا الصَّوْمَ أَوْ الِاعْتِكَافَ الْمُعَيَّنَ قَبْلَ النِّكَاحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ مُصَرِّحٌ بِعَدَمِ سُقُوطِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَجَعَلَهَا أَصْلًا لِمَسْأَلَةِ الِاعْتِكَافِ .
انْتَهَى .
وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي تَهْذِيبِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هُنَا يَدًا حَائِلَةً بِخِلَافِ مَسْأَلَتَيْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ .
( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هُنَا يَدًا حَائِلَةً إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) هَلْ لَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا إذَا كَانَ لَهَا لِحْيَةٌ ؟ .
يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً هَلْ يَكُونُ كَالِاسْتِحْدَادِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ أَمْ لَا ، وَهَلْ فِي تَرْكِهَا نَوْعٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ الرَّجُلُ مِنْ أَكْلِ الْمُنْتِنِ عِنْدَ إرَادَةِ تَقْبِيلِهَا بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } فَقَدْ أَشَارَ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ فِي الْبَيَانِ قَالَ شَيْخُنَا : الْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إجْبَارَهَا عَلَى إزَالَتِهَا كَالِاسْتِحْدَادِ حَيْثُ تَضَرَّرَ بِهَا ، وَأَنَّ لَهَا ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً كَشَعْرِ الْإِبْطِ ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا ، وَلَا يَكُونُ بَقَاؤُهَا تَشَبُّهًا بِالرِّجَالِ إلَّا مَعَ الْقَصْدِ كَاتِبُهُ .
( فَصْلٌ : لِلرَّجْعِيَّةِ لَا لِلْبَائِنِ ) الْحَائِلِ ( مَا لِلزَّوْجَةِ ) مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ لَهَا وَسَلْطَنَتِهِ ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى التَّمَتُّعِ بِهَا بِالرَّجْعَةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ ( سِوَى آلَةِ التَّنْظِيفِ ) فَلَا تَجِبُ لَهَا لِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنْهَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ أَمَةً أَمْ حُرَّةً حَامِلًا أَوْ حَائِلًا نَعَمْ لَوْ تَأَذَّتْ بِالْهَوَامِّ لِلْوَسَخِ وَجَبَ لَهَا مَا تُرَفَّهُ بِهِ ، كَمَا مَرَّ فِي الْخَادِمِ ، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا وَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ لَهَا إلَّا بِمَا يَسْقُطُ بِهِ مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُهُ ( حَتَّى تُقِرَّ ) هِيَ ( بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ) بِوَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ فِي اسْتِمْرَارِ النَّفَقَةِ كَمَا تُصَدَّقُ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ ( وَإِنْ ظَنَّ ) بِهَا ( حَمْلٌ فَأَنْفَقَ ) عَلَيْهَا ( وَبَانَتْ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( حَائِلًا ، وَأَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ اسْتَرَدَّ ) مِنْهَا ( مَا ) أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا ( بَعْدَ الْأَقْرَاءِ ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي ) قَدْرِ ( مُدَّتِهَا ) بِيَمِينِهَا إنْ كَذَّبَهَا وَبِدُونِهَا إنْ صَدَّقَهَا فَإِنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انْقِضَائِهَا قَدَّرَتْ ( بِعَادَتِهَا ) حَيْضًا وَطُهْرًا إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ ( فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَبِأَقَلِّهَا ) تَعْتَبِرُ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَا زَادَ ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ ، وَهِيَ لَا تَدَّعِي زِيَادَةً عَلَيْهِ ( فَإِنْ نَسِيَتْهَا فَبِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ) تَعْتَبِرُ فَيَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَيْهَا أَخْذًا بِغَالِبِ الْعَادَاتِ ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ النَّصِّ وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَبِي الْفَرَجِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ فَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنْ اسْتَغْرَبَ الْأَذْرَعِيُّ النَّصَّ ثُمَّ قَالَ : وَالْمَحْكِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالسَّرَخْسِيِّ هُوَ مَا أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ
الرَّازِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ أَقْيَسُ لَكِنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ .
( وَيَسْتَرِدُّ ) مِنْهَا الزَّوْجُ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ ( إنْ انْتَفَى عَنْهُ الْوَلَدُ ) الَّذِي أَتَتْ بِهِ ( لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ ) لِلُّحُوقِ بِهِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ ( لَكِنَّهَا تُسْأَلُ ) عَنْ الْوَلَدِ ( فَقَدْ تَدَّعِي وَطْءَ شُبْهَةٍ ) بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ ( فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ وَالْحَمْلُ يَقْطَعُهَا كَالنَّفَقَةِ فَتُتِمُّهَا ) أَيْ الْعِدَّةَ ( بَعْدَ وَضْعِهِ وَيُنْفِقُ ) عَلَيْهَا ( تَتِمَّتَهَا ) أَيْ الْعِدَّةَ ، وَقَدْ تَدَّعِي وُقُوعَ ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فَتَرُدُّ الْمَأْخُوذَ بَعْدَهَا لِاعْتِرَافِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا ( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ ) وَضَعَتْ وَلَدًا ( طَلَّقْتُك قَبْلَ الْوَضْعِ ) وَانْقَضَتْ عِدَّتُك بِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَك الْآنَ ( فَقَالَتْ ) بَلْ طَلَّقَنِي بَعْدَهُ فَلِي النَّفَقَةُ ( وَجَبَتْ الْعِدَّةُ ) عَلَيْهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِيهِ ( وَالنَّفَقَةُ ) لَهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا وَبَقَاءُ النِّكَاحِ ( وَسَقَطَتْ الرَّجْعَةُ ) ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِزَعْمِهِ ، وَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ قُبِلَ فِيمَا يَضُرُّهُ دُونَ مَا يَضُرُّ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بَيْعَ عَبْدٍ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي لُزُومِ الثَّمَنِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اشْتَرَى ( فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ ) فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَزْعُمُ هُوَ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِيهِ ( فَلَا مَهْرَ ) عَلَيْهِ لَهَا ( لِاعْتِرَافِهَا بِالنِّكَاحِ ) وَالْوَطْءِ فِيهِ ( فَإِنْ اخْتَلَفَا بِالْعَكْسِ ) فَقَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ الْوَضْعِ فَلِي الرَّجْعَةُ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ ، وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا رَجْعَةَ لَك ( فَلَهُ الرَّجْعَةُ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ ( وَلَا نَفَقَةَ لَهَا ) لِزَعْمِهَا وَفِي هَذِهِ تَفْصِيلٌ مَرَّ فِي آخِرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الْعِدَّةِ .
( قَوْلُهُ : مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا ) لَوْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ عَادَ حَقُّهَا بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَإِذَا حَضَنَتْ الْوَلَدَ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيلِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ ، وَأَقَرَّهُ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ ( قَوْلُهُ : نَعَمْ لَوْ تَأَذَّتْ بِالْهَوَامِّ لِلْوَسَخِ وَجَبَ لَهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ : تَجِبُ ) عَلَيْهِ ( النَّفَقَةُ ) الشَّامِلَةُ لِلْأُدْمِ ( وَالْكِسْوَةِ لِحَامِلٍ بَائِنٍ بِطَلَاقٍ ) ثَلَاثٍ ( وَخُلْعٍ ) لِآيَةِ { وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ } وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَائِهِ فَهُوَ مُسْتَمْتِعٌ بِرَحِمِهَا فَصَارَ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ إذْ النَّسْلُ مَقْصُودٌ بِالنِّكَاحِ كَمَا أَنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودٌ بِهِ ( لَا مَوْتٍ ) أَيْ لَا بِمَوْتِهِ لِخَبَرِ { لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ حَمْلِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَكَذَا النَّفَقَةُ بِسَبَبِهِ ، وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ فِيمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ ثُمَّ قَبْلَ الْمَوْتِ فَاغْتُفِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ ( وَ ) يَجِبُ ذَلِكَ لَهَا ( بِفُرْقَةٍ بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَالرِّدَّةِ ) وَالرَّضَاعِ ( وَاللِّعَانِ ) إنْ لَمْ يَنْفِ الْوَلَدَ ؛ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلنِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ ( لَا ) بِسَبَبٍ ( مُقَارِنٍ ) لِلْعَقْدِ ( كَالْعَيْبِ وَالْغُرُورِ ) فَلَا تَجِبُ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِهِ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ ، وَقِيلَ يَجِبُ التَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْخِيَارِ ( وَهِيَ ) أَيْ النَّفَقَةُ الشَّامِلَةُ لِمَا مَرَّ ( لِلْحَامِلِ ) بِسَبَبِ الْحَمْلِ ( لَا لِلْحَمْلِ ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ لَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ ؛ وَلِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ لَمَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْسِرِ ؛ وَلِأَنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الْقَدْرِ بِيَسَارِ الزَّوْجِ ، وَإِعْسَارِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ ؛ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ إذَا احْتَاجَ إلَى حَاضِنَةٍ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْحَاضِنَةِ ، وَالْحَامِلُ لَا تَتَقَاعَدُ عَنْ الْحَاضِنَةِ ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ .
(
فَتَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ ) بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْلُ حُرًّا أَمْ رَقِيقًا ( لَا لِلْحَامِلِ مِنْ ) وَطْءِ ( شُبْهَةٍ ) وَلَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً كَأَنْ وُطِئَتْ نَائِمَةً أَوْ مُكْرَهَةً فَلَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ بِهَا وَلَا عَلَى الْوَاطِئِ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ ( وَتَسْقُطُ ) النَّفَقَةُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ الزَّوْجِ ( لَا السُّكْنَى بِنَفْيِ الْحَمْلِ ) ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ عَنْهُ وَصَارَتْ فِي حَقِّهِ كَالْحَائِلِ فَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ دُونَ السُّكْنَى ( فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ ) بَعْدَ نَفْيِهِ ( رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ ، وَ ) بِبَدَلِ ( الْإِنْفَاقِ ) عَلَيْهَا قَبْلَ الْوَضْعِ ، وَعَلَى وَلَدِهَا ( وَلَوْ كَانَ ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ ( بَعْدَ الرَّضَاعِ ) ؛ لِأَنَّهَا أَدَّتْ ذَلِكَ بِظَنِّ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا فَإِذَا بَانَ خِلَافُهُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا أَدَّاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ يَرْجِعُ بِهِ ، وَكَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَبِيهِ بِظَنِّ إعْسَارِهِ فَبَانَ مُوسِرًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُتَبَرِّعِ ، وَاسْتُشْكِلَ رُجُوعُهَا بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى الْوَلَدِ بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَبَ هُنَا تَعَدَّى بِنَفْيِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا طَلَبٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ فَلَمَّا أَكَذَبَ نَفْسَهُ رَجَعَتْ حِينَئِذٍ .
( فَرْعٌ : نَفَقَتُهَا ) أَيْ الْبَائِنُ الْحَامِلِ ( كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ ) فِي التَّقْدِيرِ وَغَيْرِهِ ( فَتَصِيرُ دَيْنًا ) عَلَى الزَّوْجِ إذَا تَرَكَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا مُدَّةً فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّهَا ( وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَمَّا وَجَبَ مِنْهَا ) لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَجِبْ مِنْهَا كَنَظَائِرِهَا ( وَلَا تُؤَخَّرُ ) نَفَقَتُهَا ( إلَى الْوَضْعِ ) وَحِينَئِذٍ ( فَتُسَلَّمُ ) إلَيْهَا ( يَوْمًا يَوْمًا ) لِآيَةِ { وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ } ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ
أُخِّرَتْ عَنْهَا إلَى الْوَضْعِ لَتَضَرَّرَتْ ( لَكِنْ ) إنَّمَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا ( بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ ) لَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْمُوجِبِ ، وَكَظُهُورِهِ اعْتِرَافُ الزَّوْجِ بِهِ وَلَوْ ادَّعَتْ ظُهُورَهُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ ( وَيَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ ) وَلَوْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ أَنْفَقَ بِظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ عَلَيْهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ ) أَيْ زَوْجُ الْبَائِنِ الْحَامِلِ ( قَبْلَ الْوَضْعِ لَمْ تَسْقُطْ ) نَفَقَتُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ وَالْبَائِنُ لَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ بَلْ تَعْتَدُّ عَنْ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ ، وَهِيَ كَأَنَّهَا تُوجِبُ هَذِهِ النَّفَقَةَ دُفْعَةً فَتَصِيرُ كَدَيْنٍ عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ ، وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَالْقَوْلُ فِي تَأَخُّرِ تَارِيخِ الْوَضْعِ قَوْلُ مُدَّعِيهِ ) فَلَوْ قَالَتْ وَضَعْت الْيَوْمَ فَلِي نَفَقَةُ شَهْرٍ قَبْلَهُ ، وَقَالَ بَلْ وَضَعْت مِنْ شَهْرٍ قَبْلَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَضْعِ وَبَقَاءُ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَّةً أَمْ أَمَةً ( لَكِنْ إنْ ادَّعَتْ الْإِنْفَاقَ ) عَلَى وَلَدِهَا مِنْ مَالِهَا ( لَمْ تَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَتْهُ حَتَّى تُشْهِدَ ) أَيْ تُثْبِتَ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ أَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُنْفِقَ ( لِتَرْجِعَ ) عَلَيْهِ ( فَرْعٌ : لَا نَفَقَةَ لِحَامِلٍ ) مِنْهُ مَمْلُوكَةٍ ( لَهُ أَعْتَقَهَا ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ النَّصِّ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ حَامِلًا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا حَتَّى تَضَعَ قَالَ : وَيُمْكِنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ وَيُحْتَمَلُ الْإِطْلَاقُ ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ قَوْلَنَا النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ مَعْنَاهُ يَسْتَمِرُّ مَا كَانَ قَبْلَ زَوَالِ الْعَلَقَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا كَانَتْ وَاجِبَةً قَبْلَ الْعِتْقِ فَإِذَا
عَتَقَتْ ، وَهِيَ حَامِلٌ لَزِمَتْهُ كَالْبَائِنِ الْحَامِلِ ( وَلَا يَلْزَمُ الْجَدَّ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الْحَامِلِ مِنْهُ إلَّا إنْ أَوْجَبْنَاهَا لِلْحَمْلِ ) ، وَهِيَ لَا تَجِبُ لَهُ بَلْ لِلْحَامِلِ كَمَا مَرَّ ، وَهِيَ لَيْسَتْ زَوْجَةً لِلْجَدِّ وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ كَمَا تَرَكَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ أَخْصَرَ ( وَلَوْ نَشَزَتْ الْحَامِلُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ ) كَانَتْ ( بَائِنًا ) كَالزَّوْجَةِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَ ) امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا ( وَاسْتَمْتَعَ بِهَا ) ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا ( ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ ) عَلَيْهَا بَلْ يَجْعَلُ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا ، وَإِتْلَافِهِ مَنَافِعَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلًا أَمْ حَائِلًا قَالَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا التَّوْجِيهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَمِعْ بِهَا ، وَكَانَ قَدْ تَسَلَّمَهَا اسْتَرَدَّ وَلَيْسَ مُرَادًا
قَوْلُهُ : الشَّامِلَةُ لِلْأُدْمِ ) إذْ يَجِبُ لَهَا مَا يَجِبُ لِلرَّجْعِيَّةِ فَتَجِبُ عَلَى الِابْنِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ الْحَامِلِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ لَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ إلَخْ ) وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ لَمَا لَزِمَتْ الْأَبَ إذَا مَلَكَ الْحَمْلَ مَالًا بِوَصِيَّةٍ أَوْ إرْثٍ ، وَهِيَ تَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا ، وَلَلَزِمَتْ الْجَدَّ عِنْدَ إعْسَارِ الْأَبِ ، وَهِيَ لَا تَلْزَمُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ( قَوْلُهُ : وَلَا عَلَى الْوَاطِئِ ) بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا حَالَ الِاجْتِمَاعِ فَبَعْدَ التَّفْرِيقِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَنْفَقَ بِظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ عَلَيْهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) شَمِلَ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ نَفَقَةٌ مُعَجَّلَةٌ ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى ظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ فَإِنْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِهِ رَجَعَ عَلَيْهَا ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ نَفَقَةٌ مُعَجَّلَةٌ لَمْ يَرْجِعْ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ، وَالْمُعْتَمَدُ رُجُوعُهُ بِهِ مُطْلَقًا ( قَوْلُهُ : قَالَ وَيُمْكِنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَكِنَّهَا لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الرَّاجِحِ ، وَكَتَبَ شَيْخُنَا أَيْضًا لَوْ جَدَّدَ نِكَاحَ الْبَائِنِ الْحَامِلِ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا تَوَقَّفَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا عَلَى تَمْكِينٍ جَدِيدٍ لِانْقِطَاعِ حُكْمِ النَّفَقَةِ الْأُولَى كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ نَشَزَتْ الْحَامِلُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا ) مِثْلُهَا كُلُّ مَنْ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ كَالْأَمَةِ الَّتِي تُسَلِّمُ لَيْلًا فَقَطْ ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ مُرَادًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ ) .
( الْأَوَّلُ فِي ثُبُوتِ الْفَسْخِ ) بِهِ ( فَلَهَا ) وَلَوْ رَجْعِيَّةً ( فَسْخُ نِكَاحِ ) زَوْجٍ لَهَا ( عَاجِزٌ عَنْ نَفَقَتِهَا ) بِطَرِيقِهِ الْأَتْي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ فَقَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ لَهُ سُنَّةٌ فَقَالَ نَعَمْ سُنَّةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهَا إذَا فُسِخَتْ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَلَأَنْ تُفْسَخَ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهَا أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ التَّمَتُّعِ أَسْهَلُ مِنْهُ عَنْ النَّفَقَةِ هَذَا ( إنْ لَمْ تَرْضَ ذِمَّتَهُ ) أَيْ بِهَا وَهَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ لَهَا الْفَسْخَ ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِذِمَّتِهِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهَا إنْ شَاءَتْ صَبَرَتْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا وَنَفَقَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ ، وَإِنْ شَاءَتْ فَسَخَتْ ( لَا ) نِكَاحَ ( مُوسِرٍ ) فَلَيْسَ لَهَا فَسْخُهُ ( وَلَوْ امْتَنَعَ ) مِنْ الْإِنْفَاق عَلَيْهَا ( أَوْ غَابَ ) عَنْهَا لِتَمَكُّنِهَا مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ أَوْ بِيَدِهَا إنْ قَدَرَتْ .
وَكَذَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْغَائِبِ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ النَّفَقَةِ بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ كَتَعَذُّرِهَا بِالْإِفْلَاسِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَأَقَرَّهُ ( بَلْ يَبْعَثُ الْقَاضِي ) أَيْ قَاضِي بَلَدِهَا ( إلَى قَاضِي بَلَدِهِ فَيُلْزِمُهُ ) بِدَفْعِ نَفَقَتِهَا إنْ عُلِمَ مَوْضِعُهُ ( وَاخْتَارَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ ) وَغَيْرُهُمَا ( جَوَازَ الْفَسْخِ ) لَهَا ( إذَا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا ) فِي غَيْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ ( وَقَالَ الرُّويَانِيُّ ، وَ ) ابْنُ أُخْتِهِ ( صَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ الْمَصْلَحَةَ الْفَتْوَى بِهِ ، وَإِنْ أَثْبَتَتْ ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً
عِنْدَ حَاكِمِ بَلَدِهَا ( بِإِعْسَارِ غَائِبٍ فُسِخَتْ ، وَلَوْ قَبْلَ إعْلَامِهِ وَتُفْسَخُ لِغَيْبَةِ مَالِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ ) ، وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ لِتَضَرُّرِهَا بِالِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنَا أَحْضُرُهُ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ : فَإِنْ كَانَ بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا فَسْخَ ، وَيُؤْمَرُ بِتَعْجِيلِ الْإِحْضَارِ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُهْلَةِ ، وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ مُوسِرًا وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ ، وَإِذَا غَابَ وَهُوَ مُوسِرٌ فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ ، وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا .
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ ) .
( قَوْلُهُ : إنْ لَمْ تَرْضَ ذِمَّتَهُ ) أَيْ بِهَا ، فَإِنْ رَضَتْ بِذِمَّتِهِ بِأَنْ صَبَرَتْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا أَوْ اقْتَرَضَتْ وَأَنْفَقَتْ مَعَ بَقَاءِ نَفَقَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ ، وَلَا بِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ ) فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ ( قَوْلُهُ : نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْغَائِبِ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ إلَخْ ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَاضِي الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا فَسْخَ مَا دَامَ الزَّوْجُ مُوسِرًا ، وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ عِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ غَيْبَةِ الْمَالِ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَغَيْبَةِ الْمَالِكِ الْمُوسِرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ غَائِبًا كَانَ الْعَجْزُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ ، وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَهُوَ مُوسِرٌ فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ وَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهَا قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَنْ الْبَغَوِيّ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ الْمَصْلَحَةَ الْفَتْوَى بِهِ ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعْسَارَ عَيْبٌ ( قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَ ) تُفْسَخُ ( لِتَأْجِيلِهِ ) أَيْ لِتَأْجِيلِ دَيْنِهِ عَلَى غَيْرِهِ ( قَدْرَ مُدَّةِ إحْضَارِهِ ) أَيْ إحْضَارِ مَالِهِ الْغَائِبِ ( مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ) بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِ بِدُونِ قَدْرِ ذَلِكَ .
( وَ ) تُفْسَخُ ( لِكَوْنِهِ ) أَيْ مَالِهِ ( عَرُوضًا لَا يَرْغَبُ فِيهَا ، وَ ) لِكَوْنِ دَيْنِهِ ( حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ لَا ) عَلَى ( مُوسِرٍ حَاضِرٍ ، وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الَّتِي عَلَيْهَا دَيْنُهُ ( هِيَ ) أَيْ زَوْجَتُهُ ؛ لِأَنَّهَا فِي حَالَةِ الْإِعْسَارِ لَا تَصِلُ إلَى حَقِّهَا ، وَالْمُعْسِرُ مَنْظَرٌ بِخِلَافِهَا فِي حَالِ الْيَسَارِ ( فَإِنْ غَابَ ) مَدِينُهُ الْمُوسِرُ وَمَالُهُ بِدُونِ مَسَافَةٍ الْقَصْرِ ( فَوَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا لَا تُفْسَخُ كَمَا لَوْ غَابَ الزَّوْجُ الْمُوسِرُ وَثَانِيهِمَا تُفْسَخُ لِتَضَرُّرِهَا ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَهَا الْفَسْخُ جَزْمًا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ .
( وَلَا ) تُفْسَخُ ( بِكَوْنِهِ مَدْيُونًا ) ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ حَتَّى يَصْرِفَهُ إلَيْهَا .
( وَتَفْسَخُ ) بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهَا ( وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهَا عَنْهُ ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلْفَسْخِ ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ فَتَبَرَّعَ غَيْرُهُ بِأَدَائِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ مِنْهُ مِنْ الْمُتَبَرِّعِ ثُمَّ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لِلزَّوْجِ ثُمَّ سَلَّمَهَا الزَّوْجُ لَهَا لَمْ تَفْسَخْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ .
( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ ) وَفِي الْخَادِمِ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَتَعْلِيقِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ .
( لَا ) إنْ تَبَرَّعَ بِهَا ( الْأَبُ ) ، وَإِنْ عَلَا ( عَنْ طِفْلِهِ ) أَوْ نَحْوِهِ - فَلَا فَسْخَ لَهَا إذْ يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَرَّعَ بِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ ، وَيَكُونُ الْوَلِيُّ كَأَنَّهُ وَهَبَ ، وَقِيلَ لَهُ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ : نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ لَوْ تَطَوَّعَ عَنْ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ لَا خِيَارَ لَهَا ؛ لِأَنَّهَا وَاجِدَةٌ لِلنَّفَقَةِ
( قَوْلُهُ : لَا الْأَبُ عَنْ طِفْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ ) مِثْلُهُ السَّيِّدُ عَنْ رَقِيقِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَلَدَ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ فَلَا شَكَّ فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ وَلُزُومِ الْقَبُولِ ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ كَذَلِكَ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّ لِلْوَارِثِ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ ، وَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ الْقَبُولُ بَسَطَ
( وَلَا ) تَفْسَخُ ( بِضَمَانٍ ) مِنْ غَيْرِهِ لَهُ ( بِإِذْنِهِ نَفَقَةَ يَوْمٍ فَيَوْمٍ ) بِأَنْ يُجَدِّدَ ضَمَانَ كُلِّ يَوْمٍ ، وَإِلَّا فَضَمَانُهَا جُمْلَةً لَا يَصِحُّ فَتَفْسَخُ بِهِ ( فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُوسِرُ ) أَوْ الْمُتَوَسِّطُ ( مُدًّا لَمْ تَفْسَخْ ) ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي قِوَامًا ( وَبَقِيَ الْبَاقِي دَيْنًا ) عَلَيْهِ .
( فَصْلٌ : لَا تَفْسَخُ امْرَأَةُ ) رَجُلٍ ( مُكْتَسِبٍ مَا يُنْفِقُ ) عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فَلَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَمْ تَفْسَخْ ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا تَجِبُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّخِرَ لِلْمُسْتَقْبَلِ ( وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ أُجْرَةُ أُسْبُوعٍ فِي يَوْمٍ مِنْهُ ) ، وَكَانَتْ تَفِي بِنَفَقَةِ جَمِيعِهِ فَإِنَّهَا لَا تَفْسَخُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْسِرٍ ( بَلْ تَسْتَدِينُ ) لِمَا يَقَعُ مِنْ التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نُصَبِّرُهَا أُسْبُوعًا بِلَا نَفَقَةٍ بَلْ الْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْوَاجِدِ لِنَفَقَتِهَا وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ ( فَلَوْ بَطَلَ ) مَنْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي بَعْضِ الْأُسْبُوعِ نَفَقَةَ جَمِيعِهِ الْكَسْبَ ( أُسْبُوعًا لِعَارِضٍ فَسَخَتْ ) لِتَضَرُّرِهَا وَتَكُونُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِقَدْرِ مَا مَرَّ فِيهِ ( لَا لِامْتِنَاعِ ) لَهُ مِنْ الْكَسْبِ فَلَا تَفْسَخُ ( كَالْمُوسِرِ ) الْمُمْتَنِعِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ إلَخْ ) أَيْ كَسْبًا حَلَالًا
( وَلَا ) تَفْسَخُ ( بِالْعَجْزِ عَنْ الْأُدْمِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْسَغْ الْقُوتُ بِدُونِهِ لِبَعْضِ النَّاسِ ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ ، وَالنَّفْسُ تَقُومُ بِدُونِهِ ( وَ ) لَا عَنْ ( نَفَقَةِ الْخَادِمِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا .
( وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا ) يَعْجِزُ بِهِ عَنْ الْكَسْبِ ، وَكَانَ ( يَبْرَأُ لِثَلَاثٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ ( لَمْ تَفْسَخْ ) إذْ لَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمِثْلِ ذَلِكَ ( أَوْ ) كَانَ ( يَطُولُ ) زَمَنُهُ بِأَنْ لَا يَبْرَأَ لِثَلَاثٍ ( فَسَخَتْ ) لِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ ( لِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ ) .
( وَلَوْ عَجَزَ عَنْ السُّكْنَى أَوْ الْكِسْوَةِ فَسَخَتْ ) أَيْضًا لِتَضَرُّرِهَا بِعَدَمِهِمَا بَلْ لَا تَبْقَى النَّفْسُ بِدُونِ الْكِسْوَةِ غَالِبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْكِسْوَةِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْفَارِقِيُّ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ ، وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْقَمِيصِ ، وَالْخِمَارِ وَجُبَّةِ الشِّتَاءِ فَلَهَا الْفَسْخُ أَوْ مِمَّا مِنْهُ بُدٌّ كَالسَّرَاوِيلِ ، وَالنَّعْلِ فَلَا ، قَالَ : وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَوَانِي ، وَالْفُرُشِ وَنَحْوِهَا فَالْمُتَّجَهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَا فَسْخَ ؛ لِأَنَّ مَا يُسْتَحَقُّ لِلْإِصْلَاحِ وَالزِّينَةِ لَا يَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إمْتَاعٌ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ عَدَمَ الْفَسْخِ بِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا كَالسُّكْنَى ( وَإِنْ كَانَتْ تَحْصُلُ الْبَطَالَةُ عَلَى الْعَلَاءِ ) أَيْ الْعُمْلَةُ بِأَنْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَسْتَعْمِلُهُمْ وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ لِذَلِكَ ، وَكَانَ ذَلِكَ يَقَعُ ( غَالِبًا لَا نَادِرًا أَجَازَ ) لَهَا ( الْفَسْخَ ) لِتَضَرُّرِهَا .
( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) كَالْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ : وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ ) أَيْ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ ( قَوْلُهُ : إنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ إلَخْ ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ
( وَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ نِصْفِ الْمُدِّ غَدَاءً ، وَ ) نِصْفِهِ ( عَشَاءً كَذَلِكَ ) أَيْ وَقْتُهُ ( لَمْ تَفْسَخْ ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا ( أَوْ كَانَ يُحَصِّلُ يَوْمًا مُدًّا وَيَوْمًا نِصْفًا فَسَخَتْ ) لِتَضَرُّرِهَا ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ مُدٍّ وَدُونَهُ أَوْ يَوْمًا مَدًّا وَيَوْمًا لَا يُحَصِّلُ شَيْئًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَلَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مُدٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ ، وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ حِنْثِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى ، وَلَا يَتَعَشَّى فَأَكَلَ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ أَنَّهَا لَا تَفْسَخُ .
قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِالْمُعْجِزِ عَنْ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ فَلَا فَسْخَ ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ وَاجِبُ الْمُعْسِرِ .
( قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَلَا فَسْخَ بِالْمَهْرِ ) أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ ( لِلْمُفَوِّضَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ لَهَا قَبْلَ فَرْضِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ ( وَلَا بِمَهْرٍ وَجَبَ ) بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِدُونِهَا أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ ( بَعْدَ الدُّخُولِ ) لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ كَمَا فِي عَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ ؛ وَلِأَنَّ تَمْكِينَهَا قَبْلَ أَخْذِ الْمَهْرِ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا بِذِمَّتِهِ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا فَلَأَنْ لَا يَكُونُ لَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَى ، وَفَارَقَ الْمَهْرُ الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُ حَيْثُ تَفْسَخُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا ، وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ كَانَ الْمُعَوَّضُ تَالِفًا فَيَتَعَذَّرُ عَوْدُهُ بِخِلَافِهَا فَإِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ فَلَوْ قَبَضَتْ بَعْضَ الْمَهْرِ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ فَلَا فَسْخَ بِعَجْزِهِ عَنْ بَقِيَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ لَهُ مِنْ الْبُضْعِ بِقِسْطِهِ فَلَوْ فَسَخَتْ لَعَادَ لَهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ لِتَعَذُّرِ الشَّرِكَةِ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْفَسْخِ فِيمَا اسْتَقَرَّ لِلزَّوْجِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْفَلَسِ لِإِمْكَانِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَبِيعِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ بِخِلَافِهِ ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُوَافِقُهُ لِصِدْقِ الْعَجْزِ عَنْ بَعْضِهِ ، وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ بَلْ هُوَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا لَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً بِأَلْفٍ لَا نَقُولُ نِصْفُ الْأَلْفِ مُقَابِلٌ لِنِصْفِ الطَّلْقَةِ فَكَذَا لَا يُقَالُ : إنَّ بَعْضَ الْمَهْرِ مُقَابِلٌ لِبَعْضِ الْبُضْعِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ فَيَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ عِنْدَ الْفَسْخِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ لَا يَتَقَسَّطُ عَلَى الْبُضْعِ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الْفَسْخِ قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ : وَقَدْ يُقَالُ هَذَا هُوَ مَأْخَذُ ابْنِ الصَّلَاحِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ التَّبْعِيضَ ، وَقَدْ أَدَّى بَعْضَ الْمَهْرِ فَقَدْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَقْبُوضِ أَوْ حُكْمُ غَيْرِهِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ ، وَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَوْلَى ، وَالْعِنِّينُ الْوَطْءَ قُبِلَ قَوْلُهُمَا ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ مَا ادَّعَيَاهُ .
( قَوْلُهُ : وَلَا بِمَهْرٍ بَعْدَ الدُّخُولِ ) لَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَجُوزُ لَهَا مَعَ وَطْئِهِ أَنْ تَمْتَنِعَ حَتَّى تَتَسَلَّمَ الْمَهْرَ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ وُجُودِ هَذَا الْوَطْءِ عِ قو قَوْلُهُ : قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مَرْدُودٌ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَلَوْ سَلَّطْنَاهُ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ بِتَسْلِيمِ الْبَعْضِ لَأَدَّى إلَى إضْرَارِ الْمَرْأَةِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ وَالثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِتَسْلِيمِ بَعْضِ الْعِوَضِ إذَا لَمْ يَخْشَ تَلَفَ الْبَاقِي وَمَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ بَعْضِهَا إلَّا بِاسْتِيفَاءِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الثَّالِثِ إنَّا لَوْ جَوَّزْنَا ذَلِكَ لَاتَّخَذَهُ الْأَزْوَاجُ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْ حَقِّ حَبْسِ بُضْعِهَا بِتَسْلِيمِ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ صَدَاقٍ هُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ .
الرَّابِعُ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا سَلَّمَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يُلْزَمُ الْمَالِكُ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَاقِي .
الْخَامِسُ أَنَّ قَوْلَهُ لَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخَ لَعَادَ إلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ وَهُوَ أَنَّا لَوْ أَجْبَرْنَاهَا عَلَى التَّسْلِيمِ لَفَاتَ عَلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي رُجُوعِ الْبُضْعِ إلَيْهَا بِكَمَالِهِ ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ بِكَمَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَسْخِ يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْهُ .
السَّادِسُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الرُّجُوعِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ بِالْإِفْلَاسِ لَيْسَ وِزَانَ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ بَلْ وِزَانُهَا مَا إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بَعْضَ الثَّمَنِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ حِصَّةِ مَا سَلَّمَ إلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ أَمْ لَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْفَلَسِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا
فَإِنَّ الْمَبِيعَ فِيهَا دَخَلَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا ، وَلَا تَنْظِيرُهَا بِهَا .
( قَوْلُهُ : وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ بِخِلَافِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ التَّصْرِيحَ بِالْخِيَارِ عَنْ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ : الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ نَقْلًا وَمَعْنًى .
ا هـ .
وَعِبَارَةُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُرْشِدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ تَأْخُذْ الْمُعَجَّلَ فَإِذَا أَخَذَتْهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا مَا لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِذَا حَلَّ ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَصَرَّحَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ عِنْدَ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ قَبْضِهَا لَا الْمُعَجَّلِ مِنْهُ ، وَهُوَ نَصٌّ فِي خِلَافِ فَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ .
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَهْرَ إذَا كَانَ حَالًّا وَقَبَضَتْ بَعْضَهُ فَلَهَا الْفَسْخُ بِالْإِعْسَارِ بِالْبَاقِي مِنْ بَابِ أَوْلَى ، وَهُوَ الْوَجْهُ نَقْلًا وَمَعْنًى .
ا هـ .
وَبِهِ أَفْتَيْت
( وَلَا ) فَسْخَ لِلزَّوْجَةِ ( بِنَفَقَةٍ ) عَنْ مُدَّةٍ ( مَاضِيَةٍ ) أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهَا لِتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ دَيْنٍ آخَرَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَفْسَخْ فِي يَوْمِ جَوَازِ الْفَسْخِ فَوَجَدَ نَفَقَةً بَعْدَهُ فَلَا فَسْخَ لَهَا بِنَفَقَةِ الْأَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ ( بَلْ تَثْبُتُ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ ) عَنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ ( وَالْأُدْمِ ، وَالْكِسْوَةِ ) ، وَالْأَنِيَّةِ .
( وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ دَيْنًا ) فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ ، وَإِنْ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ ، وَقَدْ حَصَلَ ، وَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ مُوَاسَاةً صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْهَلَاكِ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ تَجِبُ عِوَضًا كَمَا مَرَّ ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعْسِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ إذَا كَانَ الْخَادِمُ مَوْجُودًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ خَادِمٌ فَلَا تَصِيرُ نَفَقَتُهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ ( لَا السُّكْنَى ) فَلَا تَثْبُتُ دَيْنًا ؛ لِأَنَّهَا إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ .
( قَوْلُهُ : وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ إذَا كَانَ الْخَادِمُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حَقِيقَةِ هَذِهِ الْفُرْقَةِ وَهِيَ فَسْخٌ لَا طَلَاقَ ) فَلَا تُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَمَّا ذُكِرَ عَيْبٌ كَالْعُنَّةِ ، وَالْجَبِّ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا عَيْبَ بِهِ ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا فَمَنَعَ وَأَمَرَ بِأَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلَّقَ ( وَيُشْتَرَطُ لِلْفَسْخِ ) الرَّفْعُ إلَى ( الْقَاضِي ) كَمَا فِي الْعُنَّةِ ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَلَا تَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجَةُ بَلْ يَفْسَخُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ ( أَوْ يَأْذَنُ لَهَا ) فِيهِ ، وَلَيْسَ لَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْعَجْزِ الْفَسْخُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي ، وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ فِيهِ قَالَ الْإِمَامُ : وَلَا حَاجَةَ إلَى إيقَاعِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ إثْبَاتُ حَقِّ الْفَسْخِ ( فَإِنْ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ لِعَدَمِ حَاكِمٍ وَمُحَكِّمٍ ) ثَمَّ أَوْ لِعَجْزٍ عَنْ الرَّفْعِ ( نَفَذَ ) ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا لِلضَّرُورَةِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ قَدَرَتْ عَلَى حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ ( فَلَا ) يَنْفُذُ فَسْخُهَا ظَاهِرًا ، وَلَا بَاطِنًا وَقِيلَ يَنْفُذُ بَاطِنًا ، وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ نَقْلِ الْإِمَامُ لَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ .
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْفَسْخِ يُمْهَلُ ) الزَّوْجُ ( بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْهِلْ الْقَاضِي لِيَتَحَقَّقَ إعْسَارُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْسُرُ لِعَارِضٍ ثُمَّ يَزُولُ - وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يَتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةَ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ ( فَلَوْ تَخَلَّلَهَا قُدْرَةٌ ) عَلَى النَّفَقَةِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ يَوْمٍ ، وَوَجَدَ نَفَقَةَ الثَّانِي ، وَعَجَزَ فِي الثَّالِثِ ، وَقَدَرَ فِي الرَّابِعِ ، وَعَجَزَ فِي الْخَامِسِ ( لُفِّقَتْ الثَّلَاثُ ) ، وَلَا يَسْتَأْنِفُهَا لِئَلَّا تَتَضَرَّرَ بِطُولِ الْمُدَّةِ لِلِاسْتِئْنَافِ .
( وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَةَ يَوْمٍ ) قَدَرَ فِيهِ عَلَى نَفَقَتِهِ ( عَنْ يَوْمٍ قَبْلَهُ ) عَجَزَ فِيهِ عَنْ نَفَقَتِهِ لِتَنْفَسِخَ عِنْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الْمُؤَدَّى ( وَإِنْ تَرَاضَيَا ) عَلَى ذَلِكَ ( فَفِيهِ تَرَدُّدٌ ) أَيْ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ ، وَثَانِيهِمَا لَا وَيَجْعَلُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهَا مُبْطِلَةً لِلْمُهْلَةِ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْمُتَبَادَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ ، قَالَ : وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَفْسَخُ بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ فَسْخِهَا بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ مَحَلَّهُ فِي الْمَاضِيَةِ قَبْلَ أَيَّامِ الْمُهْلَةِ لَا فِي أَيَّامِهَا ( ثُمَّ ) إذَا تَخَلَّلَتْ الْمُدَّةُ قُدْرَةٌ ( تَفْسَخُ لِتَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ لَا إنْ سَلَّمَ ) لَهَا ( نَفَقَةَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ ) فَلَا تَفْسَخُ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ الْعَارِضِ الَّذِي كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِهِ ( فَلَوْ سَلَّمَهَا ) لَهَا ( وَعَجَزَ عَنْ ) نَفَقَةِ ( الْخَامِسِ ) أَوْ السَّادِسِ ( فَسَخَتْ ، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الْمُهْلَةَ ) أَيْ مُدَّتَهَا لِمَا مَرَّ .
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْفَسْخِ ) ( قَوْلُهُ : يُمْهَلُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْإِمْهَالَ ثَلَاثًا مُخْتَصٌّ بِالنَّفَقَةِ أَمَّا الْمَهْرُ فَلَا إمْهَالَ فِيهِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ سُكُوتُ الْجُمْهُورِ عَنْهُ .
وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ حَيْثُ جَعَلَا الْفَسْخَ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْقَاضِي ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْوَاضِحِ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَرَأَيْت شَارِحًا قَالَ تَفَقُّهًا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِمْهَالِ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ حَيْثُ فَسَخَتْ بِالْإِعْسَارِ بِهِ .
ا هـ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ : مَا ذَكَرَهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْجُمْهُورِ حَيْثُ جَعَلُوا الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ لَا يُنَافِي الْإِمْهَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إذَا رَفَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي وَقْتَ إعْسَارِهِ بَادَرَتْ بِطَلَبِ الْفَسْخِ ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا بِالْعَيْبِ وَرِضَاهَا بِهِ يُبْطِلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَالْإِمْهَالِ أَمْرٌ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ لِلتَّثَبُّتِ وَتَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ فَإِذَا لَزِمَهُ ذَلِكَ عِنْدَ طَلَبِهَا الْفَسْخَ بِالنَّفَقَةِ مَعَ تَضَرُّرِهَا بِالْإِمْهَالِ فَلَأَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ عِنْدَ طَلَبِهَا الْفَسْخَ بِالْمَهْرِ وَتَضَرُّرُهَا فِيهِ بِالْإِمْهَالِ أَقَلُّ أَوْلَى ، وَلَا تُعَدُّ بِالْإِمْهَالِ مُقَصِّرَةً إلَّا إذَا كَانَ الْفَسْخُ بِيَدِهَا كَمَا فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ وَالْفَسْخِ هُنَا بِالْحَاكِمِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ .
ا هـ .
قَالَ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ وَمَنْ يَعْجِزُ عَنْ أَقَلِّ إنْفَاقٍ لِحَاضِرِ الزَّمَنِ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ مَسْكَنٍ أَوْ مَهْرٍ قَبْلَ دُخُولِهِ فَبَعْدَ الصَّبْرِ ثَلَاثَةٌ يَفْسَخُهُ الَّذِي قَضَى وَقَوْلُهُ : فِيمَا تَقَدَّمَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِمْهَالِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ
تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ ) هُوَ الْأَصَحُّ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ أَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ ثُمَّ نَدِمَتْ فَلَهَا الْفَسْخُ ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا ، وَالضَّرَرُ يَتَجَدَّدُ ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيت بِإِعْسَارِهِ أَبَدًا ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْإِيلَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى يَوْمُ الرِّضَا فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ ( وَيُجَدِّدُ الْإِمْهَالَ ) إذَا طَلَبَتْ الْفَسْخَ بَعْدَ الرِّضَا ، وَلَا يُعْتَدُّ بِالْمَاضِي لِتَعَلُّقِ الْإِمْهَالِ بِطَلَبِهَا فَيَسْقُطُ أَثَرُهُ بِرِضَاهَا ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْإِيلَاءِ حَيْثُ لَا يُجَدِّدُ الْإِمْهَالَ بِطُولِ مُدَّتِهِ ثُمَّ وَبِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى طَلَبِهَا لِلنَّصِّ عَلَيْهَا ثُمَّ بِخِلَافِهَا هُنَا ( وَلَهَا فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ ) مُدَّةُ ( الرِّضَا بِإِعْسَارِهِ الْخُرُوجُ ) مِنْ الْمَنْزِلِ ( لِلِاكْتِسَابِ ) لِلنَّفَقَةِ ( نَهَارًا ) بِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِمَالِهَا أَوْ الْكَسْبِ فِي بَيْتِهَا ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَفِّ مَا عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا ( وَعَلَيْهَا الْعَوْدُ ) إلَى الْمَنْزِلِ ( لَيْلًا ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ دُونَ الِاكْتِسَابِ ( وَلَوْ مَنَعَته الِاسْتِمْتَاعُ ) نَهَارًا ( جَازَ لَكِنْ تَسْقُطُ ) نَفَقَةُ مُدَّةِ مَنْعِهَا إنْ مَنَعَتْهُ لَيْلًا ( عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَمْنَعْهُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهَا .
( قَوْلُهُ : وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ نَهَارًا جَازَ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي زَمَانِ الْإِنْظَارِ اسْتَحَقَّهُ لَيْلًا ؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ الدَّعَةِ ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ نَهَارًا ؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ الِاكْتِسَابِ .
ا هـ .
وَيُزَادُ عَلَيْهِ قَيْدٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّيْلِ فِي وَقْتِ مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ عَادَةً فَلَوْ كَانَتْ فِي خِدْمَةِ قَوْمٍ لَا تَنْقَضِي حَوَائِجُهُمْ إلَّا بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهَا الِاسْتِمْتَاعَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، وَلَا عِنْدَ عِشَاءٍ الْآخِرَةِ ، وَلَا بَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مَشْغُولَةٌ فِيهِ بِالْخِدْمَةِ وَهَذَا كَمَا سَبَقَ فِي الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي إذَا سَقَطَ اسْتِمْتَاعُهُ نَهَارًا أَنْ تَسْقُطَ النَّفَقَةُ كَالْأَمَةِ إذَا سَلَّمَتْ لَيْلًا فَقَطْ قِيلَ الْمَنْعُ فِي الْأَمَةِ مِنْ جِهَتِهَا وَهُنَا الْمَنْعُ مِنْ جِهَتِهِ
( فَصْلٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ : لَوْ ( أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ فَلَهَا الْفَسْخُ بِالْقَاضِي ) أَيْ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي النَّفَقَةِ ( قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ ) كَمَا مَرَّ ، وَلَا فَسْخَ لَهَا
( إنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ ) بِالْمَهْرِ ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَا يَتَجَدَّدُ ، وَكَمَا لَوْ رَضِيَتْ بِهِ فِي النِّكَاحِ ثُمَّ بَدَا لَهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَهَذَا ضَعِيفٌ ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ فَقَدْ حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ وَذَاكَ عَنْ الْقَدِيمِ وَقَدْ اغْتَرَّ فِي الرَّوْضَةِ بِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عِنْدِهِ لِمَا لَمْ يَقِفْ عَلَى غَيْرِهِ وَزَادَ فَعَبَّرَ بِالْأَصَحِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَلَى الْفَسْخِ اقْتَصَرَ الْمَاوَرْدِيُّ ، وَالْجُمْهُورُ .
انْتَهَى ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ
( وَالْخِيَارُ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ ) أَيْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي ( عَلَى الْفَوْرِ ) فَلَوْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ وَقَدْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ ( وَقَبْلَهُ عَلَى التَّرَاخِي ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَخِّرُ الطَّلَبَ لِتَوَقُّعِ الْيَسَارِ وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَلَا دُونَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ
( فَرْعٌ ) لَوْ غَابَ الزَّوْجُ فَأَثْبَتَتْ الْمَرْأَةُ إعْسَارَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَفَسَخَتْ وَعَادَ الزَّوْجُ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا فِي الْبَلَدِ خَفِيَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ الْإِعْسَارِ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الْفَسْخِ إلَّا أَنْ يَدَّعِي أَنَّهَا تَعْلَمُهُ وَتَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيَبْطُلُ الْفَسْخُ إذَا أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَوْلُهُ : ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بَلْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الطَّرَفُ الرَّابِعُ : فِيمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ وَهِيَ الْمَرْأَةُ فَلَا فَسْخَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ ) بِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِنَفَقَةٍ أَوْ مَهْرٍ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَتُهُمَا كَمَا لَا يُطْلَقُ عَلَى الصَّغِيرِ ، وَالْمَجْنُونِ ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَصْلَحَتُهُمَا ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ ، وَالشَّهْوَةِ فَلَا يُفَوَّضُ إلَى غَيْرِ ذِي الْحَقِّ ( بَلْ تَبْقَى النَّفَقَةُ ، وَالْمَهْرُ ) لَهُمَا ( دَيْنًا ) عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ ( وَيُنْفِقُهَا مَنْ يُنْفِقُهَا ) أَيْ وَيُنْفِقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا ( خَلِيَّةً ) فَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَنَفَقَتُهُمَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا قَبْلَ النِّكَاحِ .
( وَتَسْتَقِلُّ الْأَمَةُ بِالْفَسْخِ لِلنَّفَقَةِ ) كَمَا تَفْسَخُ بِجَبِّهِ وَعُنَّتِهِ ؛ وَلِأَنَّهَا صَاحِبَةُ حَقٍّ فِي تَنَاوُلِ النَّفَقَةِ فَإِنْ أَرَادَتْ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا ( فَإِنْ ضَمِنَ السَّيِّدُ النَّفَقَةَ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ ) يَضْمَنُهَا فَإِنْ ضَمِنَهَا لَهَا بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِهَا صَحَّ ( وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ ) مَعَ الزَّوْجِ ( لَمْ يَفْسَخْ السَّيِّدُ ) لِمَا مَرَّ ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي الْأَصْلِ لَهَا ثُمَّ يَتَلَقَّاهَا السَّيِّدُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ فَيَكُونُ الْفَسْخُ لَهَا لَا لِسَيِّدِهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِلْعَبْدِ أَوْ وَهَبَ مِنْهُ يَكُونُ الْقَبُولُ إلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ يَحْصُلُ لِلسَّيِّدِ ( لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْكَبِيرَةِ الْعَاقِلَةِ مَا لَمْ تَفْسَخْ ) بَلْ يَقُولُ لَهَا افْسَخِي أَوْ اصْبِرِي عَلَى الْجُوعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يُلْجِئُهَا إلَى الْفَسْخِ فَإِذَا فَسَخَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ، وَاسْتَمْتَعَ بِهَا أَوْ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَكَفَى نَفْسَهُ مُؤْنَتَهَا ( وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ لِلْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ ) حَيْثُ يَثْبُتُ بِهِ الْفَسْخُ ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهِ لَا تَعَلُّقَ لِلْأَمَةِ ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي فَوَاتِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ فَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ لِسَيِّدِهَا وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا وَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ يَكُونُ حَقُّ الْفَسْخِ لِلْبَائِعِ لَا لِلْعَبْدِ ( وَتُطَالِبُ الْأَمَةُ زَوْجَهَا بِالنَّفَقَةِ ) كَمَا كَانَتْ تُطَالِبُ السَّيِّدَ ( فَلَوْ أَعْطَاهَا ) لَهَا ( بَرِئَ ) مِنْهَا ( وَمَلَكَهَا السَّيِّدُ ) دُونَهَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَهَا قَبْضُهَا وَتَنَاوُلُهَا ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَأْذُونَةِ فِي الْقَبْضِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ ، وَفِي تَنَاوُلِهَا بِحُكْمِ الْعُرْفِ ( وَتَعَلَّقَتْ ) أَيْ الْأَمَةُ ( بِهَا ) أَيْ بِالنَّفَقَةِ الْمَقْبُوضَةِ ( فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ إبْدَالِهَا ) لَهَا بِغَيْرِهَا ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا ، وَإِنْ
كَانَتْ لَهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَكِنْ لَهَا فِيهَا حَقُّ التَّوَثُّقِ كَمَا أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ وَتَتَعَلَّقُ بِهِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ أَمَّا إذَا أَبْدَلَهَا فَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ ( وَلَهَا إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ ) ؛ لِأَنَّهَا لِلْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ فَكَانَ الْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَمَحَّضُ الْحَقُّ لَهَا وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ سَيِّدِهَا ( لَا الْأَمْسِ ) أَيْ لَيْسَ لَهَا إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَمْسِ كَمَا فِي الْمَهْرِ ( وَالسَّيِّدُ بِالْعَكْسِ ) أَيْ لَهُ إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَمْسِ لَا مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ .
( قَوْله وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ لِلْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ ) أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَلَيْسَ لَهَا ، وَلَا لِسَيِّدِهَا الْفَسْخُ إلَّا بِتَوَافُقِهِمَا عَلَيْهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ إنْ قُلْنَا بِكَلَامِ الْبَارِزِيِّ إنَّ الْمَرْأَةَ تَفْسَخُ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِ الْمَهْرِ كَمَا تَفْسَخُ بِكُلِّهِ اتَّجَهَ الْفَسْخُ لَهَا ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهَا سَيِّدُهَا .
( تَنْبِيهٌ ) الْمُبَعَّضَةُ كَالْقِنَّةِ فِي النَّفَقَةِ وَفِي الْمَهْرِ لَهَا وَلِلسَّيِّدِ مَعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِالْإِعْسَارِ بِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُشْبِهُ أَنْ لَا فَسْخَ بِهِ إلَّا بِالتَّوَافُقِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ ، وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ ، وَقَدْ يُقَالُ غَيْرُ هَذَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
( وَإِنْ ادَّعَى ) الزَّوْجُ ( التَّسْلِيمَ ) لِلنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ أَوْ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلَةِ ( فَأَنْكَرَتْ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ ( وَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ بَرِئَ مِنْ ) النَّفَقَةِ ( الْمَاضِيَةِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْحَاضِرَةِ ، وَالْمُسْتَقْبِلَةِ ( إذْ الْخُصُومَةُ لِلسَّيِّدِ فِي الْمَاضِيَةِ ) كَالْمَهْرِ ( لَا ) فِي ( الْحَاضِرَةِ ) ، وَالْمُسْتَقْبِلَةِ ، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالْقَبْضِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إلَيْهَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ أَوْ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الْمُوسِرِ زَوْجَةَ أَحَدِ أُصُولِهِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُمْ فَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا فَسْخَ لَهُ ، وَلَا لَهَا وَأَلْحَقَ بِهَا نَظَائِرَهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ ، وَاسْتَخْدَمَهُ .
( وَمَنْ طُولِبَ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ ، وَادَّعَى الْإِعْسَارَ يَوْمَ الْوُجُوبِ ) لَهَا حَتَّى يَلْزَمَهُ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ ، وَادَّعَتْ هِيَ الْيَسَارَ فِيهِ ( كَذَبَ إنْ عُرِفَ بِمَالٍ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ ( وَإِلَّا صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ الْكَسْبِ ) الَّذِي يُنْفِقُ مِنْهُ ( وَلَمْ تَرْضَ زَوْجَتُهُ ذِمَّتَهُ فَسَخَتْ ) فَإِنْ رَضِيَتْهَا صَارَتْ نَفَقَتُهَا دَيْنًا عَلَيْهِ .
( فَصْلٌ : لَوْ عَجَزَ ) السَّيِّدُ ( عَنْ نَفَقَةِ أَمْ وَلَدِهِ أُجْبِرَ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ ) أَيْ لِتَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ عَلَى إيجَارِهَا ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا كَمَا لَا يَرْفَعُ مِلْكَ الْيَمِينِ بِالْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ ( فَإِنْ عَجَزَتْ ) عَنْ الْكَسْبِ ( فَفِي بَيْتِ الْمَالِ ) نَفَقَتُهَا .
قَوْلُهُ : وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا إلَخْ ) ، وَلَا عَلَى بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ مُقَابَلَةِ مَالِهِ بِمَالِهِ وَمِنْ تَأْخِيرِ قَبْضِ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ عَجَزَتْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ ) قَالَ الْقَمُولِيُّ : وَلَوْ غَابَ مَوْلَاهَا ، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ ، وَلَا لَهَا كَسْبٌ ، وَلَا كَانَ بَيْتُ مَالٍ فَالرُّجُوعُ إلَى وَجْهِ أَبِي زَيْدٍ بِالتَّزْوِيجِ لِلْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ ) ( وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي شَرَائِطِ الْوُجُوبِ ، وَ ) فِي ( الْكَيْفِيَّةِ ) لِلنَّفَقَةِ ( وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ بَعْضِيَّةٍ وَ ) تَجِبُ ( لَهُ وَهُمْ الْفُرُوعُ ) ، وَإِنْ نَزَلُوا ( ، وَالْأُصُولُ ) ، وَإِنْ عَلَوْا ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ سَائِرِ الْأَقَارِبِ كَالْأَخِ ، وَالْأُخْتِ وَالْعَمُّ وَالْعَمَّةُ ( ذُكُورًا ، وَإِنَاثًا ) ، وَارِثِينَ وَغَيْرَ وَارِثِينَ ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْفُرُوعِ قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } إذْ إيجَابُ الْأُجْرَةِ لِإِرْضَاعِ الْأَوْلَادِ يَقْتَضِي إيجَابَ مُؤْنَتِهِمْ { وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدَ خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ، وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأُصُولِ قَوْله تَعَالَى { وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } وَخَبَرُ { أَطْيَبُ مَا يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْفُرُوعِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ ، وَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ بَلْ هُمْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُمْ أَعْظَمُ ، وَالْفُرُوعُ بِالتَّعَهُّدِ ، وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ وَبِالْجُمْلَةِ تَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَ الدَّيْنُ فَتَجِبُ لِمُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ وَعَكْسُهُ ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَهُوَ الْبَعْضِيَّةُ كَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ ، وَفَارَقَ الْمِيرَاثَ بِأَنَّهُ مُوَالَاةٌ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ بِاخْتِلَافِ الدَّيْنِ وَيُسْتَثْنَى الْمُرْتَدُّ ، وَالْحَرْبِيُّ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا ، وَإِنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ ( فِيمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ يَوْمَهُ ، وَلَيْلَتَهُ ) الَّتِي تَلِيهِ سَوَاءٌ أَفَضَلَ بِالْكَسْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا وُجُوبَ لَهَا ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِلْمُوَاسَاةِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ
فَلِأَهْلِك فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك } ، وَفِي مَعْنَى الْقُوتِ سَائِرُ الْوَاجِبَاتِ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ بِالْحَاجَةِ كَانَ أَوْلَى ، وَفِي مَعْنَى زَوْجَتِهِ خَادِمُهَا وَأُمُّ وَلَدِهِ ( وَيُبَاعُ فِيهَا مِلْكُهُ ) مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ لَا بَدَلَ لَهُ ( كَالدَّيْنِ ) ؛ وَلِأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَمِلْكُهُ يُبَاعُ فِيهِ فَفِيمَا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ أَوْلَى ( فَإِنْ كَانَ ) مِلْكُهُ ( عَقَارًا اُقْتُرِضَ عَلَيْهِ قَدْرٌ ) يَسْهُلُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْعَقَارِ لَهُ ( ثُمَّ يُبَاعُ لَهُ ) لِمَا فِي بَيْعِ كُلِّ يَوْمٍ جُزْءًا بِقَدَرِ الْحَاجَةِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَقِيلَ يُبَاعُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ ذَلِكَ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَلْيُرَجَّحْ هُنَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ قَالَ أَوْ الصَّوَابُ قَالَ ، وَلَا يَنْبَغِي قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْعَقَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي إلَّا الْجَمِيعَ وَتَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ بِيعَ الْجَمِيعُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّشْطِيرِ .
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ ) قَوْلُهُ : وَارِثِينَ وَغَيْرِ وَارِثِينَ ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ بِالْقَرَابَةِ الْمَحْضَةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعْصِيبُ فَشَمَلَهُمْ كَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ ( قَوْلُهُ : وَيُسْتَثْنَى الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ ) إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمَا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الِابْنَ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبٍ إسْمَاعِيلِيٍّ مُصِرٍّ عَلَى إلْحَادِهِ كَمَا لَا يَبْذُلُ الْمَاءَ لِلْمُرْتَدِّ الْعَطْشَانِ ، وَكُلِّ مَنْ يُكَفَّرُ بِبِدْعَتِهِ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ : فِيمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ ) فِي حُكْمِ زَوْجَتِهِ أُمُّ وَلَدِهِ وَخَادِمَةُ زَوْجَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَفِي مَعْنَى الْقُوتِ سَائِرُ الْوَاجِبَاتِ ) قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ ، وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا نَفَقَةُ أَحَدٍ مِنْ الْأَقْرِبَاءِ حَتَّى يَفْضُلَ مِنْ مُؤْنَتِهِ مِنْ طَعَامِهِ وَمَلْبَسِهِ وَمَسْكَنِهِ وَطَيْلَسِهِ وَمَا يَنَامُ عَلَيْهِ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي وُضُوئِهِ وَأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَمَا لَا غِنًى لِمِثْلِهِ عَنْهُ فَإِنْ وَقَعَ لَهُ خَلَلٌ مِنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا فَلَا يُكَلَّفُ نَفَقَةَ ابْنٍ ، وَلَا أَبٍ ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَالْمُوَاسَاةُ إنَّمَا تَلِيقُ بِمَنْ يَفْضُلُ عَنْ حَاجَةِ مَا مَعَهُ ، وَإِلَّا فَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلْمُوَاسَاةِ .
( وَيَلْزَمُهُ ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَكِنَّهُ ذُو كَسْبٍ يُمَكِّنُهُ أَنْ يَكْتَسِبَ مَا يَفْضُلُ عَنْهُ ذَلِكَ ( الِاكْتِسَابُ لِقَرِيبِهِ وَزَوْجَتِهِ كَنَفْسِهِ ) لِخَبَرِ { كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ } رَوَاهُ النَّسَائِيّ ؛ وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ وَيُفَارِقُ الدَّيْنَ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ الِاكْتِسَابُ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ ، وَالنَّفَقَةُ يَسِيرَةٌ .
( قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ لِقَرِيبِهِ إلَخْ ) لَا سُؤَالُ النَّاسِ ، وَلَا قَبُولُ عَطِيَّتِهِمْ
( وَلَا تَجِبُ ) النَّفَقَةُ ( لِغَنِيٍّ ، وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ) وَزَمِنًا ( وَلَا فَقِيرَ يَكْتَسِبُ ) كِفَايَتَهُ لِاغْتِنَائِهِ بِكَسْبِهِ فَإِنْ كَانَ يَكْتَسِبُ دُونَ كِفَايَتِهِ اسْتَحَقَّ الْقَدْرَ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ خَاصَّةً وَقُدْرَةُ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ عَلَى النِّكَاحِ لَا تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ لَا نِهَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاكْتِسَابِ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا إلَى أَنْ تَفْسَخَ لِئَلَّا تَجْمَعَ بَيْنَ نَفَقَتَيْنِ
( قَوْلُهُ : وَقُدْرَةُ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ عَلَى النِّكَاحِ لَا تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ ) أَوْ نَحْوِهَا ( أَوْ كَانَ ) قَادِرًا عَلَيْهِ لَكِنْ ( لَا يَلِيقُ بِهِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَاجِزٌ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ ، وَالثَّانِي فِي مَعْنَاهُ وَأَلْحَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِذَلِكَ الصَّحِيحَ الْمُشْتَغِلَ عَنْ الْكَسْبِ بِالصَّرْفِ فِي مَالِ الْوَلَدِ وَمَصْلَحَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ ( فَلَوْ قَدَرَ ) عَلَيْهِ ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ ( وَجَبَتْ ) أَيْ النَّفَقَةُ ( لِلْأَصْلِ لَا الْفَرْعِ ) لِعَظْمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ ؛ وَلِأَنَّ فَرْعَهُ مَأْمُورٌ بِمُصَاحَبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ ، وَكَمَا يَجِبُ الْإِعْفَافُ وَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَتَرْجِيحُ وُجُوبِهَا لِلْأَصْلِ فِيمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ فَنَصُّ الشَّافِعِيِّ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَبِهِ أَجَابَ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ ثُمَّ قَالَ فَبَانَ لَك أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِمُكْتَسِبٍ أَصْلًا كَانَ أَوْ فَرْعًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ النَّصَّ يَقْتَضِي مَا ذُكِرَ فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ فِيهِ نَصَّيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا جَدِيدَانِ .
( قَوْلُهُ : وَأَلْحَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ قَدَرَ وَامْتَنَعَ إلَخْ ) ذَكَرُوا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ لَكِنْ يَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ ، وَلَوْ اكْتَسَبَ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ حَلَّتْ لَهُ الزَّكَاةُ فَلْيَكُنْ هُنَا مِثْلُهُ ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ كِفَايَتُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ ظَاهِرٌ
( وَلَهُ ) أَيْ لِلْوَلِيِّ ( حَمْلُ الصَّغِيرِ عَلَى الِاكْتِسَابِ ) إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ ( فَإِنْ تَرَكَ ) الصَّغِيرُ الِاكْتِسَابَ ( فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَوْ هَرَبَ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ ) عَلَى وَلِيِّهِ .
( فَصْلٌ : لَا تَقْدِيرَ لَهَا ) أَيْ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ ( بِغَيْرِ الْكِفَايَةِ ) فَلَا يَتَقَدَّرُ إلَّا بِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ فَتُعْتَبَرُ الْحَاجَةُ وَقَدْرُهَا ( فَلِطِفْلٍ إرْضَاعُ حَوْلَيْنِ ) أَيْ مُؤْنَةُ إرْضَاعِهِ فِيهِمَا ( وَفَطِيمٍ ) أَيْ وَلِفَطِيمٍ ( وَنَحْوِهِ ) كَشَيْخٍ أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ( لَائِقٌ بِهِ فَإِنْ ضَيَّفَ ) مَثَلًا ( الْقَرِيبَ سَقَطَتْ ) نَفَقَتُهُ لِحُصُولِ كِفَايَتِهِ بِذَلِكَ ( وَتَخْتَلِفُ ) نَفَقَتُهُ ( بِسِنِّهِ وَحَالِهِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي سِنِّهِ وَزَهَادَتِهِ وَرَغْبَتِهِ ( ، وَلَا يَكْفِي سَدُّ الرَّمَقِ ) لَهُ ، وَلَا يُشْتَرَطُ انْتِهَاؤُهُ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ ( بَلْ ) يُعْطِي ( مَا يُقِيمُهُ لِلتَّرَدُّدِ ) ، وَالتَّصَرُّفِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ : وَلَا يَجِبُ إشْبَاعُهُ أَيْ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ أَمَّا الشِّبَعُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ ( مَعَ أُدْمٍ ) لِئَلَّا تَنْحَلَّ الْقُوَى بِالْخُبْزِ الْبَحْتِ ( وَ ) مَعَ مُؤْنَةِ ( خَادِمٍ إنْ احْتَاجَهُ ) لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( وَ ) مَعَ ( كِسْوَةٍ وَسُكْنَى لَائِقَيْنِ ) بِهِ وَمَعَ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ ( وَهِيَ ) أَيْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ مَعَ مَا ذُكِرَ ( أَمَتَاعٌ لَا يَجِبُ تَمَلُّكُهَا ) ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِعْفَافِ مَا لَهُ بِهَذَا تَعَلُّقٌ ( وَلَا تَصِيرُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دَيْنًا ) ، وَإِنْ تَعَدَّى بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِنْفَاقِ أَوْ فَرَضَهَا الْقَاضِي أَوْ أَذِنَ فِي افْتِرَاضِهَا الْغَيْبَةَ أَوْ امْتِنَاعٍ ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ ، وَإِمْتَاعٌ فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا بِذَلِكَ وَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي أَوْ بِإِذْنِهِ فِي الِاقْتِرَاضِ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيُّ ، وَالْمَنْقُولُ مَا تَقَرَّرَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا جَرَمَ ، وَافَقَهُمْ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَقَدْ
بَسَطَتْ الْكَلَامَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْبَسْطِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ .
( فَإِنْ أَتْلَفَهَا ) أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ قَبْضِهَا ( أَبْدَلَ ) هَا لَهُ الْمُنْفِقُ بِغَيْرِهَا ( لَكِنْ بِإِتْلَافِهِ ) لَهَا ( يَضْمَنُهَا ) فَتَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَغَيْرِهِ فَيَضْمَنُ الرَّشِيدُ بِالْإِتْلَافِ دُونَ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ الْمُنْفِقِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ ، وَسَبِيلُهُ أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يُوَكِّلَ بِإِطْعَامِهِ ، وَلَا يُسَلِّمَهُ شَيْئًا قَالَ ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الرَّشِيدَ لَوْ آثَرَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا لَا يَلْزَمُ الْمُنْفِقَ أَبْدَالُهَا لَهَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً .
قَوْلُهُ : أَمَّا الشِّبَعُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ وَبِهِ الْفَتْوَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّ مَنْ يَأْكُلُ كَأَكْلِ غَالِبِ النَّاسِ أَمَّا لَوْ كَانَ يَأْكُلُ بِقَدْرِ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ أَوْ عِشْرِينَ مَثَلًا فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ إلَّا مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَيَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ وَالتَّصَرُّفِ فَقَطْ ، وَقَوْلُهُ : فَالْأَقْرَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَا تَصِيرُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دَيْنًا ) ، وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ هُنَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ ، وَإِنْ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ بِذَلِكَ فَيَزِيدُ التَّابِعُ عَلَى الْمَتْبُوعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ قَالَ لِأَنَّهَا عِوَضُ الْخِدْمَةِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا خُدِمَتْ بِعِوَضٍ أَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ الْخِدْمَةُ أَوْ وُجِدَتْ مِمَّنْ لَا عِوَضَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي السُّقُوطُ ( قَوْلُهُ أَوْ فَرَضَهَا الْقَاضِي ) نَعَمْ إنْ تَضَمَّنَ فَرْضُ الْحَاكِمِ الْإِذْنَ فِي الِاقْتِرَاضِ فَاقْتَرَضَ الْمُنْفِقُ صَارَتْ دَيْنًا لِأَجْلِ الْإِذْنِ فَقَطْ عِ ( قَوْلُهُ : وَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْجَمَّالِ إذَا هَرَبَ وَتَرَكَ جِمَالَهُ عِنْدَ الْمُكْتَرِي ، وَأَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِنْفَاقِ فَإِنَّهُ إذَا أَنْفَقَ رَجَعَ ، وَإِنْ لَمْ يُنْفَقْ لَمْ يَرْجِعْ ، وَإِنْ قَدَّرَ لَهُ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِجَارَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَاهُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ صَحِيحٌ وَصُورَتُهُ مَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ أَيْ قَدْرَهَا وَأَذِنَ لِإِنْسَانٍ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الطِّفْلِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ فَأَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْقَرِيبِ الْغَائِبِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ
بِفَرْضِ الْقَاضِي وَهُوَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ ، وَأَمَّا إذَا قَالَ الْحَاكِمُ قَدَّرْت عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا ، وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ دَيْنًا ، وَلَيْسَ هُوَ مُرَادُ الْغَزَالِيِّ فَتَأَمَّلْهُ ت ( قَوْلُهُ : نَعَمْ إنْ افْتَرَضَهَا إلَخْ ) أَيْ أَوْ أَذِنَ فِي اقْتِرَاضِهَا ( وَقَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ : تَجِبُ النَّفَقَةُ ، وَالْكِسْوَةُ لِزَوْجَةِ أَصْلٍ تَجِبُ نَفَقَتُهُ ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَمَامِ الْإِعْفَافِ ( لَا ) لِزَوْجَةِ ( فَرْعٍ ) إذْ لَا يَلْزَمُ الْأَصْلَ إعْفَافُهُ ( أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ ) أَيْ وَيَجِبُ ذَلِكَ لِأُمِّ وَلَدِ أَصْلِهِ ( لَا ) لِأُمِّ وَلَدِ ( وَلَدِهِ ) لِذَلِكَ ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ كُنَّ ) الْأَوْلَى كَانَتْ تَحْتَهُ ( زَوْجَاتٌ ) أَوْ مُسْتَوْلَدَاتٌ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ ( أَنْفَقَ ) فَرْعُهُ ( عَلَى وَاحِدَةٍ ) مِنْهُنَّ فَقَطْ كَمَا لَا نَفَقَةَ فِي الِابْتِدَاءِ إلَّا لِوَاحِدَةٍ ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعَهَا لِلْأَبِ ( وَيُوَزِّعَهَا الْأَبُ ) عَلَيْهِنَّ ( وَلَهُنَّ ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ( الْفَسْخُ ) لِفَوَاتِ بَعْضِ حَقِّهَا ( إلَّا الْأَخِيرَةَ ) إذَا تَرَتَّبْنَ فِي الْفَسْخِ فَلَا تَفْسَخُ لِتَمَامِ حَقِّهَا ( وَلَا أُدْمَ ، وَلَا نَفَقَةَ خَادِمٍ ) ؛ لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ وُجُوبِ السُّكْنَى أَيْضًا ، وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الثَّلَاثَةِ جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَيَيْنِ حَيْثُ نَقَلَ عَدَمَ وُجُوبِهِمَا عَنْ الْبَغَوِيّ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ قِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الِابْنَ يَتَحَمَّلُ مَا يَلْزَمُ الْأَبَ وُجُوبُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ عَلَى الْأَبِ مَعَ إعْسَارِهِ .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : تَجِبُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ لِزَوْجَةِ أَصْلٍ تَجِبُ نَفَقَتُهُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ النَّفَقَةُ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْفَرْعِ هَلْ هِيَ نَفَقَةُ مُعْسِرٍ نَظَرًا لِحَالِ الْأَبِ أَمْ يُنْظَرُ لِحَالِ الِابْنِ أَمْ تُعْتَبَرُ الْكِفَايَةُ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ وُجُوبِ السُّكْنَى أَيْضًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَعَلَّهُمْ اسْتَغْنَوْا عَنْ ذِكْرِهَا بِذِكْرِ سُكْنَى الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَعَهُ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الِابْنَ إلَخْ ) يُجَابُ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَحَمُّلِهِ إيَّاهُمَا .
( فَصْلٌ : لَوْ امْتَنَعَ ) الْقَرِيبُ ( مِنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ ) لَهُ ( أَوْ غَابَ ) ، وَلَهُ ثُمَّ مَالٌ ( فَلَهُ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ ، وَكَذَا الْأُمُّ ) لَهَا أَخْذُهَا ( لِلطِّفْلِ ) ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي مِنْ مَالِ أَبِيهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ نَفَقَتِهِ أَوْ غَابَ ، وَلَهُ ثَمَّ مَالٌ لِقِصَّةِ هِنْدَ ( وَلَوْ ) كَانَ مَالُهُ ( مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ) أَيْ الْوَاجِبِ ( أَنَّ عَدَمَ الْجِنْسِ ) ، وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذُ إلَّا مِنْهُ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الْقَيْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) لَهُ ثَمَّ ( مَالٌ أَذِنَ الْقَاضِي ) لِلْقَرِيبِ ( فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَى ) قَرِيبِهِ ( الْغَائِبِ أَوْ لِلْأُمِّ ) فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَى الْأَبِ الْغَائِبِ ، وَ ( الْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ ) بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهَا لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ لَمْ يَقْتَرِضَا عَلَيْهِ وَقِيلَ لِلْأُمِّ أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَيْهِ ، وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ اقْتِرَاضِ الْقَرِيبِ عَلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَتَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مَا يَدُلُّ لَهُ أَيْضًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي الْجَدِّ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ قَاضٍ فَاقْتَرَضَا ) عَلَى الْغَائِبِ ( وَأَشْهَدَا ) بِذَلِكَ ( رَجَعَا ) - عَلَيْهِ بِمَا اقْتَرَضَاهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ ( فَوَجْهَانِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَكَّنَا مِنْ الْإِشْهَادِ أَوْ لَا كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجَمَّالِ .
( وَلَوْ أَنْفَقَتْ ) الْأُمُّ ( عَلَى طِفْلِهَا الْمُوسِرِ مِنْ مَالِهِ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ الْأَبِ ، وَالْقَاضِي ( جَازَ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَصْلَحَتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ غَابَ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ ( أَوْ ) أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ ( مِنْ مَالِهَا لِتَرْجِعَ ) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ إنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ ( رَجَعَتْ إنْ أَشْهَدَتْ بِذَلِكَ ) عِنْدَ عَجْزِهَا عَنْ الْقَاضِي ( وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ : قَضِيَّةُ مَا رَجَّحُوهُ فِي الْمُسَاقَاةِ الْمَنْعُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ تَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ أَوْ لَا ( وَلَوْ غَابَ الْأَبُ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْجَدُّ بِالِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي لَهُ إنْ أَمْكَنَ ، وَإِلَّا فَالْإِشْهَادُ .
قَوْلُهُ : وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُمَا لَا يَرْجِعَانِ ، وَلَوْ عَدَمَا الشُّهُودَ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَسَّكَا إلَخْ ) نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ الْمَالِكُ عِنْدَ هَرَبِ الْعَامِلِ ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمِ إمْكَانِهِ ، وَقَالَ فِيهَا : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ أَنَّ عَدَمَ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ نَادِرٌ وَجَزَمَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيُّ وَابْنُ السِّرَاجِ وَجَمَاعَةٌ بِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَجَزَمَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي اقْتِرَاضِ الْغَرِيبِ نَفَقَةَ نَفْسِهِ وَفِي اقْتِرَاضِ الْجَدِّ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَصْلَحَتَهُ ) وَهُوَ قَلِيلٌ فَسُومِحَ فِيهِ ( قَوْلُهُ : قَضِيَّةُ مَا رَجَّحُوهُ فِي الْمُسَاقَاةِ الْمَنْعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ : لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَخْذُ النَّفَقَةِ ) الْوَاجِبَةِ لَهُمَا عَلَى فَرْعِهِمَا ( مِنْ مَالٍ فَرْعِهِمَا الصَّغِيرِ ) أَوْ الْمَجْنُونِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ ( وَ ) لَهُمَا ( تَأْجِيرُهُ ) أَيْ إيجَارُهُ ( لَهَا ) لِمَا يُطِيقُهُ مِنْ الْأَعْمَالِ ( وَلَا تَأْخُذُهَا الْأُمُّ ) مِنْ مَالِهِ إذَا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ ( وَ ) لَا ( الِابْنُ ) مِنْ مَالِ أَبِيهِ الْمَجْنُونِ إذَا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ ( إلَّا بِالْحَاكِمِ ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا ( فَيُوَلِّي الْقَاضِي الِابْنَ الزَّمِنَ إجَارَةَ أَبِيهِ الْمَجْنُونِ ) إذَا صَلُحَ لِصَنْعَةٍ ( لِنَفَقَتِهِ ) .
( فَصْلٌ : عَلَى الْأُمِّ إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ ) ، وَإِنْ وَجَدَتْ مُرْضِعَةً أُخْرَى ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَوْ لَا يَقْوَى غَالِبًا إلَّا بِهِ وَهُوَ اللَّبَنُ النَّازِلُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيُشْبِهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا يَكْفِيهِ مَرَّةً بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ كَفَتْ ، وَإِلَّا عُمِلَ بِقَوْلِهِمْ ( وَكَذَا اللَّبَنُ ) يَجِبُ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ لَهُ ( إنْ عَدِمَتْ الْمُرْضِعَاتِ ) فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ عَلَيْهَا أَيْضًا إبْقَاءً عَلَى الْوَلَدِ .
( وَلَهَا الِامْتِنَاعُ ) مِنْ الْإِرْضَاعِ ( إنْ وُجِدْنَ ) أَيْ الْمُرْضِعَاتُ ، وَلَوْ وَاحِدَةً سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } ( فَإِنْ طَالَبَتْ بِالْأُجْرَةِ ، وَلَوْ لِلِّبَأِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ أُجِيبَتْ ، وَلَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِأَبِيهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } ؛ وَلِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا ، وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ وَتَعَيُّنُ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا لَا يُوجِبُ التَّبَرُّعَ بِهِ كَمَا يَلْزَمُ مَالِكَ الطَّعَامِ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ بِبَدَلِهِ ( فَلَوْ وَجَدَ مُتَبَرِّعَةً ) بِإِرْضَاعِهِ ( نَزَعَهُ ) مِنْ أُمِّهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُتَبَرِّعَةِ لِتُرْضِعَهُ ( إنْ لَمْ تَتَبَرَّعْ ) أُمُّهُ بِإِرْضَاعِهِ ؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْأُجْرَةَ مَعَ الْمُتَبَرِّعَةِ إضْرَارًا بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى { وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ } ، وَكَالْمُتَبَرِّعَةِ الرَّاضِيَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِهَا ، وَالرَّاضِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ( وَلَوْ ادَّعَى وُجُودَهَا ) أَيْ الْمُتَبَرِّعَةِ أَوْ الرَّاضِيَةِ بِمَا ذَكَرَ وَأَنْكَرَتْ هِيَ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا ؛ وَلِأَنَّهُ
يَشُقُّ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ ( وَالْأُجْرَةُ ) تَجِبُ ( فِي مَالِ الطِّفْلِ ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتَجِبُ ( عَلَى الْأَبِ ) كَالنَّفَقَةِ ( وَلَا يُزَادُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِلْإِرْضَاعِ ) ، وَإِنْ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ الْغِذَاءِ ؛ لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ وَحَاجَتِهَا ( وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْهُ ) أَيْ مِنْ إرْضَاعِهِ حَيْثُ اخْتَارَتْهُ ( وَلَوْ أَخَذَتْ الْأُجْرَةَ ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ ، وَأَوْفَقُ وَلِمَا فِي مَنْعِهَا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَأْجَرَةً لِلْإِرْضَاعِ قَبْلَ نِكَاحِهَا ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ تَخَيَّرَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالتَّمَتُّعِ وَتَبِعَ فِي تَخْيِيرِهِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ بِمَا فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا تَقَرَّرَ مَحَلُّهُ فِي الزَّوْجَةِ ، وَالْوَلَدِ الْحُرَّيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ رَقِيقًا ، وَالْأُمُّ حُرَّةٌ فَلَهُ مَنْعُهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ ، وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً الْوَلَدُ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ فَقَدْ يُقَالُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَهُوَ الْمُجَابُ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ ( لَكِنْ إنْ أَخَذَتْهَا ) أَيْ الْأُجْرَةَ ( سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إنْ نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعُ ) بِإِرْضَاعِهَا ، وَإِلَّا فَلَا .
( قَوْلُهُ : وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَآخَرُونَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ نَقَلَهُمَا ابْنُ كَبْنٍ فِي نُكَتِهِ وَعِبَارَةُ الْبَيَانِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ حَتَّى يُرْوَى وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ ( قَوْلُهُ فَلَوْ وَجَدْنَا مُتَبَرِّعَةً بِإِرْضَاعِهِ ) أَوْ بِحَضَانَتِهِ ( قَوْلُهُ : وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ ) هَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ رَاجِعٌ إلَى أَبِيهِ الْمُصَرِّحِ بِهِ فِي قَوْلِهِ بِأَبِيهِ وَفِي قَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى الْأَبِ ( قَوْلُهُ : فَقَدْ يُقَالُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَهُوَ الْمُجَابُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( الطَّرَفُ الثَّانِي : فِي اجْتِمَاعِ الْأَقَارِبِ ) مِنْ جَانِبِ الْمُنْفِقِ وَمِنْ جَانِبِ الْمُحْتَاجِ ( فَإِنْ اجْتَمَعَ لِلْمُحْتَاجِ فَرْعَانِ ، وَاسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ ) أَوْ عَدَمِهِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورَةِ وَعَدَمِهَا ) كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ أَوْ ابْنٍ وَبِنْتٍ ( أَنْفَقَا ) عَلَيْهِ ( بِالسَّوَاءِ ) ، وَإِنْ تَفَاوَتَا يَسَارًا وَإِرْثًا أَوْ يُسْرُ أَحَدِهِمَا بِالْمَالِ ، وَالْآخَرِ بِالْكَسْبِ ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ إيجَابِ النَّفَقَةِ تَشْمَلُهُمَا ( وَلَا تُوَزَّعُ ) النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا ( عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ ) هَذَا النَّفْيُ مُقَابِلٌ لِإِنْفَاقِهِمَا بِالسَّوَاءِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي لِإِشْعَارِ زِيَادَةِ الْإِرْثِ بِزِيَادَةِ قُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا رَجَحَ فِيمَنْ لَهُ أَبَوَانِ وَقُلْنَا نَفَقَتُهُ عَلَيْهِمَا لَكِنْ مَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ وَنَقَلَ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَغَيْرِهِمَا ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَدَمِهَا ( وَأُخِذَ قِسْطُ الْغَائِبِ ) مِنْهُمَا مِنْ مَالِهِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَّ مَالٌ ( اقْتَرَضَ عَلَيْهِ ) إنْ أَمْكَنَ ، وَإِلَّا أَمَرَ الْحَاكِمُ الْحَاضِرَ بِالْإِنْفَاقِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ مَالِهِ إذَا وَجَدَهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ، وَاضِحٌ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ أَهْلًا لِذَلِكَ مُؤْتَمَنًا ، وَإِلَّا اقْتَرَضَ مِنْهُ الْحَاكِمُ وَأَمَرَ عَدْلًا بِالصَّرْفِ عَلَى الْمُحْتَاجِ يَوْمًا فَيَوْمًا ( فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرَبِ قُدِّمَ الْوَارِثُ ) لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ وَقِيلَ لَا ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُجَرَّدَةَ عَنْ الْإِرْثِ مُوجِبَةٌ لِلنَّفَقَةِ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ قُدِّمَ ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ( الْأَمْثِلَةُ ابْنٌ وَبِنْتٌ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا
سَوَاءٌ ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ وَأَصْلُ الْإِرْثِ ( بِنْتٌ ، وَابْنُ ابْنٍ أَوْ ) وَ ( بِنْتٌ ابْنٍ هِيَ عَلَى الْبِنْتِ ) لِقُرْبِهَا ( ابْنُ ابْنٍ ، وَابْنُ بِنْتٍ ) هِيَ ( عَلَى ابْنِ الِابْنِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لِلْآخَرِ قُرْبًا ( بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ ابْنٍ ) هِيَ ( عَلَى بِنْتِ الِابْنِ ) ؛ لِأَنَّهَا الْوَارِثَةُ مَعَ مُسَاوَاتِهَا لِلْأُخْرَى قُرْبًا ( ابْنٌ ، وَ ) وَلَدٌ ( خُنْثَى أَوْ بِنْتٌ ، وَ ) وَلَدٌ ( خُنْثَى ) هِيَ عَلَيْهِمَا ( سَوَاءٌ ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ ، وَالْإِرْثِ أَوْ أَصْلِهِ ( وَإِنْ اجْتَمَعَ ) لِلْمُحْتَاجِ ( الْأُصُولُ فَقَطْ لَزِمَتْ ) نَفَقَتُهُ ( الْأَبَ ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلِلْآيَةِ وَلِقِصَّةِ هِنْدَ السَّابِقَتَيْنِ أَوْ بَالِغًا فَلِلِاسْتِصْحَابِ ( ثُمَّ الْجَدُّ ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْأُمُّ ) وَقُدِّمَ عَلَيْهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْدَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ ( فَإِنْ اجْتَمَعَ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ لَزِمَتْ الْأَقْرَبَ ، وَلَوْ لَمْ يُدْلِ بِهِ الْآخَرُ ) لِقُرْبِهِ ( وَإِنْ اجْتَمَعَ لَهُ فَرْعٌ وَأَصْلٌ ) لَزِمَتْ الْوَلَدَ أَوْ وَلَدَ الْوَلَدِ ، وَإِنْ نَزَلَ أَوْ كَانَ أُنْثَى ( دُونَ الْأَبِ ، وَالْأُمِّ ) وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَصْلِهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ .
( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَقَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ قَوْلُهُ : أَوْ بِنْتٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى هِيَ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ لِاسْتِوَائِهِمَا إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى رَأْيِهِ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْقُرْبِ لَا التَّوْزِيعِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ عَلَى الْخُنْثَى الثُّلُثُ وَيَصْرِفُ الذَّكَرُ الثُّلُثَيْنِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى رَجَعَ عَلَيْهِ بِالسُّدُسِ ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : فَيَنْبَغِي اسْتِوَاؤُهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَإِنْ ازْدَحَمَ الْآخِذُونَ ) عَلَى الْمُنْفِقِ الْوَاحِدِ ( وَوَفَّى مَالُهُ بِهِمْ أَنْفَقَهُمْ كُلَّهُمْ ) أَيْ أَنْفَقَ عَلَى جَمِيعِهِمْ قَرِيبِهِمْ وَبَعِيدِهِمْ ( وَإِنْ ضَاقَ عَنْهُمْ بَدَأَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ زَوْجَتِهِ ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ وَقُدِّمَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى مَا يَأْتِي ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِغِنَاهَا ، وَلَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ ؛ وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ عِوَضًا ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْقَرِيبِ مُوَاسَاةٌ ( ثُمَّ بِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ) لِشِدَّةِ عَجْزِهِ وَمِثْلُهُ الْبَالِغُ الْمَجْنُونُ ( ثُمَّ الْأُمُّ ) لِذَلِكَ وَلِتَأَكُّدِ حَقِّهَا بِالْحَمْلِ ، وَالْوَضْعِ ، وَالرَّضَاعِ ، وَالتَّرْبِيَةِ ( ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ أَبُوهُ ) الْأَوْلَى أَبِيهِ ، وَإِنْ عَلَا .
وَتَقَدَّمَ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ ، وَتَرْجِيحُ تَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَى الْوَلَدِ الْكَبِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا ، وَالْأَبُ مَجْنُونًا أَوْ زَمِنًا فَيَنْبَغِي اسْتِوَاؤُهُمَا ( فَإِنْ كَانَ ) الْأَبْعَدُ ( زَمِنًا قُدِّمَ ) عَلَى الْأَقْرَبِ لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ ( وَإِنْ اسْتَوَيَا ) أَيْ الْآخِذَانِ ( فِي الدَّرَجَةِ كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتٍ ، وَابْنٍ صُرِفَ إلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ ، وَتُقَدَّمُ بِنْتُ ابْنٍ عَلَى ابْنِ بِنْتٍ لِضَعْفِهَا ) وَعُصُوبَةِ أَبِيهَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُجْعَلَا كَالِابْنِ ، وَالْبِنْتِ أَيْ فَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَضَعُفَ هَذَا الِاحْتِمَالُ بِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي بِنْتِ الِابْنِ رُجْحَانُ الْأُنُوثَةِ وَالْوِرَاثَةِ بِخِلَافِ الْبِنْتِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا رُجْحَانٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْأُنُوثَةُ ، وَعَارَضَهَا زِيَادَةُ الْإِرْثِ فِي الِابْنِ وَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ) فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ ( رَضِيعًا أَوْ مَرِيضًا وَنَحْوَهُ قُدِّمَ ) لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ وَذَكَرَ هَذَا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ
زِيَادَتِهِ ( ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْجَدَّيْنِ ) الْمُجْتَمِعَيْنِ فِي دَرَجَةٍ ( عُصْبَةً ) كَأَبِ الْأَبِ ( مَعَ أَبِي الْأُمِّ قُدِّمَ فَإِنْ بَعُدَ ) الْعَصَبَةُ مِنْهُمَا ( اسْتَوَيَا ) لِتَعَارُضِ الْقُرْبِ ، وَالْعُصُوبَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : هَذَا خِلَافُ الصَّحِيحِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي إعْفَافِ الْجَدِّ أَنَّهُ دَائِرٌ مَعَ النَّفَقَةِ وَأَنَّ الْعَصَبَةَ الْبَعِيدَ مُقَدَّمٌ ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الدَّرَجَةُ ، وَاسْتَوَيَا فِي الْعُصُوبَةِ أَوْ عَدَمِهَا فَالْأَقْرَبُ مُقَدَّمٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَتُقَدَّمُ إحْدَى جَدَّتَيْنِ فِي دَرَجَةٍ زَادَتْ ) عَلَى الْأُخْرَى ( بِوِلَادَةٍ ) أُخْرَى ( فَإِنْ قَرُبَتْ الْأُخْرَى ) دُونَهَا ( قُدِّمَتْ ) لِقُرْبِهَا ( ، وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( فِي الْفُرُوعِ ) فَلَوْ اجْتَمَعَتْ بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ أَبُوهَا ابْنُ ابْنِ بِنْتِهِ مَعَ بِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ لَيْسَ أَبُوهَا مِنْ أَوْلَادِهِ فَإِنْ كَانَتَا فِي دَرَجَةٍ فَصَاحِبَةُ الْقَرَابَتَيْنِ أَوْلَى ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَبْعَدَ فَالْأُخْرَى أَوْلَى وَمَتَى اسْتَوَى الْآخِذُونَ وُزِّعَ الْمَوْجُودُ عَلَيْهِمْ ( فَإِنْ كَثُرُوا فِي الدَّرَجَةِ بِحَيْثُ لَا يَسُدُّ ) قِسْطَ كُلٍّ مِنْهُمْ ( إنْ وُزِّعَ ) الْمَوْجُودُ عَلَيْهِمْ ( مَسَدًا أَقْرَعَ ) بَيْنَهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ ، وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُصَارَ إلَى التَّوْزِيعِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَكْفِيهِ مَا يَخُصُّهُ ، وَلِذَلِكَ قُلْنَا لَوْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى نِصْفِ الْمُدِّ كَانَ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا خِلَافُ الصَّحِيحِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي إعْفَافِ الْجَدِّ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُصُوبَةَ ثَمَّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقَرِيبِ وَهُنَا بِالْعَكْسِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ لَا يُصَارَ إلَى التَّوْزِيعِ إلَخْ ) وَهَذَا ضَعِيفٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى أَحَدِهِمَا كَيْفَ وَقَوْلُهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ } يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ كَانَ يَجُوزُ أَنْ لَا يُصَارَ إلَى التَّوْزِيعِ يَحْتَمِلُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثَةٍ .
أَحَدُهَا أَنَّ الْمُنْفِقَ يُخَصِّصُ بِهِ أَحَدَهُمَا .
الثَّانِي أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فِي مَرَّةٍ .
وَالثَّالِثُ أَنْ يُهَايَأَ بَيْنَهُمَا ، وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ جِدًّا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالثَّانِي ضَعِيفٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ قَدْ تَطْلُعُ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ ، وَالثَّالِثُ أَقْرَبُهُمَا وَهُوَ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إلَى التَّوْزِيعِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ، وَأَمَّا حُكْمُ الْأَصْحَابِ بِالرُّجُوعِ إلَى الْقُرْعَةِ فِيمَا لَا يَسُدُّ فَيَحْتَمِلُ أَيْضًا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقُرْعَةَ تُجْزِئُ فِي الْقَدْرِ بِكَمَالِهِ وَالثَّانِي فِي الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ بِحَيْثُ إذَا وُزِّعَ يَسُدُّ ، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ مَيْدَانٌ
( وَإِنْ أَعْسَرَ الْأَقْرَبُ ) بِالنَّفَقَةِ ( لَزِمَتْ الْأَبْعَدَ ، وَلَا رُجُوعَ ) لَهُ ( عَلَيْهِ ) بِمَا أَنْفَقَ ( إذَا أَيْسَرَ ) بِهِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ أَحَدِ وَلَدَاهُ ) ، وَلَهُ أَبٌ مُوسِرٌ ( لَزِمَتْ أَبَاهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ أَخَذَ كُلٌّ ) مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ ( وَاحِدًا ) مِنْ الْوَلَدَيْنِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ ( بِالتَّرَاضِي ) أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِنْفَاقِ بِالشَّرِكَةِ ( فَذَاكَ ) وَاضِحٌ ( وَإِنْ تَنَازَعَا أُجِيبَ طَالِبُ الِاشْتِرَاكِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يُعَيِّنُ الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ .
( وَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ أَحَدِ وَالِدِيهِ ، وَلَهُ ابْنٌ مُوسِرٌ فَعَلَيْهِ ) أَيْ ابْنِهِ ( نَفَقَةُ أَبِي أَبِيهِ ) لِاخْتِصَاصِ الْأُمِّ بِالِابْنِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الرُّويَانِيِّ كَلَامًا رَدَّهُ عَلَيْهِ وَرَدَّ الْإِسْنَوِيُّ بَحْثَ الْأَصْلِ بِكَلَامٍ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ .
قَوْلُهُ : وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الرُّويَانِيِّ كَلَامًا رَدَّهُ ) عِبَارَتُهُ ، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْأَبَوَيْنِ الْمُحْتَاجَيْنِ ابْنٌ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا وَلِلِابْنِ ابْنٌ مُوسِرٌ فَعَلَى ابْنِ الِابْنِ بَاقِي نَفَقَتِهِمَا فَإِنْ أَنْفَقَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَا عَلَيْهِمَا بِالشَّرِكَةِ أَوْ يُخَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ فَذَاكَ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا رَجَعْنَا إلَى اخْتِيَارِ الْأَبَوَيْنِ إنْ اسْتَوَتْ نَفَقَتُهُمَا ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ اخْتَصَّ أَكْثَرُهُمَا نَفَقَةً بِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ يَسَارًا وَهَذَانِ الْجَوَابَانِ فِي الصُّورَتَيْنِ مُخْتَلِفَانِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا بَلْ يَنْبَغِي فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَالَ تَخْتَصُّ الْأُمُّ بِالِابْنِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ ، وَإِذَا اخْتَصَّتْ بِهِ تَعَيَّنَ الْأَبُ لِإِنْفَاقِ ابْنِ الِابْنِ .
ا هـ .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا بَحَثَهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَهُمْ تَقْدِيمُ نَفَقَةِ الْأُمِّ إنَّمَا ذُكِرَ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الِابْنِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْأُمِّ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ بِعَجْزِ النِّسْوَةِ فَامْتَنَعَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأَبِ ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ وَرَدَ مِثْلُهُ فِي حَقِّ ابْنِ الِابْنِ فَكَمَا تُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ فِي حَقِّ الِابْنِ تُقَدَّمُ الْجَدَّةُ عَلَى الْجَدِّ فِي حَقِّ وَلَدِ الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَيَنْدَفِعُ تَعَيُّنُ الْأَبِ لِإِنْفَاقِ ابْنِ الِابْنِ .
ا هـ .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثٌ مُتَّجَهٌ ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَهُمْ تَقْدِيمُ نَفَقَةِ الْأُمِّ فِي الْأَصْلِ قَبْلَ مَجِيءِ هَذِهِ الصُّورَةِ يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ الِابْنِ بِهَا وَيَكُونُ الْأَبُ فِي نَفَقَةِ ابْنِ الِابْنِ لِتَأَخُّرِهِ فَانْتَقَلَ الْمُتَأَخِّرُ ، وَقَوْلُ الْمُعْتَرِضِ سَلَّمْنَا لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ إلَى آخِرِهِ كَلَامٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ فَهُوَ مَطْرُوحٌ
( فَصْلٌ : لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ ) ، وَلَوْ حُرًّا ( عَلَى رَقِيقٍ ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ بَلْ نَفَقَةُ الْحُرِّ فِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ( وَلَا ) تَجِبُ ( لِرَقِيقٍ ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا عَلَى قَرِيبِهِ ، وَلَوْ حُرًّا بَلْ نَفَقَةُ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ وَنَفَقَةُ الْمُكَاتَبِ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ عَجَزَ نَفْسُهُ فَعَلَى سَيِّدِهِ ( نَعَمْ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ كَسْبِهِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَتَقَ فَقَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى وَلَدِهِ ، وَإِنْ رَقَّ رَقَّ الْوَلَدُ فَيَكُونُ قَدْ أَنْفَقَ مَالَ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ ( أَوْ ) عَلَى وَلَدِهِ مِنْ ( زَوْجَتِهِ الَّتِي هِيَ أَمَةُ سَيِّدِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ السَّيِّدِ فَإِنْ عَتَقَ فَقَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ ، وَإِنْ رَقَّ فَقَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مَالَ سَيِّدِهِ ( لَا ) وَلَدَهُ مِنْ ( مُكَاتَبَةِ سَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَعْتِقُ فَيَتْبَعُهَا ) الْوَلَدُ لِتُكَاتِبَهُ عَلَيْهَا وَيَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ فَيَكُونُ قَدْ فَوَّتَ مَالَ سَيِّدِهِ .
( فَرْعٌ : لَوْ احْتَاجَ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ ) وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ ( لَزِمَ قَرِيبَهُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ ) بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ ( أَوْ عَكْسِهِ ) بِأَنْ احْتَاجَ قَرِيبُ الْمُبَعَّضِ ( لَزِمَهُ لِلْقَرِيبِ الْكُلُّ ) أَيْ كُلُّ النَّفَقَةِ ؛ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ كَذَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ قَالَ بِهِ الْمُزَنِيّ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ نَصَّ فِي مَوَاضِعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ ، وَنَقَلَهُ عَنْ جَمْعٍ .
( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْحَضَانَةِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْجَنْبُ فَإِنَّ الْحَاضِنَةَ تَرُدُّ إلَيْهِ الْمَحْضُونَ وَتَنْتَهِي فِي الصَّغِيرِ بِالتَّمْيِيزِ ، وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَى الْبُلُوغِ فَتُسَمَّى كَفَالَةً كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ تُسَمَّى حَضَانَةً أَيْضًا ( وَهِيَ حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ ) بِأُمُورِهِ ( وَتَرْبِيَتُهُ ) بِمَا يُصْلِحُهُ ، وَهِيَ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَسَلْطَنَةٍ .
( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْحَضَانَةِ )
( وَ ) لَكِنَّ ( النِّسَاءَ بِهَا أَلْيَقُ ) ؛ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَى التَّرْبِيَةِ وَأَصْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا وَأَشَدُّ مُلَازَمَةً لِلْأَطْفَالِ ، وَفِي الْخَبَرِ { أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَتْ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً ، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَزَعَمَ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنِّي فَقَالَ أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي } رَوَاهُ الْحَاكِمُ ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ .
( وَمُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ فِي مَالِهِ ثَمَّ عَلَى الْأَبِ ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الْكَفَالَةِ كَالنَّفَقَةِ فَتَجِبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ .
( قَوْلُهُ : وَمُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ فِي مَالِهِ ) ثُمَّ عَلَى الْأَبِ إذَا احْتَاجَ الْوَلَدُ فِي الْحَضَانَةِ أَوْ الْكَفَالَةِ إلَى خِدْمَةٍ وَمِثْلُهُ يُخْدَمُ قَامَ الْأَبُ بِاسْتِئْجَارِ خَادِمٍ أَوْ شِرَائِهِ عَلَى حَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ وَعُرْفِ أَمْثَالِهِ ، وَلَا يَلْزَمُ الْأُمَّ مَعَ اسْتِحْقَاقِهَا أُجْرَةَ الْحَضَانَةِ أَنْ تُلْزَمَ بِخِدْمَتِهِ إذَا كَانَ مِثْلُهَا لَا يَخْدُمُ ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ هِيَ الْحِفْظُ وَالْمُرَاعَاةُ وَتَرْبِيَةُ الْوَلَدِ وَالنَّظَرُ فِي مَصَالِحِهِ .
( وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْحَاضِنِ ، وَالْمَحْضُونُ الطِّفْلُ ) أَوْ نَحْوُهُ ( مَعَ أَبَوَيْهِ ) مَا دَامَا ( فِي النِّكَاحِ ) يَقُومَانِ بِكِفَايَتِهِ الْأَبُ بِالْإِنْفَاقِ ، وَالْأُمُّ بِالْحَضَانَةِ إنْ كَانَ عَلَى دِينِهَا ( فَإِنْ افْتَرَقَا ) بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ ( وَأَرَادَتْهُ الْأُمُّ فَهِيَ أَوْلَى ) لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا .
وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِلْأُنْثَى مِنْ أُمٍّ أَوْ غَيْرِهَا ( بِشُرُوطٍ ) أَحَدُهَا ( أَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً ) إنْ كَانَ الطِّفْلُ مُسْلِمًا ( فَلَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفْتِنُهُ فِي دِينِهِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ وَأُمِّهِ الْمُشْرِكَةِ فَمَالَ إلَى الْأُمِّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَعَدَلَ إلَى أَبِيهِ } فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ وَأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَبَ الْمُسْلِمَ وَقَصْدُهُ بِتَخْيِيرِهِ اسْتِمَالَةُ قَلْبِ أُمِّهِ وَبِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ إذْ لَوْ كَانَ لِأُمِّهِ حَقٌّ لَأَقَرَّهَا عَلَيْهِ ، وَلَمَا دَعَا ، وَإِسْلَامُ الطِّفْلِ يَحْصُلُ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( كَانَ أَسْلَمَ أَبُوهُ ) أَوْ جَدَّتُهُ ، وَإِذَا لَمْ تَحْضُنْهُ الْكَافِرَةُ ( فَيَحْضُنُهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ ) الْآتِي ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَضَنَهُ ( الْمُسْلِمُونَ ) وَمُؤْنَتُهُ فِي مَالِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ - فَعَلَى أُمِّهِ إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ ( وَيَحْضُنُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ) كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْتِقَاطُهُ ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ ( وَيُنْزَعُ مِنْ ) الْأَقَارِبِ ( الذِّمِّيِّينَ وَلَدٌ ) ذِمِّيٌّ ( وَصَفَ الْإِسْلَامَ ) وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ كَفَالَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ احْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الْكَلِمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُنَا ، وَفِي بَابِ الْهُدْنَةِ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ النَّزْعِ لَكِنْ مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ نَدْبُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَالْمُخْتَارُ وَظَاهِرُ النَّصِّ وُجُوبُهُ .
قَوْلُهُ : وَيَحْضُنُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ) الْفَرْقُ بَيْنَ حَضَانَتِهِ وَعَدَمِ تَزْوِيجِهِ قَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ أَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ طَلَبُ الْكُفْءِ وَنَفْيُ وُجُودِ الْعَارِ وَكُفْرُهَا قَاطِعٌ لِذَلِكَ وَهُنَا الْمَقْصُودُ بِهِ الشَّفَقَةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ .
( وَ ) ثَانِيهَا ( أَنْ تَكُونَ عَاقِلَةً فَتَسْقُطُ ) حَضَانَتُهَا ( بِالْجُنُونِ ) ، وَلَوْ مُتَقَطِّعًا ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ ، وَلَيْسَتْ الْمَجْنُونَةُ مِنْ أَهْلِهَا ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا الْحِفْظُ ، وَالتَّعَهُّدُ بَلْ هِيَ فِي نَفْسِهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى مَنْ يَحْضُنُهَا ( لَا ) بِجُنُونٍ يَقَعُ ( نَادِرًا قَصِيرًا ) زَمَنُهُ ( كَيَوْمٍ فِي سَنَتَيْنِ ) فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِهِ كَمَرَضٍ يَطْرَأُ وَيَزُولُ ( وَكَذَا ) تَسْقُطُ ( بِالْمَرَضِ الدَّائِمِ ) كَالسُّلِّ ، وَالْفَالِجِ ( إنْ عَاقَ ) أَلَمُهُ ( عَنْ نَظَرِ الْمَخْدُومِ بِالْحَضَانَةِ ) وَهُوَ الْمَحْضُونُ بِأَنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَشْغَلُهَا أَلَمُهُ عَنْ كَفَالَتِهِ وَتَدْبِيرِ أَمْرِهِ ( أَوْ عَنْ حَرَكَةِ مَنْ يُبَاشِرُهَا ) أَيْ الْحَضَانَةُ فَتَسْقُطُ فِي حَقِّهِ دُونَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأُمُورَ بِنَظَرِهِ وَيُبَاشِرُهَا غَيْرُهُ .
( قَوْله كَيَوْمٍ فِي سَنَتَيْنِ ) وَعِبَارَةُ الصَّغِيرِ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَحْسَنُ .
ا هـ .
بَلْ هِيَ الْوَجْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : الصَّوَابُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَحْضُونُ مُمَيِّزًا فَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ أَيْ فَتَسْقُطُ حَضَانَتُهُ مُدَّةَ جُنُونِهِ ، وَإِنْ قُلْت إنَّ ( قَوْلَهُ دُونَ مَنْ يُدِيرُ الْأُمُورَ بِنَظَرٍ وَيُبَاشِرُهَا غَيْرُهُ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلْمَرْأَةِ فِي الْحَضَانَةِ أَنْ تَسْتَنِيبَ عَنْهَا مَنْ يَقُومُ بِأُمُورِ وَلَدِهَا وَمِنْ ذَلِكَ اسْتَنْبَطَ الْبَارِزِيُّ أَنَّ لِلْعَمْيَاءِ الْحَضَانَةَ قَالَ : لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ الْحَاضِنُ قَائِمًا بِمَصَالِحِ الْمَحْضُونِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ تَثْبُتُ لَهُ الْحَضَانَةُ عَلَى بِنْتِ عَمِّهِ الَّتِي تُشْتَهَى ، وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهَا لِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ ، وَلَكِنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ .
( وَ ) ثَالِثُهَا ( أَنْ تَكُونَ حُرَّةً فَلَا حَقَّ ) فِي الْحَضَانَةِ ( لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ ) ، وَلَوْ مُبَعَّضًا ( وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ ) ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ؛ وَلِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ إذْنُهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ فَيُشَوِّشُ أَمْرَ الْوَلَدِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ لِكَافِرٍ فَإِنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَحَضَانَتُهُ لَهَا مَا لَمْ تَنْكِحْ كَمَا حَكَاهُ الْأَصْلُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَالْمَعْنَى فِيهِ فَرَاغُهَا لِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهَا ( وَلِلرَّجُلِ حَضَانَةُ رَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ ، وَلَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ الْحُرَّيْنِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ ) وَتَسْلِيمُهُ إلَى غَيْرِهِمَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ حِينَئِذٍ ( وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَشْتَرِكُ سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ ) الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَضَانَةِ ( فِي حَضَانَتِهِ ) بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ ، وَالْحُرِّيَّةِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ أَوْ عَلَى اسْتِئْجَارِ حَاضِنَةٍ أَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ فَذَاكَ ( وَإِنْ تَمَانَعَا اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَحْضُنُهُ وَأَلْزَمَهُمَا الْأُجْرَةَ ) .
( قَوْلُهُ : وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِهِ مُسْلِمٌ ( قَوْلُهُ : وَلَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ الْحُرَّيْنِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ ) فَلَيْسَ لَهُ نَزْعُهُ مِنْهُمَا قَبْلَهُ
( وَ ) رَابِعُهَا ( أَنْ تَكُونَ أَمِينَةً لَا فَاسِقَةً ) ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي ، وَلَا يُؤْتَمَنُ ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْضُونَ لَا حَظَّ لَهُ فِي حَضَانَتِهَا ؛ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَلَى طَرِيقَتِهَا ، وَكَالْفَاسِقَةِ السَّفِيهَةُ وَالصَّغِيرَةُ وَالْمُغَفَّلَةُ وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ كَشُهُودِ النِّكَاحِ نَعَمْ إنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْأَهْلِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ : وَبِهِ أَفْتَيْت فِيمَا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْوَلَدِ فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدَهُ فَلَا يُنْزَعُ مِمَّنْ تَسَلَّمَهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأَهْلِيَّةِ .
ا هـ .
وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ .
( قَوْلُهُ : وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ ) كَشُهُودِ النِّكَاحِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَقَالَا لَا يُنْزَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا ثَبَتَ فِسْقُهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي الْحَجْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ الِاكْتِفَاءَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ ، وَإِذَا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ فِي الْمَالِ فَفِي الْحَضَانَةِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ : فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ ) أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ هُوَ سَاكِنٌ بِالْبَلَدِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي الْقَرْيَةِ ، وَلَهُمَا ابْنٌ يَتَعَلَّمُ فِي الْكُتَّابِ بِأَنَّهُ يَنْظُرُ إنْ سَقَطَ حَظُّ الْوَلَدِ بِسُكْنَاهُ فِي الْقَرْيَةِ فَالْحَضَانَةُ لِلْأَبِ ( قَوْلُهُ : كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ ) سَبَقَهُ إلَيْهِ الْبَغَوِيّ .
( وَ ) خَامِسُهَا ( أَنْ تَخْلُوَ مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ ) فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِهِ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا أَوْ رَضِيَ بِدُخُولِ الْوَلَدِ دَارِهِ لِخَبَرِ { أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي } ؛ وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ عَنْهُ بِحَقِّ الزَّوْجِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَلِأَنَّ عَلَى الْوَلَدِ وَعَصَبَتِهِ عَارًا فِي مَقَامِهِ مَعَ زَوْجِ أُمِّهِ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْأَبُ مَعَهُ بِذَلِكَ بَقِيَ حَقُّهَا وَسَقَطَ حَقُّ الْجَدَّةِ ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ بِالْحَضَانَةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَنَكَحَتْ فِي أَثْنَائِهَا ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ لَازِمَةٌ لَكِنْ لَيْسَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي هَذِهِ بِالْقَرَابَةِ بَلْ بِالْإِجَارَةِ ( لَا ) مِنْ زَوْجٍ ( قَرِيبٍ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ ) فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ ( وَلَوْ بَعُدَ كَابْنِ عَمِّ الطِّفْلِ ) وَعَمِّ أَبِيهِ ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِيهَا وَشَفَقَتُهُ تَحْمِلُهُ عَلَى رِعَايَتِهِ فَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى كَفَالَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ الْأَبِ وَلِقَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنْتِ حَمْزَةَ لِخَالَتِهَا لَمَّا قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ إنَّهَا بِنْتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي ( وَهَذَا إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ ) الَّذِي نَكَحَهَا بِحَضَانَتِهَا ، وَإِلَّا فَتَسْقُطُ ؛ لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَخَرَجَ بِمَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا كَالْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ ، وَالْخَالِ فَتَسْقُطُ حَضَانَةُ الْمَرْأَةِ بِتَزَوُّجِهَا مِنْهُ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَهَا قَرِيبٌ يَحْضُنُ فَهِيَ لِلْوَصِيِّ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ بِالْحَضَانَةِ ) وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لَهَا ( قَوْلُهُ : كَابْنِ عَمِّ الطِّفْلِ وَعَمِّ أَبِيهِ ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَابْنُ أَخِيهِ .
ا هـ .
وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا كَأَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُهُ لِأُمِّهِ بِابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ أُخْتَهُ لِأُمِّهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ نَكَحَتْ عَمَّتُهُ خَالَهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ .
ا هـ .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ تَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَالَ لَا حَضَانَةَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ إذَا انْتَهَتْ الْحَضَانَةُ إلَى الْخَالِ وَذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ الْعَصَبَاتِ فَإِذَا نَكَحَتْهُ الْعَمَّةُ دَامَ حَقُّهَا ، وَإِلَّا فَلَهُ الِانْتِزَاعُ مِنْهَا .
( وَ ) سَادِسُهَا ( أَنْ تَكُونَ مُرْضِعَةً ) لِلطِّفْلِ ( إنْ اُحْتِيجَ ) إلَى إرْضَاعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ أَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْإِرْضَاعِ فَلَا حَضَانَةَ لَهَا لِعُسْرِ اسْتِئْجَارِ مُرْضِعَةٍ تَتْرُكُ مَنْزِلَهَا وَتَنْتَقِلُ إلَى مَسْكَنِ الْمَرْأَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَفِيهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ كَالْأَبِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا لَبَنَ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْحَضَانَةَ ، وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا ذَاتَ لَبَنٍ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَضَانَةَ أَنْ تُرْضِعَهُ إذَا كَانَ رَضِيعًا ، وَلَهَا لَبَنٌ ؟ .
فِيهِ وَجْهَانِ أَجَابَ أَكْثَرُهُمْ بِالِاشْتِرَاطِ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : الْمُرَادُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ لَبَنٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْقَاقِهَا ، وَإِنْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ ، وَامْتَنَعَتْ فَالْأَصَحُّ لَا حَضَانَةَ لَهَا .
ا هـ .
وَلَا حَضَانَةَ لِذِي الْوَلَاءِ لِفَقْدِ الْمِلْكِ وَالْقَرَابَةِ اللَّذَيْنِ هُمَا مَظِنَّتَا الشَّفَقَةِ ، وَلَا لِأَبْرَصَ وَأَجْذَمَ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الْعَلَائِيِّ ، وَلَا لِأَعْمَى كَمَا أَفْتَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيَّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَمِنْ أَقْرَانِ ابْنِ الصَّبَّاغِ ، وَاسْتَنْبَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ إنْ بَاشَرَ غَيْرَهُ وَهُوَ مُدَبِّرٌ أُمُورَهُ فَلَا مَنْعَ كَمَا فِي الْفَالِجِ وَذَهَبَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَى حَضَانَتِهِ إذْ لَا يَلْزَمُ الْحَاضِنَ تَعَاطِيهَا بِنَفْسِهِ بَلْ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ اسْتِئْجَارِ أَعْمَى لِلْحِفْظِ أَجَارَةَ ذِمَّةٍ لَا إجَارَةَ عَيْنٍ وَمَا قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ ، وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي الْأَبْرَصِ وَالْأَجْذَمِ .
قَوْلُهُ : وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) أَيْ وَالْقُوزِيُّ وَالْبَارِزِيُّ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ تَكُونَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَذَهَبَ فِي الْمُهِمَّاتِ ) أَيْ تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ إلَى حَضَانَتِهِ وَبِهِ أَفْتَيْت ( قَوْلُهُ : وَمَا قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ ) فِي غَرَائِبِ الشَّرْحَيْنِ لِلْأَصْبَحِيِّ أَنَّ الْعَمَى لَا يَمْنَعُ الْحَضَانَةَ فِي أَشْبَهِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ ابْنُ الْبَزْرِيِّ فِي فَتَاوِيهِ : الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا فَإِنْ كَانَتْ نَاهِضَةً لِحِفْظِ الصَّغِيرِ وَتَدْبِيرِهِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ عَنْهُ فَلَهَا الْحَضَانَةُ ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَلَمْ يَذْكُرُوا الْمُسْتَأْجَرَةَ ، وَلَا الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إذَا عَتَقَتْ وَفِيهِمَا بَحْثٌ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَتْ ) الْكَافِرَةُ ( أَوْ أُعْتِقَتْ ) الْأَمَةُ ( أَوْ طَلُقَتْ ) مَنْ سَقَطَ حَقُّهَا بِالنِّكَاحِ أَوْ أَفَاقَتْ الْمَجْنُونَةُ أَوْ رَشَدَتْ الْفَاسِقَةُ ( وَلَوْ رَجْعِيًّا ) أَوْ أَفَاقَتْ الْمَجْنُونَةُ أَوْ رَشَدَتْ الْفَاسِقَةُ ( اسْتَحَقَّتْ الْحَضَانَةَ ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ ( وَلِصَاحِبِ الْعِدَّةِ الْمَنْعُ مِنْ إدْخَالِهِ ) أَيْ الْوَلَدِ بَيْتَهُ الَّذِي تَعْتَدُّ فِيهِ ( لَكِنْ إذَا رَضِيَ بِهِ اسْتَحَقَّتْ بِخِلَافِ رِضَا الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ ) بِذَلِكَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ ثَمَّ لِاسْتِحْقَاقِهِ التَّمَتُّعَ ، وَاسْتِهْلَاكَ مَنَافِعِهَا فِيهِ ، وَهُنَا لِلْمَسْكَنِ فَإِذَا أَذِنَ صَارَ مُعِيرًا ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ الْأَجْنَبِيُّ أَيْ الَّذِي لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ : اسْتَحَقَّتْ الْحَضَانَةُ فِي الْحَالِ ) ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَوْبَةِ الْفَاسِقَةِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ
( وَلَوْ غَابَتْ الْحَاضِنَةُ أَوْ امْتَنَعَتْ ) مِنْ الْحَضَانَةِ ( تَوَلَّاهَا مَنْ ) يَسْتَحِقُّهَا ( بَعْدَهَا ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ جُنَّتْ لَا السُّلْطَانُ ؛ لِأَنَّهَا لِلْحِفْظِ ، وَالْقَرِيبُ الْأَبْعَدُ أَشْفَقُ مِنْهُ بِخِلَافِ لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ أَوْ عَضَلَ حَيْثُ يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُمْكِنُهُ التَّزْوِيجُ فِي الْغَيْبَةِ ، وَالتَّزْوِيجُ بِالْعَضْلِ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ فِي ثُبُوتِهِ وَثُبُوتِ الْكُفْءِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ نَابَ عَنْهُ السُّلْطَانُ اللَّائِقُ بِذَلِكَ ، وَالْحَاضِنَةُ لَا يُمْكِنُهَا الْحَضَانَةُ فِي الْغَيْبَةِ ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا الْحِفْظُ ، وَهُوَ حَاصِلٌ مِمَّنْ بَعْدَهَا فَانْتَقَلَتْ إلَيْهِ .
( فَصْلٌ : الْمَحْضُونُ كُلُّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ ) وَمُخْتَلٍّ وَقَلِيلِ التَّمْيِيزِ ( وَتُسْتَدَامُ الْحَضَانَةُ عَلَى مَنْ بَلَغَ سِنِي التَّدْبِيرِ ) لِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَزُلْ الْحَجْرُ عَنْهُ بِالشَّرْعِ كَانَ مُلْحَقًا بِالْأَطْفَالِ فِي الْحُكْمِ ( لَا ) عَلَى مَنْ بَلَغَ ( فَاسِقًا مُصْلِحًا لِدُنْيَاهُ ) فَلَا تُدَامُ عَلَيْهِ الْحَضَانَةُ بَلْ يَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَ ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ أَمْرِ نَفْسِهِ نَعَمْ إنْ خَشِيَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ فَسَادًا لَاحَظَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إطْلَاقِ جَمَاعَةٍ إدَامَةَ الْحَضَانَةِ عَلَيْهِ لَكِنْ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْعَارَ اللَّاحِقَ بِسَبَبِ سَفَهِ الدِّينِ أَشَدُّ ، وَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِدَفْعِهِ أَتَمُّ فَالْمَنْعُ لَأَجْلِهِ مِنْ الِانْفِرَادِ عَنْ أَبَوَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْمَنْعِ بِسَفَهِ الْمَالِ .
انْتَهَى .
فَإِنْ قُلْت سَفَهُ الْمَالِ أَقْوَى لِإِعَادَةِ الْحَجْرِ بِهِ دُونَ سَفَهِ الدِّينِ قُلْت ذَاكَ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِيمَا قَبْلَهُ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَمَّا مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَيَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ، وَلَكِنْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُفَارِقَهُمَا لِيَخْدُمَهُمَا وَيَبَرَّهُمَا .
( قَوْلُهُ : قُلْت ذَاكَ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّ التَّبْذِيرَ يَتَحَقَّقُ مَعَهُ إتْلَافُ الْمَالِ ، وَالِانْفِرَادُ مَظِنَّتُهُ بِخِلَافِ الْفِسْقِ
( وَتَسْكُنُ الْبَالِغَةُ ) الْعَاقِلَةُ غَيْرَ الْمُزَوَّجَةِ ( حَيْثُ شَاءَتْ ، وَلَوْ بِكْرًا ، وَالْأَوْلَى ) لَهَا ( بَيْتُ أَحَدِ أَبَوَيْهِمَا ) إنْ كَانَا مُفْتَرِقَيْنِ وَبَيْتُهُمَا إنْ كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ أَيْ سُكْنَاهَا بِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الثَّيِّبِ وَذَكَرَ فِي الْبِكْرِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهَا مُفَارَقَةُ أَبَوَيْهَا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةً ( فَإِنْ كَانَتْ رِيبَةً فَلِلْأُمِّ إسْكَانُهَا مَعَهَا ، وَكَذَا لِلْوَلِيِّ مِنْ الْعَصَبَةِ ) إسْكَانُهَا مَعَهُ ( إنْ كَانَ مَحْرَمًا ) لَهَا ( وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعٍ لَائِقٍ ) بِهَا يُسْكِنُهَا ( وَلَا يُلَاحِظُهَا دَفْعًا لِعَارِ النَّسَبِ ) كَمَا يَمْنَعُهَا نِكَاحَ غَيْرِ الْكُفْءِ ( وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ ، وَالْأَمْرُ عِنْدَ الرِّيبَةِ مِثْلُهَا ) فِيمَا ذُكِرَ ( وَيَصْدُقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرِّيبَةِ ) ، وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً ؛ لِأَنَّ إسْكَانَهُمَا فِي مَوْضِعِ الْبَرَاءَةِ أَهْوَنُ مِنْ الْفَضِيحَةِ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَتْ رِيبَةً فَلِلْأُمِّ إلَخْ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ سُئِلْت عَنْ مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجِ وَادَّعَى وَلِيُّهَا رِيبَةً وَرَامَ نَقْلَهَا فَلَمْ أُجِبْ بِشَيْءٍ ثُمَّ مِلْتُ إلَى أَنَّهَا لَا تُنْقَلُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ ، وَإِنْ صَدَّقْنَاهُ وَنَقَلْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَسُئِلْت عَنْ مُعْتِقٍ طَلَبَ الْإِسْكَانِ عِنْدَ ظُهُورِ رِيبَةٍ أَوْ دَعْوَاهُ إيَّاهَا فَمِلْت إلَى ذَلِكَ ، وَلَمْ أُفْتِ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِهَا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ وَفِيهِ بُعْدٌ ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى دَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ وَلِهَذَا خَصُّوهُ بِالْعَصَبَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلْخَالِ وَأَبِ الْأُمِّ وَنَحْوِهِمَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ ، وَقَدْ أَثْبَتَ الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ لِلْأُمِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَدَّ كَذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَخْرُجُ فِيهِ وَجْهَانِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْمُعْتِقَ هَلْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ قُلْنَا نَعَمْ فَلْيَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِسْكَانِ ، وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا لِلْوَلِيِّ مِنْ الْعَصَبَةِ ) خَرَجَ بِذَلِكَ أَبُو الْأُمِّ وَالْخَالِ وَالْمُعْتِقِ وَنَحْوِهِمْ .
( فَصْلٌ : الطِّفْلُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ إنْ افْتَرَقَا وَصَلَحَا ) لِلْحَضَانَةِ وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ، وَالْغُلَامَةُ كَالْغُلَامِ كَمَا فِي الِانْتِسَابِ ( وَلَوْ تَفَاضَلَا ) أَيْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ دِينًا أَوْ مَالًا أَوْ مَحَبَّةً لِلْوَلَدِ فَإِنَّ الطِّفْلَ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا ، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْفَاضِلُ أَمَّا إذَا صَلُحَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَا يُخَيَّرُ ، وَالْحَضَانَةُ لَهُ فَإِنْ عَادَ صَلَاحُ الْآخَرِ أُنْشِئَ التَّخْيِيرُ ( وَالْجَدُّ ) ، وَإِنْ عَلَا ( كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ ) أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فَيُخَيَّرُ الطِّفْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ ( وَكَذَا الْأَخُ ، وَالْعَمُّ ) أَيْ يُخَيَّرُ بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَالْأُمُّ ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ الْعُصُوبَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْحَوَاشِي كَالْأُصُولِ ( وَمِثْلُهُمَا ابْنُ الْعَمِّ فِي حَقِّ الذَّكَرِ ، وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهُ بِالْأُنْثَى ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ لَكِنْ أَطْلَقَ كَثِيرٌ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّخْيِيرِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ بَعْدَ إطْلَاقِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمِّ ، وَالْعَصَبَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَصَبَةُ ابْنَ عَمٍّ لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ الْبِنْتُ ، وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ بَلْ زَادَ مَا يُؤَكِّدُهُ فَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ تُسَلَّمُ إلَيْهِ الْبِنْتُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى ، وَالْمُشْتَهَاةُ أَيْضًا إذَا كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ مُمَيِّزَةٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَسَيَأْتِي مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ ، وَالْجَدَّةُ كَالْأُمِّ فِيمَا ذُكِرَ عِنْدَ عَدَمِهَا أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا .
( وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَبٍ وَأُخْتٍ أَوْ ) وَ ( خَالَةٍ ) كَمَا يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ وَهَذَا
مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ، وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ الْعَزِيزِ إذَا قُدِّمَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ التَّمْيِيزِ ، وَفِي نُسْخَةٍ ، وَلَا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبٍ وَأُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ إذَا قُدِّمَا عَلَيْهِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ لَكِنَّ قَوْلَهَا الْمَذْكُورَ سَهْوٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْأُخْتِ بَيْنَ الَّتِي لِلْأَبِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَيَّدَهَا بِاَلَّتِي لِغَيْرِ الْأَبِ لِإِدْلَائِهَا بِالْأُمِّ ( وَإِذَا خُيِّرَ بَيْنَ الْأُمِّ وَبَيْنَهُمْ ) أَيْ الْعَصَبَةِ ( فَهُوَ ) أَيْ التَّخْيِيرُ ( بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهَا ) مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ مِنْ الْإِنَاثِ ( أَوْلَى ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا مُدَّةً ثُمَّ اخْتَارَ الْآخَرُ اُتُّبِعَ ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ) ذَلِكَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ أَوَّلًا ؛ لِأَنَّ الْمُتَّبِعَ شَهْوَتُهُ كَمَا قَدْ يَشْتَهِي طَعَامًا فِي وَقْتٍ ، وَغَيْرَهُ فِي آخَرَ ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ مُرَاعَاةَ الْجَانِبَيْنِ ( إلَّا إنْ ظَنَّ ) بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ ( عَدَمَ تَمْيِيزِهِ ) فَيَبْقَى لِلْأُمِّ كَمَا قَبْلَ التَّمْيِيزِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي تَمْيِيزِهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ وَذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ .
انْتَهَى .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّخْيِيرَ لَا يَجْرِي بَيْنَ ذَكَرَيْنِ ، وَلَا أُنْثَيَيْنِ كَأَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَهُ فِي الْأُنْثَيَيْنِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ وَعَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ جَرَيَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَوْجَهُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ غَيْرِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فَبَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ أَوْلَى .
فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : الطِّفْلُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ إلَخْ ) إذَا كَانَ عَارِفًا بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ ، وَإِلَّا أُخِّرَ إلَى حُصُولِ ذَلِكَ وَالْأَمْرُ فِيهِ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ( قَوْلُهُ : وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهُ بِالْأُنْثَى ) أَيْ إذَا كَانَتْ مُشْتَهَاةً ، وَلَيْسَ لَهُ بِنْتٌ تَصْلُحُ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَيَّدَهَا إلَخْ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ الْعَمَّةُ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ أَوْجَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ