كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ مَجْزُومٌ بِهِ لِكَوْنِهِ عَلَى عِلْمٍ مِنَّا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ بِخِلَافِهِ فِي تَابِعِ الدَّارِ كَمَا سَيَأْتِي لِبِنَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهَا .
فَإِذَا أَعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ تَبَيَّنَ خِلَافُ مَا ظَنَنَّاهُ كَمَا لَوْ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالرِّقِّ يُقْبَلُ ، وَإِنْ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ : تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ ( وَلَا تُنْقَضُ الْأَحْكَامُ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ ) حَتَّى لَا يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَلَا يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ مَا حَرَمْنَاهُ مِنْهُ ، وَلَا يُحْكَمَ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَقَعْ مُجْزِئًا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ ( فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ ) بِشَيْءٍ ( لَمْ يُنْقَضْ مَا حُكِمَ بِهِ مِنْ ) أَحْكَامِ ( إسْلَامِهِ فِي الصِّبَا ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا : إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ ( وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَبَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَأَصْلِيٌّ ) لَا مُرْتَدٌّ فَيُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ ، وَيُنْقَضُ مَا أَمْضَيْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ مِنْ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَمَنْعِ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَجَوَازِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ إنْ كَانَ رَقِيقًا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَى فِي الصِّغَرِ ، أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْكُفْرِ ( وَإِنْ لَمْ يُفْصِحْ بِشَيْءٍ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْكُفْرِ ( أُمْضِيَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ ) أَيْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ ( الْجَارِيَةُ فِي الصِّبَا ) أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ كَمَا فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ .
( قَوْلُهُ : وَكَأَنَّ السَّابِيَ لَمَّا أَبْطَلَ حُرِّيَّتَهُ إلَخْ ) لَوْ كَانَ الْمَسْبِيُّ عَبْدًا فَهَلْ نَقُولُ يَتْبَعُ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ كَالْمَسْبِيِّ الْحُرِّ أَمْ نَقُولُ لَا يَتْبَعُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ رِقٌّ يَقْلِبُهُ إلَى تَبَعِيَّةِ السَّابِي هَذَا مُحْتَمَلٌ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ النَّاشِرِيُّ قَدْ يُقَالُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ إلَى السَّابِي وَتَجَدُّدُ الْمِلْكِ لَهُ بِالسَّبْيِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَحُصُولِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى الْحُرِّ بِالسَّبْيِ فَيَتْبَعُهُ الْعَبْدُ كَمَا يَتْبَعُ الْحُرُّ ( قَوْلُهُ : كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ) قَالَ الدَّارِمِيُّ : وَإِذَا سَبَاهُ الذِّمِّيُّ وَحْدَهُ فَهُوَ عَلَى دِينِ سَابِيهِ قَطْعًا ( قَوْلُهُ : مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ ) أَوْ أُصُولِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَ سَابِيهِمَا ) فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ سَبَقَ سَبْيُ أَحَدِهِمَا سَبْيَ الْآخَرِ تَبِعَ السَّابِيَ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ سَبَى الذِّمِّيُّ الصَّبِيَّ إلَخْ ) لَوْ سُبِيَ أَبَوَاهُ ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَيَنْتَظِمُ مِنْ هَذَا لُغْزٌ فَيُقَالُ طِفْلٌ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُمَا لَوْ أَسْلَمَا بِأَنْفُسِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ ، أَوْ خَرَجَا إلَيْنَا وَأَسْلَمَا لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِانْفِرَادِهِ عَنْهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ وَلَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ السَّابِي هَلْ يَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَكَذَا لَوْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ صَغِيرًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمَلَكَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ نَعَمْ ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةً وَكَفَالَةً وَمِلْكًا وَذَلِكَ عِلَّةُ الْإِسْلَامِ فِيمَا إذَا كَانَ السَّابِي مُسْلِمًا .
ا هـ .
وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِنَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ لَوْ اشْتَرَى الْكَافِرُ عَبْدًا صَغِيرًا ، ثُمَّ أَسْلَمَ السَّيِّدُ هَلْ يُحْكَمُ
بِإِسْلَامِ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ سَبَى ذِمِّيٌّ صَبِيًّا فَحَمَلَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ ؟ وَجْهَانِ .
ا هـ .
.
وَأَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ .
( قَوْلُهُ : وَإِذَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَبَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَأَصْلِيٌّ ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِي الدَّارِ كَافِرٌ ، وَإِلَّا فَمُرْتَدٌّ قَطْعًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ .
( الْحُكْمُ الثَّانِي الْجِنَايَةُ ) مِنْهُ وَعَلَيْهِ ( فَإِنْ جَنَى اللَّقِيطُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ خَطَأً ) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ ( فَمُوجَبُهَا ) بِفَتْحِ الْجِيمِ ( فِي بَيْتِ الْمَالِ ) إذْ لَيْسَ لَهُ عَاقِلَةٌ خَاصَّةٌ وَمَالُهُ إذَا مَاتَ مَصْرُوفٌ إلَيْهِ ( أَوْ عَمْدًا وَهُوَ بَالِغٌ ) عَاقِلٌ ( اُقْتُصَّ مِنْهُ ) بِشَرْطِهِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا عَاقِلًا ( فَالدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ كَضَمَانِ مَا أَتْلَفَهُ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَهِيَ ( فِي ذِمَّتِهِ ) إلَى أَنْ يَجِدَ فَإِنْ كَانَ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ فَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ فَلَا تَكُونُ جِنَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ( وَإِنْ قُتِلَ خَطَأً ) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ ( فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ) عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحُرِّيَّةِ ( تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ) كَمَا أَنَّ مَا عَلَيْهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ ( وَأَرْشُ طَرَفٍ لَهُ ) يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ ( وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَعْفُوَ ) عَنْ قَاتِلِهِ ( عَلَى مَالٍ ) إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الْعَفْوِ ، وَإِلَّا الْتَحَقَ بِالْحُدُودِ الْمُتَحَتِّمَةِ ( لَا مَجَّانًا ) لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ ( وَ ) لَهُ ( أَنْ يَقْتَصَّ ) مِنْ قَاتِلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ مَعْصُومٌ ( لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْإِسْلَامِ ) بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَلَا يَقْتَصُّ لَهُ صِيَانَةً لِلدَّمِ مَعَ احْتِمَالِ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ حُكْمَ التَّبَعِيَّةِ بَطَلَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِسْلَامُ بِالِاسْتِقْلَالِ فَكَانَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ ( بَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ ) لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْكُفْرُ بَعْدَهُ وَفَارَقَ عَدَمَ إيجَابِ الْقِصَاصِ بِأَنَّ حَقْنَ الدَّمِ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْمَالِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُوَافِقٌ
لِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِقَتْلِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ .
وَغَيْرُهُ وَبِنَاءَ الْأَصْلِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتْلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ فَالتَّصْحِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ( وَيَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ فِي الطَّرَفِ ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ ( إنْ أَفْصَحَ ) بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ بُلُوغِهِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْقِصَاصِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ قَدْ يُرِيدُ التَّشَفِّيَ وَقَدْ يُرِيدُ الْعَفْوَ فَلَا يُفَوَّتُ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يُفْصِحْ بِالْإِسْلَامِ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ كَنَظِيرِهِ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ ( فَيَجْلِسُ ) قَاطِعُ طَرَفِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ ( لَهُ إلَى الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ ) مِنْ الْجُنُونِ إنْ كَانَ مَجْنُونًا ( وَيَأْخُذُ الْوَلِيُّ ) وَلَوْ حَاكِمًا ( لَا وَصِيٌّ الْأَرْشَ لِمَجْنُونٍ فَقِيرٍ ) لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ وَلَيْسَ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ غَايَةٌ تُنْتَظَرُ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْهُ الْوَصِيُّ ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ إسْقَاطٌ وَلَيْسَ هُوَ لِلْوَصِيِّ ( لَا ) لِمَجْنُونٍ ( غَنِيٍّ ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ ( وَلَا صَبِيٍّ فَقِيرٍ ) أَوْ غَنِيٍّ ؛ لِأَنَّ لِزَوَالِ الصِّبَا غَايَةً مُنْتَظَرَةً وَلِعَدَمِ الْحَاجَةِ فِي الْغِنَى فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ " فَقِيرٍ " كَانَ أَوْلَى ( فَلَوْ أَفَاقَ ) الْمَجْنُونُ بَعْدَ أَخْذِ الْوَلِيِّ الْأَرْشَ ( وَرَدَّهُ لِيَقْتَصَّ مُنِعَ ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْمَالِ عَفْوٌ وَكَمَا لَوْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ شُفْعَةِ الصَّبِيِّ لِلْمَصْلَحَةِ فَبَلَغَ وَأَرَادَ الْأَخْذَ .
( قَوْلُهُ : فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ) إنَّمَا تُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ فَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهَا تَسْقُطُ وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا إنَّمَا تُؤْخَذُ عِنْدَ فَقْدِ الْعَاقِلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِتُعَادَ إلَيْهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ قَوْلُهُ : وَبَنَى الْأَصْلُ الْخِلَافَ إلَخْ ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَإِنْ قُتِلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ الْإِفْصَاحِ فَعَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ قَطْعًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ وَهُوَ غَلَطٌ عَجِيبٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إذَا قُتِلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَالتَّبَعِيَّةُ فِيهِ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ ا هـ وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِاللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ فَشَمِلَ أَقْسَامَهُ الثَّلَاثَةَ .
( الْحُكْمُ الثَّالِثُ النَّسَبُ ) لِلَّقِيطِ وَهُوَ كَسَائِرِ الْمَجْهُولِينَ ( فَمَنْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ لَحِقَهُ ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا قَافَةٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ وَلِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ مِمَّا يَعْسُرُ وَلَوْ لَمْ نُثْبِتْهُ بِالِاسْتِلْحَاقِ لَضَاعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَنْسَابِ ( وَقَدْ سَبَقَتْ شُرُوطُ الِاسْتِلْحَاقِ فِي ) كِتَابِ ( الْإِقْرَارِ ) وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ ( وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ ) لَهُ ( كَافِرًا ) فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ كَالْمُسْلِمِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْجِهَاتِ الْمُثْبِتَةِ لِلنَّسَبِ ( وَكَذَا عَبْدٌ أَقَرَّ وَلَوْ بِأَخٍ ، أَوْ عَمٍّ ) كَالْحُرِّ ( وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ فِيمَا اسْتَلْحَقَ ، أَوْ كَذَّبَهُ ) فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي أَمْرِ النَّسَبِ لِإِمْكَانِ الْعُلُوقِ مِنْهُ بِنِكَاحٍ ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِإِضْرَارِ السَّيِّدِ بِانْقِطَاعِ الْإِرْثِ عَنْهُ لَوْ أَعْتَقَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ ابْنًا وَلَهُ أَخٌ يُقْبَلُ اسْتِلْحَاقُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اللُّحُوقِ بِإِقْرَارِهِ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ حَيْثُ أَجْرَى فِيهِ خِلَافَ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ مَعَ تَكْذِيبِ سَيِّدِهِ لَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِقْرَارِ وَمَا هُنَاكَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي شَيْءٍ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ عَلَى أَنَّ مَا هُنَا مَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُ النَّسَبُ بِغَيْرِهِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ وَارِثٍ جَائِزٍ قَالَ : وَلَعَلَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ حَالَةَ مَوْتِ الْجَدِّ حُرًّا ، ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لِكُفْرِهِ وَحِرَابَتِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ لَحِقَ الْمَيِّتَ ( وَلَا يُسَلَّمُ ) اللَّقِيطُ ( إلَى الْعَبْدِ لِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهِ ) إذْ لَا مَالَ لَهُ ( وَ ) عَنْ ( حَضَانَتِهِ ) لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لَهَا ( وَإِنْ كَانَ ) الْمُسْتَلْحِقُ لَهُ ( عَتِيقًا فَأَوْلَى ) مِنْ الْعَبْدِ ( بِأَنْ يَلْحَقَهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي ) وَمَحَلُّهُ
بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ فِي الْوَلَدِ أَمَّا فِي الْأَخِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَوْلَى وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ : إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ فَهُوَ وَالْعَبْدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ( وَإِنْ اسْتَلْحَقَ حُرٌّ عَبْدَ غَيْرِهِ وَهُوَ بَالِغٌ ) عَاقِلٌ ( فَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ ) وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْإِرْثِ الْمُتَوَهَّمِ بِالْوَلَاءِ ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ ، أَوْ مَجْنُونٌ لَمْ يَلْحَقْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ ( وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ ) أَيْ اللَّقِيطَ ( مُلْتَقِطُهُ اُسْتُحِبَّ سُؤَالُهُ عَنْ السَّبَبِ ) كَأَنْ يُقَالَ لَهُ مِنْ أَيْنَ هُوَ لَك فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا عَبْدٌ أَقَرَّ وَلَوْ بِأَخٍ ، أَوْ عَمٍّ ) كَالْحُرِّ لَوْ أَقَرَّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِأَخٍ ، أَوْ أَبٍ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَظْهَرِ بِخِلَافِ الِابْنِ ( قَوْلُهُ : مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِقْرَارِ ) هُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ : وَلَعَلَّهُ يُتَصَوَّرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلِيِّ ) وَلِأَنَّ بِهِ حَاجَةً إلَى اسْتِلْحَاقِ الِابْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْأَخِ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِمَا وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إنْشَاءِ الِاسْتِيلَادِ فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ : لَوْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يَلْحَقْهَا ) وَإِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً لِإِمْكَانِهَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِالْوِلَادَةِ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ ( أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَحِقَهَا وَكَذَا ) يَلْحَقُ ( زَوْجَهَا إنْ شَهِدَتْ ) بَيِّنَتُهَا ( بِوَضْعِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَمْكَنَ ) الْعُلُوقُ مِنْهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِذَلِكَ ، أَوْ شَهِدَتْ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْعُلُوقُ مِنْهُ ( فَلَا ) يَلْحَقُهُ أَمَّا الْخُنْثَى فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ ( وَالْأَمَةُ ) فِي الِاسْتِلْحَاقِ ( كَالْحُرَّةِ ) فَيَصِحُّ بِالْبَيِّنَةِ ( لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا بِاسْتِلْحَاقِهَا ) لِاحْتِمَالِ انْعِقَادِهِ حُرًّا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ .
( فَصْلٌ : وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَوْ حُرٌّ وَعَبْدٌ تَسَاوَيَا ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَهْلٌ لِلِاسْتِلْحَاقِ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا مَزِيَّةَ ( وَلَا تَقْدِيمَ لِبَيِّنَةٍ بِيَدٍ ) لِأَنَّ الْيَدَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ لَا عَلَى النَّسَبِ ( فَإِنْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ ذُو يَدٍ ، ثُمَّ ) اسْتَلْحَقَهُ ( آخَرُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ ) لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْأَوَّلِ مُعْتَضِدًا بِالْيَدِ ( إلَّا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُلْتَقِطَ .
فَإِنَّ حُكْمَهُ سَيَأْتِي قَرِيبًا ) فِي فَرْعِ " أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا " ( وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ ذُو الْيَدِ إلَّا وَقَدْ اسْتَلْحَقَهُ آخَرُ اسْتَوَيَا ) فَلَا يُقَدَّمُ بِهِ ذُو الْيَدِ ؛ إذْ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ الْأَبِ أَنْ يَذْكُرَ نَسَبَ وَلَدِهِ وَيُشْهِرَهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ صَارَتْ يَدُهُ كَيَدِ الْمُلْتَقِطِ فِي أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى النَّسَبِ ( فَتُعْتَمَدُ الْبَيِّنَةُ ) فِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا بِهِ ( فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ ، أَوْ ) كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَ ( تَعَارَضَتَا وَأَسْقَطْنَاهُمَا فَالْقَائِفُ ) يُعْرَضُ هُوَ مَعَهُمَا عَلَيْهِ فَبِأَيِّهِمَا أَلْحَقَهُ لَحِقَهُ ( فَإِنْ عُدِمَ ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَدَدِ عَنْ الرُّويَانِيِّ ( أَوْ تَحَيَّرَ ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا انْتَظَرْنَا بُلُوغَهُ ) فَمَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِ مِنْهُمَا لَحِقَ بِهِ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا رَجُلًا لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَبَاهُ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ وَلِأَنَّ طَبْعَ الْوَلَدِ يَمِيلُ إلَى وَالِدِهِ وَيَجِدُ بِهِ مَا لَا يَجِدُ بِغَيْرِهِ فَلَا يَكْفِي انْتِسَابُهُ وَهُوَ صَبِيٌّ وَلَوْ مُمَيِّزًا بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ فِيهَا لَا يُلْزِمُ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَقْوَالِ الْمُلْزِمَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا كَمَا سَيَأْتِي (
وَاعْتَبَرْنَا ) فِيهِ ( مَيْلَ طَبْعِهِ الْجِبِلِّيِّ ) فَلَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ التَّشَهِّي ( وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ ) عَنْ انْتِسَابِهِ لِأَحَدِهِمَا ( وَيُنْفِقَانِ عَلَيْهِ ) مُدَّةَ الِانْتِظَارِ ( وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ لَحِقَهُ النَّسَبُ ) فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ إنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَمَا قَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْعِدَدِ ( فَإِنْ فُقِدَ الْمَيْلُ ) مِنْهُ ( وُقِفَ أَمْرُهُ فَإِنْ انْتَسَبَ إلَى ثَالِثٍ وَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ ، ثُمَّ ) بَعْدَ انْتِسَابِهِ لِأَحَدِهِمَا ، أَوْ الثَّالِثِ ( مَتَى وُجِدَ قَوْلُ قَائِفٍ ) بِأَنْ أَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِ ( أُبْطِلَ الِانْتِسَابُ ) لِأَنَّ إلْحَاقَهُ حُجَّةٌ أَوْ حُكْمٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِوَاحِدٍ ، ثُمَّ انْتَسَبَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِآخَرَ امْتَنَعَ نَقْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَإِنْ ذَكَرَ فِيهِ فِي الْكِفَايَةِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ ( أَوْ وُجِدَتْ الْبَيِّنَةُ ) بَعْدَ الِانْتِسَابِ ، وَالْإِلْحَاقِ ( أَبْطَلَتْهُمَا ) لِأَنَّهَا حُجَّةٌ فِي كُلِّ خُصُومَةٍ بِخِلَافِهِمَا .
( قَوْلُهُ : تَسَاوَيَا ) كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : هُوَ ابْنِي وَقَالَ الْآخَرُ : بِنْتِي فَخَرَجَتْ أُنْثَى قَوْلُهُ : كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) وَهُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ : عَنْ الرُّويَانِيِّ ) وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الَّذِي يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ اخْتِيَارَ الطِّفْلِ فِي حُكْمِ الْبَدَلِ عَنْ الْقَائِفِ فَيُعْتَبَرُ فِي غَيْبَةِ الْقَائِفِ مَا يُعْتَبَرُ فِي غَيْبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ عِنْدَ اسْتِشْهَادِ الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ أَقْوَى ( قَوْلُهُ : رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ إلَخْ ) وَفِي تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ كَمَا لَوْ تَدَاعَيَاهُ امْرَأَتَانِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى إحْدَاهُمَا لَمْ تَرْجِعْ الْأُخْرَى عَلَيْهَا قَطْعًا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ دَعْوَى الْمَرْأَةِ وِلَادَتَهُ يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِهَا فَآخَذْنَاهَا بِقَوْلِهَا ( قَوْلُهُ : وَهُوَ ظَاهِرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ : لَوْ تَنَازَعَتْ امْرَأَتَانِ لَقِيطًا أَوْ مَجْهُولًا وَأَقَامَتَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَعُرِضَ مَعَهُمَا عَلَى الْقَائِفِ فَلَوْ أَلْحَقَهُ بِإِحْدَاهُمَا ) لَحِقَهَا وَ ( لَحِقَ زَوْجَهَا أَيْضًا ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ إنَّمَا يَصِحُّ مَعَهَا .
( فَرْعٌ : ) لَوْ ( أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ بِالْآخَرِ لَمْ يُنْقَلْ إلَيْهِ ) لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ ( نَعَمْ مَنْ ادَّعَى لَقِيطًا اسْتَلْحَقَهُ مُلْتَقِطُهُ عُرِضَ مَعَهُ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ عُرِضَ مَعَ الْمُلْتَقِطِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ ) أَيْضًا ( تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِ ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَيُوقَفُ ، وَإِنْ نَفَاهُ عَنْهُ فَهُوَ لِلْمُدَّعِي .
( قَوْلُهُ : لَحِقَهَا ) وَلَحِقَ زَوْجَهَا أَيْضًا كَمَا لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً وَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ رَجُلٌ فَأَنْكَرَتْهُ زَوْجَتُهُ لَمْ يَلْحَقْهَا وَلَوْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى بِإِذْنِ زَوْجِهَا لَمْ يَلْحَقْهَا فَإِنْ أَقَامَ زَوْجُ الْأُولَى وَزَوْجَةُ الثَّانِي بَيِّنَتَيْنِ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ ، أَوْ بَيِّنَتُهَا أَوْ تُسْقَطَانِ وُجُوهٌ أَرْجَحُهَا ثَانِيهَا .
( فَصْلٌ : ) لَوْ ( ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْ اثْنَيْنِ وَاللَّقِيطُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ( أَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ ) لَهُ ( قُدِّمَ ذُو الْيَدِ ) مَعَ يَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ لَهُ ( فَإِنْ اسْتَوَيَا ) إمَّا ( فِي الْيَدِ وَ ) إمَّا فِي ( عَدَمِهَا فَحَلَفَا أَوْ نَكَلَا جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا ) بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمَا إنْ اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ الْيَدِ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا ، أَوْ فِيهَا وَحَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ خُصَّ بِهِ ، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا ( فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بَيِّنَةً ) وَقَيَّدَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ( فَالْأَسْبَقُ تَارِيخًا ) مِنْهُمَا مُقَدَّمٌ بِهِ كَمَا فِي الْمَالِ ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْأَصْلِ هُنَا مَا يُخَالِفُهُ ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِيَدِهِمَا أَمْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ، أَوْ لَا ، وَلَا ، فَلَوْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الِانْتِزَاعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ بِأَنْ أَطْلَقَتَا ، أَوْ أَرَّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ ، أَوْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا وَأَطْلَقَتْ الْأُخْرَى سَقَطَتَا ، وَكَانَ لَا بَيِّنَةَ ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَاهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ - حَيْثُ لَا يُقَدَّمُ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ ، وَلَا بِتَقَدُّمِ التَّارِيخِ بِأَنْ أَقَامَهَا أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ - بِأَنَّ الْيَدَ وَتَقَدُّمَ التَّارِيخِ يَدُلَّانِ عَلَى الْحَضَانَةِ دُونَ النَّسَبِ .
( قَوْلُهُ : هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( الْحُكْمُ الرَّابِعُ الْحُرِّيَّةُ ) وَالرِّقُّ لِلَّقِيطِ ( فَمَنْ ادَّعَى رِقَّهُ ) وَهُوَ صَغِيرٌ ( أَوْ ) ادَّعَى ( رِقَّ صَغِيرٍ مَجْهُولٍ ) رِقًّا وَحُرِّيَّةً ( وَلَا يَدُلُّهُ ) عَلَيْهِ ( فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يُتْرَكُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَيُخَالِفُ دَعْوَى النَّسَبِ ؛ لِأَنَّ فِي قَبُولِهَا مَصْلَحَةً لِلصَّغِيرِ وَإِثْبَاتَ حَقٍّ لَهُ ، وَهُنَا فِي الْقَبُولِ إضْرَارٌ بِهِ وَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ نَسَبَهُ لَا نَسَبَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ ، فَلَيْسَ فِي الْقَبُولِ تَرْكُ أَمْرٍ ظَاهِرٍ ، وَالْحُرِّيَّةُ مَحْكُومٌ بِهَا ظَاهِرًا ( وَكَذَا ) لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ( إنْ كَانَتْ ) لَهُ يَدٌ وَكَانَتْ ( يَدَ الْتِقَاطٍ ) لِذَلِكَ وَيُخَالِفُ الْمَالَ فَإِنَّهُ مَمْلُوكٌ ، وَلَيْسَ فِي دَعْوَاهُ تَغْيِيرُ صِفَةٍ لَهُ بِخِلَافِ اللَّقِيطِ ( وَإِلَّا ) .
أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ يَدَ الْتِقَاطٍ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ ) الصَّغِيرُ ( مُمَيِّزًا مُنْكِرًا ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ حَالِ الْمُدَّعِي الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ اسْتِنَادُ يَدِهِ إلَى سَبَبٍ لَا يَقْتَضِي الْمِلْكَ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ ( فَلَوْ بَلَغَ ) الصَّغِيرُ ( وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ( وَ ) لَكِنْ ( لَهُ تَحْلِيفُ السَّيِّدِ ) وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِغَيْرِ السَّيِّدِ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَالْبَالِغُ الْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ فِيمَا ذُكِرَ ، وَإِفَاقَتُهُ كَبُلُوغِهِ .
( قَوْلُهُ : وَالْحُرِّيَّةُ مَحْكُومٌ بِهَا ظَاهِرًا ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ مَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا مُسْلِمَ فِيهَا وَلَا ذِمِّيَّ قَالَ فَهُوَ رَقِيقٌ ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ، وَدَارُ الْحَرْبِ تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ ا هـ ، وَقَدْ يُقَالُ : دَارُ الْحَرْبِ إنَّمَا تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ هَؤُلَاءِ بِالْأَسْرِ ، وَمُجَرَّدُ اللَّقْطِ لَا يَقْتَضِيهِ ش قَوْلُهُ : فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : ) أَيْ بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ حُكِمَ بِرِقِّهِ ) أَيْ بِيَمِينِ صَاحِبِ الْيَدِ قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حُكْمُ حَاكِمٍ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَيَمِينٍ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ادَّعَى الْبَالِغُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ صَدَّقَهُ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ ، أَوْ لِبَائِعِهِ ، أَوْ لِبَائِعِ بَائِعِهِ ، وَإِنْ بَعُدَ .
( فَرْعٌ : ) لَوْ ( رَأَى ) شَخْصٌ ( فِي يَدِ إنْسَانٍ صَغِيرًا يَسْتَخْدِمُهُ وَيَنْسُبُهُ هُوَ ، أَوْ غَيْرُهُ إلَى مِلْكِهِ ) بِأَنْ سَمِعَهُ الرَّائِي يَقُولُ هُوَ عَبْدِي ، أَوْ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ هُوَ عَبْدُهُ ( وَشَهِدَ لَهُ بِالْمِلْكِ جَازَ ) لَهُ ذَلِكَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ ، وَإِلَّا فَلَا وَفَارَقَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ سَائِرَ الْأَعْيَانِ حَيْثُ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الطَّوِيلَيْنِ بِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ يَقَعُ فِي الْأَحْرَارِ كَثِيرًا كَالْأَوْلَادِ بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ فِي أَعْيَانِ أَمْوَالِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ قَلِيلٌ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِلْكُهُ ( وَإِنْ ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ تَحْتَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ فِي الصِّغَرِ ) وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي دَعْوَى الرِّقِّ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْيَدَ فِي الْجُمْلَةِ دَالَّةٌ عَلَى الْمِلْكِ وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ الْمَمْلُوكُ مَمْلُوكًا بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ طَارٍ بِكُلِّ حَالٍ فَيُحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ ( فَلَوْ بَلَغَتْ ) وَلَمْ تُمَكِّنْهُ طَائِعَةً ( وَأَنْكَرَتْ نِكَاحَهُ قُبِلَ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ( وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ) فَلَوْ حَلَفَتْ بَانَ أَنْ لَا نِكَاحَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي نُسْخَةٍ ( وَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ ) لِمُلْتَقِطٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ( بِمِلْكِ صَغِيرٍ لَمْ تُقْبَلْ ) شَهَادَتُهَا ( حَتَّى تُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ ) وَنَحْوِهِمَا لِئَلَّا يَكُونَ اعْتِمَادُهَا عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَتَكُونَ يَدَ الْتِقَاطٍ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطَرٌ .
( وَكَذَا ) لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي حَتَّى يُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ ( فِي الْمَدْعُوِّ ) بِذَلِكَ وَقِيلَ يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى مُطْلَقًا كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ ( فَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ ) أَوْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ ( كَفَى ، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ الْمِلْكَ ) أَيْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مَمْلُوكًا لَهُ ، أَوْ فِي مِلْكِهِ ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْعِلْمُ
بِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَمْ تَسْتَنِدْ إلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَقَدْ حَصَلَ ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى وَفْقِ مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا هُنَا فِي اللَّقِيطِ أَيْ أَوْ نَحْوِهِ ، وَالْمَقْصُودُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الرِّقِّ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ تُعَرِّفُ رِقَّهُ فِي الْغَالِبِ ؛ لِأَنَّ مَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ مَمْلُوكٌ ، وَوِلَادَتَهَا لِلْحُرِّ نَادِرَةٌ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَى ذَلِكَ ، وَالْقَصْدُ بِمَا فِي الدَّعَاوَى تَعْيِينُ الْمَالِكِ ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِكَوْنِ أَمَتِهِ وَلَدَتْهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : وَالْفَرْقُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْيَدَ نَصٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ فَاشْتُرِطَ فِي زَوَالِهَا ذِكْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ الدَّارِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ .
وَالرِّقُّ مُحْتَمَلٌ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى قَاتِلِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّقِّ ، وَإِذَا اُكْتُفِيَ بِالشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ ( فَيَكْفِي شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَنَّهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ ) أَوْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْوِلَادَةِ ( وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ ضِمْنًا شَهِدَتْ بِهِ ) أَيْضًا ( أَمْ لَا ) كَثُبُوتِ النَّسَبِ فِي ضِمْنِ الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ .
( قَوْلُهُ : وَغَيْرِهِ ) أَيْ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ يَحْتَاجُ مُدَّعِي الرِّقِّ إلَى الْبَيِّنَةِ وَحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ فَهِيَ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَا تَكْفِي الدَّعْوَى الْمُطْلَقَةُ سَوَاءً وَالشَّهَادَةُ الْمُطْلَقَةُ سَوَاءً كَانَ الْمُدَّعِي مُلْتَقِطًا ، أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءً كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَقِيطًا ، أَوْ غَيْرَهُ .
ا هـ .
( تَنْبِيهٌ ) حَيْثُ لَا يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ بِرِقِّهِ بَعْدَ دَعْوَاهُ إمَّا لِعَدَمِ الْحُجَّةِ ، أَوْ لِعَدَمِ سَمَاعِهَا نَقَلَ الْمُزَنِيّ فِي جَامِعِهِ أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ لِمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ كَفَالَتِهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الَّذِي أَرَاهُ وُجُوبُ نَزْعِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِدَعْوَى رِقِّهِ عَنْ الْأَمَانَةِ فِي كَفَالَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ كَذِبَهُ حَتَّى نُخْرِجَهُ عَنْهَا أَهُوَ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا أُمِنَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لَهُ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْعَبَّادِيِّ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَالَ الْوَصِيُّ لِي عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أُخِذَتْ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ مَخَافَةَ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا أَنْ يُبْرِئَ .
( فَرْعٌ : وَمَتَى شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ لِمُدَّعِي رِقِّ اللَّقِيطِ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْتِقَاطِ الْمُلْتَقِطِ سُمِعَتْ وَثَبَتَتْ يَدُهُ ، ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ ) الرِّقَّ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَا الْيَدِ عَلَى الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ يَدَهُ عَنْ الْتِقَاطٍ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرِّقِّ ، وَقَوْلُهُ " أَنَّهُ إلَى آخِرِهِ " بَدَلٌ مِنْ الْيَدِ ( وَلَا تُسْمَعُ ) هَذِهِ الدَّعْوَى ( مِنْ الْمُلْتَقِطِ إلَّا إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ ) لِأَنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ الْتَقَطَهُ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ ظَاهِرًا فَلَا تُزَالُ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ ، وَقِيلَ الْمُلْتَقِطُ كَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ ( وَإِذَا بَلَغَ اللَّقِيطُ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ فَهُوَ عَبْدٌ ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ ذَلِكَ تَصَرُّفًا يَقْتَضِي نُفُوذُهُ الْحُرِّيَّةَ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ فَذَاكَ ( وَإِنْ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ ) قَبْلَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ ( فَكَعَبْدٍ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَيُنْقَضُ ) حَتَّى يُسْتَرَدَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ زَكَاةٍ وَمِيرَاثٍ وَمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ( وَيَتَعَلَّقُ مَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ ) وَكَذَا مَا أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ) بِرِقِّهِ ( لَكِنْ أَقَرَّ ) هُوَ ( بِالرِّقِّ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ ) كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ ( وَمَتَى سَبَقَ مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِالْحُرِّيَّةِ ، أَوْ ) بِالرِّقِّ لَكِنْ ( كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صَارَ حُرًّا ) فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ لِلْمُنَاقَضَةِ وَلَا الْتِزَامُهُ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا وَلِأَنَّ .
الْحُكْمَ بِهَا بِظَاهِرِ الدَّارِ قَدْ تَأَكَّدَ بِاعْتِرَافِهِ فَلَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُهُ كَمَا لَوْ بَلَغَ وَأَفْصَحَ
بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ وَصَفَ الْكُفْرَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ مُرْتَدًّا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَوَابِ خُصُومَةٍ ، وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِمُدَّعِي مِلْكِ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ : هُوَ مِلْكِي وَمِلْكُ بَائِعِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي وَكَمَا لَوْ أَنْكَرَ شَخْصٌ الضَّمَانَ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِضَمَانِهِ بِالْإِذْنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إذَا أَدَّى وَكَمَا لَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْقَذْفَ فَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ اللِّعَانُ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَعْتَبِرُوا هَذَا الْقَيْدَ بِدَلِيلِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ دَعْوَى رِقِّهِ مَعَ الْإِنْكَارِ خُصُومَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَثَرٌ ، وَبِالْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ بِأَنَّ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فِيهِ بَيِّنَةٌ فَاضْمَحَلَّ بِهَا الْإِقْرَارُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ( فَإِذَا ) الْأَوْلَى " فَلَوْ " ( عَادَ ) الْمُكَذِّبُ لَهُ ( وَصَدَّقَهُ ، أَوْ ادَّعَاهُ غَيْرُهُ وَصَدَّقَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمَّا كَذَّبَهُ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ بِالْأَصْلِ فَلَا يَعُودُ رَقِيقًا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ تَضَمَّنَ نَفْيَ الْمِلْكِ عَنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ فَإِذَا نَفَاهُ الْأَوَّلُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا أَيْضًا وَصَارَ حُرًّا بِالْأَصْلِ وَالْحُرِّيَّةُ مَظِنَّةُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْعِبَادِ فَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِهَا بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ لِلثَّانِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو بِأَنَّ إقْرَارَهُ لَيْسَ هُوَ الْمُفَوِّتَ لِحَقِّ الثَّانِي بَلْ الْمُفَوِّتُ لَهُ الْأَصْلُ مَعَ تَكْذِيبِ الْأَوَّلِ لَهُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ ( وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ ) يَقْتَضِي نُفُوذُهُ الْحُرِّيَّةَ ( قُبِلَ إقْرَارُهُ فِي ) أَصْلِ
الرِّقِّ وَفِي حُكْمِهِ ( الْمُسْتَقْبَلِ ) مُطْلَقًا وَاسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ ، أَوْ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي ( وَأَمَّا ) فِي ( الْمَاضِي فَيُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : هَذِهِ الدَّعْوَى ) أَيْ دَعْوَى الرِّقِّ ( قَوْلُهُ : فَلَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُهُ ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ أَنْكَرَتْ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعَةَ ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهَا حَيْثُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِأَنَّ دَعْوَاهَا الرَّجْعَةَ مُسْتَنِدَةٌ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَجَعَلَ الشَّارِعُ الْقَوْلَ قَوْلَهَا فِيهِ ائْتِمَانًا وَقَدْ اعْتَرَفَتْ بِالْخِيَانَةِ ، وَإِقْرَارُ اللَّقِيطِ بِالرِّقِّ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَقَدْ تَأَكَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ وَسَكَتُوا عَنْ اعْتِبَارِ الرُّشْدِ فِي الْمُقِرِّ هُنَا وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَارِيرِ وَحَكَى صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ اعْتِرَافَ الْجَوَارِي بِالرِّقِّ لَا يُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ السَّفَهَ غَلَبَ عَلَيْهِنَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي غَالِبِ الْعَبِيدِ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْبُلُوغِ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ وَجَبَ اعْتِبَارُ الرُّشْدِ فِي الْمُقِرِّ مِنْهُمَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى .
( قَوْلُهُ : وَيُفَرَّقُ بَيْنَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ إلَخْ ) بِأَنَّ الْمُقِرَّ إنْ كَانَ حُرًّا فَذَاكَ ، أَوْ رَقِيقًا فَالرَّقِيقُ لَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ لِسَيِّدِهِ ش .
( فُرُوعٌ ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لَوْ ( نَكَحَ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ فَإِنْ كَانَ أُنْثَى لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ ) بَلْ يَسْتَمِرُّ وَيَصِيرُ كَالْمُسْتَوْفَى الْمَقْبُوضِ ؛ لِأَنَّ انْفِسَاخَهُ يَضُرُّ الزَّوْجَ فِيمَا مَضَى سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ أَمْ لَا كَالْحُرِّ إذَا وَجَدَ الطَّوْلَ بَعْدَ نِكَاحِ الْأَمَةِ ( لَكِنْ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ ( إنْ شُرِطَتْ الْحُرِّيَّةُ ) فِيهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُشْرَطْ ، وَإِنْ تُوُهِّمَتْ ( فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( لَزِمَهُ ) لِلْمُقَرِّ لَهُ ( الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِأَنَّ الزَّائِدَ مِنْهُمَا يَضُرُّ الزَّوْجَ وَلِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسَمَّى فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَيْهِ بِالزَّائِدِ ، أَوْ الْمَهْرَ فَقَدْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْهُ ، وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ( وَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى ) لِأَنَّهُ الَّذِي لَزِمَهُ بِزَعْمِهِ وَلَا تَجُوزُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ ) فَلَا يُطَالَبُ بِهِ ثَانِيًا ( فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ ( سَقَطَ ) الْمُسَمَّى ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَزْعُمُ فَسَادَ النِّكَاحِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ وَجَبَ أَنْ لَا يُطَالِبَ بِشَيْءٍ ( وَأَوْلَادُهَا ) الْحَاصِلُونَ مِنْ الزَّوْجِ ( قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ ) لِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُمْ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي إلْزَامِهِ ( وَ ) الْحَادِثُونَ ( بَعْدَهُ أَرِقَّاءُ ) لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِرِقِّهَا وَلِأَنَّ الْعُلُوقَ مَوْهُومٌ فَلَا يُجْعَلُ مُسْتَحَقًّا بِالنِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ ( وَتُسَلَّمُ إلَى الزَّوْجِ تَسْلِيمَ الْحَرَائِرِ ) أَيْ لَيْلًا وَنَهَارًا ، وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الزَّوْجُ وَتَخْتَلَّ مَقَاصِدُ النِّكَاحِ ، وَيُخَالَفَ أَمْرُ الْوَلَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَوْهُومٌ (
وَلَوْ طَلَّقَهَا ) بَائِنًا ، أَوْ رَجْعِيًّا وَلَوْ ( بَعْدَ الْإِقْرَارِ ) بِالرِّقِّ ( اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ) لِأَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ حَقُّ الزَّوْجِ ( وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ؛ لِأَنَّهَا فِيمَا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ قَدْ ثَبَتَتْ بِالطَّلَاقِ فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهَا بِالْإِقْرَارِ وَالنِّكَاحُ بِالْعَكْسِ أَثْبَتَ لَهُ حَقَّ الرَّجْعَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ( وَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ كَالْأَمَةِ ) أَيْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ أَقَرَّتْ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَمْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ لِعَدَمِ تَضَرُّرِهِ بِنُقْصَانِ الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا وَجَبَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِي نَقْصِهَا ( وَإِنْ كَانَ ) الْمُقِرُّ بِالرِّقِّ ( ذَكَرًا انْفَسَخَ النِّكَاحُ ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجَةِ ( وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى ) إنْ دَخَلَ بِهَا ( أَوْ نِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ) لِأَنَّ سُقُوطَ ذَلِكَ يَضُرُّهَا وَحِينَئِذٍ ( يُؤَدِّيهِ مِمَّا فِي يَدِهِ ، أَوْ ) مِنْ ( كَسْبِهِ فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ ، ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ فَهُوَ بَاقٍ ( فِي .
ذِمَّتِهِ ) إلَى أَنْ يَعْتِقَ .
الْفَرْعُ
( قَوْلُهُ : وَأَوْلَادُهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ ) وَكَذَا حَمْلُهَا حَالَ الْإِقْرَارِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِرِقِّهَا ) عُلِمَ بِهِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِإِقْرَارِهَا بَلْ الِاعْتِبَارُ بِعِلْمِ الْوَاطِئِ بِهِ حَتَّى إنَّ مَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ إقْرَارِهَا وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ حُرٌّ قَوْلُهُ : قَالَ السُّبْكِيُّ لَمَّا أَقَرَّ بِالرِّقِّ - وَالسَّيِّدُ الْمُقَرُّ لَهُ مُوَافِقٌ عَلَيْهِ - امْتَنَعَ بِإِقْرَارِهِ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَاَلَّذِي فِي يَدِهِ كَانَ مَحْكُومًا لَهُ بِهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ جِنَايَتَهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا بَيْتُ الْمَالِ وَكَانَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دَائِرًا بَيْنَ بَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا الْمَالِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ تَعَيَّنَ هَذَا الْمَالُ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ الرَّقَبَةِ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعًا وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَالِ الَّذِي يَكُونُ لِلسَّيِّدِ فِي يَدِ الْعَبْدِ الْجَانِي حِينَ جِنَايَتِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ سَبَقَ تَعَلُّقُهُ بِهِ فَلَا مَحَلَّ لِلْجِنَايَةِ إلَّا الرَّقَبَةُ ، وَحَقُّ السَّيِّدِ هُنَا إنَّمَا تَعَلَّقَ بَعْدَ هَذِهِ الْجِنَايَةِ هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَصَاحِبِ التَّهْذِيبِ قَالَ الْغَزِّيِّ فِي الْمَيْدَانِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي تَوْجِيهِ مَا ذَكَرَاهُ هُوَ قِيَاسُ الْقَوْلِ إنَّهُ يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّهُ وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِبَيْتِ الْمَالِ فَأَخَذْنَاهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ وَلَمْ نُعَلِّقْهُ بِالرَّقَبَةِ ؛ لِأَنَّهُ - هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ - يَضُرُّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الرَّقَبَةَ قَدْ لَا تَفِي بِالْأَرْشِ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ تَفِيَ فَقَدْ لَا يَتَهَيَّأُ الْبَيْعُ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَتَهَيَّأَ الْبَيْعُ فَقَدْ يَتَأَخَّرُ الْوَفَاءُ إلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَقَدْ يَمُوتُ الْعَبْدُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَضِيعُ الْحَقُّ ، وَإِذَا امْتَنَعَ تَعَلُّقُهُ بِالرَّقَبَةِ
فَقَطْ وَبَيْتِ الْمَالِ تَعَيَّنَ تَعَلُّقُهُ بِالذِّمَّةِ ؛ إذْ لَا مَحَلَّ غَيْرُهَا هَذَا آخِرُ مَا وَجَدْتُهُ بِهَامِشِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ مَوْلَانَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ خَاتِمَةِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ شَيْخِ الشُّيُوخِ وَبَقِيَّةِ الْعُلَمَاءِ أَهْلِ الرُّسُوخِ مُفْتِي الْمُسْلِمِينَ أَحْمَدَ شِهَابِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ وَشَيْخِنَا شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَكَوْكَبِ الْأَعْلَامِ الْأَهِلَّةِ مُفْتِي الْأَنَامِ وَخَاتِمَةِ الْفُقَهَاءِ الْفِخَامِ بَقِيَّةِ الْمُعْتَبِرِينَ مُحَمَّدٍ شَمْسِ الدِّينِ وَلَدِ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ وَالَى اللَّهُ عَلَى قَبْرِهِمَا سَحَائِبَ الْغُفْرَانِ وَأَتْحَفَهُمَا أَعْلَى غُرَفِ الْجِنَانِ وَنُجِزَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ مُجَرِّدِهِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّوْبَرِيِّ ثُمَّ الْأَزْهَرِيِّ الشَّافِعِيِّ - غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ وَسَتَرَ عُيُوبَهُ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَأَحْبَابِهِ وَالْمُسْلِمِينَ - فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْمُبَارَكِ ثَانِيَ عَشَرَ شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ عَشْرٍ وَأَلْفٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ .
( الثَّانِي تُقْتَضَى دُيُونُهُ ) الَّتِي عَلَيْهِ وَقْتَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ ( مِمَّا فِي يَدِهِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ إقْرَارَهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فِي الْمَاضِي فَلَا تُقْضَى مِنْ كَسْبِهِ ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ لَا تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ ( فَإِنْ نُقِضَ ) عَنْهَا مَا فِي يَدِهِ ( تَعَلَّقَ ) بَاقِيهَا ( بِذِمَّتِهِ ) إلَى أَنْ يَعْتِقَ كَمَا تَكُونُ جَمِيعُهَا كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ بِيَدِهِ مَالٌ ( فَإِنْ فَضَلَ ) بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ ( شَيْءٌ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ ) الْكَائِنَانِ قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ ( بَلْ يُسَلِّمُ ) فِي صُورَةِ شِرَائِهِ ( مِمَّا فِي يَدِهِ ) حِينَ الْإِقْرَارِ ( ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَهُ ، وَإِلَّا فَقَدْ تَمَّ الْعَقْدُ ، وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُقَرِّ لَهُ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ ) إنْ كَانَ بَاقِيًا ( فَإِنْ تَلِفَ لَزِمَ ذِمَّتَهُ ) إلَى أَنْ يَعْتِقَ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي - وَالْمَبِيعُ تَالِفٌ - يَكُونُ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْيَسَارِ ( وَيَسْتَوْفِي الْمُقَرُّ لَهُ ) بِالرِّقِّ ( ثَمَنَ مَا بَاعَهُ ) الْمُقِرُّ ( إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَاهُ ) فَإِنْ كَانَ اسْتَوْفَاهُ لَمْ يُطَالِبْ الْمُشْتَرِيَ بِهِ ثَانِيًا .
الْفَرْعُ
( الثَّالِثُ ) لَوْ ( جَنَى ) عَلَى غَيْرِهِ ( عَمْدًا ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ اُقْتُصَّ مِنْهُ حُرًّا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ، أَوْ عَبْدًا ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفْضُلْهُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَضُرُّ بِهِ فَيُقْبَلُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ ( وَإِنْ جَنَى خَطَأً ) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ ( فَالْأَرْشُ ) يُقْضَى ( مِمَّا فِي يَدِهِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ الْجَانِي حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا أَوْجَبَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ اقْتَضَى التَّعَلُّقَ بِمَا فِي يَدِهِ كَالْحُرِّ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَوْ لَمْ نُعَلِّقْهُ بِمَا فِي يَدِهِ لِأَضَرَّ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) مَعَهُ شَيْءٌ ( فَبِرَقَبَتِهِ ) يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ وَالزَّائِدُ مِنْهُ عَلَى قِيمَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَإِنْ أَقَرَّ ) بِالرِّقِّ ( بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَدُهُ ) مَثَلًا ( عَمْدًا اُقْتُضَّ مِنْ الْعَبْدِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْحُرِّ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِيمَا يَضُرُّ بِهِ وَتَكُونُ جِنَايَةُ الْحُرِّ كَالْخَطَأِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَدُهُ ( خَطَأً وَجَبَ ) عَلَى قَاطِعِهَا ( الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفَيْ الْقِيمَةِ وَالدِّيَةِ ) لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الزَّائِدِ إضْرَارٌ بِالْجَانِي .
( فَرْعٌ : ) لَوْ ( ادَّعَى ) شَخْصٌ ( رِقَّ اللَّقِيطِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ لَهُ لَا الرِّقَّ ) بِأَنْ قَالَ : لَسْتُ بِرَقِيقٍ لَك ( ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ ) بِالرِّقِّ ( قُبِلَ ) إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْحُرِّيَّةُ بَلْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَ الرِّقَّ بِأَنْ قَالَ : لَسْتُ بِرَقِيقٍ ، ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ ( وَلِلْمُدَّعِي ) لِرِقِّهِ ( تَحْلِيفُهُ إنْ أَنْكَرَ ) كَوْنَهُ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ ( وَإِنْ كَانَ أَنْكَرَ أَصْلَ الرِّقِّ ) ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ ( لَمْ يُقْبَلْ ) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ " لَا الرِّقَّ " ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ( لَمْ يُحَلَّفْ ) لِأَنَّ التَّحْلِيفَ لِطَلَبِ الْإِقْرَارِ ، وَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ .
( فَصْلٌ : إذَا قَذَفَ ) شَخْصٌ ( لَقِيطًا كَبِيرًا ، أَوْ جَنَى عَلَيْهِ ) جِنَايَةً تُوجِبُ قِصَاصًا ( وَادَّعَى أَنَّهُ رَقِيقٌ ) فَأَنْكَرَ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّقِيطِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ ( فَيَجِبُ الْحَدُّ ) عَلَى الْقَاذِفِ فِي الْأُولَى ( وَالْقِصَاصُ ) عَلَى الْجَانِي فِي الثَّانِيَةِ وَخَرَجَ بِالْكَبِيرِ - وَهُوَ قَيْدٌ فِي الْأُولَى فَقَطْ - الصَّغِيرُ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بَلْ يُعَزَّرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ ، وَالْكَبِيرِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا يُقْتَصُّ لِلْكَبِيرِ إذَا أَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ الْبُلُوغِ ( وَمَتَى كَانَ اللَّقِيطُ قَاذِفًا وَادَّعَى الرِّقَّ حُدَّ حَدَّ الْأَحْرَارِ ) لِعَدَمِ قَبُولِ إقْرَارِهِ فِيمَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فِي الْمَاضِي ( إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَقْذُوفُ ) فَيُحَدَّ حَدَّ الْأَرِقَّاءِ .
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ، وَالْحَبْرُ الْهُمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ زَيْنُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ - فَسَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَبْرِهِ وَأَعَادَ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَرَكَاتِهِ وَبَرَكَاتِ عُلُومِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ( كِتَابُ الْفَرَائِضِ ) هِيَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ أَيْ : مُقَدَّرَةٍ لِمَا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ فَغَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا ، وَالْفَرْضُ لُغَةً : التَّقْدِيرُ وَشَرْعًا هُنَا نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا لِلْوَارِثِ وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَاتُ الْمَوَارِيثِ وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ } ، وَوَرَدَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمِهَا أَخْبَارٌ مِنْهَا خَبَرُ : { تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ ، وَرُوِيَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَقْضِي بِهَا } رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ خَبَرَ { تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ فَإِنَّهُ مِنْ دِينِكُمْ وَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَإِنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي } وَسُمِّيَ نِصْفًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ ، وَقِيلَ : النِّصْفُ بِمَعْنَى الصِّنْفِ قَالَ الشَّاعِرُ إذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ شَامِتٌ وَآخَرُ مُثْنٍ بِاَلَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ .
( وَفِيهِ أَبْوَابٌ ) عَشَرَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي ) بَيَانِ ( الْوَرَثَةِ وَقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ ) ، وَأَسْبَابِ التَّوْرِيثِ ( وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ التَّرِكَةِ ) وُجُوبًا ( بِحَقٍّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ ) مِنْهَا تَقْدِيمًا لِصَاحِبِ التَّعَلُّقِ كَمَا فِي
الْحَيَاةِ ( كَمَرْهُونٍ وَ ) رَقِيقٍ ( جَانٍ ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ أَوْ قَوَدًا وَعُفِيَ بِمَالٍ ( وَمَالِ زَكَاةٍ وَمَبِيعٍ اشْتَرَاهُ ) قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ ( وَمَاتَ مُفْلِسًا ) لَا مُوسِرًا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَكِتَابَةٍ ، وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالزَّكَاةِ وَحَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِالْمَرْهُونِ وَالْجَانِي وَالْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالْمَبِيعُ سَوَاءٌ أَحُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَوْتِهِ أَمْ لَا ، وَلَيْسَتْ صُوَرُ التَّعَلُّقِ مُنْحَصِرَةً فِي الْمَذْكُورَاتِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْكَافِ فِي أَوَّلِهَا وَالْحَاصِرُ لَهَا التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ .
فَمِنْهَا : سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْوَفَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا ، وَمِنْهَا : الْمُكَاتَبُ إذَا أَدَّى نُجُومَ الْكِتَابَةِ وَمَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْإِيتَاءِ وَالْمَالُ أَوْ بَعْضُهُ بَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ ، وَذَكَرْت صُوَرًا أُخْرَى مَعَ إشْكَالٍ لِلسُّبْكِيِّ فِي صُورَتَيْ الزَّكَاةِ وَمَبِيعِ الْمُفْلِسِ ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ ( ثُمَّ ) يَبْدَأُ مِنْهَا ( بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ ) وَتَجْهِيزِ مُمَوَّنِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ بَلْ أَوْلَى لِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ ( بِالْمَعْرُوفِ ) بِحَسَبِ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ إسْرَافِهِ وَتَقْتِيرِهِ ( ثُمَّ تُقْضَى ) مِنْهَا ( دُيُونُهُ ) الَّتِي لَزِمَتْهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهَا ذِكْرًا فِي قَوْله تَعَالَى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ } فَلِكَوْنِهَا قُرْبَةً وَالدَّيْنُ مَذْمُومٌ غَالِبًا وَلِكَوْنِهَا مُشَابِهَةً لِلْإِرْثِ مِنْ جِهَةِ أَخْذِهَا بِلَا عِوَضٍ وَشَاقَّةً عَلَى الْوَرَثَةِ ، وَالدَّيْنُ نُفُوسُهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ إلَى أَدَائِهِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ بَعْثًا عَلَى وُجُوبِ
إخْرَاجِهَا وَالْمُسَارَعَةِ إلَيْهِ وَلِهَذَا عَطَفَ بِأَوْ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ وَلِيُفِيدَ تَأَخُّرُ الْإِرْثِ عَنْ أَحَدِهِمَا كَمَا يُفِيدَ تَأَخُّرُهُ عَنْهُمَا بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى ( ثُمَّ ) تُقْضَى ( وَصَايَاهُ ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ عِتْقٍ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ وَتَبَرُّعٍ نُجِّزَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ ( مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ) وَقُدِّمَتْ عَلَى الْإِرْثِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَتَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِالثُّلُثِ وَبِبَعْضِهِ ( وَالْبَاقِي ) مِنْ التَّرِكَةِ ( لِلْوَرَثَةِ ) بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ لِيَصِحَّ تَأَخُّرُهُ عَنْ بَقِيَّةِ الْحُقُوقِ وَإِلَّا فَتَعَلُّقُهَا بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ ( وَلَهُمْ إمْسَاكُهَا وَالْقَضَاءُ ) لِمَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْمَالِ ( مِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ الْمَتْرُوكِ وَالْأُولَى مِنْ غَيْرِهَا ( وَقَدْ سَبَقَ ) بَيَانُهُ ( فِي الرَّهْنِ ) .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ) ( كِتَابُ الْفَرَائِضِ ) ( قَوْلُهُ : وَالْفَرْضُ لُغَةً التَّقْدِيرُ ) الْفَرْضُ لُغَةً يَجِيءُ لِمَعَانٍ مِنْهَا : الْقَطْعُ وَالْحَزُّ كَفَرْضِ الْقَوْسِ إذَا خَرَّ طَرَفُهَا ، وَمِنْهَا التَّقْدِيرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } وَمِنْهَا : الْإِنْزَالُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ } وَمِنْهَا الْبَيَانُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا } بِالتَّخْفِيفِ ، وَمِنْهَا الْإِيجَابُ وَالْإِلْزَامُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } أَيْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِنَّ الْإِحْرَامَ وَمِنْهَا : الْعَطِيَّةُ يُقَالُ فَرَضْتُ الرَّجُلَ وَأَفْرَضْتُهُ إذَا أَعْطَيْتُهُ ، وَمِنْهَا الْإِحْلَالُ { مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ } أَيْ فِيمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ ، وَمِنْهَا : الْقِرَاءَةُ فَرَضْتُ حِزْبِي أَيْ قَرَأْتُهُ وَمِنْهَا : السُّنَّةُ كَفَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ سَنَّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ حَقِيقَةً فِي هَذِهِ الْمَعَانِي أَوْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَهُوَ التَّقْدِيرُ فَيَكُونُ مَقُولًا عَلَيْهَا بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ بِالتَّوَاطُؤِ ، وَأَنْ يَكُونَ حَقِيقَةٌ فِي الْقَطْعِ مَجَازًا فِي غَيْرِهِ لِتَصْرِيحِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِأَنَّهُ أَصْلُهُ ، وَسُمِّيَ هَذَا الْعِلْمُ بِالْفَرَائِضِ لِمَا فِيهِ مِنْ سِهَامٍ مُقْتَطَعَةٍ لِلْوَرَثَةِ قَدَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْزَلَهَا وَبَيَّنَهَا فِي كِتَابِهِ وَأَوْجَبَهَا لَهُمْ عَطِيَّةً مِنْهُ وَأَحَلَّهَا لَهُمْ وَتَعْرِيفُ هَذَا الْعِلْمِ هُوَ الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ وَالْعِلْمُ الْمُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ فَحَقِيقَتُهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِقْهِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِرْثِ ، وَمِنْ الْحِسَابِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ مَا ذَكَرَ .
فَقَوْلُنَا الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ أَيْ إثْبَاتًا وَنَفْيًا
وَرُتْبَةً فَشَمِلَ قَوْلُنَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا الْفِقْهَ الْبَاحِثَ عَنْ تَمْيِيزِ مَنْ يَرِثُ مِمَّنْ لَا يَرِثُ وَعَنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ ، وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَعَنْ أَحْوَالِ مَنْ يَرِثُ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا فَرْضًا وَعُصُوبَةً وَحَجْبًا وَعَنْ قَدْرِ الْفَرْضِ وَأَحْوَالِهِ اتِّحَادًا وَاخْتِلَافًا خَالِيًا عَنْ الْعَوْلِ وَالرِّدْء وَمُلْتَبِسًا بِأَحَدِهِمَا وَعَنْ أَحْوَالِ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ الْعُصُوبَةُ وَالرَّدْءِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ ، وَعَنْ مَرَاتِبِ الْعَصَبَةِ وَعَنْ أَحْوَالِ اجْتِمَاعِ جِهَتَيْ فَرْضٍ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ جِهَتَيْ تَعْصِيبٍ أَوْ جِهَتَيْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ وَعَنْ أَحْوَالِ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَقَطْ أَوْ بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ وَعَدَمِهِ ، وَعَنْ أَحْوَالِ الْحَجْبِ هَلْ هُوَ نُقْصَانٌ أَوْ حِرْمَانٌ وَهَلْ الْحِرْمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ فِي الْحَالِ ، وَعَنْ مُوجِبِ ذَلِكَ هَلْ هُوَ تَقَدُّمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ أَوْ قِيَامُ الْمَانِعِ بِهِ أَوْ انْقِطَاعُ السَّبَبِ أَوْ الشَّكُّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَشَمِلَ قَوْلُنَا : وَرُتْبَةً الْفِقْهَ الْبَاحِثَ عَنْ رُتْبَةِ الْإِرْثِ ، وَأَنَّ ثُبُوتَهُ مِنْ بَعْدِ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ ، وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ ، وَالْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ ، وَشَمِلَ عِلْمُ الْحِسَابِ عِلْمَ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ ، وَشَمِلَ الْحَقُّ الْإِرْثَ وَغَيْرَهُ كَالْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ وَالْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ .
فَيَدْخُلُ عِلْمُ الْوَصَايَا فِي الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ أَيْ : أَخْذُهَا وَتَنَاوُلُهَا ، وَقَالَ الصُّورِيُّ الْمَالِكِيُّ مَوْضُوعُهُ الْعَدَدُ قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ : وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَرَائِضِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِقْهِ وَالْحِسَابِ ، وَالْعَدَدُ مَوْضُوعُ الْحِسَابِ فَلَا يَكُونُ مَوْضُوعًا لِغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ عِلْمٍ يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ بِمَوْضُوعِهِ كَمَا يَتَمَيَّزُ بِتَعْرِيفِهِ وَتَعْرِيفُ كُلِّ عِلْمٍ لَا يَكُونُ تَعْرِيفًا لِغَيْرِهِ فَكَذَا مَوْضُوعُهُ وَإِلَّا لَزِمَ
خَلْطُ عِلْمٍ بِآخَرَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَمَسَائِلُهُ هِيَ الْقَضَايَا الَّتِي تَطْلُبُ نِسْبَةَ مَحْمُولَاتِهَا إلَى مَوْضُوعَاتِهَا فِي هَذَا الْعِلْمِ وَاسْتِمْدَادُهُ الْفِقْهَ وَالْحِسَابَ وَغَايَتُهُ إيصَالُ الْحُقُوقِ إلَى ذَوِيهَا .
( تَنْبِيهٌ ) كَمَا تُورَثُ الْأَمْوَالُ تُورَثُ الْحُقُوقُ وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا كَانَ تَابِعًا لِلْمَالِ يُورَثُ عَنْهُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ، وَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَكَذَلِكَ مَا يَرْجِعُهُ لِلتَّشَفِّي كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ لَا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ حَقُّهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِتُقْضَى الدُّيُونُ وَلَا يُتَصَوَّرُ إرْثٌ لِحَقٍّ يَكُونُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَجَلَ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مَالِيًّا لَكِنَّهُ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ وَالدَّيْنُ لَا يُورَثُ وَبِخِلَافِ مَا يَرْجِعُ لِلشَّهْوَةِ وَالْإِرَادَةِ كَخِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَمَاتَ وَلَمْ يُلَاعِنْ ( قَوْلُهُ : يَبْدَأُ مِنْ التَّرِكَةِ ) التَّعْبِيرُ بِالتَّرِكَةِ يَشْمَلُ مَا لَوْ مَاتَ عَنْ خَمْرٍ فَتَخَلَّلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَنْ شَبَكَةٍ نَصَبَهَا فَوَقَعَ بِهَا صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ الْمَأْخُوذَةُ فِي قَتْلِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ( قَوْلُهُ : وَمَالِ زَكَاةٍ ) قَالَ السُّبْكِيُّ : لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ فَلَا يَكُونُ تَرِكَةً فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ جِنَايَةٍ أَوْ رَهْنٍ فَقَدْ ذُكِرَا ، وَإِنْ عَلَّقْنَاهَا بِالذِّمَّةِ فَقَطْ أَوْ كَانَ النِّصَابُ تَالِفًا فَإِنْ قَدَّمْنَا دَيْنَ الْآدَمِيِّ أَوْ سَوَّيْنَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَإِنْ قَدَّمْنَاهَا ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَتُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيّ لَا عَلَى التَّجْهِيزِ ، وَأَقُولُ أَوَّلًا قَوْلُهُ : لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهَا يَقْتَضِي
صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ ، وَكَلَامُهُ فِي تَرْدِيدَاتِهِ غَيْرُ الثَّانِي يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّتِهِ ، وَثَانِيًا يُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ مِنْ تَرْدِيدَاتِهِ قَوْلُهُ : فَلَا يَكُونُ تَرِكَةً قُلْتُ مُسْلِمٌ وَلَا يَخْرُجُ حِينَئِذٍ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ التَّرِكَةِ عَلَى الْمَجْمُوعِ الَّذِي مِنْ الْحَقِّ الْجَائِزِ تَأْدِيَتُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَافٍ فِي الْحَاجَةِ لِلِاسْتِثْنَاءِ ، وَصِحَّتِهِ فَتَأَمَّلْ ، وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي كُلِّ حَقٍّ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا ( قَوْلُهُ : وَمَبِيعٍ اشْتَرَاهُ .
.
.
إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ : الثَّابِتُ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْفَسْخِ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ فُسِخَ عَلَى الْفَوْرِ خَرَجَتْ عَنْ التَّرِكَةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَإِنْ أَخَذَ بِلَا عُذْرٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا فَتُقَدَّمُ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ مِنْهَا عَلَيْهِ أَوْ لِعُذْرٍ فَهِيَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ ، وَحَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا ، فَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمُ حَقِّهِ كَالْمُرْتَهِنِ ، وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا لِتَقَدُّمِ حَقِّهِمَا وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ حَقُّهُ إلَّا بِالْمَوْتِ مُفْلِسًا فَهُوَ كَتَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ وَالْمُفْلِسُ يُقَدَّمُ بِمُؤْنَةِ يَوْمِهِ فَيَكُونُ هَذَا مِثْلَهُ .
ا هـ .
وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ : خَرَجَتْ عَنْ التَّرِكَةِ قُلْتُ مَمْنُوعٌ إذْ الْفَسْخُ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ مِنْ الصَّحِيحِ لَا يُقَالُ إنَّمَا عَنَى بِخُرُوجِهَا عَنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَضُرُّنَا ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا لَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ سَائِرِ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى غَيْرِهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ التَّرِكَةِ بِالتَّقْدِيمِ مَثَلًا بِيعَ الْعَبْدُ الْجَانِي فِي الْجِنَايَةِ وَإِنْ خَرَجَ بِبَيْعِهِ عَنْ التَّرِكَةِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ بِاخْتِيَارِ الثَّالِثِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ مِنْهُ أَعْنِي تَقْدِيمَ حَقِّهِ هُوَ الْمُتَّجَهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي مِنْ
أَنَّ ذَلِكَ كَتَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ لَيْسَ بِظَاهِرِ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَ الْمُتَابِعِينَ فِي مَسْأَلَتِنَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَمُعَاقِدِهِ عَلَيْهِمَا عَلَى الْخُصُوصِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغُرَمَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِ الْمُفْلِسِ م ( قَوْلُهُ : وَالْحَاصِرُ لَهَا التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ ) فَهُوَ أَمْرٌ كُلِّيٌّ لَا تَكَادُ تُحْصَرُ جُزْئِيَّاتُهُ ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : قَدْ جَمَعْتُ فُرُوعَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ فَجَاءَتْ نَحْوَ الْأَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً ( قَوْلُهُ : ثُمَّ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ { كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ } وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَدْفَعُ إلَى الْوَارِثِ مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ الْمُوَرِّثُ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ لِلْحَيِّ عِنْدَ فَلَسِهِ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى أَنْ يُسْتَرَ وَيُوَارَى لِأَنَّ الْحَيَّ يُعَالَجُ وَيَسْعَى لِنَفْسِهِ وَقَدْ { كَفَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبًا فِي بُرْدٍ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا } وَكَتَبَ أَيْضًا يَسْتَثْنِي الْمَرْأَةَ الْمُزَوَّجَةَ فَإِنَّ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهَا عَلَى زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً قَوْلُهُ : فَلِكَوْنِهَا قُرْبَةً .
.
.
إلَخْ ) وَلِكَوْنِهَا الضِّعَافَ غَالِبًا ( قَوْلُهُ : فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِالثُّلُثِ وَبِبَعْضِهِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ }
( فَصْلٌ أَسْبَابُ التَّوْرِيثِ أَرْبَعَةٌ ) بِالِاسْتِقْرَاءِ : ( قَرَابَةٌ ) وَهِيَ الرَّحِمُ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا ، ( وَنِكَاحٌ ) صَحِيحٌ وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ ، ( وَوَلَاءٌ ) وَهُوَ عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا نِعْمَةُ الْعِتْقِ مُبَاشَرَةً أَوْ سِرَايَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ ، ( وَجِهَةُ الْإِسْلَامِ فَالْمُسْلِمُونَ عَصَبَةُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ ) جَائِزٌ مِنْهُمْ لِخَبَرِ : { أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ لِنَفْسِهِ بَلْ يَصْرِفُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ كَالْعَصَبَةِ مِنْ الْقَرَابَةِ ( فَيَضَعُ الْإِمَامُ تَرِكَتَهُ ) أَوْ بَاقِيَهَا ( فِي بَيْتِ الْمَالِ ) إرْثًا لِتَعَذُّرِ إيصَالُهَا لِجَمِيعِهِمْ ( أَوْ يَخُصُّ بِهَا مَنْ يَرَى ) مِنْهُمْ لِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِصِفَةٍ وَهِيَ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ فَصَارَ كَالْوَصِيَّةِ لِقَوْمٍ مَوْصُوفِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ ، وَكَالزَّكَاةِ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ زَكَاةَ شَخْصٍ وَيَدْفَعَهَا إلَى وَاحِدٍ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَنْ يَفْعَلَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَيُعْطِي ذَلِكَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( لَا الْمُكَاتَبِينَ ) وَلَا كُلِّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ ( وَ ) لَا ( الْكُفَّارِ وَ ) لَا ( الْقَاتِلِ ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِوَارِثِينَ ( فَإِنْ أَسْلَمُوا أَوْ عَتَقُوا بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ إعْطَاؤُهُمْ ) وَكَذَا مَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِصِفَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُودِهَا الِاقْتِرَانُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى مَنْ طَرَأَ فَقْرُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ( وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ ) بِشَيْءٍ ( فَأُعْطِيَ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْمَتْرُوكِ شَيْئًا ( بِالْوَصِيَّةِ جَازَ أَنْ يُعْطَى ) مِنْهُ ( أَيْضًا بِالْإِرْثِ ) فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ لَا يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ شَيْئًا بِلَا إجَازَةٍ لِغِنَاهُ
بِوَصِيَّةِ الشَّرْعِ فِي قَوْله تَعَالَى : { يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } عَنْ وَصِيَّةِ غَيْرِهِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ نَاسِخَةٌ لِوَصِيَّةِ الْمَرِيضِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِإِجَازَةٍ وَأَمَّا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهِ وَصِيَّةُ الشَّرْعِ حَتَّى يَمْتَنِعَ بِسَبَبِهَا وَصِيَّةُ الْمَرِيضِ .
( فَصْلٌ : أَسْبَابُ التَّوْرِيثِ أَرْبَعَةٌ ) : ( قَوْلُهُ : قَرَابَةٌ ، وَنِكَاحٌ ، وَوَلَاءٌ ) فَيَرِثُ الْمُعْتَقُ الْعَتِيقَ ، وَلَا عَكْسَ وَالْأَوَّلَانِ يُورَثُ بِهِمَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ قَالَ فِي الْخَادِمِ : وَيُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ : هَذِهِ زَوْجَتِي فَسَكَتَتْ فَإِنْ مَاتَ وَرَثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا قَالَ : وَأَمَّا الْقَرَابَةُ فَيُورَثُ بِهَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ إلَّا فِي صُوَرِ أَوْلَادِ الْأَخِ يَرِثُونَ عَمَّتَهُمْ ، وَلَا تَرِثهُمْ وَابْنُ الْعَمِّ يَرِثُ بِنْتَ عَمِّهِ وَلَا تَرِثُهُ وَالْعَمُّ يَرِثُ بِنْتَ أَخِيهِ وَلَا تَرِثُهُ وَالْجَدَّةُ تَرِثُ وَلَدَ بِنْتِهَا وَلَا يَرِثُهَا وَمَنْ جَرَحَ مُوَرِّثَهُ لَمْ يَرِثْهُ وَلَوْ مَاتَ أَوْلَادُ وَرَثَةِ الْمَجْرُوحِ ( قَوْلُهُ : وَجِهَةُ الْإِسْلَامِ فَالْمُسْلِمُونَ إلَخْ ) فَلَا يَخْتَصُّ بِمِيرَاثِ أَهْلِ بَلْدَةٍ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ : وَيَجُوزُ بِنَاءُ الْقَنَاطِرِ وَالرِّبَاطَاتِ مِنْهُ وَسَائِرِ الْمَصَالِحِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا وَارِثَ لَهُ صَحَّتْ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُمْ الْمُسْلِمُونَ لَمْ تَصِحَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَارِثَ الْجِهَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ : وَيُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِمَامِ بِأَنْ يَمْلِكَ ابْنَةَ عَمِّهِ وَيُعْتِقَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَمُوتَ فَهُوَ زَوْجُهَا ، وَابْنُ عَمِّهَا وَمُعْتِقُهَا ، وَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ أَيْ : لِأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِيهِ .
( فَصْلٌ الْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ ) فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ( سِتَّةٌ : النِّصْفُ وَالرُّبْعُ ، وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ ، وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ ) وَعَبَّرَ عَنْهَا فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِالنِّصْفِ وَنِصْفِهِ وَنِصْفِ نِصْفِهِ وَالثُّلُثَيْنِ وَنِصْفِهِمَا ، وَنِصْفِ نِصْفِهِمَا ، وَالضَّابِطُ الْأَخْصَرُ الرُّبُعُ ، وَالثُّلُثُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُ كُلٍّ وَلَهُمْ لَفْظَانِ آخَرَانِ ذَكَرْتُهُمَا مَعَ فَوَائِدَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ( فَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ : الزَّوْجُ ) بِشَرْطِهِ الْآتِي ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ } وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ إجْمَاعًا أَوْ لَفْظُ الْوَلَدِ يَشْمَلُهُمَا إعْمَالًا لَهُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ ( وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ ) بِشَرْطِهِمَا الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْبِنْتِ : { وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ } وَبِنْتُ الِابْنِ كَالْبِنْتِ بِمَا مَرَّ فِي وَلَدِ الِابْنِ ( وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ ) بِشَرْطِهِمَا الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ } وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ لَهَا السُّدُسَ .
( قَوْلُهُ : فِي كِتَابِ اللَّهِ ) أَخْرَجَ بِهِ ثُلُثَ مَا يَبْقَى فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ إذَا كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ وَفِي مَسْأَلَتَيْ زَوْجٍ ، أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا مُقَدَّرَةً أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا ، وَقَدْ يَنْقُصُ عَنْهَا بِسَبَبِ الْعَوْلِ ( قَوْلُهُ : النِّصْفُ ) مُثَلَّثُ النُّونِ ( قَوْلُهُ : وَلَهُمْ لَفْظَانِ آخَرَانِ ذَكَرْتُهُمَا .
.
إلَخْ ) أَيْ أَوْ الثُّمُنُ وَالسُّدُسُ وَضِعْفُهُمَا وَضِعْفُ ضِعْفِهِمَا أَوْ النِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَرُبُعُهُ وَفِي الثُّلُثَيْنِ كَذَلِكَ ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى السِّتَّةِ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ، فَذَكَرَ النِّصْفَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ ، وَالرُّبُعَ فِي مَوْضِعَيْنِ ، وَالثُّمُنَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، وَكُلًّا مِنْ الثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ فِي مَوْضِعَيْنِ ، وَالسُّدُسَ فِي ثَلَاثَةٍ ( قَوْلُهُ : وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ .
.
إلَخْ ) وَاحْتَرَزَ بِوَلَدِ الِابْنِ عَنْ وَلَدِ الْبِنْتِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِنْ وَرِثْنَا ذَوِي الْأَرْحَامِ ( قَوْلُهُ : إعْمَالًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ ) أَوْ قِيَاسًا كَمَا فِي الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ
( وَالرُّبُعُ فَرْضُ اثْنَيْنِ الزَّوْجُ ) بِشَرْطِهِ الْآتِي ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ } ( وَالزَّوْجَةُ فَمَا فَوْقَهَا ) بِشَرْطِهَا الْآتِي ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ } وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ بِمَا مَرَّ ، وَقَدْ تَرِثُ الْأُمُّ الرُّبُعَ فَرْضَا فِي حَالٍ يَأْتِي فَيَكُونُ الرُّبُعُ لِثَلَاثَةٍ .
قَوْلُهُ : لِلزَّوْجَةِ فَمَا فَوْقَهَا ) لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ الشَّخْصُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ إلَّا إذَا كَانَ كَافِرًا أَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ بَعْد مُضِيِّ إمْكَانِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ : قَدْ أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَائِهَا وَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إسْقَاطِ إرْثِهِنَّ وَنَفَقَتِهِنَّ أَوْ قَالَ : انْقَضَتْ وَأَنْكَرَتْ فَلَهُ التَّزَوُّجُ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ
( وَالثُّمُنُ فَرْضٌ ) صِنْفٌ ( وَاحِدٌ لِلزَّوْجَةِ ) الْأَنْسَبُ الزَّوْجَةُ ( فَمَا فَوْقَهَا ) بِشَرْطِهِ الْآتِي ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ } وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ بِمَا مَرَّ .
( وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ أَرْبَعٍ وَهُنَّ اللَّوَاتِي لِوَاحِدَتِهِنَّ النِّصْفُ ) أَيْ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ بِشَرْطِهِنَّ الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْبَنَاتِ : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } وَفِي الْأَخَوَاتِ { فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } نَزَلَتْ فِي سَبْعِ أَخَوَاتٍ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا مَرِضَ وَسَأَلَ عَنْ إرْثِهِنَّ مِنْهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الْأُخْتَانِ فَأَكْثَرُ وَقِيسَ بِالْأُخْتَيْنِ الْبِنْتَانِ ، وَبِنْتَا الِابْنِ وَبِالْأَخَوَاتِ أَوْ الْبَنَاتِ بَنَاتُ الِابْنِ بَلْ هُنَّ دَاخِلَاتٌ فِي لَفْظِ الْبَنَاتِ عَلَى الْقَوْلِ بِإِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازٌ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ أَنَّ " فَوْقَ " صِلَةٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ : { فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ } وَعَلَيْهِ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبِنْتَيْنِ وَيُقَاسُ بِهِمَا بِنْتَا الِابْنِ أَوْ هُمَا دَاخِلَتَانِ كَمَا مَرَّ وَبِالْأَخَوَاتِ الْبَنَاتِ ، وَبَنَاتِ الِابْنِ .
( قَوْلُهُ : عَلَى أَنَّهُ قِيلَ أَنَّ فَوْقَهُ صِلَةٌ ) وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ { أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدٍ قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخَذَ عَمُّهُمَا مَالَهُ وَوَاللَّهِ لَا تُنْكَحَانِ وَلَا مَالَ لَهُمَا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِمَا أَعْطِ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَالْمَرْأَةَ الثُّمُنَ وَخُذْ الْبَاقِيَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ فَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى فَرْضِ مَا زَادَ عَلَى الْبِنْتَيْنِ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى فَرْضِ الْبِنْتَيْنِ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } وَهُوَ لَوْ كَانَ مَعَ وَاحِدَةٍ كَانَ حَظُّهَا الثُّلُثَ فَأَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ يَجِبَ لَهَا ذَلِكَ مَعَ أُخْتِهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَ مَعَ بُعْدِ الدَّرَجَةِ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ مَعَ قُرْبِ الدَّرَجَةِ أَوْلَى فَهُوَ مِنْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَحُكِيَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ
( وَالثُّلُثُ فَرْضُ ثَلَاثَةٍ الْأُمِّ ) بِشَرْطِهَا الْآتِي ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } الْآيَةَ ، وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ بِمَا مَرَّ ( وَأَوْلَادِهَا ) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } الْآيَةَ وَالْمُرَادُ أَوْلَادُ الْأُمِّ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَتَوَاتَرْ لَكِنَّهَا كَالْخَبَرِ فِي الْعَمَلِ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ تَوْفِيقًا ( وَالْجَدِّ ) فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ مَعَ الْأُخْوَة وَالْأَخَوَاتِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ وَيَكُونَ الثُّلُثُ أَحَظَّ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ فَأَكْثَرَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ .
( قَوْلُهُ : وَأَوْلَادِهَا ) وَإِنَّمَا أُعْطُوا الثُّلُثَ لِأَنَّهُمْ يَدُلُّونَ بِالْأُمِّ وَذَلِكَ غَايَةُ حَقِّهَا وَسَوَّى بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَا تَعْصِيبَ فِيمَنْ أَدْلُوا بِهَا بِخِلَافِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ
( وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ لِلْأُمِّ ) بِشَرْطِهَا الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ } الْآيَةُ ، وَقَوْلُهُ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ } ( وَالْجَدَّةِ ) مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ بِشَرْطِهَا الْآتِي لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ } .
وَرَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ { أَنَّهُ قَضَى بِهِ لِلْجَدَّتَيْنِ } ( وَالْأَبِ وَالْجَدِّ ) بِشَرْطِهِمَا الْآتِي ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ } الْآيَةُ ، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ بِمَا مَرَّ فِي الْوَلَدِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حَالِهِ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي فَرْضِ السُّدُسِ لَهُ ( وَبِنْتِ الِابْنِ ) فَأَكْثَرُ ( مَعَ الْبِنْتِ ) أَوْ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ أَقْرَبُ مِنْهَا لِقَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقِيسَ عَلَيْهَا الْبَاقِي ؛ وَلِأَنَّ الْبَنَاتِ لَيْسَ لَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ فَالْبِنْتُ ، وَبَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى بِذَلِكَ ( وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ ) فَأَكْثَرُ ( مَعَ الْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ ) كَمَا فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ ( وَوَاحِدِ وَلَدِ الْأُمِّ ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى لِمَا مَرَّ فِي آيَتِهِ .
( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ الْمَجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَهُمْ فِي عَدِّهِمَا طَرِيقَانِ : خَلْطُهُمَا وَتَمْيِيزُهُمَا وَلَهُمْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عِبَارَتَانِ : بَسْطٌ وَإِيجَازٌ ، وَقَدْ سَلَكَ كَأَصْلِهِ طَرِيقَ التَّمْيِيزِ بِعِبَارَةِ الْبَسْطِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الضَّبْطِ فَقَالَ : ( وَالْوَارِثُونَ مِنْ الرِّجَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ : الِابْنُ وَابْنُهُ ، وَإِنْ سَفُلَ ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ ( وَالْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ) بِخِلَافِ أَبِي الْأُمِّ فَإِنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ( وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ وَ ) الْأَخُ ( لِلْأَبِ وَابْنَاهُمَا ، وَالْأَخُ لِلْأُمِّ ، وَالْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ وَ ) الْعَمُّ ( لِلْأَبِ وَهُوَ ) أَيْ الْعَمُّ ( أَخُو الْأَبِ أَوْ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا ) بِخِلَافِ الْأَخِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَخُو الْمَيِّتِ فَقَطْ ( وَابْنَاهُمَا ) أَيْ الْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْعَمُّ لِلْأَبِ ( وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتَقُ ) .
وَالْوَارِثَاتُ ( مِنْ النِّسَاءِ عَشْرٌ : الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ ، وَالْأُمُّ وَالْجَدَّتَانِ ) أَيْ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ ( وَإِنْ عَلَتَا وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَ ) الْأُخْتُ ( لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةُ ، وَالْمُعْتَقَةُ ) وَالْمُرَادُ بِالْمُعْتَقِ ذُو الْوَلَاءِ مُبَاشَرَةً أَوْ سِرَايَةً وَبِالْمُعْتَقَةِ ذَاتُ الْوَلَاءِ كَذَلِكَ ، وَلَوْ سَلَكَ طَرِيقَ التَّمْيِيزِ بِعِبَارَةِ الْإِيجَازِ لَقَالَ : وَالْوَارِثُونَ مِنْ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ : الْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا وَالِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ سَفُلَ وَالْأَخُ مُطْلَقًا وَابْنُهُ لِغَيْرِ الْأُمِّ وَالْعَمُّ ، وَابْنُهُ لِغَيْرِ الْأُمِّ ، وَالزَّوْجُ ، وَذُو الْوَلَاءِ .
وَمِنْ النِّسَاءِ سَبْعٌ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ وَالزَّوْجَةُ وَذَاتُ الْوَلَاءِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ شَبَّهُوا عَمُودَ النَّسَبِ بِالشَّيْءِ الْمُدَلَّى مِنْ عُلُوٍّ فَأَصْلُ كُلِّ إنْسَانٍ أَعْلَى مِنْهُ ، وَفَرْعُهُ أَسْفَلَ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالشَّجَرَةِ عَكْسُ ذَلِكَ فَيُقَالُ فِي أَصْلِهِ : وَإِنْ
سَفُلَ وَفِي فَرْعِهِ : وَإِنْ عَلَا .
( فَرْعٌ فَإِنْ اجْتَمَعَ الرِّجَالُ ) الْوَارِثُونَ ( وَرِثَ ) مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ : ( الِابْنُ وَالْأَبُ وَالزَّوْجُ ) فَقَطْ لِسُقُوطِ بَاقِيهِمْ : ابْنِ الِابْنِ بِالِابْنِ ، وَالْجَدِّ بِالْأَبِ وَالْبَاقِينَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِالِابْنِ فَقَطْ لِقُوَّتِهِ عَلَى الْأَبِ فِي الْعُصُوبَةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ عُصُوبَتَهُ ، فَإِسْنَادُ الْحَجْبِ إلَيْهِ أَوْلَى فَلِلزَّوْجِ : الرُّبُعُ ، وَلِلْأَبِ : السُّدُسُ ، وَلِلِابْنِ : الْبَاقِي فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ .
( أَوْ النِّسَاءُ ) الْوَارِثَاتُ ( فَالْبِنْتُ ، وَبِنْتُ الِابْنِ ، وَالْأُمُّ ، وَالزَّوْجَةُ ، وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ ) هُنَّ الْوَارِثَاتُ لِسُقُوطِ الْبَاقِيَاتِ : الْجَدَّتَيْنِ بِالْأُمِّ ، وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ بِالْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ ، وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ وَذَاتِ الْوَلَاءِ بِالشَّقِيقَةِ ، فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الثَّمَنُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلشَّقِيقَةِ ، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ .
( فَإِنْ اجْتَمَعَ الْكُلُّ ) غَيْرُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ( فَالْأَبَوَانِ وَالِابْنُ ، وَالْبِنْتُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ ) هُمْ الْوَارِثُونَ لِسُقُوطِ أَوْلَادِ الِابْنِ بِالِابْنِ وَالْجَدَّتَيْنِ بِالْأُمِّ وَالْبَقِيَّةُ بِكُلٍّ مِنْ : الْأَبِ ، وَالِابْنِ فَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ ، وَلِلزَّوْجِ - فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَةَ - الرُّبْعُ ، وَلِلزَّوْجَةِ فِي عَكْسِهِ : الثُّمُنُ ، وَلِلِابْنِ وَالْبِنْتِ : الْبَاقِي فَأَصْلُهَا فِي الْأُولَى مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتُصَحَّحُ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتُصَحَّحُ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ .
( وَلْنَبْدَأْ بِأَهْلِ الْفَرْضِ ) أَيْ بِبَيَانِهِمْ ( وَهُوَ : كُلُّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ ) فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ ( فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِالْفَرِيضَةِ ) أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ الْوَارِثَ ( وَهُمْ ) سَبْعَةٌ : ( الزَّوْجَاتُ ، وَالْأُمُّ ، وَالْجَدَّةُ ) مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ ، وَمِنْ قِبَلِ الْأَبِ ، ( وَوَلَدُ الْأُمِّ ) الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى ، فَالزَّوْج مَثَلًا مِنْ حَقِّهِ كَوْنُهُ زَوْجًا لَا يَرِثُ إلَّا بِالْفَرْضِ فَلَوْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مُعْتَقًا وَرِثَ بِالْعُصُوبَةِ أَيْضًا .
( وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ إمَّا بِالْفَرْضِيَّةِ أَوْ بِالْعُصُوبَةِ وَهُمْ ) أَرْبَعَةٌ : ( الْبَنَاتُ ، وَبَنَاتُ الِابْنِ ، وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ ، وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ ) ، وَإِرْثُ الْأَخِ الشَّقِيقِ بِالْفَرْضِ فِي الْمُشْرِكَةِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ شَقِيقًا الَّتِي هِيَ جِهَةُ الْعُصُوبَةِ بَلْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ أَخًا لِأُمٍّ ، ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ بِهِمَا جَمْعًا وَانْفِرَادًا وَهُمَا ) اثْنَانِ : ( الْأَبُ وَالْجَدُّ ، وَأَمَّا الْعَصَبَةُ وَهُوَ ) الْوَجْهُ فَهُمْ : ( كُلُّ مُعْتَقٍ ) أَيْ مَنْ لَهُ وَلَاءٌ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى مُبَاشِرًا لِلْعِتْقِ أَوْ مُنْتَقِلًا إلَيْهِ ( أَوْ ذَكَرٌ نَسِيبٌ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أُنْثَى ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْعَصَبَةِ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِالنَّسِيبِ الزَّوْجُ ، وَبِمَا بَعْدَهُ الْأَخُ لِلْأُمِّ ( وَفِي النِّسَاءِ عَصَبَةٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ مَنْ تُعَصَّبُ ( مَعَ غَيْرِهَا وَسَيَأْتِي ) بَيَانُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ قَسْمُ الْعَاصِبِ إلَى عَاصِبٍ بِنَفْسِهِ ، وَهُوَ مَا مَرَّ آنِفًا ، وَعَاصِبٍ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كُلُّ أُنْثَى عَصَبَهَا ذَكَرٌ ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ يُقَالُ الْعَاصِبُ ثَلَاثَةٌ : عَاصِبٌ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ انْتَهَى .
وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْفَرْضِيِّينَ ، وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ عَاصِبًا بِنَفْسِهِ لِاتِّصَافِهِ بِالْعُصُوبَةِ بِنَفْسِهِ أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ ، وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ بِأَنَّ الْغَيْرَ يَجِبُ كَوْنُهُ فِي الْأَوَّلِ عَصَبَةً
بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي ، قَالَ وَهُوَ اصْطِلَاحٌ وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ فَوَائِدَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ ، وَالْعَصَبَةُ : جَمْعُ عَاصِبٍ ، وَتُجْمَعُ هِيَ عَلَى عَصَبَاتٍ وَيُسَمَّى بِهَا الْوَاحِدُ وَغَيْرُهُ مُذَكَّرًا كَانَ أَوْ مُؤَنَّثًا .
( وَلَا يَحُوزُ الْمَالُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا الْمُعْتَقَةَ ) أَيْ ذَاتِ الْوَلَاءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَمَنْ قَالَ بِالرَّدِّ يُثْبِتُ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ الْحِيَازَةَ إلَّا الزَّوْجَةَ وَأَمَّا مَنْ انْفَرَدَ مِنْ الرِّجَالِ فَيَحُوزُ الْمَالَ إلَّا الزَّوْجَ وَالْأَخَ لِلْأُمِّ ، وَمَنْ قَالَ بِالرَّدِّ لَا يَسْتَثْنِي إلَّا الزَّوْجَ ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ فِي الْوَرَثَةِ ذَكَرٌ يُدْلِي بِأُنْثَى فَيَرِثُ إلَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَرِثُ مَعَ مَنْ يُدَلِّي بِهِ إلَّا أَوْلَادُ الْأُمِّ .
قَوْلُهُ : وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ قَسْمُ الْعَاصِبَ إلَى عَاصِبٍ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَا مَرَّ آنِفًا وَعَاصِبٍ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كُلٌّ .
.
.
إلَخْ ) وَالْعَاصِبُ مَعَ غَيْرِهِ كُلُّ أُنْثَى تَصِيرُ عَصَبَةً بِاجْتِمَاعِهَا مَعَ أُخْرَى وَاعْتَرَضَ عَلَى التَّعَارِيفِ الثَّلَاثَةِ بِإِدْخَالِ كُلٍّ فِيهَا فَإِنَّ التَّعَارِيفَ مَوْضُوعَةٌ لِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِإِفْرَادِهَا وَالتَّعَرُّضُ لِلْكُلِّيَّةِ مُنَافٍ لِذَلِكَ وَيُعْتَرَضُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِأَنَّ فِيهِمَا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُعَرَّفِ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُمْ قَصَدُوا جَعْلَهُ ضَابِطًا مُحِيطًا بِالْإِفْرَادِ فَأَدْخَلُوا كُلًّا الْمُفِيدَةَ لِلْإِحَاطَةِ ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ هَذَيْنِ تَعْرِيفَانِ لِمَنْ يَعْرِفُ التَّعْصِيبَ دُونَ الْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ .
فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ ، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا لِلْإِلْصَاقِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ غَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ : الْبَاءُ فِي بِغَيْرِهِ لِلْإِلْصَاقِ وَهُوَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ الْمُشَارِكِ فِي الْحُكْمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً بِخِلَافِ مَعَ فَإِنَّهَا لِلْقِرَانِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا } أَيْ جَعَلْنَاهُ وَزِيرَهُ حِينَ كَانَ مُقَارِنًا لَهُ فِي النُّبُوَّةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً كَمَا لَمْ يَكُنْ مُوسَى وَزِيرًا م
( فَصْلٌ وَأَمَّا ذَوَوْا الْأَرْحَامِ وَهُمْ ) لُغَةً : كُلُّ قَرِيبٍ وَاصْطِلَاحًا : ( كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ ) مِمَّنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى تَوْرِيثِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَهُمْ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ : أَبُو الْأُمِّ ، وَكُلُّ جَدٍّ وَجَدَّةٍ سَاقِطَيْنِ ، وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ ، وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ ، وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ ، وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ ، وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتُ ، وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ ( فَلَا يَرِثُونَ ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ : { إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ } وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي آيَاتِ الْمَوَارِيثِ ؛ وَلِأَنَّ الْعَمَّةَ مَثَلًا لَا تَرِثُ مَعَ الْعَمِّ ، وَكُلُّ أُنْثَى لَا تَرِثُ مَعَ مَنْ فِي دَرَجَتِهَا مِنْ الذُّكُورِ ، وَلَا تَرِثُ إذَا انْفَرَدَتْ كَابْنَةِ الْمُعْتَقِ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ وَرِثُوا لَقُدِّمُوا عَلَى الْمُعْتَقِ ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَلَاءِ ( بَلْ ) الْمَالُ كُلُّهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْفَرْضِ ( لِبَيْتِ الْمَالِ ) إرْثًا ( نَعَمْ لَوْ لَمْ يَسْتَجْمِعْ شَرَائِطَ الْإِمَامَةِ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ عَادِلٌ ( رُدَّ الْبَاقِي ) بَعْدَ الْفَرْضِ ( عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ ) إرْثًا لِأَنَّ الْمَالَ مَصْرُوفٌ لَهُمْ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ ، وَالتَّوَقُّفُ عُرْضَةٌ لِلْفَوَاتِ ( غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ ) فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إذْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وُجِدَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ دَخَلَا فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ ( فَإِنْ فُقِدُوا ) أَيْ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ ( صُرِفَ ) الْمَالُ أَوْ بَاقِيهِ ( لِذَوِي الْأَرْحَامِ ) وَلَوْ أَغْنِيَاءً إرْثًا ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : إنَّمَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُفِيدَةَ لِاسْتِحْقَاقِ الْفَرْضِ أَقْوَى .
( فَائِدَةً ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : إذَا جَارَتْ الْمُلُوكُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ وَظَفَرَ بِهِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْمَصَالِحَ أَخَذَهُ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ .
S( قَوْلُهُ : نَعَمْ وَلَوْ لَمْ يَسْتَجْمِعْ شَرَائِطَ الْإِمَامَةِ .
.
.
إلَخْ ) اسْتَشْكَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ : يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْإِمَامِ الْجَائِرِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا أَنَّ لِلْمُزَكِّي غَرَضًا صَحِيحًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ .
الثَّانِي أَنَّ فِي التَّفْرِقَةِ كُلْفَةٌ وَمُؤْنَةٌ عَلَى الْمَالِكِ وَصَرْفُ زَمَانٍ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِخِلَافِ الْإِرْثِ .
الثَّالِثُ مَا فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بِدَفْعِهَا إلَى الْإِمَامِ مِنْ دَفْعِ خَطَرِ الضَّمَانِ بِسَبَبِ التَّلَفِ بِالتَّأْخِيرِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ ، الرَّابِعُ : أَنَّ لِلزَّكَاةِ مُسْتَحَقِّينَ مُعَيَّنِينَ بِالْأَوْصَافِ وَقَدْ يَنْحَصِرُونَ بِالْأَشْخَاصِ فَهُمْ يُطَالِبُونَ بِخِلَافِ جِهَةِ الْمَصَالِحِ فَإِنَّهُمْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَتَعَيَّنُ لِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَهِيَ أَقْرَبُ إلَى الضَّيَاعِ وَأَنْ لَا تَقَعَ مَوْقِعَهَا عِنْدَ عَدَمِ الِانْتِظَامِ ( قَوْلُهُ : قَالَ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ لِلزَّوْجِ : النِّصْفُ ) إنْ لَمْ تَخْلُفْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ ( فَإِنْ خَلَفَتْ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ ( فَالرُّبُعُ ) لَهُ كَمَا مَرَّ ( وَلِزَوْجَةٍ فَأَكْثَرَ نِصْفُ مَا لِلزَّوْجِ ) فَلَهَا الرُّبُعُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ ، وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَإِلَّا فَلَهَا الثَّمَنُ لِمَا مَرَّ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ : جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ بِحَقِّ الزَّوَاجِ كَمَا فِي النَّسَبِ ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْأَصْلَ ذَلِكَ فِي جَانِبِ النَّسَبِ فَلَا يَضُرُّ تَسَاوِي الْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَلَا الشَّقِيقِ ، وَأُخْتِهِ فِي الْمُشْرِكَةِ .
( فَصْلٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ( فَإِنْ وُجِدَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ فَالسُّدُسُ ) لَهَا كَمَا مَرَّ ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِخْوَةِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ فِيهِ عَدَدٌ مِمَّنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَوْ مِنْ الْإِنَاثِ عَلَى التَّغْلِيبِ الشَّائِعِ ، وَعَلَى أَنَّ أَقُلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ كَمَا عَلَيْهِ جَمَعٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لَكِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الِاثْنَيْنِ مَجَازًا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُمَا كَالثَّلَاثَةِ هُنَا ، وَلِأَنَّهُ حَجْبٌ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ فِيهِ كَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي حَجْبِ الْبَنَاتِ لِبَنَاتِ الِابْنِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ وَخَرَجَ بِالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ بَنُوهُمْ فَلَا يَرُدُّونَهَا إلَى السُّدُسِ اتِّفَاقًا ، وَإِنَّمَا حَجَبَهَا وَلَدُ الِابْنِ كَأَبِيهِ ، وَلَمْ يَحْجُبْهَا وَلَدُ الْأَخِ كَأَبِيهِ لِإِطْلَاقِ الْوَلَدِ عَلَى وَلَدِ الِابْنِ مَجَازًا شَائِعًا بَلْ قِيلَ حَقِيقَةً بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْأَخِ عَلَى وَلَدِهِ ؛ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ أَقْوَى حَجْبًا مِنْ الْإِخْوَةِ لِحَجْبِهِ مَنْ لَا يَحْجُبُونَهُ وَلِقُصُورِهِمْ عَنْ دَرَجَةِ آبَائِهِمْ قَوِيَ الْجَدُّ عَلَى حَجْبِهِمْ دُونَ آبَائِهِمْ ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْأُمِّ وَلَدٌ وَاثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ إضَافَةُ الْحَجْبِ إلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ أَقْوَى ( وَلَهَا مَعَ أَبٍ وَزَوْجَةٍ أَوْ زَوْجٍ ثُلُثُ مَا يَبْقَى ) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ قَبْلَ إظْهَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْخِلَافِ وَلِأَنَّ كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لَوْ انْفَرَدَا اقْتَسَمَا الْمَالَ أَثْلَاثًا فَإِذَا اجْتَمَعَا مَعَ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ اقْتَسَمَا الْفَاضِلَ كَذَلِكَ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ فَلِلزَّوْجَةِ فِي مَسْأَلَتِهَا الرُّبُعُ وَلِلزَّوْجِ فِي مَسْأَلَتِهِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي ثُلُثُهُ لِلْأُمِّ وَثُلُثَاهُ لِلْأَبِ فِيهِمَا ، فَالْأُولَى مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَالثَّانِيَةُ : مِنْ
سِتَّةٍ قَالُوا وَإِنَّمَا عَبَّرُوا عَنْ حِصَّتِهَا فِيهَا بِثُلُثِ الْبَاقِي مَعَ أَنَّهَا فِي الْأُولَى الرُّبُعُ وَفِي الثَّانِيَةِ السُّدُسُ تَأَدُّبًا مَعَ لَفْظِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ : وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَتُسَمَّى الْمَسْأَلَتَانِ بِالْعُمْرِيَّتَيْنِ وَبِغَيْرِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي .
( قَوْلُهُ : أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ ) قَدْ يَشْمَلُ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ مُلْتَذِقَيْنِ لَهُمَا رَأْسَانِ ، وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ وَفَرْجَانِ ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ أُمًّا وَهَذَيْنِ فَلَا يُصْرَفُ لِأُمِّهِمَا إلَّا السُّدُسُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي سَائِر الْأَحْكَامِ مِنْ قِصَاصٍ وَدِيَةٍ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَضِيَّةُ طَلَاقِهِ أَنَّ الْأَخَوَيْنِ يَحْجُبَانِهَا وَإِنْ لَمْ يَرِثَا ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِمَا مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَيَرُدُّهَا الْأَخُ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ وَكَذَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ يَرُدَّانِهَا إلَى السُّدُسِ مَعَ الْجَدِّ وَلَا يَرِثَانِ .
، ( قَوْلُهُ : السَّابِقَةُ فِيهِ ) أَيْ مَا مَرَّ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ حَجْبٌ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ .
.
.
إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ فَرْضٌ يَتَغَيَّرُ بِعَدَدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ فِيهِ كَالثَّلَاثَةِ م ( قَوْلُهُ : وَالثَّانِيَةُ مِنْ سِتَّةٍ ) هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْفَرْضِيِّينَ أَنَّهَا مِنْ اثْنَيْنِ وَجُعِلَتْ بِالضَّرْبِ مِنْ سِتَّةٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ
( وَأَمَّا الْجَدَّةُ فَتَرِثُ إنْ كَانَتْ أُمَّ أُمٍّ أَوْ أُمَّ أَبٍ ثُمَّ أُمَّهَاتِهَا الْمُدَلَّيَاتِ بِالْإِنَاثِ ) كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ ( وَكَذَا أُمَّهَاتُ آبَاءِ الْآبَاءِ ) كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ ( وَأُمَّهَاتِهِنَّ ) كَأُمِّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتٌ مُدَلَّيَاتٍ بِالْوَارِثِينَ فَأَشْبَهْنَ أُمَّ أَبِي الْأَبِ فَضَابِطُ مَنْ يَرِثُ مِنْهُنَّ كُلّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ أَوْ بِمَحْضِ الذُّكُورِ أَوْ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ إلَى مَحْضِ الذُّكُورِ ( لَا مَنْ تُدْلَى بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ ) لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا يَرِثُ فَلَا تَرِثُ بِخُصُوصٍ الْقَرَابَةِ بَلْ هِيَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ( فَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ ، وَكَذَا الْجَدَّاتُ يَشْتَرِكْنَ فِيهِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ أَدْلَتْ إحْدَاهُنَّ بِجِهَتَيْنِ ) أَوْ أَكْثَرَ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ ؛ وَلِأَنَّ الْجُدُودَةَ قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ لِاخْتِلَافِ الْقَرَابَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي ، وَذَلِكَ ( كَمَنْ زَوَّجَتْ ابْنَ إحْدَى بِنْتَيْهَا بِنْتَ ) بِنْتِهَا ( الْأُخْرَى فَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ ) فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّهِ فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ وَخَلَّفَ هَذِهِ وَجَدَّةً أُخْرَى هِيَ أُمُّ أَبِي أَبِيهِ لَمْ تُفَضَّلْ عَلَيْهَا ، وَلَوْ نَكَحَ الْوَلَدُ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِنْتَ بِنْتَ بِنْتِ أُخْرَى لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ فَهِيَ جَدَّتُهُ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبِيهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجَدَّةُ عِنْدَ تَعَدُّدِ جِهَتِهَا الْمُتَّجِهِ أَنَّهُ بِأَقْوَى الْجِهَتَيْنِ لَا بِهِمَا وَلَا بِإِحْدَاهُمَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ فِي الشَّخْصِ جِهَتَا فَرْضٍ بَلْ أَوْلَى وَذِكْرُ الْأَصْلِ فَرْعًا فِي تَنْزِيلِ الْجَدَّانِ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ بِالتَّأَمُّلِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي نِهَايَةِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا .
( فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الْكُلُّ بِالتَّعْصِيبِ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ ( فَإِنْ وُجِدَ ) مَعَهُ ( ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ فَالسُّدُسُ ) لَهُ كَمَا مَرَّ وَالْبَاقِي لِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْعُصُوبَةِ ( وَلَهُ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ ) فَأَكْثَرَ أَوْ مَعَهُمَا ( السُّدُسُ فَرْضًا ) لِأَنَّ آيَتَهُ لَمْ تُفَضِّلْ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْأَوْلَادِ ( وَالْبَاقِي ) بَعْدَ فَرْضِ الْبَنَاتِ ( بِالتَّعْصِيبِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ : { أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ } وَقَدْ بَيَّنْتُ فَائِدَةَ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ ( وَالْجَدُّ ) فِي النَّسَبِ ( كَالْأَبِ ) فِي الْمِيرَاثِ ( إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْأُولَى : أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ ) وَالْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ الْأُمِّ ( كَمَا سَيَأْتِي ) بَيَانُهُ ( وَالْأَبُ يُسْقِطُهُمْ .
الثَّانِيَةُ : أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْأُمَّ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الثُّلُثِ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي ) بَلْ لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا دَرَجَةً فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَفْضُلَهَا ( وَالْأَبُ يَرُدُّهَا ) إلَيْهِ كَمَا مَرَّ .
( الثَّالِثَةُ : أَنَّ الْجَدَّ لَا يُسْقِطُ أُمَّ الْأَبِ ) وَإِنْ أَسْقَطَ أُمَّ نَفْسِهِ ( وَالْأَبُ يُسْقِطُهَا ) ، لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلَ بِالْجَدِّ بِخِلَافِهَا فِي الْأَبِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ وُجِدَ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ .
.
إلَخْ ) أَوْ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ مُسْتَغْرِقٌ كَابْنَتَيْنِ وَزَوْجٍ وَأُمٍّ أَوْ مُبْقًى قَدْرُ السُّدُسِ كَابْنَتَيْنِ وَأُمٍّ أَوْ أَقَلَّ كَابْنَتَيْنِ وَزَوْجٍ ف ( قَوْلُهُ : وَقَدْ بَيَّنْتُ فَائِدَةَ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ .
.
.
إلَخْ ) قَالَ النَّوَوِيُّ : فَائِدَةُ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ التَّنْبِيهُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهِيَ الذُّكُورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْعُصُوبَةِ ، وَالتَّرْجِيحُ فِي الْإِرْثِ وَلِهَذَا جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَ : وَالْأَوْلَى هُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَحَقَّ لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَنْ هُوَ الْأَحَقُّ وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ : إنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّجُلُ يُطْلَقُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ وَفِي مُقَابَلَةِ الصَّبِيِّ جَاءَتْ لِبَيَانِ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ .
وَهَذَا كَمَا قَالَ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي فِي مِثْلِ { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } إنَّ اسْمَ الْجِنْسِ مُتَحَمِّلٌ لِلْفَرْدِيَّةِ وَالْجِنْسِ مَعًا وَبِالصِّفَةِ يَعْلَمُ الْمُرَادُ فَلَمَّا وُصِفَتْ الدَّابَّةُ وَالطَّائِرُ بَقِيَ الْأَرْضِ ، وَيَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ لَا الْفَرْدُ م ( قَوْلُهُ : وَالْجَدُّ كَالْأَبِ .
.
.
إلَخْ ) فَلَهُ الْحَالَاتُ الثَّلَاثُ فَيَرِثُ بِالْعُصُوبَةِ عِنْد عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَبِالْفَرْضِ مَعَ الْفَرْعِ الْعَاصِبِ أَوْ إذَا اُسْتُغْرِقَ أَهْلُ الْفُرُوضِ أَوْ أَبْقُوا قَدْرَ السُّدُسِ أَوْ أَقَلَّ كَمَا سَبَقَ ، وَيَرِثُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعًا إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ أَوْ مِنْهُمَا مَا يَفْضُلُ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ مَعْنَى الرَّحِمِ بِالْوِلَادَةِ وَمَعْنَى التَّعْصِيبِ بِالذُّكُورَةِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا كَابْنِ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ ، وَقَالُوا لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَالْفَرْضِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ .
(
قَوْلُهُ : إلَّا فِي ثَلَاث مَسَائِلَ .
.
.
إلَخْ ) أَبُو الْجَدِّ وَمَنْ فَوْقَهُ كَالْجَدِّ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْجُبُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا يَحْجُبُهَا مَنْ فَوْقَهُ
( فَصْلٌ : وَالِابْنُ ) إذَا انْفَرَدَ ( يَحُوزُ الْجَمِيعَ ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ إذَا اُجْتُمِعَ مَعَ الْبِنْتِ يَأْخُذُ ضِعْفَ مَا تَأْخُذُهُ وَهِيَ إذَا انْفَرَدَتْ تَأْخُذُ النِّصْفَ فَالِابْنُ إذَا انْفَرَدَ يَأْخُذُ ضِعْفَهُ وَهُوَ الْكُلُّ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَخِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَهُوَ يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ } بَلْ أَوْلَى ( وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ ) لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ اجْتَمَعُوا ) أَيْ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ ( فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) لِلْإِجْمَاعِ ، وَلِآيَةِ { يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } ، وَلِآيَةِ { وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً } وَإِنَّمَا فَضَّلَ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى ؛ لِأَنَّهُ قَوَّامٌ عَلَى النِّسَاءِ بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا ، وَخُولِفَ هَذَا فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ فَسَوَّى بَيْنَهُمْ لِآيَتِهِمْ .
( فَرْعٌ لَا شَيْءَ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ ) لِحَجْبِهِ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ ( وَلَهُ مَا زَادَ عَنْ ) بِمَعْنَى عَلَى ( فَرْضِ الْبِنْتِ وَالْبَنَاتِ يَعْصِبُ فِيهِ ) أَيْ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ( مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ مِمَّنْ لَا فَرْضَ لَهَا ) مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أُخْتُهُ أَوْ بِنْتُ عَمِّهِ أَمَّا تَعْصِيبُهُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَكَمَا فِي الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ ، وَأَمَّا تَعْصِيبُهُ مَنْ هِيَ أَعْلَى مِنْهُ فَلِتَعَذُّرِ إسْقَاطِهِ فَإِنَّهُ عَصَبَةٌ ذَكَرٌ فَحِرْمَانُ مَنْ فَوْقَهُ مَعَ قُرْبِهِ وَحَوْزِهِ وَهُوَ مَعَ بُعْدِهِ بَعِيدٌ ، وَلَوْ كَانَ فِي رُتْبَتِهَا لَمْ يُفْرَدْ مَعَ قُرْبِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ فِي دَرَجَتِهَا ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُعَصِّبُ مَنْ هِيَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَا أَعْلَى مِنْهُ إذَا أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ السُّدُسِ ( وَلِبِنْتِ الِابْنِ وَبَنَاتِهِ مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ لَا ) مَعَ ( بَنَاتِهِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ الْبَنَاتِ لَيْسَ لَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ ، فَالْبِنْتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْنَ شَيْئًا
مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ لَا فَرْضَ لَهُنَّ وَلَا عُصُوبَةَ ( وَأَوْلَادُ الِابْنِ عِنْدَ ) وُجُودِ ( أَوْلَادِ ابْنِ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ عِنْدَهُمْ ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِهِمْ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِمْ سَوَاءٌ أَكَانُوا إخْوَةً أَمْ بَنِي أَعْمَامٍ أَمْ إخْوَةً وَبَنِي أَعْمَامٍ ( وَكَذَا كُلُّ دَرَجَةٍ ) عَالِيَةٍ مَعَ دَرَجَةٍ سَافِلَةٍ فَإِنَّ حُكْمَهَا مَا ذُكِرَ .
( وَلَيْسَ ) لَنَا فِي الْفَرَائِضِ ( مَنْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ ، وَعَمَّتَهُ ، وَعَمَّةُ أَبِيهِ وَ ) عَمَّةُ ( جَدِّهِ وَبَنَاتُ عَمِّهِ ، وَبَنَاتُ عَمِّ أَبِيهِ وَ ) بَنَاتُ عَمِّ ( جَدِّهِ إلَّا الْأَسْفَلُ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ ) .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) إنَّمَا فُضِّلَ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالنُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ .
وَإِنَّمَا جَعَلَ لَهَا نِصْفَ مَا لِلذَّكَرِ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ وَالذَّكَرُ لَهُ حَاجَتَانِ : حَاجَةٌ لِنَفْسِهِ وَحَاجَةٌ لِزَوْجَتِهِ ، وَالْأُنْثَى حَاجَةٌ وَاحِدَةٌ لِنَفْسِهَا .
بَلْ هِيَ غَالِبًا تَسْتَغْنِي بِالتَّزْوِيجِ عَنْ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهَا وَلَكِنْ لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - احْتِيَاجَهَا إلَى النَّفَقَةِ ، وَأَنَّ الرَّغْبَةَ تَقِلُّ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ جَعَلَ لَهَا حَظًّا مِنْ الْإِرْثِ ، وَأَبْطَلَ حِرْمَانَ الْجَاهِلِيَّةِ لَهَا ( قَوْلُهُ : لِآيَتِهِمْ وَلِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ ) وَسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ مَعَ الْوَلَدِ .
( فَصْلٌ : الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ ) عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ ( كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ ) عِنْدَ انْفِرَادِهِمْ عَنْ أَوْلَادِ الِابْنِ فَلِلذَّكَرِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمُتَعَدِّدِ جَمِيعُ الْمَالِ أَوْ مَا بَقِيَ ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَيَزِيدُ الْعَصَبَةُ مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَسْقُطُونَ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ بِخِلَافِ الْعَصَبَةِ مِنْ الْأَوْلَادِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ اسْتِغْرَاقٌ .
( وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ ) عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ ( كَهُمَا لِلْأَبَوَيْنِ ) فِيمَا ذُكِرَ ( إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِكَسْرِهَا عَلَى نِسْبَةِ التَّشْرِيكِ إلَيْهَا مَجَازًا ، وَيُقَالُ الْمُشْتَرَكَةُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ بِتَاءٍ بَعْدَ الشِّينِ ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَالْمَعْنَى : الْمُشَرَّكُ فِيهَا بَيْنَ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادِ الْأُمِّ فَإِنَّ أَوْلَادَ الْأَبَوَيْنِ يَنْقَلِبُونَ فِيهَا إلَى الْفَرْضِ ، وَأَوْلَادَ الْأَبِ يَسْقُطُونَ لِمَا سَيَأْتِي .
( وَهِيَ : زَوْجٌ وَأُمٌّ ) وَمِثْلُهَا الْجَدَّةُ ( وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ ) فَأَكْثَرُ ( لِأَبَوَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ يُشَارِكُهُمَا فِيهِ الْأَخُ أَوْ الْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ ) لِمُشَارَكَتِهِمْ إيَّاهُمَا فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ شَارَكَهُمَا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَإِنْ سَقَطَتْ عُصُوبَتُهُ فَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْلَى .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَسْقَطَهُ فِي الْعَامِ الْمَاضِي عَلَى الْأَصْلِ فِي إسْقَاطِ الْعَصَبَةِ بِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ : ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَخٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَخَوَانِ ( لَا ) الْأَخُ ( لِلْأَبِ ) فَلَا
يُشَارِكُهُمَا بَلْ يَسْقُطُ لِفَقْدِ قَرَابَةِ الْأُمِّ ( وَيَتَسَاوُونَ ) أَيْ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ ذَكَرُهُمْ كَأُنْثَاهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ فِيهَا أُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ فَأَكْثَرُ لِأَبٍ سَقَطْنَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْوَلِيُّ فِي كَافِيهِ .
( وَشَرْطُ الْمُشَرَّكَةِ ) وَفِي نُسْخَةٍ : الْمُشْتَرَكَةِ ( أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرًا أَوْ فِيهِمْ ذَكَرٌ وَإِنْ انْفَرَدَ الْإِنَاثُ ) بِأَنْ كَانَ بَدَلُ الْأَخِ فَأَكْثَرُ لِلْأَبَوَيْنِ أُخْتٌ فَأَكْثَرُ لِلْأَبَوَيْنِ ( فَرَضَ لَهُنَّ ) لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرُ الثُّلُثَانِ ( وَعَالَتْ ) مَعَ الْوَاحِدَةِ إلَى تِسْعَةٍ وَمَعَ الثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرُ إلَى عَشَرَةٍ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ لَوْ كَانَ بَدَلَهُمْ ( الْأُخْتُ أَوْ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ فَإِنْ كَانَ لَهَا ) أَيْ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ فَأَكْثَرَ ( أَخٌ ) أَيْضًا ( سَقَطَا ) إذْ لَا يُفْرَضُ لَهَا مَعَهُ وَلَا تَشْرِيكَ ( وَ ) شَرْطَ الْمُشَرَّكَةِ أَيْضًا ( أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأُمِّ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ وَاحِدًا ( أَخَذَ الْعَصَبَةُ ) مِنْ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبِ ( السُّدُسَ ) الْبَاقِي لِأَنَّ فَرْضَ وَلَدِ الْأُمِّ حِينَئِذٍ السُّدُسُ ، وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الْعَصَبَةِ فِي الْمُشَرَّكَةِ خُنْثَى لِأَبَوَيْنِ فَبِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ هِيَ الْمُشَرَّكَةُ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ إنْ كَانَ وَلَدُ الْأُمِّ اثْنَيْنِ وَبِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ تَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ وَبَيْنَهُمَا تَدَاخُلٌ فَيَصِحَّانِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَيُعَامَلُ بِالْأَضَرِّ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ الْأَضَرِّ فِي حَقِّ ذُكُورَتِهِ وَفِي حَقِّ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ أُنُوثَتُهُ وَيَسْتَوِي فِي حَقِّ وَلَدِي الْأُمِّ الْأَمْرَانِ فَإِذَا قَسَمْتَ فَضْلَ أَرْبَعَةٍ مَوْقُوفَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ فَإِنْ بَانَ أُنْثَى أَخَذَهَا أَوَ ذَكَرٌ أَخَذَ الزَّوْجُ ثَلَاثَةً ، وَالْأُمُّ وَاحِدًا .
قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ شَارَكَهُمَا إلَخْ ) أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ إخْوَةَ الْأُمِّ فِي ابْنِ الْعَمِّ جِهَةُ فَرْضٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَلِهَذَا نُعْطِيهِ بِهَا السُّدُسَ فَابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ فِيهِ جِهَةُ فَرْضٍ وَجِهَةُ تَعْصِيبٍ فَإِذَا سَقَطَتْ إحْدَاهُمَا بَقِيَتْ الْأُخْرَى ، وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ لَيْسَ فِيهِ جِهَةُ فَرْضٍ وَجِهَةُ تَعْصِيبٍ بَلْ تَعْصِيبٌ فَقَطْ ؛ وَلِهَذَا نَقُولُ فِي ابْنَيْ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ لَهُ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا نَقُولُ فِي أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ لِلْأَوَّلِ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَعُلِمَ أَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْفَرْدِ هِيَ قَرَابَةُ الْأُمِّ الْمُنْفَرِدَةِ أَمَّا قَرَابَةُ الْأُمِّ الْمُمْتَزِجَةُ بِقَرَابَةِ الْأَبِ فَلَا تَقْتَضِي الْفَرْضَ بَلْ هُمَا جِهَةُ تَعْصِيبٍ .
( فَرْعٌ الْأُخْوَةُ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ كَأَوْلَادِ الِابْنِ مَعَ وَلَدِ الصُّلْبِ ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَقَدْ عَرَّفَ حُكْمَهُمْ ( إلَّا أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ لَا يُعَصِّبُهَا إلَّا مَنْ فِي دَرَجَتِهَا ) بِخِلَافِ بِنْتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ خَلَّفَ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتًا لِأَبٍ ، وَابْنَ أَخٍ لِأَبٍ فَلَهُمَا ) أَيْ لِلْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ ( الثُّلُثَانِ وَلَهُ ) أَيْ لِابْنِ الْأَخِ ( الْبَاقِي وَسَقَطَتْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ ) لِاسْتِغْرَاقِ الْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَلَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ الْأَخِ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَا يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ بِنْتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا .
.
إلَخْ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ ابْنِ الِابْنِ حَيْثُ يُعَصِّبُ عَمَّتَهُ أَنَّ ابْنَ ابْنِ الِابْنِ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ فَعَصَّبَ عَمَّتَهُ وَابْنُ الْأَخِ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ لِأَنَّهَا لَا تَرِثُ فَلَا يُعَصِّبُ عَمَّتَهُ وَأَيْضًا ابْنُ ابْنِ الِابْنِ يُسَمَّى ابْنًا إمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا أَوْ ابْنَ الْأَخِ لَا يُسَمَّى أَخًا .
( فَرْع لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ وَلِمَا ) بِمَعْنَى ، وَلِمَنْ ( فَوْقَهُ الثُّلُثُ وَخَالَفُوا ) أَيْ أَوْلَادَ الْأُمِّ ( غَيْرَهُمْ ) مِنْ الْوَرَثَةِ ( فِي أَنَّ ذَكَرَهُمْ كَأُنْثَاهُمْ ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا لِآيَاتِهِمْ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَوْلَادِ ، وَالْإِخْوَةِ فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ اجْتِمَاعًا وَلِلْوَاحِدِ الْكُلُّ ، وَلِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ ، وَلِلثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ انْفِرَادًا كَمَا تَقَرَّرَ ( وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ مَعَ مَا يَدْلُونَ بِهِ ) وَهِيَ الْأُمُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا الْجَدَّةَ لِلْأَبِ فَإِنَّهَا تَرِثُ مَعَ بِنْتِهَا مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إذَا لَمْ تَكُنْ أَبْعَدَ مِنْهَا لَكِنْ لَا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي أَدْلَتْ إلَيْهَا بِهَا كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ مَعَ تَصْوِيرِهِ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ ( وَأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَهُ ) حَجْبَ نُقْصَانٍ لِأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُحْجَبُوا بِهَا لِإِدْلَائِهِمْ بِهَا لَا أَنْ تُحْجَبَ هِيَ بِهِمْ ( وَإِنَّ ذَكَرَهُمْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَيَرِثُ ) بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فِي النَّسَبِ كَابْنِ الْبِنْتِ وَأَبِي الْأُمِّ أَمَّا فِي الْعِتْقِ فَيَرِثُ لِأَنَّ عَصَبَةَ الْمُعْتَقَةِ تُدْلِي بِأُنْثَى وَتَرِثُ .
( قَوْلُهُ : وَخَالَفُوا غَيْرَهُمْ فِي أَنَّ ذَكَرَهُمْ كَأُنْثَاهُمْ ) لِأَنَّهُمْ يُورَثُونَ بِالرَّحِمِ فَاسْتَوَوْا كَالْأَبَوَيْنِ مَعَ الِابْنِ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الثُّلُثِ وَبِهَذَا فَارَقُوا الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالْعُصُوبَةِ ( قَوْلُهُ : وَإِنَّ ذَكَرَهُمْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَيَرِثُ ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ أَوْلَادَ الْأُمَّ يُخَالِفُونَ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ ) كَمَا مَرَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَاهَا الثُّلُثَ حَيْثُ لَا إخْوَةَ وَهَذَا الِاسْمُ لَا يَصْدُقُ عَلَى بَنِيهِمْ بِحَالٍ بِخِلَافِ وَلَدِ الْوَلَدِ
( فَصْلٌ بَنُو الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( كَأَبِيهِ ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا فَلِلْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْهُمْ كُلُّ الْمَالِ أَوْ مَا فَضَلَ عَنْ الْفَرْضِ وَيُسْقِطُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ ابْنَ الْأَخِ لِلْأَبِ كَمَا يُسْقِطُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ الْأَخَ لِلْأَبِ ( لَكِنَّ الْإِخْوَةَ يَرُدُّونَ الْأُمَّ ) مِنْ الثُّلُثِ ( إلَى السُّدُسِ ) بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ كَمَا مَرَّ ( وَيُقَاسِمُونَ الْجَدَّ ) بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ لِبُعْدِهِمْ وَلِأَنَّهُ فِي دَرَجَةِ الْأَخِ ، وَهُوَ يَحْجُبُ ابْنَهُ فَيَحْجُبُهُ الْجَدُّ ( وَيَرِثُونَ فِي الْمُشَرَّكَةِ ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُشْتَرَكَةِ لِوُجُودِ عِلَّةِ التَّشْرِيكِ فِيهِمْ بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ ، وَالْمُخَالَفَةُ فِي هَذِهِ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ وَأَبْنَائِهِمْ لَا بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأَبْنَائِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيهَا ( وَيُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ ) لِإِرْثِهِنَّ بِخُصُوصِ الْقَرَابَةِ ( بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ ) لَا يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ لِعَدَمِ إرْثِهِنَّ وَيُخَالِفُونَهُمْ أَيْضًا فِي أَنَّ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَفِي أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ يَحْجُبُونَ بَنِي الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ وَفِي أَنَّ الْإِخْوَةِ يَرِثُونَ مَعَ الْأَخَوَاتِ إذَا كُنَّ عَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ .
قَوْلُهُ : إذَا كُنَّ عَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ ) أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُخْتُ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ : سُقُوطُ بَنِي الشَّقِيقِ بِالشَّقِيقَةِ وَأَبُوهُمْ يُعَصِّبُهَا .
وَسُقُوطُ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ بِالْأُخْتِ لِلْأَبِ وَأَبُوهُمْ يُعَصِّبُهَا أَيْضًا .
وَسُقُوطُ بَنِي الشَّقِيقِ بِالْأُخْتِ لِلْأَبِ وَأَبُوهُمْ يَحْجُبُهَا .
فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ صُوَرٍ يُخَالِفُونَ فِيهَا أَبَاهُمْ .
وَالرَّابِعَةُ سُقُوطُ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ بِالشَّقِيقَةِ ، وَأَبُوهُمْ يَسْقُطُ بِهَا أَيْضًا فَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِي هَذِهِ .
( فَصْلٌ : الْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( مَعَ الْبَنَاتِ ، وَبَنَاتِ الِابْنِ ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا ( عَصَبَةٌ كَالْإِخْوَةِ ) لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ إذْ فِيهِ { وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ } وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَنَاتٌ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ وَأَخَوَاتٌ وَأَخَذَتْ الْبَنَاتُ أَوْ بَنَاتُ الِابْنِ الثُّلُثَيْنِ فَلَوْ فَرَضْنَا لِلْأَخَوَاتِ وَأَعَلْنَا الْمَسْأَلَةَ نَقَصَ نَصِيبُ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ فَاسْتَبْعَدُوا أَنْ تُزَاحِمَ الْأَخَوَاتُ الْأَوْلَادَ ، وَأَوْلَادَ الِابْنِ وَلَمْ يُمْكِنْ إسْقَاطُهُنَّ فَجُعِلْنَ عَصَبَاتٍ لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَيْهِنَّ خَاصَّةً ، وَحِينَئِذٍ ( يَأْخُذْنَ الْبَاقِي عَنْ فَرْضِهِنَّ ) أَيْ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ ( فَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ ) أَوْ بِنْتِ الِابْنِ أَوْ مَعَهُمَا ( تَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ ) كَمَا يَحْجُبُهُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ لَكِنْ لَوْ خَلَّفَ بِنْتًا وَأَخًا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَمْ تَجْعَلْ مَعَهُ كَالْأَخِ مَعَ الْأَخِ لِئَلَّا يَلْزَمَ مُخَالَفَةُ أَصْلِ أَنَّ لِلذَّكَرِ ضِعْفُ مَا لِلْأُنْثَى ؛ وَلِأَنَّ تَعْصِيبَهَا بِالْبِنْتِ إنَّمَا هُوَ لِلضَّرُورَةِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِنَا مِنْ حَظِّ نَصِيبِ الْبَنَاتِ بِالْعَوْلِ بِسَبَبِ فَرْضِ الْأُخْتِ وَتَعَسَّرَ إسْقَاطُهَا وَلَا حَاجِبَ بِخِلَافِ تَعْصِيبِهَا بِالْأَخِ ( وَالْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُ الْعَمَّ لِلْأَبِ ) كَالْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ .
س ( قَوْلُهُ : لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ .
.
إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْأُخْتَ تَأْخُذُ الْفَاضِلَ عَنْ الزَّوْجِ فَلَمْ تَسْقُطُ مَعَ الْبِنْتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَرِثُ بِالْفَرْضِ فَهُوَ بِالتَّعْصِيبِ ، وَخَالَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَعَلَ الْفَاضِلَ لِبَنِي الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ ، وَاحْتَجَّ بِأَوْجُهٍ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى : { إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } الْآيَةَ فَشَرَطَ فِي إرْثِ الْأُخْتِ عَدَمَ الْوَلَدِ قُلْنَا شَرْطُهُ لِإِرْثِهَا فَرْضًا لَا مُطْلَقًا ، وَمِنْهَا خَبَرُ { فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ } قُلْنَا عَامٌّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ ، وَمِنْهَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ لَسْنَ بِعَصَبَةٍ مَعَ الْبَنَاتِ فَكَذَا الْأَخَوَاتُ لِغَيْرِ الْأُمِّ قُلْنَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ لَا يُعَصِّبْنَ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ الْأُمِّ ، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَصَبَةً لَأَخَذَتْ الْكُلَّ إذَا انْفَرَدَتْ كَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ ، قُلْنَا لَيْسَ بِلَازِمٍ إذْ هِيَ عَصَبَةٌ مَعَ أَخِيهَا ، وَلَوْ انْفَرَدَتْ لَمْ تَأْخُذْ الْكُلَّ ، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تَعْقِلُ ، وَلَا تُزَوَّجُ فَكَانَتْ كَالْأُمِّ ، قُلْنَا ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا عَصَبَةً بِدَلِيلِ الِابْنِ قَالَ الْإِمَامُ : وَمِمَّا يَتَعَيَّنُ التَّنْبِيهُ لَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُ بِالْعَوْلِ وَيَعُدُّ عَلَيْهِ تَعْصِيبَ الْأُخْتِ وَلَمْ يَرَ إدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْبَنَاتِ فَلَمْ يُتَّجَهْ لَهُ إلَّا إسْقَاطُ الْأُخْتِ .
م
( الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْعَصَبَةِ وَتَرْتِيبِهِمْ ) ( وَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ يُسْقِطُ الْأَبْعَدَ وَأَقْرَبُهُمْ الِابْنُ ) لِقُوَّةِ عُصُوبَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ فُرِضَ لِلْأَبِ مَعَهُ السُّدُسُ وَأُعْطِيَ هُوَ الْبَاقِي وَلِأَنَّهُ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْأَبُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ وَالتَّزْوِيجِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِمَا بِالْوِلَايَةِ ، وَهِيَ لِلْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ وَهُنَا بِقُوَّةِ التَّعْصِيبِ وَهُوَ فِي الْأَبْنَاءِ أَقْوَى ( ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفُلَ ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الِابْنِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ فَكَذَا فِي التَّعْصِيبِ ؛ وَلِأَنَّ جِهَةَ الْبُنُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا ، وَالْبَعِيدُ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَدَّمَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُؤَخَّرَةِ كَمَا سَيَأْتِي ( ثُمَّ الْأَبُ ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ بَعْضُهُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ وَلِإِدْلَاءِ سَائِرِ الْعَصَبَةِ بِهِ ( ثُمَّ الْجَدُّ ) أَبُو الْأَبِ ( وَإِنْ عَلَا ) كَالْأَبِ ( وَفِي دَرَجَتِهِ الْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ وَسَيَأْتِي ) بَيَانُ حُكْمِهِمْ ، وَإِنَّمَا كَانُوا فِي دَرَجَتِهِمْ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِدْلَاءِ إلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُدْلِي إلَيْهِ بِالْأَبِ وَكَانَ الْقِيَاسُ تَقْدِيمَ الْإِخْوَةِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ أَبِي الْمَيِّتِ ، وَالْجَدُّ أَبُو أَبِيهِ ، وَالْبُنُوَّةُ أَقْوَى مِنْ الْأُبُوَّةِ وَلِأَنَّ فَرْعَهُمْ وَهُوَ ابْنُ الْأَخِ يُسْقِطُ فَرْعَ الْجَدِّ وَهُوَ الْعَمُّ وَقُوَّةُ الْفَرْعِ تَقْتَضِي قُوَّةَ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُقَدِّمُونَ عَلَى الْجَدِّ فَشَرَكْنَا بَيْنَهُمَا ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِمْ الْأَبُ لِأَنَّهُمْ أُدْلُوا بِهِ بِخِلَافِهِمْ مَعَ الْجَدِّ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ فَالْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ ) لِخَبَرِ : { أَعْيَانِ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعِلَّاتِ يَرِثُ الرَّجُلَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمُّهُ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ فِي سَنَدِ الْحَارِثِ وَهُوَ ضَعِيفٌ
وَلِأَنَّهُمْ انْفَرَدُوا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَالِانْفِرَادُ بِالْقَرَابَةِ كَالتَّقْدِيمِ بِدَرَجَةٍ ، وَآخِرُ الْخَبَرِ تَفْسِيرٌ لِأَوَّلِهِ فَأَوْلَادُ الْأَعْيَانِ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ الْعِلَّاتِ أَوْلَادُ الْأَبِ وَالْإِخْوَةُ ثَلَاثَةٌ بَنُو أَعْيَانٍ ، وَبَنُو عِلَّاتٍ وَبَنُو أَخْيَافٍ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأُمِّ .
وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ ( ثُمَّ ) الْإِخْوَةُ ( لِلْأَبِ ) لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ ( ثُمَّ بَنُوهُمْ كَذَلِكَ ) فَيُقَدَّمُ بَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ كَذَلِكَ ( وَيَسْقُطُونَ ) أَيْ بَنُو الْإِخْوَةِ ( بِالْجَدِّ ) وَإِنْ عَلَا إذْ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةُ الْإِخْوَةِ لِعَدَمِ تَعْصِيبِهِمْ أَخَوَاتِهِمْ بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ ( ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ( ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُ كَذَلِكَ ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ( وَهَكَذَا ) فَيُقَدَّمُ عَمُّ الْجَدِّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ وَهَكَذَا ( فَإِنْ عَدِمُوا ) أَيْ عَصَبَةُ النَّسَبِ وَالْمَيِّتُ عَتِيقٌ ( فَالْمُعْتَقُ ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى مُقَدَّمٌ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْبَاقِي عَنْ الْفَرْضِ لِخَبَرِ { الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ } رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ ( ثُمَّ عَصَبَاتُهُ ) لِأَنَّ الْعَتِيقَ لَوْ كَانَ رَقِيقًا لَاسْتَحَقُّوهُ فَكَذَا مِيرَاثُهُ ( ثُمَّ مُعْتِقُهُ ) أَيْ مُعْتِقُ الْمُعْتَقِ ( ثُمَّ عَصَبَاتُهُ كَمَا فِي الْوَلَاءِ ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَاتِهِ ثُمَّ مُعْتِقِ الْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَاتِهِ وَهَكَذَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ .
وَإِنَّمَا قَدَّمْت عَصَبَةَ النَّسَبِ عَلَى الْمُعْتَقِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَاءِ إذْ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْوَلَاءِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ ، وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَالْمِيرَاثُ أَوْ الْبَاقِي عَنْ الْفَرْضِ لِبَيْتِ
الْمَالِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا ( وَالْبَعِيدُ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَدَّمَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُؤَخَّرَةِ فَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ ) وَابْنُ الْأَخِ وَإِنْ سَفُلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ وَإِنْ قَرُبَ ( وَإِنَّ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ ) دُونَ الْقُرْبِ كَابْنَيْ أَخٍ أَوْ ابْنَيْ ابْنِ أَحَدِهِمَا أَبْعَدُ مِنْ الْآخَرِ ( قُدِّمَ الْأَقْرَبُ ) مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ الْأَبْعَدُ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ ( ثُمَّ ) إنْ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ وَالْقُرْبِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ وَاخْتَلَفَا قُوَّةً وَضَعْفًا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِالْأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ بِالْأَبِ قُدِّمَ ( ذُو الْأَبَوَيْنِ ) عَلَى ذِي الْأَبِ لِخَبَرِ { فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ } فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ ، وَالْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْعَمِّ لِلْأَبِ .
( الْبَابُ الثَّانِي ) ( قَوْلُهُ : فِي الْعَصَبَةِ ) الْعَصَبَةُ : مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ حَالَ تَعْصِيبِهِ مِنْ جِهَةِ تَعْصِيبِهِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ فَرْعَهُمْ وَهُوَ ابْنُ الْأَخِ .
.
إلَخْ ) وَلِأَنَّهُمْ يُعَصِّبُونَ الْأَخَوَاتِ كَمَا يُعَصِّبُ الْبَنُونَ ، وَالْجَدُّ لَا يُعَصِّبُ الْأُخْتَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأُخُوَّةَ أَقْوَى ( قَوْلُهُ : فَأَوْلَادُ الْأَعْيَانِ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَيْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ ( قَوْلُهُ : وَأَوْلَادُ الْعِلَّاتِ وَأَوْلَادُ الْأَبِ ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ عُلَّ مِنْ زَوْجَتِهِ الثَّانِيَةِ ، وَالْعَلَلُ الشُّرْبُ .
الثَّانِي يُقَالَ عَلَّلَ بَعْدَ نَهْلٍ وَعَلَّهُ يَعُلُّهُ وَيُعِلُّهُ إذَا سَقَاهُ السُّقْيَةَ الثَّانِيَةَ وَيُقَالَ : سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّ كُلِّ وَاحِدٍ لَمْ تَعُلَّ الْآخَرَ أَيْ لَمْ تُسْقِهِ لَبَنَهَا ( قَوْلُهُ : وَبَنُو أَخْيَافٍ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأُمِّ ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَخْلَاطِ الرِّجَالِ لَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَالْأَخْيَافُ الْأَخْلَاطُ ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْخَيْفُ بِمِنًى ضَعِيفًا لِاجْتِمَاعِ أَخْلَاطِ النَّاسِ فِيهِ أَيْ مِنْهُمْ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ .
م قَوْلُهُ : فَالْمُعْتِقُ ) فَلَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ كَافِرًا فَلَحِقَ الْعَتِيقُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْآخَرُ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ الثَّانِي ، وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ حَيًّا وَلَكِنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ كَقَتْلٍ أَوْ كُفْرٍ فَإِنَّ الْمَالَ يَنْتَقِلُ لِعَصَبَتِهِ فِي حَيَاتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ اخْتِلَافِ الدِّينِ فِي الْأُمِّ وَخَالَفَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَجَعَلَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ مَعَ وُجُودِ الْمُعْتِقِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَمُقْتَضَى إلْحَاقِ الْوَلَاءِ بِالنَّسَبِ وَكَانَ الْمُعْتِقُ لَمَّا أَعْتَقَ هَذَا الرَّقِيقَ ثَبَتَ الْوَلَاءُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً ، وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَتَّبَ الصَّرْفُ لِلْمِيرَاثِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَلَوْ مَاتَ
الْمُعْتِقُ وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ وَأَخٌ كَبِيرٌ فَنَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا الْأَخُ وَلَيْسَ بِالْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَخَ يُزَوِّجُ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَلَاءَ هَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكُلِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ لَا يَثْبُتُ لِلثَّانِي إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْخِلَافَ فِي الْوَقْفِ فِي تَلَقِّي الْبُطُونِ وَالْأَصَحُّ فِيهَا أَنَّ التَّلَقِّيَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَتَّبَ الصَّرْفُ فِي الْوِرَاثَاتِ وَشُرُوطِ الْوَاقِفِ .
( فَرْعٌ ) إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ وَاخْتُصَّ أَحَدُهُمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى كَأَنْ ( خَلَّفَ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ ) بِأَنْ تَعَاقَبَ أَخَوَانِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو مَثَلًا عَلَى وَطْءِ امْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنًا ، وَلِزَيْدٍ ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَابْنَاهُ ابْنَا عَمِّ ابْنِ عَمْرٍو ، وَأَحَدُهُمَا أَخُوهُ لِأُمِّهِ فَمَاتَ ابْنُ عَمْرٍو عَنْ ابْنَيْ زَيْدٍ ( لَمْ يُقَدَّمْ ) الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ ( وَلَوْ حَجَبَتْهُ بِنْتٌ ) لِلْمَيِّتِ ( عَنْ فَرْضِهِ ) لِأَنَّ أُخُوَّةَ الْأُمِّ إنْ لَمْ تَحْجُبْ فَلَهَا فَرْضٌ وَإِلَّا صَارَتْ بِالْحَجْبِ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ، فَلَمْ يُرَجَّحْ بِهَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ ابْنُ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ عَلَى الْآخَرِ ( بَلْ يُسَوَّيَانِ فِي الْعُصُوبَةِ ) بَعْدَ أَخْذِهِ السُّدُسَ إنْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ ( كَابْنَيْ عَمِّ أَحَدِهِمَا زَوْجٌ فَيَأْخُذُ ) ذُو الْفَرْضِ فِيهِمَا ( الْفَرْضَ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ ) الْبَاقِي بِالْعِصَابَةِ ( وَيُقَدَّمُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمِّ الْمُعْتَقِ بِالْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ ) عَلَى الْآخَرِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ السَّابِقِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَرِثُ فِي النَّسَبِ بِالْفَرْضِ فَأَمْكَنَ أَنْ يُعْطَى فَرْضُهُ ، وَيُجْعَلَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْعُصُوبَةِ وَفِي الْوَلَاءِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُورَثَ بِالْفَرْضِ فَقَرَابَةُ الْأُمِّ مُعَطَّلَةٌ فَجُعِلَتْ مُرَجَّحَةً فَتَرَجَّحَتْ عُصُوبَةُ مَنْ يُدْلِي بِهَا فَأَخَذَ الْجَمِيعُ كَمَا أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ لَمَّا لَمْ يَأْخُذْ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ شَيْئًا تَرَجَّحَتْ بِهَا عُصُوبَتُهُ حَتَّى حَجَبَ الْأَخَ لِلْأَبِ وَإِنَّمَا لَمْ تُفْرَدْ قَرَابَةُ الْأُمِّ فِي الشَّقِيقِ بِالْفَرْضِ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأَبِ وَالْأُمِّ سَبَبَانِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأُخُوَّةُ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ فَإِنَّهُمَا سَبَبَانِ مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ تُوجِبُ إحْدَاهُمَا الْفَرْضَ وَالْأُخْرَى التَّعْصِيبَ مُنْفَرِدَتَيْنِ فَكَذَا مُجْتَمِعَيْنِ .
( قَوْلُهُ : وَيُقَدَّمُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمِّ الْمُعْتِقِ بِالْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ ) وَكَذَا فِي ابْنَيْ عَمٍّ لِأَبِ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ
( فَصْلٌ وَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتَقُ فَالْمُسْتَحِقُّ ) لِلْإِرْثِ ( عَصَبَاتُهُ الذُّكُورُ ) مِنْ النَّسَبِ وَهُمْ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ كَابْنِهِ وَأَخِيهِ دُونَ عَصَبَاتِهِ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ كَبِنْتِهِ وَبِنْتِ ابْنِهِ وَأُخْتِهِ مَعَ مُعَصَّبِهِنَّ وَكَأُخْتِهِ مَعَ بِنْتِهِ أَوْ بِنْتِ ابْنِهِ ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ أَضْعَفُ مِنْ النَّسَبِ الْمُتَرَاخِي وَإِذَا تَرَاخَى النَّسَبُ وَرِثَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ أَلَا تَرَى أَنَّ بَنِي الْأَخِ وَالْعَمِّ يَرِثُونَ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ فَإِذَا لَمْ يَرِثْنَ بِهِ فَبِالْوَلَاءِ أَوْلَى ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ بِقَوْلِهِ : ( فَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا أَوْ ) مِنْ ( الْمُنْتَمِي إلَيْهِ بِنَسَبٍ ) كَابْنِهِ ( أَوْ وَلَاءٍ ) كَعَتِيقَةٍ فَإِنَّهَا تَرِثُ بِالْوَلَاءِ مِنْهُمْ وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَا تَرِثُ بِوَلَاءٍ إلَّا مِمَّنْ أَعْتَقَتْهُ أَوْ أَعْتَقَهُ مَنْ أَعْتَقَتْهُ أَوْ جَرَّ الْوَلَاءَ إلَيْهَا مَنْ أَعْتَقَتْهُ ( وَتَرْتِيبُهُمْ ) أَيْ عَصَبَاتُ الْمُعْتَقِ الذُّكُورُ ( فِي الْوَلَاءِ كَالنَّسَبِ ) أَيْ فِي الْإِرْثِ بِهِمَا فَيُقَدَّمُ الِابْنُ وَإِنْ سَفُلَ ثُمَّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ وَإِنْ عَلَا ( إلَّا أَنَّ هُنَا يُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ ، وَالْعَمُّ وَابْنُهُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ بِخِلَافِ النَّسَبِ ) جَرْيًا هُنَا عَلَى الْقِيَاسِ فِي أَنَّ الْبُنُوَّةَ أَقْوَى مِنْ الْأُبُوَّةِ وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي النَّسَبِ لِلْإِجْمَاعِ كَمَا مَرَّ .
وَذِكْرُ ابْنِ الْعَمِّ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَذَكَرَ الْأَصْلَ مَعَ ذَلِكَ ابْنَيْ عَمٍّ لِمُعْتَقِ : أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ بِخِلَافِهِ فِي النَّسَبِ ، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ .
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ) وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ خَطِيرٌ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ تَتَوَقَّى الْكَلَامَ فِيهِ جِدًّا ( فَالْجَدُّ لَا يُسْقِطُهُمْ ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَلِأَنَّهُمْ يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ فَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ كَالْأَبْنَاءِ ؛ وَلِأَنَّ وَلَدَ الْأَبِ يُدْلِي بِالْأَبِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْجَدِّ كَأُمِّ الْأَبِ ( فَإِنْ انْفَرَدُوا ) عَنْ ذِي فَرْضٍ ( فَلَهُ الْأَغْبَطُ مِنْ الثُّلُثِ وَ ) مِنْ ( الْمُقَاسَمَةِ ) أَمَّا الثُّلُثُ فَلِأَنَّ لَهُ مَعَ الْأُمِّ مِثْلَيْ مَا لَهَا وَالْإِخْوَةُ لَا يُنْقِصُونَهَا عَنْ السُّدُسِ فَلَا يُنْقِصُونَهُ عَنْ مِثْلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَا يُنْقِصُونَ أَوْلَادَ الْأُمِّ عَنْ الثُّلُثِ فَبِالْأَوْلَى الْجَدُّ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُمْ ، وَأَمَّا الْمُقَاسَمَةُ فَلِأَنَّهُ كَالْأَخِ فِي إدْلَائِهِ بِالْأَبِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ قَاسَمَ كَانَ ( كَأَحَدِهِمْ ) وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الْأَغْبَطُ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فَأُعْطِيَ أَغْبَطُهُمَا ( وَالْمُقَاسَمَة أَغْبَطُ ) لَهُ ( مَا لَمْ يَكُنْ ) مَعَهُ ( أَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ ) أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ فَأَكْثَرُ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ فَقَطْ فَيَسْتَوِي لَهُ الْأَمْرَانِ .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهُ فَالثُّلُثُ أَغْبَطُ لَهُ ( وَضَابِطُهُ أَنَّ الْأَخَ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَنَّ الْإِخْوَةَ ( وَالْأَخَوَاتِ إذَا كَانُوا مِثْلَيْهِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ فَهُمَا ) أَيْ الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ ( سَوَاءٌ ) فِي الْحُكْمِ لَكِنْ الْفَرْضِيُّونَ ( يَقُولُونَ لَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ ) عَمَلًا مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَلِوُرُودِ النَّصِّ بِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ وَهِيَ الْأُمُّ
دُونَ الْمُقَاسَمَةِ ، قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا : وَلِأَنَّهُ مَهْمَا أَمْكَنَ الْأَخْذُ بِالْفَرْضِ كَانَ أَوْلَى لِقُوَّتِهِ وَتَقْدِيمُ صَاحِبِهِ عَلَى الْعَصَبَة وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ حِينَئِذٍ فَرْضًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْهَائِمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّافِعِي أَنْ يَأْخُذَهُ تَعْصِيبًا قَالَ السُّبْكِيّ : وَهُوَ عِنْدِي أَقْرَبُ بَلْ قَدْ أَقُولُ بِهِ فِي قَوْلِهِمْ : إنَّهُ يُفْرَضَ لَهُ الثُّلُثُ إذَا نَقَصَتْهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنْهُ ، وَأَنَّهُمْ تَجَوَّزُوا فِي الْعِبَارَةِ وَلَوْ أَخَذَهُ بِالْفَرْضِ لَأَخَذَتْ الْأَخَوَاتُ الْأَرْبَعُ فَأَكْثَرُ الثُّلُثَيْنِ بِالْفَرْضِ لِعَدَمِ تَعْصِيبِهِ لَهُنَّ لِإِرْثِهِ بِالْفَرْضِ وَلَفَرَضَ لَهُنَّ إذَا كَانَ ثَمَّ ذُو فَرْضٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَعَ الْإِخْوَةِ عَصَبَةٌ لَكِنْ يُحَافِظُ لَهُ عَلَى قَدْرِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْأُخْتِ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ قَالَ : وَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ جُمْهُورَ أَصْحَابِنَا عَلَى التَّعْصِيبِ وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ انْتَهَى .
( وَإِنْ كَانُوا دُونَ مِثْلَيْهِ ) كَأَخٍ أَوْ أُخْتٍ ( فَالْقِسْمَةُ ) لَهُ ( أَوْفَرُ أَوْ ) كَانُوا ( فَوْقَ مِثْلَيْهِ فَالثُّلُثُ ) لَهُ ( أَوْفَرُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ ) يُتَصَوَّرُ إرْثُهُ مَعَهُمْ وَهُوَ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ ، وَالزَّوْجَانِ ( وَبَقِيَ ) بَعْدَ الْفَرْضِ ( السُّدُسُ ) فَقَطْ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ ( انْفَرَدَ بِهِ ) فَرْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ إجْمَاعًا ( أَوْ ) بَقِيَ ( أَكْثَرُ ) مِنْ السُّدُسِ كَبِنْتَيْنِ ( فَلَهُ الْأَغْبَطُ مِنْ السُّدُسِ ) لِأَنَّ الْبِنْتَيْنِ لَا يَنْقُصُونَهُ عَنْهُ فَالْإِخْوَةُ أَوْلَى ؛ وَلِأَنَّ لَهُ وِلَادَةً فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْهُ كَالْأَبِ ، وَلَمْ يُعْطَ الثُّلُثَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْإِخْوَةِ ( وَ ) مِنْ ( الْمُقَاسَمَةِ ) لِمُسَاوَاتِهِ إيَّاهُمْ وَنُزُولِهِ مَنْزِلَةَ أَخٍ ( وَ ) مِنْ ( ثُلُثِ مَا يَبْقَى ) بَعْدَ الْفَرْضِ كَمَا يَجُوزُ ثُلُثُ الْكُلِّ
بِدُونِ ذِي فَرْضٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْأُمِّ فِي الْعُمَرِيَّتَيْنِ ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وِلَادَةً وَضَابِطُ مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفَرْضُ نِصْفًا أَوْ أَقَلَّ فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ إنْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ دُونَ مِثْلَيْهِ وَإِنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ فَثُلُثُ الْبَاقِي أَغْبَطُ ، وَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ اسْتَوَيَا ، وَقَدْ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ ثُلُثَيْنِ فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ إنْ كَانَ مَعَهُ أُخْتٌ وَإِلَّا فَلَهُ السُّدُسُ .
وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ بَيْنَ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ كَنِصْفٍ وَثُمُنٍ فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ مَعَ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ أُخْتَيْنِ فَإِنْ زَادُوا فَلَهُ السُّدُسُ ( وَحَيْثُ لَمْ يَبْقَ إلَّا السُّدُسُ فَمَا دُونَهُ ) كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ .
وَكَبِنْتٍ وَزَوْجٍ ، وَأُمٍّ ( سَقَطَ الْإِخْوَةُ ) لِاسْتِغْرَاقِ ذَوِي الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ ( وَأَخَذَ الْجَدُّ السُّدُسَ ) لِأَنَّهُ ذُو فَرْضٍ بِالْجُدُودَةِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ ( وَإِنْ كَانَ عَائِلًا ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ ، وَزَوْجٍ ، وَكَبِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ ( وَيُعَدُّ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ أَوْلَادًا لِأَبٍ عَلَى الْجَدِّ ) فِي الْقِسْمَةِ إذَا اجْتَمَعَا مَعَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ يُسَاوُونَهُ ؛ وَلِأَنَّ الْجَدَّ ذُو وِلَادَةٍ فَحَجَبَهُ أَخَوَانِ وَارِثٌ وَغَيْرُ وَارِثٍ كَحَجْبِهِمَا الْأُمِّ مِنْ الثُّلُثِ ( وَيَحْجُبُونَهُمْ إنْ كَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ ) لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلْجَدِّ كِلَانَا إلَيْكَ سَوَاءٌ فَنُزْحِمُكَ بِإِخْوَتِنَا وَنَأْخُذُ حِصَّتَهُمْ كَمَا يَأْخُذُ الْأَبُ مَا نَقَصَهُ إخْوَةُ الْأُمِّ مِنْهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْجَدُّ أَوْلَادَ الْأُمِّ عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهَا فِيمَا إذَا اجْتَمَعُوا مَعَهُ لِأَنَّ سَبَبَيْ اسْتِحْقَاقِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ مُخْتَلِفٌ بِخِلَافِ سَبَبَيْ اسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ، وَأَوْلَادِ الْأَبِ فَإِنَّهُ مُتَّفِقٌ وَهُوَ الْإِخْوَةُ فَاعْتَبَرَ قَرَابَتَهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ قَدَّمَ أَوْلَادَ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِ .
قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَأَوْلَى
مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ وَلَدُ الْأَبِ الْمَعْدُودِ عَلَى الْجَدِّ لَيْسَ بِمَحْرُومٍ أَبَدًا بَلْ يَأْخُذُ قِسْطًا مِمَّا يُقْسَمُ لَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ، وَلَوْ عَدَّ الْجَدُّ الْأَخَ لِلْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ كَانَ مَحْرُومًا أَبَدًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تِلْكَ الْمُعَادَةِ هَذِهِ الْمُعَادَةُ ( وَإِنْ كَانُوا إنَاثًا أَخَذْنَ الثُّلُثَيْنِ وَلَا يَبْقَى لِوَلَدِ الْأَبِ شَيْءٌ وَلِلْوَاحِدَةِ ) مِنْ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ( النِّصْفُ ) الْمُرَادُ أَنَّهَا تَأْخُذُ إلَى النِّصْفِ ( وَالْبَاقِي ) عَنْهَا وَعَنْ الْجَدِّ ( لِوَلَدِ الْأَبِ إنْ لَمْ يَحُزْهُ الْفُرُوضُ ) كَجَدٍّ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ وَتُصَحَّحُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، لِلْجَدِّ : سِتَّةٌ ، وَلِلشَّقِيقَةِ : تِسْعَةٌ ، وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ : لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ حَازَتْهُ الْفُرُوضُ كَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ إذْ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلشَّقِيقَةِ الْبَاقِي لِأَنَّهُ تَمَامُ فَرْضِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْأُخْتَ تَأْخُذُ ذَلِكَ بِالْفَرْضِ ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ ابْنُ اللَّبَّانِ .
وَقَوْلُهُ : إنْ لَمْ تَحُزْهُ الْفُرُوضُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَشَقِيقَةٌ وَأَخٌ لِأَبٍ أَخَذَتْ الشَّقِيقَةُ الْفَاضِلَ وَهُوَ : رُبْعٌ وَعُشْرٌ وَلَا تُزَادُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا نَأْخُذُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالتَّعْصِيبِ وَإِلَّا لَزِيدَ وَأُعِيلَتْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ : لَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّ مَا نَأْخُذُهُ بَعْدَ تَعْصِيبِ الْجَدِّ لَوْ كَانَ بِالتَّعْصِيبِ لَكَانَتْ إمَّا عَصَبَةً بِنَفْسِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا ، أَوْ بِغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا لَكَانَ لَهَا نِصْفُ مَا لِمُعَصِّبِهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِمَا مَرَّ فِي بَيَانِ أَقْسَامِ الْعَصَبَةِ وَقَدْ يَخْتَارُ الثَّانِي وَيُقَالُ هَذَا الْبَابُ مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِ ( فَرْعٌ
وَلَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُقَاسَمَةِ ) فِي مَسَائِلِ الْمُعَادَةِ ( أَغْبَطَ ) أُعْطِيه الْجَدُّ ( كَجَدٍّ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ ) مِنْ الْأَخَوَاتِ ( لِأَبٍ ) فَأَكْثَرَ ( فَلِلْأُخْتِ ) لِلْأَبَوَيْنِ ( النِّصْفُ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِأَوْلَادِ الْأَبِ لِلذَّكَرِ كَالْأُنْثَيَيْنِ ) أَيْ مِثْلُ مَا لَهُمَا ( فَرْعٌ : الْأَخَوَاتُ مَعَ الْجَدِّ كَهُنَّ مَعَ الْأَخِ ) فِي أَحْكَامِهِمْ ( فَلَا يُفْرَضُ لَهُنَّ ) مَعَهُ وَلَا تُعَالُ مَسْأَلَةٌ بِسَبَبِهِنَّ بِخِلَافِ الْجَدِّ حَيْثُ فَرَضْنَا لَهُ ، وَأَعَلْنَا لِأَنَّهُ صَاحِبُ فَرْضٍ بِالْجُدُودَةِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ وَهَذَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ ( إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ ) سُمِّيَتْ بِهَا لِنِسْبَتِهَا إلَى أَكْدَرَ وَهُوَ اسْمُ السَّائِلِ عَنْهَا أَوْ الْمَسْئُولِ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ بَلَدُ الْمَيِّتَةِ أَوْ لِأَنَّهَا كَدَّرَتْ عَلَى زَيْدٍ مَذْهَبَهُ فَإِنَّهُ لَا يُفْرَضُ لِلْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ وَلَا يُعِيلُ ، وَقَدْ فَرَضَ فِيهَا وَأَعَالَ أَوْ لِتَكَدُّرِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا أَوْ لِأَنَّ الْجَدَّ كَدَّرَ عَلَى الْأُخْتِ مِيرَاثَهَا بِارْتِجَاعِهِ النِّصْفَ مِنْهَا ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ( وَهِيَ : زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ) فَرْضًا لِأَنَّهُ فَرْضُهُ مَعَ الِابْنِ فَمَعَ الْأُخْتِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ يَرِثُ بِالْفَرْضِ تَارَةً وَبِالتَّعْصِيبِ أُخْرَى فَأَخَذَ بِالْفَرْضِ لِتَعَذُّرِ التَّعْصِيبِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِهِ كَانَ الْبَاقِي مَقْسُومًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُخْتِ أَثْلَاثًا فَيُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ عَنْ السُّدُسِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ ، وَأَمَّا نَقْصُهُ عَنْهُ بِالْعَوْلِ فَلَا يُسْلَبُ عَنْهُ اسْمُهُ كَمَا فِي فَرْضِ غَيْرِهِ عَائِلًا ( ثُمَّ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ ) لِأَنَّ الْجَدَّ رَجَعَ إلَى أَصْلِ فَرْضِهِ ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إسْقَاطِهَا فَرَجَعَتْ أَيْضًا إلَى فَرْضِهَا .
( وَتَعُولُ ) الْمَسْأَلَةُ ( مِنْ سِتَّةٍ إلَى تِسْعَةٍ وَيُجْمَعُ نَصِيبُ الْجَدِّ ) وَهُوَ وَاحِدٌ ( وَ ) نَصِيبُ ( الْأُخْتِ ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ
( وَيُجْعَلُ ) الْمَجْمُوعُ ( بَيْنَهُمَا ) تَعْصِيبًا ( أَثْلَاثًا ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّهُ مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ أَخِيهَا فَيَكُونُ لَهُ مِثْلُ مَا لَهَا فَقَدْ انْقَلَبَا إلَى التَّعْصِيبِ بَعْدَ أَنْ انْقَلَبَا إلَى الْفَرْضِ فَتَنْكَسِرُ سِهَامُهَا عَلَى مَخْرَجِ الثُّلُثِ فَتُضْرَبُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا ( فَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ ، وَهِيَ ثُلُثُ الْمَالِ وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَهِيَ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ كُلُّ الْبَاقِي ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ فَرِيضَةٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ لِأَحَدِهِمْ الثُّلُثُ وَلِلثَّانِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلثَّالِثِ ثُلُثُ الْبَاقِي ، وَلِلرَّابِعِ الْبَاقِي .
وَيُقَالُ أَيْضًا فَرِيضَةٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ أَخَذَ أَحَدُهُمْ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ ، وَالثَّانِي نِصْفُ ذَلِكَ الْجُزْءِ ، وَالثَّالِثُ نِصْفُ الْجُزْأَيْنِ ، وَالرَّابِعُ نِصْفُ الْأَجْزَاءِ إذْ الْجَدُّ أَخَذَ ثَمَانِيَةً ، وَالْأُخْتُ أَرْبَعَةً نِصْفَهَا ، وَالْأُمُّ سِتَّةً نِصْفَ مَا أَخَذَاهُ وَالزَّوْج تِسْعَةً نِصْفَ مَا أَخَذُوهُ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ .
( فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ أَخٌ سَقَطَ ) وَلَمْ تَكُنْ أَكْدَرِيَّةً إذْ لَا فَرْضَ لَهُ يَنْقَلِبُ إلَيْهِ بَعْدَ اسْتِغْرَاقِ ذَوِي الْفُرُوضِ كَالْأُخْتِ وَلِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ قَدْرُ فَرْضِ الْجَدِّ الَّذِي لَا يَنْقُصُ عَنْهُ مَعَ الْوَلَدِ فَانْفَرَدَ بِهِ وَتُلَقَّبُ هَذِهِ الصُّورَةُ بِالْعَالِيَةِ بِاسْمِ الْمَيِّتَةِ مِنْ هَمْدَانَ ( أَوْ ) كَانَ مَكَانَهَا ( أُخْتَانِ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لَهُمَا ) أَيْ لِلْأُخْتَيْنِ ( وَلَا عَوْلَ ) وَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا مُشْكِلٌ فَالْأَسْوَأُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ أُنُوثَتُهُ وَفِي حَقِّ الْمُشْكِلِ وَالْجَدِّ ذُكُورَتُهُ وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ .
أَوْ مُشْكِلَاتٌ رَجَعَتْ الْأُمُّ إلَى السُّدُسِ وَلَا أَثَرَ لَهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا عَلَى
أَيِّ تَقْدِيرٍ وَأَمَّا هُمَا فَالْأَضَرُّ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا أُنُوثَتُهُ وَذُكُورَةُ أَخِيهِ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِكُلٍّ مِنْ الْأُمِّ وَالْجَدِّ سِتَّةٌ ، وَلِكُلِّ مُشْكِلٍ سَهْمَانِ ، وَيُوقَفُ بَيْنَهُمَا سَهْمَانِ فَإِنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُمَا أَوْ أُنُوثَتُهُمَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَهْمٌ وَتَتَّفِقُ الْأَنْصِبَاءُ بِالثُّلُثِ فَتَرْجِعُ إلَى أَثْلَاثِهَا ، وَالْمَسْأَلَةُ إلَى ثُلُثِهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ ذُكُورَةُ أَحَدِهِمَا وَأُنُوثَةُ الْآخَرِ فَازَ الذَّكَرُ بِالْمَوْقُوفِ وَتَتَّفِقُ الْأَنْصِبَاءُ بِالنِّصْفِ فَتَرْجِعُ إلَى أَنْصَافِهَا وَالْمَسْأَلَةُ إلَى نِصْفِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ .
الْبَابُ الثَّالِثُ ) .
( قَوْلُهُ : فِي الْجَدِّ إلَخْ ) أَيْ وَإِنْ عَلَا لِقُوَّةِ الْجُدُودَةِ وَوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ مَا فِيهِ مِنْ التَّعْصِيبِ وَالْوِلَادَةِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْأَبْعَدِ كَوُجُودِهِ فِي الْأَقْرَبِ كَمَا أَنَّ مَعْنَى الِابْنِ فِي التَّعْصِيبِ وَالْحَجْبِ مَوْجُودٌ فِي ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ خَالُ الْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ ؛ لِأَنَّ مُقَاسَمَةَ الْجَدِّ إنَّمَا كَانَتْ لِقُوَّتِهِمْ عَلَى تَعْصِيبِ أَخَوَاتِهِمْ وَحَجْبِ أُمِّهِمْ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ وَبَنُو الْإِخْوَةِ قَدْ عَدِمُوا هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وَبِهَذَا الْفَرْقِ يَتَأَيَّدُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ أَبَا الْجَدِّ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ ( قَوْلُهُ : لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ إلَخْ ) احْتَجَّ الْمُخَالِفُ فِي إرْثِ الْإِخْوَةِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا : الْقِيَاسُ عَلَى الْأَبِ قُلْنَا إنَّمَا حُجِبُوا بِالْأَبِ لِإِدْلَائِهِمْ بِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْجَدِّ وَمِنْهَا ؛ أَنَّ الْجَدَّ إمَّا كَالشَّقِيقِ أَوْ كَالْأَخِ لِلْأَبِ أَوْ دُونَهُمَا أَوْ فَوْقَهُمَا فَإِنْ كَانَ كَالشَّقِيقِ لَزِمَ أَنْ يُحْجَبَ بِهِ الْأَخُ لِلْأَبِ أَوْ كَالْأَخِ لِلْأَبِ لَزِمَ أَنْ يُحْجَبَ الشَّقِيقُ أَوْ دُونَهُمَا لَزِمَ أَنْ يَحْجُبَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا .
وَكُلٌّ بَاطِلٌ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ فَوْقَهُمَا فَيَحْجُبُهُمَا .
قُلْنَا : هُوَ كَالْأَخَوَيْنِ لَا مُعَيَّنِينَ بَلْ فِي جِنْسِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ، وَإِخْوَةُ الْأُمِّ الزَّائِدَةِ فِي الشَّقِيقِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِحَجْبِهَا بِالْجَدِّ م ( قَوْلُهُ : قَالَ وَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) وَحَكَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي إرْثِهِ حَالَ التَّسَاوِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ : يَرِثُ بِالْفَرْضِ .
يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ .
يَتَخَيَّرُ الْمُفْتِي .
قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ : وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهَا فِي الْوَصِيَّةِ كَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ ، وَأَوْصَى بِثُلُثِ الْبَاقِي مَثَلًا بَعْدَ الْفَرْضِ وَأَجَازَ الْأَخَوَانِ .
فَعَلَى الْأَوَّلِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ ، وَتَكُونُ بِالتِّسْعِينَ وَعَلَى الثَّانِي تَبْطُلُ لِعَدَمِ
مَا نَاطَ بِهِ بُعْدِيَّتَهَا ، وَعَلَى الثَّالِثِ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ اخْتِيَارِ الْمُفْتِي التَّعْبِيرَ بِالثُّلُثِ وَفِي الْحِسَابِ كَجَدٍّ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ سِتَّةٍ وَعَلَى الثَّالِثِ : يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ التَّعْبِيرِ فَمَا قِيلَ إنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْخِلَافِ فَائِدَةٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ م ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وِلَادَةً ) وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذُو فَرْضٍ لَأَخَذَ ثُلُثَ الْمَالِ فَإِذَا اسْتَحَقَّ قَدْرَ الْفَرْضِ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي م ( قَوْلُهُ : وَضَابِطُ مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ .
.
.
إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ : وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفَرْضُ دُونَ النِّصْفِ فَالْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ إنْ كَانَتْ الْأُخُوَّةُ دُونَ مِثْلَيْهِ وَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ فَالْمُقَاسَمَةُ ، وَثُلُثُ مَا يَبْقَى سَوَاءٌ وَهُمَا خَيْرٌ مِنْ السُّدُسِ أَوْ أَكْثَرَ فَثُلُثُ الْبَاقِي خَيْرٌ .
وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ نِصْفًا فَالْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ إنْ كَانُوا دُونَ مِثْلَيْهِ وَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ اسْتَوَتْ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ أَوْ أَكْثَرُ فَثُلُثُ الْبَاقِي وَسُدُسُ الْمَالِ سَوَاءٌ وَهُمَا خَيْرٌ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَسُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ خَيْرٌ إنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ الْمُقَاسَمَةُ خَيْرًا وَ قَدْ يَكُونُ السُّدُسُ قَوْلُهُ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ .
.
.
إلَخْ ) لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يُفْرَضُ لَهُ السُّدُسُ بِلَا عَوْلٍ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ( قَوْلُهُ : وَأَخَذَ الْجَدُّ السُّدُسَ بِالْفَرْضِ ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ كَالْقَمُولِيِّ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ بِالْعُصُوبَةِ لَشَارَكَهُ الْأُخُوَّةُ فَيَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ السُّدُسِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ م قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِذَلِكَ وَتَعْلِيلُهُمْ صَرِيحٌ فِيهِ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا نَأْخُذُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالتَّعْصِيبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَوْ بِغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ ) قَالَ
الشَّارِعُ فِي تَعْرِيفِ الْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كُلُّ أُنْثَى عَصَّبَهَا ذَكَرٌ .
ا هـ .
فَشَمِلَ تَعْصِيبَ الْجَدِّ لِلْأُخْتِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ : .
وَالْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ كُلُّ ذَاتِ نِصْفٍ عَصَّبَهَا ابْنٌ أَوْ أَخٌ أَوْ جَدٌّ أَوْ ابْنُ ابْنٍ ( قَوْلُهُ : لِمَا مَرَّ فِي بَيَانِ أَقْسَامِ الْعَصَبَةِ ) وَأَيْضًا مَا تَأْخُذُهُ الشَّقِيقَةُ فِي الْمُعَادَةِ لَوْ كَانَ بِالتَّعْصِيبِ سَقَطَ وَلَدُ الْأَبِ بِهَا وَإِنْ كَانَ الْفَاضِلُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَلَا قَائِلَ بِهِ م ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ أَخِيهَا فَيَكُونُ لَهُ مِثْلُ مَا لَهَا إلَخْ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَقِيَاسُ كَوْنِهَا عَصَبَةً بِالْجَدِّ أَنْ تَسْقُطَ وَإِنْ رَجَعَ الْجَدُّ إلَى الْفَرْضِ أَلَا تَرَى أَنَّا نَقُولُ فِي بِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأُخْتٍ : لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَتَسْقُطُ الْأُخْتُ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْبَنَاتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَنَاتِ لَا يَأْخُذْنَ إلَّا بِالْفَرْضِ ا هـ وَأُجِيبَ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ عُصُوبَةٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَفَرِيضَةٌ مِنْ وَجْهٍ فَالتَّقْدِيرُ بِاعْتِبَارِ الْفَرِيضَةِ وَالْقِسْمَةُ بِاعْتِبَارِ الْعُصُوبَةِ الثَّانِي إنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ الْأُخْتُ عَصَبَةً مَعَ الْجَدِّ ، وَالْجَدُّ صَاحِبُ فَرْضٍ كَمَا أَنَّ الْأُخْتَ عَصَبَةٌ مَعَ الْبِنْتِ ، وَالْبِنْتَ صَاحِبَةُ فَرْضٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأُخْتُ عَصَبَةٌ بِالْجَدِّ وَهُوَ عَصَبَةٌ أَصَالَةً وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى الْفَرْضِ بِالْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ ( قَوْلُهُ : وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ فَرْضًا ) كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَتَعْصِيبًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي اسْتِوَاءِ الثُّلُثِ وَالْمُقَاسَمَةِ .
م
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْحَجْبِ ) هُوَ لُغَةً : الْمَنْعُ .
وَشَرْعًا : مَنْعُ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ مِنْ الْإِرْثِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ مِنْ أَوْفَرِ حَظَّيْهِ وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ : حَجْبَ حِرْمَانٍ ، وَالثَّانِي : حَجْبَ نُقْصَانٍ كَمَا قَالَ ( وَهُوَ حِرْمَانٌ وَنُقْصَانٌ ) فَالثَّانِي كَحَجْبِ الْوَلَدِ الزَّوْجَ مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبْعِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ، وَالْأَوَّلُ صِنْفَانِ : حَجْبٌ بِالْوَصْفِ وَيُسَمَّى مَنْعًا كَالْقَتْلِ وَالرِّقِّ وَسَيَأْتِي وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْضًا .
وَحَجْبٌ بِالشَّخْصِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( وَالْمَقْصُودُ ) هُنَا ( الْأَوَّلُ ) وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ عُلِمَ بَعْضُهُ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا ( فَلَا حَاجِبَ لِلْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَيْنِ وَالْأَوْلَادِ ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِإِدْلَائِهِمْ إلَى الْمَيِّتِ بِأَنْفُسِهِمْ فِي النَّسَبِ ( ثُمَّ الْأَبُ فَمَنْ فَوْقَهُ ) مِنْ الْأُصُولِ ( يَحْجُبُ مَنْ فَوْقَهُ ) مِنْهُمْ ( حَتَّى أُمَّهُ ) لِأَنَّ مَنْ يُدْلِي بِعَصَبَةٍ لَا يَرِثُ مَعَهُ ( وَالْأُمُّ لَا الْأَبُ تَحْجُبُ كُلَّ جَدَّةٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ ) كَمَا يَحْجُبُ الْأَبُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِالْأُبُوَّةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَكَانَ الْجَدَّاتُ يَرِثْنَ السُّدُسَ الَّذِي تَسْتَحِقَّهُ الْأُمُّ فَإِذَا أَخَذَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ أَمَّا الْأَبُ فَإِنَّمَا يَحْجُبُ كُلَّ جَدَّةٍ مِنْ جِهَتِهِ فَقَطْ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِعَصَبَةٍ فَلَا تَرِثُ مَعَهُ كَالْجَدِّ وَابْنِ الِابْنِ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَلَا يَحْجُبُهَا قَرِيبَةً كَانَتْ أَوْ بَعِيدَةً بِالْإِجْمَاعِ ( ثُمَّ كُلُّ جَدَّةٍ تَحْجُبُ مَنْ فَوْقَهَا ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِهَتِهَا لِإِدْلَائِهَا بِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِهَتِهَا وَإِلَّا فَلَا قَرِيبَتُهَا كَأُمِّ الْأَبِ مَعَ أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا بَعْضُ قَوْلِهِ : ( وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ) أَيْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ نَقَلَ الْبَغَوِيّ ( أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ تُسْقِطُ الْبُعْدَى مِنْ
جِهَةِ آبَاءِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ ) كَأُمِّ الْأُمِّ ( تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ ) كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ كَمَا أَنَّ الْأُمَّ تَحْجُبُ أُمَّ الْأَبِ ( لَا عَكْسُهُ ) أَيْ أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُهَا فَأُمُّهُ الْمُدْلِيَةُ بِهِ أَوْلَى .
وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ آبَاءِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ ، وَاقْتَضَاهُ قَوْلُهُ أَصْلُهُ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ فِيهِ الْقَوْلَانِ يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ : الْأَصَحُّ خِلَافُهُ لِمَا قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ قُرْبَى كُلِّ جِهَةٍ تَحْجُبُ بُعْدَاهَا ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ حِكَايَةُ الْقَوْلَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرْتِيبِ عَلَى خِلَافِ الِاتِّحَادِ فِي الرَّاجِحِ مِنْهُ قَالَ : وَمَنْ أَكْثَرَ النَّظَرِ فِي كُتُبِ الْقَوْمِ لَا يَتَوَقَّفُ فِيمَا صَحَّحْنَاهُ ( وَقَدْ تَرِثُ الْجَدَّةُ وَأُمُّهَا ) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَبْعَدَ مِنْهَا ( كَمَنْ أَوْلَدَ بِنْتَ بِنْتِ خَالَتِهِ ) وَلَدًا ( فَأَمَّا أُمُّ أُمُّ الْوَلَدِ لَا تَحْجُبُ أُمَّهَا ) فَلَوْ كَانَ لِزَيْنَبِ بِنْتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ وَلِحَفْصَةَ ابْنٌ ، وَلِعُمْرَةِ بِنْتُ بِنْتٍ فَنَكَحَ الِابْنُ بِنْتَ بِنْتِ خَالَتِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ تَحْجُبْ عَمْرَةُ الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ أُمَّهَا ، وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهَا ( لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ ) فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَتَرِثُ مَعَهَا لَا مِنْ جِهَتِهَا .
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْحَجْبِ ) ( قَوْلُهُ وَهُوَ حِرْمَانٌ إلَخْ ) مَدَارُ حَجْبِ الْحِرْمَانِ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ : الْأُولَى مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ حَجَبَتْهُ تِلْكَ الْوَاسِطَةُ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ الثَّانِيَةِ وَتَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ غَالِبًا وَهِيَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَا عَاصِبَانِ فَإِنْ اخْتَلَفَا جِهَةً قُدِّمَ مَنْ كَانَتْ جِهَتُهُ مُقَدَّمَةً حَتَّى أَنَّ الْبَعِيدَ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَدَّمَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُؤَخَّرَةِ فَيُقَدَّمُ ابْنُ الِابْنِ ، وَإِنْ سَفُلَ عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَابْنُ الْأَخِ وَإِنْ بَعُدَ عَلَى الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ .
وَإِنْ اتَّحَدَا جِهَةً وَتَفَاوَتَا قُرْبًا فَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ ، فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ .
وَإِنْ اتَّحَدَا جِهَةً وَقُرْبًا فَيُقَدَّمُ الْأَقْوَى مِنْهُمَا ، وَهُوَ الْمُدْلِي بِأَصْلَيْنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْجَعْبَرِيِّ : فَبِالْجِهَةِ التَّقْدِيمُ ثَمَّ بِقُرْبِهِ وَبَعْدَهُمَا التَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ اجْعَلَا فَجَمَعَ فِي الْبَيْتِ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ وَمَرَاتِبِ جِهَاتِ الْعُصُوبَةِ سَبْعٌ : الْبُنُوَّةُ ثُمَّ الْأُبُوَّةُ ثُمَّ الْجُدُودَةُ ، وَالْأُخُوَّةُ ثُمَّ بَنُو الْأُخُوَّةِ ثُمَّ الْعُمُومَةُ ثُمَّ الْوَلَاءُ ثُمَّ الْإِسْلَامُ .
( قَوْلُهُ : وَلِإِدْلَائِهِمْ إلَى الْمَيِّتِ بِأَنْفُسِهِمْ .
.
.
إلَخْ ) وَلَيْسُوا فَرْعًا لِغَيْرِهِمْ لِيَخْرُجَ الْمُعْتَقُ ، وَقَدْ احْتَرَزَ الشَّارِعُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي النَّسَبِ
( فَصْلٌ الِابْنُ فَمَنْ تَحْتَهُ ) دَرَجَةً ( يَحْجُبُ مَنْ تَحْتَهُ ) كَذَلِكَ لِإِدْلَائِهِ بِهِ ( وَالْبِنْتَانِ يَحْجُبَانِ كُلَّ بِنْتِ ابْنٍ لَا عَصَبَةَ لَهَا ) لِاسْتِكْمَالِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَكَذَا بِنْتَا ابْنٍ تَحْجُبَانِ بِنْتَ ابْنِ ابْنٍ لَا عَصَبَةَ لَهَا وَهَكَذَا ، وَبِنْتُ وَبِنْتِ ابْنٍ تَحْجُبَانِ بِنْتَ ابْنِ ابْنٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ .
( فَصْلٌ وَأَوْلَادُ الْأُمِّ يَحْجُبُهُمْ ) أَرْبَعَةٌ ( الْوَلَدُ وَوَلَدُ الِابْنِ ) وَلَوْ أُنْثَى فِيهِمَا ( وَالْأَبُ وَالْجَدُّ ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِآيَتَيْ الْكَلَالَةِ الْمُفَسَّرِ بِمَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَةَ ، أَمَّا الْأُمُّ فَلَا تَحْجُبُهُمْ وَإِنْ أَدْلُوا بِهَا ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حَجْبِ الْمُدْلِي بِالْمُدْلَى بِهِ إمَّا اتِّحَادُ جِهَتِهِمَا كَالْجَدِّ مَعَ الْأَبِ وَالْجَدَّةِ مَعَ الْأُمِّ أَوْ اسْتِحْقَاقُ الْمُدْلَى بِهِ كُلَّ التَّرِكَةِ لَوْ انْفَرَدَ كَالْأَخِ مَعَ الْأَبِ ، وَالْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ بِالْأُمُومَةِ وَهُوَ بِالْأُخُوَّةِ ، وَلَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ إذَا انْفَرَدَتْ ( وَيُحْجَبُ الْأَخُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ بِالْأَبِ وَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ ) وَإِنْ سَفُلَ لِلْإِجْمَاعِ وَلِتَقَدُّمِ جِهَتَيْ الْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ عَلَى غَيْرِهِمَا ( وَيُحْجَبُ الْأَخُ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ ) لِذَلِكَ ( وَبِالْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ ) لِقُوَّتِهِ وَبِالْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ إذَا كَانَتْ عَصَبَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَتُحْجَبُ الْأُخْتُ لِلْأَبِ بِالْأَرْبَعَةِ ) الْمَذْكُورِينَ ( وَبِالْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ) لِاسْتِكْمَالِهِمَا الثُّلُثَيْنِ هَذَا ( إنْ لَمْ تَجِدْ مُعَصِّبًا ) لَهَا مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَإِلَّا فَلَا تُحْجَبُ بِهِمَا بَلْ تَرِثُ مَعَ مُعَصَّبِهَا بِالتَّعَصُّبِ كَمَا مَرَّ ( وَيُحْجَبُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ بِأَبِيهِ ) كَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ ( وَبِمَنْ يَحْجُبُهُ ) لِأَنَّهُ يَحْجُبُ أَبَاهُ فَهُوَ أَوْلَى ( وَبِالْجَدِّ ) كَالْأَبِ ( وَالْأَخِ ) أَيْ وَبِالْأَخِ ( لِلْأَبِ ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ ( وَيُحْجَبُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ وَبِابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ ) لِقُوَّتِهِ ( وَيُحْجَبُ الْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ بِهَؤُلَاءِ ) لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ ( وَبِابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ ) لِقُرْبِ دَرَجَتِهِ ( وَقِسْ عَلَيْهِ ) فَيُحْجَبُ الْعَمُّ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ بِالْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ وَيُحْجَبُ ابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ بِهَؤُلَاءِ وَبِالْعَمِّ لِلْأَبِ وَيُحْجَبُ ابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبِ
بِهَؤُلَاءِ وَبِابْنِ الْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ ( وَالْمُعْتَقُ يَحْجُبُهُ عَصَبَةُ النَّسَبِ ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِقُوَّةِ النَّسَبِ ( وَأَصْحَابُ الْفُرُوضِ الْمُسْتَغْرَقَةِ يَحْجُبُونَ الْعَصَبَاتِ ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا مَا لَمْ يَنْقَلِبُوا إلَى الْفَرْضِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَبِنْتَيْنِ وَوَلَدِ أَبٍ فَوَلَدُ الْأَبِ مَحْجُوبٌ بِالِاسْتِغْرَاقِ لِخَبَرِ { أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا } .
( فَرْعٌ لَا يَحْجُبُ مَنْ لَا يَرِثُ لِمَانِعٍ ) أَحَدًا لَا حَجْبَ حِرْمَانٍ وَلَا حَجْبَ نُقْصَانٍ لِلْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ ، وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي ( كَالْقَتْلِ وَالرِّقِّ ) فَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ قَاتِلٍ لَهُ أَوْ رَقِيقٍ وَزَوْجَةٍ وَأَخٍ حُرَّيْنِ لَمْ يَحْجُبْ الِابْنُ الْآنَ وَلَمْ يَنْقُصْ فَرْضُ الزَّوْجَةِ ( فَإِنْ مُنِعَ ) شَخْصٌ مِنْ الْإِرْثِ ( لِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ ) عَلَيْهِ ( فَقَدْ يَحْجُبُ ) غَيْرَهُ ( حَجْبَ نُقْصَانٍ كَالْأَخِ لِلْأَبِ ) فَإِنَّهُ ( مَعْدُودٌ عَلَى الْجَدِّ ) فِي مَسَائِلِ الْمُعَادَةِ وَيَحْجُبُهُ حَجْبَ نُقْصَانٍ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ ( وَكَأُمٍّ مَعَ أَبٍ وَأَخَوَيْنِ أَوْ مَعَ جَدٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ ) فَإِنَّهُمَا مَعَ كَوْنِهِمَا لَا يَرِثَانِ لِوُجُودِ الْأَبِ أَوَالْجَدِّ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ حَجْبَ نُقْصَانٍ إذْ ( لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ ) فِي الْأُولَى ( أَوْ الْجَدِّ ) فِي الثَّانِيَةِ .
قَوْلُهُ : وَكَأُمٍّ مَعَ أَبٍ وَأَخَوَيْنِ .
.
.
إلَخْ ) وَكَأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ ، وَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ، وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَالْأَخُ قَدْ أَسْقَطَ فَرْضَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ ، وَهُوَ السُّدُسُ وَلَا يَرِثُ ، وَزَوْجٌ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَالْأَخُ وَالْأُخْتُ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَزَوْجٌ ، وَبِنْتٌ وَأَبَوَانِ وَابْنُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنٍ ، فَابْنُ الِابْنِ يَحْجُبُ بِنْتَ الِابْنِ عَنْ سُدُسِهَا ، وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُمٌّ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ ، وَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ عَائِلًا ، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَوْلَا الْأَخُ لَكَانَ لَهَا ثُلُثُ عَائِلٍ ، وَهُوَ سَهْمَانِ مِنْ ثَمَانِيَةِ
( الْبَاب الْخَامِسُ مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ خَمْسَةٌ ) ( الْأَوَّلُ اخْتِلَافُ الدِّينِ ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ ( فَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا عَكْسُهُ ) سَوَاءٌ أَكَانَ سَبَبُ الْإِرْثِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ قَرَابَةً أَمْ نِكَاحًا أَمْ وَلَاءً وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْكُفْرُ حِرَابَةٌ أَمْ غَيْرَهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ } وَأَمَّا خَبَرُ { لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ } فَقَدْ أَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ ، وَإِنْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ لَا الْإِرْثُ الْحَقِيقِيُّ مِنْ الْعَتِيقِ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ عَبْدَهُ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ جَوَازُ نِكَاحِ بَعْضِ الْكَافِرَاتِ لِبِنَاءِ التَّوَارُثِ عَلَى التَّنَاصُرِ ، وَالنِّكَاحِ عَلَى التَّوَالُدِ وَقَضَاءِ الْوَطَرِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ اتِّصَالُنَا بِهِمْ تَشْرِيفًا لَهُمْ اُخْتُصَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لِاحْتِرَامِهِمْ ( وَيَتَوَارَثُ الْكُفَّارُ ) بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمْ ( كَالْوَثَنِيِّ ) يَرِثُ ( مِنْ الْيَهُودِيِّ ) وَالْيَهُودِيِّ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَعَكْسُهُ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْعِصْمَةِ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْكُفَّارَ عَلَى اخْتِلَافِ فِرَقِهِمْ يَجْمَعُهُمْ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ فَاخْتِلَافُهُمْ كَاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ تَعَالَى : { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ } ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } .
وَخَبَرُ أَبِي دَاوُد { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } فَمَعْنَى الْآيَةِ جَعَلْنَا لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ أَوْ لِكُلِّ نَبِيٍّ شَرِيعَةً وَطَرِيقًا ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَجَعَلَ الثَّانِيَ بَيَانًا لِلْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ ( لَا حَرْبِيٍّ مِنْ
ذِمِّيٍّ ) وَعَكْسُهُ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْبَغْيِ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي أَشْرَفِ الْجِهَاتِ وَهِيَ الْإِسْلَامُ فَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِهِمْ ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا ، وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهَا لَكِنْ قَيَّدَهُ الصَّيْمَرِيُّ بِكَوْنِهِ بِدَارِنَا وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ الْإِمَامُ الذِّمَّةَ لِطَائِفَةٍ قَاطِنَةٍ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ مَعَ أَهْلِ الْحَرْب ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَجُوزُ تَنْزِيلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مُخَالَفَةَ ( وَالْمُعَاهَدِ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا ( وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالذِّمِّيِّ ) لِأَنَّهُمَا مَعْصُومَانِ بِالْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فَيَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا وَلَا يَرِثَانِ الْحَرْبِيَّ وَلَا يَرِثُهُمَا فَلَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ يَهُودِيٌّ عَنْ ابْنٍ مِثْلِهِ ، وَآخَرُ نَصْرَانِيٌّ ذِمِّيٌّ ، وَآخَرُ يَهُودِيٌّ مُعَاهَدٌ ، وَآخَرُ يَهُودِيٌّ حَرْبِيٌّ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ سِوَى الْأَخِيرِ .
( وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ ) أَحَدًا وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ { لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ } وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مُوَالَاةٌ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ تَرَكَ دِينَ الْإِسْلَامِ وَلَا يَقِرُّ عَلَى دِينِهِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ ( وَلَا يُورَثُ ) كَمَا لَا يَرِثُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ فِي الدِّينِ ( وَمَالُهُ ) أَيْ مَا خَلَّفَهُ ( فَيْءٌ ) لِبَيْتِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَكَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ فِي الرِّدَّةِ .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَاهُ قُرَّةَ إلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَيْ مُعْتَقِدًا حِلَّهُ فَأَمَرَهُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَتَخْمِيسِ مَالِهِ } وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُمَا عَنْ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَا لِبَيْتِ الْمَالِ .
( الْبَاب الْخَامِسُ ) ( قَوْلُهُ : مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ خَمْسَةٌ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَعْنُونَ بِالْمَانِعِ مَا يُجَامِعُ السَّبَبَ مِنْ نَسَبٍ وَغَيْرِهِ وَيُجَامِعُ الشُّرُوطَ فَيَخْرُجُ اللِّعَانُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ النَّسَبَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ ، وَيَخْرُجُ اسْتِبْهَامُ تَارِيخِ الْمَوْتِ بِغَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ وَيَخْرُجُ الشَّكُّ فِي وُجُودِ الْقَرِيبِ وَعَدَمُ وُجُودِهِ كَالْمَفْقُودِ وَالْحَمْلِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ أَيْضًا وَهُوَ تَحَقُّقُ وُجُودِ الْمُدْلَى حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمْ ) وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إذْ نُسِبَ إلَى السَّهْوِ قَوْلُهُ : قَالَ تَعَالَى { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ } ) وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهَا ) هُوَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْجِرَاحِ فِي بَابِ تَغَيُّرِ الْحَالِ إنَّ مَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ يَرِثُ مَنْ بِدَارِنَا ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَجُوزُ تَنْزِيلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْغَالِبِ إلَخْ ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مُوَالَاةٌ فِي الدِّينِ إلَخْ ) وَنَقَضَهُ ابْنُ الْهَائِمِ بِأَخَوَيْنِ ارْتَدَّا إلَى النَّصْرَانِيَّةِ مَثَلًا ؛ لِبَقَاءِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا وَيُجَابُ بِمَنْعِ بَقَائِهَا ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَهَا بِمَا لَا يَقْبَلُ بَعْدَهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَلَا نَظَرَ إلَى اتِّفَاقِهِمَا ظَاهِرًا .
س الزِّنْدِيقُ فِي ذَلِكَ كَالْمُرْتَدِّ ( قَوْلُهُ : سَوَاءٌ كَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ فِي الرِّدَّةِ ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَال ، أَمَّا الْقِصَاصُ فَلَوْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ وَيَجِبُ قِصَاصُ الطَّرْفِ يَسْتَوْفِيهِ مَنْ كَانَ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ قَالَ الدَّمِيرِيِّ : وَقِيَاسُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي حَدِّ الْقَذْفِ
( الْمَانِعُ الثَّانِي : الرِّقُّ ) وَهُوَ لُغَةً : الْعُبُودِيَّةُ وَالشَّيْءُ الرَّقِيقُ وَشَرْعًا عَجْزٌ حُكْمِيٌّ يَقُومُ بِالْإِنْسَانِ بِسَبَبِ الْكُفْرِ ( فَلَا يَرِثُ رَقِيقٌ ) وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ لِأَنَّ الْإِرْثَ إثْبَاتُ مِلْكٍ لِلْوَارِثِ ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ } وَالْقُدْرَةُ الْمَنْفِيَّةُ عَنْهُ هِيَ الْقُدْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَهِيَ الْمِلْكُ لَا الْحِسِّيَّةُ لِثُبُوتِهَا لَهُ كَالْحُرِّ وَمِلْكُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ ضَعِيفٌ ، وَالْإِرْثُ مِلْكٌ قَهْرِيٌّ يَحْصُلُ بِلَا اخْتِيَارٍ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ الْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْمَيِّتِ فَلَا يُمْكِنُ تَوْرِيثُهُ مِنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ يَرِثُ ثُمَّ يَتَلَقَّاهُ سَيِّدُهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ يَعْنِي كَمَا قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ وَنَحْوَهَا تَمْلِيكٌ اخْتِيَارِيٌّ فَيَكْفِي فِي مَحَلَّهَا قَابِلِيَّةُ الْمِلْكِ وَبِأَنَّهَا تَصِحُّ لِلسَّيِّدِ فَإِيقَاعُهَا لِعَبْدِهِ كَأَنَّهُ إيقَاعٌ لَهُ بِخِلَافِ الْإِرْثِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَغَيْرَهُ حَكَوْا عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ الْعَبْدَ يَرِثُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ لَكِنْ رَدُّوا عَلَيْهِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَرِثُ بِأَسْبَابٍ خَاصَّةٍ لَيْسَ فِي الْعَبْدِ شَيْءٌ مِنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ ( وَلَوْ مُبَعَّضًا ) فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَأَخَذَ بَعْضَ الْمَالِ مَالِكُ الْبَاقِي ، وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ ( وَيُورَثُ الْمُبَعَّضُ ) أَيْ يُورَثُ عَنْهُ جَمِيعُ مَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ ، وَمَاتَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ مِنْهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ بِالرِّقِّيَّةِ ( لَا الرَّقِيقُ ) وَلَوْ مُكَاتَبًا إذْ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ لَا مِلْكَ
لَهُ وَالْمُكَاتَبُ مِلْكُهُ ضَعِيفٌ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ ) احْتَجَّ لَهُ السُّهَيْلِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } الْآيَةَ فَإِنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْمِلْكِ وَالرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ ( قَوْلُهُ : وَيُورَثُ الْمُبْعِضُ .
.
.
إلَخْ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُورَثُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَافِرُ الَّذِي لَهُ أَمَانٌ إذَا وَجَبَتْ لَهُ جِنَايَةٌ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهِ وَأَمَانِهِ ثُمَّ نُقِضَ الْأَمَانُ وَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ وَمَاتَ بِالسَّرَايَةِ فَإِنَّ قَدْرَ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ لَنَا رَقِيقٌ يُورَثُ كُلُّهُ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ .
( الْمَانِعُ الثَّالِثُ : الْقَتْلُ وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ ) مِنْ مَقْتُولِهِ لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ { لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ } وَلِتُهْمَةِ اسْتِعْجَالِ قَتْلِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَسَدًّا لِلْبَابِ فِي الْبَاقِي ؛ وَلِأَنَّ الْإِرْثَ لِلْمُوَالَاةِ وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا ( عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ ) صَدَرَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَالْمَقْتُولِ بِحَقٍّ ) كَقِصَاصٍ أَوْ صِيَالٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ إيجَارِ دَوَاءٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِدَارِهِ فَوَقَعَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ فَمَاتَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ وَالْإِصْطَخْرِيِّ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَّاقُ مِنْ شُيُوخِ الْجَبْرِيِّ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ : وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ ( فَرْعٌ : قَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ مِنْ الْقَاتِلِ بِأَنْ يَجْرَحَهُ ) أَوْ يَضْرِبَهُ ( وَيَمُوتُ هُوَ قَبْلَهُ ) .
( قَوْلُهُ : وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ ) لَوْ سُئِلَ يَزِيدُ وَعَمْرٌو فَأَفْتَى بِقَتْلِهِ وَرِثَهُ ، وَإِنْ نَصَّ عَلَى اسْمِ مُوَرِّثِهِ فَأَفْتَى بِقَتْلِهِ بِالِاجْتِهَادِ لَا يَرِثُ ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ مُقَلَّدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ وَإِنْ زَكَّى أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ فَلَا يَرِثُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ لَهُ دَخْلًا فِي الْقَتْلِ فَإِنْ شَهِدَ بِمَا يُوجِبُ الْجَلْدَ أَوْ التَّعْزِيرَ فَأَفْضَيَا إلَى الْهَلَاكِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ ، وَالْأَرْجَحُ مَنْعُ الْإِرْثِ قِيَاسًا عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ وَلَيْسَ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ إلَى أَحَدٍ وَظُهُورِ مَرَضٍ مِنْهُ .
وَسَرَايَتِهِ إلَى الْهَلَاكِ وَلَوْ جَرَحَ مُوَرِّثَهُ وَحَزَّ آخَرُ رَقَبَتَهُ يَرِثُ مُطْلَقًا ؟ لَا يَرِثُ مُطْلَقًا ، وَالْأَقْيَسُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ مُذَفَّفًا فَلَا يَرِثُ أَوْ غَيْرَ مُذَفَّفٍ فَيَرِثُ كَمَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْجُرْحِ بِسَبَبٍ يُجْزَمُ بِاسْتِنَادِ الْمَوْتِ إلَيْهِ كَالْخَنْقِ وَالسُّقُوطِ مِنْ عُلُوٍّ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْجُرْحِ وَمَوْتِهِ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ لِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ .
ك قَالَ شَيْخُنَا : الْمُعْتَمَدُ فِي الْمُفْتَى : الْإِرْثُ مُطْلَقًا وَإِنْ سُمِّيَ لَهُ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ أَوْ الشَّاهِدِ أَوْ الْمُزَكِّي فَإِنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ .
( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْإِرْثَ لِلْمُوَالَاةِ .
.
.
إلَخْ ) وَأَشَارَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمَعْنَى ( قَوْلُهُ : وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا ) سَوَاءٌ اُتُّهِمَ فِي اسْتِعْجَالِهِ أَمْ لَا ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِوَصْفٍ أَعَمَّ مِنْ الْمَعْنَى مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ مَضْبُوطًا كَالسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يَنْضَبِطْ الْمَعْنَى فِي التَّرْخِيصِ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ ، وَكَالْقَتْلِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَنْضَبِطْ فِيهِ قَصْدُ الِاسْتِعْجَالِ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى ابْنِهِ مِنْ عُلُوٍّ فَمَاتَ التَّحْتَانِيُّ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَإِنْ مَاتَ الْأَعْلَى وَرِثَهُ
التَّحْتَانِيُّ قَوْلًا وَاحِدًا .
وَلَوْ وَصَفَ وَهُوَ طَبِيبٌ دَوَاءً لِابْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالطِّبِّ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاتِلًا لَهُ وَإِنْ كَانَ عَارِفًا فَلَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُشَّهُ ( قَوْلُهُ : فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ ) أَشَارَ إلَيَّ تَصْحِيحِهِ
( الْمَانِعُ الرَّابِعُ : إبْهَامُ وَقْتِ الْمَوْتِ فَإِنْ مَاتَا ) أَيْ مُتَوَارِثَانِ ( بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ ) أَوْ نَحْوِهِ ( وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا مَوْتًا ( أَوْ عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِلَ ) السَّابِقُ مِنْهُمَا ( أَوْ مَاتَا مَعًا لَمْ يَتَوَارَثَا ) بَلْ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِبَاقِي وَرَثَتِهِ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ { أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تُوُفِّيَتْ هِيَ وَابْنُهَا زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي يَوْمٍ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَلَمْ تَرِثْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا } وَلِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِرْثِ تَحَقُّقَ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ وَلِأَنَّا إنْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ فَهُوَ تَحَكُّمٌ وَإِنْ وَرَّثْنَا كُلًّا مِنْ الْآخَرِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ ( فَلَوْ عُلِمَ ) السَّابِقُ ( وَنَسِيَ وَقَفَ ) الْمِيرَاثُ ( إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ ) لِأَنَّ التَّذَكُّرَ غَيْرُ مَيْئُوسٍ مِنْهُ ، أَمَّا إذَا عُلِمَ السَّابِقُ وَلَمْ يُنْسَ فَحُكْمُهُ بَيِّنٌ .
( الْمَانِعُ الْخَامِسُ الدَّوْرُ ) الْحُكْمِيُّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَم مِنْ ثُبُوتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنْ يَلْزَمَ مِنْ ثُبُوتِ الْإِرْثِ نَفْيُهُ كَأَخٍ حَائِزٍ ( أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَنْكَرَ ) بُنُوَّةَ مَنْ ادَّعَاهَا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ( فَحَلَفَ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ ) فَلَا يَرِثُ الِابْنُ وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ ( وَقَدْ سَبَقَ ) بَيَانُ ذَلِكَ ( فِي الْإِقْرَارِ وَكَمَرِيضٍ اشْتَرَى أَبَاهُ ) فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ ( وَسَيَأْتِي ) بَيَانُهُ ( فِي الْوَصَايَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ مَلَكَ أَخَاهُ فَأَقَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَرِثَ ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ فِي شَرْحِ كِفَايَتِهِ : الْمَوَانِعُ الْحَقِيقِيَّةُ أَرْبَعَةٌ : الْقَتْلُ ، وَالرِّقُّ ، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالدَّوْرُ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَتَسْمِيَتُهُ مَانِعًا مَجَازٌ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ أَنَّهَا سِتَّةٌ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ وَالرِّدَّةُ وَاخْتِلَافُ الْعَهْدِ ، وَإِنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا فَمَجَازٌ ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِرْثِ مَعَهُ لَا لِأَنَّهُ مَانِعٌ بَلْ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ كَمَا فِي جَهْلِ التَّارِيخِ أَوْ السَّبَبِ كَمَا فِي انْتِفَاءِ النَّسَبِ وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَوَانِعِ النُّبُوَّةَ ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ } وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ لَا يَتَمَنَّى أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ مَوْتَهُمْ لِذَلِكَ فَيَهْلِكَ ، وَأَنْ لَا يَظُنَّ بِهِمْ الرَّغْبَةَ فِي الدُّنْيَا وَأَنْ يَكُونَ مَالُهُمْ صَدَقَةً بَعْدَ وَفَاتِهِمْ تَوْفِيرًا لِأُجُورِهِمْ ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنَهَا مَانِعَةً أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَرِثُونَ كَمَا لَا يُورَثُونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : الْخَامِسُ الدُّورُ الْحُكْمِيُّ ) احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ عَنْ الدَّوْرِ اللَّفْظِيِّ وَعَنْ الدَّوْرِ الْحِسَابِيِّ فَلَا يَمْنَعَانِ الْإِرْثَ وَهُمَا مُقَرَّرَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا ( قَوْلُهُ : وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ ) كَالْفُصُولِ وَشَرْحِ الْأَشْنِيهِيَّةِ .
( الْبَابُ السَّادِسُ : فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ ) عَنْ الصَّرْفِ فِي الْحَالِ ( وَهِيَ أَرْبَعَةٌ : الْأَوَّلُ فِي الشَّكِّ فِي الْحَيَاةِ فَمَنْ فُقِدَ بَعْدَ غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورِ قِتَالٍ أَوْ انْكِسَارِ سَفِينَةٍ أَوْ أَسْرِ عَدُوٍّ ) أَوْ نَحْوِهَا ( وَجُهِلَ حَالُهُ وُقِفَ مَالُهُ ) إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ ( مُدَّةً ) مُنْضَمَّةً إلَى قَبْلِهَا مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ ( يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهَا وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ ) فَلَا يَشْتَرِطُ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ الْعِلْمُ فِيمَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ ( فَيَحْكُمُ بِمَوْتِهِ ) أَيْ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ تَنْزِيلًا لِلْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا مَنْزِلَةَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ ( وَيُقَسَّمُ مَالُهُ ) عَلَى مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ عِنْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ : يَرِثُهُ مَنْ كَانَ حَيًّا قُبَيْلَ الْحُكْمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَمَرَّ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحُكْمِ ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْحَاكِمِ فَهِيَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِأَنْفُسِهِمْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ حُكْمِهِ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ بِالْحُكْمِ حُكْمٌ حَتَّى لَا يُنْقَضَ ، وَفِيهِ اضْطِرَابٌ .
وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ : الصَّحِيحُ عِنْدِي وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ ( وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَتَتَزَوَّجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ( وَلَا يَرِثُهُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ ) وَلَوْ ( بِلَحْظَةٍ ) لِاحْتِمَالِ عَدَمِ تَأَخُّرِ مَوْتِهِ عَنْ مَوْتِهِ ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ مَعَ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ مَاتَا مَعًا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ قَالَ : وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أُطْلِقَ الْحُكْمُ فَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ لِكَوْنِ الْمُدَّةِ زَادَتْ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا
يَعِيشُ فَوْقَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُعْطِي لِمَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَإِنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْحُكْمِ قَالَ : وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ وَمُرَادُهُمْ بِوَقْتِ الْحُكْمِ الْوَقْتُ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمَفْقُودَ مَيِّتٌ فِيهِ ( وَكَذَا الرَّقِيقُ الْمُنْقَطِعُ خَبَرُهُ لَا تَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُدَّةِ ( فِطْرَتُهُ وَلَا يُجْزِئُ ) عِتْقُهُ ( عَنْ الْكَفَّارَةِ ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ ( وَلَوْ مَاتَ قَرِيبُهُ ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ ( وُقِفَ مِيرَاثُهُ ) مِنْهُ ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَلْ كَانَ حَيًّا ) حِينَئِذٍ ( أَوْ مَيِّتًا وَيُقَدِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ) مِنْ الْوَرَثَةِ ( الْأَسْوَأَ مِنْ مَوْتِهِ وَحَيَاتِهِ ) فَمَنْ سَقَطَ مِنْهُمْ بِهِ لَا يُعْطَى شَيْئًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِحَيَاتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ حَيَاتُهُ ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِمَوْتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ مَوْتُهُ وَمَنْ لَا يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ يُعْطَى نَصِيبَهُ .
( مِثَالُهُ : أَخٌ لِأَبٍ مَفْقُودٍ ، وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَجَدٍّ حَاضِرَانِ فَلِلْأَخِ ) لِلْأَبَوَيْنِ مِنْ الْمَتْرُوكِ ( الثُّلُثَانِ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ إنْ كَانَ ) الْمَفْقُودُ ( حَيًّا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ فَيُعْطَى الْأَخُ النِّصْفَ بِتَقْدِيرِ مَوْتِهِ وَالْجَدُّ الثُّلُثَ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ ) فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الْأَخِ مَوْتُهُ وَفِي حَقِّ الْجَدِّ حَيَاتُهُ مِثَالٌ آخَرُ : أَخٌ لِأَبَوَيْنِ مَفْقُودٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجٌ حَاضِرُونَ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ فَلِلْأُخْتَيْنِ الرُّبْعُ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ مَوْتُهُ وَفِي حَقِّ الْأُخْتَيْنِ حَيَاتَهُ .
الْمُوجِبُ .
( الْبَابُ السَّادِسُ : فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ ) ( قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ الشَّكُّ فِي الْحَيَاةِ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَرِثُ مِنْ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالْعَمَّةِ وَابْنِ أَخِيهَا ( قَوْلُهُ : وُقِفَ مَالُهُ مُدَّةً ) الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَتَقَدَّرُ وَقِيلَ مُقَدَّرَةٌ بِسَبْعِينَ سَنَةً ، وَقِيلَ بِثَمَانِينَ وَقِيلَ : بِتِسْعِينَ ، وَقِيلَ : بِمِائَةٍ ، وَقِيلَ : بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ؛ لِأَنَّهَا الْعُمْرُ الطَّبِيعِيُّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ) عِبَارَتُهُ : وَفِي الْبَسِيطِ يَرِثُهُ مَنْ كَانَ حَيًّا قُبَيْلَ الْحُكْمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي لِتَقَدُّمِ الْمَوْتِ الْمُسْتَعْقِبِ لِلْإِرْثِ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ كَمَا أَنَّ الْمِلْكَ الْمَحْكُومَ بِهِ لِأَحَدٍ يَقْضِي لَهُ بِحُصُولِهِ قُبَيْلَ الْحُكْمِ لَا عِنْدُهُ .
قَالَ السُّبْكِيُّ : وَيُشْبِهُ أَنْ لَا اخْتِلَافَ إذْ الْحُكْمُ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ بَلْ إظْهَارٍ وَلَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ الْمَوْتُ قُبَيْلَهُ ، وَلَا يُنَافِي هَذَا تَصْرِيحُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ قُبَيْلَ الْحُكْمِ بِلَحْظَةٍ لَا يَرِثُ ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ زَمَنٌ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَرِثُ لِلِاحْتِمَالِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُقَارِنًا لَهُ فَلَا يَرِثُهُ كَمَا لَوْ مَاتَا مَعًا ، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ حَمْلُ كَلَامِ الْبَسِيطِ عَلَى مَنْ اسْتَمَرَّ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ مَاتَ مَعَ الْحُكْمِ لَا يَرِثُ فَقَوْلُ الْأَصْحَابِ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْحُكْمِ أَيْ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْهُ ، وَقَوْلُهُمْ لَا الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَهُ إيضَاحٌ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا تَتَقَدَّرُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ تَتَقَدَّرُ بِسَبْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ : بِثَمَانِينَ وَقِيلَ بِتِسْعِينَ ، وَقِيلَ : بِمِائَةٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَقْدِيرُهَا بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ .
، وَأَغْرَبَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ : وَحُكِيَ أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ) رَجَّحَ فِي
الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الِاشْتِرَاطَ فَقَالَ : وَلَفْظُ الْوَجِيزِ مُشْعِرٌ بِاعْتِبَارِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ إلَخْ ) : لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حُكْمًا لَاسْتَدْعَى تَقَدُّمَ دَعْوَى فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا .
الثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَدْعِي مَحْكُومًا لَهُ وَعَلَيْهِ وَبِهِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا .
الثَّالِث أَنَّهُمْ قَالُوا : لَوْ ظَهَرَ مَا بَاعَهُ مُسْتَحَقًّا بَطَلَ وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لَمْ يَبْطُلْ .
الرَّابِعُ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْحُكْمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا وَالْإِلْزَامُ الَّذِي هُوَ إنْفَاذٌ لِحُكْمٍ يَتَضَمَّنُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمُسْتَنِدِ السَّابِقِ وَقَوْلُ الْقَاضِي : بِعْتُ أَوْ زَوَّجْتُ وَنَحْوَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ ؛ وَلِأَنَّ الْإِلْزَامَ يَكُونُ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ وَالْعَقْدُ إلَى الْآنَ لَمْ يَقَعْ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ ظَاهِرٌ فِيهِ حَيْثُ قَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي عَلَى الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ إنَّمَا هُوَ خَبَرٌ يُخْبِرُ بِهِ عَنْ بَيِّنَةٍ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ خَصْمٍ أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ فَأَنْفَذَ الْحُكْمَ فِيهِ ؟ .
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : هَذَا فِي الْعُقُودِ إنَّمَا يَجِيءُ إذَا تَقَدَّمَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ الْحَاكِمُ فَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى وُجُودِهِ وَاَلَّذِي قَالَهُ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ ( قَوْلُهُ : فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ : وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ
( الثَّانِي : الشَّكُّ فِي النَّسَبِ فَيُوقَفُ مِيرَاثُ الْوَلَدِ ) مِنْ تَرِكَةِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ ( إلَى الْبَيَانِ إنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ ) فِي زَمَنِ الْإِشْكَالِ ( وَمِيرَاثُ أَبٍ إنْ مَاتَ الْوَلَدُ ) كَذَلِكَ ، وَأَخَذْنَا فِي نَصِيبِ كُلِّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمَا لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا بِالْأَسْوَأِ كَمَا سَبَقَ فِي الْمَفْقُودِ الْمُوجِبِ .
( الثَّالِثُ : الْحَمْلُ الْوَارِثُ فَيُوقَفُ لَهُ ) مِيرَاثُهُ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ وَرِثَ مُطْلَقًا ) كَالْحَمْلِ مِنْ الْمَيِّتِ ( أَوْ بِتَقْدِيرِ ) كَحَمْلِ زَوْجَةِ أَخٍ لِأَبٍ أَوْ جَدٍّ فَحَمْلُ زَوْجَةِ ( الْأَخِ ، وَالْجَدُّ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ ، وَفِيهِ ) أَيْ فِيمَنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ ( مَنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ كَمَنْ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ ) فَالْحَمْلُ يَرِثُ بِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ السُّدُسَ عَائِلًا ؛ لِأَنَّهُ أُخْتٌ دُونَ تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَخٌ وَهُوَ عَاصِبٌ وَلَمْ يَبْقَ ذَوُو الْفُرُوضِ شَيْئًا وَإِذَا وَرِثَ مُطْلَقًا فَقَدْ يَرِثُ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ أَكْثَرَ كَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ بِالْعَكْسِ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ مِنْهَا وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَقَدْ يَرِثُ بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَبِنْتٍ وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ ( وَلَوْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ صُدِّقَتْ وَلَوْ ) وَصَفَتْهُ ( بِعَلَامَةٍ خَفِيَّةٍ ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا ( وَلَوْ لَمْ تَدَّعِهِ وَاحْتُمِلَ هُوَ لِقُرْبِ الْوَطْءِ فَفِي الْوَقْفِ لَهُ ) مِنْ الْمِيرَاثِ ( تَرَدُّدٌ ) وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَقْفِ ( وَأُعْطِيَ ) فِي الْحَالِ ( مَنْ لَهُ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ وَلَا يَحْجُبُهُ عَنْهُ ) الْحَمْلُ ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْوَقْفِ ( وَإِنْ أَمْكَنَ الْعَوْلُ أَخَذَهُ ) أَيْ فَرْضَهُ ( عَائِلًا ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ ( مِثَالُهُ : زَوْجَةٌ حَامِلٌ ، وَأَبَوَانِ يَدْفَعُ إلَيْهَا ثُمُنُ عَائِلٍ وَإِلَيْهِمَا السُّدُسَانِ ) الْأُولَى : سُدُسَانِ ( عَائِلَانِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ ) أَيْ الْحَمْلِ ( أُنْثَيَيْنِ ) أَمَّا إذَا كَانَ يَحْجُبُهُ عَنْهُ الْحَمْلُ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ ( وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّرْ نَصِيبُهُمْ ) أَيْ الْمَوْجُودِينَ مَعَ الْحَمْلِ ( كَالْأَوْلَادِ وُقِفَ الْجَمِيعُ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقْصَى عَدَدِ الْحَمْلِ لَا ضَبْطَ لَهُ لِمَا حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْبَوَادِي شَيْخًا ذَا هَيْئَةٍ فَجَلَسْتُ إلَيْهِ
أَسْتَفِيدُ مِنْهُ وَإِذَا بِخَمْسَةِ كُهُولٍ جَاءُوا فَقَبَّلُوا رَأْسَهُ وَدَخَلُوا الْخِبَاءَ ثُمَّ خَمْسَةِ شُبَّانٍ فَعَلُوا كَذَلِكَ ثُمَّ خَمْسَةِ مُنْحَطِّينَ ثُمَّ خَمْسَةِ أَحْدَاثٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُمْ فَقَالَ : كُلُّهُمْ أَوْلَادِي وَكُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهُمْ فِي بَطْنٍ وَأُمُّهُمْ وَاحِدَةٌ فَيَجِيئُونَ كُلَّ يَوْمٍ يُسَلِّمُونَ عَلَيَّ وَيَزُورُونَهَا ، وَخَمْسَةٌ أُخَرُ فِي الْمَهْدِ .
وَحُكِيَ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ ( فَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا وَزَوْجَتُهُ حَامِلًا أُعْطِيت الثُّمُنَ ) لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ ( وَيُوقَفُ نَصِيبُ الِابْنِ ) بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ .
( قَوْلُهُ : وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَقْفِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِمَا حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إلَخْ ) وَحُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ اثْنَيْ عَشَرَ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَرُفِعَ أَمْرُهَا إلَى السُّلْطَانِ فَاسْتَدْعَاهَا وَأَوْلَادَهَا ثُمَّ رَدَّهُمْ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدًا وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ الْقَصْرِ فَعَلِمَتْ بِهِ فَصَاحَتْ صَيْحَةً ارْتَجَّ مِنْهَا حِيطَانُ الْقَصْرِ فَقِيلَ لَهَا : أَلَيْسَ لَكِ فِي هَؤُلَاءِ الْأَحَدَ عَشَرَ كِفَايَةٌ فَقَالَتْ : مَا صِحْتُ أَنَا وَإِنَّمَا صَاحَتْ الْأَحْشَاءُ الَّتِي رُبُّوا فِيهَا .
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : أَخْبَرَنِي رَجُلٌ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ الْيَمَنِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ أَنَّ امْرَأَةً بِالْيَمَنِ وَضَعَتْ حَمْلًا كَالْكِرْشِ فَظُنَّ أَنْ لَا وَلَدَ فِيهِ فَأُلْقِيَ فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ حَمِيَ وَتَحَرَّكَ فَشُقَّ فَخَرَجَ مِنْهُ سَبْعَةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ عَاشُوا جَمِيعًا وَكَانُوا خَلْقًا سَوِيًّا إلَّا أَنَّهُ قَالَ : فِي أَعْضَائِهِمْ قِصَرٌ ، قَالَ : وَصَارَعَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ فَصَرَعَنِي فَكُنْتُ أُعَيَّرُ بِالْيَمَنِ بِأَنَّهُ صَرَعَكَ سُبُعُ رَجُلٍ .
وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ السَّلَاطِينِ بِبَغْدَادَ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ تَلِدُ الْإِنَاثَ فَحَبِلَتْ مَرَّةً فَقَالَ لَهَا : إنْ وَلَدْتِ أُنْثَى لَأَقْتُلَنَّكِ فَلَمَّا قَرُبَ وِلَادَتُهَا فَزِعَتْ وَتَضَرَّعَتْ إلَى اللَّهِ فَوَلَدَتْ أَرْبَعِينَ ذَكَرًا كُلٌّ مِنْهُمْ مِثْلُ أُصْبُعٍ فَكَبِرُوا وَرَكِبُوا فُرْسَانًا مَعَ أَبِيهِمْ فِي سُوقِ بَغْدَادَ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ ) لَهُ ( وَرِثَ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ ) .
م ( قَوْلُهُ : وَرِثَ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ .
.
.
إلَخْ ) وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ : إنَّ لَنَا جَمَادًا يَمْلِكُ وَهُوَ النُّطْفَةُ
( فَصْلٌ : لِتَوْرِيثِ الْحَمْلِ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ : أَنْ يُعْلَمَ بِوُجُودِهِ ) فِي الْبَطْنِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا ( عِنْدَ الْمَوْتِ ) لِمُوَرِّثِهِ ( بِأَنْ تَلِدَهُ ) أُمُّهُ ( لِمُدَّةٍ يَلْحَقُ فِيهَا بِالْمَيِّتِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْهُ ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ الْمَوْتِ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْمَيِّتِ وَمَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ تَكُنْ مُزَوَّجَةً وَلَا مُسْتَوْلَدَةً ، قَالَ الْإِمَامُ : وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا مَا مَهَّدْنَاهُ مِنْ طَلَبِ الْيَقِينِ فِي الْمَوَارِيثِ فَإِنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَا نَجِدُ مُسْتَنِدًا شَرْعِيًّا كَمَا ذَكَرْنَا فِي مِيرَاثِ الْخَنَاثَى حَيْثُ لَمْ نُعَيَّنْ ذُكُورَةً وَلَا أُنُوثَةً وَكَيْفَ يُنْكَرُ الْبِنَاءُ عَلَى الشَّرْعِ مَعَ ظُهُورِ الظَّنِّ وَالْأَصْلُ فِي الْأَنْسَابِ الْإِمْكَانُ وَالِاحْتِمَالُ ، أَمَّا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يَرِثُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ ( فَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً ) أَوْ مُسْتَوْلَدَةً ( وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ حُرٍّ يَمُوتُ عَنْ أَبٍ رَقِيقٍ تَحْتَهُ حُرَّةٌ حَامِلٌ فَإِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ) وَقْتِ ( الْمَوْتِ ) وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ وَطْءِ الْأَمَةِ ( وَرِثَ ) لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ وَلَا حَاجِبَ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يَرِثُ ( لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ ) بَعْدَ الْمَوْتِ ( إلَّا إنْ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ بِوُجُودِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ ) فَيَرِثُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ ( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمْسِكَ الْأَبُ عَنْ الْوَطْءِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ ) الْحَالُ .
الشَّرْطُ ( الثَّانِي : أَنْ يَنْفَصِلَ ) كُلُّهُ ( حَيًّا ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ الِاطِّلَاعُ عَلَى نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ عِنْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ اعْتَبَرْنَا حَالَةَ انْفِصَالِهِ فَعَطَفْنَاهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا وَجَعَلْنَا النَّظَرَ إلَيْهَا ، وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ تَقْوِيمُهُ حَالَةَ اجْتِنَانِهِ عِنْدَ تَفْوِيتِهِ
عَلَى مَالِكِ أُمِّهِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ نَظَرْنَا إلَى حَالَةِ الْوَضْعِ فَإِنْ كَانَ حَيًّا قَوَّمْنَاهُ وَأَوْجَبْنَا لِلسَّيِّدِ قِيمَتَهُ أَوْ مَيِّتًا لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ ، وَإِذَا انْفَصَلَ حَيًّا ، قَالَ الْإِمَامُ : تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَرِثَ وَلَمْ نَذْهَبْ إلَى مَسَالِكِ الظُّنُونِ فِي تَقْدِيرِ انْسِلَالِ الرُّوحِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِكُلٍّ حُكْمٌ فِي الشَّرْعِ مَوْقِفٌ وَمُنْتَهًى لَا سَبِيلَ إلَى مُجَاوَزَتِهِ انْتَهَى .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ بِالشَّرْطَيْنِ الْحُكْمُ بِالْإِرْثِ لَا الْإِرْثُ ، فَقَوْلُهُمْ : إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطَيْنِ أَيْ إنَّمَا يُحْكَمُ بِإِرْثِهِ بِشَرْطَيْنِ أَمَّا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا يَرِثُ سَوَاءٌ أَتَحَرَّكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ انْفَصَلَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِجِنَايَةٍ وَإِنْ أُوجِبَتْ الْغُرَّةُ وَصُرِفَتْ إلَى وَرَثَتِهِ ؛ لِأَنَّ إيجَابَهَا لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ تَقْدِيرُ الْحَيَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ : الْغُرَّةُ إنَّمَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الْجَانِي الْحَيَاةَ مَعَ تَهَيُّؤِ الْجَنِينِ لَهَا وَلَوْ قَدَّرَ أَنَّ إيجَابَهَا بِتَقْدِيرِ الْحَيَاةِ فَالْحَيَاةُ مُقَدَّرَةٌ فِي حَقِّ الْجَانِي فَقَطْ تَغْلِيظًا فَتَقْدِرُ فِي تَوْرِيثِ الْغُرَّةِ فَقَطْ ( وَيُسْتَدَلُّ ) عَلَى حَيَاتِهِ ( بِالِاسْتِهْلَالِ ) أَيْ الصِّيَاحِ ( وَالْعُطَاسِ وَقَبْضِ الْيَدِ وَبَسْطِهَا ) وَنَحْوِهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهَا ( وَفِي الْحَرَكَةِ وَالِاخْتِلَاجِ تَرَدُّدٌ ) قَالَ الْإِمَامُ : وَلَيْسَ مَحَلُّهُ مَا إذَا قَبَضَ الْيَدَ وَبَسَطَهَا ؛ فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ قَطْعًا ، أَيْ كَمَا تَقَرَّرَ ، وَلَا الِاخْتِلَاجَ الَّذِي يَقَعُ مِثْلُهُ لِانْضِغَاطِ وَتَقَلُّصِ عَصَبٍ وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ فِيمَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْحَرَكَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ كَيْفَمَا قُدِّرَ الْخِلَافُ أَنَّ مَا لَمْ تُعْلَمْ بِهِ الْحَيَاةُ - وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لِانْتِشَارٍ بِسَبَبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَضِيقِ أَوْ لِاسْتِوَاءٍ عَنْ الْتِوَاءٍ - لَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ ( وَلَوْ جُنِيَ عَلَيْهَا بَعْدَ انْفِصَالِ بَعْضِهِ حَيًّا فَسَقَطَ مَيِّتًا لَمْ يَرِثْ
وَوَجَبَتْ فِيهِ غُرَّةٌ لَا دِيَةٌ وَوَرِثَ عَنْهُ الْغُرَّةَ ) كَمَا تُورَثُ عَنْهُ تَرِكَتُهُ لَوْ مَاتَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْغُرَّةِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ ( وَلَا يَرِثُ مَذْبُوحٌ مَاتَ أَبَاهُ وَهُوَ يَتَحَرَّكُ ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَمْوَاتِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ .
.
.
إلَخْ ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ فِيمَنْ مَاتَ عَنْ أَخٍ وَأُمٍّ مُزَوَّجَةٍ بِغَيْرِ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْمَوْتِ وَأَقَامَتْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ شَهِدْنَ بِأَنَّهَا إذْ ذَاكَ كَانَتْ حَامِلًا فَيَنْبَغِي أَنْ تَقْبَلَ .
ا هـ .
وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ ، قَالَ الْغَزِّيِّ : وَمُرَادُهُ الشَّهَادَةُ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ ( قَوْلُهُ : وَقَبْضِ الْيَدِ وَبَسْطِهَا وَنَحْوِهَا ) أَيْ كَالتَّثَاؤُبِ ( قَوْلُهُ : وَفِي الْحَرَكَةِ وَالِاخْتِلَاجِ تَرَدُّدٌ ) لَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِلَاجِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
د ( قَوْلُهُ : وَلَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِ بَعْضِهِ إلَخْ ) الْوَلَدِ إذَا انْفَصَلَ بَعْضُهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُنْفَصِلِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا : الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا صَاحَ وَاسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ .
الثَّانِيَةُ : إذَا حَزَّ الْإِنْسَانُ رَقَبَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ .
( فَرْعٌ : لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَزَوْجَةٍ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى اسْتَهَلَّ أَحَدُهُمَا وَجُهِلَ الثَّانِي وَوُجِدَا مَيِّتَيْنِ أُعْطِيَ كُلُّ وَارِثٍ ) مِنْ الِابْنِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ مِيرَاثِهِ ( الْأَقَلَّ ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ ( وَوُقِفَ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ ) إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَهَلِّ لَا يَرِثُ شَيْئًا أَوْ الْمُسْتَهَلُّ يَرِثُ وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُورَثُ عَنْهُ نَصِيبُهُ أَثْلَاثًا ، لِلزَّوْجَةِ الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ بِالْإِخْوَةِ ، لَكِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ ، وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ إرْثِهِمَا مِنْهُ بِذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ ، فَيُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا الْيَقِينَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي كَمَا قَالَ ، وَعَمَلُهَا بِالْحِسَابِ ذَكَرْتُهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْكِتَابِ .
الْمُوجِبُ ( الرَّابِعُ الْخُنُوثَةُ ) بِالْمُثَلَّثَةِ ( فَيُؤْخَذُ فِي حَقِّ الْخُنْثَى وَبَاقِي الْوَرَثَةِ ) مِمَّنْ يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ ( بِالْيَقِينِ فَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ) كَوَلَدِ عَمٍّ خُنْثَى ( وُقِفَ ) مَا يَرِثُهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ ( وَإِنْ وَرِثَ بِأَحَدِهِمَا أَقَلَّ مِمَّا يَرِثُ بِالْآخَرِ كَوَلَدٍ خُنْثَى ) أُعْطِيَهُ عَمَلًا بِالْيَقِينِ ( وَوُقِفَ الْبَاقِي ) إلَى اتِّضَاحِ حَالِهِ أَوْ الصُّلْحِ أَمَّا مَنْ لَا يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهُ بِذَلِكَ كَوَلَدِ الْأُمِّ وَالْمُعْتَقِ فَيَرِثُ ( فَلَوْ قَالَ ) الْخُنْثَى : ( أَنَا رَجُلٌ أَوْ ) أَنَا ( امْرَأَةٌ صَدَّقْنَاهُ بِيَمِينِهِ ) وَلَا نَظَرَ إلَى التُّهْمَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ عَلَى حَالِهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ ابْنُ عَشْرٍ : بَلَغْتُ بِالِاحْتِلَامِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ سُلْطَانُ الْوَلِيِّ ( لَا ) إنْ قَالَ : أَنَا رَجُلٌ ( وَهُوَ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ) فَقَالَ الْجَانِي : بَلْ امْرَأَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ ، وَقِيلَ : يُصَدَّقُ كَمَا فِي الْأُولَى ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْجَانِي فَلَا نَرْفَعُهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( فَرْعٌ : الْمَوْقُوفُ ) بَيْنَ الْوَرَثَةِ ( لِلْخُنْثَى ) أَيْ لِأَجْلِهِ ( لَا يُقَسَّمُ بِمَوْتِهِ ) عَلَيْهِمْ وَمَنْ تَجَدَّدَ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ ( حَتَّى يَصْطَلِحُوا ) عَلَى قِسْمَتِهِ عَلَيْهِمْ بِالتَّسَاوِي أَوْ التَّفَاوُتِ أَوْ بِتَرْكِ بَعْضِهِمْ حِصَّتَهُ لِبَاقِيهِمْ وَاقْتِسَامِ بَاقِيهِمْ الْمَوْقُوفَ بِحَسَبِ تَرَاضِيهِمْ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَسَيَأْتِي فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ نِسْوَةٍ مَثَلًا وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ ثُمَّ مَاتَ قُبَيْلَ الِاخْتِيَارِ وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَقَلَّ مِمَّا بِيَدِهَا وَهُوَ ثَمَنُ الْمَوْقُوفِ فِي مِثَالِنَا ، وَقِيلَ : لَا يَنْقُصُ عَنْ رُبْعِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ
ذَلِكَ هُنَا ( أَوْ ) حَتَّى ( يَتَوَاهَبُوا وَمَنْ وَهَبَ مِنْهُمْ لِلْبَاقِينَ حَقَّهُ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالِ جَازَ لِلضَّرُورَةِ ) لِأَنَّ الْعِلْمَ بِقَدْرِ الْمَوْهُوبِ مُتَعَذَّرٌ فَلَوْ لَمْ يَتَوَاهَبُوا بَقِيَ الْمَالُ عَلَى وَقْفِهِ وَلَا تُفِيدُهُمْ الْقِسْمَةُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمْ مَا يَقْتَضِي نَقْلَ الْمِلْكِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَرَثَةُ الْخُنْثَى وَرَثَةَ الْأَوَّلِ أَوْ كَانُوا إيَّاهُمْ وَاخْتَلَفَ إرْثُهُمْ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَيُصْرَفُ الْمَوْقُوفُ إلَيْهِمْ بِلَا إشْكَالٍ .
( قَوْلُهُ : الرَّابِعُ الْخُنُوثَةُ ) الَّذِي يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ خُنْثَى مِنْ الْوَرَثَةِ بِالنَّسَبِ سِتَّةٌ : الْوَلَدُ وَوَلَدُ الِابْنِ وَالْأَخُ ، وَوَلَدُهُ وَالْعَمُّ وَوَلَدُهُ .
قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَمَنْ أَلْقَى عَلَيْكَ أَبًا خُنْثَى أَوْ أُمًّا خُنْثَى أَوْ جَدًّا خُنْثَى أَوْ جَدَّ خُنْثَى فَقَدْ أَلْقَى عَلَيْك مُحَالًا قَوْلُهُ : وَقِفَ مَا يَرِثُهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ ) لِتَحَقُّقِ كَوْنِهِ وَارِثًا بِهِ وَظُهُورُهُ مُتَوَقَّعٌ بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ طَلَاقًا بَائِنًا وَمَاتَ وَلَمْ تَعْلَمْ وَإِحْدَاهُمَا مُسْلِمَةٌ وَالْأُخْرَى كِتَابِيَّةٌ حَيْثُ لَا يُوقَفُ لَهُمَا شَيْءٌ ( قَوْلُهُ : وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ مِنْ التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ
( الْبَابُ السَّابِعُ : فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الزِّنَا ) وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ ( وَالْمَجُوسِ وَلَدُ الزِّنَا لَا يُسْتَلْحَقُ ) فَلَوْ اُسْتُلْحِقَ لَمْ يَلْحَقْ ( بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُلَاعَنِ عَلَيْهِ ) يُسْتَلْحَقُ فَيَلْحَقُ ( وَإِنْ كَانَ ) ثَمَّ ( تَوْأَمَانِ وَلَوْ مِنْ الْمُلَاعَنَةِ لَمْ يَتَوَارَثَا ) الْمُرَادُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبَيْنَ الزَّانِي وَالنَّافِي وَكُلِّ مَنْ أَدْلَى بِهِمَا لِانْقِطَاعِ النَّسَبِ بَيْنَهُمَا ( إلَّا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ ) فَيَتَوَارَثَانِ وَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْأُمَّ وَبِالْعَكْسِ بِقَرَابَتِهِمَا لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهَا ( وَلَا عَصَبَةَ لَهُ ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ وَلَدِ الزِّنَا وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ مِنْ الْأَبِ ( إلَّا مِنْ صُلْبِهِ أَوْ بِالْوَلَاءِ بِأَنْ يَكُونَ عَتِيقًا أَوْ أَمَةً عَتِيقَةً فَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِمَوْلَاهَا عَلَيْهَا دُونَ عَصَبَتِهَا ) فَلَا يَكُونُونَ عَصَبَةً لَهُ فِي الْإِرْثِ ( لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَصَبَةً لَهُ ) فِي تَحَمُّلِ الْعَقْلِ وَالْوِلَايَةِ ( وَإِذَا اسْتَلْحَقَ مَنْ نَفَاهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ لَحِقَهُ ) وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ الْمَيِّتُ وَلَدًا ( وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ ) لِلتَّرِكَةِ إنْ قُسِمَتْ ( وَالتَّوْأَمَانِ مِنْ ) وَاطِئٍ ( مَجْهُولٍ ) بِالتَّنْوِينِ ( وَطْءَ شُبْهَةٍ ) أَيْ بِهَا ( يَتَوَارَثَانِ بِالْعُصُوبَةِ ) أَيْ بِإِخْوَةِ الْأَبَوَيْنِ لِثُبُوتِ نَسَبِهِمَا مِنْهُمَا ( فَصْلٌ ) لَوْ ( اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ قَرَابَتَانِ ) مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ مُبَاشَرَةِ سَبَبِ اجْتِمَاعِهِمَا ( كَنِكَاحِ الْمَجُوسِ ) لِاسْتِبَاحَتِهِمْ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ وَالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ ( وَرِثَ بِأَقْوَاهُمَا ) لِأَنَّهُمَا قَرَابَتَانِ يُورَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَتَيْنِ فَيُوَرَّثُ بِأَقْوَاهُمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ لِأَيِّهِمَا كَالْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ تَرِثُ بِأَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ لَا بِهِمَا أَيْ لَا تَرِثُ النِّصْفَ بِأُخْتِيَّةِ الْأَبِ وَالسُّدُسَ بِأُخْتِيَّةِ الْأُمِّ ( وَتُعْرَفُ الْقُوَّةُ بِالْحَجْبِ ) بِأَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى أَوْ لَا تَحْجُبَ أَصْلًا فَالْأَوَّلُ (
كَبِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ ) كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ فَتَلِدَ بِنْتًا ( تَرِثُ بِالْبُنُوَّةِ ) لَا بِالْأُخُوَّةِ ( لِأَنَّهَا حَاجِبَةٌ لِلْإِخْوَةِ ) الثَّانِي ( كَأُمٍّ هِيَ أُخْتٌ ) كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَهُ فَتَلِدَ بِنْتًا ( تَرِثُ بِالْأُمُومَةِ ) لَا بِالْأُخُوَّةِ تَرِثُ ( لِأَنَّهَا تَحْجُبُ ) غَيْرَهَا ( وَلَا تُحْجَبُ ) بِغَيْرِهَا ( أَوْ ) بِأَنْ ( تَكُونَ أَقَلَّ حَجْبًا كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ ) لِأَبٍ ، كَأَنْ يَطَأَ بِنْتَهُ الثَّانِيَةَ أَيْضًا فَتَلِدَ بِنْتًا أُخْرَى ( فَتَرِثُ ) الْعُلْيَا ( بِالْجُدُودَةِ دُونَ الْأُخُوَّةِ ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْأُمِّ لَا تَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمُّ وَالْأُخْتُ يَحْجُبُهَا جَمَاعَةٌ ) فَلَوْ كَانَتْ الْقَوِيَّةُ مَحْجُوبَةً وَرِثَتْ بِالْمَرْجُوحَةِ كَمَا لَوْ خَلَّفَ فِي هَذَا الْمِثَالِ الْوُسْطَى وَالْعُلْيَا فَأَقْوَى جِهَتَيْ الْعُلْيَا وَهِيَ الْجُدُودَةُ مَحْجُوبَةٌ بِالْوُسْطَى فَتُوَرِّثُهَا بِالْإِخْوَةِ فَيَكُونُ لِلْوُسْطَى الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ وَلَا تُنْقِصُهَا أُخُوَّةُ نَفْسِهَا مَعَ الْأُخْرَى عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ ، وَلِلْعُلْيَا النِّصْفُ وَيُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ : لَنَا صُورَةٌ وَرِثَتْ فِيهَا الْجَدَّةُ أُمَّ الْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدَّةِ النِّصْفُ وَيُعَايَا بِهَا أَيْضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ : وَمَتَى أُلْقِيَ عَلَيْكَ فِي هَذَا الْبَابِ جَدَّةٌ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا أُمَّ أُمٍّ ، فَإِنْ قِيلَ جَدَّةٌ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا أُمَّ أَبٍ ، فَإِنْ قِيلَ : أُمُّ أَبٍ هِيَ أُخْتٌ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا أُخْتًا لِأُمٍّ فَإِنْ قِيلَ : بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا فَهِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ ، أَوْ امْرَأَةٌ فَهِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَإِنْ قِيلَ : أُمٌّ هِيَ أُخْتٌ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا أُخْتًا لِأَبٍ ، فَإِنْ قِيلَ : أَبٌ هُوَ أَخٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا أَخًا لِأُمٍّ .
( الْبَابُ السَّابِعُ ) .
( قَوْلُهُ : كَالْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ تَرِثُ بِأَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ .
.
.
إلَخْ ) اعْتَرَضَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ الْمَقِيسَ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ ، وَالْمَقِيسَ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْفَرْضَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ التَّوْرِيثِ بِجِهَتَيْ فَرْضٍ انْتِفَاؤُهُمَا بِجِهَتَيْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ ( قَوْلُهُ : بِأَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ) أَيْ حَجْبَ حِرْمَانٍ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا يُشْعِرُ بِإِرَادَةِ حَجْبِ الْحِرْمَانِ خَاصَّةً وَمِنْ صُوَرِ حَجْبِ النُّقْصَانِ أَنْ يَنْكِحَ الْمَجُوسِيُّ بِنْتَهُ فَتَلِدُ بِنْتًا ، وَيَمُوتُ فَقَدْ خَلَّفَ بِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا زَوْجَةٌ فَلَهُمَا ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَلَا عِبْرَةَ بِالزَّوْجِيَّةِ ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ تَحْجُبُ الزَّوْجَةَ مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ .
ا هـ .
رُدَّ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي سَبَبَيْنِ ( قَوْلُهُ : وَيُعَايَا بِهَا أَيْضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَخْ ) أَوْ يُقَال : أُخْتَانِ مِنْ الْأَبِ وَرِثَتَا بِالْفَرْضِ وَلِإِحْدَاهُمَا الثُّلُثُ وَلِلْأُخْرَى النِّصْفُ .
أَوْ يُقَالُ : وَرِثَ شَخْصٌ مَعَ مَنْ أَدْلَى بِهِ وَلَيْسَ وَلَدَ أُمٍّ هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ
( الْبَابُ الثَّامِنُ : فِي الرَّدِّ .
) ( وَ كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ ( ذَوِي الْأَرْحَامِ ) الرَّدُّ لُغَةً : الرَّجْعُ وَالصَّرْفُ يُقَالُ : رُدَّ إلَى مَنْزِلِهِ ، أَيْ : رَجَعَ .
وَرَدَّهُ عَنْ وَجْهِهِ أَيْ : صَرَفَهُ وَاصْطِلَاحًا : ضِدُّ الْعَوْلِ ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي مَقَادِيرِ السِّهَامِ وَنَقْصٌ مِنْ الْحِصَصِ وَالرَّدُّ ضِدُّ ذَلِكَ .
وَعَرَّفَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَجْزِ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ عَنْ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ ( وَحَيْثُ قُلْنَا بِالرَّدِّ لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ ذُو الْفَرْضِ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ ( فَلَا رَدَّ ) عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي فَصْلِ ذَوِي الْأَرْحَامِ بَلْ يَدْفَعُ إلَيْهِ فَرْضَهُ وَاحِدٌ مِنْ مَخْرَجِهِ وَيَقْسِمُ الْبَاقِيَ عَلَى ذَوِي الرَّدِّ فَإِنْ كَانَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ شَخْصًا وَاحِدًا أَوْ صِنْفًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ صِنْفٍ وَصَحَّ قِسْمَةُ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ مَسْأَلَتِهِمْ فَذَاكَ الْمَخْرَجُ هُوَ الْأَصْلُ وَإِلَّا فَاضْرِبْهُ فِي الْأَصْلِ الَّذِي انْكَسَرَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأُمٍّ لَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَّا الرُّبُعُ وَيَقْسِمُ الْبَاقِيَ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، أَصْلِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ بِدُونِ زَوْجٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يُوَافِقُ فَتَضْرِبُهَا فِي مَخْرَجِ الرُّبُعِ فَتَصِحُّ مِنْ أَصْلِهَا سِتَّةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْبِنْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ ( أَوْ ) كَانَ ذُو الْفَرْضِ صِنْفًا ( وَاحِدًا غَيْرَهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَكَجَدَّاتٍ أَوْ بَنَاتٍ ( رُدَّ عَلَيْهِ الْبَاقِي ) بَعْدَ أَخْذِهِ فَرْضَهُ فَيَأْخُذُ الْجَمِيعُ فَرْضًا وَرَدًّا ( أَوْ أَكْثَرَ ) مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ ( فَعَلَى ) أَيْ فَبِنِسْبَةِ ( قَدْرِ الْفُرُوضِ ) يُرَدُّ الْبَاقِي عَلَى أَرْبَابِهَا كَبِنْتٍ وَأُمٍّ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ يَبْقَى ثُلُثٌ يُقَسَّمُ عَلَيْهِمَا بِنِسْبَةِ فَرْضِهِمَا فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ التَّرِكَةِ لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهَا لِلْأُمِّ فَتَصِحُّ مِنْ أَصْلِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ أَرْبَعَةً .
الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الرَّدِّ ) ( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ إلَخْ ) لَا فِي حَجْبِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ فَرْضِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ مِنْهَا ) قَالَ شَيْخُنَا : أَيْ أَوْلَادُ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ : يُعْمَلُ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِمَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ ) الَّذِي يُدْلِي بِهِ إلَى الْمَيِّتِ لَا بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ وَهُوَ تَوْرِيثُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمَيِّتِ كَالْعَصَبَاتِ وَالْمَذْهَبَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ مَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ حَازَ جَمِيعَ الْمَالِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْخِلَافُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ ( وَيُقَدَّمُ ) مِنْهُمْ ( الْأَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ ) لَا إلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْوَارِثِ فَاعْتِبَارُ الْقُرْبِ إلَيْهِ أَوْلَى ( فَإِنْ اسْتَوَوْا ) فِي السَّبْقِ إلَيْهِ ( قُدِّرَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ ) مِنْ الْوَرَثَةِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً ( ثُمَّ يَجْعَلُ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمْ ( لِلْمُدْلِينَ بِهِ ) الَّذِينَ نُزِّلُوا مَنْزِلَتَهُ ( عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِمْ ) مِنْهُ ( لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ ) فَإِنْ كَانُوا يَرِثُونَهُ بِالْعُصُوبَةِ اقْتَسَمُوا نَصِيبَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ بِالْفَرْضِ اقْتَسَمُوا نَصِيبَهُ عَلَى حَسَبِ فُرُوضِهِمْ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَوْلَادُ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ ، وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ مِنْهَا فَلَا يَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بَلْ يَقْتَسِمُونَهُ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَإِرْثِ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ فِي أَنَّهُ إمَّا بِالْفَرْضِ أَوْ بِالْعُصُوبَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُ الْقَاضِي تَوْرِيثُهُمْ تَوْرِيثٌ بِالْعُصُوبَةِ لِأَنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الْقُرْبُ وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ وَيَحُوزُ الْمُنْفَرِدُ الْجَمِيعَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ ( مِثَالُهُ : بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ يُجْعَلَانِ بِمَنْزِلَةِ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ فَيَحُوزَانِ الْمَالَ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ أَرْبَاعًا ) بِنِسْبَةِ إرْثِهِمَا ( وَفِي بِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ الْمَالُ لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا أَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ وَفِي بِنْتِ بِنْتٍ
وَابْنٍ وَبِنْتٍ مِنْ بِنْتٍ أُخْرَى لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ ) الْآخَرُ ( بَيْنَ الِابْنِ وَأُخْتِهِ أَثْلَاثًا ) بِأَنْ يُجْعَلَ الْمَالُ بَيْنَ بِنْتَيْ الصُّلْبِ تَقْدِيرًا بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ثُمَّ يُجْعَلُ نِصْفُ الْبِنْتِ الْأُولَى لِبِنْتِهَا ، وَنِصْفُ الْأُخْرَى لِوَلَدَيْهَا أَثْلَاثًا ( وَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ يَحْكُمُ بِالْمُسَاوَاةِ ) بَيْنَهُمَا ( وَفِي بِنْتَيْ بِنْتِ بِنْتٍ وَثَلَاثِ بَنَاتِ ابْنِ بِنْتٍ أُخْرَى : لِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ ) بِالسَّوِيَّةِ ( وَلِلثَّلَاثِ النِّصْفُ أَثْلَاثًا وَعَلَى هَذَا ) فَقِسْ فَفِي ابْنِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى وَثَلَاثِ بَنَاتِ بِنْتٍ أُخْرَى لِلِابْنِ الثُّلُثُ ، وَلِلْبِنْتِ الْمُفْرَدَةِ كَذَلِكَ وَلِلثَّلَاثِ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا .
( فَصْلٌ بَنَاتُ الْإِخْوَةِ ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ ( وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ ) كَذَلِكَ ( وَبَنُو إخْوَةِ الْأُمِّ يَنْزِلُ كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( مَنْزِلَةَ أَبِيهِ ) إنْ كَانَ بِنْتَ أَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ أَوْ وَلَدِ أَخٍ لِأُمٍّ ( أَوْ ) مَنْزِلَةَ ( أُمِّهِ ) إنْ كَانَ وَلَدَ أُخْتٍ وَيُرْفَعُ عِنْدَ التَّسَفُّلِ بَطْنًا بَطْنًا ( فَمَنْ سَبَقَ إلَى وَارِثٍ قُدِّمَ وَإِلَّا ) بِأَنَّ اسْتَوَوْا فِي الِانْتِهَاءِ إلَى الْوَارِثِ ( قُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَ الْأُصُولِ ثُمَّ حِصَّةُ كُلٍّ ) مِنْهُمْ ( لِفُرُوعِهِ يَسْتَوِي بَيْنَ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ ) فِي الْقِسْمَةِ ( كَأُصُولِهِمْ ) الْوَارِثِينَ مِنْ أُمِّهِمْ وَإِنْ كَانَ قِيَاسُ مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ تَفْضِيلَ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ أَوْلَادَ الْوَارِثِ كَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ مِنْهُ فَفِي أَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَخٍ لِأُمٍّ وَبِنْتِ أَخٍ لِأَبٍ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ أَخٍ لِأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ سُدُسُهُ لِأَوْلَادِ الْأَخِ لِلْأُمِّ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ يَسْتَوِي فِيهِمْ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ أَوْلَادُ الْأَخِ لِلْأُمِّ مِنْ أَخٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانُوا مِنْ أَرْبَعَةِ إخْوَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَخٍ كَانَ لَهُمْ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ مُطْلَقًا ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَلَوْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ أَخٍ وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ أَخٍ آخَرَ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ السُّدُسُ وَلِلثَّلَاثَةِ كُلِّهِمْ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأَبِ ( بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ ) أَيْ غَيْرِ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ بِأَنْ يَكُونُوا أَوْلَادَهُمْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يُسَوِّي بَيْنَهُمْ بَلْ يُفَضِّلُ ذَكَرَهُمْ عَلَى أُنْثَاهُمْ ( فَفِي ثَلَاثِ بَنَاتِ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ : السُّدُسُ لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ) اعْتِبَارًا بِالْآبَاءِ ، وَبِنْتُ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ مَحْجُوبَةٌ لِحَجْبِ أَبِيهَا بِالشَّقِيقِ وَتَصِحُّ
مِنْ سِتَّةٍ ( وَفِي ثَلَاثَةٍ بَنِي أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا هُوَ بَيْنَ أُمَّهَاتِهِمْ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ وَإِنْ كَانُوا بَنَاتًا ) لَهُنَّ ، الْفَصِيحُ : بَنَاتٍ ( فَكَذَلِكَ وَإِنْ اجْتَمَعَ الْبَنُونَ الثَّلَاثَةُ وَالْبَنَاتُ الثَّلَاثُ ) فَالْمَالُ عَلَى أُمَّهَاتِهِمْ عَلَى خَمْسَةٍ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ( فَنَصِيبُ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِوَلَدَيْهَا أَوْ أَثْلَاثًا وَ ) نَصِيبُ الْأُخْتِ ( الْأُخْرَى ) الَّتِي مِنْ الْأَبِ ( كَذَلِكَ وَنَصِيبُ الثَّالِثَةِ لِوَلَدَيْهَا بِالسَّوِيَّةِ ) .
( فَصْلٌ : وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ السَّاقِطُونَ كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ ) بَطْنًا بَطْنًا لِتَنْزِيلِ أَبِ الْأُمِّ مَنْزِلَتَهَا وَأَبِي أُمِّ الْأَبِ مَنْزِلَتَهَا ( وَيُقَدَّمُ ) مِنْهُمْ ( مَنْ انْتَهَى إلَى الْوَارِثِ أَوْ لَا ) فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ قُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ انْتَهَوْا إلَيْهِمْ وَقُسِّمَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَارِثٍ بَيْنَ الْمُدْلِينَ بِهِ ( كَمَا سَبَقَ ) .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( اجْتَمَعَ أُمُّ أَبِي أُمٍّ وَأَبُو أُمِّ أُمٍّ فَالْمَالُ لِأَبِي أُمِّ الْأُمِّ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ ) إلَى الْوَارِثِ إذْ بَعْدَ التَّنْزِيلِ يَصِيرَانِ أَبَا أُمٍّ وَأُمَّ أُمٍّ ( أَوْ ) اجْتَمَعَ ( أَبُو أُمِّ أَبٍ وَأَبُو أَبِ أُمٍّ فَالْمَالُ لِلْأَوَّلِ ) لِذَلِكَ ( أَوْ أَبُو أُمِّ أُمٍّ وَأَبُو أُمِّ أَبٍ فَنِصْفَانِ ) كَمَا يَكُونُ بَيْنَ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ فَرْضًا وَرَدًّا ( أَوْ أَبُو أَبِ أُمٍّ ، وَأُمُّ أَبِ أُمٍّ ، وَأَبُو أُمِّ أُمٍّ ) فَلِلثَّالِثَةِ الْمَالُ لِذَلِكَ ( وَعَلَى هَذَا ) فَقِسْ فَلَوْ اجْتَمَعَ أَبُو أَبِ أُمِّ أَبٍ ، وَأُمُّ أَبِ أُمِّ أَبٍ ، وَأَبُو أَبِ أَبِ أُمٍّ ، وَأُمُّ أَبِ أَبِ أُمٍّ فَالْمَالُ لِلْأَوَّلَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ .
( فَصْلٌ : وَالْخَالَاتُ وَالْأَخْوَالُ ) فِي الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ ( بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ) فَيَرِثُونَ مَا تَرِثُهُ لَوْ كَانَتْ حَيَّةً ( وَالْعَمَّاتُ مُطْلَقًا ) أَيْ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ ( وَالْأَعْمَامُ مِنْ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ ) فَيَرِثُونَ نَصِيبَهُ لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِهِ إلَى الْمَيِّتِ ( فَلَوْ انْفَرَدُوا ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْخَالَاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَعْمَامِ مِنْ الْأُمِّ ( فَكَانَ الْمَيِّتُ مَنْ يُنَزَّلُونَ ) بِفَتْحِ الزَّايِ ( مَنْزِلَتَهُ ) فَيُقْسَمُ الْمَالُ كُلُّهُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْأُمِّ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةُ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ فَفِي ثَلَاثِ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِلْخَالَةِ الشَّقِيقَةِ : النِّصْفُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْخَالَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ السُّدُسُ فَيَقْتَسِمْنَ الْمَالَ عَلَى خَمْسَةٍ فَرْضًا وَرَدًّا وَفِي ثَلَاثَةِ أَخْوَالٍ مُتَفَرِّقِينَ لِلْخَالِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَلِلْخَالِ الشَّقِيقِ الْبَاقِي وَلَا شَيْءَ لِلْخَالِ مِنْ الْأَبِ لِأَنَّ الْأُمَّ لَوْ مَاتَتْ عَنْهُمْ وَرِثُوهَا كَذَلِكَ وَفِي ثَلَاثِ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِلْعَمَّةِ الشَّقِيقَةِ النِّصْفُ ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْأُخْرَيَيْنِ السُّدُسُ فَيَقْتَسِمْنَ الْمَالَ عَلَى خَمْسَةٍ فَرْضًا وَرَدًّا وَلَوْ اجْتَمَعَ الْأَخْوَالُ الْمُفْتَرِقُونَ وَالْخَالَاتُ الْمُفْتَرِقَاتُ فَثُلُثَا الْمَالِ لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَثُلُثُهُ لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ لِلْأُمِّ كَذَلِكَ وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ تَفْضِيلَ الْخَالِ مِنْ الْأُمِّ عَلَى الْخَالَةِ مِنْهَا مُخَالِفٌ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الْأُمِّ ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرًا مِنْ تَصَرُّفِهِ ، وَهُوَ لَا يُخَصُّ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( خَلَّفَ ثَلَاثَ خَالَاتٍ وَثَلَاثَ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِلْخَالَاتِ الثُّلُثُ ) لِأَنَّهُ نَصِيبُ الْأُمِّ لَوْ كَانَتْ حَيَّةً مَعَ الْأَبِ ( وَلِلْعَمَّاتِ الثُّلُثَانِ ) لِأَنَّهُ نَصِيبُ الْأَبِ لَوْ كَانَ حَيًّا مَعَ الْأُمِّ ( كُلٌّ ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ ( يُقَسِّمُ حِصَّتَهُ أَخْمَاسًا كَإِرْثِهِنَّ مِمَّنْ يُدْلِينَ بِهِ ) فَأَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَذَكَرَ الضَّمِيرَ وَأَفْرَدَهُ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ لَفْظِ كُلٍّ وَأَنَّثَهُ ، وَجَمَعَهُ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ ( وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْخَالَاتِ أَخْوَالٌ ) فَالثُّلُثُ بَيْنَ الْخَالِ مِنْ الْأُمِّ وَالْخَالِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ عَلَى سِتَّةٍ ( فَلِلْخَالِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَمِنْ الْأَبَوَيْنِ الْبَاقِي وَيَسْقُطُ الثَّالِثُ ) وَهُوَ الْخَالُ مِنْ الْأَبِ لِأَنَّهُمْ لَوْ وَرِثُوا مِنْ الْأُمِّ لَحُجِبَ بِالشَّقِيقِ فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعِينَ وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالْأَخْوَالُ فَالثُّلُثَانِ لِلْعَمَّاتِ ، وَالثُّلُثُ لِلْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ ثُلُثُهُ لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ مِنْ الْأُمِّ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَبَاقِيهِ لِلْخَالِ ، وَالْخَالَةِ الشَّقِيقَتَيْنِ عَلَى خَمْسَةٍ فَتَصِحُّ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ ( فَرْعٌ وَأَوْلَادُ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَعْمَامِ مِنْ الْأُمِّ كَآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ ) انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا فَيَنْزِلُ أَوْلَادُ الْخَالِ الشَّقِيقِ مَنْزِلَةَ الْخَالِ الشَّقِيقِ ، وَأَوْلَادُ الْخَالِ لِلْأَبِ مَنْزِلَةَ الْخَالِ لِلْأَبِ وَأَوْلَادُ الْخَالِ لِلْأُمِّ مَنْزِلَةَ الْخَالِ لِلْأُمِّ وَيَنْزِلُ أَوْلَادُ الْعَمَّةِ مَنْزِلَةَ الْعَمَّةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَأَوْلَادُ الْعَمِّ لِلْأُمِّ مَنْزِلَةَ الْعَمِّ لِلْأُمِّ ( وَ ) حِينَئِذٍ ( يَسْقُطُ الْأَبْعَدُ بِالْأَقْرَبِ ) مِنْهُمْ ( إلَى الْوَارِثِ كَمَا سَبَقَ فَإِنْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِمْ بِنْتُ عَمٍّ ) فَأَكْثَرُ ( لِأَبٍ ) الْأُولَى لِغَيْرِ أُمٍّ ( أَخَذَتْ الْمَالَ لِسَبَقِهَا إلَى الْوَارِثِ ) ( فَرْعٌ أَخْوَالُ الْأُمِّ وَخَالَاتُهَا بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْأُمِّ ) فَيَرِثُونَ مَا
تَرِثُهُ وَيَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ كَمَا لَوْ مَاتْ عَنْهُمْ ( وَأَعْمَامُهُمْ وَعَمَّاتُهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَبِي الْأُمِّ ) فَيَرِثُونَ مَا يَرِثُهُ ( وَأَخْوَالُ الْأَبِ وَخَالَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْأَبِ ) فَيَرِثُونَ مَا تَرِثُهُ ( وَعَمَّاتُهُ بِمَنْزِلَةِ أَبِي الْأَبِ ) فَيَرِثْنَ مَا يَرِثُهُ ( وَهَكَذَا كُلُّ خَالٍ وَخَالَةٍ بِمَنْزِلَةِ الْجَدَّةِ الَّتِي هِيَ أُخْتُهَا وَكُلُّ عَمٍّ وَعَمَّةٍ بِمَنْزِلَةِ الْجَدِّ الَّذِي هُوَ أَخُوهَا ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثًا مِنْ عَمَّاتِ أَبِيهِ وَ ) ثَلَاثًا مِنْ ( خَالَاتِهِ مُتَفَرِّقَاتٍ وَمِثْلَهُنَّ ) أَيْ : وَثَلَاثُ عَمَّاتٍ وَثَلَاثُ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ كُلُّهُنَّ ( لِأُمِّهِ ) فَيَنْزِلُ عَمَّاتُ كُلِّ جِهَةٍ مَنْزِلَةَ أَبِيهَا وَخَالَاتُ كُلِّ جِهَةٍ مَنْزِلَةَ أُمِّهَا فَكَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ أَبِي أَبِيهِ وَأَبِي أُمِّهِ وَأُمِّ أَبِيهِ ، وَأُمِّ أُمِّهِ ، فَلِلْجَدَّتَيْنِ السُّدُسُ ، وَلِأَبِي الْأَبِ الْبَاقِي ، وَلَا شَيْءَ لِأَبِي الْأُمِّ ، فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَنْ يُدْلِي بِهِ ( فَلِخَالَاتِ الْأَبِ نِصْفُ السُّدُسِ ) عَلَى خَمْسَةٍ ( وَمِثْلُهُ لِخَالَاتِ الْأُمِّ لِأَنَّهُنَّ كَالْجَدَّتَيْنِ ، وَالْبَاقِي ) خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ ( لِعَمَّاتِ الْأَبِ ) عَلَى خَمْسَةٍ ( دُونَ عَمَّاتِ الْأُمِّ لِأَنَّهُنَّ كَأَبِي الْأَبِ وَأَبِي الْأُمِّ ) فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّينَ لِكُلٍّ مِنْ الْخَالَتَيْنِ الشَّقِيقَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ سَهْمٌ ، وَلِعَمَّةِ الْأَبِ الشَّقِيقَةِ ثَلَاثُونَ وَلِكُلٍّ مِنْ عَمَّتِهِ لِأَبِيهِ وَعَمَّتِهِ لِأُمِّهِ عَشَرَةٌ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( اجْتَمَعَ فِي ذِي رَحِمٍ جِهَتَا قَرَابَةٍ كَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ هِيَ بِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ ) بِأَنْ نَكَحَ ابْنُ بِنْتِ رَجُلٍ بِنْتِ بِنْتٍ لَهُ أُخْرَى فَوَلَدَتْ بِنْتًا ( وَكَبِنْتِ خَالَةٍ هِيَ بِنْتُ عَمَّةٍ ) بِأَنْ نَكَحَ خَالُ امْرَأَةٍ لِأَبٍ خَالَتَهَا لِأُمٍّ فَوَلَدَتْ بِنْتًا ، فَالْمَرْأَةُ بِنْتُ خَالَةِ الْبِنْتِ وَبِنْتُ عَمَّتِهَا ( فَإِنْ سَبَقَتْ جِهَةٌ ) مِنْهُمَا ( إلَى وَارِثٍ وَرِثَ ) وَفِي نُسْخَةٍ : قُدِّمَ ( بِهَا ، وَإِلَّا وَرِثَ بِهِمَا ) عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ ( فَرْعٌ : لَوْ كَانَ مَعَ ذَوِي الْأَرْحَامِ زَوْجٌ ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( اقْتَسَمُوا مَا زَادَ عَلَى فَرْضِهِ كَاقْتِسَامِهِمْ الْجَمِيعَ ) لَوْ انْفَرَدُوا عَنْهُ .
.
( الْبَاب التَّاسِعُ فِي الْحِسَابِ ) .
أَيْ حِسَابِ الْفَرَائِضِ ، وَمُقَدَّمَاتُهُ وَقَدْ بَدَأَ بِهَا فَقَالَ : ( الْفُرُوضُ ) الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ( سِتَّةٌ : النِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا ، وَقَدْ مَضَى مُسْتَحِقُّوهَا ) أَيْ : بَيَانُهُمْ مَعَ التَّعْبِيرِ عَنْ عَدَدِ الْفُرُوضِ يُغَيِّرُ مَا ذُكِرَ هُنَا ، وَمَخْرَجُ الْفَرْضِ عَدَدٌ وَاحِدُهُ ذَلِكَ الْفَرْضُ ( فَمَخْرَجُ النِّصْفِ اثْنَانِ ) وَهُمَا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ( وَ ) مَخْرَجُ ( الثُّلُثِ ) وَالثُّلُثَيْنِ ( ثَلَاثَةٌ ) لِأَنَّهُمَا سَمِيُّهُمَا ( وَعَلَى هَذَا ) فَقِسْ فَمَخْرَجُ الرُّبُعِ أَرْبَعَةٌ وَالثُّمُنِ ثَمَانِيَةٌ وَالسُّدُسِ سِتَّةٌ ( وَالْفَرْضَانِ ) أَيْ : مَخْرَجَاهُمَا ( إمَّا مُتَمَاثِلَانِ أَوْ مُتَدَاخِلَانِ أَوْ مُتَوَافِقَانِ أَوْ مُتَبَايِنَانِ ) لِأَنَّهُمَا إنْ تَسَاوَيَا كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ فَمُتَمَاثِلَانِ ، وَإِلَّا فَإِنْ أَفْنَى أَصْغَرُهُمَا أَكْبَرَهُمَا مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَثَلَاثَةٍ وَسِتَّةٍ فَمُتَدَاخِلَانِ وَإِلَّا فَإِنْ أَفْنَاهُمَا غَيْرُ الْوَاحِدِ كَسِتَّةٍ وَثَمَانِيَةٍ فَمُتَوَافِقَانِ بِمَا لِلْمُفْنِي مِنْ الْأَجْزَاءِ ، وَإِلَّا فَمُتَبَايِنَانِ كَثَلَاثَةٍ وَثَمَانِيَةٍ ، وَكُلُّ مُتَدَاخِلَيْنِ مُتَوَافِقَانِ وَلَا عَكْسَ ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ( فَإِنْ تَدَاخَلَا فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَكْبَرُهُمَا أَوْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي ) كَامِلِ ( الْآخَرِ أَوْ تَبَايَنَا ضُرِبَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( فِي الْآخَرِ ) .
وَالْحَاصِلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ( أَوْ تَمَاثَلَا اُكْتُفِيَ بِأَحَدِهِمَا ) وَهُوَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ هَذَا إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ غَيْرَ عَصَبَاتٍ ( فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ فَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ) ذُكُورًا كَانُوا كَثَلَاثَةِ بَنِينَ أَوْ إنَاثًا كَثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَعْتَقْنَ عَبْدًا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا ( وَيُقَدَّرُ ) فِيهِ ( كُلُّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ ) فَأَصْلُ مَسْأَلَةِ ابْنٍ وَبِنْتٍ ثَلَاثَةٌ : لِلِابْنِ :
سَهْمَانِ ، وَلِلْبِنْتِ : سَهْمٌ ( فَإِنْ اجْتَمَعَ أَهْلُ فُرُوضٍ وَعَصَبَةٍ أُعْطِيَ ذُو الْفَرْضِ فَرْضَهُ ) مِنْ مَخْرَجِهِ ، وَمَخْرَجُهُ هُوَ أَصْلُ مَسْأَلَتِهِمْ ( وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ ، وَتَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ مَعْرُوفٌ ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ انْقَسَمَتْ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ عَلَى ذَوِيهَا فَذَاكَ ، كَزَوْجٍ وَثَلَاثَةِ بَنِينَ ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفٍ قُوبِلَتْ سِهَامُهُ بِعَدَدِهِ فَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ عَدَدُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ كَزَوْجٍ وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ هِيَ بِعَوْلِهَا مِنْ سَبْعَةٍ ، وَتَصِحُّ بِضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي سَبْعَةٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ عَدَدِهِ فِيهَا بِعَوْلِهَا كَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَسِتِّ بَنَاتٍ هِيَ بِعَوْلِهَا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفَيْنِ قُوبِلَتْ سِهَامُ كُلِّ صِنْفٍ بِعَدَدِهِ .
فَإِنْ تَوَافَقَا رُدَّ الصِّنْفُ إلَى وَفْقِهِ وَإِلَّا تُرِكَ ، ثُمَّ إنْ تَمَاثَلَ عَدَدُ الرُّءُوسِ ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ ، وَإِنْ تَدَاخَلَا ضُرِبَ أَكْبَرُهُمَا فِي ذَلِكَ ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا ، وَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الِانْكِسَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَأَرْبَعَةٍ وَلَا يَزِيدُ الْكَسْرُ عَلَى ذَلِكَ ، وَمِنْ التَّصْحِيحِ الْمُنَاسَخَاتُ فَلَوْ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ لَمْ يَرِثْ الثَّانِيَ غَيْرُ الْبَاقِينَ وَكَانَ إرْثُهُمْ مِنْهُ كَإِرْثِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ جُعِلَ كَأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ وَقُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَ الْبَاقِينَ كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ مِنْ أَبٍ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ إرْثُهُ فِي الْبَاقِينَ أَوْ انْحَصَرَ فِيهِمْ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ الِاسْتِحْقَاقِ فَصَحَّحَ مَسْأَلَةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَسْأَلَةَ الثَّانِي ، ثُمَّ إنْ انْقَسَمَ
نَصِيبُ الثَّانِي مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ ضُرِبَ وَفْقُ مَسْأَلَتِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا ضُرِبَ كُلُّهَا فِيهَا فَمَا بَلَغَ صَحَّتَا مِنْهُ ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَ فِيهَا ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي نَصِيبِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى أَوْ فِي وَفْقِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مَسْأَلَتِهِ وَنَصِيبِهِ وَفْقٌ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ أَمْثِلَتِهِ ، وَبَيَانِ قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ مَعَ فَوَائِدَ جَلِيلَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِهَا ، وَقَدْ بَيَّنْتُهُ أَحْسَنَ بَيَانٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ .
( وَالْأُصُولُ ) الَّتِي فِيهَا ذُو فَرْضٍ ( تِسْعَةٌ : اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ ، وَأَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ ، وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَكَذَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ) كَمَا زَادَهُمَا الْمُتَأَخِّرُونَ ( فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ ) وَالْإِخْوَةِ ( إذَا افْتَقَرَ إلَى مُقَدَّرٍ ) مِنْ سُدُسٍ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَسُدُسٍ وَرُبُعٍ فِي الثَّانِي ( وَثُلُثُ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْمُقَدَّرِ ) فِيهِمَا ، مِثَالُ الْأَوَّلِ : أُمٌّ وَجَدٌّ وَخَمْسَةُ إخْوَةٍ ، وَمِثَالُ الثَّانِي : زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَسَبْعَةُ إخْوَةٍ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ أَخْصَرُ ، وَالْمُتَقَدِّمُونَ قَالُوا : لَا يُزَادُ عَلَى الْأُصُولِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عِنْدَهُمْ سِتَّةٌ وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَالثَّانِيَةُ اثْنَا عَشَرَ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَدِلَّةَ ذَلِكَ مَعَ فَوَائِدَ فِي كِفَايَةِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا ( وَتَعُولُ مِنْهَا ) أَيْ الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ ( السِّتَّةُ إلَى عَشَرَةٍ أَشْفَاعًا وَأَوْتَارًا ) فَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ ، وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَهَؤُلَاءِ وَأُمٍّ ، وَإِلَى تِسْعَةٍ كَهَؤُلَاءِ ، وَأَخٍ لِأُمٍّ ، وَإِلَى عَشَرَةٍ كَهَؤُلَاءِ
وَأَخٍ آخَرَ لِأُمٍّ ( وَالِاثْنَا عَشَرَ تَعُولُ بِالْأَوْتَارِ ) فَقَطْ ( إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ) فَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ ، وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ ، وَإِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ كَهَؤُلَاءِ وَأُمٍّ ( وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ ) تَعُولُ ( إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ) فَقَطْ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ ، وَإِنَّمَا لَمْ تَعُلْ بَقِيَّةُ الْأُصُولِ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْفُرُوضِ فِيهَا لَا تَزِيدُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَخَارِجِ ، وَالْعَوْلُ زِيَادَةُ مَا بَقِيَ مِنْ سِهَامِ ذَوِي الْفُرُوضِ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَى أَهْلِهَا بِحَسَبِ حِصَصِهِمْ ، وَأَوَّلُ مَنْ حَكَمَ بِالْعَوْلِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي زَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ فَهِيَ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ عَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ : بَلْ هِيَ مَسْأَلَةُ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبٍ ، وَوَافَقَ عُمَرَ عَلَى الْعَوْلِ غَيْرُهُ ، فَلَمَّا انْقَضَى عَصْرُهُ أَظْهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ فِي هَذِهِ فَجَعَلَ النَّقْصَ خَاصًّا بِالْأُخْتِ لِأَنَّهَا قَدْ تَنْتَقِلُ إلَى التَّعْصِيبِ فَكَانَتْ كَالْعَاصِبِ .
وَرُدَّ بِلُزُومِ كَوْنِ النَّقْصِ فِي زَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَبَوَيْنِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْبِنْتِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَنْتَقِلُ إلَى التَّعْصِيبِ مَعَ أَنَّهُ قَائِلٌ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْبِنْتِ وَلَيْسَ مَعْنَى عَدَمِ إظْهَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ أَنَّهُ خَافَ مِنْ إظْهَارِهِ ، وَعَدَمِ انْقِيَادِ عُمَرَ لَهُ لِلْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ بِانْقِيَادٍ لِلْحَقِّ وَلَكِنْ لِمَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةً وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ سَاغَ لَهُ عَدَمُ إظْهَارِ مَا ظَهَرَ لَهُ .
الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْحِسَابِ ) .
( قَوْلُهُ ضُرِبَ وَفْقَ أَحَدِهِمَا ) الضَّرْبُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ تَضْعِيفُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِعَدَدِ مَا فِي الْآخَرِ مِنْ الْآحَادِ وَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَبْدَؤُهُ ( قَوْلُهُ : كَثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَعْتَقْنَ عَبْدًا بِالسَّوِيَّةِ ) وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْوَلَاءِ ، فَإِنْ تَفَاوَتَ الْمِلْكُ تَفَاوَتَ الْإِرْثُ بِحَسَبِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيُقَدَّرُ فِيهِ كُلُّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ ) وَلَا يُقَدَّرُ لِلْأُنْثَى نِصْفُ نَصِيبٍ لِئَلَّا يُنْطَقَ بِالْكَسْرِ وَاتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ النُّطْقِ بِهِ قَوْلُهُ : وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقَ عَدَدِهِ فِيهَا ) حَيْثُ وَافَقَ نَصِيبُ الصِّنْفِ عَدَدَهُ ، فَالِاتِّفَاقُ بَيْنَهُمَا بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ الْخُمُسِ أَوْ السُّبُعِ أَوْ الثُّمُنِ أَوْ نِصْفِ الثُّمُنِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ ، وَتَنْفَرِدُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بِوُجُودِ الِاتِّفَاقِ فِيهَا بِالْعُشْرِ ، وَالسِّتَّةُ وَالثَّلَاثُونَ بِالسُّدُسِ وَنِصْفِ السُّبُعِ فَ ( قَوْلُهُ : كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ مِنْ أَبٍ ) أَيْ : وَبَنِينَ وَبَنَاتٍ ، كَلَامُهُ وَتَمْثِيلُهُ يُشْعِرُ بِكَوْنِ جَمِيعِ الْبَاقِينَ وَارِثِينَ وَكَوْنِهِمْ عَصَبَةً وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ ، بَلْ يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ فِي الثَّانِيَةِ بَعْضَ الْبَاقِينَ بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ عَصَبَةً فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ .
وَغَيْرُ الْوَارِثِ مِنْ الثَّانِي ذُو فَرْضٍ فِي الْأُولَى كَأَنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ وَابْنَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ الثَّانِي هُوَ الْبَاقِي مِنْ الِابْنَيْنِ دُونَ الزَّوْجِ ، وَالْوَارِثُ عَصَبَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ، وَالزَّوْجُ الَّذِي لَا يَرِثُ فِي الثَّانِيَةِ ذُو فَرْضٍ فِي الْأُولَى ، وَيَأْتِي أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَتْ وَرَثَتُهُ هُمْ الْبَاقُونَ جَمِيعُهُمْ وَإِرْثُهُمْ بِالْفَرْضِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْأُولَى بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ الثَّانِي ذَا فَرْضٍ وَلَكِنَّ فَرْضَهُ قَدْرُ عَوْلِ الْمَسْأَلَةِ
الْأُولَى ، مِثَالُهُ : امْرَأَةٌ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ ثُمَّ نَكَحَ الزَّوْجُ الْأُخْتَ لِلْأَبِ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَنْكُوحَةُ عَنْ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ ( قَوْلُهُ : مِثَالُ الْأَوَّلِ أُمٌّ وَجَدٌّ وَخَمْسَةُ إخْوَةٍ ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ أَخْصَرُ ) وَلِأَنَّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى فَرْضٌ مَضْمُومٌ إلَى السُّدُسِ أَوْ إلَى السُّدُسِ وَالرُّبُعِ فَلْتَكُنْ الْفَرِيضَةُ مِنْ مَخْرَجِهَا فِي الْأُولَى وَمِنْ مَخْرَجِهَا فِي الثَّانِيَةِ ، وَاحْتَجَّ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ سِتَّةٍ وَلَوْلَا إقَامَةُ الْفَرِيضَةِ مِنْ النِّصْفِ وَثُلُثِ مَا يَبْقَى لَقَالُوا هِيَ مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ ، يَبْقَى وَاحِدٌ وَلَيْسَ لَهُ ثُلُثٌ صَحِيحٌ ، فَيَضْرِبُ مَخْرَجَ الثُّلُثِ فِي اثْنَيْنِ فَتَصِيرُ سِتَّةً وَأَقَرَّاهُ عَلَى هَذَا الِاحْتِجَاجِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ : إنَّهُ غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ النِّزَاعِ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْفَرْضِيِّينَ ذَكَرُوا أَنَّ أَصْلَهَا مِنْ اثْنَيْنِ .
ا هـ .
وَاعْتَذَرَ الْإِمَامُ عَنْ الْقُدَمَاءِ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَعُدُّوهُمَا مَعَ مَا سَبَقَ ؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمُقَدَّرَاتِ الْمَنْصُوصَةِ وَهِيَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا ، وَثُلُثُ مَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَيْسَ مَنْصُوصًا وَلَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ .
قَالَ : وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : طَرِيقَةُ الْقُدَمَاءِ أَصْلٌ وَطَرِيقَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتِحْسَانٌ .
( الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي ) الْمَسَائِلِ ( الْمُلَقَّبَاتِ وَ ) مَسَائِلِ ( الْمُعَايَاةِ ) اللَّقَبُ : وَاحِدُ الْأَلْقَابِ ، وَهِيَ الْأَنْبَازُ ، يُقَالُ : نَبَزَهُ ، أَيْ : لَقَّبَهُ ، وَمِنْهُ { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } وَمِنْ الْمُلَقَّبَاتِ مَالَهُ لَقَبٌ ، وَمِنْهَا مَالَهُ أَكْثَرُ وَغَايَتُهُ عَشَرَةٌ كَمَا سَيَأْتِي ( فَالْمُلَقَّبَاتُ ) مِنْهَا ( الْمُشَرَّكَةُ ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُشْتَرَكَةُ ، وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْحِمَارِيَّةِ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ أَنَّ زَيْدًا قَالَ لِعُمَرَ فِي حَقِّ الْأَشِقَّاءِ : هَبْ أَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ حِمَارًا مَا زَادَهُمْ الْأَبُ إلَّا قُرْبًا .
وَرُوِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا : هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا ، وَبِالْحَجَرِيَّةِ وَالْيَمِّيَّةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا لِعُمَرَ هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ وَبِالْمِنْبَرِيَّةِ لِأَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ( وَالْأَكْدَرِيَّةِ ) وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْغَرَّاءِ لِظُهُورِهَا إذْ لَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ إلَّا فِيهَا ( وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا ) الْأُولَى فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ ، وَالثَّانِيَةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَتَقَدَّمَ ثَمَّ وَجْهُ تَلْقِيبِهِمَا بِذَلِكَ ( وَالْخَرْقَاءُ ) بِالْمَدِّ ( وَهِيَ أُمٌّ وَأُخْتٌ ) لِغَيْرِ أُمٍّ ( وَجَدٌّ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا ) فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ ، وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِتَخَرُّقِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا ، وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْمُثَلَّثَةِ ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ جَعَلَهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ عَدَدِ الرُّءُوسِ ، وَبِالْمُرَبَّعَةِ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ جَعَلَهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ : لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَيْنِ ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مُرَبَّعَاتِهِ ، وَبِالْمُخَمَّسَةِ لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ دَعَاهُ الْحَجَّاجُ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ : اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ : عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ لَا يُثْبِتُ الرِّوَايَةَ عَنْ غَيْرِهِمْ ، وَقِيلَ الْخَمْسَةُ تَكَلَّمُوا فِيهَا فِي
وَقْتٍ وَاحِدٍ فَاخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ .
وَبِالْمُسَدَّسَةِ لِأَنَّ فِيهَا سَبْعَةَ أَقْوَالٍ لِلصَّحَابَةِ تَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إلَى سِتَّةٍ كَمَا سَتَعْلَمُهُ وَبِالْمُسَبَّعَةِ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ السَّبْعَةِ : قَوْلُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَجَمَاعَةٍ : لِلْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَتَسْقُطُ الْأُخْتُ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْجَدِّ الْبَاقِي ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا : لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْجَدِّ الْبَاقِي ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ فِي اللَّفْظِ وَمُتَّحِدٌ مَعَهُ فِي الْمَعْنَى ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَبَرَهُمَا الْأَكْثَرُ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا : لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ نِصْفَيْنِ وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ إحْدَى مُرَبَّعَاتِهِ كَمَا سَيَأْتِي ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ الْبَاقِي وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ ، وَقَوْلُ عُثْمَانَ : لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ .
وَبِالْمُثَمَّنَةِ ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثَمَانِيَةَ أَقْوَالٍ : السَّبْعَةُ السَّابِقَةُ وَقَوْلُ عُثْمَانَ أَيْضًا : لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ ، فَالْمُلَقِّبُ لَهَا بِذَلِكَ جَعَلَ هَذَا الْقَوْلَ مُخَالِفًا لِلسَّابِعِ نَظَرًا إلَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأُمَّ وَالْجَدَّ يَرِثَانِ بِالْفَرْضِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا يَرِثَانِ بِالْعُصُوبَةِ .
وَبِالْعُثْمَانِيَّةِ وبالحجاجية وَبِالشُّعْبِيَّةِ لِنِسْبَتِهَا إلَى عُثْمَانَ كَمَا تَقَرَّرَ ، وَلِقِصَّةِ الْحَجَّاجِ مَعَ الشَّعْبِيِّ السَّابِقَةِ ( وَأُمِّ الْفُرُوخِ ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِكَثْرَةِ مَا فَرَّخَتْ مِنْ الْعَوْلِ شَبَّهُوهَا بِأُنْثَى مِنْ الطَّيْرِ مَعَهَا أَفْرَاخُهَا ، وَيُقَالُ بِالْجِيمِ لِكَثْرَةِ الْفُرُوجِ فِيهَا ( وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ ) أَيْ لِغَيْرِ أُمٍّ ( وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ ،
أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ : لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ ، وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ ) وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالشُّرَيْحِيَّةِ لِأَنَّهَا رُفِعَتْ إلَى شُرَيْحٍ فَجَعَلَهَا مِنْ عَشَرَةٍ كَمَا تَقَرَّرَ ، وَبِالْبَلْجَاءِ لِوُضُوحِهَا لِأَنَّهَا عَالَتْ بِثُلُثِهَا وَهُوَ أَكْثَرُ مَا تَعُولُ بِهِ الْفَرَائِضُ ( وَأُمِّ الْأَرَامِلِ وَهِيَ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَانِ ، وَأَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِي ) أَخَوَاتٍ ( لِأَبٍ ) أَيْ لِغَيْرِ أُمٍّ ( أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ، لِلزَّوْجَاتِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْجَدَّتَيْنِ السُّدُسُ اثْنَانِ ، وَلِلْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ ) لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَرَامِلِ ، وَقِيلَ لِأَنَّ كُلَّ الْوَرَثَةِ إنَاثٌ ، وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالسَّبْعَةِ عَشْرِيَّةَ نِسْبَةً إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ : شَخْصٌ خَلَّفَ سَبْعَ عَشْرَةَ امْرَأَةً مِنْ أَصْنَافٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَتَرَكَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا ، فَخَصَّ كُلَّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ .
وبالدينارية الصُّغْرَى لِذَلِكَ ، وَسَتَأْتِي الدِّينَارِيَّةُ الْكُبْرَى ( وَمِنْهَا ) أَيْ الْمُلَقَّبَاتِ ( مُرَبَّعَاتُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهِيَ بِنْتٌ وَأُخْتٌ ) لِغَيْرِ أُمٍّ ( وَجَدٌّ ) فَإِنَّهُ ( قَالَ : لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ ) فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ( وَقُلْنَا ) أَيُّهَا الْجُمْهُورُ : وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا ( أَثْلَاثًا ) فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ .
وَمُرَبَّعَتُهُ الثَّانِيَةُ ( زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ ، قَالَ : لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ مُنَاصَفَةً ) فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ( وَقُلْنَا : لِلْأُمِّ ) بَعْدَ نِصْفِ الزَّوْجِ ( الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي ) وَهُوَ السُّدُسُ ( لِلْجَدِّ ) فَرْضًا فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ .
وَمُرَبَّعَتُهُ الثَّالِثَةُ ( زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأَخٌ ) لِغَيْرِ أُمٍّ ( قَالَ : الْمَالُ
بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا ) فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ( وَقُلْنَا : لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَالْأَخِ ) مُنَاصَفَةً ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ .
وَمُرَبَّعَتُهُ الرَّابِعَةُ ( زَوْجَةٌ وَأُخْتٌ ) لِغَيْرِ أُمٍّ ( وَجَدٌّ ، قَالَ : لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ .
وَقُلْنَا : لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا ) فَتَصِحُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ ( وَتُسَمَّى ) هَذِهِ ( الْأَخِيرَةُ مُرَبَّعَةَ الْجَمَاعَةِ ) لِصِحَّتِهَا عِنْدَهُمْ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَمَا تَقَرَّرَ ، وَلَهُمْ مُرَبَّعَاتٌ أُخَرُ بَيَّنْتُهَا فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ .
، وَذَكَرَ الْمُرَبَّعَةَ الثَّانِيَةَ مَعَ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ : وَقُلْنَا إلَى آخِرِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُخَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَمِنْهَا الْمُثَمَّنَةُ ، وَهِيَ : زَوْجَةٌ ، وَأُمٌّ ، وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ ) أَوْ لِأَبٍ ( وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَوَلَدٌ لَا يَرِثُ لِمَانِعٍ ) كَرِقٍّ ( أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ، لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ) ثَلَاثَةٌ ( وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ ) اثْنَانِ ( وَلِلْأُخْتَيْنِ ) لِغَيْرِ الْأُمِّ ( الثُّلُثَانِ ) ثَمَانِيَةٌ ( وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ ) أَرْبَعَةٌ ، وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ : ( وَفِيهَا ثَمَانِيَةُ مَذَاهِبَ ) قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْفَاضِلُ عَنْ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَوَلَدَيْهَا لِلشَّقِيقَتَيْنِ ، فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَعَنْهُ قَوْلٌ آخَرُ : الْفَاضِلُ عَنْ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ بَيْنَ الْأَخَوَاتِ أَثْلَاثًا ، فَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، وَقَوْلُ مُعَاذٍ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا بِالْأَخَوَاتِ ، فَتَعُولُ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ : يَسْقُطُ وَلَدُ الْأُمِّ ، وَفِي أُخْرَى : تَسْقُطُ الشَّقِيقَتَانِ ، وَفِي أُخْرَى : يَسْقُطُ الصِّنْفَانِ مَعًا ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ ، وَفِي أُخْرَى ، وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ
عَنْهُ : لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْأَوْلَادِ يَحْجُبُ الزَّوْجَةَ وَالْأُمَّ ، فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَعُولُ إلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ .
وَلِهَذَا تُلَقَّبُ أَيْضًا بِالثَّلَاثِينِيَّةِ ( وَمِنْهَا تِسْعِينِيَّةُ زَيْدٍ ) وَهِيَ ( أُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخَوَانِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ ، أَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، لِلْأُمِّ ) السُّدُسُ ( ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْجَدِّ ) ثُلُثُ الْبَاقِي ( خَمْسَةٌ ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ ) النِّصْفُ ( تِسْعَةٌ ، وَسَهْمٌ لِأَوْلَادِ الْأَبِ ) يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةٍ ( فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعِينَ ) وَيُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ : شَخْصٌ تَرَكَ ثَلَاثَةَ ذُكُورٍ وَثَلَاثَ إنَاثٍ وَتِسْعِينَ دِينَارًا ، وَأَخَذَتْ إحْدَى الْإِنَاثِ مِيرَاثَهَا دِينَارًا ، وَلَيْسَ ثَمَّ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ ، وَهِيَ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ .
( وَمِنْهَا النِّصْفِيَّةُ ) وَهِيَ ( زَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ ) أَوْ لِأَبٍ ؛ لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ شَخْصَانِ يَرِثَانِ نِصْفَيْ الْمَالِ فَرْضًا إلَّا هُمَا ، وَتُسَمَّى أَيْضًا بِالْيَتِيمَةِ : لِأَنَّهَا لَا نَظِيرَ لَهَا كَالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ ، أَيْ الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا ( وَمِنْهَا الْعُمَرِيَّتَانِ ) وَهُمَا ( زَوْجٌ وَأَبَوَانِ أَوْ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ ، لِلزَّوْجَيْنِ فَرْضُهُمَا ، وَالْبَاقِي لِلْأَبَوَيْنِ أَثْلَاثًا ) كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ ، وَلُقِّبَتَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا رُفِعَتَا إلَى عُمَرَ فَجَعَلَ لِلْأُمِّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَيْنِ ، وَيُلَقَّبَانِ أَيْضًا بِالْغَرَّاوَيْنِ ، وَبِالْغَرِيبَتَيْنِ ، وَيُعَايَا بِمَسْأَلَةِ الزَّوْجِ إذَا كَانَ فِيهَا أَخَوَانِ فَيُقَالُ : أَخَوَانِ سَلِيمَانِ مِنْ مَوَانِعِ الْحَجْبِ لَمْ يَحْجُبَا الْأُمَّ عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّ مَا تَرِثُهُ فِيهَا لَا يَخْتَلِفُ بِوُجُودِهِمَا وَلَا عَدَمِهِمَا .
وَكَذَا مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ ، فَيُقَالُ : امْرَأَةٌ وَرِثَتْ الرُّبْعَ بِالْفَرْضِ بِغَيْرِ عَوْلٍ وَلَا رَدٍّ وَلَيْسَتْ زَوْجَةً ، يَعْنُونَ الْأُمَّ لِأَنَّهَا قَدْ تَأْخُذُ الرُّبُعَ عَوْلًا ،
وَقَدْ تَأْخُذُهُ رَدًّا ( وَمِنْهَا مُخْتَصَرَةُ زَيْدٍ ، وَهِيَ : أُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ ، وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ ، أَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ) إنْ اُعْتُبِرَتْ لِلْجَدِّ ثُلُثَ الْبَاقِي .
( لِلْأُمِّ ) السُّدُسُ ( ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْجَدِّ ) ثُلُثُ الْبَاقِي ( خَمْسَةٌ ، وَلِلْأُخْتِ ) النِّصْفُ ( تِسْعَةٌ ، وَلِوَلَدَيْ الْأَبِ ) الْبَاقِي ( سَهْمٌ ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ) وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ لَهُ الْمُقَاسَمَةُ فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ ، وَتَصِحُّ مِنْ مِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ( وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الِامْتِحَانِ ) وَهِيَ : ( أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَخَمْسُ جَدَّاتٍ وَسَبْعُ بَنَاتٍ وَتِسْعَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ ) أَيْ لِغَيْرِ الْأُمِّ ، وَقَدْ عَمَّهَا التَّبَايُنُ فَهِيَ صَمَّاءُ ، أَصْلُهَا ( مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، لِلزَّوْجَاتِ الثُّمُنُ ) ثَلَاثَةٌ ( وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ ) أَرْبَعَةٌ ( وَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ ) سِتَّةَ عَشَرَ ( وَلِلْإِخْوَةِ مَا بَقِيَ ) وَجُزْءُ سَهْمِهَا أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَسِتُّونَ ( وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ) وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِهَا فَيُقَالُ : مَيِّتٌ خَلَّفَ وَرَثَةً عَدَدُ كُلِّ فَرِيقٍ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا .
( وَمِنْهَا الْغَرَّاءُ وَهِيَ زَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ ) أَيْ لِغَيْرِ أُمٍّ ( وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ ) أَصْلُهَا ( مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ لِلزَّوْجِ ) النِّصْفُ ( ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُخْتَيْنِ ) الثُّلُثَانِ ( أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْأَخَوَيْنِ ) الثُّلُثُ ( سَهْمَانِ ) لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِهَارِهَا ؛ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَرْضَ بِالْعَوْلِ وَأَرَادَ أَخْذَ النِّصْفِ كَامِلًا ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ ، وَاشْتُهِرَ أَمْرُهَا بَيْنَهُمْ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ الزَّوْجَ كَانَ اسْمُهُ أَغَرَّ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ كَانَ اسْمُهَا غَرَّاءَ ، وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْمَرْوَانِيَّةِ لِوُقُوعِهَا فِي زَمَنِ مَرْوَانَ بْنِ
الْحَكَمِ ، وَقِيلَ : لِوُقُوعِهَا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِوَاحِدٍ مِنْ بَنِي مَرْوَانَ أَرَادَ أَخْذَ النِّصْفِ بِلَا عَوْلٍ فَأَنْكَرَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ ( وَمِنْهَا الْمَرْوَانِيَّةُ ) الْأُخْرَى ( وَهِيَ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ ) أَوْ لِأَبٍ ( وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ ، أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَتَعُولُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ ، لِلزَّوْجَاتِ الرُّبُعُ ) ثَلَاثَةٌ ( وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ ) ثَمَانِيَةٌ ( وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ ) أَرْبَعَةٌ ، لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ زَوْجَةٍ وَرِثَتْ مِنْ زَوْجِهَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا ، وَالتَّرِكَةُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا ، فَصَوَّرَهَا بِذَلِكَ وَقَالَ : لِلزَّوْجَاتِ خُمُسُ الْمَالِ لِلْعَوْلِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَأَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ .
( وَ ) مِنْهَا ( مَسَائِلُ الْمُبَاهَلَةُ ، وَهِيَ مَسَائِلُ الْعَوْلِ ) قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ الْفُرَّاضِ أَنَّهَا اسْمٌ لِصُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَكَثِيرًا مَا يَقُولُونَ : أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ عَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ الْمُبَاهَلَةُ ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِغَيْرِ أُمٍّ فَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ ، وَأَظْهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ فِيهَا بَعْدَ زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَمَا مَرَّ ، وَأَنْكَرَ الْعَوْلَ وَبَالِغَ فِي إنْكَارِهِ حَتَّى قَالَ لِزَيْدٍ وَهُوَ رَاكِبٌ : انْزِلْ حَتَّى نَتَبَاهَلَ ، أَيْ : نَتَلَاعَنَ ؛ إنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا أَبَدًا ، هَذَانِ النِّصْفَانِ ذَهَبَا بِالْمَالِ ، فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ ؟ وَلِذَلِكَ لُقِّبَتْ بِالْمُبَاهَلَةِ ، وَالْقَائِلُ بِالْعَوْلِ وَجَّهَهُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَأْخُذُ تَمَامَ فَرْضِهِ إذَا انْفَرَدَ فَإِذَا ضَاقَ اقْتَسَمُوا بِقَدْرِ الْحُقُوقِ كَأَرْبَابِ