كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ سَوَاءٌ أَقَدَّرَ بِالزَّمَانِ أَمْ بِالْعَمَلِ ( وَلَا يَلْزَمُ ) الْأَجِيرَ ( إقَامَتُهُ ) أَيْ اللَّبِنِ ( لِلتَّخْفِيفِ وَلَا إخْرَاجُهُ ) مِنْ الْأَتُّونِ ( إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِطَبْخِهِ ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمَا ( وَيُبَيِّنُ فِي الْبِنَاءِ ) عَلَى أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا كَسَقْفٍ ( الْمَوْضِعَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالسُّمْكَ ) إنْ قَدَّرَ بِالْعَمَلِ ( وَمَا يَبْنِي بِهِ ) مِنْ طِينٍ وَلَبِنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ أَقَدَّرَ بِالزَّمَانِ أَمْ بِالْفِعْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يَبْنِي بِهِ حَاضِرًا فَمُشَاهَدَتُهُ تُغْنِي عَنْ تَبْيِينِهِ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ ( وَلَا يَتَقَدَّرُ التَّطْيِينُ وَالتَّجْصِيصُ إلَّا بِالزَّمَانِ ) لِأَنَّ سُمْكَهُمَا لَا يَنْضَبِطُ رِقَّةً وَثِخَنًا .
( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَتُقَدَّرُ الْمُدَاوَاةُ بِالْمُدَّةِ لَا بِالْبُرْءِ وَالْعَمَلِ ) لِأَنَّ قَدْرَ الدَّوَاءِ لَا يَنْضَبِطُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ ( فَإِنْ بَرِئَ ) قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ ( انْفَسَخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( فِي الْبَاقِي ) مِنْ الْمُدَّةِ لَا فِي الْمَاضِي مِنْهَا وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُدَاوَاةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمُدَاوَاةِ الْعَيْنِ .
( وَلْيُبَيِّنْ فِي الرَّعْيِ الْمُدَّةَ وَجِنْسَ الْحَيَوَانِ ) يَنْبَغِي " وَنَوْعَهُ " ، ثُمَّ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى قَطِيعٍ مُعَيَّنٍ وَعَلَى قَطِيعٍ فِي الذِّمَّةِ ( وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَدَدَ ) وَعَقَدَ عَلَى قَطِيعٍ فِي الذِّمَّةِ ( اُكْتُفِيَ بِالْعُرْفِ ) فِيمَا يَرْعَاهُ الْوَاحِدُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ مِائَةُ رَأْسٍ مِنْ الْغَنَمِ تَقْرِيبًا وَقِيلَ لَا يُكْتَفَى بِهِ بَلْ يَجِبُ بَيَانُ الْعَدَدِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ ( فَإِنْ حَصَلَ ) مِمَّا يُسْتَأْجَرُ لِرَعْيِهِ ( نِتَاجٌ لَزِمَهُ رَعْيُهُ لَا إنْ عَقَدَ عَلَى رَعْيِ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ ) فَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ أَمَّا إذَا وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَى عَدَدٍ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ نِتَاجِهِ .
( وَ ) يُبَيِّنُ ( فِي النِّسَاخَةِ عَدَدَ الْأَوْرَاقِ وَأَسْطُرَ الصَّفْحَةِ وَقَدْرَ الْقِطْعِ ) الَّذِي يَكْتُبُ فِيهِ ( وَ ) قَدْرَ ( الْحَوَاشِي ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ رُؤْيَةِ الْمُسْتَأْجِرِ خَطَّ الْأَجِيرِ ( وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ ) فِي النِّسَاخَةِ ( بِالْمُدَّةِ ) .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ : وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَيَانِ دِقَّةِ الْخَطِّ وَغِلَظِهِ .
( فَصْلٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَرْعٌ " .
( وَيَجُوزُ ) الِاسْتِئْجَارُ ( لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالْحَدِّ وَلِنَقْلِ الْمَيْتَةِ ) إلَى الْمَزْبَلَةِ أَوْ نَحْوِهَا ( وَ ) لِنَقْلُ ( الْخَمْرِ ) غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ ( لِتُرَاقَ ) بِخِلَافِ نَقْلِهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى آخَرَ ( لَا ) الِاسْتِئْجَارُ ( لِمُحَرَّمٍ كَالنِّيَاحَةِ ) وَالزَّمْرِ ( وَكَمَا يَحْرُمُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُحَرَّمِ يَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ ) لَهَا ( إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَكِّ الْأَسِيرِ ) وَإِعْطَاءِ الشَّاعِرِ لِئَلَّا يَهْجُوَ وَالظَّالِمِ لِيَدْفَعَ ظُلْمَهُ وَالْجَائِرِ لِيَحْكُمَ بِالْحَقِّ فَلَا يَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ عَلَيْهَا .
( النَّوْعُ الثَّانِي الْعَقَارُ وَلَا يُشْتَرَطُ ) فِي إيجَارِ دَارٍ ( مَعْرِفَةُ مَنْ يَسْكُنُ الدَّارَ اكْتِفَاءً بِالْعُرْفِ ) فَيَسْكُنُ فِيهَا مَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي مِثْلِهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ زَائِرٍ وَضَيْفٍ وَإِنْ بَاتَ فِيهَا لَيَالِيَ ( وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ أَبْنِيَتِهَا ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهَا وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ " رُؤْيَةُ " " مَعْرِفَةُ " ، بِهَا عَبَّرَ الْأَصْلُ وَالْأُولَى أَوْلَى .
( وَ ) يُشْتَرَطُ ( فِي ) اسْتِئْجَارِ ( الْحَمَّامِ مَعْرِفَةُ بُيُوتِهِ ) الشَّامِلَةِ لِمَسْلَخِ الثِّيَابِ ( وَبِئْرِ الْمَاءِ ) الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا ( وَمَوْضِعِ الْوُقُودِ ) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ الْإِيقَادِ ( وَ ) مَوْضِعِ ( الْوَقِيدِ ) وَيُقَالُ الْوَقُودُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ أَيْ الْحَطَبُ وَالزِّبْلُ ( وَوَجْهَيْ الدَّسْتِ ) الَّذِي يُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ ( إنْ أَمْكَنَ ) رُؤْيَتُهَا كَمَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ وَجْهَيْ الثَّوْبِ وَإِلَّا فَيَكْفِي رُؤْيَةُ مَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ ( وَمُنْتَقَعِ الْمَاءِ ) وَهُوَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ .
الْخَارِجُ مِنْ الْحَمَّامِ ( وَمَطْرَحِ الرَّمَادِ وَلَا يَدْخُلُ الْوُقُودُ وَالْأُزُرُ وَالْأَوَانِي ) وَمَا يَتْبَعُهَا كَالْحَبْلِ ( فِي إجَارَةِ الْحَمَّامِ وَبَيْعِهِ ) .
( فَرْعٌ إذَا قَدَّرَ الْإِجَارَةَ بِمُدَّةٍ تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا جَازَ ) لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ( كَالثَّوْبِ ) يُقَدَّرُ ( بِسَنَةٍ ) أَوْ نَحْوِهَا ( عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَالدَّابَّةِ ) تُقَدَّرُ ( بِعَشْرِ سِنِينَ ) أَوْ نَحْوِهَا ( وَالْعَبْدِ بِثَلَاثِينَ ) سَنَةً أَوْ نَحْوِهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ أَخَّرَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ إلَى هُنَا كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ ( وَالْأَرْضِ وَلَوْ وَقْفًا ) لَمْ يَشْتَرِطْ لِإِيجَارِهِ مُدَّةً تُقَدَّرُ ( بِمِائَةِ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَأَكْثَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا أَنَّ الْحُكَّامَ اصْطَلَحُوا عَلَى مَنْعِ إجَارَةِ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْوَقْفُ وَمَا قَالَاهُ هُوَ الِاحْتِيَاطُ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَإِذَا أَجَّرَ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لَمْ يَجِبْ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ سَنَةٍ كَمَا لَوْ جَمَعَ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ لَا يَجِبُ تَقْسِيطُ الثَّمَنِ عَلَيْهَا وَكَمَا لَوْ أَجَّرَ سَنَةً لَا يَجِبُ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ شَهْرٍ ( وَ ) لَكِنْ ( يُوَزِّعُ لِكُلِّ سَنَةٍ قِيمَةَ مَنْفَعَتِهَا ) لِيَنْقَطِعَ النِّزَاعُ وَأَوْلَى مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَتَوَزَّعَ الْأُجْرَةُ عَلَى قِيمَةِ مَنَافِعِ السِّنِينَ .
قَوْلُهُ : إذَا قَدَّرَ الْإِجَارَةَ بِمُدَّةٍ تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا جَازَ ) يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ بَيَانِ الْمُدَّةِ صُوَرٌ : إحْدَاهَا اسْتِئْجَارُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ، الثَّانِيَةُ اسْتِئْجَارُ الذِّمِّيِّ لِلْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ ، الثَّالِثَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ عُلْوًا مِنْ دَارٍ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ ، الرَّابِعَةُ اسْتَأْجَرَ سَطْحًا لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَقَلُّ مُدَّةٍ تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ لِلزِّرَاعَةِ مُدَّةُ زِرَاعَتِهَا وَأَقَلُّ مُدَّةٍ تُؤَجَّرُ الدَّارُ لِلسُّكْنَى يَوْمٌ لِأَنَّ مَا دُونَهُ تَافِهٌ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَذَكَرَ فِي غَصْبِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أُجْرَةٌ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا فَحَصَلَ مِنْ اخْتِلَافِ كَلَامِهِ خِلَافٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ صُوَرٌ إحْدَاهَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ وَقْفُهُ إلَّا سَنَةً ، أَوْ نَحْوَهَا فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ، الثَّانِيَةُ إجَارَةُ الْوَلِيِّ الصَّبِيَّ ، أَوْ مَالَهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَنْ لَا يُجَاوِزَ مُدَّةَ بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ وَإِنْ احْتَمَلَ بُلُوغَهُ فِيهَا بِالِاحْتِلَامِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّبَا فَلَوْ أَجَّرَهُ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ عَلَى مُدَّةِ بُلُوغِهِ ، الثَّالِثَةُ إجَارَةُ الْمَرْهُونِ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الصِّحَّةِ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ يَحِلُّ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ، أَوْ مَعَهَا ، الرَّابِعَةُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِنَّ الْبَغَوِيّ قَالَ إنَّمَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ إذَا كَانَ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُ الصِّفَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَإِنْ تَحَقَّقَ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ كَالصَّبِيِّ وَبَحَثَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَإِنْ تَحَقَّقَ وُجُودُ
الصِّفَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ لِجَوَازِ أَنْ يَبِيعَهُ فَيَرْتَفِعَ التَّعْلِيقُ وَبَيْعُ الْمُؤَجَّرِ صَحِيحٌ عَلَى الْأَظْهَرِ ، الْخَامِسَةُ الْمَنْذُورُ إعْتَاقُهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ بَعْدَ سَنَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ لَا تَجُوزَ إجَارَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِمْرَارِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَنَّ مَنْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ ، السَّادِسَةُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ فِي كِتَابِ تَجْنِيدِ الْأَجْنَادِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَاخْتَارَهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْغَزِّيِّ وَأَقَرَّهُ ( قَوْلُهُ : وَالْأَرْضِ وَلَوْ وَقْفًا بِمِائَةِ سَنَةٍ ) مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيجَارُ الْوَقْفِ مِائَةَ سَنَةٍ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِهْلَاكِهِ وَتَمَلُّكِهِ غَالِبًا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا ظَنَّ مُؤَجِّرُهُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ إلَى مُدَّةٍ لَا تَبْقَى الْعَيْنُ فِيهَا غَالِبًا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهَا ، ثُمَّ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَطَلَ فِيمَا لَا يَسُوغُ فِيهِ وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَجَّرَهُ شَهْرًا ) مَثَلًا ( وَأَطْلَقَ صَحَّ ) الْعَقْدُ ( وَجُعِلَ ) ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ ( مِنْ حِينَئِذٍ ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ الْمُتَعَارَفُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ مِنْ الْآنِ وَبِهِ جَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ ( لَا ) إنْ أَجَّرَهُ ( شَهْرًا مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَ ) بَقِيَ ( فِيهَا غَيْرُهُ ) أَيْ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ فَلَا يَصِحُّ لِلْإِبْهَامِ وَاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا غَيْرُهُ ( وَ ) قَوْلُهُ ( أَجَّرْتُك مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَاسِدٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ ) أَجَّرْتُك ( كُلَّ شَهْرٍ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِدِرْهَمٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِمَا مُدَّةً ( لَا ) إنْ قَالَ أَجَّرْتُك ( هَذِهِ السَّنَةَ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ ) فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِجَارَةَ إلَى جَمِيعِ السَّنَةِ بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ وَلَوْ قَالَ أَجَّرْتُك هَذَا الشَّهْرَ بِدِينَارٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعُ فِي بَيْعِ الْغَرَرِ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ شَهْرًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ لَوْ أَجَّرَهُ شَهْرًا مُعَيَّنًا بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ فَجَاءَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بَطَلَ كَمَا لَوْ بَاعَ الصُّبْرَةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَخَرَجَتْ تِسْعِينَ مَثَلًا ( وَصِفَةُ الْأَجَلِ ) مِنْ أَنَّ مُطْلَقَ الشَّهْرِ وَالسَّنَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْعَرَبِيِّ وَمِنْ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِالْعَدَدِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا كَانَ الْأَجَلُ مَا ذَكَرَهُ وَمِنْ غَيْرِ ذَلِكَ ( مَذْكُورَةٌ فِي السَّلَمِ ) .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْبَغَوِيّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ .
( يَجِبُ التَّبْيِينُ فِي الْأَرْضِ ) لِمَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ ( إنْ صَلَحَتْ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا ( لِلزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ ) وَالْبِنَاءِ أَوْ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّ مَنَافِعَ هَذِهِ الْجِهَاتِ مُخْتَلِفَةٌ ، وَضَرَرَهَا مُخْتَلِفٌ فَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَفَى الْإِطْلَاقُ كَأَرْضِ الْأَحْكَارِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَبَعْضِ الْبَسَاتِينِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْغِرَاسُ .
( لَا فِي الدَّارِ ) فَلَا يَجِبُ تَبْيِينُ مَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ ( لِتَقَارُبِ السُّكْنَى وَوَضْعِ الْمَتَاعِ ) فِيهَا ( وَيُحْمَلُ ) الْعَقْدُ ( عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ مِثْلِهَا مِنْ سُكْنَاهَا وَوَضْعِ الْمَتَاعِ فِيهَا فَلَا يَسْكُنُهَا لِمَا لَا يَلِيقُ بِهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُمْ اعْتِرَاضُ الْأَصْلِ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ بِأَنَّهَا قَدْ تُسْتَأْجَرُ أَيْضًا لِعَمَلِ الْحَدَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ وَلِطَرْحِ الزِّبْلِ فِيهَا وَذَلِكَ أَكْثَرُ ضَرَرًا فَمَا جَعَلُوهُ مُبْطِلًا فِي الْأَرْضِ مَوْجُودٌ هُنَا انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ مَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ يُعْهَدُ مِنْ مِثْلِهَا السُّكْنَى لِمَا ذُكِرَ أَيْضًا فَلَا حَجْرَ .
( قَوْلُهُ : وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْهَا ) .
فَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا وَلَا قَصَّارًا إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ كَذَلِكَ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَالْجُرْجَانِيُّ مَا لَوْ قَالَ لِتَسْكُنَهَا وَتُسْكِنَ مَنْ شِئْتَ لِلْإِذْنِ كَمَا لَوْ قَالَ ازْرَعْ مَا شِئْت قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِثْلَهُ يُرَادُ بِهِ التَّوْسِعَةُ لَا الْإِذْنُ فِي الْإِضْرَارِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ نَفِيسَةً لَا تَلِيقُ سُكْنَاهَا بِحَدَّادٍ وَنَحْوِهِ .
( وَلَوْ أَجَّرَهُ الْأَرْضَ لِيَنْتَفِعَ ) بِهَا ( كَيْفَ ) - عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِمَا - ( شَاءَ صَحَّ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَهُ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا مَا شَاءَ لِلضَّرَرِ ( وَفَعَلَ مَا شَاءَ ) لِرِضَاهُ بِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْإِضْرَارِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْأَرَاضِيَ إذَا زُرِعَ فِيهَا شَيْءٌ فِي سَنَةٍ أُرِيحَتْ مِنْهُ فِي أُخْرَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ ( أَوْ لِيَزْرَعَ ) فِيهَا ( وَأَطْلَقَ صَحَّ وَزَرَعَ مَا شَاءَ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ لِيَغْرِسَ أَوْ لِيَبْنِيَ وَأَطْلَقَ ) صَحَّ وَ ( غَرَسَ وَبَنَى مَا شَاءَ ) لِتَقَارُبِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَجَّرَ عَلَى غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ نِيَابَةٍ لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ لِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْبِنَاءِ وَأَطْلَقَ أَيْ عَنْ ذِكْرِ مَا يَبْنِي أَمَّا مَوْضِعُ الْبِنَاءِ وَطُولُهُ وَعَرْضُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّصْرِيحُ بِغَرَسَ وَبَنَى مَا شَاءَ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ قَالَ أَجَّرْتُك إنْ شِئْت فَاغْرِسْ أَوْ ازْرَعْ صَحَّ ) لِرِضَاهُ بِأَشَدِّهِمَا ضَرَرًا ( وَتَخَيَّرَ ) بَيْنَهُمَا كَمَا فِي قَوْلِهِ لِتَنْتَفِعَ كَيْفَ شِئْت ( لَا إنْ قَالَ ) أَجَرَتْكهَا ( لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ أَوْ فَازْرَعْ وَاغْرِسْ ) وَلَمْ يُبَيِّن الْقَدْرَ ( أَوْ لِتَزْرَعَ نِصْفًا وَتَغْرِسَ نِصْفًا إنْ لَمْ يَخُصَّ كُلَّ نِصْفٍ بِنَوْعٍ ) فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي الثَّلَاثَةِ لِلْإِبْهَامِ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى جَعَلَ لَهُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ أَيَّهُمَا شَاءَ صَحَّ كَمَا نُقِلَ عَنْ التَّقْرِيبِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يَزْرَعُ وَكَمْ يَغْرِسُ وَفِي الثَّالِثَةِ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَزْرُوعَ وَالْمَغْرُوسَ فَصَارَ كَقَوْلِهِ بِعْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ وَالْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ .
( قَوْلُهُ : لَكِنْ يُشْتَرَطُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِيَغْرِسَ ، أَوْ لِيَبْنِيَ ) قَالَ شَيْخُنَا أَعَادَ الْعَامِلَ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِغِرَاسٍ فَقَطْ ، أَوْ لِبِنَاءٍ فَقَطْ فَلَهُ فِعْلُ مَا شَاءَ وَيُغْنِي عَنْ تَعْيِينِ أَنْوَاعِ الْغِرَاسِ ( قَوْلُهُ : نَعَمْ إنْ أَجَّرَ عَلَى غَيْرِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ لِجَوَازِ إبْدَالِهِ بِهِ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَاغْرِسْ وَإِنْ شِئْت فَابْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ( قَوْلُهُ : صَحَّ كَمَا نُقِلَ عَنْ التَّقْرِيبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَفِي الثَّالِثَةِ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَزْرُوعَ وَالْمَغْرُوسَ إلَخْ ) فَإِنْ بَيَّنَهُ كَأَنْ قَالَ تَزْرَعُ النِّصْفَ الشَّرْقِيَّ وَتَغْرِسُ الْغَرْبِيَّ صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ تَزْرَعُ أَيَّ النِّصْفَيْنِ شِئْتَ وَتَغْرِسُ الْآخَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِدَفْنِ مَيِّتٍ لِأَنَّ نَبْشَ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ بَلَاءِ الْمَيِّتِ فَلَا يُعْرَفُ مَتَى يَكُونُ .
( فَرْعٌ يُشْتَرَطُ ) فِي الْإِيجَارِ لِلْبِنَاءِ ( بَيَانُ طُولِ الْبِنَاءِ وَعَرْضِهِ وَمَوْضِعِهِ لَا ) بَيَانُ قَدْرِ ( ارْتِفَاعِهِ إلَّا ) فِي الْبِنَاءِ ( عَلَى سَقْفٍ ) أَوْ جِدَارٍ اسْتَأْجَرَهُ لَهُ فَيُشْتَرَطُ بَيَانُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ بِخِلَافِ السَّقْفِ وَالْجِدَارِ .
( النَّوْعُ الثَّالِثُ الدَّوَابُّ ) وَهِيَ تُسْتَأْجَرُ ( لِلرُّكُوبِ ) وَلِغَيْرِهِ ( وَيُشْتَرَطُ ) فِي إجَارَتِهَا لِلرُّكُوبِ إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ لِيَنْتَفِيَ الْغَرَرُ ( مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ وَلَوْ بِالْوَصْفِ التَّامِّ لِلْجُثَّةِ ) قِيلَ بِأَنْ يَصِفَهُ بِالضَّخَامَةِ أَوْ بِالنَّحَافَةِ وَرَجَّحَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَقِيلَ بِالْوَزْنِ وَلَمْ يُرَجِّحْ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمَا شَيْئًا كَالْأَصْلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا بِالْوَصْفِ فِي الرَّضِيعِ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَقَاصِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا مَعَ رُؤْيَةِ الرَّاكِبِ امْتِحَانَهُ بِالْيَدِ فَإِنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ فِيهِ بِذَلِكَ ( فَإِنْ كَانَ ) الرَّاكِبُ ( مُجَرَّدًا ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ ( حَمَلَهُ ) الْمُؤَجِّرُ ( عَلَى مَا يَلِيقُ بِدَابَّتِهِ ) مِنْ سَرْجٍ أَوْ إكَافٍ أَوْ زَامِلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ ( أَوْ ) كَانَ ( مَعَهُ مَحْمِلٌ أَوْ سَرْجٌ أَوْ إكَافٌ ) أَوْ نَحْوُهُ ( وَجَبَ ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ( رُؤْيَتُهُ ) مَعَ امْتِحَانِهِ الزَّامِلَةَ بِالْيَدِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ ثُمَّ أَلْحَقَ بِهَا الْمَحْمِلَ وَالْعُمَارِيَّةَ لَكِنْ رَدَّ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْإِلْحَاقَ بِأَنَّ الزَّوَامِلَ قَدْ يُجْعَلُ دَاخِلَهَا شَيْءٌ ثَقِيلٌ مِنْ الثِّيَابِ فَلَا تُحِيطُ الرُّؤْيَةُ بِوَزْنِهِ تَخْمِينًا بِخِلَافِ الْمَحْمِلِ وَالْعُمَارِيَّةِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا رَدَّ بِهِ ( أَوْ وَصْفُهُ ) بِضِيقِهِ أَوْ سَعَتِهِ ( وَوَزْنِهِ ) لِإِفَادَتِهِمَا التَّخْمِينَ كَالرُّؤْيَةِ هَذَا ( إنْ لَمْ يَتَمَاثَلْ ) كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ( فِي الْعَادَةِ ) وَإِلَّا كَفَى الْإِطْلَاقُ وَحُمِلَ عَلَى الْمُعْتَادِ كَالنَّقْدِ وَالْإِكَافِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا يُقَالُ لِلْبَرْذَعَةِ وَلِمَا فَوْقَهَا وَلِمَا تَحْتَهَا .
( وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ وِطَاءٍ ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا يُفْرَشُ فِي الْمَحْمِلِ وَنَحْوِهِ لِيُجْلَسَ عَلَيْهِ ( أَوْ وَصْفُهُ ) سَوَاءٌ أَشُرِطَ فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْمَحْمِلِ ( وَكَذَا الْغِطَاءُ ) بِكَسْرِ
أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا يُسْتَظَلُّ بِهِ وَيُتَوَقَّى بِهِ مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ ( إنْ شُرِطَ ) فِي الْعَقْدِ ( إلَّا إنْ اطَّرَدَ فِيهِ عُرْفٌ فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ ) وَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْوِطَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَإِذَا شَرَطَ الْمَحْمِلَ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهُ مَكْشُوفًا أَوْ مُغَطًّى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُغَطًّى يَقَعُ فِيهِ الرِّيحُ فَيَثْقُلُ ( فَإِنْ كَانَ لِلْمَحْمِلِ ظَرْفٌ ) مِنْ لِبَدٍ أَوْ أُدُمٍ ( فَكَالْغِطَاءِ ) فِيمَا ذُكِرَ ( وَإِنْ شَرَطَ الْمَعَالِيقَ ) أَيْ حَمْلَهَا وَهِيَ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ الْمُسَافِرُ ( كَالْقِدْرِ وَالْإِدَاوَةِ ) لِلْمَاءِ وَالسُّفْرَةِ ( اُشْتُرِطَ رُؤْيَةٌ أَوْ وَصْفٌ وَوَزْنٌ ) لَهَا فَلَوْ شَرَطَ حَمْلَهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَلَا وَصْفٍ وَوَزْنٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِاخْتِلَافِ الْفَلَسِ فِي مَقَادِيرِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ حَمْلَهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ لِلرَّاكِبِ مَعَالِيقُ .
( قَوْلُهُ : قِيلَ بِأَنْ يَصِفَهُ بِالضَّخَامَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَرَجَّحَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُ مَا رَجَّحَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَحْمِلَ وَنَحْوَهُ يُوزَنُ أَنَّ الرَّاكِبَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ وَزْنَهُ يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ وَبِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ فَلَا يَنْضَبِطُ بِالْوَزْنِ بِخِلَافِ الْمَحْمِلِ وَنَحْوِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يُرَجِّحْ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمَا شَيْئًا ) أَفَادَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الِاكْتِفَاءَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ( قَوْلُهُ : مِنْ سَرْجٍ إلَخْ ) سَيَأْتِي أَنَّ السَّرْجَ وَالْإِكَافَ لَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِيهِ ( قَوْلُهُ : وَالْعُمَّارِيَّةَ ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا مَرْكَبٌ صَغِيرٌ عَلَى هَيْئَةِ مَهْدِ الصَّبِيِّ ، أَوْ قَرِيبَةٌ مِنْ صُورَتِهِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ ( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ ( وَإِنْ اسْتَأْجَرَ ) لِلرُّكُوبِ ( دَابَّةً مُعَيَّنَةً اُشْتُرِطَ ) فِيهِ ( الرُّؤْيَةُ ) كَالْبَيْعِ ( أَوْ لِلرُّكُوبِ فِي الذِّمَّةِ ذَكَرَ ) وُجُوبًا ( الْجِنْسَ ) لِلدَّابَّةِ كَفَرَسٍ أَوْ .
بَغْلٍ ( وَالنَّوْعَ ) لَهَا كَعَرَبِيَّةٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ ( وَالْأُنُوثَةَ وَالذُّكُورَةَ وَصِفَةَ سَيْرِهَا ) كَبَحْرٍ أَوْ قَطُوفٍ ( وَقَدْرَهُ ) أَيْ سَيْرِهَا ( كُلَّ يَوْمٍ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ لَكِنْ لَا يَتَقَيَّدُ اعْتِبَارُ ذِكْرِ قَدْرِ السَّيْرِ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ ، وَمَحَلُّ اعْتِبَارِهِ ( إنْ لَمْ يَكُنْ ) فِي طَرِيقِهِ ( مَنَازِلُ مُعْتَادَةٌ ) وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِمَا ، وَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ وَالْعَمَلِ مَعًا وَلَيْسَ مُرَادًا ( فَإِنْ زَادَا فِي يَوْمٍ ) عَنْ الْمَشْرُوطِ ( أَوْ نَقَصَا ) عَنْهُ ( فَلَا جُبْرَانَ ) مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ بَلْ يَسِيرَانِ عَلَى الشَّرْطِ ( وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ ) أَيْ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا ( لِخَوْفٍ أُجِيبَ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الضَّرَرُ بِهِ ، أَوْ لِخِصْبٍ ) أَوْ لِخَوْفٍ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ الضَّرَرُ بِهِ ( فَلَا ) يُجَابُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ طَالِبُ النَّقْصِ لِلْخِصْبِ حَيْثُ لَا عَلَفَ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْخَوْفِ انْتَهَى .
( فَرْعٌ وَيُتَّبَعُ ) فِيمَا يَأْتِي ( الشَّرْطُ ) فِي الْمَشْرُوطِ وَإِنْ خَالَفَ الْعُرْفَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ ( فَالْعُرْفُ ) يُتَّبَعُ ( فِي سَيْرِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) الْأَنْسَبُ أَوْ النَّهَارِ ( وَ ) فِي ( النُّزُولِ فِي الْقُرَى أَوْ الصَّحْرَاءِ وَ ) فِي ( سُلُوكِ أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ ) إذَا كَانَ لِلْمَقْصِدِ طَرِيقَانِ فَإِنْ اُعْتِيدَ سُلُوكُهُمَا مَعًا وَجَبَ الْبَيَانُ فَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ إلَّا إنْ تَسَاوَيَا مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ كَنَظِيرِهِ فِي النُّقُودِ فِي
الْمُعَامَلَةِ بِهَا .
قَوْلُهُ : لَكِنْ لَا يَتَقَيَّدُ اعْتِبَارُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ وَالْعَمَلِ مَعًا ) إذْ فِي قَوْلِ الْمُؤَجِّرِ تَسِيرُ بِهَا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَكَانِ كَذَا إلَى مَكَانِ كَذَا جَمْعٌ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ ذَلِكَ قَضِيَّتَهُ لِعَطْفِهِ بِأَوْ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَجَبَ الْبَيَانُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ لَا بُدَّ فِي الْحَمْلِ ) أَيْ فِي إيجَارِ الدَّابَّةِ لَهُ إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ ( مِنْ رُؤْيَةِ الْمَحْمُولِ ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ظَرْفٍ ( أَوْ امْتِحَانِهِ بِالْيَدِ ) إنْ كَانَ فِي ظَرْفٍ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ وَضَرَرِهِ ، وَذِكْرُهُ الِامْتِحَانَ بِالْيَدِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هَذَا إنْ حَضَرَ ( فَإِنْ غَابَ قَدَّرَهُ بِكَيْلٍ ) فِي الْمَكِيلِ ( أَوْ وَزْنٍ ) فِي الْمَوْزُونِ ( وَالْوَزْنُ ) فِي كُلِّ شَيْءٍ ( أَوْلَى ) لِأَنَّهُ أَخْصَرُ ( وَيُشْتَرَطُ فِيهِ ) أَيْضًا ( ذِكْرُ الْجِنْسِ ) لِلْمَحْمُولِ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ فِي الدَّابَّةِ كَمَا فِي الْحَدِيدِ وَالْقُطْنِ فَإِنَّهُ يَتَثَاقَلُ بِالرِّيحِ ( نَعَمْ لَوْ قَالَ ) أَجَرَتْكهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا ( مِائَةَ رِطْلٍ مِمَّا شِئْت ) بَلْ وَبِدُونٍ مِمَّا شِئْت كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ قَطْعِ الْأَصْحَابِ وَالْأَصْلِ عَنْ حُذَّاقِ الْمَرَاوِزَةِ ( صَحَّ ) الْعَقْدُ وَيَكُونُ رِضًا مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَزْنِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِبَيَانِ مَحَلِّ عَدَمِ الْخِلَافِ ( وَحَسَبَ ) مِنْ الْمِائَةِ ( الظَّرْفَ كَقَوْلِهِ ) أَجَرَتْكهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا ( مِائَةَ رِطْلٍ حِنْطَةً بِظَرْفِهَا ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِزَوَالِ الْغَرَرِ بِذِكْرِ الْوَزْنِ وَيَحْسُبُ مِنْهَا ظَرْفَهَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ وَزْنَهُ ( فَإِنْ قَالَ ) لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا ( مِائَةَ رِطْلٍ حِنْطَةً ) أَوْ مِائَةَ قَفِيزٍ حِنْطَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( لَمْ يَحْسُبْ الظَّرْفَ ) لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ ( فَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ ) بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ ( إنْ كَانَ يَخْتَلِفُ ) وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ ثَمَّ غَرَائِرُ مُتَمَاثِلَةٌ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهَا حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا ( أَوْ قَالَ لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شِئْت أَوْ لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ صَاعٍ مِمَّا شِئْت لَمْ يَصِحَّ ) لِلْإِضْرَارِ بِهَا بِخِلَافِ مِائَةِ رِطْلٍ مِمَّا شِئْت كَمَا مَرَّ لِأَنَّ اخْتِلَافَ التَّأْثِيرِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ يَسِيرٌ بِخِلَافِ الْكَيْلِ وَأَيْنَ
ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ .
( قَوْلُهُ : بَلْ وَبِدُونٍ مِمَّا شِئْت ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْأَصْلُ عَنْ حُذَّاقِ الْمَرَاوِزَةِ ) قِيلَ حَكَاهُ حِكَايَةَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إذَا أَهْمَلَ ذِكْرَ الْجِنْسِ إلَّا إذَا قَالَ احْمِلْ مِائَةً مِمَّا شِئْت .
( وَلَوْ قَالَ اسْتَأجَرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ ) عَلَيْهَا ( صَاعًا ) وَفِي نُسْخَةٍ لِحَمْلِ صَاعٍ ( بِدِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ مِنْهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ عَلَى أَنَّ مَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ ( لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ ) وَكَذَا لَوْ قَالَ لِتَحْمِلَ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ لِتَحْمِلَ ) عَلَيْهَا ( هَذِهِ الصُّبْرَةَ - وَهِيَ عَشَرَةُ آصُعٍ - كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنْ زَادَ ) ذَلِكَ ( فَبِحِسَابِهِ صَحَّ ) الْعَقْدُ ( فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَلَوْ قَالَ لِتَحْمِلَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( قَوْلُهُ : صَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ إلَخْ ) الصِّحَّةُ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ : أَوْ صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ فِي صَاعٍ فَقَطْ .
( فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ الدَّابَّةِ وَصِفَتِهَا فِي الْحَمْلِ ) أَيْ فِي إيجَارِهَا لَهُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيهَا فِي الرُّكُوبِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَحْصِيلُ الْمَتَاعِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِحَالِ حَامِلِهِ ( إلَّا ) فِي الْإِجَارَةِ ( لِلزُّجَاجِ ) أَيْ حَمْلِ الزُّجَاجِ ( وَنَحْوِهِ ) مِمَّا يُسْرِعُ انْكِسَارُهُ كَالْخَزَفِ فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالْحَامِلِ وَكَذَا إذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ وَحْلٌ أَوْ طِينٌ قَالَهُ الْقَاضِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي سَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إلَى تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِكَيْفِيَّةِ سَيْرِ الدَّابَّةِ سُرْعَةً وَبُطْئًا وَقُوَّةً وَضَعْفًا وَلَوْ نَظَرُوا إلَيْهَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَعَلَّ عَدَمَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَنَازِلَ تَجْمَعُهُمْ ، وَالْعَادَةُ تُبَيِّنُ ذَلِكَ وَالضَّعْفُ فِي الدَّابَّةِ عَيْبٌ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى الْبُطْءِ وَعَدَمِهِ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ ( وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ ) الدَّابَّةِ ( الْمُعَيَّنَةِ ) كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْمُؤَجَّرَةِ لِلرُّكُوبِ .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْقَاضِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ وَتُقْسَمُ الْأُجْرَةُ فِي حَمْلِ الصُّبْرَةِ .
عَلَى صِيعَانِهَا كَتَقْسِيمِ الثَّمَنِ عَلَيْهَا فِي الْبَيْعِ وَقَدْ سَبَقَ ) ثَمَّ ( بَيَانُهُ ) ضِمْنًا لَا صَرِيحًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( فَصْلٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ ) أَيْ شَخْصًا ( لِسَقْيِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ ) بِدَلْوٍ أَوْ نَحْوِهَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ ( اُشْتُرِطَ ) لِلصِّحَّةِ ( مَعْرِفَةُ الدُّولَابِ وَالدَّلْوِ وَ ) مَوْضِعِ ( الْبِئْرِ وَعُمْقِهَا بِالْمُشَاهَدَةِ ) لَهَا ( أَوْ وَصْفِ مَا تَنْضَبِطُ ) هِيَ ( بِهِ لَا ) مَعْرِفَةُ ( جِنْسِ الدَّابَّةِ ) فِي الْإِجَارَةِ لِذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ ( وَفِي ) الْإِجَارَةِ لَهُ عَلَى الدَّابَّةِ ( الْمُعَيَّنَةِ تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا ) كَمَا فِي الرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ ( وَتَتَقَدَّرُ ) الْمَنْفَعَةُ فِي ذَلِكَ ( بِالزَّمَانِ ) كَأَنْ يَقُولَ لِتَسْقِيَ بِهَذِهِ الدَّلْوِ مِنْ هَذِهِ الْبِئْرِ الْيَوْمَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْتَرَطُ - أَيْ حِينَئِذٍ - فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ ذِكْرُ جِنْسِ الدَّابَّةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ سُرْعَةً وَبُطْئًا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ( أَوْ بِالدِّلَاءِ ) أَيْ بِعَدَدِهَا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ أَوْ بِالْعَمَلِ كَأَنْ يَقُولَ لِتَسْقِيَ خَمْسِينَ دَلْوًا مِنْ هَذِهِ الْبِئْرِ بِهَذِهِ الدَّلْوِ ( لَا بِالْأَرْضِ ) لِاخْتِلَافِ رَيِّهَا بِكَيْفِيَّةِ حَالِهَا وَبِحَرَارَةِ الْهَوَاءِ وَبُرُودَتِهِ وَأَعَادَ هُنَا التَّقْدِيرَ بِالزَّمَانِ أَوْ بِالْعَمَلِ لِيَعْطِفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ لَا بِالْأَرْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا قَدَّرَ بِالزَّمَانِ لَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْأَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْحِرَاثَةِ بِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْعَمَلِ فِي السَّقْيِ بِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ صَلَابَةً وَرَخَاوَةً بِخِلَافِهِ فِي الْحِرَاثَةِ .
قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ ظَاهِرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْحِرَاثَةِ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْحِرَاثَةِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَرْثَ يُخَالِفُ الِاسْتِقَاءَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيرُ الْحَرْثِ بِالْمَسَافَةِ كَالْمِقْدَارِ وَالْحَرْثِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِقَاءِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ الثَّانِي أَنَّ الْأَرْضَ تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فِي الصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ فَاشْتُرِطَ التَّنْصِيصُ عَلَى جِنْسِ الدَّابَّةِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحِرَاثَةِ مِمَّا يُؤَدِّي إلَى جَفَافِ الْأَرْضِ وَتَأْخِيرِ نَبَاتِهَا وَأَمَّا السَّقْيُ فَلَيْسَ إلَّا إخْرَاجُ الدَّلْوِ مِنْ الْبِئْرِ وَجَمِيعُ الدَّوَابِّ فِي الْغَالِبِ تَقْوَى عَلَى ذَلِكَ بَلْ كَثِيرًا مَا يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنْ الدَّابَّةِ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَقْدِرُ عَلَى الِاسْتِقَاءِ بِنَفْسِهِ فَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ التَّنْصِيصُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الِاسْتِقَاءِ .
( وَيُشْتَرَطُ فِي الْحِرَاثَةِ ) أَيْ فِي الِاسْتِئْجَارِ لَهَا ( مَعْرِفَةُ الْأَرْضِ ) بِالرُّؤْيَةِ أَوْ الْوَصْفِ لِاخْتِلَافِهَا صَلَابَةً وَرَخَاوَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِالزَّمَانِ بِأَنْ يَقُولَ لِتَحْرُثَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ الشَّهْرَ أَوْ بِالْعَمَلِ بِأَنْ يَقُولَ لِتَحْرُثَ هَذِهِ الْقِطْعَةَ أَوْ إلَى مَوْضِعِ كَذَا مِنْهَا ( فَإِنْ وَرَدَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِلْحَرْثِ ( عَلَى الْعَيْنِ أَوْ ) فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ ( قَدَّرَ الْحَرْثَ فِيهَا بِزَمَانٍ وَجَبَ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ ) لِاخْتِلَافِ الْعَمَلِ بِاخْتِلَافِ حَالِهَا ( لَا إنْ قَدَّرَ بِالْأَرْضِ ) فَلَا يَجِبُ مَعْرِفَتُهَا .
( قَوْلُهُ : عَلَى الْعَيْنِ ) أَيْ عَيْنِ الدَّابَّةِ ( قَوْلُهُ : وَجَبَ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ ) أَيْ مَعْرِفَةُ الْمُسْتَأْجِرِ .
( وَ ) يُشْتَرَطُ ( فِي الدِّيَاسَةِ وَالطَّحْنِ ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ( مَعْرِفَةُ جِنْسِ مَا يُدَاسُ وَيُطْحَنُ ) لِاخْتِلَافِ الْعَمَلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا بَيِّنٌ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِالْعَمَلِ لَا بِالزَّمَانِ وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدِّيَاسِ إلَى قَوْلِهِ الدِّيَاسَةِ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّسَامُحِ فَقَدْ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ الدِّيَاسَةُ فِي الطَّعَامِ إنْ تُوطَأَ بِقَوَائِمِ الدَّوَابِّ وَأَمَّا الدِّيَاسُ فَهُوَ صَقْلُ السَّيْفِ وَاسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ إيَّاهُ فِي مَوْضِعِ الدِّيَاسَةِ تَسَامُحٌ أَوْ وَهْمٌ .
ا هـ .
( وَفِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ ) لِلدِّيَاسَةِ أَوْ الطَّحْنِ ( مَا ) مَرَّ ( فِي الْحِرَاثَةِ ) مِنْ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ ( وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَكُلُّ مَا يَتَفَاوَتُ بِهِ الْغَرَضُ وَلَا يُتَسَامَحُ بِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ يُشْتَرَطُ تَعْرِيفُهُ ) .
( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا بَيِّنٌ إذَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ ) .
( الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ ) فِي الْإِجَارَةِ ( هُوَ الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهَا ) الْمَنْفَعَةُ لِأَنَّهَا الَّتِي تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ وَيُتَصَرَّفُ فِيهَا وَلَيْسَتْ الْعَيْنُ كَذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ الْعَيْنُ الْمَذْكُورَةُ لِإِضَافَةِ اللَّفْظِ إلَيْهَا غَالِبًا وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ وَمَوْرِدُ الْعَقْدِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ عَيْنًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً فَمُلْحَقَةٌ بِالْمَوْجُودَةِ وَلِهَذَا صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ دَيْنًا وَلَوْلَا إلْحَاقُهَا بِالْمَوْجُودَةِ لَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ خِلَافًا مُحَقَّقًا لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالثَّانِي لَا يَعْنِي بِهِ أَنَّ الْعَيْنَ تُمْلَكُ بِالْإِجَارَةِ كَمَا تُمْلَكُ بِالْبَيْعِ وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الْعَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَلْ هُوَ خِلَافٌ مُحَقَّقٌ فَفِي الْبَحْرِ وَجَّهَ أَنَّ حُلِيَّ الذَّهَبِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِالذَّهَبِ وَحُلِيَّ الْفِضَّةِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِهَا وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ إلَّا التَّخْرِيجَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَذَكَرَ زِيَادَتَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُهُ وَأَيْضًا الْخِلَافُ .
فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا : مَوْرِدُهَا الْعَيْنُ لَمْ يَصِحَّ إيرَادُ عَقْدٍ آخَرَ عَلَيْهَا ، أَوْ : الْمَنْفَعَةُ جَازَ .
( قَوْلُهُ : قَالَ غَيْرُهُ وَأَيْضًا الْخِلَافُ إلَخْ ) الثَّالِثَةُ إذَا قَالَ أَجَّرْتُك مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ فَوَجْهَانِ يُتَّجَهُ بِنَاؤُهُمَا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ ، الرَّابِعَةُ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا بِعَيْنِهِ عَلَى تَعْلِيمِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَجِيرُ لَا يَعْرِفُ كُلَّ ذَلِكَ فِي الْحَالِ بَلْ يَعْرِفُ مِنْهُ مَا لِمِثْلِهِ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ إنْ قُلْنَا مَوْرِدُهَا الْمَنْفَعَةُ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ وَإِنْ قُلْنَا الْعَيْنُ صَحَّتْ لِوُجُودِهَا الْخَامِسَةُ إجَارَةُ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ فِيهَا وَجْهَانِ قَالَ الْجِيلِيُّ هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ مَوْرِدَ الْإِجَارَةِ مَاذَا ؟ إنْ قُلْنَا الْعَيْنُ امْتَنَعَتْ ، أَوْ الْمَنْفَعَةُ صَحَّتْ وَكَلَامُ الْفُورَانِيِّ يُشِيرُ إلَى هَذَا الْبِنَاءِ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ لَا يُتَّجَهُ هَذَا التَّخْرِيجُ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِإِجَارَةِ الْحُرِّ وَزَادَ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ السَّادِسَةُ إجَارَةُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ ، أَوْ الْمُصْحَفِ مِنْ كَافِرٍ إنْ قُلْنَا الْعَيْنُ لَمْ تَصِحَّ ، أَوْ الْمَنْفَعَةُ صَحَّتْ ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ السَّابِعَةُ إذَا أَجَّرَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إنْ قُلْنَا الْعَيْنُ صَحَّتْ أَوْ الْمَنْفَعَةُ فَلَا ، الثَّامِنَةُ إجَارَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ قُلْنَا الْعَيْنُ لَمْ تَصِحَّ ، أَوْ الْمَنْفَعَةُ صَحَّتْ وَمِثْلُهُ إجَارَةُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْعُ وَإِنْ قُلْنَا الْمَنْفَعَةُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْعَيْنِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، التَّاسِعَةُ إذَا أَتْلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَنْفَسِخُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِفِعْلِهِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ الْعَيْنُ ، الْعَاشِرَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا لِعَمَلٍ فَحَصَلَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يَنْقُصُ الْعَيْنَ لَا الْمَنْفَعَةَ تَخَيَّرَ إنْ قُلْنَا إنَّهُ الْعَيْنُ ، الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ أَقَرَّ
الْمُكْرِي بِالدَّارِ لِلْغَاصِبِ فَفِي قَبُولِ إقْرَارِهِ لِلرَّقَبَةِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الْقَبُولُ وَيُشْبِهُ بِنَاؤُهُمَا عَلَى هَذَا إنْ قُلْنَا الْمَنْفَعَةُ صَحَّ ، أَوْ الْعَيْنُ فَلَا ، الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ إذَا قَالَ أَجَّرْتُك مَنْفَعَةَ هَذِهِ .
الدَّارِ فَوَجْهَانِ يُتَّجَهُ بِنَاؤُهُمَا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّ الْخِلَافَ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَوَائِدُ لَكِنَّهُ لَيْسَ خِلَافًا مُحَقَّقًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِمَا قَالَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ .
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ الْعَقْدِ ) وَضْعًا أَوْ عُرْفًا ( فَعَلَى الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْحَضَانَةِ حِفْظُ الصَّبِيِّ وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَتَطْهِيرِهِ ) مِنْ النَّجَاسَاتِ ( وَتَدْهِينِهِ وَتَكْمِيلِهِ وَإِضْجَاعِهِ ) فِي الْمَهْدِ وَنَحْوِهِ ( وَرَبْطِهِ وَتَحْرِيكِهِ لِلنَّوْمِ ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ اسْمِ الْحَضَانَةِ عُرْفًا لِذَلِكَ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْإِبْطِ وَمَا يَلِيهِ ( وَلَا يَسْتَتْبِعُ وَاحِدٌ مِنْ الْإِرْضَاعِ وَالْحَضَانَةِ الْآخَرَ ) فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ ( وَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهِمَا فَانْقَطَعَ اللَّبَنُ انْفَسَخَ الرَّضَاعُ ) بِمَعْنَى الْإِرْضَاعِ أَيْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ ( لَا الْحَضَانَةُ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ وَيَسْقُطُ قِسْطُ الْإِرْضَاعِ مِنْ الْأُجْرَةِ ( وَعَلَى الْمُرْضِعَةِ الْفِدَاءُ بِمَا يُدِرُّهَا ) أَيْ يُدِرُّ لَبَنَهَا ( وَتُطَالَبُ بِهِ ) أَيْ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُطَالِبَهَا بِمَا يُدِرُّ لَبَنَهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قُلْت وَالصَّيْمَرِيُّ وَالرُّويَانِيُّ : إنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ أَكْلِ مَا يَضُرُّ بِاللَّبَنِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُمْ فِي النَّفَقَاتِ لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ تَنَاوُلِ مَا يَضُرُّ بِهَا .
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ ) ( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْوَطْءِ خَوْفُ الْإِحْبَالِ .
( وَالْمُعْتَمَدُ فِي حِبْرِ النُّسَّاخِ ، وَخَيْطِ الْخَيَّاطِ ، وَصِبْغِ الصَّبَّاغِ ، وَذَرُورِ الْكَحَّالِ ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَا يُذَرُّ فِي الْعَيْنِ ( وَطَلْعِ التَّلْقِيحِ الْعُرْفُ فَإِنْ اخْتَلَفَ ) أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( وَجَبَ ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ( ذِكْرُهُ ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَاللَّبَنِ ( فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ ) أَيْ ذِكْرَهُ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُرْفُ ( فَشَرَطَهُ بِلَا تَقْدِيرٍ بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِأَنَّ اللَّفْظَ عِنْدَ تَرَدُّدِ الْعَادَةِ وَعَدَمِ التَّقْيِيدِ يَلْتَحِقُ بِالْمُجْمَلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّرَهُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اتِّبَاعِ الْعُرْفِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ وَأَمْرُ اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلضَّرُورَةِ وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ عَلَيْهِ بِالْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الذِّمَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ وَقَطَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُدَّةٍ وَجَوَّزَ التَّرَدُّدَ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى عَمَلٍ وَكَالْمَذْكُورَاتِ فِيمَا ذُكِرَ قَلَمُ النُّسَّاخِ وَمِرْوَدُ الْكَحَّالِ وَإِبْرَةُ الْخَيَّاطِ وَنَحْوُهَا .
( قَوْلُهُ : وَالْمُعْتَمَدُ فِي حِبْرِ النُّسَّاخِ إلَخْ ) فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ مَرْهَمُ الْجَرَائِحِيِّ وَصَابُونُ وَمَاءُ الْغَسَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَأَمَّا الْأَقْلَامُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَى النَّاسِخِ كَإِبْرَةِ الْخَيَّاطِ لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ بِهَا .
( تَنْبِيهٌ ) : إذَا أَوْجَبْنَا الْخَيْطَ عَلَى الْخَيَّاطِ ، أَوْ الصِّبْغَ عَلَى الصَّبَّاغِ فَهَلْ نَقُولُ إنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ يَمْلِكُ مِلْكَ الْأَعْيَانِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِي الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ تَصَرُّفًا وَارِدًا عَلَى الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ مَعًا ، أَوْ أَنَّ الْأَجِيرَ أَتْلَفَهَا عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ الْمَاءُ الَّذِي لِلْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِ الْأَرْضِ وَيَنْتَفِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِسَقْيِهِ وَمِثْلُهُ اللَّبَنُ وَالْكُحْلُ وَحَطَبُ الْخَبَّازِ ، وَأَمَّا الْخَيْطُ وَالصِّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ نَقْلِ الْمِلْكِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا أَوْجَبْنَا الْخَيْطَ وَالصِّبْغَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَهَلْ نَقُولُ : إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ كَالثَّوْبِ ، أَوْ إنَّ الْمُؤَجِّرَ أَتْلَفَهُ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ وَقَرِيبٌ مِنْهُ الْكَلَامُ فِي مَاءِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزَّرْعِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ وَفِي اللَّبَنِ وَالْكُحْلِ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْخَيْطُ وَالصِّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ نَقْلِ الْمِلْكِ وَأَلْحَقُوا بِمَا تَقَدَّمَ الْحَطَبَ الَّذِي يَقُدُّهُ الْخَبَّازُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتْلَفُ عَلَى مِلْكِهِ .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ : يَمْلِكُهُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ بَائِعٌ لِصِبْغِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ هَذَا
جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ لَا سِيَّمَا وَالْمَبِيعُ مَجْهُولُ الْعَيْنِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا تَابِعٌ كَاللَّبَنِ فَإِنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ وَالْعَيْنِ .
( فَصْلٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَحَدَثَ فِيهَا عَيْبٌ يَنْقُصُ الْمَنْفَعَةَ ) كَمَيْلِ جِدَارٍ وَكَسْرِ سَقْفٍ وَتَعَسُّرِ فَتْحِ غَلْقٍ ( أَوْ قَارَنَ ) الْعَيْبُ ( الْعَقْدَ ) كَأَنْ أَجَّرَ دَارًا لَا بَابَ لَهَا وَلَا مِيزَابَ ( وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ ) عِنْدَ الْعَقْدِ ( فَلَهُ الْخِيَارُ ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِالِانْتِفَاعِ ( إلَّا إنْ بُودِرَ إلَى إصْلَاحِهِ ) فَلَا خِيَارَ لَهُ أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْمُقَارِنِ فَلَا خِيَارَ لَهُ مُطْلَقًا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يُزِيلُهُ وَالضَّرَرُ يَتَجَدَّدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَفِي إلْزَامِهِ الْبَقَاءَ مَعَ مُصَابَرَةِ الضَّرَرِ عُسْرٌ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ امْتِلَاءِ الْخَلَاءِ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُكْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يَخُصُّوهُ بِحَالَةِ الْجَهْلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآخَرَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْجَهْلِ فَلَا إشْكَالَ ( وَلَوْ وَكَفَ ) أَيْ قَطَرَ سَقْفُ الْبَيْتِ ( مِنْ الْمَطَرِ ) لِتَرْكِ التَّطْيِينِ ( فَلَهُ الْخِيَارُ ) لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ انْقَطَعَ ) الْمَطَرُ وَلَمْ يَحْدُثْ بِسَبَبِهِ نَقْصٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( سَقَطَ خِيَارُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْإِصْلَاحِ ) لِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ ( وَلَوْ قَلَّ كَتَعَسُّرِ ) فَتْحِ ( الْغَلْقِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِ عَيْنٍ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ وَقِيلَ يُجْبَرُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ غُصِبَتْ ) .
الْعَيْنُ ( الْمُعَيَّنَةُ وَقَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى الِانْتِزَاعِ ) لَهَا ( لَزِمَهُ ) كَمَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا بَعْدَ ذِكْرِهِ خِلَافًا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ مُصَدَّرًا بِالْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِ انْتِزَاعِهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا بَحَثَهُ هُنَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهَا الْحَرِيقَ وَالنَّهْبَ وَغَيْرَهُمَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِيمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَوْ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ
لِكَوْنِهِ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ أَوْ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَكْثَرِ وَنَقَلَ مُقَابِلَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( كَانَتْ ) أَيْ الْعَيْنُ ( فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَنْتَزِعْهَا ) مِنْ الْغَاصِبِ ( أَبْدَلَ بِهَا ) غَيْرَهَا .
( قَوْلُهُ : وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ امْتِلَاءِ الْخَلَاءِ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى يَكَادُ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَى تَفْرِيغِ الْخَلَاءِ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ قَدْ يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِدُونِ إزَالَةِ الْكُنَاسَةِ وَالرَّمَادِ بِخِلَافِ تَنْقِيَةِ الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْإِصْلَاحِ ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمَالِكُ مَا لَوْ أَجَّرَ مِلْكَ مَحْجُورِهِ أَوْ وَقْفًا لِنَظَرِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَعْمُرْهُ لِفَسْخِ الْمُسْتَأْجِرِ وَتَعَطُّلِ وَتَضَرُّرِ الْمَحْجُورِ ، أَوْ مُسْتَحِقِّ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِمَارَةِ .
قَوْلُهُ : وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ وَالْمِفْتَاحُ ) أَيْ مِفْتَاحُ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ يَجِبُ ( عَلَى الْمُؤَجِّرِ ) تَسْلِيمُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَلِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَلْقِهِ ( وَالْمُسْتَأْجِرُ أَمِينٌ عَلَيْهِ ) فَلَا يَضْمَنُهُ بِتَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ ( وَإِنْ ضَاعَ ) مِنْهُ ( وَلَمْ يُبْدِلْهُ الْمَالِكُ ) لَهُ ( ثَبَتَ ) لَهُ ( الْفَسْخُ ) فَإِبْدَالُهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ ( وَلَا يَسْتَحِقُّ ) الْمُسْتَأْجِرُ ( الْقُفْلَ ) الْمَنْقُولَ ( وَمِفْتَاحَهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ ) الْقَفْلُ وَالْفَتْحُ بِهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِ الْمَنْقُولِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَقَارِ ( وَلَا يَثْبُتُ ) لَهُ ( بِمَنْعِهِ ) مِنْهُمَا ( الْفَسْخُ ) لِمَا قُلْنَا .
( فَصْلٌ تَنْظِيفُ الْأَتُّونِ مِنْ الرَّمَادِ وَالدَّارِ مِنْ كُنَاسَةٍ حَدَثَتْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الدَّوَامِ وَالِانْتِهَاءِ ) لِحُصُولِ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ الْحَادِثَةِ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ بِفِعْلِهِ وَبِخِلَافِ الْمَوْجُودَةِ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَذِكْرُ حُكْمِ الِانْتِهَاءِ فِي الرَّمَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا لَهُ مِنْ حُكْمِ الْكُنَاسَةِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ كَحُكْمِ رَمَادِ الْحَمَّامِ وَسَيَأْتِي وَفَسَّرُوا الْكُنَاسَةَ بِمَا يَسْقُطُ مِنْ الْقُشُورِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِمَا ( وَتَفْرِيغُ الْحَشِّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ السُّنْدَاسِ ( وَالْبَالُوعَةِ وَمُنْتَقَعِ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمُسْتَنْقَعِ ( الْحَمَّامِ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً لَا فِي الدَّوَامِ ) فَإِنَّهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ لِحُصُولِ مَا فِيهَا بِفِعْلِهِ وَفَارَقَ حُكْمُ الِانْتِهَاءِ هُنَا حُكْمَهُ فِيمَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْحَادِثَ هُنَا مَعَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ضَرُورِيٌّ بِخِلَافِهِ ثَمَّ ( وَكَسْحُ ) أَيْ كَنْسُ ( ثَلْجِ السَّطْحِ لَا الْعَرْصَةِ فِي الدَّوَامِ عَلَى الْمَالِكِ ) لِأَنَّهُ كَعِمَارَةِ الدَّارِ بِخِلَافِ كَنْسِ الْعَرْصَةِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَثُفَ لِلتَّسَامُحِ بِهِ عُرْفًا وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِالْمُؤَجِّرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَالِكِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا قَالُوهُ فِي ثَلْجِ السَّطْحِ مَحَلُّهُ فِي دَارٍ لَا يَنْتَفِعُ سَاكِنُهَا بِسَطْحِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ جَمَلُونَاتٍ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْعَرْصَةِ قَالَ وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ أَوْ الرَّمَادُ أَوْ الثَّلْجُ الْخَفِيفُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ إزَالَتَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إذْ بِهِ يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ التَّامُّ ( وَهَلْ رَمَادُ الْحَمَّامِ ) فِي الِانْتِهَاءِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَصْلِهِ ( كَمُسْتَنْقَعِهِ ) فَيَكُونَ نَقْلُهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَالِكِ ( أَوْ كَالْكُنَاسَةِ )
فَيَكُونَ مِنْ وَظِيفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ ( وَجْهَانِ ) أَفْقَهُهُمَا عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ الثَّانِي وَتَقْيِيدُهُ بِرَمَادِ الْحَمَّامِ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ فِيمَا مَرَّ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمَالِكِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إجْبَارَهُ عَلَيْهِ بَلْ أَنَّهُ مِنْ وَظِيفَتِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ حَتَّى إذَا تَرَكَ الْمَالِكُ مَا عَلَيْهِ ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ مَا عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ انْتِفَاعُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ .
( قَوْلُهُ : لَا بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ ) الْفَرْقُ بَيْنَ التُّرَابِ الْحَاصِلِ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ وَبَيْنَ الثَّلْجِ الْيَسِيرِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الرَّافِعِيُّ هُوَ أَنَّ التُّرَابَ يَتَكَرَّرُ حُصُولُهُ بِتَكَرُّرِ الْأَيَّامِ فَلَوْ أَوْجَبْنَاهُ لَشَقَّ بِخِلَافِ الثَّلْجِ فَإِنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ يَسِيرًا لَا يَحْصُلُ إلَّا نَادِرًا فِي بَعْضِ السَّنَةِ فَلَا مَشَقَّةَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي إزَالَتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقُمَامَاتِ وَالْبَالُوعَةِ أَنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُ الْقُمَامَاتِ وَطَرْحُهَا خَارِجَ الدَّارِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ جَعْلِ الْبَوْلِ فِي إنَاءٍ وَإِخْرَاجِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَشَقَّةً ظَاهِرَةً ، وَفِيهِ تَنْغِيصٌ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ بِئْرِ الْحَشِّ وَالْبَالُوعَةِ فَارِغَتَيْنِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الدَّارِ خَالِيَةً عَنْ الْكُنَاسَةِ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ مَعَ وُجُودِهَا ( قَوْلُهُ : بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ ) هُوَ كَمَا فَهِمَ ( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا قَالُوهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ( قَوْلُهُ : وَهَلْ رَمَادُ الْحَمَّامِ إلَخْ ) قَالَ الْفَتَى وَقَوْلُهُ : وَهَلْ رَمَادُ الْحَمَّامِ كَمُسْتَنْقَعِهِ ، أَوْ كَالْكُنَاسَةِ وَجْهَانِ لَا مَعْنَى لَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَزَمَ أَوَّلًا بِأَنَّ الرَّمَادَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَنْقَعَ عَلَى الْمَالِكِ فَكَيْفَ يَأْتِي بَعْدَهُ بِهَذَا التَّرَدُّدِ فَضَرَبْتُ عَلَى قَوْلِهِ " وَهَلْ إلَخْ " .
( وَقَوْلُهُ : أَفْقَهُهُمَا عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ الثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ فِيمَا مَرَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ يُمْنَعُ الْمُسْتَأْجِرُ ) دَارًا ( لِلسُّكْنَى مِنْ طَرْحِ التُّرَابِ ) وَالرَّمَادِ ( فِي أَصْلِ حَائِطِ الدَّارِ وَ ) مِنْ ( رَبْطِ الدَّابَّةِ فِيهَا ) أَيْ فِي الدَّارِ نَعَمْ إنْ اُعْتِيدَ رَبْطُهَا فِيهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( لَا ) مِنْ ( وَضْعِ الْأَمْتِعَةِ ) فِيهَا ( وَلَوْ ) كَانَتْ مِنْ ( مَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ ) بِالْفَأْرِ وَنَحْوِهِ كَالْأَطْعِمَةِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ " الْفَسَادُ " " الْفَأْرُ " .
( فَصْلٌ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ ) وَلَهَا شِرْبٌ مَعْلُومٌ ( لَمْ يَدْخُلْ شِرْبُهَا ) فِي الْعَقْدِ ( إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ ) مُطَّرَدٍ ( فَإِنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ ) فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ تُكْرَى وَحْدَهَا تَارَةً وَمَعَ الشِّرْبِ أُخْرَى ( أَوْ اسْتَثْنَى الشِّرْبَ لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ لِلِاضْطِرَابِ فِي الْأَوَّلِ وَكَمَا لَوْ اسْتَثْنَى مَمَرَّ الدَّارِ فِي بَيْعِهَا فِي الثَّانِي ( إلَّا إنْ وُجِدَ ) شِرْبٌ ( غَيْرُهُ ) فَيَصِحُّ مَعَ الِاضْطِرَابِ وَالِاسْتِثْنَاءِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِالِاغْتِنَاءِ عَنْ شِرْبِهَا ، وَذِكْرُ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي الْأُولَى يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ لِلْأَرْضِ شِرْبٌ آخَرُ كَمَا تَقَرَّرَ .
( قَوْلُهُ : لَمْ يَدْخُلْ شِرْبُهَا إلَّا بِشَرْطٍ ، أَوْ عُرْفٍ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَإِذَا دَخَلَ الشِّرْبُ فَهَلْ نَقُولُ يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَاءَ أَوْ لَا بَلْ يَسْقِي بِهِ عَلَى الْمَالِكِ الْمُؤَجِّرِ مُحْتَمَلٌ ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي .
( فَإِنْ عَيَّنَ الزَّرْعَ ) فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لَهُ ( وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إدْرَاكِ الزِّرَاعَةِ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ " إدْرَاكِهِ " .
( لِتَقْصِيرٍ ) فِي الزِّرَاعَةِ ( بِالتَّأْخِيرِ ) لَهَا ( أَوْ بِزَرْعٍ ) آخَرَ ( أَبْطَأَ ) إدْرَاكًا ( مِمَّا عَيَّنَ أَوْ بِزَرْعِهِ ثَانِيًا ) بَدَلَ ( مَا أَكَلَهُ الْجَرَادُ ) وَنَحْوُهُ ( قَلَعَ ) مَا زَرَعَهُ مَجَّانًا ( وَسَوَّى الْأَرْضَ ) كَالْغَاصِبِ لَكِنْ ( لَا ) يَقْلَعُ ( قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ لَهُ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ ( مَنْعُهُ مِنْ زَرْعِ الْأَبْطَأِ ) إدْرَاكًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِضِيقِ الْوَقْتِ وَهَذَا قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ الْإِمَامُ : وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَرَاوِزَةِ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَإِنَّ لَهُ الْقَلْعَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قَالَ وَلَيْسَ لِمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَجْهٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا وَهُوَ أَنَّ الْأَبْطَأَ أَكْثَرُ ضَرَرًا عَلَى الْأَرْضِ ( لَا مِنْ ) زَرْعِ ( الْمُعَيَّنِ ) فِي الْعَقْدِ أَيْ وَلَا مَا لَا يُسَاوِيهِ ( إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَقَدْ يَقْصِدُ الْقَصِيلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ ) الْإِدْرَاكُ ( لِعُذْرٍ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ أَكْلِ الْجَرَادِ لِبَعْضِهِ ) بِأَنْ أَكَلَ رَأْسَهُ فَنَبَتَ ثَانِيًا فَتَأَخَّرَ لِذَلِكَ ( بَقِيَ ) الزَّرْعُ ( بِالْأُجْرَةِ إلَى الْحَصَادِ وَإِنْ قُدِّرَ ) الزَّرْعُ ( بِمُدَّةٍ لَا يُدْرِكُ فِيهَا ) كَأَنْ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ شَهْرَيْنِ ( وَشَرَطَ الْقَلْعَ ) بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ( صَحَّ ) الْعَقْدُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْقَصِيلَ ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ جَازَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ فَسَدَ ) الْعَقْدُ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْقِيتِ وَلِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْإِدْرَاكِ وَإِذَا فَسَدَ فَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ زَرَعَ لَمْ يَقْلَعْ ) مَجَّانًا ( لِلْإِذْنِ
وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا ) فِي الْعَقْدِ مِنْ قَلْعٍ وَإِبْقَاءٍ ( صَحَّ ) الْعَقْدُ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ لِحَصْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي مَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ ( وَبَقِيَ ) الزَّرْعُ ( بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ ) فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى الْقَلْعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْإِبْقَاءُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِبْقَاءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ لَزِمَ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَهَذَا حَسَنٌ انْتَهَى وَسَأَذْكُرُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ ( فَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةً لِلزِّرَاعَةِ مُطْلَقًا ) فَزَرَعَ ( وَحَصَلَ التَّأْخِيرُ ) لِلْإِدْرَاكِ بِتَقْصِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ ( فَكَالْمُعَيَّنِ ) فِيمَا مَرَّ ( إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ ) أَيْ يَمْنَعُهُ الْمَالِكُ ( مِنْ زَرْعٍ يَتَعَذَّرُ إدْرَاكُهُ فِي الْمُدَّةِ فَإِنْ زَرَعَ لَمْ يَقْلَعْ إلَى انْقِضَائِهَا ) .
قَوْلُهُ : وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ زَرْعِ الْأَبْطَأِ مُطْلَقًا ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُعَيَّنِ إذَا ضَاقَ وَقْتُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا يُمْكِنُهُ زِرَاعَةُ مَا يُدْرِكُ فِي الْمُدَّةِ فَعُدُولُهُ إلَى غَيْرِهِ عَبَثٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ لِزِرَاعَةِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنْ يَتَقَيَّدَ مَحَلُّ الْمَنْعِ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ زِرَاعَةُ مَا يُمْكِنُ إدْرَاكُهُ فِي الْمُدَّةِ فَلَوْ أَخَّرَ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ شَيْءٌ مِمَّا يَزْرَعُ وَأَرَادَ الزَّرْعَ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا بَلْ يَكُونُ كَالْمُعَيَّنِ ( قَوْلُهُ : وَيُجَابُ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ مَجَّانًا إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ كَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَا عَقْدًا آخَرَ ، أَوْ يَتَرَاضَيَا بِإِبْقَائِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَازُ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ تَبْقِيَةِ الْأَحْكَارِ بِيَدِ أَرْبَابِهَا بِغَيْرِ عَقْدٍ وَتُؤْخَذُ الْأُجْرَةُ مِنْهُمْ فِي أَقْسَاطِهَا وَكَذَا تَسْلِيمُ الدَّارِ لِمَنْ يَسْكُنُهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَازِمٍ وَأَنَا أَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ .
( تَنْبِيهٌ ) اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مَعْلُومٌ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَاسْتَمَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ وَالْمَاءِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَرْضٍ مِثْلِهَا لَهَا ذَلِكَ الْمَاءُ وَلَا نَقُولُ لَهُ مِثْلُ الْمَاءِ وَأُجْرَةُ الْأَرْضِ ( قَوْلُهُ : وَسَأَذْكُرُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ وَإِنْ قَدَّرَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ ) فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لَهُمَا ( بِمُدَّةٍ وَشَرَطَ الْقَلْعَ ) صَحَّ الْعَقْدُ وَإِذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ ( قَلَعَ ) وُجُوبًا الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ بَعْدَ الْمُدَّةِ ( وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِمَا ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ لِنَقْصِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِنَقْصِ الْأَرْضِ ، وَلَا تَسْوِيَتَهَا لِتَرَاضِيهِمَا بِالْقَلْعِ ( وَلَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ ) لِذَلِكَ ( بَعْدَهَا أَوْ أَطْلَقَ ) الْعَقْدَ عَنْ شَرْطِ الْقَلْعِ وَالْإِبْقَاءِ ( صَحَّتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ فَلَا يَضُرُّ شَرْطُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَتَأَيَّدُ بِهِ كَلَامُ السَّرَخْسِيِّ فِي الزَّرْعِ قُلْت الْعَاقِدُ ثَمَّ مُقَصِّرٌ بِالتَّضْيِيقِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيجَارِ مُدَّةً يُدْرِكُ فِيهَا الزَّرْعُ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ الصِّحَّةِ هُنَا الصِّحَّةُ ثَمَّ ، وَيُلْحَظُ فِي تَعْلِيلِي الْفَسَادَ - فِيمَا إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ ثَمَّ - تَقْصِيرُ الْعَاقِدِ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ مَجَّانًا وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ مَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْإِبْقَاءَ عَلَى التَّأْبِيدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ أَصْلًا فَإِنْ شَرَطَهُ كَذَلِكَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لِتَضَمُّنِهَا إلْزَامَ الْمُكْرِي التَّأْبِيدَ قَالَهُ الْإِمَامُ ( وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الصُّورَتَيْنِ ( بَعْدَ الْمُدَّةِ ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ رَجَعَ ) الْمُؤَجِّرُ ( فَلَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ ) وَقَبْلَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ الْقَلْعُ بِلَا نَقْصٍ فَعَلَ وَإِلَّا فَإِنْ اخْتَارَهُ الْمُسْتَأْجِرُ - .
فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَأَرْشُ نَقْصِهَا لِتَصَرُّفِهِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِالْقَلْعِ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَلَعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ التَّسْوِيَةُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْهُ لَمْ يَقْلَعْ الْمُؤَجِّرُ مَجَّانًا لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ لَمْ يَشْتَرِطْ قَلْعَهُ وَيَتَخَيَّرُ كَمُعِيرٍ رَجَعَ فِي عَارِيَّتِهِ ( وَإِذْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الْقَلْعِ فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ) فَيُبَاشِرُهُ أَوْ يَبْذُلُ مُؤْنَتَهُ لِأَنَّهُ شَغَلَ الْأَرْضَ فَلْيُفْرِغْهَا ( وَإِذَا عَيَّنَ ) الْمُؤَجِّرُ ( خَصْلَةً ) مِمَّا يَتَخَيَّرُ فِيهِ فِي الْعَارِيَّةِ ( فَأَبَاهَا الْمُسْتَأْجِرُ كُلِّفَ الْقَلْعَ مَجَّانًا ) لِيَرُدَّ الْأَرْضَ كَمَا أَخَذَهَا ( وَفَاسِدُ الْإِجَارَةِ يُوجِبُ ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ( أُجْرَةَ الْمِثْلِ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( ثُمَّ هُوَ ) أَيْ فَاسِدُ الْإِجَارَةِ ( كَصَحِيحِهَا فِي التَّخْيِيرِ ) لِلْمَالِكِ ( وَ ) فِي ( مَنْعِ الْقَلْعِ مَجَّانًا ) .
( قَوْلُهُ : قُلْت الْعَاقِدُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْإِمَامُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ ) إذْ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ تَقْتَضِي وُجُودَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُحْدِثْ انْتِفَاعًا بِهَا بَعْدَهَا وَنَظِيرُ هَذِهِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً شَهْرًا فَتَمَّتْ فِي يَدِهِ شَهْرَيْنِ لَا تَجِبْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا فَتَسَلَّمَهَا وَتَمَّتْ فِي يَدِهِ شَهْرَيْنِ وَهِيَ مَغْلُوقَةٌ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الشَّهْرِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْقَلْعِ ، أَوْ التَّمَلُّكِ ، أَوْ الْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ لَمْ يَسْقُطْ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَإِنْ اخْتَارَهُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَخْ ) هَذَا التَّخْيِيرُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ وَاحِدٍ وَلَمْ يَحْصُلْ وَقْفُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَلَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ اثْنَيْنِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ أَحَدِهِمَا فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى التَّمْلِيكُ بِالْقِيمَةِ وَيَتَعَيَّنُ الْإِبْقَاءُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَلْعِ وَغُرْمِ أَرْشِ النَّقْصِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ مُتَعَذَّرٌ إذْ الْقَلْعُ يَرِدُ عَلَى الْجَمِيعِ وَبَعْضُهُ مُسْتَحَقٌّ لِلْإِبْقَاءِ ، وَأَمَّا إذَا وَقَفَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ .
فِي الْوَقْفِ وَأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّمْلِيكُ بِالْقِيمَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ وَأَرَادَ النَّاظِرُ أَنْ يَغْرَمَ أَرْشَ النَّقْصِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ - وَلَمْ يَقْتَضِهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ - ، أَوْ يَتَمَلَّكَ لِلْإِبْقَاءِ وَيَكُونَ فِي ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِمَقْصُودِ الْوَقْفِ فِي الْأَرْضِ مِنْ إبْقَائِهَا مَكْشُوفَةً وَنَحْوِهِ فَمُمْتَنِعٌ أَيْضًا وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا
اسْتَأْجَرَ الشَّرِيكُ بَقِيَّةَ الْأَرْضِ مِنْ شَرِيكِهِ وَبَنَى ، أَوْ غَرَسَ ، ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْقَلْعُ وَغُرْمُ أَرْشِ النَّقْصِ لِمَا تَقَرَّرَ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ أَحَدِهِمَا وَلَا يَتَأَتَّى التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ الْإِبْقَاءُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْقَلْعُ مُنْقِصًا لِقِيمَتِهِ مَغْرُوسًا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا إذَا لَمْ تَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَّا الْقَلْعُ مَجَّانًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَفِي مَنْعِ الْقَلْعِ مَجَّانًا ) هَذَا إذَا حَصَلَ الْبِنَاءُ فِي الْفَاسِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا فَأَمَّا لَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَتَمَيَّزَ الزَّائِدُ فَلِلْمَالِكِ إزَالَتُهُ مَجَّانًا وَإِنْ صَدَرَ التَّعَدِّي مِنْ الْأَصْلِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْبِنَاءِ عَلَى السَّقْفِ أَوْ الْجِدَارِ فَتَعَدَّى مِنْ الْأَصْلِ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ نَقَضَهُ مَجَّانًا .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَقِيلًا وَمُرَاحًا مُدَّةَ سِنِينَ فَشَمِلَ الْمَاءُ الْأَرْضَ فَزَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لِعُدُولِهِ عَمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ إلَى مَا هُوَ أَضَرَّ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ نِصْفِ بُسْتَانٍ بِأُجْرَةٍ كُلَّ سَبْعَةِ أَفْدِنَةٍ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نُقْرَةٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ ، ثُمَّ سَاقَى عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ فَعَمِلَ فِي الْبُسْتَانِ ثُمَّ حَصَلَ فِي الْأَشْجَارِ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ فَضَعُفَتْ وَيَبِسَتْ وَلَمْ تَحْمِلْ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ كُلُّهَا وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ الْأُجْرَةَ إلَّا فِيمَا يُقَابِلُ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ أَيْضًا .
( فَصْلٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ ) أَرْضًا ( لِزِرَاعَةِ جِنْسٍ ) أَوْ نَوْعٍ مُعَيَّنٍ ( زَرَعَ مِثْلَهُ وَدُونَهُ فِي الضَّرَرِ ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ ، وَالْمَزْرُوعَ طَرِيقٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَلَا يَتَعَيَّنُ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى غَيْرِهِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِغَيْرِهِ ( لَا مَا فَوْقَهُ ) كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ ( فَالْحِنْطَةُ فَوْقَ الشَّعِيرِ ) ضَرَرًا ( وَالذُّرَةُ وَالْأُرْزُ فَوْقَهُمَا ) أَيْ فَوْقَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ ضَرَرًا لِأَنَّ لِلذُّرَةِ عُرُوقًا غَلِيظَةً تَنْتَشِرُ فِي الْأَرْضِ وَتَسْتَوْفِي قُوَّتَهَا وَالْأُرْزُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ الدَّائِمِ وَهُوَ يُذْهِبُ قُوَّةَ الْأَرْضِ ( وَلَوْ قَالَ لِتَزْرَعَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ صَحَّ ) الْعَقْدُ وَإِنْ احْتَمَلَ تَلَفَهَا كَالِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ هَذَا الصَّبِيِّ وَالْحَمْلِ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ ( وَلَهُ إبْدَالُهَا ) بِمِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ نَهَاهُ ) فِي الِاسْتِئْجَارِ لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ ( عَنْ ) زَرْعِ ( غَيْرِهَا فَسَدَتْ ) الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا .
( وَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ ) عَلَيْهَا ( فِي طَرِيقٍ فَلَهُ إبْدَالُ الطَّرِيقِ بِمِثْلِهِ لَا أَصْعَبَ ) مِنْهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ ( وَمَنْ اسْتَأْجَرَ ) دَابَّةً ( لِلْقُطْنِ ) أَيْ لِحَمْلِهِ ( لَمْ يَحْمِلْ ) عَلَيْهَا ( الْحَدِيدَ وَكَذَا عَكْسُهُ ) أَيْ مَنْ اسْتَأْجَرَ لِحَمْلِ الْحَدِيدِ لَمْ يَحْمِلْ الْقُطْنَ لِأَنَّ الْحَدِيدَ يَجْتَمِعُ ثِقَلُهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَالْقُطْنُ لِخِفَّتِهِ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ .
( فَرْعٌ وَإِنْ أَجَّرَهُ ) أَرْضًا ( لِلْحِنْطَةِ ) أَيْ لِزَرْعِهَا ( فَزَرَعَ ) فِيهَا ( ذُرَةً وَحَصَدَهَا وَتَخَاصَمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَهُوَ ) أَيْ الْمُؤَجِّرُ ( بِالْخِيَارِ بَيْنَ ) أَخْذِ ( أُجْرَةِ مِثْلِ ) زَرْعِ ( الذُّرَةِ وَ ) أَخْذِ ( الْمُسَمَّى مَعَ بَدَلِ زِيَادَةِ ضَرَرِ الذُّرَةِ ) أَيْ مَعَ بَدَلِ النَّقْصِ الزَّائِدِ بِزِرَاعَتِهَا عَلَى ضَرَرِ زَرْعِ الْحِنْطَةِ لِأَنَّ لِلصُّورَةِ شَبَهًا بِزِرَاعَةِ الْغَاصِبِ فِي أَنَّهُ زَرَعَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَمُوجَبُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ، وَشَبَهًا بِمَا إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَى مَكَان وَجَاوَزَهُ فِي أَنَّهُ اسْتَوْفَى وَزَادَ فِي الضَّرَرِ وَمُوجَبُهُ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَهُمَا نَعَمْ لَوْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ نَاظِرًا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ بِالْأَحَظِّ ( مِثَالُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْحِنْطَةِ خَمْسُونَ وَلِلذُّرَةِ سَبْعُونَ وَكَانَ الْمُسَمَّى أَرْبَعِينَ فَبَدَلُ النَّقْصِ عِشْرُونَ وَإِنْ تَخَاصَمَا قَبْلَ حَصْدِهَا ) وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ( قَلَعَ ) الْمُؤَجِّرُ إنْ شَاءَ ( ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ ) الْمُسْتَأْجِرَ ( فِي الْمُدَّةِ زِرَاعَةُ الْحِنْطَةِ زَرَعَهَا وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهُ ) مِنْهَا ( وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ ) أَيْ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ هَذَا ( إنْ لَمْ يَمْضِ ) عَلَى بَقَاءِ الذُّرَةِ ( مُدَّةٌ تَتَأَثَّرُ بِهَا الْأَرْضُ وَإِنْ مَضَتْ تَخَيَّرَ بَيْنَ ) أَخْذِ ( أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَ ) بَيْنَ أَخْذِ ( قِسْطِهَا مِنْ الْمُسَمَّى مَعَ بَدَلِ النُّقْصَانِ ) وَلَهُ قَلْعُ الذُّرَةِ وَإِذَا اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ ( وَلَا يَضْمَنُ ) الْمُسْتَأْجِرُ ( الْأَرْضَ ) - .
بِعُدُولِهِ إلَى زَرْعِهَا بِالذُّرَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنَّ ظَاهِرَ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا لِقَوْلِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ .
( قَوْلُهُ : أَيْ مَعَ بَدَلِ النَّقْصِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ تَبَعًا لِلْمُخْتَصَرِ فَقَالَ فَإِنْ تَعَدَّى عَلَى الْأَرْضِ فَزَرَعَهَا خِلَافَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِمَّا يَضُرُّ بِهَا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الزَّرْعِ وَمَا نَقَصَ مِنْهَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي إيجَابِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَهُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ غَيْرُ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهُمَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا إذَا اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ عَيْبٌ دَاخِلٌ فِيهِ فَخُيِّرَ بَيْنَ الْمُقَامِ وَالْفَسْخِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ : صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ : وَمَا نَقَصَ مِنْهَا قَالَ شَيْخُنَا هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَرْضَ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ : فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ ) قِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِيمَا إذَا عَدَلَ إلَى غَيْرِ الْجِنْسِ ش الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ .
( وَتَخَيَّرَ أَيْضًا إنْ أَجَّرَهُ ) دَارًا ( لِيَسْكُنَ ) فِيهَا ( فَأَسْكَنَ ) فِيهَا ( حَدَّادًا ) أَوْ قَصَّارًا ( أَوْ ) أَجَّرَهُ ( دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قُطْنًا فَحَمَلَ ) عَلَيْهَا ( بِقَدْرِهِ حَدِيدًا ) وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَتَمَيَّزُ فِيهِ الْمُسْتَحَقُّ عَمَّا زَادَ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تُضْمَنُ أَنَّهُ هُنَا لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ الْأُجْرَةِ إذَا اخْتَارَهَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ الْأَرْشَ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ بِأَنَّهَا أَسْرَعُ تَعَيُّبًا مِنْ الْأَرْضِ .
قَوْلُهُ : أَوْ قَصَّارًا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ نَصَبَ فِيهَا رَحًى ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( قَوْلُهُ : وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَإِنْ تَمَيَّزَ الْمُسْتَحَقُّ ) عَمَّا زَادَ ( كَمَنْ اسْتَأْجَرَ ) دَابَّةً ( لِيَحْمِلَ ) عَلَيْهَا ( خَمْسِينَ ) مَنًّا ( فَحَمَلَ ) عَلَيْهَا ( مِائَةً أَوْ إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ تَعَيَّنَ ) مَعَ الْمُسَمَّى ( لِلزَّائِدِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) لِتَعَدِّيهِ بِهِ ( وَمَتَى عَدَلَ عَنْ الْجِنْسِ ) الْمُعَيَّنِ ( كَغَرْسٍ وَ ) كَانَتْ ( الْإِجَارَةُ لِلزَّرْعِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ) تَلْزَمُهُ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ ( فَرْعٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ) إذَا حَصَدَ مَا زَرَعَهُ وَلَوْ بِالْإِذْنِ ( بَعْدَ الْمُدَّةِ قَلْعُ أُصُولِ زَرْعِهِ مِنْ الْأَرْضِ ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ غَيْرِهِ عَنْ مِلْكِهِ .
( قَوْلُهُ : كَغَرْسٍ ) أَوْ بِنَاءٍ .
( فَصْلٌ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ ) إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ ( لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ كَالْإِكَافِ ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ( وَالْبَرْذَعَةِ ) وَهِيَ بِالْمُعْجَمَةِ مَا يُحْشَى وَيُعَدُّ لِلرُّكُوبِ عَلَيْهِ لَكِنْ فَسَّرَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِالْحِلْسِ الَّذِي يُلْقَى تَحْتَ الرَّحْلِ ( وَالْبُرَةِ ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَهِيَ حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ مِنْ صُفْرٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَنَحْوِهِ ) أَيْ نَحْوِ كُلٍّ مِنْهَا كَالْخِطَامِ وَالْحِزَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ التَّامِّ بِدُونِهَا وَالْعَادَةُ مُطَّرِدَةٌ بِكَوْنِهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ ( وَيُتَّبَعُ فِي سَرْجِ الْفَرَسِ ) الْمُؤَجَّرَةِ ( الْعُرْفُ ) فِي مَوْضِعِ الْإِجَارَةِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ ( وَالْمَحْمِلُ وَالْحَبْلُ ) الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمِلُ عَلَى الْبَعِيرِ ( وَالْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ ) وَالْمِظَلَّةُ وَتَوَابِعُهَا ( عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ) لِأَنَّهَا تُرَادُ لِكَمَالِ الِانْتِفَاعِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِالْإِجَارَةِ وَالْعَادَةُ مُطَّرِدَةٌ بِكَوْنِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ( وَالشَّدُّ ) لِلْمَحْمِلِ عَلَى الْبَعِيرِ ( عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَكَذَا شَدُّ أَحَدِ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ ) وَحَلُّ الْحَبْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِلْعُرْفِ ( وَحَبْلُهُمَا ) الَّذِي يُشَدُّ بِهِ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَهُمَا عَلَى الْبَعِيرِ أَوْ الْأَرْضِ ( عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ) لِذَلِكَ وَقَيَّدَ الْأَصْلُ لُزُومَ الشَّدِّ وَالْحَلِّ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ هَذَا إذَا أَطْلَقَا الْعَقْدَ ( فَإِنْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ عُرْيًا ) كَأَنْ قَالَ لَهُ اكْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ الْعَارِيَّةَ فَقَبِلَ ( فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) مِنْ الْآلَاتِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ اعْرَوْرَيْتُ الْفَرَسَ رَكِبْتُهُ عُرْيًا وَفَرَسٌ عُرْيٌ لَيْسَ عَلَيْهِ سَرْجٌ ( وَوِعَاءُ الْمَحْمُولِ وَآلَةُ الِاسْتِقَاءِ فِي إجَارَةِ ) الدَّابَّةِ فِي ( الذِّمَّةِ لَا الْعَيْنِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ) لِأَنَّهَا إذَا وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ بِمَا
يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي عَمَلِهَا مِنْ بَرْذَعَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَقَدْ الْتَزَمَ النَّقْلَ فَلْيُهَيِّئْ أَسْبَابَهُ وَالْعَادَةُ مُؤَيِّدَةٌ لَهُ فَإِنْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْبَيَانُ .
( قَوْلُهُ : وَوِعَاءُ الْمَحْمُولِ ) وَمُؤْنَةُ الدَّلِيلِ .
( فَصْلٌ يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ( مَعْرِفَةُ الزَّادِ ) بِرُؤْيَتِهِ أَوْ وَزْنِهِ كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ بِامْتِحَانِهِ بِالْيَدِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي الزَّامِلَةِ وَنَحْوِهَا ( لَا ) مَعْرِفَةُ ( قَدْرِ مَا يُؤْكَلُ ) مِنْهُ ( كُلَّ يَوْمٍ ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ ( وَلَهُ إبْدَالُهُ ) أَيْ مَا نَفَذَ مِنْ الزَّادِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ بِمِثْلِهِ ( وَلَوْ لَمْ يَخَفْ غَلَاءً ) فِي الْمَنَازِلِ الْمُسْتَقْبَلَةِ ( أَوْ لَمْ يَنْفُذْ ) كُلُّهُ مِنْهُ كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إذَا بَاعَهَا أَوْ تَلِفَتْ نَعَمْ إنْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ اتَّبَعَ الشَّرْطَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ شَرَطَ قَدْرًا فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِنَقْصِ قَدْرِ أَكْلِهِ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِلْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ انْتَهَى وَالْأَفْقَهُ الْأَوَّلُ ( وَعَلَى مُلْتَزِمِ الرُّكُوبِ الدَّلِيلُ وَالْبَذْرَقَةُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ ) لِلدَّابَّةِ أَيْ مُؤَنُهُمْ كَالْوِعَاءِ ( وَ ) عَلَيْهِ ( إعَانَةُ الرَّاكِبِ وَالنَّازِلِ ) فِي رُكُوبِهِ وَنُزُولِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ النَّقْلَ وَالتَّبْلِيغَ وَلَا يَتِمَّانِ إلَّا بِذَلِكَ وَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَادَةُ فِي الْإِعَانَةِ وَتَحْصُلُ ( الْإِنَاخَةُ ) لِلْبَعِيرِ ( لِلْمَرْأَةِ وَالْعَاجِزِ ) بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا حَالَ الْعَقْدِ ) لِصُعُوبَةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ مَعَ قِيَامِ الْبَعِيرِ وَلِخَوْفِ تَكَشُّفِ الْمَرْأَةِ ( وَتَقْرِيبُ الدَّابَّةِ مِنْ نَشَزٍ ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَبِالزَّايِ أَيْ وَبِتَقْرِيبِهَا لَهُ مِنْ مُرْتَفَعٍ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ ( وَإِيقَافُهَا لِنُزُولِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَأَدَاءِ الْفَرْضِ ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَتَهَيَّأُ عَلَيْهَا كَوُضُوءٍ وَإِذَا نَزَلَ لِذَلِكَ انْتَظَرَهُ الْمُلْتَزِمُ لِيَفْرُغَ مِنْهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ مَعَهَا لِسَوْقِهَا
وَتَعَهُّدِهَا ( وَلَا يَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرَ ( قَصْرٌ وَلَا جَمْعٌ وَلَا تَأْخِيرُ الْوَقْتِ ) لِيَنَالَ فَضِيلَةَ أَضْدَادِهَا ( وَلَا الْمُبَالَغَةُ فِي التَّخْفِيفِ ) لِمَا نَزَلَ لَهُ ( وَلَيْسَ لَهُ التَّطْوِيلُ وَلَا إيقَافُهَا ) أَيْ - .
الدَّابَّةِ ( لِنَافِلَةٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ ) وَنَحْوِهَا لِإِمْكَانِهِمَا عَلَى الدَّابَّةِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِإِيقَافِهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَالْفَصِيحُ وَقْفُهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ ( وَعَلَيْهِ فِي الْتِزَامِ الْحَمْلِ الرَّفْعُ وَالْحَطُّ ) لِلْحِمْلِ ( وَالْحِفْظُ ) لِلْمَتَاعِ ( فِي الْمَنَازِلِ ) كَالْوِعَاءِ ( وَلَوْ آجَرَهُ عَيْنَ الدَّابَّةِ فَالْوَاجِبُ ) عَلَيْهِ ( التَّخْلِيَةُ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ سِوَى تَسْلِيمِهَا .
( قَوْلُهُ : وَسَائِقُ الدَّابَّةِ وَقَائِدُهَا ) وَالْبَذْرَقَةُ وَحِفْظُ الْمَتَاعِ فِي الْمَنْزِلِ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ تَرَطَّبَ الْمَتَاعُ فِي الطَّرِيقِ وَثَقُلَ خُيِّرَ الْمُكْرِي إلَّا أَنْ يُجَفَّفَ كَمَا كَانَ فَإِنْ لَمْ يُجَفَّفْ ، وَلَمْ يَفْسَخْ فَلَهُ أُجْرَةُ مَا زَادَ عَلَى الْمَشْرُوطِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ بِامْتِحَانِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ شَرَطَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بِحَسَبِ الْحَاجَةِ ) بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا ، أَوْ ضَعِيفًا ، أَوْ شَيْخًا أَوْ امْرَأَةً ، أَوْ سَمِينًا .
قَوْلُهُ : فَالْوَاجِبُ التَّخْلِيَةُ ) الْمُرَادُ بِالتَّخْلِيَةِ التَّمْكِينُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ قَبْضَهَا بِالتَّخْلِيَةِ لِئَلَّا يُخَالِفَ قَبْضَ الْمَبِيعِ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ الدَّابَّةِ سَوْقُهَا ، أَوْ قَوْدُهَا زَادَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ سِوَى تَسْلِيمِهَا ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ إجَارَةِ عَيْنٍ ، أَوْ ذِمَّةٍ لَزِمَهُ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الرُّكُوبِ فَعَلَيْهِ تَهْيِئَةُ أَسْبَابِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى عَيْنِ دَابَّةٍ لَا تَتَوَقَّفُ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ لَهَا عَلَى شَيْءٍ ، أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا عُرْيًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ تَسْلِيمِهَا .
( فَرْعٌ وَلْيَتَوَسَّطْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ شَدَّيْنِ ) لِلْمَحْمِلِ أَوْ نَحْوِهِ ( وَجُلُوسَيْنِ يَضُرُّ أَحَدُهُمَا بِالرَّاكِبِ وَالْآخَرُ بِالدَّابَّةِ ) فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الرَّحْلِ أَمَكْبُوبًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا أَوْ فِي كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ اُعْتُبِرَ الْوَسَطُ وَالْمَكْبُوبُ قِيلَ جَعْلُ مُقَدَّمِ الْمَحْمِلِ أَوْ الزَّامِلَةِ أَوْسَعَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ وَالْمُسْتَلْقِي عَكْسُهُ وَقِيلَ الْمَكْبُوبُ أَنْ يُضَيَّقَ الْمُقَدَّمُ وَالْمُؤَخَّرُ جَمِيعًا وَالْمُسْتَلْقِي أَنْ يُوَسَّعَا جَمِيعًا وَعَلَى التَّفْسِيرَيْنِ الْمَكْبُوبُ أَسْهَلُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالْمُسْتَلْقِي أَسْهَلُ عَلَى الرَّاكِبِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ ( وَلَيْسَ لَهُ النَّوْمُ عَلَيْهَا ) فَلِلْمُؤَجِّرِ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ فَلَا يُحْتَمَلُ ( فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ ، وَعَلَى الْقَوِيِّ النُّزُولُ ) عَنْ الدَّابَّةِ ( إنْ اُعْتِيدَ فِي الْعِقَابِ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَقَبَةٍ أَيْ فِي الْعَقَبَاتِ ( الصَّعْبَةِ ) لِإِرَاحَةِ الدَّابَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ فِيهَا إنْ لَمْ يُعْتَدْ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَإِنْ اُعْتِيدَ ( لَا ) عَلَى ( الضَّعِيفِ ) كَالشَّيْخِ الْعَاجِزِ ( وَالْمَرْأَةِ وَذَوِي الْمَنْصِبِ ) الَّذِي يُخِلُّ الْمَشْيُ بِمُرُوءَتِهِمْ عَادَةً ( إلَّا بِالشَّرْطِ ) لِلنُّزُولِ أَوْ لِعَدَمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا ذُكِرَ بَلْ يُتَّبَعُ فِيهِ الشَّرْطُ .
( فَرْعٌ وَإِنْ اكْتَرَى ) دَابَّةً لِلرُّكُوبِ عَلَيْهَا ( إلَى بَلَدٍ أَوْصَلَهُ الْعُمْرَانَ ) إنْ لَمْ يَكُنْ سُورٌ وَإِلَّا أَوْصَلَهُ السُّورَ ( لَا الْمَنْزِلَ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا إنْ كَانَ الْبَلَدُ صَغِيرًا تَتَقَارَبُ أَقْطَارُهُ فَيُوصِلُهُ الْمَنْزِلَ ( أَوْ ) لِلرُّكُوبِ ( إلَى مَكَّةَ لَمْ يُتِمَّ الْحَجَّ عَلَيْهَا ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ ( أَوْ ) لِلرُّكُوبِ ( لِلْحَجِّ رَكِبَ إلَى مِنًى ثُمَّ ) إلَى ( عَرَفَةَ ثُمَّ ) إلَى ( مُزْدَلِفَةَ ثُمَّ ) إلَى ( مِنًى ثُمَّ ) إلَى ( مَكَّةَ لِلْإِفَاضَةِ ) أَيْ طَوَافِهَا ( وَكَذَا ) يَرْكَبُهَا مِنْ مَكَّةَ رَاجِعًا ( إلَى مِنًى لِلرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ ) بِهَا لِأَنَّ الْحَجَّ لَمْ يَفْرُغْ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَلَّلَ وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بَدَلَ الْمَبِيتِ بِالطَّوَافِ سَهْوٌ ( وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا ) أَيْ أَحَدِ الْمُتَكَارِيَيْنِ ( فِرَاقُ الْقَافِلَةِ ) بِتَقَدُّمٍ أَوْ تَأَخُّرٍ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا إنْ كَانَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ حَطَبٍ إلَى دَارِهِ وَأَطْلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ إطْلَاعُهُ السَّقْفَ وَهَلْ يَلْزَمُهُ إدْخَالُهُ الدَّارَ ، وَالْبَابُ ضَيِّقٌ أَوْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ ؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا وَلَوْ ذَهَبَ مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ بِهَا وَالطَّرِيقُ آمِنٌ فَحَدَثَ خَوْفٌ فَرَجَعَ بِهَا ضَمِنَ ، أَوْ مَكَثَ هُنَاكَ يَنْتَظِرُ الْأَمْنَ لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهِ مُدَّتُهُ وَلَهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ الْوَدِيعِ فِي حِفْظِهَا وَإِنْ قَارَنَ الْخَوْفُ الْعَقْدَ فَرَجَعَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ عَرَفَهُ الْمُؤَجِّرُ وَإِنْ ظَنَّ الْأَمْنَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ تَضْمِينِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بَدَلَ " الْمَبِيتِ " بِالطَّوَافِ سَهْوٌ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَيْسَ بِسَهْوٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَالتَّقْدِيرُ وَعَائِدٌ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ وَوَجْهُ الْخِلَافِ فِيهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْحَجِّ وَوَاقِعٌ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَقَوْلُهُ : إنَّهُ سَهْوٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ مُرَادُهُ بِالطَّوَافِ طَوَافُ الْوَدَاعِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ وَطَوَافَ الْوَدَاعِ وَإِنْ كَانَتْ تُفْعَلُ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَهِيَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَجِّ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ هَلْ هُوَ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ مَأْخَذُ الْخِلَافِ هُنَا .
( فَرْعٌ وَتَنْفَسِخُ ) الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ( بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ ) فَلَا تُبْدَلُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ( وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ تَعَيَّبَتْ بِعَشَوَانٍ ) أَيْ بِعَدَمِ إبْصَارِهَا بِاللَّيْلِ وَلَفْظُ عَشَوَانٍ لَا أَحْفَظُهُ وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ : الْعَشَا مَقْصُورٌ مَصْدَرُ الْأَعْشَى وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَيُبْصِرُ بِالنَّهَارِ ( وَعَرَجٍ مُعَوِّقٍ ) لَهَا عَنْ السَّيْرِ مَعَ الْقَافِلَةِ ( وَنَحْوِهِ ) كَتَعَثُّرِهَا تَعَثُّرًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَهَذَا الْفَسْخُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَأْتِي ( لَا ) مُجَرَّدِ ( خُشُونَةِ مَشْيٍ ) وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَجَعَلَهُ عَيْبًا وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي عَيْبِ الْمَبِيعِ انْتَهَى .
وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْدُودَ ثَمَّ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْخُشُونَةِ بَلْ خُشُونَةً يُخْشَى مِنْهَا السُّقُوطَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ هُنَا مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ لَا فِي الْقِيمَةِ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الْمَنْفَعَةُ ( وَ ) الدَّابَّةُ ( الْمُلْتَزَمَةُ فِي الذِّمَّةِ يُبْدِلُهَا ) الْمُؤَجِّرُ ( لِلتَّلَفِ وَالتَّعَيُّبِ ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَكَمَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَهَذَا غَيْرُ سَلِيمٍ فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ رَجَعَ إلَى مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهَا فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( لَا ) إبْدَالَهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهَا عَنْ الْمُلْتَزَمَةِ فِي الذِّمَّةِ ( بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي ) لِأَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا ( إذْ لِلْمُكْتَرِي تَأْجِيرُهَا ) أَيْ إجَارَتُهَا ( بَعْدَ قَبْضِهَا وَ ) لَهُ ( الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَتِهَا ) لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ حَقٍّ فِي عَيْنٍ ( لَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَمَّا الْتَزَمَهُ لَهُ ) الْمُكْرِي ( لِأَنَّهَا ) أَيْ الْإِجَارَةَ ( كَالسَّلَمِ ) وَهُوَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ فِيهِ .
( قَوْلُهُ : وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ ) وَفِي فُرُوقِ الْجُوَيْنِيِّ لَا يَجُوزُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ عَنْ الْأَجِيرِ غَيْرُهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِنَابَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ ( قَوْلُهُ : وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ تَعَيَّبَ ) شَمِلَ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ وَالْحَادِثَ لِتَضَرُّرِهِ بِالْبَقَاءِ وَوَجْهُهُ فِي الْحَادِثِ أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَمْ تُقْبَضْ بَعْدُ فَهُوَ قَدِيمٌ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا ( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ إلَخْ ) وَفِيهَا أَيْضًا وَالْعَشْوَاءُ النَّاقَةُ الَّتِي لَا تُبْصِرُ أَمَامَهَا فَهِيَ تَخْبِطُ بِيَدَيْهَا ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ يَجُوزُ ) فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ ( إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى ) لِلْمَنْفَعَةِ ( وَالْمَحْمُولِ بِمِثْلِهِ ) طُولًا وَقِصَرًا وَضَخَامَةً وَنَحَافَةً وَغَيْرَهَا أَيْ بِمِثْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ دُونَهُ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ لِغَيْرِهِ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ لِلْمُؤَجِّرِ غَرَضًا بِأَنْ لَا يَكُونَ عَيْنُ مَالِهِ إلَّا تَحْتَ يَدِ مَنْ يَرْضَاهُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ نَعَمْ لَيْسَ لَهُ إبْدَالُ الْحَمْلِ بِالْإِرْكَابِ وَلَا عَكْسِهِ وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَا ) إبْدَالُ ( الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ ) بِغَيْرِهِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ ( كَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالدَّارِ ) وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ إبْدَالُ الْمَبِيعِ بَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِهِ بِخِلَافِهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ ( وَلَا ) إبْدَالُ ( الْمُسْتَوْفَى بِهِ ) بِغَيْرِهِ فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ ( كَالثَّوْبِ ) الْمُعَيَّنِ ( فِي الْخِيَاطَةِ وَالصَّبِيِّ ) الْمُعَيَّنِ ( فِي الرَّضَاعِ ) أَوْ التَّعَلُّمِ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَقِيلَ يَجُوزُ إبْدَالُهُ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْأَوَّلُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْلُ فِي الْخُلْعِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فِي الْفَتْوَى قَالَ وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ فِي الرَّضَاعِ بِأَنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُ الصَّبِيِّ لِاخْتِلَافِ
الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهِ وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ كَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ، وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَالْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الثَّانِي وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فِي طَرِيقٍ فَلَهُ إبْدَالُ الطَّرِيقِ بِمِثْلِهِ .
قَوْلُهُ : قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَ وَحْدَهُ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا تَزَوَّجَ كَانَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَهُ قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يُسْكِنُهَا مَعَهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَهُوَ الْقِيَاسُ .
ا هـ .
مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّتِهَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ : لَوْ أَجَّرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ قِيلَ يَلْغُو الشَّرْطُ وَعَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ وَقِيلَ يَصِحُّ الشَّرْطُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ كَلَامُ الصَّيْمَرِيِّ ( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ : إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ ، أَوْ حَمْلَ مَتَاعٍ بِعَيْنِهِ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا مُدَّةً لِرُكُوبٍ ، أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إبْدَالِ الرَّاكِبِ وَالْمَتَاعِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِمَا قَطْعًا وَتَبِعَهُ الْإِمَامُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - يَتَنَاوَلُ الْمُدَّةَ بِدَلِيلِ اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ بِتَسْلِيمِهَا - وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ - ، وَإِذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ تَنَاوَلَ الْعَقْدُ الْعَمَلَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ فَكَانَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : وَالصَّبِيُّ الْمُعَيَّنُ فِي الرَّضَاعِ ) إذَا لَمْ يَقْبَلْ الصَّبِيُّ ثَدْيَهَا فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ بِذَلِكَ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ .
ا هـ .
الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَدَلِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : وَالْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَدْ أَطْلَقَ الِانْفِسَاخَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ ، أَوْ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ فَبَرِئَتَا قَالَ
فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا يُبْدَلُ فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ أَمَرَهُ بِقَلْعِ وَجِعَةٍ لِغَيْرِهِ وَقَالَ فِيهَا فِي الْخَلْعِ فِيمَا إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ الِانْفِسَاخُ وَرَجَّحَهُ الْجُمْهُورُ ا هـ وَهُوَ جَوَابٌ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ .
( فَصْلٌ ) .
( لَيْسَ لَهُ النَّوْمُ لَيْلًا فِي ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ عَمَلًا بِالْعَادَةِ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُ الْإِزَارِ كَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ التَّحْتَانِيِّ كَمَا يُفْهِمُهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِطَهُ ( وَيَنَامُ فِيهِ نَهَارًا ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْقَيْلُولَةِ ( سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ ) لَا أَكْثَرَ النَّهَارِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ ( لَا فِي الْقَمِيصِ الْفَوْقَانِيِّ ) أَيْ لَا يَنَامُ فِيهِ وَلَا يَلْبَسُهُ كُلَّ وَقْتٍ ( بَلْ إنَّمَا يَلْبَسُهُ عِنْدَ التَّجَمُّلِ ) فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِالتَّجَمُّلِ كَحَالِ الْخُرُوجِ إلَى السُّوقِ وَنَحْوِهِ وَدُخُولِ النَّاسِ عَلَيْهِ ( وَيَنْزِعُهُ فِي ) أَوْقَاتِ ( الْخَلْوَةِ ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ ( وَإِنْ اسْتَأْجَرَ إزَارًا ) لِيَتَّزِرَ بِهِ ( فَلَهُ الِارْتِدَاءُ بِهِ ) لِأَنَّ ضَرَرَ الِارْتِدَاءِ دُونَ ضَرَرِ الِاتِّزَارِ ( لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الِاتِّزَارُ بِمَا اسْتَأْجَرَهُ لِلِارْتِدَاءِ لِأَنَّهُ أَضَرُّ بِالثَّوْبِ مِنْ الِارْتِدَاءِ ( أَوْ ) اسْتَأْجَرَ ( قَمِيصًا ) لِلُبْسِهِ ( مُنِعَ مِنْ الِاتِّزَارِ ) بِهِ لِذَلِكَ لَا مِنْ الِارْتِدَاءِ ( وَلَهُ التَّعَمُّمُ ) بِكُلٍّ مِنْ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَالْقَمِيصِ لِأَنَّ ضَرَرَهُ دُونَ ضَرَرِ الِاتِّزَارِ وَالِارْتِدَاءِ وَالتَّقَمُّصِ ( وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلُّبْسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَخَلَتْ اللَّيَالِي ) الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهَا ( أَوْ يَوْمًا وَأَطْلَقَ فَمِنْ ) أَيْ فَمُدَّتُهُ مِنْ ( وَقْتِهِ ) أَيْ وَقْتِ الْعَقْدِ ( إلَى مِثْلِهِ أَوْ قَالَ ) يَوْمًا ( كَامِلًا فَمِنْ ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ أَوْ ) اسْتَأْجَرَ لِلُّبْسِ ( نَهَارًا فَمِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ ) إلَى الْغُرُوبِ ( أَوْ ) مِنْ طُلُوعِ ( الشَّمْسِ ) إلَى غُرُوبِهَا ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي نَهَارِ شَهْرِ كَذَا طَلُقَتْ بِطُلُوعِ
فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ إطْلَاقِ الْيَوْمِ وَوَصْفِهِ بِكَامِلٍ يَأْتِي فِي النَّهَارِ وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا أَوَّلَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ .
( قَوْلُهُ : لَيْسَ لَهُ النَّوْمُ لَيْلًا فِي ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَشَى طُولَ اللَّيْلِ لِحَاجَةٍ وَلَمْ يَنَمْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ فَإِنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ النَّوْمِ ( قَوْلُهُ : نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُ الْإِزَارِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ ( قَوْلُهُ : أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ ) هُوَ الصَّحِيحُ .
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْأَجِيرِ ) فِي الْأَمَانَةِ وَالضَّمَانِ ( فَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ ) عَلَى الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ( يَدُ أَمَانَةٍ ) فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهَا بِلَا تَقْصِيرٍ إذْ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ مَنْفَعَتَهَا الْمُسْتَحَقَّةَ لَهُ إلَّا بِإِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهَا كَالنَّخْلَةِ الْمُبْتَاعِ ثَمَرَتُهَا بِخِلَافِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ ( وَلَوْ .
بَعْدَ ) مُضِيِّ ( الْمُدَّةِ ) تَبَعًا لَهَا ( فَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ ) لَهَا بَلْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ إذَا طَلَبَ كَالْوَدِيعَةِ ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِذَا ( انْفَسَخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( بِسَبَبٍ وَلَمْ يُعْلِمْ ) الْمُسْتَأْجِرُ ( الْمَالِكَ ) بِالِانْفِسَاخِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ ( ضَمِنَهَا وَمَنَافِعَهَا ) لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ أَوْ كَانَ هُوَ عَالِمًا بِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْهُ ( وَإِنْ حَمَلَ قِدْرًا ) بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ اسْتِئْجَارِهَا ( لِلرَّدِّ عَلَى دَابَّةٍ فَانْكَسَرَ بِعَثْرَتِهَا ) وَفِي نُسْخَةٍ بِتَعَثُّرِهَا ( فَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ ) وَإِلَّا ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ إذْ الْعَادَةُ أَنَّ الْقِدْرَ لَا تُرَدُّ بِالدَّابَّةِ مَعَ اسْتِقْلَالِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ حَمَّالٍ بِهِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا أَيْ إنْ لَمْ يَجِدْ حَمَّالًا مَا لَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ الْحَمْلُ بِحَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَالْقِدْرُ مُؤَنَّثٌ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَّرَهَا وَالْأَصْلُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا ( وَلَوْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ ) بِالدَّابَّةِ ( وَقْتَهُ ) أَيْ وَقْتَ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَالنَّهَارِ ( فَتَلِفَتْ بِسَبَبٍ ) كَانْهِدَامِ سَقْفٍ ( لَوْ انْتَفَعَ بِهَا ) فِيهِ ( لَسَلِمَتْ ضَمِنَ ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ اسْتِعْمَالِهِ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَتْ بِمَا لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهَا السَّقْفُ فِي لَيْلٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ
الضَّمَانَ بِذَلِكَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ وَإِلَّا لَضَمِنَ بِتَلَفِهِ بِمَا لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ لَكِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ السُّبْكِيُّ فَقَالَ وَهَلْ هُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ حَتَّى لَوْ لَمْ تَتْلَفُ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ ضَمَانُ يَدٍ حَتَّى تَصِيرَ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ سَافَرَ بِهَا فَتَلِفَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا التَّفْصِيلُ فَيُقَالَ : إنْ سَافَرَ فِي وَقْتٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالسَّيْرِ فِيهِ فَتَلِفَتْ بِآفَةٍ أَوْ بِغَصْبٍ ضَمِنَ وَلَوْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَقْتَهُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ عَرَضَ لَهُ فَتَلِفَتْ بِذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الَّذِي اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْخَوْفِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ ( وَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( غُصِبَتْ ) أَيْ الدَّابَّةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ( لَمْ يَضْمَنْ ) هَا ( وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ رُفْقَةٍ ) لَهُ غُصِبَتْ دَوَابُّهُمْ وَ ( سَعَوْا فِي الِاسْتِرْدَادِ ) لَهَا مِنْ الْغَاصِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ .
( وَيَدُ الْأَجِيرِ ) عَلَى مَا اُسْتُؤْجِرَ لِحِفْظِهِ أَوْ لِلْعَمَلِ فِيهِ ( كَالرَّاعِي وَالْخَيَّاطِ ) وَالصَّبَّاغِ ( يَدُ أَمَانَةٍ وَلَوْ ) كَانَ ( مُشْتَرَكًا ) وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعَمَلِ فِي ذِمَّتِهِ إذْ لَيْسَ أَخْذُهُ الْعَيْنَ لِغَرَضِهِ خَاصَّةً فَأَشْبَهَ عَامِلَ الْقِرَاضِ وَسُمِّيَ مُشْتَرَكًا لِأَنَّهُ إنْ الْتَزَمَ الْعَمَلَ لِجَمَاعَةٍ فَذَاكَ أَوْ لِوَاحِدٍ فَقَطْ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَلْتَزِمَهُ لِغَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ ، وَقَسِيمُهُ الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ لِغَيْرِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْبَلَ مِثْلَهُ لِآخَرَ مَا دَامَتْ إجَارَتُهُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُشْتَرَكِ بِكَوْنِ يَدِهِ يَدَ أَمَانَةٍ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمُدَّةِ فَيَدُهُ كَيَدِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ ( فَلَوْ تَعَدَّى ) الْأَجِيرُ فِيمَا ذُكِرَ ( أَوْ فَرَّطَ ) فِيهِ ( ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ ) لَهُ ( مِنْ ) وَقْتِ (
التَّعَدِّي إلَى ) وَقْتِ ( التَّلَفِ ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ فَرَّطَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ لَشَمِلَهُ التَّعَدِّي كَمَا شَمِلَهُ فِي قَوْلِهِ ( وَالتَّعَدِّي مِثْلُ أَنْ يُسْرِفَ فِي الْإِيقَادِ لِلْخُبْزِ أَوْ يُلْصِقَهُ ) أَيْ الْخُبْزَ ( قَبْلَ وَقْتِهِ ) أَيْ وَقْتِ إلْصَاقِهِ أَوْ يَتْرُكَهُ فِي التَّنُّورِ فَوْقَ الْعَادَةِ حَتَّى يَحْتَرِقَ ( وَيُصَدَّقُ ) الْأَجِيرُ ( بِيَمِينِهِ ) فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي أَوْ التَّفْرِيطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الضَّمَانِ ( إلَّا إنْ قَالَ ) عَدْلَانِ ( خَبِيرَانِ : إنَّ هَذَا سَرَفٌ ) فَلَا يُصَدَّقُ بَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِمَا .
( وَلَوْ ضَرَبَ ) الْأَجِيرُ ( الصَّبِيَّ لِلتَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ فَمَاتَ فَمُتَعَدٍّ ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ بِغَيْرِ الضَّرْبِ ( ثُمَّ الْأَجِيرُ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ كَمَنْ يَعْمَلُ لِلْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ أَوْ يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَهُ حَالَةَ الْعَمَلِ ثُمَّ يَحْمِلُهُ ) أَيْ مَا عَمِلَ فِيهِ ( إلَى بَيْتِهِ لَمْ يَضْمَنْ قَطْعًا ) وَفِي نُسْخَةٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَمْ مُشْتَرَكًا لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا اسْتَعَانَ بِهِ الْمَالِكُ فِي شُغْلِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِالْوَكِيلِ فَإِنْ انْفَرَدَ بِالْيَدِ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا كَمَا شَمِلَ الْقِسْمَيْنِ كَلَامُهُ السَّابِقُ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ : ثُمَّ الْأَجِيرُ إلَى آخِرِهِ .
قَوْلُهُ : فَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ ) فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الرَّدَّ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ .
( تَنْبِيهٌ ) الْأَجِيرُ لِحِفْظِ الدُّكَّانِ فَيُؤْخَذُ مَا فِيهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَى الْمَالِ قَالَهُ فِي الْحَاوِي وَحَكَاهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يَعِزُّ النَّقْلُ فِيهَا ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَدْ حَكَوْا فِي تَخَطِّي الرِّقَابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَنْ الْقَفَّالِ مِثْلَهُ ( قَوْلُهُ : كَانْهِدَامِ سَقْفٍ ) أَوْ حَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ ( قَوْلُهُ : وَبِذَلِكَ عُلِمَ إلَخْ ) وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ تَتْلَفْ لَمْ يَضْمَنْ ( قَوْلُهُ : وَهَلْ هُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) قَالَ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ نُسِبَ فِي الرَّبْطِ إلَى تَفْرِيطٍ صَارَ ضَامِنًا ضَمَانَ يَدٍ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ يَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَدُ عُدْوَانٍ ( قَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا التَّفْصِيلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ غُصِبَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا ) لَوْ أَمْكَنَهُ الدَّفْعُ حَالَ الْغَصْبِ بِلَا خَطَرٍ وَلَا غَرَامَةٍ وَلَمْ يَدْفَعْ ضَمِنَ ( قَوْلُهُ : يَدُ أَمَانَةٍ ) وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ( قَوْلُهُ : فَأَشْبَهَ عَامِلَ الْقِرَاضِ ) وَالْمُرْتَهِنَ ( قَوْلُهُ : فَمُتَعَمِّدٌ ) شَمِلَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي الضَّرْبِ الْعَنِيفِ .
( فَرْعٌ : وَإِنْ خَتَنَ الْأَجِيرُ حُرًّا أَوْ فَصَدَهُ ) أَوْ حَجَمَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ ( وَكَذَا ) إنْ كَانَ الْمَفْعُولُ بِهِ ذَلِكَ ( عَبْدًا ) وَلَا تَقْصِيرَ فَمَاتَ ( أَوْ بَزَغَ ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ شَرَطَ ( دَابَّةً بِلَا تَقْصِيرٍ فَمَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْ ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَى الْحُرِّ وَلِعَدَمِ التَّفْرِيطِ فِي غَيْرِهِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ وَنَحْوِهِ ) كَخَيَّاطٍ وَغَسَّالٍ ( بِلَا اسْتِئْجَارٍ ) أَيْ بِغَيْرِ ذِكْرِ مَا يَقْتَضِي أُجْرَةً ( لِيَقْصُرَهُ ) أَوْ لِيَخِيطَهُ أَوْ لِيَغْسِلَهُ ( فَقَصَرَهُ ) أَوْ خَاطَهُ أَوْ غَسَلَهُ ( فَالثَّوْبُ أَمَانَةٌ ) فِي يَدِهِ ( وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَلَوْ ) كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ بِأَجْرٍ أَوْ ( قَالَ ) لَهُ ( اُقْصُرْهُ ) أَوْ خِطْهُ أَوْ نَحْوَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا ( كَمَا لَوْ قَالَ - .
أَطْعِمْنِي ) فَأَطْعَمَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ اسْتَحَقَّهَا إذْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَنَافِعِهِمْ الْمُقَابَلَةِ بِالْأَعْوَاضِ وَاسْتُثْنِيَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ إذَا عَمِلَ مَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَعَامِلُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ مُسَمَّاةٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهَا الْإِمَامُ حِينَ بَعَثَهُ ( بِخِلَافِ دَاخِلٍ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ الْحَمَّامِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ ( لِأَنَّ الْقَصَّارَ ) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ ( صَرَفَ مَنْفَعَتَهُ ) لِغَيْرِهِ ( وَالدَّاخِلَ ) لِلْحَمَّامِ ( اسْتَوْفَاهَا ) يَعْنِي مَنْفَعَةَ الْحَمَّامِ ( بِسُكُوتِهِ ) وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا إذْنٍ الدَّاخِلُ بِإِذْنٍ فَإِنَّ الْحَمَّامِيَّ فِيهِ كَالْأَجِيرِ كَمَا قَالُوا بِهِ فِيمَنْ دَخَلَ سَفِينَةً بِإِذْنِ صَاحِبِهَا حَتَّى أَتَى السَّاحِلَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ وَصَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّهُ إذَا دَخَلَهَا بِلَا إذْنٍ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ
مَالِكُهَا حِينَ سَيَّرَهَا وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ فَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَى مَالِكِهِ وَلَا ضَمَانَ ( وَلَوْ قَالَ ) لِغَسَّالٍ مَثَلًا وَقَدْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا ( اغْسِلْهُ وَأَنَا أُرْضِيكَ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : أَوْ وَلَا تَرَى مِنِّي إلَّا مَا يَسُرُّك ، أَوْ حَتَّى أُحَاسِبَك ، أَوْ وَلَا يَضِيعُ حَقُّك أَوْ نَحْوَهَا ( فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ) مُسْتَحَقَّةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِالْعَمَلِ .
( قَوْلُهُ : وَغَسَّالٍ ) وَقَاسِمٍ بِإِذْنِ إمَامٍ وَإِنْ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَوْلُهُ : لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ) لِأَنَّ أَقْصَى دَرَجَاتِ الْمَنَافِعِ أَنْ يَكُونَ كَالْأَعْيَانِ وَهُوَ لَوْ قَالَ أَطْعِمْنِي هَذَا فَأَطْعَمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا فَأَسْكَنَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ كَانَ عَبْدًا إلَخْ ) وَقَالَ ابْنُ الْعَرَّافِ لَا يَسْتَحِقُّونَهَا وَقَدْ فَاتَتْ مَنَافِعُهُمْ بِتَفْوِيتِهِمْ إيَّاهَا وَلِلْأَئِمَّةِ نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .
ا هـ .
وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ الْغَزِّيِّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ إلَخْ ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً وَلَمْ يَقُولُوا : وَلَا سُمِّيَتْ لَهُ شَرْعًا ( قَوْلُهُ : وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ إذْ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ لَا يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ وَلَا الضَّمَانَ فَإِنَّ السُّكُوتَ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ وَهُوَ عِلْمٌ وَزِيَادَةٌ وَمَالِكُ الدَّابَّةِ بِسَبِيلٍ مِنْ إلْقَاءِ الْمَتَاعِ قَبْلَ تَسْيِيرِهَا بِخِلَافِهِ فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ غَاصِبٌ لِلْبُقْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا بِحَيْثُ إنَّهُ ضَامِنٌ وَلَوْ لَمْ يُسَيِّرْهَا بِخِلَافِ وَاضِعِ مَتَاعِهِ عَلَى الدَّابَّةِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا لَهَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ مَتَاعِهِ ( قَوْلُهُ : أَوْ نَحْوَهَا ) كَأَعْرِفُ حَقَّكَ أَوْ أُجْرَتُهُ مَعْلُومَةٌ ، أَوْ مُقَدَّرَةٌ أَوْ قَدِّرْ أُجْرَتَهُ .
( فَرْعٌ مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْآلَةِ ) مِنْ سَطْلٍ وَإِزَارٍ وَنَحْوِهِمَا ( وَحِفْظِ الْمَتَاعِ ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَعَ الدَّاخِلِ الْآلَةُ وَمَنْ يَحْفَظُ الْمَتَاعَ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فَقَطْ ( لَا ثَمَنُ الْمَاءِ ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ ( فَهُوَ ) أَيْ الْحَمَّامِيُّ ( مُؤَجِّرٌ ) لِلْآلَةِ ( وَأَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ ) فِي الْأَمْتِعَةِ فَلَا يَضْمَنُهَا كَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ ، وَالْآلَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الدَّاخِلِ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ لَهَا .
( فَصْلٌ ) .
لَوْ ( اُسْتُؤْجِرَ فِي قِصَارَةِ ثَوْبٍ أَوْ فِي صَبْغِهِ بِصِبْغٍ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ فَقَصَرَهُ أَوْ صَبَغَهُ وَانْفَرَدَ ) بِالْيَدِ ( فَتَلِفَ فِي يَدِهِ ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِإِتْلَافِهِ ( بَعْدَ الْقِصَارَةِ وَالصَّبْغِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ ) كَمَا فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ فِي مَسْأَلَتِهَا عَيْنٌ ( لَا إنْ ) لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ بِأَنْ ( عَمِلَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ حَتَّى تَلِفَ ) فَلَا تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ فِيهِ مُسَلَّمًا أَوَّلًا فَأَوَّلًا ( فَإِنْ أَتْلَفَهُ ) وَانْفَرَدَ بِالْيَدِ ( ضَمِنَهُ غَيْرَ مَقْصُورٍ أَوْ مَصْبُوغٍ مَعَ الصِّبْغِ ) وَسَقَطَتْ أُجْرَتُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ ضَمِنَهُ مَقْصُورًا أَوْ مَصْبُوغًا وَلَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ ( وَمَتَى أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ ) وَانْفَرَدَ الْأَجِيرُ بِالْيَدِ ( فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ ) لِلْإِجَارَةِ كَمَا فِي إتْلَافِهِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ ( فَإِنْ أَجَازَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ ) لَهُ ( قِيمَتُهُ ) أَيْ الثَّوْبِ ( مَقْصُورًا أَوْ مَصْبُوغًا وَإِنْ فَسَخَ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَطَالَبَ ) هُوَ ( الْأَجْنَبِيَّ بِقِيمَتِهِ غَيْرَ مَقْصُورٍ أَوْ مَصْبُوغٍ مَعَ بَدَلِ الصِّبْغِ ) وَلِلْأَجِيرِ تَغْرِيمُ الْأَجْنَبِيِّ أُجْرَةَ الْقِصَارَةِ أَوْ الصِّبْغِ فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِصِبْغِ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَصْبُغَ بِصِبْغِ نَفْسِهِ فَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ تَسْقُطُ قِيمَةُ الصِّبْغِ .
( قَوْلُهُ : كَمَا فِي إتْلَافِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فَإِيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَجِيرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ لِلْمَنْفَعَةِ ، وَصَاحِبَ الثَّوْبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي لِلْمَنْفَعَةِ وَإِذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الثَّوْبَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَدْ أَتْلَفَ الْقِصَارَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ فَإِنْ فَسَخَ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ كَمَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ وَإِذَا سَقَطَتْ رَجَعَ الْأَجِيرُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ ، وَالْمَبِيعُ هُنَا هُوَ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ الْقِصَارَةُ ( قَوْلُهُ : وَلِلْأَجِيرِ تَغْرِيمُ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ لَوْ قَصَرَ الثَّوْبَ ثُمَّ جَحَدَهُ ) ثُمَّ أَتَى بِهِ ( اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ أَوْ جَحَدَهُ ثُمَّ قَصَرَهُ لَا لِنَفْسِهِ ) بَلْ لِجِهَةِ الْإِجَارَةِ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ أَتَى بِهِ ( اسْتَقَرَّتْ ) أَيْضًا وَمَسْأَلَةُ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ سَقَطَتْ ) لِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَرَفَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ لِنَفْسِهِ .
حَيْثُ لَا تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ بِأَنَّ الْحَجَّ بَعْدَ انْعِقَادِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَنِيَّةُ الصَّرْفِ مُلْغَاةٌ بِخِلَافِ الْقِصَارَةِ فَإِنَّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ وَمَا لَوْ قَالَ مَالِكُ الْمَعْدِنِ لِغَيْرِهِ مَا اسْتَخْرَجْته مِنْهُ هُوَ لَك أَوْ اسْتَخْرِجْ لِنَفْسِكَ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِأَنَّهُ ثَمَّ جَعَلَ لَهُ شَيْئًا طَمِعَ فِيهِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ سَقَطَتْ ) وَهَذَا قِيَاسُ الْمَنْقُولِ فِي الْجَعَالَةِ فِيمَا إذَا عَاوَنَ الْعَامِلَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُمْ فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الْعَمَلَ لِنَفْسِهِ ، أَوْ لِلْمَالِكِ أَوْ لِلْعَامِلِ فَإِنْ قَصَدَ مُعَاوَنَةَ الْعَامِلِ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ كُلَّ الْجُعْلِ وَإِلَّا فَبِالْقِسْطِ ، وَالْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةُ قَدْ اشْتَرَكَا فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فَبَنَاهُ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْحَائِطَ لِنَفْسِهِ ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ بِلَا خِلَافٍ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الْقِصَارَةِ حَيْثُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا .
شَيْئًا إذَا قَصَدَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ جَحْدٌ لِلْعَمَلِ فَكَانَ مُقَصِّرًا وَلَا كَذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ إذْ لَا جَحْدَ مِنْهُ ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِي ظَنِّهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهَا .
( فَصْلٌ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ ) مَا اسْتَأْجَرَهُ ( بِالتَّعَدِّي ) فِيهِ ( فَإِنْ نَامَ فِي الثَّوْبِ ) الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ ( بِاللَّيْلِ أَوْ نَقَلَ فِيهِ تُرَابًا أَوْ أَلْبَسَهُ مَنْ دُونَهُ ) حِرْفَةً ( كَعِصَارِ ) أَوْ دَبَّاغٍ ( أَوْ أَسْكَنَ الْبَيْتَ أَضَرَّ مِنْهُ كَحَدَّادٍ وَنَحْوِهِ ) كَقَصَّارٍ ( ضَمِنَ ) أَيْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ لِتَعَدِّيهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ " وَنَحْوِهِ " ( أَوْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ ) فَوْقَ الْعَادَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَعَادَةُ الضَّرْبِ تَخْتَلِفُ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ وَالرَّائِضِ وَالرَّاعِي فَكُلٌّ تُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ .
وَيَحْتَمِلُ فِي الْأَجِيرِ لِلرِّيَاضَةِ وَلِلرَّعْيِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ لِلرُّكُوبِ ( أَوْ كَبَحَهَا ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ بِالْمِيمِ بَدَلَهَا وَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ كَذَلِكَ أَيْ جَذَبَهَا بِاللِّجَامِ لِتَقِفَ ( فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ ) ضَمِنَ أَيْضًا ( لَا إنْ مَاتَتْ بِالضَّرْبِ الْمُعْتَادِ ) أَوْ بِإِرْكَابِهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ .
( بِخِلَافِ ) مَوْتِ ( الزَّوْجَةِ وَالصَّبِيِّ ) بِضَرْبِهِمَا لِلتَّأْدِيبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُمَا ( لِإِمْكَانِ تَأْدِيبِهِمَا بِغَيْرِهِ ) وَمَسْأَلَةُ الصَّبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهَا كَأَصْلِهِ قَبْلَ فَرْعٍ وَإِنْ خَتَنَ الْأَجِيرُ حُرًّا ( وَالْقَرَارُ ) لِلضَّمَانِ ( عَلَى ) الْمُسْتَعْمِلِ ( الثَّانِي إنْ عَلِمَ ) الْحَالَ ( وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ ) إنْ كَانَتْ يَدُ الثَّانِي يَدَ أَمَانَةٍ كَالْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي الْغَصْبِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ ( وَإِنْ أَرْكَبَهَا مِثْلَهُ فَتَعَدَّى ) بِمُجَاوَزَةِ الضَّرْبِ أَوْ بِغَيْرِهِ ( اُخْتُصَّ ) هُوَ ( بِالضَّمَانِ لِتَعَدِّيهِ ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْكِبِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ ( وَإِنْ اكْتَرَى ) دَابَّةً ( لِمِائَةِ رِطْلٍ حِنْطَةً فَحَمَلَ وَزْنَهَا شَعِيرًا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ ) فَمَا أَخَذَهُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ
أَكْثَرُ ( وَالْحِنْطَةُ يَجْتَمِعُ ثِقَلُهَا ) فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَمْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ وَقِسْ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ مَا يُشْبِهُهُمَا ( وَيُبْدِلُ بِالْقُطْنِ الصُّوفَ ) وَالْوَبَرَ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُ فِي الْحَجْمِ ( لَا الْحَدِيدَ وَ ) يُبْدِلُ ( بِالْحَدِيدِ الرَّصَاصَ ) وَالنُّحَاسَ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُ فِي الْحَجْمِ ( لَا الْقُطْنَ ) وَمَسْأَلَتُنَا عَدَمُ جَوَازِ الْإِبْدَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهَا كَأَصْلِهِ فِي فَصْلٍ .
وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ جِنْسٍ ( أَوْ اكْتَرَاهَا ) لِقَفِيزِ شَعِيرٍ ( فَحَمَلَ ) قَفِيزًا ( حِنْطَةً ضَمِنَ ) لِأَنَّهَا أَثْقَلُ ( لَا عَكْسُهُ ) فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَمِقْدَارُهُمَا فِي الْحَجْمِ سَوَاءٌ وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا ( أَوْ ) اكْتَرَاهَا ( لِيَرْكَبَ بِسَرْجٍ فَرَكِبَ عُرْيًا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَ ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَضَرُّ بِهَا ، وَالثَّانِيَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ ( أَوْ لِيَرْكَبَ بِسَرْجٍ فَرَكِبَ بِإِكَافٍ ضَمِنَ ) إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ السَّرْجِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ وَزْنًا وَضَرَرًا ( أَوْ عَكْسَهُ فَلَا ) يَضْمَنُ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ أَثْقَلَ ) مِنْ الْإِكَافِ ( أَوْ لِيَحْمِلَ ) عَلَيْهَا ( بِإِكَافٍ فَحَمَلَ بِسَرْجٍ ضَمِنَ ) لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهَا ( لَا عَكْسُهُ ) فَلَا يَضْمَنُ ( إلَّا إنْ كَانَ أَثْقَلَ ) مِنْ السَّرْجِ .
( قَوْلُهُ : ضَمِنَ ) قَالَ فِي الْبَيَانِ إلَّا إذَا قَالَ : لِتَسْكُنَهَا وَتُسْكِنَ مَنْ شِئْتَ فَلَهُ ذَلِكَ وَأَضَرُّ مِنْهُ لِلْإِذْنِ ( قَوْلُهُ : وَالرَّائِضُ ) حَتَّى لَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ وَأَرْكَبَ غَيْرَهُ مَعَ نَفْسِهِ لِتَرْتَاضَ فَهَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى زَمِيلِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) مَنْ يُطَبِّبُ وَلَا يَعْرِفُ الطِّبَّ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ عَدْلَيْنِ غَيْرِ عَدُوَّيْنِ لَهُ وَلَا خَصْمَيْنِ ، وَلَوْ بَيْطَرَ فَظَهَرَ مِنْهُ عُدْوَانٌ ضَمِنَ وَإِنْ أَخْطَأَ ( قَوْلُهُ : نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ ) وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ ضَامِنًا ، ( وَقَوْلُهُ مِقْدَارُهُمَا فِي الْحَجْمِ سَوَاءٌ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُجْعَلْ عَلَى رَأْسِ الْمِكْيَالِ شَيْءٌ مِنْ الْحَبِّ فَإِنْ جُعِلَ كَالشَّامِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ مِنْ الشَّعِيرِ أَكْثَرَ مِنْ الْحِنْطَةِ فَلَا يَكُونَانِ فِي الْحَجْمِ سَوَاءً .
( فَرْعٌ وَإِنْ زَادَ ) مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِحَمْلِ مِقْدَارٍ سَمَّاهُ ( فَوْقَ مَا يَقَعُ ) مِنْ التَّفَاوُتِ ( بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ ) أَوْ الْوَزْنَيْنِ ( بِأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِتِسْعَةِ آصُعٍ فَكَالَ عَشَرَةً وَحَمَلَهَا ) عَلَيْهَا وَسَيَّرَهَا ( بِنَفْسِهِ ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ ( فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ ) مَعَ الْمُسَمَّى لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ الْوَزْنَيْنِ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى مَكَانًا لِوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فِيهِ فَزَادَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ غُرْفَةً فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْكُلِّ .
وَثَانِيهِمَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَهُ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ وَالثَّانِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْكُلِّ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ فَزَرَعَ ذُرَةً - مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أُجْرَةِ مِثْلِ الذُّرَةِ وَالْمُسَمَّى مَعَ أُجْرَةِ الزَّائِدِ مِنْ ضَرَرِ الذُّرَةِ - أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي هَذِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ ثَمَّ عَدَلَ عَنْ الْمُعَيَّنِ أَصْلًا فَسَاغَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمُسَمَّى بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا .
( فَإِنْ تَلِفَتْ ) أَيْ الدَّابَّةُ ( مَعَهُ وَصَاحِبُهَا غَائِبٌ ضَمِنَهَا مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ بِالْحَمْلِ أَمْ بِغَيْرِهِ لِتَعَدِّيهِ ( أَوْ حَاضِرٌ ) وَيَدُهُ عَلَيْهَا ( وَتَلِفَتْ بِالْحَمْلِ لَا بِغَيْرِهِ ضَمِنَ الْعُشْرَ ) أَيْ عُشْرَ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ قِسْطُ الزَّائِدِ كَمَا فِي الْجَلَّادِ وَفَارَقَ مَا لَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ جِرَاحَاتٍ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً أَوْ جَرَحَهُ - .
وَاحِدٌ جِرَاحَاتٍ وَآخَرُ جِرَاحَةً
وَاحِدَةً حَيْثُ لَمْ يُقَسَّطْ بَلْ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى صَاحِبِ الْجِرَاحَةِ الْوَاحِدَةِ بِأَنَّ التَّوْزِيعَ هُنَا مُتَيَسَّرٌ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ لِأَنَّ نِكَايَاتِهَا لَا تَنْضَبِطُ وَلَا مَعْنَى لِرِعَايَةِ مُجَرَّدِ الْعَدَدِ أَمَّا إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْحَمْلِ فَيَضْمَنُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِالْيَدِ لَا عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِهَا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِالْجِنَايَةِ .
( وَإِنْ حَمَّلَهَا الْمُؤَجِّرُ مَغْرُورًا ) مِنْ الْمُكْتَرِي كَأَنْ سَلَّمَهُ الْآصُعَ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا عَشَرَةٌ وَقَالَ لَهُ هِيَ تِسْعَةٌ كَاذِبًا وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ بِهَا ( وَجَبَ ضَمَانُ الْعُشْرِ أَيْضًا ) عَلَى الْمُكْتَرِي كَمَا لَوْ حَمَّلَهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّ إعْدَادَ الْمَحْمُولِ وَتَسْلِيمَهُ إلَى الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَالْإِلْجَاءِ إلَى الْحَمْلِ شَرْعًا فَكَانَ كَشَهَادَةِ شُهُودِ الْقِصَاصِ .
( وَإِنْ عَلِمَ ) بِذَلِكَ ( وَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ ) فَأَجَابَهُ ( فَقَدْ أَعَارَهُ إيَّاهَا لِحَمْلِ الزِّيَادَةِ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا فَلَوْ تَلِفَتْ ) أَيْ الدَّابَّةُ تَحْتَ الْحِمْلِ ( ضَمِنَ ) الْمُسْتَأْجِرُ ( الْعُشْرَ أَيْضًا ) لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ لَا يَجِبُ بِالْيَدِ خَاصَّةً بَلْ بِالِارْتِفَاقِ أَيْضًا فَزِيَادَةُ الِارْتِفَاقِ بِالْمَالِكِ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ .
( وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ ) الْمُسْتَأْجِرُ بِالْحَمْلِ ( فَحَمَّلَهَا وَهُوَ عَالِمٌ ) كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَذِكْرُهُ هَذَا إيضَاحٌ ( فَهُوَ كَمَا لَوْ كَالَ الزِّيَادَةَ ) بِنَفْسِهِ ( وَحَمَّلَهَا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيهَا ) أَيْ فِي حَمْلِهَا ( سَوَاءٌ أَغَلَّطَ ) فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ( أَوْ تَعَمَّدَ وَسَوَاءٌ جَهِلَ الْمُسْتَأْجِرُ ) الزِّيَادَةَ ( أَوْ عَلِمَ ) بِهَا ( وَسَكَتَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي نَقْلِ الزِّيَادَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَهِيمَةَ ) إنْ تَلِفَتْ إذْ لَا يَدَ وَلَا تَعَدِّيَ ( وَلَهُ طَلَبُ الْمُؤَجِّرِ ) أَيْ مُطَالَبَتُهُ ( بِرَدِّ الزِّيَادَةِ إلَى مَكَانِهَا ) الْمَنْقُولَةِ هِيَ مِنْهُ ( وَلَا يَرُدُّهَا اسْتِقْلَالًا ) بَلْ
لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي رَدِّهَا فَلَوْ اسْتَقَلَّ بِرَدِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ تَكْلِيفَهُ رَدَّهَا إلَى الْمَكَانِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوَّلًا .
( وَيُطَالِبُ ) أَيْ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَتُهُ ( بِالْبَدَلِ ) لَهَا فِي الْحَالِ ( لِلْحَيْلُولَةِ ) كَمَا لَوْ أَبَقَ الْمَغْصُوبُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَلَوْ غَرِمَ لَهُ بَدَلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَكَانِهَا اسْتَرَدَّهُ وَرَدَّهَا إلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ كَالَهُ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْآصُعِ ( الْمُؤَجِّرُ وَحَمَّلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهُوَ عَالِمٌ ) بِالزِّيَادَةِ ( فَكَمَا لَوْ كَالَ ) بِنَفْسِهِ ( وَحَمَّلَ ) فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا وَالضَّمَانُ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَهَا كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يُحَمِّلَهَا ( فَإِنْ جَهِلَ ) هَا ( فَكَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ جَاهِلًا ) فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا وَالضَّمَانُ أَيْضًا لِأَنَّهُ نَقَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ " وَهُوَ " " وَالْمُؤَجِّرُ " وَهُوَ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَعَلَيْهَا لَا أُجْرَةَ وَلَا ضَمَانَ فِي الصُّورَتَيْنِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَلِمَنْ نَقَلَاهَا عَنْهُ وَهُوَ الْمُتَوَلِّي بَلْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّهَا الصَّوَابُ ( وَلَوْ كَالَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَحَمَّلَهُ وَالدَّابَّةُ وَاقِفَةٌ ثُمَّ سَيَّرَهَا الْمُؤَجِّرُ فَكَحَمْلِ الْمُؤَجِّرِ عَلَيْهَا ) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إنْ كَانَ عَالِمًا إلَّا إنْ كَانَ مَغْرُورًا .
( وَإِنْ كَالَهُ أَجْنَبِيٌّ وَحَمَّلَهُ بِلَا إذْنٍ ) فِي حَمْلِ الزِّيَادَةِ ( فَهُوَ غَاصِبٌ لِلزَّائِدِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِلْمُؤَجِّرِ وَالرَّدُّ ) لَهُ ( إلَى الْمَكَانِ ) الْمَنْقُولِ مِنْهُ إنْ طَالَبَهُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ ( وَ ) عَلَيْهِ ( ضَمَانُ الْبَهِيمَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ ) مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ غَيْبَةِ صَاحِبِهَا وَحَضْرَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ ( وَإِنْ حَمَّلَهُ بَعْدَ كَيْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَحَدُ الْمُتَكَارِيَيْنِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ ) السَّابِقُ بَيْنَ
الْغُرُورِ وَعَدَمِهِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزِّيَادَةِ أَوْ قَدْرِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ وَإِنْ ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ - وَالدَّابَّةُ فِي يَدِهِ - فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ التِّسْعَةَ صَارَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِالْخَلْطِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا تُرِكَتْ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ حَتَّى يَظْهَرَ مُسْتَحِقُّهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَتُهَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ إلَّا مَا اسْتَثْنَيْته مِنْ ضَمَانِ التِّسْعَةِ فَالْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَخَرَجَ بِقَيْدِ كَوْنِ الدَّابَّةِ فِي يَدِهِ مَا لَوْ كَانَتْ مَعَ مَا عَلَيْهَا فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ زَادَ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ إلَخْ ) لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا وَأَغْلَقَ بَابَهُ شَهْرَيْنِ ضَمِنَ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ فِي عُلْقَتِهِ وَحَبْسِهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إنَّمَا يَكُونُ بِتَسْلِيمِ مِفْتَاحِهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَلَمْ تُوجَدْ التَّخْلِيَةُ ( قَوْلُهُ : تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
قَوْلُهُ : تَحْتَ الْحِمْلِ ) لَا بِسَبَبِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بَلْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّهَا الصَّوَابُ ) وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ لَا يَنْتَظِمُ الْكَلَامُ إلَّا بِهَا ( قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ إلَخْ ) وَإِنْ ادَّعَاهَا الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةُ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : .
( فَرْعٌ وَإِنْ كَانَ ) أَيْ وُجِدَ ( الْمَحْمُولُ ) عَلَى الدَّابَّةِ ( نَاقِصًا ) عَنْ الْمَشْرُوطِ ( نَقْصًا يُؤَثِّرُ ) بِأَنْ كَانَ فَوْقَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ الْوَزْنَيْنِ ( وَقَدْ كَالَهُ الْمُؤَجِّرُ حَطَّ قِسْطَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( فِي الذِّمَّةِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِالشُّرُوطِ ( أَوْ ) لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَكِنْ ( لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ ) النَّقْصَ فَإِنْ عَلِمَهُ لَمْ يُحَطَّ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ قَدْ حَصَلَ وَذَلِكَ كَافٍ فِي تَقْرِيرِ الْأُجْرَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ وَنَقَصَ أَمَّا النَّقْصُ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ .
( قَوْلُهُ : فَهُوَ كَمَا لَوْ كَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ إلَخْ ) وَإِنْ كَالَهُ غَيْرُهُمَا فَإِنْ عَلِمَا فَكَمَا لَوْ كَالَاهُ نَاقِصًا وَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا فَكَمَا لَوْ كَالَهُ هُوَ وَإِنْ جَهِلَا - وَالْإِجَارَةُ عَيْنِيَّةٌ - لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْمُسَمَّى ، أَوْ ذِمِّيَّةٌ لَزِمَهُ قِسْطُ الْمَحْمُولِ وَهَلْ يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ لُزُومِهِ .
( فَرْعٌ وَلَوْ ارْتَدَفَ مَعَ الْمُكْتَرِيَيْنِ ) لِدَابَّةٍ رَكِبَاهَا ( ثَالِثٌ عُدْوَانًا ضَمِنَ الثُّلُثَ إنْ تَلِفَتْ ) تَوْزِيعًا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَا عَلَى قَدْرِ أَوْزَانِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُوزَنُونَ غَالِبًا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهُمَا وَتَمَكَّنَا مِنْ نُزُولِهِمَا أَوْ إنْزَالِ الرَّدِيفِ وَلَمْ يَفْعَلَا حَتَّى تَلِفَتْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ - .
تَفَقُّهًا ( وَلَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَبَهِيمَتَهُ فَمَاتَتْ فِي يَدِ صَاحِبِهَا ) قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا ( فَلَا ضَمَانَ ) عَلَى الْمُسَخَّرِ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا أَمَّا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَهِيَ مُعَارَةٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ فِي آخِرِ فَرْعِ " لَوْ أَرْكَبَ دَابَّتَهُ وَكِيلَهُ " .
( فَصْلٌ وَمَتَى ) دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَقْطَعَهُ وَيَخِيطَهُ فَخَاطَهُ قَبَاءً ثُمَّ ( اخْتَلَفَا ) فِيمَا أَذِنَ فِيهِ الْمَالِكُ ( فَقَالَ ) الْخَيَّاطُ ( خِطْته قَبَاءً بِأَمْرِك ) فَلِي الْأُجْرَةُ ( فَقَالَ ) الْمَالِكُ ( إنَّمَا أَمَرْتُك بِقَمِيصٍ ) أَيْ بِقَطْعِهِ قَمِيصًا ( صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ دَفَعْت هَذَا الْمَالَ إلَيْك وَدِيعَةً فَقَالَ بَلْ رَهْنًا أَوْ هِبَةً وَلِأَنَّ الْخَيَّاطَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي الثَّوْبِ نَقْصًا وَادَّعَى أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهُ أَتَى بِالْعَمَلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ وَالْمَالِكُ يُنْكِرُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ مَتَاعٍ وَقَالَ الْأَجِيرُ حَمَلْت وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ وَقِيلَ إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَرُدَّ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ بَلْ فِي الْإِذْنِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي دَفْعِ الثَّوْبِ بِلَا عَقْدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ حَكَيَا طَرِيقَةً أَنَّهُ إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا عَقْدٌ تَعَيَّنَ التَّحَالُفُ وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا جَرَى عَقْدٌ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ أَوْ لَا ثُمَّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْخِيَاطَةِ ثُمَّ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ يَخْتَلِفَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَفِي الْإِذْنِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ ، وَالتَّحَالُفُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ فَقَطْ ( وَاسْتَحَقَّ ) عَلَى الْخَيَّاطِ ( الْأَرْشَ ) لِثُبُوتِ قَطْعِهِ قَبَاءً بِغَيْرِ إذْنٍ ( فَقِيلَ ) هُوَ ( مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا ) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ فَإِنَّ الْأَصْحَابَ بَنَوْا الْخِلَافَ عَلَى أَصْلَيْنِ يَقْتَضِيَانِ ذَلِكَ (
وَقِيلَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا لِلْقَمِيصِ أَوْ لِلْقَبَاءِ ) لِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ وَهَذَا قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ " بَيْنَ " لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى مُتَعَدِّدٍ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَ فِي ذَلِكَ " أَوْ " كَثِيرًا ( وَسَقَطَتْ الْأُجْرَةُ ) عَنْ الْمَالِكِ إذْ بِيَمِينِهِ صَارَ عَمَلُ الْخَيَّاطِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْخَيَّاطِ ( نَزْعُ خَيْطِهِ ) كَالصِّبْغِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّزْعِ إنْ حَصَلَ بِهِ نَقْصٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ( وَ ) لَهُ ( مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ شَدِّ خَيْطٍ فِيهِ ) أَيْ فِي خَيْطِ الْخَيَّاطِ ( يَجُرُّهُ ) فِي الدُّرُوزِ ( مَكَانَهُ ) إذَا نُزِعَ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُ .
( قَوْلُهُ : صُدِّقَ الْمَالِكُ ) لَوْ أَتَى الْخَيَّاطُ بِثَوْبٍ وَقَالَ هَذَا ثَوْبُك فَقَالَ بَلْ غَيْرُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ يُصَدَّقُ الْخَيَّاطُ بِيَمِينِهِ وَهَكَذَا كُلُّ أَجِيرٍ فَإِذَا حَلَفَ فَقَدْ اعْتَرَفَ لَهُ بِثَوْبٍ وَهُوَ لَا يَدَّعِيهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْخَيَّاطَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمُزَنِيّ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ شَيْئًا فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِمَا أَحْدَثَهُ وَإِنَّ الدَّعْوَى لَا تَنْفَعُهُ وَالْخَيَّاطُ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ قَطَعَ الثَّوْبَ وَادَّعَى إذْنًا وَأُجْرَةً فَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ ضَمِنَ مَا أَحْدَثَهُ ( قَوْلُهُ : وَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقْطَعَ أَوَّلًا بِإِذْنٍ ، ثُمَّ يُعَاقِدَهُ كَمَا جَرَتْ عَادَةُ الْخَيَّاطِينَ بِالْقَطْعِ قَبْلَ الْمُعَاقَدَةِ ، أَوْ يَخِيطَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتَجِبَ الْأُجْرَةُ إذْ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى خِيَاطَةِ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَطْعِهِ لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ عَقْدًا عَلَى مَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الشُّرُوعُ فِيهَا بِالْعَقْدِ بَلْ بَعْدَ الْقَطْعِ ( قَوْلُهُ : وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الْقُونَوِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ : وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَصْلٌ : وَلَوْ " ( قَالَ ) لَهُ ( إنْ كَانَ ) هَذَا الثَّوْبُ ( يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ ) فَقَطَعَهُ ( ضَمِنَ ) الْأَرْشَ ( إنْ لَمْ يَكْفِهِ ) لِأَنَّ الْإِذْنَ مَشْرُوطٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ ( لَا إنْ قَالَ ) لَهُ فِي جَوَابِهِ ( هُوَ يَكْفِيك فَقَالَ لَهُ اقْطَعْ ) فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ .
( فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمُدَّةِ ) أَوْ الْمَنْفَعَةِ ( أَوْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ ) هَلْ هِيَ عَشَرَةُ فَرَاسِخَ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ فِي قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ هَلْ هُوَ كُلُّ الدَّارِ أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا ( تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي الْبَيْعِ ( وَوَجَبَ ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ( أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَاهُ ) .
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الطَّوَارِئِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَسْخِ ) وَالِانْفِسَاخِ ( وَهِيَ قِسْمَانِ : الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ ) لِلْمُسْتَأْجِرِ ( وَهُوَ مَا يَنْقُصُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ ) الْمُسْتَأْجَرَةِ ( نَقْصًا يُؤَثِّرُ ) فِي تَفَاوُتِ الْأُجْرَةِ ( كَمَرَضِهَا ) أَيْ الْعَيْنِ ( وَانْهِدَامِ بَعْضِ دَعَائِمِ الدَّارِ وَاعْوِجَاجِهَا ) أَيْ الدَّعَائِمِ أَوْ بَعْضِهَا ( وَتَغَيُّرِ الْبِئْرِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ الشُّرْبَ ) مِنْهُ ( وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ ) لِفَوَاتِ تَمَامِ الْمَنْفَعَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ سَابِقًا لِلْعَقْدِ أَوْ الْقَبْضِ أَمْ حَادِثًا بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ فَالْعَيْبُ قَدِيمٌ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا لِلْحَاجَةِ ( لَكِنْ إنْ قَبِلَ ) الْعَيْبُ ( الْإِصْلَاحَ فِي الْحَالِ وَبُودِرَ إلَيْهِ فَلَا فَسْخَ ) كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الْعَيْبُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُجْبَرَ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي جَمِيعِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا وَأَرَادَ الْفَسْخَ فِيهِمَا فَإِنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي وَحْدَهُ وَحُكْمُهُمَا - .
مَذْكُورٌ فِي الْبَيْعِ وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْقَوْلَ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ انْتَهَى وَعَلَى الْإِطْلَاقِ جَرَى الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بَلْ صَرَّحَ بِمُقْتَضَاهُ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَكَذَا الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَى مَا إذَا أَجَّرَ أَرْضًا فَغَرِقَتْ بِسَيْلٍ وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَعْدُومٍ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْفَسْخُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ ( وَحَيْثُ امْتَنَعَ الْفَسْخُ
) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ ( فَلَهُ الْأَرْشُ ) وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا ( وَتُبْدَلُ ) الْعَيْنُ الْمَعِيبَةُ ( فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ ) وَلَا فَسْخَ فِيهَا نَعَمْ إنْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ قُيِّدَتْ بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ انْفَسَخَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ .
( الْبَابُ الثَّالِثُ ) ( قَوْلُهُ : وَهُوَ مَا يَنْقُصُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ إلَخْ ) وَالْخِيَارُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَدْ وَقَعَ لِابْنِ الْجُمَّيْزِيِّ وَابْنِ السُّكَّرِيِّ أَنَّهُمَا أَفْتَيَا بِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَانْتُقِدَ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ تَنْفَسِخْ بِعُذْرِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَابَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُمْكِنَةٌ ( قَوْلُهُ : وَتَغَيُّرِ مَاءِ الْبِئْرِ إلَخْ ) ذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالشُّرْبِ مِنْ الْآبَارِ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فَلَيْسَ عَيْبًا إلَّا إنْ مَنَعَ تَغَيُّرُهُ الطَّهَارَةَ ، وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ بِالْبِئْرِ الَّتِي فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ .
قَوْلُهُ : فَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى ) بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَاضِحٌ إذْ الْعِلَّةُ فِيهِ التَّشْقِيصُ الْمُؤَدِّي إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ نَعَمْ بِحَمْلِ قَوْلِهِمَا " فَالْوَجْهُ إلَخْ " عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا ، أَوْ بَهِيمَةً أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّشْقِيصِ ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ ) وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي الْأَثْنَاءِ وَفَسَخَ وَقُلْنَا لَا يَنْفَسِخُ فِيمَا مَضَى قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْأَرْشُ وَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخْ فَلَا أَرْشَ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَفِيمَا مَضَى نَظَرٌ قَالَ الْغَزِّيِّ وَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ كَمَا فِي كُلِّ الْمُدَّةِ ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ : وَإِنْ مَرِضَ مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ ) إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ ( أَوْ تَلِفَ مَتَاعُهُ ) أَوْ مَرِضَ الْمُؤَجِّرُ وَعَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ مَعَ الدَّابَّةِ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْأَعْذَارِ ( لَمْ تَنْفَسِخْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( فِي الْبَاقِي ) مِنْ الْمُدَّةِ إذْ لَا خَلَلَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَلْ فِي غَيْرِهِ ( وَكَذَا ) لَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي ( إنْ هَلَكَ الزَّرْعُ ) فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ( بِجَائِحَةٍ ) مِنْ نَحْوِ سَيْلٍ أَوْ جَرَادٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ لَحِقَتْ مَالَهُ لَا مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ احْتِرَاقَ الْبَزِّ فِي الدُّكَّانِ الْمُكْرَى ( لَا إنْ تَلِفَتْ الْأَرْضُ ) بِجَائِحَةٍ أَبْطَلَتْ قُوَّةَ الْإِنْبَاتِ فَتَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي ( فَلَوْ تَلِفَ الزَّرْعُ ) قَبْلَ تَلَفِ الْأَرْضِ ( وَتَعَذَّرَ إبْدَالُهُ قَبْلَ الِانْفِسَاخِ بِتَلَفِهَا لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمُسَمَّى لِمَا قَبْلَ التَّلَفِ شَيْئًا ) لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ صَلَاحِيَّةُ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا نَفْعٌ بَعْدَ فَوَاتِ الزَّرْعِ وَقِيلَ يَسْتَرِدُّ لِأَنَّ بَقَاءَ الْأَرْضِ عَلَى صِفَتِهَا مَطْلُوبٌ فَإِذَا زَالَتْ ثَبَتَ الِانْفِسَاخُ وَالتَّرْجِيحُ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالتَّقْيِيدِ بِتَعَذُّرِ الْإِبْدَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَخَرَجَ بِمَا قَبْلَ التَّلَفِ الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ مَا بَعْدَهُ فَيَسْتَرِدُّ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسَمَّى لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فِيهِ ( أَوْ ) تَلَفِ الزَّرْعِ ( بَعْدَ تَلَفِهَا ) أَيْ تَلَفِ الْأَرْضِ ( اسْتَرَدَّ حِصَّةَ مَا بَعْدَ تَلَفِهَا لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ الْأَرْضُ لَاسْتَحَقَّ الْمَنْفَعَةَ ) وَتَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ تَلَفِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ حِصَّةَ مَا قَبْلَهُ ، الْأَصَحُّ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ خِلَافُهُ لِأَنَّ أَوَّلَ الزِّرَاعَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلَمْ يُسْلَمْ إلَى الْآخَرِ هَكَذَا أَفْهَمَ هَذَا الْمَقَامُ كَمَا لَخَّصَهُ الْقَمُولِيُّ مَعَ
أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُخْلَصَةٍ .
( قَوْلُهُ : أَوْ نَحْوَهَا ) مِنْ الْأَعْذَارِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا خَارِجَ الْبَلَدِ فَنَزَلَ الْعَسْكَرُ عَلَى الْبَابِ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَتَعَذَّرَ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْحَانُوتِ وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَأُخِذَتْ أَبْوَابُهُ فَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ إلَى أَنْ يُفْسَخَ وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي أَيَّامِ الْعُطْلَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ رَجُلًا اكْتَرَى مَرْكَبًا - مِنْ عَادَةِ النَّاسِ التَّفَرُّجُ فِيهَا - فَمَنَعَ أَمِيرُ الْبَلَدِ التَّفَرُّجَ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إلَخْ ( قَوْلُهُ : لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الْبَاقِي ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ ذِمِّيًّا لِلْجِهَادِ وَتَعَذَّرَ الْجِهَادُ لِصُلْحٍ حَصَلَ قَبْلَ مَسِيرِ الْجَيْشِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَيَكُونُ هَذَا عُذْرًا يَجُوزُ أَنْ يَفْسَخَ بِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِعُمُومِ الْمَصَالِحِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنْ لَمْ تُفْسَخْ بِمِثْلِهِ الْعُقُودُ الْخَاصَّةُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ وَمَا إذَا أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ ( قَوْلُهُ : قَبْلَ تَلَفِ الْأَرْضِ ) قَالَ شَيْخُنَا ، أَوْ مَعَهَا ( قَوْلُهُ : وَالتَّرْجِيحُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَهُوَ فَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ ) بِالْكُلِّيَّةِ ( إمَّا شَرْعًا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ ) فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ ( وَإِمَّا حِسًّا كَمَنْ أَجَّرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً فَتَلِفَتْ وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ وَفَارَقَ إتْلَافُهُ هُنَا إتْلَافَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَرِدُ عَلَى الْعَيْنِ فَإِذَا أَتْلَفَهَا الْمُشْتَرِي صَارَ قَابِضًا وَالْإِجَارَةُ تَرِدُ عَلَى الْمَنَافِعِ وَالْمَنَافِعُ الْمُسْتَقْبَلَةُ مَعْدُومَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ إتْلَافُهَا فَإِذَا أَتْلَفَ مَحَلَّهَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي ( فَقَطْ ) أَيْ ( لَا ) فِي ( الْمَاضِي إنْ كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ فِيهِ أَيْضًا ( بَلْ لَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ ) أَيْ فِي الْمَاضِي الَّذِي لَهُ أُجْرَةٌ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ اُسْتُهْلِكَتْ وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ( وَلَهُ مِنْ الْمُسَمَّى قِسْطُ الْمَاضِي ) مِنْ الْمُدَّةِ ( مُوَزَّعًا عَلَى قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ ) وَهِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ( لَا ) عَلَى ( الزَّمَانِ ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَرُبَّمَا تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ عَلَى أُجْرَةِ شَهْرٍ لِكَثْرَةِ الرَّغَبَاتِ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ فَإِذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ سَنَةً وَمَضَى نِصْفُهَا وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ ضِعْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ ، وَالْعِبْرَةُ بِتَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا بِمَا بَعْدَهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَكَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الْأَجِيرُ الْمُعَيَّنُ وَخَرَجَ بِهِمَا مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمَا إذَا قُبِضَا وَتَلِفَا أُبْدِلَا وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا لَمْ تَرِدْ عَلَى الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ .
( فَرْعٌ تَنْفَسِخُ ) الْإِجَارَةُ ( بِانْهِدَامِ الدَّارِ ) الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلَوْ بِهَدْمِ الْمُسْتَأْجِرِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فَتَنْفَسِخُ بِالْكُلِّيَّةِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ - .
لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي مِنْهَا دُونَ الْمَاضِي كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ الْآخَرُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ فَقَطْ فَيَجِبُ هُنَا قِسْطُ مَا مَضَى مِنْ الْمُسَمَّى بِتَوْزِيعِهِ عَلَى أُجْرَةِ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا عَلَى الْمُدَّتَيْنِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الدَّابَّةِ وَخَرَجَ بِانْهِدَامِهَا انْهِدَامُ بَعْضِهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بَلْ إنْ أَمْكَنَ إصْلَاحُهُ فِي الْحَالِ وَأَصْلَحَهُ فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا مَرَّ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ ( وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ ) فِي بَاقِي الْمُدَّةِ بِقِسْطِهِ مِمَّا مَضَى مِنْ الْمُسَمَّى ( بِانْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ ) الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مُعْتَادٌ لِلْعَيْبِ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الِانْفِسَاخُ لِبَقَاءِ اسْمِ الْأَرْضِ مَعَ إمْكَانِ زِرَاعَتِهَا بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمُنْقَطِعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ زِرَاعَتُهَا بِغَيْرِهِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي انْقِطَاعِ مَاءِ الْحَمَّامِ ( إلَّا إنْ أَبْدَلَهُ ) الْمُؤَجِّرُ ( مَاءً ) مِنْ مَكَان آخَرَ ( وَوَقْتُ الزِّرَاعَةِ بَاقٍ ) وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِزَوَالِ مُوجِبِهِ كَمَا لَوْ بَادَرَ لِإِصْلَاحِ الدَّارِ فَإِنْ انْقَضَى وَقْتُ الزِّرَاعَةِ فَلَا إبْدَالَ ( وَإِنْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ ) أَوْ أَبَقَ الرَّقِيقُ أَوْ نَدَّتْ الدَّابَّةُ ( فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ ) إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُبَادِرْ الْمُؤَجِّرُ لِانْتِزَاعِ الْعَيْنِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ( فَإِنْ أَجَازَ ) الْعَقْدَ ( - وَالتَّقْدِيرُ بِالْعَمَلِ - اسْتَوْفَاهُ حِينَ يَقْدِرُ ) عَلَى
الْعَيْنِ ( أَوْ ) وَالتَّقْدِيرُ ( بِالزَّمَانِ انْفَسَخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( فِيمَا انْقَضَى مِنْهُ ) فَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُسَمَّى وَاسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ فِي الْبَاقِي ( فَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخْ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلَا خِيَارَ فِيهَا وَلَا انْفِسَاخَ بَلْ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْإِبْدَالُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ امْتَنَعَ اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّهُ عِنْدَ يَسَارِهِ بِذَلِكَ دُونَ إعْسَارِهِ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ ( وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ ) إذْ لَا مِلْكَ لَهُمَا وَلَا نِيَابَةَ ( كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودَعِ ) .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِهَدْمِ الْمُسْتَأْجِرِ ) أَمَّا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِي النِّكَاحِ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ خَرَّبَ الدَّارَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَخْرِيبٍ يَحْصُلُ مِنْهُ تَعْيِيبٌ لَا هَدْمٌ كَامِلٌ .
قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَيَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي ) لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنَّهَا إنَّمَا تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَمَا سَبَقَ مِنْ الْقَبْضِ فَأَثَرُهُ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْفَسْخَ كَمَا يَتَصَرَّفُ الْبَائِعُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ بِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ ) أَيْ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّ سَبَبَهُ تَعَذُّرُ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الزَّمَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( قَوْلُهُ : فَلَهُ الْخِيَارُ ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ فَرَّطَ فِي الرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( قَوْلُهُ : اسْتَوْفَاهُ حِينَ يَقْدِرُ عَلَى الْعَيْنِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُقَدَّرَةَ بِالْعَمَلِ وَإِنْ وَجَبَ تَسْلِيمُهَا عَقِبَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَجُزْ تَأْجِيلُهَا فَهِيَ كَالدَّيْنِ الْحَالِّ لَا يَبْطُلُ بِتَأْخِيرِ قَبْضِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ ) وَفَرَّقَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ الْمَالُ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَانِي فَيَتَعَدَّى الْعَقْدُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى بَدَلِهَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهَا الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا إنَّمَا الْوَاجِبُ الْمَالُ فَلَمْ يَتَعَدَّ الْعَقْدَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ إلَى بَدَلِهَا وَالْمُعَيَّنُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ غَايَتُهُ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ انْفَسَخَ التَّعْيِينُ دُونَ أَصْلِ الْعَقْدِ ( قَوْلُهُ : وَلَا انْفِسَاخَ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا إذَا لَمْ
تَكُنْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ مُقَدَّرَةً بِمُدَّةٍ أَمَّا إذَا قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ كَإِجَارَةٍ لِلْعَيْنِ الْمُقَدَّرَةِ بِمُدَّةٍ .
ا هـ .
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالزَّمَانِ لَا يَتَأَتَّى فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ ) مَحَلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ الرَّاهِنُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصَمَةُ جَزْمًا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فس وَفِي كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَالْقَفَّالِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُخَاصِمُ فِي الرَّقَبَةِ وَلَهُ الدَّعْوَى بِالْمَنْفَعَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَنَقَلَهُ ابْنُ دَاوُد شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدًا لِلْأَوَّلِ الْمَنْصُوصِ قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ مَنْعَ الْمُرْتَهِنِ وَنَحْوِهِ مِنْ الدَّعْوَى إنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا قَالَ فِي دَعْوَاهُ : هَذَا الَّذِي غَصَبَهُ الْغَاصِبُ مِلْكُ فُلَانٍ رَهَنَهُ عِنْدِي فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْمَالِكِ فَكَيْفَ يَدَّعِي الْمِلْكَ لَهُ أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ : هَذَا مَرْهُونٌ عِنْدِي بِكَذَا رَهْنًا شَرْعِيًّا وَهُوَ وَثِيقَةٌ بِدَيْنٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ وَلَا يُثْبِتُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ حَتَّى يُقَالَ : لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَدُلُّ لِهَذَا تَعْلِيلُ وَجْهِ الْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ لِلْمَالِكِ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ وَقَوْلُهُ : وَهُوَ ظَاهِرٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ .
( تَنْبِيهٌ ) اسْتَأْجَرَ مَكَانًا وَسَلَّمَ أُجْرَتَهُ إلَى الْمُؤَجِّرِ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَ الْمُؤَجِّرِ إقْرَارًا نَافِيًا لِكُلِّ حَقٍّ ، ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي
فَتَاوِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ إقْرَارٍ جَرَى عَقِبَ شَيْءٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْأَصْلِ فَسَدَ الْإِقْرَارُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ .
( فَرْعٌ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَالِكِ ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُؤَجِّرِ ( بِالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ ) لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهَا لِأَنَّهُ مَالِكٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي الْإِقْرَارِ وَيُخَالِفُ إقْرَارُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يُصَادِفُ مِلْكَ غَيْرِهِ ( وَلَا يَبْطُلُ ) بِهِ ( حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ) وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهُ بِالْإِجَارَةِ أَثْبَتَ لَهُ الْحَقَّ فِي الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهِ .
( فَصْلٌ : الْإِجَارَةُ ) وَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى الذِّمَّةِ ( تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمُعَيَّنِ كَالرَّضِيعِ ) فِي الرَّضَاعِ ( وَالثَّوْبِ فِي الْخِيَاطَةِ ) لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِالْعَيْنِ ( لَا ) بِتَلَفِ ( الْعَاقِدَيْنِ ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْبَيْعِ وَكَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ مَاتَ بَلْ إنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ خَلَفَهُ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمُؤَجِّرُ تُرِكَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَأَمَّا انْفِسَاخُهَا بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ فَلِأَنَّهُ مَوْرِدُ الْعَقْدِ لَا لِأَنَّهُ عَاقِدٌ ( فَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( امْتَنَعَ ) .
الْمُسْتَأْجِرُ لِلْخِيَاطَةِ ( مِنْ تَمْكِينِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ ) بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الثَّوْبَ ( لَمْ يُكَلَّفْ تَمْكِينَهُ ) مِنْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ ( لَكِنْ بِتَسْلِيمِ الْأَجِيرِ نَفْسَهُ ) لَهُ ( وَ ) مُضِيِّ مُدَّةِ ( إمْكَانِ الْعَمَلِ تَسْتَقِرُّ أُجْرَتُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِاسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ وَفَاءً بِمَا وَعَدَ بِهِ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ ( وَالثَّوْبُ مَحْبُوسٌ ) حَيْثُ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ ( لِتَسْلِيمِهَا فَيَمْتَنِعُ ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ( بَيْعُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ( فَإِنْ الْتَزَمَ عَمَلًا ) فِي الذِّمَّةِ ( وَمَاتَ وَلَهُ تَرِكَةٌ اُسْتُؤْجِرَ مِنْهَا ) لِتَوْفِيَةِ مَا الْتَزَمَهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ ( فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا ) أَيْ الْإِجَارَةَ أَيْ عَمَلَهَا ( الْوَارِثُ ثَبَتَ ) لِلْمُسْتَأْجِرِ ( الْفَسْخُ ) لِمَوْتِ الْمُلْتَزِمِ مُفْلِسًا وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ ( وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ ) أَيْ بِمَنْفَعَتِهَا كَمَا عَبَّرَ بِهَا الرَّافِعِيُّ إذَا أَجَّرَهَا وَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِهَا ( مُدَّةَ حَيَاتِهِ تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ بِمَوْتِهِ )
لِانْتِهَاءِ حَقِّهِ بِمَوْتِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنْفَعَةِ إبَاحَةٌ لَهَا لَا تَمْلِيكٌ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِالدَّارِ لَا بِمَنْفَعَتِهَا كَمَا هُنَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ الِانْفِسَاخِ بِمَوْتِهِ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِرُجُوعِ الْمَنْفَعَةِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِنَّمَا رَجَعَتْ إلَيْهِمْ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ فَلَمَّا أَوْصَى بِهَا وَحْدَهَا وَغَيَّاهَا بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ اسْتَتْبَعَتْهَا الْعَيْنُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمَتْبُوعَةِ لَهَا .
( قَوْلُهُ : الْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ إلَخْ ) بِنَاءً عَلَى مَنْعِ إبْدَالِهِ ( قَوْلُهُ : كَالْبَيْعِ ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مَا يَقْبَلُ النَّقْلَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ بِلَا عُذْرٍ ( قَوْلُهُ : خَلَفَهُ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلدَّارِ ، أَوْ الْأَرْضِ وَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً فَهَلْ يُجْبَرُ الْوَارِثُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَإِنْ جَرَى فِي الْمُسَاقَاةِ الْخِلَافُ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْمُسَاقَاةِ تَحْصِيلًا لِلْوَارِثِ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ مَالٍ وَهُنَا يَلْتَزِمُ الْوَارِثُ بِالْمَالِ فَلِهَذَا جَزَمْنَا بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْوَارِثُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْوَارِثَ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ مَا دَخَلَ تَحْتَ يَدِهِ .
قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَصِيرُ بِسَبِيلٍ عَلَى رَأْيٍ مِنْ إبْطَالِ مَا أَلْزَمَ بِهِ ذِمَّتَهُ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ عَلَيْهِ وَلَا إثْمٍ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ يُصَانُ عَنْ هَذَا وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ إذَا اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِقِصَارَةِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ يُكَلَّفَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا لِيَصْبُغَ لَهُ ثَوْبًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَصْبُغْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا عَلَى قِصَارَةِ ثَوْبٍ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَقْصُرْهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا عَلَى عَمَلٍ ذَهَبَ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَعْمَلْ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ لَاقْتَضَى طَرْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَيُمَكَّنُ عَلَى رَأْيٍ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْنَحُ لَهُ غَرَضٌ خِلَافُ الْغَرَضِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي الْفَرْقِ إنَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَوْ وَجَبَ التَّسْلِيمُ لَكَانَ فِيهِ إجْبَارٌ عَلَى الْقَطْعِ وَهُوَ يَنْقُصُ الْمَالَ
لِأَنَّهُ إتْلَافٌ وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ فَإِنَّ الْمَالِيَّةَ فِيهَا مَحْفُوظَةٌ بَلْ زَائِدَةٌ ( قَوْلُهُ : وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ إلَخْ ) مِثْلُهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بِإِقْطَاعٍ .
( فَصْلٌ وَإِنْ هَرَبَ الْمُكْرِي ) لِجِمَالٍ ( بِجِمَالِهِ وَالْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِجَارَةِ وَالْهَرَبِ وَتَعَذُّرِ إحْضَارِهِ وَطَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ ذَلِكَ ( لَا الْمُسْتَأْجِرُ ) فَلَا يَكْتَرِي عَنْهُ ( وَلَوْ بِإِذْنِهِ ) أَيْ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ الْحَاكِمُ مَالًا ( اقْتَرَضَ ) عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ وَاكْتَرَى عَلَيْهِ ( وَكَذَا ) يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ يَقْتَرِضُ ( لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ) أَيْ عَلَى الْجِمَالِ إنْ لَمْ يَهْرُبْ الْمُكْرِي بِهَا فَإِنْ وَثِقَ بِالْمُسْتَأْجِرِ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ سَوَاءٌ فِي هَذَا وَفِيمَا يَأْتِي إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَجِدْ مَالًا يَقْتَرِضُهُ أَوْ لَمْ يَرَ الِاقْتِرَاضَ ( بَاعَ مِنْهَا ) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ ثَمَنِهِ ( إنْ لَمْ يَهْرُبْ بِهَا ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بَاعَ الْحَاكِمُ مِنْهَا قَبْلَ الِاقْتِرَاضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِهَا وَالِاكْتِرَاءِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ جَزْمًا حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الْغَائِبِ بِالْمَصْلَحَةِ ( وَتَبْقَى ) أَيْ الْجِمَالُ ( بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كُلُّهُ ) أَيْ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ وَالِاقْتِرَاضُ وَالِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ وَيَكْفِي أَنْ يُقَالَ : تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ ( فَسَخَ ) الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ ( أَوْ صَبَرَ ) حَتَّى تَحْضُرَ الْجِمَالُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ هَذَا ( فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ) وَهِيَ مَا إذَا هَرَبَ بِالْجِمَالِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَهْرُبْ بِهَا لِوُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَكِنْ إنْ تَعَذَّرَ فِيهَا الْأَخْذُ وَالِاقْتِرَاضُ وَبَيْعُ بَعْضِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ
يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ بِذَلِكَ فِي الْأُولَى ( وَإِذَا أَذِنَ ) الْحَاكِمُ ( لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِيُنْفِقَ ) عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ ( وَيَرْجِعَ ) عَلَى الْمُكْرِي ( جَازَ ) كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ ( وَيُصَدَّقُ فِي إنْفَاقِ ) قَدْرٍ ( مُعْتَادٍ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) ثَمَّ ( حَاكِمٌ أَوْ ) كَانَ لَكِنْ ( عَسُرَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ فَأَنْفَقَ ) عَلَيْهَا ( وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ ) عَلَى الْمُكْرِي ( رَجَعَ ) عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ صُدِّقَ الْمُنْفِقُ ( وَيَحْفَظُهَا ) أَيْ الْجِمَالَ ( الْحَاكِمُ بَعْدَ ) مُضِيِّ ( الْمُدَّةِ أَوْ يَبِيعُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا اقْتَرَضَ فَإِنْ خَشِيَ أَنْ تَأْكُلَ نَفْسَهَا ) لَوْ بَاعَ بَعْضَهَا ( بَاعَ الْكُلَّ )
( قَوْلُهُ : وَلِلْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ ) أَمَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ ( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَخْ ) أَيْ إنْ رَضِيَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي قَوْلِهِ فَرْعٌ وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ ( قَوْلُهُ : كَنَظِيرِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ ) لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى غَائِبٍ فَجَازَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَنْ يَتَوَصَّلَ صَاحِبُهُ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ سَلَّمَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ إلَخْ ) لَوْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِيفَاءُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَبَضَهَا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرُهُمَا وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ مِنْهَاجِ أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالنَّقْلِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَفِي الْبَيَانِ قَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْبِضُ مِنْهُ فَإِنْ رَكِبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا أَجَّرَهُ الْحَاكِمُ كَمَسْأَلَةِ السَّلَمِ وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الطَّيِّبِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَضَعْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ .
( فَصْلٌ وَإِنْ سَلَّمَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ وَكَذَا الْأَجِيرُ الْحُرُّ نَفْسَهُ ) إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا ( اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ ) عَلَيْهِ ( بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَمَلِ ) بِحَسَبِ مَا ضُبِطَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ ( وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ سَوَاءٌ أَتَرَكَ اسْتِعْمَالَهَا .
( اخْتِيَارًا أَوْ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ ) أَوْ لِمَرَضٍ ( وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا ) بِغَيْرِ رِضَا الْمُؤَجِّرِ ( إلَى تَيَسُّرِ الْعَمَلِ وَلَا الْفَسْخُ ) بِذَلِكَ ( وَيَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ ) أَيْ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَمَلِ ( فِي ) الْإِجَارَةِ ( الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) سَوَاءٌ انْتَفَعَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى أَمْ لَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْوَطْءِ ؛ إذْ الْيَدُ لَا تَثْبُتُ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ .
قَوْلُهُ : وَيَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ فِي الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِالتَّخْلِيَةِ فِي الْعَقَارِ وَبِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِالْعَرْضِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْقَبْضِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ قَالَ شَيْخُنَا وَذَكَرَا فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا فَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلْيَكُنْ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ هُنَاكَ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ عَاقَدَ عَلَى حَمْلِهِ لِلْحِجَازِ فِي شَهْرِ رَجَبَ وَمَنَعَ ذَلِكَ السُّلْطَانُ فَهَلْ نَقُولُ لَا خِيَارَ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْحَمْلِ بِنَظِيرِهِ ، أَوْ نَقُولُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ بِالْإِجَارَةِ تَحْصِيلُ الْحَجِّ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ وَقَعَتْ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ .
( فَرْعٌ وَإِنْ حَبَسَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ ) الْمُؤَجَّرَةَ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ أَوْ غَيْرِهِ ( حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( أَوْ ) حَتَّى انْقَضَى ( بَعْضُهَا ) ثُمَّ سَلَّمَهَا ( انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( فِي الْمَاضِي وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ ) فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا يُبْدَلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ ( وَلَوْ قُدِّرَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( بِالْعَمَلِ ) كَأَنْ أَكْرَى دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إلَى بَلَدٍ فَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا الْمُضِيُّ ( لَمْ تَنْفَسِخْ ) لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَنْفَعَةِ لَا بِالزَّمَانِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاؤُهَا ( كَاَلَّتِي فِي الذِّمَّةِ ) فَإِنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ مَا تُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا تَحْصِيلُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَأَخَّرَ إيفَاؤُهُ ( وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا ) أَيْ الْإِجَارَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْعَيْنَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا مَا ذُكِرَ ( خِيَارٌ ) كَمَا لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مُدَّةً ثُمَّ سَلَّمَهُ .
.
( فَصْلٌ لَوْ أَجَّرَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ ) مَثَلًا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ( الْوَقْفَ مُدَّةً ) مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ( ثُمَّ مَاتَ ) قَبْلَ تَمَامِهَا وَكُلُّ بَطْنٍ لَهُ النَّظَرُ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ ( انْفَسَخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَهَا ( لَا فِيمَا مَضَى ) مِنْ الْمُدَّةِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ إذْ الْبَطْنُ الثَّانِي لَا يَتَلَقَّى مِنْ الْأَوَّلِ بَلْ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُ ( وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ النَّاظِرِ بِمَوْتِهِ ) وَلَا بِمَوْتِ غَيْرِهِ مِنْ الْبُطُونِ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْجَمِيعِ .
( قَوْلُهُ : وَكُلُّ بَطْنٍ لَهُ النَّظَرُ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ ) بِحَيْثُ إنَّ كُلَّ مُسْتَحِقٍّ يَنْظُرُ فِي حِصَّتِهِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ أَجَّرَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ بِالْأَرْشَدِيَّةِ ، ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْغَزِّيِّ فِي الْفَتْوَى وَالرَّاجِحُ عَدَمُ انْفِسَاخِهَا فِيهِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَدْ صَرَفَ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ رَجَعَ الْبَطْنُ الثَّانِي بِحِصَّتِهِ فِي تَرِكَةِ الْقَابِضِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْأُجْرَةَ فَالرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ صَرَفَهَا فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الصَّرْفِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ شَرْعًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( قَوْلُهُ : وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ النَّاظِرِ بِمَوْتِهِ ) إلَّا إذَا كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ وَأَجَّرَهَا بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْجَمِيعِ ) وَلَا يَخْتَصُّ نَظَرُهُ بِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ .
( فَرْعٌ وَإِنْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ الطِّفْلَ أَوْ مَالَهُ مُدَّةً يَبْلُغُ فِي أَثْنَائِهَا بِالسِّنِّ بَطَلَتْ ) إجَارَتُهُ بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَهَا ( فِي الزَّائِدِ ) عَلَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ بِهِ لِانْقِطَاعِ وِلَايَتِهِ عَنْهُ فِيهِ نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ غَابَ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ أَبَلَغَ رَشِيدًا أَمْ لَا لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ الْحَاكِمُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ( فَلَوْ بَلَغَ فِيهَا بِالِاحْتِلَامِ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الزَّائِدِ ) عَلَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيًّا حِينَ تَصَرُّفِهِ وَقَدْ بَنَاهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فَلْيَلْزَمْ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أَوْ بَاعَ مَالَهُ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ بُلُوغَهُ بِالسِّنِّ لَهُ أَمَدٌ مَعْلُومٌ فَالْمُؤَجِّرُ مُقَصِّرٌ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بُلُوغِهِ بِالِاحْتِلَامِ وَاسْتُشْكِلَتْ بِالِانْفِسَاخِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ وَقَدْ قَصَرَهُ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ ( وَلَا خِيَارَ لَهُ ) إذَا بَلَغَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ ثُمَّ بَلَغَتْ لَا خِيَارَ لَهَا ( وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ ) الَّذِي أَجَّرَ الْوَلِيُّ مَالَهُ ( كَالْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ ) فَلَا تَنْفَسِخُ فِي الزَّائِدِ .
( قَوْلُهُ : نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا فَلَوْ بَلَغَ سَفِيهًا فَهُوَ كَالصَّبِيِّ فِي اسْتِمْرَارِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ كَذَا يَظْهَرُ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَهُ بِهِ .
ا هـ .
وَهُوَ عَجِيبٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا بَلَغَ رَشِيدًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقُضَاةِ الطَّبَرِيِّ وَالْحُسَيْنِ وَالرُّويَانِيِّ فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا اسْتَمَرَّتْ ا هـ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ : ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ) تَبِعَ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ بَلَغَ فِيهَا بِالِاحْتِلَامِ ) أَوْ الْحَيْضِ ، أَوْ الْحَبَلِ أَوْ إنْبَاتِ طِفْلِ الْكُفَّارِ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُلُوغِ لَا أَنَّهُ بُلُوغٌ ( قَوْلُهُ : وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ ) أَيْ وَرُشْدُ السَّفِيهِ .
( فَصْلٌ وَإِنْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ) فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ( نَفَذَ ) عِتْقُهُ لِأَنَّ إعْتَاقَ الْمَغْصُوبِ وَالْآبِقِ نَافِذٌ فَهَذَا أَوْلَى وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنَافِعِ مُدَّتَهَا قَبْلَ عِتْقِهِ فَالْإِعْتَاقُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ مِلْكًا لَهُ وَلِأَنَّهُ أَجَّرَ مِلْكَهُ ثُمَّ طَرَأَ مَا يُزِيلُهُ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَجَّرَ ثُمَّ مَاتَ ( وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْعَبْدِ خِيَارٌ ) بِعِتْقِهِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَا يُنْقَضُ ( وَلَا رُجُوعَ ) لَهُ عَلَى السَّيِّدِ ( بِأُجْرَةٍ ) لِمَا بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَنَافِعِهِ حِينَ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ لَهُ بِعَقْدٍ لَازِمٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا ثُمَّ عَتَقَتْ لَا تَرْجِعُ - .
بِشَيْءٍ لِمَا يَسْتَوْفِيهِ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعِتْقِ ( وَلَا نَفَقَةَ ) لَهُ ( عَلَى السَّيِّدِ ) لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهَا ( وَيُنْفَقُ ) عَلَيْهِ ( مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ) حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ الْعَاجِزِينَ لَا مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ ( فَلَوْ فَسَخَ فِيهَا ) أَيْ فِي الْمُدَّةِ ( الْمُسْتَأْجِرُ ) الْإِجَارَةَ ( بِعَيْبٍ ) ظَهَرَ بِالْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ ( مَلَكَ ) الْعَتِيقُ ( مَنَافِعَ نَفْسِهِ ) لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَقِلًّا وَقِيلَ هِيَ لِلسَّيِّدِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ الْآتِيَ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِيهِ مَسَائِلُ مِنْ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ شَرِكَ بَيْنَهُمَا الْمُتَوَلِّي فِي الْبِنَاءِ الْآتِي ثَمَّ وَأَخَذَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحَ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرَّبًا بِهِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّقًا إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعَتِيقِ لَهُ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْمُعْتِقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِمَا لَا يَشْفِي ( وَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ ) لَهُ ( فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ ) فِي الْمُدَّةِ ( فَلَا شَيْءَ ) لَهُ ( عَلَيْهِ ) كَمُوَرِّثِهِ ( وَإِجَارَتُهُ أُمَّ الْوَلَدِ كَإِجَارَةِ
الْبَطْنِ الْأَوَّلِ ) فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ فِي الْمُدَّةِ لَا فِيمَا مَضَى وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فِي الْمُدَّةِ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَلَكَ نَفْسَهُ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ فَاخْتُصَّ السَّيِّدُ بِمَا كَانَ عَلَى مِلْكِهِ وَأُمَّ الْوَلَدِ مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ إيجَارُهَا قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ ( وَكَذَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِالصِّفَةِ ) الَّتِي لَا يُعْلَمُ وُقُوعُهَا فِي الْمُدَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فِيمَا تَقَرَّرَ فِيهِ ( لَكِنَّ وُجُودَهَا ) يَعْنِي وُجُودَ الصِّفَةِ الَّتِي يُعْلَمُ وُقُوعُهَا فِي الْمُدَّةِ ( كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ ) فِيهَا ( فَلَا يُؤَجِّرُهُ مُدَّةً تُوجَدُ الصِّفَةُ فِيهَا ) كَمَا لَا يُؤَجِّرُ الصَّبِيَّ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ ، وَكَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ الْمُدَبَّرُ .
( قَوْلُهُ : ثُمَّ أَعْتَقَهُ ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِعِتْقٍ سَابِقٍ عَلَى الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ : فِي فَسْخِهَا وَيَغْرَمُ لِلْعَبْدِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ ) كَمَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِطُرُوِّ الْحُرِّيَّةِ لَا تَنْفَسِخُ بِطُرُوِّ الرِّقِّ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا فَاسْتُرِقَّ .
قَوْلُهُ : وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ ) حَكَى الْمُتَوَلِّي هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ لِزَيْدٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَرَدَّ زَيْدٌ الْوَصِيَّةَ وَالْمُتَّجَهُ رُجُوعُهَا لِلْوَرَثَةِ وَمِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا أَجَّرَ دَارِهِ ، ثُمَّ وَقَفَهَا ، أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهَا عَلَى نَقْلٍ ، أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ دَارًا فِي دَارِ الْحَرْبِ ، ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُسْلِمُونَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ قَالَ شَيْخُنَا مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ رُجُوعِ الْمَنَافِعِ لِلْعَتِيقِ بِكَوْنِهِ مُتَقَرَّبًا بِهِ إلَى آخِرِهِ رُجُوعُ الْمَنَافِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ لَكِنْ سَيَأْتِي بِخَطِّ الْوَالِدِ فِي الصَّفْحَةِ الْمُقَابِلَةِ لِهَذِهِ أَنَّهَا تَرْجِعُ لِلْوَاقِفِ ( قَوْلُهُ : مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا صَحَّحَهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْحُسَيْنَ وَالْمُتَوَلِّيَ وَغَيْرَهُمَا بَنَوْا الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ ، أَوْ مِنْ أَصْلِهِ إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَإِلَّا فَلِلْعَتِيقِ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ رَفْعُهُ مِنْ حِينِهِ .
ا هـ .
مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْعِتْقَ الَّذِي هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَقْتَضِي النُّفُوذَ فِي الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ جَمِيعًا إلَّا أَنَّ الْإِجَارَةَ السَّابِقَةَ كَانَتْ تَمْنَعُ مِنْهُ فِي الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا انْفَسَخَتْ خَلَصَ
الْمِلْكُ لِلَّهِ بِحَقِّ الْعِتْقِ الْوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ وَأَعْطَى عَنْهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَعْتَقَ ، ثُمَّ طَلَّقَ الْعَبْدُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ فِي صُورَةِ الْفَسْخِ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ شَطْرُهُ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُمَلِّكَ جَرَى فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ فَكَذَلِكَ نَقُولُ هَاهُنَا لَمَّا جَرَى الْفَسْخُ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ عَلَى قَاعِدَةِ السِّرَايَةِ وَكَذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ يَقْتَضِي السِّرَايَةَ إلَى الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ فَإِذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ ، ثُمَّ زَالَ سَرَى كَمَا نَقُولُ فِي الْجَارِيَةِ الْمَرْهُونَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا السَّيِّدُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ فَإِذَا أَزَالَ الرَّهْنَ نَفَذَ كَذَلِكَ نَقُولُ هَاهُنَا إذَا زَالَتْ الْإِجَارَةُ نَفَذَ الْعِتْقُ فِي الْمَنْفَعَةِ ( قَوْلُهُ : بِأَنَّ الْعِتْقَ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُفَارِقُ ( قَوْلُهُ : وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ ) وَالْمُدَبَّرِ ( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) وَارْتَضَاهُ السُّبْكِيُّ .
( فَصْلٌ لَا تَصِحُّ مُكَاتَبَةُ ) الْعَبْدِ ( الْمُؤَجَّرِ ) إذْ لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ لِنَفْسِهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ أَجَّرَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ ثُمَّ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ بِحُكْمِ مِلْكِ نَفْسِهِ وَقَدْ بَطَلَ أَيْ فَزَالَ أَثَرُهُ لِذَلِكَ مَعَ ضَعْفِ مِلْكِهِ ( وَإِنْ أَجَّرَ دَارًا بِعَبْدٍ ثُمَّ قَبَضَهُ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ انْهَدَمَتْ ) أَيْ الدَّارُ ( فَالرُّجُوعُ إلَى قِيمَتِهِ ) ثَابِتٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَيْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ .
( فَصْلٌ بَيْعُ الْعَيْنِ ) الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا ( مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ) لَهَا ( صَحِيحٌ ) لِوُرُودِهَا عَلَى خَالِصِ حَقِّهِ كَبَيْعِ الزَّوْجَةِ وَكَمَا لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ شَرْعِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ ( فَيَجْتَمِعُ الْمِلْكُ وَالْإِجَارَةُ ) فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنَافِعَ أَوَّلًا مِلْكًا مُسْتَقِرًّا فَلَا يَبْطُلُ بِمَا يَطْرَأُ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ تَبِعَتْهَا الْمَنَافِعُ لَوْلَا الْمِلْكُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ مَلَكَ ثَمَرَةً غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى الشَّجَرَةَ لَا يَبْطُلُ مِلْكُ الثَّمَرَةِ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي الشِّرَاءِ لَوْ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوَّلًا ( فَإِنْ انْفَسَخَ أَحَدُهُمَا ) بِفَسْخٍ أَوْ بِدُونِهِ ( بَقِيَ الْآخَرُ فَلَوْ أَجَّرَهُ الْعَيْنَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مِنْهُ ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ ( وَلَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ إجَارَتُهَا كَذَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ صِحَّتِهَا كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْدُ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنَّهُ تَسَمَّحَ فِي نِسْبَةِ التَّصْرِيحِ إلَيْهِمَا وَإِنْ كُنْت تَبِعْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يُصَرِّحَا بِذَلِكَ وَإِنَّمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَهَذَا الْمُقْتَضَى هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ ( وَلَوْ أَجَّرَهَا أَبُوهُ مِنْهُ ) أَيْ أَجَّرَ الْأَبُ عَيْنًا مِنْ ابْنِهِ ( ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَهُ الْآخَرُ لَمْ تَنْفَسِخْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْمِلْكِ ( وَتَظْهَرُ الْفَائِدَةُ ) أَيْ فَائِدَةُ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ ( حِينَ يَسْتَغْرِقُ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ ) فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَذِكْرُ الِاسْتِغْرَاقِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي ظُهُورِ الْفَائِدَةِ .
وَمَسْأَلَةُ مَوْتِ الِابْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (
وَلَوْ خَلَّفَ ) الْمُؤَجِّرُ ( ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ مُسْتَأْجِرٍ ) وَالْآخَرُ مُسْتَأْجِرٌ ( فَالرَّقَبَةُ بَيْنَهُمَا ) بِالْإِرْثِ ( وَالْإِجَارَةُ مُسْتَمِرَّةٌ ) فَالْمُسْتَأْجِرُ وَرِثَ نَصِيبَهُ بِمَنَافِعِهِ وَالْآخَرُ وَرِثَ نَصِيبَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنَافِعَ إلَخْ ) وَلِهَذَا يَسْتَأْجِرُ مِلْكَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ( قَوْلُهُ : كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ إلَخْ ) وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مِنْهُ الْأَجْنَبِيُّ ( قَوْلُهُ : كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ إذْ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِاسْتِيفَائِهِ وَبَعْدَ اسْتِيفَائِهِ لَا يَصِحُّ إيجَارُهُ فَالْمَذْهَبُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ ( قَوْلُهُ : فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِمَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ .
( وَبَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ صَحِيحٌ ) أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُسْتَأْجِرُ لِمَا مَرَّ فِيهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِعَمَلٍ مُقَدَّرٍ بِمُدَّةٍ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إلَى بَلَدِ كَذَا فَعَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ قَوْلًا وَاحِدًا لِجَهَالَةِ مُدَّةِ السَّيْرِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيُقَاسُ بِالْبَيْعِ مَا فِي مَعْنَاهُ ( وَلَا تَنْفَسِخُ ) الْإِجَارَةُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِبَيْعِ الْأَمَةِ الزَّوْجَةِ وَتُتْرَكُ الْعَيْنُ بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ( وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ ( إنْ جَهِلَ ) الْإِجَارَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهَا نَعَمْ لَوْ قَالَ عَلِمْتهَا وَلَكِنْ ظَنَنْت أَنَّ لِي أُجْرَةَ مَا يَحْدُثُ عَلَى مِلْكِي مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالشَّاشِيُّ بِالْمَنْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى ( وَلَوْ فُسِخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ ) أَوْ عَرَضَ مَا تَنْفَسِخُ بِهِ ( فَالْمَنْفَعَةُ ) لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ تَثْبُتُ ( لِلْبَائِعِ ) لَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مَنَافِعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَدَّادِ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَعُودُ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ .
قَوْلُهُ : وَبَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ صَحِيحٌ ) لِأَنَّ ثُبُوتَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ لَا يَمْنَعُ بَيْعَ الرَّقَبَةِ كَالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا ، أَوْ قَصَّارًا لِلْعَمَلِ فِي ثَوْبٍ وَسَلَّمَهُ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَهُ الْأُجْرَةَ لِأَنَّ لَهُ الْحَبْسَ لِلْعَمَلِ ، ثُمَّ لِاسْتِيفَائِهَا وَبِهِ يُقَاسُ صَوْغُ الذَّهَبِ وَنَسْجُ الْغَزْلِ وَرِيَاضَةُ الدَّابَّةِ أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهَا لَيْسَ لِمُجَرَّدِ اسْتِحْقَاقِ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ بَلْ لِأَنَّ الْحَبْسَ إلَى غَايَةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةِ الْوَقْتِ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِالْعَمَلِ فَزَمَانُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَأَشْبَهَ بَيْعَ دَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ ، أَوْ الْحَمْلِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَدَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا لِتِلْكَ الْمَسَائِلِ فِي الْحَبْسِ ( قَوْلُهُ : وَالْوَصِيَّةُ بِهَا ) أَيْ وَوَقْفُهَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُوَ رَأْيٌ ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ : إنْ جَهِلَ الْإِجَارَةَ ) أَوْ عَلِمَهَا وَجَهِلَ الْمُدَّةَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ فس قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَكْمِلَتِهِ : صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِالْمُدَّةِ فَلَوْ اشْتَرَى مَأْجُورًا جَاهِلًا بِمُدَّتِهَا فَالْمُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ يُصَرِّحُ بِهِ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّحَّةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُدَّتُهَا مَجْهُولَةً قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي تُقْبَضُ مِنْهُ الْعَيْنُ لِيَحْصُلَ التَّسْلِيمُ ثُمَّ تُسْتَرْجَعُ وَتُسَلَّمُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيُعْفَى عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ التَّسْلِيمُ بِهِ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ
اشْتَرَى مَأْجُورًا عَالِمًا بِالْإِجَارَةِ جَاهِلًا بِمُدَّتِهَا فَأَجَبْت بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ بِالْمُدَّةِ ، أَوْ بِالْعَمَلِ .
ا هـ .
مَا ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ ( قَوْلُهُ : فَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَالْمَنْفَعَةُ لِلْبَائِعِ ) وَالْوَاهِبِ وَالْوَاقِفِ وَوَرَثَةِ الْمُوصِي ( قَوْلُهُ : وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) كَالسُّبْكِيِّ ( قَوْلُهُ : وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ .
( فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الْأَوَّلِ ) لَوْ ( أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ نَسْجَ ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْتِزَامُهُ ) لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَمُوتُ قَبْلَ النَّسْجِ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ غَرَرٌ إلَخْ ) وَأَيْضًا إجَارَةُ الذِّمَّةِ وَالْعَيْنِ مُتَنَافِيَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ لَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك الْحَجَّ بِنَفْسِك لَمْ تَجُزْ الِاسْتِنَابَةُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا طَرِيقَةُ الْإِمَامِ فَقَطْ .
( وَالْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ ) إنْ كَانَتْ نَقْدًا تَكُونُ ( مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الْعَقْدِ ) كَنَظَائِرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ عَقَدَ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ عَنْ الْعُمْرَانِ فَهَلْ يَعْتَبِرُ نَقْدَ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا أَوْ يَجِبُ تَعْيِينُهُ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلَ ( فَإِنْ وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَمَوْضِعُ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ ) يُعْتَبَرُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ نَقْدًا وَوَزْنًا .
قَوْلُهُ : الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَتَصِحُّ إجَارَةُ مُصْحَفٍ وَكِتَابٍ ) لِمُطَالَعَتِهِمَا وَالْقِرَاءَةِ مِنْهُمَا .
( لَا ) إجَارَةُ ( بِرْكَةٍ لِصَيْدِ سَمَكٍ ) مِنْهَا فَلَا تَصِحُّ كَاسْتِئْجَارِ الْأَشْجَارِ لِلثِّمَارِ ( وَتَصِحُّ ) إجَارَتُهَا ( لِحَبْسِ مَا فِيهَا ) حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهِ السَّمَكُ ثُمَّ ( يَصْطَادَ مِنْهُ ) .
( وَ ) تَصِحُّ إجَارَةُ دَابَّةٍ ( لِسَيْرِ فَرْسَخَيْنِ ) مَثَلًا ( إنْ بَيَّنَ الْجِهَةَ وَلَهُ إبْدَالُهَا ) أَيْ الْجِهَةِ ( بِمِثْلِهَا ) سُهُولَةً وَصُعُوبَةً كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي .
( وَإِنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا ) مَثَلًا ( عَلَى أَنَّ مُدَّةَ تَعَطُّلِهَا ) بِسَبَبِ الْعِمَارَةِ وَنَحْوِهَا ( مَحْسُوبَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَعْنَى انْحِصَارِ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي أَوْ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمَعْنَى اسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ لَمْ تَصِحَّ ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ فِي الْأُولَى وَجَهَالَةِ آخِرِهَا فِي الثَّانِيَةِ .
( وَكَذَا ) لَا تَصِحُّ ( لَوْ أَجَّرَ حَانُوتًا خَرَابًا عَلَى أَنْ يَعْمُرَهُ ) الْمُسْتَأْجِرُ بِمَالِهِ ( وَمَا أَنْفَقَهُ مَحْسُوبٌ ) لَهُ ( مِنْ أُجْرَتِهِ ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ وَلِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِجَارَةِ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ بِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ إلَى آخِرِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا عَلَى أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ مُدَّةِ عِمَارَتِهِ أَوْ عَلَى أَنْ تُحْسَبَ عَلَيْهِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ لَمْ تَصِحَّ أَوْ مَعْلُومَةٌ صَحَّ فِيهَا وَفِيمَا بَعْدَهَا فَقَطْ ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ صَحَّ صَوَابُهُ بَطَلَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُتَوَلِّي .
( وَلَوْ أَعَارَهُ ) شَيْئًا ( لِيُؤَجِّرَهُ ) فَأَجَّرَهُ ( لَمْ يَصِحَّ ) عَقْدُ الْإِعَارَةِ لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَلَا عَقْدُ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُؤَجِّرُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ .
( وَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِشِرَاءِ ) شَيْءٍ ( مَوْصُوفٍ صَحَّ أَوْ لِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ رَغْبَةَ مَالِكِهِ فِي الْبَيْعِ غَيْرُ مَظْنُونَةٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ظُنَّتْ رَغْبَتُهُ صَحَّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةَ ( أَوْ لِبَيْعِهِ ) أَيْ الْمُعَيَّنِ ( صَحَّ ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَجِدُ رَاغِبًا فِيهِ ( لَا ) لِبَيْعِهِ ( مِنْ ) شَخْصٍ ( مُعَيَّنٍ ) فَلَا يَصِحُّ ( أَوْ لِلتَّظَلُّمِ وَعَيَّنَ الْبَلَدَ وَالْمُدَّةَ ) أَيْ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ ( لِيَخْرُجَ إلَى السُّلْطَانِ ) مَثَلًا لِيَتَظَلَّمَ عَنْهُ ( وَيَسْعَى فِي نَفْعِهِ ) عِنْدَهُ وَعَيَّنَ بَلْدَةَ وَمُدَّةَ الْإِجَارَةِ - .
( صَحَّ ) لِلْعِلْمِ بِالْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْعَمَلِ جَهَالَةٌ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ يَوْمًا لِيُخَاصِمَ غُرَمَاءَهُ ( وَلَهُ اسْتِعْمَالُهُ ) أَيْ الْأَجِيرِ ( فِيمَا مَشَقَّتُهُ مِثْلُهُ ) أَيْ مِثْلُ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ .
( وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ مَسْتُورَةٍ بِالزَّرْعِ ) أَوْ غَيْرِهِ مَا عَدَا الْمَاءَ لِوُجُودِ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهَا وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهَا وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَأَخُّرِ التَّسْلِيمِ وَالِانْتِفَاعِ عَنْ الْعَقْدِ وَمُشَابَهَتِهِ إجَارَةَ زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ .
( وَلَا ) تَصِحُّ إجَارَةُ ( دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِالْأَمْتِعَةِ ) لِأَنَّهَا إجَارَةُ مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ( إلَّا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا ) فَتَصِحُّ ( وَلَوْ كَانَتْ ) أَيْ الدَّارُ ( بَعِيدَةً ) عَنْ مَحَلِّ الْإِجَارَةِ بِحَيْثُ ( لَا يُمْكِنُ قَبْضُهَا إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ ) لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ ( جَازَ ) لِلْحَاجَةِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا إجَارَةُ مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَقْبِضَ أُجْرَتَهَا مِنْ سَاكِنِهَا فَإِنَّهَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَقْبِضَ أُجْرَتَهَا مِنْ زَارِعِيهَا ( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا إلَخْ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مَزْرُوعَةً بِتَعَدٍّ وَأَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا مِنْ الزَّرْعِ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا وَقَدْ سَبَقَتْ رُؤْيَةُ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهَا ( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً إلَخْ ) كَأَنْ كَانَتْ بِبَلَدٍ آخَرَ .
( وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ ) وَلَوْ ( مُطْلَقًا ) عَنْ ذِكْرِ وَقْتِهَا وَتَفْصِيلِ أَنْوَاعِهَا ( صَحَّ وَحُمِلَ ) الْإِطْلَاقُ ( عَلَى الْعُرْفِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ وَالْأَجِيرِ ) رُتْبَةً وَذُكُورَةً وَأُنُوثَةً وَمَكَانًا وَوَقْتًا وَغَيْرَهَا .
( وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِيَامِ عَلَى ضَيْعَةٍ قَامَ ) عَلَيْهَا ( لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْعَادَةِ ) أَيْ عَلَى عَادَةِ الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ .
( أَوْ ) اسْتَأْجَرَهُ ( لِلْخَبْزِ بَيَّنَ أَنَّهُ ) أَيْ مَا يَخْبِزُهُ ( أَرْغِفَةٌ ) أَوْ أَقْرَاصٌ ( غِلَاظٌ أَوْ رِقَاقٌ وَأَنَّهُ ) يَخْبِزُ ( فِي فُرْنٍ أَوْ تَنُّورٍ وَحَطَبُ الْخَبَّازِ كَحِبْرِ النُّسَّاخِ ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ وَسَائِرُ آلَاتِ الْخَبْزِ عَلَى الْأَجِيرِ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا تَسْلِيمُ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَصْلٌ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّانِي .
زَمَنُ الطَّهَارَةِ وَ ) الصَّلَاةِ ( الْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ جُمُعَةً وَالرَّاتِبَةِ مُسْتَثْنًى فِي الْإِجَارَةِ ) لِعَمَلِ مُدَّةٍ فَلَا تَنْقُصُ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ فَلَوْ صَلَّى ثُمَّ قَالَ كُنْت مُحْدِثًا قَالَ الْقَفَّالُ : لَا نَمْنَعُهُ مِنْ الْإِعَادَةِ لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ وَنَمْنَعُهُ مِنْ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ بُعْدِهِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ جِدًّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ مِمَّنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَلَا وَعَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ مَعَ إتْمَامِهَا ثُمَّ مَحَلُّ تَمْكِينِهِ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى عَمَلِهِ الْفَسَادَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَكَذَا سَبْتُ الْيَهُودِ ) مُسْتَثْنًى ( إنْ اُعْتِيدَ ) لَهُمْ وَحُكْمُ النَّصَارَى فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَهَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ أَعْيَادِهِمَا ؟ فِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا الَّتِي تَدُومُ أَيَّامًا وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِي عُرْفِ الْمُسْلِمِينَ وَجَهْلِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَهَا وَالذِّمِّيُّ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ اسْتِثْنَائِهَا .
( فَصْلٌ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّانِي ) ( قَوْلُهُ : زَمَنُ الطَّهَارَةِ ) مِنْ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ ، أَوْ تَيَمُّمٍ وَسُتْرَةٍ لِعَوْرَةٍ وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ ( قَوْلُهُ : وَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ يَوْمًا فَوَقْتُ الصَّلَوَاتِ مُسْتَثْنًى وَلَوْ صَرَّحَ بِاسْتِثْنَائِهِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ .
ا هـ .
وَقَالَ فِي خَادِمِهِ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ .
ا هـ .
قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ الشَّارِحُ عَنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ كَمَا قَالَهُ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْوَقْتِ مَعَ إخْرَاجِهِ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ وَإِنْ وَافَقَ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ ( قَوْلُهُ : وَالرَّاتِبَةِ ) قَضِيَّةُ كَوْنِ زَمَانِ النَّوَافِلِ مُسْتَثْنًى شَرْعًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْعَمَلِ فِيهِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ : إنَّهُ يَجُوزُ ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الرَّوَاتِبَ وَأَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ صَحَّ وَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا خَرَجَتْ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْعُرْفِ الْقَائِمِ مَقَامَ الشَّرْطِ فَإِذَا صَرَّحَ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِمَّا يُجَوِّزُهُ الشَّرْعُ وَيُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ جَازَ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ بَعْضَ اللَّيْلِ فِي الْإِجَارَةِ بِالنَّصِّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَمَالِي : الْعَقْدُ فِي النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَنَافِعِ الْأَزْمَانِ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَيْهِ ، أَوْ اسْتَحَقَّهُ الشَّرْعُ فَلَا يَدْخُلُ زَمَانُ الْأَكْلِ وَلَا الصَّلَوَاتِ وَلَا الصِّيَامِ وَلَا زَمَانُ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا أَتْرُكُكَ تَذْهَبُ لِلْجَامِعِ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ لِأَنَّ
الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِإِخْرَاجِهِ فَصَارَ كَالْمُشْتَرَطِ لَفْظًا وَكَذَلِكَ النَّفَلُ الْمُعْتَادُ مَعَ الْفَرَائِضِ ( قَوْلُهُ : وَحُكْمُ النَّصَارَى فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَذَلِكَ ) فَإِنْ أَسْلَمَ عَمِلَ فِيهِ وَتَرَكَ لَهُ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ بَدَلَهُ ( قَوْلُهُ : وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ تَدْخُلُ أَيَّامُ الْجُمَعِ فِي الْمُدَّةِ ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْبَيَانِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالنُّزُولِ فِيهَا وَكَسُبُوتِ الْيَهُودِ .
( وَالْأَجِيرُ لِحَمْلِ الْحَطَبِ إلَى الدَّارِ لَا يُطْلِعُهُ السَّقْفَ ) أَيْ لَا يُكَلَّفُ صُعُودَ السَّطْحِ بِهِ ( وَفِي ) وُجُوبِ ( إدْخَالِهِ ) لَهُ الدَّارَ ( وَالْبَابُ ضَيِّقٌ قَوْلَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِلْعُرْفِ وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِدْخَالَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَوَجْهُ الْإِفْسَادِ تَعَارُضُ الْعُرْفِ وَاللَّفْظِ قَالَ وَالتَّقْيِيدُ بِالضَّيِّقِ لَا فَائِدَةَ لَهُ عِنْدَ تَأَمُّلِ التَّعْلِيلِ بِالْعُرْفِ .
( قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا نَعَمْ ) هُوَ الْأَصَحُّ .
( وَعَلَى الْأَجِيرِ لِغَسْلِ الثِّيَابِ أُجْرَةُ مَنْ يَحْمِلُهَا إلَيْهِ ) لِأَنَّ حَمْلَهَا إلَيْهِ مِنْ تَمَامِ الْغَسْلِ ( إلَّا إنْ شُرِطَ خِلَافُهُ ) أَيْ بِأَنْ شُرِطَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَتَلْزَمُهُ .
( وَلَا أُجْرَةَ لِلْمَسَافَةِ إلَى شَجَرٍ اُسْتُؤْجِرَ لِقَطْعِهِ ) فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْعَمَلِ .
( وَلِمُسْتَأْجِرِ الدَّابَّةِ لِحَمْلِ مَتَاعٍ مُقَدَّرٍ مَنْعُ الْمُؤَجِّرِ مِنْ تَعْلِيقِ شَيْءٍ ) عَلَيْهَا مِنْ مِخْلَاةٍ أَوْ سُفْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ جَمِيعَ مَنْفَعَتِهَا ( وَلَوْ أَكْرَى دَابَّةً ) لِيَرْكَبَهَا ( إلَى بَلَدٍ ) فَرَكِبَهَا إلَيْهِ ( فَرُجُوعُهُ بِهَا كَالسَّفَرِ الْوَدِيعَةِ ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي سَارَ مِنْهُ بَلْ يُسَلِّمُهَا إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَإِلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَإِلَى أَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَمِينًا رَجَعَ بِهَا أَوْ اسْتَصْحَبَهَا إلَى حَيْثُ يَذْهَبُ لِلضَّرُورَةِ ( وَلَوْ اسْتَعَارَهَا ) لِيَرْكَبَهَا إلَى بَلَدٍ فَرَكِبَهَا إلَيْهِ ( رَدَّهَا ) إلَى الْمَكَانِ الَّذِي سَارَ مِنْهُ ( وَلَوْ رَاكِبًا ) - .
لَهَا لِأَنَّ الرَّدَّ لَازِمٌ لَهُ فَالْإِذْنُ يَتَنَاوَلُهُ بِالْعُرْفِ وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا رَدَّ عَلَيْهِ .
( وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ) دَابَّةً ( لِنَقْلِ حِنْطَةٍ ) مَثَلًا ( يَوْمًا مِرَارًا ) مِنْ مَوْضِعِ كَذَا إلَى دَارِهِ ( فَرَكِبَ ) هَا ( فِي رُجُوعِهِ ضَمِنَ ) أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ لَا لِلرُّكُوبِ .
( وَإِنْ جَاوَزَ الْمُسْتَأْجِرُ ) دَابَّةً لِلرُّكُوبِ ( الْمَكَانُ ) الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ إلَيْهِ ( فَإِنْ جَاوَزَ ) هـ ( قَدْرَ رُجُوعٍ يَسْتَحِقُّهُ ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا ذَهَابًا وَإِيَابًا ( لَمْ يَضْمَنْ ) هَا وَلَا يَلْزَمُهُ لِمَا جَاوَزَ أُجْرَةٌ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَدْرَ تِلْكَ الْمَسَافَةِ ذَهَابًا وَإِيَابًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى مِثْلِ الطَّرِيقِ الْمُعَيَّنِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ جَاوَزَهُ بِلَا اسْتِحْقَاقٍ ( ضَمِنَهَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ حِينِ جَاوَزَ ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ ( وَلَا يَبْرَأُ ) عَنْ ضَمَانِهَا ( بِرَدِّهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ) الَّذِي جَاوَزَهُ ( وَإِنْ كَانَ مَالِكُهَا مَعَهَا نَظَرْت فَإِنْ تَلِفَتْ تَحْتَهُ بِتَوَالِي التَّعَبَيْنِ ) الْحَاصِلَيْنِ بِالسَّفَرِ ( لَزِمَهُ الْقِسْطُ ) تَوْزِيعًا عَلَى الْمَسَافَتَيْنِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ حَمَلَ أَكْثَرَ مِنْ الْمَشْرُوطِ ( وَإِنْ ) لَمْ تَتْلَفْ بِذَلِكَ بِأَنْ ( خَرَجَ ) مِنْ الْمَكَانِ ( بَعْدَ زَوَالِ التَّعَبِ ) فَتَلِفَتْ بِالتَّعَبِ الْحَادِثِ ( أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ ) كَوُقُوعِهَا فِي بِئْرٍ ( ضَمِنَ الْكُلَّ وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ نُزُولِهِ ) عَنْهَا ( وَقَبْضِ الْمَالِكِ ) لَهَا ( فَلَا ضَمَانَ ) عَلَيْهِ ( وَإِنْ رَجَعَ مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ ) الَّتِي اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ لِيَرْكَبَهَا فِيهَا لِأَخْذِ شَيْءٍ نَسِيَهُ مَثَلًا فَقَدْ ( اسْتَوْفَى ) حَقَّهُ وَاسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَتَعَيَّنُ سَوَاءٌ أَرَجَعَ رَاكِبًا أَمْ مَاشِيًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِالرُّكُوبِ مِثَالٌ إذْ الْعِبْرَةُ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الْوُصُولُ إلَى الْمَوْضِعِ سَارَ أَوْ لَمْ يَسِرْ رَكِبَ أَوْ لَمْ يَرْكَبْ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ .
قَوْلُهُ : وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ ) لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِهِ فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ فَزَرَعَ الذُّرَةَ حَيْثُ وَجَبَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْجَمِيعِ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ غَيْرِهِ وَأَيْضًا ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ ثَمَّ عُدْوَانٌ ، وَهُنَا اسْتَقَرَّ الْمُسَمَّى أَوَّلًا ، ثُمَّ تَعَدَّى بَعْدَهُ .
وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَإِنْ وَقَفَ بِالدَّابَّةِ يَوْمًا ) مَثَلًا فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ ( ثُمَّ سَارَ أَوْ تَرَدَّدَ فِي الطَّرِيقِ لِيَسْتَقِيَ ) مَثَلًا ( حُسِبَ مِنْ الْمُدَّةِ ) فَيَتْرُكُ الرُّكُوبَ إذَا قَرُبَ مِنْ مَقْصِدِهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ .
( وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ وَيَعُودَ ) رَاكِبًا ( اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ ) رَاكِبًا عَمَلًا بِالشَّرْطِ ( وَإِنْ وَقَفَ ) أَيْ أَقَامَ فِي مَقْصِدِهِ وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةَ مَقَامِهِ فِيهِ ( أَكْثَرَ مِنْ وُقُوفِ ) أَيْ إقَامَةِ مُدَّةِ ( الْمُسَافِرِينَ حُسِبَتْ ) أَيْ الْأَكْثَرِيَّةُ ( مِنْ الْمُدَّةِ ) فَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تُحْسَبْ فَيَرْكَبُ فِي رُجُوعِهِ .
( وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِكَتْبِ صَكٍّ ) فِي بَيَاضٍ ( وَكَتَبَهُ غَلَطًا ) خَارِجًا عَنْ الْعُرْفِ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مَعَهُ الْكَلَامُ ( أَوْ بِلُغَةٍ أُخْرَى ) غَيْرِ الَّتِي عَيَّنَهَا لَهُ ( أَوْ غَيَّرَ النَّاسِخُ تَرْتِيبَ الْكِتَابِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ وَضَمِنَ نُقْصَانَ الْوَرَقِ ) وَإِنْ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ بِأَنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ عَشَرَةَ أَبْوَابٍ فَكَتَبَ الْبَابَ الْأَوَّلَ آخِرًا مُنْفَصِلًا بِحَيْثُ يُبْنَى عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ .
( وَلَوْ تَرَكَ ) الْعَامِلُ ( السَّقْيَ فِي الْمُسَاقَاةِ الصَّحِيحَةِ ) مُتَعَمِّدًا فَفَسَدَ الشَّجَرُ ( ضَمِنَ ) لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ .
( وَإِنْ هَلَكَتْ ) الْعَيْنُ ( الْمُسْتَأْجَرَةُ ) وَلَوْ ( بَعْدَ الرَّدِّ ) إلَى الْمَالِكِ ( بِسَبَبِ تَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ ) عَلَيْهَا ( ضَمِنَ ) .
( فَصْلٌ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّالِثِ : وَإِنْ تَلِفَ ثَوْبٌ ) اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ وَقَدْ ( خَاطَ ) الْأَجِيرُ ( نِصْفَهُ ) مَثَلًا ( اسْتَحَقَّ النِّصْفَ ) مِنْ الْمُسَمَّى هَذَا إنْ كَانَ الْعَمَلُ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقَعُ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي فَصْلِ " اُسْتُؤْجِرَ فِي قِصَارَةِ ثَوْبٍ " ( لَا إنْ تَلِفَتْ جَرَّةٌ حَمَلَهَا ) الْأَجِيرُ ( نِصْفَ الطَّرِيقِ ) فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا بِظُهُورِ أَثَرِهِ ، وَالْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَرَّةِ فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ .
( وَغَرَقُ الْأَرْضِ ) الْمُسْتَأْجَرَةِ بِسَيْلٍ أَوْ مَا نَبَعَ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يَتَوَقَّعْ انْحِسَارَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ( كَانْهِدَامِ الدَّارِ ) فِي أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِهِ ( فَإِنْ تَوَقَّعَ انْحِسَارَهُ ) فِي الْمُدَّةِ ( فَكَغَصْبِهَا ) فِي انْفِسَاخِ مَا مَضَى شَيْئًا فَشَيْئًا وَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَجَازَ سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا كَانَ الْمَاءُ عَلَيْهَا ( وَإِنْ غَرِقَ بَعْضُهَا ) كَنِصْفِهَا بَعْدَ نِصْفِ الْمُدَّةِ مَثَلًا ( انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( فِيهِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ ) فَإِنْ فَسَخَ وَكَانَتْ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ لَا تَتَفَاوَتُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَإِنْ أَجَازَ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى النِّصْفُ لِلْمَاضِي وَالرُّبُعُ لِلْبَاقِي ( وَتَنْفَسِخُ ) الْإِجَارَةُ ( بِتَعْطِيلِ مَاءِ الرَّحَى وَالْبِئْرِ ) وَالنَّهْرِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُ مَاءٍ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ كَانْهِدَامِ الدَّارِ بِجَامِعِ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ غَرِقَ بَعْضُهَا انْفَسَخَ فِيهِ وَلَهُ الْخِيَارُ ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ .
( فَإِنْ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَيْنِ ) مُتَفَاوِتَيْ الْأُجْرَةِ وَنَقَصَ الْمَاءُ ( فَبَقِيَ مَا يُدِيرُ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَنْفَسِخْ لَزِمَهُ أُجْرَةُ أَكْثَرِهِمَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ - .
بِمَا إذَا كَانَ يَكْفِي إدَارَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَقَدْ يَكْفِي الْقَلِيلَةَ الْأُجْرَةِ دُونَ الْأُخْرَى فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَسْجِ غَزْلٍ غَيْرِ مُسَدًّى ثَوْبًا عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فِي عَرْضٍ مَعْلُومٍ فَجَعَلَ سَدَاهُ ) بِالْفَتْحِ ( أَحَدَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةً لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِلْمُخَالَفَةِ ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ طُولُ الطَّاقَةِ الْأُولَى مِنْ الْغَزْلِ عَشَرَةً كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْطِفَهَا لِيَعُودَ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ كَانَ مُخَالِفًا ( فَإِنْ جَعَلَ السَّدَى عَشَرَةً وَاللُّحْمَةَ ) بِالضَّمِّ يَعْنِي وَنَسَجَ مِنْهَا فِي السَّدَى ( تِسْعَةً اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ ) مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْسِجَ عَشَرَةً لَتَمَكَّنَ مِنْهُ ( وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ ) كَذَلِكَ ( وَالْغَزْلُ مُسَدًّى ) وَدَفَعَ إلَيْهِ مِنْ اللُّحْمَةِ مَا يَحْتَاجُهُ ( فَحَابَاهُ فِي الْعَرْضِ الْمَشْرُوطِ أَطْوَلَ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى ) فَقَطْ ( أَوْ أَقْصَرَ فَقِسْطُهُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْمُسَمَّى ( وَإِنْ زَادَ فِي الْعَرْضِ أَوْ نَقَصَ ) مِنْهُ وَالطُّولُ بِحَالِهِ أَوْ أَطْوَلَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ( لِمُخَالَفَةِ ) الْقَدْرِ ( الْمَشْرُوطِ مِنْ الصَّفَاقَةِ وَالرِّقَّةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا ) مِنْ الْمُسَمَّى لِتَفْرِيطِهِ بِالْمُخَالَفَةِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ أَتَى بِالْمَشْرُوطِ ( اسْتَحَقَّ ) الْمُسَمَّى ( إذْ الْخَلَلُ ) فِي الثَّانِيَةِ ( مِنْ السَّدَى ) وَزَادَ فِي الْأُولَى خَيْرًا .
قَوْلُهُ : أَوْ أَقْصَرَ فَقِسْطُهُ مِنْهُ ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ : ثُمَّ إنْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نَسْجِ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ نَسْجِ زِيَادَةٍ فَقَطَعَ الْغَزْلَ غَرِمَ نُقْصَانَ الْغَزْلِ .
( وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِعَيْبٍ مُتَوَقَّعٍ زَوَالُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ ) لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ بِتَعَذُّرِ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَكَتْ الْمُطَالَبَةَ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ الْفَسْخِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ لَهَا الْعَوْدُ إلَيْهِ فَالْخِيَارُ فِي الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَا يُتَوَقَّعَ زَوَالُهُ ( انْقَطَعَ ) خِيَارُهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَاحِدٌ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ .
( وَإِنْ اسْتَبْدَلَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لَا ) إجَارَةِ ( الذِّمَّةِ بَعْدَ ) - وَفِي نُسْخَةٍ " قَبْلَ " - ( الْقَبْضِ جَازَ ) كَمَا لَوْ أَجَّرَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ لِلْمُؤَجِّرِ بَعْدَ قَبْضِهَا عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى وَقَبْلَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَعَلَى مَا مَرَّ لَهُ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا فِي الْأَصْلِ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فَالنُّسْخَةُ الْأُولَى هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَالْحُكْمُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا الْمَعْلُومِ بِالصَّرِيحِ مَعَ مَفْهُومٍ أَوْلَى إنَّمَا يَأْتِي عَلَيْهَا دُونَ الثَّانِيَةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ أَمَّا عَنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي فَرْعِ " وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ " .
( قَوْلُهُ : وَفِي نُسْخَةٍ " قَبْلَ " ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ : النُّسْخَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْفَتَى .
( وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ ) مِنْ شَخْصٍ ( لِلْمُسْتَأْجِرِ جَائِزٌ ) وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ عِنْدَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ تَوَجَّهَ الْحَبْسُ عَلَى أَجِيرِ الْعَيْنِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ فِي الْحَبْسِ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي ) مِنْهُ ( مُدَّتَهُ ) أَيْ الْعَمَلِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَبْسِ فَيُخْرِجُهُ مِنْهُ ( مُسْتَوْثِقًا عَلَيْهِ ) مُدَّةَ الْعَمَلِ ( إنْ رَآهُ ) كَأَنْ خَافَ هَرَبَهُ ، وَخَرَجَ بِأَجِيرِ الْعَيْنِ أَجِيرُ الذِّمَّةِ فَيُطَالَبُ بِتَحْصِيلِ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ بِالْحَقَّيْنِ ، وَبِعَدَمِ إمْكَانِ الْعَمَلِ فِي الْحَبْسِ إمْكَانُهُ فِيهِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَلْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ لَوْ اُسْتُعْدِيَ عَلَى مَنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَكَانَ حُضُورُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْضُرَ .
( قَوْلُهُ : وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَقَدْ رَجَّحَ صِحَّتَهَا السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيِّ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ أَيْ وَلَا غَرَامَةٍ .
( خَاتِمَةٌ ) آجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَعَطَّلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَنَبَتَ فِيهَا عُشْبٌ فَلِمَنْ يَكُونُ أَجَابَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ بِأَنَّهُ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ بَلْ الْمَنَافِعُ وَفِي الْكَافِي لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا شِرْبٌ فَيَسْتَحِقُّ الشِّرْبَ فَلَوْ انْجَمَدَ الْمَاءُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَفِيهَا مُجَمَّدَةٌ فَجَمَعَ الْمُكْتَرِي الْجَمَدَ مِنْهَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى مَا سَبَقَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعَيْنَ بِالْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَكَذَا إنْمَاؤُهَا وَفِي كِتَابِ الْفُرُوقِ لِأَبِي الْخَيْرِ الْمَقْدِسِيَّ قُبَيْلَ الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً فَدَخَلَ فِيهَا سَمَكٌ فَهَلْ هُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنَافِعَهَا وَيَدُهُ عَلَيْهَا فَكَانَ أَحَقَّ بِهِ ، أَوْ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا وَجْهَانِ وَفِي أَوَاخِرِ الرَّهْنِ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ لَهُ حَبْسُ الْمُسْتَأْجِرِ لِيَرُدَّ الْأُجْرَةَ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَخَذَهُ عَلَى مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ فَجَازَ حَبْسُهُ بِسَبَبِهِ فَقِيلَ لَهُ فَمَا تَقُولُ فِيمَا لَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسُ الْقِيمَةِ لِيَرُدَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ فَتَوَقَّفَ فِي الْجَوَابِ وَلَوْ فَسَخَهَا بِعَيْبٍ فَكَالْبَيْعِ وَعَلَى هَذَا لَا يَسْتَحِقُّ الْحَبْسَ عَلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ كَمَا سَبَقَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ وَأَرَادَ السَّفَرَ بِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ الْقِيَاسُ الْجَوَازُ كَمَا يَنْفَرِدُ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ بِالسَّفَرِ عَلَى الْأَصَحِّ كَيْ لَا يَتَبَعَّضَ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ وَلَيْسَ كَالزَّوْجِ مَعَ السَّيِّدِ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَاكَ لِلسَّيِّدِ وَلِذَلِكَ يَسْتَقِلُّ
بِالْمُسَافِرِ بِهَا وَمَالِكُ الرَّقَبَةِ هُنَا لَا يَسْتَقِلُّ وَقَوْلُهُ : أَجَابَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : وَفِي الْكَافِي إلَخْ وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِذَلِكَ .
( وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ لَا الْمُؤَجِّرَ مَا يَلْزَمُ الْوَدِيعَ مِنْ دَفْعِ ضَرَرٍ عَنْ الْعَيْنِ ) الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ حَرِيقٍ وَنَهْبٍ وَغَيْرِهِمَا إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ بِخِلَافِ الْمُؤَجِّرِ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ مُؤَجِّرًا بِوِلَايَةٍ عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَقْفٍ أَوْ نَحْوِهِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ لَكِنَّ ذَلِكَ لِحَقِّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَتَقَدَّمَ أَوَائِلَ الْبَابِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ مَا قَدْ يُخَالِفُ هَذَا وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ ثَمَّ .
( فَإِنْ وَقَعَتْ الدَّارُ ) الْمُؤَجَّرَةُ ( عَلَى مَتَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَلَا أُجْرَةُ تَخْلِيصِهِ .
( وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِبِنَاءٍ فَلَمَّا أَكْمَلَهُ انْهَدَمَ وَكَانَ الْخَلَلُ فِي الصَّنْعَةِ لَا فِي الْآلَةِ ضَمِنَ ) وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْعُرْفِ فَإِنْ قَالُوا : هَذِهِ الْآلَةُ قَابِلَةٌ لِلْعَمَلِ الْمُحْكَمِ وَهُوَ الْمُقَصِّرُ لَزِمَهُ غَرَامَةُ مَا تَلِفَ .
( وَمَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى غُسْلِ مَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ تَرِكَةٌ وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ ) لَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ ( إلَّا ) إنْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ ( الْإِمَامُ ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ غُسْلَهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِذَا فَعَلَهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَقَعَ عَنْ - .
الْفَرْضِ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ فَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ فِي تَرِكَتِهِ ، أَوْ لَمْ تَكُنْ وَفِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ فَيَسْتَحِقُّ الْمُكْرَهُ الْأُجْرَةَ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْتَثْنَى دُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ فِيهِمَا وَقَدْ تَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِمْ : لَوْ أَكْرَهَهُ بَعْضُ الرَّعِيَّةِ عَلَى غُسْلِ مَيِّتٍ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ، أَوْ الْإِمَامُ وَلِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَجَبَتْ فِيهَا وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ وَسِعَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ .
.
( وَلِلْأَبِ اسْتِئْجَارُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ ) الْمُمَيِّزِ ( لِإِسْقَاطِ نَفَقَتِهِ عَنْهُ ) كَمَا يَشْتَرِي مَالَهُ .
( كِتَابُ الْجَعَالَةِ ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى كَسْرِهَا وَهِيَ - لُغَةً - اسْمٌ لِمَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ وَكَذَا الْجُعْلُ وَالْجَعِيلَةُ - وَشَرْعًا - الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } وَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ كَالْوَسْقِ وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ وَهُوَ هُنَا خَبَرُ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ الرَّاقِي كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ وَأَيْضًا الْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إلَيْهَا فَجَازَتْ كَالْمُضَارَبَةِ وَالْإِجَارَةِ .
( وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ : الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ بِعِوَضٍ يَلْتَزِمُهُ ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ كَالْإِجَارَةِ فَلَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بِلَا صِيغَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ لَهُ بِشَيْءٍ فَوَقَعَ عَمَلُهُ تَبَرُّعًا وَدَخَلَ الْعَبْدُ فِي ضَمَانِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْغَاصِبِ بِقَصْدِ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الضَّمَانُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الرَّدِّ عَدَمُ الضَّمَانِ ( وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ ) لَفْظًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ وَعَلَيْهِ قَالَ الْقَمُولِيُّ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ : إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ دِينَارٌ فَقَالَ أَرُدُّهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ وَقَدْ يَنْقَدِحُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْخُلْعِ ، وَالصِّيغَةُ ( كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ عَبْدِي أَوْ عَبْدَ فُلَانٍ فَلَهُ كَذَا ) وَاحْتَمَلَ إبْهَامَ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَهْتَدِي
الْقَائِلُ إلَى تَعْيِينِ الرَّاغِبِ ( فَإِنْ رَدَّهُ مَنْ سَمِعَهُ لَا غَيْرُهُ اسْتَحَقَّ ) الْجُعْلَ ( عَلَى الْقَائِلِ ) لِأَنَّهُ الْمُلْتَزِمُ لَهُ سَوَاءٌ أَسَمِعَهُ بِوَاسِطَةٍ أَمْ بِدُونِهَا نَعَمْ لَوْ قَالَ إنْ رَدَّ عَبْدِي مَنْ سَمِعَ نِدَائِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ عَلِمَ بِنِدَائِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ الْتِزَامُ غَيْرِ الْمَالِكِ هُنَا كَالْتِزَامِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِ غَيْرِهِ وَالثَّوَابِ عَلَى هِبَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُمَا عِوَضَا تَمْلِيكٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُمَا عَلَى غَيْرِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمِلْكُ وَلَيْسَ الْجُعْلُ عِوَضَ تَمْلِيكٍ وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ بِهَذَا الْقَوْلِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى الْآبِقِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا أَوْ بِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ لِمَنْ شَاءَ فِي الرَّدِّ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ ( وَلَوْ رَدَّهُ مَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ ) بِالْتِزَامِ الْمَالِكِ ( فَلَا شَيْءَ ) لَهُ ( عَلَى الثِّقَةِ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَصَدَّقَهُ أَمْ لَا لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ ( وَلَا عَلَى الْمَالِكِ إنْ كَذَّبَهُ ) لِذَلِكَ ( لَا إنْ صَدَّقَهُ ) عَمَلًا بِتَصْدِيقِهِ وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ غَيْرُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرَّادُّ شَيْئًا وَلَا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ صَدَّقَهُ كَمَا لَوْ رَدَّهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِإِذْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ أَنْكَرَ ) الْمَالِكُ ( الْخَبَرَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الثِّقَةِ عَلَيْهِ ) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي تَرْوِيجِ قَوْلِهِ ( وَإِنْ قَالَ إنْ رَدَّهُ زَيْدٌ ) فَلَهُ كَذَا ( فَرَدَّهُ عَمْرٌو أَوْ زَيْدٌ قَبْلَ عِلْمِهِ ) بِالِالْتِزَامِ ( لَمْ - .
يَسْتَحِقَّ ) شَيْئًا لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ لِعَمْرٍو وَعَدَمِ سَمَاعِ زَيْدٍ ( أَوْ ) رَدَّهُ ( عَبْدُ زَيْدٍ ) بَعْدَ عِلْمِ زَيْدٍ بِالِالْتِزَامِ ( اسْتَحَقَّ ) زَيْدٌ الْجُعْلَ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ كَيَدِهِ (
كَزَيْدٍ ) أَيْ كَمَا لَوْ رَدَّهُ زَيْدٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مُكَاتَبَهُ وَمُبَعَّضَهُ فِي نَوْبَتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ ( وَإِنْ قَدَّرَ الرَّدَّ بِشَهْرٍ ) مَثَلًا ( لَمْ يَصِحَّ ) كَمَا فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ مُخِلٌّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ فَقَدْ لَا يَظْفَرُ بِهِ فِيهَا فَيَضِيعُ سَعْيُهُ وَلَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ .
( كِتَابُ الْجَعَالَةِ ) ( قَوْلُهُ : وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى كَسْرِهَا ) وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمَطْلَبِ عَلَى فَتْحِهَا ( قَوْلُهُ : خَبَرُ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ الْجَعَالَةِ عَلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرِيضُ مِنْ دَوَاءٍ ، أَوْ رُقْيَةٍ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحِ : إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ ( قَوْلُهُ : وَأَيْضًا الْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ ) وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهَا ( قَوْلُهُ : الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ ) لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : إنْ رَدَدْتُهُ فَلِي دِينَارٌ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ فَرَدَّهُ اسْتَحَقَّهُ ( قَوْلُهُ : بِعِوَضٍ ) أَيْ مَقْصُودٍ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ عَمِلَ بِلَا صِيغَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ ) إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ كَالصِّيغَةِ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا ) وَهَلْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِالْوَكَالَةِ ارْتَدَّ ( قَوْلُهُ : فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاسْتِحْقَاقِهِ الدِّينَارَ ) هُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ يَنْقَدِحُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْخُلْعِ ) قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ إنْ رَدَدْت آبِقِي فَلَكَ دِينَارٌ فَقَالَ الْمُخَاطَبُ أَرُدُّهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَالْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الدِّينَارَ فَإِنَّ الْقَبُولَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْجَعَالَةِ ا هـ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْقَمُولِيِّ أَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ ( قَوْلُهُ : كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا إلَخْ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَاءَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْجَوَابِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ كَذَا لَا يَسْتَحِقُّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ النُّحَاةِ فِي دُخُولِ الْفَاءِ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ الْمُتَضَمِّنِ مَعْنَى الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ أَنَّ الْخَبَرَ مُسْتَحَقٌّ بِالصِّلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْفَاءِ وَإِلَّا لَمْ تَدْخُلْ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ
مُسْتَحِقًّا بِهِ وَبِغَيْرِهِ ، نَحْوُ الَّذِي يَأْتِينِي فَلَهُ دِرْهَمٌ أَنَّ الدِّرْهَمَ مَعَ الْفَاءِ يُسْتَحَقُّ بِالْإِتْيَانِ وَمَعَ عَدَمِهَا لَا يُسْتَحَقُّ وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ كَقَوْلِهِ زَيْدٌ لَهُ دِرْهَمٌ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ رَدَّهُ مَنْ سَمِعَهُ لَا غَيْرُهُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا وَالْجَعَالَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِذْنِ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ لَا تَقْتَضِيهِ صَرِيحًا بَلْ مَدْلُولُهَا تَرْتِيبُ اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ عَلَى الرَّدِّ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الرَّدِّ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَرْغِيبٌ فِيهِ وَالتَّرْغِيبُ فِي الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ فَمِنْ هُنَا صَارَتْ إذْنًا لَا بِالْوَضْعِ ( قَوْلُهُ : عَلَى الْقَائِلِ ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَائِلُ وَلِيَّ الْمَالِكِ فَأَمَّا إذَا كَانَ وَلِيَّهُ وَقَالَ ذَلِكَ عَنْ مَحْجُورِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْجُعْلُ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ ، أَوْ أَقَلَّ اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ فِي مَالِ الْمَالِكِ بِمُقْتَضَى قَوْلِ وَلِيِّهِ وَهُوَ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ : وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَخْ ) أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَالِكِ ( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا إذَا ظَنَّ الرَّادُّ صِدْقَهُ وَكَانَ الْمَالِكُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ .
قَوْلُهُ : لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ كَيَدِهِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا اسْتَعَانَ بِهِ سَيِّدُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فَإِنْ رَدَّهُ بِنَفْسِهِ ، أَوْ بِعَبْدِهِ اسْتَحَقَّ يُفْهِمُ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اسْتَقَلَّ الْعَبْدُ بِالرَّدِّ وَقَوْلُهُ : قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّ مُكَاتَبَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
الرُّكْنُ ( الثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُتَعَامِلَانِ ( وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزِمِ ) لِلْجُعْلِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ ( نُفُوذُ التَّصَرُّفِ ) بِأَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ فَلَا يَصِحُّ بِالْتِزَامِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ( وَ ) يُشْتَرَطُ ( فِي الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ ) فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِإِذْنٍ وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدُهُ وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْعَمَلِ كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ الْأَعْمَى لِلْحِفْظِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَانَ الْمُرَادُ أَهْلِيَّةَ الْتِزَامِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إمْكَانَهُ ، أَمَّا إذَا كَانَ مُبْهَمًا فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِالنِّدَاءِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا لَوْ قَالَ مَنْ جَاءَ بِآبِقِي فَلَهُ دِينَارٌ فَمَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ عَلِمَ بِهِ لِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ مَنْ جَاءَ وَخَالَفَ فِي السِّيَرِ فَقَالَ لَا يَسْتَحِقُّ الصَّبِيُّ وَلَا الْعَبْدُ إذَا قَامَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ .
( قَوْلُهُ : أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ ) بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ ) كَالزَّرْكَشِيِّ ( قَوْلُهُ : وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إمْكَانَهُ ) وَهُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ : فَمَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ رَدَّهُ الصَّبِيُّ ، أَوْ السَّفِيهُ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى ، وَرَدُّ الْمَجْنُونِ كَرَدِّ الْجَاهِلِ بِالنِّدَاءِ .
ا هـ .
وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَجَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ ( قَوْلُهُ : فَتَصِحُّ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ إلَخْ ) وَكَوْنُهُ كُلْفَةً وَغَيْرَ وَاجِبٍ عَلَى الْعَامِلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجَعَالَةُ تُفَارِقُ الْإِجَارَةَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ جَوَازِهَا عَلَى مَجْهُولٍ وَصِحَّتِهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَكَوْنِهَا جَائِزَةً لَا لَازِمَةً وَزَادَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ الْجُعْلَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَوْ شَرَطَ لَهُ تَعْجِيلَ الْجُعْلِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ .
ا هـ .
وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْعَامِلِ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ بَطَلَ قَالَهُ الْقَمُولِيُّ فِي كِتَابِ الدُّرَرِ .
الرُّكْنُ ( الثَّالِثُ الْعَمَلُ فَتَصِحُّ الْجَعَالَةُ عَلَى ) عَمَلٍ ( مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ ) لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى وَزَادَ قَوْلَهُ ( عَسُرَ عَمَلُهُ ) لِإِخْرَاجِ مَا لَمْ يَعْسُرْ فَيُعْتَبَرُ ضَبْطُهُ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِ جَهَالَةِ الْجَعَالَةِ فِي بِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ مَوْضُوعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يُبْنَى بِهِ وَفِي الْخِيَاطَةِ يُعْتَبَرُ وَصْفُ الثَّوْبِ وَالْخِيَاطَةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِيهِ وَسَوَاءٌ فِي الْعَمَلِ الْوَاجِبُ وَغَيْرُهُ فَلَوْ حُبِسَ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ جَازَ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْقَاضِي ( فَإِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَهُوَ ) أَيْ الْمَالُ الْمَطْلُوبُ رَدُّهُ ( فِي يَدِهِ فَرَدَّهُ وَفِي الرَّدِّ كُلْفَةٌ ) كَالْآبِقِ ( اسْتَحَقَّ ) الْجُعْلَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ كُلْفَةٌ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَا كُلْفَةَ فِي رَدِّهَا ( فَلَا ) يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بِجِهَةٍ تُوجِبُ الرَّدَّ كَالْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ ، وَقَضِيَّتُهُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالرَّدِّ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ وَتَعْلِيلُ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي لَا إنْ كَانَ فِي يَدِهِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ ( وَإِنْ جَعَلَ لِمَنْ دَلَّهُ عَلَيْهِ ) جُعْلًا ( فَدَلَّهُ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ ) الْجُعْلَ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْبَحْثِ عَنْهُ ( لَا إنْ كَانَ فِي يَدِهِ ) أَيْ يَدِ مَنْ دَلَّ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ .
شَيْئًا لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ عِوَضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ ( أَوْ ) جَعَلَ ( لِمَنْ أَخْبَرَهُ ) بِكَذَا جُعْلًا ( فَأَخْبَرَهُ ) بِهِ ( فَلَا ) يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ ( إلَّا إنْ تَعِبَ وَصُدِّقَ )
فِي إخْبَارِهِ ( وَكَانَ لِلْمُسْتَخْبِرِ غَرَضٌ ) فِي الْمُخْبَرِ بِهِ فَيَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْبَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْقَاضِي كَالنَّاطِقِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا .
( قَوْلُهُ : لِلْحَاجَةِ ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ إذَا اُحْتُمِلَتْ فِي الْقِرَاضِ تَوَصُّلًا إلَى الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ فَاحْتِمَالُهَا فِي الْجَعَالَةِ أَوْلَى وَكَذَا تُغْتَفَرُ جَهَالَةُ الْعَامِلِ وَتَعَدُّدُهُ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ وَالْوَاحِدَ قَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ ، وَالْمُتَمَكِّنُ مِنْهُ قَدْ لَا يَكُونُ حَاضِرًا أَوْ لَا يَعْرِفُهُ الْمَالِكُ فَإِذَا أَطْلَقَ وَشَاعَ بَلَغَ الْمُتَمَكِّنَ مِنْهُ فَيَحْصُلُ الْغَرَضُ ( قَوْلُهُ : وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِيهِ ) قَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِمُوَافَقَتِهِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلِ ( قَوْلِهِ : وَسَوَاءٌ فِي الْعَمَلِ الْوَاجِبُ ) أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ ( قَوْلُهُ : يَقْتَضِي خِلَافَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا يَدَ أَمَانَةٍ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَلْ تَجُوزُ الْجَعَالَةُ عَلَى رَدِّ الزَّوْجَةِ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ لَكِنْ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الضَّمَانِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ حَيْثُ قَالَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ الْمَرْأَةِ لِمَنْ أَثْبَتَ زَوْجِيَّتَهُ لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا كَمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ عَبْدٍ آبِقٍ لِمَالِكِهِ فَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَجَعَلَ السَّيِّدُ لِرَجُلٍ جُعْلًا عَلَى رَدِّهَا وَجَعَلَ الزَّوْجُ جُعْلًا لِآخَرَ فَمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا اسْتَحَقَّهُ فَإِنْ رَدَّاهَا مَعًا اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا شُرِطَ لَهُ .
ا هـ .
وَفِي هَذَا التَّخْرِيجِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إذْنِ الْمَكْفُولِ فَإِذَا أَذِنَتْ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ فَقَدْ سَلَّطَتْهُ عَلَى إحْضَارِهَا كَكَفَالَةِ بَدَنِ الْحُرِّ إذَا أَذِنَ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ فِي الْجَعَالَةِ ( قَوْلُهُ : فَدَلَّ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى ضَالَّتِي فَلَهُ كَذَا فَتَحَمَّلَ أَسْبَابَ الْمَشَقَّةِ وَطَلَبَ ضَالَّتَهُ وَدَلَّهُ عَلَيْهَا اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى ( قَوْلُهُ :
لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ بِالْبَحْثِ عَنْهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا بَحَثَ عَنْهُ بَعْدَ جَعْلِ الْمَالِكِ أَمَّا الْبَحْثُ السَّابِقُ وَالْمَشَقَّةُ السَّابِقَةُ قَبْلَ الْجُعْلِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِمَا .
ا هـ .
وَفِي الْكَافِي لِلْخُوَارِزْمِيِّ لَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى ضَالَّتِي فَلَهُ دِينَارٌ فَدَلَّهُ رَجُلٌ دَلَالَةً يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى مُؤْنَةٍ وَتَعَبٍ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَلَوْ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي رَقِيقٍ مَنْ رَدَّ رَقِيقِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ شَرِيكُهُ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ .
قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ عَلَيْهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ ) الْخِطَابُ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا .
الرُّكْنُ ( الرَّابِعُ الْجُعْلُ يُشْتَرَطُ ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَيُشْتَرَطُ " ( كَوْنُهُ مَعْلُومًا كَالْأُجْرَةِ ) فِي الْإِجَارَةِ ( فَلَوْ كَانَ مَجْهُولًا ) كَثَوْبٍ ( أَوْ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ) تَجِبُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِجَهْلِ الْجُعْلِ أَوْ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِالْجَهْلِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِهِ فِيهِ كَالْإِجَارَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ ، وَلِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَرْغَبُ فِي الْعَمَلِ مَعَ جَهْلِهِ بِالْجُعْلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ وَسَتَأْتِي فِي السِّيَرِ ( فَإِنْ قَالَ مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ ثِيَابُهُ - وَهِيَ مَعْلُومَةٌ - اسْتَحَقَّهَا ، أَوْ مَجْهُولَةٌ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ) وَحَذَفَ قَوْلَ أَصْلِهِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ وَصَفَهَا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ اسْتَحَقَّهَا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنَّهُ خِلَافُ الصَّحِيحِ فَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ لَا يُغْنِي وَصْفُهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ قَوْلُ الْأَصْلِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ الْعُقُودَ عُقُودٌ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ فَاحْتِيطَ لَهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ لِلْجَعَالَةِ ( وَكَذَا ) يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ ( لَوْ قَالَ ) مَنْ رَدَّهُ ( فَلَهُ رُبُعُهُ ) مَثَلًا وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَقَرَّبَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ مِنْ اسْتِئْجَارِ الْمُرْضِعَةِ بِحُرٍّ مِنْ الرَّقِيقِ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا جُعِلَتْ جُزْءًا مِنْ الرَّقِيقِ بَعْدَ الْفِطَامِ اقْتَضَى عَدَمَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَوْ تَأْجِيلَهُ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ وَهُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا وَجْهَ إلَّا الصِّحَّةُ إنْ عَلِمَ
بِالْعَبْدِ وَمَكَانِهِ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَيَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا الْعَقْدِ بِحَالِهِ أَوْ بِحَالِ الرَّدِّ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ النَّقْدُ ا هـ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ خَصَّصَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَنَازَعَهُ فِي الْمَأْخَذِ .
( قَوْلُهُ : وَهِيَ مَعْلُومَةٌ ) بِأَنْ رَآهَا الْعَامِلُ أَوْ وَصَفَهَا الْجَاعِلُ لَهُ بِمَا يُفِيدُهُ الْعِلْمَ بِهَا ( قَوْلُهُ : كَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ ) وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ وَالْمُطْلَقِ مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الِالْتِزَامِ فَإِنْ تَغَيَّرَ اُعْتُبِرَ يَوْمَ الْعَقْدِ فَعُلِمَ أَنَّ شُرُوطَ الْجُعْلِ - إنْ كَانَ مُعَيَّنًا - شُرُوطُ الْبَيْعِ ، - وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ - شُرُوطُ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ : وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ الْعُقُودَ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِدُخُولِ التَّخْفِيفِ هُنَا وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْلُومًا اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهُوَ وَاضِحٌ ، ثُمَّ رَأَيْت الْفَتِيَّ قَالَ أَيْ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا اسْتَحَقَّهُ ، أَوْ مَجْهُولًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ( قَوْلُهُ : وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَجَمَالُ الدِّينِ وَالْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّرَّاجِ ( قَوْلُهُ : وَبِمَكَانِهِ ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مَعْرُوفًا فَلَا وَجْهَ إلَّا الْبُطْلَانُ وَلَا وَجْهَ لِمَا أَبْدَيْته فِي الْكِفَايَةِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ بَلَدِ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ ) سَامِعٌ ( مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ ) الْمُتَسَاوِيَةِ سُهُولَةً وَحُزُونَةً ( اسْتَحَقَّ النِّصْفَ ) مِنْ الْجُعْلِ أَوْ مِنْ ثُلُثِهَا اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ لِأَنَّ كُلَّ الْجُعْلِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ فَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ ( أَوْ ) قَالَ مَنْ رَدَّ ( الْعَبْدَيْنِ مِنْ كَذَا فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُمَا ) سَامِعٌ ( مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ ) الْمُتَسَاوِيَةِ سُهُولَةً وَحُزُونَةً ( أَوْ ) رَدَّ ( أَحَدَهُمَا ) مِنْ جَمِيعِهَا ( اسْتَحَقَّ النِّصْفَ ) عَمَلًا بِالتَّوْزِيعِ عَلَى الْعَمَلِ ( أَوْ ) قَالَ لِاثْنَيْنِ ( إنْ رَدَدْتُمَا الْعَبْدَيْنِ ) فَلَكُمَا كَذَا ( فَرَدَّهُمَا وَاحِدٌ ) مِنْهُمَا ( فَلَهُ النِّصْفُ أَوْ رَدَّ ) أَحَدُهُمَا ( وَاحِدًا ) مِنْ الْعَبْدَيْنِ ( فَلَهُ الرُّبُعُ ) بِذَلِكَ فِيهِمَا ( أَوْ ) رَدَّ الْعَبْدَ ( مِنْ ) مَكَان ( أَبْعَدَ ) مِمَّا عَيَّنَ ( فَالزَّائِدُ هَدَرٌ ) لَا جُعْلَ لَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ .
قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ قَالَ : أَيُّ رَجُلٍ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ فَرَدَّهُ اثْنَانِ قُسِّطَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَقْرَبِ عِنْدِي .
( وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ رُدَّهُ وَلَك كَذَا فَأَعَانَهُ آخَرُ ) فِي رَدِّهِ بِعِوَضٍ أَوْ مَجَّانًا ( فَالْكُلُّ لِزَيْدٍ ) فَقَدْ يَحْتَاجُ لِلْمُعَاوَنَةِ وَغَرَضُ الْمُلْتَزِمِ الْعَمَلُ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى قَصْرِ .
الْعَمَلِ عَلَى الْمُخَاطَبِ ( وَلَا شَيْءَ لِلْمُعَاوِنِ إلَّا إنْ الْتَزَمَ لَهُ زَيْدٌ أُجْرَةً ) فَيَسْتَحِقُّهَا ( وَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ ) أَيْ الْمُعَاوِنُ ( لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمَالِكِ ) أَوْ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ ( فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِزَيْدٍ النِّصْفُ ) إنْ اسْتَوَيَا عَمَلًا لِأَنَّهُ عَمِلَ نِصْفَ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ " لِنَفْسِهِ " مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ شَارَكَهُ اثْنَانِ فِي الرَّدِّ - فَإِنْ قَصَدَا إعَانَتَهُ - فَلَهُ تَمَامُ الْجُعْلِ - أَوْ الْعَمَلُ لِلْمَالِكِ - فَلَهُ ثُلُثُهُ ، أَوْ وَاحِدٌ إعَانَتَهُ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ فَلَهُ ثُلُثَاهُ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ .
( وَإِنْ قَالَ : مَنْ يَرُدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ اثْنَانِ اقْتَسَمَاهُ ) لِأَنَّهُمَا يُوصَفَانِ بِالْأَوَّلِيَّةِ فِي الرَّدِّ ( وَإِنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ : رُدَّهُ وَلَك دِينَارٌ فَرَدُّوهُ فَلِكُلٍّ ) مِنْهُمْ ( ثُلُثُهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ ثُلُثُ مَا شَرَطَ لَهُ ( تَوْزِيعًا عَلَى الرُّءُوسِ ) .
قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْمَسْعُودِيُّ هَذَا إذَا عَمِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمْ : أَعَنْت صَاحِبِي فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شَرَطَ لَهُ ، وَاثْنَانِ مِنْهُمْ : أَعَنَّا صَاحِبَنَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَلَهُ جَمِيعُ الْمَشْرُوطِ ( فَإِنْ شَارَكَهُمْ رَابِعٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ ) كَانَ ( قَصَدَ الْمَالِكَ ) بِالْعَمَلِ ( أَوْ قَصَدَ أَخْذَ الْجُعْلِ مِنْهُ فَلِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ رُبُعٌ ) مِنْ الْمَشْرُوطِ ( فَإِنْ أَعَانَ أَحَدَهُمْ فَلِلْمُعَاوَنِ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ ( النِّصْفُ وَلِلْآخَرَيْنِ النِّصْفُ ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّبُعُ ( أَوْ ) أَعَانَ ( اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا رُبُعٌ وَثُمُنٌ ) مِنْ الْمَشْرُوطِ ( وَلِلثَّالِثِ رُبُعٌ ) مِنْهُ وَإِنْ أَعَانَ الْجَمِيعَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الثُّلُثُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَإِنْ شَرَطَ ) الْمَالِكُ ( لِأَحَدِهِمْ ) جُعْلًا ( مَجْهُولًا ) كَثَوْبٍ مَعَ شَرْطِهِ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ دِينَارًا فَرَدُّوهُ ( فَلَهُ ثُلُثُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَهُمَا ثُلُثَا الْمُسَمَّى وَتَوْكِيلُ الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ ) غَيْرَهُ ( فِي الرَّدِّ كَوَكِيلِ الْوَكِيلِ ) فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ ( وَ ) تَوْكِيلُ ( غَيْرِ الْمُعَيَّنِ ) بَعْدَ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ غَيْرَهُ ( كَالتَّوْكِيلِ فِي الِاحْتِطَابِ ) وَالِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجُوزُ .
( قَوْلُهُ : مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ ) أَوْ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ ، أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْمَكَانِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْإِرْشَادُ إلَى مَوْضِعِ الْآبِقِ ، أَوْ مَظِنَّتِهِ وَنَحْوُهُ لَا أَنَّ الرَّدَّ مِنْهُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ إذْ لَوْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ ذَلِكَ لَكَانَ إذَا رَدَّهُ مَنْ دُونَهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ مِنْهُ وَفِي الْكَافِي لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ الْبَصْرَةِ فَلَهُ دِينَارٌ وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ هَمْدَانَ وَالْمَسَافَةُ كَالْمَسَافَةِ إلَى الْبَصْرَةِ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى ( قَوْلُهُ : قُسِّطَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَقَدْ يَحْتَاجُ لِلْمُعَاوَنَةِ وَغَرَضُ الْمُلْتَزِمِ إلَخْ ) اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْهُ - وَمِنْ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ نَصِيبَهُ إذَا تَبَرَّعَ الْمَالِكُ عَنْهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِالْعَمَلِ - جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْإِمَامَةِ وَنَحْوِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَنِيبَ مِثْلَهُ ، أَوْ خَيْرًا مِنْهُ وَيَسْتَحِقُّ كُلَّ الْمَعْلُومِ قَالَ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالنَّوَوِيُّ بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فَإِنْ اسْتَنَابَ لِعُذْرٍ لَا يُعَدُّ مَعَهُ مُقَصِّرًا اسْتَحَقَّ الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ الْجَامِكِيَّةَ وَإِنْ سَمَّى لِلنَّائِبِ شَيْئًا اسْتَحَقَّهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ النَّاظِرِ وَقَوْلُهُ : اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَوْ لِلْمَالِكِ ) أَيْ أَوْ لَهُمَا ، أَوْ لِنَفْسِهِ وَالْعَامِلِ أَوْ لِلْعَامِلِ وَالْمَالِكِ ، أَوْ لِلْجَمِيعِ ( قَوْلُهُ : أَوْ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ قَصَدَ الْمَالِكَ أَوْ قَصَدَهُمَا ، أَوْ عَاوَنَ مُطْلَقًا فَلِزَيْدٍ نِصْفُ الْجُعْلِ .
ا هـ .
وَلَوْ قَالَ لَهُ الْعَامِلُ قَصَدْتنِي فَقَالَ بَلْ قَصَدْت نَفْسِي فَلِلْعَامِلِ إنْ صَدَّقَهُ الْمَالِكُ وَإِلَّا حَلَفَ وَلَزِمَهُ النِّصْفُ وَلَوْ أَعَانَهُ اثْنَانِ وَلَمْ
يَقْصِدَاهُ فَلَهُ الثُّلُثُ ، أَوْ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ قَصَدَهُ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَالِكَ فَلَهُ ثُلُثَاهُ وَلَوْ تَلِفَ الْجُعْلُ الْمُعَيَّنُ بِيَدِ الْمُلْتَزِمِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَعَلِمَ بِهِ الْعَامِلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الرَّدِّ وَإِنْ جَهِلَهُ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ الرَّدِّ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ .
قَوْلُهُ : وَتَوْكِيلُ الْمُعَيَّنِ فِي الرَّدِّ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ ) الْمَنْقُولُ فِي الْبَسِيطِ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ مُخَاطَبًا وَقَالَ إنْ رَدَدْت عَبْدِي الْآبِقَ فَلَكَ كَذَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ السَّعْيُ بِنَفْسِهِ بَلْ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِهِ فَإِذَا حَصَلَ الْعَمَلُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ .
ا هـ .
وَهُوَ مُلَخَّصٌ مِنْ كَلَامِ النِّهَايَةِ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ مَنْ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ فِيمَا أَظُنُّهُ ، وَهُوَ صَحِيحٌ يَشْهَدُ لَهُ مَسْأَلَةُ مُعَاوَنَةِ الرَّادِّ الْمُعَيَّنِ وَهِيَ مَنْصُوصَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا لَكِنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ إنْ رَدَّهُ وَكِيلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُعَاوَنَةِ وَالتَّوْكِيلِ فَإِنَّهُ تَفْوِيضٌ كُلِّيٌّ وَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ رَدَدْت آبِقِي بِنَفْسِك فَلَكَ كَذَا فَأَمَرَ عَبْدَهُ فَرَدَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا .
( فَصْلٌ الْجَعَالَةُ جَائِزَةٌ ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ ) لِأَنَّهَا تَعْلِيقُ اسْتِحْقَاقٍ بِشَرْطٍ كَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا مَجْهُولٌ كَالْقِرَاضِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا ( لَازِمَةٌ بَعْدَهُ ) لِلُّزُومِ الْجُعْلِ فَلَا انْفِسَاخَ وَلَا فَسْخَ ( فَلَوْ فَسَخَهَا الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) لِلْعَامِلِ ( فِيمَا عَمِلَ ) لِئَلَّا يَحْبِطَ سَعْيُهُ بِفَسْخِ غَيْرِهِ وَرُبَّمَا عَبَّرَ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حَتَّى يَضْمَنَ - أَيْ يَلْتَزِمَ - لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِ مَا عَمِلَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ قِسْطُ مَا عَمِلَ مِنْ الْمُسَمَّى لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالْفَسْخِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَكَذَا بَعْضُهُ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمَا قُلْنَا وَاسْتُشْكِلَ لُزُومُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِمَا لَوْ مَاتَ الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ حَيْثُ تَنْفَسِخُ وَيَجِبُ الْقِسْطُ مِنْ الْمُسَمَّى ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ ثَمَّ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي إسْقَاطِ الْمُسَمَّى ، وَالْعَامِلُ ثَمَّ تَمَّمَ الْعَمَلَ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ قَبْلَ رَدِّهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ : لَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ إذَا رَدَّهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِحُصُولِ الرُّجُوعِ ضِمْنًا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ تَنْزِيلًا لِإِعْتَاقِهِ مَنْزِلَةَ فَسْخِهِ وَخَرَجَ بِأَثْنَاءِ الْعَمَلِ مَا لَوْ فَسَخَهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ ( أَوْ ) فَسَخَهَا ( الْعَامِلُ فَلَا ) شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ سَوَاءٌ أَوَقَعَ مَا عَمِلَهُ مُسَلَّمًا أَمْ لَا نَعَمْ لَوْ زَادَ الْمَالِكُ فِي الْعَمَلِ وَلَمْ يَرْضَ الْعَامِلُ بِالزِّيَادَةِ فَفَسَخَ لِذَلِكَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي آخِرِ الْمُسَابَقَةِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ
الَّذِي أَلْجَأَهُ لِذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ إذَا نَقَصَ مِنْ الْجُعْلِ .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا لِأَنَّ النَّقْصَ فَسْخٌ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ فَسْخٌ مِنْ الْمَالِكِ لَا مِنْ الْعَامِلِ .
( وَإِنْ عَمِلَ ) الْعَامِلُ شَيْئًا ( بَعْدَ الْفَسْخِ .
وَلَوْ جَاهِلًا ) بِهِ ( فَلَا شَيْءَ لَهُ ) لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِأَنَّ لَهُ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ جَاهِلًا ، وَهُوَ مُعَيَّنٌ ، أَوْ لَمْ يُعْلِنْ الْمَالِكَ بِالْفَسْخِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْجَاهِلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ فَسَخَهَا الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا صَدَرَ مِنْ الْعَامِلِ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودٌ أَصْلًا كَرَدِّ الْآبِقِ إلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ ، أَوْ يَحْصُلُ بِهِ بَعْضُهُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ عَلَّمْتَ ابْنِي الْقُرْآنَ فَلَكَ كَذَا ، ثُمَّ مَاتَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيمِ ، أَوْ مَنَعَهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ فس ( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ ) أَيْ لِأَنَّهُ بِإِعْتَاقِهِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ الْيَدِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ ( قَوْلُهُ : أَوْ فَسَخَهَا الْعَامِلُ ) وَلَوْ صَبِيًّا ، أَوْ مَجْنُونًا ، أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ( قَوْلُهُ : سَوَاءٌ أَوَقَعَ مَا عَمِلَهُ مُسَلَّمًا ) أَيْ وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إتْمَامِ تَعْلِيمِ الصَّبِيِّ ، أَوْ مِنْ إتْمَامِ بِنَاءِ الْحَائِطِ قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّ الْجُعْلَ مُسْتَحَقٌّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَهُوَ فَوَّتَ الْعَمَلَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ وَقَدْ اتَّسَعَ فِي عَقْدِ الْجَعَالَةِ وَكَمَا اُعْتُبِرَ عَمَلُهُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْجُعْلَ اُعْتُبِرَ فَسْخُهُ وَتَرْكُ الْعَمَلِ فِي إسْقَاطِهِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا حَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِ قِسْطَ الْجُعْلِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ إذْ حَاصِلُ ذَلِكَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ الْأُولَى فَسْخُ الْعَامِلِ فِي الْأَثْنَاءِ وَهُوَ مُحْبِطٌ لِحَقِّهِ مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرْنَاهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا الثَّانِيَةُ وَهُوَ مَا لَوْ احْتَرَقَ الثَّوْبُ ، أَوْ نَحْوُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ الثَّالِثَةُ تَرْكُ الْعَامِلِ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ فَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُسَلَّمًا وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَإِلَّا فَلَا وَوَجْهُهُ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّ تَرْكَهُ لَا يُسَمَّى فَسْخًا وَكَلَامُ شَرْحِ