كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي
فقد قال ابن القاسم إن شهادة رجل وامرأتين تعدل شهادة رجلين في الأموال وينبغي أن ينظرها من النساء جماعة يحصل بقولهن العلم فلو قالت أنا انكشف لأربع رجال لأجيبت لأنها ضرورة لدفع القتل فهو أولى من الطبيب والشهادة العاشر في الكتاب إذا ثبت زناها بعد أربعة أشهر والزوج غائب منذ أربعة ورجمت بعد الوضع فقدم الزوج وادعى الإستبراء وكانت قالت قبل الرجم ليس الولد منه وقد استبرأني أينقى بغير لعان كما لو ظهر بالمرأة حمل قبل البناء فصدقته على نفيه وعلى عدم الوطء ولو لم تصدقه قبل الرجم فلابد من اللعان الحادي عشر في كتاب القذف لا يحد الشريك في الأمة ويؤدب إن لم يعذر بجهل ولشريكه التقويم عليه ولا صداق لها ولا ما نقصها لأن القيمة وجبت له فتركها وتمسك بنصيبه ناقصا وإن حملت وهو ما قومت عليه يوم الحمل ولا شيء عليه من قيمة ولده وتكون له أم ولد أو معسرا خير شريكه فإن تماسك اتبعه بنصف قيمة الولد وتبعه بنصف قيمتها يوم حملت وتباع في نصيب شريكه إن احتيج إليه ويتبعه بنصف قيمة الولد وإن نقص من نصف قيمتها يوم الحمل اتبعه بالنقصان مع نصف قيمة الولد ، فإن ماتت قبل الحكم فنصف قيمتها مع نصف قيمة الولد قال ابن يونس يعاقب الواطئ مائة قاله أبو الزناد ولا يرد على ابن القاسم إذا أفسد الثوب فسادا كثيرا أنه مخير في التمسك ويغرمه النقص أو يضمنه القيمة لأن له فيه خلافا وجوابه في الأمة على القول الآخر وفي يوم التقويم ثلاثة أقوال يوم الحمل يوم الوطء يوم الحكم بناء على التفويت أو سببه ولأنها مسألة خلاف والفرق بينها وبين المعتق يقوم عليه يوم الحكم مع أن الحمل يؤدي للعتق أن الواطئ متعد فاعتبر يوم العدوان قال سحنون لا شيء له في الإعسار في قيمة الولد إذا اختار قيمتها لأن الولد متأخر عن القيمة تقديرا فلا يستحق الشريك فيه شيئا قال ابن القاسم يعتق عليه النصف الذي بقي له بيده لعدم انتفاعه به والنصف الآخر رقيقا لمن اشتراه وقيل لا يعتق فلعله يملك باقيها فيحل له وطؤها وقاله ابن القاسم أيضا ومالك ومحمد فإن اعتق أحد الشريكين حصته مليا فوطئها الآخر قبل التقويم لم يحد لأن حصته في ضمانه ولا صداق عليه إن طاوعته ولا ما نقصها وإن أكرهها فنصف نقصها بلا صداق قاله مالك فإن أعتق جميعها قال ابن القاسم ليس لشريكه عتق حصته لتقدم عتق غيره وقال بقية الرواة له ذلك لأنه ملكه فإن وطئها الآخر بعد علمه حد إن لم يعذر بجهل قاله ابن القاسم لأنه وطئ حرة وقال ابن القاسم لا يحد ويلزم ابن القاسم أن عليه القيمة يوم العتق ويلزم تركته ولم يقله فإن كان المعتق لجميعها معسرا لم يحده ابن القاسم فإن كان مليا ولم يطالب حتى أعدم وقد علم الآخر به فتركه مع القدرة على القيام ومضى العتق واتبع بها دينا وإن كان غائبا ولم يعلم بالعتق فهو على حقه فاله ابن القاسم وهو خلاف أصله في هذه المسألة بل يلزمه عدم الفرق بين الحضور والغيبة لأنها عتقت كلها لما كان مليا الثاني عشر قال ابن يونس إن طلق قبل البناء والوطء وقال ظننت أن لا تبين إلا بالثلاث فلا يحد ولها صداق واحد إذا عذر بالجهالة وكذلك المطلق ثلاثة ويطأ في العدة ولا صداق أو أم ولده بعد العتق إن عذر بالجهالة إذ قال ظننت الحل وإلا حد أو وطئ أم ولده بعد الردة وهو يعلم أنها حرام لشبهة الملك أوطئ مجوسية بالملك عالما بالتحريم بخلاف لو تزوجها عالما بالتحريم لعدم الشبهة إلا أن يعذر بجهلة قال محمد أن وطئ من ذوات محارمه من لا تعتق عليه كالخالة لا يحد أو تعتق عليه حد كالبنت ولا يلحق به الولد لضعف الشبهة بعتقهن بالشراء إلا أن يعذر بجهالة فلا يحد ويلحق به الولد ولا يحد الأب بوطء أمه ابنه لقوله عليه السلام ( أنت ومالك لأبيك ) ويغرم قيمتها حملت أم لا لأنه حرم وطؤها على الإبن فإن أعسر بيعت عليه بعد الإستبراء إن لم تحمل فإن نقص ثمنها عن القيمة اتبع بالتمام وإن فضل فللأب وكذلك الجد لأب أو لأم قاله ابن القاسم وخالفه أشهب فحدهما لنقص رتبتهما عن الأب في النفقة وغيرها ومن أحلت له جارية ردت إلا أن يطأها فلا يحد للشبهة كان جاهلا أو عالما وتلزمه قيمتها حملت أم لا ولا يتمسك لها ربها بعد الوطء وإن لم تحمل بخلاف الشريك لأن الشريك متعد فإن تماسك صح ما يخشى من عارية الزوج ولا يؤمن أن يحلها ثانية فإن كان عديما وقد حملت فالقيمة في ذمته وإن لم تحمل بيعت عليه وله الفضل وعليه النقص قاله ابن القاسم قال الأبهري وهذا كله إذا جهل التحريم وإلا حد ولا يلحق به الولد لعدم الملك والنكاح وجهله التحريم وهو خلاف المدونة الثالث عشر قال الطرطوشي يرجم اللائط الفاعل والمفعول أحصنا أم لا عبدين أو كافرين وقال أشهب يحد العبد خمسين ويؤدب الكافر وإن وطئ اجنبية في المحل المكروه ففي المدونة هو زنى يرجم المحصن ويجلد غيره ويغرب الرجل وقال القاضي أبو محمد حكم ذلك حكم اللواط وقال كثير من العلماء الشهادة على اللواط كالزنا أربعة وقال _ ش ( وأحمد في الجديد اللواط كالزنا يرجم المحصن ويجلد غيره وقال ( ح ) انما فيه التعزير إلا أن يتكرر فيقتل لنا قوله في أبي داود ( اقتلوا الفاعل والمفعول به ) أحصنا أو لم يحصنا واستشار فيه الصديق الصحابة فأشاروا بالقتل وكان أشدهم علي فأفتى فيه بالحرق فكتب الصديق لخالد بالحرق ولأن الرجم هو العقوبة الواقعة بقوم لوط وقال ابن وهب لا أرى حرقه إلا بعد أن نقتله ولأنه نوع من الفساد في الأرض وسعي في سد باب النسل فيجب به القتل كالحرابة احتج ( ش ) بأنه إيلاج في فرج آدمي يحرم فيكون زني كالقتل جوابه أن هذا أفحش لأنه سد باب النسل وقد جعل الله تعالى للزنا سبيلا بالنكاح ولم يجعل للواط سبيلا فكان أقبح احتج ( ح ) بأنه لا يتعلق به إحصان ولا إحلال فلا يوجب الحد كالإيلاج في الفم وغيره والجواب لأنه معارض بأنه يتعلق به الغسل والمهر عندنا وأما الإحلال والإحصان فمناطهما كمال الوطء ولم يوجد قال ابن يونس قال ابن القاسم ولا صداق على الفاعل في طوع ولا إكراه ولا يرجم المفعول به إن أكره ويرجم الفاعل الرابع عشر قال ابن يونس المرأة تأتي المرأة قال ابن القاسم ذلك لاجتهاد الإمام بحسب شنعه ذلك وخفته وعنه تجلدان خمسين خمسين ونحوهما وعليهما الغسل إن أنزلتا في التنبيهات الدارئة للحد ثلاثة في الفاعل كاعتقاد الحل كمن وطئ أجنبية يظنها امرأته وفي المفعول نحو كون الأمة مشتركة وفي الطريق كالنكاح المختلف فيه كالزواج بلا ولي أو شهود إذا استفاض قاله في الجواهر قال واختلف في درء الحد في نكاح المتعة والمذهب الدرء وليس كل الخلاف دارئا بل الضعيف لا يدرأ ولم يصح ما روي ( ادرأوا الحدود بالشبهات ) فيعتمد على أن صور الشبهات قاصرة عن موطن الإجماع فلا يلحق به الخامس عشر في الجواهر إن استأجرها للزنا لم يدرأ عنه عقد الإجارة الحد وقاله ( ش ) وأسقط ( ح ) الحد عنهما ونقض أسله بما لو استأجرها للطبخ أو الخياطة ونحوه من الأعمال يحد وفرق بان النكاح ينعقد بلفظ الإجارة وقوله بعد ذلك لأزني بك لغو كما لو صرحا بلفظ النكاح ثم قال لأزني بك فهو فساد لا يثبت مع الحد لنا قوله تعالى ( الزانية والزاني ) الآية وقوله تعالى ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) وهو بعوض لقوله تعالى في آخر الآية ( لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ) وقد قال ( ح ) إذا قال له زنيت بدابة لا يكون قاذفا أو بثوب فقاذف لأن التقدير مكنت دابة من نفسك وأخذت عوض الزنا ثوبا ولأنه وطء مجمع على تحريمه لا ملك فيه ولا شبهة والواطئ عالم بتحريمه فأشبه صور الإجماع وقياسا على إجارتها للخدمة فإنه إذا حد في الإجارة الصحيحة فأولى في الفاسدة ولو سقط بها العقد لسقط بالمعاطاة التي ينعقد بها البيع والإجارة على الخلاف والخلاف شبهة فإن التزموا هذا فالزنا في الغالب لا يقع إلا في معاطاة احتجوا بحديث مرغوس المتقدم والقياس على النكاح الفاسد والجواب عن الأول أن تلك الجارية عذرها عمر رضي الله عنه بالجهال بتحريم الزنا ومسألتنا ليست كذلك وعن الثاني أن النكاح الفاسد لا بد أن يختلف في أصل جوازه وهذا متفق على تحريمه السادس عشر في الجواهر إذا باع امرأته من الجوع وأقرت له بالرق فوطئها المبتاع قال الن القاسم لا تحد وتعذر بالجوع وقال ابن وهب إن طاوعته وأقرت أنه أصابها طائعة حدت
نظائر قال تسع نسوة لا يحد واطئهن الأمة المشتركة والمحللة وجارية الإبن وجارية الأب وأجداد الآباء والأمهات كالوالد والأمة ذات المحرم كالعمة والخالة وذات محرم من الرضاعة ومن كان عالما بالتحريم عزر والجارية تخدم رجلا يطؤها والمتزوجة على عمتها أو خالتها أو في عدتها ويطؤها في عدتها
نظائر قال صاحب الخصال خمس نسوة لا يقام الحد عليهن المكرهة والنائمة والمجنونة والصبية التي لم تبلغ وموطوءة الصبي الذي لم يبلغ ومتى قال لواحدة منهن يا زانية حد للقذف ويحد واطئهن وعليه الصداق إلا الصبي لا يحد قاعدة كلما سقط الحد لحق النسب ومن يحد لا يلحق به النسب قال عبد الحق إلا في ست مسائل يشتريها ويقر أنه أولدها عالما بحريتها أو ممن تعتق عليه أو يتزوجها ويقر أنه أولدها عالما بأنه ذات محرم بنسب أو رضاع أو صهارة أو يشتري إحداهما بخيار ويقول أولدت هذه منهما بعد اختيار الأخرى وترك هذه أو يقول أولدت المرأة عالما بأن لي أربعا سواها أو يقول اشتريتها والسيد منكر ولا بينة فيحد هو والجارية إن قام السيد على إنكاره النظر الثاني في الموجب وفي الجواهر هو الرجم والجلد والنظر في الرجم وشرطه وهو الإحصان والجلد مائة وما يضاف إليه وهو التغريب فهذه أربعة أطراف
الطرف الأول في الإحصان وفي الجواهر هو خمس خصال التكليف والحرية والإسلام والتزويج الصحيح والوطء المباح وفي الحقيقة ثلاثة الحرية والتزويج والوطء وغيرها معتبر في اصل الزنا ولم يشترط عبد الملك إباحة الوطء بل يحصن وطء الحائض من زوجها ولا يحصن وطء الشبهة في النكاح الفاسد وتشترط الإصابة بعد الحرية ولا يشترط حصوله في الوطئين بل إن أحصن أحدهما رجم وجلد الآخر فائدة أصل هذه اللفظة المنع ومنه الحصن للبناء لأنه يمنع من فيه من العدو فالتكليف وازع يمنع من تعاطي المحرمات والحرية تجعل النفس أبية تمتنع من القاذورات الإسلام يمنع الإقدام على المنهيات والتزويج يكمل النعمة فيصير من ذوي الرتب العليات ويعظم عليها المؤاخذات والإجماع في التكليف والوطء وأما الحرية فلقوله تعالى ( فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) والوطء المباح لأنه الغالب فيحمل اللفظ عليه لأنه النعمة الكاملة ووافقنا ( ح ) على الإسلام خلافا للشافعي وأحمد لنا قوله عليه السلام ( لا إحصان مع الشرك ) والقياس على القذف ) بجامع تكامل النعمة وهو موجب لزيادة العقوبة بشهادة قوله تعالى ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن - إلى قوله - يضاعف لها العذاب ضعفين ) وقوله تعالى ( إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ) وقوله تعالى ( لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ) فجعل تعالى مؤاخذته ومؤاخذة أزواجه اعظم المؤاخذات لأنهم أكمل من غيرهم ولأنها العادة أن مناقشة خواص الملك اعظم احتجوا بما في الصحاح ( جاءت اليهود إلى رسول الله فذكروا أن رجلا وامرأة منهم زنيا فقال رسول الله ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ثم قرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدقت إن فيها آية الرحم فأمر بهما رسول الله فرجما ) وفي البخاري وكانا قد أحصنا ورسول الله لا يحكم بغير شرعه ولأن الكافر يعتقد دينه أتم الأديان واكمل النعم فيؤاخذ بذلك في العقوبة ولأن غيره من الشروط إذا عدم خلفه ضده في عدم المنع لأن المجنون والصبي لا يمتنعان والرقيق أجسر على الزنا وعدم الوطء يبعث على الزنا ليقف على حقيقته أما عدم الإسلام فلا لأن الكافر يمتنع من الزنا كالمسلم ولأن الفرق بينه وبين القذف أن الوطء لا يعتبر في القذف ويعتبر في الرجم ويعتبر فيه العفاف دون الرجم ولا يعتبر فيه إحصان المحدود لأن الذمي يحد في القذف فهو حجة لنا لعموم قوله عليه السلام ( الثيب بالثيب رجم بالحجارة ) أو سبب للقتل على المسلم فيكون سببا في حق الكافر كالقصاص والجواب عن الأول أن الحديث صحيح إلا تلك الزيادة وهما محصنان وانما رجمهم بوحي يخص اولئك لوجوه أحدها أنه عليه السلام لا يليق به ولا بمن له أدنى دين أن يتصرف في الزنا بغير أمر الله تعالى وثانيها أن هذا القصة وقعت أول نزوله عليه السلام المدينة ولم يكن حد الزنا نزل بعد ولذلك روى ابن عمر مفسرا قال وكان حد المسلمين يؤمئذ الجلد وثالثها قوله تعالى ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) وهذا يقتضي أنه إنما حكم بوحي يخصهم ورابعها أنه روي في الخبر أنه رجمهم بشهادة الكفار وأنتم لا تقولون به ولأنه عليه السلام لم يسأل عن شرائط إحصانهما تنبيه الحديث يشكل عليه مذهبنا ومذهب المخالف أما مذهبنا فلأنا ندعي وحيا وتخصيصا بهذين الشخصين بغير دليل مع أن الظاهر اقتضى الاعتماد على التوراة لا سيما إذا جمعت طرق الحديث وأما مذهبهم فإن التوراة محرفة وإخبار عبد الله بن سلام وغيره إنما يفيد أنه رأى ذلك في التوراة لأنه يرويها عن الصدور بلا رواية في كتب الإسرائيليين لطول الزمان وكثرة اللعب والإهمال والاعتماد على مثل هذا باطل إجماعا وشرع من قبلنا إنما يكون شرعا لنا إذا ثبت أنه شرع من قبلنا بوحي ثابت أو رواية صحيحة ولا يمكن أن نقول إن حد المسلمين يومئذ الرجم لأنه لو كان كذلك لما سألهم عليه السلام عن التوراة ولا فحص لأنه نهانا عن ذلك وقال ( لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله ) بل مفهوم القرآن في قوله تعالى ( وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ) يأبى ذلك وقوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) وفي المنتقى يحتمل أن يكون أوحي إليه بصحة هذا من التوراة وعلم ذلك عند عبد الله ابن سلام وغيره على وجه يوجب العلم أو شرع من قبلنا شرع لنا وقد نبهت على ضعف الوجوه الأخيرة قال قال مالك لم يكونوا أهل ذمة وعن الثاني أنه لا عبرة باعتقاده لأنه نقمة أخرى لا نعمة لأن الكافر لو قذف كافرا لا يحد وإن اعتقد أن المقذوف محصن وعن الثالث أنه يبطل شهادته فإنه يعتقد تحريم الكذب ولا تقبل شهادته وعن الرابع أن العفة عن الزنا لا تبقى مع القذف فاعتبرت وفي الإسلام هما سواء يبقى معها فاعتبر فيهما والجواب عن الخامس أنه يخصصه بما ذكرنا من الأدلة والجواب عن السادس أن القصاص لا يعتبر فيه بخلاف هاهنا
فرع في المنتقى لا يحكم أحدنا اليوم بحكم التوراة وقال أشهب إذا طلب أهل الذمة الرجم وهو دينهم فلهم ذلك إلا من كان رقيقا لمسلم فليس لهم فيه رجم ولا جلد ولا قتل لتعلق حق المسلم وقوله ( فأمر رسول الله بهما فرجما ) يدل على أن الإمام يلزمه مباشرة الحدود وقاله مالك و ( ش ) وقال ( ح ) في الاعتراف يلزمه الابتداء بالرجم ثم يتبعه الناس بخلاف البينة لنا القياس على السرقة ويدل الحديث بقوله ( فلقد رأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة ) أن المرجوم لا يحفر له قاله مالك و ( ح ) وقال ( ش ) يحفر للمرأة ولو حفر لم يكن منحنيا عليها قال ابن دينار يفعل الإمام من ذلك ما يراه وقال أصبغ يحفر للمرجوم ويرسل له يداه يدرأ بهما عن وجهه إن أحب وفي الكتاب إذا زنى الكافر لم يحد ورد إلى أهل دينه فإن أعلنوا الزنا وشرب الخمر نكلوا قال ابن يونس لأن الحد تطهير للكافر وهو ليس من أهله بخلاف القذف والسرقة والحرابة لأنه من باب التظالم حق للذمي فيقام عليه وإن أسلم
فرع في الكتاب يقبل قوله أنا بكر ويجلد ولا يقبل في الإحصان النساء كان معهن رجل أم لا لأنه حكم بدني
فرع قال إذا طال مكثه بعد الدخول فشهد عليه بالزنا فأنكر الإصابة لم يرجم إلا بإقرار أو ظهور ولد لعظم حرمة الدم بخلاف الصداق في النكت قال النكاح الثابت إذا أخذت تزني بعد إقامتها مع زوجها عشرين سنة تحد اختلف الجواب لأن الزوج مقر بالوطء أو يحتمل أن الطول فيها أكثر فهو اختلاف قول كما قاله يحيى بن عمر أو يفرق بأن العادة في طول المدة إذا لم يحصل وطء تطالب المرأة به فلما لم يكن ذلك دل على حصوله وليس عادة الزوج إظهار الوطء قاله بعضهم وليس بشيء بل الفرق ينعكس في الزوج إذا كان هو الزاني يقال له تركها القيام دليل الوطء قال ابن يونس قال محمد إذا اختلفا في الوطء بعد الزنا لم يقبل قول الزاني منهما ورجم ولو لم يكن خلا بها إلا ليلة أو أقل وإن اختلفا قبل الزنا لم يكن المقر محصنا ولو أقام معها الدهر وقاله ابن القاسم والفرق بين قبل وبعد أن الزوجة تقول قبل إنما أقررت لتكميل الصداق أو يقول الزوج إنما أقررت لتكون لي الرجعة والمقر بعد منهما أوجب على نفسه ولا عذر له فيكون الآخر مثله إذ لا يكون الواطئ محصنا دون الموطوء ولا يسقط انكاره حداُ وجب قال اللخعي لا يكون محصناً بالعقد ولا بالدخول فيما يفسخ بعد الدخول فإن كان مما يثبت بعد الدخول كان به محصنا بما بعد بأول الملاقاة فإن صح العقد وفسدت الملاقاة لم يحصن عند ابن القاسم ولا يحد خلافا لعبد الملك فيهما لأن إطلاقات صاحب الشرع تحمل على المشروع لأنه عرفه وعند ابن دينار يحصن ولا يحل قال ولو عكس لكان أشبه لأن الحد يدرأ بالشبهة ومتى تصادقا في الإصابة قبل الزنا فمحصنان أو على نفيه فبكران وإن اختلفا حد المنكر واختلف في المقر فقيل يرجم إلا أن يرجع قبل الجلد فإن اختلف بعد الزنا فثلاثة أقوال قال عبد الملك لا يقبل قول المنكر ويرجمان وهو قول أصحابنا وقال ابن القاسم يصدق الزوج والقول الثالث ما تقدم ذكره في كتاب النكاح فيما تقدمت حكايته في الثلاث وإذا غاب أحدهما أو مات قبل أن يسمع منه اقرار أو انكار ثم أخذ الأخذ لأني فالجواب كما تقدم في الحاضر الذي لم يسمع منه شيء في المقدمات إذا خالفها وأقر بالوطء قبل الزنا أو بعده فمحصنان وإن أنكراه بعد الزنا ولم يقرا قبله فثلاثة أقوال لا يصدقان عند ابن وهب وإن قرب إلينا وقال جمهور الأصحاب يصدقان إلا أن يطول الزمان جدا ويصدقان وإن طال الزمان وهو ظاهر المدونة في كتاب الرجم والثاني ظاهرها في النكاح الثابت وإن أنكرا قبل الزنا صدقا اتفاقا
فرع قال اللخمي ومتى كان الزوج وحده غير بالغ لم يكن واحد منهما محصنا وهي غير بالغة وحدها يحصن دونها لأن مقصود الوطء يحصل من الصغيرة له ولا يحصل للمرأة من الصغير وان كان إحدهما عبدا يحصن الحر منهما لوجود الحرية والزوجية وإن كان أحدهما مجنونا يحصن العاقل خاصة قاله مالك وابن القاسم وقال أشهب المعتبر الزوج إن كان عاقلا فلا يحصن هو وهي أيضا إن زنت في إفاقتها أو مجنونا لم يتحصنا معا وقال عبد الملك إن صح العقد منهما أو من وليهما تحصنا معا وإن كانا مجنونين في حين البناء إذا وقع الزنا في الصحة فإن كان الزوج مسلما وهي نصرانية يحصن دونها أو مسلمة دونه لم يكن إحصانا لها لأنه إن تزوج وهي مسلمة كان فاسدا أو نصرانية فهي غير مخاطبة بالفروع في المقدمات إن وقع الوطء قبل الإسلام أو الحرية لم يعتبر حتى يقع بعدهما ويعتبر اجتماع الإسلام والحرية أيهما تقدم وإذا انفرد الإسلام فهو إحصان أو الحرية لم يكن إحصانا يعتبر وبهذا تجتمع الآيات فقوله تعالى ( فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت ) وقوله تعالى ( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ) منسوختان إجماعا وقوله تعالى ( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) قرئ أحصن وأحصن بفتح الصاد وكسرها فالثاني معناه تزوجن قاله القاضي إسماعيل لتقدم قوله ( من فتياتكم المؤمنات ) فيقتضي إن التزويج حال العبودية لا يوجب رجما ولا جلد مائة وقوله تعالى ( نصف ما على المحصنات من العذاب ) أي الحرائر المسلمات لا الحرائر المتزوجات لأن حدهن الرجم وهو لا يتبعض
نظائر ( أربعة لا يحصن ولا تحصن الأمة الزوجة للحر تحصنه ويحصنها والكتابية والصبية التي لم تبلغ ومثلها يوطأ والمجنونة ) الطرف الثاني الرجم في التنبيهان للرجم عشرة شروط البلوغ والعقل والإسلام وعدم الشبهة ومعيب الحشفة في قبل أو دبر بين آدميين غير مكرهين ولا جاهلين والإحصان والحرية وفي الكتاب لم يعرف مالك أن البينة تبدأ بالرجم ثم الناس وفي الإقرار والحمل يبدأ الإمام بل يأمر كسائر الحدود ولا يربط المرجوم ولا يحفر له ولا للمرأة لما في الحديث ( رأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة ) ولو كان في حفرة ما حنى عليها قال ابن يونس يرمى بالحجارة التي يرمى بمثلها دون الصخور ويرمى حتى يموت ومنع الحفرة لازم لأن ماعزا هرب من الحجارة ولو كان في حفرة ما فر ولأن المطلوب نيل الحجارة جميع الجسد قال الشيخ أبو إسحاق يرمى بأكبر حجر يقدر الرامي على حمله قاله في الجواهر قال اللخمي تجتنب الصخور لأنها تشوه والصفا لأنها تطول ولا تختص بالظهر بل مقابل الظهر وغيره ومن السرة إلى فوق ويجتنب الوجه للشرف والرجلين واليدين للتعذيب من غير مقبل ويجرد أعلى الرجل دون المرأة لأنها عورة وفي الموازية يحفر له ولها قال أشهب إن حفر له خليت له يداه وكذلك المحارب إذا صلب ترسل يداه وقيل يحفر للمشهود عليه دون المقر لأنه إن تهرب ترك وقد حفر رسول الله للغامدية دون ماعز الى صدرها وأمر البينة بالتبدئة أحسن لأنه يؤدي للتثبت في الشهادة ويعذر الإمام في الإقرار عند عبد الملك وسحنون لأنه إذا رجع أخذه بعلمه عندهم وعند مالك إذا رجع لا يؤخذ إلا بالبينة شهادة اثنين أو أربعة على الخلاف ويستحب بداية الإمام في الحمل لأنها مسألة خلاف إن ادعت إنه بشبهة ولم تصدق
فرع في الكتاب يغسل المرجوم ويكفن ويصلى عليه عند الإمام ويدفن لأنه مسلم وينزجر الجناة بعدم صلاة الأئمة
فرع قال إذا رجع أحد الأربعة الشهود قبل الحد أو وجدا عبدا أو مسخوطا حدوا حد القذف لعدم ثبوت قولهم فإن رجع جميعهم بعد الرجم حدوهم بإقرارهم بالقذف والدية في أموالهم لأنهم سبب قبله أو رجع واحد حد وحده وإن علم بعد الحد أن أحدهم عبد حدوا أو مسخوط لم يحد وإلا شهادتهم تمت باجتهاد الإمام في عدالتهم بخلاف العبد فإنه من خطأ الإمام وإن لم يعلم الشهود فالدية على عاقلة الإمام لتفريطه أو علموا فعلى الشهود في أموالهم لأنه في معنى العمد فلا تحمله العاقلة ولا شيء على العبد في الوجهين وما أخطأ به الإمام من حد الله فبلغ ثلث الدية فأكثر فعلى عاقلته أو دون الثلث ففي ماله وإن وجد بعد الرجم مجبوبا لم يحد الشهود لأنه لا يحد قاذف المجبوب وعليهم الدية في مالهم والأدب وطول السجن من النكت إن رجع أحد خمسة فأكثر لا شيء على الراجع لثبوت الحد بالنصاب فإن رجع أحد الأربعة غرم هو والأول ربع الدية بينهما نصفين فإن رجع قبل أحد الأربعة جماعة فذلك بينهم بالسواء مع الرابع فإن رجع آخر فعليه وعلى من رجع قبله نصف الدية بينهم بالسواء وعلى هذا وعن ابن القاسم أن على الرابع الزائد على الأربعة الحد لإقراره أن الشاهدين معه مبطل ونقذفه وإنما لا يحد قاذف المجبوب إذا جب قبل الاحتلام وكذلك الشهود لأنهم يقولون رأيناه يزني قبل جبه ولو قالوا بعد جبه لم يحدوا لأنه هذيان فيفترق الحال فيهم وقيل المسألتان سواء وليس بصحيح قال ابن يونس إن قالت البينة تعمدنا شهادة الزور حتى قتل لا يقتلون قاله ان القاسم لأن غيرهم المباشر وكذلك القطع والقصاص وعن الحسن بن إبراهيم يقتلون وإن علم بعد الحد أن أحدهم نصراني أو أعمى وأو ولد زنا حد الشهود أجمع الأحرار والنصراني ثمانون والعبد أربعون وإن وجد أحدهما بعد القصاص في اليد عبدا أو ممن لا تجوز شهادته لم يكن على متولي القطع شيء لأنه من خطأ الإمام فإن ظهر قبل رجم المرأة أن أحدهم زوجها خلد الثلاثة ولاعن الزوج فإن لم يلتعن جلد لأن الزوج خصم لا تقبل شهادته فإن علم ذلك بعد رجمها لاعن الزوج فإن نكل حد دون الثلاثة لاعن أم لا إلا أن يعلم أنه تعمد الزور ليقتلها وهو يعلم أن شهادتهم كذب وفلا يرث ويحد ويصدق أنه لم يتعمد الزور وإنما لم تحد البينة لاعن أم لا لأن الشهادة قد تمت والزوج كالمسخوط وكالراجع منهم بعد الرجم وعن أسبغ عن التعن بعد الرحم لم يحدوا وإلا حدوا والأول لابن القاسم قال ابن القاسم وليس على الزوج من ديتها شيء ولا على الشهود ولا على الإمام لأنه ليس بخطأ صراح وإن قدفها أحد بعد زنا الزوح حد ولا ينتظر ملاعنة الزوح قال محمد ترجم بذلك إن لم تدفعه باللعان وإن قذفها بعد موتها لم يحد لأن لعان الزوج واجب ذلك عليها ولم يخرج منه قال اللخمي إن رجعت البينة قبل الحد وبعد الحكم فثلاثة أقوال قال ابن القاسم يقام الحد ويغرمون الدية في أموالهم لأن الحكم لا ينقض ( وهو في معنى العمد وعنه لا يرجم لحرمة القتل وكذلك القطع وعن أشهب القولان وعنه يقتصر على أدنى الحدين فيضرب ويغرب ولا يقطع في سرقة ولا قصاص ويغرم العقل في القصاص لأن الرجوع شبهة ولأن العاقلة لا تحمل الاعتراف وإن رجعوا بعد الجلد والتغريب واعترفوا بالعمد فيختلف هل يضرب كل واحد خمسة وعشرين على القول بالقصاص في الرحم أن على القول الآخر ويزاد في عقوبتهم التغريب إلا أن يرجعوا قبل أن يغرب ويضرب كل واحد القذف ثمانين للقذف لأنهما حقان ورجوع أحدهم يجري على الخلاف المتقدم قال ابن القاسم إن رجع بعد الحد جلد وحجه ( دون الثلاثة وإليه رجع عن جلد جميعهم وقيل في ظهور عبد معهم لا شيء على الحاكم وعلى الشهود إذا لم يعلموا أنه عبد أو ذمي أو علموا وجهلوا رج شهادة العبد قال وإن علم العبد وحده أن شهادته لا تجوز فهي جناية في رقبته وإن علموا ذلك كلهم فالدية عليهم أرباعا لاشتراكهن في تعمد الجناية وقاله أبو مصعب وإن وجد مجبوببا فالدية على عاقلة الإمام قاله أشهب وإن قال زنيت وأنت مجبوب حد عند ابن القاسم لأنه يستتر بقوله وأنت مجبوب كقوله زنيت وأنت نصرانية أو وأنت صغيرة
فرع في الكتاب إن أقر القاضي بتعمد القتل أوالقطع أو غيره أقيد منه
فرع في النكت لا تمهل المرأة حتى تستبرأ حتى يكون حملا ظاهرا فحينئذ يؤخر الرجم إلا أن يكون لها زوج مرسل عليها فتستبرأ لأن طالب النطفة قائم الطرف الثالث الجلد في التنبيهات له ثمانية شروط البلوغ والعقل والإسلام وعدم الشبهة ومغيب الحشفة من قبل أو دبر من آدميين من غير إكراه ولا جهل بالتحريم وفي الثلاثة الأخيرة اختلاف وأصله قوله تعالى ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) وفي الكتاب يضرب في الحدود كلها على الظهر ويجرد الرجل في الحد والنكال من الثياب ويقعد ولا يقام ولا يمد وتقعد المرأة ولا تجرد مما لا يقيها الضرب لأنه السنة في الغامدية وغيرها وينزع ما يقيها كاللبد ونحوه وأعجب مالكا أن تجعل في القفة للستر وصفة الجلد في الحدود والتعزير واحد لا مبرح ولا خفيف ولا يجزئ في الحد قضيب ولا شراك ولا درة بل السوط ودرة عمر رضي الله عنه انما كانت للتأديب وكانيجلد بالسوط وعليك طاعة الإمام العادل العارف بالسنة في القتل والحدود وإن لم تعلم ذلك إلا من قوله كقوله تعالى ( وأولي الأمر منكم ) دون الجائز لقوله ( أطيعوهم ما أطاعوا الله فيكم ) إلا أن تعلم صحة ذلك وعدالة البينة في التنبيهات وقع في الكتاب أمر الإمام بقطع في خرابة بالخاء المعجمة وهي سرقة الإبل خاصة والمهملة وهي الحرابة في كل شيء قال اللخمي يجلد الحر والحرة مائة والعبد ومن فيه علقه رق خمسين لقوله تعالى ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) بسوط بين سوطين لا جديد ولا بال بضرب بين ضربين في زمان بين زمانين من رجل بين رجلين لا بالقوي ولا بالضعيف وفي الموطأ ( اعترف رجل بالزنا على عهد رسول الله فدعى رسول الله بسوط فأتي بسوط مكسور فقال فوق هذا فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال بين هذين فأتي بسوط قد ركب به ولان فأمر به فجلد ولا يضع سوطا فوق سوط ويعطى كل عضو حقه إلا الوجه والفرج قال ابن شعبان ومذهب الكتاب أظهر لقوله عليه السلام في الصحيحين لهلال بن أمية لما قذف زوجته بشريك بن سحماء ( أربعة وإلا حد في ظهرك ) وتجعل المرأة في قفة بها تراب وماء فإن حدث منها شيء خفي قال ابن القاسم ويجرد في التعزيرات إذا بلغت للحدود وفي الخفيف على ثيابه وفوق رأسه
فرع في الكتاب يجمع عليه بين حد الزنا والقذف وشرب الخمر إلا أن يخاف عليه فيجتهد في التفريق وكذلك المريض إذا خيف عليه أخر كما يؤخر السارق للبرد ويؤخر الجلد للبرد والحر ويبدأ حد الزنا على غيره لأنه لا عفو فيه وتؤخر الحامل حتى تضع وتستقل من النفاس وتؤخر المحصنة حتى تضع وإن لم يجد الولد مرضعة فهي ترضع لما في الموطأ ( أن امرأة جاءت إلى رسول الله فأخبرته أنها زنت وهي حامل فقال اذهبي حتى تضعي فلما وضعته جاءته فقال اذهب حتى ترضعيه لفما أرضعته جاءته فقال لها عليه السلام اذهب فاستودعيه فاستودعته ثم جاءت فأمر بها فرجمت ) وإن ادعت الحمل أو قالت البينة رأيناها تزني من ثلاثة أشهر أو أربعة نظر إليها النساء فإن صدقنها لم يعجل عليها وإلا فلا وتقدم حدود الله تعالى على القصاص وإن كان فيه فضل أقيم عليه ما للناس وإن خيف عليه لمرض أخر حتى يبرأ وإن سرق وزني وهو محصن رجم ولم يقطع لأن القطع يدخل في القتل وإن أقر أنه زنى بنسوة أو شهد عليه بذلك فحد واحد أو شهد عليه بالزنا وهو بكر ثم زنى وهو محصن أجزاه الرجم وكل حد لله أو قصاص اجتمع مع قتل أجزأ القتل إلا في حد القذف يقام قبل القتل لحجة المقذوف في عار القذف إن لم يجلد قال ابن يونس قال عبد الملك إذا زنى وقذف ضرب أكثر الحدين مائة وأجزأه قال اللخمي اختلف إذا قذف وشرب أو قذف جماعة هل حد واحد أم لا وإن سرق وقطع يمين رجل قطع للسرقة تقدمت أو تأخرت لأن حق الله تعالى لا يدخله العفو ولو قتل ثم قتل وليس وليس لأحد الأولياء ما ولا دية لأنه لو قطع يمينه ثم ذهبت يمين القاطع بأمر من الله تعالى لم يكن للمقطوع يده شيء وإن يمينه من الرسغ وسرق وقطع قطع من الرسغ وسقط يمين المقطوع أو من المرفق ثم سرق قطع من المرفق ودخل فيه القطع للسرقة لأن مقصود قطع السرقة النكال بين الناس لا الألم بالقطع وإن سرق وحارب ورأى الإمام قطعه في الحرابة دخل قطع السرقة فيها أو نفيه أقام عليه الحدين أو قتله لم يقطع للسرقة وإن سرق وقتل بحرابة أو عداوة قتل ولم يقطع وإن زنى وحارب أجزأ الرجم في الثيب أو بكرا قتل بالسيف إن رأى الإمام قتله للحرابة أو رأى قطعه أو نفيه أقام الحدين وإن زنى وقتل أجزأ الرجم ولا مقال للأولياء وإن كان غير محصن قتل ولم يجلد للزنا وإن قتل في الحرابة وأخذ في العداوة أو غيلة قتل للحرابة والغيلة ولم يكن للأولياء مقال في عفو ولا دية وإن زنى المحصن أو قتل في حرابة أو افترى على رجل حد للفرية لتندفع المعرة ثم قتل وإن قطع يمين رجل يقتل للحرابة ولم يقطع قاله ابن القاسم قال وأرى أن يقطع ثم يقتل ليستشفي بالقطع المجني عليه وإن كان المحدود ضعيف الجسم يخاف عليه الموت سقط حد السرقة وعوقب وسحن وفي القصاص يرجع للدية ويختلف هل في مال الجاني أو العاقلة وفي القذف يفرق الضرب عليه وقتا بعد وقت وكذلك الزنا والشرب ويبدأ بحد الزنا على القذف إذا اجتمعا وإن كان الحقان لآدمي كقذف هذا وقطع هذا اقترعا أيهما يقدم إن خيف عليه وإن كان يكمل أحدهما دون الآخر أقيم عليه الأدنى منهما من غير قرعة أو أحدهما لله قدم غلا أن لا يحتمل إلا حق الآدمي ويؤخر الآخر لوقت لا خوف فيه وإن خيف عليه دائما وحق الله تعالى جلد ابتدئ به مفرقا ثم ما للآدمي ومتى تقدم للمرأة أربعون يوما من يوم زنت انتظر حملها وإلا حدت لأنه قبل الأربعين مضغة لا حرمة لها إلا أن تكون ذات زوج لم يستبرئها خير في قيامه بحقه في الماء أو يسقط حقه فتحد قاعدة الأصل أن يترتب على كل سبب مسببه فكل إيلاجه أو نقطة من الخمر سبب للحد لكن أجمعت الأمة على التداخل رفقا بالعباد ولأنها أمور مهلكة فهي أولى بالتداخل من غيرها والتداخل واقع في الشريعة في ستة مواطن في الطهارة إذا تكررت الأسباب أو اجتمعت كالغائط والملامسة والحدث الأًغر مع الجنابة والجنابة مع الحيض وفي الصلاة كتحية المسجد مع الفرض وفي الصيام كصيام الاعتكاف مع رمضان وفي الكفارات إذا وطئ في نهار رمضان مرارا على الخلاف والحج كطواف العمرة في حق القارن وفي الحدود إذا تكرر النوع الواحد واختلف السبب لكن المسبب واحد كالشرب والقذف والأموال كدية الأعضاء مع دية النفس والصدقات في وطء الشبهات ويدخل الأول في الأخير كالجناية مع الحيض والأعضاء مع النفس والأخير في الأول في وطء الشبهة والطرفان في الوسط على الخلاف بين العلماء في وطء الشبهة وقيمة المغصوب إذا هلك هل يلزم الحالة المتوسطة إن كانت أعلى صداقا أو قيمة أو لا يلزم إلا الأول ( وهو مذهبنا و ( ش ) يعتبر أفضل الحالات ويندرج الأقل في الأكثر كالأطراف مع النفس والأول في الأكثر كالعضو الواحد مع النفس وهذا كله لطف من الله تعالى لعباده وإلا فالأصل ما
فرع في الكتاب يقيم السيد الحد على عبده في الزنا والقذف والشرب دون السرقة لأنها مثله ولا يقيمه إلا الولي فإن قطعه السيد والبينة عادلة وأصاب وجه القطع عوقب للتعدي ولا يحد في الزنا إلا بأربعة شهود غير السيد فإن كان السيد أحدهم رفعه للإمام والحاكم إذا لم تتم لشهادة إلا به رفعه لمن فوقه فيشهد عنده أو رفع ذلك للإمام أو لنائبه ويقيم الإمام عليه حد السرقة بشهادة السيد مع آخر لعدم التهمة ولا يقيم السيد حد الزنا على أمته ولها زوج حتى يرفعه للإمام ولا على العبد قصاصا حتى يرفعه للإمام فإن كان له عبدان جرح أحدهما الآخر فله القصاص مراجعة الإمام ولا يقيم الحدود ولاة المياه لأنها لم تندرج في ولاياتهم ويجلب للأمصار ولا يقام في مصر إلا في الفسطاط أو بأمر واليها قال أبو يونس يحضر السيد في الخمر والفرية رجلين وفي الزنا أربعة عدول قال مالك لعله يعتق فيحد من شهد عليه برد شهادته وامتنعت إقامته فللسرقة لأنها ذريعة للتمثيل به ويدعي أنه سرق ولا يحكم السيد بعلمه كالحكم وعنه يجلده بعلمه لعدم اتهامه في إضراره بماله بخلاف الحاكم وإنما يمنع الزوج في الأمة إذا كان حرا أو عبدا لغيره لأن له حقا في الفراش وما يحدث من ولد بخلاف الزوج عبد السيد قال أشهب إلا أن يكون الزوج وغدا لا يلحقه عيب ذلك وكذلك المرأة في عبدها وقد حدت فاطمة بنت رسول الله عليه وسلم مملوكها وفي الصحيحين ( إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليحدها ولا يثرب عليها ) الحديث قال اللخمي لا يحدها إذا كان زوجها غير عبده إلا أن يعترف بصحة الشهادة ولا خلاف أن له التأديب بعلمه وإذا قطع الذي اقتص منه قال وأرى إن أنكر وشهد عدل لا يعتق لأنها شبهة تنفي عنه التعدي قاعدة : التكاليف في الناس قسمان عام في الناس كالصلاة وغيرها وخاص ببعض الناس كالحدود والتعزيرات تختص بالولاة والقضاة لأنه لولا ذلك فسد حال الرعية بثوران بعضهم على بعض قال أمام الحرمين في الغياثي فإن شغر الزمان من الإمام انتقل ذلك لأعلم الناس وأفضلهم دفعا للحرج والفساد تنبيه : وافقنا ( ش ) وأحمد في السيد وخالفنا ( ح ) لنا ما تقدم وقوله عليه السلام ( أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ) ولأنه يملك توزيجه بغير قرشية فيحده كالإمام ولأنه يؤدبه فيجده كالإمام احتجوا بأنه حق لله فلا يتولاه السيد بخلاف التزويج ولأنه لا يحتاج إلى اجتهاد الإمام وأوضاع ومقادر في العدد والهيئة فلا يستقل به السيد لأنه ليس من أهل الاجتهاد وقياسا على الحر والجواب عن الأول أنه وإن كان حقا لله ففيه استصلاح العبد وهو حق للسيد وعن الثاني أنه ينتقض بتعزير السيد عبده والزوج امرأته مع احتياجه للإجتهاد
فرع مرتب قال في النوادر : قال ابن القاسم اشتراها حاملا فعلم أن البائع لم يحدها فهو فس سعة أن لا يحدها فإن زنى عبده يحده بغير السوط قال مالك يقام الحد إلا بالسوط قال ابن القاسم قال مالك إن ضربه بالدرة على ظهره أجزأ وما هو بالبين
فرع قال الحدود كلها تعلن والناس فيها كلها سواء خلافا ل ( ح ) في قوله في الزنا أشد لأن مفسدته أعظم جوابه أن زيادة العدد قبالة زيادة المفسدة قال ابن عبد الحكم يستحب أن يقام قدام القاضي ليلا يتعدى فيها ويختار للجلد الرجل العدل ليلا يستد في الضرب أو يرخي قاله مالك وعن مالك يخفف في حد الخمر للخلاف فيه وفي الجلاب ينبغي للإمام إحضار حد الزنا طائفة من المؤمنين الأحرار العدول أربعة فصاعدا وكذلك السيد في عبده وأمته لقوله تعالى ( وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )
الطرف الرابع : التغريب وأصله قوله عليه السلام ( الثيب بالثيب رجم بالحجارة والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ) وفي الكتاب لا تغرب النساء والعبيد وينفي الحر في الزنا ويبقى في الموضع الذي ينفى إليه سنة وفي الحرابة حتى تعرف ثوبته ووافقنا ( ح ) وأحمد وقال ( ش ) تغرب النساء وله في الإماء والعبيد قولان لنا ما في الصحيحين قال عليه اللام لما سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال عليه السلام ( إذا زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثمن إن زنت فبيعوها ولو بضفير ولو كان تغريب لذكره عليه السلام لأن جوابه تمهيد قاعدة وتأسيس لحكم لا يترك من شأنه شيئا وفي النساء معهن قوله تعالى ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) ولم يذكر تغريبا أجمعنا على تخصيصه بالمحصن من الأحرار بقي حجة في غيره ولأن التغريب في الرجل لينقطع عن معاشه وتلحقه الذلة بغير بلده والمرأة لا معيشة لها ويجب حفظها وضبطها عن الفساد وفي تغريبها إعانة على فسادها وتعرضها للزنا في الرقيق حقوق السادات في الخدمة فيتأذى بالتغريب غير الجاني احتجوا بحديث ( البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ) وهو عام والجواب أنه مخصوص بما ذكرنا ولأن المرأة إن غربت مع محرم غرب من ليس بزان أو مع غير ذي محرم خولف قوله عليه السلام ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) ومنع ( ح ) التغريب مطلقا لنا عليه الحديث المتقدم احتج بأن القرآن أثبت الحدود بغير تغريب فلو ثبت التغريب بالسنة لكان زيادة على النص والزيادة على النص نسخ ونسخ القرآن بالسنة غير جائز والجواب منع أن الزيادة نسخ وفي النكت إنما فرق بين الزنا والحرابة لأن المحارب جاهر بالظلم وعظم ضرره فاشترطت توبته بخلاف الزاني وتحسب السنة من يوم حبس ونفقة حمله وحمل المحارب وحسبهما على أنفسهما فإن أعدما فبيت المال قال ابن يونس قال مالك كان ينفى عندنا إلى فدك وخيبر ونفى رسول الله المخنثين قال وهو رأي قال محمد إلى الموضع القريب ولا يحبس ويترك اليوم بعد الأيام للمسألة والمعاش وقال اللخمي كل من فيه بقية رق كأم الولد ونحوها وفي المنتقى عن مالك ينفى من مصر إلى الحجاز قال ابن القاسم من مصر إلى أسوان ودون ذلك حيث يثبت له حكم الاغتراب ولا يكثر البعد ليلا يتعذر وصول منفعة ماله وأهله إليه ويكتب إلى والي البلد بسجنه سنة عنده ويؤرخ يوم سجنه قاله ابن القاسم وفي الجواهر إن عام المغرب أخرجناه ثانيا
الجناية الرابعة
القذف وأصله الرجم بالحجارة ونحوها ثم يستعمل مجازا في الرجم بالمكاره فمن الحقيقة قوله تعلى ( ويقذفون من كل جانب دحورا )الباب الأول في ألفاظ القذف
وهي قسمان قذف ونفي وكلاهما قسمان صريح وكناية فهذه أربعة فصولالفصل الأول في صريح القذف
وهو الرمي بالزنا أو اللواط قال بعض العلماء يجب الحد بذلك دون الرمي بما هو أعظم منه من القتل والكفر لأنه لا يقدر أن يقيم بينة على عدم الزنا في الزمان الماضي وليس بشئ لأنه مشترك الإلزام فلا يقدر على إثبات نفي القتل في الزمن الماضي إلا أن يقول يقدر بأن يثبت أنه كان حيا في ذلك الوقت فيقال له وكذلك يثبت أنها كانت في بلد آخر غير الذي قذفه بالزنا به إن قيده كما قيد القتل وإن تعذر في الفصلين فالحاصل أن تعيين هذين للقذف دون غيرهما يحتاج إلى نظر وفي الكتاب إذا رماه بلواط أو وزنا حد أو ببهيمة أدب لأن آتي البيهمة لا يحد وإن قذفهما ثم أقام بينه أنهما زنيا حالة الصبا أو الكفر حد لأن هذا ليس بزنا وإن قال لهما وقد عتقا زينتما حال رقكما أو قال يا زانيا ثم أقام بينة أنهما زنيا حالة رقه لم يحد لأنه في الرق زنى فإن لم يقم بينه حد لكذبه ظاهرا ومن رمى واطئ أمة يلحقه بذلك النسب أو امرأته حائضا حد القاذف لأن هذا ليس بزنى وإن قال لامرأة يا زانية فقالت بك زنيت حدت للزنا وللقذف للاعتراف إلا أن ترجع فتحد للقذف ولا يحد الرجل لأنها صدقته أو قال يا ابن الزانية وقال أردت جدة له لأمه وقد عرفت بذلك حلف ما اراد غيرها ويعزر للأذية ولا يحد لأن المقول له يصدق عليه انه ابن جدته وكل من أدنى زانية نكل قال ابن يونس إن قال يا لوطي أو يا فاعل فعل قوم لوط حد وليس للقاذف تحليف المقذوف ما زنى وإن علم المقذوف من نفسه أنه زنى فحلال له أن يحده لأنه أفسد عرضه قال أشهب إن قال زنيت في صغرك أو رقك في غير مشاتمة لم يحد إلا أن يقيم بينة وفي الموازية يحد وإن أقام بينة لأنها ليست بذلك زانية ومن قذف مستكرهة حد وإن قال كنت في نصرانيتك قذفتك بالزنا فإن كان إنما سألها العفو أو أخبر به على وجه الندم لم يحد وإن لم يعلم له عذر حد وقال أشهب إن كان في مشاتمة حد وإلا فلا لعدم النكاية بذلك وإن وطئ أمة له مجوسية فقذفه أحد بالزنا حد لأنه لا يحد من وطئ المجوسية وإن قال لمجنون حال جنونه يا زان حد قال محمد إلا أن يكون مجنونا من الصغر إلى الكبر لم يفق لأنه لا يلحقه إثم الزنا حينئذ وإذا قال يا زانية فقالت بك زنيت قال أشهب لا تحد إن قالت إنما أردت المجاوبة دون القذف والإقرار بالزنا فيجلد الرجل ولا تجلد هي لزنا ولا قذف وقال أصبغ يحد كل واحد لصاحبه وإن قالت ذلك لأن كل واحد قاذف الآخر لا مصدق له وعن ابن القاسم إن قال ذلك لامرأته فقالت له بك زنيت لا شيء عليها لأنها تقول أردت إصابته إياي بالنكاح أي إن كنت زنيت فبك ولا حد عليه هو ولا لعان وإن قال له يا زان فقال له الآخر أنت أزنى مني فعليهما الحد وفي الجواهر قال أصبغ أزني منى إقرار بالزنا ويحمله محمل الرد لما قاله وفي النوادر يا ذا الذي تزعم المرأة أنه اغتصبها أو الصبي أنه نكحه إن قاله في مشاتمة حد وزنى فرجك أو دبرك يحد وإن قال من يقول كذا فهو ابن زانية فيقول رجل أنا قلته فإن قامت بينة أنه قاله حد له وإلا فلا قاله ابن القاسم قال مالك إن يكن فلان أصبح منك فأنت ابن زانية إن أقام بينة أنه أصبح منه نكل للأذية وإلا حد للقذف قال سحنون إن قال إن لم يكن عبدي خيرا منك فأنت ابن عشرة آلاف زانية حد لأن العبد لا يكون خيرا من الحر وفي الموازية يا ذا الذي جده نصراني فقال إن كان جدي نصرانيا فأنت ابن زانية فوجد جده نصرانيا حلف أنه أراده ويؤدب عال عبد الملك من شهد علي فهو ابن زانية فشهد عليه رجل حد القائل قال مالك إن قال قبل أن يرميه أحد من رماني منكم فهو ابن الزانية فرماه أحدهم لم يحد ويعزر وكذلك من لبس ثوبي أو ركب دابتي يريد من فعله في المستقبل وإن أراد من قد كان فعله قبل قوله حد وإن كان قذفه لم يفعل مستقبلا ما لا يملك المقذوف منعه منه فإنه يحد قبل الفعل إن كان من الأمور العامة كدخول المسجد والحمام وإن كان خاصا كركوب دابة فلا يحد حتى يفعل أحد ذلكفرع في الجواهر إن قال للرجل يا زانية بالتاء وللمرأة بغير تاء حد
فرع إن قال زنى فرجك أو عينك أو يدك حد عند ابن القاسم وقال أشهب لا يحد لأنه كذب إلا على وجه المجاز
الفصل الثاني في التعريض بالقذف
قاعدة الصريح في كل باب ما يتعين له وضعا والكناية ما يحتمله مع غيره وفي الكتاب إن قال يا مخنث حد إلا أن يحلف ما أراد قذفا فيؤدب قال ابن يونس قال غيره هذا إن كان في كلامه أو عمله أو بدنه توضيع وإلا حد ولم يحلف لاشتهاره في الفاحشة وأصل التخنث الميل وقد يكون صاحبه متقيا ومنه المخنث الذي يدخل على بيت رسول الله ( وتخنثه الصاننه )فرع في الكتاب يا فاجر أو يا فاسق أو يا ابن الفاجرة أو الفاسقة ، حد أو يا خبيث حلف ما أراد قذفا لقلة ظهروه في القذف فإن لم يحلف سجن حتى يحلف فإن طال سجنه نكل على حسب حاله والمعروف بالأذية يبالغ في عقوبته والفاضل ذو المروءة يتجافى عن حقيقته ويخفف في أدب عظيمة ويا تاجر بفلانة يحد إلا أن يقيم بينة على أمر صنعه معها من الفجور كجحد مال ونحوه ويحلف ما أراد إلا ذلك لأنه يحتمل جامعت فلانة وإن قال باضعتها حراما أو وطئتها وقال أردت تزوجتها تزويجا حراما أو قال ذلك عن نفسه وطالبته المرأة حد إلا أن يقيم بينة على مراده ويحلف ما أراد إلا ذلك وكنت وطئت أمك وقال أردت النكاح إن أتى ببينة أنه تزوجها لم يحد وإلا حد وإن قال له ما أنا بزان أو أخبرت أنك زان حد أو أشهدني فلان أنك زان حد إلا أن يقيم بينة على قول فلان وكذلك يقول لك فلان يا زان أو جامعتها بين فخذيها أو أعكانها حد وقال الأئمة لا حد في التعريض غير أن مالكا قال يحد به إن نوى به القذف كسائر الكنايات في الطلاق وغيره لنا قوله تعالى عن قوم شعيب ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) ومرادهم ضد ذلك وهو كثير في القرآن وفي الموطأ ( أن رجلين استبا على عهد عمر بن الخطاب رضي الله ع نه فقال أحدهما والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار عمر بن الخطاب فقال قائلون مدح أباه وأمة وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا فجلده عمر ثمانين وقال حمى الله لا ترعى حواليه ) ولأنه يفهم القذف فيحد به كالصريح احتجوا بأنه يحتمل القذف وغيره فلا يوجب كما إذا قال اسقني ماء وقال أردت القذف وهذا أبلغ لأنه صرح بإرادته القذف ولأنه لما احتمل الأمر وجب أن يرجح اللفظ على الموجب كالأمة المشتركة وهذا أولى للقطع بوجود الموجب وهو النصيب الذي ليس بمشترك ومع ذلك سقط الحد ولأنه تعريض فوجب أن يلحق بالتصريح كالخطبة في العدة ولأنه لا يكون قذفا مع عدم القرائن كقوله أنت جميلة وأريبة والجواب عن الأول أن القرائن مع اللفظ تصيره كالصريح بخلاف مجرد النية لذلك تقول العرب رب إشارة أفصح من عبارة والتعريض عندهم أبلغ موقعا وعن الثاني الفرق بأن القرائن تنفي الاحتمال الآخر فيصير كوطء الأجنبية وعن الثالث أن هذا الباب أحرج لأنه لو أراد بالتعريض القذف حرم إجماعا ولو أراد النكاح عين الج وعن الرابع منع الحكم إذا صيرته القرائن تصريحا في القذف وإلا فعدم القرائن يعنى الفرق
تفريع قال ابن يونس في الموازية القائل يا قرنان لرجل جلد لزوجته لأنه عند الناس من امرأته تفجر قاله ابن القاسم وقال يحيى بن عمر لا يحد ويجلد عشرين ويأمر آخر وقال أشهب يحد قال يحيى بن عمر يا قحبة يحد لأن العرب كانت تدعو على الفاجرة بالقحاب والهرثاء أي السفال والقبح في الدية حتى صارت الفاجرة تسمى قحبة لغلبة الاستعمال ويا مأبونا قال عبد الملك يحد لأنه من الابنة وهي داء في الدبر يبعث على طلب ما يحك به ذلك الموضع وإن اشتهر في اللواط في المفعول به وإن قال له يا ابن الزانية فقال له أمك شر منها في الموازية يحدان أو يا أحمق فقال الآخر أحمقنا ابن الزانية يحد وعن ابن القاسم في يا فاجر بفلانة يحلف ما أراد قذفا وكذلك يا خبيث ويا ولد إيش قال ابن القاسم يحد ويا ابن الفاسقة والفاجر يحلف فإن امتنع سجن وإن طال سجنه ولم يحلف أدب وخلي وقال عبد الملك في هذا كله النكال ويا مؤنث وفي كلامه لين حلف وأدب وقال أشهب يحد في زنى فرجك دون زنت رجلاك ويا ابن منزلة الركبان يحد لأن المرأة في الجاهلية كانت على باب البغية راية تنبيه ضبط هذا الباب الاشتهار العرفية أو القرائن الحالية فمتى فقد احلف أو وجد أحدهما حد وان انتقل العرف فيقال الأصل الحد ويختلف ذلك بحسب الأعصار والأمصار وبهذا يظهر أن ذات الراية ومنزلة الركبان لا يوجب حدا وأنه إن اشتهر لفظ أحدهما لا يوجب حدا إلا في القذف أوجب الحد
فرع في النوادر قال ابن القاسم إن قال رأيت فلانا مع فلانة في بيت أو على بطنها أو قال في لحاف أو قال رأيتك تطلب امرأة في أثرها أو تقبلها أو اقتحمت عليه بيتها أو في مقعد الرجل من المرأة لا يحد بل يؤدب لأن ذلك لا يتوقف على الزنا ويحلف ما أراد قذفا أو قال لامرأته قد سرحتك من زنا حد ولا طلاق عليه قال مطرف إن قال كيف تكلمني وأنا نكحت أمك وكانت زوجتي قال مالك إن لم يقم بينة أنه تزوجها حد القذف وقال عبد الملك لا يحد لأنه لو أقام شاهدين بالزواج كفاه ( ولو كان قذفا لم يجرح إلا بأربعة ) ولو كان في غير منازعة لم يحد وإن قذفه رجل فشكاه ثم خاصم آخر فقال له سمعت فلانا يقول لك يا زان فمالك اشتكيته أي موجدة عليك فيحد
فرع قال قال مالك لا يحد الأب بالتعريض بل بالتصريح كالقصد في القتل ويجوز عفوه عن القذف وإن لم يرد سترا عند الإمام وقال أصبغ لا يحد الأب أصلا لعظيم حقه وقال ( ش ) و ( ح ) وفي المنتقى وإن حده أسقطنا عدالة الابن لأنه حقوق وإن قال لولده لست ابني فطلبت الأم أو الولد من غيره الحد لقذف الأم وقد كان فارقها فعفا ولده قال مالك يحلف ما أراد قذفا بل لو كان ولدي ما كان يصنع ما صنع قال وهذا يقتضي الحد إن لم يحلف وأنه لا يسقط بعفو بعض الولد إذا قام البعض فالحد وغيره لا يلحق الأب بل يحدون ولا يعذرون في الشتم إن كان على وجه الأدب قال ابن القاسم وأشهب يجوز عفوه عن جده لأبيه وإن بلغ الإمام دون جده لأمه لأنه لا يدلي في الميراث يهما وقال عبد الملك يجوز عفوه عن أمه وإن لم يرد سترا لأن الإشفاق قد يحمله عند رؤيتها على الاعتراف بالزنا
فرع في الجواهر يا بغل يوجب الحد وإن قال لنفسه أنا بغل حد لأنه قذف أمه
الفصل الثالث في صريح اللفظ والنفي
النفي عندنا موجب للحد وقاله أحمد وقال ( ش ) و ( ح ) إذا قال العربي يا قبطي وقال أردت قبطي اللسان أو الدار لأنه نشأ فيها صدق بعد يمينه أو قال أردت أنه ليس من أبيه حد إن كانت أمه محصنة يحد قاذفها وإلا فلا لأن الله تعالى جعل سبب الحد في القذف الزنا في المحصن لقوله تعالى ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات ) لنا قوله عليه السلام ( لا أوتى برجل يقول إن كنانة ليست من قريش إلا جلدته ) وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( لا حد إلا في اثنين قذف محصنة ونفي رجل من أبيه ) ولا يقول هذا إلا توقيفا وعلل صاحب المنتقى وغيره بأن النفي قذف وهو يبطل بأن الأم قد تكون لا يحد قاذفها وقد تكون مجهولة وفي الكتاب إن قال لمسلم لست لأبيك وأبواه نصرانيان حد وكذلك إن قال لست ابن فلان لجده وجد أمه كافر أو لرجل من ولد عمر بن الخطاب لست ابن الخطاب وإن قال لست ابن فلان لجده وقال أردت لست ابنه لصلبه حد وإن قال أنت ابن فلان نسبة لجده في مشاتمة وغيرها لم يحد وكذلك إن نسبه إلى جده لأمه لأنه كالأب يحرم عليه ما نكح فإن نسبه إلى عمه أو خاله أو زوج أمه حد وان قال لعربي لست من بني فلان لقبيلته التي هو منها حد وان كان مولى لم يحد بعد أن يحلف ما أراد نفيا ( أو قال لعربي يا قبطي حد وإن قاله لمولى حلف ) ونكل وإن نكل لم يحد ونكل وفي النكت يجب الحد بالنفي ( كان الأبوان كافرين أو عبدين قال مالك وأصحابة فإن عفا وأبواه عبدان او كافران نفذ ) عفوه أو مسلمان حران فلهما القيام بالحد وكذلك إن كان أبوه مسلما وأمه نصرانية أو أمة فلا يثبت القيام لأنه حمل إباه على غير أمه بنسبة للزنا أو انعكس الحال بين الأبوين قامت الأم بالحد لأنه نسبها إلى الزنا وإن قال ذلك لعبد لا يحد له وأبواه عبدان أو كافران لم يحد وأبواه حران مسلمان حد وكذلك إن كانت الأم حرة مسلمة والأب عبدا لأنه رمى أمه أو أمة أمه أو كافرة وأبوه مسلم حد قاله ابن القاسم وقال أشهب لا حد في نفي العبد قال ابن يونس في الموازية يا ولد زنا أو أنت لزنية أو ولد زنية حد وإن كانت مملوكة أو مشتركة بخلاف يا ابن الزاني أو الزانية إن كانا عبدين أو كافرين لأن هذا قذف لهما والأول نفي وإن قال لست ولد فلان لجده وقال أردت لست لصاحبه حد كان جده مسلما أم لا قال أشهب هذا إذا كان ولادة جده في الإسلام ولم يكن مجهولا وكذلك إذا نفاه عن أبيه دنية لأن المجهولين لا يثبت نسبهم ولا يتوارثون بها وإن كان من العرب حد وإن كان ولادة أبيه أو جده في الجاهلة وولد المقول له في الإسلام وإن قال لست من موالي فلان وهو منهم حد وكذلك لست من الموالي وله أب معتق بخلاف لست مولى لفرن وفلان قد أعتقه لأنه لم ينفه من نسب ولسب ابن فلان وأمه ام ولد حد وليس بابن فلانة لا يحد لأنه معلوم الولادة منها فلم يؤثر ذلك في عرضه وإن قال لعبد وأبواه حران مسلمان لست لأبيك حد السيد فإن ماتا ولم يرثهما أجد أو ورثهما غيره فله حد سيدهالفصل الرابع في التعريض بالنفي
في الكتاب قال لعربي يا فارسي أو نحوه حد أو قال يا بن الأقطع واختلف عن مالك في القائل لبربري أو رومي يا حبشي هل عليه الحد أم لا قال ابن القاسم وأرى عج الحد إلا أن يقول له يابن الأسود وليس في آبائه أسود وان قال لفارسي يا عربي لم يحد أو لعربي يا فارسي أو لمصري أو يا يماني أو لعبسي يا كلبي حد لأن العرب تنسب إلى آبائها وهذا نفي لها أو قال يابن الأعجمي وليس أحد من آبائه كذلك حد أو يا ابن الحجام أو الخياط وهو من العرب جلد الحد إلا أن يكون ذلك في آبائه أو من الموالي حلف ما أراد قطع نسبه لأن هذه الصفات في الموالي أكثر من العرب ويا ابن المطوق يعني الراية التي تجعل في الأعناق لا يجد في الموالي دون الأعراب لأن هذه الأعمال أعمال الموالي وإن قال يا يهودي لم يحد بخلاف يا ابن اليهودي إلا أن يكون من آبائه يهودي قال ابن يونس يا ابن البربرية وأمه عربية قال عبد الملك لا يحد لأنه لا نفي على الأم وقال مطرف يحد إلا أن يسميها باسمها لأنه نفي أمه من ابنها وسواء قال لرومي يا حبشي أو يا ابن الحبشي لا يحد ويحلف ما أراد نفيه ولمالك في الحد قولان وفي النوادر ( إن قال لمولى ليس فلان اعتق أباك وهو الذي اعتقه حد لأنه نفاه عن أنه عتيق هذا ) وإن قال الأب ليس فلان أعتقك لم يحد وقال ابن وهب لا يحد فيهما لأنه نفي عتقا لا نسبا ويعاقب وفي الجواهر وإن قال مالك أصل ولا فصل فعن ابن القاسم لا يحد وقال أصبغ يحد بناء على قوله إنه أراد النفي أو الشتم وقيل إلا أني كون من العرب فعليه الحد وإن قال لابن أمة أو كتابية يا ابن الزانية لم يحد أو يا ابن زنية حد والفرق أن الثاني نفي نسب بإضافته إلى فعل لا يلحق الولد فيه والأول قذف لأمه وإن قال مولى لعربي أنا خير منك حد وكذلك لو قاله أحد ابني عم لصاحبه قال أبو إسحاق في المسألتين اختلاف وبهذا أقولالباب الثاني في أحكام القذف
وفي التنبيهات للحد عشرة شروط ستة في المقذوف وأربعة في القاذف أن يكون المقذوف عافلا مسلما حرا بالغا للتكليف إن كان ذكرا أو قدر الوطء إن كان أنثى وإن لم تبلغ التكليف وقيه خلاف بريء من الفاحشة التي قذف بها معه إليها وأن يكون القاذف عاقلا بالغا صرح بالقذف أو عرض به يمكن إقامة الحد عليه لصحته وفي الجواهر يحد المحصن وهو الذي اجتمعت شروطه منها العفة ومعناها أن لا يكون معروفا بالقيان ومواضع الفساد والزنا ولا يسقط الحد كونه معروفا بالظلم والغصب والسرقة وشرب الخمر وأكل البربا ويسقط الإحصان كل وطء يوجب الحد بخلاف الذي لا يوجبه كوطء الأمة المشتركة ( والمحرمة بالرضاع ونحوه وكذلك وطء الشبهة ) أو في الصبا ويسقط إحصان المقذوف بالوطء الطاريء بعد القذف وقاله ( ش ) و ( ح ) وأن الشروط يعتبر استدامتها الى حالة إقامة الحد لأنه لو ارتد لم يقم الحد ولأن طرؤه ينبه أنه تقدم منه وقال أحمد لا يسقط كما لو زنى بأمة ثم اشتراها أو سرق عينا فنقصت قيمتها أو ملكها ومنع استدامة الشروط إلا إلى حين توجه الحد ومتى سقط الإحصان بالزنا مرة لم يعد بالعدالة بعده وروى عبد الملك إن قذف من حد بالزنا بعد أن حسنت توبته لم يحد تنبيه ينبغي أن يزاد في شروط المقذوف أن يكون معروفا فإن المجهول لا يحد له لكن ترك لأن تلك الشروط لا تعلم إلا في معروف وكون الإحصان لا يعود بعد العدالة نقله صاحب النوادر وغيره ومستنده أن المراد بالعفاف العفاف المطلق بدليل قوله تعالى ( الغافلات ) أي اللاتي لم يخطر لهن الفساد ولا يشعرن به قط فتحمل الآية الأخرى على هذه لأنها مطلقة وتلك مقيدة وهي قوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) وهذا قد شهر بالزنا وفعله فلا يكون ممن يحج له والأصل عدم الحد بل يؤدب على القاعدة وأصل هذا الباب قوله تعالى ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ) وللإحصان في القرآن أربعة معان العفاف وهو المراد بهذه الآية والثاني الزوجات في قوله تعالى ( محصنات غير مسافحات ) والثالث الحرية في قوله تعالى ( فإذا أحصن ) ووافقنا الأئمة على شروط الإحصان غير أنهم قالوا لابد من البلوغ قياسا على العقل ولم يخالف في العبد إلا داود لنا أنه قاصر عن رتبة الإجماع فلا ينهض للحد وقوله عليه السلام ( من أشرك بالله فليس بمحصن ) والرق من جرائر الكفر والأصل بقاء عدم الإعتبار وأما شرائط القاذف فلأن العقوبة تعتمد التكليف والقدرة على الوفاء بما وجب عليهنظائر قال صاحب الخصال عشرة لا حد على قاذفهم الصبي والعبد والأمة والذمي والذمية والمحدود في الزنا والمرجوم في الزنا والمنبوذ ومن ليس معه متاع الزنا والولد يقذفه والده استبعد مالك حده
فرع في الكتاب المشهود عليه بالقذف إقامة بينة أربعة بأن المقذوف زنى فيسقط عنه الحد لإنخرام الإحصان وعدم الكذب عليه
فرع قال يحد الذمي للمسلم ثمانين لأنه من باب العلم فيقام عليه بخلاف الزنا
فرع قال ليس للقاذف تحليف المقذوف أنه زنى وإن علم من نفسه أنه زنى جاز له حده لأن الستر مأمور به
فرع قال إذا شهد عليه رجل أنه قذفه يوم الخميس وآخر أنه قذفه يوم الجمع حد كالطلاق والعتاق
فرع لقذف الجماعة في مجلس واحد أو مجالس حد واحد إن قام به واحد سقط كل قذف قبله وقال ( ح ) وقال الشافعي إن قذفهم بكلمات متفرقة فعليه لكل واحد حد وقاله أحمد أو بكلمة واحدة فقولان عن ( ش ) وأحمد وبناها الحنفية على أنه حق لله تعالى فصح التداخل وبناها الآخرون على أنها حق لآدمي فصح التعدد ويلزمه أن يكون عندنا قولان بناء على أنه حق لله تعالى أم لا وقد حكاه العبدي في نظائره واللخمي وغيره لنا أن هلال بن أمية العجلاني رمى امرأته بشريك بن سحماء فقال له النبي ( حد في ظهرك أو تلتعن ) فلم يقل حدان وجلد عمر رضي الله تعال عنه الشهود على المغيرة بالزنا حدا واحدا لكل واحد مع أن كل واحد قذف المغيرة والمؤتى بها وجلد رسول الله قذفة عائشة ثمانين ثمانين منهم حسان رواه أبو داود مع أنهم قذفوا عائشة وصفوان بن المعطل وقياسا على الزنا ولأنه لو قذف ألفا فمات قبل إقامة الحدود وقد يسقط بالشبهة كما تسقط سائر الحدود فتتداخل مثلها احتجوا بأنه قذف جماعة فلا تداخل كما لو قذف زوجاته الأربع لاعن أربع لعانات ولأنه حق لآدمي فلا يقاس على الحدود ولأنها لا تسقط بالرجوع فلا تتداخل كالإقرار بالمال والجواب عن الأول أنه أيمان والأيمان لا تتداخل بخلاف الحدود وعن الثاني بأنه لا يتكرر في الشخص فلو غلب فيه حق الآدمي لتكرر فيه كتكرر الإتلاف وعن الثالث أن الإقرار لا يتداخل في المتباينات ولو قاله له يا لائط يا زاني تداخل قاعدة مقابلة الجمع بالجمع في اللغة تارة تتوزع الأفراد على الأفراد نحو الدنانير للورثة وتارة يثبت ( أحد الجمعين لكل فردج من الجمع الآخر نحوالثمانون جلدة للقذفة وتارة يثبت ) الجمع ولا يحكم على الأفراد نحو الحدود للجنايات إذا قصد أن المجموع للمجموع وإذا اختلفت أحوال المقابلة بطل كونه حقيقة في أحدهما ليلا يلزم الإشتراك أو المجاز وبطل تخيل من اعتقد أن قوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ) يقتضي أن قذف الجماعة له حد واحد لأنه قابل الذين وهو جمع بالمحصنات وهو جمع فيحصل أن الجميع إذا رمى الجميع يجل ثمانون فقط خالفنا ذلك في قذف الجمع للجمع والواحد يبقى على مقتضاه في قذف الواحد للجمع قاله الطرطوشي وغيره فيمنع كون ذلك مقتضاه نظائر قال العبدي التسوية بين الواحد والجمع والقليل والكثير في تسع مسائل من قذف رجلا فعليه حد أو جماعة فحد وقيل يتعدد وصاع في المصراة الواحدة والجمع وقيل يتعدد والحالف بنحر ولده عليه هدي وكذلك الجمع وقيل يتعدد الهدي ومؤخر قضاء رمضان سنة عليه كفارة واحدة وكذلك السنون والواطئ في رمضان مرة أو مرارا سواء والحلف إذا تكرر كالمرة الواحدة كفارة واحدة والمتطيب في الحج مرة عليه الفدية وكذلك المرار إذا اتحد السبب والحالف بصدقة ماله مرة أو مرارا عليه الثلث ويغسل الإناء من ولوغ الكلب وكذلك الكلاب سبعا
فرع في الكتاب إذا حد له ثم قذفه حد له والفرق أنه إذا قذفه مرارا قبل الحد اجزأه حد انا بينا أن الحد السابق لم يف بكفه عن الجناية بخلاف إذا لم يتقدم وإن ضرب أسواطا فقذف آخر وقذف الأول ابتدئت ثمانون من حين القذف ولا يعتد بما مضى قال اللخمي عن مالك إن لم يمض إلا أيسره أجزأه إتمامه لهما أو بقي أيسره نحو ثلاثة أكمل هذا واستؤنف الآخر وقال أشهب العشرة قليل وإن قذفه فحد له ثم قذفه بغيره حد له أو به بأن يقول صدقت عليك فاختلف قال محمد يحد له وقيل لا شيء عليه إلا العقوبة وقد كان أبو بكرة بعد الجلد متماديا على قوله وقوله في الكتاب إذا قذف وهو يضرب يستأنف وهو على قوله يحد للجماعة حدا واحدا وعلى القول بالتعدد يتم الأول ويستأنف الثاني وفي النوادر قال المغيرة إن قذف جماعة فقاموا جميعا فحد واحد أو مفترقين حد لكل واحد قال ابن القاسم إن قذفهم ثم شرب خمرا فحد فيه أجزأه لكل ما تقدم من قذف وشرب لأن الشرب من حد القذف مستخرج وإن قال لجماعة أحدكم زان أو يا ابن الزانية لم يحد لأنه لا يعرف المراد ( فإنه قام به جميعهم فقيل لا حد عليه لعدم التعيين فالنكاية في العرض ضعيفة لعد التعيين ) فإن قام أحدهم وادعى أنه أراده لم يقبل إلا بالبيان فإن عرف من أراده لم يحده الإمام إلا بقيام المقذوف ومن قذف من لا يعرف لاح حد عليه وإن قال يا زوج لزانية وتحته امرأتان فعفت إحداهما وقامت الأخرى حلف ما أراد إلا الذي عقت فإن نكل حد وفي المنتقى عند أشهب ثلاثة أقسام إن ذهب اليسير تمادى وأجزأ لهما أو النصف وما يقرب منه استؤنف لهما أو بقى اليسير لم يستأنف للثاني وعند ابن القاسم قسمان إن مضى من الحد الأول شيء استؤنف من حين القذف للثاني ولا يحتسب بالماضي وإن بقي اليسير تمم الأول واستؤنف الثاني
فرع في المنتقى من قذف مجهولا لم يحد لعدم النكاية قاله محمد
فرع قال من شروط وجوبه قيام الولي ولو سمع الإمام رجلا يقذف لم يكن عليه تعريف المقذوف فإن قام به تعلق به حق الله وإلا فلا وعلى هذا قوله عليه السلام ( واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) قال العلماء ليس الإرسال حرصا على الاعتراف لأمره عليه السلام وبالتستر بل أنها قذفت فيكون تعريفه عليه السلام لا على سبيل الوجوب وفي التنبيهات مذهب ابن حبيب أن قيام الولي ليس شرطا ويحده وإن كان المقذوف غائبا لأنه حق لله
فرع في الكتاب لا عفو في حد القذف إذا بلغ الإمام أو صاحب الشرط أو الحرس إلا أن يريد المقذوف سترا ويجوز العفو فيه والشفاعة إذا بلغ الإمام وإن صدر موجب التعزير من عفيف ذي مروءة وهي طائرة منه تجافى الإمام عنه فإن عفا عن القاذف قبل بلوغ الإمام ولم يكتب بذلك كتابا فلا قيام له وكذلك النكول ويجوز العفو عن القصاص مطلقا وإن عفا على أنه متى شاء قام وكتب بذلك وأشهد له فذلك ولورثته وفي التنبيهات في العفو عن القاذف ثلاثة أقوال يجوز وإن بلغ الإمام ويمتنع إن لم يبلغ الإمام ويمنع إذا بلغ الإمام إلا أن يريد سترا وقيل إن أراد سترا لا يختلف في جوازه وعلى المنع مطلقا يقوم به بعد العفو وقوله طائرة أي كلمة انفلتت منه ليس بعادة ويجافي الإمام بعده عن عقوبته قال ابن يونس قال رسول الله ( تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب ) رواه ابن وهب قال محمد إنما يجوز العفو إذا قذفه في نفسه أما أحد أبويه وقد مات فلا عفو بعد بلوغ الإمام وإن أراد الستر وقاله ابن القاسم وأشهب ويجوز عفو الولد عن الأب عند الإمام قاله مالك وأصحابه إن قذفه في نفسه وكذلك حده لأبيه بخلاف حده لأمه وإذا قال الشهود قذفك وقال لم يقذفني ردت الشهادة إلا أن يكون القذف أمامهم وادعى ذلك ثم أكذبهم بعد أن شهدوا عند الإمام أو قال ما قذفني فإنه حد وجب وإذا هم الإمام بضربه فأقر المقذوف بالزنا وصدقه وثبت على إقراره حد للزنا ولم يحد الآخر للقذف وإن رجع عن إقراره لم يحد وحد القاذف قاله أصبغ وقال عبد الملك إن رجع عن إقراره بفور يدرأ عنه الحد وعن القاذف بإقراره ما لم يتبين أنه أراد إسقاط الحد قال مالك لا يجوز أخذ مال على إسقاط الحد فإن فعل لم يسقط في النوادر ومعنى قول مالك أراد سترا أن يكون ضرب الحد قديما فيخاف أن يظهر ذلك عليه الآن فأما إن عمل شيئا لم يعلمه أحد إلا نفسه حرم عفوه قال أصبع فإن قال أردت سترا لم يقبل منه ويكشف ذلك للإمام فإن خاف أن يثبت عليه أجاز عفوه وإلا لم يجزه قال عبد الملك معنى قول مالك أراد سترا أن مثله يفعل ذلك جاز عفوه ولم يكلف أن يقول أردت سترا لأن قول ذلك عار وأما العفيف الفاضل فلا يجوز عفوه وفي الموازية عن مالك للمقذوف أن يكتب كتابا بقذفه يقوم به متى شاء وكرهه مالك وقال ما هو من عمل الناس قال ابن يونس معنى أراد سترا أنه إن لم يعف عنه أثبت ذلك عليه ولم يفصل بين حده قبل ذلك ولا غيره وقااله في المنتقى ومعناه قبل بلوغ الإمام لأن بعد بلوغه يتعين إيقاعه قاعدة الحقوق ثلاثة أقسام حق لله صرف كالإيمان وللعبد صرف كالإيمان وحق مختلف فيه هل يغلب فيه حق الله أو حق العبد كالقذف فيفرق في الثالث إن اتصل بالإمام تعين حق الله لاتصاله بنائبه في أرضه وحق الله تعالى أمره ( ونهيه وحقوق العبد مصالحة وما من حق للعبد إلا وفيه حق لله تعالى وهو أمره ) بإيصال ذلك ( لمستحقه لكن المعنى في أنه غلب فيه حق العبد أن العبد متى أسقطه حقه سقط حق الله بإيصال ذلك ) الحق ويبقى من حق الله تعالى إثم المخالفة في الغصب ونحوه فإن المغصوب منه إذا أسقط الطلب بالمغصوب لم يأمر الله بعد ذلك بإيصاله لكن يؤاخذ على جريمة الغصب في الدار الآخرة أو في الدنيا إلا أن يعفو أو يترجح كون القذف حقا للعبد بتوقفه على قايم طالبه وكونه يورث وحقوق الله تعلى لا يدخلان فيه
فرع في الكتاب لا يقوم بالحد إلا المقذوف فإن أكذب المقذوف البينة ردت الشهادة وإن قالت البينة بعد وجوب الحد شهدنا بالزور سقط الحد وإن قذف ميتا فلإبنه وولد ولده ولجده لأبيه القيام وإن كان ثم من هو أقرب منه لأنه عيب يلزمهم وليس للعصبة والاخوة مع هؤلاء قيام إلا عند عدمهم وللجدات القيام بالحد إلا أن يكون له ولد فإن لم يكن للمقذوف وارث لم يقم به أجنبي لعدم تعلق الضرر به وأما الغائب فلا يقوم ولد لا غيره بقذفه لأنه لم ينتقل الحق عنه وإن مات وأوصى بالقيام قام الوصي في التنبيهات قوله لا يقوم أحد للغائب ظاهره أنهلا يتعرض للقاذف وقال عبد الملك يسجن حتى يقدم من له عفو أو قيام قال ابن يونس في الموازية ليس للإخوة والبنات والجدات قيام بقذف الميت إلا أن يوصي به وقال أشهب لا يقوم إلا الأقرب فالأقرب وكذلك العفو لأنه ميران الابن ثم ابن الابن ثم الاخ ثم الجد ثم الأم وكذلك القرابات من النساء الأقرب فالأقرب ولا حق للزوجه ولا بنت البنت قال ابن القاسم ولا يقام للغئب وإن طالبت غيبته وقيل لولده القايم في الغيبة البعيدة دون القريبة ويكتب للمقذوف وقال ابن القاسم لا يقوم للغائب إلا الولد في أبيه وأمه قال ولو سمعه السلطان مع شاهدين حده وإذا رفعه من سمعه للإمام سمع شهادته فإذا كمل النصاب حد القاذف في النوادر إذا قام المقذوف بعد طول الزمان حلف ما سكت تركا وإنما يكون الحق للأولياء إذا مات المقذوف قبل طول الزمان أما بعد طوله فلا لأنه ليس موجودا حتى يحلف والطول ظاهر في الترك وقال أشهب لهم وإن طال قبل موته لأنه لو عفا ثم قام كان ذلك له
فرع في الكتاب لا يحد القاذف حتى يبلغ بالاحتلام أو بسن لا يبلغه إلا محتلم دون الإنبات ومن فيه علقة رق فحده حد العبيد ويؤاخذ المحار اذا تاب بما قذفه حال حرابته وبحقوق الناس فإن قذف حربي مسلما ثم أسلم أو أسر لم يحد لأن القصاص موضوع عنه وإن قدم بأمان فقذف مسلما حد لأنه له عقدا كالذمي 3 فرع في الكتاب إذا ارتد المقذوف أو قذف وهو مرتد لم يحد ولو رجع إلى الإسلام كالزنا قبل الحد وبعد القذف فإن ارتد القاذف أو قذف وهو مرتد حد أقام على ردته أو أسلم لأن الردة لا تأبى أخذ الحقوق وتأبى أن تثبت لصاحبها حقوق لكونها مستصدر الحياة والحقوق إنما هي للحياة وكذلك لا شفعة له وإن قذف ملاعنة التعنت بولد أو بغير ولد حد لأن ولد الملاعنة يتوارثون فأنهم أشقاء ولو رجع الأب ثبت النسب وإن قال لولدها لست لأبيك اختيارا لم يحد أو مشاتمة حد ويحد قاذف المجنون لأن عرضه ممنوع كماله ونفسه
فرع قال إن خاصم في القذف ومات قبل إقامة البينة قام الوارث به قاعدة الوارث ينتقل إليه المال بالإرث فينقل إليه كل ما يتعلق به من الخيار والشفعة والرد بالعيب ونحوه ولا يرث النفس والعقل فلا تنقل إليه الإمامة والقضاء وما فوض إليه من خيار الغير ولا اللعان ولا نية الإيلاء ولا نحو ذلك لأنها أمور متعلقة بالنفس والعقل ومقتضى هذه القاعدة أن لا ينتقل القصاص والقذف لكن ضررهما متعد للوارث فانتقلا إليه لهذا السبب فهذا ضابط ما ينتقل للوارث وما لا ينتقل فليس كل حق مات عنه ينتقل
فرع فيا الكتاب حد القذف والخمر على العبد أربعون نصف حد الحر وحده في الزنا خمسون لقوله تعالى ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) قال ابن يونس قال محمد إن أقيم عليه حد العبد ثم علم أنه حر حينئذ كما حد الحر
فرع في الكتاب إذا قال المشهود عليه الشهود عبيد صدق الشهود في الحرية لأنها الأصل وكذلك القاذف للمقذوف عبد فإن ادعى بينة قريبة أمهل وإلا جلد وإن أتى بها بعد ذلك زالت عنه جرحة الحد ولا أرش له في الضرب
فرع في الجواهر إذا ادعى عليه وأقام شاهدا أنه قذفه أخلفه فإن نكل حسب أبدا حتى يحلف اتفق مالك وأصحابه أنه يحبس أبدا قاله محمد وفي النوادر في الموازية إن طال سجنه خلي قال أصبغ ويؤدب إذا خلي إن كان يعرف بأذى الناس وإلا فأدبه حبسه ولا يؤدب مستوجب الأدب إلا بعد الإياس من يمينه وتوقف ابن القاسم في التأديب
فرع في النوادر إن أقام القاذف شاهدين أن الوالي ضربه في الحد في الزنا لم يسقط الحد عنه وحد الشاهدان معه ولا تنفعه إلا أربعة على رؤية الزنا
فرع قال إن قال للمنبوذ يا ولد زنا أو يا ابن الزانية لا يحد لأنه ليس له نسب ينفى عنه ولا أمه معلومة فيحد لها لخلاف يا زان
فرع قال في الموازية إن قذف الغريب فعليه إقامة البينة على نسبه إلا أن يطول الزمان وينتشر عند الناس ويعرف به فيحد قاذفه قال مالك والناس على أنسابهم لأنهم حازوها وعرفوا بها كالأملاك ومن ادعى غير ذلك كلف البينة وإلا حد وفي العتبية إن قال يا ابن ا لزانية للغريب الذي لا تعرف أمه وهو مسلم حد قاذفه قال وقد يقدم الرجل من خراسان ويقيم السنين فيحد قاذفه ولا يكلف بينة أن أمه حرة مسلمة
فرع قال ابن القاسم المعتق في الوصية المأمونة يقذف قبل تنفيذه من الثلث لا حد له ثم رجع إلى الحد إن أمن المال ويرث ويورث والأمة الحامل من سيدها يموت سيدها قبل الوضع ولم تكن ولدت منه قبل ذلك لم يختلف قول مالك أنه يحد قاذفها ولم يراع أن الحمل ينقص
فرع قال إذا أخذ في الزنا أو الفرية أو الخمر فقال أنا مملوك إن كان محصنا رجم في الزنا وجعل عليه حد المملوك في الفرية والخمر لأنه لا يتهم في رق نفسه وقال محمد إن أقر بالرق لرجل حاضر أو قريب الغيبة سئل من أقر له فإن ادعاه لم يحد في الجلد إلا في حد العبد وأما الزنا والقطع والقتل فلا يسقط إلا بالبينة لأن الأصل الحرية
فرع قال قال ابن القاسم إن قال لعبده أو أجنبي قل لفلان عن فلانا يقول لك يا ابن الفاعلو ففعل حد الآمر دون المأمور وإن قال له اقذف فلانا يعني العبد يحد مع السيد ويحد الحر دون الآمر لأنه غير منحكم له وفي الواضحة يحد السيد والعبد أمره بالقذف أو بقوله له يا ابن الفاعلة وإن قال لأجنبي قل له يا ابن الفاعلة حدا معا قال ابن حبيب وهو أحسن ما فيه وفيه خلاف وفي الموازية إن حمل لرجل كتابا فيه يا ابن الفاعلة فدفعه إليه حد إن علم ما فيه لأنه تعريض
فرع قال كان مالك إذا سئل عن حد أسرع الجواب وساس به وأظهر السرور بإقامة الحد وقيل لحد يقام بأرض خير لها من مظر أربعين صباحا
فرع في المقدمات في ثبوت القذف بشهادة النساء والشاهد مع اليمين خلاف جار على الخلاف في شهادتهن في جراح العمد وفي القصاص باليمين مع الشاهد والاتفاق في اللفظ دون المواطن جازت الشهادة اتفاقا واختلف اللفظ والمعنى واتفق ما يوجب الحكم كشهادة أحدهما بالقذف والآخر بنفي النسب ردت على الشهود أو اختلف الجميع لم يأتوا اتفاقا
فرع قال قال مالك وأكثر أصحابه و ( ح ) إن شهادة القاذف جائزة حتى يحد لآن الله تعالى قال ( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ) فرتبت عدم القبول على عدم الإتيان بالشهادة وإذا لم يحد فهل تتأتى منه إقامة الشهادة وقال ( ش ) وعبد الملك لا يقبل لأنه قبل الحد شر منه بعده لأن الحد كفارة له وإذا تاب قبلت عند مالك و ( ش ) ومنعها ( ح ) لقوله تعالى ( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ) والاستثناء في قوله تعالى ( إلا اللذين تابوا ) يعود على التفسيق دون قبول الشهادة وهو باطل لأن سبب الرد التفسيق إذا زال قبلت
الباب الثالث في التعزير
وفي الجواهر والنظر في موجبه وجنسه ومستوفيه أما موجبه فهو معصية الله تعالى في حقه أو حق آدمي وأما قدره فلا حد له فلا يقدر أقله ولا أكثره بل بحسب اجتهاد الإمام على قدر الجناية ويلزم الاقتصار على دون الحدود ولا له النهاية إلى حد القتل وأما جنسه فلا يختص بسوط أو حد أو حبس أو غيره بل اجتهاد الإمام وكان الخلفاء المتقدمون يعاملون بقدر الجاني والجناية فمنهم من يضرب ومنهم من يحبس ومنهم من يقام على قدميه في تلك المحافل ومنهم من تنزع عمامته ومنهم من يحل إزاره ويعتبر في ذلك قول القائل والمقول له والمقول فإن كان القائل ممن لا قدر له أو عرف بالأذى والمقول له من أهل فعقوبته أشد أو من أهل الخمر فعقوبته أخف إلا أن تخف الجناية جدا فلا يعاقب ويزجر بالقول إن كان القائل ممن له قدر معرفا بالخير والمقول له على غير ذلك زجر بالقول قال مالك وقد يتجافى السلطان عن الفلتة من ذوي المروءة وفي الكتاب إن قال يا سارق نكل أو قال سرق متاعي والمقول فيه يتهم فلا شيء عليه والأنكل وإن ناداه يا شارب الخمر ونحوه نكل ويا برون أو يا حمار أو بما يؤذيه نكل ويجوز العفو والشفاعة في النكال وإن بلغ الإمام لأنه حق لآدمي صرف قال مالك اذا انتهى للإمام والجاني من أهل العفاف والمروءة ووقع ذلك منه فلتة تجافى الإمام عنه أو من أهل الأذية فلا يقله ولينكله قال الأستاذ أبو بكر وظاهر هذا الاطلاقات يقتضي أن التعزير واجب إذا قام به صاحبه وإن لم يطالب لم يعزر ولم يفصل أصحابنا بين حق الآدمي وغيره بل أطلقوا عدم الوجوب عند عدم القيام وينبغي التفصيلفرع قال والمعتبر في الدفع القرآن والعلم والآداب الإسلامية وفي الزناة الجهل قاله الأستاذ أبو بكر وأما المستوفي للتعزير فهو الإمام والأب والسيد ويؤدب الصغير دون الكبير ويؤدبه معلمه وصاحبه ويعزر السيد في حقه وحق الله تعالى والزنج في النشوز وخما يشبهه مما يتعلق بمنع حقه لأن التعزير لو جعل لعامة الناس لأدى لتواثب السفهاء للأذية وكثرة الهرج والفتن والتعزير جائر بشرط سلامة العاقبة فإن سرى ضمنت عاقلته بخلاف الحد لأن التعزير باجتهاد والحد مقدر لا مدخل له فيه فلو لم تترك المرأة النشوز إلا بضرب مخوف لم يجز تعزيرها أصلا تنبيه قال أمام الحرمين متى كان الجاني ينزجر بالكلمة أو بالضربة الواحدة لم تجز الزيادة لأن الأذية مفسدة يقتصر منها على ما يدرأ المفاسد وإن كان لا ينزجر بالعقوبة اللائقة بتلك الجناية بل بالمخوفة حرم تأديبه مطلقا أما اللائق به فإنه لا يفيد فهو مفسدة بغير فائدة وأما الزيادة المهلكة فإن سببها لم يوجد والصغر والكبار في تلك سواء
فرع في الموازية قال محمد إذا بلغ التعزير قدر الحد ضرب عريانا تنبيه قال ( ح ) لا يجاوز به أقل الحدود وهو أربعون حد العبد بل ينقص منه سوط والتعزير واجب لا يجوز للإمام تركه إلا إذا غلب على ظنه أن غير الضر بمصلحة من الملامة والكلام وعند ( ش ) قولان في المجاوزة به وهو عنده غير واجب على الإمام إن شاء أقامه أو تركه لنا في المسألة قضاء الصحابة رضي الله عنهم زور معن بن زائدة كتابا على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونقش خاتمه مثل نقش خاتمه فجلده مائة فشفع فيه فقال أذكرني الطعن وكنت ناسيا فجلده مائة أخرى ثم جلده بعد ذلك مائة أخرى وكان رجل يأتي الناس في أسواقهم ومجالسهم فيقول ( والذاريات ذروا ) ويقول ( والنازعات غرقا ) ما الذاريات ما النازعات ما الفارقات ما الحاملات ما الذاريات وكان يتهم بالحرورية فكتب أبو موسى إلى عمر رضي الله عنهما فيه فأمر بإقدامه عليه فقال له عمر عم تسأل تسأل عن الذاريات والنازعات فضربه عمر رضي الله عنه بجريد النخل حتى أدمى جسده كله ثم حبسه حتى كاد يبرأ فضربه وسجنه فعل ذلك مرارا فقال يا أمير المؤمنين إن كنت بريد قتلي فأوجز وإن كنت تريد الدواء فقد بلغ الدواء مني فأطلقه وأمره أن لا يجالس أحدا إلى أن كتب إليه أبو موسى إنه قد حسن حاله فأمر بمجالسته ولم ينكره أحد من الصحابة فكان إجماعا وقتل رجل عبدا في زمان النبي فأمر به لجلد مائة جلدة وقال لا تقبلوا له شهادة ولأن الله تعالى جعل الحدود مختلفة بحسب الجنايات فالزنا أعظم جناية وقوبة من القذف ( والسرقة أعظم منهما ) والحرابة أعظم من الكل فوجب أن تختلف التعازير وتكون على قدر الجنايات في الزجر فإذا زادت على موجب الحد زاد التعزير احتجوا بما في الصحيحين قال عليه السلام ( لا يجلد فوق عشر جلدات في غير حد من حدود الله تعالى ) واحتج ( ش ) بأن رسول الله لم يعزر الأنصاري لما قال له أن كان ابن عمتك يعني ابن الزبير الحديث ولأنه غير مقدر فلا يجب كضرب الأب والمعلم والزوج والجواب عن الأول أنه خلاف مذهبكم لأنكم تزيدون على العشر أو لأنه محمول على اتباع السلف كما قال الحسن إنكم لتأتون أمورا هي في أعينكم أدق من الشعيرة إن كنا لنعدها من الموبقات فكان يكفهم قليل التعزير ثم تتابع النالس في المعاصي حتى زوروا خاتما على خاتم عمر ولذلك قال عمر بن عبد العزيز تحدث للناس أقضية على قدر ما أحدثوا من الفجور ولم يرد نسخ حكم بل المجتهد فيه يستقل فيه بالاجتهاد وعن الثاني أنه حقه عليه السلام فله تركه أو لأن تلك الكلمات كانت تصدر ولم يقصد بها الاهتضام من جفاة الأعراب وعن الثالث أنه ينتقض برياضة الدابة إذا استؤجر عليها وقد يجب غير المقدر كنفقات الزوجات والأقارب ونصيب الإنسان في بيت المال غير المقدر وهو يجب
فرع في النوادر قال مالك إن شتمه جده أو عمه أو خاله فلا شيء عليه إن كان تأديبا ولم ير الأخ مثلهم قائدة التعزير قيل لفظ مشترك بين الإهانة والإكرام لقوله تعالى ( لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه ) وقيل بل معناه المنع فتعزير الجناة منعهم من العود إلى الجنايات وتعزير رسول الله منعه من المكاره ( الجناية الخامسة - الحرابة والنظر في صفة المحاربين وفي أحكامهم ) ( النظر الأول )
وفي الجواهر المشتهر بالسلاح لقصد السلب محارب كان في مصر أو فقر له شوكة أم لا ذكرا أو أنثى ولا تتعين آلة مخصوصة حبل أو حجر أو خنق باليد أو بالفم وغير ذلك وهو محارب وإن لم يقتل وكل من قطع الطريق وأخاف السبيل فهو محارب أو حمل السلاح بغير عدوة ولا فائدة
وكذلك قتل الغيلة بأن يخدع رجلا أو مشى حتى يدخله موضعا فيأخذ ما معه وإن دخل دارا بالليل فأخذ مالا مكابرة ومنع الاستغاثة فهو محارب والخناق وساقي السم لأخذ المال محارب وكل من قتل أحدا على ما معه فهو محارب فهل ذلك بحر أو عبد مسلم أو ذمي وفي الكتاب إذا قطع أهل الذمة الطريق إلى مدينتهم التي خرجوا منها فهم محاربون وإن خرجوا تجارا إلى أرض الحرب فقطع بعضهم الطريق على بعض ببلد الحرب أو قطعوها على أهل ذمة دخلوا إلى أرض الحرب بأمان فهم محاربون ومن دخل عليك دارك ليأخذ مالك فهو محارب تمهيد في التنبيهات أخذ المال حراما عشرة أضرب حرابة إن أخذه بمكابرة ومدافعة وغيلة أخذه بعد قتل صاحبه بحيلة مهلكة ليأخذ ماله من إلقائه في مهواة أو نحوه وغصب وهو أخذ ذوي القدرة والسلطان ممن لا قدرة له على دفعه وقهره وهو نحو الغصب وخيانة أخذه من الودائع ونحوها وسرقة أخذه من غير أمانة على الإخفاء من حرزه اختلاسا وهو أخذ السارق وأهله يعلمون وخديعة بأن يأخذه باختيارك وإيهام وتعد كالمستأجر يتجاوز المسافة ولمقدار المستأجر عليه وجحد في الديون ونحوها واسم الغصب يطلق على ذلك كله في اللغة ولكل واحد منها حكم في الشرع حلى حياله وفي الموازية إن سقى السكران إنما يكون محاربة إذا كان ما سقاه يموت منه قال ابن يونس في العتبية إذا لقيه عند العتمة في المسجد أو خلوة فنشر ثوبه ونزعه منه لا قطع لعيه إلا أن يكون محاربا لأنه مختلس ولا قطع على مختلس قال اللخمي قال اصبغ إذا قعد اللصوص بقوم فعلم بهم الإمام فأخذهم قبل أن يعلم بهم من قعدوا له ولم يتقدم منهم تلصص فليسوا محاربين فإن علموا بهم فامتنعوا من تلك الطريق خوفا منهم فهم حينئذ قطاع الطريق يجري فيهم حكم المحاربين وإن أخذوا المال بالقوة بغير سلاح ولا يخشى منهم قتال أو منعوهم فهم غصاب غير محاربين إلا أن يكون تقدم منهم خوف وإن أخذوا بالقهر ثم قتلوا خوف أن يطلبوا ليسوا بمحاربين بل مغتالون وإن سأله طعاما فأبى فكتفه ونزع منه الطعام وثوبه قال مالك محارب وهو ممن يضرب وينفى والمحارب في المدينة محارب عند ابن القاسم لصدق الاسم دون عبد الملك فإنها إنما يكون فيها الغصب وكذلك القرية إلا أن يكونوا جماعة يريدون القرية كلها عنادا وإعلانا فهم محاربون ولو علم بالسارق بعد أخذ المال سرا فقاتل حتى نجا به فهو سارق ولا قتاله ليدفع عن نفسه وإن علم به قبل أخذه فقاتل حتى نجا به فهو سارق ولا قتاله ليدفع عن نفسه وإن علم به قبل أخذه فقاتل حتى أخذه فهو محارب عند مالك دون عبد الملكفرع في النوادر من سماع ابن القاسم إن قطع الطريق لا لطلب مال ولا عداوة ولا نابده ولا بدين قال أمنع هؤلاء يمشون إلى مكة أو الشام فهو محارب لأنه قطع الطريق وأخاف السبيل
النظر الثاني في أحكامهم قال الله تعالى ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) فجعل تعالى الفساد في الأرض كالقتل في وجوب القتل وبين الفساد فقال ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينقوا من الأرض ) فمحاربة الله ورسوله إخافة السبيل وهو السعي في الأرض فسادا فكررت الحرابة بلفظين تأكيدا
فرع في الجواهر قال مالك جهادهم جهاد ونناشد المحارب الله تعالى ثلاث مرات فإن عاجله قاتله وقال عبد الملك لا يدعه وليبادر إلى القتال قال مالك يدعوه إلى التقوى فإن أبى قاتله وإن يطلب مثل الطعام وما خف فليعطوه ولا يقاتلوه لأنه أخف مفسدة قال سحنون أرى أن لا يعطوا شيئا وإن قل ولا يدعوا وليظهر لهم الصبر والجلد والقتال بالسيف فهو أقطع لطمعهم
فرع في الكتاب من حارب من الذمة أو المسلمين وأخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا ولم يقتلوا خير الإمام بين القتل والقطع ورب محارب لم يقتل أعظم فسادا في حرابه ممن قتل فإذا نصب وعلا أمره وأخاف وحارب ولم يقتل وأخذ المال أو لم يأخذ خير في قتله أو قطع يده ورجله ولا يجتمع مع القتل قطع ولا ضرب ولا يضرب إذا قطعت يده ورجله ولا يستوي المحاربون منهم من يخرج بعصا فيؤخذ على تلك الحال بحضرة الخروج ولم يخف السبيل ولا أخذ مالا فيكفي الضرب والنفي والسحن في الموضع الذي نفي إليه ولا يجوز العفو عنه لأنه حق الله تعالى ونفى عمر بن عبد العزيز محاربا من مصر إلى شفت وينفى من المدينة إلى فدك وخيبر ويسحن هناك حتى تعرف توبته فإن قتل وأخذ المال وأخاف السبيل قتل ولا تقطع يده ورجله والصلب مع القتل فيصلب حيا وثم يطعن بالحربة والعبد مثل الحر غير أنه لا ينفى لحق سيده في خدمته وفي المقدمات معنى قول مال في التخيير إنه يفعل ما هو أقر للصواب فذوا الرأي يقتله لأن القطع لا يدفع مضرته وذو القوة فقط يقطعه من الخلاف لأن ذلك ينفي ضرره وإن لم يكن على هذه الوجوه وأخذ عند خروجه فالضرب والنفي ليس معناه أنه يتخير بهواه ومتى قتل فلابد من قتله وينحصر التخيير في قتله وصلبه وقطعه وقوله في الكتاب إن نصب نصبا شديدا أو علا أمره وطال زمانه فإنه يقتل لا ينبغي أن يؤخذ إلا بالقتل وخالفنا الأئمة فقالوا الآية للترتيب فلا يقتله إا لم يقتل ولا يقطعه إذا لم يأخذ المال فإن قتل وأخذ المال خيره ( ح ) بين القتل فق أو مع القطع ( ولا يصلب أو يجمع بين القتل والصلب وقال ( ش ) يتعين القتل والصلب لأنه يأتي على القطع ) وإن لم يقتل ولا أخذ المال تعين النفي ويقدرون الشرط مكررا في الآية معناها عندهم أن يقتلوا إن قتلوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوا المال أو ينفوا إن لم يفعلوا شيئا من ذلك وقال ( ح ) نفيه حبسه ببلده حتى تظهر توبته وهو مروي عن مالك وقال ( ش ) نفيه أن يطلبه الإمام أبدا وهو يهرب من موضع الى موضع لنا أن الأصل عدم الإضمار وإرادة الحقيقة وهي التخيير الذي هو مسمى واحتجوا بما في الصحيح قال عليه السلام ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس ) ولم توجد في المحارب فلا يقتل ولأنه سبب واحد فلا تتعلق به عقوبتان كالقتل والسرقة ولأن الله تعالى شرط في الآية محاربة الله ورسوله مع الحرابة ولم يوجد ذلك في مسألتنا ولأن عادة الله تعالى في التخيير البداية بالأخف كما في كفارة اليمين وفي الترتيب بالأشد نحو كفارة الظهار وقد بدأ ها هنا بالأشد فتكون للترتيب ولأن الأصل أن عظم العقوبة يتبع عظم الجناية فلا يترتب القتل إلا حيث القتل والجواب عن الأول أنه عام والآية خاصة فيقدم عليه وعن الثاني أنا لم نعلق بالسبب الواحد عقوبتين بل صفة كل محارب إلى عقوبة واحدة والحرابة من حيث هي حرابة لها عقوبة واحدة وهي الضرب والنفي كالزنا وعن الثالث أن محاربة الله تعالى محال فيتعين صرفها لمعصيته بالفساد في الأرض ويكون المعنى واحدا كقوله تعالى ( إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله ) والحزن البث وعبس وبسر ومعناها واحد وهو في اللغة يدل على اهتمام المتكلم به وعن الرابع أن المستند في الترتيب أن يذكر بصيغة إن والتخيير بصيغة أو لكونه أشد وأضعف وقد وجدت أو هاهنا فتكون للتخيير وإنما بدأ هاهنا بالأشد إشارة إلى عظم رتبة الحرابة في الجنايات قاعدة للتخيير في الشريعة أربعة معان المباح المطلق كالتخيير بين أكل الطيبات ولبس الثياب والواجب المطلق كتصرفات الولاة فمتى قلنا الإمام مخير في صرب بيت المال وفي أسارى العدو أو التعزير أو المحاربين فمعناه أن ما يتعين سببه برجحان مصلحته وجب عليه وحرم عليه غيره فهو أبدا ينتقل من واجب إلى واجب ويشبه أن يخرج على هذه القاعدة تخيير الساعي بين أربع حقاق وخمس بنات لبون ولا يتوقف أخذه لأحدهما على رجحان مصلحته لوجوب السبب الواحد المقتضي لهما وهو الملك الحاضر من الإبل ويحتمل أنه يجب عليه أن لا يأخذ إلا الأرجح للفقراء إلا أن بذل النصيحة للأمة واجب على الأئمة ونوابهم ولا يأخذ شيئا دون السن الواجب مع دراهم أو عرض إلا أن يكون أرجح للفقراء لأن السبب إنما اقتضى السن المتروكة والثالث التخيير بين واجب من وجه ومباح من وجه نحو كفارة اليمين خير بينها وكل واحد واجب من حيث إنه أحد الخصال ومباح من ( وجه نحو كفارة اليمين من ) جهة خصوصه وقد يكون خصوص العتق أو الطعام مندوبا فيكون التخيير بين الواجب والمندوب لا على معنى ترك الواجب بل المخير بينها واجبة من جهة عمومها لا من جهة خصوصها بخلاف تخيير الولاة يعق أبدا في واجب بخصوصه وعمومه ( فيما يعينه سببه وفي القسم أو المباح بخصوصه وعمومه ) الدائر بينا لواجب والمكروه كتخيير المسافر بين القصر والإتمام والقصر واجب والإتمام مكروه على المشهور والتخيير بين الصوم والفطر تخيير بين شهر الأداء وشهر القضاء فالواجب أحد الشهرين فهو من باب خصال الكفارة وكذلك الجمعة في حق العبد والمسافر والمرأة وإن قلنا القصر ليس مستحبا ( خير بين الواجب الذي هو القصر والمباح الذي فهو الإتمام ) والفرق بين خصال الكفارة والقصر والإتمام أن القصر الذي هو الركعتان لابد منهما إجماعا وإنما خير بين أن يزيد عليهما أم لا فالخصوص واجب في الركعتين وليس واجبا في خصلة من خصال الكفارة وهذه قاعدة في التخيير أبدا بين سببين أحدهما جزء الآخر كتخيير الله تعالى رسوله في قيام الليل بين ثلثه ونصفه وثلثيه فالثلث لابد منه وما زاد مندوب والتخيير واقع فيه بين واجب ومندوب وبهذه القواعد والتنبيهات يظهر بطلان من يقول التخيير لا يقع إلا بين متساويين وأن التخيير يقتضي التساوي
فرع قال ابن يونس النفي عند مالك يوم وليلة لنهيه عليه السلام أن تسافر المرأة يوما وليلة إلا مع ذي محرم منها قاله بعضهم ولا نفي على النساء لما تقدم في باب الزنا ويكتب للوالي بحبسه بذلك الموضع حتى يتوب من غير تحديد بخلاف الزنا ونفقتهما في حملهما من أموالهما وقاتل النفس يحبس في موضعه في المقدمات قال ابنا لقاسم يصلب حيا ويقتل في الخشبة فيسيل دمه مربوطا عليها من قولهم تمر مصلب إذا كان شعره سائلا وقال أشهب يقتل قبل الصلب ثم يصلب فالتخيير واقع في صفة قتله لا بين قتله وصلبه فعلى رأي أشهب يصلى عليه قبل الصلب ويختلف في الصلاة عليه على مذهب ابن القاسم فقال عبد الملك ليترك على الخشبة حتى تأكله الكلاب ولا يمكن من الصلاة عليه وعنه يصلي خلف الخشبة ويصلى عليه مصلوبا وقال سحنون ينزل من عليها ويصلى عليه لأنها سنة الصلاة وفي إعادته لها ليرتدع المفسدون قولان وقال ( ح ) يترك ثلاثة أيام وينزل جمعا بين المصالح وقد توفى معنى النص والزيادة مثله منهي عنها والقطع في اليد اليمنى والرجل اليسرى فإن عاد قطعت يده اليسرى ورحله اليمنى ( فإن كان أشل اليمنى والرجل اليسرى أو مقطوعهما قال ابن القاسم تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى ) حتى يكون القطع من خلاف وقال أشهب تقطع يده اليسرى ورجله اليسرى لأنها المستحقة للحرابة وفي النفي ثلاثة أقوال فعن مالك السحن وقاله سفيان وقال مالك وابن القاسم ينفى إلى بلد أقله مسافة القصر فيسجن حتى تظهر توبته وقال عبد الملك يطلبهم الإمام لإقامة الحد فهروبهم منه هو النفي وإن قدر عليه لا ينفى في النوادر متى قتل قتل بالسيف من غير صلب قال اللخمي يسقط عن المرأة النفي والصلب وعلى قول مالك إن النفي الحبس بالبلد نفي وعلى المشهور لا تنفى قال وأرى إن وجدت وليا أو جماعة مرضيين وقالت أخرج إلى بلد آخر فأسجن فيه أن لها ذلك لأنه أهون عليها من القطع والقتل وحد العبد ثلاثة القطع من خلاف والقتل بانفراده والصلب والقتل ويختلف فينفيه كما في المرأة قال وأرى إن قال سيده أرضى بنفيه ولا يقطع أني يسوى بالحر والحد أربعة القطع والقتل بانفراده أو القتل والصلب أو النفي وهو خلاف ما تقدم في المقدمات قال وأما الصبي لم يحتلم ولم ينبت فيعاقب ولا يحد فإن أنبت الإنبات البين فخلاف في حده والمجنون يعاقب للإستصلاح كما تؤدب البهيمة للرياضة وإن خف جنونه حد وإن حارب وقت إفاقته ثم حن أخر حتى يفيق كالسكران لسكبه العقوبة واختلف قول مالك في العقوبات الاربع هل هي على التخيير في المحارب الواحد أو كل محارب تتعين له عقوبة ويجتهد الإمام في ذلك إذا عظم فساده وأخذ المال وقال أشهب إن أخذ بالحضرة ولم يأخذ مالا يخير فيه بين القتل والقطع والنفي وكذلك إذا عظم أمره وأخذ المال فإن قتل تعين القتل لقوله تعالى ( النفس بالنفس ) وخير أبو مصعب فيه وإن قتل لظاهر الآية ويقتل المحارب بالسيف أو الرمح بغير تعذيب ولا يرمى بشيء من عال ولا حجارة وإن رأي صلبه صلبه قائما لا منكوسا وتطلق يدا وإن لم تطلق فلا بأس قال وظاهر القرآن أن الصلب قائم بنفسه وروي عن مالك ذلك والمذهب أنه مضاف للقتل وليس يصلب ولا يقتل فلو حبسه الإمام ليصلبه فمات لم يصلبه ولو قتله أحد في الحبس فله صلبه لأنه بقية حده وقال سحنون إذا صلب وقتل أنزل من ساعته وصلي عليه ودفن وإن رأى الإمام إعادته بعد الصلاة للخشبة لمزيد فساده أعاده وإن كان أقطع الرجل اليسرى قطع اليد اليمنى والرجل اليمنى قال محمد وإن لم يكن له إلا يد أو رجل أو يدان قطعت اليمنى وحدها وعلى هذا إن لم يكن له إلا رجلان قطعت اليسرى وحدها والضرب مع النفي استحسان لأنه زيادة على النص وليس له حد بل بحسب الحال ولا تقبل توبته في السجن بمجرد الظاهر لأنه كالمكره بالسحن بل تعتمد على القرائن فإن علمت توبته قبل طول السجن حد قال ابن القاسم والنفي عندنا إلى أسوان قال ويضيق عليه في السحن فلا يدخل إليه إلا وقت طعامه قال وأرى إن عوقب بالنفي ثم عاد حد بالقطع أو القتل لأن النفي لم يزجره وإن عاد بعد القطع إلى الأمر الخفيف ورجي في نفيه صلاحه نفذ ذلك أو متماديا على حرابته فالقطع أو القتل وإن قطع في الثالثة قتله في الثالثة أو أبقاه إن ضعف شره ومتى رجي صلاحه بغير القتل لميقتل
فرع في الكتاب قليل المال دون ربع دينار مثل كثيره في قطع الطريق على مسلم أو ذمي
فرع قال إن تاب قبل القدرة عليه سقط الحد دون حق الآدمي في نفس أو جرح أو مال وللأولياء العفو أو القتل فيمن قتل وكذلك الجراح فإن كانوا جماعة ( قتلوا رجلا ولي أحدهم قتله وأعانه الباقون ) قتلوا كلهم وإن تابوا قبل أن يؤخذوا فللولي ما تقدم من العفو والقصاص ويأخذ الدية متى شاء وقد قتل عمر رضي الله عنه ربيئة كان ناطورا للباقين فإن ولي أخذ المال والباقون له قوة واقتسموه وتاب بعض من لم يل أخذ المال ضمن جميع المال وإن تابوا معدمين فهو دين عليهم وان أخذوا قبل التوبة وحدوا أخذت أموال الناس من أموالهم وإن لم يكن له مال لم يتبعوا كالسرقة ويمتنع عفو الأولياء في الدماء والأموال وعفو الإمام إذا أخذوا قبل التوبة وتحرما لشفاعة لأنه حد بلغ الإمام وإن تابوا قبل القدرة عليهم وقد قتلوا ذميا فعليهم ديته لأوليائه لأنه لا يقتل مسلم بذمي وإن كان ذميا أقيد منه وتعرف توبة المحارب الذمي بترك ما كان فيه قبل القدرة عليه وإن كان في الذمة نساء فهن كالرجال ولا يكون الصبي محاربا حتى يحتلم قال ابن يونس قوله أخذت أموال الناس من أموالهم يريد إن كانيسرهم متصلا من يوم أخذ المال فإن لم يكن يومئذ قال لم يتبعوا بشيء كالسرقة قال اللخمي يسقط الحد لقوله تعالى ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) والأحسن عندما لك في توبة المحارب أنيأتي السلطان وتصح عند جيرانه باختلافه للمسجد حتى تعرف توبته وقال عبد الملك لا يكون اتيانه للسلطات تائبا توبة لقوله تعالى ( من قبل أن تقدروا عليهم ) فإن امتنع بنفسه حتى أعطي الأمان فقيل ينفعه كالكافر وقيل لا ينفعه كالمرتد ولا بد من حق الله عز وجل ولا يكون الأمان توبة وإن سأله لأن تأمين الكافر ليس إسلاما فإن قال الوالي لأحدهم لك الأمان على أن تخبرني ما صنعتم ومن كان معكم لا يؤاخذ بإقراره قاله أصبغ قال وأرى أن يلزمه أقراره لأنه ليس مكرها وإذا تاب وهو عبد وعفا الأولياء فهي جناية في رقتبه وإن خرج المحارب لم يقتص منه وإنما هو قطع أو قتل وكذلك إن قتل ليس للولي عفو ولا قود بل الإمام يقيم الحد وإن رأى الإمام أن لا يقتلهم ومكن أولياء المقتول منهم فعفوا بعض ذلك واقتص منهم وهذا اذا قتلوا حرابة وأما غيلة فينفذ العفو عند ابن القاسم على مال وغير مال ولا ينقض الحكم لأنه موطن خلاف وعن ابن القاسم ذلك في قتل الحرابة ولا ينقض الحكم وعن أشهب لا يقتل في الجماعة إلا القاتل أو معين أو ممسك أمسكه وهو يعلم أنه يريد قتله وغيرهم يضرب عليه ويحبس سنة وقول عمر رضي الله عنه لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم كان في الغيلة وقال عبد الملك إن كانوا لا يعدون على المال إلا بالكثرة ضمن بكل واحد الجميع أو يقوى عليه الواحد والاثنان فحصة كل واحد فقط وإنما فرق بين قتل القدرة وبعدها لأن قبلها قبول التوبة منه ترغيب له وحسم لفساده وبعدها هو عاجز فيؤخذ منه حق الله وزجرا لأمثاله وعندنا حقوق الله تعالى لا تسقط بالتوبة كالسرقة والخمر الزنا وقاله ( ح ) وعند ( ش ) قولان واشترط في السقوط مضي مدة تظهر فيها التوبة ومنهم من قدرها بسنة ومنهم من قال بل مدة لو لم يكن تائبا فيها لباشر المعصية وحصل الاتفاق في الحرابة قبل القدرة لنا النصوص المقتضية للحدود وقوله عليه السلام في ماعز ( انه تاب ورجم ) ولم يوجب عليه السلام على ر جمه شيئا وقال في الغامدية ( تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ) ورجمها عليه السلام وأقول لو سقط لسقط بالتوبة في الحال كالمقذوف والمحارب لكن المدة معتبرة فلا تكون مستقبلة وقياسا على القذف واحتجوا بالقياس على الحرابة قبل القدرة وعلى الردة والفرق أن مفسدتها عظيمة فرغب في ترك ذلك بأن جعلت توبتهما تزيل حدهما ترغيبا في التوبة منهما بخلاف الزنا والخمر وأما بعد القدرة في الحرابة فلتعلق حق الآدمي بها كالقذف في المقدمات في صفة التوبة ثلاثة أقوال أن يترك ما هو عليه وإن لم يأت الإمام أو يكفي إلقاء السلاح ويأتي الإمام طائعا قاله ابن القاسم والثاني يترك ما هو عليه ويجلس في موضعه وتظهر توبته لجيرانه وأما إن ألقى السلاح وأتى الإمام وحده ( فإنه يقيم عليه حد الحرابة ) إلا أن يترك قبل إتيانه ما هو عليه قاله عبد الملك الثالث إنما تكون بإتيانه الإمام فإن ترك ما هو عليه لم يسقط الحد وفيما يسقط عنه بالتوبة أربعة أقوال الحد فقط والحد وحقوق الله تعالى من الزنا والسرقة والخمر دون حقوق الناس ويسقط ذلك مع الأموال إلا ما وجد بعينه رد ويسقط ذلك مع الدعاء إلا مال وجد بعينه تنبيه اشترك القذف والحرابة في اشتمالهما على حق الآدمي لكن في القذف لمعين فيمكن من إسقاطه ( وفي الحرابة لعموم المسلمين فيتعذر إساقاطه ) بعد القدرة وغلب قبل القدرة حق الله تعالى مع ملاحظة عظم المفسدة فرغب صاحب الشرع في التوبة
فرع في الكتاب تجوز عليهم شهادة من حاربوه إن كانوا عدولا يتعذر غيرهم شهدوا بقتل أو أخذ مال أو غيره ولا تقبل شهادة أحد منهم لنفسه بل بعضهم لبعض قال اللخمي إن اعترفوا بالحرابة والمال للرفقة انتزع منهم ويأخذ كل واحد ما سلمه له أصحابه وإن تنازع اثنان تحالفا واقتسما فإن نكل أحدهما أخذه الحالف وإن بقي شيء لم يدعه أحد انتظر طالبه وإن تنازع اثنان أحدهما من الرفقة والأخر من غيرها يبدأ الذي من الرفقة ويحلف إن أتى الآخر بشيء وإن ادعى المحاربون المتاع وأقروا بالحرابة ترك لهم إن لم يدعه غيرهم وتقبل شهادة الرفقة لأنه حد لله تعالى ولا تقبل شهادة أب لابنه في المال وتقبل مع غيره إن قتل ابنه أو أباه لأنه حد لا قصاص لا يدخله العفو وإن شهد بذلك بعد التوبة امتنع لأنه حق له يدخله العفو وتقبل شهادة الأجنبي لأنهم إن قالوا في قطعنا عليكم فقد تقوى التهمة وإن أقروا فقد صدقوهم قال اللخمي إن صدقوهم في قطع الطريق وادعوا بعد ذلك أنهم لم يأخذوه منعت الشهادة للعداوة وإذا حبس المحارب بشهادة واحد وهو مشهور بالفساد أخرجه وأشهره لينظر إليه المسافرون فيشهدوا عليه وإن عظمت شهرته حتى يعرف باسمه كذلك فمن شهد أنه قاطع بالاستفاضة واشهد أخذ المال والقتل وغيره قتل بهذه الشهادة وهذا أعظم من شاهدين على العيان وقال محمد إذا استفاض ذلك أدبه وحبسه فإن افترق المأخوذ منهم المتاع وأتى من ادعى عينه انتظر به قليلا فإن لم يطلبه غيره حلف وأخذه قاله مالك ويضمنه إن أتى أحد وأثبت بالبينة أنه له ضمنه وإنما يدفع لمن ادعاه بغير بينة إذا وصفه كما توصف اللقطة واختلف هل يلزم كفيلا وإن ادعاه اثنان ونكلا عن الحلف لم يأخذاه بخلاف النكول قبل الافتراق ولأن المتاع لا يعدوهما قبل الافتراق وإن قال المحارب المتاع لي وهو كثير لا يملك مثله صدق حتى تقوم بينة لغيره في النكت إذا دفع له المتاع وضمنه وهلك بأمر من الله تعالى لا يضمنه إن أخذه بشاهد ويمين أو بينة ثم جاء ما هو أقطع من ذلك وفي الجواهر إذا شهدوا لأنفسهم مع الشهادة لغيرهم كقولهم أخذوا ما رفاقنا ومالنا ردت الشهادة إلا أن يكون مالهم يسيرا فيجوز لهم ولغيرهم
فرع في الكتاب إذا قامت بينة على محارب فقتله أحد قبل تزكية البينة فإن زكيت أدبه الإمام لأنه إنما جنى على حق الإمامة وإلا قتل لأن الأصل الذخيرة 2
فرع قال ابن يونس قال ابن القاسم إن ولي اللص مدبرا لا يتبع ولا يقتل إلا إن قتل ويقتل الأمير من اللصوص إذا قتل وإن لم يبلغ الإمام ومتى قتل واحد منهم قتلوا كلهم ولو كانوا مائة ألف قال سحنون يتبع المحارب ويجهز عليه وقال ابن القاسم لا يجهز عليه لاندفاع شره
فرع في المقدمات إن ارتد وحارب في ردته فقتل وأخذ المال قتل ولا يستتاب كما يستتاب المرتد ولا ينفذ عفو الأولياء عنه لأن الحرابة حقها لعامة المسلمين حارب ببلد الإسلام أو دار الحر ب فإن أسلم المحارب في ردته بعد أن أخذ وقبل أن يؤخذ وحرابته ببلد الحرب فهو كالحربي يسلم لا يتبع ( بما صنع في أرض الحرب أو في بلد الإسلام سقط حكم الحرابة وحده ويغرم المال ويتبع ) إن لم يكن له مال كالمستهلك بغير حرابة ويحكم عليه في القتل والجراح بما يحكم به على المرتد إذا فعله ثم أسلم وهذا أصل اختلف فيه قول ابن القاسم فمرة نظر للقود والدية يوم ( الفعل ومرة يوم الحكم ومرة فرق فجعل القود يوم الفعل والدية يوم ) الحكم فعلى اعتبار يوم الفعل في الجناية والدية إن قتل مسلما أو نصرانيا عمدا أقيد منه لأنه كافر يوم الفعل والكافر يقتل بالكافر والمسلم بالمسلم أو خطأ فالدية على المسلمين لأنهم ورثته يوم الجناية ولا عاقلة له يومئذ وعلى ملاحظته يوم الحكم يقتل بالمسلم دون النصراني والدية في ماله وإن قتلهما خطأ فعلى العاقلة لأنه يوم الحكم مسلم وعلى هذا يجري القول الثالث وفي النوادر لو لحق بدار الحرب فقاتلنا وأسرناه استتابه الإمام وقبل توبته وإن أبى قتله على الردة والحرابة فإن تاب لزمه حق الله وحق الناس ولا يزيل ذلك عنه ردته قاله عبد الملك
فرع في النوادر قال مالك ( إن ظفرت باللص وهو مشهور فارفعه إلى الإمام وإلا فالستر أحسن وليس بالبين )
فرع في الجواهر حكم المحارب في الغرم حد أم لا موسرا أم لا حكم السارق قال سحنون إذا أخذ ووفره متصل لزمه المال وصداق المكرهة وقيمة المستهلك ودية النصراني وقيمة العبد وإن لم يتصل وفره لم يتبع بشيء وان لم يجد لزمه ذلك في ماله وذمته
فرع قال الجرح الساري يحتمل القتل
فرع قال اذا اجتمعت عقوبات الآدميين كالقذف والقطع والقتل وطلبوا جميعا جدل ثم قتل ودخل القطع في القتل وحدود الله تعالى كالخمر والزنا والسرقة فالقتل يأتى على ما قبله
فرع قال اذا اشتهر فلان بالحرابة فشهد عليه من يعرفه بعينه أنه فلان المشهور حد
الجناية السادسة في حد السرقة
وأصله قوله تعالى ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله ) وفيه نظران النظر الأول في الموجب وهو السرقة ولها ثلاثة أركان الركن الأول السارق وفي الجواهر شرطه التكليف فلا يقطع الصبي ولا المجنون لقوله عليه السلام ( رفع القلم عن ثلاثة الصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ ) وفي الكتاب لا يحد الصغير حتى يحتلم الغلام وتحيض الجارية أو يبلغا سنا لا يبلغه أحد إلا بلغ قال مالك ويحد بالإنبات قال ابن القاسم أحب إلى أن لا يحكم بالإنبات قال ابن يونس قال محمد إنما يعتبر الإنبات البين الأسود والسن ثمان عشرة سنة وقال بعض البغداديين الاحتلام من المرأة بلوغ وإن لم تحض قال يحيى بن عمر كل شيء بينه وبين الله تعالى يقبل قوله إنه لم يحتلم وما يطلب به من حدو نحوه لا ينظر لإنكاره البلوغ ويحكم بالإنبات كما جاء في الحديث ينظر الى مئزره قال اللخمي ويعتبر في البلوغ حبل المرأة ومتى اعترف الصبي بالاحتلام حد وينظر الى إنبات الجارية النساء وفي الركن ثلاثة فروع الأول في الكتاب يقطع الذمي لأن السرقة من الفساد في الأرض وكذلك الذمية ومن فيه بقية رق والحربي إذا دخل بأمان فإن أفاق المجنون فسرق حالة إفاقته قطع أو أخر إلى إفاقته الثاني قال إن سرق رجل مع صبي أو مجنون قطع المكلف وحده قال أشهب إذا سرق الأب مع اجنبي مال الولد ما قيمته نصاب قال أشهب أو ما يعق على الأجنبي منه أكثر من ثلاثة دراهم لم يقطع الأجنبي لأن الأب قد أذن له فذلك شبهة وكذلك الأجنبي مع عبدك أو أخيك الذ ائتمنته على بيتك لمي قطع واحد منهما قال محمد ذلك إذا كان موضع إذنللعبد في دخوله وإلا قطع الأجنبي دون العبد وإن سرقا نصابا فقط والفرق بين هذا وشركة الأب أن الصبي والمجنون لا يصح انهما قال اللخمي الشركة ثلاثة يسقط القطع عنهما لا يسقط عن الثاني وإن سقط عن الآخر يختلف فيه والأول شركة الأبوين لأنه أذن له من له شبهة وكذلك شركة العبد وإن لم تكن له شبهة إذا لم يكن الموضع أذن له في دخوله لأن القطع لصون المال وقطع العبد ضياعه فلا يقطع شريكه وغن كان الأجير سرق مع الأجنبي من موضع لم يؤذن له في دخوله قطع والثالث شركة الإبن والأجنبي سرقا من والده أو أحد الأجداد إذا ادخله فإن أسقطنا أسقطنا القطع عمن أدخله لم يقطع الأجنبي وإن ليم يسقط عن الإذن قطعنا الأجنبي وكذلك الأجنبي مع الزوجة أو الضيف خلاف وإذا اخرج البالغ أو العاقل سرة والصبي أو المجنون أخرى لم يقطع المكلف إلا أن يكون فيما أخره يصاب وكذلك العبد والأجنبي وإن حملاها بينهما لم يقطع الأجنبي إلا أن تكون قيمتها نصف دينار الثالث في الجواهر يستوي في القطع الحر والعبد والرجل والمرأة وسواء سرق المعاهد من ذمي أو مسلم وإن لم يترافعوا إلينا لأنه من الظلم الذي لا يقر بينهم وفي النوادر إن سرق العبد من متاع امرأة سيده من بيت أذن له في دخوله لم يقطع وإلا قطع إن كان مستسرا قاله مالك وكذلك عبد الزوجة يسرق مال الزوج والمكاتب كذلك وإن سرق عبد مالك فيه شركة مالك لم يقطع وإن سرق عبدك أو مكاتبك أو مدبرك من مال عبدك أو مكاتب أو مدبر لم يقطع لأنه كمالك والحكمة الشرعية تأبى إفساد مالك بالقطع لمالك وفي الحديث ( عبدكم سرق متاعكم ) ومن سرق من مال ابن سيده قطع لاستقلال الملك أو من وديعة عندك من بيت لم يؤمره على دخوله لم يقطع أو من مال لك فيه شرك أكثر من يصيبك بنصاب قال مالك يقطع إن أحرزه الشريك عنك وإلا فلا واختلف فيه قول مالك وروى محمد بن خالد إن سرق العبد ما مال ابنه الحر أو ابنه العبد لا يقطع لأن مال ابنه ماله حتى ينتزعه سيده قال ابن القاسم إن جمعت زكاة لتقسمها بين المسلمين وأغلقت عليها فسرق عبدك منها قطع لأنك لم تأمنه على دخوله والمال للمسلمين قال مالك وإن ائتمنته لم يقطع فال ابن القاسم إن سرق عبيد الخمس من الخمس أو عبيد الفيء ومن الفيء قطعواالركن الثاني المسروق وله ستة شروط الشرط الأول النصاب وفي الكتاب إن سرق زنة ربع دينار ذهبا قطع وإن كانت قيمته درهما وإن نقص الوزن لم يقطع فإن ساوى أكثر من ثلاثة دراهم قطع ( وكذلك الفضة وإنما يقوم غير الذهب والفضة فإن وصلت قيمته ثلاثة درهم قطع ) وإن لم يصل ربع دينار من الذهب وإن ساوى ربع دينار من الذهب ولم يساو ثلاثة دراهم لم يقطع وانم يقوم بالدراهم ودينار السرقة والدية اثنا عشر درهما ارتفع الصرف أو انخفض ووافقنا أحمد أن اصل الورق ثلاثة دراهم وقال ( ح ) النصاب دينار أو عشرة دراهم وبها يقوم وقال ( ش ) النصاب ربع دينار وتقوم الدراهم بالذهب فإن ساوت ربع دينار ذهبا وإلا فلا وكذلك العروض وإن ساوى ربع دينار الذهب أقل من ثلاثة دراهم لم يقطع لنا قوله تعالى ( والسارق والسارقة ) ولم يفرق فلا يشترط الدينار بل يكفي أقل المال ولو فلس وقد قال به جماعة وفي الصحيح قال عليه السلام ( لعن الله السارق يسرق البيضة فيقطع ) وفي الصحيح ( يقطع السارق في ربع دينار فصاعدا ) وفيهما ( قطع عليه السلام في مجن قيمته ثلاثة دراهم ) وفي أبي داود قطع من سرق ترسا من صفة النساء ثمنه ثلاثة دراهم ومذهبنا مروي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وغيرهم من غير نكير فكان إجماعا احتجوا بما روي أنه عليه السلام قطع في مجن قيمته عشرة دراهم وأنه عليه السلام قال ( لا قطع في أقل من عشرة دراهم ) ولأن تعارض الأخبار شبهة توجب سقوط الحد وجوابه الأول القول بالموجب فإن القطع في العشرة متفق عليه ولا يلزم منه أن لا يقطع في أقل منه وعن الثاني أن أخبارنا أرجح للاتفاق على صحتها وموافقتها لظاهر القرآن والراجح لا شبهة معه واحتج ( ش ) بما في الحديث ( لا قطع إلا في ربع دينار ) والدينار اسم للذهب دون غيره فنفي القطع في غيره صريحا وأما قوله ثمنه أو قيمته ثلاثة دراهم فقضية عين يحتمل أنها أصل او أنها وصلت ربع دينار فيسقط ويرجع الى الصريح وهو كما لو قال قيمته عشرة آصع من التمر فيعلم أن الآصع وصلت ربع دينار وإنما خصص الدراهم بالذكر لأنها غالب نقد البلد فلا يكون النصاب إلا الذهب وغيره والجواب على هذا الكلام وإن كان قويا أن عائشة وابن عمر وغيرها من الرواة إنما ذكروا الدراهم لبيان تأسيس قاعدة النصاب فوجب أن تكون هي المعتبرة ولو كان الذهب هو الأصل فقط لعينه الراوي لأنه لا ضرورة الى ذكر غيره ولأن باب الذهب فيه أصل فوجب أن تكون الفضة أصلا أيضا كالزكاة ولهم قلب هذا القياس فيقولون فلا يختص التقويم بالدراهم كالزكاة وبالجملة الموضع محتمل وكلامهم قوي
تفريغ في التنبيهات يختص التقويم بالدراهم كانت المعاملة بالدراهم في البلد أو بالذهب قاله معظم الشيوخ والشراح وقال ابن عبد الحكم يختص النصاب بالذهب كما قال 0 ش ) قال بعض الشيوخ وهو الأصل لظاهر الحديث المتقدم وقال جماعة من البغداديين والمغاربة إن التقويم بنقد البلد كيف كان دراهم أو ذهبا وإن معنى ما في الكتاب محمول على أن المعاملة بالدراهم حينئذ وإن كانت المعاملة بهما جميعا فأكثرهما كسائر التقويمات في المقدمات وقد قال في الكتاب في الذهب أرسلت منه بربع دينار قطع فاعتبر الذهب وفي الشاة إن كانت قيمتها يوم خرج بها ربع دينار قطع فنصوص الكتاب تشير إلى ما قاله هذا القائل قال صاحب النكت التقويم عند مالك بالدراهم في بلد تباع فيه العروض بالدراهم أو بالدراهم والدنانير فإن كان إنما يباع بالعروض فبالذهب ويحمل الحديثان على حالين وقوله إنما تقوم الأشياء بالدراهم والدنانير استحب التقويم بالدراهم ) وقال بعض الصقليين إذا كان البلد لا يتعامل فيه بالنقدين بل بالعروض قومت بالدراهم في أقرب المواضع المتعامل فيها بالنقدين فإن سرق نصف ربع دينار ذهبا ودرهما ونصفا قطع أو عرضا قيمته درهم ونصف وورق أو ذهب نصف نصاب قال ابن القاسم إن نقصت الثلاثة دراهم خروبة لم يقطع لأن نقصانها ربع درهم أو خمس قال أصبغ يقطع في مثل الحبتين من كل درهم قال بعض القرويين إن كان في الدراهم نحاس كثيرا اعتبر ما فيها من الفضة إلا أن يكون النحاس يسيرا جدا والنحاس المكسر عرض يقوم ويكمل بقيمة النصاب قال ابن دينار ويعتبر في المصاع وزنه دون قيمته وقال جماعة من الصقليين تعتبر في الحبي المربوط بالحجارة وزنه دون قيمته وقال جماعة من الصقليين تعتبر في الحلي المربوط بلا حجارة وزنه الحلي وقيمة الحجارة كانت تبعا أو الحلي تبعا نظائر الدنانير خمسة دينار السرقة والدية والنكاح اثنا عشر درهما ودينار الجزية والزكاة عشرة دراهم قال ابن يونس
فرع في الكتاب إن سرق ما قيمته ثلاثة دراهم وهي لرجلين قطع لأنه نصاب وإن سرق ما قيمته ثلاثة دراهم من الطعام الذي لا يبقى كاللحم والقثاء قطع والأترجة التي قطع فيها عثمان رضي الله عنه كانت تؤكل لا ذهبا وقاله ( ش ) وقال ( ح ) لا يقطع لنا عموم الكتاب والسنة والقياس بجامع المالية احتجوا بقوله عليه السلام ( لا قطع في ثمر ولا كثر ) ولأنه يفيد البقاء فضعفت ماليته عن صور الإجماع والجواب عن الأول أن بقية الحديث ( فإذا أواه الجرين ففيه القطع وعن الثاني إنما يرد الفرق على المثبت بالقياس أما عمومات النصوص فلا تخصص بالفروق فإنه يمكن أن يقال في قوله تعالى ( ولا تقتلوا النفس ) مخصص بالرجل أو بالعلماء لأن من عداهم انقص رتبة وقد قطع عثمان في الأترجة وقومها بثلاثة دراهم ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا ولو كانت ذهبا لم تقوم في التنبيهات قيل كانت ذهبا قدر حمصة يجعل فيها الطيب
فرع في الكتاب سارق الماء والحجر إذا كانت قيمته ثلاثة دراهم يقطع وكذلك البازي وكذلك سباع الوحش إن كانت قيمة جلودها إذا ذكيت قبل أن تدبغ نصابا لأن لصاحبها بيع جلود ما ذكي منها والصلاة عليها وإن لم تدبغ
فرع قال إن سرق عبدا فصيحا كبيرا يقطع أو أعجميا قطع وكذلك الصبي الصغير وخالفنا الأئمة لنا عموم الآية والإسم صادق على سارق الصبي الحر وغيره وذكر عند النبي سارق الصبيان فأمر بقطعه وهو نص في التسمية والحكم ولأنه نفس مضمونه بالجناية فيقطع بسرقتها كالبهيمة أو بجامع أنه غير مميز سرق من حرزه أو قياسا على المملوك احتجوا بقوله عليه السلام ( لا قطع إلا في ربع دينار ) وهذا ليس بربع دينار فلا يقطع ولأن الحر لا يحرز في العادة فهو سارق من غير حرز وقياسا على الكبير النائم والجواب عن الأول أنه عام في أفراد القطع مطلق فيما يقطع فيه وقد عين من ذلك المطلق ربع دينار فمفهوم الحصر يقتضي نفي القطع عن غيره فيختص ذلك المفهوم بذلك الجنس وهو الأموال سلمنا عمومه لا كنا نخصصه بالأدلة المتقدمة وبأنه إذا سبقه ابطل نفسه بالبيع وميراثه وحد قذفه وديته وإن كانت أنثى أحل فرجها وأسقط صداقها وقطع ولاية أوليائها وهذا من الفساد العظيم في الأرض أعظم من ربع دينار والفساد قد جعل الله تعالى فيه القطع والقتل في الحرابة وعن الثاني أنه يجعل معه من يحفظه أو في مكان يغلب على الظن أنه لا يفارقه فهو حرز له كالغنم في المراح وعن الثالث الفرق أنه لا يحل ولا يمكن من بيع نفسه بخلاف الصغير قال ابن يونس قال أشهب ذلك إذا كان الصغير لا يعقل وإلا قطع وقال عبد الملك لا قطع مطلقا قال اللخمي إن سرق حلية وهو كبير يحرز ما عليه أو صغير أو معه من يحفظه أو في دار أهله قطع أو صغيرا لا يحفظ ما عليه خارجا عن دار أهله أو فيها والسارق أذن له في الدخول ليقطع قال ابن القاسم أو أخذ على وجه الخديعة أو كابره فيه الأدب إن كان كبيرا ولا صغير علمه وعدمه سواء وفي المنتقى حكى في الجلال روايتين في خلخال الصبي أو شيء من خليته القطع إن كان في دار أهله أو بنانهم والأخرى عدم القطع المطلق ولم يذكر تفصيلا فيحمل على الصغير الذي لا يمنع نفسه
فرع في الكتاب إن سرق ثوبا لا يساوي ثلاثة دراهم فيه دراهم لم يعرف بها قطع في الثوب ونحوه مما عادة الناس الدفع فيه بخلاف الخشبة والحجر لا يقطع إلا فيما قيمته نفسه نصاب قال ابن يونس قال بعض فقهائنا لو سرق خرقة العادة عدم الدفع فيها لزنابها لم يقطع بما فيها إذا لم يعرف به قال إصبغ إن سرق ليلا عصا مفضضة وفضتها طاهرة فيها أكثر من ثلاثة دراهم وقال لم أر الفضة بالليل وظن به ذلك لم يقطع كما لو كانت الفضة داخلها
فرع في الجواهر إن سرق دون النصاب ولم يعلم به حتى سرق قيمته قال أشهب لا يقطع حتى يخرج في مرة ما قيمته ثلاثة دراهم لأنه لم يصدق عليه أنه أخرج نصابا من حرز وقال سحنون وإن كان في فور واحد قطع لأن هذا من وجه الحيلة على أموال الناس فإن أخرج نصابا من حرزين قال عبد الملك لا يقطع كالنصاب في مرتين وإن كان لرجل حانوتان في دار فسرق رجل من واحد درهما ونصفا لم يقطع إن كانت دارا مشتركة وإن أخرج ذلك من الدار كلها قطع ولو لم تكن مشتركة وأخرج ذلك من الدار كلها قطع وإن أخر فيها لم يقطع
فرع قال المعتبر في قيمة المنفعة المقصود من العين عادة وشرعا فيقوم الحمام المعروف بالسبق والإجابة على أنه ليس فيه ذلك لأنه ينمو وتقوم سباع الطير المعلمة بتعليمها وعن أشهب التسوية بينهما وهو نحو قول مالك في قتل المحرم إياه
فرع في الكتاب يقوم السرقة أهل العدل والنظر فإن اختلفوا واجتمع عدلان قطع وإلا فلا يقطع برجل واحد لعظم شأن الحدود قال الطرطوشي قال مالك تعتبر القيمة يوم السرقة لا يوم القطع لعدم الحكم بالقطع والتقويم أم لا فإن تعارض في التقويم عدلان وعدلان حكم بأقربهما الى السداد ووفقنا ( ش ) وقال ( ح ) إن نقصت قبل القطع امتنع القطع ووافقنا على أنه إن نقصت لهلاك بعضها أو هلاكها لا يسقط القطع ومنشأ الخلاف النظر إلى حال النهاية لأنه لو رجع الشهود بطل القطع ونحن نعتبر حال الابتداء بدليل نقصان العين في ذاتها لنا الآية والأخبار المتقدمة في النصاب والقياس على نقصان العين بل أولى لأن حوالة الأسواق لرغبات الناس وهو أمر خارج علن العين ويرجى زواله ولأن القطع شرع زجرا عن الجرأة على الأموال والجرأة حصلت وقت السرقة على النصاب فتعين القطع أحتجوا بقوله عليه السلام ( لا قطع إلا في ربع دينار ) وهذا ليس ربع دينار ولأن القيمة مظنونة فإذا وجدناها نقصت اتهمنا المقومين أو لا فيكون بسببه يسقط الحد ولأنه معتبر انتقض فيبطل كالرجوع عن الإقرار البينة ترجع والجواب عن الأول أن في الحديث للسببية لاستحالة أن يكون القطع مصروفا للنصاب بل معناه لا قطع إلا بسبب أخذ ربع دينار لقوله عليه السلام ( في النفس المؤمنة مائة من الإبل ) أي بسبب قتلها وهو كثير وعن الثاني أن الكلام حيث كان النص لتغير السوق لا مع بقائه وعن الثالث أنه يبطل بنقص العين فغن عرفوا بأن نقصان العين يضمن لحق آدمي فضمن لحق الله تعالى ونقصان القيمة لا يضمن لحق آدمي فلم يضمن لحق الله تعالى أو لأن نقصان العين مضمون على السارق فلما تقرر بدله في ذمته لم يسقط القطع لوجود النصاب بعضه في ذمته وبعضه موجود فلنا حق الله تعالى تعلق بالعين دون القيمة بدليل أنه لو أكل الطعام في الحرز لم يقطع وأما حق الآدمي وهو القيمة فلا يترتب إلا عند عدم العين وعن الرابع أن ما في الذمة غير مسروق والقطع في غير المسروق باطل
فرع في المقدمات إن نقصت الدراهم نقصا لا تتفق عليه الموازين قطع فإن كانت يتعامل بها عددا وتنقص ثلاث حبات كل درهم ففي المدونة لا يقطع وإن جازت لجواز الوازنة خلاف الزكاة والفرق أن الاحتياط أيجاب الزكاة وعدم القطع فيحصل الاحتياط بها الشرط الثاني أن يكون غير مملوك للسارق فلو سرق ماله المرتهن أو من المستأجر أو طرأ الملك بالإرث قبل الخروج من الحرز فلا قطع وفي الكتاب إن ورثه بعد الخروج أو ملكه بهبة أو غيرها قطع وقاله ( ش ) وقال ( ح ) إذا ملكه بسبب من الأسباب سقط القطع . لنا العمومات والقياس على خراب الحرز وهلاك العين أو زنى بجارية ثم ملكها احتجوا بحديث صفوان ( فإنه قال يا رسول الله هو له فقال رسول الله هلا كان ذلك قبل ذلك ) دل على أنه لو وهبه له قبل القطع ووصوله للإمام سقط القطع ولأنه لا يسمى حينئذ سارقا إذا وهبه له كما لو أكل الطعام داخل الحرز ولأنه حد لا يجب مع الملك ( فلا يبقى مع الملك كالضمان بل أولى لأن الضمان لا يسقط بالشبهة والحد يسقط معها وبالقياس على زنا المقذوف وعلى رجوع الشهود فغن الحدود تسقط والجواب عن الأول أن الحديث يقتضي أنه لو ترك رفعه لرسول الله وسكت عن القضية لم يقطع وحصل مقصود صفوان فإنه هاجر فكره أن يقطع مسلم من أجله فتوسل في ذلك بكل طريق فقيل له هلا قبل أن يأتيني به والحديث نص لنا في موضع الخلاف فإن الهبة ما نفعت وعن الثاني أنه إذا أكل لم تتحقق السرقة ( وهي الإخراج من الحرز بخلاف مسألتنا في تحقيق السرقة ) وعن الثالث الفرق أن الضمان هو المطالبة وهي متعذرة مع ما له المعين والحد لا يتعذر مع الملك لتحقق الجرأة سابق وعن الرابع أن زنا المقذوف يورث شبهة أنه كان قبل ذلك يزني فيصدق القاذف وطريان الملك لا يوجب توهم تقدمه ولأن حده لزوال العار وإن زنى ثبت العار وأما رجوع الشهود فيخل بالسبب لأنا ما علمناه إلا من قبلهم وها هنا السبب لم يختل الشرط الثالث أن يكون محترما ففي الكتاب لا قطع في خمر ولا خنزير وإن كان لذمي سرقه مسلم أو ذمي وللذمي قيمته قال ابن يونس قال عبد الملك لا قيمة فيما حرمه الله تعالى وفيه الأدب ولا قطع في كلب الصيد لأن رسول الله حرم ثمنه ولا في جلد الميتة فإن دبغ وقيمة الصنعة دون الجلد نصاب قطع ( قال ابن يونس قال أشهب إن كانت قيمة الجلد المدبوغ نصابا قطع ) وإلا فلا بقال مالك لا يقطع في كلب الصيد والماشية ( وقال أشهب يقطع في كلب الصيد ) والماشية وهو على الخلاف في جواز بيعه قال أشهب يقطع في الزيت النجس إن ساوى في بيعه ثلاثة دراهم قال ابن حبيب إن سرق الأضحية قبل الذبح قطع وبعده لا يقطع لأنها لا تباع وإن سرق لحمها ممن تصدق عليه قطع وإن سرق مزمارا أو غيره من آلات الطرب وقيمته بعد الكسر نصاب قطع وإلا فلا سرقة مسلم أو ذمي من مسلم لأن على الإمام كسرها عليهم إذا أظهروها وإن كان فيها فضة نصاب علم بها قطع وإن سرق دفا أوو كبرا قيمته صحيحا نصاب قطع للرخصة في اللعب به قال اللخمي ما جاز بيعه وملكه قطع به وما لا يجوز بيعه ولا ملكه لا يقطع فيه إلا الحر ففيه قولان وما يجوز ملكه دون بيعه قطعة ابن القاسم فيه دون أشهب وقطع أشهب في لحم الأضحية بعد الذبح لأن المنع من بيعها لحق الله تعالى فأشبه حجارة المسجد وقال أشهب يقوم البازي غير معلم والمشهور أرجح إلا أن يراد للهو ولو قصد بالحمام حمل الأخبار لا اللهو قومت عليه معلمة ويقوم الصنم الخشب مكسورا وعن ابن القاسم أن الكبر والدف كالعود لا يقوم غير خشبه وفي الجواهر أواني الذهب والفضة المحرمة المأمور بكسرها يقوم الذهب والفضة دون الصنعة الشرط الرابع أن يكون الملك تاما قويا احترازا من الشركة ففي الكتاب إن سرق الشريك من مال الشركة مما قد علق عليه لم يقطع وإن أودعاه رجلا فسرق أحدهما منه مما فيه من حصة شريكه نصابا قطع وإلا فلا لأن اختلاط الملك وشياعه شبهة قال ابن يونس وعن مالك إذا لم يأتمنه ومنعه منه وهو بيد أجنبي أو بيد أحدهما وقد حجره عن الآخر قطع فإن سرق عبد من مال شركة بين سيده ورجل فقولان لمالك وقال أشهب إن سرق فوق حق سيده نصابا قطع إن أحرزه شريك سيده عن السيد وإن كان عند سيده لم يقطع قال اللخمي إن جعل الشريكان المفتاح عند رجل فسرق الذي عنده المفتاح وإن كان المفتاح في دار أحدهما خوفا من الآخر قطع المخوف وإلا فلا وفي الجواهر يقطع سارق بيت المال والغنائم وأهراء المسلمين لحقارة ما يستحقه أو لأن الملك لا يحصل إلا بالقسمة وللإمام صرف هذه العين عنه بالكلية ولم يقطعه عبد الملك إلا إن سرق ربع دينار زائدا على سهمه لأنه له فيه شبهة ولا يقطع من سرق من جوع أصابه قال الطرطوشي قال سحنون يقطع سارق بيت المال مطلقا بخلاف المغنم ( لأن بيت المال لا يجب إلا بعد أخذه ولذلك يجري في وطء أمة من بيت المال . . المغنم ) وقال ( ش ) و ( ح ) لا حد مطلقا لشبهة وقاله ( ش ) وقال ( ح ) لا يقطع في الدجاج والإوز وسائر الحيوان إلا أن يدخل العين صنعة كالنجار للخشب صندوقا ووافقنا على الخشب الثمين كالساج والعود ونحوه وعلى الذهب والفضة وإن استخرجا من المعدن لنا العمومات والأقيسة المتقدمة احتجوا بقوله عليه السلام ( الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار ) وعنه عليه الصلاة والسلام ( لا قطع في الطير ولأن المجاز منها يشبه غير المجاز وذلك شبهة وأما الذهب والفضة فليسا على الإباحة لأنها كنت للكفار وقالت عائشة رضي الله عنها كانت اليد لا تقطع على عهد رسول الله في الشيء التافة والماء تافه والجواب عن الأول أن الشركة مختصة بما قبل الإحراز كالغنيمة وبيت المال لتفسيق أخذ شيء منه بعد الحوز والشريك لا يفسق وعن الثاني منع الصحة وعن الثالث أن الأجنبية تشبه الزوجة والحد ثابت إجماعا وعن الرابع أن مال الكافر مباح ومن سرقه بعد حوز المسلم قطع ولأن المعادن لا تملك بملك الأرض لجواز بيع أرض فيها معدن ذهب بذهب وعن الخامس أن التافه جنسه لا قيمته والقطع في القيمة وفي الكتاب يقطع سارق المصحف وقاله ( ش ) ولم يقطعه ( ح ) لنا ما تقدم احتجوا بأنه يمتنع بيعه فهو كأم الولد ولأن فيه شبهة لأن عليه أن يتعلم القرآن فيتعلمه منه أو رأي فيه لحنا فأخذه ليصلحه والجواب عن الأول أنه يجوز بيعه وعن الثاني لا نسلم أن المصحف يتعين التعليم منه وعن الثالث لا نسلم أن اللحن يبيح أخذه بل يقال له فيه لحن فأصلحه الشرط الخامس سلامته من شبهة الاستحقاق وفي الكتاب إن سرق أحد الأبوين من مال الولد لم يقطع أو الجد من قبل الأم أو الأب أحب إلي أن لا يقطعوا لأنه أب ولأن الدية تغلظ عليهم كالأب وليس المسقط النفقة لأنه لا يلزمه نفقة ابنه الكبير ولا ابنته الثيب ولا يقطع لهما ولا يحد في وطء جواريها ويقطع الابن ويحد في وطء الجارية وتقطع المرأة إن سرقت من مال زوجها من غير بيتها التي تسكنه وكذلك جاريتها إن سرقت من مال الزوج أكثر من حقها وحق المرأة والابن في المال كحق صاحب الدين ويشترط في خادمها وخادمه الحجر عليها من بيت المال وإن سرق العبد أو المكاتب من مال السيد لم يقطع لشبهة النفقة أو لقوله عليه السلام ( عبدكم سرق متاعكم ) وفي العتبية إن سرق مال ابن سيده قطع أو السيد من مال عبده أو مكاتبة أو مكاتب ابنه أو عبد أبيه لم يقطع لشبهة الانتزاع يوما ما قاله اللخمي عن أشهب لا يقطع الابن لشبهة الإنفاق كالأب ولا يحد في الزنا وقال ابن القصار يقطع إن سقطت نفقته إلا فلا يقطع كالبكر والذمي فإن سرق من مال أمه أو زنى حد أو ولد الولد من أحد أجداده أو جداته حد وعن أشهب يقطع الجد لعدم النفقة في مال حفيده وعن مصعب يقطع العبد في موضع حجب عنه وإن كان المال في بيت واحد في تابوت محجور عليه فلابن القاسم في قطع أحد الزوجين للآخر قولان ويختلف على قوله في الضيف وعدم قطع الزوجين أحسن إن كان الحجر تحفظا من أجنبي وإن خاف أحدهما الآخر قطع وإن سرق الزوج مما شورها به ولم يبن بها قطع على القول بوجوبه كله لها وعلى القول أنه مترقب لا يحد وفي الكتاب إذا أدخل الضيف داره وبيته فيها فسرق منها لا يقطع وقطعه سحنون إن أخرجه إلى قاعة الدار لأن الدار ليست بحرز للإذن في دخولها والبيت حرز وفي الجواهر لا يقطع مستحق الدين إذا سرق من غريمه المماطل حبس حقه وقال ( ح ) لا يقطع الزوجان مطلقا وكذلك المعتدة المبتوتة والأصهار إذا سرقوا من بيت الأختان والأختان من الأصهار وكل ذي رحم محرم حتى الربيب للمرأة أو الرجل وعند ( ش ) ثلاثة أقوال يقطع الزوجان لا يقطعان يقطع الزوج دون المرأة ووافقنا في الأصهار وغيرهم لنا في القطع العمومات والأقيسة على الإجارة والصديقين والمداين احتجوا بأن العادة أن كل واحد منهما ينبسط في مال الآخر أما المرأة فبالنفقة وأما هو فيحجر عليها في معنى الثلث ويتجمل بمالها ويفترشه ويبتذله ولأن الأوبة فرع المناكحة ولأبوة تمنع القطع فأصلها أولى أو نقول متوارثان فلا يقطع أحدهما للآخر كالابن مع الأب ولقوله تعالى ( ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم ) فذكر الأعمام والعمات والخال والخالات والاخوة والأخوات فتحققت الشبهة في مالهم والجواب عن الأول أن العادة وصول الأجر إليه فلا يقطع إنما النزاع فيما حجر فيه عليه وأما النفقة فمعاوضة كالإجارة وعن الثاني أنه يبطل بجريان القصاص فيها دون الأب وعن الثالث الفرق بأن الأب أقوى لامتناع القصاص فيه دونهما وعن الرابع أن الصديق في الآية وهو يقطع اتفاقا وإنما الآية أذنت في الأكل ولم تأذن في دخول المواضع المحجور عليها وهي صورة النزاع وقال تعالى ( لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ) فتلك الآية فوتها هذه قاعدة الشبهة ثلاثة أقسام في غاية القوة اتفق على اعتباره كالشركة وفي غاية الضعف اتفق على إلغائه كالاجير والصديق وقسم متردد بين القوة والضعف اختلف في الحاقة بأي القسمين الشرط السادس أن يكون محرزا ووافقنا فيه الأئمة وأكثر العلماء وقالوا ليس فيه خبر صحيح وفي الموطأ قال رسول الله ( لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن ) فائدة قال صاحب المنتقى شبه الثمر في اشجار بالخرائط المعلقة وفي التنبيهات الحريسة الماشية في المراعي والمراح بضم الميم موضع مبيت الماشية وقيل منصرفها للمبيت والجرين بفتح الجيم كالأندر للتمر والمجن بكسر الميم الترس هذا الحديث وغيره يشعر باشتراط الحرز مطلقا وإن كان إنما ذكر في هذين خاصة فيكون في غيرها بالقياس وفي هذا الشرط ستة فروع الأول في الكتاب إن كان المسروق وديعة أو عارية أو إجارة قطع لأنه حرز له أو سرق سارق من سارق ما سرقه قطعوا كلهم لأنهم سراق ويقطع سارق ما وضع في أقبية الحوانيت للبيع لأنح حرز لمثله عادة وكذلك المواقف وإن لم يكن هناك حانوت كان ربه معه أو لا سرق بليل أو نهار أو شاة وقفها ربها في سوق الغنم للبيع مربوطة أو لا وكذلك ظهور الدواب وإذا اجتمع في الجرين الحب والتمر وغاب ربه ولا باب عليه ولا حائط ولا غلق قطع لأنه محرز عادة ولا يقطع في المواشي في المراعي حتى يأويها المراح فيقطع وإن لم يطلق على المراح حائط أو غلق ولا يبيت معها أهلها كالدواب في مرابطها المعروفة ويقطع السارق من الحمام إن كان مع المتاع من يحرزه وإلا فلا إلا إن سرقه أحد لم يدخل الحمام مدخل الناس من بابه كالمتسور والنقب فيقطع لأن هذا الوجه ليس مأذونا فيه فيقطع وإن لم يكن مع المتاع حارس وإن جر ثوبا منشورا على حائط بعضه في الدار وبعضه خارج فلا يقطع إن كان إلى الطريق وكذلك إن سرق متاعا من ضيع ومن أذنت له في دخول بيتك أو دعوته لطعامك لم يقطع لأنك لم تحرز عنه وهذه خيانة في التنبيهات اختلف في قوله في الضيف فقيل معناه لم يخرج به ولو خرج من الدار لقطع وقيل معناه وان أخرجه وهو مذهب محمد وقال سحنون يقطع وإن لم يخرج به ومسألة الحمام تشكل على كثير ممن لم يذاكر فيظن أن من لم ينقب لا يقطع بل من دخل وسرق من نقب أو غيره ممن لم يدخل مع الناس داخل الحمام أو اعترف أنه لم يأت ليدخل الحمام بل ليسرق فقط لأن سبب سقوط القطع الإذن في لبس ثياب بعضهم بعض وتنحيتها عن أماكنها ويضع ثيابه مكانها فإذا اعترف أنه ليس من أهل هذا الإذن قطع وقيل إن سرق من الثياب التي في الطيقان قطع كان من الداخلين للحمام أم لا لأنه لم يؤذن في التصرف في الطيقان وإنما هي لمن يسبق إلا أن تكون لهم عادة في التصرف فيها أو تكون كبارا تحمل ثياب جماعة كما توضع على الألواح وفي المنتقى إن وقف صبي عند باب المسجد على دابة فسرق رجل ركابي سرجها قال مالك إن كان الصبي قائما قطع السارق لأن ربها إنما جعل ذلك المكان حرزا بسبب يقظة الصبي فإن كان نائما فلا قطع لعدم الحرز قال ابن يونس ويقطع سارق ما يبسط في المسجد في رمضان للجلوس إن كان معه صاحبه وإن لم يخرج به من المسجد وكذلك ما يعلق في محارس الإسكندرية من السلاح والمتاع إن كان معه ربه قطع وإلا فلا إلا أن ينقب الجدار من ورائه فيقطع كان معه أحد أم لا ولا يقطع في حلي الكعبة للإذن في الجهول وقيل إن سرق الحصر نهارا لم يقطع أو تسور عليها ليلا بعد غلق الباب قطع ويقطع في القمح الذي يجمع في المسجد من زكاة الفطر وإن لم يخرج به قاله مالك وقال ابن القاسم يقطع في ثوب الرجل يكون قريبا منه في المسجد ثم يقوم فيصلي فيتوجه القطع لقبضه قبل أن يتوجه به لأن ذلك حوزه وإن سرق الطعام من المطامير في الفلاة أخفاه صاحبه لم يقطع بخلاف ما هو بحضرة أهله معروف وأسقط القطع في الثوب الذي بعضه للطريق بالشبهة وعن ابن القاسم يقطع كما على البعير واختلف قول مالك فيما على حانوت الصباغ والقصار وقال في الغسال على البحر ييبس الثياب لا يقطع كالغنم في المراعي قال محمد لا قطع في تمر رؤس النخل في الحوائط بخلاف نخلة أو شجرة في دار رجل يقطع وإذا أوى الثمار الجرين قطع إلا في جرين الصحراء ولا حائط عليه ولا غلق لأن الحديث إنما ورد في الجرين الذي أهله حوله يحرسونه وسوى ابن القاسم لعموم الحديث قال مالك في زرع مصر وقرظها يحصد ويترك في موضعه حتى ييبس لا يقطع فيه لأن الحديث اشترط إذا أواه الجرين وكذلك في الزرع يحصد فيجمع في الحائط فيحمل منه الى الجرين يقطع فيه لأنه إذا ضم في الحائط في موضع فهو كالجرين قال اللخمي الحرز ثلاثة ما عليه غلق كالدار والخباء فيقطع من لم يؤذن له والإنسان لما معه أو عليه نائما أو يقظان أو شيء يحرسه ولا خلاف في هذين والثالث لا غلق عليه ولا حارس كافلناء والجبل ففيه اضطراب وإن سرق في الحمام مما يجعل في الحصر لم يقطع لأن له أن يجعل حصيرة معها ويوسع لثيابه وإن سرق من الحارس من ليس له ثياب عنده قطع إلا إن يوهمه أن له عنده ثيابا أو أذن له في النظر لم يقطع للإذن وإن ناوله ثيابه فمد يده إلى غيرها قطع لذهاب الشبهة بأخذه ثيابه وإن أذن له في أخذ ثيابه من جملة الثياب لم يقطع لأنه خائن قال ابن القاسم في الأضياف يسرق أحدهم لم يقطع لأنه بعد الإذن خائن قال محمد إن سلب بعضهم من كم بعض أو سرق رداءه أو نعله لم يقطع لأن الحرز هو البيت لا الكم قال اللخمي وليس بالبين إن سرق من الكم والقطع أحسن لأن كل واحد حرز لما عليه ولأن كل واحد يأمن صاحبه على ما بين يديه ولا يأمنه على كمه ومن هذا سرقة أهل السفينة من بعضهم وعن أصبغ يقطع في حصر المسجد وبلاطه وقناديله قياسا على الباب وقاله مالك سرق ليلا أو نهارا عليه غلق أم لا وإن لم يخرج به من المسجد لأن تلك المواضع أحراز لذلك وعن سحنون إن خيط الحصر بعضها لبعض قطع وإلا فلا واسقط أشهب القطع مطلقا للإذن ورأى مالك أن الإذن ليس من المالك وإنما هو شيء أوجبه الحكم وجعل مالك الكعبة في السرقة مثل المنازل إن سرق حليها وهي مغلقة قطع وإلا فلا ولم يجعلها مثل المساجد ويقطع في بيت القناديل فيه الحصر وغيرها وإن لم يؤذن في دخوله قال عبد الملك إن سرق في الدار نعلا لم يقطع لأنه جعل له تحريكها وإبعادها وجعل له توسعة لنعله قال مالك إن أدخله حانوته فعرضها عليه فسرق لا يقطع لأنه ائتمنه على الدخول بخلاف أقبية الحوانيب وقال عبد الملك يقطع وقال اللخمي الأحوال ثلاثة إن أباح له التقليب في صنف لم يقطع فيه أو من غيره لم يقطع عند مالك وقطع عند عبد الملك وإن لم يؤذن له في الدخول قطع اتفاقا ويقطع في تابوت الصيرفي كان عنده أم لا إلا أن يكون يتقلب به كل ليلة فنسيه لم يقطع قال محمد لا يقطع في القطاني في القفاف أو في أقبية الحوانيت فقام صاحبها وتركها لأنها مما يخف نقلها فلم يجعل لها ذلك الموضع حرزا فقام صاحبها وتركها لأنها مما يخف نقلها فلم يجعل لها ذلك الموضع حرزا وإذا وقفت الغنم للبيع وسرق منها من أذن له في تقليبها لم يقطع وإلا قطع وإن تعامل عليه رجلان أحدهما يسوم ويقلب والآخر يسرق قطع السارق وحده قال اللخمي الأحسن في الشاة الواحدة في السوق إذا ذهب عنها صاحبها عدم القطع مطلقا لأنها لا تثبت وحدها في ذلك الموضع ولأنها مما يخف نقلها واختلف اذا سيقت الغنم من المرعى للمراح أو أخرجت منه للمرعى ومعها من يسوقها هل يقطع لأنها أواها المراح أو لأنها ليست فيه قال مالك في الدواب تكون في الربيع ومعها قومتها لا يقطع فيها لأنه مرعى بخلاف الدابة على باب صاحبها الثاني في الكتاب إن سرق نخلة من مكانها أو شجرة في حائط لم يقطع كالثمار فإن قطع الجذع صاحبه ووضعه في الحائط فهو حرز له فيقطع ويقطع سارق البقل إذا أواه حرزه بخلافه قائما وإن وضع المسافر متاعه في خبائه أو خارجا من خبائه وذهب لحاجته قطع فيه وكذلك فسطاطه مضروبا في الأرض أو احتل بعيرا من قطاره في سبره وبان به أو كفنا من القبر أو حل الطرار من داخل الكم أو خارجه أو أخرج من الخف ثلاثة دراهم أو سرق من محمل شيئا مستترا أو أخذ من ظهر البعير غرائر أو شقها فأخذ منها أو ثوبا من على ظهر البعير مستترا فائدة في التنبيهات الطرار الذي يطر ثياب الناس أي يشقها عن أموالهم ليأخذها والنطرول بفتح النون وضمها وبالنون من أوله وبالأم قال ابن وهب هو جنس من الشب وقال غيره غاسول يشبه الطفل قال ابن يونس قال أشهب إذا قطع الجذع وألقي في الحائط في حرز وله حارس قطع قال محمد إن قطعت للحمل حولها لم يقطع قال ابن القاسم إذا أبعد الراعي بغنمه ودخل عليه الليل في موضع غير مراح فجمعها وبات عليها قطع سارقها لأنه كالمراح قال الطرطوشي أشار عليه السلام إلى اعتبار الحرز في حديث الجرين ولم يبين صفته ووكله إلى اجتهاد العلماء ليعظم أجرهم والقاعدة أن كل ما لا ينص على ضبطه يرجع فيه للعادة كالنفقات وغيرها فحرز كل شيء على حسبه عادة قال مالك القبر حرز لما فيه كان في البيت أو الصحراء يقطع سارقه إن أخرجه إلى وجه الأرض وإن كفن وطرح في البحر قطع آخذ كفنه شد إلى خشبة أم لا ووافقنا أحمد قال ( ش ) إن كان القبر في دار أو في المقابر قطع أو في الصحراء فقولان مبنيان على أن الولي يضمن الكفن فلا يقطع أو لا فيقطع وقال ( ح ) لا يقطع مطلقا لنا العمومات والأقيسة على المنازل وغيرها وقوله تعالى ( ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ) والكفت الستر بالدور كفاة الأحياء والقبر كفاة الأموات وروي عنه عليه السلام أنه قال ( من غرق غرقناه ومن حرق حرقناه ومن نبش قطعناه ) وكتب ابن مسعود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في نباش فأمر بقطعة فقطعه وقطع ابن الزبير نباشا في عرفات وهو محرم فلم ينكر عليه أحد فهو إجماع الصحابة ولأنه حرز تملكه وهو على ملكه فيقطع كالحي وملك الميت إنما يزول علما لا يحتاج إليه بدليل وفاء الدين من تركته ولا تبرأ ذمته بغير ملكه احتجوا بأنه لا يسمى سارقا بل نباشا وعند أهل المدينة يسمى المختفي قالت عائشة رضي الله عنها لعن الله المختفي والمختفية وقال عليه السلام ( لا قطع على المختفي ) ولأن القبر ليس بحرز لأنه لا قفل عليه ولأنه لا تحرز فيه الدنانير كسائر الأحراز ولو دفن معه مال لم يقطع آخذه اتفاقا ولو كان حرزا لكان حرزا لما زاد على الكفن ( المعتاد ولو كفن في عشرة أثواب فسرق الزائد على الكفن لم يقطع ) ولأن الكفن إنما يوضع للبلى لا للحفظ ولو وضع الكفن في قبر بغير ميت لم يكن حرزا له ولو وضع الميت على شفير القبر لم يقطع سارق كفنه فالميت والقبر ليس حرزا والاجتماع لا يزيد على الانفراد ولأنه ليس حرزا للناس لأنه لا يدخل بإذن الولي ولا غيره وإنما هو حرز لله تعالى والخلق عباد الله والعبد لا يقطع من حرز سيده ولأنه مال مدفون فلا يقطع فيه كالبذر والجواب عن الأول أنه سارق لقول عائشة رضي الله عنها سارق موتانا كسارق أحيائنا ويقال في العرف سرق الكفن ولأن السارق الآخذ خفية والنباش كذلك وعن الثاني مجمل الحديث على ما إذا لم يخرجه أو له فيه شبهة جمعا بين الأدلة وعن الثالث أن حرز كل شيء على حسبه فقد يصلح حرزا لشيء دون غيره لأن ضابط الحرز العادة والعادة في الأموال مختلفة اتفاقا وهو الجواب عن الزائد في الكفن والمال مع الميت لأنه خلاف العادة وعن الرابع أنه يقصد حفظه عليه في القبر حتى يبلى فكونه يبلى لا ينافي قصد الحفظ وعن الخامس أن العادة شهدت بأن الحفر لا يكون حفظا للقماش إلا كفوو وأن الكفن وحده خلاف العادة وكذلك الميت على شفير القبر لم تشهد العادة بأن شفير القبر حرز لأن ضابط الحرز ما لا يعد الواضع فيه مفرطا والواضع غي غير القبر مع تركه مفرط وبالضابط تظهر هذه النصوص كلها بأن واضع الميت مع الكفن في القبر ليس مفرطا وغير ذلك يعد مفرطا وعن السادس لا نسلم أنه ليس حرزا للغير بل حرز للميت وبيته كالدار حرز للحي وبيته لقوله تعالى ( ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ) وعدم الدخول بالإذن كعدم الدخول في البيت على الحي العريان سلمنا أن الحرز لله تعالى لكن الكفن للميت فهو كعبد سرق من بيت سيده مال غير سيده يقطع وعندنا إن سرق من بيت ( سيده مال غير سيده يقطع وعندنا أن من سرق من بيت ) الله تعالى ذلك يقطع وعن السابع أن البذر فيه للعلماء ثلاثة أقوال القطع كالكفن وعدمه لأنه لم يوضع للحفظ بل للنبات والفرق بينه وبين الكفن أن كل حبة في حرزها فهو مخرج من كل حرز دون النصاب وهو المختار الثالث إن نزل المسافرون كل واحد على حدة فسرق أحدهما من الآخر قطع كأهل الدار ذات المقاصير ومن ألقى ثوبه في الصحراء وذهب لقضاء حاجته وهو يريد الرجعة إليه ليأخذه فسرقة رجل سرا قطع إن كان منزلا نزله وإلا فلا قال ابن يونس قال أشهب إن طرحه بموضع ضيعة لم يقطع أو بقرب منه أو خبائه أو خباء أصحابه وسرقع غير أهل الخباء قطع قال محمد وأما أهل السفينة يسرق بعضهم من بعض فلا قطع كالحرز الواحد إلا أن يسرق من غير أهل السفينة مستترا فليقطع إذا خرج من المركب الرابع في الكتاب إن سرق من سفينة قطع والسفينة نفسها فيه كالدابة تحبس وتربط إن كان معها من يمسكها قطع كالدابة بباب المسجد وفي السوق وإن نزلوا سفينتهم منزلا فربطوها قطع كان معها صاحبها أم لا لأنه كالحرز لها قال ابن يونس قوله يقطع سارق السفينة يريد إنه من غير أهلها فيقطع إذا أخرجه من السفينة بموضع يصلح أن يرسي بها فيه قطع وإلا فلا لعدم شهادة العادة بأنه حرز لها قال اللخمي إن انفلتت من المرسى لم يقطع فإن أرسى بها في غير مرسى قطعه ابن القاسم دون أشهب ولو كان معها في البر من يحرسها قطع عندهما الخامس في المقدمات الدور ستة دار حجرها ساكنها أو مالكها عن الناس يقطع سارقها إن خرج من الدار ولا يقطع إن خرج من بعض بيوتها ولم يخرج منها ودار أذن فيها ساكنه أو مالكها لخاص كالضيف أو رسول يبعثه ليأتيه بقماشة فيسرق ذلك الخاص من بيت حجر عليه فيه ففي المدونة لا يقطع وإن أخرجه من جميع الدار لأنه خائن لا سارق وقطعه سحنون وإن لم يخرج منجميع الدار إذا أخرجه الى موضع الإذن لشبهه بالشركاء في ساحة الدار أذا سرق أحدهم من بيت صاحبه وأخرجه إلى ساحة الدار وعنه لا يقطع حتى يخرجه من جميع الدار ودار انفرد بساكنها مع امرأته فسرقت الزوجة أو أمتها من بيت حجره عليها أو الزوج أو عبده من مالها المحجور عليه فظاهر المدونة يقطع إن أخرجه إلى موضع الإذن وعن مالك لا يقطع لأنها خيانة ودار أذن فيها أذنا عاما كالعالم والطبيب أو يحجر على بيت منها دون بقيتها يدخل بغير أذن فيقطع من سرق من بيت محجور إذا خرج به من جميع الدار ولا يقطع السارق من قاعتها ولا من غير المحجور من بيوتها اتفاقا حتى يخرج من جميع الدار لأن بقية الدار من تمام الحرز ففارقت الحجر فإنه لا يدخل إلا بإذن صاحبها ودار مشتركة بين ساكنيها مباحة لسائر الناس كالفندق فقاعته مباحة للبيع والشراء فهي كالمحجة فالسارق من البيوت من السكان أو غيرهم إذا أخذ في عاقة الدار قطع اتفاقا ودار مشتركة بين ساكنيها محجورة عن الناس من سرق من بيت صاحبه قطع إذا خرج إلى قاعة الدار ( وإن لم يخرج به من الدار ) ولا أدخله بيته ولا قطع في السرقة من قاعة الدار وإن أدخلته بيته أو خرج به من الدار لأنها مأذون فيها لهم غلا إن سرق من قاعتها دابة من مربطها المعروف لها ونحوه من المتاع الثقيل الذي يجعل بعضه على بعض فذلك الموضع حرز له وإن سرقت زوجته لأحد سكانها أو زوجها أو رقيقها من مال صاحبه من بيت محجور عليه منه قطع اتفاقا أو أجنبي من بيت من بيوت الدار وأخذ في قاعتها وكالثوب المنشور فيخرجه من الدار فظاهر المدونة يقطع في الوجهين والقياس إذا قطع في الوجه الثاني أن لا يقطع في الوجه الأول وعليه حمل عبد الحق ما في المدونة وإذا قطع في الأول أن لا يقطع في الثاني وعليه حمل ما في الموازية فتتحصل أربعة أقوال واختلف إذا سرق أجنبي ما نسى بعض الاشراك في القاعة مما لم يقصد وضعه فيها قطعه ابن القاسم دون محمد فإن كان موضعا له كمربط الدابة قطع اتفاقا إن أخرجه من الدار فإن أخذ قبل ذلك وبان به عن موضعه فعلى الخلاف إذا أخرجه من البيت الى القاعة وفي النكت الدار المشتركة المحجور عليها لغير السكان كدور مصر إن نشر أحد ثوبه على ظهر بيته المحجور عن الناس قطع سارقه وإن أخذ في الدار قاله ابن القاسم قال محمد إن كان السارق من أهل الدار وإلا لم يقطع حتى يخرج من جميع الدار السادس في الجواهر إن علم صاحب الحرز بالسارق فتركه حتى خرج ثلاثة أقول لا يقطع لمالك لأنه مختلس بسبب الإطلاع وقطعه أصبغ وفرق بعض المتأخرين إن شعر بمعرفته ففر لم يقطع الركن الثالث السرقة وهي الإخراج وفيه طرفان الطرف الأول في وجوه النقل وقد تقدم في الحرابة أن أخذ المال عشرة أقسام أحدها المسر وفيه ثلاثة فروع الأول في الكتاب إذا سرق جماعة ما تعاونوا على إخراجه من الحرز لثقله قطعوا إن كان قيمته نصابا وإن حملوه على ظهر أحدهم ليخرج به ولم يقدر على إخراجه إلا برفعهم معه قطعوا وإلا قطع الخارج به وحده لأنه السارق ولا يقطع من أعانه وإن خرج كل واحد بشيء وهم شركاء في المخرج لم يقطع إلا من أخرج يصابا قال ابن يونس قال عبد الملك إن خرجوا بالشيء الخفيف يحملونه كالثوب وفي قيمته لكل واحد ربع دينار قطعوا أو أقر لم يقطعوا لأن كل واحد سرق دون النصاب وقاله مالك قال اللخمي وقيل الخفيف كالثقيل كأن لا يخرجه إلا اثنان فأخرجه أربعة جرى على الخلاف في الخفيف وإذا لم يستطع إخراجها إلا بحمل الجماعة عليه قال أبو مصعب يقطع المخرج وحده لأن غيره متوسل لا سارق خلاف ما في الكتاب ووافقوا إذا حملوها على ظهر دابة أنهم يقطعون وقد اختلف في هذا الأصل إذا قربوه فجره الخارج بيده أو ربطوه فجره بالقطع وعدمه وإن حملوه على صبي أو مجنون فكالدابة وإن أخرجها من غير أن يأمروه لم يقطعوا فإن سرق أحدهم دينارا فقضاه لأحدهم قبل أن يخرجوا من غير أن يأمروه لم يقطعوا فإن سرق أحدهم دينارا فقضاه لأحدهم فبل أن يخرجوا فأودعه إياه قال محمد يقطع من خرج وكذلك لو باعه ثوبا في الحرز ولو دخل رجل على السارق فباعه ثوبا فخرج المشتري ولم يعلم أنه سارق لم يقطع واحد منهما فإن أخذ في الحرز وقد ائتزر بإزار فانفلت به عليه قال ابن القاسم لا يقطع علم به أهل البيت أم لا لأنه مختلس فإن قال كل واحد منهم ما أخرجها إلا الآخر وأنكر الكل وتنازعوا لم يقطعوا ويستظهر في ذلك باليمين رجاء الإقرار إلا أن يكون فيهم من يراد ستره فلا يحلف ويحلف الباقون الثاني في الكتاب إذا جمع المتاع وأردك في الحرز قبل الخروج لم يقطع وإن كانت دار مأذون فيها وفيها تابوت مغلق فأخذ رجل مأذون له متاع ذلك التابوت فأخذ قبل أن يخرج به لا يقطع لأجل الإذن وإن كان ممن لم يؤذن له لم يقطع أيضا لأنه لم يبرح بالمتاع وإذا نقب فأخرج بعود قطع وإن دخل وناول آخر خارجه قطع الداخل وحده أخذ في الحرز أو خارجه لأن المخرج والخارج آلة له وإن أخذ في الحرز بعد أن ألقى المتاع خارج الحرز توقف ليه مالك بعد أن قال يقطع قال ابن القاسم وأنا أرى أن يقطع لأنه يخرج وإن ربطه الداخل بحبل وجره الخارج قطعا جميعا وإن ناول أحدهما صاحبه وهما في الدار لم يقطع إلا المخرج وإن قربه إلى باب الحرز أو النقب فتناوله الخارج قطع وحده لأنه المخرج فإن التقت أيديهما في المناولة في وسط النقب قطعا معا قال ابن يونس قال عبد الملك إذا رمى بالمتاع من الحرز فأتلفه قبل خروجه ففر من الحرز قاصدا لإتلافه كرميه في نار لم يقطع لأنه لم يخرج به من الحرز أو قاصدا أخذه بعد الخروج قطع وإن أخذ في الحرز لأنه قصد السرقة والفرق عند ابن القاسم بين المتناول للسرقة من الداخل لا يقطع الداخل وبيت المار بالحبل يقطع الداخل أن المتناول منه كما لو كانا جميعا في الحرز فناول أحدهما الآخر شيئا فخرج لا يقطع إلا الخارج وربط الجبل من عمل الداخل فقد استويا في الإخراج فيقطعان ورأى أشهب أن المناولة كالرباط قال ( مالك إن أشار للشاة بالعلف لا يقطع لأن خروجها بإرادتها وقطعه ) ابن القاسم لأنه مكره لها بذلك قال اللخمي اختلف في ثمان مسائل تقريبها إلى النقب ويخرجها من هو خارج الحرز والربط لمن هو خارج والربط لمن هو على سقف البيت والرابعة رميها فتؤخذ قبل أن يخرج هو والخامسة يرميها فتهلك خارجا والسادسة أن يسرق بإدخال يده والسابقة الإشارة إلى طائر أو أعجمي بشيء فيخرج والثامنة حمل المتاع وهو في الحرز على غيره وخالف أشهب بالقطع في المقرب للنقب وقطعهما معا وقطع ابن القاسم الخارج وحده إلا أن تلتقي أيديهما في النقب فيقطعان قال محمد إذا لم يبن به على السطح لم يقطع لأن السطح من الحرز كداخله قال مالك في ثلاثة أحدهم في الحرز والآخر على ظهره والآخر في الطريق فناول الأسفل الذي على ظهره وناول الثاني الذي في الطريق قطع الأولان دون الثالث لأنه ليس في الحرز إلا أن يمده يده حتى يصير فوق ظهر البيت فيقطع الكل قال اللخمي قطع الذي في أسفل البيت ليس بالبين لأنه لم يخرج فقطع العلي وحده إذا مد يده ( إلى من في الطريق أو مد الخارج يده ) فوق السطح وقطع مالك في الشاة والأعجمي لأن فعلهما أخرجهما من الحرز ولو كان بالرطانة للأعحمي ومنع ابن نافع في الرطانة إن دعاه فأطاعه بخلاف لو غره كقوله سيدك بعثني إليك الثالث في الكتاب إن أكل الطعام في الحرز لم يقطع وضمنه وإن دهن رأسه ولحيته وخرج وقيمه ما يمكن سلته عنه نصاب قطع لأنه الذي أخرجه وإلا لم يقطع وإن ذبح شاة أو أحرق ثوبا أو أفسد طعاما في الحرز إنما ينظر إلى قيمته بعد الإخراج وقاله ( ش ) وقال ( ح ) لا يقطع لنا العمومات والقياس على إخراجها عنه احتج بأنه لزمه الضمان فلا يقطع فيما لزمه وجوابه أن القيمة إنما تلزم بعد الحكم قال ابن يونس في العبية لو ابتلع دينارا في الحرز وخرج قطع لأنه خرج به ويخرج منه وفي أخذه قال محمد وتضمينه ما يخرج بالثلث وهو نصاب ضمنه في يسره دون عدمه إذ فيه قطع والزائد على ذلك يضمنه في عدمه وملائه ويحاص به غرماءه وفي الموازية إن خرج بالشاة مذبوحة وله مال يوم السرقة يضمن قيمتها حية وإن لم يكن له مال اتبع بما بين قيمتها حية وقيمتها مذبوحة لأن ما أفسده في الحرز من كسر جرة زيت أو حرق ثوب ضمن قيمته إذا قطع له مال أم لا لأنه ليس فيه قطع وإنما القطع في المخرج فإن لم تكن قيمة الجميع نصابا أتبع بالجميع في ملائه وعدمه وإلا إن أراد رب الثوب أخذه محروقا سقط الضمان وإن دخل بثوب الحرز فصبغه بزعفران وخرج به فإن زادت قيمته يوم الخروج نصابا قطع بخلاف الدهن في الرأس لأنه لا يزيد في قمة المدهون وإن كان عبدا ويضمن الزعفران كله في ملائه وإن كان عديما وقد قطع فلا يسقط قيمته الزائد لأنه عين قائمة ولم يهلك الثوب وقيمة باقي الزعفران يأخذه من باقي ثمن الثوب إن لم يكن على السارق دين وإلا تحاصوا ولو أخرج الزعفران فصبغ به خارج الحرز فرب الزعفران أولى بالثوب حتى يقتطع ما زاد فيه الصبغ والغرماء أحق بما بقي من الثوب وإن لم يزد الزعفران في قيمة الثوب وقطع فيه وهو عدم لا ينتفع بشيء منه وغرماؤه أحق بالثوب بخلاف لو سرق ثوبا فصبغه بزعفران نفسه فلم يزده لا شيء عليه لغرمائه مع صاحب الثوب وفيه اختلاف فإن سرق زعفرانا فصبغ به ثوبه فباعه فرب الزعفران أحق بالثوب في عدمه حتى يستوفي ما زاده صبغه على قيمته أبيض وكذلك لو باعه المبتاع من ثان أو ثان من ثالث لأنه عين شبه والبائع متعد بخلاف بائع ثوبه الذي صبغه له الصباغ ليس للصباغ فيه طلب بصبغه لأنه غير متعد في البيع فهو كما لو اشترى سلعة فباعها فإن أسده في الحرز وأخرجه وقيمته نصاب ليس لربه أخذه في الفساد الكثير ويتبعه بما نقص لأنه لا يسلم إليه إلا بعد وجوب القطع وله أخذه بما لزمه داخل الحرز إلا أن يكون على السارق دين فليحاصص وله أخذه في عين الفساد الكثير ويتبعه بما نقص بفعله في الحرز لأنه خيانة قبل السرقة وإن أخرجه وأفسده فسادا كثيرا لا يأخذه وما نقصه عند أشهب بل قيمته يوم سرقه أو يأخذه مفسودا بغير شيء لأنه أحدث ذلك بعد ضمانه وإن سرق أمة عجمية وأصابها عنده عيب مفسد تلزمه به قيمته يوم السرقة فوطئها حد للسرقة والزنا إن كان بكرا وإلا رجم ولم يقطع ولا تصير الأعيان له إذا جنى عليها حتى يقضى عليه بالقيمة وفي الجواهر إن وضع المتاع على الماء فخرج من الحرز أو فتح أسفل المكارح حتى ذهب ما فيه من حب أو وضعه على ظهر دابة فخرجت به قطع لأن ذلك كله من عمله وبه خرج الطرف الثاني المنقول إليه وفي الجواهر لا يقطع بالنقل من زاوية إلى زاوية بل من الحرز إلى ما ليس بحرز النظر الثاني في إثبات السبب وفيه عشرة فروع الأول في الكتاب يسأل الإمام البينة عن كيفية الأخذ والإخراج والمأخوذ فإن كان فيه شبهة درأ الحد في النكت قال سحنون إذا كانوا عالمين بمواقع الشهادة لم يسألوا وإلا سئلوا ومنعه غيره لأن رأي الحاكم قد يكون نفي القطع قال اللخمي إن غابوا قبل أن يسألوا لم يقطع لإمكان الشبهة إلا أن يكونوا من أهل العلم ومذهبهم مذهب الحاكم وكذلك الزنا فإن غاب ثلاثة في الزنا أو واحد في السرقة سئل الباقي قال محمد إن غاب أربعة في الزنا لم يسأل الباقي وليس بالبين الثاني في الكتاب يحبس حتى تزكى البينة فيحد وإن غاب الشهود أو رب السرقة أم لا أو ماتوا أو عموا أو جنوا أو خرسوا وكذلك الحقوق لأن المقصود ثبوت مناط الصدق بالعدالة وإن ارتدوا أو فسقوا قبل الحكم لأن ذلك يدل على سواء سريرتهم قبل ذلك وإن فسقوا أو حدوا بخمر قبل الحد وبعد الحكم أقيم الحد والقصاص وجميع الحقوق لتقدم الحكم ولا تفرق البينة إن كانوا عدولا مبرزين إلا أن يستنكر الإمام في التنبيهات منع مالك من الكفيل لأنه لا كفالة في حد أما بعد الشرط فلازمة أو من الناس في الأمر القريب فيجوز كالسحن وقوله عموا أو خرسوا من سؤال من تمتنع شهاداتهم والمذهب يخبر بها ابتداء وقيل لعله يريد في الزنا وحيث تمتنع شهادة الأعمى وهو يبطل بقوله أو خرسوا قال اللخمي فيها أربعة أقوال التفرقة بين أن يحكم بها فيقطع أم لا فلا وقال مطرف ذلك في حق الآدمي كالقذف والقتل دون حق الله كالسرقة وقال محمد إن أحدثوا بعد الشهادة كالزنا والسرقة والخمر لم يحكم بها بخلاف أن يقذفوا أن يقتلوا قتيلا على نافذة أو اقتتل هو ومن شهد عليه لم تسقط وقضي بها لأنه مما لا يخفيه الناس وقال عبد الملك إن أشهد على شهاداتهم أو سمعت منهم قبل فعادوه فشهدوا عليه بعد العداوة جاز وكذلك كل ما لا يستتر به كالقذف إذا قيدت قبل قال اللخمي وأرى أن لا يمضي بها إذا زنوا أو شربوا وإن كان حكم بها كانت الشهادة بحق الله تعالى أم لا قال ولو نقض الحكم وإن أخذ الحق لا تحد كما لو علم ذلك قبل الحكم وأما الارتداد وما لا يخفيه غالبا فلا ترد الشهادة إذا كانت لآدمي ولا تمضي إن كانت حدا لله تعالى لأن ذلك شبهة الثالث في الكتاب يحرم الكف عن الشهادة إذا رفع السارق للإمام لتعين حق الله تعالى بوصوله إلى نائبه وإن عاينت البينة أخراج المتاع من البيت ولا يدرون لمن هو فلا يشهدون بملكه لرب البيت بل يؤدون ما عاينوا وتقطع يد السارق ويقضى بالمتاع لرب الدار لأن اليد ظاهرة في الملك وكذلك إن عاينوا الغصب وإن شهد أحدهم أنه سرق نعجة والآخر كبشا لم يقطع وكذلك يوم الخميس ويم الجمعة لأنهم لم يشهدوا على فعل واحد في النكت قيل إن اتفقا على عين المسروق لا يضر الاختلاف في اليوم في الغرامة ويغرم قيمة ذلك الشيء وإن اختلفا فيعينه كالنعجة والكبش فللمسروق منه أن يدعي أحد الشهادتين ويقضي له بها قال محمد يحلف مع أي شهادة شاء أو معهما ويقضى بهما فتسقطان قال اللخمي يريد في الكتاب في النعجة والكبس أنه في سرقة واحدة فإن كانا في سرقتين فقال أحدهما سرق أمس كبشا وقال الآخر اليوم نعجة ففي جمع الشهادة والقطع قولان فإن قال أحدهما سرق بالمدينة وقال الآخر بمصر قال مالك لم يقطع لأنهما فعلان قال وفيه بعد الرابع في الكتاب إن قالت البينة قبل القطع وهمنا بل هو هذا الآخر لم يقطع واحد منهما للشك وما بلغ من خطأ الإمام ثلث الدية فأكثر فعلى عاقلته مثل خطأ الطبيب والمعلم والخاتن وإذا رجع الشاهدان قبل الحكم ولهما عذر بين يعرف به صدقهما وهما بينا العدالة أقيلا وإلا لم يقبلا في المستقبل فإن شهد رجل وامرأتان لم يقطع وضمن المسروق فإنه مال ولا يمين على صاحب المتاع إن كان قائما بعينه لاستقلال السبب فإن شهدت على غائب قطع إذا قدم ولا تعاد البينة إن كان الإمام استوفى تمام الشهادة الخامس في الكتاب إن شهدت البينة على إقراره بالسرقة فأنكر وذكر قولا يعذر به أو جحد الإقرار أصلا قبل كالزنا لأنه شبهة وإن أقر عبد أو مكاتب أو أم ولد بالسرقة قطعوا إذا عيبوا السرقة وأظهروها فإن ادعى السيد أنه له صدق مع يمينه وقال مالك في ثوب بيد أمة أدعاه السيد وأجنبي وصدقت الأجنبي قضي به للسيد مع يمينه لأن إقرار العبد على سيده في ماله باطل ويد السيد ظاهرة في ملكه قال الطرطوشي يقبل إقرار الرقيق فيما يلزمه في يديه من حد أو قصاص دون المال وقال ( ح ) يقبل في القطع والمال ويرد المال لصاحبه وعن ( ش ) القولان واختلف أصحابه في محلهما فقيل إذا كانت العين قائمة أما الفائتة فقولا واحد ومنهم من عكس ومنهم من أطلقها وقيل لا يقبل في نفس ولا مال لنا في القطع ظواهر العمومات والقيام على الحر احتجوا بقوله تعالى ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) وقبول إقراره كسب على سيده فلا يقبل وبقوله عليه السلام ( لا يحل مال امرىء مسلم إلا عن طيب نفس منه ) والعبد مال السيد ( ولم تطب به نفسه ) وبالقياس على الإقرار بالقذف واحتج ( ح ) بالقياس على الحر والجواب عن الأول أنه كاسب على نفسه لأنه إنما أقر عليها ولزم بطريق العوض حق السيد فهو كالحر يقر بالقتل فيؤذي أبويه وغيرهما وعن الثاني أن المال ظاهر في المتمحض للمالية وهذا آدمي لمال فيه تبع والأصل عدم تناول اللفظ له وعن الثالث إن الدين يتهم فيه بإضرار السيد أما ما يؤلمه فبشريته تمنعه من الكذب عليها وعن الرابع أن الحر فير متهم والعبد متهم على السيد تفريع في التنبيهات إذا شهدت بالإقرار بالحرابة وهو ينكر أقيل وفي غير الكتاب يقال في الزنا وإن لم يأت بعذر وفي النكت قوله إذا عين الرجل السرقة يريد لا يقبل رجوعه بعد تعييبه كالبينة وإن لم يعين وتمادى على إقراره قطع وإلا فلا في النوادر قال مالك إذا تعلق صبي بعبد وإصبعه تدمي وادعى أنه جرحه فأقر قبل قوله وذلك في رقبته وأما على غير هذا الوجه فلا يقبل إقراره قال محمد لا يتبع بالسرقة المقر بها في رقه ولا بعد عتقه وإن قطع وكذلك إن كانت بينة إذا لم توجد بعينها وقال أصبغ تؤخذ قيمتها مما بيده من مال قال محمد إلا أن يقر بعد العتق أن ثمنها في الذي بيده وما سرق ما لا قطع فيه مما لا يؤتمن عليه بخيانة وما فيه أذن ففي ذمته كإذنك له في دخول منزلك فسرق قال اللخمي اختلف إذا لم يعين السرقة فإن عين فظاهر المدونة يقال لأنه لم يفرق وعن ابن القاسم لا يقال إذا عين ولم يفرق أنه عين أو عرض وعنه ليس في الدنانير تعيين على أصل الذهب أنه لا تتعين ويريد أيضا المكيل والموزون وعن أشهب لا يقبل إقرار العبد بالقتل طوإن عين القتيل إلا أن يكون معه أو يرى متبعه أو نحوه وقيل لا يقبل مطلقا إلا أن يقوم لذلك دليل لأن إقراره يتضمن أذية سيده وإذا قبل في السرقة عاد المقال بين المقر له بالسرقة وبين السيد فإن كان العبد مأذونا له صدق وأعرم ما أقر به أو غير مأذون لم يصدق إلا أن يقول السيد لا أعلم لي فيها حقا والمقر به لا يشبه أن يكون ملك العبد وإن قطع وقد استهلك لم يتبع مع العدم وإن أقر المحجور عليه لم تؤخذ منه السرقة إلا أن يكون مما لا يشبه أن تكون من كسبه فإن أقر أحد تحت التهديد فخمسة أقوال قال مالك لا يؤاخذ قال ابن القاسم فإن أخرج المتاع أو القتيل أقيل إلا أن يقر بعد الأمن أو يعرف وجه إقراره ويعين مثل ذكر أسباب ذلك وبدايته ونهايته وما يعلم أنه فيه غير مكره وعن مالك إن عين السرقة قطع لأن التعيين كالبينة إلا أن يقول دفعتها لفلان وإنما أقررت لما أصابني ولو أخرج الدنانير لم يقطع لأنها لا تعرف وعن أشهب لا يقطع وإن ثبت على إقراره لأن ثبوته خوف العودة للعقوبة إلا أن يعين السرقة ويعرف أنها للمسروق منه ليلا يخرج متاع نفسه ويعترف به ليخلص من العقوبة وعن سحنون يؤاخذ بالإقرار من الرجل وهو في الحبس من سلطان عادل ولا يعرف ذلك إلا من ابتلى بالقضاء قال ابن يونس ( أتى رسول الله بلص اعترف ولم يوجد معه متاع فقال له النبي ما اخالك سرقت قال بلى فأعادها عليه مرتين أو ثلاثا فأمر به فقطع فقال استغفر الله وتب إليه فقال استغفرته وتبت إليه فقال اللهم تب عليه ) وظاهره أنه لو رجع لقبل رجوعه وكل حد لله تعالى يقبل فيه الرجوع إلا أن يأتي بما يشبه البينة من تعيين السرقة أو غيرها وهو من أهل التهم السادس في الكتاب إن أقر فكذبه المسروق منه أو قال هو له أو أودعته أو هبة رجل معي أليه قطع بإقراره لأن الإقرار سبب لا يسقط إلا بسبب شرعي وقوله ذلك ليس سببا شرعيا السابع إذا شهد على الآخر سرا أو أقر بوجه يعرف به إقراره وتعين قطع لحصول المقصود من الكلام وإلا فلا للشك الثامن في الكتاب إن ادعى على رجل بالسرقة لم يحلف إلا من هو متهم فإنه يحلف ويهدد ويسجن لظهور الريبة وإن كان من أهل الفضل أدب المدعى عليه في النكت المتهم ثلاثة مبرز بالعدالة يترك ومعروف بالسرقة يهدد ويحلف ومتوسط بينهما يحلف فقط قال وينبغي أن لا يحلف إلا المتهم فإن كان لا يرمى بعار السرقة ولكنه إن وجد متاع غيره أخذه قال مطرف لا يحلف لأن الدعوى غير مجزوم بها وهو في معنى كلام المدونة قال ابن يونس قال مطرف إن اتهم مجهول الحال سجن حتى يكشف حاله من غير طول ( لأن رسول الله حبس رجلا اتهمه رجل صحبه في السفر بسرقة ) فإن كان مفروقا بالسرقة سجن أطول وإن وجد مع ذلك معه بعض السرقة فقال اشتريته ولا بينة له وهو من أهل التهم لم يؤخذ منه غير ما في يديه وإن كان معروفا سجن أبدا حتى يموت وقاله عبد الملك وأصبغ وعمر بن عبد العزيز وقال أشهب إن شهد عليه أنه متهم سجن بقدر ما يتهم عليه وعلى قدر حاله وربما ضرب بالسوط مجردا وإن كان الوالي غير عد لا يذهب إليه ولا يشهد عنده في النوادر إنما يؤدب المدعي على غير المتهم بالسرقة إذا كان على وجه المشاتمة أما دعوى الظلامة فلا قاله مالك التاسع في الكتاب إن أقر بغير سجنه ثم جحد لم يقطع وغرم المال للمسروق منه لأن الرجوع يؤثر في حق الله تعالى دون حق العبد وفي الجواهر وكذلك إذا رجع في الزنا لا يسقط المهر وإن أقر قطع ولا يقف على دعوى المالك لأنه حق الله تعالى وإن رد اليمين ثبت الغرم دون القطع ويقبل إقرار العبد في القطع ( دون المال في المقدمات للرجوع عن الإقرار ثلاث حالات إن أتى تائبا فها هنا اتفق على وجوب القطع ) عليه وقبول رجوعه إن أتى بشبهة ويختلف إن جحد الإقرار أصلا الثانية يقبل رجوعه وإن جحد الإقرار قولا واحدا وهو إذا لم يتفقوا على قطعه إن أقر بعد أخذه ولم يعين أو بعد الضرب والتهديد الثالثة لا يقبل رجوعه إذا جحد الإقرار اتفاقا ويختلف إذا قال أقررت لأجل كذا وهي الحال التي يتفق على قطعه ويختلف في رجوعه وذلك إن أقر بعد أن أخذ وعين ثم رجع العاشر في النوادر كره مالك للسلطان أن يقول للمتهم أخبرني ولك الأمان لأنها خديعة فإن سبق من الإمام وقامت عليه بينة أو أقر قطعه لأنه حق لله تعالى وكذلك لو قطع عليه الطريق ولا يحكم عليه بقيمة السرقة بل يدفعه لمن فوقه وإن شهد عليه هو ورجل عدل قال أشهب يقيم الحد وإن رفعه للإمام كان أحسن وكرهه محمد
النظر الثالث في أحكام السرقة وهي خمسة عشر حكما الأول في الكتاب سرق مرة بعد مرة قطعت يده اليمنى ثم رجله اليسرى ثم يده اليسرى ثم رجله اليمنى ووافقنا العلماء في تقديم اليد اليمنى لقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إن سرق السارق فاقطعوا يمينه ولأنها آلة السرقة فيناسب إعدامها والتثنية باليسرى قول الجماعة إلا عطاء قال اليد اليسرى لقوله تعالى ^ 0 فاقطعوا أيديهما ) ولأنها آلة السرقة لنا قوله علين السلام ( إذا سرق السارق فاقطعوا رجله ) وقياسا على الحرابة ولأن قطع يده تفويت منفعة الجنس فلا تبقى له يد يأكل بها ولا يتوضأ ولا يدفع عن نفسه فيصير كالهالك والمراد بالآية قطع يمين كل واحد من السارقة والسارق بدليل أنه لا تقطع اليدان في المرة الأولى وفي قراءة ابن مسعود فاقطعوا أيمانهما وهو إما قرآن أو تفسير وإنما ذكر بلفظ الجمع لأن كل مثنى أضيف الى مثنى هو بعضه ليس في الجسد منه إلا واحد ففيه ثلاث لغات الإفراد والتثنية والجمع وهو الأفصح ليلا يجتمع تثنيتان في شيء واحد كقوله تعالى ( فقد صغت قلوبكما ) وتعينت اليسرى في الرجلين لقوله تعالى ( أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) ولأنه أرفق به لتعويضها بحبسه ولو قطعت اليمنى تعذر المشي وقال أحمد و ( ح ) لا تقطع إلا يد ورجل فإن عاد حبس ووافقنا ( ش ) في قطع الأربع وفي أبي داود قال عليه السلام في السارق ( إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ) احتجوا بأن عليا رضي الله عنه أتى برجل مقطوع اليد والرجل قد سرق فقال لأصحابه ما ترون في هذا قالوا اقطعه يا أمير المؤمنين قال قتلته إذا وما عليه القتل بأي شيء يأكل الطعام بأي شيء يتوضأ للصلاة بأي شيء يغتسل من جنابته بأي شيء يقوم على حاجته فرده للسحن أياما ثم أخرجه فاستشار أصحابه فقالوا مثل قولهم الأول وقال لهم مثل قوله الأول فجلده جلدا شديدا ثم أرسله ولأن فيه تفويت جنس فلا يشرع كالقتل والجواب عن الأول أن قوله معارض بقول الصحابة بل هم أرجح لأن يد الله مع الجماعة وعن الثاني الفرق ببقاء الحياة والاغتذاء والحواس وأنواع التعبد بالصوم وغيره فإن سرق ولا يمين له أوله يمين شلاء قطعت رجله اليسرى قاله مالك قياسا على تقدم القطع ثم عرضتها فقال امحها وقال تقطع يده اليسرى وتأول قوله عز وجل ( فاقطعوا أيديهما ) قال ابن القاسم والأول أحب إلي وإن سرق من لا يدين له ولا رجلين أو أشل اليدين والرجلين فاستهلكهما وهو عديم لم يقطع منه شيء ولكن يضرب ويضمن قيمة السرقة وإن سرق وقد ذهبت من يمنى يدين اصبع قطعت يده كما لو قطع يمين رجل وإبهامه مقطوعة فيقطع وإن لم تبق منها إلا أصبع أو أصبعان قطعت رجله اليسرى وإن كانت يداه ورجلاه كلها كذلك لم يقطع وشرب وسجن وضمن قيمة السرقة قال ابن يونس قال مالك يحسم موضع القطع بالنار وقاله الأئمة لما روي ( أن رسول الله أتى بسارق سرق شملة فقال اقطعوه واحسموه ) والقطع في اليدين من مفصل الكوع وفي الرجلين من مفصل الكعبين وكذلك الحرابة وقاله الأئمة لأنه الذي مضى به العمل وعن علي رضي الله عنه من مقعد الشراك في الرجل ليبقى عقبه يمشي عليه وعن أبي مصعب عن سرق الخامسة قتل لحديث ليس بالثابت ومقطوع أصبع من يده يقتص منها وفيها وتلغى الأصابع قال اللخمي اختلف في خمسة مواضع إن سرق ولا يمين له او شلاء أو ذهبت منها أصبعان أو قطعت الشمال مع وجود اليمنى وإن سرق بعد قطع أطرافه ومتى كان أعسر قطعت اليسرى مع وجود اليمنى لأنها كاليمين له فإن كانت اليمنى شلاء قال أبو مصعب تقطع الشلاء لأنها التي يتناولها النص وقال ابن وهب تقطع إن كان ينتفع بها وعلى هذا إن كان أعسر قطعت اليمنى لأنه ينتفع باليسرى وإن ذهب أصبعان قال لا يقطع إلا رجله ويده اليسرى وعنه إن بقي أكثرها قطعت فإن أخطأ الإمام فقطع يسراه مع وجود اليمين قال مالك لا يقطع يمينه لحصول المقصود وقال عبد الملك تعطع لأن الخطأ لا يزيل الحد وعقل الشمال في مال السلطان إن كان هو القاطع وإلا ففي مال القاطع وإليه رجع مالك وإذا قطعت اليسرى في سرقة ثم سرق فعلى قول ابن القاسم تقطع رجله اليمنى ليكون من خلاف وعن ابن نافع رجله اليسرى فإن دلس السارق باليسرى فقطعت اجزأه قاله في الموازية وعلى هذا تكون البداية باليمنى مستحبة وعلى ما عند ابن حبيب لا تجزئه فعلى هذا يكون واجبا لأن فعل النبي عليه السلام وقع بيانا للقرآن وقد قال مالك إن ذهبت اليمنى بعد السرقة بأمر سماوي أو جناية لا يقطع منه شيء لتعين القطع لها وقد ذهبت وعلى القول باجزاء الشمال لا يسقط القطع وإن سرق وقطع يمين رجل قطع للسرقة وسقط القصاص وهو على القول بتعينها للقطع وعلى القول بأن تبدئتها مستحبة تقطع قصاصا وتقطع يسراه أو رجله للسرقة فائدة أنشد المعري ( يد بخمس مئين عسجد فديت ** ما بالها قطعت في ربع دينار ) ( تناقض مالنا إلا السكوت له ** فنستعيذ ببارينا من النار ) فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي رضي الله عنه ( صيانة العضو أغلاها وأرخصها ** خيانة المال فافهم حكمة الباري ) نظائر قال ابن بشير الممحوات في المدونة أربعة إذا ولدت الأضحية فحسن أن يذبح ولدها معها وإن أبى لم أر ذلك عليه واجبا ثم عرضتها عليه فقال أمحها واترك إن ذبحه معها فحسن والحالف لا يكسو امرأته فافتك لها ثيابها من الراهن حنث والمريض لا يجوز نكاحه أو المريضة ويفسخ إن دخلا وكان يقول ولا يثبت وإن صحا ثم قال امحها وأرى إذا صحا ثبت ومن سرق ولا يمين له أو له يمين شلاء قطعت رجله اليسرى ثم عرضها عليه فمحاها فقال تقطع يده اليسرى وبالأول قال ابن القاسم الثاني في الكتاب إن قام أجنبي بسرقة متاع الغائب قطع ( السارق لأنه حق الله وإن قال السارق ربه أرسلني قطع ) وإن صدقه ربه كان في البلد أم لا لأن السبب المثبت لا بد له من سبب شرعي والا سقط وإن أخذ في جوف الليل معه متاع فقال فلان أرسلني آخذ له هذا إن عرف انقطاعه إليه وأشبه ما قال لم يقطع وإلا قطع في التنبيهات قيل معناه أنه اعترف بالسرقة وأخذه خفية وإنما قطع بإقراره ولو قال دفعه إلى ما قطع قاله أو بعمران وغيره وقيل إنما لم يقطع لأنه لم تقم بينة وإلا قطع وإن عرف انقطاعه إليه وفي النكت الفرق بين القائل فلان أرسلني آخذ له هذا وقد أخذ في جوف الليل وبين القائل فلان أرسلني وقد سرقه أن البينة عاينت سرقته ودخوله المنزل بخلاف الأول إنما وجد في جوف الليل ولم تعاين سرقته والأصل في هذا أنه متى عفل فعل الرسول من فتح الباب ونحوه مما يشبه فعل الآمر لم يقطع صدقه رب المال أم لا ( وإن فعل السارق من السور والنقب قطع صدقه رب المتاع أم لا ) قال اللخمي كانت بينهما مخالطة أم لا وكذلك إذا كان مثله لا يرسل لذلك لأنه معروف بالسرقة وإن لم يقم دليل صدقه ولا دليل كذبه وأشكل لأنه لا خلطة بينهما وليس معروفا بالسرقة ولا بالصلاح فإن صدقه لم يقطع لأن التصديق مع الشك شبهة وإن كذبه قطع وإن قام دليل ( كذبه وصاحب البيت غائب قطع ولا ينتظر قدومه لأنه لو صدقه قطع وإن قام دليل ) حتى يقدم فإن صدقه وإلا قطع والذي يؤخذ في جوف الليل بالمتاع وقال فلان أرسلني فإن عرف بانقطاعه إليه لم يقطع فأسقط الحد لعدم البينة بالأخذ واختلف في ثلاثة مواضع هل يحلف إذا أكذبه هل يسقط القطع إذا وجبت عليه اليمين فنكل وحلف السارق واستحق المسروق وهل يسقط إذا صدقه ففي المدونة يحلف المسروق منه أنه ليس متاعه ويقطع فإن نكل وحلف الآخر وأخذ المتاع لم يقطع وفي بعض روايات المدونة يقطع وقيل لا يمين على المسروق منه وقال أشهب يحلف فإن نكل وحلف الآخر وأخذ المتاع لا يسقط القطع لأنه أخذ سرا قال ابن القاسم إن قال السارق أودعتنيه وصدقه لم يسقط القطع وقال ابن دينار لا يقطع لأنه شبهة والأول أحسن إلا أن يتنازعا قبل ذلك فيه وإن نقب وكسر الباب إلا أن يشبه إلا أن يكون ذلك من أملاكه وإن تقدمت الدعوى وأكذبه المسروق منه لم يحلفه إلا أن يأتي السارق بما يشبه وأرى أن يسأل كيف صار إليه فإن قال أودعته وهناك سبب يقتضي خروج متاعه من بيت أو قال غصبني والآخذ صالح لذلك أو قال اشتراه ممن سرقه مني وهو يعلم أنه متاعي وهو يشبه أن يكون عنده من ذلك علم صدق وحلف فإن نكل حلف الآخر واستحق ولم يثبت القطع للشبهة الثالث في الكتاب إذا لم يقم رب السرقة وقد أخذها أم لا لزم القطع لتحقق السبب ولا يعفو الوالي إذا انتهت إليه الحدود وإن قال ما سرق مني وشهد بالسرقة قطع فيه ثم سرقة ثانية قطع ايضا لأنالسبب فعله لا المسروق وإن قام بالسرقة أو الزنى غلإمام أقام الحد إذا ثبت ببينة لأنه نائب الله وهذه حقوق الله بخلاف حد القذف لأنه حق الآدمي فلابد من قيامع ويشفع للسارق إذا كانتمنه السرقة فلتة ولم يبلغ الإمام أو الشرط أو الحرس لما في الصحيحين ( أن صفوان شفع في سارق ردائه بإسقاطه حقه فقال عليه السلام هلا قبل هذا ) وإذا ثبتت السرقة بالبينة فقال أحلفوه أن المتاع ليس لي قطع ويحلف الطالب ويأخذه فإن نكل حلف السارق وأخذه في التنبيهات وإذا أخذ السارق لم يقطع ووقع في كثير من روايات المدونة وحكى اللخمي في بعض الروايات في المدونة يقطع فإن صدقه قطع عند ابن القاسم خلاف ابن دينار وعن ابن القاسم لا يمين على صاحب المتاع وهو أشبه بالأصول الرابع في الكتاب إن سرق وأخذ مكانه أو بعد ذلك ويسره متصل فقطع وقد استهلك السرقة ضمنها فإن كان معسرا يوم قطعت يده أو ذهب يسره ثم قطع موسرا أو سرق معسرا أو قطع موسرا لم يضمن المستهلك وإنما يضمن إذا تمادى اليسر إلى القطع وضمنه ( ش ) واحمد مطلقا ولم يضمنه ( ح ) مطلقا ولا يجتمع القطع والغرم عنده إن غرمها قبل القطع سقط القطع أو قطع قبل الغرم سقط الغرم وقال فيمن سرق مرات يفرم الكل إلا الآخر لأنه قطع بها وقال أبو يوسف قطع بالكل فلا يغرم شيئا وإن كانت العين قائمة درت اتفاقا لنا على ( ش ) قوله تعالى ( فاقطعوا أيديهما ) فجعل حد القطع فرضا وجميع ما يترتب عليه القطع وقال رسول الله ( إذا أقيم على السارق الحد فلا غرم ) خرجه النسائي ولأن إتلاف المال لا يوجب عقوبتين ولنا على الغرم مع اليسار على ( ح ) أن موجب القطع حق الله تعالى وموجب الغرم الإتلاف والأصل ترتب المسببات على أسبابها كالمحرم يتلف صيدا مملوكا يلزمه الجزاء والقيمة والفرق بين اليسار والإعسار أن اتباع المعسر عبوبه له تشغل ذمته والموسر لا عقوبة فيه لجواز أنه باعها وعوضها في ماله بل هو الراجح لأن الأصل عدم غرمها بالكلية ولأنه وفر بها ماله ولأنه جمع بين الأدلة ومثله نفقة الزوجة وقيمة الشقص اعتق لا يضمنان في الذمة بل مع اليسار احتج ( ح ) بما تقدم و ( ش ) بما تقدم وقال ابن عبد البر الحديث المتقدم ضعيف ويحتمل حمله على أجرة القاطع وفي المقدمات لا يلزم إذا أيسر بعد العدم لأن العدم أسقطها عنه وفي المعونة قال بعض شيوخنا التغريم استحسان والقياس عدمه وإلا ضمن مع الإعسار قال وهو قول غير ( ح ) لأن ( ح ) يخير المالك في القطع فلا عزر أو الغرم فلا قطع وهذا يحتم القطع وهذا كله إن كان المسروق نصابا فقطع فيه وإلا ضمن مع اليسر والعسر اتفاقا قال ابن يونس إن قطعت يده وقد استهلكها وبيده مال فقال أفدته بعد السرقة وقال الطالب قبل صدق السارق إلا أن يقوم عليه بالقرب من السرقة فيما لا يكون فيه كسب ولا ميراث وإن استمر ملاؤه من السرقة إلى بعد القطع قيل يغرم وقال أشهب لا يغرم المعسر وقال ابن القاسم يتبع به دينا وإن استهلكها وعليه دين وما بيده قدر الدين فأهل الديون أحق من المسروق منه وما فضل فله قال اللخمي يختلف في ثلاثة مسائل إذا لم تثبت السرقة إلا بشاهد وإذا لم تكن بينة وقال سرقت من غير حرز ( وقال المسروق منه من حرز ) والثالث أن تذهب يمينه بأمر من الله تعلى فقال ابن القاسم يتبع في الذمة وإن كان معسرا يوم سرق أو يوم الحد ومنع أشهب لأن المسروق منه يقر أن حكمه القطع وأنه ظلم في امتناعه من القطع كما لو لم يقطع بعد ثبوت القطع حتى مات فإنه لا يتبع قال اللخمي وهو يتبع على أصل قول ابن القاسم إذا مات ولا يسقط الغرم إلا النكال بالقطع ومثله إذا أقر بالسرقة ثم رجع سقط القطع دون الغرم عند ابن القاسم ويقسط الأمران عند أشهب وإذا باع السرقة فأهلكها المشتري فإن أجاز المسروق منه البيع لم يتبع السارق بالثمن عند مالك إلا أن يكون متصل اليسر من السرقة إلى القطع وإن لم يجز وأغرم المشتري القيمة اتبع المشتري في العسر واليسر فإن كان المشتري عديما رجع المسروق منه على السارق لأنه غريم غريمه فإن كانت القيمة لزمت المشتري بفضل القيمة وإن كان المشتري باع السرقة ( أخذ منه الثمن الثاني أو الثمن الأول وفي الجواهر يلزم الغرم إن استمر اليسر من السرقة ) إلى القطع عند ابن القاسم وعند أشهب إلى حين القيام إليه وإن أعسر بعد القطع وقبل الغرم اتبع عند ابن القاسم دون أشهب وقيل يتبع مطلقا مع العسر واليسر وقاله أبو إسحاق وفي النوادر إذا قطعت أربعته في سرقات أو غيرها اتبع في عدمه عند ابن القاسم لأنه لم يقطع ولم يتبع عند أشهب لأنه موضع قطع وإنما تعذر كما لو مات قبل أن يقطع وإن سرق فلم يقطع حتى زنى فرجم بعد أن أيسر بعد العدم يوم السرقة قال ابن القاسم لا يتبع إن قطع لدخول القطع في القتل وإن سرق ثلاثة ثوبا لرجل فقطعوا ووجد منهم مليء ضمن الجميع لأنهم كالرجل الواحد الخامس في الكتاب لا يحد السكران ( حتى يصحو من السكر ) قال اللخمي ولا يجلد في حد فإن أخطأ الإمام فضربه وهو طافح لم يجزه لعدم النكاية عند الغفلة أو خفيف السكر اجزأه ولو قيل بقطعة حال سكره أتجه لأن ألم القطع يبقى بعد زوال السكر بخلاف الضرب السادس في الكتاب إذا باعها فقطع ولا مال فلربها أخذ قيمتها من المبتاع لأنها عين ماله ويتبع المبتاع السارق بالثمن وإن توالدت الغنم عند المبتاع ( أخذها مع أولادها فإن هلكت عند المبتاع ) بسببه أو باعها غرم قيمتها أو بأمر سماوي فلا شيء عليه لعدم العمد وإن سرقه فصبغه ثم قطع معدما أعطيته قيمة الصبغ وأخذت ثوبك وإن امتنعت بيع وأخذت عن الثوب قيمته يوم السرقة والفاضل له وإن عجز عن الثمن لميتبع لعدمه فإن عمله بظهارة تحته فلك أخذه مقطوعا كما لو سرق خشبة وبنى عليها لأنه عرض البناء للفساد فإن أبيت من أخذه مقطوعا وهو عديم فعلى ما تقدم في الصبغ وإن طحن الحنطة سويقا ولته ثم قطع ولا مال له غيرها وامتنعت من أخذ السويق فكما تقدم في الصبغ يباع ويشترى لك من ثمنه مثل حنطتك لأنها من ذوات الأمثال بخلاف الثوب وإن عمل الفضة حليا أو دراهم وقطع ولا مال له غيرها فليس لك إلا وزن فضتك لأنك إن أخذتها بغير شيء ظلمته فإن أخذها ودفع أجر الصياغة فهو فضة بفضة وزيادة وإن عمل النحاس قمقما فعليه مثل وزنه ولأنه مثلي قال ابن يونس قال محمد إن أهلكها المبتاع فعليه قيمتها ويرجع على السارق بالأقل مما يدفع لصاحبها أو الثمن وإن كان المشتري عديما اتبعه في الذمة فإن أيسر السارق قبله رجعت عليه بأقل من القيمة يوم أهلكها المشتري أو الثمن أو قيمتها يوم سرقها فإن كانت قيمته يوم الأكل أكثر رجع على السارق لأنه غريم الغريم للمشتري وانظر إن أكلها وقيمتها يوم الأكل مثل الثمن وقيمتها يوم السرقة أقل لم يأخذ من السارق الثمن لأنه غريم غريمه وهو لو أخذ قيمتها من المشترى فإن له على السارق الثمن وفي الموازية إن كان للسارق غرماء في مسالة الصبغ فهم أحق بالثمن من صاحب الثوب غلا أن يفضل منه شيء لأنه أسلمه وفات بالبيع وليس لربه نقض بيعه ولا أخذ ثمنه لأنه بعد إسلامه بيع وليس له هو ثمن سرقته بعينها فإن قام ربه فوجده مصبوغا فله أخذه ودفعه له قيمة الصبغ قاله ابن القاسم وعنه لا يأخذه بحال لأن ذلك فوت وخيره أشهب بين القيمة يوم السرقة يأخذها أو يدفع قيمة الصبغ ويأخذ ثوبه أو يكون شريكا بقيمته أبيض وعنه يأخذه أو يدفع قيمة الصبغ ويأخذ ثوبه أو يكون شريكا بقيمته أبيض وعنه يأخذه مصبوغا ولا شيء عليه في الصبغ وإن غصب دارا فبيضها والسويق الملتوث والخشبة تعمل بابا الفرق بينهما وبين الثوب يصبغ أن الثوب قائم بعينه وعن أشهب في النحاس يعمل قمقما يخير ربه في أخذ القمقم وإعطاء قيمة الصنعة أو يغرمه مثل وزنه نحاسا قال سحنون كل ما غير حتى صال له اسم غير اسمه ليس لربه أخذه بل قيمته أو مثله في المثليات وقال عبد الملك في الفضة تعمل حليا أو النحاس آنية أو الثوب يصبغ أو يجعل ظهارة لجبة أو الخشبة بابا أو الحنطة تطحن وكل ما اثر فيه ولا يقدر على أخذ صنعته إلا بالشركة فلربه أخذه بالصنعة بغير غرم نقضه ذلك أو زاده لقوله عليه السلام ( ليس لعرق ظالم حق ) أو يضمنه القيمة وكذلك الغصب وإن سرق عصفرا لرجل وثوبا لآخر وصبغه بذلك لم يقطع وله مال يوم السرقة لزمه قيمة الثوب ومثل العصفر وإن لم يكن له مال تحاصصا في ثمنها هذا بقيمة ثوبه والآخر بقيمة العصفر والفرق عند ابن القاسم بين صبغ الثوب وبين النحاس قمقما أن الثوب ليس مثليا ومثل النحاس يقوم مقامه السابع في الكتاب إذا ثبتت السرقة فقطع رجل يمينه لم يقتص منه لأنه عضو مستحق للقطع ونكل لجرأته على الإمام وأجزأ ذلك السارق ولو فعل ذلك قبل عدالة البينة فعدلت كان كما تقدم وإلا اقتص منه لأن العضو معصوم وإذا أمر القاضي بقطع اليمين فغلظ القاطع فقطع يساره اجزأه لحصول النكال ولا شيء على القاطع لأنه كالحاكم وإذا قطعت يمين السارق فهو لكل سرقة تقدمت أو قصاص وجب في ذلك العضو وكذلك الحدود قال ابن يونس إذا قط رجل يده بعد ثبوت السرقة عوقب للتعمد ولا دية في الخطأ وكذلك المحارب إذا قتل ومسألة القاطع يغلط مروية عن علي رضي الله عنه وقال عبد الملك خطأ الإمام لا يزيل قطع اليمنى فتقطع وعقل اليسرى في مال الإمام إن باشر أو القاطع دون العاقلة أو في مال المسروق منه إن قطع هو بغير أمر الإمام إن باشر أو القاطع دون العاقلة أو في مال المسروق منه إن قطع هو بغير أمر الإمام وإن يمنه عوقب هو فقط وفي الجواهر إذا بادر الجلاد فقطع اليسرى عمدا اقتص منه والحد باق وكذلك لو فعل ذلك الإمام ويجزيء في الغلط ورجع مالك إلى عدم الإجزاء وتقطع اليمنى والعقل في مال القاطع وإذا فرعنا على الأول ثم سرق قطعت رجله اليمنى والعقل في مال القاطع وإذا فرعنا على الأول ثم سرق قطعت رجله اليمنى عند ابن القاسم واليسرى عند ابن نافع الثامن في الكتاب إن ولا مال له إلا قيمة السرقة فغرمها ثم قام قوم سرق منهم ( مثل ذلك فإن كان من وقت أن سرق منهم ) مليا بمثل الذي غرم الآن بحاصص بها في ذلك دون ما قبلها لأن العدم أسقطها وإن لم يحضروا يوم القطع كلهم فللغائب الدخول عليهم كغرماء المفلس قال ابن يونس إن سرق لرجلين أحدهما غائب قضي للحاضر بنصف قيمتها إن كانت مستهلكة فإن قدم الغائب والسارق عديم وكان يوم القطع مليا بقيمة الجميع رجع على شريكه بنصف ما أخذ ولا يتبع السارق بشيء كالدين لكما على رجل من شركة يقبض أحدكما حصته وصاحبه غائب والفرق بينها وبين الكفالة إذا قضي للشريك بحقه والغريم مليء بحقهما فيقدم الغائب لا يدخل على شريكه أن السارق لم يأمنه المسروق منه على بقاء ما وجب له في ذمته وكان يجب أن القاضي يوقف نصيب الآخر فلما غلط صارت قسمة غير جائزة وفي مسألة الكفالة صاحب الدين هو الذي ائتمن الغريم على بقاء دينه في ذمته فالقسمة جائزة بلا رجوع للغائب على القابض إذا حكم له القاضي بقبض نصيبه وأبى أبو محمد أن يكون معنى مسألة السرقة أنه قبض حصته بغير حكم حاكم قيل له قد مثلها بالدين فقال إنه مثلها به ليفهم أن للشريك الدخول التاسع في الكتاب إذا خيف عليه الموت من الحد لحر أو برد أو خوف قال ابن يونس قال مالك يقطع في شدة الحر لأنه ليس بمتلف وإن كان فيه بعض الخوف لأنه حق لزمه وإن مات فيها وإنما يتعاهد في البرد قال محمد يقطع المحارب في البرد الشديد بخلاف السرقة لأن الإمام لو قتله جاز العاشر في الكتاب إن سرق وقتل عمدا كفر القتل فإن عفا الولي قطع وإن سرق وقطع يمين رجل قطع لسرقة فقط لتعذر العفو فيها ولا شيء للمقطوع يده كما لو ذهبت يد القاطع بأمر سماوي أو سرق وقطع يسار رجل قطع يمينه للسرقة ويساره للقصاص لإمكان الجمع وللإمام جمع ذلك عليه وتفريغه بقدر الخوف عليه وكذلك الحد والتعزير وإن اجتمع حد الله تعالى وحد العباد بديء بحد الله تعالى لتعذر العفو فيه فإن عاش حد حد العباد وإن مات بطل ذلك ويجمع الإمام ذلك عليه أو يفرقه بحسب الخوف عليه قال اللخمي إن كانا لق قدم أكثرهما كحد الزنا مع الشرب إلا أن يخاف عليه في المائة فيحد للخمر فإن ضعفت البنية عن الحد الواحد ضرب المأمون ثم يستكمل وقتا بعد وقت فإن فرغ جلد الزنا جلد للخمر وإن كانا للعباد نحو قطع هذا وقذف هذا اقترعا فإن كان يقدر على أحدهما دون الآخر أقيم عليه الأدنى من غير قرعة ويقدم حق الله تعالى إلا أن يقدر على حق الآدمي فقط فيقام وأخر حق الله تعالى لوقت الأمن فإن خيف منه دائما بديء به مفرقا ثم حق الآدمي قال الطرطوشي إذا اجتمع قتل في حرابة أو غيرها وقود قدم حق الله تعالى وتظهر فائدة ذلك أنه لا ينتظر في القتل حضور الولي وأنه يقبل بالحجارة في الزنا وبالسيف في الردة وقد يكون قتل الآدمي بالحجارة أما لو قطع في السرقة ثم قطع يمين جل فعليه دية اليد لأنه يوم قطعها لم يكن له يمين بخلاف ما تقدم ومتى اجتمعت الحدود كلها مع القتل سقطت بالقتل إلا القذف فإنه يجلد ثم يقتل وقال ( ش ) و ( ح ) حق الآدمي مقدم لنا أن حق الله تعالى أقوى لتعذر العفو ولأنه قد يتغلظ كالقتل بالحجارة في الزنا وعلى أصل ( ح ) لا قصاص إلا بالسيف وينكل المرتد ويمثل به بخلاف القصاص واحتجوا بأن حق الآدمي أقوى لأن حق الله تعالى يسقط بالشبهة وبرجوع المقر وبالتوبة قبل القدرة في الحرابة ولو كانت عليه زكاة وكفارة وحج قدم دين الآدمي ( على الحج ويرث الوارث مع حقوق الله دون حق الآدمي ) وحق الله تعالى يسقط بالعفو من مالكه ويظهر ذلك في الدار الآخرة والجواب أنا إنما رجحنا بين حقوق وجبت أما مع الشبهة فلم يجب شيء وكذلك الرجوع عن الإقرار ثم ما ذكرتموه دليل القوة لأنه كلما كثرت شروط الشيء كان أقوى لأن الزنا أقوى في الثبوت من القتل لاشتراط أربعة عدول والنكاح أقوى من البيع لاشتراط الولي والشهود والصداق فاشترط عدم الشبهة وعدم رجوع المقر دليل القوة وأما العفو في الآخرة فلا مدخل له لأنا إنما تكلمنا في القوة في حال الدنيا على أن حقوق العباد قد تسقط بالشبهة لأن عمد الخطأ لا قود فيه عندكم وعندما في إحدى الروايتين وقتل الابن لأبيه وأما الزكاة فالدين يسقطها عن العين وهي في المناسبة مقدمة على دين الآدمي والكفارات لها أبدال إن كان فقيرا يعوضه الصوم وأما الميراث فمشترك لأن الوصية والتدبير لا تمنع ملك الوارث مع أنا إذا علمنا أن الزكاة عليه لم يفرط في إخراجها قدمت على الميراث مثل أن يقدم عليه مال لم تؤد زكاته أو يموت صبيحة الفطر وأما الحج فمتعلق بالبدن لا بالمال فسقط كما يسقط بعجز البدن في الحياة الحادي عشر في الكتاب إذا سرق فقطع فيه ثم سرقه ثانية قطع أيضا وقاله ( ش ) وقاله ( ح ) إن سرقه من المالك الأول لم يقطع وإلا فعندهم قولان وأصل المسألة النظر إلى تعدد الفعل أو إيجاد محله فالقطع عندنا مثالة السرقة وهي الإخراج وعنده مثاله المسروق وهذا إذا قطع عندهم لم يغرم وإذا غرمها لم يقطع لنا العمومات المتقدمة والقياس على المرة الأولى كما لو تكرر الزنا على المرأة أو بالقياس على الغزل يقطع فيه فرده ينسج فسرقه فإنه يقطع احتجوا بأنه لو قطع لساوى تكرر الزنا في المرأة ولا يساويه لأن الزنا لا يتعلق باستيفاء المنفعة والمنفعة الثانية عين الأولى والقطع بالعين وهي متحدة ولأن الفعل والعين يعتبران لأنه لو فعل في دون النصاب لم يقطع أو سرق نصابين بفعل واحد فقطع واحد لعدم تعدد الفعل وإن كان لابد منهما وقد تعذرت العين فبطل القطع ولأنها عين يقطع فيها فلا يتكرر فيها بتكرر السبب كالقذف والجواب عن الأول أن سبب القطع عندنا تكرر الفعل بشروطه لا العين وعن الثاني أن العين معتبرة في الفعل في كونه نصابا مع بقية الشروط أما اعتبار كونها لم تسرق قبل فهو محل النزاع وعن الثالث أنه إذا قذفه بعد الحد تكرر الحد كالسرقة فهذا فرق تمهيد الأصل تفاوت العقوبات بقدر تفاوت الجنايات بدليل الزنا مائة والقذف ثمانون والسرقة القطع والحرابة القتل وأنواع التعازير ونظائره كثيرة وقد استثنى من ذلك أمور فسوى الشرع بين سرقة ربع دينار وآلاف الدنانير وشارب قطرة خمر وشارب الكثير في الحد مع تفاوت مفاسدها جدا وعقوبة الحر والعبد سواء مع أن جريمة الحر أعظم من أن العبيد إنما ساووا الحر في السرقة والحرابة لتعذر التبعيض بخلاف الجلد واستوى الحرج اللطيف الساري للنفس والعظيم في القصاص مع تفاوتهما وقتل الرجل الصالح البطل العالم والصغير الوضيع الثاني عشر في النوادر إذا سرق ثم دره لحرزه قطع لتحقيق السبب الثالث عشر قال إن سرق ببلد فوجد ببلد آخر ليس لربه أخذه إلا ببلد السرقة إلا أن يتراضيا على ما يجوز في السلف كما تقدم في الغصب وكذلك المثلي فالملك له مثله لا قيمته وخيره أشهب الرابع عشر قال إن صالحته قبل الوصول للإمام ثم رفعته رجع بما صالحته به إن كان الصلح على الرفع فإن كان على المال فلا قاله ابن القاسم وإن ادعيت عليه وصالحته على الإنكار فأقر غيره بالسرقة قطع المقر ورجع عليه المنكر بما صالح به وإن كان عديما لا يتبع ولا يرجع المنكر على المطالب لأن الثاني أقر وإن كان عديما فرجع عن إقراره قبل القطع سقط الحد واتبعه المنكر بما صالح به والمسروق بقيمة سرقته وإن أقر لك وأنت ذاهب به للإمام أو صالحته ثم رجع عن الإقرار والصلح وقال خفت السلطان قال أصبغ إن كان السلطان تخشى بوادره لم يلزمه أو المأمون الزمه وعلم أنه قاتله فقتله قتل به ) لما في الحديث في الرجل يجد مع امرأته رجلا إن قتله قتلتموه الحديث وإن خرج وقاتلك والمتاع معه فقتل قال أصبغ هو هدر ولا دية وإن لم يكن معه المتاع وإنما يطلب النجاة ففيه الدية إن قتل بموضع سرق وغلا فالقود لأنه لا متاع معه ولا هو موضع يخاف من شره وإن أمرته فقتله ففيه القود معه متاع أم لا
الجناية السابعة حد الشرب والنظر في الموجب والواجب
النظر الأول في الموجب وهو شرب القطرة مما يسكر كثيره اختيارا من مكلف مسلم وقد تقدم في كتاب الأشربة ( أكثر فقها ) ونذكرها ها هنا ما يتعلق بالحد وفيه خمس مسائل الأولى في الكتاب من شرب خمرا أو نبيذا مسكرا وإن قتل سكر أم لا حد ثمانين جلدة أو شهدت عليه بينة أن به رائحة الخمر عصير عنب أو زبيب أو نبيذ أو تمر أو تبين أو حنطة أو الأسكركة قيل أو يجعل خبز في نبيذ يومين قال كرهه مالك في قوله الآخر في التنبيهات الأسكركة بضم الهمزة وسكون السين وضم الكاف الأولى وفتح الثانية وبينهما راء ساكنة وضبطناه أيضا بالسين المضمومة هو شراب الذرة والجذيذة بجيم مفتوحة وذالان معجمات أولهما مكسورة بينهما ياء ساكنة هو السويق والجذاذ التقطيع قال الله تعالى ( فجعلهم جذاذا ) والبسر المذنب الذي أرطب بعضه من جهة ذنبه فإن أرطب من جانبه فهو فوكة وفي النكت إن شهد اثنان أن الذي به رائحة خمر ( واثنان أنها ليست رائحة حد كقوله في كتاب السرقة إذا اختلف المعولون قال ابن يونس الأسركة ) شراب القمح الثانية في الجواهر يحد حديث العهد بالإسلام وإن لم يعلم التحريم قال مالك وأخصابه إلا أن ابن وهب قال في البدوي الذي لم يقرأ الكتاب ويجهل هذا لا يحد لنا أن الإسلام قد قشا فلا يجهل ذلك فإن علم التحريم وجهل الحد حد اتفاقا ولا حد على الحربي والذمي والمجنون والصبي ومن تأول في المسكر من غير الخمر ورأى حل قليلة حد قاله القاضي أبو الوليد ولعل هذا في غير المجتهد العالم أما المجتهد العالم فلا يحد إلا أن يسكر وقد جالس مالك سفيان الثوري وغيره من الأئمة ممن يرى شرب مباحا فما دعا للحد مع تظاهرهم بشربه ومناظرتهم عليه تمهيد قال مالك أحد الحنفي في قليل من النبيذ ولا أقبل شهادته وقال ( ش ) أحده وأقبل شهادته أما مالك فبنى على أن الفروع قسمان ما ينقض فيه قضاء القاضي وما لا ينقض فينقض في أربعة ما خالف الإجماع أو القواعد كالشرحية في الطلاق أو القياس الجلي أو النص الواضح كالنبيذ فإن النصوص متضافرة بأن ما أسكر كثيره فقليله حرام والقياس على الخمر جلي وما ينقض فيه قضاء القاضي لا يصح التقليد فيه ولا يثبت حكما شرعيا لأن ما لا نقره إذا تأكد بقضاء القاضي لا نقره إذا لم يتأكد فلذلك رددنا شهادته وأبطلنا التقليد وأما ( ش ) فأثبت التقليد بانتقاء العصيان وأمام الحد لأن العقوبات لدرء المفاسد لا للمخالفات بدليل تأديب الصبيان والبهائم استصلاحا لها من غير عصيان ويرد عليه أن ذلك يسلم في غير الحدود من العقوبات أما الحدود بعدد فلم نعهده في الشرع إلا في معصية ولا يحد المكره ولا المضطر لإساغة الغصة لأنه مباح حينئذ لإحياء النفس الثالثة قال يحرم التداوي بالخمر والنجاسات وأما الدواء الذي فيه خمر تردد فيه علماؤنا وقال القاضي أبو بكر والصحيح التحريم لقوله عليه السلام ( إنها ليست بدواء ولكنها داء ) الرابعة قال إن ظنه غير مسكر شراراآخر لم يحد وإن سكر كما لو وطىء أجنبية يظنها امرأته لا يحد الخامسة قال لا يحد حتى يثبت الموجب عند الحاكم بشهادة رجلين أو إقرار أو شهد بالرائحة من يتيقنها ممن كان شربها حال كفره أو فسقه ثم انتقل للعدالة وقد يعرف الشيء إذا الرائحة كالزيت والبان وغيرهما ولولا ذلك لم يحد سكران إذ لعله سكران من علة وقد حكم به عمر رضي الله عنه وقبل فيه شهادة العدول وهو قول عائشة وابن مسعود ويكفي في الشهادة أن يقول شرب مسكرا قال ابن يونس ولا بد في الشهادة على الرائحة من شاهدين ولا يكفي الواحد إلا أن يقيمه الحاكم فيصير كالترجمان وغيره يقبل وحده قاله أصبغ وفي النوادر وإن أشكلت الرائحة على الإمام وهو حسن الحال تركه ( أو سيء الحال استقرأه ما لا يغلط في مثله مما يصلي به من المفصل فإن اعتدلت قراءته تركه ) وإلا حده وإن شك في ذلك وهو من أهل التهم حد فيه للتهمة وعن مالك إن شك في الرائحة أهو مسكر أو غيره أو أخذ على مشربة ولم يسكر ولم يعرف ما ينبذهم وهو معتاد لذلك ضرب سبعين ونحوها وإن لم يكن معتادا بخمسين ونحوها عبدا كان أو حرا لأنه تغرير ويعاقب من حضر المشارب وإن قال أنا صائم قال ابن القاسم ويختبر الإمام السكران بالرائحة وغيرها لأنه حد انتهى إليه قال أصبغ إن ظهرت أمارات السكر وإلا لم يتجسس عليه وإن شهد عليه بغير الخمر حده وفعله عمر رضي الله عنه وقالته عائشة وغيرها لأن الأصل عدم الإكراه قال ابن القاسم إن شهد أحدهما أنه شرب خمرا والآخر أنه شرب نبيذا مسكرا حد لاجتماعهما على أصل السبب فإن شهدت البينة فحلف بالطلاق ما شرب ولا يطلق عليه وخالفه الأئمة في الرائحة فلم يحدوا بتحققها لأنه قد يتمضمض بالخمر للدواء ويطرحها أو يظنها غير خمر فلما حصلت في فيه طرحها أو كان مكرها أو أكل نبقا بالغا أو شرب شراب التفاح فإن رائحته تشبه رائحة الخمر وإذا احتمل فالحد يدرأ بالشبهة والجواب أن الأصل عدم الإكراه وإن الشرب أكثر من المضمضة وغيرها والكلام حيث تيقنا أنه ريح خمر لا تفاح ولا نبق النظر الثاني في الواجب وفي الكتاب وهو ثمانون جلدة وتتشطر بالرق ووافقنا ح وأحمد وقال ش أربعون وللإمام أن يزيد عليه تعزيرا لنا أن النبي عليه السلام ضرب في الخمر بالنعلين فلما كان في زمان عمر رضي الله عنه جعل مكان كل نعل سوطا وفي الدارقطني لما ولي عمر رضي الله عنه استشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن اجعله أخف الحدود ثمانين وقال علي في المشورة إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فحدوه حد المفتري ولم ينكر أحد فكان إجماعا وروى ابن سعد عن عباس حد الخمر ثمانون ولأنه حد العبد فلا يكون حدا للحر كالخمسين ولأنها جناية على العقل مضيعة لمصالح الدارين فلا تقصر عن القذف الخاص بشخص واحد ولأن الزائد على الأربعين يجوز كالمائة فيكون حدا وإلا لم يجد كالزيادة على المائة في الزنا والثمانين في القذف احتجوا بما في مسلم أن عليا في زمان عثمان رضي اللهعنهما جلد الوليد بن عقبة أربعين بأمر عثمان ثم قال جلد النبي أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة ولأنه حد لجريمة فتختص بعدد لا يشارك فيه كالزنا والقذف والجواب عن الأول أن رسول الله لم يضرب على وجه التحديد وإلا لما خالفته الصحابة رضي الله عنهم بل وكله للاجتهاد وما ذكرناه راجح في الاجتهاد لما تقدم وعن الثاني بالقلب فنقول فوجب أن لا يختص بأربعين كالزنا والقذف تفريغ في الجواهر وكيفية الجلد ضرب بين ضربين بسوط بين سوطين في زمان بين زمانين في الحر والبرد ويضرب قاعدا ولا يربط ولا يمد ويخلى له يداه ويضرب على الظهر والكتفين دون سائر الأعضاء وتضرب المرأة قاعدة وعليها ما يسترها ولا يقيها الضرب واستحسن أن تقعد في قفة والمستند تقدم بيانه في الحدود ويوالي بين الضرب ولا يفرق على الأيام حتى تحصل الحكمة بالنهاية إلا أن يخشى من تواليه هلاكه ولا يجلد حال سكره حتى يدرك الألم ولا المريض إن خيف عليه ويؤخر للبرد في النوادر ورواه أشهب أن مدمن الخمر يحد ويلزم السجن إن كان خليعا وقد فعله عامر بن الزبير بابن له قال مالك إن أخذ في الأسواق أدى الناس يوصل به إلى المائتين ويعلن ذلك ويشهر بذلك بحاله ويقام الحد في الحرم ويختار للضرب الرجل العدل لا القوي ولا الضعيف ويضرب قدام القاضي احتياطا ويطاف بالفاسق المدمن ويعلن أمره ويفضح قال ابن القاسم وضرب المرأة دون الرجال ويجلد السيد عبده إذا شهد عدلان عنده ويحضر لجلده رجلين أن يعتق ثم يقذف وقد تقدم تقيم المرأة الحد على مماليكها وإن ادعت المرأة الحمل أخرت حتى يتبين أمرها والشارب في رمضان جلد وعزر للشهر قاله مالك قال محمد وإن رأيت معلنا رفعته للإمام ويستر على صاحب الزلة قال مالك إن رأيت جارك على ذلك تقدم إليه وانهه فإن لم ينته ارفعه للإمام وإن دعي الإمام لبيت فيه فسق أجاب إن كان تقدم إليهم في النهي وإلا فلا وإن كان مع الإمام رجلان فرأوا حدا لم يسعه الستر لأنه ثبت حينئذ عنده وإن كان واحدا فله ستره ما لم يكن معلنا فيرفعه لمن فوقه فإن أنهى إليه أن فرانا سكران أو على حد ولم يصح عنده أو بحضرته فلا يرسل خلفه إلا المعلن وإن بلغه أن في بيت فلان وهو مشهور بالفسق كشفه وتعاهده ذكر عنه أم لا وله نقله من مكانه وتشريده وغير المشهور ولا يكشفهكتاب موجبات الضمان
والنظر في الفعل ومراتبه ويندرج فيه جنايات العبيد ثم في دفع الصائل ثم في افساد البهائم فذلك ثلاثة أنظار النظر الأول في الأفعال ومراتبها وفي الكتاب إن قتل عبد رجلا له وليان فعفا أحدهما عن العبد على أن يأخذ جميعه ويعتني السيد فإن دفع السيد لأخيه نصف الدية تم فعله لعدم المطالبة وإلا خير بين كون العبد بينهما أو يرده فإن دره فلهما القتل والعفو وإن عفوا خير السيد بين إسلامه أو فدائه منهما بالدية لقوله عليه السلام ( العبد فيما جنى ) وعنه أيضا الدخول مع أخيه فيكون العبد بينهما لشركتهما في الدم وكذلك إن عفا أحدهما على أن يأخذ القاتل وزيادة عبد فإن دفع السيد لغير العافي نصف الدية تم فعله وإلا دفع العافي لأخيه نصف القاتل وحده ويتم فعله فإن أبى رد العبدين ( وقتل القاتل أن احبا لاشتراكهما في الدم وقيل يدخل مع قتله في العبدين ) لأنهما ثمن الدم الذي لهما في التنبيهات العبيد عندنا ذكورهم وإناثهم بينهم في القصاص كالأحرار بينهم ملكهم واحد أم لا لتساويهم وقال بعض الناس إن كانوا لواحد فلا لأنه مضاعفة ضرر الناس على السيد كما لا يقطع العبد في مال سيده ومع الأحرار من يقطع في الجراح دون النفس فيقتل العبد بالحر إن رضي الولي ولا يقتل الحر به لعدم التساوي قال ابن يونس قال ابن أبي مسلمة يقاد للحر من العبد في الجراح إن رضي الحر ولا يقاد له من الحر وإن رضي الحر قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إن قتل العبد رجلا عمدا إن شاء الولي قتله أو استحياءه يكون عبدا له وإن قال أحد الوليين إنما عفوت ليكون لي نصفه لم يصدق إلا بدليل فيكون العبد بينهما إلا أن يفديه السيد بجميع الدية وله فداء نصفه بنصفها من أحدهما وإسلام نصفه للآخر وإن عفوت عن عبد قتل عمدا بقي لمولاه إلا أن يشترط رقه فيخير السيد في فدائه أو إسلامه أو قتل خطأ وقيمته ثلث تركة القتيل جاز عفوه لأن الذي يجب له في الدية العبد إلا أن يفديه سيده فلما عفا صار كأنه أوصى به لسيده فإن كانت قيمته مائة والتركة مائتان جاز أو التركة بمائة فلسيد العبد ثلثاه ويخير في فداء الثلث بثلث الدية أو إسلامه وقيل إنما يكون في الثلث الأقل من قيمته أو الدية لأن السيد لما كان مقدما على المجني عليه في أن يسلم له العبد أو يفديه بالدية كان الواجب له في الدية أحدهما وبه أوصى له فيجعل في الثلث الأقل من قيمة الرقبة أو قيمة الكتابة وقيل هذا لا يخالفه ابن القاسم وهو وظاهره يخالفه فإن قتله خطأ وأوصى أن يعفى عنه ويرد لسيده ولا مال له ولم يخير للورثة قال أشهب يخير سيده في فداء جميعه بثلثي الدية لأن ثلثها عنه سقط بالوصية أو يسلم جميعه بثلثي الدية لأن اللازم في الجناية التخيير لا شيء يتعلق بالذمة كما لو جرح عبدك حرا جرحا ديته مائة فطرح عنك خمسين فلك فداء جميعه بخمسين أو تسلم جميعه بالخمسين وكالرهن يضع المرتهن بعض حقه بجميع الرهن بما بقي وقال أصبغ ليس للورثة إلا ثلث أو ثلثي الدية وإن شاء سيده أسلم ثلثيه أو افتكهما بثلثي الدية وثلث العبد لسيده بالوصية أسلم بقيته أو فداه بخلاف المجروح فإنه كالرهن قال اللخمي إنما كان للأول العود للقتل بعد تقدم الصلح لأنه انما سقط القتل فيكون جميع العبد له فلما استحق نصفه ولم تكن هناك ذمة يتبعها عاد للقتل بخلاف القاتل السيد العبد على إن لم يجد الغائب دفع للحاضر نصف قيمة العبد لم يكن الأول إن لم يجد الثاني لأن له ذمة يتبعهافرع في الكتاب إذا أعتقه بعد علمك بقتله لرجل خطا وأردت حمل الجنابة فذلك لك أو قلت ظننت أنها تلزم ذمته حلفت على ذلك ورد عتقه لتعلق حق الجناية برقبته وكذلك إن جرح الحر وحلفت وإن كان للعبد مال مثل الجناية أو وجد معينا على أدائها نفذ العتق وإلا بيع منه بقدها وعتق الفاضل وإن كان لا فضل فيه أسلم لأهل الجناية ( وإن باعه بعد علمه بالجناية ) حلف ما أراد الحمل ثم دفع الأرش وقبض الثمن وفسخه وأخذ العبد لتعلق الجناية به قال غيره إلا أن يشاء المبتاع دفع الأرض لا يهم فذلك لهم لأنه حقهم ويرجع على البائع بالأقل بما أفتكه أو الثمن لأن كليهما متعلق بالسيد فغن افتكه البائع فللمبتاع رده بهذا العيب إلا أن يبينه البائع له وقال غيره هذا في العمد وأما في الخطأ فلا وهو كعيب ذهب في التنبيهات للسيد ثلاثة أحوال إن علم الجناية والحكم أسلم في العتق المجني عليه رقيقا أو يفديه ويمضي عتقه وفي البيع إن اعطى الجناية مضى البيع وإلا رده أويعلم الجناية ويجهل أنه ليس له عتقه ولا بيعه إلا بعد تحمل الجناية فيحلف ماأراد التحمل ويكون له من الخيار وللأولياء في البيع ما تقدم الثالث لا يعلم الجناية ولا منعه عن البيع والعتق فقولان أحدهما رضي بالتحمل فيمضي عليه البيع والعتق وثانيهما أنه ليس يرضى ويحلف ما أراد التحمل لكن يخلف وصفه أيمانه أن يحلف في الوجه الثاني بعد جهل ذلك وفي الثالث ما أراد تحمل ذلك وإنما يستحلف في كل هذا إذا كان له مال قاله محمد وقد يقال يستحلف على كل حال إذا رضي باتباعه وكذلك إن وظىء بعد الجناية فحملت في الوجوه الثلاثة لكن إن لم يعلم وهو ملىء فعليه الأقل من قيمتها أو أرش الجناية فإن كان عديما أخذها أهل الجناية فإن علم قال في الكتاب لزمه أرش الجناية إن كان له مال لأن ذلك منه رضا بتحمل الجناية وقال محمد إذا حلف أنه لم يرض بحملها فعليه الأقل وعليه هذا التفصيل والخلاف في العلم وإن لم يكن له مال أخذها أهل الجناية فإن لم تحمل لا يكون وطؤه رضا بالجناية قاله أبو عمران وفي النكت إذا بيع وافتكه المشتري ورجع فللأصل إن افتكه بأقل من الثمن فعهدته على البائع أو بمثل الثمن فأكثر فعهدة المشتري على أهل الجناية لأن في الأولى بقي للبائع فضل وهو قد رضي بتمام البيع بخلاف غير ذلك وقوله للمشتري الرد بالعيب في العمد يريد جناية عمد في المال إلا أن يبين أما في القصاص بقدر لا ينفع البيان لأنه لا يدري أيقتص منه أو لا وقوله يباع بقدر الجناية ويعتق ما فضل يريد لا مال للسيد وإلا يكمل عليه عتق جميعه قال محمد وينبغي إن كان موسرا وفي العبد فضل ألا يحلف السيد أنه لم يرد حمل الجناية لأنه إذا صدق بيع بعضه في الجناية وعتق باقيه فيلزمه التقويم فيلزمه الأرش وإن كره قال التونسي العهدة مشكلة في العبد لأنهم إن أجازوا البيع وأخذوا الثمن على من يرجع المشتري إذا استحق والبائع لو أسلمه للمجني عليه وانتقض البيع فاستحق رجع المسمى للمشتري وأجاز أهل الجناية البيع فاستحق العبد فإن رجع المشتري بالثمن على البائع لعدم أهل الجناية أدركه ضرر لأنه قد رضي بإسلامه فسقطت العهدة فإذا أجازوا البيع والمشتري مليء أضر ذلك به إلا أن يقال لما علم البائع بالجناية وباع فقد رضي بالعهدة عليه إن أجازوا البيع قال ابن يونس عن مالك إذا حلف لم يرد حمل الجناية رد عتق العبد وخير السيد في الافتكاك فإن افتكه كان حرا لأنه أعتقه أو أسلمه وله مال أو نحوه معيبا بقدر العتق وهو تفسير لما في الكتاب وعن ابن عبد الحكم إذا حلف أنه لم يرد حمل الجناية رد عتقه وخير السيد في افتدائه ويبقى له عبدا أو يسلمه عبدا وعن المغيرة إذا أعتقه عالما بالجناية ضمن كإيلاد الأمة وإن جرح رجلين فعلم بأحدهما فأعتقه رضي فحمل الجناية ودفعها إليه ثم قام الآخر فعليه إعطاء الآخر الأقل من أرش جرحه أو نصف قيمة العبد إن كان المدفوع إليه أكثر من ذلك ويأخذ ما بقي لأنه ظهر أنه إنما يستحق نصفه وهو لا يقدر أن يسلم إليه نصفه لما حدث فيه من العتق وإن جنى فوهبه بعد علمه ولم يرض بأداء الجناية وحلف ما أراد حملها فغن الجناية أولى به قال اللخمي قال محمد إن أعتقه والجناية أكثر وحلف أنه لم يرض بحملها وكان عليه قيمتها فإن نكل غرم الدية وإن كان بيد العبد مال يقوم بالجناية أخذ منه وعتق أو وجد من يغيثه واختلف هل يبدأ بأخذ ماله أو يتخير السيد فعلى القول بأن السيد يفتديه للرق يبتدأ بماله وبمن يعينه وعلى القول أنه يفتدي لعدم تخيير السيد فإن لم يكن له مال وفي قيمته فضل عن الجناية فثلاثة أقوال في المدونة يباع منه بقدر الجناية ويعتق الباقي ( وفي الموازية يعتق ) كله على السيد لأنه يستكمل عليه ما قابل الجناية وقيل يسلم كله لأهل الجناية لأن الأصل في جناية أن لا يباع إلا بعد حقها والأول يقتضي أن لا يستكمل على المعتق وإلا لا يستكمل من غير بيع وإنما أعتق ذلك القدر من باب لا ضرر ولا ضرار لأن السيد بريء منه بالبيع فعتق الباقي أولى من رقه
فرع في الكتاب إن جنى فقال أبيعه وأدفع الأرش عن ثمنه منع إلا أن يضمن وهو ثقة مأمون أو يأتي بضامن ثقة فليؤخر اليومين ونحوهما وإلا فداه أو أسلمه لأن الأصل تعينه للجناية فإن باع ودفع دية الجرح جاز بيعه وإلا فلا قال اللخمي إن كان فيه فضل فالأحسن أجابته للبيع لأن المجني عليه إذا أخذ حقه سقط مقاله واختلف إذا أسلمه السيد وأراد أولياء الجناية نقض البيع فدفع المشتري الجناية فقيل له ذلك تتميما للعقد ويرجع على البائع بأقل من الثمن أو الفداء وقيل ليس له لأن البائع بريء منه وأسلمه الى أولياء الجناية فصار ملكا لهم فلا يباع إلا برضاهم وعلى القول الآخر إن كان في الثمن فضل على الجناية وقف فإن رجع السيد أو المجني عليه إلى إجازة البيع أخذوه لأن المشتري لا حق له فيه
فرع في الكتاب إن ولدت بعد الجناية لم تسلم وابنها معها اذ يوم الحكم يستحقها المجني عليه بل تسلم بما لها بعد الجناية وقاله أشهب في الوطء والمال لأنه جزؤها قال ابن يونس قال المغيرة إن ولدت بعد الجناية فهو رهن معها في الجناية قال ابن القاسم إن ماتت فأهل الجناية أحق بمالها إلا أن يدفع السيد ألأرش قال اللخمي الجناية لا تتعلق بذمة السيد لقوله تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) إلا أن يتسبب السيد في ذلك مثل أن يجيعه فيسرق ففي كون الجناية حينئذ في رقبته أو ذمة سيده قولان ( وقضى عمر رضي الله عنه على حاطب لما أجاع عبيده حتى سرقوا بعيرا بقيمة البعير وثنى عليه عقوبة ) فإن أمره السيد بذلك فللمجني عليه اتباع السيد قولا واحدا يتبع بها العبد فيفدى منه أو يسلم واختلف اذا أسلمه وله مال فسلمه بماله عند ابن القاسم كالعتق وقال مالك في أم الولد تجني تقوم بغير مالها وقيل تقوم به فعلى الأول يقوم العبد بغير مال وإن جنت حاملا أسلمت على هيئتها والحمل للمجني عليه فإن وضعت قبل الإسلام لم يسلم الولد لانفصاله قبل الحكم وإن حملت بعد الجناية ثم وضعت فخلاف والإسلام أحسن لتجدده بعد الجناية وعلى قول لا يسلمه إذا جنت حاملا والاستثناء لتجد بعد فيه ها هنا أخف من الاستثناء في البيع وإذا قتل العبد عبدا فقتله المجني عليهم فالمال للسيد اتفاقا لأن الذي كان لهم هو نفس القاتل وقد أخذوها واختلف اذا عفوا عنه وأسلم إليهم فعند ابن القاسم لا يسلم ماله لأنه لم يستحق بالقتل إلا رقبته وإن أسلمه ليستحيوه فقتلوه استرجع المال منهم
فرع في الكتاب إذا جنى المأذون وعليه دين من تجارة فأسره العدو فابتاعه رجل منهم فلم يفده سيده بالثمن فليس لأهل الجناية أخذه إلا بدفع الثمن للمبتاع ولو أسلمه سيده أو لا بالجناية لم يكن لمن صار له أخذه إلا بدفع الثمن وأما الدين فباق في ذمته وإنما سقط عن العبد وعمن يصير له ما كان قبل أن يؤسر في رقبته في النكت على مذهب ابن القاسم إذا بيع في المغنم ووجده سيده بيد المشتري يفتكه إن أحب بالثمن والجناية فيها أو يسلمه بخلاف قول سحنون إنما يقبله بالأرش بين الجناية أو الثمن للزوم الجناية له قبل الأسر فإن صار في سهم رجل من المغنم ثم جنى ثم قام ولي الجناية وأتى السيد خير السيد الأول بين افتكاكه وإسلامه فإن افتكه بالذي صار في السهم ثم أخذ منه المجني عليه عقل جنايته وإن فضل ذلك للذي صار في سهمه فإن كان الأرش أكثر مما صار له في السهم افتكه بالأرش وكان ذلك للمجني عليه فإن أبى السيد الأول أن يفتكه بذلك خير الذي صار في سهمه في إسلامه للمجروح أو يفتكه بالعقل فإن جنى ثم غنم ثم جنى بديء الآخر قال التونسي لم يذكر في الكتاب أن المشتري دفع الجناية لأهل الجناية ويقدم عليهم كمن جنى عبده فباعه ولم يعلم بالجناية وأسلمه لأهل الجناية أن للمشتري دفع الأرش للمجني عليه ويرجع البائع بالأقل وقد يكون المشتري ها هنا يخالف المشتري من المالك الذي جنى عبده لأنه هناك أخذه من أهل الجناية فرجع على البائع منه بالأقل وها هنا اذا فداه من أهل الجناية لم يرجع على أحد فحل أهل الجناية محل صاحبه الذي كان له وقد يقال المشتري ها هنا أقوى ما لم يكن له الرجوع على أحد فصارت شبهة بالشراء وقد قال غير ابن القاسم إن أهل الجناية يقدمون على المشتري لأن البائع لما لم يفده صار ملكا لهم لا سيما على القول إن أهل الجناية ملكوه لقوله عليه السلام ( العبد فيما جنى ) وقد أسنده كالشراء
فرع في الكتاب إن جنى فلم يحكم فيه حتى جنى جنايات فإما فداه بدياتهم أجمع أو أسلمه إليهم فيتحاصصوا فيه بقدر جناية كل واحد ولو فداه ثم جنى فداه ثانية أو أسلمه للحديث قال اللخمي على القول إنه بالجناية الأولى ملك للمجني عليه حتى يفتدي منه يخير الأول إذا أسلم إليه بين أن يسلمه أو يفديه من الثاني فإن جنى ثم جني عليه قال ابن القاسم يخير سيده بين فدائه أو يسلمه وما أخذ في جنايته وقبل نقص الجناية على العبد والجناية عليه ويخير سيده في فدائه بحصة العبد أو يسلمه ويكون عليه الأقل بما أخذ في الجناية أو قيمة ما ذهب منه ويكون الفضل فإن جنى ثم حني عليه ثم حنى قال ابن القاسم إن أسلمه اسلم معه دية جرحه فكان ذلك للمجروح الأول وحده ويقتسمان العبد بينهما على قدر الجنايتين ولا يحسب على الأول مما أخذ شيء ثم رجع فقال يتحاصان في العبد ودية الجرح وقال أشهب إن أسلمه فهو بينهما وللأول نصف دية الجرح التي كانت وجبت للعبد وللسيد نصفها لأنه جرح الأول صحيحا فله نصفه صحيحا وجرح الثاني مقطوع اليد فله نصفه كذلك وقال عبد الملك دية الجرح الأول الحرج الأول ينسب للعبد فإن كان ثلثه فقد أخذ المجروح ثلث حقه ويضرب في العبد في الثلثين ويضرب للثاني بجرحه كله قال محمد القياس أن يكون للسيد في قيمة جرحه بالخيار لأن العضو الذاهب كان عليه قبل ذلك بعض الجناية وقد أخذ البعوض عنه فيجعل عليه ما ينوبه ويحط عن الثاني
فرع في الكتاب إن أعتق نصف عبده فجنى قبل القضاء لتكميله لم يكن كالحر إذ لو مات السيد أو لحقه دين قبل الحكم رق باقيه بل يلزم السيد الأقل من نصف قيمته أو نصف الأرش ويكمل عتقه لأنه لو أسلمه يقوم عليه ويكون نصف الأرش في ذمه العبد بكل حال فإن مات السيد قبل القيام فنصف الأرش في ذمة العبد ويخير الورثة في إسلام النصف الرقيق أو يفدونه ويكون لهم رقا فإن أعتق المليء شقصا من عبد مشترك فجنى قبل التقويم خير المتمسك في فداء شقصه وتقويمه على المعتق أو يسلمه فيقومه المسلم إليه على المعتق بقمته يوم الحكم معيبا لأنه كذلك ملكه ويتبع العبد لا العاقلة بنصف الجناية وإن جاوز ثلث الدية لأنها لا تحمل عن عبد فإن وهب المتمسك حصته منه لرجل بعد العبق فالتقويم للموهوب بخلاف البيع لأن البائع باع بمعلوم على أن يأخذ قيمة مجهولة وهو غرر ولا غرر في الهبة وإن جني المعتق بعضه أو جنى عليه فلسيده أو عليه بقدر ملكه منه وللعبد أو عليه بقدر المعتق منه وتبقى حصة العبد فيما يأخذ من أرش بيده كما له وكان ملكه يقول يأخذ من له رق فيه الأرش كله كأرشه قال اللخمي يختلف في صفة التقويم إذا لم يقوم حتى جنى فإن افتداه قوم قيمة واحدة ويقال كم قيمة جميعه قبل العتق لأنه له أن يدعوه الى بيع جميعه فيأخذ نصف تلك القيمة إن كانت مائة خمسين فإن أسلمه زيد تقويم نصفه يوم العتق على أن نصفه عتيق فإن قيل ثلاثون فله عشرون وهي فضل ما بين نصف قيمته قبل العبق وبعده وللمجني عليه قيمة نصفه الباقي يوم يقوم على أن نس = صفه عتيق وعلى القول إنه حر بالسراية للشريك نصف القيمة يوم العتق وللمجني عليه قمية جميع المجني به على العبد فإن كان العتق مفسدا بقي النصف رقيقا وقسمت الجناية على العتق والرقيق ويخير المتمسك بالرق بين فدائه أو إسلامه قال ابن القاسم ولا شيء للسيد في ماله إن افتداه ولا للمجني عليه إن أسلم إليه ويؤخذ ماله كله عن العتق إلا أن يكون فيه فضل فإن قصر ماله عما ينوبه أخذ من كسبه ما يفضل من عيشه وكسوته والأحسن أن لا يؤخذ من المال إلا نصفه لأنه الذي ينوب العبد ويأخذ الشريك النصف لأنه إذا دفع النصف في الجناية كان ذلك مقاسمة فأخذ الشريك نصفه وكذلك كسبه في المستقبل الفاضل عن عيشه وإذا جني عليه فثلاثة أوقال نصفها للسيد ونصفها للعبد وجميعها للمتمسك بالرق كقيمته إذا قتل وجميعها للعبد كما له وإن عتق وهو موسر وباع المتمسك والمشتري عالم بالعتق فالحكم التقويم ومتى علم بالتقويم واليسار فسخ البيع لفساده فإن فات بحوالة سوق فما فوقها فالقيمة فيه على أن نصفه عتيق وأنه يقوم وإن جهل التقويم صح البيع وهي مسالة عيب فلا تفيته حوالة سوق وتفيته العيوب فما فوق وإن أحب التمسك مع القيام أن يكون هو المقوم على المعتق فذلك له على أحد القولين وعلى القول بأنه مالك الرد كالمبتدي شراء يفسخ ويمنع التمسك وإن علم بالعتق ولم يعلم يسر المعتق حط عنه عيب التقويم ولزمه التقويم على المعتق فإن لم يقم حتى أعسر المعتق سقط قيامه إن كان عالما بالعتق ولم يعلم يسره وإن لم يكن علم بالعتق وأعسر المعتق فمقاله لعيب العتق يرد مع القيام وإن فات رجع بقيمة العبد أو مات العبد رجع بعيب العتق
فرع في الكتاب إن قال عبدي حر بعد موتي بشهر فلم يحمله الثلث خير الورثة بين الإجازة أو عتق ثلثه بتلا فإن أجاز واحد منهم تمام الشهر وعتق فإن أسلمها خدم العبد في الجناية تمام الشهر وعتق وأتبع بقيمة الأرش في ذمته لتأخر الجناية عن سبب الحرية وإن افتكه الوارث خدمهم بقية الشهر ثم عتق ولم يتبع بشيء لأن ما يفدي صار كالرقيق وإن لم يجز الوارث الوصية عتق من العبد محمل الثلث ثم إن جنى اتبع بما ينوب ما عبق منه ويخير الوارث في إسلام ما رق منه وفدائه فإن جنى قيل يخير الوارث في ضيق الثلث خير بين فدائه ويخدمه إلى أجل ويعتق ولا يتبع بشيء فيكون قد أجاز الوصية وإن أبى عتق منه بتلا ما حمل الثلث وأتبع من الأرش بحصة ذلك وخير في فداء ما رق منه وإسلامه وإن جنى موصى بعتقه قبل موت السيد فللسيد فداؤه وإسلامه فإن فداه بقي على الوصية أو أسلمه بطلت فإن لم يقد المجني عليه حتى مات السيد فالعبد رهن بالجناية فإن أسلمه الورثة رق للمجني عليه أو فاتدوه عتق في الثلث فإن بتل عتقه في مرضه فجنى وله مال مأمون كالعقار يومالعتق فهو كالحر في الجناية عليه ومنه ويقتص منه في العمد ويتبع العاقلة في الخطأ فإن كان المال كثيرا غير مأمون وقف لموته وكان كالمدبر إن حمله الثلث اتبع بالجناية أو بحصة ما حمل منه وخير الوارث فارق وكذلك إن أوصى بعتقه فجنى بعد موت السيد وقبل أن يقوم في الثلث فإن حمل الثلث عتق واتبع دينا كالمدبر لأنه يشبهه وهو كالعبد ما لم يقوم في الثلث وإن كان الثللاث يحمله إلا أن تكون أموال السيد مأمونة فهو في جنايته والجناية عليه كالحر وإن قتل في المرض ولا مال له أو مال غير مأمون فجنى العبد جناة ولم ينظر فيها حتى أفاد السيد في مرضه مالا مأمونا بتل عتق العبد واتبع بالجناية في الذمة ولا تحملها العاقلة لأنه يوم جنى كان ممن لا تحمل العاقلة جنايته لأنها لا تحمل إلا أذا حمل معهم فإن جنى في مرض السيد أو قتل فعقله عقل عبد لأنه لا تتم حرمته حتى تكون أموال السيد مأمونة وإن بتله في المرض فجنى جناية ثم مات السيد ولا مال له غيره عتق ثلثه واتبع بثلث الأرش وخير الورثة في فداء ما رق منه وإسلامه وهذا والمدبر سواء وإن صح السيد عتق العبد واتبع بالجناية وإذا وقف المبتل لم يقل لسيده أسلمه أو أفده كما يجني في المدبر لأن هذا لا خدمة فيه ولا رق وفي المدبر الخدمة وعلى هذا ثبت بعد أن قال غيره وإذا وقف المبتل في المرض وقف ماله معه فإن جنى لم يسلم ما له في جنايته لأنه قد يعتق بعضه إذا مات سيده ولا مال له غيره وليس للوارث ان افتك ما رق منه أخذ ماله أو أسلمه فلا يأخذ المجني عليه منه شيئا ويقف المال معه لأن من دخله حرية وقف ماله وإن قال اعتقوا عبدي فلانا بعد موتي فجنى بعد موته قبل العتق فهو كالمدبر يجني بعد موت سيده إن حمله الثلث عتق وكانت الجناية في ذمته وإلا خير الوارث في اسلام ما نابه فيه في باقي الجناية أو يفديه بأرش ما بقي وإن أوصى أنيشتري عبد بعينه فيعتق فاشتى ي فجنى قبل العتق فهو كالموصى بعتقه يجني بعد موت سيده فيعتق ويتبع بالجناية في ذمته بخلاف غير المعين لأن لهم إذا اشتروه أن لا يفتدوه ويبدلوه بغيره إن كان أفضل للمبيع في التنبيهات في الموازية في المبتل في المرض أنه يخدمه المجني عليه في أرش الجناية إذا أداها قبل موت سيده رجع إليه ووقف موته وإن لم يتم الأرش حتى مات سيده عتق في ثلثه فما عتق كان عليه مما بقي من أرش الجناية لربه وخير الوارث فيما رق منه وقيل ينظر إلى قيمة الرقبة والجناية ( إن عين فيها الجناية ) إن عتق لأنه أحق من الدين فلا معنى لتوقيف عتقه ولا حق فيه بعد الجناية لغريم ولا وارث في النكت قال محمد في الموصى بعتقه لا يقوم في الجناية إلا بعد موت السيد فيفتكه الورثة قال تسقط قيمة العبد من مال الميت في وقل ابن القاسم ثم يكون ما بعد ما هو ماله فإن كانوا فدوه بالثلث فأدى عتق كله أو أكثر عتق منه قدر ثلث مال الميت بعد اسقاط العدد من مال الميت قال التونسي اختلف في الموصى بعتقه أيجعل في الثلث فعلى ما في المدونة الأشبه أن ما دفعوه في فدائه يذهب من رأس المال كجائحة أتت عليه وتضاف قيمته الى ما بقي من مال الميت فإن خرج من الثلث عتق وإلا ما حمل الثلث والمدفوع في الجناية كالتالف من المال وفي الموازية يجعل ما فدوه كأنهم اشتروه من المجني عليه فلا تضاف قيمته الى ما بقي من المال لأن أهل الجناية ملكوا الجاني فأشبه الموصي بأن يشتري فلان فيعتق لا ينظر إلى قيمته بل الثمن فإن خرج من الثلث يرد لك والموصى بعتقه بعد شهر إذا لم يحمله الثلث ففي الموازية للورثة إجازة العتق الى شهر ويحملون الجناية ثم يخيرون في إسلام الخدمة أو افتدائه بالجناية وكان لهم أن يفعلوا بعد الجناية ما كان لهم أن يفعلوه فبلها من الإجازة والمبتل في المرض إذا وقف لينظر أمره فالصواب أن الورثة لا يخيرون في إسلام خدمته لأن الميت أراد تعجيل عتقه وإنما وقف من جهة الأحكام فيجب إيقاف خراجه معه فإن خرج من الثلث بقي خراجه معه وقيل يخيرون في إسلام خدمته لأن السيد لما كان غير قادر على تعجيل عتقه فالخدمة باقية على ملكه فأشبه المعتق إلى أجل قال ابن يونس قوله في المبتل في المرض إن وقف لا يسلم ماله في جناية لأنه قد يعتق بعضه بعد موت السيد ولا مال له غيره يلزمه أن المدبر لا يسلم ماله في جنايته لأنه قد يعتق بعضه بل العلة أن المبتل في المرض يتبعه ماله إذا لم يشترطه السيد فالسيد لا يملك خدمته ولا مال له فلا يسلم منه ما لا يملكه كما لا يسلم رقبته وله في المدبر الخدمة وانتزاع المال قال اللخمي الموصى بعتقه إذا لم يفد ولم يسلم حتى مات السيد خير الورثة عند ابن القاسم فإن افتدوه عتق من الثلث وقال أشهب يكون رقيقا لأن الجناية ملكته والفداء كالشراء وإن قال إن مت فهو حر والمال مأمون والجناية خطأ تبلغ الثلث حملتها العاقلة وإن لم يخلف متموله خير الورثة ( فإن لم يجيزا يعتق ثلثه وتفض الجناية فما ناب العتيق اتبع به أو الرقيق خير الورثة في افتدائه واختلف إن أجازوا فقيل ليس لهم ذلك إلا أن يحملوا ثلثي الجناية وقال أشهب يخيروا والجناية في ذمة العبد لأن العتق من الميت والأول أحسن لأن الثلثين ملك لهم فإذا أجازوا كان العتق منهم وإن قال هو حر بعد موتي بشهر ولم يحمله الثلث فقال ابن القاسم يخير الورثة بين إعطاء الأرش كله ولهم خدمة العبد أو يعتق ثلثه ويخيروا في افتداء الثلثين وقال محمد إن شاؤوا انفذوا الوصية والخدمة للمجني عليه الى تمام الشهر فيعتق ويتبع بما بقي إلا أن يشاءوا أن يفدوا تلك الخدمة بالجناية على أن لا يتبع العبد أو لا ينفذوا الوصية ويعتقوا ثلثه وتفض الجناية قال وأرى أن يخيروا في عتق ثلثه وفض الجناية أو يفدوه بجميع الجناية ويكونون على رأيهم في عتق جميعه إلى أجل وتكون لهم الخدمة ولا يجيزوا الورثة ويعتقون ثلثه بتلا وإذا بتل في مرضه ولا مال له غيره وللعبد مال فإن أسلموه لم يكن لأهل الجناية منه شيء ووقف معه وعنه في كتاب الديات للعبد دفع ماله عن النصيب المعتق منه مال وأرى أن يدفع ثلث ما في يديه عن المعتق منه لأنه القدر الذي يستحق من ذلك المال وينزعه الورثة إن افتدوه أو المجني عليه الثلثان لأن ما دفعه العبد عن نفسه كالقسامة وإن قال اشتروا عبدا فأعتقوه هو بخلاف التعيين ولأن لهم إبداله يريد أن من حق المجني عليه أن لا ينقذ عتقه ويقال له تتبع ذمته وهذا يحسن إذا اشتروه من التركة أو للميت وفي الثلث فضلة أما إن اشترى للميت وهو قدر الثلث فإن لهم عتقه ويبتع المجني عليه ذمته
فرع في الكتاب إن أخدم عبده رجلا مدة معلومة أو حياته فجنى خير مالك الرقبة فإن فداءه بقي في خدمته أو أسلمه خير المخدم إن فداه خدمة فإذا تمت خدمته فإن دفع إليه السيد ما فداه به أخذه وإلا أسلمه للمخدم رقا لأن الفداء صيره كالمجني عليه فإن أوصى برقبته لآخر والثلث يحمله إذا قدم صاحب الخدمة إن فداه خدمه فإذا تمت خدمته فإن دفع إليه السيد ما فداه به أخذه وإلا أسلمه للمخدم رقا لأن الفداء صيره كالمجني عليه فإن أوصى برقبته لآخر والثلث يحمله إذا جنى قدم صاحب الخدمة إن فداءه خدمة واسلمه بعد الأجل للموصى له بالرقبة لأنها في الوصية فرع استيفاء الخدمة ولا يتبعه بشيء مما ودى لأنه فداه لنفسه والفرق أن الرقبة في الأول ملك للموصى له الرجوع فيها بخلاف الموصى له وإن أسلمه خير صاحب الرقبة إن فداه أخذه لسقوط حق الخدمة بالإسلام قال سحنون اختلف قوله في هذا الأصل وأحسن ما قيل أن يبدأ صاحب الخدمة إن فداه خدمه بقية الأجل ولا يكون لصاحب الرقبة إليه سبيل حتى يعطي الفداء وإلا كان للذي فداه رقا فإن كان الثلث يحمله وقد أوصى بخدمته لرجل وبرقبته لآخر فقتل أو قطعت يده في الخدمة فالأرش لمن له مرجع الرقبة لأنه بدل عنها أوجزها قاله مالك واختلف فيه أصحابه قال التونسي قال غير ابن القاسم في المسألتين يبدأ بالمخدم فإن افتداه لم يكن للذي له الرقبة سبيل إلا بدفع الجناية وإن أسلمه خير من له مرجع الرقبة فإن افتداه سقط حق صاحب الخدمة وقال أصبغ يبدأ صاحب البتل فيخير كما إذا وهب الخدمة فقط فإن أخدم عبده مدة ومرجعه إليه قال أشهب يكونان كالشريكين تقوم رقبته بعد الرجوع وهي قيمة الخدمة خيرا جميعا في الفدية والإسلام فإن فدياه دفع كل واحد نصف دية الجرح وبقي العبد على حاله وإن أسلماه بقي مملوكا للمجروح أو افتدى أحدهما ماله فذلك له وإن خالفه الآخر فإن أخدمه رجلا سنة ثم لآخر سنة ثم رقبته لآخر فاختلف قوله فيه اختلافا كثيرا وعن ابن القاسم يخير المخدمان فإن افتدياه فهو على حاله ولا يرجعا بالفداء على أحد أو أسلماه أخدمه المجروح فإن انقضت السنتان وجرح حرا اتبعه المجروح بما بقي وإن استوفى قبل ذلك رجع إليه منها سنة وإن اسلم احدهما وقال الآخر أفدي فللفادي الخدمتان خدمته وخدمة الآخر وينبغي على رأي أشهب أن يقوم مرجع رقبته ويخيرون كلهم كالشركاء وعن ابن القاسم يخير المخدم أولا لتقدمه فإن افتداه خدمه سنة ولا رجوع له على المخدم الثاني ولا على صاحب الرقبة أو أسلمه خير الثاني فغن أسلمه خير صاحب البتل فإن كان بعدهما إلى حرية اختدمه المخدم في الاجلين فإن أدى الجناية وقد بقي من خدمة أحدهما شيء رجع فخدمه ثم عتق وإن افتداه الأول فخدمه فلم يستوف ما أدى خدمه في أجل صاحبه حتى يستوفي فإن بقي في أجل صاحبه شيء فأخذه فاختدمه ثم خرج حرا بعد انقضاء الأجل فإن كان مرجعه لثالث فاسلم للمخدمين خير صاحب الرقبة فإن أسلمه كان للمجروح أو افتداه كان له بتلا وقيل إن أسلمه المخدم الأول وفداه الثاني لم يختدمه إلا سنة ثم يرجعه إلى ما أرجعه إليه سيده قال وفيه نظر لأنه إذا جنى أول السنة الأولى وافتداه الثاني بعد أن أسلمه الأول فالذي افتداه لمتأت سنته والأول لا يمكنه أن يأخذ منه لأنه قد سلمها والذي له مرجع الرقبة إنما هو له بعد سنتين فكيف يأخذ هذه السنة والأشبه أن تكون السنتان للثاني الذي فداه قال ابن يونس قال محمد لم يختلف مالك وأصحابه أنه أن أخدمه مدة ثم مرجعه إليه فقتل في المدة فقيمته لسيده لأنها بدل عن الرقبة وهي له ولأن السيد لو أحدث دينا لقوم على المبتل له بعد سنة ولو مات السيد ورث عنه لأن المبتل لم يحرزه بعد وإنما اختلف قوله إذا خدمه ثم مرجعه لفلان بتلا قال أشهب إن قبضه المخدم حيازة له وللمبتل له معه لا يلحقه الدين المستحدث ولا يبطله موسده وتقام قيمته إن قتل مقامه يشتري بها من يخدم مكانه ثم يصير لصاحب المرجع فإن أخدمه فقتله السيد خطأ فلا شيء عليه ويغرم في العمد القيمة فتجعل في يد عدل لواحد منهما للمخدم بقية الأجل أو العمر إن أعمره إياه فما فضل فللسيد وما عجز فلا شيء عليه لأنه لم يلتزم شيئا في ذمته عند الخدمة وإنما ضمن في العمد بسببه في الإئتلاف وقال ابن القاسم يشتري منها من يخدمه تحقيقا للمساواة بين البدل والمبدل منه وإن أخدم أمته رجلا ثم هي حرة فجرحته اختدمها بالجناية فإن استوفى رجعت للخدمة بقية الأجل فإن انقضت ولم يستوف اتبعها بالباقي وكذلك إن جنت على عبده كالمدبر يجني على السيد
فرع في الكتاب إن جنى المعتق إلى أجل ففدى سيده الخدمة أويسلمها فإن فداه عتق العبد للأجل ولم يتبعه بشيء لأن جناية الرقيق لا تتعلق بذمته وإن أسلمها خدم العبد في الجناية فإن وفاها قبل الأجل لسيده وإن أوفى الأجل لم يتم عتق واتبع ببقية الأرش قال ابن يونس فإن جنى على سيده فكالمدبر
فرع في الكتاب إن جنى المدبر وله مال دفع ماله لأهل الجناية توفية بالعتق والجناية وإن لم يكن فيه وفاء أسلم السيد حصته أو فداها بباقي الجناية وإن جنى المدبر على جماعة فأسلم إليهم فحاصوا في خدمته ثم جرح آخر حاص الأول لمساواته في السبب هذا بجنايته والأول بما بقي له قال مالك إن جنى المدبر خير سيده بين فداء خدمته بما جنى أو يسلمها فيخدمه المجني عليه فإن تم ماله والسيد حي رجع إليه مدبرا أو عتق في الثلث ببقية الجناية في ذمته فإن أدركه دين يغترقه ( ومات السيد والدين والجناية يغترقانه بيع منه للجناية ) فالمجني عليه أحق برقبته لتعلق الجناية بها دون الدين إلا أن يقدمه أهل الدين ببقية الجناية أولا يغترقانه بيع منه للجناية والدين وعتق ثلث ما بقي وقال ابن القاسم إذا جنى وعلى سيده دين يغترق قيمته أولا فالجناية أحق بالخدمة إلا أن . . الغرماء الأرش فيأخذوه أو يؤخروه حتى يستوفوا دينهم فإن لم يأخذه الغرماء أسلم للمجني عليه يخدمه فإن مات السيد وعليه دين ورقبته كافية في الدين والجناية وفضلة ربيع منه لذلك وبديء بالبيع للجناية وعتق ثلث الباقي وإن كان لا فضل في قيمته ( أو هي أقل منهما فالجناية أحق به لتعلقها في رقبته ) إلا أن يزيد الغرماء على قيمة الجناية فيأخذوه ويحط عن الميت قدر الزيادة وإن جنى وله ماله وعليه دين فالغرماء أحق بماله لاختصاص الجناية برقبته أو لا مال له فدينه في ذمته والجناية في خدمته في النكت إن قيل لم لا يخدم المجني عليه والمعتق إلى أجل إلى موت السيد وانقضاء الأجل لآن السيد مالك الخدمة لهذا الحد وقد سلم ما يملك فلا يقاصص بالخدمة في الأرش ولم لا كان كالعبد القن إذا سلم تكون رقبته له وإن كان فيها فضل الغي كذلك ها هنا لا يأخذ من القيمة مقدار الأرش قيل قد لا يبقى من الأجل إلا يوم أو يموت السيد بعد يوم فتبطل الجناية ولا يمكن الرجوع على السيد لأنه قد سلم ما يملك ولا يطالب العبد أيضا بالجميع لأنه قد يسلم فيملك المجني عليه شيئين ما أسلمه السيد وجميع الأرش وهو باطل فتعين مطالبة العبد بما بقي له إن بقي له شيء فإن استوفاه رجع السيد ومعنى مسألة اجتماع الجناية والدين أنهم أذا افتكوه بالأرش فقط ولم يزيدوا فإذا بيع وفضل عن الأرش فهو في دينهم فإن فدوه بزيادة كان الفضل عن الأرش لهم ولا يحاسبوه به في دينهم لأنهم لأنهم كأنهم ملكوه بتلك الزيادة وفضلهم لهم وقوله لم يزيدوا على الأرش مثاله الرش خمسون فيقولون ندفعها لأهلها وتسقط عشرة من ديننا عن الذمة فبالإسقاط يصير ذلك كثيرا إن فضل عن الأرش كان لهم ولا يأخذوه من دينهم ومتى كانت الجنياة عشرة وقيمة العبد عشرة والدين عشرة فهو كأهل الجناية فقط إلا أن يفتكه أهل الدين في قيمته فضل عن عشرين بيع الأرش والدين وعتق ثلث ما بقى لاحتماله ها هنا جزأ من الحرية والجناية إنما تتعلق بجميع الرقبة حتى يفط لأنه يباع من الجاني بقدر الأرش فإن قيل إذا استوى في الدين والجناية والقيمة إنما رق من جهة الدين لا من جهة الآرش لأنه إذا انفرد الأرش لم يمنع عتق التدبير واتبع ما عتق منه بمنابه من أرش وإذا كان الموجب لرقه إنما هو الدين فلم لا يكون للجناية مقدار ما اغترقه الدين فقط فيكون لهم في المثال المتقدم نصفه لأن الدين إنما اغترق فيه نصفه قيل يلزم أن يعتق من المدبر ما يتعين للعتق وهو باطل لأن بعاء بعض الدين يمنعه لو أخذ أهل الجناية مقدار ما اغترفه الدين وقال أهل الدين فيما بقي فإذا أخذوا شيئا قال أهل الجناية فيه لأن الجناية أقوى لتعلقها بالرقبة فلما كان لهم القيام كلما قام أرباب الدين كان جميعه للجناية واعلم أنها تصير مسألة دور كقول أشهب فيمن اعتق عبدا وعليه دين يغترق نصفه ثم استحدث دينا آخر ثم قام جميعهم وابن القاسم يخالفه فانظر لم افترقا عند ابن القاسم وإذا جنى المدبر على سيده فمات السيد قبل وفاء الأرش فيعتق بعض المدبر في الثلث واتبع حصة العتيق بما يقع عليه ورق باقيه للورثة ينبغي أن يكون ما يؤخذ من العبد كمال كذا يدخل في ثلثه لأن المدبر يدخل فيما لم يعلمه السيد غير أناإذا أعتقنا منه مثل ثلث ما نقص منه أولا وجب أن يجعل على القدر الذي ازداد في عتقه ما يقع عليه ( من الأرش فكما امتنع جزء العتق بما يؤخذ به امتنع بما يفضل قال التونسي إذا جنى المدبر قيل يخير سيده في إسلام جملة الخدمة أو يقيدها لأنه الذي يملكه من المدبر وعلى هذا لا يرجع بعد إسلامها وإن عتق في ثلثه لم يتبع ببقية الجناية وإذا لم يترك غيره فعتق ثلثه لا يتبع الثلث المعتق ولا يخير الوارث وإن كان الدين مثل الجناية وقال أهل الدين يضمن الجناية ويأخذ العبد لم يكن لهم ذلك إلا أن يزيدوا فتحصل الزيادة من الدين وفي الموازية لو أراد الوارث أن يبيع منه بقدر الجناية التي أدوا ويدفع الفاضل للغرماء ( منع ولا يأخذوه إلا على طرح ما دفعوا ويباع كله للغرماء ) وفيه نظر لأنه حق في الشفعة لهم أخذها ويكون الفضل للغرماء وإن اشترى بالخيار فمات للوارث الأخذ من ماله إذا لم يرد الغرماء أخذه إن كان في أخذه ضرر على الميت ولم يقل إن ذلك الفضل للغرماء واختلف في جنايته بعد أن أسلم خدمته لمن يكون خراجه لسيده وهو الأشبه أو لأهل الجناية وإذا كان الدين يغترقه فترك أهل الدين دينهم قيل يعتق ثلثه كمن مات ولا دين عليه وقيل الجناية أحق به لأنها كانت استحقته كله وإن ولدت المدبرة فجنت فمات السيد مديونا بديء بالجناية فإن أحاطت برقبتها أسلمت وحدها ويكون الدين في ولدها إن اغترقهم بيعوا أو بعضهم بيع البعض وعتق ثلث الباقي فإن اغترقت الجناية نصفها ( بيع نصفها ) في الجناية وفض الدين على نصفها وعلى الولد فيباع منهم بالحصص ويعتق ثلث الباقي فيعتق من ولدها أكثر مما عتق منها لأن الجناية ملكت بها فما رق منها للجناية وبيع كأن الميت لم يتركه ولم يمت إلا عما رق منها عن ولدها
فرع في الكتاب إذا جنى العبد وعليه دين فديته في ماله وجنايته في رقبته يسلمه سيده أو يفديه
فرع قال إن مات سيد المدبر وعليه دين يغترقه وعلى المدبر دين بيع في دين سيده واتبع هو بدين نفسه ولغرماء السيد مؤاجرة المدبر في دينهم إن أعدم السيد فإن جنى العبد على سيده فلا شيء عليه وأما المدبر فيخدمه بالجناية فإن مات ولم يتبعها عتق في ثلثه واتبع ببقية الجناية أو عتق بعضه في الثلث اتبع بحصة ما عتق منه من بقيتها ويسقط ما بعي وقال غيره لا يختدمه السيد لأنه مالك لرقبته ولخدمته قبل الجناية ولو فداه من أجنبي لم يتبعه بما فداه ولو أسلمه لاتبعه المجروح بما بقي إن عتق في الثلث فإن جنى على سيده وعلى أجنبي اختدماه بقدر جنايتهما قال سحنون وهذه مثل الأولى فإن قتل مدبر وحر قتيلا خطا فنصف الدية على عاقلة الحر ونصفها في خدمة المدبر فإن قتل المدبر رجلا عمدا فعفا أولياؤه على أخذ خدمته فذلك لهم إلا أن يفديها السيد بجميع الدية وليس لهم العفو في رقه لأنه مدبر فإن جنى فأعتقه سيده وأراد حمل الجناية لزمه وإلا حلف ما أراد حملها ثم ردت خدمته وخير بين إسلامه وافتدائه مدبرا فإن أسلمه وللمدبر مال أديت منه الجناية وعتق وإن لم يوف ماله أخدمته وأخدمه المجروح بما بقي وعتق وإن لم يكن له مال اختدمه فإن استوفى والسيد حي عتق أو مات السيد قبل والثلث يحمل المدبر عتق واتبع ببقية الجناية وإن لم يدع السيد غيره عتق ثلثه واتبع بثلثي الأرش ورق باقيه للمجروح إن كانت قيمة ذلك مثل ما قابله من قيمة الأرش لأن سيده أسلمه حين كان له الخيار ولا خيار فيه للورثة لأن الموروث أسلمه وإن لم يحلف السيد أنه ما أراد حمل الجناية عتق وكانت الجناية على السيد فإن لم يكن له مال رد عتقه وأسلم يخدم المجروح فإن أدى في حياته عتق ولم يلحقه دين استحدثه السيد بعد عتقه وإن لم يوفها حتى مات السيد وقد استحدث بعد عتقه دينا يغترقه الغي وعتق ثلثه واتبع بثلثي بقية الأرش ثم إن باعه أخذ في ثلثيه بثلثي باقي الجناية عتق وإلا رق ثلثاه لأهل الجناية إلا أن يكون في ثمن ثلثيه فضل عن ثلثي باقي الجناية فيباع من ثلثيه بقدر ثلثي باقي الجناية وعتق الباقي وإن كان للسيد مال يخرج من ثلثه عتق واتبع بباقي الجناية وإن كان دين السيد قبل العتق والجناية فهو كمدبر لم يعجل له عتق ولو أن عبدا بين رجلين دبر أحدهما نصيبه فرضي شريكه وتماسك وجنى خير الذي دبر في إسلام خدمة نصف العبد أو دفع نصف الجناية وجناية العبد في رقبته ( والخدمة خدمته ) وما جنى على المدبر فعقله لسيده بخلاف ( ماله ومهر المدبرة كما لها هي أحق به بعد موت السيد من الوارث لأنها استحلت به ويخير الذمي في مدبره الذي في اسلامه عبدا لأنه لا يمنع بيعه كما لو اعتق عبدا ولم يخرجه من يده وإن فداه بقي على تدبيره وإن أسلم مدبر الذمي إذا أسلم لزمه تدبيره واجرته عليه لأنه حكم بين مسلم وذمي وإذا أسلم مدبر الذمي ثم قتل أو جرح فعقله لسيده في التنبيهات قال في المدين يكون له مال يبدأ بماله وقال إذا اعتقه وحلف درت خدمته وخير سيده فإن أسلمه وله مال أخذ من المدبر فجعل تخيير السيد أولا قيل إنه مما يختلف فيه هل يفدي بمال المدبر ومن يعينه فإن فقد خير السيد وهو ظاهر كتاب أول الجنايات في الجاني يعتق قال قال اللخمي وهذا على الخلاف هلا يرجع إلى فداء السيد رقيقا أو حرا فعلى الأول يبتدأ بماله وعلى الثاني يبتدأ بتخيير السيد وظاهر الكتاب بطلان العتق وهو كشرائه وقد بطل التدبير بالجناية ومثله عن ابن كنانة في العبد يجني ثم يعتقه سيده وأنه يحلف ما أراد حمل الجناية ويرد عتقه ثم إن فداه بقي له عبدا وواله عنده إن كان للجناية عند العتق وعن ابن القاسم إن فداه عتق تنفيذا لعقد التدبير قال التونسي إنما ينبغي على مذهب ابن القاسم أن يخير السيد أولا فإن فداه لم يحلف وإلا حلف قال ابن يونس قال محمد إن لم يكن للسيد مال استحلفه واسلمه للمجروح بختدمه لعدم الفائدة في التحليف متى رجع وسيده حتى لا يضره الدين المستحدث وإن لم يرجع حتى مات سيده بطل عتق البتل وعتق بالتدبير فيكون الدين المستحدث وإن لم يرجع حتى مات سيده بطل عتق البتل وعتق بالتدبير فيكون الدين المستحدث أولى به وتكون الجناية أولى به من الدين إلا أن تكون فيه فضلة عن الدين والحرج فيعتق من تلك الفضلة ثلثاه ويرق بقيتها وإن جنى المدبر صغيرا لا يكتسب له قال محمد لا شيء عليه ولا على سيده حتى يبلغ العمل ويطيقه فإن مات قبل ذلك سقط حق المجروح ) وكذلك المدبرة التي لا عمل عندها ولا منعت
فرع في الكتاب إن حنت أم الولد لزم سيدها الأقل من الأرش أو قيمتها أمة يوم الحكم زادت قيمتها أو نقصت لتعذر رقها وكذلك ما أفسدته بيدها أو دابتها أو بتسببها فإن كان الأقل أكثر من قيمتها لم يتبع السيد بما زاد ولا هي إن عتقت لأنها لو كانت قنا وأسلمت لم يكن عليها فضل الجناية ويحاص أهل الجناية عزما سيدها بذلك وتقوم أمة بغير مالها لتعلق الجناية برقبة الرقيق وقيل به لأنه زائد في قيمتها ولا يقوم ولدها معها وإن ولدته بعد الجناية لأنه رقيق آخر وإن قتلت رجلا خطأ فلم ينظر فيه حتى قتلت آخر خطأ فقيمتها بين أوليائهما نصفين وإن حكم في الأول بالأول وحب للثاني الأقل أيضا ثانية يوم الحكم وكذلك يفديها كلما جنت إلا أن يتأخر الحكم حتى تجتمع جنايات كل جناية مثل قيمتها فأكثر فلا يقوم إلا قيمتها لعدم الحكم المعين للأول شيئا كالعبد يجني فيفتديه ثم يجني فيخير فيه ثانية بالفداء والإسلام أو إن اجتمع عليه جنايات قبل أن يفديه خير بين دفع قيمة ما جنى لكل واحد منهم أو يسلمه فيتحاصص فيه بقدر جنايتهم فإن جنت أقل من قيمتها ثم على أحد أكثر من قيمتها فعلى سيدها قيمتها لهما يقسمانها بقدر الجنايتين فإن قام أحدهما والآخر غائب فله الأقل من أرشه أو ما ينوبه في المحاصة مع الغائب من قيمتها الآن ثم إن قام الآخر فله الأقل من جنايته أو حصته من قيمتها يوم يقوم وإن جنب ولم يحكم عليهما حتى جني عليها ما أخذت له إن شاء فعلى سيدها الأقل من أرش الجناية أو قيمتها معنية يوم الحكم فيها مع الأرش الذي أخذه من أرش أو يفديه وهذا إذا أخذ في أرش أقل من دية ما جنى فإن كان فيه وفاء بذلك أو أكثر فلا خيار للسيد ويؤدي من ذلك المجني عليه الأرش ويبقيان لسيدهما جمعا بين المصالح وإن قتلت عمدا فعفى الولي على قيمتها لم يلزم السيد إلا أن يشاء لأن جناية الرقيق لا تتعلق بالسيد فإن أبى فلهم القتل أو العفو كالحر يعفى عنه على الدية فيأبى وقال غيره يلزم السيد غرم الأقل من القيمة أو الأرش وليست كالحر بل كالعبد وإن عفا على أخذ رقبتها امتنع لتعينها للحرية وإن رضي السيد وكذلك المدبر وإن جنت ولم يحكم فيها حتى ماتت فلا شيء على السيد لأن جنايات الرقيق في رقابهم وإن لم تمت ومات السيد ولا مال له فلا شيء على أم الولد قال غيره ذلك إن قاما على السيد حيا فإن مات قبل قيامهم فلا شيء عليه وهو عليها لأنها الجناية وما جني عليها فعقله لسيدها وكذلك المدبرة وإن اغتصب حرة فعليه صداقها أو أمة أو أم ولد أو مكاتبة ولم ينقصها ذلك فلا شيء عليه إلا الحد لأنه يجرى مجرى الأموال لا يضمن إلا بالنقص فإن نقص فذلك للسيد ويحاص المكاتبة به في نجومها ويقوم كل من عليه عقلة رق قيمة عبد وإن جنت على سيدها فلا شيء عليها وإن ولدت من غير السيد بعد أن صارت أم ولد فجنى ذلك الولد بأكثر من قيمته أو أقل خير السيد في فدائه ويبقى على حاله أو يسلم خدمته فيختدم بالأرش فإن وفى رجع لسيده وإن مات السيد قبل الوفاء عتق تبعا لأمه وبقية الأرش عليه لأنه الجاني بخلاف أمه وللمجني عليه أخذ خدمة الولد حتى يتم حقه إلا أن يفتكه السيد بدية الجناية ويفدي الذمي أم ولده بالأقل وله إسلامها رقا لأنا لا نمنعه بيعها ويحل وطؤها للمسلم إليه ولمبتاعها وإن استدانت أم الولد من تجارة أذن لها فيها ففي ذمتها كالعبد وإن جنت أم الولد فوطئها السيد فحملت فإن لم يعلم بالجناية أدى الأقل من قيمتها يوم حملت أو الأرش فغن لم يكن معه ( ما أسلمت للمجني عليه ) اتبع به وإن علم قبل الوطء لزمه جميع الأرش وإن زاد على قيمتها لأنه رضي فإن لم يكن له مال أسلمت للمجني عليه ولا شيء عليه في الولد لأنه لا يسلم أمة بولدها والابن يطأ من تركة أبيه وعلى الأب دين يغترقها فإن علم به وبادر الغرماء لزمته قيمتها فإن لم يكن له مال بيعت لهم وإن لم يعلم أتبع بقيمتها في عدمه وكانت له أم ولد وقال غيره هذا بخلاف وطء السيد وعلى السيد إسلامها في عدمه وإن لم يعلم بالجناية ( لأنه لو باعها ولم يعلم بالجناية ) وأعتقها المبتاع لم يكن له ذلك فوتا ولو باعها الورثة ولم يعلموا بالدين واعتق المبتاع لم يرج العتق وإنما لهم الثمن إن وجدوه وإلا اتبعوا به من أخذه في التنبيهات قوله أو ماتت قبل سيدها وقبل الحكم لا يكون على السيد شيء لم يذكر ألها ما أم لأبيه عليه قال عبد الملك إن كان لها مال وهو عين فللمجروح عقله منه وإن قصر لم يكن للمجروح غيره وإن كان عرضا خير سيدها في افتكاكه بالأرش أو إسلامه وقوله إن مات السيد فلا شيء على أم الولد وقال غيره إنما ذلك إن قاموا على السيد حيا لم يبين ما على السيد ها هنا وظاهر قوله أن مذهبة إلزام السيد الأقل من قيمتها أو الأرش وكذلك جاء مفسرا في سماع أصبغ وعن سحنون لا شيء على ورثة السيد ولا يكون لهم أن يفتكوها من مال السيد ويكون ذلك عليه يتبع بالأقل من قيمتها أو أرش الجناية فيتحصل ثلاثة أقوال عند ابن القاسم ذلك على السيد وعند سحنون عليها وعن ابن القاسم لا شيء عليها ولا على السيد إلا أن يكونوا قاموا عليه في النكت قيل الأمة الجانية إذا وطئها السيد إلا أن يكونوا قاموا عليه في النكت قيل الأمة الجانية إذا وطئها السيد عالما بالجناية ولا مال له إنا تسلم إن لم يكن فيها فضل وإلا تبع بقدر الأرش أو الباقي بحساب أم الولد على أحد الأقوال ولابد أن تستبرأ المة الجانية إن لم يظهر حمل ولا يتهم في الإقرار بالوطء كانت وخشا أم لا قال بعضهم إن حملت فالقيمة إنما تكون يوم الحمل لا يوم الحكم لأن فوتها بالحمل وإن كان لها مال قومت بمالها عند ابن القاسم وغيره بخلاف أم الولد الذي اختلف في بقويمها والفرق تعلق الجناية برقبة هذه ومالها ووطؤها منع من رقتبها بالحمل وهو حادث وأم الولد ممنوعة الرقبة فاحتيج في قيمتها لما لها وإذا وطىء الأمة عالما وسلمها لا شيء عليه في الولد والابن يطأ من تركة أبيه يلزمه قيمة الولد لأن الأمة الجانية لا تسلم بولدها وإن حدث بعد الجناية وفي الدين تباع مع ولدها وألزم الواطىء عالما الأرش ولم يحلف إنه لم يقصد التزام الأرش كما إذا أعتق عبدا بعد الجناية لنه في العتق ( يقول اردت ) أن يتبع هو بالأرش في ذمته ولا حجة له في الحمل وواطىء الأمة من تركة أبيه إنما يلزمه الأقل من قيمتها أو الدين وإن وطئها عالما بالدين لا يلزمه الدين كله فما يلزمه الأرش كله في الجناية إذا علم بجنايتها لأن الدين لا يتعلق بعينها خاصة وإنما الحكم أن تباع فيه فإن كان أقل فهو الذي اتلف على الغرماء وإن كان دينهم أقل فلا حجة لهم والجناية متعلقة بالرقبة ولو هلكت الرقبة بطلت الجناية قال التونسي في الموازية إذا جنت أم الولد يفديها بالجناية كلها أو ليسلمها قال وهو صواب لأنه إذا قدر على إسلامها لم يفدها إلا بالجناية كلها كالعبد والأحسن تقويم أم الولد بحالها لأنها لو كانت أمة أسلمها بما لها فكذا يجب أن يفديها وفي الكتاب خلافه ولذلك إذا ولدت من غير سيدها أن يسلم الولد معها لأن الجناية متعلقة بعينها وهو من نمائها فيكون للمجني كما لو هلكت ضمانها منه وكذلك إن اعتلت علة بعد الجناية أسلمها معها وإذا مات ولا مال له فلا شيء عليه ولا عليها وقال غيره ذلك عليها لأنها الجناية وفي الموازية إن ترك السيد مالا أخذت الجناية من ماله وقد يقال لا شيء على السيد إن ترك مالا لأنه إنما بطلت بقيمتها يوم يقام عليه وله مال والتركة ملك غيره بالإرث إلا أن يقال الجناية متعلقة بذمته وإن جني عليها أو مات السيد قبل قبضه فقيل ذلك لها وقيل لسيدها وهو الأصور وإن جنت الأمة فباعها سيدها ولم يعلم فأولدها المشتري فإن افتكها السيد تم البيع وإن لم يفدها البائع فداها المشتري بالأقل من قيمتها أو دية الجناية ويرجع على البائع بالثمن إلا ما يقع على المشتري من قيمة الولد يفض الثمن على قيمة الولد والأم كأنه اشتراهما معا ورجع على البائع بحصة الأم قال وفيه نظر لأنه لم يكن معها وقت البيع قال ابن سحنون إن جنت أم الولد على رجلين موضحة فقام أحدهما فأسلم إليه سيدها قيمتها ولم يعلم بالآخر وكانت قيمته يوم الأرش سواء فلم يقم الثاني حتى جرحت ثالثا موضحة ثم قام هو والثاني رجع السيد على الأول بخمسة وعشرين لأنه إنما كان له يوم قام نصف الجناية ثم ينظر إلى قيمتها اليوم فإن كانت ستين فقد جنى على الثالث فعتقها المفتك وهو فارغ والنصف الآخر وهو مرتهن بجناية الثاني فنصف موضحة في النصف الفارغ فيفتكه السيد منه بخمسة وعشرين لأن نصف جنايته أقل من نصف قيمتها الآن والنصف الثاني بينه وبين الثاني على ما بقي لهما والبباقي في جنايته وللثاني في جميع جنايته فيقتسمان نصف قيمتها ثلاثا وثلاثين فللثالث ثلاثة عشر وللثاني الباقي وعن ابن القاسم إن قام الثاني أو الثالث رجع بنصف ما أعطى الأول ويعطي هذين إن شاء دية جرحهما أو قيمتها الآن فتكون بينهما نصفين وأنكر سحنون قوله نصفين ودية جرحهما كاملا وإن جني على أم الولد فأعتقها قبل أخذ الأرش قال محمد هو لها كمالها وقال أشهب للسيد لأنه استحقه قبل العتق وأما العبد يعتقه أو يهبه بعد علمه بالجرح فلسيده وإن لم يسلمه بخلاف ماله وقال أشهب في أم الولد الذمي لا يفديها إلا بجميع الأرش فإن جنت فأسلمت قبل الحكم قال ابن حبيب يفديها وتعتق عليه ويسلمها لأنها مرتهنة بالجناية قبل أن تسلم فإن أسلمها وفي ثمنها فضل بيع منها للجناية وعتق الباقي وإن كانت كفافا أو أقل من الجناية وقت للمجني عليه فإن أسلمت ثم جنت قبل أن يحكم بعتقها عتقت وعلى السيد الأقل من جنايتها أو قيمتها كأم ولد المسلم لأنه لم يكن يقدر على بيعها ولا إسلامها ولو ماتت قبل الحكم يعتقها لورثتها بالرق وإن قتلت أخذ قيمتها قيمة أمة وإن أسلم فهو أحق بها وإن جني عليها فالأرش لسيدها في القياس والاستحسان أن يكون لها إن لم يسلم سيدها ويعرفه ابن حبيب مرة بالجناية قبل الإسلام أو بعده استحسان والقياس عدم الفرق لأن إسلامها ليس بعتق ولأن الجناية إنما تستحق يوم الحكم وقد صادفها ذلك قبل العتق فوجب على السيد الأقل من قيمتها أو الأرش ولم يكن له أن يسلمها لأنها بالإسلام صار لها حكم أم الولد المسلم لأنه حكم بين مسلم وذمي وعن ابن القاسم إن أسلمت ثم جنب قبل أن تعتق عليه ( اتبعت بالجناية دون سيدها ولا يجتمع انها تعتق عليه ) ويغرم قال اللخمي إن قتلت أم الولد خطأ أربعة أقوال قال مالك يفديها بالأقل من الجناية أو قيمتها يوم الحكم وقال المغيرة الأقل من الجناية أو القيمة يوم جنت وقال ابن عبد الحكم لا شيء عليه بل في ذمتها وقال ( ابن الجهم ) يخير السيد بين أرش الجناية أو يسلم ما بقي له فيها من الخدمة فيستخدمها أو يؤاجرها ولا يلحقه من جنايتها أكثر مما يملك فإن وفت رجعت إليه وإن مات عتقت واتبعت بالباقي قال وهو أبين كالمدبرة بل أم الولد أقوى حرية فإذا لم تلزمه قيمة المدبرة فأولى ها هنا وإذا جنت ثم جنت قبل الفداء قيل إن كانت قيمتها مثل أقل الجنايتين فإنها تكون بينهما بالسواء لأنه لو انفرد أحدهما أخذ جميعها فلا عبرة بالأكثر بخلاف المفلس يكون ماله أقل الدينين لأن تلك معاملات تؤثر فيها في يديه بالقلة والكثرة بحسب ما تسلم وله ذمة تتبع وإن استوت الجنايات وقام أحدهما أولا فله الأقل من جنايتها أو نصف قيمتها يوم الحكم له فإن قام الأول ولم يعلم بالثاني فافتداه منه السيد ثم قام الثاني نظر ما ينوب الأول في الحصاص لو علم بالثاني فيترك وانتزع منه السيد الفضل ثم دفع للثاني الأقل من جنايته أو نصف قيمتها اليوم وإن علم بالجنايتين فافتدى من الأول دون الثاني حتى جنت على ثالث فالجناية الثالثة تفض على نصف لا جناية فيه نصف فيه جناية وإذا جنت الأمة ثم أولدها سيدها يختلف فيها في أربعة مواضع إذا كان غير عالم موسرا هل القيمة يوم الحكم أو يوم الحمل وإن كان معسرا غير عالم هل تمضي أم ولد أو يأخذها المجني عليه وإن كان عالما موسرا هل تعد إصابته رضا فيحمل الجناية أم لا ( وإن كان معسرا أو كان له أن يأخذها هل يتبعه بقيمة الولد أم لا ) قال ابن القاسم في الأول القيمة يوم الحكم وفي الثاني تمضي له أم ولد بالأقل من قيمتها أو قيمة الجناية كالمحبل أمة من تركته أبيه وفي الموازية إن كان عالما موسرا فهو رضا بحمل الجناية وهذا إذا علم الجناية وما يوجبه الحكم أنه يمنع منها إلا أن يتحملها فإن جهل حلف أنه جهل الحكم وفي الموازية إذا حملت بعد الجناية اسلم ولدها معها فعلى هذا إذا كان عالما فقيرا وأسلمت الأمة اتبع بقيمة الولد
فرع في الكتاب جناية العبيد بينهم كالأحرار نفس العبد بنفسه وجرحه بجرحه ويخير سيد المجروح في المجروح في القود وأخذ العقل إلا أن يسلم إليه الجاني لأن العبد فيما جنى وإن قال سيد المجروح لا أقتص بل آخذ الجارح إلا أن يفديه سيده بالأرش ( وقال سيد الجارح إما أن تقتص أو تنزع فالقول لسيد المجروح وكذلك في القتل ) لأنه المستحق وإن مات الجاني قبل تخيير السيد بطلت الجناية لأنه تلزمه القيمة يوم الحكم ولا قيمة للميت وإن كان للجاني مال فهو مع رقبته في جنايته أو يفديه سيده بالعقل وللجل أن يقتص من عبده لعبده في النفس والجرح ولا يكون ذلك إلا عند الإمام بالبينة وإن جرح عبد أو قذف فادعى سيده عتقه قبل ذلك لم يصدق وأرشه أرش عبد يكون للعبد دون سيده لإقراره بحريته وإن جرحه السيد أو قذفه فثبت أنه أعتقه قبل ذلك فلا شيء عليه إلا أن يحكم عليه بالعتق وحكمه حكم الحر مع الأجنبي دون السيد استصحابا للشبهة وقال غيره إن جحد العبد وثبت ببينة فله حكم الحر له وعليه مع السيد وغيره قال التونسي إن جرح عبدين ليس له أن يسلم بعضه ويفدي بعضه إلا أن يكون لهما سيدان فله الفداء من أحدهما والإسلام للآخر وإن جنى عبدان على عبد فإنه يسلم أحدهما بنصف الجناية إن شاء ويفتدي الآخر ولاي نظر لقيمة الجارحين بل قيمة العبد المقتول أو الجرح وفي الموازية إن قتل عبد بينهما أجنبيا ثم قتل آخر سيده خير ورثة المقتول في إسلام نصفهم بجنايته وافتدوه بنصف الجناية لأن هذا النصف جنى على سيده وأجنبي وعلى السيد يطرح لا يحاص به كما لو قطع يد أجنبي ثم قطع يد سيده فخير السيد في إسلامه في الجناية كلها ولا يحاص الأجنبي أو يفديه فإن أسلم النصف للأجنبي قيل للمجني عليه نصفك جنى على الأجنبي نصف جناية وعلى شريكك نصف جناية فإن أسلمته فهو بينهما نصفان أو يفديه فإن أسلمه النصف لأجنبي صار ثلاثة أرباعه للآخر وربعه لورثة الشريك وإن جرح عبد كما أحد كما قيل لغير المجروح إما أنت تسلم نصيبك كله أو تفديه بنصف دية الجرح فإن جني عبدان على رجل ثم قتل أحدهما الآخر وسيدهما واحد خير في فداء الباقي بالجناية كلها وذلك دية حر وقيمة الغلام ما كانت لأن في رقبة كل واحد منهما نصف دية الحر يفديه سيده أو يسلمه وإن قطع عبد يد حر ثم يد سيده ثم يده ثم جنى آخر على العبد فقطع يده قبل أرش العبد الأول قالم محمد هذا ضعيف بل يكون للأول لأنه جني عليه بعد استحقاق الأول رقبته فينظر ما هو فيحط من جرح الأول فإن كان ثلث جرحه سقط ثلث جرح الأول أو ضرب بثلثي دية جرحه في رقبة العبد وضرب للثاني بدية جرحه كلها لأن الجناية على الثاني بعد أن قطعت يده إذ هو أحق برقبة العبد فوجب أن يحط بالذي أخذ من جنايته فلهذا ضرب في رقبة العبد ببقية جنايته ويضرب للثاني بجنايته كلها وإن جنى العبد بعد قطع يده على ثالث فقطع يده بحسب ما نقص العبد بجنايته كأنه استوفاه وتبقى له بقية جنايته الأول ثلثها فيبقى له ثلثان سهمان وجناية الثاني ثلاثة اسهم فإن كانت الجنايتان مستويتين فهو بينهما على خمسة أسهم فإن جرح عبد عبدا موضحة فلا قود بينهما ولا يخير السيدان فإن اختلفت قيمة رقابهما خير سيد الدني في فدائه بما فضل من موضحة الرفيع أو يسلمه وقال محمد يخير سيد الجارح الأول ( فإن أسلمه كان للعبد الجارح الآخر ولا شيء لسيد الجارح الأول وإن فدى غيره الجارح الأول وطلب جرح عبده قيل لسيده أقده أو أسلمه فإن اصطدم عبدان فماتا تساقطا وإن اختلفت أثمانهما إلا أن يكون لهما أموال فيكون مثل الجراح حينئذ وإن جرح العبد وقال السيد أعتقته قبل ولم يصدق وقال الجارح أمكنه من القصاص فذلك له ولا يلزمه ما نقص العبد لإقرار السيد أنه حر وإن كان خطأ أقل من الثلث فعليه الأقل من ديته حرا وما نقص من قيمته وإن بلغت الثلث لا تبع بالجناية لأنه يصدق سيده فلا يلزمه ولا العاقلة لأن قول السيد لا يلزم العاقلة وإن كانت الجناية بينه وبين السيد وثبتت وقد اختله فلا يرجع العبد بالغلة عند ابن القاسم ولا بأرش الجرح ولا صداق المثل إن وطئها ولا بما نقصها وقيل يرجع بالكل غير أنه لا يجب وكذلك قال ابن القاسم وإن اشتراه فثبتت لم يرجع بالغلة وإن هلك لم يضمن ثمنا أو استحقت أنها حرة لا صداق لها وخالفه المغيرة وهو القياس قال اللخمي إن جرح العبد رجلا فقال السيد أعتقته قبل وكذبهما المجروح وللعبد مال أخذ منه دية الجرح وإلا خير السيد بين فدائه أو إسلامه فإن فداه عتق عليه بإقراره وإلا أخذه المجروح رقيقا وإن صدقهما اقتص أو يخير على دية الجرح ويتبعه في الذمة وإن صدق السيد وقال العبد أنا عبد امتنع القصاص وله دية الجرح من العبد لأن السيد لا يمكن من جرح العبد وإن قال العبد أعتقني سيدي وصدقه المجروح وكذبه السيد قدم السيد صونا لماله وخير بين الفداء بدية الجرح ويبقى في يده عبدا أو يسلمه فيقتص منه ويكون حرا
فرع في الكتاب إن أقر العبد بما يلزمه في جسده قتل بخلاف المال وقد تقدم في الحدود بسط هذا الفرع
فرع قال إن جنى المكاتب وأدى جميع العقل بقي على كتابته وإلا عجز وخير سيده في فدائه وإسلامه وعجزه عن الأرش من قبل القضاء وبعده سواء وإن قوي على الحال من الكتابة دون حال الأرش فقد عجز ولا ينجم عليه الأرش كقيم المتلفات بخلاف العاقلة لأنها غير جانية فإن عجز عن الأرش وأداه السيد فقد عجز وإن جنى على سيده فلم يعجل له الأرش عجز والأرش أقوى لتحقق سببه والكتابة لطف بالعبد لا معاوضة محققة وله دفع أم ولده في جنايته إن خاف العجز كبيعها في عجزه وإن صالحه أولياء جناية العبد على مائة فلم يؤدها حتى عجز فإن ثبتت خير في إسلامه وافتدائه بالأقل من المائة أو قيمة الأرش وإن أقر بقتل فصولح على مال امتنع قتله في العمد لإقراره فإن لم يقتصوا لم يكن لهم في ماله شيء ولا في رقبته إن عجز وإن أقر بقتل خطأ لم يلزمه شيء عجز أو عتق لأنه مال لا يلزم أو بدين لزم ذمته عتق أو رق وإن قتل رجلا عمدا له وليان فعفا أحدهما فإن أدى المكاتب للآخر نصف الدية وإلا عجز وخير سيده في إسلام نصفه أو افتدائه بنصف الدية ولا شيء لعافي إلا أن يزعم أنه على الدية ويهتدف إلى ذلك وإلا فلا يقبل قوله وإن جنى ثم عتق بالأداء قبل القيام عليه فلا عتق له إلا أن يؤدي الجناية حالة وإلا رق وخير سيده في فدائه أو يسلمه ويؤدي معه ما اقتضى من نجم بعد الجناية لأن الخروج من الرق فرع الخروج من الجناية لقوة سببها وتعلقها بلا رقبة وإن مات وعليه دين وجناية خطأ فماله للدين لأن الجناية في رقبته فإن فضل شيء فهو لأهل الجناية وإن لم يكن دين فالمال للجناية دون السيد إلا أن يدفع الأرش والعبد مثله وإن لم يترك مالا بطل الدين وإن حدث للمكاتب ولد في الكتابة لم يلزم الولد دين ولزمته الجناية في حياة الأب وإن عجز الأب ليخلص نفسه من الرق لأنه تبع لأبيه فإن لم يؤدها عجز قال غيره وكذلك الدين إذا لم يؤده الولد عجز إذ لا تؤدي كتابة قبل دين وإلا فإن عجز أسلم السيد الجاني وحده أو فداه والدين باق في ذمته قال غيره وإن أدى الولد الدين والجناية وعتق لم يرجع على أبيه بشيء لأنه خلص نفسه قال ابن القاسم إن مات الأب قبل القيام عليه ولم يترك مالا بطلت الجناية والدين ولم يلزما الولد ( وهو عديم ) إنما كان للأب معونة مال الولد في خوف العجز في حياته فإن طولب الأب وهوعديم فاختار الولد أداها وتمادى على الكتابة فلم يؤدها حتى مات الأب لزمته وإن مات مكاتب مديونا وترك عبدا قد جنى قبل موته أو بعده فالجناية أولى بالعبد لتعلقها برقبته إلا أن يفتكه الغرماء بالأرش وكذلك عبد الحر المديان ومن جني مالا تحمله العاقلة وعليه دين وليس له إلا عبد اشترك فيه الجناية والدين للزومهما في الذمة في التنبيهات قوله أرش الجناية حال معناه إذا كانت قتل نفس فالدية حالة بخلاف الحد وقيل في العبد يفديه سيده في قتل الخطأ بالدية إنها تنجم عليه ويلزم ذلك في المكاتب إن عجز عنها حالة وفداه سيده تنجم على السيد وإن لم تنجم على المكاتب لأن في تنجيمها على المكاتب والعبد إضرار السيد إذ لا يمكن أن يؤدي إليه من الكتابة شيئا حتى يؤدي الجناية وتأخير الكتابة ثلاث سنين ضرر قال ابن يونس قيل إن أدى عنه سيده الأرش على أن لا يرجع بما أدى بقي على حاله مكاتبا لأن الجناية سقطت وعلى أن يتبعه فعلى مذهب من يرى أنه يعجز عبده عن الكتابة يرجع له العبد رقا وإن باع أم ولده من غير خوف العجز فعلى القول بأنها أم ولد إذا عتق قيل ينبغي أن ير البيع إلا أن يفوت بغير حرية فيمضي ذلك فيها لأن غايتها العتق وقد حصل وعلى القول بأنها لا تكون أم ولد لا يرد البيع قال أشهب عجز المكاتب عن ديته كعجزه عن الأرش يبطل الكتابة ويتبع بذلك في ذمته وخالفه محمد لأن العبد المدين العاجز عن الدين يصح أن يكاتب ولا تصح مكاتبته وفي عتقه جناية وإن قلت فقد قال مالك إن أدى كتابته فقام غرماؤه لطلب ما أدى لا سبيل لهم عليه إلا أن يكون المأخوذ من أموالهم قال التونسي اختلف في ولدها يولد بعد الجناية هل يسلم معها أم لا قال فإن قيل اذا جنى ولد في الكتابة وهم ليسوا حملاء بالدين فيؤدي الدين من خرجه ويؤدون هم الكتابة التي هم حملاؤها ويبقى عليه الدين في ذمته فإن أداه من خراجه وإلا اتبع به قيل يلزم إذا لم يقدر على أداء الجناية التي جناها هو إذا عجز عنها لا يؤدوا معها لأنهم إنما تحملوا الكتابة فسلم هو في الجناية ويحط عنهم ما ينوبه من الكتابة ويؤدون البقية أو الكتابة كلها إن تعذر إسلامها بموته ويعتقون قال وفيه نظر فإن جنى أحد المكاتبين على أجنبي فأدى الجناية بقي على الكتابة فإن أداها عتق ولا تراجع بينهما أو أدهاها الآخر لعجز الجاني ثم أديا الكتابة رجع على الجاني بما أدى عنه إلا أن يكون ممن يعتق عليه فلا يرجع عند ابن القاسم ويرجع عند أشهب كما لو أدى عنه دين فإن كانوا أخوين وأجنبيا فجنى أحدهما على الأجنبي فأدى الجناية وهو يقوى على الكتابة لم يرجع بعضهم على بعض وإن أداها أخوه وأدوا الكتابة فلا رجوع عند ابن القاسم ' لأنه فك رقبته من الرق أو أدى الأجنبي رجع على الجاني فإن أدوا الكتابة وعتقوا فأيسر غير الجاني رجع عليه بنصف الجناية لأنه يجب أن يشاركه لتساويهما في الحمالة فإن أيسر الجاني بعد ذلك رجعا عليه بالجناية ويرجع الآخر ها هنا وهو ممن يعتق عليه لأن عدم الأخ وقع بعد عتق الجاني فإن ايسرا معا والجاني عديم فأديا الجناية رجع الأجنبي دون الأخ لأن بالأداء فك رقبته ولا رجوع لأجنبي بعد العتق لتساويهما في الغرم قال ويلزم على هذا لو لم يجد أحدهم وأدى الأجنبي الكتابة لعجزه عنها ثم وجد أحد الأخوين موسرا أخذ منه قدر ما أدى عنه وإن قتل مكاتب مكاتبا معه في الكتابة غرم قيمته فإن وفت الكتابة عتق بها الجاني والفاضل للسيد ويرجع السيد على الجاني بقدر ما عتق منه من القيمة كانا أجنبيين أو قرابة وإن كان أخوه فلا يرث من القيمة لأنها كدية العمد لا يرث القاتل إذا عفا عنه ولا من المال وإن كان القتل خطأ أخذ القاتل بقية ماله إن كان يرث وغرم قيمته واتبعه السيد بقدر ما عتق قال ابن القاسم يغرم الأخ قيمة المقتول فإن كانت مائة وبقية الكتابة مائة وترك المقتول مائة أدى القيمة فيعتق بها ويرجع عليه السيد بخمسين إن تساويا في الأداء وأخذ الأخ مائة تركه المقتول إن كان القتل خطأ لأنه يرثه من ماله لا من ديته فحمله غرم القاتل عند ابن القاسم خمسون وقال عبد الملك يؤدي بقية الكتابة من القيمة التي غرمها الجاني من ماله فيؤخذ من القيمة خمسون ومن التركة خمسون يدفع في الكتابة ثم يرجع السيد عليه بالذي عتق به من القيمة هو خمسة وعشرون ويأخذ السيد الخمسين الباقية من القيمة ويأخذ المكاتب الخمسين الباقية من المال فإن كان معهما أخ ثالث والقتل خطأ فغرم قيمته ووفت الكتابة وردع الأخ عليه بقدر ما عتق به من القيمة فكان ما ترك المقتول بينهما إن كان القتل خطأ وإن كان عمدا فذلك للذي يقتل فإن كان القتيل عديما وليس معهما أخ ثالث رق إن كان القتل عمدا وإلا عتق فيما ترك كأنه أداه من عنده ورجع عليه السيد بقدر ما عتق به منه فإن كان معهما أخ ثالث والجاني عديم وترك المقتول مالا فينبغي أن يعتق القاتل بمال المقتول إن كان القتل عمدا ويعتق به الأخ الذي لم يجن ويرق القاتل فإما أن يدفعه سيده لأخيه يباع عليه ولا يعتق عليه أو يقدم بقيمة المقتول فيكون عبدا للسيد قال اللخمي إذا جنى المكاتب وأدى الجناية بما في يده وبقي ما يرجى أن يسعى فيه أرى أن يسعى حتى يؤدي الكتابة ولا يكون له تعجيز نفسه وكذلك إن بقي ما إن تلوم له رجي له القدرة على السعي وإن لم يرج له ذلك عجز وخير سيده ولا أرى أن يمكن من تعجيز نفسه إلا بعد كشف السلطان لما عنده وإن لم ينظر قوته من ضعفه حتى أدى الجناية ثم بين أنه كان غير قادر على الجميع مضى فعله لأن السيد لا يختار إلا بقاءه من غير غرم عليه وحيث يرد السيد ما أخذ من الكتابة إن كان من غير خراجه فإن كان من خرجه فمن قال هو مملوك للمجني عليه من يوم جنى أسلم خراجه ومن قال غير مملوك لم يسلمه وإطلاق الكتاب يصح على أحد القولين وإن جنى على المكاتب أخذ السيد الأرش وليس للمكاتب أخذه ليتجر فيه لأنه ثمن رقبته فإن كانت الجناية كفاف الكتابة كان حرا أو فيها فضل أخذه المكاتب لأنه ليس عليه إلا الكتابة أو أقل من الكتابة حاسبة به من آخر نجم فإن عجز عن أول نجم لم يكن عليه أن يؤدي ذلك له فغن قتل وفي القيمة فضل عن الكتابة ومعه ولد في الكتابة فهو له وإن لم يف بالكتابة حاسب السيد بها الولد من آخر النجوم وإذا قتل قوم عبدا لا كتابة فيه لأن الكتابة والتدبير والعتق إلى أجل أو معتق بعضه سقط حكمها مع القتل إلا أن تكون قيمته مكاتبا أكثر لأنه قادر على بيعه مكاتبا فإن شج موضحة فنصف عشر قيمته مكاتبا الآن لأن جرحه لا يبطل حكم الكتابة فإن لم يكن للجرح تسمية قوم ما نقصه
فرع في الكتاب إن قتل مكاتبه عمدا أو خطأ ومعه ولد قاصوا السيد بقيمته في آخر نجومهم ويسعون فيما بقي فإن وفى ذلك بالكتابة عتقوا أو فضل أخذوه بالميراث كاتب عليهم أو حدثوا في الكتابة وكذلك إن قتله أجنبي فأخذ السيد قيمته قاصص بها كما تقدم فإن شجه السيد موضحة قاصه السيد في آخر نجومه بنصف عشر قيمته مكاتبا على حاله في أدائه أو قوته أو جرحه احتسب له بذلك آخر كتابته وكذلك المكاتبة تلد في كتابتها ولدا فيقتله السيد يغرم قيمته فإن وفى الكتابة عتقت أو فضل أخذت الأم منه ميراثها وإن قتل المكاتب ومعه أخوه أو أبوه أو ولده فعجل السيد قيمته حسبت من آخر النجوم لاحتمال العجز فإن وفت عتقوا فيها ولا تراجع بينهم أو فضل فللورثة الذين معه في الكتابة ميراثا وكذلك إن كان السيد هو الجاني ولا شيء لغرماء المكاتب أو العبد من قيمتهما قتلهما أجنبي أو السيد ولا في شيء من قبل رقبتهما من جرح أو غيره كما لا يدخلون في ثمن العبد إن بيع والدين باق في ذمتهما وعلى قاتل المكاتب قيمته عبدا مكاتبا في قوة مثله على الأداء وضعفه ولا ينظر إلى قلة ما بقي عليه أو كثيره لأن يسير الباقي يرق مع العجز وإن كاتب عبده وأمته زوجين في كتابة فحدث فهما ولد فجني على الولد ما قيمته أكثر من الكتابة فللسيد تعجيل الكتابة ويعتقون والفاضل للولد ولا يرجع على الورثة لأنه قد أرقا بهما وأما ما اكتسبه الابن فهو له وعليه أن يسعى معهم ويؤدي في الكتابة على قدر قوته ولا يأخذ الأبوان ماله إلا أن يخافا العجز وكذلك إن كان للأبوين مال وخاف الولد العجز لأن الكتابة حمالة بينهم وإن جنى عبد المكاتب فله إسلامه وفداؤه على وجه النظر وإن قتل المكاتب عبده فللسيد أن يقتص منه في النفس والجرح بأمر الإمام فإن كان معه في كتابته ولد فهل مثل ما للسيد في النفع بماله فإن اجتمعا على القصاص قتلا ومن أبى فلا قتل للثاني كعفو أحد الوليين فإن صار العبد للولد بالأداء أو السيد بالعجز لم يكن للعافي القاتل إن صار إليه وإن صار لمن أراد القتل منهما من ولد أو سيد فله القتل وإن قتل المكاتب رجلا فعفا الولي على استرقاقه بطل القتل وعادت كالخطأ وقيل للمكاتب لذا الدية حالة فإن عجز عن ذلك خير السيد في إسلامه وفدائه بالدية وكذلك العبد إذا قتل رجلا عمدا فعفا عنه الولي على أن يكون له خير سيده فإن جنى مكاتب على عبد للسيد أو مكاتب آخر لسيده معه في كتابته أم لا عجل قيمته للسيد فإن عجز رجع رقيقا وسقط ذلك عنه وكذلك ما استهلكه له لأنه أحرز ماله بخلاف العبد يجني على السيد لأن العبد لا يضمن لسيده ما استهلكه في التنبيهات في تقويم المكاتب مكاتبا كما تقدم أو عبدا قولان قال سحنون بل عبدا وذكره في الكتاب حالة وهبه معناه إن كانت في يده صناعة يكون بها ماهرا أو تأخرا في النكت قال أشهب إن قتل السد ولد المكاتبة وفي قيمته فضل على الكتابة أخذت الأم ثلث الفاضل ميراثا وسقط عن السيد ثلثاه إن كانت الجناية خطأ أو عمدا لم تسقط وغرم الجميع ويكون فضل ذلك لأولى الناس به قال وفيه نظر لأن القيمة التي تجب على السيد كالدية لا ينبغي أن يرث السيد منها شيئا بل الفاضل لأولى الناس بعد السيد قال محمد إن جنى المكاتب فقيل له أد الجناية فقال ما عندي ( فقد عجز وخير سيده بين إسلامه وافتدائه عبدا وإن قال ما عندي الآن لكن بعد أيام لا يرق إلا بالسلطان يقول له إن أديت هذا من يومك وشبهه وإلا فأنت رقيق
فرع إن قتل أحد المكاتبين في الكتابة الواحدة عمدا أو خطأ وهما إخوان أو أجنبيان فللسيد القيمة في الخطأ ويخير في العمد بين القصاص والعفو عن أخذ القيمة فإن أخذها في عمد أو خطأ ( وفيها وفاء بالكتابة عتق بها الجاني واتبعه السيد بحصة ما عتق به منها في عمد أو خطأ فإن ) كان أخا أو أجنبيا ولا يتهم الجاني أن يكون أراد تعجيل العتق بالقيمة التي أدى إن كان على أدائها قادر قبل العتق ويعتق بها فإن لم يكن للجاني مال ومعه أقل من القيمة وللمقتول مال فلا اعتقه فيما ترك المقتول إن قتله عمدا للتهمة على تعجيل العتق فإن كانت كفاف الكتابة عتق واتبعه السيد بما ينوبه منها وإلا عجز وإن أداها فلم تف بالكتابة أخذها السيد وحبس له في أخر الكتابة ويسعى القاتل فيما بقي فإن أدى وعتق رجع عليه السيد بما كان حبسه له من القيمة في حصته من الكتاب وإن كان القتل خطأ أعتق القاتل في تركة المقتول كان أخا أو أجنبيا لأنه لا يتهم ويرجع على الأجنبي بما أدى عنه المال الذي تركه المكاتب وبقيمة المقتول أيضا ولا يرجع السيد على الأخ بما عتق به من التركة لأن أخاه لم يكون يرجع عليه لو أدى عنه ويرجع عليه بقيمة أخيه لأن الأخ لا يرث من القيمة وإن قتل المكاتب أجنبي فأدى قيمته عتق فيها من كان معه في الكتابة ولا يرجع عليه بشيء إن كان ممن لا يجوز له ملكه وإن جنى أحد المكاتبين في كتابة فعجز عن الغرم ولم يؤد من معه في الكتابة الأرش حالا عجز وإن لم يحل من نجومهما وخير السيد في الجاني وحده فإن أدى الذي معه الأرش فعتق رجعا به عليه إلا أن يكون ممن يعتق عليه فإن قتلت مكاتبة ولدها عمدا لم تقتل به ولا يقاد من الأبوين ولا يعفو المكاتب عن قاتل عبده عمدا أو خطأ على غير شيء إن منعه السيد لأنه معروف يحل بالكتابة ويخير سيد الجاني بين فدائه وإسلامه رقا وإن طلب هو القصاص و عفى سيده على أخذ قيمة العبد فذلك للسيد دونه إلا أن يعجل المكاتب كتابته فيتم له ما شاء من عفو أو قصاص وإن قتل السيد مكاتبا لمكاتبه أو عبدا غرم له قيمته معجلا ولا يقاصه بها في الكتابة لأنه جنى على مال له فإن كان للمكاتب الأسفل ولد في كتابته فللمكاتب الأعلى تعجيل تلك القيمة من سيده وأخذه قصاصا من آخر كتابة المقتول ويسعى ولد المقتول فيما بقي وإن كانت كفافا اعتقوا أو فضلا أورثوه وإن ولدت المكاتبة بعد أن جنت ثم ماتت فلا شيء على الولد ولا على السيد وكذلك الأمة إن ولدت بعد الجناية ثم ماتت لا شيء على الولد ولا على السيد ولو لم تمت لم تكن الجناية إلا في رقبتها دون ولدها ولدته قبل الجناية أو بعدها قال ابن يونس قال أشهب إذا لم يكن للأخ القاتل خطأ ما يؤدي القيمة أو معه بعضها عجل تمام الكتابة من مال المقتول وعتق أو بيع القاتل بجميع القيمة وبما أدى عنه منها وإن كان في القيمة التي أدى وفاء الكتابة فإنما يؤدي الكتابة منها لا من مال المقتول وإن قتل أحد الأخوين الآخر ولم يكن السيد قبض من الكتابة شيئا وقيمة المقتول مثل الكتابة فأداها القاتل وعتق رجع عليه السيد بما عتق به منها وهو نصفها إن كانا في الكتابة معتدلين قال أشهب يرجع عليه بجميعها لموت أحد المكاتبين لأنه لا يوضع بذلك عن الباقي شيء ( قال ولا يعجبنا لأن قيمة المقتول عوض منه في النفع والميت إن ترك مالا أديت منه الكتابة ) قال محمد إذا قتل مكاتب مكاتبه وهو عديم بيع عليه كتابة مكاتبه ويكون مكاتبا لمن اشتراه فإن عجزت كتابته عن قيمة المقتول اتبعه المكاتب بذلك وهذا على قول الغير في كتاب أمهات الأولاد إذا وطىء أمة مكاتبه فحملت وعلى قول ابن القاسم فيها يحاص السيد بالكتابة في العسر فإن كانت عفافا عتق المكاتب وإن بقي شيء اتبعه به كما قاله في الأمة
فرع في النوادر إن قتل عبد عبدا وحرا فاتفق الولي والسيد على القصاص اقتص أو عدمه خير السيد في فدائه أو اختلفا قدم طالب القود وليس كقطع اليد لأنه ليس بين العبد والحر قصاص في الجراج فإذا قطع العبد بقي جرح الحر في رقبته فغن قتل عشرة أعبد لعشرة رجال قتلوا عبد رجل فله قتلهم أو أخذ قيمة عبده على كل واحد عشرة قيمته يؤديه سيده أو يسلمه وله قتل البعض ولا عبرة بتفاوت قيمهم وإن كانت قيمة أحدهم ألفا فلا تعتبر إلا قيمة المقتول فإن قتل عبد وحر عبدا عوقب الحر وعليه نصف قيمة العبد ولسيد المقتول القتل أو يستحييه ويكون له في رقبته نصف قيمة العبد مسلمة لسيده أو يفديه
فرع قال قال مالك إنما ننظر إلى قيمة الجرح بعد البرء وما نقصه يوم البرء وإن بريء بغير شين فلا شيء فيه إلا الأدب في العمد في الحر والعبد قال ابن القاسم إن شج عبدا موضحة فمات من فوره فله قيمته بغير يمين وإن عاش ثم مات حلف يمينا واحدة لما مات منها وثلث القيمة في رقبة العبد الجارح قال المغيرة وله الإقتصار على طلب الشجة ولا يحلف فيفديه بها السيد أو يسلمه وله تحليف سيد العبد الجارح أنه لم يمت من الشجة فإن نكل أسلمه أو فداه بقيمة الميت وإن أقر العبد أنه منها مات فله قتله فإن استحياه خير سيده وإن شهد شاهد أن عبدا قطع يد عبد فأراد السيد القصاص حلف العبد أو العقل حلف السيد قاله المغيرة وقال مالك بل السيد في الوجهين لأنه مالك المال
فرع قال إذا أعتق المجروح فغن بريء ولم يسر فلسيده مبلغ ذلك من ديته عبدا وإن زاد بعد العتق فالزيادة للعبد على أنها من دية حر فإن زاد لزوال عضو فللعبد ديته من حر ولسيده أرش الجرح وإن بدأت باضعة لمنقلة بعد العتق فإن لم يستفد طرح أرش الباضعة من عقل منقلة عن حر والباقي للعبد وإن عتق بعد الجرح فتناهى للنفس سقط الجرح ولا قصاص للسيد ولا أرش وقال ابن