كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي
سقت السماء العشر ولأنه أعم منفعة من القطاني ولأن الشام لما فتح أمر عمر رضي الله عنه بأخذ الزكاة من الزيتون ولم يخالفه أحد فكان إجماعا وعلى الآية سؤلان الأول إن الزيتون لا يؤكل من ثمره إذا أثمر فلا يكون مرادا الثاني أن لفظ الحصاد ظاهر في الزرع فيخص الحكم به قال سند قال ملك لا زكاة فيما يؤخذ من زيتون الجبال وثمارها المباحة لعدم الملك فيه قبل الحوز أما لو حازه قبل ذلك وسقاه وتعاهده على هيئة عادة تنمية الأملاك زكى وما يؤخذ من أرض العدو إن جعله غنيمة ففيه الخمس الثاني في الكتاب إذا بلغ حب الفجل والجلجلان خمسة أو سق أخذت الزكاة من زيته فإن بيع حبا أخذ من حبه لأن الحاجة تدعو إلى زيتهما في القوت مثل القطاني وأكثر قال سند وقال أصبغ في بزر الكتان الزكاة وهو أعم نفعا من حب القرطم خلافا لرواية ابن القاسم قال أصحابنا وعلى القول يتزكية حب الفجل يزكى بزر السلجم لعموم نفعه بمصر والعراق ومثله زيت الجوز بخراسان قال وفي السلجم نظر لأنه لا يؤكل حبه ولا دهنه ولا بد من اعتبار الأكل وفي الجواهر في حب الفجل وزريعة الكتان والقرطم ثلاثة أقوال ثالثها التفرقة بين كثير الزيت فتجب وبين قلته فلا تجب وهي رواية ابن وهب والنفي لابن القاسم من بزر الكتان قال وتجب الزكاة في كل ماله زيت وهذا الإطلاق يجب تقييده فإن الجوز وغيره فيه الزيت ولا زكاة فيه الثالث قال سند ولا يختلف المذهب في عدم الزكاة في العسل خلافا ل ح محتجا بأن هلالا جاء إلى رسول الله بعشور نحل له وسأله أن يحمي له واديا يقال له سلبة فحماه له فلما ولي عمر رضي الله عنه كتب إليه عامله يسأله عن ذلك فكتب إليه إن كان يؤدي إليك ما كان يؤديه إلى النبي فبقه ولأنه مما تنمى له الأرض والجواب عن الأول أن المأخوذ قبالة حماية الوادي وعن الثاني أنه ينتفض بالسمن فإنه يطلب له الربيع لنا ما في الموطأ أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله أن لا يؤخذ من العسل ولا من الخيل صدقة الرابع قال في الكتاب لا زكاة في الفواكه كالجوز واللوز ونحوهما وقاله ش خلافا ل ح وعبد الملك منا وابن حنبل فيما يكال منها لأنها لا تدخر للقوت غالبا ولأنها لا تؤدى منها مواساة الأقارب في نفقاتهم فأولى المساكين لتأكيد حق الغريب قال سند قال ابن القصار إنما أسقط مالك زكاة التين لعدمه من المدينة وتحتمل الزكاة قياسا على الزبيب وهو كثير في الأندلس كما أن الأرز بالعراق أكثر من البر والذرة باليمن أكثر من غير اليمن ولذلك قال مالك لا زكاة في القرطم وبزر الكتان فقيل له إنه يعصر منه زيت كثير قال فحينئذ فيهما الزكاة فكذلك ها هنا ويحتمل عدم الوجوب لندرة ذلك في البلاد أو لأنه لم يكن بالمدينة وهو موضع الأحكام البحث الثاني في قدره والنصاب عندنا معتبر وعند الكافة إلا ح أوجب في القليل والكثير لعموم قوله فيما سقت السماء العشر ولأنه لا يشترط الحول فيه فلا يشترط النصاب لنا قوله في الموطأ
ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة والمقيد مقدم على المطلق وجواب مستنده أن الكلام إذا سيق لمعنى لا يحتج به في غيره وهذه قاعدة أصولية فإذا قال
إنما الماء من الماء لا يستدل به على جواز استعمال الماء المستعمل لأنه لم يرد إلا لبيان خصر موجب الغسل فكذلك ها هنا إنما ورد لبيان الجزء الواجب لا لبيان ما يجب فيه فلا يستدل به عليه وأما الحول فلأن الشرع إنما اشترطه لتحصيل النماء في إنباته والنماء قد كمل هنا فحصلت مصلحة الحول بخلاف النصاب وفي الجواهر النصاب خمسة أوسق الوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالبغدادي وقال المتأخرون هو ستة أقفزة وربع قفيز بالقفيز القروي وقال ابن القاسم هو عشرة أرادب بالمصري وفي الجلاب هو ألف وستمائة رطل بالبغدادي فائدة قال صاحب الجواهر وقفت من تحرير مقادير أوزان الزكاة ومكاييلها على ما رأيت أن أثبته رجاء النفع به وهو ما خرجه النسائي قال رسول الله
المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة وخرج أبو داود عن ابن حنبل قال عبرت مده رطل وثلث ولا يبلغ في التمر هذا قال وبحثت غاية البحث فأخبرني كل من وثقت بتمييزه أن دينار الذهب وزنه بمكة اثنان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير المطلق والدرهم سبعة أعشار المثقال فالدرهم المكي سبعة وخمسون حبة وسبعة أعشار حبة وعشر عشر حبة فالرطل مائة وثمانية وعشرون درهما بالدراهم المذكور قال ووجدنا أهل المدينة لا يختلف منهم اثنان في أن مده الذي تؤدى به الصدقة ليس أكثر من رطل ونصف ولا أقل من رطل وربع وقال بعضهم رطل وثلث وليس باختلاف ولكن بحسب المكيل من التمر والبر والشعير ومن غير الجواهر الرطل البغدادي مائة وثلاثون درهما بالدرهم المذكور تنبيه الدرهم الشرعي سبعة وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة بحب الشعير الوسط فإن كمل سبعة مثاقل عشرة دراهم فإذا قسمتها على السبعة خرج هذا القدر ودرهم مصر أربعة وستون حبة قال في الجواهر والرطل الشرعي مائة وثمانية وعشرون درهما ويكون قدره بدرهم مصر مائة وخمسة عشر درهما وأربع عشرة حبة وخمس حبة والمد الشرعي ما وسع رطلا وثلثا بالرطل الشرعي قال سند من الزبيب أو الماس أو العدس قال صاحب البيان قيل من الماء وقيل من الوسط من القمح وقيل رطل ونصف وقيل رطلان وتسع رطل مصر وعلى القول برطل وثلث وهو المشهور رطلا وتسعة دراهم بدراهمها وثلث وربع درهم وثلثي حبة وعشر حبة وثلثي عشر حبة والصاع الشرعي خمسة ارطال وثلث بالرطل الشرعي وبرطل مصر أربعة أرطال وربع ودرهمان ونصف بدرهمهإلا ثلثي حبة والنصاب الشرعي ألف وستمائة رطل بالبغدادي لأن مالكا لما ناظر أبا يوسف فيه وأتى أهل المدينة بأمدادهم التي كان آباؤهم يؤدون بها الزكاة إلى النبي اعتبره هارون الرشيد برطل بغدادي فوجده هذا القدر ولعله اليوم قد زاد أو نقص فإن هذه أمور غير منضبطة في البلاد فيكون برطل مصر الفا ومائتين وثمانين رطلا وسدس رطل ودرهمين ونصف وربعا وثمنا بدرهمهما فيكون بأردب مصر خمسة أرادب وثلث وسدس رطل ودرهمين ونصفا وربعا وثمنا بدرهمهما هذا على ما في الجواهر أن الرطل ثمانية وعشرون درهما وقال سند هو ثلاثون درهما فعلى قوله يكون خمسة أرادب وثلثا ونصف سدس أردب ورطلين وثلث رطل برطل مصر وعشرة دراهم ونصف وربع وثمن بدرهمهما وأما قول ابن القاسم هو عشرة أرادب فيحتمل أن يكون الأردب حينئذ صغيرا ويؤكد ذلك ما في الجواهر في كتاب النفقات قال ابن حبيب ويبة مصر اثنان وعشرون مدا بمده فتكون تسعة وثلاثين رطلا وثلثي رطل بالرطل الشرعي وهو اليوم أربعون رطلا برطل مصر قال صاحب التنبيهات في كتاب السلم الويبة بمصر عشرون مدا والأردب بفتح الهمزة أربع ويبات ذكره في السلم والأردب اليوم ست ويبات والويبة أربعون رطلا برطل مصر وهذا التقدير الذي يجوز في النصاب هو على ويبة مدينة مصر وأردبها وأما الضياع والقرى فأردبها أكبر بكثير وهي متفاوتة الكثرة قال سند وتحديد النصاب عندنا للتقريب حتى لو نقص اليسير وجبت الزكاة كما في النقدين خلافا لبعض الشافعية أنه للتحقيق والنصاب عند مالك من حب الزيتون كسائر المعشرات وقال عبد الملك إن احتاج أهله للانتفاع ببعضه أخضر خرص وأخذت الزكاة من زيته فروع ستة الأول في الكتاب يعتبر النصاب في حصة كل واحد من الشركاء في جملة أمور الزكاة ويضاف إلى الحنطة الشعير والسلت وقال ش لا يضم من الثلاثة شيء إلى الآخر لاختلافها في الاسم والمعنى كالحنطة مع الأرز لنا أنها متقاربة في المنفعة والمنبت بخلاف الأرز وقال سند قال مالك وأصحابه إلا ابن القاسم الأشقالية صنف من الحنطة اسمه العلس باليمن بجمع مع الحنطة وقال اصبغ هم جنس مفرد حبته مستطيلة متصوفة قال وخلافهم يرجع إلى الخلاف في تحقيق الصفة والعلس يخزن في قشره كالأرز فلا يزاد في النصاب لأجل قشره وكذلك الأرز وقال الشافعية يكمل عشرة أوسق لنا عموم الخبر والقياس على نوى التمر وقشر الفول السفل الثاني في الكتاب الأرز والذرة والدخن لا ضم فيها لتفاوت المنافع وفي الجواهر هي جنس واحد تضم الثالث في الكتاب القطاني وهي الفول والحمص والعدس والجلبان واللوبيا وكل ما يعلم أنه منها يضم ولا يضم إليها غيرها ويؤخذ من كل صنف منها بحسابه زاد في الجلاب البسيلة والترمس وفي الجواهر إتحاد جنسها في الربا روايتان واختلف المتأخرون في جريانها في الزكاة قال القاضي أبو الوليد والظاهر عندي أنها أجناس في الربا والزكاة وقاله ش وابن حنبل لنا تقارب منافعها وأن العرب خصتها باسم دون سائر الحبوب وهي القطنية والفرق بين الربا والزكاة أن الربا ضيق بدليل ضم الذهب والفضة في الزكاة ة وهما في الربا جنسان ولأن الزكاة مواساة فيعان الفقراء بضم الحبوب ليكمل لهم النصاب ويكثر الجزء الواجب ولأن اللبن ربوي ليس بزكوي وكذلك المطعومات كلها عند ش والمكيلات عند ح مع انتفاء الزكاة في كثير من القسمين اجماعا قال سند ومعنى قول مالك وما يعلم أنه منها أن اسم القطنية عند الناس لما يقطن لمنفعته عند الضرورة أي يمكث ومنه القاطن للمقيم فتعمل إذا احتيج إليها دقيقا وخبزا وسويقا وبهذا تخرج التوابل لأنها لا تتخذ لهذا الغرض وقال أشهب الكرسنة والقطنية وقال ابن حبيب هي جنس على حدته وذكر الباجي أنها البسيلة وقال ابن هارون البصري منا البسيلة الماش وهو حب بالعراق يشبه الجلبان والواجب أن يرجع في ذلك إلى العرف كما قاله مالك وفي البيان روي عن ملك ضم الأرز والجلجلان مع القطاني وهو خلاف المشهور الرابع في الجواهر الزبيب والتين والزيتون والتمر والجلجلان وبزر الكتان إن قلنا هي زكوية فأجناس وليعلم الفقيه أن التباين بين أنواع القطاني وبين القمح والشعير والسلت لا يزيد على التباين بين أعلا أنواع التمر وأدونه عند إمعان النظر فلذلك ضمت في النصاب ولا يضم عند مالك حمل نخلة إلى حملها في العام الثاني الخامس في الجواهر ما اتفق من الزرع في النبات والحصاد من الجنس الواحد أضيف وما كان له بطنان أو بطون فقيل يعتبر بالفصول فما نبت في الربيع مثلا ضم للاتفاق في السقي وقيل ما نبت قبل حصاد غيره ضم إليه كاتفاق الفوائد في الملك والحول وعلى هذا لو كان له زرع في ثلاثة أزمنة وزرع الثالث قبل حصاد الأول ضم الجميع أو بعد حصاده وقبل حصاد الثاني وجبت الزكاة إن كانت إضافة كل واحد من الطرفين مفردا إلى الوسط يكمل النصاب ولا تجب إن لم يحصل من مجموعها معه نصاب وفي الوجوب إذا كمل النصاب بالوسط مع الطرفين جميعا ولم يكمل بضم أحدهما إلى الوسط خلاف وأجراه أبو الطاهر على خليطي شخص واحد هل يعدان خليطين أم لا قال سند وتضم الحبوب التي زرعت في بلاد وإن اختلفت البلاد في الإدراك في النوع الواحد بسبب البرد والحر لأن العام واحد فيضم ولو كان أحدهما رطبا والآخر طلعا لأن إيجاد زمان الإدراك ليس شرطا بالإجماع وقال صاحب المقدمات إذا زرعت في أوقات مختلفة وحصدت في وقت واحد ضمنت ولو زرع الثاني قبل حصاد الأول وزرع الثالث بعد حصاد الأول وقبل حصاد الثاني يجمع الثاني مع الأول والثالث عند ابن القاسم إن كان الأول باقيا عنده وعند أشهب يزكى الثاني وإن كان دون النصاب مع فوات الأول ولا يجمع الأول مع الثالث فلو زرع الثاني قبل حصاد الأول ثم رفع الثالث بعد حصاد الثاني وقبل حصاد الأول لأن من القطاني ما يتعجل جمع الأول معهما ولم يجمع الثاني مع الثالث فإن رفع من الثاني ثلاثة أوسق انتظر الأول فإن كمل النصاب والأول باق زكاها على مذهب ابن القاسم ثم إذا حصد الثالث فبلغ مع ما بقي في يده من الأول نصابا زكاهما ولا يزكي ما زكاه من الثاني وعلى مذهب أشهب يزكى الثالث وإن كان دون النصاب بعد فقدان ما قبله وكذلك حكم المعادن السادس في البيان قال مالك يحسب في الزرع ما أكل منه وما آجر به الجمال وغيرها بخلاف ما أكلت الدواب في الدارس لأن النفقة من ماله قال صاحب البيان وقال ابن المواز ويحسب ما تصدق به وقال الليث لا شيء عليه في ذلك بعد الإفراك وقبل اليبس وأما ما أكل بعد اليبس فيحسب بلا خلاف واختلف في الصدقة بعد اليبس وعند مالك يحسبها وأما ما أكلت الدواب في الدراس فلا يحسب كآفات السماء سؤال ينبغي ضم الزبيب مع التمر لتقاربهما كالقمح والشعير وأنواع القطاني جوابه أن ما ضممناه تقارب زمان حصاده والجزر والتمر والزبيب بينهما خمسة أشهر ولذلك لم تضم الذرة إلى الدخن لتباين أزمنتها النظر الثاني في الجزء الواجب وفي الكتاب ما يشرب من السماء أو سحا أو بعلا ففيه العشر وما شرب بالسواني بقرب أو أدلية فنصف العشر وفي الصحاح قال
فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر وفيما سقي بالسواني والنضح نصف العشر ومعناه أنه متى كثرت المؤنة خفت الزكاة رفقا بالعباد ومتى قلت كثرت الزكاة ليزداد الشكر لزيادة النعم ونظيره الزكاة في المعدن والخمس في الركاز فوائد سقي السماء المطر والسح والسيل والعيون والأنهار قال ابن فارس وهو العثري وقيل العثري البعلي قال أبو داود البعلي ما يشرب بعروقه وأنكره ابن قتيبة وقال هذا لم يوجد وليس كذلك لأن النخل كذلك ويحكى أن في بلاد السودان أودية يزرعون فيها الذرة السنة كلها من غير سقي بل ترشح هي الماء من جوانبها والقرب الدلو الكبير والدالية أن تمضي الدابة فيرتفع الدلو فيفرغ ثم ترجع فينزل والسانية البعير الذي يسنى عليه أي يستقي قاله الخطابي والنضح السقي بالجمل ويسمى الجمل الذي يجره ناضحا ومثله الدواليب والنواعير قال سند وأما حفر الأنهار والسواني وإقامة الجسور لا تأثير لمؤنة ذلك لأنه إصلاح الأرض كالحرث فإن اجتمع السيح والنضج واستويا قال مالك فثلاثة أرباع العشر عدلا بينهما فإن كان أحدهما أكثر قال مالك الأقل تبع كالضأن مع المعز وقال غبد الوهاب يتخرج على الروايتين في تأثير بعض الثمرة هل تكون للمبتاع وإن قل أو يكون للبائع تبعا للأكثر روايتان وكذلك ها هنا وقال ابن القاسم الحكم للذي أحيي به الزرع لأن المقصود من الزرع نهايته والمحصل للمقصود هو المقصود وعلى الأول فحده الثلث وما قاربه عند ابن القاسم فإن جهلت المساواة والتفاضل جعلا متساويين لتساوي الاحتمال كمدعي السلعة إذا تعدد ولا يد ولا بينة فإن كان في أرضين ضم أحدهما إلى الآخر في النصاب وأخذ من السيح العشر والنضح نصف العشر ومتى ادعى رب الزرع النضح صدق إن لم يعلم كذبه وفي الجواهر إذا كان السيح بالكراء ألحقه اللخمي بالنضح قال صاحب تهذيب الطالب إذ عجز عن الماء فاشتراه قال ابن حبيب عليه العشر وقال عبد الملك بن الحسن نصف العشر قال وهو الصواب لأن مشقة المال كمشقة البدن نظائر قال العبادي إلحاق الأقل بالأكثر اثنا عشرة مسألة في المذهب السيح والنضح والمعز والضأن يؤخذ من أكثرهما والمأخوذ في زكاة الإبل من غالب غنم البلد ضأنا أو ماعزا وإذا أدار بعض ماله دون البعض زكى بحكم غالبة وزكاة الفطر من غالب عيش البلد وبياض المساقاة مع السواد يتبعه إذا كان أقل وإذا نبت أكثر الغرس فللغارس الجميع وإن نبت الأقل فلا شيء له فيها وقيل له الأقل وإذا أطعم أكثر الغرس سقط عنه العمل وإذا حد المساقي أكثر الحائط سقط عنه السقي وغذا أبر أكثر الحائط فجميعه للبائع وغذا حبس على أولاده الصغار أو وهب وحاز الأكثر صح الحوز في الجميع وإذا استحق الأقل من البيع أو وجد عيبا فليس له الرد ويرجع بقدره فرعان الأول في الكتاب ما لا يثمر ولا يتزبب يخرص أن لو كان ذلك ممكنا فإذا وصل نصابا أخذ ثمنه عشر وإن قل عن نصاب النقد لأن الأصل مشاركة الفقراء للأعباء فيما يملكونه وإن نقص عن النصاب فلا يؤخذ من ثمنه شيء وإن زاد على النصاب وهو فائدة قال سند وروى عنه يدفع تمرا أو زبيبا وخيره مرة أخرى وقال عبد الملك و ش يؤخذ عشرة رطبا وعنبا وعلى القول الأول إذا أراد إخراج الزبيب مع ابن المواز لأنه خلاف الواجب فإن أكله أدى قيمته رواه ابن القاسم وظاهره يوم الإزهاء ولا يختلف المذهب إذا قطعت الثمرة قبل الإزهاء لأنه لا زكاة فيها والمأكول منها لا يحسب في الخرص الثاني في الكتاب إذا جمع النصاب من القمح والشعير والسلت أخذ من كل واحد بحسابه وفي الجلاب قال ابن القاسم لا بأس بإخراج الأعلا عن الادني بقدر مكيلته بخلاف العكس لأن الأصل في هذه أن تكون أجناسا كالذهب والفضة ولما جعلت جنسا كالذهب والفضة روعي حقوق الفقراء في خصوصاتها وبهذا تفارق أنواع التمر والزبيب حيث قلنا يخرج من الوسط فإن الجنسين من التمر لا يكادان يستويان فأخرج من الوسط والاختلاف في النوعين أشد ويمكن الإخراج منهما بخلاف النوع الواحد قال صاحب المقدمات إن أراد أن يخرج الأدنى عن الأعلا بقيمته امتنع حيث يمتنع التفاضل وجاز حيث جاز كالقطامي إذا قلنا لا يجزئ فيها بالتفاضل وعلى القول بجواز دفع العروض والنقد النظر الثالث في وقت الوجوب وفي الجواهر وقت الوجوب إزهاء النخل وطيب الكرم وإفراك الزرع واستغناؤه عن الماء واسوداد الزيتون أو مقاربته وقال المغيرة وقت الخرص قياسا للخارص على ساعي الماشية وقال ابن سلمة الجداد لقوله تعالى ( وآتوا حقه يوم حصاده ) الأنعام 6 قال وفائدة الخلاف من مات بين هذه الحالات فمن صادف قبل موته وقت الوجوب وجب عليه وكذلك من باع قال ابن مسلمة إن قدم الزكاة على الخرص لم يجزه لعدم الوجوب عنده حينئذ فرعان الأول في الكتاب إذا مات بعد الأزهاء والإفراك فالزكاة عليه وصى أم لا بلغت حصة نصابا أم لا وإلا فعلى من بلغت حصته نصابا لأن الإزهاء هو وقت الوجوب وقبل ذلك هو علف لا طعام وفي الكتاب سألت بعض الشيوخ إذا مات قبل الأزهاء وعليه دين يغترفه فلم يقم رب الدين حتى أزهى هل تزكي على ملكه لتعذر الميراث بالدين أو على ملك الورثة لاحتمال دفع الدين من غيره بمال يوصى له به فقال على ملكه الثاني في الكتاب من باع زرعه بعد فركه أخرج منه الزكاة وبيعه نافذ وقاله الأئمة لعدم تعين حق الفقراء قال سند ويخرج طعاما من جنس المبيع والفرق بين قول مالك إذا باع عنبا أنه يخرج من ثمنه وبين هذا أن إخراج العنب في الزكاة لا يجوز فيتعين العدول إلى الثمن لأنه يأتي في الصورتين بما باع أو بدله فإن باع الزرع جزافا أو قائما من المبتاع على قدره وزكى على قوله لأنه أقرب الطرق إلى العلم فإن كان فاسقا أو كافرا حزر الزرع قال مالك وإن شرط الزكاة على المبتاع جاز وتؤخذ منه وإذا كانت الزكاة على البائع فتعذرت عليه والمبيع قائم قال ابن القاسم في الكتاب والشافعية يؤخذ من المبيع لتقدم حق الفقراء فيه على المبتاع فلا يسقط إلا ببدل من البائع ولم يأت ومنع أشهب الرجوع لصحة البيع واستقرار الملك كالعبد الجاني إذا باعه سيده والتزم الجناية ثم أعسر وفي الجلاب إن وجد البائع مفلسا ووجد الثمرة في يد المشتري أخذ منها ويرجع المشتري على البائع وقال أشهب تؤخذ الزكاة من المشتري مطلقا نظرا لتقدم حق الفقراء النظر الرابع في الواجب عليه ويتضح برسم فروع ستة الأول في الكتاب من اكترى أرض خراج أو غيرها فعليه الزكاة وقاله ش وقال ح الخراج يسقط زكاة الزرع ثم يحتاج لبيان الخراج وهو نوعان الأول وضعه عمر رضي الله عنه على أرض العراق لما فتحها عنوة وقسمها بين المسلمين ثم رأى أن ينزلوا عنها ليلا يشتغلوا عنها بالجهاد فتخرب أو بها عن الجهاد فنزل عنها بعضهم بعوض وبعضهم بغير عوض وضرب الخراج عليها قال سند هو أجرة عند مالك و ش وأوقفها على المسلمين وكذلك منع مالك الشفعة فيها وقيل بل باعها من أهل الذمة بثمن مقسط يؤخذ في كل سنة وهو الخراج وجازت الجهالة فيها لكونها مع كافر وللضرورة والنوع الثاني أن يصالح بعض الكفار على أرضهم بخراج فيكون كالجزية فإذا أسلموا سقط خلافا ل ح بخلاف الأول احتج بقوله لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم ولأن سببها واحد فلا يجتمعان كزكاة السوم والتجارة والجواب عن الأول منع الصحة سلمناها لكنه محمول على من أسلم من أهل الصلح فإنهما لا يجتمعان لسقوط الخراج وعن الثاني الفرق بين المستحق لزكاة السوم والتجارة واحد وهو مصرف الزكاة فسقط الأدنى الذي هو زكاة التجارة لكونها متعلقة بالقيم فالأعلا الذي هو زكاة السوم لتعلقها بالعين كاجتماع سببين للميراث يرث بأقواهما وهاهنا حقان لمستحقين فلا يسقط أحدهما بالآخر الثاني قال سند ولو باع مسلم أرضا لا خراج عليها من ذمي فلا خراج على الذمي ولا عشر عند مالك و ش وقال ح عليه الخراج ليلا تخلو الأرض عن العشر والخراج وقال أبو يوسف عليه عشران ومنع محمد بن الحسن صحة البيع لافضائه إلى الخلو لنا أن البيع سبب الخراج في غير صورة النزاع فلا يكون سببها فيها بالقياس ويبطل قولهم ببيع الماشية من الذمي الثالث من اكترى أرضا غير خراجية قال ح الزكاة على صاحب الأرض دون الزراع لأن الأجرة منفعة للأرض قائمة مقام الزرع وجوابه ان الزكاة متعلقة بعين الزرع لاختلافها باختلافه بالكثرة والقلة والجنس لأنه قد رتب الشرع في الكراء زكاة النقدين لأنه كراؤها غالبا فلا تزكي مرتين وقد يستغرق العشر الأجرة ويزيد عليها وهو منكر في الشرع الرابع في الكتاب إذ باع الزرع أخضر واشترط المبتاع زكاته على البائع فهي على المبتاع لحدوث سبب الوجوب عنده فإن وجبت على البائع فاشترطها على المبتاع جاز والفرق أنه يرجع إلى جزء معلوم فيكون المبيع ما سواه واشتراط المبتاع في الأخضر يلزم منه بيع زرع بطعام مجهول لأن العشر يكثر ويقل وكذلك القول في الثمن الخامس في الكتاب من منح أرضه صبيا أو ذميا أو عبدا أو أكراها فلا زكاة إلا على الصبي لقيام المانع فيما عداه خلافا ل ح في العبد والذمي السادس في الكتاب إذا أوصى بزكاة زرعه الأخضر أو تمره قبل أزهائه فهو وصية من الثلث غير مبدأة لأنها لم تلزم ولا تسقط الزكاة عن الورثة لتجدد سبب الوجوب في حقهم ويعد مستثنى لعشر زرعه فإن كان الموصى به نصابا زكاه المتصدق وإن لم يكن مسكين إلا مد لأنهم كمالك واحد لعدم تعيينهم ولا يرجع المساكين على الورثة بما أخذ منهم كما لو أوصى بشيء بعينه ويستحق بعضه وكذلك لو أوصى بجملة الزرع فإن أوصى به لمعين كان كأحد الورثة وعليه النفقة معهم لثبوت ملكه بالوفاة والمساكين لا يملكون إلا بالقبض بالنفقة في مال الوصي قال سند قال سحنون ويفارق الوصية بالعشر الوصية بأوسق مستثناة للمساكين أو لمعين إن زكاتها من بقية الثمر فإن الوصية حينئذ لما بعد الاستحقاق وقال ملك في العرية نحو مشاع أو معين زكاة على رب الحائط وإن كان لمعين وكذلك الصدقة بتمر حائطه على المساكين والسقي في جميع ذلك والمؤنة على رب الحائط بخلاف الهبة والعمرى قال ابن القاسم أكابر أصحابنا العارية مثل الوصية وقال أشهب الزكاة في العرية والهبة على المعطى له إلا أن تعرى بعد بدو الصلاح وقال المغيرة إن كانت العرية نخلا معينا مقبوضا فزكاتها على حائزها إن كانت نصابا قال سند وجملة ذلك أن العرية إن كانت على غير معين فزكاتها على رب الحائط وكذلك الصدقة لأنها على ملكه كملت وإن كانت لمعين وهي مكيلة معلومة فعلى رب الحائط وكذلك الصدقة لأن المعطي له إنما يملك بالقبض وإن كانت العرية معين لمعين فعلى المعري عند مالك بخلاف الهبة لأن العرية عنده إباحة كطعام الضيف لا يملك إنما بالتناول ولا يورث عنه إلا ما أخذه منها إلا أن يقصد التمليك بلفظ العرية فيكون هبة وألحق أشهب العرية بالهبة بجامع التبرع تنبيه تقدم في الأموال الموقوفة انه إذا وقف الماشية لتفرق في سبيل الله تعالى والدنانير لا زكاة فيما أتى عليه الحول من ذلك وهاهنا قال إذا أوصى بتمر حائطه أو بزرعه زكى مع أن الجميع أوصى به لغير معين والكل زكوي والفرق أن الثمار والزرع تنشأ على ملكه لأن رقاب النخل له وكذلك الأرض وما نشأ على ملكه فهو ملكه فيزكيه على ملكه فهو ملكه فيزكيه على ملكه لأن أصله عنده وفي ملكه والماشية والدنانير لم يبق لها اصل عنده فهو مملوك له حتى يقال بقيت على ملكه بل لما اعرض عن أعيانها لم يبق له فيها ملك وغير المعين لا يملك إلا بالقبض فلم يبق ملك يزكى عليه والسر أنها ليس لها أصل عنده بخلاف الزرع والتمر النظر الخامس في صفة الإخراج قال أبو الطاهر كل ما كان على ساق كالحنطة ونحوها يؤخذ من حبه وما كان يعصر كالزيتون ونحوه فثلاثة أقوال يؤخذ من الزيت إذا بلغ الحب نصابا يؤخذ من الحب يخير فروع ثلاثة الأول في الكتاب لا يخرص إلا التمر والعنب للحاجة إلى أكلها رطبين ويخرصان إذا أزهيا لا قبل ذلك فيخرصان رطبين ويسقط ما ينقص منها وقال ح يمنع الخرص لأنه ممار وتخمين والمطلوب إنما هو العلم وقياسا على الحبوب لنا إجماع المدينة وما رواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن عتاب ابن أسيد انه أمر أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل ولأنه أتم حالته فأشبه يبس الحب ولأنه لو أهمل الكل فيمنع حق الفقراء أو يحجر عليه فيضق الحال على أربابه وكلاهما مفسدة فتدفع بما ذكرناه كدفع الخصومات بتقويم المتلفات وتقدير أروش الجنايات والفرق بينهما وبين الحبوب توفر الدعاوي على أكملها رطبين قال سند فإن كان الموضع لا يأتيه الخارص واحتيج إلى التصرف دعى أهل المعرفة وعمل على قولهم فإن لم يجدهم وكان يبيع رطبا أو عنبا في السوق ولا يعرف الخرص قال مالك يؤدي منه يريد أنه أذا علم فيه نصابا وجهل ما زاد فإن علم جملة ما باع ذكره لأهل المعرفة فحزروه بها يكون بمثلة تمرا أو زبيبا فإن لم يتحقق النصاب لم يجب عليه شيء وفي الكتاب إذا باع زيتونا له أو رطبا له تمر أو عنبا له زبيب لزمه الإتيان بزكاته زيتا وتمرا وزبيبا بخلاف إذا باع قبل تناهيه لتعين حق الفقراء بالطيب هاهنا قال سند وصفة الخرص قال مالك يخرص نخلة ما فيها رطبا فإن كان الحائط جنسا واحدا لا يختلف في الجفاف جمع جملة النخلات وحزركم ينقص حين تتمر وإن كان يختلف المائية واللحم حزر كل واحد على حدته وكذلك العنب ويكون الخارص عدلا عارفا ويكفي الواحد عند مالك وابن حنبل لأنه عليه السلام بعت عبد الله بن رواحة خارصا ولأنه مجتهد فيكون حاكما والحكم يكفي فيه الواحد وذلك هو الفرق بينه وبين المقومين لأنهما يرفعان إلى الحاكم والحكمين في الصيد لتبعهما اختيار المقوم عليه وفي الجواهر إذا اختلف الخراص أتبع أعلمهم فإن استووا أخذ من قول كل واحد منهم جزء من أسهم عددهم كثلاث من ثلاثة ولا يترك الخارص شيئا وروى يترك العرايا والغلة ونحوهما لأنها معروفة ومهما أتلفت الجائحة فلا ضمان على المالك لفوات الإمكان ولو أتلف الملك ضمن فلو باع الجميع غرم الملكية لأنه من ذوات الامثال وقيل يؤخذ من ثمنه لأنه الموجود بيد الغنى وإذا تبين خطأ الخارص رجع إلى ما تبين إن كان عارفا وإلا بنى على الأول ولا عبرة بما حصل عند الجذاذ لاتصال حكم الحاكم به وهو ضعيف لأن الحاكم إذى قطع بخطأه وجب نقض حكمه وكذلك قال ابن نافع وقيل تلزم الزيادة لكون الخطأ فيها قطعيا بخلاف النقص و إذا خرص خلي بينه وبين أهله إن شاؤا تصرفوا وضمنوا الزكاة من حين الخرص أو تركوا ولم يضمنوا وتؤخذ الزكاة كما وجدوا من الخرص أو خالفه إن نقص عن النصاب فلا زكاة لأن هذا هو الأصل ولا فرق في الخرص بين ما يتمر أو يتزبب أولا قال عبد الملك يخرص ما لا يثمر ولا يتزبب على حاله وإذا احتيج إلى كل ما قلنا لا يخرص قبل كماله ففي خرصه قولان مبنيان على علة الخرص هل هي حاجة الأكل أو أوان النخل والعنب يتمر للعصر بخلاف غيرها قال سند قال ابن حبيب يوسع عليهم في الخرص يترك لهم شيء من رؤس النخل وإذا قلنا لا تلزم الزيادة فيستحب الإخراج منها وفاقا فإن كان المتصدق من أهل الجور قول اشهب لا يعتد به وعلى قول اصبع إن دفع الزكاة لحاكم الجور يجزي ويعتد به ها هنا لأنه ينفد من أئمة الجور ما ينفد من أئمة العدل والجائحة تسقط الزكاة إذا نقصت عن النصاب فلو باعها وهي خمسة أوسق فاجيحت بأقل من الثلث فالزكاة باقية لأخذه الثمن وإن كانت الثلث فأكثر سقط عن المشتري وسقطت الزكاة عنه قال ابن القاسم وإذا ادعى رب الحائط حيف الخارص وأتى بخارص آخر لم يوافق لأن الخارص حاكم وإذا ادعى الجائحة فعلي القول باعتبار الخرص دون الكيل لا يقبل إلا ببينة لثبوت الزكاة بحكم الحاكم وعلى القول باعتبار الكيل إن كان ثم سبب ظاهر كالجذاذ ونحوه كلف البينة لإمكانها وإن كان أمرا خفيا صدق بغير تبيين إن لم يهتم وإلا لم يصدق وإذا أتهم الإمام أرباب الزيتون والحب وكل بحفظه قال صاحب النكت قوله في الكتاب إذا خرص أربعة أوسق فوجدت خمسة أحب إلي أن يخرج محمول على الوجوب وروي إن كان عالما فلا شيء عليه وإلا زكى وقال ابن نافع يزكي مطلقا وهو القياس الثاني في الكتاب إذا كان الحائط جنسا أخذ منه وإن كان دباء أو أجناسا أخذ من وسطها لقوله
فيما سقت السماء العشر ويفارق الماشية من وجهين أحدهما أن الواجب فيها قيد بالسن فيتقيد بالوسط وهاهنا أطلق فيطلق الثاني إن الماشية تساق للفقراء فلو أخذ الأدنى لتعذر سوقه وهاهنا لا بد من حمله وروى عنه لا بد من الوسط قياسا على الماشية ولقوله تعالى ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) البقرة 267 وكذلك إن كان جيدا كله قبل منه الوسط وقال ابن دينار إذا اجتمع صنفان أخذ من الأكثر وروى أشهب أن كانت ثلاثة أخذ من كل واحد بقسطه الثالث قال سند قال مالك الزيتون الذي له زيت تؤخذ الزكاة من زيته فإن لم يعصره وأراد بيعه فروايتان في ثمنه وحبه وكذلك ما يثمر أو يتزبب وقال ابن عبد الحكم إنما عليه عشر حب الزيتون قياسا على سائر الحبوب والفرق للمذهب إن الحبوب إنما تؤخذ منها حالة يصلح للإدخار منها ومثلها من الزيتون الزيت وما لا زيت له يتخرج على العنب والرطب اللذين لا زبيب ولا تمر لها في إخراج الثمن أو الحب والتخيير والله أعلم
الباب الخامس في زكاة النعم
والأصل فيها قوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) التوبة 103 وفي الموطأ إن في كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسم الله الرحمان الرحيم هذا كتاب الصدقة في أربع وعشرين من الإبل فدونها الغنم في كل خمس شاة وفيما فوق ذلك إلى خمس وثلاثين ابنة مخاض فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر وفيما فوق ذلك إلى خمس وأربعين ابنة لبون وفيما فوق ذلك إلى ستين حقه طروقة الفحل وفيما فوق ذلك إلى خمس وسبعين جذعة وفيما فوق ذلك إلى تسعين ابنا لبون وفيما فوق ذلك إلى عشرين ومائة حقتان طروقتا الفحل فإن زاد على ذلك من الإبل ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة وفي سائمة الغنم إذا بلغت أربعين إلى عشرين ومائة شاة وفيما فوق ذلك إلى مائتين شاتان وفيما فوق ذلك إلى ثلاثمائة ثلاث شياه فما زاد على ذلك ففي كل مائة شاة ولا يخرج في الصدقة تيس ولا هرمة ولا ذات عوار إلا ما شاء المصدق ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما بينهما بالسوية وفي الرقة إذا بلغت خمس أواق ربع العشر قال صاحب الاستذكار معنى ما في كتاب عمر في كتاب كتبه لعماله فلم يخرجه حتى قبض وعمل به أبو بكر رضي الله عنه حتى قبض ثم عمر حتى قبض ولم يزل الخلفاء يعملون به وفي الموطأ أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا ومن أربعين بقرة مسنة وأتى بأدون من ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئا وقال لم اسمع من رسول الله ذلك فيه شيئا حتى ألقاه فاسأله فتوفي قبل أن يقدم فهو يدل على أنه سمع ما أخذ فائدة يشكل قوله فابن لبون ذكر والابن لا يكون إلا ذكرا وكذلك قوله في المواريث فلأولى رجل ذكر والرجل لا يكون إلا ذكرا جوابه أنه أشار إلى السبب الذي زيد لأجله في السن فعدل عن بنت مخاض بنت سنة إلى ابن اللبون ابن سنتين فكأنه يقول إنما زيدت فضيلة السنة لبعضه وصف الذكورية وإنما استحق العصبة الميراث لوصف الرجولية التي تقي فضيلة السنة لنقيضة وصف الذكورية وإنما استحق العصبة الميراث لوصف الرجولية وتختص الزكاة عند مالك رحمه الله و ش و ح ببهيمة الأنعام الأنسية خلافا لابن حنبل في بقر الوحش لنا أنها لا تجزئ في الضحايا والهدايا فلا تجب فيها الزكاة قياسا على الظباء ولا تجب في غير الأنعام خلافا ل ح وفي الخيل إذا كانت ذكورا وإناثا واختلف قوله إذا كانت ذكورا أو إناثا وخير ربها بين إعطاء دينار عن كل وجه فرس أو ربع عشر قيمتها محتجا بقوله الخيل السائمة في كل فرس دينار ولأنها تعد للنماء فتجب فيها الزكاة قياسا على الغنم والجواب عن الأول منع الصحة وعن الثاني النقض بالحمير ولأنها لا تصلح للضحايا والهدايا فتكون النعمة في مواطن الإجماع أتم فلا يلحق به صورة النزاع وفي الجواهر لا يجب الزكاة في المتولد بين الظباء والنعم وقاله ش لأنه يتركب من جنس ما لا يوجب وما يوجب فلا تجب فيه كالنقد المغشوش ويقال كل متركب من نوعين من الحيوان لا يعقب فيكون قاصرا عن موضع الإجماع وفرق القاضي أبو الحسن بين أن يكون الإناث من الغنم فتجب أو من غيرها فلا تجب لتبعية الأولاد للأمهات في الملك فتتبعها في الزكاة وقيل تجب مطلقا نظرا لحصول المالية والأنعام ثلاثة أنواع الأول الغنم ويتمهد فقهه بإيضاح ما توجب منه الزكاة وشروط الوجوب والواجب فيه فهذه ثلاثة فصول الفصل الأول في السبب الموجب وفيه فروع أربعة الأول في الكتاب لا صدقة في الغنم إلا في أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان إلى مائتي شاة وفي مائتين وشاة ثلاث شياه إلى ثلاثمائة فما زاد ففي مل مائة شاة وقال النخعي إذا بلغت ثلاثمائة ففيها أربع شياه إلى أربعمائة ففيها خمس شياه لأنه جعل الثلاثمائة حدا للوقص والوقص يتعقبه النصاب وقوله فما زاد ففي كل مائة شاة يبطله وينتقض ما ذكره بالمائة والعشرين من الإبل الثاني في الكتاب إذا كمل النصاب بالولادة قبل مجيء الساعي فيوم زكا خلافا للأئمة واتفق الجميع على أن السخال تعد إذا كانت الأمهات نصابا لنا ما في الموطأ أن عمر رضي الله عنه بعث عبد الله الثقفي مصدقا فكان يعد على الناس السخال فقالوا له أتعد علينا بالسخال ولا يأخذ منها شيئا فلما قدم على عمر رضي الله عنه ذكر ذلك له فقال رضي الله عنه نعم تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها ولا تأخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم وتأخذ الجذعة والثنية وذلك عدل بين غذاء المال وخياره فوائد الربى بضم الراء وتشديد الباء مقصور التي تربى ولدها وهي من الإبل عائد وجمعه عود وجمع الربى ربات ومن ذوات الحوافر فريش وجمعها فرش ومن الأدميات نفساء وجمعها نفاس ونفساوات والماخض الحامل والمخاض وجع الطلق ومنه قوله تعالى ( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ) مريم 23 والأكولة شاة اللحم التي تسمن لتؤكل وقال ابن حبيب التي يكثير أكلها والغذا بالغين والذال المعجمتين صغار السخال واحدها غذي وكأنه من الغذاء لأنها تغتذي بلبن أمها وهي شديدة الحاجة إليه ويجوز أن يكون عبر به ها هنا عن ذوي المال تحرزا ويؤكد ذلك مقابلته بهذه الثالث في الكتاب تؤخذ الصدقة من الغنم المعلوفة والسائمة وكذلك الإبل والبقر خلافا ل ش وح في المعلوفة والعوامل وإن لم تكن معلوفة محتجين بمفهوم قولهفي سائمة الغنم إذا بلغت أربعين إلى عشرين ومائة شاة وقوله
في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون فخص ذلك بالسائمة وهي التي لا تعلف وجوابه أن المفهوم إن قلنا إنه حجة فالإجماع على أنه إذا خرج مخرج الغالب لا يكون حجة وغالب الأنعام اليوم لا سيما في الحجاز فلا يكون حجة سلمنا سلامته عن معارض الغلبة لكن المنطوق مقدم عليه إجماعا وهو معنى قوله
في كل أربعين شاة شاة وقوله
في أربع وعشرين فدونها الغنم في كل خمس شاة وهو عام بمنطوقه ويؤكده أن الزكاة إنما وجبت في الأموال النامية شكرا النعمة النماء في الأموال والعلف يضاعف الجسد والعمل يضاعف المنافع فيكون هذا من باب مفهوم الموافقة لا مفهوم المخالفة فثبت الحكم في صورة النزاع بطريق الأولى وانعقد الإجماع على أن كثرة المؤنة لا يؤثر في اسقاط الزكاة بل في تنقيصها كالشيح والنفح والمعدن مع الركاز الرابع قال ابن القاسم في الكتاب تضم أصناف النوع الواحد من الماشية فيضم الضأن إلى المعز والجوامس إلى البقر والبخت إلى العراب وقاله الأئمة لصدق الاسم في الجميع وتقارب المنفعة كما جمعت أنواع الثمار والذهب مع الفضة الفصل الثاني في شروط الوجوب وقد تقدم في النقدين شروط الزكاة من حيث الجملة وكذلك موانعها وإنما يقع البحث هاهنا عن الشروط الخاصة بهذا الباب أو ما تدعو الحاجة إله وهي ثلاثة الشرط الأول الحول وقد تقدم اشتقاقه وفيه أربعة فروع الأول الأول في الكتاب إذا أبدل ماشية بجنسها بني على حولها إلا أن تنقص الثانية عن النصاب وقاله ابن حنبل أو بغير جنسها لم يبن إلا أن يكون فارا فليأخذ الساعي منه زكاة ما أعطي وإن كانت زكاة الذي أخذ افضل قال سند وروى ابن وهب يبني في غير الجنس سدا لذريعة الفرار وقال الأئمة برواية ابن القاسم ومنع ش وح البناء في الجنس وغيره في النقدين والمواشي تمهيد لما قال
لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول قال ش المال الأول لم يحل عليه الحول فلا زكاة ولأنهما لا يلفقه النصاب منهما فلا يقوم أحدهما مقام الآخر قلنا الحديث معناه أنه أشار إلى الجميع بوصف المالية فقال لا زكاة في مال ولم يقل في بقر أو غنم فاعتبر ما هو مال الذي هو معنى مشترك واعرض عن الخصوصيات ولقد أدرك ح هذا المعنى وبالغ فيه حتى جمع النصاب من النقدين بالقيمة لكنه ورد عليه بعض النصاب الذي قيمته نصاب من غير صنفه فلا زكاة فيه إجماعا فلا يستقل اعتبار المالية كيف كانت وأعرض ش عن هذا المعنى إعراضا كليا اعتمادا على ظواهر الألفاظ إن سلمت له وتوسط مالك رحمه الله بين الموقفين طريقة مثلى فأنزل النقدين منزلة المواشي لأنها أصول الأموال والجنس منزلة جنسه لحصول التماثل والتقارب بخلاف غير الجنس لفرط التباين قال سند وإذا فرعنا علة البناء في غير الجنس فزكى زرعا ثم ابتاع به غنما بعد شهر فقال سحنون لا يبني لأن الأول من الأموال الحولية وقال عبد الملك يبني كغير الجنس من الماشية عليها فقال عبد الملك فسواء باع ماشية بماشية أو بثمن وأخذ فيه خلافها ورواه ابن وهب عن مالك سدا للذريعة فإن أخذ بالثمن من جنس ما باع استقبل حولا عند مالك ببقاء التهمة خلافا لعبد الملك وروي عن مالك عدم البناء في الجنس وغيره وإذا قلنا بالبناء في غير الجنس فيخير الساعي فيهما وفي الجواهر إذا أبدل ما دون النصاب بأحد النقدين وليست للتجارة انقطع الحول وإذا أبدل الماشية بغير جنسها فعلى القول البناء لا بد أن يكون الثاني نصابا ولو كانت الأولى دون النصاب لاختلف في البناء على القول به ولو تخلل بين الماشيتين عين ولم تكن الأولى للتجارة واستقبل بالثانية حولا في رواية ابن القاسم وروى مطرف البناء على الأول وأما الفار فيبني على كل حال ولو استهلكت ماشية فأخذ بدلا عن القيمة ماشية ففي جعله من بدل الماشية بالماشية أو باب تخلل العين قولان سببهما أن من خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كالمنتقل أم لا وفي هذه القاعدة للأصحاب قولان الثاني في الكتاب إذا أفاد ماشية ثم أفاد من جنسها ضمه إليها خلافا ل ش قبل الحول أو بعده قبل قدوم الساعي إن كانت الأولى نصابا بنفسها وإلا استقبل بالجميع حولا من يوم أفاد الثانية من غير الجنس فكل على حوله إجماعا لنا في الجنس على ش أن الجنس يضم إلى جنسه في النصاب الذي هو السبب فأولى أن يضم في الحول الذي هو شرط ووافقنا ح قال سند ولا فرق في الضم بين موضع فيه سعاة أم لا والفرق بين الماشية في ضم الثانية إلى الأولى بخلاف النقدين من ثلاثة أوجه أحدها أن النصاب يتغير بضم الثانية ويتغير الصنف المأخوذ في جنسه كالانتقال من الغنم في الإبل إلى بنت مخاض في سنة كالانتقال إلى بنت لبون عن بنت مخاض بخلاف العين في ذلك كله وثانيها أن الماشية لها أوقاص غير معتبرة فجاز أن يكون الضم فيها وثالثها تكلف السعاة بسبب تعدد الأحوال إذا لم تضم الثانية بخلاف النقدين ولو كانت الماشية الأولى نصابا فنقصت قبل حولها ضمها إلى الثانية ولو زكاها غيره ثم باعها له ضمها وزكاها الساعي وكذلك لو ورثوها بعد التزكية الثالث إذا باع دون النصاب من الماشية بعد الحول لم يزد الثمن لأن الأصل تجب فيه الزكاة إلا أن يكون للتجارة كما تقدم في التجارة قال سند وروي عن مالك يزكي ثمن دون النصاب وقال عبد الملك وكذلك لو ابدله بنصاب من جنسه أو غير جنسه كالذهب مع الفضة والربح مع الأصل الرابع في الكتاب إذا غصبت الماشية فردت بعد أعوام قال ابن القاسم يزكي لعام واحد وقال أيضا لكل عام إلا أن تكون السعاة زكتها فتجزئه كما لو كانت نخلات قال سند قيل اختلاف قول ابن القاسم على الخلاف في رد الغلات فإذا قلنا لا يردها الغاضب لا يزكيها لعدم انتفاع ربها بها ويجري فيا الخلاف الذي في العين المغصوبة قال سند فهذا فيه نظر لأن أولادها ترد معها وهو يا ثل عدم تزكيتها تزكي لخروجها على يده وتصرفه فتزكى على لعام واحد كعروض التجارة ووجه التزكية لكل عام تعلق الزكاة بعينها كما لو كانت نخلة وسرقت ثمارها والفرق بينها وبين الماشية يأخذها العدو ثم تقع في المغنم تزكى لعام واحد حصول شبه المك للعدو ولأنه لو أسلم تثبتت له فلو ظلت له الماشية من غير غصب ثم وجدت بعد أعوام زكاها عند ابن القاسم لماضي السنين والفرق أنها مضمونة في الغصب والمنافع في للغاصب وذلك يشبه الملك فإذا قلنا تزكي لكل عام فلا يضمن الغاصب ما أخذه السعاة وإن أخذوا من عينها فإن أعطى الغاصب من عنده أو كانت خمسا من الإبل فإن قلنا بالإجزاء لم يضمن وإلا ضمن وحيث قلنا بالإجزاء فلا يضر عدم نيته كما لو امتنع فإذا أخلطها الغاصب بغيرها لم يزك زكاة الخلطاء لعدم رضا ربها بذلك كما لو خلط الراعاء المواشي بغير رضا أربابها وإذا ردها الغاصب ولم يكن الساعي يمر بها زكاها لما مضى على ما يجدها إلا ما نقصته الزكاة كالذي يغيب عنه الساعي لا كالفار ولأن ربها لم يكن معتديا فإن غصب بعض الماشية وبقي في يده دون النصاب فلا يزكيه الساعي فإذا عادت زكى الجميع لماضي السنين على ظاهر المذهب وعلى القول بتزكية المغصوب لعام واحد يزكى الجميع لعام واحد فلو غصب له أربعون من ثمانين ضمن الغاصب ما يؤخذ منها لأنها وقص دون الساعي لأنه حاكم معذور فلو ردت الماشية بالعيب قبل مجيء الساعي استقبل البائع حولا لانقطاع ملكه فإن زكاها المشتري ثم ردها لم يضمن كالغاصب قاله سحنون قال سند وفيه نظر لأن ثواب الزكاة له خلاف الغاصب الشرط الثاني مجيء الساعي واكثر الأصحاب على أنه شرط في الوجوب لا في الضمان قال سند قال عبد الوهاب وغيره من أئمتنا و ش هو من شروط الوجوب وعند ح هو من شروط الضمان فقط وهو حقيقة المذهب نقوله في الكتاب إذا باع ماشيته بعد الحول قبل مجيء الساعي لا أرى عليه الشاة التي كانت وجبت عليه إلا أن يكون فارا فعليه الشاة التي كانت وجبت فجعلها واجبة في الصورتين قبل مجيء الساعي ولهذا لو غاب سنتين ثم جاء أخذ لماضي السنين فحقيقة الوجوب تترتب على النصاب والحول واستمراره ويكون الساعي كالخلطة يخفف تارة ويثقل أخرى قال صاحب الجواهر والمشهور لمجيء الساعي ولا يمنع المالك من التصرف المباح أنه شرط في الوجوب لأن الأئمة لما امتنعوا من بعث السعاة ست سنين وانقضت بعثوا السعاة فزكوا ما وجدوا على حاله والله أعلم فروع عشرة الأول في الكتاب والسنة أن بيعث السعاة طلوع الثريا استقبال الصيف وقال ش يخرجون قبل المحرم لتحصيل الصدقة فيأخذ الفقراء أول الحول ما يكفيهم لتمام الحول ولقول عثمان رضي الله عنه هذا شهر زكاتكم ولأن ربطه بالثريا يؤدي إلى زيادة في الحول لزيادة السنة الشمسية على القمرية والجواب عن الأول أن المقصود سد الخلة وهو لا يختلف عن الثاني أنه محمول على النقدين فإن الدين مختص إسقاطه بهما وعن الثالث أن ذلك مغتفر لأجل أن الماشية في زمن الشتاء تكتفي بالحشيش عن الماء فإذا أقبل الصيف اجتمعت عند المياه فلا يتكلف السعاة كثرة الحركة ولأنه عمل المدينة قال سند يخرجون للزرع والثمار عند كمالها قال مالك وعلى السعاة أن يأتوا أرباب الماشية ولا يبعثون إليهم فإن كانوا بعيدين عن المياه قال مالك يحملون ما عليهم إلى المدينة أو ينفقون على القيمة للضرورة إذا لم يكن بموضعهم مستحق ولا يجب على الساعي الدعاء لمن أخذ منه الصدقة خلافا لداود واستحبه ش لقوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بل وصل عليهم ) التوبة 103 أي ادع لهم لنا أنه والخلفاء لم يكونوا يأمرون بل ذلك السعاة بل ذلك خاص به لقوله تعالى ( إن صلواتك سكن لهم ) التوبة 104 فهذا سبب الأمر بذلك الثاني في الكتاب إذا استهلكت غنمه بعد الحول قبل مجيء الساعي وهي أربعون فأخذ قيمتها دراهم زكاها مكانها لأن حولها قد تقدم وإن أخذ بالقيمة إبلا أو بقرا استقبل الحول وإن أخذ غنما في مثلها الزكاة فلا زكاة عليه ولابن القاسم أيضا أن عليه الزكاة كالمبادلة فإن كانت أقل من أربعين فلا شيء عليه قال سند إن كان مديرا ضم الثمن إلى مال الإدارة الذي كان ثمن الغنم منه ويزكي على حوله وإن كان محتكرا زكى القيمة فإن كان الغنم للإدارة وأخذ بالقيمة عرضا فلا زكاة وكذلك البيع وإن أخذ في قيمتها ماشية من غير جنسها دون النصاب فلا شيء عليه أو نصابا فيختلف فيه قال صاحب النكت يحتمل أن يكون الخلاف إذا كانت أعيان الغنم قائمة لم تفت بما أخذت فيها إذ له نرك القيمة أما لو تلفت أعيانها لم يجز خلاف لتعذر أخذ الغنم الآن وأخذ غيرها مال حادث يستقبل به حولا ولو لم يثبت الاستهلاك لزكاها ووافقه صاحب المقدمات وزاد لو كانت قائمة بيد الغاصب لم تفت بوجه من وجوه الفوت لزكاها على حول الأولى لإتمامه ببيع غنم بغنم الثالث في الكتاب من ورث غنما أو اشتراها للقنية ثم باعها بعد الحول قبل مجيء الساعي استقبل بالثمن حولا بعد القبض إلا أن يبيعها فرارا فلتلزمه زكاة الماشية ثم قال بعد ذلك يزكي الثمن الآن لأن العين أصل سائر المملوكات ولا يكون لها مالية إلا بها فإذا أبدلها بأصلها بقيت على حكم الزكاة وجه الأول أن القنية تبطل حكم النقدين فيستقبل الحول قال سند أما الفار بالبيع فآثم ولا تسقط زكاته أن ذلك بعد الحول وروي عن مالك يزكي الثمن وتسقط الزكاة من الماشية أما قبل الحول فما تقوى فيه التهمة فقال مالك وابن حنبل يؤخذ بزكاة ما باع معاقبة له بنقيض قصده كالميراث وقال ش لا زكاة عليه لأن الحول شرط وإن باع غير فار صح البيع عند مالك و ح وابن حنبل خلافا ل ش محتجا بأن الزكاة أن تعلقت بالمعين بطل البيع لتفريق الصدقة أو بالذمة فما يقابلها من الماشية رهن بها وبيع الرهن لا يجوز وجوابه أن تعلقها بالعين تعلق الجناية بالعبد الجاني وهو يجوز بيعه أو تعلق الدين بالتزكية وبيع الوارث جائز فلو باع بثمن ثم استقال استقبل بالثمن حولا على ظاهر رواية ابن القاسم في الموازية لأن الملك انقطع ثم رجع فلو غاب الساعي سنين فباعها قبل مجيئه زكى الثمن مكانه عند ابن القاسم لعام واحد نظرا لأن له أصل ولم يقبضه إلا الآن وعند ابن المواز لجميع السنين لأن الساعي ليس شرطا في الوجوب وعند أشهب يستقبل حولا لأن البيع قطع حكمها فإن كان للتجارة قال أشهب يزكيها لعام واحد لعدم استقرار الوجوب لعدم مجيء الساعي وعروض التجارة إذا بيعت زكيت لعام واحد وقال ابن المواز أن كانت يوم البيع أربعا وأربعين فأكثر والثمن عشرون دينارا زكى الثمن لكل سنة ربع عشر إلا ما نقصته الزكاة نظرا لأصليته في الأموال فإن كانت ثلاثا وأربعين زكى لأربع سنين أو لاثنين وأربعين فلثلاث سنين إلا أن ينقص الثمن عن عشرين نظرا لعط اشتراط الساعي والواجب شاة وهو ربع العشر فإن باع قبل الحول أقل من أربعين بعشرين دينارا أو بقيت ستة وأربعين قال مالك أن كانت للتجارة زكى العشرين لحول ما ابتاعها به ويزكي رقاب الماشية لحول شرائها الرابع في الكتاب ما نقص من الماشية بعد نزول الساعي وقبل العدة لا يتغير به ويعتبر بسببه الواجب لأن التمكن من الأداء إنما يحصل بالعدد وما هلك قبل التمكن لا يعتد به وقال سند وكذلك إذا ولدت قبل عدنها وهل يستقر الوجوب بعده ومحاسبته أو حتى يعين الزكاة قال مالك إذا سأله فأخبره بمائتي شاة فقال غدا نأخذ منها شاتين فولدت واحدة أو كانت مائتين وشاة فماتت واحدة تغير الواجب وزكى عدة ما يجد غدا وتصديقه له وعدة سواء وقيل يستقر الوجوب بالعدد والمحاسبة ومنشأ الخلاف أن الساعي حاكم وحكمه تعيينه للواجب أو عده حكم وتعيينه تنفيذ فلو كان الواجب من غير الجنس كالغنم في الإبل تعين الواجب وإن هلك بعض الواجب فيه قبل أن يصبح من الغد وقاله ش لتعلق الوجوب في غير الجنس بالذمة لا بالعين بخلاف الجنس ولو مر به فوجد غنمة أقل من أربعين فجاوزه ثم رجع إليه وقد صارت أربعين قال مالك لا يزكيها لأن السنة أن الساعي لا يمر في العام إلا مرة واحدة وقال ابن عبد الحكم يزكيها لكمال السبب الخامس في الكتاب إذا قال الساعي أفدت غنمي في شهر صدقه إلا أذا يظهر كذبه وأن كان الإمام عدلا فلا يخرج أحد زكاته ماشيته قبل الساعي فأن أتى فقال لي أديت زكاة ماشيتي لم يقبل قوله وأن كان الإمام غير عدل فليضعها مواضعها إن قدر على إخفاء ماشيته عنه فأن لم يقدر أجزأه ما أخذ قال سند اما تصديقه له فلأنه أمين والزكاة مواساة قال مالك وقد أخطأ من يحلف بالناس وهو محمول على من لم يعرف بمنعها وقال الشافعية تعرض اليمين عليه استحبابا فإن حلف وإلا لم يلزمه شيء وقسم عبد الوهاب الناس ثلاثة أقسام معروف بالديانه فلا يطالب ولا يحلف ومعروف بمنع الزكاة يطالب ولا يحلف ومعروف بالفسوق مجهول الحال في الزكاة فيحلف وفيه خلاف وأما عدم الإجزاء قبل الساعي فلعدم الوجوب قبله إلا لأنه كدفع مال السفيه له بغير إذن وليه وقال ح خلافا ل ش فإن تأخر عنه الساعي قال مالك ينتظره فإن كان لا يمر به الساعي قال سحنون يزكي بعد حول من مرور الساعي على الناس ويتحرى أقرب السعاة إليه كتضحية من لا إمام لهم فلو كان بأرض الحرب ولم يجد فقيرا من المسلمين يؤخر زكاة العين حتى يجد المسلمين أو يمكنه بعثها ولا يضمن في الماشية كمن تخلف عنه الساعي فإن خلص بها زكى لماضي السنين إلا ما نقصته الزكاة لأن الساعي كالنائب فأن تعذر تعين اعتبار الأصل وأما إزواء الزكاة عن الأئمة الجور فاستحسنه مالك خلافا لبعض الشافعية لقوله تعالى ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ) التوبة 60 الآية فيفعل ذلك ما أمكن حجتهم
قوله ستكون بعدي أمور تنكرونها فقالوا ما نصنع قال أدوا حقهم واسألوا الله حقكم والأحاديث في هذا كثيرة جوابها أنها محمولة على المخالفة أما إذا خفي ذلك فهو محل النزاع فلو أمكنه إخفاؤها فدفعها للساعي قال ملك لا يجزئه لتعديه على الفقراء وقال أصبغ تجزئه لأنها تجزئ مع الإكراه فلو لا أن يده يد المساكين لما أجزأ كالإكراه للمديون على دفع الدين لغير ربه وأما إجزاؤه مع الإكراه فقال مالك كما تقدم وقال ابن القاسم إن وضعوها موضعها أجزأته الصدقة وعوضها وإلا فلا تجزئه طوعا ولا كرها الصدقة ولا عوضها هنا لأن النيابة الشريعة تبطل بعدم العدالة والأصل إيصال الحق إلى مستحقه وقال أصبغ الناس على خلافه لأن الوكيل الفاسق يحصل الإبراء بالدفع إليه وإن لم يوصل الحق لمستحقه والإمام وكيل من جهة الشرع لرب المال في الأخذ للفقراء السادس في الكتاب إذا هرب بماشيته ثم زادت بعد سنتين ثم أتى الساعي زكى عن كل عام ما فيه وغير الهارب إذا تأخر عنه الساعي سنين ثم أتى زكى ما وجده لماضي السنين إلا أن ينقص عن النصاب لأن الأول ضامن للزكاة لو هلكت بخلاف الثاني وفي الجواهر إذا زكى لماضي السنين بدأ بالسنة الأولى ثم ما يليها حتى ينقص الواجب أو يسقط وقيل قول الكتاب محمول على من لم يدع أن ماشيته كانت في بعض السنين دون ذلك قال وقال غيره ذلك بعيد ووافق الأئمة في الهارب قال سند قيل يزكي الهارب لماضي السنين ما وجد في يده ولا يكون أسعد حالا ممن غاب عنه الساعي وجوابه أنه أسعد بسبب انتقال الزكاة بالتعدي إلى ذمته وما في الذمة لا يتغير إلا بسبب طار فلو أقر بأربعين ثلاث سنين فصارت في الرابعة ألفا قال ملك وابن القاسم عليه شاة لثلاث سنين لنقصانها عن النصاب بعد شاة وتسع سنين لهذه السنة وقال سحنون عليه ثلاث شياه لثلاث سنين وعشر شياه لهذه السنة لأن ضامن للزكاة في ذمته بتعديه فانتقلت عن الماشية وعلى قول أشهب يزكي الألف لماضي السنين وأما الذي تأخر عنه السعي وكان ماله أول السنين دون النصاب كمل عند مجيئه فلا يأخذه إلا بشاة ولو زاد عن النصاب تغليبا للأصل وقال أشهب لماضي السنين كما يزكي النصب المتكررة عند مجيئه وإن كانت معدومة قبل ذلك ووافق أشهب إذا كملت بفائدة عن الولادة والفرق له أنها لا تضم إلا إلى نصاب بخلاف الولادة والفرق لمالك أنه إذا تقدم نصاب أمكن البناء عليه بخلاف إذا لم يتقدم أما إذا كان أصل المال نصابا وزاد آخر السنين فقال سحنون يزكي عن كل سنة ما فيها خلافا لما في الكتاب لأنه لا يلزم الملاك ما استهلكوه فأولى ان لا يلزمهم ما ليس عندهم بطريق الأولى فلو كانت نصابا أول سنة ثم نقص ثم رجع بولادة أو مبادلة توجب البناء على الحول الأول اتصل الحكم بما مضي أو بفائدة بطل حكم ما مضى من الحول فلو كان النصاب لا يصلح لأخذ الزكاة منه كالتيوس قال ملك عليه شاة واحدة لجملة السنين بخلاف الخمس من الإبل لأن الأصل تعلق الزكاة بالعين حتى لو اتفق الساعي معه على تيس جاز والواجب في الإبل في الذمة فيتكرر لكل عام وقال عبد الملك يزكي لكل عام كالإبل السابع في الكتاب إذا غاب عن خمس من الإبل خمس سنين زكى لكل عام لتعلق الزكاة بالذمة دون العين أو عن خمس وعشرين بنت مخاض للسنة الأولى فينتقص عن نصاب الأولى فيأخذ الغنم لباقي السنين أو عشرين ومائة بعشر حقاق أو أحد وتسعون فحقتان وثمان بنات لبون قال سند فلو تلف من الخمس والعشرين بغير قبل مجيء الساعي لم يزل إلا بالغنم لأن الوجوب أو الضمان إنما يتقرر في السنة الأولى بمجيئه الثامن في الكتاب من مات بعد الحول قبل مجيء الساعي لم يلزمه ولا ورثته شيء إلا بعد الحول وقاله ح والورثة كالخلطاء يشترط في حصة كل واحد نصاب فإن اقتسموا فعلى كل واحد منهم ما يلزمه لأن مجيء الساعي شرط في الوجوب قال سند لأنه لو دفع إلى المساكين قبله لم يجزه ووجب الدفع للساعي ولو نقص النصاب أو هلك بعد الحول أو قبله فلا زكاة بخلاف بعد مجيئه فصار كالحول والفرق بين الماشية والثمر والزرع يموت ربهما قبل طيبهما أن شركة المساكين فيها أظهر بدليل الأخذ من الردئ ومن الجيد وفي الماشية الوسط والواجب لا يتغير بغير المال فكذلك إذا مات بعد طيبها زكيا ولو عزل زكاتهما أخرجها بعد تلفها بخلاف الماشية إذا قدم الساعي بعد التلف لا يأخذها ولو تلفت زكاتهما لم يعدها بخلاف الماشية إذا تلفت قبل الساعي وقال ش يبني على حول الميت لحصول الحول قبل الموت فلو مر الساعي بالوارث بعد بعض حول تركه للحول الثاني قال ملك في الكتاب وقال الشافعية يوصي بقبضها عند كمال حولها ويصرفها وهو خلاف المعهود من السلف فإن كل شهر تتجدد فيه كمالات أحوال ولم تكن السعاة تتحدث في ذلك بل كانوا يقتضون مرة في كل عام التاسع قال سند قال مالك وله أن يبيع ويربح بعد الحول قبل مجيء الساعي وان نقص زكاتها إلا أن يفعله فرارا فيلزمه ما فر منه وأن عزل ضحايا فإن أشهد عليها فلا زكاة وإن وجدها الساعي حية ولم يشهد زكاها قال محمد يريد أشهد لفلان كذا لفلان كذا العاشر في البيان قال ابن القاسم لا يبعث السعاة في السنة الشديدة الجدب مرتين ليلا يأخذوا للمساكين مالا ينتفعون به ثم يأخذون في العام القابل لعامين ويزكون ما يجدون قال صاحب البيان روى أصبغ يخرجون مطلقا لأن تأخيرها ضرر بالملاك وهو أظهر الشرط الثالث وفي الجواهر التمكن مطالبة الساعي دون قدرة رب الماشية على إيصالها إليه فلو أخر الزكاة مع الإمكان أتم وأن تلف النصاب قبل التمكن فلا زكاة على المشهور وقيل يزكي ما بقي إن كان دون النصاب نظرا إلى أن الفقراء كالشركاء فيزكي إذ الزكاة متعلقة بالذمة بشرط التمكن فلو اشترى ماشية وحال الحول قبل قبضها زكاها الفصل الثالث في الواجب في الماشية وفي الجواهر اختلف في صفة الشاة المأخوذة في الإبل والغنم فقال ابن القاسم يأخذ الجذع والجذعة والثني والثنية والضأن والمعز في ذلك سواء وقال ح الثني والثنية سواء وقاله ش إن كانت الغنم كلها ذكورا وإلا فلا يؤخذ إلا أنثى قال ابن القصار الواجب عندنا الإناث في جهة الإجزاء وقوله في أربعين شاة شاة ولم يخصص وقياسا على الضحايا والهدايا ولأن ذكور الضأن أطيب لحما وأكثر ثمنا فعادل بذلك لبن الأنثى وسلمها وفي الكتاب الجذع من الضأن والمعز في الزكاة سواء ويؤخذ التني من الضأن ذكرا كان أو أنثى ولا يؤخذ الثني من المعز الأنثى لأن الذكر ثلاثي ويحسب عليه رب المال والتيس والعمياء والمريضة والهرمة والسخلة والعرجاء فإن كانت الغنم كلها من ذلك لزم ربها الإتيان بما عليه لأنه الواجب وكذلك إذا كانت عجاجيل أو فصلانا وإذا رأى المصدق أن يأخذ ذات العورأ والتيس أو نحو ذلك أخذه لأنه حاكم يجب عليه أن ينظر بالمصلحة ولا يأخذ من الصغار شيئا لقول عمر المتقدم وإذا كانت ربى كلها أو مخاضا أو أكولة أو فحولا لم يكن للمصدق الأخذ منها ويأتي ربها بالجذع والثنية ولا يأخذ ما تحت الجذع وإن رضي رب المال الماشية بما فوق الثني أخذه قال سند قال عبد الملك إذا لم يجد جذعه ولا ثنية أخذ الربي والمواخض زادت العورا فيأخذ مما وجد قياسا على الثمار وقول عمر محمول على الغالب لنا ما في الصحيحين
قال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن أتق كرائم أموالهم وأتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حاجب وفي الجواهر أسباب النقص أربعة المرض والصغر والعيب والذكورة قال القاضي أبو الحسن لا يأخذ المصدق ذات العيب وإن كانت قيمتها خلافا لما في الكتاب فوائد ذات العور أي ذات العيب والتيس دون الفحل وهو عيب بخلاف الفحل قال الأزهري أول ما يولد الواحد من الغنم يسمى سخلة ذكرا كان أم أنثى ضأنا أو معزا ثم بهمة للذكر والأنثى وجمعها بهم فإذا بلغ أربعة أشهر وفصل عن أمه فأولاد المعز حقاق بالكسر الواحد جفر فإذا رعي وقوي فهو عريض بالعين المهملة وعتود وجميعها عرضان وعتدان وهو في ذلك كله جدي بفتح الجيم وسكون الدال والأنثى عناق وجمعها عنوق جاء على غير قياس ما لم يأت الحول بالذكر تيس والأنثى عنز ثم يجذع في السنة الثانية فالذكر جذع والأنثى جذعة ثم يثني في السنة الثانية فالذكر ثني والأنثى ثنية ورباعي في الرابعة وسدس في الخامسة وضالع في السادسة وليس له بعد ذلك اسم قال وقال ابن الأعرابي الجذع من الضأن أذا كان بين الشاتين لستة أشهر وبين الهرمين يجدع لثمانية أشهر وقال يحي بن آدم إنما يجزئ الجذع من الضأن دون المعز لأنه ينزو فيلقح المعز لا تلقح حتى تثنى ووافقه أبو الطاهر على ذلك وقال الأصمعي يجذع المعز لستة والضأن لثمانية أشهر وتسعة قال سند قال ابن حبيب الثني هو الذي طرح ثنيته له سنتان ودخل في الثالثة من الضأن والمعز وروى عن الأصمعي الجذع ابن سنة من الضأن والمعز وقيل ما له ستة أشهر وقيل عشرة وفي الجواهر التحاكم في هذا إلى أهل اللغة والأشهر أن الجذع ابن سنة وقال غيره سمي جذعا لسقوط أسنانه ويروى النهي عن أخذ حرزات الناس وهي خيار أموالهم التي يحزونها في نفوسهم فرعان الأول في الكتاب المأخوذ يختص بغير الأوقاص والوقص لا شيء فيه وهو بين الفريضتين في جميع الماشية فائدة في التنبيهات الوقص بفتح الواو ما لا زكاة فيه مما بين الفريضتين في الزكاة وجمعه أوقاص وقال ابو عمران هو ما وجبت فيه الغنم كالخمس من الإبل إلى العشرين وقيل هو في البقر خاصة قال سند الجمهور على تسكين القاف وقيل يفتح لأن جمعه أوقاص كجمل وأجمال وجبل وأجبال ولو كانت ساكنة لجمع على أفعل مثل فلس وأفلس وأكلب ولا حجة فيه لأنهم قالوا حول وأحوال وقول وأقوال وكبر وأكبار قال الجوهري وقص العنق كسرها ووقصت به راحلته وبفتح القاف قصرا العنق وواحد الأوقاص في الصدقة بين الفريضتين وكذلك الشنق وقيل الوقص في البقر والشنق في الإبل ويقال توقصت به فرسه إذا نزى نزوا قارب الخطا وأعلم أن هذه اللفظة معلومة قبل الشرع فيجب أن تكون لمعنى لا تعلق له بالزكاة التي لم تعلم إلا من الشرع واستعيرت من ذلك المعنى اللغوي لهذا المعنى الشرعي وذلك يحتمل أن يكون وقص العنق الذي هو قصره لقصوره على النصاب أو من وقصت به فرسه إذا قاربت الخطو لأنه تقارب النصب وقال سند ولمالك و ش في تعلق الزكاة في بالوقص قولان وأسقطها ح وجب عدم التعلق وما في كتاب عمر رضي الله عنه وليس فيه شيء حتى تبلغ المائة ولأن ما قبل الوقص واجب الزكاة وما بعده طردي وجه الجواب ما في الأحاديث من
قوله ففيها شاة إلى تسع ففيها شاتان إلى مائة وعشرين وحرف إلى يوجب امتداد ما قبلها من الحكم إلى آخر الغاية كقوله يعتد من ها هنا إلى ها هنا وقوله تعالى ( إلى المرافق _ إلى _ الكعبين ) المائدة 6 وإلا سقط ويتفرع على الخلاف إذا كان معه تسع من الإبل فتلف منها أربعة بعد الحول أن قلنا الوقص معتبر سقط من الشاة أربع أتساعها فأن تلف خمس بعد الحول وقلنا الإمكان شرط في الضمان سقط من الشاة خمسها وأن قلنا الوقص لمعنى وإلا سقط خمسه أتساعها وكذلك لو كان معه ثمانون من الغنم فتلف منها أربعون بعد الحول الثاني في الكتاب أن كان له ستون ضانية وسبعون أخذت من كليهما شاتان وإن كانت المعز خمسين فضانية ولو كان ستين وستين لخير الساعي ولو كانا مائة وعشرون ضانية وأربعين معزى أخذ شاتين منها ولو كانت المعز ثلاثين أخذهما من الضأن ولو كانا ثلاثمائة ضانية وتسعين معزى فثلاث ضوائن والمعز وقص حتى تبلغ مائة ففيها شاة ولو كانت ثلاثمائة وخمسين وخمسون معزى فثلاث ضوائن ويخير في الرابعة إما من الضأن وإما من المعز ولو كانت الضأن ثلاثمائة وستين والمعز أربعين أخذ الأربعة من الضأن قال سند إن كان النصاب من صنفين على السواء يخير فإن كان أحدهما أكبر من النصاب من الأكثر لأن الأقل تبع فإذا بلغت مائة وعشرون وهم متساويان يخير أو كانت الضأن الأكثر أخذ منها والمعز الأكثر ونقص نصابها عن الأربعين أخذت من المعز لأن الضأن لغو وإن لم ينقص عن الأربعين فذلك عند ابن القاسم ترجيحا للأكثر وقال ابن مسلمة يتخير الساعي لأن كل واحد يجب فيه شاة ولا حيف على رب المال لا سيما إذا قلنا الوقص يلغي فإن وجب شاتان وتساوي الصنفان أخذهما من كليهما فإن تفاوتا لم يجب في أحدهما لو انفرد الشتان اخذت شاة من أكثرهما واعتبر ما يزيد على النصاب مع الأقل فهما متساويان أو أحدهما أكثر فإن كان فاضل الأكثر أكثر والأقل نصاب أخذت الثانية منه عند ابن القاسم ومن الأكثر عند سحنون تغليبا للأكثر وعند ابن القاسم لما أثر الأول في الزكاة وهو نصاب لم يحل من الزكاة فإن لم يبلغ الأول نصابا فلا يختلف في أخذ الثانية من الأكثر فإن كان فاضل الأكثر أقل أخذت الثانية من النصف الآخر وإن لم يبلغ نصابا وهذا إنما يتصور في أربعين بقرة وعشرين جاموسة وكذلك إذا بلغ نصابا لأنه لو انفرد لوجبت الشاة فإن استوى فاضل الأكثر مع الصنف الآخر ولا يكون ذلك إلا في الثاني نصاب أخذت الثانية من غير فاضل الأكثر عند ابن القاسم لأنه نصاب أثر في الزكاة وعند سحنون من فاضل الأكثر فأن كانت ثلاثمائة وتسعون أخذت ثلاث ضوائن لأن التسعين وقص لأن النصاب ها هنا مائة أخذت منها معزى ولو كانت ثلاثمائة وخمسين ثانية وخمسين معزى فثلاث ضوائن وخير من الأربعة عند ابن القاسم كما لو كان ستين وأربعين معزى فإن الأخذ من الأكثر والأربعون ها هنا لا تكون نصابا فلو كانت المعز ستين أخذت منها لأنها اكثر النصاب ها هنا وفي مائتين ضانية ومائة معرى لأنها واجبها في مائتين وإحدى وعشرين ووجبت الثالثة بانضمام المعز وهي نصاب وأكثر مما فضل من الأكثر وكذلك عند ابن القاسم في مائة وإحدى وعشرين معزى والضأن مائة وثمانون ضانيتان ومعزى وعند ابن مسلمة شاتان في أيهما شاء والثالثة في الصنف الآخر لأن في كل صنف نصابا للشاتين حتى تزيد على الثلاثمائة ينقلب النصاب إلى المبين بالسنة وفي ثلاثمائة وخمسة وعشرين ضانا ومعزى على السواء ضانية ومعزى ويتخير في الثالثة عند ابن القاسم وابن مسلمة لانقلاب النصاب إلى المبين ولو كثر أحدهما كان الأخذ منه قال ابن القاسم في الكتاب وكذلك اجتماع الجوامس والبقر والبخت والعراب يريد في خمسة وعشرين بختا وعرابا على السواء بنت مخاض في أحداهما فإن كان أحداهما أكثر فمنه فإن كانت ستة وسبعين فهي نصاب واحد تؤخذ بنت لبون من أيهما شاء الساعي إن استويا فإن كان أحدهما أكثر فمنه وكذلك الحقتان في إحدى وتسعين إلى مائة وعشرين فهي في حكم النصابين وزعم اللخمي أن الستة والسبعين في حكم النصابين إن كان العراب خمسين أخذ من كل واحد بنت لبون أو ستين أخذتا منهما فإنه أذا أخذت بنت لبون عن نصف الجميع وهو سبعة وثلاثون كان باقي العراب أربعة وعشرون وستة عشرة عرابا فهي أكثر قال وهو قول ابن مسلمة ويتخير الساعي عند مالك في مائة وإحدى وعشرين في حقتين أو ثلاث بنت لبون فإن كانت البخت أقل من عشرين لم يأخذ منها شيئا لأنها ليست أكثر نصاب الخمسين وإلا الأربعين فإن بلغت عشرين واختار بنات اللبون فله أخذ بنات اللبون منها لأنها نصف نصابها وإن اختار حقتين فلا وإن بلغت ثلاثين واختار بنات اللبون أخذ واحدة منها وإن اختار الحقتين فعلى قول ابن القاسم يأخذهما من العراب لتعلق الحقة لخمسين من العراب وفاضلها أكثر من البخت وعلى قول ابن مسلمة يأخذ الثانية من البخت لأنها يضاف إليها عشرون فيكون أكثر نصاب الخمسين والزائد وقص ولو كانت أربعين واختار بنات اللبون والحقتين أخذ منهن واحدة لأن العراب لا تبلغ نصابين فلو كانت ستين واختار بنات اللبون أخذ من كل صنف واحدة وخير في الثالثة لتساوي عددهما في نصابهما وإن أختار حقتين أخذ من كل صنف حقة وان كانت سبعين أخذ منها ابنتين لبون وإن اختار الحقتين لحقه لأنها نصابها وإن كان نصابها ثمانين فإننا لبون ومن العراب بنت لبون أو حقة عن خمسين والثانية من العراب عند ابن القاسم لأنها الأكثر مما بقي وعند ابن مسلمة تأخذ الثانية من البخت لأنه يضيف إليها عشرين فيكمل نصابها وأكثر بخت فإن كانت تسعين فأكثر أخذ الحقتين منها وفاقا وكذلك ثلاثون من البقر منها عشرون جاموسا فالتبيع من الجوامس ولو كانت خمسة عشرة يخير الساعي وكذلك لو كانت أربعين أو خمسين فلو كانت ستين فهما نصابان في كل ثلاثين تبيع فإن استويا أخذ من كل صنف تبيع فإن كان الجاموس أربعين أخذ عند ابن القاسم من كل صنف تبيع لأن النصاب الآخر أكثره يقر بعد إسقاط الأول قال سحنون يأخذهما من الجوامس فتكون عشرون جاموسا وعشر بقرات والصواب عدم الفض كما في الحبوب بل يخرج من كل صنف ما أمكن ولو اجتمع ثلاثون جاموسا وثلاثون بقرة فإنه يأخذ من كل واحدة تبيعا ولو صح السقيط تخير الساعي وليس كذلك فلو كان أحد الصنفين فيه الواجب دون الآخر أخذ الساعي ما وجد فإن لم يكن فيها كلف الساعي أيهما شاء النوع الثاني زكاة البقر قال صاحب الكتاب الدينة في اللغة لفظ الغنم مأخوذة من الغنيمة والبقر الذي هو الشق لأنها تبقر الأرض بسنها والجمال من الجمال لأن العرب تتجمل بها والنعم والنعمة من النعيم والنعماء كلها من لفظة نعم لأن الجواب بها يسر بها غالبا فاشتق منها ألفاظ هذه الأمور لكونها سارة وقال غيره النعم من نعامة الرجل وهي صدرها والنعم يمشي على نعامة أرجلها وقد تقدم الكلام على الشروط والموانع وكثير من الفروع في النعم والكلام ها هنا يختص بنفس السبب ففي الكتاب ليس في البقر شيء إلى ثلاثين ففيها تبيع ذكر إلى أربعين خمسة أنثى إلى ستين فتبيعان إلى سبعين فمسنة وتبيع إلى ثمانين فمسنتان وكذلك الجوامس لما في أبي داود أنه لما وجه معاذ ابن جبل إلى اليمن أمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة وقاله الأئمة قال ابن المسيب والزهري في كل خمسين شاة لتسويته بين البقر والإبل في الهدي وجعل كل بدنة صدقة أو بقرة بسبع شياه ويرد عليهم أن خمسا من الإبل بخمس وثلاثين من الغنم ولا يجب فيهما ما يجب في الخمس ولأنه عدل أول الأمر إلى الذكر مع نقصه فدل ذلك على أنه ابتدا الفرض كالغنم في الإبل فوائد قال الأزهري ابن السنة تبيع وفي الثانية جذع وجذعة وفي الثالثة ثني وثنية وهي المسنة لأنها ألقت ثنيتها وفي الرابعة رباع لأنها ألقت رباعيتها وفي الخامسة سدس وسديس لإلقائها السن المسمى سديسا وفي السادسة ضالع ثم يقال ضالع سنة وضالع سنتين فأما الجذع فقال الجوهري ليس باعتبار سن تسقط ولا تطلع ولكن باعتبار الزمان قال سند قال عبد الوهاب التبيع له سنة قد خلت في الثانية وقاله الشافعية وقال الخطابي هو عجل ما دام يتبع أمه إلى سنة فهو جذع وقيل يسمى تبيعا لأنه تبيع أمه وقيل لتبع قرنيه اذنيه لتساويهما واختلف في تسميته جذعا فرآه ابن نافع وابن حبيب ابن سنتين وقد وقع في بعض روايات الحديث وقال ابن نافع أيضا الجذع ما دخل في الثالثة والأول قول الجمهور وقيل يسمى جذعا إذا أخرج قرنه وقال عبد الوهاب المسنة ما دخلت في الثالثة وقال ابن المواز ما دجل في الرابعة ويدل عليه أن بنت الأربعة من كرائم الأموال فلا يتعلق بها الوجوب كسائر الكرائم ولرب المال أن يدفع عن التبيع الأنثى والمسنة لفضلهما عليه ولا يأخذ الساعي المسنة الأنثى وان كانت ذكورا وقال ح يجوز الذكر وان كانت إناثا ووافقنا ش اذا لم تكن ذكورا فان لم توجد مسنة خير الساعي رب المال عليها ألا أن يطوع بأفضل وقال ح ما زاد على الأربعين بحسابه لأن الوقص يتوقف على النص ففي الخمسين مسنة وربع لأن وقص البقر لا يزيد على تسع لنا ظاهر الحديث النوع الثالث الإبل وقد تقدم الكلام على الشروط والموانع وكثير من الفروع في النقدين والغنم والكلام ها هنا على السبب وفي الكتاب ليس فيها دون خمس ذود من الإبل صدقة وفيها شاة إلى عشر فشاتان إلى خمسة عشر فثلاث شياه إلى عشرين فأربع شياه إلى خمس وعشرين فبنت مخاض فان لم توجد فابن لبون ذكر فإن يوجدا جميعا خير ربها على بنت مخاض إلا أن يعطي شيئا خيرا منها فليس للساعي ردها فإن أبي فابن لبون لم يأخذه إلى ستة وثلاثين فبنت لبون إلى ست وأربعين فحقة طروقة الفحل إلى إحدى وستين فجذعه إلى ستة وسبعين فابنتا لبون إلى إحدى وتسعين فحقتان إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة خير الساعي بين حقتين وثلاث بنات لبون قال ابن القاسم لا يأخذ إلا بنات لبون كن في الإبل أم لا واتفقوا إذا بلغت ثلاثين ومائة أن فيها حقة وابنتي لبون نظائر قال العبدي من المسائل التي اختار ابن القاسم فيها غير اختيار مالك أربع ما تقدم في بنات اللبون إذا قال أنت حر وعليك مائة قال ملك هو حر وعليه مائة وقال ابن القاسم حر ولا شيء عليه وإذا اختلط دينار لرجل بمائة لآخر فضاع منها دينار قال ملك هما شريكان هذا بمائة جزء وهذا بجزء وقال ابن القاسم لصاحب المائة تسعة وتسعون ويقتسمان الدينار نصفين وإذا ادعى الغرماء على الوصي التقاضي فأنكر فإنه يحلف فإن نكل ضمن القليل وتوقف مالك في الكثير وضمنه إياه ابن القاسم فما زاد ففي كل خمسين حقة وأربعين ابنت لبون فإذا بلغت مائتين خير الساعي بين أربع حقاق أو خمس بنات لبون كانت الاسنان في الإبل أم لا ويخير رب المال بأن يأتيه بما شاء إلا أن يكون في الإبل أحدهما وقد تقدم في باب الغنم كتابه في جميع الأنعام قال أبو الطاهر الواجب في المائتين أربع حقاق أو خمس بنات لبون والخيار في ذلك للساعي أو لرب المال والتفرقة إن وجدا جميعا يخير الساعي وإن فقدا أو أحدهما خير رب المال فالأول لوجود الأسباب للسنين والثاني نظرا لأن الزكاة مواساة والثالث جمع بين المدركين وفي الجواهر إذا كان في المائتين أحد السنين أخذه وإن وجدا أو فقدا يخير الساعي قال محمد يخير إلا أن يضر برب المال أربع حقاق وروى ابن القاسم إذا فقدا أخذ الساعي أي السنين أتى به رب المال قال أصبغ وليس هذا بشيء بل هو مخير وروي عن مالك إذا زادت المائة والعشرون واحدة لا يخير بين الحقتين وبنات اللبون إلا إذا اجتمعا في المال والغنم المأخوذة في الإبل يتعين فيهما الضأن والمعز بحسب حال غنم البلد وقال في كتاب ابن سحنون يعتبر حال المالك إذا كان مخالفا للبلد في غنمه فائدة قال سند الذود لما بين الثلاثة إلى العشرة وقال ابن حبيب إلى تسع وما فوق التسع شق إلى أربعة وعشرين ولا ينقص الذود عن ثلاثة كالبقر وقال غيره لا واحد للذود من لفظه كالنساء والخيل وقال عيسى بن دينار يقال الواحد والجماعة ذود قال والأول هو المعروف في اللغة والحديث يؤكده فانك تقول خمس رجال ولا تقول خمس رجل قال المطرزي وغيره من اللغويين هو اسم للإناث دون الذكور ولذلك حذفت التاء من الخمس في الحديث وتكون الزكاة في الذكور بالإجماع لا بالحديث نظيره ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) النساء 25 والحق بهن العبيد عكسه من أعتق شركا له في عبد تفريع قال ودفع بغير موضع الشاة في الخمس يتخرج عندنا على جواز إخراج القيم في الزكاة وجوز ح الوجهين وش البعير في الخمسة دون القيمة والبعير عن شاة في أربعين من الغنم والفرق أن الأصل إخراج الزكاة من الجنس ولا يأخذ ابن اللبون مع وجود ابنة مخاض على المشهور وقاله ش وجوزه ح إذا كان بقسمها لنا ما في النص من اشتراط عدم وجدانها في أجذه والفرق لنا بين جواز أخذ الأعلا سنا وبين أخذ الأدنى أن الأعلا كالمتضمن للأدنى في ذاته فلا قيمة والأدنى إنما يساوي الأعلا بقيمته لا بذاته ومنع قوم من أخذ ابن اللبون إذا لم يكن عنده بنت مخاض وهو قادر على ثمنها قياسا على القدرة على ثمن الماء في الطهارة والرقبة في الظهار والفرق أن الله تعالى اشترط فيها عدم الماء والرقبة مطلقا فعم العين وثمنها واشترط هنا عدمها خالصا بالمال فقال إن لم توجد فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر ولأن الزكاة مواساة فتحبس فيها الرفق بخلافهما وإذا كان في المال بنت مخاض معيبة جاز ابن اللبون فإن أخرج ابن اللبون وزاد ثمنا وعنده بنت مخاض أو بنت مخاض مكان بنت لبون وزاد ثمنا قال ابن القاسم لا خير فيه فإن وقع أجزأ وقال أصبغ عليه في الأول رد الثمن لأخذه إياه بغير حق وعلى المالك في الثاني إعطاء الأصل قال والأحسن الإجزاء في الوجهين لأن الساعي حاكم فلا ينقص حكمه وإذا لم يكن في المال الشيئان وخير على بنت مخاض وأتى بابن لبون ففي الكتاب لابن القاسم ذلك إلى الساعي وقال مالك في الموازية لايأخذ إلا ابنة مخاض لأنها افضل للمساكين وإنما جوز الشرع أخذه وحالة وجوده في المال المتيسر وهاهنا هما معدومان فيرجع إلى الأصل ولو وجبت بنت لون فلم توجد ووجد حقا لم يؤخذ بخلاف ابن اللبون عن بنت مخاض والفرق أن ابن اللبون يمتنع عن صغار السباع ويريد الماء ويرعى الشجر فعادلت هذه الفضيلة فضيله الأنوثة والحق لا يختص بمنفعة فلو وجبت حقة فدفع ابن لبون لم يجز خلافا ل ش محتجا بأنهما يجزئان عن السبعين فأولى عن الستين كما كان في بنت مخاض مع الشاة في الخمس وهذا عندنا بخلاف إخراج الجذعة عن الحقة أو حقتين عن بنتي لبون لحصول الواجب عددا ومعنى مع زيادة الفضيلة أما إذا لم يكن في المائتين إلا اخذ السنين الحقاق أو بنات اللبون لم يجبر رب المال على الشراء وقاله ش خلافا لبعض المتأخرين منا فان فقدا ففي الكتاب يتخير الساعي وإذا زادت على مائة وعشرين قال ح رجعت الزكاة إلى الغنم في كل خمس شاة فما زاد يضاف إلى الإبل المأخوذة إلى مائة وخمسة وأربعين فحقتان لمائة وعشرين وبنت مخاض لخمسة وعشرين إلى مائة وخمسين فثلاث حقاق فما زاد فبالغنم حتى تبلغ خمسا وعشرين فبنت مخاض لأنه عليه السلام كتب لعمرو بن حزم في الصدقات والديات وفيه إذا زادت على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة وروي تعاد الفريضة على أولها وجوابه انه روى على غير هذا وحديث انس مشهور بين الخلفاء بخلافه والإبل فيه مرتبة إلى المائتين وفيه في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ولأن كل مال وجبت فيه الزكاة من جنسه لا تجب فيه من غير جنسه أصله البقر والغنم وإنما ذلك ابتداء لضعف المال عن المواساة بعين المال فإن رأى الساعي رأي ح أجزأ لأنه حاكم وله عندنا أن يجمع بين الحقاق وبنات اللبون وأن يفردا إذا يفردا إذا بلغت أربع مائة خلافا لبعض الشافعية الجميع لنا انه وجد الشأن فيتخير أما زادت واحدة فيتخير عند مالك بين الحقتين وثلاث بنات لبون لظاهر قوله
فما زاد ففي كل خمسين حقة وأربعين بنت لبون فعلق الحكام بمطلق الزيادة وجه قول ابن القاسم ما روي عن نسخة كتاب عمرو رضي الله عنه فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون حتى تبلغ تسعا وعشرين ومائة ولأن الزائد على أحد وتسعين إلى عشرين ومائة وقص فإذا لم يتعين بالواحدة اتصل به وقص آخر ولا يوجد وقصان وروي عن مالك ليس له إلا حقتان إلى ثلاثين ومائة لقوله
فما زاد ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة وهو يقتضي اجتماع الفرضين فلا بد من عشرة حتى تحصل خمسون بعد أربعين ولو أراد التخيير لقال في كل خمسين حقة ولأن الزيادة هي التي تتعلق بهذا الفرض كالخامس والعشرين والسادس وثلاثين وكذلك سائر الزوائد وثلاث بنات لبون متعلقة بمائة وعشرين فالزايدة لم يتعلق بها فرض فلا تغيره كسائر ما لم يتعلق به فرض وإذا قلنا بالتخيير قال ابن المواز سواء كان السنان في الإبل أم لا وخرج بعض المتأخرين على قول مالك إذا لم يجد في المائتين إلا أحد السنين ليس له إلا إياه فكذلك ها هنا وإذا قلنا يتغير الفرض بواحدة إلى ثلاث بنات لبون فزادت بعض واحدة لم يؤثر خلافا لبعض الشافعية حملا للزيادة على المعتاد فروع في الكتاب لا يأخذ الساعي دون الشيء المفروض وزيادة ثمن ولا فوقه ويؤدي ثمنا ولا يشتري من الساعي شيئا قبل خروجه إذ لا يدري صفة ما يقتضيه ولا يشتري الإنسان ما عليه بدين لأنه دين بدين ولا يأخذ الساعي فيها دراهم واستحب عدم شراء الصدقة وأن قبضت قال سند إخراج القيم في الزكاة ظاهر المذهب كراهيته وإن وقع صح قاله ابن القاسم وأشهب في المجموعة وقاله مالك ومنع أصبغ الصحة هذا إذا لم يجد المفروض وأما إذا وجده فلا يجوز العدول عنه إلا عند ح وجه الكراهية تعيين النصوص لأسنان الماشية وفي البخاري في كتاب أبي بكر رضي الله عنه من ليست عنده بنت مخاض وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون قبلت منه ويعطي شاتين أو عشرين درهما وإذا قلنا بالجبران فالمذهب عدم التحديد بل تطلب القيمة ما بلغت نظرا لحق المساكين وحده ش بما في الحديث السابق حتى منع أخذ شاة وعشرة دراهم ورأى التحديد تعبدا وإذا فقدت الحقة المفروضة ووجدت الجذعة وبنت اللبون وأراد الساعي احداهما ورب المال الأخرى فالمذهب لا يجبر أحدهما الآخر بل ليس للساعي إلا المفروض وخيره بعض الشافعية كالمائتين من الإبل والمذهب اختصاص ذلك بما يجوز أخذه من الإبل لا بما يكون كالقيمة وأما قوله في الشراء أنه دين بدين فظاهر في زكاة الفطر والغنم المأخوذة في الإبل لتعلقها بالذمة فيكون دينا واختلف فيما عدا ذلك من الحرث ولاثمار والماشية فظاهر قوله التسوية وأن الجميع متعلق بالذمة وقال العراقيون منا و ح متعلقة بالعين وللشافعية قولان لقوله تعالى ( والذين في أموالهم حق معلوم ) المعارج 24 فجعله في الأموال لا في الذمم لنا أن له العدول عن المال والدفع من غيره فتكون متعلقة بالذمة والمال سبب التعلق ولفظه في السبيبة في الآية كقوله
في النفس المؤمنة مائة من الإبل أي سبب قتلها يوجب مائة من الإبل لتعذر حصول الإبل في النفس وأما سقوطه بالتلف فلذهاب شرط الوجوب الذي هو التمكن وإذا قلنا يجب في العين فيمتنع البيع للجهالة وأما شراؤها بعد القبض فلما في الموطأ قال عمر رضي الله عنه حملت على فرس عتيق في سبيل الله وكان الرجل الذي هو عنده قد أضاعه فأردت أن أشتريه منه وظننت أنه بائعه برخص فسألت عن ذلك النبي فقال
لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم واحد فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه فإذا صنع ذلك في غير الواجب فأولى في الواجب إلا أن تدعو لذلك حاجة قاله مالك وقال أكره شراءها من المتصدق عليه ومن غيره وخصص أشهب الكراهة بالمتصدق عليه وقاله مالك أيضا وبالأول أخذ ابن القاسم نظرا إلى أن ما ترك الله لا ينبغي له العود فيه وهذا حكم عطية لله وإن كانت القربة إنما تتعلق بثمنها كامرأة جعلت خلخالها في سبيل الله فلا تخرج قيمته قاله سحنون ولم يختلف ملك وأصحابه في المتصدق بغلة أصل سنين أو حياة المحبس عليه أن له شراء ذلك لأجل ضرورة المالك في الأصل ولترخيصه في شراء العرية ومنع عبد المبلك لما تقدم فإن كانت العطية سكنى أو إخدا ما فجوزه مالك أيضا لدرء الضرر ومنع من ركوب الفرس المجعول في سبيل الله وقال عبد الوهاب بجواز اليسير من ذلك وشرب لبن الغنم وأما لو تصدق على ولده فيجوز شراؤه بخلاف الأجنبي قاله ملك في المدونة وكذلك شرب اللبن والكسوة من الصوف لتمكن حق الأب من مال الإبن وروى أشهب المنع طردا للقاعدة وإذا جوزنا فروى ابن القاسم تخصيصه بالصغير لأن الأب ينمي له ماله وروى غيره تخصيص ذلك بالكبير لاعتبار إذنه بخلاف الصغير والأم في ذلك كالأب ولو رجعت الصدقة بميراث فلا كراهة لأنه جبري ولو ترافقا في الطريق فأخرج المتصدق عليه من دراهم الصدقة وأخرج المتصدق مثلها أجازه مالك لخفته فإن وقع البيع المكروه فالجمهور على عدم الفسح خلافا لابن شعبان ولا يكره لغير المتصدق شراؤها فوائد قال سند أسنان الإبل أحوار فإذا فصل عن أمه فهو فصيل وبعد سنة بنت مخاض إلى سنتين لأن أمها تكون حاملا والمخاض وجع الطلق لقوله تعالى ( فأجأها المخاض إلى جذع النخلة ) مريم 23 فإذا دخلت في الثالثة فبنت لبون لأن أمها ذات لبن فإذا تمت الثالثة فهي حقة وحق للذكر إلى أربع لاستحقاقها الحمل والفحل وبدخولها الخامسة جذعة والسادسة ثنية وللذكر ثني لالقائها ثنيتها والسابعة رباعية ورباع للذكر لالقائها رباعيتها والثامنة تلقي سن السدس الذي بعد الرباعية فهي سدس وسديس وفي التاسعة يبزل نابها أي يطلع فهي بازل وفي العاشرة مخلف وليس له اسم بل مخلف عامين ومخلف ثلاث إلى خمس سنين وتسمى الحامل خلفة قال ابن حاتم والجذعة وقت ليس بسن وفصول الأسنان عند طلوع سهيل لقولهم ( إذا سهيل آخر الليل طلع ** فابن اللبون الحق والحق الجذع ) ( لم يبق من أسنانها غير الهبع ** ) والهبع هو الذي يولد لغير حينه وروى عبد الحق في الأحكام مغرب الشمس بدل آخر الليل ورواه أبو داود أول الليل والأول أقرب للصواب فإن الإبل تنزو فحولها على إناثها أول الصيف وهي تحمل سنة فتلد حينئذ فتنتقل الأسنان حينئذ وسهيل يطلع أول الليل أول الشتاء وآخر الليل أول الصيف فيستقيم المعنى حينئذ فإن الفجر يكون بالجبهة وقد مضي من الصيف النثرة والطرف وأما على رواية أول الليل فيكون الفجر بسعد الذابح فلم تكمل الإبل سنة حتى تنتقل والذي لم يولد أول الصيف لا ينتقل معها لتقدمه أو لتأخره فيسمى الهبع وقال الأزهري أول نتاج الناقة ربع والأنثى ربعة وفي آخره هيج والأنثى هيجة والشارف هي المسنة الهرمة والبكر الصغير من ذكور الإبل والمهاري الإبل المسنونة إلى مهرة بن حيدان قوم من أهل اليمن والأرجية من إبل اليمن وكذلك الحيدية والعقيلية نجدتة صلاب كرام تبلغ الواحدة مائة دينار والقرملية إبل الترك والقوالح فحول سندية ترسل في العراب فتنتج البخت الواحد بختي والأنثى بختية والناضح الذي يسقي عليه الماء فارغة
الباب السادس في زكاة الخلطة
وهي عندنا وعند ش وابن حنبل مؤثرة مشروعة خلافا ل ح لنا قولهلا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من الخليطين فإنهما يترادان بالسوية فلولا تأثيرها لما نهي عنها ولا يمكن حملها على الشريكين لأن الشريكين لا فرق بين اجتماعهما وافتراقهما فلا معنى للنهي حينئذ وكذلك المالك الواحد له أن يجمع ويفرق إجماعا ولأن الاختلاط فيؤثر في المؤنة في الزكاة كالسقي في الزرع ويتجه الفقه في حقيقتها وشروطها وتراجع أهلها وتعددها واجتماع الانفراد معها فهذه خمسة فصول الفصل الأول في حقيقتها وهي ضم الماشيتين لنوع من الرفق وفي الجواهر لا تأثير لها في شيء من الأموال سوى الماشية في جملة أنواعها الفصل الثاني في شروطها وهي ستة الشرط الأول النصاب وفي الكتاب من نقضت حصته عن النصاب فلا زكاة عليه فإن أخذ الساعي منهما فإنهما يترادان إن كان الجميع نصابا لنا أن النصاب هو السبب ولا زكاة مع عدم السبب وأما التراجع فلأن الساعي حاكم أخذه كحكم الحاكم إذا اتصل بمواقع الخلاف وتعين ما حكم به وقال ش إذا كان لأربعين أربعون شاة زكوا زكاة الخلطة لأن الخلطة تصير الأموال كمال وأخذه قياسا على الحوائط المحبسة على غير المعينين والجواب عن الأول إنما نسلمه بعد تحقق النصاب وعن الثاني أن الجميع على ملك الواقف وهو واحد ويتخرج على قول عبد الملك إن صاحب النصاب يزكي بحساب الخلطة دون ناقص الملك عن النصاب كما قال في العبد والذمي فإن كان لأحدهما أربعون وللآخر دونها فلا يرجع صاحب الأربعين عليه لأنه لم يدخل عليه مضرة قال الباجي ويحمل عندي إذا قصد الساعي أحدها منهما أن يرجع عليه فلو كان الجميع دون النصاب فلا يرجع لأنها مظلمة إجماعا بل يرجع بها على من أخذها وفي الكتاب لو كان لأحدهما أربعون وللآخر خمسون وللثالث شاة فأخذها الساعي يرجع عليهما بقيمتها إلا أن تكون من كرائم الأموال فليسقط ما زاد على قيمة المجزي إلا أن يأخذها برضاهما وإذا كان لأحدهما مائة وعشرة وللآخر أحد عشر تراجعا قيمة الشاتين لإدخال صاحب القليل المضرة على صاحب الكثير فلو كان له ألف شاة أو أقل وللآخر أربعون فأكثر تراجعا قال سند شأن الساعي أن لا يأخذ إلا شاة من الأكثر دون الأحد عشرة فإن أخذ شاتين فهو قول قائل فلا يختص أحدهما بالثانية قال ابن القاسم وصفة التراجع أن يتراجعا على عدد غنمهما أخذتا منهما ومن أحدهما وقال ابن عبد الحكم يختص التراجع بالشاة الثانية وفي الجواهر إذا تراجعا بالقيمة فيوم الأخذ عند ابن القاسم ويوم الوفاء عند أشهب نظرا إلى أنه كالمستهلك والمستسلف الشرط الثاني الحول وفي الجواهر إذا حال حول أحدهما دون الآخر زكى زكاة المنفرد كما لو كان خليطه بغير الجنس وعند عبد الملك يزكى زكاة الخليط فيما بيديه ويسقط عن خليطه ما يتوبه لنا قوله
لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ولا تشترط الخلطة في جميع الحول بل آخره كشهرين أو أقل بيسير قاله في الكتاب وقال ابن حبيب الشهر وقال ابن المواز يجوز الاجتماع والافتراق في ما دون الشهر ما لم يقرب جدا وقيل ذلك غير محدود بل يتجنب مورد النهي هذا كله إذا كان الافتراق والاجتماع منقصا للزكاة وإلا فيزكيان على ما يوجدان عليه وقال ش وابن حنبل يشترط جميع الحول لنا أن الحديث لم يتعرض له فلا يشترط ولأنهما لو اجتمعا أوله وافترقا آخره فلهما حكم الافتراق فكذلك عكسه قال في الكتاب لو أصدق ماشية بعينها فلم تقبضها المرأة حتى حال الحول عليها عند الزوج فطلقها قبل البناء ومجيء الساعي ثم أتى ولم يقتسماها أو خلطاها بعد القسمة زكى زكاة الخليطين وقال ش إن لم يقتسما بنيا على الحول وإن اقتسما استأنفا الحول ومنشأ الخلاف هل ملك الزوج النصف الراجع بالطلاق أو هو باق على أصل ملكه قال سند وهو المذهب وعليه تخرج الفوائد فالمخالف يراها للزوجة والمذهب أنها بينهما وقال أشهب يستأنف الزوج الحول فإن عادت على أصل ملكه لما للمرأة من القلة فإن أتى قبل القسمة وهما غير خليطين قال سند فيه نظر لأن النية إنما تشترط في ابتداء الخلطة وهما بالطلاق شريكان كالورثة وهم خلطا وإن لم يقصدوا الخلطة الشرط الثالث قال سند أهلية الزكاة في كل واحد منهما فلو كان أحدهما ذميا أو رقيقا فلا خلطة خلافا لعبد الملك الشرط الرابع النية قال سند اعتبرها مالك لأنه معنى يغير موجب الحكم فيفتقر إلى النية كالاقتداء في الصلاة خلافا لأشهب محتجا بحصول الرفق المقصود وإن عدمت النية الشرط الخامس إتحاد نوع الماشية فلا بد أن تكون كلها غنما أو إبلا أو بقرا أما إذا اجتمع نوعان زكيا زكاة المنفرد الشرط السادس قال سند لا تشترط الخلطة في جملة أسباب الرفق التي هي الراعي والمسرح والمراح والفحل والمبيت والدلو الذي يورد به الماء والخلاف عند الشافعية خلافا لنا فيه والمراح الذي ترجع الماشية إليه وتجمع فيه للانصراف وقيل موضع الإقالة فلا يشترط اجتماع الجملة لعدم دلالة الدليل عليه ولحصول الرفق في بعضها وقال في الكتاب يكفي بعضها من غير تعيين وقال ابن القاسم وأشهب لا بد من الاجتماع على أكثر الأوصاف ولأن الأقل تبع للأكثر لا سيما في الزكاة وقال ابن حبيب الراعي وحده كاف تشبيها له بالإمام في الصلاة في تغيير حكم الجميع وقال أيضا الراعي والمرعى لأن اجتماعهما يوجب اجتماع الفحل وقال الأزهري يكفي أي صفتين كانتا يريد من الدلو والراعي والفحل والمراح والمبيت الفصل الثالث في تراجع الخلطاء وفي الكتاب إذا كان لأحدهما خمس من الإبل وللآخر تسع فعلى كل واحد منهما شاة ثم رجع إلى التراجع بالسوية والفرق بين الوقص ها هنا وبين الانفراد على المشهور أن الخلطة في حكم الشركة حتى لو كان لأحدهما سبع وللآخر ثمان وجبت الزكاة في الزائد قال سند لو كان لكل واحد من خمسة بقر خمس من الإبل رجع من أخذت منه بنت المخاض على كل واحد بخمس قيمتها وكذلك التراجع في البقر فلو كان لأحدهما أربعون جاموسا وللآخر ثلاثون بقرة فأخذ مسنة من الجواميس وتبيعا من البقر فالأظهر عدم التراجع ويحتمل التراجع بالقيمة وكذلك إذا كان لأحدهما مائة وللآخر أربعون فأخذ منهما حقتين وإذا أخذ الساعي الواجب فالمشهور الرجوع بالقيمة سواء دفع رأسا أو جزأ وقال أشهب يرجع بالرأس وخيره في الجزء بين نسبته وبين القيمة وجه الأول أنه في معنى الاستحقاق والاستهلاك لأنه أخذ منه بغير رضاه وجه الثاني القياس على السلف وإذا قلنا بالقيمة فيوم قبض المتصدق فإن اختلفا فالقول قول المرجوع عليه مع يمينه لأنه الغارم ولو كان لكل واحد من ثلاثة نفر أربعون فأخذ الساعي ثلاث شياه من ملك أحدهم ففي الموازية يرجع على صاحبيه بثلثي شاة وفيه نظر لأنه قد يرى مذهب الحنفية في عدم اعتبار الخلطة الفصل الرابع في تعدد الخلطة في الجواهر إذا خلط مع أكثر من واحد عم الحكم الجميع ويتوزع الواجب على نسبة أموالهم قاله ابن القاسم وأشهب وقال ابن المواز هو خليط لكل واحد لجميع ماله وليسوا خلطاء فيزكي كل واحد ما يخصه مع جملة ماشية خليطه وقيل هو خلطائه خاصة واحد بالذي معه دون ما خرج فيزكي كل واحد بما يخصه مع خلطائه خاصة واختلف القائلون بذلك في حكمه هو فقيل يزكي على ضم ماله بعضه إلى بعض وقيل يفرد كل مال بالزكاة مع خليطه وسبب الخلاف اجتماع أمرين متناقضين أحدهما الخليط الأوسط يجب ضم ماله بعضه إلى بعض مع عدم الخلطة والثاني الطرفان ليس بينهما خلطة فلا يجب الضم بينهما فمن غلب حكم الوسط ورأى أن كل واحد منهما يجب ضمه إليه وهو يجب ضم ملكه عمم الحكم ومن غلب حكم الطرفين أفرد حكم الوسط فجعله كمالين لمالكين ولم يضم بعضه إلى بعض وهذا هو القول الرابع ومن رأى أن الوسط جعل الطرفين خليطين والخليط يجب ضم ماله وهو القول الثاني وبيان ذلك بالمثال من خلط عشرة من الإبل بعشرة وعشرة أخرى مع آخر فعلى القول الأول تجب بنت مخاض على الوسط نصفها وعلى كل واحد من الطرفين ربعها وعلى الثاني يجب أيضا على الوسط نصفها وعلى كل واحد من الطرفين ثلث بنت مخاض وعلى الثالث على الوسط ثلث بنت مخاض وعلى كل واحد من الطرفين شاتان وعلى الرابع يجب في الجمع ثمان شياه على الوسط أربع وعلى كل واحد من الطرفين شاتان فرع إذا وجبت حصة من شاة أو غيرها أخذت القيمة ذهبا أو ورقا وقيل يأتي بها فيكون شريكا فيها الفصل الخامس في اجتماع الخلطة والانفراد في الكتاب من له أربعون شاة ولخليطه أربعون وله في بلد آخر أربعون منفردة ضمها إلى الخلطة وأخذ الساعي من الجميع شاة عليه ثلثاها ووافقنا ش وح ضم غنم البلدين وقال ابن حنبل يعتبر كل مال بنفسه فإن كان له أربعون ببلدين فلا زكاة لقوله
لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع وحمله مالك رحمه الله على ما ينقص الزكاة باعتبار الخلطة فقط جمعا بينه وبين قوله
في كل أربعين من الغنم شاة ولأنه غني بالأموال في البلدان كالبلد الواحد وقياسا على النقدين وقد سلمهما قال سند إذا أخرج زكاة الجميع في أحد البلدين يخرج من الخلاف في نقل الزكاة ووافق ش مالكا في ضم المنفرد إلى المختلط وقال عبد الملك لا يضم لعدم الإرتفاق في المنفرد والمذهب ينظر إلى الإرنفاق في جنس ذلك المال وعلى القول بالضم فعلى القول بأن الوقص لا شيء فيه تكون الشاة بينهما نصفين وعلى المذهب في وقص الخلطة تكون أثلاثا وإذا قلنا بعدم الضم فإنه يضم المنفرد إلى ما خالط به ويكون عليه ثلثا شاة نظرا للخلطة في حصة الملك وعلى صاحبه نصف شاة نظرا إلى أنه لم يخلط إلا أربعين وفي الجواهر قال سحنون على الأربعين نصف شاة وعلى الثمانين شاة وسبب الاختلاف النظر إلى أثر الخلطة فالأول اعتبرها في جميع المال والثاني اعتبرها في حق الأربعين فيما خالط به خاصة وفي الثالث اعتبر القدر الذي وقعت به فيه الخلطة فقط ولو خلط عشرة من الإبل بعشرة لغيره وبقيت له عشرة أخرى منفردة فعلى الأول تكون عليهما بنت مخاض أثلاثا وعلى الثاني يكون على صاحب العشرة شاتان وعلى صاحب العشرين ثلثا بنت مخاض وعلى الثالث يزكي الجميع بالغنم قال سند فلو خالط بدون النصاب من له نصاب وله مال منفرد يكمل النصاب ضم على المشهور وعلى القول الآخر لأحدهما عشرون خالط بها عشرين وله عشرون منفردة فالمأخوذ على صاحب الأكثر لأن الآخر لم يضره
الباب السابع في أداء الزكاة
وله ثلاث حالات أداؤها في وقتها والتعجيل والتأخير الحالة الأولى الأداء في الوقت وفي الجواهر يجب أداؤها على الفور للإمام العدل الصارف لها في وجوهها لقوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم ) التوبة 103 وما وجب عليه وجب علينا تمكينه منه وقيل لأرباب الناض تفريقه على مستحقيه وإن كان عدلا لأنها قربة والأصل مباشرة القرب وليس في قوله تعالى ( خذ من أموالهم ) عموم بل لفظ صدقة مطلق يكفي فرد من أفراده فروع ثلاثة الأول في الكتاب يسأل الإمام الناس على الناض وإن لم يتجروا ولا يبعث في ذلك أحدا بل يكتفي بأمانة الناس إلا أن يعلم الإمام العدل منعها فيأخذها كرها ومن تجر من المسلمين من بلد إلى بلد فزكاة واحدة في العام بخلاف الذمة في العشر ولا تقوم على تجار المسلمين ولا الذمة أمتعتهم بل إذا باعوا أدوا ومن أدعى قراضا أو دينا أو عدم الحول صدق بغير يمين قال سند فإن فرقها ربها والإمام عدل أجزأته عند الجمهور وكذلك لو طلبه فأقام على إيصالها إلى ربها بينة وقال ابن القصار إن طلبه الإمام العدل غرمها وإلا أجزأته فإن لم تقم بينة قال ملك وابن القاسم لا يقبل قوله إن كان الإمام عدلا وقال أشهب يقبل إن كان صالحا فإن كان الإمام جائرا فلا تدفع إليه ليلا تضيع على مستحقيها قال أشهب إن دفعها إلى غير العدل مع إمكان إخفائها لم تجزئه إلا أن يكرهه فلعلها تجزئ وقال ابن القاسم إن أخذها الجائر أو عوضا منها وهو يضعها مواضعها أجزأت وإلا فلا تجزئ طوعا ولا كرها صدقة ولا عوضها قال أصبع والناس على خلافه وإنها تجزئ مع الإكراه قال أصبغ فلو دفعها طوعا إليه فأحب إلي أن يعيد تمهيد اجتمع في الزكاة شبه الوديعة ودفع الوديعة لغير ربها يوجب الضمان إلا مع الإكراه وشبه الدين والنصيب المشترك وإذا دفعها لوكلاء مستحقيها والوكيل فاسق أبرأ الدافع والإمام أقامه الشرع وكيلا للفقراء قال فلو كتم ماله فحلله الجائر قال في المجموعة لا يحلف ويدفع إليه وهو متجه إذا قلنا بالإجزاء وإذا قلنا بعدم الإجزاء يحلف ولا شيء عليه لأنه مكره على أخذ ماله فإن كان السلطان من أهل الأهواء قال مالك يجزئ قال أشهب طوعا أو كرها لأن تصرفات الخوارج نافذة وإلا فسدت أنكحة الناس ومعاملاتهم وذلك فساد عظيم ولا ينقض إلا الجور قال والناس على ثلاثة أقسام معروف بالخير يقبل قوله ومعروف بمنع الزكاة يبحث الإمام عنه وقال ح إذا منعها لا يجبر على أخذها من ماله لكن يلجأ إلى دفعها بالحبس وغيره لافتقارها إلى النية لنا فعل الصديق رضي الله عنه والقياس على الزرع وأما النية فإنها إنما اشترطت لما فيها من شائبة العبادة التي هي تبع لسد الخلة فإذا منع المتبوع لا يسقط لتعذر التابع أو نقول نية الإمام تقوم مقام نيته ولا يؤخذ من أموالهم أكثر من الزكاة وقال ش يؤخذ شطر مالهم عقوبة لهم لما في أبي داود أنه قال فيمن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله جوابه أن ذلك أول الإسلام حيث كانت النفوس تشح بالزكاة ولقوله ليس في المال حق سوى الزكاة فإن لم يوجد له مال وهو معروف المال قال ابن شعبان له سجنه كديون المعاملات الثالث مجهول الحال فإن أدعى دفعها لم يقبل قوله لأن الأصل بقاؤها وإن ادعى عدم النصاب صدق لأن الأصل عدمه الثاني قال النية واجبة في أداء الزكاة عند مالك والأئمة لقولهإنما الأعمال بالنيات ولأنها عبادة متنوعة إلى فرض ونفل وحكمة إيجاب النية إنما هو تمييز العبادات عن العادات وتمييز مراتب العبادات فتفتقر للنية لتمييزها عن الهبات والكفارات والتطوعات وفي الجواهر ينوي ولي الصبي والمجنون وقال بعض أصحابنا لا تفتقر الزكاة إلى النية قياسا على الديون ولإجزائها بالإكراه وعمن لا تتأتى منه النية كالمجنون قال القاضي أبو الحسن ولا يحتاج الإمام إلى نية لأن فعله يقوم مقام النية قال سند وينوي المزكي إخراج ما وجب عليه في ماله ولو نوى زكاة ماله أجزاه وتجب بالتعيين فلو تلفت بعد عزلها أجزأت إذا عينها وإذا عينها لم تحتج إلى نية عند دفعها للمساكين وإن لم يعينها وعزلها عن ملكه وجبت النية عند التسليم لأن صورة الدفع مشتركة بين دفع الودائع والديون وغيرها وجوز بعض الشافعية تقديم نيتها عليها من غير استصحاب قياسا على تقديم الزكاة على أصلهم ولأنه قد يأمر وكيله بإخراجها فلو لم يجز تقديمها لكان تغريرا بالمال ونحن نضمن الوكيل إن لم يفعل ما أمر به فلا ضرر وينقض عليهم بالنيابة في الحج مع افتقاره إلى نية تقارنه الثالث قال لو تصدق بجملة ماله ونوى زكاته وما زاد تطوع أجزأ وإلا فلا خلافا ل ح محتجا بأنه لم يبعد عن المقصود ويشكل عليه بما لو صلى ألف ركعة ينوي بها اثنتين للصبح والبقية للنفل فإنها لا تجزئ الحالة الثانية تعجيل الزكاة وفي الكتاب لا ينبغي إخراج زكاة عين ولا ماشية قبل الحول إلا بيسير فإن عجل زكاة ماشيته لعامين لم يجزه وفي الجواهر في اليسير خلاف واختلف في حده إذا جوزناه فقال ابن القاسم نحو الشهر وقال ابن المواز اليومان وحكى ابن حبيب عمن لقي من أصحاب مالك العشرة وقيل نصف الشهر وهذا الخلاف يختص بالعين والماشية وأما الحرث فلا يجوز التقديم فيه وخالفنا الأئمة في التعجيل وأجازه ح عن سنين وفي الحرث والثمار قبل ظهورهما وفي أبي داود أن العباس سأل النبي في تعجيل صدقته قبل أن يحل فرخص له فيها ولأن القاعدة أن تقديم الحكم على شرطة إذا تقدم سببه جائز كالتكفير قبل الحنث لتقدم الحلف والعفو عن القصاص قبل الزهوق لتقديم الجرح فكذلك هاهنا لما تقدم السبب الذي هو النصاب لا يضر فقدان الحول ولذلك اجتمعت الأمة على منع التعجيل قبل كمال النصاب وقياسا على الديون فإن الحول حق للأغنياء فإذا أسقطوه سقط كأجل الدين والجواب عن الأول أنه محتمل التعجيل قبل الحول بيسير أو بعده وقبل الساعي أو يعجل له الساعي أو صدقة التطوع وعن الثاني أن قصد الحنث عندنا يقوم مقام الحنث إذا كان على حنث فلم يفقد الشرط وبدله وعن الثالث أن مصلحة العفو تفوت بالموت فجعل له استدراكها وهاهنا لا تفوت وعن الرابع أن الزكاة فيها شائية العبادة ولذلك افتقرت إلى النية بخلاف الديون ويدل على ما قلنا القياس على الصلاة ولأن النصاب إذا هلك قبل الحول إن قلتم أن المعطي واجب لا يكون الحول شرطا وليس كذلك وإن لم يكن واجبا فلا يحل للفقير التصرف فيه وهو لم يعط له فتبطل حكمة التعجيل وفي الجواهر لو عجل بالمدة الجائزة وهلك النصاب قبل تمام الحول أخذها إن كانت قائمة إن ثبت ذلك وإلا فلا يقبل قوله أما لو ذبح شاة من الأربعين بعد التعجيل ثم حال الحول لم يكن له الرجوع لاحتمال نية الندم فيتهم في الرجوع قال سند إذا دفع شاة من أربعين أو نصف دينار من عشرين وبقي الباقي إلى تمام الحول فظاهر قول ابن القاسم أن المدفوع زكاة مفروضة وقاله ش لأن المدفوع يقدر بقاؤه في يد المالك حتى قال الشافعية لو كانت الماشية مائة وعشرين فولدت شاة الصدقة في يد الفقير سخلة وجب عليه إخراج شاق أخرى لتجدد النصاب وقال ح في الأول لا تكون زكاة ويستردها من الإمام لأنه لم يحل الحول على نصاب عنده ولو تلف في يد الساعي قبل إيصاله إلى المساكين لم يضمنه على مقتضى المذهب لوقوعه الموقع فلو تغيرت حال رب المال قبل الحول بموت أو ردة قال ح إن كان بيد الإمام استرجعه وإن وصل إلى الفقراء فلا وقال ش وابن حنبل له ذلك مطلقا كما لو دفع كراء مسكن فانهدم ولو تغير حال الفقير بموت أو ردة فقال ابن القاسم و ح وقعت الموقع اعتبارا بحالة الأخذ وقال ش وابن حنبل يسترد منه ولا يجزئ ربها فلو عجل زكاة زرعه قبل حصاده وهو قائم في سنبله قال مالك يجزئه للوجوب بالطيب فلو عجل زكاة ماشية ثم جاء الساعي عندما وجده دون ما دفعه للمساكين إذا عجلها بما لا يجوز له فقولان مبنيان على أن الساعي شرط في الوجوب أم لا الحالة الثالثة التأخير مع الإمكان في الجواهر هو سبب الإثم والضمان فلو تلف النصاب بعد الحول وقبل التمكن فلا زكاة
الباب الثامن في صرف الزكاة والنظر في المصرف وأحكام الصرف
النظر الأول في الصرف وهو الطوائف الثمانية التي في قوله تعالى ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ) التوبة 60 فحصرها بصيغة إنما فيهم فإن لم يوجد إلا صنف واحد أجزأ الإعطاء له إجماعا كاستحقاق الجماعة للشفعة إذا غابوا إلا واحدا أخذها وإن وجد الأصناف كلها أجزأه صنف عند مالك و ح وقال ش يجب استيعابهم إذا وجدوا واستحبه إصبع ليلا يندرس العلم باستحقاقهم ولما فيه من الجمع بين مصالح سد الخلة والإعانة على الغزو ووفاء الدين وغير ذلك ولما يرجى من بركة دعاء الجميع بالكثرة ومصادفة ولي فيهم قال سند وانعقد الإجماع على عدم استيعاب آحادهم بل قال ش يدفع ثلاثة من كل صنف وللإمام إذا جمع الصدقات أن يدفع زكاة الرجل الواحد لفقير واحد هاتان الصورتان تهدمان ما يقوله الشافعي من التملك ومنشأ الخلاف اللام التي في قوله ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) هل هي للتمليك كقولنا المال لزيد أو لبيان اختصاص الحكم بالثمانية كقوله تعالى ( فطلقوهن لعدتهن ) الطلاق 1 أي الطلاق مختص بهذا الزمان وقولهصوموا لرؤية الهلال أي وجوب الصوم مختص بهذا السبب فليس في الآية على هذا تعرض لملك وهذا هو الظاهر لما فيه من عدم المخالفة لظاهر اللفظ بذينك الصورتين ومن قال بالتمليك يلزمه مخالفة ظاهر اللفظ بهما وقد نص الله تعالى في الكفارات على المساكين ومع ذلك يجوز الصرف للفقراء وكذلك هاهنا ولهذه الأصناف شروط تعمها وشروط تختص ببعضها فالعامة أربعة الشرط الأول الإسلام إلا ما يذكر في المؤلفة قلوبهم الشرط الثاني خروجهم عن القرابة الواجبة نفقتهم وفي الكتاب لا يعطيها لمن تلزمه نفقتهم ومن لا تلزمه نفقتهم فلا يلي هو إعطاءهم ويعطيهم من يلي تفريقها بغير أمره كما يعطي غيرهم قال سند واختلف في تعليل المنع فقال مالك لأنه يوفر نفقته الواجبة عليه قال عبد الوهاب لأنهم أغنياء بنفقته فيدفع لهم خمس ركازه على الثاني دون الأول ويجوز لغيره الدفع لهم من الزكاة على الأول دون الثاني ومن لا تجب نفقتهم المشهور أنهم سواء وقال ابن حبيب لا يجزئه إعطاؤها لمن تلزم نفقته ولا لمن يشبههم كالأجداد والجدات وبني البنين والبنات مراعاة لمن يقول لهم النفقة ويلزمه أن يقول ذلك في العم والعمة والخال والخالة ومن لا تلزمه نفقته من أقاربه إن كان في عياله وقطع بالدفع إليهم نفقته لم تجزئه قاله ابن حبيب لأنه استعان على ما كان التزمه بزكاته قال وفيه نظر لأنه له قطع النفقة عنهم فيكون غيرهم أولى فقط وإن لم يقطع نفقته أجزأه مع الكراهة قاله ملك وروي عنه لا بأس إذا ولي هو تفريقها أن يعطي أقاربه الذين لا تلزمه نفقتهم وإن كان مالك يفعل ذلك وهو قول ش للجمع فيها بين الصدقة وصلة الرحم ويلاحظ عدم الإخلاص بدفع الذم عن نفسه وخشية أن يعطي لهم وليسوا أهلا فرع ويلحق بالقرابة الزوج قال ابن القاسم في الكتاب لا تعطي المرأة زكاتها لزوجها وقاله ح لأنه يتسع بها فيكون وقاية عن نفقة الزوجة وكرهه أشهب و ش وإن لم يردها في نفقتها لما في الصحيحين أنه سئل عن ذلك فقال فيه أجران قال سند فان دفع الزوج زكاته إليها لا تجزئه لأنها غنيه بنفقته قال ابن القصار إذا أعطى أحد الزوجين الآخر ما يقضي به دينه جاز لعدم عود المنفعة قال وهذا يقتضي أن الدفع للأب لوفاء الدين جائز إلا أن يكون الدين لأحد الأبوين على الآخر وصاحب الدين فقير الشرط الثالث خروجهم عن آل النبي قال سند الزكاة محرمة على النبي إجماعا ومالك والأئمة على تحريمها على قرابته قال الأبهري يحل لهم فرضها ونفلها وهو مسبوق بالإجماع ولما في مسلم قال
إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد واختلف في تعيينهم فقال ابن القاسم هم بنو هاشم دون مواليهم وقاله ح واستثنى بني أبي لهب وزاد ش وأشهب بني عبد المطلب لأنه أعطاهم من سهم ذوي القربى دون العرب لما حرموا من الزكاة وقال اصبغ هم عترته الأقربون آل عبد المطلب وهاشم وعبد مناف وقصي دون مواليهم والأول اظهر فإن الأول إنما يتناول عند الإطلاق الأدنين وقال ابن نافع مواليهم منهم لقوله
مولى القوم منهم قال ابن القاسم معناه في البر والحرمة كما قال أنت ومالك لأبيك وقال ابن نافع وش و ح تحرم عليهم صدقة التطوع والواجبة لعموم الخبر وجوز ابن القاسم التطوع لقوله
إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة ثم كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يدفعان من ذلك لعلي والعباس رضي الله عنهما وفي الجواهر من أصحابنا من جوز لهم الواجبة دون التطوع لعدم المنة فيها فتكون أربعة أقوال الشرط الرابع الحرية لأن العبد مكفي بنفقة سيده قال سند قال الباجي يجوز أن يستأجر على حراستها وسوقها وإن لم يجز أن يكون عاملا عليها لأنها أجرة محضة وقدمت هذه الشروط لعمومها والعام يجب تقديمه على الخاص ولنتكلم الآن على الأصناف وشروطها الخاصة فنقول الصنف الأول الفقير وفي الجواهر هو الذي يملك اليسير لا يكفيه لعيشه وفي الكتاب من له دار وخادم لا فضل في ثمنهما عن غيرهما فيعطى وإلا فلا قال سند مذهب الكتاب تراعى الحاجة دون قدر النصاب من غير العين فإن من ملك من نصابا نم العين فهو غني تجب عليه الزكاة فلا يأخذها والفرق أن الشرع حدد نصاب العين ولم يحدده من غيرها وروي عنه المنع مع النصاب من غير العين إذا فضل عن قيمة المسكن وروي جواز الأخذ مع النصاب من العين وأما المستغني بقوته وصنعته فعلى مراعاة القوة لا يعطي شيئا وقاله ش قال ملك و ح يعطى لأنه ليس بغنى وإنما هو يقدر على شيء ما حصل إلى الآن قال اللخمي وقال يحيى بن عمر لا يجزئ لقوله في أبى داود لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي والصحيح خمسة أقسام من له قوة صناعة تكفيه لا يعطى لقيام الصنعة مقام المال ومن لا تكفيه يعطى تمام الكفاية ومن كسدت صنعته يعطى ومن ليس له صناعة ولا يجد في الموضع ما يتحرف به يعطى ومن وجد ما يتحرف لو تكلف ذلك فهو موضع الخلاف ويؤكد المنع إنما هي مواساة فلا تحل للقادر على الكسب كمواساة القرابة بطريق الأولى لتأكيد القريب على الأجنبي وفي الجواهر لا تشترط الزمانة ولا التعفف عن السؤال والمكفي بنفقة ابنه والزوج لا يعطى الصنف الثاني المسكين قال سند المشهور إن المسكين أشد حاجة من الفقير وقاله ح وقال الشافعي وبعض أصحابنا الفقير اشد لقوله تعالى ( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون ) الكهف 79 فجعل لهم سفينة ولأن الفقير مأخوذ من فقار الظهر إذا انكسرت وذلك شأن الموت وقال ابن الجلاب هما سواء لمن له شيء لا يكفيه فعلى هذا تكون الأصناف سبعة وقاله ابن وهب الفقير المتعفف عن السؤال مع الحاجة والمسكين الذي يسأل في الأبواب والطرق لقوله في مسلم
ليس المسكين هو الطواف الحديث لنا قوله تعالى ( أو مسكينا ذا متربة ) البلد 16 وهو الذي ألصق جلده بالتراب ولقوله
ليس المسكين هو الطواف على الناس فترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان قالوا فما المسكين يا رسول الله قال الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس شيئا وقول الشاعر ( أما الفقير الذي كانت حلوبته ** وفق العيال فلم يترك له سبد ) فجعل له حلوبا قال الأخفش والفقير من قولهم فقرت له فقرة من مالي أي أعطيته فيكون الفقير من له قطعة من المال والمسكين من السكون ولو أخذ الفقير من الذي قالوه فالذي سكن عن الحركة اقرب للموت منه وأما الآية فالمراد بالمساكين المقهورون كقوله تعالى ( ضربت عليهم الذلة والمسكنة ) البقرة 61 وذلك لا ينافي الغنى ومعنى الآية لا طاقة لهم بدفع الملك عن غصب سفينهم وورد عل الثاني أن المراد بالمسكين في قوله ليس المسكين بهذا الطواف أي المسكين الكامل المسكنة ولا يلزم من نعته بصفة الكمال نفيه مطلقا واللام تكون للكمال قاله سيبويه وجعلها في اسم الله له وعن البيت إن الحلوبة لم يتمها له إلا في الزمن الماضي لقوله كانت في زمن من سماه فقيرا فلعله كان في ذلك الزمان غنيا الصنف الثالث هو العامل وفي الجواهر نحو الساعي والكاتب والقاسم وغيرهم أما الإمام والقاضي والفقيه والقارئ فرزقهم من الخراج والخمس والعشر وغير ذلك قال سند وروي عن مالك من يسوقها ويرعاها وهو شاذ قال اللخمي ويجوز أن يكون العامل غنيا لقوله في الموطأ لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لغاز في سبيل الله أو العامل عليها أو الغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني وأجاز أحمد بن نصر ان يكون من آل النبي أو عبدا أو ذميا قياسا على الغني والفرق أنها أجرة له فلا تنافي الغني وكونها أوساخ الناس ينافي آل البيت لنفاستهم ولكونها قربة تنافي الكفار والعبيد لخساستهم قال أبو الطاهر وشروطه أربعة العدالة والحرية والبلوغ والعلم بأحكام الزكاة الصنف الرابع المؤلفة قلوبهم وفي الجواهر كانوا في صدر الإسلام يظهرون الإسلام فيؤلفون بالعطاء لينكف غيرهم بإنكفافهم ويسلم بإسلامهم وقد استغنى الآن عنهم قال عبد الوهاب فلا سهم لهم إلا أن تدعوا حاجة إليهم وقيل هم صنف من الكفار يتألفون على الإسلام لا يسلمون بالقهر وقيل قوم إسلامهم ضعيف فيقوي بالعطاء وقيل عظماء من ملوك الكفار أسلموا فيعطون ليتألفوا أتباعهم لأن الجهاد يكون تارة بالنسيان وتارة بالبيان وتارة بالإحسان يفعل مع كل صنف ما يليق به الصنف الخامس فك الرقاب في الجواهر يشتري الإمام الرقاب من الزكاة فيعتقها عن المسلمين والولاء لجميعهم قال ابن القاسم ولا يجزي فيها إلا ما يجزي في الرقاب الواجبة خلافا لابن حبيب في الأعمى والأعرج والمقعد وقال ابن وهب هو فكاك المكاتبين قال محمد يعطي مكاتبه من زكاته ما لم يتم به عتقه وفي قطاعة مدبرة ما يعتق به وهما لا يجزئان في الواجب فرع قال لو اشترى من زكاته رقبة فأعتقها ليكون الولاء له النية لا يجزئه عند ابن القاسم لاستثنائه الولاء خلافا لأشهب محتجا بمن أمر عبده بذبح أضحيته فذبحها عن نفسه فإنها تجزئ عن الآمر أو أمره بعتق عبده عن نفسه فأعتقه الوكيل عن نفسه فإن العتق عن الآمر ولا يجزئ فك الأسير عند ابن القاسم خلافا لابن حبيب تمهيد قوله تعالى ( وفي الرقاب ) اجتمع فيه العرف الشرعي واللغة أما العرف فلأنه تعالى أطلق الرقبة في الظهار والقتل ولم يرد بها إلا الرقيق الكامل الرق والذات وأما اللغة فإن الرقبة تصدق لغة على الأحرار والعبيد ومن كمل ومن نقص فالمشهور قدم العرف الشرعي وهو المشهور في أصول الفقه بأنه ناسخ للغة ومن لاحظ اللغة لكونها الحقيقة وغيرها مجاز أجاز المكاتب والمدبر والمعيب والأسير وعتق الإنسان عن نفسه وإن كان الولاء له دون المسلمين فلأن مقصود الزكاة إنما هو شكر النعمة وسد الخلة وهذا حاصل والولاء للمعتق فإن حق المسلمين إنما يتعين في بيت المال وكذلك سائر مصارف الزكاة لا يعم منها شيء للمسلمين وقياسا على الرقاب في غير الزكاة فإنه يجزئ والولاء للمعتق قال سند وجوز ابن حبيب عتق من بعضه حر تفريعا على المكاتبين قال اللخمي اختلف في خمسة المعيب وإعطاء المكاتب وإعطاء الرجل مالا لتعتق عبده والأسير وعتق بعض عبد فيبقى الباقي رقيقا أو كان بعضه حرا قال وقول ملك وأصحابه إجزاء المعيب ومن اشترى رقبة من زكاته وقال هي حرة عن المسلمين ولا ولاء لي فولاؤها للمسلمين وتجزئه وإن قال حر عني وولاؤه للمسلمين قال ابن القاسم لا يجزئه وولاؤه له وقال أشهب يجزئه وولاؤه للمسلمين الصنف السادس الغارم وهو من أدان في غير سفه ولا فساد ولا يجد وفاء أو معهم أموال لا تفي ديونهم فيعطون من الزكاة قضاء ديونهم وإن لم تكن لهم أموال فهم فقراء غارمون يعطون بالوصفين وفي الدفع لمن أدان في سفه ثم نزع عنه خلاف وفي دينه لله تعالى كالكفارات والزكوات التي فرط فيها خلاف قال أبو الوليد ويجب أن يكون الغارم بحيث ينجبر حاله بأخذ الزكاة ويفسد بتركها بأن تكون له أصول يستغلها فليجئه الدين إلى بيعها فيفسد حاله فيؤدي ذلك من الزكاة وأما إن كان يتدين أموال الناس ليكون غارما فلا لأن الدفع يديمه على عادته الردية والمنع يردعه قال سند من تداين لفساد ثم حسنت حاله دفعت إليه وقال ابن المواز لا يقضي منها دين الميت خلافا لابن حبيب قال أبو الطاهر في نظائره وشروط الغارم أربعة أن لا يكون عنده ما يقضي بها دينه وأن يكون الدين لآدمي وأن يكون مما يحسن فيه وأن لا يكون استدانه في فساد الصنف السابع سبيل الله تعالى وفي الجواهر هو الجهاد دون الحج خلافا لابن حنبل لنا قوله
لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لغاز في سبيل الله الحديث ولم يذكر الحج ولأن أخذ الزكاة أما لحاجته إليها كالفقير أو لحاجتنا إليه كالعامل والحاج لا يحتاج إليها لعدم الوجوب عليه حينئذ أن كان فقيرا ولأن عنده كفايته إن كان غنيا ولا نحتاج نحن إليه قال سند قال عيسى بن دينار و ح إن كان غنيا ببلده ومعه ما يغنيه في غزوه فلا يأخذها ووافقنا الشافعي لنا أن الآية مشتملة على الفقراء فيكون سبيل الله تعالى غيرهم عملا بالعطف ويؤكده الحديث المتقدم قال ابن عبد الحكم ويشتري الإمام منها المساحي والحبال والمراكب وكراء النواتية للغزو وكذلك الجواسيس وإن كانوا نصارى ويبنى منها حصن على المسلمين ويصالح منها العدو وقال أبو الطاهر في ذلك قولان والمشهور المنع لأنهم فهموا من السبيل الجهاد نفسه الصنف الثمن ابن السبيل وفي الجواهر وهو المنقطع به بغير بلده المستديم السفر وإن كان غنيا ببلده ولا يلزمه التداين لاحتمال عجزه عن الأداء وقيل أن قدر على السلف لا يعطى فإن كان معه ما يغنيه فلا يعطى لكونه ابن السبيل أو يعطى روايتان والأول المشهور وما أخذ لا يلزمه رده إذا صار لبلده لأخذه إياه باستحقاق ولصرفه في وجوه الصدقة قال سند إن كان مستمر السفر فلا خلاف وإن أقام مدة ثم أراد الخروج أجاز مالك و ش الدفع له لأنه غريب يريد السفر قياسا على المستديم بجامع الحاجة ومنع ح ومن اضطر إلى الخروج من بلده زعم بعض المتأخرين الدفع له لما يسافر به وإن كان ذاهبا إلى غير مستعيب دفع له نفقة الرجوع شبهه بابن السبيل وإن لم يقع عليه ومنع عبد الوهاب مطلقا ولو احتاجت زوجة ابن السبيل التي خلفها النفقة قال مالك يعطى لها وفي الكتاب الحاج ابن السبيل قال أبو الطاهر في نظائره شروط ابن السبيل ثلاثة أن يكون سفره غير معصية وأن يكون فقيرا في الموضع الذي هو فيه وأن لا يجد من يسلفه النظر الثاني في أحكام الصرف وهي سبعة الأول في الكتاب إن وجد الأصناف كلها آثر أهل الحاجة من غير تحديد قال سند إن استوت الحاجة قال ملك يؤثر الأدين ولا يحرم غيره وكان عمر رضي الله عنه يؤثر أهل الحاجة ويقول الفضائل الدينية لها أجور في الآخرة والصديق رضي الله عنه يؤثر بسابقة الإسلام والفضائل الدينية لأن إقامة بنية الأبرار أفضل من إقامة بنية غيرهم لما يترتب على بقائها من المصالح وإذا أعطي المحتاج فروى ابن نافع ذلك غير محدود ويعطيه قوت بقدر المقسوم وقد تقل المساكين وتكثر وروى المغيرة لا يعطى نصابا وقوله ح لأن الدفع لو صف الفقراء فلا يخرج به عنه وعلى الأول يعطيه قوت السنة وإن اتسع المال زاده ثمن العبد ومهر الزوجة وفي الجواهر يعطى الغارم قدر دينه والفقير والمسكين كفايتهما وكفاية عيالهما والمسافر قدر ما يوصله إلى مقصده أو موضع ماله والغازي ما يقوم به حالة الغزو والمؤلفة بالاجتهاد والعامل أجره مثله ومن جمع وصفين استحق سهمين وقال القاضي أبو الحسن بل بالاجتهاد قال سند قال ابن القاسم يعطى منها العامل بقدر كثرة ماله وقلته وكثرة المتحصل وقلته وعمله وصف يستحق به كالفقر لأنها أجرة فإن كان ذميا أعطي من غيرها وقال ابن لجلاب يدفع إليهم أجرة معلومة منها بقدر عملهم ولا يجوز أن يستأجروا بجزء منها للجهالة بقدره قال فنحا بها منحى الإجارة وهو خلاف المشهور الحكم الثاني في الترتيب قال اللخمي يبدأ بالعاملين لأنهم كالأجراء ثم الفقراء والمساكين على العتق لأن سد الخلة أفضل ولأنه حق للأغنياء ليلا تجب عليهم المواساة مرة أخرى وإذا وجدت المؤلفة قلوبهم قدموا لأن الصون عن النار مقدم على الصون عن الجوع كما يبدأ الغزو إن خشي على الناس وابن السبيل إن كان يلحقه ضرر قدم على الفقير لأنه في وطنه الحكم الثالث في الإثبات وفي الجواهر ما خفي من هذه الصفات كالفقر والمسكنة من ادعاه صدق ما لم يشهد ظاهره بخلافه أو يكون من أهل الموضع ويمكن الكشف عنه فيكشف والغازي معلوم بفعله فإن أعطي بقوله ولم يوف استرد ويطالب الغارم بالبينة على الدين والعسر إن كان عن مبايعة إلا إذا كان عن طعام أكله وابن السبيل يكتفي فيه بهيئة الفقر الحكم الرابع مباشرتها في الكتاب لا يعجبني أن يلي أحد صدقة نفسه خوف المحمدة وليدفعها لمن يثق به فيقسمها وقال ش أحب إلي أن يتولاها قياسا على الأضحية وليتقن أداءها وفي الجواهر إذا كان الإمام يعدل في الأخذ والصرف لم يسع المالك أن يتولى الصرف بنفسه في الناض ولا في غيره بل الإمام لاحتياجها إلى الاجتهاد في تعيين الأصناف وتحقيق صفاتهم وشروطهم وتعيين البلدان في الحاجات وهي أمور لا يطلع عليها إلا الولاة غالبا وأما الحرث والماشية فيبعث الإمام فيها وقيل زكاة الناض إلى أربابه قال عبد الملك ذلك إذا لم يكن المصرف الفقراء والمساكين خاصة لاحتياج غيرهما إلى الاجتهاد وحيث قلنا يليها ربها فالأفضل له أن يوليها غيره إلا أن يجهل أحكامها فيجب وإذا كان الإمام جائرا لم يجز دفعها له قال اللخمي إذا كان الإمام مشغولا تولى الناس الحرث والعين وانتظروا بالماشية الإمام وفيه خلاف قال سند ولمفرقهما أن يأخذ منها بالمعروف إن كان أهلا الحكم الخامس في الخطأ فيها قال سند إن دفعها لكافر أو عبد أو غني ولم يعلم فإن كان الإمام لم يضمن لأنه عليه بالاحتهاد وقد فعله أو رب المال فظاهر الكتاب لا يجزئه وقال ابن القاسم لا ضمان عليه وفرق بعض الناس بين الكافر والعبد فلا يجزئ لاشتهارهما غالبا وبين الغني فيجزئ لأن الرجل قد يكتم غناه كثيرا في الناس ويحرم الدفع لأهل الأهواء وتارك الصلاة على الخلاف في تكفيرهم وجوز ح الدفع للذمي لنا قوله لمعاذ
فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فالظاهر اختصاص الفقراء بالمأخوذ منهم قال اللخمي لإن كان عالما بالغني أو بالذمي أو العبد لم يجزه وإن لم يعلم وهي قائمة انتزعت وإن أكلوها غرموها على المستحسن من القول لأنهم صانوا بها أموالهم وإن هلكت بأمر من الله تعالى وكانوا غروا من أنفسهم غرموا وإلا فلا ثم يختلفوا في تغريم من وجبت عليه وكذلك الإمام قال أبو الطاهر فإن دفعها لمستحقها ثم زال سبب الاستحقاق كابن السبيل لا ينفقها حتى يصل إلى موضعه أو يصله ماله والغازي يقعد عن الغزو انتزعت وتردد في الغارم يسقط دينه أو نؤديه من غيرها قال صاحب تهذيب الطالب إن استهلكها العبد هل تكون جناية في رقبته أم لا لأنه متطوع فيه خلاف فإن دفع لمسلم ما لا يجزئ كالعوض رجع إن كان قائما ولا يرجع إن فات لأنه ظالم مسلط له عليه أما لو لم يبين أنها زكاة حملت على التطوع ولا رجوع له الحكم السادس تفريقها بغير بلدها وفي الكتاب من حال عليه الحول بغير بلده زكى ما معه وما خلف ببلده وكذلك إذا كان الجميع ببلده إلا أن يخشى الحاجة على نفسه ولا يجد سلفا وقد كان يقول يقسم ببلده واستحبه أشهب إلا أن يكون بموضع حاجة فإن خشي أنها تؤدي عنه ببلده فليس عليه ذلك ولا يدفع الإمام منها شيئا إلى بيت المال وتنفذ الزكاة بموضع وجبت إن أمكن وإلا نقلها لأقرب البلاد إليهم لتعلق آمال فقراء كل بلد بأغنياء أهلها فإن بلغه حاجة من غير بلده أعطى منه أهل بلده ثم نقله إلى بلد الحاجة قال سند إن كان موضع الزكاة ليس فيه مستحق نقلت للأقرب إليه لخفية المؤنة وإن كان فيه مستحق لكان حاجة غيره أشد نقلها كما نقل عمر رضي الله عنه زكاة مصر إلى الحجاز وإن لم تكن حاجة غيره أشد فقول ح و ش وغير المشهور عن مالك النقل وحيث قلنا بعد النقل قد استثنى ابن القاسم الموضع القريب وإذا قلنا لا تنقل فنقل فضاعت فإن كان الإمام لم يضمن لأنه موضع اجتهاد وإن كان رب المال ضمن وحيث قلنا جواز النقل فالأظهر إرسالها بعد الحول ولا يضمن أن تلفت وفي الجواهر نقل الصدقة عن موضع وجوبها وهو البلد الذي فيه المال والمالك والمستحقون غير جائز فإن فعل كره وأجزأ وقال سحنون لا يجزئ فإن أفترق المال والمالك فهل يعتبر مكان المال عند تمام بها فيخرجها حيث هو قولان وأما صدقة الفطر فإنها ينظر فيها إلى موضع المالك فقط وحيث قلنا ينقلها فروى ابن القاسم أن الإمام يتكارى عليها من الفيء وقال ابن القاسم لا يتكارى ولكن يبيعها ثم يشتري مثلها بالموضع وفي العتبة من ليس بموضعه مساكين حملها من عنده ثم تصل الى المساكين الحكم السابع في الكتاب لا يخرج في زكاته إسقاط دينه عن الفقير لأنه مستهلك عند الفقير قال سند فإن فعل فقال ابن القاسم لا يجزئه وقال أشهب يجزئه بمنزلة الدفع للغارم بجامع السبب لبراءة الذمة
الباب التاسع في زكاة الفطر
وفي الجواهر هي واجبة عند مالك والأئمة وحكى أبو الطاهر قولا بأنها سنة لما في الموطأ أنه فرض زكاة الفطر على الناس من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين وقوله على كل حر أو عبد كما تقول رضي الله عني ورضي علي ولولا ذلك لم يكن لقوله على الناس فائدة حجة السنة أن فرض معناه قدر والسنة مقدرة ويروى أن سعد بن عبادة قال أمرنا النبي بزكاة الفطر قبل نزول الزكاة فلما نزلت لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعلها والجواب عن الأول أن ظاهر الفرض الوجوب فالعدول عنه لغير دليل تحكم وعن الثاني نقول بموجبه فأن ظاهر الأمر السابق الوجوب والسكوت بعد ذلك لا يكون نسخا بل اكتفي بما تقدم ويتمهد الفقه ببيان سبب وجوبها والواجب عليه والواجب عنه والواجب فهذه أربعة فصول الفصل الأول في سبب الوجوب وقد اعتبر الشرع فيه أمرا وهو الوقت وفيه تعينه أقوال وأمورا خاصة وهي القرابة والملك والنكاح ولما كانت الثلاثة أسبابا للنفقات كانت أسبابا للزكوات عن المنفق عليه بجامع تحمل الحق المالي ودل على ذلك قوله وأدوا الزكاة عمن تمونون واعتبر أيضا غير هذا وهو تطهير الصائم من رفث صومه وقد روي ذلك في الحديث ولهذا المعنى وجبت على الإنسان عن نفسه ليطهرها من رفثه ولم تجب عن عبيده الكفار لأنهم ليسوا أهلا للتطهير تنبيهان الأول قد تجب النفقة ولا تجب الزكاة كالمستأجر بنفقته وتجب الزكاة دون النفقة بل بمجرد الملك كالعبد الهارب والمكاتب الثاني أن الوقت هنا ليس كما قلنا في الحول مع النصاب فإن الشرط ما ظهرت مناسبته في غيره كالحول مكمل لتنمية النصاب والوقت ها هنا ليس مكملا لحكمه القرابة أو الملك أو التطهير فليس شرطا وقد دل الدليل على اعتباره فتعين ضمه إلى أحد الأسباب الأخر فيكون المجموع هو السبب التام وكل واحد جز سبب كالقتل العمد والعدوان وفي الجواهر قال مالك وابن القاسم و ح تحب بطلوع الفجر يوم الفطر وروي عن مالك تجب بغروب الشمس ليلة العيد وقاله ش وبطلوع الشمس يوم الفطر قياسا على الصلاة وبغروب الشمس ليلة الفطر وجوبا موسعا إلى غروب الشمس من يوم الفطر قال القاضي أبو بكر والأول الصحيح وفي الجلاب من اشترى عبدا ليلة الفطر فهل زكاته على البائع أو على المبتاع روايتان تنبيه القائل تجب بغروب الشمس قال تجب وجوبا موسعا إلى غروب الشمس من يوم العيد فيكون هو هذا القول ولا فرق بينهما واعلم أن الأقوال الأربعة متفقة على أن الوقت وقت أداء إلى غروب الشمس وإنما القضاء بعده والفرق بين القولين أن القائل بغروب الشمس يحصر السبب في غروب الشمس وبقية اليوم عنده صرف للإيقاع فجملة اليوم عنده واجب فيه لا بسببه والقائل الرابع كل فرد من أفراد زمنه اليوم سبب للوجوب وظرف للإيقاع فكل فرد من أفراد زمنه اليوم يقتضي الوجوب وجوبا موسعا إلى غروب الشمس فلا جرم كل من يجد في أي وقت كان من أجزاء اليوم وجب عليه الإخراج باعتبار ما يتجدد بعده من الأزمان فإذا اسلم كافر عند الزوال يجب عليه الإخراج لأجل ما يقارنه من الأزمنة الكائنة بعد الزمان بعد الزوال لأن كل جزء من اليوم يسبب الوجوب لظاهر قوله أغنوهم عن سؤال هذا اليوم فالخلاف بين القائلين هل جميع أجزاء اليوم ظرف للإيقاع فقط والسبب الغروب فقط أو ظرف وأسباب ويكون المعتبرفي السببية القدر المشترك بينهما فينقسم على رأي هذا القائل المشترك بين الأغنياء إلى واجب فيه كعام لقضاء الصوم وإلى واجب بسببه كأجزاء اليوم وإلى واجب عليه كالمشترك بين الفرق وفي فروض الكفاية وإلى الواجب نفسه كالمشترك بين خصال الكفارة أربعة أقسام واقعة في الشرع إجماعا وإنما الخلاف في بعض الصور هل هي فيها أم لا وسبب الخلاف أن الفطر الذي أضيفت إليه في الحديث هل يحمل على الفطر الشرعي الذي لم يوجد في رمضان وذلك إنما يتحقق بطلوع الفجر وهو المشهور أو على مطلق الفطر الشرعي الكائن بعد رمضان وهو غروب الشمس ليلة الفطر أو يلاحظ إيماؤه في قوله أغنوهم عن سؤال هذا اليوم والليلة مندرجة في اليوم فتجب وجوبا موسعا من أوله إلى آخره لأنه لم يخصص منه شيئا أو يلاحظ قاعدة أخرى وهي أن الحكم إذا علق على اسم هل يقتصر على أوله أو يستوعب فيه خلاف في الأصول فإذا قلنا بالاستيعاب فهو الموسع أو بالاقتصار فيلاحظ قاعدة أخرى وهي أن الليلة هل هي لليوم الآتي أو الماضي فيه خلاف وإذا فرعنا على الآخر فمن الفجر إلى الشمس هل هو من الليل أو من النهار أو قائم بنفسه ثلاثة أقوال وفي المقدمات قال عبد الملك آخر وقتها زوال الشمس من يوم الفطر قياسا على الصلاة ويتخرج على الخلاف وجوبها وسقوطها عن المولود والمشتري والميت والمعتق والمطلقة ومن أسلم وفي الكتاب من أسلم يوم الفطر بعد الفجر استحب له زكاة الفطر والأضحية لأنهم مخاطبون بالفروع ولا تؤدي عن الجنين إلا أن يولد ليلة الفطر وإن كانت النفقة واجبة للحامل لأن النفقة وجبت للحامل بسبب الحمل لا للحمل فروع ثلاثة الأول في الكتاب ويستحب أن تؤدى بعد الفجر يوم الفطر قبل الغدو إلى المصلى وقاله الأئمة وفي أبي داودقال لما ذكرها من أدها قبل الصلاة فهي مقبولة ومن أدها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ولأن المستحب الأكل قبل الغدو فتقدم للفقير ليأكل منها ويستغني عن السؤال من أول اليوم ولأنه مبادرة إلى الخيرات وإن أداها قبل الفطر بيوم أو يومين جاز ويؤديها المسافر حيث هو وإن أداها أهله عنه أجزأه قال سند من قال ان وقتها طلوع الشمس لا يستحبها قبل ذلك لعدم الوجوب قال ابن القاسم إن عزلها فتلفت لم يضمنها وإن دفعها قبل يوم الفطر لمن يفرقها جاز اتفاقا فإن دفعها للفقير لم تجزه عند عبد الملك قال وزعم الباجي أن هذا هو مشهور المذهب لأن القول الآخر ينزع إلى إخراج الزكاة قبل وقتها وتأول عبد الوهاب ظاهر الكتاب على الإخراج لمن يفرقها لأنها كانت عادتهم بالمدينة والأكثرون على خلافه ثم ينتقض قوله بتجويزه الدفع إلى الإمام باليومين ويده يد الفقراء والفرق بين اليومين وأول الشهر أن العباد اضياف الله تعالى يوم الفطر لذلك حرم عليهم صومه ففي اليومين يتمكن الفقير من تهيئتها ليوم العيد ويتسع فيه وقبل ذلك تذهب منه ومقتضى هذا أن يكون التقديم أفضل لكن روعي سبب الوجوب فاقتصر على ذلك وقال ح يجوز إخراجها قبل رمضان لأول يوم من السنة وقال ش تجوز في رمضان لا قبله فجعل ح وجود المزكي كوجود النصاب في الأموال فإنه إنما يخرجه عن نفسه ورأى أنها متعلقة بسببين الصوم والفطر منه فيجوز بعد أحدهما كالكفارة بعد الحلف وقبل الحنث وتعلقها عندنا بالفجر فلا تجزئ قبله إلا بالسير لحصول المقصود في الوقت كما تقدم ولو أخرجها بيومين فهلكت قال ابن المواز لم يضمنها لتعيينها بفعله كزكاة المال قال سند لا يفيد الضمان كالإخراج قبل الحول فتضيع قبله الثاني قال سند ولا يأثم بالتأخير ما دام يوم الفطر قائما فإن أخرها عنه أثم مع القدرة وقاله ش وابن حنبل واخرج المسافر عن عبيده وأهله الغائبين عنه يتخرج عن تزكيته لمال الغائب مع ما في يده فإذا أخرج أهله وكان ذلك عادتهم أو أمرهم أجزأه وإلا تخرج على الخلاف فيمن اعتق عن غيره بغير بغير أذنه وعلمه والإجزاء أحسن لأنه حق مالي كالدين الثالث في الكتاب من مات يوم الفطر أو ليلته ممن تلزمك نفقته لم يسقطها موته ومن مات حينئذ فأوصى بها كانت في رأس ماله ولو لم يوص بها لم يجبر الورثة عليها ويندبون كزكاة العين تحل في مرضه وإنما يكون في الثلث ما فرط فيه صحته إذا أوصى به وقوله لم يسقطها موته مع موته ليلة الفطر يدل على أن وقت الوجوب غروب الشمس وقد صرح في غير هذا الموضع بأنه طلوع الفجر الفصل الثاني في الوجوب عليه وفي الجواهر هو الحر المسلم الموسر ولا زكاة على معسر وهو الذي لا يفصل عن قوته ذلك اليوم صاع ولا وجد من يسلفه إياه وقيل هو الذي يجحف به في معاشه إخراجها وقيل من يحل له أخذها واختلف فيه فقيل من له أخذ الزكاة وقيل الذي لا يأخذ منها في يومه فعلى الأول يجوز أن يعطي مسكين واحد أكثر من صدقة إنسان واحد وهو المشهور وعلى الثاني فلا وروى مطرف عن مالك يستحب أن يعطي المسكين ما يخرج عن نفس واحدة فإن أعطي زكاة نفس واحدة لمساكين عدة جاز في وجوبها على من له عبد لا يملك غيره وعلى من عليه دين خلاف وفي الكتاب تجب على من يحل له أخذها وعلى المحتاج إن وجد أو وجد من يسلفه وإلا فلا ولا يقضيها بعد ذلك إلا أن يؤخرها مع القدرة ووافقنا ش وابن حنبل في أيجابها على الفقير وخصصها ح بمن يملك نصابا أو قيمته خارجا عن مسكنه وأثاثه لنا عموم الحديث المتقدم وما في أبي داود أنه ذكر زكاة الفطر
وقال أما غنيكم فيزكيه الله تعالى وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه وفي حديث
ابن عباس رضي الله عنه فرض زكاة الفطر طهرة للصيام من اللغو وهو عام لأنها لو تعلقت بالغني لكثرت بكثرته كسائر الزكوات ولما لم يكن كذلك لكانت كالكفارة قال سند وظاهر الكتاب لا يسقطها الدين وفي الكتاب من عنده عبد وعليه عبد من سلم لا تلزمه الزكاة عنه قال عبد الحق الفرق بينها وبين الماشية في عدم إسقاط الدين إياها أنها موكولة لأربابها فأشبهت النقدين ولأنه شرط في المدونة أن لا مال فلو وجبت عليه أمر ببيع العبد فيتعين ثمنه دينا عليه والدين أولى به فتسقط الزكاة بالدين وفي الموازية لم يشترط عدم القدرة على الفطر فيبطل الوجه الثاني وقال عبد الوهاب من عنده صاع لا يضره أخراجه في معيشته ولا يجوع عياله أو دين يضربه فعليه إخراجه فاعتبر الدين كزكاة النقدين وجه الأول أنها أشبهت الزرع من جهة عدم اشتراط الحول وكذلك أيضا أشبهت المعدن فلو قدر على بعض الزكاة فالمذهب وجوبه
لقوله إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وقاسه بعض الشافعية على بعض الكفارات في عدم الوجوب والفرق أنها يجب بعضها على مالك بعض عبد بخلاف الكفارة فإن لم يقدر إلا مما أخذ من الزكاة يوم الفطر قال مالك يؤديها واستحبها ابن الجلاب لحدوث القدوة بعد سبب الوجوب قال ويحتمل قول مالك الوجوب وليس ببعيد لأن وقت أدائها قائم كطهور الحائض آخر الوقت والمشهور الاستحباب وقاله ش لأن وقت الوجوب ليس بموسع كوقت طيب الثمار سؤال من أخر زكاة الفطر قضاها بخلاف الأضحية فما الفرق جوابه أن المقصود سد الخلة وهو حاصل في سائر الأوقات والمقصود في الأضحية التضافر على إظهار الشعائر وقد فات ولأن القضاء من خواص الواجب الفصل الثالث في الواجب عنه وفي الجواهر هو كل من وجبت نفقته بملك أو قرابة أو نكاح إلا الكافر والبائن الحامل وقال ش و ح لا تجب عن الزوجة لأنها في معنى المعاملة وكالمستأجر بنفقته ووافقنا ش في الزوجة خلافا ل ح فروع ثمانية الأول في الكتاب يؤديها عن عبيده المسلمين كانوا للتجارة أو للقنية قيمتهم نصابا أو أقل أصحاء أو مرضى مجذمين أو عميانا ووافق ش في عبيد التجارة خلافا ل ح ومن له بعض عبد لا يؤديها إلا عن حصته كان باقيه رقيقا أو حرا ولا شيء على العبد فيما كان منه معتقا ولا على المكاتب بل على سيده خلافا للأئمة ولا يزكي عن الآبق إلا أن يرتجى لقربه وزكاة القراض على رب المال وقال أشهب إذا بيعوا فربح فيهم مثل الثلث من الثمن فعلى العامل سدس تلك الزكاة أو الربع فعليه الثمن إن قارضه على النصف والأصل في هذا الباب قوله على كل حر أو عبد الحديث المتقدم ولقوله
ادوا الزكاة عمن تمونون فلم يخرج من ذلك المستأجر بنفقته قاله اللخمي وهي واجبة عندنا على السيد بالأصالة وعند الشافعية بطريق التحمل على العبد والرق والمالكية سبب التحمل قالوا لأن العبد لو كان كافرا لم يجب على السيد شيء وجوابهم أن الكافر ليس أهلا للتطهير ولو كان بطريق التحمل لاختلف باختلاف فقر العبد وغناه قال سند لو أعتقهم عند زمانتهم صح العتق إجماعا وفي سقوط نفقتهم خلاف وأما المشترك فوافق المشهور ش وابن حنبل وفي الجواهر قال عبد الملك على كل واحد من الشريكين صاع كامل وقيل يخرج كل واحد نصف صاع ولم يعتبر النصاب وأسقطها ح مطلقا لعدم الولاية ولو كان حر وعبد قيل على الحر حصته فقط وقال مطرف بل جملتها وجه المذهب أنها تابعة للنفقة فهي متبعضة فتتبعض نظائر قال أبو عمران في نظائره ثلاثة مسائل تعتبر فيها الأنصباء الفطرة عن العبد المشترك والشفعة والتقويم في العتق وست مسائل تختص بالرؤس دون الأنصباء أجرة القاسم وكانس المراحيض وحارس أعدال المتاع وبيوت الغلات وأجرة السقي على المشهور وحارس الدابة والصيد ولا يعتبر فيه كثرة الكلاب وزاد العبدي كنس السواقي قال سند وأما المعتق بعضه فخمسة أقوال مذهب الكتاب المتقدم وروى عبد الملك أن جميعها على السيد لأنها لا تتبعض والمعتق بعضه ليس أهلا للزكاة لرق بعضه فتعين الكل على السيد وروي عنه على السيد بقدر ملكه والمعتق بقدر ما اعتق منه وقاله ش وابن حنبل لأن المعتق كالشريك لقسمته مع المنافع والنفقة وقال ابن مسلمة إن كان للعبد مال فكذلك وإلا فعلى السيد الجميع لأن الزكاة تبع للسيار وأسقطها ح عنهما بناء على أصله في استسعاء العبد لتكملة العتق وأما المكاتب فروي عن مالك وش وح سقوطها مطلقا لنقصان ملك السيد لحرزه ماله نفسه وخصصها ابن حنبل به في كسبه كنفقته قال ولا يبعد تخريج مثله على قول مالك فيمن بعضه حر وقال ح يزكى عن الكافر لما يروى عنه أنه قال
أدوا زكاة الفطر عن كل حر أو عبد صغير أو كبير يهودي أو نصراني أو مجوسي نصف صاع من بر وقياسا على رقيق التجارة والجواب عن الأول أنه غير معروف في كتب الحديث وعن الثاني أن المزكي ثم القيم لا الرقيق ويؤكد قولنا قوله في الموطأ من المسلمين والقياس على الأب الكافر فلو كان السيد كافرا وأسلم عبده ولم ينزع من يده قال مالك و ح لا يجب عليه شيء خلافا ل ش وابن حنبل لأن الكافر غير مخاطب فيخرج من العموم فلو ارتد المسلم وقت الوجوب ثم تاب بعده سقطت زكاة رقيقه عنه عند مالك و ح وكذلك لو ارتد بعد الوجوب قبل الأداء خلافا ل ش والخلاف يتخرج على قاعدتين إسقاط الردة للعمل وإن لم يمت عليها وزوال ملكه بالردة وأما الآبق غير المرجو لا يزكى عنه عند مالك و ح خلافا ل ش قياسا على الأسير فلو غاب غير آبق ففي الموازية يزكى عنه وإن طالت غيبته لاستصحاب الملك والمغضوب في التفرقة بين المرجو وغيره وأما رقيق القراض فأربعة أقوال يؤخذ من مال رب المال وهو ظاهر الكتاب لتعلقها بالمالك لا بمال القراض بخلاف زكاة ماشية القراض وقال أشهب يخرج من مال القراض لأنه سبب وجوبها ولا يلغى بخلاف النفقة لأن النفقة لمصلحة المال وقال مالك تلغى كالنفقة وروي عنه تسقط عن النصيبين بناء على أن العامل يملك بالظهور قال صاحب الاستذكار قال ش يزكى عن المغصوب والآبق الميئوس منهما إن علمت حياتهما وأسقطها ح وقال مالك يزكى عن المرهون وقال ش إن كان عنده وفاء للدين وفاضل مائتي درهم زكى وإلا فلا والعبد يباع بالخيار يزكى عنه البائع عند مالك وقاله ش إن كان الخيار له وانفذ البيع وإن كان للمشتري أولهما فعلى المشتري وقال ح على من يصير إليه العبد الثاني في الكتاب إذا أوصى برقبته لرجل وبخدمته لآخر فزكاته على الموصى له برقبته إن قبل الوصية وقاله ش و ح لتعلق الزكاة بالعين قال سند وهو الذي رجع إليه ابن القاسم والنفقة على المخدم لأنها قوام المنفعة ولهذا يجب على رفع الأمة إذا بوتت معه بيتا وكذلك نفقه الفرس المحبس للجهاد والإبل للحمل على من هي تحت يده وحكى ابن المواز أن النفقة والزكاة على المخدم طالت المدة أو قصرت لأن الإخدام يعتمد الحوز فيضعف الملك وقال سحنون كلاهما على المالك كالعبد المستأجر وتغليبا للعين والرابع الفرق بين قصر المدة في الخدمة فعلى المالك وبين طولها فعلى المخدم كالمحبس فلو أخدم عبده ثم هو حر فعلى قولنا الزكاة تمت عليه لا يجب على صاحب المنفعة ها هنا شيء كمن آجر عبده وعلق عتقه بفراغ الإجارة وتجب على صاحب الرقبة وروي عن مالك تجب على المخدم لأنها محبوسة له وما لسيد فيها مرجع الثالث في الكتاب زكاة العبد زمن الخيار والأمة زمن المواضعة ونفقتها على البائع لأن ضمانها منه بخلاف المبيع بيعا فاسدا وهي في زمن الفطر عند البائع والموروث إذا لم يقبض إلا بعد يوم الفطر فعلى الوارث قال سند أما من يقول الملك في زمن خيار للمشتري فالزكاة عليه ومن قال هو موقف رتب الزكاة على الإمضاء والرد وقد تقدم الخلاف في زكاته بين الأئمة وأما المواضعة فقال أشهب إن حاضت ليلة الفطر أو يومه فعلى كل واحد منها زكاة كاملة وكذلك العبد يباع بعهده الثلاث فتنقضي قبل يوم الفطر أو ليلته ولو تأخرت عن يوم الفطر فهي على البائع فقط لأن الزكاة عنده تبع للملك بمجرد وكذلك أوجب الزكاة على المعمر المالك وإن لم تكن نفقته عليه والملك عنده في المواضعة والعهدة للمبتاع ووافق في أن الملك في بيع الخيار للبائع ولذلك جعل الولد له وأما البيع الفاسد فإن قبض المبتاع العبد وفات فزكاته عليه لاستقرار ملكه وإن لم يفت فقال عبد الملك إن فسخ بحدثان ذلك فعلى البائع تغليبا لما تقدم من الملك وإن فات السيد ملك المبتاع إلى يوم القبض لأنه يوم وجوب القيمة فيعتبر زمن الفطر حينئذ هل صادف أم لا وابن القاسم يراعي النفقة والضمان وقال أشهب إن أدركه يوم الفطر غير فائت فعلى البائع وإلا فعلى المبتاع فراعى الفوت دون الرد وقال أيضا على كل واحد من البائع والمبتاع صلع كامل كما قال في المواضعة نظرا لملك البائع وأن النفقة على المبتاع وهما سببان للزكاة في العبد الغائب والزوجة الرابع في الكتاب لا يؤديها عن عبد عبده خلافا ل ش و ح لأنه ليس ملكا له لأن العبد عندنا يملك ولو أعتق سيده لا يعتق عبد عبده الخامس في الكتاب تسقط زكاة الولد ببلوغ الغلام ودخول البنت على زوجها ويدعى للدخول فتنقل إليه لأنها عند مالك وش وابن حنبل تتبع النفقة وعند ح تتبع الولاية التامة فلا يزكي عنده عن والده الفقير ولا عن ولده الكبير الزمن وإن لزمه نفقتهما لعدم الولاية الكاملة لنا قوله فيما يروى في الحديث المتقدم
عمن تمونون من المسلمين بالقياس على النفقة ووصف الولاية باطل طردا وعكسيا وعكسا لأن المجنون والفاسق لا ولاية لهما مع وجوب الزكاة في مالهما والحاكم له الولاية ولا زكاة عليه قال والولد الصغير الموسر لا تجب على أبيه فطرته عند مالك والأئمة وخالف محمد بن الحسن تعلقا بالولاية وأما الزوجة فقال أشهب إذا دعي إلى البناء فلم يجد ما ينفق بقيت على الأب لبقاء الحاجة وإذا أعسر الزوج سقطت عنه النفقة والفطرة فإن أيسر بالنفقة فقط لم تلزمه الفطرة كفطرته ولا يلزمها لأنها لا تلزمها النفقة قال أبو طاهر إذا لم يدع الزوج للدخول وسكت عنه فهل تجب عليه الفطرة لأن العقد تمكين أم لا قولان مبنيان على العوائد السادس في الكتاب يزكي عن خادم واحدة من خدم زوجته التي لا بد لها منها للزوم نفقتها وإن كانت الزوجة ملية قال سند إذا كانت يحتاج مثلها إلى خادم خير بين أربعة أشياء شراء خادم أو اكرائها أو ينفق على خادمها إذا طلبت ذلك أو يخدمها بنفسه وهو مختلف فيه عندنا وعند الشافعية لعدم استيفائها المنافع منه فتجب عليه الفطرة في الأول دون الثاني وفي الثالث خلافا ل ح محتجا بعدم الولاية فإن كانت ذات شرف أخدمها أكثر من خادم قاله ابن القاسم ويزكي عن ذلك قال أصبع إن كانت بنت ملك أخدمها إلى الخمسة فلو كان لها خادم واتفقا على الإنفاق عليها ودعا إلى البناء قال عبد الملك عليه فطرتها دون الخادم لأن نفقتها بالتمكين ونفقة الخادم بخدمة البيت ولهذا لو دخل وحاضت الزوجة بقيت نفقتها ولو مرضت الخادم سقطت نفقتها وهو مخالف لقول ابن القاسم في الكتاب فيمن تزوج على خادم بعينها والزوجة لا بد لها من خادم فمضى يوم الفطر والخادم عندها ولم يحولوا بين الزوج وبينها ثم طلقها الزوج فزكاة الخادم على الزوج لأن الإخدام بعض النفقة فيجب تبعا مع أن أشهب قال ها هنا لولا الاستحسان لكان عليه زكاة بعضها إن طلق يوم الفطر وهو القياس السابع في الكتاب إذا أمسك عبيد ولده الصغار لخدمتهم ولا مال للولد سواهم أدى الفطرة عنهم مع النفقة من مال الولد وهو العبيد لأنه غني بهم وإذا كان للعبيد خراج أنفق منه وزكى وإن لم يكن لهم خراج وامتنع الأب من النفقة أجبرهم السلطان على بيعهم للإنفاق قال سند إن كان الولد يحتاج للعبد لصغره أو زمانته فنفقته وفطرته على الأب وهو الذي رجع إليه ابن القاسم وأشهب وقاله الشافعية ومذهب الكتاب أظهر فإنه لا يجب على الأب إخدام خادم معين بل يبيع العبد وبخدمه منه الثامن في الكتاب يؤديها الوصي عن اليتامى وعن عبيدهم من أموالهم وقاله الأئمة وإن كان ح خالف في عبد الصبي وماشيته وسلم الفطرة والزرع وقد تقدم في أول الكتاب أن الخطاب بها من باب خطاب الوضع لا من باب خطاب التكليف كأروش الجنايات وقيم المتلفات قال ومن في حجره يتيم بغير إيصاء وله عنده مال رفع أمره إلى الإمام فإن لم يفعل فهو مصدق إذا بلغ الصبي في نفقة مثله وفطرته كانوا عنده أو عند أمهم فينفذ تصرفه كما لو أنفق على أولاد الغائب أو أدى من دين إنسان الفصل الرابع في الواجب والبحث عن جنسه وقدره وصفته ومصرفه فهذه أربعة أبحاث البحث الأول في جنسه وهو المقتاة وفي الكتاب هو القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والتمر والزبيب والأقط قال سند في المختصر يؤديها من كل ما تجب فيه الزكاة إن كان قوته فعلى هذا يؤديها من القطنية وزاد ابن حبيب على ما في المدونة العلس فجعلها عشرة وقال أشهب لا يجزئ إلا الأربعة التي في الحديث القمح والشعير والتمر والأقط وقال ابن حنبل بالخمسة التي في رواية أبي سعيد وهو ما رواه مالك عنه كما يخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب وهو قول أشهب لأن القمح عنده من جنس الشعير لنا أن تعديد هذه الأمور لا يمنع من قياس غيرها عليها إما لأن هذا من مفهوم اللقب الذي هو أضعف المفهومات العشرة فيقدم القياس عليه أو القياس على باب الربا ويؤكد القياس قوله
أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم فأشار إلى أن المقصود إنما هو غناهم عن الطلب وهم إنما يطلبون القوت فوجب أن يكون هو المعتبر ومنع ح إخراج الأقط إلا بالقيمة وأن يكون أصلا قياسا على القث الذي هو حب الغاسول وجوابه أنه وارد في النص فيكون القياس قبالة فاسدا سلمنا صحته لكن الفرق أن الأقط يقتات مع الإدخار كالتمر بخلاف القث فرع قال فإن لم يعمل الأقط وكان القوت اللبن فظاهر المذهب المنع من إخراج اللبن وينظر إلى قوت أقرب المواضع إليهم وجوزه الشافعية مع وجود الأقط والفرق لنا الإدخار فائدة في التنبيهات الأقط بفتح الهمزة وكسر القاف جبن اللبن المخرج زبده ويقال أيضا بكسرها وسكون القاف وفي الكتاب لا يجزئ في شيء من القطاني وإن أخرجت عن غيرها بالقيمة ولا يجزئ دقيق ولا سويق وكره التين ومنعه الحنفي قال ابن القاسم وأرى أن يجزئه خلافا ل ش وابن حنبل قال ابن القاسم وما لا يجزيء كالقطنية ونحوها إذا كان قوت قوم أجزأهم وفي الجواهر قال ابن حبيب إذا اخرج الدقيق ومعه ريعه أجزأه ورأى القاضي أبو بكر أن يخرج من عيش كل أمة لبنا أو لحما أو غيرها لأن الأصل تسوية الفقراء والأغنياء فيما في أيدي الأغنياء وقال ح وابن حنبل يخرج الدقيق والسويق وهما أصلان لأنه قد روي في بعض الطرق الدقيق وقياسا عن الحب جوابهما أن الرواية غير ثابتة وأن منافع الحب الصلق والبذر وغيرها بخلاف الدقيق وقد سلمنا أن الخبر لا يجزئ قال سند وإذا أجزنا الدقيق فأجاز ابن حبيب الخبز وفيه نظر ويتخرج الخلاف فيه على الخلاف في عد الدقيق والخبز جنسين أو جنسا في البيع والمستحب غربلة الحب ولا يجب إلا أن يكون غلة قاله مالك ولا يجزي المسوس الفارغ بخلاف القديم المتغير الطعم عندنا وعند الشافعية البحث الثاني في صفته وفي الكتاب يخرج أهل كل بلد من غالب عيشهم ذلك الوقت وفي الجواهر قال اشهب من عيشه هو وعيش عياله إذا لم يشح على نفسه وعليهم لنا قوله
أغنوهم عن سؤال هذا اليوم والمطلوب لهم غالب عيش البلد وقياسا على الغنم المأخوذ في الإبل قال سند إن عدل عن غالب عيش البلد أو عيشه إلى ما هو أعلا أجزأ وإلى الأدنى لا يجزئ عند مالك خلافا ل ش وح وقال ابن حبيب إن كان يأكل من أفضل القمح والشعير والسلت فأخرج الأدنى أجزأ وكان ابن عمر رضي الله عنهما يخرج التمر والشعير ويأكل البر واحتجوا بأن الخبر ورد بصيغة التخيير فيخير جوابهم أن أو فيه ليست للتخيير بل للتنويع ومعناه إن كان غالب العيش كذا فأخرجوه أو كذا فأخرجوه فهو تنويع للحال كما قال فيه حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى ويؤكد ذلك قوله
أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم البحث الثالث في قدره وفي الجواهر صاع وقاله ش وابن حنبل وقيل يجزئه نصف صاع من البر خاصة وقاله ح وقيل لمالك يؤدي بالمد الأكبر قال لا بل بمده فإن أراد خيرا فعلى حده سد الذريعة تغيير المقادير الشرعية لنا ظاهر الحديث ونصف الصاع من البر مروي ولم يصح بل قال به معاوية وجماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وبتقدير الصحة فما ذكرناه أحوط وأما قدر الصاع ونسبته إلى رطل مصر فقد تقدم في الكلام على الوسق البحث الرابع في مصرفه وفي الكتاب يصرفه كل قوم في أمكنتهم من حضر أو بدو ولا يدفع للإمام إلا أن يعدل فيها فلا ينبغي العدول بها عنه فإن كان موضعهم أغنياء نقلت إلى أقرب المواضع وتعطى زكوات لمسكين واحد ولا تعطى لذمي ولا عبد وروى مالك أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده بيوم أو ثلاث لأن الإمام أعرف بأهل الحاجة لأنهم يقصدونه قال سند قال عبد الملك إذا كان عدلا وجب دفعها إليه وليس للإمام أن يطلبها كما يطلب غيرها وقال ش تفريق صاحبها أفضل ويقسم كل صاع على ثلاثة من كل صنف من الأصناف الثمانية المذكورة في الآية وروى مطرف عن مالك استحباب إعطاء كل زكاة لكل مسكين تشبيها بالكفارات وقال ح تعطى للذمي بخلاف الزكوات قال مالك ولا يعطى منها من يليها ولا من يحرسها قال ويتخرج فيه خلاف على الخلاف في زكاة المال وفي الكتاب إن أخرجها عند محلها فضاعت أو تبدلت لم يضمن ولو أخرجها لعذر من أدائها وكان قد فرط فيها فضاعت بغير تفريط ضمنها والفرق أنه إذا فرط انتقلت إلى الذمة وكل ما في الذمة من الحقوق لا تبرأ منه إلا بإيصاله لمستحقه وإذا لم يفرط كانت في المال وإفراده كالقسمة مع الشريك فيتعين نصيب الفقراء فلا يضمن ووافقنا ش ولم يضمنه ح مطلقا وحيث تعينت ثم ذهبت أو ذهب ماله أو لحقه دين ثم وجدها قال سند قال ابن المواز ينفذها ولا شيء عليه لأهل الدين كمن أعتق عبده ثم لحقه دين صفحة فارغة
كتاب الحج
وفي الصحاح هو في اللغة القصد ورجل محجوج مقصود وحج فلان فلانا أي أطال الاختلاف إليه والحج بالكسر الاسم والحجة المرة الواحدة وهو شاذ لأن القياس الفتح وهي أيضا شحمة الأذن قال سند الحج التردد للقصد قال الخليل هو كثرة القصد وسميت الطريق محجة لكثرة التردد ووافغه صاحب المقدمات وقيل إنما سمي الحاج حاجا لأنه يتكرر للبيت لطواف القدوم والإفاضة والوداع والمصدر حج بفتح الحاء وكسرها وقرىء بهما في قوله تعالى ( ولله على الناس حج البيت ) آل عمران 97 والحجيج والحجاج جمع حاج ثم نقل الحج في الشرع إلى قصد مخصوص كسائر الأسماء الشرعية تنبيه قال الله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) البقرة 196 ولم يقل في الصلاة وغيرها لله لأنهما مما يكثر الرياء فيهما جدا ويدل على ذلك الاستقراء حتى إن كثيرا من الحجاج لا يكاد يسمع حديثا في شيء من ذلك إلا ذكر ما اتفق له أو لغيره في حجه فلما كانا مظنة الرياء قيل فيهما لله اعتناء بالإخلاص فائدة قولهمن حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه تشبيهه يوم الخروج من البطن يقتضي أن لا تبقى عليه تبعات العباد ولا قضاء الصلوات ولا الكفارات وجوابه أن لفظ الذنوب لا يتناول هذه الأمور لأن ثبوت حقوق الله تعالى وحقوق عباده في الذمة ليس ذنبا وإنما الذنب المطل بالحقوق بعد تعينها ولا يتناول الحقوق البتة نعم يتناول المطل بحقوق العباد لكن انعقد الاجماع على أن حق العبد موقوف على إسقاطه فيكون مخصوصا من الحديث فيتخلص أن الذي يسقط الحج إثم مخالفة الله تعالى فقط سؤال كيف يسوي الله بين الفعل العظيم والحقير في الجزاء مع قوله
أجرك على قدر نصبك فالغفران قد رتبه الله على الحج المبرور ورتبه على قيام رمضان وقيام ليلة القدر وموافقة التأمين تأمين الملائكة وعلى التوبة جوابه استوت هذه الأمور في التكفير واختلفت في رفع الدرجات قاعدة قال سند قال مالك الحج أفضل من الغزو لقوله
بني الإسلام على خمس فذكر الحج ولم يذكر الغزو وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكثر الحج ولا يحضر الغزو مع أنه قد ورد ما جميع أعمال البر في الجهاد إلا كنقطة في بحر فيجوز أن يحمل على ما إذا تعين ويكون جوابا في حق سائل لفرط شجاعته كما سئل
أي الأعمال أفضل قال بر الوالدين وسئل مرة أخرى فقال
الصلاة لأول وقتها قال بعض العلماء وأفضل أركان الحج الطواف لأنه مشتمل على الصلوات وهو في نفسه مشبه بالصلاة والصلاة أفضل من الحج فيكون أفضل الأركان فإن قيل قوله
الحج عرفة يدل على فضيلة الوقوف على سائر الأركان لأن تقديره معظم الحج وقوف عرفة لعدم إنحصار الحج فيه بالإجماع قيل بل يقدر غير ذلك وهو إدراك الحج وقوف عرفة وهذا مجمع عليه فيكون أولى من المختلف فيه وقد صرح مالك بأن الطواف للغرباء أفضل من الصلاة بخلاف المكيين فيحتمل أن يفضله على سائر الأركان ويحتمل غير ذلك ويتمهد فقه هذا الكتاب في بيان سبب وجوب الحج وشروطه وموانعه وسوابقه ومقاصده ولواحقه ومحظوراته وأوضح ذلك إن شاء الله تعالى على هذا الترتيب في أحد عشر بابا
الباب الأول في سبب وجوبه
قال الله تعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) آل عمران 97 وترتيب الحكم على الوصف يدل على سببية ذلك الوصف لذلك الحكم كقولنا زنا فرجم وسها فسجد وسرق فقطعت يده وقد رتب الله تعالى الوجوب بحرف على مع الاستطاعة فتكون سببا له وفي الجواهر هي معتبرة بحال المكلف في صحته وماله وعادته وقدرته من غير تحديد وذلك يختلف ببعد المسافة وقربها وكثرة الجلد وقلته قال فعلى المشهور من قدر على المشي وجب عليه وإن عدم المركوب وكذلك الأعمى إذا وجد قائدا وكذلك من لا يجد إلا البحر إلا أن يكون غالبه العطب وقال ح أو يعلم أنه يبطل الصلوات بالميد ولو كان لا يجد موضعا لسجوده للضيق إلا على ظهر أخيه قال مالك لا يركب قال سند ولمالك لا يحج الرجل في البحر إلا مثل الأندلس الذين لا يجدون البر لقوله تعالى ( يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ) الحج 27 ولم يذكر البحر واختلف فيه قول ش وفي الجواهر يختلف في إلزام المرأة الحج إذا عدمت المرأة الولي ووجدت رفقة مأمونين ومع الحاجة إلى البحر قال سند قال بعض العلماء وإذا ذكر العشاء صلاها وإن فاته الحج فقدم الصلاة الواحدة على الحج وعلى قول أشهب في الجمعة إذا تعذر عليه السجود سجد على ظهر أخيه يجزئه في البحر ولا يسقط عنه وخرج بعض المتأخرين العجز عن القيام على ذلك وليس كذلك لأن السجود ركن بدليل سقوط القيام في النوافل والمسبوق وفي الجواهر يسقط إذا كان في الطريق عدو يطلب النفس أو من المال ما لا يتجدد أو يتجدد ويجحف وفي غير المجحف خلاف وقال أصحاب ح وش وإذا لم يمكنه السفر إلا بدفع شيء من ماله لا يلزمه الحج ويجب على عادته السوال إذا غلب على ظنه أنه يجد من يعطيه وقيل لا يلزمه ولو لم يكن عنده إلا عروض التجارة وجب عليه أن يبيع منها ما يباع للدين وألزمه ابن القاسم بيع فرسه وترك أولاده بغير شيء بل للصدقة وقال ابن حبيب والأئمة الاستطاعة زاد ومركب لما في أبي داود أن رجلا قال يا رسول الله ما يوجب الحج قال الزاد والراحلة وجوابه أنه خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له أو لعله حال مفهوم السائل وظاهر قوله تعالى ( من استطاع إليه سبيلا ) يقتضي أن كل أحدا على حسب حاله فإن الاستطاعة القدرة لقوله تعالى ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) النساء 129 ويؤكده أن من كان دون مسافة القصر لا تعتبر الراحلة في حقه إجماعا فلو كانت شرطا في العبادة لعمت وكذلك الزاد قد يستغني عنه من قربت داره فليسا مقصودين لأنفسهما بل للقدرة على الوصول وإذا تيسر المقصود بدون وسيلة معينة سقط اعتبارها قال سند قال مالك ويقدم الحج على زواجه ووفاء دين أبيه ولو قلنا أن الحج على التراخي خشية العوائق والحج قربة والنكاح شهوة وإن قلنا على الفور وجب ودين الأب لا يجب إلا أن يخاف العنت فيتزوج لأن مفاسد الزنا أعظم والمرأة إذا قلنا لزوجها منعها قدمت الحج وإلا فلا وعلى التقديرين لو تزوجت المرأة أو الرجل فالنكاح صحيح ولا يجوز زواج الأمة لتوفير المال للحج لوجود الطول ولو شق عليه ركوب القتب والمحمل مشقة لا يمكنه تحملها لم يلزمه وإذا كان عنده من تلزمه نفقته وقلنا الحج على التراخي اعتبرنا قدرته على النفقة ذاهبا وراجعا وما ينفقه على مخلفيه في غيبته فإن كانت له حرفة يعملها في سفره اعتبرنا نفقة أهله فقط وإن قلنا هو على الفور قدم على نفقة الزوجة لأن صبرها بيدها ونفقة بعض الأقارب المتأخرين مواساة تجب فيما يفضل عن الضرورة فإن وجد النفقة لذهابه فقط قال بعض المتأخرين يجب عليه إلا أن يخشى الضياع هناك فتراعى نفقته العود إلى أقرب المواضع إلى موضع يعيش فيه وإذا لم يكن له مال وبذل له لم يلزمه قبوله عند الجميع لأن أسباب الوجوب لا يجب على أحد تحصيلها وكذلك لو بذل له قرضا لأن الدين يمنع الحج وإن غصب مالا فحج به أجزأه حجه عند الجمهور وقال ابن حنبل لا يجزئه لأنه سبب غير مشروع فلا يجزئ كأفعال الحج وهو على أصله في الصلاة في الدار المغصوبة وجوابه أن النفقة أجنبية عن الحج بل هو كمن غرر بنفسه وحج فإنه يجزئهالباب الثاني في الشروط
وفي الجواهر هي أربعة البلوغ والعقل والحرية لما في أبي داود قالأيما صبي حج به أهله فمات أجزأ عنه فإن أدرك فعليه الحج وأيما عبد حج به أهله أجزأ عنه فإن أعتق فعليه الحج والإسلام يجري على الخلاف بخطاب الكفار بالفروع وهو المشهور فلا يكون شرطا في الوجوب ووافقنا الأئمة في الأربعة وزاد الشافعي شرطين تخلية الطريق وإمكان السير وهما عندنا من فروع الاستطاعة وزاد ح وابن حنبل سابعا وهو ذو المحرم في حق المرأة لقوله
لا تحجن المرأة إلا مع ذي محرم وفي مسلم نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم وجوابه المعارضة بقوله تعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) آل عمران 97 والقياس على الهجرة وما ذكروه محمول على التطوع أو حالة الخوف قال مالك في الكتاب تحج بلا ولي مع رجال ونساء مرضيين وإن امتنع واليها وقال تخرج مع المرأة الواحدة المأمونة إذا اثبت أن الحرم ليس شرطا فهل تخرج مع الرجال الثقات قال سند منعه ابن عبد الحكم قال سند وهو محمول على الكراهة قال سند وهذا في حجة الإسلام أما في غير الفرض فلا تخرج إلا مع ذي محرم قاله ابن حبيب لعموم النهي قال سند فعدم هذه الشروط قد تقتضي عدم الوجوب والصحة كالعقل والإسلام على الخلاف فيه أو الوجوب والإجزاء عن الفرض دون النفل كالبلوغ والحرية وأما عدم السبب الذي هو الاستطاعة فيمنع الوجوب دون الإجزاء فروع ثلاثة الأول إذا اجتمعت الشروط مع السبب قال سند فإن كان الوقت واسعا كان الوجوب موسعا فإن مات سقط عنه فإن فات الحج استقر في ذمته فإن مات سقط عنه ولا يلزم الورثة إذا لم يوص به وقاله ح وقال ش وابن حنبل في رأس ماله والظاهر من قول مالك في تأخير الحج بمنع الوالدين وقول ابن القاسم في منع الزوج الزوجة منه يقتضي أنه على التراخي وقاله ش وقال ابن القاسم في الموازية له مخالفة أبويه في الفريضة وقول اشهب ليس للزوج منع زوجته يقتضي الفور وقاله ح وحكاه العراقيون وهو المشهور وفي الجواهر قال ابن محرز وغيره من المتأخرين مسائل المذهب تدل على التراخي قال أبو الطاهر ويمكن أن يكون أمر الآباء وغيرهم من باب تعارض الواجبين لا لأنه على التراخي حجة ش أن فرض الحج نزل سنة ست وأخره إلى سنة عشر وحج أبو بكر رضي الله عنه سنة تسع أمره النبي وقعد بالمدينة من غير مانع وتأخر معه أكثر الناس ولم يسألهم عن أعذارهم ولأنه لو كان على الفور يسمى قضاء بعد ذلك كما إذا أحرم به ولأن المقصود المهم منه إنما هو ثواب الآخرة وهو يتأخر ولا يفوت بخلاف الزكاة وغيرها تفوت المصلحة المقصودة منها بالتأخير والجواب عن الأول أن قوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) البقرة 196 هو الذي نزل في سنة ست وهو لا يقتضي وجوب الحج بل إتمامه وقوله تعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع ) آل عمران 97 نزل سنة تسع ولعل الوقت كان لا يتسع وعن الثاني أن القضاء لا يكون إلا فيما يتعلق بوقت معين كالصلوات وكذلك إذا أحرم تعين الوقت بدليل أن رد الغصوب ووفاء الديون إذا تأخرت لا تسمى قضاء وإن كانت فورية وعن الثالث أن الثواب قد يفوت بالموت نعم هو يحسن فارقا لا مستندا متأصلا ويوضح مذهبنا أن الأمر على الفور وإنها عبادة تجب بإفسادها الكفارة فتكون على الفور كالصوم قال سند وإذا قلنا بالتراخي فما لم يخف العجز كالكفارات فعلى هذا إذا اخترمته المنية لا يأثم وقال بعض الشافعية يأثم لأن التأخير جوز بشرط السلامة واختلفوا في زمن الإثم فقيل أول سنة وقيل بالتأخير عن آخر سنة الإمكان الثاني قال سند قال جماعة من العلماء الحج راكبا أفضل اقتداء به وجوابهم الإتفاق على أن من نذر الركوب أجزأه المشي من غير عكس وفي البخاري قال
ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار ولو مشى ما ركب أحد وذلك مشقة عظيمة ولأنه كان يركب ليراه الناس للمسألة أو لفرط مشقة المشي عليه لأنه كان يتنفل جالسا الثالث في الجواهر يكره التنفل بالحج قبل أداء فرضه فإن فعل لا ينقلب فرضا بل نفل صفحة فارغة
الباب الثالث في الموانع
وهي ثمانية الأول الأبوة وفي الجواهر للأبوين منع الولد من التطوع بالحج ومن تعجيل الفرض على إحدى الروايتين قاعدة إذا تزاحمت الواجبات قدم المضيق على الموسع والفوري على التراخي والأعيان على الكفاية لأن التضييق في الواجب يقتضي اهتمام الشرع به وكذلك المنع من تأخيره بخلاف ما جوز تأخيره وكذلك ما أوجبه على كل أحد أهم عنده مما أوجبه على بعض الأفراد والأهم مقدم عند التعارض فلهذه القاعدة قدم حق الوالدين لكونه على الفور وكذلك حق السيد والزوج والدين الحال المانع الثاني الرق وفي الجواهر للسيد منع عبده إن أحرم بغير أذنه ويتحلل إذا منعه كالمحصر وليس له تحليله بعد الإحرام بإذنه لأنه أسقط حقه قال سند ظاهر الكتاب يقتضي أنه ليس له منعه بعد الإذن وإن لم يحرم وقال اللخمي إذا لم يحرم فله ذلك عند مالك وهو قول ح وش بناء على أن التبرع لا يلزم بالقول وإذا قلنا بمنعه فرجع في إذنه فلم يعلم العبد فأحرم يخرج على تصرف الوكيل بعد العزل وقبل العلم بالعزل وقال ح له إحلاله خلافا ل ش وابن حنبل فإن إذنه له إعارة منافع وله عنده الرجوع فيما أعاره له والفرق على هذا التقدير تعلق حق الله تعالى بالإحرام فهو كما لو إذن له ليرهن وفي الجواهر ما لزمه من جزاء صيد خطأ أو فدية لإماطة أذى من ضرورة أو فوات حج بغير عمد لا يخرجه من ماله إلا بإذن سيد فإن أذن له وإلا صام ولا يمنعه الصيام وإن أضر به إلا أن يهدي عنه أو يطعم وما أصابه عمدا فله منعه من الصيام الضاربة في عمله لأن العبد أدخله على نفسه وليس مر إذن السيد وقال ابن حبيب ليس له منعه نظرا لأصل الإذن وعليه قضاء الحج الفائت إن أحرم بإذنه مع الهدي إذا أعتق وإن أفسد حجه قال أشهب لا يلزم سنده أن يأذن له في القضاء لأنها عبادة ثانية وقال أصبغ عليه لأنه من آثار أذنه قال محمد والأول الصواب وفي الكتاب إذا باع رقيقه محرما جاز البيع وليس للمشتري إحلالا وقال ش و ح قياسا على النكاح وبيع المعتق والمريضة المجنونة وبيع السفن في الشتاء وقال سحنون في التبصرة لا يجوز بيعه لتعذر الانتفاع به وإذا صح البيع فالخيار للمشتري في الرد بالعيب إن لم يعلم وقال ش إن كان إحرامه بغير إذن سيده فله إحلاله لأنه انتقل إليه ما كان للبائع والبائع كان له إحلاله وقال ح لا يرد المشتري البيع بحال لأن له إحلاله إذن البائع في الإحرام أم لا قال ابن القاسم إذا أحرم بغير إذن سيده كان له فأحله ثم أذن له عاما آخر فحج قضاء عما حلله أجزأه وإن أهدى عنه أو طعم لما حلله منه أجزأه وإلا صام هو ويجزئه قال سند ينعقد إحرام العبد بغير إذن سيده عند الفقهاء كافة خلافا لأهل الظاهر قياسا على الصوم والصلاة ثم يجب على العبد الموافقة على التحليل فإن لم يوافق وكمل الحج أثم ولا هدي عليه وتحليله يكون بالنية والحلاق لأن رفض النية وحده لا يبطل الإحرام والحلق شأنه أن يكون بعد كمال النسك فأبطل الإحرام كالسلام إذا وقع في أثناء الصلاة فإنه يفتقر إلى النية في أثناء العبادة بخلاف آخرها ولزوم الدم له في التحليل مبنى على أنه من بابا المحصر أو من باب فوات الحج فعند أشهب من باب المحصر فلا يلزمه قضاء وفي هدي المحصر خلاف أسهب يوجبه وابن القاسم لا يوجبه ولابن القاسم أنه من باب الفوت ويلزمه الهدي وجوز له في الكتاب الإطعام فيه والفوات لا إطعام فيه كأنه رأى أنه جزء فعليه فأشبه الفدية وقد أنكر يحي الإطعام ها هنا وإذا قلنا الدم ها هنا للفوت لم يجز فيه طعام وكان الصوم فيه عشرة أيام وإن قلنا للتحليل فهو كالفدية وأما القضاء فأسقطه مالك وأشهب قياسا على المحصر ونظر في الأول لأنه ها هنا واجب عليه وإذا قلنا يلزمه فللسيد منعه من الهدي لأنه تصرف في ماله بغير إذنه ويبقى في ذمته وإذا أذن فمضى وأفسده قال أشهب لا يلزمه أن يأذن له في القضاء لأن الإذن الأول ما تضمنه وقال أصبغ يلزمه لأنه من توابع الأول وإذا أذن له ففاته الحج ففي الموازية عليه القضاء والهدي إذا أعتق وعلى قول أصبغ له أن يقضي قبل العتق قال أشهب لا يمنعه الاعتمار للفوات إن كان قريبا وإلا منعه ويبقى على إحرامه إلى قابل أو يأذن له في العمرة وإن أذن له ففعل ما يوجب فدية أو هديا ففرق ابن القاسم بين تعمده وما يضر بسيده من خطأه وقاله الشافعي وقال ابن حبيب لا يمنعه من الصيام وإن كان تعمد وأضر به وإن أذن له في التمتع أو القران لم يمنعه من الصوم إذا لم يأذن له في الهدي وأم الولد والمدبر والمعتق بعضه كالقن في ذلك وأما المكاتب فله السفر فيما لا يضر بسيده فيخرج ذلك على ما لا يضر وما لا يضر بالسيد وقاله ابن القاسم المانع الثالث الزوجة وفي الجواهر المستطيعة لفرض الحج ليس للزوج منعها على القول بالفور وعلى القول بالتراخي فقولان للمتأخرين كالقولين في المبادرة لقضاء رمضان وأداء الصلاة لما فيه من براءة الذمة والمبادرة إلى القربات خشية الآفات ولو أحرمت بالفرض لم يكن له تحليلها قال بعض المتأخرين إلا أن يكون إحرامها ضارا بالزوج لاحتياجه إليها كإحرامها من بلدها أو قبل الميقات ويحللها من التطوع كالمحصر فإن لم تفعل فللزوج مباشرتها وعليها الإثم دونه وفي الكتاب إذا حللها زوجها وهي صرورة ثم أذن لها من عامه فحجت أجزأها عن فريضة الإسلام قال سند إذا كانت الزوجة أمة لا تحج إلا بإذن سيدها وزوجها عند مالك والأئمة وقال محمد بن الحسن إذن السيد كاف لأن السفر حق له فيسافر بها ولو كره الزوج وجوابه أن ذلك إذا كانت المنفعة عائدة على السيد وها هنا ليس كذلك فأشبه ما لو منعها من الزوج وإذا كانت الزوجة حرة وأحرم زوجها بالحج فليس له منعها وإن لم تكن صرورة لأنها لا تعطل عليه استمتاعا وإن لم تحرم وهي ضرورة فقال مالك و ح وابن حنبل له منعها وقال ابن القاسم ليس له منعها والخلاف ينبني على الفور والتراخي وإذا قلنا له المنع فله تحليلها ووجوب الدم يخرج على ما تقدم في العبد المانع الرابع استحقاق الدين وفي الجواهر لمستحقه منع المحرم الموسر من الخروج وليس له أن يتحلل بل يؤدي فإن كان معسرا أو الدين مؤجلا لم يمنعه من الخروج المانع الخامس الإحصار بالعدو لقوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) البقرة 196 وأجمع المسلمون على أن المراد التحليل ولأنه أحرم بعمرة في سنة ست فصده المشركون فنحر ثم حلق هو وأصحابه إلا عثمان قال اللخمي اختلف في حصر وأحصر فقال أبو عبيدة أحصر بالألف في المرض وذهاب النفقة وحصر في الحبس لقول ابن عباس رضي الله عنه لا حصر إلا في عدو وقال ابن فارس في مجمل اللغة ناس يقولون حصره المرض وأحصره العدو عكس نقل أبي عبيدة وقال ابن فارس الإحصار عن البيت بالمرض وغيره فسوى وقال أبو عمر وحصرني واحصرني إذا حبسني لقوله تعالى ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ) البقرة 573 يريد أحصرهم الفقر وقيل حصره إذا ضيق عليه وأحصره إذا منعه شيئا وإن لم يضيق عليه غيره فمن منع من الخروج من البلد فقد حصر لأنه ضيق عليه أو منع من دخولها فقد أحصر قال وللمحصر بعدو خمس حالات يصح الإحلال في ثلاث ويمنع في وجه ويصح في وجه إن شرط الإحلال فالثلاثة أن يكون العدو طارئا بعد الإحرام أو متقدما ولم يعلم أو علم وكان يرى أنه لا يصده فصده ففي هذه يجوز التحلل لفعله فإنه كان يعتقد أن المشركين لا يصدونه وإن علم أنهم يمنعونه أو شك لم يحل إلا أن يشترط الإحلال في صورة الشك كما فعله ابن عمر رضي الله عنهما وإن صد عن طريق وهو قادر على الوصول من غيره لم يجز له التحلل إلا أن يضر به الطريق الآخر والبعد ليس بعذر فرعان الأول في الكتاب المحصر بعدو غالب أو فتنة في الحج أو عمرة يتربص ما رجا كشف ذلك ويتحلل بموضعه إذا أيسر حيث كان من الحرم وغيره ولا هدي عليه وإن كان معه هدي نحره ويحلق أو يقصر ولا قضاء عليه ولا عمرة إلا الصرورة فعليه حج الإسلام وإن أخر اخلافه إلى بلده حلق ولا دم عليه قال ابن القاسم وقال في موضع آخر لا يكون محصرا حتى يفوته الحج إلا أن لا يدركه فيما بقي فيتحلل مكانه قال سند قال ابن القاسم إن أحصر ثم أحرم لا يحله إلا البيت لأنه ألزم نفسه ذلك بعد العلم بالمنع كالمسافر يصبح صائما في السفر فإن تقدم الإحرام وكان لا يمكنه الحج ولو لم يحصر لم يتحلل لأن المنع منه لا من العدو وإن كان العدو المانع وهو كافر ولم يبد القتال فهو بالخيار بين التحلل والقتال لأنه لم يقاتل من صده مع علوه الصاد لقوله تعالى ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيدكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ) الفتح 24 وترك القتال لحرمة مكة وفي الجواهر لا يجوز قتال الحاصر مسلما كان أو كافرا ولم يحك خلافا قال سند وإن طلب الكافر مالا على الطريق كره دفعه نفيا للذلة فإن كان الصاد مسلما فهو كالكافر في القتال لأنه ظالم قال ش وهو أولى بالتحلل فإن طلب اليسير من المال دفعه ولم يتحلل كالحرابة ولا ذلة فيه للإسلام وإن أرادوا قتال الصادين جاز لهم لبس الدروع والآت القتال وقال أشهب لا يحل المحصر إلى يوم النحر ولا يقطع التلبية حتى يروح الناس إلى عرفة لأنه الوقت الذي يظهر أثر الصد فيه ولاحظ ابن القاسم بالسعي للجمعة إذا علم أنه لا يصل بعد السعي الطويل قطع من حينه ووافقه ش قال ابن القاسم وليس للعمرة حد بل يتحلل وإن لم يخش الفوت لأنه صد وهو محرم بعمرة ولم يتأخر وقال عبد الملك يقيم مارجا إدراكها ما لم يضره ذلك فإن قدر المحضر على إرسال الهدي فعل وإن تعذر نحره في الحل وإن كان عن واجب وقاله ش وقال ح لا ينحر إلا في الحرم لقوله تعالى ( حتى يبلغ الهدي محله ) البقرة 196 لنا القياس على الإحرام ولا قضاء على المتطوع عند مالك وش وابن حنبل وقال ح يقضي لأنه قضى لما صد وسميت عمرة القضاء وجوابه أن المصدودين كانوا ألفا وأربع مائة والمعتمر معه نفر يسير ولم ينقل أنه أمر أحدا بالقضاء وإنما فعله استدراكا للخير وفي الجواهر قال عبد الملك لا يقضي الصرورة الفرض خلافا للأئمة لأنه وجب عليه الإحرام بالحج وقد فعل جهده واسقط عنه الباقي الحصر فبرئت ذمته والقضاء إنما يجب بأمر جديد والأصل عدمه لنا أن الأصل شغل الذمة بالواجب حتى يأتي به وما لم يأت به تبقى مشغولة فيجب القضاء قال سند النذر المعين كالتطوع والنذر المضمون كفرض الإسلام وأما الحلاق فقال أشهب إن أخره حتى ذهبت أيام منى فعليه هدي لأن الحلاق من سبب التحلل وقد وقع لابن القاسم أن النية لا تكفي في التحلل والمشهور كفايتها وقال شهب والأئمة على المحصر المتحلل الهدي لقوله تعالى ( فإن أحصرتم فيما استيسر من الهدي ) البقرة 196 وجوابهم آنها نزلت في حصر المرض أو المراد ما تيسر مقلدا وهو ظاهر اللفظ لا أنه يجب إنشاء هدي آخر وإذا قلنا بالهدي فليس شرطا في جواز التحلل عند أشهب خلافا ل ح و ش لأن الهدي سبب التحلل فلو كان شرطا لزم الدور وإن لم يجد الهدي صام عشرة أيام عند أشهب وابن حنبل كدم المتمتع وقال ح و ش يقيم حتى يجد الهدي وينحر عند أشهب في الحل والحرم وخصصه ح بالحرم وإذا كان مع المحصر هدي فنحره وهو غير مضمون فحكمه في حل الأكل حكم ما إذا بلغ حله بخلاف ما عطب من هدي التطوع قبل محله لعدم التهمة وأما المضمون فعلى القول بإجزاء الحج يجزئ الهدي الثاني في الكتاب من أحصر بعد الوقوف فقد تم حجه ولا تحله إلا الإفاضة وقاله ح وعليه لجميع ما يفوته دم واحد لاتحاد نية الترك لأن التحلل في حكم الفسخ والفسخ بعد الوقوف متعذر فكذلك التحلل قال سند وقال عبد الملك و ش إن كان الصاد بمكة ولم يدخلها الحاج ووقف وشهد المناسك فليحل قياسا على ما قبل الوقوف بجامع الضرورة والفرق أنه بعد الوقوف يتمكن من إزالة الشعث والحلاق واللباس والطيب مجنة الضرورة والأصل الوفاء بقوله تعالى ( أتموا الحج والعمرة لله ) البقرة 195 فلو وصل إلى مكة وأحصر عن عرفة طاف وسعى ولا يحلق عند ابن القاسم حتى ييأس من عرفة ويؤخر الحلاق إلى الأياس من العدو وينحر ويحلق عند عبد الملك وقال أشهب لا يحلق إلى يوم النحر وفي الجواهر قال القاضي أبو الوليد إذا وقف وصد عن البيت يأتي بالمناسك كلها وينتظر أياما فإن أمكنه الوصول إلى البيت طاف وإلا حل وانصرف ولو تمكن من لقاء البيت وصد عن عرفة قال عبد الملك أن يحل دون الطواف والسعي ويؤخر الحلاق فإن أيس وتضرر بالطول حلق المانع السادس المرض في الكتاب إذا أحرم مكي بالحج من مكة أو من الحرم أو أحرم المتعمد بالحج بعد الفراغ من عمرته من مكة فأحصر بمرض حتى فرغ الناس من الحج فلا بد من الخروج إلى الحل فيلبي منه ويعمل عمرة التحلل ويحج قابلا ويهدي والمحصر بمرض إذا فاته الحج لا يقطع التلبية حتى يدخل أوائل الحرم ولا يحله إلى البيت وإن تطاول سنين وإن تمادى مرضه إلى قابل فحج بإحرامه أجزأه عن حجه الإسلام ولا دم عليه وإذا كان مع المحصر بمرض هدي حبسه حتى يصح فينطلق به معه إلا أن يخاف عليه لطول المرض فيبعث به ينحر بمكة وعليه هدي آخر إذا فاته الحج للفوات لأن الأول قد تعين قبل الفوت ولو لم يبعث به ما أجزأه عن هدي الفوت وتحرير هذه الفتوى أن المرض ليس عذرا للتحلل إذا طرأ على الإحرام بخلاف العدو عند مالك و ش وابن حنبل وسوى ح محتجا بما في أبي داود قال من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل وقياسا على العدو بجامع الضرورة والجواب عن الأول أن راويه ضعيف وبتقدير صحته فهو متروك الظاهر فإنه لا يحل بنفس الكسر والعرج وإن فاته الحج إجماعا فإن أضمروا إذا أهدي أضمرنا إذا اعتمر ويعضده ما في الموطأ أن رجلا من أهل البصرة انكسرت فخذه فبعثوا إلى مكة وبها ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم والناس فلم يأذن له أحد في التحلل فكان إجماعا وعن الثاني الفرق بأن المريض لا يستفيد بتحلله مفارقة ما حصره فهو كمن أخطأ الطريق وخاف الفوات بخلاف المحصور بالعدو فإن فرض العدو قد أحاط به من جميع جهاته فهذه الصورة اختلف فيها الشافعية فمنهم من ألحق ومنهم من فرق قال سند ولم يحفظ عن مالك فيها نص فيحتمل التحلل ليتفرغ للقتال ويحتمل التسوية بالمريض فلو شرط في إحرامه أنه يتحلل متى عرض له عارض من مرض أو خطأ الطريق أو خطأ العدد أو ذهاب النفقة قال مالك و ح شرطه باطل وأثبته ش وابن حنبل لما يروي أنه دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وهي تبكي فقال ما يبكيك قالت أريد الحج وأنا شاكية فقال حجي واشترطي أن تحلي حيث حبست لنا القياس على الصلاة وإذا بقي على إحرامه إلى قابل فروى ابن القاسم لا هدي عليه لأنه أوقع جميع مناسكه في إحرامه وروى عنه يهدي كتأخير بعض أفعال الحج عن وقته وفي الكتاب إذا طاف المفرد وسعى ثم خرج إلى الطائف فأحصر بعدو أو مرض أو بمكة قبل الخروج لم يجزئه الطواف والسعي الأولان بل يأتنفهما المحصر بالمرض وإذا أصابه أذى يحلق وينحر هدية أحب المانع السابع حبس السلطان وفي الكتاب إذا حبسه السلطان في دم لا يحله إلا البيت وفي الجواهر من حبس في دم أو دين فهو كالمرض لا كالعدو وفي إلحاقه بالعدو قولان للمتأخرين قال سند من حبس بحق لا يحله إلا البيت لأن المانع من جهته أو حبس ظلما فهو كمن أحاط به العدو من جميع الجهات وقد تقدم الكلام فيه والظاهر أنه يتحلل وفي الجواهر أما من فاته الوقوف بعرفة بخطأ الطريق أو العدو أو خفاء الهلال أو شغل أو بأي وجه غير العدو فلا يحله إلا البيت فيتحلل بالعمرة ويلزمه القضاء ودم الفوات المانع الثامن السفه قال سند قال مالك لا يحج السفيه إلا بإذن وليه إن رأى وليه ذلك نظرا أذن وإلا فلا وإذا حلله وليه فلا قضاء عليه وكذلك المرأةالباب الرابع في السوابق
وهي ثلاثة السابقة الأولى النيابة في الحج قال سند اتفق أرباب المذاهب أن الصحيح لا تجوز استنابته في فرض الحج والمذهب كراهتها في التطوع وإن وقعت صحت الإجازة وحرمها ش قياسا على الفرض وجوزها ح وابن حنبل مطلقا وأما الشيخ الضعيف فقال الأئمة إن كان ذا مال وجب عليه الاستئجار واستحبه ابن حبيب والمذهب أن حج النائب لا يسقط فرض المنيب وقال ح يقع الحج تطوعا عن النائب وللمستنيب أجر النفقة وتسهيل الطريق وهو قريب من قول مالك وقال ابن حبيب يجزئ عن الكبير العاجز والمنيب الموصي وفي الجواهر لا تجوز الاستنابة عن العجز وروي الجواز وخصصها ابن وهيب بالولد وابن حبيب بالكبير العاجز الذي لم يحج وحج الولد عن أبيه الميت وإن لم يوص ونفذ أشهب الوصية بالحج من رأس المال إن كان صرورة وقيل لا ينفذ وقيل يحج عنه وإن لم يوص إن كان صرورة وفي الصحاح أن امرأة أن امرأة خثعم أنت النبي فقالت إن فريضة الله تعالى على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وفي بعض الروايات كما لو كان على أبيك دين فقضيته نفعه وجوابه أن هذا لم يجب عليه الحج لما ذكرت من العجز فنقول بموجبه لأنه ينتفع بالدعاء وبالنفقة وتشبيهه بالدين من جهة حصول الثواب والقياس يعضدنا لأنه أفعال بدنية كالصلاة ولقوله تعالى ( ولله على الناس حج البيت ) آل عمران 97 ولم يقل إحتجاج البيت وإذا لم يجب الاحجاج والأصل عدم دليل يدل على مشروعيته فيكون فعله عبثا فيكره ولقوله تعالى ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) النجم 39 والمعارضة بعمل المدينة وإنما صححنا الإجارة لأنه محل اجتهاد فلا يقطع بالبطلان قاعدة الأفعال قسمان منها ما يشتمل على مصلحة مع قطع النظر عن فاعله كرد الودائع وقضاء الديون ونحوها فتصح فيها النيابة إجماعا لأن المقصود انتفاع أهلها بها وذلك حاصل بنفس الدفع ولذلك لم يشترط فيها النيات ومنها ما لا يتضمن مصلحة في نفسه بل بالنظر إلى فاعله كالصلاة فإن مصلحتها الخشوع والخضوع وإجلال الرب سبحانه وتعظيمه وذلك إنما يحصل فيها من جهة فاعليها فإذا فعلها غير الإنسان فاتت المصلحة التي طلبها الله تعالى منه فلا توصف بكونها حينئذ مشروعة في حقه فلا يجوز فيها النيابة إجماعا ومصالح الحج تأديب النفس بمفارقة الأوطان وتهذيبها بالخروج عن المعتاد من المخيط وغيره ليذكر المعاد والاندراج في الأكفان وتعظيم شعائر الله تعالى في تلك البقاع وإظهار الانقياد من العبد لما لم يعلم حقيقته كرمي الجمار وهذه مصالح لا تحصل إلا للمباشر كالصلاة فيظهر رجحان المذهب بهذه القاعدة ومن حاول الفرق بين الحج والصلاة لاحظ ما فيه من القربة المالية غالبا في الأنفاق في السفر فأشبه العتق والصدقة عن الغير فروع اثنا عشر الأول قال سند اتفق مالك والأئمة على الإرزاق في الحج وأما الإجازة بأجرة معلومة فقال بها مالك و ش ومنعه ح وابن حنبل والأفعال ثلاثة أقسام ما يجوز فيه الإزراق والإجازة نحو بناء المساجد وتفريق الصدقات وما تمنع فيه الإجازة دون الإزراق نحو الفتيا والقضاة وما اختلف في جواز الإجازة فيه دون الإرزاق نحو الأذان والصلاة والحج فإن قاسوا على صور المنع فرقنا بأن العمل ثمة غير منضبط بخلافة ها هنا وقسنا على صورة الجواز ومنع ش الاستئجار بالنفقة للجهالة وقسناها على نفقة النظير وأجبناه بأنه منضبط عادة والمعارضة تقع في الحج ثلاثة اقتسام بأجره معلومة وبالنفقة وتسمى البلاغ وعلى وجه الجهالة وهو أن لا يلزم نفسه شيئا ولكن أن حج كان له كذا وكذا وإلا فلا والثاني في الكتاب من أخذ مالا يحج به عن ميت فصده عدو عن البيت فإن أخذه على البلاغ رد ما فضل عن نفقته ذاهبا وراجعا وإن كان أجيرا كان له من الأجرة بحساب مسيره إلى موضع صده وكذلك من مات في الطريق وقال ش لا شيء له وإن أحصر صاحب البلاغ فمرض فنفقته في مال الميت مدة مرضه وإن أقام إلى قابل أجرأ عن الميت حجة ش بأن الإجارة مقابلة المقصود لا الوسيلة فإذا لم يأت بالمقصود فلا شيء له كمن استؤجر على البناء أو الخياطة فهيأ الآلات ولم يخط وجوابه أن أكثر المبذول ها هنا لقطع المسافة فهي أعظم المقصود في أخذ العوض ولذلك يكثر المبذول ويقل بكثرة المسافة وقلتها بخلاف آلات الخياطة وأما الخياطة والبناء إن وقعا على وجه الجعالة فمسلم أنه لا يستحق شيئا وكذلك في صورة النزاع وإلا فنحن نلزمه بالعمل ولا تسقط الأجرة فنحن نمنع الحكم في الأصل قال سند إذا صد في الجعالة فلا شيء له وفي البلاغ له ما جرت العادة به مما لا بد منه كالعسل والزيت واللحم المرة بعد المرة والوطاء واللحاف والثياب ويرد ما فضل من ذلك والفرق بين المستأجر لا ينفق راجعا وذي البلاغ أن رجوعه لم يتناوله العقد وإذا أحصر بعد الإحرام وتحل فإن أوجبنا الهدي على قول أشهب فعلى المستأجر وكل ما فعل من أعمال الحج واقع عن المستأجر وقال بعض الشافعية عن المحصور والدم عليه والمستأجر على البلاغ إذا تحلل بعد الحصر وبقي بمكة حتى حج من قابل أو بقي على إحرامه الذي دخل به إلى قابل فحج به فلا شيء على المستأجر إن كانت الإجارة على العام الأول كما لو أكرى داره سنة فغصبت ثم سلمها الغاصب في تلك السنة وإن كانت على مطل الحج من غير تعيين سقط من نفقته من يوم إمكان التحلل مدة مكة فإن سار بعد ذلك ليحج فله نفقته مسيره ولا نفقة له في مقامه بها حتى يأتي من قابل الوقت الذي أحصر فيه ويذهب من الوقت الذي أحصر فيه ويذهب من الوقت قدر السير إلى مكة فتكون له النفقة بعد ذلك وأما الأجير بأجرة معلومة فله منها من الحصر إلى الفوت أحرم أو لم يحرم وأما المجاعل فليس له بعد الإحرام الرجوع للعبادة لا للعقد وإن شرط عاما معينا ففات سقط العقد وإلا فهو على عقده وقال ابن حبيب في الأجير إذا مات بعد دخول مكة له جملة الأجرة وهو ضعيف لبقاء بعض ما اقتضاه العقد ولو كان الحج مضمونا لا معينا مثل قوله من يأخذ كذا في حجه ثم مات الآخذ ولم يحرم قام وارثه مقامه كسائر الإجارات فإن مات بعد الإحرام فللوارث أن يحرم إن لم يفت السنة في السنة المعينة وإن فاتت في غير المعينة ويحرم من موضع شرط المستأجر أو من ميقاته ولا يحتسب بما فعل مورثه وقال ش في الجديد مثلنا وفي القديم يبني كبناء الولي على أفعال الصبي والفرق أن الولي لم يجد إحراما وإنما ناب في بعض الأفعال وأما أجير البلاغ يمرض فله مدة مرضه نفقته الصحيح الثالث في الكتاب من ضعف من كبر لا يحج أحدا عن نفسه صرورة كان أو غير صرورة ومن مات صرورة ولم يوص بالحج وأراد أحد أن يتطوع عنه بذلك فليتطوع بغير هذا من صدقة أو غيرها فإن أوصى بعمرة نفذت قال سند الخلاف هنا إنما هو في الكراهة والجواز فكما يكره عن الميت فهو عن الحي أشد ويصح الحج عن الميت وتنفذ الوصية بإحجاج مسلم حر بالغ لتنزل حجة منزلة حج الموصي فإن أوصى بذلك لعبد أو صبي وهو صرورة قال ابن القاسم في الموازية دفع ذلك لغيرهما وقال ابن الجلاب إن أوصى وهو صرورة لا يحج عنه إلا بالغ حر إلا أن يوصي بذلك وإن لم يكن صرورة جاز إلا أن يمنع من ذلك وقال في كتاب الوصايا من المدونة تنفذ وصية العبد والصبي لاحتمال أن يكون إنما أراد نفعهما وأما إن كان الأجير صرورة فأجاز إجارته مالك و ح ومنعها ش وابن جنبل فإن وقع فلا يقع عن النائب لما في أبي داود أنه سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال من شبرمة قال أخ لي أو قريب لي فقال حججت عن نفسك قال لا قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة وجوابه أنه وقع عام الفتح حين فسخ النبي والناس حجهم إلى عمرة فلما جاز الفسخ من قربة إلى قربة جاز الفسخ من شخص إلى شخص ويدل عليه قوله حج عن نفسك ولقوله الأعمال بالنيات قال والخلاف في العمرة كالخلاف في الحج فيما يجوز ويمتنع لأنهما عبادة بدنية فائدة الصرورة لغة من لم يتزوج أو لم يحج كأنه من الصر ومنه الصرة لا نجماعه وعدم اتصاله بهذين المعنيين الرابع في الكتاب إذا استؤجر على الحج فاعتمر عن نفسه وحج عن الميت لم يجزه عن الميت وعليه حجة أخرى عنه كما استؤجر قال ابن القاسم وكذلك لو قرن ونوى العمرة عن نفسه وعليه دم القران قال سند إن شرط عليه موضع الإحرام صح وفاقا وإلا فالمذهب صحته من ميقات الميت أنه إذا اعتمر وقلنا تجزئه فلا يرجع عليه بشيء من الأجرة وقال ش يرجع بقدر ما ترك من الميقاة إلى مكة لنا أن عمله صحيح وإنما وقع فيه خلل جبره بالدم فأشبه ما لو رجع إلى الميقاة بعد العمرة وقد سلمه الشافعي وقاله أبو حنيفة لأن المقصود إنما هو الحج وإن قلنا لا يجزئه ولو رجع إلى الميقاة فأحرم عن الميت قال ابن المواز يجزئه إن كان ميقاة الميت ويحتمل إن يقال إنه لما اعتمر لنفسه كان سفره لنفسه فلا يجزئه إلا العود وكما أنه إذا فات الحج يرد جميع الأجرة وقد قال ابن القاسم بعد هذا إذا شرطوا عليه أن لا يقدم عمرة فقدمها يرد عليهم ما قبض منهم ولم يقل يسقط ما بعد من الميقاة وإذا كانت الإجارة على عام بعينه وقلنا لا يجزئه رد الأجرة مع قولنا إنه لو رجع إلى الميقاة أجزأه ولو مات عنده كمن استؤجر على متاع فغصبه ببعض الطريق ضمنه ولا كراء له لأن الغيب كشف أنه إنما حمله لنفسه ولو رد المتاع وأتم الحموله كانت له جملة الأجرة ولو كانت الإجارة مضمونة كان عليه الوفاء بها فلو تمنع وجعل جميع ذلك عن الميت قال مالك يجزئه فلو شرطوا عليه ألا يقدم عمرة قال ابن القاسم و ح عليه أن يوفيهم ثم رجع إلى قول مالك لأنه رآه خيرا وفي الجلاب عن ابن القاسم عدم الإجزاء ولم يفصل بين وقوع العمرة عنه ولا عن الميت وحكي الإجزاء عن ابن الحكم ولم يفصل قال سند وإذا قلنا بالإجزاء فعليه الهدي كدم الصيد والفدية ولو شرط عليه ميقاة فأحرم من غيره فظاهر المذهب لا يجزئه ويرد المال في الحج المعين إن فات وقال ش لا يرد وإن أحرم من الأقرب لأن المقصود هو الحج لنا القياس على ما إذا استؤجر لسنة معينة فحج في غيرها ولأنه خلاف المعقود عليه ولو أطلق العقد ففي تعيين ميقاة الميت قولان وأما إذا قرن فلا يجزئ عند ابن القاسم و ش لأنه أحرم واحد لا يمكن أن يكون عن اثنين وتقع عن الأجير ويكون الحج ها هنا تبعا للعمرة لتعذر وقوعه عن المستأجر فإن كانت السنة معينة لا بد أن ينفق على سنة أخرى لأنه دين في دين أو غير معينة فالقياس أن عليه الوفاء بها وقيل إن عرف ذلك من قوله وكذلك إن كتم ذلك ثم فطن له فسخت الإجارة لأنه لا يوثق به في السنة الثانية فلو أذنوا له في القران بعمرة لنفسه لم يلزمه شيء والظاهر أن العمل يبطل لوقوع التشريك في الطواف الواحد وقال أشهب إذا حج عن رجل واعتمر عن آخر وقد أمره بذلك أن دم القران على المعتمر وحج حجه وإذا جازت الإجارة عليهما مفردتين جازت مجتمعتين فلو اشترط القران فأفرد فالمذهب لا يجزئه لإتيانه بغير المعقود عليه وكان سفره له وقال ش يجزئه ويرد من الإجارة بقسط العمرة فلو استؤجر ليقرن فتمتع لم يجزئه ولا يرد عند ش هاهنا شيئا ولو استؤجر ليتمتع فقرن لم يجزئه وقال ش يجزئه لأن عليه الإحرام من مكة فأحرم من الميقاة فلو استؤجر على أن يتمتع فأفرد لم يجزئه ولا يجزئه أن يعتمر بعد الحج لأن الشرط لا يتناوله ولا ينظر إلى فضل الإفراد عندنا لأنه لو استؤجر على العمرة فحج لم يجزئه وإنما النظر إلى مخالفة العقد الخامس في الكتاب من حج عن ميت أجزأته النية دون لبيك عن فلان قال ابن القاسم ولو ترك ما يوجب الدم مع بقاء الإجزاء أن لو كانت الحجة عن نفسه أجزأت عن الميت وكل ما لم يتعمد من ذلك أو فعل لضرورة أو أغمي عليه أيام منى حتى رمي عنه غيره أو أصابه أذى فالفدية والهدي في مال الميت إن كان على البلاغ وما كان من ذلك بتعمده ففي ماله وإن كانت إجارة فالعمد وغيره في ماله قال سند الاقتصار على النية يدل على قبول قوله وفيه خلاف بين الأصحاب فعلى القول بالأشهر يعلن تليبته عنه ومقصود الكتاب إنما هو انعقاد الحج بمجرد النية فإذا قبض الأجرة فهو أمين حتى تثبت خيانة وإن لم يقبض فلا شيء عليه حتى تثبت التوفية ولا يصدق إن اتهم إلا بالبينة فلو شرط عليه دم التمتع ونحوه لم يجزئ لأنه بيع مجهول ضم إلى الإجارة السادس قال ابن القاسم في الكتاب من أخذ مالا على البلاغ فسقط منه رجع من موضع السقوط ونفقته في رجوعه على مستأجره فإن تمادى فهو مقطوع ولا شيء له في إذهابه إلا أن يسقط بعد إحرامه فليمض لضرورة الإحرام ونفقته ذاهبا وراجعا على الذي دفع إليه المال ولو أخذه على الإجارة فسقط ضمن الحج أحرم أو لم يحرم قال سند القياس في البلاغ إذا لم يكن شرطا أن يتمادى لأن الأجرة لم تتعين والعقد لازم ورأى ابن القاسم أن المال لما تعين صار محل العقد كما لو استأجر لغرض معين فتلف وقال ابن حبيب لا نفقه له في رجوعه لانفساخ العقد بالسقوط وابن القاسم يرى أن المقطوع من المسافة استقر في العقد ذهابا ورجوعا فإن كان الميت أوصى بأن يحج عنه ولم يعين لذلك شيئا كان ذلك في تمام الثلث إن رضي الورثة كلهم بهذه الإجارة وهو قول ابن القاسم فلو فرضوا ذلك لأحدهم ففعله بغير علمهم أو فعله وصي قال ابن القاسم وغيره الغرامة على الوصي دون مال الميت لأنه غرر بالعدول عن الإجارة المعلومة إلى البلاغ وقال ابن حبيب في مال الميت لأنه فرض إليه النظر في المصلحة وقد رآها كذلك فأن لم يبق للميت ثلث فذلك على العاقد من وصي أو غيره وإذا سقطت النفقة ورجع قال ابن القاسم سقطت الوصية وإن كان في الثلث فضل وقال أشهب عليهم أن يحجوا عنه من بقية الثلث لأنه لم يسم كالوصية بإعتاق رقبة تشتري فتهلك قبل العتق والفرق أنه لا يجب عتق العبد بشرائه كما يجب حج الأجير بالعقد فلو لم يسقط لكن نفدت في الكلف لا يرجع ونفقته عليهم والفرق أن المال محل العقد فإذا سقط فكأنه لم يسلم العقود عليه لأنه كان معه أمانة وهذا قد سلمه والقول قوله في السقوط مع يمينه سواء ظهر ذلك عند الضياع أو بعد الرجوع السابع قال ابن القاسم في الكتاب إذا أوصى بأن يحج بأربعين فدفعوا لرجل على البلاغ فأفضل منها عشرين ردها عليهم كما لو قال اشتروا عبد فلان بمائة وعتقوه فاشترو بأقل فالبقية ميراث وإن قال أعطوا فلانا أربعين ليحج بها عني فاستأجروه بثلاثين فالعشر ميراث قال سند وإن كان الموصى له وارثا لا يزاد على النفقة والكراء شيئا قاله في كتاب الوصية وإن كان غير وارث فعلم ورضي بدونه فقد أسقط حقه وإن لم يعلم فرأى ابن القاسم أن المقصود الحج وقال ابن المواز يدفع الجميع له في الحج لأنه وصية للغير وإذا قلنا يعطى الزائد فقال أحجوا غيري وقال أعطوني الزائد لم يوافق لأنه أوصى له بشرط الحج فإن الميت قصد التوسعة في الحج وإن لم يكن صرورة قال ابن القاسم في الوصايا يرجع ميراثا إن امتنع الموصى له وقال غيره لا يرجع تحصيلا للمقصود من الحج فإن قال أحجوا عني بهذا المال فعل فيه ما يفعل في الوصية المطلقة فإن الإطلاق تارة يكون في الأجرة وتارة في الأجير وتارة فيهما وتارة يكونان معينين فهي أربعة أقسام فإذا أطلقت الأجرة وقال أحجوا عني أخرجت من ثلثه أجرة حجه موضعه قاله أشهب كالحالف يحنث إن لم تكن له نية يمشي من موضع الحلف وإن لم يحمل الثلث فمن موضع يحمله قال مالك إن كان يسيرا مثل الدنانير رد إلى الورثة وإن سمي موضعا أحجوا منه إن حمل الثلث وإلا قال ابن القاسم يرجع ميراثا وفرق بين تعيين الموضع وإطلاقه لارتباط الوصية بالموضع كما لو استؤجر ليحرم من موضع يعينه فأحرم من غيره فلا شيء له وقال أشهب بتنفيذها إلى ثلثه إن وجد من يحج بها عنه وقال ابن المواز إن كان صرورة فقول أشهب أحسن وإلا فقول ابن القاسم ولو قال أحجوا عني بثلثي حجة واحدة فأحجوا بدونه فالباقي لهم عند ابن القاسم وعند أشهب يخرجونه في حجة أخرى وفعلهم للأقل جائز ولا يجزئهم عند سحنون ويضمنون المال للمخالفة الثامن قال سند يجب اتصال العمل بالعقد في الإجارة المعينة كسائر الإجارات وإن كانت بالحجاز فالأحسن أن تكون في الأشهر الحرم ليشرع فيها عقيب العقد ويجوز التأخير في المضمونة والسنين التاسع قال من عليه مشي إلى مكة فأوصى به قال مالك لا يمشي عنه ويهدي هديين للحج وصفته بالمشي فأن لم يجد فهدي واحد ولا يمشي أحد عن أحد فإن وعده ابنه بذلك بطل وعده فمن الأصحاب من حمل هذا من مالك على المنع من الاستنابة في الحج والأحسن أن يحمل على أنه لا يجب الوفاء بذلك لأنه لو كان ممنوعا لما خص الولد عليه على أحد قوليه وفي الأولى ألحقه بالصوم والصلاة ومع أن بعض الناس قد جوزه في الصوم والصلاة لما في البخاري عن ابن عمرأن امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء قال فصلى عنها وفي مسلم
أن امرأة سألته عن أمها أنها ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها قال صومي والحج أبين وإن عين الميت لذلك مالا لا يختلف قول مالك في تنفيذه فان لم يوص بالمشي وقال ما لزمني فافعلوه فعلى قول مالك يلزمهم الهدي لتعذر أداء الواجب بالموت وعند سحنون لا يفعلون شيئا لأنه لا يلزمه أن يحج من ماله ولا أن يهدي لتعلق الوجوب بالبدن وأن قال على حجتان فرض ونذر فاستأجروا اثنين لعام واحد صح بخلاف من حج لفرضه ونذره في عام واحد لتعذر الإحرام وقال بعض الشافعية لا يجوز لأنه لا يؤدي النذر لا بعد الفرض العاشر قال لو أحرم عن أبيه وأمه لم ينعقد وقال ش وقال ح ينعقد ويجعله بعد ذلك عن أيهما شاء وسلم عدم الانعقاد في الأجنبيين ويقع عن نفسه لأن المقصود ثم إنما هو البر وهو جهة واحدة بخلاف الأجنبيين فلما أمكن أن يقول أن الأجنبيين المقصود جهة واحدة وهي الخروج عن حقهما فلو أحرم عن أحدهما من غير تعيين لم تقع إلا عن نفسه وقال ش و ح يصرفه إلى من شاء منهما لنا أنه إحرام من غير تعيين فلا يصح تعيينه بعد ذلك كما لو أحرم عمن لعله يؤاجره ويخالف إحرامه عن نفسه ثم يعين بعد ذلك بحج أو عمرة لأنه يعين نفسه وأحد النسكين شأن أن يدخل في الآخر الحادي عشر قال إذا أوصى أن يحج عنه بمال فتبرع عنه بغير مال فعلى أصل ابن القاسم يعود ميراثا وعلى قول أشهب يستأجر به كما لو استأجر عنه بدون مال الثاني عشر إذا أحرم الأجير عن الميت ثم صرفه إلى نفسه لم يجزئ عنهما ولا يستحق الأجرة وقال الشافعي يقع عن الميت واختلفوا في استحقاق الأجرة وفي الجواهر في افتقار العقد إلى تعين الزمان الذي يحج فيه قولان للمتأخرين واختلفوا في تعلق الفعل بنفس الأجير أو بذمته وعليه يخرج الخلاف إذا امتنع العين وإذا صد الأجير فأراد الإقامة على إحرامه إلى عام ثان أو تحلل وأراد البقاء على إجارته ليحج في العام الثاني فللمتأخرين في المسألتين قولان وفي الجلاب لا يجوز للأجير استئجار غيره إلا بأذن المؤجر السابقة الثانية الميقات الزماني وفي الجواهر هو شوال وذو القعدة وذو الحجة وفي الاقتصار على العشر الأول منه لكونه الناسك تكمل فيه أو اعتبار جميعه لظاهر النص أو إلى آخر أيام التشريق ثلاث روايات وفائدة الخلاف تعلق الدم بتأخير طواف الإفاضة وأما العمرة فجميع السنة وقت لها لكن تكره في أيام منى لمن يحج ويكره تكرارها في السنة الواحدة وقال مطرف لا تكره ومراعاة هذه المقياة أولى وقيل واجبة ومن أحرم قبله انعقد وصح وقيل لا ينعقد وقاله ش والأصل فيه قوله تعالى ( الحج أشهر معلومات ) البقرة 196 وأقل الجمع ثلاثة وفي الكتاب يستحب إهلال أهل مكة إذا أهل ذو الحجة وقال ش يستحب يوم التروية وفي الموطأ أن ابن جريج سأل ابن عمر رضي الله عنهم فقال يا أبا عبد الرحمان رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها وساق الحديث إلى أن قال ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا هلال ذي الحجة ولم تهل أنت حتى يأتي يوم التروية فقال وأما الإهلال فإني لم أر النبي يهل حتى يبعث راحلته ولأنه يعقبه السعي في المناسك لنا ما في الموطأ أن عمر رضي الله عنه قال يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثا وأنتم مدهنون أهلوا إذا رأيتم الهلال ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا ولذلك قيل لابن عمر لم أر أحدا من أصحابك يفعل ذلك قواعد قوله تعالى ( الحج أشهر معلومات ) مبتدأ وخبر فيجب أن يرجعا لعين واحدة والأشهر زمان والحج ليس بزمان فيتعين حذف أحد مضافين تصحيحا للكلام تقديره زمان الحج أشهر معلومات أو الحج ذو أشهر معلومات فيتحد المبتدأ والخبر في الزمن أو في الأفعال ثم المبتدأ يجب أن يكون محصورا في الخبر فيجب انحصار الحج في الأشهر فيكون الإحرام قبلها كالإحرام بالظهر قبل الزوال غير مشروع وهو قول الشافعي لا ينعقد به الحج بل يكون معصية جوابه أن الإحرام شرط لأنه نية الحج المميز له والمميز يجب أن يكون خارجا عن حقيقة المميز فيكون شرطا فيجوز تقديمه لأن الشروط يجب تقديمها على أوقات المشروطات كالطهارات وستر العورات مع الصلوات ويكون المحصور في الأشهر إنما هو المشرط وليس بين هذا وبين قول الأصحاب أنه ركن منافاة لأن معنى قولهم أنه ركن أنه واجب لا يجبر بالدم وهذا ما ينافي ما ذكرته وليس إصطلاحهم في الركن أنه جزء حتى يلزم التنافي بل الرمي عندهم جزء عندهم وليس بركن أو نقول هو ركن وظاهر النص يقتضي حصر ذات الحج في الأشهر ويلزم من حصر كل ذات في زمان أو مكان حصر صفاتها معها لاستحالة استقلال الصفة بنفسها وصفات الحج الإجزاء والكمال فيكون المحصور في الأشهر هو الحج الكامل ونحن نقول إن الإحرام فيها أفضل فلم نخالف النص ويؤكد ذلك أن التحديد وقع في المقياة المكاني والإجماع على جواز التقديم عليه وإنما الخلاف في الكراهة ويوضح ذلك أيضا قوله تعالى ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) البقرة 189 وهو عام من جملة الأهلة فتكون ميقاتا للحج وهذا التعليل الثاني أنسب للمذهب من جهة أن مالكا جوز في الكتاب تقديم طواف الحج وسعيه في مسألتين قبل اشهر الحج القارن يفعلهما قبل أشهر الحج ويجزئانه لحجة قرانه ومن فاته الحج وبقي على إحرامه إلى قابل يفعلهما لحج قابل قبل أشهر الحج سؤال ما الفرق بين الميقاتين مع أن مراعاة المكان أولى لشرفه بقرب البيت جوابه أنه قال في المكاني
هن لهن ولمن أتى عليهن يريد الحج أو العمرة فبين أن هذه المواقيت محصورة في الناسكين ولم يحصر الناسكين فيها فجاز التقديم عليها والمقياة الزماني على العكس فظهر الفرق السابقة الثالثة الميقاة المكاني وفي الجواهر وهو ذو الحليفة للمدينة والجحفة للشام ومصر ويلملم لليمن وقرن لنجد وذات عرق للعراق وهو معتبر لأهل مكة في الحج لا في العمرة ولا في القران وقيل يعتبر في القران ويعتبر الآفاقي مطلقا فأن جاوزه ضررة ففي إيجاب الدم عليه وأن لم يرد حجا ولا عمرة خلاف مبني على وجوب الحج على الفور أو التراخي والعمرة كالحج في المقياة في حق المقيم والآفاقي عليه الخروج إلى طرف الحل فإن لم يفعل حتى طاف وسعى لم يعتد بعمرته لأنه لم يجمع بين الحل والحرام والحاج جامع بينهما بسبب الوقوف بعرفة والأفضل للمعتمر الإحرام من الجعرانة أو التنعم وفي الجلاب لا بأس بإحرام المكي بالقران من مكة ومنعه ابن القاسم اعتبارا بالعمرة والأصل فيه ما في الصحيحين قال ابن عباس
وقت النبي لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم قال هن لهن ولمن أتئعليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمن أهله حتى أهل مكة يهلون منها زاد مسلم ويهل أهل العراق من ذات عرق وهذا وإن كان بلفظ الخبر فمعناه الأمر لاستحالة الخلف في خبر المعصوم والأمر للوجوب فلا تجوز مجاوزة المقياة لغير عذر فائدة يروى أن الحجر الأسود في أول أمره كان له نور يصل آخره إلى هذه الحدود فلذلك منع الشرع من مجاوزتها لمن أراد الحج تعظيما لتلك الآثار قال سند ويستحب لمن جاوز ميقاته لا يريد الحج ثم أراده أن يرجع إليه وذو الحليفة جميع الوادي والمستحب المسجد ولمالك في مجاوزة المريض ذا الحليفة إلى الجحفة قولان ومن كان منزله دون الميقات فسافر إلى ورائه ثم رجع يريد الدخول مكة فله الإحرام من الميقات ومن منزله كما يؤخر المصري من ذي الحليفة إلى الججفة ولا يؤخره إلى مسكنه إن كان بمكة لأنه لا يدخل إلا بإحرام ويتعين عليه الميقات وقال ش إهلال أهل العراق من العتيق لقول ابن عباس وقت لأهل المشرق العقيق وجوابه إجماع الناس على أنهم إذا جاوزوه إلى ذات عرق لا دم عليهم فلو كان ميقاتا لوجب الدم وإن كان منزله بين ميقاتين فميقاته منزله قاله مالك لأن المواقيت لأهلها ولمن مر عليها وهذا ليس منهما فلا يؤمر لكن منزله حذو ميقات ومن مر علي غير ميقاة اعتبر محاذاته للميقاة كما أنه لما لم يبلغ عمر رضي الله عنه الحديث في ذات عرق جعلها ميقاتا بالاجتهاد لمحاذاتها قرن وقاله الأئمة ومن أتى في البحر إلى جدة من مصر ونحوها قال مالك يحرم إذا حاذى الجحفة قال وهذا إذا سافر في بحر القلزوم لأنه يأتي ساحل الجحفة ثم يخلفه ولم يكن السفر من عيذاب معروفا حينئذ لأنها كانت أرض مجوس فمن سافر في البحر منها فعلى حسب خروجه للبر إلا أن يخرج أبعد من ميقاة أهل الشام أو أهل اليمن ولا يلزمه الإحرام في البحر متحريا الجحفة لما فيه من التغرير برد الريح فيبقى عمره محرما حتى يتيسر السفر السالم وهذا حرج عظيم ولا يختلف في دفع الحرج بترك الإحرام إلى البر وإذا ثبت الجواز فلا يجب دم لعدم الدليل عليه وإنما أوجبتاه في بحر القلزوم لتمكنه من البر والإحرام من الجحفة وهل يحرم إذا وصل إلى جدة لانتقاء الضرورة أو إذا سار منها وهو الظاهر لأن سنة الإحرام عند ابتداء السير فروع سبعة الأول في الكتاب يستحب لأهل مكة ومن دخلها بعمرة أن يحرم بالحج من المسجد الحرام فإن كان من المعتمر الآفاقي سعة فالمستحب خروجه لميقاته والأفضل لأهل الشام ومصر والمغرب التأخير لذي الحليفة لأنه ميقاته وهو طريقهم فإن مروا من العراق فمن ذات عرق وكذلك سائر الآفاق إذا مروا بغير مواقيتهم أحرموا منه إلا إذا الحليفة كما تقدم قال سند قد أحرمت عائشة رضي الله عنها بالحج من مكة وروى أشهب يحرم من جوف المسجد لا من بابه بخلاف مسجد ذي الحليفة يحرم من بابه لأن التلبية لا يكره إظهارها في المسجد الحرام لأنه موضع شعار الحج وروى ابن حبيب من باب المسجد لأن المساجد لم توضع إلا للصلاة ومن أحرم من منزله فالإبعاد أفضل له الثاني في الكتاب من جاوز الميقات يريد الإحرام جاهلا رجع فأحرم منه ولا دم عليه فإن خاف فوات الحج أحرم من موضعه وتمادى وعليه دم لأن محظورات الحج تستباح بالضرورة ويلزم الدم كاللباس والطيب ولو أحرم بعد مجاوزة الميقات وليس مراهقا لم يرجع وعليه دم وقال ش و ح يرجع كالمكي إذا أحرم بعمرة من مكة ثم رجع إلى الحل والفرق إن الحل شرط في الإحرام بخلاف الميقات ولذلك فأن طاف الحاج لا يرجع وفاقا قال سند فلو رجع بعد إحرامه لا يسقط الدم عنه عندنا وعند ابن حنبل وقال ش و ح يسقط قياسا على ما إذا أحرم من الميقات ابتداء لنا أنه أحرم من الميقات وقال خذوا عني مناسككم وقال من ترك نسكا فعليه دم وقد ترك نسكا فلا يبرئه من الدم إلا إراقته كسائر الواجبات فلو أراد رفض إحرامه وابتدأه من الميقات لم يرتفض عند مالك والأئمة والمذهب أن هذه المواقيت تحديد لظاهر الحديث وقال ابن حبيب تقريب فإذا أحرم قريبا منه فلا دم عليه الثالث في الكتاب من أهل من ميقاته بعمرة وأردف الحج بمكة أو قبلها فلا دم عليه لأنه لم يترك الإحرام من الميقات ومن جاوز ميقاته لا يريد إحراما ثم أراده أحرم من موضعه ولا دم عليه وقال الأئمة لما في الموطأ أنه تجاوز ميقاته وأحرم بعمرة من الجعرانة ومن تعدى الميقاة ضرورة ثم أحرم لزمه الدم ومن تعدى الميقات فأحرم بالحج ثم فاته فلا دم عليه لترك الميقات لأنه يقضي الحج وإن أفسده بجماع فعليه دم الميقات لوجوب التمادي قال سند وقال أشهب لا يسقط الدم بالفوات لأن انقلاب الحج إلى العمرة كانقلاب العمرة إلى الحج إذا جاوز الميقات يريد العمرة ثم أحرم بها ثم أردف الحج فإنه لا يسقط عنه الدم ورأى ابن القاسم أن الدم المتعلق ببعض الإحرام فرغ إتمامه لأنه لو فعله قبل ذلك لم يجزه الرابع في الكتاب دم تعدي الميقات يجزئ فيه الصوم أن تعذر بخلاف الإطعام لأنه لترك نسك كترك المبيت ودم القران وهو مرتب كدم التمتع بخلاف دم المحظورات على التخير الخامس في الكتاب إذا أحرم من خارج الحرم مكي أو متمتع فلا دم عليه لأنه لم يجاوز الميقات إلا محرما فإن مضى إلى عرفات ولم يدخل الحرم وهو مراهق فلا دم عليه فإن أحرم المكي بالحج من الحل أو التنعيم أو غير المكي فعليه أن يطوف ويسعى قبل الوقوف فإن لم يكن مراهقا بخلاف من أحرم بالحج من الحرم ومن دخل مكة غير محرم متعمدا أو جاهلا أساء ولا شيء عليه قال سند إن كان يريد النسك وجب الإحرام من الميقات وإن لم يرد وخاف ضررا شديدا مثل دخوله لقتال البغاة أو يخاف من سلطانها فلا يكره له دخولها حلالا في ظاهر المذهب لجوازه مع عذر التكرار فأولى الخوف وقاله ش ولدخوله عام الفتح حلالا سؤال قال مكة حرام ولا تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار يقتضي بطلان ما ذكرتموه جوابه أنه إن كان آمنا فذلك خاص به وأن كان خائفا فالإشارة إلى صفته أي أحلت لمن كان بصفتي ويدل على التخصيص دخول الحطابين ونحوهم وفي الجواهر يحرم على غير المترددين دخولها حلالا وإن لم يرد نسكا وقيل يكره وقال أبو مصعب يباح وجوز ح لمن كان دون الميقاة الدخول بغير إحرام ومنع من قبل الميقاة وجعل الحرمة للمقياة وهو باطل لأن حرمة المقياة لحرمة الحرم والإحرام تحية مشروعة لبقعة مباركة فلا بد منها قال سند وإذا أوجبنا الدم فهو لمجاوزة الميقاة عند مالك ولدخول مكة حلالا عند محمد وفائدة الخلاف فيما إذا تجاوزه ثم أحرم قبل مكة وأما الدخول في الحطابين والصيادين والفكاهين ممن يشق عليهم تكرار الإحرام فيدخلونها بغير إحرام وألحق بهم سحنون من دخل بعمرة فحل منها ثم خرج ينوي الرجوع للحج بجامع التكرار وإذا قلنا لا دم على داخل مكة غير محرم فأراد الحج خرج لميقاته فإن أحرم من مكة فلا دم عليه لأن له حكم أهل مكة السادس في الكتاب يجوز للسيد إدخال رقيقه مكة بغير إحرام وإن أذن السيد في الإحرام بعد ذلك فلا دم وقاله ش لأن حق السيد في الملك أسقط الحج فأولى ما يترتب عليه ولو أسلم نصراني أو اعتق عبد أو بلغ صبي بعد خول مكة فأحرموا حينئذ فلا دم للميقات وقال ح وقال ش وابن حنبل على الكافر الذي اسلم الدم لنا أنه قام به مانع الحج فأشبه المجنون السابع في الكتاب يكره الإحرام قبل الميقات وقال ش و ح الأفضل أن يحرم من بلده لأن عمر وعليا رضي الله عنهما قالا في قوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) البقرة 196 أن تمامها أن تحرم بها من دويرة أهلك وفي أبي داود
قال من أحرم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام بحج أو عمرة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة لنا أنه لم يحرم إلا من الميقات وقال خذوا عني مناسككم وقياسا على ميقات الزمان أو لأنه خلاف النص في تحديد المواقيت وما رووه أمكن حمله على النذر جمعا بين الأدلة صفحة فارغة
الباب الخامس في المقاصد
وفي الجواهر هي ثلاثة أقسام واجبات أركان يأتي بتركها ولا يجبرها الدم وهي أربعة الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الإفاضة والسعي زاد عبد الملك جمرة العقبة وواجبات ليست بأركان وهي ما يوجب تركه الدم كالتلبية والميقاة وطواف القدوم لغير المراهق والجمار أو بعضها ونزول بمزدلفة ونحوها ومسنونات مستحبة لا يأثم بتركها ولا توجب دما كالغسل للإحرام أو لغيره والرمل في الطواف أو بطن المسيل بين الصفا والمروة واستلام الركن وترك الصلاة قبل الوقوف بعرفة والحلاق بمنى يوم النحر وطواف الوداع والمبيت بمنى ليلة عرفة والمبيت بمزدلفة ثم الدفع منها والوقوف مع الإمام وعند الجمرتين للدعاء والأصل في هذه المقاصد ما في مسلم عن جابر بن عبد الله قال مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله كيف أصنع فقال اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي وصلى رسول الله في المسجد ثم ركب القصوي حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل من شيء عملنا فأهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله شيئا منه ولزم رسول الله تلبيته قال جابر لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشي أربعا ثم نفذ إلى المقام فقرأ ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) البقرة 125 فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول ولا أعرف ذكره إلا عن النبي كان يقرأ في الركعتين ( قل هو الله أحد ) الإخلاص 1 ( قل يا أيها الكافرون ) الكافرون 1 ثم رجع إلى الركن فاستمله ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) البقرة 158 أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليها حتى رأى البيت فاستقبل البيت فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طواف على المروة قال لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم اسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة فقام سراقة بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد فشبك رسول الله أصابعه واحدة في الأخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لأبد أبد الأبد وقدم علي رضي الله عنه من اليمن ببدن رسول الله فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت أبي أمرني بهذا قال فكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله محرشا على فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله فيما ذكرت عنه فأخبرته أنني أنكرت ذلك عليها فقال صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله قال فإن معي الهدي قال فلا تحل قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي مائة قال فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج فركب رسول الله فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس فأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله حتى أتى عرفة فوجد القبة ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصوى فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائها ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتله هذيل وربا الجاهلية موضوعة وأول ربا أضعه ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم اخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا به إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكسها إلى الناس اللهم أشهد اللهم أشهد ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام وصلى العصر ولم يصل بينهما ثم ركب رسول الله حتى أتى الموقف فجعل بطن فاقته القصوى إلى الصخرة وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا وأرت أسامة خلفة ودفع رسول الله وقد شنق القصوى الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بإذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى اسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله مرت ظعن يجرين وطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله يده من الشق الآخر على وجه الفضل فصرف وجهه من الشق الآخر حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا وسلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها من حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه قال صاحب المقدمات كانت حجته هذه في عام العاشر من الهجرة وهي حجة الوداع لم يحج رسول الله بعد فرض الحج غيرها وحج بمكة قبل فرضه حجتين فوائد من المعلم قوله كلما أتى حبلا الحبال دون الجبال وهي مستطيلة الرمل وقوله واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى قيل الكلمة قوله تعالى ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) البقرة 229 قال ويحتمل أن تكون إباحة الله تعالى في كتابه وشرب من مرق الجميع لما في الأكل من الجميع من الكلفة ونحر ثلاثا وستين إشارة إلى عمره عن كل سنة بدنة والخذف رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك تنبيه اصطلاح المذهب أن الفرض والواجب سواء إلا في الحج فقد خصص ابن الجلاب وغيره اسم الفرض بما لا يجبر بالدم فقال فروض الحج أربعة وليس المراد الواجبات لأن كل ما يجبر بالدم واجب كما خصص في كتاب الصلاة في السهو السنة بما يجبر بالسجود فجعلها خمسة مع أن سنن الصلاة عدها صاحب المقدمات ثمانية عشر وقال يسجد منها لثمانية فليعلم ذلك ولنشرع الآن في بيان المقاصد وهي اثنا عشر المقصد الأول الإحرام ويقال أحرم إذا دخل الحرم وأحرم إذا دخل في حرمات الحج أو الصلاة كما نقول أنجد وأتهم وأصبح وأمسى إذا دخل نجدا أو تهامة والصباح والمساء ولذلك يتناول قوله تعالى ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) المائدة 95 الفريقين ثم البحث عن حقيقة الإحرام وعن سنته البحث الأول عن حقيقته وفي الجواهر ينعقد بالنية المقترنة بقول أو فعل متعلق بالحج كالتلبية والتوجه على الطريق واشترط ابن حبيب التلبية عينا لا تنعقد بدونها فلو تجردت النية عنهما فالمنصوص أنه لا ينعقد وأجرى اللخمي هذا الخلاف على الخلاف في انعقاد اليمن بمجرد النية وأنكره أبو الطاهر وقال لا خلاف في المذهب أن العبادات لا تنعقد إلا بالقول أو النية أو بالدخول فيها وفي الكتاب قال ابن القاسم وإن توجه ناسيا للتلبية أراه محرما بنيته قال سند وقاله ش وابن حنبل واشترط مع النية التلبية ويقوم مقامها سوق الهدي كما يقوم غير التكبير عنده مقام التكبير في الصلاة لما في الموطأ قال أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال ولأنها عبادة لها تحريم فيكون له نطق كالصلاة والجواب عن الأول أنه ورد برفع الصوت وهو غير واجب اتفاقا فأن لم يجب ما تناوله النص فأولى ما تضمنه وعن الثاني المعارضه بأنها عبادة لا يجب في آخرها نطق فلا يجب في أولها كالصوم والطهارة عكسه الصلاة وفي الكتاب ينوي بتلبيته الإحرام إما حج أو عمرة ويبدأ القارن بالعمرة قال بن القاسم وقال لي مالك النية تكفي في الإحرام ولا يسمى قال سند الإحرام ينعقد بمجرد النية وكره ملك وش التسمية واستحبها ابن حنبل لما في أبي داود قال أتاني الليلة أت من ربي وقال قل عمرة في حجه وجوابه أنه محمول على الكلام النفساني وحديث جابر ليس فيه تسمية وسمع ابن عمر رضي الله عنهما رجلا يقول لبيك بحجة فضرب في صدره وقال ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) المائدة 116 تنبيه في الجواهر وصرح ابو الطاهر في كتابه واللخمي في التبصرة بأن النية إذا تجردت عن القول أو الفعل المتعلق بالحج لا ينعقد الحج وقد تقدم تصريح الكتاب وسند أن النية كافية وبه صرح القاضي في التلقين فقال الإحرام هو اعتقاد دخول في الحج وبذلك يصير محرما وهذا في غاية التصريح قال صاحب المعلم ينعقد الحج بالنية وحدها كما ينعقد الصوم عند مالك وش فهذا الصريح والتشبيه في غاية القوة وبذلك صرح صاحب القبس وجماعة من الشيوخ وقال سند لو نوى وأقام كان محرما وهو المحكي عنهما في الخلافيات فليعلم ذلك قاعدة النية إنما شرعها الله تعالى لتمييز العبادات عن العادات أو لتمييز مراتب العبادات وقد تقدمت مباحث النية مستوعبة في الطهارة فلتراجع من هناك ومن شرط المميز أن يفارق الذي يميزه وإلا فليس نسبته إليه أولى من غيره خولف هذه القاعدة في الصوم للضرورة وفي الطهارة مع القرب اليسير على الخلاف في اليسارة فإذا جعلنا الإحرام مجرد النية كما صرح به المازري وغيره من المحققين وكما قاله في الكتاب فأفعال الحج تتأخر عليه بالشهور ولا يمكن أن يقال هو ملابس للانكفاف عن محرمات الحج لأنه لو لابسها إلا الجماع صح إحرامه ولا يمكن الاكتفاء بالانكفاف عن الجماع لصحة إحرام الجاهل بتحريمه فلا يكون منويا له بجهله به ومن شرط النية أن يدخل بها في المنوي بل قد نقل سند أن الإحرام ينعقد منه وهو يجامع ويلزمه التمادي والقضاء ولم يحك خلافا بل ذكر ما يدل على الاتفاق على ذلك من المذاهب أما من اشترط التلبس ببعض أفعال الحج أو أقوله أو التلبيه عينا أو التلبية وسوق الهدي فهو متجه لدخوله بالنية في المنوي تفريع في الجواهر لو أحرم مطلقا لا ينوي حجا ولا عمرة قال أشهب والأئمة من هو بالخيار في صرفه إلى أحدهما وإلى الحج أفضل وقال أيضا إلى القران أفضل لما تقدم من إحرام علي رضي الله عنه في حديث جابر ولأنه يصح التزامه مطلقا فينعقد كذلك ورأى في القول الثاني أنه لما صح لهما صرف لهما لعدم الأولوية ولو اختلف العقد والنية فالاعتبار بالعقد وروي ما يشير إلى النطق وروى ابن القاسم إن أراد أن يحرم مفردا فأخطأ فقرن أو تكلم بالعمرة فليس بشيء وهو على حجه وقاله ش وقال في العتيبة رجع مالك فقال عليه دم والفرق على القول باعتبار النطق بين الحج والعبادات أن الإحرام له قوة الانعقاد مع منافي العبادة وهو الجماع كما قاله سند فلما قوي أمكن أن يعتبر نطقه بخلاف العبادات لا تنعقد مع بطلانها وإن أحرم مفصلا فنسي ما أحرم به فهو قارن عند أشهب احتياطا وقال غيره يحرم بالحج ويعمل حينئذ على القرآن ولو شك هل قرن أو أفرد تمادى على نية القران احتياطا وإن شك هل أحرم بالحج وحده أو بالعمرة طاف وسعى لجواز العمرة ولا يحلق لإمكان الحج ويتمادى على الحج ويهدي لتأخير الحلاق لا للقران لأنه لم يحدث نية وإنما أحرم بشي واحد إما حجا ويكون ما تقدم من الطواف والسعي له أو بغيره فلا يضره تماديه بعد ذلك قال سند ولو نوى الحج ولم ينو حجة الإسلام انصرف إليها إن كان صرورة لقوتها فإن نوى النفل فقال ش ينصرف إلى الفرض وكذلك إذا نوى عن غيره ولو أحرم بما أحرم به فلان وهو لا يعلمه جاز عند أشهب الشافعية لقضية علي رضي الله عنه ولو أحرم مطلقا ولم يعين حتى طاف فالصواب أن يجعل حجا ويكون هذا طواف القدوم لأن طواف القدوم ليس ركن في الحج والطواف ركنا في العمرة وقد وقع قبل تعينها والأفضل في الإحرام تعيين النسك خلافا ل ش محتجا بأنه خرج من المدينة لا ينوي حجا ولا غيره ينتظر القضاء ينزل فنزل عليه بين الصفا والمروة فأمر أصحابه من أهل ومن لم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة ولأنه أحوط لاحتمال طريان الموانع لنا حديث جابر أنه أهل الحج ولأن التعيين هو الأصل في العبادات ويحمل الحديث على أنه خرج من المدينة كذلك وأحرم عند الميقات وكذلك خرجه ابن داود عن أبو عمر جمعا بين الأحاديث وفي الكتاب لا يكون محرما بتقليد الهدي وإشعاره ولو أراد الذهاب معه وقاله ش لأن الأحرام بالنية وقال ح وابن حنبل هو محرم لأن ذلك من شعار الإحرام فأشبه النية والتلبية ويبطل عليها بما لو أرسله مع غيره ولو نوى وأقام كان محرما ولنا القياس على التجريد من المخيط وفي الكتاب قال ابن القاسم إن أتى الميقاة مغمى عليه فأحرم عنه أصحابه لا يجزئ خلافا ل ح محتجا بأن ذلك معلوم من قصده وتلحقه المشقة ولولا ذلك وجوابه أنه لو وكل في ذلك لم يصح مع تقدم القصد منه والفرق عندنا بينه وبين الصبي وإن كان حجا لا يصح الإحرام عن الصبي أن الصبي تبع لغيره في اصل الدين والحج ركن الدين بخلاف هذا ولأن الصبي ثبت بالنص والصبا يطول بخلاف غيره ولذلك سلم ح المجنون المطبق قال سند فأن أفاق قبل الوقوف فالأحسن رجوعه لميقاته فإن أحرم من مكانه قال ابن القاسم لا دم عليه وفي الكتاب قال ابن القاسم إن رفض إحرامه لا يضر قال سند إن رفضه للدخول في جنسه كفسخ في عمرة أو حج في حج ولا يختلف في بقائه على الأول أو غير جنسه فإن كان الأول عمرة فأراد بقاءها مع الحج والوقت قابل للإرداف فهو قارن وإن أراد قلب الأول إلى الحج فهو اعتقاد فاسد لا ينقلب وإن كان الأول حجا فاعتقد بطلانه فهو باق عليه ولا تدخل العمرة على الحج وإن اعتقد انقلابه عمرة لم ينقلب وقال ابن حنبل ينقلب إن لم يسق هديا لما في حديث جابر أنه أهل هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي إلا النبي وأبو طلحة فأمر عليه السلام أن يجعلوها عمرة ولأن من فاته الحج يصير إحرامه عمرة فكذلك يصير بالفسخ لنا ما روي أنه قيل له يا رسول الله الفسخ لنا خاصة أم لمن بعدنا قال بل لنا خاصة ولأنها عبادة لا يخرج منها بالفوت فلا يخرج بالنية كالعمرة وإنما أمر بالفسخ لأن الجاهلية كانت تنكر الاعتمار في أشهر الحج ويقولون إذا عفا الوبر وبرئ الدبر وانسلخ صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر والفرق بين الفوت الفسخ أنه لدفع صرورة البقاء سنة بخلاف الفسخ أما لو رفض إحرامه إلى غير شيء فهو باق عند مالك والأئمة خلافا لداود لأنها عبادة لا يبطل إحرامها بالمنافيات وأعظم أحوال الرفض أن يكون منافيا فائدة المراد بعفا الوبر أي كبر على ظهور الإبل بسبب إراحتها من السفر للحج وهو من أسماء الأضداد عفا زاد وعفا نقص وزال فمن الأول قوله تعالى ( حتى عفوا ) الأعراف 95 أي كثيروا ومن الثاني عفا الله عنا ي محا ذنوبنا وأزال آثارها ويروى عفا الدبر وهو تقرح ظهور الإبل من السفر للحج تمهيد قال صاحب النكت رفض النية في الحج والوضوء لا يضره بخلاف الصوم والصلاة لأن النية مرادة للتمييز في العبادات عن العادات أو لتمييز مراتب العبادات والحج متميز بمواضعه المخصوصة والوضوء بأعضائه المعينة بخلاف الآخرين فكان احتياجهما إلى النية أقل فكان تأثير الرفض فيهما أبعد قال سند والصبي الذي لا يميز يصير محرما بإحرام وليه عند مالك وش وابن حنبل لما في الصحيحين أنه لقي ركبا بعسفان وذكر الحديث إلى أن قال فرفعت له امرأة صبيا من محفتها فقالت ألهذا حج قال نعم ولك أجر وقال ح لا يكون محرما بإحرام وليه كما لا يلزمه نذر وليه البحث الثاني في سننه وفي الجواهر هي أربع الغسل والتجرد من المخيط وركعتين قبله وتجديد التلبية السنة الأولى الغسيل وهو قول مالك والأئمة لما في الترمذي أنه تجرد لإحرامه واغتسل وفي الكتاب تغتسل الحائض والنفساء للإحرام وقاله الأئمة لما في مسلم قال والنفساء والحائض إذا أتتا الموقف تغتسلان وتحرمان وتقتضان المناسك كلها غير الطواف بالبيت قال سند هذا الغسل غير واجب قياسا على غسل الجمعة ولا يتيمم له إذا عدم الماء كغسل الجمعة خلافا للشافعية فإن جهلت الحائض والنفساء الغسل حتى أحرمت قال مالك تغتسل إذا علمت وقال عبد الملك إذا نسي الغسل وذكر بعد الإهلال تمادى ولا غسل عليه لأنه تبع للإحرام وإذا أحرم سقط كغسل الجمعة وراعى مالك بقاء الإحرام وإذا رجت الحائض الطهر إذا وصلت الجحفة قال مالك لا تؤخر عن ذي الحليفة لأن الإحرام بذي الحليفة أفضل إجماعا ولأن المبادرة إلى العبادة أفضل ولا خلاف أنها لا تركع لإحرامها إذا اغتسلت والعمرة كالحج في الغسل ويغتسل عند مالك في الحج في ثلاثة مواضع للإحرام ولدخول مكة ورواحة للصلاة بعرفة وزاد ش للوقوف بالمزدلفة ولرمي الجمار الثلاث ولطواف الزيارة وطواف الوداع وللحلاق وفي الجلاب يغتسل لأركان الحج كلها فعلى قوله يغتسل لطواف الإفاضة وقال أشهب يغتسل لزيارة قبره ولرمي الجمار لمالك ما في الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخوله مكة ولوقوفه عشية عرفة ولا تغتسل الحائض والنفساء لدخول مكة لأنه للطواف ودخول المسجد وهما ممنوعان منهما وقال مالك وغسل الإحرام آكدها لترتيب سائر المناسك عليه فالغسل له سنة ولغيره فضيلة قال مالك لا يتدلك في غسل مكة وعرفة وبالماء وحده ويستحب غسل مكة قبل دخولها بذي طوى كفعل ابن عمر رضي الله عنهما وليس في ترك غسله دم ولا فدية اتفاقا وفي الكتاب إن اغتسل بالمدينة ومضى لذي الحليفة من فوره أجزأه لقربها منه فإن تأخر بياض نهاره أعاده قال سند استحب عبد الملك تقديمه من المدينة لفعله ذلك وليس بثابت وعلى هذا يتجرد من المخيط من المدينة ويلبس ثوبي إحرامه وقاله ابن حبيب وسحنون وكل من كان منزله عن الميقاة بثلاثة أميال جاز أن يغتسل منه كالمدينة مع ذي الحليفة واغتساله لجنابته وإحرامه غسلا وأحدا يجرئ ولا بأس أن يقص شاربه وأظفاره وعانته ويكتحل ويلبد شعره بالغسول والصمغ ويظفر ليقل قملة كما فعل وتمتشط المرأة قبل إحرامها بالحناء وما لا طيب فيه ويختضب واستحبه ش كان لها زوج أم لم يكن لقول ابن عمر رضي الله عنهما السنة أن تدلك المرأة يديها بالحناء قال مالك ولا يجعل برأسه زئبقا يقتل القمل بعد الإحرام فإن كان ينظف الرأس منه فلا يكره ومنع مالك الطيب المؤنث عند الإحرام فإن فعل فالمشهور لا شيء عليه لأن الأئمة قالوا باستحبابه لما في الصحاح قالت عائشة رضي الله عنها كنت أطيبه لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت وكأني أنظر إلى وبيض الطيب في مفرقه وهو محرم لمالك ما في الموطأ أن عمر رضي الله عنه وجد ريح طيب وهو بالشجرة فقال ممن ريح هذا الطيب فقال معاوية بن أبي سفيان مني يا أمير المؤمنين فقال منك لعمر الله فقال معاوية إن أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين فقال عمر عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه والجواب عن الأول أن ذلك الطيب لم يكن مؤنثا وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت طيبته لإحلاله وإحرامه طيبا لا يشبه طيبكم هذا أو لأنه كان قبل غسله ثم اغتسل وهو خاص به جمعا بين الأدلة وعند مالك محمول على الكراهة فلا فدية لأنه لم يستعمل طيبا بعد الإحرام وإن وجد ريحا أشار بعض القرويين إلى ما يوجب الفدية حملا للاستصحاب كالابتداء كالمخيط وعلى المذهب يؤمر بغسله بصب الماء فإن لم يزل إلا بالمباشرة باشره ولا شيء عليه لأنه فعل مأمور به فإن كان الطيب في ثوبه نزعه وإن عاوده وقلنا لا فدية عليه فيحتمل أن يقال لا فدية عليه في العود لأنه معفو عنه وكذلك إذا نقل الطيب في الموضع من البدن إلى غيره أو الثوب أو نحاه ثم رده إلى موضعه وقال الشافعية عليه الفدية لأنه ابتداء تطيب السنة الثانية التجرد من المخيط في أزار ورداء ونعلين لما في الصحاح أن رجلا سأله ما يلبس المحرم من الثياب فقال لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس قال سند فنبه بالقميص عن الجبة ونحوها وبالسراويلات عن التبان ونحوه وبالبرانس عن القلنسوة ونحوها وبالخفين على القفازين والساعدين ونحوهما وقال بعض الشافعية يحرم المخيط أو المحيط كما لو سلخ عجلا على هيئته فلبس رقبته في رقبته ويديه في يديه وجسده في جسده من غير خياطة وفي الكتاب ليس في الثوب الدنس بأس من غير غسل قال سند إن كان نجسا غسل وقال ش الجديد أفضل لنا إن كان خلقا قد يكون أفضل من جديد فلو كان عليه طيب فأزاله ببوله صح إحرامه والبياض افضل لقوله خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم والمصبوغ بغير طيب يكره لمن يقتدي به وجائز للعامة لما في الموطأ أن عمر رضي الله عنه رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبا مصبوغا وهو محرم فقال عمر ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة فقال إنما هو مدر فقال عمر إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال إن طلحة بن عبيد الله قد كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذه الثياب المصبغة والممنوع اتفاقا ما صبغ بطيب كالزعفران وورس ومنع مالك و ح ما ينفض وجوزه ش وابن حنبل ولم يره من الطيب لما في الموطأ أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها كانت تلبس المعصفرات وهي محرمة ولأن الحديث المقدم نص على الزعفران والورس ومفهومه جواز ما عداهما واختلف أصحابنا في كونه محرما أو مكروها فقال أشهب لا فدية عليه وقيل فيه الفدية لأنه كالطيب أما ما لم ينفض فليس بمكروه للنساء دون الرجال فإن كان في ثوبه لمعة زعفران فلا شيء عليه ويغسله إذا ذكر فلو لبس ثوبا فيه ريح الطيب دون جرمه فعليه الفدية عندنا وعند ش لحصول التطيب وقال ح لا فدية لأنه لم يستعمل الطيب كما لو جلس في العطارين والفرق أنه يعد مستعملا للطيب عرفا بخلاف الجالس وفي الكتاب إذا وجد ثمن النعلين فلا يقطع الخفين أسفل من الكعبة كواجد ثمن الماء في التيمم أو ثمن الرقبة في الظهار قال سند وقد وهم البرادعي في هذا في هذا الفرع فقال إذا لم يجد المحرم نعلين وهو مليء جاز له لبس الخفين إذا قطعهما ولعل الوهم من النساخ ووافق مالكا ش و ح في منع الخفين وأجاز ابن حنبل لبسهما غير مقطوعين لقوله السراويل لمن لم يجد إزارا والخف لمن لم يجد نعلين وهو غير مقيد أو هذا مطلق والمقيد مقدم مطلق على المطلق فإن وجد نعلين لم يجد لبسهما مقطوعين والشمشكين وعليه الفدية خلافا لبعض الشافعية لاشتراطه فقدان النعلين وقال ابن حبيب إنما رخص في قطع الخفين قديما لقلة النعال أما اليوم فلا ومن فعله افتدى فإن وجد النعلين غاليين قال ابن القاسم إن كان ذلك قليلا اغتفر وإلا فلا وفي الكتاب إحرام الرجل في رأسه والمرأة في وجهها ويديها ويكره المحرم تغطية ما فوق ذقنه فإن فعل فلا شيء عليه لما جاء عن عثمان رضي الله عنه قال سند يجب على الرجل كشف رأسه عند مالك والأئمة لنهيه عن العمائم والبرانس ولا تكشفه المرأة عندهم لأنه عورة منها ويكشف الرجل وجهه عند مالك وقال ش يغطيه لما في الموطأ أن عمير الحنفي رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعرج يغطي وجهه وهو محرم لنا قوله في المحرم الذي وقصت به ناقتهلا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ولقوله المحرم أشعث أغبر وأكثر ظهور الشعث والغبرة في الوجه ويحتمل أن عثمان رضي الله عنه وضع يده على حاجبه من الشمس إذ كان نائما ولم يشعر أو وارى وجهه بثوب ولم يلصقه أو فعله لضرورة ومن وجهة النظر لو جاز ذلك للرجل لجاز للمرأة بطريق الأولى فإن ستر وجهه فقال ابن القاسم وأشهب لا فدية عليه وقال الباجي إذا قلنا بتحريم التغطية فغطاه فعليه الفدية وإن قلنا بالكراهة فلا وإحرام المرأة في وجهها اتفاقا لقوله لا تنتقب المرأة فائدة إنما منع الناس من المخيط وغيره في الإحرام ليخرجوا عن عادتهم والفهم فيكون ذلك مذكرا لهم بما هم فيه من طاعة ربهم فيقبلون عليها وبالآخرة بمفارقة العوائد في لبس المخيط والإندارج في الأكفان وانقطاع المألوف عن الأوطان واللذات السنة الثالثة في الجواهر يصلي ركعتين ثم يلبي ناويا فالراكب يبتدئ إذا ركب وأراد الأخذ في السير والماشي إذا أخذ في المشي والأفضل اختصاص الصلاة بالإحرام فإن أحرم عقيب الفرض جاز وفي الموطأ أنه صلى في مسجد ذي الحليفة ركعتين فإذا أستوت به راحلته أهل فلو أتى لميقاة في وقت نهي انتظر خروجه إلى الخائف المراهق قال قال مالك إن أتى وقت مكتوبه لا يتنفل قبلها تنفل بعدها فإن نسي حتى أحرم فخرج على نسيان الغسل قال مالك يحرم في فناء المسجد إذا ركب ولا ينتظر سير دابته وقال الأئمة في المسجد عقيب سلامه لما في أبي داود قال سعيد بن جبير قلت لعبد الله بن عباس عجبت من اختلاف أصحاب النبي في إهلاله حين أوجب فقال أني لأعلم الناس بذلك إنما كانت منه حجة واحدة فمن هناك اختلفوا خرج حاجا فلما صلى في المسجد بذي الحليفة ركعتين أوجبه في مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه وسمع ذلك منه أقوام فحفظوه عنه ثم ركب فلما استقلت به راحلته أهل ورأى ذلك منه أقوام فقالوا إنما أهل حينئذ فلما علا شرف البيداء الخ لنا الحديث السابق وهو مقصود بالعمل من عمر وغيره من السلف السنة الرابعة في الجواهر من سنن الإحرام تجديد التلبية عند كل صعود وهبوط وحدوث حادث وخلف الصلوات وإذا سمع من يلبي وصفة تلبيته لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال أشهب إن اقتصر عليها فحسن ولا بأس بالزيادة فقد زاد عمر لبيك ذا النعماء والفضل الحسن لبيك لبيك مرهوبا منك ومرغوبا إليك وزاده ابن عمر رضي الله عنهما لبيك لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل فوائد في الصحاح ألب بالمكان إذا قام به وفي لغة لب ولبيك مصدر أي إقامة على طاعتك كقولك حمدا لله وشكرا له فكان الأصل أن يقال لبا لك وإلبابا لك وهي تدل على التكرار الدائم أي إقامة بعد إقامة على طاعتك أبدا كما قال تعالى ( فارجع البصر كرتين ) الملك 4 أي أرجعه دائما فلا ترى في السماء شقوقا و ( ألقيا في جهنم ) ق 24 أي إلقاء بعد إلقاء لأن التثنية أول مراتب التكرار فدل بها عليه ونظيره حنانيك أي هب لنا رحمة بعد رحمة أو مع رحمة ودواليك أي لك دولة بعد دولة وقال الخليل بل معناه من قولهم دار فلان تلت داري أي تحاذيها أي أنا مواجه لما تحب أجابة لك وزاد صاحب التنبيهات قيل معناها الإجابة أي أجابة بعد إجابة وقيل معناها المحبة من قولهم امرأة لبة إذا كانت تحب ولدها زاد المازري في المعلم وقيل معناه الإخلاص أي إخلاصا لك ونسب لباب إذا كان خالصا ولب الطعام ولبا به قال ومذهب يونس أنه اسم مفرد قلبت ألفه ياء نحو عليك ولديك ومذهب سيبويه والجماعة أنه تثنية قال سند ويروى أن الحمد والنعمة لك بفتح الهمزة على تقدير نفعل ذلك لأن الحمد لك وبكسرها على معنى الإخبار بثبوت المحامد لله واستحبه محمد بن الحسن لأنه ثناء والأول تعليل والرغب المسألة يقال بفتح الراء ومع المد وبضمها مع القصر كالعلياء والعليا والنعماء والنعما تنبيه التلبية خبر ومعناه الوعد لله تعالى بالإقامة على طاعته أو بالإجابة له والوعد إنما يتعلق بالمستقبل ومقتضى هذا أن يستمر إلى آخر المناسك في كل حالة تبقى بعدها قربة من المناسك وكل من قال باستصحابها إلى آخر المناسك كان أكثر إعمالا لمقصودها وإذا قلنا معناها الإجابة فقيل هي إجابة إبراهيم عليه السلام حيث قيل له ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا ) الحج 27 وقال سند ويلبي الأعجمي بلغته سننها الموالاة قال مالك ولا يرد سلاما حتى يفرغ وقال الشافعية يرد لأنه واجب وهي سنة ويبطل عليهم بالأذان ثم الواجب إنما يقدم إذا تعذر الجمع وهو ها هنا ممكن بالرد بعد الفراغ وليس فيها دعاء ولا الصلاة عليه لأنه لم ينقل عن تلبيه والمناسك إتباع وقال ش يصلي على النبي لقوله تعالى ( ورفعنا لك ذكرك ) الشرح 4 أي تذكر حين أذكر كالأذان ويدعو لما روي عنه
أنه كان إذا فرغ منن التلبية في حج أو في عمرة سأل الله تعالى رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من النار وجوابه أن ذلك كان عند قطع التلبية في الحج ودخول المسجد في العمرة وهي حالة الدعاء غير مرتبط بالتلبية ويستحب رفع الصوت في التلبية للرجال
قال أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو باهلال وروي أنه سئل أي الحج أفضل قال الثج والعج ومعنى الثج إراقة الدماء والحج رفع الصوت قال مالك ويلبي خلف النافلة وفي الفريضة وفي المنازل والطرق وحين يلقي الناس وبطن كل واد راكبا وماشيا ونازلا عند اليقظة وعند النوم لأن ذلك عادة السلف وهذا إذا كان ذاهبا في إحرامه أما لو نسي حاجة ورجع إليها قال مالك لا يلبي أن هذا السعي ليس من سعي الإحرام ولا تكره التلبية للجنب والحائض لقوله لعائشة رضي الله عهنا حين حاضت افعلي منا يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت وقياسا على التسبيح وفي الكتاب يرفع ولا يسرف ولا يرفع في المسجد ولا المسجد الحرام ومسجد منى وترفع المرأة صوتها قدر إسماع نفسها قال سند وروي عنه يرفع في المساجد التي بين مكة والمدينة وقال ش في مسجد مكة ومسجد منى ومسجد عرفة واختلف في علة المنع فقال أشهب لأنها تكثر في المسجد الحرام ومسجد منى فلا يشتهر الملبي وقيل لأن المساجد لم توضع لتلبية وهذان المسجدان لهما تعلق بالحج فلهما تعلق بالتلبية وإذا قلنا يرفع صوته ويسمع نفسه ومن يليه ولمالك في زمن قطع التلبية في الحج خمسة أقوال فروى ابن القاسم في الكتاب ثلاثة إذا زالت الشمس وراح يريد الصلاة بعرفة واختاره ابن القاسم لما في الموطأ أن عليا رضي الله عنه كان يفعل ذلك وبعد الزوال والرواح إلى الصلاة بمسجد عرفة لأن التلبية إجابة وقد أجاب
لقوله الحج عرفة فقد أخذ في الصلاة والخطبة وتكملة الوقوف ونظيره المعتمر يدخل الحرم ويأخذ في أسباب الطواف فإنه يترك التلبية وإذا فرغ من الصلاة عند الرواح لما في الموطأ أن عائشة رضي الله عنها كانت تفعل ذلك وبعد الوقوف بعرفة لتكمل الإجابة وبعد جمرة العقبة وقال ش و ح وجمهور العلماء لما في الصحيحين أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة وقد تقدم أن التلبية وعد وأن الأفضل استمرارها إلى آخر الطاعات وفرق ابن الجلاب بين من يأتي عرفة محرما فيقطع يوم عرفة وبين من يحرم بعرفة فيلبي حتى يرمي جمرة العقبة وفي الكتاب إذا قطع التلبية فلا بأس بالتكبير ويكره أن يكبر ولا يريد الحج ومن اعتمر من ميقاته قطع التلبية إذا دخل الحرم ولا يعاودها وكذلك من فاته الحج وقال ش لا يقطع حتى يفتتح الطواف لما في الترمذي أنه كان لا يقطع التلبية في العمرة حتى يستلم الحجر وفي البخاري أن ابن عمر كان يقطع التلبية إذا دخل الحرم وإن أحرم من الجعرانة أو التنعيم قطع إذا دخل بيوت مكة أو قرب المسجد لقرب المسافة قال سند وفرق في المختصر بين من أحرم من التنعيم فقطع عند رؤية البيت أو من الجعرانة إذا جاء مكة وهذا كله استحسان والواجب التلبية من حيث الجملة وفي الكتاب وإذا دخل المسجد الحرام مفردا بالحج أو قارنا فلا يلبي حتى يبتدئ الطواف بالبيت إلى الفراغ من السعي فإن أبى فواسع فإذا فرغ عاد إليها قال سند ولا فرق بين من أفسد حجه لجماع ومن لم يفسده وبين أهل مكة وغيرهم في قطع التلبية وروي عنه يقطعها إذا وصل أوائل الحرم ويعاودها بعد الطواف لأنه وصل إلى مقصوده وهو فعل ابن عمر وروي عنه إذا دخل مكة لأنه يأخذ في عمل الطواف من الاغتسال وغيره وهو وسيلة العذر المانع منها وقال ش وابن حنبل يلبي وهو يطوف لنا عمل المدينة أكثر السلف والقياس على طواف العمرة وروى أشهب يعاودها بعد الطواف قبل السعي لأن السعي لا تعلق له بالبيت وقال صاحب النكت قوله في الكتاب إذا توجه ناسيا للتلبية وتطاول ذلك أو نسيه حتى يفرغ من الحج عليه دم وإن رجع مع الطول ولا يسقطه الرجوع بخلاف من لبى أول إحرامه ثم يترك ناسيا أو عامدا لا دم عليه لأنه أتى بالتلبية أولا حين خوطب بها وليست محصورة بعد ذلك فاستحقت المقصد الثاني دخول مكة وفي الجواهر يغتسل بذي طوى ويدخلها من ثنية كداء بفتح الكاف والمد وهي الصغرى التي بأعلا مكة ويهبط منها على الأبطح والمقبرة فيها على يسارك وأنت نازل منها ويخرج من ثنية كدي بضم الكاف وفتح الدال وتشديد الياء على التصغير وهي الوسطى التي بأسفل مكة لما في الموطأ أنه كان يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى وروي الفتح في كاف الاثنين والسر في هذا الدخول أن نسبة باب البيت إليه كنبسة وجه الإنسان إليه وأماثل الناس إنما يقصدون من جهة وجوههم لا من ظهورهم ومن أتى من غير هذا الوجه لم يأت من قبالة الباب ثم يدخل المسجد الحرام من باب بنى شيبة لأنه قبالة البيت فيأتي الركن الأسود لأن جنبي الباب كيمين الإنسان ويساره فالذي يقابل يمين المستقبل للبيت يسار البيت ويمين البيت قبالة يسار المستقبل له وفي هذا الموضع الحجر فجعل البداية باليمين لفضله أو لفضيلة الحجر في نفسه فيبتدئ بطواف القدوم لأن القدوم على الأماثل يوجب التحية عليهم وبيت الله في أرضه كبيت الملك في دولته فشرع الله تعالى طواف القدوم إظهارا لاحترام العبد لبيت الرب وتميزا له عن غيره كما شرع الصلاة في دخول المساجد لذلك وكذلك شرع طواف الوداع لأن القادم ينبغي له السلام إذا فارق ولما كان السلام على الله تعالى محالا لكونه سالما لذاته فلا يدعى له بالسلامة جعلت الصلاة والطواف بدلا منه لتمييز جناب الربوبية عن غيرها وفي الكتاب يستحب دخولها نهارا لما في الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنه كان إذا دنا من مكة بات بذي طوى بين الثنيتين حتى يصبح ثم يصلي الصبح ثم يدخل من التثنية التي بأعلا مكة ولا يدخل إذا خرج حاجا أو معتمرا حتى يغتسل قبل أن يدخل إذا دنا مكة بذي طوى ويأمر من معه فيغتسلون قبل أن يدخلوا ولما فيه من التمكن من آداب الدخول وذو طوى ربض من أرباض مكة في طرفها فإذا دخل المسجد استلم الحجر الأسود بفيه إن قدر وإلا فليمسه بيده ويضعها علي فيه من غير تقبيل وإذا لم يصل كبر إذا حاذاه ولا يرفع يديه وإن شاء ترك جميع ذلك ولا يقبل بفيه الركن اليماني ولكن يلمسه بيده ويضعها على فيه من غير تقبيل وإن لم يستطيع كبر ومضى وكلما مر به في طواف واجب أو تطوع إن شاء استلم أو ترك ولا يدع التكبير كلما حاذاه في طواف واجب أو تطوع ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر ولا يقبلان ولا يكبر إذا حاذاهما وأنكر مالك قول الناس إذا حاذوا الركن الأسود إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووضع الخدين والجبهة على الحجر الأسود لأنه بدعة ويستلمه غير الطائف وبعد ركعتي الطواف قبل الخروج إلى الصفا والمروة إن شاء وليس عليه أن يرجع من السعي ليستلمه قبل الرواح لمنزله إلا أن يشاء قال سند قال مالك ويغتسل النساء والصبيان لدخول مكة بذي طوى قال ابن حبيب ويغسل جسده دون رأسه وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يغسل رأسه وهو محرم إلا لجنابة والمعروف من المذهب غسل الجسد والرأس مع الرفق في صب الماء قال مالك زلا تغتسل النفساء ولا الحائض وقال ش يغتسلان لقوله لعائشة رضي الله عنها لما حاضت افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولأن مقصوده التطيب قال محمد إن قدم بعد العصر أقام بذي طوى حتى يمسي ليصل بين طوافه وركوعه وسعيه فإن دخل فلا باس بتأخير الطواف حتى تغرب الشمس فيركع ويسعى إن كان بطهر واحد فإن انتقص وضؤه أعاد الطواف والسعي ويقدم المغرب على ركعتي الطواف فإن دخل قبل طلوع الشمس فالمذاهب أنه لا يطوف فإن طاف فلا يركع حتى تطلع الشمس وجوز مطرف الركوع فعلى قوله يدخل فيطوف واستحب مالك للمرأة إذا قدمت نهارا أن تؤخر الطواف إلى الليل قال مالك وما سمعت رفع اليدين عند رؤية البيت أو عند الركن واستحبه ابن حبيب لما روي عنه أنه كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حج البيت أو اعتمر تشريفا وتعظيما وقاله ش وابن حنبل قال مالك ولا يبدأ في المسجد بالركوع ولكن باستلام الركن والطواف لفعله ذلك وهو متفق عليه ولأن طواف القدوم واجب فيقدم على الركوع إلا أن يجد الإمام في فرض فيصلي معه ثم يطوف أو يخاف فوات المكتوبة وروي عن مالك و ش تقبيل يده كما يقبل الحجر وحجة المشهور أن التقبيل في الحجر تعبد وليست اليد بالحجر حجة ش أنه طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن ويقبل المحجن جوابه أنه كان يرى يلصق المحجن على فيه فاعتقد تقبيله والمحجن عود معقوف الرأس ويروى عنه أنه قال الحجر والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة فلولا أن الله تعالى طمس نورهما لاضاآ ما بين المشرق والمغرب وأن الحجر الأسود يجيء يوم القيامة له عينان ولسان يشهد لمن استلمه بحق وفي الترمذي أنه من الجنة وكان أشد بياضا ماللبن فسودته خطايا بنى آدم وروي أنه يمين الله في الأرض ومعناه أنه عهد الله الذي من التمسه كان له عند الله عهد ولما كانت العهود عند العرب بوضع اليمين في اليمين من المتعاهدين سمي العهد يمينا أو ضرب مثلا للقرب من الله تعالى كما جاء المصلي يسجد على قدم الرحمان فمن وصل إلى قدم الملك فقد قرب منه أو لأنه يمين البيت وهو بيت الله تعالى وقد أقيم الطواف به مقام السلام عليه فلما أقيم البيت مقام ربه أقيم نسبة يمينه إليه واختلف في الاستلام فقيل من السلام بكسر السين التي هي الحجارة ولما كان لمسا للحجر قيل له استلاما وقيل من السلام بفتح السين فإن ذلك الفعل سلام على الحجر وقيل أصله مهموز استلأم من الملائمة التي هي الموافقة كأنه موافق لتعظيم الحجر أو الشرع في تعظيمه المقصد الثالث الطواف وصفة الطوافات كلها واحدة وفيه فصلان الفصل الأول شرائطه وهي تسعة فالثلاثة الأولى في الجواهر طهارة الحدث وطهارة الخبث وستر العورة لقوله الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله تعالى أباح فيه الكلام ولما حاضت عائشة رضي الله عنها بكت فأمرها أن تردف الحج على العمرة ولولا ذلك لأباح لها الطواف وقاله ش وقال ح والمغيره لا يشترط الطهارة قياسا على الوقوف بل هي سنة إن طاف محدثا فعليه شاة أو جنبا فعليه بدنة وجوابه أن القياس في معرض النص فاسد ولأنها عبادة متعلقة بالبيت فأشبهت الصلاة بخلاف الوقوف وإذا قلنا باشتراط الطهارة في الصلاة على الإطلاق مع الذكر والنسيان فكذلك ها هنا وإن قلنا ليست شرطا مطلقا فكذلك في الطواف وإن قلنا مع الذكر فكذلك في الطواف وفي الكتاب من طاف الطواف الواجب وفي ثوبه أو جسده نجاسة لم يعد وإن صلى الركعتين بذلك أعادهما إن كان قريبا ولم ينتقض وضؤه فإن انتفض وضؤه أو طال فلا شيء عليه لخروج وقت الصلاة وقال أصبغ سلامه كخروج الوقت وفي الجواهر إن طاف غير متطهر أعاد فإن رجع إلى بلده قبل الإعادة رجع من بلده على إحرامه فطاف وقال المغيره يعيد ما دام بمكة فإن أصاب النساء وخرج إلى بلده أجزأه وقال أشهب بعد فراغه بالنجاسة أعاد الطواف والسعي فيما قرب إن كان واجبا وإن تباعد فلا شيء عليه ويهدي وليس بواجب الشرط الرابع المولاة لفعله الطواف كذلك وفي الكتاب إذا نسي المعتمر شوطا ابتدأ الطواف وركع وسعى وأمر الموسى على رأسه وقضى عمرة وأهدى ولو أردف الحج على عمرته بعد إكمال حجه ثم ذكر بعرفة شوطا من طوافه مضى علي قرانه قال سند هذا على المشهور في وجوب السبعة وبه قال الأئمة وقد كان ابن القاسم يغتفر الشوطين لأن الأقل تبع للأكثر وعلى المشهور لو ذكر شوطا بالقرب ولم ينتقض وضوؤه عاد إليه بالقرب اتفاقا كما يرجع إلى الصلاة وإن طال بطل الطواف عند مالك وش وابن حنبل قياسا على الصلاة ولا يبطل عند ح قياسا على الزكاة والمذهب بطلانه بنقض الوضوء وإن قرب كالصلاة وروي عن ابن القاسم لا يبطل قال مالك الشك في الإكمال كتيقن النقض ولو أخبره آخر بالإكمال أجزأ وفي الكتاب إن خرج في أثناء طوافه فصلى على جنازة أو طلب نفقة نسيها ابتدأ الطواف ولا يخرج من طوافه إلا لصلاة الفريضة لأن التفريق اليسير لا يبطل لا سيما لضرورة الصلاة قال سند وفي الموازية يبني قبل أن ينتقل والمستحب أن يخرج على كمال شوط عند الحجر فإن خرج من غيره قال ابن حبيب يدخل من موضع خرج فإن بقي من الطواف شوطان أتمهما إلى أن تعتدل الصفوف فإن صلى على جنازة قال ابن القاسم يبتدئ طوافه وقال أشهب مع الأكثرين يبني ولا يقطعه لركعتي الفجر إلا في التطوع وعلى قول أشهب يبني إذا خرج للنفقة إن لم يطل وهو أعذر من الجنازة الشرط الخامس الترتيب خلافا ل ح ووافقنا ش وفي الجواهر هو أن يجعل البيت على يساره ويبتدئ بالحجر الأسود ولو جعله على يمينه لم يصح ولزمته الإعادة لأن جنبي باب البيت نسبتهما إليه كنسبة يمين الإنسان ويساره إليه فالحجر موضع اليمين لأنه يقابل يسار الإنسان وباب البيت وجهه فلو جعل الحجر على يمينه لأعرض عن باب البيت الذي هو وجهه ولو جعله على يساره أقبل على الباب ولا يليق بالأدب الإعراض عن وجوه الأمائل وتعظيم بيت الله تعالى تعظيم له وقيل إن رجع إلى بلده لم تلزمه إعادة ولو بدأ بغير الحجر الأسود لم يعتد بذلك الشوط إلى أن ينتهي إلى الحجر فمنه يبتدئ الاحتساب قال سند البداية عند مالك بالحجر سنة فإذا بدأ بالركن اليماني فإذا فرغ من سعيه أتم ذلك وتمادى من اليماني إلى الأسود فإن لم يذكر حتى طال أو انتقض وضؤه أعاد الطواف والسعي فإن خرج من مكة أجزأه وأهدى لقوله تعالى ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) الحج 29 وهذا قد طاف فإن تركه عامدا ابتدأ وإن ابتدأ الطواف من بين الحجر والباب بالشيء اليسير أجزأه وإن بدأ بباب البيت إلى الركن لا يعتد به والبداية بالحجر شرط عند الشافعية وسنة عند مالك فلو ابتدأ بالركن اليماني فإذا فرغ سعيه تمادى من اليماني إلى الأسود فإن لم يذكر حتى طال أو انتقض وضؤه أعاد الطواف والسعي فإن خرج مكة أجزأه الهدي لقوله تعالى ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) الحج 29 الشرط السادس أن يخرج بجملة جسده عن البيت وفي الكتاب لا يعتد بما طاف داخل الحجر ويبني على ما طاف خارجا منه فإن لم يذكر حتى رجع إلى بلده فليرجع وهو كمن لم يطف لقوله تعالى ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) والحجر بقية البيت فلا يجزئ داخله ولا شاذروانه خلافا ل ح الشرط السابع أن يكون داخل المسجد ففي الكتاب من طاف من وراء زمزم وفي سقائف المسجد من زحام الناس أجزأه وإن طاف في السقائف لغير زحام لحر أو برد أعاد قال سند يستحب الدنو من البيت كالصف الأول وقال أشهب لا يجزئ من طاف خارج السقائف كالطائف خارج المسجد أو من وراء الحرم والفرق أن اتصال الزحام يصير الجميع متصلا بالبيت كاتصال الزحام بالطرقات يوم الجمعة ومع عدم الزحام الطائف خارج المسجد يعد طائفا بالمسجد لا بالبيت وخرج بعض المتأخرين المنع من وراء زمزم على منع أشهب في السقائف والفرق أن زمزم في بعض الجهات عارض في طريق الطائفين فلا يؤثر كالمقام لوجهين في المطاف قال ابن أبي زيد من طاف في سقائف المسجد لا يرجع لذلك من بلده وقال ابن شبلون يرجع كمن لم يطف وفي الجواهر إذا رجع إلى بلده هل يجزئه الهدي أو يرجع قولان للمتأخرين الشرط الثامن إكمال العدد وهو معلوم من ضرورة الدين وفي حديث ابن عمر أنه خب ثلاثة أطواف ومشى أربعا وفي الكتاب من نسي الشوط السابع ركع وسعى فإن كان قريبا طاف شوطا واحدا وركع وسعى وإن طال أو انتقض وضؤه ابتدأ الطواف وسعى فلو راح إلى بلده رجع وإن أصاب النساء فعل كما يفعل من طاف وسعى على غير وضوء قال سند إطلاق الأطواف مجمع عليه وجوز مالك الأشواط وكره ش الأشواط والأدوار وقد ورد في حديث الرمل الأشواط والجميع واجب عند مالك و ش وابن حنبل والصحيح من قول ابن القاسم لفعله وكان ابن القاسم يخفف في الشوطين ويجعل الأقل تبعا للأكثر ثم رجع وقال ح إن طاف أربعا لزمه الإتمام إن كان بمكة وإلا جبره بدم كإدراك السجود بالركوع الشرط التاسع اتصال ركعتين به فإن قلت الشرط يجب تقديمه على المشروط وهذا متأخر فكيف يجعل شرطا قلت المشروط صحة الطواف وهي متأخرة عن الركوع مع الإمكان والركوع يتأخر عن الفعل فقط وفي الجواهر قال عبد الوهاب هما سنة وقال أبو الوليد الأظهر وجوبهما في الطواف الواجب ويجبان بالدخول في التطوع وقال أبو الطاهر هما تابعان للطواف في الوجوب والندب قال سند ولا خلاف بين أرباب المذاهب أنهما ليستا ركنا والمذهب أنهما واجبتان يجبران بالدم وقاله ح وقال ش وابن حنبل لا دم فيهما لنا قوله
من ترك نسكا فعليه دم ولأنهما عبادة بعد الطواف فيجبان كالسعي فإذا ذكرهما في سعيه رجع فركع ليقع السعي بعدهما وهو سنة إن كان على وضوء وإلا توضأ وأعاد الطواف وإن قرب قاله مالك وقال ابن حبيب إن انتقض وضؤه ابتدأ الطواف إن كان واجبا وهو مخير في التطوع ونظيره على قول مالك سجود السهو قبل السلام إذا أخره بعد السلام ثم أحدث أعاد الصلاة على قول فإن ذكرهما بعد السعي قال مالك يركعهما ويعيد السعي قياسا على الشوط ينساه فإن لم يذكر حتى طال ذلك أياما ورجع إلى بلده قال ابن القاسم يركعهما مكانه في سائر الطوافات في الحج والعمرة ويهدي وطئ النساء أم لم يطأ فإن ذكر بمكة أو قريبا منها ولم يطأ فإن كانتا من طواف القدوم وليس بمراهق رجع فطاف وسعى وأهدى أو من طواف الإفاضة طاف ولا دم عليه لأن طواف القدوم متعين الوقت بخلاف الإفاضة فإن كانتا من طواف القدوم الذي أخره وهو مراهق أو أحرم من مكة أو كانتا من عمرة وسعى ولا دم عليه وإن وطئ وهما من أي طواف كان فتذكر بمكة أو قريبا منها طاف وسعى لما فيه سعي وأهدى واعتمر وإن رجع إلى بلده ركعهما مكانه وأهدى ويختلف في جعل النسيان عذرا كالمراهقة فيسقط الدم وإذا قلنا تختص الإفاضة بوقت معين وجب الدم وعلى رأي أشهب يجب الدم في العمرة للتفريق وقال مالك في الكتاب إن كانتا من عمرة ورجع لم يكن عليه شيء إلا أن يلبس الثياب ويتطيب فالدم ينوب عنهما وقال المغيرة يرجع لهما لأن فعلهما لا يفوت والأول أحسن لأنهما ليستا بركن ولا تختصان بمكان واجب ولهذا لوصلاهما بغير المقام أجزأه فلا يرجع لهما إلا مع القرب كطواف الوداع فإن جمع وهو بمكة استحب له العمرة بعد الإصلاح لأنه كان مأمورا بإعادة السعي والطواف لتحصيل الفضيلة واستحب مالك الفدية إن لبس أو تطيب تشبها بالمحرمين وفي الكتاب لا تجزئ المكتوبة عنهما لأن الأصل عدم التداخل ومن لم يركعهما حتى دخل في أسبوع آخر قطع وركع وإن لم يذكر حتى أتمه ركع لكل أسبوع ركعتين لأن السعي تفريق يسير لا يخل بهما ومن جاء في غير إبان الصلاة أخرهما إلى الحل أجزأتا إلا أن ينتقض وضؤه فيبتدئ الطواف إن كان واجبا ويركع إلا أن يتباعد فيركعهما ويهدي ولا يرجع قال سند ولو أخرهما أربعة أسابيع لركع وصح ولو أخر ذلك عامدا يخرج على اشتراط الموالاة والجواز لجواز الطواف بعد العصر وتأخير الركوع إلى الغروب وقد قلنا إذا نسي ركع في بلده ولو أن الطواف صحيح لوجب الرجوع وفي أبي داود قال
لا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة من ليل أو نهار فخص ذلك بعضهم بركعتي الطواف وبعضهم بالدعاء قال سند ويحتمل تخصيص ذلك بغير أوقات النهي وقد طاف عمر رضي الله عنه بعد الصبح ولم يركع حتى طلعت الشمس قال ابن القاسم وإذا أخرهما إلى الغروب قدم المغرب عليهما ولو ركع بعد العصر أعادهما استحبابا والقياس الإجزاء لأن الوقت يقبل الصحة بدليل فعل المفروضات والمشهور أنه لا يركع بعد الصبح حتى تطلع الشمس وقال مطرف يركع إن كان بغلس ويروى عن عمر رضي الله عنه فعله والمستحب فعلهما في المسجد أو بمكة فإن فعلهما في طريقه بوضؤ واحد فلا رجوع عليه وإن انتقض وضؤه أعاد الطواف والركوع وفي الكتاب ومن قدم مكة حاجا أو معتمرا فطاف وسعى ونسي الركوع حتى قضى الحج أو العمرة إن ذكر بمكة أو قريبا منها رجع فطاف وركع وسعى فإن كان معتمرا فلا شيء عليه إلا أن يكون قد لبس الثياب وتطيب وإن كان حاجا وكان الركوع من طواف القدوم الذي يصل به السعي فعليه الهدي أو من الإفاضة وكان قريبا رجع فطاف وركع وإن انتقض وضؤه فلا شيء عليه وإن كان من طواف السعي الذي يؤخره المراهق حتى يرجع من عرفة فذكر ذلك بمكة بعد حجه أو قريبا منها أعاد الطواف إن انتقض وضؤه وركع وسعى ولا شيء عليه لأنهما من طواف هو بعد وقوف عرفة وإن تباعد ركعهما مكانه وأهدى كانتا من عمرة أو حج قبل الوقوف أو بعده ولا بأس بالحديث اليسير في الطواف لقوله
الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله تعالى أباح فيها الكلام ولا ينشد الشعر لشدة منافاته ولا تستحب القراءة لأنها ليست من عمل السلف واستحبها ش لأن مجاهدا كان يقرأ عليه القرآن في الطواف ومنع ابن القاسم وش من البيع لشدة منافاته ولأنه داخل المسجد بل ينبغي للطائف الوقار والمبالغة في الأدب مع الله تعالى لأنه في عبادته وعند بيته وكانت الجاهلية ألصقوا المقام بالبيت خشية السيل وبقي ذلك إلى زمان عمر رضي الله عنه فرده إلى مكانه زمان إبراهيم عليه السلام بخيوط قاسها به كانت في خزائن الكعبة عملها الجاهلية وقت تقديمه وهو عليه الآن وهو الذي نصب معالم الحرم بعد تغييرها عن مواضعها قال سند قال مالك بكة موضع البيت ومكة اسم للقرية قال ابن حبيب ويستحب الإكثار من شرب ماء زمزم والوضؤ به ما أقام بها قال ابن عباس وليقل إذا شرب اللهم إني أسألك علما نافعا وشفاء من كل داء قال وهو لما شرب له وقد جعله الله تعالى لإسماعيل عليه السلام ولأمه هاجر طعاما وشرابا الفصل الثاني في سنته وهي أربعة السنة الأولى الرملان قال في الجواهر للرجال دون النساء في الأشواط الثلاثة الأول والمعية في الباقي وذلك في طواف القدوم وفي مشروعيته في الإفاضة للمراهق وفي القدوم في حق من أحرم من التنعيم وشبهه خلاف لما في أبي داود قال ابن عباس قدم النبي مكة فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب ولقوا منها شرا فأطلع الله تعالى نبيه على ذلك فأمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة لا كلها ابقاء عليهم فلما رأوهم قالوا هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى نهكتهم هؤلاء أجلد منا فكان السبب في الرملان في حقه وحق أصحابه رضي الله عنهم إظهار القوة للمشركين فهو ضرب من الجهاد وسببه في حقنا تذكر النعمة التي أنعم الله تعالى بها علينا من العزة بعد الذلة والكثرة بعد القلة والقوة بعد المسكنة وفي الكتاب إذا زوحم في الرمل ولم يجد مسلكا رمل طاقته ومن جهل أو نسي فترك الرمل في الطواف والسعي فهو خفيف قال سند يستحب الدنو من البيت لأن البيت هو المقصود فإن لم يجد فرجة يرمل فيها تأخر إلى حاشية الناس لأن الرملان أفضل من الدنو وروي عن مالك أن تارك الرملان عليه دم وقال ابن عبد الحكم يعيد طوافه ما لم يفت وقال أشهب يعيد طوافه ما كان بمكة فإن فات أهدى وقال عبد الملك لا يعيد وعليه دم لعموم قوله
من ترك نسكا فعليه دم والمشهور أنه هيئة للطواف فلا يجب بتركه شيء كالناسي في الأربعة الأخيرة وإذا قلنا بالإعادة ففعله في الأربعة الأخيرة لم يجزه كالقراءة في آخر ركعات الصلاة وفي الكتاب الرملان في القضاء كالأداء وهو آكد على من أحرم بحج أو عمرة من المواقيت ممن أحرم من الجعرانة أو التنعيم لأن الأصل رملان الطواف الذي يسعى عقيبه لأنه إنما أظهره فيه ولأن هاجر لما تركها إبراهيم عليه السلام هناك مع إسماعيل عطش فصعدت الصفا تنظر هل بالموضع ماء فلم تر شيئا فنزلت وسعت في بطن المسيل حتى علت المروة فجعل ذلك نسكا إظهارا لشرفها وتفخيما لأمرها قال سند ولا يختلف في طواف الوداع أنه لا رمل فيه ولا يرمل في طواف التطوع وفي الجواهر إذا طيف بالمريض الذي لا يقدر على الطواف بنفسه أو بالصبي فالمنصوص يرمل بالمريض وفي الصبي قولان أجراهما اللخمي في المريض وإذا طاف المحرم بالصبي ولو كان الطائف لم يطف عن نفسه لم ينتقل إليه ولا يكفيهما طواف واحد بخلاف ما إذا حمل صبيين فطاف بهما طوافا واحدا كفاهما كراكبين على دابة السنة الثانية أن يطوف ماشيا لا راكبا وفي الكتاب من طاف محمولا من عذر أجزأه وإلا أعاد أن يرجع إلى بلده فعليه دم وإن طاف راكبا أعاد إن لم يفت وإن تطاول فعليه دم وفي الجواهر المشي من سننه الأربع قال سند الطواف عبادة بدنية تتعين مباشرتها والراكب أقرب من المحمول لأن حركة دابته منسوبة إليه فإن حمله من لا يطوف لنفسه جاز للعذر فإن كان يطوف لنفسه وطاف طوافا واحدا عنه وعن المحمول فأربعة أقوال يجزئ عنهما قاله ابن القاسم لا يجزئ عنهما حكاه ابن شعبان وعن الحامل فقط وعن المحمول فقط وإذا قلنا يجزئ عنهما فكذلك إذا ذهب العذر وإذا قلنا لا يجزئ عنهما فأولى إذا ذهب العذر وإذا قلنا عن المحمول وحده وجب على الحامل الإعادة وتستحب للمحمول وإذا قلنا يجزئ عن الحامل فقط أعاد المحمول فقط فإن كان الحامل لا يريد الطواف أمر المحمول بالإعادة ليأتي بسننه فإن رجع إلى بلده صح لأنه لو كان شرطا لما صح مع فقده كالطهارة مع الصلاة بل هو كسجود السهو مع الصلاة قالت أم سلمة قلت له إني أشتكي فقال
طوفي من وراء الناس وأنت راكبة وطاف راكبا لكن لعذر رؤية الناس له ليستفتوه فإن رجع إلى بلده فعليه دم جبرا للتحلل وقاله ح وقال ش لا دم عليه ويجوز الركوب لمن لا يطيق المشي ولمالك في الكلفة وحدها قولان والمشهور المنع وفي الجواهر إن طاف محمولا أو راكبا من غير عذر قال عبد الوهاب يكره له ذلك السنة الثالثة الدعاء وفي الجواهر ليس بمحدود وقال ابن حبيب يقول عند ابتداء الطواف واستلام الحجر بسم الله والله أكبر إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد وفي أبي داود كان يقول ما بين الركنين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واستحب ش اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا قال سند ويستحب له إذا فرغ من طوافه ودعائه أن يقف بالملتزم للدعاء قال مالك وذلك واسع والملتزم ما بين الركن والباب وقال مطرف ونعني بالملتزم أنه يعتني ويلح بالدعاء عنده قال مالك ويقال له المتعوذ أيضا ولا بأس أن يعتنق ويتعوذ به ولا يتعلق بأستار الكعبة ولا يحول ظهره للبيت إذا دعا ويستقبله وكان ابن عباس رضي الله عنهما يدنو منه ولا يلتصق وفي أبي داود لما خرج من الكعبة استلم هو وأصحابه البيت من الرب إلى الحطيم ووضعوا خدودهم على البيت وهو في وسطهم والحطيم ما بين الباب والركن كان من ظلم دعا فيه على الظالم فيتحطم وفي أبي داود كان ابن عمر رضي الله عنهما يضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويبسطهما ثم يقول هكذا رأيته يفعل قال الزهري ويخرج وبصره يتبع البيت حتى يكون آخر عهده به وفي الكتاب يكره دخول البيت بالنعلين والخفين قال ابن القاسم ولا أرى بذلك في الحجر بأسا ولم يكره مالك الطواف بالنعلين والخفين قال سند يستحب دخول البيت لفعله ذلك وكان عمر بن عبد العزيز يقول إذا دخله اللهم إنك وعدت الأمان داخل بيتك وأنت خير منزول به في بيته اللهم اجعل أماني ما تأمنني به أن تكفيني مؤنة الدنيا وكل هول دون الجنة حتى تبلغنيها برحمتك وأما الحجر فكره أشهب ذلك فيه لأنه من البيت الذي بناه إبراهيم عليه السلام وكان بابه بالأرض يدخله السيل فهدمته العرب ورفعت بابه وضمته من ناحية الحجر ستة أذرع قال مالك وبناء الكعبة هذا بناء ابن الزبير إلا الحائط الذي في الحجر فإن ابن الزبير كان أخرجه إلى الحجر فهدمه الحجاج ورده إلى بناء العرب وردم البيت حتى علا السنة الرابعة استلام الحجر وقد تقدمت فروعها في دخول مكة فصل قال ابن القاسم في الكتاب الطواف للغرباء أولى من الصلاة لأنهم يجدون الصلاة ببلدهم وقال
ينزل على البيت مائة وعشرون رحمة ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين وجواب هذا الحديث إذا قيل إن الصلاة أفضل أن الطواف يشتمل على صلاة ركعتين فيكون الطواف مع الصلاة أفضل من الصلاة وحدها فلا منافاة قال مالك في الموازية الطواف للغرباء أفضل والصلاة لأهل مكة أفضل والنفل أفضل من الجوار وكان عمر رضي الله عنه يأمر الناس بالقفول بعد الحج لأنه أبقى لهيبة البيت في النفوس وفي الجلاب لا بأس أن يطوف المحرم من مكة قبل خروجه إلى منى تطوعا ولا بأس بالطواف بعد العصر أو الصبح ويؤخر الركوع حتى تطلع الشمس أو تغرب ولا بأس أن يركع بعد الغروب قبل صلاة المغرب أو بعدها قبل التنفل وتقديم المغرب على ركوع الطواف أولى ولا يطوف بعد العصر أو الصبح إلا أسبوعا واحدا ويكره جمع أسابيع وتأخير ركوعها حتى تركع جملة وليركع عقب كل أسبوع ركعتيه ومن أحدث في طوافه قاصدا أو غير قاصد انتقض طوافه وتطهر وابتدأه فإن أحدث بعده وقبل الركوع توضأ وسعى وإن أحدث في أثناء سعيه توظأ وبنى على سعيه وإن مضى محدثا أجزأه قال اللخمي ويركع الطائف لطواف التطوع كالفرض فإن لم يركع حتى طال أو انتفض وضوءه استأنفه فإن شرع في أسبوع آخر قطعه وركع فإن أتمه أتى لكل أسبوع بركعتيه وأجزأه لأنه أمر اختلف فيه ومقتضى المذهب أن أربعة أسابيع طول تمنع الإصلاح وتوجب عليه الاستئناف فيما تقدم وهذا الكلام من اللخمي وإطلاقه الإجزاء ووجوب الاستئناف يشعر بأن الشروع في طواف التطوع يوجب الاتمام كالصلاة والصوم وهو الظاهر من المذهب وكلام شيوخ المذهب وعلى هذا تكون المسائل التي يجب التطوع فيها بالشروع سبعة الحج والعمرة والصلاة والصوم والاعتكاف والأتمام والطواف ولا يوجد لهذه السبعة ثمان وقول المالكية التطوع يجب تكميله محمول على هذه وقد نصوا على أن الشروع في تجديد الوضوء وغيره من قرأة القرآن وبناء المساجد والصدفات وغيرها من القربات لا يجب إتمامها بالشروع فيها فليعلم ذلك المقصد الرابع السعي واصل وجوبه وركنيته حديث جابر المتقدم في الموطأ عن عروة عن أبيه قال قلت لعائشة رضي الله عنها أرأيت قول الله تعالى ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) البقرة 158 وما على الرجل أن لا يطوف بهما قالت عائشة رضي الله عنها كلا لو كان كما تقول لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما إنما نزلت في الأنصار وكانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله عن ذلك فأنزلها الله تشير رضي الله عنها إلى قاعدة أصولية وهي أن نفي الحرج إثبات للجواز وثبوت الجواز لا ينافي الوجوب بل الجواز مع لوازم الوجوب فلو نفي الحرج عن الترك ابطل الوجوب وهي جديرة بذلك رضي الله عنها لقوله
خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء وفي السعي فصلان الفصل الأول في الشروط وهي أربعة الشرط الأول الترتيب وفي الكتاب إذا فرغ من طوافه خرج إلى الصفا ولم يحد مالك في أي باب يخرج ويستحب أن يصعد منه ومن المروة إعلاهما حيث يرى الكعبة منه ولا يعجبني أن يدعو قاعدا عليهما إلا من علة ويقف النساء أسفلهما وليس عليهن الصعود إلا أن يخلوا فيصعدن وذلك أفضل لهن ولم يحد مالك في الدعاء احدا ولا لطول القيام وقتا ويستحب المكث عليهما في الدعاء وترك رفع الأيدي أحب إلى مالك في كل شيء إلا في ابتداء الصلاة فإن بدأ بالمروة زاد شرطا ليصير بادئا بالصفا قال سند الناس يستحبون الخروج من باب الصفا لكونه أقرب ويجزئ الساعي دون الصعود خلافا لبعض الشافعية لما روي أن عثمان رضي الله عنه كان لا يصعد الصفا ولم ينكر عليه أحد ولا يجب الصاق الكعبين به على المذهب بل يبلغه من غير تحديد وقال ش يجب وهو كقوله في الطواف يبدأ بالحجر قال ابن حبيب يقول إذا صعد الصفا ورأى البيت رافعا يديه الله أكبر الله أكبر الله أكبر والحمد لله كثيرا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ثم يدعو بما استطاع ثم يكبر ثلاثا ويهلل مرة ثم يدعو ثم يعيد التكبير والتهليل ثم يدعو يفعل ذلك سبع مرات ويصلي على النبي وهو مروي عن عمر وغيره والترتيب شرط عند مالك و ش خلافا ل ح لنا حديث جابر فإن خرج إلى بلده يختلف في رجوعه كمن ترك شرطا من الطواف الشرط الثاني الموالاة في الكتاب إذا جلس في سعيه شيئا خفيفا أجزأه وإن كان كالتارك ابتدأه ولا يبني ولا يصلي على جنازة ولا يبيع ولا يشتري ولا يقف مع أحد يحدثه فإن فعل وكان خفيفا لم يضر وإن أصابه حقن توضأ وبنى الكلام هنا وكالكلام في الطواف وهو في السعي أخف ولذلك جوز له الصلاة على الجنازة بخلاف الطواف الشرط الثالث إكمال العدد وفي الكتاب من ترك شرطا من حج أو عمرة صحيحة أو فاسدة فليرجع لذلك من بلده سؤال الصفا أفضل أو المروة جوابه المروة لأن الساعي يزورها من الصفا أربعا ويزور الصفا من المروة ثلاثا ومن كانت العبادة فيه أكثر كان أفضل الشرط الرابع أن يتقدمه طواف صحيح وفي الجواهر يشترط فيه تقدم طواف صحيح وليسع عقب طواف القدوم فإن كان مراهقا فعقيب طواف الإفاضة ولو أخره غير المراهق عقيب الإفاضة لزمه الدم عند ابن القاسم خلافا لأشهب ولو أخره عقيب طواف الوداع أجزأه عند مالك خلافا لابن عبد الحكم وفي الكتاب قال ابن القاسم إذا قدم مكة فطاف ولم ينو به حجا ثم سعى لا أحب له سعيه إلا بعد طواف ينوي به الفرض فإن رجع إلى بلده أو جامع رأيته مجزيئا عنه وعليه دم وأمر الدم خفيف قال سند وقد نقله البرذاعي على خلاف هذا فقال إذا طاف ولم ينو فرضا ولا تطوعا ثم سعى لم يجزئه وليس كذلك لأنه لو لم يجزئه لوجب الرجوع إليه من بلده فإن كان هذا غافلا عن الواجب أجزأه كالغفلة عن أركان الصلاة فإن كان ذاكرا للواجب وقصد التطوع فيحتمل الإجزاء اعتماد على نية الإحرام وأن الرفض يؤثر فيها وهو الأظهر ويحتمل عدم الإجزاء لوجود المعارض الفصل الثاني في سننه وهي خمس السنة الأولى قال سند اتصاله بالطواف إلا اليسير وله أن يطوف بعد الصبح ويسعى بعد الشمس وكذلك بعد العصر قال مالك أن طاف ليلا وأخره حتى أصبح أجزأه إن كان بوضوء وإلا أعاد الطواف والسعي والحلاق فإن خرج من مكة أهدى وأجزأه تأكيدا للتفريق بالحدث السنة الثانية الطهارة قال ابن القاسم في الكتاب إن سعى جنبا أجزأه قال سند يستحب الوضؤ أو الطهارة لاتصاله بالطواف كخطبة العيد قال مالك في الكتاب والأصل قوله في الصحيحين لعائشة رضي الله عنها لما حاضت
أقض ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت فخص الطهارة بالطواف السنة الثالثة المشي لأنه قربة كما تقدم في الطواف وفي الكتاب لا يسعى راكبا إلا من عذر وقد سعى راكبا للعذر بالاستفتاء سؤال كيف يصح عنه أنه ركب في السعي وأنه رمل جوابه رمل بزيادة تحريك دابته ويجوز أن يكون راكب في حجه ومشي في عمرته أو بالعكس والكلام في المشي ها هنا كالكلام في المشي في الطواف السنة الرابعة قال سند أن يتقدمه طواف واجب السنة الخامسة الرملان وفي الكتاب إن رمل في جميع سعيه أساء وأجزأه وإن لم يرمل في بطن المسيل فلا شيء عليه قال سند في نسيه من جميع سعيه كمن نسيه في جمع طوافه وقال مالك أيضا أن أهدى لترك الرملان فحسن وقال أيضا يعيد إلا أن يفوت وقال أشهب يعيد ما كان في مكة فإن فات أهدى وقال عبد الملك لا يعيد وعليه دم المقصد الخامس الوقوف بعرفة قال سند خطب الحج ثلاثة الأولى إذا كان سابع ذي الحجة صلى الإمام الظهر وخطب في المسجد الحرام وقال ابن المواز قبل الزوال وعلى الأول الجمهور لأنه في حديث جابر ويأمرهم بالغدو يوم الثامن إلى منى وهو يوم التروية سمي بذلك لأنهم يعدون الماء له وأن قريشا كانت تحمل الماء من مكة إلى منى لحاج العرب ويعلمهم مناسكهم وخروجهم إلى منى ليصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ثم يغدون إذا بزغت الشمس إلى عرفة قال ابن المواز ولا يجلس في وسط هذه الخطبة قال مطرف يجلس ويفتتحها بالتكبير كخطبة العيد ويكبر في خلالها وكذلك خطب الحج كلها وهو موافق للمدونه والثانية بعرفة يوم عرفة فيعلم الناس مناسكهم من صلاتهم بعرفة ووقوفهم بها ودفعهم ونزولهم بمزدلفة وصلاتهم بها ووقوفهم بالمشعر الحرام والدفع منه ورمي الجمرة والحلاق والنحر والإفاضة والثالثة بعد يوم النحر بيوم في أول أيام الرمي يخطب في جميعها قائما يظهر للناس نفسه على منبر أو غيره واختلف في خطبته ففي أبي داود أنه خطب على بعير أحمر وحديث جابر المتقدم يشعر أنه خطب على القصوى وفي أبي داود أنه خطب على منبر أيضا فروع خمسة الأول في الكتاب من أحرم بالحج من مكة وأخر الخروج يوم التروية والليلة المقبلة ولم يبت بمنى وغدا من مكة إلى عرفات فقد أساء ولا شيء عليه قال ابن القاسم كره ترك المبيت بمنى كما كره تركه بها بعد عرفات وقال على من ترك ليلة كاملة أو جلها دم ولم ير فيه قبل عرفة دما ويكره التقدم على منى قبل التروية أو إلى عرفة ولا يتقدم الناس بأقبيتهم إليها بل يقتدي به وكره البنيان الذي أتخذه الناس بمنى وبنيان مسجد عرفة لأنه محدث بعد بني هاشم بعشرين سنة قال سند المبيت قبل عرفة بمنى للاستراحة لا لإقامة نسك بها وبعدها لإقامة النسك فيكون نسكا فيتعلق بترك الدم وإذا حضرت الجمعة يوم التروية وجبت على المقيمين والأفضل للمسافر