كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي
شهودها عند أصبغ وتركها لإدراك الظهر والعصر بمنى عند محمد قال ابن عبد الحكم ولو أنه صلى الظهر في الطريق ولم يكره أشهب تقدم الأثقال قبل التروية لتعلق المناسك بالأبدان دون الأثقال وكراهة البناء بمنى لأنها حرام لا ملك فيها فلا تحجر لما في الترمذي قلنا يا رسول الله ألا نبني لك بيتا يظلك بمنى لا منى مناخ من سبق وقال مالك يقدم الإمام والناس يوم عرفة قبل الشمس ومن دابته ضعيفة قبل ذلك قال مالك ويستحب الذهاب راكبا لفعله الثاني في الكتاب موضع الخطبة به اليوم حيث كان قديما ويخطب متكئا على شيء ويصلي بالناس ثمت ويؤذن المؤذن إن شاء والإمام يخطب أو بعد فراغه قال سند يستحب للإمام وغيره النزول بنمرة وهو موضع بعرفة فيضرب الإمام خباء أو قبة بها كفعله فإذا زالت الشمس اغتسل الناس للوقوف وذهبوا للمسجد ذاكرين الله تعالى وهذا المسجد اليوم هو موضع خطابته والمذهب أنه لا يخطب قبل الزوال وجوزه ابن حبيب قبله بيسير إلا أنها ليست للصلاة حتى يقف على وقتها وإنما هي للتعليم والأول أظهر تأسيا به وتأخير الأذان بعد الخطبة أحسن لحديث جابر والنفي التخليط وقال الشافعية إذا قام الإمام من الجلسة يستحب تطويل الدعاء
لقوله أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وفي مسلم
قال ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء وفي الجلاب يجمع بين الظهر والعصر بأذانين وإقامتين وقيل بإقاتين بلا أذان قال سند قال مالك من فاته الإمام جمع في رحله وقال أيضا له الجمع في رحلة وربما صلى مع الإمام وقال ابن حبيب و ش و ح لا يترك الجمع مع الإمام البتة للسنة تنبيه جمع الرشيد مالكا وأبا يوسف رضي الله عنهما فسأل أبو يوسف مالكا عن إقامة الجمعة بعرفة فقال مالك لا يجوز لأنه وافق الجمعة بعرفة في حجة الوداع ولم يصلها فقال أبو يوسف قد صلاها لأنه خطب خطبتين وصلى بعدهما ركعتين وهذا هو الجمعة فقال مالك أجهر فيهما بالقراءة كما يجهر بالجمعة فسكت أبو يوسف وسلم لمالك الثالث في الكتاب إذا فرغ الإمام من الصلاة دفع إلى عرفات والناس بعده والنزول بعرفات ومنى والمشعر الحرام حيث شئت لما في حديث جابر
3 قال
نحرت ها هنا ومنى كلها منحر ووقفت ها هنا وعرفة كلها موقف وقاله الجميع وقال سند قال ابن حبيب إذا تمت الصلاة بعرفة فخذ في التهليل والتحميد والتكبير ثم أستند إلى القصبات بسفح الجبل وحيث يقف الإمام أفضل لحديث جابر قال مالك لا أحب الوقوف على جبال عرفة ولكن مع الناس وليس في موضع من ذلك فضل إذا وقف مع الناس واتفق الجميع على أن وادي عرفة ليس من غرفة ولا يجزئ الوقوف به واختلفوا في مسجد عرفة قال مالك لم يصب من وقف به قيل فإن فعل قال لا أدري وقال أصبغ لا يجزئ واختار محمد الإجزاء لما في أبي داود أنه عليه السلام صلى الظهر والعصر بأذان واحد بعرفة والظاهر أن موضع الصلاة موضع الخطبة وهو خطب مكان المسجد اليوم والركوب أفضل عند مالك وابن حنبل خلافا ل ش للسنة لما فيه من الاستعانة على الدعاء ولذلك يستحب ترك الصوم فمن وقف قائما فلا يجلس إلا إذا أعيى الرابع في الكتاب من وقف به مغمى عليه حتى دفع أجزأه ولا دم عليه خلافا ل ش لأن الإغماء إذا طرأ على الإحرام لا يفسده إجماعا وقد دخلت نية الوقوف في نية الإحرام ولذلك يجزئ النائم وفي أبي داود قال عروة بن مضرس الطائي أتيت النبي بالموقف يعني بجمع فقلت يا رسول الله أهلكت مطيتي واتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى قبل ذلك عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه وفي الجواهر روي عن مالك أن من أغمي عليه قبل الزوال لم يجزئه أو بعده قبل أن يقف أجزأه وإن أتصل به الإغماء حتى دفع وليس عليه أن يقف ثانية أن أفاق بقية الليل كالذي يغمى عليه في رمضان قبل الفجر أو بعده وروي عنه إن وقف مفيقا ثم أغمي عليه أجزأه فإن وقف مغمى عليه فلم يقف حتى طلع الفجر لم يجزئه لأن الإغماء ينافي التقرب والنية الفعلية فأولى الحكمية التي هي أضعف منها والفرق بين الحج والصوم أن الصوم ترك والترك لا يتوقف الخروج عن عهدتها على الشعور بها ولا القصد إليها بدليل الخروج عن عهدة كل قتل في العالم وشرب الخمر وأن لم تشعر بذلك النفوس ولا بذلك الخمور إنما يكون الصوم فعلا عند ابتداء الدخول فيه لا جرام إذا أغمى عليه حينئذ بطل والحج فعل حقيق فيتعين فيه الشعور والقصد ولاحظ مالك في المشهور قوة انعقاد الإحرام مع أعظم مفسداته كالجماع وغيره وأشار إلى الزوال لأنه ابتدأ الدخول في هذا الركن كأنه وقت النية الفعلية وهو كالفجر مع الصوم الخامس قال ابن القاسم في الكتاب من تعمد ترك الوقوف حتى دفع الإمام أجزأه أن يقف ليلا وأساء ويهدي ومن مر بعرفة مارا بعد دفع الإمام أجزأه إن كان قبل الفجر والأفضل في الوقف الطهارة وروى الأبهري بإسناده قال
من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وهو نص في اشتراط الليل قال سند إذا غم على الناس ليلة تسع وعشرين من ذي القعدة فأكملوا ووقفوا التاسع فثبت أنه العاشر قال مالك وابن القاسم و ش و ح يجزئهم لقوله
حجكم يوم تحجون أي يوم يحجون فيه اجتهادا ولعظم مشقة الحج وقال ابن القصار لا يجزئهم كما لو أخطوا المكان وقال الشافعية لو ثبت أنه العاشر قبل وقوفهم ووقفوا أجزأهم وهو باطل لتيقن الخطأ حالة المباشرة وإنما الرخصة إذا وقفوا معتقدين ولذلك صحة الصلاة مع اعتقاد جهة الكعبة وبطلت مع اعتقاد خطئها وفي تهذيب الطالب قال ابن القاسم إذا ثبت أن وقوفهم يوم النحر مضواو على عملهم تبين ذلك في يومهم أو بعده ويتأخر النحر وعمل الحج كله من لم يحط وقال ح أن تبين أنه يوم التروية أجزأه لأنه بعث أبا بكر سنة ثمان أميرا على الحج وألحقه علي بن أبي طالب رضي الله عنهما بسورة براءة يقرؤها على المشركين بعرفة موضع اجتماعهم ويأمرهم أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان وكان حج الجميع في ذي القعدة لأن الجاهلية كانت تحج في كل شهر سنتين فصادف تلك السنة ذا القعدة وتأخر حتى أتى سنة تسع فحج في ذي الحجة فإذا صح الحج قبل عرفة بشهر فأولى بيوم وفي الجواهر لوقفوا الثامن لم يجزئهم ووجب القضاء وحكي الأجازاء عن ابن القاسم وسحنون والقاضي أبي بكر قال سند من ردت شهادته في الهلال يلزمه الوقوف كالصوم وقاله الجمهور وقال محمد بن الحسن لا يجزئه حتى يقف مع الناس يوم العاشر وقد سلم الصوم فيكون حجة عليه وأول الوقوف عند الجمهور زوال الشمس وعند ابن حنبل من طلوع الفجر لحديث عروة السابق وقياسا لجميع النهار على جميع الليل وجوابه أنه فعله واتفاق أهل الأعصار على ذلك وآخر الوقت طلوع الفجر يوم العاشر ولا يجب استيعاب الوقت إجماعا وقد دفع أول الليل وأجمعت الأمة على إجزاء جزء من الليل فأن وقف نهارا دون الليل يجزئه عند مالك ويجزئه عند ح و ش وعليه دم لحديث عروة السابق وقياسا للنهار على الليل بل النهار أفضل لأنه يقال يوم عرفة ولذلك قال أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة فالمشهور اليوم دون الليل ولأنه وقف نهارا وانصرف عند إقبال الليل لنا حديث جابر أنه لم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة وحديث الأبهري المتقدم ونقول الليل أولى لكونه مجمعا عليه وإن من فاته الليل بطل حجه وعليه دم وعندهم وما رووه لا حجة فيه لأن أبا داود أشار إلى أن ليلا أو نهارا من قول الراوي فلو دفع قبل الغروب ورجع قبل الفجر قال ابن القاسم في الكتاب يجزئه ويستحب الهدي وأوجبه ابن حنبل لأنه وجب بالدفع فلا يسقط بالعود كمجاوزة المقياة وجوابه أنه كمن رجع للميقاة قبل الإحرام ولو دفع حين الغروب أجزأه عند ابن القاسم فلو دفع قبل الغروب ولم يخرج من عرفة حتى غربت الشمس قال مالك أجزأه وعليه دم لعزمه على ترك الليل ومن أتى قبل الفجر وعليه صلاة إن اشتغل بها طلع الفجر قال أبو محمد إن كان قريبا من جبال عرفة وقف وصلى وإلا ابتدأ بالصلاة وإن فاته الحج وقال ابن عبد الحكم إن كان مكيا بدأ بالصلاة أو آفاقيا بدأ بالحج واختار اللخمي تقديم الحج مطلقا عند خوف الفوات قاعدة المضيق في الشرع مقدم على ما وسع في تأخيره وما وسع فيه في زمان محصور كالصلاة مقدم على ما غياه بالعمر كالكفارات وما رتب على تاركيه القتل مقدم على ما ليس كذلك فتقدم الصلاة على الحج إجماعا غير أن فضل الصلاة قد عورض ها هنا بالدخول في الحج وما في فواته من المشاق فأمكن أن يلاحظ ذلك وفي الجواهر من أدرك الإحرام ليلة العيد صح لبقاء الوقت لأن الحج عرفة ووقته باق قال سند إن مر بعرفة وعرفها أجزأه وأن لم يعرفها فقال محمد لا يجزئه والأشهر الإجزاء لأن تخصيص أركان الحج بالنية ليس شرطا المقصد السادس الدفع إلى المزدلفة وفي الكتاب أكره لمن انصرف من عرفة المرور في غير طريق المأزمين والسنة الدفع مع الإمام وقبله يجزئ ومن لم يكن له عذر ولا بدابته علة فلا يصلي المغرب والعشاء إلا بمزدلفة فإن صلى قبلها أعاد أذا أتاها لقوله الصلاة أمامك ومن لم يستطع المضي مع الناس جمع بين الصلاتين عند مغيب الشفق حيث كان وأجزأه قال سند إذا غربت الشمس دفع الإمام بالسكينة والوقار فإذا وجد فجوة أسرع لما في الصحاح كان حين دفع يسير العنق فإذا وجد فرجة نص والعنق السير الرفيق والنص رفع السير من قولك نصصت الحديث إذا رفعته إلى قائله ونصصت العروس إذا رفعتها فوق المنصة والفجوة الفرجة بين المكانين ففعل ذلك الراكب والماشي ويكثر من ذكر الله تعالى وتحميده وتمجيده وتهليله في السير لمزدلفة ومقامة بمنى لقوله تعالى ( فماذكروا الله عند المشعر الحرام ) البقرة 198 وقوله ( فذكروا الله كذكركم أباءكم أو أشد ذكرا ) البقرة 200 ( واذكروا الله في أيام معدودات ) البقرة 203 وهي أيام منى والمأزمان جبلان يمر الناس بينهما ومنهما عبر فائدة من التنبيهات المأزمان تنبيه مأزم والمأزم والمأزن المضيق وهما مضيق جبلين بمنى وهو مهموز مكسور الزاي مفتوح الميم قال سند قال مالك من دفع لا ينزل ببعض تلك المياه لعشاء أو استراحة ويجمع بين العشائين بمزدلفة قال ابن حبيب من شاء في رحله أو مع الإمام وهو أفضل والكلام فيه كالجمع بعرفة وكذلك تكرر الأذان قال مالك يجمع إذا وصل قبل حط الرواحل وقال أشهب يحط رحله أولا ويقدم العشاء ومن صلى المغرب عند الغروب والعشاء عند مغيب الشفق وهو يسير مع الناس قال ابن القاسم يعيد بمزدلفة استحسانا وقال أشهب و ش وابن حنبل أساء ولا يعيد وقال ابن حبيب هو كمن صلى قبل الوقوف فعلى هذا يعيد أبدا وهو قول ح نظرا لاتباعه فلو وقف بعد دفع الناس وهو يطمع بلحوق الإمام إذا أسرع أخر الصلاة ليصليها مع الإمام وإلا لم يجمع قال محمد وقال ابن قاسم إن طمع في وصول مزدلفة ثلث الليل أخر الصلاة وإلا صلى كل صلاة في وقتها قال ابن القاسم في الكتاب إذا أدرك الإمام المزدلفة قبل الشفق فلا يجمع حتى يغيب الشفق مع أنه يعيد أما التأخير فلأن العشاء لا تقدم على وقتها والسنة إنما وردت بالجمع بينهما وقت الآخرة وأما الاستيعاد فليعد ما بين عرفة ومزدلفة ولا يكبر عقيب المغرب والعشاء والصبح بالمشعر الحرام لأن افتتاح التكبير عند مالك من الظهر وعند ح من صبح يوم عرفة وش ثلاثة أقوال الظهر يوم النحر والصبح يوم عرفة وصلاة المغرب ليلة النحر وقد تقدم توجيه ذلك في صلاة العيد قال مالك في الكتاب ومن بات بالمشعر الحرام فلا يتخلف عن الإمام لأن الإمام يقيم بها حتى يصبح فإن أدركه قبل الصبح أو بعده وقف معه قال اللخمي قال ابن القاسم و ح لا دم عليه لترك المبيت وقال أشهب عليه قياسا على من دفع مع الإمام وترك المبيت وفي الكتاب الوقوف بالمشعر بعد صلاة الصبح فمن وقف بعد الفجر وقبل الصلاة فهو كمن لم يقف لسقوط الوجوب بالفجر كفوات الوقوف مع الإمام بعرفة ولأنه في حديث جابر المتقدم والمشعر الحرام جبل المزدلفة يقال له قزح ومن أتى به المزدلفة مغمى عليه أجزأه ومن مر بها ولم ينزل فعليه دم وإن نزل ودفع آخر الليل أو وسطه أو أوله ولم يدفع مع الإمام وأجزأه ويستحب الدفع مع الإمام ولا يتعجل قبله وواسع للنساء والصبيان التقديم والتأخير ولا يقف أحد بالمشعر الحرام إلى الإسفار بل يدفعوا قبل ذلك وإذا أسفر ولم يدفع الإمام دفع الناس وتركوه ومن لم يدفع حتى طلعت الشمس أساء ولا شيء عليه قال سند الوقوف بالمشعر الحرام مستحب لقوله تعالى ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) البقرة 198 ومزدلفة كلها موقف ومن فاته الوقوف به فلا دم عليه عند مالك و ح و ش لأنه إنما أحل بدعاء في تربص ووافق أشهب ابن القاسم ها هنا في المغمي عليه يمر به بمزدلفة وخالفه في عرفة لأنها ركن وأما النزول بالمزدلفة فالمشهور وجوبه ومن تركه من غير عذر فعليه دم وقاله الأئمة خلافا لعبد الملك والفرق بينه وبين المبيت أن المبيت للاستراحة غير نسك والنزول الواجب يحصل بحط الرحل والتمكن من المبيت ولا يشترط استغراق النصف الأول من الليل خلافا ل ش لما في مسلم أن سودة استأذنته ليلة المزدلفة أن تدفع قبل حط الناس فأذن لها ولم يبين لها وقتا مخصوصا وقال ح يقف بالمشعر حتى يسفر لأنه في حديث جابر لنا ما في البخاري كان أهل الجاهلية لا يفيضون حتى يروا الشمس على ثبير فخالفهم النبي فدفع قبل طلوع الشمس وكانوا يقولون أشرق ثبير كيما نغير قال ابن حبيب ويفعل في الدفع مع المشعر من السكينة والوقار مثل الدفع من عرفة ويهرول في بطن محسر قدر رمية الحجر لأنه في حديث جابر المقصد السابع جمرة العقبة وفي الكتاب يرمي جمرة العقبة يوم النحر صبحا سبع حصيات راكبا وفي غير يوم النحر ماشيا وإن مشى فلا شيء عليه ويجزيء قبل الشمس ويعد الفجر وبطلوع الفجر يحل الرمي والنحر بمنى وقبله لا يجزيء ويعيد وتكون الجمار أكثر من حصى الخذف قليلا وبأخذها من حيث شاء ولا يرمي بحصى الجمار لأنها قد رمي بها والرجال والنساء والصبيان في ذلك سواء قال سند كان القاسم بن محمد يرمي بأكبر من حصى الخذف واختلف في حصى الخذف فقيل مثل الباقي وقيل مثل النواة وقيل دون الأنملة طولا وعرضا ويكره الكبير ليلا يؤذي الناس والصغير مثل الحمصة والقمحة لا يرمى به لأنه في حكم العدم وأكبر من حصى الخذف أبرأ للذمة لأن فيه الواجب وزيادة والحجر الكبير يجزئ عند الجميع لوقوع الإسم عليه لكنه مخالف للسنة والمستحب عند الجمهور أخذها من المزدلفة فإن النبي قال للفضل بن عباس غداة العقبة وهو عند راحلته هات التقط لي فالتقط حصيات مثل حصى الخذف واستحب مالك لقطها على كسرها للسنة ويستحب تقديم الرمي على غير إذا أتى منى لأنه تحية الحرم ولا يختص بنجس بل ما يسمى حصى حجرا أو رخاما أو ترابا وظاهر المذهب منع الطين والمعادن المتطرقة كالحديد وغير المتطرقة كالزرنيخ قال ش وابن حنبل وقال ح يجوز بكل ما هو من الأرض قياسا على المنصوص عليه وجوزه داود بكل شيء حتى بالعصفور الميت وسلم ح منع الدراهم والدنانير فنقيس عليها ولا يرمى بما رمي به عند الجمهور لأنه لو جاز ذلك لتبادر الناس إلى جماره فإن رمى بما رمى به هو قال بعض المتأخرين منا لا يجزئه بخلاف ما رمى به غيره ولم يجد هذا الفرق إلا للزموني من الشافعية وإن رمى بما رمى به غيره أجزأه عند مالك و ش خلافا لابن شعبان وابن حنبل محتجين بما روي عن ابن عباس أن ما يقبل يقابل من ذلك يرفع فلا يتقرب بما لم يقبل وقياسا على الماء المستعمل في الطهارة لنا أنه لم يشترط ذلك ولو كان شرطا لبينه والقياس على شروط الحدود والثوب في الصلاة والطعام في الكفارات ويمنع الحكم في قياسهم وقال الشافعية لو رمى بحجر نجس أجزأه قال وليس ببعيد عن المذهب لكنه يكره وقد قال مالك ليس عليه غسلها فأن قدم في غير وقت رمي أخر الرمي حتى تطلع الشمس وليس عليه أن يركب لأن الرمي راكبا إنما يكون للعجلة والمشي في القربات أفضل ودخول الوقت بالنحر عند مالك و ح وابن حنبل لأنه منقول في الموطأ عن السلف ومن جهة النظر أن الليل زمان الوقوف بعرفة والرمي يحلل وغير مناسب وقوع التحلل في زمن الإحرام ولأنها ليلة لا يصلح الرمي في أولها فلا يصلح في آخرها كيوم عرفة عكسه يوم النحر وجوزه ش في النصف الثاني من الليل لما في أبي داود أنه أرسل بأم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت فيحتمل أن يكون المراد بالفجر صلاة الفجر أو يكون خاصا بها جميعا بين الأدلة وفي الكتاب يكبر مع كل حصاة لحديث جابر ويستحب رميها من أسفلها فإن رماها من فوقها أجزأه ففي حديث جابر رماها من بطن الوادي وقد رماها عمر رضي الله عنه من أعلاها لزحام الناس فإن تركها أو بعضها إلى الليل رماها ليلاً وإن نسي بعضها رمى عدد ما ترك ولا يستأنف قال ابن القاسم أحب إلي أن يهدى على اختلاف قوله في وجوبه وفي الجواهر للرمي وقت أداء ووقت قضاء فالأداء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس يوم النحر وتردد أبو الوليد في الليلة التي بعده هل هي أداء أو قضاء والقضاء لكل يوم من أيام الرمي ما بعده ولا قضاء للرابع ولا خلاف في وجوب الدم مع الفوات ولا في سقوطه مع الأداء ويختلف في وجوبه وسقوطه مع القضاء ففي الموطأ أنه رخص لرعاة الإبل في البيتوتة عند منى يرمون يوم النحر ثم يرمون من الغد أو بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر ولولا أن الوقت الرمي لما جاز تأخيرهم لأن العبادة لا تؤخر للضرورة إلا في وقت أدائها كالصلوات ولا يبطل الحج بفوات شيء من الجمار وقال عبد الملك يبطل بفوات جمرة العقبة لقوله إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء فجعلها شرطا ولأنها عبادة سبع فتكون ركنا كالطواف لنا
قوله من أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج ولأنها لو كانت ركنا لما فاتت بخروج زمانها كالطواف والسعي وهي تفوت بخروج أيام التشريق فلا تكون ركنا كسائر الجمرات وقياسها على الجمرات أولى من الطواف المقصد الثامن في الحلاق والذبائح وترتيبهما مع الرمي وفي الكتاب إن حلق قبل الجمرة افتدى ويذبح بعدها فإن ذبح قبلها أو حلق قبل الذبح فلا شيء عليه لأن الذي يفعل يوم النحر أربعة أشياء ثلاثة بمنى الرمي والهدي والحلاق والرابعة الإفاضة لما في أبي داود أنه رمى جمرة العقبة يوم النحر ثم رجع إلى منزله بمنى فدعا بذبح فذبح ثم دعا بالحلاق ووافقنا في الفدية ح وابن حنبل وتردد قول الشافعية للاختلاف عندهم هل هي نسك فلا يجب لأنه أحد ما يتحلل به أو إطلاق محصور فيلزمه الدم وقولنا أبين لأنه وإن كان نسكا فهو من المحظورات في الإحرام وأما الذبح قبل الرمي فلما في أبي داود عن عبد الله بن عمرو قال وقف النبي في حجة الوداع للناس يسألونه فجاء فقال يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر فقال اذبح ولا حرج ثم جاء رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال إرم ولا حرج فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج وفي الجواهر إن ابتدأ بالحلق قبل الرمي فقولان في وجوب الدم وهو المشهور وسقوطه وإن ابتدأ بالحلق قبل الذبح فسقوط الفدية لمالك و ش ووجوبها لعبد الملك وقال ح إن كان مفردا فلا شيء عليه أو قارنا أو متمتعا لزمه لقوله تعالى ( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) البقرة 196 فشرط في جواز الحلق نحر الهدي وقال ابن حنبل إن قدم الحلاق على الذبح أو الرمي ساهيا أو جاهلا فلا شيء عليه أو عامدا فعليه الدم وجواب ح أنه قد بلغ محله وإنما بقي ذبحه ولم يقل حتى يذبح وفي الكتاب الذبح ضحوة فإن ذبح قبل الفجر أعاد ومن جامع بعد رمي جمرة العقبة قبل الحلاق فحجه تام وعليه عمرة وبدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فشاة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة بعد ذلك مفرقة أو مجموعة وإن جامع يوم النحر أوله أو آخره قبل الرمي والإفاضة فسد حجه وعليه حج قابل فإن وطئ بعد يوم النحر قبل الإفاضة والرمي أجرأه الحج ويعتمر ويهدي وإن وطئ في يوم النحر أو بعده قبل الرمي وبعد الإفاضة فإنما عليه الهدي وإن وطئ بعد الإفاضة ثم ذكر شوطا منها أو أكثر كمل الأشواط وركع ثم يعتمر ويهدي قال سند يستحب الهدي بخلاف الأضحية لتعلقها بالصلاة ولا صلاة عيد على أهل منى فلذلك جاز نحر الهدي قبل الشمس ولا خلاف أن الوطئ قبل الوقوف يفسد الحج وبعد الوقوف وقبل الرمي والحلاق قال مالك وابن حنبل لا يفسد الحج ويفسد الطواف إذا وطئ قبل الإفاضة وبعد الرمي قال عبد الوهاب وهو أقيس ومروي عن ابن عمر رضي الله عنهما وقال ح عليه الهدي لأنها حالة أمن فيها الفوات فيؤمن فيها الفساد كبعد الطواف لنا أنه قد بقي من الحج ركنان فحكم الإحرام باق كما قبل الوقوف وعند ح في الهدي البدنة و ش الشاة لنا أن الوطئ المحرم في الإحرام سبب الهدي وهو يصدق على الجميع فيؤمر بالأعلا لعظيم جنايته ويجزئه أقل ما يتناوله اسم الهدي فإن لم يجد انتقل إلى الصوم لأنه بدله في المتعة وروى عن مالك إذا جامع يوم النحر قبل الرمي والإفاضة أن حجه تام وعليه الهدي وبالأول قال ش وابن حنبل لقوله تعالى ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ) البقرة 167 والنهي يدل على الفساد وبالثاني قال ح
لقوله من أدرك عرفة فقد تم حجه وقال عبد الملك إذا وطئ في أيام التشريق قبل الرمي فسد حجه وإذا قلنا بالعمرة فليست خارجة عن إحرامه فيؤمر بتكميل الإحرام الأول ليصح الدخول في إحرام آخر كمن سلم في صلاته يحرم ليرجع إليها فإحرامه ها هنا العمرة وفي الكتاب أكره الطيب بعد الرمي حتى يفيض فإن فعل فلا شيء عليه وإذا رمى العقبة أخذ من أظفاره ولحيته وشاربه واستحد ولو أطلى بالنورة قبل أن يحلق رأسه فلا بأس بذلك ويستحب فعل ذلك بعد الإحلال لفعل عمر رضي الله عنه ذلك والحلاق يوم النحر أفضل منه بمكة في أيام التشريق أو بعدها فإن أخر الحلاق لبلده جاهلا أو ناسيا حلق أو قصر وأهدى ومن ظفر أو عقص أو لبد فعليه الحلاق لعدم تمكنه من تعميم التقصير لجملة شعره ومن ضلت بدنته يوم النحر آخر الحلاق وطلبها ما بينه وبين الزوال فإن أصابها وإلا حلق وفعل فعل من لم يهد من وطئ النساء وغيره كان الهدي مما عليه بدله أو لا قال ابن القاسم وإن قصرا أو قصرت بعضا وأبقيا بعضا ثم جامعها عليهما الهدي وفي البخاري
قال اللهم ارحم المحلقين قالوا والمقصرين قال اللهم ارحم المحلقين قالوا والمقصرين ثم قال في الرابعة والمقصرين وهذا يدل على أفضلية الحلاق على التقصير وفي أبي داود
قال ليس على النساء الحلق وإنما عليهن التقصير وقال تعالى ( محلقين رؤسكم ومقصرين ) الفتح 27 وهو يقتضي جملة الرأس قال سند الخلاف في استيعاب الرأس حلقا كالخلاف في استيعابه مسحا في الوضوء والتحلل يقع في الحج في الجمرة لتقدم الأركان وفي العمرة بالحلاق لأن السعي ركن فيها فنظيره الوقوف فيقع التحلل بالحلق وفي فساد العمرة بالوطئ قبل الحلاق قولان مبنيان على أنه شرط في الإحلال أم لا والتحلل تحللان رمي جمرة العقبة أو خروج وقتها والثاني الفراغ من أركان الحج فيحل بالأول كل ما حرم بالإحرام إلا النساء والطيب والصيد قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويختلف قبل الإفاضة في الثياب والصيد واللمس وعقد النكاح والطيب والمذهب التحريم لبقاء الإحرام وفي الجلاب إن تطيب بعد رمي جمرة العقبة فلا كفارة عليه وإن صاد فعليه الجزاء وإن وطئ فحجه تام ويهدي ويعتمر قال سند والحلاق يتعلق بزمان الحج لا بموضع معين لأن المقصود إماطة الشعر إلا أنه من مناسك الحج فلا يخرج به عن أشهره ويستحب فعله بمنى بعد النحر اقتداء به وما هو زمان الحلاق الذي يفوت به فرأى في الموازية أنه زمان الرمي وقال ابن القاسم إذا تباعد ذلك قال مالك ومن لم يقدر على الحلاق والتقصير لمرض فعليه بدنة إن وجد وإلا فبقرة وإلا فشاة وإلا صام ثلاثة أيام وسبعة وفي الكتاب يمر الأقرع الموسى على رأسه ويختلف في وجوبه وقاله ح وعند ش لا يجب لأنه عبادة تتعلق بجزء من البدن فيسقط بذهابه كالطهارة في اليدين ولأنه لا يوجب فدية قبل التحلل فلا يحصل به التحلل ولأن القاعدة المتفق عليها إن الوسائل يسقط اعتبارها عند تعذر المقاصد وامرار الموسى وسيلة لإزالة الشعر لنا فعل ابن عمر رضي الله عنهما وإنها عبادة تتعلق بالشعر فتنتقل للبشرة عند تعذره كالمسح في الوضوء قال ابن القاسم إن حلق بالنورة أجزأه لحصول المقصود كما يحصل التقصير بالمقراض والفم وقال بهما الشافعية ومن قصر من جميع شعر رأسه وما أخذ أجزأه وكذلك الصبيان وليس على النساء إلا التقصير في جملة شعورهن قال ابن أبي زيد يجز المقصر شعره منة أصوله وقال ش يجزئ النساء حلق ثلث شعورهن وقال ح الرفع بناء على مذهبه في المسح في الوضوء قال سند قال مالك إذا أذى المرأة القمل أو الشعر فلها الحلق وتقصر المرأة عند مالك قدر الأنملة وقالته عائشة رضي الله عنها والصغيرة تفارق المرأة في الحلاق لعدم المثلة ولا ينبغي للمعتمر تأخير خلاقه بل يصله المقصد التاسع طواف الإفاضة وهو الطواف الذي هو ركن في الحج وفيه تفريعات أربعة الأول في الكتاب تعجيل طواف الإفاضة يوم النحر أفضل وإن أخره حتى مضت أيام التشريق وذهب من منى إلى مكة فلا بأس خلافا ل ش إن أخره مع السعي بعد منى حتى تطاول طاف وسعى وأهدى وله تأخير السعي إلى وقت تأخير الإفاضة وكره مالك تسمية طواف الزيارة وقولهم زرنا قبر النبي تعظيما له لأن العادة أن الزائر متفضل على المزور ولا يحسن أن يقال زرنا السلطان لما فيه من إبهام المكافأة والمماثلة وأصل فريضته حديث جابر المتقدم قال سند أما أول وقته فلا يجوز قبل يوم عرفة إجماعا وتحديد أول الوقت مبني على تحديد أول وقت الرمي هل هو طلوع الشمس يوم النحر أو طلوع الفجر أو نصف الليل وأما تحديد آخر وقته فالمختار عند أصحابنا لتمام الشهر وعليه الدم بدخول المحرم وقال ح آخره اليوم الثاني فبدخول الثالث من أيام التشريق يجب الدم وقال ش وابن حنبل ليس لآخر وقته حد لأنه لو كان له حد لما صح فعله بعده كالرمي والوقوف لنا قوله تعالى ( الحج أشهر معلومات ) البقرة 197 فحصره في الأشهر والفرق بينه وبين الوقوف أنه إنما يأتي بعد التحليل وحصول معظم الحج بالوقوف بالطواف بعد الإفاضة لأنه ليس من عمل الناس وإن سمع الإقامة فله أن يقف حتى يصلي قال مالك وإن أفاض يوم الجمعة أحب إلى الرجوع إلى منى ولا يقيم لصلاة الجمعة وقال ابن حبيب لمن أفاض أن ينتقل بالطواف وفي الجواهر لو قدم الإفاضة على جمرة العقبة اجزأته الإفاضة عند مالك وابن القاسم وعليه الهدي وقال مالك لا يجزئه واستحب أصبغ الإعادة الثاني في الكتاب إذا حاضت قبل الإفاضة أو نفست لا تبرح حتى تفيض ويحبس عليها كريها أقصى جلوس النساء في الحيض والاستطهار أو النفاس من غير سقم لما في الموطأ أنه عليه السلام
ذكر صفية بنت حيي فقيل له إنها حاضت فقال أحابستنا هي فقالوا يا رسول الله إنها قد طافت فقال فلا إذا وفي الجواهر قال أشهب يحبس الكري خمسة عشر يوما روى غيره ذلك مع الاستطهار بيوم أو يومين وقال ابن اللباد هذا في زمن الأمن أما في هذا الوقت فيفسخ الكراء بينهما وإذا قلنا برواية ابن القاسم فيتجاوز الدم مدة الحبس فهل تطوف أو يفسخ الكراء قولان قال سند هذا إن كان الكري يمكنه الإنفراد بالسير أما أهل الآفاق البعيدة الذين لا يروحون الأحمية فأمره محمول على زمن الحج عادة ولا يحبس عليها بعد ذلك لأنها لو صرحت له بذلك عند العقد لأباه بخلاف الأول وهي كالمحصورة بالعدو ولا يلزمها جميع الأجرة ويحتمل أن يقال عليها لأن الامتناع منها وروى سحنون أنها تطوف للخلاف في اشتراط الطهارة في الطواف ولأنه يستباح للضرورة كقراءة القرآن للحائض لضرورة النسيان وها هنا أعظم قال مالك وتحبس القافلة إن كانت إقامتها اليومين قال مالك فلو شرطنا عليه عمرة في الحرم فحاضت قبلها لا يحبس ولا يوضع من الكراء شيء لأن المقصود الحج وفرق مالك مرة بين الحائض والنفساء إذا لم يعلم به الكري فقال الحيض شأن النساء فهو دخل عليه بخلاف النفاس وحيث قلنا تحبسه فلا يزاد شيئا الثالث في الكتاب إذا أحرم مكي من مكة بالحج أجزأه الطواف مع السعي بعد الوقوف ولو عجلهما قبله لم يجزئه وأعادها بعده فإن لم يعد ورجع إلى بلده أجزأه وأهدى وفي الجلاب إذا أخر غير المراهق الطواف والسعي عامدا حتى خرج إلى منى فليطف وليسع إذا رجع ويهدي فإن تركها ناسيا فليسع من طواف الإفاضة ولا دم عليه عند ابن القاسم والقياس عندي في الدم بخلاف المراهق وقاله الأبهري ولا بأس بتأخير الإفاضة إلى آخر أيام التشريق وتعجيلها أفضل فإن أخرها بعد ذلك إلى المحرم فعليه دم ومن نسي الإفاضة وقد طاف للوداع أجزأه إذا بعد إما للمشقة وإما لأن أركان الحج لا نفتقر إلى النية فيما يعين الطواف الفرض من غيره قال اللخمي وقال ابن عبد الحكم لا يجزئه قال سند يرجع للإفاضة إلا أن يكون طاف تطوعا ولم يعين الوداع نظائر يجزئ غير الواجب عن الواجب في المذهب في سبع مسائل على الخلاف فيها من جدد وضوئه ثم تبين حدثه أو اغتسل للجمعة ناسيا للجنابة أو نسي لمعة من الغسلة الأولى في وضوئه ثم غسل الثانية بنية السنة أو من سلم من اثنتين تم أعقبهما بركعتين نافلة أو اعتقد السلام ولم يكن سلم ثم كمل بنية النافلة أو نسي سجدة من الرابعة وقام إلى خامسة أو نسي طواف الإفاضة وطاف للوداع الرابع في الكتاب يجزئ القارن طواف واحد وقاله ش وابن حنبل لقوله في الترمذي من أحرم بحج أو عمرة أجزأه طواف واحد وقال ح عليه طوافان وسعيان لما يروي أن عليا رضي الله عنه حج قارنا وطاف لهما طوافين سعى لهما سعييين ثم قال هكذا رأيته فعل وجوابه أنه ضعيف سلمنا صحته لكن القول مقدم على الفعل لما تقرر في علم الأصول ومن دخل مكة مراهقا يخشى فوات الحج وهو مفرد أو قارن فليدع الطواف بعد الوقوف ولا دم عليه لأن عائشة رضي الله عنها أخرته للحيض فإن كان غير مراهق فعليه دم دخل مكة أو الحرم أم لا وقال أشهب في الموازية لا دم عليه لأن حكمه يتعلق بمكة لا بالحج كطواف الوداع والمذهب يرى أنه متعلق بالإحرام والمفرد إذا طاف الطواف الواجب وسعى على غير وضوء ثم طاف للإفاضة بعد الوقوف على وضوء ولم يسع حتى أصاب النساء والصيد والطيب والثياب فليرجع لابسا للثياب حلالا إلا من النساء والصيد والطيب فيعتمر ويسعى ثم يعتمر ويهدي وليس عليه أن يحلق لأنه حلق بمنى ولا دم عليه في الثياب لأن جمرة العقبة احلتها له بخلاف المعتمر لا تحل له الثياب حتى يفرغ من السعي وعليه لكل صيد أصابه الجزاء ولا دم لتأخير الطواف الذي طافه على غير وضوء لأنه لم يتعمد ذلك فهو معذور كالمراهق والعمرة مع الهدي تجزئه لذلك كله وأكثر الناس يقولون لا عمرة عليه قال سند قال أشهب إذا أصاب النساء عليه هديان للفساد والتفريق ويختلف في وجوب الدم عليه لطوافه الذي طافه على غير وضوء كما اختلف فيمن تركه ناسيا وأما لو طاف المعتمر بغير وضوء أو في طواف الإفاضة ففي الكتاب إن ذكر بعد تحلله بمكة أو بلده فليرجع حراما فيطوف وإن حلق افتدى وعليه لكل صيد جزاء لأنه باق على إحرامه المقصد العاشر رمي منى وفي المقدمات يروى في رمي الجمار أن إبراهيم عليه السلام لما أمر ببناء البيت سارت السكينة بين يديه كأنها قبة فكان إذا سارت سار وإذا نزلت نزل فلما انتهت إلى موضع البيت استقرت عليه وانطلق إبراهيم مع جبريل عليهما السلام حتى أتيا العقبة فعرض له الشيطان فرماه ثم مر بالثانية فعرض له فرماه ثم مر بالثالثة فعرض له فرماه فكان ذلك سبب رمي الجمار تذكيرا بآثار الخليل وتعظيما لشأنه ببقاء الذكر الجميل صلوات الله عليه ثم مشى معه يريه المناسك حتى انتهى إلى عرفه فقال له عرفت فقال له نعم فسميت عرفة ثم رجع فبنى البيت على موضع السكينة ويروى أن الكبش الذي فدي به إسحاق عليه السلام هرب من إبراهيم عليه السلام فاتبعه فأخرجه من الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات فأفلت عندها فجاء الجمرة الوسطى فأخرجه عنها فرماه بأربع حصيات فأفلت عندها فجاء الجمرة الكبرى حمرة العقبة فرماه بسبع حصيات فأخذه عندها فجاء به المنحر فذبحه فائدة الجمرة اسم للحصاة ومنه الاستجمار أي استعمال الحجارة في إزالة الأذى عن المخرج وقد تقدم صفة الجمار وقدرها في العقبة والخص هذه الجمار في تفريعات ستة الأول في الكتاب يرمي في كل يوم من الأيام الثلاثة التي بعد يوم النحر في كل مرة سبع حصيات ماشيا بعد الزوال فإن قدم قبله أعاد بعده وجوزه ح في اليوم الثالث قبله لأنه يجاوره يوم لا رمي فيه فأشبه يوم نحر لنا القياس على ما قبله وهو أولى من يوم النحر وفي الجواهر للرمي وقت أداء ووقت قضاء ووقت فوات فالأداء من بعد الزوال إلى مغيب الشمس وتردد أبو الوليد في الليل والفضيلة تتعلق بعقيب الزوال والقضاء لكل يوم ما بعده ولا قضاء للرابع فإن ترك جمرة أتى بها في يومها إن ذكرها ولا شيء عليه إلا أن يكون الأولى أو الوسطى فيعيد ما بعدها للترتيب وقيل لا يعيد وإن ذكرها بعد يومها أعاد ما كان في وقته وقيل لا يعيد الثاني في الكتاب يرمي الجمرتين الأوليين من فوقهما والعقبة من أسفلها والجمرة الأولى تلي مسجد الخيف ثم الوسطى تليها إلى مكة ثم الثالثة جمرة العقبة وهي البعيدة إلى منى وأقربها إلى مكة وترتيب الرمي منقول خلفا عن سلف وليس في تركه دم عند الجميع لأنه هيئة نسك وليس نسكا فإن رمى بسبع حصيات في مرة لم يجزئه وهي كواحدة لفعله عليه السلام ذلك مفرقا ويوالي بين الرمي ولا ينتظر بين الحصاتين شيئا ويكبر مع كل حصاة وإن ترك التكبير أجزأه ولا يبدل التكبير بالتسبيح ويقف عند الجمرتين للدعاء ولا يقف عند جمرة العقبة ولا يرفع يديه وإن لم يقف فلا شيء عليه قال ابن القاسم وإن وضع الحصباء أو طرحها لم يجزئه فإن رمى بحصاة فوقعت قرب الجمرة فإن وقعت موضع حصاة الجمرة أجزأه وإن لم تبلغ الرأس وإن سقطت في محمل رجل فنفضها صاحب المحمل فسقطت لم يجزئه لأنه ليس راميا بها ولو أصابت المحمل ثم مضت بقوة الرمية أجزأه وقال ابن حنبل إذا كان ابتداء الرمي من فعله صح كما لو صادفت موضعا صلبا أو عنق بعير أو رأس إنسان ثم طاحت للرمي والفرق أن هذا منسوب إلى فعله بخلاف الأول قال سند العقبة جبل معروف والجمرة اسم للكل فلو وقعت دون الجمرة وتدحرجت إليها أجزأه لأنه من فعله فلو شك في وصولها فالظاهر عدم الإجراء وعند ش قولان نظرا للأصل والغالب فلو وقعت دون المرمى على حصاة فصارت الثانية في المرمى لم يجزئه وكذلك إذا رمى لغير الجمرة قصدا فوقعت فيها لعدم النية ولو قصد الجمرة فتعدتها لم يجزئه لعدم الاتصال ولو تدحرجت من مكان عال فرجعت إليها فالظاهر عدم الإجزاء لأن الرجوع ليس من فعله وللشافعية قولان الثالث في الكتاب إن فقد حصاة فأخذ مما بقي عليه من حصى الجمرة فرمى به أجزأه ومن ترك جمرة من هذه حتى غابت الشمس رماها ليلا واختلف قول مالك في لزوم الدم وهو أحب إلي ولو ترك جمرة أو الجمار كلها حتى مضت أيام منى فعليه بدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فشاة فإن لم يجد صام وأما في الحصاة فعليه دم وإذا مضت أيام التشريق فلا رمي لقوله تعالى ( واذكروا الله في أيام معدودات ) البقرة 203 وهي أيام التشريق والقضاء إنما يكون بأمر جديد ولم يوجد وإذا رمى الجمار الثلاثة بخمس يوم ثاني النحر ثم ذكر من يومه رمى الأولى التي تلي مسجد منى بحصاتين ثم الوسطى بسبع ثم العقبة بسبع ولا دم عليه واو ذكر من الغد رماها كذلك وأهدى على قولي مالك ولو رمى من الغد ثم ذكر قبل مغيب الشمس أنه نسي حصاة من الأولى بالأمس فليرم الأولى بحصاة والاثنتين بسبع سبع ثم يعيد رمي يومه لتفا وقته وعليه دم للأمس على الخلاف وإن ذكر ذلك قبل مغيب الشمس من اليوم الثاني رمى عن أمس كما تقدم وعليه دم ولم يعد رمي يومه وإن لم يذكر ذلك إلا بعد رمي يومه قبل مغيب الشمس من آخر أيام التشريق رمي الأولى بحصاة الاثنتين بسبع سبع عن أول يوم وأعاد الرمي ليومه إذ عليه بقية منه ولا يعيد رمي اليوم الذي بينهما لأن وقت رميه قد مضى عليه دم على الخلاف وإن ذكر أنه نسي حصاة من أول يوم لا يدري من أي الجمار هي قال مالك مرة يرمي الأولى بحصاة ثم يرمي الوسطى والعقبة بسبع سبع قال ابن القاسم وبه أقول ثم قال يرمي كل جمرة بسبع قال سند عدد الجمار سبعون حصاة سبع ليوم النحر في جمرة العقبة وفي الأيام بعدها ثلاث وستون كل يوم إحدى وعشرون لكل جمرة سبع فتارك الأولى كتارك الثلاث لوجوب الترتيب فإن ترك الآخر قال مالك عليه بقرة قال عبد الملك الجمرة الواحدة كالجميع وعليه بدنة فرآها نسكا تاما وعند مالك هي بعض نسك أما إذا ترك حصاة من يومه الذاهب فإن كانت من الأولى فقد ترك الأخرتين لوجوب الترتيب وإن كانت من الأخيرة قال مالك عليه شاة وبذلك قال عبد الملك إلى ست حصيات وقال ش في الحصاة يطعم مسكينا مدا وفي الحصاتين مدين وفي الثلاث شاة وقال مرة في حصاة درهم وقال مرة ثلث شاة لنا أن عددها شبع فما أوجبه كلها أوجه بعضها كالطواف وكوجوب الترتيب وقال ش وابن حنبل وقال ح مستحب قياسا للجمار على الرمي والحلق والذبح لنا القياس على الطواف والسعي ولذلك إذا رمى الأولى بخمس بطل ما بعدها فيكملها ويعيد ما بعدها إن كان قريبا وأن طال وقلنا الفور شرط استأنف وإن قلنا الفور شرط مع ذكر بني وإن طال في يومه أو غده ما دامت أيام التشريق والترتيب واجب في أداء الرمي كالترتيب بين أركان الصلوات في أدائها وبين القضاء والأداء كالصلاة المنسية مع الحاضرة وفي الأولى يجب مع الذكر والسهو كالصلاة وفي الثاني يجب مع الذكر فقط كترتيب الصلوات وإذا ذكر في اليوم الثاني أنه ترك حصاة من الجمرة الأولى من اليوم الأول فعلى اعتبار الفور يعيد الجمرات الثلاث وعلى المشهور يرمي للأولى حصاة ويعيد اللتين بعدها فإن أخذ في ذلك فسها عن حصاة أيضا اختلف قول مالك فيه كالاختلاف فيمن رأى في ثوبه نجاسة وهو في الصلاة فقطع وذهب ليغسلها فسها وصلى هل يعيد صلاته كما لو صلى بذلك ابتداء أولاً يعيد نظر للسهو ولو شك بعد رمي الثلاث في إكمال الأولى يختلف في ابتداء الجميع أو البناء على التيقن أو لا شيء عليه كمن شك في ركعة بعد سلامه وعلى القول بالبناء في الشك اختلف قول مالك في الناسي فروى ابن قاسم الابتداء وقد كان يقول بيني والفرق أن الناسي مفرط بخلاف الشاك ويخرج على هذه الأصول من سها فرمى الجمرة الأخيرة ثم الوسطى ثم الأولى فيعيد الوسطى ثم الأخيرة وإن لم يذكر ذلك حتى تباعد أعاد الرمي ولو رمى الثلاث بحصاة حصاة لكل جمرة وكرر ذلك حتى كمل كل واحد سبعا قال محمد يرمي الثانية ستا والثالثة سبعا وهو مؤذن بجواز التفريق إلا أنه رآه تفريقا يسيرا كما قال ابن الجلاب من فرق رميه تفريقا فاحشا أعاد رميه فاشترط التفاحش وفي الجلاب لو بقيت بيده حصاة لا يدري من أي الجمار هي رمى بها الأولى ثم الوسطى ثم الأخيرة وقيل يستأنف الجمار كلها الرابع في الكتاب إذ بات ليلة أو جلها من ليالي منى أو جملتها في غير منى فعليه دم وبعض ليلة لا شيء فيه لما في أبي داود قالت عائشة رضي الله عنها أفاض النبي من آخر يوم حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق وفي الموطأ أرخص لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى والرخصة تقتضي انتقاء الوجوب لقيام المانع وثبوت الوجوب عند عدمه واتفق أرباب لمذاهب أن من ترك المبيت جميع أيام منى بأن يرمي ويبيت في غير منى أن الدم لا يتعدد وقد قال مالك وش عليه دم واحد وقال ح لا شيء عليه لأنه لو كان يوجب دما لما سقط بالعذر كالطيب واللباس وينتقض عليه بترك الوقف مع الإمام نهارا لعذر فإنه لا شيء عليه ومع عدم العذر عليه دم إجماعا ثم الفرق أن الطيب محرم فالدم كفارة والدم ها هنا جبر فيسقط بالعذر الخامس في الكتاب إذا قدر على حمل المريض القادر على الرمي حمل ورمى بيده وقال ابن القاسم ولا يرمي الحصاة في كف غيره ليرميها ذلك وإن عجز عن الرمي والحمل لم يجد من يحمله رمى عنه غيره ثم يتحرى المريض وقت الرمي فيكبر لكل حصاة تكبيرة ويقف الرامي عند الجمرتين للدعاء ويتحرى المريض ذلك الوقوف فيدعو وعلى المريض الدم لأنه لم يرم فإن صح ما بينه وبين غروب الشمس من آخر أيام الرمي أعاد ما رمى غيره عنه كله في الأيام الماضية وعليه الدم ولورمي عنه جمرة العقبة يوم النحر فصح آخره أعاد الرمي ولا دم عليه صح ليلا فيلزم ما رمي عنه وعليه الدم والمغمى عليه كالمريض ويرمي عن الصبي من رمى عن نفسه كالطواف والصبي العارف بالرمي يرمي عن نفسه فإن ترك الرمي أو لم يرم عن العاجز فالدم على دم أحجهما لأن النيابة عن الصبي في الإحرام كالميت والدم تابع للإحرام وفي الترمذي قال جابر كنا إذا حججنا مع النبي نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان ويريد بالنساء الأمهات الموتى إن نحج عنهن قال سند إذا طمع المريض في القدرة على الرمي في آخر أيام التشريق قال مالك ينتظر آخر أيام الرمي وهذا يقتضي أن اليوم الأول لا يفوت بفوات يومه بل يكون أوله زوال الشمس وآخره آخر أيام التشريق وعليه يخرج قوله لا دم عليه إذا تركه حتى خرج يومه ويشهد له جواز التعجل للرعاة لأن الرخصة في التأخير لا تخرج فيه العبادة عن وقتها كالجمع بين الصلاتين وعلى قوله عليه الدم يقتضي أن المريض لا يؤخره بعد يوم وقال أشهب لا هدي إذا أعاد ما رمى عنه وهو أحد قولي مالك فيمن أخر رمي يومه إلى غده وعند ش لا هدي ولا يرمي عن نفسه ما رماه عنه غيره لأن الفعل قد سقط عنه بفعل المناسب لنا أن القياس يقتضي أن ذلك الرمي لا يجزئه لأن الأعمال البدنية لا تدخلها النيابة لكن لما قال بعض السلف يرمي عنه فعل ذلك استحبابا ووجب الدم لترك النسك ويرمي عنه من قد رمى عن نفسه فإن رمى رميا واحد عنهما فيختلف هل يجزئ عن نفسه أو المرمي عنه أو لا يجزئ عن واحد منهما فلو رمى جمرة العقبة عن نفسه رماها عن المريض ثم كمل ذلك قال ابن حبيب أخطأ وأجزأ عنهما وقال الشافعية يستحب له وضع الحصاة في يد النائب عنه لأنه المقدور له وهو غير مستقيم فإن الرمي حينئذ لغيره لا له فلم يأت بالواجب واختلف قول ابن القاسم في الوقت للدعاء فرأى مرة أن الوقوف لا تدخله النيابة كوقوف عرفة وقال الشافعية لا يرمي عن المغمى عليه إلا أن يأذن قبل الإغماء ولم نفصل نحن لأنه لا يجزئه عندنا بحال فإن أفاق في أيام الرمي أعاد أو بعدها أهدى وإنما الخلاف إذا أفاق فيها هل عليه دم أم لا السادس في الجلاب لأهل الآفاق أن يتعجلوا في اليوم الثالث من يوم النحر فيرمون بعد الزوال وينفرون بالنهار دون الليل وإذا أراد أهل مكة التعجيل في اليوم الأول فروايتان بالجواز والمنع والاختيار للإمام أن يقيم إلى النفر الثاني ولا يتعجل في الأول ومن تعجل نهارا وكان عمره بمنى بعد تعجله فغربت الشمس عليه بها فلينفر وليس عليه أن يقيم وفي الجواهر أخذ ابن القاسم بقوله بالتعجيل للمكانين ومن نفر في اليوم الأول سقط عنه رمي اليوم الآخر ومبيت تلك الليلة وقال ابن حبيب يرمي عنه في الثالث قياسا على رعاة الإبل كما كان يرمي إذا لم يتعجل قال الشيخ أبو محمد وليس هذا قول مالك ولا أحد من أصحابه قال ابن المواز وإنما يصير رمي المتعجل كله تسعا وأربعين حصاة سبع يوم النحر واليوم الثاني اثنان وأربعون وأصل التعجيل قوله تعالى ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) البقرة 203 وفي الجلاب ويجوز لرعاة الإبل إذا رموا جمرة العقبة الخروج عن منى إلى رعيهم فيقيمون فيه يومهم وليلتهم وغدهم ثم يأتون في اليوم الثالث من يوم النحر فيرمون ليومهم الذي مضي وليومهم الذي هم فيه ثم يتعجلون إن شاؤا أن يقيموا المقصد الحادي عشر الرجوع من منى قال ابن القاسم في الكتاب لا بأس بتقديم الأثقال إلى مكة لأنه في حكم السفر المباح بخلاف تقديم الأثقال إلى منى قبل يوم التروية أو إلى عرفة يوم عرفة لأنه ذريعة لتقدم الناس في وقت السنة فيه عدم التقدم وهي في أثناء النسك قال مالك وإذا رجع الناس نزلوا بالأبطح فصلوا به الظهر والعصر والمغرب والعشاء إلا أن يكون رجل أدركه وقت الصلاة قبل إتيانه والأبطح حيث المقبرة بأعلا مكة تحت عقبة كدا وسمى بذلك لانبطاحه وهو من المحصب والمحصب ما بين الجبلين إلى المقبرة وسمي محصبا لكثرة الحصباء فيه من السيل ونزول الأبطح ليلة الرابع عشر مستحب عند الجمهور وليس بنسك وفي الصحيحين إن النبي وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا ينزلون بالأبطح ويدل على عدم الوجوب قول عائشة رضي الله عنها في الصحيحين نزول الأبطح ليس بسنة إنما هو منزل نزله النبي وأما الصلوات فلما رواه ابن حنبل مسندا أنه صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالأبطح ثم هجع بها هجعة ثم دخل مكة قال ابن أبي زيد في النوادر قال أصحابنا يستحب لمن قفل من حج أو عمرة أن يكبر على كل شرف ثلاث تكبيرات ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آئبون تائبون عابدون سائحون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده رواه مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما وفي الجلاب يستحب المقام بالمعرس لمن قفل إلى المدينة والصلاة فيه فإن أتاه في غير وقت الصلاة فليقم حتى يصلي إلى أن يتضرر المقصد الثاني عشر طواف الوداع وفي الكتاب طواف الوداع مستحب يرجع إليه ما دام قريبا قال ابن القاسم وأنا أرى أن يرجع إليه ما لم يخش فوات أصحابه ولا يؤمر بالوداع أهل مكة ولا من أقام بها من غير أهلها لعد م المفارقة والوداع شأن المفارق ولا على من فرغ من حجه فخرج ليعتمر من الجعرانة أو التنعيم لأنه ليس بمفارق ومن خرج ليعتمر من ميقاته أو حج من مر الظهران أو عرفة ونحوها بالتطوع ويؤمر به من حج من النساء والصبيان والعبيد فإن أراد المكي أو غيره السعي ودع قال الفقهاء كافة لما في مسلم قال
لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهد بالبيت وليس ركنا أتفاقا لحصول التحليل دونه وقال الأئمة بوجوبه ووجوب الدم فيه لظاهر الحديث وجوابهم أن الدم لما في الإحرام من خلل الواجبات وهذا بعد الإحرام وإذا ودع ثم باع أو اشترى فلا يرجع وأن أقام بمكة بعض يوم رجع وطاف ولو ودع وبرز إلى ذي طوى فأقام يوما وليلة فلا يرجع للوداع وأن كانوا يتمون الصلاة بها لأنها من مكة ولأنه وداع في العادة قال سند ويروى عن مالك إن ودع وأقام إلى الغد فهو في سعة ومن خرج إلى المنازل القريبة أو المتردد منها بالحطب ونحوه لا يودع وفي الكتاب إذا خرج المعتمر أو من فاته الحج بفسخ في عمرة من فوره أجزأه طواف العمرة عن الوداع لأنه كتحية المسجد وإذا حاضت امرأة بعد الإفاضة خرجت قبل الوداع وقاله الأئمة لما في الموطأ أن أم سليم بنت ملحان استفتته وقد حاضت أو ولدت بعدما أفاضت بعد النحر فأذن لها فخرجت قال سند فلو طهرت على القرب رجعت كناسي الطواف صفحة فارغة
الباب السادس في اللواحق
وهي أربعة اللاحقة الأولى القران وأخرت الكلام على التمتع والقران لأن المركبات متأخرة عن المفردات والقران هو اجتماع الحج والعمرة في إحرام واحد أو أكثرها وفي الكتاب الإفراد أفضل من القران والتمتع لما في الموطأ والبخاري قالت عائشة رضي الله عنها خرجنا مع النبي عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وأهل النبي بالحج زاد أبو داود لم يخالطه شيء وهو لا يفعل إلا الأفضل وفي الموطأ كان عمر رضي الله عنه ينهى عن التمتع وعثمان بن عفان رضي الله عنه ينهى عن القران واتفقت الأمة على عدم النهي عن الإفراد فهو مجمع عليه وغيره مختلف فيه ولأن الدم في غيره جابر الخلل وهو لا خلل فيه فيكون أفضل وأول حجة وقعت في الإسلام لثمان من الهجرة بعث عتاب بن أسيد على الناس فأفرد ثم بعث أبا بكر على الناس سنة تسع فأفرد ثم حج سنة عشر فأفرد وأفرد عبد الرحمان عام الردة وأفرد الصديق السنة الثانية وأفرد عمر عشر سنين وأفرد عثمان ثلاث عشرة سنة وفعله ابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم أجمعين وهذا يقتضي أنه المحفوظ عندهم من فعله وأنه الأفضل وقال ش وابن حنبل التمتع أفضل لقوله لعائشة رضي الله عنهالو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ولأنه مشتمل على عبادتين عظيمتين في وقت شريف وهو شهور الحج فيكون أفضل والجواب عن الأول أنه إنما قال ذلك لتطييب قلوب أصحابه لما أمرهم بفسخ الحج من العمرة ليظهر جواز العمرة في أشهر الحج خلافا للجاهلية وعن الثاني أن العمرة في غير أشهر الحج أفضل ويؤيده وجوب الدم على المتمتع وقال ح القران أفضل لما في أبي داود عن أنس أنه سمع النبي يلبي بالحج والعمرة جميعا ولأن فيه زيادة نسك وهو الدم فيكون أفضل والجواب عن الأول أن رواية أنس اضطربت في الحج وكان ابن عمر رضي الله عنهما يذكر له عن أنس في الحج أشياء فيقول كان أنس يتولج على النساء أي صغير وأنا عند شفة ناقة النبي يصيبني لعابها فلعل أنسا رضي الله عنه سمعه يعلم أحدا التلبية في القران فقال سمعته يقول وعن الثاني أن الدم يدل عن المفضولية لما تقدم وإذا قلنا بأفضلية الإفراد عليهما فأيهما أفضل قال مالك في المجموعة القران أفضل لشبهه بالإفراد وقال القاضي في المعونة والتلقين و ش التمتع أفضل لاشتماله على العملين قال أبو الطاهر والمذهب أن القران أفضل من التمتع وفي الجواهر التمتع أفضل من القران قال صاحب المقدمات وقالت طائفة من العلماء لا يجوز تفضيل بعضها على بعض لأنه شرعها ولم يفضل بينها سؤال قالت الملحدة حج حجة واحدة وأصحابه معه متوافرون مراقبون لأحواله غاية المراقبة ثم اختلفوا هل كان مفردا أو قارنا أو متمتعا مع حرصهم على الضبط وذلك يمنع الثقة بصدقهم في نقلهم جوابه من أربعة أوجه الأول أن الكذب إنما يدخل فيما طريقه النقل ولم يقولوا أنه قال ذلك بل استدلوا على معتقده بقرائن أحواله وأفعاله والاستدلال بذلك يقع فيه الاختلاف الثاني أنه أمر بعضهم بالإفراد وبعضهم بالتمتع وبعضهم بالقران فأضاف ذلك الرواة إليه لأنه أمر به كما قالوا رجم ماعزا وقطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم ولم يباشر ذلك ونسبة الفعل إلى الآمر به مجاز مشهور الثالث أنه أمكن أن يكون قارنا وفرق بين إحرامه بالعمرة وإحرامه بالحج فسمعت طائفة إحرامه بالعمرة فقالت اعتمر وطائفة بالحج فقالوا أفرد وطائفة الإحرام والتلبية بهما فقالوا قارن وهو يؤكد مذهب الحنفية الرابع إن معرفة ذلك لم تكن واجبة عليهم على الأعيان فلم تتوفر دواعيهم على ضبطه بخلاف قواعد الشرائع وفروضه وفي الجواهر يتحد الميقات والفعل في القران وتندرج العمرة في الحج تمهيد يقع التداخل في الشريعة في ستة مواضع الأول الطهارة كالوضوء إذا تعددت أسبابه أو تكرر السبب الواحد والغسل إذا اختلفت أسبابه أو تكرر السبب الواحد والوضوء مع الجناية وفي تداخل طهارة الحدث والخبث خلاف الثاني العبادات كسجود السهو إذا تعددت أسبابه وتحية المسجد مع الفرض والعمرة مع الحج في القران الثالث الكفارات كما لو أفطر في الأول من رمضان مرارا بخلاف اليومين أو أكثر خلافا ل ح فب إيجابه كفارة واحدة في جملة رمضان واختلف قوله في الرمضانين الرابع الحدود إذا تماثلت وهي أولى بالتداخل من غيرها لكونها أسبابا مهلكة وحصول الزجر بواحد منها ألا ترى أن الإيلاج سبب الحد والغالب تكرار الإيلاجات فلولا تداخلها هلك الزاني وإذا وجب تكرارها إذا تخللت بين أسبابها لأن الأول اقتضاه سببه السابق فلو اكتفينا به لأهملنا الجناة فيكثر الفساد ولأنا علمنا أن الأول لم يف بزجره فحسن الثاني الخامس العدد تتداخل على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى السادس الأموال كدية الأطراف مع النفس إذا سرت الجراحات والصدقات في وطئ الشبهات ويدخل المتقدم في المتأخر والمتأخر في المتقدم والطرفان في الوسط والقليل في الكثير والكثير في القليل فالأول نحو الأطراف مع النفس والجنابة مع الحيض والوضوء مع الغسل والصداق المتقدم مع المتأخر إذا اتحدت الشبهة وكان الأخير الأكثر والثاني للصداق الآخر مع الأول إذا كان الأول أكثر مع أن ظاهر المذهب أن المعتبر هو الحالة الأولى كيف كانت لحصول الوجوب عندها فلا تنتقل لغيرها والانتقال هو مذهب ش والحيض مع الجناية المتقدمة عليه والحدود المتأخرة مع الأول المتماثل والكفارات والثالث نحو الموطؤة بالشبهة وحالها الوسطى أعظم صداقا والرابع كالأصبع مع النفس إذا سرى الجرح والصداق المتقدم أو المتأخر إذا كان أقل والعمرة مع الحج والوضوء مع الغسل الخامس الأطراف إذا اجتمعت مع النفس والحدود مع الحد الأول والكفارات والاغتسال والوضوآت إذا تعددت أسبابها أو اختلفت تفريعات ثلاثة الأول في الكتاب أجاز الشاة في دم القران على تكره واستجب البقرة لقوله تعالى ( فما استيسر من الهدي ) البقرة 196 وهو يصدق على الشاة والبدنة أعلا الهدي إجماعا فالبقرة وسط فيناسب التيسير ومن أحرم بالحج لم يضف إليه حجا آخر ولا عمرة فإن أردف ذلك أول دخوله مكة أو بعرفة أو بأيام التشريق لم يلزمه ويتمادى على حجه ولا شيء عليه لأنه انتقل من الأعلا إلى الأدنى والتداخل على خلاف الأصل فلو أدخل الحج على العمرة كان قارنا لأنه انتقل من الأدنى إلى الأعلا فإن أدخل العمرة على الحج قال مالك و ش وابن حنبل لا يكون قارنا وقال ح يكون قارنا وأشار إليه اللخمي قياسا على إدخال الحج على العمرة لأنه أحد النسكين وجوابه ما تقدم من الفرق وانتفاضه بإدخال الحج على الحج بل ضم الشيء إلى جنسه أقرب قال ولمن أحرم بعمرة أن يردف عليها الحج ويصير قارنا ما لم يطف بالبيت فإذا طاف ولم يركع كره الإرداف ويلزم إن فعل وعليه الدم وإن أردف في بعض السعي كره فإن فعل كمل عمرته واستأنف الحج فإن أردف بعد السعي وقبل الحلاق لزمه الحج ولم يكن قارنا ويؤخر الحلاق ولا يطوف ولا يسعى حتى يرجع من منى إلا طواف التطوع وعليه دم لتأخير حلاق عمرته ولا دم عليه للمتعة إلا أن يحل منها في أشهر الحج إن كان غير مكي والأصل في إدخال الحج على العمرة حديث عائشة رضي الله عنها أنها أحرمت بعمرة فلما بلغت سرفا حاضت وهي بقرب مكة فدخل عليها النبي وهي تبكي فقال لها إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فأهلي بالحج واصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت فجوز لها إدخال الحج على العمرة قال سند إذا طاف شوطا واحدا ثم أردف صار قارنا عند ابن القاسم لأن للعمرة ركنين الطواف والسعي فإذا لم يكمل الطواف بها لم يكمل ركن يمنع من عدم إتمام العمرة وقال أشهب ش و ح لا يصير قارنا لأن المقصود من العمرة الطواف والسعي وإذا طاف شوطا اتصل المقصود بالإحرام ولأن ذلك الشوط وقع للعمرة فلا ينتقل للقران لأن الرفض لا يدخل في النسك وزعم اللخمي أن قول القاسم اختلف بعد الطواف وقبل الركوع وفي الجلاب روايتين إذا أردف قبل السعي أو في أثنائه وإن قلنا يصير قارنا في بعض الطواف سقط عنه باقي العمرة وينم طوافه نافلة ولا يسعى لأن سعي الحج لا بد من اتصاله بطواف واجب وإن قلنا يصير قارنا في أثناء السعي قطع سعيه لأن السعي لا يتطوع به منفردا وحيث قلنا لا يكون قارنا فإن كان الحج حج الإسلام بقي في ذمته أو تطوعا سقط عنه عند أشهب كما لو أردف حجا على حج أو عمرة على عمرة أو عمرة على حج يلزمه الإحرام به لأنه التزم شيئين في إحرامه الحج وتداخل العمل بطل الثاني فيبقى الأول عملا بالاستصحاب سؤال مشترك الإلزام إذا أردف العمرة على الحج جوابه الفرق بأنه التزم العمرة في وقت يتعذر عليه فعلها فكان كناذر صوم النحر بخلاف الأول قال فإن أردف الحج بعد السعي قبل الحلاق وجب تأخير الحلاق ويهدي لتأخيره وقال بعض القرويين يسقط عنه الهدي لأن حلقه حرام وليس كما قال لأن حلاقه كالصلاة في الدار المغصوبة واجبة من وجه حرام من وجه فيجب الدم لتأخيره من حيث هو واجب الثاني في الكتاب إذا كانت عمرته في أشهر الحج فعليه هدي للمتعة ويؤخرهما جميعا يقف بهما عرفة وينحران بمنى وجاز تأخير ما وجب بسبب العمرة لارتباطها بالحج فإن أخرج هدي تأخير الحلاق إلى الحل فيسوقه إلى مكة وينحره بها وليس على من حلق من أذى وقوف هديه بعرفة لأنه نسك قال ابن القاسم لا يحرم أحد بالقران من داخل الحرم لأن العمرة لا يحرم بها إلا من الحل قال مالك وإذا أحرم مكي بالعمرة من مكة تم أردف الحج صار قارنا وليس عليه دم قران قال مالك في الموازية أكره القران للمكي فإن فعل فلا هدي عليه وبالصحة قال ش وقال ح لا يصح منهم تمتع ولا قران فإن تمتع فعليه دم خلافا لنا وإن قرن ارتفضت عمرته أحرم بهما معا أو متعاقبين لقوله تعالى ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الخرام ) البقرة 196 والإشارة بذلك إلى التمتع فلذلك إضافة باللام ولو أراد الهدي لإضافة بعلي لأن اللام لما يرغب وعلى لما يرهب ولذلك تقول وشهد له عليه والقران مثل التمتع لأنه فيه إسقاط أحد العملين كما أنه في التمتع إسقاط أحد السفرين وجوابه أن الإشارة بذلك إلى الهدي لأن الإشارة كالضمير يجب عودها إلى أقرب مذكور وهو أقرب ولما كان حكما شرعيا حسن إضافته باللام تقديره ذلك مشروع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام الآية فيسقط عن المكي قال أبو الطاهر قال عبد الملك على المكي دم القران بخلاف المتمتع لأنه أسقط أحدا العملين مع قيام موجبه وجوابه أن موجب الدم نقصان النسكين لعدم الإحرام من الميقاة لهما منفردين وهو مشترك بين المكي وغيره لإيجاد الإحرام الثالث في الكتاب إذا دخل مكي العمرة ثم أضاف الحج ثم مرض حتى فاته الحج خرج إلى الحل ثم رجع وطاف وحل وقضى قابلا الحج والعمرة قارنا ومن دخل مكة قارنا فطاف وسعى في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فعليه دم القران وبه قال ح وابن حنبل وقال ش يعقد إحرامه بالعمرة لا بالحج بناء على أصله في إشتراط الميقاة الزماني في الإنعقاد وقد سبق جوابه في المواقيت قال والذي يسقط عنه دم القران والتمتع أهل مكة وطوى فقط بخلاف المناهل التي بين مكة والمواقيت والمكي إذا خرج إلى مصر أو غيرها لا ينوي الاستيطان ثم رجع فقرن فلا دم عليه وقد تقدم أن حاضري المسجد الحرام لا دم عليهم واختلف فيهم فقال مالك هم أهل مكة وطوى طرف منها وقال ش وابن حنبل الحرم ومن كان خارجه بمسافة القصر وقال ح من دون الميقات إلى الحرم واللفظ أظهر فيما ذكرناه وفي النوادر قال ابن حبيب يلحق بمكة المناهل التي لا تقصر في مثلها الصلاة وهو قول مالك وأصحابه قال ابن أبي زيد وليس بقول مالك وأصحابه وفي الجواهر وقيل كل من مسكنه دون المقات وفي الجلاب إذا قتل القارن صيدا فجزاء واحد وإن لبس أو تطيب ففدية واحدة ومن أحرم بعمرة وساق هديا تطوعا ثم أدخل الحج على العمرة فهل يجزئه هدي عمرته عن قرانه روايتان نظرا لتعلق الهدي بالعمرة فتجزئ عنه أو إن التطوع السابق لا يجزئ عن الواجب اللاحق اللاحقة الثانية التمتع وهي مأخوذة من المتاع وهو ما ينتفع به كيف كان لقول الشاعر ( وقفت على قبر غريب بقفرة ** متاع قليل من حبيب مفارق ) فجعل وقوف الإنسان بالقبر متاعا والتمتع فيه إسقاط أحد السفرين فإن شأن كل واحد من النسكين أن يحرم به من الميقات وأن يرحل إلى قطره فقد سقط أحدهما فجعل الشرع الدم جابر لما فاته ولذلك لم يجب على المكي لأنه ليس من شأنه الميقات ولا السفر وقال عطاء في الواضحة إنما سميت متعة لأنهم يتمتعون بين العمرة والحج بالنساء والطيب ويرد على الأول أنه لو تحلل من عمرته قبل أشهر الحج فإنه مسقط لأحد السفرين وليس بتمتع وعلى الثاني أن المكي كذلك وليس بمتمتع قال سند ولوجوب الدم فيه شروط أن يكون غير حاضري المسجد الحرام وأن تكون العمرة والحج في سفر واحد وعام واحد في أشهر الحج وتقدم العمرة على الحج والفراغ منها قبل الدخول فيه وقاله الأئمة وزاد صاحب الجواهر أن يقع النسكان عن شخص واحد وزاد الشافعية النية والإحرام بالعمرة من الحل ويدل على الأول ما تقدم في القران وعلى الثاني والثالث قوله تعالى ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ) البقرة 196 وحرف إلى للغاية فجعل آخر العمرة متصلا بالحج فإذا رجع إلى بلده أو مثله في البعد فقد فرق بينهما وقال المغيرة بل إلى موضع تقصر فيه الصلاة وقال ح بل نفس بلده فإنه ما لم يلم بأهله فإنه مترفه بسفره الأول عن سفرتين وجوابه أن الترفه إنما يحصل بقلة السير والترحال ولا فرق بين بلده وما يساويه في ذلك وقال ش بل الرجوع إلى ميقاته فيحرم منه بالحج لأن ما بعد عن الميقاة لا يجب الإحرام منه فلا معنى لاعتبار الخروج إليه أما الميقاة فالخروج إليه معتبر شرعا والنص دل على الدم في حق من وصل العمرة بالحج في سفر وهذا لم يصل فلا يجب عليه دم وجوابه ليس المراد مجرد الاتصال بل الانتفاع بما سقط عنه من السفر وذلك مقتضى لفظ التمتع فيكون السبب هو الانتفاع بالسقوط وهذا قد انتفع فيجب الدم ويتأكذ ما ذكرته بأنه محكي عن ابن عمر من غير مخالف وروي عن مالك إسقاط الدم عنه برجوعه إلى غير أفقه إلا أن يكون غير الحجاز لوجوب السفر وقال ابن أبي زيد إن كان أفقه لا يمكنه الرجوع إليه والعود منه إلى الحج يكفى دونه مما يخاف فيه الفوات ولو أفسد عمرته في أشهر الحج فحل منها ثم حج من عامه قبل قضاء عمرته فهو متمتع وعليه قضاء العمرة قال صاحب الاستذكار في التمتع أربعة مذاهب أحدها أنه ما تقدم وعليه جمهور الفقهاء وأنه المراد بالآية والثاني أنه القران التمتع فيه بسقوط العمل والثالث أنه فسخ الحج في العمرة لتمتعه بإسقاط بقية أعمال الحج والرابع أنه الإحصار بالعدو وفسر ابن الزبير الآية به ولنمهد الفروع على الشروط فنقول الشرط الأول قال في الكتاب إذا كان له أهل بمكة وأهل ببعض الآفاق فقدم معتمرا في أشهر الحج فهو من مشكلات الأمور والهدي أحوط وفي الجواهر قال أشهب إن كان أكثر اقامته بمكة ويأتي غيرها منتابا فلا هدي عليه وإن كان يأتي غيرها للسكني فعليه الهدي قال اللخمي لا يختلف في ذلك وإنما تكلم مالك على مساواة إقامته في الموضعين والمراعي في حضور المسجد وقت فعل التسكين والإهلال بهما وفي الكتاب من دخل مكة في أشهر الحج بعمرة يريد سكناها وحج من عامه فعليه دم التمتع لأنه لم يتصف بسكناها وإنما عزم وقد يبدو له والعزم على الشيء لا يقوم مقامه وقال أشهب في الموازية إن دخل بالعمرة قبل أشهر الحج فهو متمتع وإلا فلا الشرط الثاني اجتماع العمرة والحج في أشهره وفي الكتاب إذا تحلل من عمرته قبل أشهر الحج ثم اعتمر أخرى فيها وتحلل منها ثم حج من عامه فعليه دم المتعة لأنه اسقط أحد السفرين باعتبار العمرة الثانية وإذا فعل بعض العمرة في رمضان وبعضها في شوال ثم حج فعليه الدم ولو لم يبق لشوال إلا الحلاق لم يكن متمتعا وقال ح إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحج كان متمتعا وقال ش وابن حنبل إذا لم يقع إحرام العمرة في شوال فليس بتمتع لنا أن العمرة إنما تعتبر بكمالها وقد وقع في أشهر الحج الشرط الثالث أن لا يرجع إلى وطنه ولا إلى مثله في المسافة وفي الكتاب إذا تحلل من عمرته وهو من أهل الشام فرجع إلى المدينة فعليه دم المتعة إلا أن يرجع إلى مثل أفقه وقد تقدم الكلام على بقية الشروط الستة وأما السابع الذي نقله في الجواهر فلم يجد فيه خلافا وقال سند في الموازية متمتع وإن كان التمتع نسكا عن شخصين ولم يجد هو أيضا خلافا أجراه اللخمي على التكفير قبل الحنث اللاحقة الثالثة فوات الحج وفي الكتاب يجب على كل من فاته الحج أن يتم على عمل العمرة بالإهلال الأول ولا يسمى لها إهلالا ويقطع التلبية أوائل الحرم ولا ينتظر قابلا إلا أن يشاء ما لم يدخل مكة فليطف وليسع ولا يثبت على إحرامه ويقضي حجه قابلا ويهدي قال سند يريد أنه يكره له البقاء على الإحرام خشية ارتكاب المحظورات ولأنه إحرام بالحج قبل ميقاته الزماني بسنة وهو مكروه في اليسير وإذا بقي على إحرامه فروى ابن القاسم لا هدي عليه وروى أشهب عليه استحبابا لمخالفته سنة من فاته الحج وإذا تحلل بعمرة فلا هدي عليه عند ح وفي الكتاب إذا أراد أن يطوف ويسعى قبل أشهر الحج من قابل بحج قابل قال أخاف أن يجزئه قبل خوفه قال سند لاختلاف الناس في إجزاء السعي قبل أشهر الحج على الحج وقيل لم يكن كذلك لأنه قال في الكتاب إذا قرن وسعى قبل أشهر الحج أجزأه لحجه وإنما كرهه ها هنا لأن هذا السعي شأنه أن يكون لعمرة التحلل ويكره جعله ركنا لأن الطواف والسعي لم يتعين بعد لأنه لو شاء أن يتحلل بعد ذلك تحلل بعمرة وعنده له التحلل ما لم تدخل أشهر الحج فكان هذا السعي موقوفا ليس مجزوما بأنه للحج وإذا قلنا بالكراهة فيعيد السعي بعد الإضافة وفي الكتاب يكره لمن فاته الحج فأقام إلى أشهر الحج من قابل أن يتحلل بعمرة فإن فعل أجزأه ثم إن حج من عامه لم يكن متمتعا لأنه لم يبتدئ العمرة في أشهر الحج وإنما هذه رخصة له لقول عمر رضي الله عنه لهبار بن الأسود لما فاته الحج أحل واقض الحج من قابل وأهد قال ابن القاسم إن فسخ حجه في عمرة في أشهر الحج فهو باطل وقال أيضا إن جهل ففعل ثم حج من عامه كان متمتعا ولو ثبت على إحرامه بعد دخوله مكة حتى حج به قابلا أجزأه عن حجة الإسلام ومن فاته الحج فوطئ أو تطيب فعليه ما على المحرمين وعليه هدي الفوات وهدي الفساد في حجة القضاء ويفعل غير ذلك متى شاء قال سند روي عن ابن القاسم في القارن يجامع ثم يفوته الحج عليه أربع هدايا لفواته ولأنه صار إلى عمل العمرة فكأنه وطئ فيها ولقرانه ولقضائه وروي عنه ثلاثة هدايا فإن نحر هدي الفوات والفساد قبل القضاء قال ابن القاسم يجزئه لأنه لو مات قبل ذلك أهدي عنه وهو يدل على تقدم الوجوب وإنما التأخير مستحب وقال أصبغ لا يجزئه وفي الكتاب من فاته حج مفرد أو أفسد حجا مفردا لا يقضي قارنا لتعين الإفراد بالإحرام فإن فعل لم يجزئه ومن فاته قارنا لا يقضي الحج وحده والعمرة وحدها بل قارنا خلافا ل ش وابن حنبل لتعذر القران بالإحرام قال سند قال ابن أبي زيد إن افسد القارن حجه فعليه في الحج الفاسد هدي واحد وفي حجة القضاء هديان وقال ابن أبي زيد إن افسد القارن فقضاه مفردا لم يجزئه وعليه دم القران ودم التمتع ويقضي قارنا ويهدي في القضاء هديين قال سند قال بعض المتأخرين منا إذا افسد القران بعد الطواف والسعي أو فاته فتحلل يقضي مفردا لأنه إنما فاته الحج وحده وقد فرغت عمرته بفراغ سعيه قال وهو غلط لعدم تميز فعل العمرة في القران ولو كان كما قال لوجب الهدي لتأخير الحلاق ولو تمتع ففسد حجه فقضى قابلا قال في الموازية عليه هديان للمتعة والفساد يجعل هدي المتعة ويؤخر هدي الفساد إلى القضاء وقال عبد الملك يقضي الحج والعمرة قابلا قال والأول أبين لأن المتعة نسكان مفترقان فلو تمتع ففاته الحج قال ابن القاسم يسقط عنه دم المتعة وفي الجلاب من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج وليس عليه عمل ما بقي من المناسك بعد الوقوف بعرفة ومن قدم مكة فطاف وسعى عند قدومه ثم مرض فتأخر حتى فاته الوقوف لم يجزئه طوافه وسعيه أولا عن تحلله اللاحقة الرابعة حج الصبي وفيه فصلان الأول في أفعاله وفي الجواهر للولي إن يحرم عن الصبي الذي لا يميز ويحضره المواقيت فيحصل الحج للصبي نفلا والمميز يحرم بإذن الولي ويباشر لنفسه ووافقنا ش وابن حنبل والجمهور وقال ح لا ينعقد إحرامه بإحرام وليه لأنه سبب يلزم الحج فلا يصير الصبي به محرما كالنذر وجوابه أنه ينتقض بالوضؤ فإنه لا يجب عليه بالنذر ويصح منه وفي الصحيحين عن ابن عباس أنه لقي ركبا بعسفان فذكر الحديث إلى أن قال فرفعت إليه امرأة صبيا من محفتها فقالت ألهذا حج قال نعم ولك أجر وقد حج معه صبيان ابن عباس وأنس وغيرهما وقد سلم ح أنه إذا كان يتجنب ما يتجنبه المحرم فيكون محرما وفي الكتاب إذا كان لا يتجنب ما ينهى عنه كابن ثمان سنين فلا يجرد حتى يدنو من الحرم وغيره يجرده من الميقاة خشية تكثير الأول من محظورات الحج وإذا كان لا يتكلم لا يلبي عنه أبوه وإذا نوى بتجريده الإحرام فهو محرم ويجتنب ما يجتنبه البالغ كالصلاة وإذا احتاج إلى دواء طبيب فعله به وفدى عنه فإن الجائز لا يتوقف على التكليف كما يسجد لسهوه في صلاته وإن لم يقو على الطواف طاف به من طاف عن نفسه محمولا على سنة الطواف ولا يركع عنه إن لم يعقل الصلاة لتعذر النيابة فيها شرعا وله أن يسعى عنه وعن الصبي سعيا واحدا بخلاف الطواف لخفة السعي لجوازه بغير وضوء وقد قال ح أنه يجبر بالدم ولا يرمي عنه إلا من رمى عن نفسه لأن الأصل عدم تداخل الأعمال البدنية ويجوز الإحرام بالصغار الذكور في أرجلهم الخلاخل وفي أيديهم الإسورة ذلك لهم من الذهب قال سند لا يحج بالصبي إلا أبوه أو وصيه ومن له النظر في ماله لتعلق ذلك بالإنفاق وجوز ذلك في الكتاب لأمه وخاله وأخيه وعمه وشبههم نظرا إلى شفقتهم ويعضده حديث المرأة السابق وللشافعية في غير الولي قولان فإن أحرم المميز بغير إذن وليه فظاهر قول مالك في العتبية عدم الانعقاد خلافا لأشهب لأنه يؤدي إلى لزوم المال فلا ينعقد وإذا كان الصبي يتكلم لقن التلبية وإلا سقطت كما تسقط عن الأخرس وإذا سقط وجوبها سقط دمها وعلى قول ابن حبيب إنها كتكبيرة الإحرام يلبي عنه وليه كما ينوي عنه وفي الجلاب لا يجرد المرضع ويجرد المتحرك وكره مالك حج الرضيع سؤال الأجير يركع عن مستأجره فيركع الولي عن الصبي فإنه كالأجير حوابه ينتقض بالوقوف فإن الأجير يقف عن المستأجر والولي لا يقف عن الصبي بل يقف به قال ويخرج به يوم التروية ويقف به ويبيت به بالمزدلفة وإن أمكنه الرمي رمى وإلا رمى عنه قال في الموازية إذا فسد حجه فعليه القضاء والهدي وفي الجواهر إذا بلغ الصبي في حجه لم يقع عن حجة الإسلام الفصل الثاني فيما يترتب عليه من المال قال ابن القاسم في الكتاب ليس للأب أو لمن هو في حجره من وصي أو غيره أن يحجه ويزيد في نفقة الصبي إلا أن يخاف ضيعه فيخرجه معه وفي الجواهر إذا لم يخف عليه فالزائد في مال الولي لقوله تعالى ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) الأنعام 152 وحيث كان في مال الصبي فكذلك الفدية وجزاء الصيد وحيث قلنا في مال الولي فكذلك جزاء الصيد وقيل في مال الصبي إلحاقا بالمتلفات في الإقامة قال سند لو كان كراء الصبي ونفقته في السفر قدر نفقته في الإقامة ضمن الولي الكراء لسد خلته في السفر بدون أجرة الكراء وعدم حاجته إليه ولا ضمان على الولي فيما طرأ من صنيع الله تعالى في سفر الصبي معه نحو الموت والغرق والمرض وفي الكتاب ما لزم الصبي من جزاء أو فدية لا يصوم والده عنه ولكن يطعم ويهدي لأن ضمان الأموال ممكن بخلاف الأفعال البدنية الصفحة فارغة
الباب السابع في محظورات الإحرام
وفي التلقين الإحرام يمنع عشرة أنواع لبس المخيط وتغطية الرأس والوجه ولبس الخفين والشمشكين مع القدرة على النعلين وحلق شعر الرأس أو غيره من البدن والطيب وقص الأظفار وقتل القمل وقتل الصيد والوطء في الفرج وإنزال الماء الدافق وعقد النكاح زاد غيره إزالة الشعث بالزينة والتنظيف وكلها تجبر إلا عقد النكاح والإنكاح لأنهما وسيلتان لم يترتب عليها الانتفاع بالمقصد المحرم وغيرهما انتفع فيه فتعين الجابر لتعين الخلل قاعدة قاعدة يحتاج إليها في هذا الباب والباب الذي قبله وكثير من أبواب الفقه وهي أن الجوابر مشروعة لاستدراك المصالح الفائتة والزواجر مشروعة لدرء المفاسد المتوقعة ولا يشترط فيمن وجب في حقه الجابر أن يكون آثما ولذلك شرع الجبر مع العمد والجهل والعلم والذكر والنسيان وعلى المجانين والصبيان بخلاف الزواجر فإن معظمها على العصاة زجرا عن المعصية وقد تكون على غير العصاة دفعا للمفاسد من غير إثم كتأديب الصبيان ورياضة البهائم اصلاحا لهم وقتال البغاة درءا لتفريق الكلمة مع عدم المأثم لأنهم متأولون وقد اختلف العلماء في بعض الكفارات هل هي زواجر لما فيها من مشاق تحمل الأموال وغيرها أو وهي جوابر لأنها عبادات لا تصلح إلا بالنيات وليس التقرب إلى الله سبحانه وتعالى زجرا بخلاف الحدود والتعزيرات فأنها ليست قربات إذ ليست فعلا للمزجورين بل تفعلها الأئمة فيهم ثم الجوابر تقع مع العبادات والنفوس والأعضاء ومنافع الأعضاء والجراح والأموال والمنافع فجوابر العبادات كالتيمم مع الوضوء وسجود السهو مع السنن وجهة السفر في الصلاة والنافلة مع الكعبة وجهة العدو في الخوف مع الكعبة وصلاة الجماعة لمن صلى وحده وأحد النقدين مع دون السن الواجب في الزكاة أو زيادة السن في ابن اللبون مع وصف أنوثة بنت مخاض والإطعام لمن أخر القضاء ولم يصم للعجز والصيام والإطعام والنسك في حق من ارتكب محظوراً من محظورات الحج أو الدم كترك الميقاة أو التلبية أو شيء من واجبات الحج ما عدا الأركان أو جبرا لما فات من السفر أو العمل في التمتع والقران وجبر الدم ثلاثة أيام في الحج وسبعة في غيره وجبر الصيد في الحرم والإحرام بالمثل أو الطعام أو الصيام والصيد المملوك بذلك لحق الله تعالى وبقيمته لحق المالك وهو متلف واحد جبر ببدلين فهو نادر ولم يشرع كشجر الحرم الجائز خلافا للشافعية واعلم أن الصلاة لا تجبر إلا بعمل بدني ولا تجبر الأموال إلا بالمال وتجبر العمرة والحج والصيد بالبدني والمالي معا ومفترقين والصوم يجبر بالبدني بالقضاء وبمال في الإطعام وأما جوابر المال فالأصل أن يؤتى بغير المال مع الإمكان فأن أتى به كامل الذات والصفات برئ من عهدته أو ناقص الأوصاف جبر بالقيمة لآن الأوصاف ليست مثلية أو ناقص القيمة لم يضمن في بعض المواطن لأن الفائت رغبات الناس وهي غير متقومة في الشرع ولا قائمة بالعين وتجبر الأموال المثلية بأمثالها لأن المثل أقرب إلى رد العين الذي هو الأصل من القيمة وقد خولفت هذه القاعدة في صورتين في لبن المصراة لأجل اختلاط لبن البائع بلبن المشتري وعدم تمييز المقدار وفيمن غصب ماء في المعاطش قال جماعة من العلماء يضمن بقيمتة في محل عزته وأما المنافع فالمحرم منها لا يجبر احتقارا لها كالمزمار ونحوه كما لم تجبر النجاسات من الأعيان إلا مهر المزني بها كرها ولم يجبر ذلك في اللواط لأنه لم يقوم قط في الشرع فأشبه القتال والعتاق وغير المحاوم منها يضمن بالعقود الصحيحة والفاسدة والفوات تحت الأيدي المبطلة ولا تضمن منافع الحر بجنسه لأن يده على منافعه فلا يتصور فواتها في يد غيره ومنافع الأبضاع تجبر بالعقد الصحيح والفاسد والشبهة والإكراه ولا يجبر بالفوات تحت الأيدي العادية والفرق أن قليل المنافع يجبر بالقليل من الجابر وكثيرها بكثرة وضمان البضع بمهر المثل وهو يستحق بمجرد الإيلاج فلو جبر بالفوات لوجب ما لا يمكن ضبطه فضلا من القدرة عليه فأن في كل ساعة يفوت فيها من الإيلاجات شيء كثير جدا وهذا بعيد من قواعد الشرع وأما النفوس فأنها خارجة من هذه القوانين لمصالح تذكر في الجنايات أن شاء الله تعالى ثم نشرع في تمهيد فقه أنواع المحظورات فنقول النوع الأول لبس المخيط وليس المراد خصوص المخيط بل ما أوجب رفاهية للجسد كان مخيطا أو محيطا كالطير أو جلد حيوان يسلخ فيلبس وقد لا يمنع المخيط إذا استعمل استعمال غير المخيط كوضع القميص على الظهر أو ما يؤتزر به وقد تقدم في باب الإحرام سؤاله عما يلبس المحرم وما نبه عليه بذكر كل نوع على جنسه وفقه ذلك كله ونبين هنا ما يحرم مما لا يحرم تفريعان الأول في الكتاب يكره إدخال المنكبين في القباء واليدين في كمية لأنهم اتفقوا على أن الطرح على الظهر لا شيء فيه ووافقنا ش وابن حنبل في ادخال المنكبين وسواهما ح بالطرح على الظهر لنا أن لبسه بالمنكبين في العادة يوجب الفدية قال وله طرح قميصه على ظهره وارتداؤه به لأنه ليس لبسا له عادة ولا يزرر الطيلسان عليه ولا يجلل كساءه فإن طال ذلك حتى انتفع به افتدى لأن العقد كالخياطة كما تجب الفدية في العمامة قال ويجوز للمحرمة وغير المحرمة من النساء لبس الحرير والحلي والسراويل ويكره لهن القباء لأنه يصف قال سند اختلف أصحابنا في تحريم الزينة فيها كالكحل والحلي النساء قياسا على الطيب وكراهتها لآنها عبادة لها تحريم وتحليل فلا تحريم الزينة فيها كالصلاة أو يفرق وهو المشهور بين ما ظهر كالكحل وما بطن كالحلي قال والأصل حل الزينة لعدم منع السنة إياها بل هي كلبس المرقومات وأجناس الملونات والخاتم يلحق بالقلنسوة لإحاطته قال ابن حبيب والإجماع على الرخصة للمرأة في الخفين والسراويل ووافقنا ش وابن حنبل في منعها من القفازين خلافا ل ح لنا نهيه إياهن في إحرامهن عن القفازين وبالقياس على الوجه وخالف ابن حبيب في إفتدائها لهما والأصل في أن اللبس اليسير لا يوجب فدية ما في الصحاح أن رجلا أتى النبي وهو بالجعرانة وهو مصفر لحيته ورأسه وعليه حبة فقال يا رسول الله أحرمت بعمرة وأنا كما ترى فقال له انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة وما كنت صانعا في حجرك فاصنعه في عمرتك قال والمعتبر في الطول دفع مضرة أو حر أو برد طال أو قصر فأن لم يقصد دفع ضرر فكاليوم لحصول الترفه قال ش لا فدية على الناسي والجاهل بخلاف العامد طال الزمن أو قصر وقال ح الاعتبار بيوم كامل أو ليلة لأنه لما قيل له ماذا يلبس المحرم إنما سئل عن اللبس المعتاد وقلة ذلك عادة يوم أو ليلة لنا على ش أن الفدية جابرة لما وقع من خلل الإحرام والجابر لا يتوقف على القصد كقيم المتلفات وإنما يؤثر العمد في الإثم وعلى ح أن اللبس يصدق لغة على اللحظة وما ذكره من العادة عرف فعلي لا قولي فلا يقضي على الأقوال بالتخصيص أو التقييد كما لو حلف المالك أن لا يدخل بيتا فدخل بيوت العامة حنث وأن كانت عادته القصور والقلاع نعم إذا غلب استعمال اللفظ في شيء قضي عليه به لأنه ينسخ وضعه الأول ويصير موضوعا للثاني فيحمل عليه وفرق بين غلبة استعمال اللفظ وبين غلبة مباشرة بعض أنواع مسماه ولا خلاف في دخول تحت السقف والخيمة واختلف في تظللة بالجمل أجازه مالك والجمهور ومنعه سحنون واختلف في استظلاله إذا نزل في بثوب على شجرة فمنعه مالك لما فيه من الترفه وجوزه عبد الملك قياسا على الخيمة وأما الراكب فلا يختلف في منعه من ذلك وهو راكب عندنا وعند ابن حنبل لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما رأى رجلا جعل على رجله عودا له شعبتان وجعل عليه ثوبا يستظل به وهو محرم فقال له اضح للذي أحرمت له أي ابرز للشمس وجوزه ش و ح في المحمل وعلى الأرض لما روت أم الحصين فقالت حججت مع النبي فرأيت أسامة وبلال أحدهما آخذ بزمام ناقته والآخر رافع ثوبه من الحر يستره حتى يرمي جمرة العقبة وجوابه أن هذا يسير وإنما النزاع في الكثير وفي الجواهر قال الرياشي رأيت أحمد بن المعدل الفقيه في يوم شديد الحر ضاحيا للشمس فقلت له يا أبا الفضل هذا أمر مختلف فيه فلو أخذت بالتوسعة فانشأ يقول ( ضحيت له كي استظل بظله ** إذا الظل أمسى في القيامة قالصا ) ( فيا أسفا أن كان سعيك باطلا ** ويا حسرتا أن كان حجك ناقصا ) وقال مالك في الرجل يعادل المرأة في المحمل لا يجعل عليها ظلا وعسى أنه يكون خفيفا وروى أشهب تستظل هي دونه وقاله ابن القاسم وقال اللخمي أن لم يكشف المحارة أفتدى ولا يستظل تحتها أن كان نازلا فأن فعل اقتدى ولا بأس أن يكون في ظلها خارجا عنها ولا يمشي تحتها واختلف إذا فعل هذا وفي جواز الخاتم قولان الثاني في الكتاب إذا شد منطقتة فوق إزاره افتدى وأما من تحته فلا وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تشد الهميان على وسطها لضرورة حفظ النفقة ولا يحتزم بحبل إذا لم يرد العمل فإن فعل افتدى لما فيه من الرفاهية بضم القماش للجسد ويكره جعل النفقة في العضد أو الفخذ أو الساق من غير فدية لأنه خلاف المعتاد فإن جعل نفقة غيره افتدى فإن شد نفقته ثم أودع نفقته فضمها إليها أو التجأ لتقليد السيف فلا فدية وأن شد جراحه بخرق أو عصب رأسه من صداع أو وضع على صدغيه للصداع افتدى فإن ألصق على القروح خرقا صغارا فلا شيء عليه قال سند قال أصبغ في شد النفقة على العضد الفدية ويعفى عن السيف لما في أبي داود صالح النبي أهل الحديبية على أن لا يدخلوا إلا بجلبان السلاح يعني القراب بما فيه فأن حمله من غير خوف قال مالك لا فدية فيه لأنه لا يصير كالشد وقال اصبغ فيه الفدية لما فيه من لبس المخيط ولو شد فوق مئزره مئزرا قال محمد يفتدي إلا أن يبسطهما ويتزر بهما واختلف قول مالك في الاستغفار عند الركوب والنزول بالكراهية والجواز وقال الشافعية لا فدية في عصائب الجراح في غير الرأس لأنه لا يمنع من تغطية غير الرأس إلا المخيط وخرج بعض المتأخرين منا ذلك على قول في الجرح اليسير والفرق على المشهور بين المنطقة والحمل على الرأس للضرورة وبين شد الجراح أن الأولين ببضرورة فيها عامة فيجوز مطلقاً كالقصر في السفر والمشقة في الجراح خاصة فلا تباح مطلقا كأكل الميتة لا تباح إلا للمضطر وقد تقدم في الإحرام بعض هذه الفروع الفرع الثاني تغطية الرأس والوجه وفي الكتاب إذا غطى المحرم رأسه ناسيا أو جاهلا ونزعه مكانه فلا شيء عليه وأن انتفع به افتدى والمحرمة في تغطية وجهها كالرجل ولها شد ردائها من فوق رأسها على وجهها للستر وإلا فلا لحديث عائشة رضي الله عنها كان الراكبان يمرون بنا ونحن مع النبي محرمات فإذا حاذونا سدلت احدانا من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه قال ابن القاسم ما علمت مالكا يأمرها بتجافيه عن وجهها وأن رفعته من أسفل وجهها افتدت لأنه لا يثبت حتى تغرزه بخلاف السدل وتفتدي في الرفع والقفازين قال سند إذا لطخ رأسه بالطين افتدى كالعمامة وسواء غطى جميع رأسه أو بعضه خلافا ل ح في قوله لا يوجب الفدية إلا عضو كامل لأن الانتفاع يحصل في البعض فتجب الفدية ولو نقض رأسه بمنديل أو مسه بيده من الحر أو وضع على رأسه أو ستر وجهه بيده من الشمس أو وارى بعض وجهه بثوبه قال مالك لا شيء عليه لأن ذلك لا يدوم وكره مالك كب الوجه على الوسادة بخلاف الخد وفي الكتاب إذا جر المحرم لحافه على وجهه وهو نائم فانتبه فنزعه فلا شيء عليه وأن طال بخلاف المستيقظ لأن الرفاهية مشروطة بالإدراك عادة وهو غير مدرك فإن غطى رأسه أو وجهه أو طيبه أو حلق رأسه فانتبه فلينزع ذلك والفدية على الفاعل دون النائم لجنايته على الإحرام فليزم موجب الجناية ولو قتل صيدا فكالنقصان لتحقق الجناية منه بخلاف الترفه قال سند على قول مالك في الواطئ في رمضان كرها لا كفارة عليها ولا عليه عنها لا فدية ها هنا وإذا قلنا بالفدية فيرعى بقاء ذلك مدى تحصيل الانتفاع فيها فلو طيب محرم محرما ففدية عند ابن أبي زيد وفديتان عند ابن القاسم ليس لترفه الفاعل والمفعول ولو سقط عليه طيب أو تدحرج ثم استيقظ فنزعه فإن استدام افتدى ولو تقلب في نورة أو وقعت على رأسه فحلقته افتدى لبقاء ذلك بعد اليقظة وفي الكتاب للرجل أن يحمل على رأسه ما لا بد له منه كالخرج والجراب فإنه حمله لغيره بأجر أو بغير أجر فعليه الفدية لدفع الحر عنه والبرد بذلك وخروجه عن موضع الرخصة وقاله ح ش ولا يحمل على رأسه تجارة له لعدم الضرورة وإذا جعل في أذنيه قطنا لأمر وجده فيهما افتدى لأنهما من الرأس فلا يغطيان وفي الجواهر إذا غطى المحرم وجهه فلا فدية وروي عنه الفدية بناء على كراهة التغطية وتحريمها النوع الثالث لبس الخفين والشمشكين مع القدرة على النعلين وقد تقدمت فروعها في الإحرام النوع الرابع حلق الشعر والأصل فيه قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) البقرة 196 تقديره فحلق ففدية والمرض القروح والأذى القمل وألحق الفقهاء بالرأس الشارب والإبط والعانة وإزالة سائر الشعث وخصصه أهل الظاهر بالرأس لنا أن إماطة الأذى في العانة والإبط أكثر فيكون مثل قوله تعالى ( فلا تقل لهما أف ) الإسراء 23 من باب التنبيه بالأدنى على الأعلا والفدية عندنا متعلقة بإزالة الأذى فيه فما لا إطعام وقال ش وابن حنبل تجب الفدية كاملة بثلاث شعرات لأن تقدير الآية لا تحلقوا شعر رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله والشعر جمع وأقله ثلاثة وقال ح يجب في ربع الرأس على أصله في الوضوء وجوابهم أن اسم الجنس إذا أضيف عم كقوله ما لي صدقة فتكون الفدية مرتبة على حق الجميع أو ما هو في معناه في تحصيل الرفاهية وهو المطلوب تفريع في الكتاب إن حلق المحرم رأس حلال افتدى قال ابن القاسم بل يتصدق بشيء من طعام فإن حلق موضع المحاجم فأن تيقن عدم قتل الدواب فلا شيء عليه ومنع ح حلق الحرام شعر الحلال ولو أمن قتل الدواب بأن يحلق ساقه لقوله تعالى ( ولا تحلقوا رؤسكم ) البقرة 196 ومعناه لا يحلق بعضكم رؤوس بعض وجوزه ش مطلقا قياسا على شعر البهيمة والجواب عن الأول أن الآية خطاب للمحرمين فلا تتناول محل النزاع وعن الثانية الفرق بأن الحلق في صورة النزاع يؤدي إلى محظور وهو قتل الدواب فيكون وهو محظورا قال سند إذا حلق شعر حلال أو قصه أو نتف إبطه ولم يقتل دواب فلا شيء عليه على المعروف من المذهب فأن قتل دواب يسيرة أطعم شيئاً من طعام أو كسوة أو شك افتدى عند مالك وقال ابن القاسم يطعم واختلف في تعليل الفدية فقال بعض البغدادين هي على الحلاق وقال عبد الحق للدواب قال وهو الأظهر لقوله لكعب بن عجرة أتوذيك هوام رأسك قال نعم قال احلق وانسك بشاة أو صم ثلاثة أيام أو أطعم . . . الحديث وراعى ابن القاسم ما يقابل الهوام وهو غير متقوم فيجب شيء من طعام قال مالك ولا يحلق شارب حلال ولا حرام بخلاف الدابة إذا أمن الفواد لما فيه من الرفاهية وفي الكتاب يجوز له حلق موضع محاجم محرم أخر ويحجمه إذا أمن قتل الدواب والفدية على المفعول به إن دعت لذلك ضرورة وإلا فلا وأصل أخر الحجامة ما في الصحاح أنه احتجم بطرق مكة وهو محرم وسط رأسه وأجازه الأئمة في غير ضرورة ومنعه مالك في الموطأ إلا لضرورة لما في الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول لا يحجم المحرم إلا إن يضطر إليه ولأن فيه شد المحاجم وهو ممنوع منه قال سند وروي عن مالك لا فدية عليه في الحجامة ما لم يحلق لها شعر لقول ابن عمر رضي الله عنهما من احتجم لضرورة فلا شيء عليه ولأنها لو وجبت الفدية من ضرورة لوجبت مع عدم الضرورة كالعصائب والفرق بينهما وبين العصائب والجبائر أنها لا تدوم بخلاف الجبائر ولا تكره الفصادة بشد العصابة وتجب بها الفدية قال مالك وله أن يبطء جرحه ويحك رأسه حك رفيقا وإذا دعاه محرم لحلق رأسه أو موضع المحاجم من غير ضرورة فلا يجيبه لأنه إعانة على منكر فإن فعل وكان محرما وأمن قتل الدواب ففي الكتاب الفدية على المفعول به وقاله ش وقال ح على الحالق صدقة كشعر الصيد والحكم في الأصل ممنوع والفرق بين هذا وبين ما إذا أمره بقتل صيد فإن الجزاء على القاتل دون الأمر أن الشعر تحت يد صاحبه فهو كالمستعير والمودع إذا تلف في يده بأمر ضمنه وفي الصيد ليس تحت يد واحد منهما فتغلب المباشرة على التسبب وفي الجواهر إذا خلل لحيته في وضوئه أو غسله فسقط بعض شعره فلا شيء عليه وتكمل الفدية بحلق ما يترفه به ويزول معه الأذى وإلا أطعم شيء من طعام وإن نتف ما يخفف به عن نفسه أذى وإن قل افتدى قال ابن القاسم ولا يحد مالك فيما دون الإماطة أقل من حفنة بيدا واحدة وكذلك في قملة أو قملات والنسيان لا يكون عذرا في الحلق وإن أكره حلال حراما فالفدية على الحلال وإن حلق محرم رأس حلال قال مالك يفتدي وقال ابن القاسم يجزئه شيء من الطعام لمكان الدواب وفي الكتاب أن نتف شعرة أو شعرات يسيرة أطعم شيئا من طعام وإن كان جاهلا أو ناسيا فإن نتف ما أماط به أذى افتدى ولا شيء فيما أزاله الشرج أو الإكاف من ساقه لعموم البلوى النوع الخامس الطيب وفي الكتاب يكره له شم الطيب والتجارة فيه وإن لم يمسه والمرور في العطارين ومواضع الرياحين من غير فدية وقاله ش و ح لقصوره على محل الإجماع الذي هو مس الطيب ومن مس الطيب بيده افتدى لصق به أم لا لحديث الأعرابي المتقدم ولا شيء فيما لصق به من خلوق الكعبة لعموم إصابة الناس ولا تخلق الكعبة أيام الحج ويقام العطارون من بين الصفا والمروة أيام الحج ويكره الغسل بالأشنان المطيب بالريحان من غير فدية إلا أن يكون مطيبا بالطيب فيفتدي قال سند الطيب مؤنث كالمسك والورس ففيه الفدية عند الجميع ومذكر ينقسم إلى ما يوضع في الدهن كالورد وإلى ما لا يوضع كالريحان والمردوش والكل يختلف فيه فعند مالك و ح لا فدية وعند ش الفدية لأن جابرا سئل أيشم المحرم الريحان فقال لا لنا أن عثمان بن عفان رضي الله عنه سئل عن المحرم أيدخل البستان قال نعم ويشم الريحان والقياس على العصفر والتفاح والفواكه وأما الحشائش كالزنجبيل والشيح والإذخر ونحوه فلا فدية عند الجميع وهو كالتفاح والأترج ولا فرق في الفدية بين عضو أو دونه وقاله ش وابن حنبل وقال ح لا بد من عضو كامل كالرأس والفخذ والشارب لأنه المعدود تطبيا عادة وهو ممنوع وفي الكتاب يكره للمحرم والحلال شرب ما فيه كافور للترف فأن شرب المحرم دواء فيه طيب وأكل طعاما فيه طيب افتدى وإن كان طعاما مسته النار قال سند أما السرف في الكافور في الماء فمحمول على كونه على الثمن وإلا فتطييب الماء من أغراض العقلاء وقد كان الماء يستعذب له من بيوت السقيا وبينها وبين المدينة يومان وظاهر المذهب أن الطبخ يبطل حكم الطيب وإن بقيت رائيحته وقاله ح واشترط ابن حبيب و ش ذهاب الريح وعدم علوقه باليد والفم واختلف أصحابنا في التعليل فقال الأبهري لأن النار غيرت فعل الطيب وقال عبد الوهاب بالطبخ خرج من كونه طيبا ولحق بالطعام فعلى قول الأبهري يؤثر الطبخ بانفراده وعلى قول القاضي لا بد من عليه الامتزاج وأما إذا خلط بطعام أو شراب فأن استهلك فلا أثر له عند الجميع وإن لم يستهلك فروي عن مالك لا شيء عليه وقال ح وفي الجواهر إذا حمل قرورة مسك مشدودة الرأس فلا فدية ويوجب الطيب الفدية عمدا وسهوا وجهلا واضطرارا ومن طيب نائما فليزله إذا انتبه فإن خرج افتدى وعلى فاعله به الفدية بالنسك أو الطعام دون الصيام لتعذر النيابة فيه فأن كان معدما افتدى المحرم ورجع على الفاعل إذا أيسر بالأقل من ثمن الطعام أو ثمن النسك وإن صام لا يرجع عليه بشيء النوع السادس قص الأظفار وفي الكتاب إن قلم ظفره جاهلا أو ناسيا أو قلم له بأمره افتدى فأن فعل به مكرها أو نائما فالفدية على الفاعل من حلال أو من حرام وإن قلم ظفرا واحدا لإماطة الأذى افتدى وإن لم يمط عنه به أذى أطعم شيئا من طعام وإن انكسر ظفره فقلمه فلا شيء عليه لغلبة ذلك في الأسفار وروى ابن وهب عن ابن مريم قال أنكسر ظفري وأنا محرم فتعلق آذاني فذهبت إلى سعيد بن المسيب فسألته فقال اقطعه ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) البقرة 185 وإذا توقفت مدواته على قص أظفاره قصها وافتدى كإزالة الشعر للأذى وإذا قلم أظفار حلال فلا شيء عليه قال سند إن قلم أظفاره غيره وهو ساكت من غير أمر ولا اكراه أو حلق شعره فالفدية عليه لأنه راض وقال بعض الشافعية الفدية على الفاعل لأنه لم يأمره فهو كما لو ألقى عليه حجرا وهو ساكت فإنه يضمنه والفرق أن الأول راض بشهادة العرف بخلاف الثاني والذي انكسر ظفره إن قصه جميعه ضمنه كمن أزال بعض ظفره افتدى وأوجب ح في اظفر الهدي ومنع التخير ولا خلاف في تكميل الكفارة في جميع الأظفار أو في أصابع عضو وقال مالك في ظفرين الفدية وأوجب أبن القاسم في الظفر الواحد الفدية قال في الموازية لا شيء عليه في الظفر الواحد إلا أن يميط به أذى وقال أشهب يطعم شيئا وروي عن مالك يطعم مسكينا وقال ح لا يجب كمال الفدية إلا في خمسه أظفار من يد واحدة وأوجبها ش في ثلاثة فما دون ذلك يطعم عن كل واحد مدا لنا أنه اماط الأذى فتجب الكفارة بحلق بعض الرأس قال وينبغي إذا أراد أن ينسك أن يجزئه لأنه كمال الفدية أو صام يوما أن يجزئه وإن أطعم مسكينا فينبغي أن يطعمه مدين لأنه الإطعام في باب الفدية وإذا وجب الإطعام لظفر فأطعم ثم قلم آخر أطعم أيضا ولا يكمل الكفارة بخلاف قصها في فور واحد لأن الجناية الأولى قد استقرت قبل الثانية النوع السابع قتل القمل وفي الكتاب في القملة والقملتين حفنة من طعام وفي الكثير الفدية النوع الثامن قتل الصيد ولتحريمه سببان والإحرام والحرم السبب الأول الإحرام لقوله تعالى ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) المائدة 95 والحرم جمع محرم والمحرم من دخل في الحرم وفي الحرمات كقولنا أصبح وأمسى وأنجد وأتهم إذا دخل في الصباح أو المساء أو نجد أو تهامة فتناولت الآية السببين ومنه قول الشاعر ( قتلوا ابن عفان الخليفة محرما ** فدعا فلم أرى مثله مظلوما ) أي في حرم المدينة وفي الشهر الحرام وهو ذو الحجة ويترتب الحكم على الوصف يدل على غلبة ذلك الوصف لذلك الحكم فيكون الإحرام والحرم سببين ويتمهد ويتبين الفقه بيان حقيقة الصيد المعصوم والأفعال الموجبة للضمان وجواز الأكل من لحمه والجزاء المرتب على الضمان فهذه أربعة فصول الفصل الأول في حقيقة الصيد المعصوم وفي الجواهر الصيد إما يحري فيباح فلقوله تعالى ( أحل لكم صيد البحر وطعامه ) المائدة 99 وسيأتي فيه تفصيل وأما بري فيحرم إتلافه جميعه أما أكل لحمه وما لم يوكل كان متأنسا أو متوحشا مملوكا أو مباحا ويحرم التعرض لأجزائه وبيضه ويلزم الجزاء بقتله وبتعريضه للتلف إلا أن تعلم سلامته إلا ما في قوله في الصحاح خمسة من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرام الحدأة والغراب والعقرب والفأرة والكلب العقور فائدة الفسق في اللغة الخروج ومنه فسقت النواة عن الثمرة أي خرجت عنها وسمي العاصي فاسقا لخروجه عن طاعة الله وهذه الخمس سمين فواسق لخروجهن عن الحيوانات في الأذى قال والمشهور قتل الحدأة والغراب وإن لم يبديا الأذى وروي المنع وقال ابن القاسم إن آذت قتلت وإلا فلا تقتل وإن قتلت فلا شيء فيها وقال اشهب إن قتلها من غير ضرر وداهما والمشهور حمل الكلب على المتوحش فيندرج فيه الأسد ونحوه وقيل الإنسي المتخذ وفي الطراز الحيوان المتوحش في حق المحرم ثلاث أقسام مباح القتل وهو ما كان ضررا من كل وجه كالحية والعقرب والكلب العقور ونحوها ومحرم القتل وهو ما يبلغ الضرر كصغار أولاد السبع وقال ش كل ما لا يأكل لحمه يجوز للمحرم قتله إلا ما لم يبلغ الضرر كصغار أولاد السباع وقال ش كل ما يؤكل لحمه يجوز للمحرم قتله إلا ما تولد من نوعين نحو السبع والبزاة المتولد بين المعز الوحشية والأهلية ولا جزاء عليه فيما يجوز له قتله وقال ح كل ما عدا الخمس التي في الحديث فيه الجزاء إلا الذئب فإنه سئل عما يقتل المحرم فقال خمس فاقتصر عليها لنا على الفريقين تنبيهه بقوله والكلب العقور نبه بالعقر على صفة الأذى الموجود في السباع بل هو فيها أشد وفي أبي داود الكلب العقور والسبع العادي وقد دعا إليه على عتيبة ابن أبي لهب اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فافترسه الأسد ولأن الكلب المعروف لا تعلق له بالإحرام منعا موا إباحة ولو قتله المحرم وليس بعقور لا شيء عليه كما لو قتل حماره فدل ذلك على أن المراد التنبه على صفة العقر الموجودة في غيره ولأن ذكر هذه خمسة كذكره الأنواع الستة في حديث الربا والعيوب الأربعة في الضحايا فيطرد الحكم في معانيها وينعكس بدونها كما في ذينك المواطنين تفريعات الأول في الكتاب ليس على المحرم في قتل سباع الوحش التي تعدو وتفترس وإن لم تبتدئ شيء ولا يقتل صغار أولادها التي لا تعدو قاله ح خلافا ل ش ويكره له قتل الهر الوحشي والثعلب والضبع فإن فعل ضمنها إلا أن يفتدياه ويكره قتل سباع الطير وغير سباعها وعليه الجزاء إلا أن تعدوا ويجوز صيد البحر والأنهار والبرك وعليه في طير الماء الجزاء وفي الطراز قال أشهب عليه في صغار الأسود ونحوها الجزاء ولمالك في قتل الذئب روايتان لأنه أضر من الثعلب وقتله حسن وهو قول الأئمة وعنه في القرد والخنزير روايتان وتردد ابن المواز في خنزير الماء قال والصواب أنه من صيد البحر وعند ابن حبيب في الدب الجزاء ومنع مالك قتل المحرم الوزغ من إباحة قتلها في الحرم والفرق أن الإحرام سريع الزوال ولو لم تقتل في الحرم لكثرت فإن قتلها تصدق بمثل ما تصدق في شحمة الأرض واتفق مالك والأصحاب والأئمة على قتل الفأر ويلحق به ابن عرس وما يقرض الأثواب من الدواب ويلحق بالعقرب الزنبور والرتيلاء ويقتل صغار الفأرة والحية والعقرب وإن لم يوذين بخلاف الأشبال والفرق من جهين أنهن يؤذين بخلاف الأشبال وتصدق اسم كبارها عليها بخلاف الكلب العقور والسبع الضاري الوارد في لفظ الحديث وكذلك صغار الغربان لا تقتل فإن فعل وداها عند أصبغ وأوجب اصبغ الجزاء في الضبع والثلعب والهر وإن عدت وقاله أشهب في سباع الطير والجمهور على قول ابن القاسم لأن الصيال يسقط حرمة الإنسان فأولى غيره من الحيوان وأما الصيد فما اختلف في احتياجه إلى الذكاة يختلف في ديته الرومية الثاني في الكتاب كره مالك ذبح المحرم الحمام الوحشي وغير الوحشي والحمام الرمي التي لا تطير لأن أصلها يطير ويصاد وأجاز ذبح الأوز والدجاج لأنها لا تطير حتى تصاد قال سند قال مالك ليس في الحمام المتخذ في البيوت جزاء كالدجاج وقال أصبغ عليه الجزاء كالصيد إذا تأنس وأما حمام الأبرجة فحكمها حكم الصيد قال ولا يذبح فراخها محرم ولا يأكل ما ذبح له وكل ما صيد واستأنس من الأوز والحجل والقط ونحوه فلا يحل لمحرم ذبحه وما يتناسل في البيوت وليس له نهضة الطيران من البط والإوز ونحوه فله ذبحه كالدجاج وما نهض للطيران لم يذبح كالحمام وفي الموازية قال مالك في الذباب يكثر حتى يطأ عليه فليطعم مسكينا أو مسكينين وقال بعد ذلك لا يطعم لأنه عرض نفسه لإتلافه ويمنع من لبن الصيد كما يمنع من بيضه فإن وجد محلوبا فلا شيء عليه كلحم الصيد وقال ح إن حلبه فتقص ضمن ما نقص وقال ش يضمن اللبن بقيمته كالبيض ولا يضمن عندنا لأنه ليس من أجزاء الصيد ولا يكون منه صيد والأصل براة الذمة وفي الكتاب إذا فسد وكر طائر فلا شيء فيه إلا أن يكون فيه بيض أو فراخ فعليه ما تقدم بيانه لتعريضهما للهلاك وإن طرح جنين صيد ميت وسلمت أمه فعليه عشر قيمتها فإن ماتت بعد ذلك فعليه جزاؤها أيضا الفصل الثاني في موجب الضمان قاعدة أسباب الضمان في الشريعة ثلاث الإتلاف أو التسبب للإتلاف أو وضع اليد التي ليست مؤمنة كيد الغاضب والمشتري في الخيار وإذا اجتمع التسبب والمباشرة غلبت المباشرة إلا أن تكون معمورة كقتل المكره وتقديم السم لإنسان فأكله وإذا لم يترتب على السبب مسببه سقط اعتباره وعلى هذ القاعدة تخرج فروع هذا الفصل والجنايات والضمانات تفريعات سبعة الأول في الكتاب لا شيء في الصيد إذا جرح وسلم وقال ابن القاسم ولو زمن ولم يلحق بالصيد ففي الجلاب عليه جزاؤه وقاله ح وش فلو رمى على شيئين قال ابن القاسم في الكتاب لا شيء عليه لأن الضمان رتبه الله تعالى على القتل وقد سماه كفارة والكفارة لا تتبعض على أجزاء المكفر عنه قال سند وقال اشهب وش عليه ما نقص بناء على أن الجراحات والجوابر تتبعض كقيم المتلفات والمشهور أنه كفارة لوجوب كفارات عدة على قتله صيد واحد كالشركاء في قتل المسلم قال وعلى هذا يخرج إذا من قطع عضوا من أعضائه وسلمت بقيته قال ابن الجلاب لا شيء عليه وقيل عليه بقدر النقص وإذا قلنا يضمن ما نقص ففي غير الهدي لتعذر تبغيض الهدي بل يضمن طعاما أو صياما وقال ش إن نقص قيمتهعشر قيمتة شاة وهو على أصله في تقويم المثل من النعم لمزيد الإطعام وعندنا يقوم الصيد نفسه وإن برئ من غير شين فعلى رأي ابن حبيب يطعم لأنه قال يطعم إذا نتف ريش طائر أو مسكه حتى تنسل وعلى قول مالك في الطائر إذا نتف ريشه بحبسه حتى ينسل يحبس الصيد ها هنا إذا كان الجرح مخوفا وليس هو مثل الصيد الممنوع لأن هذا إمساك حفظ لا إمساك تملك وأن أرسله والجرح عظيم قال في الكتاب عليه الجزاء ولم يحدد الجرح وقال عبد الملك إن كان يتيقن موته ضمن وإذا قلنا بالجزاء فليؤخره ليلا يكفر قبل فوت الصيد فإن كفر ثم عطب الصيد فعليه جزآن قال عبد الملك إلا أن يتيقن أن عطبه من غير الجراحة فإن شك إضافة للجراحة لأن الأصل عدم سبب آخر فإن قتله بعد الجراحة أخر قال أشهب الجزاء عليهما قال محمد إن كان فور واحد بخلاف الإنسان يجهز عليه غير من جرحه لأن الصيد لو لم يقتله الثاني لزم الأول الجزاء فلو حبسه ليبرأ فحل قبل برئه فعلى رأي أشهب لا يضمنه ولو ذبحه بعد ذلك وقال ابن القاسم يضمنه إن خاف هلاكه ولو جرحه ثم قتله من فوره أو قبل الأمان من الجرح الأول فجزاء واحد قال محمد وإن برئ من الأول فجزآن الثاني في الكتاب إذا تعلق بأطناب فسطاطه صيد فعطب أو حفر بئرا للماء فوقع فيها صيد فعطب فلا جزاء فيه لأن ذلك من فعل الصيد وفي الجلاب عن ابن قاسم عليه الجزاء في الفسطاط كما لو جاز الطائر على رمحه المركوز فعطب ووجه المذهب أن هذا لا يضمن دية الآدمي فلا يضمن الصيد وإذا أخذ المحرم بيضا فحصنه حتى خرج فراخا وطار فلا شيء عليه فإن جعله مع بيض وحش فنفر الوحش وفسد الجميع ضمن الجميع الثالث في الكتاب إذا رأى الصيد محرما فهرب منه وفزع ومات في هربه فعليه جزاؤه لأن رؤيته مكرهة له على الهرب بخلاف حفر البئر قال ابن القاسم ولو نصب شركا ليصيد به ما يفترس غنمه فعطب فيه صيد ضمنه كمن حفر بئرا للسارق فعطب فيها غير السارق وداه قال ابن يونس قال ابن سحنون لا شيء عليه لأن العطب من قتل الصيد الرابع في الكتاب إذا أمر المحرم عبده بإرسال صيد كان معه فظن العبد أنه أمره بذبحه فذبحه قال ابن القاسم على السيد جزاؤه لأنه عطب تحت يده ولو أمره فأطاعه في الذبح فعليهما جميعا الجزاء وإن دل محرم محرما أو حلالا على صيد فقتله فليستغفر الدال الله ولا شيء عليه وكذلك إن أشار إليه أو أمره إلا أن يكون المأمور عبده فعليه الجزاء وعلى العبد جزاء آخر إن كان محرما وقاله ش وقال ح على الدال جزاء وعلى المدلول آخر إن كان محرما وإلا فعلى الدال فقط وقال ابن حنبل عليهما جزاء واحد إن كانا محرمين أو على المحرم منهما قال ابن يونس وقال أشهب إن كانا محرمين فعلى كل واحد منهما جزاء لأنه أمر أمرا محرما والمدلول حلالا فلا شيء على الدال لأنه لم يأمر المحرم قال سند وروي عن أشهب الفدية وإن كان المدلول حلالا وإذا قلنا لا جزاء عليه فلا يأكل منه فإن فعل فعليه الجزاء قال عبد الوهاب لما في الصحيحين في حديث أبي قتادة قال ما منكم أحد أمره وأشار إليه وفي الجواهر لو دل على صيد عصى ولا جزاء عليه وقيل عليه وقيل يختص بدلالة المحرم دون الحلال وقيل بالعكس الخامس في الكتاب وإذا اجتمع محرومون على قتل صيد أو مخلوق على قتل صيد في الحرم أو محل وحرام فقتلا في الحرم فعلى كل واحد جزاء كامل وقاله ح وقال ش على الجميع جزاء واحد والخلاف بنبني على أنه كفارة أو قيمة وقد تقدم تقريره وإذا جرح محرم صيدا فغاب عنه فعليه جزاؤه قال ابن القاسم قال مالك إذا جرح محرم صيدا فغاب عنه فعليه جزاؤه قال سند يريد أن مالكا أوجب الجزاء بمجرد الجرح وكل واحد منهم جارح قال وإذا أمسك محرم صيد البر لمثله فقتله حرام فعلى القاتل جزاؤه أو حلال فعلى الممسك جزاؤه وإن أمسكه لمن يقتله فقتله محرم فعليهما جزآن أو حلال فعلى المحرم جزاؤه وحده قال سند إن أراد إرساله فقتله حلال وكان ملك المحرم على الصيد متقدما فيختلف في ضمانه لربه بقيمته فروى ابن القاسم فيمن أحرم وبيده صيد فأرسل فلا ضمان عليه وروى أشهب يضمنه بقيمته ومنشأ الخلاف أن الإحرام هل يزيل الملك وهو مذهب ابن القاسم أو لا يزيل وإنما عليه الإرسال وهو مذهب الأبهري ويتخرج القتل على هذه القاعدة ولو أمسكه ولم يرد إرساله ولا قتله فقتله محرم فعليه جزاؤه دون الماسك لأنه لم يقصد إتلافه وجعل بعض الشافعية الجزاء عليهما وهو باطل كمن أمسك إنسانا بقصد القتل فقتله آخر فلا شيء على الممسك إجماعا وأما لو قتله حلال فالجزاء على ربه لأنه بإمساكه قتل والآخر مأذون له السادس في الكتاب ما صاده في إحرامه أرسله فإن أرسله آخر من يده لم يضمنه وإن نازعه محرم فقتلاه فعلى كل واحد منهما الجزاء وإن نازعه حلال فلا شيء على الحلال ولا يضمن له هو شيئا قال سند وكما يحرم الاصطياد يحرم ابتياعه بحضرته وقبول هبته ففي الموطأ أن رجلا أهدى له حمار وحش وهو بالأبواء أو بودان فرده قال الرجل فلما رأى ما في وجهي قال أنا لم نرده عليك إلا أنا حرم فإن ابتاعه ففي الموازية عليه إرساله قال ابن حبيب فإن رده على بائعه فعليه جزاؤه وقال في الموازية أيضا يرده على البائع ويلزمه القبول لأنه بيع فاسد لم يفت جزاء البيع قبل حرام فلو ابتاعه بالخيار وهما حلالان ثم احرما فإن اختار المبتاع البيع غرم الثمن وأطلق الصيد وإن رده فلا ثمن عليه ويطلق على البائع فلو تأخر البيع قبل الإحرام ثم احرم البائع وفلس المبتاع فله أخذه وإرساله أو يتبع المبتاع بثمنه وقال الشافعية ليس له الرجوع فيه لأنه ممنوع من تملك الصيد وهذه جهة من جهات التملك وما قلناه أبين لأنه يختاره من بيعه الماضي وهو صحيح ولو ابتاع به سلعة قبل الإحرام فوجد بها عيبا بعده فردها ما لم يلزم البائع غرم الثمن مع وجوده وله رده عليه وكذلك لو كان العيب بالصيد بقي على ملكه أو تحصن به ملكه وأرسل عليه قال أشهب وإذا صاد المحرم صيدا فقتله في يده حلال في الحرم فعلى كل واحد منهما جزاء ويغرم الحلال قيمته للمحرم كان القاتل حرا أو عبد اوصبيا أو كافرا غير أن الكافر لا جزاء عليه قال وظاهر هذا الكلام أنه أثبت ملكه عليه بالاصطياد وإنما يجب أرساله عليه لينجو الصيد بنفسه فإذا قتله فقد أبطل ملكه بغير الوجه الذي وجب إرساله وخالفه ابن القاسم في تضمين الحلال القيمة ولو أرسله المحرم فأخذه حلال فليس للمحرم أخذه منه بعد إحلاله قاله ابن القاسم وأشهب السابع في الكتاب قال ابن القاسم من طرد صيدا من الحرم إلى الحل فعليه جزاؤه لتعريضه للاصطياد وإن رمى صيدا في الحرم من الحل أو من الحل في الحرم أو في الحل من الحل وأدركته الرمية في الحرم فعليه جزاؤه وقاله ش و ح نظرا لبداية الفعل كالعقد في العدة والوطئ بعدها ونهايته وإن أرسل بازه على صيد في الحل بقرب الحرم فقتله في الحرم او أدخله الحرم وأخرجه معه فقتله فعليه جزاؤه لتغريره فلو كان يبعد من الحرم فلا جزاء عليه في الصورتين ولا يؤكل لأن ذكاته غير مشروعه لعصمة الصيد بالحرم ابتداء وانتهاء ولو أرسل سهمه بقرب الحرم فأنفذ مقاتله في الحل فمات في الحرم فلا جزاء عليه يؤكل لنفوذ المقاتل في الحل وإذا أرسل كلبه على صيد في الحرم فأنشلا رجل آخر بانشلائه فعليهما جزاآن وإن أرسل كلبه على ذئب في الحرم فأخذ صيدا فعليه جزاؤه لتفريطه إذ ذلك من طبع الجارح قال ابن يونس إذا طرد الصيد من الحرم إلى الحل إنما يضمنه إذا كان لا ينجو بنفسه وقال أشهب إذا رماه بقرب الحرم ولم تنفذ مقاتله ومات في الحرم يؤكل لكمال الفعل قبل الدخول وقال عبد الملك له إرسال كلبه من الحرم على ما في الحل ويؤكل لأن المعتبر من الصيد غايته وكذلك قال أشهب في الرجل المعين باشلائه لا شيء عليه لأن أصل الاصطياد الإرسال والحكم له بدليل أنه لو نوى بعده أو سمى لم يؤكل صيده قال سند واختلف قول مالك فيما يقرب من الحرم هل يمنع الصيد كما يمنع الحرم احتياطا لأن تحديده باجتهاد عمر رضي الله عنه فرواية ابن القاسم لا يمنع ولو قتل طائرا في الحرم وله فراخ فماتوا بذلك ضمنها فإن دنت إلى الحل فماتت فيه ضمنها على أصل ابن القاسم وكذلك لو حبس الطائر في الحرم وله فراخ في الحل فماتت ولو نقل فراخا من الحل إلى الحرم فماتت فيه ضمنها لأنه صيد تلف في الحرم بسببه ولو كان اصل شجرة في الحرم ولها غصن في الحل جاز صيد ما عليه من الطير عند ابن القاسم وتوقف فيه مالك فإن كان أصلها في الحل فلا يصاد ما عليه ويجوز قطعه وقال عبد الملك لا يصاد ما عليه وإن كان بعض الصيد في الحرم وبعضه في الحل ففيه الجزاء وقاله ش و قال ح إن كانت قوائمه في الحرم ضمن وإن كان رأسه في الحرم وقوائمه في الحل فلا وإن كان قائما في الحل ورأسه في الحرم ضمن لأن النائم لا يستقر على قوائمه بخلاف اليقظان الثامن في الكتاب إذا صاد طيرا فنتفه ثم حبسه حتى نسل فطار فلا شيء عليه والجزاء على قاتل الصيد عمدا أو خطأ قواعد العمد والخطأ في ضمان المتلفات سواء إجماعا في المفهوم إذا خرج محرج الغالب فليس بحجة إجماعا الأصل في الكفارات أن لا تكون إلا مع الإثم كما في الظهار لأن التكفير فرع التأثيم وقد يوجد بدونه كما في قتل الخطأ لرفع التأثيم عن المخطئ للحديث المشهور وحنث اليمن لأمره بالحنث إذا رأى غيرها خيرا منها وحنث معه وهو لا يفعل الإثم ولا يأمر به فإن جعلنا الصيد من باب الكفارات لظاهر قوله تعالى ( أو كفارة طعام مساكين ) المائدة 95 وهو المشهور فنجيب عن نفي الإثم بما تقدم وعن مفهوم قوله تعالى ( ومن قتله منكم متعمدا ) المائدة 95 فإنه خرج مخرج الغالب على الصيد إنما يقتل مع القصد وإن جعلناه من باب قيم المتلفات وهو أحد الأقوال لنا وللعلماء سوينا بين العمد والخطأ بالقاعدة الإجمالية وقال مجاهد الجزاء في الخطأ دون العمد لأن معنى الآية عنده ومن قتله منكم متعمدا لقتله ناسيا لإحرامه بدليل قوله تعالى ( ومن عاد فينتقم الله منه ) المائدة 95 فلو كان ذاكرا للإحرام لوجبت العقوبة بدون العود ومفهومه إذا قصد مع ذكره للإحرام لا شيء عليه وجوابه أن المراد بالعود أي في الإسلام بعدما تقدم في الكفر وفي الطراز قال ابن عبد الحكم لا جزاء في الخطأ لمفهوم قوله تعالى متعمدا التاسع في الكتاب من قتل صيودا فعليه بعددها كفارات وإذا أصاب المعتمر الصيد قبل السعي فعليه الجزاء أو بعده وقبل الحلاق فلا جزاء عليه فإذا قتل بازا فعليه جزاؤه غير معلم أو قيمته لصاحبه معلما وقاله الأئمة قال سند قال ابن عبد الحكم لا يتكرر الجزاء بتكرر الصيد وقاله ابن حنبل إن لم يكفر عن الأول لنا أن الحكم يتكرر بتكرر سببه العاشر في الكتاب إذا أحرم العبد بإذن سيده فكل ما لزمه من جزاء صيده وغيره فعلى العبد وليس له إخراجه من مال سيده إلا بإذنه لأن هذا لم يتعين عليه بإذن حتى يكون السيد أذن فيه وقاله ش فإن لم يأذن له صام ولا يمنعه الصوم وإن أضربه إلا أن يهدي عنه أو يطعم أو يكون تسببه في ذلك عمدا فله المنع إن أضر به وإن كسر محرم أو حلال بيض طير وحش في الحرم وليس فيه فرج أو فيه ومات قبل الاستهلال ففيه عشر قيمته الأم قال ابن القاسم فإن استهل ففيه جزاء أمه كاملا كغرة الآدمية وقال ش إنما عليه قيمه البيضة لأنه قضى في بيض النعام بقيمته واتفق الأئمة على تحريم بيض الصيد على المحرم وخالف المزني لأنه في نفسه ليس بصيد وإن أصاب المحرم بيضة من حمام بمكة أو حلال في الحرم فعليه عشر دية أمه وفي أمه شاة وقاله ش وابن حنبل وقال ح إنما فيه قيمة أمه لأنه مذهبه في جميع الصيد لنا أنه مروي عن عمر وعثمان وابن عباس وابن عمر رضوان الله عليهم ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة ولأنه تكثر ملابسة الناس له فيغلظ فيه حفظا له وهو يشبه الشاة لأنه يعف كما تعف الشاة وإذا كسر المحرم بيض النعام أو سواه لم يأكله حلال ولا حرام قال ابن يونس قماري مكة ويمامها كحمامها وقاله أصبغ وقال عبد الملك في القماري واليمام حكومة فإن لم يجد الشاة في حمام مكة صام عشرة أيام وليس فيه صدقة ولا يخير لأن الشاة فيه تغليظ وفي الواضحة هذه الشاة لا تذبح إلا بمكة كهدي الجزاء قال وقال في كتاب الصيد يجوز صيد حمام مكة في الحل للحلال وهذا يدل على أن المحرم إذا أصابه في الحل إنما عليه قيمته وإن الشاة خاصة بمكة أو بالحرم وقال ابن وهب إن كان في البيضة فرخ فما قال مالك وإلا فعليه طعام مسكين أو صيام يوملقوله في كل بيضة صيام يوم قال سند قال ابن نافع في البيضة صيام يوم ولم يفصل ومالك يرى أن نطفة الطير قد انعقدت بيضة كما ينعقد المني علقة فإن كانت البيضة مذرة فينبغي نفي الضمان لأنها ميته كالصيد الميت ولا قيمة إلا لبيض النعامة لقشرها ويوجب مالك في الفرخ يستهل ما في الكبير وفي كل صغير ما في كبيره لأنه مروي عن عمر رضي الله عنه في الكتاب من أحرم وفي بيته صيد فليس عليه إرساله فإن كان في يده يقوده أو في قفص معه فليرسله ثم لا يأخذه حتى يحل وإن أرسله من يده حلال أو حرام لم يضمن لزوال ملك ربه بالإحرام ولو حبسه معه حتى حل أو بعث به إلى بيته بعد إحرامه وهو بيده ثم حل وجب إرساله ورأى بعض الناس أن له إمساكه ولا أخذ به قاعدة الموانع الشرعية ثلاثة أقسام منها ما يمنع ابتداء الحكم واستمراره كالرضاع يمنع ابتداء النكاح ويقطعه إذا طرأ عليه وما يمنع ابتداءه فقط كالإستبراء يمنع ابتداء النكاح ولا يقطعه إذا طرأ عليه وما هو مختلف فيه هل يلحق بالأول أو بالثاني كالطول يمنع نكاح الأمة ابتداء فإن طرأ عليه هل يقطعه خلاف ووجدان الماء مع الصلاة بالتيمم يمنع ابتداء فإن طرأ بعده خلاف والإحرام يمنع من إنشاء الملك في الصيد وهل يبطله إذا طرأ عليه خلاف فعند مالك وابن حنبل لا يبطله وعند ش يزول لقوله تعالى ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) المائدة 96 والحرام لا يملك لأن الملك إذن في المنفعة والتحريم منع ولأن الإحرام يمنع ابتداءه فيمنع دوامه كاللباس والجواب عن الأول أن الصيد مصدر اسم الفعل تقول صاد يصيد صيدا واصطاد يصطاد اصطيادا المعنى واحد فيكون الحرام هو فعل الاصطياد لأن الأصل في الكلام الحقيقة ونحن نقول بموجبه لأن الملك حكم شرعي لا تعاط فعلي وعن الثاني المعارضة بالقياس على بقاء الطيب واللباس في ملكه إذا تقرر هذا فلا فرق عندنا بين كونه في يده أو في قفص معه لأن اليد الحسبة أقوى من اليد الحكمية فبقوتها أشبهت الاصطياد بوجوب إزالة اليد الحسية قال مالك والأئمة قال سند لم يفصل المذهب إذا كان صيدا في بيته إن كان بيته في الحرم أو في الحل بين يديه أو خلفه وقال بعض الأصحاب إن كان بيته من وراء موضع إحرامه فلا شيء عليه وإن مر ببيته فنزل فعليه إرساله وقال مالك في الموطأ من أحرم وعنده صيد لا بأس بجعله عند أهله وظاهره أنه يجعله بعد إحرامه وإن أحرم وعنده صيد لغيره رده إلى ربه إن كان حاضرا فإن كان ربه محرما قال ابن حبيب يرسله ربه فإن كان ربه غائبا قال مالك إن أرسله ضمنه بل يودعه حلالا إن وجده وإلا بقي في صحبته للضرورة فإن مات في يده ضمنه لأن المحرم يضمن الصيد باليد ولا يجوز له أن يأخذ صيدا وديعة فإن فعل رده فإن غاب ربه ولم يوجد من يودعه عمده أطلقه وضمنه لأن الإطلاق بسبب وصفه هو فهو كالمعتدي ولو وجد ربه حراما فامتنع من أخذه أرسله بحضرته ولا ضمان لامتناع ربه منه الحادي عشر في الكتاب إذا طرح المحرم عن نفسه الحلمة والقراد والحمنان والبرغوث أو العلقة عن دابته أو دابة غيره فلا شيء عليه وإن طرح المنان أو الحلم أو القراد عن بعيره فليطعم لأنها من الدواب التي لا تعيش إلا في الدواب والهوام ضربان ما لا يختص بالأجسام كالدود والنمل فلا شيء في طرحه لإمكان حياته بعد الطرح وإن قتله افتدى وما يختص لا يجوز طرحه عن الجسم الذي شأنه أن يكون فيه لتعرضه للهلاك والحلم والقراد لا يختص بالآدمي والبرغوث ينشأ من التراب والحلم يسمى صغيرا قمقاما فإن زاد فحمنان فإن ولد فقراد فإن تناهى فحلم وجوز ش و ح تقريد الدابة لما في الموطأ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقرد بعيره لنا أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يكره ذلك وعموم آية الصيد ويحمل فعله على الضرورة وقياسا على القمل قال وإن غسل رأسه بالخطمي افتدى وله فعل ذلك إذا حل له الحلاق وهو الأشنان وقاله ش وجوزه ح وابن حنبل مطلقا من غير فدية قياسا على الغسل بالماء والفرق أنه يزيل الشعث ويقتل الهوام وإذا أجنب صب على رأسه الماء وحركه بيده ويجوز صب الماء على الرأس للحر وزوال العرق ويكره غمس الرأس في الماء لأنه يقتل الدواب فإن فعل أطعم شيئا وإن دخل الحمام وتدلك افتدى ويكره له غسل ثوبه وثوب غيره خشية قتل الدواب إلا أن تصيبه جنابة فبالماء وحده قال سند قال ابن حبيب يدخل الحمام للتدفي ولا خلاف في تطهير جسده من الجنابة ويجوز إزالة العرق المنتن قال ابن القاسم وإن اغتسل للجنابة فقتل قملا في رأسه فلا شيء عليه وعليه الفدية في التبريد وله طرح ثوبه عنه إن لم يكن فيه هوام فإن كان فيه أجاز مالك طرحه ورأى أتحنون الإطعام لمالك أن القمل كان في الثوب وبقي فيه فلو كان على جسده فألقاه في الثوب حين نزعه كان هلاكا له وإبقاؤه في الثوب كرحيله من البيت فيموت بقه الفصل الثالث في أكل المحرم من الصيد وفي الكتاب إن أكل من لحم صيد صاده ليس عليه جزاء آخر ولا قيمة ما أكل وقاله ش وابن حنبل وقال ح عليه جزاء ما أكل لأنه فعل محرم في الصيد كالقتل لنا القياس على صيد الحلال وصيد الحرم وما ذبح من أجله بأمره أو بغير أمره فلا يأكله محرم ولا حلال ذبحة حلال أو حرام لأن للمحرم مشاركة فأشبه مشاركة البازي المعلم لغير المعلم قال سند وذكاة المحل من غير إعانة المحرم وأمره مبيحة للمحرم ومنعه قوم لقوله تعالى ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) المائدة 96 وفي أبي داود أنه أهدي إليه عضد صيد فلم يقبله وقال إنا حرم والجواب عن الأول أن الصيد مصدر فهو فعل الصائد لا المصيد وعن الثاني أنها واقعة عين فلعله فهم أنه صيد من أجله ويعضده قوله في أبي داود صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم زاد الترمذي وأنتم حرم قال وسواء في التحريم ذبحه ليهدى له أو يباع منه لوجود القصد فإن أكل وعلم قال مالك عليه جزاء الصيد كله لأن الصيد إنما حرم اصطياده لأكله فهو مقصود الجناية فأولى بترتب الجابر وقال أصبع و ح لا شيء عليه لأنه أكل ميتة والميتة لا جزاء لها وقال ش عليه من الجزاء بقدر ما أكل منه لنا أنه كفارة والكفارة لا تتبعض وروي عن مالك أن الحلال إذا أكل منه فلا شيء عليه لقول عثمان رضي الله عنه كلوا إنما صيد من أجلي وإذا أكل منه محرم غير المقصود به عالما بذلك فعلى القول بوجوب الجزاء على المقصود بذلك بوجوب الجزاء على المختلف بوجوب الجزاء واختلف في هذا فروي عن مالك لا شيء عليه وقاله ابن القاسم وروي الجزاء فإن صيد من أجله قبل أن يحرم كره له أكله بعد الإحرام مرة وأجازه أخرى ولو صيد من أجله وهو محرم ولم يأكله حتى حل قال ابن القاسم أكله مكروه ولا جزاء عليه إن فعل ومعناه أنه لم يذبح حتى حل قال سند وفي تحريم البيض على الحلال إذا أصابه المحرم نظر لأن البيض لا يفتقر إلى ذكاة والظاهر جوازه ويلزم على قول ابن القاسم لا ياكل المحرم بيضا شوي من أجله وإن يكفر إذا أكله الفصل الرابع في الجزاء والأصل فيه قوله تعالى ( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) المائدة 95 فالواجب عندنا وعند ش المثل في النعم كما قال تعالى وقال ح القيمة لوجوه أحدها قوله تعالى ( فجزاء مثل ما قتل ) ولم يقل جزاء ما قتل فجعل الهدي من النعم لمثل المقتول وهو القيمة فيصرف في الهدي وثانيها اشتراط الحكمين ولو كان المراد المثل من النعم لاكتفى بما حكم به الصحابة رضي الله عنهم بل المراد القيمة التي تختلف باختلاف الرغبات في سائر الأوقات وثالثها أن الآية تسلم من التخصيص وعلى القول بالمثل من النعم يخرج ما لا مثل له كالعصافير والنمل والقمل وقوله تعالى ( لا تقتلوا الصيد ) عام فيه ورابعها أنه متلف عدوانا فيسوى كسائر المتلفات والجواب عن الأول أن الآية قرئت فجزاء مثل ما قتل بتنوين الجزاء وبإضافته والقراءتان منزلتان فيجيب العمل بهما والجمع بينهما ما أمكن فعلى التنوين يكون المعنى فجزاء مماثل من النعم وهذا تصريح بأن المماثلة تقع بين المقتول والنعم وعلى الإضافة يحتمل ما ذكرناه وما ذكرتموه فيرد المحتمل إلى الصريح وعن الثاني أن الصيد فيه ما هو مختلف فيه وما لم يتقرر فيه شيء وما هو مجمع عليه وعلى كل تقدير فقضاء الصحابة رضوان الله عليهم مختص بتلك الأعيان والوقائع التي حضرتهم ولم يوجد في النص ما يقتضي أن ذلك قاعدة كلية في أصناف تلك الصيود ولا أن نقلدهم بل الفعل المضارع الذي في الآية وهو قوله يحكم به وكونه جزاء الشرط يقتضي وقوع ذلك في الزمان المستقبل بعد قتل الصيد المحكوم فيه وهذا هو الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم ولذلك لم يزالوا يقضون في النعامة ببدنه وفي حمار الوحش ببقرة وفي الضبع بشاة وفي الغزال بعنز مع اختلاف قيم المتلفات وتقديم مثل ذلك الحكم فدل على أن المراد تجرد الحكم في كل واقعة وعدم التقليد وإن القيمة ملغاة فنحن نمنع التقليد فما حكم فيه بل إجماعهم مستند للحكمين كسائر الأحكام الاجتهادية ومواقع اختلافهم يجتهد فيه الحكمان في ترجيح أحد القولين والأقوال وما ليس فيه حكم ينظر بما وقع فيه الحكم أو ما تقتضيه الممائلة الواقعة في الآية وعن الثالث أن القاعدة الأصولية أن الضمير الخاص لا يوجب تخصيص عامة فالضمير في قوله تعالى ( ومن قتله منكم ) خاص بما له مثل ولا يختص عمومة سلمنا التخصيص لكن التخصيص أولى من إلغاء قوله تعالى ( من النعم ) ( هديا بالغ الكعبة ) ومن لبيان جنس الجزاء والهدي إنما يكون من النعم أيضا وإلغاء الظواهر كلها للتخصيص تعسف وعن الرابع قوله تعالى ( أو كفارة طعام مساكين ) وتسميتة بالكفارة يمنع قياسه على المتلفات وإنه من باب الكفارات وقال ش كل ما حكم فيه الصحابة رضوان الله عليهم بمثل من النعم لا يجتهد فيه لأنه يؤدي إلى تخطئتهم وليس مخالفا للآية ولأنه قد حكم به الصحابة وجوابه لا يلزم تخطئتهم لأنا لا نخالفهم بل لا نحكم إلا بما حكموا به على ما تقدم ويلزمه أن يكون حكمهم ردا على النبي لأنه قد نص على أن في الضبع كبشا ولم يمنعهم ذلك من الاجتهاد والواجب في الصيد مثله في الصورة أو ما يقاربه أو طعام بمثل قيمه الصيد أو صيام بقدر الطعام لكل مد يوم وكسرة لأن الله تعالى سمى الجزاء كفارة والكفارات الإطعام فيها بعدد أيام الصيام إمدادا أو مساكين فإن لم يكن له مثل كالعصافير خير بين قيمته طعاما أو عدله صياما تفريعات خمسة الأول في الكتاب يحكم في جزاء الصيد حكمان عدلان فقيهان خلافا ل ش في الفقه ليعلما مواضع الإجماع والخلاف وأقضية السلف وماله مثل وما ليس كذلك ويجوز أن يكونا غير الإمام ولا يكتفي بالمروي وليبدآ بالاجتهاد ولا يخرجان عن آثار من مضي فإن اختلفا ابتدآ الحكم حتى يحصل فيه اثنان وإن اخطأ خطأ بينا كوضع الشاة موضع البدنة نقص الحكم والخيرة للمحكوم عليه فيما يحكمان به من النعم أو الطعام أو الصيام يأمرهما بأيتها شاء فيحكمان به لأن أو في الآية للتخيير وقاله الأئمة وله أن يختار بعد الحكم غير المحكوم به فيحكم به عليه قال ابن يونس قال محمد لا بد من الحكم في كل شيء حتى الجراد فإن كفر بغير حكم أعاد إلا حمام مكة لا يحتاج إلى الحكم وأحب إلينا أن يكونا في مجلس واحد لا متعاقبين وتوقف ابن القاسم في حمام الحرم وفي الضب اختلاف فروى ابن وهب فيه شاة وروى ابن القاسم قيمته طعاما أو عدل ذلك صياما وكذلك الثعلب قال سند ولا بد من لفظ الحكم والأمر بالجزاء ولا تكفي الفتوى لظاهر الآية ولا يجوز أن يكون القاتل أحدهما لظاهر الآية أن الحكمين غير المحكوم عليه وقال عبد الوهاب ليس له الرجوع بعد الحكم إلى اختيار غير ما حكم به لأنه حكم بالعدل فلا ينتقض كسائر صور الحكم وجوابه الفرق بأن التخيير في هذه الكفارة حكم شرعي فلا يتمكن أحد من إبطاله ككفارة الحنث وإفساد رمضان والتخيير في مواضع الخلاف بين أقوال العلماء مستفاد من البراءة الأصلية فللحاكم والمفتي رفعه قال والحكم فيما اجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم بالدليل لا بالتقليد فيكون إجماعهم دليلا فإن اختلفوا على قولين واستووا عند الحكمين لا يقلدان ويطلبان الترجيح الثاني في الجواهر الواجب في النعامة بدنة وكذلك الفيل لكن من الهجان العظام التي لها سنمان خراسانية فإن لم توجد فقيمته طعاما دون ما يشبع لحمه قال بعض القرويين ليس فيه رواية ولا له نظير لكن يجعل في مركب في الماء وينظر ما نزلت به في الماء ينزل بالطعام مثل ذلك ولا ينظر إلى قيمته فإنها ضرر عظيم لعظمها وفي حمار الوحش والإبل وبقر الوحش بقرة وفي الضبع شاة وفي الكتاب في اليربوع والضبع والأرنب ونحوه قيمته طعاما ويخير بين الطعام والصيام وفي حمام والحرام مكة شاة وكذلك الدنسي والقمري إن كان من الحمام عند الناس واليمام مثل الحمام وأما غيره من الحمام فحكومة وفي الذباب والنمل شيء من الطعام قال سند روي عن مالك في اليربوع والأرنب عنز وفي الضب شاة واجمع الصحابة في الشاة في حمام مكة وظاهر اللغة أن كل مطوق حمام وقال ابن الماجشون في القمري ونحوه حكومة لاختلاف هديره مع الحمام وإذا عدمت الشاة في حمام مكة صام عشرة أيام وليس فيه صدقة ولا تخيير والدبا صغار الجراد ويجب في صغار الصيد من النعم مثل كبارة وفي معيبه مثل سليمه وقال ش يجب في المعيب معيب وفي الأعور هدي أو عور والمكسور ويراعي جنس العيب فلا يخرج الأعرج عن الأعور لقوله تعالى ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) المائدة 95 وأنفقوا على إجزاء الصحيح عن المعييب واختلفوا في إجزاء الذكر عن الأنثى لنا قوله تعالى ( هديا بالغ الكعبة ) والهدي لا يجزئ فيه الصغير ولأنه كفارة بالنص ولدخول الصيام فيه فلا يختلف في الصغر والكبر ككفارة الآدمي إذا قتل وما لا مثل له يلحق صغيره بكبيره اعتبارا بما له مثل وإذا أوجبنا عشر قيمة الأم فمن وسط أقل ما يجزئ وفي الجواهر إذا لم يستهل جنين الصيد صراخا قال أشهب فيه دية بخلاف الآدميات وفي البيضة عشر الدية وقيل حكومة الثالث في الكتاب أدنى ما يجزئ في جزاء الصيد الجذع من الضأن والثني مما سواه لأن الله تعالى سماه هديا فيشترط فيه ما يشترط في الهدي وما لم يبلغ ذلك فطعام أو صيام وإذا أراد الطعام قوم للصيد وقت تلفه حيا ويجزئ التمر والشعير إن كان طعام ذلك الموضع ويجزئ في الإطعام ما يجزئ في كفارات اليمن ويقوم الصيد ولا يقوم جزاؤه وقال ش يقوم الجزاء لا الصيد بدراهم ثم تقوم الدراهم بطعام لأن كل متلف وجب مثله فإنما يجب إذا ساواه في القيمة وجوابه أن سائر الصور المثل فيها مساو للمتلف في الرغبات والقيمة وها هنا قيمة البدنة مخالفة لقيمة النعامة والأصل مساواة العقوبة للجناية قال ولو قوم الصيد بدراهم فاشترى بها طعاما أجزأه لعدم التفاوت غالبا والطعام أصوب فإن شاء الصوم صام عدد إمداد الطعام أياما بمده عليه السلام وإن جاور شهورا والأفضل أن يصوم مكان كسر المد يوما وإذا أطعم فلكل مسكين مد ولو أعطى المساكين ثمنا أو عرضا لم يجزئه والفراهة والجمال لا تعتبر في تقويم الصيد بل اللحم لأن التحريم كان للأكل وإنما يؤكل اللحم بخلاف المملوكات التحريم فيها لما يتعلق به أغراض المالك فيندرج فيه الجمال وغيره وإذا حكم في الجزاء بثلاثين مدا فأطعم عشرين وعدم الباقي فله ذبح النسك وليس له أن يصوم مكان العشرة ولا تلفق الكفارة من نوعين لأن التخيير إنما وقع بين الأنواع لا بين أجزائها وتتابع الصيام أفضل من تفريقه قال ابن يونس ويقوم بغالب طعام الموضع الذي قتل فيه فإن تعذر فأقرب المواضع إليه قال سند قال يحيى ينظر كم يشبع الصيد من نفس فيخرج قدر شبعهم طعاما لأن كثيرا من الحيوان لا قيمة له كالضبع فيتعين مراعاة المقدار وإذا كان رأي الحكمين رأي الحنفية فحكما بالقيمة دراهم أجزأ إذا حكما بها وإذا أراد الانتقال إلى خصلة من الثلاثة لتعذر الذي حكم به فلا بد من الحكم أيضا وقال ابن شعبان يتعين عليه ذلك الحكم ويصبر حتى يتيسر له أو ييأس فيحكم عليه بغيره الرابع في الكتاب جزاء الصيد كالهدايا لا ينحر إلا بمكة أو بمنى إن وقفه بعرفة وإن لم يوقفه بعرفة سيق إلى الحل ونحر بمكة وإن أوقفه بعرفة وفاته أيام منى نحره بمكة ولا يخرجه إلى الحل ثانية لقوله تعالى ( هديا بالغ الكعبة ) المائدة 95 وإنما يحكم عليه بالطعام في الموضع الذي أصاب الصيد فيه ولا يطعم في غيره فإن فعل لم يجزئه وأما الصيام فحيث شاء أما الطعام فلأنه قيمة متلف فيتعين موضع الإتلاف وقال ش يقومه بمكة قال سند وظاهر المذهب مراعاة الزمان أيضا وأما على قول يحيى فيراعي الشبع خاصة وحمل محمد قوله يطعم بموضع الإتلاف على اختلاف السعر فإن أصابه بالمدينة وأطعم بمصر لم يجزئه إلا أن يتفق سعراهما فإن أصاب بمصر وأطعم بالمدينة أجزأه لغلاء سعرها وهذا الفرع يلاحظ فيه معنى نقل الزكاة من موضعها وإذا قلنا يطعم بغير موضع الإتلاف قال ابن وهب يخرج بقيمة الطعام به حيث أتلف فيشتري بها طعاما غلا أو رخص وراعى ابن حبيب الأكثر من ملكية ما وجب عليه أو مبلغ قيمته فلو لم يحكم عليه بموضع التلف بشيء حتى رجع إلى أهله فأراد الإطعام فليحكم عليه اثنين ويصف لهما الصيد وسعر الطعام بموضع الصيد فإن تعذر عليهما تقويمه بالطعام قوماه بالدراهم ويبعث بالطعام إلى موضع الصيد كما يبعث بالهدايا إلى مكة وعلى قول ابن وهب يبتاع بتلك القيمة طعاما في بلده وعلى قول ابن حبيب يخرج الأكثر وإن أراد الصوم صام على قول ابن وهب بعدد ما يحفظ القيمة من أمداد الطعام بموضعه وعلى أصل ابن حبيب يصوم بعدد ما يحفظ الأكثر وفي الجواهر لا يجوز إخراج شيء في جزاء الصيد بغير الحرم إلا الصيام وحكى الشيخ أبو اسحق يطعم حيث شاء وقيل يطعم في موضع قتل الصيد الخامس في الكتاب إذا حكما عليه بالهدي فله أن يهدي متى شاء ولكن إن قلده وهو في الحج لم ينحره إلا بمنى وإن قلده معتمرا بعث به إلى مكة لأنه دم وجب لارتكاب محظور فهو كالكفارة في الذمة والهدي له تعلق بالحج فيتعين حينئذ من حيث هو هدي لا من حيث هو كفارة السبب الثاني لتحريم الصيد الحرم وهو أيضا يقتضي تحريم النبات والشجر وهما حرمان حرم مكة وحرم المدينة فالحرم الأول حرم مكة والأصل فيه ما في الصحيحين لما فتح الله على رسوله مكة قام فيهم فحمد لله وأثنى عليه وقال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد فقال العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا فقال إلا الإذخر فائدة القين الحداد والعضد الكسر وفيه فصلان الأول في الصيد وهو كالإحرام في جنس ما يحرم والتسبب للإتلاف والجزاء قال صاحب القبس وروي عن مالك أن قتل الصيد في الحرم ليس مثل قتل المحرم الصيد في التحريم قال وهذا خلاف قوله تعالى ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) المائدة 95 والحرم ما كان في الحرم محرما فروع ثلاثة الأول في الكتاب يجوز ذبح الحلال بمكة الحمام الإنسي والوحشي والصيد يدخله من الحل وقاله ش ومنعه ح وابن حنبل بسبب الحرم قياسا على ما إذا كان عنده صيد وهو حلال فأحرم وقياسا للحرم عن الإحرام والجواب على الأول المعارضة بإجماع الحرمين والقياس على الشجر إذا عبر إلى الحرم وعن الثاني الفرق فإن الإحرام غلظ في الشرع لسرعة زواله وله مندوحة عن مباشرة الصيد حينئذ وساكنوا الحرم يضطرون لذلك وهو يطول عليهم أبدا الدهر وهو الجواب عن الثالث قال سند وأما العابر بالصيد إلى الحرم وهو عابر سبيل لا يذبحه فيه لعدم الضرورة قال ابن القاسم ويجب عليه إرساله فإن أكله بعد خروجه من الحرم وداه خلافا لأشهب في الذبح بمكة من اهلها وغيرهم الثاني في الكتاب ما وقع من الجراد في الحرم لا يصيده حلال ولا حرام لأنه صيد البر قال كعب بن عجرة هو من صيد البحر لأنه نثرة حوت وهو في الترمذي وجوابه أن ذلك أصله والمرعي حاله الحاضرة فإنه يموت في الماء وقد كانت الخيل متوحشة فأنسها إسماعيل وهي إلى الآن متوحشة بالهند ومع هذا فما تراعي حالها الحاضرة الثالث في الموازية قال ابن القاسم في الجراد قبضة من طعام وهو مروي عن ابن عباس وأوجب ش تمرة وهو مروي عن عمر رضي الله عنه وفي الجلاب في الكثير من الجراد قيمته من الطعام وقد تقدم بعض فروعه في السبب الأول الفصل الثاني في النبات وفي الكتاب لا يقطع أحد من شجر الحرم شيئا يبس أم لا فإن فعل استغفر الله تعالى ولا شيء عليه وقال ش في الشجرة الكبيرة بقرة وفي الصغيرة شاة لأنه مروي عن ابن عباس وقياسا على الصيد والجواب عن الأول أن مالكا ضعفه وهو إمام الحديث وعن الثاني أن الشجرة إنما منع ليرتفق به الصيد في الحرم في الحر والمطر فهو كالكهوف والمغاير لا شيء فيه لا كالصيد ولأن ما لا يضمنه في الحل المحرم لا يضمنه حلال في الحرم والإحرام كالزرع قال ولا بأس بما أنبته الناس في الحرم من النخل والشجر والبقول وقاله ح خلافا ل ش وابن حنبل في الشجر لنا أن الحديث إنما خرج مخرج الغالب والعضد غالبا إنما يكون في الشجر المباح وقياسا على الزرع قال ويجوز الرعي في الحرم في الحشيش والشجر وإكراه الاحتشاش للحرام والحلال خشية قتل الدواب وكذلك الحرام في الحل فإن سلموا فلا شيء عليهم ولا بأس بقلع الإذخر والسنامن الحرم أما الإذخر فللحديث المتقدم وأما السنا فلأنه يحتاج إليه في الأدوية ويحمل لسائر الأقطار ووافقنا ش في الرعي ومنعه ح وابن حنبل لأنه تسبب في إتلاف ما لا يجوز إتلافه فيمنع كالسبب لقتل الصيد لنا إن الحاجة إلى ذلك فوق الحاجة إلى الإذخر فيجوز ومنع ش الاحتشاش فإن احتش ضمن ما نقصه القلع فإن استخلف ونبت سقط الضمان لنا القياس على الرعي قال سند إذا قطع شجرة ردها لمنبتها فإن نبتت ذهبت الجناية وإلا انتفع بها الصيد في الحرم وفي الجواهر إذا نبت في الحرم ما شأنه أن يستنبت أو استنبت ما عادته أن ينبت بنفسه فالاعتبار بالجنس لا بحاله الحاضرة الحرم الثاني حرم المدينة قال مالك وش وابن حنبل يحرم صيده وقطع شجره وخالف ح لحديث أنس كان النبي يدخل علينا وابن أخ صغير يكنى أبا عمر وكان له نغير يلعب به فمات فدخل النبي ذات يوم فرآه حزينا فقال ما شأنه قال مات نغره فقال يا أبا عمير ما فعل النغير وهذا يدل على جواز صيد المدينة وجوابه أنه لم يتعين أنه من نغر الحرم وقد تكون من الحل لنا ما في مسلم
قال إن إبراهيم حرم مكة وأنا حرمت المدينة كما حرم إبراهيم عليه السلام مكة وإني دعوت في صاعها ومدها مثل ما دعا به وفيه أنه عليه السلام حرم ما بين عير إلى ثور الحديث إلى قوله لا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا تقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره وفي الكتاب ليس في صيده جزاء والكلام في شجره كالكلام في شجر حرم مكة ويكره له قطع شجر غير الحرم إذا دخل في الحرم لأنه ينفر بذلك الصيد منه ورخص مالك في قطع العصا والعصاتين من غير شجر الحرم وكره ضبط شجر الحرم للنهي الوارد فيه فأما الجزاء فنفاه مالك و ش وأثبته ابن حنبل وابن نافع قياسا على حرم مكة لنا إجماع أهل المدينة فلو كان لعلم بالضرورة عندهم لتكرره ولأنه موضع يدخل بغير إحرام فلا يضمن صيده كوج وهو واد بالطائف و ش يمنع من صيده وأوجب ح في القديم ضمانه وسلب الصائد فيه لما في أبي داود أن سعد ابن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة فسلبه ثيابه وقال إن النبي حرم هذا الحرم وقال من وجد أحدا يصيد فيه فليسلبه وجوابه أن العقربه كانت في أول الإسلام بالمال ولو استمر ذلك بالمدينة لتواتر واختلف قول مالك في تحريم أكل هذا الصيد وهو الأظهر سدا للذريعة وقال مرة يكره النوع التاسع الجماع والأصل في تحريمه وإفساده الحج قوله تعالى ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) البقرة 197 والرفث الجماع لقوله تعالى ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) البقرة 187 وفي الموطأ
قال لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب وإن عمر رضي الله عنه وأبا هريرة رضي الله عنهما كانوا يسألون عن الرجل يصيب أهله وهو محرم بالحج فيقولون ينفران إلى وجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما الحج قابلا والهدي وقال علي رضي الله عنه إذا أهلا بالحج من قابل يفترقان إلى وجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما الحج قابلا والهدي وقال علي رضي الله عنه إذا أهلا بالحج من قابل يفترقان حتى يقضيا حجهما وفي هذا النوع فصلان الأول في الجماع نفسه والثاني في مقدماته الفصل الأول في الجماع وفي الجواهر يستوي في الإفساد الجماع في الفرج والمحل المكروه من الرجال والنساء كان معه إنزال أم لا وهو يوجب الإفساد والقضاء والهدي إن وقع قبل الوقوف فإن وقع بعد النحر قبل الرمي فعليه عمرة والهدي وهدي آخر لتأخير الرمي وقيل يفسده وفي يوم النحر قبل الرمي والتقصير المشهور الفساد وروي عدمه وإن افاض ولم يرم ثم وطئ فليس عليه إلا الهدي ولا عمرة عليه وقال ابن وهب إن وطئ يوم النحر فسد حجه إذا لم يرم وإن أفاض قال ابن القاسم فإن وطئ يوم النحر بعد الرمي قبل الإفاضة فعليه عمرة والهدي حلق أم لا وتفسد العمره قبل الركوع وبعد السعي روايتان وقد تقدمت قواعد هذه الفروع في الرمي قال ويجب تتميم فاسده كصحيحه ثم يقضي ويهدي بدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فشاة قال أبو الحسن ولو أخرج الشاة مع القدرة على البدنة كره ويتأدى بالقضاء ما يتأدى بالأداء من فرض الإسلام وغيره والقضاء واجب على الفور وفي جواز تقديم الهدي عليه خلاف ولو قدم هدي قرآن القضاء لم يجزئه وفي إجزائه إذا قلده وأخر نحره إلى حجة القضاء خلاف قال ابن يونس ولا خلاف أن الإيلاج بغير إنزال أو الإنزال بأي أنواع الاستمتاع كان يفسد الحج والعمرة خلافا ل ح و ش في الإنزال لأنه المقصود من الوطئ تفريعات أربعة الأول في الكتاب إذا جامع زوجته في الحج فليفترقا إذا أحرما بحجة القضاء ولا يجتمعان حتى يحلا سدا للذريعة وخصصه الشافعي وابن حنبل من الموضع الذي وطئها فيه لأن مالكا رواه عن عثمان وعلي وابن عباس رضي الله عنهم لأنهما يتداركان ما كان بينهما حينئذ وقال ح لا يجب ذلك كما لا يجب في قضاء رمضان ولا في بقية الإحرام قال ابن يونس الافتراق مروي عنه ولا خلاف فيه في العمد وكذلك الناسي خلافا ل ش قال سند وهذا الافتراق مستحب خلافا لابن حنبل وبعض الشافعية لأنه لو وجب لوجب بتركه الدم ولا دم فلا يجب قال ولا يشكل بعقد النكاح لأن تركه يجب ولا يجب بفعله دم وكلاهما ذريعة لأن أثر تحريم العقد في عدم الانعقاد وها هنا لا أثر إلا وجوب الدم لو كان واجبا بل استصحاب الزوجة كاستصحاب الطيب والمخيط الثاني في الكتاب يحرم في قضاء الحج والعمرة من حيث أحرم أولا إلا أن يكون الأول ابعد من المقياة فيحرم من الميقاة ووافقنا ح في الحج وقال في العمرة يحرم بها من أدنى الحل لأن عائشة رضي الله عنها قضت عمرتها من التنعيم وجوابه أنها كانت قارنة فأرادت إفراد العمرة وقال ش وابن حنبل إن أحرم أولا قبل الميقاة وكذلك ثانيا أو بعد الميقاة أحرم ثانيا منه لأن كل مسافة وجب قطعها في الأداء وجب في القضاء أو ما أوجبه الإحرام لنا قياس المكان على الزمان وقد سلمه الجميع قال فإن تعدي الميقاة في القضاء وكان أحرم في القضاء قبل ذلك أجرأه وعليه دم لتجاوز الميقاة وإذا طاف القارن أول دخوله مكة وسعى ثم جامع قضى قارنا لأن طوافه وسعيه للحج والعمرة جميعا وقال الأئمة له أن يقضي مفردا لأنه أتى بأفعال العمرة وجوابهم لو كان كذلك لوجب الدم لتأخير خلافا قال وإن أحرم بحجة القضاء قبل تتمة الأداء فالثاني لغو ولا يقضي ويتم الفاسد لأن الحج لا يقبل الرفض ولو جامع في عمرته ثم أحرم بالحج لم يكن قارنا لأنه إن انعقد صحيحا لا يمكن امتزاجه مع العمرة الفاسدة أو فاسدا فحال لأنه لم يقارنه مفسد فلا ينعقد إحرامه بالحج مطلقا وإن أحرم بالحج قبل قضاء عمرته لزمه وقضاها بعد حجه قال سند قال عبد الملك يلزمه الإحرام بالحج بعد فساد العمرة فيصير قارنا لأن أعلا مراتب الفاسد أن يكون كالصحيح والعمرة الصحيحة لا لمنع الحج فالفاسدة أولى وإذا قلنا ينعقد فلا يجزئه عن حجة الإسلام أو النذر أو التطوع وعليه هدي في العام الأول لقرانه ويقضي قابلا قارنا ويهدي هديين لقران القضاء والفساد وإن أتم عمرته الفاسدة فلا يحرم بالحج حتى يقضيها فإن أخر القضاء وأحرم بالحج صح إحرامه قال محمد فإن كانت في أشهر الحج فحل منها وحج من عامه قبل القضاء فهو متمتع وعليه قضاء عمرته بعد حله من الحج الثالث في الكتاب إذا أفسد المتمتع حجه فعليه دم المتعة وهدي الفساد عند حجة القضاء ومن أفسد حجه فأصاب صيدا أو حلق أو تطيب أو وطئ مرة بعد مرة تعددت الفدية والجزاء واتحد هدي الوطئ لأنه للفساد وإفساد الفاسد محال فإن كان متأولا سقط إحرامه أو جاهلا بوجوب إتمامه اتحدت الفدية لأنه لم توجد منه الجرأة على محرم وعليه الهدي لما تقدم ويتعدد الجزاء لأنه إتلاف غير فتوقف على الأثم ويتحد الجزاء عند ح بالتأويل وعذره ش فلم يوجب عليه شيئا مطلقا كالوطئ في رمضان ناسيا والحق الناسي بالجاهل قاعدة انعقد الإجماع على أن العلم قسمان فرض كفاية وفرض عين وهو علم الإنسان بحالته التي يلابسها وقد تقدم تقرير ذلك في مقدمة أصول الفقه في أول الكتاب فكل من قدم على فعل يجب عليه التوقف حتى يعلم حكم الله فيه فإن لم يفعل ذلك عصى معصيتين بترك التعلم وبترك العمل ولا يعذر بجهله ولذلك أجراه مالك في الصلاة مجرى العامد لاشتراكهما في العصيان ولم يلحقه بالناسي وها هنا عذره بالجهل فينبغي أن يعلم أن الجهل قسمان ما لا يشق دفعه عادة فلا يعذر به وما يشق فيعذر به كمن وطئ أجنبية يظنها زوجته أو شرب خمرا يظنه خلا فيعذر إجماعا ومشاق الحج كثيرة فناسب التخفيف والعجب إن النسيان في الحج لا يمنع الفدية وهو مسقط للإثم إجماعا وأسقطها بالجهل والتأويل الفاسد الذي يثبت الأثم معهما الرابع في الكتاب إن إكره نساءه محرمات أحجهن وكفر عن كل واحدة كفارة وأن بن منه وتزوجن لأن الحج تدخله النيابة والإكراه يوجب الضمان كوطئها صائمة مكرهة فإن طاوعنه فذلك عليهن دونه وقال ابن يونس وإذا تزوجت جبر الثاني على الإذن لها ومن وطئ أمته وقد أذن لها في الحج فعليه أن يحج بها ويهدي عنها قال ابن القاسم وطوعها له كالإكراه قال عبد الملك ولو باعها كان ذلك عليه لها قال محمد وهو عيب ترد به قال عبد الملك ويهدي عنها ولا يصوم وإذا لم يكن عند الزوج ما يحج زوجته المكرهة فلتفعل هي ذلك من مالها وترجع عليه وإذا أفلس الزوج وقف لها ما يحج به ويهدي فإذا ماتت قبل ذلك رجع إلى الغرماء إلا الهدي فيبعث به إلى مكة وقال سند الخلاف الذي في كفارة الإكراه على الوطئ في الصوم لا يأتي ها هنا لأن الوطئ في الحج يوجب الكفارة بخلاف الصوم وقال عبد الملك إذا لم يجد الهدي لا يصوم ولابن القاسم في وجوب ذلك عليها إذا أعسر الزوج قولان نظرا إلى أن أصل الوجوب متعلق بها وإنما هو يحمل عنها الإكراه أو يقال وجود ماله شرط في الوجوب الفصل الثاني في مقدمات الوطئ وفي الكتاب إذا داوم المحرم التذكر للذة أو عبث بذكره أو استدام الحركة على الدابة أو أدام النظر للذة أو باشر حتى أنزل فسد حجه وكذلك المحرمة قياسا على الصوم فإن لم يبالغ النظر ولا داومه فأنزل أو باشر فالتذ ولم تغب الحشفة فحجه تام وعليه دم قال سند وروى أشهب إن تذكر أهله حتى أنزل ليس عليه حج قابلا ولا عمرة وعليه هدي بدنة وقاله الأئمة لأنه لا يوجب الحد فلا يفسد الحج وقالوا ذلك إذا جامع دون الفرج والحاق الحج بالعبادات من الصوم والاعتكاف والطهارة أولى من الحدود وفي الجواهر إن باشر ولم ينزل فروى محمد إن قبل فبدنة أو غمز امرأة بيده فأحب إلي أن يذبح وتكره المباشرة ومس الكف ورؤية الذراع وحملها على المحمل بل يتخذ سلما ولا بأس برؤية شعرها وأفتاء المفتي في أمور النساء النوع العاشر عقد النكاح والإنكاح من المحرم لما تقدم في الجماع ولا فدية فيه دون سائر المحظورات لأنه وسيلة وغيره مقصد والذي يجبر إنما هو المقاصد وله مراجعة زوجته وهما محرمان لأن الرجعية زوجة لأنهما يتوارثان إنما الرجعة إزالة مانع من الوطئ النوع الحادي عشر التزين بإماطة الأذى والتنظيف والأصل في منع هذا النوع قوله المحرم أشعث أغبر وفيه تفريعات ثلاثة الأول في الكتاب إذا خضب رأسه أو لحيته بحناء أو وسمة أو المحرمة يديها أو رجليها أو رأسها أو طرفت أصابعها افتديا وإن خضب أصبعه لجرح فعليه الفدية إن كان للتداوي وإلا فلا ويفتدي في مداواته بالطيب مطلقا لكثرة الرفاهية في الطيب وقال الشافعية إنما توجب الحناء الفدية في الرأس إذا سترها لأن أزواجه عليه السلام كن يختضبن بالحناء وهن حرم ووافقنا ح إن عم العضو وإلا فلا لنا القياس على الدهن بجامع إزالة الشعث وهذه أولى لما فيه من العطرية ويمنع صحة حديثهم قال ولا بأس بالغسل بالأشنان غير المطيب الثاني في الكتاب من دهن كفيه أو قدميه من الشقاق فلا شيء عليه وإن دهنهما لغير علة فعليه الفدية لما في الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنه قال يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثا وأنتم مدهنون أهلوا إذا رأيتم الهلال فدل على أن الدهن يمنع منه المحرم ولا خلاف في الفدية في دهن الرأس كان عليه شعر أو لا وقال مالك وح بها في دهن الجسد خلافا ل ش وابن حنبل وقال سند إذا استعمل الدهن في جسده لعذر افتدى لإزالته الشعث واثر الضرورة نفي الإثم الثالث في الكتاب لا بأس بالائتدام بالسيرج والسمن ويكره الائتدام والاستعاط بدهن البنفسج وشبهه وله كحل عين بالاثمد لحر يجده إلا أن يكون مطيبا وإن اكتحل للزينة افتدى وخالفنا الأئمة لنا أنه يزيل الشعث من العين كما يزيل الدهن شعث الرأس وفي الجلاب قال عبد الملك ليس على الرجل في الكحل فدية لأن جنسه خاص بالنساء والفرق عندنا بين الكحل للضرورة لا فدية فيه ودهن الجسد للضرورة فيه الفدية أن العين في حكم الباطن فتشبه الشقوق في اليد أو الرجل قال سند وأما تشقيق العين بما لا يتحجر على الجفن فخفيف وإن كان يستر البشرة سترا كثيفا كالقرطاس على الدمل ففيه الفدية وفي كحل النساء ولبس الحلي وغيره من الزينة خلاف بين أصحابنا بالكراهة والتحريم والمعروف الفدية في الكحل بخلاف الحلي لأن الحلي لا يزيل شعثا وليس على المحرم شعوثة اللباس بل له تجديد الملبوس ويبالغ في تنظيفه إذا أمن من قتل الهوام ولا يزيل شعث جسده وكره مالك النظر في المرآة للمحرم والمحرمة ليلا تبعثه على إزالة الشعث في الجواهر يكره له غمس رأسه في الماء خيفة قتل الدواب فإن فعل أطعم شيئا من الطعام وليس له غسله بالسدر والخطمي ويفتدي إن فعل
الباب الثامن في الفدية المرتبة على الترخيص بالمخيط والطيب والقاء التفث وغيرها
والأصل فيها قول تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) البقرة 196 وفي الكتاب : هل هي على التخيير لورود الآية بصيغة أو وهي تقتضي التخيير لغة وفي الموطأ كان كعب بن عجرة معه محرما فأذاه القمل في رأسه فأمره أن يحلق رأسه وقال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين مدين لكل مسكين أو انسك بشاة أي ذلك فعلت أجزأ عنك ولا يفتقر إلى الحكمين وإن كانت القاعدة حمل المطلق على المقيد وقد أطلقت الكفارة ها هنا وقيدت في الصيد بالحكم لاختلاف السبب وهو قتل الصيد والترفه والحكم وهو لوجود الشبه ثمة وشاة كيف كانت ها هنا والحمل إنما يكون إذا اتحد السبب كالوضوء والتيمم فإن السبب الحدث أو اتحد الحكم كالعتق في القتل والظهار على الخلاف في ذلك قال ويستوي في التخيير المضطر والجاهل والنسك شاة يذبحها حيث شاء ولا يشترط خروجها إلى الحل ولا دخولها فيه وكذلك الإطعام وهو ستة مساكين مدين لكل مسكين بمده من عيش ذلك البلد برا أو شعيرا ولا يجزئ الغذاء والعشاء لتعيينه مدين وأجزأ في كفارة الحنث لكونها مدا مدا والغذاء والعشاء أفضل منه وقال ش و ح دم الفدية كالهدي يذبح بالحرم قبل الوقوف بعرفة لما في أبي داود أنه أمر كعب بن عجرة لما حلق رأسه أن يهدي هديا بقرة والجواب منع الصحة أو حمله على الإستحباب وقال ش لا يطعم إلا بمكة وقال ح يجوز دفعه لمسكين واحد لأن المقصود سد الخلة على أصله في الكفارة قال ابن يونس قال محمد إن شاء نحر البدنة ليلا أو نهارا وإن شاء بعيرا أو بقرة وله جعلها هديا وتقليدها ولا ينحرها إذا قلدها إلا بمنى أو بمكة أن أدخله من الحل فإن افتدى قبل الفعل الموجب لم يجزئه وأفضل الفدية أفضل الهدايا الإبل ثم البقر ثم الغنم لأنه يفرق لحما فيستحب فيه الكثرة ومتابعة الصوم أفضل ولو تبين استواء الغذاء والعشاء للمدين أجزأه ولو أطعم يومين أجزأه فصل في تداخل الفدية والأصل في التداخل قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية ) الآية فجعل الواجب أحد الخصال مرتبا على المرض والأذى ولم يخص بعض المرض بشيء فيجب في حمله ما يستعمل في المرض فدية واحدة ويلحق به النية المتحدة والمجلس المتحذ بجامع العزم على مباشرة المحظور وقد تقدم في باب القران أنواع التداخل في موارد الشرع وعدده وتفاصيله فليراجع من هناك وفي الكتاب إذا لبس قلنسوة لوجع ثم نزعها فعاد إليه الوجع فلبسها إن نزعها بدأ منه فيها فديتان وإن كان ناويا مراجعتها عند مراجعة المرض ففدية واحدة نظرا لإتحاد النية والسبب كالحدود وكذلك إذا وطئ مرة بعد مرة ووافقنا ح إذا وطئ وهو يعتقد الخروج من إحرامه ولم يخرج أو اعتقد رفضه أو اعتقد بقاءه أو تكرر الوطئ في مجلس واحد فإن كان يعتقد الإحرام ووطئ في مجالس عليه في الأول بدنة وفي الثاني شاة سواء كفر عن الأول أم لا وعند ش إذا لم يكن كفر حتى وطئ قولان في التداخل وإذا لم يتداخل فهل يجب في الثاني بدنة أو شاة قولان لنا أن الثاني لم يفسد الإحرام لتعذر إفساد الفاسد فلا تجب فيه كفارة كما لو اتحد المجلس ولو لبس الثياب مرة بعد مرة ناويا لبسها إلى برئه من موضعه أو لم يكن به وجع وهو ينوي لبسها مدة جهلا أو نسيانا أو جرءة فكفارة واحدة لاتحاد النية وكذلك الطيب ينبع اتحاد النية وتعددها فإن داوى قرحة بدواء فيه طيب ثم قرحة أخرى بعدها فكفارتان لتعدد السبب والنية وإن احتاج في فور واحد لأصناف فلبس خفين وقميصا وقلنسوة وسراويل فكفارة واحدة وإن احتاج إلى خفين فلبسهما ثم إلى قميص فلبسه فكفارتان لتعدد السبب وإن قلم اليوم إظفار يده وفي الغد أظفار يده الأخرى ففديتان لتعدد المجلس وإن لبس وتطيب وحلق وقلم في فور واحدة ففدية واحدة وإن تعددت المجالس تعددت الفدية وقاله ح وقال ش هذه أجناس لا تتداخل كالحدود المختلفة لنا إن المعتبر هو الترفه وهو مشترك بينها وبين واجب وموجب الجميع واحد وهو الفدية فتتداخل كحدود المسكر المختلف الأنواع قال ابن يونس قال عبد الملك إن احتاج إلى قميص ثم استحدث السراويل مع القميص ففدية واحدة لسترة القميص موضع السراويل فلو احتاج إلى السراويل أولا ففديتان فإن احتاج إلى قلنسوة ثم بدا له فلبس عمامة أو عكس فدية واحدة وكذلك لو احتاج إلى قميص ثم جبة ثم فروة أو احتاج إلى قلنسوة ثم عمامة ثم إلى التظلل قال سند إن اتصل الفعل لا يضر تقطع النية مثل استعمال دواء فيه العنبر ثم يوصف له دواء فيه المسك فيقصده بفور استعمال الأول ففدية واحدة وإن اتصلت النية وتقطع الفعل كالعزم على التداوي بكل ما فيه طيب فيستعمل المسك ثم العنبر ففدية واحدة فإن تقطعا معا كما إذا لم ينجع دواء المسك فيعزم على دواء العنبر فلا يتداخلان لتباين من كل وجه والمراعى في ذلك الفور والقرب وإذا احتاج إلى خفين أو ثياب لم تتعين وله لبس خف بعد خف بخلاف الطيب إذا نوى طيبا ممسكا فاستعمل بعده غيره فكفارة ثانية والفرق أن الطيب يتلف عينه فيتعين واللباس إنما تتلف منافعه فلا يتعين وفي الجواهر حيث قلنا تجب الفدية باللبس فكذلك إذا انتفع به لحر أو برد كالنوم وأن لم ينتفع حتى ذكر ونزع فلا شيء عليه وكذلك الخف إذا نزعه على القربالباب التاسع في دماء الحج
وفي الجواهر قال الأستاذ أبو بكر يجب الدم في الحج في أربعين خصلة والنظر في أنواعها وأحكامها وبقاعها وأزمانها فهذه أربعة فصول الفصل الأول في أنواعها النوع الأول ما وجب من غير تخيير وفي الكتاب كل هدي وجب على من تعدى ميقاته أو تمتع أو أو قرن أو أفسد حجة أو فاته الحج أو ترك الرمي أو النزول بمزدلفة أو نذر مشيا فعجز عنه أو ترك من الحج ما يجبر بالدم إذا لم يجد هديا صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع بعد ذلك وله أن يصوم الثلاثة ما بينه وبين يوم النحر فإن لم يصم قبله صام الثلاثة التي بعده ويصل السبعة بها إن شاء لأن معنى قوله تعالى ( وسبعة إذا رجعتم ) البقرة 196 أي من منى سواء أقام بمكة أم لا وأن صام بعضها قبل يوم النحر كملها في أيام التشريق فإن أخرها عن أيام التشريق صام متى شاء وصلها بالسبعة أم لا وإنما يصوم الثلاثة في الحج المتمتع والقارن ومتعدي الميقات ومفسد الحج ومن فاته الحج وأما من لزمه ذلك لترك جمرة أو النزول بمزدلفة فيصوم متى شاء وكذلك الوطئ بعد رمي جمرة العقبة قبل الإفاضة لأنه إنما يصوم إذا اعتمر بعد أيام منى والماشي في نذره بعجز يصوم متى شاء لأنه يقضي في غير حج فيصوم في غير حج وقال ش يبتدئ المتمتع الصوم من حين الإحرام بالحج كما قلناه وقال ح وابن حنبل من حين يحرم بالعمرة قياساً على الحج وفي الجواهر قيل يجوز تقديم هدي المتعة على الحج بعد العمرة لأن التطوع الحج يجزء عن واجبه فهذا أولى لنا أن حقيقة التمتع إنما يحصل بالإحرام بالحج فلو تقدم الصوم لتقدم على سببه ولأن الهدي لا يجزئ قبل الحج فكذلك بدله والفرق بين هذا وبين التكفير قبل الحنث بعد باليمين أن اليمين هو السبب والحنث شرط والحكم يجوز أن يترتب على سببه والعمرة ليست سببا بل اجتماع الإحرامين ولم يحصل ووافق ابن حنبل في صوم أيام التشريق لأنه مروي عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم خالف ش و ح لنهيه عن صومها وجوابه أن ما ذكرناه خاص وما ذكروه عام فيقدم الخاص على العام ووافقنا ش وابن حنبل أنه يصوم بعد عرفة وقال ح يتعين الهدي عليه حينئذ لقوله تعالى ( فصيام ثلاثة أيام في الحج ) البقرة 196 فشرطها في الحج وجوابه أن الواجب في الحج لا ينافي الواجب في غيره فإن استدل بمفهوم الزمان فهو لا يقول بالمفهوم ثم ينتقض بصيام الظهار فأنه مشروط بقبل المسيس ويجب بعده ولنا القياس عليه وعلى صوم رمضان وقال ابن حنبل أن أخر الدم لغير عذر فعليه دم ويصوم كتأخير قضاء رمضان عن وقته وجوابه أن الصوم ها هنا يدل على الهدي فلو وجب الدم لاجتمع البدل والمبدل معه وهو خلاف الأصل قال من ترك الميقات في عمرته أو وطئ أو فعل ما يلزمه به هدي فلم يجده فليصم ثلاثة أيام وسبعة بعد ذلك وكل من لم يصم ممن ذكرناه حتى رجع إلى بلده وله بها مال بعث بالهدي ولم يجزئه الصوم وكذلك من أيسر قبل صيامه ومن وجد من يسلفه فلا يصم ويتسلف إن كان موسرا ببلده لقوله تعالى ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج ) البقرة 196 واشترط عدم الهدي كما اشترط عدم الماء في التيمم فكما يتسلف للماء يتسلف للهدي قال سند إذا طرأ موجب الدم بعد الوقوف بعرفة فلمالك في ترخيصه بصوم أيام التشريق قولان قياسا على التمتع بجامع وجوب الثلاث والسبعة أو نظر إلى تقدم الوجوب في التمتع ومن شرع في صيام الثلاثة ثم وجد الهدي استحب له الهدي وكذلك أن وجد بعده الثلاثة قبل يوم النحر كالمتيمم يجد الماء في أثناء تيممه وإذا وجده قبل يوم النحر فقد وجب المبدل قبل حصول المقصود من البدل وهو التحلل لنا القياس على السبعة والفرق بينه وبين التيمم أن الصوم مقصود في نفسه وظاهر المصلحة والتيمم بالتراب مناف لمقصود الطهارة وإنما شرعه الله تعالى ضبطا لعادة التطهير ويصوم عشرة أيام متصلة إذا رجع إلى أهله وقال ابن حنبل وقالت الشافعية يجب التفريق لأنه هيئة للعبادة فلم يسقط بالفوات كهيآت الصلاة وجوابهم أن هذه الهيئة واجبة للوقت فتفوت بفواته كالتفريق بين الصلاتين في الأداء وإذا لم يجد الهدي وأخر الصوم حتى مات فلا شيء على الوارث فإن أراد أن يتطوع عنه فالهدي لآن الصيام لا تدخله النيابة وفي الجواهر قال ابن الحارث لا بد من اتصال الثلاثة بعضها ببعض وكذا السبعة والمشهور خلافه ولو مات المتمتع قبل رمي جمرة العقبة فلا شيء عليه أو بعدها أخرج هدي التمتع من رأس ماله وقال سحنون لا يلزم الورثة الهدي إلا أن يشاءوا ولا بجمع بين بعض البدل وبعض المبدل في سائر الإبدال بل وصنف واحد النوع الثاني ما وجب مع التخيير وهو جزاء الصيد وفدية الأداء كما تقدم بسط فروعها في بابها النوع الثالث التطوع ولا أعلم في التطوع بالهدي خلافا وقد بعث بالهدايا تطوعا مع ناجية الأسلمي ومع غيره وما زال السلف على ذلك وفي الكتاب أن استحق هدي التطوع استحق فعليه بدله ويجعل ما يرجع به من ثمنه في هدي كما يفعل بما يرجع به من عيب وإن ظل هدي التطوع ثم وجده بعد أيام النحر نحره بمكة بخلاف الأضحية يجدها بعد أيام الذبح والفرق تعين الهدي بالتقليد والإشعار والأضحية لا تتعين إلا بالذبح أو النذر أو التعين الفصل الثاني في أحكامها وهي عشرة الحكم الأول الشركة فيها وفي الكتاب لا يشترك في هدي تطوع ولا واجب ولا نذر ولا جزاء صيد ولا فدية وأهل البيت والأجانب سواء وقال ح ويجوز الاشتراك في الهدي لمريدي التقرب كان أحدهما متطوعا أم لا فإن كان أحدهما لا يريد التقرب لم يجز وقال ش وابن حنبل يجوز مطلقا يقول جابر نحرنا مع النبي عام الحديبية البدنة عن سبع والبقرة عن سبع وهو في الموطأ ومسلم وقياسا على اشتراك أهل البيت في الأضحية لنا ما رواه مالك قال ابن عباس رضي الله عنه ما كنت أرى دما يقضي عن أكثر من واحد والقياس على الشاة وهي تبطل قياسهم على أهل البيت فإن الشركة تجوز فيها في الأضحية بخلاف الهدي اتفاقا وقياسا على الرقبة في العتق والفرق بين الأضحية والهدي أن الهدي شرع في الإحرام تبع له والإحرام لا شركة فيه فلا شركة في الهدي تبعا لأصله والأضحية لم تتبع غيرها قال سند وروي عن مالك لا بأس أن يشترك في التطوع لأن حديث جابر كانوا في متطوعين معتمرين وإذا منعنا الاشتراك في التطوع فظاهر الفرق بين الأجانب والأقارب لما في أبي داود أنه نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة وأن أجزنا الاشتراك فلا يختص بأهل البيت ولا بسبع قياسا على عتق التطوع والخصم يمنع ذلك كله اتباعا لظاهر الحديث وليس فيه إلا مفهوم لقب أو عدد وهما ضعيفان في باب المفهوم على ما تقرر في علم الأصول وإذا اشترك الأجانب فلا فرق أن يوهب لهم أو يبتاعوه اتفقت أجزاؤهم أم اختلفت إلا أن الظاهر انه لا يشاركهم ذمي ولا من لا يريد التقرب كمريد بيع اللحم ونحوه لأن العبادة هي النحر والعبادة لا يكون بعضها ليس بعبادة وإذا أرادوا قسمة اللحم فإن قلنا القسمة إقرار حق جاز وإن قلنا بيع فلا وإن تصدقوا به جاز للمساكين قسمته كما لهم بيعه وقسمة ثمنه الحكم الثاني التقليد والإشعار وهما من سنة الهدي لما في مسلم أنه أشعر بدنة في الجانب الأيسر ثم سلت الدم عنها وفي الموطأ أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا اهدى هديا من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة ويقلده قبل أن يشعره وذلك في مكان واحد وهو متوجه إلى القبلة يقلده بنعلين ويشعره من الشق الأيسر ثم يساق وكان إذا طعن في سنام هديه وهو يشعره قال بسم الله والله أكبر وكان يجلل بدنه بالقباطي والأنماط والحلل ثم يبعث بها إلى مكة فيكسوها أياما وأما التقليد فلقوله تعالى ( ولا الهدي ولا القلائد ) المائدة 2 قالت عائشة رضي الله عنها أنا فتلت قلائد هدي رسول الله وقلدها هو بيده وقال ح الإشعار بدعة لنهيه عن تعذيب الحيوان وعن المثلة وجوابه أن ما ذكرناه خاص فيقدم على عموم ما ذكره سلمنا له التساوي في العموم لكن حديث مسلم السابق عام الوداع وحديث المثلة عام أحد فيكون منسوخا وينتقض عليه بالكي والوسم في أنعام الزكاة والجزية لتميزها عن غيرها والغرض ها هنا أيضا أن لا تختلط بعيرها وأن يتوقاها اللص وأن ينحرها من وجدها في محلها فإن التقليد قد يقع فلا يكفي ثم هذه الشعيرة أظهر في الإسلام من احتياجه لسند وفي الكتاب من أراد الإحرام ومعه هدي فليقلده ثم يشعره ثم يجلله أن شاء وذلك واسع ثم يدخل المسجد فيركع ويحرم ولا ينبغي التقليد ولا الإشعار إلا عند الإحرام إلا أن لا يريد الحج فيفعل ذلك بذي الحليفة وأن لم يكن معه هدي وأراد الهدي فيما يستقبل فله أن يحرم ويؤخر الهدي ويقلد الهدي كله ويشعر إلى الغنم لا تقلد ولا تشعر وتقلد البقر ولا تشعر إلا أن تكون لها أسنمة فتشعر والإشعار في الجانب الأيسر من سنامها عرضا وقال ابن القاسم ولا تقلد بالأوتار ولا تقلد فدية الأذى لأنها نسك وليست هديا ومن شاء جعلها هديا ويجزئ الهدي كله بدون التقليد والإشعار قال سند قال مالك يستحب القليد بما تنبت الأرض وتجزي النعل الواحدة لحصول التمييز قال ابن المواز الإشعار في أي الشقين شاء وقال ش وابن حنبل في الأيمن واختاره عبد الوهاب في المعونة لحديثه ابن عباس واختار مالك فعل ابن عمر فإنه فعل الحرمين ويحمل الحديث على بيان الجواز فإن لم يكن للبعير سنام قال مالك لا يشعر كالبقر قال ابن حبيب و ش يشعر البقر لنا أنه إنما ورد في السنام فلا يشرع في غيرة كالعتق وكالغنم قال ابن حبيب الإشعار طولا ورواه عن ابن عمر رضي الله عنهما ويجوز أن يكون اللفظ مختلفا والمعنى متفقا هذا يريد عرض السنام وهذا يريد طول البعير قال مالك ولا تقلد المرأة ولا تشعر إلا أن لا تجد من يلي ذلك كالذبح قال مالك والبياض في الجلال أحب إلينا وشق الجلال أحب إلينا على الأسنمة لتثيت أن كانت قليلة الثمن كالدرهمين وينزع العالي منها ليلا يخرقه الشوك وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يجلل حتى يغدو من منى لأن جلاله كانت غالية قال ابن حبيب وش وابن حنبل تقلد الغنم لما في الصحيحين أنه أهدى غنما مقلدة وجوابه أنه محمول على قلائد أطواق كانت حلقية في أعناقها لنا لأنها لا تجلب من مكان بعيد فلا تحتاج إلى ذلك وفي الجواهر قيل بكراهة تقليد النعال الحكم الثالث تعيينه بالتقليد وعندنا يتعين وعند ش و ح لا يتعين إلا بالذبح كالأضحية لأنه لو زال ملكه عنه لما أجزأه ونحره قياسا على الزكاة بعينها فله إبدالها والجواب عن الأول الفرق بأن الحكم العهدي يتعدى للولد حتى يجب نحره كالاستيلاد في أم الولد وولد الأضحية لا ينحر معها وهو الجواب عن الثالث فأنه إذا عزل شاة الزكاة فولدت لا يلزم دفع ولدها معها وعن الثاني أن النحر تسليم لما عينه ولزمه وفي أبي داود عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أهدى نجيبا فأعطي بها ثلاثمائة دينار فأتى النبي فأخبره بذلك ففال أفأبيعها واشتري بها بدنا قال لا انحرها وقياسا على تسليم الزكاة إلى الإمام قبل وصولها للمساكين وفي الكتاب كل هدي واجب أو تطوع أو نذر أو جزاء صيد دخله عيب بعد التقليد أجزأ خلافا ل ش و ح لنا أنه غير متمكن من تغيره ولو ضل ثم وجده بعد نحره غيره نحره ولو مات لم يتمكن الورثة من تغييره قال سند أن كان ذلك بتفريط أو تعد ضمن وأن كان بغير ذلك فالتطوع والمنذور لا يضمن ولو مات وأما غيرهما فقال الأبهري القياس الإبدال وفي الجواهر إذا وجد الهدي معيبا لا يرده على المشهور وقيل يرده قال سند وإذا قلنا بالتعيين بالتقليد فعطب الهدي قبل محله أبدل لأن الله تعالى يقول ( هديا بالغ الكعبة ) المائدة 95 وهذا لم يبلغ الكعبة بخلاف المنذور والمتطوع فإنه إنما التزم نحره مع الإمكان وفي الكتاب إذا أخطأ الرفقاء فنحر كل واحد هدي صاحبه أجزأهم بخلاف الضحايا لتعينها بالتقليد قال سند يستحب لمن ضل هديه يوم النحر تأخير خلافه إلى زوال الشمس لبقاء وقت النحر عساه ينحر قبل الخلاف فإن لم يجده حلق لأنه لو وجده استحب له تأخيره إلى غد وتقديم الخلاف أفضل من تأخيره ولو نحر الضال واجده عن نفسه قال محمد يجزىء عن صاحبه ومن نحر هدي غيره عن نفسه يعتقد أنه هدي نفسه قال ابن القاسم لا يجزئ في غير العمد لتعينه قال وهذا يقتضي اجزاءه مع العمد وروى أشهب في الرفقاء يضمن كل واحد لصاحبه بخلاف الضحايا عكس رواية ابن القاسم فيهما وقال مالك أيضا من ذبح شاة صاحبه المقلدة وأجزأته وعليه قيمتها وإذا قلنا لا تجزئ عن الأولى فله القيمة كأم الولد إذا قتلت وإذا لم يضمنه صاحبه وأخذ اللحم لم تجزئ الثاني لأن الإجزاء فرع الملك والملك فرع التحميلة وهل للأول بيع اللحم يتخرج على الخلاف فمن وجد بهديه عيبا وإذا عطب المنذور قبل محله لم يضمن إلا أن يتعدى أو يمكنه ذبحه فيتركه حتى يموت لأنه مؤتمن على الذبح وقد فرط بخلاف العبد المنذور عتقه حتى يموت مع المكنة لأن المستحق للعتق هو العبد وقد هلك والمستحق للهدي المساكين وفي الكتاب إذا مات قبل بلوغ بدنه أو هدي تطوعه محلها بعد تقليدها لا يرجع ميراثها الحكم الرابع في صفاتها من الجنس والسن والسلامة من العيوب وحكمها في جميع ذلك حكم الضحايا على ما سيأتي مفسرا إن شاء الله تعالى وفي الجواهر تعتبر السلامة وقت الوجوب حين التقليد والإشعار دون وقت الذبح وقيل يراعي وقت الذبح وفي الكتاب إذا قلده وأشعره وهو لا يجزئ لعيب به فزال قبل بلوغه لمحله لم يجزئه وعليه بدله إن كان مضمونا ولو حدث به ذلك بعد التقليد أجزأه وفي الجواهر قال الأبهري القياس عدم الإجزاء قياسا على موته قال أبو طاهر يؤخذ من هذا أنه يجب بالتقليد والإشعار أو وجب لكن يشترط دوام كماله إلى النحر وقال ابن حنبل ينحر المعيب ويبدله وقال ش لا يجزئه كالأضحية لنا القياس على الزكاة إذا دفعها إلى الأمام وفي الكتاب لا بأس بالهدايا والضحايا مع يسير القطع أو الشق في الأذن مثل السمة ونحوها ويجوز الخصي في الضحايا والهدايا وبالخبرة لسمنه وطيب لحمه ويجوز الكوكب على العين مع الإبصار بها ولا يجوز البين العرج ولا البين المرض من الدبر ولا الإبل ولا المجروح إذا كان الجرح أو الدبر كثيرا والذي يجزئ من الأسنان في الهدايا والفدية الجذع من الضأن والثني من سائر الأنعام وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول لا يجزئ إلا الثني من كل شيء قال مالك إلا أن النبي أرخص في البدن من الضأن والبدن عند مالك من الإبل وحدها والذكور والإناث بدن كلها لقوله تعالى ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ) الحج 36 ولم يفصل ويجوز الذكور والإناث من الغنم وغيرها ومن أهدى ثوبا فليبعه ويشتري بثمنه ما يجوز من الهدي توفية بلفظ الهدي وإذا اطلع على عيب في هدي التطوع بعد التقليد أمضاه وليس عليه بدله ويرجع على البائع بأرشه ويجعله في هدي آخر إن بلغ وإلا تصدق به فلو كان واجبا أبدله ويستعين بأرشه في البدل فإن جنى على الهدي صنع بأرش الجناية ما يصنع بأرش العيب الحكم الخامس في ضلاله أو سرقته أو هلاكه قبل نحره وفي الكتاب إذا ضل الهدي الواجب أو جزاء الصيد فنحر غيره يوم النحر ثم وجده بعد أيام النحر نحره أيضا لتعيينه أولا ومن عطب هديه للتطوع ألقي قلائده في دمه إذا نحره ورمى عنه جله وخطامه وخلى بين الناس وبينه ولا يأمر من يأكل منه فقيرا ولا غنيا فإن أكل أو أمر فعليه البدل سبيل الجل والخطام وسبيل اللحم لما في الصحيحين قال علي رضي الله عنه أمرني أن أقف على بدنه وأن أتصدق بلحومها وأجلتها قال سند فإن أخذ الجل اختص الضأن به ويضمنه بالقيمة وإن استعمله رد ما نقصه وفي الكتاب أن بعث به مع غيره عمل به مثل عمله وأن أكل لم يضمن لأنه ليس ملتزما للتقرب فإن أمره ربه بالأكل ففعل ضمن ربه وإن أمره أن يخلي بين الناس وبينه فيتصدق به لم يضمن وأجازأ صاحبه كما لو عطب معه فأتى أجنبي فقسمه بين الناس فلا شيء عليهما وكل هدي واجب ضل أو مات قبل نحره فعليه بدله لأنه في عهدته حتى ينحر للمساكين ولا يضمن التطوع لأنه لم يشغل ذمته وإنما التزم التقرب بهذا الهدي المعين وإن سرق الواجب بعد ذبحه أجزأه لأن عليه هديا بالغ الكعبة وقد فعله الحكم السادس في نتاجها وألبانها وركوبها وفي الكتاب يحمل نتاج الناقة أو البقرة أو الشاة وهو هدي معها على غيرها إن وجده وإلا فعليها فإن عجزت كلف حمله لأن حق الهدي يسري للولد كالاستيلاد في العتق والتدبير والكتابة قاله الأئمة وقال سند قال أشهب وعليه الإنفاق عليه حتى يجد محلا ولا يحل له دون البيت فإن تعذر ذلك كان حكمه حكم الهدي إذا وقف فإن وجد مستعتبا أبقاه ليكثر وإلا نحره موضعه وخلي بين الناس وبينه فإن أكل من الولد قال عبد الملك عليه بدله وهو مثل التطوع مثل أمه يأكل منه أن أبد له وفي الواجب ليس مثل أمه لا يضمنه إذا تركه ويخلي بين الناس وبينه ويصير كالتطوع فإن أكل منه أبدله قال أشهب إن باعه عليه هديا كبيرا وقال ابن القاسم إن نحره في الطريق أبدله ببعير لا ببقرة يريد في نتاج البدنة هذا كله من النتاج بعد التقليد أما قبله فلا يجب واستحب مالك نحره إذا نوى بأمه الهدي قبل الإشعار كقوله في الضحايا ولو وجد الأم معيبة لا تجزئ لا يتصرف في ولدها وكان تبعا لها في حكم الهدي وفي الكتاب لا يشرب من لبن الهدي ولو فضل عن ولدها لأنه من نتاجها فأن فعل فلا شيء عليه لأن بعض من مضى أرخص فيه ولأنه منفعة كالركوب لأجزاء كالولد ومن أحتاج إلى ظهر هديه فليركبه وليس عليه أن ينزل بعد راحته وقال ش لما في الصحاح أنه رأى رجل يسوق بدنة فقالوركبها فقال إنها بدنة قال اركبها وذلك في الثانية أوالثالثة وقال ح إن ركب ضمن ما نقص وتصدق به قال سند قال محمد إن اضربها ترك الحلاب حلبها وروي عن مالك لا يشرب من لبنها إلا من ضرورة وروي المنع مطلقا ولو فضل عن فصيلها وجوزه الشافعية مطلقا بعد كفاية فصيلها لأن بقاءه فيها يضر ومحلوبا يفسد الحكم السابع الجمع بين الحل والحرم وهو من أحكام الهدي وهو ما وجب لترك نسك أو فساد الإحرام ونحو ذلك وفي الكتاب إذا اشتري في الحرم أخرج إلى الحل أو اشترى من الحل أدخل الحرم وهو الذي يوقف بعرفه ولا يجزئ أيقاف غير ربه والإبل والبقر والغنم سواء في ذلك وإن بات بالمشعر الحرام ما وقف به بعرفة فحسن لأن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يفارق هديه في سائر المواطن وقال ح و ش لا يشترط خروجه إلى الحل لأن الهدي مشتق من الهدية فإذا نحره فقد أهداه من ملكه إلى الله تعالى وتحقق معناه وجوابه أنه مهدي إلى الحرم فيلزم أن يؤتى به من غيره فيجمع بينهما وهو المطلوب ولأن الله تعالى أمر بالهدي ولم يبين أحكامه فبينه النبي وساقه من الحل إلى الحرم فوجب ذلك كما وجب السن والجنس والمنحر ولأنه قربة تتعلق بالحرم فأشبه الحج والعمرة قال سند وروي عن مالك إذا اشتراه في الحرم ذبحه سفيه وأجزأه والذي لا يجزئ من إيقاف الغير هو البائع ونحوه وأما عبدك أو ابنك فيجزئ لبعثه هديه مع غيره فوقف به ونحره ويجوز أن يؤتي به من الميقاة مع الإحرام مقلدا مشعرا مجللا ويجوز أن يؤتى به بعد يوم عرفة يوم النحر فما أتى به قبل الوقوف وقف به فهو الذي يحله موضع إحلال المحرم ويستحب له أن يوقفه المواقف التابعة لعرفات فإن أرسله من عرفة قبل الغروب لم يكن محله منى لعدم الوقوف بالليل وإذا فات ذلك فحمله مكة ومن اشترى يوم النحر هديا ولم يوقفه بعرفة ولم يخرجه إلى الحل فيدخله الحرم ولا نوى به الهدي بل نوى الأضحية فليذبحه وليس بالأضحية لأن أهل منى ليست عليهم أضاحي وكل شيء في الحج فهو هدي قال التونسي شبه فعله بفعل الأضاحي لما نوى التقرب من حيث الجملة ولم يرد أنها شاة لحم الحكم الثامن نحره في الحج إذا حل من حجة بمنى وفي عمرته بعد الفراغ من السعي عند المروة وفي الكتاب إذا حاضت المعتمرة بعد دخول مكة قبل الطواف ومعها هدي لا تنحره حتى تطوف وتسعى وإن كانت تريد الحج وخافت الفوات ولم تستطع الطواف للحيض أهلت بالحج أوقفت الهدي بعرفة ونحرته بمنى وأجزأها لقرانها ومن اعتمر في أشهر الحج وساق معه هديا فطاف لعمرته وسعى نحره إذا تم سعيه ثم يحلق أو يقصر ولا يؤخره إلى يوم النحر فإن أخره لم يبق محرما وأحرم يوم التورية وأول العشر أفضل وفإن أخره فنحره عن متعته إقتداء لم يجزئه لتعينه ثم قال يجزئه وقد فعله الصحابة رضوان الله عليهم قال سند الهدي مشروع في العمرة عند الجمهور لأنه
نحر عمن اعتمر من نسائه بقرة فالتي تريد القران يتقلب هديها لقرانها كما ينقلب إحرامها وفي الصحيحين قالت عائشة رضي الله عنها خرجنا مع النبي عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال النبي من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة وظاهره أنه بعد الإحرام وأن هديهم ذلك يجزئهم عن القران وروي عن مالك يهدي غيره أحب إلي وقاله ابن القاسم وهو القياس لتعين الهدي قبل نية القران ووافقنا ش في تأخير المعتمر هديه وأنه يحل وقال ح وابن حنبل لا يحل حتى يحج وينحر لقوله تعالى ( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) البقرة 196 وفي الموطأ قالت حفصة رضي الله عنها قلت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت فقال إني لبدت رأسي وقلدت هدبي فلا أحل حتى أنحر والجواب عن الأول أن الهدي قد بلغ محله عند المروة وعن الثاني أن عمرته كانت مع الحج معا وفي الصحيحين تمتع في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وساق الهدي معه من ذي الحليفة وبدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج وإذا أهدى لعمرته لا يقصد التمتع قال عبد الحق لا يجزئه على تمتعه عن القولين قال وليس كما قال بل الخلاف جار فيها وإن قصد به التمتع فقد كرهه ابن القاسم في الصورتين أما في الأولى فلتعينه نافلة وأما الثانية فلتعينه قبل سبب وجوبه كالصلاة قبل الوقت وفي الكتاب أذا بعث يهدي تطوع مع رجل حرام ثم خرج بعده حاجا فإن أدرك هديه لم ينحره حتى يحل وإن لم يدركه فلا شيء عليه وإن كان هذا الهدي قد ارتبط باحرام الأول فإن ذلك الحكم ينقطع كما لو أحضر الرسول وأمكن ربه الوصول ولأن الأصل أقوى من الفرع والموكل متمكن من عزل الوكيل قال سند فلو كان الرسول دخل بحج ثم دخل ربه بعمرة قال في الموازية يؤخره حتى ينحره في الحج لأن النحر في الحج أفضل من العمرة لجعل الشرع له زمانا معينا وما اعتنى الشرع به يكون أفضل فإن سبق الهدي في عمرته ودخل به بعمرة فأراد تأخير حتى يحج من عامه قال مالك لا يؤخره لقوله تعالى ( فلا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) البقرة 196 الحكم التاسع صفة ذبحها في الكتاب تنحر البدن قياما قال ابن القاسم فأن أمتنعت جاز أن تعقل لقوله تعالى ( فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ) الحج 36 أي سقطت وفي البخاري نحر بيده سبع بدن قياما وتنحر الإبل ولا تذبح بعد النحر للحديث المتقدم ولأنه أقرب لزهوق روحها والله تعالى كتب الإحسان على كل شيء والبقر تذبح ولا تنحر بعد الذبح لقوله تعالى ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) البقرة 67 قال سند والعقل ربط يديها مثنية ذراعها إلى عضدها لأن في حديث جابر كان هو أصحابه ينحرون البدن معقولة اليسرى قائمة قال مالك وتصف أيديها بالقيود لقوله تعالى ( فاذكروا اسم الله عليها صواف ) الحج 36 قال مالك ولو تفرقت بعد النحر إلا أن يخاف انقلابها فينحرها باركة أحب إلي من تفرقها ويمسكها رجلان رجل من كل ناحية وهي قائمة مصفوفة أحسن من نحرها باركة وفي الكتاب تكره النيابة في الزكاة لأن مباشرة القرب أفضل وكذلك كان يفعل فأن استناب أجزأه إلا في غير المسلم لأنه ليس من أهل القرب وفي
أبي داود قال علي رضي الله عنه نحر بيده ثلاثين بدنة وأمرني فنحرت سائرها ويقول من ذبح بسم الله والله أكبر اللهم تقبل من فلان فإن لم يقل وسمى الله تعالى أجزأ لقوله تعالى ( ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج 34 قال سند روى أشهب إن ذكاة الذمي صحيحة لأنه من أهل الذكاة ويغسل الذمي الجنب إذا قصد الجنب رفع الجنابة وكاستنابته في العتق وموضع المنع الذبح بخلاف السلخ وتقطيع اللحم والمقصود من التسمية ذكر الله تعالى مخالفة الجاهلية في تسمية الأصنام حتى لو قال الله أجزأه أما ذكر الرحمن فلا يناسب حال الإماتة ولم ير مالك قوله اللهم مثل الأول مستحسنا خلافا لابن حبيب وفي الكتاب لا يعطى الجزار أجرته من لحمها ولا جلودها ولا خطامها ولا جلها لما في حديث علي رضي الله عنه أمرني أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها وأن لا أعطي الجزار منها شيئا وقال نحن نعطيه من عندنا وفي الجواهر إن ذبحها غير صاحبها قاصدا صاحبها أجزأه وان لم يستنبه لوجوبها بالتقليد وإن نحرها عن نفسه تعديا أو غلطا فأقول ثالثها يجزئ في الغلط لوجود قصر القربة من حيث الجملة بخلاف التعدي ولو دفعها للمساكين بعد بلوغها محلها وأمرهم بنحرها ورجع إلى بلده فاستحيوها فعليه بدلها كانت واجبا أو تطوعا لأن تفريط الوكيل كتفريط الموكل الحكم العاشر الأكل منها وفي الكتاب يؤكل من الهدي كله واجبه وتطوعه إذا بلغ محله إلا ثلاثة جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين فإن أكل فلا يجزئه وعليه البدل وقال ح يأكل من التطوع وهدي التمتع والقران لأنهما لم يجبا بسبب محرم فلم يحرما عليه كالتطوع وقال ش يأكل من التطوع دون ما وجب في الإحرام واختلف أصحابه في النذر لأنه هدي واجب كفدية الأذى وجزاء الصيد لنا قوله تعالى ( فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ) الحج 36 وهو عام خص منه جزاء الصيد لأن بدله الذي هو الإطعام مستحق عليه للغير فيكون هو مستحقا عليه للغير فلا يأكل منه كبدله وكذا فدية الأذى ونذر المساكين فإن أكل من الثلاثة ضمن في جزاء الصيد ما قل أو كثر وعليه البدل قال ابن القاسم ولا أدري قول مالك في نذر المساكين وأرى أن يطعم المساكين قدر ما أكل ولا يكون عليه البدل لأنه عند مالك ليس مثل الأول وإنما يستحب ترك الأكل منه قال وإذا هلك هدي التطوع قبل محله تصدق به ولا يأكل منه لأنه غير مضمون عليه وليس عليه بدله فإن أكل فعليه البدل لاتهامه في ذبحه وكل هدي مضمون هلك قبل محله فله الأكل منه والإطعام للغني والفقير ولا يبع منه لحما ولا جلا ولا جلدا ولا خطاما ولا قلائد ولا يستعين بذلك في غير الأول والمبعوث معه بالهدي يأكل من كل هدي إلا الثلاثة المتقدمة إلا أن يكون مسكينا وفي مسلم لما بعث الهدي مع ناجية الأسلمي قال له أرأيت إن أزحف منها شيء على معنى ضعف عن المشي يقال رجف البعير إذا خر من سنامه على الارض من الأعياء وأوجفه اليسير فقال له انحره واخضب نعلها بدمها واضرب بها صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك قال سند حكى محمد خلافا في الأكل من هدي الفساد وروي عن مالك إن أكل من الجزاء والفدية فلا شيء عليه وكل هدي جاز أكل بعضه وجاز أكل كله ولا حد فيما يستحب إطعامه على ظاهر المذهب وحدده ش بالنصف لقوله تعالى ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) الحج 28 ومرة بالثلث لقوله تعالى ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) الحج 36 فجعل له شريكين والنذر قسمان نذر للمساكين يأكلونه فلا يأكل منه على المشهور وفيه خلاف منذور النحر فقط قال مالك يأكل منها وإذا عين أفضل مما وجب عليه وقلنا يبدله فهل مثل ما كان في الذمة أو مثل ما عين لأن من نذر المشي إلى مكة معتمرا فمشي في حج فركب وأراد يقضي سنة أخرى ما ركب فإنه يمشي إن شاء في حج أو عمرة كما كان أولا ولو عطب بتفريطه لزمه مثل ما عين ولو كان بدلا عن هدي واجب ضل فعطب فأكل منه ثم وجد الأول نحره وبدل الثاني لأنه صار تطوعا أكل منه قبل محله وفي الجلاب إذا أكل من هدي لا يجوز له الأكل منه روايتان إحداهما يبدل الهدي كله والأخرى مكان ما أكل وروي عن مالك لا شيء عليه لأنه عين للمساكين فأكله وأكل غيره سواء والسنة تضمين الجميع ولأنه كما ضمن إراقه دمه فقد ضمن أبعاضه فإذا أكل بعضها سقطت الزكاة فيه والزكاة لا تتبعض فيبطل الجميع والهدي في الأكل منه على أربعة أضرب ما يؤكل قبل بلوغه وبعده وهو الواجب ما عدا الفدية والجزاء والنذور وما لا يؤكل منه قبل ولا بعد وهو نذر المساكين المعين وما لا يؤكل منه قبل بلوغه يؤكل بعد وهو التطوع والنذر المطلق لأنهما غير مضمونين قبل محلهما إذا لم يتعرض فإن تعرض ضمن وما يؤكل قبل لا بعد وهو الجزاء والفدية والنذر المضمون لأنها مضمونة قبل وبعد مستحقة للغير وإن أكل السائق للهدي وإذا وقف قبل محله فإن كان واجبا لم يجزئ ربه وضمن السائق للتهمة كالراعي يذبح الشاة يقول خفت عليها الموت فإن شهد له أحد من رفقته ممن أكل من الهدي لم يقبل قوله لأن الشاهد يثبت لنفسه أنه أكل مباحا وضمن السيد ولا يرجع السائق على أحد ممن أطعمه لأن يقول إنهم أكلوا مباحا ويضمن القيمة وقت النحر لا هديا مكانه كمن تعدى على هدي وإنما يضمن الهدي بالهدي وبه لأنه التزم بلوغ الهدي إلى محله من ماله فأن كان الهدي تطوعا فليس على ربه إلى هدي بقيمة ما يرجع به وأن كان الهدي واجبا فعليه مثل ما وجب عليه وإن طعم السائق من الواجب فلا شيء عليه ولا على ربه إن أمره لأنه مضمون على ربه وإن أطعم من التطوع غير مستحق فلا شيء على ربه وإن لم يأمره وإلا فعليه البدل وان أطعم مستحقا فلا شيء عليه وضمن ربه إن أمره أن يطعم معينا وفي الكتاب من أطعم غنيا من جزاء الفدية فعليه البدل جهل أو علم كالزكاة ولا يطعم منه ولا من جميع الهدي غير مسلم فإن فعل ضمن الجزاء والفدية دون غيرهما وهو خفيف وقد أساء ولا يطعم من جزاء الصيد أبويه ولا زوجته ولا ولده ولا مدبره ولا مكاتبه لأنها وجبت عليه فلا يصرفها لمن يتعلق به كالزكاة قال سند وإذا أطعم غنيا عالما فيختلف هل يغرم جميع الهدي أو قدر ما أعطي لحما أو طعاما وإن كان غير عالم اختلف قول ابن القاسم كما اختلف في الزكاة وكذلك اختلف في غير المسلم كالزكاة وإطعام الذمي مكروه عند ابن القاسم وخفف ابن وهب في إطعام الذمي من الأضحية وقال إنما النهي في المجوس وخفف مالك في إطعام جيرانه الكتابيين من الأضحية وكره ابن القاسم إلا لمن في عياله منهم فإن أطعم أبويه أو من ذكر معهم فعلى أصل ابن القاسم عليه البدل ويجري فيه الخلاف في قدر ما أطعم لحما أو طعاما فإن كان الأكل بغير إذنه فإنما عليه قدر ذلك لأنه لم يتعد حتى يقدر سقوط إراقة الدم في ذلك البعض إنما وصلت إليه منفعة ذلك البعض ولو لم يكن الأكل في عياله لم يلزمه شيء وفي الجواهر قيل لا يؤكل من هدي الفساد ومن أكل من نذر المساكين ففي ابدال بعضه أو كله روايتان وقيل إن كان معينا أطعم قدر ما أكل وإن كان مضمونا وجب البدل عن الكل وإذا أوجبنا بدل المأكول فقيل بدل اللحم لأنه من ذوات الأمثال وقال عبد الملك قيمته طعاما لأن مثل لحم الهدي لا يوجد وقيل يغرم القيمة ثمنا ويختص بأكل الهدي من جوز له أخذ الزكاة إن كان مما لا يأكل صاحبه منه وإلا فلا يختص بل يأكل الفقير والغني الفصل الثالث في بقاعها وفي الكتاب كل هدي فاته الوقوف بعرفة فمحله بمكة ما وقف بعرفة فنحره بمنى فإن نحر بمكة جهلا أو عمدا أجزأ لقوله تعالى ( ثم محلها إلى البيت العتيق ) الحج 33 ومن ضل هديه الواجب بعد الوقوف بعرفة فوجده بعد أيام مني فلينحره بمكة قال ابن القاسم قال مالك مرة لا يجزئه وقال مرة يجزئه وبه أقول ومن ضل هديه بعد الوقوف بعرفة فوجده غيره فنحره بمنى لأنه رآه هديا أجزأ ربه قال ابن يونس قال مالك كل ما محله مكة فعجز عن الدخول به إلى بيوت مكة ونحر بالحرم لم يجزئ وإنما محله مكة أو ما يلي بيوتها من منازل الناس ولا يجزئ نحره عند ثنية المدنيين لأنه عليه السلام نحر هديه عام الحديبية بالحرم وأخبر الله تعالى أنه لم يبلغ محله بقوله ( والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) الفتح 25 قال مالك و منى كلها منحر إلا ما خلف العقبة وأفضلها عند الجمرة الأولى ولا ينحر هدي بمكة إلا بعد أيام منى قال سند يختلف في وجوب النحر بمكة إذا فات الوقوف بعرفة وينحر بمنى ما اجتمعت فيه ثلاثة شروط الوقوف بعرفة وأن ينحر في أيام النحر على سنة الضحايا وأن يكون نحره في حج وإذا ضل هديه فنحر غيره ثم وجده في أيام منى فنحره قال بعض الشافعية الضال الواجب يتقدم تعينه على الواجب والمذهب وجوب الاثنين الأول عما في الذمة والثاني لتعينه هديا كمن أحرم بحجة الإسلام ثم تبين له أنه حج قبل ذلك فإن الثاني يتعين وروى ابن القاسم إذا ساق الهدي الواجب فضل قبل الوقوف بعرفة ثم وجده يوم النحر بمنى لا يجزئه وينحره بمكة ويهدي غيره وروى أشهب يجزئه فنزل مرة نية الإيقاف منزلته ومرة لم ينزلها وفي الجلاب إن أضل الهدي الواجب قبل الوقوف ثم وجد بمنى فروايتان ينحره بمنى ثم يبدله بهدي آخر بمكة بعد أيام منى ويؤخره حتى ينحره بمكة ويجزئه فصار في الفرع أربعة أقوال ينحره بمنى ويجزئه ينحره بمنى ويبدله بها ينحره بمكة ويبدله بها ينحره بمكة ويجزئه وفي الكتاب لا يجزئ ذبح جزاء الصيد ولا هدي إلا بمكة أو بمنى وما كان من هدي في عمرة لنقص فيها أو نذر أو تطوع أو جزاء صيد نحره إذا دخل مكة أو ينحره بمنى كما يفعل بعد التحلل إلا هدي الجماع في العمرة ويؤخره إلى قضائها أو بعد قضائها بمكة على ما تقدم في فساد الإحرام وفي الجواهر قال عبد الملك يجوز النحر بمنى وإن لم يقف بعرفة وإذا نحر بمكة ما وقف بعرفة ففي الإجزاء أقوال ثالثها يختص الأجزاء بما نحر بعد خروج أيام منى الفصل الرابع في أزمانها وفي الكتاب لا يجزئ ذبح الهدايا قبل الفجر وكذلك نسك الأذى وإن قلد لقوله تعالى ( في أيام معلومات ) الحج 28 واليوم النهار لقوله تعالى ( سخرها عليهم سبع ليل وثمانية أيام حسوما ) الحاقة 7 ولأنه السنة وفي الجواهر يراق دم الفساد والفوات في الحجة المقضية وقيل في الفائتة والمفسدة لأنه جبران لها فارغة
الباب العاشر في العمرة
والعمرة في اللغة الزيارة اعتمر فلانا فلانا إذا زاره وفي الشرع زيارة مخصوصة للبيت وفي الموطأ قالعليه السلام العمرة للعمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة وفيه جاءت امرأة إليه عليه السلام فقالت إني تجهزت للحج فاعترض لي فقال لها اعتمري في رمضان فإن عمرة فيه كحجة قال سند والعمرة عند مالك و ح سنة وعند ابن حبيب واجبة وعند ش قولان حجة الأول
قوله بني الإسلام على خمس فذكر الحج ولم يذكر العمرة ويروى عنه الحج جهاد والعمرة تطوع ولأنها غير مؤقتة فلا تجب كطواف التطوع وحجة الثاني قوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) البقرة 196 والأمر للوجوب وروي عنه الحج والعمرة فريضتان وقياسا على الحج والجواب عن الأول القول بالموجب لأنه يقتضي وجوب إتمامها ونحن نقول به إنما النزاع في الإنشاء وعن الثاني انه غير معروف وعن الثالث الفرق بالتوقيف وهو دليل اعتناء الشرع بالحج وتجوز في جميع السنة إذا لم يصادف أفعال الحج عند مالك و ش وابن حنبل وقال ح تكره في خمس أيام عرفة والنحر وأيام التشريق لقول عائشة رضي الله عنها السنة كلها وقت للعمرة إلا خمسة أيام فذكرتها وجوابه منع الصحة سلمناها لكن يحمل على المتلبس بالحج ولا يعتمر عند مالك إلا مرة واستحب مطرف و ش تكرارها لأن عليا رضي الله عنه كان يعتمر في كل يوم مرة وكان ابن عمر رضي الله عنه يعتمر في كل يوم من ايام ابن الزبير لنا ما في الموطأ أنه اعتمر ثلاثا عام الحديبية وعام القضية وعام الجعرانة إحداهن في شوال وتنتان في ذي القعدة وما رووه يحتمل القضاء فقد روي أن عائشة رضي الله عنها فرطت في العمرة سبع سنين فقضتها في عام واحد ولو كان ذلك مستحبا لفعله والأئمة بعده وإذا قلنا لا يعتمر إلا مرة فهل هي من الحج إلى الحج أو من المحرم إلى المحرم لمالك قولان ينبني عليهما الاعتمار بعد الحجة في ذي الحجة ثم في المحرم وفي الكتاب تجوز العمرة في السنة كلها إلا للحاج يكره له الاعتمار حتى تغيب الشمس آخر أيام الرمي تعجل في يومين أم لا قال ابن القاسم فإن أحرم بعمرة في أيام الرمي لم تلزمه والعمرة في السنة مرة واحدة فإن اعتمر بعدها لزمته كانت الأولى في أشهر الحج أم لا أراد الحج من عامه أم لا قال سند راعى مالك وزمان الرمي في الاعتمار وش الرمي نفسه لمالك إن الاعتمار ممنوع في زمان الرمي والزمان وقت لا رمي فيكون الزمان معتبرا دون الرمي
الباب الحادي عشر في القدوم على ضريحه عليه السلام
وقد كره مالك أن يقال زرنا النبي وأن يسمى زيارة قال صاحب تهذيب الطالب لأن شأن الزائر الفضل والتفضيل على المزور وهو صاحب الفضل والمنة وكذلك أن يقال طواف الزيارة وقيل لأن الزيارة تشعر بالإباحة وزيارة النبي من السنة المتأكدة ولو استؤجر رجل على الحج والزيارة فتعذرت عليه الزيارة قال ابن أبي زيد يرد من الأجرة بقدر مسافة الزيارة وقيل يرجع ثانية حتى يزور وقال سند يستحب لمن فرغ من حجه إتيان مسجده فيصلي فيه ويسلم على النبي وفي أبى داود قالما من أحد يسلم علي إلا رد الله عز وجل علي روحي حتى أرد عليه السلام ويروى عنه أنه قال من زار قبري وجبت له شفاعتي ومن زار قبري وجبت له الجنة ويروى عنه أنه قال من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي وحكى العتبي أنه كان جالسا عند قبره عليه السلام فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) النساء 64 وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم أنشأ يقول ( يا خير من دفنت بالقاع اعظمة ** فطاب من طيبهن القاع والأكم ) ( نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ** فيه العفاف وفيه الجود والكرم ) ثم انصرف الأعرابي فحملتني عينى فرأيت النبي في النوم فقال لي يا عتبي إلحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له
الباب الثاني عشر في فضل المدينة على مكة
قال صاحب المقدمات أجمع أهل العلم على فضلهما على غيرهما وعند عبد الوهاب وبعض المالكية المدينة أفضل من مكة وعند ش و ح وغيرهما مكة أفضل قال وهو الأظهر وأعلم أن الأزمان والبقاع مستوية من حيث هي أما الأزمان فلأنها عند المتكلمين اقترانات الحوادات بعضها ببعض ومفهوم الاقتران لا يختلف في ذاته وأما البقاع فلأن الجواهر مستوية وإنما الله تعالى فضل بعضها على بعض بأمور خارجة عنها قاعدة للتفضيل بين جملة المعلومات عشرون سببا أحدها بالذات كتفضيل الواجب على الممكن والعلم على الجهل وثانيها بالصفة الحقيقية كتفضيل العالم على الجاهل وثالثها بطاعة الله تعالى كتفضيل المؤمن على الكافر ورابعها بكثرة الثواب الواقع في المفضل كتفضيل ليلة القدر وخامسها لشرف الموصوف كالكلام النفسي القديم على غيره من كلام المحدثين وسادسها لشرف الصدور كشرف ألفاظ القرآن لكون الرب تعالى هو المرتب لوصفه ونظامه وسابعها لشرف المدلول كتفضيل الأذكار الدالة على الله تعالى وصفاته العليا وأسمائه الحسنى وثامنها لشرف الدلالة كشرف الحروف الدالة على الأصوات الدالة على كلام الله تعالى وتاسعها بالتعليق كتفضيل العلم على الحياة وإن كانتا صفتي كمال وعاشرها شرف التعلق كتفضيل العلم المتعلق بذات الله تعالى وصفاته على غيره من العلوم وكتفضيل الفقه على الطب لتعلقه بوسائله وأحكامه وحادي عشرها كثرة التعلق كتفضيل العلم على القدرة والإرادة لتعلق العلم بالواجب والجائز والمستحيل واختصاصها بالجائزات وكتفضيل الإرادة على القدرة لتناولها الإعدام والإيجاد واختصاص القدرة بالإيجاد وتفضيل البصر على السمع لتعلقه بسائر الموجودات واختصاص السمع بالأصوات والكلام النفساني وثاني عشرها بالمجاورة كتفضيل جلد المصحف على سائر الجلود فلا يمس إلا بوضوء وثالث عشرها بالحلول كتفضيل قبره على سائر البقاع ورابع عشرها بالإضافة كقوله تعالى ( أولئك حزب الله ) المجادلة 22 وخامس عشرها بالإنتساب كتفضيل ذريته على سائر الذراري ونسائه على سائر النساء وسادس عشرها بالثمرة كتفضيل العالم على العابد لإثمار العلم صلاح الخلق بالتعليم والإرشاد والعبادة قاصرة على محلها وسابع عشرها بأكثرية الثمرة كتفضيل الفقه على الهندسة وثامن عشرها بالتأثير كتفضيل الحياء على القحة لحثه على ترك القبائح وكتفضيل الشجاعة على الجبن لحثه على درء العار ونصرة الجار ونصرة الحق وتحصيل المصالح ودرء المفاسد وتاسع عشرها بجودة البنية والتركيب كتفضيل الملائكة والجن على بني آدم في أبنيتهم والعشرون باختيار الرب تعالى كتفضيل أحد المتساويين من كل وجه على الآخر كتفضيل شاة الزكاة على شاة التطوع وحج الفرض على تطوعه والقراءة والأذكار في الصلاة على مثلها خارج الصلاة ولنقتصر على هذا القدر من الأسباب خشية الإكثار ثم هذه الأسباب قد تتعارض فيكون الأفضل من حاز أكثرها وأفضلها والتفضيل إنما يقع بين المجموعات وقد يختص المفضول ببعض الصفات ولا يقدح ذلك في التفضيلكقوله أقضاكم علي وأقرأكم أبي وأفرضكم زيد وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ من جبل مع فضل الصديق على الجميع وكاختصاص سليمان عليه السلام بالملك العظيم ونوح عليه السلام بإنذار نحو ألف سنة وآدم عليه السلام بكونه أبا البشر مع تفضيله عليه السلام على الجميع فلولا هذه القاعدة لزم التناقض وأعلم أن تفضيل الملائكة والأنبياء عليهم السلام إنما هو بالطاعات والأحوال السنيات وشرف الرسالات وعظيم المثوبات والدرجات العليات فمن كان فيها أتم فهو فيها أفضل إذا تقرر هذا ففي المقدمات فضل المدينة من وجوه أحدها
قوله المدينة خير من مكة وهو نص في الباب ويرد عليه أنه مطلق في المتعلق فيحتمل أنها خير منها في سعة الرزق والمتاجر فما تعين محل النزاع وثانيها دعاؤه لها بمثل ما دعا به إبراهيم عليه السلام لمكة ومثله معه ويرد عليه أنه مطلق في المدعو به فيحمل على ما صرح به في الحديث الآخر وهو الصاع والمد وثالثها
قوله عليه السلام اللهم إنهم أخرجوني من أحب البقاع إلي فأسكني أحب البقاع إليك ويرد عليه أن السياق يأبى دخول مكة في المفضل عليه لإياسه منها في ذلك الوقت فيكون المعنى فأسكني أحب البقاع إليك ما عداها مع أنه لم يصح ولو صح فهو من مجاز وصف المكان بصفة ما يقع فيه كما يقال بلد طيب أي هواؤها مع أنه لم يصح والأرض المقدسة أي قدس من دخلها من الأنبياء والأولياء المقدسين من الذنوب والخطايا وكذلك الوادي المقدس أي قدس موسى عليه السلام فيه والملائكة الحالون فيه وكذلك وصفه عليه السلام التربة بالمحبة هو وصف لها بما جعله الله تعالى فيها مما يحبه الله ورسوله وهو إقامته بها وإرشاد الخلق إلى الحق وقد انقضى ذلك التبليغ وتلك القربات ورابعها
قوله لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ويرد عليه سؤالان أحدهما أنه يدل على الفضل لا الأفضلية وثانيهما أنه مطلق في الزمان فيحمل على زمانه عليه السلام والكون معه لنصرة الدين ويعضده خروج الصحابة بعده إلى الشام والعراق وخامسها
قوله إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها أي يأوي ويرد عليه أن ذلك عبارة عن انسياب المؤمنين لها بسبب وجوده فيها حال حياته فلا عموم له ولا بقاء لهذه الفضيلة لخروج الصحابة منها بعده وسادسها
قوله إن المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد ويرد عليه أنه محمول على زمانه كما تقدم وسابعها
قوله ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ويرد عليه أنه يدل على فضل ذلك الموضع لا المدينة وثامنها قال القاضي عياض أجمعت الأمة على أن البقعة الحاوية لأعضائه أفضل البقاع قال القاضي عبد الوهاب لما استدل بهذه الأحاديث إذا ثبت ذلك فتكون الصلاة في مسجدها أفضل من الصلاة في المسجد الحرام ويكون الاستثناء في
قوله صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام معناه أنه أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بأقل مما فضل غيره وعليه سؤالان أحدهما لا يلزم من أفضلية البلد على تقدير تسليمها أفضلية الصلاة وثانيها أن في التمهيد
قال صلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف ومائة صلاة فيما سواه واعلم أن تفضيل الأزمان والبقاع قسمان دنيوي كتفضيل الربيع على غيره من الأزمان وتفضيل بعض البلدان في الثمار والأنهار وطيب الهواء وموافقة الأهواء وديني كتفضيل رمضان على الشهور وعرفة وعاشوراء ونحوهما ومعناه كثرة جود الله تعالى فيها على عبادة وكذلك الثلث الأخير من الليل لجود الله تعالى بإجابة الدعوات ومغفرة الزلات واعطاء السؤال ونيل الآمال ومن هذا تفضيل مكة والمدينة ولوجوه أخرى وقد اختصت مكة بوجوه من التفضيل أحدها وجوب الحج والعمرة على الخلاف والمدينة يندب إتيانها ولا يجب وثانيها فضلت المدينة بإقامته بها بعد النبوة عشر سنين وبمكة ثلاث عشرة سنة بعد النبوة وثالثها فضلت المدينة بكثرة الطارئين من عباد الله الصالحين وفضلت مكة بالطائفين من الأنبياء والمرسلين فما من نبي إلا حجها آدم فمن دونه ولو كان لمالك داران فأوجب على عباده أن يأتوا إحداهما ووعدهم على ذلك بغفر سيآتهم ورفع درجاتهم دون الأخرى لعلم أنها عنده أفضل ورابعها أن التقبيل والاستلام نوع من الاحترام وهما خاصان بالكعبة وخامسها وجوب استقبالها وسادسها تحريم استدبارها لقضاء الحاجة وسابعها تحريمها يوم خلق الله السماوات والأرض ولم تحرم المدينة إلا في زمانه عليه السلام وثامنها كونها مثوى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وتاسعها كونها مولد سيد المرسلين وعاشرها لا تدخل إلا بإحرام وحادي عشرها قوله تعالى ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) التوبة 28 وثاني عشرها الاغتسال لدخولها دون المدينة وثالث عشرها ثناء الله تبارك وتعالى على البيت وهو قوله عز وجل ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات ) الآية آل عمران 96
كتاب الجهاد
وهو مأخوذ من الجهد الذي هو التعب ثم اشتهر في الشرع بنعت خاص كما اتفق في الصلاة والصيام وغيرهما وهو من العبادات العظيمة ففي البخاريقال ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا وان له الدنيا وما فيها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى ولروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيد يعني سوطه خير من الدنيا وما فيها ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها
وقال من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار فلهذه الفضيلة العظيمة يرجع اختيار مالك وأصحابه في جعله في المصنفات مع العبادات والشافعية يجعلونه مع الجنايات لأنه عقوبة على الكفر فهم يلاحظون المفعول به ونحن نلاحظ الفاعل وتعلق الفعل بفاعله أشد من تعلقه بمفعوله وفي الكتاب اثنا عشر بابا فارغة
الباب الأول في حكمه
وفي التلقين هو من فروض الكفايات لا يجوز تركه إلا لعذر ولا يكف عنهم إلا أن يدخلوا في ديننا أو يؤدوا الجزية في بلدنا قال المازري قال ابن المسيب وغيره هو فرض على الأعيان لقوله تعالى ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين ) التوبة 36 وجوابه أنه منسوخ بقوله تعالى ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) التوبة 122 وقوله ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون ) ثم قال ( وكلا وعد الله الحسنى ) النساء 95 ولو أنه على الأعيان لما وعد القاعد الحسنى ولم تزل الأمة بعده ينفر بعض دون بعض وقال سحنون ليس بواجب بعد الفتح البته إلا أن يأمر الإمام فيجب الامتثال لقوله لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا فعلق الوجوب على الإستنفار وجوابه أن تعليقه لا يتأتى وجوبه بدونه بدليل منفصل وهو قوله تعالى ( قاتلوا المشركين ) وغيره من النصوص وقال الداودي هو فرض على من يلي الكفار بعد الفتح دون غيره قال ويمكن حمل قول سحنون على من بعدت داره وقول الداودي على أن الذي يليهم يقوم بهم ولا يظن أن أحدا يقول لا يجب مع إفضاء تركه إلى استباحة دم المسلمين ولكن مع الأمن قد يظن الخلاف ويؤيد ما قلنا أن الكفر من المنكرات وأقل المنكرات من فروض الكفاية فالكفر أولى بذلك وإذا قلنا بفرضيته ففي سائر الفرق واختلف في الحبشة والترك فلمالك في الحبشة قولان وقال ابن القاسم يغزى الترك ويروى عنه اتركوا الحبشة ما تركوكم واتركوا الترك ما تركوكم فكان الرأي أن لا يهاجروا لتوقع شرهم آخر الزمان من خروج الترك على الإسلام ومنهم التتر وذو السويقة من الحبشة هو الذي يهدم الكعبة قال صاحب المقدمات إذا حميت أطراف البلاد وسدت الثغور سقط فرض الجهاد عن جماعة المسلمين وبقي نافلة إلا أن ينزل العدو ببعض بلاد المسلمين فيجب على الجميع إعانتهم بطاعة الإمام في النفير إليهم وفي الجواهر قال عبد الوهاب القيام بفرض الجهاد حراسة الثغور وعمارتها بالمنعة ولا تجوز المهادنة إلا لضرورة تدعو إليها وقال عبد الملك يجب على الإمام إغزاء طائفة إلى العدو في كل سنة مرة تخرج معه أو مع نائبه يدعوهم إلى الإسلام ويكف آذاهم ويظهر دين الله عليهم ويقاتلهم حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية ويعدل الإمام بين الناس في الخروج بالنوبةالباب الثاني في أسبابه
وهي أربعة السبب الأول وهو معتبر في أصل وجوبه ويتجه أن يكون إزالة منكر الكفر فإنه أعظم المنكرات ومن علم منكرا وقدر على إزالته وجب عليه إزالته ويدل على هذا قوله تعالى ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ) البقرة 193 الفتنة هي الكفر لقوله تعالى ( والفتنة أشد من القتل ) البقرة 121 ويرد عليه لو كان سببا لا تنقض بالنسوان والرهبان والفلاحين والزمنى ونحوهم فانا لا نقتلهم مع تحقق السبب ويتجه أن يكون هو حراسة المسلمين وصون الدين عن استيلاء المبطلين ويعضده أن من أمن شره من النسوان ومن ذكر أن لا يقتل وكذلك من أذعن بإعطاء الجزية وهو الذي ينبني عليه قول ابن رشد وعبد الوهاب ويرد عليه أن ظاهر النصوص تقتضي ترتيب القتال على الكفر والشرك كقوله تعالى ( جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) التوبة 73 و ( قاتلوا المشركين كافة ) التوبة 36وقوله قاتلوا من كفر بالله وترتيب الحكم على الوصف يدل عليه ذلك الوصف لذلك الحكم وعدم عليه غيره ثم القتال قد يجب مع تأثيم المقاتل كقتال الحربي ومع عدم تأثيمه بل لدفع مفسدة افتراق الكلمة كقتال علي رضي الله عنه من خالفه من الصحابة أو لدفع مفسدة يعتقدها المقاتل بتأويله كقتال الصحابة له رضي الله عنهم أجمعين فهذا سبب فرضه على الكفاية قاعدة حكمة ما وجب على الأعيان أو على الكفاية أن الأفعال على قسمين منها ما تتكرر مصلحته الشرعية بتكرره فيجب على الأعيان كالصلوات الخمس فإن مصلحتها تعظيم الرب تعالى وإجلاله والخشوع له والخضوع بين يديه وهذا يتكرر تكرر الفعل ومنها ما لا تتكرر مصلحته الشرعية بتكرره كإنقاذ الغريق فإنه إذا سئل من البحر حصلت المصلحة فالنازل بعده لا يحصل مصلحة لتعذر المصلحة بعد ذلك سؤال يشكل بالصلاة على الجنائز فإن مصلحتها إعفاء الميت من العقوبة بقبول الشفاعة وهذا غير معلوم فينبغي أن يتكرر وأن يجب على الأعيان جوابه أن المطلوب من العباد إنما هو فعل صورة الشفاعة وهذا علم حصوله وأما المغفرة فأمر مغيب سقط اعتباره في حقنا وأقيمت مظنته مقامه كالرضا في البيع هو الأصل ولما كان خفيا أقيمت الصيغ والأفعال مقامه والغي اعتباره حتى لو رضي بانتقال ملكه من غير قول ولا فعل لم ينتقل الملك فائدة الكفاية والأعيان كما يتصوران في الواجبات يتصوران في المندوبات كالوتر والفجر وقيام الليل على الأعيان والأذان والإقامة على الكفاية السبب الثاني وهو معتبر في تعيينه وفي الجواهر يتعين بتعيين الإمام فمن عينه تعين امتثالا للطاعة السبب الثالث وهو معتبر في تعيينه مفاجأة العدو ومن يقدر على دفعه ففي الجواهر إن لم يستقلوا بدفعه وجب على من يقرب مساعدتهم فإن لم يستقل الجميع وجب على من علم بضعفهم وطمع في إدراكهم ومعاونتهم المصير إليهم السبب الرابع قال اللخمي استنقاذ الأسرى لقوله تعالى ( وما لكم لا تقتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ) النساء 75 يريد تعالى من في مكة من الأسرى والعجزى فإن عجزوا عن القتال وجب عليهم الفداء بأموالهم أن كان لهم مال فإن اجتمع القدرة والمال وجب أحد الأمرين قال صاحب البيان يجب على الإمام فك الأسرى من بيت مال المسلمين فما نقص عن بيت المال تعين في أموال جميع المسلمين على مقاديرها ويجب على الأسير الغني فداء نفسه بماله وأكثر العلماء على أن من فدى أسيرا بغير أمره وله مال يرجع عليه وقال ابن سيرين وغيره لا يرجع لقوله فكوا العاني وجوابه من وجهين أحدهما أن فكه أعم من كونه مجانا وثانيهما أنه محمول على من ليس له مال ومن له مال لا يفك من بيت المال إلا أن يكون كالجائزة له ومن فدى فقيرا فالصحيح عدم الإتباع لتعين ذلك على الإمام والمسلمين وظاهر الروايات خلافه وهو بعيد قال ابن يونس قال في العتبية يرجع على المفدي وإن كان أضعاف قيمته وهو مقدم على دين المفدى كالقوت وفداء ماله من اللصوص ودابته من ملتقطها والكراء على متاعه فذلك كله يقدم على الغرماء قال محمد وهذا في ماله الذي أحرزه العدو معه لأنه فدى ذلك قال عبد الملك إنما قدم على الغرماء لأنه يدخل في ذمته كرها وهو أقوى ولو أشتراه من المغنم بسهمه فلا شيء له عند مالك والقول قول المفدى من دار الحرب لأنه فداه بيسير أو بغير شيء مع يمينه قال ابن القاسم إذا نودي على الحر في المغنم لم يرجع عليه مشتريه وإن كان ساكتا عمدا من غير عذر إن تفرق الجيش لعدم من يرجع عليه وقيل يرجع على الجاهل الظان أن ذلك يرقه وقال ابن القاسم والحر يمكن نفسه ممن يبيعه ويتبع وقال غيره لا يتبع وأن كان عالما قال ابن حبيب إذا فدى أحد الزوجين صاحبه فلا رجوع إلا أن يفديه بأمره أو غير عالم به قال ابن القاسم وكذلك إن فدى قريبه عارفا به لأنها قرينة تدل على التبرع كان ممن يعتق عليه أم لا إلا أن يكون بأمره كان يعتق عليه أم لا وغير عالم به رجع إن كان لا يعتق عليه وإلا فلا قال سحنون من اشترى ذوي رحمه أو فداه رجع على من يرجع عليه بثوب الهبة أن كان عالما وإلا رجع مطلقا وكذلك في الأبوين والولد لأنه لا يملك بالفداء ولا يفسح نكاح الزوجة إذا فداها زوجها قال ابن حبيب ولو قالت لزوجها افدني ولك كذا أو مهري فليس إلا ما ودي قال ابن القاسم إن وفت له الفداء سقط المهر وقال مالك لا شيء له من المهر إلا أن يعلم أنها امرأته وقال أشهب إن طلب العدو الفداء بالخيل والسلاح دفع بخلاف الخمر ومن فدى بخمر ونحوه لا يرجع به على المفدى ولا بقيمته ومن فدى أسارى بألف رجع مع الموسر والمعسر بالسوية إلا أن يكون العدو علم الموسر وتشاح فيه وكذلك يستوي الأحرار والعبيد ويخير السيد بين الإسلام والفداء قال المازري وان اختلف الفادي والمفدى فالقول قول المفدي في إنكاره أصل الفداء ومقداره ولو ادعى ما لا يشبه لتمكنه من إنكار اصله وقيل القول قول الفادي أن وافقه المفدى على أصل الفداء ويقدم على الغرماء فيما معه ببلاد الحرب وعند عبد الملك فيما ببلد الإسلام وسوى بينهما محمد وفي الكتاب إذا قال كنت قادرا على التحيل والخروج بغير شيء وظهر صدقه لم يتبع أن افتداه بغير علمه وإن قال كنت أفدى بدون هذا وتبين صدقه سقط الزائد ومتى كان عالما بإفدائه ولم ينكر اتبعه كان قادرا على الخروج بغير شيء أو بدون ذلك لأنه رضي بذلك فروع ستة الأول في الكتاب قال يحيى بن سعيد إذا أؤتمن الأسير على شيء في أمانته وله أخذ ما لم يؤتمن عليه قال ابن يونس قال ابن القاسم ولا يخمس ما يهرب به لأنه لم يوجف عليه وإن كان خرج إلى دار الحرب فأسر خمس لأنه لم يحصل إلا بالإيجاف ولا يجوز له وطء الجارية حتى يستقر ملكه بدخوله إلى دار الإسلام وإن كانت لا تخمس ولا يعاملهم بالربا قال الأشهب إذا دفعوا إليه ثوبا ليخطه فلا يخون فيه لأنه أؤتمن عليه قال محمد إذا خان أو رابى ثم تخلص تصدق بقدر ما رابى وخان لتعذر وصوله إلى ربه ولا شيء عليه في السرقة قال ابن القاسم يقام عليه الحد في الزنا سواء زنى بحرة أو بمملوكة خلافا لعبد الملك الثاني في الكتاب إذا فدى ذمية لا يجوز له وطؤها وله عليها فداؤها وترجع ذمية على حالها الثالث في الجواهر إذا ولدت الأسيرة المسلمة عندهم ثم غنمناها فالصغار بمنزلتها والكبار إذا بلغوا وقاتلوا فيء وقال في ثمانية ابن أبي زيد الولد تبع في الحرية والإسلام ومن امتنع منه بعد بلوغه فهو مرتد وقال أشهب حملها وولدها الكبير فيء تغليبا لحكم الدار ولو كانت أمه قال ابن القاسم كبير ولدها وصغيرهم لسيدها وقال عبد الملك الكبير والصغير فيء نظرا للدار وشبهة ملك الكفار بالجور وقال اشهب هم فيء إلا أن تكون تزوجت فلسيدها لوجود أبوة معتبرة تستتبع أما الذمية فقال الشيخ أبو إسحاق هي مردودة إلى دينها وصغار ولدها المطيق للقتال منهم فيء الرابع قال المازري إذا اشترى من بلاد الحرب سلعا تتملك فلصاحبها أخذها بالثمن والموهوب بغير عوض وإن اشترى من الحربي ببلدنا ففي الكتاب لا يأخذه وقال محمد يأخذه بالثمن الخامس قال ابن القاسم إذا كان مع الأسير امرأته أو أمته جاز وطؤهما إن تيقن سلامتهما من وطء العدو وأكرهه لبقاء ذريته بأرض الحرب وترك الأمة أحب إلي لأن الحربي أن أسلم علها كانت ملكا له قال بعض الأصحاب أما الحرة فكما قال وأما الأمة فعلى قول من يقول له أخذ ماله بعد القسم بغير ثمن وأن الكفار لا شبهة لهم يجوز وطؤها ويحرم على القول بأنهم يملكون وأنه لا يأخذ بعد القسم ويكره على المشهور السادس في الجلاب إذا خرج الأسير إلينا وترك ماله في أيديهم ثم غزا مع المسلمين فغنموا ماله فهو أحق به قبل القسم بغير ثمن وبعد القسم بالثمن
الباب الثالث في شروطه
وفي المقدمات هب ستة الإسلام فإن الله تعالى لم يأت بخطاب يتناول غير المسلمين وبهذا يظهر الفرق بين الجهاد والصوم والزكاة وغيرهما والبلوغ والعقل والحرية لأن حقوق السادات فرض عين فيقدم على فرض الكفاية وقياسا على الحج والذكورة لضعف أبنية النسوان عن مكافحة الأقران ولاحتياجهن إلى كشف العورات والاستطاعة بالبدن والمال وفي الجواهر القدرة بسلامة الأعضاء والقدرة على السلاح ووقع للشافعية تردد في القتال بالحجارة واختاروا عدم اعتباره وهو ظاهر نقل الجواهر والركوب عند الحاجة إليه ونفقات الذهاب والإياب فإن صدم العدو الإسلام وجب على العبد والمرأة لتعين المدافعة عن النفس والبضع فارغةالباب الرابع في موانعه
وهي اثنان الأول في الجواهر الدين الحال دون المؤجل فإن كان يحل في غيبته وكل من يقبضه وإن كان معسرا بالحال فله السفر بغير أذنه المانع الثاني في الجواهر الولادة فللوالدين المنع دون الجد والجدة وسوى بينهم ح والأب الكافر كالمسلم في منع الأسفار والأخطار إلا في الجهاد لأن منعه ربما كان لشرعه لا لطبعه وقيل يستويان وقاله ح لقوله تعالى ( وصاحبهما في الدنيا معروفا ) لقمان 15 ومن المراد المشركان لقوله تعالى ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) لقمان 15 إلا أن يعلم أن قصده وهن الدين وليس من الموانع خوف اللصوص في الطريق لأن قتالهم أهم من الكفار صفحة فارغةالباب الخامس في القتال
والنظر في المقاتل وكيفية القتال فهذه ثلاثة فصول الفصل الأول في المقاتل وهو من اجتمعت له الشروط والأسباب وانتفت عنه الموانع فحينئذ يجب عليه القتال الفصل الثاني في المقاتل وهم ثلاث فرق الحربيون والخوارج والمحاربون وتؤخر الثالثة إلى كتاب الجنايات الفرقة الأولى الحربيون وقد تقدم الخلاف في الحبشة والترك وها هنا تفريعان الأول في الكتاب لا يقتل النساء ولا الصبيان ولا المشايخ الكبار ولا الرهبان في الصوامع والديارات ويترك لهم من أموالهم ما يعيشون به ونهى عليه السلام عن قتل العسيف وهو الأجير وفي مسلم نهى عن قتال النساء والصبيان وفي النسائي لا تقتلوا ذرية ولا عسيفا وفي الموطأ قال الصديق رضي الله عنه ليزيد بن سفيان أنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف وإن موصيك بعشرة لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبير هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تحرقن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه ولا تغلل ولا تخن وقال ش يقتل الشيوخ والرهبان في أحد قوليه لقولهاققتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم يعني شبابهم ولاندارجهم في عمومات النصوص والجواب عن الأول أنه محمول على ذي الرأي ويخصص منه من لا رأي له بالقياس عن النساء وهو الجواب عن الثاني ووافقنا ح وفي الجواهر إذا شك في البلوغ كشف عن المؤتزر يعتبر نبات عانته وقيل لا يقبل حتى يحتلم ولا يقتل الشيخ إلا أن يكون ذا رأي ولا الراهب إلا أن يكون ذا رأي وقيل يقتل مطلقا وعلى المشهور ففي الراهبات قولان تركهن قياسا على الرجال ويوسرن لاختصاص معنى الترهب بالرجال وحكاه المازري عن مالك ولا يقتل المعتوه ولا الأعمى ولا الزمن إلا أن يخشى رأيهما وقيل لا يقتلان مطلقا ولا يقتل المسلم أباه المشرك إلا أن يضطره إلى ذلك بأن يعاجله على نفسه وقاله ش لنهيه حذيفة عن قتل أبيه عقبة والصديق رضي الله عنه عن قتل أبيه فإن قتل ما منع من قتله من امرأة أو صبي أو شيخ بعدما صار مغنما فعليه قيمته تجعل في المغنم أو في دار الحرب فليستغفر الله تعالى ولا شيء عليه قال المازري ظاهر المذهب أن إغزاء المرأة بالصياح لا يبيح قتلها ولا حراستها العدو وقال ابن حبيب يقتل رهبان الكنائس لخلطتهم لأهل الحرب وعدم أماننا من ضررهم وهو معنى قول الصديق رضي الله عنه في المحلقين أوساط رؤسهم واسمهم الشمامسة وإذا قاتلنا من منعنا من قتله قاتلناه وقتلناه فإن رمت المرأة بالحجارة قال في كتاب ابن حبيب لا يبيح ذلك قتالهم إلا أن تكون قتلت بما رمت وقال سحنون تقاتل بما قتلت به وأما أموال الرهبان والمسائح فما ظهر أنه لغيرهم أخذ وما تحقق أنه لهم ففي ظاهر المذهب ما يشير إلى المنع من أخذه وإن كان كثيرا قياسا على النفس وما يشير إلى أخذه لأن الأصل أخذ المال والنفس قال سحنون وإذ مر الجيش بعبيد الرهبان وزرعهم لا يمسهم قال فإن أراد أن ذلك يسير للقوت فهو متفق عليه وأما العبيد فإن كانوا ممن يقاتلون أو تقاتلوا جاز قتالهم وقتلهم إلا أن يكونوا ممن لا يتشاغل الرهبان إلا بهم واعتزلوا أهل ملتهم قال صاحب البيان أما إذا علم أن الأموال لهم فلا تؤخذ وإن كثرت رواه ابن نافع عن مالك وقال سحنون لا يترك لهم إلا ما يستر العورة ويعيش به الأيام وكذلك الشيخ وهو نحو قول مالك في المدونة وقال في العتبية البقرتان تكفيان الرجل وقال المازري والمجنون الذي يفيق أحيانا يباح قتله ولا يقتل الصناع عندنا لأن اشتغالهم بصنائعهم يمنعهم عنا كاشتغال الرهبان بالتعبد وخالف سحنون في هذا الأصل وأباح قتل الحراس وقال لم يثبت النهي عن قتل العسيف وفرق بأن الصانع معين لأهل دينه بصنيعته بخلاف الراهب وهو متجه على قول ابن حبيب في قتل رهبان الكنائس بطريق الأولى قال اللخمي قال مالك لا يقتل الصناع ولا الفلاحون وروي النهي عن قتل الأكارين وهم الفلاحون وقال سحنون يقتل الفلاح الثاني في الكتاب من وجد بساحلنا من العدو وقالوا نحن تجار ونحوه فلا يقتلون وليسوا لمن وجدهم ويرى فيهم الإمام رأيه وأنا أراهم فيئا للمسلمين وإذا قال تاجرهم ظننت أنكم لا تعرضون للتجار أو يؤخذ ببلاد العدو مقبلا إلينا فيقول جئت أطلب الأمان فهو مشكل ويرد إلى مأمنه وإذا لفظهم البحر فزعموا أنهم تجار ولا يعلم صدقهم ومعهم السلاح رأى فيهم الإمام رأيه ولا يخمسون إنما الخمس فيها أوجف عليه قال يحيى ولا يقبل قول من أدعى انه رسول وقال ربيعة إن كان شأنه التجارة عندنا فهو كأمان وإلا فلا عهد ولا ذمة قال صاحب البيان قال ابن القاسم يجتهد في الجاسوس ورأى أن تضرب عنقه ولا نعلم له توبة قال وما قاله صحيح ويتخير الإمام بين قتله وصلبه لسعيه في الأرض بالفساد دون النفي والقطع لبقاء الفساد معهما وفي الصحيح أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى مكة يخبرهم بمقدمه قال عمر رضي الله عنه دعني أضرب عنقه يا رسول الله فلم ينكر عليه ذلك بل أخبره أنه من أهل بدر قال المازري إذا كان الجاسوس مسلما فقيل يقتل واختلف في قبول توبته وقيل إن ظن به الجهل وكان منه المرة نكل وإن كان معتادا قتل وقيل يجلد جادا منكلا ويطال سجنه بمكان بعيد من المشركين قال مالك يجتهد الإمام فيه كالمحارب قال صاحب البيان وإذا ادعى الحربيون أنهم أتوا يسلمون فثلاثة أقوال لا يقبل قولهم في السلام ولا التجارة ولا الفداء ويرى فيهم الإمام رأيه في القتل والاسترقاق وسواء كانت عادتهم التكرر لبلاد المسلمين أم لا أخذوا في بلاد الإسلام أو قبلها الأشهب ويقبل قولهم ويردون إلى مأمنهم إلا أن يتبين كذبهم إن أخذوا إلى بلاد الإسلام أما في بلاد الإسلام فهم فيء ليحي بن سعيد وهو ظاهر قول مالك في الكتاب وإن أخذوا في بلاد المسلمين والثالث إن كان شأنهم التكرر إلينا قبل قولهم أو ردو إلى مأمنهم وإلا فهم للمسلمين وروي عن مالك أما إن أظهروا ذلك قبل وصولهم إلينا فلا خلاف أنهم لا يسترقون ويقبل قولهم الفرقة الثانية الخوارج والخارجون علينا من ملتنا قسمان لطلب الملك وهم عصاة الثوره ولنصرة مذاهبهم بالتأويل وفي الكتاب يستتاب أهل الأهواء من القدرية وغيرهم فإن تابوا وإلا قتلوا إن كان الإمام عدلا وإذا خرجوا على إمام عدل ودعوا لمذهبهم دعاهم للسنة فأن أبوا قاتلهم علي رضي الله عنه وما كفرهم ولا سباهم ولا أخذ أموالهم قال التونسي ويتوارثون عن الفقهاء
لقوله في الصحيح يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم ويقرأون القرآن ولا يتجاوز حناجرهم يمرق أحدهم من الدين كما يمرق السهم من الرمية تنظر في النصل فلا ترى شيئا وتنظر في السهم ولا ترى شيئا وتنظر في القدح فلا ترى شيئا ويتمارى في الفوق وقد سبق الفرث والدم فقوله يتمارى في الفوق يقتضي وقوع الخلاف في كفرهم وأن لهم نصيبا من الدين مشكوكا فيه ويكوون قتلهم على هذا حدا كالرجم فوائد يروي ضئضئ وضيضي هذا هو الأصل والمعدن والذي يلف على طرف السهم والنصل والفوق طرف السهم الذي يجعل فيه الوتر قال واختلف في تكفيرهم وعلى القول بالتكفير لا يتوارثون وعدم التفكير ظاهر مذهب الفقهاء وقيل يضربون ويسجنون ولا يقتلون إلا أن يدعوا إلى بدعتهم فيقاتلون ولا تستباح نسائهم ولا أموالهم وفي الكتاب إذا تاب الخوارج بعد إصابة الدماء والأموال سقطت ادماء وما استهلكوه من الأموال لأنهم متأولون بخلاف المحاربين ويؤخذ من وجه بعينه ولا حد على مرأة سبيت ولا يلاعنها زوجها ويحد قذفها وترد إلى زوجها الأول بعد عدة الآخر قال ابن يونس قال سحنون لهم حكم المسلمين في أمهات الأولاد وعدد الأولاد والمدبرين والوصاية ولا يتبعون بما نالوا من الفروج وما لا يعرف به من الأموال وقف فإن أيس منه تصدق به قال ابن يونس أذا سبى الخارجي امرأة فأولدها ألحق به والده كمستحقة من المشركين وفيه الخلاف الذي ثمة وغذا كان الخوارج يطلبون الوالي الظالم لم يجز الدفع عنه ولا يجب على الناس قتل القدرية والباغية إلا مع الولاة الفصل الثالث في صفة القتال وفيه سبعة أبحاث البحث الأول الدعوة قبل القتال لقوله تعالى ( بلغ ما أنزل إليك من ربك ) المائدة 67 وفي الكتاب لا نقاتل ولا نثبت قبل الدعوة إلى الله تعالى قال ابن القاسم وكذلك إذا أتوا إلى بلادنا قال مالك ومن قربت داره فلا يدع وتطلب غرته ومن بعد ذلك فالدعوة قطع للشك قال يحيى بن سعيد يجوز ابتغاء غرة العدو ليلا ونهارا لبلوغ دعوة الإسلام أقطار الأرض إلا من تراجى إجابته من أهل الحصون فيدعى قال مالك وأما القبط فلا بد من دعوتهم بخلاف الروم واختلف في العلة فقيل لبعد فهمهم وقيل لشرفهم و \ بسبب مارية وهاجر
لقوله استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم نسبا وصهرا قال المزاري ضابط المذهب أن من لا يعلم ما يقاتل عليه وما يدعي إليه ومن علم فقيه أقوال الدعوة على الإطلاق وهذا أحد قوليه في الكتاب وإسقاطها مطلقا رواه ابن سحنون عنه والتفرقة بين من يعلم وبين من لا يعلم وهو أحد قوليه في الكتاب والرابع يدعو الجيش الكثرة لأمنه العائلة دون غيره وهو عندي ظاهر كلامه وأما إن عاجلنا العدو فلا يدعى ولو أمكنت الدعوة وعلمنا أن العدو لا يعلم أيقاتل عن الملك أو الدين دعي ولا يحسن الخلاف في هذا القسم قال اللخمي لا خلاف في وجوب الدعوة قبل القتال لمن لم يبلغه أمر الإسلام ومن بلغه فأربعة أقسام واجبة من الجيش العظيم إذا غلب على الظن الإجابة على الجزية لأنهم قد لا يعلمون قبول ذلك منهم ومستحب إذا كانوا عالمين ولا يغلب على الظن اجابتهم ومباحة إذا لم يرج قبولهم وممنوعه إن خشي أحدهم لحذرهم بسببها واختلف في التبييت فكرهه مالك وأجازه محمد لقضية كعب بن الأشرف وهو ثلاثة أقسام من وجبت دعوته لا يجوز تبييته ومن تستحب دعوته يكره تبييته ومن أبيحت أبيح إلا أن يخشى اختلاط المسلمين بالليل وغذ توجه القتال لا يعملون بالحرب بل المكر والخديعة ومعتمد هذه الأقوال اختلاف الآثار وظاهر القرآن ففي مسلم عن ابن عون أنه كتب إلى نافع يسأله عن الدعاء قبل القتال فكتب إليه إنما كان ذلك أول الإسلام قد أغار عليه السلام علي بنبي المصطلق وهو غارون وأنعامهم تسعى على الماء فقتل مقاتليهم وسبى سبيهم وفيه كان يغير إذا طلع الفجر وكان إذا سمع أذانا أمسك وإلا أغار قال أبو الطاهر في وجوب الدعوة وروايات ثالثها وجوبها لمن بعدت عليه داره وخيف من عدم علمه بالمقصود ورابعها الجيوش الكبار واختلف المتأخرون فيها على ثلاث طرق أحدها المذهب كله على قول واحد وتنزيلها على الأحوال وثانيها تبقيتها على حالها وثالثها أن المذهب على ثلاث روايات الوجوب والسقوط والتفرقة بين قريب الدار وغيرها وفي الجواهر صفة الدعوة أن يعرض عليهم الإسلام فإن أجابوا كف عنهم وإلا عوضت لهم الجزية فإن أبوا قوتلوا وإن أجابوا طولبوا بالانتقال إلى حيث ينالهم سلطاننا فإن أجابوا كف عنهم وإن أبوا قوتلوا قال المازري وحيث قلنا بالدعوة فقتلوا قبلها واستبيح مالهم فلا دية ولا كفارة وقتالهم كقتل المرتد قبل الاستتابة والنساء والصبيان وقال ش تجب الدية كالذمي والمعاهد وجوابه الفرق بالعهد المانع وها هنا لا عهد والدعوة مختلف فيها وقال بعض البغداديين لو أن المقتول تمسك بكتابه وآمن بنبينا ونبيه على جنب ما اقتضاه كتابه ففيه دية مسلم البحث الثاني في الكتاب لا بأس بالجهاد مع ولاة الجور لأنه لو ترك لأضر بالمسلمين واستدل البخاري على ذلك
بقوله الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ولأنا أإن استطعنا إزالة منكرهم أطعنا طاعتين بالجهاد وإزالة المنكرين وإلا سقط عنا وجوب الإنكار فنطيع بالجهاد قال اللخمي وروي عن مالك لا يجب الخروج معهم ليلا يعينهم على ما يقصدونه من الدماء قال اللخمي لا أرى أن يغزوا معهم إذا لم يوفوا بالعهد وهو أشد من تعديهم في الخمس وبشرب الخمور وأنواع الفسق وإنما تكلم مالك في وقت أكثر مجاهديه أهل الخير بتأخرهم يضعف الناس البحث الثالث في الكتاب لا بأس بإخراج الأهل إلى السواحل ولا يدرب بهن إلى أرض الحرب ولا العسكر العظيم لما في البخاري
كنا نخرج معه فنسقي القوم ونخدمهم ونسقي الجرحى ونداوي الكلمى قال اللخمي وفي مسلم
نهيه عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله يد العدو وقاله مالك والأئمة فيكره ذلك وإن كان الجيش عظيما خوف سقوطه أو نسيانه وإن لم يكن مستظهر الحرام وقال ح يجوز في الجيوش العظيمة قال صاحب الإكمال ولم يفرق مالك بين الحالين وحكي ذلك عن سحنون وقدماء أصحابه وأجاز الفقهاء الكتابة إليهم بالآية ونحوها دعوة إلى الإسلام لأنه كتب إليهم ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ) آل عمران 64 الآية واختلف في تعليمهم شيئا منه فمنعه مالك صونا عن الاستخفاف وأجازه ح لتوقع الإرشاد وعند ش قولان إن طلبوا مصحفا لينظروا فيه لم يمكنوا فقد كره مالك وغيره معاملتهم بالدنانير عليها اسم الله تعالى ولم تحدث سكة الإسلام إلا في زمن عبد الملك بن مروان ويروى في زمن عمر رضي الله عنه البحث الرابع فيمن يستعان به والأصل فيه الأحرار المسلمون البالغون ويجوز بالعبيد بإذن السادة وبالمراهقين الأقوياء ولا يجوز بالمشركين خلافا ل ح لنا ما في مسلم
خرج قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جولة ونجدة ففرح أصحابه حين رأوه فلما أدركه قال الرجل له جئت لأتبعك وأصيب معك فقال له تؤمن بالله ورسوله قال لا قال فارجع فان استعين بمشرك ثم مضى حتى أدركنا بالشجرة أدركه الرجل وقال له كما قال أول مرة فقال له كما قال أول مرة قال لا فقال فارجع فلن نستعين بمشرك ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال له فانطلق فقال ابن حبيب هذا في الصف وازحف أما في الهدم والمنجنيق ونحوه فلا بأس وقال أيضا لا بأس أن يقوم بمن سالمه على من حاربه لأنه استعان بأهل الكتاب على عبدة الأوثان والجواب عن الحدث السابق أنه تفرس فيه الإسلام إذ منعه البحث الخامس في الدواوين وما يتعلق بها يروى أن من أول من دون الدواوين في الإسلام عمر رضي الله عنه وفي الكتاب لا بأس بكتابة الرجل اسمه في ديوان مصر أو الشام أو غيرهما فإن تنازع رجلان في أسم مكتوب في العطاء فأعطى أحدهما الآخر مالا ليترك له ذلك الاسم قال ابن القاسم لا يجوز لقول مالك لا يجوز بيع الزيادة في العطاء بعرض ولأن المعطي إن كان صاحب الإسم فقد أخذ الآخر حراما وإن كان غيره فقد باع ما لم يعلم قال ابن يونس إذا لم يعلم ذلك تحالفا واقتسماه إن رآه الإمام ولو كان المتنازع فيه الخروج وليس عطاء ثابتا أخرج الإمام أيهما شاء وأعطاه ذلك ومراده في الكتاب الأعطية الثانية وفي الكتاب وقد وقف عمر رضي الله عنه والصحابة بعده الفيء وخراج الأرضين للمجاهدين وفرضوا منه للمقاتلة والعيال والذراري فهو سنة لمن بعدهم فمن افترض فيه ونيته الجهاد جاز قال ابن جرير أصحاب العطاء أفضل من المتطوعة لما يرعون وقال مكحول روعات البعوث تنفي رواعات يوم القيامة قال اللخمي المستحب أن لا يأخذ أجرا ويغزو لله تعالى خالصا فإن أخذ من الديوان جاز إذا كانت جهة تجوز وإذا أراد رجلان أن يتطاويا وهما من ما حوزين فيرجع كل واحد منهما إلى ما حوز صاحبه جاز إذا أراد ذلك عرفاؤهم وفي التنبيهات الطوا بفتح الطاء والواو مقصور والماحوز بالحاء المهملة والراء المعجمة وفي النكت الماحوز الموضع الذي يرابط فيه نحو الإسكندرية والمنستير والطوا المبادلة فإذا كتب الإمام بعضهم للخروج إلى جهة وبعضهم إلى جهة اخبر فيجوز أن يخرج هذا لثغر هذا وهذا لثغر هذا وفي الكتاب يجوز جعل القاعد للخارج من أهل ديوانه لأن عليهم سد الثغور خلافا ش و ح لأنه قد مضى الناس على ذلك وربما خرج لهم العطاء وربما لم يخرج ولا يجعل لغير من في ديوانه ليغرو عنه وقد كره إجازة فرسه لمن يغزو عليه فإجارة النفس أشد كراهة قاعدة العوضان لا يجتمعان للشخص واحد ولذلك منعنا الإجازة على الصلاة ونحوها لحصولها للمصلي مع عوضها وحكمة المعارضة انتفاع كل واحد من المتعارضين بما يبذل له والجهاد حاصل للمجاهد ومقتضى ذلك المنع مطلقا وعليه اعتمد ش و ح وراعى مالك العمل قال يحيى بن سعيد لا بأس في الطوا أن يقول لصاحبه وآخذ بعثي وخذ بعثك وأزيدك وكذا وكذا وكراهة شريح قبل الكتبة أما بعدها فهو جائز إلا لمن انتصب ينتقل من ماحوز إلى ماحوز يريد الزيادة في الجعل قال ابن يونس أما إذا لم يتقدم كتبه قلم يجد عليهما خروج فلا فائدة في الإعطاء قال التونسي إذا سمي الإمام رجلا فلا يجعل لغيره الخروج عنه إلا بإذن الإمام وإذا قال يخرج من البعث الفلاني مائة وأعطى بعضهم لبعض جاز ولو قال يخرج جملة بعث الصيف فجعل بعضهم لمن بعثه في الربيع لم يجز إلا بأذى الإمام لأنه قد عين وهذا جائز إلا لمن أوقف نفسه يلتمس الربح متى وجده خرج فمكروه وأما إذا قال خذ بعثي وآخذ بعثك قبل وقت الخروج فهو الدين بالدين قال ابن عمر رضي الله عنهما من أجمع على الغزو فلا بأس بأخذه ما يعطى وقال مالك لا بأس بالكراء في الغزو إلى القفول من بلد العدو وتوسعة على الناس لأن غزوهم معروف البحث السادس في وجوه القتال في الكتاب لا بأس بتحريق قراهم وحصونهم وتغريقها بالماء وإخرابها وقطع شجرها المثمر وقاله ش وقال الأئمة يجاز قطع النخل ونحوه لما في مسلم أنه حرق نخل بني النضير ويحمل قول الصديق رضي الله عنه ما يرجى انتفاع المسلمين به وإذا كان مسلم في حصن أو مركب لا يحرق ولا يغرق لقوله تعالى ( لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) الفتح 25 ولا يعجبني ذلك أذا كان فيهم ذرية المشركين ونساؤهم وإذ خرق العدو سفينة المسلمين جاز خروجهم إلى البحر فرارا من الموت إلى الموت ولم يره ربيعة إذا طمع في النجاة أو الأسر وقال ربيعة أيضا الصبر افضل ولا يلقي الرجل نفسه بسلاحة ليغرق بل يثبت لأمر الله تعالى وفي الجواهر يجوز إرسال الماء عليهم وقطعه عنهم لقوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) الأنفال 60 وفي النار خلاف ما لم يكن عندهم أسارى المسلمين فلا يجوز ولو تترسوا بالنساء والصبيان تركناهم إلا أن يخاف على المسلمين فإن تترسوا بمسلم تركوا وإن خفنا على أنفسنا لأن دم المسلم لا يباح بالخوف فإن تترسوا في الصف ولو تركوا لانهزم المسلمون وخيف استئصال قاعدة الإسلام أو جمهور المسلمين وأهل القوة منهم وجب الدفع وسقط مراعاة الترس ولا يجوز حمل رؤس الكفار من بلد إلى بلد ولا إلى الولاة وقد كرهه الصديق رضي الله عنه وقال هذا فعل العجم قال صاحب البيان ترمى الحصون بالمنجنيق وإن كان فيهم نساء وصبيان فقد رمي أهل الطائف بالمنجنيق فقيل له يا رسول الله إن فيهم النساء والصبيان قال هم من آبائهم وإذا لم يكن بالحصن إلا المقاتلة أجاز في الكتاب رميها بالنار وروي عنه المنع وإذا كان معهم النساء والصبيان فأربعة أقوال يجوز المنجنيق دون التغريق والتحريق وهو مذهب الكتاب ويجوز جميع ذلك عند أصبغ ومنع جميع ذلك مروي عن ابن القاسم ويجوز التغريق والمنجنيق دون التحريق عند ابن حبيب فإن كان معهم أسارى للمسلمين امتنع التحريق والتغريق قال ابن القاسم يجوز المنجنيق وقطع الماء عنهم وروي منع ذلك عن مالك وأصحابه المصريين والمدنيين وأما السفن إن لم يكن فيها اسارى المسلمين جاز التحريق والفرق بينها وبين الحصون أنهم إذا لم يحرقوهم فعلوا بهم ذلك وهو متعذر عليهم في الحصون فإن كان فيهم الأسارى فمنع ابن القاسم وجوز أشهب وأن كان فيهم النسوان والصبيان جاز قولا واحد والمدرك في هذه الأحكام قوله تعالى ( يخربون بيوتهم بأيدهم وأيدي المؤمنين ) الحشر 2 وقوله تعالى ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) الحشر 5
وقال لا يعذب بالنار إلا رب النار ووافقنا ح في قتل الحيوان الذي يضعف قواهم كالخيل والبغال قال المازري وقال ابن وهب و ش لا يجوز إتلاف الخيل والبغل لعدم المأكلة ويجوز إتلاف فرس الفارس تحته بلا خلاف فنقيس عليه وعلى الشجر ويفرق الخصم بأن مركوبه آلة للشر بخلاف غيره والنبات ليس له حرمة في نفسه بخلاف الحيوان فنقيس على النساء والصبيان وعلى المذهب اختار بعض الأصحاب الذبح لبعده عن التمثيل ونهى بعض الأصحاب عنه ليبعده عن الأكل ويمكن أن تجوق لبعد ذلك عن الأمتعة وخير في بعض الروايات بين الذبح والتعرقب وأما النحل فنهي عن إتلافه لا مكان تطيره إلى بلد الإسلام وغيرها كحمام الأبرجة بخلاف المواشي والدواب فان كانت كثيرة تقويهم فروايتان أحداهما المنع لما روي فيما تقدم والجواز كالدواب وأما الحيوان الناطق أن عجز عن وصوله لبلدنا ترك النساء والصبيان وقتلت الرجال إلا أن يكونوا اسقطنا حكم القتل عنهم وإذا تركنا الوالدان والنسوان والشيوخ في بلد الحرب فهم لمن أخذهم أو في حوزة الإسلام فقال ابن حبيب لا يملكون وذلك كالعتق لهم البحث السابع في المبارزة فيما تجوز الهزيمة قال ابن يونس قال ابن حبيب اختلف في قوله تعالى ( الآن العدد خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا ) الأنفال 66 قيل التخفيف في العدد فلا يفر العدو من مثيله وإن كان أشد منهم سلاحا وجلدا إلا أن يكون بأرض الحرب بموقع مددهم فله التولية سعة وقيل ذلك إنما هو في القوة دون العدد وهي رواية عبد الملك عن مالك وقوله قول ابن حبيب قال وهذا القول محمول على قول محمد إن الانحياز إلى والي جيشه الأعظم وتنحاز السرية المتقدمة إلى من خلفها مما يليها وإذا نشأ القتال وكان السلطان ضعيفا فله الانحياز أكثر من ثلاثة صفوف وإن علموا أنهم يقتلون فالانصراف أحب إلي إن قدروا وإلا تلازموا حتى يقتلوا وإذا حصرت المدينة فضعفوا قال ربيعة يخرجوا للقتال أحب إلي من الموت جوعا وإن طمعوا في النجاة وإلا فالصبر أحسن قال التونسي لهم الخروج إلى القتال لعله أروح لهم وقد اختلف في المركب تلقى عليها النار هل يلقى الرجل بنفسه ليغرق أم لا قال ابن حبيب ومحمد لا تجوز المبارزة بين الصفين إذا صحت النية إلا بأذن الإمام قال ولا بأس أن يعضد إذا خيف عليه وقيل لا يعضد لأنه لم يف بالشرط وليس بجيد لأنه إذا أخذ وجب فداؤه بالقتال وغيره قال صاحب البيان إذا حمل الرجل الواحد على الجيش العظيم أراد السمعة فحرام إجماعا أو خوف الأسر لإحاطة العدو به فجاز إجماعا أو ليلقي الرعب في قلوب الكفار والقوة في قلوب المسلمين فكرهه عمرو بن العاص رضي الله عنه لأنه ألقى نفسه إلى التهلكة ومنهم من استحسنه وهو الصحيح وما زال السلف على ذلك وفي كلام مالك أشارة إلى القولين وفي المقدمات قال ابن القاسم لا تجوز شهادة الفار من الزحف وإن فر إمامه وإن بلغ عدد المسلمين اثني عشر ألفا لا يجوز التولي وإن كان العدو زائدا على الضعف
لقوله لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة فهذا الحديث مخصص للآية عند أكثر العلماء وقيل أن قوله تعالى ( ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ) آل عمران 111 خاص ببدر والصحيح تعميمه إلى الأبد فرعان الأول في الجلاب تقام الحدود في أرض العدو وقاله ش وقال ح كل ما يوجب الحد لا يوجبه إلا مع الإمام نفسه لأن ذلك ينفر القلوب ويفرق الكلمة ويوجب الدخول لدار الحرب والردة وجوابه أن أدلة الوجوب قائمة فتجب لأنه من أعظم الطاعات فيكون من أقوى أسباب المعاونات وفي اللباب إن زنا الأسير بحربية ثم خلص قال ابن القاسم عليه الحد خلافا لعبد الملك الثاني قال إمام الحرمين من الشافعية إذا تيقن المسلمون أنهم لا يؤثرون شيئا البتة وأنهم يقتلون من غير نكاية العدو ولا أثر أصلا وجبت الهزيمة من غير خلاف بين العلماء وهو متجه وعلى هذا يمكن انقسام الفرار إلى الواجب والمحرم والمندوب والمكروه بحسب الإمارات الدالة على المصالح وتعارضها ورجحانها فارغة
الباب السادس في أموال الكفار
وفيه خمسة فصول الفصل الأول في تمييز ما يخمس من غيره قال اللخمي أموال الكفار خمسة أنواع أحدها لله خالصا وهو الجزية والخراج وعشر أهل الذمة وأهل الصلح يفعل الإمام في ذلك ما يراه مصلحة وثانيها لمن أخذه ولا خمس فيه وهو ما أخذ من بلد الحرب من غير إيجاف قال محمد إن هرب بتجارته لم تخمس إن أسر ببلد الإسلام وإن خرج إلى دار الحرب فأسر خمست لأنه خرج لذلك أو الجهاد ولو خرج تاجرا فسرق جارية أو متاعا لمن يخمس قال مالك وما طرحه العدو خوف الغرق فوجد ليس معه أحد منهم ولا بقرب قراهم ولا يخمس إلا أن يكون ذهبا أو فضة فيجرى على حكم الركاز وإن كان بقرب قراهم خمس إلا أن يكون يسيرا وإن كان بقرب الحربيين فهو كالحربيين أمره إلى الإمام وثالثها خمسه لله تعالى وبقيته لواجده وهي الغنيمة والركاز ورابعها مختلف فيه هل بخمس أم لا وهو ما جلا عنه أهله وله ثلاثة أحوال أن ينجلوا بعد نزول الجيش قيل فيء لا شيء فيه للجيش لعدم القتال وقيل يخمس لأن الجلاء بالخوف من الجيش وإن انجلوا قبل خروج الجيش خوفا منه ففيء يختلف في خراج أرضهم وما صولحوا عليه قبل خروج الجيش لمكاتبة أو رسل فهو فيء وإن كان بعد نزول الجيش لهم كان على القولين لأنه بإيجافهم والثالث ما يؤدونه كل عام وهو كالخراج وخامسها ما غنمه العبيد بإيجفاف من أرض الإسلام ولا حر معهم قيل هو لهم ولا يخمس وقيل يخمس كالأحرار نظرا إلى قوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ) الأنفال 41 هل يندرج العبيد في الخطاب أم لا وكذلك إن كانوا مع الجيش وبهم قدرة على الغنيمة يختلف في أنصبائهم ويختلف فيما غنمه النساء والصبيان دون الرجال هل يخمس أم لا والمأخوذ من الغنيمة سبعة أقسام الأموال والرجال والنساء والصبيان والأرضون والأطعمة والأشربة فالأموال تخمس للآية المتقدمة والرجال يخير الإمام فيهم بين خمسة أشياء القتل والمن والفداء والجزية والاسترقاق يفعل الأصلح من ذلك بالمن والفداء ومن ضربت عليه الجزية من الخمس على القول بملك الغنيمة بمجرد الأخذ والقتل من رأس المال والاسترقاق راجع إلى جملة الغانمين وإذا أسقط القتل أمتنع القتال ويتخير في الأربعة وان من عليه لم يجز له حبسه عن بلده إلا أن يشترط عليه البقاء لضرب الجزية وإن أبقاه للجزية الاسترقاق دون المفاداة برضاه وإن استرقهم جاز أن ينتقل معه إلى الجزية والمن والفداء وإن أبقاه للفداء امتنعت الحرية والرق إلا برضاه قال ابن الحاجب وله المفاداة بالمال والأسرى ولا فرق في التخيير بين أسرى العجم والعرب والأحرار والفلاحون يخير فيهم فيما عدا القتل على الخلاف في قتلهم وفي النساء والصبيان في ثلاثة المن والفداء والاسترقاق ووافقنا ش في التخيير بين الخمس لما فيه من الجمع بين الأدلة ففي الكتاب العزيز ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) التوبة 5 ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) التوبة 29 ( فإما منا بعد وإما فداء ) محمد 4 وهو خير من اعتقاد النسخ وقال ح لا يجوز المن والفداء وقال بعض العلماء يقتلون على الإطلاق لقوله تعالى ( فإما من بعد وإما فداء ) قال صاحب البيان وحكى الداودي أن أكثر أصحاب مالك يكرهون الفداء بالمال ويقولون إنما كان ذلك ببدر لأنه علم أنه سيظهر عليهم قال وإذا قلنا بالتخيير فإن كان الأسير عظيم النجدة قتله أو عظيم القيمة استرقه أو فداه أن بذل فيه أكثر من قيمته أو عديم القيمة والقدرة على الجزية كالزمن اعتقه أو عديم القيمة دون القدرة على الجزية ضربها عليه واختلف قول مالك إن التبس أمره فقال مرة لا يقتله وقال مرة يقتل لقول عمر رضي الله عنه لا تحملوا إلينا من هؤلاء الأعلاج أحدا جرت عليه المواسي فائدة العلج من الأعلاج والمعالجة وهي المحاولة للشيء فإن العلج هو القوي القادر على محاولة الحرب وفي الكتاب يسترق العرب إذا سبوا كالعجم وفي الجواهر لا يمنع الاسترقاق كون المرأة حاملا من مسلم لكن لا يرق الولد إلا أن تكون حملت به حال كفر ثم سبيت بعد الإسلام وإذا سبي الزوجان معا أو الزوج أولا انقطع النكاح بينهما عند أشهب خلافا لابن المواز وإذا سبيت هي أولا انقطع وقال محمد إن استبرئت بحيضة فوطئها السيد قبل الإسلام زوجها انقطع وإلا فلا وإذا سبيت وولدها الصغير لم يفرق بينهما في البيع والقسمة والصغير لم يثغر وروي من لم يحتلم ولو قطع عن الأم بيع مع الجدة لم يجز ويجوز التفرقة بينه وبين الأب والجدة فرع في البيان يجوز شراء الحربيين من آبائهم إذا لم تكن بيننا وبينهم هدنة وارتهانهم وبيعهم فيما رهنوا والعبد الأسير لا يجوز له بيع ولده لأنه لا حكم له على ولده فرع قال المازري إذا من على بلد فتحت عنوة وأقروا فيها فهم أحرار والمشهور أن أرضها وقف وأما أموالهم فينتفعون بها حياتهم فإن أسلموا أو ماتوا فثلاثة أقوال تكون لهم وتورث عنهم التالد والطارف لأنهم ملكوا وقيل لا يكون لهم التالد ولا الطارف نظرا إلى انهم ترك لهم مدة الحياة أو الكفر والأصل استحقاق المسلمين له وقيل التالد ليس لهم لأنه من الغنائم ولهم الطارف لأنه من كسبهم بعد المن ثم نرجع إلى بقية أقسام اللخمي قال الأرضون على ثلاثة أقسام بعيد عن قهرنا فنخرب بهدم أو بحرق وتحت قهرنا غير أنه لا تسكن فيقطعه الإمام لمن فيه نجده ولا حق للجيش فيه وقريب مرغوب فيه فهل يوقف خراجه للمسلمين أو تجوز القسمة والوقف قولان لمالك وقد قسم قريظة وفدك وخيبر وقال عمر رضي الله عنه لولا من يأتي من المسلمين لم ندع قرية فتحت عنوة إلا قسمتها وفتحت مكة عنوة ولم تقسم واختلف هل تركت منى لأهلها وفيجوز لهم بيعها أو فيئا للمسلمين وروي عنه مكة حرام لا تحل إجارة بيوتها ولا بيع رباعها وكان كذلك على عهده والخلفاء بعده قال صاحب البيان قال مالك فتحت فدك عنوة بغير قتال على النصف له والنصف لهم ولم يكن للمسلمين شيء ولم يكن فيها تخميس لعدم القتال والإيجاف وكذلك خيبر ولذلك قطع لأزواجة فهما وكان هذا عنوة لمجرد الرعب الذي أعطيه ومنه فتح بني النضير وبني قعيقعان وفتحت مصر سنة عشرون عنوة وقال الليث صلحا وقيل صلحا ثم نقضوا العهد ففتحت عنوة وفي الكتاب أرض العنوة يجتهد فيها وأرض الصلح لا تقسم وأهلها على ما صولحوا عليه قال ابن القاسم وخراج الجماجم تبع للأرض عنوة أو صلحا وقال أيضا هي فيء قال ابن يونس قال محمد يقر أهل العنوة أحرارا ويكتفي منهم بما يوجد من خراج جماجمهم قال عيسى ترك الأرض بأيديهم عون لهم كما فعله عمر رضي الله عنه قال محمد ونساؤهم كالحرائر في النظر إليهن والدية كدية الذمية وإذا لم يقدر على الارض لبعدها بيع أصلها فرع قال صاحب البيان إذا أتت الإمام هدية في أرض العدو قال مالك هي لجملة الجيش إلا أن يكون ذلك من قرابة أو مكافأة ولم يفرق بين أن تكون من الطاغية أو من بعض الروم وفيه تفصيل أما من الطاغية فلا تكون له قال مالك وتكون غنيمة تخمس وقيل فيء المسلمين لا خمس فيه وأما أن كانت من بعض الروم فروى أشهب أنها له إذا كان الحربي لا يخاف منه فإن أهدي الأمير من الطاغية أو من غيره من العدو وقبل دخوله بلد الحرب فحكى الداودي أنها له والمشهور أنها لجميع المسلمين وأن الأمير بخلافه فيما قبله من قيصر والمقوقس وغيرهما لأن الله تعالى خصه بما فتح عليه من أموال الحرب بالرعب بآية سورة الحشر فرع قال ابن القاسم الكلب المأذون في اتخاذه يدخل في المقاسم مراعاة لقول من يجيز بيعه ولاندراجه في عموم آية الغنيمة وقال مالك لا يدخل وهو القياس لنهيه عن ثمن الكلب الفصل الثاني فيما يجوز الانتفاع به من غير قسم وفي الكتاب يجوز أخذ الطعام من الغنيمة والعلف والغنم والبقر للأكل والجلود للنعال والخفاف والحوائج بغير إذن الإمام وقال الأئمة لما في مسلم عن عبد الله ابن جعفر قال أصبت جرابا من شحم يوم خيبر فالتزمته وقلت لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا فالتفت فإذا رسول الله مبتسما ووصى الصديق رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان لا تذبحن شاة إلا لمأكلة قال ابن يونس قال ابن القاسم وإذا ضم الإمام ما كثر فضل عن ذلك ثم إحتاج الناس إليه أكلوا من بغير أمره وفي الكتاب يؤخذ السلاح يقاتل به ثم يرده وكذلك الدابة ويركبها إلى بلده إن احتاج إليها ثم يردها إلى الغنيمة فأن قسمت الغنيمة باعها وتصدق بثمنها وكذلك كل ما يحتاج إلى لبسه من الثياب وروي عن ابن وهب لا ينتفع بسلاح ولا دابة ولا ثوب ولو جاز ذلك لجاز أخذ العين يشتري به وما فضل من الطعام بعد رجوعه إلى بلده قال ابن القاسم وسالم يأكله ويكره بيعه وقال مالك يأكل القليل ويتصدق بالكثير وكل ما أذن في النفع به ببيع رجع ثمنه مغنما يخمس تمهيد الأصل المنع من الانتفاع بمال الغنيمة لا بعد القسمة لحصول الاشتراك في السبب لكن الحاجة تدعو المجاهدين لتناول الأطعمة لعدم الأسواق بدار الحرب وهو ضرورة عامة وضرورة إلى الدواب خاصة فتارة لاحظ مطلق الضرورة فعمم وتارة راعي الحاجة الماسة فخص وأما النقدان فهما وسيلتان للمقاصد وليس مقصودين فلا جرم امتنعا مطلقا قال وإذا أخذ هذا لحما وهذا عسلا فلأحدهما منع صاحبه حتى يقايضه قال ابن يونس كره بعضهم التفاضل بين القمح والشعير في هذا وخففه آخرون وفي الكتاب من نحت سرجا أو برى سهما ببلد العدو فهو له ولا يخمس وإن كان يسيرا وما كسب من صيد طير أو حيتان أو صنعه عبده من الفخار فهو له وإن كثر قال ابن يونس قيل إن كان للسرج قدر أخذه أجره ما عمل والباقي فيء وإذا باع صيدا صار ثمنه فيئا وقال ابن حبيب كل ما صنعه بيده إنما له الأجرة وما صاده من البزاة ونحوها مما يعظم خطره فمغنم بخلاف الحيتان لأن هذه الأمور إنما وصل إليها في أرض الحرب بالجيش وفي الجواهر يجوز ذبح الأنعام للأكل ويقول لا يجوز إذا ذبحت للإنتفاع بجلدها إن احتيج إليه وإلا رده إلى المغانم ويباح للأكل لمن معه طعام ولمن ليس معه بقدر الحاجة وإن فضل شيء بعد تفرق الجيش تصدق به إن كان كثيرا وإلا انتفع به الفصل الثالث في الغلول قال المازري هو من الغلل وهو الماء الجاري بين الشجر والغال يدخل ما يأخذه بين متاعه فقيل له غال ويقال غل يغل ويغل في الموطأ قالأدوا الخائط والمخيط فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة والخائط والمخيط الخيط الإبرة والشنار العيب فعندنا وعند ح و ش يؤدب ولا يحرق رحله خلافا لقوم وفي أبي داود أنه وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه وهو ضعيف قال صاحب البيان الإبرة ونحوها عند ملك ليست غلولا إذا أخذها لقضاء حاجته وليس عليه ردها في المغانم وقوله
أدوا الخائط والمخيط مبالغة في التحذير قال ابن القاسم وإذا جاء الغال تائبا لم يؤدب ومنعناه إذا تاب قبل القسم ورد ما غله للمغانم قال مالك ولو أدب كان حسنا ولو تاب بعد افتراق الجيش أدب عند الجميع قال مالك يتصدق به إن افترق الجيش واختلف في مثل الدواء من الشجر والمسن والرخام فقيل يمنع أخذه إذا كان له ثمن وقيل يجوز لأنه لم يملكه العدو وفرق مالك بين ما تنبته الأرض فيجوز وبين غيره فلا يجوز لأنه لم يوصل لتلك المواضع إلا بالجيش وما لا ثمن له يؤخذ قولا واحدا وإذا اشترى الجارية من الغانم ثم وجد معها حليا إن كان نحو القرطين فلا بأس وإن كان كثيرا مما لا يشبه أن يكون من هيئتها فلا أراه له وإذا اشترى الشيء المحفوظ في أرض الحرب بالثمن اليسير ثم وجد فيه حليا من الذهب أرجو أن لا يكون به بأس لتعذر رده للجيش وقد حصل له بوجه جائز ليس بغلول فهو كاللقطة بعد التعريف واليأس من صاحبها فرع قال إذا علم عدم أداء الخمس قال مالك لا يشتري وقال أبو مصعب يشتري وتوطأ الأمة والخمس على المشتري فإن شك فيه فالورع عدم الشراء وهذا الاختلاف إنما ينبغي إذا كان الرقيق لا ينقسم أجناسا لأن الواجب إن باع ليخمس ثمنه إماما ينقسم أجناسا فهو كمن باع سلعة غيره تعديا فلا يجوز لمن علم ذلك شراؤها الفصل الرابع في النفل والسلب وفي التنبيهات والنفل بفتح الهاء وسكونها هو الزيادة عن السهم ومنه نوافل الصلاة وفي الكتاب لم يبلغني أن السلب للقاتل كان إلا يوم حنين وهو لاجتهاد الإمام وقاله ح وقال ش وابن حنبل السلب للقاتل
لقوله في مسلم من قتل قتيلا له عليه بينه فله سلبه وقضى بالسلب في قضية عوف وعروة وغيرهما قاعدة تصرفه يقع تارة بالإمامة لأنه الإمام الأعظم وبالقضاء لأنه القاضي الأحكم وبالفتيا لأنه المفتي الأعلم فمن تصرفه ما يتعين لأحدها إجماعا ومنه ما يتنازع الناس فيه قوله
من أحيى أرضا ميتة فهي له فقال ح ذلك من تصرف الإمامة فيتوقف الإحياء على إذن الإمام وقلنا نحن بالفتيا فإن غالب أمره تبليغ الرسالة فكذلك ها هنا وكذلك قوله لهند امرأة أبي سفيان لما اشتكت إليه تعذر وصولها إلى حقها خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف فاختلف الناس هل إذا ظفر الإنسان بجنس حقه أو بغير جنسه المتعذر هل يأخذه أم لا قال ش هذا تصرف منه بطريق الفتيا فلا يحتاج إلى إذن الإمام فطرد أصله في الموضعين وخالفنا نحن أصلنا وكذلك ح لظاهر قوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه ) الأنفال 41 وهو مقطوع به متواتر والحديث خبر واحد وليس اخص من الآية حتى يخصصها لتناوله الغنيمة وغيرها وضعا فكلاهما أعم وأخص من وجه ويؤكد ذلك ترك أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ذلك في خلافتهما ولأن الحديث يستلزم فساد نيات المجاهدين وهم أحوج إلى الإخلاص من الدنيا وما فيها وفي الكتاب أكره قول الإمام قاتلوا ولكم كذا ومن فعل كذا فله كذا ويكره للأسير أن يقاتل مع الروم عدوهم على أن يخرجوه إلى بلاد الإسلام ولا يحل له أن يسفك دمه على مثل هذا قال ابن يونس قال مالك لا يجوز النفل قبل الغنيمة وهو من الخمس قال سحنون وإذا قال ذلك الإمام قبل القتال مضى ولو قال من قتل هذا منكم فله سلبه فقتله الأمير لم يكن له سلبه لإخراجه نفسه بقوله منكم ولو قال إن قتلت قتيلا فلي سلبه فلا شيء له فيمن قتل ولو قال من قتل قتيلا فله سلبه فقتل قتيلين فعندنا يخيره أو يعطيه سلب الأول خاصة وعندنا له الأول خاصة فإن الشرط اقتضى العموم في القاتلين والمقتولين دون القتلات فإن جهل الأول فقيل نصفهما وقيل أقلهما قال محمد فإن قتلهما معا فقيل له سلبهما وقيل أكثرهما والفرق أن الشرط إنما تحقق بهما فليس أحدهما أولى من الآخر بخلاف الأول ولا يدخل في العموم سلب من لا يجوز قتله كالمرأة ونحوها إلا أن تقاتل وإذا قال الإمام ذلك بعد القتال فلا شيء للذمي ولا للمرأة إلا أن يعلم به الإمام خلافا لأهل الشام في الذمي وأشهب يرى الإرضاخ للذمي وقياس قوله له السلب وسوى بين من سمع ومن لم يسمع في الشرط قال سحنون حلية السيف تبع للسيف ولا شيء له في السوار والطوق والعين كلها خلافا لأهل العراق لأنها ليست سلبا غالبا ولفظه محمول على المعلوم غالبا وله الترس والسرج واللجام والخاتم والرمح والسيف والبيضة والمنطقة بحليتها والساعد والساق دون الصليب في العنق وإذا قال الإمام من أصاب ذهبا أو فضة فله الربع بعد الخمس أمضيناه وإذا قال للسرية ما غنمتم فلكم لم يمض وإن كان فيه خلاف لأنه شاذ وإذا جعل أجرأ لبعض السرايا لصعوبة بعض المواضع فلا شيء لمن انتقل إلى غير سريته إلا إن لم يعين الإمام ولو ضل رجل عن سريته حتى رجعوا لم يكن له شيء بخلاف الغنيمة ولو مات الوالي أو عزل قبل أخذهم النفل وولى من يرى رأينا لم يكن لها شيء لعدم القبض لم ينتقضوا أمضاه ابن سحنون مطلقا الفصل الخامس في قسم الغنيمة وفي الحديث
كان من قبلنا يضع الغنائم فتأتي نار من السماء تأكلها وكانت حراما عليهم لما في مسلم قال
فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون قال ابن يونس اختلف أصحابه يوم بدر قبل نزول المنع إلا عمر رضي الله عنه فعاتبهم الله تعالى بقوله ( لولا كتاب من الله سبق ) يريد في تحليلها ( لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم ) الأنفال 68 الآية ثم تنازعت طائفة غنموها وطائفة اتبعوا العدو وطائفة احدقوا بالنبي فنزل ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) الأنفال 1 فسلموها له ببدر ثم نسخ ببدر بقوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) الأنفال 41 فاختص بالخمس
بقوله مالي إلا الخمس والخمس مردود عليكم وإلا فظاهر الآية يقتضي أن له السدس وفي الكتاب الشأن قسم الغنائم وبيعها ببلد الحرب وهم أولى برخصها وفي الجواهر قال محمد الإمام مخير بين قسمة أعيان الغنائم وأثمانها بحسب المصلحة وقال سحنون إن تعذر البيع قسم الأعيان واختار القاضي أبو الوليد قسم الأعيان دون البيع قال ابن يونس روى ابن وهب عن مالك أنه لم يقفل من غزوة أصاب فيها مغنما حتى يقسمها ولم يزل الناس على ذلك إلى زمن عمر بن عبد العزيز في البر والبحر قال محمد يقسم كل صنف خمسة أجزاء فالوصفاء صنف يقسم وصيفا حتى يفرغوا ثم النساء كذلك ثم يجتهد أهل النظر في القسمة ثم يفرغ فحيث وقع سهم الإمام أخذه ثم يبيع الإمام الأربعة أخماس ويقسمها عليهم وإن رأى بيع جملة الغنيمة فعل وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسعد بن أبي وقاص حين افتتح العراق أن اقسم ما جلب الناس إليك من كراع وسلاح أو مال بين من حضر من المسلمين واترك الأنهار والأرضين لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين لأنك لو قسمتها بين من حضر ما بقي لمن يأتي بعدهم شيء وتأول عمر رضي الله عنه قول الله تعالى ( والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) الحشر 10
تفاريع أربعة
الأول في الكتاب يسهم للفرس سهمان وسهم للفارس والراجل سهم وقاله ش لما في الصحيحين أنه جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما وقال ح له سهمان فقط سهم له وسهم لفرسه لما في أبي داود أنه فرض للفارس سهمين وللراجل سهما ولأن نفع الفرس وإرهابه للعدو أكثر ومؤنته أعظم لاقتيات الفرس بالحشيش وما تيسر بخلاف الإنسان والجواب عن الأول منع الصحة سلمنا لكن خبرنا مثبت بلفظه وخبركم ناف بمفهومه والمثبت مقدم على النافي والمنطوق مقدم على المفهوم وعن الثاني أن السهمين ليسا للفرس بل لكون المقاتل فارسا والفارس أفضل من الراجل إجماعا ولأن الفارس يحتاج خادما لفرسه غالبا فهو في ثلاثة فلم يلزم تفضيل الفرس على الراجل ومن له أفراس لا يسهم لغير فرس وقاله الأئمة وقال أبو يوسف لفرسين لأنه اعطى الزبير لفرسين وجوابه يحتمل أن يكون نفلا وهو جائز ولنا القياس على الثلاثة فإن الإجماع منعقد على ما فوق الإثنين وعلى السيوف والرماح بجامع أنها معدة للقتال قال ابن يونس قال ابن سحنون يسهم لفرسين وجوابه يحتمل ورواه ابن وهب الثاني في الجواهر يشترط فيمن يسهم له أن يكون حرا مسلما ذكرا مطيقا للقتال بالبلوغ أو المراهقة فإن فقد العقل في دار الإسلام أو دار الحرب فقولان فإن كان يفيق أحيانا بحيث يتأتى منه القتال أسهم له وإلا فلا وإذا حضر الكافر القتال بإذن الإمام فأقوال ثالثها يفرق بين استقلال المسلمين فلا يسهم له وبين احتياجهم للمعونة منه فيسهم وإن لم يقاتل لم يستحق والعبد كالذمي وفي الصبي المطيق أقوال ثالثها التفرقة بين أن يقاتل أم لا وإن قاتلت المرأة فقولان وإلا فلا ومن خرج لشهود الوقعة فمنعه عذر كالضال ففي الإسهام له أقوال ثالثها وهو أشهرها التفرقة بين ضلاله بعد الإدراب فيسهم له وإلا فلا ومن بعثه الأمير في مصلحة الجيش فشغله ذلك عن الشهود اسهم له وروي لا يسهم له والأصل في شروطها الاستحقاق مبني على شروط الوجوب فإن الغنيمة تبع للقتال الثالث في الكتاب والبراذين إذا أجازها الوالي كالخيل وقاله ش وح زاد في الجلاب الهجن لقرب منفعتها من الخيل واشتراط إجازة الوالي لاختلاف المواضع بالسهل والعتاق خيل للعرب قال المازري ولم يشترط ابن حبيب إجازة الوالي وفسر البراذين بأنها الخيل العظام وفسرها غيره بما كان أبوه وأمه نبطيين فإن كانت الأم نبطية والأب عربي فهجين وبالعكس مطرف ومنهم من عكس وفي الكتاب قال ولا يسهم لبغل ولا حمار ولا بعير لبعد المنفعة بل اتفق الناس على أنه لا يسهم للفيل مع أنه أرهب للعدو وأقوى جسما وشجاعة لأنه لا يصلح للكر والفر وإذا كان القتال في السفن ومعهم الخيل أو في البر وسروا رجالة وتركوا خيلهم فللفارس ثلاثة أسهم لأنها معدة للحاجة إليها كما يسهم للراجل وإن لم يقاتل وإذا خرجت سرية من المعسكر فغنمت أورد الريح بعض السفن أو ضل رجل عن أصحابه ببلد العدو فلم يحضر قتالا شارك العسكر في الغنيمة السرية والسفن الراجعة الذاهبة والضال أصحابه لطموح نفس الغانم لإعانة غيره بتوقع الإجتماع وإن مات في أرض العدو وقبل اللقاء والمغنم فلا سهم له لعدم تحقيق السبب وكذلك لو مات فرسه ولو شهد هو وفرسه القتال مريضا أو مات أحدهما بعد القتال وقبل الغنيمة أسهم له قال ابن يونس روى أشهب في الفرس المريض لا يسهم له قال عبد الملك الغنيمة تجب بإيجاف فيعطى الفارس والفرس ما يعطى بالمشاهدة قال ابن حبيب وبه أقول لقوله تعالى ( فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) الحشر 5 فنفيه عنهم لعدم الاستحقاق يدل على سببيته ويدل على قول مالك أن الإيجاف إنما هو مقصود القتال فالسبب في الحقيقة إنما هو القتال قال صاحب البيان في استحقاق السهم أربعة أقوال قال عبد الملك يستحق من كل ما غنم الجيش إلى حين قفوله إذا مات بالإدراب وإن لم يكن في حياته لقاعد وقال ابن القاسم لا يستحق بالإدراب إلا أن يكون في حياته لقاعد وشاهد القتال وقال أيضا لا يستحق إذا شاهد اللقتال فمات بعده إلا ما قرب من ذلك والرابع لا يستحق بمشاهدة القتال إلا ما غنم بذلك القتال خاصة قال المازري وهل يملك الغنيمة بالأخذ وبالقسمة قولان في المذهب وبالقسمة قال مالك و ح لأنه انتظر هوزان أن تسلم فيرد عليها ما أخذه ولو ملكت لامتنع ذلك وقال ش بالأخذ لأن السبب هو الإيجاف أو القتال والأصل ترتيب الحكم على سببه وإنما لم تقسم غنائم مكة وأرضها إما لأنها فتحت صلحا عند ش أو عنوة عند مالك وسائر الفقهاء لكن له المن بالمغانم لكونها لا تملك إلا بالقسمة أو تملك بالأخذ لكن ذلك من خصائصها لكونها إنما أحلت ساعة ثم عادت إلى الحرمة فلم تبح الغنائم ويدل على العنوة قوله تعالى ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) الفتح 1 وتأمينه من ألقى سلاحه ومن دخل دار أبي سفيان وفي الجواهر يتفرع على ملك الغنيمة بالأخذ والقسمة لو وقع في الغنيمة من يعتق على بعض الغانمين عتق عليه وغرم نصيب أصحابه ولو اعتق عبدا من المغنم قوم عليه قاله سحنون وقال ابن القاسم وأشهب لا ينفذ عتقه ولو وطئ أمة حد ولم تكن له أم ولد وإن سرق قطع خلافا لعبد الملك فيهما وقال سحنون إن سرق ما يزيد على حصته بثلاثة دراهم قطع وإلا فلا ولا حد في الوطء ويثبت الإستيلاد وإن كان سهمه يستغرق الأمة أخذ منه قيمتها يوم الحمل والأكمل من ماله فإن كان معدما فنصيبه منها بحساب أم الولد ويباع باقيها فيما لزمه من القيمة ويتبع من قيمة الولد بقدر ذلك قال ابن يونس قال سحنون يستوي في أسهم الفارس الملك والجنس والكراء والعارية والغصب وعليه أجرة المثل للمغضوب منه وإن رمى رجل من العدو عن فرسه فقاتل عليه فلا يسهم له ومن حضر القتال على فرس فلم يفتح لهم في يومهم فباعه فقاتل عليه رجل اليوم الثاني فلم يفتح لهم فباعه فقاتل عليه الثالث ففتح لهم فالسهام للبائع الأول لأنه قتال واحد كما لو مات بعد أول يوم وقاتل عليه الورثة ومن ابتاع فرسا بعد المغنم واشترط سهمه قال الأوزاعي يجوز كمال العبد ومنع سحنون إن كان الثمن ذهبا لأنه ذهب وعرض بذهب والفرق أن العبد يملك فماله ليس مبيعا وإنما اشترط على السيد رفع يده وسهم الفرس مملوك للبائع وفي الجلاب إجارة الفرس ببعض سهمه فاسدة وله أجرة المثل والسهمان للمقاتل قال صاحب البيان إذا وجد فرسا عائدا عند القتال فقاتل عليه كان له سهمانه ولو لم يكن للرجل إلا فرس واحد فتعدى عليه رجل وقاتل عليه وصاحبه حاضر ووجده عائدا به لكانت سهمانه لصاحبه بخلاف المتعدي إذا لم يكن صاحبه حاضرا وهذا على مذهب ابن القاسم وروايته أن السهمين إنما تستحق بالقتال وقال عبد الملك أنها تستحق بالإيجاف ولا يكون للمقاتل شيء في التعدي ولا العارية ونحوها من الوجوه التي يوجف عليها أو يصير بيده بحد ثان الإيجاف وهذا تفصيل فيما اجمله ابن يونس قال ابن القاسم يسهم للإمام كما يسهم لغيره قال مالك ولا حق له من رأس الغنيمة والذي كان يصطفيه منها فرسا أو بعيرا أو أمة على حسب حال الغنيمة مخصوص به إجماعا قال اللخمي قال أشهب إذا ظفر بالعدو وفيهم أسارى مسلمون أسهم لهم وإن كانوا في الحديد الرابع في الكتاب وإذا قاتل التاجر والأجير أسهم له وقاله ح و ش ولا يسهم للنساء ولا للعبيد والصبيان وإن قاتلوا ولا يرضخ لهم قال ابن يونس من قاتل من النساء قتال الرجال أسهم لها ولا يسهم للعبد وإن قاتل لأنه مستحق المنافع ويستحب للإمام أن يجزي العبد والمرأة والصبي من الخمس وإن كان في المعسكر نصارى فلا بأس أن يعطوا من الخمس وقد روي أنه رضخ ليهود ونساء وصبيان وعبيد في المعسكر قال محمد ويسهم لغير البالغ المطيق للقتال إن قاتل وإلا فلا قال ابن القصار الأجير إذا خرج للجهاد وللإجارة بغير خدمة كالخياطة أسهم له قاتل أم لا قال سحنون يسهم للأعمى والأقطع والأعرج والمخدوم فارسا قال والصواب في الأعمى أن لا شيء له وكذلك الأقطع اليدين بخلاف أقطع اليسرى ويسهم للأعرج إن حضر القتال ولا شيء للمقعد إن كان راجلا ومن كان خروجه للغزو غير أن معه تجارة أسهم له قاتل أم لا وفي كتاب ابن مزين يسهم للأجير إذا قاتل كانت الغنيمة قبل القتال أو بعده وإن كان القتال مرارا قسم له في جميع الغنيمة وإن لم يحضر إلا مرة واحدة قال ابن نافع لا يسهم الا ان يحضر اكثر ذلك فإن حضر مرة قسم له فيها فقط قال ابن حبيب يسهم للغلام ابن خمس عشرة سنة قاتل أم لا لإجازته ابن عمر يوم الخندق وزيد بن ثابت والبراء بن عازب رضي الله عنهم أبناء خمس عشرة وإن كان دون ذلك إن قاتل أسهم له وإلا فلا وقال ش و ح لا يسهم للمراهق لأن الإسهام تبع لوجوب القتال والمراهق لا يجب عليه شيء فارغةالباب السابع في قسمة الخمس والفيء
قال المازري الخمس عندنا إلى اجتهاد الإمام يأخذ منه كفايته ولو كانت جميعه ويصرف الباقي في المصالحلقوله ليس لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم فلم يخصص جهة وقال ش يقسم خمسة أسهم سهم له ويصرفه الإمام في المصالح وسهم لذي القربى غنيهم وفقرهم وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل وجعل للإمام التمليك كما قال في آية الزكاة وجوابه تقدم هناك وقال ش لثلاثة لليتامى والمساكين وابن السبيل وسقط سهمه لموته وقال غيرهما ستة وزاد عمارة الكعبة لما استحال الصرف إلى الله تعالى صرف لبيته وعندنا الإضافة إلى الله تعالى بمعنى التقرب في صرف الخمس
لقوله ليس لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس الحديث ولم يقل السدس وفي الكتاب الخمس والفيء سواء يعطى من ذلك أقرباؤه بالاجتهاد ولا يخرج الفيء عن البلد إلى غير أهله إلا أن يكونوا أشد حاجة فينقل إليهم ما يفضل عن أهله ويغطي المنفوس ويقدم من أبوه فقير وكان عمر رضي الله عنه يفرض للمنفوس مائة درهم قال ابن يونس قال ابن عباس رضي الله عنه وغيره ذوو القربى آله عليه السلام وهو الأصح وقيل قريش قال سحنون وليس ذلك بمحدود وقد سوى ابو بكر رضي الله عنه بين الناس وفضل عمر رضي الله عنه بسابقة الهجرة وقدر الحاجة وقال إن عشت إلى قابل لألحقن أسفل الناس بأعلاهم وفي الجواهر الفيء هو الخمس والجزية والخراج وما صولح عليه الحربيون وما يؤخذ من تجار الحرب والذمة وخمس الركاز قال ابن حبيب الذي مضى عليه أئمة العدل البداية بسد مخاوف المسلمين بإصلاح الحصون وآلة الحرب فإن فضل فلقضاتهم وعمالهم ومن ينتفع به المسلمون ممن يبني المساجد والقناطر وما يحتاج إليه ثم الفقراء فإن فضل ورأى الإمام تفرقته على الأغنياء فعل أو يحبسه لعوارض الأيام وفك الأسارى وقضاء دين أو معونة في عقل جراح أو تزويج عازب أو إعانة حاج وأرزاق من يلي مصالح المسلمين والتفرقة بقدر الحاجة فإن الأرزاق وضعت في العالم لسد الخلات دون المنوبات بل ادخر الله تعالى لكل عمل صالح أجره عنده وعليه اعتمد الصديق رضي الله عنه ولاحظ عمر رضي الله عنه أن إكرام ذوي الفضائل تبعث على الاستكثار منها ومنهم وروي اعتبار التفرقة بالفضائل وروي أن ذلك موكل إلى اجتهاد الإمام ويوفر سهم أقربائه عليه السلام لامتناعهم من الزكاة ويعطى العيال والذرية دون الأرفاء ويعطي أهل البوادي القارين والمرتحلين وفي الكتاب يبدأ من الفيء أهل كل بلد افتتحت عنوة أو صلحا ومن أوصى بنفقة في السبيل بدأ بأهل الحاجة منهم ويجوز إعطاء الجوائز
الباب الثامن فيما حازه المشركون من الأموال وغيرها
وفي الاستذكار فيما جاره المشركون خمسة أقوال لا يملكون مطلقا وتؤخذ من الغنيمة قبل القسمة وبعدها بغير شيء ويوقف لربه إن جهل وقاله ش لأن المشركين أغاروا على سرح المدينة فأخذوا منه ناقته فنجت عليها امرأة فنذرت نحرها إن نجاها الله تعالى فلما قدمت المدينة عرفت الناقة فحملت له فأخبرته المرأة بنذرها فقال لها بئس ما جزيتها لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم وقياسا لأموالنا على رقابنا ويملكون مطلقا فإذا غنمه الجيش لا يأخذه ربه قبل القسم ولا بعده قاله علي رضي الله عنه وجماعةلقوله ما ترك لنا عقيل منزلا وللفرق بين ما غلبونا عليه فيملكون وبين ما أبق إليهم قال الثوري وقال ح إن غلبونا عليه فصاحبه أحق به قبل القسم بغير شيء وبعده بالقيمة وإن أخذوه بغير غلبة أخذه صاحبه مطلقا وقال مالك وابن حنبل هو أحق به قبل القسم بغير شيء وبعده بالثمن من غير تفصيل لما يروى أن رجلا وجد بعيرا كان المشركون أصابوه فقال عليه السلام إن أصبته قبل القسم فهو لك وإن اصبته بعد ما قسم اخذته بالقيمة قال وهو ضعيف السند
تفاريغ اثنا عشر
الأول في الكتاب ما حازه المشركون من مال مسلم أو ذمي من عرض أو عبد أو غيره أو أبق إليهم ثم غنمناه لهم فإن عرفه ربه قبل القسمة كان أحق به وإن لم يعرف ربه بعينه وعرف أنه لمسلم أو ذمي قسم فإن جاء به فهو أحق به بالثمن بالغا ما بلغ ولا يخير على فدائه ومن وقع له أمة يعلمها لمسلم فلا يطأها حتى يعرضها عليه فيأخذها بماله أو يدع وسواء اشتراها ببلد الإسلام أو الحرب وكذلك العبد وما وجده السيد قد فات بعتق أو استيلاد فلا سبيل له عليه وكان من مغنم أو ابتياع من حربي ووافقنا ح ووافق ش في أم الولد والمكاتب والمدبر والفرق بين قبل القسم وبعده ضرر نقض القسمة أو ذهاب آخذه بغير شيء قال ابن يونس قال محمد إذا كان عرف ربه وكان غائبا وكان نقله له مصلحة فعل ذلك وإلا باعه الإمام له قال أشهب إن كان إيصاله من غير كلفة كالعبد والسيف فباعوه بعد علمهم أخذه ربه بغير ثمن قال سحنون إذا وجد الفرس في المغنم موسوما بالحبس لا يقسم ويخلى السبيل وقال أيضا لا عبرة بذلك لأنه قد يوسم ليلاً يؤخذ من ربه الثاني في الكتاب إذا أسر أهل الحرب ذميا ثم غنمناه لم يكن فيئا ورد إلى ذمته قال ابن القاسم ولو أسلم أهل بلد على احراز ذمتنا وفي أيديهم رفيق لهم فهم أحق بجميع الأمتعة من أربابها لقولهمن اسلم على شيء في يده للمسلمين فهو له وإذا قدم تاجر بأمان بعبيد المسلمين فلا يؤخذوا منه وإن أسلم عندنا كانوا له ومن اشترى أم ولد رجل من حربي فعلى سيدها جميع الثمن وإن كان أكثر من قيمتها ولا خيار له بخلاف العبد والفرق أن أم الولد لا يجوز الانتفاع بها لغيره وإذا قسمت في المغنم أخذها بالقيمة ولو اعتقت لم تؤخذ فيها فدية قال ابن يونس قال اشهب على سيدها الأقل من ثمنها أو قمتها قال سحنون إن صارت في سهم رجل بمائتين ثم غنمت فصارت في سهم رجل آخر بخمسين فله أخذها بمائتين يأخذ منها من هي بيده خمسين والباقي للأول وكذلك لو توالت البياعات أو كانت أمة وإليه رجع سحنون وقال إذا اعتق أم الولد من صارت في سهمه عالما بها فكأنه وضع المال عن سيدها فله أخذها بغير ثمن ويبطل العتق ولو أولدها المبتاع أخذها بالثمن ويرجع عليه بقيمة ولدها ولو مات سيدها عتقت وبطل حق الميتاع ولو قتلت ثم مات سيدها قبل فدائها بيعت لأن هذا فعلها بخلاف الأول ولو ماتت بيد من صارت بيده لم يتبع سيدها بشيء وكذلك إذا ماتت في الجناية قبل الفداء ولو أسلم عليها أهل الحرب أخذها سيدها بقيمتها الثالث في الكتاب ما حازه المشركون من أموال المسلمين ثم أتوابه إلينا كره شراوه منهم ومن ابتاع عبدا من دار الحرب أو وهب له فكافأ عليه فلسيده أخذه ودفع ما ودى من ثمن أو عرض فإلم لم يكاف على الهبة أخذه بغير شيء فإن باعه بطل أخذ ربه لتعلق حق المشتري وضعف ملك ربه بشبهة ملك الحربي وقال غيره يأخذه بدفع الثمن إلى المبتاع ويرجع به على الموهوب قال ابن يونس قال أشهب الأمة كالأمة المستحقة يأخذها ربها وقيمة ولدها وقاله ابن القاسم ثم رجع والفرق عنده أن المستحق يأخذ بغير ثمن فهو أقوى قال سحنون إذا وقع الآبق في سهم رجل فباعه وتداولته الأملاك لربه أخذه بأي ثمن شاء كالشفعة ثم رجع فقال بل بما وقع في المقاسم ورواه عن ابن القاسم قال ابن القاسم ولو سبي العبد ثانية بعد تداول الأملاك فلا مقال للذي سبي منه أولا والذي سبي منه آخرا أولى منه بعد دفع ما وقع به إلى من هو بيده فإن أخذه فلربه الأول أخذه بما وقع به في المقاسم الثانية لأنه ملك ثان ومن كتاب محمد ومن ابتاع عبدا من المغنم بمائة ولم يعرف ربه ثم سبي ثم اشتراه رجل بخمسين يقال لربه ادفع مائة للأول وخمسين للثاني إن شاء ويأخذه وإلا فلا ثم إن شاء الأول فداه من الثاني بخمسين فإن أسلمه إليه فلربه الأول من الثاني إعطاء خمسين وأخذه الرابع قال ابن يونس قال سحنون العبد المأذون يركيه الدين ويجني ثم يأسره العدو فيقع في سهم رجل فلربه فداؤه بالأكثر مما وقع به في المقاسم أو أرش الجناية فإن كان الأرش عشرين وثمن المغانم عشرة أخذ من صار له عشرة والمجني عليه عشرة فإن كان الأرش عشرة أخذ من هو بيده العشرين ولا شيء لصاحب الجناية كما لو سبي فابتاعه رجل ثم سبي ثانية وغنمه ففداه ربه بالأكثر وبه قال ابن القاسم وقال أشهب إذا اعتق المشتري من المغنم لربه نقض عتقه وهو خلاف قول ابن القاسم في البيع والهبة ولم يختلف قول أشهب في نقص البيع الخامس قال ابن يونس ويرد المدبر من المغانم لسيده إن عرفت عينه قال سحنون وإن لم يعرف بعينه دخلت خدمته في المغانم قال عبد الوهاب يريد يؤاجر بمقدار قيمته فيجعل ذلك من المغانم أو يتصدق به إن تفرق الجيش فإذا استوفى المستأجر حقه كان باقي خراجه موقوفا كاللقطة قال ابن القاسم وإن جهلوه اقتسموه ولسيده فداؤه بالثمن ويرجع مدبرا ولا يتبع المدبر بشيء فإن امتنع من فدائه أخدمه من صار إليه في الثمن فإذا وفي رجع لسيده مدبرا فإن مات سيده في أثناء الخدمة عتق واتبع بباقي الثمن وإن لم يسعه الثلث عتق ما وسعه واتبع ما عتق منه بما يقع عليه من بقية الثمن كالجناية ويحسب قيمة المدبر عبدا حتى يعلم ما يحمله الثلث وإن لم يترك السيد شيئا عتق ثلثه ورق ثلثاه ولا قول للورثة وفي الجناية يخيرون فيما رق في الإسلام أو دفع ما يقع عليه من الجناية والفرق أن المشتري من المغانم إنما اشتراه مما يرق منه وفي الجناية اسلمت خدمته فإذا لم يحمله الثلث فهو كمعتق بعضه فيخير الورثة وقال غير ابن القاسم أن حمله الثلث عتق ولم يتبع بشيء وإن حمل البعض لم يتبع تلك الحصة المعتقة بشيء بخلاف الجناية التي هي فعله وفرق عبد الملك بين وقوعه في المقاسم وبين المشتري في بلد الحرب فقال في الثاني يتبعه مشتريه بما بقي عليه ويحاسبه بما يخدمه به وإن حمله الثلث لا يتبع بشيء كالمشتري من المغنم والمشتري من بلد الحرب لا يحاسب بشيء ما أخذ به ويتبع بالثمن وإذا أسلم حربي على مدبر قال سحنون له جميع خدمته وإن مات سيده عتق في ثلثه ولم يتبع بشيء كحر أسلم عليه وإن حمل الثلث بعضه رق باقيه ولم يتبع ما عتق منه بشيء وإن كان على السيد دين محيط بجميع ماله وعلى المدبر الذي أسلم عليه وقال إذا اشتربت المدبرة من العدو أو المغانم أو أسلم عليها حربي فوطئها فحملت كانت له أم ولد ولا ترجع إلى سيدها وإن دبرها الثاني ولم يعلم سيدها فدفع سيدها إليه ما فداها به بطل تدبيره وعادت على حالها وإن أسلمها بقيت بيد سيدها تخدمه ولا يبطل تدبيره فإن مات الأول وحملها الثالث عتقت ولا يتبعها الثاني بجميع الفداء فإن مات الثاني وحملها الثالث يسقط الفداء قال ابن القاسم لو اعتق المدبر مشتريه نفذ العتق بخلاف أم الولد والمعتق إلى أجل لعدم قبولها الملك الثاني وخالف أصبع في المعتق إلى أجل وسحنون إن أعتقه وهو عالم به السادس قال ابن يونس قال سحنون والمعتق إلى أجل كالمدير إن عرف ربه وقف له وإلا وقفت خدمته في المقاسم فإن جاء سيده خر بين فداء خدمته وإسلامها لمشتريها ولو جهل بيع في المقاسم فإن فداه سيده عاد مدبر وإن أسلمه أخدمه امشتري في الثمن فإن استوفى قبل الأجل عاد لسيد والأعتق ولم يتبع وإن فداه أحد من العدو فداه السيد بذلك إن شاء ولا يحاسب بعد العتق وإلا صارت خدمته للفادي للأجل فإذا عتق اتبعه بجميع الفداء قال محمد يحاسبه بالخدمة ويتبعه بالباقي إن اشتراه من العدو فإن اشتراه من المغنم لم يتبعه وإذا أسلم الحربي على معتقة إلى أجل وأولدها كان عليه قيمة ولدها على أنهم يعتقون عند الأجل لأنه لم يملكها ملكا تاما ولو قتلت فقيمتها للذي اسلم عليها ولو ولدت من غيره فولدها معها في الخدمة ولو فداها رجل من الحربيين فأولدها فدفع السيد الفداء خاصة بقيمة الولد على أنه ولد أم ولد هكذا في النوادر قال والصواب ولد معتقة إلى أجل فإن أسلمها فعلى الواطئ قيمة ولدها وكذلك لو أخذها من المغانم فأولدها السابع قال ابن يونس ويرد المكاتب إلى ربه من المغانم غاب أو حضر فإن لم يعرف بعينه بيعت كتابته في المغانم وتؤدي إلى من صار إليه فإن عجز رق وإلا عتق وولاؤه للمسلمين فإن جاء سيده بعد بيع كتابته ففداه كان مكاتبا وإن أسلمه وعجز رق لمبتاعه وقيل إن أتى سيده وقد قبض المبتاع بعض الكتابة وأراد افتكاكه فإن كان المقبوض نصف الكتابة بالقيمة حسبها عليه بنصف الثمن وكذلك سائر الأجزاء وعابه عليه بعض الأصحاب وقال بل يدفع ما ودى ويأخذ جميع المقبوض من الكتابة قال ابن القاسم ولو بيع المكاتب في المقاسم ولم يعلم فإن رد الثمن على مشتريه عاد مكاتبا وإن عجز خير سيده بين إسلامه رقيقا كالجناية وإلى هذا رجع سحنون قال محمد وإن اشتراه من العدو ولم يفده سيده يقال له