كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي
صاحب التنبيهات : جعل في الكتاب تغير السوق مفيتا للعرض المعيب لأنه إذا كان قائما فإنما يرد بالحكم فأشبه البيع الفاسد وعنه : خلاف ذلك ولا خلاف أن حوالة السوق لا تفيت الرد بالعيب
فرع في الكتاب : قال ابن حبيب : إذا احتلفا بعد ضياع ما يغاب عليه فقال البائع : ملكتك فركبت وقال المبتاع بل منعتني إن علم هلاكه فمن المبتاع وإلا صدق مع يمينه إلا أن تقوم بينه على تمكين البائع وامتناع المبتاع وقاله ابن القاسم لأنه غارم
فرع في الكتاب : إذا قبض الجارية بعد شهرين وحوالة السوق ثم ماتت عنده ثم ظهر عيبها لتقويم العقد لأنه صحيح بخلاف الفاسد لا يضمن إلا بالقبض وإن ماتت عند المبتاع أو تعيبت بعد قبض الثمن فضمانها من المبتاع وإن كان البائع حبسها بالثمن كالرهن هذا إذا لم يكن فيها مواضعة وقال عن المحبوس بالثمن من البائع وضمان الجارية من المبتاع وإن هلكت عند البائع حتى يقضى له بالرد بالعيب أو يبرئه البائع منها وينفذ عتقها من المبتاع لأنها ملكه وله الرضا بالعيب دون عتق البائع بخلاف البيع الفاسد لعدم الملك إلا أن يعتق المبتاع قبل عتق البائع فقيمتها ذلك قال ابن اختلف قول مالك في ضمان العبد إذا لم ينفذ نظرا إلى أن المحبوس بالثمن كأنه لم يملك أو إلى أن العقد باطل قال ابن القاسم : ولو قبض الجارية ثم أشهد على البائع أنه لم يرض بالعيب ثم ماتت بعد الإقالة أو أصابها عيب فمن المشتري لضمانها بالقبض وقال محمد : من البائع كما لو استوجب سلعة قريبة العينة فإنها من المشتري قبل القبض فإن امتنع البائع من الإقالة فيقضى عليه فمن المشتري لأنه لم يوجب الإقالة على نفسه وقال مالك أيضا من البائع قال صاحب التنبيهات قال أشهب إذا أعتق البائع في يد المشترى لا يعتق عليه إذا رجع إليه لأنه في ضمان غيره فإن كان في يد غيرهما نفذ عتق السابق منهما وإلا فعتق صاحب صاحب الحوز لأنه املك به وقال إذا أشهد المبتاع أنه غير راض بالعيب برئ منه إلا أن يطول الأمر حتى يرى أنه راض
فرع في الكتاب إذا تصدق بها أو وهبها لغير ثواب فهو فوت ويرجع بقيمة العيب لتعلق حق الغير وإن باعها أو وهبها للثواب أو أجرها أو رهنها فال يرجع بشيء فإذا زالت الإجارة أو الرهن فله الرد فإن تعيبت رد نقصها وقال أشهب إن افتكها حين علم بالعيب فله ردها وإلا رجع بما بين الصحة والعيب قال ابن يونس قال ابن حبيب إذا قرب الأجل في الإجارة أو الرهن نحو الشهر أخر إلى انقضائه وإلا ففوت وإن باع مع العلم بالعيب فقد رضيه وإلا فلم ينقص للعيب قال مالك لو ادعى بعد البيع العيب لم تكن له المطالبة لأنه لو ثبت لم يوجب عليه شيئا إلا أن يرجع إليه بشراء أو ميراث أو صدقة أو بعيب أو غير ذلك فله الرد على البائع وقاله ( ش ) وابن حنبل وقال ( ح ) ليس له رده إلا أن يكون البيع بحكم حاكم لأنه أسقط حقه من الرد بالعيب فلا يرد ولو رضي به وجوابه أن الرد امتنع لعجزه عنه ويرد بعد التمكن كما لو امتنع لغيبة البائع وقال الأئمة لا يرجع قبل الشراء بشيء لأنه استدرك ظلامته بالبيع وقياسا على زوال العيب كما قال مالك وقال أشهب إذا رجع بشراء ولم يعلم بعيبه فله الرد على البائع الأخير لأن عقده يقتضي عهدته ثم هو مخير في الرضا والرد على المشتري الآن لان العهدة الآن عليه فإن رده عليه فله رده على البائع الأول بالأقل من تمام الثمن الأول او قيمة العيب ولو باعه المشتري الثاني من المشتري الأول بأقل مما اشتراه فله الرجوع على المشتري الأول بتمام ثمنه لا بالأقل لان له رده عليه وهو الآن في يديه ولو باعه من غيره بأقل فرضيه مشتريه لم يرجع إلا بالأقل ولو وهبه من المشتري الأول أو تصدق به عليه رجع بقيمة العيب من الثمن الذي اشتراه به منه وللمشتري الأول الرد على البائع الأول وأخذ جميع الثمن الأول ولا ولا يحاسبه ببقية الثمن الذي قبضه من الواهب لأن الثاني وهبه غيره ولورثة المشتري الأول فله رده على البائع الأول وأخذ جميع الثمن لأن ما وجب للميت قد ورثه المشتري الأول عنه قال محمد إن كنت نقصت من الثمن لأجل العيش لظنك حدوثه عندك وتبين عيبه رجعت بالأقل وقال ابن عبد الحكم : بل بقيمته كاملة قال ابن حبيب : إن بعته بالثمن فأكثر ثم رجعت بشراء أو ميراث أو هبة قضي عليك بعدم الرجوع لخروجه بمثل الثمن فلا رجوع وإلا فلك الرجوع قال أبو محمد : بل لك الرد فضي عليك أم لا لانتقاض السبب المانع من الرد ولو فاتت عند المشتري الثاني ورجع عليك فلك الرجوع على البائع الأول بقيمة العيب ما لم تكن أكثر غرم الثالث فلا ترجع إلا بما غرم الثالث
فرع في الكتاب : إن ولدت من غيره ردها مع ولدها أو أمسكها لأنه فإن مات ولدها فله ردها والرجوع بالثمن كله لأن الولد غير مبيع إلا أن تنقصها الولادة فيرد نقصها فإن فاتت لم يكن له رد الولد مع قيمة الأم يوم العقد بغير ولد لهلاك المبيع بجملته قال أشهب : إلا أن يأخذ من القاتل في قيمتها مثل الثمن لأن الرد بالعيب نقض للعقد من أصله فالمأخوذ للبائع يسد عنه مسد الثمن قال صاحب تهذيب الطالب : إذا اشتراها حاملاً فولدت عنده لم يحدث عنده عيب إذا لم تنقصها الولادة وإذا ردمها ردماً أخذ الولد من ثمن أو قيمة بخلاف المفلس ببيع الولد وقال أصبغ : يردُّ في العيب من الثمن قدر قيمته كأنه اشتراه مع أمه مولوداً وإن مات الولد ردها ولا شيء عليه فيه وإن مات أو قتلت رجع بأرش العيب قال أشهب : إلا أن يقول البائع : أخذ ما أخذ في الولد من ثمن أو قيمة أو الولد نفسه إن كان باقياً أو قيمة الأم إن أخذت لها قيمة فذلك له وإلا فعليه قيمة العيب أو ما نقص من الثمن بعد أن يحسب عليه وما أخذ من قيمة أو ثمن ويرجع القاتل عليه بقيمة العيب يوم القتل لأنه دفع مقابلة ذلك الوقت إن لم يعلم به ويضم لقيمة الأم ما أخذ في الولد من ثمن أو قيمة ويرجع بما بقي على البائع قال أبو محمد ومعنى قول أشهب في الكتاب إذا قتلت الأم رجع بقيمة العيب إلا أن يكون أخذ في القيمة بمثل الثمن يريد أو كانت القيمة مثل حصة العيب من الثمن لأنه إنما يرجع بالعيب وقال ابن شلبون با معناه مثل رأس ماله قال بعض الشيوخ وقول أشهب خلاف قول ابن القاسم لأنها تقوم على القاتل معيبة فتبقى حصة العيب عند البائع وقول أشهب في الكتاب إذا ماتت الأم فللبائع أخذ الولد ورد الثمن كله خلاف قول ابن القاسم بل يرجع بقيمة العيب لأن الولد لو هلك مع بقائها لم يعتبر ولو جرحت الأمة موضحة ردها ولا يرد الأرش لأنها لا ينقصها قال صاحب البيان زيادة المبيع إما في الحال بالصنائع والأموال فليس فوتاً اتفاقاً أو في العين وهي ثلاثة أقسام : الولد والكبر والسمن ففي الولد قولان ليس بفوت بل له الرد ورده أو ثمنه إن باعه وقيل فوت وفي كبر الصغير وسمن الجواري قولان
فرع قال ابن يونس قال ابن الكاتب : الهبة للابن الصغير ليس بفوت لقدرته على الانتزاع فلا يكون له الرجوع بأرش العيب وقال ابن حبيب : فوت لتعلق حق الأرش
فرع قال بعض الشيوخ : إذا بلغ بالمرض حد السياق فأخذ أرش العيب ثم عجز المكاتب وصح المريض لا ينقض الحكم لان سيبه كان محققاً المانع الثالث : ظهور ما يدل على الرضا بالعيب من قول أو فعل سكوت وهو التقصير عند الاطلاع ومكث من غير عذر فيبطل الرد والأرش إن كان البائع حاضراً فإن كان غائباً أشهد شاهدين بالرد فإن عجز حضر عند القاضي وأعلمه فيكتب للبائع إن قربت غيبته وإن بعدت تلوم له رجاء قدومه فإذا لم يرج قدومه قضى عليه أن أثبت المشتري الشراء على بيع الإسلام وعهدته وفي الكتاب إذا مضى بعد اطلاعه وقت يمكنه الرد فيه ولكنه لا يعد رضا لقربه كاليوم ونحوه يحلف أنه لم يكن راضياً وله الرد وقاله ابن حنبل قياساً على القصاص ولا يخل به التأخير حتى يفهم الرضا وقال ( ش ) بل الرد بالعيب على الفور لأن التراخي يدل على الرضا وهو ممنوع والفعل أن يتصرف في المبيع أو يستعمله بعد علمه بالعيب تصرفاً واستعمالاً لا يقع في العادة إلا برضا بالتمسك فإن تردد بين الرضا وعدمه لم يقض عليه به لأن الأصل بقاء حقه هذا هو الضابط ثم تذكر فروعه
فرع في الكتاب : إذا قضي على الغائب بالعيب بيعت السلعة وأعطي المشتري الثمن بعد البينة على النقد ومقداره لاحتمال أن البائع لم يقبض الثمن وما فضل معمراس أو نقض رجع به المبتاع على البائع قال اللخمي أرى إذا كانت العادة البيع على البراءة لم يحكم له بالرد إلا أن يثبت أنه اشتراه على العهدة وإلا فالأصل العهدة ويستظهر باليمين ولا يكلف البينة على نقد الثمن حيث يصدق وإذا أنكر البائع بأن تكون العادة النقد أو طال الزمان قبل سفر البائع أو كان المشتري غريماً وليس للمشتري الرد على تابع البائع لأن التابع الغائب قد يرضى بالعيب إلا أن يكون الغائب معدماً لأنه لو حضر منع من الرضا إذا كانت السلعة لا توفي الثمن كبيع المدبر من التبرع ولو استحقت كان له القيام على الأول بخلاف العيب لأنه لا يؤثر فيه الرضا لبطلان العقد في أصله قال ابن يونس : قال بعض القرويين : إنما تلزم البينة على بيع الإسلام وعهدته إذا امتنع من الحلف وإلا صدق مع يمينه لأن بيع الإسلام هو الغالب وإذا اشهد على العيب ثم باعه فليس له مطالبته إذا قدم إلا أن يقضي به السلطان لأن البيع رضا قال محمد : إلا أن يكون في بلد لا سلطان فيه أو سلطان لا يقضي على الغائب فله الرجوع بعد الإشهاد ويتبعه ببقية الثمن فإن وجد العيب بعد السفر بالدابة في السفر : فروى ابن القاسم عن مالك له ردها لأنه كالمكره بالسفر وليس عليه في ركونها شيء وتركها بقية السفر فإن وصلت بحالها ردها أو عجفت نقصها أو يحبسها ويأخذ قيمة العيب لأن الاضطرار مبيح مال الغير والسفر ضرورة وروى أشهب إن حمل عليها بعد علمه لزمته وإن سافر لغرض عليه في ردها مؤنة أو بثوب فلبسه فليقم البينة على بيع الإسلام وعهدته وعد البراءة يبيعه الإمام على البائع فإن لم يجد ثلثه فليس له إلا الرضا به أو الرد إلى بلد البائع وله استخدام العبد دون وطء الأمة لأن الوطء يعتمد الملك المقرر وهذا بصدد النقص وللحاضر استخدام الأمة والعبد ويركب الدابة بعد قيامه إلى القضاء بالرد لأن عليه النفقة وفي الجواهر : المشهور في العبد والدابة ترك الاستعمال وأباحه ابن حبيب قياساً على العقار وعلى المشهور : ينزل عن الدابة إن كان راكباً إلا أن يتعذر عليه القود فيعذر بالركوب إلى مصادقة الخصم أو القاضي وأما الاستعمال المنقص فيمنع كلبس الثوب المانع الرابع : ذهاب العيب قبل القيام ففي الجواهر : يسقط القيام إلا أن يبقى علقة كالطلاق في الزوجين وكذلك كل مالا يؤمن عوده اتفق مالك وأصحابه على الطلاق واختلفوا في الموت فقال مالك كالطلاق لبقاء العدة وقد يكون منه ولد لا يعلم وقال ابن حبيب لبس بعيب للناس وإن ذهب العيب قبل القيام فلا رد أو بعد العلم فقال ابن القاسم لا رد وقال أشهب له الرد وإن ذهب قبل الشراء فلا رد إلا إن لم تؤمن عودته كخدام أحد الأبوين أو الأجداد قال ابن القاسم إذا اشتراها في عدة طلاق فلم يردها حتى انقضت عدتها فلا رد قال وكذلك أرى إذا اشتراها بعد حيضة لأنه دخل على أنها توقف حتى تحيض فلا مضرة إلا أن تكون من الوخش لأنها تشترى على أنها تقبض بالحضرة ويحمل قوله على أنه علم لها زوجاً طلقها لكن يعتقد انقضاء العدة فلو جهل الزوج كان له الرد وإن انقضت العدة وتزويج العبد بغير إذن سيده عيب فإن فسخه السيد قبل الدخول أو طلق العبد لأن تعديه في ذلك يشينه وإن تزوج بإذن سيده ثم طلق قبل الدخول لم يرد إلا أن يكون العبد تخلق على سيده حتى زوجه والدين عيب إلا أن يقضيه السيد قال سحنون إلا أن يستدين في سعة فإن ذلك خلق يبقى قال وأرى إن كانت المداينة بغير إذن سيده أن يرد بعد الاسقاط للجرأة على ذلك وإسقاط الجناية الخطأ يسقط الرد بخلاف العمد وإذا حدثت الحمى في عهدة الثلاث وذهبت قال ابن القاسم لا رد وقال أشهب يرد لاحتمال بقاء سببها قال وأرى أن يستأنى به فإن استمر بدونه لم يرد والضابط أم العيب إن كان الغالب عوده أو أشكل أمره رد استصحاباً للحالة السابقة
فرع قال اللخمي : إذا أخبر البائع بالطلاق عند العقد برئ ولا يطأها المشتري ولا يزوجها حتى تشهد البينة على الطلاق أو الوفاة لثبوت أصل الزواج إذا لم تكن طارئة أو قدمت من موضع قريب يقدر على استعلام ذلك منه وإن كان بعيداً حلت للسيد والزوج
فرع في الكتاب : إذا انقطع الول في الفراش له الرد إذ لا يؤمن عوده القسم الثاني من الموانع ما يمنع من الرد على وجه دون وجه وهو تغيير المبيع والتغيير ثلاثة أضرب الضرب الأول تغيير يفيت المقصود من العين فيمنع لأنه يصيرها كالمعدومة لأن المقصود من الأعيان منافعها الضرب الثاني : تغيير لا بال له لا يمنع الرد ووجوده كعدمه ففي الكتاب لا يفيد الرد حوالة الأسواق ولا نماء ولا عيب خفيف كالرمد والكي والدماميل والحمى والصداع وذهاب الظفر وله الرد بغير شيء وإن نقصه وكذلك الأنملة في الوحش قال ابن يونس : الفرق بين هذا وبين البيع الفاسد تفيته حوالة الأسواق : دخل المتبايعين على شيء واحد في البيع الفاسد فسوى بينهما في زيادة السوق ونقصه وهاهنا لم يدخلا على الرد قال ابن حبيب وكذلك ما حدث عنده من شرب الخمر أو الزنا أو السرقة أو الإباق فقيل يحتمل أن يكون هذا خلافاً لابن القاسم لأن هذه قد تنقصه كثيراً والفرق بين البائع يرد عليه بالعيب الخفيف وبين المشتري : أن البائع يتوقع تدليسه بخلاف المشتري قال : وهذا استحسان والقياس : التسوية فيلحق المشتري بالبائع الضرب الثالث : تغيير له بال ولا يخل بالمقصود فيخَّير بين التمسك وأخذ أرش العيب القديم أو الرد وما نقصه العيب الحادث وفي الكتاب : إلا أن يرضى البائع بأخذه معيباً ويرد جميع الثمن فذلك له وفي الجواهر : قال عيسى بن دينار : لا يسمع من البائع ذلك لأن الخيار حكم ثبت للمشتري فلا يتمكن البائع من إبطاله قال صاحب النكت : إذا قطعه وخاطه فقال البائع : أعطني في الخياطة ولا ألزمك نقصان القطع حتى لا تمسكه ليس له ذلك بخلاف طرح أرش العيب الحادث إذا لم يخطه لأنه بالخياطة صار شريكاً فلا يستقل شريكه بإبطال شركته وعن أبي الحسن : أن القيام بالصبغ يوم الحكم لا يوم البيع لأن الرد فسخ فالقيمة يوم الحكم وجعل الشركة بما زاد الصبغ وجعله في الاستحقاق إذا امتنع المستحق من دفع قيمة الصبغ والمشتري من دفع قيمة الثوب أن الشركة بقيمة الصبغ دون زيادة لأن الراد بالسكون شك وأخذ قيمة العيب والمستحق من يده مُكره فيشارك بالقيمة وبقولنا قال ابن حنبل وقال ( ش ) و ( ح ) : حدوث العيب عنده يمنع رده بالعيب القديم لأن الرد شرع لدفع الظلامة والضرر عن المشترى والرد ضرر على البائع لا يشرع دفعه بالضرر بل يتعين أخذه الأرش في العيب القديم وقياساً على العيوب المبينة كالعمى ونحوه لأنه لما تعارض حقان أحدهما يوجب بقاء العقد والآخر بطلانه لأنه وجب أن يرجع موجب البقاء لأنه الأصل والجواب عن الأول : أن البائع مفرط في عدم اطلاعه على عيب سلعته بخلاف المشتري فلذلك رجحنا ضرره أو يقول : حق الرد ثابت قبل حدوث العيب عند المشتري وذمة البائع مشغولة ببقاء جزء من المبيع عنده فرجع ذلك عملاً بالاستصحاب ولأن يجبر الضررين : ضرر البائع بالأرش وضرر المشتري بالرد بخلاف العكس يتضرر فيه المشتري وحده بإلزامه ما لم يعقد عليه وعن الثاني : الفرق بأن ذهاب أكثر المنافع يصير المبيع معدوماً لأن الأقل تبع للأكثر والمقصود من الأعيان منافعها والمعدوم يستحيل رده وعن الثالث : منع التعارض لأن حق المشترى ثبت قبل حدوث العيب سالماً عن المعارض ثم ينتقض ما ذكروه بما إذا تقاررا على العيب وادعى البائع أن المشتري رضي به فإن المشتري يصدق في استحقاق الرد وقال ابن حنبل : لا يحب أرش العيب الحادث عند المشتري كان سبب التدليس أم لا وكما لو غره بحرية أمه فإنه يرجع على من غره بالصداق كله وجوابه : أنه يرجع على الغار إن كان غير السيد ولو دلسها هنا غير السيد لم يرجع عليه تفريع : في الجواهر : في الكتاب : العمى والشلل من هذا الضرب ورآهما ابن مسلمة من الضرب الأول وكذلك رأى قطع ذنب البغلة المركوبة والفرس المركوب والمشهور : عجف الدابة وهرم العبد من الضرب الثالث ورآه ابن مسلمة من الأول وبثمن الأمة الهزيلة من الثالث وقيل : من الثاني على المشهور وكبر الصغير من الأول وقيل : من الثالث والوطء في الثيب من الثاني على المشهور وقيل : من الأول وافتضاض البكر من الثالث وتزويج الأمة على المشهور من الثالث وقيل من الثاني ورآه ابن مسلمة من الأول على المشهور إذا ولدت جبر النقص من الولد وقيل : لا يجبر ومنشأ الخلاف في هذه الفروع كلها : النظر إلى عظم العيب فمن عظم عنده جعله من الأول ومن لا يرى ذلك جعله من غيره ووافقنا ابن حنبل في وطئ الثيب لا يرد شيئاً ويردد عند ابن حنبل وقال ( ش ) و ( ح ) : يمتنع ردها ووافقنا ابن حنبل في رد الأرش في البكر ومنع ( ش ) و ( ح ) ومورد ابن مسلمة : أن المنافع البُضع عندنا كمنافع البدن من الاستخدام وغيره وعندهما ملحقة بالأجزاء فالوطء كقطع عضو يمنع الرد عدهما واستدلا بأن الوطء جناية فإنه لا يخلو من عقوبة أو مال أو وقع في ملك الغير ولأنه يحرمها بوطئه على أبيه وابنه فهي جناية ولأنه يجب به جميع البدل في النكاح من غير اعتبار مقدار المنفعة كالموضحة والمنافع تقابل من الأجر تقديرها ولأن الرد بالعيب فسخ للعقد من أصله فيؤدي لوقوع الوطء في ملك خالياً عن العقوبة والغرامة والجواب عن الأول : وإن سلمنا أنه جناية فالجناية عندنا لا تمنع الرد وعن الآخر : أنه قد تقدم أن فسخ العقد من أصله مستحيل عقلاً لاستحالة رفع الواقع بل المنهي وطء في ملكه ولو هلكت كانت في ضمانه وجزاء جهالة ولو صح ما ذكرتموه لما صحت الإقالة ثم يتأكد قولنا بالقياس على وطء الزوج بعد الشراء وتلذذ المشتري بالنظر إلى الفرج وغيره ونقول في الثيب : لا ينقص عينها ولا يجب فيها أرش كما لو نظر إليها
فرع في الكتاب : إذا اشترى عبدين في صفقة بذهب فوجد أحدهما معيباً وهلك الآخر رد العيب وأخذ حصته من الثمن لاستدراك الظلامة فإن اختلفا في قيمة الهالك وصفاه وقومت الصفة فإن اختلفا في الصفة صدق البائع مع يمنيه أن انتقد لأنه حينئذ مدعى عليه الرد وإلا صدق المبتاع لأنه مطالب بالثمن قال ابن يونس : إن شاء المبتاع التمسك وأخذ أرش العيب القديم خير البائع لأن قيمة العيب قد وجبت له فليس للبائع إبطالها والفرق بين هذا وبين ما إذا استحق مما بعد على غير الأجزاء : أنه ليس له التمسك بالباقي لأن حينئذ مجهول وقد وجب الرد لهما والتمسك به عن الثمن مجهول فيهما أن المستحق عليه لا يغرم شيئاً إذا رد بخلاف المشتري يغرم أرش القديم في التمسك ويريد في وقوله في العبدين : كان المعيب وجه الصفقة أولا لأن الثمن عين وقال محمد : يُصدق البائع انتقد أم لا لأن الثمن وجب له فإسقاطه غرم هذا إذا كان الثمن عيناً فإن كان عبداً أو عرضاً رد المعيب إن كان وجه الصفقة وقيمة الهالك مطلقاً لا على المحاصة لانتقاض البيع وأخذ عبده ان لم يفت فإن فات الثمن بحوالة سوق أو بيع والباقي منهما وجه الصفقة رجع بحصته من قيمة العبد الذي هو ثمن لا في عينه لتعيُّن القيمة كالفوت فصار كأنه اشترى بعين وكذلك لو كان الثمن مما ينقسم فهي كالعيب والفرق بين الثمن العين وما ينقسم وغيرهما : أن التزام القيم ضرر في غيرهما فإن ابتاع عبدين قيمتهما سوى المائة دينار : ففي الكتاب : يرد العيب بحصته بخلاف أن يكون أحدهما بيعاً يريد : وكذلك إن كان العيب الأدنى يلتزم الأعلى بحصته من الثمن
فرع
في الكتاب : إذا اشترى مذبوحتين فوجد إحداهما غير ذكية أو مائة أُردب فوجد خمسين له رد الباقي لتفريق الصفقة وله أخذ الشاة بحصتها ولو كان النقص يسيراً في الطعام أو شاة من الشياه لزمه الباقي بحصته من الثمن لبقاء المقصود وكذلك جرار الخل قال ابن يونس : قال أبو محمد : يريد : إذا اشترى الشاتين على الوزن وتساويا في الثمن لأن ثمن الباقي حينئذ معلوم قال ابن الكاتب : لا يستقيم هذا بل اشتراهما غير مسلوختين لأن حكم الذكاة لا يعلم إلا قبل السلخ حتى ينظر العتق ولو اشتراهما على الوزن فلا بد من التقويم قال ابن يونس : ويحتمل قيام البينة بعد السلخ على عدم الذكاة قال بعض أصحابنا : لو جهلت الذكية فسخ البيع لتحريم أكلهما ولو أكل أحديهما وشهد أن أحديهما غير ذكية رجع بثلاثة أرباع الثمن الباقية ونصف ثمن المأكولة لو نزع التداعي فرع قال ابن يونس : قال أبو العباس الأسامي إذا اشترى جرار خل فوجد بعضها خمراً فاشتغل أياماً عن الرد ثم وجدها صارت خلاً سقطت حصتها من الثمن لعدم بدلها للمعاوضة قال أشهب : لو وجد من العشرة واحدة خلاً لزمته بحصتها وقال ابن القصار وغيره : يفسخ البيع هاهنا لأنها صفقة جمعت حلالاً وحراماً وكالأم وابنتها في عقد قال : وهو القياس ومدرك ابن القاسم : أنهما دخلا على الصحة فهو كالاستحقاق بخلاف المقيس عليهفرع قال : نقص الطعام عند الأصحاب ثلاثة أقسام : ما لا بد منه عادة فلا قيام به وما لا عادة فيه وهو يسير فللمبتاع أخذ السالم بحصته وللبائع إلزامه ذلك لعدم اختلال المقصود من العقد وذلك العشرة من المائة قال أبو محمد : والكثير المخل بالصفقة ليس للمبتاع أخذ السالم بحصته إلا برضا البائع وللبائع إلزامه ذلك لأن ضرر التفريق حق له قيل : حد الكثير العشرون من المائة وأما الكثير جداً فلا يلزم المبتاع إلا برضاه ولا أخذ له إلا برضا البائع لضرر تفريق الصفقة
فرع قال : فلو اشترى داراً مزارعة فوجد زيادة خير بين دفع حصة الزيادة أو يرد البيع إلا أن يسقطها البائع نفياً لضرر الشركة قال محمد : ولو كانت الزيادة في ثوب فهي للمبتاع وإن كان يرده بالنقصان لأن الثوب إنما يباع بعد الاختبار غالباً بخلاف الدار فكان للبائع الزائد وأما الصبرة : فيرد زيادتها ويلزمه ما بقي لعدم الشركة وقيل : الدار كالشقة في الزيادة والنقصان وأما زيادة البناء والمنازل فملغاةٌ لدخولها في الحدود
في الكتاب : إذا اشترى سلعاً بمائة وسمى لكل ثوب ثمناً فيرد المعيب بحصته من الثمن ولا ينظر إلى تسميتهم إن لم يكن وجه الصفقة لأن العقد متحد فإن كانت قيمة المعيب خمسين وقيمة كل سلعة سواه ثلاثين لم يكن وجه الصفقة حتى تكون حصته أكثر الثمن مثل سبعين من
فرع في البيان : إذا تعدى فخصى العبد فزاد ثمنه قال ابن القاسم : يقوَّم على قدر ما نقصه الخِصاء عند من لا يرغب في الخصاء وقال سحنون : ما نقصه الخصاء أن لو كان عبداً دنياً قال والقياس : أن يجب عليه في قطع الانثنين دية وفي الذكر والانثين ديتان وقال ابن عبدوس : إذا زاد فلا شيء على الجانب لأن المقصود صون المالية التي هي مورد العقد القسم الثاني : من خيار النقيصة : ما ثبت بمعاينة في البيع غير معتادة وفي الجواهر : الخيار للمغبون وقيل : لا خيار له إن كان من أهل الرشاد والتبصر بتلك السلعة لأنه أوتى من قبل نفسه فإن كانا أو المغبون منهما بخلاف ذلك فالمغبون بالخيار قال المازري : وليس الخلاف في الغبن على الإطلاق بل يشترط أن يكون المغبون لم يستسلم لبائعه وغارماً بقيمة ما اشترى وإنما ذلك في الذي يقع في العين غلطاً ويعتقد أنه غير غالط وأما العالم بالقيمة فيزيد عليها فلا مقال له لأنه واهب وإن استسلم وقال أنا غير عالم بالقيمة فغره البائع فحرام اتفاقاً وله المقال لأنه أكل المال بالباطل والاستسلام كالشرط بعدم الغبن ولو زاد في القيمة لعرض فلا مقال له والمغبون غلطاً هل يعذر كالمشترط في رضاه إلا يكون غبياً فيكون له الرد ولا يقدر اشتراطه لذلك فيلزمه قال الطرطوشي ومذهب مالك : له الخيار فيما خرج على المعتاد وقال ( ش ) و ( ح ) : لا خيار له لما في الصحاح : إن حبان ابن منقذ أصابته شجة في رأسه فكان يخدع في البيع فشكا أهله ذلك للنبي فقال له : ( إذا بعت فقل : لا خلابة ولك الخيار ثلاثاً ) فلو ثبت خيار الغبن لما تقدر بالثلاث : ولقوله تعالى ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة ) وهذه تجارة لأن القيمة لم يتناولها العقد لأنه لو وجد قيمة المعيب أضعاف ثمنه وله الرد ولو كان المعقود عليه القيمة لم يكن له الرد لعدم الضرر وإذا لم تكن القيمة معقوداً عليها فيكون الخلل في غيره المعقود عليه فلا يضر والجواب عن الأول : أنه حجة لنا لقوله : ( لا خلاية ) أي في اشرع فدل الحديث على نفيها وأنتم تثبتونها وعن الثاني : أن المفسرين قالوا : الاستثناء منقطع وتقديره : إلا أن تكون تجارة فكلوها بالسبب الحق وهذا ليس حقاً لقوله ( لا ضرر ولا ضرار ) وعن الثالث : أن المعقود إنما يعتمد وصف المالية بدليل أن ما لا يتمول لا يصح بيعه وإذا كان معتمد العقد وصف المالية كان الخلل فيها خللاً في المعقود عليه فيؤثر ولو لم يكن العرض المالية في العقد لبطل الرضا بعيب المنقص لها تفريع : في الجواهر : حيث قلنا بالخيار فقيل : حيث يغبن بالثلث وقيل : ما شهدت به العادة أنه ليس من الغبن الذي يقع بين التجار قال ابن يونس : قال ابن وهب : إذا شبه السلعة بغير جنسها فله الرد قال مالك : إذا باع حجراً بدرهم فإذا هو ياقوت لزم البيع ولو شاء لاستتبت وقال ابن حبيب : وذلك إذا قال : من يشتري مني الحجر لأن الياقوت يسمى حجراً ولو قال : هذه الزجاجة وهي ياقوتة فله الرد كما لو قال : ياقوت وهو زجاج فإن سكت فلا مقال له قال صاحب البيان : إذا اشترى حجراً يظنه ياقوتاً أو فوجده غيره إنما يجري الخلاف إذا لم يسم البائع أو المشتري شيئاً أما إذا سمى فلا يلزم البيع وأما القُرط يظهر نحاساً وهو على صفة أقراط الذهب يرد اتفاقاً لأنه عين فإن أوهم أحدهما في التسمية ولم يصرح : قال ابن حبيب : له الرد كالتصريح وقيل : لا رد له كعدم التصريح وقال بعض شيوخنا : البيع في سوق الجوهر كالتصريح بالجوهر وله الرد وإلا فلا القسم الثالث من خيار النقيصة : خيار العهدتين وأصل لهذا اللفظ من العهد وهو الإلزام ومنه قوله تعالى ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ) إي ألزمناه فنسي ( أوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) إي أوفوا لما ألزمتم من طاعتي أوف بما التزمت لكم من المثوبة والميثاق وهو العهد المؤكد باليمين وهو في عرف الفقهاء التزام درك المثمن أو الثمن وفي الجواهر العهدتان صغرى في الزمان وكبرى في الضمان كبرى في الزمان وصغرى في الضمان فالأولى عهدة الثلاث في جميع الأدواء وما يطرأ على الرقيق بعد الشراء من فوات وغيره فكأن هذه الثلاثة الأيام مضافة إلى ملك البائع ولذلك تكون النفقة ولكسوة عليه إلا أن الغلة ليست له وقال بعض المتأخرين له لأن الخراج بالضمان الثانية عهدة السنة من الجنون والجذام والبرص وخالفنا الأئمة في هاتين العهدتين لانعقاد الإجماع على أن العيب الحادث بعد العقد والقبض لا يوجب خيارا في غير صورة النزاع فكذلك فيها لان الأصل عدم ضمان الإنسان لما يحدث في ملك غيره قال ابن حنبل ولم يصح في العهدة حديث لنا ما روى في أبي داود أنه قال ( عهدة الرقيق ثلاثة أيام ) في أبي داود أن القول بالعهدتين عمل المدينة ينقله الخلف عن السلف قولا وفعلا ولان الرقيق يكتم عيبه فسيظهر بثلاثة أيام ليظهر ما كتبه بخلاف غيره وقياسا على التصرية ولأن هذه المدة هي مدة حمى الربع وبهذه المعاني يظهر الفرق في قياسهم فيبطل ورواية ابن داود تدفع قول ابن حنبل فإنه لا ينقل إلا صحيحا أو حسنا تقوم به الحجة وتختص عهدة السنة بأن هذه الأدواء تتقدم أسبابها ويختص ظهورها ببعض الفصول في العادة فتكون سنة كالعنة تفريع : في الجواهر : اختلف في محلها من البلاد فروى المصريون : لا يقضى بها في العادة حتى يحملهم السلطان عليها وروى المدنيون : يقضى بها بكل بلد وإن لم يعرفوها كما يقضى بالرد بالعيب على من جهل حكمه فإن ترتيب الأحكام على الأسباب لا يتوقف على علم المكلف وفي الكتاب : إذا توسوس رأس كل شهر فله الرد في عهدة السنة ولو جُن في رأس شهر واحدٍ ولم يعاوده لرد إذا لم يعلم ذهابه ولو جن عنده مدة ثم انقطع لم يجز بيعه حتى يتبين إذ لا تؤمن عودته ولو تبرأ من الأدواء الأربعة في السنة قبل علم المبتاع بها لرده إلا ان تؤمن عودته قال صاحب التنبيهات : كيف يجن كل شهر ويرد وصبره إلى ثاني شهر استمر علم أنه جنون
فرع قال ابن يونس : إذا باع نصف النهار احتسب الثلاثة بعده والعادة تؤتنف عهدة السنة بعد الثلاث والاستبراء قاله مالك وابن القاسم لأن الفصول يختص اختيارها بذلك وعن مالك : يدخل الثلاث والاستبراء في السنة والأصل : عدم التداخل والسنة في بيع الخيار بعد أيام الخيار لعدم انعقاد البيع قبل ذلك قال محمد : وليبن في ذوات الاستبراء عهدة ثلاث إلا أن تحيض في يومها حيضة بينة فتحسب فيها بقية الثلاث نظائر : قال صاحب التنبيهات : العامة اليوم عند ابن القاسم في العهدة والعقيقة وإقامة المسافر والعدة قال العبدي : هي خمس وزاد : الكراء وفي الجواهر : ومقتضى مذهب سحنون : الحتساب من حين العقد من ليل أو نهار وينتهي إلى مثله بعد انقضاء الثلاث أو السنة
فرع قال ابن يونس : قال ابن حبيب : إذا تنازعا في الأدواء هل حدثت في السنة أو بعدها ؟ صُدق البائع من يمينه لأن الأصل : عدم الرد قال : ويحتمل تصديق المبتاع مع يمينه لأن الأصل : بقاء حقه في العهدة وأما الشفعة فيصدق الشفيع أنه لم ينقص ما يقطعها وفي الخيار : أن الهلاك كان بعد مدته أو قبلها فعند ابن القاسم : يصدق البائع لأن الأصل : عدم نقص العقد
فرع قال : جني على العبد في عهدة الثالث فمن البائع والأرش له قاله مالك وقيل : ينبغي فسخ البيع لأن العبد يكون موقوفاً لا يدرى متى برؤه إلا أن يسقط السيد الجناية فإنه لا يوقف إلا أن تكون مهلكة فلا يكون للمشتري الرضا وإن أسقط البائع الجناية لأنه حينئذ بيع مريض يخاف موته
فرع قال : ما وُهب له في الثلاث من مال فللبائع لان مدة العهدة ملحقة بملكه ولو تلف ماله لم يرد لأن المال ليس مبيعاً ولو هلك في الثلاث انتقض البيع ورد المبتاع ماله وليس له دفع الثمن وأخذ ماله لانتقاض أصل البيع وإذا أنمي ماله بربح أو هبة وكان المبتاع اشترط ماله فله لأن ذلك من توابع المال وإلا فللمبتاع قاله ابن القاسم
فرع قال : قال ابن القاسم : إذا في السنة سراساماً ما يخشى منه أحد الأدواء وشك في ذلك فلم يرد للشك ثم استحكمت الأدواء بعد السنة بقربها فله الرد وإلا فلا قال صاحب البيان : وعن ابن القاسم : لا يرد إلا بما كان في السنة قال وهو الأنظر لأن العيب حدث في ملك المشتري
فرع قال ابن يونس : إذا أسلم في عبد فقبضه ففيه عُهدة الثلاث لأنه مشترك وقال محمد : لا وإن كان بلد عهدته إلا أن يشترطها وقال ابن القاسم : عهدة السنة ليست في السلم عقد رفع فلا يرجع فيه بعيب بعد القبض ولمالك في العبد المنكح به هل له عهدة أم لا ؟ قولان وقال ابن حبيب : لا عهدة في سلف الرقيق ولا في الإقالة لأنها على خلاف الأصل فتختص بالبيع المحض تقليلاً للمخالفة قال مالك : ولا عهدة في رد بعيب لأنه نقض للبيع ومن اشترى امرأته ففيها العهدة لأنه بيع محض فإن ظهر بها حمل لم يردها ورجع بقيمة الحمل لأنها صارت بذلك الحمل أو ولد وقال ابن أبي زمين : لا عهدة في المشتري على الصفة ولا في المخالع به ولا العبد المصالح به على دم عمد وكله مذهب ابن القاسم وقال أبو بكر بن عبد الرحمن : في البيع الفاسد العهدة ولا ينفعه بترك البراءة قال : وهذا تناقض وينبغي أن ينفعه كما أن له العهدة كالبيع الصحيح نظائر : قال ابن بشير : العهدة في العبيد إلا في عشرين مسألة : المسلف فيه والمستلف في غيره والمقرض والغائب يباع على الصفة والمتزوج به والمخالع به والمقاطع به والمصالح به والمقال منه والذي يبيعه السلطان والمبتاع للعتق والمبيع بالبراءة من العهدة والمبيع في البلد الذي لا تُعرف فيه العهدة والموصى ببيعه والموهوب للثواب والمردود بالعيب وإذا كاد لبيع فاسداً والأمة البينة الحمل والتي اشتراها زوجها والمبيع في الميراث قال صاحب البيان : المصالح به على الإقرار بيع فيه العهدة وعلى الإنكار الهبة ويخشى في المأخوذ في دين أو دم عمد : الدين بالدين لعدم المناجزة بسبب العهدة والموصى ببيعه والموهوب للثواب والمردود بالعيب وإذا كان البيع فينبغي ملك العبد كذلك وأختلف في المستقال منه : فإن نقد فلا عهدة اتفاقاً لأنه كالمأخوذ من دين ولا عهدة في رأس مال السلم لاقتضائه المناجزة ولا عهدة في الموهوب للثواب لأنه للمكارمة كعبد النكاح قال سحنون : ولا عهدة في المقاطع به
فرع قال اللخمي : إذا اشترط إسقاط العهدة جاز ولا عهدة كشرط البراءة وقيل : يبطل الشرط لأنه خلاف مقتضى العقد قال صاحب المنتقى : للمبتاع إسقاط النفقة عن البائع وإسقاط الضمان فإن لم يسقط لكن فعل ما يمنع الرد ويقتضي الرضا كالعتق ففي كتاب محمد : تسقُط بقية العهدة لفعل ما يدل على إسقاطها وقال سحنون : العهدة فائتة ويرجع بقيمة العيب لأن الأصل : إبقاؤها حتى يقع التصريح بإسقاطها وفي عهدة السنة ثلاثة أقوال : ما تقدم في الثلاث والثالث يرد العتق وإن العتق موقوف على السنة
فرع قال ابن يونس : إذا اختلفا في إسقاط العهدة والعبد قائم تحالفا وتفاسخا كالاختلاف في الثمن لأن إسقاطها ينقصه وثبوتها يزيده فإن فات صدق المشتري في الوضع الذي فيه العهدة
فرع قال : إذا أعتق في عهدة الثلاث أو حنث فيه يعتق نفذ عتقه وعجل الثمن ويسقط بقية العهدة ولا ينفذ عتق البائع نظراً للعقد الناقل وقال ابن القاسم : إذا اعتق العبد أو أحبل الأمة سقطت عهدة السنة لأن ذلك رضا بإسقاطها وقال أصبغ : له الرجوع بقيمة العيب كعيب كان عند البائع كذلك عتقه في عهدة الثلاث لا يقطعها وقال ابن كنانة : إذا أعتق العبد فيجذم في السنة فإن كانت له قيمة , إن قلت رجع بما بين الصحة والداء وإلا رجع بالثمن كله كهلاك المبيع قبل الاستيفاء فإن مات عن مال أخذ البائع منه وورث المبتاع الباقي نظراً للعقد الناقل وإن رجع بما بني الصحة والداء ورث المشتري الجميع قال اللخمي : قيل : يرد العتق في عهدة السنة وقول محمد : تسقط العهدة بالحنث ليس بحسن اختياره إلا أن يحنث نفسه
فرع قال ابن يونس : يحرم النقد في عهدة الثلاث ليلا يكون تارة بيعاً وتارة سلفاً دون عهدة المسنة لدور الأدواء الثلاثة ولطولها فيكون منع التصرف ضرراً فعجل الثمن والبيع وإذا تشاحا في النقد في الثلاث جعل على يد أمين وتلفه ممن يصير له قاله ابن حبيب وقال مالك : لا يلزم البائع إيقافه إلا أن يريد لأنه أولى بحفظه
فرع قال اللخمي : إذا ذهب العقل بجناية في السنة : قال ابن القاسم لا قيام لأنه ليس من العيوب الثلاثة وقال ابن وهب : له القياس قياساً على الجنون قال : وأرى أن لا يرد من الجان لأنه عارض ليس من الطباع المفسدة للأخلاط الردية ( القسم الثالث من الكتاب : في حكم العقد قبل القبض وبعده وفيه نظران ) النظر الأول في الإقباض والقبض وما يتعلق بهما : والإقباض بالمناولة في العروض أو النفوذ وبالوزن والكيل في الموزون والمكيل وبالتمكين في العقار والأشجار أو بالنية فقط كقبض الوالد وإقباضه من نفسه لنفسه والقبض هو الاستيلاء إما بإذن الشرع وحده كاللقطة والثوب إذا ألقاه الريح في دار إنسان ومال اللقيط وقبض المغصوب من الغاصب إذا قبضه من يزيل منكراً من حاكم أو غيره وقبض أموال الغائبين أموال بيت المال والمحجور عليهم والزكوات أو بإذن غير الشرع كقبض المبيع بإذن البائع والمبتاع والبيع الفاسد والرهون والأثمان والصدقات والعواري والودائع أو بغير إذن الشرع وغيره كقبض الغاصب
فرع في الجواهر : القبض يوجب انتقال الضمان إلى المشتري فيما لا يضمن بمجرد العقد إما مطلقاً أو شرط مُضي زمان ليتسع القبض على الخلاف في ذلك فيما فيه حق توفية كالمكيل أو الموزون أو المعدود وما كان غائباً عن العاقدين حالة العقد على التفصيل المتقدم وما بيع من الثمار على رؤوس النخل قبل كمال الطيب ويستثنى الرقيق حتى يخرج من عهدة الثلاث والمواضعة في الإماء وما عدا ذلك فالعقد كافٍ في انتقال الملك في المتعين المتميز قال المازري : هذا نقل أصحاب المذهب قال : والذي يتحقق من المذهب أن تمكين المشتري من القبض ثم تركه اختياراً يوجب ضمانه ويكون عند البائع كالوديعة وفيه خلاف وقال ( ش ) : الضمان قبل القبض من البائع سواء عرضه على المشتري أم لا لأن اليد التي ليست للأمانة ضامنة إذا لم يتقدمها ضمان فأولى البائع لأن ضمانه لسلعته متقدم وقال ابن حنبل : هي أمانة في يد البائع لأن العقد قابل المشتري تارك لها عند البائع
فرع قال صاحب البيان : إذا اشترى ثوباً فحبسه بالثمن فادعى تلفه : قال ابن القاسم : يفسخ البيع إلا أن تكون القيمة أكثر من الثمن فيغرمها لأنه متهم ويصدق في الحيوان الذي لا يغاب عليه وقال أيضاً : عليه قيمة الثوب ما كانت قال : والمشهور من قوله : أن المحبوس بالثمن رهن وقوله في هذه المسألة مخالف لتضمينه البائع وأنه متى ذهبت عينه انفسخ البيع وهو قول مالك وجميع الأصحاب إلا ابن القاسم لعدم ترتب أثر العقد عليه وإذا فسخنا فيعيد الثمن إلا أن يصدقه المبتاع إلا أن تكون القيمة أكثر فيلزم بها أو يأتي بالمبيع وكذلك تصديقه في الحيوان مع يمينه ويفسخ البيع على القول بأنه رهن فيكون في المحبوس بالثمن قولان وإذا لم تقم البينة أربعة أقوال : يصدق مع يمينه كانت القيمة ما كانت ويفسخ البيع قاله سحنون ويصدق مع يمينه ويفسخ البيع إلا أن تكون القيمة أكثر قاله ابن القاسم ويصدق مع يمينه ويثبت البيع وعليه القيمة ما كانت وهو الذي يأتي على مشهور ابن القاسم لأن العقد اقتضاء انتقال الملك ويصدق مع يمينه إلا أن تكون القسمة أقل فيتهم في دفعها وأخذ الثمن وقال ( ش ) و ( ح ) : تلف المبيع قبل القبض بأمر سماوي أو بجناية البائع يبطل البيع لأن القبض من تتمة البيع لنهيه عليه السلام عن بيع ما لم يقبض وإذا لم يتم البيع بطل وجوابه : أنه عليه السلام جعل الخراج بالضمان فلو كان مضمونا على البائع لكان خراجه له وليس كذلك اتفاقا ثم إنا نمنع أن القبض تتمة البيع بل البيع تم ومن آثاره استحقاق القبض وقال ( ابن حنبل ) : المتلفات في ضمان البائع ولو كانت خراجا والتلف بالأمر السماوي فسخ وبفعل البائع أو الأجنبي يخير المشتري بين الفسخ والإمضاء وأخذ القيمة أو المثل إن كان مثليا .
فرع قال إذا أقرا المشتري في العقار للبائع باليد والملك : قال سحنون : لا يلزمه أن يجوزه المبيع لأن العقد كاف في انتقاله قال : والصواب أن يلزمه كما إذا أقر له بالملك دون اليد فإنه قد ينازعه وكيل البائع أو قريبه في تصديق ما يدعيه من البيع ومصيبة الاستحقاق في الوجهين من المشتري عند ابن القاسم لإقراره بالملك وخالف أشهب لأن الإقرار لا يكون عن ظن يبطل وإن أقر باليد دون الملك لا يلزم البائع التجويز على قول سحنون والصواب : اللزوم كما تقدم ومصيبة الاستحقاق من البائع ( لعدم الإقرار بالملك وإن لم يقر باليد ولا بالملك لزمه التجويز وإنزاله فيه اتفاقا ومصيبة الاستحقاق من البائع ) والطارئ بعد العقد وقبل القبض من هدم أو غيره من المشتري إلا على قول أشهب : أن السلعة المبيعة من البائع إن قبض الثمن وطال الأمر ما لم يقبضها المبتاع أو يدعوه البائع فيأبى ولهذا الخلاف يكتب في الوثائق : ونزل المبتاع فيما ابتاع وأبرأ البائع من درك الإنزال لحصول الاتفاق على البراءة .
فرع قال : ومن حق المبتاع إملاكاً في قرية أن يطوف به البائع عليها وينزله فيها بشاهدين مخافة أن يستحق شيء منها فينكره البائع بيع ذلك المستحق فلكل واحد من المتبايعين حق في الإنزال إذا دعا إليه قبض له البراءة من الضمان وخوف المدافعة .
فرع لو قبض البعير فسرق فأعلم البائع فحط عنه بعض الثمن لأجل المصيبة ثم وجده رجع البائع فيما وضع لانتفاء السبب وكذلك لو حط عنه لسبب الخسارة فربح أو خشية الموت من مرض حدث فعوفي فإن جميع ذلك كالشرط
فرع قال : لو ذهب ليأتي بثمن الشاة فباعها البائع ثم نازع المشتري الأول المشتري الثاني فتنازعا الشاة فماتت في أيديهما : قال أصبغ ضمناها معا إن كان موتها منهما فإن صحت للثاني غرم له نصف القيمة أو الأول غرم له ورجع على البائع بما دفع إليه ومعنى ذلك : أن كل واحد منهما يدعي أنه الأول وتصح للثاني إما بإقرار الأول أو بالبينة أو تعارضت البينتان فتحالفا فنكل الأول فيرجع الأول على البائع بما زادت القيمة أو الثمن الذي باع به من الثاني على ثمنه لأنه مقر بأنه باع من أحدهما بعد الآخر وقد قيل : للأول نصف الشاة فهو قبض لها ويخير في النصف الذي قبله الثاني بين إجازة البيع وأخذ الثمن لأنه بيع فضولي وبين أخذ قيمته من البائع أو المبتاع فإن أخذ من البائع رجع على المشتري الثاني .
فرع قال : إذا اشترى مائة فدان من زرع بخمسة الفدان من ناحية عرفها ثم جاء ليقيس فقيل له : بقي مائة أخرى فاشتراها بعشرة الفدان فوجد الجميع مائة وسبعين فيجعل النقص من البيع الثاني لأن الأول أولى لتقدمه وكذلك الطعام وقيل : يتحاصان في النقصان لأن الطعام في ضمان البائع فأشبه الديون تقع المحاصة فيها قال : والأول أظهر لو اقتصر على المائة فهلكت بنار قبل القياس فمصيبتها منه لأن قياس الأرض بعد ذلك ممكن والمشهور أنه من البائع لعدم الحرز ويتخرج جواز بيع المشتري لهذا القمح قيل القياس على الخلاف .
فرع قال : المعلوم من قول مالك وأصحابه لزوم أجرة الكيل للبائع لوجوب التوفية عليه ولقوله تعال ' فأوف لنا الكيل ' فدل على أن الكيل على البائع لأن شرع من قبلنا شرع لنا حتى يدال الدليل على نسخه وقاله ( ش ) وجعل أجر الثمن على المشتري وهو مقتضى المشهور عندنا وقال ( ح ) : أجرة ملء المكيال على البائع وتفريغه على المشتري بناء على أن الملء كاف في القبض دون التفريع وعندنا أيضا في اشتراط التفريغ قولان ينبغي أن يتخرج الخلاف في الأجرة عليهما وكان مالك يقول : على المشتري لأن الثمن إنما قوبل بالمبيع فعلى هذا يلزم البائع الكيل لنفسه والمشهور من قوله : أن جزاز الصوف وجذاذ الثمرة وزع الحلية المبيعة وحدها على المشتري لحصول التخلية قيل : من قبل البائع وقيل : الجزاز على البائع والضمان منه لأنه توفية ولكل واحد منهما اشتراط الضمان والجزاز على الآخر واشتراط الجزاز فقط ولو باعه الغنم دون الصوف أو السيف دون الحيلة أو الحائط دون الثمرة لكانت اياية ذلك على البائع اتفاقا حتى يخلص المبيع للمشتري .
فرع قال : منعا مالك كسر الكيل لأنه يختلف بل يخلى على حاله فإذا ملأ المكتل ودفعه للمشتري ليفرغه فانكسر من يد المشتري ضمنه المشتري عند ابن القاسم وسحنون بخلاف ما إذا انكسر من يد البائع لعدم الوصول للمشتري ولو ملأ البائع الوعاء فدفعه للمشتري ليفرغه في بيته فانكسر ضمنه لأنه مستعير له .
فرع قال : إذا كال البائع بعض الزيت فوقع في المكيال فأرة فكال المشتري بإذن البائع فقتل الفأر بالصب فمصيته من المشتري وكذلك لو كال البائع وصب بإذن المشتري لأن الفساد بأمره فإن كال له بعض الزيت ثم سقط المكيال من يده على إناء المشتري فكسره وذهب ما في المكيال وما في الإناء : قال ابن القاسم : ضمن البائع الجميع : المكيال لعدم التوفية والإناء بالإتلاف بقي عند البائع من ذلك الزيت شيء عوضه وإلا حاسبه بحصته من الثمن ويغرم له ما في المكيال إن بقي عنده من ذلك الزيت شيء وإلا حاسبه وزيت الإناء يغرم مثله من ذلك الزيت ومن غيره لأنه متلف بعد القبض فإن كال لنفسه ضمن ما في الإناء لأنه قبضه وضمن البائع ما في المكيال للزوم تمام القبض والمشتري إنما يضمن بعد القبض فإن كال لهما أجنبي ضمن ما في الإناء وضمن البائع ما في المكيال إذا لم يتسبب ( الكيال بتفريط ) فإن اشترى مائة قسط زيتا فكال له خمسين ثم كال من جرة أخرى فإذا فيها فأرة فضمان الأولى من المبتاع لأن البائع إنما صب بأمره إلا أن يعلم بموت الفأرة .
فرع قال : إذا اشترى طعاما غائبا على الصفة والكيل فضمانه من البائع حتى يقبض اتفاقا ولا يدخله اختلاف قول مالك في ضمان الغائب لأجل ما فيه من التوفية فإن وضع الثمن على يد أمين فهلك فمن البائع ان وجد الطعام على الصفة لأنه ملكه بالعقد ولم يبق له توقيه وإلا فمن المبتاع لعدم تحقق البيع فإن تعدى البائع عليه فباعه عليه بشراء مثله توفية بالعقد وتكون مصيبة المال منه لأن إتيان مثله يقوم مقام قبض المبيع فيكون الثمن منه فإن نقده الثمن بغير شرط لا يخيره ابن القاسم بين أخذ الطعام أو الثمن لأنه كبيع الطعام قبل قبضه ويخسره أشهب لأنها إقالة ولعل ابن القاسم ( تكلم على ) إذا لم يعرف عداوة بقوله وأشهب إذا عرف فذلك
فرع قال : قال ابن القاسم : إذا حضر المشتري الكيل ثم اشترى فلا بد من كيل البائع له مرة أخرى إلا أن يشتريه على التصديق فليس له المطالبة بالكيل لأن العقد يوجب الكيل حتى يسقطه المشتري فإذا صدق سقط الضمان وليس له رده إلا برضاه وكذلك إذا اشتراه على الكيل ليس له التصديق إلا برضاه لأنه يقول : أخشى أن يغيب عليه ثم يدعي النقصان ويجوز لمن اشترى على الكيل أن يبيع على التصديق إذا باعه نقدا وإن اشتراه على التصديق فقال ابن القاسم : يجوز بيعه قبل كيله والغيبة عليه على الكيل وعلى التصديق وعن مالك : لا يبيعه على الكيل ولا على التصديق حتى يكيله أو يغيب عليه قال : ولو قيل : لا يبيعه قبل كيله وإن غاب عليه لأنه إن غاب عليه قد يدعي نقصه قال سند عن ابن القاسم : كراهة التصديق لما يؤدي إليه من الخصومة فإن نزل وادعى المبتاع نقصا غير معتاد لم يصدق إلا ببينة فيرجع بحصته من الثمن ما لم يكن جدا فله باقي الطعام لذهاب جل المقصود فإن قال المبتاع : ما نقص علي تمامه : إن التزمه من طعام معين في صفته وجنسه جاز أيخالفه لم يجز للجهل بمبلغ ذلك واختلاف الأغراض فلا يعلم المبيع أولا ما نسبته من هذا وأن التزمه في ذمته اغتفر في اليسير وإذا جوزنا البيع على التصديع منع ابن حبيب ذلك في طعام بطعام من غير جنسه لعدم المناجزة بتأخر الاختيار بعد التفرق وأجازه ابن القاسم لأن مصيبة كل طعام من بائعه فهو مقبوض كالجزاف ومنع الأئمة بيع الطعام على التصديق لأن الكيل شرط عندهم ولم يوجد .
فرع في الكتاب : إذا أمرته بالكيل وفارقته فزعم أن فعل وأنه ضاعت فإن صدقته في الكيل وقامت بينة عليه صدق في الضياع وإلا لم يلزمك إلا ما أقررت به من الكيل لأن الأصل : عد انتقال الضمان إليك .
فرع قال : هلاك الصبرة بعد العقد منك لأن العقد اقتضى ضمانها ونقلها إليك ولك على المتعدي قيمتها كان البائع أو غيره وإن ابتعتها على الكيل كل فقيز بكذا فهلكت قبل الكيل بأمر الله تعالى فمن البائع لان فيها حق توفية فإن تعدى عليها البائع أو باعها فعليه مثلها جزافا فيوفيكها على الكيل ولا خيار لك في أخذ ثمنك لأنه كبيع الطعام قبل قبضه وإن استهلكها أجنبي غرم مكيلتها إن عرفت وإلا فقيمتها للبائع يشتري بها طعاما مثله فيوفيك إياه وليس بيعا للطعام قبل قبضه لأن القيمة لغير بيعتك ولا التعدي وقع على البائع بعد الكيل منك . فائدة : قال صاحب التنبيهات : الصبرة من الحبس لأنها حبست عن الكيل من الصبر الذي هو حبس النفس أو من وضع الشيء بعضه على بعض ومنه : الصبر للسحاب الكثيف . قال اللخمي : إذا أخذت القيمة من الأجنبي فلم يشترها حتى غلا الطعام لم يلزم البائع غير ما يشتري بالقيمة وينفسخ البيع في الثاني كالهالك بأمر من الله تعالى وإن حال برخص ترك الفاضل للبائع لأنه في ضمانه فله رخصة فإن كال الهالك معدما لم يلزم البائع شيء وللبائع فسخ البيع ولا يلزمه الصبر إلى يسار المتعدي فإن رضي به لا مقال للبائع وإن رضي البائع بغزم مكيلة ما يشتريه بالقيمة لزم المشتري وقال أشهب : إذا غرم الأجنبي للبائع القيمة أنفسخ البيع وليس للمشتري إلا ثمنه إلا أن يغتر المتعدي بعدد كيله فيخير رب الصبرة بين ما أقربه بعد يمينه وبين القيمة فيتخير المشتري حينئذ بين المقر وبين ما يشتري بالقيمة ومتى فسخ البيع فإن جهل الهلاك هل كان بأمر سماوي أو من متلف ؟ فقال ابن القاسم : لا يصدق عليه أن يوفى ما باع وإن أهلكه المشتري وعرف مكيلته غرم ثمنه وإن جهل غرم ثمن ما يقدر منه .
فرع قال اللخمي : فإن احتبس الصبرة بالثمن : فلما لك في كونها من البائع أو المشتري قولان فعلى القول بأنها من المشتري فالجواب كما تقدم فيما إذا أمكنه منها هذا إذا كان هلاكها من الله تعالى فإن أهلكها البائع قيل : يخير المشتري بين فسخ البيع لأنه حال بينه وبين المبيع وبين القيمة ودفع الثمن وقال ابن القاسم : القيمة ما بلغت وعلى القول بأن المصيبة من البائع ينفسخ البيع إن هلكت بأمر من الله تعالى أو أجنبي ويطالب البائع الأجنبي بالقيمة إلا أن تكون أكثر من الثمن فيغرم الثمن لأنه أبطل المطالبة وإن هلكها البائع لأن المشتري فسخ البيع ويختلف هل له تغريم البائع القيمة أو الثمن إن باعها : فعلى قول أشهب : ذلك له وليس له عند ابن القاسم لأنه بيع الطعام قبل قبضه لأنه كان في ضمان بائعه وإن أهلكها المشتري كان رضا بالقبض وإن باعها بائعها فعلى الكيل على القول أن المصيبة من المشتري يخير بين إجازة البيع وأخذ الثمن وهو تغريم البائع مثل ما يوجد فيها وعلى القول بأنها من البائع : يأتي بثمن ما وجد فيها من الكيل ويختلف هل له الإجازة وأخذ الثمن أم لا ؟
فرع في الجواهر : تلف بعض الطعام يوجب الإنفساخ في ذلك القدر وسقوط قسطه من الثمن إلا أن يكون جل الصفقة فيخير المشتري بيت فسخ البيع فإن استوى ففي تخييره قولان .
فرع قال الضمان في عقد الخيار من البائع لأنه باق على ملكه إلا أن يكون في يد المبتاع ولا تصدقه بينة والمبيع يغاب عليه فيضمنه للتهمة فيه قال ابن نافع : إلا أن يكون الخيار للبائع خاصة فيضمن لاختصاصة بالمنفعة وإذا قلنا بالضمان فهل بالثمن أو القيمة ؟ أما إن كان الخيار للبائع : فعند ابن القاسم بالثمن إلا أن تكون القيمة أكثر ما لم يحلفه فلا يضمن إلا الثمن ( وعند أشهب يضمن الأكثر منها وأما أن كان الخيار للمشتري فعند ابن القاسم : يضمن الثمن ) وقال أشهب : الأقل منهما لا الأصل : براءة ذمته وله فسخ العقد عن نفسه إلا أن يحلفه إذا كانت القيمة أقل وأراد غرمها : لقد ضاع فإن نكل غرم الثمن ومنشأ الخلاف : تغليب حكم البيع أو حكم التعدي .
فرع قال اللخمي : إذا كان المبيع ثوبا بوثب فعلى كل واحد منهما إذا تشاحا أن يمد يده إلى صاحبه بثوب أو ثوب معين فعلى المشتري وزن الثمن ونقده فإذا لم يبق إلا تسليمه يمد كل واحد يده كالأول لأن نسبة العقد اليها نسبة واحدة وعن مالك : إلزام البائع بتسليم الثوب أولا إذا كان المشتري موسرا وقاله ( ش ) وابن حنبل لأن حق المشتري متعلق بعين وحق البائع متعلق بالذمة والحق المعين أقوى مما في الذمة ولأن البائع لو أمسك كان كالمتعدي في إمساك المعين أو يصير إمساكه كالرهن والرهن لا يكون إلا بشرط وإن كان المشتري فقيرا أو غريبا فله الإمساك خشية فوات الثمن والضمان فيه من المشتري وقال ( ح ) يخير المشتري على التسليم أولا لأن المبيعات مقاصد والأثمان وسائل والوسائل أضعف من المقاصد فتحمل على صاحبها فإن كان المبيع دارا أو عرضا خير المبتاع على دفع الثمن وليس على البائع أكثر من رفع يده وتفريع المكان من أثقاله .
فرع قال : وفي اشتراط تفريغ المكيل والموزون في وعاء المشتري في نقل الضمان إليه قولان لمالك وبه قال ابن القاسم و ( ش ) وعن ابن القاسم : إذا ولي المشتري الكيل لنفسه أو الوزن فهلك بعد استواء الميزان أو الكيل : الضمان من المشتري وقاله ( ح ) ومنشأ الخلاف : هل المقصود من القبض تعين مقتضى العقد وقد حصل التعين قبل التفريغ أو تمكين المشتري من الانتفاع والتحويل وذلك إنما يحصل بالتفريغ .
فرع قال صاحب البيان : إذا اشترى غنما فيها مريضة بشرط الخيار في المريض عشرة أيام إن ماتت فمن البائع بما ينوبها من الثمن وإن لم تمت فهي من المبتاع لم يجز للغرر في هذه الشاة وكذلك لو كانت غير مريضة واشترط الخيار فيها لأنه يردها بالقيمة إن ردها فيصير الثمن مجهولا .
فرع قال : يستثنى من عدم ضمان الجزاف على البائع ما يشترى من السقائين فيهلك قبل الوصول إلى المشتري فضمانه من السقاء لأنه العادة قاله مالك وقال أصبغ من المشتري لأنه جزاف ويحتمل التضمين أن يكون بموضع لا قيمة للماء فيه فيكون المبذول حمولة . النظر الثاني في التصرف في المبيع قبل القبض وفيه فصلان : الفصل الأول : في التصرف على وجه المكايسة في الجواهر : لا يقف شيء من التصرفات على القبض إلا البيع فيمتنع في بيع الطعام قبل قبضه لقوله عليه السلام في الصحاح : ( من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه ) فيمتنع فيما فيه حق توفية منكيل أو وزن أو عدد إلا في غير المعلومة كالقرض والبدل ثم لا يجوز لمن صار إليه هذا بيعه قبل قبضه وأما ما بيع جزافا فيجوز قبل النقل إذا تخلى البائع بينه وبينه لحصول الاستيفاء ومنع ( ش ) و ( ح ) لقول ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نبتاع الطعام على عهده عليه السلام فيبعث علينا من يأمرنا بنقله من المكان الذي نبتاعه فيه إلى مكان سواه وقال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا إذا ابتعنا طعاما جزافا لم نبعه حتى نحوله من مكانه قال سند : قال عبد الوهاب : التخلية قبض في الجزاف قال الباجي : مراده بالتخلية : التوفية فعلى هذا إذا حبسه بالثمن يمتنع بيعه وعن مالك : منع بيع الجزاف قبل قبضه ويحتمل أن يريد بالقبض التخلية ويحتمل الحوز والنقل وفي الجواهر : والمشهور : اختصاص المنع بالطعام ونعيمه فيه وقال ابن حبيب : يتعدى لما فيه حق توفية لنهيه عليه السلام في الترمذي عن عن ربح ما لم يضمن قال فيه الترمذي : صحيح وأشار ابن وهب في روايته إلى تخصيصه بالربوي من الطعام وقال ( ش ) و ( ح ) : يمتنع التصرف في المبيع قبل قبضه مطلقا واستثنى أو حنيفة العقار لأن العقد لا يخشى انفساخه بهلاكه قبل القبض قال صاحب القبس : في في البيع قبل القبض ستة أقوال : المنع مطلقا ( ش ) : المنع إلا في العقار ( ح ) : يختص بالربوي يعم المطعومات إلا الجزاف ويخصها مشهور مالك : يختص بالمطعومات والمعدودات لعبد العزيز بن أبي سلمة : يعم المطعومات والجزاف ووافق المشهور ابن حنبل احتجا بأنه لما بعث عتاب بن أسيد أميراً على مكة أمره أن ينهاهم عن بيع ما لم يقبِضوا وربح ما لم يضمنوا وللحديث الذي صححه الترمذي سابقاً والقياس على الطعام والجواب عن الأول معناه : نهيه عن بيع ما ليس عندك فنهى الإنسان أن يبيع ملك غيره ويضمن الخلاص ودليله : قوله ( الخراج بالضمان ) والغلة للمشتري فيكون الضمان له فما باع إلا مضموناً فما تناول الحديث محل النزاع وهو الجواب الثاني والجواب عن الثالث : أن الطعام أشرف من غيره لكونه سبباً لقيام البنية وعماد الحياة فشدد الشرع فيه على عادته من تكثير الشروط فيما عظم شرفه كالشرط الولي والصداق في عقد النكاح دون عقد البيع ويشترط في القضاء ما لا يُشترط في منصب الشهادة ثم يتأكد ما ذكرناه بمفهوم نهية عن بيع الطعام حتى يستوفى ومفهومه : أن غير الطعام يجوز بيعه وما لا توفية فيه كذلك فيجوز الجزاف من الطعام وبقوله تعالى ( وأحل الله البيع ) سؤال : أدله الخصوم عامة في الطعام وغيره والقاعدة الأصولية : أن ذكر بعض أنواع العموم لا يخصصه فالحديث الخاص بالطعام لا يخصص تلك العمومات فإن من شرط المخصص أن يكون منافياً والجزء لا يُنافي الكل والقاعدة أيضاً : أن الخاص مقدم على العام عند التعارض ( وأحل الله البيع ) أعم من أدلة الخصوم فتقدم تلك الأدلة عليها والاعتماد في تخصيص تلك الأدلة على عمل المدينة لا يستقيم مع الخصم لأنه لا يسلم أنه حجة فضلاً عن تخصيص الأدلة به
فرع قال اللخمي : اختلف في الجزاف إذا كان من ضمان البائع كمن أسلم في لبن غنم شهراً جزافاً : قال ابن القاسم : لا يبيعه حتى يحلبه كان حلابُه كالتوفية وأجازه أشهب لعدم احتياجه إلى العيار قال سند : ليس المراد بمنع بيع الطعام ما سمي طعاماً فالماء الأجاج ليس مراداً إجماعاً وإن كان بيت الملح الذي هو طعام وفي الموازية : ليس بزر البصل والجوز والبطيخ والقرع والكراث من الطعام وقال ابن القاسم في حب الغاسول : ليس طعاماً وإن كانت الأعراب تأكله والفرق بين التفاضل والبيع قبل القبض في الفواكه والخضر : أن الحاجة إلى التفاضل فيها آكد من الحاجة إلى البيع قبل القبض لأن الإنسان قد يقصد استبدال الكثير الأدنى بالخير القليل والغالب في هذه الأمور القبض عند العقد فلا حاجة لبيعها قبل قبضها
فرع قال : إذا وقع بيع الطعام قبل قبضه منع المتأخرون قبضه فإن قبضه فالقياس : الرد إلى البائع الثاني لأن الأول قد برئ منه لما قبضه الأخير لأنه كقبض وكيله وهو ظاهر الموازية وفي السليمانية يرد للبائع الأول ليأخذه مشتريه منه لأنه مقتضى العقد الأول ولم يوف به وليس للبائع إجازة البيع لأنه بيع الطعام قبل قبضه فإن غاب المبتاع الثاني وغاب على الطعام قال محمد : يؤخذ الثمن من البائع ليشتري به طعام الغائب ويرد للبائع فإن كان أقل من كيله كان الباقي ديناً على الغائب ولا يصدق البائع والمبتاع في العقد الثاني حتى تثبت بينة وحينئذ يلزم البائع الإتيان بالمثل ويخير المشتري بين أخذه وإمضاء البيع الأول وبين فسخ البيع عند أشهب لأن المبيع مقيد فلا يجبر على أخذ غيره ويتعين أخذ المثل عند مالك لأن ملك البائع الأول انتقل إلى المبتاع بالتعدي على ملك البائع وإن ادعى على البائع التلف وجهل جبره عليه مبلغ الطعام عند ابن القاسم ولا يصدق
فرع إذا اشترى جزء صبرة يختلف في بيعه قبل قبضه ورجع مالك إلى الجواز لأن الجزء مشاع مقسوم بتعين الجملة كما في العبد والدابة وكذلك يطالب المتعدي على جزء الصبرة بذلك الجزء بخلاف المكيل فإنما يطالبه المالك بها
فرع قال : إذا اشترى صبرة غائبة على الصفة يمتنع بيعها حتى يراها قال محمد لأنها في ضمان البائع ويتخرج الخلاف فيها على الخلاف في ضمان بيع الغائب من البائع أو من المشتري
فرع قال قال الشافعية من شرط صحة البيع أن يكيله البائع للمبتاع واختلفوا إذا اكتال ولم يفرغ لقوله عليه السلام في البخاري : ( إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكله ) ولنهيه عليه السلام عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان والجواب : عن الأول معناه : النهي عن تأخير القبض خشية الغرر وعن الثاني أنه ليس في الصحاح ولا المشاهير وهو متروك الظاهر بالجزاف والموزون معارض بالقياس على الجزاف والموزون والمعدود
فرع قال إذا قبض الطعام وتركه عند زوجة البائع أو من هو متعلق به جاز بيعه قبل أخذه منه لأنه وديعة وقاله مالك في الغريم نفسه
فرع في الكتاب تمتنع المواعدة في بيع الطعام قبل قبضه ولا بيع طعام تنوي أن تقبضه من الطعام الذي اشتريت سدا للذريعة قال أو الطاهر : أجرى اللخمي المواعدة في بيع الطعام قبل قبضه على المواعدة في الصرف فيكون فيها ثلاثة أقوال وليس كما قال بل هي كالمواعدة على النكاح والفرق بينهما وبين الصرف : أن المواعدة منعت فيها خشية تعجيل العقد وتعجيل العقد في الصرف غير ممنوع فلا يختلف في منع المواعدة في النكاح والتعريض في الطعام كالتعريض في النكاح في العدة
فرع قال صاحب البيان : طير الماء الذي لا يستحيى لا يجوز بيعه قبل قبضه إذا أسلم فيه لأنه طعام وحياته مستعارة عند ابن القاسم وأجازه أشهب نظراً لحياته وإن اشتراه معيناً جاز عندهما لدخوله بالعقد في ضمانه كالجزاف
فرع قال في الكتاب : يجوز بيع الجزاف من الطعام وسائر العروض جزافاً وغيره قبل القبض من البائع وغيره ويحيله عليه إلا أن يكون ذلك بين أهل العينة فيمتنع بأكثر مما ابتعت لأنهم يتحيلون بذلك على السلف بزيادة قال ابن يونس : قال مالك : إذ اشترى نصف ثمرة جزافاً أو نصف صبرة جزافاً رجع مالك إلى جواز البيع قبل النقل وإن استحب النقل للحديث
فرع قال : يمتنع البيع بقبض وكله فيه عبده أو مدبره أو أم ولده أو امرأته أو من هو كذلك لأن كتوكيله لبيعهم له
فرع قال تمتنع المقاصة بين الطعامين من سلم لأنه بيع قبل القبض وإن كان أحدهما من قرض واتفقا أجلا وصفة ومقداراً جاز إن حل الأجلان لأن بيع القرض معروف ويمتنع قبل الحلول لأنه دين بدين قال اللخمي : قال ابن القاسم : يمتنع وإن تساوت رؤوس الأموال وجوزه أشهب وجعله إقالة فإن اختلفت رؤوس الأموال امتنع إلا أن يكون باطنها على السلم فيصح ويكون قضاء وكذلك الحوالة على طعام السلم وأجازها أشهب وإذا تساوت رؤوس الأموال لأنهما لو شاءا عملاها تولية وإن كان أحدهما من قرض : أجازه ابن القاسم إذا خلا وأشهب إذا حل أحدهما قال أيضاً سحنون : إذا حل السلم وجوزه ابن حبيب وإن لم يحلا قال : وهو أبين لأن الذمم تبرأ من الآن قال سند : وجوز أشهب المقاصو بين المسلمين إذا اتفقا كيلاً وصفة وراعى الثمنين في الموارثة إذا اتفق رأس مالهما قدراً وصفة جاز لأنه إبراء فعلى رأي أشهب يمتنع إذا اختلف جنس الثمنين خشية أن يؤخذ الثمن الثاني عن الطعام والأظهر الإبراء لبعد ذلك إذا اتحد الجنس واختلف المقدار لأن كثرة الأول سلف بزيادة وقلته إقالة من رأس السلم بزيادة على أقل منه فإن كان أحدهما من سلم الآخر من قرض وكلاهما جنس ولم يحل أجلهما : قال ابن حبيب : يجوز إذا اتفق أجلهما قاله جميع أصحاب مالك إلا ابن القاسم وأشهب وأبى المنع لأنه بيع الطعام قبل قبضه وبيع الدين بالدين ومتى كان الأجل قائماً فأمرهما على المكايسة ولو اختلف الأجل لم تجز المقاصة فإن حل أجل السلم جازت المقاصة عند أشهب وفي المجموعة : يجوز أن يحيل ما قد حل فيما لم يحل كان سلفاً أو بيعاً فإن كان السلف الذي حل فهو قصاص من سلم أو السلم فقد أعطاه من قرض فلا كراهة وقيل : إن حل السلم جاز لأن المسلم تعجيل ما عليه من القرض ويجبر غريمه على أخذه بخلاف حلول القرض فإن المسلم لا يملك إسقاط أجل السلم إلا بالتراضي
فرع قال : إذا أجلت البائع بثمن الطعام فأخذ من المُحال عليه طعاماً امتنع كان البائع باع بنقد أو بنسيئة
فرع قال : لو وكلت في قبض الثمن فتعدى الوكيل عليه جاز أخذك طعاماً منه لضعف التهمة قاله ابن حبيب فلو أقرضت الثمن قبل قبضه : قال التونسي : يمتنع أن يأخذ المقرض من المشتري به طعاماً لأنه كالدين يحيل به على ثمن طعام ولو بعت حنطة بذهب إلى أجل واشتريت من أجنبي تمراً بذلك الذهب وأحلته به عليه : أجازه مالك في الموطأ قال الباجي : معناه : اشتراء التمر على ذمته لأنه أخذ بثمن الحنطة تمراً قال سند : ولا حاجة إلى هذا التفسير لأنا إنما نمنع من أخذ الطعام في ثمن الطعام خشية النسيئة في الطعام والمبتاع ها هنا إنما دفع ذهباً فلو اشتريت عند الأجل من المبتاع بذهب طعاماً يخالف الأول ولم تشترط أنه من ثمن الأول : منع مالك المقاصة وقال : يرد الطعام الثاني لأنه عقد النسيئة وقال ابن القاسم : يؤدي ذهب التمر ويأخذ ذهب قمحه لزوال التهمة بذلك فلو أخذ بالثمن كفيلا فدفعه إليك أو رجل متبرع كان له اخذ طعام من المبتاع من صنفه وغير صنفه أقل أو أكثر قاله ابن القاسم لأن الكفيل مقرض وليس له ثمن طعام
فرع قال إذا استقرض البائع طعاما ليقضيه للمبتاع وأمر المقرض بدفعه للمبتاع امتنع بيع المبتاع له من القرض إلا أن يأخذ فيه رأس ماله لبيعه إياه قبل قبضه فلو قبضه وطالب المقرض بالطعام جاز أن يبتاعه منه لأنه قرض وطعام البائع قد قبض
فرع قال : فلو كان لك عليه طعام من سلم فقال : بعني طعاماً لأقضيك : منعه مالك لأنه بيع له قبل قبضه قال ابن القاسم : يجوز بمثل رأس المال نقداً دون الأقل والأكثر
فرع قال المازري : أجرى بعض الأشياخ الخلاف في أخذ الطعام في ثمن الطعام إذا كانت قيمة الثاني أقل بكثير لعدم التهمة
فرع قال : إذا اشترى طعاماً عشرة بدرهم فدفع درهماً ناقصاً فأمسك البائع بقدره من الطعام منعه ابن حبيب لأنه أخذ طعاماً من ثمن الطعام وبيع الطعام قبل قبضه ويفاضل بين القبضتين وتفاضل بين الطعامين لأن الجملة المبيعة مقابلة بالجملة المأخوذة ثانيا
فرع في الجواهر : الدين كالعين الحاضرة في جواز البيع بشرط قبض البدل في المجلس ويشترط في بيعه من غير من هو عليه إقراره بالدين وحضوره هنا للغرر
فرع في الكتاب : إذا أسلفته قبل القبض فقبضه المستسلف لا تبعه منه قبل قبضك إياه وإن جاز بيع القرض قبل قبضه لأنه ذريعة للبيع في العقد الأول قبل القبض قال ابن يونس : قال محمد في اليسير من الكثير وكأنه وكيل على قبضه ولا يجوز بيعه قبل القبض من المقترض ولا من غيره إلا بمثل رأس المال فيكون كالإقالة أو التولية وكذلك لو أحلت بطعام من بيع على قرض فلا يبيعه المحال قبل القبض إلا كذلك
فرع قال ابن يونس : إذا اشترى من التمر كيلا معلوماً دون الثلث فهل له بيعه قبل قبضه وجذاذه لأنه مبغي على ملكه او يمتنع لأنه مبيع مشترى روايتان
فرع كل ما أسلمت فيه من العروض يجوز بيعه قبل قبضه من غير بائعك بجميع الأثمان إلا بصنفه ومن بايعك بمثل الثمن فأقل لعدم التهمة وألغاه عبد العزيز ابن أبي سلمة قال ابن يونس : يريد : لا يبيعه بصنفه من غير البائع إذا كان أقل أو أكثر وزاد في كلام الكتاب : قبل الأجل فيكون الأقل سلفاً بزيادة ولا يتجه الأكثر إلا إلى أجل أبعد فيكون المسلم يسلم عند الأجل أقل ليأخذ أكثر بعد ذلك ولم يوجه إلغاء عبد العزيز والذي يتجه فيه تخصيصه بالنقدين لتوقع صرف مستأخر فائدة : ذكر في الكتاب : الثياب الفرقبية قال في التنبيهات : بضم الفاء أولا والقاف أخراً وآخره باء بواحدة كذا سمعناه وقيل بالقاف أولاً وآخراً وهي ثياب بيض من كتان وقال في كتاب العين : بقافين وقال الخطابي : بالفاء أولاً وقال : لعلها نسبة إلى فرقوب وحذفت الواو في النسب
فرع قال : قال في الكتاب : يجوز بيع زريعة الفجل الأبيض وزريعة السلق والكراث والجوز والبطيخ الفارسي والأخضر والقثاء قبل قبضه لأنه ليس بطعام وإن كان يخرج منه طعام كالنوى يخرج منه النخل ذات الطعام وتمنع زريعة الفجل الأحمر والقرطم لما فيهما من الزيت وكذلك الفلفل والقرفاء والسنبل والكرفص والكروية والشونيز والكمون الأسود والملح والشمار والكمون الأبيض لأنها طعام وخالف محمد في الأربعة الأخيرة وجعلها إداماً قال ابن القاسم : والحلبة طعام خلافاً لابن حبيب وقال أصبغ : الخضراء طعام بخلاف اليابسة فإنها دواء وقال ابن حبيب : حب الرشاد ليس بطعام بخلاف الخردل لاستعماله في السمك وغيره والزعفران ليس بطعام اتفاقاً قال اللخمي : في المدونة : الفلفل ونحوه طعام وعنه : ليس بطعام وفي الكتاب : الماء ليس بطعام لأنه ينفق الغذاء ولا يغذي قال ابن يونس : وعنه يمتنع بيعه إلى أجل فيكون طعاما ولأن الحاجة إليه أكثر من الخبز ولأن الخبز يقوم غيره مقامه بخلافه
فرع في الكتاب : إذا كاتب بطعام جاز بيعه قبل قبضه من المكاتب خاصة لأن معاملة العبد ليست حقيقة لأنه بيع مالك بمالك ولا يجوز ذلك في نجم بل في الجميع لحصول العتق عقيبة قال ابن يونس : وقيل : يجوز في البعض لأن الكتابة ليست بدين ثابت ولا يخلص بها عنده المكاتب ويجوز بيعها قال اللخمي : وأرى بيعها من المكاتب وغيره إذا كانت قدر الخراج لأنها غلة وإن كانت أكثر بالشيء الكثير او من غير الخراج امتنع بيعها
فرع قال ابن يونس : قال مالك طعام الكراء والصلح من دم العمد والمخالعة كطعام البيع في الجواز في الجزاف والمنع في غيره لاندراجه في صيغة الحديث وكذلك أرزاق القضاة وغيرها لأنه في معنى المعاوضة على العمل بخلاف مثل أرزاق أزواجه في زمن عمر رضي الله عنهم أجمعين وبخلاف الهبات والميراث والسلف والصدقة لأن جميع ذلك ليس بيعا فلا يتناوله الحديث قال اللخمي : ويجوز للمقترض بيع ما اقترضه قبل قبضه وكذلك المقرض لأن الدين غير المعاوضة ولهذا ليس معارضة بل معروف وإلا كان بيع الطعام نسيئة ويجوز قرض طعام السلم قبل قبضه ويمتنع بيع المقرض له قبل قبضه لأنه على حكم السلم ما دام في الذمة ولو تطوع رجل بقرض ذلك السلم إليه ويقبضه عنه لم يجزه للذي له السلم بيعه قبل قبضه للحديث لأنه مبتاع وكذلك إذا كانت الهبة والصدقة طعام سلم الأجنبي يمتنع البيع على الموهوب والمتصدق عليه لأنهما منزلان منزلة الأصل وعن مالك : الجواز لأن يد المشتري قد خرجت وضابطه : متى كانت يد المسلم باقية على سلمة وهو القابض امتنع البيع كان المقبوض منه والمسلم إليه أو واهباً أو متصدقاً ( أو مقرضاً لقوله : ( من ابتاع طعاما فلا يبعه . . . ) الحديث وإذا زالت يده وكان القابض موهوبا له أو متصدقا عليه جاز لأنه لم يبع طعاماً وأخرج الحنفي من بيع الطعام قبل قبضه : المهر والخلع والجعل وقال ابن حنبل : كل عرض ينفسخ عقده بهلاكه قبل القبض لا يجوز التصرف فيه قبل القبض كالأجرة والصلح بخلاف العتق والخلع ويدل الصلح عن دم العمد وأرش الجناية وقيمة المتلف لأن العقد لا ينفسخ بالتلف فانتفى غرر الانفساخ بالهلاك فلا يبنى عليه عقد آخر مع هذا الغرر ولا تصح حوالة المسلم في السلم واتفق الجميع على القرض
فرع في الكتاب : إذا باع الذمي الطعام قبل قبضه أكره للمسلم شراءه وكذلك لا يحيلك على طعام سلم قبل قبضه ( قال سند : سواء قلنا : هم مخاطبون بالفروع أم لا لأن منع بيع الطعام قبل قبضه ) يمنع شراءه فيحرم على كل أحد شراء طعام لم يستوفه مبتاعه فلو باعه الذي من ذمي لم يعرض لهما كما لم يعرض لهم في عقود الخمر وغيره إلا أن البائع الأول إن كان مسلما لا يدفع الطعام إلا للذي اشتراه منه وها هنا يأتي التخريج على خطابهم بالفروع فإن قلنا : مخاطبون بالفروع امتنعت معاونتهم على ذلك وإلا فلا شيء على البائع ويحكم الحاكم للمبتاع أخيراً بقبض الطعام إذا ثبتت معاملتهم وكره مالك معاملة الذمة لما في أيديهم من العقود الفاسدة
فرع في الكتاب : يمتنع أن يعطيك ما تشتري به بعد الأجل طعامك لأنه بيع الطعام قبل قبضه إلا أن يعطيك مثله رأس مالك صفة ومقداراً فيجوز بمعنى الإقالة قال سند : فإن قيل : قد منع ابن القاسم أن يقول البائع : بعني الطعام الذي لك علي بعشرة ورأس المال عشرة حتى يلفظ بلفظ الإقالة وأجازه ها هنا قبل التلفظ قلنا : إنما منعه حيث صرح ببيع ما يمتنع بيعه فوازنه ها هنا : ابتع لي مداً طعاماً وأقبضه من سلمك قبل أن يستوفيه أما إذا لم يذكر ذلك فإنما وقعت الوكالة على ما يجوز فلا يتهمان ها هنا إلا في الإقالة وهي جائزة فإن دفع إليه اكثر من رأس ماله على وجه الوكالة والعوض أو الطعام رد إن لم يفت وإن قال المأمور : ابتعت به كفاف حقي : قال محمد : لا يصدق ويرد الذهب ويرجع بحقه إلا أن تقوم بينة على القبض باسم صاحبه ثم يقبضه بعد ذلك ثم يقر لأن المنع للتهمة فإذا دفع إليه أقل : فرق ابن القاسم بين العروض والطعام لأن الإقالة في الطعام إنما تكون بمثل رأس المال وجوزه أشهب لضعف التهمة وحمل على الوكالة قال ابن يونس : يجوز إذا دفع مثل رأس المال او أقل منه ليشتري لنفسه فزعم أنه فعل صح
فرع قال ابن يونس : يجوز أخذ خمسة محمولة في عشرة سمراء بعد الأجل على معنى الإسقاط ويمتنع على وجه الصلح والتبايع لأنه بيع الطعام قبل قبضه وكذلك السمراء من الحمولة تمهيد : ( قال سند ) : اختلف العلماء في سبب منع بيع الطعام قبل قبضه : فقال أبو الطاهر : هو معلل بالعينة وهي سلف في أكثر منه فيتوسلون له بذلك فلما كثر ذلك في الطعام نهي عنه والمذهب كله على المنع وإن ظهرت السلامة من القصد لذلك إلا أبا الفرج أمضاه إذا ظهرت السلامة بأن لا يكون المتبايعان من أهل العينة قال اللخمي : الأحسن أن يكون ذلك تعبداً لأنه لو كان لأدل العينة لأجل لجاز بيعه من بائعه بأقل ويلزم استواء الطعام والعروض قال سند : العلة كون الطعام غذاء للإنسان وحافظاً بنيته الشريفة لطاعة الله تعالى وسبب العون على السعادة في الدنيا والآخرة فكل ما شرف قدره عظمه الله بكثير شروطه وهذا هو شأن الشرع في كل ما عظم خطره كالنكاح سبب العفاف واستمرار النسل والمكاثرة بهذه الأمة الشريفة فاشترط الشرع فيه الولي والصداق وغيرهما تفخيماً لقدره ويشكل عليه بالقرض والهبة والصدقة والميراث وأعطيات الناس من بيت المال ويمكنه ان يجيب بأن هذه كلها اشتركت في معنى الإحسان والمعروف فوسع الشرع فيها تسهيلاً لطرق المعروف ليكثر وقوعه وقال ابن حنبل وجماعة من العلماء : إنما امتنع لاحتمال هلاك الطعام قبل القبض فينفسخ العقد فيكون العقد الثاني عقد غرر وهو ضعيف لأن الأصل : السلامة وبقاء الطعام وتلفه نادر فيكون أحسن الأقوال قول سند نظائر : قال العبدي : يجوز بيع الطعام قبل قبضه في خمس مسائل : الهبة والميراث على اختلاف والاستهلاك والقرض والصكوك وهي أعطيات الناس واختلف في طعام الخلع والمستثنى من الطعام الفصل الثاني : في التصرف في الطعام قبل القبض على وجه المعروف وهو الشركة وفي الجواهر : أرخص في الشركة والإقالة والتولية تنزيلاً للثاني منزلة المشتري ويمتنع اقتران العقدين في أجل أو مقدار أو غيرهما وروي امتناع الشركة قبل القبض ومنع الأئمة الجميع ( إلا الإقالة جوزها ابن حنبل وحده لأنها إقالة عنده ومنه : أقال الله عثرتك : أزالها وحجة الجميع ) نهيه عن بيع الطعام قبل قبضه وهذه بياعات وجوابه : أنه روي في الحديث في أبي داود وأرخص في الشركة والإقالة والتولية ولأن الثلاثة معروف فيجوز القرض
فرع في الكتاب : للمشترك والولي زيادة الكيل ونقصانه فإن كثر رجع عليك بحصته من الثمن إن نقص ويرد الزيادة إن زاد
فرع قال : تولية البعض بحصته من الثمن كالكل قال ابن يونس : كل ما بيع بعرض يرجع فيه إلى القيمة تمتنع فيه الشركة والتولية لا بالقيمة ولا بالمثل وتجوز الإقالة فيه مع قيام العرض فإن فات امتنعت لأنها تصير مبايعة بالقيم وإن كان يكال أو يوزن فهو كالعين
فرع قال اللخمي : إذا اشترى طعاماً بثمن إلى أجل : قال مالك في الكتاب : تجوز الشركة فيه قبل القبض وعلى هذا تجوز التولية ومنع ابن القاسم التولية حتى يقبضه ومنع أشهب الإقالة لأنها حل بيع كمن وصله طعام من إجارة أو اشتراه بعرض لا تصح فيه الإقالة ما لم يثبت العرض أو يعمل الأجير فيمتنع الجميع وتمتنع الشركة والتولية لاختلاف الذمم فقد تكون ذمة الذي اشرك أو ولي دونه وإذا اشترى طعاماً قريب الغيبة واشترط النقد جازت الشركة والتولية أو بعد الغيبة وأشترط أن لا نقد إلا بعد القبض جازت الشركة والتولية عند مالك : ويمتنعان على القول الآخر لاختلاف الذمم فيشبه الشراء بثمن إلى أجل ويختلف في الإقالة هل تجوز ؟ لأن الذمم تبرا من الآن أو لأنه يأخذ طعاماً غائباً عن دين فيدخله فسخ دين في دين وبيع طعام قبل قبضه
فرع قال صاحب البيان : إذا اشترى قمحاً بدينار فولى نصفه بنصف دينار ورد نصفه دراهم مكروه لمشابهة البيع بالمكايسة وهو يخرج على مسألة من وجد له نصف دينار هل يراعي فيه خلو الذمة فيجوز على القول بالجواز ويمتنع على القول بالمنع ؟ وأما بعد كيله الطعام فيجوز لأنه بيع جديد
فرع قال : قال ابن القاسم : لا تجوز التولية في طعام اشتراه بعينه غائباً بالصفة لاختلاف الذمم إذا المشتري لم ينقد لغيبة الطعام ويجوز في الغيبة التي يجوز النقد فيها لقربها لأنه لا يشبه الدين بالدين وكذلك لو استقال منه دخله الدين بالدين لأنه وضع عن نفسه ثمناً ديناً بسلعة غائبة قال : وهذا لا يستقيم لأنه لو كان هذا بيع دين بدين لامتنع بيع العروض وهو يجيره والإقالة إنما هي فسخ دين في دين لا بيع دين في دين لأن البائع فسخ الثمن في السعلة
فرع قال : قال ابن القاسم : لا تجوز الزيادة في الإقالة في الطعام قبل الكيل لأنه بيع الطعام قبل قبضه فإن اكتاله ولم يتفرقا أو لم يقف عليه المبتاع وكان الثمن نقداً ولم ينقده امتنعت الزيادة لأنها إن كانت ذهباً إلى أجل والثمن ذهباً كان بيعاً وسلفاً لأن ا لبائع اشترى الطعام ببعض الثمن الذي وجب له نقداً وأسلفه بقيمته إلى أجل وإن كانت ورقاً نقداً جاز وتمتنع مؤجلة لأنه ذهب بورق إلى أجل وإن كانت عرضاً مؤجلاً كانت ديناً بدين ويجوز أن يزيده معجلاً ذهباً أو ورقاً أو عرضاً وأما إن نقد الثمن واكتال الطعام : فيجوز مطلقاً لأنه بيع حادث وإن كان الثمن مؤجلاً واكتال ولم يفترقا جازت الزيادة ممن كل شيء نقداً إلا من جنس الثمن الذي عليه فيمتنع نقداً ويجوز إلى مثل الأجل ووزن الثمن وسيلة كأنه اشترى ببعض ماله عليه وبقيت بقية إلى أجله وإذا كان الثمن ذهباً فلا يزيده ورقا نقداً ولا إلى أجل أبعد من أجله لأنه صرف إلى أجل وكذلك إذا كان الثمن ورقاً ولا يزيده غير النقدين مؤجلاً لأنه دين بدين فإن تفرقا أو غاب عليه المبتاع امتنعت الزيادة مطلقاً لأنه زيادة في السلف وإن كان البائع المستقبل بزيادة ولم ينقد جازت بعد الكيل من سائر الأشياء نقداً أو إلى أجل كيف كان الثمن نقداً أم لا إلا ان تكون الزيادة في الطعام طعاماً لتوقع التفاضل ومن غير الجنس يجوز نقداً وتمتنع مؤجلاً لدخول النسأ ولا اختلاف في شيء مما تقدم إلا في موضعين : أحدهما إذا كان المستقيل المبتاع بزيادة ووزن الثمن حال فإنه إجازة يريد : إذا كان أقل من نصف دينار ويجوز عند أشهب إذا كان أكثر من صرف دينار وثانيهما : قوله : إذا كان البائع هو المستقيل بزيادة طعام من غير صنفه فإنه إجارة إذا كانت الزيادة نقداً والثمن مؤجلاً ومنعه ابن حبيب إلا إذا كان الثمن حالاً
فرع قال : قال ابن القاسم : العهدة في الشركة والتولية في البيع المعين على البائع الأول لأن الثاني نزل منزلته وبعد المفارقة على المشتري وقال مالك : هي على المشتري مطلقاً ( إلا أن يشترطها على البائع لأنه بائع ثان ولو بالحضرة فالعهدة على البائع الثاني مطلقاً ) وإن اشترطها على البائع الأول جاز عند ابن القاسم إذا باع بمثل ما اشتراها به أو أقل فإن كان بأكثر فلا يلزم البائع الأول ذلك إلا برضاه لأنه يقول : كانت العهدة لك علي بعشرة فلا أرضى بأكثر فإن رضي كان حميلا بالزائد في الاستحقاق وقال ابن حبيب : لا يجوز لأنه ذمة بذمة إلا أن تكون على وجه الحمالة حتى يرجع المشتري الثاني في الاستحقاق بقدر الثمن ( الأول ) على من شاء منهما فتحصل في اشتراطها على البائع الأول في المبيع ثلاثة أقوال : الجواز وإن افترقا وطال والمنع وإن كان بالحضرة إلا أن يرضى على وجه الحمالة والفرق بين حضرة البيع وطوله وفي الشركة والتولية بالحضرة قولان ( على من تكون وجواز اشتراطها بعد الافتراق على البائع قولاً واحداً )
فرع قال اللخمي : إذا أشركك على أن تشركه في طعام آخر امتنع لخروجها عن المعروف إلى المكايسة وكذلك التولية والإقالة فإن قال : أشركني وأشركك ورأس المال سواء كان محمل ذلك على بيع أحد الطعامين بالآخر فيجوز لأن الثمن لا يُخرجه واحد منهما وإن كان رأس مال أحدهما دنانير والآخر دراهم أو عيناً والآخر عرضاً : امتنع لذهاب المعروف ويجوز : اقيلك على أن تقيلني لأنه بيع أحد الطعامين بالآخر فإن اختلف رأس المال أو اتفق واختلف الطعامان : امتنع لذهاب المعروف
فرع قيل : أجرة الكيل بعد الاشتراك والتولية على المشتري الأول كالبيع وكما أن عليه العهدة وفي القرض على المقرض وإن كان الجميع معروفاً لأن هذه تشبه البيع وقيل : ليس عليه قياساً على القرض لأن الجميع معروف
فرع قال : إذا قبض بعض الطعام جاز تولية المقبوض دون الجميع ومنع ابن القاسم فيما لم يقبض وأجازه ابن حبيب وإذا قبض البعض وعسر بالباقي : قال محمد : تمتنع الإقالة منه في الطعام وغيره لأنه بيع وسلف وبيع الطعام قبل قبضه لأن المقبوض انتفع به فكانت الزيادة بمنفعة فإن رد المقبوض ثم أقاله من الجميع امتنع لأنه بيع الطعام قبل قبضه لأن المقبوض مال من ماله فقد ولاه إياه ليقيله إلا أن يكون المقبوض يسيراً نحو العشرة في المائة
فرع قال : إن أشركته على أن ينقد عنك امتنع لأنه بيع وسلف ويفسخ إلا أن يسقط السلف فإن قال لك قبل العقد : أشركني وانقد عني أو قال : اشتر وأشركني ثم قال بعد العقد : انقد عني جاز في الصرف وغيره لأنهما معروفان والبيع انعقد عليهما معاً ولو اشترى لنفسه ثم قال : أشركني وانقد عني أو قال : أشركني ثم قال : أنقد عني : امتنع في الصرف للنسيئة وجاز في العروض إذا لم يكن سلماً في الذمة لأنه بيع دين بدين وإذا كان الطعام حاضراً لم يجز أن يشركه على أن ينقد عنه فإن أشركه بغير شرط ثم قال : انقد عني ولم يكن الأول نقد : جاز وإن نقد امتنع وعن ابن القاسم أيضاً : الجواز نقد أم لا لأنه معروف فإن كان الطعام سلماً لم يجز إشراكه إلا أن ينقد بالحضرة ليلا يكون ديناً بدين وإن كان الطعام غائباً امتنعت الشركة والتولية وإن كان معيناً لأنه دين بدين قال محمد : إلا أن ينقد قبل الافتراق ومحمل قوله في منع الشركة بشرط النقد في العروض سلماً في الذمة على القول في التولية : أنها لا تجوز إلا في النقد وتجوز على قول الآخر إذا استوى رأس مال السلم
فرع في الكتاب : يمتنع أن يقيله من طعام السلم ويعطيه برأس المال ذهباً وكفيلاً أو يحيل به أو يؤخر دينه يوماً أو ساعة لأنه دين بدين وبيع ا لطعام قبل قبضه وإذا أخر دينه حتى طال انفسخت الإقالة وبقي البيع وإن قبض الثمن من المحال عليه قبل مفارقة المحيل جاز للقرب ولو وكل البائع من يدفع رأس المال وذهب أو وكلت أنت وذهبت فإن وقع القبض قبل التفرق جاز وإلا فلا قال ابن يونس : وكذلك كان ينبغي في الحوالة لأجل القرب القسم الرابع من الكتاب : في مقتضيات الألفاظ لغة وعرفاً وهي عشرة ألفاظ : الأول : في الجواهر : لفظ التولية يقتضي نقل المالك إذا قال : وليتك وبهذا العقد انتقل الملك إليه بالثمن الذي تقرر وهو ملك متجرد والعلة المتجددة الأولى لأنه كان ضامناً وتتجدد الشفعة بحدثان هذا البيع ولوحظ على المولي بعض الثمن سقط عن المولى لأنه في الثمن كالبناء وفي نقل الملك كالابتداء اللفظ الثاني : الشركة وفي الجواهر : إذا قال : أشركتك في هذا العقد : حمل على النصف على المنصوص لابن القاسم لأن التساوي هو الأصل اللفظ الثالث : الأرض ففي الجواهر : تندرج تحتها الأشجار والبناء دون الزرع الظاهر كمأبور الثمار فإن كان كامناً اندرج على أحد الروايتين وتندرج الحجارة الخلوقة فيها دون المدفونة إلا على القول بأن من ملك ظاهر الأرض ملك ظاهر الأرض ملك باطنها وقال ( ش ) : لا يندرج في لفظ الإرض البناء الكثير ولا الغرس ويندرج في لفظ الدار : الخشب المسمر والسلم المنتقل ويندرج المعدن في لفظ الأرض لأنه من أجزائها بخلاف الكنز والحجارة المدفونة وقال ابن حنبل : يندرج في الأرض البناء والغرس وفي الدار الأبواب والخوافي المدفونة والرفوف المسمرة وما هو من مصالحها دون الحجر المدفون لأنه كالوديعة وتندرج الحجارة المخلوقة فيها والمعادن دون الكنوز قال صاحب البيان : إذا ظهر الزرع فللبائع إلا أن يشترطه المبتاع ومنع مالك بيع الأرض فيها بزر بأرض ليس كذلك في المدونة وجوزه سحنون وجوز أيضاً بيعها وفيها بزر بطعام نقداً أو إلى أجل لأنه لا حصة له من الثمن عنده اللفظ الرابع : البناء وفي الجواهر : تندرج فيه الأرض اللفظ الخامس : البستان والحديقة والجنان يستتبع الأشجار وقاله ( ش ) اللفظ السادس : لفظ الدار ففي الجواهر : يندرج فيه الثوابت ومرافق البناء كالأبواب والأشجار والرفوف والسلم المثبت دون المنقولات اللفظ السابع : لفظ العبد وفي الجواهر : لا يتناول ماله ويتناول ثيابه عليه إذا اشبهت مهنته فلو اشترط تسليم الأمة عريانة سقط الشرط وعليه مواراتها لأنه شرط محرم اللفظ الثامن : لفظ الشجر ففي الجواهر : تندرج تحته الأرض والأغصان والأوراق والعروق واستحقاق البقاء مغروساً والثمرة غير المؤبرة دون المؤبرة وكل ثمرة ظهرت للناظر وقال ابن حنبل : لا تندرج الأرض في الشجر لتباين الاسم ولا هي تبع في البيع وبقولنا في الثمار قال الشافعي وابن حنبل وقال ( ح ) : للبائع مطلقاً إلا إن يشترطها المبتاع لأنها لا يجوز إفرادها بالبيع فلا تتبع أصلها كالمؤبرة وجوابه : إفراد الشيء بالعقد لا يوجب عدم التبعية كسقف الدار وعرصتها ثم لو سلمنا حجة القياس فهو معارض بما في الموطأ قال : ( من باع نخلاً قد أُبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع ) ومفهومه يقتضي : إذا لم تؤبر للمبتاع ولأنه إنما جعلها للبائع بشرط الإبار فإن انتفى الشرط انتفى المشروط فالأول مفهوم الصفة والثاني مفهوم الشرط وهذا ضعيف من جهة أصحابنا فإن الحنفية لا يرون المفهوم حجة فلا يستدل عليهم به بل نقيس الثمرة على الجنين إذا ظهر لن يتبع الأصل وإلا تبع أو نقيسها على اللبن قبل الحلاب واستتار الثمار في الكمام كاستتار الأجنحة في الأرحام واللبن في الضروع أو نقيسه على الأغصان والورق أو نوى التمر وهذه الأقيسة أقوى من قياسهم بكثير لقوة جوامعها وضعف جوامعهم فائدة : قال صاحب الإكمال : الإبار : تذكير الأشجار بجعل طلع الذكر في الأنثى أو يعلق عليها ليلاً يسقط ثمرها وهو اللقاح أيضاً تقول : أبرت النخل أبر بضم الباء في المستقبل مخفف الباء وأبرته مشدد الباء وقال ابن حبيب : الإبار : شق الطلع عن الثمر وقال بعض اللغويين في غير الإكمال : والإبار والتلقيح : شق الثمرة وظهورها لأنه لا يكون إلا عند ذلك وأجمع العلماء على أن مجرد التلقيح ليس معتبراً وإنما المعتبر الظهور ويقال أبرت النخلة أبرها بالتخفيف ابراً وإيباراً وأبرتها بالتشديد تأبيراً وتأبرت النخلة وأبرت وبقول ابن حبيب قال الشافعية
فرع قال صاحب الإكمال المشهور منع اشتراط البائع ما لم يؤبر وعلى القول بأن المشتثنى غير مبيع يجوز لأن غير المؤبر كالجنين قال صاحب البيان : يمتنع عند مالك وجميع أصحابه فرع في البيان الأقل أبداً تبع للأكثر في التأبير وعدمه شائعاً كان أو غير شائع فإن تقاربا في التأبير وعدمه وكل واحدة على حدة استقل كل بحكم نفسه فإن كان التابير وعدمه في كل نخلة فأربعة أقوال : يخير البائع بين تسليم الحائط بثمرته وبين أخذه وفسخ البيع قاله ابن القاسم لضرر الشركة ويفسخ البيع إلا بشرط الثمرة للمبتاع لانعقاده على فساد المنازعة فالجميع للمشتري تغليباً لنقل العقد أو الجميع للبائع تغليباً للاستصحاب لابن حبيب وفي الجواهر : روي : إذا ابر أكثرها أن غير المؤبر للمبتاع نظراً للعقد فرع قال الشافعية والحنابلة الثمرة خمسة اضرب : قال الشافعية والحنابلة الثمرة خمسة اضرب : ذو كم كالقطن وما يقصد نواره كالورد والياسمين فإنه يظهر من أكمامه ثم ينفتح فيظهر فهو حينئذ للبائع الثاني ما لا نور له ولا قشر كالتين والتوت والجميز لأن ظهوره من الشجر كظهور الثمرة من الكم الثالث ما يظهر في قشره إلى حين أكله كالرمان والموز فللبائع بنفس الظهور لأن قشره من مصلحته الرابع ما يظهر في قشرته كالجوز واللوز فللبائع بنفس الظهور لأن قشره لا يزول عنه غالباً والخامس ما يظهر نوره ثم ييبس فتظهر الثمرة كالتفاح والمشمش والإجاص والخوخ فإذا ظهرت الثمرة فللبائع وهذا تفصيل حسن لم أره لأصحابنا وما أظنهم يخالفون فيه في الجواهر قال عبد الملك النخل التي لا تؤبر إذا انصلح طلعه وظهر ) في الجواهر قال عبد الملك النخل التي لا تؤبر إذا انصلح طلعه وظهر إغريضه وبلغ مبلغ الإبارة في عهد فللبائع إلا أن يستثنيه المبتاع قال ليس لمشتري الأشجار تكليف البائع قطع الثمار إلا إلى أوان القطاف لقضاء العادة بذلك ولكل واحد سقي الشجر إذا احتاج إليه إلا أن يتضرر صاحبه بذلك نظائر : قال العبدي : يتبع الأقل الأكثر في أحد عشر موضعاً : أقل الحائط يتبع أكثره في التأبير وعدمه وإذا اجتمع الضأن والماعز أخرج من الأكثر والغنم المأخوذة في زكاة الإبل يخرج من غالب غنم أهل البلد ضأناً أو ماعزاً ويزكى الزرع يغالب الشيح أو النضج وإذا أبر بعض المال زكي بحكم الغالب وزكاة الفطر من غالب العيش والبياض مع السواد في المساقاة الحكم للغالب وإذا ثبت أكثر الغرس فللغارس الجميع أو الأقل فلا شيء له وقيل له سهمه من الأقل وإذا أطعم بعض الغرس سقط عنه العمل دون رب المال وقيل بينهما وإذا جذ المساقي أكثر الحائط فليس عليه سقي وإذا حبس على أولاد صغار أو هب لهم فحاز الأكثر صح الحوز في الجميع وإذا استحق الأقل أو وجد به عيب ليس له رد ما لم يستحق بل يرجع بقدره اللفظ التاسع : المرابحة قال صاحب التنبيهات البيوع أربعة مساومة ومزايدة ومرابحة واسترسال : وأحسنها : المساومة وأسلمها وهو جائز اتفاقاً ويمتنع فيه أن تكون السلعة قديمة فيدخلها السوق ليوهم طرواتها وهو المسمى بالتبريج فيمنعه شيوخنا والمزايدة عرضها في السوق لمن يزيد وكرهه بعض العلماء ورآه من سوم الإنسان على سوم أخيه والسلعة لمن وقفت عليه بالزيادة فإن أعطيا عطاء واحداً اشتركا عند ابن القاسم وقيل : للأول ولا ياخذها الثاني إلا بزيادة فإن أعطيا معاً اشتركا وهذا في بيع وهذا في بيع الأيتام للدين وبيع السلطان والوكلاء وكل ما باعه غير مالكه وأما المالك فله البيع لأحدهما ولغيرهما بالثمن وأقل ما لم يركن إلى أحدهما أو يواطئه والمرابحة أصعبها لكثرة وجوه الكذب والغش فيها وبيع الإسترسال والاستمانة فهو مع الجاهل بالبيع يقول : أعطوني بدينار كذا فيتقي فيه الغش والخديعة وكتمان العيوب ويرد بالغبن قاله ابن حبيب وقصره على المشتري دون البائع وغيره يجيزه فيها
فرع في الكتاب : تجوز المرابحة للعشرة أحد عشر وتوضيعه العشر أحد عشر ويقيم على أحد عشر فيحط منه جزء في بيع الوضيعة قال ابن يونس : للعشرة اثنان نحو العشرة اثنا عشر أي ينقص السدس أو يزيده والعشرة عشرة معناه : تضاف عشرة لعشرة فتكون الزيادة أو النقصان النصف تصحيحاً لكلام العاقل بحسب الإمكان وإلا فالإخراج عشرة من عشرة من بقاء ثمن محال عقلا وفي الجواهر : إذا باع بوضيعة العشرة أحد عشر أو أكثر : فللمتأخرين قولان : أحدهما : أنه يأخذ عن كل أحد عشرة : عشرة وثانيهما : ما تقدم وبوضيعه العشرة عشرين يحط نصف الثمن اتفاقاً قال صاحب تهذيب الطالب : وبوضيعة للمائة أربعون يوضع عنه من كل عشرة السبعان من أربعة عشر لأنا قسمنا المائة على أربعة عشر وبوضيعة للعشرة أربعون يوضع من كل عشرة ثلاثة أرباعها ولكل عشرة خمسون يوضع من كل عشرة أربعة أخماسها وكل مائة خمسون يحط الثلث تمهيد : في التنبيهات : المرابحة خمسة أوجه : أحدها : أن يبين جميع ما لزمها وما يحسب وما لا يحسب مفصلاً أو مجملاً ويشترط الربح للجميع فيصح ويكون الربح فيه من جملة الثمن كالمساومة وثانيها : أن يبين ما يحسب ويربح له وما لا يحسب ولا يربح عليه ويوصف الربح على ما يربح عليه خاصة فيجوز وثالثها : يبهم ذلك كله ويجمعه جميعه ويقول : قامت بكذا والربح كذا ففاسد للجهل ما يحسب ثمناً ومالاً يحسب فهو جهل بالثمن لعدم تعينه ورابعها : يبهم فيها النفقة مع تسميتها فيقول : قامت علي بمائة شدها وطيها وحملها وصبغها أو يفسرها فيقول : منها عشرة في مؤنة ولا يفسر المؤنة ففاسد للجهل بالثمن قال سحنون : ينفسخ وفي الموازية : جوازه ويحقق بعد ذلك ولا يكون هذا أسوأ حالاً من الكاذب في الثمن وخامسها : يفسر المؤنة فيقول : هي علي بمائة الثمن كذا والمؤنة كذا ويذكر المؤنة مفصلة وباع للعشرة أحد عشر ولم يفصلا ما يوضع له الربح وما يحسب وما لا يحسب فالجواز للأصحاب ويقضى الثمن على ما يجب وإسقاط ما لا يجب إلى الثمن قال وفيه نظر لأنهما قد يجهلان الحكم فيما يسقط ويثبت
فرع في الكتاب إذا حمل البز إلى بلد آخر لا يحسب من رأس المال جعل السمسار ولا أجرة الشد والطي ولا كراء البيت ولا نفقة نفسه ذاهباً وراجعاً كان المال له أو قراضا ويحسب كراء المحمولة والنفقة على الرقيق والحيوان في أصل الثمن ولا يحسب له ربح إلا أن يرتجونه بعد العلم به قال ابن يونس ينبغي لمن باع مرابحه أن يعرف ما يحسب من الثمن وما لا يحسب وما يحسب له ربح وما لا يحسب له قال صاحب النكت : كل صنعة قائمة كالصبغ والخياطة والكماد والطراز والغسل يحسب ويحسب له ربح وما ليس عيناً قائمة لكن بثمن السلعة في نفسها كنفقة الرقيق والمحمولة يحسب ولا يحسب له ربح وما ليس بعين قائمة ولا بثمن السلعة ذاتا ولا سوقاً لا يحسب له ربح لأنه لم ينتقل للمشتري فلا يقابل بشيء فإن كان يتولى هو الطراز والصبغ بنفسه لم يحسب ويحسب له الربح لأنه كمن وصف ثمناً على سلعة باجتهاده وكلامه في الكتاب محمول على الاستئجار وبهذا التفصيل قال ( ح ) وجماعة العلماء وقال ( ش ) : يضم إلى الثمن كل ماله زيادة في العين دون نفقة الرقيق وقال صاحب التنبيهات : أخذ من قوله : لا يحسب أجرة السمسار : أن أجرته على المشتري قال : وهو لا يدل بل ذلك على عرف الناس أو يكون البائع دفع إليه ليبيع فالأجرة عليه لأنه أجير أو المشتري فالأجرة عليه لأنه وكله على الشراء قال مالك : ويجوز أن يجعل له على كل مائة يشتري ثلاثة دراهم فعلى هذا تكون محسوبة مضروباً لها الربح لأنها بعض الثمن وقاله ابن محرز وقيل : تحسب ولا يضرب لها ربح قال اللخمي : يريد بنفقة الرقيق ما لم تكن لهم غلة توفي النفقة فإن قلت عن النفقة حسب الفاضل ولو كان سعر البلدين سواء لم يحسب الحمل لعدم تأثيره في الثمن ولو أرخص لسقط الكراء ولا بيع حتى يبين ولا يبين القصارة ويبين الخياطة لأن الناس يكرهون الخياطة السوقية ولأن المبيع بعد التفصيل والخياطة أرخص من الذي يفصل على يده ولا يبين الصبغ إلا أن يبور عليه فيصبغه فإن لم يبن فأصل ابن القاسم في مثل هذا : أنه غش لا يلزم للمشتري وإن حط ذلك وعلى رأي سحنون : هو كذب إن حطه لزمه قال المازري : قول بعض الأشياخ : إنما يحسب الحمولة إذا كان البلد الثاني أغلا وهذا إنما يحسن إذا حمل البائع المتاع عالما بذلك وإذا انفق على الدور والأرضين والنخل والشجر في سقي وغيره وساوى الإنفاق الغلة أو زادت جاز البيع مرابحة ولا يحسب فاضل الإنفاق في راس المال ولا يحسبه له ربح وأخذ لبن الماشية لا يمنع البيع مرابحة إذا لم يتغير سوقها ولا بدنها ولا يتبع في الولادة حتى يلين . تنبيه : مدرك الأصحاب وغيرهم من العلماء فيما يحسب وما لا يحسب وما له ربح وما لا ربح له إنما هو عرف التجارة وكذلك صرحوا في تعاليلهم بذلك ووقع لفظ المرابحة في تصانيفهم في مقتضيات الألفاظ عرفا ويلزم على هذا أمران : أحدهما أن البلد إذا لم يكن فيه عرف وباع بهذه العبارات من غير بيان أن يفسد البيع للجهل بالثمن وبأي شيء هو مقابل من المبيع وثانيهما : أن العرف إذا كان في بلد على خلاف مقتضى هذه التفاصيل أن تختلف هذه الأحكام بحسب ذلك العرف فاعلم ذلك .
فرع في الجواهر : تشترط معرفة المبتاع بما اشترى به أو قامت به عليه فإن جهله عند العقد بطل .
فرع قال المازي : إذا تقايلا على مثل الثمن جاز البيع مرابحة فإن تقابلا بأكثر كمن يشتري بخمسة ثم يبيع بتسعة ثم تقابلا لا يجوز بيعه مرابحة بتسعة لانحلال بيعها بالإقالة على القول بأن الإقالة حل بيع فإن قلنا : أنها بيع جاز البيع مرابحة غير أنه يتهم في الإقالة حل بيع فإن قلنا ك إذا بيع جاز البيع مرابحة غير أنه يتهم في الإقالة لهذا الغرض قال بعض المتأخرين : إن وقعت الإقالة بعد البيع بأيام ارتفعت التهمة وجاز البيع بثمن الإقالة فإن تقابلا بأكثر من رأس المال أو أقل منه في ذلك العقد جاز البيع مرابحة بالثمن الذي تقايلا عليه لأنه بيع مستأنف وليس إقالة ومنعه ابن حبيب لأن النقصان قد يكون أكثر من الثمن الأول يفاضل الربح في عقد الإقالة .
فرع في الكتاب : إذا جعل للحمولة ربح ولم يبين وحصل الفوت بتغير سوق أو بدن حسب ذلك في الثمن ولم يحسب له ربح وإن لم يفت رد البيع إلا أن يتراضيا على ما يجوز قال ابن يونس : قال سحنون : إذا دخل في الثمن ما لا يحسب أو ما يحسب ولا يحسب له ربح ولم يبين ولم يفت خير بين إزالة ما لا يحسب وربحه ورد السلعة فإن فاتت فهي كمسألة الكذب إن لم يضع البائع ذلك كان على المشتري القيمة إلا أن يكون أكثر من جميع الثمن فلا يزداد أو أقل من الثمن بعد الطرح فلا ينقص وهو تفسير ما في المدونة : قال : وظاهرها خلافة لأن الكذب زيادة ما لم يكن وهذا زيادة ما أخرجه من ماله .
فرع في الكتاب : إذا رقم على متاع وزنه واشتراه فلا يبعه مرابحة على ما رقم قال ابن يونس : يريد رقمه بوصفه لأنه خديعة فإذا علم المشتري خير بين أخذها بجميع الثمن وردها فإن فاتت بالأقل من القيمة أو الثمن فإن اشترى جملة ثياب فرقم على كل ثوب ما وضعه وباع منها واحدا مرابحة ولم يبين ولم يفت خير المشتري بين الرد والتمسك بجميع الثمن فإن رد فللبائع إلزامه إياه بما يقع عليه من جملة الثمن وما قابل ذلك من الربح فإن فات وأبى المشتري التماسك وأبى البائع أن يضرب بالعقد فعلى المشتري القيمة يوم ابتاعها إلا أن تزيد على الثمن فلا يزداد وأقل من الثمن وحصته من الربح فلا ينقص وقال ابن عبدوس إن لم تفت ليس للبائع إلزامه إياها بما يقع عليها من الثمن لأنه لم يتناوله العقد إلا أن يرضى ولا الجملة يزاد فيها وإن فاتت فعليه القيمة إلا أن يتماسك ببيعه الأول .
فرع في الكتاب : إذا كتب على السلعة أكثر من ثمنها وباعها بكتابتها ولم يقل شيئا شدد مالك فيه الكراهة خشية الخديعة قال ابن يونس : قيل : معناه : باعها مساومة بأقل مما كتب أو مرابحة بالثمن الصحيح فإن كانت قائمة خير بين أخذها بذلك أو ردها فإن فاتت فعليه الأقل من القيمة أو الثمن .
فرع في الكتاب : عليه أن يبين العيب دون الغلة لأنها له بالضمان إلا أن يطول الزمان أو تحول الأسواق فليبينه لأن الأغراض تختلف فيه وقاله ( ش ) في كل ما نشأ عن العين كالولد وغيره لعدم وجوده عند العقد فإن جز صوفا بينه لأنه إن كان عند البائع تاماً فله جزه من الثمن أو حدث بعده فقد طال الزمان فتغير الحيوان ويبين توالد الغنم وإن باعها بأولادها وإذا ولدت الأمة لا يبيعها مرابحة ويمسك الولد وإن أخر الثمن أو حطه منه شيئا فليبينه قال اللخمي : إذا حدث الصوف عنده فإنما ينظر إلى انتقال السن فإن كانت جذعة وصارت ثنية فلا مقال للمشتري لانتقالها للأفضل إلا أن يتغير سوق بنقص فإن كانت رباعية فهرمت فعليه البيان قال : وأرى إذا كانت الغنم حوامل عند الشراء أو قريبة الوضع وباعها بأولادها : أن لا يبين لأنها زيادة لا ينظرها المشتري وهو في الأمة أبين لذهاب خوف الوضع وإن حملت بعد الشراء أو كانت حوامل بعيدة الوضع : لا يبين ذلك أيضا لأن الولد زيادة وإنما يعتبر طول الزمان وانتقال الشيء الأدنى ويبين في الجارية لأنه عيب ولا يراعى انتقال سنها وإذا حال السوق بزيادة ولم يطل مكثه لم يبين وإن عاد السوق عن قرب لم يبين وإن طال مكثه ولم يتغير سوقه ولا بدنه ولا بار عليه لم يبين , إن بار بين لكراهة الناس في البائر وإذا لم يبين نقص السوق والبدن : فغش عند ابن عبدوس وكذب عند سحنون قال : والأول أحسن فإذا حطه البائع سقط مقال المشتري وكل عيب حدث فكتمه فهو كذب وطول الزمان عشر والزيادة في الثمن كذب ورقم أكثر منه مع البيع به غش لأن المشتري يظن نقص السعر فللمشتري الرد مع القيام وإن كره البائع فإن فاتت فالأقل من القيمة أو الثمن ويختلف في القيمة متى تكون فعلى القول بأن المحبوسة بالثمن من البائع تكون يوم القبض وعلى القول أنها من المشتري يوم البيع إلا أن يكون المشتري لم ير الرقم أو رآه ولم يفهمه فلا مقال له وإذا اطلع على عيب فرضيه فباع مرابحة ولم يبينه : فهي مسألة عيب أو بينه ولم يبين رضاه به فمسألة كذب إن كان رضاه كراهة في الخصومة أو لغيبة البائع وإن كان رغبة في السلعة فليبين العين خاصة دون الرضا وإن أخذ سلعة من مديان موسر بدين حال وهو متمكن من قبضه فله يبعها بما أخذها في ولا يبين وإلا بين فإن لم يبين فمسألة كذب وغش على القولين وإن حدث العيب عنده ولم يبين فغش .
فرع في الكتاب : إذا اشترى لأجل بين ذلك وقاله ( ش ) فإن باع بالنقد فهو مردود فإن قبلها المبتاع بالثمن إلى ذلك الأجل منع لأنه سلف ينفع فإن فاتت فالقيمة يوم القبض معجلة قال اللخمي : جعله كمن قيل له : لا ترد بالعيب ونؤخرك بالثمن قال : وأرى أن ينظر فإن قام ليرد فقال : لا ترد وأن اصبر عليك فسد وإن رد فقال له : أقبلها وأنا أصبر عليك جاز لأنه بيع مستأنف بثمن إلى أجل وقال سحنون : يقوم الدين بالنقد فإن رضي البائع بضرب الربح على القيمة لم يرد لذهاب الضرر قال ابن يونس : إذا أخبر بالثمن ولم يبين للمبتاع الرد : فإن فاتت فالقيمة كالذي لم يبين تأجيل الثمن وإن حط عنه ولم يبين : قال سحنون : يلزمه وإلا خير بين الإمساك والرد وكذلك إن حطه دون حطيطة من الربح يلزمه البيع فإن لم يعلم بالحطيطة حتى فاتت وكانت الحطيطة بعد الفوت حط عنه ذلك من غير ربح وإلا فله القيمة ما لم تجاوز الثمن الأول فلا تزاد أو تنقض من الثمن بعد طرح الحطيطة بلا ربح فلا ينقص . تنبيه قال اللخمي : مدار هذا الباب على سبع مسائل : مسألة كذب مسئلة غش مسئلة عيب مسئلة كذب وغش مسئلة كذب وعيب وغش مسئلة عيب وغش مسئلة كذب وغش وعيب . المسألة الأولى : مسألة كذب بأن يشتريها بخمسة ويقول سبعة فإن كانت قائمة يخير المشتري بين التمسك بغير شيء أو يرد إلا أن يحط الكذب وربحه وقاله ( ح ) وقال ( ش ) في أحد قوليه وابن حنبل : : بل يتعين الرجوع بما زاد فإن فاتت خير البائع بين حط الكذب وربحه وبين القيمة يوم القبض ما لم تزد على ما باع به أو تنقص عن الثمن الخمسة وربحها قاله مالك وقال عبد الملك : للمشتري الرد حالة القيام ون حط الكذب وربحه لأنه يتوقع أن ماله حرام ويحمل قول مالك على أنه طلب إسقاط الزائد فقط أما لو قال : أخشى أن ذمته مشغولة كان ذلك له لأن الناس يكرهون معاملة أهل الحرام فإن لم ينقد الثمن أو نقده وعرفت عينه وكان عرضا ولم يفت كان له الرد كما قال عبد الملك وإن استهلكه مضى بالثمن الصحيح لأنه أن رد السلعة أخذ ثمنه من حينه إلا أن يكون حديث عهد بالجلوس للبيع فلا رد له إن حط الكذب وربحه وروى ابن القاسم عن مالك : يفيت السلعة حوالة الاسواق والقيمة يوم القبض وعنه يفيتها النماء والنقص والقيمة يوم البيع ملاحظة لصورة العقد والخلاف في وقت القيمة من الخلاف في المحبوسة بالثمن فعلى القول بأنها من البائع فالقيمة يوم القبض وعلى القول الآخر يوم البيع وعن مالك يحط الكذب وربحه في الفوت من غير تخيير والأول أحسن لأن ظلمة لا يلزمه أخذ ما لم يبع به . المسألة الثانية : مسألة الغش بأن يشتري بخمسة ويرقم بسبعة ويبيع على خمسة فيفهم أنه غلط فهي خديعة فيخير المشتري بين التمسك بغير شيء أو الرد وأخذ الثمن وليس للبائع إلزامه فإن فاتت بالأقل من الثمن الذي بيعت به أو القيمة ولا يضرب على القيمة ربح وقال ابن عبدوس : يفيتها حوالة الأسواق كالبيع الفاسد وعلى رواية علي : لا يفيتها إلا العيوب لأنها أقوى من الكذب وإن أحب الرد ردها وما نقصها العيب . المسألة الثالثة : مسألة العيب فله الرد وإن حط عنه أرش العيب لأنه يكره المعيب بخلاف الكذب إذا حط . المسألة الرابعة : مسألة كذب وغش اشترى بخمسة وقال : سبعة وطال زمانها في يده وبارت ورقم عليها عشرة فإن كانت قائمة فإن للمشتري الرد وإن طرح عنه الثمن لأجل الغش وإن فاتت بنماء أو نقص فقيامه بالغش خير له فإن كانت القيمة يوم القبض دون الخمسة لم يكن عليه غير القيمة وإن كانت أكثر اتفق الكذب والغش ويغرم القيمة من غير ربح ما لم يجاوز الكذب وربحه وعلى القول أن الكذب يحط كالعيب يبدأ به فيحط ثم يغرم القيمة ما لم يتجاوز الباقي . المسألة الخامسة : العيب والغش فإن لم تفت فله الرد فإن فاتت بنماء أو نقص له التمسك ثم يبدأ بالعيب فيحط قدره من الثمن ثم يرجع إلى الغش فليس له إلا قيمتها معينة وتغير سوقها فوت من جهة الغش على قول ابن عبدوس فله الرد بالعيب حينئذ وله التمسك ويدفع القيمة من ناحية الغش وتقوم على رأي محمد لا عيب فيها لأنها لم تفت من ناحية العيب وعلى القول الآخر : تقوم معيبة . المسألة السادسة : الكذب والعيب إن علم بالعيب وهي قائمة فله الرد به وإن حط البائع الكذب أو فاتت بنماء أو نقص كان فوتا للكذب والعيب فعلى القول : إن الكذب يحط كالعيب يبتدأ بإسقاط الكذب وربحه ثم يحط العيب من الثمن الصحيح ( وعلى قول بأنه لا يسقط يبتدأ بإسقاط العيب من جملة الثمن الصحيح والسقيم ) فإن فاتت بحوالة الأسواق فاتت على رواية ابن القاسم في الكذب ولم تفت باعين فله الرد بالعيب وله أن يمسك ثم يخير البائع بين حط الكذب وربحه أو يأخذ قيمة سلعته ما لم تكن القيمة أقل من قيمة الصحيح أو اكثر من السقيم ويختلف : هل تقوم سالمة لأن المشتري رضي بالعيب ؟ قاله محمد وقال ابن سحنون : معيبة ولا يعطي المشتري إلا قيمة ما أخذ المسألة السابعة : كذب وعيب وغش فإن فاتت لنماء أو نقص : فعلى القول بأن الكذب يسقط حكما كالعيب يبتدأ بإسقاط الكذب وربحه ثم تقوم السلعة صحيحة ثم معيبة فيسقط ما نقصها العيب ثم يبقى مقاله في الغش فله أعطاء القيمة من غير ربح ما لم يتجاوز الباقي .
فرع قال : قال ابن القاسم : إذا كذب في المكيل أو الموزون فعلم المشتري بعد نقله : كان له غرم مثله إلا أن يحط البائع الكذب وربحه .
فرع في المقدمات : إذا اجتمع العيب والكذب فخمسة أحوال : الأولى إذا لم تفت بوجه من الوجوه الثانية : الفوات بحوالة الأسواق وقد تقدم حكمها الثالثة : الفوات بالبيع باعتبار العيب وله المطالبة بالكذب الرابعة : الفوات بالعيوب فله المطالبة بأيهما شاء فيخير بين ردها وما نقصها العيب أو يرجع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح وبين الرضا والمطالبة بحكم الكذب الخامسة : ذهاب عينها أو ما يقوم مقامه فله أخذ قيمة العيب وما ينوبه من الربح أو يطالب بالكذب فعليه القيمة ما لم تكن أقل أو أكثر على ما تقدم .
فرع قال : فإن اجتمع العيب والغش فخمسة أحوال : الأولى : عدم الفوات مطلقاً وقد تقدم حكمها الثانية : فواتها بالبيع فليس له المطالبة إلا بالغش الثالثة : فواتها بحوالة الأسواق وقلة الرد بالعيب لأن الحوالة لا تفيته بخلاف البيع أو يرضى ويطالب بالغش فيدفع القيمة إن كانت أقل من الثمن الرابعة : فواتها بالعيوب المفسدة فيخير بين أخذها وردها وما نقصها العيب عنده أو يمسك ويرجع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح أو يرضى بالعيب ويطالب بالغش الخامسة : فواتها بفوات العتق أو ما يقوم مقامه فيخير بين المطالبة بحكم العيب فيحط قيمته وما ينوبه من الربح أو يرضى ويطالب بحكم الغش ويعطى القيمة إن كانت أقل من الثمن
فرع قال : إن اجتمع الكذب والغش فحالان : إحداهما : عدم الفوات بوجه من الوجوه فيخير بين الإمساك والرد الثانية : فواتها بحوالة سوق أو نماء أو نقصان فالمطالبة بالغش أفضل له إن كانت القيمة أقل
فرع قال : إن اجتمع عيب وكذب وغش : فخمسة أحوال : الأولى عدم الفوات مطلقاً وقد تقدم حكمها الثانية فواتها بالبيع فالمطالبة بالغش أفضل له من الكذب الثالثة : فواتها بحوالة الأسواق فيخير بين الرد بالعيب لأن الحوالة لا تفيته أو يرضى به ويطالب بحكم الغش فيعطي القيمة إن كانت أقل من الثمن الرابعة : فواتها بالعيوب المفسدة فيخير بين الرد ورد ما نقصها للعيب عنده أو يمسك ويرجع بقيمة العيب وربحه أو يرضى ويطالب بحكم الغش والمطالبة على ما تقدم أفضل له من الكذب وإن لم يرد وكان الولد صغيراً على التفرقة خير بين جمعها في ملك أو يرد البيع ا لخامسة : فوات عينها أو ما يقوم مقامه فيخير بين الرجوع بقيمة العيب ونائبة من الربح أو يرضى به ويطالب بحكم الغش لأنه أفضل له من الكذب فهذه الفروع كلها على مذهب ابن القاسم
فرع قال صاحب التنبيهات : الغش : كتم كل ما لو علمه المبتاع كرهه كطول بقائها عنده وتغير السوق أو البدن أو اشتراها نصراني أو كتم عيباً بها أو رقم عليها رسوماً ولم يبع عليها أو نظر فيها أو أدخلها مع الجلب أو الميراث أو بيعها مرابحة وهو لم يشترها بل حملها أو وهبها والكذب : الزيادة في الثمن أو كتم ما أسقطه البائع عنه منه أو تجوز في نقده عنه والفرق بينهما : أن في الكذب للبائع إلزامه بالثمن الصحيح مع قيام السلعة لأنه رضي بأكثر منه فيه أولا
فرع قال : إذا اشترى سلعتين بثمنين فباعهما مرابحة وأجمل الثمنين : أجازه محمد لأن ثمن الجملة أعلا في العادة بخلاف العكس
فرع في الكتاب : إذا ابتاع بفضة فأعطى ذهباً أو طعاماً أو عرضاً أو عكس ذلك فليبينه ويجعل الربح على المعقود عليه أو المنقود ويقع الربح على الثياب لا على قيمتها لأن القيمة مجهولة ومنع أشهب المرابحة في عرض لأنه بيع ما ليس عندك إلى غير أجل السلم ومن باع شيئاً ونقد خلافه ولم يبين رد إلا أن يرضاه المبتاع وإن فات بتغير سوق أو بدن أو غيرهما : فالربح على المنقود دون المعقود عليه على الجزء الذي أربحه وله التمسك بما عقد به البيع إن كان خيراً له لأن كليهما ترتب على العقد قال اللخمي : إن باع على ما تقدم ولم يبين أجازه مالك لعدم الغش ومنعه ابن حبيب لتعلق الغرض بالمعاوضة في الثمن فإن نقد طعاماً فليبع على ما نقد كالدراهم والدنانير وقال محمد : الطعام كالسلع لا يبيع إلا على ما نقد قال : والصواب في جميع هذه الأسئلة إذا جاء المشتري مستفتياً أن يوكل إلى أمانته فما علم أنه أخذ رغبة مع تمكنه من الثمن جاز له البيع على ما ( عقد ولا بين لأن المشتري مؤتمن على الثمن وإن لم يكن ذلك رغبة من البائع بل قصد المشتري بذلك الحطيطة ) لم يبع حتى يبين وإن لم يكن المشتري مستفتياً بل ظهر عليه وادعى الرغبة من البائع صدق وإن كان الثمن الأول عرضاً لأنه لا يقبل الحطيطة وإن كان أحد النقدين وليس عادة البلد طلب الحطيطة صدق أيضاً وإلا لم يصدق وإن اشترى بفضة ونقد ذهباً ولم يتغير الصرف أو تغير برخص : جاز البيع على ما نقد ولم يبين أو يغيره بغلاء لم يبع على واحد منهما حتى يبين فإن باع بما عقد حطه من الثمن حصة ذلك النقد وإن نقد عرضاً وباع على ما عقد وعلم أن فيه هضيمة كان كالنقد ويحط من الثمن الأول قدر ما استظهر به من ثمن الثاني إلا أن يعلم أن فيه غبناً فلا يحط إلا المسامحة قال صاحب النكت : إنما جوز ابن القاسم المرابحة على العرض ولم يجعله من بيع ما ليس عندك لأنهما لم يدخلا عليه وعن ابن القاسم : جواز البيع على ما نقد وإن لم يبين بخلاف بيعه على ما عقد ولم يبين ما نقد لأن الغالب الوضع فيما نقده وسوى ابن حبيب في الجواز وظاهر المدونة مجمل والذي تقدم أصوب وفي الكتاب : إذا اشترى بطعام ونقد العين وإنما يصح إذا كان الطعام جزافاً وإلا فهو بيع الطعام قبل قبضه قال صاحب التنبيهات : في كتاب محمد : يجوز البيع على ما نقد ولم يبين في الدنانير والمكيل والعروض وغيرها وعليه تأول فضل : المدونة
فرع في الكتاب : إذا وهب الثمن بعد النقد والافتراق جاز البيع مرابحة لأن ذلك ليس إسقاطاً وقاله ( ش ) وابن حنبل وقال ( ح ) : لا بد أن يبين لأنه موهم عدم المعاينة في أصل العقد فيكون أكثر بغبن فيه
فرع قال : إذا وهبها ثم ورثها لا يبيعها مرابحة لأنه ملك ثان بغير عوض فإن ورث نصفها ثم اشترى نصفها فال يبع نصفها مرابحة حتى يبين لأنه إذا لم يبين التبس المبيع بالموروث وإذا بين تعين المبيع قال صاحب النكت : فإن لم يبين وفات مضى في نصف النصف المشتري : البيع والنصف الثاني مما ورث فيه الأقل من قيمتها أو ما يقع له من الثمن والربح وللمشتري رد الجميع وإذا ابتاع رجلان عروضاً ثم اقتسماها فباع أحدهما ما وقع له ولم يبين فيما باع نصفه فهو ملكه القديم فيمضي بنصف الثمن وما يقابله من الربح ونصف الآخر إنما أخذه عرضاً عن نصفه الذي صار لصاحبه فكأنه اشترى عرضاً بعرض فيرجع إلى من عقد على عين ونقد عرضاً فباع ولم يبين فينظر ما هو خير للمشتري على ما تقدم قال ابن يونس : اشترط في الكتاب : الشراء بعد الميراث فاحتج به ابن القابسي على التفرقة بين التقديم والتأخير وسوى بينهما أبو بكر بن عبد الرحمن لحصول الكذب في ثمن نصف الميراث ولو قال : أبيعك النصف الذي اشتريت ولم يبين تقدمه ولا تأخره اتجه قول ابن القابسي ويلزمه إذا اشترى النصف أن يبين لأنه زاد في النصف الأخير
فرع قال : اللخمي : يختلف إذا أخذ عرضاً عن دين هل يبيع مرابحة ولا يبين قياساً على ما إذا أخذ شقصاً عن دين حال ؟ فقيل : يشفع بالدين فعلى هذا ليس عليه أن يبين وقيل بقيمة الدين فعلى هذا : عليه البيان
فرع قال : إذا اشترى بعين فقال : اشتريت بعرض وبنى على قيمته وهي مثل الثمن فأقل : فلا مقال للمشتري أو أكثر فمسألة كذب فإن باع على أن يأخذ المثل فللمشتري الرد إلا أن يرضى البائع على أن يكون الربح على ما اشترى به فإذا رضي نظر إلى قيمة العرض فإن كانت مثل الثمن فأكثر لزم المشتري لأنه رده إلى مثل ما اشترى به فهو أخف من العرض ونقله وإذا كانت قيمة العرض أقل لم يلزمه الرضا بالثمن إلا أن يحط عنه الزائد وإن اشترى بعرض : فقال : اشتريت بعين والعين مثل قيمة العرض فأقل لزم المشتري أو أكثر عاد الجواب إلى ما تقدم وكذلك إذا اشتريا عدلاً فاقتسماه بالتراضي ثم باع أحدهما نصيبه على ما اشترى به لأنه نصف ما صار إليه عوضه لصاحبه فللمشتري رد الجميع إلا أن يكون نصف ما اشترى مثل نصف العين فإن فات مضى بنصف الثمن وضرب له الربح في النصف الآخر على قيمة ما نقد إلا أن يكون الذي باع به أقل وقال ابن حبيب : إذا تقاوما فله بيع النصف على الثمن الأول والنصف الآخر بما دفع فيه لشريكه فإن كان أكثر من الثمن ودفعه لدفع ضرر الشركة لم يبع حتى يبين وإن كان لارتفاع السوق لم يبين
فرع قال : إذا اشتراها ثلاثة فتقاوموها فوقفت لاثنين فاستوضع الثالث البائع ديناراً فلهما رد السلعة عليه إلا أن يعطيهما نصيبهما من الدينار
فرع في الكتاب : لك بيع جزء من المكيل أو الموزون مرابحة إن كان متماثلاً وقاله الأئمة قال ابن يونس : يريد : وإن لم يبين وكذلك بيع ما بقي منه بخلاف ما لا يكال ولا يوزن لا يباع نصفه ولا بقيته حتى يبين وقاله ابن حنبل وجوزه ( ش ) بناء على قيمة قياسا على الأخذ بالشفعة بالقيمة إذا باع ما فيه الشفعة ولا شفعة فيه وجوابه : إن الشفعة لدفع الضرر فاغتفر فيها ذلك ولا ضرورة للبيع مرابحة فإن لم يبين فللمشتري الرد فإن فات فالأقل من الثمن أو القيمة .
فرع في الكتاب لا تبع أحد ثوبين اشترتهما بأعيانهما ماربحة ولا تولية بحصته من غير تسميته وإن استويا لأن ثمن الجملة يخالف ثمن جزئها فإن كانا من سلم جاز قبل القبض وبعده إذا اتفقت الصفقة ولم يتجاوز عنه فيها إذ لو استحق احدهما لرجعت بمثله والمعين يرجع بحصته من الثمن قال ابن يونس : قال ابن عبدوس : فإن لم يبين : فللمبتاع الرد لأن الجملة يرغب فيها فإن فاتت فالقيمة يوم القبض ما لم ترد على الثمن الأول ومنع سحنون في السلم وغيره ( لتقارب الثمن في الثوبين وأجازه ابن نافع في السم وغيره )
فرع في الكتاب : يجوز جزء شائع مرابحة من عروض ابتعتها معينة وكذلك الرقيق لأنه بثمن معلوم بخلاف رأس بما يقع عليه من الثمن .
فرع في الكتاب : إذا ابتاع نصف عبد بعشرة وابتاع غيره نصفه بخمسة ثم باعا مرابحة فلكل واحد ما نقل والربح بقدره لأن الربح يبتع الثمن فإن باعا بينهما نصفا أو بوضيعة فالوضيعة بقدر رأس المال قال ابن يونس : الربح بينهما نصفان نظرا لأصل الملك قال اللخمي : واختلافهما في الثمن أحسن إذا على المشتري اختلاف الثمن وإن لم يعلم تفاوتهما قال : وأرى إن كان شراؤهما في زمن واحد والسوق على الثمن الأول باعا من غير بيان أو على الثمن الأكثر بينا وإن كانا في سوقين متفاوتين رخص عن قرب لم يبينا وإن باعا بوضيعة مساومة يقتسما الثمن نصفين وإن سميا ثلاثمائة ووضعا مائة فضل الثمن على رؤوس الأموال الأول باعا من غير بيان أو على الثمن الأكثر بينا وإن كانا في سوقين متفاوتين رخص عن قرب لم يبينا وإن باعا بوضيعة مساومة يقتسما الثمن نصفين وإن سميا ثلاثمائة ووضعا مائة فضل الثمن على رؤوس الأموال .
فرع في الكتاب : إذا بعت مرابحة ثم اشتريت بأقل أو أكثر فلا تبع مرابحة إلا على الثمن الأخير لأنه ملك حادث وإن قلت : بعت على الثمن الأول لأن البيع لم يتم قال صاحب النكت : إنما لم يجعل الإقالة بيعا في المرابحة إذا تقابلا بالحضرة قبل انعقاد الثمن والافتراق أما إذا نقد وافترقا بيع حينئذ قال اللخمي : إذا استقال بأقل أو أكثر جاز البيع على الثاني وقال ابن حبيب : لا يبيع إلا على الأول استقال منه أو اشتراه بأقل أو أكثر قال : والأول أظهر إلا أن تكون عادتهم إظهار بيع حادث ليتوسلوا إلى البيع بأكثر من الأول وإنما منع ذلك إن عادت إليه بأقل بناء على أنه بقي منه ربح على الأول مثل أن يشتري بخمسة فيبيع بسبعة ثم يشتري بعشرة .
فرع في الكتاب : إذا كنت استحطط بائعك خيرا المشتري منك في أخذها بجميع الثمن وردها إن كانت الحطيطة للبيع وإلا فلا إلا أن يحط عنه الحطيطة وكذلك التولية وأما الاشتراك فيخير على الحطيطة لملاقاة الحطيطة لهما قال ابن يونس : إن فاتت المرابحة ولم يحط عن المشتري فعليه قيمتها يوم العقد وإن زادت على الثمن بوضيعة ولا شيء له من الوضيعة وإن كانت أنقص رددت عليه ما نقص إلا أن يكون أكثر من الوضيعة فلا يزاد على الوضيعة قال اللخمي : قال عبد الملك : يحط الحطيطة عن المشتري مرابحة وإن كره المشتري الأول
فرع في الكتاب : إذا ثبت أن الثمن أكثر مما أخبر به خير المشتري بين ردها والتزام الربح على ما يثبت فإن فاتت بنماء أو نقص خير المشتري بين القيمة يوم العقد إلا أن تكون أقل مما قاله فلا ينقص منه أو أكثر فلا يزاد عليه قال ابن يونس : يصدق البائع مع يمينه إذا كان من الرقم ما يقتضي الزيادة وفي الجلاب : إن تراضيا على شيء جاز وإلا فسخ البيع قال صاحب المنتقى : إذا لم تفت فإنهما بالخيار لأن الضرر داخل عليهما قال سحنون : يخير المشتري بين الرد والحبس بجميع الثمن لأن العقد له فإن رد خير البائع بين الرد وحط الزائد وربحه والفرق بينه وبين العيب إذا حط البائع قيمته : إن السلعة تبقى معيبة وهو لا يرضى بالعيب
فرع قال ابن يونس : إذا غلط فأعطاه غير ثوبه فقطعه له رده ولا شيء عليه في القطع بخلاف ما إذا قطعه ثم اطلع على كذب في الثمن فالقطع فوت والفرق : أن الثوب الكذب لو هلك قبل القبض وثبت ذلك ببينة ضمنه مبتاعه ولو هلك ثوب الغلط فمن بائعه ولأنه لم تجر فيه مبايعة بل البائع مسلط والمرابحة بينهما حوالة الأسواق فأولى القطع نظائر : قال العبدي : أربع مسائل يرجع الإنسان فيها في عين ماله حالة قيامه دون فواته : إذا أعطاه غير المبيع غلطاً ومن أثاب من صدقة ظناً منه أنه يلزمه الأخذ من طعام الحرب ثم يرده والمشتري لرجل جارية ثم يقول : قامت عليَّ بدون ما قامت عليه به ثم يظهر له الغلط واختلف في المرابحة إذا ظهر أن الثمن أكثر
فرع في ( الكتاب ) إذا أتهم البائع في الثمن لم يبع مرابحة حتى يبين
فرع قال إذا بتعت من عبدك أو مكاتبك بغير محاباة فالبيع مرابحة وإن لم يبين لأن العبد يملك وكذلك في شرائهما منك لأن لهما وطء ملك اليمين وقال ( ح ) وابن حنبل : إذا اشترى ممن لا تقبل شهادته له لا يبع حتى يبين للتهمة ( في الحطيطة وخالفهما ( ش )
فرع إذا لبست الثوب أو ركبت الدابة فلتبين ذلك بخلاف وطء الأمة ) لأنه لا ينقصها إلا أن تكون بكراً وهي ممن ينقصها الوطء قال غيره : ولا يبين خفيف الركوب أو اللباس الذي لا يغير قال ابن يونس : قال ابن عبدوس : إذا نقصها الافتضاض ولم يبين فإن لم تفت وحط ما ينوب الافتضاض وربحه : فلا حجة له وتفيتها حوالة الأسواق لشبهها بالبيع فإذا فاتت فأعطاه البائع ما نقصه الافتضاض وربحه وإلا فله استرجاع الثمن ويعطى قيمتها مفتصة يوم القبض ما لم ترد على الثمن الأول فلا يزاد أو تنقص عما بعد الطرح فلا ينقص
فرع في الكتاب : إذا زوجها لا يبع مرابحة ولا مساومة حتى يبين لأنه عيب فإن لم يبين خير المبتاع بين قبولها لجميع الثمن أو ردها ولا يلزمه قبولها بحطيطة العيب ولا تفت هذه حوالة الأسواق بذلك ولا نقص خفيف ولا زيادة لان العيب لا يفوت بذلك فإن فاتت بعتق أو كتابة فحط البائع حصة البيع وربحه فلا حجة له قال ابن يونس : فإن أبى فله القيمة ما لم تنقص من الثمن بعد إلغاء قيمة العيب وربحه أو تزيد على الثمن وقيل : يجتمع فيها الكذب والتدليس بالعيب لأنه لو ذكر العيب كانت مسألة كذب فإن سكت كانت كذباً وتدليساً وقال ابن عبدوس : مسألة عيب فقط لأن الكذب هو العيب فإذا أخذه بالكذب والعيب غرمه قيمة العيب مرتين قال ابن يونس : وأرى أنه كذب وعيب لكن يخير بين الأخذ بأيها شاء عند الفوت أي ذلك أنفع له إذا اختلفت القيمة وإن تساوت أخذه بالعيب لأنه الأصل في الكذب اللفظ العاشر : الثمار في رؤوس النخل والنظر في مقتضى الإطلاق والمستثنى من ذلك في العرية ووضع الجوائح فهذه ثلاثة أنظار النظر الأول : في مقتضى الإطلاق وفي ( الجواهر ) : موجب الإطلاق بعد الزهو استحقاق الإبقاء إلى أوان القطاف وقاله ( ش ) وقال ( ح ) : يتعين القطع عند العقد ( ولو شرط التبقية امتنع ) لأنه مقتضى العقد في سائر المبيعات إن تحول ولأنه اشترط منفعة الأصول وهي مجهولة فيكون العقد تناول مجهولاً تناول مجهولاً والجواب عن الأول : أن مقتضى العقد معارض بمقتضى العادة وعن الثاني أن مثل هذا لا يقدح في العقود كما لواشترى طعاماً كثيراً فإنه يؤخره للزمان الذي يحمل فيه مثله وبيع الدار فيها الأمتعة تتأخر مدة التحويل منها وإن طالت على جاري العادة لقوله ( أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه ) ومنعها إنما هو بالجائحة بعد البيع وهو دليل التبقية ويجوز بيع الثمار قبل الزهو بشرط القطع ويبطل بشرط التبقية لنهيه في الصحيحين ( أن تباع الثمرة حتى تُشقح قيل : وما تُشقح ؟ قال : تحمار وتصفار ويؤكل منها ) ولأنها معرضة للعاهات قبل ذلك فتندرج في الغرر فائدة : قال صاحب ( الإكمال ) تشقح الثمرة : احمرارها لأن الشقحة لون غير خالص للحمرة أو الصفرة وتحمار وتصفار للون المائل وأحمر وأصفر اللون المستقر وروى : تشقه بسكون الشين المعجمة والمعروف : التحريك مع الحاء والهاء بدل من الحاء نحو : مدحه ومدهه وأزها النخل يزهو إذا أحمر وأصفر وقيل : يزهو خطأ بل يزهى وقيل أزهى خطأ بل زهى سؤال : لِمَ سألوه : حتى يُشقح أو حتى يزهى على اختلاف الروايات مع أنها ألفاظ عربية ؟ جوابه : لعلها لغة قبيلة غيرهم أو مستعارة لحُس الثمرة فيسأل أي حُسنها يريد أو سألوه احتياطاً للحكم
فرع قال : فإن وقع العقد عندنا عن شرط القطع والإلغاء فظاهر الكتاب : الصحة استقراء من قوله في البيوع الفاسدة : إذا اشتراها قبل بدو الصلاح جاز البيع وقاله ( ح ) حملاً للإطلاق على العرف الشرعي وقال اللخمي وابن محرز وغيرهما من المتأخرين وحكى التونسي والشيخ أبو محمد والبغداديون عن المذهب : البطلان وقاله ( ش ) حملاً للإطلاق على العرف العادي ولنهيه عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها والنهي يقتضي الفساد إلا ما دل الدليل على جوازه قال ابن يونس : بيعها على هذه الوجوه الثلاثة جائز عملاً بمفهوم الحديث فائدة : قال ابن يونس : ثمر النخل سبعة أقسام : طلع ثم يتلقح الخف عنه ويبيض فهو عريض ثم يخضر فبلح ثم تعلوه حمرة فزهو ثم تصير الحمرة صفرة فبُسر ثم تعلى الصفرة دكنة فينصح فرطب ثم ييبس فتمر وإذا أزهى اشتد وصار جذره ( وامتنع سقوطه وتسلط الآفات عليه
فرع في الكتاب : إذا اشترى قبل الإزهاء فتركه حتى أتمر أو ) أرطب فجذه رد قيمة الرطب يوم جذه قال ابن يونس : يريد : وإن كان قائماً رده ولو فات والإبان قائم وعلم وزنه أو كيله رد مثله لأنه الأصل في رد المتلفات قال ابن القاسم : يريد مكيلة الثمن إن جذه تمراً إن فات وإلا رده بعينه سواء تركه لهرب أو لدد أو غيرهما حتى يرطب وقيل : أن تعدى الترك فسخ لعدم القدر ومتى جهلت المكيلة فالقيمة لأنها في المرتبة الثانية في الغرامات
فرع قال : إذا اشترى نخلا فيها تمر مأبور جاز شراؤها بعد ذلك لأنها تغتذي من رطوبات نخل على ملكه فلا جهالة في المبيع بخلاف نخل الغير واختلف فيه قول مالك وفي شراء مال العبد بعد الصفقة ولو اشترى الثمرة أو الزرع قبل بدو الصلاح على القطع ثم اشترى الأصل أو الأرض فله الإبقاء لما تقدم وإن اشتراها على الإبقاء ثم اشترى الأصل : فالبيع فاسد لمقارنة الشرط المفسد وإن اشترى الثمرة على الفساد ثم ورث الأصل من البائع : فله الإبقاء لانتقال الملك إليه ولو اشتراها قبل الإبار أو الزرع على الإبقاء ثم اشترى الأصل أو الأرض قبل الإبار فسخ البيعان لأنه كاستثناء البائع الثمرة قبل الإبار ولو لم يفسخها حتى أزهت وقبضها المشتري الأصل فقيمتها يوم قبض الأصل ويرد الأصل لأنه بيع فاسد ولو اشترى مع الأصل بعد الإبار ردت الثمرة إلى ربها وثبت بيع الأصل ولو لم يفسخ البيع حتى أزهت في شجر المشتري ( فهي له وعليه قيمتها يوم شراء الأصل على الرجاء والخوف لأنه فوت في بيع فاسد ولو اشترى الأصل بعد زهو الثمرة في ) الشجر أو بعد فسخ بيع الثمر والزرع وإن أخضر إلا أنه انكشف الغيب أنه على التبقية في ملك الغير ولو ابتاع الأرض بزرعها في صفقة واحدة ثم استحقت الأرض قبل استحصاده انفسخ البيع أو بعد استحصاجه تم البيع وكذلك الثمرة تنزيلاً للملك الظاهر منزلة الملك الباطن وكذلك الثمرة قال ابن حبيب : قال صاحب ( البيان ) : في شراء مال العبد وتمر النخل بعد الصفقة أربعة أقوال : الجواز لأن النهي عن البيع قبل بدو الصلاح إنما جاء إذا بقيت الأصول لابن القاسم والمنع لمالك لظاهر النهي والتفرقة بين القرب فيجوز لأنه في حكم الوقوع مع العقد وبين البعد فيمتنع وفرق أشهب بين ثمر النخل فيجوز مع القرب والبعد ويمتنع مال العبد مطلقاً لجهالته فلا ينفرد قال يحيى : والقرب نحو عشرين يوماً
فرع في ( التلقين ) : يمتنع بيع الكتان والقرظ واستثناء حبهما لأنه مجهول
فرع قال صاحب ( البيان ) : إذا اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها فضمانها من البائع لأن قبض الأصل ليس قبضاً للثمرة والبيع فاسد فإن جذها ضمنها وعليه مكيلتها رطباً وإن لم تفت ردها وفسخ البيع فإن باعها بعد بدو صلاحها : قال محمد : فوت وعليه القيمة يوم البيع لأنه يوم التفويت وعن مالك : يوم بدو الصلاح لأنه فوت سابق وقيل : البيع ليس فوتاً
فرع قال : إذا اشترى نصف ثمرة بعد بدو الصلاح : قال مالك : ليس له بيعها حتى يستوفيها لأن نصيبه لا يتعين إلا بالقيمة فأشبه الطعام قبل قبضه ثم رجع للجواز لأنه ضمن بالعقد
فرع قال : إذا اشترى نخلاً في حائط واختلف في شربه فإن وقع العقد بغير شرط وهو يقدر على سقيه من غير ساقية البائع فهل يكون السقي على البائع لأنه تبع للنخل كالثمرة الذي لم يؤبر أو على المشتري ككسوة العبد ومؤنته : قولان لمالك فإن لم يقدر على سقيه فعلى البائع قولا واحداً لأنه ظاهر الحال فإن تنازعا ولقول البائع وجه كقدرة المشتري على السقي من غير ساقية البائع كالمعسه على السقي تحالفا وتفاسخا فإن نكل أحدهما صدق الحالف وإن لم يكن للبائع وجه صدق المشتري قاله ابن القاسم لأن الأصل : إكمال الشرب فإن اختلف في الاشتراط عند العقد ( تحالفا وتفاسخا إن كان للبائع وجه قاله ابن القاسم وإلا صدق المبتاع وقال أصبغ : يتحالفان ويتفاسخان مطلقاً لأن الأشبه على المشهور لا يراعى مع قيام المبيع ولو وهبه إلا عذق صدق الواهب لأن الأصل : بقاء ملكه في الماء والمعارضة قوية تستتبع بخلاف التبرع
فرع قال : إذا اشترى بعد الإزهاء واستقال منه عند اليبس منه امتنع لأنه أخذ تمراً في رطب فإن باعه بدين إلى أجل : فهل يجوز أن يأخذ بالدين تمراً إذا يبس ؟ ثلاثة أقوال : لمالك : الجواز في التفليس وغيره لأنه لم يبع طعام بطعام والمنع منها حذراً من بيع الرطب بالتمر ( إلى أجل ) وإعطاؤه في ذلك التمر تمر حائطه والفرق بين التفليس فيجوز لنفي التهمة وغيره فيمتنع
فرع قال ابن يونس : إذا اشترى المكتري شجر الدار وهو تبع للكراء ثم استحقت الدار إلا موضع الشجر ردت الثمرة لأنه ضمها إلى غير ملكه وإن اشتراها قبل بدو صلاحها على الإبقاء فأبقاها حتى أثمرت فضمانها من البائع ما دامت في رؤوس الشجر وإن مكنه البائع من قبضها عند ابن القاسم لأنه بيع فاسد لم يقبض لبقائه في أصول البائع وعن ابن القاسم : ضمانها من المشتري لان الشجر تبع للدار وإذا ردت للبائع فعليه السقي والعلاج والجذاذ لأن المشتري غير متبرع قال : وينبغي جريان الخلاف الذي في قولهم إذا اشترى آبقاً فجعل فيه جُعلاً ثم انفسخ البيع هل يغرم الجُعل أم لا ؟ لأنه إنما طلب لنفسه أو هو غير متبرع بل أنفق بناء على تقدير ظهور بطلانه
فرع وعن ابن الكاتب : إذا اشترى الثمرة على البقاء فجذها قبل زهوها وعليه قيمتها يوم الجذاذ بخلاف استهلاك الزرع قبل بدو الصلاح عليه قيمته على الرجاء والخوف والفرق : أن رب الثمرة إذن في التصرف ولأن البيع الفاسد يضمن بوضع اليد وقيل : عليه قيمة الثمرة على الرجاء والخوف لأن البائع باعها على البقاء فصار المشتري متعدياً بالجذاذ قال أبو الطاهر في نظائره : وإذا اكترى داراً وفيها شجرة فإن كانت طابت جاز شراؤها قلت أو كثرت أو لم تطب جاز بأربعة شروط : أن تكون ثلث الكراء فأدنى ويشترط جملتها ويكون رطباً قبل انقضاء الأجل ويكون القصد باشتراطها رفع المضرة في التصرف قال ابن يونس : إذا لم يكن بيعاً واشترطها فسدت الصفقة كلها وإن أزهت صحت وفيها الجائحة إن كانت ثلث ما ينوب الثمرة من الثمن وكراء الدار والأرض في ذلك سواء
فرع في ( الجواهر ) : إذا اشترى الثمرة قبل الزهو والشجر في صفقتين : فإن بدأ بالشجر صح وله الإبقاء إلا أنه منتفع بملك نفسه ومنع المغيرة وغيره سداً للذريعة ولو باع الشجر وحده ولم يشترط قطع الثمرة صح لأن المبيع هو الشجر ولا محذور فيه
فرع قال : بدو الصلاح في البعض كاف لأن الغالب التقارب وقاله الأئمة لكن بشرط اتحاد الجنس دون النوع والبستان بل يبتاع بطيب البستان ( المجاور له لأنه في حكم الاتحاد لو هد الجدار وقيل : يشترط اتحاد البستان ) وقاله ( ش ) لأن اختلاف السقي والعلاج يوجب اختلاف الطيب وتعجيله وقال القاضي أبو الحسن : إذا بدا صلاح جس من الثمار في بستان منه نخلة أو عذق في نخلة جاز بيع جميع بساتين البلد لاشتاكها في الهواء المنضج إلا أن يكون ذلك باكورة فلا يباع غيره بطيبه فائدة : العذق بفتح العين المهملة وسكون الدال المهملة : العرجون وبكسر العين : النخلة فالأعلا للأعلا والأسفل للأسفل
فرع في ( الجواهر ) : إذا كانت تطعم بطنين في سنة : ففي جواز بيع الثانية بطيب الأولى قولان : المشهور : المنع قال صاحب ( البيان ) : إذا لم يطب الشتوي حتى ينقضي الصيفي لا يباع بطيبه اتفاقا إلا أن يكون يسيراً تبعا فقيل : يجوز ومنعه سحنون لعدم الضرر في تأخيره لعدم اجتماع النخل في السقي فلو أراد المشتري التفرد لنفسه وشرط والتزم السقي جاز كالثمرة في الدار قال ابن يونس : ثلاثمائة شجرة فيها شجرة شتوية لا تباع مع الصيفي وإن تأخر طيبه إلى أزهاء الشتوي
فرع قال صاحب ( البيان ) : إذا اشترى رطباً فادعى دفع الثمن بعد قبض الرطب صدق الرطاب لأن الأصل : عدم القبض أو قبل القبض : فثلاثة أقوال يصدق البائع يصدق المشتري لأن البائع مفرط بالدفع أولاً لأنه ائتمن المشتري والأمين مصدق والقولان لمالك ويصدق المبتاع فيما العادة فيه قبض الثمن لابن القاسم عملا بالعادة وهذا فيما يباع في الأسواق وأما الكثير فيصدق البائع إلا أن تطول المدة وفيه خلاف
فرع قال : إذا اشترى حائطا غائبا بالعدد جاز لأن العدد كالصفة وكذلك إذا عاينه على الزرع وقيل : يمتنع كنخلات من حائط وأذرع من دار وعلى الجواز فالضمان من البائع على المشهور وقال ابن القاسم على المبتاع
فرع قال المازري : يجوز بيع المقائي والقصيل ونحوها مع الخلفة خلافاً ل ( ش ) و ( ح ) قاعدة : الغرر ثلاثة أقسام : ما أجمع الناس على منعه كالطير في الهواء والسمك في الماء وما أجمع الناس على جوازه كطعن الحبة وأسا الدار وما اختلف الناس فيه هل يلحق بالأول أو الثاني ؟ كبيع الغائب على الصفة وهذه المسألة فيما يقولان الخلفة مجهولة وغرر فيمتنع ونحن نقول : هو غرر تدعو الضرورة إليه لتعدد التمييز في المقائي وحفظ المالية في الجميع فإن اشترى الخلفة قبل أن تخلق بعقد منفرد امتنع للجهالة وعدم التبعية التي يغتفر فيها ما لا يغتفر في الاستقلال أو بعد العقد على أصلها وحدها فقولان نظراً إلى إلحاق هذا العقد بما تقدم أو هو منفرد فيمتنع تمهيد : قال صاحب ( المنتقى ) : النبات المخلف ثلاثة أضرب : لا تتصل بطونه كالنخل والورد ونحوهما فلا يباع بطن حتى يبدو صلاحه وضرب تتميز بطونه وتتصل كالقصيل والقصب والقرظ فإطلاق العقد يقتضي الموجود فقط لأنه العادة فإن اشترط الخلف : ففي الجواز روايتان عن مالك نظراً إلى إسناده للجذة الأولى واستقلالها بنفسها وعلى الجواز يشترط أن تكون مأمونة من جهة السقي وغيره وهل يجوز بيعه حتى يفنى منعه مالك للغرر وقيل : يجوز لأنه معلوم عادة والخضر كلها كالقرظ وجوز ابن مسلمة بيع الموز سنين وكرهه مالك الضرب الثالث : لا تتميز بطونه كالقاثي فيمتنع بيعه بطوناً معدودة لعدم الانضباط بل يرجع في انتهائه إلى العادة إذا طلب البائع أرضه
فرع في ( الكتاب ) : إنما يجوز اشتراط الخلف في القصيل والقرظ والقصب إذا بلغ الجذاذ للعلف إن كانت مأمونة لا يخلف ويجوز جذة وجذتين إذا لم يشترط تركه حتى يصير حباً لأن ذلك غير منضبط وإن لم يشترط ولكن عليه الحب في اشتراط الخلفة قوم ما رعى بقدر تشاح الناس ولا ينظر إلى غرر نبات أوله أو آخره ويرد من الثمن بقدر القيمة ولا يجوز بيعه قبل بلوغ الرعي والحصاد لأنه بدو صلاحه ولا يجوز شراؤه حينئذ بشرط التنقية حتى يتحبب أو يتركه شهراً إلا أن يبدأ الآن في فصله فيتأخر شهراً قال ابن يونس : جوز ابن حبيب اشتراط الخلفة في بلد السقي دون بلد المطر لعدم المؤنة وقال سحنون : إذا غلبه الحب فالقيمة يوم الصفقة على أن يقبض في أوقاته
فرع قال ابن يونس : لو طلب الإقالة فامتنع فقال : لا يتركه حتى يصير زرعا : أمر بفصله لأنه ضرر على البائع فإن أخره حتى صار حباً فلا بيع بينهما لأنه لم يبعه حباً وكذلك لو تحبب ولم يقض عليه وقيل إنما يقع التقويم إذا غلبه في الخلفة إذا جذ الرأس كله وأما في الدائر فلا لأنه إن غلبه في جملتها انتقض البيع بغير تقويم أو في جذة رجع من الثمن بقدره وهو خلاف المذهب قال صاحب ( النكت ) : إنما يجوز اشتراط الخلفة إذا لم يجذ الرأس حتى اشترى الخلفة ( لأنه غرر نافع أما بعد الجذ فلا قال اللخمي : أجاز في ( الكتاب ) بيع الخلفة ) ممن اشترى الرأس بعقد بانفراده إذا كانت مأمونة فمنع محمد في صفقة واحدة وجوز في صفقة أخرى لأنه يجوز لضرورة والضرورة لا تتعدى ومنه من بيع ما يطعم شهراً لاختلافه في القشرة لكثرة الجذ وقلته قال : ويلزم على قوله منع بيع الجميع لأنه يأتي عليه شهر وعلى الجواز يجوز في الشهر فإذا انقضى لم يكن له الصغير فإن باع أول بطن فله ما يقال : إنه من هذا البطن
فرع في الكتاب : يمنع من بيع القصيل إذا صلح للرعي على أن يتركه حتى يتحبب أو شهراً إلا أن يبدأ في قصله ويتأخر شهرا وهو دائم فيه بخلاف الثمر بعد طيبه لأن الزرع يزداد ببقائه نباتا والتمر إنما تقوى حلاوته وأيضاً فالزرع يبقى فهو شراء معين إلى أجل والجائحة فيه من البائع وكذلك صوف الغنم يمتنع اشتراطه حتى يتناهى ويجوز بيع بقل الزرع على رعيه مكانه ويمتنع اشتراط بقائه حتى يصير قصيلاً لأنه يزيد نباته تنبيه : قال اللخمي : يجوز بيع الثمار قبل الصلاح بثلاثة شروط : أن يكون منتفعا بها لنهيه عن إضاعة المال وتدعو لذلك حاجة وإلا فهو من باب إفساد الثمرة وقطعها عن غايتها المطلوبة منها فلا يجوز إلا لحاجة وأن لا يتمالأ عليه أكثر أهل البلد ليلا يعظم الفساد في ذلك
فرع قال : ويجوز بيع الثمار على التبقية إذا اشترط الضمان على البائع ولم ينقد واختلف في إطلاق العقد بعد بدو الصلاح هل هي على البقاء إلى اليبس أو على القطع ؟ قاله ابن حبيب لأن الأصل في المبيعات : التقابض إلا بشرط أو كانت عادتهم التأخير أو كان البيع فيها على الكيل بعد اليبس
فرع قال : ولا يجوز عيب ولا غيره من الزرع والفواكه حتى يبدو صلاحه وصلاح الزرع أن يبيض عند مالك وقال غيره من العلماء : حتى يفرك لنا : نهيه عن بيع الزرع حتى يبيض ويأمن من العاهات في مسلم فإن بيع بعد الإفراك واشترط المشتري أخذه يابساً : قال مالك : إذا جذ ذلك وفات مضى وقال أيضا : يفسخ وأن تبين وهذا الخلاف جار سواء كان جزافاً أو كيلا وكذلك الفول والحمص يباع أخضر قد امتلأ حبه قال ابن القاسم : لا يفسخ للخلاف فيه وفسخه ابن عبد الحكم وإن تبين قال وأرى إن كان السقي بالعيون فهو مأمون يصح العقد وكذلك الدوالي وإن كان بالمطر وعدم الماء يضره لم يصح قال محمد : صلاح الزيتون باسوداده والفجل واللفت والبصل والجزر والثوم المغيبة في الأرض يباع إذا استوى ورقه ولم يكن فيه فساد فإن كشف أو قلع ووجد شيء منه بخلاف ما رأى رد بحسابه من الثمن وفي ( الجواهر ) : صلاح الثمار طيبها أو مبادئ الحلاوة النظر الثاني فيما استثني من بيع الثمار وهو العرايا ويتجه النظر في معنى لفظها ووجه استثنائها وحقيقتها وقدرها ومحلها وكيفية بيعها وسبب الرخصة فيها فهذه سبعة أبحاث : البحث الأول : في معنى لفظها : والعرايا جمع عرية وفيها سبعة أقوال قيل : من تعرى النخلة من تمرها بالهبة وقيل : من عروت الرحل أعروه : إذا طلبت معروفه وهي معروف ومنه قوله تعالى : ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) وأصله : المكان المنكشف الفارغ لقوله تعالى ( فنبذناه بالعراء ) أي بالمكان المنكشف الفارغ ومن منح ماله فقد فرغ ملكه منه قال المازري العرية : النخلة يعرى ثمرها للمحتاج وقيل : لأنها تعرى من المساومة عند البيع وقيل من العارية لأن النخلة ترجع بعد الانتفاع بها ويرد عليه : أن أصل العارية عودته تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً فصارت عارية من قولهم : عاورت فلاناً أي ناولته وناولني وفعلها : أعاره يعيره والفعل من عرية الثمار : أعراه يعريه فيمتنع أن يكونا من معنى واحد مع أنه قد قيل : العراية من العار قال صاحب ( الإكمال ) : العرية مشددة الياء وهي فعلية وفعيل وفعيلة تكون بمعنى فاعل وبمعنى مفعول كرحيم وعليم بمعنى راحم وعالم وقتيل وجريح بمعنى مجروح ومقتول فالعرية قيل : معناها من الطلب فتكون مفعولة أي عطية وقيل : من عروت الرجل أي أتيته فتكون مالية لأنها على هذا فاعلة لخروجها عن مال ربها وتعريه عنها فتكون فاعلة أي خارجة ومعرية لربها أي عريت من التحريم وقيل : معناها من الانفراد : عريت النخلة إذا أفردتها بالبيع أو الهبة وقيل : الثمرة إذا رطبت لأن الناس يعرونها للالتقاط فتكون مفعولة تمهيد : في أسماء أنواع الإحسان في اللغة : العرية : هبة الثمار في النخل والأشجار والعارية تمليك المنافع والإفقار : إعارة الظهر من بعير أو غيره للركوب مأخوذ من فقار الظهر وهو عظام سلسلة الظهر والمنحة والمنيحة : تمليك لبن الشاة مدة تكون عنده يحلبها والهبة : تمليك الأعيان طلبا للوداد والصدقة : تمليك الأعيان للثواب عند الله تعالى والسكنى : هبة منافع الدار مدة معينة وهو أحد العارية والعمرى : تمليك منافع الدار عمره والرقبى : تمليك منافع الدار إلى أقربهما موتاً كأن كل واحد منهما يرتقب موت صاحبه والوصية : تمليك الأعيان أو المنافع بعد الموت والوقف والحبس : تمليك الموقوف عليه أن ينتفع بالأعيان لا تمليك المنافع وفرق بين تمليك المنفعة وبين ملك أن ينتفع ففي الأول : له نقل الملك في الانتفاع لغيره وفي الثاني : ليس له ذلك كالجلوس في المساجد للصلاة وفي الطرقات للمعاش وليس له بيع ذلك ولا تحجيره والنفح والعطاء والإحسان والتمليك والمعروف تعم هذه الأنواع الأحد عشر . البحث الثاني : في وجه استثنائها قال صاحب ( التنبيهات ) : هي مستثناة من أربعة أصول محرمة : المزابنة والطعام بالطعام إلى أجل وغير معلوم التماثل والرجوع في الهبة . البحث الثالث : في حقيقتها في المذهب وفي ( الجواهر ) : قال القاضي أبو الوليد : هي هبة ثمرة نخلة أو نخلات من الحائط قال القاضي أبو الوليد : هذا على مذهب أشهب وابن حبيب دون ابن القاسم بل معناها عند ابن القاسم : أن يعريه الثمرة على أن المعرى ما يلزمها إلى بدو صلاحها ولفظ الهبة عنده لا يقتضي هذا لأنه يفرق بين الهبة والعرية في السقي والزكاة فيجعلها على المعرى بخلاف الهبة و غيره يخالفه على ما يأتي إن شاء الله تعالى وفي ( الكتاب ) : تجوز عرية النخل والشجر قبل أن يكون فيها ثمر عاما ومدة العمر . قال اللخمي : يجوز في قليل الشجر وكثيرة ما لم يكن الشجر لم يبلغ الإطعام لأنه مكايسة لأنه يعجل ليعطى في المستقبل فإن نزل وفات بالعمل : فللعامل أرجة مثله في العمل حال صغرها وإثمارها والثمرة للمعطى إلا أن يعلم إنها تثمر تلك السنة فيجوز ويدخلان على أن الكلفة في السقي وغيره على المعطى . البحث الرابع في قدرها قال اللخمي : يجوز في خمسة أو سق ويمتنع الأكثر واختلف في الخمسة لما في الصحاح أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أو سق أو في خمسة أو سق فورد الحديث بصيغة الشك من الراوي في الخمسة قال والمنع أحسن لأنه الأصل فيها وفي الجواهر المشهور إباحة الخمسة اعتبارا بنصاب الزكاة بجامع المعروف به نجيب عن اعتبار أحد الاحتمالين مع أن الراوي شك فيما رواه ونقول قوله وأرخص في العرايا في الحديث الآخر عام إلا ما خصه الدليل وعن ( ش ) قولان في الخمسة كقولي مالك
فرع في الجواهر : إذا نقد المشتري أو البائع جاز في الزائد على الخمسة ) في الجواهر : إذا نقد المشتري أو البائع جاز في الزائد على الخمسة وإن اتحد الشق الآخر فإن اتحد أو تعددت الحوائط وقد أعراه من كا حائط قدر العرية : قال الشيخ أبو محمد : هي كالحائط الواحد نظراً لاتحاد المعرى فيمتنع في الزائد وقال اللخمي : يجوز أن يشترى من كل واحد خمسة أو ست لأن كل حائط يختص بضرورته وقال ابن الكاتب إن كانت بلفظ واحد فكالحائط الواحد كبيع المتعددات بلفظ واحد فإن العقد والحكم واحد وإلا امتنع البحث الخامس في محلها وفي الجواهر هو على المشهور كل ما ييبس ويدخر من الثمار لأن هذا الوصف ضابط معروف الزكاة وهو وارد في محل النص فيغلب على الظن أنه ضابط معروف العرية وأناط الأصحاب به الحكم وجوداً وعدماً حتى منعوا البيع فيما لا يثمر من الرطب وما لا يتزبب من العنب وقيل : يقصر على النخل والعنب لأنهما مورد النص اعتماداً على أن الرخص لا يقاس عليها قال اللخمي : جوزها محمد في المدخر وغيره لأنها أبيحت للمعروف أو لنفي الضرر عن رب الحائط بتكرر المعرى عليه وهذا الوصف عام فيعم الحكم موارده إلا أنه كرهه فيما لا يدخر وأمضاه بالقبض وجوزها ( ش ) في جملة الأشجار كإبدال الدنانير بالدنانير لعموم المعروف ( في ذلك الموارد ) . وجوابه : ما في بعض طرق الحديث : أرخص عليه السلام في بيع العربة يأكلها رطبا وعن ابن عمر رضي الله عنهما : نهى عليه السلام عن المزابنة وأرخص في العرايا النخلة والنخلتان يوهبان للرجل يبيعها بخرصها تمراً فصرح بالرطب ولأنه عادة المدينة وله أن يجب عن الأول بأني أثبت العموم بالقياس لا بالنص كما عمم في المدخر وعن الثاني بمنع كونه حجة على أصله البحث السادس في كيفية بيعها : وفي ( الكتاب ) : أرخص للعمرى أن يشتري الثمرة إذا أزهت بخرصها يابساً إلى الجذاذ فإن كانت أكثر من خمسة أوسق امتنع بيعها بتمر نقداً وإلى أجل بطعام يخالفها إلى أجل لأنه بيع الطعام بالطعام بسببه ويجوز له ولغيره شراء ما أزهى وإن كثر بالعين والعرض نقدا وإلى أجل لعدم المحظور بالطعام المخالف لها نقداً لأن النسأ في الجنس وغيره حرام ويتعجل جذاذها فإن تفرقا في الطعام قبل القبض والجذاذ : امتنع للنسأ في الطعام قال صاحب ( التنبيهات ) : يجوز شراؤها بخرصها بعشرة شروط : أن يكون مشتريها معريها لاختصاص الضرر به وأن تطيب حتى تؤمن الآفات والثمر ثمرة لأنه مورد السنة ويخرصها لأن العدول عنه يؤكد عدم التماثل ويتحد النوع لأنه المقصود بالخرص وحذراً من المكايسة وأن تكون إلى الجذاذ فهذه الستة متفق عليها عندنا وإن تكون باسم العرية لأنه مورد السنة ( وإن يكون خمسة أوسق فأقل وإن يشتري جملة ما أعرى ليلاً لنفي الضرر بعد ارتكاب الحظر ) وأن يكون مما ييبس ويدخر وهذه الأربعة مختلف فيها قال صاحب المقدمات ) : يشترط أن يكون التمر من نوعها وصنفها ويستوي معريها ومن صار إليه تمر الحائط وأن يكون باسم العرية عند ابن القاسم قال صاحب ( المنتقى ) : إذا انتقلت العرية ببيع أو هبة أو ميراث جاز لهم بيعها كما كان ذلك فإن كانت له المشاركة اللاحق السابق في الضرر : قال صاحب ( الإكمال ) : وجوزه ( ش ) من الأجنبي ويرد عليه قوله : ( يأكلها أهلها تمراً ) فنبه على العلة وأنها رفق أهلها وقد روي : أُرخص في بيع العرية بالرطب وبالتمر وجل الأحاديث لم يذكر فيها إلا التمر فيحمل قوله : رطباً أو تمراً على شك الراوي ووقع خارج مسلم : بخرصها ( رطباً بغير شك غير أنه انفرد به رواية وعن مالك : يجوز بخرصها وبغيره وعنه : ) لا يجوز بغيره تقديماً للقياس على الخبر ولقوله : ( العائد في الهبة كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه ) وعنه : عكسه لأنهما رخصه فلا يُتعدى بها محلها قال الطرطوشي : ووافقنا ( ش ) على بيع العرية في الجملة وخالفنا في تأخير الثمن وفي بيعها من الأجنبي وقال ( ح ) : بيعها حرام وإنما هو رجوع في الهبة على أصله : إنه لا يجوز لكل أحد الرجوع في هبته إلا الوالد فهو يرجع في هبته عنده وإعطاؤه تمراً تطييباً لقلبه وحمل الأحاديث على هذا أولى من حملها على مخالفة الأصول أو على أنه كان وقت إباحة الربا أو لأن خبر الواحد إذا خالف الأصول يترك للقياس أو يمتنع بالقياس على الحَب أو نقول : إذا امتنع على الأرض فعلى رؤوس النخل أولى والجواب عن الأول : أن الخبر يدل على أنه بيع لا فسخ للهبة من وجوه خمسة : أحدها : قوله : ( أرخص ) والرجوع عندكم في الهبة ليس رخصة ولقوله : ( نهى رسول الله عن بيع التمر بالتمر ) وإنما ارخص في بيع العرايا والمستثنى منه بيع حقيقة : فكذلك المستثنى لأن الأصل في الاستثناء أن يكون متصلاً ولأن الرخصة تقتضي تقدم حظر وإنما يتصور في البيع لا في الهبة ولقوله : خرصا وفسخ الهبة لا يحتاج للخرص بل يجوز التعويض بالقليل والكثير وبغير شيء وخامسها : لتخصيصه بخمسة أوسق وفسخ الهبة لا يختص ولأن هذه المعوضة تفتقر لتراضيها وفسخ الهبة لا يحتاج لذلك وعن الثاني : أنه فسخ بمجرد الاحتمال فيمتنع ثم أتى قوله : نهى عن بيع التمر بالتمر إلا أنه أرخص في بيع العرايا ومقتضى الرخصة تقدم الخطر ولأنه لو كان الربا مُباحاً لما قدر بخمسة أوسق وعن الثالث : أن الخبر في نفسه أصل فلا تترك الأصول ولا تفسخ بالقياس وعن الرابع : أنا نقول به في الحبوب وإنما يمتنع بيعها بالخرص حيث يتعذر الخرص وعن الخامس : أن بيعه على النخل لدرء ضرورة التكرر للحائط وهي منفية إذا كان على الأرض واحتج ( ش ) على وجوب التعجيل : بأن التأخير ينافي الطعام
فرع قال صاحب ( المنتقى ) : من له في حائط نخلة جوّز ابن القاسم شراءها منه للمعروف
فرع قال : ولا تباع العرية بالبسر ولا بالرطب بل بنوعها من التمر
فرع قال صاحب النكت جوز الشيخ أبو الحسن إذا اشتراها بخرصها أن يعطيه غير صنفها لأنه معروف يشبه القرض والقرض ويجوز فيه ذلك
فرع قال اللخمي : يمتنع شراؤها بأدنى من نوعها لأنه مكايسة ( مناقض للمعروف الذي خولفت الأصول لأجله فإن كان أحمد يقصد رفع الضرر امتنع لأنه مكايسة ) أو للمعروف جاز لأنه معروف وإن باعها بخرصها قبل بدو الصلاح نقص إن كانت قائمة فإن فاتت بالجذاذ وجهلت المكيلة فالقيمة ومصيبتهما في رؤوس النخل من البائع لنهيه عن بيع التمر حتى يزهو على أصل ابن القاسم وعلى أصل أشهب في عدم الجائحة فيها في البيع الصحيح يكون عل المعرى قيمتها لأنها في أصوله وسقيه فهي كالمقبوضة
فرع قال : بيع العرية بغير جنسها من الطعام على ثلاثة أوجه : إن بيعت قبل الطلوع أو بعده وقبل التأبير جاز نقداً أو مؤجلاً لأنه يتحلل بذلك الرقاب كانت سنة أو سنتين وكذلك المؤبرة التي لا تراد للأكل وهي عام واحد فإن أُريدت للأكل امتنع على قول ابن القاسم إلا أن يجد ويقبض التمر بالحضرة لأنه نسيئة في الطعام و على قول أشهب : يجوز إذا قبض العوض وإن لم يجد الثمرة إن لم يمؤخر لبدو الصلاح وإن كانت سنين وفيها الآن ثمرة مأبورة قال : أرى أن تفرد هذه بعقد وإن لم يبع الجميع في عقد وهذه يسيرة تبع جاز نقداً ومؤجلاً بالجنس وغيره لأنه يتحلل الرقاب فإن بدا صلاحها - وهي عام واحد - امتنع تأخير العرض عن العقد ويختلف في تأخير الجذاذ : منعه ابن القاسم نفياً للنسأ في الطعام ويجوز على أصل أشهب لأنه لا يرى فيها جائحة وسقيها عليه فهي مضمونة من المشتري وشراؤها بالنقدين والعروض نقداً ومؤجلاً جائزاً ( إذا لم يؤبر كانت سنة أو سنتين ويجوز في المأبورة بشرط الجذاذ قبل صلاحها ) لأنه قادر على بيع الرقاب فإن كانت أعواماً جاز شراء الجملة إذا شرط جذاذ هذه الثمرة
فرع قال ابن يونس : قال ابن حبيب : إذا تطوع بتعجيل الخرص قبل الجذاذ جاز لأنه معروف قال ابن الكاتب : وعلى هذا لو مات المعرى قبل يبسها أخذ من تركته خرصها لأنه دين عليه وعلى قول ابن القاسم : له إجباره قبل الأجل على القبض لأنه جعله كطعام من قرض قال : والصواب : عدم الإجبار لأنه بيع
فرع في ( الكتاب ) : يمتنع بيعها بعجوة من صنفها من حائط آخر معين لأنه كالسلم في المعين وإنما يجوز في الذمة قال المازري : فإن وقع فقيل : يفسخ للفساد وقيل : لا يفسخ بل يفسخ التعيين وتنتقل الثمرة للذمة إلى أجله لأنه منشأ المفسدة
فرع قال المازري : يجوز اشتراط ثمر أجود لأنه أبلغ في المعروف وإن كان لدفع الضرر فلا تمهيد قال المازري : العرية دائرة بين القرض لأنها معروف وبين البيع لأنها معاوضة ويتخرج على هذا بيع التمر الذي اشترى به العرية قبل قبضه وبالجواز قال الشيخ أبو الحسن بن القابسي : لأن للمعري أن يدفع عين المشترى فيما عليه كما أن للمقترض دفع ما أخذ فيما عليه بل المقترض ليس له دفع ما أخذ إذا تغير والمعرى له دفع ما اشترى وإن ، تغير الثمر فهو أوسع من القرض وقيل : يمتنع لأنه بيع الطعام قبل قبضه ويتخرج على هذا الأصل : جبر المعري على قبض المعرى قبل الجذاذ ووضع الجائحة في العارية
فرع قال ابن يونس : إذا اشترى خمسة أوسق بخرصها وبقية العرية بذهب ففي الجواز قولان والصحيح : المنع لأنها رخصة لا تجتمع مع غيرها كالبيع مع المساقاة ومع الإقالة من الطعام قبل قبضه مع بيع سلعة أخرى
فرع قال : قال أبو عمران : يمتنع شراؤها قبل طيبها إذا كانت سنين بالعين والعرض وقال غيره : إذا طالت السنون جاز ( فعلى هذا يدفع له العوض كل عام بخرص قال ابن شعبان : إن كانت حياة المعرى جاز ) شراؤها بالعين للضرورة وأما بالعرض فلا
فرع قال اللخمي : إذا اشتراها بخرصها فالزيادة عند الجذاذ والنقصان على البائع
فرع إذا أعرى جماعة : قال المازري : إذا أعرى جماعة أجاز مالك شراء جميعها من جميعهم وإن فات كل واحد خمسة أوسق بعد أن توقف فيها ويجوز شراء نصيب أجدهم وهو خمسة أوسق فأقل على التعليل بالمعروف أو دفع الضرر لأنه قد يتضرر من أحدهم دون غيره وإذا أعرى جماعة واحداً فلهم شراء العرية منه لقصد المعروف ودفع الضرر وأجاز ابن القاسم لأحدهم شراء ما أعراه على أصله في التعليل بدفع الضرر أو المعروف ومنع عبد الملك لأن العلة عنده دفع الضرر وهو باق البحث السابع في سبب الرخصة : وفي ( الجواهر ) فيه ثلاثة أقوال : المعروف ليحفظها له ويحمل عنه الجذاذ ودفع الضرر عن المشتري بدخول البائع وخروجه وتوقع أذيته وكشفه للعيال في البستان وهو قول مالك وابن القاسم في ( الكتاب ) وجوز عبد الملك لدفع الضرر دون المعروف لأن الغاية إنما هي بدفع الضرر غالباً قاعدة : إذا ورد الشرع بحكم في محل : فإن تعذرت معرفة حكمته فهو تعبد وإن أمكنت من أوصاف مذكورة في النص فهو تنقيح المناط كحديث الأعرابي في إفساد الصوم ومن أوصاف غير مذكورة كتحريم الخمر وهو تخريج المناط ثم إن وجدنا وصفاً واحداً جعلناه كمال العلة وأوصافاً كلها مناسبة جعلنا المجموع علة إلا أن يومى الشرع أو ينص على كل واحد منها بالاستقلال فيكون كل واحد علة فإن اجتمعت الأوصاف ترتب الحكم عليها أو انفرد أحدها ترتب الحكم عليه وهذا هو الفرق بين العلة المركبة من أوصاف وبين أوصاف كل واحد منها علة وهاهنا إنما الشرع للضرر من جهة أنه السبب الذي كانت الجاهلية تشتري لأجله العرايا فقرره الشرع ويؤكده : رخصه المساقاة والقراض وأكل الميتة وإساغة الغصة بالخمر والقصر والفطر في السفر كلها لدفع الضرر وإيماؤه للنفع والمعروف بقوله من جهة القياس على القرض بجامع بذل عين في مثلها وجواز رد عين المأخوذ فلا جرم اعتبر المشهور إحدى العلتين لا بعينها اجتمعتا أو افترقتا لدلالة الأدلة الشرعية على اعتبار كل واحدة منهما ورجح عبد الملك مناطه بكثرة وجوه القياس والاعتبار قال في ( الجواهر ) ويتخرج على تحقيق العلة شراء بعض العرية وشراؤها إذا كانت جملة الحائط وهي خمسة أوسق وإذا أعرى جماعة عرية شراء حصته تنبيه : قال المازري : ألزم الأشياخ مالكاً وابن القاسم على التعليل المعروف : جواز شرائها لغير من أعراه لقصد المعروف كقول ( ش ) قال : وليس بلازم لأن المعروف يعتبر معه تقدم حق المشتري والأجنبي لم يتقدم له حق
فرع قال : إذا أعرى ثم باع بقية ثمرة من رجل وأصل الحائط من آخر جاز له شراء العرية على التعليل بالمعروف ويمتنع على التعليل بالضرر قال اللخمي : إذا باع الثمار دون الأصل أو الأصل دون الثمار أو الثمار من رجل والأصل من آخر يخرج على التعليل ويجوز شراؤها لمن انتقلت إليه الثمرة لصحة المعروف ودفع الضرر منه وعنه ويمتنع ممن انتقل إليه الأصل إلا على التعليل بالمعروف
فرع قال المازري : وإذا مات المعري والمعرى قام ورثتهما مقامهما
فرع قال : من له نخلة في حائط أجاز مالك وابن القاسم شراءها منه بخرصها لقصد ( المعروف ومنعه في ( الكتاب ) لدفع الضرر لقوة الملك ومنعه غيرهما للمعروف لأخذ ملك وليس ) أصله معروفاً ففارق العرية وأجازه غير واحد للضرورة وعلى قول مالك هذا يجوز شراؤها بخرصها ممن لم يعره وإن كان أجنبياً لقصد المعروف ومن نفسه إذا باع المعرى عريته بعد الزهو أو وهبها جاز لمعريه شراؤها بخرصها ممن صارت إليه كمن وهبه لسكناه حياته يجوز للمسكن شراؤها عن المشتري أو الموهوب له كماله شراؤها منه ويمتنع بيعه لها من غيره
فرع في الكتاب ) : زكاة العرية وسقيها على رب الحائط وإن لم تبلغ نصاباً إلا مع بقية الحائظ أعراه شائعاً أو معيناً أو جميع الحائط لأن لفظ العرية يقتضى ذلك ولو تصدق بثمرة حائطه : فالزكاة عليه ولا يحاسب بها المساكين لأن إعطاءه الثمرة ظاهر في تخليصها للمعطى له من الحقوق المتعلق بها بخلاف الهبة كانت معينة أم لا لأنها ليست معروفاً يناسب الحمل والأصل : وجوب الزكاة على المالك أو الموهوب له ملك ولا يجوز شراء الهبة بخرصها بل بالعين أو العرض قال ابن القاسم : قال أكابر أصحابنا : العرية مثل الهبة قال اللخمي : في ذلك أربعة أقوال : قال ابن حبيب : سقي الهبة وزكاتها على الواهب كالعرية ويجوز شراؤها بخرصها لأن العرية هبة وقال محمد : سقي العرية على المعري لأنه وهب ما هو مراح العلل وزكاتها على المعرى لأنه مالك قال : ( والصحيح : أن الزكاة والسقي على المعطى لأنه ملك كما قاله أصحاب مالك قال ) صاحب ( المقدمات ) : الفرق بين العرايا والهبات : إن العرية تقصد بها المواساة بالثمن لا نفس المعرى فلا تجب للمعرى إلا بالطيب فإن قبضها قبل ذلك وجب عليه سقيُها وزكاتها والهبة يقصد بها عين الموهوب له فخرجت عن ملك الواهب ووجبت للموهوب له بالقبض فإن سماها هبة حملها ابن القاسم على الهبة حتى يتبين قصد العرية وعكس ابن حبيب نظراً للغالب في هذا الباب وفي ( الجواهر ) : سبب الخلاف في الزكاة : أن متولي القيام المخاطب بالزكاة لأنه لما وليها مع نخله فكأنه التزم ذلك فيه وقيل : لأن اللفظ يقتضي ذلك فيتخرج على ذلك ما إذا كانت العرية جملة الحائط
فرع قال صاحب ( المقدمات ) : وبما تجب العرية للمعرى أربعة أقوال : القبض كالهبة للآثار كقول أشهب في الحبس وعن ابن القاسم بالطيب أو بقبض الأصول وإن لم يكن فيها تمر في ( المدونة ) بناء على أنه يقصد بها عين المعرى لأن من المواساة من حيث الجملة
فرع قال ابن يونس : قال محمد : إذا باع الثمر بعد جواز بيعه فالسقي على البائع لأنه باع تمراً مزاح العلل وكذلك بيع الأصل فيه تمر مأبور للبائع قال المخزومي : على المشتري لأن السقي أصل النخل وقال سحنون : إذا كانت العرية أو الهبة بيد المعطى يسقي ذلك فالزكاة عليه أو بيد المعرى أو الموهوب يقوم عليها فالزكاة عليه لكمال ملكه بالحوز
فرع قال : من أعرى خمسة أوسق فأجيح الحائط إلا ذلك القدر : قال أبو الفرج : ذلك للمعرى لأنه التزم له ذلك الكيل
فرع في الكتاب : منح لبن الأنعام أعواماً لازم يمتنع الرجوع فيه وكذلك الإخدام والإسكان والعرية لقوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) ويجوز شراء الجميع بالعين والعرض والطعام نقداً مؤجلاً ويجوز شراء السكنى دار لسكنى دار أخرى وخدمة عبد بخدمة عبد لأنه باب معروف وإذا مات المعرى قبل ان يطلع في النخل شيء أو يجوز المعرى عريته أو فيها تمر لم يطب لكنه لم يجذ أو قبل حوز المنحة أو السكنى أو الإخدام بطل جميع ذلك وهو للورثة لقول الصديق رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها لما وهبها جادَّ عشرين وسقاً من تمر : لو كُنتِ حُزتيه لكان لك وإنما هو اليوم مال وارث حين حضرته الوفاة فكان ذلك عاماً في سائر التبرعات قال صاحب ( التنبيهات ) : قال ابن حبيب : لا بد من حوز الرقاب ويطلع فيها تمر وحمل بعضهم ( الكتاب ) عليه وقال أشهب : حوز أحد الأمرين كاف : إما الرقاب أو طلوع التمر وحمل أبو عمران الكتاب عليه قال صاحب ( النكت ) : قال بعض الأندلسيين : قول ابن القاسم في شراء المنحة بالطعام ضعيف لأنه بيع اللبن بالطعام غير يد بيد بخلاف الشاة اللبون المراد رقبتها وقال بعض الأندلسيين : بل رقبة الشاة ممنوعة منه فشراؤه تخليص للرقبة وشراء هذه الأمور ليس رجوعاً في الهبة المنهي عنه لأن النهي خاص بهبة الأصول وأما المنافع والغلات فلا لإباحته شراء العرية النظر الثالث في وضع الجوائح وهي من الجوح قال صاحب ( الصحاح ) : الجوح بسكون الواو : الاستئصال جُحت الشيء أجوحُه والجائحة هي الشدة التي تجتاح المال في فتنة أو غيرها ويقال : جاحته الجائحة وأجاحته بمعنى وكذلك جاحه الله وأجاحه واجتاحه إذا أهلكه بالجائحة وفيه ثلاثة فصول : في حقيقتها وقدرها ومحلها الفصل الأول في حقيقتها المرادة في الثمار ففي - ( الجواهر ) : قال ابن القاسم : هي ما لا يستطاع دفعُه إن علم به فلا يكون السارق جائحة على هذا وجعله في ( الكتاب ) جائحة وقال مطرف وعبد الملك : هي الآفة السماوية كالمطر وإفساد الشجر دون صنع الآدمي فلا يكون الجيش جائحة وفي الكتاب : جائحة وفي ( الكتاب ) : الجائحة الموضوعة : كالجراد والنار والريح والبرد والغرق والطير الغالب والدود وعفن الثمرة والسموم قال اللخمي : قال ابن شعبان : الريح ليس بجائحة قال : وأرى أن أصابها ذلك له الرد بالعيب أو يتمسك ولا شيء له وكذلك السموم وإن لم يسقط منه شيء وإن أفسد الثلث وأعاب الباقي كان له الرجوع بالهالك ويخير في الباقي وكذلك الغبار واختلف إذا أسقطها الريح ولم تتلف : قال ابن شعبان : جائحة وقال عبد الملك : ليس بجائحة لبقاء عين الثمرة وقيل : يخير كالعيب واختلف في الماء يباع يسقى به مدة معينة فينقص عن ذلك قيل من البائع قليله وكثيره لأن السقي مشترى وقيل : إن كان أقل من الثلث لم يحط عنه شيء لأن الماء المحصور يتوقع المشتري نقصه كما يتوقع نقص الثمرة قال ابن يونس : لو مات دود الحرير كله أو أكثره والورق لا يراد له : الأشبه أنه جائحة كمن اكترى فندقاً فحلاً البلد لتعذر قبض المنفعة قال : وكذلك عندي لو انجلى أهل الثمرة عنها ولم يجد المشتري من يبيعه الفصل الثاني في قدرها وفي ( الجواهر ) : لا تحديد فيها إن كانت بسبب العطش بل توضع مطلقاً لأن السقي مشترى والأصل : الرجوع بالمشترى أو أجزائه إذا لم تقبض كانت تشرب من العين أو من السماء ومن غير العطش يسقط منها الثلث فما فوق دون ما دونه وقال ( ح ) : لا توضع الجائحة مطلقاً وقاله ( ش ) وقال أيضاً يوضع القليل والكثير احتجا بما في ( الموطأ : ( قالت عائشة رضي الله عنها : ابتاع رجل ثمرةً فنقصت عليه فسأل البائع أن يضع عنه فحلف البائع أن لا يضع فذهبت أم المشتري إليه فقال : تألى أن لا يفعل خيراً فسمع رب الحائط فقال : يا رسول الله هو له ) وجه الدليل : أنه لم يلزمه ذلك وبقوله ( أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ ) فأثبت المال له مع ذهاب الثمرة فدل أنها لا توضع الجائحة والقياس على سائر العيوب الحادثة بعد القبض في غير صورة النزاع أو بالقياس على العطش ومحل الأخبار الواردة بوضع الجوائح أنها أصابتها قبل القبض جمعاً بينها وبين القواعد والجواب عن الأول : أنه لم يقل أن النقص بالجائحة المذهبة للثلث فلعله حوالة سوق أو جائحة دون الثلث ولم يتعرض اللفظ لشيء من ذلك فسقط الاستدلال وعن الثاني : أنه حجة عليكم لأنه جعل المال لأخيه دونه بسبب الجائحة ثم إنه معرض بما في مسلم : قال : ( لو بعت من أخيك تمراً ثم أصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً إنما تأخذ مال أخيك بغير حق ) وفي ( الأحكام ) لعبد الحق من رواية ابن حبيب : قال : ( إذا أصيب ثلث الثمرة فقد وجب على البائع الوضيعة ) وعن الثالث : ( الفرق بأن الثمرة بقي فيها حق توفية من السقي واستحقاق البقاء إلى اليبس فلم يقبض وعن الرابع ) الفرق بأن المشتري دخل على سقوط بعض الثمرة بالريح وغيره بخلاف العطش وعن الخامس : أن قبض الثمرة إنما يتحقق بجد الثمرة ويبسها وأما قبل ذلك : ففيها حق توفية البقاء فحمل الأحادمث على ما قبل القبض موافق لما قلناه فلا يرد علينا وأقوى ما لهم ما في مسلم في الذي اشترى ثمرة فأصيبت فقال : ( تصدقوا عليه ثم قال ) لغرمائه ( خذوا ماوجدتم وليس لكم إلإ ذلك ) وجوابه أنها قفية عين فيحتمل أنه اشتراها بعد اليبس ونحن نقول به ويقال : إن هذا الرجل معاذ بن جبل ويتأكد مذهبنا بأن المشتري دخل في العادة على سقوط الثمار بعفن أو ريح أو طير وما دخل عليه لا يسقط عنه ويتأكد الإنتقال إلى ما هو أكثر منه والثلث معتبر في صور الوصية وغيرها فيعتبرها هنا ولأنه لا يصدق في العادة أن ثمرة فلان أجيحت إلا إذا ذهب منها ماله بال قال اللخمي : وليس كذلك البقول لأن العادة سلامتها فيوضع الجميع وإن قل قال : وتعليلهم الثلث بأن المشتري دخل على السقوط يلزم عليه أن يسقط مقاله فيما يهلك غالباً كان ربُعاً أو ثلثاً أو غيره ويسقط عنه الزائد عليه فإذا كانت العادة الربع وهلك الثلث سقط عنه نصف السدس ويلزم أن يفرق بين ما شأنه السقوط كالزيتون والتمر وما ليس كذلك كالرمان
فرع في ( الكتاب ) : توضع جائحة البقول وإن قلت لأن العادة سلامة الجميع وعن مالك : لا يوضع إلا ما وصل الثلث قياساً على الثمار وفي ( الجلاب ) : لا يوضع شيء قياساً على العروض وقال ابن القاسم : ما جازت مساقاته للضرورة وغيرها فكالتمر والموز لا تجوز مساقاته ولا توضع جائحة حتى تبلغ الثلث قال : ولا وجه لمراعاة الثلث لندرة ما يذهب ولا ملاحظة المساقاة لأنهما يختلفان وإن كان المشتري يسقيها في خلال ذلك سقط عنه قدر ذلك لأن إزاحة علة السقي على البائع
فرع قال صاحب النكت ) في تعجيل التقويم فيما بقي بطون المقتاة أو يتأخر إلى آخر البطون قولان : أصحهما : التأخير لتوقع زيادة الجائحة أو يقال : الأصل : السلامة
فرع قال اللخمي : إذا اشترط عدم الجائحة أو السقي : قال مالك : الشرط في الجائحة باطل وعنه : البيع فاسد لأنه على خلاف مقتضى العقد وقال ابن شهاب : يجوز الشرط والبيع لأنه حق اشتراطه كاستثناء ركوب الدابة قال : وأرى أن يكون البائع مخيراً بين إسقاط الشرط وتكون الوضيعة منه أو يرد البيع ويكون له بعد الفوت الأكثر من القيمة أو الثمن لأن سبب الأمرين وجه وأما اشتراط السقي فهل تكون الجائحة من البائع لأن للأصول تأثيراً في الضمان مع الماء أو من المشتري لأن الماء هو الأصل والشجر كالمعين له إلى الثمرة وقد سقط بالشرط
فرع في ( الجواهر ) : إذا زادت الجائحة على الثلث فأصابت معظم الثمرة لزمت المبتاع بقيمتها بخلاف استحقاق معظم الصبرة أو طعام على الكيل قبل بذر معظمه قبل الكيل فإنه لا يلزم المبتاع والفرق : أن الجوائج معتادة والاستحقاق غير معتاد لم يُدخل عليه
فرع قال : قيل : لا يسقط من المستثنى شيء وإن اجيح معظم الثمرة على الخلاف : هل المستثنى مبيع أو مبقى ؟ نظائر : قال أبو عمران : الثلث في حيز الكثير في ثلاث مسال كلها : آفات الجائحة وحمل العاقلة والمعاقلة بين الرجل والمرأة وفي حيز القلة في ست مسائل : الوصية وهبة المرأة ذات الزوج إذا لم ترد الضرر فإن أرادت الضرر : فقيل : يجوز وقيل : يمتنع ولو بدرهم واستثناء ثلث الصبرة إذا بيعت وكذلك الثمار والكيراش والسيف إذا كان ثلث وزنه حلية يجوز بيعه بجنس الحلية وقيل : ثلث قيمته قال العبدي : وكذلك الطعام إذا استحق منه أو نقص في الشراء عند أشهب والأرطال إذا استثناها من الشاة والدالية تكون في دار الكراء وتوقف في ذلك مرة فتصير مسائل القلة تسعة
فرع في ( الكتاب ) ما كان بطوناً كالمقاثي والورد والياسمين أو بطناً لكنه لا يخرص ولا يدخر ولا يحبس أوله على آخره كالتين والتفاح والرمان والخوخ والموز فأجيح من النبات الثلث حُط من الثمن قدر قيمته في زمانه كانت أقل من الثلث أو أكثر وإن أجيح اقل من الثلث لم يوضع وإن زادت القيمة على الثلث وراعى أشهب القيمة فما بلغ ثلث القيمة وضع لأن القيمة هي المالية التي تتعلق بها الأغراض والمشهور : يراعى ظاهر لفظ الحديث فإن هبة الثلث وبيع الثلث إنما يتناول العين دون القيمة إجماعاً وكذلك الجائحة وما كان بطناً واحداً لا يتفاوت طيبه ولا يحبس أوله على آخره فثلث النبات بثلث الثمن من غير تقويم إذ التقويم حيث تتفاوت أزمنته أو تتعدد أنواعه وما يبس ويترك حتى يُجذ جميعه كان يُخرص أم لا كالنخل والعنب والزيتون واللوز والفستق والجوز ونحوها فلا يتقوم أيضاً وللمبتاع تعجيل الجذاذ وتأخيره حتى ييبس وإذا كان في الحائط أصناف من الثمر : برني وصيحاني ونحوهما فأجيح أحدهما وهو ثلث كيل الجميع وضع من الثمن قيمته لاختلاف قيم الأصناف وأصل هذا : أنما يُترك أوله ولا يتجدد لا يكون فيه فساد فكالنخل وما يتعذر ترك أوله على آخره فهو كالمقاثي وكذلك كراء الأرض سنين فتعطش منه سنة والسنون مختلفة القيمة : قال ابن يونس : مذهب أشهب : القيمة يوم العقد قال محمد : وأما الأنواع من النخل والعنب في الحائط وقيمة النوع المجاح لو لم يُجح ثلث قيمة ( الجميع وأجيح ثلثه يوضع ثلث ذلك من قيمة ) باقية من الثمن وإن كان أقل من ثلث ثمرته أو قيمة جميعه لا تصل ثلث قيمة الصفقة لم يوضع لقول ابن القاسم : فيمن اكترى داراً فيها ثمرة فاشترطها وهي أكثر من الثلث فأُجيح ثلثها وضع جميع ما ينوب المجاح من قيمة الثمرة والكراء وإن أجيح منها أقل من ثلث الثمرة أو كانت الثمرة كلها أقل من الثلث لا جائحة فيها قال اللخمي : الجنس الذي لا ييبس كالمقتاة يُقوم أول الإبان من آخره وما ييبس فثلث النبات بثلث القيمة إلا أن يختلف الأول والآخر فيقوم كل بطن وحده من غير مراعاة الأسواق وإن كان التمر يراد تعجيل بعضه ليباع رطبا اعتبر اختلاف أوله وآخره وعن مالك : إذا كان الحائط عنباً ورماناً وغيرهما وقد طاب وحل بيعه وقد جمعتها الصفقة لا يضم بعضها لبعض في الجائحة بل إن هلك ثلث كل نوع اعتبر وإلا فلا يضر لاختلاف الأنواع وقال أصبغ : بل يعتبر ثلث الجميع وإن كانت حوائط لاتحاد الصفقة الفصل الثالث في محل الجائحة قال صاحب ( المنتقى ) : توضع الجائحة في كل ما يحتاج للبقاء كالعنب والبطيخ والفول والياسمين والجلبان والبقول والبصل والجوز والقصيل قال اللخمي : بيع الثمار بعد الإزهار فيها الجائحة احتاجت إلى السقي أم لا لأنها تتأخر لتصير ثمراً ففيها حق توفية لأن ذلك مبيع لم يُقبض فيكون الضمان من البائع فإن لم تبق حالة ينتقل إليها بل يستكمل جفافها ليلاً تفسد إن جُذت فهل الجائحة لما بقي من البائع أو من المشتري لكمال العيم المبيعة ؟ خلاف فإن تم الجفاف ولم يبق إلا الجذاذ وهو على المشتري أو على البائع وهي محبوسة بالثمن فخلاف لبقاء الجذاذ على البائع أو للحبس في الثمن فهو غير ممكن من الثمرة أو نقول : هي كالرهن ضمانها من المالك والعنب إن أجيح قبل استكمال عنبته فمن البائع وإن استكمل وكان بقاؤه ليأخذ على قدر حاجته ليلاً يفسد عليه بخلاف إن كانت العادة بقاءه لمثل ذلك وإلا فمن المشتري وكذلك الزيتون إن أُصيب قبل أن يكمل زيته فمن البائع
فرع في الكتاب : لا توضع الجائحة في قصب السكر لأنه يمتنع بيعه قبل طيبه وليس ببطون وهو قبل طيبه كالتمر قبل زهوه وإذا بدت حلاوته فهو زمان قطعه قال ابن يونس : فيه ثلاثة أقوال : ما تقدم وقال سحنون : هو كالبقول والزعفران والريحان توضع وإن قلت لأنه بقل كالجزر والبصل وقيل : توضع إذا بلغت الثلث كالتمر قال : وهو القياس لأنه يحتاج إلى السقي ويجمع شيئاً فشيئاً وتكمل حلاوته كالثمار قاله ابن حبيب قال اللخمي : وهو الصحيح إلا أن يكون لا يزيد حلاوة وإنما يؤخر ليجمع شيئاً فشيئاً فكالبقول وإن كان بقاؤه لشغل المشتري عنه فمصيبته منه
فرع قال صاحب ( النكت ) : الفرق بين اشتراط المشتري : ما أزهي من الثمار لا جائحة فيه كان تبعاً للأصل أم لا وبين المكترى يشترط ثمرة الدار فيها الجائحة إن كانت غير تبع للكراء وقد طابت حين اعقد : ان الثمرة متولدة من الشجر فيبيعها بخلاف الكراء
فرع في ( الكتاب ) : إذا ابتاع قطنية خضراء على أن يقطعها خضراء توضع فيها الجائحة إذا بلغت الثلث ولا يجوز اشتراط تأخيرها لليبس قال ابن يونس : فلو فعل كانت من البائع لأنه بيع فاسد لم يقبض وكذلك الثمار و ' إن كانت الجائحة أقل من الثلث لأن الثلث مختص بالبيع الصحيح في المزهي من الثمار وبلحها لأن البلح والبُسر ونحوهما إنما يُجذ شيئاً فشيئاً ليلا يفسد
فرع قال اللخمي : إذا اشترى عرية بخرصها : قال ابن القاسم : توضع الجائحة لأنه مشتر ومنع أشهب لأنه اشترى ما لا سقي فيه على البائع قال : إذا تزوجت بثمرة : قال ابن القاسم : المصيبة منها لأنه باب محاسنة وقال عبد الملك : من الزوج ولأنه بائع
فرع قال ابن يونس : قال ابن حبيب : الجائحة في ورق التوت الذي يباع ليجمع أخضر لدود الحرير كجائحة البلح : الثلث فصاعداً وليس كالبقل لأنه من الشجر كالثمار وعن ابن القاسم كالبقل توضع وإن قلت لشبهة بالبقل
فرع في ( الكتاب ) : إذا اشترى حين الزهو وأجيح بعد إمكان الجذاذ فلا جائحة فيه لانتفاء جائحة البقاء والتفريط من المالك
فرع في ( الكتاب ) : لا جائحة فيما يُباع بأصله ولا فيما اشترطه المبتاع من مأبور الثمار لقبض المبيع بجملته ولم يبق على البائع حق من سقي ولا غيره
فرع قال : إذا اشترى قبل بدو الصلاح على القطع من حينه فأجيح وضعت الجائحة قال اللخمي : قال سحنون : معناه : يجذه شيئاً بعد شيء ولو دعاه البائع لأخذه مرة لم يجب ليلا يفسد ومعنى قوله : يجذه من حينه أي يجذ بعضه في ( الكتاب ) : إذا اشترى نخلاً مأبوره فله شراء تمرها قبل الزهو ولا جائحة فيها لعدم تعلقها بالبائع قال ابن يونس : قال محمد : إذا اشترى الثمرة وقد طابت ثم اشترى فيها الجائحة لوجوبها قبل شراء الأصل وعن ابن القاسم : إن اشترى الأصل ثم الثمرة إن كانت غير مزهية فلا جائحة وإلا ففيها الجائحة لان السقي باق على البائع قال اللخمي : قال أصبغ : إن أجيحت وقد طابت وهي عظيمة ففيها الجائحة لأنها تشبه الثمار أولا قدر لها فهي تبع لا جائحة فيها
فرع قال اللخمي : إذا اشترى عشرة أوسق من حائط فأجيح بعضه بدى من الباقي بالمبيع من غير جائحة لوجوب ذلك على البائع بالعقد فإن كانا مشتريين بدئ بالأول فإن فضل شيء فللثاني لتقرر حق الأول قبل الثاني
فرع قال : فإن باع حائطاً جزافاً واستثنى منه مكيلة الثلث فأُجيح بدئ بالبائع لأن المستثني كالمشتري وتختص الجائحة بما بقي فإن كانت ثلث الباقي سقط وإلا فلا وقيل : تقسم الجائحة على البائع والمشتري لأن كل واحد منها بائع لصاحبه فإن كان الحائط ثلاثين وسقاً واستثنى عشرة وأجيح تسعة كان حصة المبيع ستة دون الثلث فلا يرجع بشيء وإن أجيح عشرة كانت الحصة سبعة إلا ثلثاُ وهو ثلث المبيع فيسقط قال ابن يونس : قال ابن القاسم : إذا اشترى نصف حائطه أو ثلثه فالجائحة عليهما إن كانت أقل من الثلث ولا يرجع من الثمن بشيء وإن أجيح الثلث سقط ثلث الثمن أو النصف فنصفه لأنهما شريكان بخلاف الصبرة الجائحة عليها قلت أو كثرت لأن الجوائح من سنة الثمار فإن باع الحائط بعد يبسه واستثنى كيل الثلث فأقل فأُجيحت : قال ابن حبيب : لا يوضع من الثمن شيء كالصبرة
فرع في ( الكتاب ) إذا اكترى أرضا ثلثها سواد فإدنى واشترطه جاز ذلك فإن أثمر وأجيح كله فلا جائحة فيه لأنه كان تبعا فإن لم يكن تبعا واشترط ثمرته ولم يزه فسد العقد كله وإن أزهى صح لجواز بيع الثمرة حينئذ فإن أجيح قسم الكراء على الثمرة والأرض فإن كانت الثمرة ثلث حصة الثمرة وضع ثلث حصتها من الثمن القسم الخامس من الكتاب في تأجيل العقد وهو السلم وفي ( التنبيهات ) سمي سلما لتسليم الثمن دون عوضه ولذلك سمي سلفا ومنه الصحابة سلف صالح لتقدمهم قال سند ويقال سلف وسلم وأسلم وأصله الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فعموم قوله تعالى ( وأحل لكم البيع ) وخصوص قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه فالأمر بكتابته فرع مشروعيته ولقول ابن عباس هو السلم وأما السنة فما في مسلم قدم عليه السلام المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث فقال عليه السلام ( من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) و ( , نهى عن بيع ما ليس عندك ) وأرخص في السلم واجتمعت الأمة على جوازه من حيث الجملة ولأن الثمن يجوز تأخيره في الذمة فيجوز المثمن قياسا عليه ولأن الناس يحتاجون لأخذ ما ينفقونه على ثمارهم قبل طيبها فيباح لهم البيع ولتنمية أموالهم بشراء ما يتأخر فيباح لهم الشراء قاعدة في أصول الفقه أن المصالح الشرعية ثلاثة أقسام ضرورية كنفقة الإنسان وحاجية كنفقة الزوجات وتمامية كنفقة الأقارب والرتبة الأولى مقدمة على الثانية والثانية على الثالثة عند التعارض وكذلك دفع الضرر عن النفوس والمشقة مصلحة ولو أفضت إلى مخالفة القواعد وذلك ضروري مؤثر في الرخص كالبلد الذي يتعذر فيه العدول قال ابن ابي زيد في ( النوادر تقبل شهادة أمثلهم لأنها ضرورة وكذلك يلزم في القضاة وسائر ولاة الأمور وحاجية في الأوصياء ( وسائر ولاة الأمر وحاجية ) على الخلاف في عدم اشتراط العدالة فإن التولية على الأيتام في الأموال والأبضاع إنما تحسن لمن تثبت أمانته على خلاف القواعد وتمامية في السلم والمساقاة وبيع الغائب في أن في منعها مشقة على الناس وهي من تمام معاشهم وهذا القسم مشتمل على بابين الباب الأول في السلم والباب الثاني في القرض
الباب الأول في السلم
وفيه ثلاثة أنظار النظر الأول في شروطه وهي أربعة عشر شرطا الشرط الأول تسليم جميع رأس المال ( لنهيه عليه السلام عن بيع الكالئ بالكالئ ) قاعدة مقصود صاحب الشرع صالح ذات البين وحسم مادة الفتن حتى بالغ في ذلك بقوله ( لن تدخلوا الجنة حتى تحابوا ) وإذا اشتملت المعاملة على شغل الذمتين توجهت المطالبة من الجهتين وكان ذلك سببا لكثرة الخصومات والعداوات فمنع الشرع ما يفضي لذلك من بيع الدين بالدين وفيه أيضا زيادة عذر لوقوعه في الثمن والمثمن معا فائدة الكالئ من الكلاءة وهي الحراسة والحفظ فهو اسم فاعل إما البائع أو المشتري لأن كليهما يحفظ صاحبه ويراقبه لما له عنده فيكون معناه نهي عن بيع مال الكالئ بمال الكالئ لأن الرجلين لا يباع أحدهما بالآخر فتعين الحذف فإما للاثنين لأن كليهما يحفظ الآخر عن الضياع عند التفليس وغيره ويستغنى عن الحذف لقبولهما المبيع أو يكون اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول كالماء الدافق بمعنى المدفوق مجازا ويستغنى عن الحذف أيضا وعلى التقادير الثلاثة فهو مجاز لأنه إطلاق باعتبار ما سيكون فإن النهي وارد قبل الوقوعفرع في الكتاب إذا أخذت نصف الثمن بطل الجميع وإن كان رأس المال حيوانا أو طعاما بعينه فتأخر نحو الشهر بشرط فسد البيع لأنه بيع معين يتأخر قبضه أو لهرب أحدهما نفذ مع كراهة قال سند إذا هرب الدافع رفع الآخر أمره للحاكم فسلم له أو الآخذ سلمه الحاكم قال ابن حبيب إن ماطله حتى حل الأجل خير البائع بين الرضا والفسخ لعدم انتفاعه بالثمن في الأجل وهي حكمة السلم مقال اللخمي اختلف في اشتراط تأخير اليسير من الثمن المدة البعيدة هل يفسد الجميع قال بقدر ما يتأخر أم لا وإذا كان أجل السلم ثلاثة أيام امتنع التأخير وإن أجزناه في غير هذا لأنه دين بدين وإذا تأخر نحو النصف قيل يمضي المعجل وقيل ان سمى لكل قفيز ثمنا صح المعجل وإلا فسد الجميع كالصرف ( وفيه أيضا زيادة غرر في الثمن والمثمن معاً )
فرع في الكتاب : إذا كان الثمن عرضاً فأحرقه رجل في يدك فإن كان البائع تركه وديعة في يديك فقد قبضه فهو منه ويتبع الجاني وكذلك إن لم يقبضه وإلا فمنك وانفسخ السلم لبطلان الثمن فإن كان حيواناً أو داراً اتبع الجاني والسلم ثابت لعدم التهمة في فسخ السلم قال سند : وعن ابن القاسم : إذا لم يُقم البينة فيما يغاب عليه يفوت السلم وعلى المشتري قيمته لأن الأصل بقاء العقد وإذا قلنا بالفسخ : قال التونسي : فذلك بعد تحليف المسلم على التلف لاتهامه في الكتمان فإن نكل لزمته القيمة قال صاحب ( النكت ) : إذا أحرقه رجل امتنعت شهادة المشتري إن كان معدماً لأنه يتهم به في الحوالة عليه وإلا جازت شهادته قال أبو الطاهر : في شهادته أقوال : ثالثها : إن كان معسراً ردت وإلا فلا وأصلها تبين التهمة وعدمها
فرع في ( الكتاب ) : إذا وجد رأس المال زُيوفاً أو رصاصاً بعد شهر فله البدل إلا أن يعملا على ذلك فتعيين ثلاثة أيام لأن ذلك يجوز تأخير رأس مال السلم إليه قال المازري : إذا وجد من رأس المال درهماً زائفاً انتفض من السلم بقدره كالصرف فإن رضي به صح كالصرف وقد يجري الخلاف الذي في الصرف هاهنا ولو تراضيا بتأخير البدل مدة طويلة امتنع قال ابن يونس : ينتقض السلم كله وقيل : ينتقض بقدر الزائف قال : ويحتمل أن لا ينتقض شيء لصحة العقد أولا قال المازري : فإن عثر عليها بقرب يومين فسخ الباقي وامتنع البدل أو بعد الطول : فقال أبو بكر عبد الرحمن : ينفسخ العقد كله كأنهما عقدا على تأخير رأس مال السلم وقيل : ينتقض بقدر الزائف لأنه محل الفساد وقيل : لا يفسد من السلم شيء بعد التهمة ويلاحظ هاهنا الرد بالعيب هل هو نقض للعقد أم لا ؟ فيكون عقداً ثانياً فيمضي الأول قال أشهب : إن بقي من أجل السلم نحو اليومين ( جاز اشتراط تأخير البدل المدة البعيدة ويصير الذي يقبض بعد اليومين ) هو رأس المال لمدة بعيدة مالم يكن رأس المال وديعة عند البائع وأدعى تلفه والمسلم فيه طعام يفسخ العقد عند ابن القاسم للتهمة في التأخير وخير محمد المسلم إليه في الفسخ وأخذ قيمة التالف وتصدق في أنك ما دفعت إلا جيداً لأن الأصل : عدم الغرم إلا أن يكون أخذها ليدها فيصدق مع يميينه
فرع قال اللخمي : إذا ظهر الثمن معيباً وهو معين انتقض السلم لبطلان الثمن فإن لم يكن معيباً فعلى القول بإجازة السلم الحال في الموصوف يرجع بمثله وإذا انتقض السلم بعد قبض المسلم فيه وحوالة سوقه أو تغيره أو خروجه عن اليد وهو غير مثلي رد مثله يوم قبضه لأن اليد مضمنة للحديث أو مثلياً أخذه إن كان بيده لأن المثلي لا يفوت بحوالة الأسواق أو مثله إن لم يوجد وعلى قول ابن وهب : إن حوالة الأسواق تفيته في البيع الفاسد يأخذ القيمة
فرع في ( الكتاب ) : يمتنع أن تؤكل غريمك في سلم خشية أن يعطيك من عنده فيكون ديناً بدين حتى تقبض الدين ثم تدفعه له قال سند : وحيث منعنا فأتى بالمسلم فيه لزمه أخذه ودفع الدين إلا أن يشهد على أن العقد للموكل حالة الوكالة فإن تأخر العقد عن الوكالة منع للتهمة في أنه أخره لمنفعة السلم فإن وكله قبل أجل الدين وثبت أنه أسلم لم يضر التأخير عن حالة الوكالة إلا أن يتأخر حالة الحلول ولو وكله على البيع نفذ البيع وكرهه ابن القاسم إلا أن يكونا حاضرين قال أبو الطاهر : أن كان الموكل غائباً امتنع أو حاضراً لذلك العقد أو لذلك دون العقد فالجواز في ( الكتاب ) لأنه شراء نقداً ومنع سحنون حماية للذريعة البعيدة
فرع في الجلاب ) : يجوز تأخير الثمن إذا شرع في أخذ المثمن كالسلم في الخبز والفواكه تنزيلاً لقبض البعض منزلة قبض الكل فليس ديناً بدين نظيره : قبض أوائل المنافع المأخوذة في الديون وكذلك جملة الإجارات
فرع قال المازري : يجوز أن يكون رأس المال جزافاً خلافاً ل ( ش ) و ( ح ) لأنه يجوز بيعه فجاز ثمناً قياساً على المقدر والجواب عن قياسمها على القرض والقراض وعن توقع عدم حصول المسلم فيه فيتعذر معرفة ما يرجع به إن القراض والقرض يرد فيهما المثل وهو متعذر في الجزاف المردود في السلم غيره وهو مضبوط بالصفة والغالب : الوفاء بالمسلم فيه وفي ( الجواهر ) : منع عبد الوهاب الجزاف
فرع وفي ( الجواهر ) : ولا يشترط قبض رأس المال في المجلس ولا يفسد العقد بتأخيره بالشرط اليوم واليومين والثلاث لأن الثلاثة مستثناة من المحرم في الهجرة والمهاجرة بالإقالة بمكة ثلاثة أيام ومنع الإحداد لغير ذات الزوج وقيل : بفساد السلم إذا افترقا قبل القبض كالصرف وقاله ( ش ) و ( ح ) ومنشأ الخلاف : هل يسمى هذا التأخير ديناً أم لا ؟ وأن ما قارب الشيء هل يعطى حكمه أم لا ؟ والزائد على الثلاث بالشرط مفسد للعقد وبغير شرط ففي الفساد قولان في العين ولا يفسد بتأخير العرض لتعذر كونه ديناً إذ الدين ما تعلق بالذمة والمعين ليس في الذمة لكن يكره إذا كان مما يعاب عليه لشبه كالطعام والثوب قال بعض المتأخرين : إنما يتصور هذا إذا كان الطعام لم يكتل والثوب غائب عن المجلس وإلا تبقى الكراهة لعدم بقاء حق التوفية كما أجازوا أخذ سلعة حاضرة من دين يتركها مشتريها اختياراً مع التمكن من قبضها ويستوى في فساد العقد تأخير الكل أو البعض
فرع في ( الكتاب ) : يجوز الثمن تبراً ونقاراً وذهباً جزافاً لا يعلم وزنه كالسلعة ويمنع دراهم ودنانير مجهولة الوزن معروفة العدد لأنها مخاطرة ولأنها لا تباع جزافاً قال أشهب : منع عبد الوهاب الجزاف مطلقاً ليلا ينفسخ السلم فلا يعلم ما يرجع به وابن القاسم يمنع تطرق الفسخ لأن عنده إذا خرج الإبان صبر لعام آخر ويلزم القاضي منع الحولين ونحوهما مما لا تضبطه الصفة ووافق ابن القاسم ( ش ) وابن حنبل ومنع ( ح ) في جزاف الموزون ويمتنع الجزاف في الثياب والرقيق في السلم لمنع بيعها جزافاً الشرط الثاني : السلامة من السلف بزيادة ( لنهيه عما جر نفعاً من السلف ) قاعدة : شرع الله تعالى السلف للمعروف والإحسان ولذلك استثناه من الربا المحرم فيجوز دفع أحد النقدين فيه ليأخذ مثله نسيئة وهو محرم في غير القرض لكن رجحت مصلحة الإحسان على مصلحة الربا فقدمها الشرع عليها على عادته في تقديم اعظم المصلحتين على أدناهما عند التعارض فإذا وقع القرض ليجر نفعاً للمقرض بطلت مصلحة الإحسان بالمكايسة فيبقى الربا سالماً عن المعارض فيما يحرم فيه الربا فيحرم للربا ولكونهما خالفاً مقصود الشرع وواقعا ما لله لغير الله ويحرم ذلك فيما لا ربا فيه كالعروض للمعنى الثاني دون الأول فلهذه القاعد يشترط اختلاف جنس الثمن والمثمن لأن السلف لا يتحقق في المختلفين فتتعذر التهمة تمهيد : قال أبو الطاهر : أصل مالك : حمل الناس على التهمة ومراعاة ما يرجع إليهم ما يخرج منهم دون أموالهم فالمسلم فيه إن خالف الثمن جنساً أو منفعة جاز لبعد التهمة أو اتفقا امتنع إلا أن يسلم الشيء في مثله فيكون قرضاً محضاً ولا يضرنا لفظ السلم كما أنه لا ينتفع مع التهمة وإن كانت المنفعة للدافع امتنع اتفاقاً وكذلك إن دارت بين الاحتمالين لعدم تعين مقصود الشرع فإن تمحضت للقابض الجواز وهو ظاهر والمنع لصورة المبايعة وللمسلف رد العين وهاهنا اشترط الدافع رد المثل دون العين فهو عرض له وإن اختلف الجنس دون المنفعة فقولان : الجواز للاختلاف والمنع لأن مقصود الأعيان منافعها فهو كاتحاد الجنس وإن اختلفت المنفعة دون الجنس جاز لتحقق المبايعة تمهيد : قال : العروض ثلاثة أقسام : ما اتفق على تباينها وما اتفق على اتحادها ومختلف فيها فالحيوان ناطق وغير ناطق وغير ناطق غيرمأكول كالبغال فيختلف بالصغير والكثير اتفاقاً والمأكول : ثلاثة أقسام ما له قوة على الحمل والعمل كالإبل والبقر فيختلف فيها اتفاقاُ وما لا قوة له عليهما كالطير المتخذ للأكل فلا يختلف بهما اتفاقاً لأن مقصود الجميع اللحم الثالث : ما لا يعمل ولا يحمل لكن منفعته اللبن والنسل كالغنم فقولان ولا يختلف في الذكورة والأنوثة شيء من الحيوان الغير ناطق إلا أن يختلف بهما المنافع ومن أسلم صغيراً في كبير لأمد يكبر فيه الصغير امتنع للمزابنة ( وإلا جاز أو كبيراً في صغير لأمد ملك فيه الكبير الصغير امتنع للمزابنة ) وهي بيع المعلوم بالمجهول من جنسه وإلا جاز وهذا مأمون في البغال قال سند : اختلف في الصغير والكبير هل هما جنسان في جملة الحيوان أم لا ؟ قال الباجي : والأول القياس لاختلاف المنفعة وإذا فرغنا عليه وأسلم صغيراً في كبير وتراخى الأمر حتى كبر الصغير وصار صفة الكبير فالقياس ألا يدفعه مكان الكبير سداً لباب المزابنة والقياس أيضاً : الدفع بصحة العقد أولا واقتضاءه لذلك كمن وطئ جارية ثم ردها بالعيب فإن وطأه حلال فلا يمتنع ردها
فرع في الكتاب : يمتنع سلم حديد يخرج منه السيوف في سيوف لأنه إن كان أقل فهو سلف بزيادة أو أكثر استأجره بالزائد على عمل السيوف فهو سلف وإجارة وكذلك سيوف يخرج منها حديد لاتحاد النوع ويمتنع حديد السيوف في الحديد الذي لا يخرج منه سيوف والثاني : الغليظ في الرقيق لاتحاد النوع فيتوقع السلف للنفع ويمتنع الكتان في ثوب الكتان بخلاف ثوب كتان في كتان لأن الثوب لا يخرج منه كتان فانحسمت مادة السلف ويمتنع سيف في سيفين دونه لتقارب المنافع إلا أن يبعد ما بينهما في الجوهر قال سند : أجاز يحيى سيوفاً في حديد كالثوب في الكتان والفرق : أن صنعة السيوف قريبة يقرب ردها حديداً لأن الكلام في أدنى السيوف بل ربما تقطع وتباع بالوزن كالحديد فكأنه أخذها بشرط إن نقصت زاد قال التونسي : ولعل مراده بالكتان : الغليظ الذي منه الرقيق وإلا فيجوز لاختلاف النوع إذا لم يصلح من أحدهما ما يصلح من الآخر وكذلك الكتان إنما امتنع إذا كان الأجل يتأتى فيه ثوب وإلا فيجوز وكذلك إذا كان ذلك الثوب لا يخرج منه ذلك الكتان ومنع محمد الكتان المغزول في المنقوش وبالعكس ليساره صنعة الغزل والتمكن من نقضه قال : والصواب : الجواز وإن سهل ذلك في الصوف والقطن فيُنقش ويندف ومنع سحنون السيف العالي في الدنيء لاتحاد جنس الحديد قال ابن يونس : قال محمد : إذا صنع من الحديد سكاكين وسيوفاً وأغمدة صارت أجناساً لاختلاف المنافع تمهيد : قال أبو الطاهر : مهما قدم المصنوع في غير المصنوع إلى أجل يخرج منه المصنوع امتنع وإلا جاء
فرع في الكتاب : تمتنع ثياب القطن بعضها في بعض إلا غليظ الملاحف في الثياب الرقيقة وكذلك غليظ ثياب الكتان في رقيقها إذا عظم ذلك واختلف المنافع قال سند : ظاهر الكتاب أن اختلاف لا يفسخ كعمائم القطن في الملاحف إذا تقارب الغلظ لأن الملحفة قد تقطع عمائم وقيل يجوز لاختلاف المنفعة وتمتنع فسطاطية معجلة ومروية أو مؤجلة في فسطاطيتين مؤجلتين لأنه بيع وسلف فإن كانت فسطاطية في فسطاطيتن أحداهما نقد والأخرى إلى أجل اختلف قول مالك بالمنع والكراهة وأجازه محمد لصفة في القرض قال اللخمي : إذا أسلم ثوباً في ثوب وكان الفضل من أحد الجانبين امتنع لأنه سلف بزيادة أو ضمان بجعل أو من الجانبين جاز بأن يكون أحدهما أجود والآخر أطول لأنهما متغيران ويجوز جيد في رديئين ونصف جيد في كامل رديء فإن استوت المنفعة واختلفت الأصول كرقيق الكتان ورقيق القطن : أجازه ابن القاسم نظراً لأصولهما ومنعه أشهب نظراً للمنفعة في الكتاب : الإبل والبقر والغنم والحمير يسلم أحدها في الجنس الآخر للاختلاف ويكره سلم الحمير في البغال لتقاربهما قرب حمار يساوي أكثر من بغل ويحمل كثر منه كالحمير المصرية الفُره في حُمر الأعراب لضعفها وبعدها عن ظهور البغال وتسلم فيها الحمارة الفارهة وكذلك البغال في الحمير ويسلم كبار الخيل والإبل في صغارها ولا يسلم كبارها في كبارها إلا النجيب في غيره من الدون وإن كان في سنه ولا تسلم صغار الغنم في كبارها ولا معزها في ضأنها ولا ضأنها في معزها لأن منفعة الجميع اللحم لا الحمولة إلا شاة غزيرة اللبن تسلم في حواشي الغنم ومتى اختلف المنافع في الحيوان اسلم بعضه في بعض اتفقت الأسنان أم لا قال صاحب التنبيهات : وعن مالك : لا يسلم الكبير في الصغير ولا جيد في رديء حتى يختلف العدد ورأى في الكتاب : أن الصغير يخالف الكبير لاختلاف الأغراض إلا بني آدم لأن المراد اللحم واللبن فلا يريد إلا غررهما ومقصود بني آدم الخدمة حتى يحصل التفاوت بتجارة أو جمال فائق أو غيرهما وفي كتاب محمد : امتناع كبير في التفاوت بتجارة أو جمال فائق أو غيرهما وفي كتاب محمد : امتناع كبير في صغير لأنه ضمان بجعل وصغير في كبير لأنه سلف بزيادة وإجازة كبير في صغيرين وصغير في كبيرين لأن اختلاف العدد مقصود وعند ابن حبيب : البغال والحمير صنفان قال فضل : هذا ليس خلافاً بل حكم كل واحد منهما على عادة بلاده قال أبو عمران : لا تختلف الحمير بالسير والحمل على مذهبه في الكتاب : وأنكره فضل وقال بالاختلاف واعتبر في الكتاب : قوة البقرة على الحرث وقال ابن حبيب : إنما يراعى لهذا في الذكور لأنها مظنة ذلك أما الإناث فلا
فرع قال صاحب النكت : إذا أسلم الشيء في نوعه للنفع وفات فكالبيع الفاسد على القابض القيمة أو المثل في المثليات فإن لم يعرف ذلك إلا من قول البائع أني قصدت نفع نفسي خير المشتري بين تصديقه ويفعل ما تقدم وبين تكذيبه لأنه متهم في إسقاط الأجل وأخذ القيمة ويجوز على مذهب الكتاب : سلم الصغير في الكبير من الإبل لأنهما صنفان وجعل الحمير والبغال هاهنا صنفا وفي كتاب القسمة صنفين ومنع من قسمتها بالقرعى ومع من قسمتها بالقرعة والفرق أن المراد بالقسمة رفع المخاطرة فاحتاط بجعلها صنفين وفي السلم : جعلها صنفاً احيتاطياً لمنع السلف للنفع والمزابنة فهو أحق احتياط في البابين
فرع قال اللخمي : يجوز عدد كثير رديء بجيد قليل فيكون العدد قبالة الجودة ويجوز الفرس الجميل في السريع لأن تقابل الصفة مبالغة فإن استويا في السبق وأحدهما أجمل أو في الجمال وأحدهما أسبق امتنع لأن الفضل من أحد الجانبين وأجاز عبد العزيز بن أبي سلمة سلم الضأن في الماعز ورآهما صنفين لاختلاف الرغبات فيهما
فرع قال ابن يونس : الحولي من الحمير والبغال صغير والرباعي كبير ويجوز سلم أحدهما في الآخرة وكذلك حولي الخيل في جذعها وعن ابن القاسم : منع الكبير في الصغير لأنه ضمان بجعل والصغير في الكبير لأنه سلف بنفع في جملة الحيوان
فرع قال : وعن ابن القاسم : ليس في جنس الطير ما يوجب اختلافه فتمتنع الدجاجة البيوضة في اثنين ليستا مثلها وكذلك الإوز وقال محمد : والديكة والدجاج صنف لتقارب المقاصد وجوز أصبغ البيوضة في ديكين
فرع قال : ومجرد الفصاحة لا توجب الاختلاف في الرقيق قال ابن القاسم : ليس الغزل وعمل الطيب اختلافاً قال التونس : لعله يريد العلم بالطيب لا عمله والقراءة والكتابة والحسن ليس اختلافاً فيمتنع نُوبية تبلغ بحسنها ألف دينار ليس لها صنعة من طبخ أو غيره وتمنع طباخة بطباختين لتقارب الطبخ وجعل الكتابه التحريرة اختلافاً وكذلك الجميلة وهو استحسان والأولى قول ابن القاسم وهو مقتضى القياس قاله محمد قال : والصواب قول أصبغ لاختلاف الطبخ والجمال اختلافاً شديدا وهما من أهم مقاصد الناس كما أن أهم المقاصد من الخيل الجري ومن الإبل الحمولة
فرع قال صاحب البيان : إذا أسلم في عبد عشرة دنانير وعرضاً فلم يأت به فأقاله يرد ذهبه وعرضاً أجود أو أدنى من عرضة امتنع لأنه بيع وسلف في الذهب وأجاز ابن القاسم مثل عرضه أو أدنى لانتفاء التهمة ومنعه أصبغ للتهمة في البيع
فرع قال : يجوز لمن باع طعاماً بثمن إلى أجل أن يأخذ مثل ذلك الثمن في سلم طعام قبل حلول الأول أو قربه ليلا يرجع ثمنه إليه ويكون فسخ الثمن الذي عليه في ثمن إلى أجل وحيث يجوز يمتنع أخذ رهن بالأول والآخر لأنه غرر إذا قام الغرماء لا يدري ما يحصل له بالرهن فهو يضع عنه من ثمن السلم لأمر لا يدري هل ينفعه أم لا فإن وقع ذلك فسح السلم وكان الرهن رهناً بالأول أو من الطعام الذي ارتهنه به دون الدين الأول وهو مذهب المدونة وقيل : لا يكون عن شيء لبطلانه وقيل : يقسم فتبطل حصة الأول : لأنه وقع بغير رهن وتنفذ حصة الثاني وقيل يجوز في الدين ولا أثر للغرر لأن الارتهان غرض صحيح هاهنا الشرط الثالث : السلامة من الضمان بجعل ففي الكتاب : لا يسلم الخشب في الخشب إلا مع الاختلافا في الجانبين كالحيوان ويمتنع جذع في نصف جذع من جنسه لأنه ضمان نصف بنصف وكذلك في جميع الأشياء كثوب في ثوب دونه ورأس في رأس دونه قال ابن يونس : معناه : من جنسه ومن غير الجنس يجوز للاختلاف ومنع ابن أبي زمنين : جذع نخل في نصف جذع صنوبر وغير الصنوبر يجوز عل رأي ابن القاسم وفي الواضحة : الخشب صنف وإن اختلفت أصوله إلا أن تختلف المنافع للألواح والأبواب والجوائز للسقوف لان مقصود الخشب المنافع ( لا الجنس إلا أن يكون خشباً لا يدخل فيما يدخل فيه الآخر ) قاعدة : المنافع والأعيان ثلاثة أقسام : منها ما اتفق على صحة قبوله للمعاوضة كالدار وسُكناها ومنها : ما اتفق على عدم قبوله لها كالدم والخنزير والميتة ونحوها من الأعيان والقبل والعناق والنظر إلى المحاسن من المنافع ولذلك لا يوجب فيه عند الجناية عليه شيء ولو كان متقوماً لأوجبنا القيمة كسائر المنافع ومنها : ما اختلف فيه كالأزبال وأرواث الحيوان من الأعيان والأذان والإمامة من المنافع فمن العلماء من إجازة ومنهم من منعه إذا تقرر هذه القاعدة فالضمان في الذمم من قبيل ما منع الشرع المعاوضة فيه وإن كان منفعة مقصودة للعقلا ء كالقبل وأنواع الاستمتاع مقصود للعقلاء ولا تصح المعاوضة عليها فإن صحة المعاوضة حكم شرعي يتوقف على دليل شرعي ولم يدل عليه فوجب نفيه أو بالدليل الثاني وهو القياس على تلك الصور لا لنفي الدليل المثبت الشرط الرابع : السلامة من النسأ في الربوي ففي الكتاب : يمتنع سلم النقدين في تراب المعادن وإن كان منضبطاً للنسأ في النقدين وهو محرم لما تقدم في الصرف قال سند : ويفسخ فإن فات التراب باستخراجه فللمبتاع وعليه قيمة التراب قاله ابن حبيب وينبغي أن تؤخذ القيمة من غير العين
فرع في الكتاب : يمتنع حنطة في شعير وثوب وعدس وثوب مؤجل وشعير معجل لأن المضموم إلى الطعام كالطعام يمتنع تأخيره لدخول الطعام في العقد كمن صرف ذهباً بفضة معها سلعة فتعجل النقدان تأخرت السعلة فإنه يمتنع وقد يتعذر الوفاء بالمؤجل فؤدي ذلك إلى النسيئة في الطعام وأما قبل ذلك فلا يتحقق التناجز قال سند : يتخرج لهذا على جمع العقد حلالاً وحراماً قال اللخمي : القياس إذا تأخر الثوب وحده : الجواز لحصول المناجزة في النقدين الشرط الخامس : أن يكون المسلم فيه على ضبطه بالصفة قاعدة مقصود الشارع ضبط الأموال على العباد لأنه أناط بها مصالح دنياهم وأخراهم فمنع لذلك من تسليم الأموال للسفهاء ونهى عن إ ضاعة المال وعن بيع الغرر والمجهول كذلك فيجب لذلك أن يكون المشتري إما معلوماً بالرؤية - وهو الأصل - أو الصفة وهو رخصة لفوات بعض المقاصد لعدم الرؤية لكن الغالب حصول الأغلب فلا عبرة بالنادر فما لا تضبطه الصفة تمتنع المعاوضة عليه لتوقع سوء العاقبة بضياع المالية في غير معتبر في تلك المالية
فرع في الكتاب : يمتنع السلم في تراب المعادن لأنه مجهول الصفة وفي تراب الصواغين للجهل بما فيه قال سند : فإن لم يفسخ تراب الصواغين حتى صفى رد البائع وعليه الأجرة بخلاف تراب المعادن يجوز بيعه إذا عين واختلف فيه إذا لم يعين ولهذا يمنع مطلقاً وقال بعض الأصحاب : له الأجرة في تراب الصواغين ما لم يجاوز ما وجد فيه كالتمر يباع قبل الصلاح للتبقية فيبقيه ثم يفسخ فيرجع بالعلاج عند ابن القاسم في قيمة الثمرة قاله ابن يونس : قال ابن حبيب : إذا لم يخرد له في تراب الصواغين شيء فله الأجرة قال : والصواب : عدم الأجرة إذا لم يخرج شيء لدخولهما على الغرر ويرجع بجميع الثمن فإن خرج شيء خُير البائع بين أخذه ودفع الأجرة وجميع الثمن أو تركه ودفع الثمن وقيل : لا بد أن يكون له قيمة فإذا أفاته بالعمل كان الخارج له وعليه القيمة على غرره وقيل : إن ادعى مشتري الرماد تلفه قبل تخليصه فعليه قيمته على الرجاء والخوف نظائر : قال العبدي : يجوز السلم إلا في أربعة : مالا ينقل كالدور والأرضين ومجهول الصفة كتراب المعادن والجزاف وما يتعذر جوده وما يمتنع بيعه كتراب الصواغين والخمر والخنزير
فرع قال المازري : يجوز السلم في الياقوت ونحوه ومنعه ( ح ) و ( ش ) لتعذر ضبطه بالصفة لفرط التفاوت في الصفاء والجودة وإن ضبطه تعذر الوفاء به ونحن نمنع المقامين بل يضبط بشدة الصفاء وقلته وتوسطه وكبر الحبة وصغرها وتوسطها وسلامتها من النمش ويشترط التدوير والاستطالة والوزن أو المقدار وما هو من أعراض أرباب الجواهر وكذلك يجوز السلم في المركبات كالترياقات والإيارجات والغوالي والقسي ونحوها ومنعه ( ش ) لتعذر ضبطها لأن كل واحد من مفرداتها مقصود في نفسه فضبط قسط المركب من ذلك المفرد صفة ومقداراً يتعذر ويختص النشاب بنجاسة ريش النسر عنده والترياق بنجاسة لحوم الأفاعي والجواب عن الأول : أن المقصود في المركبات مقصود عادة ولا عبرة بما ذكروه وعن الثاني : أن السباع والحيات يطهران عندنا ومنع ( ح ) في السفرجل والبطيخ ونحوها من المعدودات لتفاوت أفرادها في الكيالة الشرط السادس : أن يكون المسلم فيه يقبل النقل حتى يتهيأ أن يكون في الذمة قال صاحب النكت : يمتنع السلم في الدور والأرضين لأن خصوص المواضع فيها مقصود للعقلاء فإن عين لم يكن سلماً لأن السلم لا يكون إلا في الذمة وإن لم يعين كان سلماً في مجهول وكذلك يمتنع النكاح بها الشرط السابع : أن يكون معلوم المقدار بالوزن والكيل أو العدد احترازاً من الجزاف لنهيه عن بيع المجهول وجعل المقدار كجهل الصفة وفي الكتاب : منع اشتراط القبض بقصعة معينة ونحوها بما لا يعرف قدره لأنها جهالة وإنما يجوز عند الأعراب حيث لا مكيال عندهم ويفسخ إذا وقع وقاله ( ح ) خلافاً ل ( ش ) وكذلك أشهب وأمضاه إذا نزل لحصول المعرفة كالحوز قال صاحب التنبيهات : يجوز وصف هذا المسألة بإجازة السلم في الكتاب بذراع رجل بعينه في الثياب وشراء ويبة وجفنة وإذا أجزنا القصعة عند الأعراب : ففي كتاب محمد : إنما ذلك في اليسير وعن أبي عمران الجواز في الكثير وقيل : في الويبة والجفنة حيث لا مكيال وقيل : لا بل هي كالذراع وأكثر الأصحاب على المنع إذا كثرت الويبات والجفنات لكثرة الغرر وقيل : الجواز قال سند : وحيث أجزنا القصعة ونحوها فيشهد على عيار ذلك الوعاء خوفاً من تلفه والخلاف في ذلك يجري على الخلاف في التحري ولما أجازه ابن القاسم في المكيول دون الموزون فعلى هاهنا لذلك وأجاز السلم في سلال التين ومنع غرائز قمح وكذلك فعل في بيع الجزاف يجوز ملأ السلل دون ملأ الغارورة والجمهور على هذا الفرق لو أخرج الخضري مكياله المعلوم في البادية امتنع لجهلهم به وكذلك البدوي يقدم بمكياله ولو قدم بغير مكيال جازت معاملته للحاضرة بمكيالهم لأنه الأصل في البلاد
فرع في الكتاب : لا يشترط في ثياب الحرير الوزن بل الصفات تغني عنه فإن اشترطه اعتبر لأنه أضبط ومنع لأنه قد يدخل فيه من الزرع ما لا يتوهم الشرط الثامن : ضبط الأوصاف التي تتعلق بها الأعراض لدفع الخطر ما لم تود إلى غير وجوده قال سند : يذكر في الرقيق سبع صفات : النوع كالرومي والسن والقد فيقول خمسة أشبار أو ستة والذكورة والأنوثة وفي العلي يذكر البكارة والثيوبة واللون والنشاط والرداءة وربما أغنى السن عن القد في العرف لأنه يعرف سن الصبي من قده ويحمل الأمر فيه على الوسط المتعارف والنادر لا يلزم وألزم ( ش ) اشتراطه ويغني ذكر العبد عن الذكورة والأمة عن الأنوثة والجنس يغني عن اللون فإن غالب الحبشة السمرة للصفرة والنوبة السواد والروم البياض ولا يشترط ذكر اللون في جواري الخدمة كالبكاره وألزم ( ش ) اشتراطه ويشترط في الغنم جنسها ضأنا أو ماعزا وذكورتها وأنوثتها وسنها وجودتها دون نتاجها واشترط ( ش ) بلادها لنا أن من اشتراها لا يعرف بلادها ولا نتاجها صح فكذلك السلم لو اشترط لونا لم يلزم غيره وإن كان العقد يصح بدونه ويشترط في الخيل إنها عربية أو غيرها وحولية أو غيرها وذكورتها وأنوثتها وفراهتها دون اللون لحصول المقصود بدونه وإن كان مطلوبا في الجملة وكذلك الغرة والتحجيل ويشترط في الحمير بلادها مصرية أو شامية أو أعرابية لان الحمار المصري ربما بلغ عدة من الخيل والشامية شديدة والأعرابية ضعيفة قليلة الجري وسنها وجودتها وفراهتها ووافقنا ( ش ) في السلم في الحيوان دون أعضائه من الجلود والرؤوس ومنع ( ح ) لشدة تفاوت الحيوان وعدم انضباطه وكذلك أجزاؤه ولقول البحتري ( ولم أر أمثال الرجال تفاوتت ** إلى الفضل حتى عد ألف بواحد ) ووزن أبو بكر الأمة فرجع وكذلك عمر رضي الله عنهما حتى قال بعض الفضلاء إنما قال ابن دريد ( والناس ألف منهم كواحد ** وواحد كالألف أن أمر عرا ) لضرورة الشعر وفي الحديث المسند ( ما شيء يربو الواحد على الألف من جنسه إلا ابن آدم ) ولنهيه عن السلم في الحيوان ولقول عمر رضي الله عنه من الربا السلم في الحيوان وبالقياس على تراب الصاغة والجواب عن الأول أن بني إسرائيل استوصفوا البقرة فوصفت لهم فلو لم يكن الوصف يضبط لما كان فيه فائدة وعليه أن المطلوب ثمة أصل التمييز وهو لا يكفي في المعاملة ولقوله ( لعن الله المرأة تصف المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها ) فأقام الوصف مقام الرؤية وعلته أن المشبه يقصر عن المشبه به والمطلوب ثمة سد ذريعة الربا وهي تنفتح بأيسر المحاسن والدواعي ولا يكفي ذلك في صحة المعالمة ولان المقصود في صفات السلم إنما هو الصفات الظاهرة دون أخلاق النفوس ثم ينتقضن عليهم بالديباج المنقوش أجازوه وبالعصافير منعوها مع إنها لا تختلف والديباج شديد الاختلاف ولأن الصفات المقصودة معلومة ولكل واحد عبارة فيقتصر على أول مراتبه فلا جهالة البتة وعن الثاني والثالث منع الصحة وعن الرابع انضباط الصفات المالية في الحيوان بخلاف تراب الصاغة ويؤكد مذهبنا : أنه ( استسلف بكراً فقضى خياراً ) في الحديث الصحيح وما تقرر قرضا تقرر سلماً بجامع ضبط الصفة وعليه أن القرض معروف فيسامح فيه ولأنه يجوز في الخلع والنكاح والكتابة عندهم فنقيس عليه وعليه أنها ليست أبواب تنمية مال بل معروف ومحاسنة ولأنه وصف الدية من الحيوان في الذمة والزكاة تثبت في الذمة بعد الاستهلاك فكذا السلم وعليه إنها باب معروف ولا يجوز أن يكون ثمناً فيكون مثمناً ويرد عليه : أنه إذا كان ثمناً علم بالرؤية بخلاف الثمن ويشترط في الفاكهة جنسها وصفتها وقدر التفاحة والرمانة وجودتها ورداءتها ويشترط في قصب السكر ما عرف فيه فإن كان يباع عندهم حُزماً : فعدد أعوادها وطول العود وغلظه وجودته ورداءته وإن كان يبيع بالوزن اشترط ولا يلزمه أعلا العود لعدم حلاوته ولا أسفله لفرط يبيوسته بل يطرح ذلك وقال ( ش ) : لا يصح السلم فيه إلا وزناً لعدم انضابط العدد في المائة وجوابه : أن ذلك يُقضي للجهالة في بلد لا يعرفون الوزن فيتحملون أن الوزن يحصل عدداً من العيدان فيتخرج خلافه فإن هذه الأمور إنما تضبط معرفتها العوائد كما تقدم تقريره في أبواب الربويات
فرع في الكتاب : يكفي العدد في الرمان والسفرجل والتفاح إذا وصفت مقاديرها ويجوز الوزن إذا كان عادة وكذلك الجوز ولا يسلم في البيض إلا عدداً لأنه العادة ووافقنا ( ح ) في اتباع العوائد وجوز ( ش ) في المكيلات الوزن وبالعكس قال سند : ويذكر جنس بيض الدجاج أو غيره وصغره وكبره ووافقنا ( ح ) ومنعه ( ش ) إلا وزناً لشدة التفاوت في مقادير البيض
فرع قال اللخمي : متى اشترط جيداً أو ردياً حُمل على الوسط من الجيد أو الرديء ولو قال : وسطاً فوسط ذلك النصف
فرع في الكتاب : إذا لم يذكر الجيد من الرديء فسد العقد ويمتنع اتفاقهما على الأرفع لفساد أصل العقد
فرع قال : إذا أسلم مصري في حنطة لم يذكر جنساً : قضي بالحمولة أو بالشام قضي بالسمراء وإلا فلا بد من الصفة بالحجار حيث يجتمع أنواع الحبوب قيد التمييز المستفاد من خصوص الإقليم القائم مقام الصفة قال اللخمي : يريد : إذا أسلم بمصر في حنطة جيدة أو رديئة أجزأه وكان له الوسط من الجيد أو الرديء قال سند : لم يختلف أصحابنا في صحة الاقتصار على الجودة قال ابن القصار : لا بد أن يقول : في غاية الجودة وجوابه : أن هذا يتعذر وجوده ولذلك منعه ( ش ) وعلى المذهب : قال محمد : يقضى بالغالب من الجيد أو الرديء لا بنادره وقال الباجي : يكفي أصل الوصف لعدم انضباط مراتبه فيؤدي ذلك للخصومة وليس المقصود من المسلم أن يكون كالمربي بل حصول المقاصد من حيث الجملة ويفتقر في المثمن ما لا يغتفر في الثمن ولا يدخل الحشف في وصف الرديء وقال ( ش ) : ليس عليه أن يأخذ حشفة واحدة لنا : القياس على العظم في اللحم لأنه لا ينفك عنه المبيع غالباً واشترط ابن القاسم ذكر المنفى أو المغلث لأنه يوجب اختلاف الثمن وقال أشهب : لا يشترط لان مقتضى العقد السلامة فإن أتاه بغلوث كان عيباً ويختلف في اشتراط اللون في الشعير قال ابن القاسم : يشترط أصفر أو أبيض قياساً على بقية الصفات وإلا فسخ وخالف أشهب
فرع قال سند : يذكر في الثياب الجنس كالكتان والبلد لاختلاف نسج البلاد والطول الصفاقة والخفة والغلظ والرقة زاد الشافعية : النعومة والخشونة والجودة والرداءة ولم يشترط ابن القاسم لأنه يخرجها إلى العدة ولا يجوز اشتراط اللبيس لأنه يختلف ومنع الشافعية في الصبوغ بعد نسجه لأنه سلم في ثوب وصفة لنا : القياس على المصبوغ قبل نسجه ويجود في العتابي ونحوه ومنعه الشافعية لأنه مركب كالغوالي والمعاجين على أصلهم لنا : أن القطن المسدى بالكتان جائز إجماعاً
فرع في الكتاب : يجوز في القصيل ونحوه من البقول إذا اشترط جزراً أو حزماً أو أحمالاً معلومة ولا يشترط الأخذ إلا في الإبان نفياً للغرر إلا أن يكون لا ينقطع وكذلك القصب والقرط الأخضر ويمتنع اشتراط فدادين موصوفة معلومة بالطول والعرض والجودة والرداءة قال صاحب التنبيهات : الجُرز بضم الجيم وفتح الراء وضم الزاي أيضاً وآخره زاي مفتوحة وروي بكسر الجيم وبزايين معجمتين والأول أصوب وهي القبض فإنها لا تختلف والجزة تختلف في اللطافة والكثافة ومراده بالفدادين غير المعينة خلافاً لبعض المتأخرين والقرط بضم القاف وأراه ليس بعربي والقضب بفتحها وسكون الضاد قال سند منع ( ش ) السلم في هذه إلا وزنا وقد تقدم جوابه وتجوز الفدادين المعينة إذا علمت صفتها والممنوع غير المعينة لأن السلم لا بد فيه من ذكر موضعه لاختلاف الغرض بالقرب والبعد والرياح والسقي والجودة في الحب وغيره فيكون العقد غررا وجوزه أشهب بناء على غالب تلك الأرض ويمتنع ها هنا تأخير لنقد كما قلنا في السلم في حائط بعينه لان ذلك بيع وهذا سلم والفرق عند أشهب بين الفدادين والسلم في الدور وأن اشترط نفس البقعة أن أشهب لا يشترط في الفدادين إلا القرية دون صقع معين والدور لا بد فيها من تشخيص الأرض فيمتنع لاحتمال التعذر
فرع في الكتاب يصف في الرأس والكارع صنفها وكبرها وفي اللحم ضأنا أو ماعزا وزنا أو تحريا معروفا لجواز بيعه تحريا وفي الحيتان الطرية نوعها وطولها وصفتها ووزنا أو تحريا ولهما بعد الأجل الرضا بغير النوع الذي يسلم فيه لأنه جنس واحد في الربا قال اللخمي يشترط في اللحم أربعة : الجنس كالضأن والسن كالجذع والصنف كالذكورة والأنوثة والهيئة من السمن وأجاز ابن القاسم أن لا يشترط العضو وإن عليه أن يقبل البطن في اللحم ويحمل قوله على أن ذلك عادتهم أما اليوم فلا وتسمة الناحية المأخوذة منها أجود قال سند : منع ( ح ) السلم في اللحم والرؤوس لامتناعه في اللحم ومنع ( ش ) فيهما لأن أكثرها عظام فيمتنع كرماد الصاغة وجوز في اللحم أما ما مسته النار : فمنعه ( ش ) في اللحم لاختلاف عمل النار ونقض عليه بالسمن والتمر لاختلاف عمل النار في السمن والشمس في التمر وأن تمتنع الإجارة في ذلك لأنها مجهولة وللرؤوس ستة شروط : النوع من غنم أو غيرها والسن والذكورة الأنوثة والسمن مشوي أو مغموم وإن جرت العادة بالوزن كان أضبط ومنع ( ش ) و ( ح ) الأكارع ويزاد في الأكارع : مقدم أو مؤخر وللحيتان ستة شروط : النوع : لاج أو بوري والسمن والصغر والكبر الجيد والرديء وموضع الصيد فإن نواحي البحر مختلفة لاختلاف المرعى والوزن أو التحري ويذكر في الكثير : الطول والغلظ قال صاحب التنبيهات : تقول في التحري : أسلم لك فيما إذا تحرى كان كذا قاله ابن أبي زمنين وقال غيره : بل يعين إناء ويتحرى ملاؤه ويقول آخر بهذا وكذا وكذا
فرع في الكتاب : يجوز السلم في الخف ونحوه مما يعمل في الأسواق إذا وصفه إلى أجل السلم ولم يشترط صانعاً بعينه ليلاً يتعذر ولا بما يعمل منه بعينه قال سند : قال أشهب : يجوز اشتراط رجل بعينه إذا شرع في العمل لأن الغالب السلامة حينئذ ومنع ( ش ) في خشب النشاب لاختلاف نجابته ويجوز عندنا كالإجارة عليه وله أن يشترط عمل فلان إذا كان كثيراً في الأسواق ويجوز في سيف صفته كذا يضربه من جملة هذا الحديد والحديد لا يختلف لأنه بيع ويمتنع أن يقول : مع هذا الحديد : تضربه لي سيفاً لأنه سلم والأول بيع وإجارة ووافقنا ( ح ) في السلم في المضروب وجعل لكل واحد منهما الخيار إذا حضر المضروب لأنه عمل الناس خلفاً وسلفاً ومنع ( ش ) لأنه ليس عيناً ولا صفة في الذمة وجوابه : أنه صفة في الذمة قال اللخمي : اشتراط العمل من المعين إن كان لا يختلف صفة كالقمح يطحن والثوب يخاط أو يختلف إلا أن يُمكن إعادته للمطلوب من غير نقص كالحديد في السيف جاز فإن اشترى الرصاص امتنع لأنه ينقص في السبك وإن كان لا ينضبط في صفته أو يختلف خروجه امتنع كالثوب يشترط صبغه والغزل يشترط نسجه وإن كان كثيراً حتى إذا خالف بعضه عمل من البعض الآخر جاز وحيث أجزنا فيما لا يختلف أو يختلف ويعاد فلا بد من الشروع في العمل فإن هلك الثوب أو القمح قبل العمل جرى على التفصيل في تضمين الصناع
فرع قال صاحب المنتقى : يجوز على ظاهر المدونة في صفات السلم : أن يريه عيناً ويقول : على صفة هذا فترتفع الجهالة وعن ابن القاسم : المنع لأن مثله من كل وجه يعسر وهو مقتضى الرؤية التي دخلا عليها
فرع قال يجوز السلم في الدنانير خلافاً ل ( ح ) لأن كل ما جاز ثمناً جاز مثمناً كالعرض
فرع قال المازري : مقتضى أصولنا : جواز اشتراط الأجود من الطعام أو أدناه خلافاً ل ( ش ) في الأجود لأنه يتعذر بل معلوم متيسر عند الناس الشرط التاسع : أن يكون إلى أجل ويمتنع السلم الحال وقاله ( ح ) وابن حنبل وجوز ( ش ) الحال لقوله تعالى ( وأحل الله البيع ) ولأنه ( اشترى جملاً من أعرابي بوسقٍ من تمرٍ قلما دخل البيت لم يجد التمر فقال الأعرابي : لم أجد التمر فقال الأعرابي واغدراه فاستقرض وأعطاه ) فجعل الجمل قبالة وسق في الذمة وهذا السلم الحال وبالقياس على غيره من البيوع وبالقياس على الثمن في البيوع لا يشترط فيه الأجل ولأنه إذا جاز مؤجلاً فحالاً أولى لأنه أنفى للغرر والجواب عن الأول : أنه مخصوص بقوله ( من أسلم فليسلم إلى أجل معلوم ) وهو أخص من الآية فيقدم عليها وهو أمر والأمر للوجوب وعن الثاني : إن صح فليس بسلم بل وقع العقد على تمر معين موصوف فلذلك قال : لم أجد شيئاً والذي في الذمة لا يقال فيه ذلك ليسره بالشراء لكن لما رأى رغبة البدوي في التمر اشترى له تمراً آخر ولأنه أدخل الباء على التمر فيكون ثمناً لا مثمناً لأن الباء من خصائص الثمن وعن الثالث : أن البيع موضوعه المكايسة والتعجيل يناسبها والسلم موضوعه الرفق والتعجيل ينافيه ويبطل مدلول الاسم بالحلول في السلم ولا يبطل مدلول البيع بالتأجيل فلذلك صحت مخالفة قاعدة البيع في المكايسة بالتأجيل ولم يصح مخالفة السلم بالتعجيل وعن الرابع : أنه جواب الثالث وعن الخامس : إن الأولوية فرع الشركة ولا شركة هاهنا بل القياس لأنه جاز مؤجلاً للرفق والرفق لا يحصل بالحلول بطريق الأولى بل ينتفي البتة سلمنا الشركة لكن لا نُسلم عدم الغرر مع الحلول بل الحلول غرر لأنه إن كان عنده فهو قادر على بيعه حالاً فعدوله إلى السلم قصد للغرر وإن لم يكن عنده : فالأجل يعينه على تحصيله والحلول يمنع ذلك وبقي الغرر ولهذا هو الغالب لأن ثمن المعين أكثر والغالب : أنه لا يقدر على تحصيل الأكثر فتركه الآن لأنه ليس عنده فيندرج الحال في الغرر فيمتنع في فينعكس عليهم المقصود ثم نقول أحد العوضين في السلم فلا يقع إلا على واحد كالثمن تفريع : في الكتاب : لا يجوز بيع ما ليس عندك إلا لأجل معلوم تتغير في مثله الأسواق من غير تحديد عند مالك قال ابن القاسم : وأرى الخمسة عشر يوماً والعشرين في البلد الواحد وقال ( ح ) : الأجل ثلاثة أيام كالخيار أو نصف يوم لأنه أقل ما يفترقان فيه من المجلس فيخرج علن السلم الحال قال اللخمي : يجوز الحال وإلى أجل قريب من شأنه أن يكون في تلك السلعة كاللحام والفكاه والرطاب والحال على أن يقبض في بلد آخر وبينهما قريب وعن مالك : إجارته إلى اليوم مطلقاً وعن ابن وهب : إلى اليومين والثلاثة في الثياب والدواب أحسن من بعيد الأجل وتسمية الأجل ثلاثة أقسام واجبة وساقطة ومختلف فيها إذا شرط القبض في بلد العقد ولم يكن يقبض المشترى فيه عادة وساقط إذا كانت عادة لأنها تقوم مقام الشرط ومختلف فيها إذا لم تكن عادة وشرط القبض في غير بلد فقيل : المسافة بين البلدين كالأجل إذا خرجا على الفور ويجيران على القبض عند الوصول وقيل : فاسد وهو أحسن لأن السلم يتضمن المكان والزمان فذكر أحدهما لا يغني عن الآخر قال سند : وإذا قلنا : لابد من أجل تتغير فيه الأسواق فعقدا على خلافه استحب محمد فسخه لفوات الشرط ولا يجب للخلاف فيه ولم يفسخه ابن حبيب قال : والقياس : الفساد وفي الجواهر : روي ابن عبد الحكم السلم إلى يوم فقيل : هي رواية في السلم الحال وقيل : بل المذهب لا يختلف في منعه وإنما هذا خلاف في مقداره الشرط العاشر : أن يكون الأجل معلوماً للحديث المتقدم ولأن الأجل له جزء من الثمن فهو مبيع فيكون معلوماً قال المازري : إذا قال : إلى يوم كذا فالحد طلوع الفجر أو في رمضان فهو غرور قال ابن العطار : يكره فقط لاقتضائه المخاصمة ما بين أول الشهر إلى آخره وللشافعية قولان ولم أر لأصحابنا المتقدمين فيه نقلاً قال : وينبغي أن يكون فاسداً وأجازه ( ح ) وفي الجواهر : يجوز إلى الحصاد وما تضبطه العادة ومنع ( ش ) و ( ح ) إلى الحصاد ونحوه لعدم انضباطه عندهما عادة ويكون الأجل معظم ذلك دون أوله وآخره ولو قال : ثلاثة أشهر تحسب بالأهلة ويكمل الكسر من الرابع ثلاثين وإلى يوم الجمعة أو رمضان فأول جزء منه وفي الجمعة أو في رمضان من أوله إلى آخره ويكره قال القاضي أبو الوليد : إن اختلف بذلك الثمن فسخ وإلا فلا وإلى أول يوم في آخره فهو السادس عشر وإلى آخر يوم في أوله فهو الخامس عشر الشرط الحادي عشر : أن يكون الأجل المشترط زمان وجوده احترازاً من السلم في فاكهة الشتاء لأجل في الصيف وبالعكس ونحو ذلك فإنه غرر فيمتنع الشرط الثاني عشر : أن يكون مأمون التسليم عند الأجل احترازاً من الموجود عند الأجل لكنه يتوقع العجز عنه ليلا يكون الثمن تارة بيعاً وتارة سلفاً قاعدة : السلف رخص فيه صاحب الشرع لمصلحة المعروف بين العباد فاستثناه لذلك من قاعدة الربا في النقدين وغيرهما لعدم التناجز فيه فإن فعل لغير المعروف امتنع فإذا آل أمر الثمن إلى السلف مع أنه لم يقصد به المعروف أولاً امتنع لفقدان المعنى الذي لأجله استثناه الشرع من المحرمات أو لأن ما شأنه أن يكون لله إذا وقع لغير الله امتنع ويفيدنا هذا في غير الربويات فلهذه القاعدة يعلل الأصحاب بقولهم : يلزم أن يكون الثمن تارة بيعاً وتارة سلفاً في الكتاب : يمنع السلم في حائط بعينه قبل زهوه ليأخذه بسراً أو رطباً لتوقع هلاكه قبل ذلك وإنما يجوز إذا كان أزهى لأنه مأمون حينئذ
فرع قال يمنع في نسل الحيوان بعينه بصفة وإن كانت حوامل لعدم الوثوق بنسله وإنما يصح مضموناً وكذلك اللبن والصوف إلا في الإبان لأنه مأمون حينئذ ويُشترط الأخذ في الإبان وإن لم ينفذ إذا شرع في الأخذ في يومه إلى أيام يسيرة لأنه بيع لا سلم فإن سلف في لبنها قبل الإبان واشترط الأخذ فيه امتنع لعدم الوثوق بالتسليم قال اللخمي : يجوز في نسل الحيوان المعين الموصوف إذا لم يقدم رأس المال وكان الوضع قريباً فإن خرج على الصفة دفع الثمن وإلا فلا غرر ولا يكون الثمن تارة بيعاً وتارة سلفاً فيجوز ويختلف إذا كان الوضع بعيداً فأصل ابن القاسم : المنع لتردد الثمن بين السلف والثمن وأصل غيره : الجواز إذا كانت الغنم كثيرة فيجوز السلم في لبنها في الإبان وشراؤه جزافاً بعد اختباره وإن كانت كالشاتين جاز السلم في نصف لبنها وما الغالب حصوله منها وكره شراء جملته لتوقع اختلافه بخلاف الكثير يحصل بعضه بعضاً ولم يكره مرة أخرى لأن الأصل بقاؤه على حاله فإن نقص بعضها عن المعتاد حط من الثمن بقدره فإن أضر بها الحلاب جملة كان لصاحبها الفسخ وكذلك الغنم الكثيرة إذا أخذها الجرب ويجوز السلم في جبن الغنم المعينة وزبدها لأنه يعلم صفته واختلف في السمن والأقط أجازه ابن القاسم وكرهه أشهب لاختلافهما قال ابن يونس : كرهه لبعده كاشتراط أخذ الزهو تمراً أو كشراء الزيتون على أن على بائعه عصره فلا تعلم صفته وفي الجواهر : يمتنع السلم في نسل حيوان بعينه وإن وصفه وقال أبو القاسم السيوري : إذا لم ينقد وشرط : إن وافق العقد أخذه جاز وإلا فقولان يتخرجان من كراء الأرض الغرقة
فرع قال ابن يونس : إذا اشترى جزاز كباش معينة فيصاب بعضها قبل الجز : قال مالك : له مقال لعدم التسليم قال ابن يونس : ذلك إذا فقدت أعيانها بالبيع أو غيره أما بالموت : فللمشتري صوفها لأنه لا ينجس بالموت إلا أن يكون مكروهاً عند الناس قال بعض الأصحاب : لعله يعني إذا اشتراه وزناً أما جزافاً فلا يوضع شيء من الثمن
فرع في الكتاب : يجوز السلم فيما ينقطع في بعض السنة ويشترط ( أخذه في إبانه قال سند : له ثلاث حالات : يسلم في الإبان بشرط ) الأخذ فيه فيجوز اتفاقاً وإن اشترط أخذه في غير إبانه امتنع اتفاقاً السلم في الإبان أم لا قولان وإن أسلم في غير الإبان واشترط أخذه في الإبان أجازه مالك و ( ش ) وابن حنبل واشترط ( ح ) : استقرار المسلم فيه من حين العقد إلى زمان التسليم لاحتمال موت البائع فيحل السلم بموته فلا يؤخذ السلم فيه ولأنه إذا كان معدوماً قبل الأجل وجب أن يكون معدوماً عنده عملاً بالاستصحاب فيكون غرراً فيمتنع إجماعاً ولأنه غائب عند العقد فيمتنع في المعدوم كبيع الغائب على الصفة ولأن العدم أبلغ من الجهالة فيبطل قياسا عليها بطريق الأولى لأن المجهول الموجود له ثبوت من بعض الوجوه بخلاف المعدوم نفي محض ولأن ابتداء العقود آكد من انتهائها بدليل اشتراط الولي وغيره في ابتداء النكاح ومنافاة اشتراط أجل معلوم فيه وهو نكاح المتعة فينافي التحريم أوله دون آخره وكذلك البيع يشترط أن يكون المبيع معلوماً مع شروط كثيرة عند العقد ولا يشترط ذلك بعد ذلك فكل ما نافى آخر العقد نافى أوله من غير عكس والعدم ينافي عقد الأجل فينافي العقد والجواب عن الأول : أنه لو اعتبر لكان الأجل في السلم مجهولاً لاحتمال الموت فيلزم بطلان كل سلم وكذلك البيع بثمن إلى أجل بل الأصل : العدم إلى حين التسليم فإن وقع وقعت الشركة إلى الإبان فإن الموت لا يفسد البيع ولعدم الوجود يمتنع التعجيل فإن كان عليه دين لم يلزم الغرماء الصبر إلى الإبان ويحاصصوا المشتري فما نابه وقف فإن اتفق الورثة على أصل القيمة جاز إن كان مما يجوز بيعه قبل قبضه وإلا فلا وتوقف القيمة إلى الإبان فيشتري بها ماله ولا يرجع على الغرماء في غلاء أو رخص لأنه حكم الفصل إلا أن يفضل عنه شيء فللغرماء وعن الثاني : أن الاستصحاب يعارض بالغالب فإن الغالب وجود الأعيان في إبانها وعن الثالث : أن الحاجة تدعو إلى العدم في السلم بخلاف بيع الغائب لا ضرورة تدعو إلى ادعاء وجوده بل يجعله سلماً فلا يلزم من ارتكاب الغرر للحاجة ارتكابه لغيرها فلا يحصل مقصود الشرع من الرفق في السلم إلا مع العدم وإلا فالموجود يباع بأكثر من ثمن السلم وعن الرابع : أن المالية منضبطة مع العدم بالصفات وهي مقصود عقود التنمية بخلاف الجهالة ثم ينتقض ما ذكر المعقود بالإجارة تمنعها الجهالة دون العدم وعن الخامس : إنا نسلم أن ابتداء العقد آكد في نظر الشرع لكن آكد من استمرار آثارها ونظيرها هنا بعد القبض وإلا فكل ما يشترط من أسباب المالية عند العقد يشترط في المعقود عليه عند التسليم وعدم المعقود عليه عند العقد مع وجود المعقود عليه في زمن التسليم لا مدخل له في المالية البتة بل المالية مضمونة بوجود المعقود عليه عند التسلم فهذا العدم حينئذٍ طردي فلا يعتبر في الابتداء ولا في الانتهاء مطلقاً ثم يتأكد مذهبنا بالحديث الصحيح أنه ( قدِم المدينة فوجدهم يُسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال : من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزنٍ معلوم إلى أجل معلوم ) يدل من وجوه : أحدها : أن تمر السنتين معدوم وثانيها : أنه أطلق ولم يفرق وثالثها : أن الوجود لو كان شرطاً لبينة لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع ولأنه وقت لم يجعله المتعاقدان محلا للمسلم فيه فلا يعتبر وجوده كما بعد الأجل لان القدرة على التسلم إذا بطلبت في وقت اقتضاه العقد أما ما يقتضيه فيستوي قبل الأجل لتوقع الموت وبعده لتعذر الوجود فيتأخر القبض وكما أن أحدهما مُلغى إجماعاً فكذلك الآخر وقياساً على عدم أثمان بيوع الآجال قبل محلها
فرع في الكتاب : يجوز السلم في طعام قرية كبيرة بعينها أو ثمرها أو غيرهما في أي وقت شاء ويشترط الأخذ في أي وقت شاء إذا كانت لا تخلو من ذلك وأما ما ينقطع كالبسر فيشترط أخذه في إبانه نفياً للغرر ويجوز السلم في ذلك لمن ليس له فيها ملك لقدرته على الشراء منها الشرط الثالث عشر : أن يكون المسلم فيه ديناً في الذمة احترازاً من بيع المعين الذي يتأخر قبضه وفي الكتاب : يمتنع السلم في سلعة معينة يتأخر قبضها أجلاً بعيداً خشية هلاكها قبله ويجوز لليومين لقربهما قال أبو الطاهر : إلا أن يشترط الانتفاع بالمبيع فيجوز ما لا غرر فيه كاليومين في الدابة والثلاث في الثوب والشهر في الدار وأكثر من ذلك في الأرض قال اللخمي : فإن أسقط الأجل حيث قلنا بالفساد اختلف في الإمضاء قال : وأراه جائزاً إذا رضيا وكأنه عقد مبتدأ وإذا قال : هو من ضماني عندك جاز قال أبو الطاهر : بل يمتنع لأنه زاد الضمان ثمناً والضمان لا يقبل المعاوضة قال سند : والفرق بين هذا وبين قول ابن القاسم في كراء الدابة : ويشترط أن لا يقبض إلى شهر بل إن الأصل ضمان المبيع من المشتري فبقاؤه عند البائع يناقض العقد والعين المستأجرة منافعها للأجير حتى يستوفي فلم يناقض العقد وإذا صححنا الشرط : فالضمان في المدة من البائع استصحاباً لضمانه لسلعته وكذلك حيث استثنى ما لا يجوز من المدة فهلكت عنده وإن هلكت عند المشتري بعد المدة فهي منه كالبيع الفاسد يتصل به القبض ثم يهلك وإن هلكت بيده وقد قبضها في المدة فكذلك عند أصبغ وقاله ابن القاسم وجعله كالقبض في شرط الخيار في الكراء الفاسد قال اللخمي : اختلف إذا لم ينقد في العين المتأخر قبضها وقال : إن صارت في ملكي فهي لي بكذا قال : والجواز أحسن لعدم الغرر قاعدة : الغرر في المبيع سبعة أقسام : في الوجود : كالآبق والحصول : كالطائر في الهواء والجنس : كسعلة لم يسمِّها والنوع : كعبد لم يعينه والمقدار : كبيع ما تصل إليه رمية الحجر والتعيين : كبيع ثوب من ثوبين والبقاء : كبيع الثمار قبل بدو صلاحها وبيع المعين يتأخر قبضه من غرر البقاء كالثمار فلذلك امتنع قاعدة : السلف شرع للمعروف مستثنى من قواعد الربا قرية إلى الله تعالى فيمنع في المكايسة حيث انتفى المعروف لوقوع المفسدة مع عدم معارضتها من المصلحة أو لأنهم أوقعوا ما لله لغيره وقد تقدم بسط هذه القاعدة وهذه المسألة مبينة عليها أيضاً لأنه على تقدير تعذر التسليم يكون الثمن سلفاً قاعدة : الأصل في الأسباب الشرعية أن تترتب عليها مسبباتها تحصيلاً لحكم تلك الأسباب فإذا تأخر قبض المعين توقعنا هلاكه قبل ترتيب حكم السبب الشرعي الذي هو الانتفاع بالملك قد ثبت حكم السبب مضافاً إلى تهمة البائع في التعدي
فرع في الكتاب : يمتنع السلم في حائط بعينه قبل زهوه ليأخذه بُسراً أو تمراً لتوقع الهلاك قبل ذلك وإنما يجوز إذا أزهى لأنه مأمون حينئذ ويضرب أجلاً وما يأخذ كل يوم وهل يأخذ بُسراً أو رطباً نفياً للجهالة وسواء نقد أم لا لأنه شرع في الأخذ وليس دينا بدين وهو عند مالك بيع لا سلم لأن السلم يكون في الذمة وهذا معين يتأخر قبضه وتأخره خمسة عشر يوماً قريب لأنها عوائد الناس في قبض مثل هذا شيئاً فشيئاً للضرورة فإن شرط أخذه تمراً امتنع لبعده ولا يشترط أن يأخذ كل يوم ما شاء للجهالة في الأجل قال صاحب التنبيهات : القرية الصغيرة كالحائط المعين لكن يجب تعجيل الثمن فيها لأن بيعه في الذمة فهو سلم قال اللخمي : للحائط ستة شروط : أن يكون قد أزهى وأن يشترط أخذه بُسراً أو رطباً وأن يبين أجل الأخذ فإن ذكر أياماً بين أعدادها وتواليها ومبدأها ومنتهاها وأن يذكر ما يأخذ كل يوم وأن لا يتعذر أخذه في وقته وأن يبقى ذلك إلى آخر الأيام فإن شك في تبيين ذلك في وقته أو بقائه إلى آخر الأيام امتنع فإن أسلم في تمر حائط بعد الإزهاء والإرطاب ليأخذه تمراً كرهه في الكتاب من غير تحريم ويفسخ ما لم يكن يبيض
فرع قال : قال ابن القاسم : إذا أسلم في حائط بعينه ليأخذ زهواً أو رطباً في يوم بعينه ثم رضي صاحب الحائط أن يقدم ذلك قبل الأجل جاز إن رضي المشتري وكان صفته فأجازه مع أنه طعام بطعام ليس يداً بيد ( وإن قصد المبايعة ) لكن راعى المعروف ليتصرف البائع في حائطه ويأمن الرجوع بالجوائح جاز أيضاً وإن قصد أن يرجع بمثل ما دفع امتنع إلا أن يكون سلفاً
فرع قال : إذا أسلم في رُطب حائط بعينه فأجيح انفسخ اتفاقاً لأن المبيع معين كالعروض وكذلك القرية الصغيرة قال أبو الطاهر : هل يشترط أن يكون البائع مالكاً لتمرها كالحائط ؟ قولان للمتأخرين أجرى عليهما ابن محرز تقديم رأس المال فعلى القول بالاشتراط لا يلزم كالحائط المعين وعلى الآخر : يلزم لأنه سلم وهو خلاف في حال إن أمكن المسلم إليه لشراء كان سلماً وإلا فكالحائط قال صاحب التنبيهات : قال ابن محرز : يجب تقديم رأس المال جزماً وسوى أبو محمد في الجواب بين إسلامه في حائط معين وقد أزهى أو أرطب وقال : معنى ما في الكتاب : يكره بدءاً ويمضى إذا ترك وقال ابن شبلون : بل الفرق بينهما في الكتاب فيفسخ إذا أزهى بخلاف إذا أرطب ففرق بين المسألتين في الكتاب
فرع في الكتاب : يمنع السلم في زرع أرض معينة بدا صلاحها بخلاف التمر لأن التمر يشترط أخذه بسراً أو رطباً ويمتنع تأخير الزرع حتى ييبس لأنه غير مأمون الآفات قبل اليبس فإن فات مضى قال سند : اختلف بما يفوت : فروى أشهب : بالعقد لأن الإفراك صلاحه فتكون الكراهة خفيفة وقيل : بالقبض لقوة الملك بالقبض وعن ابن عبد الحكم : يفسخ مطلقاً كبيع الثمار قبل بدو صلاحها وصلاح الحب يبسه لنهيه عن بيع الحب حتى يبيض الشرط الرابع عشر : تعيين مكان القبض قال المازري : يستحب دفعاً للنزاع وهو ظاهر المدونة وكلام الأصحاب وهو مبسوط في البحث عن مكان القبض فليطالع من هناك وأوجبه ( ح ) لأن الأسعار تختلف باختلاف البلاد كالاختلاف بالأزمان فيجب المكان قياساً على الزمان وجوابه : الفرق بأن من مقصود السلم الزمان دون المكان في العادة وكذلك القرض لأن الناس يستلفون لزمان معين ويسلمون له دون المكان فإن المقصود تجرد الأزراق المعينة على الوفاء والرزق في الغالب يتجدد بتجدد الزمان دون المكان فإن وقع في المكان فهو لتجدد الزمان وكذلك إن تعلق الأمل بالسعادة والأرزاق في الزمان المستقبل دون المكان فالناس كلهم يؤملون في المستقبل وليس كل الناس يؤملون مكاناً معيناً فلذلك كان الزمان مقصوداً دون المكان ولذلك لم ينه عليه بل قال : إلى أجل معلوم ولم يقل إلى مكان معلوم النظر الثاني فيما يقترن بالعقد من وكالة وكفالة ونحوهما وفي الكتاب إذا وكلته فاسلم لولده أو لغيره ( صح في كل أحد بغير محاباة إلا في نفسه أو شريكه المفاوض له لأنه كنفسه ) أو من يلي عليه من ولدن أو يتيم أو سفيه ونحوه لأن مقصود الوكيل توفير النظر للموكل وهو متعذر في هذه الصور فالوكيل معزول عنها فلا ينعقد التصرف مع العزل وقاله ( ش ) و ( ح ) قال سند ويختلف فيه كالمرأة تقول لوليها زوجني ممن شئت ومنع أبو عمران عبده ومدبره وأم ولده وأجازه في الكتاب إذا انتفت الحاباة فإن باعها من نفسه ثم باع فربح قال ابن حبيب الربح للأول إلا أن تكون القيمة أكثر وإن أعطيناه حكم البيع الفاسد نفذ البيع الثاني
فرع في الكتاب إذا وكلته ليسلم دراهم في طعام فأسلمها في بساط أو زاد في الثمن غير المعتاد لا تجيز فعله لصيرورة الدراهم دينا عليه بالتعدي فيفسخا في السلم فسخ دين في دين وبيع منه الطعام الذي وجب له قبل قبضه وإذا لم يدفع له دراهم صحت الإجارة وامتنع تأخيره أياك بالثمن لأنه بيع للمبيع الذي هو دين به بدين عليك قال سند إن علم بالعقد فلم ينكره فهو رضا به أو علم بعد بالعقد قبل تسليم الثمن خير في الإمضاء فإن امتنع ولم يبين الوكيل للبائع أنه متعد كان عقدا موقوفا يجوز في مدة يجوز تأخير النقد فيها فإن لم يبين ولم ينقد خير الآمر لعدم التعدي على الثمن فإن تعدى فيه وشهدت البينة بعينة خير بين أخذه وبقي البساط للمأمور ويبين تركه وتغريمه للوكيل لا بسبب التعدي وله إمضاء العقد لعدم تعينه دينا فإن فاتت عين الثمن فهي مسألة الكتاب قال اللخمي عن مالك له إجازة العقد غي البساط مطلقا وإن لم ينظر فيه حتى حل الأجل له أخذه قولا واحدا قال ابن يونس متى كان في البساط فضل إن بيع بنقد فله بيعه وأخذ الفضل واتفاقا لأن كل مأذون له في تحريك المال لا يكون له فضل والآمر مقدم عليه فيه
فرع في الكتاب إذا هلك رهن السلم الذي يغاب عليه فضمانه منك وله مقاصته من السلم بما وجب له عليك إلا أن يكون ( الرهن أحد النقدين إلا أن يكون ) رأس مال السلم غيرهما وأن كان السلم في طعام امتنع مطلقاً لأنه بيع الطعام قبل قبضه وليس إقالة وإلا شركة ولا تولية قال سند إن كانت المقاصة عند حلول الأجل اعتبر أمران جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه وأن تكون قيمة الرهن يجوز أخذها في رأس مال السلم وقبل الأجل يراعى معهما أن يكون الرهن من غير جنس المسلم فيه فإن كان الرهن والثمن عينين من جنس وكان الرهن في العقد أجازه أكثر الأصحاب إذا طبع عليه ومنعه التونسي لأنه آل الرهن إلى تأخير رأس المال بشرط فيفسد وجوابه أن الختم يبطل هذه التهمة ومنع ابن القاسم مع اتحاد الجنس محمول على تأخيره بعد العقد والمخالفة في الصفة للتهمة في الصرف الفاسد فإن استوت الصفة والجنس انتقت التهمة قال ابن يونس لو كان الرهن في طعام قرض جازت المقاصة لجواز بيعه قبل قبضه قال محمد تمتنع المقاصة مطلقا كيف كان الرهن وكيف كان رأس المال لأن الرهن لو ثبت تلفه بالبينة سقط فلا مقاصة وإن لم يتلف فهو عندك فلا يحل لك أن تقول له احبس ما عندك من الطعام بسلعة هي لك قال سند لو كان الرهن من جنس المسلم فيه جاز أخذه عن المسلم فيه أن كان قائما بيدك أو عند أمين قال صاحب التنبيهات جوز في الكتاب رهن طعام في سلم في مثله فتأول ابن الكاتب فيها جواز رهن مثل رأس المال وخالفه لأنه تأخير رأس المال
فرع في الكتاب إن مات كفيل السلم قبل الأجل حل بموته لأنه كالغريم والذمم تخرب بالموت ولا يحل بموتك ورثتك مكانك لأنه من حق الأموال فتنتقل إليهم قال سند منع ابن حنبل الكفالة لأنها تؤدي إلى استيفاء المسلم فيه من غير المسلم إليه كالحوالة وهو يلزم ( ش ) و ( ح ) لأنهما يمنعان بيع المسلم فيه مطلقا ونحن نجيز البيع والحوالة في الجملة وفرقا بأن الحوالة تطالب فيها ببدل حقك وفي الحمالة بنفس حقك وبحلول الؤجلات بالموت قاله الأئمة قاعدة الحقوق قسمان مالا ينتقل بالموت كالنكاح والتمليك والتخيير والوكالة وما ينتقل كالشفعة والرد بالعيب والرهن وضابط البابين أن المنتقل الأموال وحقوقها لأنهم يرثون الأموال فيرثون ما يتبعها والخاصة ببدنه وآرائه قال لا تنتقل لأنهم لا يرثون بدنه ولا عقله
فرع في الكتاب للكفيل مصالحتك عن العروض بالعروض المخالفة لها وبالطعام والعين نقداً إذا اشترى لنفسه إن كان الغريم حاضراً مقراً نفياً للغرر لأن بيع العروض قبل قبضها جائز وإن كان الغريم بالخيار إن شاء أعطاه ما عليه امتنع لأنه غرر ومنع ( ش ) و ( ح ) بيع الدين قبل أجله لقوله عليه السلام ' في أبي داوود : من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره وجوابهما الضمير عائد على المسلم فيه فنهى عن فسخ الدين في الدين قال سند في الموازية ولا تجوز مصالحة الغريم بأكثر من رأس المال تنزيلاً له منزلتك وجوزه التونسي وغيره وهو الأظهر تنزيلاً للكفيل منزلة الأجنبي والشبهان في الكفيل وعن مالك إذا ثبت الدين ببينة وعلم حياة الغريم جاز بيعه ولا يشترط حضوره لأن الظاهر تحققه فالغرر منتف وإذا اشترطنا الحضور على ما في الكتاب فمعناه : إذا كان قبل الأجل أما عند الأجل فقد توجه الحق على الكفيل فله تخليص نفسه فإن صالح الكفيل الغريم لا لنفسه بأمره جاز بما تجوز به مصالحة الغريم أو بغير أمرك وعلمك فهو عقد موقوف يمتنع فيما يمتنع فيه الخيار ويمتنع على أصل ابن القاسم مطلقاً كما تمتنع الإقالة في السلم على الخيار وفسخ الدين في شيء فيه خيار ويجوز على أصل أشهب فإن لم يعلمك فأجازه ابن القاسم مرة وألزم الغريم الأقل من الدين أو ما صالح به الكفيل ومنعه مرة ورآه غرراً ومنعه مرة لأن الكفيل لا يعلم ما يختار الغريم وجعله محمد كالوكيل ينفذ فإذا حل الأجل وقبض السلم بيع اشترى الكفيل ما دفع والزيادة للمكفول أو النقص من الكفيل وهذا الخلاف إذا دفع مثلياً أما المقدم والذي يقتضى فيه بجنس غير قيمته فكذلك أيضاً فإن كان دنانير أو دراهم وقيمة ما صولح عليه كذلك جاز قولاً واحداً لنفي الغرر قال صاحب النكت معنى قوله إن كان الغريم بالخيار : أي يصالح عنه ثم يعرفه فإن تصالح عنه بعروض خلاف العروض التي عليه أو بأحد النقدين فيمتنع لأنه لا يدري ما يعطيه الغريم إلا أن يعطى مثل ما عليه دون ما يرجع فيه إلى التقويم لأن البيع بالتقويم ممنوع
فرع في الكتاب إن صلحه الكفيل قبل الأجل على مثل عروض السلم جار أو أقل أو أكثر أو أجود أو أدنى امتنع لأنه في الأدنى سلف بزيادة والأعلى زيادة على ضمان الأدنى قال سند : والمصالحة لغير البلد كفيل الأجل
فرع في الكتاب لا يصالح المتكفل بطعام قبل الأجل إلا بمثل رأس المال فيكون توليه أو إقالة للغريم برضاه وتمتنع إقالة الكفيل والأجنبي بغير رضاه لأنه يتخير فإن رضي الله يبيع الطعام قبل قبضه
فرع قال يجوز أخذك قبل الأجل أو بعده مثل طعامك لتعلق الحق به ويمتنع من الأجنبي لأنه بيع الطعام قبل قبضه ولو اقترض مثل طعامك من الأجنبي وأحاله به عليه ولم تسل أنت الأجنبي جاز قبل الأجل وبعده لأنه ملك الطعام بالقرض فله تعجيله ويمتنع أن يقترض مثل طعامك ويحيل به على طعامك لأن الحوالة بيع قبل قبضه ويمتنع أخذك من الغريم أو من الكفيل قبل الأجل أجود أو أدنى لأنه بيع الطعام قبل قبضه وضع وتعجل ويجوز من الغريم إذا حل الأجل لأنه حسن قضاء أو اقتضاء دون الغريم لأنه بيع لا يرجع بما ودى قال سند : إذا دفع الكفيل ما عليه رجع بمثله فإن دفع طعاماً رجع به أو اشترى طعاماً رجع بثمنه وإن كان أجحف به إذا تغيب الغريم لأنه أوقعه في الشراء إن كانت الكفارة بإذنه وإلا بما عليه فقط لأن فعله لا يجيزه متجراً بل معروفاً ويجوز اتفاقه مع الغريم على ثمن الطعام قاله محمد لأنه كالقرض لذلك الطعام لا كالبائع
فرع في الكتاب للكفيل بعد الأجل المطالبة دون قبض الطعام لأنه ليس وكيلاً فإن قبضه لك فتلف عنده ضمنه قامت بينة أم لا ( ينزع الغريم بذلك أم لا ) طالبه الكفيل بقضاء السلطان أم لا لأنه ليس أميناً ولا وكيلاً فيده مضمنة وإن أخذه بطريق الرسالة لم يضمن لأنه وكيل للغريم والوكيل أمين لا يضمن قال صاحب النكت طرح سحنون ( أيضاً ) السلطان لأن السلطان لا مدخل له هاهنا وقال غيره معناه يكون صاحب الحق غائباً غيبة بعيدة وحل الأجل فتقاضاه الكفيل وخشي أن يغرم هذا الغريم الحاضر قبل قدوم الغائب فإن كان ملياً لم يتعرض له وإلا قضى السلطان عليه بالحق وأخذه منه وجعله على يد أمين أو الكفيل أن كان أميناً قال سند ليس للمكفول مطالبته بما دفعه له على أنه اقتضاء لأنه في ضمانه لم يتعد فيه إن باعه وله ذلك في الرسالة لتعديه بالبيع فلو باع المقبوض بالرسالة وغرمه للطالب : فله أن يدفع له طعاماً مثل ما قضى عنه ويطالبه بالثمن ولو وكل الطالب الكفيل فقبض وباع فللطالب إمضاء البيع دون المكفول لتعين الطعام للطالب بالقبض ويمنع أن يعطيه دراهم ليشتري ويعطي الطالب من عنده لأنه بيع للطعام قبل قبضه كما لو اشترى طعاماً من أجنبي وأحال عليه ولو دفع دنانير واشترى بها طعاماً ويقضيه عنه فدفع الكفيل الطعام من عنده وحبس الثمن بعد أن علم الغريم بذلك قبل كيل الطعام فرضي امتنع لأنه بيع الطعام قبل قبضه ولو دفعه بغير علمه فأجازه جاز لأنه مقرض ولو وكله المكفول على الشراء والدفع ووكله الطالب على القبض : منعه ابن القاسم لأن قبضه لأحدهما قبض للآخر كما لو قال المكفول للطالب أنا أشتري هذا الطعام واقبضه أنت وهو بيع للطعام قبل قبضه وأجازه أشهب كما لو قبضه الطالب
فرع في الكتاب : لو باعه الكفيل امتنعت إجازتك البيع لأنك لم توكله على البيع فهو بيع الطعام قبل قبضه ولك مطالبة الغريم والكفيل فللغريم أخذ الثمن منه إن دفعه على الرسالة لأنه متعد عليه وله أخذه بمثل الطعام لأنه مثلي وإن أخذت الكفيل بالطعام فليس للغريم أخذ الثمن منه ودفع مثل الطعام إن قبضه اقتضاء لأنه ضمنه فله الثمن
فرع في الكتاب تمتنع الكفارة برأس المال لأنه غرر ولا يدري أيحصل له رأس المال أو المسلم فيه قال ابن يونس : قال سحنون : لو كانت الحمالة بعد العقد فسخت كما قبل العقد لأن معناها إن لم يوجد الطعام دفعت لك رأس مالك فهي إقالة فاسدة لأن من شرط الإقالة في الطعام النقد وقيل إن فهم أنه يشتري له برأس المال طعاما جاز قال محمد ولو قال علي مائة درهم إن لم آت به فلم يأت به اشترى بالمائة طعام الطالب فإن فضل منها شيء رد للكفيل وإن نقصت لم يكن عليه غيرها قال ابن القاسم فإن ضاعت قبل لشراء فهي من المكفول ولا يكون على الكفيل منها شيء للطالب لأنه أداها قال سند إن قصد بضمان الثمن ضمان المسلم فيه بقدر الثمن بمعنى إن لم يوفك عند الأجل وفيتك بمقدار الثمن وما نقص الثمن عنه لا يلزمني أجازه عبد الحق وغيره لأن المسلم فيه حاصل جزما أو أكثره بخلاف ما في الكتاب وقيل يمتنع هذا للجهل بما يشتري من الثمن وجوابه أن هذا كالرهن لا يدرى هل يوفى أم لا ومع ذلك يجوز إجماعا وإذا وقعت الكفالة الفاسدة فسخ العقد ورد الثمن فإن تعذر رده لا يلزمه شيء عند ابن القاسم لفساد الحمالة ويلزمه عند غيره
فرع في الكتاب : تجوز الزيادة في الثمن بعد الأجل على أن يعطيك أطول من ثوبك أو أحسن صفة إذا تعجلت الزيادة لأنها في معنى رأس المال ويمتنع استرجاع بعض الثمن ليأخذ أدنى إن كان الثمن لا يعرف بعينه وقد غاب عليه خشية أنك أسلفته هذا المردود فيكون بيعاً وسلفاً قال صاحب النكت : إذا زدته قبل الأجل لتأخذ أطول : جاز عند ابن القاسم لأنهما صفقتان بشرط أن يبقى من الأجل مثل أجل السلم فأكثر وإلا امتنع لأنه سلم حال فيما ليس عند ولو كان لتعطيه أرق أو أصفق امتنع لأن الخروج عن الصفقة فسخ دين في دين وفي زيادة الأطول حصل الأول مع غيره فلم يفسخ ومنعه سحنون مطلقاً ورآه فسخ دين في دين وجوزه في الإجارة لأنها في شيء بعينه وفيه نظر لأنه لو مات الأجير أوصى على ذلك من ماله فهي والسلم سواء قال سند : قوله : يمتنع استرجاع بعض الثمن ليأخذ أدنى ليس شرطاً بل المثل والأجود كذلك في الفساد في الاسترجاع لأنه سلف
فرع في الكتاب : إذا كان رأس المال عرضاً واسترجعت من صنفه وأخذت أدون امتنع لأن المسترجع سلف أو من صنفه جاز لأن شرط السلف اتحاد الجنس
فرع في الكتاب : إذا أعطاك بعد الأجل أو قبله جميع رأس المال أو بعضه مع جميع المسلم على أن يجعل لك السلم قبل أجله أو يؤخره إلى أجله امتنع إن كان الثمن لا يعرف بعينه وقد غاب عليه وإذا كان رأس المال يُعرف بعينه فتقابلتما في نصفه ونصف السلم عى أن تأخذ بقية رأس مالك جاز تنبيه : وقع في بعض النسخ في أول الفرع : أو يؤخرك إلى أبعد أجله وهذا هو الذي يتجه فإن التأخير للأجل مستحق بالعقد لا يحتاج إلى تعجيل لأجله وكذلك قوله : إذا أعطاك بعد الأجل ليعجل لك قبل الاجل أو إلى الأجل أو أبعد من الأجل لا يستقيم فإن الدفع بعد الأجل يستحيل أن يكون لقصد التعجيل قبل ذلك بل ينبغي أن يقال : ليؤخره إلى أجل أبعد من ذلك الأجل وسر الفساد بعد التصحيح : أن رأس المال إذا كان يغاب عليه كان مستهلكاً فكأنه أسلفه ليؤخره أو يوافقه على التعجيل فهو : حُط عنى الضمان وأزيدك قال اللخمي : إذا كان رأس المال متقوماً جازت الإقالة على عينه إذا كان لم يتغير وتمنع على مثله وقيمته لأنها إقالة على غير رأس المال فهي مبايعة للطعام قبل قبضه وإن كان مثلياً منع ابن القاسم الإقالة على مثله وأجازه أشهب إلا أن تختلف فيه الأعراض كالكتان وحوالة الأسواق في العبد فالثمن لا يمنع الإقالة لأنها خارجة عن العين وتغييره بالزيادة أو النقص في بدنه يمنع
فرع في الكتاب : إذا أخذت بعض رأس مالك بعينه وجميع السلم بعد الأجل جاز لأنه إحسان محض ويمتنع أخذك بعض سلمك وتسترجع عروضاً من صنف رأس مالك لأنها إن كانت مثل عدده فهو سلف لمنفعة أو أقل فبيع وسلف ومن غير صنف رأس مالك يجوز لتعذر السلف مع المغايرة
فرع قال ابن يونس : قال ابن القاسم في الكتاب : لك أن تستزيد أحد العقدين له بالتعجل أو تؤجله إلى الأجل أو أبعد منه لاستغلالك المبيع كأنه في عقد واحد وقال أيضاً : ذلك ممنوع قال ابن أبي زمنين : ينبغي على أصولهم إن مات البائع قبل قبض الزيادة أن تبطل لأنها هبة لم تقبض وقيل : هذه هدية مديان فتمتنع قال سند : تجوز عند ابن القاسم الزيادة في الثمن لأنها معروف
فرع في الكتاب : إذا كان رأس المال المسلم عرضاً أو حيواناً في طعام لا يمنع الإقالة تغير سوقه لأنه رغبات الناس وهي خارجة عن الحيوان بخلاف التغيير بالزيادة والنقصان لأنه حينئذ مبايعة في طعام قبل قبضه والهزال والسمن في الجارية لا يمنع بخلاف الدابة لأنهما مقصودان فيهما قال اللخمي : هذا يتخرج على ما فيه من الخلاف في الرد بالعيب هل هو فوت أم لا
فرع في الكتاب : إذا أسلم رجلان لرجل فأقال أحدهما جاز إلا أن يكونا متفاوضين فيما أسلما فيه أو مطلقاً ولا حجة لشريكه عليه فإن اسلم رجل لرجلين فأقاله أحدهما ولم يكن اشترط ضمان كليهما لصاحبه جاز ولا حجة لشريكه لأنه مستقل بنفسه فإن كان اشترط ذلك امتنع وكأنه سلم من النقص قال سند : منع سحنون إقالة أحدهما إلا بإذن شريكه الآخر في المسألة الأولى كما لا يقبض إلا بإذنه والفرق : أن الإقالة يمتنع فيها الخيار فلو خيرنا الشريك كانت إقالة على الخيار فتفسد لأنها بيع وسلف وبيع للطعام قبل قبضه كما له عتق نصيبه من العبد بغير إذنه
فرع في الكتاب : إذا اشتريت بدراهم فتقابلتما وهي في يديه فأراد دفع غيرها فذلك له وإن كرهت شرطت استرجاعها أم لا لأنها لا تتعين وقال ( ح ) ومنع ( ش ) قال سند : قال سحنون : ليس ذلك له كقفيز من صبرة لا يبدل بقفيز من صبرة وقد تقدم في كتاب الصرف تحرير ذلك
فرع في الكتاب : إذا أسلمت ثوباً في طعام ثم أقلته فهلك الثوب بعد الإقالة انفسخت الإقالة لعدم القبض ويمتنع أخذ المثل لأنه ليس مثلياً وإذا ابتعت مثلياً فقبضته وأتلفته تجوز الإقالة منه برد المثل بعد علم البائع بهلاكه وقبضه لأن التأخير في الإقالة ممنوع لأنه مكايسة
فرع في الكتاب : إذا أسلم إليك مائة درهم في مائتي أردب تساوي مائتي درهم فأقالك : في مرضه ولا مال له غيرها فللورثة الإجازة وإعطاؤك ثلث ما عليك من الطعام وإن حمل الثلث جميع الطعام جازت الوصية قال صاحب النكت : قوله : جميع الطعام يريد طعام المحاباة ومنع سحنون هذه الإقالة لتأخرها إلى الموت وقيل : معناها : إقالة ومات مكانه ويرد عليه إنها انعقدت على فساد فإن تعقب الموت غير معلوم وقيل : وصى له بالإقالة وقيل : أما إجازة ابن القاسم لها فلأنها لم يقصدا ذلك بل أدت إليه الأحكام قال أبو الطاهر : مسألة الكتاب لها ثلاث صور : إن أوصى بأن يقال صحت وفاقاً لأنه لا يقع تأخير في الإقالة وإن تجد الإقالة ولم يتأخر الطلب جازت اتفاقاً وإن تأخر فقولان فإن كان المقيل الذي عليه الطعام وهو مريض والمال له جرى على ما تقدم وإذا قلنا تمضي وفيه محاباة ولم يكن للمسلم إليه غير رأس ماله : فثلاثة أقوال : يشترى بما عدا المحاباة طعام فيوفاه وثلث المحاباه لتصحيح أخذ ما يُشترى به وثلث المحاباة الكل عيناً وقيل : يشتري له بالأصل وثلث المحاباة طعام والمدرك : محاذرة البيع والسلف فيعطى الجميع من جنس واحد فإن غلبنا حكم الإقالة أعطينا الجميع عيناً أو إبطال الإقالة أعطينا الكل طعاماً أو لا يحاذر البيع والسلف لتعذر القصد فيعطى الطعام وثلث المحاباة
فرع في الكتاب : الاستغلال لا يمنع الإقالة إلا ولد الأمة لما فيه من التفرقة بينهما ولأنه كالنماء في البدن والدين يلحق المأذون له يمنع لأنه عيب في النذر وإن أسلمت ثوباً في حيوان فقطعته جازت الإقالة في نصف الحيوان في نصف الثوب حل الأجل أم لا زاده القطع أو نقصه إذا تعجلت ذلك قال ابن يونس : يريد لأنه نصف ثوبه بعينه ولم يدخله بيع وسلف وفي الكتاب : إن أخذت ثوباً معيناً وزادك ثوباً من صنفه أو من غير صنفه أو غير ذلك جازت الإقالة حل الأجل أم لا إلا أن يزيد من نصف المسلم فيه فيجوز بعد الأجل لا قبله لأنه : حط عني الضمان وأريدك وقد تقدم من أحكام الإقالة جملة في فساد العقد وصحته في بيوع الآجال وحكم العقد قبل القبض ما اقتضاه ذانك البابان منها فليراجع هناك النظر الثالث : في أداء المسلم فيه ثم البحث عن مقداره وصفته وزمانه ومكانه فهذه أربعة أبحاث : البحث الأول : في مقداره وفي الكتاب : ما اشترط أخذه في إبانة فانقطع إبانه قبل أخذه بتأخير السنة الثانية توفية بالعقد ثم رجع إلى جواز أخذ بقية رأس المال لأن التأخير ضرر قال ابن القاسم : من طلب التأخير منهما فذلك له نظراً للمدركين فإن اجتمعا على المحاسبة جاز قال سند : إن لم يقض من المبيع شيئاً جاز الاتفاق على الفسخ لأنه إقالة وإن اتفقا على التأخير حاز عند ابن القاسم لتعلق الضرر بهما وامتنع عند أشهب كأنه فسخ دين في دين وإن اختلفا فقولان : أحدهما : يقدم من طلب المحاسبة لأنه نفي للضرر وثانيها : طالب التأخير لأنه الأصل في اعتبار العقد حتى يوفي به فإن قبض البعض فالمشهور : عدم الفسخ في الباقي توفية بالعقد قاله ( ش ) و ( ح ) ويفسخ عند أشهب في الباقي لأن العقد يتناول ثمرة عام بيعه فتعذره يوجب الفسخ كالعقد على الصبرة المعينة وعن ابن القاسم : يختص خيار الفسخ بالمشتري وقاله مالك ( ش ) و ( ح ) لأنه صاحب المثمن الذي هو مقصد العقد والثمن إنما هو وسيلة وقال أصبغ : تكلفهما المحاسبة إلا أن يتفقا على التأخير لشمول الضرر لهما وإذا قلنا بالتراضي على الفسخ شيئاً فهل يجوز في البعض ؟ وهو الذي حكى فيه الخلاف في الكتاب وإذا قلنا بالفسخ : فله أن يأخذ بالقيمة ما شاء غير الطعام منعه أشهب وكرهه ابن وهب لأنه طعام نقداً من طعام وأجازه محمد لوقوع الفسخ فيبطل الطعام الأول وعن ابن الكاتب : إنما يقع ذلك إذا حكم بالفسخ وأشهد عليه بالحكم بتحقق الإبطال وقال عبد الحق : يكفي الحكم دون الإشهاد لعدم توقف الفُتيا عليه فأما السلم في حائط معين ينقطع ثمرة فليس له إلا الثمن ويمنع التأخير لفوات المعقود عليه وله أن يأخذ ما اتفقا عليه ولم يختلف في هذا كذهاب بعض الصبرة ولقوة شبهه بالعروض المعينة والأول في الذمة جزماً إنما الخلاف في خروج الإبان وإذا فات بعض ثمر الحائط المعين : ففي الكتاب : يرجع ببقية الثمن لأن الثمن موزع على المبيع وقال الباجي : ذلك إذا اشترط أخذ المبيع في وقت معين أما في أيام تختلف فيها القيم : فالحساب بالقيمة واختاره التونسي وغيره وليس له أن يدفع ما خصه في سلعة تتأخر لأنه فسخ دين في دين بل في سلعة معجلة فإن تأخرت لمنفعة من إشهاد أو استخدام أجازه الباحي بغير شرط إن شرط حبسها لغير منفعة : ففي الكتاب : لا يعجبني ولا أفسخه لأن المعيَّن ليس بدين وإن كانت فيما لا يمكن تعجيله كالخادم فيها العُهدة والبيع بالخيار قبل جذاذها وسكنى الدار منعه ابن القاسم لشبهة بالدين بالدين وأجازه أشهب لأن الدين لا يكون إلا في الذمم دون الأعيان قال صاحب التنبيهات : إذا خرج إبان الثمرة قبل قبضها فستة أقوال : يتأخر لإبان ثانٍ له أخذ بقية الثمن الآن القولان لمالك ولابن القاسم : يخير المشتري في التأخير دون البائع للتفرقة بين قبض أكثر المبيع فيجوز التأخير لقابل وإلا فالمحاسبة الآن لمالك لأن قبض الأقل مغتفر وتتغير المحاسبة الآن لأشهب والمحاسبة الآن إلا أن يجتمعا على التأخير لأصبغ قال اللخمي : وقول أشهب أصح إذا ذهبت الثمار بالجوائح السماوية وإن كان عدم القبض لرد البائع حتى خرج الإبان كان للطالب الخيار في التأخير وإن كان لهرب المشتري خير البائع قال : وأرى أن يدفع البائع التمر أو الرطب إلى الحاكم لأنه وكيل إذا خشي فساده قال : وإذا أخذ ورقاً فيما بقي ورأس المال ذهب جاز إن كان الذهاب بالجوائح لعدم التهمة على الصرف المتسأخر وعن مالك جوازه إذا كان الفوات لخروج الإبان وكذلك أخذ الطعام في الطعام وأما السلم في الحائط المعين فيتعذر الأخذ والقرية ينفسخ اتفاقاً كالصبرة قال أبو الطاهر : في القرية والصبرة قولان كالحائط المعين وإلحاقها بالمضمون في الخلاف المتقدم لحصول الشبهين فيها
فرع قال ابن يونس : أجاز في الكتاب : أخذ نوع من الحبوب بدلاً من نوع آخر لأنها يباع بعضها ببعض وقال محمد : وكذلك لحم البقر في الضأن في يوم أجله ولا يعجل في ذلك اليوم اكثر ما له لئلا يكون بيعاً للطعام قبل قبضه فإن أخذ أكثر وزاد امتنع لأنه بيع الطعام قبل قبضه أو دنى وعرضاً امتنع ويمتنع أخذ طير الماء في الدجاج والإوز لانه يراد للحم وهما للتربية فهو بيع الحيوان باللحم ويمتنع أخذ العصافير المذبوحة في الحية لأنه بيع الحيوان باللحم وفي الكتاب : يجوز أخذ القميصين في الرايطة وجدت الرايطة أم لا لان الرايطة ليست طعاماً ولا ربا بينهما وبين القميصين فائدة : قال صاحب التنبيهات : الرابطة مثل الملاءة والملحفة إذا لم تلبس والمعروف في العربية : ريْطة في
فرع الكتاب : لك في السلم الفاسد أخذ كل شيء برأس مالك إلا ما أسلمت فيه ليلا يكون تتميماً للعقد الفاسد قال سند : قال أشهب : هذا في الحرام البيّن أما الذي يمكن إجازته لا يصلح كذلك حتى يفسخه الحاكم أو يشهدا على التفاسخ ليلا يكون إقالة على غير راس المال قال محمد : كل مختلف فيه يمتنع فيه ذلك إلا بعد فسخ السلطان وإذا كان المسلم فيه حنطة فقال : أعطني بثمني ثمراً جاز إن علم الفساد دون إن جهلاه أو أحدهما امتنع لأنه قاصد لدفع الثمن في الحنطة وعن مالك وابن القاسم : له أخذ النوع المسلَم فيه نظراً للبطلان وإذا منعناه فهل له أخذ ما يجوز قضاؤه فيه كالسمراء من الحمولة أو أكثر من الشعير فيه خلاف وهل له أخذ ما يمتنع سلم رأس المال فيه ؟ منعه محمد سداً للذريعة وعن مالك : له أخذ الورق في الذهب وإذا راعينا التهمة قطعنا فسخ الإمام قال صاحب المقدمات : إذا كان العقد متفقاً على فساده : فهل له الأخذ من جنس سلمه ؟ ثلاثة أقوال : المنع في الكتاب وجوزه ابن كنانة وقال الفضل : له أخذ محمولة ومن سمراء وقمماً من شعير ويمتنع محمولة من محمولة لما فيه من قوة تهمة الفاسد وإن كان مختلفاً فيه امتنع أخذ خلاف الجنس قبل الحكم وتأخير رأس المال وبعضه سداً للذريعة فسخ الدين في الدين أو إقالة بتأخير أو بيع الطعام قبل قبضه على رأي وفي الأخذ من الجنس الأقوال الثلاثة المتقدمة
فرع في الكتاب : إذا أمرته بالكيل في غرائرك أو في ناحية بيتك فادعى ضياعه بعد الكيل ضمن إلا أن تصدقه البينة أو أنت على الكيل لأنها وديعة حينئذ قال أبو الطاهر : يجوز القبض على التصديق في النقد اتفاقاً وفي السلم قولان لاحتمال ان يجد نقصاً فيتخاصمان قال اللخمي : للهلاك في يده أربعة أحوال : أن مكّنه من القبض فله أحكام الوديعة وإن حبسه للإشهاد وهو يغاب عليه لم يصدق وإن حبسه لمنفعة استثناها صُدق لأنه كالمستأجر وإن لم يمنعه وهو حاضر بين أيديهما ومضى وتركه فالكالوديعة لأنه لم يكن حبسه لأن المبيع إلى أجل بخلاف النقد وإن كان غائباً عنه لم يُصدق إلا أن تقوم بينة على تلفه وإن تعدى فباعه خير المسلم بين إجازة البيع أو إغرام القيمة ما بلغت ويمتنع فسخ السلم خشيةً من الإقالة على غير رأس المال السلم وكذلك إذا ادعى ضياعه
فرع في الكتاب : إذا أسلمت عبداً في عروض لا تأخذ عند الأجل عوض العروض عبدين من صنفه لأنه سلم عبد في عبدين من جنسه فيمتنع ويمتنع الفسخ المحمولة في سمراء إلى أجلها لأنه فسخ دين في دين ويجوز أخذها منها عند أجلها لأنه حُسن قضاء قال ابن يونس : قيل : يجوز سمراء في سمراء أجود منها أو أدنى إلى أجلها لبقاء الصفة المسلم فيها من حيث الجملة قال صاحب التنبيهات : إن أخذ عبداً أدنى في المسألة الأولى منعه ابن عبد الحكم لأنه لا يسلم فيه وأجازه ابن القاسم لعدم التهمة تمهيد : قال صاحب التنبيهات : لصحة أخذ غير المسلم فيه ثلاثة شروط : أن يصح بيعه قبل قبضه وأن يصح سلم رأس المال فيه وأن يصح شراؤه بالدين البحث الثاني : في الصفة وفي الجواهر : إذا دفع بعد الأجل أجود وجب قبوله لأنه حُسن قضاء أو أدنى جاز قبوله لأنه حسن اقتضاء لا يجب قبوله لقصوره عن الحق ويجوز أخذ الذهب الأسود عن الأبيض
فرع قال اللخمي : إذا وجده معيباً رجع بالمثل لأنه تبين أنه لم يقبض المبيع فإن اطلع على العيب بعد خروجه عن يده بهبة فثلاثة أقوال : يغرم قيمته معيباً ويرجع بالمثل لأنه جنى على معيب ويرجع بقدر ذلك العيب ويكون شريكاً في الصفة التي أسلم فيها لأنه جزء من المبيع لم يقبضه فيرجع بقيمة العيب من الثمن نفياً لضرر الشركة قال : وأرى أن يخير بين رد القيمة والرجوع بالمثل أو ينتقص من السلم قدر العيب لأن الشركة ضرر عليهما
فرع في الكتاب : لا تأخذ دقيق الحنطة في الحنطة وإن حل الأجل بخلاف القرض لأنه معروف قال اللخمي : وعن مالك : الجواز وهو على الخلاف في بيع الحنطة بالدقيق وحيث أجزنا في القرض فيختلف هل يجوز بالوزن أو الكيل ؟ على الخلاف في بيع أحدهما بالآخر وتمتنع زيادة كيل الدقيق على القمح ليلا يكون مبايعة لا مبادلة وهل ينقص ؟ منعه ابن القاسم وأجازه أشهب لأنه معروف إلا أن يكون أجود ويجوز مثل كيله أجود وأردأ البحث الثالث : في زمانه وفي الكتاب : لا يجبر على القول في الأجل في السلم لكن الأجل حق لهما بخلاف القرض لأنه حق المقترض فله إسقاطه وفي الجواهر : ألزمه المتأخرون قبوله قبل الأجل باليوم واليومين لعدم اختلاف الأغراض وعدم تغير الأسواق قال صاحب الاستذكار : إذا أسلم في كباش ليأخذها في أيام الأضحية فأتاه بعد الأضحى : قال مالك : يلزمه قبولها وكذلك في قطائف الشتاء فأتى بها في الصيف لأنه مبيع أوجبه العقد وقال ابن وهب : لا تلزمه لفوات المنفعة التي أسلم لأجلها ووافقه في الكراء اللخمي إذا أتاه بعد إبان الحج لا يلزمه عندهما وقال ( ش ) : كل شيء أتى به قبل أجله من النحاس والتبر والعرض أجبر على أخذه لإفضائه إلى براءة الذمم بخلاف المأكول والمشروب لأنهما تختص منافعهما ببعض الأوقات وكذلك الحيوان لاحتياجه للعلف وكل ما فات موسمه وما قصد الشراء لأجله كالضحايا ونحوها لفوات الفائدة البحث الرابع : في مكانه وفي الكتاب : لا بد من اشتراط مكان القبض ولا يكفي ذكر مصر لأنه اسم ' لجُملة الإقليم ويكفي الفسطاط ( فإن تشاحا في أي موضع . . . . . . إن علم ولا يخفى البائع في الفسطاط ) قال أو الطاهر لا يشترط ذكر الموضع بل تكفي العادة وإن لم يشترط فحيث وقع العقد أو قبض رأس المال لاستلزام السبب المسبب وإن شرط بلداً فبأي موضع ؟ فيه ثلاث روايات : سوق السلعة لأنه مظنتها موضع العقد لأنه سببها أي موضع من البلد لعدم التخصيص وإن كانت عادة تعينت وإن اختلف السعر في نواحي البلد تعين ذكر موضع منه فإن اختلفا في أي موضع اشترطا صدق مدّعي الأشبه فإن لم يدعياه تحالفا وتفاسخا لعدم رجحان أحدهما وإن ادعياه قُدم المسلم إليه في المشهور لأنه مالك المقصد والثمن وسيلة وقدم سحنون المشتري لأنه صاحب الحق وقيل : يتحالفان ويفاسخان لتساويهما وإن طلب القبض بغير البلد المشترط ودفع ثمن الحمل والمبيع طعام امتنع لأنه مال كالمعجل قبل الأجل بزيادة وبيع الطعام قبل قبضه فإن لم يأخذ ثمن الحمل واختلف سعر البلدين امتنع لأنه : ضع وتعجَّل إن كان سعر هذا البلد أنقص أو حُط عني الضمان وأزيدك إن كان أعلا فإن اتفق السعران فقولان نظراً إلى أجرة الحمل وتساوي السعر قال سند : لا يجب عندنا ذكر وضع التسليم إلا أن يكون العقد بمفازة لا يمكن التسليم فيها فيجب اشتراطه وإلا فإطلاق العقد يقتضي موضع التعاقد وقاله ابن حنبل وزاد : إن شرطاً غير موضح العقد بطل لأنه خلاف مقتضاه وقال ( ش ) : إن كان يحمله مؤنة وجب ومنع الشافعية بغير موضع السوق بل يكفي موضع من البلد وقال سحنون : إذا لم يكن للسلعة سوق فبيت المشتري قياساً على الكراء وهو العادة اليوم قال اللخمي : إذا أسلم حضري لقروي فالقرية لأنه العادة اليوم إلا أن يشترط غيرها قال سند : إذا قال : أنت وكيلي أو أجيري في حمله فإذا بلغت البلد فاقبضه لنفسك امتنع سداً لذريعة وأنت وكيلي في قبضه لوكيلي يجوز ومتى وقع الممنوع فسخ ورد الطعام إلى موضعه وطالب على حاله فإن فات فعليه في البلد الذي وقع فيه سبب الضمان كالبيع الفاسد والغصب وإذا انفسخ صح أن يقضيه ذلك الطعام مما له في بلد السلم وإلا فلا
الباب الثاني في القرض
في الصحاح : القرض : التقطيع : قرضتُ الشيء أقرِضه بكسر الراء في الثاني والقرض : السلف بفتح القاف وقيل : بكسرها كأن الإنسان يقطع قطعة من ماله للمستسلف والقرض : ما تقدم لك من إحسان والقرض : الشعر والقريض أيضاً والقرطة والقرضة : الترك قرضتُّ الشيء عن شيء إذا تركته ومنه قوله تعالى ( وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال ) وأصله : قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) فالأمر بالمكاتبة دليل المشروعية وفي الصحاح : ( أنه - - استَسلف من رجل بكراً فقدِمت عليه إبل الصًّدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره فرجع إليه أبو رافع فقال : لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً فقال : أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء ) سؤال : إن كان - - اقترض لنفسه فالزكاة محرمة عليه أو للمسلمين بطريق نظر الإمامة فكيف يقضي عنهم أكثر مما عليهم ؟ جوابه : قال سند : المراد بالصدقة مال الجزية كانت تسمى صدقة من الله تعالى على هذه الأمة وهي حلال له - - قال صاحب الاستذكار : كان القرض للمساكين لأنه لا تحل له الصدقة إن قلنا : يجوز تعجيل الزكاة فيقرضها ربها ثم يهلك ماله وترد عليه من مال الزكاة وإن قلنا : يمتنع التعجيل : فقيل : اقترض لنفسه - - قبل تحريم الصدقة عليه فائدة : قال : البكر : الدنيء والخيار المختار والرباع من الخيل والإبل ما ألقى رباعيته ثم البحث عن حقيقته ومحله وشرطه وحكمه والمقاصة فيه بعد وقوعه فهذه خمسة أبحاث البحث الأول : في حقيقته في الشرع وفي الجواهر : هو دفع المال على وجه القربة لينتفع به آخذه ثم يتخير في رد مثله أو عينه ما كان على صفتهفرع قال المازري : يجوز عندنا قرض الدنانير بشرط أن لا يستهلك عنهما ليتحمل بها الصيرفي خلافاً ل ( ش ) وقال عبد الحميد : هذا غرور للناس فكيف يجوز ؟ وقال ( ش ) : ليس لها منفعة إلا إتلاف عينها فإذا لم تتلف امتنع هذا الفعل لبطلان حكمته وجوابها : أن الصرف لا يقع إلا مناجزة وإنما يلزم الغرور أن لو جاز التأخير فيغر الناس بملائه فيؤخرون وأن المنفعة بالتحمل منفعة مقصودة للعقلاء فصح الفعل باعتبارها البحث الثاني : في محله وفي الجواهر : كل ما جاز سلماً في الذمة جاز قرضه إلا الجواري وفي الكتاب : يجوز قرض كل شيء إلا الجواري لأنه لا تعار الفروج للوطء ومنعه ( ح ) في غير المكيل والموزون لتعذر المثل عند الرد في غيرهما لنا : الحديث المتقدم والقياس على السلم بطريق الأولى ولان المعروف يسامح فيه أكثر من غيره وقد جوز في القرض بالنسيئة بخلاف السلم نظائر : قال سند : يجوز القرض إلا في ستة : الجواري والدور والأرضين والأشجار لأن مواضعها مقصودة فإن عينت لم تكن في الذمة وإلا بقيت مجهولة وتراب المعادن وتراب الصواغين لتعذر معرفة مقدار المقصود منه حتى يرد المثل على صفته كان مثلياً أم لا وقال بعض الشافعية : يرد في غير المثلى القيمة قياساً على الإتلاف وجوابه : الحديث المتقدم والفرق بأنه مبني على المسامحة : دليله جواز ربا النسيئة ووافقنا ( ش ) و ( ح ) في الجواري وعن جماعة : جواز قرضهن قياساً على السلم والفرق : ما تقدم وعن ابن عبد الحكم : الجواز إن شرط رد غير المقرضة حتى لا يرد موطوءته وجوابه : أنه شرط مناقض للعقد فيمتنع قال اللخمي : يجوز قرض الجواري إذا كن في سن من لا توطأ أو المقترض لا يبلغ الالتذاذ إذا اقترضها له وليه أو هو امرأة أو ذو رحم كان منها أو مُحرَّم عليه وطؤها لقرابة المقرض إذا كان أصابها وفي الجواهر : أكثر المشايخ على أن الجواز من ذي الرحم ليس بخلاف وحكاه عن ابن عبد الحكم ومنعه الشافعية مطلقاً لان فائدة القرض الملك وفائدة الملك الوطء وهو ممنوع هاهنا فيبطل لبطلان غرضه وجوابهم : أن فائدة الملك أعم من هذا كشراء محرمة الوطء قال سند : فإن وقع القرض الممنوع ردها ما لم يطأها فتلزمه القيمة عند مالك ويردها وقيمة الولد أن حملت عند ( ش ) لعدم الملك وجوابه : أن البطلان إنما كان خشية الوطء فإذا وقع فلو ردها وقع الممنوع بخلاف ردها بالعيب بعد الوطء لأن عقد البيع لم يقع على رد مثلها وحيث قلنا : يردّها فتعذرت رد مثلها إن قلنا : إن القرض قائم بنفسه وإن الفاسد يُرد إلى الصحيح في كل باب وقيمتها إن رددنا القرض للبيع لأنه مستثنى منه وكل مستثنى من أصل فهي رد فاسده لصحيحهما ولصحيح أصله قولان كالإجارة والمساقاة وإذا أوجبنا القيمة لم تجب قيمة الولد بخلاف ولد الغارة لشبهة الخلاف والرضا هاهنا فكأنه وطئ مملوكته فالولد هاهنا يستند إلى الملك وفي الغارة إلى حصول الحمل على ملك الغير وفي الجواهر : أكثر المتأخرين على رده إلى البيع الفاسد وروي عن ابن محرز : لا يؤاخذ المقترض بغير ما دخل عليه فيباع المقترض ويعطى له إن كان مساوياً للقيمة أو ناقصاً عنها فإن زاد عليها وقف الزائد فإن طال وقفه تصدق به عمن هو له قال بعضهم : وهذا يجري في مسألة الجارية
فرع قال اللخمي : يجوز قرض جلود الميتة بعد الدباغ لأنه ليس بيعاً
فرع قال سند : يمتنع قرض فدان بفدان للجهالة وكذلك رطب بيابس
فرع قال : ظاهر الكتاب يقتضي جواز سلم رطل خبز إذا لم يعين نوعا للقضاء وعلى قول بأنه لا يباع الخبر بالخبز إلا باعتبار تماثل الدقيق يمتنع وقاله التونسي لاختلاف النضج بالرطل الناضح أكثر دقيقاً إلا على القول بالتحري في الدقيق فيجوز على التحري قال : خبز التنور والمَلّة جنس واحد يقضي بعضه عن بعضه ويجوز قضاء ما هو أكثر دقيقاً مثل دقيق الأول في الجودة أو أعلا بخلاف ممن اقترض أردب دقيق فرد أردباً وويبة منعه ابن القاسم لأنها زيادة منفصلة والزيادة والزيادة ها هنا متصلة إذا اعتبر الخبز في نفسه فإن اعتبر الدقيق امتنع لأنها زيادة منفصلة إذ يمكن كسر الخبز كما لو اقترض رطل لحم فقضاه قطعة رطلين منعه ابن القاسم البحث الثالث : في شرطه وفي الجواهر : شرطه أن لا يجر منفعة للمقرض فإن شرط زيادة قدراً أو صفة فسد ووجب الرد إن كان قائماً وإلا ضمن بالقيمة وبالمثل على المنصوص ( وعلى قول ابن سحنون ) وعلى قول ابن محرز المتقدم بالمثل فقط قاعدة : القرض خولفت فيه قاعدة الربا إن كان في الربويات كالنقدين والطعام وقاعدة المزابنة وهو ( بيع المعلوم بالمجهول من جنسه إن كان في الحيوان ونحوه من غير المثليات وقاعدة ) بيع ما ليس عندك في المثليات لأجل مصلحة المعروف للعباد فإذا اشترط منفعة فليس معروفاً فتكون القواعد خولفت لا لمعارض وهو ممنوع أو أوقعوا ما لله لغير الله وهو ممنوع فلهذه القاعدة يشترط تمحض المنفعة للآخذ
فرع في الكتاب : إذا أقرضته لتنفع نفسك بضمانه في ذمته وكراهة بقائه عندك امتنع فإن علم ذلك غريمك فلك تعجيل حقك قبل أجله لفساد العقد قال اللخمي : وكذلك إذا قصد منفعتها بل لا بد من تخصيص المنفعة بالمقترض فإن قصد بيع ذلك الثوب بمثله منعه مالك وابن القاسم لخروجه على المعروف وأجازه مرة وعلى الأول تفيتُه حوالة الأسواق بما فوق ذلك ويغرم قيمته إن فات وإن قال المقرض : أردت منفعة نفسي ولم يصدقه خصمه بيع الثوب عند الأجل لأنه مقر أنه لا يستحق المثل بالقيمة فإن بيع بدون القيمة لم يكن له إلا ذلك أو بأكثر وقف الزائد فإن أقر بالفساد أخذه وإلا تصدق به وإن أقر المستقرض بالفساد دون المقرض والثوب قائم جُبر على رده وتُفيته حوالة الأسواق على قول المقر دون الآخذ فإن رجع عن إقراره : خير المقرض على قبوله لأنه مقر بصحة القرض فإن استهلكه غرم المثل إلا أن يصدقه عل الفساد فالقيمة فإن عينه وقد كرهه غرم القيمة معجلة لفساد الأجل بالقصد الفاسد واشترى بها مثل الأول فإن لم يوف كان عليه تمام الثمن لأنه لم يوافقه فإن زادت دفع الزائد إن اعترف بالفساد كان له
فرع في الجواهر : إن كانت المنفعة للجهتين منع إلا أن تكون ضرورة كالسفاتج فروايتان المشهور : المنع سؤال : قال سند : العارية معروف كالقرض وإذا وقعت إلى أجل بعوض جاز وإن خرجت بذلك عن المعروف : فلم لا يكون القرض كذلك ؟ جوابه : إذا وقعت بعوض كانت إجارة والإجارة لا يتصور فيها الربا والقرض بالعوض بيع والبيع يتصور فيه الربا والعرض بالعرض لمنفعة ربا لقوله تعالى ( وحرم الربا ) فإنه عام إلا ما خصه الدليل
فرع قال سند : منع ابن القاسم : أقرضك هذه الحنطة على أن تعطني مثلها وإن كان القرض يقتضي إعطاء المثل لإظهار صورة المكايسة : قال أشهب : يفسخ قال : فإن قصد بالمثل عدم الزيادة فغير مكروه وكذلك إذا لم يقصد شيئاً فإن قصد المكايسة فهذا مكروه لا يفسد العقد لعدم النفع للمقرض ومن سلف طعاماً قديماً ليأخذ جديداً امتنع إلا أن تكون المنفعة للأخذ فقط
فرع قال : إن سألك التأخير ويرهنك رهناً أجازه ابن القاسم عند الأجل لا قبله لأنه ملك الحق الآن وكان يقول : إن كان عديماً امتنع لأن عدمه يمنع قضاء الحق قال محمد : يجوز إن كان الرهن ليس له لأنه سلف مبتدأ وقيل يمتنع إلا أن يكون الرهن له حتى يكون بالحق نفسه
فرع قال : كره مالك تأخير الغريم بشرط أن يسلفك أجنبي قال : وفيه تفصيل فإن كنت طلبته لحاجتك للدين : فهو خفيف لأن المنفعة للغريم وإن أسلفك أكثر من الذي لك امتنع وإذا أردت الخلف مع شاهدك : فقال الغريم : أحمل اليمين بشرط التأخير سنة فذلك ممنوع والإقرار باطل , الخصومة باقية ومنع سلف شاة مسلوخة ليأخذ كل يوم رطلين ومن سألك حمل بضاعة فقلت : حلفت : لا أحمل إلا ما لي فإن شئت أسلفتها أو أودعك وديعة فامتنع حتى يسلفها منع ذلك مالك لما فيه من منفعة السلف وأباح : أعني بغلامك يوماً وأعينك بغلامي يوماً لأنه رفق
فرع في الكتاب : يمنع اشتراط القضاء ببلد آخر وإن شرط أجلاً بخلاف البيع لان البيع مكايسة يقبل شرط التنمية ولك ذلك في العين إن قصدت به نفعه دون نفع نفسك بذهاب غرر الطريق كالسفاتج ويضرب أجلاً يصل في مثله وإن لم يخرج فلك أخذه بعد الأجل إن وجدته فائدة : قال صاحب التنبيهات : السفاتج وأحدها سفتجة بفتح السين وسكون الفاء وفتح التاء بعدها جيم وهي البطاقة تكتب فيها آجال الديون كالرجل تجتمع له أموال ببلد فيسلفها لك وتكتب له إلى وكيلك ببلد آخر لك فيه مال أن يعطيه هناك خوف غرر الطريق قال : وقد أجازه ابن عبد الحكم للضرورة قال سند : ومعنى قول محمد : إن للحمال مؤنة الحمل والضمان في مدة الحمل إلى ذلك البلد على صورة الإنكار ولا يلزم الدفع إلا حيث وقع القرض إلا أن يتراضيا فيما له مؤنة لضرورة مؤنة الحمل كما أنه لا يلزم المتعدي إلا ببلد الغصب وإن اتفقا على غير البلد قبل الأجل فقولان نظرا لإسقاط الحق بالرضا أو يكون ضع وتعجل ومنع في الكتاب قرض الحاج الععك على التوفية ببلد أخر وجوزه سحنون لأن الحاج لا يوفي القرض في لجة البحر بل في بلد آخر فإن قصد بذلك اشتراط الحمولة فسد
فرع في الكتاب لا تقرض طعامك على تصديقك في كيله كأنه أخبره ليضمن نقصه إلا أن تقول له كله وأنت مصدق
فرع يقال لا تقبل هدية غريمك إلا أن يعتاد مهاداتك قبل الدين وتعلم أن هديته ليس لأجل الدين خلافا ل ( ش ) و ( ح ) لأنه يهاديك رجاء التأخير فهو ذريعة لربا الجاهلية قال سند وأمر ابن عباس رضي الله عنهما بمحاسبة المديان بهديته ورد عمر هدية أبي رضي الله عنهما وله عليه دين فعاتبه فقبلها وقال إنما الربا على من أراد أن يربي والأصل المنع حتى تتبين الإباحة فما أشكل من الهدية ترك قاله مالك ولا تنتفع بما رهنك ولو كان مصحفا لا تقرأ فيه وإن أذن لك وعنه أنه إذا ابتعت موزونا بثمن إلى أجل فترك لك رطلين يجوز وجوزه سحنون وإن كثر قال والعارية والمعروف والبيع واحد وقد يجوز البيع من بعض الناس بالمسامحة لذلك وحيث منعنا الهدية ردها أو مثلها أو قيمتها إن فاتت لأنها تصرف محرم قال التونسي وهدية المقارض ليس كهدية المديان لان القرض ليس في الذمة قال بل كهدية المديان لتوقع تأخير القرض والقرض للمنفعة حرام ونكره هدية رب المال للعامل لأنها تحمله على التمادي قال اللخمي اختلف في مبايعة المديان بالجواز والكراهة فإن نزل وكان بثمن مثله أو غبن يسير حمل على السلامة أو كثيرا امتنع خذا قبل الأجل ويكره الشراء بعد الأجل ليلا يتذرعا بذلك إلى هدية المديان أو فسخ دين في دين فإن فعلا ولم تكن مسامحة أو كانت وقضاه في الحال صح وإلا ردت المسامحة ويكره بيعك من الغريم خشية حمل ذلك له على أن يزيدك لتؤخره أو يعملا على فسخ الدين في الدين قال أبو الطاهر : أما هدية العامل قبل الشغل في المال فممنوعة اتفاقاً