كتاب :الذخيرة
المؤلف : شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي
فرع قال إذا قال لفلان علي ألف وإلا فعبدي حر لزمه الألف لأن تقديره وإن لم يكن له علي ألف فعبدي حر فعلق العتق على كذبه فأكد صدقه فيلزمه الألف فرع قال إذا قال له علي دينار ولم يقل جيد ولا ردئ ولا وازن ولا ناقص ومات لزمه جيد وازن بنقد البلد كالبيع والإجارة فإن اختلف نقد البلد قال ابن عبد الحكم يلزمه من أي الأصناف شاء ويحلف إن حلفه المقر له وقال الأبهري يلزمه الورثة وسقط النقد عدلا بين الفئتين وفي الجواهر له علي درهم عشرة منه تعادل تسعة مثاقيل وهي دراهم الإسلام فإن فسر بالناقص قبل منه وإلا فلا إلا أن يكون التعامل به غالبا وكذلك مغشوش وتقبل الفلوس تنبيه ليس الدرهم والمثقال نصا في النقدين بل هما وزنان معروفان والموزون قد يكون نقدا أو طيبا أو غيرهما وكذلك الدينار ليس نصا في الوزن المخصوص بل يصدق على الصغير والكبير لغة كما أن المثقال يصدق على الذهب وغيره فاعلم ذلك وقد تقدم خالف ش وغيره في الحمل على السكة المعروفة وفرقا بأن البيع سبب ينزل على ما قارنه والإقرار دليل سبب متقدم معه وقع في بلد آخر لا يعلم حاله فيقبل تفسيره وهو الأنظر فرع قال إذا أقر على غير وجه الإقرار بل على وجه الشكر كذكر إنسان قد مات بأنه كان ينصف ويقرض فيقول رحمه الله لقد سألته مائتان كذا يقرضني ففعل فروايتان أحدهما أنه إقرار لأنه الموضوع اللغوي والأصل عدم البراءة منه والأخرى ليس بإقرار لعدم قصد الإقرار والقصد في الإقرار شرط قال وهذه الرواية أحسن لأنها مقتضى العادة وأن الأولى أقيس فرع قال فرق ابن عبد الحكم بين أن يقر أن هذا سرج دابة زيد ولجامها وبين هذا باب داره هذا إقرار دون الأول فيكون الباب لصاحب الدار لأن الباب جواز الدار والدار لزيد فالباب له والسرج ليس حق الفرس وعنه التسوية فيضعا في الإقرار لأنه أضاف الجميع إلى ملك زيد فيكون له فرع قال صاحب البيان إذا قال ما كان لي على قرابتي حق فهو لهم عند الموت فهلك وله عند أحدهم قراض قال ابن القاسم القراض له قال وفيه نظر لأن القراض إنما يصير عليه إذا استهلكه وهو قد قال ما كان لي على قرابتي فلا يتناوله اللفظ ووجه اللازون كذا أن عليه التسليم وقد وهب التسليم فيبقى والقراض له فرع قال قال ابن القاسم إذا قال عند موته زيد مصدق فيما يدعيه وأقر له بأربعين دينارا فادعى خمسين دينارا يحلف على تحقيق دعواه ويأخذها قال ابن دحون إنما يلزمه اليمين لأن كل من اقتضى دينا من مال ميت أو فلس لزمه الحلف ولا تنفعه بينة إلا أن يسقط ذلك الورثة أو الغرماء لأن احتمال القضاء من الميت والمفلس قائم والحق لغيرهما وهو الوارث والغريم ولو طرأ غريم غائب له أن يحلف من لم يحلف ويحلف هو أيضا وليس بمستقيم لأن هذه اليمين لابد منها ولا اختلاف فيها واليمين على تحقيق دعواه في الخمسين فيها خلاف عن ابن القاسم فعليه أن يحلف أن له عليه خمسين دينارا ما قبضتها ولا أسقطتها وإنها لباقية إلى حين بينه وعنه يحلف ما قبض الخمسين التي صدقه المتوفى فيها ولا أسقطها وأنها لباقية إلى حين ببينته والخلاف المذكور في تحقيق دعواه جار على الخلاف في يمين التهم لأن الوارث يتهمه ولو حقق عليه الدعوى حلف قولا واحدا إلا أن يقول في وصيته فلان لا يحلف وعن ابن القاسم أوصى عند موته كان بيني وبين فلان معاملة فأعطوه ما أدعى وهو مصدق ويعطى ما يشبه معاملة مثله لمثله من رأس المال وإن ادعى ما لا يشبه لا يعطاه من رأس المال ولا من الثلث ويختلف في اليمين كما تقدم ولو قال أعطوه ما أدعى واحسبوه من ثلثي أعطى ما أدعى وإن لم يشبه ما لم يجاوز الثلث فرع قال قال مالك قال عند موته ينظر في كتبي فما فيه قبض من حق قبل فوجد فيها ذكر حق بأربعة عشر على فلان وفيه قبض ثمانية لا يحلف ويأخذ ما بقي بغير يمين لأن خطه كلفظه فرع قال قال مالك إذا قال له علي دينار دينار من بقية حساب عليه ديناران لأن الشيء لا يعطف على نفسه فرع في الجواهر له علي من واحد إلى عشرة لزمته عشرة قاله سحنون بناء على دخول الحد في المحدود وقال أيضا تلزمه تسعة بناء على دخول الغاية والابتداء بمن على دخول الغاية دون الدرهم الأقل لأن من تقتضي الخروج وإلى تقتضي دخول الغاية وقال سحنون أيضا تلزمه عشرة بناء على أن الحدين يدخلان في المحدود وقال أيضا تلزمه ثمانية بناء على أن الحدين لا يدخلان وهي قاعدة مختلف فيها في الأصول والنحو وقد تقدم تردد العلماء في هذه الفروع عند نقل مذهب الأئمة فرع قال إذا قال له علي عشرة في عشرة وفسره بقرض عشرة في عشرة أو بيع عشرة بعشرة لزمته عشرة مع يمينه وقال سحنون يواخذ بمائة درهم لأنها المضروبة من عشرة في عشرة ولو قال عشرة دراهم في عشرة لأنه يقول أعطاها فيها وقد تقدم أيضا تردد العلماء في هذا فرع قال إذا قال يومم السبت على ألف وأعاده يوم الأحد لم يلزمه إلا الألف إلا أن يضيفه إلى سبتين مختلفين لأن الأصل براءة الذمة واللفظ ظاهر في الإعادة عادة ولو شهد له في ذكر حق بمائة وفي آخر بمائة لزمه مائتان لأن العادة إعادة الإخبار على الشيء بخلاف كتابته واختلف قول مالك في هذا وآخر قوله يحلف المقر بأنهما إلا واحد ولا يلزمه إلا مائة ولو أقر في موضع بمائة وفي آخر بمائتين لزمه ثلاثمائة لأن التباين دليل التعدد وعن مقدم الأقل صدقه في التداخل زيادة وإلا لزمه الدلان كذا لأن الأصل مع التباين عدم التكرار
الباب الثاني في الأقارير المجملة
وهي ثمانية اللفظ الأول في الجواهر لفلان علي شيء يقبل تفسيره بأقل ما يتمول لاحتماله لذلك وفي كتاب ابن سحنون إذا قال غصبته شيئا ثم قال كذا وقال الطالب هو كذا صدق الغاصب مع يمينه لأن الأصل براءة ذمته فإن نكل صدق الطالب مع يمينه فإن امتنع المقر من البيان أجبر عليه لأنه فعله ظاهرا ولا يسجن حتى يذكر شيئا ويحلف عليه ووافقنا على قبول الإقرار المجهول والرجوع إلى تفسيره والفرق بينه وبين الدعوى بالمجهول أن الدعوى على وفق داعية يدعيها فنتأكد من ربها لأنه أقر به لقلة النزاع والإقرار على خلاف الداعية فإن لم يقبل خشي الرجوع فيضيع الحق ولأنه لا ضرر على المدعي إذا ردت دعواه المجهولة لأنه يمكنه بيانها والضرر على المقر له إذا رددنا الإقرار للمجهول فيضيع حقه ويحبس عند ابن حنبل إذا امتنع لتوجه حق التفسير عليه كسائر الحقوق عند ش ترد اليمين على المدعي لأنه كالساكت وقال الحنفية إن قال غصبته شيئا وفسر بجنس من المال وكذبه المقر له مدعيا جنسا آخر بطل أقراره ويصدق المقر في براءته مطلقا لأن الإقرار بطل فبقيت الدعوى مجردة فيصدق في نفيها وإن بين ما ليس بمال ولا يقصد بالغصب عادة كحبة حنطة وكذبه المقر له لا يصدق لأن هذا لا يقصد بالغصب عادة فهو راجع عن إقراره وإن بين ما ليس بمال ولكنه يقصد غصبه كالمرأة والولد الصغير لا يصح بيانه ويجبر على البيان بمال متقدر لأن الغصب في الغالب إنما يكون في الأموال هذا إذا قال غصبت له شيئا وإن قال له علي شيء فلا بد أن يبين ماله قيمة لأن كلمة علي للإيجاب في الذمة يراد بالدين ولذلك فسره بحق الإسلام ونحوه لا يقبل وقال الشافعية إن فسره بجنس فلا أرد عليه أقل منه قل أو كثر ولو حبة من ألف دينار قبل منه لأن اسم الشيء يقع على القليل والكثير فإن صدقه وقال هذا هو مراده ولكن ادعى تمام ما أدعيته صدق المقر في نفي الزائد مع يمينه لأن الأصل براءته وإن قال لم يرد هذا بالقول صدق في أرادة نفيه وحلف يمينا واحدة أنه لا يستحق الألف وأن ذلك مراده وإن فسره بما يتمول من غير جنس المدعى ولو خردلة أو حنطة وصدقه أخذ ما وقع به التفسير وصدق المقر في نفي الدعوى وإن كذبه حلف يمينا واحدة أنه لا يستحق الألف وإن ذلك مراده كما تقدم وإن فسر بما لا يتمول عادة كقمع تمرة لم يقبل منه لأن علي تقتضي إيجاب مال عادي في الذمة وهذا لا يكتب في الذمة وإن قال غصب شيئا قبل التفسير بالخمر والخنزير ونحوه لأنه يسمى شيئا وهو غير المشهور عند الأئمة ومثل مشهورهم عند الشافية قال الشافعية وإن فسره بنحو شفعة قبل لأنه حق يؤول إلى مال وكذلك حق القذف لأنه حق أو برد السلام لم يقبل لأنه لا يثبت حقا عليه وإن كان واجبا فإنه يفوت في ذمته أو يستحيل نحو الشمس والقمر لم يقبل وطلب التفسير وقال الحنابلة الجنس التفسير وكذبه المقر له بطل الإقرار كما قاله الحنفية وإن فسر بما لا يتمول عادة أو لا يتمول شرعا ك ويقبل حدا لقذف والشفعة دون رد السلام في الغصب تفسيره بما ليس مالا لا يقبل لأن إسم الغصب اللفظ الثاني في الجواهر له في هذه الدار حق وفسره بجزء قبل تفسيره إلا أن يدعي المقر له أكثر فيحلف المقر على معنى الزيادة فإن امتنع من الإقرار يسجن أبدا حتى يضطر بالسجن إلى الإقرار ولو قال شائعا أو معينا لأنه حق ولو فسره بذلك كالجذع أو هذا الباب أو ثوب في الدار أو طعام فيها أو سكنى هذا البيت قال سحنون مرة يقبل تفسيره لأنه حق في الدار ورجع لعدم القبول لأنه أقر له بحق في الأصل وهذا من الأصل وكذلك الخلاف لسحنون في تفسيره بثمرة هذه النخلة من الحائط أو بأنه هبة زراعة الأرض سنة ولو فسر بنخلة في الحائط بأرضها لقبل لأنه من الأصل ولو قال وهبتها لغير أرض فقولان قال ابن عبد الحكم إذا فسر سكنى بيت من الدار وقال أكتريت منه أو أسكنته إياه سنة قبل سنة مع يمينه قال وكذلك إذا قال في الثوب أجرته منه أو اعرته شهرا صدق مع يمينه لأنه يصدق عليه إنه حق أما لو قال له حق في هذه الدار أو في هذه الدنانير أو في هذا الطعام حمل على عين الشيء وقال الحنفية إذا قال له حق في الدار أو الأرضين لا يسمع منه التفسير بالباب والسكنى والجذع ولا في الأرض للبناء لغير أرض أو الزراعة أو السكنى إلا إذا أصل كلامه كذا بما تقدم لسحنون قالوا وله التفسير بأي معنى شاء كما تقدم في لفظ الشيء يحلف على نفي الزائد فإن لم يبين قالوا يقول له القاضي انصفاه كذا ثالث حتى يصل إلى حد لا يملك أقل منه عادة ولذلك لا يصدق عندهم في ثمن نخلة بقي أصلها في البستان كما تقدم لنا بأرضها يصدق اللفظ الثالث في الجواهر له علي مال ولم يذكر مبلغه لم يذكر عن مالك فيه نص وقال الشيخ أبو بكر يقبل تفسيره ولو حبة ويحلف وقال ابن المواز لا يقبل منه أقل من نصاب الزكاة لقوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة ) وهي إنما تؤخذ من النصاب وقال القاضي أبو الحسن الذي يأتي على مذهب مالك في ربع دينار وإن كان من أهل الورق فثلاثة دراهم لقوله تعالى ( أن تبتغوا بأموالكم ) والصداق ربع دينار ويقبل قوله بالكلم كذا وجلد الميتة والمستولدة لأنها تضمن بالمال في حال والأولى قال الأئمة غير أن الشافعية قالوا إن فسر ما لا يتمول في العادة كالقطمير وقمع الثمرة لا يقبل لعدم صدق المال عليه في العادة وكذلك الكلب والخمر والسرجين لأنه لا يتمول شرعا بخلاف الإقرار بشيء عندهم لإحتماله ما يتمول وغيره على خلاف عندهم وإن فسره بما لا يستحيل بثبوته في الذمة عادة نحو ملء الأرض أوزنة الجبال ذهبا فهو كذب قال القاضي في المعونة عن ابن المواز إن كان من أهل الذهب لزمه عشرون دينارا أو من أهل الورق لزمه مائتا درهم أو من أهل البقر أو الإبل أو الغنم يأتي على مذهبه أن يلزمه نصاب منها قال صاحب البيان قال ابن القاسم إذا قال له في هذا الكيس مال يعطى عشرين دينارا لأنه نصاب الزكاة وفي إن في الكيس دراهم قال يعطاها بعد أن يحلف وكذلك إذا قال له علي ما فيه مال كذا اللفظ الرابع في الجواهر له مال عظيم علي قال الشيخ أبو بكر هو بمنزلة مال لأن المبهم أمر نسبي يختلف بحسب المالكين والبخل والسخاء فرجع إلى تفسيره وقيل يلزمه ثلاثة دراهم أو ربع دينار لأن الله عظمه حيث أباح به الفرج والقطع وقال القاضي أبو الحسن يلزمه مائتا درهم إن كان من أهل الورق وعشرون دينارا إن كان من أهل الذهب قال القاضي في المعونة اختلف أصحابنا هل يلحق بمال من غير وصفه أم لا ويحتمل عندي ألف دينار قدر الدية لأنه أعظم مال قدر في الشرع ويحتمل الزيادة على نصاب الزكاة لأن نصاب الزكاة استحق اسم المال بما تقدم فيزاد عليه واختار ش وابن حنبل مطلق المال و ح نصاب الزكاة وهو مال عظيم وخطير وعظيم جدا أو عظيم عظيم اللفظ الخامس في الجواهر له علي أكثر مما لفلان فيما يشهد به الشهود على فلان فقيل تفسيره فيما زاد عليه ووقع عند ش هذا اللفظ بمعنى آخر قال إذا قال له علي أكثر من مال فلان أو من المال الذي بيد فلان فهو كقوله علي مال له تفسيره بالقليل قال علم فلان أو لم يعلمه لأنه يحتمل أكثر منه عددا أو تركه لكونه حلالا أو يقال كونه في ذمته لا يطرأ عليه التلف والآخر حين يتلف فإن قال أكثر عدداً وأقر أنه يعرف ذلك المال ألزم العدد ورجع في الزائد إلى تفسيره وأن قال مال فلان دينار وعلي أكثر عددا وأراد من الفلوس أو حب القمح قبل منه عنده لم يقر بالجنس بل بالعدد وإن قال ماله ألف دينار ولك علي أكثر منه ذهبا لزمه الجميع ذهبا ورجع في الزيادة إلى تفسيره اللفظ السادس وفي الجواهر له على كذا فهو كالشيء قاعدة قال الزمخشري في المفصل ألفاظ الكناية أربعة كم وكذا وكيت وديت فكم وكذا كنايتان عن العدد على سبيل الإبهام وكيت وديت كنايتان عن الحديث ووافقه صاحب الصحاح والزجاج وغيرهما إذا تقرر هذا فلا يعتقد أحد أن كذا جار ومجرور من كاف التشبيه مع ذا الذي هو اسم الإشارة بل الجميع اسم مفرد كناية عن العدد إذا تقرر هذا فاعلم أن كذا يستعمل كذا مفردا وتارة نقول كذا درهما بالنصب والرفع والخفض والسكون فهذه خمس صور وتارة يكرر فنقول كذا كذا من غير ذكر جنس وتارة يذكر مرفوعا لا منصوبا أو مخفوضا وموقوفا فهذه خمس صور وتارة يدخل بينهما حرف العطف فيصير جنسا آخر وتارة يدخل بينهما حرف بل فنقول كذا بل كذا فتصير جنسا أخرى فهذه عشرون صورة وتارة يكون المميز مجردا وتارة يكون مجموعا أو مبنيا ومرده على الأحوال كلها فتصير نحو أربعين يظهر مقتضاها وإعرابها في أثناء البحث وأنقل منها ما وجدت في المذهب وما لم أجده فيه ووجدته في مذاهب الأئمة نقلته ليوقف عليه فإن كلاهم نور رضي الله عنهم فتمسك به في التخريج على أصل مذهب مالك إن احتجت إليه ووافقنا ش على ان كذا مفرد من غير تمييز بمعنى الشيء وهو مشكل لأنه إذا كان كذا وكذا كناية عن العدد وجب أن يلزمه أقل مراتب العدد وهو اثنان من أي جنس فسره ولا يخرج هذا على الخلاف في أقل الجمع لأن الخلاف في الجمع ليس في العدد فإنها ألفاظ متباينة فأبنية الجميع غير صيغة العدد وما علمت خلافا أن مبتدأ العدد اثنان فرع في الجواهر له علي كذا درهما بالنصب قال ابن عبد الحكم يلزمه عشرون أو عدد مميز الواحد المنصوب فإن من أحد عشر إلى تسعة عشر مركبات من لفظين والعشرون من لفظ مفرد وليس في العدد ما يميز بالمفرد المنصوب إلا من أحد عشر إلى تسعين فأحد عشر أول المركبات والعشرون أول المفردات فلتكن هذه القاعدة مقررة حتى يخرج عليها بعد هذا إن شاء الله وخالفنا في هذا الفرع الأئمة وقالوا يلزمه درهم لأن كذا عندهم كناية عن شيء مبهم والدرهم المنصوب بعده على التمييز أو مفعول بفعل مضمر تقديره له شيء درهما أو أعني درهما وقد تقدم النقل في أنه لعدد الشيء فيحتاجون أن ينقلوا ما ذكروه عن اللغة مع أن أصحابنا قد نقضوا أصولهم ووافقهم في له كذا وكذا درهما لزمه أحد عشر درهما لأنه أول عدد يميز بالواحد المنصوب وعند ش وابن حنبل يلزمه درهم لأن كذا اسم لشيء مبهم عندهم فقد كرر الشيء ثم فسر بالتمييز فيلزم ما ميز به وهو درهم ليس إلا فرع في الجواهر له علي كذا وكذا درهما لزمه أحد وعشرون درهما لأنه أول عدد عطف وتميز بالمفرد المنصوب وقال سحنون ما أعرف هذا فإن كان هو اللغة فكذلك وكان يقول يصدق المقر مع يمينه ووافقنا محمد بن الحسن في هذه الفروع الثلاثة وقال ش في هذا الفرع يلزمه درهمان بناء على أن كذا اسم لشيء مبهم والعطف يقتضي التغاير ويأبى التأكيد وقد فسر الشيء بالدرهم وكأنه قال علي درهم ودرهم فيلزمه درهمان ووافقنا الحنابلة فرع في الجواهر له علي كذا وكذا دينارا أو درهما نظر إلى أقل ما فوق كذا وكذا من العدد فيكون عليه نصفه دنانير ونصفه دراهم لأن صيغة أو اقتضت التردد بين النوعين وليس أحدهم أولى من الآخر فلزمه من كل واحد نصفه كمسألة الخنثى ومسألة الترامي وعلي قول سحنون يصدق المقر مع يمينه فرع قال القاضي ابن مغيث في وثائقه إذا قال علي كذا وكذا دراهم بجمع دراهم لزمته ثلاثة دراهم لأنه أقل عدد يميز بالجمع فإنك تقول درهم درهمان من غير تمييز ثلاثة دراهم فدراهم هنا تميز إلى عشرة دراهم ثم تركب العدد فتقول أحد عشر درهما إلى تسعة عشر درهما فتميزه بالنفرد المنصوب ثم تزيل التركيب فتقول عشرون درهما إلى تسعين درهما فتميزه بالمفرد المنصوب ثم تذكر المائة فتميزها بالمفرد المخفوض وكذا ألف فهذا جميع مراتب الأعداد وتميزاتها فرع قال علي كذا درهم بالخفض يلزمه مائة لما تقدم وقال الشافعية والحنابلة يلزمه بعض درهم لأن كذا عندهم لا يختص بالعدد بل معناه وبعض الدرهم شيء يمكن إضافته إلى الدرهم فما قال إنه للعدد إلا ح ومحمد بمن الحسن والزجاج وغيره من النحاة وافقنا غير أننا نحن نقضنا أصولنا إذا لم يميز أصلا ووافقناهم وقد تقدم تقريره ولم يوجد عن ح في المسائل نقل فرع قال الشافعية والحنابلة إذا قال له علي كذا درهم بالوقف في ميم درهم من غير إعراب يقبل تفسيره بأي جزء من أجزاء الدرهم لأن المجرور يصح أن يوقف عليه بالسكون والأصل براءة الذمة من غيره فرع قال الشافعية إذا قال كذا وكذا وأطلق من غير تمييز قبل منه أقل ما يقول لأن معناه شيء شيء وكرره للتأكد فرع قالوا فلو قال له كذا وكذا ولم يفسره فقد أقر بمعين فيرجع إلى تفسيره فيهما لأن العطف يقتضي التغاير فلا بد أن يفسرهما بمتمولين عادة وشرعا فرع قال الشافعية والحنابلة إذا قال علي كذا وكذا درهم بالعطف والرفع في درهم يلزمه درهم لأنه ذكر شيئين مبهمين وابطل منهما الدراهم فيكون هذا اللازم أو يكون خبر مبتدأ مضمر تقديره هما مضمر فرع قال الشافعية إذا قال له علي كذا من الدراهم لزمه ثلاثة دراهم كما لو قال له شيء وفسره بدراهم لم يقبل منه أقل من ذلك وهكذا بناء منهم على أن من لبيان الجنس كأنه قال من جنس الدراهم أما لو كانت للتبعيض للزمه اقل الأخرى لأنه بعض الدراهم ويلزمه أن لا يفتوا إلا بهذا على التقديرين لأن من لفظ مشترك والأصل براءة الذمة مع التردد فرع قال الحنابلة له كذا درهم بالرفع يلزمه ودرهم مرفوع على البدل من كذا أو خبر ابتداء مضمر تقديره هو درهم فرع قالوا إذا قال كذا وكذا درهم بخفض درهم لزمه بعض درهم لأن تقديره خمس عشر درهم أو نحوه فله تفسيره وأنت تعلم من هذه الفروع تخريج ما يرد منهما على أصولنا وعلى أصولهم وهي كلها دائرة على قاعدتين مجمع عليها وهي أن الأصل براءة الذمة من المشكوك فيه ومختلف فيها وهي كذا اسم للعدد المبهم أو لشيء مبهم وبهاتين القاعدتين لا يخفى عليك شيء من فروع هذا اللفظ اللفظ السابع في الجواهر له علي عشرة دراهم ونيف فله تفسير النيف بأقل من درهم ولو دانق لأن النيف هو الزائد من الواحد إلى الخمسة وكذلك نيف وخمس وقيل إذا أقر بعشرين ونصف إلى النيف ثلثها وكذلك مائة ونيف أو درهم ونيف أنه مائة وثلثها ودرهم وثلثه واختار الشيخ أبو إسحاق أن القول قول المقر مع يمينه فائدة في الصحاح أن النيف الزيادة تخفف وتشدد يقال عشرة ونيف ومائة ونيف وكلما زاد على العقد فهو نيف حتى يبلغ العقد الثاني الفظ الثامن في الجواهر له علي بعض المائة أو قربها أو أكثرها أو نحوها أو مائة إلا قليلا أو مائة إلا شيئا يلزمه من ثلثي المائة إلى أكثر بقدر ما يرى الحاكم عند أكثر الأصحاب وقيل ثلث المائة لأن الثلث في حيز الكثرة وقيل ثلثها لأنه الأكثر وإلا فالعشرون منها كثير وليست أكثرها وقيل النصف وشيء وذلك أحد وخمسون لأن بالواحد صارت الخمسين أكثر المائة اللفظ التاسع قال القاضي ابن مغيث في وثائقه له علي دراهم فأقل لزمه في حكم العربية درهمان قال لأنه أقر له بجمع وأقل الجمع اثنانالباب الثالث في تعقب الإقرار بما يرفعه
وهو ينقسم إلى استثنائه فإن قسمان مجهول ومعلوم فهذه ثلاثة أبحاث البحث الأول في الاستثناء المعلوم وفيه خمس مسائل الأولى في الجواهر يصح استثناء الأكثر نحو عشرة إلا تسعة فيلزمه درهم وقاله ش و ح وقال عبد الملك لا يصح وقاله ابن حنبل والزم أصل الكلام قال صاحب الجواهر والأول المشهور والقاضي في المعونة وغيره وقال القاضي ابن مغيث في وثائقه لا يصح استثناء الأكثر ويلزم جميع العشرة وقال هذا مذهب مالك وأصحابه وفي المدخل لابن طلحة أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا في لزوم الثلاث له قولان بناء على أنه استثنى أو أنه لزم ومقتضاه جواز استثناء الكل من الكل مع أن العلماء حكوا في استثناء الأقل والمستغرق الإجماع وحكوا في المساوي والجمع قولين وحكى الشلوبين وغيره من النحاة الخلاف في جواز الاستثناء من أسماء الأعداد بناء على أن الاستثناء في لفظ العشرة مثلا في الثمانية إذا استثنى اثنان وأسماء الأعداد نصوص لا تقبل المجاز ويقال الاستثناء مع المستثنى منه لفظ واحد وضع لما بقي فللثمانية في لسان العرب عبارتان ثمانية وعشرة إلا اثنان فلا مجاز وفي الكتاب العزيز ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين ) وفي السنة إن الله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة فهذه استثناآت في الأعداد لنا على جواز استثناء الأكثر قوله تعالى ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) ومعلوم أن الغاوين أكثر وقوله تعالى ( لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) فمجموع الإثنين يبطل القول بمنع المساوي وحصر الجواز في الأقل لأن أحد الفريقين إن كان أقل من الآخر أكثر وقد استثنى في الآية الأخرى وهذا الاستثناء اغتبط به جماعة من الفضلاء وهو لا يتم لأن المانع من استثناء المساوي والأكثر إنما مع كذا كون المتكلم مقدماً في كلامه على حسن كثير كذا هو عالم حال التكلم فأن المستثنى إذا قال له عندي مائة إلا تسعة وتسعين وهو يعلم أن أكثر كلامه هدر فإقدامه على ذلك قبيح فالآية ليست من هذا الباب فإن عند صدور هذا الخطاب لإبليس لا يتعين الغاوي من المخلص فلا لمس الكلام بالهدر بخلاف صورة النزاع ولذلك اتفقوا على جواز التقييد بالشرط وإن أبطل جملة الكلام كونه غير متعين حالة التعليق نحو أكرم بني تميم إن جاؤك يجوز أن لا يجيئه أحد فيبطل جميع كلامه عند عدم الشرط وما ذاك إلا لعدم التعيين فاعلم هذا الموضع فهو حسن ولنا قوله تعالى ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا ) فقد استثنى الثلثين وبالقياس على التخصيص فأنه يجوز في الأكثر إجماعا لأن الاستثناء مأخوذ من الشيء وهو الرجوع وهو مشترك بين القليل والكثير احتجوا بأن كلام العرب مبني على الاختصار وليس منه ما ذكرتموه بل هو حشو ولأنه على خلاف الأصل لكونه ببطل ما تقرر وأكثر الشيء في معنى جملته كما يقال للثور الأسود الذي فيه شعرات بيض أسود لكون القليل مغتفرا أما بصفة أبيض فلا ولأن دار عن اللغة مع ذلك فلا يجوز والجواب عن الأول أن العرب أيضا قد تطنب وتطول وتكرر وتقيم الظاهر مقام المضمر لمقاصد تقتضي ذلك من التفخيم والتعظيم وتقريب المعنى في الى غير ذلك من المقاصد وكذلك هذا فيه مع ما ذكر استدراك الغلط العظيم الذي قد يسهو الإنسان عنه عن الثاني أن الأصل قد يخالف لما ذكرناه من المقاصد أيضا فإنه ضرورة مناسبة لمخالفة الأصل عن الثالث أنه معارض بنقل أكثر منه عن أئمة اللغة تفريع في الجواهر على المشهور إذا قال له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا إثنان إلا واحد لزمه خمسة بناء على أن الإستثناء من النفي إثبات والإثبات نفي وأن الإستثناء الثاني يعود على الأول وعلى أصل الكلام فتكون التسعة منفية والثمانية موجبة والسبعة منفية فيوول الأمر إلى خمسة أجزاء الأمر وعلى غير المشهور له عشرة إلا سبعة إلا خمسة إلا درهمين قال الحنابلة يلزمه سبعة لأنه أخرج سبعة ورد منها خمسة إلا اثنين وذلك ثلاثة من سبعة فبقي منها أربعة وهو أقل العشرة فيلزمه تسعة فلم يسقطوا إلا إذا اتصل به ما يصيره أقل وإن قال ثمانية إلا أربعة إلا درهمين إلا درهما لزمه خمسة وإن قال له عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمين إلا درهما بطل الإستثناء كله على القول بمنع استثناء النصف وصح على الآخر ولزمه سبعة وعلى هذا التفريع تجري الإستثناآت على الخلاف الثانية في الجواهر الإستثناء من غير الجنس جائز نحو علي ألف درهم وإلا ثوبا أو عبدا إلا دابة وعند ش يجوز استثناء ما كان مكيلا أو موزونا أو معدودا فيجوز استثناء الحنطة من الدنانير والجوز من الرمان ونحوه مما يعد وقال محمد وابن يوسف يصح من غير الجنس فيما يدخل تحت الذمة نحو ألف دينار إلا فلسا وإلا كر حنطة وأن كان مما يدخل تحت الذمة من غير المكيل والموزون نحو إلا ثوبا أو إلا شاة فهو باطل ومنع ابن حنبل الجميع لنا قوله تعالى ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ) وهو من الجن لقوله تعالى في الآية الأخرى ( كان من الجن ) وقوله تعالى ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيل سلاماً سلاما ) والسلام ليس من الغو وقوله تعالى ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة ) قال العلماء هو تقديره إلا أن تكون تجارة فكلوها بالسبب الحق وبالقياس على المكيل والموزون احتجوا بالقياس على ما إذا ما قال بعتك بألف درهم إلا ثوبا وأن الاستثناء أخراج ما لولاه لدخل وهذا لا يدخل فلا يكن استثناء ولأنه من غير الجنس فلا يجوز كالتخصيص والجواب عن الأول الفرق بأن البيع يحل له الغرر بخلاف الإقرار يجوز بالمجهول وإخراج ثوب من دينار يقتضي جهالة الثمن عن الثاني أن الحد يقبل المعارضة بل عندنا أربعة أقسام ما لولاه لوجب دخوله نحو له عشرة إلا اثنين لكونه نصا وما لولاه الظن دخوله ا نحو أقتل المشركين إلا زيدا لكونه ظاهرا وما لولاه لجاز دخوله من غير ظن نحو صل إلا في المواطن السبعة فإنه لا يظن إرادتها من سماع الأمر وما لولاه لقطع بعد دخوله وهو المنقطع فالحد العام عندنا هو إخراج ما تناوله اللفظ له قبله أو عرض نفس المتكلم عن الثالث أننا لا نسلم أنه يمتنع التخصيص بخبر الجنس إذا أفضى الطرفان في العموم لأن عندنا يعود بالبيان على اللفظ على ما سيأتي تفريع في الجواهر قيل الاستثناء من غير الجنس باطل ويلزمه ما أقر به كاملا وإذا فرعنا على المشهور يقال له اذكر قيمة العبد الذي استكتبته ويكون مقرا بما بقي بعد قيمة العبد فإن استغرقت الألف لزمه الألف وبطل الإستثناء كالاستثناء إن استثنى الكل بطل وإلا صح وقاله الشافعية غير أنهم زادوا في التفريع ما يناسبه فقالوا ينبغي أن تكون القيمة مناسبة للثوب ليلا يعد نادما قالوا وهذا إذا استثنى مجهولا من معلوم فإن قيمة الثوب مجهولة وألف دينار معلوم وعكسه له ألف إلا درهم بتفسير الألف ويعود الحكم إلى الإستغراق فلا يقبل وإلا قبل وإن استثنى مجهولا من مجهول نحو مائة إلا عشرة أو إلا ثوبا فعلى ما تقدم فرع قال القاضي ابن مغيث في وثائقه قال ابن السراج إذا قال له عندي مائة درهم إلا درهمين لزمه ثمانية وتسعون دينارا كذا وإلا درهما تلزمه المائة تامة لأن الرفع يقتضي أن إلا بمعنى غير على البدل فقد اعترف بمائة مغايرة لدرهمين فتلزمه نظيره قوله تعالى ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) أي غير الله الثالثة في الجواهر يجوز الإستثناء من العين غير العدد نحو له هذه الدار إلا ذلك البيت والخاتم إلا الفص وهؤلاء العبيد إلا واحدا ثم يعينه وله هذه الدار وبناؤها لي أو لفلان وهذا البستان إلا نخلة فأنها لي قال أشهب إذا قال غصبت هذه الدار وبناؤها لي أو بيته منها أو هذه البطانة ولي بطانتها إذا أتصل كلامه لأن الكلام بآخره والأصل براءة الذمة الرابعة قال الشافعية إذا تقف كذا الاستثناء جملة منطوق به فهو كقوله علي عشرة إلا عشرة وقيل عندهم يصح كما لو قال علي درهمان إلا درهما وقاله المالكية في أنت طالق واحدة واحدة واحدة إلا واحدة تلزمه اثنتان وخالف ش في الطلاق وهو الأصل فإن أمكن العود إلى الجميع نحو له هذا الذهب وهذا الدينار وهذا التبر إلا مثقالا فالمنقول عن مالك وش عودة إلى الجميع لأن الكلام بآخره وآخر الكلام إنما يتعين بالسكوت ولم يسكت عقيب شيء من الجمل وقال ح يختص بالجملة الأخيرة لأن القرب يوجب الرجحان الخامسة قالوا إذا تكررت استثنآات بحرف العطف تعين عودها على أصل الكلام لأن العرب لا تجمع بين إلا وحرف والعطف لأن إلا للإخراج والعطف بالواو للتشريك فهما متناقضان نحو له عندي عشرة إلا ثلاثة وإلا إثنين فإن استغرق الأصل سقط استثناؤه ولزمته العشرة لأنه أبطل جميع كلامه وقاله ح وقال صاحباه يسقط الأخير لا لمقتضى الإستغراق ويصح ما عداه لأن الأصل اعتبار الكلام بحسب الإمكان البحث الثاني في الإستثناء المجهول وفي الجواهر له علي مائة درهم إلا شيئا يلزمه أحد وتسعون وله عشرة آلاف إلا شيئا يلزمه تسعة آلاف ومائة وله درهم إلا شيئا يلزمه أربعة أخماس درهم وهذه تعسفات ما علمت لها مدركا من اللغة ثم إنه جعله تسعة أعشار العشر في المائة وعشر آلاف وجعله الخمسين في الدرهم فلم يجر على قانون مع أنه قال بعد ذلك إذا قال له علي قرب المائة أو المائة إلا شيئا قال سحنون أكثر أصحابنا أنه يلزمه ثلثي المائة كذا بقدر ما يرى الحاكم وقيل ثلث المائة وقيل ثلثاها وقيل أحد وخمسون يزيد على النصف هذا نقل الجواهر وقال القاضي ابن مغيث في وثائقه إذا قال له علي عشرة إلا شيئا وإلا كسرا صدق في تفسيره مع يمينه يعني لأن الإستثناء يصح في العشرة إلى التسعة فكما صح استثناؤه صح أن يفسر به الإستثناء المجهول ولم يحك خلافا وهذا قول ش وقال الحنابلة لا يصح تفسيره بالنصف بل لا بد أن يزيد عليه يسيرا بناء منهم على امتناع استثناء المساوي فطرد الفريقان أصلهما في الاستثناء المجهول في جواز استثناء الأكثر ومنعه وقال ح كقول الحنابلة فإنه إذا قال له علي مائة درهم إلا قليلا أو إلا بعضها وأنت طالق ثلاثا إلا بعضها لا بد أن يزيد على النصف في الباقي فخالف أصله فيما ينقل عنه في جواز استثناء الأكثر أو يكون له فيه قولان وبالجملة فهذه أقوال معقولة ولها مرجع من اللغة بخلاف الأولى فاعلمه وقد سئل بعض الفقهاء إذا قال له شيء ومائة رجع لتفسيره في الشيء وله مائة إلا شيئا يلزمه أحد وستون ما الفرق قال الفرق أن العرب لا تستثني من العشرات إلا الآحاد ومن المئين إلا العشرات وكذلك معين واحد من العشرة ليلا يكون مثل قوله له علي عشرة إلا عشرة بخلاف العطف يعد في القليل والكثير فرجع إلى تفسيره وها هنا أنه استثناء أكثر العشرة فقيل عنه أحد وتسعون وكذلك الكلام في ألف إلا شيئا وهذا نقل يعسر عليه تحقيقه بل العرب تقول مائة إلا عشرة وإلا عشرون وألف إلا مائة وألف إلا مائتان إن المسل كذا هو أو الألف فلها إخراج أقله ونصفه وأكثره على الخلاف في النصف والأكثر البحث الثالث فيما يعقب الإقرار من المعاني المبطلة له وفيه أربع عشرة مسألة الأولى في الجواهر له علي ألف من ثمن خمر أو ميتة لم يلزمه شيء لأن الكلام بآخره إلا أن يقول الطالب بل من تمر فتلزمه مع يمين الطالب وقاله ش و ح لأنه وصل كلامه فأسقط جملته فيقوم الطالب عليه كما لو قال له عندي عشرة فلو قال اشتريت منه خمرا بألف لم يلزمه شيء لأنه لم يقدم في كلامه بسبب لزوم شيء له أو يقتضي عدم اللزوم بخلاف الأول الثانية قال في الجواهر له علي ألف من ثمن عبد ثم قال لم أقبض قال ابن القاسم وسحنون وغيرهما من أصحابنا يلزمه الثمن ولا يصدق في عدم القبض كأنه يكر على الإقرار بالاستثناء المستغرق وقيل يصدق وعلى البائع البينة أنه سلم العبد إليه لأن الأصل عدم القبض وهو لم يعترف مطلقا بل بثمن العبد وكذلك اشتريت منه سلعة بمائة درهم لم أقبضها منه القول قوله وعند ش إذا قال اشتريت منه سلعة بألف ولم يقبضها يصدق مع يمينه اتفاقا وله علي ألف درهم من ثمن مبيع لم أقبضه ووصل قوله فكذلك ولم يلزمه تسليم الألف حتى يقبض سواء وصل بإنكار القبض أو سكت حتى انقطع كلامه لأن الأصل عدم القبض وقال ح إذا عين المبيع قبل منه وصل الإقرار أم لا لأن عين المبيع لا يلزمه ثمنه فأشبه ما لو قال من ثمن خمر بخلاف المعين وعند ش قال له ألف وسكت حتى ينقطع كلامه ثم قال من ثمن مبيع لم أقبضه لم يقبل منه لإستقرار الإقرار بالسكوت الثالثة في الجواهر إذا أقر بمال من ثمن خنزير ثم أقام بينة أنه رباه وأنه إنما أقر أنه من ثمن خنزير إلا أن يقيم بينة على إقرار الطالب أنه ربا لاضطراب كلامه وقال ابن سحنون تقبل بينته أنه ربا ويرد إلى رأس ماله ولا يكون إقراره ملك كذا بالبينة وبالأول قال سحنون الرابعة في الجواهر علي ألف لا يلزمه أو زور أو باطل لزمته إن صدقه غريمه في الملك وكذبه في قوله زور وباطل كما لو قال له عشرة إلا عشرة وإن صدقه فيهما لم يلزمه شيء لإعتراف المقر له بالسقط الخامسة في الجواهر له علي مائة قضيتها لا يقبل قوله في القضاء كما لو قال له علي مائة إلا مائة وقاله ش ولو ادعى القضاء قبل الإقرار وقامت البينة لم تمنع دعواه ولا يمينه لأنه كذبها بإقرار والإقرار أقوى من الدعوى إلا أن يقول بعد الإقرار وما قبضتها ولم يقبل قبل الإقرار فسمع ببينة الإقرار حينئذ السادسة في الجواهر له علي ألف إن شاء الله تعالى لزمه الألف ولا ينفعه الإستثناء لأن الإقرار خبر عن الواقع والواقع لا يقبل التعليق على الشروط وقاله ح وقال إلا أن يكون الشرط نحو إن جاء رأس الشهر أو جاءني بعبدي الآبق لأن هذا الإقرار إخبار عن حصول المسبب ولا يلزمه شيء حتى يحصل ذلك الشرط السابعة في الجواهر علي ألف فيما أظن أو ظننت أو أحسب أو حسبت لزمه لأن حقوق العباد وحقوق الله تعالى تكفي فيها الظنون وقال محمد إذا قال فيما أعلم وفي علمي أو فيما يحضرني فهو شك لا يلزم بدليل الشهادة الثامنة في الجواهر له ألف مؤجلة لزمته مؤجلة إذا كان الأجل غير مستنكر وقاله ش لأن التأجيل لا يسقط الحق بل ليقضه كذا فهو استثناء البعض وقيل يحلف المقر ويستحقه حالا وقاله ح لأنه رفع المطالبة في الحال فيسقط التأجيل كما لو قال قضيتها وذكر الأجل بعد الإقرار لم يقبل اتفاقا بين الأئمة ولو قال علي ألف مؤجل من جهة القرض لأنه شأن القرض أما أن يدعي الطالب الحلول صدق مع يمينه لأن الأصل عدم الاشتراط التاسعة في الجواهر من كتاب ابن سحنون له علي مائة درهم إن حلف أو إذا حلف أو متى حلف أو حين يحلف أو مع يمينه أو في يمينه أو بعد يمينه فحلف المقر ونكل المقر له وقال ما ظننت أنه يحلف لا يلزمه شيء لأن ظاهر حال اشتراطه ذلك إذ لم يعترف بشيء وقال ابن عبد الحكم إن حلف وان أدعاها أو على حلفها بالعتق أو بالطلاق أو بالصدقة أو قال استحل ذلك وإن كان يعلم أنها له وإن أعارني رداءه أو دابته أو قال إن شهد بها علي فلان فشهد بها عليه فلا يلزمه شيء في هذا كله لأن ظاهر حاله عدم الإقرار وأما إن قال إن حكم بها فلان لرجل سماه فتحاكما إليه فحكم بها عليه لزمه لأنه علق اللزوم على سببه فيلزمه عند حصول سببه بخلاف الشروط الأولى ليست أسبابا بل استبعادات وعند ش إن جاء رأس الشهر فله مائة قولان وإن قال إن شهد شاهدان لم يلزمه شيء شهدا أم لا وكذلك إن شهد فلان علي صدقته لأنها وعود عنده وقد يصدق من ليس بصادق العاشرة في الجواهر له علي مائة وديعة لا تكون إلا وديعة لأنه لم يعترف على ذمته بشيء والأصل برأتها وعلى مستعمل الوجوب التسليم والوديعة يجب تسليمها وكذلك لو قال دين لم يلزمه إلا دينار وقال ش وإن قال قبلي أوله علي مائة درهم ديناً وديعة لزمته دينا لأنه قال يتعدى في الوديعة فتصير دينا الحادية عشرة في الجواهر لك هذه الشاة أو هذه الناقة فلك الشاة ويحلف المقر ما أقر بالناقة تلك لأن عدوله إلى الناقة إبطال للشاة فلا يسمع منه ولو حلف مالك فيها جميعا شيء وادعيت كلها لم يقبل قولك في الناقة فالقول للمقر في الشاة لأنه لم يجزم لك بالناقة لأخذ الشاة دون الناقة تبقى كذا في المقر الثانية عشرة في الجواهر غصبت هذا العبد من فلان ثم قال لا بل من فلان ففي كتاب ابن سحنون هو للأول مع يمينه لأن الثاني ذكره إبطال فلا يسمع وللآخر قيمته يوم القبض مؤاخذة له بإقراره بحسب الإمكان الثالثة عشرة في الجواهر قال في ثوبين في يد أحد وقال لا أدري أيهما هو حلف المقر له أن أجودها للمقر له فإن حلف وإن نكل حلفت وكنتما شريكين في الثوبين وكذلك إن نكلتما أو حلفتما إلا أن يقول لا أعرفه فيقول المقر له أنا أعرفه فيؤمر بتعيينه فإن عين أدناهما أخذه أو أجودهما أخذه بعد الحلف للتهمة في الجودة ولو قال المقر أدناهما هو ثوبه حلف ولم يأخذ لأن الأصل عدم ملك الزيادة لك ولو قال لك علي درهم أو على فلان الإقرار اللازم على نفسه ويحلف قال الشيخ أبو محمد على أصل سحنون يلزمه دون فلان لأن الكلام الثاني رافع لجملة الأول فيبعد ضده فلو قال عشرة العشرة كذا الرابعة عشرة قال القاضي ابن مغيث في وثائقه إذا أقررت بمائة درهم وقال الطالب بل المقر مع يمينه عند ابن القاسم وأهل العراق وكذلك لو قال أنا أقررت لك في نومي أو قبل أن أخلق لأن الأصل براءة ذمته ولو بحاله يغرم فيها شيء ويلزمه عند سحنون وإن قال أموري العقد فإن علم أن ذلك إجابة صدق وإلا فلا لأن الأصل عدم عروض هذه الحالة بخلاف وإن أقر سالم وقد كان مشتركا محاربا إنه أخذ ألف درهم في حرابته وقال بل بعد إسلامك لم يلزمه شيء عند ابن القاسم لما تقدم ويلزمه عند سحنون لأن الحربي يضمن ولو أقر المسلم المقر له من الحربي في دار الحرب مائة دينار وقال الحربي بل بعد الإسلام صدق المسلم عند ابن القاسم وصدق الحربي عند سحنونالباب الرابع في الإقرار بالنسب
وهو أصل الإقرار وفي الجواهر إن قال هذا إنه التحق به سالم فكذبه لأجل يكون أكفر منه أو الشرع كذا بأن يكون مشهور النسب ويعرف كل والرجل فارسيا فلا يلحق به لأن الإقرار إخبار والخبر الكاذب لا عبرة به قال ولا يكذب حر النسب لحق به عند ابن القاسم لأنه الضرورة الدين غيره كانت ضرورته لبراءة ذمته من الديوان وقال سحنون لا يلحق ولا ملك يمين لأن عدم الفراش سبب عدم النسب كما أن الفراش سببه هنا يلحق به لا يلتفت لأنكار الولد صغيرا كان أو كبيرا لأن النسب حق الله تعالى ليس له إبطاله والله أعلم به منه فيقدم عليه ووافقنا ش وابن حنبل في الشروط المتقدمة ولا يشترط أن يكون الملحق مسلوب العمارة كذا والكبير عندهما فلا بد من موافقته كما لو أقر له بمال والفرق حق الله تعالى في النسب كما لو أقر له بالجزية لا بد من موافقته وفي هذا الباب أربعة عشر فرعا الأول في الجواهر إذا قال في أولاد أمته أحدهم ولدي وهم ثلاثة ولم يعرف عينه فالصغير منهم حر وحده لأنه إن كان هو الولد فهو حر أو الأكبر فقد صارت الأم أم ولد أولادها بمنزلتها في الحرية فالصغير حر أو الأوسط تعينت الحرية له وللصغير دون الكبير لأنه ابنها قبل أن تصير أم ولد فهو رقيق وقال المغيرة يعتق الأصغر وثلث الأوسط وثلث الأكبر لأن الصغير حر على كل تقدير والأوسط حر في وجهين رقيق في وجه والأكبر حر على تقدير واحد عبد على تقريرين وقال ابن عبد الحكم يعتقون كلهم للشك في السبب المبيح لمنافعهم في السبب كذا يصح ترتب السبب فلو ادعى الصغير وادعت أمهم الأوسط والكبير فالقول قوله لأنه حق تعلق به فيصدق كالمال ولو أقر له الأوسط خاصة لزمه هو والأصغر إن ادعته الأم منهم لأنها صارت فراخا كذا بالأوسط فيلحقه بأمه بعده إلا أن يدعي الإستبراء فيه وإن اعترف بالكبير لزمه الجميع إن ادعت الأم الآخرين إلا أن يدعي الاستبراء فيها وإلا فلا والقول قوله لا يلحق به من لم يلحق به ولدهم ولده الثاني لو ولدت زوجة رجل غلاما وأمته غلاما وماتتا فقال الرجل أحدهما لي ولا أعرفه دعي لهما القافة فمن الحقوه به لحق به ويلحق بالآخر الآخر الثالث لو نزل رجل ضعيف على رجل وله أم ولد حامل فولدت هي وولدت امرأة الضعيف في ليلة صبيين ولم يعرف واحد منهما ولده وقد أعيى كذا أحدهما وبقي الآخر دعي لهما القافة لأنه لا مرجح لأحدهما وقال سحنون فيمن ولدت امرأته جارية وأمته جارية وأشكل عليه ولد الحرة منهما ومات الرجل ولم يدع عصبة ليستدل بها القافة على ولد الميت ليس في مثل هذا قافة ولا تكون المواريث بالشك وفي كتاب محمد بن ميسر في امرأة طرحت بنتها ثم عادت لأخذها فوجدتها وأخرى معها ولم تعرف بنتها منهما قال ابن القاسم لا تلحق بزوجها واحدة منهما لأنه لا ميراث ولا نسب بالشك وقال سحنون يدعى لهما القافة لأنه سبب ينقل عن الشك وقال عبد الملك وسحنون لا تلحق القافة إلا بأب حي فأما إن مات الأب فلا يقبل القافة في ذلك لأنه لا يقبل على نسبه غير الأب وقد فقد الرابع قال إذا أقر عند موته أن فلانة جاريته ولدت منه وأن بنتها فلانة ابنته وللأمة ابنتان أخريان ثم مات ويثبت البينة والورثة اسمها وأقر بذلك الورثة فهن كلهن أحرار ولهن الميراث ميراث واحدة لأنها والبنات تبع لأجل اللبن كاختلاط المذكاة بالميتة وأخت الرضاع بالأجنبية فيقتسمنه ولا يلحق نسب واحدة من البنات فإن لم يقر الورثة بذلك ونسيت البينة اسمها فلا تعتق واحدة منهن لعدم ثبوت السبب بالإقرار والبينة الخامس في الجواهر إذا استلحق ولده ثم أنكره ثم مات الولد عن مال قال ابن القاسم يوقف المال فإن مات المستلحق كان لورثته وقضي به دينه فإن قام غرماؤه وهو حي أخذوه في ديونه السادس في الجواهر إذا تعدى الإقرار المقر بأن يقر بغير الولد فيضر الولد أو بأخوة أو عمومة فهو إقرار على الغير بالنسب فلا يقبل ولا يثبت له بذلك نسب إن كان له ولد معروف فلا يرث هذا منه شيئا وإن لم يكن له وارث معروف ولا مال عند هذا الذي أقر له فإنه يرثه بذلك الإقرار سواء كان ذلك في الصحة أو في المرض لتعين الإقرار له إلا أن يأتي وارث معروف بالبينة فهو أحق كمن ادعى مالا وشهد به لغيره وقال سحنون لا يرث وإن لم يكن له وارث معروف لأن المسلمين يرثونه فهم كالوارث المعروف وسبب الخلاف هل بيت المال كالوارث المعروف أم لا وهو سبب الخلاف في تنفيذ وصية من لا وارث له إلا بيت المال بجميع ماله السابع في الجواهر إذا شهد عدلان بالعتق ثبت الولاء أو شاهد واحد ففي الموازية لا يثبت ولاء ويستأنى بالمال فإن لم يأت من يستحقه حلف هذا ودفع إليه لأن المال يثبت بالشاهد واليمين ومنع أشهب حتى يثبت الولاء بشاهدين لأنه أصل المال وعدم ثبوت الأصل يمنع الفرع ولو شهد عدلان أنهما لم يزالا يسمعان أن فلانا يذكر أن فلانا ابن عمه أو مولاه قال ابن القاسم هو كشاهد واحد إن لم يكن للمال طالب غيره أخذه مع يمينه بعد الثاني لرجحان السبب في حقه من غير معارض وإن لم يكن للمال له طالب غيره اثبت من هذا وهو أولى بالميراث لرجحانه عليه ولا يثبت للأول ها هنا نسبه وروى أشهب أنه يثبت بذلك الولاء لأنه في معنى الاستفاضة والسماع ولكن يتأنى فلعل أحدا يأتي بأولى من ذلك الثامن في الجواهر إذا أقر الوارث بوارث آخر يشاركه فإنه يثبت بذلك الإرث دون النسب ولو أقر ولد بولد آخر لم يثبت نسبه وإن لم يكن وارث سواه لأن النسب يتعدى للغير ويثبت بالإقرار لكن يقسم المال بينهما على السوية إن كانا من جنس واحد وعلى التفاضل إن كانا من جنسين فإن كانا ابنين فأقر أحدهما بثالث فإن وافق الثاني اقتسموا المال بينهم أثلاثا وإن لم يصدقه أعطاه المقر ما بيده القسمة على الإنكار على القسمة على الإقرار لأن إقراره لا يتعداه ضرورة وإن كان المقر عدلا أخذ باقي نصيبه من المنكر لأنه شهادة بسبب العدالة تتعدى للغير فقد يبين المقر له ولو شهدا جميعا بالنسب وهما خلاف يثبت النسب ويرث ولو ترك ولدا واحدا فقال لأحد الشخصين هذا ابني بل هذا الآخر فللأول نصف ما ورث عن أبيه لأنه مقتضى أول إقراره واختلف فيما يأخذه الثاني منه فقيل نصف ما بقي في يده تسوية وقيل له جميعه لأنه أتلفه عليه موروثه ولو ترك أما وأخا فأقرت بأخ آخر فإنها تعطيه نصف ما بيدها وهو السدس لأنها اعترفت أنها لا تستحق إلا السدس فيأخذه المقر له وحده وعليه جماعة الأصحاب وروي يقسمه وهو عن الابنين الأخوين وقد وقع خلافه في بعض هذه المسائل أنا ذاكره إن شاء الله قال الطرطوشي إذا أخر أحد الإبنين وصدقه المقر له لم يثبت النسب ويختص ما يأخذه المقر إلا أن يكون المقر عدلا فيحلف مع شاهده ويأخذ من الآخر حقه ولا يثبت بذلك نسبه من السيد فإن مات المقر لم يرثه المقر له بل أخوه الثابت النسب إلا أن يموت أخوه الثابت النسب قال سحنون فيرثه لعدم المزاحم وإن مات المقر له ورثه المقر لإعتراف المقر أن الآخر يستحق النصف لقوله هو أخوه وافقنا ح في عدم النسب والمشاركة فيما في يده وقال لا يعطيه نصف ما بيده لأن السدس معه زائد فوجب إقراره فيعطيه خاصة وقاله ابن حنبل وقال ش لا يثبت النسب لأنه لا يتبعض في حق المقر دون غيره فلا جرم لم يثبت إجماعا ولا يثبت الإرث لأنه فرعه وأصل المسألة أن موجب الإقرار عندنا الشركة وعنده النسب لنا أن الميراث متعلق بالتركة فيتعلق إقراره بها كما إذا أقر بدين على أبيه وجحده الآخر ولأنه أقر بأمرين أحدهما على غيره والآخر على نفسه فثبت فيما يتعلق به خاصة وهو المال كما قال بعت منك هذا العبد بألف وأعتقه يلزم البيع دون العتق أو قال لعبده أعتقك على ألف يلزم العتق ولا شيء له على العبد أو قال هذه أختي حرم عليه زواجها ولا يثبت نسبها ولو قال بعت هذا الشقص وأنكر المشتري ثبتت الشفعة دون الشراء ونظائر ذلك كثيرة من الإقرار المركب فهذا مثله احتجوا بالقياس على ما إذا اقر بمعروف النسب وإذا كذبه المقر له أو كان أبوه نفاه باللعان والجامع إلى الأصل المقصود لم يثبت فلا يثبت فرعه الذي هو الإرث وكذا لو قال تزوجت هذه وكذبته لم يثبت الصداق والمقصود هو النسب بخلاف الصور المتقدمة لأنه لو استحلق ابنا فقد اثبت نفسه عليه النفقة والميراث وكثيرا من الحقوق مع أن الإقرار لا يوجب حقا للمقر بذلك على أن ما عدا النسب غير المعتبر البينة بل لا يقع إلا فيها أو يقول اقر بحق فإنه حق لا ينفك أحدهما عن الآخر فإذا لم يثبت أحدهما لا يثبت الآخر فأما إذا قال بعتك هذه السلعة بألف وأنكر المشتري فإذا لم يثبت الثمن لا يجب عليه تسليم السلعة والجواب عن الأول أن تلك الصورة لم يثبت النسب فيها على الإطلاق لقيام المعارض وها هنا لا معارض ولأنه ها هنا فرضه قيام البينة ويرق بالإقرار كسائر الأموال وقيل لا يرق لوجود مبطلها وأما قولهم إن النسب هو العمارة كذا وما عدا المبتع كذا فلا يلزم من ضعف أحد الأمرين بالإقرار لأن أسباب اثبات الحقوق والبينات سوى الشرع فيها بين عظيم الحقوق وحقيرها فهذا الفرق ملغى بالإجماع عن الثاني أن أحد هذين قد ينفك عن الآخر فإن أحد الأخوين قد يرث الآخر من غير عكس لأجل قتل أو رق فقد انفك النسب عن الإرث وسقط الإرث عن السبب في الزوج والمولى قال الطرطوشي فإذا ترك ابنا واحدا لا وارث له غيره فأقر بأخ لم يثبت نسبه ولا يثبت إلا بقول وارثين عدلين فإن كان جميع الورثة غير عدول لم يثبت بإقرارهم ووافقنا ح فإنه لا يثبت بالوارث الواحد وإن حاز جميع المال وقال يثبت بوارثين غير معدلين وبرجلين وامرأتين وقال ش وابن حنبل يثبت النسب والميراث للوارث الواحد إذا حاز جميع المال ذكرا كان أو أنثى وإن كانوا جماعة لا يثبت إلا بإقرار جميعهم ولا يعتبر الأئمة العدالة وأصل المسالة أن هذا القول شهادة فتشترط العدالة أو إقرار فلا تعتبر العدالة كما أنه إثبات نسبه على الغير فتشترط العدالة كالأجنبي لأن هذا القول تثبت الحقوق بين الأب والمقر له من النفقة وسقوط العود في بعض الصور أو يقول إنما يثبت النسب بمجرد الإقرار ممن يملك نفقته كالأب والوارث لا يملك بقيته فلا يثبت بأقرار أو رجل يملك استلحاق النسب فلا يثبت بإقراره كالأجنبي ولأن قبول شهادتهم على خلاف القياس لأنها شهادة لهم فيها حظ وإنما قبلت استحسانا فالإقرار أولى أن لا يقبل احتجوا بما في الصحاح أن سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة اختصما إلى النبي في ابن وليدة زمعة فقال سعد هو ابن أخي عتبة عهد إلي إذا دخل مكة أن أخذ ولده منها وأنه ألم بها في الجاهلية وقال عبد بن زمعة بل أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فقال النبي هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر فقضى بقول عبد أن الوارث يقوم مقام الموروث في ديونه ودعاويه وماله وعليه فكذلك للنسب ولأن ما ثبت بإقرار الإثنين ثبت بالواحد كالميراث والوصية والدين أو هو إقرار يثبت به الإرث فيثبت به النسب كإقرار الجد بابن ابنه والجواب عن الحديث من وجوه الأول أنه يحتمل أنه ألحقه به خاصة وليس في اللفظ عموم يبطل هذا الاحتمال ولذلك قال لسودة احتجبي منه فانه ليس بأخ لك وهو ظاهر في عدم إثبات النسب لأنه لو أثبته لكان أخا لعبد فيكون أخا لسودة الثاني أن قضى له بالملك لأن قوله لك ظاهر في الملك وقد روي هو لك عبد فصرح بالملك ولذلك قال لسودة احتجبي منه الثالث أنه متروك الظاهر لأنه أثبته بقول واحد وعندكم لا يثبت إلا بإقرار جميع الورثة وسودة من جملة الورثة ولم يعتبر إقرارها الرابع إنما أثبت النسب بالفراش عبد وقد كان يثبت أنها فراشه بإقرار زمعة أنه فراشه فيثبت الفراش بقوله والنسب ضمنا كما لا يثبت النسب بشهادة النساء وتثبت الولادة بمشاهدتهن ويثبت النسب ضمنا والمكاتب يقيم شاهدا واحدا على أداء نجومه ويخلف به فيصير حرا والحرية لا تثبت بالشاهد واليمين فإن قيل كيف يقضي بالملك وعبد بن زمعة ادعى النسب وأقر بالحرية وقال الولد للفراش والفراش سبب النساء لا سبب الرق مترددة بين الاختصاص والملك أو هو أخ لك دون غيره فلا يتعين وأما قوله في تلك الرواية هو لك عبد فعلى حذف حرف النداء أي يا عبد وقوله احتجبي منه يا سودة على سبيل الاحتياط لأجل ما رأي من الشبه فإن الحكم يتبع السبب لا الدعاوي وقوله الولد للفراش منه بالإجماع وثبوت حكم الفتيا يتوقف على ثبوت سببها فلم قلتم أن سببها وحذف الام كذا ظاهرة في الملك فيتعين لا سيما مع ما ذكرناه من القرائن وأما حذف حرف النداء فالأصل عدم الحذف فيتعين ما ذكرناه والحجب للاحتياط لا يستقيم لأن السبب إن ثبت فلا احتياط أو لا فتتعين الحجبة وعدم إلحاقها والجواب عن الثاني أن الوارث لو قام مورثه لكان له نفيه أو استلحاقه بعد نفي أبيه له وليس فليس ولأن الموروث يعترف على نفسه والوارث على غيره والاعتراف على الغير غير مقبول عن الثالث أنه يبطل بما إذا أنكر بعضهم وبالنصاب في الشهادات يثبت بأكثر من الواحد دون واحد عن الرابع أن أشهب قال يستلحق الأب والجد وعن مالك لا يستلحق الجد فيمنع على هذا القياس ثم الفرق أن الجد يستلحق بنفسه وها هنا بغيره فافترقا التاسع قال ابن يونس إذا قال في صبي إنه ابنه فيجوز للمدنيين لا يثبت النسب والإستلحاق إلا أن تكون أم الصبي كانت في ملكه بنكاح أو ملك فيكون أصل الحمل في ملكه وولد في يديه أو بعد خروج الأم من يديه بما يخرج به مثلها إلى ما يلحق به الأنساب وهو خمس سنين بدونه أو لم يكن للولد نسب معلوم فإن فقد من هذه شرط لم يقبل قوله هذا قول الجماعة واحد قولي ابن القاسم ثم رجع إلى قبول قوله وإن لم يقبل للأم خبر إذا صدقه الولد أو هو صغير في حوزه لا يعرف عن نفسه إلا أن يتبين كذبه لأن الظاهر صدقة وحمل تصرف المسلمين على وجوه صحته وكذبه إما بأنه لا يولد ذلك لمثله أو له نسب معروف أو الولد محمول من أرض العدو أو بلد يعلم أن الأب لم يدخلها قط وتشهد البينة أن أمه لم تزل زوجة فلان غير هذا فإن شهدت أنها لم تزل أمة فلان حتى ماتت لا يمنع لاحتمال زواجها أمة وإذا أقر بأب وصدقة الأب فهو الفرع المقدم لأن بتصديق الأب صار مستلحقا له العاشر قال إذا أقرت بزوج أو أقر بزوجة وصدقه الآخر صاحبه وهما غريبان طارئان قبل قولهما المدنيون ولم يكلفا بينه على عقد النكاح سدا للذريعة أباح الإبضاع بغير سبب شرعي وإن أقر الرجل أو المعتق بمعتق أعتقه بثلث وهو الوارث إلا أن يتبين كذبه بأن يعرف ولاؤه لغيره أو هو معروف بأصالة الحرية ومن أقر بولد أو بأب أو زوج أو مولى أو رجل بزوجة وله وارث معروف ذو سهم أو عصبة ورث المعروف مع المقر به كما لو ثبت بالسنة الحادي عشر قال لا يصح عند جميع بجميع الناس استلحاق أخ أو ابن أخ أو ابن أب أو جد أو عم أو ابن عم لأنه استلحاق بفراش الغير ألا ترى أن المرأة لما لم يكن لها فراش لأن لفراش لزوجها لم يكن لها استلحاق الولد بخلاف الزوج والمولى والأب والزوجة فهؤلاء الأربعة هم الذين يجوز الإقرار لهم كما تقدم وحيث لا يثبت فمات المقر أو المقر به والميت وارث يحيط بالمال فلا شيء للمقر اتفاقا وإن فضل شيء عن المعروف فلبيت المال عند المدنيين ونقل عن ابن القاسم أن ما فضل للمقر إذا كان عصبة فأن لم يكن له وارث معروف فالمال لبيت مال المسلمين إلا ما نقل عن ابن القاسم وقال سحنون وأصغ إذا لم يكن له وارث ورثه المقر ولا يثبت نسب فإن أقام بعد ذلك آخر البينة أنه وارث أخذه من المقر وعن سحنون نحو الأول الثاني عشر قال إذا ترك ابنا فأقر بأخ له يعطيه نصف جميع المال اتفاقا فإن أقر بعد ذلك بأخ آخر قال سحنون ذلك كولدين ثابتي النسب يقر أحدهما بأخ ثالث لهم يدفع له ثلث ما في يديه وكذلك اذا أقر برابع أو خامس يدفع له الذي يستقبل بعد إقراره وعيتك كذا ما زعم أن له قال سحنون وهو معنى قول ابن مغيرة لأن السابق بالإقرار صار كالمتصل بالبينة وقال أشهب لا ينظر في هذا إلى ما يجب للمقر بل إلى ما يحب للمقربة لأن جميع المال كان في يد المقر وكان قادراً على أن يقر له به جميعا ولا يتلف على المقر به ثانيا شيء مما يجب فإذا أقر ثالثا فقد أقر أن الذي يجب للثالث ثلث جميع المال فيدفع ذلك إليه ويبقى في يده السدس فإن أقر برابع أعطاه من عنده ربع جميع المال فيعطيه السدس الذي بيده ويغرم له من ماله تمام ربع جميع المال وهو أضعف سدس وكذلك أن أقر بخامس غرم له من ماله مثل خمس جميع المال ثم على هذا سواء كان غرم الأول ما يجب له قبل اقراره بالثاني إن لم يغرم شيئا غرم للأول نقص أم لا أقر بالأول عاما بالثاني أم لا لأن جميع المال كان في يده فقد أتلف على المقر به الآخر حقه عمدا أو خطا وهما وموجبان للضمان فأن أقر بثالث وأنكر الأول والثاني فعلى مذهب سحنون يقاسم الثالث ما بقي في يده نصفين وعلى مذهب أشهب يدفع للثالث مثل نصف جميع المال الثالث عشر قال إذا أقر بأخ له فقال المقر به صدق ولكني الوارث وحدي يصدق المقر عند أهل العراق ويعطيه نصف ما بيده لأنه أصله فيقام عليه وقال ابن نافع للمقر به جميع ما بيده لأنهما قد اجتمعا على أن المقر به وارث واختلف في ميراث المقر فالجميع عليه أولي قال ابن بكر منا ويحتمل عنده أن للمقر ربع المال والباقي للمقر لأنها مسألة نزاع في النصف وأما النصف الآخر فقد سلمه المقر للمقر به فيقتسم المتنازع فيه بعد وأما لو كان المقر ثابت النسب فلا يكون للمقر به إلا نصف المال اتفاقا ولو قال فلانة بنت زوجتي ورثتها وأنت أخوها تثرها معي فقال المقر به أنا أخوها ولكن لست أنت زوجها أو قالت امرأة ذلك في بنت إنه زوجها وأن فلانا أخوه وحجدها الأخ فمال للأخ في قول أهل العراق وعند زفر لا يرث الزوج ولا الزوجة شيئا ولا يصدقان في النكاح إلا ببينة يصدهما الوارث والولاء كالزوجة في ذلك وليس هذا كالإقرار في الأنساب وقال الحسن بن خليفة حكم الزوج والزوجة وغيرهما في الإقرار سواء يأخذ الزوج والزوجة ميراثهما والفاضل للمقر به لأن قول القائل أقبل قول زيد في النكاح دون النسب كقوله أقبله في النسب دون النكاح قال ابن بكر على طريق التداعي للزوج الربع وللزوجة الثمن والباقي للمقر به الرابع عشر قال إذا أقر أحد الابنين بثالث ثم أقر الثالث برابع فعلى قول ابن أبي زيد يدفع الابن المعروف إلى الذي أقر به ثلث ما في يديه وهو سدس المال وقول أهل المدينة ثم يعطى الثالث الرابع ربع ما في يديه وهو ثمن ما في يديهما لأن الرابع يقول للثالث لما أقررت لي زعمت أن الواجب لي ربع جميع المال في يد المعروفين في يد كل واحد منهما ثمن المال فقد أخذت أنت من الذي أقر لك سدس المال وإن ادفعه على إقرارك ثمن المال ومعك فضل عن حقك وهو ثلث ثمن المال فيصح من أربعة وعشرين في يد المنكر اثنا عشرة وفي يد المقر ثمانية وفي يد الثالث ثلاثة وفي يد الرابع واحد وفي قول يعطى المقر المعروف الذي أقر به وهو الثالث نصف ما في يديه وهو ربع المال ثم يعطي هذا الثالث للرابع نصف ما في يديه وهو ثمن المال يصبح من ثمنه وفي يد المنكر الرابع وفي يد المقر اثنان وفي يد الثالث واحد وفي يد الرابع واحد انتهى كتاب الإقرار وبه انتهى الجزء التاسع ويليه الجزء العاشر وأوله كتاب الأقضيةكتاب الأقضية
لأقضيه جمع قضاء نحو فضاء وأفضية وهواء وأهوية والقضاء مشترك في اللغة قضى بمعنى أراد ومنه قضاء الله وقدره وقضى بمعنى حكم ومنه قضاء القاضي والفرق أن هذا إسناد من باب الكلام والأول من باب الإرادة وقضى بمعنى فعل ومنه قضيت الصلاة وقضى عليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع يريد زريدتان عملهما داود وقضى بمعنى قطع ومنه قضيت الدين أي قطعت مطالبة الغريم قال صاحب التنبيهات لها سبع معان ترجع إلى انقطاع الشيء وتمامه ومنه قوله تعالى ( ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم ) أي فصل وقضى القاضي فصل الخصومة وقضى الدين وإحكام العمل ومنه قضيت هذه الدار أحكمت عملها ومنه قوله تعالى ( فلما قضى موسى الأجل ) أي أحكمه ثم يتمهد الفقه في هذا الكتاب ببيان شرف القضاء وخطره وبيان شروطه والمفيد لولايته ولولاية غيره والأسباب الموجبة لعزله وأنواع آدابه ومستندات أقضيته ومن يجوز أن يحكم له وعليه واستخلاف نوابه ونقص ما يتعين نقضه وتمييز ما ليس بقضاء من الفتاوي عما هو من حقيقته وجنسه وفي كيفية إنهائه لحاكم يحكم بغير الذي حكم به فهذا أحد عشر باباًالباب الأول التحذير من ولاية القضاء على عظيم شرفه
وفي النوادر قال مالك أول من إستقصى معاوية ولم يكن لرسول الله ولا لأبي بكر ولا لعثمان قاض فالولاة يقضون وأنكر قول أهل العراق إن عمر إستقضى شريكاً وقال يستقضي بالعراق دون الشام واليمن دون غيره كذا وليس كما قالوا وفي الجواهر الإمامة والقضاء فرض على الكفاية لما فيه من مصالح العباد ومنع التظالم والعناد وفصل الخصومات ورد الظلمات وإقامة الحدود وردع الظالم ونصر المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكم بالعدل أفضل من أعمال البر وأعلى درجات الأجر لأنه نص رسول الله وفي الصحيحين المقسطون على منابر من نور يوم القيامة يغبطهم النبيئون والشهداء ولكن خطره عظيم حقنا لاستيلاء الضعف وغلبة العقل علينا وإتباع الهوى من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر لقوله تعالى ( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) تقول العرب أقسط باللف إذا عدل وقسط بغير ألف إذا جار وعنه إن أعتى الناس على الله وأبغض الناس على الله وأبعد الناس من الله رجل ولاه الله من أمر أمة محمد شيئاً ثم لم يعدل فيهم فالقضاء محنة عظيمة فمن دخل فيه فقد ابتلى بعظيم لأنه عرض نفسه لهذه الأنواع والخلاص أحسن ولذلك قال في الصحيح من جعل قاضياً ذبح بغير سكين قال العلماء إن جار فقد أهلك نفسه هلاكاً عظيماً فهو ذبح مثقل وهو كناية عن خطئهم الشديد وإن عدل فكذلك فإنه لا يصل على الخلاص إلا بشدائد عظيمة جداً من مراقبة الهوى ومخالفته وسياسات الناس مع الإحتراز منهم خصوصاً ولاة الأمور مع إقامة الحق عليهم ومخالفة أغراضهم في أتباعهم وأنفسهم والثبوت عند انتشار الأهوال العظيمة والتشانيع الهائلة وإيهام حصول المضار الشنيعة في النفس والعرض والمال ونفور النفس من ألم العزل وشماتة الأعداء وتألم الأولياء إلى غير ذلك من تتميمات الشهود والنواب والقرناء وقلة من يستعان به من الأمناء ذوي الكفايات والكفالات فربما منى جعل الذي من خان كائد والتباس النصائح بالمكائد والحيل لتحصيل الأغراض الفاسدة والشيطان من وراء ذلك يغري وحب الرياسة يمد ويعمي وهو باب يتعذر عذره ولا ينحسم مدده فلنسأل الله العفو والعافيه وقد قيل لابن عباس أي الرجلين أحب إليك رجل كثرت حسناته وسيئاته ورجل قلت حسناته وسيآته فقال لا أعدل بالسلامة شيئاً وهو معنى قوله تعالى ( أنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقهن منها وحملها الإنسان أنه كان ظلوماً جهولاً ) جاء في تفسيره أن الله قال لهذه المذكورات هل تحملن التكليف فإن أطعتن فلكن المثوبات العليات وإن عصيتن فلكن العقوبات المرديات فقلن لا نعدل بالسلامة شيئاً وقبل ذلك الإنسان فاختار حملها طمعاً في الثواب والسلامة من العقاب فغلب عليه الهلاك وقل فيه الرشاد وكذلك في الصحيح يقول الله تعالى لآدم يوم القيامة ابعث بعث النار فيخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون فيخلص من كل ألف وأحد فلذلك قال الله تعالى ( إنه كان ظلوما جهولا ) أي ظلوماً لنفسه جهولاً أي بالعواقب فلذلك لا ينبغي أن يقدم عليه إلا من وثق بنفسه وتعين له أو أجبره الإمام العدل وهو أهل وله أن يمتنع ويهرب فلا يجب بمجب عليه القبول وبهذا قال الأئمة وتعينه بأن لا يكون في تلك الناحية من يصلح للقضاء سواه فيحرم الامتناع لتعين الفرض عليه ولا يأخذه بطلب لقوله في مسلم لا نولي على هذا العمل أحداً سأله وإن اجتمعت فيه شرائط التولية ليلاً يوكل لنفسه فيعجز لقوله في الترمذي من طلب القضاء وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل الله ملكاً ليسدده وقال الترمذي هو حسن وفي الباب من الوعيد قوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وفي آيه أخرى ( فأولئك هم الظالمون ) وفي أخرى ( فأولئك هم الفاسقون ) وعن عمر رضي الله عنه وددت أن أنجو من هذا الأمر كفافاً لا لي ولا علي وقال أبو قلابة مثل القاضي العالم كالسابح في البحر فكم عسى أن يسبح حتى يغرق وكتب سليمان إلى أبي الدرداء بلغني أنك جعلت طبيباً فإن كنت تبرئ فنعماً لك وإن كنت متطبباً فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما فقال ارجعا أعيد علي قضيتكما متطبب والله متطبب والله قال صاحب المقدمات الهروب عن القضاء واجب وقال ش مستحب وطلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يولى رجلاً القضاء فأبى عليه فجعل يديه على الرضا فأبى حتى قال له أنشدك بالله يا أمير المؤمنين أفي ذلك تعلم خيراً لي فقال فأعفني فقال قد فعلت قال مالك قال لي علي بن الحسين ما أدركت قاضياً استقضي بالمدينة إلا رأيت كآبه القضاء وكراهته في وجهه إلا قاضيين منهما وطلب القضاء حسرة يوم القيامة لقوله ستحرصون على الإمارة وستكون حسرة وندامة يوم القيامة وفي مسلم لا تسأل الإمارة فإنك إن تؤتها عن غير مسألة تعن عليها وإن تؤتها عن مسألة تؤكل إليها ولذلك قال أنا لا نستعمل على عملنا من أراده قال صاحب المقدمات فيجب أن لا يولي القضاء من أراده وطلبه وإن كان أهلاً مخافة أن يوكل إليه فلا يقوم به وقد نظر عمر رضي الله عنه إلى شاب وفد عليه فأعجبه فإذا هو يسأل القضاء فقال عمر رضي الله عنه كدت أن تغرني من نفسك إن الأمر لا يقوى عليه من يحبه وفي الترمذي قال من كان قاضياً فقضى بالعدل فبالحري أن ينقلب منه كفافاً وقال القضاة ثلاثة وأحد في الجنة واثنان في النار أما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به وأما الذي في النار فرجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى في الناس على جهل فهو في النار وقال إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران قال ابن أبي زيد هذا إذا كان من أهل الاجتهاد أما المتكلف الذي ليس من أهل الاجتهاد فهو الذي قال فيه في الصحيح سبعه يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وافترقا عليه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين ورجل تصدق بصدفة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفت يمينه فبذا بالإمام العادل ومما ورد في التحذير قوله في الصحيحين يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي ولا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم قال بعض العلماء قوله أحب لك ما أحب لنفسي ظاهر في أنه يحب لنفسه عدم الحكم مع أن الله تعالى أمره بالحكم وحاشاه أن يكره ما أمره الله به بل معناه لو كنت ضعيفا لأحببت عدم الحكم لعجزي عنه حينئذ فالذي كان لأجل صفة أبي ذر في ضعفه لا الحكم في نفسه فما زال حاكما وأرسل عليا قاضيا ومعاذا وغيرهما قضاة إلى الأمصار وهو منصب الأنبياء أجمعين قال الله تعالى ( أنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيئون ) وقال في الصحيحين لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها تنبيه قال صاحب القبس الأحاديث والآثار كثيرة تدل على الأمر بالزهد في القضاء والفرض لا يأمر بالزهد فيه بل هو واجب على الكل ابتداء وإنما يسقط بفعل البعض وأجاب بأن شرف القضاء معلوم قطعا وهذه الأحاديث ليست من هذا وإنما هي تحذر وتنبه على الاحتراس من غوائل الطريق وقال أصحاب ش الغني تكره له الولاية والفقير الذي ينال بالولاية كفاية من بيت المال لا يكره لأنه اكتساب بسبب مباح بل طاعة فهو أولى من الوراقة قالوا ومن طلب القضاء رغبة في الولاية والنظر لا لنشر العلم والعدل فثلاثة أقوال يكره له الطلب والإجابة ويستحبان ويكره له الطلب وتستحب له الإجابة لما تقدم من الأحاديث المرغبة وموافقة الملائكة لما روي عنة إذا جلس القاضي في مجلسه هبط عليه ملكان يسددانه ويرشدانه ويوفقانه فإن جار عرجا وتركاه قلت والقول بالإستحباب مطلقا بعيد لما ورد من التحذير وطلب السلامة وسيرة السلف فقد فر بعضهم من القضاء فعاتبه بعض أصحابه فقال له أو ما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء والقضاء مع الملوك وتصدق لأن العلماء ورثة الأنبياء وعلى هديهم وإرشادهم والتعليم والإرشاد هو مقصود الرسالة الأعظم وأما تصرفهم بالقضاء والإمامة فتابع ولذلك إذا أردت تعرفهم بين القضاء والفتيا فحمله على الفتيا أولى لأنه الغالب كقوله من أحيى أرضا ميته فهي له حمله ح على التصرف بالإمامة فلا يحيي أحد إلا بإذن الإمام ومالك وش على الفتيا فيجوز مطلقا والقضاة شاركوا الملوك في غالب أحوالهم وهو القهر والإلزام فيحشر كل وأحد منهم مع أهل صفته ويؤكده ما روي عنه يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يود أنه لم يكن قاضيا بين اثنين وهو متجه فإن العدل في الغالب لا يسلم عن تقصير في الاجتهاد إما لطلب الراحة وإما لهوى دخل عليه من حيث لا يشعر والعوارض كثيرة فلذلك يشق عليه الحساب وفي النوادر عن كحول لو خيرت بين القضاء وبيت المال لاخترت القضاء ولو خيرت بين القضاء وضرب عنقي لاخترت ضرب عنقي وقال عمر رضي الله عنه لو علمت بمكان رجل هو أقوى على هذا الأمر مني لكان أن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أليه وقال يحيى بن سعيد وليت قضاء الكوفة وأنا لدي أنه ليس على الأرض شيء من العلم إلا وقد سمعته فأول مجلس جلسته للقضاء اختصم إلي رجلان في شيء ما سمعت فيه شيئا وأما ما روي عن ابن مسعود أنه قال قال رسول الله يؤتى بالقاضي يوم القيامة حتى يوقف على سفير جهنم وملك آخذ بقفاه فإن أمر أن يقذفه في النار قذفه فيها فيهوي أربعين خريفا ثم قال ابن مسعود لأن أقضي يوما أحب إلي من عبادة سبعين عاما وعن الحسن أنه قال لا حاكم عدل يوما وأحدا أفضل من أجر رجل يصلي في بيته سبعين سنة لأنه يدخل في ذلك اليوم على كل بيت من المسلمين خير وقولهما هذا في مقادير الثواب التي لا يعلم إلا بتوقيف يدل على تلقيهما ذلك عن نص صحيح ويحمل قول ابن مسعود على أنه حدثه بنفسه فلا كلام معه فوائد في قوله تعالى ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ) الأولى دخل على إياس ابن معاوية الحسن فوجده يبكي فسأله عن ذلك فقال قال رسول الله القضاة ثلاثة قاضيان في النار فذكر فيهم رجلا جهل فأخطأ فقال الحسن إن فيما أنزل علينا لرحمة فذكر الآية فقال أثني الله تعالى على سليمان ولم يذم داود بل أثنى عليه باجتهاده قال الحسن فلولا هذه الآية لكان الحكام قد هلكوا قال صاحب المقدمات والمخطئ إنما يكون له أجر إذا كان من أهل الاجتهاد وإلا فهو آثم لجرأته على الله بغير علم وتقدم مثله لابن يوسف الثانية قال صاحب المقدمات معنى الآية عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما دخل رجلان على داود صلى الله على نبينا وعليه وعلى الأنبياء أجمعين أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم فادعى إرسال الآخر غنمه في حرثه ليلا فلم يترك منه شيئا فقضى له بالغنم كلها فمر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بقضاء داود عليه السلام فدخل سليمان على داود فقال يا بني الله إن القضاء سوى الذي قضيت فقال وكيف فقال إن الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه كل عام فله من صاحب الغنم أن يبيع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتى يستوفي ثمن الحرث فقال له داود قد أصبت وقال غيره الحرث كان كرما فعلى هذا تدل الآية على أن المصيب وأحد كما قاله ش ح ونقله القاضي عبد الوهاب عن مذهب مالك وحكى عنه صاحب المقدمات تصويب الجميع وأجاب بقوله تعالى ( وكلا آتينا حكما وعلما ) فلو اخطأ ما أوتي حكما وعلما وجوابه أن الحكم المؤتى ومالق من هذه القضية الثالثة أن حكم داود عليه السلام لو وقع في شرعنا أمضيناه لأن قيمة الزرع يجوز أن يؤخذ فيها غنم لأن صاحبها فلس أو غير ذلك وحكم سليمان عليه السلام لو وقع في شرعنا ما أمضيناه لأنه إيجاب القيمة مؤجلة ولا يلزم ذلك صاحب الحرث وإحالته له على أعيان لا يجوز بيعها الآن وما لا يباع لا يعاوض به في القيم فيلزم أحد الأمرين إما أن لا تكون شريعتنا أتم في المصالح وأكمل في الشرائع أو يكون داود عليه السلام فهم دون سليمان وهذا موضع يحتاج للكشف والنظر حتى يفهم المعنى فيه والجواب أن المصلحة زمانهم كانت تقضي أن لا يخرج عين مال الإنسان من بلده إما لقلة الأعيان وإما لعظم ضرر الحاجة أو لعدم الزكاة للفقراء بأن تقدم للنار التي تأكل القربان أو لغير ذلك وتكون المصلحة الأخرى باعتبار زماننا أثم فيعتبر الحكم كما هو قولنا في حكم النسخ باعتبار اختلاف المصالح في الأزما فقاعدة النسخ تشهد لهذا الجواب الرابعة قوله تعالى ( وكنا لحكمهم شاهدين ) المراد بالشهادة هاهنا العلم فما فائدته والتمدح به ها هنا بعيد لأنه تعالى لا يمتدح بحر في وليس السياق عن هذا أيضاً حتى يعلم والجواب أن هذه القصص إنما ذكرت لتقرير أمر رسول الله لقوله تعالى في صدر الصورة ( هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ) فبسط الله القول في هذه القصص ليبين أنه ليس بدعاً من الرسل وأنه بفضل من يشاء من البشر وغيره ولا يخرج شيئا عن حكمنا ولا تدخل ذلك غفله بل عن علم ولذلك ما فهمها سليمان دون داود عن غفله بل نحن عالمون فهو إشارة إلى ضبط التصرف وإحكامه لا إلى غير ذلك كما يقول الملك العظيم أعرضت عن زيد وأنا عالم بحضوره وليس مقصوده سياق تهديد أو ترغيب حتى يكون المراد المكافأة كقوله تعالى ( قد يعلم ما أنتم عليه ) فيكشف أيضا التمدح بالعلم بل أحكام التصرف في ملكه وكذلك ها هنافرع
قال صاحب المقدمات كما وجب على الناس أن يكون منهم قضاه وائمه وجب عليهم طاعة ولاة أمورهم من القضاة وغيرهم قال الله تعالى ( وأولي الأمر منكم ) الآيةالباب الثاني شروط من يولي وصفاته
وفي الجواهر والمقدمات أوصافه ثلاثة القسم الأول ما يشترط في صحة التولية ويقتضي عدمه الانفساخ وهو أن يكون ذكراً لان يقضي الأنوثة يمنع من زجر الظالمين وتنفيذ الحق وان يكون حرا لان الرق نقيصة ينافي منصب النبوة ويحجر سيده عليه وعاقلا لأن العقل هو النور الذي يهتدي به بالغاً لتحصيل الوازع الشرعي عن اتباع الهوى مسلما لان الكفر اعظم من نقيصة الرق عدلا لان العدالة هو الوازع من أهل الاجتهاد والنظر لأن بالعلم يعتصم من المخالفة لحدود الله متوحدا لان الكثرة في المنصب تخرق الآبهة وتسقط الحرمة فعدم شيء من هذه يمنع ابتداءً وينفسخ العقد بحدوثه انتهى ولا يولى المقلد إلا عند الضرورة قال القاضي أبو بكر فيقضي حينئذ بفتوى مقلد بنص النازلة قال فإن قاس على قوله أو قال يفهم من هذا كذا فهو متعد ولا يحل توليه مقلد في موضع يوجد فيه عالم فإن تقلد فهو جائر متعد ولا تصح توليه حاكمين معا في كل قضاء ولا تصح توليه فاسق وقال أصبغ تصح توليته ويجب عزله فحصول العدالة من القسم الثاني وجوز أبو الوليد توليه غير العالم ورآه مستحبا لاشرطا تنبيه قوله أن قاس على قوله فهو متعد قال العلماء المقلد قسمان محيط بأصول مذهب مقلده وقواعده بحيث تكون نسبته إلى مذهبه كنسبة المجتهد المطلق إلى أصول الشريعة وقواعدها فهذا يجوز له التخريج والقياس بشرائطه كما جاز للمجتهد المطلق وغير محيط فلا يجوز له التخريج لأنه كالعامي بالنسبة إلى جمله الشريعة فينبغي أن يحمل قوله في الكتاب على القسم الثاني فيتب وإلا فمشكل القسم الثاني ما يقتضي عدمه الفسخ وإن لم يشترط في الصحة كونه سميعا بصيرا لأن عدم الحواس يمنع من معرفة المقضي عليه أوله ومن سماع الحجج الشرعية متكلما لنظر ما في نفسه من الاستفسارات والأحكام وعدم بعض هذه يقتضي فسخ العقد تقدمت اضدادها عليه أو طرأت بعده فينفذ ما مضى من أحكامه إلى حين العزل وان كانت موجودة حين الحكم القسم الثالث ما لا يشترط في الانعقاد ولا في التقابل مستحب نحو كونه ورعا غنيا ليس بمديان ولا محتاج من أهل البلد لان الغني يعين على التوليه ويشجع النفس والبلدي اخبر بأهل بلده من الأجنبي فيعلم على من يعتمد ومن يجتنب معروف النسب ليسلم من نقيصة الطعن الكاذب ليس من ولد زنا ليلا يهتضم في أعين الناس ولا بابن لعان لذلك جزلا نافذا فطنا ليعرف دقائق حجاج الخصوم ومكايدهم غير مخدوع لعقله ليس محدودا في زنا ليلا يهتضم جانبه ولا قذف ولا مقطوعا في السرقة ذا نزاهة غير مستحي باللائمة يدير الحق على من دار عليه لا يبالي من لأمه على ذلك حليم عن الخصوم لان رسول الله ما انتقم لنفسه قط مستشيرا لأهل العلم لقوله ما ندم من استشار ولا خاب من استخاروقال أبو إسحاق بن محرز لن يأتي بما نصب له حتى يكون ذا نزاهة ونصيحة ورحمه وصلابة ليفارق بالنزاهة التشوف لما في أيذي الناس وبالنصيحة يفارق حال من يريد الظلم ولا يبالي بوقوع الغش والخطأ والغلط وبالرحمة حال القاسي الذي لا يرحم الصغير واليتيم والمظلوم وبالصلابة من يضعف عن استخراج الحقوق وعن الإقدام على ذوي البطالة والقهر والظلم وقال القاضي أبو محمد ينبغي أن يكون فطنا متيقظا كثيرا التحرز الحيل وميلهم على المغفل والناقص المتهاون وان يكون عالما بالشروط عارفا بما لا بد منه من العربية واختلاف معاني العبارات فإن الأحكام تختلف باختلاف العبارات وكذلك الدعاوي والشهادات ولأن كتاب الشروط هو الذي يتضمن حقوق المحكوم له والشهود سمع ما فيه فقد يكون العقد واقعا على وجه يصح أو لا يصح فيكون له علم بتفصيل ذلك ومجمله وينبغي أن يستبطن أهل الدين والأمانة والنزاهة فيستعين بهم على ما هو بسبيله ويتقوى بهم على التوصل بهم إلى ما ينويه ويخففون عنه فيما يحتاج إلى الاستعانة فيه من النظر في الوصايا والاحباس والقسمة وأموال الأيتام وغير ذلك مما ينظر فيه قال الأستاذ وليس يكتفي بالعقل الذي هو شرط في التكليف وهو استدلاله بالشاهد على الغائب وعلمه بمدركات الضرورة بل لا بد أن يكون صحيح التمييز جيد الفطنه بعيدا من السهو والغفله حتى يتوصل بذكائه إلى موضع ما أشكل وفصل ما عضل قال وليس يستحق أيضا لزيادة في هذا الباب حتى يستوصي بصاحبه إلى الدهاء والمكر والخبث والخداع فإنه مذموم محذور غير مأمون إليه والناس منه في حذر وهو من نفسه في نصب وقد أمر عمر رضي الله عنه بعزل زياد بن أبيه وقال له كرهت أن احمل الناس على فضل عقلك وكان من الزهادا قال صاحب التنبيهات الإجماع على اشتراط السمع والبصر إلا ما يحكى عن مالك في جواز قضاء الأعمى فغير معروف ولا يصح عن مالك ومتى ولي من فقد الإسلام أو العقل أو الذكورة أو الحريه أو البلوغ بجهل أو غرض فإنه لا يصح حكمه ويرد وينفذ من فقدت منه ما عدا اذا وافق الحق الا الجاهل الذي حكم بدايه والصحيح نفوذ حكم الفاسق اذا وافق الحق وقيل يرد قال ابن يونس قال سحنون اذا كان الفقير أعلم اهل البلد وأرضاهم استحق القضاء ولا يجلس حتى يغنى ويقضى عنه دينه ولا بأس أن يستقضى ولد الزنا ولا يحكم في الزنى كما لا يحكم القاضي لابنه والمحدود في الزنى يجوز حكمه فيه دون شهادته لأن المسخوط يجوز حكمه دون شهادته وعن سحنون لا يستقضى المعتق خوفا من أن تستحق رقبته فتذهب احكام الناس قال التونسي قال مالك لا أرى خصال العلماء تجتمع اليوم في واحد إذا اجتمع منها خصلتان ولي العلم والورع قال ابن حبيب فإن لم يكن علم وورع فعقل وورع فبالورع يقف وبالعقل يسأل وفي الكتاب لا يستقضى من ليس بفقيه وقال عمر بن عبد العزيز لا يستقضى حتى يكون عارفا باثار من مضى مستشيرا لذوي الراي وليس علم القضاء كغيره من العلم وفي المقدمات قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يصلح ان يلي القضاء الا من كان حصيف العقل شديدا من غير عنف لينا من غير ضعف قليل العزة بعد الهيبه لا يطلع الناس منه على عورة ويستحب على مذهبنا ان لا يكون اميا وليس لاصحابنا في ذلك نص وعند ش وجهان المنع لضياع كثير من المصالح بعدم معرفته الخطوط والجواز لان سيد المرسلين سيد الحكام وهو أمي ولأنه لا يلزمه قراءة العقود وينوب عنه في تقييد المقالات غيره قال وان للمنع وجها لما فيه من تضييق الحكم والفرق ان النبي معصوم قال عبد الملك وغيره لا يكون صاحب رأي لا يعلم السنه والآثار ولا صاحب علم الحديث دون الفقه والقياس قال اصبغ ويعزل الجاهل الا ان لا يوجد غيره فيقر ويؤمر ان يستكثر في المشورة وينفذ أمره في كل حين فإن تعارض عدل مؤمن لا علم عنده بالقضاء وعالم ليس مثل الآخر في العداله ولم يوجد غيرهما قدم العالم ان كان لا باس بحاله وعفافه وان كان غير موثوق به في صلاحه ولعله يلابس ما لا ينبغي الا ان يولي وأحدا منهما ان وجد غيرهما والأولى العدل القصير العلم ومن جمع العداله والعلم فلا يولى غيره وان لم يكن من اهل البلد قال صاحب المنتقى اشتراط توحد القاضي انما هو حيث لا يجوز ان يولى اثنان على وجه الاشتراك في كل قضية لأن ذلك يؤدي إلى بقاء التظالم والعناد بسبب اختلاف ارائهما واما قاضيان في بلد ينفذ كل وأحد منهما بالنظر فجاز باجماع الأمه كما ان الأول لا يعلم أنه وقع في زمن من الازمان في هذه المله ويشكل على هذه القاعده الحكمان في الزوجين وفي جزاء الصيد لأنهما يحكمان في قضيه وأحده وجوابه أنها ليست ولايه قال فإن اتفقا نقض حكمهما وان اختلفا لم ينفذ وحكم غيرهما فليس في ذلك مضره وعن سحنون لا يحكم المحدود في الزنا كشهاده بجامع التهمه في المشاركه في النقيصه ووافقنا الحنابله في جواز كونه اميا وزادوا معرفته بلسان اهل ولايته في شروط الكمال ونحن ما نخالف في ذلك ووافقنا الأئمه فيما تقدم من المشهور في شروط الصحه والكمال الا للذكورة والعلم فعن الحنفيه تجوز ولايه العامي ويستفتي الفقهاء ويحكم ولا تفوت المصلحه لنا قوله تعإلى ( لتحكم بين الناس بما اراك الله وهذا يتضمن الاجتهاد ولقوله لمعاذ بم تحكم قال بكتاب الله قال فإن لم تجد قال بسنه رسول الله قال فإن لم تجد قال اجتهد رايي فلم يذكر التقليد فذل على ان الحكم به غير مشروع ويؤكد ذلك قوله في الحديث الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله فدل على ان ترك التقليد هو الذي يرضي رسول الله وقوله اذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله اجر وان اصاب فله اجران يدل على ان منصب الحاكم الاجتهاد وعند ح يجوز ان تكون المراة حاكما في كل ما تجوز فيه شهادة النساء وجوز الطبري مطلقا وعند ح تقبل شهادة النساء في كل شيء الا في الحدود والجراح لنا قوله ما افلح قوم اسندوا أمرهم إلى امرأة وفي حديث لا يفلح قوم وليتهم أمراه فإذا لم يفلحوا افسدوا وقوله اخروهن من حيث اخرهن الله وهذا غاية النقص لهن ومنعت ان تقوم بجنب الرجل في الصلاة خوف الفتنه فالقضاء لأنه موطن ورود الفجار أولى ولأنه قال اذا ناب أحدكم في صلاته شيء فليسبح فإن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء فمنع من صوتها لأنها عورة فيمتنع في القضاء أولى وقياسا على الامأمه العظمى احتجوا بأنها صحت شهادتها فتصح ولايتها كالعدل ولأن ولايه الأحكام ومأخذها تتأتى من المرأة فقد قال خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء يعني عائشه رضي الله عنها والجواب عن الأول الفرق بان الشهادة اخفض رتبة من القضاء لأنها تصح شهادتها دون الامأمه العظمى والعدل يصح منه الأمران ولذلك لم يسمع في عصر من الاعصار ان أمراة وليت القضاء فكان ذلك اجماعا لأنه غير سبيل المؤمنين والجواب عن الثاني أنها يمكنها ضبط ما تحتاج في الصلاه مع أنها لا تكون اماما فيها واما ما رواه مالك استس ام سليمان قلدها بعض الصحابه على السوق فذلك في أمر جرى من الحبشة على قوم مخصوصين فلا يلحق به القضاء
الباب الثالث صفه تقاليد الولايات السابقه عليها
واختلاف أحكأمها المترتبه عليها ولنقتصر من الولايات على مهماتها وهي سبعه الولاية الأولى الخلافه العظمى وهي الولايه وهي واجبه اجماعا الا الاصم ووجوبها على الكفايه أما وجوبها فلقوله تعإلى ( اطيعوا الله واطيعو الرسول وأولي الأمر منكم ) فطاعتهم فرع وجودهم وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ولما في مسلم اسمعوا واطيعوا ولو كان عبدا حبشيا ولان عدمها يفضي إلى الهرج والتظالم وذلك يجب السعي في ازالته ولا طريق في مجرى العاده إلا الامأمه واما كونها على الكفايه فلان القاعده ان كل فعل تكرر مصلحته بتكررها فهو على الاعيان وما لا فعلى الكفاية فالأولى كالصلوات مقصودها الثناء على الله تعالى وتعظيمه وذلك يتكرر بتعدد المصلين فشرعت على الاعيان تكثيرا للمصلحه والثاني كانقاذ الغرقى فإن النازل لك بعد الانقاذ لا يحصل مصلحه فشرعت على الكفاية نفيا لفعل العبث وقد تقدم بسط هذه المقدمات في مقدمة الكتاب فإن قام بها وأحد سقط فرضها والا فلا قال المواردي الشافعي يخرج من الناس فريقان اهل اختيار الامام واهل الإمأمه حتى يختار الأول شخصا من الفريق الثاني ولا حرج على بقية الأمه في تاخير الإمأمه كما اتفق في خلافه عثمان رضي الله عنه لان فرض الكفاية انما يأثم بتأخيره من هو اهل له فلا يأثم بتأخير الجهاد النسوان ولا يترك انقاذ الغريق من لا يعوم قال ابن بشير منا في كتاب النظائر له وشروط المختارين للإمام ثلاثه العلم بشروط الإمأمه والعداله والحكمه والرأي الموديان للمقصود واختيار من هو الأصلح الناس واقوم بالمصالح وقاله المارودي ثم ليس لمن في بلد الإمام مزيه على غيره من اهل البلاد وانما قدم في العرف اهل بلد الإمام لأنهم اعلم في العاده بمن عندهم يصلح لان الشرع قدمهم قال ابن بشير وشروط الامام ثلاثه النجده وشرائط الفتوى والكفايه في المعضلات وقال المارودي من الشافعيه شرائطها سبعه العداله وسلأمه الحواس وسلأمه الأعضاء من نقص يمنع استيفاء الحركه والشجاعه والنسب القرشي وهو مجمع عليه الا ضرار فإنه جوزها في جميع الناس لنا قوله الائمه من قريش والمبتدأ يجب انحصاره في الخبر وقال قدموا قريشاً ولا تقدموه والعلم المؤدي للاجتهاد في النوازل وصحة الرأي وينعقد بإختيار اهل الحل والعقد كعثمان رضي الله عنه وكانوا سته عينهم عثمان رضي الله عنهم واختلف في عددهم فقيل لا بد من جمهور اهل الحل والعقد من كل بلد ليكون الرضا به عاما وهو يطل ببيعه ابي بكر رضي الله عنه لأنها انعقدت بالحاضرين ولم ينتظر غائب وقيل وكذلك يربع في الشورى وقيل لا بد من خمسة أو يعقدها أحدهم برضاهم لان بيعة الصديق انعقدت بخمسه ثم بايع الناس وهم عمر ابو عبيده بن الجراح واسيد بن حضير وبشير بن سعد وسالم مولي ابي حذيفه ولأن الشورى كانت في سته لا تعقد لأحدهم برضا الخمسه وعليه اكثر الفقهاء والمتكلمين من البصريين وقال بعض الكوفيين ثلاثه يتولاها أحدهم برضا اثنين ليكونوا حاكما شاهدين كعقد النكاح وقيل وأحد لأن العباس قال لعلي رضي الله عنهم اجمعين امدد يدك ابايعك فيقول الناس عم رسول الله بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان ولأنه حكم فحكم الوأحد يكفي فهذا اربعه مذاهب ويقدم أهل الحد والعقد اكثر المستحقين فضلا واكملهم شرطا ممن يسرع الناس إلى طاعته فإذا عينوه عرضوها عليه فإن اجاب بايعوة ولزم جميع الأمة الدخول والانقياد فإن إمتنع الجميع يقدم الأسن فإن بويع الأصغر جاز ويراعي تقديم الأشجع على الأعلم أو العكس على ما يقتضيه الوقت من الحاجة إلى القتال أو المناضرة على الدين مع ارباب الاهواء فإن اختاروا وأحداً من اثنين فتنازعاها قيل يكون ذلك قدحا فيهما لأن من طلب الولايه لم يعن عليها فيعدل إلى غيرهما وقال الجمهور لا يقدح وقد تنازع فيها اهل الشورى فما رد عنها طالب واختلف فيما يقطع به التنازع مع التساوي فقيل القرعه وقيل باختيار اهل البيعه من غير قرعه لأنها ولاية لهم وحكى ابن بشير القولين عندنا فإن ظهر بعد بيعه الافضل من هو افضل منه لم يعدل عن الأول لصحة عقده وإبن ابتدأ بالمفضول لغيبة الأفضل أو مرضه أو كون المفضل أطوع في الناس صح أو لغير عذر فقال الجاحظ وغيره لا ينعقد لفساد الاجتهاد بالتقصير وقال الجمهور ينعقد كما يجوز ذلك في القضاة يولي المفضول ولحصول شرائط الصحه ولأن الزياده من باب التتمه لا من باب الحاجه فإن تعين وأحد بالإتصاف بالشروط تعينت فيه وامتنع العدول عنه قال ابن بشير وهل ينعقد بغير بيعه لأن مقصود العقد الاختيار وهذا متعين أو لا بد من العقد قاله الجمهور كالقضاء لا بد له من عقد ويأثم اهل العقد اذا امتنعوا وقال الفريق الأول يصير المنفرد قاضيا من غير عقد كما يصير المنفرد بشروط الصلاه اماما والفرق ان القضاء ولايه خاصه يجوز صرفه عنها مع بقائه على صفته والولايه حق عام لا يجوز عزل المتصف بشروطها بعد ولايتهفرع
قال المارودي إذا عقدت لاثنين ببلدين لم تنعقد امامتها لامتناع امامين في وقت فقد قال اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما وجوزه من شذ واختلف في الامام منهما فقيل الذي الذي من بلد الامام الميت لأنهم بعقدها اخص واحق وعلى سائر الامصار تفويضها اليهم ليلا ينتشر اختلاف الآراء وقيل على كل وأحد التسليم للاخر دفعا للفتنه ليختار اهل العقد أحدهما أو غيرهما وقيل يقرع بينهما والمحققون على تقديم السابق بيعه كالولدين في نكاح المراة اذا زوجاها باثنين فإن ابقا السبق فسخ العقدان وان اشكل السابق وفقا على الكشف فإن تنازعا السبق لم يحلف المدعي ولا غيره لان الحق للمسلمين ولا حكم لليمين ولا للنكول ولو سلمها أحدهما للاخر فلا بد من بينه تشهد بتقدمه فإن اقر له بالتقدم خرج المقر ولم يستقر للآخر إلا بعقد لحق المسلمين و الإقرار لا يعتبر إلا في حق الإنسان الخاص به فإن شهد مع شاهد آخر سمع فإن دام اللبس في التقدم لم يقرع بينهما لأن الإمأمة عقد و القرعة لا تدخل في العقود لأنها لا تدخل إلا فيما يصح الاشتراك فيه كالأموال دون ما يمتنع كالمناكح فيبطل فيهما قال ابن بشير فيما اذا تنازعاها ابتداء هل يقرع أز هي لأولهما أو يقدم الذي في بلد الإمام ثلاثة أقوال كما تقدم للشافعية .فرع
قال الماوردي وانعقادها بعهد من قبله مجتمع عليه لعهد الصديق لعمر رضي الله عنهما ولعهد عمر إلى أهل الشورى فخرج جميع الصحابة من الشورى وعلى الإمام بذل الجهد فيمن يصلح وينفرد بالعقد لغير الولد والوالد وإختلاف أهل الرضا من أهل الحل والعقد شرط أم لا وهو الصحيح لان بيعة عمر لم تتوقف على رضا الصحابة قال ابن بشير وفي جواز تفرده بالولد أو الوالد خلاف فقيل لا بد من الاستشارة فيرونه اهلا لأنها تزكية من الامام تجري مجرى الشهادة له والحكم له والجواز لأنه امين الأمه فلا يقدح التهمه ولا لجواز الولد دون الولد لمزيد التهمه ويجوز للاخ ونحوه كالاجنبي قال المارودي ولا بد من قبول المولى وزمان القبول قيل بعد الموت لأنه اثبت نظرا والاصح أنه ما بين عهد المولى وموته حتى لا تتعطل المصالح وليس له عزله ما لم يتغير حاله بخلاف جميع نوابه لأنهم لحق نفسه وهذا لحق المسلمين كما لا يعزل لهما للعقد من بايعوه اذا لم يتغير حاله فلو عهد بعد عزل الأول والآخر بطل الثاني فالأول باق ولا يصح الثاني بخلع الأول نفسه واذا استعفى ولي العهد لم يبطل عهده حتى يعفى للزومه ويجوز اعفاؤه واستعفاؤه ان وجد غيره والا فلا وتعتبر شروط الإمأمه في المعهود اليه وقت العهد فلا ينعقد العهد للصغير ولا للفاسق عند العهد وليس لولي العهد الرد إلى غيره لان الخلافه لا تستقر له الا بعد الموت أو بخلع الخليفة نفسه فينتقل إلى ولي العهد ولو عهد إلى اثنين اختار اهل الاختيار أحدها كاهل الشورى لان عمر رضي الله عنه جعلها في سته ويجوز للخليفه بيعة فلان فإن مات ففلان وتنتقل الخلافه كذلك كما استحلف رسول الله على جيش مؤته زيد بن حارثه وقال فإن اصيب فجعفر بن ابي طالب فإن اصيب فعبد الله بن رواحهفرع
قال ابن بشير اذا مات ولي العهد قبل الخليفه هل له ان يعهد لغيره قولان وكذلك اذا فسق الخليفه ثم تاب هل يتوقف عوده على تجديد عهد فوز واذا حدث له خرس أو صمم أو ذهبت إحدى عينيه فهل يخرج منها قولانفرع
قال المارودي ان استولى على الخليفة بعض أعوانه لا يقدح ذلك فيه بخلاف القهر بأسر العدو كان العدو مشركا أو مسلما فيقدح لفرط القهر وان خلص قبل الاياس منه عادت امامته والفرق بين الاسر والقهر من بعض الاعوان ان بيعته على ذلك العون فإمامته باقيه الولايه الثانيه الوزارة قال ابن بشير يجوز التفويض في جميع الامور إلى وزير ويختص عن الخليفة بثلاثة اشياء لا يعهد لمن يشاء ان يستعفي من الامأمه ولا يعزل من قلده الامام واصلها قوله تعإلى ( واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري ) قال المارودي الوزارة قسمان وزارة تفويض ووزارة تنفيذ فالأول من جعل له الاجتهاد في الامور وتشترط فيه شروط الامأمه الا النسب لان عموم الإجتهاد يحتاج إلى ذلك وعقدها بصريح لفظ الخليفة بعموم النظر والنيابه فإن اقتصر على عموم النظر فهو ولي عهد لا وزير أو على النيابه فقد ابهم التنفيذ والتفويض فلا تنعقد واللفظ المعتبر قلدتك ما الي نيابة عني ويقول استوزرتك تعويلا على نيابتك فإن قال نب عني احتمل الانعقاد وعدمه لأنه أمر لا عقد مع أنه ليس يراعى في الخلفاء والملوك ما يراعى في غيرهم لاستثقالهم الكلام فربما اكتفوا بالاشارة ولقلة مباشرتهم العقود وقلدتك وزارتي أو الوزارة لا تفيد وزارة التفويض حتى يريد ما يستحق به التفويض لأن موسى عليه السلام زاد ( اشدد به أزري وأشركه في أمري ) قال ابن بشير الصرائح أربعة وليتك وقلدتك واستخلفتك واستنبتك وكتابة سبعة اعتمدت عليك وعولت عليك ورددت إليك وجعلت وفوضت إليك ووكلت إليك واسندت إليك فتحتاج هذه لما ينفي عنها الإحتمال قال الماوردي وعلى هذا الوزير مطالعة الإمام بما تصرف ليلا يكون إماما وعلى الإمام تصفح تصرفاته لأنه من جملة رعيته ويجوز له مباشرة الجهاد وولاية الحكام وغير ذلك وله الاستنابة في ذلك لأن شروط جميع ذلك مشترطة في أهليته ووزير التنفيذ هو الذي ينفذ ما دبره الإمام فهو واسطة بين الإمام والرعية يبلغ ما دبره الإمام ويعرض عليها ما حدث من الأمور ولا يفتقر إلى تقليد بل الإذن ولا يشترط فيه الحرية ولا العلم لأنه يتصرف بل مبلغ بل اشترط فيه سبعة أوصاف الأمانة والصدق وقلة الطمع وعدم العداوة بينه وبين الناس والذكورة والفطنة وأن لا يكون مبتدعا فإن شارك في الرأي اشترطت فيه الحكمة والتجربة ومعرفة العواقب ويجوز أن يكون ذميما ويجوز أن يكون اثنين على الإجتماع والإفتراق بخلاف وزير التفويض لأن عموم النظر يمنع من ذلك كإمامين ويجوز مع وزير التفويض وزير تنفيذ ويجوز لوزير التفويض الإستنابة عنه بخلاف الآخر وإذا فوضت الأقاليم إلى ولاتها كأهل زماننا جاز لكل ملك أن يوزر كالخليفة في الشروط المتقدمة فائدة في اشتقاق الوزير ثلاثة أوجه من الوزر بتحريك الزاي المنقوطة وهو الملجا ومنه قوله تعالى ( كلا لا وزر ) وملك يلجأ إليه أو من الأزر لقوله تعإلى ( اشدد به أزري ) أو من الوزر وهو الظهر لأنه يقوى بالوزير كقوة البدن بالظهر الإمارة الثالثة الإمارة على البلاد قال الماوردي هي عامة وخاصة فالعامة استكفاء واستيلاء فالإستكفاء ما عقد على اختيار والإستيلاء ما عقد عن اضطرار فيفوض في الإستكفاء النظر في بلد أو إقليم في جملة ما يتعلق به وتتعين فيه شروط وزارة التفويض لعموم النظر في ذلك العام ولفظه قلدتك ناحية كذا إمارة على أهلها ونظرا في جميع ما يتعلق بها وللوزير تصفح الأمر وللأمير أن يستوزر وزير تفويض بإذن الخليفة ولا ينعزل الأمير بموت الخليفة بخلاف الوزير لأنه نائب الخليفة والأمير نائب المسلمين وهم باقون والإمارة الخاصة هي تدبير الجيوش وسياسة الرعية وحماية البيضة والذب عن الحريم فليس له التعرض للقضاء والأحكام وجباية الخراج والزكاة ولا إقأمة حد فيه خلاف للعلماء ولا ما يحتاج فيه إلى بينة لأجل المنازعة لأنها من الأحكام الخارجة عن ولايته وغيره من الحدود التي هي حق لله فهو أولى بها من الحاكم لأنه به إليه قانون السياسة العامة وهو أحق بإمامة الجمع والإعياد من القضاة عند ش والقضا عند ح لأنهم أهل العلم ويعتبر في شروط هذه الإمارة شروط ولاية التنفيذ وشرطان الإسلام والحرية لما تضمنتها من الولاية على أمور دينية وليس على هذين الأميرين مطالعة الخليفة بما أمضياه إلا أن يحدث غير معهود وإمارة الإستيلاء أن يستولي الأمير بقوته وقهره على بلاد فيفوض إليه فهو متصرف استيلائه والخليفة منفذ لذلك ليخرج عن الفساد وعن الحظر للإباحة ويجب هذا التنفيذ لما فيه من المصالح الدينية وإقامة حرمة الإمامة وظهور الطاعة وإجتماع الكلمة فإن لم يكن فيه شروط الإختيار فيقلد لدفع فساد العناد وليس له أن يوزر وتفويض الولاية الرابعة ولاية الجهاد وهي قسمان خاصة مقصورة على سياسة الجيش وتدبير الحرب فشروطها شروط الإمارة الخاصة وعامة في ذلك وفي قسم الغنائم وعقد الصلح فيشترط فيها شروط الإمارة العأمة الولاية الخامسة القضاء قال ابن بشير لإنعقاد الولايات مطلقا ثلاثة شروط العلم بشرائط الولاية في المولى فإن لم يعلمها إلا بعد التقليد استأنفه الثاني ذكر المولى له كالقضاء والإمارة فإن جهل فسدت وذكر البلد ليمتاز عن غيره وقاله الشافعية وتقدم له في ولاية الوزارة أن صرائح ألفاظ الولايات مطلقا أربعة وكنايتها سبعة ثم هاهنا بحثان في الولاية العأمة الخاصة وهي التحكيم البحث الأول في الولاية العامة قال صاحب المقدمات يجب أن لا يولى القضاء من طلبه وإن اجتمعت فيه الشروط مخافة أن يوكل إليه ولقوله إنا لا نستعمل على عملنا من أراده قال اللخمي إقامة الحكم للناس واجب لأنه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر فعلى ولي الأمر أن ينظر في أحكام المسلمين إن كان أهلا أو يقيم للناس من ينظر فإن لم يكن للموضع ولي أمر كان ذلك لذوي الرأي و الثقة فمن اجتمع رأيهم عليه أنه يصلح أقاموه و متى كان بالبلد عدد يصلحون فقام واحد سقط عن الباقين فإن لم يكن إلا واحد يصلح تعين عليه وجوبا الدخول فيه وقاله الأئمة وقالوا يجب على ولي الأمر إجباره على ذلك لأنه حق الله تعإلى في ضبط مصالح الملةفرع
قال الشافعية يجوز انعقاد ولاية القضاء بالمكاتبة والمراسلة كالوكالة وقواعدنا تقتضيه قالوا فإن كان التقليد باللفظ مشافهة فالقبول على الفور لفظا كالإيجاب وفي المراسلة يجوز التراخي بالقبول قالوا وفي القبول بالشروع في النظر خلاف وقواعدنا تقتضي الجواز لأن المقصود هو الدلالة على ما في النفسفرع
قال الشافعية إذا انعقدت الولاية لا يجب عند المتولي النظر حتى تشيع الولاية في عمله ليذعنوا لطاعته وهو شرط أيضا في وجوب الطاعة وقواعد الشريعة تقتضي ما قالوه فإن التمكن والعلم شرطان في التكليف عندنا وعند غيرنا فالشياع يوجب المكنة له والعلم لهمفرع
قال الشافعية تجوز الولاية على شخص معين فيحكم بينهما كما تساجرا أو يوما واحدا في جميع الدعاوي وتزول ولايته بغروب الشمس أو في كل يوم سبت فإذا خرج يوم السبت لم تبطل ولايته لبقائها على أمثاله وقواعدنا تقتضي جميع ذلك تنبيه إذا ولي قاض كتب له تقليد يؤمر فيه بتقوى الله تعالى وطاعته والتثبت في القضاء ومشاورة العلماء وتصفح أحوال الشهود وتأمل الشهادات وحفظ أموال الأيتام والقيام بأمورهم والنظر في الأوقاف وغير ذلك مما يفوض إليه ليكون ذلك دستورا يعلم به ما يقلده فيعمل عليه لأن النبي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن وكتب أبو بكر الصديق لأنس رضي الله عنهم أجمعين حين بعثه إلى البحرين كتابا وختمه بخاتم رسول الله وكتب عمر رضي الله عنه إلى أهل الكوفة أما بعد فإني بعثت إليكم عمارا أميرا قاضيا ووزيرا فاسمعوا له وأطيعوا فقد آثرتكم به المبحث الثاني في الولاية الخاصة وهي التحكيم وفي الجواهر جائز في الأموال وما في معناها فلا يقيم المحكم حدا ولا يلاعن ولا يحكم في قصاص أو طلاق أو عتق أو نسب أو ولاء لقصور ولايته وضعفها وهذه أمور عظيمة تحتاج إلى أهلية عظيمة إلا ولاة الأمور غالبا وآحاد الناس فاملس النظر عن ذلك وبجواز التحكيم قال الأئمة لما في النسائي أن رسول الله قال لأبي شريخ إن الله هو الحكم فلم تكنى أبا الحكم قال إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين بحكمي فقال رسول الله ما أحسن هذا فمن أكبر ولدك قال شريح قال فأنت أبوشريح وعنه من حكم بين اثنين تراضيا فلم يعدل بينهما فهو ملعون وهو دليل الجواز والإلزام وإلا لما لعن لأن لهما ترك حكمه إذا كان جورا وتحاكما عمر وأبي أبي زيد وحاكم عمر أعرابيا إلى شريح قبل أن يوليه وتحاكم عثمان وطلحة وجبير بن مطعم ولم يكونوا قضاة ولا فقال عمر وعثمان رضي الله عنهما خليفتان فإذا حكما أحدا صار قاضيا لأنا نقول الرضا بالصورة الخاصة لا يصير بها أحد قاضيا وقال ش وابن حنبل لا ينقض حكمه وقال ح إن خالف رأي قاضي البلد له نقضه وبالأول قال أصحابنا لنا الحديث المتقدم والقياس على قاض آخر معه في البلد ولأنه عقد فيندرج في قوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) وعند ش وابن حنبل لا يجوز حكمه في أربعة النكاح واللعان والقصاص والقذف ويجوز فيما عداها ومنع ح في الحدود تنبيه أكثر الأصحاب يقولون إذا حكم الرجلان رجلا ولا ينكر شرائطه وصرح الشافعية والحنابلة بأن من شرطه صلاحيته للقضاء قال القاضي عبد الوهاب إذا حكم الرجلان رجلا من أهل الاجتهاد قال اللخمي من شرطه أن يكون عدلا من أهل الاجتهاد أو عاميا ليسترشد العلماء فإن لم يسترشدهم لم يجر حكمه ويرد وإن وافق قول قائل لأن الحكم عند عدم الإسترشاد مخاطرة فترد المعاملات وإذا كان من أهل الإجتهاد ومالكيا ولم يخرج باجتهاده عن مذهب مالك لزم حكمه وإن خرج والخصمان مالكيان لم يلزمهما لأنهما إثما حكماه ليحكم على مذهب مالك وكذلك الشافعيان والحنفيان وهذا الكلام يقتضي أن مراده بالإجتهاد الإجتهاد في مذهب معين لا الإجتهاد على الإطلاق قال ابن يونس قال عبد الملك ومطرف إذا حكم أحد المتنازعين الآخر فحكم لنفسه أو عليهما جاز ومضى ما لك يكن جورا وليس لتحكيم خصما القاضي لأن الولاية العامة اشد تصونا عن أنساب الريب وقال أشهب إن حكما امرأة أو عبدا أو مسخوطا مضى لأنه حق يختص بهما قلنا التصرف فيه والولاية العامة حق المسلمين وأما الصبي والنصراني والمعتوه والمسوس فلا يجوز وإن أصابوا لتناول الحكم من غير سببه ومنع سحنون الصبي والمرأة والمسخوط والكاتب والذمي وأبطل حكمهم ولو حكما رجلين فحكم أحدهما دون الآخر لم يجز وقاطبع إذا حكما دون البلوغ جاز حكمه إذا عقل وعلم فيه غلام لم يبلغ له علم بالسنة والقضاء وفي الجواهر قال أصبغ لا أحب تحكيم خصم القاضي فإن وقع مضى ذلك ويذكر في حكمه رضاه بالتحكيم إليه وهذه النقول كلها دائرة على مشابهة التحكيم للقضاء يشترط جميع الشروط المطلوبة في القضاء أو يلاحظ خصوص الولاية دون عمومها أو كونه مختصا بمعينفرع
قال ابن يونس قال سحنون إذا حكم فيما ليس له من أحكام الأبدان نقض حكمه وينهي عن العودة فإن فعل ذلك فقتل أو اقتص أو ضرب الحد أدبه السلطان وأمضى حكمه وبقي المحدود محدودا والملاعن ماضيا قال اللخمي أو أمكن من نفسه أضربي خدك أو خذ قودك لم يصلح إلا بالإمام وكذلك النفس وأما الجراح فيجوز أن يقيد من نفسه إن كان نائبا عن الإمامفرع
قال ابن يونس قال ابن القاسم إذا حكماه وأقاما البينة عنده ليس لأحدهما رجوع إذا أبلى ذلك صاحبه لأنه حق له وجب براحته من نظر القضاة وللحديث المتقدم قاله ح وعن سحنون لكل واحد منهما الرجوع ما لم يمض الحكم كالوكالة وقال ش وابن حنبل لا يلزمهما الحكم إلا برضاهما ليلا يكون ذلك عزلا للقضاة وافتيانا عليهم لأن رضاهما معتبر ابتداء فاعتبر في اللزوم قياسا لأحدهما على الآخر وفي الجواهر لكل واحد الرجوع ما لم يشبا في الخصومة أو يوكل وكيلا أو يعزله وقال عبد الملك لا يرجع أحدهما كان قبل أن يعاقد صاحبه أو بعد ما قاسمه الخصومة تنبيه قال اللخمي إنما امتنع التحكيم في تلك الأمور لأن فيها حقا لغير الخصمين إما لله تعإلى كالطلاق والعتق أو لآدمي وهو الولد في اللعان وفي النسب والولاء حقا لمن يأتي بعد ويحتمل أن يحكم بعد أسباب تلك الأمور ولو رفع ذلك لمن نصب للناس بعد الطلاق والعتق ورفع يد الزوج والسيد لأنه حق من حقوق الله تعإلى ويحرم رضا الزوجة بالبقاء معه وضا العبد بالرق فإن حكم بالفراق والعتق ولم ير الآخر ذلك فلا يجوز إباحة الزوجة لغير ذلك للزوج وإن لا يجري العبد على أحكام الحرية في الموازية والشهادات قال وأرى إذا فات ذلك بالعصبة أن يرفع الأمور إلى القاضي فإن كان فعل الأول حقا أمضاه وإلا رده ولا يكفي يعني الخصمين حتى يكشف تنبيه قال الخمي يشترط في تحكيم أحد الخصمين الآخر أن يكون المحكم عدلا ومن أهل الإجتهاد أو عاميا يسترشد العلماء والإشتراط هاهنا أشد لوقوع الخطر أكثر الولاية السادسة ولاية الكشف عن التظالم قال الماوردي يشترط في متوليها جلالة القدر ونفوذ الأمر وعضم الهيبة والعفة والورع لأنه يحتاج في منصبه إلى سطوة الحماة وتثبت القضاة فلا بد من صفة الفريقين له فيمزج قوة السلطنة بنصف القضاة وأول من أفرد للظلامات يوما عبد الملك بن مروان وكان يرد مشكلاتها أديس الأول ذي لهيبة الناس من عبد الملك ثم تفاقمت المظالم وكذلك ينبغي أن يكون لها يوم معلوم ليقصده الناس وليكن الناظر في المظالم سهل الحجاب ونوه الأصحاب ويحتاج لخمسة في مجلسه لا بد له منهم الحماة لجنف القوي العسوف والقضاة ليعلموه ما يثبت عندهم من الحقوق والفقهاء ليراجعوه فيما أشكل من الوقائع والكتاب ليثبتوا ما جرى بين الخصوم والشهود ليشهدوا على ما تحررمن حق وحكم به والفرق بين نظر المظالم والقضاة من عشرة أوجه له من القوة والهيبة ما ليس لهم وهو أفسح مجالا منهم ويستعمل فيه من الإرهاب وكشف الأشياء بالأمارات الدالة وشواهد الأحوال اللائحة مما يؤدي إلى ظهور الحق بخلافهم ويقاتل من ظهر ظلمه بالتأديب بخلافهم ويتأنى في ترداد الخصوم عند اللبس له ليمعن في الكشف بخلافهم إذا سألهم أحد الخصمين فصل الحكم لا يؤخروه وله رد الخصوم إذا أعضلوا إلى وساطة الأمناء ليفعلوا بينهم صلحا عن تراض وليس القصاص برضا الخصمين وله أن يفسح في ملازمة الخصمين إذا وضحت أمارات التجاحد ويأذن في الزام الكفالة فيما يسوغ فيه التكفل لينقاد الخصوم إلى التناصف ويتركوا التجاحد بخلافهم ويسمع المسترين بخلافهم ويحلف الشهود إن ارتاب فيهم بخلاف القضاة ويبتدىء باستدعاء الشهود ويسرهم عما عندهم في القضية بخلافهم لا يسمعون البينة حتى يريد المدعي إحضارهم أو مسألته لهافرع
قال الماوردي من الشافعية إذا ظهر كتاب فيه شهود معدلون حاضرون فله الإنكار على الجاحد بحسب شواهد أحواله وإن لم يكونوا معدلين أو أحضرهم وسير أحوالهم فإن وجدهم من أهل الصيانات قبلهم أو أراد أن لا يعول عليهم ولكن يولى الإرهاب عن الخصم ويسأله ما سبب وضع يده أو متوسطين فله إحلافهم قبل الشهادة وبعدها فإن كان في الكتاب شهود موتى يعدلون والكتاب موثوق بصحته فيرهب على المدعى عليه حتى يضطره للصدق ويسأله عن دخول يده لعل في جوابه ما يوضح الحق بكشف من الجيران فإن لم يتضح مع هذا كله رده إلى وساطة رئيس مطاع له بهما معرفة وبما يتنازعاه ليضطرهما بكثرة التردد إلى الصدق والصلح فإن تعسر أمرهما ثبت بما يوجبه حكم القضاة وإن كان مع المدعي خط المدعى عليه سأل المدعى عليه فإن اعترف بخطه سأله عن صحة مضمونه فإن اعترف ألزمه بإقراره وإن لم يعترف بصحة مضمونه فقيل يحكم عليه بخطه لأنه ظاهر حال والمحققون قالوا بل يسأله فإن قال هو فرض وما قبضته فيقوى الإرهاب ثم يرد لوساطة فإن انفصلا وإلا فحكم القضاة فإن أنكر الخط أمر بمن يختبر الخط بخطوطه التي كتبها وتكلفها من كثرة الكتابة ويمنع من التصنع فيها فإن تشابهت بخطه حكم به عليه على قول من يجعل الخط اعترافا ولا من يرى ذلك يرى كثرة الإرهاب عليه فإن كان خطه منافيا رجع الإرهاب على المدعي ثم يردان إلي الواسطة على ما تقدم فإن أتى بحساب يتضمن الدعوى وهو حساب الطالب وهو منتظم لا شبهة فيه فيرهب بحسب شواهد الحال ثم يردان للواسطة وإن كان غير منتظم طرحه أو حساب المدعي عليه وهو منسوب إلى خطه يسأل أهو خطك فإن اعترف سئل عن صحة مضمونه فإن اعترف الزمه بإقراره وإن لم يذكر صحته واعترف أنه خطه فقيل يحكم عليه كما تقدم في الخط بل الثقة به أقوى من الخط المرسل لأن الحساب لا يثبت فيه قبض ما لم يقبض بخلاف وقال الجمهور لا يحكم عليه بالخط ولا بالحساب بل الإرهاب والرد إلى الواسطة إلى حكم القضاة وإن كان الحساب منسوبا إلى خط كاتبه سئل عنه المدعي عليه قبل كاتبه فإن أنكر سئل كاتبه وأرهب فإن أنكر ضعفت الشبهة وإن أقر صار شاهدا على المدعى عليه هذا كله فيما يقوي الدعوى فإن اقترن بالدعوى ما يضعفها وهو إما كتاب يعارضها شهوده وحضور معدلون فيرهب المدعي بحسب حاله وإن لم يقترن بالدعوى ما يقويها ولا ما يضعفها لكن حصلت غلبة ظن صدق المدعي مع خلوه عن حجته بأن يكون مستعلانا قليل والمدعي ذا باس وقدرة وقد ادعى عليه غصب عقار ومثله لا يغضب مثل هذا أو يكون المدعي مشهورا بالصدق وخصمه بخلافه أو يستويان في الأحوال غير أنه للمدعى عليه من غير حكم ويسأله عن سبب دخول يده فإن غلب على الظن صدق المدعى عليه بالأمارات المتقدمة فلا تسمع الدعوى إلا بعد ذكر السبب كما قاله مالك في القضاء ويبالغ في الكشف حتى يظهر الحق فإن استوت الحالان في الظنون سوى بينهما في الغلظ والإرهاب والكشف فإن لم يظهر الحق رد إلى الواسطة فإن إنفصلا وإلا فحكم القضاةفرع
قال إذا رفعت الجرائم كالسرقة والزنى ونحوهما لقاض لم يسمع لا يحبس المتهم بكشف إستبراء ولا يأخذه بأسباب الإقرار إجبارا ولا يسمع الدعوى إلا محررة بشروطها وإلا فيروي الأحاديث إمتاز على القضاة بتسعة أوجه فيسمع قذف المتهم على أعوان الإمارة من غير تحقيق الدعوى المفسرة ويرجع إلى قولهم هل هم من أهل هذه التهمة أم لا فإن نزهوه أطلقه أو قذفوه بالغ في الكشف بخلاف القضاة شواهد الحال بأن يكون المتهم بالزنا متصنعا للنساء أو بالسرقة من أهل الزعارة وليس ذلك للقضاة يعجل حبس المتهم شهرا للكشف أو يحبس ما يراه بخلاف القضاة ويجوز له مع قوة التهمة ضرب المتهم ضرب تعزير لا ضرب حد ليصدق فإن أقر وهو مضروب اختبرت حاله فإن ضرب ليقر فلا يعتبر إقراره تحت الضرب أو ليصدق وأعاد إقراره بعد الضرب أخذ بالإقرار الثاني ويجوز العمل بالإقرار الأول مع كراهة وليس كذلك القضاة وله فيمن تكررت منه الجرائم ولم ينزجر بالحدود استدامه حبسه إذا أضر الناس بجرائمه حتى يموت ويقوته ويكسوه من بيت المال بخلاف القضاة وله إحلاف المتهم لاختبار حاله ويملك عليه الكشف عن أمره ويحلفه بالطلاق والصدقة والعناق كأيمان بيعة السلطان ولا يحلف قاض أحدا في غير حق ولا يحلف إلا باليمين بالله وله أخذ المحكوم بالتوبة قهرا ويظهر له من الوعيد ما يقوده إليها طوعا ويتوعده بالقتل فيما لا يجب فيه القتل لأنه إرهاب لا تحقيق ويجوز أن يحقق وعيده بالأدب دون القتل بخلاف القضاة وله سماع شهادات أهل المهن ومن لا يسمعه القاضي إذا كثر عددهم وله النظر في المواثبات وإن توجب غربا ولا حدا فإن لم يكن بواحد منهم أثر سمع قول من سبق بالدعوى أو به أثر فقيل يسمع أولا ولا يرعى السبق والأكثرون على سماع السابق أولا والمبتديء بالمواثبة أعظم جرما وتأديبا ويختلف تأديبهما باختلافهما في الجرم وباختلافهما في الهيئة والتصون وإن رأى المصلحة في قمع السفلة إشهارها بجرائمها فعل فهذه الوجوه التسعة يقع بها الفرق بين الأمراء والقضاة قبل ثبوت الجرائم ويستوون بعد ثبوتها في إقامة الحدود قاعدة يقدم في كل ولاية من هو أقوم بصلاحها فيقدم في الحروب من هو أعلم بسياسة الجيوش ومكائد الحروب وفي القضاء من هو أعلم بالأحكام ووجوه الحجاج وفي الأيتام من هو أعلم بقيمة المال واستصلاح الأطفال وفي إقامة الصلوات من هو أعلم بأحكام الصلاة وأقرب للشفاعة بدينه وورعه وقد يكون المقدم في باب مؤخرا في باب كالنساء مقدمات في الحضانة ومؤخرات في الجهاد والصلاة لأن تزيد شفقتهن وصبرهن يقتضي مزيد صلاحهن للأطفال ومصالح العيال فهذه القاعدة تقدم في جميع هذه الولايات على تباينها من هو أقوم بها قاعدة المصالح ثلاثة واقع في مواقع الضرورات وفي الحاجات وفي التتمات وقد تقدم بسطه في مقدمة الكتاب فاشترط العدالة ضروري في الشهود صونا للدماء والأموال عن كذب ارباب الأمر أو في الإمامة حاجة لأنها شفاعة والحاجة داعية إلى صلاح حال الشفيع عند المشفوع عنده وتتمة في ولاية النكاح صونا للحرائر عن الوضع في المواطن الدنية ولا يضطر إليها لأن حال القرابة يمنع من الإضرار و الرمي في العار فلهذه القاعدة اشترطت العداله في الولايات ولم يشترطها بعضهم في الإمامة العظمى لغلبه الفسوق على ولاتها فلو اشترطت لتعطلت التصرفات الموافقة للحق في تولية من يولونه من القضاه والولاة وأخذ ما يأخذونه وبذل ما يعطونه وفي هذا ضرر عظيم أفظع من فوات عدالة السلطان ولما كان تصرف القضاة أعم من تصرف الأوصياء وأخص من تصرف الأئمة اختلف في إلحاقهم بهم أو بالأوصياء على الخلاف في عدالة الوصي وإذا نفذت تصرفات البغاة من القطع بعدم ولا يتهم فأولى نفوذ تصرفات الولاة والأئمة مع غلبة الفجور عليهم مع ندرة البغاة وعموم الضرورة للولاة قاعدة كل من ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية لا يحال له أن يتصرف إلا بجلب مصلحة أو درء مفسدة لقوله من ولي من أمور أمتي شيئا ثم لم يجهد لهم ولم ينصح فالجنة عليه حرام ولقوله تعالى ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا باللتي هي أحسن ) وكذلك عند ش لا يبيع الوصي صاعا بصاع ولا فائدة فيه ولا للخليفة أن يفعل ذلك في أموال المسلمين ويجب عليه عزل الحاكم إذا ارتاب فيه دفعا لمفسدة الربية ويعزل المرجوح عند وجود الراجح تحيلا لمزيد المصلحة واختلف في عزل أحد المتساويين بالآخر فقيل يمتنع لأنه ليس أصلح للأئمة وقيل ولأنه يؤذي المعزول بالعزل واتهم من الناس ولأن ترك الفساد أولى من تحصيل الصلاح للمتولي وأما الإنسان في نفسه فيجوز له ذلك فيما يختص به حصلت المصلحة أم لا ولا يشكل بأنا لو جوزنا هذا من الحجر عليه بالرشد لأنا لا نحجر بمن تعرض عن المصلحة يقف كان بل ضابطه أن كل تصرف خرج عن العادة لم يستجلب به حدا شرعيا وقد تكرر منه فإنه يحجر عليه فللقيد الثاني احترارا من استجلاب حد الشراء والمضاجر والثالث احترازا عمن رمى درهما في البحر فإنه لا يحجر عليه حتى يتكرر منه تكررا يدل على سفهه فعلى هذه القاعدة يتخرج اختلاف الأحكام في الخصوم والمتهمين والجرائم وغيرها قاعدة التكاليف قسمان عام وخاص فالعام كالصلاة والثاني كالحدود والتعازير وتوليه القضاة ونحوه فهذا خاص بالأئمة ونوابهم فلا يجوز لأحد أن يفعله إلا بإذنهم فإن فرطوا فيه قال إمام الحرمين في كتابة المسمى بالغياثي إن شغر الزمان عن الإمام انتقلت أحكامه إلى أعلم أهل ذلك الزمان لأن قضية الدليل استوى الناس لكن لما كان ذلك يؤدي للتشاجر خص به افضلهم وهو الإمام فإذا تعذر ذلك انتقل لأعلمهم دفعا للمفاسد بحسب الإمكان علم أتم الطريق فهذه القاعدة مجمع عليها لا يجوز لأحد التعدي على ولاة الأمور فيما فوض إليهم من الأمر ويجب عليهم أعني ولاة الأمور بذل الإجتهاد في هذه الأمور وهي كثيرة مذكورة في أبواب الفقه من أموال الغائبين والصبيان والمجانين ونساء والحجر على المفلسين و المبذرين والتحري في بيت مال المسلمين بالخيانة والتصرف وقسمة الغنائم والزكاة وذلك كثير يعرف في مواضعه . تمهيد ما تقدم من التوسعة في أحكام ولاة المظالم وأمراء الجرائم ليس مخالفا للشرع بل تشهد له القواعد من وجوه أحدها أن الفساد قد كثر وانتشر بخلاف العصر الأول ومقتضى ذلك اختلاف الأحكام بحيث لا يخرج عن الشرع بالكلية لقوله لا ضرر ولا ضرار وترك هذه القوانين يؤدي إلى الضرر ويؤكد ذلك جميع النصوص الواردة بنفي الحرج وثانيهما أن المصلحة المرسلة قال بها مالك وجمع من العلماء وهي المصلحة التي لم يشهد الشرع باعتبارها ولا بإلغائها وهذه القوانين مصالح مرسلة في أقل مراتبها وثالثها أن الشرع شدد في الشهادة أكثر من الرواية لتوهم العداوة فاشترط العدد والحرية ووسع في السلم والقراض والمساقاة وسائر العقود المستثناة لمزيد الضرورة ولم يقبل في الزنى إلا أربعة وقبل في القتل إثنين والدماء أعظم لكن المقصود الستر ولم يحرج الزوج الملا عن في البينة خير في أيمانه ولم يجب عليه حد بذلك بخلاف سائر القذفة لشدة الحاجة في الذب عن الأنساب وصون العيال والفرش عن أسباب الإرتياب وهذه المباينات كثيرة في الشرع لاختلاف الأحوال فذلك ينبغي أن يراعي اختلاف الأحوال في الأزمان فتكون المناسبة الواقعة في هذه القوانين مما شهدت القواعد لها بالإعتبار فلا تكون مرسلة بل عل رتبة فتلحق بالقواعد الأصلية ورابعها أن كل حكم في هذه القوانين ورد دليل يخصه كما ورد في الصحيح إن رسول الله في غزوته وجد رجلا اتهمه بأنه جاسوس للعدو فعاقبوه حتى أقر وأما قبول قول المستورين فهو الواقع في تقليد عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري فقال فيه المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو نسب وقد أخذ بهذا ح وأثبت الحكم في القضاء به فأولى في المظالم والجرائم ونص ابن أبي زيد في النوادر على أنا إذا لم نجد في جهة إلا غير العدول أقمنا أصلحهم وأقلهم فجورا للشهادة عليهم ويلزم مثل ذلك في القضاة وغيرهم ليلا تضيع المصالح وما أظنه يخالفه أحد في هذا فإن التكليف مشروط بالإمكان وإذا جاز نصب الشهود فسقه لأجل عموم الفساد جاز التوسع في أحكام المظالم والجرائم لأجل كثرة فساد الزمان وخامسها أنا لا نشك أن قضاة زماننا وشهودهم وولاتهم وأمنائهم لو كانوا في العصر الأول ما ولوا ولا حرج وولايتهم حينئذ فسوق ظن ولأنهم فإن خيار زماننا هم أراذل ذلك الزمان وولاية الأراذل فسوق فقد قال الحسن البصري أدركت أقواما كانت نسبة أحدنا إليهم كنسبة البقلة إلى النخلة وهذا زمان الحسن فكيف زماننا فقد حسن ما كان قبيحا واتسع ما كان ضيقا واختلفت الأحكام باختلاف الأزمان ويعضد ذلك من القواعد الأصلية أن الشرع وسع للموقع في النجاسة وفي زمن المطر في طينه وأصحاب القروح وجوز ترك أركان الصلاة وشروطها إذا ضاقت الحال عن إقامتها وكذلك كثير في الشرع وكذلك قال ش رضي الله عنه ماضاق شيء إلا اتسع يشير إلى هذه المواطن فكذلك إذا ضاق علينا الحال في درء المفاسد اتسع كما اتسع في تلك المواطن وسادسها أن من لطف الله بعباده أن يعاملهم معاملة الوالد لولده فالطفل لضعف حاله يغذى باللبن فإذا اشتد نقل إلى لطيف الأغذية فإذا اشتد نقل إلى غليظها فإن مرض عومل بمقتضى مرضه وهذه سنة الله تعالى في خلقه فأول بدء الإنسان في زمن آدم كان الحال ضعيفا ضيقا فابيحت الأخت لأخيها وأشياء كثيرة وسع فيها فلما اتسع الحال وكثرت الذرية وعتت النفوس حرم ذلك في زمان بني اسرائيل وحرم السبت والشحوم والإبل وأمور كثيرة وفرض عليهم خمسون صلاة وتوبة أحدهم بالقتل لنفسه وإزالة النجاسة بقطعها إلى غير ذلك من التشديدات ثم جاء آخر الزمان فهرمت الدنيا وضعف الجسد وقل الحبيب ولان النفوس أحلت تلك المحرمات وعملت الصلوات خمسا وخففت الواجبات فقد اختلفت الأحكام والشرائع بحسب اختلاف الأزمان والأحوال وظهر أنها سنة الله في سائر الأمم وشرع من قبلنا شرع لنا فيكون ذلك بيانا على الإختلاف عند اختلاف الأحوال في زماننا وظهر أنها من قواعد الشرع وأصول القواعد ولم يكن بدعا عما جاء به الشرع الولاية السابعة ولاية الحسبة وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو وإن كان واجبا على كل مسلم بثلاثة شروط أن يكون عالما به وإن لا يؤدي إلى مفسدة أعظم وأن يفيد إنكاره فإن انتفاء الشرطين الأولين ينفي الجواز وانتفاء الثالث ينفي الوجوب ويبقى الندب والفرق بين آحاد الناس و المحتسب المولى من تسعة أوجه قال الماوردي إن فرضه فرض عين له لأجل الولاية وهو على الناس فرض كفاية ولا يجوز له التشاغل عنه بغيره وغيره يجوز أن يتشاغل عنه بواجب آخر وهو منصوب للإستعداء ولا يستعدي لغيره وعليه أجابة من استعداه وليس ذلك على غيره وله البحث عن المنكرات الظاهرة ليصل إلى إنكارها ويفحص عما ترك من المعروف الظاهر وغيره ليس له البحث وله أن يتخذ اعوانا لقهر المعاندين وليس ذلك على غيره وله التعزير في المنكرات الظاهرة بخلاف غيره ويرتزق على الحسبة من بيت المال كالقاضي لأنهما من مصالح المسلمين العامة بخلاف غيره وله الاجتهاد في العوائد كالمقاعد في الأسواق وإخراج الأجنحة وليس ذلك لغيره في الدين و العلم بالمنكرات ليتمكن منها و إلا فينهى عن المعروف ويأمربالمنكر وهو لايشعر و الحسبة مرتفعة عن أحكام القضاة من وجهين ومقصورة عنها من وجهين وزائدة عليها من وجهين فيوافق في جواز الإستعداء وسماع دعوى المستعدي علية من حقوق الآدميين في ثلاثة أنواع فقط النجش والتطفيف في كيل أو وزن والثاني الغش والتدليس في بيع أو ثمن والثالث المطل بالدين مع المكنة واختص بهذه الثلاثة دون غيرها لتعلقها بالمنكر الظاهر الذي نصب له لأنه موضوع منصب الحسبة في عرف الولايات والوجه الثاني الذي يوافق فيه إلزام المدعى عليه الخروج من الحق المدعى به وهذا عام في جميع الحقوق وإنما هو خاص في الحقوق التي جاز له سماع الدعوى فيها إذا وجبت بالإقرار والمكنة واليسار فيلزم المقر الموسر الخروج منها لأن في تأخيرها منكرا هو منصوب لإزالته وأما الوجهان في قصورها عن القضاة فلا يسمع عموم الدعاوي الخارجة عن ظاهر المنكرات في العقود والمعاملات وسائر الحقوق إلا أن يفوض ذلك إليه بنص صريح يزيد على منصب الحسبة فيكون قاضيا ومحتسبا فيشترط فيه شروط القضاء ويقتصر على الحقوق المعترف بها بخلاف ما جحد لإحتياجه لسماع البينات والأيمان وليس منصبه والوجهان الزائدان له على الأحكام فتعرضه لوجوه المعروف والمنكر وإن لم ينه إليه بخلاف القاضي وله من السلاطة والحماية في المنكرات ما ليس للقضاة لأن موضوعه الرهبة وموضوع القضاء النصفة وهو بالأناة والوقار أولى فإن خرج القاضي إلى السلاطة خرج عن منصبه الذي وليه وتشابه الحسبة ولاية الظالم من وجهين وتخالفها من وجهين فتشابهها في الرهبة وجواز التعرض للإطلاع وتخالفها أن موضع ولاية المظالم فيما عجز عنه القضاة والحسبة ممارحة غرم القضاة فرتبة المظالم أعلى ولوإلى المظالم أن يوقع للقضاة والمحتسبة والمحتسب لا يوقع لأحد منهما ويجوز لوالي المظالم أن يحكم وليس للمحتسب أن يحكم إذا تقرر الفرق بين هذه الولايات فللمحتسب أن يأمر بالجمعات ويؤدب عليها فإن رأى القوم أن جمعتهم تنعقدا ورأى خلافة لايعارضهم فإن رأى إنعقادها ولم يؤده فيأمرهم ليلا تعطل الجمعة مع طول الزمان وقيل لا يأمرهم لأنهم لا يلزمهم مذهبه ويأمرهم بصلاة العيد وجوبا إن قلنا هي فرض وإلا فندبا ويندب إلى أمر الناس بالأذان والجماعات إذا تركه أهل البلد ولا يتعرض لآحاد الناس إذا ترك ذلك وهي قائمة في البلد ووعيده على ترك الجماعات بحسب شواهد الحال فقد قال في الصحيح لقد هممت أن آمر أصحابي أن يجمعوا حطبا وأمر بالصلاة فيؤذن لها وتقام ثم أخالف إلى منزل قوم لا يحضرون الجماعة فأحرقها عليهم وينهى من أخر الصلاة عن وقتها سببها حثه على فعلها من غير تأديب أو تهاونا زجره وأمره بفعلها ولا يتعرض عن الناس فيما يخالف مذهبه في الطهارات وغيرها ويأمرهم بينا صورهم واصلاح سرهم وعمارة مساجدهم ومراعاة بني السبيل من ذوي المكنة إذا لم يقم بيت المال بهذه المصالح ولا يلزم واحدا معينا من المال مالا تطيب به نفسه بل يقول يخرج كل منكم ما تطيب به نفسه ويعين بعضهم بلا مصلحة فإذا حصلت كفاية المصلحة شرع فيها وألزم كل واحد بما التزمه وإن كانت هذه الدعوة لا تلزم في غير هذا الموطن إلا أن المصالح العامة يوسع فيها ما لا يوسع في المصالح الخاصة لعموم الضرر وإذا عمت هذه المصلحة فلا بد من استئذان السلطان ليلا يفتات عليه فإن هذه إذا عمت ليست من معهود الحسبة إلا أن يتعذر استئذانه أو يخشى ضرر وله الأمر بالحقوق الخاصة كالمطل بالدين مع المكنة ولا يحبس فيه لأن الحبس حكم وهو ليس بحاكم وله أن يلازم عليها ولا يأخذ نفقات الأقارب لافتقاره إلى حكم شرعي فيمن يجب له ويجب عليه وكذلك كفالة من تجب كفالته من الأطفال حتى يحكم بها الحاكم فيأمر حينئذ بها على شروطها ويأمر الأولياء بإنكاح الأيامى والصالحين من اكفائهم اذا طلبن والزام النساء أحكام العدد وله تأديب من خالفته في العدة من النساء ولا يؤدب من امتنع من الأولياء وأما من نفى ولدا قد ثبت فراشه ولحق نسبه أخذه بأحكام الآباء وعزره على الباقي ويلزم السادة حقوق العبيد والإماء وحقوق البهائم من العلف وعمل الطاقة ومن أخذ لقيطا فقصر في كفالته الزمه بها أو يسلمه إلى من يقوم به وكذلك واجب الضوال فهذا أمره بالمعروف وأما نهيه عن المنكر من غير عبادة عن وضعها ولا يأخذ بالتهم كما يحكي عن محتسب أنه سأل داخل المسجد بنعليه هل تدخل بهما بيت الطهارة وأنكر عليه ذلك وأراد اخلافه وكذلك لو ظن أنه غير غسل أو لم يصل أو لم يصم لم ينكر عليه لكن تجوز التهمة له والوعظ بعذاب الله تعالى ولو رآه يأكل في رمضان سأله عن السبب فإن لم يذكر عذرا أدبه وكذلك ينكر عليه إذا علم له عذرا إذا جاهر بفطره لأنه عرض نفسه للتهمة واقتداث الجاهل به وأمر الزكاة لعمالها دونه وينكر على المتعرض للصدقة وهو غني ويؤدبه فلو رأى عليه آثار الغنى أعلمه أنها لا تحل لغني ولا ينكر عليه لجواز أن يكون فقيرا في الباطن ومن فوى العتار منعه من أخذ الصدقة ويعزر من تعرض لعلم الشرع من فقيه أو واعظ وخشي اغترار الناس به في سوء تأويل أو تحريف جواب أنكر عليه وأظهر أمره الناس ومن أشكل عليه لا ينكر عليه حتى يختبره فقد أقام علي رضي الله عنه القصاص ومربا لحسن وهو يتكلم فاختبره فقال له ما عماد الدين قال الورع قال وما آفته قال الظلم قال تكلم الآن إن شئت ويمنع الناس من مظان الريب فقد نهى عمر رضي الله عنه أن يصلي الرجال مع النساء ثم رأى رجلا يصلي معهن فضربه بالدرة فقال له الرجل لئن كنت تقيا لقد ظلمتني وإن كنت أسأت فما أعلمتني فقال عمر رضي الله عنه أما شهدت عزمتي قال ما شهدت لك عزمه فألقى إليه عمر الدرة وقال افتص مني فقال لا اقتص اليوم قال فاعف قال لا أعفو فافترقا على ذلك ثم لقيه من الغد فتغير لون عمر رضي الله عنه فقال الرجل يا أمير المؤمنين كأني أرى ما كان أسرع مني قد أسرع فيك قال أجل قال فأشهدك أني قد عفوت عنك وينهى عن وقوف الرجل مع المرأة في طريق خال ولا يعجل بالتأديب ليلا يكون محرما وليقل له إن كانت ذات محرم فصنها عن الريب أو أجنبيه فخف الله تعالى من خلوة تؤديك إلى معصيته ويؤدب الذمي عن إظهار الخمر ويبطل آلات اللهو حتى تصير خشبا ويؤدب على المجاهرة بها وبالسكرا وما لم يظهر من المنكرات لا يتعرض له ويخلي الناس في ستر الله إلا أن يخبره من يثق به إن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها فيكشف عن ذلك وذلك غيره من الناس اذا عرف ذلك وأما ما لا يخبر به من يثق به فقد قال من بلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بسترالله فإنه من يبد لنا صفحة وجهه نقم عليه حد الله أما مع الإمارة فيجوز لما يروى أن المغيرة بن شبعة كانت تختلف إليه إمرأة بالبصرة فبلغ ذلك أبا بكرة وسهل بن معبد ونافع بن الحارث وزياد بن عمير فرصدوه حتى دخلت عليه فهجموا عليه فشهدوا عليه عند عمر رضي الله عنه القضية المشهورة للتي حد فيها أبا بكرة ولم ينكر أداء الشهادة وينكر العقود والمعاملات المجمع على فسادها دون المختلف فيها إلا ما كان الخلاف فيها ضعيفا وهي ذريعة المتفق عليه وكذلك عقود الأنكحة المتفق عليها دون المختلف فيها إلا أن يضعف الخلاف وتكون ذريعة للزنى كالمتعة وله اختبار من يكتال للناس وحرث واختبار القسام والزراع للقضاة لأجل أموال الأيتام كما أن اختبار الحراثين في الحرث والأسواق إلى الأمر فإن وقع في التطفيف تجاحد فالقضاة أولى به لأنه أحكام والتأديب فيه للمحتسب فإن تولاه الحاكم جاز لاتصاله بحكمه وينكر على العموم دون الخصوص الشائع بالمكاييل التي لم تولف فإن تراضى بها إثنان لم يعرض لهم ومتى كان حق آدمي صرف كالتعدي على جدار الجار فلا بد من طلب صاحب الحق فإن لم يكن بينهما تجاحد زال المنكر من ذلك وألا فأمرهما للقضاة ومن ظلم أجيرا من غير تنازع منه وألا فللقضاة وله أن يقر من الأطباء والصناع من هو أصلح الناس ويلزم أهل الذمة بلبس الغيارا والمجاهرة بدينهم ويمنع المسلمين من أذاهم ويمنع من يطول على الناس في الصلاة ويضر بالضعفاء وذوي الحاجة كما أنكر رسول الله لله على معاذ ومن لم يمتنع منهم لا يؤدبه عليها بل يعزله ويولي غيره فالحاكم لا يحتجب عن الأحكام ووافقنا المعالج أو غير ذلك أنكر عليه ويمنع أرباب السفن من حمل ما لا تسعه ويخاف عليها منه ومن السير عند اشتداد الريح وإذا حمل فيها الرجال والنساء حجز بينهم بحائل وإذا اختص بعض الأسواق بمعاملة النساء اعتبر سيرته وأمانته ويزيل من مقاعد الأسواق ما يضر بالناس وإن لم يستبعد فيه وكذلك الرواشن وغيرها مما يستضربه الناس ويجتهد فيما يضر بما لا يضر لأنه من أهل إلاجتهاد العرفي دون الشرعي والفرق أن الشرعي مراعى فيه أصل ثبوت حكمه بالشرع والعرفي ثبت أصله بالعرف ويمنع من نقل الموتى حيث يمنع ومن خصاء الحيوان حيث يمنع ويؤدب عليه إن ااستحق عنه قود أودية أخده لمستحقه مالم يكن فيه تناكر ويمنع من الكسب بالكهانة ويؤدب عليه الآخذ والمعطي والمنكرات كثيرة وها أنا أذكر فروعا لمالك رحمة اللهفرع
قال صاحب البيان يمنع المحتسب من أخذ الحجام شعور الناس ليزور النساب به شعورهن إذا لم يكن لهن شعر لأن رسول الله لعن الواصلة والمستوصلة قاله مالكفرع
قال قال مالك يخرج من السوق من يغش الناس لأنه أشد عليه من الضرب وإن لم يكن معتادا للغش وعن مطرف وعبد الملك يعاقب بالسجن والضرب والإخراج من السوق إن كان معتادا ولا يرجع حتى يظهر توبته وتعلم صحتها وغير المعتاد على قول مالك يرجع بعد مدة يرجى أنه تاب فيها وإن لم تظهر توبته وقيل لا يؤدب بالآخراج إلا إذا كان إذا رجع إليه عرف وإلا فلا وأصل الإخراج أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمر الأجناد أن لا يترك النصارى بأعمالهم جزارين ولا صرافين حذرا من غش المسلمينفرع
قال قال مالك إذا وجد الزعفران مغشوشا لا يحرق ويتصدق باللبن على المساكين إذا كان هو الذي غشه وكذلك الزعفران و المسك قال ابن القاسم ذلك في الشيء الخفيف دون الكثير ليلا تذهب أموال عظيمة وسوى مالك بينهما وأما إن غش غيره فلا خلاف أنه لا يتصدق به بل تباع ممن يؤمن أن يغش به وكذلك المسك يباع من المأمون ويتصدق بثمنه قال وقول ابن القاسم في التفرقة أحسن لأن العقوبات في الأموال إنما كانت في أول الإسلام كما روي عنه في مانع الزكاة أن يؤخذ منه شطر ماله عزمة من عزمات ربنا وعنه في حريسة الجبل أن فيها غرامة مثليها وجلدات نكالا وعنه من أخذ من حرم المدينة شيئا فلمن أخذه مثله ثم نسخ ذلك بالإجماع وقال غيره محتجا لمالك إن العقوبات بالأموال باقية في كفارة الظهار وجزاء الصيد إذا قتل عمدا وكفارة رمضانفرع
قال مالك لا يباع القمح مغلوثا ويغربل إن كان أكثر من الثلث لعدم انضباطه وتستحب الغربلة إن كان يسيرافرع
قال مالك يمنع الجزار من نفخ اللحم لأنه يغير طعمه ويؤدب إن فعله قال يعني النفخ بعد السلخ ليظهر سمن اللحم فهو غش ويعتبر من غير ضرورة بخلاف قبل السلخفرع
قال قال مالك يمنع الرجل من أعطاء ولده في كتاب العجم يتعلم كتابه العجمية ويمنع المسلم من تعليم النصارى الخط وغيره لأن في التعليم في كتاب العجم إظهار الرغبة لهم وذلك من توليهم وإعزارهم وتعليم المسلم لهم الخط ذريعا لقرائتهم القرآن فيكذبونه ويهزأون به وجعل ابن حبيب ذلك مسقطا للشهادةفرع
قال قال مالك لا يستكتب النصراني لأنه يستشار والنصراني لا يستشار في أمور المسلمينفرع
قال قال مالك يمنع الذي ينظر في النجوم ويقول الشمس تكسف غدا والرجل يقدم غدا فإن لم يمتنع أدب قال القاضي أبو الوليد ليس في معرفة الكسوف من جهة الحساب ادعاء غيب ولا ضلالة لأنه أمر منضبط بحساب حركات الكواكب لكنه يكره الإشتغال به لعدم الفائدة ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وربما سمعه الجاهل فظن أنه من علم الغيب فيضر في الدين فيؤدب على ذلك لما يؤدي إليه من فساد العقائد وأما إخباره بغير ذلك من المغيبات فقيل ذلك كفر فيقتل ولا يستتاب لقوله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي الحديث وقيل يستتاب فإن تاب وإلا قتل قال أشهب يزجر عن ذلك ويؤدب فقط قال وعندي هذا ليس باختلاف بل بحسب أحوال فإن اعتقد أن النجوم فعالة لذلك وهو مستبشر بذلك فشهد عليه قتل بغير استتابة لأنه زنديق وغير مستبشر فإن تاب وإلا قتل لأنه كافر غير زنديق فإن اعتقد أن الله تعالى هو الخالق عندها أدب وقدح ذلك في شهادته ولا يحل تصديقه فيما يقول قاله سحنون لقوله تعإلى ( قل لا يعلم من السماوات والأرض الغيب إلا الله ) ولقوله تعإلى ( فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) تنبيه إذا قال أنها فعالة قال بعض العلماء يكون ذلك كقول المعتزلة الحيوانات كلها تفعل بذاتها وتستقل بتصرفاتها والصحيح عدم تكفيرهم ولا يكفر أحد من أهل القبلة فما الفرق وإن ادعى أن الله تعالى يخلق عندها فليس هذا من باب علم الغيب لأن الربط بينهما وبين هذه الأحكام إذا سلم كان هذا كالإخبار بمجرد الفصول الأربعة وليس من باب الإخبار بالغيب الذي استأثر الله تعالى به بل الذي استأثر الله تعالى به العلم بالغيب من غير سبب فإنه تعالى لا يحتاج في علمه إلى الأسباب بل النزاع مع هذا القائل في الربط فقط فنحن نمنعه وادعاؤه إياه جهل لادعاء علم غيب كما لو ادعى أن الماء يغرق والنار تروي ليس هذا من ادعاء علم الغيب في شيء وقد يخبر الأنبياء والأولياء عليهم السلام بالمغيبات بناء على كشف أو علم ضروري أو ظن غالب يخلقه الله تعإلى لهم فهذا سبب أوجب لهم ذلك وقد قال الصديق في حديث مسلم لما قالت له عائشة رضي الله عنها هذان أخواي فمن أختي قال ذو بطن بنت خارجة أراها جارية فأخبر بأن الذي في بطن إمرأته انثى مع أن الله تعالى يقول ( ويعلم ما في الأرحام ) من غير سبب والصديق يعلمه بسبب ما خلقه الله في نفسه فينبغي أن يتنبه الفقيه لهذه القاعدة حتى يعلم ما يكفر به مما لا يكفر به وما وجب اختصاصه بالله مما لم يجب ويحصل له فهم المنقولات عن الصحابة وغيرهم والجمع بينها وبين الأدلة الشرعيةفرع
قال قال مالك ينهى الذي يزعم أنه يعالج المجانين بالقرآن لأن الجان من الأمور الغائبة ولا يعلم الغيب إلا اللهفرع
قال قال مالك لا يخلط الطيب من القمح أو الزيت أو السمن برديئه فيحرم لأنه غش إلا أن يبين عند البيع الخلط وصفة المخلوطين وقدرهما ويباع ممن لا يغش به وهذا فيما لا يتميز كالزيتين أما القمح بالشعير والطعام بالغلة والسمين مع المهزول فلا يباع الكثير منه حتى يميز أو يفرقا ويجوز في القليل وقيل إن خلطه للبيع منع أو للأكل جاز في اليسير قاله عبد الملك ومطرففرع
قال قال مالك يمنع من يبيع للصبيان لأنه لا يدري هل أذن في ذلك أولياؤهم أم لا فيكره ذلك تنزيهافرع
قال قال ابن القاسم يحال بين المجذوم البين الجذام وبين رقيقه إذا كان يضر بهم كما لا يحال بينه وبين الحرة إمرأته وقال سحنون لا يمنع من وطء إمائه لقوله لا عدوى ولا طيره الحديث وقد رأى عمر رضي الله عنه إمرأته مجذوبة تطوف بالبيت فقال لها يا أمة الله لو جلست في بيتك لا تؤذي الناس فجلست وسحنون يقول ضررهن أعلى لأنه يؤدي به الحال إلى الزنى أو العنة قاعدة كل حكم مرتب على عرف وعادة يبطل عند زوال تلك العادة كإيجاب النقود في المعاملات والحنث بالأمور المترفات وصفات الكمال والنقص في عيوب البياعات تعتبر في ذلك كله اجماعا فإذا تغيرت تلك العوائد تغيرت تلك الأحكام اجماعا وولاية الحسبة وغيرها من الولايات ضابط ما يندرج فيها مما لا يندرج من الأحكام مبني على العوائد فيما يعرض لمتوليها فكذلك قليل هذا للمحتسب دون القاضي وهذا للقاضي دون المحتسب فلو إختلفت العوائد اختلفت هذه الإختصاصات فاعلم ذلك الله عز وجل أعلمالباب الرابع في آدآب القضاة
وهي خمسة عشر ادبا الادب الأول موضع جلوسه وفي الكتاب القضاء في المسجد من الحق والأمر القديم ولأنه يرضى فيه بالدون من المجلس وتصل إليه المرأة والضعيف ولا يقيم فيه الحدود ونحوها بخلاف خفيف الأدب وأصله قوله تعإلى ( وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب ) وقضى النبي والخلفات بعده فيه واستحبه ح وابن حنبل وكرهه ش لما في الصحيح أن النبي قال جنبوا صبيانكم مساجد كم ومجانينكم ورفع أصواتكم وخصوماتكم وحدودكم وسل سيوفكم وبيعكم وشراء كم ولأن الخصومة يتبع فيها الفجور والتكاذب والسب و الظلم والحائض والجنب يدخل إليه و أرباب القاذورات ولم يوضع المسجد لذلك و الجواب أن العمل مخصص لهذا العموم وأما الحيض فيمنعن ويأكلن أو يأتين الحاكم في بيته والجنب يغتسل جمعا بين الأدلة وفي الترمذي قال من ولي من أمور الناس شيئا فاحتجب دون حاجتهم احتجب الله دون حاجته وفقره وفاقته والمسجد أبعد عن الحجاب وأقرب للتواضع فيستحب قال التونسي قال مطرف وعبد الملك أحسن مجالس القاضي رحبات المسجد الخارجة من غير تضييق في غيرها قال مالك كان من أدركت من القضاة لا يجلسون إلا في الرحبات خارجا إما عند موضع الجنائز وإما في رحبة دار مروان وما كانت تسمى الارحبة القضاء ويستحب ذلك ليصل إليه اليهودي و الحائض قال اللخمي قال ابن شعبان ومن العدل أن يكون منزل القاضي سط المصر ليصل الناس إليه من جميع الأطراف بغير كلفة ويكون مجلسه مستقبل القبلة وفي موضع جلوسه ثلاثة أقوال ففي المدونه المسجد وعنه الرحاب الخارجة ونقل جميع ما تقدم التونسي وقال أشهب لا يؤمر أن يقضي في منزله حيث أحب قال اللخمي والرحاب أحسن لأن المسجد ينزه عن الخصومات وغيرها للحديث المتقدم قال صاحب المنتقى المستحب الرحاب الخارجة عن المسجد قال أشهب يقضي حيث جماعة الناس وقال غيره إلا أن يدخل عليه في ذلك ضرر من كثرة الناس حتى يشغله ذلك عن النظر والفهم فليكن له موضع في المسجد يحول بينه وبينهم واتخذ سحنون بيتا في المسجد يقعد فيه الناس ولا يقضي في طريق ممره إلا أن يعرض لمن استغاث به فيه فيأمر فيه وينهي من غير فصل حكم قاله مطرف وعبد الملك وعن أشهب يقضي وهو يمشي إذا لم يشغله ذلك كما يقضي وهو متكيء قال صاحب المقدمات ويستحب جلوسه بالرحاب الخارجة عنه فوافق الباجي ولم يحك خلافا وكلام الباجي وابن رشد هذا دليل على أنهم فهموا أن المشهور ما قالوه ويعضده قوله كان من أدركت من القضاة لا يجلسون إلا في الرحبات فدل أن العمل ذلك والعمل عنده مقدم وظاهر المدونة يقتضي داخل المسجد لقوله لا تقام فيه الحدود والحدود تقام في غير المسجد إجماعا في المواضع التي يدخلها الحيض واليهود الأدب الثاني زمان جلوسه قال صاحب المنتقي قال مطرف وعبد الملك يتخير وقتا يجلس فيه على ما هو رفق للناس ولا ينبغي أن يجلس بين العشائين ولا في الأسحار إلا أن يحدث في تلك الأوقات أمر يرفع إليه فهو لا بد منه فيأمر وينهي ويسجن أما على وجه الحكم مما يشخص فيه الخصوم فلا لأنها أوقات ضيقة عن ذلك كالشوارع في البقاع وجوز أشهب الحكم بين العشائين قال فمعنى قول مطرف أنه ليس عليه ذلك لما في إحضار البيانات على الطالب والمطلوب من مخالفة العادة وهو معنى قول أشهب أنه يباح له ذلك لأن ترك ذلك حق من حقوقه قال والأول أظهر وقد شاعت الآجال في القضاء و الامال واستقصاء الحجج وهو ينافي القضاء بالليل ولا يتعب نفسه فيقضي النهار كله وليقعد ساعات من النهار قال مالك أخاف أن يكثر فيخطىء قال ابن يونس قال أشهب يقضي بين العشائين إذا رضي الخصمان ولا يكلف الكافة ولا بأس أن يقضي بعد أذان الظهر والعصر والمغرب و العشاء و الصبح قال التونسي قال ابن عبد الحكم لا ينبغي أن يجلس أيام النحر ولا يوم الفطر ولا ما قاربه مما يضر فيه بالناس في حوائجهم وكذلك يوم عرفة ويوم الطين و الوحل ويوم خروج االناس للحج بمصر لكثرة من يشتغل يومئذ بتوديع الحاج قال اللخمي ويكون وقته معينا لا يقدمه ولا يؤخره ليعلمه الناس وكل الأوقات التي قيل لا يجلس يجلس إذا عرضت ضرورة الأدب الثالث وأول ما ينظر فيه بعد ولايته المحبوسون لأن الحبس عذاب قال في الجواهر فيطلق من حبس في ظلم أو تعزير وبلغ حده ثم ينظر في الأوصياء وكوافل الأطفال إذ رافع لوقائعها إليه قال أصبغ ينبغي له إذا قعد للقضاء يأمر مناديا نادي عنه في الناس أن كل يتيم لم يبلغ ولا وصي له ولا وكيل وكل سفيه مستوجب للولاية منعت الناس من متاجرته ومداينته ومن علم مكان أحد من هؤلاء فليرفعه إلينا لنولي عليه ويحجر فمن داينه بعد منادي القاضي أو باع منه أو ابتاع فهو مردود الأدب الرابع في الجواهر بعد النظر في المحبوسين ومن نكر معهم ينظر في ترتيب الكتاب والمزكي والمترجم ويكون الكاتب عدلا مرضيا وقال أصبغ ويكون مرضيا مثله أو فوقه لأنه يخشى تغيير القضاء وتبديل الأسماء والتنميم على القاضي ولا يغيب له على كتاب احتياطا ويشترط العدد في المزكي والمترجم دون الكتاب لأنه إستبان حكما والكاتب كالآلة للحاكم وقال آبو إسحاق لو ترجم له واحد جاز لأنه من باب الخير لا من باب الشهادة أو من باب الحكم والحاكم يكفي فيه واحد واختار القاضي أبو الحسن إن كان الإقرار بالكافي في الترجمة شاهدا وإمرأتان وروى أشهب يترجم للقاضي رجل مسلم مؤمن واثنان أحب إلينا ولا يترجم كافر ولا عبد ولا مسخوط لأنه يعتمد على قول المترجم فاشترط شروط الشهادة ولا بأس أن يقبل ترجمة إمرأة عدلة كالرواية وعن مطرف وعبد الملك ذلك إذا كان مما تقبل فيه شهادة النساء إذا تعذر مترجم من الرجال قالا وإمرأتان ورجل أحب إلينا وأصل الكتاب أنه كان له كتاب علي بن أبي طالب وزيد ابن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين ولأن الحاكم كثير الأشغال والنظر فلا يتفرغ يكتب بيده ووافقنا الأئمة على السلامة وعدالته وقالوا يكون فقيها فطنا فاضلا ليفرق بين مواقع الألفاظ والواجب والجائز ونزيها ليلا يستمال بالرشى وبنوع غيرها على التحامل على أحد الخصمين وأما المترجم عن الخصوم والشهود فيشترط فيه ذلك واشترط ش كونه اثنين واكتفى ح بواحد ومنع العبد لأن تلايته إخبار لا شهادة لأنه لا يحتاج أن يقول أشهد أنه يقول كذا بل يقول هو يقول كذا وقياسا على المفتي وقاسه ش على ما اذا شهد على إقراره لأنه لا فرق بين عدم الفهم من القاضي وبين عدم إطلاعه وهو إذا لم يطلع إشترط اثنان فكذلك إذا لم يفهم قاعدة يقع في كلام الفقهاء كثيرا أن منشأ الخلاف التردد بين الشهادة والخبر فما ضابط حقيقة الشهادة والخبر لأن التردد بينهما فرع تصورهما ولا يمكن أن يضبطا فاشترط العدد في الشهادة دون الخبر لأن إشتراطه فرع عن كونها شهادة فيجب أن يعلم أنها شهادة قبل اشتراط العدد فلو إستفدناها من العدد لزم الدور فنبين الآن الحقيقتين فنقول متعلق الخبر في الشرع من العدل حيث اعتبره الشرع في حق الغير احترازا من الدعوى أما إن يكون عاما أو خاصا فإن كان عاما فهذا هو الخبر والرواية فإنها متعلقة بالخلق إلى يوم القيامة وهو سر عدم اشتراط العدد فإن اشتراطه في الشهادة إنما كان لتوقع العداوة الباطنة بين العدل وبين الشخص المعين فاشترط العدد استظهارا ولا يتهم أحد في معاداة الناس إلى قيام الساعة فالعموم سر عدم اشتراط العدد وهو ضابط الرواية وإن تعلق بالخصوص فهو الشهادة ثم تقع فروع مترددة بين العموم والخصوص فيختلف العلماء فيها لأجل الشائبتين هل يلحق بالشهادة أو الخبر كالإخبار عن رؤية رمضان من جهة أنه لا يخص شخصا معينا أشبه الرواية فيقبل الواحد قاله ش ومن جهة أنه لا يتعدى هذه المسألة أشبه الشهادة فيشترط لعدد وكلك المترجم و القائف و المقدم لما تقدم فهذا الكشف و التحقيق عزيز كنت أطلبه عدة من السنين حتى وجدته للإمام المازري في شرح البرهان في أصول الفقه فتأملهفرع
قال ابن يونس قال مالك يولي حاسبا ثقة يقسم ويخبره بما صار لكل واحد فيقبل قوله وحده لأنه حاكم أو مخبرفرع
قال قال عبد الملك يقبل قول الطبيب الكافر في العيوب في العبد أو الأمة الحاضرين لأنه علم يأخذه عمن يبصره مرضي أو مسخوط واحد أو اثنين فإن غاب العبد أو مات لم يقبل إلا الشهادة بشروطها و كذلك يقبل في عيوب الأمة واحدة مرضية من النساء فإن فأتت الأمة لم يقبل إلا إمرأتين على وجه الشهادة و القياس في الجراح يكفي واحد إذا أمره الإمام ينظر ذلك و الأحسن أن يكون عدلا فإن لم يجد إلا طبيبا جاز كما تقدم في العيوب وما فات لا يقبل منه إلا ما يقبل في الشهادة الأدب الخامس في الجواهر لا يقضي في حالة غضب ولا جوع ولا حالة يسرع إليه الغضب فيها أو يدهش عن تمام الفكر وفي الكتاب لا يكثر الجلوس جدا وإذا داخله هم أو نعاس أو ضجر فليقم قال اللخمي ومن ذلك الشبع الكثير وأصل ذلك قوله لا يقضي القاضي وهو غضبان أخرجه البخاري واختلف اذا ضجر قال ابن عبد الحكم يحدث جلساءه ليروح قلبه ثم يعود إلى الحكم وقال ابن حبيب يقوم قال و الأول أحسن ولا يحكم متكئا لأنه استخفاف بالحاضرين و للعلم حرمته تمهيد قال اللخمي وغيره من العلماء له أن يحكم في هذه الأحوال في مسألة فيها نص وما خف من مسائل الاجتهاد دون ما يحتاج إلى فكر وعلى هذا تختلف أحوال الحكام في المجتهد في العلم والقضاء تصير له أمور ضرورية هي عند غيره تحتاج فكرا كثيرا فيبح الأول دون الثاني وكذلك المسألة العظيمة النظر إذا كان قد تقدم له الحكم فيها عن قرب بفكر مستوعب لا يحتاج فيها حينئذ إلى فكر قاعدة وهي الفرق بين تخريج المناط وتحقيق المناط وتنقيح المناط و المناط العلة فإن استخرجت من أوصاف مذكورة في صورة النص كما في حديث الأعرابي في تصريحه مع جملة الأوصاف بإفساد رمضان فهو تنقيح المناط أو من أوصاف لم تذكر كما في حديث بيع التفاضل في البر فهو تخريج المناط أو اتفق عليها وحصل التنازع في وجودها في الفرق فهو تحقيق المناط كالتنازع في كون التين مقتاتا مع الاتفاق على أن الاقتيات العلة وقال الغزالي تنقيح المناط قياس عدم الفارق فعلى هذا يمنع القاضي في الغضب وغيره مما لم ينص عليه كالشبع والجوع هو من باب تخريج المناط لأنا لم يغن وصفا مذكورة بل أخرجنا من المذكور وصفا آخر وهو تشويش فكر وكذلك حديث الأعرابي على مذهبا لأنا أخذنا إفساد الصوم وإنما في الحديث واقعن من أهلي في شهر رمضان وعلى رأي ش يكون من تنقيح المناط ووافقنا الأئمة على اعتبار المشوش للفكر حيث وقع بغضب أو غيره الأدب السادس قال اللخمي يقدم الخصوم الأول فالأول لأن الأول قد استحق بسبقه وكذلك قاله الفقهاء في تعليم العلم و القرآن ونحو ذلك يقدم الأول فالأول ولذلك قال الله تعالى ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) قال إلا أن يكون مثل المسافر وكالسبق إلى المجالس والأمور المباحات أو ما يخشى فواته وإن تعذرت معرفة الأول كتبت أسماؤهم في بطائق وخلطت فمن خرج اسمه بدئ به وذلك كالقرعة لأنه تطييب للنفوسفرع
قال الشافعية والحنابلة لا يقدم في الدعاوي والفتائك إلا بدعوى واحدة وقاله صاحب النوادر عن سحنون فإذا قال الأول لي آخر قدم عليهما الأول عليه ويقدم في الثانية ما يأتيه من بعده لان الجميع قدموا في واحدة فلو قدم واحد في اثنتين لم يسو بينهم والتسوية مأمور بها لقوله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل ) والعدل التسوية بالنقل ووافقونا على تقديم المسافرين بشرط القلة لأن الله تعالى وضع عنهم الصوم وشطر الصلاة الأدب السابع قال اللخمي يفرد النساء عن الرجال في الخصومة إذا كانت الخصومة بينهن ويجعل لهن وقتا فإن كان بعضها بينهم وبعضها مع الرجال جعل الخصومة ثلاث مرات للرجال وقت ولمن كانت خصومته من النساء وقت وللنساء وحدهن وقت فإن عجز عن ذلك عن النساء وأبعد مجلسهن عن الرجال وتمنع المرأة الجميلة الرخيمة المنطق مباشرة الخصومة فقط وكره مالك الخصومة لذوي الهيئات من الرجال لما فيها من نقص العرض فالنساء أولى الأدب الثامن قال ابن يونس ينصف بينهما مجلسهما والنظر إليهما واستماعه منهما ولا ينظر إلى أحدهما بطلاقة وبشر أكثر ولا يسارر أحدهما ولا يساررهما جميعا إذا لم يسمع أحدهما ما يسارر به الآخر قال سحنون ولا يضيف أحدهما ولا يخلو به أو يقف معه فإن ذلك مما يوهن خصمه ويدخل عليه سوء الظن قال أشهب ولا يجيب أحدهما في غيبة الآخر إلا أن يعرف أن ذا من المختلف أو لم يكن يعرف وجه خصومة المدعي فيسمع منه حتى يعلم أمرهما وإذا جلسا فلا بأس أن يقول لهما ما خصومتهما أو يدعهما حتى يبتدأها أو يقول أيكما المدعي فإن علمه سأله عن دعواه ويسكت عن صاحبه حتى يسمع حجته ثم يأمره بالسكوت ويستنطق الآخر ولا ينبغي أن يبتدئ المدعى عليه بالنطق بل المدعي لأن صاحب الحق أرجح شرعا فيقدم ولا يعود لأحدهما بالسؤال فيقول مالك أو تكلم إلا أن يعلم أنه المدعي وإذا قال أحدهما أنا المدعي وسكت الآخر ولم ينكر فلا باس أن يسأله عن دعواه والأحسن أن يسأله حتى يقر الآخر بذلك فإن قال أحدهما المدعي هذا ولم ينكر الآخر فله أن يسأله فإن قال كل واحد عن الآخر هو المدعي ولست مدعيا فللقاضي أن يقيمها حتى يأتي أحدهما للخصومة فيكون هو الطالب قاله أصبغ وقال ابن عبد الحكم إذا قال كل واحد أنا المدعي فإن كان أحدهما استمع أو جلب الآخر سمع منه أولا وإن لم يدر من جلب صاحبه ابتدأ بأيهما شاء فإن كان أحدهما ضعيفا فأحب إلي أن يبدأ بالآخر لأن الظاهر هو القوي الطالب قال أصبغ فإن أدلى المدعي بحجته فقال القاضي للآخر تكلم فإن تكلم نظر في ذلك وإن سكت أو قال له أخاصمه إليك قال له القاضي إما خاصمت أو حلفت لهذا المدعي على دعواه وحكمت له إن كان مما يستحق من نكول المطلوب إن ثبت له الخلطة لأن نكوله عن التكلم نكول عن اليمين وإن كان مما لا يثبت إلا بالبينة طلب البينة ولا يسجنه حتى يتكلم ولكن يسمع صاحبه لأن البينة تحتمل التخريج من قبله وكان سحنون إذا شاغب الخصمان أغلظ عليهما وربما أمر القومة فزجروهما بالدرة وربما شاغبا حتى لا يفهم عنهما فيقول قوما فإني لا أفهم عنكما وله الشد على عضد أحدهما إذا رأى ضعفه عن صاحبه وقربه منه ولا بأس أن يلقنه حجة له عمي عنها وإنما يكره أن يلقنه حجة الفجور وقد قال النبي من ثبت عييا في خصومه حتى يفهمها ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام ومنع سحنون شد عضد أحدهما وتلقينه حجته لأنه ميل مع أحدهما وإذا أقر أحدهما في خصومته بشيء للآخر فيه منفعة فعلى الحاكم أن ينبهه على نفعه بذلك ويكتبه له قال سحنون وإذا كان في أمرهما شبهة وإشكال فلا بد أن يأخذهما بالصلح وتخاصم رجلان صالحان من أصحابه فأقأمهما ولم يسمع منهما وقال استرا على أنفسكما ولا تطلعاني من أموركما على ما ستر عليكما وقال عمر رضي الله عنه رددوا القضاء بين ذوي الأرحام حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن وكان سحنون إذا سأله أحد عن مسألة من مسائل الأحكام لم يجبه وقال هذه مسألة خصومة إلا أن يعلم منه إرادة التفقه قال مالك لا يفتي القاضي في مسائل القضاء وأما غير ذلك فلا بأس لأنه عون على البخيل والقاضي لا يعين أحد الخصمين ولا يرفع الحاكم صوته على أحدهما دون الآخر قال أشهب له أن يفعله ردعا له للدده ويعلم الله منه أنه لو كان من صاحبه ذلك لعمل به مثله فقد نهى رسول الله أن يقعد الخصمان بين يدي الحاكم وقال إذا ابتلى أحدكم بالقضاء بين المسلمين فلا يرفع صوته على أحد الخصمين دون الآخر وفي النوادر قال أشهب جلوس الخصوم بين يديه هو الأصل فإن كان شأنه يجلس في أي موضع فواسع فإن عين المجلس لصداقة أو غيرها أجلسهما منه مجلسا واحدا ولا يضيف أحد الخصمين ولا يخلو به ولا يدخل عليه أحد الخصوم بينه وإن كان من إخوانه وقد كان يغشاه قبل ذلك إذا كان على الاختصاص ليس أمرا عاما ولا تكره له عيادة أحد الخصمين ولا شهود جنازة بعض أوليائه قال عبد الملك ولا يدخل عليه أحد الخصمين في مجلس قضائه ولا وحده ولا في جماعة وإن كان من خاصته وليجلس خارجا حيث يأتيه الناس لأن ذلك كله موهن للآخر قال اللخمي قال أصبغ يسوي بينهما في المجلس وإن كان أحدهما ذميما وقيل لا يسوي لقول النبي لا تساووهم في المجلس قال ش وأرى أن يجلسا جميعا ويتقدمه المسلم بالشيء اليسير واقفا فإن قال أحدهما أنا الطالب وإنما أحدث الآخر الدعوى عند ما طلبته قد المشخص أولى أو الثالث أولا إن علم وإلا صرفهما فإن أبى أحدهما إلا الخصومة قدمه وإن بقي كل واحد متعلقا بالآخر أقرع بينهما وإن كان لكل واحد طلب عند الآخر وتشاحا في التبدئة أقرع بينهما لأنه أطيب للنفوس وقيل يخير وقال ابن عبد الحكم يبدأ بالنظر أضعفهما فإن لم يعترف المدعى عليه ولم ينكر قال محمد يحكم عليه بغير يمين وقال أصبغ يقول له الحاكم إما أن تختصم أو حلفت المدعي وحكمت له إن كان مما يستحق بالنكول مع اليمين إذا أثبت لطخا قال اللخمي المدعي مخير بين ثلاث بين أن يأخذ المدعى به بغير يمين على أنه متى عاد المدعى عليه إلى الإنكار أو الخصومة كان ذلك له أو يحلف الآن ويحكم له بعد أن يعرف المدعى عليه ذلك ولا ينقص له الحكم بعد ذلك إن أتى بحجة إلا ببينة لم يعلم بها كمن خاصم ولم يسكت أو يسجن له حتى يقر أو ينكر لأنه يقول هو يعلم أن حق وقد يقر إذا سجن فلا أحلف كالمشتري يكتم الشفيع الثمن اختلف فيه هل يسجن أو يقال للشفيع خذ ولا وزن عليك حتى يثبت الثمن وهذا إذا كانت الدعوى في معين دارا أو عبدا وفي الذمة وأقام لطخا وان لم يقم لطخا لم تسمع دعواه وإن أعدت الزوجة الطلاق فلم يقر ولم ينكر سجن ويحال بينه وبينها وتطلق عليه إن طال الأمر لحقها في الوطء فإن أعدت النكاح سجن حتى يقر أو ينكر وإن أدى عليها نكاحا فلم تقر ولم تنكر حيل بينها وبينه حتى تقر أو تنكر وكذلك السيد يدعي عليه عبد العتق يسجن حتى يقر أو ينكر وإذا لفظ أحدهما بما ينفع الآخر فأغفل منفعته فيه فعلى الحاكم أن يقول لقائل ذلك يلزمك على قولك كذا ولا يقول لخصمه قل له كذا لأن تعليم أحد الخصمين بالعناية له يوهن الآخر وليس كقوله له يلزمك كذا لا حجة لك في قولك فإذا لم يبق لأحدهما حجة فإن قال بقيت لي حجة قال محمد إن كان من طريق العدد ضرب له أجلا ليس بالبعيد وإذا دعى حجة قوية في دار في يديه أمهله الشهرين ثلاثة تمهيد وفي كتاب ابن سحنون وغيره كتاب عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري في فصول القضاء ينبغي أن يحفظ أوله بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس سلام عليك أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلى إليك الخصم بحجته فاقض إذا فهمت وأنفد إذا قضيت فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا وإذا عرفت أهل الشغب وإلا لداد فأنكر وغير فإنه من لم يزع الناس عن الباطل لم يحملهم على الحق لا يمنعنك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل وقاتل هواك كما تقاتل عدوك واركب الحق غير مضار عليه وإذا رأيت من الخصم العي والغباوة فسدد فهمه وبصره في غير ميل معه ولا جور على صاحبه وشاور أهل الرأي من جلساته وإخوائك الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب الله ولا سنة ثم أعرف الأشباه والأمثال وقس الأمر عند ذلك واعمد إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى واجعل لمن ادعى حقا غائبا أو بينة أمدا ينتهي إليه فإن أحضر بينته أخذت له حقه وألا استحللت عليه القضاء فإنه أنفى للشك وأجل للعمى المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو نسب فإن الله تولى منكم السرائر ودرأ عنكم الشبهات والأيمان وإياك والقلق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات فإن استقرار الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن عليه الذخر ويروى الذكر لمن صحت نيته وأقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تخلق للناس مما يعلم الله أنه ليس من نفسه شأنه الله فما ظنك بثواب الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته والسلام فهذا الكتاب جمع أكثر أدب القضاء وأحكامه فوائد هذه ولاية نبين تقليدها واللفظ المفيد الولاية شرعا وما معنى الإدلاء وما الفرق بين التنفيذ والحكم وما معنى الحق قديم وما معنى اركب الحق غير مضار عليه وكيف جعل المسلمين عدولا من غير كشف واكتفى بالعدالة الظاهرة كما قاله ح وما معنى النهي عن التنكير عند الخصومات وما معنى من تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شأنه الله وما الجمع بينه وبين قول أبي موسى الأشعري إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم والجواب عن الأول من وجهين لعل عقد الولاية تقدم وهذا للوصية فقط أو في ألفاظه ما يقوم مقام عقد الولاية وهو قوله إذا أدلى إليك وقوله استحللت عليه القضية ونحو ذلك وعن الثاني معناه أوصل إليه حجته ومنه قوله تعإلى ( أدلى دلوه ) أي أوصله لغير وعن الثالث أن إظهار الحجة الشرعية وكمال النظر فيها وإثبات وترتيب مقتضاها عليها من اعتقاده الاستحقاق وتصريحه بتلك حكم وإلزام الخصم وقهره لرفع الحق تنفيذ فهذا هو الفرق بين الإثبات والحكم والتنفيذ وعن الرابع أن الحق هاهنا حكم الله وهو كلامه النفساني وهو قديم وفيه إشارة إلى أن المصيب لذلك أحكم ففيه حض على بذل الجهد في طلب ذلك الحكم المعين أو يكون كلامه إشارة إلى أن بذل الجهد في طلب الحق وهو ما زال في جميع فهو قديم بمعنى طول المدة لا بمعنى انتفاء الأولية وعن الخامس أن معناه أن يتمكن من الحق بانشراح صدر وطيب نفس سالما عن شغب الأهواء فإن الركوب يعبر به عن التمكن ومن كان ينازعه هواه ويكاد يغلبه الهوى فهو مضار في سلوك الحق فعلامة إشارة إلى توفير العزم وعن السادس من وجهين أحدهما أن ذلك مذهبه فأخبر به لا أنه أمر به وثانيهما أن المسلمين عدول بعد الكشف بخلاف الكفار وقيل إنما قيل ذلك في عصر الصحابة حيث يغلب الخير فيلحق النادر بالغالب وأما اليوم فغلب الشر فيلحق الغالب بالنادر فينعكس الحال وعن السابع أن التنكر المراد به الغضب الملهي عن الفكر وعن الثامن أنه محمول على اظهار الطاعات و الباطن بخلافه وكلام أبي موسى محمول على المداراة بكلام والامور المباحة دفعا للشرور واسجلابا للمصالح ووافقنا الائمة على ما تقدم في هذا الادب الأدب التاسع تأديب الخصوم ففي الكتاب لا بأس بضرب الخصم اذا تبين لدده وظلمه قال ابن يونس وكذلك إذا أذى الفاضي نفسه لأن حرمة القاضي من حق الله والأدب في هذا أمثل من العفو قال مطرف وعبد الملك إذا قال أحدهما للآخر يا فاجر ويا ظالم ضربه على مثل هذا إلا في الفلتة من ذي مروءة فإن قال للشاهدين شهدتما علي بزور أو بما يسألكما الله عنه أو لستما عدلين يعاقب في ذلك بحسب قدر القائل والمقول له فإن قال للقاضي اتق الله قال ابن عبد الحكم لا يضيق عليه في ذلك وليثبت ويجب يبين مثل رزقني الله تقواه أو ما أمرت إلا بخير ويبين له من أين يحكم عليه ولا يظهر غضبا قال ابن القاسم فإن قال ظلمتني فذلك يختلف فإن أراد بذلك أذى القاضي والقاضي من أهل الفضل عاقبه لأن حرمته من حرمة الله وحرمة رسوله الأدب العاشر في جلسائه ومباشريه قال اللخمي لا يكون وكلاؤه وحجابه إلا عدولا لأنه يعتمد عليهم في أمور كثيرة ويكونون ذوي رفق وأناة لورود الضعيف والمظلوم عليهم ويباشرون النساء الواردات للحكومة ويؤتمنون على الحديث معهم فإذا اطلعوا على أسرار القاضي فيما يريد من حكومة فلا ينقلوها لأحد الخصمين وكذلك جلساؤه ويكونون أهل دين وأمانة ونصيحة واختلف في جلوس العلماء عنده فاختار محمد حضورهم ومشاورتهم وكان عثمان رضي الله عنه يخص أربعة من الصحابة ويستشيرهم فإذا رأوا ما رآه أمضاه وقاله أشهب ومنع مطرف وقال إذا ارتفع عن مجلس القضاء شاور قال اللخمي ذلك يختلف إن كان لا ينحصر بحضورهم وإلا فلا إلا أن يكون القاضي مقلدا فلا يسعه القضاء بغير حضورهم قال محمد ولا يدع مشاورة الفقهاء عندما يتوجه الحكم ولا يجلس للقضاء إلا بحضور عدول ليحفظوا إقرار الخصوم خوف رجوع المقر وإن كان ممن يقضي بعلمه فإن أخذه بما لا خلاف فيه أولى قال التونسي قال سحنون لا ينبغي أن يكون معه من يشغله عن النظر فقهاء أو غيرهم فإن ذلك يدخل عليها الحصر والوهم وكان عمر رضي الله عنه لا يحضر عنده الفقهاء وإذا شهد العالم في شيء فلا يشاور ذلك العالم في ذلك ولا يجوز له أن يشاوره فيما شهد فيه وفي الجواهر قال ابن عبد الحكم لا ينبغي ترك المشاورة ولا يدخله عيب ولا استنكاف فإن سلف هذه الأمة وخيار الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسألون عما نزل بهم فهذا أبو بكر رضي الله عنه يسأل عن الجدة وكان عمر رضي الله عنه يأتي زيد بن سالم ويسأله في أمر الجد وميراثه وسأل عمر أيضا عن ميراث المرأة من دية زوجها ولا يفتي فيما يختصم إليه فيه إلا للمتفقهين واختار ابن عبد الحكم الفتيا في جميع ما يسأل عنه لأن الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم كانوا يفعلون ذلك ولا بأس أن يجلس القاضي في مجلس العلم فيعلم أو يتعلم وعند ش و ح يحضر بمجلسه العلماء ويشاورهم لقوله تعالى ( وشاورهم في الأمر ) وشاور في أمر الخندق وغيره وقال تعالى ( وأمرهم شورى بينهم ) الأدب الحادي عشر استيفاء الحجج ففي الكتاب إن ادليا بحجتهما وفهم عنهما وأراد أن يحكم فليقل أبقيت لكما حجة فإن قالا لا حكم بينهما ثم لا يقبل إلا ما له وجه وبينة لم يعلم بها أو اتى بشاهد عند من لم ير الشاهد واليمين ثم وجد شاهدا آخر وقال لم أعلم به وفي التنبيهات قال ابن محرز جعل فهمه مقام ما يسمعه قال القاضي وليس المراد هذا وانما فهم عنهما واسمعة انتفت الريبة عه والاحتمال قال أشهب وسحنون لا يقضي بما فهمه من لحن خطابهما ولا بما يظنه في هذا هو الفهم الذي أراده في الكتاب وقوله أبقيت لكما حجة قيل صوابه من ( ) المحكوم وعليه اختصرها ابن محمد ومن اتبعه وأما الطالب فهو يطلب الحكم وقيل القول لهما لأن المطلوب إذا أبدى حجة يسأل الطالب عن جوابها فكأنه قال أبقي لكما كلام أنظر فيه قال والأحسن أنهما اثنان طالب ومطلوب فمرة يتوجه الحكم على المطلوب ومرة على الطالب بتعجيزه للمطلوب ودفعه عنه فقوله أبقيت لكما حجة لما كان يقول ذلك لكل واحد منهما منفردا إذا توجه عليه الحكم اختصر الكلام ولفه في لفظ واحد وأيضا فقد يبقى للطالب حجة يدفع فيها عنه وظاهر قوله إذا جاء شاهد آخر يقضي لها القاضي الأول وغيره وفي الموازية إنما هذا للقاضي نفسه ولا يسمع منه غيره ولسحنون لا هو ولا غيره قال ابن يونس فإن قالا لا حجة لنا لا تقبل لهما حجة بعد إنفاذ الحكم وإن قال بقيت لي حجة فأمهله فلم يأت بشيء حكم عليه ومعنى قول من قال لا ينظر في الشاهد إذا أتى به غير الأول لأن الأول قد اجتهد فلا ينقض ليلا يكون للثاني وصي على الأول وفي المجموعة إذا قضى عليه ثم وجد بينة لم يعلم بها وقد عزل الأول حكم له بها الثاني كما لو كانت غائبة غيبة بعيدة فحكم عليها ثم قدمت فله القيام بها فالجهل بها كالغيبة وينبغي أن يكتب في قضيته أنه ذكر أن له بينة بعيدة الغيبة فمن أحضر شهوده فهو على حجته وعن عبد الملك وغيره إذا حكم بشاهد من بعد الإجتهاد في الكشف عنهما لم ينتقض بشيء مما يقدح فيهما إلا أن يكونا عبدين أو مسخوطين أو مولى عليهما أو ممن يستحقان الولاية عليهما وقاله أشهب قال اللخمي إذا قال بقيت لي حجة قال محمد إن كان من طريق اللدد ضرب له أجلا ليس بالبعيد ثم يحكم عليه وإن ذكر حجة قوية في دار ونحوها فنحو ثلاثة أشهر الأدب الثاني عشر في الإسجال عليه بما ثبت قال اللخمي ومن حق الطالب إذا توجه له الحق أن يكتب له قضيته بما ثبت له وسبب الثبوت من بينة أو يمين أو نكول أو سقوط بينة إن ظهرت لأنه يخشى أن يقوم عليه بعد ذلك بها واختلف في المدعى عليه إذا لم يثبت عليه بتلك الدعوى شيء قال عبد الملك ليس ذلك على القاضي وقال مطرف يكتب له حتى لا تعود الخصومة في ذلك واختلف إذا أتى بعد ذلك بمن يزكيها أو عدلين فعند مالك وابن القاسم يقبلان لأن العجز لا يبطل الحق وعند مطرف لا يقبل إلا في ثلاث العتق والطلاق والنسب لأن فيها حقوقا لغيرها الحاضر فحقوق الله تعالى في الطلاق والعتاق والأنساب متعددة وكذلك الولاء وفي الجواهر يكتب في الإسجال أسماء البينة وأسماء المتداعيين وأنساب الجميع وما يعرفون به وما حكم به ويحتفظ به في خريطة ويختم عليه ويكتب عليه خصومة كل شهر على حدة حتى يتيسر الإخراج الأدب الثالث عشر أرزاقه وأرزاق أعوأنه قال ابن يونس جلس سحنون للناس احتسابا وقال لو اعطيت جميع بيت المال لأخرته من غير تحريم وأخذ لأعوانه وكاتبه وكل من استعدى أعطاه طابعا فإذا جاء بخصمه رد الطابع وفي الكتاب أكره إجارة قسام القاضي فإن وقع ذلك كان على عدد الرؤس لا على الأنصباء إذا لم يشترطوا بينهم شيئا قال ابن يونس ليس بحرام بل يكره لأن خارجه وزيدا كانا يقسمان بغير أجر وفي النوادر من الواضحة حق على الإمام أن يوسع على القاضي في رزقه ويجعل له قومة يقومون بأمره ويدفعون عنه الناس وأثمان الرقوق والسجلات ولا ينبغي أن يأخذ رزقه إلا من الخمس أو الجزية أو عشور أهل الذمة إن جبيت بغير ظلم ولا يرزق من الزكاة لأنه ليس من أصنافها وإن ولي فقير أغنى ووفي عنه دينه ويكفى جميع ما يحتاج إليه قال سحنون وله تكليف الطالب صحيفة يكتب فيها حجته وشهادته قال مالك لا بأس بأرزاق القضاة من بيت المال وكذلك العمال إن عملوا على حق قال أشهب فرزق كل واحد على قدر نفعه وقوته على العمل أما إذا كان المال يوضع في غير وجهه فتكره أرزاقهم قال ابن القاسم وقاسم الغنائم كقاسم القاضي وإنما كره مالك لقسام القاضي لأنها تؤخذ من بيت مال اليتامى ومن أموال الناس ولا بأس من بيت المال وكذلك من يبعث في أمور الخصومات لا يجعل له على الناس شيء وقال مالك لأن الأخذ من أموال الناس سبب الحيف على بعضهم فيكون من بيت المال قال ابن القاسم فلو أجر قوم لأنفسهم قاسما لم أربه بأسا كما قال مالك في الوثيقة قال سحنون فإن لم يرزق القاسم من بيت المال أجر نفسه وقال عبد الملك إن استجوب قاسم الغنيمة جاز وإذا بعث القاسم ليقسم بين قوم فيهم صغير أو غائب قال أصبغ لا يشهد في ذلك حتى يرفعه للحاكم فإن رآه صوابا أمضاه لأن حق الصغير والغائب وكيل يقوم مقأمه قال ابن القاسم ولا يكره القاضي الناس على قسم قسامة خاصة وكان عمر يقول اغنوهم بالمعاملة عن الخيانة وأجرى عمر بن عبد العزيز للقاضي دفع مائة دينار في السنة وكان يوسع على عماله ويقول ذلك لهم قليل إذا أقاموا كتاب الله وعدلوا وعند ش من تعين عليه القضاء وعنده كفايته وكفاية من تلزمه كفايته لم يجز أن يأخذ عليه رزقا لأنه فرض تعين عليه وإن لم تكن له كفاية جاز له الرزق من بيت المال لأن القضاء لا يترك له الكسب فلا بد أن يعرض عن الكسب وإن لم يتعين عليه القضاء ووجد الإمام من يتطوع به من أهل الولاية لو يجز أن يولي من يطلب عليه رزقا لأن بيت المال للمصالح ولا مصلحة في الدفع إليه مع وجود المتبرع فإن عدم المتبرع وللمولى كفايته كره إن يأخذ عليه رزقا لأنه قربة وتحرم الإجارة على القضاء كأنه عمل غير معلوم وعند ابن شعبان يجوز أخذ الرزق لمن تعين ولم يتعين مطلقا مع إكراهه ذلك مطلقا واتفقت الأئمة والأمة فيما علمت على تحريم الإجارة وأصل الإرزاق إن رسول الله أرزق عتاب بن أسيد أربعين أوقية في السنة رواه الزهري ولم يبين ذهبا ولا فضة وقوله تعالى ( والعاملين عليها ) التوبة 60 فيقاس عليها جميع المصالح قاعدة لايجتمع العوض والمعوض لشخص واحد ليلا تبطل حكمة المعاوضة وكذلك امتنع أخذ السابق في حلبة الخيل أو الرماة الرهن ليلا يكون المنتفع هو الآخذ واشترط المحلل وامتنع أخذ الأجرة في الصلاة لأن ثوابها للإمام وكذلك للقاضي أجر حكمه له فهو يعمل لنفسه تمهيد الأعمال ثلاثة أقسام أجمع على جواز الإجارة فيه كالخياطة وقسم أجمع فيه على المنع كالإيمان والصيام وقسم مختلف فيه كالحج والإمامة والأذان بوجوب شائبتين حصول النفع للنافع ( ) بالثواب و المستأجر بالملازمة في المكان المخصص ونحو ذلك وقد يتوهم هذا في القضاء لكن عرض أمر عظيم وسهو هو أن منصب القضاء منصب النبوة فلا يجوز أن يقابل بالعوض لأنه هوان ولأن المستأجر مستحق للمنافع فهو نوع من السلطنة تهين منصبه وتخل بهيبته فتختل المصالح وبه يفرق بينه وبين القسام وغيرهم لأن مناصبهم قليلة العظم والخطر بالنسبة إلى القضاء فتعد المفسدة فيهم بخلاف القاضي وأما الإرزاق فهو يعطى للقاضي والفقراء والضعفاء بسبب واحد وهو سد الخلة لا للمعامضة فكما أنه في حق الفقير ليس معاوضة فكذلك القاضي لا يلاحظ فيه إلا أنه محتاج لذلك فيعطاه لا أنه لوحد خدمته شيء ويعاوض عليه كالفقير سواء فلذلك جاز اتفاقا ومنعت الإجارة اتفاقا فاعلم هذه الفروق وتدبرها فإنها مدارك جليلة الأدب الرابع عشر إلتزام سد ذريعة الخيانة والمهانة قال ابن يونس لا يقبل هدية ولا ممن يهاديه قبل ذلك ولا قريب ولا صديق وإن كافأ بأضعافها إلا من الوالد والولد ونحوهما من خاصة القرابة التي تجمع من الحرمة أكثر من حرمة الهدية قال سحنون ومثل الخالة والعمة وبنت الأخ لأن رسول الله استعمل رجلا من بني أسد على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا لي أهدي إلي فقام النبي على المنبر فقال ما بال العامل نبعثه على بعض أعمالنا فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي ألا مجلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منها شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته (1) ولأنها ذريعة الرشى في الأحكام فيندرج في الذين اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا وقال ابن عبد الحكم لا يقبل ممن يخاصم ويقبلها من إخوانه قال ابن حبيب لم يختلف العلماء في كراهتها إلى السلطان والقضاة والعمال وجباة الأموال وقبوله الهدية من خواصه قال ابن حبيب وللإمام أخذ ما أفاد العمال كما فعله وكان عمر رضي الله عنه اذا1- ( حديثصحيح )ولى أحدا احصى ماله لينظر ما يزيد فيأخذه منه وكذلك شاطر العمال لما لم يستطع تمييز الزائد وشاطر أبا هريرة وأبا موسى الأشعري لما احتضر معاوية رضي الله عنه أمر أن يدخل شطر ماله في بيت المال استنانا بفعل عمر بعماله تمهيد الزائد قد يكون من التجارة أو الزراعة لا من الهدية ولا تظن الهدايا بأبي هريرة وغيره من الصحابة إلا مما لا يقتضي أخذا ومع ذلك فالتشطير حسن لأن التجارة لا بد أن ينميها جاه العمل فيصير جاه المسلمين كالعامل والقاضي أو غيره رب المال فأعطى العامل نصف المال عدلا بين الفريقين وكذلك لما انتفع عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب بالمال الذي أخذاه من الكوفة سلفا في القصة المشهورة قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه اجعله قراضا يا أمير المؤمنين فجعله قراضا ولولا هذه القاعدة كيف يصير القرض قراضا فتأمل ذلك قال ابن يونس ولا بأس للقاضي بحضور الجنائز وعيادة المرضى ويسلم على أهل المجلس ويسلم على من يسلم عليه لا ينبغي له إلا ذلك لأنها قربات من أموالي الناس فالقربات وقال عبد الملك ومطرف لا ينبغي له أن يجيب الدعوة لأنها مظنة أكل الطعام إلا في الوليمة للحديث فيها ثم إن شاء أكل أو شرب وقال أشهب يجيب الدعوة العامة وليمة أو صنيعا عاما لفرح ولا يجب لغير الفرح لأن العموم لعله من أجل القاضي لا لسرور قال سحنون والتنزه عن الدعوة العامة أحسن وقد كره مالك لأهل الفضل أن يجيبوا كل من دعاهم سؤال قال لو دعيت إلى كراع لأجبت واختلف هل المراد كراع الشاة أو اسم مكان وعلى التقدير تكون إجابة الداعي حسنة مطلقا للقاضي وأهل الفضل اقتداء به بل ينبغي النهي عن غير ذلك جوابه أن عظم منصبه اوجب الفرق فكان الناس يجيبون فإن من أجابة فقد حصل له خير الدنيا والآخرة فالمنة لرسول الله على الداعي جزما و الأمر فينا بالعكس إنما ندعى لتكون المنة علينا وذلك هوان بنا وعز به فحصل الفرق وفي النوادر قال عبد الملك ومطرف لا يشغل القاضي بالاحاديث في مجلسه إلا أن يريد إجمام نفسه قالا وإذا جلس أحد عنده وقال جلست لأقتدي بك وأتعلم من اقضيتك فليقمه و الجلوس عند القضاة من حيل المشاكلين للناس إلا أن يكون معروفا مألونا فيدعه وقال اصبغ لا يقعد عنده إلا الثقة البارز الذي فيه نفع ولا يشتغل في مجلس قضائه بالبيع والابتياع لنفسه أو لغيره على وجه العناية به إلا ماخف قال سحنون وتركه أضل قال أشهب فما باع جاز بيعه لا يرد منه شيء قال سحنون ولا باس بذلك في غير مجلس القضاء لنفسه ولغيره وكتب عمر بن عبد العزيز تجارة الولاة لهم مفسدة وللرعية مهلكة قال أشهب أما بيع التركات في مجلسه قضائه أو مال غائب أو صغير فذلك جائز قال عبد الملك لا ينبغي إكثار الدخول عليه ولا الركوب معه إلا لأهل الأمانة والنصيحة والفضل قال أشهب لا يقبل الهدية من خصم وإن كان خاصا أو قياسا له وإن كافأه ولا من غير خصم إلا أن يكافئه بمثلها وإن كان يهاديه قبل ذلك قال ابن عبد الحكم له التسلف من إخوانه الذين يعرف له السلف منهم ويستعين بإخوانه في حوائجه قال عبد الملك لا ينبغي له التضاحك مع الناس وتكون فيه عبوسة بغير غضب ويلزم التواضع من غير وهن لا ترك حق وإن أمكنه الغناء عن الأعوان كما كان الخلفاء فهو أفضل فإن احتاج فليخفف ما استطاع ويمنع من رفع الصوت عنده ليلا يدهش ويتنزه عن العواري والمقارضة قال ابن عبد الحكم لا باس أن يطالع ضيعته اليومين والثلاثة وفي الجواهر لا يشتري بنفسه ولا بوكيل معروف ليلا يسامح ولا يوكل إلا من يأمنه على دينه ليلا يسترخص له بسبب الحكم ولا يدري الناس منزلة لأحد عنده ليلا يؤتى من قبله ويدعوا أحدا في عدالة ولا شهادة ويكفي القاضي من المعرفة منح الرجل صحبه من غير حاجة لأنه يخادع الناس بالمنزلة عند القاضي كثرة الناس في الركوب معه تعظم عليه نفسه وتعظم عليه خلقه ووافقنا الأئمة على تحريم الرشوة لقوله لعن الله الراشي و المرتشي على الحكم وقال أبو حامد الاسفرايني و البكري من الشافعية اذا كان لا ياخذرزقا من بيت المال وقال لا اقضي بينكما إلا بعوض وأجراه مجرى الهدية وحقيقة الرشوة الأخذ للحكم بغير الحق أو لايقاف الحكم فهذا هو الحرام عندهم وعند ش تحرم الهدية من غير من عادته أن يهدي اليه قبل الولاية وممن عادته أن كانت له حكومة أو يستشعرها له أو أهدى له أعلى مما عادته أن يهديه والإجارة مع الكراهة وكذلك اذا أهدى اليه في غير عمله واختلف الشافعية اذا اخذ المحرمة هل يردها لربها أو لبيت المال لان المهدي اهدي اليه لمكان ولايته وهو منتصب لمصلحة المسلمين فكأنه اهداها للمسلمين فتصرف في مصالحهم وجوزوا حضوره الولائم مطلقا من غير كراهة وكرهوا تولي البيع و الشراء بنفسه وان يكون وكيلا معروفا ولهم في الفتيا في احكام الخصومات قولان ووافق ابن حنبل ش في لهدية واقسامها و الولائم و البيع وعند ح متى قبل الرشوة انعزل ولا ينفذ قضاؤه بعد ذلك حتى يتوب فإذا تاب فلا يحتاج إلى استئناف تولية لأن الفسق يبطل حكمه كالشهادة بل أولى لأن حكم القاضي ينفذ على الغير والشاهد لا ينفذ قوله على الغير ويعود لغير ولاية لزوال المعارض فيعمل السبب السابق وفصل في الهدية مثل ش الأدب الخامس عشر في أمور متقدمة يحتاجها في الجواهر يجعل من يثق به يخبره بما يقول الناس فيه من أخلاقه وينكرون عليه فينظر فيه ويستدركه بما يليق وفي النوادر يتعين على جليس القاضي إذا أنكر أمرا أن لا يؤخره بل في الحال يخبره به ليتوب وإذا احتاج إلى كشف وجه المرأة كشف بين يدي العدول من أصحابه وأمر بنحي الخصوم ومن على رأسه إن كان آمنه ويجعل للنصارى يوما أو وقتا يجلس لهم فيه في غير المسجد قال سحنون والغرباء وأهل المصر سواء إلا أن يرى غير ذلك في الغرباء مما لا يضر بأهل المصر وله أن يجعل للغرباء وقتا يخصهم فإن كثروا فلا يبدأ بهم كل يوم بل يجعل لهؤلاء دعوة ولهؤلاء دعوة ثم يبدأ بطائفة أول يوم ثم يميل لأهل المصر حتى يقوم ثم يبدأ في اليوم الثاني بباقيهم ثم يميل إلى أهل المصر يفعل ذلك حتى تنقضي تلك الدعوة فإن خاصم فيما سوى ذلك من لم يكن كتب اسمه في الدعوة خير في إثباته في أول من يدعو أو وسطه أو آخره أو تركه حتى ينقضي جميع من كتب في الدعوة باجتهاده وليس من يخاف فوات أمره كغيره قال مطرف وعبد الملك شأن القضاة تقديم الغرباء قالا ليس من فعل القضاة أن يجعل لنفسه يوما في الجمعة لا يقضي فيه بل ينظر لنفسه في كل الأيام في دنياه وحوائجه قال سحنون لا ينبغي أن يكتب خصم كل من جاءه إلا بلطخ من شهادة أو سماع فلعله يشخص الرجل البعيد ولا شيء له عنده أو يدعي بشيء وليس فيعطيه إياه ولا يرتفع قال أصبغ لا يكتب في دفع خصم إلا العدل فيقول له مرهما بالتناصف فإن امتنعا فارفعهما إن كان للمدعي وجه لمطالبته وخصمه لدد والا ترفعه وهذا في المكان القريب ويكتب في البعيد إلى من يرضاه من أهل العلم ويسمع البينة وأكتب الي بما صح عندك فإذا كتب بما صح عنده فله أن يأمره بإنفاذ الحكم بينهما أو بحملهما إليه فينفذه بينهما ولا يرفع البينة فإن عدم ثم من يكاتب يعرفه القاضي وذكر للقاضي أن ثم من يصلح فليأته بمن يعرفه فإن ثبت عنده الأهلية كتب وإلا كتب إلى عامل البلد إن وثق به فإن تعذر ذلك كتب للمطلوب إن فلانا ذكر فلانا فتناصفا وإلا فاقدم معه فإن قدم والانفذ من يقدمه إن قرب المكان قال ابن عبد الحكم إن كان في المصر أو قريبا منه أعطى الطالب طابعا أو رسولا أو بعيدا أمر بحمله إلا أن يشهد عليه شاهد أو شاهدان فيكتب حينئذ إلى أمنائه إما أن ينصفه وألا يرتفع معه وله أن يأتي في البر والبحر ما لم يرد إلا التطويل ومتى كان في الحكومة إشكال فلا بأس أن يأمرهما بالصلح وإذا أقر المطلوب بشيء أمر الطالب أن يشهد عليه ليلا ينكر