كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
وَالْمُوصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ ، يُزَادُ لِثُلُثِ قِيمَتِهِ ثُمَّ اُسْتُؤْنِيَ ، ثُمَّ وُرِثَ
( وَ ) إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدِ فُلَانٍ وَعِتْقِهِ سِيمَ الْعَبْدُ ( الْمُوصَى ) بِفَتْحِ الصَّادِ ( بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ ) بِثَمَنِ مِثْلِهِ الْمُعْتَادِ ، فَإِنْ أَبَى مَالِكُهُ مِنْ بَيْعِهِ بِهِ فَ ( يُزَادُ ) عَلَيْهِ ( لِثُلُثِ قِيمَتِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقَالَ أَصْبَغُ لِثُلُثِ الْمَالِ ( ثُمَّ ) إنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ بَيْعِهِ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ ( اُسْتُؤْنِيَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ ، أَيْ تَرَبَّصَ بِالْقِيمَةِ وَثُلُثِهَا ، وَلَا يَسْتَعْجِلُ بِرَدِّهِمَا الْوَرَثَةُ عَسَى أَنْ يَرْضَى بِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ ( ثُمَّ ) إنْ اسْتَمَرَّ آبِيًا مِنْ بَيْعِهِ بِهِمَا ( وُرِثَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالُ الْمُسْتَأْنَى بِهِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ مُدَّةُ الِاسْتِينَاءِ سَنَةٌ فَقَطْ ، وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا إنْ أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ لِيُعْتَقَ فَإِنَّهُ يُزَادُ فِيهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ ثَمَنِهِ لَا ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنْ يُزَادَ ، فَإِنْ أَبَى رَبُّهُ بَيْعَهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : يُسْتَأْنَى بِثَمَنِهِ ، فَإِنْ بِيعَ وَإِلَّا رُدَّ ثَمَنُهُ مِيرَاثًا ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ يُوقَفُ الثَّمَنُ مَا رُجِيَ بَيْعُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتٍ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ ، فَحَمَلَ الصِّقِلِّيُّ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى الْوِفَاقِ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى الْخِلَافِ ، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ خَالَفَ ابْنُ وَهْبٍ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَقَالَ : يُزَادُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ .
وَبِبَيْعٍ مِمَّنْ أَحَبَّ بَعْدَ النَّقْصِ وَالْإِبَايَةِ
( وَ ) إنْ أَوْصَى ( بِبَيْعٍ ) لِرَقِيقِهِ ( مِمَّنْ أَحَبَّ ) هـ الرَّقِيقُ وَأَحَبَّ أَنْ يُبَاعَ لِفُلَانٍ ، فَإِنْ دَفَعَ فِيهِ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِيعَ لَهُ ، وَإِنْ أَبَى مِنْ شِرَائِهِ ( بَعْدَ النَّقْصِ ) الثُّلُثَ قِيمَتَهُ فَ ( كَالْإِبَايَةِ ) مِنْ بَيْعِ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي رُجُوعِ الْجَمِيعِ مِيرَاثًا وَبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ .
" غ " وَيَبِيعُ مِمَّنْ أَحَبَّ بَعْدَ النَّقْصِ وَالْإِبَايَةِ ، أَيْ وَإِنْ أَوْصَى سَيِّدُهُ بِبَيْعِهِ مِمَّنْ أَحَبَّ اُسْتُؤْنِيَ ثُمَّ وَرِثَ بَعْدَ النَّقْصِ وَالْإِبَايَةِ ، فَلَفْظُ الْإِبَايَةِ مَعْطُوفٌ بِالْوَاوِ عَلَى النَّقْصِ ، كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْكَافِ مَكَانَ الْوَاوِ وَلَا مَعْنَى لَهُ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّقْصَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الزِّيَادَةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَاعْتَرَضَ عج قَوْلَ " غ " اُسْتُؤْنِيَ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ اسْتِينَاءً ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بَعْدَ النَّقْصِ ، وَالْإِبَايَةِ .
وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِأَنَّ هَذِهِ لَا عِتْقَ فِيهَا بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ : بِيعُوا عَبْدِي مِمَّنْ أُحِبُّ أَوْ مِمَّنْ يَعْتِقُهُ فَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِهِ لَا ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي وَضِيعَةً أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي الَّذِي يُبَاعُ مِمَّنْ أَحَبَّ بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا سِيمَ بِهِ وَعِتْقِ ثُلُثِ الْعَبْدِ ، وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَشْتَرِيهِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ وَضَيْعَةِ ثُلُثِ ثَمَنِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ .
ابْنُ وَهْبٍ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَأَمَّا الَّذِي يُبَاعُ مِمَّنْ يَعْتِقُهُ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ بَيْعِهِ مِنْهُ بِمَا أَعْطَى أَوْ يُعْتِقُوا ثُلُثَهُ ، وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْمَبِيعِ لِلْعِتْقِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ بِمَا هُوَ أَصْوَبُ ، وَبِهِ أَخَذَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " ، وَرَوَى أَشْهَبُ فِيهِ وَفِي الْمَبِيعِ مِمَّنْ أُحِبُّ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يَجِدُوا مَنْ يَأْخُذُهُ بِوَضِيعَةِ ثُلُثِ ثَمَنِهِ اُسْتُؤْنِيَ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرُوا فِي بَيْعِهِ بِوَضِيعَةِ ثُلُثِ ثَمَنِهِ وَفِي عِتْقِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ مِنْهُ .
وَاشْتِرَاءٍ لِفُلَانٍ ، وَأَبَى بُخْلًا بَطَلَتْ ، وَلِزِيَادَةٍ : فَلِلْمُوصَى لَهُ
( وَ ) إنْ أَوْصَى بِ ( اشْتِرَاءِ ) عَبْدِ فُلَانٍ وَإِعْطَائِهِ ( لِفُلَانٍ ) آخَرَ فَإِنْ أَبَى بَيْعَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ زِيدَ عَلَيْهِ قَدْرُ ثُلُثِهِ ( وَ ) إنْ أَبَى ( بُخْلًا بِ ) بَيْعِ ( هـ بَطَلَتْ ) الْوَصِيَّةُ وَرَجَعَ الثَّمَنُ مِيرَاثًا ( وَ ) إنْ أَبَى ( لِ ) طَلَبِ ( زِيَادَةٍ ) عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَثُلُثِهِ ( فَ ) الثَّمَنُ وَثُلُثُهُ ( لِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ ) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ : اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَامْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ بَيْعِهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ زِيدَ فِي ثَمَنِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ ثَمَنِهِ ، فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ بَيْعِهِ بِذَلِكَ لِيَزْدَادَ ثَمَنًا دَفَعَ ثَمَنَهُ وَثُلُثَهُ لِلْمُوصَى لَهُ ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ غِبْطَةً بِهِ عَادَ ذَلِكَ مِيرَاثًا وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ .
وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ امْتَنَعَ لِزِيَادَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَكْثَرُ مِنْ زِيَادَةِ ثُلُثِ الثَّمَنِ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ الْعَبْدِ ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ رَجَعَ الْمَالُ مِيرَاثًا وَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ .
وَبِبَيْعِهِ لِلْعِتْقِ نُقِصَ ثُلُثُهُ ، وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي بَيْعِهِ ، أَوْ عِتْقِ ثُلُثِهِ ، أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ لِفُلَانٍ ؛ فِي : لَهُ
( وَ ) إنْ أَوْصَى ( بِبَيْعِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( لِعِتْقٍ ) مِمَّنْ يَشْتَرِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ ( نُقِصَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( ثُلُثُهُ ) أَيْ الثَّمَنِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِوَضِيعَةِ الثُّلُثِ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ( الْوَارِثُ ) لِلْمُوصَى ( فِي بَيْعِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ بِمَا سَامَهُ بِهِ الْمُشْتَرِي ( أَوْ عِتْقِ ثُلُثِ الْعَبْدِ ) بَتْلًا ( أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ ) أَيْ إعْطَاءِ ثُلُثِ الْعَبْدِ ( لِفُلَانٍ فِي ) إيصَائِهِ بِبَيْعِهِ ( لَهُ ) أَيْ فُلَانٍ .
وَبِعِتْقِ عَبْدٍ لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْحَاضِرِ ، وُقِفَ ، إنْ كَانَ لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ ، وَإِلَّا عُجِّلَ عِتْقُ ثُلُثِ الْحَاضِرِ ، ثُمَّ تُمِّمَ مِنْهُ
( وَ ) إنْ أَوْصَى ( بِعِتْقِ عَبْدٍ ) مُعَيَّنٍ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ ( وَلَا يَخْرُجُ ) الْعَبْدُ الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ ( مِنْ ثُلُثِ ) الْمَالِ ( الْحَاضِرِ ) لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ عَلَيْهِ ( وَيَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ ) الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ ( وُقِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْعَبْدُ عَنْ الْعِتْقِ ( إنْ كَانَ ) يُرْجَى إجْمَاعُ الْمَالِ ( لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ ) فَإِنْ اجْتَمَعَ الْمَالُ ، وَحَمَلَ ثُلُثُهُ الْعَبْدَ عَتَقَ جَمِيعُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ اجْتِمَاعَ الْمَالِ إلَّا بَعْدَ أَشْهُرٍ كَثِيرَةٍ ، وَلَمْ يَحِدَّهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَحَدَّهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِسَنَةٍ ( عُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( عِتْقُ ) جُزْءٍ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ( ثُلُثِ ) الْمَالِ ( الْحَاضِرِ ثُمَّ تُمِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا عِتْقُهُ مِنْ الْمَالِ الْغَائِبِ إذَا حَضَرَ ، فَكُلَّمَا يَحْضُرُ شَيْءٌ مِنْ الْغَائِبِ يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ ، وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ عِتْقُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ مِمَّا حَضَرَ لَهُ وَمَالٌ غَائِبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُوقَفُ لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ ، فَإِذَا اجْتَمَعَ قُوِّمَ فِي ثُلُثِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ : أَعْتِقُوا مِنِّي ثُلُثَ الْحَاضِرِ السَّاعَةَ .
سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةَ فِيمَا يَبْعُدُ اجْتِمَاعُهُ وَيَطُولُ .
عِيَاضٌ هَذَا نَحْوُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا طَالَ ذَلِكَ كَالْأَشْهُرِ وَالسَّنَةِ أُنْفِذَ الثُّلُثُ .
وَفَسَّرَ أَشْهَبُ الْمَسْأَلَةَ بِأَنْ يُعْتَقَ مِنْهُ ثُلُثُ الْحَاضِرِ ثُمَّ مَا يَقْتَضِي مِنْ الْغَائِبِ يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ قَدْرُ ثُلُثِهِ .
وَأَبُو عِمْرَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم .
الصِّقِلِّيُّ قَوْلُ سَحْنُونٍ إلَّا أَنْ يَضُرَّ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةَ فِيمَا يَبْعُدُ جَمْعُهُ ، وَيَطُولُ مِثْلُهُ رُوِيَ أَشْهَبُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَقْبِضُ إلَى أَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ أَوْ عَرَضٍ يُبَاعُ وَمَا يَبْعُدُ جِدًّا
وَتَبْعُدُ غَيْبَتُهُ فَلْيُجْعَلْ عِتْقُهُ فِي ثُلُثِ الْحَاضِرِ ، وَيُوقَفُ بَاقِيهِ كُلَّمَا حَضَرَ شَيْءٌ زِيدَ فِيهِ عِتْقُ ثُلُثِهِ وَلَا يُوقَفُ جَمِيعُ الْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلَمْ يَأْخُذْ سَحْنُونٌ يَقُولُ أَشْهَبُ ، وَقَالَ لَوْ كَانَ هَذَا لَأَجْزَأَ الْمَيِّتَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى ثُلُثَ الْحَاضِرِ ، وَصَارَ بَاقِي الْعَبْدِ مَوْقُوفًا عَلَى الْوَرَثَةِ .
مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الْمَالُ الْغَائِبُ غَيْرَ بَعِيدٍ انْتَظَرَ ، وَإِنْ بَعُدَ كَالْأَشْهُرِ الْكَثِيرَةِ أَوْ السَّنَةِ أَنْفَذَ ثُلُثَ الْحَاضِرِ وَأَنْفَذَ الْمِيرَاثَ .
ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ انْتَظَرَ جَمِيعَ الْمَالِ ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا كَخُرَاسَانَ مِنْ مِصْرَ وَالْأَنْدَلُسِ عَتَقَ الْآنَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَكُلَّمَا حَضَرَ شَيْءٌ مِنْ الْغَائِبِ زِيدَ فِي عِتْقِهِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَا حَضَرَ ، وَإِذَا بَعُدَتْ الْغَيْبَةُ مِثْلَ خُرَاسَانَ جَازَ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُ ثُلُثَيْهِ .
وَاخْتُلِفَ إنْ قَدِمَ الْغَائِبُ هَلْ يَنْقُضُ الْبَيْعَ لِيَعْتِقَ مَا بَقِيَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِهَذَا .
وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ بِمَرَضٍ لَمْ يَصِحَّ بَعْدَهُ ، إلَّا لِتُبَيِّنَّ عُذْرٍ بِكَوْنِهِ فِي نَفَقَتِهِ ، أَوْ دَيْنِهِ أَوْ سُلْطَانِهِ ، إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلُهُ أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ ، لَا بِصِحَّةٍ وَلَوْ بِكَسَفَرٍ ، وَالْوَارِثُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ ، وَعَكْسُهُ الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ فَأَجَازَهُ وَارِثُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ( لَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثٍ آخَرَ ، أَوْ الزَّائِدَةَ عَلَى الثُّلُثِ إنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ ( بِمَرَضٍ ) لِلْمُوصِي مَخُوفٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْمُوصَى ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْمَرَضِ صِحَّةً بَيِّنَةً وَمَاتَ مِنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِتَبَيُّنِ عُذْرٍ ) لِلْمُجِيزِ فِي إجَازَتِهِ مُصَوَّرٍ ( بِكَوْنِهِ ) أَيْ الْمُجِيزِ ( فِي نَفَقَتِهِ ) أَيْ الْمُوصِي وَخَافَ الْوَارِثُ إنْ لَمْ يُجِزْ وَصِيَّتَهُ الْمَذْكُورَةَ بِقَطْعِ نَفَقَتِهِ عَنْهُ ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لَهَا ( أَوْ ) فِي ( دَيْنِهِ ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ الْمُوصَى ، أَيْ كَوْنُ الْوَارِثِ مَدِينًا لِلْمُوصِي بِدَيْنٍ عَاجِزٍ عَنْ وَفَائِهِ وَخَافَ إنْ لَمْ يُجِزْهَا يَحْبِسُهُ فِي دَيْنِهِ مَثَلًا ( أَوْ ) خَوْفِ الْوَارِثِ مِنْ الْمُوصِي لِ ( سُلْطَانِهِ ) أَيْ جَاهِ الْمُوصِي وَقُوَّتِهِ وَ ( إلَّا أَنْ ) يَدَّعِيَ الْوَارِثُ أَنَّهُ جَهِلَ لَهُ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَ ( يَحْلِفُ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلَهُ ) أَيْ الْمُجِيزُ لِبُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ ( أَنَّهُ ) أَيْ الْمُجِيزَ ( جَهِلَ أَنَّ لَهُ ) أَيْ الْمُجِيزِ ( الرَّدَّ ) لِلْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ كَمَا لَا تَلْزَمُهُ إجَازَتُهُ فِي صِحَّةِ الْمُوصَى ، وَلَا إجَازَتُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي صَحَّ مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً ( لَا ) تَلْزَمُ الْوَارِثَ إجَازَتُهُ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثٍ أَوْ لِغَيْرِهِ بِزَائِدٍ الثُّلُثِ ( بِصِحَّةٍ ) لِلْمُوصَى أَوْ بِمَرَضِهِ الَّذِي صَحَّ بَعْدَهُ صِحَّةً بَيِّنَةً إنْ كَانَتْ بِحَضَرٍ .
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( بِسَفَرٍ ) مِنْ الْمُوصَى فَلَا تَلْزَمُ الْوَارِثَ اُنْظُرْ الصِّحَّةَ الْمُوصَى قَالَهُ مُحَمَّدٌ أَصْبَغُ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لُزُومَهَا بِسَفَرٍ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَنْزِيلًا لِلسَّفَرِ
مَنْزِلَةَ الْمَرَضِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قُلْت مَنْ أَوْصَى فِي مَرَضِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَأَجَازَ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ الْمُوصِي إجَازَتَهُ ، أَوْ بَعْدَ طَلَبِهَا ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ اسْتَأْذَنَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَأَذِنُوا لَهُ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ مَوْتِهِ ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بَائِنًا عَنْهُ مِنْ وَلَدِ أَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَمَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ مِنْ وَلَدٍ قَدْ احْتَلَمَ وَبَنَاتِهِ وَزَوْجَاتِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ ، وَكَذَا ابْنُ الْعَمِّ الْوَارِثِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ ، وَيَخَافُ إنْ مَنَعَهُ وَصَحَّ أَنْ يَضْرِبَهُ فِي مَنْعِ رَفْدِهِ فَلِهَؤُلَاءِ أَنْ يَرْجِعُوا إذَا رَأَى أَنَّ إجَازَتَهُمْ خَوْفًا مِمَّا ذَكَرْنَا إلَّا أَنْ يُجِيزُوا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ .
وَيَجُوزُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُمْ مُرْضِيَةً ، وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْبِكْرِ وَلَا الِابْنِ السَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ كَانَتْ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ تَتَخَلَّلْهُ صِحَّةٌ فَكَالْمَوْتِ عَلَى الْأَشْهَرِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ عُذْرٌ مِنْ كَوْنِهِ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْ دَيْنُهُ أَوْ سُلْطَانُهُ ، فَإِنْ قَالَ مَا عَلِمْت أَنَّ لِي رَدَّهَا ، وَمِثْلُهُ يَجْهَلُ حَلَفَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ : مَنْ أَوْصَى مَا لِوَارِثِهِ فَأَنْفَذَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ : لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ لَهُ ، فَرَوَى مُحَمَّدٌ يَحْلِفُ مَا عَلِمَ ، وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ قُلْت : مِثْلُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ ، وَفِي الشُّفْعَةِ مِنْهَا مِنْ عِوَضٍ مِنْ صَدَقَتِهِ ، وَقَالَ : ظَنَنْت أَنَّهُ يَلْزَمُنِي فَلْيَرْجِعْ فِي عِوَضِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ : اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ ، وَهُوَ مَنْ دَفَعَ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ جَاهِلًا ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِيهِ مِنْهُ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَلَهَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ
وَالْعُتْبِيَّةِ ، وَيَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا أَنْفَذَ بِحَالٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ جَهِلَ ، إذْ لَا عُذْرَ لَهُ فِي جَهْلِهِ ، وَالثَّانِي لَهُ الرُّجُوعُ إنْ ادَّعَى الْجَهْلَ ، وَأَشْبَهَ بِيَمِينِهِ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَالثَّالِثُ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ جَهِلَ بِدَلِيلٍ يُقِيمُهُ عَلَى ذَلِكَ .
( وَالْوَارِثُ ) لِلْمُوصِي الَّذِي أَوْصَى لَهُ ( يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ ) لَهُ بِوِلَادَةِ مَنْ حَجَبَهُ بَعْدَ إيصَائِهِ لَهُ كَإِيصَائِهِ لِأَخِيهِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ اُعْتُبِرَ مَآلُهُ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لَهُ ( وَعَكْسُهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ غَيْرُ الْوَارِثِ لِلْمُوصِي يَصِيرُ وَارِثُهُ بِمَوْتِ مَنْ يَحْجُبُهُ كَإِيصَائِهِ لِأَخِيهِ ، وَلَهُ ابْنٌ فَمَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الْمُوصِي ( الْمُعْتَبَرُ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِهِ ( مَآلُهُ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ ، أَيْ مَا آلَ أَمْرُ الْمُوصَى لَهُ إلَيْهِ فَتَنْفُذُ فِي الْأَصْلِ ، وَلَا تَنْفُذُ فِي عَكْسِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا غَيْرُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ ، وَهُوَ رَشِيدٌ إنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَا آلَ إلَيْهِ أَمْرُ الْمُوصَى لَهُ ، بَلْ ( وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ) الْمُوصِي بِصَيْرُورَةِ وَارِثِهِ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ وَارِثٍ .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ أَوْصَى لِأَخِيهِ بِوَصِيَّةٍ فِي مَرَضٍ أَوْ صِحَّةٍ ، وَهُوَ وَارِثُهُ فَلَا يَجُوزُ ، فَإِنْ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ يَحْجُبُهُ فَيَجُوزُ إنْ عَلِمَ بِالْوَلَدِ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ فَصَارَ مُجِيزًا لَهَا ، وَقَالَ أَشْهَبُ : الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ جَائِزَةٌ عَلِمَ الْمُوصِي بِوَلَدِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ .
ابْنُ الْقَاسِمِ : فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَارِثًا ، وَمَنْ أَوْصَى فِي صِحَّتِهِ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ، وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ مَنْ أَوْصَى لِابْنِهِ ، وَهُوَ عَبْدٌ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ ، وَأَسْلَمَ
النَّصْرَانِيُّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَمَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لِتَصْوِيبِهِ اللَّخْمِيُّ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ .
وَاجْتُهِدَ فِي ثَمَنِ مُشْتَرًى لِظِهَارٍ ، أَوْ لِتَطَوُّعٍ بِقَدْرِ الْمَالِ ، فَإِنْ سَمَّى فِي تَطَوُّعٍ يَسِيرًا ، أَوْ قَلَّ الثُّلُثُ ، شُورِكَ بِهِ فِي عَبْدٍ ، وَإِلَّا فَآخِرُ نَجْمٍ مُكَاتَبٍ ، وَإِنْ عَتَقَ فَظَهَرَ دَيْنٌ يَرُدُّهُ أَوْ بَعْضَهُ ، رُقَّ الْمُقَابِلُ ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ ؛ اُشْتُرِيَ غَيْرُهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ
( وَ ) إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ وَعِتْقِهَا كَفَّارَةً لِظِهَارِهِ مَثَلًا أَوْ تَطَوُّعًا وَلَمْ يُسَمِّ مَا تُشْتَرَى بِهِ ( اجْتَهَدَ ) الْوَصِيُّ ( فِي ) قَدْرِ ( ثَمَنِ ) رَقِيقٍ ( مُشْتَرًى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ( لِ ) يُعْتَقَ فِي كَفَّارَةِ ( ظِهَارٍ ) مَثَلًا عَلَى الْمُوصِي ( أَوْ ) لِ ( تَطَوُّعٍ ) فَيَجْتَهِدُ ( بِقَدْرِ الْمَالِ ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمُوصِي فَلَيْسَ مَنْ تَرَكَ مِائَةً كَمَنْ تَرَكَ أَلْفًا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ رَقَبَةٍ تُشْتَرَى وَلَمْ يَمَسَّ ثَمَنًا أُخْرِجَتْ بِالِاجْتِهَادِ بِقَدْرِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ ، وَكَذَا إنْ قَالَ عَنْ ظِهَارِي .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْظَرُ إلَى قِلَّةٍ ، وَلَا إلَى كَثْرَةٍ وَتُشْتَرَى رَقَبَةٌ وَسَطٌ كَمَا فِي الْغُرَّةِ ، وَيُحَاصَصُ بِهَا أَهْلُ الْوَصَايَا ، هَذَا الِاسْتِحْسَانُ وَالْقِيَاسُ الْمُحَاصَّةُ بِأَدْنَى الْقِيَمِ مِمَّا يُجْزِئُ فِي الظِّهَارِ وَقَتْلِ النَّفْسِ ، وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ كَمَا فِي الْمُتَزَوِّجِ عَلَى خَادِمٍ أَنَّهَا مِنْ الْوَسَطِ .
اللَّخْمِيُّ الْوَسَطُ مَعَ عَدَمِ الْوَصَايَا ، فَإِنْ كَانَتْ وَضَاقَ الثُّلُثُ رَجَعَ إلَى أَدْنَى الرِّقَابِ ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا قَصَدَ إنْفَاذَ وَصَايَاهُ جُمْلَةً اُنْظُرْ تَمَامَهُ فِي الْحَاشِيَةِ .
فَإِنْ ) كَانَ ( سَمَّى ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا الْمُوصِي ( فِي ) إيصَائِهِ بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ لِعِتْقِ ( تَطَوُّعٍ ) ثَمَنًا ( يَسِيرًا ) لَا يَبْلُغُ ثَمَنَ رَقَبَةٍ ( أَوْ ) سَمَّى كَثِيرًا وَ ( قَلَّ الثُّلُثُ ) لِمَالِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ عَنْ ثَمَنِ رَقَبَةٍ ( شُورِكَ ) بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( بِهِ ) أَيْ الْمُسَمَّى أَوْ الثُّلُثِ الْقَلِيلِ ( فِي ) شِرَاءِ ( رَقَبَةٍ ) لِلْعِتْقِ إنْ وُجِدَ مَنْ يُشَارِكُ فِي شِرَائِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُشَارِكُ فِي رَقَبَةٍ ( فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ ) يُعَانُ عَلَيْهِ بِالْمُسَمَّى أَوْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ سَمَّى ثَمَنًا لَا يَسَعُهُ الثُّلُثُ اشْتَرَى
بِثُلُثِهِ إنْ كَانَ فِيهِ مَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ فِي التَّطَوُّعِ شُورِكَ فِي رَقَبَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أُعِينَ بِهِ مُكَاتَبٌ فِي آخِرِ نُجُومِهِ .
( وَإِنْ ) سَمَّى ثَمَنًا تُشْتَرَى بِهِ رَقَبَةٌ ، وَتُعْتَقُ فَاشْتَرَى بِهِ الْوَصِيُّ رَقَبَةً وَ ( أَعْتَقَهَا ) عَنْ الْمُوصِي ( فَظَهَرَ ) عَلَيْهِ ( دَيْنٌ ) مُسْتَغْرِقٌ جَمِيعَ مَا تَرَكَهُ الْمُوصِي ( يَرُدُّهُ ) أَيْ الدَّيْنَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِلرَّقَبَةِ ( أَوْ ) يَرُدُّ ( بَعْضَهُ ) أَيْ الْعَبْدَ لِلرَّقَبَةِ لِعَدَمِ اسْتِغْرَاقِهِ جَمِيعَ التَّرِكَةِ ( رُقَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ( الْمُقَابِلُ ) لِلدَّيْنِ ، وَهُوَ جَمِيعُ الرَّقَبَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، وَبَعْضُهَا فِي الثَّانِيَةِ .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا فِيهِ كَفَافُ الثُّلُثِ فَاشْتَرَاهَا الْوَصِيُّ بِهِ وَأَعْتَقَهَا عَنْهُ ، ثُمَّ لَحِقَ الْمَيِّتَ يَغْتَرِقُ جَمِيعَ مَالِهِ رُدَّ الْعَبْدُ رِقًّا .
وَإِنْ لَمْ يَغْتَرِقْ الدَّيْنُ جَمِيعَ مَالِهِ رُدَّ الْعَبْدُ ، وَأُعْطِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ ثُمَّ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مِقْدَارُ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الدَّيْنَ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَمْضِي الْعِتْقُ وَيَغْرَمُ الْوَصِيُّ .
اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ ، وَلَمْ يُعْتَقْ لِنَفْسِهِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ : إنْ تَبَيَّنَ تَفْرِيطُهُ ضَمِنَ اتِّفَاقًا ، وَإِلَّا فَفِي حَمْلِهِ عَلَى التَّفْرِيطِ فَيَضْمَنُ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فَلَا يَضْمَنُ قَوْلَانِ لِسَمَاعِ أَشْهَبَ مَعَ غَيْرِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
( وَإِنْ مَاتَ ) الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَى لِلْعِتْقِ ( بَعْدَ اشْتِرَائِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ الرَّقِيقُ ( اُشْتُرِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ رَقِيقٌ ( غَيْرُهُ ) وَإِنْ اُشْتُرِيَ غَيْرُهُ وَمَاتَ قَبْلَ إعْتَاقِهِ أَيْضًا اُشْتُرِيَ غَيْرُهُ وَهَكَذَا ( لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ ) لِمَالِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ .
فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِنَسَمَةٍ تُشْتَرَى فَتُعْتَقُ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً بِالشِّرَاءِ حَتَّى
تُعْتَقَ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ قَتَلَهَا رَجُلٌ أَدَّى قِيمَتَهَا رِقًّا ، وَأَحْكَامُهَا فِي أَحْوَالِهَا أَحْكَامُ رِقٍّ حَتَّى تُعْتَقَ ، فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْإِعْتَاقِ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْتَرُوا رَقَبَةً أُخْرَى مِمَّا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَبْلَغِ الثُّلُثِ ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ لِتُعْتَقَ فِي كَفَّارَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ فَابْتَاعُوا رَقَبَةً فَمَاتَتْ قَبْلَ عِتْقِهَا وَقِسْمَةِ الْمَالِ رَجَعَ لِلْمَالِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ ثَمَنَ رَقَبَةٍ تُعْتَقُ إنْ حَمَلَ ثُلُثُهُ ثَمَنَهَا ، وَكَذَا يَرْجِعُ أَبَدًا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مَا لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ ، أَوْ يُقَسَّمُ الْمَالُ ، فَإِنْ قُسِّمَ وَقَدْ اشْتَرَى أَوْ أَخَّرَ ثَمَنَهُ فَذَهَبَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ أَهْلُ وَصَايَا قَدْ أَخَذُوا وَصَايَاهُمْ فَيُؤْخَذُ مِمَّا أَخَذُوا مَا يُبْتَاعُ بِهِ رَقَبَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةً ، وَثَمَّ عِتْقٌ لَمْ يَنْفُذْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْوَصِيَّةِ مَا هُوَ مِثْلُهُ مِنْ الْوَاجِبِ ، فَيَكُونَانِ فِي الثُّلُثِ سَوَاءً ، وَإِنْ بَقِيَ بِأَيْدِي الْوَرَثَةِ مِنْ الثُّلُثِ مَا يُبْتَاعُ بِهِ رَقَبَةٌ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْقَسْمِ ، وَابْتِيعَ بِهِ رَقَبَةٌ وَأُنْفِذَ لِأَهْلِ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ ا هـ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
وَبِشَاةٍ أَوْ بِعَدَدٍ مِنْ مَالِهِ : شَارَكَ بِالْجُزْءِ ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّى ، فَهُوَ لَهُ ؛ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ
وَإِنْ أَوْصَى بِشَاةٍ ) مَثَلًا وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ( أَوْ ) أَوْصَى بِ ( عَدَدٍ ) مِنْ الشِّيَاهِ مَثَلًا كَثَلَاثٍ غَيْرِ مُعَيَّنَاتٍ ( مِنْ مَالِهِ ) أَيْ الْمُوصِي ، وَلَهُ شِيَاهٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا سَمَّى ( شَارَكَ ) الْمُوصَى لَهُ الْوَرَثَةَ ( بِالْجُزْءِ ) أَيْ بِمِثْلِ نِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِمَجْمُوعِ شِيَاهِهِ فَإِنْ سَمَّى وَاحِدَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ شَارَكَ بِالنِّصْفِ وَمِنْ ثَلَاثٍ بِالثُّلُثِ ، وَمِنْ عَشَرَةٍ بِالْعُشْرِ ، وَإِنْ سَمَّى ثَلَاثًا مِنْ سِتِّينَ شَارَكَ بِنِصْفِ الْعُشْرِ .
فِي الْمَوَّازِيَّةِ : إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ وَلَهُ غَنَمٌ فَهُوَ شَرِيكٌ بِوَاحِدَةٍ مِنْ عَدَدِهَا ضَأْنِهَا وَمَعْزِهَا ذُكُورِهَا وَإِنَاثِهَا صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا ، فَإِنْ هَلَكَتْ كُلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ .
الشَّيْخُ مَنْ أَوْصَى بِعَشْرِ شِيَاهٍ مِنْ غَنَمِهِ وَمَاتَ ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ وَوَلَدَتْ بَعْدَهُ عِشْرِينَ فَصَارَتْ خَمْسِينَ فَلَهُ خُمُسُهَا ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ مَرَّةً ، وَقَالَ مَرَّةً لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الْأُمَّهَاتِ ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ عِشْرِينَ أَخَذَ عَشْرَةً مِنْ الْأُمَّهَاتِ وَنِصْفَ الْأَوْلَادِ إنْ حَمَلَهُمَا الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ مِنْهُمَا .
( وَإِنْ ) كَانَ لَهُ حَالَ الْإِيصَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى وَمَاتَ بَعْضُهُ وَ ( لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّى ) الْمُوصِي ( فَهُوَ ) أَيْ الْبَاقِي كُلُّهُ ( لَهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ ( إنْ حَمَلَهُ ) أَيْ الْبَاقِيَ ( الثُّلُثُ ) لِمَالِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ ، فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَشْرَةٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ ، وَعَبِيدُهُ خَمْسُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ عَتَقَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ ، وَكَذَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنْ إبِلِهِ .
الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت : جَعْلُهُ شَرِيكًا وَمُخْتَصًّا مُتَنَافِيَانِ .
قُلْت : أَنَا أَفْهَمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى يُجْعَلُ حَالَ الْوَصِيَّةِ شَرِيكًا فَمَاتَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي
عَنْ الْعَدَدِ الَّذِي سَمَّاهُ ، وَحِينَئِذٍ لَا تَنَافِيَ .
طفي زَعَمَ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِفَهْمِهَا ، وَقَالَ لَهُ لِسَانُ الْحَالِ : لَمْ تَفْهَمْ مِنْهَا ، وَلَا قُلَامَةَ ظُفْرٍ لِاقْتِضَاءِ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ عَنْ الْعَدَدِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ نَقَصَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ التَّنْفِيذِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ دَوَاوِينِ الْمَالِكِيَّةِ ؛ إذْ الْمُعْتَبَرُ يَوْمُ التَّنْفِيذِ .
فَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَشَرَةٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ وَعَبِيدُهُ خَمْسُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ عَتَقَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ خَرَجَ عَدَدُ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ ، وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا عِشْرِينَ عَتَقَ نِصْفُهُمْ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا خَمْسَةَ عَشْرَ عَتَقَ ثُلُثَاهُمْ ، وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا عَشَرَةً عَتَقُوا إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ ، وَكَذَا مَنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ لِرَجُلٍ أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنْ إبِلِهِ ا هـ فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَوْمُ التَّنْفِيذِ ، وَأَنَّ الْمُشَارَكَةَ بِالتَّقْوِيمِ فَتُجَزَّأُ بِالتَّقْوِيمِ وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ الْمُوصَى بِهِ خَرَجَ لَهُ قَدْرُهُ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ ، فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ وَكَانَ لَهُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ خَمْسُ شِيَاهٍ فَلَهُ الْخُمُسُ .
وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثَلَاثَةٍ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ غَنَمِهِ وَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْجُزْءَ بِالْقُرْعَةِ كَانَ الْقَدْرَ الْمُوصَى بِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، فَقَوْلُ تت : وَلَهُ عَشْرُ شِيَاهٍ كَانَ شَرِيكًا بِالْعُشْرِ أَيْ بِاعْتِبَارِ التَّقْوِيمِ لَا الْعَدَدِ ، فَتُقَوَّمُ الْعَشْرُ شِيَاهٍ عَلَى عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ ، وَلَهُ جُزْءٌ كَانَ شَاةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : لَهُ التَّنْفِيذُ ، وَعَلَى التَّجْزِئَةِ أَيْضًا يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ : وَإِذَا أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِبَعِيرٍ أَوْ بِعَبْدٍ
كَانَ شَرِيكًا يُجْزِئُهَا صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا ضَأْنُهَا وَمَعْزُهَا ذَكَرُهَا وَأُنْثَاهَا ، وَمَعْنَى يُجْزِئُهَا أَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ الشَّاةِ مِنْ سَائِرِ الْغَنَمِ ، فَإِنْ تُوُفِّيَ عَنْ خَمْسٍ كَانَ لَهُ الْخُمُسُ ، وَعَنْ عَشَرَةٍ فَلَهُ الْعُشْرُ ، وَعَنْ مِائَةٍ فَلَهُ عُشْرُ الْعُشْرِ ا هـ وَمَعْنَى قَوْلِهِ : تُوُفِّيَ عَنْ خَمْسٍ إلَخْ ، أَيْ وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ لِيَوْمِ التَّنْفِيذِ ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَوْمُ التَّنْفِيذِ وَالْإِشْكَالُ الَّذِي تَخَيَّلَهُ الْبِسَاطِيُّ حَتَّى أَجَابَ بِمَا خَالَفَ فِيهِ الْمَذْهَبَ نَشَأَ عَنْ عَدَمِ مَعْرِفَةِ تَوْجِيهِ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ اعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةَ بِالْجُزْءِ مَعَ الِالْتِفَاتِ إلَى الْعَدَدِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ كَلَامِهِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ اعْتَبَرَ الْجُزْئِيَّةَ ، وَأَلْغَى الْعَدَدَ مِنْ كَلَامِ الْمُوصِي فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَهِيَ عَشَرَةٌ ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِعُشْرِهَا ، فَإِنْ مَاتَتْ تِسْعٌ مِنْهَا فَابْنُ الْقَاسِمِ يُعْطِي الْمُوصَى لَهُ تِلْكَ الشَّاةَ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ ، وَإِنْ مَاتَ خَمْسَةٌ مِنْهَا أَعْطَاهُ خُمُسَ الْبَاقِي خَرَجَ فِي السَّهْمِ شَاةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يُعْطِيهِ عُشْرَ مَا بَقِيَ مُطْلَقًا ، حَتَّى لَوْ لَمْ تَبْقَ إلَّا شَاةٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا عُشْرُهَا ا هـ وَهُوَ ظَاهِرٌ هَذَا تَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ لِمَنْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ .
لَا ثُلُثُ غَنَمِي فَتَمُوتُ
( لَا ) يَخْتَصُّ الْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فِي إيصَائِهِ لَهُ بِ ( ثُلُثِ غَنَمِي ) مَثَلًا ( فَتَمُوتُ ) غَنَمُهُ إلَّا ثُلُثَهَا لَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا ثُلُثُ مَا بَقِيَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ لَهُ ثُلُثُ إبِلِي أَوْ عَبِيدِي فَهَلَكَ بَعْضُهَا أَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ غَنَمِهِ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَاهَا ، فَإِنَّمَا لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ .
قُلْت كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَالْمُدَوَّنَةِ ، وَقَوْلُهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَعَ قَوْلِهِ إنَّمَا لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الْغَنَمِ وَالْعَبِيدِ تَقْرِيرٌ لِمَا هُوَ وَاقِعٌ ، كَقَوْلِهِ : إنْ كَانَ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا فَهُوَ جَمَادٌ قُلْت بَلْ احْتَرَزَ عَنْ اسْتِغْرَاقِهِ الدَّيْنَ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ ، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ ، فَلَهُ شَاةٌ وَسَطٌ ؛ وَإِنْ قَالَ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ ، بَطَلَتْ ، كَعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا ؛
( وَ ) إنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ وَ ( لَمْ تَكُنْ لَهُ ) أَيْ الْمُوصِي ( غَنَمٌ فَلَهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ ( شَاةٌ وَسَطٌ ) بَيْنَ الْعَالِي وَالدُّونِ تُشْتَرَى لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمُوصِي .
فِي الْمَوَّازِيَّةِ : إنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ غَنَمٌ فَلَهُ فِي مَالِهِ قِيمَةُ شَاةٍ مِنْ وَسَطِ الْغَنَمِ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَهُ مِنْهَا .
( وَإِنْ ) قَالَ لَهُ شَاةٌ ( مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ ) أَيْ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ ( بَطَلَتْ ) الْوَصِيَّةُ .
فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ لَهُ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي فَمَاتَ وَلَا غَنَمَ لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَ ) : إيصَائِهِ بِ ( عِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا ) أَيْ عَبِيدُهُ جَمِيعًا فَتَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا أَوْ اسْتَحَقُّوا بَطَلَتْ
وَقُدِّمَ لِضَيِّقِ الثُّلُثِ ، فَكُّ أَسِيرٍ ، ثُمَّ مُدَبَّرُ صِحَّةٍ ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ ، ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا ، إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا ، وَيُوصِيَ ، فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا ، ثُمَّ الْفِطْرُ ، ثُمَّ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ كَفَّارَةُ يَمِينِهِ ، ثُمَّ فِطْرِ رَمَضَانَ ، ثُمَّ لِلتَّفْرِيطِ ، ثُمَّ النَّذْرُ ثُمَّ الْمُبَتَّلُ ، وَمُدَبَّرُ الْمَرَضِ ؛ ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ أَوْ يُشْتَرَى أَوْ لِكَشَهْرٍ ، أَوْ بِمَالٍ فَعَجَّلَهُ ، ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَةٍ ؛ وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ ، وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ بَعُدَ ، ثُمَّ الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ عَلَى الْأَكْثَرِ ، ثُمَّ بِعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ ، ثُمَّ حَجٌّ إلَّا لِصَرُورَةٍ فَيَتَحَاصَّانِ ، كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ ، وَمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ ، وَجُزْئِهِ
( وَ ) إنْ أَوْصَى بِوَصَايَا أَوْ لَزِمَهُ أَشْيَاءُ مِنْ الثُّلُثِ وَضَاقَ عَنْهَا ( قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( لِضِيقِ الثُّلُثِ ) لِمَالِ الْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ عَمَّا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ بِإِيصَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُقَدَّمُ ( فَكُّ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الْكَافِ ، أَيْ فِدَاءُ شَخْصٍ ( أَسِيرٍ ) مُسْلِمٍ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ أَوْصَى بِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ كَانَ أَبُو عُمَرَ الْإِشْبِيلِيُّ يَرَى تَبْدِئَةَ الْوَصِيَّةِ بِفَكِّ الْأَسِيرِ عَلَى كُلِّ الْوَصَايَا مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَغَيْرِهِ ، وَيَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ أَشْهَبَ فِي الْجِهَادِ ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَتَّابٍ قَائِلًا : أَجْمَعَ الشُّيُوخُ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ صَحِيحٌ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : أَحْمَدُ قَوْلُهُ أَسِيرٍ ، أَيْ مُسْلِمٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ ، فَإِنْ أَوْصَى بِفَكِّ أَسِيرٍ ذِمِّيٍّ فَهُوَ مِنْ الصَّدَقَةِ .
عج هَذَا بَحْثٌ لَا نَقْلُ اللَّقَانِيِّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلذِّمِّيِّ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ لَا نَصَّ لَهُ فِيهَا ، وَإِنَّمَا نَقَلَهَا الْإِشْبِيلِيُّ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَلَيْسَ فِي نَصِّهِ تَقْيِيدٌ بِالْمُسْلِمِ .
الثَّانِي : قُدِّمَ فَكُّ الْأَسِيرِ ؛ لِأَنَّهُ يُخَاطَبُ بِهِ فِي الصِّحَّةِ ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَصَدَاقِ الْمَرِيضِ ، فَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَضَعُفَا عَنْهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْأَذَى الَّذِي لَيْسَ فِي غَيْرِهِ .
( ثُمَّ ) يُقَدَّمُ ( مُدَبَّرٌ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً الرَّشِيدُ فِي حَالِ ( صِحَّةٍ ) لَهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ فَكِّ الْأَسِيرِ ( ثُمَّ ) يُقَدَّمُ فِي بَاقِي الثُّلُثِ ( صَدَاقُ ) زَوْجَةِ زَوْجٍ ( مَرِيضٍ ) مَرَضًا مَخُوفًا حَالَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَبَنَى بِهَا وَمَاتَ مِنْهُ فَلَزِمَهُ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى ، وَصَدَاقُ مِثْلِهَا ، وَالثُّلُثُ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا .
ابْنُ رُشْدٍ أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ
الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ ، وَصَدَاقُ الْمَرِيضِ إذَا دَخَلَ فِي مَرَضِهِ فَهُمَا سَوَاءٌ يَتَحَاصَّانِ ، وَقِيلَ يَبْدَأُ صَدَاقُ الْمَرِيضِ ، وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ .
عَبْدُ الْحَقِّ : يُقَدَّمُ مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ أُحْدِثَ بَعْدَهُ فِي الْمَرَضِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا فِي مَرَضِهِ يُبْطِلُهُ أَوْ يُنْقِصُهُ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَثَانِيهَا تَقْدِيمُ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ رَآهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، ثَالِثُهَا : يَتَحَاصَّانِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُرَجِّحًا .
( ثُمَّ ) يُقَدَّمُ مِنْ بَاقِي الثُّلُثِ ( زَكَاةٌ ) لِعَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ ؛ إذْ الْمُرَادُ الزَّكَاةُ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا فِي صِحَّتِهِ وَصَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فَشَمِلَتْ الثَّلَاثَ وَبِالزَّكَاةِ الشَّامِلَةِ لَهَا عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى عُمُومِهِ ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَبِهَا عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا ( أَوْصَى بِ ) إخْرَاجِ ( هَا ) مِنْ مَالِهِ فَتُخْرَجُ مِنْ بَاقِي ثُلُثِهِ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا تَقَدَّمَ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ ) الْمُوصِي ( بِحُلُولِهَا ) أَيْ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ بِتَمَامِ حَوْلِ الْمَالِ مِنْ يَوْمِ زَكَاتِهِ أَوْ مِلْكِهِ ( وَيُوصِي ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الصَّادِ بِإِخْرَاجِهَا ( فَ ) تُخْرَجُ ( مِنْ رَأْسِ ) أَيْ جَمِيعِ ( الْمَالِ ) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ زَكَاةِ عَيْنٍ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مُطْلَقًا ، أَوْ إنْ أَوْصَى بِهَا إلَّا أَمَرَ الْوَارِثُ بِهَا ، وَلَا يُجْبَرُ قَوْلَا اللَّخْمِيِّ مَعَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَلِمُحَمَّدٍ فِيمَنْ عُلِمَ مَنْعُهُ زَكَاتَهُ ، وَأُمِرَ بِهَا فِي مَرَضِهِ ، فَقَالَ : حَتَّى أَصَحَّ تُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ كَوْنَهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي مُتَمَتِّعٍ مَاتَ إثْرَ نَفْرِهِ وَلَمْ يَهْدِ لِتَمَتُّعِهِ يَهْدِي مِنْ
رَأْسِ مَالِهِ ، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ فِي عِتْقِ ظِهَارِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ تَفْرِيطِهِ فِي عِتْقِهِ كَوْنَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، فَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ : إنْ عَرَفَ حُلُولَهَا ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ اتِّبَاعٌ لِلَّخْمِيِّ لَا لِلْمَشْهُورِ .
وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ خِلَافُ اقْتِضَاءِ ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ شَرْطَ عِلْمِ حُلُولِهَا حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِهِ ، وَصِحَّةُ تَعْلِيلِ الصِّقِلِّيِّ مَا أَخْرَجَ مِنْهَا مِنْ الثُّلُثِ بِكَوْنِهِ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ ، وَفِيهَا مَنْ حَلَّتْ زَكَاةُ عَيْنِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَتَاهُ مَالٌ غَائِبٌ فَأَمَرَ بِزَكَاتِهِ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ فِي النُّكَتِ يَبْدَأُ عَلَيْهَا مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ وَصَدَاقُ الْمَرِيضِ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ إنَّمَا عُلِمَ بِقَوْلِهِ ، وَلَا يُدْرَى أَصَدَقَ أَمْ لَا ، فَحُكْمُ الْمُدَبَّرِ وَالصَّدَاقِ أَقْوَى .
وَشَبَّهَ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ ( كَ ) زَكَاةِ ( الْحَرْثِ وَ ) زَكَاةِ ( الْمَاشِيَةِ ) إنْ مَاتَ مَالِكُهُمَا بَعْدَ إفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ وَمَجِيءِ السَّاعِي ، فَتُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا ، بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِ ) إخْرَاجِ ( هَا ) ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلُ مَا يُخْرَجُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ الْحُقُوقُ الْمُعَيَّنَاتُ مِثْلُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالرَّهْنِ وَزَكَاةِ ثَمَنِ الْحَائِطِ الَّذِي أَزْهَى ، وَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا وَفِيهَا السِّنُّ الَّذِي وَجَبَ فِيهَا ، فَهَذِهِ كُلُّهَا تُخْرَجُ وَإِنْ أَتَتْ عَلَى جَمِيعِ التَّرِكَةِ ( ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْ بَاقِي الثُّلُثِ زَكَاةُ ( الْفِطْرِ ) مِنْ رَمَضَانَ الْمَاضِيَةِ الَّتِي فَرَّطَ فِي إخْرَاجِهَا ، وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ الَّتِي مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ فَتُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ كَانَ أَوْصَى بِهَا ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا أُمِرَ وَارِثُهُ بِإِخْرَاجِهَا بِلَا جَبْرٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَوْ لَيْلَتَهُ ، وَقَدْ أَوْصَى بِالْفِطْرِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ،
فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا أُمِرَ وَرَثَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا ، وَلَا يُجْبَرُونَ كَزَكَاةِ عَيْنٍ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : هِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ كَمَنْ مَاتَ ، وَقَدْ أَزْهَى حَائِطُهُ أَوْ طَابَ كَرْمُهُ أَوْ أَفْرَكَ حَبُّهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي رَأْسِ مَالِهِ إنْ بَلَغَ مَا فِيهِ الزَّكَاةَ أَوْصَى بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِ ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ .
ابْنُ زَرْقُونٍ الْمَشْهُورُ تَبْدِئَةُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَرْضٌ ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهَا عَلَى نَفْسِهِ .
( ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْ بَاقِي الثُّلُثِ ( عِتْقُ ) كَفَّارَةٍ ( وَظِهَارٍ وَ ) عِتْقُ كَفَّارَةِ ( قَتْلٍ ) خَطَأٍ فَرُتْبَتُهُمَا وَاحِدَةٌ ( وَأُقْرِعَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ عِتْقِ الظِّهَارِ وَعِتْقِ الْقَتْلِ إنْ ضَاقَ الْبَاقِي عَنْهُمَا .
وَأَمَّا كَفَّارَةُ قَتْلِ الْعَمْدِ فَدَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي آخِرَ الْمَرَاتِبِ وَمُعَيَّنٌ غَيْرُهُ لِنَدْبِهَا فِي النُّكَتِ ، ثُمَّ الْعِتْقُ فِي الظِّهَارِ وَقَتْلُ النَّفْسِ بَعْدَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا لَا عِوَضَ لَهَا ، فَهِيَ أَقْوَى فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا وَلَمْ يَحْمِلْ إلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً فَرَأَيْت لِلْإِبْيَانِيِّ أَنَّ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إلَى الْمُحَاصَّةِ بَيْنَهُمَا ، فَمَا نَابَ الظِّهَارَ أَطْعَمَ بِهِ ، وَمَا نَابَ الْقَتْلَ شُورِكَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَنَازُعٌ كَثِيرٌ .
( ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْ بَاقِي الثُّلُثِ ( كَفَّارَةُ يَمِينٍ ) بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فِي النُّكَتِ يُبْدَأُ عِتْقُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِتَخْيِيرِهِ فِيهَا بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ ، وَالْقَتْلِ مَقْصُورَةٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ لَا يُنْتَقَلُ عَنْهُ إلَّا لِعَدَمِهِ فَحُكْمُهُمَا أَقْوَى .
الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ " إنَّمَا يُبْدَأُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ أَوْصَى بِهَا تَحَنُّثًا وَتَحَرُّجًا فَلَا تُبْدَأُ كَالْوَصِيَّةِ بِالصَّدَقَةِ .
( ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْ بَاقِيهِ كَفَّارَةٌ ( لِفِطْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْهُ كَفَّارَةٌ ( لِتَفْرِيطِ ) تَأْخِيرِ قَضَاءِ فِطْرِ ( هـ ) أَيْ رَمَضَانَ إلَى دُخُولِ رَمَضَانَ الَّذِي يَلِيهِ .
ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ كَفَّارَةُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ كَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ ، هَذَا عَلَى مَا فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْهَا ، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي النُّكَتِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي كَفَّارَةِ رَمَضَانَ نَصٌّ فِي الْكِتَابِ ضَعُفَتْ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ .
( ثُمَّ ) يُوَفَّى مِنْ الْبَاقِي ( النَّذْرُ ) ظَاهِرُهُ كَانَ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ اُشْتُهِرَ أَوْ عُلِمَ مِنْ جِهَتِهِ فَقَطْ فِي النُّكَتِ ، ثُمَّ بَعْدَ إطْعَامِ رَمَضَانَ النَّذْرُ ؛ لِأَنَّ إطْعَامَ كَفَّارَةِ رَمَضَانَ وَجَبَ بِنَصِّ السُّنَّةِ ، وَالنَّذْرُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَ إدْخَالَهُ فَهُوَ أَضْعَفُ .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ ثُمَّ الْمَنْذُورُ قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إذَا أَوْصَى بِهِ .
( ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْ الْبَاقِي ( الْمُبَتَّلُ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلًا ، أَيْ الْمُنَجَّزُ عِتْقُهُ فِي الْمَرَضِ ( وَمُدَبَّرُ ) هـ فِي ( الْمَرَضِ ) لِلسَّيِّدِ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ فَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ ، وَإِلَّا قُدِّمَ سَابِقُهُمَا فِي النُّكَتِ ، ثُمَّ بَعْدَ النَّذْرِ الْعِتْقُ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ وَالْمُدَبَّرُ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي مُحَمَّدٍ ، وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّذْرَ وَجَبَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ ، وَهَذَانِ إنَّمَا وَجَبَا فِي حَالِ الْحَجْرِ بِالْمَرَضِ فَضَعُفَا عَنْهُ ، وَقِيلَ يُحَاصُّ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ الْمُدَبَّرَ فِيهِ إنْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ ، فَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا بُدِئَ بِهِ .
( ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْ الْبَاقِي الرَّقِيقُ ( الْمُوصَى ) بِفَتْحِ الصَّادِ ( بِعِتْقِهِ ) حَالَ كَوْنِهِ ( مُعَيَّنًا ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا ( عِنْدَهُ ) أَيْ الْمُوصِي كَعَبْدِي فُلَانٍ ( أَوْ )
مُعَيَّنًا عِنْدَ غَيْرِهِ كَسَعِيدٍ عَبْدِ زَيْدٍ ( يُشْتَرَى ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ لَهُ ( أَوْ ) مُعَيَّنًا أَوْصَى بِعِتْقِهِ ( لِكَشَهْرٍ ) أَوْ نَحْوِهِ ( أَوْ ) مُعَيَّنًا ( أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ فَالْأَرْبَعَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَحَاصُّونَ عِنْدَ الضِّيقِ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ شَمِلَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالِ مَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ فَعَجَّلَهُ ، وَمَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ فَعَجَّلَهُ ، وَمَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ مُطْلَقٍ فَعَجَّلَهُ فَحُكْمُهَا وَاحِدٌ عَلَى الظَّاهِرِ ، وَمِثْلُهُ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ فَعَجَّلَهَا فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَحَاصُّونَ عِنْدَ الضِّيقِ وَأُخِّرَتْ عَنْ مُبَتَّلِ الْمَرَضِ وَمُدَبَّرِهِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا دُونَهُمَا فِيهَا ، ثُمَّ يَبْدَأُ بِالْمُبَتَّلِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ مَعًا ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بِعَيْنِهِ وَالْمُشْتَرَى لَهُ بِعَيْنِهِ .
اللَّخْمِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يَبْدَأُ الَّذِي فِي مِلْكِهِ وَهَذَا أَبْيَنُ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُتَرَقَّبٌ فِي الَّذِي لَيْسَ فِي مِلْكِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بِعَيْنِهِ وَالْمُوصَى أَنْ يُشْتَرَى فَيُعْتَقَ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ إذَا عَجَّلَهُ وَالْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ إذَا عَجَّلَهَا وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى شَهْرٍ وَمَا أَشْبَهَ لَا يَبْدَأُ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَتَحَاصُّونَ .
( ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْ الْبَاقِي ( الْمُوصَى ) بِفَتْحِ الصَّادِ ( بِكِتَابَتِهِ ) وَلَمْ يُعَجِّلْهَا ( وَالْمُعْتَقُ ) بِالْفَتْحِ ( بِمَالٍ ) وَلَمْ يُعَجِّلْهُ ( وَأَعْتَقَ ) بِالْفَتْحِ ( إلَى أَجَلٍ بَعُدَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ عَنْ نَحْوِ الشَّهْرِ وَلَمْ يَبْلُغْ سَنَةً فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَحَاصُّونَ إذَا ضَاقَ ( ثُمَّ ) يُخْرَجُ مِنْ الْبَاقِي ( الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ ) وَيُقَدَّمُ ( عَلَى ) الْمُعْتَقِ إلَى ( أَكْثَرَ مِنْهَا ) أَيْ السَّنَةِ .
" غ " وَكَذَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا الْمُعْتَقَ لِشَهْرٍ ثُمَّ لِسَنَةٍ ثُمَّ
لِسَنَتَيْنِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنَّ زِيَادَتَهُ هُنَا الْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ بَعْدَ الْمُعْتَقِ لِشَهْرٍ وَقَبْلَ الْمُعْتَقِ لِسَنَةٍ كَمَا تَرَى ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ حَتَّى يَكُونَ مَرْتَبَةً زَائِدَةً لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ .
" ق " فِي النُّكَتِ أَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ يَتَحَاصُّ مَعَ الْمُوصَى أَنْ يُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ ، وَمَعَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ فَعَجَّلَهُ ، قَالَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُوصَى أَنْ يُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ كَالسَّنَةِ وَنَحْوِهَا ، ثُمَّ الْمُوصَى أَنْ يُكَاتَبَ أَوْ يُعْتَقَ عَلَى مَالٍ فَلَمْ يُعَجِّلْهُ قَالَ : وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ تَحَاصَصَ هُوَ وَالْمُوصَى أَنْ يُكَاتَبَ أَوْ يُعْتَقَ عَلَى مَالٍ وَيَصِيرَانِ فِي دَرَجَةٍ مُتَقَارِبَةٍ ، ثُمَّ قَالَ الْمَوَّاقُ وَكَذَا لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى سَنَةٍ مُبْدَأٌ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى سَنَتَيْنِ وَمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَاعْتَمَدَ هَذَا شب فَقَالَ : الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْعِتْقَ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُوصَى بِكِتَابَةٍ وَالْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ يُؤَدِّيهِ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُعْتَقِ لِسَنَةٍ وَالْمُعْتَقَ لِشَهْرٍ مَرْتَبَةٌ ، لَكِنَّهُ قَالَ : وَكَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَفَادَ أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّهَا تَلِي مَرْتَبَةَ الْمُعْتَقِ لِشَهْرٍ ، وَأَنَّ مَرْتَبَةَ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ فَلَمْ يُعَجِّلْهُ تَلِي مَرْتَبَةَ الْمُعْتَقِ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ ا هـ وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ .
قُلْت : هَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ " ق " عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُعْتَقِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْمُعْتَقَ عَلَى مَالٍ بِلَا تَعْجِيلٍ فِيهِمَا يَتَحَاصَّانِ مَعَ الْمُعْتَقِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ .
الْبُنَانِيُّ وَقَرَّرَهُ الْحَطّ عَلَى وَجْهٍ يُوَافِقُ النَّقْلَ ، فَقَالَ قَوْلُهُ :
بَعُدَ أَيْ كَعَشْرِ سِنِينَ ، وَمَعْنَى ثُمَّ الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُعْتَقِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا ، وَمَا هُوَ فِي مَرْتَبَتِهِ وَهُوَ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ ، وَلَمْ يُعَجِّلْهَا الْمُعْتَقُ عَلَى مَالٍ ، وَلَمْ يُعَجِّلْهُ إلَّا أَنَّ الصَّوَابَ عَلَى هَذَا الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ بَدَلَ ثُمَّ ، وَهُوَ أَحْسَنُ ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَقْرِيرِ الْحَطّ أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَمَا مَعَهُ ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ ، وَاَلَّذِي فِي عج عَنْ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَنَّهُمَا مَعًا مُقَدَّمَانِ عَلَى الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ .
وَالْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَنَصُّ الْحَطّ قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ ، وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ ، وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ بَعُدَ ، يَعْنِي أَنَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ ، وَلَمْ يُعَجِّلْهَا وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ وَالْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ كَعَشْرِ سِنِينَ .
قَوْلُهُ ثُمَّ لِسَنَةٍ عَلَى أَكْثَرَ ، يَعْنِي وَأَمَّا الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُعْتَقِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا ، وَمَا مَعَهُ ، وَكَانَتْ الْوَاوُ هُنَا أَوْلَى مِنْ ثُمَّ ، وَيُشِيرُ إلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ ، قَالَ : وَقَدَّمَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُعْتَقَ إلَى سَنَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ ، وَجَعَلَ الْمُكَاتَبَ يَتَحَاصُّ مَعَ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ كَعَشْرِ سِنِينَ ، وَمَعَ الْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ فَلَمْ يُعَجِّلْهُ ا هـ وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَانْظُرْ نَقْلَ التَّوْضِيحِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ ، فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِنَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْهُ ، وَلِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي قَوْلِهِ لِسَنَةٍ عَلَى أَكْثَرَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ ) يَنْفُذُ مِنْ الْبَاقِي ( عِتْقٌ ) لِرَقِيقٍ ( لَمْ يُعَيَّنْ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلًا بِأَنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنِّي رَقَبَةً (
ثُمَّ ) يَنْفُذُ مِنْ الْبَاقِي ( حَجٌّ ) عَنْ الْمُوصِي بِأُجْرَةٍ ( إلَّا لِ ) مُوصٍ ( صَرُورَةً ) أَيْ مَنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ( فَيَتَحَاصَّانِ ) أَيْ عِتْقُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ ، وَحَجُّ الصَّرُورَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَبِالْمَالِ وَبِالْحَجِّ فَقِيلَ إنَّهَا كُلَّهَا سَوَاءٌ فِي التَّحَاصُصِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَقِيلَ : يَبْدَأُ بِالْعِتْقِ عَلَى الْحَجِّ وَيَتَحَاصَصُ مَعَ الْمَالِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ الثَّانِي .
فِيهَا وَهَذَا الْخِلَافُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا ، وَمَعْنَاهُ فِي الصَّرُورَةِ .
وَأَمَّا حَجَّةُ التَّطَوُّعِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمَا أَنَّ الْعِتْقَ يَبْدَأُ عَلَيْهَا ، وَلَا فِي أَنَّ الْحَجَّ لَا يَبْدَأُ عَلَى الْمَالِ ، وَهَلْ يَبْدَأُ الْمَالُ عَلَى الْحَجِّ أَوْ يَتَحَاصَّانِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ .
وَشَبَّهَ فِي التَّحَاصُصِ فَقَالَ ( كَعِتْقٍ ) لِرَقِيقٍ ( لَمْ يُعَيَّنْ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلَةً ( وَمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ ) أَيْ الْعِتْقِ كَ : هَذَا الثَّوْبُ لِزَيْدٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا : إنْ أَوْصَى بِمَالٍ وَبِنَسَمَةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا تَحَاصَّا ، وَسَمِعَ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ رَقَبَةٍ تُشْتَرَى وَأَوْصَى بِوَصَايَا وَضَاقَ الثُّلُثُ تَحَاصُّوا فِيهِ .
ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الرَّقَبَةَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَا تَبْدَأُ عَلَى الْوَصَايَا ( وَ ) وَصِيَّةٍ بِ ( جُزْءٍ ) مِنْ مَالِ الْمُوصِي كَثُلُثِهِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَتَحَاصَصُ فِي الثُّلُثِ إذَا ضَاقَ عَنْهُمَا .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْعَدَدُ الْمُسَمَّى كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَعَ إيصَائِهِ بِثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ فَيَتَحَاصَّانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ ثُلُثِي ، فَإِنْ قَالَ مِنْ ثُلُثِي نَحْوَ لِفُلَانٍ الثُّلُثُ وَنَحْوَ
لِفُلَانٍ عَشَرَةٌ مِنْ ثُلُثِي ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ : لَا خِلَافَ أَنَّ صَاحِبَ الْعَدَدِ هُوَ الْمُبْدَأُ .
الثَّانِي : الْبُنَانِيُّ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْجُزْءِ جُزْءُ الْمَالِ كَالرُّبُعِ وَالْخُمُسِ لَا جُزْءُ الْمُعَيَّنِ كَنِصْفِ بَقَرَةٍ أَوْ جَمَلٍ ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْمُعَيَّنِ .
الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ : الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْعَدَدُ الْمُسَمَّى كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ا هـ أَرَادَ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ وَالثَّوْبُ وَالْكِتَابُ وَنَحْوُهَا قَوْلُهُ : وَجُزْءٍ أَيْ جُزْءٍ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَرُبُعِ الْمَالِ أَوْ سُدُسِهِ فَيَتَحَاصُّونَ وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمْ عَلَى الْآخَرِ .
طفي تَقْرِيرُ تت لِمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ كَالشَّارِحِ وَهُوَ الَّذِي فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَسَّرَ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ بِالْمُوصَى بِهِ مُعَيَّنًا كَ : هَذَا الثَّوْبُ أَوْ هَذَا الْعَبْدُ ، وَهُوَ قَوْلُهَا مَنْ أَوْصَى ثُلُثَ مَالِهِ وَرُبُعَ مَالِهِ وَبِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لِقَوْمٍ نُظِرَ إلَى قِيمَةِ هَذِهِ الْمُعَيَّنَاتِ ، وَإِلَى مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَيَضْرِبُونَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ بِمَبْلَغِ وَصَايَاهُمْ ، فَمَا صَارَ لِأَصْحَابِ الْأَعْيَانِ أَخَذُوهُ ، وَمَا صَارَ لِلْآخَرِينَ كَانُوا بِهِ شُرَكَاءَ مَعَ الْوَرَثَةِ ا هـ .
الثَّالِثُ : الْحَطّ يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْعِتْقَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ وَحَجَّ الصَّرُورَةِ وَمُعَيَّنَ غَيْرِ الْعِتْقِ وَجُزْءَ الْمَالِ كَرُبُعِهِ وَثُلُثِهِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَهَا حَجُّ غَيْرِ الصَّرُورَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الرَّابِعُ : ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ زَرْقُونٍ لِلنَّاسِ أَشْعَارٌ فِي تَرْتِيبِ الْوَصَايَا عَلَى مَشْهُورِ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَاخْتَرْت قَوْلَ بَعْضِهِمْ : صَدَاقُ الْمَرِيضِ فِي الْوَصَايَا مُقَدَّمٌ وَيَتْلُوهُ ذُو التَّدْبِيرِ فِي صِحَّةِ الْجِسْمِ وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ حُكْمُهُمَا مَعًا وَقِيلَ بِذِي التَّدْبِيرِ يُبْدَأُ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ ضَيَّعَ الْمُوصِي زَكَاةً فَإِنَّهَا تَبْدَأُ عَلَى مَا بَعْدَ هَذَيْنِ فِي النَّظْمِ وَكَفَّارَتَانِ بَعْدَهَا لِظِهَارِهِ
وَلِلْقَتْلِ وَهْمَا لَا بِعَمْدٍ وَلَا جُرْمِ وَيَتْلُوهُمَا كَفَّارَةُ الْحَلْفِ تُوبِعَتْ بِكَفَّارَةِ الْمُوصِي عَنْ الصَّوْمِ ذِي الْوَصْمِ وَنَذْرُ الْفَتَى تَالٍ لِمَا قَدْ نَظَمْتُهُ وَمَا بَتَّلَ الْمُوصِي وَدَبَّرَ فِي السُّقْمِ هُمَا يَتْلُوَانِ النَّذْرَ ثُمَّ وَصَاتُهُ بِعِتْقِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ يَا أَخَا الْفَهْمِ مَعَ الْمُشْتَرَى مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ مُعَيَّنًا لِيُعْتَقَ عَنْهُ لِلنَّجَاةِ مِنْ الْإِثْمِ وَمَا أَعْتَقَ الْمُوصِي بِتَوْقِيتِ حِنْثِهِ لِشَهْرٍ وَنَحْوِ الشَّهْرِ مِنْ أَجَلٍ حَتْمِ وَإِنْ كَانَ عِتْقٌ بَعْدَ مَالٍ مُؤَجَّلٍ فَعَجَّلَهُ ذُو الْعِتْقِ قَبْلَ انْقِضَا الْقَسْمِ يُسَاوِي بِهِمْ عِنْدَ الْحِصَاصِ حَقِيقَةً كَذَا حُكْمُهُمْ يَا صَاحِ فِي مُوجِبِ الْعِلْمِ وَبَعْدَهُمْ مَا كَانَ عِتْقًا مُؤَجَّلًا لِبُعْدٍ مِنْ التَّأْجِيلِ فِي مُقْتَضَى الرَّسْمِ فَذَاكَ مَعَ الْمُوصَى بِهِ لِكِتَابَةٍ وَمَنْ كَانَ بَعْدَ الْمَالِ يُعْتَقُ بِالْغُرْمِ يَبْدُونَ قَبْلَ الْمُشْتَرَى لِعَتَاقَةٍ بِلَا نَصِّ تَعْيِينٍ عَلَيْهِ وَلَا حُكْمِ وَمِنْ بَعْدِهِ الْحَجُّ الْمُوَصَّى بِفِعْلِهِ وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ فِي مُقْتَضَى الْحُكْمِ غَشْيٍ الْمَبَادِي نَظْمُهَا نَظْمُ لُؤْلُؤٍ فَدُونَكَهَا نَظْمًا صَحِيحًا بِلَا وَهْمِ ا هـ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا .
وَفِي الْحَاشِيَةِ نَظْمٌ آخَرُ لِأَبِي حَفْصٍ الْهَوْزَنِيِّ فِيهِ زِيَادَةُ فَوَائِدَ .
وَلِلْمَرِيضِ : اشْتِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِثُلُثِهِ ، وَيَرِثُ
( وَ ) يَجُوزُ ( لِلْمَرِيضِ اشْتِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ ) مِنْ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ فَيَجُوزُ لَهُ اشْتِرَاؤُهُ ( بِثُلُثِ ) مَالِ ( هـ ) أَيْ الْمَرِيضِ وَيُعْتَقُ بِنَفْسِ شِرَائِهِ ( وَيَرِثُ ) الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْكَسْرِ بَاقِيَ الْمَالِ إنْ انْفَرَدَ وَحِصَّتَهُ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ لِعِتْقِهِ بِنَفْسِ شِرَائِهِ ؛ إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ ، وَلَوْ تَلِفَ بَاقِي الْمَالِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي فَلَا يُنْقَضُ عِتْقُهُ .
فِيهَا مَنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَعَتَقَ وَوَرِثَ الْمَالَ .
مُحَمَّدٌ إنْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ ، وَلَا يَرِثُهُ .
وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ عَتَقَ مَا بَقِيَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ اشْتَرَى أَبَاهُ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَوَرَثَتُهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ جَازَ شِرَاؤُهُ ، وَعَتَقَ عَلَيْهِمْ ، هَذَا مَا نَقَلَهُ " ق " وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَعَتَقَ وَوَرِثَ بَاقِيَ مَالِهِ إنْ انْفَرَدَ وَحِصَّتَهُ إنْ اجْتَمَعَ مَعَ غَيْرِهِ ، وَإِنْ أَعْتَقَ مَعَ ذَلِكَ عَبْدَهُ بُدِئَ الِابْنُ وَوَرِثَ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ .
الصِّقِلِّيُّ مُحَمَّدٌ إنْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ ثُلُثِهِ وَلَا يَرِثُهُ ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُهُ وَفِيهِ إنْ لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ وَرُقَّ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ ، فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ جَازَ شِرَاؤُهُ وَعَتَقَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ .
وَذَكَرَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنْ اشْتَرَى مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَحْجُبُ مَنْ يَرِثُ الْمُشْتَرِيَ وَيَرِثُ كُلَّ الْمَالِ كَابْنِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ وَلَوْ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَيُعْتَقُ وَيَرِثُ مَا بَقِيَ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْجَبُ وَلَهُ مَنْ يُشْرِكُهُ فِي الْإِرْثِ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إلَّا بِالثُّلُثِ ، وَلَا يَرِثُهُ
لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إلَّا بِالثُّلُثِ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ أَوْ لَا يُحْجَبُ ، وَلَا إرْثَ لَهُ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : كُلُّ مَنْ يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُهُ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِكُلِّ مَالِهِ شَرَكَهُ فِي الْإِرْثِ أَحَدٌ أَوْ لَا .
الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَصْرُهُ عَلَى الِابْنِ مُحَمَّدٌ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَشْهَبَ فَقَالَ مَرَّةً لَهُ شِرَاءُ ابْنِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ يَرِثُ فِي رِقِّ الْوَلَدِ وَيَحْجُبُهُ الْوَلَدُ كَانَ حُرًّا جَائِزًا .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مُشَارِكٌ فِي الْمِيرَاثِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إلَّا بِالثُّلُثِ ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ ، وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ لَا يَشْتَرِيهِ إلَّا بِثُلُثِهِ وَلَمْ يُفَصِّلْ ، وَرَوَى عَنْهُ الْبَرْقِيُّ كَقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ يُرِيدُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ لَهُ بِنَفْسِ شِرَائِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ لِعَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ دُونَ تَرَقُّبٍ ، وَإِنْ تَلِفَ بَاقِي مَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يَنْقُضُ عِتْقُهُ كَمَنْ بَتَلَ عِتْقَ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ فَعَجَّلَ عِتْقَهُ ثُمَّ تَلِفَ مَالُهُ الْمَأْمُونُ فَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ حُرٌّ مَكَانَهُ ، وَيَرِثُهُ إنْ اشْتَرَاهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَهُوَ دَلِيلُ هَذَا السَّمَاعِ ، وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَدَنِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَصْبَغُ : لَا يَرِثُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ .
التُّونُسِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ .
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ حُرًّا مِنْ يَوْمِ شِرَائِهِ إلَّا أَنَّ الْمُبَتَّلَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إذَا اغْتَلَّ غَلَّةً بَعْدَ التَّبْتِيلِ أَوْ أَثْمَرَ النَّخِيلُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ، فَإِنَّ
الْأُصُولَ وَحْدَهَا هِيَ الَّتِي تُقَوَّمُ ، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ تَبِعَتْهَا الْغَلَّاتُ لِأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مِنْ يَوْمِ بُتِّلَتْ لَهُ وَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ عِتْقَهُ يُعَجَّلُ بِنَفْسِ شِرَائِهِ دُونَ تَرَقُّبٍ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي عَلَيْهِ قَوْلُهُ ، وَبِهِ يَسْلَمُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يُنْظَرْ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى .
الصِّقِلِّيُّ اسْتَقَلَّ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَوْرِيثَهُ وَهُوَ لَوْ مَاتَ لَمْ يَرِثْهُ أَحْرَارُ وَرَثَتِهِ حَتَّى يُقَوَّمَ فِي الثُّلُثِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ ، وَلَكِنَّهُ اسْتَسْلَمَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اتِّبَاعًا .
لَا إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ ،
( لَا ) يَرِثُ الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ الْمُشْتَرِيَ بِالْكَسْرِ ( إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ ) أَيْ الْمُوصِي مَثَلًا فَاشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِهِ .
وَعَتَقَ ، وَقُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ
( وَعَتَقَ ) بِنَفْسِ شِرَائِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ : أَعْتِقُوهُ ؛ إذْ هُوَ مَدْلُولُ وَصِيَّتِهِ عُرْفًا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى أَبُوهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَتَقَ فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَعْتِقُوهُ .
الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا كُلُّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا أَوْصَى بِشِرَائِهِ ( وَ ) إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَاشْتَرَى ابْنَهُ وَأَعْتَقَهُ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا ( قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ ) فِي تَنْفِيذِ عِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَاشْتَرَى ابْنَهُ وَأَعْتَقَهُ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ فَابْنُهُ مَبْدَأٌ وَيَرِثُهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَ وَعَتَقَ وَوَرِثَ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ بُدِئَ الِابْنُ .
خَلِيلٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فَاشْتَرَى مَعَ ابْنِهِ غَيْرَهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ بُدِئَ الِابْنُ ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فَإِنْ كَانَ مَعَ الِابْنِ مُعْتَقٌ غَيْرُهُ بِأَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ ، وَاشْتَرَى ابْنَهُ وَأَعْتَقَهُ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ ، فَفِيهَا الِابْنُ مُقَدَّمٌ وَيَرِثُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ صَحِيحًا ، وَهَذَا أَرْجَحُ لِفَرْضِهَا كَذَلِكَ فِيهَا وَالْجَوَاهِرِ : وَتَمْشِيَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ ، لَكِنَّ النَّقْلَ لَا يُسَاعِدُهَا عَلَى إطْلَاقِهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ ، وَإِنْ كَانَ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : يَتَحَاصَّانِ ، وَفِي قَوْلِي يَبْدَأُ الِابْنُ فَأُعْتِقُهُ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَأُوَرِّثُهُ .
ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ بِجَمِيعِ مَالِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ ا هـ وَعَلَى تَمْشِيَةِ ضَيْح مَشَى ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْحَطّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا : يَتَعَيَّنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى التَّمْشِيَةِ
الْمُوَافِقَةِ لِلْمُدَوَّنَةِ ، فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ ، وَقُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِيَتَّصِلَ بِشِرَاءِ الْمَرِيضِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ ، أَوْ بِمَا لَيْسَ فِيهَا ، أَوْ بِعِتْقِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ ، وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ ، خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ ، أَوْ يَخْلَعَ ثُلُثَ الْجَمِيعِ ، وَبِنَصِيبِ ابْنِهِ ، أَوْ مِثْلِهِ ، فَبِالْجَمِيعِ
( وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ ) شَيْءٍ ( مُعَيَّنٍ ) كَغَلَّةِ عَقَارِهِ سِنِينَ وَلَا يَحْمِلُهَا ثُلُثُهُ ( أَوْ ) أَوْصَى بِمَا لَيْسَ فِيهَا ) أَيْ تَرِكَتِهِ كَاشْتَرُوا عَبْدًا لِفُلَانٍ ، وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ ( أَوْ ) أَوْصَى ( بِعِتْقِ عَبْدِهِ ) فُلَانٍ ( بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَلَا يَحْمِلُ ذَلِكَ ) الْمَذْكُورَ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَمَا لَيْسَ فِيهَا ، وَعَبْدِهِ فُلَانٍ ( الثُّلُثُ ) لِمَالِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلًا ( الْوَارِثُ ) لِلْمُوصِي ( بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ ) الْوَصِيَّةَ ( أَوْ يَخْلَعَ ثُلُثَ الْجَمِيعِ ) لِمَالِ الْمُوصِي لِلْمُوصَى لَهُ .
" ق " ، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ فَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً أَوْ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ مَا أَوْصَى فِيهِ ، أَوْ لَهُ مَالٌ لَا يَخْرُجُ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ ثُلُثِهِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إجَازَةِ ذَلِكَ أَوْ الْقَطْعِ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِلْمُوصَى لَهُ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالٍ سَمَّاهُ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِهِ ، فَإِنَّ الْوَارِثَ يُخَيَّرُ فِي إعْطَاءِ أَهْلِ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ وَأَخْذِهِ جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ ، وَفِي إسْلَامِ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ لَهُمْ بَالِغًا مَا بَلَغَ .
أَبُو عُمَرَ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ تُدْعَى بِخُلْعِ الثُّلُثِ ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ أَوْصَى بِمَا لَيْسَ فِيهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِشَاةٍ ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَفِيهَا إنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَبْدِي بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ، أَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا أَوْ يُعْتِقُوا الْآنَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ بَتْلًا ، فَإِنْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ خَدَمَهُمْ تَمَامَ الشَّهْرِ ثُمَّ خَرَجَ جَمِيعُهُ حُرًّا .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : طفي قَوْلُهُ وَلَا يَحْمِلُ ذَلِكَ الثُّلُثُ أَيْ ذَا الْمَنْفَعَةِ لَا
الْمَنْفَعَةَ نَفْسِهَا ، فَفِيهَا وَمَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً جُعِلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ الرِّقَابِ ، فَإِنْ حَمَلَهَا نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إجَازَةِ ذَلِكَ أَوْ الْقَطْعِ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بَتْلًا ، زَادَ فِي الْأُمَّهَاتِ لِأَنِّي إذَا قَوَّمْت الْخِدْمَةَ وَالسُّكْنَى حَبَسْت الْعَبْدَ وَالدَّارَ عَنْ أَرْبَابِهِمَا وَهُمْ قَدْ يَحْتَاجُونَ إلَى بَيْعِهِمَا .
ابْنُ رُشْدٍ مِنْ حَقِّ الْوَرَثَةِ إنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ رَقَبَةَ الْعَبْدِ وَالدَّارَ أَنْ لَا يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ ، وَأَنْ يَقْطَعُوا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ أَوْ السُّكْنَى الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ مَا تَرَكَ ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى ؛ إذْ قَدْ يَمُوتُونَ قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِمْ الرَّقَبَةُ فَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ وَلَا يَحْمِلُهَا الثُّلُثُ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ : لِأَنِّي لَوْ قَوَّمْت الْخِدْمَةَ إلَخْ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ الدَّارِ ، وَاحْتِيجَ لِلْمُحَاصَّةِ مَعَ الْوَصَايَا فَلَا تَحَاصُصَ إلَّا بِقِيمَةِ السُّكْنَى عَلَى غَرَرِهَا لِأَنَّهَا الَّتِي أَوْصَى بِهَا لَا الرَّقَبَةُ .
الثَّانِي : طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَيْدَ بِعَدَمِ حَمْلِ الثُّلُثِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْحُكْمُ فِيهَا مَا ذُكِرَ ، وَإِنْ حَمَلَ الْمُوصَى بِهِ الثُّلُثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَبِهِ شَرَحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَا لَيْسَ فِي تَرِكَتِهِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ عَيْنًا أَوْ عُرُوضًا ، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ وَجَمَعَ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَعَ مَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ عَيْنٌ وَأَوْصَى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا وَلَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ خَاصَّةً ، فَقَالَ : اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى
أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ ، وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : تَخْيِيرُ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ .
قُلْت : مَا عَزَاهُ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ هُوَ قَوْلُهَا إنْ أَوْصَى مِنْ الْعَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا وَلَهُ عَقَارٌ وَعُرُوضٌ كَثِيرَةٌ ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ لَا نُسَلِّمُ الْعَيْنَ وَنَأْخُذُ الْعُرُوضَ ، فَإِمَّا أَعْطُوهُ ذَلِكَ وَإِلَّا قَطَعُوا لَهُ ثُلُثَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَعَرَضٍ وَعَقَارٍ وَغَيْرِهِ ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ : وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ ذَلِكَ ، أَيْ ثُلُثُ الْمُوصَى مِنْهُ كَالْعَيْنِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ ، فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا عُرُوضًا حَاضِرَةً وَأَوْصَى بِدَنَانِيرَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَخْيِيرَ فِيهَا ، وَلَا يَخْلَعُ لَهُ الثُّلُثَ ، بَلْ تُبَاعُ عُرُوضُهُ وَيُعْطَى الدَّنَانِيرَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ ، وَيُعَيِّنُ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى فَرْضِ الْمُدَوَّنَةِ كَوْنُ الْإِيصَاءِ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَاتِ لَا خُلْعَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَاشْتَرَى لِفُلَانٍ وَأَبَى بُخْلًا بَطَلَتْ إلَخْ ، وَأَلَّا تَنَاقُضَ مَعَ هَذَا ، فَإِنَّ مَا تَقَدَّمَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُطَالِبَ بِشِرَائِهِ الْوَرَثَةُ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ لَا يُقَال مَا تَقَدَّمَ فِيمَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ ، بِخِلَافِ هَذَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْإِيصَاءَ بِمَا لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِعَدَمِ حَمْلِ الثُّلُثِ ، لَكِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِيمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُحَصِّلُوهُ أَوْ يَقْطَعُوا ثُلُثَ الْجَمِيعِ يَنْبُو عَنْ هَذَا الْفَرْضِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّالِثُ : تت أَشَارَ بِقَوْلِهِ مَنْفَعَةُ مُعَيَّنٍ إلَى قَصْرِ ذَلِكَ عَلَى الْمَنَافِعِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقِيلَ : الْحُكْمُ عَامٌّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ ، وَهُوَ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ .
طفي ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ
الْمَشْهُورَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَنَافِعِ ، وَلَا يَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ أَصْلًا ، وَأَنَّ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَالُ التَّرِكَةِ بَعْضُهُ حَاضِرًا وَبَعْضُهُ غَائِبًا وَتَبِعَ فِيهِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنَ شَاسٍ ، وَنَصُّهَا وَمَنْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ ، وَلَا تَخْرُجُ الْوَصَايَا مِمَّا حَضَرَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إخْرَاجِهَا مِمَّا حَضَرَ وَإِسْلَامِ الثُّلُثِ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ لِأَهْلِ الْوَصَايَا فَيَتَحَاصُّونَ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَهِيَ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا حَضَرَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ تَعْجِيلِهَا مِمَّا حَضَرَ أَوْ يَقْطَعُوا لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ ا هـ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ : مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرَضًا ، وَلَهُ دُيُونٌ وَعُرُوضٌ وَعَقَارٌ وَأَمْوَالٌ غَائِبَةٌ ، وَالْعَيْنُ الْمُوصَى بِهَا قَدْرُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ أَقَلُّ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ الْجَمِيعِ ، وَلَا تَخْرُجُ مِمَّا حَضَرَ فَقَالَ الْوَرَثَةُ لَا نُعْطِيهِ هَذَا لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يُتْلِفَ رَأْسَ الْمَالِ الْغَائِبِ بَعْضُهُ فَيَفُوزَ بِالْعَيْنِ دُونَنَا فَهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُ هَذَا الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ أَوْ يُسَلِّمُوا جَمِيعَ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ مِنْ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا ، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ : وَمَنْ أَوْصَى بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ أَوْ بِمَا لَيْسَ فِيهَا مُطْلَقًا ، وَلَا يَخْرُجُ مِمَّا حَضَرَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا الْمُعَيَّنَ وَيُحَصِّلُوا الْآخَرَ وَبَيْنَ أَنْ يَقْطَعُوا ثُلُثَ الْجَمِيعِ عَلَى اخْتِلَافِهِ وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَهُ أَوْ دُونَهُ ا هـ .
وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَمَلَهُ ثُلُثُ الْحَاضِرِ أَمْ لَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ
وَالْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ لَا يَخْرُجُ مِمَّا حَضَرَ هُوَ قَيْدٌ فِيمَا هُوَ فِي التَّرِكَةِ ، فَأَنْتَ تَرَى ابْنَ الْحَاجِبِ فَرَضَهَا فِي التَّرِكَةِ الْغَائِبِ بَعْضُهَا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ لَهُ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا غَيْرُهُ ، وَكَيْفَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَحَكَى الْبَاجِيَّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ قَالَهُ الشَّارِحُ ، فَكَيْفَ يَجْعَلُهُ تت مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَنَافِعِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى الْعَيْنِ الْكَائِنَةِ فِي التَّرِكَةِ الَّتِي حَضَرَ جَمِيعُهَا ، قَالَ : لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَشْهُورَ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَنَافِعِ قَالَ : أَمَّا إذَا أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَشَبَهِهِ ، وَلَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي مِلْكِهِ أَعْطَى جَمِيعَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، وَإِنْ كَانَ مَلَكَهُ وَمِنْ التَّرِكَةِ أَخَذَ مَحْمَلَ الثُّلُثِ فِيهِ ا هـ .
وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ مِنْ الْمُعَيَّنِ إذَا كَانَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَاضِرًا ، فَفِيهَا عَقِبَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهَا إثْرَ قَوْلِهَا مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَإِنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُهُ فَقَالَ مَرَّةً : إذَا أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِدَابَّةٍ بِعَيْنِهَا وَضَاقَ الثُّلُثُ ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ قَطَعُوا لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَقَالَ مَرَّةً بِمَبْلَغِ ثُلُثِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ ا هـ .
فَهَذَا الَّذِي أَرَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا قَالَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَذَكَرَ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فَالْحَاصِلُ أَنَّ خَلْعَ الثُّلُثَ يَكُونُ فِي الْمَنَافِعِ ، وَفِي الذَّوَاتِ الْمُوصَى بِهَا عَيْنًا كَانَتْ أَوْ عَرَضًا حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً إذَا كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ غَائِبًا ، وَفِي الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا
إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا ، وَلَهُ عَقَارٌ وَعُرُوضٌ كَثِيرَةٌ ، وَفِي الْوَصِيَّةِ بِدَيْنٍ ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبَعْضُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُ مَشْهُورٌ .
وَفِيهَا مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ لَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ ، وَلَهُ عَيْنٌ حَاضِرَةٌ ، فَإِمَّا أَجَازَ الْوَرَثَةُ ، وَإِلَّا قَطَعُوا لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ا هـ .
وَيَكُونُ فِي الْإِيصَاءِ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ ، وَهَذَا كُلُّهُ مُسَلَّمٌ ، وَأَمَّا الْإِيصَاءُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ وَدَارٍ ، فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَقَدْ عَلِمْتَهُ ، وَيَكُونُ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِكَسَنَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا .
هَذَا تَلْخِيصُ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِيهَا لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ مِنْ شُرَّاحِهِ مَنْ حَقَّقَهَا ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
الرَّابِعُ : أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَمَّاهَا أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَسْأَلَةَ خُلْعِ الثُّلُثِ ، خَالَفَهُمْ فِيهَا الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ " عَنْهُمْ ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ بِالْمَوْتِ وَقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَهُ ، فَكَيْفَ تَجُوزُ فِيهَا الْمُعَاوَضَةُ بِثُلُثٍ لَا يَبْلُغُ إلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ وَلَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِالْمَجْهُولِ ، وَكَيْفَ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ مِلْكُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ ، وَحُجَّةُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ الثُّلُثَ مَوْضِعُ الْوَصَايَا ، فَكَانَ كَمَا لَوْ جَنَى عَبْدٌ جِنَايَةً فَسَيِّدُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِدَائِهِ بِالْأَرْشِ وَإِسْلَامِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ ( بِنَصِيبِ ابْنِهِ ) أَيْ الْمُوصِي ( أَوْ ) أَوْصَى لَهُ بِ ( مِثْلِهِ ) أَيْ نَصِيبِ ابْنِهِ ، وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ ، وَأَجَازَ الْوَصِيَّةَ ( فَ ) تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِلْمُوصَى لَهُ ( بِالْجَمِيعِ ) لِمَالِ
الْمُوصِي ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَجَازَاهَا فَبِالنِّصْفِ ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ نَفَذَتْ بِالثُّلُثِ فِيهِمَا ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَبْنَاءَ نَفَذَتْ بِالثُّلُثِ أَجَازُوا أَوْ لَا ، وَفَسَّرَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ الْجَمِيعَ بِجَمِيعِ نَصِيبِ الِابْنِ ، فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَمَنْ انْفَرَدَ عَنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ وَمَنْ اجْتَمَعَ مَعَ ذِي فَرْضٍ أَوْ أَكْثَرَ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ : أَوْصَيْتُ بِمِثْلَيْ نَصِيبِ ابْنِي أَوْ بِنَصِيبِ ابْنِي وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَهِيَ وَصِيَّةٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ ، فَإِنْ أَجَازَهَا الِابْنُ وَإِلَّا نَفَذَتْ فِي الثُّلُثِ خَاصَّةً .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نِصَابِ أَحَدِ بَنِيهِ ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَهُ الثُّلُثُ .
اللَّخْمِيُّ مَنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ فَلَهُ الثُّلُثُ ، وَأَرْبَعَةً لَهُ الرُّبُعُ وَخَمْسَةً فَلَهُ الْخُمُسُ ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ إنْ كَانُوا خَمْسَةً فَلَهُ السُّدُسُ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ وَمَعَهُ مَنْ يَرِثُ مِنْ أُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَغَيْرِهِمَا عَدَلَ حَتَّى يَعْرِفَ حَقَّ الْوَلَدِ خَاصَّةً ، فَإِنْ كَانُوا ثَمَانِيَةً ذُكُورًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُمُنُ مَا يَصِيرُ لِلْوَلَدِ خَاصَّةً ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَهُ ثُلُثُهُ ، وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَلَهُ نِصْفُهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَلَهُ مِثْلُ مَا يَصِيرُ لَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ ثُمَّ يَضُمُّ مَا بَقِيَ إلَى مَا عَزَلَ لِمَنْ يَرِثُ الْمَيِّتَ مَعَ الْوَلَدِ فَيُقَسَّمُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ كُلُّهُمْ إنَاثًا ، أَعْطَى ثُلُثَ الثُّلُثَيْنِ ، وَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ أَعْطَى نِصْفَ الثُّلُثَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً أَعْطَى نِصْفَ الْمَالِ إنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ ، وَإِلَّا فَلَهُ ثُلُثُ الْمَالِ ، ثُمَّ يُضَمُّ مَا بَقِيَ لِسَائِرِ مَالِ الْمَيِّتِ وَيُقَسَّمُ بِفَرَائِضِ
اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْبَنَاتِ وَسَائِرِ الْوَرَثَةِ مِنْ عَصَبَةٍ وَغَيْرِهِمْ .
أَصْبَغُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هُوَ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ الْفُرَّاضِ إنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ أَعْطَى الرُّبُعَ وَمَعَ أَرْبَعَةٍ الْخُمُسَ يَزِيدُونَ سَهْمًا عَلَى عَدَدِهِمْ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ زَرْقُونٍ إنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَتَرَكَ رِجَالًا وَنِسَاءً فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ كَرَجُلٍ مِنْ وَلَدِهِ ، وَالثَّانِي قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ ، وَيُعْطَى حَظَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ يُقَسَّمُ نَصِيبُ مَا بَقِيَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقِيلَ : يُزَادُ سَهْمُهُ عَلَى السِّهَامِ ، وَيَكُونُ لَهُ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ لَهُ نِصْفُ نَصِيبِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ نَصِيبِ أُنْثَى .
اللَّخْمِيُّ هَذَا أَحْسَنُ .
لَا اجْعَلُوهُ وَارِثًا مَعَهُ ، أَوْ أَلْحِقُوهُ بِهِ : فَزَائِدٌ
( لَا ) يَسْتَحِقُّ الْمُوصَى لَهُ جَمِيعَ الْمَالِ إنْ قَالَ الْمُوصِي ( اجْعَلُوهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ ( وَارِثًا مَعَهُ ) أَيْ ابْنِ الْمُوصِي ( أَوْ ) قَالَ ( أَلْحِقُوهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ ( بِهِ ) أَيْ ابْنِ الْمُوصِي فِي الْإِرْثِ ( فَ ) يُقَدَّرُ الْمُوصَى لَهُ ( زَائِدًا ) عَلَى عَدَدِ أَبْنَاءِ الْمُوصِي .
ابْنُ الْحَاجِبِ فِي اجْعَلُوهُ وَارِثًا مَعَ وَلَدِي ، أَوْ أَلْحِقُوهُ بِوَلَدِي بِقَدْرٍ زَائِدٍ بِاتِّفَاقٍ .
ابْنُ شَاسٍ فَإِنْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً فَهُوَ كَابْنٍ رَابِعٍ ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَهُوَ كَابْنٍ خَامِسٍ ، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ ذُكُورٍ ، وَثَلَاثُ بَنَاتٍ لَكَانَ كَرَابِعٍ مَعَ الذُّكُورِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِبَنَاتٍ لَكَانَتْ كَرَابِعَةٍ مَعَ الْإِنَاثِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ : لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً كَانَ لَهُ الثُّلُثُ ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَلَهُ الرُّبُعُ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِ وَلَدِي وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَإِمَّا أَعْطَاهُ جَمِيعَ الْمَالِ أَوْ الثُّلُثَ .
الشَّيْخُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَعَنْ عِيسَى فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ قَالَ مِنْ عَدَدِ وَلَدِي ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَلَهُ سَهْمُ ذَكَرٍ ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَهُ سَهْمُ أُنْثَى ، وَيُخْلَطُ مَعَ الْوَلَدِ فِي الْعَدَدِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَهْلُ فَرَائِضَ أُخْرِجَتْ فَرَائِضُهُمْ ثُمَّ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ كَمَا وَصَفْنَا ، وَمَا بَقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ .
تَنْبِيهٌ ) الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي جَمْعِهِ بَيْنَ مِثْلٍ وَنَصِيبٍ مُسَلَّمٌ ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى نَصِيبٍ ، قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ : لَمْ أَرَهُ إلَّا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِلْوَجِيزِ ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ فِيهِ جَعْلُهُ زَائِدًا اتِّفَاقًا ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَنَصُّهُ إنْ قَالَ أَنْزِلُوهُ مَنْزِلَةَ أَحَدِ وَلَدِي أَوْ اجْعَلُوهُ كَأَحَدِهِمْ ، وَهُمْ خَمْسَةٌ كَانَ لَهُ السُّدُسُ اتِّفَاقًا ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ نَصِيبُ أَحَدِ وَلَدِي وَلَمْ يَقُلْ
مِثْلَهُ ا هـ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَبِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ : فَبِجُزْءٍ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ، وَبِجُزْءٍ أَوْ سَهْمٍ : فَبِسَهْمٍ مِنْ فَرِيضَتِهِ
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ ( بِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ ) أَيْ الْمُوصِي ( فَ ) تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ ( بِجُزْءٍ ) مِنْ مَالِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ نِسْبَتُهُ لَهُ مِثْلُ نِسْبَةِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ ( مِنْ ) مَجْمُوعِ ( عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا أَوْ بَعْضُهُمْ ذُكُورًا وَبَعْضُهُمْ إنَاثًا ، فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً فَلَهُ الْعُشْرُ ، وَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَلَهُ الْخُمُسُ ، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَتَرَكَ رِجَالًا وَنِسَاءً فَلْيُقَسَّمْ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ ، ثُمَّ يُؤْخَذُ حَظُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُعْطَى لَهُ ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَتَرَكَ رِجَالًا وَنِسَاءً قُسِّمَ الْمَالُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَأُعْطِيَ جُزْءًا مِنْهُ وَقُسِّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ .
( وَ ) إنْ أَوْصَى لَهُ ( بِجُزْءٍ ) مِنْ مَالِهِ ( أَوْ ) بِ ( سَهْمٍ ) مِنْهُ ( فَ ) تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ ( بِسَهْمٍ مِنْ ) أَصْلِ ( فَرِيضَتِهِ ) أَيْ مَسْأَلَةِ وَرَثَةِ الْمُوصِي ، فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا سِتَّةً فَبِسَهْمٍ مِنْ سِتَّةٍ ، وَإِنْ عَالَتْ فَبِسَهْمٍ مِمَّا بَلَغَتْهُ بِعَوْلِهَا كَسَبْعَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَتِسْعَةٍ وَعَشَرَةٍ ، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَبِسَهْمٍ مِنْهَا ، وَإِنْ عَالَتْ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَبِسَهْمٍ مِنْهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ وَقَدْ قَالَ لِفُلَانٍ جُزْءٌ مِنْ مَالِي ، أَوْ سَهْمٌ مِنْهُ أُعْطِيَ سَهْمًا مِنْ أَصْلِ فَرِيضَتِهِمْ ، فَإِنْ كَانَ سِتَّةً فَلَهُ سَهْمٌ مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَلَهُ سَهْمٌ مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ أَوْلَادًا رَجُلًا وَأُنْثَى أُعْطِيَ سَهْمًا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَإِنْ كَانُوا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَلَهُ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَعَلَى هَذَا يُحْسَبُونَ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ فَلَهُ ثُلُثُ الْمَالِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَسَهْمٌ
مِنْ سِتَّةٍ ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى مَا يُقَوَّمُ مِنْهُ سَهْمُ الْفَرَائِضِ .
ابْنُ رُشْدٍ ؛ لِأَنَّ السُّدُسَ أَقَلُّ سَهْمٍ مَفْرُوضٍ لِأَهْلِ النَّسَبِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ : لَهُ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ سَهْمٍ فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى الثُّمُنُ لِمَنْ يَرِثُ بِسَبَبٍ أَوْ نَسَبٍ شب وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ إلَّا مِنْ أَكْثَرَ فَلَا يُنْظَرُ لِمَا تَصِحُّ مِنْهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ فَرِيضَتُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ أَصْلُهَا سِتَّةً ، وَعَالَتْ إلَى عَشَرَةٍ فَسَهْمٌ مِنْ عَشَرَةٍ .
وَفِي كَوْنِ ضِعْفِهِ مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَيْهِ تَرَدُّدٌ
( وَفِي كَوْنِ ضِعْفِهِ ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي أُضِيفَ الضَّعِيفُ إلَيْهِ ( مِثْلَهُ ) أَيْ الشَّيْءِ حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ قَائِلًا لَمْ أَحْفَظْ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ خِلَافَهُ .
( أَوْ ) كَوْنُ ضِعْفِ الشَّيْءِ ( مِثْلَيْهِ ) حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ الْإِمَامَيْنِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَائِلًا : وَهَذَا أَقْوَى فِي نَفْسِي مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ ، وَفِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) ابْنُ شَاسٍ مَنْ أَوْصَى بِضِعْفِ نَصِيبِ وَلَدِهِ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ : لَسْتُ أَعْرِفُ حُكْمَهَا مَنْصُوصَةً ، غَيْرَ أَنِّي وَجَدْت لِبَعْضِ شُيُوخِنَا أَنَّهُ يُعْطِي مِثْلَ نَصِيبِ وَلَدِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا : ضِعْفُ النَّصِيبِ مِثْلُهُ مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا فِي نَفْسِي أَقْوَى مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ .
، وَبِمَنَافِعِ عَبْدٍ ، وُرِثَتْ عَنْ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ حَدَّدَهَا بِزَمَنٍ فَكَالْمُسْتَأْجَرِ
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ ( بِمَنَافِعِ عَبْدٍ ) مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ وَلَا بِحَيَاةِ الْعَبْدِ ، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى حَيَاةِ الْعَبْدِ ، فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ ، وَالْعَبْدُ حَيٌّ ( وُرِثَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَنَافِعُهُ ( عَنْ الْمُوصَى لَهُ ) فِي وَصَايَاهَا .
الثَّانِي : مَنْ قَالَ : وَهَبْت خِدْمَةَ عَبْدِي لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ فَلِوَرَثَتِهِ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مَا بَقِيَ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ مِنْ قَوْلِهِ : إنَّهُ أَرَادَ حَيَاةَ الْمُخْدِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : يُحْمَلُ عَلَى حَيَاةِ فُلَانٍ إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى حَيَاةِ الْعَبْدِ لَكَانَتْ هِبَةً لِرَقَبَتِهِ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَيِّدٌ وَلَيْسَ كَهِبَةِ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ بَيَّنَ قَصْرَ هِبَتِهِ عَلَى الْخِدْمَةِ فَقَطْ دُونَ الْمَالِ الَّذِي يَمُوتُ الْعَبْدُ عَنْهُ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَقَدْ أَبْقَاهُمَا لِنَفْسِهِ ، فَلَا يَلْزَمُ مَا قَالَ أَشْهَبُ .
( وَإِنْ حَدَّدَهَا ) أَيْ الْمُوصِي الْمَنَافِعَ الْمُوصَى بِهَا بِزَمَنٍ كَشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ ( فَ ) الْمُوصَى لَهُ أَوْ الْعَبْدُ ( كَالْمُسْتَأْجَرِ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَفَتْحِهَا عَلَى الثَّانِي فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ، وَجَوَازُ إجَارَتِهِ فِيهَا لِغَيْرِهِ وَانْتِقَالُهَا لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا ، وَجَوَازُ بَيْعِ وَرَثَةِ الْمُوصِي الْعَبْدَ ، وَاسْتِثْنَاءُ خِدْمَتِهِ إنْ بَقِيَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا جُمُعَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ أَعْمَرَك رَجُلٌ حَيَاتَك خِدْمَةَ عَبْدٍ أَوْ سُكْنَى دَارٍ فَلَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَبِيعَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ تُؤَاجِرَ الْعَبْدَ إلَّا إلَى مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ كَسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَأَمْرٍ مَأْمُونٍ وَلَا تُكْرِيهِ إلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ ، وَلَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْرَيْتَهُ فِيهَا جَازَ كَمَنْ آجَرَ عَبْدَهُ عَشْرَ سِنِينَ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : لَمْ أَرَ مَنْ فَعَلَهُ ، وَإِنْ فُعِلَ جَازَ ، وَهَذَا خِلَافُ الْمُخْدَمِ
حَيَاتَهُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمُخْدَمُ سَقَطَتْ الْخِدْمَةُ وَالْمُؤَجَّلُ يَلْزَمُهُ بَاقِيهَا لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ ، وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ نَاحِيَةَ الْحَضَانَةِ .
اللَّخْمِيُّ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ عَشْرَ سِنِينَ أَنْ يُكْرِيَهُ الْمُخْدَمُ بِالنَّقْدِ الْعَشْرَ سِنِينَ لِقَوْلِهِ : إنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا خُدِمَ وَرَثَتُهُ بَقِيَّتَهَا ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ لِقَوْلِهِ : إنْ مَاتَ الْمُخْدَمُ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَى سَيِّدِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ حَيَاةَ الْعَبْدِ جَازَ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُؤَاجَرَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ كَعَبْدِ نَفْسِهِ ، وَقَالَ فِي الْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَى دَارٍ لَا يُكْرِيهَا إلَّا السَّنَتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا ، وَأَجَازَ ابْنُ مُيَسِّرٍ أَنْ تُكْرَى الثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ ، وَلَوْ آجَرَ الْعَبْدَ وَالدَّارَ عَشْرَ سِنِينَ دُونَ نَقْدٍ جَازَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ، وَالْعَبْدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اجْتَمَعَ فِيهِ كَوْنُهُ مِنْ عَبِيدِ الْحَضَانَةِ ، وَالْمُوصَى لَهُ كَوْنُهُ مُحْتَاجًا لَهَا ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ يُؤَاجِرَهُ وَإِلَّا جَازَ ، وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا .
فَإِنْ قُتِلَ ، فَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ أَوْ الْقِيمَةُ كَأَنْ جَنَى ، إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمُخْدَمُ ، أَوْ الْوَارِثُ ، فَتَسْتَمِرُّ
( فَإِنْ قُتِلَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ التَّاءِ ( الْعَبْدُ ) الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا مِنْ عَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ( فَلِلْوَارِثِ ) لِلْمُوصَى ( الْقِصَاصُ ) مِنْ قَاتِلِهِ الرِّقِّ أَوْ الذِّمِّيِّ ( أَوْ الْقِيمَةُ ) وَتَتَعَيَّنُ إنْ قَتَلَهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ ، وَبَطَلَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ فِي مَنْفَعَتِهِ ، وَقَدْ ذَهَبَتْ بِمَوْتِهِ ابْنُ شَاسٍ فَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ عَمْدًا فَلِلْوَارِثِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ ، وَيَحْبَطُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ ، وَكَذَلِكَ إنْ رَجَحَ لِلْقِيمَةِ ، فَإِنَّ الْوَارِثَ يَخْتَصُّ بِهَا .
وَشَبَّهَ فِي اخْتِصَاصِ الْوَارِثِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( جَنَى ) الرَّقِيقُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ فَالْكَلَامُ فِي إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَيَبْطُلُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ ( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يَفْدِيَهُ ) أَيْ الْعَبْدَ مِنْ الْجِنَايَةِ ( الْمُخْدَمُ ) بِفَتْحِ الدَّالِ ( أَوْ الْوَارِثُ ) لَهُ ( فَتَسْتَمِرُّ ) الْخِدْمَةُ فِي الْأَوَّلِ لِلْمُخْدَمِ ، وَفِي الثَّانِي لِوَارِثِهِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ خِدْمَتِهِ الَّتِي حَدَّدَهَا الْمُوصِي ، فَإِنْ دَفَعَ وَارِثُ الْمُوصَى الْفِدَاءَ لِيَخْدُمَ بِالْفَتْحِ أَوْ لِوَارِثِهِ أَخَذَ الْعَبْدَ ، وَإِلَّا بَقِيَ رِقًّا لِلْمُخْدَمِ أَوْ وَارِثِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي جِنَايَاتِهَا قُلْت : مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَقُتِلَ الْعَبْدُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا كَيْفَ يَصْنَعُ بِالْقِيمَةِ قَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " هِيَ لِمَنْ لَهُ الرَّقَبَةُ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ شَيْءٌ وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ دِيَتَهَا فَهِيَ لِمَنْ لَهُ رَقَبَتُهُ .
سَحْنُونٌ أَمَّا الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فَهَذَا قَوْلُهُ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فَكُلُّ مَا سَمِعْتَهُ خِلَافَ هَذَا فَرُدَّهُ إلَى هَذَا فَهُوَ أَصْلُ مَذْهَبِهِمْ مَعَ ثُبُوتِ إمَامِهِمْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
" عَلَيْهِ .
عِيَاضٌ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَخْزُومِيِّ وَغَيْرِهِ يُكْرِي مِنْ الْقِيمَةِ مَنْ يَخْدُمُهُ إلَى الْأَجَلِ .
وَفِيهَا مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ رَجُلًا سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاةَ الرَّجُلِ فَيَجْنِي الْعَبْدُ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ ، فَإِنْ فِدَاهُ بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُخْدَمُ ، فَإِنْ فَدَاهُ خَدَمَهُ فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ سَيِّدُهُ مَا فَدَاهُ بِهِ أَخَذَهُ ، وَإِلَّا أَسْلَمَهُ رِقًّا .
وَهِيَ ، وَمُدَبَّرٌ ، إنْ بِمَرَضٍ فِيمَا عَلِمَ ، وَدَخَلَتْ فِيهِ ، وَفِي الْعُمْرَى ، وَفِي سَفِينَةٍ ، أَوْ عَبْدٍ شُهِرَ تَلَفُهُمَا ، ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ قَوْلَانِ
( وَهِيَ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ فِي صِحَّةِ أَوْ مَرَضِ ( وَمُدَبَّرٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلًا ( إنْ كَانَ ) تَدْبِيرُهُ ( بِمَرَضٍ ) مَخُوفٍ لِسَيِّدِهِ ، وَمَاتَ بِهِ إذَا أُرِيدَ تَقْوِيمُهَا لِيُنْظَرَ هَلْ يُخْرَجَانِ مِنْ الثُّلُثِ أَمْ لَا فَإِنَّمَا يُقَوَّمَانِ ( فِيمَا ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي ( عَلِمَ ) الْمُوصِي فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ ، وَالسَّيِّدُ فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ مَالُهُ لَا فِيمَا لَمْ يَعْلَمْهُ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَهُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الصِّحَّةِ يُقَوَّمُ فِي غَيْرِ الْمَعْلُومِ أَيْضًا ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ وَصِيَّةٍ لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ بِهِ الْمَيِّتُ ، وَالْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ يَدْخُلُ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ .
ابْنُ حَارِثٍ وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فِي الْمَرَضِ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ بِهِ اتِّفَاقًا ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ الْخِلَافَ .
( وَدَخَلَتْ ) الْوَصِيَّةُ بِفَكِّ أَسِيرٍ وَالْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ ، وَمَا بَعْدَهُمَا مِمَّا يُقَدَّمُ عَلَى مُدَبَّرِ الْمَرَضِ ( فِيهِ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ فَيُبَاعُ لِتَنْفِيذِهَا إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ ، وَهَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ : وَقُدِّمَ فَكُّ أَسِيرٍ وَمُدَبَّرُ صِحَّةٍ ، وَبِهَذَا يَسْقُطُ اسْتِشْكَالُ الْحَطّ ، وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ إذَا بَطَلَ بَعْدَهُ ، هَكَذَا مَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَوْضِيحِهِ ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَرَّهُ فِيهِ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ كَفَكِّ الْأَسِيرِ وَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَصَدَاقِ الْمَرِيضِ وَالزَّكَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَأَوْصَى بِهَا ، وَمَا ذُكِرَ مَعَ ذَلِكَ وَيَتَقَدَّمُ هُوَ عَلَى أَشْيَاءَ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا ، وَيُشَارِكُهُ فِي رُتْبَتِهِ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ ، فَإِذَا
فُرِضَ ضِيقُ الثُّلُثِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ قُدِّمَ ، فَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الثُّلُثَ بَطَلَ التَّدْبِيرُ الَّذِي فِي الْمَرَضِ ، وَبَطَلَتْ الْوَصَايَا كُلُّهَا ، وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ .
وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ مَا يَتَقَدَّمُ هُوَ عَلَيْهِ كَالْوَصَايَا بِالْمَالِ ، فَإِنْ وَسِعَ الثُّلُثُ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ جَمِيعَهُ وَاسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الثُّلُثُ نَفَذَ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَبَطَلَتْ الْوَصَايَا وَإِنْ لَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَ الْمُدَبَّرِ نَفَذَ مِنْهُ مَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَرَجَعَ الْبَاقِي رَقِيقًا لِلْوَرَثَةِ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا فِيهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهُ مَا هُوَ فِي نِيَّتِهِ ، وَهُوَ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا فِي ذَلِكَ ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كَذَلِكَ فِيهَا ، وَنَقَلَهُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْمَجْمُوعَةِ ، لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْهُمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي النَّوَادِرِ عَنْهُمَا ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمُدَبَّرِ وَالْمَرَضِ ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ إلَّا فِي كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ ، فَالصَّوَابُ حَذْفُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
طفي وَهُوَ تَعَقُّبٌ صَحِيحٌ ، وَرَدَّ عج عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ كَفَكِّ الْأَسِيرِ وَنَحْوِهِ إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ قَائِلًا : وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ إشَارَةٌ إلَيْهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ وَدَخَلَتْ ، أَيْ فِي الْمُدَبَّرِ إذَا بَطَلَ كُلُّهُ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ ، فَإِنَّهَا تَكْمُلُ إذَا بَطَلَ ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ ابْنِ شَاسٍ ، وَلَمْ يَظْهَرْ غَيْرُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوَصَايَا بِالْمَالِ ، فَمَا ذَكَرَهُ يَنْبُو عَنْهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَفِي مُخْتَصَرِهِ وَلَا فَائِدَةَ لِمَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِعِلْمِهِ مِنْ
التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ ؛ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ يَدْخُلُ فِيمَا بَعْدَهُ ، وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَى كُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَرَاتِبِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُدَبَّرِ ، فَالْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ تَهَافُتٌ ، فَتَرْكُ الْكَلَامِ عَلَى إشْكَالِهِ ، أَوْ دَعْوَى السَّهْوِ وَالْغَلَطِ أَوْلَى مِنْ التَّهَافُتِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ لَا يُعْلَمُ مِنْ التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ يَدْخُلُ فِيمَا بَعْدَهُ إلَّا مِمَّا هُنَا فَمَا عَلَيْهِ .
عج وَغَيْرُهُ مُتَعَيِّنٌ ، وَلَا تَهَافُتَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَلَمَّا وَقَفَ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا فِي الْحَطّ قَالَ : إنَّ ضَمِيرَ فِيهِ لِلْمَعْلُومِ ، وَكَرَّرَهُ لَمَّا عَطَفَ عَلَيْهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) دَخَلَتْ فِي الرَّاجِعِ مِنْ ( الْعُمْرَى ) يَمُوتُ الْمُعْمَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ .
ابْنُ شَاسٍ أَمَّا مَا كَانَ يَعْلَمُهُ مِثْلَ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَكُلُّ دَارٍ تَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ عُمْرَى فَالْوَصَايَا تَدْخُلُ فِيهِ ، وَفِيهَا كُلُّ مَا يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ عُمْرَى فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِيهِ ، وَإِنْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَا تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ كَمِيرَاثٍ ، وَمِمَّا أَقَرَّ بِهِ ، وَلَوْ فِي مَرَضِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ وَرُدَّ ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ عُمْرَى حَبْسٍ أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الْعُمْرَى ، وَهُوَ الْمُقَيَّدُ بِحَيَاةِ الْمَحْبَسِ عَلَيْهِ .
( وَهَلْ ) تَدْخُلُ ( فِي سَفِينَةٍ وَعَبْدٍ ) مَثَلًا لِلْمُوصِي كَانَا غَائِبَيْنِ وَ ( شُهِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ تَلَفُهُمَا ) فِي غَيْبَتِهِمَا بِغَرَقِ السَّفِينَةِ وَمَوْتِ الْعَبْدِ حَالَ إيصَائِهِ ( ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ ) لَهُمَا وَعَدَمُ دُخُولِهَا فِيهِمَا ( قَوْلَانِ ) رَوَاهُمَا أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ إذَا قِيلَ لَهُ غَرِقَتْ سَفِينَتُك وَأَيِسَ مِنْهَا ثُمَّ جَاءَتْ
سَالِمَةً ، فَرَوَى مُحَمَّدٌ لَا تَدْخُلُ فِيهَا وَصَايَاهُ .
وَقَالَ لِابْنِ الْقَاسِمِ تَدْخُلُ فِيهَا ، وَلَا تُشْبِهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ إنْ اُشْتُهِرَ مَوْتُهُمَا ثُمَّ ظَهَرَتْ سَلَامَتُهُمَا قَوْلَانِ ، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ شَاسٍ رِوَايَتَيْنِ لِأَشْهَبَ .
الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ رَوَى أَشْهَبُ الْقَوْلَيْنِ فِي السَّفِينَةِ وَالْآبِقِ ، وَزَادَ لِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ شَهِدَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ بَلَغَهُ بَلَاغًا ثُمَّ مَاتَ بِقُرْبِ ذَلِكَ دَخَلَتْ الْوَصَايَا فِيهِ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ .
لَا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ ، أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ
( لَا ) تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ ( فِيمَا ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي ( أَقَرَّ ) الْمُوصَى ( بِهِ فِي مَرَضِهِ ) الَّذِي مَاتَ بِهِ لِنَحْوِ صَدِيقِهِ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِهِ لَهُ لِلتُّهْمَةِ ( أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ ) لَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ بَاقِي وَرَثَتِهِ .
فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْمَجْمُوعَةِ : لَا تَدْخُلُ وَصَايَا الْمَيِّتِ فِيمَا بَطَلَ إقْرَارُهُ بِهِ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثِهِ أَوْ مَا أَقَرَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ .
فِيهَا أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثِهِ فَرَدَّهُ الْوَرَثَةُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ لَا دُخُولَ لِلْوَصَايَا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُوصِي لِغَيْرِهِ ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ إقْرَارَهُ عَامِلٌ كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ إقْرَارُهُ فِي مَرَضِهِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ فِي صِحَّتِهِ وَرُدَّ لِسَبَبٍ ا هـ وَكَذَا كُلُّ مَا بَطَلَ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا وَيُحَاصِصُ الْوَرَثَةُ بِهِ وَأَهْلُ الْوَصَايَا عِنْدَ الضِّيقِ ، وَيَكُونُونَ أَحَقَّ بِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَكَذَا كُلُّ وَصِيَّةٍ بَطَلَتْ لِعَدَمِ قَبُولِهَا أَوْ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْمُوصِي أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ رَدَّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ رَجَعَ مِيرَاثًا بَعْدَ أَنْ يُحَاصَّ بِهِ أَهْلَ الْوَصَايَا ، مِثْلَ أَنْ يُوصِيَ لِثَلَاثَةٍ بِعَشَرَةٍ عَشَرَةٍ فَرَدَّ أَحَدُهُمْ وَصِيَّتَهُ ، وَثُلُثُهُ عَشَرَةٌ فَلِلْبَاقِينَ ثُلُثَا الثُّلُثِ ، وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ الرُّوَاةِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَهُمْ ، وَقَيَّدَهُ فِي النَّوَادِرِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِرَدِّهِ ، وَإِلَّا دَخَلَتْ الْوَصَايَا فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَعْلُومٌ ، وَكَذَا يَقَعُ التَّحَاصُصُ فِي الثُّلُثِ بِمَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثِهِ ، فَفِيهَا : وَمَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ تَحَاصَّا وَعَادَ سَهْمُ الْوَارِثِ مَوْرُوثًا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ ا هـ .
بِخِلَافِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَرَدَّ فَلَا يُحَاصِصُ بِهِ فِي الثُّلُثِ ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، فَفِيهَا إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ فَيَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ،
وَإِنْ كَانَ لِمَنْ يُتَّهَمُ بِهِ وَتَقَعُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ لَهُ أَخَذَهُ ، وَإِلَّا رَجَعَ مِيرَاثًا ، أَفَادَهُ طفي .
وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا خَطُّهُ ؛ أَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يُشْهِدْ ، أَوْ يَقُلْ : أَنْفِذُوهَا ، لَمْ تَنْفُذْ
( وَإِنْ ) مَاتَ الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ الْمَالِكُ ، وَوُجِدَ عِنْدَهُ وَصِيَّةٌ مَكْتُوبَةٌ وَ ( ثَبَتَ ) بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ ( إنَّ عَقَدَهَا ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ وَثِيقَةَ الْوَصِيَّةِ ( خَطُّهُ ) الْمُوصِي وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا فَلَا تَنْفُذُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَتَبَهَا غَيْرَ عَازِمٍ ، أَوْ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا عِيَاضٌ إذَا لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا أَمَّا لَوْ كَتَبَهَا وَقَالَ أَنْفِذُوهَا فَإِنَّهَا تَنْفُذُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ ، قَالَ : أَنْفِذُوهَا هَلْ أَرَادَ بِهِ قَالَهُ بِلِسَانِهِ ، وَشَهِدَ بِقَوْلِهِ مَنْ عَرَفَ خَطَّهُ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ كَتَبَهَا بِخَطِّهِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ ؛ إذْ الْقَوْلُ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ الْمَلْفُوظُ ، الْبُنَانِيُّ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ، أَيْ لِأَنَّهُ يَجْرِي فِي كِتَابَةِ أَنْفِذُوهَا مَا جَرَى فِي كِتَابَةِ الْوَثِيقَةِ مِنْ احْتِمَالِ عَدَمِ الْعَزْمِ أَوْ الرُّجُوعِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ فَوُجِدَتْ فِي تَرِكَتِهِ وَعُرِفَ أَنَّهَا خَطُّهُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهَا قَدْ يَكْتُبُ وَلَا يَعْزِمُ ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ .
( أَوْ ) كَتَبَ وَصِيَّتَهُ ( قَرَأَهَا ) عَلَى الشُّهُودِ ( وَلَمْ يُشْهِدْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْمُوصِي الشُّهُودَ عَلَى أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ ( أَوْ ) لَمْ ( يَقُلْ ) الْمُوصِي ( أَنْفِذُوهَا لَمْ ) الْأَوْلَى فَلَا ( تَنْفُذْ ) فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى أَنَّ مَا قَرَأَهُ وَصِيَّتُهُ أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهَا نَفَذَتْ .
مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ لَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالشَّهَادَةِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولَ : إنَّهَا وَصِيَّتِي ، وَإِنَّ مَا فِيهَا حَقٌّ ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا ، كَذَا نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ ، وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَفْظَ أَنَّهُ أَتَى
بِهَا الشُّهُودُ ، وَكَذَا فِي النَّوَادِرِ .
وَقَالَ الصِّقِلِّيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ : وَإِذَا أَتَى الشُّهُودُ بِوَصِيَّةٍ وَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ إلَى آخِرِهَا فَلَا تَنْفُذُ إلَّا أَنْ يَقُولَ : اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا ، وَلَمْ يَجْعَلْ إتْيَانَهُ إلَيْهِمْ وَقِرَاءَتَهَا عَلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ مِمَّا يُنْفِذُهَا ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَأَنَّهَا لَا تَنْفُذُ حَتَّى يَقُولَ : اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا .
وَنُدِبَ فِيهِ تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( فِيهِ ) أَيْ الْإِيصَاءِ ( تَقْدِيمُ ) ذِكْرِ ( التَّشَهُّدِ ) أَيْ أَنَّهُ يَشْهَدُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ ، وَلِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ بِأَنْ يَقُولَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ فَلْيُقَدِّمْ ذِكْرَ التَّشَهُّدِ .
الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةُ وَالْمَجْمُوعَةِ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ أَدْرَكْتُ يَكْتُبُونَ التَّشَهُّدَ قَبْلَ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ وَمَا زَالَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ بِالْمَدِينَةِ ، وَإِنَّهُ لَيُعْجِبُنِي وَأُرَاهُ حَسَنًا ، وَرَوَاهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ كُلُّ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ تَشَهَّدَ أَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ قَدْ تَشَهَّدَ نَاسٌ فُقَهَاءُ صَالِحُونَ ، وَتَرَكَهُ بَعْضُ النَّاسِ وَذَلِكَ قَلِيلٌ .
وَفِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَذْكُرْ لَنَا مَالِكٌ كَيْفَ التَّشَهُّدُ .
الْبَاجِيَّ عَنْ أَنَسٍ كَانُوا يُوصُونَ أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَوْصَى مَنْ يَتْرُكُ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ إنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ، وَأَوْصَى بِمَا أَوْصَى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ { يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } وَأَوْصَى إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ هَذَا .
وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّ رَجُلًا كَتَبَ فِي ذَلِكَ أُؤْمِنُ بِالْقَدْرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ ، قَالَ : مَا أَرَى هَذَا إلَّا كُتُبَ الصَّفْرِيَّةِ والإباضية قَدْ كَتَبَ مَنْ مَضَى وَصَايَاهُمْ فَلَمْ يَكْتُبُوا مِثْلَ هَذَا .
قُلْت : وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ الرُّشْدَ فِي الِاتِّبَاعِ ، وَيُجْتَنَبُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا الِابْتِدَاعُ فَلَنْ يَأْتِيَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ
بِأَهْدَى مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلُهَا ا هـ الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْلَى الْجَمْعُ ، أَيْ فِي التَّشَهُّدِ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ .
وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ ، وَلَا فَتَحَ ، وَتُنَفَّذُ ؛ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ
( وَلَهُمْ ) أَيْ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنَّ وَصِيَّتَهُ مَكْتُوبَةٌ بِهَذِهِ الْوَثِيقَةِ بِخَطِّهِ أَوْ بِخَطِّ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ ( الشَّهَادَةُ ) بِأَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ وَصِيَّتَهُ إذَا كَانَ قَرَأَهُ عَلَيْهِمْ أَوْ كَانُوا قَرَءُوهُ وَأَشْهَدَهُمْ بِأَنَّ مَا فِيهِ وَصِيَّتُهُ ، بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَقْرَؤُهُ ) وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَيْهِ إذَا عَرَفُوا عَيْنَ الْكِتَابِ إنْ فَتَحَ الْكِتَابَ وَرَأَوْا مَا فِيهِ بَلْ ( وَلَا فَتَحَ ) وَأَمَرَ أَنْ لَا يُفْتَحَ حَتَّى يَمُوتَ فَلَهُمْ الشَّهَادَةُ فِيهِ وَتُنَفَّذُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا وَصِيَّتُهُ بِمَا فِيهِ إنْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ ، بَلْ ( وَلَوْ كَانَتْ ) وَثِيقَتُهُ ( عِنْدَهُ ) أَيْ الْمُوصِي إلَى مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِيبَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَشْهَبَ مَنْ أَتَاهُ أَخٌ لَهُ بِكِتَابِ وَصِيَّةٍ طُبِعَ عَلَيْهَا ، وَقَالَ : اُكْتُبْ شَهَادَتَك بِأَسْفَلِهِ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ كِتَابِي ، وَلَا يَعْلَمُ الشَّاهِدُ مَا فِيهَا فَكَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي أَسْفَلِهَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ أَيَشْهَدُ بِهَا ، قَالَ إنْ لَمْ يَشُكَّ فِي خَاتَمِهِ أَنَّهُ خَاتَمُهُ فَلْيَشْهَدْ ، وَإِنْ شَكَّ فَلَا يَشْهَدُ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَيْسَتْ عِنْدَهُ .
قُلْت أَيَشُكُّ فِي الْخَاتَمِ إذَا غَابَ عَنْهُ ، قَالَ لَا أَدْرِي إنْ شَكَّ فَلَا يَشْهَدُ ، وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ يَشْهَدُ وَكَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ إجَازَةُ الْخَاتَمِ حَتَّى كَانَ الْقَاضِي يَكْتُبُ لِلرَّجُلِ الْكِتَابَ إلَى الْقَاضِي وَمَا يَزِيدُ عَلَى خَاتَمِهِ فَيُجَازُ لَهُ ، حَتَّى حَدَثَ عِنْدَ النَّاسِ الِاتِّهَامُ عَلَى خَاتَمِ الْقَاضِي ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّيَقُّنِ مِمَّا لَا سَبِيلَ إلَى الشَّاهِدِ إلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ ، فَعَلَى قَوْلِهِ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُمْ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَإِذَا دَفَعَهَا إلَيْهِمْ فَدَفَعُوهَا إلَى أَحَدِهِمْ أَوْ إلَى مَنْ
وَثِقُوا بِهِ غَيْرَهُمْ فَكَانَتْ عِنْدَهُ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهَا ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ .
وَإِنْ شَهِدَا بِمَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ ، فَلِفُلَانٍ ؛ ثُمَّ مَاتَ فَفُتِحَتْ فَإِذَا فِيهَا ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْمَسَاكِينِ ؛ قُسِمَ بَيْنَهُمَا
( وَإِنْ شَهِدَا ) أَيْ الْعَدْلَانِ ( بِمَا فِيهَا ) أَيْ الْوَثِيقَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَهِيَ مَخْتُومَةٌ ، وَقَالَ لَهُمَا حِينَ إشْهَادِهِمَا عَلَيْهَا ( وَمَا بَقِيَ ) بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصَايَا مِنْ ثُلُثِي ( فَ ) هُوَ ( لِفُلَانٍ فَفُتِحَتْ ) الْوَثِيقَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ ( فَإِذَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ ) بَعْدَهُ مِنْهُ ( فَ ) هُوَ ( لِلْمَسَاكِينِ قُسِمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَا بَقِيَ مَعَهُ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ فُلَانٍ وَالْمَسَاكِينِ مُنَاصَفَةً .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ ابْنُ وَهْبٍ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِشُهُودٍ : هَذِهِ وَصِيَّتِي وَهِيَ مَطْبُوعَةٌ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا لِي وَعَلَيَّ وَأَسْنَدْتُهَا إلَى عَمَّتِي وَمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِعَمَّتِي وَمَاتَتْ فَفُتِحَ الْكِتَابُ فَإِذَا فِيهِ مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْأَرَامِلِ ، فَإِنَّهُ تُقَسَّمُ بَقِيَّتُهُ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْأَصْنَافِ الْآخَرِينَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلَيْنِ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا ، وَلَا تَكُونُ الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ نَاسِخَةً لِلْأَوَّلِ خِلَافُ سَمَاعِ زُونَانَ أَشْهَبَ .
وَكَتَبْتُهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ ، أَوْ أَوْصَيْتُهُ بِثُلُثِي فَصَدِّقُوهُ ، يُصَدَّقُ ، إنْ لَمْ يَقُلْ لِابْنِي
( وَإِنْ قَالَ ) الْمُوصِي ( كَتَبْتُهَا ) أَيْ وَصِيَّتِي وَوَضَعْتُهَا ( عِنْدَ فُلَانٍ ) فَإِذَا مِتُّ ، وَأَخْرَجَ لَكُمْ كِتَابًا وَقَالَ هَذِهِ وَصِيَّتِي ( فَصَدِّقُوهُ ) فِي أَنَّهَا وَصِيَّتِي فَإِذَا مَاتَ وَأَتَى فُلَانٌ بِوَثِيقَةٍ وَقَالَ هَذِهِ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ مَا فِيهَا ( أَوْ ) قَالَ الْمُوصِي ( أَوْصَيْته ) أَيْ فُلَانًا ( بِ ) كَيْفِيَّةِ تَفْرِقَةِ ( ثُلُثِي فَصَدِّقُوهُ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ فُلَانًا فِيهَا ، فَإِذَا مَاتَ وَأَخْبَرَ فُلَانٌ بِالْكَيْفِيَّةِ فَإِنَّهُ ( يُصَدَّقُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا فِيهَا وَتَنْفُذُ ( إنْ لَمْ يَقُلْ ) فُلَانٌ أَوْصَى بِثُلُثِهِ ( لِابْنِي ) فَإِنْ قَالَ لِابْنِي وَنَحْوَهُ مِمَّنْ يُتَّهَمُ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي وَجَعَلْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ وَأَنْفِذُوهَا صُدِّقَ وَنَفَذَ مَا فِيهَا ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي وَجَعَلْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَأَنْفِذُوا مَا فِيهَا فَمَاتَ ، وَأُخْرِجَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا شُهُودَ فِيهَا إلَّا مَا شَهِدُوا عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ وَضَعَهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَأَنْفَذُوا مَا فِيهَا فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهَا عِنْدَهُ عَدْلًا أُنْفِذَ مَا فِيهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا رَأْيِي .
الْعُتْبِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ هِيَ جَائِزَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا .
ابْنُ رُشْدٍ اشْتِرَاطُ عَدَالَتِهِ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ قَالَ : كَتَبْتُ وَصِيَّتِي وَجَعَلْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ وَأَنْفِذُوا مَا فِيهَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ مَا فِيهَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ عَدَالَةً ، كَقَوْلِهِ سَحْنُونٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قَالَ أَوْصَيْتُ فُلَانًا بِثُلُثِي فَصَدِّقُوهُ جَازَ ذَلِكَ وَأُنْفِذَ مَا قَالَ ، فَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ إنَّمَا أَوْصَى بِثُلُثٍ لِابْنِي فَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ "
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ قَالَ اجْعَلْ ثُلُثِي حَيْثُ تَرَاهُ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ وَجْهٌ لِذَلِكَ صَوَابٌ ، وَفَرَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَالِكٍ صُرِفَ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِهِ فَصَرَفَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِقَرَابَتِهِ ظَاهِرٌ فِي مُنَافَاتِهِ نَتِيجَةَ الِاجْتِهَادِ ، وَمَسْأَلَةُ الْخِلَافِ أَمْرُهَا مَصْرُوفٌ لِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ أَشْهَبُ بِقَوْلِهِ : لِأَنَّ الْمَيِّتَ أُمِرَ بِتَصْدِيقِهِ ، وَنَحْوُهُ لِلصَّقَلِّيِّ .
وَوَصِيِّي فَقَطْ ، يُعَمُّ ، وَعَلَى كَذَا ، يُخَصُّ بِهِ كَوَصِيِّي ، حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ ، أَوْ إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَتِي
( وَ ) إنْ قَالَ فِي إيصَائِهِ فُلَانٌ ( وَصِيِّي فَقَطْ ) أَيْ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ : وَصِيٍّ فَإِنَّهُ ( يَعُمُّ ) إيصَاؤُهُ كُلَّ شَيْءٍ لِلْمُوصِي أَوْ عَلَيْهِ حَتَّى إنْكَاحَ صِغَارِ بَنِيهِ وَبَالِغَاتِ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بِإِذْنِهِنَّ ، وَلَا يُجْبِرُهُنَّ اتِّفَاقًا ، وَكَذَا الثَّيِّبَاتُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ : اشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا وَصِيِّي ، وَلَمْ يَزِدْ فَهُوَ وَصِيَّةُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْكَاحِ صِغَارِ بَنِيهِ ، وَمَنْ بَلَغَ مِنْ أَبْكَارِ بَنَاتِهِ بِإِذْنِهِمْ وَالثَّيِّبِ بِإِذْنِهَا .
اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي قَالَ اسْتَقْصَى لَهُ وَبَالَغَ ، وَإِنْ قَالَ وَصِيِّي عَلَى مَالِي دَخَلَ فِيهِ الْوَلَدُ ، وَإِنْ قَالَ عَلَى وَلَدِي دَخَلَ فِيهِ الْمَالُ ، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَلَدِي الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَكَذَا عَلَى بَنِيَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ فَيَقُولَ : الذُّكُورُ أَوْ بَنَاتِي .
( وَ ) إنْ قَالَ وَصِيِّي ( عَلَى كَذَا ) كَثُلُثِي أَوْ قَضَاءِ دَيْنِي فَإِنَّهُ ( يُخَصُّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ( بِهِ ) أَيْ مَا قَصَرَ الْمُوصِي إيصَاءَهُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَعُمُّ غَيْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى اقْتِضَاءِ دَيْنِي أَوْ قَضَائِهِ أَوْ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى مَالِي أَوْ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى بِضْعِ بَنَاتِي فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَيَكُونُ كَمَا قَالَ ، وَإِنْ قَالَ فُلَانُ وَصِيِّي عَلَى كَذَا الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ فَإِنَّمَا هُوَ وَصِيٌّ عَلَى مَا سَمَّى فَقَطْ ، وَنَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ الْخِلَافِيَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا لَهُ عَلَى الْعُمُومِ ، وَكَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، نَقَلَهُ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ رِوَايَةً .
وَشَبَّهَ فِي الِاخْتِصَاصِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ فُلَانٌ ( وَصِيِّي حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ ) فَيَكُونَ هُوَ الْوَصِيُّ فَهُوَ وَصِيُّهُ مَا دَامَ فُلَانٌ غَائِبًا ، فَإِنْ قَدِمَ ارْتَفَعَتْ وِصَايَتُهُ ، وَصَارَ الْقَادِمُ وَصِيَّهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا : إنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ فَيَكُونَ وَصِيًّا
فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَيَكُونُ كَمَا قَالَ الصِّقِلِّيُّ ، وَيَنْبَغِي إنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ قُدُومِهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَصِيًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا خَلَعَ هَذَا بِقُدُومِ الْغَائِبِ ، فَلَوْ قَدِمَ وَامْتَنَعَ فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ إيصَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ نَظَرَهُ بِغَيْبَةِ فُلَانٍ إلَّا أَنْ يُفْهَمَ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ وَقَبِلَ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيَّ ، فَإِذَا قَدِمَ وَلَمْ يَقْبَلْ وَجَبَ بَقَاءُ الْأَوَّلِ وَصِيًّا .
اللَّخْمِيُّ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ : إنْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ فَلَا وَصِيَّةَ لِلْحَاضِرِ ، وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِهِ إنْ قَدِمَ وَلَمْ يَقْبَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي إقَامَةِ الْغَائِبِ امْتِنَاعَ الْحَاضِرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ فَقِيلَ لَهُ تَكَلَّفْهَا حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ ، فَإِنْ كَانَ هَذَا السَّبَبَ جَازَ تَمَادِيهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ إنْ أَحَبَّ ، فَإِنْ كَرِهَ فَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهَا وَقْتًا .
( أَوْ ) قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي ( إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ ) فُلَانٌ ( زَوْجَتِي ) فَلَا يَكُونُ وَصِيِّي ، وَفِي نُسْخَةٍ حَتَّى تَتَزَوَّجَ بِفَوْقِيَّتَيْنِ فَالْمَعْنَى فُلَانَةُ زَوْجَتِي وَصِيَّتِي حَتَّى تَتَزَوَّجَ فَلَا تَكُونُ وَصِيَّتِي ، فِيهَا مَنْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَى أُمِّ وَلَدِهِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ جَازَ ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ عُزِلَتْ .
وَإِنْ زَوَّجَ مُوصًى عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ ، وَقَبْضِ دُيُونِهِ ، صَحَّ
( وَإِنْ ) أَوْصَى رَجُلًا عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونَهُ وَلَمْ يُوصِهِ عَلَى تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ فَتَعَدَّى ( زَوَّجَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْوَصِيُّ الـ ( مُوصَى عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ ) أَيْ الْمُوصِي ( وَقَبْضِ دُيُونِهِ ) أَيْ الْمُوصِي بَنَاتِ الْمُوصِي الْبَالِغَاتِ بِإِذْنِهِنَّ ( صَحَّ ) تَزْوِيجُهُ لِحُصُولِ وِلَايَةِ الْإِسْلَامِ الْعَامَّةِ لَهُ عَلَيْهِنَّ ، وَفِي قَوْلِهِ صَحَّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ ابْتِدَاءُ عَدَمِ تَزْوِيجِهِنَّ وَرَفْعُ أَمْرِهِنَّ إلَى الْإِمَامِ لِيَنْظُرَ فِي تَقْدِيمِهِ أَوْ عَاصِبِهِنَّ عَلَيْهِنَّ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِي وَقَبْضِ دُيُونِي وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ هَذَا .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى السُّلْطَانِ ، فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ رَجَوْت أَنْ يَجُوزَ .
الصِّقِلِّيُّ أَشْهَبُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُنَّ وَلَا يَرْفَعَ إلَى السُّلْطَانِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .
وَإِنَّمَا يُوصِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَبٌ ، أَوْ وَصِيُّهُ ؛ كَأُمٍّ ، إنْ قَلَّ ، وَلَا وَلِيَّ ، وَوُرِثَ عَنْهَا
( وَإِنَّمَا يُوصِي ) بِكَسْرِ الصَّادِ مُخَفَّفًا مِنْ الْإِيصَاءِ وَمُثَقَّلًا مِنْ التَّوْصِيَةِ ( عَلَى ) الشَّخْصِ ( الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ) لِصِغَرِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ سَفَهِهِ ( أَبٌ ) رَشِيدٌ ( أَوْ وَصِيُّهُ ) أَيْ الْأَبِ لَا جَدٌّ وَلَا عَمٌّ وَلَا أَخٌ ، وَلَا أُمٌّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ أَشَارَ لَهَا بِتَشْبِيهِهَا بِالْأَبِ فِي الْإِيصَاءِ عِنْدَ الْمَحْجُورِ فَقَالَ ( كَأُمٍّ ) فَلَهَا الْإِيصَاءُ عَلَى وَلَدِهَا ( إنْ قَلَّ الْمَالُ ) الَّذِي أَرَادَتْ الْإِيصَاءَ فِيهِ كَسِتِّينَ دِينَارًا ( وَلَا وَلِيَّ ) لِلْوَلَدِ الَّذِي أَرَادَتْ الْإِيصَاءَ عَلَى مَالِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ ( وَوُرِثَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالُ الْقَلِيلُ الْمُوصَى عَلَيْهِ ( عَنْهَا ) أَيْ الْأُمِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْإِيصَاءُ إنْ كَانَ بِالنَّظَرِ لِمَحْجُورٍ اخْتَصَّ بِالْأَبِ الرَّشِيدِ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْأَبِ إلَى غَيْرِهِ بِصِغَارِ بَنِيهِ وَأَبْكَارِ بَنَاتِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ فَأَوْصَى لِغَيْرِهِ جَازَ ذَلِكَ ، وَكَانَ وَصِيُّ الْوَصِيِّ مِثْلَ الْوَصِيِّ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ ، بِخِلَافِ مُقَدَّمِ الْقَاضِي .
وَقِيلَ مِثْلُهُ ، وَهُوَ قَوْلُهَا فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلطِّفْلِ وَصِيٌّ فَأَقَامَ لَهُ الْقَاضِي خَلِيفَةً كَانَ كَالْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ ، وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْجَدِّ بِوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَا الْأَخِ بِأَخِيهِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ .
بِخِلَافِ الْأُمِّ وَفِيهَا لَا يَجُوزُ إيصَاءُ الْأُمِّ بِمَالٍ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيًّا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا ، وَيَنْظُرُ الْإِمَامُ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا نَحْوَ السِّتِّينَ دِينَارًا جَازَ إسْنَادُهَا فِيهِ إلَى عَدْلٍ فِيمَنْ لَا أَبَ لَهُ وَلَا وَصِيَّ فِيمَا تَرَكَتْهُ لَهُ .
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُوصِيَ بِمَالِ وَلَدِهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ إجَازَةُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ وَلَيْسَتْ بِقِيَاسٍ ، وَإِنْ كَانَ
الْإِيصَاءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَفْرِيقِ ثُلُثٍ جَازَ مِنْ كُلِّ مَالِكٍ فِيهَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُوصِيَ بِإِنْفَاذِ وَصَايَاهَا وَقَضَاءِ دَيْنِهَا
لِمُكَلَّفٍ : مُسْلِمٍ ، عَدْلٍ ، كَافٍ ، وَإِنْ أَعْمَى ، وَامْرَأَةً وَعَبْدًا وَتَصَرَّفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ
وَإِنَّمَا يُوصِي الْأَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُكَلَّفٍ ) بَالِغٍ عَاقِلٍ فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ مَجْنُونٍ وَلَا مَعْتُوهٍ وَلَا صَبِيٍّ ( مُسْلِمٍ ) فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ كَافِرٍ وَلَوْ قَرِيبًا عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ( عَدْلٍ ) فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ فَاسِقٍ .
الْبِسَاطِيُّ بِالْجَوَارِحِ وَلَمْ أَعْلَمْ فِي الْفَاسِقِ بِالِاعْتِقَادِ نَصًّا شَافِيًا ( كَافٍ ) أَيْ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمُوصَى عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ عَاجِزٍ عَنْهَا .
ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْوَصِيُّ وَشَرْطُهُ أَرْبَعَةٌ التَّكْلِيفُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَى غَيْرِ عَدْلٍ ، وَفِي تَرْجَمَةٍ أُخْرَى لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَى مَسْخُوطٍ .
قُلْت الْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ السَّتْرُ لَا الصِّفَةُ الْمُشْتَرَطَةُ فِي الشَّهَادَةِ ، فَذِكْرُ اللَّفْظَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يُسَهِّلُ تَفْسِيرَ غَيْرِ الْعَدْلِ بِالْمَسْخُوطِ لَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ الْمَسْتُورِ فَيَدْخُلُ الْمَسْتُورُ فِي الْمَنْعِ ، وَاخْتِصَارُ الْبَرَادِعِيِّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَا تَجُوزُ إلَى ذِمِّيٍّ أَوْ مَسْخُوطٍ أَوْ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ خِلَافُ ذَلِكَ لِأَنَّ عَطْفَ لَيْسَ بِعَدْلٍ عَلَى الْمَسْخُوطِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ غَيْرُهُ ، فَيَدْخُلُ الْمَسْتُورُ فِي الْمَنْعِ .
الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَنْ أَوْصَى إلَى مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ مِنْهُ فَلْتَةً ، وَحَالَتُهُ تُرْضِي ، وَإِنْ لَمْ يَتَزَيَّدْ حُسْنَ حَالَ إذَا كَانَ يَوْمَ حُدَّ غَيْرَ مَسْخُوطٍ وَأَمَّا مَنْ حُدَّ فِي سَرِقَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ خَمْرٍ فَلَا يَقَعُ فِي مِثْلِ هَذَا مَنْ لَهُ وَرَعٌ فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِمَنْ اسْتَوْفَى مَا سَبَقَ إنْ كَانَ بَصِيرًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( أَعْمَى ) فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بَصِيرًا ، وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ لِمُسْتَوْفِيهَا كَانَ
رَجُلًا ، بَلْ ( وَ ) إنْ كَانَ ( امْرَأَةً ) وَيَصِحُّ لَهُ إنْ كَانَ حُرًّا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( عَبْدًا ) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ .
الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَشْهَبَ إنْ أَوْصَى مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ لِامْرَأَةٍ أَوْ أَعْمَى فَذَلِكَ جَائِزٌ ( وَتَصَرَّفَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ لِمُوصٍ عَلَى مَحْجُورٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ لِلْمَحْجُورِ الْمُوصَى عَلَيْهِ ( بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ) وَلَا يُقْبَلُ الْإِيصَاءُ إلَّا بِإِذْنِهِ .
ابْنُ عَاشِرٍ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ تَصَرَّفَ بِإِذْنٍ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ إنَّمَا هُوَ تَصَرُّفُهُ دُونَ قَبُولِ الْإِيصَاءِ ، وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ ؛ إذْ الصَّوَابُ أَنَّ قَبُولَهُ الْإِيصَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ أَيْضًا ؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ : الْحَسَنُ أَنْ يُقَالَ تَجُوزُ ، وَتَصِحُّ لِعَبْدِ الْغَيْرِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَى عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ جَازَ ذَلِكَ ، وَمِثْلُهُ فِي رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ .
ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا غَيْرَ عَاجِزٍ كَانَ لِلْمُوصِي أَوْ غَيْرِهِ إنْ رَضِيَ سَيِّدُهُ وَسَيِّدُهُ لَا يَخَافُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى مَا بِيَدِهِ .
أَشْهَبُ فَإِنْ طَعَنَ بِهِ سَيِّدُهُ أَوْ مُشْتَرِيهِ جَعَلَ السُّلْطَانُ وَصِيًّا غَيْرَهُ ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فِي هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ عِنْدَ سَفَرِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى سُلْطَانٍ ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ .
الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ غَيْرِهِ جَازَ إنْ أَجَازَهُ سَيِّدُهُ ، وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إلَّا لِعُذْرٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ نَقْلَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْعَبْدِ إلَى غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي الْوَرَثَةُ بِهِ فَيُقِيمُ الْإِمَامُ لَهُمْ غَيْرَهُ .
وَإِنْ أَرَادَ الْأَكَابِرُ بَيْعَ مُوصًى ، اُشْتُرِيَ لِلْأَصَاغِرِ ؛
( وَإِذَا ) أَوْصَى عَبْدَهُ عَلَى أَصَاغِرِ وَلَدِهِ ، وَلَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ وَ ( أَرَادَ ) أَوْلَادُهُ ( الْأَكَابِرُ بَيْعَ ) عَبْدٍ ( مُوصًى ) عَلَى أَوْلَادِهِ الْأَصَاغِرِ ( اُشْتُرِيَ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْعَبْدُ الْمُوصَى ، أَيْ نَصِيبُ الْأَكَابِرِ مِنْهُ ( لِ ) أَوْلَادِ ( الْأَصَاغِرِ ) إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يَفِي بِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا بَاعَ الْأَكَابِرُ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ ثَمَنُهُ فَيُبَاعَ جَمِيعُهُ ، وَيُبَيَّنَ لِمُشْتَرِيهِ أَنَّهُ وَصِيٌّ عَلَى الْأَصَاغِرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ أَكَابِرُ وَأَرَادَ بَيْعَ نَصِيبِهِمْ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى عَلَى الْأَصَاغِرِ اُشْتُرِيَ لَهُمْ حَظُّ الْأَكَابِرِ إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يَحْمِلُ ذَلِكَ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ أَوْ أَضَرَّ بِهِمْ بَاعَ الْأَكَابِرُ حَظَّهُمْ مِنْهُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِهِمْ فَيُبَاعَ نَصِيبُ الْأَصَاغِرِ مَعَ نَصِيبِ الْأَكَابِرِ .
الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ : إنْ كَانَ فِيهِمْ أَكَابِرُ قَوْمٍ حَظُّهُمْ عَلَى الْأَصَاغِرِ ، ثُمَّ مَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ قُوِّمَ حَظُّهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ .
قُلْت مِثْلُهُ فِي رسم الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُمْ زَوْجَةٌ فَأَرَادَتْ بَيْعَ الْعَبْدِ وَقَالَتْ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِينَارٍ قَالَ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَتْ ، وَيَخْرُجُ بِهِ إلَى السُّوقِ فَيُقَوَّمُ قِيمَةَ عَدْلٍ فَتُعْطَى الْمَرْأَةُ ثُمُنَهَا كَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ .
وَطُرُوُّ الْفِسْقِ يَعْزِلُهُ
( وَ ) إنْ أَوْصَى الْأَبُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى مَحْجُورِهِ عَدْلًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ الْفِسْقُ فَ ( طُرُوُّ ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَالرَّاءِ بِشَدِّ الْوَاوِ ، أَيْ حُدُوثُ ( الْفِسْقِ ) لِلْوَصِيِّ ( يَعْزِلُهُ ) أَيْ طُرُوُّ ، الْفِسْقِ الْوَصِيَّ عَنْ وِصَايَتِهِ عَلَى الْمَحْجُورِ ، فَعَدَالَتُهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
فِيهَا أَرَأَيْت إنْ كَانَ الْوَصِيُّ خَبِيثًا أَيُعْزَلُ عَنْ الْوَصِيَّةِ قَالَ نَعَمْ .
عَرَفَةُ فِي عَزْلِهِ بِسَخْطَةٍ وَبَقَائِهِ مَعَ شَرِيكٍ غَيْرِهِ ثَالِثُهَا إنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِسَخْطَتِهِ .
وَرَابِعُهَا إنْ كَانَ قَرِيبًا أَوْ مُوَالِيًا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ .
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ لَا يَجُوزُ إسْنَادُ الْوَصِيَّةِ إلَى غَيْرِ عَدْلٍ ، وَيُعْزَلُ إنْ أَوْصَى إلَيْهِ .
مُحَمَّدٌ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْوَصِيَّةُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ : يُجْعَلُ مَعَهَا مُشْرِفٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا قَالَ وَيُعْزَلُ الْوَصِيُّ إذَا عَادَى مَحْجُورَهُ ؛ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُوصِي أَنْ يَشْتَرِيَ لِمَحْجُورِهِ بَعْضَ مَا يَلْهُو بِهِ .
وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَبْدًا يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِهِمْ ، وَلَا التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ ، وَلَا يَقْسِمُ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ
( وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ ) عَلَى الْأَصَاغِرِ ( عَبْدًا ) لَهُمْ ( يُحْسِنُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْعَبْدُ ( الْقِيَامَ بِ ) خَدَمْت ( هِمْ ) أَيْ الْأَصَاغِرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ لَهُمْ بِمَصْلَحَتِهِمْ ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا .
فِيهَا لَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَقَارًا لِيَتَامَى ، وَلَا الْعَبْدَ الَّذِي أَحْسَنَ الْقِيَامَ بِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْعَقَارِ مِنْ مِلْكِ مُجَاوِرِهِ فَيُرَغِّبَهُ فِي الثَّمَنِ أَوْ لَا كِفَايَةَ فِي غَلَّتِهِ أَوْ لَيْسَ لَهُمْ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ ( وَلَا ) يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ الَّذِينَ مَعَهُمْ أَكَابِرُ ( التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ ) الرَّشِيدِ ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً ، وَالتَّرِكَةُ حَيَوَانٌ أَوْ عَرَضٌ فَيَرْفَعُ إلَى الْإِمَامِ لِيُقِيمَ قَيِّمًا عَنْ الْغَائِبِ يَبِيعُ نَصِيبَهُ ( وَلَا يُقْسِمُ ) الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ التَّرِكَةَ عَلَيْهِمْ وَ ( عَلَى الْغَائِبِ بِلَا ) رَفْعٍ لِ ( حَاكِمٍ ) الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَصَاغِرَ وَأَكَابِرَ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَحْضُرَ الْأَكَابِرُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ غَابُوا بِأَرْضٍ بَعِيدَةٍ ، وَالتَّرِكَةُ حَيَوَانٌ وَرَقِيقٌ وَعَرَضٌ فَلَهُ بَيْعُ ذَلِكَ ، وَيَرْفَعُ إلَى الْإِمَامِ لِيَأْمُرَ مَنْ يَبِيعُ عَلَى الْغَائِبِ .
أَشْهَبُ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُمْ ، وَلَمْ يَخْشَ تَغْيِيرَ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ كَاتَبَهُمْ بِبَيْعِ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بَيْعُهُ أَفْضَلَ لِلْجَمِيعِ ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ وَمَنْ تَلِفَ حَقُّهُ كَانَ مِنْهُ ، وَفِي الْقَسْمِ مِنْهَا لَا يَقْسِمُ الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ وَيَرَاهُ نَظَرٌ ، أَوْ إنْ كَانَ مَعَهُمْ أَكَابِرُ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ فَإِنْ قَاسَمَ الْكِبَارَ وَصِيُّ الْأَصَاغِرِ دُونَ الْإِمَامِ جَازَ إذَا اجْتَهَدَ ، وَإِنْ غَابَ أَحَدُ الْكِبَارِ لَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ
وَلَا يَقْسِمُ لِغَائِبٍ إلَّا الْإِمَامُ ، وَيُوَكِّلُ بِذَلِكَ ، وَيَجْعَلُ مَا صَارَ لَهُمْ بِيَدِ أَمِينٍ .
وَلِاثْنَيْنِ حُمِلَ عَلَى التَّعَاوُنِ ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَا ، فَالْحَاكِمُ
( وَ ) إنْ أَوْصَى الْأَبُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى مَحْجُورِهِ ( لِاثْنَيْنِ ) بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ بِلَفْظَيْنِ فِي وَقْتٍ أَوْ وَقْتَيْنِ ، وَأَطْلَقَ إيصَاءَهُ لَهُمَا ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ لَهُ ، وَلَا بِتَعَاوُنِهِمَا عَلَيْهِ ( حُمِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ إيصَاؤُهُ ( عَلَى ) قَصْدِ ( التَّعَاوُنِ ) مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ لَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ بِهِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْ صَاحِبِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى إلَى وَصِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا إنْكَاحٌ وَلَا غَيْرُهَا دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ .
قُلْت سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمَعِيَّةِ وَالشَّرِكَةِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي زَمَانَيْنِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا جَلِيٌّ ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى أَحَدِهِمَا أَوَّلًا ، ثُمَّ أَوْصَى إلَى الْآخَرِ ثَانِيًا ، كَقَوْلِهَا فَمَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهُ بَيْنَهُمَا ، وَقَوْلُهَا إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ مِثْلُهُ لِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، وَزَادَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الشَّيْءِ التَّافِهِ مِثْلَ الطَّعَامِ ، وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِمَّا يَضُرُّ بِهِمْ تَأْخِيرُهُ فَهُوَ خَفِيفٌ إذَا غَابَ الْآخَرُ وَأَبْطَأَ .
( فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْوَصِيَّيْنِ الْمُتَعَاوِنَيْنِ دُونَ إيصَاءٍ فَالْحَاكِمُ يَنْظُرُ فِي إقْرَارِ الْآخَرِ وَحْدَهُ أَوْ إقَامَةِ آخَرَ مَعَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا اسْتَقَلَّ الْآخَرُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُهُ اسْتِقْلَالُ الثَّانِي وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْفِقْهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَقِلَّ إلَّا أَنْ يَرَى الْقَاضِي ذَلِكَ .
قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ : لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُوصِ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَيْنَ الْعَدَالَةِ وَالْكِفَايَةِ فَلَا يَجْعَلُ الْقَاضِي مَعَهُ غَيْرَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْعَدَالَةِ أَوْ كَانَ مُبْرِزًا ، وَيَحْتَاجُ إلَى مَعُونَةٍ جَعَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ .
وَرَوَى عَلِيٌّ إنْ مَاتَ
أَحَدُهُمَا جَعَلَ مَعَهُ الْقَاضِي غَيْرَهُ ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ : إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ فَلَا نَظَرَ لِلْبَاقِي ، وَنَظَرَ السُّلْطَانُ فِي إقْرَارِهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ آخَرَ ، وَإِنْ مَاتَ عَنْ إيصَاءٍ إلَى صَاحِبِهِ وَرَضِيَ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَإِيصَائِهِ لِغَيْرِهِ ، وَرَضِيَ صَاحِبُهُ ، وَإِقْرَارُ الْقَاضِي لَهُ وَحْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِرِضَاهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ : لَمْ أَلْتَزِمْ النَّظَرَ وَحْدِي .
( أَوْ اخْتَلَفَا ) أَيْ الْوَصِيَّانِ فِي التَّصَرُّفِ لِمَحْجُورِهِمَا ( فَالْحَاكِمُ ) يَنْظُرُ فِيمَا أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا فَمَا رَآهُ صَوَابًا أَمَرَهُمَا بِهِ ، وَإِنْ كَانَ الصَّوَابُ غَيْرَ مَا أَرَادَهُ أَمَرَهُمَا بِهِ وَمَنَعَهُمَا مِنْ غَيْرِهِ .
وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ اخْتَلَفَا نَظَرَ السُّلْطَانُ .
اللَّخْمِيُّ إنْ خَالَفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا فَعَلَهُ نَظَرَ السُّلْطَانُ فَمَا رَآهُ صَوَابًا أَثْبَتَهُ وَإِنْ كَرِهَ الْآخَرُ .
وَلَا لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ
( وَلَا ) يَجُوزُ ( لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ ) لِغَيْرِ صَاحِبِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فِي صِحَّتِهِ ، وَلَا فِي مَرَضِهِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَمَفْهُومُ لِأَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُمَا مَعًا الْإِيصَاءَ ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَوَازِلِ عِيسَى لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي حَيَاتِهِ وَعِنْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكُلِّ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي هَذَا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَصِيَّيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ فِي الْإِيصَاءِ هَلْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوصِيَ بِمَا إلَيْهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَمْ لَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، الْأَوَّلُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ إلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الْوَصِيَّةِ أَتَتْ الرِّوَايَةُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ عِيسَى فِي هَذَا .
وَالثَّانِي : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ إلَى مَنْ مَعَهُ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونٍ .
الثَّالِثُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إلَى شَرِيكِهِ فِي الْإِيصَاءِ ، وَهُوَ الَّذِي تَأَوَّلَ الشُّيُوخُ عَلَيْهِ قَوْلَ سَحْنُونٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَلَا لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ ، وَإِلَّا ضَمِنَا
( وَلَا ) يَجُوزُ ( لَهُمَا ) أَيْ الْوَصِيَّيْنِ ( قَسْمُ الْمَالِ ) الْمُوصَيَانِ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُوصِيَ أَرَادَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ اقْتَسَمَاهُ ( ضَمِنَا ) أَيْ الْوَصِيَّانِ مَا تَلِفَ مِنْهُ لِتَعَدِّي وَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهِ بِاسْتِقْلَالِهِ بِهِ ، وَالْآخَرُ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ .
وَقَالَ أَيْضًا : يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِيَدِ صَاحِبِهِ دُونَ مَا هَلَكَ بِيَدِهِ ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا يَقْسِمُ الْقَاضِي الْمَالَ بَيْنَهُمَا وَلْيَكُنْ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ جَعَلَهُ عِنْدَ أَكْفَئِهِمَا ، وَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ فَلَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّةَ مَنْ مَعَهُ مِنْ الصِّبْيَانِ .
اللَّخْمِيُّ كُلُّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَوْ جَعَلَاهُ عِنْدَ أَدْنَاهُمَا عَدَالَةً فَلَا يَضْمَنَانِ ، وَرَوَى إنْ اخْتَلَفُوا طُبِعُوا عَلَيْهِ وَجُعِلَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ : إنْ تَشَاحُّوا يُقْسَمْ بَيْنَهُمْ ، وَلَا يُنْزَعْ مِنْهُمْ .
أَشْهَبُ : لَا يَقْسِمَانِهِ ، فَإِنْ اقْتَسَمَاهُ فَلَا يَضْمَنَانِ .
اللَّخْمِيُّ : أَرَادَ وَيَبْقَيَانِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي النَّظَرِ عَلَى الشِّيَاعِ ، وَيُدِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا عِنْدَهُ وَمَا عِنْدَ صَاحِبِهِ ، وَلَا يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ بِالنَّظَرِ فِيمَا عِنْدَهُ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ قَسَمَاهُ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا هَلَكَ بِيَدِ صَاحِبِهِ لِتَعَدِّيهِ بِإِسْلَامِهِ إلَيْهِ ، وَنَقَلَ عَنْهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الْمَالِ مَا عِنْدَهُ لِاسْتِبْدَادِهِ بِالنَّظَرِ فِيهِ وَمَا عِنْدَ صَاحِبِهِ لِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ ، وَكَذَا الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُمَا إذَا اقْتَسَمَاهَا .
وَلِلْوَصِيِّ ، اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ ، وَتَأْخِيرُهُ بِالنَّظَرِ ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ وَعِيدِهِ
( وَلِلْوَصِيِّ ) عَلَى مَحْجُورٍ ( اقْتِضَاءُ ) أَيْ قَبْضُ ( الدَّيْنِ ) الَّذِي لِمَحْجُورٍ إذَا كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ أَجَلُهُ ( وَ ) لَهُ ( تَأْخِيرُ ) هـ أَيْ الدَّيْنِ عِنْدَ الْمَدِينِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ إذَا كَانَ ( لِنَظَرٍ ) أَيْ مَصْلَحَةٍ لِمَحْجُورِهِ كَخَوْفِ تَلَفِهِ إنْ اقْتَضَاهُ أَوْ ضَيَاعِهِ ، وَالْمَدِينُ مَلِيءٌ مَأْمُونٌ .
فِيهَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْغَرِيمَ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا جَازَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُمْ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ صَالَحَ عِنْدَ خَوْفِ جُحُودٍ أَوْ تَفْلِيسٍ ( وَ ) لَهُ ( النَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ ) الْمَحْجُورِ لَهُ وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا ( بِالْمَعْرُوفِ ) أَيْ بِلَا إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ .
اللَّخْمِيُّ بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ فَلَا يُضَيِّقُ عَلَى ذِي الْمَالِ الْكَثِيرِ دُونَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ ، وَلَا يُسْرِفُ وَلَا يُوَسِّعُ عَلَى قَلِيلِهِ .
أَشْهَبُ : يُنْفِقُ عَلَى كُلِّ يَتِيمٍ بِقَدْرِ مَنَابِهِ .
مَالِكٌ رَبِيعَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يَلْهُو بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَسَّعَ عَلَيْهِ .
( وَ ) لَهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ ( فِي خَتْنِهِ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ( وَعُرْسِهِ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وَلِيمَةِ تَزْوِيجِهِ ( وَعِيدِهِ ) لِفِطْرٍ أَوْ أَضْحَى .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ إنَّمَا لِلْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فِعْلُ مَا يُبْقِيهِ أَوْ يُنَمِّيهِ .
اللَّخْمِيُّ حَسَنٌ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ : يُنْفِقُ عَلَى كُلِّ يَتِيمٍ بِقَدْرِ مُصَابِهِ .
مُحَمَّدٌ مَالِكٌ رَبِيعَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ : لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يَلْهُو بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي سَعَةٍ وَسَّعَ عَلَيْهِ .
ابْنُ كِنَانَةَ وَيُنْفِقُ فِي عُرْسِهِ مَا يُصْلِحُهُ مِنْ صَنِيعٍ وَطِيبٍ بِقَدْرِ حَالِهِ وَحَالِ مَنْ تَزَوَّجَ وَقَدْرِ مَالِهِ ، فَإِنْ خَشِيَ أَنْ يُتَّهَمَ رَفَعَ لِلْإِمَامِ .
وَسَمِعَ
ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى مُحَمَّدٌ مِثْلَهُ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ ، وَمَا أَنْفَقَ عَلَى اللَّعَّابِينَ لَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ .
اللَّخْمِيُّ يُنْفِقُ عَلَى الْمَوْلَى عَلَيْهِ فِي خِتَانِهِ وَعُرْسِهِ ، وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَعَا لِأَكْلٍ وَلَا يَدْعُو اللَّعَّابِينَ .
وَدَفْعُ نَفَقَةٍ لَهُ قَلَّتْ : وَإِخْرَاجُ فِطْرَتِهِ وَزَكَاتِهِ ، وَرَفَعَ لِلْحَاكِمِ ، إنْ كَانَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ
( وَ ) لَهُ ( دَفْعُ نَفَقَةٍ لَهُ ) أَيْ الْمَحْجُورِ ( قَلَّتْ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا النَّفَقَةُ كَنَفَقَةِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُتْلِفُهَا قَبْلَ مُضِيِّهَا ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ نَفَقَةَ رَقِيقِهِ وَدَابَّتِهِ ، وَأَقَامَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ، وَخَالَفَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ .
اللَّخْمِيُّ يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَرَى أَنَّهُ لَا يُتْلِفُهُ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ ، فَإِنْ كَانَ يُتْلِفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَوْمٌ بِيَوْمٍ .
( وَ ) لَهُ ( إخْرَاجُ ) زَكَاةِ ( فِطْرَتِهِ ) أَيْ الْمَحْجُورِ وَفِطْرَةِ رَقِيقِهِ ( وَ ) إخْرَاجُ ( زَكَاةِ ) مَالِ ( هـ ) أَيْ الْمَحْجُورِ مِنْ نَعَمٍ وَعَيْنٍ وَحَرْثٍ ( وَرَفَعَ ) الْوَصِيُّ ذَلِكَ ( لِلْحَاكِمِ ) الْمَالِكِيِّ لِيَحْكُمَ لَهُ بِوُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَيَرْفَعُ حُكْمُهُ الْخِلَافَ ( إنْ كَانَ ) أَيْ وُجِدَ بِبَلَدِهِ أَوْ يَكُونُ ( حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ ) يَرَى عَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ فَيَحْكُمُ عَلَى الْوَصِيِّ بِغُرْمِ عِوَضِهَا مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ بِهَا .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَنَفِيٌّ فَلَا يَرْفَعُ لِلْحَاكِمِ لِأَمْنِهِ مِنْ التَّغْرِيمِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُزَكِّي مَالَهُ وَيُخْرِجُ عَنْهُ وَعَنْ عَبْدِهِ الْفِطْرَةَ وَيُضَحِّي عَنْهُ مِنْ مَالِهِ .
الشَّيْخُ إنْ أَمِنَ أَنْ يَتَعَقَّبَ بِأَمْرٍ مِنْ اخْتِلَافِ النَّاسِ أَوْ كَانَ شَيْئًا يَخْفَى لَهُ وَفِي زَكَاتِهَا وَيُؤَدِّيهَا الْوَصِيُّ عَنْ الْيَتَامَى وَعَبِيدِهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ .
قُلْت وَلِقَوْلِ الشَّيْخِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يُزَكِّي الْوَصِيُّ مَالَهُ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى السُّلْطَانِ ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : إذَا وَجَدَ فِي التَّرِكَةِ خَمْرًا فَلَا يُرِيقُهَا إلَّا بَعْدَ مُطَالَعَةِ السُّلْطَانِ لِئَلَّا يَكُونَ مَذْهَبُهُ جَوَازَ تَخْلِيلِهَا ، وَكَذَا يَكُونُ
مَذْهَبُ الْقَاضِي سُقُوطَ الزَّكَاةِ عَنْ الصَّغِيرِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا يَلْزَمُ الرَّفْعُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي يُخْشَى وِلَايَةُ الْحَنَفِيِّ فِيهَا ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا ، وَقَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ .
وَدَفْعُ مَالِهِ قِرَاضًا ، وَبِضَاعَةً ، وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ
( وَ ) لَهُ ( دَفْعُ مَالِهِ ) أَيْ الْمَحْجُورِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ ( قِرَاضًا ) بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لِقَوْلِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لِئَلَّا تَأْكُلَهَا الزَّكَاةُ ( وَ ) لَهُ دَفْعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ ( بِضَاعَةً ) مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ، رَوَى مُحَمَّدٌ إنَّمَا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَا يُبْقِيهِ أَوْ يُنَمِّيهِ .
اللَّخْمِيُّ وَحَسُنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ بِهِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى وَلَا يَضْمَنُ ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ .
وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ إنْ كَانَ الْوَصِيُّ أَخَا الْيَتَامَى ، وَتَجَرَ فِي الْمَالِ ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ فَالرِّبْحُ لَهُ ، وَحَسُنَ لَهُ أَنْ يُوَاسِيَ مِنْهُ الْيَتَامَى .
ابْنُ شَاسٍ الْوَصِيُّ يَقْضِي دُيُونَ الصَّبِيِّ ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُزَكِّي مَالَهُ ، وَيَدْفَعُهُ قِرَاضًا وَبِضَاعَةً .
( وَلَا يَعْمَلُ هُوَ ) أَيْ الْوَصِيُّ ( بِهِ ) أَيْ مَالِ مَحْجُورِهِ ( قِرَاضًا ) لِئَلَّا يُحَابِيَ نَفْسَهُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الرِّبْحِ .
ابْنُ شَاسٍ اُخْتُلِفَ فِي عَمَلِهِ هُوَ بِهِ قِرَاضًا فَمَنَعَهُ أَشْهَبُ .
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لِلْوَصِيِّ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ .
الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا يَعْمَلُ الْوَصِيُّ بِمَالِ الْيَتِيمِ قِرَاضًا كَمَا لَا يَبِيعُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ ، وَلَا يَشْتَرِي لَهَا مِنْهُمْ .
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ أَخَذَهُ قِرَاضًا عَلَى جُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ مَضَى .
وَاشْتِرَاءٌ مِنْ التَّرِكَةِ ، وَتُعُقِّبَ بِالنَّظَرِ ؛ إلَّا كَحِمَارَيْنِ قَلَّ ثَمَنُهُمَا ، وَتَسَوَّقَ بِهِمَا الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ
( وَلَا ) يَجُوزُ لَهُ ( اشْتِرَاءٌ مِنْ التَّرِكَةِ ) شَيْئًا لِنَفْسِهِ وَلَا تَوْكِيلٌ أَوْ دَسُّ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ مِنْهَا ( وَ ) إنْ اشْتَرَى مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ ( تُعُقِّبَ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُثَقَّلًا ( بِالنَّظَرِ ) مِنْ الْإِمَامِ فِي شِرَائِهِ ، فَإِنْ كَانَ بِفَضْلٍ لِلْمَحْجُورِ أَمْضَاهُ ، وَإِلَّا رَدَّهُ ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَنْظُرُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ يَوْمَ شِرَائِهِ أَوْ يَوْمَ رَفْعِهِ إلَيْهِ قَوْلَا ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ .
( إلَّا كَحِمَارَيْنِ ) اشْتَرَاهُمَا الْوَصِيُّ مِنْ التَّرِكَةِ ( قَلَّ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ ( ثَمَنُهُمَا ) أَيْ الْحِمَارَيْنِ كَثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ ( وَتَسَوَّقَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ وَقَفَ الْوَصِيُّ فِي السُّوقِ ( بِهِمَا ) أَيْ الْحِمَارَيْنِ ( الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ ) لِبَيْعِهِمَا وَاجْتَهَدَ فِيهِ فَلَهُ أَخْذُهُمَا بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَفَا عَلَيْهِ .
فِيهَا لَا يَشْتَرِي الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ، وَلَا يُوَكِّلُ أَوْ يَدُسُّ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ ، فَإِنْ فَعَلَ تُعُقِّبَ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ كَانَ لِلْأَيْتَامِ ، وَسَأَلَ وَصِيٌّ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ حِمَارَيْنِ مِنْ حُمُرِ الْأَعْرَابِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ثَمَنُهُمَا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ تَسَوَّقَ بِهِمَا الْوَصِيُّ فِي الْمَدِينَةِ وَالْبَادِيَةِ ، وَاجْتَهَدَ وَأَرَادَ أَخْذَهُمَا لِنَفْسِهِ بِمَا أُعْطِيَ فِيهِمَا ، فَأَجَازَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ .
وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي ، وَلَوْ قَبِلَ ، لَا بَعْدَهُمَا .
( وَلَهُ ) أَيْ الْوَصِيِّ ( عَزْلُ نَفْسِهِ ) عَنْ الْوَصَايَا ( فِي حَيَاةِ الْمُوصِي ) إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا ، بَلْ ( وَلَوْ قَبِلَ ) هَا ، وَفِي تَسْمِيَةِ عَدَمِ الْقَبُولِ عَزْلًا تَسَمُّحٌ ( لَا ) يَكُونُ لِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ ( بَعْدَهُمَا ) أَيْ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُولِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إذَا قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ .
مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ مَوْتِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إيصَاءِ غَيْرِهِ .
ابْنُ هِشَامٍ هُوَ مَفْهُومٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ لَوْ قَبِلَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ، أَوْ حَصَلَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ اشْتِرَاءٍ لَهُمْ مَا يُصْلِحُهُمْ أَوْ الِاقْتِضَاءِ لَهُمْ أَوْ الْقَضَاءِ عَنْهُمْ لَزِمَتْهُ .
وَإِنْ أَبَى الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدُ
وَإِنْ أَبَى ) الْوَصِيُّ ( الْقَبُولَ ) لِلْوِصَايَةِ ( بَعْدَ الْمَوْتِ ) لِلْمُوصَى ( فَلَا قَبُولَ لَهُ ) أَيْ الْوَصِيِّ ( بَعْدُ ) بِالضَّمِّ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ لَوْ امْتَنَعَ مِنْهَا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ
وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ ، لَا فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ ، وَدَفْعِ مَالِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ .
( وَالْقَوْلُ لَهُ ) أَيْ وَصِيِّ الْمَحْجُورِ ( فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ ) الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى مَحْجُورِهِ ، وَكَذَا فِي أَصْلِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا يُصَدَّقُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَأْتِ بِسَرَفٍ إنْ كَانُوا فِي حِجْرِهِ .
عِيَاضٌ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِيَمِينِهِ ، وَهَذَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَبُو عِمْرَانَ إنْ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَحْسِبَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلَا شَكَّ فِيهِ ، وَيَسْقُطُ مِمَّا زَادَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ .
عِيَاضٌ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ اسْتِغْنَاءِ الْيَتِيمِ عَنْ تِلْكَ النَّفَقَةِ الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا أَيَّامًا مُتَفَرِّقَةً أَوْ مُتَوَالِيَةً لِمَرَضٍ أَوْ صِلَةٍ مِنْ أَحَدٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَحْلِفُ مَا لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ ، وَفِيهَا يُصَدَّقُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ إنْ كَانُوا فِي حِجْرِهِ .
قُلْت زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي حِجْرِهِ لَفْظَ يَلِيهِمْ ، وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا فِي حِجْرِهِ يَلِيهِمْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَوَقَعَ ذَلِكَ نَصًّا فِي الْمَوَّازِيَّةِ .
الشَّيْخُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ الْوَصِيُّ أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ أَوْ بَعْضَهَا فَإِنْ كَانُوا فِي حِجْرِهِ يَلِيهِمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي السَّدَادِ ، وَإِنْ كَانُوا عِنْدَ أُمِّهِمْ أَوْ أَخِيهِمْ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، يُرِيدُ إنْ أَنْكَرُوا فِي رُشْدِهِمْ .
الْأَبْهَرِيُّ الْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِيمَا دَفَعَ مِنْ النَّفَقَةِ ؛ إذْ لَوْ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا لَشَقَّ عَلَيْهِ ؛ إذْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَى دِرْهَمٍ وَدَانِقٍ وَحَبَّةٍ وَهَذَا مِنْ الْأَمْرِ الْمَوْضُوعِ عَنْ النَّاسِ ، وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تُدْفَعُ اللُّقَطَةُ لِمَنْ جَاءَ بِعَلَامَتِهَا ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي } ، إنَّمَا هُوَ إذَا ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِ غَيْرِهِ .
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ قَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِيمَا دَفَعَ مِنْ النَّفَقَةِ إنْ أَشْبَهَتْ نَفَقَةَ الْأَيْتَامِ فِي حَضَانَتِهِ كَانُوا أَوْ عِنْدَ حَاضِنَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَعَلَى الْحَاضِنِ لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسِهِمْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ تَلْزَمُهُ فِي دَعْوَى الْأَيْتَامِ وَلِلْحَاضِنِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَاهُ .
( لَا ) يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ ( إنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ الْوَصِيُّ وَمَنْ كَانَ مَحْجُورًا لَهُ ( فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ ) لِلْمُوصِي فَالْقَوْلُ لِمَنْ كَانَ مَحْجُورًا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَصِيَّةٍ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ إنْ نَازَعَ الصَّبِيُّ الْوَصِيَّ فِي تَارِيخِ مَوْتِ أَبِيهِ ؛ إذْ بِهِ تَكْثُرُ النَّفَقَةُ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْوَصِيُّ ( وَلَا ) يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ ( فِي ) دَعْوَى ( دَفْعِ مَالَهُ ) أَيْ الْمَحْجُورِ إلَيْهِ ( بَعْدَ الْبُلُوغِ ) وَالرُّشْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُصَدَّقُ فِيهِ ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْله تَعَالَى { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } هَلْ مَعْنَاهُ لِئَلَّا تَغْرَمُوا أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( بَابٌ ) ( الْفَرَائِضُ )
( بَابٌ ) فِي بَيَانِ الْفَرَائِضِ وَهُوَ عِلْمٌ قُرْآنِيٌّ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَكِلْ قِسْمَةَ مَوَارِيثِكُمْ إلَى نَبِيٍّ مُرْسَلٍ وَلَا إلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ ، وَلَكِنْ تَوَلَّى بَيَانَهَا فَقَسَمَهَا أَبْيَنَ قَسْمٍ } ، ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ شَارِحُهُ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى قَوْله تَعَالَى { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى { يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } السُّهَيْلِيُّ نَظَرْت فِيمَا بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَحُدُودٍ وَأَحْكَامٍ فَلَمْ أَجِدْهُ افْتَتَحَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِمَا افْتَتَحَ بِهِ آيَةَ الْفَرَائِضِ ، وَلَا خَتَمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِمَا خَتَمَهَا بِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِهَا { : يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } ، فَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُوصٍ تَنْبِيهًا عَلَى حِكْمَتِهِ فِيمَا أَوْصَى بِهِ وَعَلَى عَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ ، وَقَالَ حِينَ خَتَمَ الْآيَةَ { وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ الْآيَةِ وقَوْله تَعَالَى { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ } ، وَقَدْ حَضَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ فَقَالَ { : تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ ، وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الِاثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ وَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا } .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ ، وَإِنَّهُ يُنْسَى ، وَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي } .
وَقَالَ { تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ ، وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِصَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ ، وَتَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ ، وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مِنْ
يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا } .
وَقَدْ حَضَّ عَلَيْهِمَا جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَيْضًا ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ فَإِنَّهَا مِنْ دِينِكُمْ .
وَقَالَ أَيْضًا : تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَالسُّنَّةَ وَاللَّحْنَ كَمَا تَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ وَالنَّحْوَ وَاللُّغَةَ ، وَقَالَ أَيْضًا : إذَا لَهَوْتُمْ فَالْهَوْا بِالرَّمْيِ ، وَإِذَا تَحَدَّثْتُمْ فَتَحَدَّثُوا بِالْفَرَائِضِ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَالْفَرَائِضَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَفْتَقِرَ النَّاسُ إلَى عِلْمِ مَنْ يَعْلَمُهَا .
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يُحْسِنُ الْفَرَائِضَ كَمَثَلِ لَابِسِ بُرْنُسٍ لَا رَأْسَ لَهُ .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَالِمًا مُفْتِيًا حَتَّى يُحْكِمَ الْفَرَائِضَ وَالنِّكَاحَ وَالْأَيْمَانَ .
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَشَارَ إلَى عِظَمِ هَذِهِ الْفُصُولِ مِنْ الدِّينِ وَعُمُومِ فُرُوعِهَا فِي الْمُسْلِمِينَ ، وَالْفَرَائِضُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَأَتَمُّ عُلُومِهِ ، وَالنَّاسُ إلَى انْقِرَاضِ الدُّنْيَا بَيْنَ وَارِثٍ وَمَوْرُوثٍ ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ مَا يَنْزِلُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضِ ، وَالْفَرْضُ نَازِلٌ بِالْكُلِّ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ هَذَا الْعِلْمُ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ وَأَنْفَسِهَا .
وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَاسْتَوْفَتْ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ النَّظَرَ فِيهِ وَكَثُرَتْ مُنَاظَرَتُهُمْ وَأَجْوِبَتُهُمْ وَفُرُوعُهُمْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ ، فَمَنْ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ فَقَدْ اهْتَدَى بِهَدْيِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَاخْتَلَفَ هَلْ كَوْنُهَا نِصْفًا تَعَبُّدًا وَمَعْقُولَ الْمَعْنَى قَوْلَانِ ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ جَمَاعَةٌ ، فَيَجِبُ عَلَيْنَا الْإِيمَانُ بِهِ عَقَلْنَا مَعْنَاهُ أَمْ لَا .
وَعَلَى الثَّانِي تَوَقُّفٌ فِي تَسْمِيَتِهَا نِصْفًا مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ } بِأَنَّ النِّصْفَيْنِ يَسْتَغْرِقَانِ الشَّيْءَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْعِلْمِ ، وَبِأَنَّ مَسَائِلَهُ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَسَائِلِ الْفِقْهِ فَضْلًا عَنْ بَاقِي الْعِلْمِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَقَلُّ الشَّيْءِ نِصْفَهُ .
وَأُجِيبَ عَنْهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَالَغَةُ حَتَّى كَأَنَّهُ لِجَلَالَتِهِ نِصْفُ كُلِّ مَا يُتَعَلَّمُ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { التَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ ، وَالْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ ، وَالتَّدْبِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ } ، مَعَ حَقَارَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَعَهَا .
وَإِنَّمَا الْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى عِظَمِ جَدْوَاهَا وَمَصْلَحَتِهَا .
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ أَحْوَالَ الْإِنْسَانِ قِسْمَانِ ، قِسْمٌ قَبْلَ الْوَفَاةِ وَقِسْمٌ بَعْدَهَا ، وَهَذَا الْعِلْمُ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَهَا ، فَهُوَ نِصْفٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَفَاسَتِهِ ، فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا قَلَّ حَجْمُهُ وَكَثُرَ نَفْعُهُ سَاوَى كَثِيرُ الْحَجْمِ كَثِيرَ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْجَوْهَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَدِيدِ وَسَائِرِ الْمَعَادِنِ .
وَأُورِدَ أَنَّ عِلْمَ الْوَصَايَا وَالتَّكْفِينِ وَالتَّغْسِيلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا ، فَلَمْ يَتِمَّ الْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي .
وَأُجِيبَ بِالْتِزَامِ كَوْنِ أَحْكَامِ الْوَصَايَا وَمَا مَعَهَا مِنْ الْفَرَائِضِ ، وَبِأَنَّ الْوَصَايَا لَا تَلْزَمُ كُلَّ مَيِّتٍ مُتَمَوِّلٍ فَقَدْ يَمُوتُ بِلَا وَصِيَّةٍ ، بِخِلَافِ الْإِرْثِ ؛ وَبِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَصِيَّةِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا وَغَيْرِهِمَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الْحَيَاةِ ، وَإِنَّمَا الَّذِي بَعْدَ الْمَوْتِ التَّنْفِيذُ وَالْغُسْلُ وَمَا مَعَهُ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْأَحْيَاءِ فَهِيَ مِنْ أَحْوَالِ الْحَيَاةِ ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ انْقِسَامُ حَالِ الْمَالِ نِصْفَيْنِ ، وَهَذِهِ أَحْكَامٌ بَدَنِيَّةٌ لَا مَالِيَّةٌ أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ لَقَبًا الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ
بِالْإِرْثِ ، وَعِلْمُ مَا يُوصِلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَقَبًا مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ مُرَكَّبًا إضَافِيًّا بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ ، فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ هَذَا ، فَهُوَ مِثْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ لَقَبًا وَمُرَكَّبًا إضَافِيًّا وَبُيُوعُ الْآجَالِ كَذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ عِلْمُ مَا يُوصِلُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْفِقْهِ أَدْخَلَ بِهِ كَيْفِيَّةَ الْقِسْمَةِ وَعَمَلَ الْمُنَاسَخَاتِ وَغَيْرِهَا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ .
شَارِحُ الْحَوفِيِّ حَدُّ عِلْمَ الْفَرَائِضِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ مَالِكِهِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا ، وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ ؛ لِأَنَّهُ يَبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ وَإِرْثٍ .
وَغَايَتُهُ حُصُولُ مَلَكَةٍ تُوجِبُ سُرْعَةَ الْجَوَابِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَالصَّوَابِ .
وَفَائِدَتُهُ إيصَالُ الْحُقُوقِ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَاسْتِمْدَادُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحَادِيثِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ .
وَلِلْإِرْثِ أَسْبَابٌ ثَلَاثَةٌ الْقَرَابَةُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ قَالَهُ الْفَرْضِيُّونَ سَلَفًا وَخَلَفًا .
الْقَرَافِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ سَوَاءٌ أَرَادُوا الْأَسْبَابَ التَّامَّةَ أَوْ أَجْزَاءَهَا لِجَعْلِهِمْ أَحَدُهَا الْقَرَابَةُ وَالْأُمُّ لَمْ تَرِثْ الثُّلُثَ فِي حَالَةٍ وَالسُّدُسَ فِي أُخْرَى بِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَسَاوَاهَا الِابْنُ أَوْ الْبِنْتُ وَسَائِرُ الْأَقَارِبِ لِوُجُودِ مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ فِيهِمْ ، بَلْ بِخُصُوصِ كَوْنِهَا أُمًّا مَعَ مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ ، وَكَذَا مِيرَاثُ الْبِنْتِ النِّصْفُ لَيْسَ لِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَثَبَتَ لِلْجَدَّةِ أَوْ الْأُخْتِ لِأُمٍّ وَبَاقِي الْأَقَارِبِ ، بَلْ لِخُصُوصِ كَوْنِهَا بِنْتًا وَعُمُومِ الْقَرَابَةِ ، وَكَذَلِكَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ فِي حَالَةٍ وَالرُّبْعُ فِي أُخْرَى لَيْسَ
لِمُطْلَقِ النِّكَاحِ وَإِلَّا لَكَانَتْ الزَّوْجَةُ كَذَلِكَ لِوُجُودِ مُطْلَقِ النِّكَاحِ فِيهَا ، بَلْ لِلْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَسَبَبُهُ مُرَكَّبٌ ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَإِنْ كَانُوا أَرَادُوا حَصْرَ الْأَسْبَابَ التَّامَّةَ فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ وَإِنْ كَانُوا أَرَادُوا النَّاقِصَةَ الَّتِي هِيَ الْأَجْزَاءُ فَالْخُصُوصِيَّاتُ كَثِيرَةٌ كَمَا رَأَيْت ، فَتَنَبَّهْ لِهَذَا فَهُوَ حَسَنٌ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَسْبَابُ التَّامَّةُ وَلَا النَّاقِصَةُ الَّتِي هِيَ الْخُصُوصِيَّاتُ ، بَلْ النَّاقِصَةُ الَّتِي هِيَ الْمُشْتَرَكَاتُ وَهِيَ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ وَمُطْلَقُ النِّكَاحِ وَمُطْلَقُ الْوَلَاءِ .
شَارِحُ الْحَوفِيِّ هَذَا السُّؤَالُ غَيْرُ وَارِدٍ ابْتِدَاءً ، وَإِنْ عَظَّمَهُ ذَاكِرُهُ ، وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَتَفَطَّنْ لَهُ غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ حَصْرُ أَسْبَابِ الْإِرْثِ الْعَامِّ الشَّامِلِ لِمُطْلَقِ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ ، وَسُؤَالُهُ إنَّمَا يَرِدُ إذَا أُرِيدَ حَصْرُ أَسْبَابِ الْفُرُوضِ الْمَخْصُوصَةِ ، وَهَذَا خِلَافُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ ،
وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا تَحَقُّقُ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ وَاسْتِقْرَارُ حَيَاةِ وَارِثِهِ بَعْدَهُ وَالْعِلْمُ بِالدَّرَجَةِ الَّتِي اجْتَمَعَا فِيهَا احْتِرَازًا مِنْ مَوْتِ إنْسَانٍ مِنْ مُضَرَ لَا يُعْلَمُ لَهُ قَرِيبٌ أَوْ مِنْ قُرَيْشٍ كَذَلِكَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ ، مَعَ أَنَّ كُلَّ مُضَرِيٍّ أَوْ قُرَشِيٍّ ابْنُ عَمِّهِ وَلَا مِيرَاثَ لِبَيْتِ الْمَالِ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ ، لَكِنْ انْتَفَى شَرْطُهُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ بِدَرَجَتِهِ ، فَلَعَلَّ غَيْرَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ
وَمَوَانِعُهُ خَمْسَةٌ اخْتِلَافُ الدِّينِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } وَالْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَاتِلُ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ } ، وَالشَّكُّ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمُقْتَضَى يَمْنَعُ الْحُكْمَ إجْمَاعًا وَمُتَعَلِّقُهُ مُنْحَصِرٌ فِي ثَمَانِيَةٍ الْوُجُودُ كَالْمَفْقُودِ وَالْحَيَاةُ كَاسْتِبْهَامِ أَحَدِ الْمَوْلُودَيْنِ وَالْعَدَدُ كَالْحَمْلِ وَالذُّكُورَةُ كَالْخُنْثَى وَالنَّسَبُ كَالْمُتَدَاعَى بَيْنَ شَخْصَيْنِ ، وَجِهَةُ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَمَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ ، وَتَارِيخُ الْمَوْتِ بَطَرٌ وَالنِّسْيَانُ وَالْجَهْلُ بِهِ كَالْغَرْقَى ، وَرَابِعُ الْمَوَانِعِ الرِّقُّ ، وَخَامِسُهَا اللِّعَانُ .
يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ، حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ : كَالْمَرْهُونِ ، وَعَبْدٍ جَنَى
وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّرِكَةِ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَمُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهَا كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ أَوْ بِالذِّمَّةِ كَالدَّيْنِ ، وَإِمَّا ثَابِتٌ بِالْمَوْتِ وَهُوَ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهِيَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِسَبَبِهِ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَهِيَ الْإِرْثُ .
وَذَكَرهَا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ ( يُخْرَجُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُضَارِعُ أَخْرَجَ أَوْ بِالْعَكْسِ مُضَارِعُ خَرَجَ ( مِنْ تَرِكَةٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَوْ سُكُونِهَا أَوْ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقِّهِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ ، فَحَقٌّ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ كَالْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ ، وَيَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ فَصْلٌ مُخْرِجُ الْوَلَاءِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا التَّجَزُّؤَ وَلَا يَخْرُجُ الْخِيَارُ وَالشُّفْعَةُ وَالْقِصَاصُ لِقَبُولِهَا التَّجَزُّؤَ بِحَيْثُ يُقَالُ لِهَذَا نِصْفُهَا وَلِهَذَا ثُلُثُهَا وَلِهَذَا سُدُسُهَا وَبَعْدَ مَوْتٍ إلَخْ يُخْرِجُ الْحُقُوقَ الثَّابِتَةَ حَالَ حَيَاةِ مَنْ كَانَتْ لَهُ لِغَيْرِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ اتِّهَابٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَبِقَرَابَةٍ إلَخْ يُخْرِجُ الْوَصِيَّةَ عَلَى أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ .
الْعَدَوِيُّ الْمُرَادُ بِالْوِلَايَةِ وِلَايَةُ النِّكَاحِ ، وَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ أَنْ يُقَالَ لِهَذَا نِصْفُهُ الْوَلَاءُ أَوْ الْوِلَايَةُ ، وَلِهَذَا ثُلُثُهُ ، وَلِهَذَا سُدُسُهُ ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ ، وَعَلَى مِلْكِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّنْفِيذِ فَقَدْ خَرَجَتْ بِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتٍ إلَخْ .
( الْمَيِّتِ ) أَيْ مِنْ جَمِيعِهَا مُبْدَأٌ عَلَى غَيْرِهِ وُجُوبًا وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا ( حَقٌّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْقَافِ ( تَعَلَّقَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا الْحَقَّ ( بِعَيْنٍ ) أَيْ بِذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ التَّرِكَةِ ( كَ ) الشَّيْءِ (
الْمَرْهُونِ ) فِي حَقٍّ وَلَوْ كَفَنَ الْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ وَفَاءُ الْمَرْهُونِ هُوَ فِيهِ مِنْ ثَمَنِهِ عَلَى مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ حَازَهُ عَنْ رَاهِنِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمِينٍ عَلَيْهِ ( وَ ) كَ ( عَبْدٍ جَنَى ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَالٍ وَمَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ فَيُقَدَّمُ فِدَاؤُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ إسْلَامِهِ فِيهَا عَلَى مُؤَنِ تَجْهِيزِ سَيِّدِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِهِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ أُمَّ الْوَلَدِ .
ابْنُ رُشْدٍ أَوْ فِي مَا يُخْرَجُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ الْحُقُوقُ الْمُعَيَّنَاتُ مِثْلُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالرَّهْنِ وَزَكَاةِ ثَمَرِ الْحَائِطِ الَّذِي أَزْهَى وَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ عِنْدَ حَوْلِهَا ، وَفِيهَا السِّنُّ الَّذِي وَجَبَ فِيهَا فَهَذِهِ تُخْرَجُ كُلُّهَا وَإِنْ أَتَتْ عَلَى جَمِيعِ التَّرِكَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَوَّلُ مَا يُخْرَجُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ مُعَيَّنًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالرَّهْنُ الْمَحُوزُ وَزَكَاةُ حَبٍّ أَوْ ثَمَرٍ مَاتَ حِينَ وُجُوبِهَا ، وَفِي كَوْنِ وُجُوبِ زَكَاةِ مَاشِيَةٍ فِي مَرَضِهِ كَذَلِكَ طَرِيقَانِ .
اللَّخْمِيُّ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ .
ابْنُ رُشْدٍ كَذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهَا سِنُّهَا وَمَا ثَبَتَ مِلْكُ غَيْرِهِ وَسُكْنَى الزَّوْجَةِ عِدَّتَهَا مَسْكَنَهَا حِينَ مَوْتِهِ يَمْلِكُهُ أَوْ بِنَقْدِهِ كِرَاءَهُ .
وَيَدْخُلُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ الْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَالْهَدْيُ الْمُقَلَّدُ وَسُوقُ الْغَنَمِ كَالتَّقْلِيدِ وَالْأُضْحِيَّةُ الْمُذَكَّاةُ لَا الْمَنْذُورَةُ .
ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ ،
( وَ ) يَخْرُجُ مِنْ جَمِيعِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُعَيَّنَاتِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِهَا الْحُقُوقُ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ ( مُؤَنُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ ، أَيْ قِيَمُ وَأَمَانُ ( تَجْهِيزِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ مَاءٍ وَسِدْرٍ وَأُجْرَةِ غَاسِلٍ وَكَفَنٍ وَقُطْنٍ وَأُجْرَةِ حَمْلٍ وَحَفْرٍ ( بِالْمَعْرُوفِ ) بَيْنَ النَّاسِ الْمُنَاسِبِ لِتَرِكَتِهِ قِلَّةً أَوْ كَثْرَةً .
ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا الْحُقُوقُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُعَيَّنَاتِ فَأَوْكَدُهَا وَأَوْلَاهَا بِالتَّبْدِئَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ الْكَفَنُ وَتَجْهِيزُ الْمَيِّتِ .
ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَأَوَّلُهُ كُلِّيًّا مُؤْنَةُ إقْبَارِهِ ( ثُمَّ تُقْضَى ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ( دُيُونُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ الَّتِي عَلَيْهِ لِلنَّاسِ مِنْ بَاقِي تَرِكَتِهِ ، وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ثُمَّ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ وَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا ، وَلَيْسَ فِيهَا السِّنُّ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ثُمَّ دَيْنٌ لِآدَمِيٍّ ثُمَّ مَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ ابْنُ رُشْدٍ أَوْ نَذْرٍ .
قُلْت لِلْبَاجِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَبَعْضِ شُيُوخِهِ نَذْرُ الصِّحَّةِ فِي الثُّلُثِ ، فَلَعَلَّ الْأَوَّلَ فِي الْمُلْتَزَمِ ، وَالثَّانِي فِي الْمُوصَى بِهِ وَإِلَّا تَنَاقَضَا ، وَيُقَدَّمُ مِنْهَا فِي ضِيقِ التَّرِكَةِ الْمُقَدَّمُ مِنْهَا فِي ضِيقِ الثُّلُثِ ، وَفِي كَوْنِ زَكَاةِ عَيْنٍ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مُطْلَقًا ، أَوْ إنْ أَوْصَى بِهَا وَإِلَّا أَمَرَ وَارِثَهُ بِهَا بِلَا جَبْرٍ قَوْلًا اللَّخْمِيِّ مَعَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ ا
هـ .
طفي الثَّانِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَتَقَدَّمَ تَعَقُّبُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَزَكَاةٍ فَرَّطَ فِيهَا كَانَتْ زَكَاةَ مَاشِيَةٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ عَيْنٍ بَعْدَ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ إذَا أَشْهَدَ بِهَا ، وَأَمَّا مَا حَلَّ فِي مَرَضِهِ فَزَكَاةُ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا كَانَ فِيهَا السِّنُّ الْوَاجِبُ ، وَلَمْ يَكُنْ سَاعٍ فَهِيَ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الْكَفَنِ وَغَيْرِهِ .
وَأَمَّا زَكَاةُ الْعَيْنِ فَإِنْ عَلِمَ حُلُولَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَوْصَى بِهَا فَتَكُونُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ كَسَائِرِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا فَلَا تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى إخْرَاجِهَا .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : طفي قَوْلُنَا فِي الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا النَّذْرِ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ ، إذْ الْمَنْذُورَةُ وَإِنْ وَجَبَتْ بِالنَّذْرِ لَيْسَ حُكْمُهَا كَالْأُضْحِيَّةِ الْمَذْبُوحَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ وُجُوبَ الْمَنْذُورَاتِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَتُبَاعُ فِيهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِكَوْنِ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ تُقَدَّمُ عَلَى دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَتُبَاعُ مُطْلَقًا عَلَى الدَّيْنِ كَمَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَالْهَدْيُ الْمُوَضَّحُ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ أَوْجَبَهَا أَمْ لَا ، وَهَذَا مَا لَمْ تُذْبَحْ ، فَإِنْ ذُبِحَتْ فَلَا تُبَاعُ .
الثَّانِي : طفي اعْتِبَارُ الْمَعْرُوفِ فِي الْكَفَنِ فِي صِفَتِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَخُشُونَتِهِ وَرِقَّتِهِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ ، وَأَمَّا عَدَدُهُ فَالْأَثْوَابُ الثَّلَاثَةُ يُقْضَى بِهَا وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مَكْرُوهٌ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ، وَجَعَلَهُ " ح " خِلَافَ الْمَشْهُورِ قَائِلًا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ إنْ شَحَّ الْوَارِثُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ ،
فَفِي ثُلُثِهِ فَاغْتَرَّ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مُتَعَقَّبُ " ق " فِي فَصْلِ الْجَنَائِزِ ، قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْعَصْنُونِيِّ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَاجِبَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ أَنْ يَزِيدُوهُ ، إذْ لَعَلَّهُ اغْتَرَّ أَيْضًا بِمَا تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّالِثُ : الْحَطّ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ عَلَى مَرَاتِبِهَا وَالنُّذُورِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي زَكَاةِ مَالِهِ مُدَّةً تُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَكَذَا مَنْ أَشْهَدَ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ كَفَّارَاتٍ أَوْ نَذْرًا أَنَّهُ يُعْطِي فُلَانًا كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ سَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ ، بَلْ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِكَذَا أَوْ أَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّهُ إذَا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ ثُلُثِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ ، فَإِذَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ الْوَرَثَةُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ .
وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةُ مَالِي أَوْ ثُلُثُهُ لِفُلَانٍ فَيَلْزَمُهُ مَا دَامَ حَيًّا ، فَإِذَا مَاتَ بَطَلَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ وَجَبَتْ بِاقْتِرَابٍ ، فَمِنْ شَرْطِهَا الْحَوْزُ قَبْلَ الْوَفَاةِ .
وَفِي النَّوَادِرِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَمَا حَلَّ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ أَوْ قَدِمَ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِهِ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَلَا تُجْبَرُ وَرَثَتُهُ وَأُمِرُوا بِذَلِكَ ، وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَلَمْ يُفَرِّطْ .
وَقَالَ أَشْهَبُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَوْ
لَيْلَتَهُ وَلَمْ يُوصِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُجْبَرُ وَرَثَتُهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ ا هـ كَلَامُ " ح " طفي لَا حُجَّةَ لَهُ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ ، إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ وُجُوبِ الشَّيْءِ وَالْأَمْرِ بِهِ وَعَدَمِ الْجَبْرِ عَلَيْهِ ، فَالنَّذْرُ مَأْمُورٌ بِالْوَفَاءِ بِهِ ، وَيَلْزَمُ وَيَأْثَمُ بِعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْضَى بِهِ ، فَفِي الْجَوَاهِرِ وَكَيْفَمَا تَصَرَّفَتْ أَحْوَالُ النَّذْرِ فَلَا يُقْضَى بِهِ ا هـ .
وَفِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى التَّصْرِيحُ بِالتَّأْثِيمِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَفَاءِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ آثِمًا وَصَرَّحَ " ح " نَفْسُهُ بِهَذَا فِي بَابِ النَّذْرِ ، فَقَوْلُهُ : فَكَيْفَ يُؤْمَرُ الْوَرَثَةُ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، إذْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ مُتَوَجِّهًا عَلَى مُوَرِّثِهِمْ مِنْ لُزُومِ الْإِخْرَاجِ وَالتَّأْثِيمِ عِنْدَ عَدَمِهِ مَعَ عَدَمِ الْقَضَاءِ بِذَلِكَ وَكَذَا لَا حُجَّةَ فِي كَلَامِ الْبُرْزُلِيُّ إذْ كَلَامُهُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الدِّيوَانِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ النَّذْرَ الْمُبْهَمَ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَحُكْمُهُ كَالْيَمِينِ فِي الْمَشِيئَةِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ ، وَكَذَا لَا حُجَّةَ لَهُ فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
لَكِنْ قَالَ عِيَاضٌ فِي إكْمَالِهِ رَأْيَ الشَّافِعِيَّةِ إنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَقٌّ فِي مَالِهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ كَفَّارَةٍ يُقْضَى مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَالدَّيْنِ ، وَرَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنْ لَا يُقْضَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ فَيُقْضَى مِنْ الثُّلُثِ ، وَأَجَابَ عج عَنْ اسْتِشْكَالِ " ح " بِفَرْضِ النَّذْرِ مَحُوزًا بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ مُعَيَّنٌ ، وَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بُطْلَانٌ ، بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا .
ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي
( ثُمَّ ) تُخْرَجُ ( وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ) مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهِ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ وَسِعَهَا وَإِلَّا قُدِّمَ الْآكَدُ فَالْآكَدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا ، وَقُدِّمَ قَضَاءُ الدَّيْنِ عَلَى تَنْفِيذِ الْوَصَايَا ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْوَصَايَا تَبَرُّعٌ مِنْهُ ، وَقُدِّمَتْ فِي قَوْلِهِ { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ } لِشَبَهِهَا الْمَوْرُوثَ فِي الْأَخْذِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَمَشَقَّتُهَا عَلَى الْوَرَثَةِ ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّ نُفُوسَهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ بِأَدَائِهِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ حَثًّا عَلَى إخْرَاجِهَا وَالْمُسَارَعَةِ بِهِ ؛ وَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْهُودَةً .
ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ مِنْ ذِي النِّصْفِ الزَّوْجُ ، وَبِنْتٌ ، وَبِنْتُ ابْنٍ ، إنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتٌ ، وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ ، أَوْ لِأَبٍ ، إنْ لَمْ تَكُنْ شَقِيقَةٌ ، وَعَصَّبَ كُلًّا : أَخٌ يُسَاوِيهَا ؛ وَالْجَدُّ الْأُولَيَانِ ، وَالْأُخْرَيَيْنِ
( ثُمَّ ) يَكُونُ ( الْبَاقِي ) مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا ( لِوَارِثِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ فَرْضًا أَوْ تَعْصِيبًا أَوْ بِهِمَا وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى سِتَّةٌ مُفْرَدُهَا فَرْضٌ مَعْنَاهُ لُغَةً الْقَطْعُ وَالْجَزْءُ ، وَاصْطِلَاحًا النَّصِيبُ الْمُقَدَّرُ الَّذِي لَا يَزِيدُ إلَّا بِالرَّدِّ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ ، وَلَا يَنْقُصُ إلَّا بِالْعَوْلِ وَلِلْفِرَاضِ فِي تَرْتِيبِهَا عِبَارَاتٌ مَآلُهَا وَاحِدٌ النِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا .
وَيُقَالُ الثُّمُنُ وَالسُّدُسُ وَضِعْفُهُمَا وَضِعْفُ ضِعْفِهِمَا ، وَيُقَالُ الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ وَنِصْفُهُمَا وَضِعْفُهُمَا ، وَيُقَالُ الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُ كُلٍّ وَيُقَالُ النِّصْفُ وَالرُّبُعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ بِالتَّدَلِّي ، وَيُقَالُ هَذَا بِالتَّرَقِّي ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِأَصْحَابِ النِّصْفِ تَبَعًا لِلْفِرَاضِ فِيمَا اعْتَادُوهُ ؛ لِأَنَّ مَقَامَهُ أَوَّلَ مَقَامَاتِ الْكُسُورِ فَقَالَ مُبَيِّنًا لِوَارِثِهِ : ( مِنْ ذِي ) أَيْ صَاحِبِ وَمُسْتَحِقِّ ( النِّصْفِ ) مُثَلَّثُ النُّونِ ، وَيُقَالُ لَهُ نَصِيفٌ أَيْضًا وَهُوَ أَوَّلُ الْكُسُورِ وَهُوَ خَمْسَةٌ ( الزَّوْجُ ) لِمَنْ لَا فَرْعَ لَهَا وَارِثٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ } ، ( وَبِنْتٌ ) لِنَفْسِ الْمَيِّتِ وَاحِدَةٌ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ } وَلِأَنَّ الِابْنَ إذَا انْفَرَدَ كَانَ لَهُ الْكُلُّ ، فَهِيَ إذَا انْفَرَدَتْ فَلَهَا النِّصْفُ ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الْأَحْكَامِ .
( وَبِنْتُ ابْنٍ ) لِلْمَيِّتِ وَاحِدَةٌ ( إنْ لَمْ تَكُنْ ) لَهُ ( بِنْتٌ ) إجْمَاعًا قِيَاسًا عَلَى الْبِنْتِ ( وَأُخْتٌ ) وَاحِدَةٌ ( شَقِيقَةٌ ) لِلْمَيِّتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ
} وَلِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِيهِ فَالْأَخَوَاتُ بَنَاتٌ غَيْرَ أَنَّهُنَّ بَعُدْنَ بِرُتْبَةٍ فَقُدِّمَتْ بَنَاتُ الصُّلْبِ عَلَيْهِنَّ وَأُجْرِينَ مَجْرَاهُنَّ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ ، وَلَمَّا كَانَ الْأَخُ الذَّكَرُ الْمُنْفَرِدُ لَهُ الْكُلُّ كَانَ لَهَا إذَا انْفَرَدَتْ النِّصْفُ ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى نِصْفُ الذَّكَرِ .
( أَوْ ) أُخْتٌ وَاحِدَةٌ ( لِأَبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ ) لَهُ أُخْتٌ ( شَقِيقَةٌ ) إجْمَاعًا قِيَاسًا عَلَى الشَّقِيقَةِ ( وَعَصَّبَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا ، أَيْ نُقِلَ مِنْ الْإِرْثِ بِالْفَرْضِ إلَى الْإِرْثِ بِالتَّعْصِيبِ ( كُلًّا ) بِضَمِّ الْكَافِ مُنَوَّنًا ، أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالشَّقِيقَةِ وَاَلَّتِي لِأَبٍ ( أَخٌ ) لَهَا وَهُوَ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ لِأَبٍ ( يُسَاوِيهَا ) فِي دَرَجَتِهَا وَقُوَّتِهَا فَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ أَوْ بَاقِيهَا بَعْدَ الْفَرْضِ بَيْنَهُمَا ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) .
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يُسَاوِيهِمَا عَنْ الْأَخِ لِأَبٍ مَعَ الشَّقِيقَةِ فَلَا يُعَصِّبُهَا ، وَعَنْ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ فَلَا يُعَصِّبُهَا أَيْضًا إنْ وَرِثَتْ النِّصْفَ أَوْ السُّدُسَ مَعَ بِنْتٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ بِعَقْلَيْهِمَا وَشَهَادَتُهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَلَهُ مِنْ الْإِرْثِ مِثْلُهُمَا .
وَقِيلَ لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ يُعْطِي صَدَاقًا وَهِيَ تَأْخُذُهُ إذَا تَزَوَّجَتْ فَزَيْدٌ بِقَدْرِ مَا يُعْطِي وَيَبْقَى لَهُ مِثْلُ مَا تَأْخُذُ فَيَسْتَوِيَانِ ، وَقَالَ عج ، أَيْ عَصَّبَ كُلًّا مِنْ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ أَخٌ يُسَاوِيهِمَا وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ لِوُجُوهٍ ، أَحَدُهُمَا السَّلَامَةُ مِنْ التَّكْرَارِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ .
ثَانِيهَا أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا وَابْنُ عَمِّهَا وَابْنُ عَمِّهَا ، وَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنْهَا .
ثَالِثُهَا قَوْلُهُ وَالْجَدُّ إذْ هُوَ إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأُخْتَيْنِ .
رَابِعُهَا مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخِ
وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُذْكَرُ فِي مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ أَخُو الْمَيِّتِ وَعَمُّهُ وَأَخُو الْمَيِّتِ لَا يُعَصِّبُ بِنْتَه وَلَا بِنْتَ ابْنِهِ .
طفي هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ .
( وَ ) عَصَّبَ ( الْجَدُّ ) لِلْمَيِّتِ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِأَبٍ لَا الْبِنْتَ وَلَا بِنْتَ الِابْنِ ( وَ ) عَصَّبَ ( الْأُخْرَيَيْنِ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ الْأُولَى مُثَنَّى الْأُخْرَى ، أَيْ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِأَبٍ ( الْأُولَيَانِ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ مُثَنَّى أُولَى كَذَلِكَ ، أَيْ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ إجْمَاعًا .
" غ " وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ الْأُخْرَيَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، أَيْ عَصَّبَ الْجَدُّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ وَالْأُولَيَانِ تَثْنِيَةُ أُولَى ، وَالْأُخْرَيَانِ تَثْنِيَةُ أُخْرَى فَهَمْزَتُهُمَا مَضْمُومَةٌ ، وَالْيَاءُ فِيهِمَا قَبْلَ الْعَلَامَةِ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ أَلِفِ التَّأْنِيثِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِنْتَانِ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ مَعَ أَخَوَاتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ ، وَأَخَذَ الْبَنَاتُ أَوْ بَنَاتُ الِابْنِ الثُّلُثَيْنِ وَفَرَضَ لِلْأَخَوَاتِ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا ، وَأُعِيلَتْ الْمَسْأَلَةُ لَزِمَ نَقْصُ نَصِيبِ الْبَنَاتِ بِسَبَبِ الْأَخَوَاتِ وَمُزَاحَمَةِ أَوْلَادِ الْأَبِ أَوْلَادَ الصُّلْبِ ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ ، وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ أَوْلَادِ الْأَبِ فَجُعِلْنَ عَصَبَةً لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَيْهِنَّ وَحْدَهُنَّ .
وَلِتَعَدُّدِهِنَّ : الثُّلُثَانِ وَلِلثَّانِيَةِ مَعَ الْأُولَى السُّدُسُ ، وَإِنْ كَثُرْنَ ، وَحَجَبَهَا ابْنٌ فَوْقَهَا ، وَبِنْتَانِ فَوْقَهَا ؛ إلَّا الِابْنَ فِي دَرَجَتِهَا مُطْلَقًا ؛ أَوْ أَسْفَلَ : فَمُعَصَّبٌ ؛ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَأَكْثَرُ مَعَ الشَّقِيقَةِ : فَأَكْثَرُ كَذَلِكَ ، إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأَخَ
وَذَكَرَ أَصْحَابَ الثُّلُثَيْنِ بِقَوْلِهِ ( وَلِتَعَدُّدِ ) أَيْ الْمُتَعَدِّدِ مِنْ ( هُنَّ ) أَيْ صَاحِبَاتُ النِّصْفِ مِنْ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ إنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتٌ ، وَالشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ شَقِيقَةً فَلِلْبِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ بِنْتَيْ الِابْنِ كَذَلِكَ أَوْ الشَّقِيقَتَيْنِ أَوْ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ كَذَلِكَ ( الثُّلُثَانِ ) فَأَصْحَابُهُمَا أَرْبَعَةٌ .
وَأَمَّا مِيرَاثُهُنَّ أَكْثَرُ مِنْهُمَا كَابْنٍ وَعِشْرِينَ بِنْتًا فَبِالتَّعْصِيبِ لَا بِالْفَرْضِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } ، فِي الذَّخِيرَةِ اعْتَبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ فَحَمَلَ الثُّلُثَيْنِ لِثَلَاثِ بَنَاتِ فَأَكْثَرَ وَلِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفَ .
وَاخْتَلَفَ الْجُمْهُورُ فِي كَلِمَةِ فَوْقَ فَقِيلَ زَائِدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ } ، وَتُطْلِقُ الْعَرَبُ الْجَمْعَ عَلَى الِاثْنَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } وَخَطَّأَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ زِيَادَةَ الظَّرْفِ بَعِيدَةٌ .
وَقِيلَ فِيهَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَالْأَصْلُ اثْنَتَيْنِ ، فَفَوْقَ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ أَيْضًا .
وَالصَّوَابُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى اثْنَتَيْنِ فِي الْبَنَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ الِاثْنَتَيْنِ فِيهِنَّ ، وَنَصَّ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ فِي الْأَخَوَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّائِدَ فِيهِنَّ اكْتِفَاءً بِمَا فِي آيَةِ الْبَنَاتِ فِي الْأَخَوَاتِ وَبِمَا فِي آيَةِ الْأَخَوَاتِ فِي الْبَنَاتِ ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، فَاسْتَقَامَتْ الظَّوَاهِرُ وَقَامَتْ الْحُجَّةُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا جَعَلَ الثُّلُثَيْنِ لِأُخْتَيْنِ فَالْبِنْتَانِ أَوْلَى بِهِمَا لأقربيتهما ا ؛ وَلِأَنَّ الْبِنْتَ تَأْخُذُ مَعَ الِابْنِ الثُّلُثَ فَأَوْلَى أَنْ تَأْخُذَهُ مَعَ بِنْتٍ تُمَاثِلُهَا ؛ وَلِأَنَّ الذَّكَرَ إذَا كَانَ مَعَ أُنْثَى كَانَ لَهُ الثُّلُثَانِ ، فَجَعَلَ الِاثْنَتَانِ بِمَنْزِلَةِ ذَكَرٍ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ ، فَهُوَ مِنْ
بَابِ مُلَاحَظَةِ الْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ الْأُنْثَى عَلَى نِصْفِ الذَّكَرِ ، وَسَقَطَ اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الْبَنَاتِ عَلَى اثْنَيْنِ كَمَا سَقَطَ اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الذَّكَرِ عَلَى وَاحِدٍ ، فَسَوَّى بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي إلْغَاءِ الزِّيَادَةِ ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبِنْتَيْنِ وَالْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ خِلَافُ الْقِيَاسِ وَالْحَدِيثُ الْآتِي وَضَّحَ أَنَّ { أَخَا سَعْدٍ مَنَعَ ابْنَتَيْهِ الْمِيرَاثَ فَشَكَتْ أُمُّهُمَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ ، وَقَالَ أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ } ، وَهَذَا بَيَانٌ لِمَا فِي الْكِتَابِ لَا نَسْخَ لَهُ .
وَالنَّصُّ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ فِي الْأَخَوَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } ؛ لِأَنَّ الِاثْنَتَيْنِ كَذَكَرٍ وَالذَّكَرُ لَهُ الثُّلُثَانِ مَعَ الْأُخْتِ ، فَجَعَلَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَوْ بَقِيَتْ الْبِنْتُ أَوْ الْأُخْتُ عَلَى النِّصْفِ حَالَ الِاجْتِمَاعِ وَلَمْ تُضَارَرْ بِأُخْتِهَا مُضَارَّتَهَا مَعَ الِابْنِ ، مَعَ أَنَّ الِابْنَ لَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ إذَا كَانَ مَعَهُ أُخْتُهُ ، وَيُضَارَرُ بِهَا لَلَزِمَ تَرْجِيحُ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الذَّكَرِ ، وَسَوَّى بَيْنَ الِاثْنَتَيْنِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِمَا كَمَا سَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِ فِي حَوْزِ جَمِيعِ الْمَالِ وَاسْتُفِيدَ حُكْمُ الزَّائِدِ مِنْ آيَةِ الْبَنَاتِ كَمَا اُسْتُفِيدَ حُكْمُ الْبِنْتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ .
( وَ لِ ) جِنْسِ ( الثَّانِيَةِ ) أَيْ بِنْتِ الِابْنِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ كَذَلِكَ حَالَ كَوْنِهَا ( مَعَ الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ، أَيْ الْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ أَوْ الشَّقِيقَةِ كَذَلِكَ ( السُّدُسُ ) تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ مَعَ نِصْفِ الْأُولَى .
فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ { سُئِلَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الِابْنِ
وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ سَيُتَابِعُنِي ، فَسَأَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ : لَقَدْ ضَلَلْت إذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ لَأَقْضِيَنَّ بِمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ فَأَتَى أَبَا مُوسَى وَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ } ، اُنْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ .
( وَحَجَبَهَا ) أَيْ مَنَعَ بِنْتَ الِابْنِ مِنْ الْإِرْثِ ( ابْنٌ ) لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ ( فَوْقَهَا ) أَيْ أَعْلَى مِنْ بِنْتِ الِابْنِ بِدَرَجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَابْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَكَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ ( وَ ) حَجَبَهَا أَيْضًا ( بِنْتَانِ ) لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ ( فَوْقَهَا ) أَيْ بِنْتِ الِابْنِ فِي الْقُرْبِ لِلْمَيِّتِ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ كَبِنْتَيْ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ فَيَحْجُبَانِهَا عَنْ الْإِرْثِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِ ) وُجُودِ ( ابْنٍ ) لِابْنِ الْمَيِّتِ مَعَهَا ( فِي دَرَجَتِهَا ) أَيْ بِنْتِ الِابْنِ فَيُعَصِّبُهَا ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ أَخَاهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا فَتَدْخُلُ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ " ، وَعَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا لَا سُدُسَ لَهَا فَفِي بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِبِنْتِ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ " سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا .
( أَوْ ) لِوُجُودِ ابْنٍ مَعَهَا ( أَسْفَلَ ) مِنْهَا بِدَرَجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ ( فَ ) هُوَ ( مُعَصِّبٌ ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُثْقَلَةً لَهَا إنْ كَانَتْ مَحْجُوبَةً عَنْ السُّدُسِ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَتَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ كَذَلِكَ ، وَكَبِنْتَيْ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ وَكَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ ، فَإِنْ وَرِثَتْ السُّدُسَ فَلَا
يُعَصِّبُهَا السَّافِلُ عَنْهَا لِاسْتِغْنَائِهَا عَنْهُ .
شب لِابْنِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ إحْدَاهُمَا كَوْنُهُ أَعْلَى مِنْهَا فَيَحْجُبُهَا مُطْلَقًا ، وَالثَّانِيَةُ كَوْنُهُ مُسَاوِيًا لَهَا فَيُعَصِّبُهَا مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ فَضَلَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا ، وَالثَّالِثَةُ كَوْنُهُ نَازِلًا عَنْهَا فَيُعَصِّبُهَا حَيْثُ لَا شَيْءَ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ .
وَفِي الرِّسَالَةِ إنْ كَانَتْ الْبَنَاتُ اثْنَتَيْنِ فَلَا شَيْءَ لِبَنَاتِ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ ، فَيَكُونُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الذَّكَرُ تَحْتَهُنَّ وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثَتْ بَنَاتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ السُّدُسَ وَتَحْتَهُنَّ بَنَاتُ ابْنٍ مَعَهُنَّ أَوْ تَحْتَهُنَّ ذَكَرٌ كَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخَوَاتِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ مِنْ عَمَّاتِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ دَخَلَ فِي الثُّلُثَيْنِ مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ التِّلِمْسَانِيِّ .
( وَأُخْتٌ ) لِلْمَيِّتِ ( لِأَبٍ ) أَيْ مِنْهُ فَقَطْ وَاحِدَةٌ ( فَأَكْثَرُ ) مِنْ وَاحِدَةٍ حَالَ كَوْنِهَا أَوْ كَوْنِهِمَا أَوْ كَوْنِهِنَّ ( مَعَ ) الْأُخْتِ ( الشَّقِيقَةِ ) لِلْمَيِّتِ الْوَاحِدَةِ ( فَأَكْثَرَ ) مِنْهَا حُكْمُهَا ( كَذَلِكَ ) أَيْ حُكْمُ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ فِي أَخْذِ الْوَاحِدَةِ مَعَ الْوَاحِدَةِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ ، وَحَجْبُهَا بِالِابْنِ الَّذِي فَوْقَهَا وَبِالِاثْنَتَيْنِ إلَّا لِذَكَرٍ مَعَهَا فَيُعَصِّبُهَا فَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ مَعَ الشَّقِيقَةِ السُّدُسُ وَيَحْجُبُهَا الشَّقِيقُ كَالشَّقِيقَتَيْنِ إلَّا الْأَخَ لِأَبٍ فَتَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَلَمَّا أَوْهَمَ التَّشْبِيهُ أَنَّ ابْنَ الْأَخِ لِأَبٍ يُعَصِّبُ الْأُخْتَ لِأَبٍ كَتَعْصِيبِ ابْنِ الِابْنِ السَّافِلِ بِنْتَ الِابْنِ الْعَالِيَةِ عَنْهُ بِشَرْطِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ : اسْتَثْنَى مِنْهُ فَقَالَ ( إلَّا أَنَّهُ ) أَيْ الشَّأْنُ ( إنَّمَا
يُعَصِّبُ ) الْأُخْتَ لِأَبٍ ( الْأَخُ ) لِأَبٍ لَا ابْنُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ بِنْتَ الْأَخِ الَّتِي فِي دَرَجَتِهِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ ، وَإِذَا لَمْ يُعَصِّبْ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَا يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى ، فَيَأْخُذُهُ مَا بَقِيَ وَحْدَهُ دُونَ عَمَّتِهِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الِابْنِ قُوَّةُ الْبُنُوَّةِ
وَالرُّبْعِ الزَّوْجُ بِفَرْعٍ ، وَزَوْجَةٌ فَأَكْثَرُ
( وَ ) مِنْ ذِي ( الرُّبُعِ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَهُوَ ( الزَّوْجُ ) لِلْمَيِّتَةِ حَالَ كَوْنِهِ ( بِفَرْعٍ ) لَهَا وَارِثٌ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ زِنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ } ، ( وَزَوْجَةٌ ) لِلْمَيِّتِ وَاحِدَةٌ ( فَأَكْثَرُ ) مِنْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْعٌ وَارِثٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ } .
شَارِحُ الْحَوفِيِّ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَزِيدَ الْأُمَّ فِي إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ فَإِنَّهَا تَرِثُ فِيهَا الرُّبُعَ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ .
إذْ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ الْعَصَبَةِ ا هـ .
طفي وَفِيهِ بَحْثٌ ، إذْ كَلَامُهُمْ فِيمَنْ يَرِثُ الرُّبُعَ بِالْقَصْدِ وَإِحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ جَرَّ الْحَالَ إلَى إرْثِ الْأُمِّ الرُّبُعَ فِيهَا وَالْمَقْصُودُ فِيهَا ثُلُثُ الْبَاقِي .
وَالثُّمُنِ : لَهَا ، أَوْ لَهُنَّ بِفَرْعٍ لَاحِقٍ
( وَ ) مِنْ ذِي ( الثُّمُنِ ) وَهُوَ فَرْضٌ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ ( أَوْ لَهُنَّ ) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ حَالُهُ كَوْنُهَا أَوْ كَوْنُهُنَّ ( بِفَرْعٍ ) لِلزَّوْجِ ( لَاحِقٍ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ بِهِ فِي النَّسَبِ ، سَوَاءٌ كَانَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ } .
تت قَيَّدَ فَرْعَ الزَّوْجِ بِلَاحِقٍ دُونَ فَرْعِ الزَّوْجَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا لَاحِقًا بِهَا وَلَوْ مِنْ زِنًا ، بِخِلَافِ فَرْعِ الزَّوْجِ ، فَقَدْ يَنْتَفِي عَنْهُ بِلِعَانِهِ فِيهِ .
طفي يَحْتَاجُ لِقَيْدٍ لَاحِقٍ فِي فَرْعِ الزَّوْجَةِ أَيْضًا لِيَخْرُجَ وَلَدُ ابْنِهَا الَّذِي نَفَاهُ بِلِعَانٍ ، فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ زَوْجَهَا مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ ، وَلَا يَخْفَاك أَنَّ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِوَارِثٍ بَدَلَ لَاحِقٍ ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّحُوقِ الْإِرْثُ ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْحَجْبِ وَالْإِرْثِ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ اللُّحُوقِ ، وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ .
وَالثُّلُثَيْنِ لِذِي النِّصْفِ ، إنْ تَعَدَّدَ
( وَ ) مِنْ ذِي ( الثُّلُثَيْنِ ) وَهُوَ فَرْضٌ ( لِذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( النِّصْفِ إنْ تَعَدَّدَ ) كَبِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ كَذَلِكَ أَوْ شَقِيقَتَيْنِ كَذَلِكَ أَوْ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ كَذَلِكَ .
الشَّارِحُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ ، وَقَدْ يُقَالُ أَعَادَهُ مَعَ شَرْطِهِ لِبَيَانِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَتَعَدَّدُ قَالَهُ تت .
طفي فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ أَغْنَى عَنْهُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَعَادَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ هُنَا لِبَيَانِ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ نِصْفِهِمَا ثُمَّ نِصْفِ نِصْفِهِمَا ، وَذَكَرَهُ أَوَّلًا اسْتِطْرَادًا .
وَالثُّلُثِ لِأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا فَأَكْثَرَ ؛ وَحَجَبَهَا مِنْ الثُّلُثِ لِلسُّدُسِ : وَلَدٌ وَإِنْ سَفَلَ ، وَأَخَوَانِ ، أَوْ أُخْتَانِ مُطْلَقًا وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ ، وَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ ،
( وَ ) مِنْ ذِي ( الثُّلُثِ ) وَهُوَ فَرْضُ ( الْأُمِّ ) لِلْمَيِّتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فَرْعٌ وَارِثٌ وَلَا عَدَدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ ( وَ ) فَرْضُ ( وَلَدَيْهَا ) أَيْ أَخَوَيْ الْمَيِّتِ مِنْ أُمِّهِ فَقَطْ ( فَأَكْثَرَ ) مِنْهُمَا وَلَا يَفْضُلُ ذَكَرُهُمْ أُنْثَاهُمْ وَلَا يُعَصِّبُهَا وَيَرِثُونَ مَعَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ وَيَحْجُبُونَهُ مَعَ حَجْبِهِمْ بِغَيْرِهِ وَلَوْ أَحَدُهُمْ السُّدُسَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ } وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ ، وَالْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ السُّورَةِ فِي الْإِخْوَةِ لِأَبٍ .
شب وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَصْحَابِ الثُّلُثِ الْجَدُّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ .
( وَحَجَبَهَا ) أَيْ الْأُمَّ عَنْ الثُّلُثِ ( لِلسُّدُسِ وَلَدٌ ) لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَاحِدًا وَمُتَعَدِّدًا إنْ عَلَا ، بَلْ ( وَإِنْ سَفَلَ ) بِشَرْطِ كَوْنِهِ وَارِثًا ( وَ ) حَجَبَهَا أَيْضًا ( أَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ ) لِلْمَيِّتِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِمَا بِكَوْنِهِمَا شَقِيقَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ } اُنْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ ( وَلَهَا ) أَيْ الْأُمِّ ( ثُلُثُ الْبَاقِي ) بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ ( فِي زَوْجٍ ) وَأَبَوَيْنِ أَصْلُهَا اثْنَانِ مَقَامَ نِصْفِ الزَّوْجِ ، وَالْبَاقِي بَعْدَهُ وَاحِدٌ لَا ثُلُثَ لَهُ ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً مَقَامَ الثُّلُثِ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ فَلِلزَّوْجِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي وَصُورَتُهَا هَكَذَا : ( أَوْ ) فِي ( زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ ) أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ مَقَامُ فَرْضِ الزَّوْجَةِ ، وَمِنْهُ تَصِحُّ فَلِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا .
رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ
ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْأَلُهُ يَسْأَلُ عَنْ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ فَقَالَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَقُولُهُ بِرَأْيِك ، فَقَالَ أَقُولُهُ بِرَأْيِي لَا أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } ، وَوَافَقَهُ شُرَيْحٌ وَدَاوُد .
ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ أَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُلُثَ مَا بَقِيَ ، وَأَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ أَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ، أَوْ قَالَ لِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَرَدَّ إلَيْهِ زَيْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّمَا ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى رَجُلًا يَرِثُهُ أَبَوَاهُ فَأَعْطَى الْأُمَّ الثُّلُثَ وَالْأَبَ الثُّلُثَيْنِ ، فَإِذَا دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهُمَا فَلَهَا الرُّبُعُ ، وَمَا بَقِيَ فَعَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَرْسَلَ إلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ ، أَرَأَيْت مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ أَكَذَبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَقَالَ زَيْدٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا أَقُولُ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَكِنْ لِيَفْرِضْ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بِرَأْيِهِ وَأَفْرِضُ أَنَا بِاَلَّذِي أَرَى ، وَرَأَى الْجُمْهُورُ أَنَّ أَخْذَهَا الثُّلُثَ فِيهِمَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ ثُلُثَا الْمَالِ مَعَ الزَّوْجِ لَزِمَ أَخْذُهَا مِثْلَيْ حَظِّ الْأَبِ ، وَمَعَ الزَّوْجَةِ لَزِمَ أَنَّ حَظَّهُ لَيْسَ مِثْلَيْ حَظِّهَا ، فَخَصَّصُوا الْقُرْآنَ بِالْقَوَاعِدِ ؛ لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْمَعَانِي الْمُتَبَادَرَةِ مِنْهُ لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً ، وَلَقَّبَ الْفَرْضِيُّونَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْغَرَّاوَيْنِ لِأَنَّ الْأُمَّ غُرَّتْ فِيهِمَا بِتَسْمِيَةِ نَصِيبِهَا ثُلُثًا وَهُوَ سُدُسٌ فِي الْأُولَى وَرُبُعٌ فِي الثَّانِيَةِ .
وَالسُّدُسِ : لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ مُطْلَقًا ، وَسَقَطَ بِابْنٍ ، وَابْنِهِ ، وَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ ، وَأَبٍ وَجَدٍّ ، وَالْأَبِ أَوْ الْأُمِّ مَعَ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ ، وَالْجَدَّةُ فَأَكْثَرَ ، وَأَسْقَطَهَا الْأُمُّ مُطْلَقًا ، وَالْأَبُ : الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِهِ ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ ، وَإِلَّا اشْتَرَكَتَا
( وَ ) مِنْ ذِي ( السُّدُسِ ) وَهُوَ فَرْضٌ لِسَبْعَةٍ تَقَدَّمَ اثْنَانِ لِبِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ مَعَ الشَّقِيقَةِ وَ ( لِوَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ ) دُونَ الْأَبِ ( مُطْلَقًا ) عَلَى تَقْيِيدِهِ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ } وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهَا فِي أُخُوَّةِ الْأُمِّ فَقَطْ .
( وَسَقَطَ ) أَيْ حُجِبَ وَلَدُ الْأُمِّ عَنْ الْإِرْثِ ( بِابْنٍ ) لِلْمَيِّتِ ( وَابْنِهِ ) أَيْ الِابْنِ ( وَبِنْتٍ ) لِلْمَيِّتِ وَلِابْنِهِ إنْ عَلَتْ ، بَلْ ( وَإِنْ سَفَلَتْ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا ( وَ ) بِ ( أَبٍ وَ ) بِ ( جَدٍّ ) وَإِنْ عَلَا بِشَرْطِ كَوْنِ كُلٍّ وَارِثًا ( وَ ) لِكُلٍّ مِنْ ( الْأَبِ وَالْأُمِّ ) حَالَ كَوْنِهِمَا ( مَعَ وَلَدٍ ) وَارِثٍ لِلْمَيِّتِ إنْ عَلَا ، بَلْ ( وَإِنْ سَفَلَ ) الْوَلَدُ كَوَلَدِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ لِقَوْلِهِ { وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ } ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْوَلَدِ ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَلَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ بِالتَّعْصِيبِ ( وَالْجَدَّةُ ) أَيْ أُمُّ أُمِّ الْمَيِّتِ أَوْ أُمُّ أَبِيهِ إنْ قَرُبَتْ ، بَلْ وَإِنْ عَلَتْ الْوَاحِدَةُ ( فَأَكْثَرُ ) مِنْهَا كَأُمِّ أُمِّهِ وَأُمِّ أَبِيهِ وَلَمْ يُوَرِّثْ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ ، لِقَوْلِهِ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا وَرَّثَ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ تَوْرِيثُ زَيْدٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أُمَّ أَبِي الْأَبِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ .
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُثْمَانَ { عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ جَاءَتْ الْجَدَّةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَسْأَلُهُ عَنْ مِيرَاثِهَا .
فَقَالَ لَهَا مَا لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ وَمَا عَلِمْت
لَك فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ ، فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَضَرْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا السُّدُسَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ مَعَك غَيْرُك ، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثُمَّ جَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَسْأَلُهُ عَنْ مِيرَاثِهَا ، فَقَالَ لَهَا مَا لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ إلَّا لِغَيْرِك ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا ، وَلَكِنْ هُوَ السُّدُسُ ، فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا } .
وَرَوَى { ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ الَّتِي أَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّدُسَ هِيَ أُمُّ الْأُمِّ وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ الصِّدِّيقَ وَاَلَّتِي جَاءَتْ عُمَرَ هِيَ أُمُّ الْأَبِ } ، أَفَادَهُ تت وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ .
وَأَسْقَطَهَا ) أَيْ حَجَبَ الْجَدَّةَ عَنْ الْإِرْثِ ( الْأُمُّ مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا مِنْ جِهَتِهَا ، وَشَبَّهَ فِي إسْقَاطِهَا فَقَالَ ( كَالْأَبِ ) فَيُسْقِطُ الْجَدَّةَ الَّتِي ( مِنْ جِهَتِهِ ) أَيْ الْأَبِ فَلَا يُسْقِطُ الْجَدَّةَ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ ( وَ ) أَسْقَطَتْ الْجَدَّةَ ( الْقُرْبَى ) الَّتِي ( مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ ) الْجَدَّةَ ( الْبُعْدَى ) الَّتِي ( مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ قُرْبَى وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ بُعْدَى بِأَنْ اسْتَوَتَا فِي الدَّرَجَةِ ، أَوْ كَانَتْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ الْقُرْبَى وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ الْبُعْدَى ( اشْتَرَكَتَا ) أَيْ الْجَدَّتَانِ فِي السُّدُسِ ؛ لِأَنَّ أَصَالَةَ الَّتِي لِلْأُمِّ بِوُرُودِ النَّصِّ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَزَادَتْ قُرْبَ الْأُخْرَى ،
هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَأَسْقَطَ الْقُرْبَى مِنْ كُلِّ جِهَةِ الْبُعْدَى مِنْ جِهَتِهَا وَتُرِكَ هَذَا لِوُضُوحِهِ .
وَأَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ : الْخَيْرُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ ، وَعَادَّ الشَّقِيقُ ؛ بِغَيْرِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ : كَالشَّقِيقَةِ بِمَالِهَا ، لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ ،
( وَ ) السُّدُسُ ( أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ غَيْرُ الْمُدْلِي ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ ، أَيْ الْمُنْتَسِبِ لِلْمَيِّتِ بِأُنْثَى بِأَنْ أَدْلَى بِمَحْضِ الذُّكُورِ ، فَإِنْ أَدْلَى بِأُنْثَى فَهُوَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَرِثُ شَيْئًا ( وَلَهُ ) أَيْ الْجَدِّ ( مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ) سَوَاءٌ كَانُوا ( أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ ) فَقَطْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ ، سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا ( الْخَيْرُ ) أَيْ الْأَكْثَرُ ( مِنْ ) أَمْرَيْنِ ( الثُّلُثِ ) مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ ( أَوْ ) مَا يَخْرُجُ لَهُ بِ ( الْمُقَاسَمَةِ ) مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ كَأَنَّهُ أَخٌ مَعَهُمْ ، فَالْأَحْسَنُ لَهُ الْمُقَاسَمَةُ إنْ كَانَ الْإِخْوَةُ أَوْ الْأَخَوَاتُ أَقَلَّ مِنْ مِثْلَيْهِ كَأَخٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ أَخٍ وَأُخْتٍ أَوْ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ ، فَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أَخٍ وَأُخْتَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ اسْتَوَتْ الْمُقَاسَمَةُ وَالثُّلُثُ ، فَإِنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ فَالثُّلُثُ أَحْسَنُ لَهُ فَيُفْرَضُ لَهُ الثُّلُثُ وَيُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ ( وَ ) إنْ اجْتَمَعَ مَعَ الْجَدِّ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ لِأَبٍ ( عَادَّ ) بِشَدِّ الدَّالِ ، أَيْ حَاسَبَ ( الشَّقِيقُ ) الْجَدَّ عِنْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ الشَّقِيقِ وَهُوَ الْأَخُ لِأَبٍ لِيَمْنَعَهُ مِنْ كَثْرَةِ الْمِيرَاثِ ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ أَمْ لَا .
( ثُمَّ ) إذَا أَخَذَ الْجَدُّ مَا يَخُصُّهُ بِالْمُعَادَّةِ ( رَجَعَ ) الشَّقِيقُ إنْ شَاءَ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ بِمَا خَصَّهُ بِالْقِسْمَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُ عَنْ الْإِرْثِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّقِيقُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَشَقِيقٍ وَأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَجَدٍّ فَلَهُ الثُّلُثُ لِزِيَادَةِ الْإِخْوَةِ عَلَى مِثْلَيْهِ ، وَلِلشَّقِيقِ الثُّلُثَانِ هَكَذَا : وَكَزَوْجٍ وَجَدٍّ وَشَقِيقٍ وَأَخٍ لِأَبٍ تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ لِاسْتِوَاءِ الْمُقَاسَمَةِ وَالسُّدُسُ
وَثُلُثُ الْبَاقِي وَالْبَاقِي لِلشَّقِيقِ هَكَذَا : وَشَبَّهَ فِي الْعَدِّ وَالرُّجُوعِ فَقَالَ ( كَ ) الْأُخْتِ ( الشَّقِيقَةِ ) الْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ فَتُعَدُّ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةُ لِأَبٍ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَيْهِمْ ( بِ ) تَمَامِ ( مَالِهَا ) وَهُوَ النِّصْفُ إنْ كَانَتْ وَاحِدَةً وَالثُّلُثَانِ إنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ( لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ ) مَعَهَا وَإِنْ زَادَ عُمَّالُهَا شَيْءٌ فَهُوَ لِلْإِخْوَةِ لِأَبٍ ، فَلَوْ تَرَكَ شَقِيقَةً وَأُخْتًا لِأَبٍ وَجَدًّا قُسِمَ الْمَالُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ بِسَهْمِهَا ؛ لِأَنَّهُ تَمَامُ نِصْفِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ هَكَذَا : وَلَوْ تَرَكَ شَقِيقَةً وَأَخًا لِأَبٍ وَجَدًّا قُسِمَتْ التَّرِكَةُ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِلْأَخِ مِثْلُهُ وَلِلشَّقِيقَةِ سَهْمٌ ، ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ بِتَمَامِ نِصْفِهَا عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْخَمْسَةُ لَا نِصْفَ لَهَا ، فَتَضْرِبُ فِي اثْنَيْنِ مَقَامِ النِّصْفِ بِعَشَرَةٍ فَلِلْجَدِّ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلشَّقِيقَةِ خَمْسَةٌ يَبْقَى وَاحِدٌ لِلْأَخِ لِأَبٍ هَكَذَا : وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ
وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهَا السُّدُسُ ، أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي ، أَوْ الْمُقَاسَمَةُ
وَلَهُ ) أَيْ الْجَدِّ ( مَعَ ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( فَرْضٍ مَعَهُمَا ) أَيْ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ بَعْدَ أَخْذِ صَاحِبِ الْفَرْضِ فَرْضَهُ الْخَيْرَ مِنْ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ ( السُّدُسُ ) مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ كَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا : أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا : ( أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي ) بَعْدَ الْفَرْضِ كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ أَوْ شَقِيقَةٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ ، أَصْلُهَا عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ سِتَّةٌ ؛ لِأَنَّ أُصُولَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْهَا مَسَائِلُ الْفَرَائِضِ عِنْدَهُمْ سَبْعَةٌ لَا غَيْرُ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالسِّتَّةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ ، وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَصْلَيْنِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَالسِّتَّةَ وَالثَّلَاثِينَ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ ، وَعَلَى هَذَا فَأَصْلُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ خَمْسَةٌ وَتَبْقَى عَشَرَةٌ فَلَا تَنْقَسِمُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَتَبَايُنُهَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ ، فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْجَدِّ خَمْسَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلْإِخْوَةِ عَشَرَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثِينَ لِكُلِّ أَخٍ عَشَرَةٌ ، وَتُسَمَّى مُخْتَصَرَةَ زَيْدٍ وَصُورَتُهَا هَكَذَا : وَفِي الْمِثَال الثَّانِي لَا تَنْقَسِمُ الْعَشَرَةُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَتُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ نِصْفَ الْأَرْبَعَةِ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلْأُمِّ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ ، وَلِلْجَدِّ خَمْسَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِعَشَرَةِ وَلِلْإِخْوَةِ عَشَرَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِعِشْرِينَ لِلْأَخِ عَشَرَةٌ ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ خَمْسَةٌ ، ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ بِتَمَامِ نِصْفِهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيَبْقَى لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ اثْنَانِ ، فَلَا تَنْقَسِمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتُبَايِنُهَا
فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ فَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَلِلْجَدِّ عَشَرَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثِينَ ، وَلِلشَّقِيقَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ فَلَهُ أَرْبَعَةٌ وَلَهَا اثْنَانِ وَصُورَتُهَا هَكَذَا : ( أَوْ ) الْخَارِجُ بِ ( الْمُقَاسَمَةِ ) بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الْقَرْضِ كَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ مَقَامُ رُبُعِ الزَّوْجَةِ لَهَا مِنْهَا وَاحِدٌ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ فَلَا تَنْقَسِمُ عَلَى اثْنَيْنِ وَتُبَايِنُهُمَا ، فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي اثْنَيْنِ بِثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخِ ثَلَاثَةٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا : وَكَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَأُخْتٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ فَرْضِ الْأُمِّ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَلِلْأَخِ اثْنَانِ وَلِلْأُخْتِ وَاحِدٌ هَكَذَا وَكَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأُخْتٍ أَصْلُهَا ثَلَاثَةٌ مَقَامُ ثُلُثِ الْأُمِّ ، وَالْبَاقِي بَعْدَهُ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَيُبَايِنَاهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ اثْنَانِ هَكَذَا : وَسُمِّيَتْ هَذِهِ خَرْقَاءَ لِخَرْقِهَا سِتَّةَ أَقْوَالٍ لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَمُثَلَّثَةٌ وَمُرَبَّعَةٌ وَمُخَمَّسَةٌ وَمُسَدَّسَةٌ وَمُسَبَّعَةٌ وَعُثْمَانِيَّةٌ وَحَجَّاجِيَّةٌ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ وَبُيِّنَتْ مَذَاهِبُهُمْ فِي الْمُطَوَّلَاتِ ، وَقَدْ تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَالسُّدُسُ وَثُلُثُ الْبَاقِي كَزَوْجٍ أَوْ بِنْتٍ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ أَصْلُهَا اثْنَانِ مَقَامُ النِّصْفِ فَلِلزَّوْجِ أَوْ الْبِنْتِ وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَيُبَايِنُهَا فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي
اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ لِلزَّوْجِ أَوْ الْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ وَلِكُلِّ أَخٍ وَاحِدٌ هَكَذَا : فَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ ثَلَاثَةٌ فِي هَذَا الْمِثَالِ اسْتَوَى السُّدُسُ وَثُلُثُ الْبَاقِي فَقَطْ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ هَكَذَا : وَقَدْ يَسْتَوِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ كَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ وَجَدٍّ أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ لَهَا وَاحِدٌ وَالْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَتُبَايِنُهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْ الْجَدِّ وَالْأَخَوَيْنِ خَمْسَةٌ ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا : ( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : تت لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ حَالَةٌ أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ يَرِثُ فِيهَا دُونَهُمْ ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْفُرُوضِ الْمَسْأَلَةُ كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ مَقَامُ رُبُعِ الزَّوْجِ وَثُلُثَيْ الْبِنْتَيْنِ ، وَتَعُولُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لِلْبِنْتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ هَكَذَا : الثَّانِيَةُ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْفُرُوضِ أَقَلُّ مِنْ السُّدُسِ كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ وَتَعُولُ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ هَكَذَا : الثَّالِثَةُ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ الْفُرُوضِ السُّدُسُ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ ، أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْجَدِّ ، لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ هَكَذَا : طفي فِي قَوْلِهِ لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ نَظَرٌ لِدُخُولِهَا فِي قَوْلِهِ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا السُّدُسُ .
الثَّانِي : ابْنُ خَرُوفٍ وَغَيْرُهُ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي فَرْضِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَلَامِ فِي مِيرَاثِهِ لِتَحْذِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَجْرَؤُكُمْ عَدَّ الْجَدَّ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ } .
وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَحِمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ فَلْيَقْضِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ .
وَمَالَ ابْنُ عِلَاقٍ الْجَدُّ لَا يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ الْأَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجَدُّ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَلَا يَرِثُونَ مَعَهُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَقَامُوهُ مَقَامَ الْأَبِ وَحَجَبُوا بِهِ الْإِخْوَةَ ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ أَلَيْسَ تَرِثُنِي بَنُو عَبْدِ اللَّهِ دُونَ إخْوَتِي فَمَالِي لَا أَرِثُهُمْ دُونَ إخْوَتِهِمْ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوَّلُ جَدٍّ وَرِثَ فِي الْإِسْلَامِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَاتَ ابْنٌ لِعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِمَالِهِ وَاسْتَشَارَ عَلِيًّا وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَامْتَنَعَا ، فَقَالَ عُمَرُ لَوْلَا أَنَّ رَأْيَكُمَا اجْتَمَعَ مَا رَأَيْت أَنْ يَكُونَ ابْنِي وَلَا أَنْ أَكُونَ أَبَاهُ .
الثَّالِثُ : ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ انْفَرَدَ زَيْدٌ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِمُعَادَّةِ الْجَدِّ بِالْإِخْوَةِ لِأَبٍ مَعَ الْأَشِقَّاءِ ، وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَشِقَّاءِ فَإِدْخَالُهُمْ مَعَهُمْ وَعَدُّهُمْ حَيْفٌ عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ ، وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا زَيْدًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِي كَمَا تَقُولُ أَنْتَ بِرَأْيِك ، وَبِعِبَارَةٍ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَادَّةِ خِلَافٌ ، فَذَهَبَ زَيْدٌ وَمَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إعْمَالَهَا ، وَقَالَ
بِعَدَمِهَا سَائِرُ الصَّحَابَةِ إلَّا أَنَّ زَيْدًا قَالَ بِمُعَادَّةِ الْإِخْوَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِمُعَادَّةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ بِالْإِخْوَةِ لِأُمٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَالِكِيَّةِ ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ الْقَوْلُ بِهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الرَّابِعُ : الْبُنَانِيُّ أَحْوَالُ الْجَدِّ خَمْسَةٌ إحْدَاهَا كَوْنُهُ مَعَ ابْنٍ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ وَمَعَ ذِي فَرْضٍ ، الثَّانِيَةُ كَوْنُهُ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتَيْنِ وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَهُمَا وَمَعَ ذِي فَرْضٍ ، وَحُكْمُهُ فِيهِمَا حُكْمُ الْأَبِ فِيهِمَا ، الثَّالِثَةُ كَوْنُهُ مَعَ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ ، الرَّابِعَةُ كَوْنُهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَذَوِي الْفُرُوضِ ، وَتَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَاتَيْنِ هُنَا .
الْخَامِسَةُ كَوْنُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ فَلَهُ الْمَالُ كُلُّهُ أَوْ مَا بَقِيَ بِالتَّعْصِيبِ .
الْخَامِسُ الْبُنَانِيُّ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ الْمُعَادَّةِ عَنْ قَوْلِهِ ، وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا إلَخْ ؛ لِأَنَّهَا تَجْرِي فِي الْوَجْهَيْنِ .
السَّادِسُ : سَيَأْتِي أَنَّ الْجَدَّ يَعُدُّ عَلَى الْإِخْوَةِ لِأَبٍ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا أَخُ الْأَبِ إلَخْ فَالْأَشِقَّاءُ يَعُدُّونَ عَلَيْهِ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ وَهُوَ مَا هُنَا ، وَهُوَ يَعُدُّ عَلَيْهِمْ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ كَمَا يَأْتِي ، وَهَذَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالْمُفَاعَلَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ مَعَهُ ، إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ ، وَالْغَرَّاءِ ؛ زَوْجٌ وَجَدٌّ ، وَأُمٌّ ، وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ ، أَوْ لِأَبٍ : فَيُفْرَضُ لَهَا ؛ وَلَهُ ، ثُمَّ يُقَاسِمُهَا ؛
( وَلَا يُفْرَضُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ( لِأُخْتٍ ) شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ ( مَعَهُ ) أَيْ الْجَدِّ ، بَلْ تَرِثُ مَعَهُ بِالتَّعْصِيبِ كَأَخِيهَا فَلَهُ مِثْلُ حَظِّهَا ( إلَّا فِي ) الْمَسْأَلَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِ ( الْأَكْدَرِيَّةِ وَ ) بِ ( الْغَرَّاءِ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ ، فَيُفْرَضُ لَهَا النِّصْفُ ، وَلَهُ السُّدُسُ ابْتِدَاءً ، ثُمَّ يُقَاسِمُهَا فِيهَا انْتِهَاءً ، وَلَهَا صُورَتَانِ الْأُولَى ( زَوْجٌ وَجَدٌّ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ ) وَالثَّانِيَةُ ( أَوْ ) أُخْتٌ ( لِأَبٍ ) بَدَلَ الشَّقِيقَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ ( فَيُفْرَضُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ( لَهَا ) أَيْ الشَّقِيقَةِ فِي الْأُولَى وَاَلَّتِي لِأَبٍ فِي الثَّانِيَةِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ .
( وَ ) يُفْرَضُ ( لَهُ ) أَيْ الْجَدِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ مِنْهَا ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ بِحَالٍ ، فَقَدْ تَمَّتْ السِّتَّةُ وَلَمْ يَبْقَ لِلشَّقِيقَةِ أَوْ الَّتِي لِأَبٍ شَيْءٌ وَهِيَ ذَاتُ فَرْضٍ لَا سَبِيلَ لِإِسْقَاطِهَا ، فَيُفْرَضُ لَهَا النِّصْفُ ثَلَاثَةً زَائِدَةً عَلَى السِّتَّةِ فَتَصِيرُ تِسْعَةً ( ثُمَّ ) يُجْمَعُ نِصْفُ الْأُخْتِ وَسُدُسُ الْجَدِّ ( وَيُقَاسِمُهَا ) أَيْ الْجَدُّ الْأُخْتَ فِي مَجْمُوعِهِمَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ لَهُ سَهْمَانِ وَلَهَا سَهْمٌ ، وَالْأَرْبَعَةُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتُبَايِنُهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي تِسْعَةٍ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشْرَةَ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَلَهَا أَرْبَعَةٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا : ( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ هَالِكٌ تَرَكَ أَرْبَعَةً مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ مَالِهِ ، وَانْصَرَفَ وَأَخَذَ الثَّانِي ثُلُثَ الْبَاقِي وَانْصَرَفَ وَأَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ الْبَاقِي ،
وَانْصَرَفَ وَأَخَذَ الرَّابِعُ الْبَاقِيَ فَالْأَوَّلُ الزَّوْجُ ، وَالثَّانِي الْأُمُّ وَالثَّالِثُ الْأُخْتُ ، وَالرَّابِعُ الْجَدُّ ، وَيُقَالُ امْرَأَةٌ مَرَّتْ بِقَوْمٍ يَقْسِمُونَ مِيرَاثًا فَقَالَتْ لَهُمْ إنِّي حَامِلٌ ، فَإِنْ أَلِدْ ذَكَرًا فَلَا يَرِثُ مَعَكُمْ وَإِنْ أَلِدْ أُنْثَى وَرِثَتْ مَعَكُمْ وَفِيهَا قَالَ الشَّاعِرُ : مَا أَهْلُ بَيْتٍ تَوَى بِالْأَمْسِ مَيِّتُهُمْ فَأَصْبَحُوا يَقْسِمُونَ الْمَالَ وَالْحُلَلَا فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لَهُمْ إنِّي سَأُسْمِعُكُمْ أُعْجُوبَةً مَثَلَا فِي الْبَطْنِ مِنِّي جَنِينٌ دَامَ رُشْدُكُمْ فَأَخِّرُوا الْقَسْمَ حَتَّى تَظْهَرَ الْحَبْلَا فَإِنْ أَلِدْ ذَكَرًا لَمْ يُعْطَ خَرْدَلَةً وَإِنْ أَلِدْ غَيْرَهُ أُنْثَى فَقَدْ فَضَلَا بِالثُّلُثِ حَقًّا يَقِينًا لَيْسَ يُنْكِرُهُ مَنْ كَانَ يَعْلَمُ قَوْلَ اللَّهِ إذْ نَزَلَا ، وَقَالَ آخَرُ : مَا فَرْضُ أَرْبَعَةٍ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ مِيرَاثُ مَيِّتِهِمْ بِفَرْضٍ وَاقِعِ فَلِوَاحِدٍ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى لِثَانِيهِمْ بِحُكْمٍ جَامِعِ وَلِثَالِثٍ مِنْ بَعْدِ ذَا ثُلُثِ الَّذِي يَبْقَى وَمَا يَبْقَى نَصِيبُ الرَّابِعِ ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : وَلَا يَيْأَسُ الْمَفْضُولُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَزِيدٍ عَلَيْهِ فَضْلُهُ بِالضَّرُورَةِ فَرُبَّ مَقَامٍ أَنْتَجَ الْأَمْرَ عَكْسُهُ كَحَمْلٍ بِأُنْثَى جَاءَ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ لَهَا الْإِرْثُ فِيهَا ثُمَّ زَادَتْ لِجَدِّهَا وَلِلذَّكَرِ الْحِرْمَانُ دُونَ زِيَادَةِ .
وَصُورَتُهَا مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ حَامِلٍ وَجَدٍّ فَإِنْ وَضَعَتْ الْأُمُّ أُنْثَى فَهِيَ الْأَكْدَرِيَّةُ ، وَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا فَعَاصِبٌ لَا يَفْضُلُ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ الْفُرُوضِ .
الثَّانِي : لَوْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ أُخْتَانِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ ، فَلَا تَعُولُ لِرُجُوعِ الْأُمِّ لِلسُّدُسِ بِالْأُخْتَيْنِ ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ، وَهُوَ مُسْتَوٍ مَعَ الْمُقَاسَمَةِ ، وَإِنْ زَادَتْ الْأُخْتَانِ عَلَى اثْنَتَيْنِ كَانَ السُّدُسُ أَفْضَلَ لِلْجَدِّ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثِ الْبَاقِي ، فَيَبْقَى وَاحِدٌ عَلَى اثْنَيْنِ لَا يُقْسَمُ
وَيُبَايِنُهُمَا فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ ، وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَلِكُلِّ أُخْتٍ وَاحِدٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا : الْفَاكِهَانِيُّ هُنَا إشْكَالٌ أَعْضَلَ سِرُّ فَهْمِهِ الْفِرَاضَ ، وَهُوَ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ إذَا أَخَذَتَا السُّدُسَ هُنَا فَبِأَيِّ وَجْهٍ أَخَذَتَاهُ لَا جَائِزٌ كَوْنُهُ فَرْضًا ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا الثُّلُثَانِ وَلَا تَعْصِيبًا ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ الَّذِي يُعَصِّبُهُمَا صَاحِبُ فَرْضٍ هُنَا ، وَصَاحِبُ الْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ إلَّا الْبِنْتَ أَوْ بِنْتَ الِابْنِ مَعَ أُخْتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ ، فَانْظُرْ جَوَابَهُ ا هـ .
تت وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ النَّقْلُ أَنَّ الْجَدَّ يَأْخُذُ السُّدُسَ هُنَا بِالْفَرْضِ ، وَلَكِنْ قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالتَّعْصِيبِ ، وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ .
عج فِيهِ نَظَرٌ ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَخَذَ فِي جَدٍّ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ الثُّلُثَ وَهُنَّ الثُّلُثَانِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّعْصِيبِ ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْخُذُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ النِّصْفَ ، وَإِنْ كَثُرَ الْأَخَوَاتُ إلَى أَنَّهُ يَرِثُ بِالْفَرْضِ ا هـ .
طفي لَا شَكَّ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ تَأْخُذَانِ ذَلِكَ تَعْصِيبًا ، وَأَنَّ الْجَدَّ مُعَصِّبٌ ، إذْ هُوَ الْمَانِعُ لَهُمَا مِنْ أَخْذِ فَرْضِهِمَا وَلَا يَرِدُ أَنْ صَاحِبَ الْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ ، إذْ لَيْسَ فَرْضُهُ مُحَتِّمًا لِتَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ .
الثَّالِثُ : تَعَقَّبَ شَيْخُنَا سِبْطٌ الْمَارْدِينِيُّ قَوْلَ الْفَرْضَيْنِ لَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ بِأَنَّهُ يُفْرَضُ لَهَا مَعَهُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ أُخَرَ إحْدَاهَا جَدٌّ وَشَقِيقَةٌ مَعَهُمَا مِنْ وَلَدِ الْأَبِ أَخَوَانِ أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَيُفْرَضُ لِلْجَدِّ الثُّلُثُ وَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَبِ بِالْعُصُوبَةِ ، فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِلشَّقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِوَلَدِ الْأَبِ سَهْمٌ
عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ، وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِحَسَبِ رُءُوسِهِمْ وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهُمْ .
الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَدِّ وَالشَّقِيقَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَاحِبُ رُبُعٍ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ زَوْجَاتٍ ، فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ الرُّبُعُ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي سَهْمٌ ، وَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ سَهْمَانِ ، وَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبِ كَيْفَ كَانُوا ، وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِحَسَبِ عَدَدِ الزَّوْجَاتِ .
الثَّالِثَةُ : أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَاحِبُ سُدُسٍ مِنْ أُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَوْ جَدَّاتٍ فَيُفْرَضُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ السُّدُسِ ، وَيُفْرَضُ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ فَأَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي خَمْسَةٌ ، وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِحَسَبِ عَدَدِ الْجَدَّاتِ وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهَا ، وَذَكَرَ صُوَرًا أُخْرَى ، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فَاعْتَمَدَهُ فَأَجَبْته عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْفِرَاضِ لَا يُفْرَضُ لَهَا مَعَهُ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ ، أَيْ حَيْثُ اسْتَغْرَقَ أَصْحَابُ الْفُرُوضِ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْعَوْلُ أَوْ حِرْمَانُهَا ، وَاسْتَشْهَدْت بِقَوْلِ الْمَعُونَةِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يَنْقُصُ عَنْ السُّدُسِ وَالْأُخْتَ لَا تَسْقُطُ ، وَلَوْ لَمْ تَعْلُ الْفَرِيضَةُ لَأَدَّى لِبُطْلَانِ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ وَنَحْوِهِ لِلْجَعْدِيِّ وَغَيْرِهِ .
وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَيُفْرَضُ لِلْأُخْتِ وَلَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ مَعَهَا إلَى الْمُقَاسَمَةِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ نَقْصِهِ أَوْ حِرْمَانِهَا مَعَ إمْكَانِ الْفَرْضِ ، فَقَالَ قَدْ قَرَأَ عَلَيَّ هَذَا الْمَحَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُضَلَاءِ ذَوِي الْمَذَاهِبِ وَكُلُّهُمْ سَلَّمَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ ، ثُمَّ أَمْهَلَنِي لِيَتَأَمَّلَ فَمَاتَ وَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ ا هـ طفي .
وَجَوَابُهُ حَسَنٌ قُلْت الْحَسَنُ الْجَوَابُ بِمَنْعِ الْفَرْضِ لَهَا فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ ، إذْ لَوْ كَانَ يُفْرَضُ لَهَا فِيهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُعَادَةِ وَالرُّجُوعِ
بِتَمَامِ فَرْضِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَدٌّ مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُعَادَةِ الرُّجُوعِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الرَّابِعُ : " غ " فَائِدَةُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَالْغَرَّاءُ نَفْيُ تَوَهُّمِ جَرَيَانِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ ، حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ الْأَكْدَرِيَّةَ تَكُونُ غَرَّاءَ وَغَيْرَ غَرَّاءَ وَأَنَّهُ احْتَرَزَ مِنْ الْأَكْدَرِيَّةِ غَيْرِ الْغَرَّاءِ وَأَفْهَمَ مِثْلَهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا فِي الْحِمَارِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ .
الْخَامِسُ : ابْنُ حَبِيبٍ سُمِّيَتْ أَكْدَرِيَّةً ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ طَرَحَهَا عَلَى رَجُلٍ اسْمُهُ أَكْدَرُ يُحْسِنُ الْفَرَائِضَ فَأَخْطَأَ فِيهَا ، وَقِيلَ سَأَلَ أَكْدَرُ عَبْدَ الْمَلِكِ فَأَخْطَأَ وَقِيلَ لِأَنَّ امْرَأَةً اسْمُهَا كَدْرَاءُ وَقَعَتْ هَذِهِ فِي إرْثِهَا ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا تَكَدَّرَتْ عَلَى زَيْدٍ فَلَمْ يَصْفُ لَهُ فِيهَا أَمْرٌ ، وَقِيلَ لِتَكَدُّرِهَا بِكَثْرَةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِيهَا ، قِيلَ وَسُمِّيَتْ الْغَرَّاءَ إذْ لَا شَبَهَ لَهَا فِي الْفَرَائِضِ ، فَهِيَ مَشْهُورَةٌ كَغُرَّةِ الْفَرَسِ ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْجَدَّ غَرَّ الْأُخْتَ .
وَإِنْ كَانَ مَحَلَّهَا أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ ، سَقَطَ
( وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا ) أَيْ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِأَبٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ ( أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ ) أَيْ الْأَخِ لِأَبٍ ( إخْوَةٌ لِأُمٍّ ) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ فَتَصِيرُ أَرْكَانُهَا زَوْجٌ وَجَدٌّ وَأُمٌّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَإِخْوَةٌ لِأُمٍّ ( سَقَطَ ) الْأَخُ لِأَبٍ ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُولُ لَهُ لَوْ كُنْت دُونِي لَمْ تَرِثْ شَيْئًا لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ وَأَنَا الَّذِي حَجَبْت الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ عَنْ الثُّلُثِ فَأَنَا آخُذُهُ وَحْدِي ، وَوُجُودِي مَعَك لَمْ يُوجِبْ لَك شَيْئًا ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قِيلَ وَلَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ زَيْدًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إلَّا فِي هَذِهِ ، وَلِذَا سَمَّوْهَا مَالِكِيَّةً ، وَأَصْلُهَا سِتَّةٌ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ وَصُورَتُهَا هَكَذَا : ( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : لَا يُقَالُ الْأَخُ لِأَبٍ سَاقِطٌ هُنَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِمْ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا ذَكَرَهُمْ لِتَكُونَ الْمَالِكِيَّةُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مُخَالَفَةِ مَالِكٍ زَيْدًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِيهَا .
الثَّانِي : لَا يُقَالُ الْأَخُ الشَّقِيقُ سَاقِطٌ فِيهَا أَيْضًا ، فَلَا مَعْنَى لِتَقْيِيدِ الْأَخِ بِكَوْنِهِ لِأَبٍ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَيَّدَ بِهِ لِتَكُونَ الْمَالِكِيَّةُ ، فَإِنْ كَانَ شَقِيقًا فَهِيَ شِبْهُ الْمَالِكِيَّةِ ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لِمَالِكٍ ، وَالثَّانِيَةُ لِأَصْحَابِهِ .
الثَّالِثُ : لَا يُقَالُ قَدْ خَالَفَ مَالِكٌ زَيْدًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي أُمِّ الْجَدِّ أَيْضًا ، لِأَنَّا نَقُولُ لِزَيْدٍ فِيهَا قَوْلَانِ فَوَافَقَهُ مَالِكٌ فِي أَحَدِهِمَا .
الرَّابِعُ : جَمَعَ الْمُصَنِّفُ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ ، وَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ مَعَ الْأَخِ لِأَبٍ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ الْجَدِّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ إنَّمَا تَتِمُّ إذَا كَانُوا إخْوَةً لِأُمٍّ ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَلَا تَتِمُّ اُنْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ الْخَامِسُ : تَحَصَّلَ
مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَارِثِينَ بِالْفَرْضِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ إذَا كَانَ أَصْحَابُ النِّصْفِ خَمْسَةً وَالرُّبُعِ اثْنَيْنِ وَالثُّمُنِ وَاحِدًا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَالثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةً وَالثُّلُثِ اثْنَيْنِ وَالسُّدُسِ سَبْعَةً ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ تُضَمُّ إلَى الثَّمَانِيَةِ يَحْصُلُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ جُمِعَتْ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ : ضَبْطُ ذَوِي الْفُرُوضِ مِنْ هَذَا الرَّجَزْ خُذْهُ مُرَتَّبًا وَقُلْ هَيَّا دبز فَالْهَاءُ بِخَمْسَةٍ إشَارَةٌ لِعَدَدِ أَصْحَابِ النِّصْفِ وَالْبَاءُ بِاثْنَيْنِ إشَارَةٌ لِأَصْحَابِ الرُّبُعِ ، وَهَكَذَا إلَخْ ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِهِمْ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعَاصِبِ وَتَرْتِيبِهِ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى قَوْلِهِ لِوَارِثِهِ
وَلِعَاصِبٍ وَرِثَ الْمَالَ أَوْ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْفَرْضِ ، وَهُوَ الِابْنُ ، ثُمَّ ابْنُهُ ، وَعَصَّبَ كُلٌّ : أُخْتَهُ ، ثُمَّ الْأَبَ ، ثُمَّ الْجَدَّ وَالْإِخْوَةَ كَمَا تَقَدَّمَ : الشَّقِيقُ ، ثُمَّ لِلْأَبِ .
وَهُوَ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ ؛ إلَّا فِي الْحِمَارِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ ، وَزَوْجٌ ، وَأُمٌّ ، أَوْ جَدَّةٌ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ ، وَشَقِيقٌ وَحْدَهُ ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ : فَيُشَارِكُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ، وَأَسْقَطَهُ أَيْضًا الشَّقِيقَةُ الَّتِي كَالْعَاصِبِ لِبِنْتٍ ، أَوْ بِنْتِ ابْنِ فَأَكْثَرَ ، ثُمَّ بَنُوهُمَا ، ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ، ثُمَّ لِأَبٍ ، ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ الْأَقْرَبُ ، فَالْأَقْرَبُ ، وَإِنْ غَيْرَ شَقِيقٍ ، وَقُدِّمَ مَعَ التَّسَاوِي الشَّقِيقُ مُطْلَقًا
( وَلِعَاصِبٍ ) بِنَفْسِهِ وَهُوَ الذَّكَرُ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي نَسَبِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى ، وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ إنْ انْفَرَدَ ( وَرِثَ الْمَالَ ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ كُلَّهُ ( أَوْ الْبَاقِيَ بَعْدَ ) إخْرَاجِ جِنْسِ ( الْفَرْضِ ) إذَا اجْتَمَعَ مَعَ ذِي فَرْضٍ فَأَكْثَرَ ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ الْمَسْأَلَةَ تَسْقُطُ .
فِي الذَّخِيرَةِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَصَبِ وَأَصْلُهُ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى الْقُوَّةِ وَالْمُدَافَعَةِ وَالْعَصَائِبُ لِشَدِّهَا مَا هِيَ عَلَيْهِ ، وَالْعُصْبَةُ فِي الْحَقِّ النُّصْرَةُ ، وَلَمَّا كَانَ أَقَارِبُ الْإِنْسَانِ فِي نَسَبِهِ يَعْضُدُونَهُ وَيَنْصُرُونَهُ سُمُّوا عَصَبَةً ، وَلَمَّا ضَعُفَ الْأَخْوَالُ عَنْ ذَلِكَ وَجَمِيعُ قَرَابَاتِ الْأُمِّ لَمْ يُسَمَّوْا عَصَبَةً ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُمْ الْأُمُّ وَهِيَ امْرَأَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْعَاصِبُ مَنْ لَهُ إرْثٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ فَرْضٌ ، وَأَمَّا الْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ فَالنِّسْوَةُ الْأَرْبَعُ ذَوَاتُ النِّصْفِ إذَا اجْتَمَعْنَ مَعَ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِمْ وَالْعَاصِبُ مَعَ غَيْرِهِ هُنَّ الْأَخَوَاتُ الشَّقِيقَاتُ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ ، فَالتَّعْصِيبُ بِالْغَيْرِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْغَيْرِ عَاصِبًا بِنَفْسِهِ وَالتَّعْصِيبُ مَعَ الْغَيْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ .
( وَهُوَ ) أَيْ الْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ ( الِابْنُ ) لِلْمَيِّتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( ثُمَّ ) يَلِيهِ ( ابْنُهُ ) أَيْ الِابْنُ وَإِنْ سَفَلَ ، وَالْأَعْلَى يَحْجُبُ الْأَسْفَلَ ( وَعَصَّبَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا ( كُلٌّ ) مِنْ الِابْنِ وَابْنِهِ ( أُخْتَهُ ) فَالِابْنُ يُعَصِّبُ الْبِنْتَ وَابْنُ الِابْنِ يُعَصِّبُ بِنْتَ الِابْنِ أُخْتَهُ كَانَتْ أَوْ بِنْتَ عَمِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ ( ثُمَّ ) يَلِي ابْنَ الِابْنِ ( الْأَبُ ) لِلْمَيِّتِ ( ثُمَّ ) يَلِي الْأَبَ ( الْجَدُّ ) وَإِنْ عَلَا فِي عَدَمِ الْأَبِ ( وَالْإِخْوَةُ ) الْأَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ ( كَمَا تَقَدَّمَ ) فِي اجْتِمَاعِهِمْ مَعَ الْجَدِّ ( ثُمَّ ) يُقَدَّمُ الْأَخُ ( الشَّقِيقُ ثُمَّ ) يَلِيهِ الْأَخُ (
لِلْأَبِ ) وَنُسْخَةُ " غ " لَيْسَ فِيهَا ، ثُمَّ قَبْلَ الشَّقِيقِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ ، فَهُوَ بَدَلٌ مِنْ الْإِخْوَةِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْأَخُ لِأَبٍ ( كَالشَّقِيقِ ) فِي أَحْكَامِهِ ( عِنْدَ عَدَمِهِ ) أَيْ الشَّقِيقِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ التَّشْبِيهِ فَقَالَ ( إلَّا فِي ) الْمَسْأَلَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِ ( الْحِمَارِيَّةِ ) لِقَوْلِ الشَّقِيقِ فِيهَا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا أَرَادَ إسْقَاطَهُ ، هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا ( وَ ) بِ ( الْمُشْتَرَكَةِ ) أَيْضًا بِفَتْحِ الرَّاءِ لِاشْتِرَاكِ الشَّقِيقِ فِيهَا مَعَ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ فِي الثُّلُثِ وَأَرْكَانُهَا ( زَوْجٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ ) بَدَلَ الْأُمِّ ( وَالْأَخَوَانِ لِأُمٍّ ) اثْنَانِ ( فَ ) يَذْهَبُ عَدَدُهُمْ ( صَاعِدًا ) أَيْ زَائِدًا عَلَى الِاثْنَيْنِ ( وَ ) أَخٌ ( شَقِيقٌ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ ) مِنْ الْأَشِقَّاءِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا ، فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ ، وَيَنْدَرِجُ فِيهِ مَقَامُ نِصْفِ الزَّوْجِ وَمَقَامُ ثُلُثِ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ ، فَلِلزَّوْجِ نِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ سُدُسُهَا وَاحِدٌ وَيَبْقَى ثُلُثُهَا اثْنَانِ ( فَيُشَارِكُونَ ) أَيْ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ ( الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ ) فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي ( الذَّكَرُ ) فِيهِ ( كَالْأُنْثَى ) لِأَنَّهُمْ إنَّمَا وَرِثُوا فِيهِ بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ فَمِيرَاثُهُمْ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ .
وَيَخْتَلِفُ مَا تَصِحُّ مِنْهُ بِاخْتِلَافِ عَدَدِهِمْ قِلَّةً وَكَثْرَةً ، فَإِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ لِأُمٍّ اثْنَيْنِ وَالشَّقِيقُ وَاحِدٌ فَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِانْكِسَارِ الِاثْنَيْنِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَمُبَايَنَتِهَا فَتُضْرَبُ السِّتَّةُ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ كُلِّهِمْ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ لِكُلِّ أَخٍ اثْنَانِ ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا : وَإِلَى هَذَا رَجَعَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ثَانِي عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ ، وَكَانَ قَضَى فِيهَا أَوَّلَ عَامٍ
بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلشَّقِيقِ ، وَلَمَّا نَزَلَتْ ثَانِي عَامٍ أَرَادَ الْقَضَاءَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الشَّقِيقُ بِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ إنَّمَا وَرِثُوا الثُّلُثَ بِأُمِّهِمْ وَهِيَ أُمِّي ، هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَلَيْسَتْ الْأُمُّ تَجْمَعُنَا ، فَأَشْرَكَ بَيْنَهُمْ فَقِيلَ لَهُ إنَّك قَضَيْت فِيهَا عَامَ أَوَّلٍ بِخِلَافِ هَذَا ، فَقَالَ تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي وَلِكَوْنِهَا مُشْتَرَكَةً أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا كَوْنُهَا فِيهَا زَوْجٌ ، ثَانِيهَا كَوْنُهَا فِيهَا ذُو سُدُسٍ أُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ ، ثَالِثُهَا تَعَدُّدُ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ فِيهَا ، إذْ لَوْ كَانَ وَاحِدًا لَأَخَذَ السُّدُسَ وَالشَّقِيقُ الْبَاقِيَ .
رَابِعُهَا وُجُودُ شَقِيقٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَكُلُّهَا عُلِمَتْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الشَّقِيقِ فِيهَا شَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ عَالَتْ بِمِثْلِ نِصْفِهَا لِتِسْعَةٍ وَشَقِيقَتَانِ عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا الْعَشَرَةُ ، وَتُسَمَّى الْبَلْجَاءَ مِنْ الْبَلَجِ وَهُوَ الظُّهُورُ لِظُهُورِ الْحُكْمِ فِيهَا وَجَرْيِهَا عَلَى الْقَوَاعِدِ ، بِخِلَافِ الْحِمَارِيَّةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ .
وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ جَدٌّ لَأَسْقَطَ جَمِيعَ الْإِخْوَةِ ، وَكَانَ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ لِلْجَدِّ وَحْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ ، وَالشَّقِيقُ إنَّمَا يَرِثُ فِيهَا بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ وَتُلَقَّبُ بِشَبَهِ الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ خَرُوفٍ فَإِنْ كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهَا قَوْلُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا نَصَّ فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَاخْتَلَفَ فِيهَا أَصْحَابُهُ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَقَوْلِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الْمَالِكِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا كَالْمَالِكِيَّةِ فِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْإِخْوَةِ وَالثُّلُثُ كُلّه لِلْجَدِّ .
( تَنْبِيهٌ ) تُسَمَّى الْحِمَارِيَّةُ مِنْبَرِيَّةً أَيْضًا ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَحَجَرِيَّةً وَيَمِّيَةً أَيْضًا ، وَمَا ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ فِيهَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَنَفَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ابْنِ يُونُسَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا ، غَيْرَ أَنَّ مَشْهُورَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَدَمُ التَّشْرِيكِ ، وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَشْهُورَ مَذْهَبِ زَيْدٍ التَّشْرِيكُ ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ بِعَدَمِ التَّشْرِيكِ ، وَفِي الثَّانِي بِهِ ، وَقَالَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا ، وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي ، وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الشَّقِيقِ فِي الْحِمَارِيَّةِ أَخٌ لِأَبٍ لَسَقَطَ .
( وَأَسْقَطَتْهُ ) أَيْ الْأَخَ لِأَبٍ ( أَيْضًا ) أَيْ كَإِسْقَاطِهِ فِي الْحِمَارِيَّةِ الْمُفَادِ بِالِاسْتِثْنَاءِ ( الشَّقِيقَةَ الَّتِي ) هِيَ ( كَالْعَاصِبِ ) فِي حِيَازَةِ مَا بَقِيَ ( لِ ) وُجُودِ ( بِنْتٍ ) مَعَهَا كَبِنْتٍ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ ( أَوْ ) لِ ( بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ ) مِنْ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ كَبَنَاتٍ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ أَوْ بَنَاتِ ابْنٍ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ وَأَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ فَقَطْ ، فَيَجُوزُ جَمْعُهُمَا مَعَ الشَّقِيقَةِ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنِ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي جَمِيعِهَا ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَةَ صَارَتْ عَاصِبًا مَعَ الْمَذْكُورَاتِ ، وَالْقَاعِدَةُ فِي تَعَدُّدِ الْعَاصِبِ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ .
( ثُمَّ بَنُوهُمَا ) أَيْ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ لِأَبٍ يَلِيَانِ الْأَخَ لِأَبٍ فِي التَّعْصِيبِ ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِأَبٍ .
ابْنُ يُونُسَ إنْ مَاتَ أَخَوَانِ شَقِيقَانِ أَوْ لِأَبٍ وَتَرَكَ أَحَدُهُمَا ابْنًا وَاحِدًا وَالْآخَرُ عَشَرَةَ أَبْنَاءٍ ثُمَّ مَاتَ جَدُّهُمْ قُسِمَ مَالُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِاسْتِوَاءِ دَرَجَتِهِمْ ، وَلَا يَرِثُ كُلُّ فَرِيقٍ مَا كَانَ يَرِثُهُ أَبُوهُ ؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ جَدَّهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ لَا بِآبَائِهِمْ ، فَمَنْ
كَانَ لَهُ أَخَوَانِ شَقِيقَانِ أَوْ لِأَبٍ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ وَالْآخَرُ عَنْ خَمْسَةٍ ثُمَّ مَاتَ عَمُّهُمْ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَهُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَيَأْخُذُ وَاحِدٌ السُّدُسَ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ ، وَيَقُولُ ثُمَّ بَنُو كُلٍّ أَوْ ثُمَّ بَنُوهُمْ .
( ثُمَّ ) يَلِي بَنِي الْإِخْوَةِ ( الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ ) الْعَمُّ ( لِلْأَبِ ) ثُمَّ بَنُوهُمَا ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْعَمِّ الشَّقِيقِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ لِأَبٍ ، وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ مِنْ هُنَا مَرَاتِبَ أُخْرَى ، فَالْأَوْلَى ثُمَّ بَنُوهُمَا ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ الشَّقِيقِ ثُمَّ لِأَبٍ ، ثُمَّ بَنُوهُمَا ( ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ ) الشَّقِيقُ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا وَيُقَدَّمُ ( الْأَقْرَبُ ) مِنْهُمْ ( فَالْأَقْرَبُ ) إنْ كَانَ الْأَقْرَبُ شَقِيقًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( غَيْرَ شَقِيقٍ ) فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِأَبٍ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَالْعَمُّ لِأَبٍ عَلَى ابْن الْعَمِّ الشَّقِيقِ ( وَيُقَدَّمُ ) الشَّقِيقُ عَلَى الَّذِي لِأَبٍ ( مَعَ التَّسَاوِي ) فِي الدَّرَجَةِ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ ( مُطْلَقًا ) أَيْ فِي كُلِّ الدَّرَجَاتِ .
ثُمَّ الْمُعْتِقُ كَمَا تَقَدَّمَ ، ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ ،
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ عَاصِبُ نَسَبٍ وَكَانَ عَتِيقًا فَعَاصِبُهُ ( الْمُعْتِقُ ) لَهُ بِكَسْرِ التَّاءِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( كَمَا تَقَدَّمَ ) فِي فَصْلِ الْوَلَاءِ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتِهِ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ مُعْتَقِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتِهِ مِنْهُ وَهَكَذَا ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ عَاصِبُ وَلَاءٍ فَيَرِثُهُ ( بَيْتُ الْمَالِ ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ فَيَرِثُ بَيْتُ الْمَالِ جَمِيعَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ فَيَرِثُ الْبَاقِيَ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
الْحَطّ أَطْلَقَ بَيْتَ الْمَالِ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، حَيْثُ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَبَيْتُ الْمَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقِيلَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ .
وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُتَصَدَّقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَأَطْلَقَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ الَّذِي جَعَلَهُ الْمَشْهُورَ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ ، وَقَبِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ وَتَبِعَهُ هُنَا ، فَأَطْلَقَ بَيْتَ الْمَالِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ ، فَفِي الْمُنْتَقَى مَنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ ، فَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُتَصَدَّقُ بِمَا تَرَكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي يُخْرِجُهُ فِي وَجْهِهِ مِثْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلْيُدْفَعْ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ أَعْتَقَ نَصْرَانِيًّا فَمَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَلْيُتَصَدَّقْ بِمَالِهِ ، وَلَا يُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْوَالِيَ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ وَلَا صَرْفُهُ فِي غَيْرِ وُجُوهِ الْبِرِّ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَصْرِفُهُ فِيهَا سَاغَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِيهَا .
ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ