كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
وَالْكِتَابِيُّ ، وَالْمُعَاهِدُ : نِصْفُ دِيَتِهِ ، وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ : ثُلُثُ خُمُسٍ ، وَأُنْثَى كُلٍّ كَنِصْفِهِ
( وَلِلْكِتَابِيِّ ) الذِّمِّيِّ الْمَقْتُولِ خَطَأً الْحُرُّ يَهُودِيًّا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا ( وَ ) الْكِتَابِيِّ ( الْمُعَاهَدِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ الْحَرْبِيُّ الْمُصَالِحُ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً ( نِصْفُ دِيَتِهِ ) أَيْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَادِي خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةً ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الشَّامِيِّ وَمَنْ بَعْدَهُ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْعِرَاقِيِّ وَمَنْ مَعَهُ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ ( وَلِلْمَجُوسِيِّ ) الذِّمِّيِّ أَوْ الْمُعَاهَدِ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ خَطَأً ( وَالْمُرْتَدُّ ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ ( ثُلُثُ خُمُسٍ ) مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَهُوَ مِنْ الْإِبِلِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَمِنْ الذَّهَبِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ ، وَمِنْ الْوَرِقِ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ .
( وَ ) دِيَةُ ( أُنْثَى كُلٍّ ) مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَالْحُرِّ الْكِتَابِيِّ وَالْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ ( نِصْفُهُ ) أَيْ نِصْفُ دِيَتِهِ فَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسُونَ مُخَمَّسَةً ، وَمِنْ الدَّنَانِيرِ خَمْسُمِائَةٍ ، وَمِنْ الدَّرَاهِمِ سِتَّةُ آلَافٍ وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ، وَمِنْ الدَّنَانِيرِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ، وَمِنْ الدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ مِنْ الْإِبِلِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ، وَمِنْ الدَّنَانِيرِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ .
وَمِنْ الدَّرَاهِمِ أَرْبَعُمِائَةٍ فِيهَا دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَدِيَةُ نِسَائِهِمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمَجُوسِيَّةُ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ .
ابْنُ شَاسٍ وَالْمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُرْتَدُّ إنْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ قَبْلَ اسْتِتَابَتِهِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ .
الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ دِيَتُهُ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي نَفْسِهِ وَجُرْحِهِ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ
، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ .
وَلِسَحْنُونٍ عَنْ أَشْهَبَ دِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قِيلَ لَا دِيَةَ لَهُ عَلَى قَاتِلِهِ ، وَفِي الْبَيَانِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ .
وَفِي تَعْلِيقَةِ الطُّرْطُوشِيِّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ بِحَالٍ كَمَنْ فِي جَزِيرَةٍ إنْ قَتَلَ قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يَضْمَنُ .
وَمِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ أَقَامَ مُسْلِمٌ بِدَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْخُرُوجِ فَلَا دِيَةَ لَهُ ، وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا دِيَةُ نِسَاءِ كُلِّ نَوْعٍ نِصْفُ دِيَةِ رِجَالِهِ وَدِيَةُ جِرَاحِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَاتِهِمْ كَدِيَةِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِ مِنْ دِيَتِهِ
وَفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ وَإِنْ زَادَتْ ، فِي الْجَنِينِ ، وَإِنْ عَلَقَةً : عُشْرُ أُمِّهِ ، وَلَوْ أَمَةً نَقْدًا ، أَوْ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ تُسَاوِيهِ ، وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ : كَالْحُرَّةِ إنْ زَايَلَهَا كُلُّهُ حَيَّةً ، إلَّا أَنْ يَحْيَا : فَالدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا
( وَفِي ) قَتْلِ ( الرَّقِيقِ ) خَطَأً مُطْلَقًا أَوْ عَمْدًا مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ ( قِيمَتُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ فِي مَالِ قَاتِلِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَرَقَبَتُهُ إنْ كَانَ رَقِيقًا إنْ لَمْ تَزِدْ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ ، بَلْ ( وَإِنْ زَادَتْ ) قِيمَتُهُ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا مُقَوَّمًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ اتِّفَاقًا ، وَيُقَوَّمُ قِنًّا وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ أَوْ مُكَاتَبًا ، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي كُلِّ ذِي رِقٍّ قِيمَتُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى أَكْبَرِ دِيَةٍ ( وَ ) فِي التَّسَبُّبِ فِي إلْقَاءِ ( الْجَنِينِ ) لِمَرْأَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَقَةً ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( عَلَقَةً ) أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا إذَا صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ حَارٌّ لَا يَذُوبُ سُمِّيَ بِهِ لِاتِّصَالِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا الْحَمْلُ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ ، فَفِي الصِّحَاحِ الْعَلَقُ الدَّمُ الْغَلِيظُ وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ عَلَقَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ ، وَبِهِ يَجْرِي الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الدَّمَ الْمُجْتَمِعَ حَمْلٌ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأُمَّهَاتِ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الدَّمَ الْمُجْتَمِعَ لَيْسَ عَلَقَةً وَنَصُّ التَّهْذِيبِ وَإِنْ ضُرِبَتْ امْرَأَةٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ حَمْلٌ وَإِنْ كَانَ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً أَوْ مُصَوَّرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَفِيهِ غُرَّةٌ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَلَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يُزَايِلَ بَطْنَهَا وَنَصُّ الْأُمَّهَاتِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا أَلْقَتْهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ حَمْلٌ ، فَإِنْ كَانَ مُضْغَةً أَوْ دَمًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ ، وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ .
ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ دَمًا مُتَجَمِّعًا فَنَقَلَ عَنْ مَالِكٍ مَا لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ
أَشْهَبُ لَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ دَمًا بِخِلَافِ كَوْنِهِ عَلَقَةً .
ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَلَقَةِ وَالدَّمِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ لَفْظِ الْأُمِّ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا ، وَلَعَلَّ صَاحِبَ التَّهْذِيبِ رَآهُمَا شَيْئًا وَاحِدًا فَاقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الْعَلَقَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَجْرَى الْمُتَيْطِيُّ ، وَنَصُّهُ وَالْغُرَّةُ تَجِبُ فِي الْجَنِينِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى طُرِحَ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً أَوْ تَامَّ الْخَلْقِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْتَهِلَّ ، فَأَمَّا إنْ كَانَ دَمًا مُجْتَمِعًا فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْغُرَّةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ دَمًا ، بِخِلَافِ كَوْنِهِ عَلَقَةً .
( عُشْرُ ) وَاجِبِ ( قَتْلِ أُمِّهِ ) أَيْ الْجَنِينِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً بِضَرْبٍ أَوْ تَخْوِيفٍ أَوْ تَشْمِيمٍ ، وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا مِنْ مُنْذُ خُوِّفَتْ أَوْ شُمِّمَتْ لَزِمَتْ الْفِرَاشَ إلَى أَنْ أَسْقَطَتْ جَنِينَهَا وَتَشْهَدُ عَلَى الْإِسْقَاطِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ ( أَمَةً ) وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا لِأَنَّهَا مَالٌ فَهِيَ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ حَالَ كَوْنِ الْعُشْرِ ( نَقْدًا ) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ حَالَّةً فِي مَالِ الْجَانِي الْحُرِّ وَرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْإِبِلِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ لِقَوْلِهَا إنْ ضَرَبَ مَجُوسِيٌّ بَطْنَ مُسْلِمَةٍ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا حَمَلَتْهُ عَاقِلَةُ الضَّارِبِ ، وَفِي ثَالِثِ حَجِّهَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَهُ ، فَفِي الْجَنِينِ عُشْرُ أُمِّهِ ، وَفِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ ، وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ ذَلِكَ كُلَّهُ .
أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْغُرَّةُ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ لَكِنَّهَا لَمَّا انْضَمَّتْ إلَى الدِّيَةِ كَانَ لَهَا حُكْمُهَا .
(
أَوْ ) فِي الْجَنِينِ ( غُرَّةٌ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ ، وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ ( عَبْدٌ ) يُسَاوِي عُشْرَ وَاجِبِ أُمِّهِ ( أَوْ وَلِيدَةٌ ) أَيْ أَمَةٌ ( تُسَاوِيهِ ) أَيْ قِيمَةُ الْوَلِيدَةِ عُشْرُ وَاجِبِ الْأُمِّ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِسِنٍّ وَلَا بَيَاضٍ ، وَلَا بِكَوْنِهَا مِنْ الْخِيَارِ ، وَالْأَحْسَنِ أَوْ الْحُمْرِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْجَانِي بَيْنَ النَّقْدِ وَالرَّقَبَةِ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، وَمَرَّ عَلَيْهِ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا بَذَلَ الْجَانِي عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً أُجْبِرُوا عَلَى أَخْذِهِ إنْ سَاوَى خَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ سَاوَى أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا يُجْبَرُونَ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَانْظُرْ كَلَامَهَا كَيْفَ هُوَ بَعِيدٌ عَنْ التَّخْيِيرِ .
خَلِيلٌ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْجَبْرِ إلَّا فِي الْعَبْدِ أَوْ الْوَلِيدَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْغُرَّةُ دِيَةُ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ يُلْقَى غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ .
الْبَاجِيَّ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا ، وَفِيهَا سَوَاءٌ ضُرِبَتْ أُمُّهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً .
وَفِي كَوْنِهَا فِي الْجَانِي أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ رِوَايَتَانِ لَهَا وَلِلَّخْمِيِّ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ أَرَى لِأَصْحَابِنَا فِي سِنِّ الْغُرَّةِ حَدًّا .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَقَلُّهُ سَبْعُ سِنِينَ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ بَعْضُهُمْ أَقَلُّ سِنِّ الْغُرَّةِ سَبْعُ سِنِينَ لِأَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُمِّهَا دُونَ هَذَا السِّنِّ ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قِيلَ لِلرَّقَبَةِ غُرَّةٌ لِأَنَّهَا غُرَّةُ أَمْوَالِهِمْ أَيْ أَفْضَلُهَا .
عِيَاضٌ الْغُرَّةُ لُغَةً النَّسَمَةُ عَبْدًا كَانَتْ أَوْ وَلِيدَةً مِنْ غُرَّةِ الْوَجْهِ ، كَمَا تُسَمَّى نَاصِيَةً وَرَأْسًا وَقَدْ تَكُونُ مِنْ الْحَسَنِ
، وَعِنْدَ الْعَرَبِ الْغُرَّةُ أَحْسَنُ مَا يُمْلَكُ .
أَبُو عِمْرَانَ هِيَ الْأَبْيَضُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ غُرَّةً فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا الْأَسْوَدُ وَالتَّخْيِيرُ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ ، وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّقْدُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْجَانِي لَا لِمُسْتَحِقِّهَا ، وَهُوَ أَرْفَقُ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ الْجَانِيَ مُخَيَّرٌ فِي غُرْمِ الْغُرَّةِ أَوْ عُشْرِ دِيَةِ الْأُمِّ مِنْ كَسْبِهِ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدَّنَانِيرِ فَخَمْسُونَ دِينَارًا وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ فَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَإِذَا دَفَعَ الْعَبْدَ أَوْ الْوَلِيدَةَ جُبِرَ الْوَرَثَةُ عَلَى قَبُولِهِ ، وَإِذَا دَفَعَ النَّقْدَ فَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَحْتَمِلُ جَبْرَهُمْ عَلَى قَبُولِهِ وَعَدَمِهِ ، وَالْغُرَّةُ تَجِبُ حَتَّى عَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَرْبِ الْجَنِينِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُسْقِطُهُ كَشَمِّ رَائِحَةٍ ، فَإِذَا شَمَّتْ الْمَرْأَةُ رَائِحَةَ طَعَامِ الْجِيرَانِ فَطَلَبَتْ مِنْهُ قَدْرًا يَسِيرًا لِتَأْكُلَهُ فَمَنَعُوهَا ذَلِكَ فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا ضَمِنُوا غُرَّتَهُ فِي مَالِهِمْ ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِمْ ، وَكَذَا إذَا عَلِمُوا حَالَهَا وَلَمْ تَطْلُبْ لِأَنَّ الْحَيَاءَ يَمْنَعُهَا مِنْ الطَّلَبِ وَكَذَا لَوْ دَخَلَ أَعْوَانُ الظَّلَمَةِ عَلَى حَامِلٍ فَفَزِعَتْ مِنْهُمْ وَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا وَثَبَتَ الْفَزَعُ وَمُشَاهَدَةُ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ وَاتِّصَالُ مَرَضِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى إسْقَاطِهَا ، وَشَهِدَ امْرَأَتَانِ بِإِسْقَاطِهَا زَادَ سَحْنُونٌ وَرَبِيعَةُ وَرَجُلٌ بِرُؤْيَةِ الْجَنِينِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : عُشْرُ الدِّيَةِ إنَّمَا يَكُونُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا وَيَكُونُ حَالًّا وَلَا يَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ .
ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُؤْخَذُ الْإِبِلُ ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْخَذُ مِنْ
أَهْلِهَا خَمْسُ فَرَائِضَ .
ضَيْح فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ قَدْ قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُرَّةِ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ أَهْلُ إبِلٍ ، وَإِنَّمَا تَقْوِيمُهَا بِالنَّقْدَيْنِ أَمْرٌ مُسْتَحْسَنٌ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ قَوْلَ أَشْهَبَ .
الثَّانِي : الْعُشْرُ أَوْ الْغُرَّةُ مِنْ مَالِ الْجَانِي فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي كَمِثَالِ الْمُدَوَّنَةِ ، أَوْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا ، كَمَا إذَا تَعَدَّدَ الْجَنِينُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ مُنَجَّمًا .
( وَالْأَمَةُ ) جَنِينُهَا ( مِنْ سَيِّدِهَا ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكِتَابِيِّ أَوْ الْمَجُوسِيِّ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ فِي أَنَّ فِيهِ عُشْرَ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا ، وَالْكِتَابِيَّةُ إنْ كَانَ كِتَابِيًّا ، وَالْمَجُوسِيَّةُ إنْ كَانَ مَجُوسِيًّا ، أَوْ غُرَّةَ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ تُسَاوِيهِ لِأَنَّهُ حُرٌّ ، وَمَفْهُومُ مِنْ سَيِّدِهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا لَكَانَ فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ لِسَيِّدِ أُمِّهِ ( وَالنَّصْرَانِيَّةُ ) أَوْ الْيَهُودِيَّةُ الْحُرَّةُ جَنِينُهَا ( مِنْ ) زَوْجِهَا ( الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَ ) جَنِينِ ( الْحُرَّةِ ) الْمُسْلِمَةِ فِي أَنَّ فِيهِ عُشْرَ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْ غُرَّةَ عَبْدٍ أَوْ وَلِيَدٍ تُسَاوِيهِ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ حُرٌّ تَبَعًا لِأُمِّهِ ، وَمَفْهُومُ الْمُسْلِمِ أَنَّ جَنِينَهَا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا فِيهِ عُشْرُ دِيَتِهَا لِأَنَّهُ حُرٌّ تَبَعًا لَهَا وَأَبَوَاهُ كَافِرَانِ ، فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ تَبَعًا لَهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا فِي جَنِينِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَكَذَا جَنِينُ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ .
اللَّخْمِيُّ وَلِأَشْهَبَ فِيهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ كَانَ زَوْجُ النَّصْرَانِيَّةِ مَجُوسِيًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ هَلْ فِيهِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى حُكْمِ الْأَبِ ، أَوْ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ .
وَبَيَّنَ
شَرْطَ كَوْنِ الْجَنِينِ فِيهِ عُشْرَ وَاجِبِ أُمِّهِ أَوْ غُرَّةً بِقَوْلِهِ ( إنْ زَايَلَهَا ) أَيْ انْفَصَلَ الْجَنِينُ كُلُّهُ عَنْ أُمِّهِ حَالَ كَوْنِهَا ( حَيَّةً ) فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِ بَاقِيهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجَنِينِ عُشْرُ أُمِّهِ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ يَحْيَى ) أَيْ يَخْرُجَ الْجَنِينُ مِنْ أُمِّهِ حَيًّا حَيَاةً مُحَقَّقَةً بِأَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا مَثَلًا ثُمَّ يَمُوتَ ( فَ ) فِيهِ ( الدِّيَةُ ) الْكَامِلَةُ لَهُ ( إنْ أَقْسَمُوا ) أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ فِعْلِ الْجَانِي إنْ تَرَاخَى مَوْتُهُ عَنْ خُرُوجِهِ ، بَلْ ( وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُقْسِمُونَ إنْ مَاتَ عَاجِلًا وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَحُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَوْتَهُ فَوْرًا لَا يُعَيِّنُ كَوْنَهُ مِنْ الْجِنَايَةِ ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِسَبَبٍ آخَرَ طَرَأَ لِأَنَّهُ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ يَتَأَثَّرُ بِأَدْنَى الْأَسْبَابِ
، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ بَطْنٍ ، أَوْ ظَهْرٍ أَوْ رَأْسٍ : فَفِي الْقِصَاصِ خِلَافٌ
( وَإِنْ تَعَمَّدَهُ ) أَيْ الضَّارِبُ الْجَنِينَ ( بِضَرْبِ ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ أَوْ رَأْسٍ ) لِأُمِّهِ فَأَلْقَتْهُ حَيًّا وَهِيَ حَيَّةٌ حَيَاةً مُحَقَّقَةً بِأَنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ ( فَفِي الْقِصَاصِ ) مِنْ الضَّارِبِ وَعَدَمِهِ الْبَاجِيَّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ( خِلَافٌ ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ .
الْبُنَانِيُّ يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الدِّيَةِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً ، وَأَمَّا إنْ تَعَمَّدَهَا فَإِنْ كَانَتْ بِضَرْبِ كَظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا قَوَدَ فِيهِ ، بَلْ فِيهِ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
ضَيْح صَرَّحَ الْبَاجِيَّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ كَالْمُصَنِّفِ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ ، وَأَلْحَقَ ابْنُ شَاسٍ ضَرْبَ الرَّأْسِ بِالظَّهْرِ بِخِلَافِ ضَرْبِهِ الرِّجْلَ وَشِبْهَهَا .
وَنَصَّ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى أَنَّ الرَّأْسَ كَالرِّجْلِ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ هَذَا إذَا تَعَمَّدَ ضَرْبَ الْبَطْنِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ مَوْضِعًا يَرَى أَنَّهُ أُصِيبَ بِهِ ، أَمَّا لَوْ ضَرَبَ رَأْسَهَا أَوْ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا ، فَفِيهِ الدِّيَةُ قُلْت قَوْلُهُ أَوْ رَأْسَهَا يَرُدُّهُ مَا نَقَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ مَنَاسٍ أَنَّهُ قَالَ ضَرْبُهَا فِي الرَّأْسِ كَضَرْبِهَا .
فِي الْبَطْنِ .
ا هـ .
وَقَالَ بَعْضٌ الرَّاجِحُ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ فِي ضَرْبِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُهُ ، بَلْ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ فِي ضَرْبِ الرَّأْسِ
وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ فِي الْجَنِينِ بِتَعَدُّدِهِ وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِ وَوُرِّثَ عَلَى الْفَرَائِضِ :
( وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ ) فِي الْجَنِينِ عُشْرًا أَوْ دِيَةً أَوْ قِيمَةً أَوْ غُرَّةً إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ ، وَالدِّيَةُ إنْ اسْتَهَلَّ ( بِتَعَدُّدِهِ ) أَيْ الْجَنِينِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ الْقَرِينَانِ إنْ ضُرِبَتْ فَطَرَحَتْ جَنِينَيْنِ لَمْ يَسْتَهِلَّا فَفِيهِمَا غُرَّتَانِ ، وَلَوْ اسْتَهَلَّا فَفِيهِمَا دِيَتَانِ .
الْبَاجِيَّ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ .
( وَوَرِثَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْجَنِينِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ ( عَلَى ) حَسَبِ ( الْفَرَائِضِ ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ التَّعْصِيبَ ، إلَى هَذَا رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَقَالَ أَوَّلًا لِلْأَبِ ثُلُثَاهُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُهُ وَأَيُّهُمَا انْفَرَدَ أَخَذَهُ مُطْلَقًا ، وَعَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ طفي الْقَوْلُ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ الْإِمَامُ قَوْلُ ابْنِ هُرْمُزَ .
الْمُصَنِّفُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ انْفِرَادُ الْأَبِ ، وَشَرْطُ الْعُشْرِ وَالْغُرَّةِ انْفِصَالُهُ عَنْهُمَا حَيَّةً .
عَبْدُ الْحَمِيدِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فِيهِ الْغُرَّةَ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ فَلَا ، وَأَجَابَ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي جَنِينِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ ، وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا .
قُلْت جَوَابُ الْبِسَاطِيِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِانْفِرَادُ بِغَيْرِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَفِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ وَشَرْحِ الْجَلَّابِ لِابْنِ التِّلِمْسَانِيِّ وَاللَّفْظُ لَهُ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ فِي مِيرَاثِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ شِهَابٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إنَّهَا تُوَرَّثُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ، وَلِأَبِيهِ الثُّلُثَانِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِأَبِيهِ ، وَقَالَ رَبِيعَةُ هِيَ لِلْأُمِّ خَاصَّةً لِأَنَّهُ ثَمَنُ
عُضْوٍ مِنْهَا ، وَقَالَ ابْنُ هُرْمُزَ لِأَبَوَيْهِ عَلَى الثُّلُثِ لِلْأُمِّ وَالثُّلُثَيْنِ لِلْأَبِ ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَتْ لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمَا أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي كُتُبِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُدَّةً بِقَوْلِ ابْنِ هُرْمُزَ وَقَالَ بِهِ أُبَيٌّ وَالْمُغِيرَةُ ، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى .
ا هـ .
فَظَهَرَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِانْفِرَادَ بِالْمَوَاتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ ، إذْ مَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يُزَايِلَهَا حَيَّةً ، وَهَذَا الْقَوْلُ خِلَافُهُ ، وَلَا يَسْتَشْكِلُ قَوْلٌ بِمَا قِيلَ بِخِلَافِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ ، بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ ، إذَا بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا فَرْضًا مِنْ الدِّيَةِ .
كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ ، إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ ؛ وَالْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ ، وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْهَاشِمَةَ ؛ فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ ، وَإِنْ بِشَيْنٍ فِيهِنَّ ، إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى
وَفِي الْجِرَاحِ ) الَّتِي لَيْسَ لَهَا دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ مِنْ الشَّارِعِ إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ وَنَقْصٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبَ فِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَشْيَةِ إتْلَافِهِ ، فَإِنْ لَمْ تُقَدَّرْ لَهَا دِيَةٌ وَبَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهَا ( حُكُومَةٌ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْكَافِ أَيْ مَالٌ مَحْكُومٌ بِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ ( بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ، أَيْ مَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا بِسَبَبِ ( الْجِنَايَةِ ) عَلَيْهِ لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا فَيُقَوَّمُ عَلَى فَرْضِ رِقِّيَّتِهِ سَالِمًا وَمَعِيبًا ، وَيُنْسَبُ مَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا ، وَيُحْكَمُ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ ، فَإِذَا قُوِّمَ سَلِيمًا بِمِائَةٍ وَمَعِيبًا بِثَمَانِينَ فَالنُّقْصَانُ عِشْرُونَ ، وَنِسْبَتُهُ لِلْمِائَةِ خُمُسٌ فَيُحْكَمُ بِخُمُسِ الدِّيَةِ .
وَتَكُونُ الْحُكُومَةُ ( إذَا بَرِئَ ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ الْجُرْحِ وَلَا يُسْتَعْجَلُ بِهَا قَبْلَ بُرْئِهِ لِاحْتِمَالِ سَيْلَانِ الْجُرْحِ إلَى الْمَوْتِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَصِلَةُ نُقْصَانِ ( مِنْ قِيمَتِهِ ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ ( عَبْدًا فَرْضًا ) سَلِيمًا وَيُحْكَمُ عَلَى الْجَانِي بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ ( مِنْ الدِّيَةِ ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ .
" غ " الْعَامِلُ فِي مَنْ قِيمَتُهُ نُقْصَانٌ ، وَفِي مَنْ الدِّيَةُ نِسْبَةٌ طفي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِحَالٍ ، وَبَيَانُهُ أَنَّ نُقْصَانَ الْجِنَايَةِ مِنْ الْقِيمَةِ إنَّمَا يُنْسَبُ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ الدِّيَةِ ، وَمِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ هُوَ الْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ فَالصَّوَابُ أَنَّ مِنْ الْقِيمَةِ يَتَنَازَعُهُ نِسْبَةٌ وَنُقْصَانٌ وَمِنْ الدِّيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ مِثْلِ مُقَدَّرًا قَبْلَ نِسْبَةِ أَيْ كَائِنًا ذَلِكَ الْمِثْلِ مِنْ الدِّيَةِ ، وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ ، أَيْ وَيُؤْخَذُ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ ، وَمَعْنَى فَرْضًا تَقْدِيرًا لَا حَقِيقَةً .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ
الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ رَوَى أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ فِي الْخَطَأِ عَقْلٌ مُسَمًّى .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَبْرَأَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَلِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ لَوْ جَرَى أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى عَقْلٍ مُسَمًّى فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ رَأَيْت أَنْ يُبْطِلَهُ الْإِمَامُ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ ، وَرَوَى عَلِيٌّ مَنْ ضَرَبَ رَجُلًا فَوَقَعَتْ مَصَارِينُهُ فِي أُنْثَيَيْهِ فَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ الْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوِّمَ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِقَدْرِ شَيْنِهِ وَضَرَرِهِ ، وَرَوَى غَيْرُهُ الْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْرُوحُ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ صَحِيحٌ ، وَيُقَوَّمَ بِذَلِكَ الشَّيْنُ فَمَا نَقَصَهُ نَقَصَ مِثْلُهُ مِنْ دِيَتِهِ وَهُوَ نَصُّ الْجَلَّابِ بِجَعْلِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ دِيَتِهِ ، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْأَبْهَرِيِّ .
وَفِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ تَفْسِيرَ الْحُكُومَةِ أَنْ يُقَوَّمَ عَبْدًا صَحِيحًا وَعَبْدًا بِجِرَاحَةٍ ، وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ إدْرِيسَ ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا الْبَغْدَادِيُّونَ وَاَلَّذِي فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ الْحُكُومَةُ أَنْ يَنْظُرَ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِ مِنْ يُحْضِرُهُ .
قُلْت وَأَلْفَاظُ الْمُدَوَّنَةِ أَتَى فِيهَا مَرَّةً لَفْظُ الْحُكُومَةِ ، وَمَرَّةً لَفْظُ الِاجْتِهَادِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا مُتَرَادِفَيْنِ أَوْ مُتَبَايِنَيْنِ ا هـ .
ابْنُ عَاشِرٍ اتَّفَقَتْ أَنْقَالُ ابْنِ عَرَفَةَ الَّتِي حَكَاهَا فِي تَفْسِيرِ الْحُكُومَةِ أَنَّهَا اسْمٌ لِإِعْمَالِ النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَةِ الْوَاجِبِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي كَيْفِيَّةِ النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إلَيْهَا ، وَعَلَى هَذَا فَالْكَلَامُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ ، أَيْ مُؤَدِّي حُكُومَةٍ .
تت مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْحُكُومَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ أَنَّ الْحُكُومَةَ
بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ ، وَمَنْ حَضَرَهُ عِيَاضٌ وَظَاهِرُهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوَّلِ ، وَإِلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَشَارَ أَبُو عِمْرَانَ ، وَقَالَ هُوَ الَّذِي كُنَّا نَقُولُ بِهِ قَبْلَ أَنْ نَرَى الْقَوْلَ الْآخَرَ .
وَشَبَّهَ فِي التَّقْوِيمِ فَقَالَ ( كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ ) إنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا غُرَّةَ فِيهِ ، وَتُقَوَّمُ أُمُّهُ حَامِلًا بِهِ فَرْضًا وَمُسْقِطَةً لَهُ ، وَعَلَى الْجَانِي مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ النَّعَمِ أَوْ الْخَيْلِ أَوْ الْحَمِيرِ ، وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ بِسَبَبِ طَرْحِهِ ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْجِرَاحِ فَقَالَ ( إلَّا الْجَائِفَةَ ) أَيْ الْجُرْحَ الَّذِي أَفْضَى إلَى الْجَوْفِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ عَمْدًا عُدْوَانًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَتَالِفِ ( وَ ) إلَّا ( الْآمَّةَ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ ، أَيْ الْجُرْحَ الَّذِي وَصَلَ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ ( فَ ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ( ثُلُثٌ ) مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ لِلْمَجْرُوحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخَمَّسٌ كَالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي فَلَا فَرْقَ فِيهِمَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ ( وَ ) إلَّا ( الْمُوضِحَةَ ) الَّتِي أَظْهَرَتْ الْعَظْمَ خَطَأً ( فَ ) دِيَتُهَا ( نِصْفُ عُشْرٍ ) مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، وَيُقْتَصُّ مِنْ عَمْدِهَا كَمَا تَقَدَّمَ ( وَ ) إلَّا ( الْمُنَقِّلَةَ ) الَّتِي يُنْقَلُ مِنْهَا الْعَظْمُ لِلدَّوَاءِ ( وَالْهَاشِمَةَ ) الَّتِي هَشَّمَتْ الْعَظْمَ ( فَ ) دِيَتُهَا ( عُشْرٌ ) مِنْ دِيَتِهِ بِضَمِّ الْعَيْنِ ( وَنِصْفُهُ ) أَيْ الْعُشْرِ وَلَوْ عَمْدًا .
وَفِي كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ، فَإِنَّهُ قَالَ حَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ الْهَاشِمَةَ هُنَا كَمَا فَعَلَ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُنَقِّلَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ دِيَتِهِمَا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ .
الْعَدَوِيُّ قَوْلُهُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ، أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ الْهَاشِمَةُ وَأَنَّ
دِيَتَهَا وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْعُشْرُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ وَحُكُومَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ فِيهَا عُشْرًا .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ ، فَإِنْ صَارَتْ مُنَقِّلَةً فَخَمْسَةَ عَشَرَ ، فَإِنْ صَارَتْ مَأْمُومَةً فَثُلُثُ الدِّيَةِ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ابْنِ مَرْزُوقٍ حَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ الْهَاشِمَةَ إلَخْ ، فِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ ، اُخْتُلِفَ فِي الْهَاشِمَةِ وَهِيَ الَّتِي هَشَّمَتْ الْعَظْمَ إذَا كَانَتْ خَطَأً فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهَا إلَّا دِيَةُ الْمُوضِحَةِ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ رَأْيِهِ فِيهَا دِيَةُ مُوضِحَةٍ وَحُكُومَةٌ .
وَقَالَ شَيْخُهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا مَا فِي الْمُنَقِّلَةِ .
وَفِي الْكَافِي أَنَّ فِي الْهَاشِمَةِ عُشْرَ الدِّيَةِ مِائَةَ دِينَارٍ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا دِيَةَ فِيهَا ، بَلْ فِيهَا حُكُومَةٌ ، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ الْمُنَقِّلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا مَعَهَا .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا الْهَاشِمَةُ فَلَمْ يَعْرِفْهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَالَ مَا أَرَى هَاشِمَةً فِي الرَّأْسِ إلَّا كَانَتْ مُنَقِّلَةً وَدِيَتُهَا عِنْدَ مَنْ عَرَفَهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَهُمْ الْجُمْهُورُ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ اللَّخْمِيُّ فِي كَوْنِ عَقْلِهَا كَمُوضِحَةٍ أَوْ مَعَ حُكُومَةٍ ثَالِثُهَا كَالْمُنَقِّلَةِ لِمُحَمَّدٍ وَابْنِ الْقَصَّارِ وَالْأَبْهَرِيِّ وَلَا يُزَادُ عَلَى الدِّيَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْمُقَدَّرَةِ لِلْجِرَاحَاتِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورَةِ إنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) بَرِئَتْ ( بِشَيْنٍ ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ ، أَيْ عَيْبٍ وَنَقْصٍ ( فِيهِنَّ ) أَيْ الْجَائِفَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ هَذِهِ الدِّيَاتِ لِهَذِهِ الْجِرَاحَاتِ فِي كِتَابِهِ لِعُمَرَ بْنِ حَزْمٍ حِينَ وَجَّهَهُ إلَى نَجْرَانَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِبُرْئِهَا عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ .
الْخَرَشِيُّ اسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُوضِحَةَ
فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ بِشَيْنٍ وَهِيَ فِي الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ فَفِيهَا دِيَتُهَا وَأَرْشُ الشَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعَدَوِيُّ ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا ، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ يُزَادُ عَلَيْهَا الْأَرْشُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْنُ يَسِيرًا .
طفي قَوْلُهُ وَإِنْ بِشَيْنٍ مَا عَدَا الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ شَيْنُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ " ح " بِإِخْرَاجِهَا فَقَالَ الضَّمِيرُ لِلْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ وَالْمُوضِحَةِ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ بِسَبَبِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتِ شَيْنٌ غَيْرَ الْمُوضِحَةِ ، وَاخْتُلِفَ فِي انْدِرَاجِ شَيْنِ الْمُوضِحَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، الْأَوَّلُ : يَنْدَرِجُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا ، وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِأَشْهَبَ وَهُوَ ظَاهِرُ إلْحَاقِهَا بِبَقِيَّةِ أَخَوَاتِهَا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ يُزَادُ لِأَجْلِ الشَّيْنِ ، سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا ، وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِابْنِ زَرْقُونٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، قَالَ فِيهَا وَمُوضِحَةُ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ زِيدَ فِي عَقْلِهَا بِقَدْرِ الشَّيْنِ .
وَالثَّالِثُ : رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ أَمْرًا مُنْكَرًا زِيدَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا .
ا هـ .
مِنْ التَّوْضِيحِ زَرُّوقٌ فِي الْمُوضِحَةِ إذَا بَرِئَتْ بِشَيْنٍ ثَلَاثَةٌ مَشْهُورُهَا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُزَادُ عَلَى دِيَتِهَا بِقَدْرِ شَيْنِهَا ، وَبَيَّنَ شَرْطَ كَوْنِ الدِّيَاتِ الْمَذْكُورَةِ لِلْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ : ( إنْ كُنَّ ) أَيْ مَا بَعْدَ الْجَائِفَةِ ( بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَحَلَّ الْجَائِفَةِ لِوُضُوحِهِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْبَطْنِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ أَحَدِ الْجَنْبَيْنِ
وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ ، وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيرَ
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجِرَاحَاتُ الْمَذْكُورَةُ بِرَأْسٍ إلَخْ بِأَنْ كَانَتْ بِغَيْرِهَا ( فَلَا تَقْدِيرَ ) لِدِيَتِهَا وَفِيهَا الْحُكُومَةُ ( وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ ) الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِجُرْحٍ ( كَالدِّيَةِ ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( الْحُرِّ ) فِي أَخْذِ دِيَةِ الْجُرْحِ مِنْهَا ، فَفِي جَائِفَتِهِ وَآمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ ، وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ ، وَفِي مُنَقِّلَتِهِ وَهَاشِمَتِهِ عُشْرٌ وَنِصْفُهُ مِنْ قِيمَتِهِ ، وَمَا عَدَا الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَذُو الرِّقِّ جِرَاحَتُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِقِيمَتِهِ بَعْدَ بُرْئِهِ كَإِفْسَادِ سِلْعَةٍ ، وَفِي غَصْبِهَا وَدِيَاتِهَا مَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَفَقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ قَطَعَ لَهُ جَارِحَةً أَوْ جَارِحَتَيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادًا فَاحِشًا لَمْ يَبْقَ فِيهِ كَبِيرُ مَنْفَعَةٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَ عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا الْأَمَةُ زَادَ فِي دِيَاتِهَا فَإِنْ لَمْ يُبْطِلْهُ مِثْلُ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنًا وَاحِدَةً أَوْ يَجْدَعَ أَنْفَهُ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَتْ ، وَقَدْ سَمِعْت أَنَّهُ يُسَلَّمُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ رَأْيِي إذَا أَبْطَلَهُ عَلَى صَاحِبِهِ ، وَفِي دِيَاتِهَا وَعَلَى قَاتِلِ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قِيمَتُهُمْ مَا بَلَغَتْ كَعَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَضْعَافَ الدِّيَةِ وَأَنَّ مَأْمُومَةَ الْعَبْدِ وَجَائِفَتَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ قِيمَتِهِ ، وَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُهُ ، وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ جِرَاحِهِ مَا نَقَصَتْ بَعْدَ بُرْئِهِ .
وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ ؛ وَالْمُنَقِّلَةِ ، وَالْآمَّةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ
( وَتَعَدَّدَ ) الثُّلُثُ ( الْوَاجِبُ ) فِي الْجَائِفَةِ ( بِ ) سَبَبِ ( جَائِفَةٍ ) نَفَذَتْ مِنْ ظَهْرٍ لِبَطْنٍ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَنْبَيْنِ لِلْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ لَا يَتَعَدَّدُ بِنُفُوذِهَا وَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ مُحَمَّدٌ وَبِهِ أَخَذَ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَقَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهَا جَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ لِغَرَرِهَا وَإِنَّهَا تُصَادِفُ مَقْتَلَ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَهَذَا إنَّمَا يُخْشَى حِينَ الضَّرْبِ مِنْ خَارِجٍ وَنُفُوذِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجِ لَا غَرَرَ فِيهِ .
وَشَبَّهُ فِي تَعَدُّدِ الْوَاجِبِ فَقَالَ ( كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ ) فَيُوجِبُ تَعَدُّدَ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ ( وَ ) تَعَدُّدَ ( الْمُنَقِّلَةِ ) فَيُوجِبُ تَعَدُّدَ عُشْرِهَا وَنِصْفِهِ ( وَ ) تَعَدُّدُ ( الْآمَّةِ ) فَيُوجِبُ تَعَدُّدَ ثُلُثِهَا ( إنْ لَمْ تَتَّصِلْ ) الْمُوضِحَةُ بِمِثْلِهَا وَالْمُنَقِّلَةُ بِمِثْلِهَا وَالْآمَّةُ بِمِثْلِهَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ ، وَبَيْنَ الْمُنَقِّلَتَيْنِ مَا لَمْ يُهَشِّمْ الْعَظْمَ ، وَبَيْنَ الْآمَّتَيْنِ مَا لَمْ يَبْلُغْ أُمَّ الدِّمَاغِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ اتَّصَلَتْ الْمُوضِحَةُ بِمِثْلِهَا وَالْمُنَقِّلَةُ بِمِثْلِهَا وَالْآمَّةُ بِمِثْلِهَا ( فَلَا ) يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ فِيهَا لِأَنَّهَا مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا الْبَاقِي .
وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ، إنْ كَانَتْ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( بِفَوْرٍ ) وَاحِدٍ ( فِي ضَرَبَاتٍ ) وَمَفْهُومُ فِي فَوْرٍ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بِضَرَبَاتٍ فِي أَوْقَاتٍ مُتَبَاعِدَةٍ وَاتَّصَلَتْ تَعَدَّدَ وَاجِبُهَا بِتَعَدُّدِهَا .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ انْخَرَقَ مَا بَيْنَ الْجَائِفَتَيْنِ لَكَانَ فِيهِمَا دِيَةُ
جَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْمُوضِحَةِ لِعَظْمٍ فَيُكْشَفُ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَرْنِهِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِرَاحَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ ، وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ .
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْخَرِقْ الْجِلْدُ حَتَّى يَتَّصِلَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً حَتَّى صَارَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ مَوَاضِحَ بِأَنْ كَانَ مَا بَيْنَهُنَّ وَرَمًا أَوْ جُرْحًا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ أَوْ صَارَتْ الضَّرْبَةُ مَنَاقِلَ وَمَا بَيْنَهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْخَرِقْ ذَلِكَ فَلَهُ دِيَاتُ تِلْكَ الْمَوَاضِحِ ، وَالْمَنَاقِلِ وَالْأَوْرَامِ مَوَّاقٌ
وَالدِّيَةُ فِي الْعَقْلِ ، أَوْ السَّمْعِ ، أَوْ الْبَصَرِ ، أَوْ النُّطْقِ أَوْ الصَّوْتِ ، أَوْ الذَّوْقِ
( وَالدِّيَةُ ) الْكَامِلَةُ ( فِي ) إزَالَةِ ( الْعَقْلِ ) كُلِّهِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ زَالَ بَعْضُهُ فَبِقَدْرِهِ مِنْهَا ( أَوْ ) إذْهَابِ ( السَّمْعِ ) كُلِّهِ ( أَوْ ) إتْلَافِ ( الْبَصَرِ ) كُلِّهِ كَذَلِكَ ( أَوْ ) مَنْعِ ( النُّطْقِ ) كُلِّهِ وَلَوْ بَقِيَ فِي اللِّسَانِ الذَّوْقُ وَمَعُونَةُ الْمَضْغِ .
ابْنُ شَاسٍ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الْجِنَايَاتِ مَا يُفَوِّتُ الْمَنَافِعَ وَالنَّظَرُ فِي عَشْرِ مَنَافِعَ الْأُولَى الْعَقْلُ إذَا أَزَالَهُ بِضَرْبَةٍ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَزَالَ بَعْضَهُ فَفِيهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ ، وَفِي الْمُوَطَّإِ أَبْلَغَنِي أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ إذَا ذَهَبَ سَمْعُهُمَا الدِّيَةَ كَامِلَةً اُصْطُلِمَتَا .
ابْنُ شَاسٍ فِي إبْطَالِ الْبَصَرِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَتَيْنِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ( أَوْ ) تَعْطِيلِ ( الصَّوْتِ ) فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَانَ بِحَرْفٍ أَوْ لَا ، فَالنُّطْقُ أَخَصُّ مِنْهُ ، فَإِنْ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ نَطْقَهُ وَبَقِيَ صَوْتُهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ صَوْتَهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ .
فِيهَا إذَا قُطِعَ اللِّسَانُ مِنْ أَصْلِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَكَذَا إنْ قُطِعَ مِنْهُ مَا مَنَعَهُ الْكَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْئًا مِنْ الْكَلَامِ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ بِقَدْرِ شَيْنِهِ إنْ شَانَهُ ، وَإِنَّمَا الدِّيَةُ فِي الْكَلَامِ لَا فِي اللِّسَانِ كَالْأُذُنَيْنِ إنَّمَا الدِّيَةُ فِي السَّمْعِ لَا فِيهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأَنْفِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَأَمَّا الشَّمُّ فَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَرُوِيَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَإِنْ قُطِعَ مِنْ لِسَانِهِ مَا نَقَصَ مِنْ حُرُوفِهِ فَعَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَلَا يُحْسَبُ نَقْصُ الْكَلَامِ عَلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ رُبَّ حَرْفٍ أَثْقَلُ مِنْ حَرْفٍ فِي النُّطْقِ ، وَلَكِنْ بِالِاجْتِهَادِ فِي قَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ كَلَامِهِ ، وَقِيلَ بِقَدْرِ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ مِنْ عَدَدِ الْحُرُوفِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِاخْتِلَافِهَا ، وَقَالَ أَصْبَغُ عَدَدُ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فَمَا نَقَصَ مِنْهَا فَبِحِسَابِهِ ، وَقَالَهُ لِي جَمَاعَةٌ
مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ بَعْضَ الْحُرُوفِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ لَا حَظَّ لِلِّسَانِ فِيهِ كَحُرُوفِ الشَّفَةِ وَبِأَنَّ الْحُرُوفَ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ .
وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مُوجِبَ الدِّيَةِ إنَّمَا هُوَ ذَهَابُ الْكَلَامِ لَا ذَهَابُ اللِّسَانِ ، وَبِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ فِي زَعْمِ مُثْبِتِهِ رَدَّهُ غَيْرُهُ إلَيْهَا كَمَا ذَكَرَ فِي فَنِّهِ ، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ قَطَعَ مِنْ لِسَانِ رَجُلٍ مَا مَنَعَهُ الْكَلَامَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ تَكَلَّمَ فَنَقَصَ مِنْ كَلَامِهِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقَادَ مِنْهُ وَأَنْ يَعْقِلَ أَرَادَ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَ أَنْ يُجَرِّبَ صِدْقَهُ فِيمَا ادَّعَى ذَهَابَهُ وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ ، وَفِي سَمَاعِ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ شَكَا أَهْلٌ ذَهَبَ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ عَقْلِهِ ثُلُثُهُ أَوْ رُبُعُهُ أُعْطِيَ الثُّلُثَ ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّمِّ وَفِيهِ الدِّيَةُ سَوَاءٌ قُطِعَ الْأَنْفُ أَوْ لَا ، وَكَذَا الشَّفَتَانِ وَعَظْمُ الصَّدْرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ، وَعَنْ الدَّامِغَةِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ أَفَادَهُ شب وَالْخَرَشِيُّ .
( أَوْ الذَّوْقِ ) اللَّخْمِيُّ فِي الذَّوْقِ الدِّيَةُ قِيَاسًا عَلَى الشَّمِّ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ عَلَى أُصُولِهِمْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِيهِ الدِّيَةُ ، وَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا .
ابْنُ زَرْقُونٍ وَنَحْوُ أَبِي الْفَرَجِ إلَى أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً ، قُلْت أَخَذَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهَا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ ، وَعَنْ اللَّمْسِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً
أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ ، أَوْ نَسْلِهِ ، أَوْ تَجْذِيمِهِ ، أَوْ تَبْرِيصِهِ ، أَوْ تَسْوِيدِهِ ، أَوْ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ
( أَوْ ) إبْطَالِ ( قُوَّةِ الْجِمَاعِ ) بِأَنْ أَبْطَلَ إنْعَاظَهُ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَإِذْهَابُ الْجِمَاعِ فِيهِ الدِّيَةُ .
ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ الْمَذْهَبِ وَابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِإِفْسَادِ الْإِنْعَاظِ ، وَلَمَّا امْتَنَعَ فِيهِ الِاخْتِيَارُ وَجَبَتْ الْيَمِينُ كَقَوْلِهَا فِي مُدَّعِي ذَهَابِ بَصَرِهِ وَتَعَذُّرِ اخْتِبَارِهِ ( أَوْ ) قَطْعِ ( نَسْلِهِ ) فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ إنْعَاظَهُ وَإِنْ أَمْنَى مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى .
ابْنُ عَرَفَةَ وَإِذْهَابُ النَّسْلِ .
اللَّخْمِيُّ فِيهِ الدِّيَةُ ، وَدَلِيلُ عَدِّ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ زَرْقُونٍ مَا فِيهِ الدِّيَةُ وَعَدَمُ ذِكْرِهِمَا إيَّاهُ أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِيهِ ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْقُوَّةُ رَدَّ الدِّيَةَ قَرُبَ رُجُوعُهَا أَوْ بَعُدَ صَوَابٌ كَقَوْلِهِمْ فِي رُجُوعِ الْبَصَرِ .
( أَوْ تَجْذِيمِهِ ) فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ وَكَذَا التَّبْرِيصُ ( أَوْ تَسْوِيدِهِ ) وَلَوْ لِلْبَعْضِ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً .
اللَّخْمِيُّ تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا جَذَمَهُ أَوْ أَبْرَصَهُ أَوْ سَقَاهُ مَا سَوَّدَ جِسْمَهُ ( أَوْ تَبْرِيصِهِ أَوْ ) إبْطَالِ ( قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ ) الشَّارِحَانِ أَتَى بِالْوَاوِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي مَجْمُوعِهِمَا الدِّيَةُ الشَّارِحُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ ، وَالْمَعْنَى عَلَى مَا قَالَاهُ أَنَّهُ صَارَ مُسْتَلْقِيًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ ، وَأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَقَدْ ذَكَرْنَا النَّقْلَ فِيهِ الْكَبِيرَ قَالَهُ تت .
طفي الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الدِّيَةَ فِي إبْطَالِ الْقِيَامِ فَقَطْ لَا فِي إبْطَالِ الْجُلُوسِ فَقَطْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ ، فَجَعْلُهُ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، وَالنَّقْلُ الَّذِي فِي كَبِيرِهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَلِذَا جَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الدِّيَةَ فِي إبْطَالِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ أَوْ إبْطَالِ
الْقِيَامِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَأَبْطَلَ قِيَامَهُ وَجُلُوسَهُ وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ ، وَإِنْ بَطَلَ قِيَامُهُ فَقَطْ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ أَنَّ فِيهِ كَمَالَ الدِّيَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَقْعَدَهُ عَنْ الْقِيَامِ فَإِنْ مَشَى وَبَرِئَ عَلَى عَثَلٍ أَوْ حُدْبٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَانْظُرْ حَاشِيَتِي عَلَى شَرْحِ الْمَجْمُوعِ لِلْمُصَنِّفِ .
أَوْ الْأُذُنَيْنِ
أَوْ ) إزَالَةِ ( الْأُذُنَيْنِ ) فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ظَاهِرُهُ ، وَلَوْ بَقِيَ سَمْعُهُمَا ، وَقِيلَ كَمَالُ الدِّيَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَهَابِ سَمْعِهِمَا وَهُمَا فِيهَا قَالَهُ تت .
طفي تَبِعَ الْمُصَنِّفُ تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الدِّيَةِ يَعْنِي فِي إزَالَةِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ بَقَاءِ سَمْعِهِمَا ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ مُخِلٌّ بِالْمَشْهُورِ ، وَقَوْلُ تت هُمَا فِيهَا غَيْرُ صَحِيحٍ ، بَلْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا عَدَمُ الدِّيَةِ وَالصَّوَابُ قَوْلُهُ فِي كَبِيرِهِ وَهُمَا لِمَالِكٍ ، وَمِثْلُهُ لِلشَّارِحِ .
ا هـ .
وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
أَوْ الشَّوَى أَوْ الْعَيْنَيْنِ ، أَوْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ لِلسُّنَّةِ ؛ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ ، فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ ، وَفِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ ،
أَوْ ) إزَالَةِ ( الشَّوَى ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورًا جَمْعُ شَوَاةٍ ، أَيْ جِلْدِ الرَّأْسِ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ، وَأَلِ الدَّاخِلَةُ عَلَيْهِ جِنْسِيَّةٌ فَأَذْهَبَتْ مِنْهُ الْجَمْعِيَّةَ .
( وَ ) فِي إتْلَافِ ( الْعَيْنَيْنِ ) مُعَادِيَةٌ كَامِلَةٌ سَوَاءٌ طُمِسَتَا أَوْ بَرَزَتَا أَوْ ذَهَبَ نُورُهُمَا وَبَقِيَ جَمَالُهُمَا ، وَفِي إذْهَابِ جَمَالِهِمَا بَعْدُ حُكُومَةٍ ( أَوْ ) إتْلَافِ ( عَيْنِ الْأَعْوَرِ ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( لِلسُّنَّةِ ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ فَقَدْ قَضَى بِهَا فِيهَا عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ .
ابْنُ شِهَابٍ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ فَلَا يُلْتَفَتْ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، ظَاهِرُ السُّنَّةِ مَعَ الْمُخَالِفِ لِمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِعُمُومِهِ عَيْنَ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ وَعَيْنَ الْأَعْوَرِ ، إذْ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ دَلَّ عَلَى تَخْصِيصِ الْحَدِيثِ بِعَيْنِ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ ، وَنَاهِيكَ بِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ ) غَيْرِ الْعَيْنَيْنِ ( فَإِنَّ فِي ) إتْلَافِ ( أَحَدِهِمَا ) حَالَ عَدَمِ الْآخَرِ ( نِصْفُ ) مَا يَجِبُ لَ ( هـ ) أَيْ فَفِي يَدِ الْأَقْطَعِ نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَكَذَا رِجْلُ الْأَعْرَجِ ( وَ ) الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ ( فِي ) إتْلَافِ ( الْيَدَيْنِ ) بِقَطْعِهِمَا مِنْ الْمَنْكِبِ أَوْ الْمِرْفَقِ أَوْ الْكُوعِ أَوْ الْأَصَابِعِ أَوْ بِإِزَالَةِ مَنْفَعَتِهِمَا مَعَ بَقَائِهِمَا ( وَ ) فِي إتْلَافِ ( الرِّجْلَيْنِ ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِقَطْعِهِمَا مِنْ الْوَرِكِ أَوْ الرُّكْبَةِ أَوْ الْكَعْبِ أَوْ الْأَصَابِعِ أَوْ بِإِزَالَةِ مَنْفَعَتِهِمَا مَعَ بَقَائِهِمَا .
ابْنُ شَاسٍ فِي الْيَدَيْنِ مَعَ الْكَفَّيْنِ كَمَالِ الدِّيَةِ وَالرِّجْلَانِ كَالْيَدَيْنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْيَدَانِ فِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا إنْ قُطِعَتْ مِنْ أَصْلِ أَصَابِعِهَا أَوْ مَنْكِبِهَا ، فَقَدْ تَمَّ
عَقْلُهَا وَشَلَلُ الْأَصَابِعِ فِيهِ دِيَتُهَا كَامِلَةً ثُمَّ فِي قَطْعِهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً حُكُومَةٌ ، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
وَمَارِنُ الْأَنْفِ ، وَالْحَشَفَةِ ، وَفِي بَعْضِهِمَا بِحِسَابِهَا مِنْهُمَا ، لَا مِنْ أَصْلِهِ ،
( وَ ) فِي إزَالَةِ ( مَارِنٍ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ فَنُونٍ أَيْ مَا لَانَ مِنْ ( الْأَنْفِ ) دُونَ عَظْمِهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَيُسَمَّى أَرْنَبَةً وَرَوْثَةً أَيْضًا .
فِيهَا فِي الْأَنْفِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ سَوَاءٌ قُطِعَ مِنْ الْمَارِنِ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ ، وَمَا قُطِعَ مِنْ الْمَارِنِ يُقَاسُ مِنْ الْمَارِنِ لَا مِنْ أَصْلِهِ ( وَ ) فِي قَطْعِ ( الْحَشَفَةِ ) أَيْ رَأْسِ الذَّكَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَقَطْعِهِ مِنْ أَصْلِهِ فِيهَا قَطْعُ الْحَشَفَةِ فِيهِ الدِّيَةُ كَمَا فِي اسْتِئْصَالِ الذَّكَرِ ، وَإِذَا قُطِعَ بَعْضُ الْحَشَفَةِ فَمِنْهَا يُقَاسُ لَا مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ فَمَا نَقَصَ مِنْهَا فَفِيهِ بِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ ( وَفِي ) قَطْعِ ( بَعْضِهِمَا ) أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ ( بِحِسَابِهَا ) أَيْ الدِّيَةِ ( مِنْهُمَا ) أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ ( لَا مِنْ أَصْلِهِ ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ وَهُوَ الْأَنْفُ وَالذَّكَرُ لِأَنَّ بَعْضَ مَا فِيهِ الدِّيَةُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ .
وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا ؟
وَفِي ) إتْلَافِ ( الْأُنْثَيَيْنِ ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِسَلْتِهِمَا أَوْ قَطْعِهِمَا أَوْ رَضِّهِمَا وَعَنْ كَوْنِهِ قَبْلَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْدَهُ وَعَنْ كَوْنِهِ لَهُ ذَكَرٌ أَوْ لَا ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَإِنْ قُطِعَتَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا الذَّكَرُ فِيهِ الدِّيَةُ بِاعْتِبَارِ الْحَشَفَةِ وَالْأُنْثَيَانِ فِيهِمَا الدِّيَةُ ، وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُمَا ، فِيهَا الْيُسْرَى وَالْيُمْنَى سَوَاءٌ وَإِنْ قُطِعَتَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ ، وَإِنْ قُطِعَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ ، وَكَذَا الذَّكَرُ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا مَنْ قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ فَأَخَذَ الدِّيَةَ ثُمَّ قُطِعَ عَسِيبُهُ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهَا فَمِنْهَا يُقَاسُ لَا مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ ، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ : قَوْلَانِ
( وَفِي ) إتْلَافِ ( ذَكَرِ الْعِنِّينِ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ الَّذِي لَهُ ذَكَرٌ لَا يَتَأَتَّى بِهِ جِمَاعٌ لِصِغَرِهِ أَوْ غِلَظِهِ أَوْ لِعِلَّةٍ وَهُوَ الْمُعْتَرِضُ وَالْحَصُورُ ( قَوْلَانِ ) لُزُومُ الدِّيَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَثَانِيهِمَا حُكُومَةٌ ، وَهُمَا فِي الْمُعْتَرِضِ عَنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَرِضًا عَنْ بَعْضِهِنَّ فَفِيهِ الدِّيَةُ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
وَفِي شُفْرَيْ الْمَرْأَةِ ، إنْ بَدَا الْعَظْمُ
( وَفِي ) إزَالَةِ ( شُفْرَيْ ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ مُثَنَّى شُفْرٍ كَذَلِكَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ ، أَيْ اللَّحْمَيْنِ الْمُحِيطَيْنِ بِفَرْجِ ( الْمَرْأَةِ ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ ( إنْ بَدَا ) أَيْ ظَهَرَ ( الْعَظْمُ ) قَضَى بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَبْدُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ شُفْرُ الْمَرْأَةِ قَالَ الْأَخَوَانِ إنْ سُلَّتَا حَتَّى بَدَا الْعَظْمُ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ لِأَنَّ ذَهَابَهُمَا أَعْظَمُ عَلَيْهَا مِنْ ذَهَابِ ثَدْيَيْهَا اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ
، وَفِي ثَدْيَيْهَا ، أَوْ حَلَمَتِهَا إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ ، وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرَةِ
( وَفِي ثَدْيَيْهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ كَامِلَةً إذَا اُسْتُؤْصِلَا بِالْقَطْعِ وَفِي ثَدْيَيْ الرَّجُلِ حُكُومَةٌ ( وَ ) فِي ( حَلَمَتَيْهِمَا ) أَيْ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ( إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ ) وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَثَدْيَا الْمَرْأَةِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِيهِمَا الدِّيَةُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهَا ، وَفِيهَا إنْ قَطَعَ حَلَمَتَيْهَا فَإِنْ أَبْطَلَ مَخْرَجَ اللَّبَنِ ، فَفِيهِ الدِّيَةُ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَدُّ وُجُوبِ دِيَتِهِمَا ذَهَابُ حَلَمَتَيْهِمَا .
أَشْهَبُ إنْ ذَهَبَ مَا هُوَ سَدَادٌ لِصَدْرِهَا فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ شَيْنِهِمَا .
اللَّخْمِيُّ إنْ أَفْسَدَ مَخْرَجَ اللَّبَنِ وَلَمْ يَقْطَعَ شَيْئًا مِنْهُمَا وَلَا أَذْهَبَ مِنْ جَمَالِهِمَا شَيْئًا وَجَبَتْ دِيَتُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَذَهَابِ النَّسْلِ ، وَلَوْ بَقِيَ الِاسْتِمْتَاعُ .
وَفِي اللَّبَنِ وَالْجَمَالِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالصَّغِيرَةُ كَالْكَبِيرَةِ وَلَوْ فَسَدَ مَخْرَجُ اللَّبَنِ ثُمَّ عَادَ رُدَّتْ إلَيْهِ .
قُلْت ظَاهِرُ أَقْوَالِهِمْ فَسَادُ مَخْرَجِهِ مِنْ الْعَجُوزِ كَغَيْرِهَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَيَدٍ شَلَّاءَ فِي الْحُكُومَةِ .
وَفِيهَا لَيْسَ فِي ثَدْيَيْ الرَّجُلِ إلَّا الِاجْتِهَادُ ( وَ ) إنْ قَطَعَ حَلَمَتَيْ صَغِيرَةٍ وَشَكَّ فِي إبْطَالِهِ لَبَنَهَا ( اُسْتُؤْنِيَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ( بِ ) الْمَرْأَةِ ( الصَّغِيرَةِ ) الَّتِي قُطِعَتْ حَلَمَتَاهَا ، فَإِنْ تَبَيَّنَ إبْطَالُهُ لَبَنَهَا فَالدِّيَةُ ، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ فَالْحُكُومَةُ .
فِيهَا إنْ قَطَعَ ثَدْيَيْ الصَّغِيرَةِ ، فَإِنْ اسْتُوقِنَ أَنَّهُ أَبْطَلَهُمَا فَلَا يَعُودَانِ أَبَدًا فَفِيهِمَا الدِّيَةُ ، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وُضِعَتْ الدِّيَةُ وَاسْتُؤْنِيَ بِهَا كَسِنِّ الصَّبِيِّ ، فَإِنْ نَبَتَا فَلَا عَقْلَ لَهُمَا ، وَإِنْ لَمْ يَنْبُتَا أَوْ شُرِطَتَا فَيَبِسَتَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ .
وَسِنِّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ لِلْإِيَاسِ كَالْقَوَدِ ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَ سَنَةً ، وَسَقَطَا ، وَإِنْ عَادَتْ وَوُرِثَا ، إنْ مَاتَ ، وَفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ بِحِسَابِهَا
( وَ ) إنْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ غَيْرِ مُثْغِرٍ اُسْتُؤْنِيَ بِ ( سِنِّ الصَّغِيرِ ) الَّذِي ( لَمْ يُثْغِرْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ لَمْ يَسْقُطْ أَسْنَانُهُ الَّتِي نَبَتَتْ لَهُ وَهُوَ رَضِيعٌ بِأَخْذِ عَقْلِهَا فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ ( لِلْإِيَاسِ ) مِنْ نَبَاتِهَا ، وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِينَاءُ فَقَالَ ( كَالْقَوَدِ ) فِي الْعَمْدِ وَيُوقَفُ الْعَقْلُ بِيَدِ عَدْلٍ ، فَإِنْ نَبَتَتْ بِهَيْئَتِهَا فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ فِيهَا .
وَإِنْ عَادَتْ أَصْغَرَ مِمَّا كَانَتْ أُعْطِيَ أَرْشَ نَقْصِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فِي الْوَقْفِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِنَبَاتِهَا فِيهِ وَلَمْ تَمْضِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ قَلْعِهَا ( اُنْتُظِرَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ ( سَنَةً ) أَيْ تَمَامُهَا مِنْهُ وَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةُ قَبْلَ وَقْتِ الْإِيَاسِ اُنْتُظِرَ وَقْتُ الْإِيَاسِ فَيُنْتَظَرُ أَبْعَدُ الْأَمْرَيْنِ ( وَسَقَطَا ) أَيْ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ ( إنْ عَادَتْ ) سِنُّهُ كَهَيْئَتِهَا وَاسْتَشْكَلَ سُقُوطُ الْقَوَدِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ إيلَامُ الْجَانِي بِمِثْلِ فِعْلِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرْحِ غَيْرِ الْخَطَرِ وَإِنْ بَرِئَ بِلَا شَيْنٍ ، وَأَنَّهُ إنْ رَدَّتْ السِّنُّ الْمَقْلُوعَةُ فَنَبَتَتْ فَلَا يَسْقُطُ قَوَدُهَا .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ سِنَّ الصَّبِيِّ لَا تُمَاثِلُ سِنَّ الْكَبِيرِ لِنَبَاتِ سِنِّ الصَّغِيرِ دُونَ سِنِّ الْكَبِيرِ ، فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ مِنْ الصَّغِيرِ فَقَدْ سَاوَتْ سِنَّ الْكَبِيرِ فَوَجَبَ قَوَدُهَا .
( وَوُرِثَا ) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ ( إنْ مَاتَ ) الصَّغِيرُ قَبْلَ عَوْدِهَا لِوُجُودِ سَبَبِهِمَا ( وَفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ ) مِنْ الْمَقْلُوعَةِ يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ الْمَوْقُوفَةِ ( بِحِسَابِ ) نَقْصِ ( هَا ) فَإِنْ نَقَصَتْ الرُّبُعَ أُخِذَ رُبُعُ الدِّيَةِ ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ سَمَاعِ عِيسَى طَرْحُ سِنِّ الصَّغِيرِ يُوجِبُ وَقْفَ عَقْلِهَا ، فَإِنْ نَبَتَتْ رَدَّ
وَإِلَّا أُقَيِّدُ فِي الْعَمْدِ وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ وَمَاتَ قَبْلَ نَبَاتِهَا فَلِوَارِثِهِ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ ، وَإِنْ نَبَتَتْ أَصْغَرَ فَفِي قَدْرِ نَقْصِهَا قَدْرُهُ مِنْ دِيَتِهَا .
الشَّيْخُ زَادَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ مَاتَ الطِّفْلُ وَلَمْ تَنْبُتْ السِّنُّ سَقَطَ الْقَوَدُ ، قَالَ وَلَا يُوقَفُ كُلُّ الْعَقْلِ لِأَنَّ السِّنَّ يَكُونُ فِيهَا النَّقْصُ ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْعَقْلِ ، بَلْ يُوقَفُ مِنْهُ مَا إذَا نَقَصَتْ السِّنُّ إلَيْهِ فَلَا يُقْتَصُّ لَهُ ، قِيلَ كَمْ ذَلِكَ قَالَ هُوَ مَعْرُوفٌ كَالْعَيْنِ يَذْهَبُ بَصَرُهَا وَالْيَدُ يَدْخُلُهَا النَّقْصُ الْيَسِيرُ .
أَشْهَبُ إنْ قُلِعَتْ سِنُّ صَبِيٍّ وَقَدْ أَثْغَرَ وَنَبَتَتْ أَسْنَانُهُ فَلَهُ تَعْجِيلُ الْعَقْلِ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُثْغِرُ الْأَرْشَ فِي الْخَطَأِ ثُمَّ رَدَّهَا فَنَبَتَتْ فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .
مُحَمَّدٌ لِأَنَّ السِّنَّ مُحْدَثَةٌ ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ يَرَى فِيهَا دِيَتَهَا ، وَإِنْ نَبَتَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُذُنِ وَالسِّنِّ أَنَّ الْأُذُنَ تَسْتَمْسِكُ وَتَعُودُ لِهَيْئَتِهَا ، وَيَجْرِي الدَّمُ فِيهَا ، بِخِلَافِ السِّنِّ ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ : كُلُّ جِرَاحِ الْخَطَأِ يُسْتَأْنَى بِهَا خَوْفَ أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَالْأُصْبُعِ مِنْ الْيَدِ مَا كَانَ مِنْهَا دُونَ الثُّلُثِ يُوقَفُ عَقْلُهُ إنْ بَرِئَ رُدَّ إلَيْهِ ، وَإِنْ زَادَ لِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ رُدَّ إلَيْهِ ، وَحَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ ، وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لَا يُوقَفُ عَقْلُهُ .
لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ ، وَالرَّجُلُ قَدْ يَذْهَبُ مَالُهُ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا نَصَّ فِيهَا عَلَى أَمَدِ الْوَاقِفِ ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ رِوَايَةَ الْمَجْمُوعَةِ إنْ آيَسَ مِنْ نَبَاتِهَا أَخَذَ الصَّبِيُّ الْعَقْلَ يَقْتَضِي أَنَّهُ زَمَنٌ مُعْتَادٌ نَبَاتُهَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ مُعْتَادِهِ أَوْ سَنَةٍ ، اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
وَجُرِّبَ الْعَقْلُ بِالْخَلَوَاتِ ، وَالسَّمْعُ بِأَنْ يُصَاحَ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ ، مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ ، وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ ، وَإِلَّا : فَسَمْعٌ وَسَطٌ ، وَلَهُ نِسْبَتُهُ ، إنْ حَلَفَ ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ ، وَإِلَّا فَهَدَرٌ وَالْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ وَالشَّمُّ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ ، وَالنُّطْقُ بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا ؛ وَالذَّوْقُ بِالْمُقِرِّ ، وَصُدِّقَ مُدَّعٍ ذَهَابَ الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ
( وَ ) إنْ جَنَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ فَادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَهَابَ عَقْلِهِ بِالْجِنَايَةِ وَأَشْكَلَ أَمْرُهُ ( جُرِّبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الْعَقْلُ ) الْمُدَّعَى زَوَالُهُ ( بِالْخَلَوَاتِ ) بِأَنْ يُجْعَلَ فِي مَحَلٍّ وَحْدَهُ وَيُتَطَلَّعَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ ، وَيَنْظُرُ هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ أَوْ الْمَجَانِينِ ، وَيُكَرَّرُ التَّطَلُّعُ عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي أَوْقَاتٍ حَتَّى يُعْلَمَ أَمْرُهُ أَوْ بِأَنْ يُجْعَلَ كَذَلِكَ ، وَيَجْلِسَ إلَيْهِ إنْسَانٌ يَتَحَدَّثُ مَعَهُ مِرَارًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُهُ ، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَهَابِ عَقْلِهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حُمِلَ عَلَى ذَهَابِ جَمِيعِهِ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ .
" غ " أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ إذَا شَكَكْنَا فِي زَوَالِ الْعَقْلِ رَاقَبْنَاهُ وَلَا نُحَلِّفُهُ لِئَلَّا يَتَجَانَّ فِي الْخَلَوَاتِ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ نَقَصَ بَعْضُ عَقْلِهِ فَفِيهِ بِحِسَابِهِ .
اللَّخْمِيُّ تَجِبُ بِكَوْنِهِ مُطْبَقًا لَا يُفِيقُ ، وَإِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَقْتًا فَفِيهِ مِنْ دِيَتِهِ بِقَدْرِهِ ، فَإِنْ ذَهَبَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ الشَّهْرِ فَلَهُ عُشْرُ ثُلُثِهَا ، وَإِنْ ذَهَبَ مِنْهُ لَيْلَةً دُونَ نَهَارِهَا أَوْ عَكْسُهُ فَلَهُ نِصْفُ عُشْرِ ثُلُثِهَا ، وَإِنْ ذَهَبَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ فَلَهُ نِصْفُهَا ، وَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَيْلَهُ دُونَ نَهَارِهِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَهُ رُبُعُهَا ، وَإِنْ لَازَمَ وَلَمْ يَذْهَبْ جُمْلَةً وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ تَمْيِيزٍ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ فَيُقَوِّمُ عَبْدًا سَلِيمَ الْعَقْلِ ، فَإِنْ قُوِّمَ بِمِائَةٍ فَيُقَوِّمُ عَبْدًا لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ ، فَإِنْ قُوِّمَ بِعِشْرِينَ كَانَتْ قِيمَةُ عَقْلِهِ ثَمَانِينَ ، ثُمَّ يُقَوَّمُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الْعَقْلِ ، فَإِنْ قُوِّمَ بِأَرْبَعِينَ فَعَلَى الْجَانِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَتِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ عَادَتُهُمَا كَلَامُ
اللَّخْمِيِّ ، وَلَمْ يَنْقُلَاهُ هُنَا فَلَعَلَّهُ لِصُعُوبَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ وَالْجَارِي عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ تَقْوِيمُهُ سَلِيمًا ثُمَّ يُقَوَّمُ بِحَالَتِهِ وَبِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْجَانِي مِنْ دِيَتِهِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا مِائَةً وَعَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ كَانَ عَلَى الْجَانِي ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دِيَتِهِ .
( وَ ) يُجَرَّبُ ( السَّمْعُ ) الْمُدَّعَى زَوَالُهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ ( بِأَنْ يُصَاحَ ) عَلَيْهِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ وَوَجْهُ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ فِي وَقْتِ سُكُونِ الرِّيحِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَيَتَقَرَّبُ الصَّائِحُ مِنْهُ وَيَصِيحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَيَتَقَرَّبُ وَيَصِيحُ ، وَهَكَذَا يَفْعَلُ حَتَّى يَسْمَعَ فَيُعَلَّمُ مَكَانُ وُقُوفِ الصَّائِحِ بِعَلَامَةٍ ، ثُمَّ يُجْعَلُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجْهُهُ لِجِهَةِ خَلْفِهِ وَيَصِيحُ الصَّائِحُ لَهُ ذَلِكَ ، وَيُعَلَّمُ مَوْضِعُهُ ثُمَّ يُجْعَلُ وَجْهُهُ لِجِهَةِ يَمِينِهِ ، وَيَصِيحُ عَلَيْهِ ، وَيُعَلَّمُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَجْعَلُهُ شِمَالَهُ وَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ، ثُمَّ يُقَاسُ مَا بَيْنَ الْعَلَامَاتِ وَمَوْضِعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ .
فَإِنْ اسْتَوَتْ ( مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ ) فِي الْجِهَاتِ الْأَمَامِ وَالْخَلْفِ وَالْيَمِينِ وَالشِّمَالِ ( مَعَ سَدِّ ) الْأُذُنِ ( الصَّحِيحَةِ ) سَدًّا مُحْكَمًا ثُمَّ سُدَّتْ الْأُذُنُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا وَفُتِحَتْ الصَّحِيحَةُ وَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ ( وَنُسِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ سَمْعُهُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا ( لِسَمْعِهِ الْآخَرَ ) بِالصَّحِيحَةِ وَحُكِمَ عَلَى الْجَانِي بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمْعٌ آخَرُ بِأَنْ ادَّعَى الْجِنَايَةَ عَلَى سَمْعِ أُذُنَيْهِ مَعًا أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا لَا سَمْعَ لَهَا أَصَالَةً فَسَمْعٌ وَسَطٌ ) أَيْ لَيْسَ فِي غَايَةِ الْحِدَّةِ وَلَا فِي غَايَةِ الثِّقَلِ لِشَخْصٍ مِثْلَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سِنًّا وَمِزَاجًا .
( وَلَهُ ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( نِسْبَتُهُ ) مِنْ دِيَةِ الْأُذُنِ أَوْ
الْأُذُنَيْنِ ( إنْ حَلَفَ ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةَ سَمْعِهِ ( وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْجِهَاتِ اخْتِلَافًا بَيِّنًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا اخْتِلَافًا بَيِّنًا ( فَهَدَرٌ ) أَيْ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي مِنْ الدِّيَةِ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ فِي دَعْوَاهُ ذَهَابَ سَمْعِ الْأُذُنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا ( وَ ) يُجَرَّبُ ( الْبَصَرُ ) الْمُدَّعَى ذَهَابُهُ مِنْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ ( بِإِغْلَاقِ ) الْعَيْنِ ( الصَّحِيحَةِ ) وَإِرَاءَتِهِ شَيْئًا نَحْوَ بَيْضَةٍ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ وَالتَّقَرُّبُ إلَيْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يُبْصِرَهَا ( كَذَلِكَ ) أَيْ الْفِعْلُ فِي تَجْرِبَةِ السَّمْعِ ثُمَّ تُغْلَقُ الْمُصَابَةُ وَتُفْتَحُ الصَّحِيحَةُ ، وَيُفْعَلُ بِهَا كَذَلِكَ ، وَلَهُ نِسْبَتُهُ إنْ حَلَفَ .
" غ " ، فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا أُصِيبَتْ الْعَيْنُ فَنَقَصَ بَصَرُهَا أُغْلِقَتْ الصَّحِيحَةُ ثُمَّ جُعِلَ لَهُ بَيْضَةٌ أَوْ شَيْءٌ فِي مَكَان يُخْتَبَرُ بِهِ مُنْتَهَى بَصَرِهِ بِالسَّقِيمَةِ ، فَإِذَا رَآهَا حُوِّلَتْ لَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ، فَإِنْ تَسَاوَتْ الْأَمَاكِنُ أَوْ تَقَارَبَتْ قِيسَتْ الصَّحِيحَةُ ثُمَّ أُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا نَقَصَتْ الْمُصَابَةُ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالسَّمْعُ مِثْلُهُ يُخْتَبَرُ بِالْأَمْكِنَةِ أَيْضًا حَتَّى يُعْرَفَ صِدْقُهُ مِنْ كَذِبِهِ ، وَإِنْ ادَّعَى الْمَضْرُوبُ أَنَّ جَمِيعَ سَمْعِهِ أَوْ بَصَرِهِ ذَهَبَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ ، وَيُخْتَبَرُ إنْ قُدِرَ عَلَى اخْتِبَارِهِ بِمَا وَصَفْنَا .
ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ نَقَصَ بَصَرُ عَيْنَيْهِ جَمِيعًا أَوْ أُذُنَيْهِ فَإِنَّهُ يُقَاسُ بِالْبَيْضَةِ فِي الْبَصَرِ وَالصَّوْتِ فِي السَّمْعِ كَمَا وَصَفْنَا ، فَإِذَا اتَّفَقَتْ أَقْوَالُهُ أَوْ تَقَارَبَتْ قِيسَ بِبَصَرِ رَجُلٍ وَسَطٍ مِثْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي الَّذِي ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِ سَمْعِهِ أَوْ بَصَرِهِ يُخْتَبَرُ بِالْإِشَارَةِ فِي الْبَصَرِ وَالصَّوْتِ فِي السَّمْعِ ، وَيُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ، وَفَسَّرَ أَبُو الْحَسَنِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
بِأَنَّهُ يُخْتَبَرُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ .
( وَ ) يُجَرَّبُ ( الشَّمُّ ) الْمُدَّعَى ذَهَابُهُ بِالْجِنَايَةِ ( بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا ، أَيْ قَوِيَّةً مُنَفِّرَةً لِلطَّبْعِ لَا يَصْبِرُ مَنْ يَشُمُّهَا عَادَةً وَلَا سِيَّمَا مَعَ طُولِ الزَّمَنِ وَيُعْلَمُ شَمُّهُ بِالْعُطَاسِ وَنَحْوِهِ .
أَبُو حَامِدٍ فِي وَجِيزِهِ يُمْتَحَنُ الشَّمُّ بِالرَّوَائِحِ الْحَادَّةِ وَعِنْدَ النُّقْصَانِ يَحْلِفُ لِعُسْرِ الِامْتِحَانِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُوَضِّحُ ( وَ ) يُجَرَّبُ ( النُّطْقُ ) الْمُدَّعَى نَقْصَهُ بِجِنَايَةٍ ( بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا ) مِنْ الْعَارِفِينَ لَا بِقَدْرِ نَقْصِ الْحُرُوفِ لِاخْتِلَافِهَا بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ عَلَى اللِّسَانِ ، فَإِنْ شُكَّ فِي نَقْصِ الرُّبُعِ وَالثُّلُثِ مَثَلًا حُمِلَ عَلَى الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ .
( وَ ) يُجَرَّبُ ( الذَّوْقُ ) الْمُدَّعَى ذَهَابُهُ بِجِنَايَةٍ ( بِالْمُقِرِّ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ شَدِيدُ الْمَرَارَةِ كَالصَّبْرِ أَوْ الْحَرَارَةِ كَالْفُلْفُلِ الْأَحْمَرِ .
" غ " أَبُو حَامِدٍ يُجَرَّبُ الذَّوْقُ بِالْأَشْيَاءِ الْمُرَّةِ الْمَقِرَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ الْجَوْهَرِيُّ مَقِرَ الشَّيْءُ بِالْكَسْرِ يَمْقُرُ مَقْرًا ، أَيْ صَارَ مُرًّا فَهُوَ شَيْءٌ مَقِرٌ وَالْمَقِرُ أَيْضًا الصَّبْرُ ، وَبِهَذَا فُسِّرَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُنَفِّرُ أَيْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ .
( وَصُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( مُدَّعِي ذَهَابَ الْجَمِيعِ ) بِجِنَايَةٍ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ ، أَيْ مَعَ الِاخْتِبَارِ بِمَا سَبَقَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ ، وَرِجْلٍ ، وَنَحْوِهِمَا خِلْقَةً : كَغَيْرِهِ ؛ وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا ؛
( وَ ) الْعُضْوُ الضَّعِيفُ ( مِنْ عَيْنٍ وَرِجْلٍ وَنَحْوِهِمَا ) كَيَدٍ وَأُذُنٍ وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ ( خِلْقَةً ) مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ الْإِبْصَارِ بِالْعَيْنِ وَالْمَشْيِ بِالرِّجْلِ وَالْعَمَلِ بِالْيَدِ وَالسَّمَاعِ بِالْأُذُنِ وَالنُّطْقِ بِاللِّسَانِ وَالْوَطْءِ بِالذَّكَرِ ( كَغَيْرِهِ ) أَيْ الضَّعِيفِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ .
تت أَطْلَقَ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ تَقْيِيدُهُ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَى الْأَكْثَرِ فَإِنْ أَتَى عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ عَقْلِهِ .
وَشَبَّهَ بِالضَّعِيفِ خِلْقَةً فِي كَوْنِهِ كَالصَّحِيحِ فَقَالَ ( وَكَذَا ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا ، الضَّعِيفُ خِلْقَةً فِي كَوْنِهِ كَالسَّلِيمِ الْأَعْضَاءِ ( الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا ) فَضَعُفَتْ مِنْ الْجِنَايَةِ ( إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا ) أَيْ الْجِنَايَةِ ( عَقْلًا ) فَإِنْ كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ ثَانِيًا فَإِنَّمَا لَهُ مِنْ الْعَقْلِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَعَنْهُ أَيْضًا فِيهِ الْعَقْلُ الْكَامِلُ .
وَفِي لِسَانِ النَّاطِقِ ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ مَا قَطَعَهُ ، فَحُكُومَةٌ : كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ ، وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ ، وَالسَّاعِدِ ، وَأَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ ، وَسِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا ، وَعَسِيبِ ذَكَرٍ بَعْدَ الْحَشَفَةِ ، وَحَاجِبٍ ، أَوْ هُدْبٍ وَظُفْرٍ ، وَفِيهِ الْقِصَاصُ
( وَفِي ) قَطْعِ ( لِسَانِ ) الْإِنْسَانِ ( النَّاطِقِ وَلَمْ يَمْنَعْ ) مَا قَطَعَ مِنْهُ ( النُّطْقَ حُكُومَةٌ ) فِيهَا فِي اللِّسَانِ الْقَوَدُ إنْ اُسْتُطِيعَ الْقَوَدُ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مُتْلِفًا مِثْلَ الْفَخْذِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ ، فَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا فَلَا يُقَادُ مِنْهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقَادُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُعْقَلُ حَتَّى يَبْرَأَ أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْبُتُ وَيَعُودُ كُلَّمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، فِيهَا وَقَدْ سَمِعْت أَهْلَ الْأَنْدَلُسِ سَأَلُوا مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ اللِّسَانِ إذَا قُطِعَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ يَنْبُتُ فَرَأَيْت مَالِكًا يُصْغِي أَنَّهُ لَا يُعَجَّلُ بِهِ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ إنْ كَانَ الْقَطْعُ قَدْ مَنَعَ الْكَلَامَ ، قُلْت فِي الدِّيَةِ أَوْ فِي الْقَوَدِ قَالَ فِي الدِّيَةِ قَالَ عِيَاضٌ الظَّاهِرُ تَعْجِيلُ الْقَوَدِ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ إنْ كَانَ كَمَا قَالَ يُسْتَطَاعُ الْقَوَدُ مِنْهُ وَلَا يُنْتَظَرُ نَبَاتُهُ كَمَا يُقَادُ فِي سَائِرِ الْجَوَارِحِ ، وَإِنْ نَبَتَ لَحْمًا وَصَارَ إلَى أَحْسَنِ حَالٍ ، وَإِنَّمَا الِانْتِظَارُ فِي الدِّيَةِ ، إذْ قَدْ يُفْضِي قَطْعُهُ إلَى النَّفْسِ أَوْ يَنْبُتُ كَمَا ذُكِرَ لَهُ فَلَا يَكُونُ فِيهِ دِيَةٌ ، أَوْ يَنْبُتُ بَعْضُهُ فَيَكُونُ فِيهِ بِحِسَابِ ذَلِكَ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اللِّسَانُ يَعُودُ وَيَنْبُتُ ، قَالَ يُنْتَظَرُ إلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ إنْ مَنَعَ الْقَطْعُ الْكَلَامَ فَالدِّيَةُ ، وَلَا يُنْتَظَرُ الْقَوَدُ ا هـ .
هَكَذَا بِالْقَافِ لَا بِالْعَيْنِ خِلَافًا لتت لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الِانْتِظَارِ فَعُلِمَ أَنَّ عَدَمَ الِانْتِظَارِ فِي الْقَوَدِ ، وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا قُلْنَا قَالَهُ طفي وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ .
وَشَبَّهَ فِي الْحُكُومَةِ فَقَالَ ( كَ ) قَطْعِ ( لِسَانِ الْأَخْرَسِ ) فَفِيهِ حُكُومَةٌ ( وَفِي ) قَطْعِ ( الْيَدِ الشَّلَّاءِ ) حُكُومَةٌ ( وَ ) كَقَطْعِ ( السَّاعِدِ ) أَيْ الذِّرَاعِ الَّذِي لَا أُصْبُعَ لَهُ خِلْقَةً ، أَوْ بِقَطْعِ سَابِقٍ فِيهِ حُكُومَةٌ .
فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَفِّ أُصْبُعٌ فَفِي قَطْعِهَا أَوْ
بَعْضِهَا حُكُومَةٌ ا هـ .
فَدِيَةُ الْيَدِ إنَّمَا هِيَ لِلْأَصَابِعِ .
فِيهَا فِي الْأُصْبُعَيْنِ بِمَا يَلِيهِمَا مِنْ الْكَفِّ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَلَا حُكُومَةَ مَعَ ذَلِكَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ قُطِعَتْ كَفٌّ ذِي أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ فَلَهُ دِيَةُ الْأُصْبُعِ ، وَأَحَبُّ إلَيَّ فِي بَاقِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْكَفِّ .
شب فَإِنْ وُجِدَ لِلْجَانِي مِثْلُ الْيَدِ الشَّلَّاءِ أَوْ السَّاعِدِ فَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ .
( وَ ) فِي ( أَلْيَتَيْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ مُثَنَّى أَلْيَةٍ كَذَلِكَ لَحْمُ الْمَقْعَدَةِ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ ( الْمَرْأَةِ ) حُكُومَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِمَا نَصٌّ عَنْ الْإِمَامِ قِيَاسًا عَلَى أَلْيَتَيْ الرَّجُلِ .
أَشْهَبُ فِي أَلْيَتَيْهَا الدِّيَةُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَلْيَتَانِ فِيهَا فِيهِمَا مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ الْبَاجِيَّ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِمَا مِنْ الْمَرْأَةِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ، وَهَذَا فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ فِيهِ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ بُدُوِّ الْعَظْمِ وَعَدَمِهِ .
( وَ ) فِي قَلْعِ ( سِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا ) بِحَيْثُ لَا يُرْجَى ثُبُوتُهَا حُكُومَةٌ ، فَإِنْ كَانَتْ مُضْطَرِبَةً لَا جِدًّا فَفِيهَا الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ .
( وَ ) فِي قَطْعِ ( عَسِيبِ ) أَيْ قَصَبَةِ ( ذَكَرٍ بَعْدَ ) قَطْعِ ( الْحَشَفَةِ ) مِنْهُ حُكُومَةٌ .
الْبِسَاطِيُّ فِي إطْلَاقِ الْعَسِيبِ عَلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْحَشَفَةِ تَجُوزُ فَالدِّيَةُ إنَّمَا هِيَ لِلْحَشَفَةِ وَنَحْوُ مَا فِي الْمَتْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ الظَّاهِرُ لُزُومُ الدِّيَةِ فِي الْعَسِيبِ لِأَنَّهُ يُجَامِعُ بِهِ وَتَحْصُلُ بِهِ اللَّذَّةُ ، وَسَوَاءٌ قُطِعَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي مِثْلُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وشب ( وَ ) فِي إزَالَةِ ( حَاجِبٍ ) وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ حُكُومَةٌ .
الشَّارِحُ الْمُرَادُ شَعْرُهُ
بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِهُدْبِ الْعَيْنِ وَهُوَ شَعْرُهَا ، ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ اللَّحْمُ الَّذِي فِيهِ الشَّعْرُ ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ أَيْ شَعْرِهِ وَلَحْمِهِ ( وَ ) فِي ( هُدْبٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ لِعَيْنٍ إنْ لَمْ يَنْبُتْ حُكُومَةٌ ، فَإِنْ نَبَتَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ ( وَ ) فِي قَطْعِ ( ظُفْرٍ ) خَطَأً حُكُومَةٌ ( وَ ) عَمْدًا ( فِيهِ الْقِصَاصُ ) تت ظَاهِرُهُ الْحُكُومَةُ فِي الْخَطَأِ وَلَوْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الظُّفْرِ الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يُقْلَعَ خَطَأً فَلَا شَيْءَ فِيهِ إذَا بَرِئَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ هَيْئَتِهِ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ
وَإِفْضَاءٌ ، وَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ ، بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ ، إلَّا بِأُصْبُعِهِ
( وَفِي إفْضَاءٍ ) أَيْ إزَالَةِ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ حُكُومَةٌ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْإِفْضَاءِ قَوْلَانِ حُكُومَةٌ وَدِيَةٌ .
التَّوْضِيحِ الْحُكُومَةُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالدِّيَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ بِأَنَّهُ مَنَعَهَا اللَّذَّةَ وَإِمْسَاكَ الْوَلَدِ وَالْبَوْلَ إلَى الْخَلَاءِ ، وَبِأَنَّ مُصِيبَتَهَا بِهِ أَعْظَمُ مِنْ الشُّفْرَيْنِ ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ الْإِفْضَاءُ إزَالَةُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِيهِ مَا شَانَهَا بِالِاجْتِهَادِ .
الْبَاجِيَّ إنْ فَعَلَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ ، وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ مِثْلِهَا .
وَلَوْ فَعَلَهُ بِزَوْجَتِهِ فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ .
ابْنُ هَارُونَ وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ الدِّيَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ حَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ وَهُوَ بَعِيدٌ ، إذْ لَيْسَ مُسَاوِيًا لِمَا سَنَّ الشَّارِعُ فِيهِ الدِّيَةَ ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، بَلْ قَالَ أَكْثَرُ نُصُوصِهِمْ وُجُوبُ الْحُكُومَةِ وَوُجُوبُ الدِّيَةِ قَوِيٌّ لِأَنَّ مُصِيبَتَهَا بِهِ أَقْوَى مِنْ إزَالَةِ التَّفْرِيقِ ، وَمُصِيبَتُهُ كَمُصِيبَةِ ذَهَابِ جِمَاعِ الرَّجُلِ .
قُلْت وَجَدْت لِلَّخْمِيِّ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا إذَا بَلَغَ بِهَا حَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَفِيهَا إنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَأَفْضَاهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَإِنْ اغْتَصَبَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ مَعَ مَا شَانَهَا .
قُلْت ظَاهِرُهُ مَا انْدِرَاجُ الْبَكَارَةِ فِي الْمَهْرِ بِخِلَافِ الشَّيْنِ لِأَنَّ زَوَالَ الْبَكَارَةِ مِنْ لَوَازِمِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ .
اللَّخْمِيُّ مَا كَانَ بِطَوْعِهَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالزَّوْجَةِ تَمُوتُ مِنْ جِمَاعِهِ فَحَيْثُ تَسْقُطُ الدِّيَةُ فِي الزَّوْجَةِ يَسْقُطُ مَا شَانَهَا ، وَحَيْثُ تَثْبُتُ يَثْبُتُ ، وَقَالَ أَشْهَبُ
فِي مُدَوَّنَتِهِ إنْ زَنَى بِهَا فَأَفْضَاهَا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ وَهُوَ أَحْسَنُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ بِطَوْعِهَا ، وَفِيهَا مَنْ بَنَى بِزَوْجَتِهِ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ مِنْ جِمَاعِهِ فَدِيَتُهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ فَعَلَيْهِ مَا شَانَهَا ، فَإِنْ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ ، اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ ( وَلَا يَنْدَرِجُ ) أَرْشُ الْإِفْضَاءِ ( تَحْتَ الْمَهْرِ ) بِحَيْثُ لَا يَجِبُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْشُهُ زِيَادَةً عَلَى الْمَهْرِ ، رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ ( بِخِلَافِ ) أَرْشِ ( الْبَكَارَةِ ) فَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ إذْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا إلَّا بِإِزَالَتِهَا وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْإِفْضَاءُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زَانٍ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ أَوْ غَاصِبٍ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لِلْوَطْءِ فِي مَحَلِّهِ وَالْإِفْضَاءُ جِنَايَةٌ عَلَى عُضْوٍ آخَرَ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ .
الْبَاجِيَّ إنْ فَعَلَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ ، وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَالْحَدُّ ، وَلَوْ فَعَلَهُ بِزَوْجَتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ ، فَإِنْ فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ بِطَائِعَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِيهَا .
ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ أَنَّ طَوْعَ الزَّوْجَةِ وَاجِبٌ فَلَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ ، وَالْأَجْنَبِيَّةُ يَجِبُ عَلَيْهَا مَنْعُهُ فَطَوْعُهَا كَإِذْنِهَا أَنَّهُ يُوضِحُهَا .
وَاسْتَثْنَى مِنْ انْدِرَاجِ الْبَكَارَةِ فِي الْمَهْرِ فَقَالَ ( إلَّا ) إزَالَتَهَا ( بِأُصْبُعِهِ ) فَلَا يَنْدَرِجُ أَرْشُهَا تَحْتَ الْمَهْرِ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى الزَّوْجِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْئِهَا وَإِلَّا انْدَرَجَ فِيهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ دَفَعَ امْرَأَتَهُ فَسَقَطَتْ عُذْرَتُهَا فَعَلَيْهِ مَا شَانَهَا ، وَكَذَا فِعْلُ ذَلِكَ بِأُصْبُعِهِ فَعَلَهُ غُلَامٌ أَوْ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ .
ابْنُ رُشْدٍ
يُرِيدُ مَعَ الْأَدَبِ ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ ، وَالْأَدَبُ فِي الْأُصْبُعِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الدَّفْعَةِ ، وَمَعْنَى مَا شَانَهَا مَا نَقَصَ مِنْ صَدَاقِهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ .
وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَهُ الزَّوْجُ بِامْرَأَتِهِ بِأُصْبُعِهِ فَقِيلَ عَلَيْهِ صَدَاقُهَا ، وَقِيلَ مَا شَانَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ إنْ طَلَّقَهَا رِوَايَتَانِ لِسَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَلَهَا فِي دَفْعِهِ إيَّاهَا لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا شَانَهَا إنْ فَارَقَهَا .
ابْنُ شَاسٍ إنْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا شَانَهَا مَعَ نِصْفِ صَدَاقِهَا ، وَيَنْظُرُ إلَى مَا شَانَهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ فِي حَالِهَا وَجَمَالِهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْمَهْرُ كَامِلًا .
وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ : عُشْرٌ ، وَالْأُنْمُلَةِ ثُلُثُهُ ، إلَّا فِي الْإِبْهَامِ ، فَنِصْفُهُ
( وَفِي ) إتْلَافِ ( كُلِّ أُصْبُعٍ ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ خِنْصَرٍ أَوْ إبْهَامٍ أَوْ غَيْرِهِمَا خَطَأً ( عُشْرٌ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ إبِلٍ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَالْأُنْثَى إلَخْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ هَذَا ( وَفِي ) إتْلَافِهِ ( الْأُنْمُلَةِ ) مِنْ كُلِّ أُصْبُعٍ ( ثُلُثُهُ ) أَيْ الْعُشْرِ ( إلَّا ) الْأُنْمُلَةَ ( مِنْ الْإِبْهَامِ فَ ) فِي إتْلَافِهَا ( نِصْفُهُ ) أَيْ الْعُشْرِ ، إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أُنْمُلَتَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْهُ أَيْضًا ثَلَاثُ أَنَامِلَ فِي الْإِبْهَامِ ، فَفِي أُنْمُلَتِهِ ثُلُثُ عُشْرٍ عَلَى هَذَا كَأُنْمُلَةِ غَيْرِهَا وَالْقَوْلَانِ فِي إبْهَامِ الْيَدِ ، وَأَمَّا إبْهَامُ الرِّجْلِ فَأُنْمُلَتَانِ اتِّفَاقًا ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ الْعُشْرِ ، وَأَنَامِلُ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثَةٌ ، وَفِي كَوْنِهَا ذَا أُنْمُلَتَيْنِ فَقَطْ أَوْ ثَلَاثٍ قَوْلُهَا مَعَ الْبَاجِيَّ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجَعَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ ، وَلَمْ يَحْكِهِ الْبَاجِيَّ إلَّا عَنْ سَحْنُونٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ كِنَانَةَ ، قَالَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْهُمْ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ
وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الْقَوِيَّةِ : عُشْرٌ ، إنْ انْفَرَدَتْ
( وَفِي ) إتْلَافِ ( الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةُ ) عَلَى الْخَمْسِ فِي يَدٍ أَوْ رِجْلٍ ( الْقَوِيَّةِ ) عَلَى التَّصَرُّفِ قُوَّةِ الْأُصْبُعِ الْأَصْلِيَّةِ ( عُشْرٌ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( إنْ أُفْرِدَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بِالْإِتْلَافِ عَنْ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَمَفْهُومُ الْقَوِيَّةِ أَنَّ الضَّعِيفَةَ لَا عُشْرَ فِيهَا وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَفِيهَا حُكُومَةٌ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهَا إنْ قُطِعَتْ مَعَ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إعْطَاءً لِلنَّادِرِ حُكْمَ الْغَالِبِ .
الشَّارِحُ قَوْلُهُ إنْ انْفَرَدَتْ يَقْتَضِي أَنَّهَا إنْ قُطِعَتْ مَعَ أُصْبُعٍ أَصْلِيٍّ لَا شَيْءَ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَحَادَ الْبِسَاطِيُّ عَنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ مَعْنَى انْفَرَدَتْ لَمْ تُقْطَعْ فِي ضِمْنِ قَطْعِ الْيَدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ تت .
أَقُولُ لَوْ صَحَّ كَلَامُهُ لَسَهُلَ جَوَابُهُ بِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ وَلِكُلٍّ قَالَ طفي اُنْظُرْ مَا نَسَبَهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، فَإِنَّ الْمَنْسُوبَ لَهُ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السَّادِسَةَ الْقَوِيَّةَ فِيهَا عُشْرٌ قُطِعَتْ عَمْدًا ، إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ ، وَإِنْ قُطِعَ جَمِيعُ الْكَفِّ كَانَ فِيهَا سِتُّونَ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إذَا قُطِعَتْ الْيَدُ الَّتِي فِيهَا سِتُّ أَصَابِعَ خَطَأً كَانَ فِيهَا خَمْسُمِائَةٍ ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ ، وَقَدْ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَائِلًا وَإِلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشَارَ بِمَا ذَكَرَ ، غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ انْفَرَدَتْ يَقْتَضِي أَنَّ تَرَتُّبَ الْعُشْرِ فِيهَا مَشْرُوطٌ بِقَطْعِهَا وَحْدَهَا .
وَأَمَّا إنْ قُطِعَتْ مَعَ غَيْرِهَا فَلَا عُشْرَ فِيهَا وَالْأَمْرُ كَمَا عَلِمْت مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ فِيهَا الْعُشْرَ مُطْلَقًا قُطِعَتْ مَعَ غَيْرِهَا أَوْ وَحْدَهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا قَوِيَّةً .
وَقَالَ
" ق " لَوْ قَالَ عُشْرٌ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ إنْ انْفَرَدَتْ لِتَنْزِلَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَتْ السَّادِسَةُ قَوِيَّةً فَفِيهَا عُشْرٌ ، وَلَوْ قُطِعَتْ عَمْدًا ، إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا .
وَفِي كُلِّ يَدٍ مِنْهَا سِتُّونَ ، وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً فَفِيهَا حُكُومَةٌ إنْ انْفَرَدَتْ وَمَعَ الْيَدِ لَا يُزَادُ لَهَا شَيْءٌ وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَيَأْخُذُ دِيَةَ السَّادِسَةِ إنْ كَانَتْ قَوِيَّةً لَكِنَّهُ اسْتَشْكَلَهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ ، وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ .
الْبُنَانِيُّ وَهُوَ بَحْثٌ حَسَنٌ ، وَتَبِعَهُمَا " ح " فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ ، وَمِثْلُ إصْلَاحِ " ق " لَغْ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ ، فَهَذَا كُلُّهُ دَلَّ عَلَى بُطْلَانِ عَزْوِ تت وَلَمْ يَكُنْ فِي كَبِيرِهِ وَقَوْلُهُ تَعَقَّبَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ إنْ انْفَرَدَتْ إلَخْ قَدْ ذَكَرْنَا لَك تَعَقُّبَهُ بِلَفْظِهِ ، وَذَكَرَهُ تت بِالْمَعْنَى ، وَقَوْلُهُ وَلِذَا عَدَلَ الْبِسَاطِيُّ إلَخْ ، قَدْ عَلِمْت أَنَّ اعْتِرَاضَ الشَّارِحِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِقَطْعِهَا مَعَ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ ، بَلْ كَذَلِكَ إذَا قُطِعَتْ فِي ضِمْنِ قَطْعِ الْيَدِ ، فَاعْتِذَارُ الْبِسَاطِيِّ غَيْرُ صَوَابٍ .
وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي كَبِيرِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي كُلِّ سِنٍّ : خَمْسٌ ، وَإِنْ سَوْدَاءَ بِقَلْعٍ ، أَوْ اسْوِدَادٍ ، أَوْ بِهِمَا ، أَوْ بِحُمْرَةٍ أَوْ بِصُفْرَةٍ ، إنْ كَانَا عُرْفًا : كَالسَّوَادِ ، أَوْ بِاضْطِرَابِهَا جِدًّا
( وَفِي ) إتْلَافِ ( كُلِّ سِنٍّ ) ثَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ نَابًا أَوْ رُبَاعِيَّةً أَوْ ضِرْسًا ( خَمْسٌ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الْإِبِلِ إنْ لَمْ تَكُنْ سَوْدَاءَ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( سَوْدَاءَ ) خِلْقَةً أَوْ بِجِنَايَةٍ وَجَنَى عَلَيْهَا ثَانِيًا ( بِقَلْعٍ ) مِنْ أَصْلِهَا أَوْ عِنْدَ اللَّحْمِ بَعْدَ حِينٍ مِنْ الْجِنَايَةِ الْأُولَى ( أَوْ ) بِ ( اسْوِدَادٍ ) فَقَطْ بَعْدَ بَيَاضِهَا بِجِنَايَةٍ عَلَيْهَا مَعَ بَقَائِهَا وَثُبُوتِهَا لِأَنَّهُ أَذْهَبَ جَمَالَهَا ( أَوْ بِهِمَا ) أَيْ الْقَلْعِ وَالتَّسْوِيدِ بِأَنْ سَوَّدَهَا ثُمَّ قَلَعَهَا بِالْقُرْبِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ بِقَلْعِ بَعْضِهَا وَتَسْوِيدِ بَاقِيهَا ( أَوْ ) بِ ( حُمْرَةٍ ) لَهَا بَعْدَ بَيَاضِهَا ( أَوْ ) بِ ( صُفْرَةٍ ) لَهَا بَعْدَ بَيَاضِهَا ( إنْ كَانَا ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ ( عُرْفًا كَالسَّوَادِ ) فِي إذْهَابِ الْجَمَالِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِ مَا نَقَصَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قِيلَ إنْ ضَرَبَهُ فَاسْوَدَّتْ سِنُّهُ أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اصْفَرَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ ، قَالَ إنْ اسْوَدَّتْ ثُمَّ عَقَلَهَا وَالْخُضْرَةُ وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ إنْ كَانَتْ كَالسَّوَادِ ثُمَّ عَقَلَهَا وَإِلَّا فَعَلَى حِسَابِ مَا نَقَصَ .
وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اصْفَرَّتْ السِّنُّ فَفِيهَا بِقَدْرِ شَيْنِهَا لَا يَكْمُلُ عَقْلُهَا حَتَّى تَسْوَدَّ لَا بِتَغَيُّرِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يُبَيِّنُ مَذْهَبَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، إذْ لَمْ يُجِبْ فِيهَا جَوَابًا بَيِّنًا ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي اخْضِرَارِهَا أَكْثَرُ مِمَّا فِي احْمِرَارِهَا ، وَفِي احْمِرَارِهَا أَكْثَرُ مِمَّا فِي اصْفِرَارِهَا ، وَعَزَا اللَّخْمِيُّ هَذَا لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ تَغَيُّرُهَا مِثْلَ اسْوِدَادِهَا فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا ، وَإِلَّا فَعَلَى حِسَابِ مَا نَقَصَ ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إلَّا فِي الْخُضْرَةِ .
قُلْت فَحُمِلَ كَلَامُهُمَا عَلَى الِاخْتِلَافِ وَبِهِ يَتَقَرَّرُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إثْرَ نَقْلِهِ قَوْلَهَا وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ ، وَحَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ
عَلَى الْوِفَاقِ كَابْنِ شَاسٍ ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ عَرَفَةَ سُئِلَ الْقَرَوِيُّونَ عَمَّنْ أَطْعَمَتْ زَوْجَهَا مَا اسْوَدَّ بِهِ لَوْنُهُ فَوَقَفُوا .
أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ هِيَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَوْجَبَ الدِّيَةَ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهَا فِي تَسْوِيدِ السِّنِّ ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِلُزُومِ الْبَيَاضِ لِلسِّنِّ وَبَعْضُ أَفْرَادِ الْآدَمِيِّينَ أَسْوَدُ ابْنُ شَعْبَانَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ الِاجْتِهَادُ .
قُلْت فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَرْشَ الْحُكُومَةِ وَالِاجْتِهَادِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي النَّقْصِ ، وَرُبَّمَا كَانَ قَلْعُ الزَّائِدِ لَا يُوجِبُهُ أَوْ يُوجِبُ زِيَادَةً فَيَكُونُ كَخِصَاءِ الْعَبْدِ يُزِيدُ فِي قِيمَتِهِ ، وَقَدْ يَجْرِي عَلَى الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَجَمِيعُ مَا فِي الْفَمِ مِنْ الْأَسْنَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا .
وَقِيلَ مَنْ وُلِدَ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا فَقَطْ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ ، الْأَسْنَانُ وَالْأَضْرَاسُ سَوَاءٌ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدٍ قَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرِ بَعِيرٍ وَمُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ وَلَوْ كُنْت أَنَا لَجَعَلْت فِيهَا بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ ، فَتِلْكَ الدِّيَةُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْأَسْنَانَ اثْنَا عَشَرَ سِنًّا أَرْبَعُ ثَنَايَا وَأَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ وَأَرْبَعُ أَنْيَابٍ لَهَا سِتُّونَ بَعِيرًا خَمْسَةٌ لِكُلٍّ مِنْهَا وَالْأَضْرَاسُ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ ، وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْأَنْيَابَ ، وَاثْنَا عَشَرَ رَحًى ثَلَاثٌ فِي كُلِّ شَدْقٍ وَأَرْبَعُ نَوَاجِذَ ، وَهِيَ أَقْصَاهَا ، فَجَمِيعُ دِيَاتِهَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا ، زَادَ اللَّخْمِيُّ وَالنَّوَاجِذُ سِنُّ الْحُلُمِ الَّتِي يَخْرُجُ أَقْصَاهَا بَعْدَ الْكِبَرِ .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لِلرَّجُلِ الْأَلْحَى اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا ، وَلِلْكَوْسَجِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَا نَوَاجِذَ لَهُ .
عَبْدُ الْحَقِّ لِابْنِ مُزِيدٍ مَنْ وُلِدَ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا ، وَمَنْ وُلِدَ لِسِتَّةِ
أَشْهُرٍ أَوْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا .
الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَشْهَبَ إنْ طُرِحَتْ السِّنُّ مِنْ سِنْخِهَا فَفِيهَا دِيَتُهَا كَامِلَةً ، وَكَذَا كَسْرُهَا مِنْ أَصْلِ مَا أَشْرَفَ مِنْهَا وَلَا يُحَطُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْكَسْرِ مِنْ مَوْضِعِ سِنْخِهَا شَيْءٌ كَبَقِيَّةِ الذَّكَرِ بَعْدَ الْحَشَفَةِ .
( وَ ) الدِّيَةُ ( بِاضْطِرَابِهَا ) أَيْ السِّنِّ ( جِدًّا ) بِحَيْثُ لَا يُرْجَى نُبُوَّتُهَا ، وَفِي الْخَفِيفِ الْعَقْلِ بِقَدْرِهِ .
وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكَبِيرٍ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا : أَخَذَهُ كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ
( وَإِنْ ) قُلِعَتْ السِّنُّ ثُمَّ رُدَّتْ وَ ( ثَبَتَتْ ) بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ الثُّبُوتِ ( لِ ) شَخْصٍ ( كَبِيرٍ ) أَيْ مُثْغِرٍ ( قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَقْلَهَا وَلَا يَرُدُّهُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ ، سَوَاءٌ قُضِيَ لَهُ بِهِ ثُمَّ رَدَّهَا فَثَبَتَتْ ، أَوْ رَدَّهَا قَبْلَ الْحُكْمِ لَهُ بِأَخْذِهِ أَفَادَهُ تت .
طفي قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ اضْطِرَابِهَا جِدًّا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُضْطَرِبَةَ جِدًّا إذَا ثَبَتَتْ لَا عَقْلَ لَهَا ، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالسِّنُّ الشَّدِيدَةُ الِاضْطِرَابِ يُنْظَرُ بِهَا سَنَةً .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاشْتِدَادُ اضْطِرَابِهَا فِيمَنْ لَا يُرْجَى كَقَلْعِهَا .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ لَا يُرْجَى ثَبَاتُهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُسْتَأْنَى بِهِ سَنَةً ، وَقَدْ خَصَّ الْحَطّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَقْلُوعَةِ قَائِلًا وَأَمَّا الْمُضْطَرِبَةُ جِدًّا إذَا ثَبَتَتْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا ، وَاسْتَدَلَّ بِكَلَامِ التَّوْضِيحِ الْمُتَقَدِّمِ وَتَبِعَهُ عج .
اللَّخْمِيُّ إنْ رَدَّ السِّنَّ أَوْ الْأُذُنَ فَثَبَتَتْ أَوْ نَبَتَتْ فِي مَكَانِ السِّنِّ أُخْرَى فَفِي الْعَمْدِ لَهُ الْقَوَدُ اتِّفَاقًا ، وَالْخَطَأُ فِي السِّنِّ وَشِبْهِهَا مِمَّا فِيهِ دِيَةٌ مُسَمَّاةٌ ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي السِّنِّ دِيَتُهَا .
مُحَمَّدٌ لَيْسَتْ السِّنُّ عِنْدَهُ كَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ يَرَى فِيهَا دِيَتَهَا ، وَاخْتُلِفَ فِي إشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ إذَا رَدَّهُمَا فِي قَطْعِ الْخَطَأِ ، فَعَلَى أَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً لَا شَيْءَ لَهُ ، وَعَلَى أَنَّ فِيهِمَا الدِّيَةَ فَلَهُ الدِّيَةُ كَالسِّنِّ .
ثُمَّ أَيَّدَ أَخْذَ عَقْلِ السِّنِّ الَّتِي ثَبَتَتْ بَعْدَ قَلْعِهَا بِتَشْبِيهِهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَقَالَ ( كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ ) أَيْ الْجَائِفَةِ وَالْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ ، فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَخْذِ عَقْلِهَا وَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا ، وَكَذَا الْهَاشِمَةُ وَالدَّامِغَةُ وَتُؤْخَذُ دِيَةُ الْأَصَابِعِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْأَسْنَانِ مُخَمَّسَةً مِنْ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ
وَالْحِقَاقِ وَالْجَذَعَاتِ قَالَهُ فِي دِيَةِ النَّوَادِرِ ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ
وَرُدَّ فِي عَوْدِ الْبَصَرِ وَقُوَّةِ الْجِمَاعِ وَمَنْفَعَةِ اللَّبَنِ ، وَفِي الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَ : تَأْوِيلَانِ
( وَ ) إنْ جَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ بَصَرُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ دِيَتَهُ ثُمَّ عَادَ لَهُ بَصَرُهُ ( رَدَّ ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ الَّتِي أَخَذَهَا لِلْجَانِي ( فِي عَوْدِ الْبَصَرِ ) وَسَوَاءٌ أَخَذَهَا بِحُكْمٍ أَمْ لَا لِأَنَّ عَوْدَهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ ذَهَابِهِ ، وَأَنَّهُ تَعَطَّلَ بِعِلَّةٍ ذَهَبَتْ ، إذْ لَوْ ذَهَبَ لَا يَعُودُ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ فَلَا تُؤْخَذُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَرُدُّ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهِ .
تت سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ الرَّدِّ فِي عَوْدِ الْكَلَامِ وَالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ إذَا عَادَ بَعْدَ زَوَالِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
وَأَمَّا الثَّانِي فَقِيلَ الَّذِي يَجْرِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْبَصَرِ الرَّدُّ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَرُدُّ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَصَرِ وَالْعَقْلِ أَنَّ الْبَصَرَ إذَا عَادَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ حَقِيقَةً ، بِخِلَافِ الْعَقْلِ ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْعَقْلَ إذَا زَالَ لَا يَعُودُ ، وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ سَاتِرٌ ثُمَّ انْكَشَفَ .
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِي الْبَيَانِ حُكْمُهُ ، إذَا عَادَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ كَالْبَصَرِ .
طفي الَّتِي يَجْرِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْبَصَرِ الرَّدُّ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ ، وَقِيلَ لَا يَرُدُّ كَقَوْلِ أَشْهَبَ وَنَحْوِهِ فِي الشَّارِحِ ، وَعَلَيْهِ يَتَرَتَّبُ الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ ، فَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ .
( وَ ) إنْ أَبْطَلَ قُوَّةَ جِمَاعِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ دِيَتَهَا ثُمَّ عَادَتْ رَدَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي مَا أَخَذَهُ مِنْهُ فِي عَوْدِ ( قُوَّةِ الْجِمَاعِ ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( وَ ) إنْ أَذْهَبَ لَبَنَ امْرَأَةٍ وَأَخَذَتْ مِنْهُ دِيَتَهُ ثُمَّ عَادَ لَهَا لَبَنُهَا فَإِنَّهَا تَرُدُّ الدِّيَةَ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْ الْجَانِي ( فِي ) عَوْدِ ( مَنْفَعَةِ اللَّبَنِ ) إضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ آدَمِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِهَا مِنْ الْجَانِي فَيَرُدُّ لَهُ ، وَكَذَا عَوْدُ السَّمْعِ ،
ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ، وَكَذَا عَوْدُ الْكَلَامِ وَالْعَقْلِ ، وَيَنْبَغِي الرَّدُّ فِي عَوْدِ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَوْدَ اللَّمْسِ كَذَلِكَ ، فَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَصَرِ عَمْدًا وَاقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي ثُمَّ عَادَ بَصَرُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّهُ هَدَرٌ ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قُوَّةِ الْجِمَاعِ أَفَادَهُ شب .
( وَ ) إنْ قَلَعَ أُذُنَهُ مِنْ مَحَلِّهَا وَرَدَّهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إلَيْهِ فَثَبَتَتْ فَ ( فِي ) أَخْذِ عَقْلِ ( الْأُذُنِ ) وَعَدَمِ رَدِّهِ إنْ كَانَ أَخَذَهُ ( إنْ ثَبَتَتْ ) الْأُذُنُ فِي مَحَلِّهَا بَعْدَ قَلْعِهَا وَرَدِّهَا إلَيْهِ فِي الْبَيَانِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَعَدَمِ لُزُومِهِ لِلْجَانِي وَإِنْ كَانَ أُخِذَ مِنْهُ رُدَّ لَهُ وَهُوَ رَأْيُ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْحَقِّ
وَتَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ بِتَعَدُّدِهَا ، إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا
( وَتَعَدَّدَ ) الْعَقْلُ أَيْ تَتَعَدَّدُ الدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي فِي الْعَمْدِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ ( بِتَعَدُّدِهَا ) أَيْ الْمَنْفَعَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا ، فَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَجُنَّ فَدِيَتَانِ ( إلَّا الْمَنْفَعَةَ ) الذَّاهِبَةَ ( بِ ) الْجِنَايَةِ عَلَى ( مَحَلِّهَا ) أَيْ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ قَطَعَ أُذُنَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الشَّمِّ دِيَةٌ ، وَيَنْدَرِجُ فِي الْأَنْفِ كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنِ وَالسَّمْعِ مَعَ الْأُذُنِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ ذَهَبَ الْأَنْفُ وَالشَّمُّ مَعًا فَفِيهِمَا دِيَةٌ .
ابْنُ الْجَلَّابِ الْقِيَاسُ دِيَتَانِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ ، وَذَكَرَهُ فِي ذَهَابِ السَّمْعِ مَعَ الْأُذُنِ
وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ ، فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا
( وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ ) مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً ( الرَّجُلَ ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا فِي دِيَةِ جِرَاحَاتِهَا لِبُلُوغِ دِيَتِهَا ( لِثُلُثِ دِيَتِهِ ) أَيْ الرَّجُلِ ( فَتَرْجِعُ ) الْمَرْأَةُ فِي دِيَةِ جِرَاحَاتِهَا ( لِدِيَتِهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ يَعْنِي أَنَّ دِيَةَ مُوضِحَةِ الْمَرْأَةِ وَمُنَقِّلَتِهَا وَأَصَابِعِهَا وَأَسْنَانِهَا وَنَحْوَهَا مِمَّا يُوجِبُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ فَدِيَةُ الْمَرْأَةِ فِيهِ مُسَاوِيَةٌ لِدِيَةِ الرَّجُلِ ، فَفِي مُوضِحَتِهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُلِ ، وَفِي مُنَقِّلَتِهَا عُشْرُهَا وَنِصْفُهُ ، وَفِي أُصْبُعِهَا عُشْرُ دِيَتِهِ ، وَفِي أُصْبُعَيْهَا عُشْرَا دِيَتِهِ ، وَفِي ثَلَاثَةِ أَصَابِعِهَا ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ دِيَتِهِ ، وَإِنْ أَوْجَبَ جُرْحَهَا ثُلُثَ دِيَةٍ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ لِدِيَتِهَا فَلَهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا لَا ثُلُثُ دِيَةِ الرَّجُلِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا الْمَرْأَةُ تُعَاقِلُ الرَّجُلَ فِي الْجِرَاحِ إلَى ثُلُثِ دِيَتِهِ وَلَا تَسْتَكْمِلُهُ ، فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ رَجَعَتْ إلَى عَقْلِ نَفْسِهَا ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ ، أَنَّ لَهَا فِي ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ وَنِصْفٍ أُنْمُلَةً إحْدَى وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا وَثُلُثَيْ بَعِيرٍ فَهِيَ وَالرَّجُلُ فِي هَذَا سَوَاءٌ ، وَإِنْ أُصِيبَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ وَأُنْمُلَةٌ رَجَعَتْ إلَى عَقْلِهَا فَلَهَا سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ وَنَحْوُهُ فِي الْمُوَطَّإِ .
أَبُو عُمَرَ رَبِيعَةُ قُلْت لِابْنِ الْمُسَيِّبِ كَمْ فِي أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْمَرْأَةِ قَالَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ ، قُلْت كَمْ فِي أُصْبُعَيْنِ قَالَ عِشْرُونَ ، قُلْت كَمْ فِي ثَلَاثٍ قَالَ ثَلَاثُونَ ، قُلْت كَمْ فِي أَرْبَعٍ قَالَ عِشْرُونَ ، قُلْت لِمَا عَظُمَ جُرْحُهَا وَاشْتَدَّتْ بِلَبَّتِهَا نَقَصَ عَقْلُهَا قَالَ أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ قُلْت بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ قَالَ هِيَ السُّنَّةُ .
أَبُو عُمَرَ هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَاللَّيْثِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُرْسَلِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، وَقَوْلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ هِيَ السُّنَّةُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرْسَلَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْإِمَامَانِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تُعَاقِلُهُ لِلنِّصْفِ ، وَقَوْلُهُ وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْأُصْبُعِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَفِي السِّنِّ نِصْفُهُ .
طفي أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ إنَّمَا قَالَ لَهُ هَذَا لِمُعَارَضَتِهِ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِهِ ، وَذَلِكَ عَادَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي مُخَالَفَتِهِمْ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَا زَالَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ يُنْكِرُونَ مَذْهَبَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لِمُخَالَفَتِهِمْ لِسُنَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَضُمَّ مُتَّحِدٍ الْفِعْلِ ، أَوْ فِي حُكْمِهِ ، أَوْ الْمَحَلِّ فِي الْأَصَابِعِ لَا الْأَسْنَانِ ، وَالْمَوَاضِحِ ؛ وَالْمَنَاقِلِ ، وَعَمْدٍ لِخَطَأٍ ، وَإِنْ عَفَتْ
( وَضُمَّ ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ ( مُتَّحِدٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مُضَافٌ إلَى ( الْفِعْلِ ) إضَافَةَ مَا كَانَ صِفَةً إلَى مَا كَانَ مَوْصُوفًا أَيْ الْجِرَاحَاتِ النَّاشِئَةِ عَنْ الْفِعْلِ الْوَاحِدِ كَضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي يَدٍ أَوْ فِي رِجْلٍ أَوْ فِي يَدَيْنِ أَوْ فِي رِجْلَيْنِ أَوْ فِي يَدٍ وَرِجْلٍ قَطَعَتْ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ ، وَلَوْ قَطَعَتْ أَرْبَعًا فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خُمُسٌ ( أَوْ ) مَا فِي ( حُكْمِهِ ) أَيْ الْمُتَّحِدِ كَضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَيْ آثَارِ الْأَفْعَالِ الْمُتَوَالِيَةِ وَسَوَاءٌ الْأَصَابِعُ وَالْأَسْنَانُ وَالْمَوَاضِحُ وَالْمَنَاقِلُ ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ أَوْ تَعَدَّدَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَثَرُ النَّاشِئُ عَنْ الثَّانِي مِثْلَ أَثَرِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا ، كَضَرْبِهَا عَلَى رَأْسِهَا وَيَدِهَا عَلَيْهِ فَقَطَعَ لَهَا أُصْبُعًا وَشَجَّهُ مُنَقِّلَةً فَتَرْجِعُ فِيهِمَا لِعَقْلِهَا .
فِي التَّوْضِيحِ ضَابِطُهُ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ أَوْ الضَّرْبِ ، وَفَائِدَتُهُ رَدُّهَا لِدِيَتِهَا إذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ ( أَوْ ) مُتَّحَدِ ( الْمَحَلِّ ) كَضَرَبَاتٍ فِي يَدٍ أَوْ رِجْلٍ قَطَعَتْ أَصَابِعَهَا ، فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثًا فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خُمُسٌ ، وَتُعْتَبَرُ أَصَابِعُ كُلِّ يَدٍ وَحْدَهَا ، وَكَذَا أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ مَحَلٌّ وَكُلَّ رِجْلٍ مَحَلٌّ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا وُجُوبُ ضَمِّ قَطْعِ أَصَابِعِهَا بَعْضِهَا لِبَعْضٍ بِاتِّحَادِ يَدِهَا أَوْ فَوْرِ ضَرْبِهَا وَإِلَّا فَلَا ، وَحَيْثُ يَجِبُ مِمَّا بَلَغَ بِهِ عَقْلُهَا ثُلُثَ عَقْلِ الرِّجْلِ رَجَعَتْ لِعَقْلِهَا ، وَمَا لَا يَبْلُغُهُ فَلَهَا فِيهِ عَقْلُهُ وَمَا يُضَمُّ اُعْتُبِرَ كَأَنَّهُ أَوَّلُ .
ابْنُ زَرْقُونٍ فِي ضَمِّهَا بِذَلِكَ وَقَصْرِهِ عَلَى فَوْرٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ تَكُنْ رَجَعَتْ لِعَقْلِهَا ، ثَالِثُهَا وَلَوْ رَجَعَتْ لَهَا وَلِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَلَمَةَ مَعَ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ
الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ ، وَعَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ نَافِعٍ بَدَلَ ابْنِ وَهْبٍ ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَحَيْثُ اتَّحَدَ الْفِعْلُ أَوْ كَانَ فِي حُكْمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ كَضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ تُبِينُ أَصَابِعَ مِنْ يَدَيْنِ فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْيَدِ ، فَلَوْ قُطِعَ لَهَا بَعْدَهُ أُصْبُعٌ فَلَا يُضَمُّ ، بَلْ تَأْخُذُ لَهُ عُشْرًا إنْ كَانَ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا ، وَخُمُسًا إنْ كَانَ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا كَمَا لَوْ كَانَ فِي كُلِّ يَدٍ عَلَى حِيَالِهَا لَهَا فَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ مَدْلُولَ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَوْ قُطِعَ لَهَا بَعْدَهُ أُصْبُعٌ فَلَا يُضَمُّ ، بَلْ تَأْخُذُ لَهُ عُشْرًا إنْ كَانَ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا ، وَخُمُسًا إنْ كَانَ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا كَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدٍ ، فَإِنَّ عَدَمَ الضَّمِّ مُنَافٍ لِوُجُوبِ خُمُسٍ فِي الْأُصْبُعِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا يُضَمُّ إلَى مَا بَانَ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ مَعًا ، وَقَوْلُهُ خُمُسًا إنْ كَانَ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا لَيْسَ مُسَبَّبًا عَنْ عَدَمِ الضَّمِّ ، بَلْ عَنْ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ ، وَلِذَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي كُلِّ يَدٍ عَلَى حِيَالِهَا .
وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ لَا يُضَمُّ شَيْءٌ إلَى مَا قَبْلَهُ فِيهِمَا قِيلَ ضَمِيرُ فِيهِمَا عَائِدٌ عَلَى الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ ، وَقِيلَ إلَى اتِّحَادِ الْفِعْلِ ، وَحُكْمُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمِّ الْأَصَابِعِ بِاتِّحَادِ الضَّرْبَةِ كَوْنُ ضَمِّهَا لِمِثْلِهَا ، بَلْ لَوْ كَانَ لِغَيْرِ مِثْلِهَا فَكَذَلِكَ لِنَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ ضُرِبَتْ وَيَدُهَا عَلَى رَأْسِهَا فَقُطِعَ لَهَا أُصْبُعَانِ وَشُجَّتْ مُنَقِّلَةً رَجَعَتْ فِي ذَلِكَ لِعَقْلِهَا ، وَفِيهَا كَذَا رِجْلَاهَا عَلَى مَا فَسَّرْنَا فِي الْيَدَيْنِ .
( فِي الْأَصَابِعِ ) كَمَا تَقَدَّمَ ( لَا ) فِي ( الْأَسْنَانِ ) فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا الْبَعْضُ بَلْ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ كَانَ ذَلِكَ
فِي ضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ ، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ تت .
طفي قَوْلُهُ فِي ضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِيهِ نَظَرٌ ، إذْ مَا فِي ضَرْبَةٍ أَوْ حُكْمِهَا يُضَمُّ مُطْلَقًا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ أَمْ لَا ، مَاثِلَةً أَمْ لَا كَمَا لَوْ ضُرِبَتْ وَيَدُهَا عَلَى رَأْسِهَا فَقُطِعَ لَهَا أُصْبُعَانِ وَشُجَّتْ مُنَقِّلَةً رَجَعَتْ فِيهِ لِعَقْلِهَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ .
وَقَدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ضَابِطُ هَذَا أَنَّك تَضُمُّ إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الضَّرْبُ ، وَكَذَا تَضُمُّ إذَا اتَّحَدَ الضَّرْبُ ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ وَهُوَ نَفْسُ كَلَامِهِ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَلَا سَلَفَ لتت فِيمَا قَالَهُ فِيمَا عَلِمْت ، وَقَرَّرَهُ عج وَغَيْرُهُ عَلَى الصَّوَابِ .
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَسْنَانِ فَجَعَلَهَا مَرَّةً كَالْأَصَابِعِ تُحَاسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ .
أَصْبَغُ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلَا تُحَاسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الْأَسْنَانِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ ، بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ .
مُحَمَّدٌ الْأَسْنَانُ عِنْدَهُ كَالرَّأْسِ يُصَابُ بِمَوَاضِعَ أَوْ بِمَنَاقِلَ فَلَا يُجْمَعُ عَلَيْهَا إلَّا مَا كَانَ فِي ضَرْبَةٍ .
ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ تُضَمُّ الْأَسْنَانُ بِاتِّحَادِ الضَّرْبَةِ ، وَفِي ضَمِّهَا بِاتِّحَادِ مَحَلِّهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ .
أَصْبَغُ وَعَدَمُ الضَّمِّ أَحَبُّ إلَيَّ ، وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ .
الشَّيْخُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا تُضَمُّ الْمَوَاضِحُ وَالْمَنَاقِلُ إلَّا لِكَوْنِهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَقِّلَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَوْضِعِ الْأُولَى بَعْدَ بُرْئِهَا ، قُلْت هُوَ قَوْلُهَا أَيْضًا الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ الْفَوْرُ الْوَاحِدُ يَضُمُّهَا كَالسَّارِقِ يَنْقُلُ مِنْ الْحِرْزِ قَلِيلًا قَلِيلًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِضَعْفِهِ أَوْ لِئَلَّا
يُقْطَعَ هِيَ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ ا هـ .
( وَ ) لَا تُضَمُّ ( الْمَوَاضِحُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مُوضِحَةٍ الَّتِي فِي الرَّأْسِ أَوْ الْجَسَدِ إلَّا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ أَفْعَالٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ ( وَ ) لَا تُضَمُّ ( الْمَنَاقِلُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مُنَقِّلَةٍ إلَّا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ أَفْعَالٍ فِي فَوْرٍ ، فَلَوْ أَوْضَحَتْ مُوضِحَتَيْنِ خَطَأً وَأَخَذَتْ عَقْلَهُمَا ثُمَّ أَوْضَحَتْ مَوَاضِحَ أُخَرَ فَلَهَا عَقْلُهَا كَالرِّجْلِ مَا لَمْ تَبْلُغْ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ ثُلُثَ دِيَتِهِ .
وَحَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّ أَثَرَ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ يُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ ، وَأَمَّا آثَارُ الْأَفْعَالِ الْمُتَرَاخِيَةِ فَتُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ إنْ اتَّحَدَ مَحَلُّهَا ، وَلَا تُضَمُّ فِي الْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ ، فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَابِعِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الْمَحَلِّ وَلَوْ قَالَ كَالْمَحَلِّ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُعْلَمَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْأَصَابِعِ لَا الْأَسْنَانِ ، وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا هِيَ قَاعِدَتُهُ الْأَكْثَرِيَّةُ .
( وَ ) لَا يُضَمُّ ( عَمْدٌ لِخَطَأٍ ) كَمَا لَوْ قُطِعَتْ لَهَا ثَلَاثٌ عَمْدًا ثُمَّ ثَلَاثٌ خَطَأً فَلَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ إنْ اقْتَضَتْ مِنْ الْعَمْدِ ، بَلْ ( وَإِنْ عَفَتْ ) عَنْ الْعَمْدِ وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَوْ كَانَ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا يُضَمُّ الْخَطَأُ إلَى عَمْدٍ اقْتَصَّتْ أَوْ عَفَتْ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ قُطِعَ لَهَا أُصْبُعَانِ عَمْدًا فَاقْتَصَّتْ أَوْ عَفَتْ ثُمَّ قُطِعَ مِنْ تِلْكَ الْكَفِّ أُصْبُعَانِ أَيْضًا خَطَأً فَلَهَا فِيهِمَا عِشْرُونَ بَعِيرًا : وَإِنَّمَا يُضَافُ بَعْضُ الْأَصَابِعِ إلَى بَعْضٍ فِي الْخَطَأِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ ، وَعَنْ أَشْهَبَ يُحْسَبُ عَلَيْهَا مِنْ أَصَابِعِهَا مَا أُصِيبَتْ بِهِ عَمْدًا ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْقِيُّ .
اللَّخْمِيُّ
إنْ صَالَحَتْ عَنْ كُلِّ أُصْبُعٍ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ فَلَا يُضَمُّ ، وَإِنْ صَالَحَتْ عَنْ كُلِّ أُصْبُعٍ بِخَمْسٍ إلَى عَشْرٍ عَادَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ الْخَطَإِ ، بِلَا اعْتِرَافٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي ، إنْ بَلَغَ ثُلُثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي
( وَنُجِّمَتْ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلَةً أَيْ أُجِّلَتْ بِالنُّجُومِ أَيْ الْأَهِلَّةِ ( دِيَةُ ) الشَّخْصِ ( الْحُرِّ ) الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ أَوْ الْمَجُوسِيِّ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَى فِي قَتْلِ ( الْخَطَأِ ) فَلَا تُنَجَّمُ قِيمَةُ الرِّقِّ فَهِيَ حَالَّةٌ عَلَى قَاتِلِهِ ، وَكَذَا دِيَةُ الْعَمْدِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهَا إذَا ثَبَتَ قَتْلُ الْخَطَأِ ( بِلَا اعْتِرَافٍ ) أَيْ إقْرَارٍ مِنْ الْقَاتِلِ بِأَنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِاعْتِرَافٍ لَا يُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِاتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ لِإِغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَتُنَجَّمُ ( عَلَى الْعَاقِلَةِ ) لِلْجَانِي الْحُرِّ سُمِّيَتْ عَاقِلَةً لِعَقْلِهَا لِسَانَ الطَّالِبِ عَنْ الْجَانِي ( وَ ) عَلَى ( الْجَانِي ) ابْنُ عَرَفَةَ وَدِيَةُ الْخَطَأِ الثَّابِتِ لَا بِاعْتِرَافٍ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ .
الشَّيْخُ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ أَمْرٌ قَدِيمٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا أَنْ قَتْلَ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا خَطَأً حَمَلَتْ عَاقِلَتُهُ دِيَتَهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَالدِّيَاتُ كُلُّهَا دِيَةُ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيَّةِ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْمَجُوسِيَّةِ إذَا وَقَعَتْ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ .
الْبَاجِيَّ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤَدِّي الْجَانِي مَعَ الْعَاقِلَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى عَزْوِهِ عَدَمُ دُخُولِهِ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُهُ رِوَايَةُ خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ فِي دُخُولِ الْجَانِي فِي التَّحَمُّلِ رِوَايَتَانِ ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ ، وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ سَقَطَتْ الْجِنَايَةُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِينُهُ فِيهَا عَادَتْ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ عَسُرَ
تَنَاوُلُهَا مِنْهُ كَانَتْ عَلَيْهِ .
أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ صَبِيًّا .
ابْنُ مَرْزُوقٍ الْمَجْنُونُ وَالْمَرْأَةُ كَالصَّبِيِّ فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِي وَلَا يَعْقِلُونَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ ، وَأَمَّا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَيَعْقِلُونَ كَمَا هُنَا .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ، إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ مُطْلَقًا جِنَايَاتِهِمْ وَلَا جِنَايَاتِ غَيْرِهِمْ ، وَانْظُرْهُ مَعَ ظَاهِرِ نَقْلِ الْبَاجِيَّ ، وَنَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ صَبِيًّا ، وَقَوْلُ ابْنِ مَرْزُوقٍ الْمَرْأَةُ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ .
الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ دُخُولِ الْجَانِي هُوَ الْمَشْهُورُ ، ثُمَّ قَالَ فَرْعٌ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَةَ الْعَبْدِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَنَّهُ إنْ جَنَى عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ ، وَإِنْ جَنَى خَطَأً فَفِي رَقَبَتِهِ .
ا هـ .
وَكَذَا لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ ، وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمَّا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَمِنْ حَقِّ الْعَاقِلَةِ أَنْ تَرُدَّهُ إنْ شَاءَتْ ، وَإِنْ كَانَ عَنْ عَمْدٍ فَلَا يَلْزَمُهَا الْأَصْلُ وَلَا الْفَرْعُ .
الشَّارِحُ فِي دِيَةِ الْجِنَايَةِ الثَّابِتَةِ بِإِقْرَارِ الْجَانِي أَقْوَالٌ فِي الْمَذْهَبِ ، فَقِيلَ فِي مَالِهِ وَحْدَهُ ، وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِقَسَامَةٍ مَاتَ الْمَقْتُولُ فِي الْحَالِ أَمْ لَا ، وَقِيلَ تَبْطُلُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ الْقَاتِلُ بِإِغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ .
وَقِيلَ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَ عَدْلًا .
وَقِيلَ تُفَضُّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فَمَا نَابَهُ يَلْزَمُهُ وَسَقَطَ مَا عَلَيْهِمْ وَكُلُّهَا مُسْتَقْرَأَةٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَلَّابِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ بِإِغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ .
بَنَانِيُّ وَشَرْطُ التَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ( إنْ بَلَغَ ) الْوَاجِبَ
بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ ( ثُلُثُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ ) ثُلُثُ دِيَةِ ( الْجَانِي ) ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ الْحَمْلِ بُلُوغُ الْمَحْمُولِ ثُلُثَ الدِّيَةِ .
فِيهَا إنْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ خَطَأً مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ ، وَكَذَا جِنَايَةُ مَجُوسِيٍّ عَلَى مُسْلِمَةٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ ، مِثْلَ أَنْ يَقْطَعَ لَهَا أُصْبُعَيْنِ فَتَحْمِلُ ذَلِكَ عَاقِلَتُهُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَتِهَا .
وَلَوْ جَنَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهَا ، وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْجِنَايَةَ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ .
الْبَاجِيَّ هَلْ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، فَذَكَرَ عَنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ مِثْلَ قَوْلِهَا .
أَشْهَبُ ابْنُ كِنَانَةَ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ الَّذِي كَانَ يُعْرَفُ مِنْ قَوْلِك أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِدِيَةِ الْمَجْرُوحِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَرَوَاهُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .
زَادَ الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ لِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ إلَّا ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ .
قِيلَ كَالْمَرْأَةِ يُقْطَعُ كَفُّهَا وَفِيهِ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ ، فَقَالَ إنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ ثُمَّ رَجَعَتْ فَذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ إلَّا ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ الْجَانِي مَنْ كَانَ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَنْ كَانَ ، وَلَفْظُ الْعُتْبِيَّةِ فِي جَوَابِ مَالِكٍ لِابْنِ كِنَانَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَقَدْ كَذَبَ مَنْ قَالَ هَذَا ، وَلَقَدْ حُمِلَ قَوْلِي عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ أَنْكَرَهُ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا ، وَرَجَّحَ قَصْرَ الِاعْتِبَارِ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، وَمِثْلُهُ لِلَّخْمِيِّ .
قُلْت فَفِي قَصْرِ الِاعْتِبَارِ عَلَى ثُلُثِ دِيَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ
ثُلُثِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، ثَالِثُهَا الْمُعْتَبَرُ ثُلُثُ دِيَةِ الرَّجُلِ كَانَ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَنْ كَانَ
وَمَا لَمْ يَبْلُغْ : فَحَالٌّ عَلَيْهِ : كَعَمْدٍ ، وَدِيَةٍ غُلِّظَتْ ، وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ إلَّا مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجُرْحِ لِإِتْلَافِهِ ، فَعَلَيْهَا
( وَمَا ) أَيْ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ الَّذِي ( لَمْ يَبْلُغْ ) ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي وَلَا ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( فَحَالٌّ عَلَيْهِ ) أَيْ الْجَانِي وَحْدَهُ .
ابْنُ شَاسٍ مَا دُونَ الثُّلُثِ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًّا وَهُوَ نَصُّهَا وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي حَالَّةً فَقَالَ ( كَ ) دِيَةِ ( عَمْدٍ ) عُفِيَ عَنْ الْجَانِي عَلَيْهَا فَهِيَ عَلَيْهِ حَالَّةً .
شب شَمَلَ جِرَاحَ الْعَمْدِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَقَتْلَ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِزِيَادَةِ الْجَانِي بِزِيَادَةِ إسْلَامٍ مُطْلَقًا ، أَوْ بِحُرِّيَّةٍ مَعَ تَسَاوِي الدَّيْنِ فِي الرِّسَالَةِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا .
ابْنُ رُشْدٍ : الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ عَلَى الْجَانِي حَالَّةً ( وَ ) كَ ( دِيَةٍ غُلِّظَتْ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً عَلَى الْجَانِي بِتَرْبِيعٍ أَوْ تَثْلِيثٍ فَهِيَ عَلَيْهِ حَالَّةٌ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ تَكُونُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَهُوَ ضَرْبُ الزَّوْجِ وَالْمُؤَدِّبِ وَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَجْدَادِ وَفِعْلُ الطَّبِيبِ وَالْخَائِنِ وَسَائِرِ مَنْ جَازَ فِعْلُهُ شَرْعًا ، وَاللَّطْمَةُ وَالْوَكْزَةُ وَالرَّمْيَةُ بِالْحَجَرِ وَالضَّرْبُ بِعَصَاةٍ مُتَعَمِّدًا ، فَهَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ ، وَفِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ نَقَلَهُ الْحَطّ .
( وَ ) كَدِيَةِ عُضْوٍ ( سَاقِطٍ ) الْقِصَاصُ فِيهِ ( لِعَدَمِ ) مِثْلِ ( هـ ) فِي الْجَانِي كَقَطْعِهِ يُمْنَى وَلَا يُمْنَى لَهُ فَدِيَتُهَا عَلَيْهِ حَالَّةً وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا اُنْتُظِرَ يُسْرُهُ .
فِيهَا إذَا فَقَأَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى يُمْنَى رَجُلٍ صَحِيحَةً عَمْدًا فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَالِهِ ، وَهُوَ كَأَقْطَعِ الْيَدِ الْيُمْنَى يَقْطَعُ يُمْنَى رَجُلٍ فَدِيَتُهَا فِي مَالِهِ ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى .
وَاسْتَثْنَى مِنْ الْعَمْدِ فَقَالَ ( إلَّا مَا ) أَيْ جُرْحًا عَمْدًا ( لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِ ) خَوْفِ ( إتْلَافِهِ ) كَجَائِفَةٍ وَآمَّةٍ وَكَسْرِ فَخْذٍ ( فَ ) دِيَتُهُ (
عَلَيْهَا ) أَيْ عَاقِلَةِ الْجَانِي ، فِيهَا عَقْلُ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ عَمْدًا عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَلَوْ كَانَ لِلْجَانِي مَالٌ وَعَلَيْهِ ثَبَتَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَبِهِ أَقُولُ ، وَقَالَ أَوَّلًا إنَّهَا فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ .
ابْنُ زَرْقُونٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّهَا فِي مَالِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ عَزَاهُ ابْنُ هَارُونَ لِظَاهِرِ دِيَاتِهَا ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُغَلَّطَةَ فِي مَالِ الْجَانِي عَلَى الْمَشْهُورِ .
الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْهُمْ قَالُوا الْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الِاعْتِرَافِ رُبَّمَا جَعَلَهُ كَشَاهِدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ .
الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ مَا جَنَى الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً } ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَتْلَهُ نَفْسَهُ
وَهِيَ الْعَصَبَةُ ، وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ ؛ إنْ أُعْطُوا ثُمَّ بِهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ، ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ ، ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ ، ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا ، وَإِلَّا فَالذِّمِّيُّ : ذَوُو دِينِهِ ، وَضُمَّ كَكُوَرِ مِصْرَ وَالصُّلْحِيُّ : أَهْلُ صُلْحِهِ
( وَهِيَ ) أَيْ الْعَاقِلَةُ ( الْعَصَبَةُ ) بِنَفْسِهِ فِي الْجَلَّابِ قَرُبُوا أَوْ بَعُدُوا وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ عَلَى مَا يَأْتِي .
( وَبُدِئَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الْعَصَبَةِ ( الْحُدَّثِ ) مَثُلْنَا ا ( الدِّيوَانِ ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا ، أَيْ الْكِتَابِ الَّذِي دُوِّنَ ، وَكُتِبَ بِهِ أَسْمَاءُ الْجُنْدِ وَعَطَاؤُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَهْلُهُ هُمْ الْمَكْتُوبُ أَسْمَاؤُهُمْ وَعَطَاؤُهُمْ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ وَلَهُ عَصَبَةٌ لَيْسُوا مِنْهُمْ قُدِّمَ أَهْلُ دِيوَانِهِ فِي غُرْمِ دِيَةِ قَتِيلِهِ عَلَى عَصَبَتِهِ .
طفي نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّمَا الْعَقْلُ عَلَى الْقَبَائِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَمْ لَا .
قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ .
وَقَالَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَكُونُ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ ضَعِيفٌ إنَّمَا يُرَاعَى قُبَيْلَ الْقَاتِلِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْجَرْيُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ ، وَقَدْ تَوَرَّكَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِظَاهِرِهَا .
قَالَ عج لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الدِّيوَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَحْمِلُ أَنَّهُمْ تُعِينُهُمَا عَصَبَتُهُمْ بَلْ رُبَّمَا يُوهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ عَصَبَتَهُمْ لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا الدِّيَةُ بِحَالٍ ، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِهِمْ وَبِعَصَبَةِ الْجَانِي وَمَوَالِيهِ الْأَعْلَوْنَ وَالْأَسْفَلُونَ إلَخْ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ .
قُلْت مَا زَعَمَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ هُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ ، فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَبْدَأُ ؛ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ ، فَإِنْ اُضْطُرُّوا إلَى مَعُونَةٍ أَعَانَهُمْ عَصَبَتُهُمْ قَالَ بِأَثَرِهِ كَذَا وَجَدْته فِي غَيْرِ
نُسْخَةٍ بِلَفْظِ عَصَبَتِهِمْ ، بِضَمِيرِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَصَبَةٌ ، وَكَذَا فِي كِتَابِ ابْنِ شَاسٍ ، وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَةِ شَرْحِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَفَسَّرَاهُ بِأَنَّ أَهْلَ الدِّيوَانِ يَسْتَعِينُونَ بِعَصَبَةِ الْجَانِي وَهُوَ خِلَافُ مَدْلُولِ جَمْعِ الضَّمِيرِ ، لَكِنْ مَا فَسَّرَاهُ بِهِ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْمَذْهَبِ ا هـ .
وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَفَتَرَى أَنْ يُعِينَهُمْ قَوْمُ الْجَارِحِ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
وَشَرْطُ حَمْلِ أَهْلِ الدِّيوَانِ ( إنْ أُعْطُوا ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مَا كُتِبَ لَهُمْ فِيهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ .
ابْنُ شَاسٍ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إعْطَاءٌ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ ا هـ .
فَهُوَ شَرْطٌ فِي أَدَاءِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ كَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ صَرِيحٌ فِيهِ .
الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ دِيوَانٍ أَوْ لَمْ يُعْطُوا بُدِئَ ( بِهَا ) أَيْ الْعَصَبَةِ وَيُقَدَّمُ مِنْهَا ( الْأَقْرَبُ ) لِلْجَانِي كَالْأَبْنَاءِ ( فَالْأَقْرَبُ ) مِمَّنْ بَعْدَهُ كَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ ، وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَالْفَرْعُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ .
ذَكَرَ شَارِحُ اللُّمَعِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِعَصَبَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فَيَبْدَأُ بِالْفَخْذِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْفَخْذُ ضُمَّ إلَيْهِ الْبَطْنُ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ ضُمَّتْ إلَيْهِ الْعِمَارَةُ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ ضُمَّتْ إلَيْهَا الْفَصِيلَةُ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلُّوا ضُمَّتْ إلَيْهِمْ الْقَبِيلَةُ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلُّوا لِفَقْرِهِمْ وَقِلَّةِ جِدَتِهِمْ اسْتَعَانُوا بِأَقْرَبِ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ فَخُزَيْمَةُ شِعْبٌ وَكِنَانَةُ قَبِيلَةٌ وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ وَقُصَيٌّ بَطْنٌ وَهَاشِمٌ فَخِذٌ وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ وَالْعَشِيرَةُ الْإِخْوَةُ أَفَادَهُ شب .
الْبُنَانِيُّ يَبْدَأُ بِالْفَخِذِ ثُمَّ الْبَطْنِ ثُمَّ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَصِيلَةِ ثُمَّ الْقَبِيلَةِ ثُمَّ أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ .
وَقِيلَ الْفَصِيلَةُ أَقْرَبُ مِنْ الْفَخِذِ فَهِيَ أَقْرَبُ مَا يَلِي الْإِنْسَانَ وَهُوَ الَّذِي فِي الْقَامُوسِ ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ مُرَادُ .
الْمُصَنِّفِ ، فَقَوْلُ عب عَلَى تَرْتِيبِ النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَسْمَاءِ دَرَجَاتِ الْعَصَبَةِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ دَرَجَاتِ الْأَوْلِيَاءِ فِي النِّكَاحِ ، وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إلَّا مَعْرِفَةَ مَدْلُولِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِاعْتِبَارِ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ ا هـ .
وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَنْظِيرُ الْبُنَانِيِّ فِي تَقْرِيرِ عب .
( فَائِدَةٌ ) أَسْمَاءُ طَبَقَاتِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ سِتَّةٌ ، الشَّعْبُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَمُوَحَّدَةٍ ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ، ثُمَّ الْعِمَارَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تُكْسَرُ ، الْبَطْنُ ، ثُمَّ الْفَخِذُ ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْعَشِيرَةَ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
( ثُمَّ ) يَلِي عَصَبَةَ النَّسَبِ ( الْمَوْلَى ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ ( الْأَعْلَى ) أَيْ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ ثُمَّ ) الْمَوْلَى ( الْأَسْفَلُ ) أَيْ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِهَا وَلَا تَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَرْأَةُ الْمُعْتَقَةُ بِالْفَتْحِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْمَوَالِيَ مِنْ الْأَسْفَلِ لَا يَعْقِلُونَ عَمَّنْ أَعْتَقَهُمْ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ بِصَحِيحٍ ، بَلْ يَعْقِلُونَ مَعَهُمْ عَلَى سَمَاعِ أَصْبَغَ .
ابْنَ الْقَاسِمِ هَذَا وَمِثْلُهُ لِابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمَدَنِيَّةِ .
وَفِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُبْتَلِّ فِي الْمَرَضِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَنَّ جِنَايَتَهُ جِنَايَةُ عَبْدٍ
لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ جَرِيرَةَ أَحَدٍ حَتَّى يَحْمِلَ هُوَ مَعَ الْعَاقِلَةِ مَا لَزِمَ الْعَاقِلَةَ مِنْ الْجَرَائِرِ .
قُلْت فِي أَخْذِهِ مِنْ هَذَا نَظَرٌ ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِالْعَاقِلَةِ قَوْمَهُ وَعَشِيرَتَهُ لَا عَاقِلَةَ مُعْتِقِهِ .
وَهَذَا الْأَخْذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ سَبَقَهُ بِهِ .
ابْنُ حَارِثٍ .
قَالَ : وَاعْتِلَالُ سَحْنُونٍ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ لَا يَصِحُّ ، إذْ لَيْسَ الْعَقْلُ مُرْتَبِطًا بِالْمِيرَاثِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَعْقِلُ عَمَّنْ لَا يَرِثُهُ مِنْ قَبِيلَةِ مَوْلَاهُ وَسَائِرِ قَبِيلَتِهِ وَالْعَقْلُ فِي هَذَا ، بِخِلَافِ الْقِيَامِ بِالدَّمِ لَا حَقَّ لِلْمَوْلَى الْأَسْفَلِ فِي الْقِيَامِ بِهِ .
( ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا ) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا قَوْمَ لَهُ فَالْمُسْلِمُونَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ لَهُ عَاقِلَةٌ قَلِيلَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَنْ يَحْمِلُ الدِّيَةَ لِقِلَّتِهِمْ حَمَلَ عَلَيْهِمْ مَا يَحْمِلُونَهُ وَمَا بَقِيَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ، وَفِي وَلَائِهَا وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ يُنْسَبُ إلَى مَوَالِي أُمِّهِ فَهُمْ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ .
وَفِي دِيَاتِهَا إنْ قَالَ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ ، فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مُعْتَقَةً فَلَمُّوا إلَيْهَا أَنْ يُقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا الدَّمَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَرَبِ أَقْسَمَتْ فِي الْخَطَأِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لَهَا وَأَخَذُوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ وَهُوَ كَمَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ فَلَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
قُلْت وَكَذَا وَلَدُ الزِّنَا ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الرِّوَايَاتُ وَاضِحَةٌ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ وَالنِّكَاحُ بِتَأَخُّرِ دَرَجَةِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى عَنْ الْعَصَبَةِ ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا قَالَهُ فِي الْوَلَاءِ مِنْهَا وَغَيْرِهَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَعْقِلُ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهِ نَظَرٌ
لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ قَدْ يَرِثُ الْكَافِرَ إذَا أُعْتِقَ وَلَا وَرَثَةَ لَهُ .
قُلْت ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهَا فِي الْوَلَاءِ إنْ كَانَ عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ بَيْنَ نَصْرَانِيٍّ وَمُسْلِمٍ فَأَعْتَقَاهُ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً فَنِصْفُهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لَا عَلَى مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَنِصْفُهَا عَلَى أَهْلِ خَرَاجِ الدَّيْنِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُ .
تت وَهَذَا الشَّرْطُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَطْ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَرَاتِبِ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ .
طفي ظَاهِرُهُ أَنْ يُرَاعَى فِي عَاقِلَتِهِ الْعَصَبَةُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ، ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى ، ثُمَّ الْأَسْفَلُ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَالذِّمِّيُّ ذُو دِينِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا تَقَدَّمَ ، وَعِبَارَتُهُ تَبِعَ فِيهَا التَّوْضِيحَ وَابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَبِهَا قَرَّرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ إذْ قَالَ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ كَافِرًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا مَوَالِيَ عَقَلَ عَنْهُ أَهْلُ دِينِهِ .
ا هـ .
وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، إذْ لَا يُرَاعَى ذَلِكَ فِي الْكَافِرِ ، بَلْ عَاقِلَتُهُ أَهْلُ دِينِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْجِزْيَةِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا جَنَى نَصْرَانِيٌّ جِنَايَةً عَقَلَ ذَلِكَ أَهْلُ جِزْيَتِهِمْ وَهُمْ أَهْلُ كُورَتِهِ الَّذِينَ خَرَاجُهُمْ مَعَهُ .
وَفِيهَا لَوْ جَنَى مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَا بَلَغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي حَمَلَ ذَلِكَ أَهْلُ مُعَاقَلَتِهِمْ الرِّجَالُ مِنْهُمْ دُونَ النِّسَاءِ ، وَهُمْ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُمْ الْخَرَاجَ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ عَاقِلَةُ النَّصْرَانِيِّ أَيْ الْيَهُودِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ أَهْلُ إقْلِيمِهِ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ مَعَهُ فِي أَدَاءِ الْجِزْيَةِ ، فَإِنْ عَجَزُوا ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقُرَى مِنْهُمْ مِنْ كُورِهِمْ كُلِّهَا ، وَقَالَ أَيْضًا الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ الْمُغِيرَةُ إنْ كَانُوا أَهْلَ صُلْحٍ فَعَلَيْهِمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قَبَائِلُهُمْ .
اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ
كَانُوا مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ فَالْعَقْلُ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الصُّلْحِ فَهَذِهِ النُّقُولُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ مَا قُلْنَاهُ إنْ تَأَمَّلْتهَا بِإِنْصَافٍ .
الْبُنَانِيُّ الْحَقُّ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمَرَاتِبِ قَبْلَهُ كُلَّهَا لَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ " ز " تَبَعًا لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وضيح ، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الَّذِي يَعْقِلُ عَنْ الْكَافِرِ أَهْلُ دِينِهِ وَلَيْسَ فِي النَّصِّ اعْتِبَارُ عَصَبَتِهِ وَلَا دِيوَانِهِ ، هَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا وطفي .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي مُسْلِمًا ( فَ ) الْكَافِرُ ( الذِّمِّيُّ ) يَعْقِلُ عَنْهُ ( ذَوُو دِينِهِ ) الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُ الْجِزْيَةَ فَلَا يَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ ( وَ ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ كُورَتِهِ ( ضُمَّ ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُثَقَّلَةً إلَى أَهْلِ كُورِ دِيَتِهِ وَجِزْيَتِهِ ( كَكُوَرِ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ كُورَةٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ، أَيْ بَلْدَةٍ ، أَيْ قُرَى رِيفِ ( مِصْرَ ) حَتَّى يَكْمُلَ عَدَدُ الْعَاقِلَةِ ( وَ ) الْكَافِرُ ( الصُّلْحِيُّ ) يَعْقِلُ عَنْهُ ( أَهْلُ صُلْحِهِ ) الشَّارِحُ اُخْتُلِفَ فِي الْحَرْبِيِّ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ وَقَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ الْحَرْبِيِّينَ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ الْحَرْبِيِّينَ مُطْلَقًا ، فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ قَتَلَ حَرْبِيٌّ دَخَلَ بِأَمَانٍ مُسْلِمًا خَطَأً ، فَفِي كَوْنِ دِيَتِهِ عَلَى أَهْلِ كُورَتِهِ فَإِنْ أَبَوْا فَعَلَيْهِ مَا لَزِمَهُ مَعَهُمْ أَوْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ رِوَايَتَا الْبَرْقِيِّ وَسَحْنُونٍ عَنْ أَشْهَبَ ، وَعَزَا أَبُو زَيْدٍ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ
وَضُرِبَ عَلَى كُلِّ مَا لَا يَضُرُّ
( وَضُرِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ جُعِلَ ( عَلَى كُلٍّ ) مِنْ الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي وَنَائِبُ فَاعِلِ ضُرِبَ ( مَا ) أَيْ قَدْرٌ مِنْ الْمَالِ ( لَا يَضُرُّ بِحَالِهِ ) أَيْ لَا يُجْحِفُ بِمَالِهِ فَلَا يُسَاوِي مَا يُجْعَلُ عَلَى قَلِيلِ الْمَالِ مَا يُجْعَلُ عَلَى كَثِيرِهِ ، فِيهَا يَحْمِلُ الْغَنِيُّ مِنْ الْعَقْلِ بِقَدْرِهِ وَمِنْ دُونِهِ بِقَدْرِهِ وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ فِي يُسْرِهِمْ .
الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّمَا تُوَظَّفُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَالسَّعَةِ وَلَمْ يَحُدَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ حَدًّا ، وَقَدْ كَانَ يَحْمِلُ عَلَى النَّاسِ فِي إعْطَائِهِمْ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ دِرْهَمًا وَنِصْفًا ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ ، وَفِي النَّوَادِرِ وَظَاهِرُهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَكْرَهُ أَنْ يَبْعَثَ السُّلْطَانُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مَنْ يَأْخُذُهُ فَيَدْخُلُهُ فَسَادٌ كَبِيرٌ ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا يَحْمِلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ رُبُعَ دِينَارٍ
وَعُقِلَ عَنْ صَبِيٍّ ، وَمَجْنُونٍ ، وَامْرَأَةٍ ، وَفَقِيرٍ ، وَغَارِمٍ وَلَا يَعْقِلُونَ ، وَالْمُعْتَبَرُ : وَقْتُ الضَّرْبِ لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ
وَعُقِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( عَنْ ) جَانٍ ( صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَفَقِيرٍ ) لَا يَمْلِكُ شَيْئًا ( وَغَارِمٍ ) أَيْ مَدِينٍ عَاجِزٍ عَنْ وَفَاءِ دَيْنِهِ .
اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ أَوْ يَفْضُلُ لَهُ مَا لَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ .
الْبِسَاطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ مَا فِي يَدِهِ ( وَلَا يَعْقِلُونَ ) أَيْ الصَّبِيُّ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِ ، ظَاهِرُهُ لَا عَنْ غَيْرِهِ وَلَا عَنْ نَفْسِهِ .
عج كُلٌّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَرْأَةِ لَا يَعْقِلُونَ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُمْ فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ ، وَأَمَّا الْفَقِيرُ وَالْغَارِمُ فَلَا تُضْرَبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُمَا .
وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ لَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ وَيَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُبَاشِرُونَ ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُمْ حَتَّى الْفَقِيرَ وَالْغَارِمَ يَعْقِلُونَ الْجِنَايَةَ الصَّادِرَةَ مِنْهُمْ .
ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ مَا يُقَيِّدُهُ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عِنْدَ قَوْلِهِ وَشَرِيكُ الصَّبِيِّ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَبَعْضُ مَنْ حَشَاهُ ، فَقَوْلُ السُّودَانِيِّ إنَّ الصَّبِيَّ لَا يَعْقِلُ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْجَانِي غَيْرُ ظَاهِرٍ ا هـ كَلَامُ عج ، وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ وَلَا لِلزَّرْقَانِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ مُطْلَقًا جِنَايَتَهُمْ وَجِنَايَةَ غَيْرِهِمْ .
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ التَّكْلِيفُ وَالذُّكُورَةُ وَالْمُوَافَقَةُ فِي الدِّينِ وَالْيَسَارِ .
وَفِي الْجَلَّابِ وَلَا يَحْمِلُ النِّسَاءُ وَلَا الصِّبْيَانُ شَيْئًا مِنْ الْعَقْلِ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ عَقْلٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْقِلُوهُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِيمَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَاتِ ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَقْلُ عَلَى مَنْ
بَلَغَ الْحُلُمَ مِنْ الرِّجَالِ .
ا هـ .
وَتَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إذَا جَنَى مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ إلَخْ فَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْجَانِيَةِ ، وَفِيهَا مَا لَزِمَ الْعَاقِلَةَ مِنْ الدِّيَةِ فَهِيَ عَلَى الرِّجَالِ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ ، وَفِيهَا إنْ قَتَلَ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ رَجُلًا عَمْدًا قُتِلَ الرَّجُلُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ خَمْسَةٌ يُعْقَلُ عَنْهُمْ وَلَا يَعْقِلُونَ وَهُمْ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ ، فَإِطْلَاقُ الْأَئِمَّةِ وَظَوَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ ، وَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ لَا يَعْقِلُونَ جِنَايَةَ غَيْرِهِمْ فَأَحْرَى جِنَايَتُهُمْ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَحْرَى لِأَنَّ دُخُولَ الْجَانِي مَعَ الْعَاقِلَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ا هـ كَلَامُ طفي ، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ وَالْعَدَوِيُّ .
الْمُتَيْطِيُّ يَحْمِلُ الْعَقْلَ الرِّجَالُ الْبَالِغُونَ الْأَحْرَارُ الْعُقَلَاءُ وَالرُّشَدَاءُ وَالسُّفَهَاءُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ، وَخَمْسَةٌ يُعْقَلُ عَنْهُمْ وَلَا يَعْقِلُونَ وَهُمْ الصِّبْيَانُ ، وَالْمَجَانِينُ وَالنِّسَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَالْغَارِمُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ أَوْ يَفْضُلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا يَكُونُ بِهِ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ كَانَ لَا شَيْءَ فِي يَدِهِ فَهُوَ فَقِيرٌ ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا تَكُونُ النِّسَاءُ عَوَاقِلَ وَلَا يَعْقِلُ صَبِيٌّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، فَإِذَا بَلَغَ فُرِضَ عَلَيْهِ مَا يُفْرَضُ عَلَى الْكَبِيرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهَا عَلَى أَحْرَارِ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ ، وَفِيهَا زِيَادَةُ الْمُسْلِمِينَ ، وَفِيمَا يَأْتِي زِيَادَةُ حُضُورِهِ الْقَسْمَ يُرِيدُونَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ لِجَهْلِ حَالِهِ .
( وَالْمُعْتَبَرُ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ حَالِ مَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَاقِلَةِ مِنْ بُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَإِسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَحُضُورٍ وَغِنًى وَعَدَمِ غُرْمٍ حَالُهُ ( وَقْتُ الضَّرْبِ ) أَيْ تَفْرِيقُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا حَالُهُ وَقْتَ
الْجِنَايَةِ وَلَا وَقْتَ الْأَدَاءِ ، فَمَنْ كَانَ مُسْتَكْمِلًا لَهَا وَقْتَ الضَّرْبِ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ نَاقِصًا شَرْطًا مِنْهَا ، فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَكْمَلَهَا بَعْدَهُ .
ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِلْعَاقِلَةِ يَوْمَ الْمَوْتِ بَلْ يَوْمَ الْفَرْضِ ، وَأَنَّهَا إنْ فُرِضَتْ ثُمَّ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَأَيْسَرَ الْمُعْدَمُ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ بِشَيْءٍ .
عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُؤْتَنَفُ فِيهَا بَعْدَ قَسَمِهَا حُكْمٌ لِعَدَمٍ يَحْدُثُ بَعْدَ مَلَاءٍ أَوْ يَسَارٍ بَعْدَ عَدَمٍ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ احْتِلَامٍ ( لَا ) تُضْرَبُ ( إنْ قَدِمَ غَائِبٌ ) وَقْتَ الضَّرْبِ أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ أَيْسَرَ مُعْدَمٌ أَوْ أَعْتَقَ رَقِيقٌ ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْغَائِبَ فَشَمَلَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وَبَعِيدَهَا وَمَنْ غَابَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَمَنْ غَابَ بِنِيَّةِ عَدَمِهِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ مُنْقَطِعُ الْغَيْبَةِ ، وَأَمَّا مَنْ غَابَ لِحَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَعُودَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَفَادَهُ تت .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ ارْتَحَلَ مِنْ الْبَلْدَةِ الَّتِي وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِيهَا قَبْلَ فَرْضِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْهَا لَا خِلَافَ أَحْفَظُهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَرْتَحِلَ فِرَارًا مِنْهَا فَيَلْحَقُهُ حُكْمُهَا حَيْثُمَا كَانَ قَالَهُ الْقَاسِمُ وَغَيْرُهُ ، وَمَنْ أَدْرَكَهُ قَسْمُ بَلَدٍ انْتَقَلَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَسْمِ دَخَلَ فِيهِ مُطْلَقًا .
وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى تَخْرِيجِ شَرْطِ تَقَدُّمِ انْتِقَالِهِ عَلَى الْقَسْمِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَسْأَلَةِ حَبْسٍ عَلَى جَذْمِي بَلَدٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِثْلُهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ لِلْحَبْسِ .
الْخَرَشِيُّ لَا يُضْرَبُ عَلَى مَنْ غَابَ وَقْتَ الضَّرْبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً .
الْعَدَوِيُّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ فَلَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا ، وَإِنْ عُلِمَ رُجُوعُهُ يُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعُدَتْ
غَيْبَتُهُ أَفَادَهُ عج ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حَدًّا لِبُعْدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَاكِنِهَا وَسَلَّمَ ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْجَانِي ، وَأَمَّا هُوَ فَيُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ
وَلَا يَسْقُطُ لِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ ، وَلَا دُخُولَ ، لِبَدَوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ ، وَلَا شَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ مُطْلَقًا
( وَلَا تَسْقُطُ ) الدِّيَةُ عَمَّنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ ( بِ ) حُدُوثِ ( عُسْرِهِ ) بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ مَلِيئًا ( أَوْ مَوْتِهِ ) بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ حَيًّا أَوْ جُنُونِهِ بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ عَاقِلًا أَوْ غَيْبَتِهِ بَعِيدًا بِنِيَّةِ عَدَمِ عَوْدِهِ بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ حَاضِرًا .
ابْنُ شَاسٍ مَنْ مَاتَ مِمَّنْ جُعِلَ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ فَلَا يَزُولُ عَنْهُ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَعْدَمَ ، وَلَا يُزَادُ عَلَى مَنْ أَيْسَرَ مِنْهُمْ .
( وَلَا دُخُولَ لِبَدَوِيٍّ ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِبَادِيَةٍ لِسُكْنَاهَا ( مَعَ حَضَرِيٍّ ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِحَاضِرَةٍ لِسُكْنَاهَا فِي الدِّيَةِ وَلَا عَكْسُهُ ، إذْ لَا يَكُونُ فِي دِيَةٍ وَاحِدَةٍ إبِلٌ وَدَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ ( وَلَا ) دُخُولَ لِ ( شَامِيٍّ ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلشَّامِ لِسُكْنَاهُ ( مَعَ مِصْرِيٍّ ) أَيْ مَنْسُوبٌ لِمِصْرِ لِسُكْنَاهَا فِي الدِّيَةِ وَلَا عَكْسُهُ ( مُطْلَقًا ) الشَّارِحُ يَحْتَمِلُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْبُعْدِ ، وَيَحْتَمِلُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِاخْتِلَافِ الْمَأْخُوذِ فِي الدِّيَةِ .
الْبِسَاطِيُّ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا
: الْكَامِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ : تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَالثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ بِالنِّسْبَةِ ، وَنُجِّمَ فِي النِّصْفِ وَالثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ بِالتَّثْلِيثِ ثُمَّ لِلزَّائِدِ سَنَةٌ
وَتُنَجَّمُ الدِّيَةُ ( الْكَامِلَةُ ) سَوَاءٌ كَانَتْ لِنَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ إبِلًا أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ ( فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ) كُلُّ ثُلُثٍ فِي سَنَةٍ ( تَحِلُّ ) إلَّا ثَلَاثَ ( بِأَوَاخِرِهَا ) أَيْ السِّنِينَ فَيَحِلُّ بِآخِرِ السَّنَةِ الْأُولَى ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَبِآخِرِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثُلُثُهَا الثَّانِي ، وَبِآخِرِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ ثُلُثُهَا الثَّالِثُ .
وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ الْأُولَى ( مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ ) بِتَنْجِيمِهَا وَهُوَ يَوْمُ ضَرْبِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ مِنْ يَوْمِ الْجِنَايَةِ .
ابْنُ شَاسٍ أَمَّا الْأَجَلُ فَهُوَ فِي الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ يُؤْخَذُ ثُلُثُهَا فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ ، زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَّ الدِّيَةَ تُقْطَعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالثَّلَاثُ أَحَبُّ إلَيَّ .
الْبَاجِيَّ هَذَا حُكْمُ كُلِّ دِيَةٍ .
( وَ ) يُنَجَّمُ ( الثُّلُثُ ) إنْ وَجَبَ فِي نَحْوِ جَائِفَةٍ ( وَ ) يُنَجَّمُ ( الثُّلُثَانِ ) الْوَاجِبَانِ فِي نَحْوِ جَائِفَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ ( بِالنِّسْبَةِ ) لِتَأْجِيلِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَيُؤَجَّلُ الثُّلُثُ بِسَنَةٍ وَالثُّلُثَانِ بِسَنَتَيْنِ وَالشَّاذُّ حُلُولُ غَيْرِ الْكَامِلَةِ ، وَهُمَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْهُ ( وَنُجِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ أُجِّلَ كَذَلِكَ ( فِي النِّصْفِ ) مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبِ فِي نَحْوِ قَطْعِ يَدٍ بِالتَّثْلِيثِ لِلْكَامِلَةِ ، فَيُؤَجَّلُ ثُلُثُ الْكَامِلَةِ مِنْ النِّصْفِ بِسَنَةٍ وَالسُّدُسُ مِنْهَا تَمَامُ النِّصْفِ بِسَنَةٍ .
( وَ ) نُجِّمَ فِي ( الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ ) مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ فِي قَلْعِ خَمْسَ عَشَرَ سِنًّا أَوْ سَبْعِ أَصَابِعَ وَأُنْمُلَةِ إبْهَامٍ فَتُنَجَّمُ ( بِالتَّثْلِيثِ )
أَيْ يُجْعَلُ كُلُّ ثُلُثٍ مِنْ الْكَامِلَةِ فِي سَنَةٍ ( ثُمَّ ) يُجْعَلُ ( لِلزَّائِدِ ) عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ سُدُسِ الدِّيَةِ ( سَنَةٌ ) تت تَبِعَ هُنَا تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فَضْلًا عَنْ عَدَمِ رُؤْيَةِ تَشْهِيرِهِ ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ .
شب مَا ذَكَرَهُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ النِّصْفَ وَالثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ يُنَجَّمُ كُلُّ رُبْعٍ مِنْهَا بِسَنَةٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ ، وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّ التَّنْجِيمَ بِالتَّثْلِيثِ وَلِلزَّائِدِ سَنَةٌ ، وَإِنَّمَا فِيهَا الثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ طفي سَلَّمَ ابْنُ رُشْدٍ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ قَوْلُ أَشْهَبَ .
" غ " تَبِعَ فِي هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَشْهُورُ التَّنْجِيمُ بِالْأَثْلَاثِ ، وَلِلزَّائِدِ سَنَةٌ فَالنِّصْفُ وَالرُّبُعُ فِي ثَلَاثٍ ، أَيْ فَالثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، فَأَمَّا ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الَّذِي شَهَرَهُ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ .
وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَنْقُولًا فَضْلًا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا ، قَالَ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَصَحَّحَ النُّسَخَ الَّتِي فِيهَا وَلِلزَّائِدِ نِسْبَتُهُ ، قَالَ وَلَيْسَ يُجِيدُ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَصِيرُ هُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ فِي غَيْرِ الْكَامِلَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ ، وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُقَابِلُهُ وَهُوَ اعْتِبَارُ النِّسْبَةِ ، وَنَاقَشَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الَّذِي قَالَ فِي غَيْرِ الْكَامِلَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ عَلَى السَّوَاءِ .
وَأَمَّا عَلَى هَذَا فَالثُّلُثَانِ فِي سَنَتَيْنِ ، وَلِلزَّائِدِ سَنَةٌ ، ثُمَّ قَوْلُهُ إثْرَ هَذَا فَالنِّصْفُ وَالرُّبُعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يُعَيِّنُ النُّسْخَةَ الَّتِي فِيهَا سَنَةٌ .
وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَأَعْرَضَ عَنْ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ صَفْحًا تت .
فَائِدَةٌ عِيَاضٌ مَنْ تَبِعَ غَيْرَهُ فِي أَمْرٍ مُتَعَقِّبٍ فَهُوَ فِي مَنْجَاةٍ مِنْهُ ، وَالتَّعَقُّبُ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي لَيْسَ بِالْبَيِّنِ ، فَكُلُّ مَنْ رَضِيَ قَوْلًا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ ، وَإِنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ كَثِيرُونَ ، وَكُلُّ مَنْ رَضِيَ عَنْ قَوْمٍ كَانَ مِنْهُمْ وَلِأَنَّ التَّخْطِئَةَ وَالتَّصْوِيبَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَصَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي طَالِعَةِ شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ
وَحُكْمُ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ : كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا ، وَهَلْ حَدُّهَا سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ ؟ قَوْلَانِ
( وَحُكْمُ مَا ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي ( وَجَبَ ) مِنْ الدِّيَةِ ( عَلَى ) كُلِّ عَاقِلَةٍ مِنْ ( عَوَاقِلَ ) لِلْقَاتِلِينَ خَطَأً كُلُّ قَاتِلٍ مِنْ عَاقِلَةِ غَيْرِ عَاقِلَةِ غَيْرِهِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ ، كَحَمْلِ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ مَثَلًا صَخْرَةً فَسَقَطَتْ مِنْهُمْ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ فَقُسِّمَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فَخَصَّ كُلَّ عَاقِلَةٍ رُبُعُ الدِّيَةِ فَحُكْمُ هَذَا الرُّبُعِ ( كَحُكْمِ ) الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ الْمُنَجَّمَةِ ( عَلَى ) الْعَاقِلَةِ ( الْوَاحِدَةِ ) فِي التَّأْجِيلِ بِثَلَاثِ سِنِينَ ، فَيُؤَجَّلُ كُلُّ رُبُعٍ مِنْهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ تَحِلُّ أَثْلَاثُهُ بِأَوَاخِرِهَا ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دِيَاتُهُمْ بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا إبِلًا وَبَعْضُهَا دَنَانِيرَ وَبَعْضُهَا دَرَاهِمَ ، وَهَذَا يُخَصِّصُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ ، وَأَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ إلَّا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إجْزَاءُ الدِّيَةِ الْمُوَزَّعَةِ لِتَعَدُّدِ جُنَاتِهَا الْأَجْزَاءُ لَا تُحْمَلُ تُحْمَلُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَكَذَا فِي اتِّحَادِ جَانٍ لَهُ عَوَاقِلُ لِكَوْنِهِ مُعْتَقًا لِمَنْ هُمْ مِنْهَا .
الْبَاجِيَّ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ إنْ لَزِمَتْ الدِّيَةُ عَشْرَ عَوَاقِلَ لَزِمَ كُلُّ قَبِيلَةٍ عُشْرُهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَوْ كَانَتْ دِيَةَ مَجُوسِيَّةٍ .
وَشَبَّهَ فِي أَنَّ حُكْمَ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ كَحُكْمِ مَا وَجَبَ عَلَى عَاقِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي التَّنْجِيمِ بِثَلَاثِ سِنِينَ فَقَالَ ( كَتَعَدُّدِ ) دِيَاتِ ( الْجِنَايَاتِ ) مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ كَقَتْلِ رَجُلٍ رَجُلَيْنِ أَوْ رِجَالًا خَطَأً ، فَتُنَجَّمُ الدِّيَتَانِ أَوْ الدِّيَاتُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ ، وَنَبَّهَ عَلَى هَذَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ الثَّانِيَةَ إنَّمَا تُنَجَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَعْدَ وَفَاءِ الْأُولَى .
وَفِيهَا مَنْ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا عَقْلُهُ وَسَمْعُهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتَانِ وَدِيَةُ الْمُوضِحَةِ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ .
( وَهَلْ حَدُّهَا ) بِفَتْحِ الْحَاءِ
الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ كَذَلِكَ ، أَيْ أَقَلُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا يُضَمُّ إلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ فِي التَّرْتِيبِ السَّابِقِ ( سَبْعُمِائَةٍ ) بِتَقْدِيمِ السِّنِّ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ ، فَإِذَا وَجَدَ هَذَا الْعَدَدَ مِنْ الْأَبْنَاءِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِمْ أَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ وَإِنْ نَقَصُوا عَنْهُ ضُمُّوا إلَيْهِمْ ، فَإِنْ تَمَّمُوهُ فَلَا يُضَافُ إلَيْهِمْ الْأَبُ وَإِلَّا أُضِيفَ إلَيْهِمْ ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ ، بَلْ تُضْرَبُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا سَبْعَةَ آلَافٍ مَثَلًا ( أَوْ ) حَدُّهَا ( الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ ) زِيَادَةً لَهَا بَالٌ كَعِشْرِينَ فَالْأَلْفُ يُضَمُّ إلَيْهِ غَيْرُهُ فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) لِسَحْنُونٍ .
الْبُنَانِيُّ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا حَدَّ لَهَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ، إذْ صَدَّرَ بِهِ ثُمَّ حَكَى قَوْلَ سَحْنُونٍ ، وَنَصُّهُ رَوَى الْبَاجِيَّ لَا حَدَّ لِعَدَدِ مَنْ تُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ أَقَلُّهَا سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ .
ابْنُ عَاتٍ الْمَشْهُورُ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَلْفًا فَهُمْ قَلِيلٌ ، فَيُضَمُّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ .
الْخَرَشِيُّ أَيْ هَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا تَنْقُصُ عَنْهُ سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ ، أَيْ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ كَعِشْرِينَ فَفَوْقَ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَعَلَى الثَّانِي لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى أَلْفٍ كَمَّلَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ ، وَبِعِبَارَةٍ وَهَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا يُضَمُّ إلَيْهِ مَنْ بَعْدُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ ، فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ مِنْ الْفَصِيلَةِ مَثَلًا فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ الْفَخِذُ .
وَإِذَا كَمَّلَ مِنْ الْفَصِيلَةِ وَالْفَخِذِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِمَا الْبَطْنُ ، وَهَكَذَا إلَّا أَنَّ هَذَا حَدٌّ لِمَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ
بِحَيْثُ إذَا قَصُرُوا عَنْهُ لَا يُضْرَبُ عَلَيْهِمْ لِفَسَادِهِ فَإِنَّهَا تُضْرَبُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَهُ قُوَّةُ الضَّرْبِ وَإِنْ قَلَّ بِقَدْرِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ ثُمَّ يُكْمِلُ مِنْ غَيْرِهِ
وَعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ، وَإِنْ صَبِيًّا ، أَوْ مَجْنُونًا ، أَوْ شَرِيكًا إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ مَعْصُومًا خَطَأً : عِتْقُ رَقَبَةٍ ، وَلِعَجْزِهَا شَهْرَانِ : كَالظِّهَارِ ، لَا : صَائِلًا ، وَقَاتِلِ نَفْسِهِ : كَدِيَتِهِ
( وَ ) يَجِبُ ( عَلَى الْقَائِلِ الْحُرِّ ) لَا الْعَبْدِ ( الْمُسْلِمِ ) لَا الْكَافِرِ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا مُنْفَرِدًا بِالْقَتْلِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا ) لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ ، وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ النَّفْسِ كَعِوَضِ الْمُتْلَفِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ جَعَلُوهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ النَّفْسِ فَأَشْبَهَتْ عِوَضَ الْمُتْلَفِ ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى النَّظَرِ سُقُوطُهَا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ، وَرَدُّهَا إلَى خِطَابِ التَّكْلِيفِ .
وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ عِوَضًا عَنْ الرَّقَبَةِ الصِّيَامُ الَّذِي هُوَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ ، وَنَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ وَأَقَرَّاهُ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، إذْ وُجُوبُ الشَّيْءِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ، وَتَعَلَّقَ الْخِطَابُ بِإِخْرَاجِهِ بِالْوَلِيِّ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَالزَّكَاةِ ، وَكَيْفَ يُقَالُ فِيمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ أَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ مَعَ أَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ .
وَقَوْلُهُ فَأَشْبَهَتْ عِوَضَ الْمُتْلَفِ فِيهِ أَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلضَّمَانِ ، وَبِاعْتِبَارِ وُجُوبِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا مِنْ هَذَا الِاعْتِبَارِ ، وَقَدْ نَصَّ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ عَلَى أَنَّ خِطَابَ التَّكْلِيفِ وَخِطَابَ الْوَضْعِ قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَيَفْتَرِقَانِ بِالِاعْتِبَارِ كَمَا قُلْنَا ، وَهَذَا ظَاهِرٌ .
نَعَمْ لَوْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ عَلَى وُجُودِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ لِمَا قُلْنَاهُ مُعَرِّضًا بِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَاضِحٌ كَالزَّكَاةِ ، وَلَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ نَصًّا ، بَلْ فِي
وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ .
الْبُنَانِيُّ بَحْثُ طفي فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ خِطَابِ الْوَضْعِ وَخِطَابِ التَّكْلِيفِ ، وَأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فَاعْتَرَضَهُ بِنَصِّ الْقَرَافِيِّ عَلَى أَنَّهُمَا قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَبِأَنَّهُمَا قَدْ اجْتَمَعَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا خِطَابُ تَكْلِيفٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَخِطَابُ وَضْعٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا فِي وُجُوبِهَا ، وَكَذَا يَجْتَمِعَانِ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفِ ، هَذَا مُحَصَّلُهُ ، وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُنَافِي اجْتِمَاعَهُمَا ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ خِطَابِ الْوَضْعِ فِيهَا ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ جَعْلِ الشَّارِعِ الصَّوْمَ بَدَلَ الرَّقَبَةِ فِيهَا أَنْ لَا يُعْتَبَرَ إلَّا خِطَابُ التَّكْلِيفِ ، لِاشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي الصَّوْمِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ فِي كُلٍّ مِنْ تَنْظِيرِ مُصْطَفَى فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ .
وَرَدُّ الْبُنَانِيِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَرَضَ عَلَى مَنْ جَعَلَهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ ، وَمَالَ إلَى أَنَّهَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ مُسْتَدِلًّا بِجَعْلِ الشَّارِعِ الصَّوْمَ عِوَضًا عَنْ الرَّقَبَةِ فِيهِ ، وَرَغْمَ أَنَّ جَعْلَهَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ يَسْتَلْزِمُ سُقُوطَهَا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ، فَحَقُّ التَّنْظِيرِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِمَنْعِ هَذَا الِاسْتِلْزَامِ ، وَسَنَدُهُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ وَعِوَضِ الْمُتْلَفِ .
وَأَمَّا قَوْلُ طفي يُقَالُ فِيمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ إلَخْ ، فَهَذَا يُؤَيِّدُ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ جَعَلَهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ ، وَقَوْلُ طفي نَعَمْ لَوْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ
عَقَلَهُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ فَحَسَنٌ ، وَأَمَّا وَجْهُ النَّظَرِ فِي رَدِّ الْبُنَانِيِّ عَلَى طفي فَإِنَّ كَلَامَ طفي لَا يُفْهِمُ أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ التَّنَافِي بَيْنَ خِطَابِ التَّكْلِيفِ وَخِطَابِ الْوَضْعِ ، وَرَدَّهُ بِنَصِّ الْقَرَافِيِّ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( أَوْ ) كَانَ الْقَاتِلُ ( شَرِيكًا ) فِي الْقَتْلِ لِصَبِيٍّ أَوْ بَالِغٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ كَفَّارَةٍ تَامَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَلَا يَشْتَرِكُ فِيهَا ( إذَا قَتَلَ ) الْحُرُّ الْمُسْلِمُ شَخْصًا ( مِثْلَهُ ) فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ كَافِرٍ وَلَا عَبْدٍ حَالَ كَوْنِهِ ( مَعْصُومًا ) فَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ غَيْرِ مَعْصُومٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَمُحَارِبٍ قُتِلَا ( خَطَأً ) فَلَا تَجِبُ الْقَاتِلُ عَمْدًا وَمُبْتَدَأً عَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ( عِتْقُ رَقَبَةٍ ) أَيْ شَخْصٍ رَقِيقٍ مُؤْمِنٍ سَلِيمٍ مِنْ الْعُيُوبِ مُحْرِزٍ لِخُصُوصِ الْكَفَّارَةِ ( وَلِ ) لِ ( عَجْزٍ ) عَنْ ( هَا ) أَيْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى عِتْقِ الرَّقَبَةِ ( شَهْرَانِ ) يَصُومُهُمَا ( كَ ) رَقَبَةٍ وَشَهْرَيْ ( الظِّهَارِ ) فِي شَرْطِ إيمَانِ الرَّقَبَةِ وَسَلَامَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ وَتَحْرِيرِهَا لَهُ ، وَتَتَابُعِ الشَّهْرَيْنِ وَنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ بِهِمَا وَالتَّتَابُعِ ( لَا ) تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ قَتَلَ شَخْصًا حُرًّا مُسْلِمًا ( صَائِلًا ) عَلَيْهِ لَيْسَ مَعْصُومًا وَلِأَنَّ قَتْلَهُ عَمْدٌ ( وَ ) لَا كَفَّارَةَ عَلَى ( قَاتِلِ نَفْسِهِ ) ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الصَّائِلِ وَلَا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ .
قُلْت هُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَطَأٍ ، وَلَمْ أَجِدْهُ نَصًّا إلَّا لِلْغَزَالِيِّ فِي وَجِيزِهِ قَالَ فِيهِ وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ قُلْت قَوْله تَعَالَى { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } ، مَخْرَجُ قَاتِلِ نَفْسِهِ لِامْتِنَاعِ تَصَوُّرِ هَذَا
الْجُزْءِ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِيهِ ، وَإِذَا بَطَلَ الْجُزْءُ بَطَلَ الْكُلُّ .
فَإِنْ قُلْت الصَّوْمُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْكَفَّارَةِ ، بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْهَا .
قُلْت الْمُرَادُ مِنْ الْكَفَّارَةِ الَّتِي الصَّوْمُ جُزْؤُهَا الْكَفَّارَةُ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهَا وَهِيَ الْكَفَّارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ ، وَالْكَفَّارَةُ الَّتِي هُوَ نَوْعٌ هِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَفْعُولَةً ، فَإِنْ اُنْتُقِضَ بِكَفَّارَةِ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ لِتَعَذُّرِ الْعِتْقِ فِيهَا .
قُلْت التَّعَذُّرُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ عَقْلِيٌّ ، وَفِي الظِّهَارِ شَرْعِيٌّ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْخِطَابِ فَقَالَ ( كَدِيَتِهِ ) أَيْ قَاتِلِ نَفْسِهِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا عَاقِلَتِهِ الْجَلَّابُ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً وَلَا عَمْدًا
وَنُدِبَتْ فِي جَنِينٍ ، وَرَقِيقٍ ؛ وَعَمْدٍ ، وَعَبْدٍ وَعَلَيْهِ مُطْلَقًا : جَلْدُ مِائَةٍ ، وَحَبْسُ سَنَةٍ ، وَإِنْ بِقَتْلِ مَجُوسِيٍّ ، أَوْ عَبْدِهِ ، أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي اللَّوْثِ وَحَلِفِهِ
( وَنُدِبَتْ ) الْكَفَّارَةُ ( فِي ) إلْقَاءِ ( جَنِينٍ ) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا فِيمَنْ ضَرَبَ امْرَأَةً خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا كَفَّارَةٌ ، قَالَ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنَّمَا الْكَفَّارَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْخَطَأِ وَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْكَفَّارَةَ فِي الْجَنِينِ .
الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُكَفِّرَ .
مُحَمَّدٌ رَوَى أَشْهَبُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَاخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ سُؤَالًا وَجَوَابًا لِإِشْكَالِ الْجَوَابِ لِعَدَمِ انْحِصَارِ طُرُقِ الْأَحْكَامِ فِي نُصُوصِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ ( وَ ) نُدِبَتْ فِي قَتْلِ ( رَقِيقٍ ) خَطَأً مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ ( وَ ) نُدِبَتْ فِي قَتْلِ ( عَبْدٍ ) لِقَاتِلِهِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فَلَا تَكْرَارَ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ .
وَقَالَ الشَّارِحُ اُنْظُرْ قَوْلَهُ " وَعَبْدٍ " هَلْ تَكْرَارٌ أَوْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى الْخَطَأِ وَالثَّانِي عَلَى الْعَمْدِ أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ مَقْتُولٌ ، وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ قَاتِلٌ ( وَ ) نُدِبَتْ فِي قَتْلِ ( عَمْدٍ ) لَا يُقْتَلُ بِهِ لِزِيَادَةِ الْقَاتِلِ عَلَى مَقْتُولِهِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ لِلْعَفْوِ عَنْهُ .
الْبُنَانِيُّ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ الْعَكْسُ لِخَطَرِ الدِّمَاءِ وَلِأَنَّ مَعَ الْمُخْطِئِ تَفْرِيطًا ، إذْ لَوْ تَحَرَّزَ وَاحْتَاطَ لَتَرَكَ الْفِعْلَ الَّذِي تَسَبَّبَ عَنْهُ الْقَتْلُ مِنْ أَصْلِهِ وَلِأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْعَامِدَ لَا تَكْفِيهِ الْكَفَّارَةُ لِجِنَايَتِهِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ كَقَوْلِهِمْ فِي الْغَمُوسِ ، وَأَيْضًا فَقَدْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ ضَرْبَهُ مِائَةً وَحَبْسَهُ سَنَةً .
( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الْقَاتِلِ عَمْدًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِذُكُورِيَّةٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَحُرٍّ وَرَقِيقٍ وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ ، وَسَوَاءٌ ثَبَتَ قَتْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ لَوْثٍ وَقَسَامَةٍ (
جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ حَبْسُ سَنَةٍ ) ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَاتِلُ عَمْدًا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْقِصَاصُ أَوْ يَمْتَنِعُ بِضَرْبِ مِائَةٍ وَيُسْجَنُ عَامًا ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَعُفِيَ عَنْهُ أَوْ سَقَطَ قَتْلُهُ لِأَنَّ الدَّمَ يَتَكَافَأُ ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ عَامًا كَانَ الْقَاتِلُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَالْمَقْتُولُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا خَرَّجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ { أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَنَفَاهُ سَنَةً ، وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُقَاسِمِينَ وَلَمْ يُعَذِّبْهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً } ، اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ وَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ حَبْسُ سَنَةٍ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ ، بَلْ ( وَإِنْ بِقَتْلِ مَجُوسِيٍّ ) ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ ( أَوْ ) قَتْلِ ( عَبْدِهِ ) أَيْ الْقَاتِلِ .
الْبَاجِيَّ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ عَبْدًا لِلْقَاتِلِ أَوْ لِغَيْرِهِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَيُجْلَدُ الْقَاتِلُ وَيُسْجَنُ .
الْبَاجِيَّ وَجْهُ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ سَفَكَ دَمَ مَعْصُومٍ .
( أَوْ ) بِ ( نُكُولِ الْمُدَّعِي ) بِالْقَتْلِ عَنْ الْقَسَامَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ مَعَ اللَّوْثِ ( عَلَى ) الْمُتَّهَمِ بِالْقَتْلِ ( ذِي اللَّوْثِ ) أَمْ اللَّطْخُ وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَى قَتْلِهِ كَقَوْلِ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَكَرُؤْيَتِهِ بِقُرْبِهِ وَبِيَدِهِ آلَةُ قَتْلِهِ وَالْمَقْتُولُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ ( وَحَلِفِهِ ) أَيْ ذِي اللَّوْثِ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ وَبَرَاءَتِهِ مِنْ الْقَتْلِ بِذَلِكَ فَيُجْلَدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً نَظَرًا لِلَّوْثِ وَأَوْلَى لَوْ نَكَلَ كَمَا نَكَلَ الْمَوْلَى ، وَيُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ الْقَسَامَةَ كَمَا يَأْتِي .
الْبَاجِيَّ لَوْ
نَكَلَ وُلَاةُ الدَّمِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُمْ فَحَلَفَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ ، فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَلْدُ وَالسَّجْنُ بِلَا خِلَافٍ فِي هَذَا بَيْنَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعُقُوبَةَ قَدْ ثَبَتَتْ بِمَا أَوْجَبَ الْقَسَامَةَ
وَالْقَسَامَةُ : سَبَبُهَا : قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ : كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ ، حُرٌّ ، مُسْلِمٌ : قَتَلَنِي فُلَانٌ ، وَلَوْ خَطَأً أَوْ مَسْخُوطًا عَلَى وَرَعٍ ، أَوْ وَلَدٍ عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ ذَبَحَهُ .
أَوْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا إنْ كَانَ جُرْحٌ
( وَالْقَسَامَةُ ) ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ حَلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ جُزْئِهَا عَلَى إثْبَاتِ الدَّمِ .
رَوَى مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ { أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ فَأَتَى يَهُودَ خَيْبَرَ وَقَالَ أَنْتُمْ وَاَللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ ، قَالُوا وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ ثُمَّ قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ يَتَكَلَّمُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبِّرْ كَبِّرْ يُرِيدُ السِّنَّ ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ ، فَكَتَبَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا إنَّا وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ قَالُوا لَا ، قَالَ أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ قَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمْ الدَّارَ قَالَ سَهْلٌ ، فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِنْهَا حَمْرَاءُ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ فَقَالُوا أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ فَكَيْفَ نَحْلِفُ عَلَيْهِ ، قَالَ فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ ؛ بِإِيمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ } .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ الْأَنْصَارِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ وَبَدَأَ بِهِمْ يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا فَأَبَوْا ، فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ احْلِفُوا وَاسْتَحِقُّوا ، فَقَالُوا أَنَحْلِفُ عَلَى الْغَيْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةً عَلَى يَهُودِ خَيْبَرَ } ، لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ .
وَخَرَّجَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَحْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِشَيْءٍ لِإِبَايَةِ الْمُدَّعِي مِنْ الْأَيْمَانِ وَمِنْ قَبُولِ أَيْمَانِ الْيَهُودِ وَتَبَرُّعٍ بِجَعْلِ الدِّيَةِ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى لِئَلَّا يَبْطُلَ دَمُ مُسْلِمٍ ، وَمَا عَلِمْت فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الِاضْطِرَابِ وَالتَّضَادِّ وَالتَّدَافُعِ مَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ، وَهِيَ قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ كَثِيرًا فِي الْقَسَامَةِ وَمَا يُوجِبُهَا ، وَالْأَيْمَانُ فِيهَا وَمَنْ يَبْدَأُ بِهَا ، وَهَلْ يَجِبُ الْقَوَدُ بِهَا أَوْ لَا يُسْتَحَقُّ غَيْرُ الدِّيَةِ .
الرَّصَّاعُ مَعْنَى أَوْ جُزْئِهَا ، أَيْ حَلَفَ جُزْءٌ خَمْسِينَ يَمِينًا لِيَدْخُلَ بِهِ حَلِفُ وَرَثَةِ الدَّمِ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ ، فَإِنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْمَوَارِيثِ وَالْقَسَامَةُ ( سَبَبُهَا ) أَيْ الْقَسَامَةُ الَّتِي لَا تَصِحُّ بِدُونِهِ ( قَتْلُ ) لَا جَرْحُ ( الْحُرِّ ) لَا قَتْلُ الرِّقِّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ ( الْمُسْلِمِ ) لَا قَتْلُ الْحُرِّ الْكَافِرِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ ( فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَمُثَلَّثَةٍ أَيْ التُّهْمَةِ ، وَفَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ أَمْرٌ يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ ظَنِّ صِدْقِ الْمُدَّعِي ، وَتَعَقَّبَ بِشُمُولِهِ الْبَيِّنَةَ وَالْإِضَافَةَ لِلْبَيَانِ ، وَفِي بِمَعْنَى مَعَ فَلَا قَسَامَةَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " رَحِمَهُ اللَّهُ " لَيْسَ فِي
شَيْءٍ مِنْ الْجِرَاحِ قَسَامَةٌ ، وَلَكِنْ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا عَلَى جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلِيَحْلِفْ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً ، وَيَقْتَصَّ فِي الْعَمْدِ ، وَيَأْخُذْ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ ، وَإِنَّمَا خَمْسُونَ يَمِينًا فِي النَّفْسِ .
الْجَلَّابُ لَا قَسَامَةَ فِي عَبْدٍ وَلَا أَمَةٍ وَلَا ذِمِّيٍّ وَلَا ذِمِّيَّةٍ ، وَفِيهَا مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ عَبْدَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً مَعَ شَاهِدِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَغَرِمَ لَهُ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَنْ يَغْرَمَ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ أَوْ يُسَلِّمَ عَبْدَهُ ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ فَلَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَلِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِي الْعَبْدِ فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ .
وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي نَصْرَانِيٍّ قَامَ عَلَى قَتْلِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ مُسْلِمٌ أَنَّ وُلَاتَهُ يَحْلِفُونَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ دِيَتَهُ مِمَّنْ قَتَلَهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُوَطَّإِ .
الْبَاجِيَّ قَوْلُهُ لَيْسَ فِي الْعَبْدِ قَسَامَةٌ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ قَالَ عَبْدٌ ذِمِّيٌّ عِنْدَ فُلَانٍ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ .
أَشْهَبُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ سَنَةً ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَا سِجْنَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ وَضُرِبَ وَسُجِنَ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّمَا السِّجْنُ اسْتِبْرَاءٌ وَكَشْفٌ عَنْ أَمْرِهِ وَيُضْرَبُ أَدَبًا .
ابْنُ زَرْقُونٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَمَرَّةً قَالَ هَذَا ، وَقَالَ مَرَّةً يُسْجَنُ عَامًا فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ عَبْدًا ، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
وَمَثَّلَ لِلَّوْثِ بِخَمْسَةِ أَمْثِلَةٍ فَقَالَ ( كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ ) لَا صَبِيٌّ وَلَوْ مُرَاهِقًا عَلَى الْمَشْهُورِ ( حُرٌّ ) لَا رِقَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ ، بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ وَالْمَرْأَةِ فَهُمَا مِنْ
أَهْلِهَا فِي الْجُمْلَةِ ( مُسْلِمٌ ) لَا كَافِرٌ ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقُولِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ كَمَا فِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ أَفَادَهُ شب .
الْعَدَوِيُّ وَلَوْ عَدُوًّا عَلَى عَدُوِّهِ فِي الذَّخِيرَةِ الْعَدَاوَةُ تُؤَكِّدُ صِدْقَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْقَتْلِ ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى عَدُوِّهِ ، وَفِيهِ شُبْهَةٌ ، فَيَصِحُّ أَنْ يُقْبَلَ لِأَنَّ عَدُوَّ الْإِنْسَانِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِعَدُوِّهِ ، وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا يُقْبَلُ لِتُهْمَتِهِ إذَا أَنْزَلَ ذَلِكَ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ مِنْ عَدُوِّهِ ( قَتَلَنِي فُلَانٌ ) عَمْدًا ، بَلْ ( وَلَوْ ) قَالَ ( خَطَأً ) عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ فُلَانٍ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى .
فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً فَفِي ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا قَبُولُ قَوْلِهِ وَيُقْسِمُونَ وَلَايَتَهُمْ ، وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ كَذَبَ لِإِغْنَاءِ وَلَدِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَازِمٍ ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ اسْتِحْقَاقُ دَمٍ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ دَمَ الْعَمْدِ ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي دَمِ الْخَطَأِ مَالٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْقِيَاسِ .
وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَشْهَرُ إنْ كَانَ الْقَائِلُ عَدْلًا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( مَسْخُوطًا ) أَيْ غَيْرَ عَدْلٍ وَادَّعَى قَتْلَهُ ( عَلَى ) شَخْصٍ ( وَرِعٍ ) وَلَوْ كَانَ أَوْرَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
الْبُنَانِيُّ هَذِهِ هِيَ التَّدْمِيَةُ .
الْمُوَضِّحُ لَمْ يُوَافِقْ الْمَالِكِيَّةُ عَلَيْهَا إلَّا اللَّيْثَ ، وَرَأَى الْجُمْهُورُ أَنَّهَا قَبُولُ الدَّعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّمَ أَعْظَمُ مِنْ الْمَالِ ،
وَلَوْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا فَلَا يُقْبَلُ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ ، وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } وَرَأَى عُلَمَاؤُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُشْبِهُ دَعْوَى الْمَالِ وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّ هَذَا أَصْلٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ ، وَعِظَمُ الدَّمِ يُؤَيِّدُ قَبُولَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ ، إذْ يُقَالُ لَعَلَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الْقَوْلَ فِيهَا لِلْمُدَّعِي لِعِظَمِهَا وَانْتِظَارُ الْبَيِّنَةِ يُؤَدِّي لِتَضْيِيعِهَا ، إذْ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ خَفِيَّةً وَمَنْ تَحَقَّقَ مَصِيرُهُ إلَى الْآخِرَةِ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَلَا يُتَّهَمُ بِإِرَاقَةِ دَمِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي هَذَا تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي الشَّاهِدِ ، وَكَيْفَ وَالْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ عِنْدَ الْمَوْتِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالنَّدَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ ، فَكَيْفَ يَتَزَوَّدُ مِنْ دُنْيَاهُ قَتْلَ النَّفْسِ ، هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْمُعْتَادُ مَعَ التَّشْدِيدِ بِكَوْنِهَا خَمْسِينَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً احْتِيَاطًا فِي صِيَانَةِ الدَّمِ ، وَمَدَارُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا قَوْلُ الْمَيِّتِ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا حُرًّا ، وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً ، قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ ذِمِّيًّا عَمْدًا لَوْثٌ ، وَإِنْ قَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَذَكَرَ رَجُلًا أَوْرَعَ أَهْلِ بَلَدِهِ أَقْسَمَ مَعَ قَوْلِهِ .
ابْنُ حَارِثٍ إنْ رَمَى بِدَمِهِ مُتَّهَمًا مُسْتَتِرًا أَقْسَمَ بِقَوْلِهِ اتِّفَاقًا وَقُتِلَ الْمَرْمِيُّ وَإِنْ رَمَى بِذَلِكَ أَصْلَحَ أَهْلِ بَلَدِهِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ ، فَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ فَيُقْسِمُ وَرَثَتُهُ
وَيَقْتُلُونَهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَلَا أَرَى قَبُولَ قَوْلِهِ .
قَالَ ابْنُ سَهْلٍ تَرَكَ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَمَلَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا ، وَصَارَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ صَوَابٌ ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ بَقِيٍّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ الْقَوْلِ فِي التَّدْمِيَاتِ .
قُلْت فَفِي إعْمَالِ قَوْلِ الْمَيِّتِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ مُطْلَقًا وَلَغْوُهُ ، ثَالِثُهُمَا مَا لَمْ يَدَعْهُ عَلَى مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ لِفَضْلِهِ وَصَلَاحِهِ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَقِيٍّ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَعَ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي تَدْمِيَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَلِابْنِ هِشَامٍ وَابْنِ عَاتٍ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ قَوَدٌ لِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي ضَرْبِهَا ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ } .
ابْنُ مُزَيْنٍ هَذَا الَّذِي تَعَلَّمْنَاهُ مِنْ شُيُوخِنَا .
تت فَائِدَةٌ فِي الذَّخِيرَةِ خُولِفَتْ قَاعِدَةُ الدَّعْوَى بِقَبُولِ قَوْلِ الْمُدَّعِي بِلَا بَيِّنَةٍ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الْأُمَنَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَالْغَصْبِ وَالْحَاكِمِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ وَغَيْرِهِمَا .
طفي قَوْلُهُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ فِيهِ نَظَرٌ ، إذْ هِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا لِمَنْ تَصَفَّحَ مَسَائِلَ الْمَذْهَبِ ، وَقَدْ عَقَدَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ بَابًا لِمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُدَّعِي ، وَذَكَرَ فِيهِ مَسَائِلَ جَمَّةً كَتَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهَا ، وَالْوَصِيُّ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ غُرَمَاءِ مَحْجُورِهِ مَا عَلَيْهِمْ لَهُ ، وَضَاعَ وَالْمُعْتَرَضُ أَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَالزَّوْجَةِ فِي إصَابَتِهَا فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ وَالزَّائِرِ مِنْهُمَا وَالْوَصِيِّ فِي نَفَقَتِهِ عَلَى
الْيَتِيمِ وَعِمَارَةِ رَبْعِهِ ، وَالْمَسْبِيَّةِ فِي أَنَّ مَا مَعَهَا وَلَدُهَا وَالْبَائِعِ أَنَّهُ بَاعَ بِنَقْدٍ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِسِلْعَةٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ ، وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الدَّعْوَى ، وَلَيْسَ الْحَاكِمُ بِمُدَّعٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ ، وَكَذَا تَفْسِيرُ غَيْرِهِمَا بِالشَّهْوَةِ بِذَلِكَ وَإِقْرَارُ الْخَصْمِ ، إذْ لَيْسَ فِيهِ دَعْوَى ، وَلَا قَالَ الْحَاكِمُ شَيْئًا فَصُدِّقَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ عَلَى الشُّهْرَةِ وَإِقْرَارِ الْخَصْمِ بِالْعَدَالَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِغَيْرِهِمَا اعْتِمَادُ الْحَاكِمِ عَلَى عِلْمِهِ فِي غَيْرِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا ، إذْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ .
( أَوْ ) يَدَّعِي ( وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ ) أَيْ وَالِدَهُ أَضْجَعَهُ وَ ( ذَبَحَهُ ) أَوْ بَقَرَ بَطْنَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْسِمُ أَوْلِيَاءُ الْوَلَدِ وَيَقْتُلُونَ وَالِدَهُ فِيهِ .
وَأَمَّا لَوْ قَالَ رَمَانِي بِحَدِيدَةٍ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يُقْتَلُ الْأَبُ بِهِ ، أَوْ قَالَ قَتَلَنِي وَلَمْ يَزِدْ ، أَوْ قَتَلَنِي خَطَأً فَالْقَسَامَةُ وَدِيَةُ الْخَطَأِ فِي الْخَطَأِ ، وَالْمُغَلَّظَةُ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُقْتَلُ فِيهِ الْأَبُ ، لِأَنَّهُ إذَا قُبِلَتْ الْقَسَامَةُ فِيهِ فَأَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ الْمُوجِبَةُ لِلدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ ، سَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ دَمِي عِنْدَ أَبِي أَقْسَمَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يُقَادُ مِنْ أَبِيهِ ، وَغُلِّظَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِ أَبِيهِ ، وَلَوْ قَالَ أَضْجَعَنِي وَذَبَحَنِي أَوْ بَقَرَ بَطْنِي أَقْسَمَ بِقَوْلِهِ وَقُتِلَ أَبُوهُ إنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ وَلَا وَالِدَةٌ بِقَسَامَةٍ ، وَأَرَى ذَلِكَ مَالًا ، وَقَدْ رَأَى أَهْلُ الْعِلْمِ قَتْلَ عَشْرَةٍ بِوَاحِدٍ وَلَمْ يَرَوْا أَنْ يَقْتُلُوا بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدًا .
( أَوْ ) تَدَّعِي ( زَوْجَةٌ ) عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ
قَتَلَهَا فَالْقَسَامَةُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا وَيَقْتُلُونَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ لَا يُقْتَلُ بِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ لَهُ فِي ضَرْبِهَا ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ } .
وَشَرْطُ الْقَسَامَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ ( إنْ كَانَ ) فِي الْمُدْمِي ( جُرْحٌ ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْحُكْمُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُدْمِي أَثَرُ جُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى فُلَانٍ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي شَرْطِ إعْمَالِ قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ بِظُهُورِ أَثَرِ الضَّرْبِ اضْطِرَابٌ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ قَتَلَنِي عَمْدًا وَلَا جِرَاحَ بِهِ ، وَأَبْيَنُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُقْسِمَ مَعَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ وَيَلْزَمُ الْفِرَاشَ عَقِبَ ذَلِكَ ، أَوْ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ مُتَشَكٍّ عَلَيْهِ دَلِيلُ الْمَرَضِ ، وَتَمَادَى بِهِ حَتَّى مَاتَ .
قُلْت فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى ، سُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَمَّنْ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا سَقَاهُ سُمًّا وَهُوَ فِي جَوْفِهِ إنْ مِتُّ فَدَمِي عِنْدَهُ ، قَالَ لَا قَسَامَةَ فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا فِي الضَّرْبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْآثَارِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْجِرَاحِ وَالضَّرْبِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ نَصِّ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ ، وَدَلِيلُ قَوْلِهِ فِي رَسْمِ أَوَّلِ عَبْدٍ ابْتَاعَهُ مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ .
وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ إلَّا فِي الضَّرْبِ الْمَشْهُودِ بِهِ ، يُرِيدُ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الشَّهَادَةُ ، فَلَوْ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ وَاحِدٌ أَنَّهُ ضَرَبَهُ فَمَاتَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ أَثَرٌ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ سَقَاهُ سُمًّا فَمَاتَ مِنْهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِذَلِكَ أَثَرٌ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْهُ فَلَا تَجِبُ لَهُ قَسَامَةٌ كَمَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ ، فَاحْتَاجَ أَصْبَغُ لَأَنْ يَلْزَمَ ابْنَ كِنَانَةَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ ،
فَتَتَحَصَّلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا : لَا تَجِبُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَقْتُولِ أَثَرٌ لَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ ، وَلَا بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ .
وَالثَّانِي : ثُبُوتُهَا فِيهِمَا مَعًا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ .
وَالثَّالِثُ : مَعَ الشَّاهِدِ لَا مَعَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ .
وَإِذَا أُعْمِلَتْ التَّدْمِيَةُ دُونَ أَثَرٍ ، فَإِنَّمَا تُعْمَلُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي إيجَابِ قَتْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَسَامَةِ .
وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ فَلَا يُسْجَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ سَجْنَهُ بِدَعْوَاهُ ، وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِ الْقَسَامَةِ ، إذْ لَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِيجَابِ الْقَوَدِ إلَّا أَصْحَابَهُ .
قُلْت فِي قَوْلِهِ هَذَا خِلَافُ نَصِّ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّدْمِيَةِ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ فِيهَا سَبَبٌ حِسِّيٌّ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُدْمَى ، وَلِذَا قِيلَ فِيهَا تَدْمِيَةٌ بَيْضَاءُ وَسَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ هُوَ قَوْلُهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ رَكَضَ رَجُلًا بِرِجْلِهِ فِي بَطْنِهِ فَمَكَثَ أَيَّامًا ، فَزَعَمَ أَنَّهُ يَجِدُهُ مِنْ الرَّكْضَةِ عَلَى فُؤَادِهِ أَمْرًا شَدِيدًا ، قَالَ يُخَوَّفُ وَيُذَكَّرُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَصَرَّ وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا زِلْت مِنْ يَوْمِ رَكَضَنِي بِشَرٍّ وَلَا قَتَلَنِي إلَّا رَكْضُهُ أَقْسَمُوا مَعَهُ وَاسْتَحَقُّوا دَمَهُ إنْ كَانَ مُضْطَجِعًا مِنْ يَوْمِ رَكَضَهُ حَتَّى مَاتَ ، وَإِنْ لَمْ يَضْطَجِعْ فَإِذَا رُئِيَ بِهِ أَثَرُ ذَلِكَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ اضْطِجَاعِهِ .
قُلْت فَهَذَا كَالنَّصِّ فِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ ثَبَتَ رَكْضُ الرَّجُلِ إيَّاهُ ، وَهَذَا سَبِيلٌ حِسِّيٌّ يَصِحُّ اسْتِنَادُ قَوْلِ الْمُدْمَى إلَيْهِ ، فَفِي إعْمَالِ التَّدْمِيَةِ الْبَيْضَاءِ وَلَغْوِهَا قَوْلَانِ لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ أَصْبَغَ مَعَ دَلِيلِ سَمَاعِ يَحْيَى ، وَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ وَأَخْذِهِ ذَلِكَ مِنْ إطْلَاقِ الرِّوَايَاتِ ، وَعَنْ أَصْبَغَ لِقَوْلِهِ مَنْ
قَالَ سَقَانِي فُلَانٌ سُمًّا وَمِنْهُ أَمُوتُ ، وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ مَعَ اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ .
أَوْ أَطْلَقَ وَبَيَّنُوا ،
( أَوْ ) قَالَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَ ( أَطْلَقَ ) الْمَقْتُولُ قَوْلَهُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ ( وَبَيَّنُوا ) أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ كَوْنَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً مُعْتَمَدِينَ عَلَى الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عَمْدٌ وَ خَطَأٌ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْسِمُونِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَمَا ادَّعَاهُ وُلَاةُ الدَّمِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَقْسَمُوا عَلَيْهِ وَاسْتَحَقُّوهُ .
ابْنُ حَارِثٍ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجَالِسِ : أَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ بَاطِلٌ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا ، قَالَ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى الْعَمْدِ فَوَقَفَ فِيهِ وَقَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْسِمُوا إلَّا عَلَى الْخَطَأِ ، وَقَالَ فِي الدِّيوَانِ يُكْشَفُ عَنْ حَالِ الْمَقْتُولِ وَجِرَاحِهِ وَمَوْضِعِهِ وَحَالَةِ الْقَتْلِ ، وَهَلْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُهُ فَيُقْسِمُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَمْدٌ وَلَا خَطَأٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ ، وَهَذَا أَحْسَنُ وَتَعَدُّدُ الضَّرَبَاتِ يَدُلُّ عَلَى الْعَمْدِ
لَا خَالَفُوا ، وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ
( لَا ) يُقْسِمُونَ إنْ ( خَالَفُوا ) أَيْ الْأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولَ بِأَنْ قَالَ خَطَأً وَقَالُوا عَمْدًا وَعَكْسُهُ ، وَإِنْ رَجَعُوا لِقَوْلِهِ فَ ( لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ ) لَهُ بَعْدَ مُخَالَفَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ .
أَشْهَبُ لِأَنَّهُمْ أَكَذَبُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَعَلَّقَ لِخَصْمِهِمْ حَقٌّ بِقَوْلِهِمْ أَوَّلًا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلِأَوْلِيَائِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الشَّيْخِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ خِلَافَ قَوْلِ الْمَيِّتِ فَلَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ وَلَا دَمَ ، وَلَا لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى قَوْلِهِ هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا إنْ ادَّعَوْا خِلَافَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا إلَّا عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
وَلَا إنْ قَالَ بَعْضٌ : عَمْدًا ، وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ
( وَلَا ) يُقْسِمُونَ ( إنْ ) أَطْلَقَ قَوْلَهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَ ( قَالَ بَعْضٌ ) مِنْ أَوْلِيَائِهِ قَتَلَهُ ( عَمْدًا وَ ) قَالَ ( بَعْضٌ ) آخَرُ مِنْهُمْ ( لَا نَعْلَمُ ) عَمْدًا وَلَا خَطَأً ، وَبَطَلَ الدَّمُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّهُ قُتِلَ عَمْدًا فَيَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ وَلَا عَلَى أَنَّهُ قُتِلَ خَطَأً فَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَكَذَا إنْ بَيَّنَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَنْ قَتَلَهُ وَلَا نَحْلِفُ فَإِنَّ دَمَهُ يَبْطُلُ .
اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَوْ قَالَ اثْنَانِ عَمْدًا وَقَالَ غَيْرُهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلِمَنْ قَالَ عَمْدًا أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ حَظَّهُ مِنْ الدِّيَةِ ، قَالَ وَنُكُولُهُمْ عَنْ الْقَسَامَةِ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ الدَّمُ كَعَفْوِهِمْ عَنْهُ بَعْدَ أَوْ وَجَبَ فَإِنْ حَلَفَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ ، وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ ، وَهَذَا أَحْسَنُ ، وَلَا يَسْقُطُ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَمْدِ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لَا عِلْمَ لَنَا ، وَمَتَى سَقَطَ اسْتِحْقَاقٌ بِنُكُولٍ أَوْ اخْتِلَافٍ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ وَيَحْلِفُهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ .
أَوْ نَكَلُوا ؛ بِخِلَافِ ذِي الْخَطَإِ ، فَلَهُ الْحَلِفُ ، وَأَخْذُ نَصِيبِهِ
( أَوْ ) قَالُوا كُلُّهُمْ عَمْدًا وَ ( نَكَلُوا ) عَنْ الْقَسَامَةِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ ( بِخِلَافِهِ ذِي ) أَيْ صَاحِبِ أَيْ مُدَّعِي قَتْلَ ( الْخَطَأِ ) وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَا نَعْلَمُ ( فَلَهُ ) أَيْ ذِي الْخَطَأِ ( الْحَلِفُ ) لِجَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ ( وَأَخْذُ نَصِيبِهِ ) مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ ، بِخِلَافِ الْعَمْدِ وَكَذَا إنْ اتَّفَقُوا عَلَى الْخَطَأِ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلِمَنْ حَلَفَ تَكْمِيلُ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَأَخْذُ نَصِيبِهِ مِنْهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً ، وَقَالَ الْبَاقُونَ لَا عِلْمَ لَنَا أَوْ نَكَلُوا عَنْ الْأَيْمَانِ حَلَفَ مُدَّعُو الْخَطَأِ وَأَخَذُوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِينَ ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الْآخَرُونَ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَلَفْظُهَا فِي الْجَلَّابِ حَلَفَ مُدَّعُو الْخَطَأِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقُّوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ ابْنُ شَاسٍ أَبُو بَكْرٍ الْقِيَاسُ أَنْ يَقْتَسِمُوا .
أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهَا لَا عِلْمَ لَنَا يَحْتَمِلُ لَا عِلْمَ لَنَا بِعَيْنِ قَاتِلِهِ أَوْ صِفَةِ قَتْلِهِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ ، وَقَوْلُهَا وَنَكَلُوا يَحْتَمِلُ مَعْنَاهُ ادَّعَى جَمِيعُهُمْ الْخَطَأَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ عَمْدًا وَبَعْضِهِمْ خَطَأً وَالْحُكْمُ سَوَاءٌ .
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا : وَاسْتَوَوْا : حَلَفَ كُلٌّ ، وَلِلْجَمِيعِ : دِيَةُ خَطَإٍ ، وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ
( وَإِنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ فَرِيقَا الْوَرَثَةِ ( فِيهِمَا ) أَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ بِأَنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضٌ خَطَأً ( وَاسْتَوَوْا ) أَيْ الْمُخْتَلِفُونَ فِي الدَّرَجَةِ كَبَنِينَ ( حَلَفَ كُلٌّ ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ ( وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ الْخَطَأِ ) وَبَطَلَ الْقَوَدُ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَوُوا كَبِنْتٍ وَعَصَبَةٍ ، فَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْعَمْدَ وَالْبِنْتُ الْخَطَأَ فَهَدَرٌ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمْدًا فَذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ ، وَلَمْ يُثْبِتْ الْمَيِّتُ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَالدِّيَةُ ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطَأٌ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيُحْرِزُ دَمَهُ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، وَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْخَطَأَ وَالْبِنْتُ الْعَمْدَ يَحْلِفُ الْعَصَبَةُ وَيَأْخُذُونَ نَصِيبَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً وَتَثْنِيَتُهُ الضَّمِيرَ أَوَّلًا وَجَمْعُهُ ثَانِيًا تَفَنُّنٌ قَالَهُ الْخَرَشِيُّ ، فَإِنْ حَلَفَ الْجَمِيعُ فَلَهُمْ دِيَةُ خَطَأٍ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ .
وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعُو الْخَطَأِ ( بَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ بِ ) سَبَبِ ( نُكُولِ غَيْرِهِمْ ) وَهُمْ مُدَّعُو الْخَطَأِ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ لِذِي الْعَمْدِ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ لَهُمْ تَبَعًا لَحَلَفَ مُدَّعِي الْخَطَأِ ، لِأَنَّ الْعَمْدَ لَا دِيَةَ لَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ خَطَأً ، فَإِنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ اسْتَحَقُّوا دِيَةَ الْخَطَأِ بَيْنَهُمْ وَبَطَلَ الْقَوَدُ ، وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعِي الْخَطَأِ فَلَيْسَ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ أَنْ يُقْسِمُوا وَلَا دَمَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ .
اللَّخْمِيُّ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ حَلَفَ جَمِيعُهُمْ فَلِمَنْ أَقْسَمَ عَلَى الْخَطَأِ حَظُّهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلِمَنْ أَقْسَمَ عَلَى الْعَمْدِ حَظُّهُ مِنْ مَالِ الْقَاتِلِ .
اللَّخْمِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَظُّهُمْ مِنْ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْبَاعِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ .
وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ يُقْسِمُ مُدَّعُو الْخَطَأِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَهُمْ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ قَالَ جَمِيعُهُمْ خَطَأً وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ ، فَإِنْ رَجَعَ الَّذِينَ قَالُوا عَمْدًا إلَى دِيَةِ الْخَطَأِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَأَبَاهُ أَشْهَبُ وَهُوَ أَحْسَنُ ، وَكُلُّ هَذَا إنْ اسْتَوَتْ مَنَازِلُهُمْ ، وَاخْتُلِفَ إنْ اخْتَلَفَتْ ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ تَرَكَ ابْنَةً وَعَصَبَةً فَقَالَ الْعَصَبَةُ عَمْدًا وَالِابْنَةُ خَطَأً سَقَطَ دَمُهُ وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمْدًا فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ ، وَلَمْ يُثْبِتْ لَهُمْ ذَلِكَ الْمَيِّتُ ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ خَطَأً وَيُقْسِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيُحْرِزُ دَمَهُ .
مُحَمَّدٌ إنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ كُلُّهُمْ الْعَمْدَ فَلَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ وَرَثَتِهِ مِنْ النِّسَاءِ إذْ لَا عَفْوَ لَهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ ، وَإِنْ قَالَ الْعَصَبَةُ كُلُّهُمْ خَطَأً وَقَالَ النِّسَاءُ عَمْدًا أَقْسَمَ الْعَصَبَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَثَبَتَ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ .
الْخَرَشِيُّ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ مُدَّعِي الْخَطَأِ فَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ الدُّخُولُ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ .
عب وَبِهِ جَزَمَ الْفِيشِيُّ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ ، وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ ، وَرُبَّمَا يَقْتَضِيهِ التَّعْلِيلُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِحَلِفِ ذِي الْخَطَأِ
وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ ، أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ يُقْسِمُ : لِمَنْ ضَرَبَهُ مَاتَ
وَذَكَرَ مِثَالًا آخَرَ لِلَوْثٍ فَقَالَ ( وَكَ ) شَهَادَةِ ( شَاهِدَيْنِ ) عَلَى شَخْصٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ ( بِمُعَايَنَةِ جُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ ) لِمُسْلِمٍ حُرٍّ جُرْحًا أَوْ ضَرْبًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ ) شَهَادَتِهِمَا بِ ( إقْرَارِ ) الشَّخْصِ ( الْمَقْتُولِ ) بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ ( عَمْدًا أَوْ خَطَأً ) وَبِهِ أَثَرُ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ ( ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ ) عَنْ مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الْقَتْلِ أَوْ عَنْ إقْرَارِهِ بِهِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ أَكَلَ وَشَرِبَ فَ ( يُقْسِمُ ) أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ ( لِمَنْ جَرَحَهُ ) أَوْ ضَرَبَهُ ( مَاتَ ) وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِمُعَايَنَةِ الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ ، وَأَمَّا فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ بِأَحَدِهِمَا فَيُقْسِمُونَ لَقَدْ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَلِمَنْ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ مَاتَ ، وَيَقْتَصُّونَ فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُونَ فِي الْخَطَأِ ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ مَوْتُهُ فَفِي مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ لَا قَسَامَةَ ، وَلَهُمْ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ .
وَفِي الْإِقْرَارِ يُقْسِمُونَ وَيَقْتَصُّونَ فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُونَ فِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَ فُلَانًا أَوْ ضَرَبَهُ وَعَاشَ الْمَجْرُوحُ أَوْ الْمَضْرُوبُ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ أَنَّ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا دَمَهُ مَا لَمْ يُنْفِذْ الْجُرْحُ مَقْتَلَهُ ، فَإِنْ أَنْفَذَهُ فَلَا قَسَامَةَ
أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا ، إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ
وَذَكَرَ مِثَالًا آخَرَ لِلَّوْثِ شَامِلًا لِصُوَرٍ فَقَالَ ( أَوْ ) شَهَادَةِ ( شَاهِدٍ بِ ) مُعَايَنَةِ ( ذَلِكَ ) أَيْ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ لِمُسْلِمٍ حُرٍّ ( مُطْلَقًا ) سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَعَاشَ بَعْدَهُ وَلَوْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَتَكَلَّمَ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ وَشَهِدَ وَاحِدٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ لِوَارِثِهِ الْقَسَامَةُ ، وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ .
سَحْنُونٌ هَذَا أَصْلٌ تَنَازَعَهُ الرُّوَاةُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُقْسَمُ بِهِ وَأَنْ يُقْسَمَ بِهِ أَحَقُّ .
قُلْت مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ هُوَ سَمَاعُ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ نَصِّ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ( إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ ) شَرْطٌ فِي الْقَسَامَةِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ قَبْلَ ثُبُوتِهِ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ وَلَا قَسَامَةَ فِي حَيٍّ ، وَنُسْخَةُ الْبِسَاطِيِّ اللَّوْثُ بَدَلَ الْمَوْتِ ، فَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ أَفَادَهُ تت .
طفي لَا خُصُوصِيَّةَ لِلَّتِي قَبْلَهَا ، بَلْ يُرْجَعُ لِجَمِيعِ صُوَرِ اللَّوْثِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ ، إذْ مَعْلُومٌ أَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَلِذَا جَعَلْنَاهُ عَامًّا فِي جَمِيعِ صُوَرِ اللَّوْثِ ، وَخَصَّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِهَذِهِ وَبِقَوْلِهِ بَعْدَ وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ ، فَلَوْ جَمَعَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ الشُّرُوطَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الْعَدْلِ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ دُونَ ثُبُوتِ الْمَوْتِ لِلْقَتِيلِ قَوْلَانِ ، وَيَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ فَقَطْ فَيَقُولُ وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخْتَلِفُ فِيهِ ، فَفِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ شَهِدَ شَاهِدٌ عَدْلٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَتْلِ وَقُلْنَا يُقْسِمُ مَعَهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ إنَّمَا يُقْسِمُ مَعَ شَهَادَتِهِ إذَا
ثَبَتَ مُعَايَنَةٌ لِقَتِيلٍ فَشَهِدَ بِمَوْتِهِ وَجَهِلَ قَاتِلُهُ كَقِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ ، قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يُفَوِّتُ وَالْجَسَدَ لَا يُفَوِّتُ .
وَقَالَ أَصْبَغُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَجِّلَ السُّلْطَانُ الْقَسَامَةَ فِيهِ حَتَّى يَكْشِفَ ، فَلَعَلَّ أَثْبَتَ مِنْ هَذَا ، فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى الِاسْتِينَاءُ قَضَى بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ وَبِمَوْتِهِ ، وَهَكَذَا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ قَائِلًا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّمَا يُقْسِمُ مَعَ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ بَعْدَ أَنْ تَثْبُتَ مُعَايَنَةُ جَسَدِ الْقَتِيلِ فَيَشْهَدُوا لَهُ عَلَى مَوْتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَوْتُهُ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ ، وَلَا يُعَجِّلُ بِتَحْلِيفِهِ ، فَعَسَى أَنْ يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ فَيَثْبُتُ مَوْتُ الْمَيِّتِ .
ا هـ .
فَهَا هُنَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ ، وَيَفْتَرِقُ الْحُكْمُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ وَالشَّاهِدِ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ يَثْبُتُ بِهِمَا الْمَوْتُ فَلَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ ثُبُوتِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ .
وَأَمَّا فِي الْجُرْحِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدَيْنِ ، وَلِذَا اعْتَرَضَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ قَائِلًا كَلَامُهُ يُشْعِرُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِالضَّرْبِ أَوْ الْجُرْحِ ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَضْرُوبِ لَاتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدَيْنِ فِي ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشُّيُوخِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ وَفَاةُ الْمَجْرُوحِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَسَامَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِقَتْلِ الْجَانِي وَتَزْوِيجُ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمُ مَالِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ بِجُرْحِهِ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، إذْ يُحْتَمَلُ بَقَاءُ الْمَجْرُوحِ حَيًّا .
وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ فَأَقَرَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَنَقَلَ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغَ عَلَى الْإِجْمَالِ ، وَلَمْ يُعَرِّجْ
عَلَى اعْتِرَاضِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ إلَى أَنَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَتْلِ وَإِنَّهُ فِيهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدَيْنِ ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ تَقْلِيدًا لِابْنِ الْحَاجِبِ ، وَلِأَجْلِ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ جَعَلَ تت الشَّرْطَ رَاجِعًا لِهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَلَمْ يَدْرِ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
وَأَمَّا نُسْخَةُ الْبِسَاطِيِّ إنْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فَهِيَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ ، إذْ بِهَا يَسْلَمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّعَقُّبِ وَهِيَ إشَارَةٌ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَا بُدَّ فِي الْمَشْهُورِ أَنْ يَحْلِفُوا يَمِينًا وَاحِدَةً لِيَثْبُتَ الضَّرْبُ وَيُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا لَكِنْ هَلْ تُفْرَدُ الْيَمِينُ أَوْ لَا أَوْ تُجْمَعُ مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ تَجْرِي عَلَى الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ ، هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ تَصْحِيحِ شَهَادَةِ الشُّهَّادِ وَفَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ يَمِينًا مُسْتَقِلَّةً .
ا هـ .
وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَثَرِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ نَصِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ مِنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ .
ا هـ .
وَلَمَّا خَفِيَ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرْنَا بِهِ اللَّوْثَ عَلَى تت قَالَ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ مَسَائِلَ الْقَسَامَةِ هِيَ اللَّوْثُ فَيَلْزَمُ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ
أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا : كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا
( أَوْ ) شَهَادَةُ شَاهِدٍ وَاحِدٍ ( بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ ) بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ ( عَمْدًا ) لِأَنَّ الدَّمَ يُعْمَلُ فِيهِ بِاللَّوْثِ وَالْعَمْدُ لَوْثٌ مَحْضٌ ، بِخِلَافِ الْخَطَأِ فَإِنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالدِّيَةِ ، وَلَا يُنْقَلُ عَنْ الشَّاهِدِ إلَّا اثْنَانِ قَالَهُ أَشْهَبُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَفَادَهُ تت .
الْخَرَشِيُّ أَيْ وَكَذَلِكَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا لَوْثًا بَعْدَ حَلِفِ الْوُلَاةِ يَمِينًا وَاحِدَةً ، وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ ، وَيَفْتَرِقُ هَذَا الْمِثَالُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي هَذَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِجَرَحَنِي فُلَانٌ خَطَأً ، وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فِي الْخَطَأِ ، ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَطَأِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ ، بِخِلَافِ الْعَمْدِ ، فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إنَّمَا طَلَبَ حَقًّا لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْقِصَاصُ .
وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَنَصُّ الرِّوَايَةِ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ .
الْعَدَوِيُّ قَوْلُهُ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْحِلِّ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَتْلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ أَمَّا الْجُرْحُ فَيَثْبُتُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي الْعَمْدِ ، وَهِيَ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ ، وَفِي الْخَطَأِ يَئُولُ إلَى الْمَالِ .
وَشَبَّهَ فِي اللَّوْثِ الْمُوجِبِ لِلْقَسَامَةِ فَقَالَ ( كَ ) شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ بِ ( إقْرَارِهِ ) أَيْ الْمَفْتُونِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ( مَعَ ) شَهَادَةِ ( شَاهِدٍ ) بِمُعَايَنَةٍ قَتَلَهُ فُلَانٌ قَتْلًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَقْتَصُّونَ فِي
الْعَمْدِ وَيَأْخُذُونَ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ .
تت هَذَا كَقَوْلِهَا وَلَوْ قَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ لَمْ يُجْتَزَ بِذَلِكَ ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ .
" ق " هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَوَجَبَتْ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ ، وَلَكِنْ أَتَى بِهِ لِاعْتِنَائِهِ بِنَقْلِ النُّصُوصِ .
الْخَرَشِيُّ الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَوْثٌ ، فِيمَا سَيَأْتِي أَنَّ تَعَدُّدَهُ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَسَامَةِ فَلَا تَكْرَارَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ بِإِغْنَاءِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِ الْبُنَانِيُّ أَنْوَاعُ اللَّوْثِ خَمْسَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، أَحَدُهَا إقْرَارُ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِهِ مِنْ شَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ ، أَوْ يَكْفِي فِيهِ شَاهِدٌ مُطْلَقًا ، أَكْثَرُ الْأَنْقَالِ عَلَى الْأَوَّلِ .
الثَّانِي : إقْرَارُ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ بِالشَّاهِدَيْنِ فَهُوَ لَوْثٌ مُطْلَقًا ، وَإِنْ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ لَا فِي الْخَطَأِ ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ ، إنَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ التَّوَقُّفُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مُطْلَقًا وَالِاكْتِفَاءُ بِالشَّاهِدِ مُطْلَقًا ، كَمَا فِي الْأَوَّلِ ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ حَيْثُ قَالُوا لَا يَكْفِي فِيهِ إلَّا الشَّاهِدَانِ ، وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ جَرَحَهُ فَيَكْفِي فِيهِ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ فِي الْعَمْدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ .
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَنْ قَالَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْجُرْحِ يَكْفِي الشَّاهِدُ قَالَ بِهِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ ، وَمَنْ قَالَ لَا يَكْفِي الشَّاهِدُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ قَالَهُ فِي الْأَوَّلِ ، فَلَا مَحَلَّ لِطَلَبِ الْفَرْقِ ذَكَرَهُ الْمِسْنَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
النَّوْعُ الثَّالِثُ : ثُبُوتُ الْجُرْحِ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ شَاهِدٍ بِذَلِكَ .
الرَّابِعُ : ثُبُوتُ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ بِشَاهِدٍ ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِقْرَارُ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ بِشَاهِدٍ .
الْخَامِسُ : ثُبُوتُ الْقَتْلِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَكَالْعَبْدِ إلَخْ
أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ
( أَوْ ) شَهَادَةٍ بِ ( إقْرَارِ الْقَاتِلِ ) ؛ بِالْقَتْلِ فَهُوَ لَوْثٌ ( فِي الْخَطَأِ فَقَطْ ) أَيْ لَا فِي الْعَمْدِ ( بِشَاهِدٍ ) فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ ، وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ فِي مَالِ الْمُقِرِّ .
" غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الْعَمْدِ بَدَلَ فِي الْخَطَأِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَأَمَّا النُّسْخَةُ الَّتِي فِيهَا فِي الْخَطَأِ فَخَطَأٌ صُرَاحٌ ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا هُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَقَدْ بَيَّنَ الْمَسْأَلَةَ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى ، ثُمَّ حَصَلَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا إيجَابُ الْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ لَا فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَأِ ، وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ أَصْلَحَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، إذْ قِيلَ إنَّ إقْرَارَ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ خَطَأٌ لَيْسَ بِلَوْثٍ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ ، فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُهُ ، وَإِنَّمَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا الْقَسَامَةُ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْجِرَاحِ أَوْ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَثَابِتَةٌ فِي الْمَذْهَبِ اتِّفَاقًا
وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ : بَطَلَ
( وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ ) أَيْ الْقَتْلِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَبَحَهُ وَقَالَ الْآخَرُ حَرَقَهُ بِالنَّارِ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِحَجَرٍ ( بَطَلَ ) الدَّمُ الْمَشْهُودُ بِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي آخِرِ دِيَاتِهَا إنْ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا بِالسَّيْفِ وَآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَجَرٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَا يُقْسِمُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ هَذَا إنْ قَامَ الْوَلِيُّ بِشَهَادَتِهِمَا مَعًا ، وَإِنْ قَامَ بِشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ قُلْت يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي قِيَامِهِ بِهِمَا مِنْ الشَّاذِّ بِضَمِّ الشَّهَادَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ فِي الْفِعْلِ وَتَقَدَّمَ تَحْصِيلُهَا
وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ
وَذَكَرَ مِثَالًا آخَرَ لِلَّوْثِ فَقَالَ ( كَ ) شَهَادَةِ ( الْعَدْلِ فَقَطْ ) أَيْ لَا غَيْرِ الْعَدْلِ ( فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ ) لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَوْثٌ فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَأَمَّا شَهَادَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ كَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ فَلَيْسَتْ لَوْثًا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَا خِلَافٍ أَفَادَهُ تت .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ الْعَدْلُ لَوْثٌ اتِّفَاقًا ، وَاَلَّذِي لَيْسَ بِعَدْلٍ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ بِلَوْثٍ ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ أَنَّهُ لَوْثٌ .
ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ الَّذِي لَا يُتَوَهَّمُ جَرْحُهُ وَلَا عَدَالَتُهُ ، إذْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَحْمِلُ الرَّجُلَ عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تُعْلَمَ جَرْحَتُهُ .
أَمَّا الَّذِي تُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَرْحَةُ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي هَذَا السَّمَاعِ ، لِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا لَيْسَ الْعَبْدُ لَوْثًا يُرِيدُ ، وَلَوْ كَانَ عَدْلًا وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ عَلَى هَذَا السَّمَاعِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَاحِدَ لَوْثٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا ضَعِيفٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ .
طفي قَوْلُ تت لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ هَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ فَقَطْ .
ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابُهُ فِي الصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَوْثٍ .
وَنَقَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ جَعَلَ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ لَوْثًا ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ قِيلَ وَالْوَاحِدُ غَيْرُ الْعَدْلِ .
أَوْ رَآهُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ ، وَالْمُتَّهَمُ قُرْبَهُ بِهِ وَعَلَيْهِ آثَارُهُ
( أَوْ رَآهُ ) أَيْ الْعَدْلُ الْمَقْتُولَ ( يَتَشَحَّطُ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْفَوْقِيَّةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً فَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ يَتَحَرَّك ( فِي دَمِهِ وَ ) الشَّخْصُ ( الْمُتَّهَمُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلَةً وَالْهَاءُ يَقْتُلُهُ ( بِقُرْبِهِ ) أَيْ الْمَقْتُولِ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الْمُتَّهَمِ ( آثَارُهُ ) أَيْ الْقَتْلِ كَسَيْفٍ مُلَطَّخٍ بِدَمٍ بِيَدِهِ .
طفي الْفَاعِلُ بِرَأْيِ الْعَدْلُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ ، بَلْ كَذَلِكَ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ ، إذْ لَيْسَ مُوجِبُ الْقَسَامَةِ انْفِرَادُ الْعَدْلِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ ، بَلْ قُوَّةُ التُّهْمَةِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ .
ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ اللَّوْثُ الشَّهَادَةُ غَيْرُ الْقَاطِعَةِ مِنْ شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَشِبْهِهَا ، وَمِثْلَ أَنْ يُرَى الْمُتَّهَمُ بِحِذَاءِ الْمَقْتُولِ أَوْ قُرْبَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ حِينَ أَصَابَهُ .
قُلْت نَقَلَهُ الْجَلَّابُ بِلَفْظِ إنْ وُجِدَ قَتِيلٌ وَبِقُرْبِهِ رَجُلٌ مَعَهُ سَيْفٌ أَوْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الْقَتْلِ أَوْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ دَمِ الْمَقْتُولِ أَوْ عَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ فَهُوَ لَوْثٌ يَجِبُ الْقَسَامَةُ .
ا هـ .
كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَدْلِ .
وَوَجَبَتْ ، وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ
( وَوَجَبَتْ ) قَسَامَةُ الْأَوْلِيَاءِ فِي مَسَائِلِ اللَّوْثِ إنْ اتَّحَدَ ، بَلْ ( وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ ) كَشَاهِدَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهَادَةِ شَاهِدٍ آخَرَ أَنَّهُ رَآهُ يَقْتُلُهُ وَأَفَادَ بِالْمُبَالَغَةِ أَنَّ تَعَدُّدَ اللَّوْثِ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَسَامَةِ .
طفي مَثَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ شَهِدَ شَاهِدٌ بِالْقَتْلِ وَقَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ وَهُوَ نَصُّهَا ، وَمَثَّلَ تت بِقَوْلِهِ كَشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَنَّهُ رَآهُ يَقْتُلُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ شَاهِدٌ عَلَى الْقَتْلِ ، أَيْ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ لِلشَّهَادَةِ بِالْقَوْلِ فَفِيهَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِذَلِكَ شَيْءٌ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ .
اللَّخْمِيُّ لَا تُضَمُّ الشَّهَادَتَانِ
وَلَيْسَ مِنْهُ وُجُودُهُ بِقَرْيَةِ قَوْمٍ ، أَوْ دَارِهِمْ
( وَلَيْسَ مِنْهُ ) أَيْ اللَّوْثِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ( وُجُودُهُ ) أَيْ الْمَقْتُولِ مَرْمِيًّا ( بِقَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ ) لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ لَا يَتْرُكُهُ بِمَوْضِعٍ يُوجِبُ وُجُودُهُ بِهِ اتِّهَامَهُ بِقَتْلِهِ .
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ عِرَاقِيُّونَ إلَى أَنَّهُ لَوْثٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ قَتَلَهُ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ أَحَدٌ ، وَتَبْطُلُ دِيَتُهُ ، وَلَا يَكُونُ فِي بَيْتِ مَالٍ وَلَا غَيْرِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أُخِذَ بِذَلِكَ لَمْ يُرِدْ أَحَدٌ أَنْ يُلَطِّخَ قَوْمًا بِذَلِكَ إلَّا فَعَلَهُ .
الصِّقِلِّيُّ يُرِيدُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ أَحَدٌ وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارٍ وَمَعَهُ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ قَتْلِهِ قُتِلَ بِهِ مَعَ الْقَسَامَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ لَوْ وَقَعَ مِثْلُ قَضِيَّةِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ فِي زَمَانِنَا لَوَجَبَ الْحُكْمُ وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ .
وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ : اُسْتُحْلِفَ كُلٌّ خَمْسِينَ ، وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ
( وَلَوْ شُهِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى شَخْصٍ ( أَنَّهُ قَتَلَ ) حُرًّا مُسْلِمًا عَمْدًا ( وَدَخَلَ ) الْقَاتِلُ ( فِي جَمَاعَةٍ ) وَلَمْ يُعْرَفْ ( اُسْتُحْلِفَ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ ( كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( خَمْسِينَ ) يَمِينًا لِأَنَّ أَيْمَانَ الدَّمِ لَا تَكُونُ إلَّا خَمْسِينَ وَالْقَاتِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَيَحْتَمِلُ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلَ ( وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ ) فِي أَمْوَالِهِمْ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ بِلَا قَسَامَةٍ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ ، وَكَانَ الْغُرْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ أَحَدِهِمْ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
( أَوْ ) حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ بَاقِيهِمْ فَالدِّيَةُ ( عَلَى مَنْ نَكَلَ ) مِنْهُمْ ( بِلَا قَسَامَةٍ ) وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ حَلَفَ وَلَمْ يُحْتَجْ هُنَا لِيَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هِيَ الْقَاعِدَةُ لِثُبُوتِ الْقَتْلِ بِالْبَيِّنَةِ ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْأَيْمَانُ لِرَفْعِ الِاحْتِمَالِ ، وَلَا يُقْتَلُ النَّاكِلُ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِصِدْقِ الْحَالِفِ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَتَلَ إنْسَانًا وَسَطَ النَّاسِ فَاتَّبَعُوهُ وَهُوَ هَارِبٌ فَاقْتَحَمَ بَيْتًا فَدَخَلُوا الْبَيْتَ بِإِثْرِهِ ، فَإِذَا فِيهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَا يُدْرَى أَيُّهُمْ هُوَ إنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ فَالْعَقْلُ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمْ فَالْعَقْلُ عَلَيْهِ .
قِيلَ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ بِقَسَامَةٍ أَوْ دُونَهَا ، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمْ أَيُقْسِمُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَالَ بَلْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ .
ابْنُ رُشْدٍ حَلَفُوا كُلُّهُمْ أَوْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَالدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ ، وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَهِيَ عَلَى مَنْ نَكَلَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ، وَلَا يَمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ وَإِيجَابُ الْقَسَامَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ هُوَ عَلَى أَنَّ الْمُتَّهَمَ بِالدَّمِ يُسْتَحْلَفُ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُتَّهَمٌ بِهِ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ
سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَشَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ دَخَلَ فِيهِمْ وَلَا يَعْرِفُونَهُ بِعَيْنِهِ بَاطِلَةٌ .
الْخَرَشِيُّ وشب هَذَا فِي الْعَمْدِ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ نَكَلَ عَلَى الظَّاهِرِ ، وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى قَتْلِ مَنْ دَخَلَ فِي مَحْصُورِينَ حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ قَتَلَهُ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ مِنْ جَمِيعِهِمْ إنْ حَلَفُوا أَوْ نَكَلُوا وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَمِنْهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ عَنْ قَتْلَى ، وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ ؛ فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ مُطْلَقًا ؟ أَوْ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ ؟ أَوْ عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ ؟ تَأْوِيلَاتٌ .
وَإِنْ تَأَوَّلُوا : فَهَدَرٌ : كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ
( وَإِنْ ) اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِغَارَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ ( وَانْفَصَلَتْ بُغَاةٌ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَإِعْجَامِ الْغَيْنِ جَمْعُ بَاغٍ ، أَيْ مُتَعَدٍّ عَلَى غَيْرِهِ خَارِجٌ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ أَوْ لَا عَنْ قَتْلَى ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ التَّاءِ ، جَمْعُ قَتِيلٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا ( وَلَمْ يُعْلَمْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ ( الْقَاتِلُ ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ ( فَهَلْ لَا قَسَامَةَ ) فِيهِمْ ( وَلَا قَوَدَ ) أَيْ قِصَاصَ وَفِيهِمْ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الْمُنَازِعَةِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَدِيَتُهُمْ عَلَيْهِمَا ، هَذَا هُوَ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ قَوْلَهَا لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ ، وَهَذَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَبْقَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِعَدَمِ قَوْلِ الْقَتْلَى دَمُنَا عِنْدَ فُلَانٍ ، وَعَدَمُ قِيَامِ شَاهِدٍ بِالْقَتْلِ عَلَى مُعَيَّنٍ .
( أَوْ ) لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ ( إنْ تَجَرَّدَ ) الْقَتْلُ ( عَنْ تَدْمِيَةٍ ) مِنْ الْقَتْلَى ، أَيْ قَوْلِهِمْ دَمُنَا عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ قَتَلَنَا فُلَانٌ ( وَ ) تَجَرَّدَ أَيْضًا ( عَنْ شَاهِدٍ ) عَلَى مُعَيَّنٍ بِالْقَتْلِ ، فَإِنْ وُجِدَتْ تَدْمِيَةٌ أَوْ شَاهِدٌ بِالْقَتْلِ فَالْقَسَامَةُ وَالْقِصَاصُ ، وَبِهَذَا فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَقَيَّدَ فِي الْبَيَانِ الشَّاهِدَ بِكَوْنِهِ مِنْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهُمَا فَلَوْثٌ بِلَا خِلَافٍ ، كَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ ، وَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِاتِّحَادِ الشَّاهِدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ، فَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ فَالْقَوَدُ بِلَا خِلَافٍ .
( أَوْ ) لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ إنْ تَجَرَّدَ الْقَتْلُ ( عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ تَجَرُّدُهُ عَنْ التَّدْمِيَةِ فَيُهْدَرُ دَمُهُ ، لَوْ قَالَ
دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ لِأَنَّهُ كَانَ عَازِمًا عَلَى قَتْلِهِ فَلَا يُسْتَنْكَرُ كَذِبُهُ عَلَيْهِ لِيُقْتَلَ بَعْدَهُ ، وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِهَذَا فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَاتٌ ) وَمَفْهُومُ وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَصَدَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ أَنَّ الْعَقْلَ عَلَى كُلِّ فِرْقَةٍ لِقَتْلَى الْأُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمَا فِي أَمْوَالِهِمَا .
الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ قَتْلَى كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ مُقَابِلَتِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَتْلَهُ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مَعًا وَيُحْتَمَلُ مِنْ إحْدَاهُمَا بِلَا مُرَجِّحٍ ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَإِلَّا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَيْسَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَسَامَةٌ .
الْجَلَّابُ إنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ ثُمَّ افْتَرَقَتَا عَنْ قَتِيلٍ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا قَوَدَ فِيهِ وَدِيَتُهُ عَلَى الْفِئَةِ الَّتِي نَازَعَتْهُ إنْ كَانَ مِنْ الْفِئَةِ الْأُخْرَى ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَدِيَتُهُ عَلَيْهِمَا مَعًا ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى أَنَّ وُجُودَهُ بَيْنَهُمَا لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ لِوُلَاتِهِ فَيُقْسِمُونَ عَلَى مَنْ ادَّعَوْا قَتْلَهُ عَلَيْهِ ، وَيَقْتُلُونَهُ بِهِ .
وَلِابْنِ رُشْدٍ قِيلَ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ بِحَالٍ لَا بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ وَلَا بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ ، وَهِيَ رِوَايَةُ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا قَسَامَةَ بَيْنَهُمْ بِدَعْوَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ عَلَى الطَّائِفَةِ الَّتِي نَازَعَتْهُ وَلَوْ دَمَى الْقَتِيلُ عَلَى أَحَدٍ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَجَبَتْ بِذَلِكَ الْقَسَامَةُ ، وَهُوَ سَمَاعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ ، وَقَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ لِأَنَّ كَوْنَهُ
بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَمْ يَزِدْ دَعْوَاهُ إلَّا قُوَّةً .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ بِدَعْوَى الْمَقْتُولِ وَلَا بِشَاهِدٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ وَلَا بِشَاهِدٍ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ طَائِفَةِ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ أَحَدٍ مِنْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْأُخْرَى ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا مَعَ شَاهِدٍ مِنْ طَائِفَةِ الْقَاتِلِ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَسَامَةِ بِشَاهِدٍ غَيْرِ عَدْلٍ ، وَأَمَّا مَعَ شَاهِدٍ مِنْ طَائِفَةِ الْمَقْتُولِ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ الْقَسَامَةِ مَعَهُ ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ وَلَا بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ خَطَأً لِحَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ غَيْرِ الطَّائِفَتَيْنِ ، وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ أَوْلَى مِنْ تَخْطِئَتِهِ .
الْبَاجِيَّ إنْ كَانَ الْقَتِيلُ مِنْ غَيْرِ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ فَعَقْلُهُ فِي أَمْوَالِهِمَا وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ ( وَإِنْ تَأَوَّلُوا ) أَيْ الْمُتَقَاتِلُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقُدُومِ عَلَى تَقَاتُلِهِمْ تَأْوِيلًا يَقْتَضِي جَوَازَ تَقَاتُلِهِمْ بِزَعْمِهِمْ ( فَ ) الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى ( هَدَرٌ ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهِمْ وَلَا دِيَةَ ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَأَوَّلُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بَاغِيَةً وَالْأُخْرَى مُتَأَوِّلَةً لَكَانَ دَمُ الْبَاغِيَةِ هَدَرًا وَالْمُتَأَوِّلَةِ قِصَاصًا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى قِيلَ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ الَّذِي وُجِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إنَّمَا كَانُوا قَوْمًا يُقَاتِلُونَ عَلَى تَأْوِيلٍ ، قَالَ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوهُ قَتْلٌ وَإِنْ عَرَفُوا وَلَا دِيَةَ وَلَيْسَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ كَغَيْرِهِمْ .
ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ فِي الْأَثَرِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ ، وَمِثْلُهُ رَوَى الْأَخَوَانِ ، وَمِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ مَنْ رَأَى أَنَّهُ يُقَادُ مِنْهُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَطَاءٍ ، وَالْخِلَافُ فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ سَوَاءٌ تَابَ أَوْ أُخِذَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْحِرَابَةِ وَإِنْ أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ وَلَا يُؤْخَذُ عَنْهُ مَا أُخِذَ مِنْ مَالٍ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إلَّا أَنْ يُوجَدَ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ بِيَدِهِ فَيُرَدُّ إلَى رَبِّهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْهَدَرِ فَقَالَ ( كَ ) قَتْلَى طَائِفَةٍ ( زَاحِفَةٍ ) أَيْ مُتَعَدِّيَةٍ وَمَاشِيَةٍ لِقِتَالِ غَيْرِهَا بَغْيًا بِلَا تَأْوِيلٍ ( عَلَى ) طَائِفَةٍ ( دَافِعَةٍ ) عَنْ أَنْفُسِهَا وَحَرِيمِهَا وَأَمْوَالِهَا فَقَتْلَى الزَّاحِفَةِ هَدَرٌ إنْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا بِغَيْرِ الْقَتْلِ كَالْمُنَاشَدَةِ وَالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَإِلَّا فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَقَتْلَى الدَّافِعَةِ فِيهَا الْقِصَاصُ ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ مِنْ طَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ غَلَطًا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ مَشَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى بِالسِّلَاحِ إلَى مَنَازِلِهِمْ فَقَاتَلُوهُمْ ضَمِنَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مَا أَصَابَتْ مِنْ الْأُخْرَى رَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ عَبْدُوسٍ ، قَالَ وَلَا تَبْطُلُ دِمَاءُ الزَّاحِفَةِ لِأَنَّ الْمَزْحُوفَ عَلَيْهِمْ لَوْ شَاءُوا لَمْ يَقْتُلُوهُمْ وَاسْتَرَدُّوا لِلسُّلْطَانِ .
قَالَ غَيْرُهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ هَذَا إنْ أَمْكَنَ السُّلْطَانُ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَهُمْ ، فَإِنْ عَاجَلُوهُمْ نَاشَدُوهُمْ اللَّهَ تَعَالَى ، فَإِنْ أَبَوْا فَالسَّيْفُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ
وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً بَتًّا
( خَمْسُونَ يَمِينًا ) فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا ، وَلَوْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ فَيَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُهَا بَالِغٌ عَاقِلٌ وَيَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ ، وَيُطْلَبُ الْحَلِفُ مِنْ الْعَاقِلَةِ لِاحْتِمَالِ نُكْرَانِهَا فَتَغْرَمُ الدِّيَةَ عَلَى الظَّاهِرِ ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ أَفَادَهُ شب .
الْحَطّ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي كَيْفِيَّةِ قَسَامَةٍ قَامَ بِهَا أَبُو الْمَقْتُولِ وَأَخُوهُ بِأَنْ يُقْسِمَا خَمْسِينَ يَمِينًا تُرَدَّدُ عَلَيْهِمَا يَمِينًا يَمِينًا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ يَقُولُ الْأَبُ فِي يَمِينِهِ بِمُنْقَطِعِ الْحَقِّ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ إثْرَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لَقَدْ قَتَلَ هَذَا ، وَيُشِيرُ إلَى الْقَاتِلِ ابْنَيْ فُلَانٍ ، فَالْجُرْحُ الَّذِي أَصَابَهُ بِهِ وَمَاتَ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَمْدِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَكَذَلِكَ يُقْسِمُ الْأَخُ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ لَقَدْ قُتِلَ أَخِي فَإِنْ اسْتَكْمَلَا خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أُسْلِمَ الْقَاتِلُ بِرُمَّتِهِ إلَيْهِمَا فَاسْتَقَادَا مِنْهُ بِالسَّيْفِ قَتْلًا مُجْهِزًا عَلَى مَا أَحْكَمَهُ الشَّرْعُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ ( مُتَوَالِيَةً ) لِأَنَّهُ أَرْهَبُ وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى قَيْدِ التَّوَالِي لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ ( بَتًّا ) أَيْ قَطْعًا الْحَطّ .
وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى الظَّنِّ الْقَوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ بَصِيرًا حَاضِرًا ، بَلْ
وَإِنْ أَعْمَى ، أَوْ غَائِبًا
( وَإِنْ ) كَانَ ( أَعْمَى أَوْ غَائِبًا ) حِينَ الْقَتْلِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا يَمِينُ الْقَسَامَةِ عَلَى أَلْبَتِّ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَعْمَى أَوْ غَائِبًا حِينَ الْقَتْلِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا .
سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ وَالسَّمَاعِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْمُعَايَنَةِ ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرْضَهَا عَلَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْقَتْلَ
يَحْلِفُهَا فِي الْخَطَإِ مَنْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ ، وَإِنْ وَاحِدًا ، أَوْ امْرَأَةً
( يَحْلِفُهَا ) أَيْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا ( فِي ) دَعْوَى قَتْلِ ( الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ ) الْمَقْتُولَ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ مَنْ يَرِثُ أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ مَنْ يَرِثُ مُتَعَدِّدًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( وَاحِدًا ) وَسَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا ( أَوْ امْرَأَةً ) فِيهَا إنَّمَا يَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ فِي الْخَطَأِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْ الْمَيِّتِ .
اللَّخْمِيُّ وَيَحْلِفُهَا الْوَاحِدُ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدِّيَةِ كَأَخٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ .
ابْنُ الْحَاجِبِ يَحْلِفُ الْوَارِثُونَ الْمُكَلَّفُونَ فِي الْخَطَأِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَفِيهَا إنْ لَمْ يَدَعْ الْمَيِّتُ إلَّا ابْنَهُ بِغَيْرِ عَصَبَةٍ حَلَفَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ .
وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا ، وَإِلَّا فَعَلَى الْجَمِيعِ
( وَ ) إنْ تَعَدَّدَ مَنْ يَرِثُ وَقُسِّمَتْ الْخَمْسُونَ يَمِينًا عَلَى الْوَرَثَةِ بِحَسَبِ أَنْصِبَائِهِمْ وَانْكَسَرَتْ يَمِينٌ مِنْهَا ( جُبِرَتْ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ كُمِّلَتْ الْيَمِينُ الْمُنْكَسِرَةُ ( عَلَى أَكْبَرِ كَسْرِهَا ) أَيْ الْيَمِينِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْكَسْرِ الْكَبِيرِ أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَيْمَانِ الصَّحِيحَةِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ ، فَإِذَا قُسِّمَتْ الْخَمْسُونَ عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَدِ الرُّءُوسِ خَصَّ الِابْنَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَمِينًا وَثُلُثُ يَمِينٍ ، وَالْبِنْتَ سِتَّ عَشْرَةَ يَمِينًا وَثُلُثَا يَمِينٍ ، فَتُجْبَرُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَتَحْلِفُ الْبِنْتُ سَبْعَ عَشْرَةَ يَمِينًا وَالِابْنُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الثُّلُثُ ، وَهَذَا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فِي التَّكْمِيلِ .
وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَمَنْ شَاءَ التَّكْمِيلَ كَمَّلَ وَلَوْ قَلَّ كَسْرُهُ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يُكْمِلُهَا أَكْثَرُهُمْ نَصِيبًا فَيُكْمِلُهَا الِابْنُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ ، وَقِيلَ تَكْمُلُ عَلَى كُلِّ كَسْرٍ فَيُكْمِلُهَا الِابْنُ وَالْبِنْتُ فِيهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَيْهِمْ يَمِينٌ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي جَبْرِهَا عَلَى ذِي الْأَكْثَرِ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْأَيْمَانِ ، ثَالِثُهَا عَلَى كُلِّ ذِي كَسْرٍ لَهَا وَلِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ غَيْرِ مَعْزُوٍّ وَمَعَ غَيْرِهِ عَنْ الْمُوَطَّإِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ بُكَيْر ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ كَافِي أَبِي عُمَرَ ، وَقَوْلِ ابْنِ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَتَصِيرُ الْأَيْمَانُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ يَقْتَضِي نَفْيَ الثَّالِثِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْبَرَ بِأَنْ اسْتَوَتْ الْكُسُورُ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ ( فَ ) تُجْبَرُ ( عَلَى ) الْكُسُورِ ( الْجَمِيعِ ) فَيَحْلِفُ كُلُّ ابْنٍ سَبْعَ عَشَرَ يَمِينًا وَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ إحْدَى وَخَمْسِينَ يَمِينًا ، فَقَوْلُهُمْ خَمْسِينَ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ انْكِسَارُهُ وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ عَلَيْهَا يُجْبَرُ الْكُسُورُ ، فَلَوْ
كَانُوا ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ ابْنًا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينَيْنِ وَصَارَتْ سِتِّينَ فِي الْأَوَّلِ وَثَمَانِينَ فِي الثَّانِي
وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَهَا ، ثُمَّ حَلَّفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ
( وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ ) مِنْ الْوَرَثَةِ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ ( إلَّا بَعْدَ ) حَلِفِ جَمِيعِ ( هَا ) أَيْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا إذْ لَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحَلِفِ جَمِيعِهَا ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا حَلَفَ الْحَاضِرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ ( ثُمَّ حَلَفَ مَنْ حَضَرَ ) مِنْ غَيْبَتِهِ أَوْ بَلَغَ أَوْ عَقَلَ ( حِصَّتَهُ ) مِنْ الْخَمْسِينَ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا تُسْتَحَقُّ الدِّيَةُ إلَّا بِحَلِفِ خَمْسِينَ يَمِينًا ، فَلَوْ تَعَذَّرَ حَلَفَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِغَيْبَةٍ أَوْ صِغَرٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ مَنْ حَضَرَ حَظَّهُ إلَّا بِحَلِفِ الْخَمْسِينَ وَمَنْ بَعْدَهُ بِقَدْرِ حَظِّهِ ، وَفِيهَا إنْ لَمْ يَدَعْ الْمَيِّتُ إلَّا ابْنَةً بِغَيْرِ عَصَبَةٍ حَلَفَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ ، وَإِنْ جَاءَتْ مَعَ الْعَصَبَةِ حَلَفَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَالْعَصَبَةُ مِثْلُهَا ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَابْنٌ غَائِبٌ فَلَا تَأْخُذُ الْبِنْتُ ثُلُثَ الدِّيَةِ حَتَّى تَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِذَا قَدِمَ الِابْنُ الْغَائِبُ حَلَفَ ثُلُثَيْ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ ، وَلَوْ رَجَعَتْ الْبِنْتُ عَنْ دَعْوَاهَا وَرَدَّتْ مَا أَخَذَتْ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّ أَيْمَانَهَا الْأُولَى حُكْمٌ مَضَى ، فَفِي سَمَاعِ عِيسَى مَنْ أَقْسَمَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ الدِّيَةِ ثُمَّ نَزَعَتْ وَرَدَّتْ مَا أَخَذَتْ ثُمَّ أَتَتْ أُخْتُهَا فَتَحْلِفُ بِقَدْرِ حَظِّهَا لِأَنَّ يَمِينَ الْأُولَى حُكْمٌ مَضَى
وَإِنْ نَكَلُوا أَوْ بَعْضٌ : حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ فَمَنْ نَكَلَ : فَحِصَّتُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ
( وَإِنْ نَكَلُوا ) أَيْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ عَنْ الْقَسَامَةِ ( أَوْ ) نَكَلَ ( بَعْضٌ ) مِنْهُمْ وَحَلَفَ بَعْضٌ آخَرُ رُدَّتْ الْقَسَامَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَ ( حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَحْلِفُ يَمِينًا وَلَوْ كَانَتْ عَشْرَةَ آلَافٍ وَالْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ ( فَمَنْ ) حَلَفَ مِنْ الْعَاقِلَةِ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ ، وَمَنْ ( نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( فَحِصَّتُهُ ) أَيْ النَّاكِلِ الَّتِي عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ يَغْرَمُهَا لِلنَّاكِلِ مِنْ الْوَرَثَةِ ( عَلَى الْأَظْهَرِ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ خَمْسَةِ أَقْوَالٍ حَكَاهَا فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ ، قَالَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَبْيَنُ الْأَقْوَالِ وَأَصَحُّهَا فِي النَّظَرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ إنْ نَكَلُوا عَنْ الْأَيْمَانِ أَوْ بَعْضُهُمْ فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ ، الْأَوَّلُ رَدُّ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ وَلَوْ كَانُوا عَشْرَةَ آلَافٍ وَالْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ ، فَمَنْ حَلَفَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ نَكَلَ غَرِمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَهُوَ أَصَحُّهَا .
الثَّانِي : يَحْلِفُ مِنْ الْعَاقِلَةِ خَمْسُونَ رَجُلًا يَمِينًا يَمِينًا ، فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئَتْ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ كُلِّهَا ، وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ بَرِئَ وَلَزِمَ بَقِيَّةَ الْعَاقِلَةِ كُلِّهَا حَتَّى يُتِمُّوا خَمْسِينَ يَمِينًا ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي .
الثَّالِثُ : أَنَّهُمْ إنْ نَكَلُوا فَلَا حَقَّ لَهُمْ ، أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلَا حَقَّ لَهُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ بَعْدُ إنَّمَا تَجِبُ بِالْفَرْضِ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ .
وَالرَّابِعُ : أَنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ ، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ شَيْءٌ بِنُكُولِهِ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ وَالنُّكُولَةُ كَالْإِقْرَارِ ، وَإِنَّمَا هُوَ بِنُكُولِهِ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ .
وَالْخَامِسُ : رَدُّ الْأَيْمَانِ عَلَى
الْعَاقِلَةِ ، فَإِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ ، وَإِنْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ قَالَهُ رَبِيعَةُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي قَضَائِهِ عَلَى السَّعْدِيِّينَ .
وَلَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ : أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً ، وَإِلَّا فَمَوَالِي
( وَلَا يَحْلِفُ ) الْقَسَامَةَ ( فِي ) دَعْوَى قَتْلِ ( الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً ) لِلْمَقْتُولِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ لَهُ أَوْ لِعَاصِبِهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي ، سَوَاءٌ وَرِثَاهُ أَمْ لَا ، أَوْ وَرِثَهُ أَحَدُهَا دُونَ الْآخَرِ .
الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ ادَّعَى الْعَمْدَ فَلَا يُقْتَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِقَسَامَةِ رَجُلَيْنِ فَصَاعِدًا ، فَإِنْ حَلَفَ مَعَهُ آخَرُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ فِي التَّعَدُّدِ قُتِلَ وَإِلَّا رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا بَرِئَ ، وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ لَا يُقْسِمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ إلَّا اثْنَانِ فَصَاعِدًا تُرَدَّدُ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَحْلِفَا خَمْسِينَ يَمِينًا قَدْ اسْتَحَقَّا ، وَذَلِكَ الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَفِيهِ الرَّجُلُ يُقْتَلُ عَمْدًا أَنَّهُ إذَا قَامَ عَصَبَةُ الْمَقْتُولِ أَوْ مَوَالِيهِ فَقَالُوا نَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ دَمَ صَاحِبِنَا فَذَلِكَ لَهُمْ .
ابْنُ رُشْدٍ الْأَصْلُ فِي أَنْ لَا يُقْسِمَ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ } فَجَمَعَهُمْ فِي الْأَيْمَانِ وَلَمْ يُفْرَدْ الْأَخُ بِهَا دُونَ بَنِي عَمِّهِ ، قُلْت قَالَ أَبُو عُمَرَ مَثَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لَمَّا كَانَ لَا يُقْتَلُ بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ لَمْ يَسْتَحِقَّ دَمَهُ إلَّا بِقَسَامَةِ رَجُلَيْنِ .
الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا يُقْسِمُ فِي الْعَمْدِ الرِّجَالُ الْأَوْلِيَاءُ وَمَنْ لَهُ تَعْصِيبٌ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ ( فَ ) يُقْسِمُ ( مَوَالِي ) أَعْلَوْنَ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ بِالْوَلَاءِ لَا أَسْفَلُونَ ، لِأَنَّهُمْ غَيْرُ عَصَبَةٍ ، سَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَتِيلِ عَمْدًا عَصَبَةٌ وَلَا وَارِثَ تُقْسِمُ الْقَبِيلَةُ الَّتِي
هُوَ مِنْهَا وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالِانْتِمَاءِ إلَيْهَا يَعْقِلُ مَعَهَا وَتَعْقِلُ مَعَهُ ، قَالَ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَلَا لِأَحَدٍ إلَّا بِوَارِثَةٍ لِنَسَبٍ ثَابِتٍ أَوْ لِوَلَاءٍ ، وَلَا يُقْسِمُ الْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ .
ابْنُ رُشْدٍ لَمْ أَحْفَظْ اخْتِلَافًا فِي هَذَا ، وَفِيهَا مَنْ لَا عِصَابَةَ لَهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا يُقْتَلُ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ مَنْ يَحْلِفُ كَنُكُولِ الْأَوْلِيَاءِ فِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ
وَلِلْوَلِيِّ : الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ حَلِفُ الْأَكْثَرِ ، إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى نِصْفِهَا
( وَلِ ) جِنْسِ ( الْوَلِيِّ ) الصَّادِقِ بِوَاحِدٍ فَأَكْثَرَ ( الِاسْتِعَانَةُ ) عَلَى الْقَسَامَةِ ( بِعَاصِبِهِ ) أَيْ الْوَلِيِّ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَقْتُولِ ، كَمَا إذَا قُتِلَتْ مُتَزَوِّجَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْهَا عَنْ ابْنِهَا فَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِأَبِيهِ وَعَمِّهِ وَأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْوَاحِدِ وَجَائِزَةٌ لِلْأَكْثَرِ وَعَاصِبُهُ يَعُمُّ الْوَاحِدَ وَالْأَكْثَرَ بِإِضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ ابْنُ شَاسٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا اسْتَعَانَ بِبَعْضِ عَصَبَتِهِ وَيَجْتَزِئُ فِي الْإِعَانَةِ بِوَاحِدٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ الَّذِي لَهُ الْعَفْوُ رَجُلًا وَاحِدًا فَلَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَسَامَةٍ إلَّا أَنْ يَجِدَ مِنْ عَصَبَتِهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يُقْسِمُ مَعَهُ مِمَّنْ يَلْقَاهُ إلَى أَبٍ مَعْرُوفٍ ، فَإِنْ وَجَدَ رَجُلًا وَاحِدًا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا ، وَإِنْ وَجَدَ أَكْثَرَ مِنْ رَجُلٍ قُسِّمَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدِهِمْ .
( وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ ) أَيْ لَا لِعَاصِبِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ ( حَلِفُ الْأَكْثَرِ ) مِنْ الْأَيْمَانِ الَّتِي خَصَّتْهُ مِنْ قِسْمَةِ الْخَمْسِينَ يَمِينًا عَلَيْهِ وَعَلَى مُعِينِيهِ ( إنْ لَمْ تَزِدْ ) الْأَكْثَرُ الَّذِي أَرَادَ الْوَلِيُّ حَلِفَهُ ( عَلَى نِصْفِهَا ) أَيْ الْقَسَامَةِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَمِينًا .
ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ رَضُوا ، أَيْ الْمُعِينُونَ بِحَمْلِ أَكْثَرِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ ، وَإِنْ رَضِيَ هُوَ أَيْ الْمُسْتَعِينُ بِحَمْلِ أَكْثَرِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَمِينًا ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ رَجُلَيْنِ فَلَهُمَا أَنْ يَسْتَعِينَا بِغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ دُونَهُمْ فِي الْمَرْتَبَةِ ، وَتُقَسَّمُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ رَضِيَ الْوَلِيَّانِ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكْثَرَ مِمَّا
يَجِبُ عَلَيْهِ جَازَ ، وَجَازَ أَنْ يَحْلِفَ بَعْضُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضِ ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبُهُ مُعِينًا فَالْأَيْمَانُ الَّتِي حَلَفَهَا الْمُسْتَعَانُ بِهِ لَا تُحْسَبُ لِلْمُسْتَعِينِ وَحْدَهُ ، بَلْ تُقَسَّمُ عَلَى الْوَلِيَّيْنِ ، فَإِنْ لَمْ تُقَسَّمْ بَيْنَهُمَا وَحُسِبَتْ كُلُّهَا لِلْمُسْتَعِينِ فَيَحْلِفُ مَا بَقِيَ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ يَمِينًا يُزَادُ عَلَيْهِ حَتَّى يُكْمِلَ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا بَعْدَ الْأَيْمَانِ الَّتِي حَلَفَهَا الْمُسْتَعِينُ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ حَلَفَ مَا هُوَ لِمَنْ يُعِينُهُ وَرَأَى أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ مُعِينٍ فَلَا يُزَادُ شَيْءٌ مِنْ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِينِ ، وَتَكُونُ الْأَيْمَانُ الَّتِي حَلَفَهَا الْمُسْتَعَانُ بِهِ مَحْسُوبَةً لَهُ لَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ .
وَوُزِّعَتْ ، وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ
( وَوُزِّعَتْ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الزَّاي ، أَيْ قُسِّمَتْ الْقَسَامَةُ فِي الْعَمْدِ عَلَى مُسْتَحَقِّي الدَّمِ إنْ كَانُوا خَمْسِينَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا ، وَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ مِنْهُمْ اُجْتُزِيَ بِحَلِفِ خَمْسِينَ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ خِلَافُ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ ( وَاجْتُزِئَ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الزَّاي أَيْ اُكْتُفِيَ ( بِ ) حَلِفِ ( اثْنَيْنِ طَاعَا ) أَيْ تَطَوُّعًا وَرَضِيَا بِحَلِفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا حَالَ كَوْنِهِمَا ( مِنْ ) مُسْتَحَقِّينَ ( أَكْثَرَ ) مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ مَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُعَدُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ نَاكِلًا حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ نَاكِلٌ ، وَيَسْتَحِقُّ الْبَقِيَّةَ مَا يَسْتَحِقُّونَ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ إلَى خَمْسِينَ رَجُلًا وَهُمْ فِي الْعَقْدِ سَوَاءٌ وَتَشَاحُّوا فِي حَمْلِهَا قُسِّمَتْ عَلَى عَدَدِهِمْ ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا كَسْرٌ كَكَوْنِهِمْ عِشْرِينَ فَيَبْقَى مِنْ الْأَيْمَانِ عَشْرٌ يُقَالُ لَهُمْ لَا سَبِيلَ لَكُمْ إلَى الدَّمِ حَتَّى تَأْتُوا بِعَشْرَةٍ يَحْلِفُونَ مَا بَقِيَ ، فَإِنْ أَبَوْا بَطَلَ الدَّمُ كَنُكُولِهِمْ ، وَإِنْ زَادَ عَدَدُهُمْ عَلَى خَمْسِينَ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْهُمْ أَجْزَأَهُمْ ، وَرَأَيْت لِابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ فِي كِتَابٍ مَجْهُولٍ .
وَنُكُولُ الْمُعِينِ : غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ ، وَلَوْ بَعُدُوا :
( وَ نُكُولُ ) الْعَاصِبِ ( الْمُعِينِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ لِلْوَلِيِّ عَلَى الْقَسَامَةِ عَنْهَا ( غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ) فِي إسْقَاطِ الدَّمِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرْشِي وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبٍ آخَرَ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَطَلَ الدَّمُ ( بِخِلَافِ ) نُكُولِ ( غَيْرِهِ ) أَيْ الْمُعِينِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ ، بَلْ ( وَإِنْ بَعُدُوا ) أَيْ النَّاكِلُونَ كَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ وَالْأَعْمَامِ مَعَهُمْ فَيَسْقُطُ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَاجِيَّ قَالَهُ تت .
طفي تَبِعَ فِيهِ قَوْلَ الشَّارِحِ لَا خِلَافَ فِي هَذَا إذَا كَانَ الْأَوْلِيَاءُ فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءٌ أَوْلَادٌ كُلُّهُمْ أَوْ إخْوَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِهِمْ كَالْأَعْمَامِ مَعَ بَنِيهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ سُقُوطُ الْقَوَدِ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِ الْبَاجِيَّ ، وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ .
ا هـ .
فَجُعِلَ الْخِلَافُ الْمُشَارُ لَهُ بِلَوْ إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْقُعْدُدِ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ ، بَلْ الْمَسْأَلَةُ كُلُّهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا اسْتَوَوْا فِي الْقُعْدُدِ ، وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا قَرُبُوا كَبَنِينَ فَقَطْ أَوْ إخْوَةٍ وَمَا بَعْدَهَا إذَا بَعُدُوا كَأَعْمَامٍ فَقَطْ ، هَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُحَرَّرَةٌ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ مِنْ مَحْفُوظَاتِهِ ، وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّهُ وَقَعَ خَلَلٌ فِي عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ فَسَرَى لَهُ الْوَهْمُ مِنْهُ ، وَنَصُّهُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَأَمَّا نُكُولُ غَيْرِ الْمُعِينِ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَلَدِ أَوْ الْإِخْوَةِ سَقَطَ الْقَوَدُ ، وَكَذَا غَيْرُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَأَمَّا نُكُولُ غَيْرِ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءٌ ، فَإِنْ كَانَ أَوْلَادًا أَوْ إخْوَةً سَقَطَ الْقَوَدُ بِالِاتِّفَاقِ ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِهِمْ كَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَمَنْ هُوَ
أَبْعَدُ وَالْمَشْهُورُ سُقُوطُ الْقَوَدِ أَيْضًا .
ا هـ .
كَذَا فِي غَيْرِ وَاحِدَةٍ مِنْ نُسَخِ التَّوْضِيحِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا نُكُولُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءٌ ، وَلَعَلَّ التَّصْحِيفَ مِنْ النَّاسِخِ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إذَا كَانَ الْأَوْلِيَاءُ بَنِينَ أَوْ بَنِي بَنِينَ أَوْ إخْوَةً فَنَكَلَ أَحَدُهُمْ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ إذَا كَانَتْ الْأَوْلِيَاءُ عُمُومَةً أَوْ بَنِي عُمُومَةٍ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُمْ مِنْ الْعَصَبَةِ فَنَكَلَ بَعْضُهُمْ مَرَّةً الْجَوَابُ فِيهِمْ كَالْبَنِينَ ، وَقَالَ أَيْضًا لِمَنْ لَمْ يَنْكُلْ عَنْ الْأَيْمَانِ إذَا كَانُوا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا أَنْ يَحْلِفُوا أَوْ يَقْتُلُوا لِأَنَّهُمْ عِنْدَهُ لَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ بِخِلَافِ الْبَنِينَ .
ا هـ .
وَأَشَارَ بِتَعْلِيلِهِ لِقَوْلِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا أَقْسَمَ وُلَاةُ الدَّمِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فَعَفَا بَعْضُهُمْ بَعْدَ الْقَسَامَةِ وَهُمْ بَنُونَ أَوْ بَنُو بَنِينَ أَوْ إخْوَةٌ صَحَّ عَفْوُهُمْ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ .
وَاخْتُلِفَ إذَا كَانُوا عُمُومَةً أَوْ بَنِي عُمُومَةٍ ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَصِحُّ عَفْوُهُمْ ، وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ .
ا هـ .
وَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ قَالَ فِي فَهْمِ تَعْلِيلِهِ إشْكَالٌ ، وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت عَلِمْت أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِيهِ ، وَأَنَّهُ وَاضِحٌ ، فَمَا أَدْرِي مَا خَفِيَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْهُ فَقَدْ ظَهَرَ لَك تَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ ، وَأَنَّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ قَوْلُهُ وَنُكُولُ الْمُعِينِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، وَاسْتَرْسَلَ تت فِي تَقْرِيرِهِ حَتَّى قَالَ فِي كَبِيرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَتْ رُتْبَتُهُمْ وَاحِدَةً كَأَوْلَادٍ أَوْ إخْوَةٍ أَوْ أَعْمَامٍ أَوْ اخْتَلَفَتْ كَابْنٍ وَعَمٍّ