كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
الْوَكِيلِ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَهَا هِيَ قَدْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ يُقَالُ لِلْوَكِيلِ حَقٌّ فِي الْوَكَالَةِ فَلَا يَعْزِلُهُ .
ا هـ .
فَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَقَالَ وَهَلْ لَهُ عَزْلُ مُمَلَّكِهِ إنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا تَرَدُّدٌ ، أَمَّا حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ : طَلِّقْ امْرَأَتِي هَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ وَكَالَةٌ فَيُحْتَاجُ إلَى وَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْهُ
وَلَهُ النَّظَرُ ، وَصَارَ كَهِيَ : إنْ حَضَرَ ، أَوْ كَانَ غَائِبًا قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ لَا أَكْثَرَ فَلَهَا ، .
إلَّا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا .
( وَ ) إنْ فَوَّضَ أَمْرَ زَوْجَتِهِ لِغَيْرِهَا فَ ( لَهُ ) أَيْ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ الَّذِي فَوَّضَ الزَّوْجُ لَهُ أَمْرَ عِصْمَتِهَا ( النَّظَرُ ) أَيْ التَّأَمُّلُ فِيمَا تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ تَطْلِيقِهَا أَوْ إبْقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا ، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ لَهَا بِهَا نَظَرَ الْحَاكِمُ لَهَا بِهَا ( وَصَارَ ) أَيْ غَيْرُ الزَّوْجَةِ الْمُفَوَّضُ لَهُ أَمْرُهَا ( كَهِيَ ) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ ( إنْ حَضَرَ ) الشَّخْصُ الْمُفَوَّضُ لَهُ شَرَطَ فِي قَوْلِهِ : وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا ( أَوْ كَانَ ) الْمُفَوَّضُ لَهُ ( غَائِبًا ) غَيْبَةً ( قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ ) وَالثَّلَاثَةِ ذَهَابًا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ ( لَا ) إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ ( أَكْثَرَ ) مِنْ كَيَوْمَيْنِ ( فَلَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ النَّظَرُ فِي أَمْرِهَا إذْ فِي انْتِظَارِ قُدُومِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا وَجَعْلُهُ لِغَيْرٍ آخَرَ أَوْ إسْقَاطُهُ لَا مُوجِبَ لَهُ ( إلَّا أَنْ تُمَكِّنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ ( مِنْ ) اسْتِمْتَاعِهِ بِ ( نَفْسِهَا ) فَيَسْقُطَ نَظَرُ غَيْرِهَا الْمُفَوَّضِ لَهُ وَلَوْ مَكَّنَتْهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ ، وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَا بِيَدِهِ إلَّا بِتَمْكِينِهَا بِعِلْمِهِ وَرِضَاهُ .
أَوْ يَغِيبَ حَاضِرٌ وَلَمْ يُشْهِدْ بِبَقَائِهِ .
فَإِنْ أَشْهَدَ : فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ أَوْ يَنْتَقِلُ لِلزَّوْجَةِ : قَوْلَانِ .
( أَوْ ) إلَّا أَنْ ( يَغِيبَ ) شَخْصٌ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ ( حَاضِرٌ ) حِينَ التَّفْوِيضِ وَغَابَ بَعْدَهُ فَيَسْقُطَ حَقُّهُ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهَا ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ ( إذَا لَمْ يُشْهِدْ ) مُضَارِعُ أَشْهَدَ الْمُفَوِّضُ ( لَهُ بِبَقَائِهِ ) أَيْ أَمْرِ الزَّوْجَةِ بِيَدِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَيَنْظُرَ فِيهِ ( فَإِنْ أَشْهَدَ ) الْمُفَوَّضُ لَهُ أَمْرُهَا حِينَ سَفَرِهِ بِبَقَائِهِ ( فَفِي بَقَائِهِ ) أَيْ أَمْرِ الزَّوْجَةِ ( بِيَدِهِ ) أَيْ مِلْكِ الْمُفَوَّضِ لَهُ وَاسْتِحْقَاقِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَيَنْظُرَ فِيهِ سَوَاءٌ قَصُرَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ طَالَتْ ، وَإِنْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فِي غَيْبَتِهِ ضَرَبَ لَهَا أَجَلَ الْإِيلَاءِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ وَأَرْسَلَ إلَيْهِ ، فَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْدَمْ طَلُقَتْ ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ تَطْلُقُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِالِاجْتِهَادِ قَوْلَانِ .
( أَوْ يَنْتَقِلُ ) النَّظَرُ ( لِلزَّوْجَةِ ) إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَإِلَّا كَتَبَ لَهُ وَأُمِرَ بِالْإِجَابَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ لَهَا إنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ ( قَوْلَانِ ) الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَالثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ غَيْرِهِ .
وَإِنْ مَلَّكَ رَجُلَيْنِ ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ .
إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ .
( وَإِنْ مَلَّكَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ أَمْرَ زَوْجَتِهِ ( رَجُلَيْنِ ) بِأَنْ قَالَ : مَلَّكْتُكُمَا أَمْرَهَا أَوْ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا نَقَلَهُ تت عَنْهَا أَوْ طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْهَا ( فَلَيْسَ لِ ) أَحَدِ ( هِمَا ) أَيْ الرَّجُلَيْنِ الْمُمَلَّكَيْنِ ( الْقَضَاءُ ) بِطَلَاقِهَا وَحْدَهُ لِأَنَّهُمَا مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ وَكِيلٍ وَاحِدٍ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا قَالَهُ فِيهَا ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي وَطْئِهَا زَالَ مَا بِيَدِهِمَا ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا كَلَامَ لِلثَّانِي فِيهَا مَنْ مَلَّكَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ رَجُلَيْنِ لَمْ يَجُزْ طَلَاقُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ كَالْوَكِيلَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ : كَالْوَكِيلَيْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ طَلَاقُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( إلَّا أَنْ يَكُونَا ) أَيْ الرَّجُلَانِ ( رَسُولَيْنِ ) بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلِّقْهَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِطَلَاقِهَا .
فِي الشَّامِلِ حَمَلَ " طَلِّقَاهَا " عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّمْلِيكَ بِأَنْ يَقُولَ : إنْ شِئْتُمَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكَوْنِهِمَا رَسُولَيْنِ أَمْرَهُمَا بِتَبْلِيغِهَا طَلَاقَهَا ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقَعُ حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِ أَمْرِهِمَا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُبْلِغَاهَا ، وَفِيهَا إنْ قَالَ أَعْلِمَاهَا أَنِّي طَلَّقْتهَا فَرَسُولَانِ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهَا اتِّفَاقًا .
الْبُنَانِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ ، وَنَصُّهُ " قَوْلُهُ أَمْرُ امْرَأَتِي بِأَيْدِيكُمَا تَمْلِيكٌ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِمَا مَعًا أَوْ عَلَى إحْدَاهُمَا اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ أَعْلِمَا امْرَأَتِي بِطَلَاقِهِمَا رِسَالَةٌ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهَا اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ : طَلِّقَا امْرَأَتِي يَحْتَمِلُ الرِّسَالَةَ وَالتَّمْلِيكَ .
وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ غَيْرَهَا
فَيَلْزَمَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهُمَا أَوْ الْوَكَالَةُ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إلَّا بِتَبْلِيغِ مَنْ بَلَغَهُمَا إيَّاهُ مِنْهُمَا .
وَلَهُ مَنْعُهُ ثَالِثُهَا عَلَى التَّمْلِيكِ كَذَلِكَ الْأَوَّلُ لِلْمُدَوَّنَةِ ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى ، وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ ، وَقَوْلُهُ : فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ امْرَأَتِي بِلَفْظِ الْمُثَنَّى ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .
أَتَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِفَضْلِهِ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ شَرْحِ مُخْتَصَرِ سَيِّدِي الشَّيْخِ خَلِيلٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِخَمْسٍ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ الْمَنِيفِ مِنْ عَامِ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ بَعْدَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ مِنْ هِجْرَةِ مَنْ لَهُ غَايَةُ الشَّرَفِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى يَدِ أَفْقَرِ الْعَبِيدِ وَأَحْوَجِهِمْ إلَى الْعَفْوِ وَالتَّسْدِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَأَحْسَنَ إلَيْهِ وَإِلَى وَالِدَيْهِ ، وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ وَسَلَامٌ عَلَى النَّبِيِّينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
( فَصْلٌ ) يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ ، وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ ، وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ : .
( فَصْلٌ ) فِي أَحْكَامِ رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الرَّجْعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْهَا بِكَسْرِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ الرَّجْعَةُ رَفْعُ الزَّوْجِ أَوْ الْحَاكِمِ حُرْمَةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ بِطَلَاقِهَا فَخَرَجَتْ الْمُرَاجَعَةُ ، وَعَلَى رَأْيٍ رَفْعُ إيجَابِ الطَّلَاقِ حُرْمَةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا .
الْحَطّ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فِي حُرْمَةِ التَّمَتُّعِ بِالرَّجْعِيَّةِ زَمَنَ عِدَّتِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِبَاحَتُهُ وَهُوَ الشَّاذُّ ، فَالتَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى الثَّانِي .
ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ رَدُّ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ قَاصِرٌ عَنْ الْغَايَةِ ابْتِدَاءً غَيْرِ خُلْعٍ بَعْدَ دُخُولٍ وَوَطْءٍ جَائِزٍ قَبِلُوهُ وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ بِتَزَوُّجِهَا عَقِبَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا .
ا هـ .
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ إذًا اسْمُ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا بُطْلَانَ .
وَيُبْحَثُ فِيهِ عَنْ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ الْمُرْتَجِعُ وَالْمُرْتَجَعَةُ وَصِيغَةُ الرَّجْعَةِ وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا قَبْلَ ارْتِجَاعِهَا .
وَأَمَّا الْمُرَاجَعَةُ فَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُوَثِّقِينَ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا فِي تَزَوُّجِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا قَاصِرًا عَنْ الْغَايَةِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ } إلَخْ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى اللُّغَةِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ .
( يَرْتَجِعُ ) أَيْ نَدْبًا أَوْ إبَاحَةً وَعَلَى تَفْصِيلِ النِّكَاحِ الْبَدْرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَفَاعِلُ يَرْتَجِعُ ( مَنْ ) أَيْ الزَّوْجُ الَّذِي يَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ أَنَّهُ ( يَنْكِحُ ) أَيْ بِعَقْدِ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ صَحِيحًا لَيْسَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ
، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ مُتَلَبِّسًا ( بِكَإِحْرَامٍ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ الزَّوْجَةُ مُحْرِمَةٌ بِأَحَدِهِمَا وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ لِلْمَرَضِ الْمَخُوفِ إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ وَارِثَةٌ فَلَيْسَ فِي رَجْعَتِهَا إدْخَالُ وَارِثٍ ( وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ ) لِعَبْدٍ فِي الرَّجْعَةِ لِأَنَّ إذْنَهُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي تَوَابِعِهِ وَمِنْهَا الرَّجْعَةُ وَالسَّفَهُ وَالْفَلَسُ فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ تَجُوزُ رَجْعَتُهُمْ لِأَنَّ فِيهِمْ أَهْلِيَّةَ النِّكَاحِ الَّتِي مَدَارُهَا عَلَى الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ ، وَلِذَا صَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ عَلَيْهِمْ الْمُقْتَضِيَةُ دُخُولَ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا وَإِنْ مُنِعُوا مِنْ النِّكَاحِ لِلْعَوَارِضِ الطَّارِئَةِ عَلَيْهِمْ الْمَانِعَةِ مِنْهُ .
طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ .
حَلَّ وَطْؤُهُ .
وَمَفْعُولُ يَرْتَجِعُ زَوْجَةً ( طَالِقًا ) طَلَاقًا ( غَيْرَ بَائِنٍ ) بِأَنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا ، وَقَصَرَ طَلَاقُهَا عَنْ غَايَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ خُلْعًا ، وَاحْتُرِزَ عَنْ الْبَائِنِ بِعَدَمِ دُخُولٍ أَوْ بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا ، وَصِلَةُ يَرْتَجِعُ ( فِي عِدَّةِ ) نِكَاحٍ ( صَحِيحٍ ) لَازِمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ( حَلَّ ) أَيْ جَازَ ( وَطْؤُهُ ) أَيْ طَلُقَتْ بَعْدَ وَطْءٍ حَلَالٍ ، فَاحْتُرِزَ بِالصَّحِيحِ مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الَّذِي فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ لِأَنَّهَا بَائِنٌ فَذِكْرُ هَذَا بَعْدَ غَيْرِ بَائِنٍ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ .
وَاحْتُرِزَ بِحِلِّ وَطْئِهِ عَمَّنْ وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا كَفِي حَيْضٍ أَوْ دُبُرٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ لَازِمٍ ثُمَّ طَلُقَتْ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا لِأَنَّهَا بَائِنٌ ، وَعَمَّنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِبَيْنُونَتِهَا وَعَمَّنْ تَزَوَّجَهَا رَقِيقٌ أَوْ سَفِيهٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَوَلِيِّهِ وَوَطِئَهَا بِلَا إذْنٍ أَيْضًا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا لِذَلِكَ فَهَذَا إيضَاحٌ أَيْضًا .
بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ .
كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتهَا ، أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَصُحِّحَ خِلَافُهُ ، .
أَوْ بِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ ، لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْتُ الْحِلَّ ، وَرَفَعْت التَّحْرِيمَ ؛ .
وَصِلَةُ يَرْتَجِعُ ( بِقَوْلٍ ) صَرِيحٍ أَوْ مُحْتَمِلٍ ( مَعَ نِيَّةٍ ) لِارْتِجَاعِهَا بِهِ فَالصَّرِيحُ ( كَرَجَعْتُ ) زَوْجَتِي وَأَرْتَجِعُهَا وَرَدَدْتهَا لِنِكَاحِي ( وَ ) الْمُحْتَمِلُ كَ ( أَمْسَكْتهَا ) إذْ يُحْتَمَلُ لِنِكَاحِي وَيُحْتَمَلُ لِغَيْرِهِ ( أَوْ ) بِ ( نِيَّةٍ ) أَيْ كَلَامٍ نَفْسِيٍّ عُطِفَ عَلَى قَوْلٍ فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِهَا ( عَلَى الْأَظْهَرِ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِلُزُومِ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ بِهَا وَهِيَ رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا فِي الظَّاهِرِ ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَلَهُ مُعَاشَرَتُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ رَفَعَ لِلْقَاضِي مَعَهُ مِنْهَا وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا حَلَّ لَهُ إرْثُهَا بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا .
( وَصُحِّحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( خِلَافُهُ ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِالنِّيَّةِ .
ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَرُدَّ تَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ .
" غ " وَقَدْ أَوْضَحْت الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَتَحْلِيلِ التَّعْقِيدِ ( أَوْ بِقَوْلٍ ) صَرِيحٍ مَعَ نِيَّةٍ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( هَزْلًا ) أَيْ مُجَرَّدًا عَنْ النِّيَّةِ فَهُوَ رَجْعَةٌ ( فِي الظَّاهِرِ ) فَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَكُسْوَتُهَا وَالْقَسْمُ لَهَا ( لَا ) فِي ( الْبَاطِنِ ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ وَلَا إرْثُهَا إنْ مَاتَتْ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا .
ابْنُ عَاشِرٍ الْمَطْوِيُّ فِي وَلَوْ مَا لَيْسَ بِهَزْلٍ وَلَا جَدٍّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْجَدُّ مَعَ فَقْدِ النِّيَّةِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ : بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ مَخْصُوصٌ بِالْمُحْتَمَلِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِأَمْسَكْتُهَا ، وَرَجَعْت بِدُونِ زَوْجَتِي فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ ، وَقَوْلُهُ : أَوْ بِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ مَعَ نِيَّةٍ ، بَلْ وَلَوْ مُجَرَّدًا عَنْهَا وَهُوَ الْهَزْلُ ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ
رُشْدٍ أَنَّ الصَّرِيحَ الْمُجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ هُوَ الْهَزْلُ وَبِهَذَا يَنْتَفِي التَّكْرَارُ فِيهِ ( لَا ) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ لَهَا وَلِغَيْرِهَا بِلَا ( نِيَّةٍ ) لِلرَّجْعَةِ بِهِ ( كَأَعَدْتُ الْحِلَّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ إذْ يُحْتَمَلُ لِي وَيُحْتَمَلُ لِغَيْرِي ( وَرَفَعْت التَّحْرِيمَ ) يُحْتَمَلُ عَنِّي وَيُحْتَمَلُ عَنْ غَيْرِي .
وَلَا بِفِعْلٍ دُونَهَا .
كَوَطْءٍ وَلَا صَدَاقَ .
( وَلَا ) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ ( بِفِعْلٍ دُونَهَا ) أَيْ النِّيَّةِ ( كَوَطْءٍ ) بِلَا نِيَّةِ رَجْعَتِهَا بِهِ وَأَوْلَى مُقَدِّمَاتُهُ وَهُوَ حَرَامٌ وَيَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْهُ ، وَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا إلَّا فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ .
فَإِنْ تَمَّتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَلَا يَتَزَوَّجُهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ حَتَّى يَتِمَّ اسْتِبْرَاؤُهَا ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ تَمَامِهِ فُسِخَ وَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ ، فَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ مَائِهِ كَالْعِدَّةِ مِنْهُ إذْ مَنْ عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّتِهِ فَعَقْدُهُ صَحِيحٌ لَا يُفْسَخُ وَهُوَ رَجْعَةٌ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَمُرَاجَعَةٌ إنْ كَانَ بَائِنًا ( وَلَا صَدَاقَ ) عَلَى الزَّوْجِ لِوَطْئِهِ رَجْعِيَّتَهُ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ وَيُحْتَمَلُ وَلَا صَدَاقَ لِلرَّجْعِيَّةِ إذَا ارْتَجَعَهَا ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ إنْ دَفَعَهُ لَهَا ظَنَّ لُزُومَهُ أَمْ لَا ، هَذَا ظَاهِرُ النَّقْلِ وَمُقْتَضَى بَحْثِ الْبُرْزُلِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا ظَنَّ لُزُومَهُ وَيَرْجِعُ بِمَا وَجَدَهُ .
وَإِنْ اسْتَمَرَّ .
وَانْقَضَتْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ .
( وَإِنْ ) وَطِئَ رَجْعِيَّتَهُ فِي عِدَّتِهَا بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ وَ ( اسْتَمَرَّ ) الزَّوْجُ عَلَى وَطْئِهَا بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ أَوْ عَلَى عِشْرَتِهَا مُعَاشَرَةَ الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ ( وَانْقَضَتْ ) عِدَّتُهَا بِوَضْعِهَا أَوْ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ حَنِثَ فِيهَا ( لَحِقَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةَ ( طَلَاقُهُ ) مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِصِحَّةِ رَجْعَتِهِ بِوَطْئِهَا بِلَا نِيَّةٍ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ كَمُطَلِّقٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : لَا يَلْحَقُهَا لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِلَا رَجْعَةٍ .
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا ، فَإِنْ أَسَرَّتْهُ الْبَيِّنَةُ لَحِقَهَا اتِّفَاقًا لَهُ الْوَنْشَرِيسِيُّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّ التَّلَذُّذَ بِهَا بِدُونِ وَطْءٍ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ لَيْسَ كَالْوَطْءِ ، فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا دُونَ وَطْءٍ فِيهَا بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ وَاسْتَمَرَّ حَتَّى انْقَضَتْ وَطَلَّقَهَا فَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ .
الْبُنَانِيُّ وَيَتَعَيَّنُ كَوْنُ الطَّلَاقِ اللَّاحِقِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَائِنًا لِأَنَّ الْقَائِلَ بِلُحُوقِهِ هُوَ .
أَبُو عِمْرَانَ وَقَدْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَهَذَا بَائِنٌ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَلَزِمَ إقْرَارُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ الْأُولَى وَالْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا فَهُوَ بَائِنٌ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَمُرَاعَاةُ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ إنَّمَا هِيَ فِي مُجَرَّدِ لُحُوقِهِ لَا فِي تَصْحِيحِ الرَّجْعَةِ بِالْفِعْلِ بِلَا نِيَّةٍ .
وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ .
( وَلَا ) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ ( إنْ لَمْ يُعْلَمْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ ( دُخُولٌ ) مِنْ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُهَا أَيْ الرَّجْعَةِ ثُبُوتُ بِنَائِهِ بِهَا وَمُثْبِتُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْلَالِ وَهُوَ شَاهِدَانِ عَلَى الْعَقْدِ وَامْرَأَتَانِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَتَقَارُرُهُمَا عَلَى الْإِصَابَةِ ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الدُّخُولُ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إنْ لَمْ يَتَصَادَقَا قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَطْءِ .
وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ ، وَأُخِذَ .
بِإِقْرَارِهِمَا .
كَدَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ .
بَلْ ( وَإِنْ تَصَادَقَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( عَلَى الْوَطْءِ ) وَصِلَةُ تَصَادَقَا ( قَبْلَ الطَّلَاقِ ) لِاتِّهَامِهَا عَلَى ابْتِدَاءِ عَقْدٍ بِلَا وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَمْ يَنْفِهِ لِنَفْيِهِ التُّهْمَةَ وَأَوْلَى تَصَادُقُهُمَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ ، وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الدُّخُولُ بِعَدْلَيْنِ عَلَى الْعَقْدِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَتَصَادَقَا عَلَيْهِ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ ( وَأُخِذَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ الزَّوْجَانِ بِإِقْرَارِهِمَا ) بِالْوَطْءِ أَيْ حُكِمَ عَلَيْهِمَا بِمُقْتَضَاهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ فَيُحْكَمُ عَلَى الزَّوْجِ بِنَفَقَتِهَا وَكُسْوَتِهَا وَسُكْنَاهَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ ، وَتَكْمِيلُ صَدَاقِهَا ، وَحُرْمَةُ تَزَوُّجِ خَامِسَةٍ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالِاعْتِدَادِ ، وَمَنْعِ تَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ .
الْبُنَانِيُّ إذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فَالْمُؤَاخَذَةُ بِهِ مُخْتَصَّةٌ بِزَمَنِ مُعِدَّةٍ كَمَا لِ تت و " س " وَجَدِّ عج ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَالْأَخْذِ بِإِقْرَارِهِمَا فَقَالَ ( كَدَعْوَاهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( لَهَا ) أَيْ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَزِيَادَةِ اللَّامِ فِي مَفْعُولِهِ لِتَقْوِيَتِهِ ، وَصِلَتُهُ ( بَعْدَهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ مُصَدِّقٍ مِمَّا يَأْتِي فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى تَجْدِيدِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ ، وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَكَذَا هِيَ إنْ صَدَّقَتْهُ ( إنْ تَمَادَيَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( عَلَى التَّصْدِيقِ ) الْبُنَانِيُّ إنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فَقَطْ فَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ : شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ خَاصَّةً كَمَا لِجَدِّ عج عب وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الشَّرْطِ وَنَحْوِهِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ
وَاسْتَظْهَرَهُ عج قَائِلًا وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ تَمَادِيهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ وَعَدَمِهِ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ ، فَإِنْ انْقَضَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَمَادَيَا عَلَيْهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِرُجُوعِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا ، كَمَسْأَلَةِ دَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا وَلَا يُلْزَمَانِ بِشَيْءٍ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يُؤَاخَذَانِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَا قَدْ ارْتَجَعَا فَتَصِيرُ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ مِثْلَ دَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا .
وَمَفْهُومُ إنْ تَمَادَيَا .
.
.
إلَخْ أَنَّ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَتُهُ بِإِقْرَارِهِ ، وَمَا ذَكَرَهُ عج مِنْ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ اُنْظُرْ طفي ، وَنَصُّهُ : قَوْلُهُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ ، فَمَنْ رَجَعَ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تت ، وَصَرَّحَ بِهِ " س " ، وَزَعَمَ عج أَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ قَائِلًا إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَدَعْوَاهُ رَجْعَتَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَغْوٌ وَلَوْ وَافَقَتْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ فِي كَوْنِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَخْلُو بِهَا فِي الْعِدَّةِ وَيَبِيتُ عِنْدَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَوْلُهَا وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي بَيْتٍ فِي كَوْنِهِ ثَالِثًا نَظَرٌ ، ثُمَّ قَالَ قُلْت وَمُقْتَضَى مَنْعِ تَزْوِيجِ أُخْتِهَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْ قَوْلِهِ رَجَعْتُهَا ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ تُجْبَرُ لَهُ عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ إذَا أَعْطَاهَا رُبْعَ دِينَارٍ وَعَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِهَا عَنْ تَصْدِيقِهِ ، وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ قَبُولَ رُجُوعِهِمَا عَنْ قَوْلِهِمَا كَمَنْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَأَكْذَبَهَا ثُمَّ خَالَعَهَا ثُمَّ أَرَادَتْ مُرَاجَعَتَهُ وَأَكْذَبَتْ نَفْسَهَا فَيُقْبَلُ رُجُوعُهَا وَاخْتَارَهُ وَعَنْ بَعْضِهِمْ : لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا .
عَلَى الْأَصْوَبِ ، وَلِلْمُصَدِّقَةِ : النَّفَقَةُ ، وَلَا تَطْلُقُ لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ .
وَإِلَى اخْتِيَارِ عَبْدِ الْحَقِّ قَوْلَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ يُقْبَلُ الرُّجُوعُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( عَلَى الْأَصْوَبِ وَ ) إنْ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيهَا بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا مُصَدِّقٍ وَصَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهَا ( لِ ) لزَّوْجَةِ ( الْمُصَدِّقَةِ ) بِكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً لِزَوْجِهَا فِي دَعْوَاهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فِيهَا ( النَّفَقَةُ ) وَالْكُسْوَةُ عَلَى الزَّوْجِ .
وَمَفْهُومُ الْمُصَدِّقَةِ أَنَّ الْمُكَذِّبَةَ لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ شَرْطَ أَخْذِ الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ بِالْفَتْحِ إنْ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ رَجْعَتَهَا فِيهَا وَصَدَّقَتْهُ ثُمَّ قَامَتْ بِحَقِّهَا ( وَ ) لَا ( تَطْلُقُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَاللَّامِ الْمُصَدِّقَةُ عَلَى أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ ( لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِتَرْكِهِ ضَرَرَهَا ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ فِي حُكْمِ الْوَطْءِ ، وَلِتَمَكُّنِهَا مِنْ رُجُوعِهَا فِي الْوَطْءِ عَنْ تَصْدِيقِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا لَزِمَهَا بِتَصْدِيقِهِ قَالَهُ تت وَ " س " .
الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ رُجُوعُ وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ وَلَا تَطْلُقُ لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا مَعًا إذْ هُوَ مَنْصُوصٌ فِيهِمَا ، وَقَدْ رَدَّ ابْنُ عَاشِرٍ إرْجَاعَهُ جَدّ عج لِمَا بَعْدَهَا فَقَطْ فَانْظُرْهُ .
وَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ بِرُبْعِ دِينَارٍ .
( وَ ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ الدُّخُولَ وَتَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلِمَ الدُّخُولَ وَادَّعَى بَعْدَ عِدَّتِهَا رَجْعَتَهَا فِيهَا وَصَدَّقَتْهُ وَأَرَادَ الزَّوْجُ تَجْدِيدَ عَقْدٍ بِصَدَاقٍ وَامْتَنَعَتْ مِنْهُ فَ ( لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( جَبْرُهَا ) أَيْ الْمُصَدِّقَةِ وَوَلِيِّهَا وَسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَصَدَّقَ السَّيِّدُ الزَّوْجَ فِي دَعْوَاهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَجَعَهَا فِيهَا فَلَهُ جَبْرُهُمَا ( عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ ) لِلنِّكَاحِ عَلَى الْمُصَدِّقَةِ ( بِرُبْعِ دِينَارٍ ) شَرْعِيٍّ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ ، وَمُنِعَ مِنْهَا لِاتِّهَامِهِمَا فِي ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ أَرْكَانِهِ ، وَهَذَا يَزُولُ بِالْعَقْدِ ، فَإِنْ أَبَى وَلِيُّهَا أَوْ سَيِّدُهَا عَقَدَهُ الْحَاكِمُ وَلَوْ أَبَتْ
وَلَا إنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ فِي زِيَارَةٍ ؛ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ .
( وَلَا ) تَصِحُّ رَجْعَتُهُ ( إنْ أَقَرَّ ) الزَّوْجُ ( بِهِ ) أَيْ الْوَطْءِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الزَّوْجَةِ ( فِي ) خَلْوَةِ ( زِيَارَةٍ ) مِنْهُ لَهَا وَكَذَّبَتْهُ وَطَلَّقَهَا لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، وَأَمَّا فِي زِيَارَتِهَا إيَّاهُ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِهِ فَقَطْ كَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ هَذَا عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ ( بِخِلَافِ ) خَلْوَةِ ( الْبِنَاءِ ) إذْ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِهِ فِيهَا وَحْدَهُ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا بِالْوَطْءِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ حَمْلُهَا وَلَمْ يَنْفِهِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا ، وَفِي الْحَطّ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي تَوْضِيحِهِ هُنَا ، وَذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَقَطْ فَلَا رَجْعَةَ ، لَهُ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الزِّيَارَةِ وَالْإِهْدَاءِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ ا هـ .
فَلَمْ يَذْكُرْ الْحَطّ تَرْجِيحًا .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَصِحُّ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ لَا الزِّيَارَةِ .
وَفِي إبْطَالِهَا إنْ لَمْ تُنَجَّزْ .
كَغَدٍ .
أَوْ الْآنَ فَقَطْ .
تَأْوِيلَانِ .
( وَ ) إنْ قَالَ فِي عِدَّةِ رَجْعِيَّةٍ : إنْ جَاءَ وَقْتُ كَذَا فَقَدْ ارْتَجَعْتُك فِيهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا حَتَّى تَمَّتْ عِدَّتُهَا ( فِي إبْطَالِهَا ) أَيْ الرَّجْعَةِ مُطْلَقًا ( إنْ لَمْ تُنَجَّزْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْجِيمُ مُشَدَّدَةٌ بِأَنْ عُلِّقَتْ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ ( كَغَدٍ ) بِأَنْ قَالَ : إنْ جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك فَلَا تَصِحُّ الْآنَ وَلَا غَدًا لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ وَلِافْتِقَارِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ .
الْحَطّ وَعَلَى هَذَا إذَا وَطِئَهَا مُعْتَقِدًا صِحَّةَ رَجْعَتِهِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُقَارِنٌ نِيَّةً ، وَسِيَاقُ تت يُفِيدُ تَفْرِيعَ هَذَا عَلَى كِلَا التَّأْوِيلَيْنِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَهُمَا .
الْبُنَانِيُّ مَا أَفَادَهُ تت هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ الْحَطّ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ التَّعْلِيلِ .
( أَوْ ) الْإِبْطَالُ إنَّمَا هُوَ ( الْآنَ فَقَطْ ) وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ فِي غَدٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَعْلِيقُهُ وَإِنْ تَمَّتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ أَشْهُرٍ قَبْلَ غَدٍ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ ، وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ .
وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ ، إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا .
كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا .
( وَلَا ) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ ( إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ ) أَيْ يُسَافِرُ عَنْ بَلَدِ زَوْجَتِهِ وَقَدْ كَانَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا وَخَافَ أَنْ تُحَنِّثَهُ فِي غَيْبَتِهِ ، وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ ( إنْ دَخَلَتْ ) الزَّوْجَةُ ( الدَّارَ ) الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِهَا مَثَلًا ( فَقَدْ رَاجَعْتهَا ) وَدَخَلَتْهَا فِي غَيْبَتِهِ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ لِافْتِقَارِ الرَّجْعَةِ لِلنِّيَّةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } ، وَشُبِّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ ) الْمُتَزَوِّجَةِ عَبْدًا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ قَوْلُهُ ( نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا ) أَيْ أَحَدَهُمَا مُعَيَّنًا ( بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا ) قَبْلَ عِتْقِ زَوْجِهَا فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ أَشْهَدَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ عَتَقَتْ فَلَهَا اخْتِيَارُ خِلَافِ مَا اخْتَارَتْهُ قَبْلَ عِتْقِهَا .
بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ ، إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته .
( بِخِلَافِ ) الزَّوْجَةِ ( ذَات الشَّرْطِ ) أَيْ الَّتِي شَرَطَ لَهَا زَوْجُهَا أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّرَ عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا ( تَقُولُ ) ذَاتُ الشَّرْطِ ( إنْ فَعَلَهُ ) أَيْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ ( زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته ) أَيْ اخْتَرْت فِرَاقَهُ بِالطَّلَاقِ ، أَوْ بَقِيت مَعَهُ فَإِنَّهُ قَدْ لَزِمَهَا مَا اخْتَارَتْهُ مِنْ فِرَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَامَهَا مَقَامَهُ ، وَهُوَ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَنْهُ فَكَذَلِكَ هِيَ قَالَهُ الصِّقِلِّيُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ يَنْتِجُ لُزُومُ الْفِرَاقِ لَا الْبَقَاءُ .
الْبُنَانِيُّ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ مَعْرُوفٌ .
قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ابْنُ عَرَفَةَ حَصَّلَ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي لُزُومِ مَا الْتَزَمَتَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَعَدَمِهِ ، ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَالْبَاجِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ مَعَ فَضْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمَعْرُوفٌ قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ابْنُ رُشْدٍ حُكِيَتْ هَذِهِ .
الْمَسْأَلَةُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ سَأَلَ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيهَا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لَهُ : أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يُلْعَبُ فِيهَا بِالْحَمَامِ مُعَرِّضًا لَهُ بِقِلَّةِ التَّحْصِيلِ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ وَمُوَبِّخًا لَهُ عَلَى تَرْكِ أَعْمَالٍ نَظَرَهُ فِيهَا حَتَّى لَا يَسْأَلَ إلَّا عَنْ مُشْكِلٍ وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْهُ أَنْتَ حَتَّى السَّاعَةِ هَاهُنَا تَسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا .
عِيَاضُ بْنُ حَارِثٍ كَانَتْ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ نَفْسٌ أَبِيَّةٌ كَلَّمَهُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَوْمًا بِكَلِمَةٍ خَشِنَةٍ فَهَجَرَهُ عَامًا كَامِلًا اسْتَعْصَى عَلَيْهِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ ، فَقَالَ لَهُ : أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يَلْعَبُ فِيهَا الْأَحْدَاثُ بِالْحَمَامِ ، وَقِيلَ : بَلْ
عَرَّضَ لَهُ بِالْعَجْزِ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ سُؤَالَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ عَنْ أَمْرٍ جَلِيٍّ ، وَلِذَا سَوَّى مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بَيْنَهُمَا مَرَّةً وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ .
وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ ، إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ تَصَرُّفِهِ وَمَبِيتِهِ فِيهَا .
( وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ الَّتِي ادَّعَى بَعْدَ تَمَامِ الْعِدَّةِ أَنَّهَا حَصَلَتْ مِنْهُ فِيهَا ( إنْ قَامَتْ ) أَيْ شَهِدَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْعِدَّةِ ( بَيِّنَةٌ ) مُعْتَبَرَةٌ ( عَلَى ) سَمَاعِ ( إقْرَارِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ بِأَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي عِدَّتِهَا نَاوِيًا بِهِ رَجْعَتَهَا ، وَقَدْ عُلِمَ دُخُولُهُ بِهَا قَبْلَ طَلَاقِهَا ( أَوْ ) قَامَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ بَيِّنَةٌ عَلَى مُعَايَنَةِ ( تَصَرُّفِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ ( وَمَبِيتِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ مَعَهَا وَتَنَازَعَ تَصَرُّفٌ وَمَبِيتٌ ( فِيهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ فَقَدْ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الزَّوْجَةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَأَمَّا شَهَادَتُهَا بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ بِلَا مُعَايَنَتِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا " غ " كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَءُوا وَصِيَّتَهُ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ وَوِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ لَا بِأَوْ خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، وَقَدْ نَبَّهَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مُخَالَفَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي ذَلِكَ ، وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَاسْتَوْفَيْنَاهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ .
عب إنْ قُرِئَ " بِأَوْ " فَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ التَّصَرُّفُ الْخَاصُّ بِالزَّوْجِ مِنْ أَكْلِهِ مَعَهَا وَاخْتِلَائِهِ بِهَا وَنَحْوِهِمَا ، فَيَكْفِي وَحْدَهُ .
وَإِنْ قُرِئَ بِالْوَاوِ ، فَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْخَاصِّ مِمَّا يَفْعَلُهُ غَيْرُ الزَّوْجِ فَلَا يَكْفِي وَحْدَهُ ، وَيُشْتَرَطُ انْضِمَامُهُ لِلْمَبِيتِ لَكِنَّهُ يُوهِمُ عَدَمَ كِفَايَةِ الْمَبِيتِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ .
أَوْ قَالَتْ حِضْت ثَالِثَةً فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَوْلِهَا قَبْلَهُ بِمَا يُكَذِّبُهَا .
( أَوْ ) أَيْ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ ارْتَجَعَهَا فَ ( قَالَتْ ) الزَّوْجَةُ عَقِبَ ارْتِجَاعِهَا : ( حِضْت ) حَيْضَةً ( ثَالِثَةً ) تَمَّتْ بِهَا الْعِدَّةُ ( فَأَقَامَ ) أَيْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ ( بَيِّنَةً ) أَيْ عَدْلَيْنِ ( عَلَى قَوْلِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( قَبْلَهُ ) أَوْ قَوْلِهَا حِضْت ثَالِثَةً ( بِمَا يُكَذِّبُهَا ) بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا قَالَتْ لَمْ أَحِضْ أَصْلًا ، أَوْ حِضْت حَيْضَةً وَاحِدَةً ، أَوْ حِضْت ثَانِيَةً وَلَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ ثَالِثَةً بَيْنَ قَوْلَيْهَا ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ يَصِحَّ رَجْعَتُهُ وَلَوْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا قَالَهُ أَشْهَبُ .
أَوْ أَشْهَدَ بِرَجْعَتِهَا فَصَمَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ كَانَتْ انْقَضَتْ .
( أَوْ ) أَيْ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إذَا ( أَشْهَدَ ) الزَّوْجُ ( بِرَجْعَتِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( فَصَمَتَتْ ) الزَّوْجَةُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ( ثُمَّ قَالَتْ ) الزَّوْجَةُ بَعْدَ سُكُوتِهَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ ( كَانَتْ ) أَيْ عِدَّتُهَا ( قَدْ انْقَضَتْ ) أَيْ تَمَّتْ وَفَرَغَتْ قَبْلَ إشْهَادِك بِالرَّجْعَةِ ، فَيُلْغَى قَوْلُهَا وَتُعَدُّ نَادِمَةً لِأَنَّ سُكُوتَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْإِشْهَادِ عَلَى رَجْعَتِهَا دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ عِدَّتِهَا ، وَمَفْهُومُ صَمَتَتْ أَنَّهَا لَوْ أَنْكَرَتْ حِينَ الْإِشْهَادِ ، وَقَالَتْ : إنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهُ .
أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَرُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ .
وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَى الثَّانِي .
( أَوْ ) أَيْ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيهَا وَكَذَّبَتْهُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَ ( وَلَدَتْ ) وَلَدًا كَامِلًا ( لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِ الثَّانِي فَيَلْحَقُ بِالزَّوْجِ الْأَوَّلِ لِظُهُورِ كَوْنِهِ مِنْهُ ، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الزَّوْجِ الثَّانِي ( وَرُدَّتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ الزَّوْجَةُ إلَى الزَّوْجِ ( بِرَجْعَتِهِ ) الَّتِي كَذَّبَتْهُ فِيهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا حِينَ الطَّلَاقِ وَعِدَّتُهَا وَضْعُ حَمْلِهَا وَأَخَلَّ بِقَيْدَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : كَوْنُ الْوَلَدِ عَلَى طَوْرٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ الثَّانِي وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ ، وَلَمْ تَصِحَّ رَجْعَةُ الْأَوَّلِ .
ثَانِيهِمَا : إمْكَانِيَّةُ لُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ .
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالْأَوَّلِ أَيْضًا بِأَنْ تَأَخَّرَ عَنْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ طَلَاقِهِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ ، وَلَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهُ ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي الصَّادِقُ بِتَأَخُّرِهِ عَنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ بِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ .
" غ " وَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ كَعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، يَعْنِي أَنَّهُ أَجْوَدُ مِنْ نُسْخَةِ أَوْ وَلَدَتْ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِهِ .
فَقَوْلُهُ : وَرُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ حَشْوٌ ثُمَّ يَصِحُّ تَقْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا بِمَا فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فَادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا وَتَزَوَّجَتْ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَبِمَا تَقَدَّمَ قَرَّرَهَا الْمُوَضِّحُ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ ، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ " رُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ " مُشْكِلٌ عَلَى هَذَا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ " رُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ " أَيْ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ أَنْشَأَهَا فِي عِدَّتِهَا لِقِيَامِ دَلِيلِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ أَنْشَأَهَا فِيهَا .
( وَلَمْ تَحْرُمْ ) الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً ( عَلَى )
الزَّوْجِ ( الثَّانِي ) لِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا بَعْدَ رَجْعَةِ الْأَوَّلِ وَانْقِطَاعِ عِدَّتِهَا وَصَيْرُورَتِهَا ذَاتَ زَوْجٍ وَخُرُوجِهَا مِنْ حُكْمِ الْعِدَّةِ ، فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ أَوْ طَلَّقَهَا فَلِلثَّانِي تَزَوُّجُهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا
وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا حَتَّى انْقَضَتْ وَتَزَوَّجَتْ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا فَكَالْوَلِيَّيْنِ .
( وَإِنْ ) رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا وَ ( لَمْ تَعْلَمْ ) الزَّوْجَةُ ( بِهَا ) أَيْ الرَّجْعَةِ ( حَتَّى انْقَضَتْ ) عِدَّتُهَا ( وَتَزَوَّجَتْ ) الزَّوْجَةُ غَيْرَهُ ( أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ سَيِّدٌ فَ ) حُكْمُهَا ( كَ ) حُكْمِ ذَاتِ ( الْوَلِيَّيْنِ ) مِنْ فَوَاتِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِتَلَذُّذِ الزَّوْجِ الثَّانِي أَوْ السَّيِّدِ بِلَا عِلْمٍ بِرَجْعَةِ الْأَوَّلِ لَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْأَوَّلُ سَاكِتًا فَتَفُوتُ بِهِ أَيْضًا .
نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَالرَّجْعِيَّةُ .
كَالزَّوْجَةِ ، إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ .
وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا .
( وَ ) الْمُطَلَّقَةُ ( الرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ ) الَّتِي لَمْ تَطْلُقْ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا وَكُسْوَتِهَا وَالتَّوَارُثِ وَغَيْرِهَا ( إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ ) بِالرَّجْعِيَّةِ قَبْلَ رَجْعَتِهَا وَلَوْ بِنَظَرٍ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَمُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ مُحَرَّمَةٌ فِي الْعِدَّةِ حَتَّى تَرْتَجِعَ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ لِعِيَاضٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ اللَّخْمِيُّ ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى ذَلِكَ بِثُبُوتِ خَوَاصِّ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ يُرَدُّ بِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِدَلِيلِ الْمُحْرِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ .
( وَ ) حُرْمَةِ ( الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا ) وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَمِثْلُهُمَا كَلَامُهَا وَلَوْ نَوَى رَجْعَتَهَا بَعْدُ ، وَهَذَا تَشْدِيدٌ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَذَكَّرَ مَا كَانَ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُبَاحُ لَهُ كَلَامُ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَّا لِقَصْدِ تَلَذُّذٍ أَوْ خَشْيَةِ فِتْنَةٍ ، وَأَمَّا نَظَرُ وَجْهِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَفَّيْهِ فَجَائِزٌ ، وَكَذَا السُّكْنَى مَعَهَا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهُمَا ، وَلِلنَّاسِ وَلَوْ أَعْزَبَ كَمَا أَقَامَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ " وَهَذَا مُنْكَرٌ عَظِيمٌ عِنْدَ أَهْلِ فَاسَ .
ابْنُ نَاجِي وَكَذَلِكَ عِنْدَنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مَنْعِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْعُرْفُ بِاسْتِعْطَافِهِ أَمْ لَا ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ أَنْ يُقَدِّمُوا مَنْ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ الرَّجْعِيَّةُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَيْضًا فِي أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا ، فَلَمَّا مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِنُشُوزِهَا سَقَطَتْ عَنْهُ ، وَهَذِهِ لَا يُسْتَمْتَعُ بِهَا .
وَمِنْ أَحْكَامِ الرَّجْعِيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيهَا الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ
وَاللِّعَانُ وَالطَّلَاقُ وَأَنَّ مُطَلِّقَهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَعَهَا مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ .
وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَنَ .
( وَ ) إنْ ادَّعَتْ الرَّجْعِيَّةُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بَعْدَ زَمَنٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهِ ( صُدِّقَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّجْعِيَّةُ وَلَوْ أَمَةً وَلَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ ( فِي ) إخْبَارِهَا بِ ( انْقِضَاءِ ) عِدَّتِهَا بِجِنْسِ ( الْقَرْءِ ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ الطُّهْرِ ( وَ ) انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِ ( الْوَضْعِ ) لِحَمْلِهَا اللَّاحِقِ لِزَوْجِهَا أَوْ الَّذِي يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ ، وَصِلَةُ صُدِّقَتْ ( بِلَا يَمِينٍ ) مِنْهَا عَلَى انْقِضَائِهَا ( مَا أَمْكَنَ ) أَيْ مُدَّةَ إمْكَانِ الِانْقِضَاءِ عَادَةً فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا بَعْدَ قَوْلِهَا : انْقَضَتْ ، وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ ، وَظَاهِرُهُ : وَلَوْ وَضَعَتْ سِقْطًا خِلَافًا لِلرَّجْرَاجِيِّ ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا لِأَنَّ النِّسَاءَ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى فُرُوجِهِنَّ .
وَسُئِلَ النِّسَاءُ .
وَ ) إنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ الْقُرْءِ فِيمَا يُمْكِنُ الِانْقِضَاءُ فِيهِ نَادِرًا كَحِضْتُ ثَلَاثًا فِي شَهْرٍ ( سُئِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( النِّسَاءُ ) بِأَنْ صَدَّقْنَهَا أَيْ شَهِدْنَ أَنَّ النِّسَاءَ تَحِيضُ لِمِثْلِهِ عُمِلَ بِهِ ، وَهَلْ تَحْلِفُ مَعَ تَصْدِيقِهِنَّ قَوْلَانِ ، وَمَفْهُومُ مَا أَمْكَنَ أَنَّهَا إنْ ادَّعَتْهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ فَلَا تُصَدَّقُ ، فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَسُئِلَ النِّسَاءُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ مَا أَمْكَنَ لِأَنَّهَا إنْ ادَّعَتْهُ فِيمَا يُمْكِنُ تُصَدَّقُ بِلَا سُؤَالِ النِّسَاءِ ، فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ .
فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ انْقِضَاؤُهَا فِي شَهْرٍ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا .
قُلْت : يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُطَلِّقَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ طَاهِرًا ، وَتَحِيضَ عَقِبَهَا إلَى قُرْبِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَطْهُرُ حَتَّى تَغْرُبَ شَمْسُ الْخَامِسَ عَشَرَ ، فَتَحِيضُ عَقِبَهُ إلَى قُرْبِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَطْهُرُ إلَى غُرُوبِ يَوْمِ ثَلَاثِينَ فَتَحِيضُ عَقِبَهُ إلَى قُرْبِ الْفَجْرِ .
وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا .
( وَ ) إنْ أَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِيمَا يُمْكِنُ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا فَ ( لَا يُفِيدُ ) هَا ( تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا ) وَقَدْ بَانَتْ فَتُعَدُّ نَادِمَةً وَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بِعَقْدٍ بِوَلِيٍّ وَمَهْرٍ وَإِيجَابٍ وَقَبُولٍ .
وَلَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ .
( وَ ) لَا يُفِيدُ قَوْلُهَا ( أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ ) مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَظَنَّتْ دَوَامَهُ فَأَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ( وَانْقَطَعَ ) الدَّمُ قَبْلَ دَوَامِهِ يَوْمًا أَوْ بَعْضًا مِنْهُ لَهُ بَالَ ، وَقَدْ بَانَتْ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ وَيُلْغَى قَوْلُهَا الثَّانِي ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ ا هـ أَيْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا .
وَقَالَ " د " لَا تَثْبُتُ لَهُ الرَّجْعَةُ ، وَحُمِلَ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَا عَدَاهَا ، لَكِنْ إنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ فَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ عِيَاضٍ مَا نَصُّهُ " وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ جُمْهُورُ الشُّيُوخِ أَنَّهَا إنْ لَمْ يَتَمَادَ بِهَا الدَّمُ أَنَّهَا لَا تَحْسُبُهُ حَيْضَةً .
ثُمَّ قَالَ عِيَاضٌ : وَاخْتَلَفُوا إذَا رَاجَعَهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ هَذَا الدَّمِ وَعَدَمِ تَمَادِيهِ ، ثُمَّ رَجَعَ الدَّمُ بِقُرْبٍ هَلْ هِيَ رَجْعَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَبَانَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ثَالِثَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَبَطَلَتْ وَهُوَ الصَّحِيحُ .
وَقِيلَ : لَا تَبْطُلُ رَجَعَ الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ بَعْدَهُمَا : وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَعْنِي التَّفْصِيلَ عِنْدِي أَصْوَبُ ، وَالْقُرْبُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ طُهْرٌ تَامٌّ إذَا عَلِمْت هَذَا تَبَيَّنَ لَك الْجَوَابُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا أَنَّ قَوْلَهَا انْقَطَعَ الدَّمُ لَا يُفِيدُ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا لَا إنَّهُمَا نَفَيَا قَبُولَ قَوْلِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَفَادَهُ عب وَالْبَنَّانِيُّ .
وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا .
( وَ ) إنْ قَالَتْ رَأَيْت الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ وَأَكْذَبَتْ نَفْسَهَا وَمَكَّنَتْ النِّسَاءَ مِنْ نَظَرِ فَرْجِهَا فَرَأَيْنَهَا وَصَدَّقْنَهَا عَلَى عَدَمِ حَيْضِهَا فَ ( لَا ) تُفِيدُهَا ( رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا ) وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِنَّ ، وَبَانَتْ حِينَ قَالَتْ ذَلِكَ فِيمَا يُمْكِنُ الِانْقِضَاءُ فِيهِ ، وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ عُمُومُ هَذَا فِي الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ إنْ قَالَتْ وَضَعْت ثُمَّ قَالَتْ كَذَبْت رَأَيْنَهَا فَلَمْ يَجِدْنَ أَثَرَ الْوِلَادَةِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ الظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ قَالَ عَقِبَ " وَلَا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا " وَإِنْ رَأَتْهَا النِّسَاءُ نَقِيَّةً لَكَانَ أَحْسَنَ .
وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدُ : كَسَنَةٍ فَقَالَتْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً ؛ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا مَرِيضَةٍ : لَمْ تُصَدَّقْ ، إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ .
( وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا ) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ ( بَعْدَ : كَسَنَةٍ ) أَوْ سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ لَكِنَّ نَقْلَ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ " الْكَافَ " اسْتِقْصَائِيَّةٌ ( فَقَالَتْ ) الرَّجْعِيَّةُ ( لَمْ أَحِضْ ) بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ ( إلَّا ) حَيْضَةً ( وَاحِدَةً ) أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ أَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ لِتَرِثَهُ ( فَإِنْ كَانَتْ ) الرَّجْعِيَّةُ ( غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا ) غَيْرَ ( مَرِيضَةٍ لَمْ تُصَدَّقْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ، وَفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ فِي قَوْلِهَا لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً ، ظَاهِرُهُ ، وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ وَافَقَ قَوْلَهَا عَادَتُهَا .
وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عج اعْتِبَارُهَا كَالْإِرْضَاعِ وَالْمَرَضِ وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى ، أَقُولُ وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَنَّ الِاعْتِيَادَ دَاخِلٌ فِي الْإِظْهَارِ وَعَدَمِ تَصْدِيقِ غَيْرِ الْمُرْضِعِ وَالْمَرِيضَةِ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا إنْ كَانَتْ ) الرَّجْعِيَّةُ ( تُظْهِرُهُ ) أَيْ احْتِبَاسَ دَمِهَا وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَ مِنْ قَوْلِهَا فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَتَرِثُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَامَيْنِ ، وَمَفْهُومُ غَيْرِ مُرْضِعٍ وَمَرِيضَةٍ تَصْدِيقُ الْمُرْضِعِ وَالْمَرِيضَةِ مُدَّتَهُمَا بِلَا يَمِينٍ ، وَتُصَدَّقُ الْمُرْضِعُ أَيْضًا فِي عَدَمِ انْقِضَائِهَا بَعْدَ الْفِطَامِ بِالْفِعْلِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْفِطَامُ عَنْ مُدَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ إلَى عَامٍ بِيَمِينٍ وَلَا تُصَدَّقُ بَعْدَهُ ، كَذَا فِي النَّصّ قَالَهُ عج .
وَفِي الشَّارِحِ الْوَسَطِ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرِيضَةَ مَرَضًا شَأْنُهُ مَنْعُ الْحَيْضِ كَالْمُرْضِعِ ، وَمَحَلُّ عَدَمِ تَصْدِيقِهِمَا إذَا لَمْ تُظْهِرَا عَدَمَ الِانْقِضَاءِ وَإِلَّا صُدِّقَتَا بِيَمِينٍ .
وَمَفْهُومُ مَاتَ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَهُوَ حَيٌّ قَبْلَ سَنَةٍ أَوْ بَعْدَهَا صُدِّقَتْ إنْ كَانَتْ بَائِنًا لِاعْتِرَافِهَا عَلَى نَفْسِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ رَجْعَتِهَا مُطْلَقًا ،
وَلَهَا النَّفَقَةُ وَنَحْوُهَا إنْ صَدَّقَهَا .
وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ عِدَّتِهَا الْمُعْتَادَةِ فَادَّعَى بَقَاءَهَا فِيهَا وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِيَرِثَهَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى صِدْقِهِ ، وَإِنْ ادَّعَى حَمْلَهَا وَعَدَمَ وَضْعِهَا صُدِّقَ ، وَعَلَى مَنْ خَالَفَهُ إثْبَاتُ عَدَمِ حَمْلِهَا أَوْ وَضْعِهِ إلَّا إذَا اعْتَدَّتْ بِمَسْكَنِهَا ثُمَّ تَحَوَّلَتْ مِنْهُ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَذَكَرَتْ ذَلِكَ فَلَا يَرِثُهَا قَالَهُ الشَّارِحُ وتت عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ : لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ هَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا ، وَحَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي دَعْوَاهَا ذَلِكَ فِي السَّنَةِ وَقَرَّبَهَا ، ثُمَّ قَالَ : وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْهُ بَعْدَ فَوْتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَامِ أَوْ الْعَامَيْنِ لَا يَنْبَغِي أَنْ لَا تُصَدَّقَ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَكَرَتْهُ فِي حَيَاتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا .
طفي حَيْثُ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَيْدِ الْإِظْهَارِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلسَّنَةِ ، فَفِي تَقْيِيدِهِ بِهَا دَرَكٌ عَلَيْهِ ا هـ .
قُلْت يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا ، وَيَكُونُ بِمَفْهُومِهِ جَارِيًا عَلَى مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى ، فَيَنْتَفِي عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ : لَا تُصَدَّقُ بَعْدَ عَامٍّ فِيهِ نَظَرٌ ، إذْ الَّذِي فِي " ق " عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ الْمُرْضِعِ مِنْ بَعْدِ الْفِطَامِ كَاَلَّتِي لَمْ تُرْضِعْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ .
ا هـ .
أَيْ فَتُصَدَّقُ إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ .
وَحَلَفَتْ فِي : كَالسِّتَّةِ .
لَا كَالْأَرْبَعَةِ وَعَشْرٍ .
( وَحَلَفَتْ ) الرَّجْعِيَّةُ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا وَادَّعَتْ عَدَمَ حَيْضِهَا عَلَى احْتِبَاسِ دَمِهَا ( فِي كَالسِّتَّةِ ) أَشْهُرٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا قَبْلَ السَّنَةِ أَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ وَلَوْ وَافَقَتْ عَادَتُهَا وَوَرِثَتْهُ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُرْضِعًا وَلَا مَرِيضَةً وَلَمْ تَذْكُرْهُ فِي حَيَاتِهِ ( لَا ) تَحْلِفُ إنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ فِي كَالْأَرْبَعَةِ ) أَشْهُرٍ ( وَعَشْرٍ ) وَتُصَدَّقُ فِي بَقَاءِ عِدَّتِهَا وَتَرِثُهُ وَلَوْ خَالَفَتْ عَادَتُهَا ، وَالْأَوْلَى حَذْفُ " وَعَشْرٍ " لِإِدْخَالِهِ الْكَافَ ، وَتُبِعَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ بَحْثُ ابْنُ رُشْدٍ وَظَاهِرُ السَّمَاعِ حَلِفُهَا فِيمَا دُونَ الْعَامِ .
الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ لَا فِي " كَالْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ " ، وَعَلَيْهَا دَرَكٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْكَافِيَةِ .
وَإِنْ تَعْرِفْ ذَا إضَافَةٍ فَمَعَ آخَرَ اجْعَلْ أَلْ وَغَيْرِ ذَا امْتَنِعْ .
وَنَقَلَ السِّيرَافِيُّ عَنْ الْفَرَّاءِ جَوَازَ نَحْوِ الْأَلْفِ دِينَارٍ .
وَنُدِبَ الْإِشْهَادُ ، وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ لَهُ .
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( الْإِشْهَادُ ) عَلَى الرَّجْعَةِ وَقِيلَ : يَجِبُ ( وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ ) الزَّوْجَ مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بَعْدَ رَجْعَتِهَا ( لَهُ ) أَيْ الْإِشْهَادِ أَيْ فَعَلَتْ صَوَابًا وَرُشْدًا وَلَا تَكُونُ بِهِ عَاصِيَةً لِزَوْجِهَا ، بَلْ تُؤْجَرُ عَلَى مَنْعِهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا خَشْيَةَ أَنْ يُنْكِرَ ارْتِجَاعَهَا وَوَطْأَهَا لَا لِلَّهِ تَعَالَى ، وَإِلَّا لَوَجَبَ ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ تَرْكِ الْإِشْهَادِ ، وَيُنْدَبُ إعْلَامُهَا بِهِ .
وَشَهَادَة السَّيِّد كَالْعَدَمِ .
( وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ ) بِالرَّجْعَةِ لِزَوْجِ أَمَتِهِ ( كَالْعَدَمِ ) لِلْإِشْهَادِ فِي الْكَرَاهَةِ ، وَكَذَا الْوَلِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ لِلتُّهْمَةِ فَالْمَنْدُوبُ إشْهَادُ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِ .
وَالْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ .
بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ أَوْ وَرَثَتِهَا : كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ .
( وَ ) نُدِبَ ( الْمُتْعَةُ ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَا يُؤْمَرُ الزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا بِإِعْطَائِهِ لِلْمُطَلَّقَةِ لِيَجْبُرَ بِهِ أَلَمَ فِرَاقِهَا فَلَا يُقْضَى بِهَا ، وَلَا تُحَاصِصُ بِهَا غُرَمَاءَهُ ، وَلَا حَدَّ لَهَا ، بَلْ ( عَلَى قَدْرِ حَالِهِ ) أَيْ الْمُطَلِّقِ ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ آخَرُ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِهَا لَمْ تَكُنْ تَبَرُّعًا لِوَارِثٍ وَلِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا وَرُوعِيَ حَالُهُ فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ } وَلِأَنَّ كَسْرَ خَاطِرِهَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ .
ابْنُ سَعْدُونٍ فِي قَوْلِهِمْ : الْمُتْعَةُ لِلتَّسَلِّي اعْتِرَاضٌ لِأَنَّهَا قَدْ تُزِيدُهَا أَسَفًا بِتَذْكِيرِهَا حُسْنَ عِشْرَتِهِ وَكَرِيمَ صُحْبَتِهِ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَبَرُّعٌ غَيْرُ مُعَلَّلٍ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : إنْ مَاتَتْ قَبْلَ إمْتَاعِهَا وُرِثَتْ عَنْهَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّسَلِّي وَتُعْطَى الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا إثْرَ طَلَاقِهَا لِيَأْسِهَا مِنْ الرَّجْعَةِ .
وَ ( بَعْدَ ) تَمَامِ ( الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ ) لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الرَّجْعَةَ ، وَلِئَلَّا يَرْتَجِعَهَا فَتَضِيعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا كَهِبَةٍ قُبِضَتْ ( أَوْ ) يَأْخُذُهَا ( وَرَثَتُهَا ) إنْ مَاتَتْ قَبْلَ إمْتَاعِهَا بَعْدَ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ وَعَقِبَ طَلَاقِ الْبَائِنِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
أَصْبَغُ : لَا تُدْفَعُ لَهُمْ لِأَنَّهَا تَسَلَّتْ عَنْ الطَّلَاقِ ، وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ رَدَّ الزَّوْجَةَ لِعِصْمَتِهِ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا سَقَطَتْ عَنْهُ .
وَشُبِّهَ فِي إعْطَائِهَا لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا فَقَالَ ( كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ ) أَيْ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً فَارَقَتْهُ عَنْ مُشَاوَرَةٍ أَمْ لَا .
ابْنُ عَاشِرٍ هَذِهِ عِبَارَةٌ قَلِقَةٌ ، وَالْعِبَارَةُ السَّلِسَةُ " وَالْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ
لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ أَوْ وَرَثَتِهَا وَبَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ .
.
.
إلَخْ " .
( فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ ) صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لَزِمَ بِفَوَاتِهِ كَفَاسِدٍ لِصَدَاقِهِ طَلَّقَ بَعْدَ بِنَائِهِ ، فَإِنْ كَانَ يَفْسَخُ بَعْدَهُ وَطَلَّقَهَا بِاخْتِيَارِهِ فَلَا تَمَتُّعَ
لَا فِي فَسْخٍ : كَلِعَانٍ ، وَمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ، إلَّا مَنْ اخْتَلَعَتْ ، أَوْ فُرِضَ لَهَا وَ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ .
وَاحْتُرِزَ بِلَازِمٍ عَمَّا فِيهِ خِيَارٌ ( لَا فِي فَسْخٍ ) إلَّا لِرَضَاعٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ مُحْتَرَزُ مُطَلَّقَةٍ ( كَلِعَانٍ ) لَا مُتْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ ( وَ ) لَا مُتْعَةَ فِي ( مِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ) كُلَّ الْآخَرِ لِأَنَّهُ إنْ مَلَكَهَا الزَّوْجُ فَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ عَوَزِهِ وَإِنْ مَلَكَتْهُ فَهُوَ ، وَمَالُهُ لَهَا .
وَاسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ مُطَلَّقَةٍ .
فَقَالَ ( إلَّا مَنْ اخْتَلَعَتْ ) مِنْ زَوْجِهَا بِعِوَضٍ دَفَعَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا الْمُخْتَارَةُ لِفِرَاقِهِ وَمُعَاوِضَةٌ عَلَيْهِ فَلَا أَلَمَ بِهِ لَهَا ( أَوْ فُرِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لَهَا ) صَدَاقٌ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا تَفْوِيضًا ( وَ طَلُقَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( قَبْلَ الْبِنَاءِ ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَخْذِهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا ، فَإِنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا وَ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ أُمْتِعَتْ .
وَمُخْتَارَةً لِعِتْقِهَا أَوْ لِعَيْبِهِ ؛ وَمُخَيَّرَةً ، وَمُمَلَّكَةً .
.
( وَ ) إلَّا ( مُخْتَارَةً ) نَفْسَهَا ( لِ ) كَمَالِ ( عِتْقِهَا ) وَزَوْجُهَا رَقِيقٌ ( أَوْ ) مُخْتَارَةً فِرَاقَهُ ( لِعَيْبِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ فَقَطْ أَوْ لِعَيْبِهَا وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ ( وَ ) إلَّا زَوْجَةً ( مُخَيَّرَةً وَمُمَلَّكَةً ) الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّ تَمَامَ الطَّلَاقِ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
( بَابٌ ) .
الْإِيلَاءُ : يَمِينُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ، يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ ، وَإِنْ مَرِيضًا .
بِمَنْعِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ ، وَإِنْ تَعْلِيقًا ، غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ .
وَإِنْ رَجْعِيَّةً أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، أَوْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ .
( بَابٌ ) فِي الْإِيلَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( الْإِيلَاءُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مَمْدُودًا أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا ( يَمِينٌ ) أَيْ حَلِفٌ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ جِنْسٌ شَمِلَ الْمُعَرَّفَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ وَإِضَافَتُهُ لِزَوْجٍ ( مُسْلِمٍ ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ حَلِفَ غَيْرِ الزَّوْجِ ، وَنَعْتُهُ بِمُسْلِمٍ فَصْلٌ مُخْرِجٌ حَلِفَ الزَّوْجِ الْكَافِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } إذْ الْغُفْرَانُ وَالرَّحْمَةُ بِالْفَيْئَةِ يَخُصَّانِ الْمُسْلِمَ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رِقًّا ، وَنَعْتُهُ بِ ( مُكَلَّفٍ ) أَيْ مُلْزَمٍ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ ، وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَصْلٌ مُخْرِجٌ حَلِفَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ بِحَلَالٍ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ مُكَلَّفٌ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَكَذَا الْأَخْرَسُ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَالْأَعْجَمِيُّ بِلُغَتِهِ ، وَالسَّفِيهُ وَنَعْتُهُ بِجُمْلَةِ ( يُتَصَوَّرُ ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ يُمْكِنُ ، وَبِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ يُعْقَلُ ( وِقَاعُهُ ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْقَافِ أَيْ وَطْؤُهُ فَصْلٌ مُخْرِجٌ حَلِفَ الْمَجْبُوبِ وَمَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالْعِنِّينِ إنْ كَانَ صَحِيحًا .
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الزَّوْجُ الْمَوْصُوفُ بِمَا تَقَدَّمَ ( مَرِيضًا ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَنَعَ مَرَضُهُ الْوَطْءَ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ .
ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُحُوقِ الْإِيلَاءِ الْمَرِيضَ مُطْلَقًا وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ ، قَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّحِيحَ إذَا آلَى ثُمَّ مَرِضَ فَلَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ بِالْجِمَاعِ ا هـ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْمَرِيضِ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِيلَاءُ الْمَرِيضِ لَازِمٌ أَوْ إنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ مَرَضِهِ وَإِلَّا فَلَا الْأَوَّلُ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِ ، وَالثَّانِي نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ
السَّلَامِ خَالَفَ فِي إيلَاءِ الْمَرِيضِ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ فَلَا مَعْنَى لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ آلَى صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ لَمَا طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بِالْجِمَاعِ ، ظَاهِرُهُ وُجُودُ الْخِلَافِ فِيهِ ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ .
وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ أَسْقَطَهُ إنَّمَا هُوَ إذَا قُيِّدَ يَمِينُهُ بِمُدَّةِ مَرَضِهِ حَسْبَمَا مَرَّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْجَلَّابُ ا هـ .
وَصِلَةُ يَمِينٍ ( بِمَنْعِ ) أَيْ عَلَى تَرْكِ ( وَطْءِ زَوْجَتِهِ ) وَخَرَجَ بِمَنْعِ الْوَطْءِ حَلِفُ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي يُمْكِنُ وِقَاعُهُ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ وَبِإِضَافَةِ الْوَطْءِ إلَى الزَّوْجَةِ حَلِفُهُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ أُمِّ وَلَدِهِ وَسُرِّيَّتِهِ إنْ كَانَ حَلِفُهُ تَنْجِيزًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( تَعْلِيقًا ) يَصِحُّ كَوْنُهُ مُبَالَغَةً فِي يَمِينٍ وَفِي مَنْعِ الْوَطْءِ ، وَفِي زَوْجَتِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ مُنَجَّزَةً وَمُعَلَّقَةً ، وَمَنْعُ الْوَطْءِ كَذَلِكَ وَالزَّوْجَةُ كَذَلِكَ ، كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُهَا سَنَةً مَثَلًا .
طفي الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ التَّعْلِيقُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ عَلَى التَّزْوِيجِ ظَاهِرًا أَوْ حُكْمًا كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ : إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك ، أَوْ قَوْلِهِ لَهَا ابْتِدَاءً : وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك فَإِذَا تَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } ا هـ .
فَحَقُّ الْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِلَوْ دَفْعًا لِلْخِلَافِ الْمَذْكُورِ وَوَصَفَ زَوْجَتَهُ بِ ( غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ ) فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ بِحَلِفِهِ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ الْمُرْضِعَةَ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ .
اللَّخْمِيُّ هُوَ أَقْيَسُ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي الْوَطْءِ ، وَمَحَلُّ الْأَوَّلِ إنْ قَصَدَ مَصْلَحَةَ الْوَلَدِ أَوْ لَمْ
يَقْصِدْ شَيْئًا ، فَإِنْ قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ وَطْئِهَا فَمُؤْلٍ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ سَوَاءٌ كَانَتْ صِيغَتُهُ لَا يَطَؤُهَا مَا دَامَتْ تُرْضِعُ أَوْ حَتَّى تَفْطِمَهُ أَوْ مُدَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ الْحَوْلَيْنِ ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ رَضَاعِهِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي الصِّيغَةِ الْأُولَى لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ عَنْهُ كَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الزَّمَنَ فِيهِمَا فَكَالرَّابِعَةِ فَعَلَيْهِ الْإِيلَاءُ إنْ بَقِيَتْ مُدَّتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْحُرِّ أَوْ لِلْعَبْدِ وَإِلَّا فَلَا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ .
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ مُطَلَّقَةً ( رَجْعِيَّةً ) لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ غَيْرِ الْمُطَلَّقَةِ ، وَرَدُّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ وَالْأَجَلُ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ لَهَا حَقٌّ فِيهِ ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِيَطَأَ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى .
وَأَجَابَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ الْإِيلَاءُ خِيفَةَ أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَهَا وَأَخْفَى ا هـ ، أَوْ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى إبَاحَةِ وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ آلَى مِنْ مُطَلَّقَةٍ رَجْعِيَّةٍ وُقِفَ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا .
اللَّخْمِيُّ الْوَقْفُ بَعِيدٌ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ .
وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لِخَوْفِ كَوْنِهِ ارْتَجَعَهَا وَكَتَمَ وَفِيهَا مَنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَحَلَّ أَجَلُ إيلَائِهَا فِي الْعِدَّةِ وُقِفَ .
اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ عَدَمُ وَقْفِهِ لِحُجَّتِهِ أَنَّهُ إنَّمَا حَقُّهَا فِي طَلَاقِهِ وَقَدْ عَجَّلَهُ ( أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) لِلْحُرِّ صِلَةٌ لِمَنْعِ الْوَطْءِ مُخْرِجَةٌ حَلِفَ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ بِمَنْعِ وَطْئِهِ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
فَلَيْسَ إيلَاءً .
وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّهُ إيلَاءٌ تَمَسُّكَ الْمَشْهُورِ بِمَا تُعْطِيهِ الْفَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ فَاءُوا } فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا فَتُفِيدُ أَنَّ الْفَيْئَةَ تُطْلَبُ بَعْدَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ ، وَبِأَنْ أَنْ تُصَيِّرَ الْمَاضِيَ مُسْتَقْبَلًا وَالْمُقَابِلُ بِأَنَّهَا لِمُجَرَّدِ السَّبَبِيَّةِ ، وَيُحْذَفُ " كَانَ " بَعْدَ أَنْ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } .
وَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْدِيدَ التَّرَبُّصِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُفِيدُ أَنَّ الْإِيلَاءَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا ، إذْ لَا جَائِزَ كَوْنُهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا ، وَهَذَا ظَاهِرٌ ، وَلَا عَلَيْهَا ، وَإِلَّا لَقِيلَ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ تَرَبُّصُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ التَّرْكِ مَشْرُوطًا بِأَنَّ مُدَّتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ بِيَوْمٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ مُؤَثِّرَةٍ ثَالِثُهَا بِمَا زَادَ عَلَى أَجَلِ التَّلَوُّمِ وَرَابِعُهَا بِالْأَرْبَعَةِ فَقَطْ .
( وَ ) أَكْثَرُ مِنْ ( شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ ) وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ بِيَوْمٍ فِيهِمَا ، وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَدَنِيَّةِ الَّتِي أَلَّفَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَنْدَلُسِيُّ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ثُمَّ نَقَلَهَا إلَى الْمَغْرِبِ فَرَوَاهَا عَنْهُ أَخُوهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ ، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فَرَدَّ فِيهَا مَسَائِلَ .
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ " لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَوْ الشَّهْرَيْنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ .
وَفِي كَوْنِ أَمَدِهِ لِلْعَبْدِ أَزْيَدَ مِنْ شَهْرَيْنِ أَوْ كَالْحُرِّ ، وَصُوِّبَ بِأَنَّ ضَرَرَ تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْعَبْدِ وَالْحُرِّ سَوَاءٌ .
وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَمَدُهُ لِلْعَبْدِ شَهْرَانِ يُوهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ ، وَمِثْلُهُ لَفْظُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَالطُّرْطُوشِيِّ .
وَلَا يَنْتَقِلُ بِعِتْقِهِ بَعْدَهُ .
.
( وَ ) إذَا حَلَفَ الْعَبْدُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ فَ ( لَا يَنْتَقِلُ ) الْعَبْدُ ( بِعِتْقِهِ ) لِأَجَلِ الْحُرِّ اعْتِبَارًا بِحَالِهِ وَقْتَ حَلِفِهِ إذَا عَتَقَ ( بَعْدَهُ ) أَيْ تَقَرَّرَ الْأَجَلُ بِشَهْرَيْنِ بِحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرَ مِنْهُمَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْإِيلَاءِ إنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ بِصِيغَةِ حِنْثٍ غَيْرِ مُؤَجِّلٍ .
وَمَفْهُومٌ بَعْدَهُ أَنَّهُ إنْ عَتَقَ قَبْلَ تَقَرُّرِ الْأَجَلِ بِشَهْرَيْنِ بِأَنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ بِصِيغَةِ حِنْثٍ مُطْلَقَةٍ وَعَتَقَ ثُمَّ رَفَعَتْهُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
كَوَاللَّهِ لَا أُرَاجِعُك .
وَشَرَعَ فِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي يَلْزَمُ بِهَا الْإِيلَاءُ وَاَلَّتِي لَا يَلْزَمُ مُقَدِّمًا الْأُولَى بِقَوْلِهِ ( كَ ) قَوْلِهِ أَيْ الزَّوْجِ لِلرَّجْعِيَّةِ : ( وَاَللَّهِ لَا أُرَاجِعُك ) فَهُوَ مُؤْلٍ إنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ ، وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا ، فَإِنْ لَمْ يَفِ وَلَمْ يَرْتَجِعْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى وَأَتَمَّتْ عِدَّتَهَا الْأُولَى وَحَلَّتْ لِغَيْرِهِ ، وَإِنْ قَلَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً قَالَهُ تت .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ : وَاَللَّهِ لَا رَاجَعْتُك مُؤْلٍ .
أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي أَوْ تَأْتِيَنِي .
( أَوْ ) قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ ( لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي ) وَطْأَك ( أَوْ ) حَتَّى ( تَأْتِيَنِي ) لِوَطْئِك فَهُوَ مُؤْلٍ وَلَا يَلْزَمُهَا سُؤَالُهُ وَلَا إتْيَانُهُ لِذَلِكَ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَا يُزْرِي بِهَا وَلَا تَتَكَلَّفُهُ لِمَشَقَّتِهِ عَلَى غَالِبِ النِّسَاءِ وَمَعَرَّتِهِنَّ مِنْهُ ، وَلَيْسَ رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ سُؤَالًا يَبُرُّ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِخُصُوصِ طَلَبِ الْوَطْءِ بَلْ لِرَفْعِ الضَّرَرِ وَقَطْعِ النِّزَاعِ ، هَذَا قَوْلُ ابْن سَحْنُونٍ لَيْسَ بِمُؤْلٍ وَعَابَ قَوْلَ وَلَدِهِ حِين عَرَضَهُ عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا وَجْهَ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ فَلِذَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْعُتْبِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ حَلَفَ لَا وَطِئَ امْرَأَتَهُ حَتَّى تَطْلُبَهُ فَتَأْبَى طَلَبَهُ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ وَإِنْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ .
ابْنُ رُشْدٍ ابْن سَحْنُونٍ قُلْت هُوَ مُؤْلٍ وَلَيْسَ قِيَامُهَا بِهِ سُؤَالًا حَتَّى تَسْأَلَهُ فَعَابَهُ .
وَقَالَ مُنِعَ الْوَطْءُ بِسَبَبِهَا وَهُوَ قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي حَلِفِهِ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي طَلَبَهُ .
.
.
أَوْ لَا أَلْتَقِي مَعَهَا .
( أَوْ ) قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ ( لَا أَلْتَقِي مَعَهَا ) اللَّخْمِيُّ هُوَ مُؤْلٍ بِلَا شَكٍّ إذْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْتِقَائِهِ مَعَهَا عَدَمُ وَطْئِهَا عَقْلًا ، هَذَا إذَا قَصَدَ نَفْيَ الِالْتِقَاءِ لِلْوَطْءِ أَوْ أَطْلَقَ ، فَإِنْ قَصَدَهُ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ ، وَيُدَيَّنُ فِي الْفَتْوَى وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ فِي الْقَضَاءِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَقَبِلَهُ ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ قَبُولُهَا مُطْلَقًا .
أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ ( لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ ) مِنْهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَلِفُهُ عَلَى تَرْكِ الْغُسْلِ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِهِ كِنَايَةً عَنْ تَرْكِ الْجِمَاعِ كَطَوِيلِ النِّجَادِ فَأَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ ، وَلِكَوْنِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ نَفْيَ الْغُسْلِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُسْتَلْزِمًا شَرْعًا لِتَرْكِ الْجِمَاعِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُضْرَبُ أَجَلُهُ قَبْلَ جِمَاعِهَا أَوْ لَا يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ حَتَّى يُجَامِعَهَا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُؤْلِي إذَا كَانَ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَيْهِ يَمِينٌ فِيهَا ، أَوْ فِي غَيْرِهَا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : إنْ وَطِئْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك .
وَمِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَمِثْلَ أَنْ يَقُولَ : إنْ وَطِئْتُك فَكُلُّ مَمْلُوكٍ اشْتَرَيْته مِنْ الْفُسْطَاطِ حُرٌّ وَنَحْوُهُ اللَّخْمِيُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَصْوَبُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ فَاسِقًا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ وَطْءَ الْفَاسِقِ غَيْرُ مَلْزُومٍ لِلْغُسْلِ فَلَا يَكُونُ نَفْيُ غُسْلِهِ كِنَايَةً عَنْ نَفْيِ وَطْئِهِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَطْئِهِ حِنْثُهُ ، لَكِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ انْعِقَادُ يَمِينِهِ عَلَى عَدَمِ الْغُسْلِ .
وَلَوْ كَانَ حِينَ حَلِفِهِ جُنُبًا لَمْ يَلْزَمْهُ إيلَاءٌ إذْ لَا أَثَرَ لِوَطْئِهِ فِي عَقْدِ يَمِينِهِ عَلَى الْغُسْلِ لِانْعِقَادِهِ قَبْلَ وَطْئِهِ .
أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إذَا .
تَكَلَّفَهُ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ ( لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ ) هَذِهِ ( الْبَلْدَةِ ) فَهُوَ مُؤْلٍ ( إذَا تَكَلَّفَهُ ) أَيْ خُرُوجَهُ مِنْهَا ، فَإِنْ كَانَ لَا يَتَكَلَّفُ فِي خُرُوجِهِ لِأُخْرَى لِقُرْبِهَا أَوْ لِكَوْنِ لَا مَتَاعَ لَهُ ، وَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَى الْمَشْيِ مَعَهُ بِلَا كُلْفَةٍ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ ، لَكِنَّهُ لَا يَتْرُكُ ، وَيُقَالُ لَهُ طَأْ إنْ كُنْت صَادِقًا بَعْدَ خُرُوجِك .
أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ إذَا لَمْ يَحْسُنْ خُرُوجُهَا لَهُ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك ( فِي هَذِهِ الدَّارِ إذَا لَمْ يَحْسُنْ خُرُوجُهَا ) أَيْ خُرُوجُهُمَا مِنْ الدَّارِ ( لَهُ ) أَيْ الْوَطْءِ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِمَا أَوْ حَالِ أَحَدِهِمَا لِلْمَعَرَّةِ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ حَسُنَ خُرُوجُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْوَطْءِ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ خُرُوجِهِ لَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ .
.
أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْك فَأَنْتِ طَالِقٌ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ ( إنْ لَمْ أَطَأْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ) وَتَرَكَ وَطْأَهَا وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ بُرَّهُ فِي وَطْئِهَا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِوُقُوفِهِ عَنْ وَطْئِهَا ، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْلٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ الْإِيلَاءَ وَمَا قَدَّمَهُ آخِرَ الطَّلَاقِ ، وَانْظُرْ عَلَى أَنَّهُ مُؤْلٍ مَا الَّذِي يَفْعَلُ إذَا مَضَى الْأَجَلُ ، فَإِنَّ مُطَالَبَتَهَا بِالْفَيْئَةِ وَهُوَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ لَا تَتَأَتَّى ، وَعَلَى تَسْلِيمِ كَلَامِهِ تَطْلُقُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ أَوْ عِنْدَ ضَرَرِهَا .
أَوْ إنْ وَطِئْتُك وَنَوَى بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ وَإِنْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا .
.
( أَوْ ) قَوْلُهُ ( إنْ وَطِئْتُك ) فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَمُؤْلٍ وَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ نَوَى بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ ، وَهَلْ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ وَلَوْ بِبَعْضِهَا بِنَاءً عَلَى التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ تَرَدُّدٌ ؟ وَمَا زَادَ عَلَى مَا حَنِثَ بِهِ حَرَامٌ وَمُلَخَّصُهُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ .
( وَنَوَى ) الْحَالِفُ إنْ وَطِئَهَا فَهِيَ طَالِقٌ ( بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ ) أَيْ مَا زَادَ عَلَى مَغِيبِ حَشَفَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ بِالنَّزْعِ ( الرَّجْعَةَ ) إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ) لِأَنَّهَا صَارَتْ مَدْخُولًا بِهَا بِمُجَرَّدِ تَغْيِيبِ جَمِيعِ الْحَشَفَةِ ، وَيُلْغَزُ بِهَا ، فَيُقَالُ رَجُلٌ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ بِهِ وَحَلَّتْ لَهُ بِهِ ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأَدَاةُ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ ، وَإِلَّا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا وَلَهَا الْقِيَامُ بِالضَّرَرِ .
.
فِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ ، وَهُوَ الْأَحْسَنُ ، أَوْ ضَرَبَ الْأَجَلَ : قَوْلَانِ فِيهَا .
.
( وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ ) الثَّلَاثِ ( إنْ حَلَفَ ) عَلَى وَطْئِهَا ( بِ ) الطَّلَاقِ ( الثَّلَاثِ ) بِأَنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( وَهُوَ ) أَيْ تَعْجِيلُ الثَّلَاثِ ( الْأَحْسَنُ ) عِنْدَ سَحْنُونٍ وَجَمَاعَةٍ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ( أَوْ ) عَدَمِ تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَ ( ضَرْبِ الْأَجَلِ ) لِلْإِيلَاءِ لِاحْتِمَالِ رِضَاهَا بِالْبَقَاءِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ ( قَوْلَانِ ) مَذْكُورَانِ ( فِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ .
غ هَذَا كَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي كَوْنِهِ مُؤْلِيًا قَوْلَانِ هُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ تت ، وَفِيهَا قَوْلَانِ آخَرَانِ غَيْرَ هَذَيْنِ .
وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ .
.
( وَ ) فِيهَا ( لَا يُمَكَّنُ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ قَالَ : إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( مِنْهُ ) أَيْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَتِهِ ، وَلَا يَتَأَتَّى تَخَلُّصُهُ مِنْ الْحُرْمَةِ بِنِيَّةِ الرَّجْعَةِ بِبَقِيَّةِ .
وَطْئِهِ طفي جَعَلَ الشَّارِحُ لَفْظَةَ " فِيهَا " خَبَرًا مُقَدَّمًا لِقَوْلِهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ ، وَجَزَمَ غ بِأَنَّهُ نَعْتٌ لِ " قَوْلَانِ " مُعَرِّضًا بِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كِلَاهُمَا فِيهَا ، وَلِذَا نَسَبَ تت لَهَا الْأَمْرَيْنِ ، وَقَوْلُهُ وَفِيهَا قَوْلَانِ آخَرَانِ هُمَا أَنَّهُ مُؤْلٍ ، وَلَا يَنْتَظِرُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ فَمَتَى قَامَتْ طَلَّقَ عَلَيْهِ ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ وَلَيْسَ بِمُؤْلٍ .
فِي ضَيْح ذَكَرَ عِيَاضٌ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَتَّابٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ تَضَمَّنَ كَلَامُهَا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا : أَنَّهُ مُؤْلٍ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي .
أَنَّهُ مُؤْلٍ وَلَا يُنْتَظَرُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ ، فَمَتَى قَامَتْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ وَلَيْسَ بِمُؤْلٍ .
وَالرَّابِعُ : تَطْلُقُ عَلَيْهِ إذَا قَامَتْ وَلَيْسَ بِمُؤْلٍ .
أَبُو الْحَسَنِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ فِي الْإِيلَاءِ ، وَيُمَكَّنُ مِنْ الْفَيْئَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ أَوْ لَا يُمَكَّنُ ، وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ .
وَاخْتُلِفَ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّمْكِينِ فِي صِفَتِهِ وَمَعْنَى الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْكِلُ مِنْهَا أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ تَطْلِيقَةَ الْإِيلَاءِ إذَا قَامَتْ ، وَكَذَلِكَ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا يُضْرَبُ الْأَجَلُ إذْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْفَيْئَةِ .
وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ حَانِثٌ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ سَاعَةَ حَلَفَ كَحَلِفِهِ عَلَى لَمْسِ السَّمَاءِ ، وَمَا لَا يُمْكِنُ جُمْلَةً وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِالْبَتَّةِ .
وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَيْسَ
بِمُؤْلٍ إذْ لَا يُمَكَّنْ مِنْ الْفَيْئَةِ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ وَيُحْتَمَلُ بِالثَّلَاثِ ا هـ .
وَهَذَا الرَّابِعُ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ ، وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ .
.
إلَخْ .
وَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ كُلَّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ ، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْلٍ فَفِي تَعْجِيلِ طَلَاقِهِ وَإِنْ لَمْ تَرْفَعْهُ لِوُقُوعِهِ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَوَقْفِهِ عَلَى رَفْعِهَا إيَّاهُ لِلسُّلْطَانِ فَيُوقِعُهُ قَوْلَانِ لِمُطَرِّفٍ وَالْقَائِمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِقَامَةُ بَعْضِهِمْ الْأَوَّلَ مِنْهَا غَيْرُ بَيِّنٍ ا هـ .
وَلَعَلَّ الْبَعْضَ عَتَّابٌ وَقَدْ قَرَّرْنَا لَك الْمَسْأَلَةَ وَحَرَّرْنَا فِيهَا الْأَقْوَالَ لِعَدَمِ تَحْرِيرِ الشُّرَّاحِ لَهَا فَشُدَّ يَدَك عَلَيْهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
كَالظِّهَارِ ، .
لَا كَافِرٍ .
وَإِنْ أَسْلَمَ ، إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا .
وَلَا لَأَهْجُرَنَّهَا ، أَوْ لَا كَلَّمْتهَا .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ فَقَالَ ( كَ ) حَلِفِهِ بِ ( الظِّهَارِ ) عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا كَقَوْلِهِ : إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، فَلَا يَقْرَبُهَا لِأَنَّهُ بِمَغِيبِ حَشَفَتِهِ يَصِيرُ مُظَاهِرًا ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ وَطْءٌ فِي مُظَاهَرٍ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَهُوَ مُؤْلٍ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ .
فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ ضَرْبِ الْأَجَلِ لَهُ مَعَ مَنْعِهِ مِنْهَا .
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَائِدَةَ رَجَاءُ رِضَاهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ ، فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَهَا انْحَلَّتْ إيلَاؤُهُ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ ، وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجْرِي إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ ، وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ ، أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ .
وَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ انْعِقَادِهِ وَهُوَ لَمْ يَنْعَقِدْ قَبْلَ وَطْئِهَا فَلَا تُطَالِبُهُ بِمَا لَا تُجْزِئُ ، وَإِنَّمَا لَهَا طَلَبُهُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بَقَاؤُهَا مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ : وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ .
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ وَأَنَّ الْقَوْلَيْنِ لَمْ يَجْرِيَا هُنَا ، وَاَلَّذِي فِي مِنْهَاجِ التَّحْصِيلِ لِلزَّجَّاجِيِّ التَّصْرِيحُ بِجَرَيَانِهِمَا هُنَا ، وَنَصُّهُ " وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا جُمْلَةً هَلْ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ قَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ا هـ وَعَلَى هَذَا فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ وَابْنَ مُحْرِزٍ حَمَلَا الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا مَا نَصُّهُ " وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ ، قَوْلُ مُحَمَّدٍ يَمْنَعُهُ مِنْهُ جُمْلَةً ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَنَّهُ يُغَيِّبُ الْحَشَفَةَ وَيَنْزِعُ فَوْرًا .
وَالثَّالِثُ يَطَأُ بِلَا إنْزَالٍ ، وَالرَّابِعُ يَطَأُ وَلَوْ أَنْزَلَ .
وَظَاهِرُ
الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ الْإِصَابَةَ التَّامَّةَ فَالْمُنَاسِبُ وَهَلْ كَذَا فِي الظِّهَارِ أَمْ لَا تَأْوِيلَانِ .
وَعَطَفَ بِلَا عَلَى مُسْلِمٍ فَقَالَ ( لَا ) يَمِينُ زَوْجٍ ( كَافِرٍ ) إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى كُفْرِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ أَسْلَمَ ) بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ مِنْ شَهْرَيْنِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا ) رَاضِينَ بِحُكْمِنَا فَنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ الْمُؤْلِي كَوْنُهُ زَوْجًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا مُمْكِنًا وَطْؤُهُ ، ثُمَّ قَالَ : وَلَوْ حَلَفَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَغْوٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي يَمِينِهِ ( وَلَا ) تَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ بِقَوْلِهِ : وَاَللَّهِ ( لَأَهْجُرَنَّهَا ) أَيْ زَوْجَتَهُ ( أَوْ ) وَاَللَّهِ ( لَا كَلَّمْتهَا ) أَيْ زَوْجَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا وَلَا عَلَى مَا يَسْتَلْزِمُهُ إذَا كَانَ يَمِينُهَا ، فَإِنْ وُقِفَ عَنْهُ فَهُوَ مُؤْلٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَاللَّخْمِيِّ فِي الْأُولَى .
أَوْ لَا وَطِئْتهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ فِي : لَأَعْزِلَنَّ أَوْ لَا أَبِيتَنَّ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ ( لَا وَطِئْتهَا لَيْلًا ) لِإِبْقَائِهِ النَّهَارَ ( أَوْ ) قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتهَا ( نَهَارًا ) لِإِبْقَائِهِ اللَّيْلَ ( وَاجْتَهَدَ ) الْحَاكِمُ فِيمَا يُتَلَوَّمُ بِهِ لِلزَّوْجِ ( وَطَلَّقَ ) الْحَاكِمُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ ( فِي ) قَوْلِهِ : وَاَللَّهِ ( لَأَعْزِلَنَّ ) عَنْ الزَّوْجَةِ إذَا وَطِئْتهَا ( أَوْ ) قَوْلُهُ : وَاَللَّهِ ( لَا أَبِيتَنَّ ) عِنْدَهَا لِوَحْشَتِهَا وَمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ فِي بَيَاتِهِ عِنْدَهَا .
أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا وَإِنْ غَائِبًا ، أَوْ سَرْمَدَ الْعِبَادَةَ .
بِلَا أَجَلٍ عَلَى الْأَصَحِّ .
( أَوْ ) إنْ ( تَرَكَ ) الزَّوْجُ ( الْوَطْءَ ) بِلَا يَمِينٍ عَلَى تَرْكِهِ ( ضَرَرًا ) بِزَوْجَتِهِ فَيُتَلَوَّمُ لَهُ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( غَائِبًا أَوْ سَرْمَدَ ) أَيْ أَدَامَ الزَّوْجُ ( الْعِبَادَةَ ) بِصَوْمِ النَّهَارِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَلَا يُنْهَى عَنْ سَرْمَدَتِهَا ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ طَأْهَا أَوْ طَلِّقْهَا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ ( بِلَا ) ضَرْبِ ( أَجَلٍ ) لِإِيلَاءٍ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ ، وَهَذَا لَا يُنَافِي التَّلَوُّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ ، وَهَذَا فِي الْحَاضِرِ .
وَأَمَّا الْغَائِبُ فَالثَّلَاثُ سِنِينَ لَيْسَتْ طُولًا عِنْدَ الْغِرْيَانِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السَّنَةَ طُولٌ وَعَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ الْبُرْزُلِيُّ طَلَاقُ زَوْجَةِ الْغَائِبِ الْمَعْلُومِ مَوْضِعُهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهَا الْجِمَاعَ ، بَلْ حَتَّى تَطُولَ غَيْبَتُهُ جِدًّا بِسَنَةٍ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ .
وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ بِثَلَاثِ سِنِينَ عِنْدَ الْغِرْيَانِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ ، وَيُكْتَبُ لَهُ إنْ كَانَتْ تَبْلُغُهُ الْكِتَابَةُ إمَّا أَنْ يَقْدَمَ أَوْ يَنْقُلَ زَوْجَتَهُ إلَيْهِ أَوْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ تُلُوِّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ ، ثُمَّ إنْ شَاءَتْ طُلِّقَ عَلَيْهِ وَاعْتَدَّتْ ، فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الْمُكَاتَبَةُ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِضَرَرِهَا بِتَرْكِ وَطْئِهَا وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيهِ ، وَفِي خَوْفِهَا زِنَاهَا ، وَهَذَا إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مِنْ مَالِهِ بِأَنْ تَرَكَ مَا تُنْفِقُ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَهَا وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ .
وَفِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْمَازِرِيِّ لَا يُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا لِتَضَرُّرِهَا بِعَدَمِ وَطْئِهَا ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَمْ تَخْشَ الزِّنَا فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَا إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِيَمِينِهِ حُكْمٌ : كَكُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ ، أَوْ خَصَّ بَلَدًا قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا .
( وَلَا ) إيلَاءَ ( إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ ) أَيْ الزَّوْجُ ( بِيَمِينِهِ ) عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ ( حُكْمٌ كَ ) قَوْلِهِ ( كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ ) إنْ وَطِئْتُك لِأَنَّهَا يَمِينُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ ( أَوْ ) إنْ ( خَصَّ ) الزَّوْجُ ( بَلَدًا ) مُعَيَّنًا كَقَوْلِهِ : إنْ وَطِئْتُك فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ بَلَدِ كَذَا حُرٌّ فَلَا تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ ( قَبْلَ مِلْكِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ رَقِيقًا ( مِنْهَا ) فَإِنْ مَلَكَ رَقِيقًا مِنْهَا فَهُوَ مُؤْلٍ إلَّا إذَا كَانَ وَطِئَهَا ثُمَّ مَلَكَ مِنْهَا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَمْلِكُهُ مِنْهَا بَعْدَ وَطْئِهَا ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ .
وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ رَقِيقًا مِنْهَا حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا إذَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَلَهُ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا كُلُّ يَمِينٍ لَا حِنْثَ فِيهَا بِالْوَطْءِ فَلَيْسَتْ إيلَاءً .
وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا هُوَ مُؤْلٍ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا إذْ يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ عَقْدُ يَمِينٍ فِيمَا يَمْلِكُهُ مِنْ رَأْسٍ أَوْ مَالٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا .
أَوْ لَا وَطِئْتُك فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، إلَّا مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّةً ، حَتَّى يَطَأَ وَتَبْقَى الْمُدَّةُ .
أَوْ ) أَيْ وَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ إنْ قَالَ وَاَللَّهِ ( لَا وَطِئْتُك فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّتَيْنِ ) لِأَنَّ لَهُ تَرْكَ وَطْئِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَؤُهَا ثُمَّ يَتْرُكُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَؤُهَا فَيَبْقَى مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ أَجَلِ الْإِيلَاءِ ( أَوْ ) قَالَ : وَاَللَّهِ إنْ وَطِئْتُك فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا ( مَرَّةً ) فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ ( حَتَّى يَطَأَ ) هَا ( وَتَبْقَى ) بَعْدَ وَطْئِهِ مِنْ السَّنَةِ ( الْمُدَّةُ ) الْمُعْتَبَرَةُ لِلْإِيلَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ ، فَتُدْخِلُ الْإِيلَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَطِئَهَا وَبَقِيَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْهَا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ .
وَلَا إنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ .
نَعَمْ إنْ وَطِئَ صَامَ بَقِيَّتَهَا .
( وَلَا ) إيلَاءَ عَلَيْهِ ( إنْ حَلَفَ ) الْحُرُّ ( عَلَى ) تَرْكِ وَطْئِهَا ( أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) وَالْعَبْدُ عَلَى شَهْرَيْنِ ( أَوْ ) قَالَ الْحُرُّ : ( إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ ) الْأَشْهُرِ ( الْأَرْبَعَةِ ) وَالْعَبْدُ صَوْمُ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِصَوْمٍ لَمْ يُعَيِّنْ زَمَنَهُ فَهُوَ مُؤْلٍ وَلَوْ يَوْمًا ( نَعَمْ إنْ وَطِئَ ) هَا فِي الْمُدَّةِ النَّاقِصَةِ عَنْ أَجَلِهِ كَالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ الشَّهْرَيْنِ ( صَامَ بَقِيَّتُهَا ) وُجُوبًا وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَطْئِهَا بِصَوْمِ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمُدَّةُ وَوَطِئَهَا قَبْلَهُ صَامَهُ وَإِنْ وَطِئَهَا فِيهِ صَامَ بَقِيَّتَهُ ، وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَالْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ ، إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ .
( وَالْأَجَلُ ) الَّذِي يَضْرِبُهُ الْحَاكِمُ لِلْإِيلَاءِ الَّذِي لَهَا بَعْدَ تَمَامِهِ طَلَبُ الْفَيْئَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ مَبْدَؤُهُ ( مِنْ ) يَوْمِ ( الْيَمِينِ ) عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرَاحَةً كَلَا أَطَؤُك أَوْ الْتِزَامًا كَلَا أَلْتَقِي مَعَك ( إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( صَرِيحَةً فِي ) الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ لِلْإِيلَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَمِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ ، وَكَانَ حَلِفُهُ عَلَى ( تَرْكِ الْوَطْءِ ) صَرَاحَةً أَوْ الْتِزَامًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ .
طفي مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ الْيَمِينِ بِشَرْطَيْنِ : كَوْنِ يَمِينِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا ، وَكَوْنِهَا صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِهَذَا فَالصَّرِيحَةُ لَيْسَتْ مُنْصَبَّةً عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ، وَإِنَّمَا هِيَ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ يَمِينَهُ إنْ كَانَتْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا بِأَيِّ يَمِينٍ كَانَتْ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ تَعْلِيقٍ عَلَى فِعْلٍ مُمْكِنٍ ، فَأَجَلُهُ مِنْ الْيَمِينِ بِقَيْدٍ مُعْتَبَرٍ عِنْد الْمُصَنِّفِ وَهُوَ كَوْنُهَا صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ .
فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَرِيحَةٍ فِيهَا فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ : لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ .
وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ فَقَدْ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ أَوْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ ، فَالْمُرَادُ بِهَا الْحَلِفُ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ كَأَنْ لَمْ أَدْخُلْ دَارَ فُلَانٍ فَأَنْتَ طَالِقٌ ، وَهَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ : وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا .
هَذَا تَحْرِيرُ كَلَامِهِ ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ
لِلنَّقْلِ .
ابْنُ رُشْدٍ .
الْإِيلَاءُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ يَكُونُ فِيهِ مُؤْلِيًا مِنْ يَوْمِ حَلَفَ وَذَلِكَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ بِأَيِّ يَمِينٍ كَانَتْ فَهُوَ مُؤْلٍ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ .
وَقِسْمٌ لَا يَكُونُ فِيهِ مُؤْلِيًا إلَّا مِنْ يَوْمِ رَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَإِيقَافِهِ ، وَذَلِكَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهَا أَنْ تَفْعَلَ فِعْلًا فَلَا يَكُونُ مُؤْلِيًا حَتَّى يُضْرَبَ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ رَفْعِهِ .
وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ الْإِيلَاءُ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَى الْمُظَاهِرِ ا هـ .
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَجَلُهُ مِنْ الْيَمِينِ بِأَيِّ يَمِينٍ كَانَتْ ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِصِيغَةِ الْبِرِّ كَوَاللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ ، وَلِذَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ : مَنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مُمْكِنٍ لَيَفْعَلَنَّهُ كَقَوْلِهِ : لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُؤْلِيًا قِيَاسًا عَلَى الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ فِي حَقِّ هَذَا بَعْدَ الرَّفْعِ حِينَ الْحُكْمِ ، وَفِي الْأَوَّلِ مِنْ حِينِ الْحَلِفِ ا هـ .
فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَوْنُ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَحِيحًا كَمَا عَلِمْت .
وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ لِتَخَلُّفِهِ بِقَوْلِهِ : لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ فَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَلْحَقُ بِالْمَوْلَى مَنْ احْتَمَلَتْ يَمِينُهُ أَقَلَّ وَأَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَالَ : إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ ، وَفِيهَا أَيْضًا مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ أَبُوهُ وَأَبُوهُ بِالْيَمَنِ فَهُوَ مُؤْلٍ فَيُمْكِنُ جَعْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِثَالًا لِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ .
قُلْت تَفْسِيرُهُ بِالثَّانِيَةِ وَهْمٌ لِقَوْلِ ابْنِ
الْحَاجِبِ وَأَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ ، وَالْأَجَلُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ يَوْمِ الْقَوْلِ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَتَعَقَّبُ بِإِطْلَاقِهِ الصَّادِقِ بِالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ا هـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ .
فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَتَعَيَّنُ تَقْرِيرُهُ بِاَلَّذِي جَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهْمًا لِنَصِّهِ عَلَى الْآخَرِ بِقَوْلِهِ أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ ، وَلِأَنَّهُ فَسَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ بِذَلِكَ فَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ تت وَغَيْرُهُ .
وَفَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي ، وَبَيْنَ مَوْتِ زَيْدٍ ، وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ قَالَ إثْرَ قَوْلِهِ : وَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ فِيمَنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ ، وَلِذَا فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي أَوْ يَمُوتَ زَيْدٌ ، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : يُرِيدُ وَيَمِينُهُ فِيهَا عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ فِيهَا بِطَلَاقٍ عَلَى إيقَاعِ فِعْلٍ ، وَإِذَا كَانَ فِيهَا عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ كَانَ قَوْلُهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَهْمًا حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ .
ثُمَّ قَالَ وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهْمٌ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ فِي قَوْلِهِ : وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَمُوتَ زَيْدٌ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَهُوَ غَلَطٌ ، بَلْ هُوَ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ كَمَا هُوَ نَصُّهَا وَسَائِرِ الْمَذْهَبِ ا هـ .
فَقَدْ بَانَ لَك أَنَّ الْحَلِفَ مَتَى كَانَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فَالْأَجَلُ مِنْ حِينِ الْيَمِينِ ، وَلَوْ احْتَمَلَتْ يَمِينُهُ أَقَلَّ فَالشَّرْطُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ صَحِيحٍ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ كَمَا تَقَدَّمَ ، بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَقَدْ نَزَعَ فِي تَوْضِيحِهِ لِهَذَا حَيْثُ قَالَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ لِقَوْلِهَا وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ أَبُوهُ مِنْ السَّفَرِ فَهُوَ مُؤْلٍ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ .
لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ فَمِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ .
.
( لَا ) يَكُونُ الْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ ( إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ ) مِنْ أَجَلِ الْإِيلَاءِ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ حَتَّى يَمُوتَ عَمْرٌو ، فَبَدَأَ الْأَجَلُ مِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمُ قَالَهُ تت ، وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ كَالصَّرِيحَةِ فِي الْمُدَّةِ .
أَوْ ) كَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ صَرِيحَةٍ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ بِأَنْ ( حَلَفَ ) بِطَلَاقِهَا ( عَلَى حِنْثٍ ) بِأَنْ قَالَ : إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ تَفْعَلِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَهَذِهِ السَّابِقَةُ فِي وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ كَأَنْ لَمْ يَقْدَمْ مِنْهَا ( فَ ) مَبْدَأُ الْأَجَلِ ( مِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ ) بِالْإِيلَاءِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ الْيَمِينِ فِي : لَا وَطِئْتُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ مُقَيَّدٌ بِعِلْمِ تَأَخُّرِ قُدُومِهِ عَنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ ، فَإِنْ شَكَّ فِي تَأَخُّرِ قُدُومِهِ عَنْهَا فَلَا يَكُونُ مُؤْلِيًا ، كَذَا فِي النَّقْلِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ ، وَيُوهِمُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ حَتَّى يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ يَكُونُ مُؤْلِيًا الْآنَ ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الْجَوَاهِرُ وَابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا إلَّا بَعْدَ ظُهُورِ كَوْنِ الْأَمَدِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ : وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ وَهُوَ بِمَكَانٍ يُعْلَمُ تَأَخُّرُ قُدُومِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُؤْلٍ ، وَلَوْ قَالَ : حَتَّى يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَدْخُلْ فَلَهَا إيقَافُهُ ، وَإِنْ قَالَ إلَى أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي فَهُوَ مُؤْلٍ .
وَلَوْ قَالَ : إلَى أَنْ يَمُوتَ زَيْدٌ فَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ صَحِيحٌ ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْقُدُومِ وَعَلَى مَوْتِ الزَّوْجَيْنِ أَنَّهُ إيلَاءٌ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى الدُّخُولِ وَعَلَى
مَوْتِ زَيْدٍ غَيْرُ إيلَاءٍ ، وَيَجِبُ فَهْمُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ إيلَاءٌ بِنَفْسِ الْحَلِفِ ، وَالثَّانِيَ إنَّمَا هُوَ إيلَاءٌ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ ، وَظُهُورِ كَوْنِ ابْتِدَاءِ التَّرْكِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ا هـ .
فَقَدْ حَصَلَتْ التَّفْرِقَةُ مَعَ اسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ الْيَمِينِ ، فَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَا احْتَمَلَتْ مُدَّتُهُ أَقَلَّ ، وَإِنْ كَانَ أَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ هُوَ مُؤْلٍ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ حَتَّى يَظْهَرَ كَوْنُ ابْتِدَاءِ التَّرْكِ مِنْ حِينِ يَمِينِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَتَأَمَّلْهُ .
إنَّمَا أَطَلْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِعَدَمِ تَحْرِيرِ الشُّرَّاحِ لَهَا وَجَلَبْنَا فِيهَا كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْقِيقِ وَمُطَابَقَةِ الْمَنْقُولِ فَتَلَقَّهُ بِالْيَمِينِ وَشُدَّ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنِينِ ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ قَالَهُ طفي .
وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْأَجَلِ فِي الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهَا إنْ رَفَعَتْهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ وَإِنْ رَفَعَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ ذَلِكَ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْهُ .
وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ فِي الْحِنْثِ غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ اسْتِئْنَافُهُ مِنْ يَوْمِهِ وَإِلْغَاءُ مَا مَضَى قَبْلَهُ ، وَلَوْ طَالَ وَعُلِمَ أَنَّ الْأَجَلَ الَّذِي يُضْرَبُ غَيْرُ الْأَجَلِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مُؤْلِيًا .
وَهَلْ الْمُظَاهِرُ إذَا قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ وَامْتَنَعَ كَالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ اُخْتُصِرَتْ أَوْ كَالثَّانِي وَهُوَ الْأَرْجَحُ ، أَوْ مِنْ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ ، وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ ؟ أَقْوَالٌ .
( وَهَلْ ) الزَّوْجُ ( الْمُظَاهِرُ ) مِنْ زَوْجَتِهِ الَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْكَفَّارَةِ ( إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ ) بِالْإِعْتَاقِ أَوْ بِالصِّيَامِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ ( وَامْتَنَعَ ) مِنْهُ وَلَزِمَهُ الْإِيلَاءُ حِينَئِذٍ ، فَهَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ أَجَلِهِ ( كَالْأَوَّلِ ) أَيْ الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْيَمِينِ وَهُوَ هُنَا الظِّهَارُ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ كَوْنِهِ كَالْأَوَّلِ ( اُخْتُصِرَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُدَوَّنَةُ أَيْ اخْتَصَرَهَا الْبَرَادِعِيُّ ( أَوْ الثَّانِي ) أَيْ الْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ يَحْنَثُ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فِي كَوْنِ أَجَلِهِ مِنْ الْحُكْمِ ( وَهُوَ الْأَرْجَحُ ) مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ ، قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ كَالْحَالِفِ بِحِنْثٍ غَيْرِ مُؤَجَّلٍ .
" غ " هَذَا كَقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ .
ابْنُ يُونُسَ الْقَوْلُ الثَّانِي أَحْسَنُ ، وَلَعَلَّهُ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَمْ يُوجَدْ وَنَحْوُهُ لِلْمَوَّاقِ .
الْبُنَانِيُّ لَمْ يَسْتَوْعِبَا كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ وَفِيهِ التَّرْجِيحُ ، وَنَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ فِي الْمَسْأَلَةِ " وَرَوَى غَيْرُهُ إنَّ وَقْفَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ضَرْبِ السُّلْطَانِ لَهُ الْأَجَلَ وَكُلٌّ لِمَالِك ، وَالْوَقْفُ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ أَحْسَنُ ا هـ ثُمَّ رَأَيْت فِي تَهْذِيبِ الْبَرَادِعِيِّ هَذَا الْكَلَامَ بِنَصِّهِ ، فَالصَّوَابُ إبْدَالُ الْأَرْجَحِ بِالْأَحْسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( أَوْ ) أَجَلُهُ ( مِنْ ) يَوْمِ ( تَبَيُّنِ الضَّرَرِ ) وَهُوَ يَوْمُ الِامْتِنَاعِ مِنْ التَّكْفِيرِ ( وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ فِي الْجَوَابِ ( أَقْوَالٌ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ التَّكْفِيرِ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِقِيَامِ عُذْرِهِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِطُرُقِ عَجْزِهِ عَنْهُ بَعْدَ
عَقْدِ الظِّهَارِ وَأَمَّا إنْ عَقَدَهُ عَاجِزًا عَنْهُ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ لِقَصْدِهِ الضَّرَرَ ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ الْآنَ وَيُؤَخَّرُ إلَى فَرَاغِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَحْدُثَ لَهَا رَأْيٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ .
كَالْعَبْدِ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ ، أَوْ يُمْنَعُ الصَّوْمُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ .
وَشُبِّهَ فِي دُخُولِ الْإِيلَاءِ فَقَالَ ( كَالْعَبْدِ ) يُظَاهِرُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَ ( لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ ) بِالتَّكْفِيرِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ كَدُخُولِهِ عَلَى الْحُرِّ الْمُظَاهِرِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ ( أَوْ ) يُرِيدُهَا وَ ( يُمْنَعُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْعَبْدُ ( الصَّوْمَ ) عِنْدَ إرَادَتِهِ التَّكْفِيرَ بِهِ أَيْ يَمْنَعُهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ ( بِوَجْهٍ جَائِزٍ ) لِإِضْعَافِهِ عَنْ خِدْمَتِهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ عَلَيْهِ ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَبِهِ قَرَّرَهُ " غ " قَالَ وَقَدْ حَصَّلَ ابْنُ حَارِثٍ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ : لَا يَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُوَطَّإِ .
الثَّانِي : أَنَّهُ مُؤْلٍ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الثَّالِثُ : إنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ الصَّوْمَ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْفَيْئَةَ فَهُوَ مُؤْلٍ .
وَعَلَى الْأَوَّلِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَوْجِيهُهُ فِي الْمُنْتَقَى وَالِاسْتِذْكَارِ ، وَعَلَى الثَّانِي مَشَى الْمُصَنِّفُ هُنَا ، وَلَا يَصِحُّ كَلَامُهُ عَلَى الْأَوَّلِ ، فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ مُؤْلٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ فِي جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي مَبْدَأِ ضَرْبِ الْأَجَلِ ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَلْوِيحٌ بِذَلِكَ إنْ كَانَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ بِالذَّاتِ فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ كَالْعَبْدِ أَفَادَ فَائِدَتَيْنِ كَوْنَهُ مُؤْلِيًا ، وَجَرَيَانَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَبْدَأِ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ا هـ .
وَتَبِعَهُ تت فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ الشَّارِحُ مُرَادُهُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْحَقُهُ الْإِيلَاءُ إنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُرِدْ الْفَيْئَةَ أَوْ أَرَادَهَا وَمَنَعَهُ سَيِّدُهُ لِضَرَرِهِ بِهِ فِي عَمَلِهِ ، فَالتَّشْبِيهُ وَاقِعٌ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ ، وَتَقْدِيرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُظَاهِرُ قَادِرًا عَلَى التَّكْفِيرِ لَمْ
يَلْحَقْهُ الْإِيلَاءُ كَالْعَبْدِ لَا يُرِيدُ إلَخْ .
قَالَ وَلَا تَجْرِي الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ هُنَا وَمَا قُرِّرَ بِهِ مِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ، وَمَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ هِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَمِثْلُهُ لِلْبِسَاطِيِّ ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَهُوَ تَبَيُّنُ الضَّرَرِ .
طفي لَا شَكَّ أَنَّ تَقْرِيرَ تت هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ ، وَقَدْ سَبَقَهُ إلَيْهِ " غ " ، إلَّا أَنَّهُ جَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي لُزُومِ الْإِيلَاءِ ، وَجَرَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَأَبَى ذَلِكَ تت فِي كَبِيرِهِ قَائِلًا يَحْتَاجُ جَرَيَانُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ إلَى نَقْلٍ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُضْرَبُ لَهُ الْإِيلَاءُ إنْ رَفَعَتْهُ ا هـ .
فَظَاهِرُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ جَعْلَ الْبِسَاطِيُّ لَهُ مِنْ يَوْمِ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ أَقَرَّهُ تت .
وَأَمَّا تَقْرِيرُ الشَّارِحِ فَبَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جِدًّا وَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ التَّابِعِ لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِيلَاءِ لِلْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ مُطْلَقًا ، فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى : ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الصَّوْمِ ، وَلَكِنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ ، ثُمَّ أَوَّلَ عِبَارَةَ الْمُوَطَّإِ اُنْظُرْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَقَدْ قَبِلَاهُ حَتَّى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَتْرُوكٌ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي إبْقَائِهِ كَلَامَ الْمُوَطَّإِ عَلَى ظَاهِرِهِ .
ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ حَمَلَ الْمُوَطَّأَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ أَلْبَتَّةَ ، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ ا هـ .
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى تَقْرِيرِ الشَّارِحِ يَلْزَمُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ عَلَى
الْعَبْدِ مُطْلَقًا .
وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الصَّوْمِ إذْ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ .
وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إلَّا أَنْ يَعُودَ بِغَيْرِ إرْثٍ : .
( وَانْحَلَّ ) : بِهَمْزِ الْوَصْلِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ زَالَ ( الْإِيلَاءُ بِ ) سَبَبِ ( زَوَالِ مِلْكِ مَنْ ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي ( حَلَفَ ) الزَّوْجُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ ، زَوْجَتِهِ ( بِعِتْقِهِ ) بِأَنْ قَالَ لَهَا : " إنْ وَطِئْتُك فَفُلَانٌ رَقِيقِي حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِفَلَسِهِ أَوْ مَاتَ وَاسْتَمَرَّ الِانْحِلَالُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَعُودَ ) الرِّقُّ لِمِلْكِ الزَّوْجِ ( بِغَيْرِ إرْثٍ ) كَاشْتِرَاءٍ وَقَبُولِ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ ، فَتَعُودَ الْإِيلَاءُ إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، وَمَفْهُومُ " بِغَيْرِ إرْثٍ " أَنَّهُ إنْ عَادَ لَهُ إرْثُهُ فَلَا تَعُودُ الْإِيلَاءُ .
كَالطَّلَاقِ الْقَاصِرِ عَنْ الْغَايَةِ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا .
لَا لَهَا .
وَشُبِّهَ فِي الْعَوْدِ فَقَالَ ( كَ ) إعَادَةِ الزَّوْجَةِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَةٍ أُخْرَى بَعْدَ ( الطَّلَاقِ الْقَاصِرِ عَنْ الْغَايَةِ ) أَيْ الثَّلَاثِ لِلْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ الَّذِي انْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَتَعُودُ الْإِيلَاءُ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَتَيْنِ بِزَمَنٍ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ( فِي الْمَحْلُوفِ بِ ) طَلَاقِ ( هَا ) عَلَى تَرْكِ وَطْءِ غَيْرِهَا بِأَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ زَيْنَبُ وَعَزَّةُ ، وَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ إنْ وَطِئْت عَزَّةَ وَطَلَّقَ زَيْنَبَ طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ ، أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ انْحَلَّتْ عَنْهُ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا ، فَإِنْ تَزَوَّجَ زَيْنَبَ قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ عَادَتْ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ .
وَمَفْهُومُ الْقَاصِرِ عَنْ الْغَايَةِ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ زَيْنَبَ ثَلَاثًا أَوْ مَا يُكْمِلُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا تَعُودُ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ فِي عَزَّةَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا .
( لَا ) فِي الْمَحْلُوفِ ( لَهَا ) أَيْ عَلَيْهَا كَعَزَّةِ فِي الْمِثَالِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى { يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ } ، أَيْ عَلَيْهَا وَلَا يَصِحُّ بَقَاءُ اللَّامِ عَلَى حَالِهَا إذْ الْمَحْلُوفُ لَهَا كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ : كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا ، فَالْمُرَادُ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا كَعَزَّةِ فِي الْمِثَالِ فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فِيهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَتَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ مَا دَامَتْ زَيْنَبُ فِي عِصْمَتِهِ وَنَحْوُهُ فِي إيلَاءِ الْمُدَوَّنَةِ .
وَبِتَعْجِيلِ الْحِنْثِ .
( وَ ) انْحَلَّ الْإِيلَاءُ ( بِتَعْجِيلِ ) الزَّوْجِ الْمُؤْلِي مِنْ زَوْجَتِهِ مُقْتَضَى ( الْحِنْثِ ) كَعِتْقِ الرَّقِيقِ الْمُعَيَّنِ الْمَحْلُوفِ بِعِتْقِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ فَفِيهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ لِأَنَّ الْحِنْثَ مُخَالَفَةُ الْيَمِينِ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ وَطْءُ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحِنْثِ كَالْعِتْقِ فِي الْمِثَالِ وَيَنْحَلُّ أَيْضًا بِفَوَاتِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ حَلَفَ بِالصَّدَقَةِ بِهَا وَبِفَوَاتِ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ حَلَفَ بِصَوْمِهِ " غ " قَوْلُهُ : وَبِتَعْجِيلٍ هُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ : وَإِذَا وُقِفَ الْمُؤْلِي فَعُجِّلَ حِنْثُهُ زَالَ إيلَاؤُهُ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَةً بِطَلَاقِ زَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ بِعَيْنِهِ ، فَإِنْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفُ بِهَا أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ حَنِثَ فِيهِمَا زَالَ الْإِيلَاءُ عَنْهُ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ طَلَاقًا بَاتًّا أَوْ آخِرَ طَلْقَةٍ .
الْبُنَانِيُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَدَاخُلٌ فِي هَذِهِ الْمَعْطُوفَاتِ لِأَنَّ هَذَا يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ ، وَيَزِيدُ بِصِدْقِهِ عَلَى الصَّوْمِ كَمَا يَزِيدُ الْأَوَّلُ عَلَى هَذَا بِصِدْقِهِ عَلَى الْبَيْعِ .
وَبِتَكْفِيرِ مَا يُكَفِّرُ ، وَإِلَّا فَلَهَا وَلِسَيِّدِهَا .
إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا .
( وَ ) انْحَلَّ الْإِيلَاءُ ( بِتَكْفِيرِ مَا ) أَيْ يَمِينٍ يَصِحُّ أَنَّهُ ( يُكَفِّرُ ) قَبْلَ الْحِنْثِ فِيهِ كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِنَذْرِهِ بِمَ لَا يَطَؤُهَا وَأَخْرَجَ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ وَطْئِهَا انْحَلَّتْ إيلَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَمْ تَنْحَلَّ لِاحْتِمَالِ تَكْفِيرِهِ عَنْ يَمِينٍ سَبَقَتْ لَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِسَبَبٍ مِمَّا سَبَقَ ( فَلَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُؤْلَى مِنْهَا الْحُرَّةِ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً مُطْبِقَةً رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً .
( وَلِسَيِّدِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ الرَّقِيقَةِ الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي وَلَدِهَا وَلَهَا أَيْضًا .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ عَنْ أَصْبَغَ لَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ وَقْفَهُ فَلَهَا وَقْفُهُ ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ : لَوْ تَرَكَتْ الْأَمَةُ وَقْفَ زَوْجِهَا الْمُؤْلِي مِنْهَا فَلِسَيِّدِهَا وَقْفُهُ ( إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا ) لِنَحْوِ رَتَقٍ وَمَرَضٍ وَحَيْضٍ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا ، وَتَبِعَ فِي هَذَا الْقَيْدِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَذَكَرَ أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قِسْمِ الْمَبِيتِ ا هـ .
عب .
الْبُنَانِيُّ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ : " قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَبُولُهُ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ لَا مُطَالَبَةَ لِلْمَرِيضَةِ الْمُتَعَذَّرِ وَطْؤُهَا وَلَا الرَّتْقَاءِ وَلَا الْحَائِضِ لَا أَعْرِفُهُ ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهَا فِي الْحَائِضِ يُنَافِيهِ ا هـ " .
وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا : وَإِنْ حَلَّ أَجَلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ وُقِفَ ، فَإِنْ قَالَ أَنَا أَفِيءُ " أُمْهِلَ ، فَإِنْ أَبَى ، فَفِي تَعْجِيلِ طَلَاقِهِ رِوَايَتَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي لِعَانِهَا .
ا هـ .
وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَرَى الْمُصَنِّفُ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ ، بِقَوْلَةِ وَالطَّلَاقُ عَلَى الْمُؤْلِي .
وَأَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ بِقَوْلِهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْفَيْئَةِ فِي حَالِهِ .
قِيلَ لَا يَبْعُدُ كَوْنُ
فَيْئَتِهِ عَلَى هَذَا بِالْوَعْدِ كَنَظَائِر الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْفَيْئَةُ بِالْوَطْءِ وَالتَّطْلِيقُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْفَيْئَةِ بِالْوَعْدِ ا هـ .
فَعَلَى جَوَابِهِ تَنْتَفِي الْمُعَارَضَةُ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مُوَافِقِينَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلِمَا تَقَدَّمَ ، إذْ عَلَى جَوَابِهِ يَصِيرُ الْمَعْنَى لَهَا الْمُطَالَبَةُ إنْ لَمْ يَمْتَنِع الْوَطْءُ ، أَمَّا إنْ امْتَنَعَ فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ بِالْوَطْءِ " مَعَ مُطَالَبَتِهَا بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَعْدُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ ، وَإِنْ أَبَاهُ ، وَالْمُعَارَضَةُ إنَّمَا أَتَتْ عَلَى نَفْيِ الْمُطَالَبَةِ رَأْسًا .
طفي وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ " ح " عَقِبَ كَلَامِ التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ " وَمَا قَالَهُ فِي ضَيْح لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ لِأَنَّ كَوْنَ الْفَيْئَةِ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْوَعْدِ ، وَإِلْزَامَهُ الطَّلَاقَ إنْ امْتَنَعَ فَرْعُ الْمُطَالَبَةِ بِهَا وَقَدْ نَفَى الْمُطَالَبَةَ بِهَا ا هـ .
لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا نَفْيَ الْمُطَالَبَةِ رَأْسًا بَلْ نَفْيُ الْمُطَالَبَةِ بِالْوَطْءِ " ، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْوَعْدِ ، وَعَلَيْهَا يَتَفَرَّعُ الطَّلَاقُ السَّابِقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ : وَهِيَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ .
فِي الْقُبُلِ وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ إنْ حَلَّ ، وَلَوْ مَعَ جُنُونٍ .
وَلَهَا ( الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ ) تَمَامِ ( الْأَجَلِ ) وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ ( بِالْفَيْئَةِ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ ( وَهِيَ ) أَيْ الْفَيْئَةُ ( تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ كُلِّهَا ( فِي الْقُبُلِ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ فِي غَيْرِ الْمُظَاهِرِ لِأَنَّ فَيْئَتَهُ تَكْفِيرُهُ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَفِي غَيْرِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ ، بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ .
وَفِي غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ وَطْؤُهَا لِحَيْضِهَا ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِانْتِشَارٍ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ : وَهِيَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ حَسْبَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ .
وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عج : يَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ كَالتَّحْلِيلِ لِعَدَمِ تَمَامِ مَقْصُودِهَا وَإِزَالَةِ ضَرَرِهَا بِدُونِهِ ( وَافْتِضَاضُ ) بِالْفَاءِ وَالْقَافِ أَيْ إزَالَةُ بَكَارَةِ ( الْبِكْرِ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فَلَا يَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِيهَا مَعَ بَكَارَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ وَالْحَشَفَةُ صَغِيرَةً ( إنْ حَلَّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ جَازَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْقُبُلِ ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ كَفَى حَيْضٌ لِمَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِهِ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ .
فَإِنْ قِيلَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ يَحْنَثُ بِهِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ انْحِلَالَ الْإِيلَاءِ .
فَالْجَوَابُ أَنَّ انْحِلَالَ الْإِيلَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ سُقُوطَ طَلَبِهِ بِالْفَيْئَةِ وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ الْحَلَالِ .
( وَلَوْ مَعَ جُنُونٍ ) لِلزَّوْجِ لِنَيْلِهَا بِوَطْئِهِ فِي حَالِ جُنُونِهِ مَا تَنَالُهُ بِوَطْئِهِ فِي حَالِ صِحَّةِ عَقْلِهِ بِخِلَافِ جُنُونِهَا فَلَا تَنْحَلُّ مَعَهُ الْإِيلَاءُ وَإِنْ كَانَ يَحْنَثُ بِهِ أَيْ لَا يَسْقُطُ مَعَهُ طَلَبُ الْفَيْئَةِ .
لَا بِوَطْءٍ بَيْنَ فَخِذَيْنِ ، وَحَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْجَ .
( لَا ) تَحْصُلُ الْفَيْئَةُ ( بِوَطْءٍ ) لِلْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا ( بَيْنَ فَخِذَيْنِ ) وَلَا يَنْحَلُّ إيلَاؤُهُ بِهِ ، وَلَا يَقْبَلُهُ وَمُبَاشَرَةٌ وَلَمْسٌ وَوَطْءٌ بِدُبُرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ ( وَحَنِثَ ) الْمُؤْلِي بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إيلَاؤُهُ بِحِنْثِهِ ، فَإِنْ كَفَرَ سَقَطَ بِمُجَرَّدِ تَكْفِيرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ .
وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ بَقِيَ مُؤْلِيًا بِحَالِهِ .
وَإِذَا حَنِثَ ثُمَّ كَفَّرَ فَفِي تَصْدِيقِهِ فِي أَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ لَا عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى قَوْلَانِ .
الْبَاجِيَّ يُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ بِاَللَّهِ .
وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ اعْتِمَادُهُ .
وَحَنِثَ بِوَطْئِهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ) بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَطَأُ ( الْفَرْجَ ) بِخُصُوصِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِوَطْئِهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِمُطَابَقَةِ نِيَّتِهِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى إرَادَةِ الِاجْتِنَابِ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ قَالَهُ تت ، وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ فِيهَا إنْ جَامَعَ الْمُؤْلِي زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا حَنِثَ وَسَقَطَ إيلَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْجَ بِعَيْنِهِ نَقَلَهُ " ق " وَكَانَ كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ مِنْهَا .
عِيَاضٌ طَرَحَ سَحْنُونٌ قَوْلَهُ يَسْقُطُ إيلَاؤُهُ بِوَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا وَلَمْ يَقْرَأْهُ ابْنُ عَرَفَةَ طَرْحُهُ " هُوَ الْجَارِي عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ فِي حُرْمَتِهِ .
وَطَلَّقَ إنْ قَالَ : لَا أَطَأُ بِلَا تَلَوُّمٍ ، وَإِلَّا اُخْتُبِرَ مَرَّةً وَمَرَّةً ؛ .
( وَطَلَّقَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ الْمُؤْلِي زَوْجَتَهُ الْمُؤْلَى مِنْهَا ( إنْ قَالَ لَا أَطَؤُ ) هَا بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَطَلَبِهِ بِالْفَيْئَةِ ( بِلَا تَلَوُّمٍ ) أَيْ تَأْخِيرٍ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ قَدْ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ وَتَمَّ أَيْ أُمِرَ بِهِ ، فَإِنْ طَلَّقَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إنْ كَانَ ، وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَأْتِي هُنَا وَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ بِحُكْمِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقِينَ فِي زَوْجَةِ الْمُعْتَرِضِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَا أَطَأُ وَوَعَدَ بِهِ ( اُخْتُبِرَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جُرِّبَ وَأُمْهِلَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ( مَرَّةً وَمَرَّةً ) وَمَرَّةً ثَالِثَةً كَمَا فِي النَّقْلِ فَالْمُنَاسِبُ ثَلَاثًا مُتَقَارِبَةً فِي الْبَيَانِ الْمَعْلُومِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ الْمَرَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ طَلَّقَ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ .
وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَاهُ ، وَإِلَّا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ ، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ .
وَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ .
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ قَبْلَهُ كَطَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ " فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا .
( وَصُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الْمُؤْلِي بِيَمِينٍ ( إنْ ادَّعَاهُ ) أَيْ الزَّوْجُ الْوَطْءَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَبَقِيَتْ عَلَى حَقِّهَا ، فَإِنْ نَكَلَتْ بَقِيَتْ زَوْجَةً ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَطْءَ " أَوْ ادَّعَاهُ وَلَمْ يَحْلِفْ وَحَلَفَتْ ( أُمِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الزَّوْجُ الْمُؤْلِي ( بِالطَّلَاقِ ) فَإِنْ طَلَّقَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ ( طُلِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُؤْلِي بِلَا تَلَوُّمٍ .
( وَفَيْئَةُ ) الْمُؤْلِي ( الْمَرِيضِ ) مَرَضًا مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ ( وَالْمَحْبُوسِ ) الْعَاجِزِ عَنْ تَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِمَا لَا يُجْحَفُ بِهِ وَخَبَرُ فَيْئَةٍ ( بِمَا يَنْحَلُّ ) الْإِيلَاءُ ( بِهِ ) عَنْهُ مِنْ زَوَالِ مِلْكٍ أَوْ تَكْفِيرٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ، وَمِثْلُهُمَا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ لِعُذْرٍ بِهِ أَوْ بِهَا كَحَيْضٍ فَإِنْ أَبَى الْمَرِيضُ أَوْ الْمَحْبُوسُ مِنْ فَيْئَتِهِ طَلَّقَ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ ، وَالْمَرِيضُ الْقَادِرُ عَلَى الْوَطْءِ .
وَالْمَحْبُوسُ الْقَادِرُ عَلَى خَلَاصِهِ فَيْئَتُهُمَا تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ .
( وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ ) أَيْ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ ( مِمَّا تُكَفَّرُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا أَيْ يَصِحُّ تَكْفِيرُهَا ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْحِنْثِ ( كَ ) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِ ( طَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ فِيهَا ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِأَنْ قَالَ لِزَيْنَبِ : إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ هَذَا ( أَوْ ) فِي ( غَيْرِهَا ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِأَنْ قَالَ لِزَيْنَبِ : إنْ وَطِئْتُك فَعَزَّةُ طَالِقٌ وَلَمْ يُطَلِّقْ عَزَّةَ قُبِلَ وَإِنْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ وَطْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَلَا تَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِهَا لِأَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ الْمَحْلُوفُ بِطَلَاقِهَا طَلْقَةً أُخْرَى .
وَصَوْمٍ لَمْ يَأْتِ ، وَعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالْوَعْدُ .
( وَ ) كَحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِ ( صَوْمٍ ) فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَجَبٍ بِأَنْ قَالَ : إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ رَجَبٍ ( لَمْ يَأْتِ ) زَمَنُهُ الْمُعَيَّنُ إذْ لَوْ صَامَ شَهْرًا قَبْلَهُ وَوَطِئَهَا وَجَاءَ رَجَبٌ لَزِمَهُ صَوْمُهُ ( وَ ) كَحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِ ( عِتْقٍ ) لِرَقِيقٍ ( غَيْرِ مُعَيَّنٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءُ مُشَدَّدَةٌ إذْ لَوْ أَعْتَقَ وَلَوْ مِائَةً ثُمَّ وَطِئَهَا لَزِمَهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ أُخْرَى .
وَجَوَابُ إنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ ( فَ ) فَيْئَةُ الْمَذْكُورِ ( الْوَعْدُ ) بِالْوَطْءِ إذَا زَالَ الْمَانِعُ فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَخِيرَةِ لَا الْوَطْءِ مَعَ الْمَانِعِ لِتَعَذُّرِهِ بِالْمَرَضِ وَالسِّجْنِ وَلَا بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ ، وَالصَّوْمِ ، إذْ لَوْ فَعَلَهُ أَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ ، وَلَا يَرْتَفِعُ بِالْمَشْيِ وَلَا بِالصَّدَقَةِ قَبْلَهُ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ .
وَلَا يَحْنَثُ كُلٌّ بِالْوَعْدِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالْوَطْءِ .
وَمَفْهُومُ فِيهِ رَجْعَةٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَجْعَةٌ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَلَغَ الْغَايَةَ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ تَنْحَلُّ عَنْهُ .
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَصَوْمٍ لَمْ يَأْتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَصُومُ حَتَّى يَطَأَ .
وَمَفْهُومُ لَمْ يَأْتِ أَنَّهُ إذَا أَتَى لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا انْقَضَى قَبْلَ وَقْتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَاتَ .
وَبُعِثَ لِلْغَائِبِ ؛ وَإِنْ بِشَهْرَيْنِ ، وَلَهَا الْعَوْدُ إنْ رَضِيَتْ ، وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ ، وَإِلَّا لَغَتْ .
وَ ) إذَا تَمَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَالْمُؤْلِي غَائِبٌ وَقَامَتْ الزَّوْجَةُ الْمُؤْلَى مِنْهَا بِحَقِّهَا وَطَلَبَتْ الْفَيْئَةَ ( بُعِثَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُرْسِلَ ( لِ ) لزَّوْجِ الْمُؤْلِي ( الْغَائِبِ ) الْمَعْلُومِ مَوْضِعُهُ ، وَهَذَا فُهِمَ مِنْ عُنْوَانِ الْبَعْثِ وَقَيَّدَ بِهِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ لِأَجْلِ الْفَيْئَةِ إنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً ( بِشَهْرَيْنِ ) ذَهَابًا وَنَحْوَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَفُهِمَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الشَّهْرَيْنِ عَدَمُ الْبَعْثِ لِمَنْ هُوَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا ، فَلَهَا طَلَبُ الطَّلَاقِ بِلَا بَعْثٍ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، كَمَا لَهَا ذَلِكَ إذَا جُهِلَ مَوْضِعُهُ لِأَنَّهُ مَفْقُودٌ وَلَا إيلَاءَ مَعَ الْفَقْدِ فَلَهَا الْقِيَامُ بِغَيْرِهِ ، أَوْ كَانَتْ رَفَعَتْهُ لِلْحَاكِمِ قَبْلَ سَفَرِهِ لِيَمْنَعَهُ مِنْهُ فَخَالَفَهُ وَسَافَرَ فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ بِلَا بَعْثٍ وَالشَّهْرَانِ مَعَ الْأَمْنِ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَمِثْلُهُمَا اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا مَعَ الْخَوْفِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مَعَهُ مَقَامُ خَمْسَةٍ مَعَ الْأَمْنِ وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْمُطَالِبَةُ ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ فَحُكْمُهُ كَالْمَفْقُودِ .
( وَلَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُؤْلَى مِنْهَا ( الْعَوْدُ ) أَيْ الرُّجُوعُ لِلْقِيَامِ بِالْإِيلَاءِ ( إنْ ) كَانَتْ ( رَضِيَتْ ) أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ فَتَعُودُ لِحَقِّهَا ، وَتَطْلُبُ الْفَيْئَةَ مَتَى شَاءَتْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ أَجَلٍ إنْ لَمْ تُقَيِّدْ إسْقَاطَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً ، وَإِلَّا لَزِمَهَا الصَّبْرُ لِتَمَامِهَا ثُمَّ لَهَا الْقِيَامُ بِلَا أَجَلٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَصْبِرُ النِّسَاءُ عَلَى تَرْكِهِ غَالِبًا ، بِخِلَافِ إسْقَاطِهَا نَفَقَتِهَا فَيَلْزَمُهَا لِخِفَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِضَرَرِ عَدَمِ الْوَطْءِ .
( وَ ) إذَا طَلَّقَ الْمُؤْلِي أَوْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَهُوَ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ وَإِنْ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا ( تَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ ) إيلَاؤُهُ
بِوَطْئِهَا فِيهَا أَوْ تَكْفِيرِهِ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلٍ أَوْ تَعْجِيلِ مُقْتَضَى الْحِنْثِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ إيلَاؤُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ( لَغَتْ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَطَلَتْ رَجْعَتُهُ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَتَتِمُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَإِنْ صَدَرَ بِهِ تت .
وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ فِي : إنْ وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ : طَلَّقَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُمَا : .
( وَإِنْ أَبَى ) الزَّوْجُ ( الْفَيْئَةَ ) أَيْ وَطْءَ زَوْجَتَيْهِ ( فِي ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتَيْهِ : ( إنْ وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ ) وَامْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهِمَا خَوْفًا مِنْ الطَّلَاقِ ( طَلَّقَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( الْحَاكِمُ ) عَلَيْهِ ( إحْدَاهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ ، وَجَبَرَهُ عَلَى طَلَاقِ إحْدَاهُمَا بِمَشِيئَتِهِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَبِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ مُؤْلٍ مِنْهُمَا قَالَ : إذْ تَطْلِيقُ إحْدَاهُمَا حُكْمٌ بِمُبْهَمٍ ، وَكَذَا حُكْمُهُ عَلَى الزَّوْجِ بِهِ دُونَ تَعْيِينِ الْمُطَلَّقَةِ .
وَإِنْ أَرَادَ بَعْدَ تَعْيِينِهِ لَا بِالْوَطْءِ لِخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِيمَنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا غَيْرَ نَاوٍ تَعْيِينَهَا ، وَإِنْ أَرَادَ بَعْدَ تَعْيِينِهَا بِالْوَطْءِ فَخِلَافُ الْفَرْضِ أَنَّهُ أَبَى الْفَيْئَةَ وَاسْتُدِلَّ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بِمَا لِابْنِ مُحْرِزٍ وَفِي الْكَافِي مَا يُوَافِقُهُ وَفِيمَا مَرَّ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ قَرِيبًا جَوَابُ تَشْكِيكِهِ ، وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ إنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِنْ رَفَعَتَاهُ جَمِيعًا ضُرِبَ لَهُ فِيهِمَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ ثُمَّ وُقِفَ عِنْدَ انْقِضَائِهِ ، فَإِنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَنِثَ فِي الْأُخْرَى .
وَإِنْ لَمْ يَفِئْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا .
وَنَصُّ الْكَافِي وَلَوْ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَنِثَ فِي الْأُخْرَى أَنْ لَا يَطَأَهَا فَهُوَ مُؤْلٍ مِنْهُمَا ، فَإِنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَى الْحَاكِمِ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتْهُ ، وَإِنْ رَفَعَتَاهُ جَمِيعًا ضُرِبَ لَهُ فِيهِمَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتَاهُ ثُمَّ وُقِفَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ .
فَإِنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَنِثَ فِي الْأُخْرَى ، وَإِنْ لَمْ يَفِئْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتَا جَمِيعًا .
وَفِيهَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ وَاسْتَثْنَى : أَنَّهُ مُولٍ ؛ وَحُمِلَتْ .
عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ .
( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ( فِيمَنْ حَلَفَ ) بِاَللَّهِ تَعَالَى ( لَا يَطَأُ ) زَوْجَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ( وَاسْتَثْنَى ) بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( أَنَّهُ ) أَيْ الْحَالِفَ ( مُؤْلٍ ) مِنْ زَوْجَتِهِ وَلَهُ وَطْؤُهَا بِلَا تَكْفِيرٍ .
وَاسْتُشْكِلَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا : كَيْفَ يَكُونُ مُؤْلِيًا مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ حَلٌّ لِلْيَمِينِ أَوْ رَافِعٌ لِلْكَفَّارَةِ ؟ الثَّانِي : كَيْفَ يَكُونُ مُؤْلِيًا وَيَطَأُ بِلَا تَكْفِيرٍ ؟ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِدَفْعِ الْأَوَّلِ لِتَصْرِيحِهِ بِهِ فَقَالَ ( وَحُمِلَتْ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمُدَوَّنَةِ لِدَفْعِ اسْتِشْكَالِ كَوْنِهِ مُؤْلِيًا مَعَ اسْتِثْنَائِهِ ( عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ ) الْمُؤْلِي لِلْحَاكِمِ ( وَلَمْ تُصَدِّقْهُ ) الزَّوْجَةُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِاسْتِثْنَائِهِ حَلَّ الْيَمِينِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا أَوْ صَدَّقَتْهُ فَلَا يَكُونُ مُؤْلِيًا
وَأُورِدَ لَوْ كَفَّرَ عَنْهَا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ ، وَفُرِّقَ بِشِدَّةِ الْمَالِ ، وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحِلِّ .
( وَأُورِدَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ ( لَوْ ) حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يَطَؤُهَا ثُمَّ ( كَفَّرَ عَنْهَا ) أَيْ يَمِينُ الْإِيلَاءِ بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَاسْتَمَرَّ تَارِكًا وَطْأَهَا ( وَلَمْ تُصَدِّقْهُ ) الزَّوْجَةُ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى أَنَّ الْإِيلَاءَ تَنْحَلُّ عَنْهُ ، وَهَذَا يَقْتَضِي انْحِلَالَ الْإِيلَاءِ عَنْهُ فِي السَّابِقَةِ أَيْضًا أَوْ عَدَمَهُ فِي هَذِهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .
( وَفُرِقَ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا بَيْنَهُمَا ( بِشِدَّةِ ) أَيْ صُعُوبَةِ وَعِزَّةِ ( الْمَالِ ) عَلَى النَّفْسِ إذْ هُوَ شَقِيقُ الرُّوحِ وَبِهِ قِوَامُ الْبَدَنِ ( وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحِلِّ ) احْتِمَالًا ظَاهِرًا كَالتَّبَرُّكِ وَاحْتِمَالُ الْكَفَّارَةِ يَمِينًا أُخْرَى غَيْرُ ظَاهِرٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَاسْتَثْنَى فَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مُؤْلٍ وَلَهُ الْوَطْءُ بِلَا كَفَّارَةٍ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا ، وَعَزَاهُ ابْنُ حَارِثٍ لِأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ ، وَنُوقِضَتْ بِقَوْلِهَا أَحْسَنُ لِلْمُؤْلِي أَنْ يُكَفِّرَ فِي يَمِينِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ حِنْثِهِ ، فَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ وَسَقَطَ إيلَاؤُهُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْقُطُ حَتَّى يَطَأَ إذْ لَعَلَّهُ كَفَّرَ عَنْ أُخْرَى إلَّا أَنْ يَكُونَ يَمِينُهُ فِي شَيْءٍ " بِعَيْنِهِ .
وَقَوْلُ الصِّقِلِّيِّ الْفَرْقُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تُسْقِطُ الْيَمِينَ حَقِيقَةً وَالِاسْتِثْنَاءَ لَا يُحِيلُهَا حَقِيقَةً لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِلتَّبَرُّكِ ضَعِيفٌ .
وَلَوْ زَادَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ صَرْفِ الْكَفَّارَةِ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَلِفِهِ فَتَرَجَّحَ كَوْنُهَا لَهَا ، وَلَا مُرَجِّحَ بِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْحَلِّ لَتَمَّ .
وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُكَفِّرَ أَتَى بِأَشَدِّ الْأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ ، وَهُوَ بَذْلُ الْمَالِ أَوْ الصَّوْمِ ،
فَكَانَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ .
وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تُهْمَتَهُ فِي الْكَفَّارَةِ أَبْعَدُ لِأَنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ يَمِينٍ أُخْرَى ثُمَّ صَرَفَ الْكَفَّارَةَ إلَيْهَا ، وَتُهْمَتُهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى مُجَرَّدِ إرَادَةِ التَّبَرُّكِ فَقَطْ ، وَمَا تَوَقَّفَ عَلَى أَمْرٍ أَقْرَبُ مِمَّا تَوَقَّفَ عَلَى أَمْرَيْنِ .
وَيَلُوحُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ التَّفْرِيقُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنَاقِضٌ لِلْيَمِينِ لِحَلِّهِ إيَّاهَا أَوْ رَفْعُ الْكَفَّارَةِ لَازِمُهَا وَمُنَاقِضُ اللَّازِمِ مُنَاقِضُ مَلْزُومِهِ ، وَالْكَفَّارَةُ غَيْرُ مُنَاقِضَةٍ لِلْيَمِينِ لِأَنَّهَا سَبَبُهَا وَالْمُسَبِّبُ لَا يُنَاقِضُ سَبَبَهُ .
( بَابٌ ) تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا بِظَهْرِ مَحْرَمٍ أَوْ جُزْئِهِ : ظِهَارٌ .
وَتَوَقَّفَ إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَشِيئَتِهَا : وَهُوَ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ
( بَابُ ) فِي الظِّهَارِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ ، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ عَلَى الظَّهْرِ ، وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ( تَشْبِيهٌ ) جِنْسٌ شَمِلَ الظِّهَارَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّشْبِيهِ ، وَإِضَافَتُهُ إلَى الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ ( الْمُسْلِمِ ) فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الْكَافِرِ ، فَفِيهَا إنْ تَظَاهَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِي الشِّرْكِ ، وَكُلُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فَمَوْضُوعٌ عَنْهُ إذَا أَسْلَمَ ( الْمُكَلَّفُ ) فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ بِحَلَالٍ وَالْمُكْرَهِ ، وَشَمِلَ تَشْبِيهَ السَّفِيهِ وَالرَّقِيقِ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ ، وَتَذْكِيرِ الْوَصْفَيْنِ مَخْرَجُ تَشْبِيهِ الْمَرْأَةِ فَفِيهَا إنْ تَظَاهَرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ زَوْجِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ لَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ خِلَافًا لِلزُّهْرِيِّ فِي الْأَوَّلِ ، وَلَإِسْحَاقَ فِي الثَّانِي .
وَمَفْعُولُ تَشْبِيهٍ ( مِنْ تَحِلُّ ) زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً كَانَتْ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ ظَهْرِ أُمِّي فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ ( أَوْ جُزْأَهَا ) أَيْ مَنْ تَحِلُّ كَيَدِك عَلَيَّ كَأُمِّي ، أَوْ كَيَدِ أُمِّي ، وَأَرَادَ مَنْ تَحِلُّ أَصَالَةً .
وَإِنْ حُرِّمَتْ لِعَارِضِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ ، وَصْلَهُ تَشْبِيهٌ ( بِظَهْرٍ ) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ شَخْصٌ ( مُحَرَّمٌ ) الْبُنَانِيَّ إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ صَارَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ مَانِعٍ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ أَوْ جُزْئِهِ ، لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِجُزْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ ظِهَارًا بِلَفْظِ ظَهْرٍ ، وَإِنْ ضُبِطَ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ صَارَ غَيْرَ جَامِعٍ لِخُرُوجِ التَّشْبِيهِ بِظَهْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ .
قَوْلُهُ بِظَهْرٍ مُحَرَّمٍ إلَخْ فَصْلُ مَخْرَجِ
تَشْبِيهِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا بِغَيْرِ هَذَا كَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ( أَوْ جُزْئِهِ ) أَيْ الْمُحَرَّمِ غَيْرِ الظَّهْرِ كَانَتْ أَوْ وَجْهُك عَلَيَّ كَرَأْسِ أُخْتِي .
وَخَبَر تَشْبِيه ( ظِهَارٍ ) فَشَمِلَ تَشْبِيهَ كُلِّ مَنْ تَحِلُّ بِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ كَأَنْتِ كَأُمِّي ، وَتَشْبِيهُ كُلِّ مَنْ تَحِلُّ بِجُزْءِ مَنْ تَحْرُمُ كَانَتْ كَظَهْرِ أُمِّي وَتَشْبِيهُ جُزْءِ مَنْ تَحِلُّ بِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ كَظَهْرِ كَأُمِّي ، وَتَشْبِيهُ جُزْءِ مَنْ تَحِلُّ بِجُزْءِ مَنْ تَحْرُمُ كَظَهْرُكِ كَظَهْرِ أُمِّي .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الظِّهَار تَشْبِيهُ زَوْجِ زَوْجَتِهِ أَوْ ذِي أُمِّهِ حَلَّ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِمُحَرَّمٍ مِنْهُ أَوْ بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا ، وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ ، وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ ، وَأَصْوَبُ مِنْهُ تَشْبِيهُ ذِي حِلٍّ مُتْعَةً حَاصِلَةً أَوْ مُقَدَّرَةً بِآدَمِيَّةٍ إيَّاهَا أَوْ جُزْئِهَا بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَوْ جُزْئِهِ فِي الْحُرْمَةِ .
( وَتَوَقَّفَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظِّهَارُ أَيْ لُزُومُهُ عَلَى حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ( إنْ تَعَلَّقَ ) الظِّهَارُ عَلَى حُصُولِ شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ وَلَا غَالِبٍ يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَنْهُ كَتَعْلِيقِهِ ( بِكَمَشِيئَتِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شِئْتِ ( وَهُوَ ) أَيْ الظِّهَارُ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهَا ( بِيَدِهَا ) أَيْ تُصْرَفُ الزَّوْجَةُ بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ ( مَا لَمْ تُوقَفْ ) عَلَى يَدِ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ .
فَإِنْ وَقَفَتْ فَلَيْسَ لَهَا التَّأْخِيرُ وَإِنَّمَا لَهَا إمْضَاءُ مَا بِيَدِهَا حَالًّا أَوْ تَرْكُهُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ شَارِحًا بِهِ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ الْمُمَاثِلَةَ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ .
فِي التَّوْضِيحِ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي إذَا أَوْ مَتَى شِئْتِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ ، بِخِلَافِ إنْ شِئْتِ ، فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا ، وَنَحْوَهُ فِي الشَّامِلِ .
الْبُنَانِيَّ
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْوِيضِ فِي قَوْلِهِ وَفِي جَعْلِ إنْ شِئْتَ أَوْ إذَا كَمَتَى أَوْ كَالْمُطْلَقِ تَرَدُّدٌ .
، وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ ، وَبِوَقْتٍ تَأَبَّدَ ، أَوْ بِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَ الْإِيَاسِ أَوْ الْعَزِيمَةِ ،
( وَ ) إنْ عَلَّقَهُ ( بِ ) شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ ( مُحَقَّقٍ ) حُصُولُهُ كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ مِنْ مَشْرِقِهَا غَدًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهَا ظَاهِرًا ( تَنَجَّزَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ انْعَقَدَ وَلَزِمَ الظِّهَارُ بِمُجَرَّدِ تَعْلِيقِهِ كَالطَّلَاقِ .
وَقِيلَ لَا يَتَنَجَّزُ حَتَّى يَحْصُلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْت أَوْ غَالِبٍ كَإِنْ حِضْت قَالَهُ عج ، وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، وَنَصُّهُ أَثْنَاءَ كَلَامِهِ عَلَى الظِّهَارِ الْمُقَيَّدِ فِيمَا وَجَبَ تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ فِيهِ " وَجَبَ تَعْجِيلُ الظِّهَارِ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَطْءُ إلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ ، وَمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ لَمْ يَجِبْ فِيهِ تَعْجِيلُ الظِّهَارِ ا هـ " وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْبَابِ وَبَابِ الطَّلَاقِ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ : وَفِي تَنْجِيزِهِ بِمَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَتَعْمِيمِهِ فِيمَا يُعَمَّمُ فِيهِ قَوْلَانِ ا هـ .
فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ قَاصِرَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) إنْ قَيَّدَهُ ( بِوَقْتٍ ) كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ شَهْرًا ( تَأَبَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا كَالطَّلَاقِ فَيُلْغَى تَقْيِيدُهُ وَيَصِيرُ مُظَاهِرًا أَبَدًا لِوُجُودِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ بِغَيْرِهَا ، وَرُوِيَ يَصِحُّ مُؤَقَّتًا ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِعَدَمِ زَوَاجٍ ) كَإِنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي ( فَعِنْدَ الْيَأْسِ ) مِنْ الزَّوَاجِ بِمَوْتِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنهَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ بِتَزَوُّجِهَا غَيْرَهُ أَوْ انْتِقَالِهَا لِمَكَانٍ لَا يَعْلَمُهُ ، وَيَكُونُ الْيَأْسُ أَيْضًا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا لِلزَّوَاجِ فِيهَا ، وَبِهَرَمِهِ الْمَانِعِ وَطْأَهُ إذْ يَصِيرُ زَوَاجُهُ حِينَئِذٍ كَعَدَمِهِ ، وَيُمْنَعُ مِنْ زَوْجَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ :
لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِهِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ كَالطَّلَاقِ أَوْ لَا وَنَصَّ الْبَاجِيَّ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلَاقِ ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ ، وَفَهِمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِجَوَازِ الْوَطْءِ وَلَا عَدَمِهِ .
( أَوْ ) عِنْدَ ( الْعَزِيمَةِ ) عَلَى عَدَمِ الزَّوَاجِ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ وَيَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ وَيُؤَجَّلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ .
وَاعْتَرَضَ طفي عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ أَوْ الْعَزِيمَةِ فَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْحِنْثَ بِالْعَزِيمَةِ غَيْرَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فِي كَلَامِ الْقَرَافِيِّ فِي كِفَايَةِ اللَّبِيبِ ، لِأَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ شَاسٍ مُقَلِّدًا لَهُ .
الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَفْلَةٌ مِنْهُ عَنْ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وطفي نَفْسُهُ ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَهُ الْوَطْءُ إلَيْهِ ، وَإِلَّا فَلَا ، فَإِنْ رَفَعَتْهُ أُجِّلَ حِينَئِذٍ وَوُقِفَتْ لِتَمَامِهِ .
فَإِنْ فَعَلَ بَرَّ ، وَإِنْ قَالَ أَلْتَزِمُ الظِّهَارَ وَأَخَذَ فِي كَفَّارَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ حِينَ دُعِيَ لِلْفَيْئَةِ كَمَسْجُونٍ أَوْ مَرِيضٍ ، فَإِنْ فَرَّطَ فِي الْكَفَّارَةِ صَارَ كَمُؤْلٍ يَقُولُ أَفِيءُ فَيُخْتَبَرُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْإِيلَاءِ ا هـ .
فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ : أَلْتَزِمُ .
.
.
إلَخْ صَرِيحٌ فِي الْحِنْثِ بِالْعَزِيمَةِ .
وَنَقَلَ الْحَطّ عَنْ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ بِهَا فَإِنَّهُ
قَالَ فِيمَنْ قَالَ : أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك أَنَّهُ إذَا صَامَ أَيَّامًا مِنْ الْكَفَّارَةِ .
ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبَرَّ بِالتَّزْوِيجِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ إذَا تَزَوَّجَ ، فَسُقُوطُهَا عَنْهُ بَعْدَ فِعْلِ بَعْضِهَا الْمُفِيدِ لِلْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ يُفِيدُ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ بِالْعَزْمِ ، فَهُمَا حِينَئِذٍ قَوْلَانِ ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْحِنْثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمُعَلَّقِ : تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ
وَلَمْ يَصِحَّ فِي ) الظِّهَارِ ( الْمُعَلَّقِ ) بِصِيغَةِ بَرَّ كَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَصِحُّ ( تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ ) أَيْ الظِّهَارِ ( قَبْلَ لُزُومِهِ ) أَيْ الظِّهَارِ وَانْعِقَادِهِ بِكَلَامِ زَيْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَلْزَمُ قَبْلَهُ .
وَأَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ وَانْعِقَادِهِ بِكَلَامِهِ فَيَصِحُّ تَقْدِيمُهَا إنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ ، فَفِي مَفْهُومِ الظَّرْفِ تَفْصِيلٌ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ الْآتِي ، فَلَا اعْتِرَاضَ بِهِ .
وَلَوْ قَالَ قَبْلَ لُزُومِهَا أَيْ الْكَفَّارَةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِمَعْنَى التَّعَلُّقِ لَزِمَ ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ .
وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ تَقْدِيمِ كَفَّارَةِ الْمُطْلَقِ قَبْلَ لُزُومِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الْمُطْلَقَ بَعْدُ ، فَلَا مَفْهُومَ لِلْمُعَلَّقِ لِمُعَارَضَتِهِ مَنْطُوقَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ " وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ ، فَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الْمُعَلَّقِ وَتَكَلَّمَ عَلَى الْمُطْلَقِ فِيمَا يَأْتِي ، وَعَلَى الْمُعَلَّقِ بَعْدَ لُزُومِهِ لِصَيْرُورَتِهِ بَعْدَهُ مُطْلَقًا ، فَالِاعْتِرَاضَانِ مَدْفُوعَانِ ، وَجَعَلْنَا كَلَامَهُ فِي يَمِينِ الْبِرِّ لِصِحَّةِ تَقَدُّمِ كَفَّارَةِ يَمِينِ الْحِنْثِ قَبْلَ لُزُومِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَفَادَهُ عب .
، وَصَحَّ مِنْ : رَجْعِيَّةٍ وَمُدَبَّرَةٍ ، وَمُحْرِمَةٍ ، وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ، وَرَتْقَاءَ لَا مُكَاتَبَةٍ وَلَوْ عَجَزَتْ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ كَمَجْبُوبٍ : تَأْوِيلَانِ .
( وَصَحَّ ) الظِّهَارُ ( مِنْ ) مُطَلَّقَةٍ ( رَجْعِيَّةٍ ) لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ ، وَلِذَا لَمْ يَكُنْ التَّشْبِيهُ بِهَا ظِهَارًا ( وَ ) صَحَّ مِنْ أَمَةٍ ( مُدَبَّرَةٍ ) لِحِلِّ وَطْئِهَا كَأُمِّ وَلَدٍ لَا مُكَاتَبَةٍ ، وَمُبَعَّضَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ ، وَمُشْتَرَكَةٍ لِحُرْمَةِ وَطْئِهِنَّ ( وَ ) صَحَّ مِنْ زَوْجَةٍ ( مُحْرِمَةٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ إحْرَامِهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ( وَ ) صَحَّ مِنْ ( مَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ ) ثُمَّ ظَاهَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ ( ثُمَّ أَسْلَمَتْ ) الزَّوْجَةُ بَعْدَ ظِهَارِهِ مِنْهَا بِالْقُرْبِ كَشَهْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْبَيَانِ .
( وَ ) صَحَّ مِنْ زَوْجَةٍ ( رَتْقَاءَ ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَلِذَا اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْهَا وَمِنْ نَحْوِهَا الْخِلَافُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْبُوبِ .
ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالرَّتْقَاءِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي فَفِي لُزُومِ الظِّهَارِ اخْتِلَافٌ ، فَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ مُطْلَقًا أَلْزَمَهُ الظِّهَارَ ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فَقَطْ لَمْ يُلْزِمْهُ الظِّهَارَ ا هـ .
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ ( لَا ) يَصِحُّ الظِّهَارُ فِي أَمَةٍ ( مُكَاتَبَةٍ ) لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا إنْ أَدَّتْ كِتَابَتَهَا ، بَلْ ( وَلَوْ عَجَزَتْ ) بَعْدَ الظِّهَارِ مِنْهَا ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ .
( وَفِي صِحَّتِهِ ) أَيْ الظِّهَارِ ( مِنْ كَمَجْبُوبٍ ) وَخَصِيٍّ وَشَيْخٍ فَانٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ عِنْدَ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ ( تَأْوِيلَانِ ) فَيَنْبَغِي وَقَوْلَانِ قَالَهُ تت .
طفي فِي عَزْوِهِ وَتَفْرِيعِهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَإِنَّمَا هُوَ إجْرَاءُ ابْنِ عَرَفَةَ ذَكَرَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ
الْقَاسِمِ وَالْبَغْدَادِيِّينَ بِاقْتِضَاءِ الظِّهَارِ مَنْعَ التَّلَذُّذَ بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : الْأَوَّلُ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا .
قُلْت هَذَا يَقْضِي أَنَّهُ نَصُّهُمْ " وَلَمْ أَعْرِفْهُ إلَّا إجْرَاءً كَمَا تَقَدَّمَ لِابْنِ مُحْرِزٍ ، وَعَزَا الثَّانِيَ لِأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ قَائِلًا لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ فِي النَّوَادِرِ غَيْرَ قَوْلِ سَحْنُونٍ ، وَكَذَا الْبَاجِيَّ قَائِلًا هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِ وَطْءٍ ، فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ .
الْبُنَانِيُّ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمُ عِنْدَ قَوْلِهِ : وَرَتْقَاءَ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ سَوَّى الشَّيْخَ الْفَانِيَ بِالرَّتْقَاءِ وَالْأَوَّلُ فِيهَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَصَرِيحُهُ بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا أَوْ عُضْوِهَا ، أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ .
وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ ، وَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ : كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي ، أَوْ كَأُمِّي ؟ تَأْوِيلَانِ
( وَصَرِيحُهُ ) أَيْ الظِّهَارِ مُصَوَّرٌ ( بِ ) لَفْظٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى تَشْبِيهِ مَنْ تَحِلُّ ( بِظَهْرِ ) مَرْأَةٍ ( مُؤَبَّدٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةُ مُشَدَّدَةٌ ( تَحْرِيمُهَا ) عَلَى الْمُظَاهِرِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ كَانَتْ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا أَوْ أُمَّ زَوْجَتِي ( أَوْ عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ ) " غ صَوَابُهُ لَا عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ بِالنَّفْيِ فَلَيْسَا مِنْ الصَّرِيحِ عَلَى الصَّحِيحِ ، بَلْ مِنْ كِنَايَتِهِ .
فَإِنَّ جَعْلَ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْمُؤَبَّدِ تَحْرِيمُهَا فِي الصَّرَاحَةِ كَالظَّهْرِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَمْ نَعْرِفْ مَنْ أَلْحَقَ ظَهْرَ الذَّكَرِ بِالصَّرِيحِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ظِهَارٌ ( وَلَا يَنْصَرِفُ ) صَرِيحُ الظِّهَارِ عَنْهُ ( لِلطَّلَاقِ ) بِحَيْثُ يَصِيرُ طَلَاقًا فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا فِي الْفَتْوَى .
( وَهَلْ يُؤْخَذُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الزَّوْجُ ( بِالطَّلَاقِ مَعَهُ ) أَيْ الظِّهَارِ ( إذَا نَوَاهُ ) أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ ( مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ ) أَيْ فِي الْقَضَاءِ الظِّهَارُ لِلَفْظِهِ وَالطَّلَاقُ لِنِيَّتِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهَا فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ ، أَوْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ .
الْبُنَانِيُّ قَرَّرَ " ز " وخش كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ يُوهِمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ الِانْصِرَافِ فِي الْفَتْوَى ، وَكَلَامُهُ فِي ضَيْح عَكْسُهُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَوَابٍ ، وَقَدْ حَرَّرَ اللَّقَانِيُّ فِي حَوَاشِيهِ الْمَسْأَلَةَ ، وَكَذَا الْحَطّ بِنَقْلِ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ .
اللَّقَانِيُّ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ " فَحَاصِلُهُ أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي صَرِيحِ الظِّهَارِ إذَا نُوِيَ بِهِ
أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ فِي الْفَتْوَى ، وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا فِي الْقَضَاءِ ، وَأَنَّ رِوَايَةَ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ ظِهَارٌ فَقَطْ فِيهِمَا ، وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ مُؤَوَّلَةٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِرِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَعِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ ضَيْح مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَنَّهُمَا فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي ا هـ .
وَقَدْ أَطَالَ الْحَطّ فِي بَيَانِ ذَلِكَ ، لَهُ وَأَصْلَحَ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ يَنْصَرِفُ الطَّلَاقُ فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعَ النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِالظِّهَارِ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ .
وَأَصْلَحَهَا ابْنُ عَاشِرٍ بِقَوْلِهِ : وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ .
وَتُؤُوِّلَتْ بِالِانْصِرَافِ لَكِنْ يُؤْخَذُ بِهِمَا فِي الْقَضَاءِ .
ا هـ .
وَهَذَا أَحْسَنُ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ عَدَمَ الِانْصِرَافِ مُطْلَقًا أَرْجَحُ وَقَدْ نُقِلَ فِي ضَيْح عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ ، وَكَذَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ : الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الطَّلَاقِ ، وَأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَهُ حُكْمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُضْمَرَ بِهِ غَيْرُهُ كَالطَّلَاقِ ، فَإِنَّهُ لَوْ أُضْمِرَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الطَّلَاقِ ا هـ .
وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وَزَادَ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ : أَرَدْت بِهِ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا حَلَفَ بِهِ وَهِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى .
وَشُبِّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ لَا بِقَيْدِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي ضَيْح أَوْ مَعَ قِيَامِهَا كَمَا فِي تت فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ : ( أَنْتِ حَرَامٌ ) عَلَيَّ ( كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ ) أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ ( كَأُمِّي ) فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقَطْ ، أَوْ
يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ ( تَأْوِيلَانِ ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ أَوْ كَأُمِّي لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى الظَّهْرِ .
فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ بِأَنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَظِهَارٌ فَقَطْ بِاتِّفَاقٍ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ بِنَاءً عَلَى التَّشْبِيهِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ .
فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ لُزُومِ الظِّهَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنْتِ حَرَامٌ وَسَيَقُولُ وَسَقَطَ أَيْ الظِّهَارُ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي .
ا هـ .
وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ قَوْلُهُ أَوْ تَأَخَّرَ إلَخْ .
قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَطَفَ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الْآتِي فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ مَحَلًّا ، وَلَمْ يَعْطِفْ هُنَا ، وَجَعَلَ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي قَيْدًا فِيمَا قَبْلَهُ وَبَيَانًا لِوَجْهِ التَّحْرِيمِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْعَوَامِّ مَخْرَجًا حَيْثُ قَالَ مِثْلُ أُمِّي ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ .
.
.
إلَخْ هُوَ الصَّوَابُ ، وَبِهِ قَرَّرَهُ الْحَطّ قَائِلًا ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِمَا ، ثُمَّ قَالَ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي ، وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ أَنْتِ حَرَامٌ .
كَأُمِّي مِنْ بَابِ أَحْرَى ، وَقَرَّرَهُ س وَتَبِعَهُ خش عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا إذَا نَوَاهُمَا ، فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ ، وَتَعَقَّبَهُ فِي ضَيْح اُنْظُرْ الْحَطّ .
وَكِنَايَتُهُ : كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي ؛ إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ ، أَوْ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ وَنُوِّيَ فِيهَا فِي الطَّلَاقِ فَالْبَتَاتُ ، كَأَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ ، أَوْ كَابْنِي ، أَوْ غُلَامِي ، كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ .
( وَكِنَايَتُهُ ) أَيْ الظِّهَارِ الظَّاهِرَةُ مَا سَقَطَ مِنْهُ لِظَهْرٍ أَوْ الْمُحَرَّمُ أَبَدًا ( كَ ) قَوْلِهِ أَنْتِ كَ ( أُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي ) بِحَذْفِ الْكَافِ فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فِي كُلِّ حَالٍ ( لَا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ ) لِزَوْجَتِهِ بِتَشْبِيهِهَا بِأُمِّهِ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّوْقِيرِ وَالْبِرِّ وَالطَّاعَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ ، وَمِثْلُ قَصْدِ الْكَرَامَةِ قَصْدُ الْأَمَانَةِ ابْنُ عَرَفَةَ .
سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ ثُمَّ دَخَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ فِي رَعْيِ حَالَةِ يَوْمِ الْيَمِينِ أَوْ يَوْمِ الْحِنْثِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ .
ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْيَوْمَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَتَى دَخَلَهَا وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا فِي إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إنَّمَا تَلْزَمُ يَمِينُهُ فِيمَا كَانَ لَهُ يَوْمَ حَلَفَ .
( أَوْ ) أَنْتِ عَلَيَّ ( كَظَهْرِ ) امْرَأَةٍ ( أَجْنَبِيَّةٍ وَنُوِّيَ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ قَبِلَتْ نِيَّةَ الزَّوْجِ ( فِيهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ الظَّاهِرَةِ بِقِسْمَيْهَا ( فِي الطَّلَاقِ ) أَيْ أَصْلُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ ، فَإِنْ نَوَاهُ بِهَا ( فَالْبَتَاتُ ) أَيْ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَزِمَهُ بِهَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ، وَلَوْ نَوَى أَقَلَّ مِنْهُ ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مِنْهَا .
وَقَالَ سَحْنُونٌ : تُقْبَلُ نِيَّةُ الْأَقَلِّ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ .
وَشُبِّهَ فِي لُزُومِ الْبَتَاتِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ كَفُلَانَةَ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَخِفَّةِ اللَّامِ كِنَايَةٌ عَنْ اسْمِ امْرَأَةٍ كَهِنْدٍ ( الْأَجْنَبِيَّةِ ) مِنْ الزَّوْجِ أَيْ لَيْسَتْ مَحْرَمَهُ وَلَا حَلِيلَتَهُ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ ) أَيْ الظِّهَارَ بِقَوْلِهِ : أَنْتِ
كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ زَوْجٌ ( مُسْتَفْتٍ ) فَيَلْزَمُهُ فَقَطْ فِيهِمَا ، وَمَفْهُومُ مُسْتَفْتٍ لُزُومُ الظِّهَارِ مَعَ الثَّلَاثِ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ فِيهَا إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الظَّهْرَ فَهُوَ الْبَتَاتُ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَقَالَ : أَرَدْت الظِّهَارَ صُدِّقَ ، إنَّمَا مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَقَالَ : أَرَدْت الظِّهَارَ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ الظِّهَارُ بِمَا نَوَى فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ : فَظَاهِرُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ : أَنْتِ عَلَيَّ ( كَابْنِي أَوْ غُلَامِي ) ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ غُلَامِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ .
وَقَالَهُ أَصْبَغُ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ وَأَنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ ، قَالَ : وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَأَبِي أَوْ غُلَامِي فَهُوَ تَحْرِيمٌ .
ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْغُلَامَ مُحَرَّمَانِ عَلَيْهِ كَالْأُمِّ وَأَشَدَّ ، وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ ، وَلَا فِي أَنَّهُ أَلْزَمَهُ التَّحْرِيمَ إذَا لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ إذَا سَمَّى الظَّهْرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ كَتَشْبِيهِ زَوْجَتِهِ بِزَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى أَوْ أَمَةٍ لَهُ ا هـ .
وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ أَصْبَغُ : سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ غُلَامِي أَنَّهُ ظِهَارٌ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ قَالَ كَأَبِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ وَاخْتَارَهُ ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَكُونُ ظِهَارًا وَلَا
طَلَاقًا وَأَنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ .
وَالصَّوَابُ إنْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ لَا ظِهَارَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ الطَّلَاقَ .
ا هـ .
فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
( أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَالْبَتَاتُ ) يَلْزَمُهُ بِكُلِّ صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ .
الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْبَتَاتِ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ رَبِيعَةُ مَنْ قَالَ : أَنْتِ مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَهُوَ مُظَاهِرٌ .
ابْنُ شِهَابٍ وَكَذَا بَعْضُ مَا حَرَّمَهُ الْكِتَابُ ا هـ ابْنُ يُونُسَ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ .
وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ ، أَوْ وِفَاقٌ وَهُوَ الَّذِي فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَائِلًا قَوْلُ رَبِيعَةَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْبَتَاتِ ، ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدُ كَانَ مُظَاهِرًا ، وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا إذَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الظِّهَارُ فَرَجَعَ إلَى الْوِفَاقِ .
ابْنُ مُحْرِزٍ مَعْنَى قَوْلِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ مِنْ النِّسَاءِ ، وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ .
قُلْتُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ : لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مِثْلَ مَنْ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لَزِمَهُ الظِّهَارُ ، وَلَوْ قَالَ : مِثْلَ مَا حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ وَمَا لِمَا لَا يَعْقِلُ كَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ ، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لُزُومُ الظِّهَارِ أَوْ الثَّلَاثُ ثَالِثُهَا هُمَا .
قُلْت هَذَا إذَا كَانَ الْقَائِلُ يُفَرِّقُهُ
بَيْنَ مَنْ وَمَا بِمَا ذُكِرَ .
وَفِي الزَّاهِيِّ : أَنْتِ كَعَلَيَّ كَبَعْضِ مَا حَرَّمَهُ الْقُرْآنُ ظِهَارٌ وَقُلْت الْأَحْوَطُ لُزُومُ الظِّهَارِ وَالْبَتَاتِ .
ابْنُ يُونُسَ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا وَالظِّهَارُ وَكَأَنَّهُ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي وَالْمَيْتَةِ .
وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ ، لَا بِأَنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي أَوْ لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي ، أَوْ لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي : فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ :
( وَلَزِمَ ) الظِّهَارُ ( بِأَيِّ كَلَامٍ ) وَأَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ نَحْوَ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ اسْقِينِي ( نَوَاهُ ) أَيْ الظِّهَارَ ( بِهِ ) وَهَذِهِ هِيَ الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ تُخْرِجُ بِقَيْدِ أَبِي الْحَسَنِ صَرِيحَ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتَهُ الظَّاهِرَةَ فَلَا يَلْزَمُ بِهِمَا ظِهَارٌ نَوَاهُ بِهِمَا ذَكَرَهُ الْغِرْيَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَقَلَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَسَلَّمَهُ .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ ، وَقَالَ : أَرَدْت بِهِ الظِّهَارَ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ نِيَّتِهِ وَالطَّلَاقُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ لَفْظِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَكِنَايَتُهُ الْخَفِيَّةُ مَا مَعْنَاهُ مُبَايِنٌ لَهُ ، وَأُرِيدَ مِنْهُ إنْ لَمْ يُوجِبْ مَعْنَاهُ حُكْمًا اُعْتُبِرَ فِيهِ فَقَطْ كَاسْقِينِي الْمَاءَ وَإِلَّا فِيهِمَا كَأَنْتِ طَالِقٌ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ وَأَرَادَ بِهِ الظِّهَارَ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ ، وَالطَّلَاقُ بِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَفِيهَا : " كُلُّ كَلَامٍ نُوِيَ بِهِ الظِّهَارُ ظِهَارٌ " .
( لَا ) يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا ظِهَارٌ ( بِ ) قَوْلِهِ ( إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي ) وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا ، نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ عَنْ النَّوَادِرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ : لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ لَا أَمَسُّ أَمَتِي أَبَدًا .
قُلْت اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ : إنْ وَطِئْتُك فَقَدْ وَطِئْت أُمِّي ، نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ ، وَفِي النَّفْسِ مِنْ نَقْلَةِ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ شَكٌّ لِعَدَمِ نَقْلَةِ الشَّيْخِ فِي نَوَادِرِهِ ، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ : أَنْتِ أُمِّي سَمِعَ عِيسَى أَنَّهُ ظِهَارٌ ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ لَغْوِهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْنَى إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي لَا أَطَؤُك
حَتَّى أَطَأَ أُمِّي فَهُوَ لَغْوٌ ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ وَطْئِي إيَّاكَ كَوَطْءِ أُمِّي فَهُوَ ظِهَارٌ ، وَهَذَا أَقْرَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { قَالُوا إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ } ، لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا يَسْرِقُ حَتَّى يَسْرِقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ، وَإِلَّا لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ مَعْنَاهُ سَرِقَتُهُ كَسَرِقَةِ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ ، وَإِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ا هـ .
الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْبَحْثِ ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وضيح وَابْنُ يُونُسَ ، وَنَصُّهُ " وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مُتَدَافِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا لَمْ أَجِدْهُ ثُمَّ قَالَ نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ ، وَقَوْلُهُ فِي النَّفْسِ مِنْ نَقْلَةِ الصِّقِلِّيُّ شَكٌّ .
.
.
إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، لِأَنَّ أَمَانَةَ ابْنِ يُونُسَ وَثِقَتَهُ وَجَلَالَتَهُ مَعْرُوفَةٌ ، وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَنْفِ وُجُودَهُ ا هـ عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ قُصُورٌ ، إذْ مَا نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ مَوْجُودٌ لِغَيْرِهِ ، فَفِي تَعَالِيقِ أَبِي عِمْرَانَ مَا نَصُّهُ : " رَوَى ابْنُ ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ : لَا أَطَؤُك حَتَّى أَطَأَ أُمِّي أَوْ لَا أَعُودُ لِوَطْأَتِك حَتَّى أَعُودَ لِوَطْءِ أُمِّي أَنَّهُ ظِهَارٌ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ا هـ " .
وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ فَتُّوحٍ مَا نَصُّهُ " قَالَ سَحْنُونٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنْ قَالَ : أَنْتِ أُمِّي فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ ظِهَارٌ ، إنْ قَالَ : وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ا هـ " نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ .
قُلْت لَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ عِمْرَانَ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ التَّرْدِيدِ ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الثِّقَاتِ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوَادِرِ مِثْلَ مَا نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ ، وَبِهِ
يَبْطُلُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لِعَدَمِ نَقْلَةِ الشَّيْخِ فِي نَوَادِرِهِ ، وَنَصُّ مَا نَقَلَهُ عَنْهَا مِنْ آخِرِ ظِهَارِ الْخَصِيِّ وَالشَّيْخِ الْفَانِي : " قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي : فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ ( لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ لَا أَمَسُّك أَبَدًا .
عب يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا قِيَاسًا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا ( أَوْ ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ( لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) أَيْ الْقَائِلِ فِي الصِّيَغِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ .
وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ ، أَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ مَنْ دَخَلَتْ ، أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ ، أَوْ أَيَّتُكُنَّ ، لَا إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ ، أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ .
أَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ ، أَوْ كَرَّرَهُ ،
( وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ ) عَلَى الْمُظَاهِرِ ( إنْ عَادَ ) بِوَطْءٍ أَوْ تَكْفِيرٍ ( ثُمَّ ظَاهَرَ ) مِنْ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ وَطِئَهَا أَوْ كَفَّرَ ، ثُمَّ قَالَ لَهَا : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ، فَإِنْ وَطِئَهَا ، أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ قَالَ لَهَا ذَلِكَ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ ثَالِثَةٌ وَهَكَذَا .
وَأَمَّا إنْ عَادَ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَلَمْ يَطَأْ وَلَمْ يُكَفِّرْ ثُمَّ ظَاهَرَ فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ، فَلَوْ قَالَ : إنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَكَانَ أَظْهَرَ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ وَطِئَ فِي ظِهَارِهِ ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ : لَوْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَزِمَ ظَاهِرُهُ دُونَ خِلَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ الْبَاجِيَّ وَجَّهَ الْخِلَافَ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْعَوْدَةَ تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ أَوْ صِحَّتَهَا .
وَلَوْ قَالَ : لَوْ وَطِئَ ثُمَّ عَادَ لَاسْتَقَامَ ا هـ .
وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَتَعَدَّدَانِ ظَاهِرٌ بَعْدَ الْعَوْدِ ، بَلْ ، وَلَوْ شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ عَنْ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا أَتَمَّهَا أَوْ وَوَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ .
ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ الظِّهَارُ ، فَإِنْ اخْتَلَفَ فَتَتَعَدَّدُ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ .
( أَوْ ) أَيْ وَتُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إنْ ( قَالَ ) الزَّوْجُ ( لِأَرْبَعِ ) زَوْجَاتٍ لَهُ ( مَنْ دَخَلَتْ ) مِنْكُنَّ ( أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ ) دَخَلَتْ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي ، فَكُلُّ مَنْ دَخَلَتْ فَعَلَيْهِ لَهَا كَفَّارَةٌ لِتَعَلُّقِ الظِّهَارِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى عَامٍّ وَهُوَ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ : إنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ .
.
.
إلَخْ ، وَإِنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ الْأُخْرَى فَهِيَ .
.
.
إلَخْ ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِينَ .
ابْنُ عَرَفَةَ
فِيهَا مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ هَذِهِ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ فَدَخَلَتْهَا كُلُّهُنَّ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ أَمْ أَرْبَعٌ ، قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ أَيَّتُكُنَّ كَلَّمْتهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ بِانْفِرَادِهَا ظِهَارٌ وَكَذَا مَنْ تَزَوَّجْت مِنْكُنَّ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ .
( لَا ) تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَجْنَبِيَّاتٍ ( إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ ) فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، ثُمَّ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ، فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْبَوَاقِيَ فَلَا شَيْءَ لِانْحِلَالِ ظِهَارِهِ بِالْكَفَّارَةِ الْأُولَى .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ : إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَزِمَهُ الظِّهَارُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ مِنْهُنَّ ، فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَكَفَّرَ سَقَطَ ظِهَارُهُ فِي جَمِيعِهِنَّ ، فَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ فَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ ثُمَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَاقِيَاتِ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ، وَإِنْ وَطِئَهَا تَعَيَّنَتْ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَسْقُطُ ظِهَارُهُ إلَّا بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فِي جَمِيعِهِنَّ .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ قَالَ : ( كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا ) فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَهَا ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ الَّذِي عَمَّ النِّسَاءَ فَلَمْ يَلْزَمْ وَالظِّهَارُ أَنَّ لَهُ فِي الثَّانِي مَخْرَجًا بِالْكَفَّارَةِ دُونَ الطَّلَاقِ ، وَكَفَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي أَنَّ كَفَّارَةً وَاحِدَةً كَفَّارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْجَلَّابِ عَنْ أَبِي
الْحَسَنِ تُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ لِمَ تُعْجِبْ أَبَا إِسْحَاقَ تَفْرِقَتُهُ فِيهَا بَيْنَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَبَيْنَ مَنْ تَزَوَّجْت مِنْ النِّسَاءِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى .
عِيَاضٌ الْفَرْقُ أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ مَنْ وَأَيِّ لِلْآحَادِ فَعَرَضَ لَهَا الْعُمُومُ فَعَمَّتْ الْآحَادَ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا آحَادٌ .
وَأَصْلُ وَضْعِ كُلٍّ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَكَانَتْ كَالْيَمِينِ عَلَى فِعْلِ أَشْيَاءَ تَنْحَلُّ بِفِعْلِ أَحَدِهَا .
قُلْت حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ رَأَى لِكُلٍّ فَرْدٍ فَرْدُ لَا بِقَيْدِ الْمَعِيَّةِ .
وَمَدْلُولُ كُلِّ كَذَلِكَ بِقَيْدِ الْجَمْعِيَّةِ مُنْضَمًّا إلَى التَّحْنِيثِ بِالْأَقَلِّ عِيَاضٌ وَلَيْسَ كَمَا فَرَّقَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فِي قَوْلِهِ مِنْ النِّسَاءِ ، إذْ لَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ بَلْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ ، وَلَا أَثَرَ لَهَا هُنَا ، إذْ لَوْ قَالَ : كُلُّ مَنْ تَزَوَّجْت مِنْ النِّسَاءِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ النِّسَاءِ .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ ( ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ ) الْأَرْبَعِ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ : أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، فَإِنْ كَفَّرَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَهْلًا مِنْهُ أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِنَّ .
ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ ، زَادَ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ إنْ جَهِلَ فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إلَّا كَفَّارَةٌ كَفَّارَةٌ فَكَفَّرَ عَنْ إحْدَاهُنَّ أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِنَّ .
ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ ( كَرَّرَهُ ) أَيْ الظِّهَارَ لِوَاحِدَةٍ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَلَوْ فِي مَجَالِسَ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ ، وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ ، فَإِنْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ تَعَدَّدَتْ هَذَا هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ وَشَرْحُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا .
وَفِي حَاشِيَةِ جَدّ عج
تَعَدُّدُهَا حَيْثُ كَرَّرَهُ بِمَجَالِسَ سَوَاءٌ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ أَمْ لَا وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُدَوَّنَةَ ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ مَا فِي حَاشِيَةِ جَدّ عج هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَنَصُّهَا " وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ ، وَإِنْ تَظَاهَرَ مِنْهُنَّ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَخَاطَبَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِالظِّهَارِ دُونَ الْأُخْرَى حَتَّى أَتَى عَلَى الْأَرْبَعِ ، أَوْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى وَأَنْتِ مِثْلُهَا فَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ " .
ابْنُ يُونُسَ : وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ وَإِنْ تَظَاهَرَ مِنْهُنَّ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لِوَاحِدَةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى : وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَتَّى عَلَى الْأَرْبَعِ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ .
أَوْ عَلَّقَهُ " بِمُتَّحِدٍ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَاتٍ فَتَلْزَمَهُ ، وَلَهُ الْمَسُّ بَعْدَ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَرْجَحِ ، وَحَرُمَ قَبْلَهَا الِاسْتِمْتَاعُ ، وَعَلَيْهَا مَنْعُهُ ، وَوَجَبَ إنْ خَافَتْهُ رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ ، وَجَازَ كَوْنُهُ مَعَهَا ؛ إنْ أُمِنَ
أَوْ ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدَانِ ( عَلَّقَهُ ) أَيْ الظِّهَارَ مُكَرَّرًا ( بِ ) شَيْءٍ ( مُتَّحِدٍ ) كَقَوْلِهِ : إنْ لَبِسْت هَذَا الثَّوْبَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَبِسْته فَأَنْتِ .
.
.
إلَخْ إنْ لَبِسْته فَأَنْتِ .
.
.
إلَخْ ، فَإِنْ لَبِسَتْهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَإِنْ كَرَّرَهُ وَجَمَعَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِهِ وَيُسَمَّى بَسِيطًا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، وَإِنْ لَبِسْت الثَّوْبَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ لَبِسَتْهُ تَعَدَّدَتْ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَدَّمَ الْبَسِيطَ عَلَى الْمُعَلَّقِ وَأَخَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا بَعْدَ ظِهَارٍ ، فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِغَيْرِ فِعْلٍ أَوْ جَمِيعًا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِمَا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَانِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ وَالثَّانِي بِفِعْلٍ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِفِعْلٍ وَالثَّانِي بِغَيْرِ فِعْلٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ أَفَادَهُ النَّاصِرُ .
الْبُنَانِيُّ وَلَعَلَّ فِي نَقْلِهِ تَحْرِيفًا ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ الْبَيَانِ نَصُّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا بَعْدَ ظِهَارٍ فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِغَيْرِ فِعْلٍ وَجَمِيعًا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ ، أَوْ الْأَوَّلُ بِفِعْلٍ وَالثَّانِي بِغَيْرِ فِعْلٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِمَا جَمِيعًا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَانِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّهُمَا إنْ كَانَا جَمِيعًا بِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ ، وَالثَّانِي بِفِعْلٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ ا هـ .
وَهَذَا نَفْسُ مَا فِي الْحَطّ وَهُوَ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ مِنْ النَّاصِرِ .
وَمَفْهُومُ بِمُتَّحِدٍ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ كَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَبِسْت الثَّوْبَ
فَأَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِحَبْسِهِ ، وَاتُّفِقَ عَلَيْهِ إنْ حَنِثَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْرَاجِ الْأُولَى .
وَأَمَّا قَبْلَهَا ، فَقَالَ اللَّخْمِيُّ : " ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَذَلِكَ " .
وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ تُجْزِئُهُ وَاحِدَةٌ وَلَا تُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي : إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ الْمُظَاهَرَةِ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ تَكْرِيرِهِ بِلَا تَعْلِيقٍ أَوْ تَكْرِيرِهِ مُعَلَّقًا بِمُتَّحِدٍ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ) الْمُظَاهِرُ بِالْمُكَرَّرِ الْبَسِيطَ أَوْ الْمُتَعَلِّقَ بِمُتَّحِدٍ أَوْ الظِّهَارَ مِنْ نِسَائِهِ أَوْ الْقَائِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ الْقَائِلُ إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ ، وَمَفْعُولُ يَنْوِي ( كَفَّارَاتٍ ) أَيْ لِكُلِّ مُظَاهَرٍ مِنْهَا كَفَّارَةٌ ( فَتَلْزَمُهُ ) الْكَفَّارَةُ لِكُلِّ زَوْجَةٍ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْخَمْسِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِ الِاسْتِثْنَاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي تَكَرُّرِ الظِّهَارِ بَسِيطًا أَوْ مُعَلَّقًا عَلَى مُتَّحِدٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ نَوَى تَعَدُّدَهُ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَعَدُّدَهَا فَتَتَعَدَّدُ وَعَلَيْهِ فِي كَوْنِ حُكْمِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ حُكْمُ كَفَّارَتِهِ فَلَا يَطَأُ قَبْلَهُ ، وَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ حُكْمُ النَّذْرِ فِيهَا وَلَا تُقَدَّمُ نَقْلًا الصِّقِلِّيِّ عَنْ الشَّيْخِ وَأَبِي عِمْرَانَ مَعَ الْقَابِسِيِّ ( وَ ) مَنْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ يَجُوزُ ( لَهُ الْمَسُّ ) بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ ( بَعْدَ ) إخْرَاجِ كَفَّارَةٍ ( وَاحِدَةٍ ) عَنْهَا ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا اشْتِرَاطُ الْعَوْدَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَعَدَمِهِ ، وَأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهَذِهِ الْكَفَّارَاتِ وَضَاقَ ثُلُثُهُ تُقَدَّمُ وَاحِدَةٌ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ ، وَتُقَدَّمُ كَفَّارَتُهَا عَلَى الْبَاقِي ابْنُ عَرَفَةَ .
ابْنُ رُشْدٍ أَبُو إِسْحَاقَ
يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ لَمْ تُجْزِهِ الْكَفَّارَةُ إذْ لَيْسَ بِمُظَاهِرٍ ، لِأَنَّهُ كَمَنْ قَالَ : إنْ وَطِئْت امْرَأَتِي فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ .
قُلْت لَفْظُ اللَّخْمِيِّ كَالتُّونُسِيِّ لَوْ حَدَثَ التَّكْرَارُ بَعْدَ تَمَامِ كَفَّارَةِ الْأَوَّلِ تَعَدَّدَتْ لِمَا بَعْدَهُ اتِّفَاقًا ، وَلَوْ حَدَثَ فِي أَثْنَائِهَا فَفِي إجْزَاءِ ابْتِدَائِهَا عَنْهُمَا وَلُزُومِ إتْمَامِ الْأُولَى وَابْتِدَاءِ ثَانِيَةِ ثَالِثُهَا ، هَذَا إنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأُولَى إلَّا الْيَسِيرُ ، وَإِنْ مَضَى مِنْهَا يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَجْزَأَ إتْمَامُهَا عَنْهُمَا ، ثُمَّ قَالَ : وَلَوْ تَكَرَّرَ مُعَلَّقًا فَفِي تَعَدُّدِهَا وَوَحْدَتِهَا ثَالِثُهَا إنْ اخْتَلَفَ مَا عُلِّقَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَلَوْ تَكَرَّرَ بَعْدَ حِنْثِهِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بَسِيطٌ أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَمْ يُكَفَّرْ لِلْأَوَّلِ فِيهِمَا فَفِي تَكَرُّرِهَا ثَالِثُهَا فِي الْعَكْسِ .
( وَحَرُمَ ) عَلَى الْمُظَاهِرِ ( قَبْلَ ) تَكْمِيلِ ( هَا ) أَيْ الْكَفَّارَةِ صِلَةُ ( الِاسْتِمْتَاعِ ) بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ بِمُقَدِّمَةِ جِمَاعٍ وَمِنْ مَجْبُوبٍ عَلَى انْعِقَادِهِ مِنْهُ حَمْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } ، عَلَى عُمُومِهِ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ نَوَادِرِ الْإِجْمَاعِ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَلَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَلَمْ يَجِدْ الطَّعَامَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ حَتَّى يَجِدَ وَاحِدًا مِنْهَا إلَّا الثَّوْرِيِّ وَابْنُ صَالِحٍ ، فَإِنَّهُمَا قَالَا يَطَؤُهَا بِلَا كَفَّارَةٍ ( وَعَلَيْهَا ) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وُجُوبًا ( مَنْعُهُ ) أَيْ الْمُظَاهِرِ مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا قَبْلَهَا لِأَنَّ تَمْكِينَهُ مِنْهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ .
( وَوَجَبَ ) عَلَيْهَا ( إنْ خَافَتْهُ ) أَيْ اسْتِمْتَاعَ الْمُظَاهِرِ بِهَا قَبْلَهَا وَعَجَزَتْ عَنْ مَنْعِهِ
مِنْهُ بِنَفْسِهَا ( رَفْعُهَا ) أَمْرَهَا ( لِلْحَاكِمِ ) لِيَمْنَعَهُ مِنْهُ ( وَجَازَ كَوْنُهُ ) أَيْ الْمُظَاهِرِ ( مَعَهَا ) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي بَيْتٍ وَدُخُولُهُ عَلَيْهَا بِلَا اسْتِئْذَانٍ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَمْ تَطْلُقْ ( إنْ أُمِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ عَلَيْهَا مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا قَبْلَهَا ، وَلَهُ نَظَرُ وَجْهِهَا وَأَطْرَافِهَا بِلَا قَصْدِ لَذَّةٍ لَا لِصَدْرِهَا ، وَفِيهَا وَلَا لِشَعْرِهَا أَيْ بِلَا قَصْدِ لَذَّةٍ .
وَقِيلَ يَجُوزُ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالشَّارِحِ ، وَيَلْزَمُهَا خِدْمَتُهُ قَبْلَهَا بِشَرْطِ اسْتِتَارِهَا ، وَمَفْهُومٌ إنْ أُمِنَ عَدَمُ جَوَازِ كَيْنُونَتِهِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ خَشْيَةُ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ .
، وَسَقَطَ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ .
الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ : كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي : كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا : أَنْتِ طَالِقٌ ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، لَا إنْ تَقَدَّمَ أَوْ صَاحَبَ : كَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ فَقَالَ هِيَ أُمِّي فَظِهَارٌ .
( وَسَقَطَ ) تَعْلِيقُ الظِّهَارِ ( إنْ تَعَلَّقَ ) الظِّهَارُ بِشَيْءٍ ( وَلَمْ يَتَنَجَّزْ ) أَيْ يَحْصُلْ مَا عُلِّقَ الظِّهَارُ عَلَيْهِ ، وَصِلَةُ سَقَطَ ( بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ) وَلَوْ حُكْمًا كَوَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ ، فَإِنْ قَالَ لَهَا : " إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَا يُكْمِلُهَا ، أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَتَّةٌ أَوْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بَائِنَةً قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ سَقَطَ عَنْهُ تَعْلِيقُ الظِّهَارِ ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَدَخَلَتْ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا ، وَهَذِهِ عِصْمَةٌ أُخْرَى وَأَوْلَى إنْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا .
وَمَفْهُومُ لَمْ يَتَنَجَّزْ أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّزَ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ بِهِ ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ .
( أَوْ تَأَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظِّهَارُ عَنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ، أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ لِعَدَمِ وُجُودِهِ مَحَلًّا وَهِيَ الْعِصْمَةُ ( كَ ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ : ( أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ) أَوْ مُتِمَّهَا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً ( وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ) فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ .
وَشُبِّهَ فِي السُّقُوطِ فَقَالَ ( كَقَوْلِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( لِ ) زَوْجَةٍ ( غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِمُجَرَّدِ تَطْلِيقِهَا فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ مَحَلًّا ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَسَّقَهُ وَأُورِدَ قَوْلُهُ لَهَا : " أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ " إذْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمَشْهُورِ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَجُعِلَتْ صِيغَةُ الْمُتَلَاحِقَةِ كَصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَالطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ جِنْسَانِ مُتَبَايِنَانِ فَلَا يُمْكِنُ جَمْعُهُمَا فِي صِيغَةٍ وَاحِدَةٍ ( لَا ) يَسْقُطُ الظِّهَارُ ( إنْ تَقَدَّمَ ) عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ كَقَوْلِهِ :
أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ .
( أَوْ صَاحَبَ ) الظِّهَارُ الطَّلَاقَ فِي الْوُقُوعِ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقَتَيْنِ عَلَيْهِ ( كَ ) قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ : ( إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ) فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَصَارَتْ مُظَاهَرًا مِنْهَا ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ابْنُ عَرَفَةَ .
ابْنُ مُحْرِزٍ لَزِمَاهُ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ ، وَلَوْ عُطِفَ الظِّهَارُ بِثُمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ أَبُو الْحَسَنِ لَوْ قَالَ : إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ هِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ لِوُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ لِمَا وَقَعَ مُرَتَّبًا عَلَى الطَّلَاقِ .
الْقَرَافِيُّ إذَا قَالَ : إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَعَبْدُهُ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْعِتْقِ ، وَلَا الْعِتْقُ قَبْلَ الطَّلَاقِ ، بَلْ وَقَعَا مَعًا مُرَتَّبَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ دُخُولُ الدَّارِ بِلَا تَرْتِيبٍ ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا ثُمَّ قَالَ فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ : إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَا نَقُولُ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الظِّهَارِ حَتَّى يَمْنَعَهُ ، بَلْ الشَّرْطُ اقْتَضَاهُمَا اقْتِضَاءً وَاحِدًا بِلَا تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا .
( وَإِنْ عُرِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُكَلَّفِ ( نِكَاحُ امْرَأَةٍ ) لِيَتَزَوَّجَهَا ( فَقَالَ ) الْمُكَلَّفُ ( هِيَ ) أَيْ الْمَرْأَةُ الْمَعْرُوضَةُ ( أُمِّي فَ ) قَوْلُهُ هَذَا ( ظِهَارٌ ) مُعَلَّقٌ عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِقَرِينَةِ الْبِسَاطِ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ : إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ كَأُمِّي فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى
يُكَفِّرَ ، فَإِنْ أَرَادَ وَصْفَهَا بِالْكِبْرِ أَوْ الْكَرَامَةِ أَوْ الْإِهَانَةِ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ ، وَفُهِمَ مِنْهُ لُزُومُ الظِّهَارِ الْمُصَرَّحِ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى الزَّوَاجِ بِالْأَوْلَى وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ الصُّورَةُ السَّابِقَةُ عَلَى هَذِهِ .
وَمَفْهُومُ إنْ عُرِضَ .
.
.
إلَخْ أَنَّهُ إنْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ بِتَزَوُّجِهَا ظِهَارٌ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ ، وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ ، وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ .
وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ ، أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ ؟ تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ .
( وَتَجِبُ ) كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وُجُوبًا مُوسَعًا قَابِلًا لِلسُّقُوطِ ( بِالْعَوْدِ ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا ( وَتَتَحَتَّمُ ) أَيْ تَتَخَلَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّةِ الْمُظَاهِرِ ( بِالْوَطْءِ ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ نَاسِيًا فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِمَوْتٍ وَلَا فِرَاقٍ ( وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ ) أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ( وَلَا تُجْزِئُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِهَا أَيْ لَا تَصِحُّ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْعَوْدِ لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْوَطْءِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَتُجْزِئُ قَبْلَهُ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَهُوَ أَحْسَنُ .
طفي تَفْرِيقُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحَتُّمِ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذْ كُلُّ مَنْ قَالَ تَجِبُ بِالْعَوْدِ أَرَادَ بِهِ التَّحَتُّمَ وَالتَّعَلُّقَ بِالذِّمَّةِ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ لِتَرَادُفِهِمَا ، وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّحَتُّمَ بِالْوَطْءِ ، هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَب .
وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْعَوْدِ فَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ : تَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ فِي الْعَوْدَةِ فِي كَوْنِهَا إرَادَةَ الْوَطْءِ ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ ، وَلَوْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ أَرَادَتْهُ مَعَ دَوَامِ الْعِصْمَةِ فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَتْ الْعِصْمَةُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ ، وَإِنْ عُمِلَ بَعْضُهَا سَقَطَ سَائِرُهَا ثَالِثُهَا نَفْسُ الْوَطْءِ لِلْمُوطَأِ وَلَهَا وَرِوَايَةِ الْقَاضِي ا هـ .
فَنُسِبَ لِلْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ وَدَوَامُ الْعِصْمَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ دَوَامُهَا فِيهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَذْهَبُهَا سُقُوطَهَا بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَخَذُوا مِنْهُ أَنَّ الْعَوْدَ عِنْدَهَا الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ دَوَامِ الْعِصْمَةِ إلَى تَمَامِ الْكَفَّارَةِ ، فَلَوْ كَانَتْ تَجِبُ بِالْعَوْدِ بِلَا تَحَتُّمٍ لَمَا احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ وَكَانَ مَذْهَبُهَا الْوُجُوبَ بِالْعَوْدِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ ، لَكِنَّ الْوُجُودَ مُحَتَّمٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِهَا بِالْمَوْتِ
وَالطَّلَاقِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، لَكِنَّهُ غَيْرُ اصْطِلَاحِهِمْ ، فَلِذَا قَالُوا مَا ذَكَرْنَا .
وَنَحْوُ قَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ وَأَجْرَاهَا عَلَى الْقِيَاسِ وَأَتْبَعُهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْعَوْدَةَ هِيَ إرَادَةُ الْوَطْءِ مَعَ اسْتِدَامَةِ الْعِصْمَةِ ، فَمَتَى انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ .
وَقَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى إمْسَاكِ زَوْجَتِهِ فَصَامَ فَمَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا لَا أَرَى عَلَيْهِ إتْمَامَهَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْعَوْدَةَ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِدَامَةِ الْعِصْمَةِ ، فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ ، بَلْ لَا تُجْزِيهِ إنْ فَعَلَهَا غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى الْوَطْءِ وَلَا مُجْمِعٍ عَلَيْهِ ، فَالْكَفَّارَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَصِحُّ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ ، وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالْوَطْءِ ، وَعَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا ا هـ .
فَانْظُرْ كَيْفَ صُرِّحَ بِأَنَّ الْعَوْدَ مُصَحِّحٌ فَقَطْ لِمَا رَأَى مِنْ السُّقُوطِ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ ، تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ لِقَوْلِهَا فِي مَوْضِعٍ وَالْعَوْدَةُ هَاهُنَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ ، وَفِي آخَرَ وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ بِالْوَطْءِ فَإِذَا وَطِئَ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ ا هـ .
فَنِسْبَتُهُمْ لَهَا أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ بِاعْتِبَارِ التَّصْحِيحِ لَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ ، وَقَدْ صُرِّحَ فِي تَوْضِيحِهِ بِأَنَّ وُجُوبَهَا بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ خَاصَّةً عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ شَرْطُهُ بَقَاؤُهَا فِي عِصْمَتِهِ ، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحَتُّمِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ
لَمَّا قَالَ الْعَوْدُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ خَاصَّةً وَفِيهَا وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ ثَانِيًا مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالْوَطْءِ وَجَعَلَهُ خِلَافًا لِمَا حَكَاهُ عَنْهَا أَوَّلًا فَلَيْسَ الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ عَلَى مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَقُولٌ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا .
لِلْمُظَاهِرِ فِيهِ خِبْرَةٌ بِوَجْهٍ مَا ، وَهَذَا هُوَ الْوُجُوبُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَوْدَةُ ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعَوْدَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ تُجْزِئُ أَمْ لَا .
وَإِنْ نَوَى الْعَوْدَةَ خَاصَّةً وَلَمْ يَطَأْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَهَذِهِ هِيَ الْخِيرَةُ الَّتِي قُلْنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ وَكَأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ مَشْرُوطٌ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى .
وَالْمَعْنَى الثَّانِي مِنْ مَعْنَى الْوُجُوبِ ، وَهُوَ الَّذِي لَا خِيرَةَ لِلْمُظَاهِرِ فِيهِ فَمَحَلُّهُ إذَا ظَاهَرَ ثُمَّ وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا فَهَذَا تَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَمْ لَا ، وَهَذَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ ، وَمَا حَكَاهُ عَنْهَا ثَانِيًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي ا هـ .
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حَاصِلُهُ فَهْمُهُ الْمَذْهَبَ عَلَى قَصْرِ مَعْنَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ عَلَى تَحَتُّمِ لُزُومِهَا وَلَوْ مَاتَتْ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَقَصْرُ مَعْنَى وُجُوبِهَا بِالْعَوْدَةِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهَا وَسُقُوطِهَا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ ، وَالْأَوَّلُ حَقٌّ ، وَالثَّانِي لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا وَإِنْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا ، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ إنْ
أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا وَلَوْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقَوْلُ الْبَاجِيَّ إثْرَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيمَنْ ظَاهَرَ فِي أَثْنَاءِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَيْهِ وَالْقَوْلَانِ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْعَوْدَةِ أَوْ تَصِحُّ بِهَا طفي وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْعَوْدَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مُصَحَّحٌ ، وَعَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
( وَهَلْ هُوَ ) أَيْ الْعَوْدُ ( الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ ) لِيُظَاهِرَ مِنْهَا فَقَطْ سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَى إمْسَاكِهَا أَوْ عَلَى تَطْلِيقِهَا أَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ .
مِنْهُمَا ( أَوْ ) هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ ( مَعَ ) الْعَزْمِ عَلَى ( الْإِمْسَاكِ ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي عِصْمَتِهِ ( تَأْوِيلَانِ ) لِلْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ ( وَخِلَافٌ ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ .
قَالَ فِي الشَّامِلِ وَفِي الْعَوْدِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَشُهِرَ ، وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا أَوْ الْإِمْسَاكُ وَحْدَهُ وَالْوَطْءُ نَفْسُهُ وَضَعُفَ ا هـ .
وَذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَعِيَاضًا شَهَرَا أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ فَيُطَالِبُ الْمُصَنِّفُ بِمَنْ شَهَرَ الْأَوَّلَ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّرَّاحِ ، عَلَى أَنَّ فِي عَزْوِ التَّوْضِيحِ نَظَرًا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَعِيَاضًا اتَّفَقَا فِي التَّشْهِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ مُجَرَّدُ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعَزْمِ عَلَى الْإِمْسَاكِ ، وَعَلَى هَذَا فَهِمَ الْمُوَطَّأَ وَفَهِمَ عِيَاضٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ ، وَعَلَى ذَلِكَ فَهْمُ الْمُوَطَّأَ وَالْعَزْمُ عَلَى الْإِمْسَاكِ غَيْرُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ .
أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ
عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِمْسَاكِ عَلَى تَأْوِيلِ عِيَاضٍ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَهُ وَلَوْ لَمْ تَدُمْ الْعِصْمَةُ بِأَنْ مَاتَتْ أَوْ طَلُقَتْ وَعِنْدَ مَنْ اشْتَرَطَ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَالْوَطْءِ ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ تَسَاوِيهِمَا فَرُتِّبَ عَلَيْهِ عَزْوُهُ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْعَوْدُ فِي الْمُوَطَّأِ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِمْسَاكِ مَعًا مَا نَصُّهُ " فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ عَلَى مَعْنَى مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُوَطَّإِ وَصَرَّحَا بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ ، وَبَدَلٌ لِمَا قُلْنَا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْ الْمُوَطَّإِ أَنَّ الْعَوْدَةَ مَجْمُوعُ الْعَزْمِ عَلَى إمْسَاكِهَا وَعَلَى الْوَطْءِ .
وَمُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ فَقَطْ .
عِيَاضٌ مَذْهَبُهَا أَنَّهُ إرَادَةُ الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ ، وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مَعْنَى الْمُوَطَّإِ أَنَّهَا الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ فَقَطْ ، وَقَالَ مَرَّةً فِي الْكِتَابِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ وَنَحَا إلَيْهِ اللَّخْمِيُّ .
ا هـ .
وَأَرَادَ عِيَاضٌ بِبَعْضِ شُيُوخِهِ ابْنَ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالْعَوْدَةِ وَفِي كَوْنِهَا الْعَزْمَ عَلَى إمْسَاكِهَا أَوْ عَلَى وَطْئِهَا أَوْ عَلَيْهِمَا ، رَابِعُهَا الْوَطْءُ لِلْبَاجِيِّ وَعَنْ رِوَايَتَيْ الْجَلَّابِ وَالْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةِ الْجَلَّابِ ، وَعَلَيْهَا يَجُوزُ الْوَطْءُ مَرَّةً ثُمَّ يَحْرُمُ حَتَّى يُكَفِّرَ ، وَخَامِسُهَا مُجَرَّدُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ فِيهَا .
وَسَقَطَتْ ، إنْ لَمْ يَطَأْ بِطَلَاقِهَا وَمَوْتِهَا ، وَهَلْ تُجْزِئُ إنْ أَتَمَّهَا ؟ تَأْوِيلَانِ
وَسَقَطَتْ ) الْكَفَّارَةُ عَمَّنْ عَادَ بِنِيَّةِ الْوَطْءِ فَقَطْ أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ ( إنْ لَمْ يَطَأْ ) الْمُظَاهِرُ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا وَصِلَةُ سَقَطَتْ ( بِ ) سَبَبِ ( طَلَاقِهَا ) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا الْبَائِنِ لَا الرَّجْعِيِّ إلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُ ، وَالْمُرَادُ بِسُقُوطِهَا أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا مَا دَامَتْ بَائِنًا مِنْهُ ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ( وَ ) سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ بِ ( مَوْتِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَوْدِ وَقَبْلَ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ وَكَذَا بِمَوْتِهِ قَبْلَ وَطْئِهَا فِيهِمَا .
الْبُنَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَخْلِيطٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ عَلَى مَا شَرَحُوهُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَكُلُّهَا تَأْوِيلَاتٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ : لِابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ : وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ .
.
.
إلَخْ .
وَالثَّانِي : لِلَّخْمِيِّ .
وَالثَّالِثُ : لِعِيَاضٍ .
وَلَهُمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ : وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ .
.
.
إلَخْ ، وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ مُفَرَّعَانِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ هُمَا مُبَايِنَانِ لَهُ وَتَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا كَالْوُجُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ ، وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِمَعْنَى اللُّزُومِ ، وَتَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ : وَسَقَطَتْ إنْ لَمْ يَطَأْ .
.
.
إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا السُّقُوطُ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ ، وَالْعِبَارَةُ السَّالِمَةُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ .
وَهَلْ تَجِبُ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ بِهِ مَعَ الْإِمْسَاكِ أَوْ تَصِحُّ بِهِ فَقَطْ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ فَتَسْقُطُ إنْ لَمْ يَطَأْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ تَأْوِيلَاتٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَوْ شَرَعَ الْمُظَاهِرُ الَّذِي عَادَ فِي الْكَفَّارَةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا طَلَاقًا بَائِنًا فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَتَمَّهَا بَعْدَهُ فَ ( هَلْ تُجْزِئُ ) الْكَفَّارَةُ الْمُظَاهِرَ ( إنْ أَتَمَّهَا ) أَيْ
الْمُظَاهِرُ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ إبَانَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِلَا كَفَّارَةٍ أُخْرَى ، أَوْ لَا تُجْزِئُ ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ( تَأْوِيلَانِ ) مَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا انْقَضَتْ عِدَّتُهُ أَوْ لَمْ تَنْقَضِ وَلَمْ يَنْوِ ارْتِجَاعَهَا قَبْلَ إتْمَامِ الْكَفَّارَةِ ، فَإِنْ أَتَمَّهَا فِيهَا نَاوِيًا رَجْعَتَهَا وَعَازِمًا عَلَى وَطْئِهَا أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا .
وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ مَحَلَّهُمَا إذَا أَتَمَّهَا قَبْلَ مُرَاجَعَتِهَا .
وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَقَدْ عَمِلَ فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا .
قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ إنْ أَرَادَ الْعَوْدَ .
أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ نَافِعٍ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى أَنَّهُ وِفَاقٌ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ، وَعَلَى الْخِلَافِ إذَا كَانَ بَائِنًا .
عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ إنَّمَا هُوَ إذَا طَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّهَا وَإِنْ أَتَمَّهَا لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ ، وَفِي لَفْظِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ .
ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الشَّيْخُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ فِي الْجَمِيعِ ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ .
وَأَمَّا إتْمَامُهَا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ فَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا ، فَقَالَ مَا نَصُّهُ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا يَوْمًا مَا وَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ صَوْمًا ابْتَدَأَهَا ، وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا بَنَى عَلَى مَا كَانَ أَطْعَمَ إنْ تَبَيَّنَ مِنْهُ لِجَوَازِ تَفْرِقَةِ الطَّعَامِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَأَصَحُّ مَا انْتَهَى إلَيْنَا ، وَكَذَا
ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا .
وَقَالَ لَا يُبْنَى عَلَى الصَّوْمِ اتِّفَاقًا .
وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْنِي عَلَى الطَّعَامِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ ا هـ .
وَكَذَا فِي الْحَطّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : لَا تُجْزِيهِ إذَا ارْتَجَعَهَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ : إنْ ارْتَجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَلَا .
وَهِيَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ لَا جَنِينٍ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ ، وَمُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ مُؤْمِنَةٍ ،
( وَهِيَ ) أَيْ الْكَفَّارَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مُرَتَّبَةٌ أَوَّلُهَا ( إعْتَاقُ رَقَبَةٍ ) أَيْ ذَاتٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ كَفَّارَتُهُ الْمَعْرُوفُ انْحِصَارُهَا فِي الْعِتْقِ ثُمَّ الصَّوْمِ إنْ تَعَذَّرَ ثُمَّ الْإِطْعَامِ إنْ تَعَذَّرَ .
الْبَاجِيَّ فِي النَّوَادِرِ مَنْ كَسَا وَأَطْعَمَ عَنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَسَدِيَّةِ لَا يُجْزِيهِ ، وَفِي الْمَجَالِسِ يُجْزِيهِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا يُجْزِيهِ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَطْعَمَ لِوَاحِدَةٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكَسَا لِأُخْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَ الْعِتْقَ فَأَعْتَقَ عَنْ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَقَبَةِ الرَّابِعَةِ فَلْيُطْعِمْ أَوْ يَكْسُ وَيُجْزِيهِ .
الشَّيْخُ اُنْظُرْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِي الْكُسْوَةِ مَا عَرَفْته لِغَيْرِهِ .
قُلْت : نَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ نَوَادِرِ الْإِجْمَاعَ : أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَلَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَلَمْ يَجِدْ الطَّعَامَ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَجِدَ وَاحِدًا مِنْ تِلْكَ الْأَصْنَافِ ا هـ .
فَظَاهِرُهُ إجْمَاعُهُمْ عَلَى لَغْوِ الْكُسْوَةِ فِيهَا ، وَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ النَّوَادِرِ أَوَّلًا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا لِلظِّهَارِ ، وَلِذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ ، وَإِنَّمَا نَقَلَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ فَقَطْ ( لَا ) يُجْزِئُ إعْتَاقُ ( جَنِينٍ ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً .
وَاسْتَأْنَفَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَقَالَ ( وَ ) إنْ أَعْتَقَ جَنِينًا ( عَتَقَ ) بِفَتَحَاتٍ مُخَفَّفًا ، أَيْ صَارَ الْجَنِينُ حُرًّا ( بَعْدَ وَضْعِهِ ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ ، أَيْ نَفَذَ الْعِتْقُ السَّابِقُ فِيهِ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِاسْتِئْنَافِ عِتْقٍ الْآنَ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ أَعْتَقَ جَنِينًا عَتَقَ وَلَمْ يُجْزِهِ أَقْرَبُ مِنْ قَوْلِهَا يُعْتَقُ بَعْدُ إذَا وَضَعَتْهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُعْتَقُ حِينَ عِتْقِهِ ، وَعِبَارَتُهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُ حِينَ وَضْعِهِ فَيُقَالُ
عَلَى هَذَا إذَا وَضَعَتْهُ صَارَ رَقَبَةً وَعِتْقُهُ حِينَئِذٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَيُجْزِيهِ ، وَلَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك الْجَوَابَ عَنْ هَذَا .
( وَلَا ) يُجْزِئُ إعْتَاقُ رَقِيقٍ غَائِبٍ عَنْ الْمُظَاهِرِ ( مُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ ) لَا يَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ أَسْلَمَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ رَقَبَةً مُحَقَّقَةً ، فَإِنْ عَلِمَ وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ أَنَّهُ كَانَ بِصِفَةِ مَنْ يُعْتَقُ عَنْ الظِّهَارِ أَجْزَأَ ، بِخِلَافِ الْجَنِينِ فَلَا يُجْزِئُ وَلَوْ وُلِدَ بِصِفَةِ مَنْ بَعُدَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَقَبَةً حِينَ عِتْقِهِ وَوَصْفُ رَقَبَةٍ بِ ( مُؤْمِنَةٍ ) ابْنُ يُونُسَ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مُؤْمِنَةً كَانَ كَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا .
وَفِي حَدِيثِ السَّوْدَاءِ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ إذْ قَالَ سَيِّدُهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ رَقَبَةٍ أَفَأَعْتِقُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ إذَا لَزِمَتْهُ ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ وَتَرْكُ الِاسْتِفْسَارِ فِي حِكَايَةِ الْأَحْوَالِ مَعَ الِاحْتِمَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ : فَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِتْقِهَا حَتَّى سَأَلَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ، فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنَا قَالَتْ : رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ، وَقَوْلُهَا فِي " فِي السَّمَاءِ " أَيْ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ الْمَعْنَوِيِّ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ صِفَاتِ الْحَوَادِثِ .
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَيْنَ اللَّهُ مِنْ الْمُتَشَابِهِ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُسْأَلُ عَنْهُ بِأَيْنَ وَلَهُ تَأْوِيلَاتٌ .
وَلِأَبِي الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيِّ عَلَيْهِ كَلَامٌ حَسَنٌ مِنْهُ السُّؤَالُ بِأَيْنَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ، اثْنَانِ جَائِزَانِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَوَاحِدٌ لَا يَجُوزُ الْأَوَّلُ : السُّؤَالُ
بِقَصْدِ اخْتِبَارِ الْمَسْئُولِ لِمَعْرِفَةِ عِلْمِهِ وَإِيمَانِهِ كَسُؤَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمَةَ .
الثَّانِي : السُّؤَالُ عَنْ مُسْتَقَرِّ مَلَكُوتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَوْضِعِ سُلْطَانِهِ كَعَرْشِهِ وَكُرْسِيِّهِ وَمَلَائِكَتِهِ ، كَسُؤَالِ الْقَائِلِ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ خَلْقِهِ الْعَالَمَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ ، وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ } .
فَهَذَا السُّؤَالُ فِيهِ حَذْفٌ ، وَإِنَّمَا سَأَلَ عَنْ مُسْتَقَرِّ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ خَلْقِهِ وَالْعَمَاءُ هُوَ السَّحَابُ .
وَإِذَا جَازَ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ إذَايَةِ أَوْلِيَائِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { يُحَارِبُونَ اللَّهَ } وَيُؤْذُونَ اللَّهَ ، جَازَ أَنْ يُعَبَّرَ بِاسْمِهِ عَنْ مَلَائِكَتِهِ وَعَرْشِهِ وَسُلْطَانِهِ وَمِلْكِهِ قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ .
.
.
الْحَدِيثَ .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ : الْعَمَاءُ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ ا هـ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ تَأْوِيلِ السُّهَيْلِيِّ .
ثُمَّ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالثَّالِثُ : السُّؤَالُ بِأَيْنَ عَنْ ذَاتِ رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، فَهَذَا سُؤَالٌ لَا يَجُوزُ وَهُوَ سُؤَالٌ فَاسِدٌ لَا يُجَابُ عَنْهُ سَائِلُهُ ، وَإِنَّمَا سَبِيلُ الْمَسْئُولِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ فَسَادَ السُّؤَالِ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ حِين قِيلَ لَهُ : أَيْنَ اللَّهُ الَّذِي أَيْنَ الْأَيْنُ لَا يُقَالُ فِيهِ أَيْنَ ؟ فَبَيَّنَ لِلسَّائِلِ فَسَادَ سُؤَالِهِ بِأَنَّ الْأَيْنِيَّةَ مَخْلُوقَةٌ ، وَاَلَّذِي خَلَقَهَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ خَلْقِهَا لَا مَحَالَةَ ، وَلَا أَيْنِيَّةَ لَهُ ، وَصِفَاتُهُ تَعَالَى لَا تَتَغَيَّرُ فَهُوَ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ الْأَيْنِيَّةَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ خَلْقِهَا .
وَإِنَّمَا مَثَلُ هَذَا السُّؤَالِ كَمَثَلِ مَنْ سَأَلَ عَنْ لَوْنِ الْعِلْمِ أَوْ عَنْ طَعْمِ
الظَّنِّ وَالشَّكِّ ، فَيُقَالُ مَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ ثُمَّ سَأَلَ هَذَا السُّؤَالَ فَهُوَ مُتَنَاقِضٌ لِأَنَّ اللَّوْنَ وَالطَّعْمَ مِنْ صِفَةِ الْأَجْسَامِ ، وَقَدْ سَأَلْت عَنْ جِسْمٍ فَسُؤَالُك مُحَالٌ أَيْ مُتَنَاقِضٌ .
وَفِي الْعَجَمِيِّ : تَأْوِيلَانِ .
وَفِي الْوَقْفِ حَتَّى يُسْلِمَ : قَوْلَانِ ،
( وَفِي ) إجْزَاءِ إعْتَاقِ الرَّقِيقِ ( الْأَعْجَمِيِّ ) أَيْ الْمَجُوسِيِّ مُطْلَقًا وَالْكِتَابِيِّ الصَّغِيرِ عَنْ الظِّهَارِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ ( تَأْوِيلَانِ ) لِقَوْلِهَا وَيُجْزِئُ عِتْقُ الصَّغِيرِ وَالْأَعْجَمِيِّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إنْ كَانَ مِنْ قَصْرِ النَّفَقَةِ ، قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَمَنْ صَلَّى وَصَامَ أَحَبُّ إلَيَّ ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ أَبُو عِمْرَانَ مَعْنَى هَذَا فِي بَابِ الِاسْتِحْبَابِ ، وَأَمَّا فِي بَابِ الْإِجْزَاءِ فَيُجْزِئُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ قَصْرِ النَّفَقَةِ .
وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ فِي طَرْدِهِ قَوْلَهَا : وَالْأَعْجَمِيُّ ظَاهِرُهُ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا ، وَظَاهِرُهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا .
وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ ، وَفَسَّرَهُ بِهَذَا فِي غَيْرِهَا ، وَبِهِ فَسَّرَهَا ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُمَا ، وَاخْتَصَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ بِقَوْلِهِ وَيُجْزِئُ الْأَعْجَمِيُّ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ ، وَفَسَّرَهُ بِهَذَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَالَ لِأَنَّهُمْ عَلَى دِينِ مَنْ اشْتَرَاهُمْ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا يُجْزِئُ حَتَّى يَجِبَ إلَى الْإِسْلَامِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُسْلِمْ فَتَأَوَّلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى إجْزَائِهِ وَغَيْرُهُ عَلَى عَدَمِهِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ .
وَهَلْ الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ أَوْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْكَبِيرِ .
وَأَمَّا الصَّغِيرُ يُشْتَرَى مُفْرَدًا عَنْ أَبَوَيْهِ ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُجْزِئُ طَرِيقَانِ ، وَتَعْمِيمُ الْخِلَافِ أَوْلَى ا هـ .
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي " ح " مِنْ التَّعْمِيمِ هُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
( وَ ) عَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ إعْتَاقِ الْأَعْجَمِيِّ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارٍ فَ ( فِي الْوَقْفِ ) لِلْمُظَاهِرِ عَنْ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا ( حَتَّى يُسْلِمَ ) الْأَعْجَمِيُّ بِالْفِعْلِ احْتِيَاطًا لِلْفَرْجِ ، فَإِنْ مَاتَ
قَبْلَ إسْلَامِهِ لَمْ يَجْزِهِ ، حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَدَمِهِ لِكَوْنِهِ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَلَا يَأْبَاهُ غَالِبًا .
ابْنُ يُونُسَ أَنَا قُلْته ( قَوْلَانِ ) وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَنْصُوصَيْنِ ، وَعَادَتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ أَفَادَهُ تت .
الْبُنَانِيُّ صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ لِأَنَّهُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ .
الثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ ، وَالْأَوَّلُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ ، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فَهَلْ يُوقَفُ عَنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ الْأَعْجَمِيُّ ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُسْلِمْ لَمْ يَجْزِهِ أَوْ لَهُ وَطْؤُهَا وَيُجْزِيهِ إنْ مَاتَ قَوْلَانِ .
سَلِيمَةٍ عَنْ : قَطْعِ أُصْبُعٍ ، وَعَمًى ، وَبَكَمٍ ، وَجُنُونٍ وَإِنْ قَلَّ ، وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ ، وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ ، وَصَمَمٍ ، وَهَرَمٍ ، وَعَرَجٍ : شَدِيدَيْنِ ، وَجُذَامٍ ، وَبَرَصٍ ، وَفَلَجٍ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ وَمُحَرَّرَةٍ لَهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ، وَفِي إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ عَنْ ظِهَارِي : تَأْوِيلَانِ .
وَالْعِتْقِ ، لَا مُكَاتَبٍ ، وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا ، أَوْ أَعْتَقَ نِصْفًا فَكُمِّلَ عَلَيْهِ ، أَوْ أَعْتَقَهُ ، أَوْ لَا أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ أَرْبَعٍ ،
سَلِيمَةٍ ) أَيْ الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ ( عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ ) وَأَوْلَى أَكْثَرُ وَلَوْ بِآفَةٍ .
وَظَاهِرُهُ أَيُّ أُصْبُعٍ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا أَحْسَنُ ، وَتَصَرُّفُ وَتَعْبِيرُهُ بِقَطْعِ يُفِيدُ أَنَّ نَقْصَهُ خِلْقَةً لَا يَضُرُّ ، وَنَظَرَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ ، وَمَفْهُومُ " أُصْبُعٍ " أَنَّ قَطْعَ بَعْضِهِ لَا يَضُرُّ وَلَوْ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثَةِ ، وَيُعَارِضُهُ مَفْهُومُ أُنْمُلَةٍ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ مِنْ أَنَّ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَبَعْضَ أُخْرَى يَضُرُّ ، وَفِي الْحَطّ مَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ مَفْهُومِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ قَالَ وَانْظُرْ إذَا ذَهَبَ أُنْمُلَتَانِ وَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأُصْبُعِ .
( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( عَمًى ) وَغِشَاوَةٍ لَا يُبْصِرُ مَعَهَا إلَّا بِعُسْرٍ لَا خَفِيفَةٍ وَعَشِيٍّ وَجَهْرٍ فَلَا تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْهَا ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( بَكَمٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْكَافِ أَيْ خَرِسَ ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( جُنُونٍ ) إنْ كَثُرَ ، بَلْ ( وَإِنْ قَلَّ ) كَمَرَّةٍ فِي شَهْرٍ ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( مَرَضٍ مُشْرِفٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ آخِرُهُ فَاءٌ أَيْ مُقَرِّبٍ مِنْ الْمَوْتِ لِشِدَّتِهِ بِأَنْ بَلَغَ صَاحِبُهُ النَّزْعَ أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَأَبُو الْحَسَنِ ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ مِنْ مَرَضٍ غَيْرِ مُشْرِفٍ وَهُوَ كَذَلِكَ .
( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( قَطْعِ أُذُنَيْنِ ) أَوْ أُذُنٍ وَاحِدَةٍ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ أَصْلِهِمَا أَوْ مِنْ أَطْرَافِهِمَا ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( صَمَمٍ ) أَيْ عَدَمِ سَمْعٍ أَوْ ثِقَلِهِ جِدًّا ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( هَرَمٍ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( عَرَجٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ ( شَدِيدَيْنِ ) نَعْتُ هَرَمٍ وَعَرَجٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْخَفِيفَيْنِ لَا تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْهُمَا ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( جُذَامٍ قَلِيلٍ ) وَأَوْلَى الْكَثِيرُ ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( بَرَصٍ ) وَإِنْ قَلَّ ( وَ ) سَلِيمَةٍ مِنْ ( فَلَجٍ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ
يُبْسِ شَقٍّ حَالَ كَوْنِ الرَّقَبَةِ ( بِلَا شَوْبِ ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ مَصْدَرُ شَابَ أَيْ خَلَطَ ( عِوَضٍ ) فِي ذِمَّةِ الرَّقِيقِ بِأَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَدِينَارٍ فِي ذِمَّتِهِ يَدْفَعُهُ بَعْدَ نَحْوِ شَهْرٍ ، وَأَمَّا عِتْقُهُ عَنْ ظِهَارِهِ بِشَرْطِ أَخْذِ دِينَارٍ مَثَلًا بِيَدِهِ فَيُجْزِئُ ، لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ قَالَهُ تت ، قَالَ : وَيُحْتَمَلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ رَجُلٍ وَعَنْ ظِهَارِهِ عَلَى جُعْلٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَوَلَاؤُهُ الْعِتْقُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الْجُعَلُ ، وَلَا يُجْزِيهِ عَنْ ظِهَارِهِ .
وَعُطِفَ عَلَى بِلَا شَوْبِ بَعْضُ مُحْتَرَزِهِ عَلَى عَادَتِهِ فَقَالَ ( لَا ) يُجْزِئُ عِتْقُ رَقِيقٍ ( مُشْتَرًى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِشَرْطِ كَوْنِ شِرَائِهِ ( لِلْعِتْقِ ) عَنْ ظِهَارِهِ لِشَوْبِ الْعِوَضِ لِتَقْدِيرِ تَرْكِ الْبَائِعِ بَعْضَ ثَمَنِهِ فِي نَظِيرِ رِضَا الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ عِتْقِهِ وَنَعْتُ رَقَبَةٍ بِ ( مُحَرَّرَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ مُعْتَقَةٍ ( لَهُ ) أَيْ الظِّهَارِ وَعُطِفَ عَلَيْهِ بَعْضُ مُحْتَرَزِهِ بِقَوْلِهِ : ( لَا ) يُجْزِئُ عِتْقُ ( مَنْ ) أَيْ رَقِيقٍ أَوْ الرَّقِيقِ الَّذِي ( يَعْتِقُ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُظَاهِرِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لِقَرَابَتِهِ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ ، أَوْ تَعْلِيقِ عِتْقِهِ عَلَى شِرَائِهِ نَحْوَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ عِتْقَهُ لِلْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَا لِلظِّهَارِ ، ( وَ ) إنْ قَالَ الْمُظَاهِرُ ( إنْ اشْتَرَيْته ) أَيْ هَذَا الرَّقِيقَ الْمُعَيَّنَ ( فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ) ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ فَفِي إجْزَاءِ عِتْقِهِ عَنْهُ وَعَدَمِهِ ( تَأْوِيلَانِ ) الْبُنَانِيُّ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ مَنْ لَا سَبَبَ فِيهِ لِلْعِتْقِ إلَّا التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا ، قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ مُظَاهِرٌ فَلَا يُجْزِيهِ ا هـ .
ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ
الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ : إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ يُجْزِيهِ .
ا هـ .
فَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْعُمُومِ فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ خِلَافٌ ، وَحَمَلَهَا الْبَاجِيَّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ عَنْ ظِهَارِي فَهُوَ وِفَاقٌ .
أَبُو عِمْرَانَ مَحَلُّهُمَا إذَا عَلَّقَ بَعْدَ الظِّهَارِ ، وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَكَأَنَّهُ قَالَ : إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ وَقَعَ مِنِّي وَنَوَيْت الْعَوْدَ ، وَإِنْ لَمْ أَنْوِهِ فَلَا يُعْتَقُ ا هـ .
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ ، وَنِيَّةُ الْعَوْدِ فِي مَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ أَمْكَنُ لِحُصُولِ الظِّهَارِ فِيهَا وَكُلُّ مُكَفِّرٍ عَنْ ظِهَارٍ فَإِنَّمَا يُرِيدُ عَنْ الظِّهَارِ الَّذِي مَنَعَهُ الْوَطْءَ لِيَطَأَ ، فَهَذِهِ نِيَّةُ الْعَوْدَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ جَرَى فِي لَفْظِ أَبِي عِمْرَانَ أَوَّلًا الْإِشَارَةَ إلَى وَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ مُحَمَّدٍ وَأَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ الْتَزَمَ عِتْقَهُ لِلْكَفَّارَةِ فِي وَقْتٍ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لَوْ مَلَكَهُ لِأَنَّهُ قَالَهُ بَعْدَ ظِهَارِهِ ، وَفِي مَسْأَلَةِ أَبِي عِمْرَانَ الْتَزَمَ عِتْقَهُ لِلْكَفَّارَةِ فِي وَقْتٍ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لَوْ مَلَكَهُ لِأَنَّهُ قَالَهُ قَبْلَ ظِهَارِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عِمْرَانَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ وَبِنَفْسِ شِرَائِهِ يُعْتَقُ ا هـ .
وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَبُو الْحَسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) بِلَا شَوْبِ ( الْعِتْقِ ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى عِوَضٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعِتْقٌ بِالتَّنْكِيرِ أَيْ خَالِيَةٌ عَنْ مُخَالَطَةِ الْعِتْقِ لِغَيْرِ الظِّهَارِ لِعِتْقِهَا لَهُ ، وَذُكِرَ مُحْتَرَزُهُ بِقَوْلِهِ ( لَا ) يُجْزِئُ عِتْقُ ( مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا ) مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ عَنْ الظِّهَارِ لِوُجُودِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْجَمِيعِ ، وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ أَوْ
الْمُدَبَّرَ سَيِّدُهُ .
وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى الْمُظَاهِرُ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ ، وَقُلْنَا بِمُضِيِّ شِرَائِهِ وَعِتْقِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ كَالْمُكَاتَبِ فَقِيلَ يُجْزِيهِ وَقِيلَ لَا .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا يُجْزِئُ إنْ ( أَعْتَقَ ) الْمُظَاهِرُ عَنْ ظِهَارِهِ ( نِصْفًا ) مَثَلًا مِنْ رَقِيقٍ ( فَكُمِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا عِتْقُهُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُظَاهِرِ مِنْ الْحَاكِمِ ( أَوْ أَعْتَقَهُ ) أَيْ الْمُظَاهِرُ النِّصْفَ الْآخَرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِاخْتِيَارِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِجْزَاءِ عِتْقُ الرَّقَبَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً ( أَوْ أَعْتَقَ ) الْمُظَاهِرُ ( ثَلَاثًا ) مِنْ الرِّقَابِ ( عَنْ أَرْبَعٍ ) مِنْ النِّسَاءِ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ أَوْ اثْنَيْنِ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ رَقَبَةً عَنْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يُعْتِقَ عَنْ الْبَاقِي ، هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ ، وَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ فَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ سَاوَى عَدَدُ الرِّقَابِ عَدَدَ النِّسَاءِ كَأَرْبَعٍ عَنْ أَرْبَعٍ ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَأَرْبَعٍ عَنْ ثَلَاثٍ وَإِنْ بَيَّنَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ رَقَبَةً أَوْ أَطْلَقَ حَلَلْنَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ أَشْهَبَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَصَرْفُ عَدَدِ كَفَّارَاتٍ لِمِثْلِهِ مِنْ ظِهَارٍ مُجْزٍ وَلَوْ دُونَ تَعْيِينٍ إنْ لَمْ يَقْتَضِ شَرِكَةً فِي رَقَبَةٍ أَوْ فِي شَهْرَيْ صَوْمٍ أَوْ فِي مِسْكِينٍ لِلُزُومِ تَتَابُعِ الصَّوْمِ ، وَصِحَّةِ تَفْرِيقِ إطْعَامِ الْمَسَاكِينِ ، فَإِنْ تَسَاوَى الْعَدَدَانِ فَوَاضِحٌ ، وَإِنْ قَلَّ عَدَدُ الْكَفَّارَاتِ مُنِعَ الْوَطْءُ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الظِّهَارِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدَةٌ لِغَلَبَةِ الْحُرْمَةِ فِيمَا احْتَمَلَهَا مُسَاوِيًا .
وَيُجْزِئُ : أَعْوَرُ .
وَمَغْصُوبٌ ، وَمَرْهُونٌ ، وَجَانٍ ، إنْ اُفْتُدِيَا ، وَمَرَضٍ ، وَعَرَجٍ خَفِيفَيْنِ ، وَأُنْمُلَةٍ ، وَجَدْعٍ فِي أُذُنٍ
( وَيُجْزِئُ ) رَقِيقٌ ( أَعْوَرُ ) أَيْ عِتْقُهُ عَنْ الظِّهَارِ لِقِيَامِ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ( وَ ) يُجْزِئُ رَقِيقٌ ( مَغْصُوبٌ ) مِنْ الْمُظَاهِرِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ غَاصِبِهِ ، وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً .
ابْنُ شَاسٍ عِتْقُ الْمَغْصُوبِ يُجْزِئُ ( وَ ) يُجْزِئُ رَقِيقٌ ( مَرْهُونٌ ) فِي دَيْنٍ عَلَى الْمُظَاهِرِ ( وَ ) رَقِيقٌ ( جَانٍ ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ ( إنْ اُفْتُدِيَا ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ خَلَّصَ الْمُظَاهِرُ الْمَرْهُونَ مِنْ مُرْتَهِنِهِ وَالْجَانِيَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ ، فَإِنْ لَمْ يُفْتَدَيَا وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الرَّقِيقَ فِي دَيْنِهِ أَوْ بِيعَ فِيهِ وَأَخَذَ مُسْتَحِقُّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ الرَّقِيقَ فَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُمَا لِانْفِسَاخِهِ .
طفي وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْهُونَ وَالْجَانِيَ أُعْتِقَا عَنْ الظِّهَارِ قَبْلَ افْتِدَائِهِمَا .
فَيُجْزِئُ إنْ اُفْتُدِيَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا .
وَفِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُجْزِئُ عِتْقُ الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي إنْ نَفَذَ ، أَيْ الْعِتْقُ ، وَفِي بَعْضِهَا إنْ اُفْتُدِيَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَرْطُ النُّفُوذِ فِي الْإِجْزَاءِ صَحِيحٌ .
وَأَمَّا الْفِدَاءُ فَلَيْسَ شَرْطًا فِي الْإِجْزَاءِ مُبَاشَرَةً ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْعِتْقِ مُبَاشَرَةً ، وَفِي الْإِجْزَاءِ بِوَاسِطَتِهِ .
( وَ ) يُجْزِئُ ذُو ( مَرَضٍ وَعَرَجٍ ) خَفِيفَيْنِ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ( وَ ) يُجْزِئُ مَقْطُوعُ ( أُنْمُلَةٍ ) وَلَوْ مِنْ إبْهَامٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِيهِ ( وَ ) يُجْزِئُ ذُو ( جَدْعٍ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَطْعٍ ( فِي أُذُنٍ ) لَمْ يُوعِبْهَا بِدَلِيلٍ فِي الْبُنَانِيِّ ، الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ وَيُجْزِئُ الْجَدْعُ الْخَفِيفُ كَجَدْعِ أُذُنٍ ا هـ .
وَحَادَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِتَعَقُّبِهِ عَبْدَ الْحَقِّ بِقَوْلِهِ وَقَعَ فِي نَقْلِ ابْنِ سَعِيدٍ كَجَدْعِ أُذُنٍ وَمَجْدُوعُ أُذُنٍ لَا يُجْزِئُ ، وَإِنَّمَا فِي الْأُمَّهَاتِ وَالْجَدْعُ فِي أُذُنٍ يُرِيدُ
الْجَدْعَ الْيَسِيرَ يَكُونُ فِيهَا لَا قَطْعَ الْأُذُنِ كُلِّهَا كَمَا يَقْتَضِيهِ نَقْلُهُ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنْ قَالَ طفي تَعَقُّبُ عَبْدُ الْحَقِّ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ الْأُمَّهَاتِ الْجَدْعُ فِي الْأُذُنِ عَدَمُ إجْزَاءِ مَجْدُوعِهَا لِأَنَّ قَوْلَهَا أَيْضًا لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ يَدُلُّ بِحَسْبِ مَفْهُومِهِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْأُمَّهَاتِ وَقَطْعٌ فِي أُنْمُلَةٍ فَيَلْزَمُ عَلَى تَعَقُّبِهِ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ فِي هَذَا أَيْضًا مَعَ أَنَّ مَقْطُوعَ الْأُنْمُلَةِ يُجْزِئُ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ ، فَيُحْمَلُ مَا فِي الْأُمَّهَاتِ عَلَى اغْتِفَارِ الْقَطْعِ وَإِنْ اسْتَوْعَبَ الْأُذُنَ الْوَاحِدَةَ أَوْ الْأُنْمُلَةَ ، وَيَكُونُ اخْتِصَارُ أَبِي سَعِيدٍ بَيَانًا لِذَلِكَ الْمُرَادِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ نَصُّهَا عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ مَقْطُوعِ الْأُذُنَيْنِ أَوْ الْأُصْبُعِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
وَعِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ ، إنْ عَادَ وَرَضِيَهُ ، وَكُرِهَ الْخَصِيُّ ، وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ
( وَ ) يُجْزِئُ ( عِتْقُ الْغَيْرِ ) مِنْ إضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ رَقِيقًا ، أَيْ إعْتَاقُ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ رَقِيقًا ( عَنْهُ ) أَيْ الْمُظَاهِرِ إنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي إعْتَاقِهِ عَنْهُ بَلْ ( وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ ) الْمُظَاهِرُ لَهُ فِيهِ ( إنْ ) كَانَ الْمُظَاهِرُ قَدْ ( عَادَ ) بِعَزْمِهِ عَلَى وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ مَعَ إمْسَاكِهَا قَبْلَ عِتْقِ غَيْرِهِ عَنْهُ ( وَرَضِيَهُ ) أَيْ الْمُظَاهِرُ عِتْقَ غَيْرِهِ عَنْهُ ( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْعَبْدُ ( الْخَصِيُّ ) أَيْ إعْتَاقُهُ عَنْ الظِّهَارِ وَأَوْلَى الْمَجْبُوبُ .
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( أَنْ يُصَلِّي وَيَصُومَ ) الرَّقِيقُ الَّذِي أُرِيدَ عِتْقُهُ عَنْ الظِّهَارِ .
طفي فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَعِتْقُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ أَحَبُّ إلَيَّ بِقَوْلِهِ يُرِيدُ مَنْ عَقَلَ الْإِسْلَامَ بِالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ أَوْلَى ، وَبِهِ فَسَّرَ الشَّارِحُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ إعْتَاقَ الصَّغِيرِ مُجْزٍ وَلَوْ رَضِيعًا وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَكَبِرَ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ مُقْعَدًا أَوْ مُطْبَقًا ، فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ .
ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ ، لَا قَادِرٍ .
وَإِنْ بِمِلْكٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ : لِكَمَرَضٍ ، أَوْ مَنْصِبٍ ، أَوْ بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ظَاهَرَ مِنْهَا صَوْمُ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ ، وَتُمِّمَ الْأَوَّلُ إنْ انْكَسَرَ مِنْ الثَّالِثِ ، وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ ، إنْ أَضَرَّ بِخِدْمَتِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ ، وَتَعَيَّنَ لِذِي الرِّقِّ ، وَلِمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ ، وَقَدْ الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ لِعَشْرِ سِنِينَ
( ثُمَّ لِ ) مُظَاهِرٍ ( مُعْسِرٍ عَنْهُ ) أَيْ الْإِعْتَاقِ وَضَمِنَ مُعْسِرًا مَعْنَى عَاجِزٍ فَعَدَّاهُ بِعَنْ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ بِالْبَاءِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ( وَقْتَ الْأَدَاءِ ) أَيْ فِعْلِ الْكَفَّارَةِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ وَقْتُ وُجُوبِهَا وَهُوَ وَقْتُ الْعَوْدِ عَلَى ظَاهِرِ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ مَنْ ظَاهَرَ مُوسِرًا وَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أُعْدِمَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ .
وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَهَذَا فَهْمُ اللَّخْمِيِّ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِالنَّدْبِ ، وَهَذَا فَهْمُ الْبَاجِيَّ تَأْوِيلَانِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا شَرْطُهُ الْعَجْزُ عَنْ الْعِتْقِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ ظَاهَرَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا خَادِمٌ وَاحِدَةٌ أَوْ دَارٌ لَا فَضْلَ فِيهَا ، أَوْ عَرْضُ ثَمَنِ رَقَبَةٍ لَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْعِتْقِ ، وَفِي اعْتِبَارِ عَجْزِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا أَوْ وَقْتَ الْوُجُوبِ إنْ أَيْسَرَ بَعْدَ صَوْمِهِ فِي عُسْرِهِ بَعْدَ يُسْرِهِ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ .
وَنَقَلَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ظَاهَرَ مُوسِرٌ وَلَمْ يُعْتِقْ حَتَّى أُعْدِمَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ يُعْتِقُ الْبَاجِيَّ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ .
وَحَمَلَهُ ابْنُ شَاسٍ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَ الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ .
وَقِيلَ : بِوَقْتِ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ فِيهِ مُوسِرًا .
بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ وَطِئَ فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْعِتْقِ لِيُسْرِهِ فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أَعْسَرَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ .
( لَا ) يَصِحُّ الصَّوْمُ لِمُظَاهِرٍ ( قَادِرٍ ) عَلَى الْإِعْتَاقِ وَقْتَ الْأَدَاءِ بِمِلْكِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ ( بِمِلْكِ ) شَيْءٍ ( مُحْتَاجٍ ) الْمُظَاهِرُ ( إلَيْهِ ) مِنْ رِقٍّ وَغَيْرِهِ احْتَاجَ إلَيْهِ ( لِكَمَرَضٍ ) وَهَرَمٍ ( وَمَنْصِبٍ ) وَسُكْنَى وَمُرَاجَعَةٍ وَنَفَقَةٍ عَلَى نَفْسِهِ ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ فَوْتُهُ وَلَا فَوْتُ مَنْ تَلْزَمُهُ .
نَفَقَتُهُ
لِظَنِّ يُسْرِهِ لِإِتْيَانِهِ بِمُنْكَرٍ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٍ .
( أَوْ ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ ( بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ) أَيْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا هِيَ ( ظَاهَرَ مِنْهَا ) فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يُعْتِقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ إعْتَاقِهَا جَازَ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ : وَفِيهَا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَةٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الْعِتْقُ وَأَجْزَأَهُ عَنْ ظِهَارِهِ ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الْحَقِّ قِيلَ لِأَبِي عِمْرَانَ كَيْفَ يُجْزِئُ عِتْقُهَا وَهُوَ يُحَرِّمُ وَطْأَهَا ، قَالَ نِيَّةُ عَوْدَتِهِ الْوَطْءَ تُوجِبُ كَفَّارَتَهُ .
قِيلَ بَعْضُ النَّاسِ ضَعَّفَهَا ، قَالَ إنَّمَا يُضَعِّفُهَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا لِلسَّلَفِ .
قَالَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَغَيْرُهُمْ الظِّهَارُ يَكُونُ فِي الْإِمَاءِ وَيُعْتِقْنَ عَنْ ظِهَارِهِنَّ ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ إنْ كَانَ وَطِئَ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ إرَادَةَ الْعَوْدَةِ تُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْئِهَا .
وَقَرَّرَ بَعْضُ النَّاسِ تَضْعِيفَهَا بِأَنَّ عِتْقَهَا لَهُ مَشْرُوطٌ بِالْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا ، وَوَطْأَهَا مَلْزُومٌ لِمِلْكِهَا ، وَمِلْكَهَا مُنَاقِضٌ لِعِتْقِهِ ، فَيَلْزَمُ مُنَاقَضَةُ الشَّرْطِ مَشْرُوطَهُ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُنَاقِضَ لِعِتْقِهَا هُوَ الْمُقَارِنُ لَهُ ، وَالْمِلْكَ اللَّازِمَ لِلْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا سَابِقٌ عَلَى عِتْقِهَا ضَرُورَةَ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ الْمَشْرُوطِ وَأَحَدُ شُرُوطِ التَّنَاقُضِ اتِّحَادُ الزَّمَانِ .
اللَّخْمِيُّ يُجْزِيهِ عِتْقُهَا عَلَى أَنَّ الْعَوْدَةَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَأَنَّهُ إنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ أَوْ مَاتَتْ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ .
وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَجْزَأَتْهُ ، وَلَا تُجْزِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شَرْطَهَا كَوْنُهَا فِي مَوْضِعٍ يَسْتَبِيحُ بِهِ الْإِصَابَةَ لِأَنَّ عِتْقَهَا خِلَافُ الْعَزْمِ عَلَى الْإِصَابَةِ وَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ
لِأَنَّهُ مَالِكُ رَقَبَةٍ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَةٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا أَجْزَأَتْهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ نَصٌّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ .
ابْنُ شَاسٍ تَكَلُّفُ الْمُعْسِرِ الْإِعْتَاقَ أَجْزَأَ عَنْهُ قُلْت بِاسْتِيهَابِ ثَمَنِهِ أَوْ اسْتِدَانَتِهِ مَعَ إعْلَامِ رَبِّ الدَّيْنِ عَنْهُ لِأَنَّهُ بِهِمَا يَصِيرُ وَاجِدًا .
وَالْمَعْطُوفُ بِثُمَّ ( صَوْمُ شَهْرَيْنِ ) مُعْتَبَرَيْنِ ( بِ ) رُؤْيَةِ ( الْهِلَالِ ) لَيْلَةَ أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ ، أَوْ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ إنْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ حَالَ كَوْنِهِ ( مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ ) وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { مُتَتَابِعَيْنِ } أَيْ فِعْلًا وَنِيَّةً ، فَلَا يَكْفِي تَتَابُعُهُمَا بِدُونِ نِيَّتِهِ ( وَ ) مَنْوِيَّ ( الْكَفَّارَةِ ) عَنْ الظِّهَارِ ( وَتُمِّمَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى الشَّهْرُ ( الْأَوَّلُ إنْ انْكَسَرَ ) أَيْ ابْتَدَأَ الصَّوْمَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمٍ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ ، وَمَفْعُولُ تَمَّمَ الثَّانِي مَحْذُوفٌ أَيْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، وَصِلَةُ تَمَّمَ ( مِنْ ) الشَّهْرِ ( الثَّالِثِ ) مُتَّصِلًا بِآخِرِ الثَّانِي .
ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ أَشْهَرُ إنْ تَتَابَعَا إنْ بَدَأَهُمَا لِلْأَهِلَّةِ أَجْزَأَ وَلَوْ قَصَّرَا عَنْ سِتِّينَ يَوْمًا ، فَإِنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرٍ لِعُذْرٍ فَفِي إكْمَالِهِ ثَلَاثِينَ أَوْ بِقَدْرِ مَا أَفْطَرَ نَقْلًا عِيَاضٍ عَنْ الْوَاضِحَةِ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، وَلَوْ ابْتَدَأَ لِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ فَفِي إكْمَالِ الْمُبْتَدَأِ ثَلَاثِينَ أَوْ بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْهُ نَقْلَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَتَخْرِيجُ عِيَاضٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
( وَلِلسَّيِّدِ ) لِلْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ ( الْمَنْعُ ) لَهُ مِنْ الصَّوْمِ ( إنْ أَضَرَّ ) الصَّوْمُ ( بِخِدْمَتِهِ ) إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ ( وَلَمْ يُؤَدِّ ) الْعَبْدُ ( خَرَاجَهُ ) الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ لِضَعْفِهِ عَنْ تَحْصِيلِهِ بِالصَّوْمِ إنْ كَانَ عَبْدَ خَرَاجٍ ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ
الَّتِي لِمَنْعِ الْخَلْوَةِ فَقَطْ .
فَإِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالْخَرَاجِ مَعًا وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : وَمَنْ وَافَقَهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِيهِ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِخِدْمَتِهِ وَلَا خَرَاجِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
( وَتَعَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الصَّوْمُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ( لِ ) لِمُظَاهِرِ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( الرِّقِّ ) أَيْ الرَّقِيقِ أَيْ عَلَيْهِ وَشَمِلَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَهُوَ لَازِمٌ لِلْإِعْتَاقِ ، وَنَفْيُ اللَّازِمِ دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ مَلْزُومِهِ وَمَحَلُّ تَعَيُّنِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَطْعَمَ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ قُدْرَتُهُ عَلَى الصِّيَامِ .
( وَ ) تَعَيَّنَ الصَّوْمُ ( لِمَنْ ) أَيْ مُظَاهِرٍ حُرٍّ ( طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ ) أَيْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ( وَقَدْ الْتَزَمَ ) قَبْلَ ظِهَارِهِ أَوْ بَعْدَهُ ( عِتْقَ مَنْ ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي ( يَمْلِكُهُ ) الْمُظَاهِرُ ( لِ ) تَمَامِ ( عَشْرِ سِنِينَ ) مَثَلًا مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ، ظَاهِرٌ أَوْ مَفْهُومُ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ أَنَّهَا إنْ صَبَرَتْ لِتَمَامِهَا لَا يَصُومُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ سَحْنُونٌ .
ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْهُ لَمَا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَيَصِيرُ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَيُعْتَقُ .
وَإِنْ أَيْسَرَ فِيهِ : تَمَادَى ، إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ .
وَنُدِبَ الْعِتْقُ فِي : كَالْيَوْمَيْنِ ، وَلَوْ تَكَلَّفَهُ الْمُعْسِرُ : جَازَ .
( وَإِنْ ) شَرَعَ الْمُظَاهِرُ فِي الصَّوْمِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْعِتْقِ وَ ( أَيْسَرَ ) أَيْ قَدَرَ الْمُظَاهِرُ عَلَى الْعِتْقِ ( فِيهِ ) أَيْ الصَّوْمِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ أَوْ مَا بَعْدَهُ ( تَمَادَى ) عَلَى الصَّوْمِ وُجُوبًا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ ) أَيْ الْمُظَاهِرُ الصَّوْمَ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ تَكْفِيرُهُ بِالْعِتْقِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ إفْسَادَ الصَّوْمِ .
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( الْعِتْقُ ) أَيْ الرُّجُوعُ لِلتَّكْفِيرِ بِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ( فِي كَالْيَوْمَيْنِ ) وَالثَّلَاثَةِ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ الرَّابِعِ وَمَفْهُومُ فِي الْيَوْمَيْنِ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي لَيْلَةِ الثَّانِي قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِلتَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ وَهُوَ كَذَلِكَ الْبُنَانِيُّ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا بِعَيْنِهِ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي نَقَلَهُ " ق " وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّابِعِ وَجَبَ تَمَادِيهِ فِيهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنَّمَا يُنْظَرُ لِحَالِهِ يَوْمَ يُكَفِّرُ لَا إلَى حَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا أَحْبَبْت رُجُوعُهُ لِلْعِتْقِ وَلَا أُوجِبُهُ ، وَإِنْ صَامَ أَيَّامًا لَهَا عَدَدٌ مَضَى عَلَى صَوْمِهِ وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ .
الْبَاجِيَّ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ : مَنْ صَامَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ رَقَبَةً فَإِنَّهُ يُعْتِقُ وَلَوْ صَامَ أَيَّامًا لَهَا اسْمُ أَتَمَّ " صَوْمَهُ وَلَا يُعْتِقُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدَنِيَّةِ مَنْ صَامَ لِظِهَارِهِ لِعَدَمٍ فَأَفْسَدَ بِوَطْءِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَلَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ .
( وَلَوْ تَكَلَّفَهُ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُظَاهِرُ الْمُعْسِرُ الْإِعْتَاقَ عَنْ ظِهَارِهِ بِأَنْ اسْتَوْهَبَ ثَمَنَهُ أَوْ اسْتَدَانَهُ ( جَازَ ) وَأَجْزَأَ .
طفي نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي تَوْضِيحه : لَوْ قَالَ أَجْزَأَ لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ ارْتَكَبَهَا هُنَا ،
فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ قَالَ .
.
.
إلَخْ تَبَعٌ لَهُ وَاعْتِرَاضُ تت رِضًا مِنْهُ بِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْكُلُّ حَسَنٌ لِأَنَّ التَّكَلُّفَ قَدْ يَكُونُ جَائِزًا بِاسْتِيهَابِ ثَمَنِهِ أَوْ اسْتِدَانَتِهِ مَعَ إعْلَامِهِ رَبَّ الدَّيْنِ أَنَّهُ أَرَادَ إعْتَاقَهُ ، وَقَدْ يَكُونُ مَمْنُوعًا بِأَنْ كَانَ الِاسْتِيهَابُ فِي إلْحَاحٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَلِذَا قَالَ " س : " لَوْ قَالَ أَجْزَأَ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ قَدْ يَكُونُ تَكَلُّفُهُ مَمْنُوعًا .
وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا .
كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ ،
( وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ ) أَيْ الصَّوْمِ ( بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا ) حَالَ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا بِالصَّوْمِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ ( أَوْ ) بِوَطْءِ ( وَاحِدَةٍ مِمَّنْ ) أَيْ زَوْجَاتٍ أَوْ إمَاءٍ مُظَاهَرٍ مِنْهُنَّ تُجْزِئُ ( فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ ) وَاحِدَةٌ بِأَنْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ : أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ كَانَ الْوَطْءُ الْمَذْكُورُ نَهَارًا عَامِدًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) حَصَلَ وَطْؤُهُ الْمَذْكُورُ ( لَيْلًا ) حَالَ كَوْنِهِ ( نَاسِيًا ) أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا ظَانًّا أَنَّهَا غَيْرُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا ، وَاحْتُرِزَ عَنْ وَطْئِهِ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا لَيْلًا فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ صِيَامَهُ ، وَاحْتُرِزَ أَيْضًا عَنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَاتٌ لَيْلًا فِي الصَّوْمِ لِغَيْرِ الصَّائِمِ عَنْهَا فَلَا يَنْقَطِعُ صَوْمُهُ .
فَإِنْ قُلْت الْوَاحِدَةُ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ مُظَاهَرٌ مِنْهَا فَفِيهِ تَكْرَارٌ .
قُلْت نَعَمْ لَكِنَّهُ غَامِضٌ قَدْ لَا يُهْتَدَى إلَيْهِ أَوْ يُنَازَعُ فِيهِ فَلِذَا ذَكَرَهُ فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِنُكْتَةٍ .
( كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ ) بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا أَوْ وَوَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ فِي أَثْنَائِهِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا أَوْ غَلَطًا عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : لَا يَبْطُلُ الْإِطْعَامُ الْمُتَقَدِّمُ مُطْلَقًا وَاسْتِئْنَافُهُ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا قَالَ { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } فِي الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ ، وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الْإِطْعَامِ .
وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمَشْهُورِ قِيَاسُ الْإِطْعَامِ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ وَالْحَذْفُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ لِدَلَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَقَدْ يُعَارَضُ بِأَنَّ ذِكْرَ الْقَيْدِ فِي شَيْئَيْنِ وَتَرْكَهُ مِنْ ثَالِثٍ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ تَقْيِيدِهِ بِهِ خُصُوصًا فِي مَقَامِ الْبَيَانِ مِنْ الشَّارِعِ .
وَمَفْهُومُ وَطْءٍ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ لَا يَقْطَعَانِهِ ، وَشَهَرَهُ
ابْنُ عُمَرَ .
وَقِيلَ يَقْطَعَانِهِ وَشَهَرَهُ الزَّنَاتِيُّ ، وَعُبِّرَ فِي الصَّوْمِ بِالْقَطْعِ وَفِي الْإِطْعَامِ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ لَا يُوصَفُ بِالتَّتَابُعِ .
وَاسْتُشْكِلَ بُطْلَانُهُمَا بِهِ بِأَنَّ سَبْقَ بَعْضِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهَا كُلِّهَا عَنْهُ ، وَقَدْ قَالُوا بِإِجْزَائِهَا مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُمَاسَّةَ الْمَطْلُوبَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا هِيَ الْمُمَاسَّةُ الْمُبَاحَةُ وَالْوَاقِعَةُ فِي أَثْنَاءِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرُ مُبَاحَةٍ فَاسْتُؤْنِفَتْ .
قُلْتُ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُمَاسَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعَةٌ أَيْضًا ، وَلِذَا قَالُوا بِالْإِجْزَاءِ وَلَمْ يَقُولُوا بِالْجَوَازِ ، فَعَادَ السُّؤَالُ ، وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنَّ الْمُمَاسَّةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْكَفَّارَةِ مَحْضُ عَدَاءٍ وَالْمُمَاسَّةَ فِي أَثْنَائِهَا مُنَافِيَةٌ لَهَا مَعَ الْعَدَاءِ كَالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ الصَّلَاةَ فِيهَا ، بِخِلَافِ تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْعَدَاءِ أَفَادَهُ عب .
وَبِفِطْرِ السَّفَرِ ، بِمَرَضٍ هَاجَهُ ، لَا إنْ لَمْ يَهِجْهُ : كَحَيْضٍ ، وَنِفَاسٍ ، وَإِكْرَاهٍ ، وَظَنِّ غُرُوبٍ ، وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ
( و ) انْقَطَعَ تَتَابُعُ الصَّوْمِ ( بِفِطْرِ ) الصَّائِمِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فِي ( السَّفَرِ ) وَلَا يُقَاسُ عَلَى فِطْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ ( أَوْ ) بِفِطْرِهِ فِي السَّفَرِ ( بِ ) سَبَبِ ( مَرَضٍ هَاجَهُ ) أَيْ السَّفَرَ الْمَرَضُ وَلَوْ وَهْمًا ( لَا ) يَبْطُلُ بِفِطْرِهِ فِي السَّبَبِ مَرَضٌ ( إنْ ) تَحَقَّقَ أَنَّ السَّفَرَ ( لَمْ يَهِجْهُ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ ، وَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ مَرَضًا بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ سَفَرًا وَغَيْرَهُ كَأَكْلِهِ شَيْئًا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يُمْرِضُهُ ثُمَّ أَفْطَرَ فَيُجْعَلُ ضَمِيرُ هَاجَهُ لِلشَّخْصِ فَيَعُمُّ السَّفَرَ وَغَيْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْإِبْطَالِ .
فَقَالَ ( كَ ) فِطْرٍ فِي كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ فِطْرٍ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ لَهُ ( حَيْضٍ ) أَوْ نِفَاسٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا فِطْرُ الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيُوجِبُ اتِّصَالَ قَضَائِهِ تَتَابُعًا ، بِخِلَافِ فِطْرِ السَّفَرِ وَمَرَضِهِ لِأَنِّي أَخَافُ أَنَّهُ بِهِ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ يُجْزِيهِ ( وَ ) لَا يَقْطَعُهُ فِطْرٌ لِ ( لْإِكْرَاهِ ) بِمُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ .
.
.
إلَخْ ( وَ ) فِطْرٍ لِ ( ظَنِّ غُرُوبٍ وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( وَ ) لَا يَنْقَطِعُ بِفِطْرٍ لِ ( نِسْيَانٍ ) وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَحَكَى ابْنُ رَاشِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ .
وَقَالَ ابْنُ نَاجِي : لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَطْعِهِ بِالْفِطْرِ نَسِيَانَا أَوْ جَهْلًا ثَالِثُهُمَا بِهِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي قَطْعِهِ بِهِ نِسْيَانًا أَوْ خَطَأً ، ثَالِثُهَا خَطَأٌ .
ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ لَا عُذْرَ بِتَفْرِقَةِ النِّسْيَانِ وَعَذَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ، قَوْلُهُ بِتَفْرِقَةِ النِّسْيَانِ أَيْ فَصْلُ قَضَاءِ مَا أَفْطَرَ مِنْهَا لِمَرَضِ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ نِسْيَانًا عَنْهَا ، وَالْمُرَادُ فِطْرُهُ نَاسِيًا بِغَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ بِهِ نَهَارًا فِي غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ .
وَبِالْعِيدِ إنْ تَعَمَّدَهُ لَا جَهِلَهُ .
وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ ، وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ ، أَوْ يُفْطِرُهُنَّ وَيَبْنِي ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَجَهْلُ رَمَضَانَ : كَالْعِيدِ عَلَى الْأَرْجَحِ
( وَ ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ ( بِ ) فِطْرِ يَوْمِ ( الْعِيدِ ) الْأَكْبَرِ وَهُوَ عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ ( إنْ تَعَمَّدَهُ ) أَيْ الْمُظَاهِرُ صَوْمَ ذِي الْحِجَّةِ وَذِي الْقَعْدَةِ أَوْ الْمُحَرَّمِ لِظِهَارِهِ ( لَا ) تَبْطُلُ الْكَفَّارَةُ بِفِطْرِ الْعِيدِ إنْ ( جَهِلَهُ ) أَيْ الْمُظَاهِرُ أَيْ إتْيَانُهُ فِي شَهْرَيْ ظِهَارِهِ بِأَنْ ظَنَّ ذَا الْحِجَّةِ الْمُحَرَّمَ وَنَوَى صَوْمَهُ مَعَ صَفَرٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَوَّلَ الْحِجَّةُ فَأَفْطَرَ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَا يُقْطَعُ تَتَابُعُهُ .
( وَهَلْ ) مَحَلُّ عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ بِجَهْلِ الْعِيدِ ( إنْ صَامَ ) أَيْ أَمْسَكَ ( الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ ) بِالْقَافِ وَقَضَاهَا مُتَّصِلَةً بِصَوْمِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصُمْهَا وَأَفْطَرَهَا بَطَلَ صَوْمُهُ وَ ( اسْتَأْنَفَ ) الصَّوْمَ ، وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ الْكَاتِبِ لِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَإِذَا صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ عَنْ ظِهَارٍ عَلَيْهِ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ خَطَأً لَمْ يَجْزِهِ إلَّا مَنْ فَعَلَهُ بِجَهَالَةٍ وَظَنَّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ، فَعَسَى أَنْ يُجْزِيَهُ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ .
( أَوْ ) لَا يُشْتَرَطُ صَوْمُ الْعِيدِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَ ( يُفْطِرُهُنَّ ) أَيْ أَيَّامَ النَّحْرِ ( وَيَبْنِي ) عَلَى مَا صَامَهُ قَبْلُ وَيَقْضِيهِنَّ مُتَّصِلًا ، وَهَذَا فَهْمُ أَبِي مُحَمَّد فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) عب وَفِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ قَوْلَهُ : وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ يَقْتَضِي قُوَّةَ هَذَا الْقَوْلِ وَمُسَاوَاتَهُ لِمَا بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ ، وَالْمُرَادُ بِصَوْمِهِ إمْسَاكُهُ الثَّانِي أَنَّهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي رَابِعِ النَّحْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ فِطْرَهُ يُبْطِلُهُ ، وَلِذَا قَالَ " د " التَّعْبِيرُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ بِهِ .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ ، إذْ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ