كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ عِنْدَهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ يَتَبَيَّنُ بِمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْخِلَافِ فِي حَالٍ ، وَالْخِلَافُ فِي شَهَادَةٍ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ يُقَالُ فِيمَا لَهُ حَالَانِ فَيَقُولُ قَائِلٌ بِجَوَازِهِ بِاعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا لِحُضُورِهِ فِي ذِهْنِهِ حِينَ قَوْلِهِ وَالْآخَرُ بِمَنْعِهِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ الْآخَرِ الْحَاضِرِ فِي ذِهْنِهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ حَضَرَ فِي ذِهْنِ الْأَوَّلِ مَا حَضَرَ فِي ذِهْنِ الثَّانِي لَوَافَقَهُ ، وَلَوْ حَضَرَ فِي ذِهْنِ الثَّانِي مَا حَضَرَ فِي ذِهْنِ الْأَوَّلِ لَوَافَقَهُ أَيْضًا ، فَهَذَا لَيْسَ خِلَافًا فِي الْحَقِيقَةِ ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي شَهَادَةٍ يُقَالُ : حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَتَّبًا عَلَى أَحَدِ الْحَالَيْنِ مَعَ نَفْيِ الْحَالِ الْآخَرِ ، مِثَالُهُ الْمَاءُ الْمَجْعُولُ فِي الْفَمِ الْمُخْتَلَفِ فِي التَّطْهِيرِ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَنْضَافُ وَقَدْ لَا فَمَنْ مَنَعَ تَكَلَّمَ عَلَى حَالِ الْإِضَافَةِ ، وَمَنْ أَجَازَ تَكَلَّمَ عَلَى حَالِ عَدَمِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُسَلِّمُ وُقُوعَ الْحَالَيْنِ فَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ .
وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ رَأَى أَنَّهُ يَنْضَافُ وَلَا بُدَّ وَلَا يُمْكِنُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ عَدَمُ إضَافَتِهِ ، وَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ رَأَى نَقِيضَ هَذَا فَهُوَ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ ، وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ هَذَا الثَّانِي لِأَنَّ مَنْ قَالَ الثَّلَاثَةَ وَمَا دُونَهَا فَوْتٌ رَأَى أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ وَلَا بُدَّ ، وَمَنْ قَالَ : لَيْسَتْ بِفَوْتٍ رَأَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلتَّغَيُّرِ وَلَا بُدَّ ، هَذَا فَهْمُ ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ .
وَأَمَّا قَوْلُ ز فَالْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ الشَّهْرُ فَوْتٌ إلَخْ ، فَلَمْ يَقُلْهُ الْمَازِرِيُّ وَلَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ مَا بَيَّنَ بِهِ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ مَعْنَى الْخِلَافِ فِي حَالٍ لَا مَعْنَى الْخِلَافِ فِي شَهَادَةٍ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي فِيهِ الشَّهْرَانِ لَيْسَا فَوْتًا فِيهِ أَيْضًا الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى إبْدَالُ وَشَهْرَانِ بِثَلَاثَةٍ لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ أَنَّهَا فَوْتٌ بِاتِّفَاقِ الْمَحَلَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ عَدَمُ تَغَيُّرِ ذَاتِ الْحَيَوَانِ وَلَا سُوقِهِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ تَغَيُّرِ السُّوقِ قَبْلُ وَتَغَيُّرِ الذَّاتِ بَعْدُ .
.
وَبِنَقْلِ عَرْضٍ وَمِثْلِيٍّ لِبَلَدٍ بِكُلْفَةٍ ، وَبِالْوَطْءِ .
( وَ ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا ( بِنَقْلِ عَرْضٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَضَادٌ مُعْجَمَةٌ ( وَمِثْلِيٍّ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ ( لِبَلَدٍ ) آخَرَ وَعَكْسُهُ ، أَوْ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ النَّقْلُ ( بِكُلْفَةٍ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ مُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ ، أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَكَلَّفْهُ الْمُشْتَرِي بِحَمْلِهِ عَلَى دَوَابِّهِ وَخَدَمِهِ .
وَيَضْمَنُ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ بِمَوْضِعِ قَبْضِهِ ، فَفِي النَّوَادِرِ مَا نَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا جُزَافًا بَيْعًا فَاسِدًا فَاتَ بِجَوَّالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَوْجُهِ الْفَوْتِ ، وَلَوْ بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ وَيَرُدُّ مِثْلَهُ بِمَوْضِعِ قَبْضِهِ ، وَكَذَلِكَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ كَالْحِنَّاءِ وَغَيْرِهِ لَا فَوْتَ فِيهِ .
ا هـ .
وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَهِيَ طَرِيقَةٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَيْسَ فِي نَقْلِهِ كُلْفَةٌ كَحَيَوَانٍ يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ نَقْلُهُ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَوْفٌ مِنْ نَحْوِ مُحَارِبٍ أَوْ أَخْذِ مَكْسٍ فَنَقْلُهُ فَوْتٌ .
( وَ ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا ( بِالْوَطْءِ ) لِأَمَةٍ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مِنْ مُشْتَرِيهَا الْبَالِغِ وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِاسْتِلْزَامِهِ مُوَاضَعَتَهَا الْمُسْتَلْزَمَةَ طُولَ الزَّمَانِ وَهُوَ فَوْتٌ ، وَمَفْهُومُ الْوَطْءِ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهَا بِدُونِهِ لَيْسَتْ فَوْتًا وَهُوَ كَذَلِكَ .
فِي الشَّامِلِ وَطْءُ الْأَمَةِ فَوْتٌ لَا غَيْبَتُهُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ قَالَ : وَطِئْتهَا صَدَقَ عَلِيَّةً كَانَتْ أَوْ وَخْشًا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ وَإِنْ نَفَاهُ صُدِّقَ فِي الْوَخْشِ ، وَلَوْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَهُ رَدُّهَا كَعَلِيَّةٍ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَلَهُ رَدُّهَا ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَاتَتْ بِهَا .
.
وَبِتَغَيُّرِ ذَاتِ غَيْرِ مِثْلِيٍّ ، .
وَخُرُوجٍ عَنْ يَدٍ ، وَتَعَلُّقِ حَقٍّ كَرَهْنِهِ ، وَإِجَارَتِهِ ، .
.
( وَ ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا ( بِتَغَيُّرِ ذَاتِ ) مَبِيعٍ ( غَيْرِ مِثْلِيٍّ ) كَعَقَارٍ وَعَرْضٍ وَحَيَوَانٍ فَيَفُوتُ الْعَقَارُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالْأَرْضُ بِالْغَرْسِ وَالْقَلْعِ وَالْعَرْضُ وَالْحَيَوَانُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ .
وَمَفْهُومُ غَيْرِ مِثْلِيٍّ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُفِيتُهُ تَغَيُّرُ ذَاتِهِ لِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ .
الْحَطّ قَيَّدَ تَغَيُّرَ الذَّاتِ بِغَيْرِ الْمِثْلِيِّ جَرْيًا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْفَوَاتُ بِتَغَيُّرِ الذَّاتِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ تَغَيُّرَ الذَّاتِ يُفِيتُ الْمِثْلِيَّ .
وَقَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَاَلَّذِي فِي اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ لِأَنَّ رَدَّ مِثْلِهِ مُرَتَّبٌ عَلَى فَوَاتِهِ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَلَوْ كَانَ لَمْ يَفُتْ لَرَدَّ عَيْنَهُ وَهُمْ صَرَّحُوا هُنَا بِرَدِّ مِثْلِهِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ غَيْرُ الطَّرِيقَةِ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ .
طفي اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي تَوْضِيحِهِ الَّذِي لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَفُوتُ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ ا هـ وَهُوَ غَيْرُ مُلْتَئِمٍ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ لِأَنَّ ضَمَانَ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ هُوَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى فَوَاتِهِ ، وَتِلْكَ طَرِيقَةُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ ، وَأَصْلُهَا لِابْنِ يُونُسَ ، وَعَزَاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فَهُمَا طَرِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا لِابْنِ يُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ اللَّازِمَ فِي الْفَوَاتِ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ .
وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ ، إلَّا إنْ عُدِمَ كَثَمَرٍ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ فَقِيمَتُهُ .
وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيِّ
وَالْمَازِرِيِّ أَنَّ اللَّازِمَ مَعَ الْفَوَاتِ هُوَ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بَيْعًا فَاسِدًا وَفَاتَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الَّتِي انْتَحَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَعَلَيْهِمَا يَأْتِي التَّفْرِيعُ .
وَالْخِلَافُ فِي حَوَالَةِ السُّوقِ وَالنَّقْلِ وَالتَّغَيُّرِ هَلْ تُفِيتُ الْمِثْلِيَّ أَمْ لَا ، فَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْمِثْلَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ بِعَدَمِ فَوَاتِهِ لِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ وَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْقِيمَةَ قَالَ بِفَوَاتِهِ .
وَأَمَّا رَدُّهُ بِعَيْنِهِ مُتَغَيِّرًا وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَرْشٍ نَقَصَهُ فَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ عج اُنْظُرْ طفي ا هـ كَلَامُ الْبُنَانِيِّ ، قَالَ : وَلَمَّا رَأَى اللَّخْمِيُّ وَمَنْ مَعَهُ أَنَّ تَغَيُّرَ الْمِثْلِيِّ يُوجِبُ غُرْمَ مِثْلِهِ حَكَمُوا بِعَدَمِ فَوَاتِهِ .
ابْنُ بَشِيرٍ لَا يَفُوتُ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ بِتَغَيُّرِ الْعَيْنِ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَسُدُّ مَسَدَّ عَيْنِهِ ، لَكِنْ إنْ بِيعَ جُزَافًا فَاتَ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِقِيمَتِهِ ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ بِفَوَاتِ الْمِثْلِيِّ بِحَوَالَةِ سُوقِهِ قَالَ : مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ قِيمَتِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ذَهَابُ عَيْنِ الْمِثْلِيِّ مَعَ بَقَاءِ سُوقِهِ لَغْوٌ لِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ ، وَفِي فَوْتِهِ بِحَوَالَةِ سُوقِهِ .
ثَالِثُهَا إنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ .
لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ وَالْمَازِرِيُّ عَنْهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ مُقْتَضَى النَّظَرِ ، وَأَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَنْ يُفِيتَهُ حَوَالَةُ السُّوقِ كَالْعُرُوضِ .
ا هـ .
فَلَوْلَا أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ مَعَ الْفَوَاتِ لَمَا قَالَ مُقْتَضَى إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْمِثْلَ أَوْ الْعَيْنَ مَعَ حَوَالَةِ السُّوقِ غَبَنَ أَحَدَهُمَا ، وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي تَغَيُّرِ
السُّوقِ ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُهُ لَيْسَ فَوْتًا فِي الْمِثْلِيِّ .
قَالَ : أَعْتَذِرُ لِلْمَشْهُورِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ سَدُّ الْمِثْلِ مَسَدَّ مِثْلِهِ ، وَإِنَّمَا يَعْدِلُ لِلْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمِثْلِ ، فَالْمِثْلُ كَالْأَصْلِ ، وَالْقِيمَةُ كَالْفَرْعِ ، فَإِذَا أَمْكَنَ الْقَضَاءُ بِالْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَأَطَلْنَا هُنَا لِأَنَّا لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا مِنْ الشُّرَّاحِ ، وَ ح أَشَارَ لِإِشْكَالِهَا وَلَمْ يُحَرِّرْهَا ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عج وَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ بَشِيرٍ يُرَدُّ الْمَبِيعُ مَعَ أَرْشِ تَغَيُّرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ بِرَدِّ مِثْلِهِ وَلَا قَائِلَ بِرَدِّهِ مُتَغَيِّرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا بِ ( خُرُوجٍ ) لِلْمَبِيعِ ( عَنْ يَدٍ ) أَيْ حَوْزٍ لِلْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ تَحْبِيسٍ عَنْ نَفْسِ الْمُشْتَرِي ، وَأَمَّا إذَا أَوْصَى شَخْصٌ بِشِرَاءِ عَقَارٍ وَتَحْبِيسِهِ فَاشْتَرَاهُ الْوَصِيُّ شِرَاءً فَاسِدًا وَحَبَسَهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَسْخُ الْبَيْعِ قَالَهُ الْحَطّ ، قَالَ إذَا بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ لِبَائِعِهِ فَهَلْ ذَلِكَ فَوْتٌ كَبَيْعِهِ لِأَجْنَبِيٍّ ذَكَرَ الْفَقِيهُ رَاشِدٌ فِيهِ قَوْلَيْنِ لِأَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ رُشْدٍ وَفِيهَا لَا تَجُوزُ التَّوْلِيَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَتُرَدُّ .
أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مُوَلِّيهِ وَالشَّرِكَةُ كَالتَّوْلِيَةِ لِأَنَّهَا تَوْلِيَةٌ لِبَعْضِ الْمَبِيعِ وَانْظُرْ الْإِقَالَةَ .
( وَ ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا بِ ( تَعَلُّقِ حَقٍّ ) بِالْمَبِيعِ لِغَيْرِ مُشْتَرِيهِ ( كَرَهْنِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا فِي دَيْنٍ عَلَى مُشْتَرِيَةِ إلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى فَكِّهِ مِنْ الرَّهْنِ لِمُلَائِهِ قَالَهُ فِيهَا ( وَ ) كَ ( إجَارَتِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا فِيهَا إلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى فَسْخِهَا .
أَبُو الْحَسَنِ إمَّا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ كَوْنِهَا مُيَاوَمَةً وَدَخَلَ بِالْكَافِ
إخْدَامُهُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِهِ .
وَأَرْضٍ بِبِئْرٍ ، وَعَيْنٍ ، وَغَرْسٍ ، وَبِنَاءٍ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ ، وَفَاتَتْ بِهِمَا جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ فَقَطْ ؛ لَا أَقَلُّ .
.
وَ ) تَفُوتُ الْأَرْضُ الْمَبِيعَةُ فَاسِدًا بِتَغَيُّرِ ( أَرْضٍ بَ ) سَفَرِ ( بِئْرٍ ) فِيهَا لِغَيْرِ سَقْيِ مَاشِيَةٍ ( وَ ) فَتْقِ ( عَيْنٍ ) فِيهَا وَلَوْ لِمَاشِيَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عِظَمُ مُؤْنَتِهِمَا لِأَنَّهُ شَأْنُهُمَا ( وَ ) بِ ( غَرْسٍ ) لِشَجَرٍ فِيهَا ( وَ ) بِ ( بِنَاءٍ ) فِيهَا ( عَظِيمَيْ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مُثَنَّى عَظِيمٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى ( الْمُؤْنَةِ ) نَعْتٌ لِغَرْسٍ وَبِنَاءٍ فَقَطْ وَالْقَلْعُ كَالْغَرْسِ وَالْهَدْمُ كَالْبِنَاءِ ، وَمَحَلُّ إفَاتَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ إذَا عَمَّهَا كُلَّهَا أَوْ مُعْظَمَهَا أَوْ أَحَاطَ بِهَا كُلِّهَا ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا دُونَ جُلِّهَا فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( وَفَاتَتْ بِ ) أَحَدِ ( هِمَا ) أَيْ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ ( جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ ) أَوْ الثُّلُثُ أَوْ النِّصْفُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ ، وَنَصُّهُ وَإِذَا كَانَ الْغَرْسُ بِنَاحِيَةٍ مِنْهَا وَجُلُّهَا لَا غَرْسَ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَفُوتَ مِنْهَا مَا غَرَسَ وَيُفْسَخَ الْبَيْعُ فِي سَائِرِهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْرُوسُ مِنْهَا يَسِيرًا ، كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَزِمَهُ الْبَاقِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ .
ا هـ .
فَأَنْتَ تَرَاهُ أَحَالَ الْقَدْرَ الَّذِي يَفُوتُ بِالْغَرْسِ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَزِمَهُ الْبَاقِي ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَرَدُّ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرَ ، ثُمَّ قَالَ : وَتَلَفُ بَعْضِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَرْسَ أَوْ بِنَاءَ نِصْفِهَا كَغَرْسِ أَوْ بِنَاءِ جُلِّهَا وَقَوْلُهُ ( فَقَطْ ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ جِهَةٌ أَيْ لَا الْجَمِيعُ فَلَمْ يُحْتَرَزْ بِهِ عَنْ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ ( لَا ) تَفُوتُ بِهِمَا جِهَةٌ هِيَ ( أَقَلُّ ) مِنْ الرُّبُعِ فَلَا يُفِيتُ شَيْئًا مِنْهَا وَلَوْ عَظُمَتْ مُؤْنَتُهُ ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْجِهَةِ الرُّبُعَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ لَا بِالْمِسَاحَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَجْهُ
الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي فَوْتُهَا بِالْغَرْسِ مَا هِيَ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ ، فَإِنْ كَانَتْ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبُعَ فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِثُلُثِي الثَّمَنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَسَقَطَ عَنْ الْمُبْتَاعِ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ وَرَدَّ إلَيْهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ فِي النَّاحِيَةِ الْفَائِتَةِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ ، فَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَضْلٌ فِي ذَلِكَ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ إذْ قَدْ تَكُونُ قِيمَةُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ أَقَلَّ مِمَّا نَابَهَا مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ .
وَلَهُ الْقِيمَةُ قَائِمًا عَلَى الْمَقُولِ وَالْمُصَحَّحِ ، وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا : تَأْوِيلَانِ ، .
.
وَ ) إنْ كَانَ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ فِي أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الْمَبِيعِ فَ ( لَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ( الْقِيمَةُ ) لِلْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ مُعْتَبَرَةً يَوْمَ الْحُكْمِ حَالَ كَوْنِهِ ( قَائِمًا ) مُؤَيِّدًا لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِشُبْهَةٍ ، كَمَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْهُ قَالَهُ التُّونُسِيُّ ( عَلَى الْمَقُولِ ) أَيْ مُخْتَارِ الْمَازِرِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ( وَالْمُصَحَّحِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْأُولَى أَيْ مُخْتَارِ ابْنِ مُحْرِزٍ مِنْهُ ( وَفِي ) مُضِيِّ ( بَيْعِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ بَيْعًا صَحِيحًا ( قَبْلَ قَبْضِهِ ) مِنْ بَائِعِهِ أَوْ مُشْتَرِيهِ بِأَنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ ، أَوْ الْبَائِعُ بَعْدَ قَبْضِهِ الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ رَدِّهِ لَهُ وَعَدَمِهِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ عَقَارًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ مِثْلِيًّا وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَجَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِفَضْلٍ وَابْنِ الْكَاتِبِ .
وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ بَيْعِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي بَيْعًا صَحِيحًا ، وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ إنْ فَاتَ ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ فَبَيْعُهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيُرَدُّ لِلْمُشْتَرِي فَاسِدًا ثَمَنُهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ وَسَقَطَ عَنْهُ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ .
وَعَلَى الثَّانِي فَإِنْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ الْمُشْتَرِي يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَيُرَدُّ لِبَائِعِهِ الْأَوَّلِ ، وَيُرَدُّ ثَمَنُهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ .
وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ الْبَائِعُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ بَيْعٌ مِنْ بَائِعِهِ بَعْدَ قَبْضِ مُشْتَرِيهِ فَالتَّأْوِيلَانِ فِي بَيْعِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ ، وَفِي بَيْعِ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ رَدِّهِ لَهُ .
وَبَقِيَتْ صُورَةٌ ثَالِثَةٌ فِيهَا التَّأْوِيلَانِ أَيْضًا وَهِيَ بَيْعَةُ الْبَائِعِ بَيْعًا
صَحِيحًا بَعْدَ تَمْكِينِ مُشْتَرِيهِ فَاسِدًا مِنْ قَبْضِهِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ بِالْفِعْلِ ، وَأَمَّا قَبْلَ تَمْكِينِهِ مِنْهُ فَمَاضٍ بِاتِّفَاقٍ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ فِي كَلَامِهِ .
الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ لَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَدْ رَأَى الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نُفُوذِ بَيْعِهِ وَهُوَ بِيَدِ بَائِعِهِ قَوْلَانِ ، قَالُوا : وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ وَهُوَ بَيْعُ الْبَائِعِ مَا بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا بَعْدَ قَبْضِ مَنْ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَجَعَلُوا سَبَبَ الْخِلَافِ كَوْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَنْقُلُ شُبْهَةَ الْمِلْكِ أَمْ لَا ، ثُمَّ قَالَ : وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا الْخِلَافَ أَيْضًا ا هـ .
وَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ بِأَنْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي فِيهِ حَدَثًا مِنْ عِتْقٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ بَيْعٍ ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهَلْ يَمْضِي فِعْلُ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ فَوْتًا قَوْلَانِ ، وَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ هَلْ يَنْقُلُ شُبْهَةَ الْمِلْكِ أَمْ لَا ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَأَحْدَثَ الْبَائِعُ فِيهِ عَقْدًا وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي مُضِيِّهِ قَوْلَانِ وَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي نَقْلِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ فَلَا يَمْضِي أَوْ عَدَمِهِ فَيَمْضِي ا هـ .
ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ الْإِمْضَاءَ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالصَّدَقَةِ كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ قَالَ فِيهَا : وَكُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ فَضَمَانُ مَا يَحْدُثُ بِالسِّلْعَةِ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا فَذَلِكَ فَوْتٌ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ا هـ .
ابْنُ يُونُسَ إنْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ تَغَيُّرُ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ قَبْلَ الْقَبْضِ فَذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ ، فَإِنْ أَحَدَثَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَضْمَنُ بِمَا أَحْدَثَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى
ثَمَنِهَا ، وَاخْتُلِفَ إنْ بَاعَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا ، فَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً .
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ فَوْتٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُبْتَاعُ كَالصَّدَقَةِ .
ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ أَحْدَثَهُ الْمُبْتَاعُ وَلِأَنَّ الصَّدَقَةَ تُفْتَقَرُ لِلْقَبْضِ وَالْبَيْعَ لَا يُفْتَقَرُ لَهُ ، فَإِذَا كَانَتْ فَوْتًا فَهُوَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ فَوْتًا ا هـ ، وَنَحْوُهُ لِأَبِي إِسْحَاقَ .
وَنَقَلَ الْحَطّ كَلَامَهُ وَكَلَامَ عِيَاضٍ ثُمَّ قَالَ فَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِنُفُوذِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ مُفَوِّتٌ ، وَكَذَلِكَ الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْعَكْسِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ بَائِعُهُ وَهُوَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ الْإِمْضَاءَ أَيْضًا .
طفي الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لَكِنْ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي بَيْعِ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ ، وَفِيهِ أَيْضًا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ .
قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ : وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُفِيتُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ هَلْ مِنْ شَرْطِهِ كَوْنُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ فِي الْعُيُوبِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَمِثْلُهُ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَيْعُهَا فَوْتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَبَضَهَا أَوْ لَا ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِمَالِكٍ مِثْلُهُ أَيْضًا ، ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ نَقَلَ الْحَطّ كَلَامَهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَحَلِّ التَّأْوِيلَيْنِ وَعَمَّمَهُمَا ، وَاسْتَدَلَّ بِكَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّأْوِيلَيْنِ فَلِذَا عَمَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.
لَا إنْ قَصَدَ بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ ، وَارْتَفَعَ الْمُفِيتُ إنْ عَادَ إلَّا بِتَغَيُّرِ السُّوقِ .
وَمَحَلُّ كَوْنِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مَا اشْتَرَاهُ بَيْعًا صَحِيحًا بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الرَّاجِحِ فَوْتًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِبَيْعِهِ إفَاتَتَهُ ( لَا إنْ قَصَدَ ) الْمُشْتَرِي ( بِالْبَيْعِ ) الصَّحِيحِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ ( الْإِفَاتَةَ ) لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَلَا يُفِيتُهُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ ، وَيُفْسَخُ وُجُوبًا كَمَبِيعٍ فَاسِدٍ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ بَيْعٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ أَفَادَهُ الشَّارِحُ ، وَفِي ق أَنَّ لِلْبَائِعِ إجَازَةُ فِعْلِهِ وَتَضْمِينُهُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّ بَيْعَهُ رِضًا مِنْهُ بِالْتِزَامِهَا وَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ مَبِيعِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ إجَازَتُهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ ، إذْ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ صِرْفٍ لِبَيْعِهِ مَا فِي ضَمَانِهِ .
قَوْلُهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ رِضًا بِالْتِزَامِ الْقِيمَةِ إلَخْ ، فِيهِ أَنَّهَا مَجْهُولَةٌ فَرِضَاهُ بِهَا شِرَاءٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَالْتِزَامُ الْمَمْنُوعِ لَا يَلْزَمُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إلْزَامُهُ الْقِيمَةَ لَكِنْ إنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا فَذَلِكَ لَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ .
هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قِيَامِ الْبَائِعِ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَإِرَادَتِهِ فَسْخَهُ ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ تَحَتَّمَ فَسْخُهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بَيْعُهُ بَعْدَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَهُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ .
وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ يَفُوتُ مُطْلَقًا ، وَقَالَ : إنَّهُ الْمَذْهَبُ .
وَالثَّالِثُ لَا يَفُوتُ مُطْلَقًا .
وَحَكَى عِيَاضٌ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، لَكِنْ اعْتَرَضَ ابْنُ نَاجِي حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ الْمَقْصُودُ بِهِمَا الْإِفَاتَةُ لَا الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ .
( وَ ) إنْ حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ فَاسِدًا مُفِيتٌ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ أَوْ
مِثْلُهُ دَفَعَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِعَدَمِ رَدِّهِ ثُمَّ عَادَ الْمَبِيعُ لِحَالِهِ ( ارْتَفَعَ ) أَيْ زَالَ الْحُكْمُ الَّذِي اقْتَضَاهُ ( الْمُفِيتُ ) وَهُوَ مُضِيُّ الْبَيْعِ وَوُجُوبُ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ ( إنْ عَادَ ) الْمَبِيعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفِيتٌ رَدَّهُ لِبَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ بِاخْتِيَارِهِ كَشِرَائِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَإِرْثِهِ ( إلَّا ) إذَا كَانَ الْفَوَاتُ ( بِتَغَيُّرِ سُوقٍ ) ثُمَّ عَادَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ لِأَنَّ تُغَيِّرَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَتَّهِمُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ ، وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ رُجُوعَهُ لَهُ بِإِرْثٍ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ أَيْضًا ، وَقَدْ بَايَنُوا بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ بِعَدَمِ الِارْتِفَاعِ فِي عَوْدِ حَوَالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا .
( فَصْلٌ ) وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ : كَبَيْعٍ ، وَسَلَفٍ ، .
وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ .
( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ بُيُوعِ الْآجَالِ ابْنُ عَرَفَةَ بُيُوعُ الْآجَالِ يُطْلَقُ مُرَكَّبًا إضَافِيًّا وَلَقَبًا ، فَالْأَوَّلُ مَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنَ وَمَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ غَيْرَهَا سَلَمٌ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ يَجُوزُ سَلَمُ الطَّعَامِ فِي الْفُلُوسِ ، وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنَ أَنَّهُ سَلَمٌ بِمَجَازِ التَّغْلِيبِ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَّ مِنْ حِنْطَةٍ إلَى شَهْرٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِشَهْرٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ أَجَلُهُمَا ، وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ غَيْرَ الْعَيْنِ إنَّهُ بَيْعٌ فِي الْبَيْعِ مِنْهَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ غَائِبَةٍ بِعَيْنِهَا بِسِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ بِدَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ ا هـ قَوْلُهُ ، وَمَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ غَيْرَهَا إلَخْ جَعَلَ الْمُقَدَّمَ هُوَ الْمُثَمَّنُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْنَ أَوْ غَيْرَهَا .
وَبَعْضُهُمْ قَالَ : وَمَا أُجِّلَ مُثَمَّنُهُ فَهُوَ سَلَمٌ وَالْكُلُّ قَرِيبٌ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ أَنَّهُ ثَمَنٌ وَمُثَمَّنٌ كَمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّهُ بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالثَّانِي لَقَبٌ لِمُتَكَرِّرِ بَيْعِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ لِأَجَلٍ وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ .
الْبُنَانِيُّ يَفْسُدُ طَرْدُهُ بِصِدْقِهِ عَلَى عَقْدِهِمَا ثَانِيًا بَعْدَ عَقْدِهِمَا أَوَّلًا لِغَيْرِ أَجَلٍ ، لَكِنْ رَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ زِيَادَةً لِأَجَلٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْبَحْثُ .
وَنَقَضَ الْوَانُّوغِيُّ أَيْضًا الْحَدَّ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِثُبُوتِ الْمَحْدُودِ وَانْتِفَاءِ الْحَدِّ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ إذَا بَاعَ الْعَامِلُ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لِأَجَلٍ أَوْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا لَلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَبْتَاعَهُ بِأَقَلَّ نَقْدًا حَسْبَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ، وَكَذَا وَارِثُ الْبَائِعِ إذَا مَاتَ بِخِلَافِ مَوْتِ الْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ
لِلْبَائِعِ شِرَاءُ مَبِيعِهِ مِنْ وَارِثِهِ لِحُلُولِ دُيُونِ الْمُشْتَرِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ .
قُلْتُ : يُجَابُ بِأَنَّ كَوْنَ الْبَيْعِ أَوَّلًا بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا مَعَ أَنَّهُ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَبِيعِ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ مِنْهُ فَهُوَ مُتَكَرِّرٌ مِنْ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ حُكْمًا .
وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِبَيَانِ مُوجِبِ فَسَادِ بُيُوعِ الْآجَالِ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ فَقَالَ : ( وَمُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ مُؤَدٍّ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ كَثُرَ قَصْدُهُ فَيُمْنَعُ ( لِلتُّهْمَةِ ) لِعَاقِدَيْهِ عَلَى التَّوَصُّلِ بِهِ لَأَنْ يَحْصُلَ بَيْنَهُمَا ( مَا ) أَيْ مَمْنُوعٌ ( كَثُرَ قَصْدُهُ ) مِنْ النَّاسِ ( كَبَيْعٍ وَ ) شَرْطِ ( سَلَفٍ ) كَبَيْعِ شَيْئَيْنِ بِدِينَارٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِي الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَحَدَهُمَا بِدِينَارِ نَقْدٍ ، وَقَاعِدَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْيَدِ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا لَا يُعْتَبَرُ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ عَرْضٌ وَدِينَارٌ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا حَلَّ الْأَجَلُ دِينَارَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : ثَمَنُ الْعَرْضِ ، وَالْآخَرُ : قَضَاءٌ عَنْ الدِّينَارِ ، فَيُتَّهَمَانِ عَلَى أَنَّهُمَا قَصَدَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ بِشَرْطٍ ، وَتَوَصَّلَا إلَى ذَلِكَ بِبَيْعِ الشَّيْئَيْنِ بِدِينَارَيْنِ لِأَجَلٍ ، ثُمَّ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا بِدِينَارٍ حَالٍّ لِجَوَازِ هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ .
الْحَطّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ صَرِيحِ بَيْعٍ وَشَرْطِ سَلَفٍ ، وَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي مَنْعِهِ ، صَرَّحَ بِهَذَا ابْنُ بَشِيرٍ وَتَابِعُوهُ وَغَيْرُهُمْ .
الْبُنَانِيُّ الصُّوَرُ ثَلَاثٌ بَيْعٌ وَسَلَفٌ بِشَرْطٍ وَلَوْ بِجَرَيَانِ الْعُرْفِ وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهَا بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ وَبَيْعٍ وَسَلَفٍ بِلَا شَرْطٍ لَا صَرَاحَةً
وَلَا حُكْمًا ، وَهِيَ الَّتِي أَجَازُوهَا هُنَاكَ ، وَتُهْمَةُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ حَيْثُ يَتَكَرَّرُ الْبَيْعُ وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا هُنَا .
وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّرْفَ الْمُؤَخَّرَ وَالْبَدَلَ كَذَلِكَ وَالدَّيْنَ بِالدَّيْنِ كَمَا يَأْتِي ( وَ ) كَ ( سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ ) لِلْمُسَلِّفِ مِثَالٌ ثَانٍ لِلْمَمْنُوعِ الَّذِي كَثُرَ قَصْدُهُ ، فَالْبَيْعُ الْمُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ اتِّفَاقًا كَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ شِرَائِهَا بِثَمَانِيَةٍ حَالَّةٍ إذْ مَآلُهُ إلَى تَسْلِيفِ ثَمَانِيَةٍ بِعَشَرَةٍ ، وَكَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ وَالسَّلَفَ بِمَنْفَعَةٍ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّهَا ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ قَصَدَا الْمَمْنُوعَ وَتَحَيَّلَا عَلَيْهِ بِالْجَائِزِ فِي الظَّاهِرِ أَوْ لَمْ يَقْصِدَاهُ وَإِنَّمَا آلَ أَمْرُهُمَا إلَى ذَلِكَ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُتَّهَمُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْمَدْخُولِ عَلَيْهِ انْتَهَى ، إلَّا أَنَّ الدَّاخِلَ عَلَيْهِ آثِمٌ آكِلٌ لِلرِّبَا كَمَا أَخْبَرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَا يُقَالُ : يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ عَنْ قَوْلِهِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا مُنِعَ لِأَدَائِهِ إلَى السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّا نَقُولُ : هُوَ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ أَبْيَنُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ بِالْمَظِنَّةِ فَكَانَ أَضْبَطَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ .
.
لَا مَا قَلَّ : كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ ، .
أَوْ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك .
( لَا ) يُمْنَعُ الْبَيْعُ الْجَائِزُ فِي الظَّاهِرِ الْمُؤَدِّي لِمَمْنُوعٍ قَلَّ قَصْدُهُ لِلتُّهْمَةِ عَلَى التَّوَصُّلِ بِهِ إلَى أَنْ يَحْصُلَ بَيْنَ عَاقِدَيْهِ ( مَا ) أَيْ مَمْنُوعٌ ( قَلَّ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا قَصْدُهُ مِنْ النَّاسِ ( كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ ) لِلضَّامِنِ الْحَطّ لَمَّا كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كَثُرَ قَصْدُهُ أَنَّ مَا أَدَّى إلَى مَا أَدَّى إلَى مَا قَلَّ قَصْدُهُ لَا يُمْنَعُ وَكَانَ ذَلِكَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَمُنْقَسِمًا إلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَضْعَفُ مِنْ الْآخَرِ وَكَانَ حُكْمُهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحِدًا فِيهِ عَلِيَّةٌ بِقَوْلِهِ لِأَقَلِّ الْقَصْدِ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ : مَا يَبْعُدُ قَصْدُهُ جِدًّا ، وَمَا يَبْعُدُ قَصْدُهُ لَا جِدًّا ، وَالثَّانِي كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ كَبَيْعِ شَيْئَيْنِ بِدِينَارٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ شِرَاءِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْأَجَلِ بِدِينَارٍ قَالَ : أَمَرَهُ إلَى دَفْعِ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ لِلْأَجَلِ ، وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فِيهِ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ وَحَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِلَا تَشْهِيرٍ ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ لِبُعْدِ قَصْدِهِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ ، وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ صَرِيحِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْقَرْضَ وَالْجَاهَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا سُحْتٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
ابْنُ بَشِيرٍ يَنْبَغِي أَنَّ الْخِلَافَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَتَى ظَهَرَ قَصْدُهُ مُنِعَ ، وَمَتَى لَمْ يَظْهَرْ جَازَ ا هـ ، وَهُوَ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ ذَلِكَ لِخَوْفٍ أَوْ غَرَرِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ الَّذِي يَبْعُدُ قَصْدُهُ جِدًّا بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) كَ ( أَسْلِفْنِي ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ ( وَأُسْلِفُك ) بِضَمِّهَا وَالنَّصْبُ بِأَنْ مُقَدَّرَةً بَعْدَ الْوَاوِ وُجُوبًا فِي جَوَابِ الْأَمْرِ أَوْ الرَّفْعُ أَيْ وَأَنَا أُسْلِفُك كَبَيْعِ شَيْءٍ بِدِينَارَيْنِ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ بِدِينَارٍ حَالٍّ وَدِينَارٍ لِأَبْعَدَ
مِنْ الْأَجَلِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى دَفْعِ الْبَائِعُ دِينَارًا نَقْدًا وَأَخَذَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ ، أَحَدُهُمَا قَضَاءٌ عَنْ الدِّينَارِ الْأَوَّلِ ، وَالثَّانِي سَلَفٌ مِنْ الْمُشْتَرِي يَرُدُّهُ لَهُ الْبَائِعُ عِنْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي ، فَقَدْ أَسَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذِهِ التُّهْمَةِ لِضَعْفِهَا بِقِلَّةِ قَصْدِهَا جِدًّا وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اعْتِبَارُهَا ، وَمُنِعَ مَا أَدَّى إلَيْهَا وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك .
وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْعَادَةَ الْمُكَافَأَةُ بِالسَّلَفِ عَلَى السَّلَفِ فَقَصْدُهُ لَا بُعْدَ فِيهِ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْعَادَةَ قَصْدُ السَّلَفِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ الْآنَ لِيُسْلِفَهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا فَلَيْسَ مُعْتَادًا ، فَقَصْدُهُ بَعِيدٌ ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ بَدَلَ دَنَانِيرَ حَالَّةٍ بِدَنَانِيرَ أَقَلَّ مِنْهَا لِأَجَلٍ فَلَا تُعْتَبَرُ التُّهْمَةُ بِهِ لِبُعْدِهِ جِدًّا كَبَيْعِ شَيْءٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِأَجَلٍ وَشِرَائِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا حَالَّةً .
.
فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ : .
فَإِمَّا نَقْدًا ، أَوْ لِأَجَلٍ ، أَوْ أَقَلَّ ، أَوْ أَكْثَرَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ ، وَهِيَ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ ، .
.
وَلَمَّا بَيَّنَ مُوجِبَ مَنْعِ بُيُوعِ الْآجَالِ فَرَّعَ صُوَرَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ : ( فَمَنْ بَاعَ ) شَيْئًا مُعَيَّنًا مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ( لِأَجَلٍ ) مَعْلُومٍ هَذَا شَرْطٌ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ ، إذْ لَوْ كَانَ نَقْدًا لَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ الَّذِينَ يَتَحَيَّلُونَ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ ( ثُمَّ اشْتَرَاهُ ) أَيْ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ فِيهَا أَيْضًا ( بِجِنْسِ ثَمَنِهِ ) الَّذِي بَاعَهُ بِهِ هَذَا شَرْطٌ فِيهَا أَيْضًا وَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ ( مِنْ عَيْنٍ ) أَيْ نَقْدٍ مُتَّفَقٍ فِي الْبَيْعَتَيْنِ صِنْفًا وَصِفَةً ( وَطَعَامٍ ) مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فِيهِمَا وَصِفَتُهُ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ( وَعَرْضٍ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ؛ كَذَلِكَ الْحَطّ وَالْقَصْدُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْآنَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَبَيْعِهِ بِدَرَاهِمَ وَشِرَائِهِ بِدَرَاهِمَ مِنْ نَوْعِهَا وَسِكَّتِهَا ، أَوْ بَاعَهُ بِذَهَبٍ وَاشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ مِنْ نَوْعِهِ وَسِكَّتِهِ ، أَوْ بَاعَهُ بِطَعَامٍ وَاشْتَرَاهُ بِطَعَامٍ مِنْ صِنْفِهِ وَصِفَتِهِ ، أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ وَاشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ مِنْ صِنْفِهِ وَصِفَتِهِ ( فَإِمَّا ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي ( نَقْدًا ) أَيْ حَالًّا ( أَوْ ) مُؤَجَّلًا ( لِلْأَجَلِ ) الَّذِي أُجِّلَ إلَيْهِ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ ( أَوْ ) مُؤَجَّلًا لِأَجَلٍ ( أَقَلَّ ) مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ ( أَوْ ) مُؤَجَّلًا لِأَجَلٍ ( أَكْثَرَ ) مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ .
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ لِلثَّمَنِ الثَّانِي بِاعْتِبَارِ حُلُولِهِ وَتَأْجِيلِهِ ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الثَّانِي ( بِمِثْلِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ قَدْرِ ( الثَّمَنِ ) الْأَوَّلِ ( أَوْ ) بِ ( أَقَلَّ ) مِنْهُ ( أَوْ ) بِ ( أَكْثَرَ ) مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً بَيَّنَ أَحْكَامَهُمَا بِقَوْلِهِ ( يُمْنَعُ ) بِضَمِّ
التَّحْتِيَّةِ ( مِنْهَا ) أَيْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ ( ثَلَاثٌ ) مِنْ الصُّوَرِ ( وَهِيَ ) أَيْ الثَّلَاثُ الْمَمْنُوعَةُ ( مَا ) أَيْ صُوَرٌ ( تَعَجَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ تَقَدَّمَ ( فِيهِ ) أَيْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَذَكَرَ عَائِدَ مَا مُرَاعَاةً لِلَفْظِهَا وَفَاعِلُ تَعَجَّلَ الثَّمَنَ ( الْأَقَلُّ ) كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ ، بِأَنْ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ حَالَّةٍ أَوْ لِنِصْفِ شَهْرٍ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِشَهْرَيْنِ .
وَعِلَّةُ مَنْعِهَا تُهْمَةُ قَصْدِهِ سَلَفًا بِمَنْفَعَةٍ .
وَبَحَثَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مَنْعِ الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهَا أَدَّتْ إلَى سَلَفٍ غَيْرِ مُنَجَّزٍ وَقَصْدُهُ قَلِيلٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ جَوَازُ مَا يُؤَدِّي إلَى مَا يَبْعُدُ قَصْدُهُ .
وَمَفْهُومُ ثَلَاثٌ أَنَّ الْبَاقِيَةَ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ جَائِزَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَهِيَ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ ، أَوْ لِأَبْعَدَ ، أَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَقْرَبَ مِنْهُ أَوْ أَبْعَدَ ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ نَقْدًا ، أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَقْرَبَ مِنْهُ .
قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ : أَصْلُ هَذَا الْبَابِ اعْتِبَارُ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ وَمَا عَادَ إلَيْهَا ، فَإِنْ جَازَ التَّعَامُلُ عَلَيْهِ مَضَى وَإِلَّا بَطَلَ ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا مَثَلًا فَأَجَلُهُ مُلْغًى كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ عَقْدٌ وَلَا تَبَدَّلَ فِيهِ مِلْكٌ وَاعْتَبَرَ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ مُسْتَقَرًّا لِنَقْلِ الْمِلْكِ بِهِ وَمَا عَادَ إلَيْهَا وَقَابِلْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ ، فَإِنْ وَجَدْتَ فِي ذَلِكَ وَجْهًا مُحَرَّمًا أَوْ أَقَرَّا أَنَّهُمَا عَقَدَا عَلَيْهِ فَسَخْتَ عَقْدَهُمَا فَامْنَعْ مِنْ هَذَا الْبَيْعِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ حِمَايَةِ الذَّرَائِعِ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَجَزْتَ الْبِيَاعَاتِ ثُمَّ تَتَّهِمُ مَعَ إظْهَارِ الْقَصْدِ إلَى الْمُبَاحِ وَتَمْنَعُ ، وَإِنْ أَظْهَرَا عَدَمَ الْقَصْدِ إلَيْهِ حِمَايَةً أَنْ يَتَوَصَّلَا أَوْ غَيْرُهُمَا إلَى الْحَرَامِ ا هـ .
اللَّخْمِيُّ إنْ وَكَّلَ
الْبَائِعُ أَجْنَبِيًّا وَاشْتَرَاهُ لَهُ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ لَمْ يَجُزْ وَيُفْسَخُ ، وَفِيهَا إنْ بِعْتَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَبْدُك الْمَأْذُونُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا إنْ كَانَ يَتَّجِرُ لَك ، وَإِنْ تَجَرَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَجَائِزٌ ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَإِنْ بَاعَ عَبْدُك سِلْعَةً بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ لَمْ يُعْجِبْنِي أَنْ تَبْتَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا إنْ كَانَ الْعَبْدُ يَتَّجِرُ لَك أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى لَمْ يُعْجِبْنِي لَمْ يَجُزْ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَبْدُك الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ ، وَيُكْرَهُ شِرَاءُ الْبَائِعِ السِّلْعَةَ لِابْنِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ مَاتَ مُبْتَاعُهَا إلَى أَجَلٍ قَبْلَهُ جَازَ لِلْبَائِعِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَارِثِهِ لِحُلُولِ الْأَجَلِ بِمَوْتِهِ وَلَوْ مَاتَ الْبَائِعُ فَلَا يَجُوزُ لِوَارِثِهِ إلَّا مَا جَازَ لَهُ مِنْ شِرَائِهَا ، وَقَوْلِي عَنْ اشْتِرَائِهَا مِنْهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِثَالِثٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّالِثِ فَيَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ ابْتَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالْمَجْلِسِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ ابْتَاعَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَيُمْنَعُ لِاتِّهَامِهِمَا بِجَعْلِ الثَّالِثِ مُحَلِّلًا لِإِبْعَادِ التُّهْمَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا وَلَا تَبْعُدُ عَنْهُمَا بِهِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلثَّالِثِ : اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ الَّتِي بِعْتُهَا لَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَأَنَا آخُذُهَا مِنْك بِهَا أَوْ بِرِبْحِ دِينَارٍ فَتَدْفَعُ إلَيْهِ الْعَشَرَةَ الَّتِي تَأْخُذُهَا مِنِّي وَلَا تَدْفَعُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِك فَيَؤُولُ الْأَمْرُ إلَى رُجُوعِ السِّلْعَةِ إلَى الَّذِي بَاعَهَا أَوَّلًا وَدَفْعِهِ عَشَرَةً نَقْدًا يَأْخُذُ مِنْهُ بَدَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَأَعْطَى الثَّالِثَ دِينَارًا لِإِعَانَتِهِ عَلَى الرِّبَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ سَمَاعِ
ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا جَوَابُهُ بِلَا خَيْرَ فِيهِ لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
تت وَلْنَرْسِمْ لَهَا جَدْوَلًا يَكْشِفُهَا وَيُظْهِرُ لَك اسْتِخْرَاجَ الْمَسَائِلِ مِنْهُ بِأَنْ تَأْخُذَ لِلسَّطْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَسْطُرِ الثَّلَاثَةِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْأَبْيَاتِ الَّتِي تَلِيهِ وَتَنْظُرَ مَا فِي كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا فَمَا تَجِدُهُ مِنْ جَائِزٍ أَوْ مُمْتَنِعٍ فَهُوَ حُكْمُ الْبَيْتِ الَّذِي فَوْقَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ أَجَلٍ وَبَقِيَّةُ الْأَسْطُرِ كَذَلِكَ ، وَهَكَذَا الِاسْتِخْرَاجُ فِي بَقِيَّةِ الْجَدَاوِلِ وَهَذِهِ صُورَتُهُ : نَقْدًا لِلشَّهْرِ لِنِصْفِهِ لِشَهْرَيْنِ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ .
وَكَذَا لَوْ أُجِّلَ بَعْضُهُ : مُمْتَنِعٌ مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ ، أَوْ بَعْضُهُ : .
كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ ؛ إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ، .
وَلِذَلِكَ صَحَّ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذَا اشْتَرَطَاهَا ، .
وَلَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ الثَّانِي كُلِّهِ وَتَأْجِيلِهِ كُلِّهِ ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ بَعْضِهِ وَتَأْجِيلِ بَعْضِهِ فِي كُلِّ الصُّوَرِ إلَى أَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ ، وَفِي كُلٍّ الثَّمَنُ الثَّانِي كُلُّهُ إمَّا قَدْرًا لِثَمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ ، وَسَقَطَتْ صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثَةِ إذْ الْمَوْضُوعُ تَأْجِيلُ الْبَعْضِ مُشَبَّهًا فِي الْمَنْعِ لِبَعْضِ الصُّوَرِ وَالْجَوَازُ لِلْبَعْضِ فَقَالَ ( وَكَذَا ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ نَقْدِ الثَّمَنِ الثَّانِي كُلِّهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ كُلِّهِ فِي الِامْتِنَاعِ لِبَعْضِ الصُّوَرِ وَالْجَوَازُ لِلْبَاقِي ( لَوْ أُجِّلَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدًا ( بَعْضُهُ ) أَيْ تَأْجِيلُ بَعْضِ الثَّمَنِ الثَّانِي ، وَبَيَّنَ الصُّوَرَ الْمُمْتَنِعَةَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ ( مُمْتَنِعٌ ) مِنْ صُوَرِهِ التِّسْعِ أَرْبَعُ صُوَرٍ اثْنَانِ فِي قَوْلِهِ ( مَا ) أَيْ عَقَدَ ( تَعَجَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( فِيهِ ) أَيْ بِسَبَبِهِ الثَّمَنُ ( الْأَقَلُّ ) كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ كَبَيْعِهِ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٍ لِنِصْفِ شَهْرٍ أَوْ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ كَبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٍ نَقْدًا وَسَبْعَةٍ لِشَهْرَيْنِ وَاثْنَتَانِ فِي قَوْلِهِ ( أَوْ ) تَعَجَّلَ فِيهِ ( بَعْضُهُ ) أَيْ الْأَقَلُّ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ كَبَيْعِهِ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٍ لِشَهْرٍ أَوْ لِشَهْرَيْنِ وَالْخَمْسُ الْبَاقِيَةُ جَائِزَةٌ وَهِيَ بَيْعُهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَاؤُهُ بِعَشَرَةٍ خَمْسَةٍ نَقْدًا وَخَمْسَةٍ لِلشَّهْرِ أَوْ لِنِصْفِهِ أَوْ لِشَهْرَيْنِ وَبَيْعُهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَاؤُهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ ، خَمْسَةٍ نَقْدًا وَسَبْعَةٍ لِلشَّهْرِ أَوْ نِصْفِهِ تت .
وَهَذَا جَدْوَلٌ فِيهِ التِّسْعُ صُوَرٍ الْبَاقِيَةُ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ : وَبَاقِيَهَا وَبَاقِيَهَا وَبَاقِيَهَا لِشَهْرٍ لِنِصْفِهِ لِأَبْعَدَ بَاعَ
شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ خَمْسَةٍ نَقْدًا جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٍ نَقْدًا جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ الْبُنَانِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ مُنِعَتْ الثَّلَاثُ كُلُّهَا ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ جَازَتْ كُلُّهَا ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ مُنِعَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ تَأْجِيلُ الْبَعْضِ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَجَازَ الْأُخْرَيَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْحَطّ وَمَنَعَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْعَهَا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَاؤُهَا بِعَشَرَةٍ خَمْسَةً نَقْدًا وَخَمْسَةً لِأَبْعَدَ لِأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ تُهْمَةِ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَمَّا كَانَ ضَابِطُ أَحْكَامِ صُوَرِ بُيُوعِ الْآجَالِ أَنَّهُ إنْ اسْتَوَى الْأَجَلَانِ فَالْحُكْمُ الْجَوَازُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الثَّمَنَانِ ، وَإِنْ اسْتَوَى الثَّمَنَانِ فَهُوَ الْجَوَازُ أَيْضًا وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ .
وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ وَالثَّمَنَانِ مَعًا فَيُنْظَرُ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ بِالْعَطَاءِ ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا أَقَلُّ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا فَالْحُكْمُ الْجَوَازُ ، وَإِنْ عَادَ إلَيْهِمَا أَكْثَرُ فَالْحُكْمُ الْمَنْعُ .
وَكَانَ قَدْ تَعَرَّضَ لِبَعْضِ صُوَرِ الْجَوَازِ الْمَنْعُ لِعُرُوضِ مَانِعٍ وَلِبَعْضِ صُوَرِ الْمَنْعِ الْجَوَازُ لِارْتِفَاعِهِ نَبَّهَ عَلَى هَذَا مُشَبِّهًا فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ ) لِلثَّمَنَيْنِ فَيُمْتَنَعُ ( إنْ شَرَطَا ) أَيْ الْعَاقِدَانِ ( نَفْيَ ) أَيْ عَدَمَ ( الْمُقَاصَّةِ ) بَيْنَهُمَا بِمَا عَلَى كُلٍّ لِلْآخَرِ كَبَيْعِ شَيْءٍ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ شِرَائِهِ بِمِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا لِشَهْرٍ بِشَرْطِ عَدَمِ الْمُقَاصَّةِ ، وَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَيَمْتَنِعُ ( لِ ) ابْتِدَاءِ ( الدَّيْنِ
بِالدَّيْنِ ) لِعِمَارَةِ ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَلَوْ لَمْ يَشْرِطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لَجَازَ لِسُقُوطِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا يَبْقَى إلَّا الزَّائِدُ فِي ذِمَّةِ أَحَدِهِمَا ، صَرَّحَ بِهَذَا الرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَلِذَلِكَ ) أَيْ كَوْنِ الْمَنْعِ إذَا شَرَطَ نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ( صَحَّ ) الْبَيْعُ ( فِي ) شِرَاءِ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بِثَمَنٍ ( أَكْثَرَ ) مِمَّا بَاعَ بِهِ مُؤَجَّلٍ ( لِ ) أَجَلٍ ( أَبْعَدَ ) مِنْ أَجَلِ مَا بَاعَ بِهِ ( إذَا شَرَطَاهَا ) أَيْ الْعَاقِدَانِ الْمُقَاصَّةَ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِشَرْطِهَا .
الْحَطّ فِي الْجَوَاهِرِ إذَا اشْتَرَطَا الْمُقَاصَّةَ جَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا أَيْ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَلِأَجْلِ ارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ جَازَ مَا أَصْلُهُ الْمَنْعُ وَهُوَ شِرَاؤُهَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ لِلسَّلَامَةِ حِينَئِذٍ مِنْ دَفْعٍ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ .
.
وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ : كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ ، .
وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا .
( وَالرَّدَاءَةُ ) فِي أَحَدِ الثَّمَنَيْنِ ( وَالْجُودَةُ ) فِي الثَّمَنِ الْآخَرِ مُعْتَبَرَتَانِ فِيهِمَا ( كَ ) اعْتِبَارِ ( الْقِلَّةِ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ اللَّامِ فِي أَحَدِهِمَا ( وَالْكَثْرَةِ ) فِي الْآخَرِ فَالرَّدِيءُ كَالْقَلِيلِ وَالْجَيِّدُ كَالْكَثِيرِ ، وَيَأْتِي هُنَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ جَيِّدَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِرَدِيئَةٍ فَفِيهِ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً الْمُتَقَدِّمَةَ ، وَكَذَا إذَا بَاعَ بِرَدِيئَةٍ وَاشْتَرَى بِجَيِّدَةٍ فَحَيْثُ يُمْنَعُ مَا يُعَجَّلُ فِيهِ الْأَقَلُّ يُمْنَعُ مَا يُعَجَّلُ فِيهِ الرَّدِيءُ ، وَحَيْثُ جَازَ يَجُوزُ قَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ ، وَمِثْلُهُ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَفِي بَعْضِهَا فَإِنْ اخْتَلَفَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ امْتَنَعَ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَالنُّسْخَةُ الْأُولَى أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ هَذِهِ الْمَنْعَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ نَقْدًا .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ يَمْتَنِعُ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ الْأَدْنَى يَقْتَضِي أَنَّ مَا انْتَفَى مِنْهُ الْأَمْرُ أَنْ يَجُوزَ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ أَنَّ مَسَائِلَ الْأَجَلِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ كُلَّهَا مُمْتَنِعَةٌ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ ، فَيُؤَدِّي لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ حِينَئِذٍ بِالْمُقَاصَّةِ ، وَأَمَّا مَسَائِلُ النَّقْدِ السِّتُّ فَيَجُوزُ مِنْهَا صُورَتَانِ وَهِيَ شِرَاؤُهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا وَاَلَّذِي اشْتَرَى بِهِ أَجْوَدُ مِمَّا بَاعَ بِهِ ، وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مُمْتَنِعَةٌ عَمَلًا بِقَوْلِهِ يُمْتَنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ الرَّدِيءُ ، فَإِنْ اشْتَرَى بِالرَّدِيءِ امْتَنَعَ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَإِنْ اشْتَرَى بِالْجَيِّدِ الْأَقَلَّ امْتَنَعَ أَفَادَهُ الْحَطّ .
وَصَرَّحَ بِبَعْضِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ فَقَالَ ( وَمُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْعُ شَيْءٍ ( بِذَهَبٍ ) لِأَجَلٍ ( وَ )
شِرَاؤُهُ بِ ( فِضَّةٍ ) فِي الصُّوَرِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِثْلُهُ بَيْعُهُ بِفِضَّةٍ لِأَجَلٍ وَشِرَاؤُهُ بِذَهَبٍ فِيهَا لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فَيُمْنَعُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يُعَجَّلَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ ( أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا ) بِأَنْ يَزِيدَ الْمُعَجَّلَ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِقَدْرِ نِصْفِهِ ، فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ كَبَيْعِ شَيْءٍ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ شِرَائِهِ بِسِتِّينَ دِرْهَمًا نَقْدًا ، وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ ، وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ مَا جَعَلَهُ الْإِمَامُ صَرْفًا لِلدِّينَارِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِيهَا إنْ بِعْتَهُ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْهُ بِدِينَارِ نَقْدٍ فَيَصِيرُ صَرْفًا مُؤَخَّرًا ، وَلَوْ ابْتَعْتَهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا جَازَ لِبُعْدِكُمَا مِنْ التُّهْمَةِ .
وَإِنْ بِعْته بِأَرْبَعِينَ إلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ تَبْتَاعَهُ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا لِبَيَانِ فَضْلِهَا وَلَا يُعْجِبُنِي بِدِينَارَيْنِ وَإِنْ سَاوَيَاهَا فِي الصَّرْفِ ا هـ .
وَمَنَعَ أَشْهَبُ ذَلِكَ مُطْلَقًا مُبَالَغَةً فِي الِاحْتِيَاطِ لِمَنْعِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ .
وَقِيلَ : يَجُوزُ إذَا سَاوَى الْمُعَجَّلُ قِيمَةَ الْمُؤَخَّرِ .
أَبُو الْحَسَنِ تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ النَّقْدَانِ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَكَذَا إنْ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا وَالنَّقْدُ أَقَلُّ مِنْ صَرْفِ الْمُؤَخَّرِ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَقَوْلَانِ .
أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا .
وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ مِثْلَ صَرْفِ الْمُؤَخَّرِ أَوْ أَكْثَرَ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ لَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ جَازَ .
قَالَ : وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَبْعُدَا عَنْ التُّهْمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ يَبْعُدَانِ بِعَشَرَةٍ ا هـ .
قُلْتُ وَبِأَقَلَّ مِنْهَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ فِيهَا .
أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لِبَيَانِ فَضْلِهَا لِأَنَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا صَرْفُ دِينَارَيْنِ
وَيَبْقَى دِينَارٌ ، وَهَذَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ فِيهَا إنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ا هـ .
.
وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ : كَشِرَائِهِ لِلْأَجَلِ بِمُحَمَّدِيَّةٍ .
مَا بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ ، .
( وَ ) مُنِعَ بَيْعُ شَيْءٍ ثُمَّ شِرَاؤُهُ ( بِسِكَّتَيْنِ ) مُخْتَلِفَتَيْنِ كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ ( إلَى أَجَلٍ ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ سَوَاءٌ اسْتَوَى الْأَجَلَانِ أَوْ لَا ( كَشِرَائِهِ ) أَيْ الْبَائِعِ مِنْ الْمُشْتَرِي ( لِلْأَجَلِ ) الَّذِي بَاعَ إلَيْهِ وَأَوْلَى لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ ، وَصِلَةُ شِرَائِهِ ( بِمُحَمَّدِيَّةٍ ) وَمَفْعُولُ شِرَاءِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ ( مَا بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ ) لِأَجَلٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ .
الْحَطّ وَهَذَا شَامِلٌ لِثَمَانِ عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إمَّا لِأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَقْرَبَ مِنْهُ أَوْ أَبْعَدَ ، وَهُوَ إمَّا قَدْرُ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ ، فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ السِّكَّةُ الثَّانِيَةُ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ .
وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِصُورَةٍ يُتَوَهَّمُ جَوَازُهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ اتِّفَاقِ الثَّمَنَيْنِ عَدَدًا وَأَجَلًا وَكَوْنِ الْمُحَمَّدِيَّةِ أَجْوَدَ .
ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ عَكْسُ فَرْضِ الْمُدَوَّنَةِ إذْ قَالَ : وَإِنْ بِعْت ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ إلَيْهِ زَادَ ابْنُ يُونُسَ لِرُجُوعِ ثَوْبِك إلَيْك ، فَكَأَنَّك بِعْت يَزِيدِيَّةً بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَى الْأَجَلِ ، وَقَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِالْعَكْسِ بَيَانَ مُخْتَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ فِي كَوْنِ عِلَّةِ مَنْعِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ اشْتِغَالَ الذِّمَّتَيْنِ بِسِكَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ ، أَوْ لِأَنَّ الْيَزِيدِيَّةَ دُونَ الْمُحَمَّدِيَّةِ طَرِيقَيْنِ لِلْأَشْيَاخِ وَعَلَيْهِمَا مَنَعَ عَكْسَ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَجَوَازَهُ ، وَعَزَا ابْنُ مُحْرِزٍ الْأُولَى لِأَكْثَرِ الْمُذَاكِرِينَ ، وَالثَّانِيَةَ لِبَعْضِهِمْ .
وَالظَّاهِرُ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ اشْتِغَالُ الذِّمَّتَيْنِ لَا لِأَنَّ الْيَزِيدِيَّةَ دُونَ الْمُحَمَّدِيَّةِ لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْقِلَّةِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَسَاوَى الْأَجَلَانِ جَازَ ، سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ
أَوْ مُسَاوِيًا ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ امْتَنَعَتْ هَذِهِ الصُّوَرُ ، وَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ كَاشْتِرَاطِ نَفْيِهَا لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي بِهَا حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَفْهُومُ إلَى أَجَلٍ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا نَقْدًا جَازَ وَفِيهِ سِتُّ صُوَرٍ لِأَنَّهُ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ عَدَدًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ ، وَفِي كُلٍّ الْأَوَّلُ إمَّا أَجْوَدُ سِكَّةً أَوْ أَرْدَأُ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ ، فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَجْوَدَ سِكَّةً امْتَنَعَ ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَجْوَدَ ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَوَّلِ امْتَنَعَ أَيْضًا ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهَذَا جَدْوَلٌ لِبَيَانِ أَحْكَامِ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ صُورَةً مُغْنٍ عَنْ وَضْعِ مِثْلِهِ لِاخْتِلَافِهِمَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ .
نَقْدًا لِلشَّهْرِ لِنِصْفِهِ لِأَبْعَدَ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ يَزِيدِيَّةٍ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ شَيْئًا بِثَمَانِيَةٍ يَزِيدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ يَزِيدِيَّةٍ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ شَيْئًا بِاثْنَيْ عَشَرَ يَزِيدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ .
.
وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ ؛ جَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ فَقَطْ ، .
وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ ، فَيُمْنَعُ بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ ، أَوْ لِأَبْعَدَ ، إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ بِهِ ، .
.
( وَإِنْ ) بَاعَ شَيْئًا بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ( بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ جِنْسًا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ وَفِي كُلٍّ قِيمَتُهُ إمَّا قَدْرُ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً ( جَازَتْ ثَلَاثُ ) صُوَرٍ ( النَّقْدُ فَقَطْ ) وَهِيَ كَوْنُ قِيمَةِ الْعَرْضِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ثَانِيًا نَقْدًا قَدْرَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَمَفْهُومُهُ امْتِنَاعُ صُوَرِ الْأَجَلِ التِّسْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ .
غ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي الصَّفْقَةِ الْأُولَى ، أَيْ فَإِنْ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ فِي الْجِنْسِ لِلثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ كَبَيْعِ ثَوْبٍ بِجَمَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِبَغْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مُخَالِفٌ لِلْجَمَلِ فِي الْجِنْسِ جَازَتْ صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثِ ، وَهِيَ كَوْنُ قِيمَةِ الْعَرْضِ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لَقِيمَةِ الْجَمَلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ .
وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَلَى مَنْعِ صُوَرِ الْأَجَلِ التِّسْعِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ هَذَا أَنَّهُ لَمَّا شَرَحَ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ كَانَا نَوْعَيْنِ جَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا إذْ لَا رِبَا فِي الْعُرُوضِ .
قَالَ : مُرَادُهُ بِالصُّوَرِ كُلِّهَا صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثُ .
وَأَمَّا صُوَرُ الْآجَالِ التِّسْعُ فَمُمْتَنِعَةٌ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ ، قَالَ : وَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ لَا رِبَا فِي الْعُرُوضِ وَمُرَادُهُ نَفْيُ رِبَا الْفَضْلِ لِوُضُوحِهِ ؛ إذْ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مُشَارَكَةٍ أَنَّ رِبَا النَّسَاءِ يَدْخُلُ فِي الْعُرُوضِ ، حَكَاهُ عَنْ شَيْخِهِ الْمَنُوفِيِّ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إنْ كَانَ الثَّمَنَانِ عَرْضَيْنِ مِنْ جِنْسٍ جَازَتْ الصُّوَرُ التِّسْعُ ، تَبِعَ فِيهِ ابْنَ بَشِيرٍ ، وَتَبِعَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَهُوَ وَهْمٌ ا هـ ، وَمُرَادُهُمْ بِالصُّوَرِ التِّسْعِ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ إلَّا أَنَّهُمْ عَدُّوا مَا كَانَ لِدُونِ الْأَجَلِ
وَالنَّقْدِ وَاحِدًا .
وَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى تَوْهِيمِ الْجَمَاعَةِ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بِعْت ثَوْبًا بِمِائَةٍ إلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ تَشْتَرِيَهُ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ نَقْدًا كَانَ ثَمَنُ الْعَرْضِ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ ، فَإِنْ اشْتَرَيْتَهُ بِعَرْضٍ مُؤَجَّلٍ إلَى مِثْلِ أَجَلِ الْمِائَةِ أَوْ دُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ .
تت وَهَذِهِ صُورَةُ الْجَدْوَلِ الْكَاشِفِ لَهَا : نَقْدًا لِشَهْرٍ لِنِصْفِهِ لِأَبْعَدَ بَاعَ ثَوْبًا بِبَعِيرٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِفَرَسٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ كَذَلِكَ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ ثَوْبًا بِبَعِيرٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِفَرَسٍ قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ ثَوْبًا بِبَعِيرٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِفَرَسٍ قِيمَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ .
( وَ ) مِثْلُ الْمَبِيعِ لِأَجَلٍ ( الْمِثْلِيُّ ) الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ أَوْ الْمَعْدُودُ ( صِفَةً وَقَدْرًا ) الْمُشْتَرِي بَعْدَ بَيْعِ الْمِثْلِيِّ لِأَجَلٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ ( كَمِثْلِهِ ) أَيْ كَعَيْنِ الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ فِي جَرَيَانِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً فِيهِ وَامْتِنَاعِ مَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا وَجَوَازِ مَا يَجُوزُ فَإِذَا بَاعَ مِثْلِيًّا لِأَجَلٍ وَاشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ قَدْرًا وَصِفَةً امْتَنَعَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ ، وَيُمْنَعُ صُورَتَانِ مِنْهَا أَيْضًا أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ ( فَيُمْنَعُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ شِرَاءُ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ ( بِ ) ثَمَنٍ ( أَقَلَّ ) مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ أَوَّلًا مُؤَجَّلًا ( لِأَجَلِهِ ) أَيْ الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ أَوَّلًا ( أَوْ لِأَبْعَدَ ) مِنْ أَجَلِ الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ أَوَّلًا ( إنْ غَابَ ) عَلَى الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ أَوَّلًا ( مُشْتَرِيهِ ) أَيْ الْمِثْلِيِّ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ
عَلَى الْمِثْلِيِّ تُعَدُّ سَلَفًا ، وَقَدْ انْتَفَعَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فِي نَظِيرِ الْأَسْلَافِ ، مِثَالُهُ بَاعَهُ إرْدَبَّ قَمْحٍ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ إرْدَبَّ قَمْحٍ آخَرَ مِثْلَ الْأَوَّلِ صِفَةً بِدِينَارٍ لِشَهْرٍ أَوْ لِشَهْرَيْنِ فَيَتَقَاصَّانِ فِي دِينَارٍ ، وَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ دِينَارًا فِي نَظِيرِ تَسْلِيفِهِ الْإِرْدَبَّ ، فَصَارَتْ الصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ خَمْسَةً مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً .
الْحَطّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ بَاعَ مِثْلِيًّا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَهُ فَتَمْتَنِعُ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَصُورَتَانِ أُخْرَيَانِ ، أَشَارَ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ فَيُمْنَعُ بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ أَوْ أَبْعَدَ ، وَلِذَا كَانَتْ الْوَاوُ أَنْسَبَ قَالَهُ غ ، وَالشَّرْطُ مُخْتَصٌّ بِالصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ .
وَعِلَّةُ مَنْعِهِمَا مَا فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُمْ يَعُدُّونَ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ سَلَفًا فَصَارَ كَأَنَّ الْبَائِعَ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِيَ إرْدَبًّا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ دِينَارًا بَعْدَ شَهْرٍ وَيُقَاصِصْهُ بِدِينَارٍ عِنْدَ الْأَجَلِ .
ا هـ .
وَذَلِكَ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَاعَ إرْدَبًّا بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ بِدِينَارٍ إلَى الشَّهْرِ يُرِيدُ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ : وَلَا يُقَالُ إذَا غَابَ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَقَدْ انْتَفَعَ بِهِ ، وَالسَّلَفُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ رَدُّ الْمِثْلِ ، وَيَجُوزُ فِيهِ رَدُّ الْعَيْنِ فَلِمَ لَمْ يُعَدَّ سَلَفًا لِأَنَّا نَقُولُ : لَمَّا رَجَعَتْ الْعَيْنُ فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ وَفِيهِ نَظَرٌ ا هـ .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْقَدْرِ لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَهُ فِي الصِّفَةِ فَسَيُصَرِّحُ بِحُكْمِهِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ إلَخْ .
وَأَمَّا إذَا
خَالَفَهُ فِي الْقَدْرِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ أَوْ أَكْثَرَ ، فَإِنْ اشْتَرَى أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ فَهُوَ كَبَيْعِ سِلْعَتَيْنِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتِرَاءِ إحْدَاهُمَا وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي كَلَامِهِ ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهَا خَمْسُ صُوَرٍ وَهِيَ شِرَاءُ إحْدَاهُمَا لِأَبْعَدَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِنَفْعٍ أَوْ بِأَقَلَّ لِأَبْعَدَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ ، أَوْ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ إلَى دُونِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ ، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ زِيَادَةِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَغِيبَ عَلَيْهِ أَوْ لَا ، فَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فِي امْتِنَاعِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ امْتَنَعَ ، فِيهِ صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ مَا رَجَعَ لِلْبَائِعِ فَهُوَ سَلَفٌ ، وَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَاصَّهُ الْمُشْتَرِي بِمَا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يُعْطِيهِ مَا بَقِيَ ثَمَنًا لِلْمُتَأَخِّرِ .
وَاخْتُلِفَ فِي صُورَةٍ سَابِعَةٍ وَهِيَ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ مُقَاصَّةً ، فَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَاضْطَرَبَ فِيهَا الْمُتَأَخِّرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ اشْتَرَى أَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهُ فَهُوَ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الْمَتْنِ ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ سَبْعُ صُوَرٍ وَهِيَ شِرَاؤُهُ نَقْدًا أَوْ إلَى دُونِ الْأَجَلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ فَلِأَنَّهُ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ ، وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ ، أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ ، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ تَفْصِيلٍ وَهُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ قَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَتَمْتَنِعُ الصُّوَرُ
كُلُّهَا السَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ أَوْ لِبَيْعٍ وَسَلَفٍ .
ا هـ .
وَهَذَا جَدْوَلٌ لِبَيَانِ صُوَرِ شِرَاءِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَأَحْكَامِهَا : نَقْدًا لِأَقْرَبَ لِلْأَجَلِ لِأَبْعَدَ بَاعَ إرْدَبَّ قَمْحٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهِ مِثْلَهُ بِعَشَرَةٍ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ بَاعَ إرْدَبَّ قَمْحٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهِ مِثْلَهُ بِثَمَانِيَةٍ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ إرْدَبَّ قَمْحٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهِ مِثْلَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ .
وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ مُخَالِفٌ أَوْ لَا ؟ .
تَرَدُّدٌ .
.
( وَ ) إنْ بَاعَ طَعَامًا لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ طَعَامًا مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ وَلَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَ ( هَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ ) أَيْ الْبَائِعِ الَّذِي بَاعَهُ لِأَجَلٍ ( كَ ) بَيْعِ إرْدَبِّ قَمْحٍ لِأَجَلٍ ( وَ ) شِرَاءِ إرْدَبِّ ( شَعِيرٍ ) مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِهِ وَخَبَرُ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ ( مُخَالِفٌ ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمُخَالِفِ لِمَا بَاعَهُ فِي الْجِنْسِ كَبَيْعِهِ ثَوْبًا لِأَجَلٍ وَشِرَائِهِ عَبْدًا فِي جَوَازِ صُوَرِهِ كُلِّهَا ( أَوْ لَا ) يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مُخَالِفِ الْجِنْسِ ، بَلْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ شِرَاءِ مِثْلِهِ فِي امْتِنَاعِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنْ لَمْ يَغِبْ وَالْخَمْسِ إنْ غَابَ فِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ ، وَالثَّانِي لِغَيْرِهِمْ .
ابْنُ عَاشِرٍ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ قَالَ : إنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ فِي الْجِنْسِ جَعَلَهُ مِنْ الْمُخَالِفِ فِي الصِّفَةِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَهُمَا كَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ .
ضَيْح أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ شِرَاءِ مَا بَاعَهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْجَوْدَةِ وَحُكْمُ شِرَاءِ أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ فِي الرَّدَاءَةِ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ زِيَادَةٌ وَالرَّدَاءَةَ نَقْصٌ .
وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا فَمِثْلُهُ كَغَيْرِهِ : كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ لِأَبْعَدَ مُطْلَقًا أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا : امْتَنَعَ ، لَا بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ .
.
( وَإِنْ بَاعَ ) شَيْئًا ( مُقَوَّمًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا كَثَوْبٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي ثَوْبًا مِثْلَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ ( فَمِثْلُهُ ) أَيْ الْمُقَوَّمِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ ( كَ ) شِرَاءِ ( غَيْرِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ أَوَّلًا فِي جَوَازِ الصُّوَرِ كُلِّهَا لِأَنَّ ذَوَاتَ الْقِيَمِ لَا يَقُومُ فِيهَا الْمِثْلُ مَقَامَ مِثْلِهِ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ .
وَشَبَّهَ فِي الْمُغَايِرَةِ أَوْ الْجَوَازِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ فَقَالَ ( كَتَغَيُّرِهَا ) أَيْ الذَّاتِ الْمُقَوَّمَةِ الْمَبِيعَةِ لِأَجَلٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي تَغَيُّرًا ( كَثِيرًا ) بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا قَبْلَ حُلُولِهِ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا .
وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ شِرَاءِ الْمَبِيعِ لِأَجَلٍ كُلَّهُ أَوْ مِثْلَهُ أَتْبَعَهُ بِحُكْمِ شِرَاءِ بَعْضِهِ فَقَالَ ( وَإِنْ ) بَاعَ ثَوْبَيْنِ مَثَلًا لِأَجَلٍ وَ ( اشْتَرَى ) الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِهِ ( أَحَدَ ثَوْبَيْهِ ) اللَّذَيْنِ بَاعَهُمَا بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ مَثَلًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ( لِ ) أَجَلٍ ( أَبْعَدَ ) مِنْ الشَّهْرِ امْتَنَعَ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الثَّمَنِ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ لِمَا فِي الْأَكْثَرِ وَالْمُسَاوِي مِنْ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ مِائَةً عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُ عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الثَّانِي مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَزَادَ لَهُ الثَّوْبُ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا وَلِمَا فِي الْأَقَلِّ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ .
( أَوْ ) اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِثَمَنٍ ( أَقَلَّ ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ( نَقْدًا ) أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ ( امْتَنَعَ ) لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ ( لَا ) يَمْتَنِعُ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا ( بِمِثْلِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ( أَوْ أَكْثَرَ ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ فِيهِمَا وَلَا لِلْأَجَلِ مُطْلَقًا ، فَالْمُمْتَنِعُ خَمْسُ صُوَرٍ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً ، وَالْجَائِزُ السَّبْعَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهَا
وَهِيَ صُوَرُ الْأَجَلِ الثَّلَاثَةِ وَالْأَكْثَرُ وَالْمُسَاوِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ .
تت وَهَذَا جَدْوَلٌ يَكْشِفُهَا : نَقْدًا لِلْأَجَلِ لِأَقْرَبَ لِأَبْعَدَ بَاعَ ثَوْبَيْنِ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِائَةٍ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَهُمَا بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَهُمَا بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِائَتَيْنِ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ .
وَامْتَنَعَ بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ ، إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ ، وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ نَقْدًا مُطْلَقًا ، أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ ، .
.
( وَامْتَنَعَ ) شِرَاءُ أَحَدِ ثَوْبَيْهِ ( بِ ) ثَمَنٍ ( غَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ ) أَيْ الْبَائِعِ الَّذِي بَاعَ بِهِ بِأَنْ بَاعَهُمَا بِذَهَبٍ لِأَجَلٍ وَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسَهُ لِلْبَيْعِ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ ، أَوْ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِيَزِيدِيَّةٍ أَوْ عَكْسَهُ لِلْبَيْعِ وَالْمُبَادَلَةِ الْمُؤَخَّرَةِ فَيُمْنَعُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَكْثُرَ ) الثَّمَنُ ( الْمُعَجَّلُ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً جِدًّا فِي شِرَاءِ أَحَدِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِثَمَنِهَا فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ أَوْ الْمُبَادَلَةِ وَالْبَيْعِ كَبَيْعِهِمَا بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ثُمَّ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا نَقْدًا لِبُعْدِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ حِينَئِذٍ بِزِيَادَةِ الدَّرَاهِمِ عَلَى صَرْفِ الدِّينَارَيْنِ .
( وَلَوْ بَاعَهُ ) أَيْ الثَّوْبَ مَثَلًا ( بِعَشَرَةٍ ) لِأَجَلٍ ( ثُمَّ اشْتَرَاهُ ) أَيْ الْبَائِعُ مَبِيعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِهِ ( مَعَ سِلْعَةٍ ) بِثَمَنٍ ( نَقْدًا ) أَوْ لِأَقْرَبَ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمُسَاوَاةِ الثَّمَنِ الثَّانِي الْأَوَّلَ أَوْ عَدَمِهَا ( أَوْ ) اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ ( لِ ) أَجَلٍ ( أَبْعَدَ ) مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ ( بِ ) ثَمَنٍ ( أَكْثَرَ ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ امْتَنَعَ لِلسَّلَفِ الَّذِي جَرَّ نَفْعًا فِي شِرَائِهِ بِمِثْلٍ أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي شِرَائِهِمَا بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ ، فَالصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ إجْمَالًا أَرْبَعٌ ، وَتَفْصِيلًا سَبْعٌ ثَلَاثٌ لِدُونٍ وَثَلَاثٌ نَقْدًا وَالسَّابِعَةُ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ ، وَالْبَاقِي مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً خَمْسٌ جَائِزَةٌ .
غ قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ نَقْدًا مُطْلَقًا أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ أَطْلَقَ النَّقْدَ عَلَى الْحَالِّ ، وَمَا كَانَ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ فَاشْتَمَلَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى سَبْعِ صُوَرٍ ، وَسَيُصَرِّحُ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ حَيْثُ يَقُولُ وَبِمِثْلٍ
وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ وَسَكَتَ عَنْ الثَّلَاثِ الَّتِي لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ لِوُضُوحِ جَوَازِهَا ، فَخَرَجَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ سَبْعًا مَمْنُوعَةٌ وَخَمْسًا جَائِزَةٌ وَصُورَةُ جَدْوَلِهَا هَكَذَا : نَقْدًا لِعَامٍ لِأَقْرَبَ لِأَبْعَدَ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِعَامٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِعَامٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ بِخَمْسَةٍ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِعَامٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ .
أَوْ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ ، امْتَنَعَ لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ ، .
وَبِمِثْلٍ أَوْ أَقَلَّ لِأَبْعَدَ .
( أَوْ ) اشْتَرَى مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ مِنْ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ تَمَامِهِ ( بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ ) نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الشَّهْرِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ ( امْتَنَعَ ) لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَلِلشَّهْرِ جَائِزٌ ( لَا ) يَمْتَنِعُ شِرَاءُ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ( بِعَشَرَةٍ ) أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا ( وَسِلْعَةٍ ) نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الشَّهْرِ أَوْ لَهُ فِيهِمَا لَا لِأَبْعَدَ فَيُمْنَعُ فِيهِمَا لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ اشْتِمَالُ قَوْلِهِ أَوْ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ مَعَ قَوْلِهِ لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً : وَهَذَا جَدْوَلُهَا : نَقْدًا لِلشَّهْرِ لِدُونِهِ لِأَبْعَدَ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وَشَاةٍ مُمْتَنِعٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَشَاةٍ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَشَاةٍ جَائِزٌ جَائِزٌ جَائِزٌ مُمْتَنِعٌ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ مَفْهُومَهُ فَقَالَ ( وَ ) لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ( بِمِثْلِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ لِلْعَشَرَةِ الَّتِي بَاعَهُ بِهَا بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مَعَ سِلْعَةٍ ( فَأَقَلَّ ) مِنْ الْمِثْلِ مُؤَجَّلًا الْمِثْلُ أَوْ الْأَقَلُّ ( لِ ) أَجَلٍ ( أَبْعَدَ ) مِنْ أَجَلِ الْعَشَرَةِ الَّتِي بَاعَهُ بِهَا فَهُوَ جَائِزٌ ، فَهُوَ تَتْمِيمٌ لِصُوَرِ اشْتِرَائِهِ مَعَ سِلْعَةٍ ، وَأَخَّرَهُ هُنَا لِمُشَارَكَتِهِ مَا قَبْلَهُ فِي الْجَوَازِ ، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَصُوَرُ الْأَجَلِ الثَّلَاثُ جَائِزَةٌ ، وَتَقَدَّمَتْ سَبْعٌ مُمْتَنِعَةٌ فَصُوَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ أَفَادَهُ عب .
وَعِبَارَةُ غ قَوْلُهُ وَبِمِثْلِ وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ ، هَذَا مُقَابِلُ مَا قَبْلَ مَا يَلِيهِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ كَمَا قَدَّمْنَا ، فَفِي الْكَلَامِ تَلْفِيقٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَهُ
لِأَبْعَدَ رَاجِعٌ لِلْمِثْلِ وَالْأَقَلِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَدْ نَصَّ ابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى جَوَازِهِمَا ، وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ مَنْعَهُمَا وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا وَجْهَ لَهُ .
.
وَلَوْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ ثُمَّ رَضِيَ بِالتَّعْجِيلِ : قَوْلَانِ : كَتَمْكِينِ بَائِعٍ مُتْلِفٍ مَا قِيمَتُهُ .
أَقَلُّ مِنْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ .
( وَلَوْ ) بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ ( اشْتَرَى ) الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا بَاعَهُ قَبْلَ تَمَامِهِ ( بِ ) ثَمَنٍ ( أَقَلَّ ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَخَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ ( لِأَجَلِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ، وَهَذَا جَائِزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ ( ثُمَّ رَضِيَ ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ ( بِالتَّعْجِيلِ ) لِلثَّمَنِ الثَّانِي الْأَقَلِّ قَبْلَ تَمَامِ أَجَلِهِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ لِتَأْدِيَتِهِ لِسَلَفٍ بِزِيَادَةٍ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْجَوَازُ نَظَرًا لِحَالِ الْعَقْدِ وَإِلْغَاءً لِلطَّارِئِ أَوْ لَا يَسْتَمِرُّ فَيَنْتَفِي ، وَيَخْلُفُهُ الْمَنْعُ نَظَرًا لِمَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ .
ابْنُ وَهْبَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ ، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَوْلَيْنِ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِدُونِهِ ثُمَّ رَضِيَ بِتَأْخِيرِهِ لِأَبْعَدَ .
وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ ثُمَّ رَضِيَ بِتَأْخِيرِهِ لَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ مَنْعُهُ لِوُقُوعِهِ فَاسِدًا ابْتِدَاءً ، وَكَذَا شِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ ثُمَّ رَضِيَ بِتَعْجِيلِهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ ( كَتَمْكِينِ ) شَخْصٍ ( بَائِعٍ ) بِالتَّنْوِينِ ( مُتْلِفٍ ) بِالتَّنْوِينِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ نَعْتُ بَائِعٍ وَتَنَازَعَ بَائِعٌ وَمُتْلِفٌ ( مَا ) أَيْ شَيْئًا ( قِيمَتُهُ ) أَيْ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ ( أَقَلُّ ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي بَاعَهُ الْبَائِعُ بِهِ لِأَجَلٍ كَبَيْعِهِ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ عَمْدًا قَبْلَ تَمَامِهِ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَغَرِمَهَا حَالَّةً فَهَلْ يُمَكَّنُ الْبَائِعُ ( مِنْ ) أَخْذِ ( الزِّيَادَةِ ) الَّتِي زَادَهَا الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَةِ ( عِنْدَ ) حُلُولِ ( الْأَجَلِ ) فَيَأْخُذُ الْعَشَرَةَ الَّتِي بَاعَهُ بِهَا وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْهَا فَيَأْخُذُ الْخَمْسَةَ الَّتِي غَرِمَهَا فَقَطْ
لِإِتْهَامِهِ بِالتَّحَيُّلِ عَنْ تَسْلِيفِ خَمْسَةٍ بِعَشَرَةٍ قَوْلَانِ : الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ .
وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ خَطَأً فَلَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ .
.
وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مَعَ خَمْسَةٍ : مُنِعَ مُطْلَقًا : كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ ، إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ الذِّمَّةِ أَوْ الْمُؤَخِّرِ مُسَلِّفٌ .
( وَإِنْ أَسْلَمَ ) شَخْصٌ أَيْ دَفَعَ لِآخَرَ ( فَرَسًا ) مَثَلًا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ( فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ ) لِشَهْرٍ مَثَلًا ( ثُمَّ اسْتَرَدَّ ) مُسْلِمُ الْفَرَسِ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَيْهِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا ( مِثْلَهُ ) أَيْ الْفَرَسِ ( مَعَ ) زِيَادَةِ ( خَمْسَةِ أَثْوَابٍ ) مَثَلًا مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( مُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّلَمُ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ خَمْسَةِ الْأَثْوَابِ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ الْفَرَسَ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ وَانْتَفَعَ الْمُقْرِضُ بِخَمْسَةِ الْأَثْوَابِ .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَ خَمْسَةٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ فَقَطْ لَجَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا لِعَدَمِ اسْتِئْنَافِهِمَا بَيْعًا غَيْرَ الْأَوَّلِ ، بِخِلَافِ رَدِّ مِثْلِهِ مَعَ خَمْسَةٍ فَقَدْ نَقَضَا الْبَيْعَ الْأَوَّلَ فَقَوِيَتْ تُهْمَةُ السَّلَفِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ ) أَيْ الْمُسْلِمُ الْفَرَسَ بِعَيْنِهِ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ نَقْدًا وَلِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ فَيُمْنَعُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا ( إلَّا أَنْ تَبْقَى ) الْأَثْوَابُ ( الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا ) بِصِفَتِهَا الْمَشْرُوطَةِ لَا أَجْوَدَ وَلَا أَدْنَى فَيَجُوزُ وَعِلَّةُ مَنْعِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ لِأَنَّ رَدَّ الْفَرَسِ شِرَاءٌ لَهَا مِنْ السَّلَمِ إلَيْهِ بِخَمْسَةِ أَثْوَابٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَتَعْجِيلُ الْأَثْوَابِ الْخَمْسَةِ الْمَرْدُودَةِ مَعَ الْفَرَسِ تَسْلِيفٌ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ يَقْتَضِيهَا مِنْ نَفْسِهِ إذَا حَلَّ أَجَلُ الْعَشَرَةِ وَتَأْخِيرُهَا لِأَبْعَدَ تَسْلِيفٌ مِنْ الْمُسْلِمِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ ( لِأَنَّ ) الشَّخْصَ ( الْمُعَجِّلَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً ( لِمَا فِي الذِّمَّةِ ) بِأَنْ رَدَّهُ حَالًّا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ ، كَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ الَّذِي دَفَعَ لِلْمُسْلِمِ مَعَ الْفَرَسِ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ حَالَّةً أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ قَضَاءً
لِخَمْسَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ مُسَلِّفٌ ( أَوْ ) الشَّخْصِ ( الْمُؤَخِّرِ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِمَا فِي الذِّمَّةِ كَالْمُسْلِمِ الَّذِي أَخَّرَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِخَمْسَةِ أَثْوَابٍ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ لِأَبْعَدَ ( مُسَلِّفٌ ) بِكَسْرِ اللَّامِ .
.
وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا ، أَوْ مُؤَجَّلًا : مُنِعَ مُطْلَقًا ، إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ ، لِلْأَجَلِ ، .
.
( وَإِنْ بَاعَ ) شَخْصٌ ( حِمَارًا ) مَثَلًا ( بِعَشَرَةٍ ) مِنْ دَنَانِيرَ مَثَلًا ( لِأَجَلٍ ) مَعْلُومٍ كَشَهْرٍ ( ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ ) أَيْ الْبَائِعُ الْحِمَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْإِقَالَةِ ( وَ ) زَادَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي ( دِينَارًا نَقْدًا ) مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الدِّينَارُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْحِمَارَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ دَفَعَ عَنْهَا الْحِمَارَ ، وَدِينَارًا نَقْدًا لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ تِسْعَةً ثَمَنَ الْحِمَارِ وَهَذَا بَيْعٌ ، وَدِينَارًا عَنْ الدِّينَارِ الَّذِي عَجَّلَهُ مَعَ الْحِمَارِ وَهَذَا سَلَفٌ ( أَوْ ) زَادَهُ مَعَ الْحِمَارِ دِينَارًا ( مُؤَجَّلًا مُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْضًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ لِلْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلُ ( فِي ) أَيْ مِنْ ( جِنْسِ الثَّمَنِ ) الَّذِي بِيعَ بِهِ الْحِمَارُ أَيْ صِفَتِهِ بِأَنْ يُوَافِقَهُ فِي السِّكَّةِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ وَالْوَزْنِ حَالَ كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا ( لِلْأَجَلِ ) الَّذِي أُجِّلَ إلَيْهِ ثَمَنُ الْحِمَارِ لَا لِدُونِهِ وَلَا لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَأَبْقَى الدِّينَارَ الْعَاشِرَ لِأَجَلِهِ وَلَا مَحْظُورَ فِي هَذَا وَلَوْ زَادَهُ دَرَاهِمَ لَزِمَ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فَيُمْنَعُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ جِدًّا عَنْ صَرْفِ الْمُؤَخَّرِ ، وَفِي مَعْنَاهُ بَيْعُهُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَاسْتِرْدَادُهُ مَعَ يَزِيدِيَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا .
وَقَوْلِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ احْتِرَازٌ مِنْ بَيْعِهِ بِعَرْضٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ رَدِّ الْحِمَارِ وَدِينَارٍ نَقْدًا فَيَجُوزُ لِبَيْعِهِمَا بِالْعَرْضِ الْمُؤَجَّلِ ، فَإِنْ أُجِّلَ الدِّينَارُ مُنِعَ لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ .
.
وَإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ وَبِيعَ بِنَقْدٍ : لَمْ يُقْبَضْ .
جَازَ ، وَإِنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ .
وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ ؛ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ .
وَإِنْ زِيدَ ) بِكَسْرِ الزَّايِ مَعَ رَدِّ الْحِمَارِ الْمَبِيعِ بِنَقْدٍ مُؤَجَّلٍ ( غَيْرُ عَيْنٍ ) كَفَرَسٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ ثَوْبٍ جَازَ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ مَعَ الْحِمَارِ لِأَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَى الْحِمَارَ وَالْعَرْضَ الْمَزِيدَ مَعَهُ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي ، فَإِنْ أُخِرَّ الْمَزِيدُ امْتَنَعَ لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ( وَ ) إنْ ( بِيعَ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْحِمَارُ ( بِنَقْدٍ ) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ حَالَّةٍ ( لَمْ يُقْبَضْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ حَتَّى رَدَّ الْحِمَارَ مَعَ عَرْضٍ أَوْ نَقْدٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ وَرَدَّ الْحِمَارَ مَعَ عَرْضٍ أَوْ نَقْدٍ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الثَّمَنِ ( جَازَ ) الرَّدُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ( إنْ عُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الْمَزِيدُ ) مَعَ الْحِمَارِ كَانَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا فِي الثَّانِيَةِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ ، فَإِنْ أَخَّرَ مُنِعَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ ثَمَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ وَهَذَا سَلَفٌ مَعَ الْبَيْعِ لِلْحِمَارِ بِبَاقِي الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ إنْ كَانَ عَيْنًا وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إنْ كَانَ غَيْرَهَا .
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَضْ عَمَّا إذَا قُبِضَ فَيَجُوزُ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْمَزِيدُ .
وَاحْتَرَزَ بِالنَّقْدِ عَنْ بَيْعِهِ بِعَرْضٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَغَيْرِهِ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ وَإِلَّا مُنِعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ ، أَوْ فُسِخَ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي .
وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَجَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَزِيَادَةِ شَيْءٍ آخَرَ ، وَلَيْسَ فِيهِ مَانِعٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ حِمَارًا فَتَجُوزُ نَقْدًا لَا إلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ قَالَهُ الشَّارِحُ وَ ق .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : مَسْأَلَتَا الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ لَيْسَتَا مِنْ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ ، وَلَكِنْ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي
كِتَابِ بُيُوعِ الْآجَالِ لِتَشَابُهِهِمَا فِي بِنَائِهِمَا عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَتَبِعَهُ الْحَطّ ، وَبَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ بِأَنَّ بَيْعَ الْأَجَلِ حَقِيقَتُهُ بَيْعُ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ بَيْعٌ بِالْأَثْوَابِ إلَى أَجَلٍ ، وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ مَبِيعًا لِنَصِّهِمْ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعِوَضَيْنِ مَبِيعٌ بِالْآخَرِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ تَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ يَشْمَلُ بَعْضَ صُوَرِهِمَا .
الثَّانِي : تُسَمَّى مَسْأَلَةُ الْفَرَسِ مَسْأَلَةَ الْبِرْذَوْنِ لِأَنَّهَا فُرِضَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بِرْذَوْنٍ وَفَرَضَهَا الْبَرَادِعِيُّ فِي فَرَسٍ ، وَالثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ حِمَارِ رَبِيعَةَ لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا وَلَكِنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ .
الثَّالِثُ : الْبُنَانِيُّ مَسْأَلَةُ الْفَرَسِ مُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهَا ، وَكَذَا مَا أَشْبَهَهَا مِمَّا أُخِذَ فِيهِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إلَّا أَنَّهُ رَأَى فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ اتِّحَادَ الْجِنْسِ فِي الْبَعْضِ كَاتِّحَادِهِ فِي الْجَمِيعِ ، فَعَلَّلَ مَنْعَهَا بِثَلَاثِ عِلَلٍ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَضَعْ وَتَعَجَّلْ وَلِأَحُطّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك ، وَرَأَى عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ فِي الْبَعْضِ لَيْسَ كَاخْتِلَافِهِ فِي الْجَمِيعِ ، فَلَا يَدْخُلُ وَضْعٌ وَتَعَجُّلٌ وَلِأَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك لِاخْتِلَافِ شَرْطِهِمَا الَّذِي هُوَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ ، وَإِنَّمَا الْمَنْعُ لِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ لَا غَيْرُ .
وَأَيْضًا لَوْ اُعْتُبِرَتْ الْعِلَّتَانِ لَمُنِعَتْ الْمَسْأَلَةُ وَلَوْ بَقِيَتْ الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا .
الرَّابِعُ : الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ هَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ إلَخْ ، لَكِنْ هَذِهِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا ، وَتِلْكَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَفِي كُلٍّ فَائِدَةٌ .
الْخَامِسُ : الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْحِمَارِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَجْهًا لِأَنَّ الْبَيْعَ
وَالْفَرْضَ إنَّهُ بِدَنَانِيرَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ أَوْ نَقْدًا ، فَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَالْمَرْدُودُ مَعَ الْحِمَارِ إمَّا دِينَارٌ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ عَرْضٌ ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ صُورَةً لَا يَجُوزُ مِنْهَا إلَّا صُورَتَانِ ، كَوْنُ الْمَزِيدِ ذَهَبًا مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ مُؤَخَّرًا لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ عَرْضًا مُعَجَّلًا ، وَالصُّوَرُ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي زِيَادَةِ الذَّهَبِ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فِي الْوَرِقِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي دَيْنٍ فِي الْعَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا فَالْمَزِيدُ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا ، وَفِي كُلٍّ إمَّا ذَهَبٌ أَوْ وَرِقٌ أَوْ عَرْضٌ فَهَذِهِ سِتٌّ ، وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِهَا انْتَقَدَ الْبَائِعُ أَمْ لَمْ يَنْتَقِدُ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ يُونُسَ ، فَهَذِهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ صُورَةً أَيْضًا ، فَصُوَرُ الْمَزِيدِ النَّقْدُ وَهِيَ سِتٌّ تَجُوزُ كُلُّهَا ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَرِقِ كَوْنُهُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ .
وَصُوَرُ الْمَزِيدِ الْمُؤَجَّلِ سِتٌّ أَيْضًا مِنْهَا ثَلَاثٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْتَقِدْ الْبَائِعُ وَتَمْتَنِعُ كُلُّهَا لِلْعِلَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَثَلَاثٌ مِنْهَا فِيمَا انْتَقَدَهَا أَجَازَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَضْ قَالَ فِي ضَيْح ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ كَابْنِ يُونُسَ وَرَأَى أَنَّ الْمَنْعَ مُتَصَوَّرٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ نَقَدَ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ عَلَى أَنْ يُسْلِفَ قَابِضَهَا الْعَاشِرَ إلَى الْأَجَلِ .
ا هـ .
يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ عِنْدَ الْإِقَالَةِ رَدَّ لِلْمُشْتَرِي الْعَشَرَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ دِينَارًا مُؤَخَّرًا فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُؤَخَّرَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرِقًا كَانَ صَرْفًا مُؤَخَّرًا .
نَعَمْ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَرْضًا مُؤَخَّرًا فَلَا يَظْهَرُ
وَجْهُ الْمَنْعِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَى بِالْعَشَرَةِ الْحِمَارَ وَالْعَرْضَ الْمُؤَخَّرَ .
وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيِّ قَيَّدَ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ وَلَا وَجْهَ لَهُ .
الْمَازِرِيُّ تَابَعَ الشَّيْخَ عَلَى تَقْيِيدِهِ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَقَالَ : يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ وَإِنْ نَقَدَ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي قَبَضَ عَلَى أَنْ يُسْلِفَ قَابِضَهَا الدِّينَارَ الْعَاشِرَ .
قُلْتُ : إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُبْتَاعِ عَيْنًا فَوَاضِحٌ مَنْعُهَا وَلَوْ بَعْدَ النَّقْدِ ، بَلْ هُوَ أَوْضَحُ مِنْهُ قَبْلَ النَّقْدِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ دُونِ الشَّيْخِ ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَيْنٍ امْتَنَعَتْ قَبْلَ النَّقْدِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ، وَجَازَتْ بَعْدَهُ عَلَى حُكْمِ ابْتِدَاءِ الْبَيْعِ ، فَتَقْيِيدُ الشَّيْخِ إنَّمَا هُوَ لِعُمُومِ سَلَفِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا ، فَقَوْلُ الصِّقِلِّيِّ لَا وَجْهَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ ا هـ .
هَذَا كُلُّهُ فِي بَيْعِ الْحِمَارِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالطَّعَامِ فَحُكْمُهُ قَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ حُكْمُ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا .
وَأَمَّا بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كَبَيْعِ وَسْقٍ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتِقَالَةِ الْبَائِعِ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ شَيْئًا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حِينَئِذٍ رِبْحُ السَّلَفِ وَكَذَا اسْتِقَالَتُهُ قَبْلَ كَيْلِ الطَّعَامِ عَلَى زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا لِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْبَائِعِ جَازَتْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ إلَّا صُورَةً وَهُوَ تَأْجِيلُ الْمَزِيدِ مِنْ صِنْفِ الْمَبِيعِ فَيُمْنَعُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ .
وَصَحَّ ) بَيْعُ ( أَوَّلِ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ ) الْوَاقِعَةِ عَلَى
الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ كَبَيْعِ شَيْءٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِخَمْسَةٍ نَقْدًا أَوْ لِنِصْفِهِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِشَهْرَيْنِ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ فَقَدْ صَحَّ بَيْعُهُ بِعَشَرَةٍ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ بَيْعِهِ الثَّانِي فَيُفْسَخُ لِأَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا جَاءَ مِنْهُ وَهُوَ دَائِرٌ مَعَهُ .
أَمَّا فَسْخُ الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ بِاتِّفَاقٍ ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ قَوْلًا ضَعِيفًا .
وَأَمَّا عَدَمُ فَسْخِ الْأَوَّلِ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : يُفْسَخُ الْبَيْعَانِ مَعًا إلَّا أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَامَلَا عَلَى الْعِينَةِ فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ فَقَطْ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَفُوتَ ) مَبِيعُ الْبَيْعِ ( الثَّانِي ) بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ .
ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ فِيمَا تَفُوتُ بِهِ السِّلْعَةُ فَقِيلَ : تَفُوتُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ إلَّا بِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ إذْ لَيْسَ هُوَ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ لِثَمَنٍ وَلَا مَثْمُونٍ ، وَإِنَّمَا فَسْخٌ لِأَنَّهُمَا تَطَرَّقَا بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ الرِّبَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ .
أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ ( فَيُفْسَخَانِ ) أَيْ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي لِسَرَيَانِ الْفَسَادِ مِنْ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا طَلَبَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِرُجُوعِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا لِبَائِعِهِ ، فَصَارَ ضَمَانُهُ مِنْهُ ، وَسَقَطَ ثَمَنُهُ الْأَوَّلُ عَنْ مُشْتَرِيهِ الْأَوَّلِ لِرُجُوعِهِ لِبَائِعِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ ، وَسَقَطَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِفَسَادِ شِرَائِهِ بِاتِّفَاقٍ .
فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ اُعْتُبِرَ سَرَيَانُ الْفَسَادِ فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ .
قُلْتُ : لِأَنَّ فَوَاتَهُ بِيَدِ الثَّانِي قَدْ حَصَلَ بَعْدَ تَقَوِّي الْبَيْعِ الثَّانِي بِالْقَبْضِ وَهُوَ الْفَاسِدُ ، وَإِذَا فَاتَتْ بِيَدِ
الْأَوَّلِ لَمْ يَحْصُلْ لِلثَّانِي قُوَّةٌ بِالْقَبْضِ فَضَعُفَ وَلَمْ يَمْضِ الْفَاسِدُ هُنَا بِالثَّمَنِ عَلَى قَاعِدَةِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِئَلَّا يَتِمَّ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ دَفْعُ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ .
.
وَهَلْ مُطْلَقًا ، أَوْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ ؟ خِلَافٌ .
( وَهَلْ ) فَسْخُ الْبَيْعَيْنِ بِفَوَاتِ الثَّانِي ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِ الْقِيمَةِ فِي الثَّانِي بِكَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا كَعَقْدٍ وَاحِدٍ لِارْتِبَاطِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ ( أَوْ ) إنَّمَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ ) لِلْمَبِيعِ الَّتِي تَلْزَمُ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يَوْمَ قَبْضِهِ ( أَقَلَّ ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَابِ ( خِلَافٌ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْأَصَحِّ وَبَعْضُهُمْ بِالْمَشْهُورِ فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فُسِخَ الثَّانِي فَقَطْ وَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فُسِخَا بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
.
( فَصْلٌ ) جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ : أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَبِيعَهَا بِمَالٍ ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ ، .
.
( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلِ بَيْعِ الْعِينَةِ وَأَصْلُهَا عَوْنَةٌ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَوْنِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا عَقِبَ كَسْرٍ سُمِّيَ بِهَا لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ بِالْمُشْتَرِي عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ أَوْ لِحُصُولِ الْعَيْنِ أَيْ النَّقْدِ لِبَائِعِهَا .
أَبُو عُمَرَ بَيْعُ الْعِينَةِ هُوَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ أَخَصُّ مِمَّا ذَكَرَ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ الْبَيْعُ الْمُتَحَيَّلُ بِهِ عَلَى دَفْعِ عَيْنٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا .
عِيَاضٌ هُوَ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ شِرَاؤُهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ نَقْدًا أَوْ شِرَاؤُهَا بِحَضْرَةِ طَالِبِهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ ، ثُمَّ بَيْعُهُمَا لِطَالِبِهَا بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ بَيْعُهَا هَذَا الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ لِبَائِعِهَا الْأَوَّلِ نَقْدًا بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ .
وَخَفَّفَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْوَجْهَ وَرَآهُ أَخَفَّ مِنْ الْأَوَّلِ .
وَقَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْعَ الْعِينَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ جَائِزٍ وَمَكْرُوهٍ وَمَمْنُوعٍ ، وَزَادَ فِي التَّنْبِيهَاتِ رَابِعًا وَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ ، فَالْجَائِزُ : أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ عِنْدَك سِلْعَةُ كَذَا أَبْتَاعُهَا مِنْك فَيَقُولُ : لَا فَيَنْقَلِبُ عَنْهُ عَلَى غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا مُوَاعَدَةٍ فَيَشْتَرِي الْمَسْئُولُ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَ عَنْهَا ثُمَّ يَلْقَاهُ فَيُخْبِرُهُ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا فَيَبِيعُهَا مِنْهُ بِمَا شَاءَ مِنْ نَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَنْ مُطَرِّفِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَعَرُّضٌ أَوْ مُوَاعَدَةٌ أَوْ عَادَةٌ .
قَالَ : وَكَذَا مَا اشْتَرَاهُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ بَعْدَهُ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ كَالِئٍ وَلَا يُوَاعِدُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ وَلَا يَبِيعُهُ لَهُ .
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي سِلْعَةً لِحَاجَتِهِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَبِيعُهَا أَوْ يَبِيعُ دَارَ سُكْنَاهُ ثُمَّ تَشُقُّ
عَلَيْهِ النَّقْلَةُ مِنْهَا فَيَشْتَرِيهَا أَوْ لِجَارِيَةٍ ثُمَّ تَتْبَعُهَا نَفْسُهُ ، فَهَؤُلَاءِ إنْ اسْتَقَالُوا أَوْ زَادُوا فِي الثَّمَنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ .
وَالْمَكْرُوهُ : أَنْ يَقُولَ : اشْتَرِ سِلْعَةً وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاوِضُهُ عَلَى قَدْرِ الرِّبْحِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ : اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا تَسْمِيَةِ رِبْحٍ وَلَكِنْ يَعْرِضُ بِهِ .
ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا يُكْرَهُ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى ، وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ : وَلَا أَبْلُغُ بِهِ الْفَسْخَ .
قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ : وَالْمَحْظُورُ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ فَيَقُولَ : اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَبْتَاعُهَا مِنْك بِكَذَا وَنَحْوُهُ فِي الْبَيَانِ .
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَرَامُ الَّذِي هُوَ رِبًا صُرَاحٌ أَنْ يُرَاوِضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّذِي يُسَاوِمُهُ فِيهَا لِيَبِيعَهَا مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ عَلَى ثَمَنِهِ الَّذِي يَشْتَرِيهَا بِهِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْدًا أَوْ يُرَاوِضُهُ عَلَى رِبْحِ السِّلْعَةِ الَّتِي يَشْتَرِيهَا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقُولُ : أَنَا أَشْتَرِيهَا عَلَى أَنْ تُرْبِحَنِي فِيهَا كَذَا أَوْ لِلْعَشَرَةِ كَذَا .
ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا حَرَامٌ ا هـ .
وَالرَّابِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الَّذِي زَادَهُ عِيَاضٌ : مَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ بِثَمَنٍ بَعْضِهِ مُؤَجَّلٍ وَبَعْضِهِ مُعَجَّلٍ فَظَاهِرُ مَسَائِلِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ جَوَازُهُ ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرَاهَتُهُ لِأَهْلِ الْعِينَةِ ا هـ ، وَفِيهَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ لَا يَرَى فِيهِ أَحَدٌ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ ذَهَبَ فَكَانَتْ مُوَاسَاةُ السَّلَفِ ثُمَّ ذَهَبَتْ فَكَانَتْ الْعِينَةُ .
ابْنُ رُشْدٍ يَشْهَدُ لَهُ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ .
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا تَبَايَعَ النَّاسُ بِالْعِينَةِ وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بَلَاءً فَلَا يَرْفَعُهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ } .
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ مُدْخِلًا مَا زَادَ عِيَاضٌ فِي الْجَائِزِ تَبَعًا لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ مُبْتَدِئًا بِالْجَائِزِ فَقَالَ ( جَازَ لِ ) شَخْصٍ ( مَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ ) لِيَشْتَرِيَهَا طَالِبُهَا وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ وَفَاعِلُ جَازَ ( أَنْ يَشْتَرِيَهَا ) أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ السِّلْعَةُ ( لِيَبِيعَهَا ) أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ السِّلْعَةُ لِطَالِبِهَا مِنْهُ ( بِثَمَنٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ بِمَالٍ ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ صِلَةُ يَشْتَرِي لَا يَبِيعُ إنْ اشْتَرَاهَا الْمَطْلُوبُ مِنْهُ بِثَمَنٍ كُلِّهِ حَالٍّ أَوْ كُلِّهِ مُؤَجَّلٍ اتِّفَاقًا ، بَلْ ( وَلَوْ بِ ) ثَمَنٍ ( مُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ ) لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٍ ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ كَمَا قَدْ يُوهِمُهُ لَفْظُ عِيَاضٍ ، إذْ قَدْ قَالَ : الْوَجْهُ الرَّابِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُعَجَّلٌ وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ فَظَاهِرُ مَسَائِلِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ جَوَازُهُ .
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرَاهَتُهُ لِأَهْلِ الْعِينَةِ ا هـ ، فَقَدْ يَسْبِقُ لِلْوَهْمِ أَنَّ قَوْلَهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِيُبَاعَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ إذْ لَمْ يَفْرِضُوهَا هَكَذَا ، بَلْ زَادَ عِيَاضٌ بَعْدَهُ مُتَّصِلًا بِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : إذَا اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَيُؤَخِّرَ بَعْضَهُ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِبَيْعِهِ كُلِّهِ لِحَاجَتِهِ لِثَمَنِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ ، وَكَأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ ، قَالَ لَهُ : خُذْهُ فَبِعْ مِنْهُ بِمَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُدَنِي وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ
إلَى الْأَجَلِ ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ هَذَا أَهْلُ الْعِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَرُوجِعَ فِيهَا غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ : أَنَا قُلْتُهُ قَالَهُ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهُ قَبْلِي .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ لُبَابَةَ يَعْنِي بِغَيْرِهِ ابْنُ هُرْمُزَ .
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ نَحْوَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَنَزَلَ ابْنُ لُبَابَةَ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَهْلٍ وَغَيْرِهِمْ ، فَجَوَّزَ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْعِينَةِ ، وَمَنَعَ فِي حَقِّهِمْ .
وَفِي رَسْمِ تَسَلُّفٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ سُئِلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ مِنْ عِنْدِهِ دِينَارًا فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ : لَسْت أَوَّلَ مِنْ كَرِهَهُ فَقَدْ كَرِهَهُ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ بَيْعَةٌ وَاحِدَةٌ صَحِيحَةٌ فِي ظَاهِرِهَا إذْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ بَيْعُ سِلْعَتِهِ بِدِينَارِ نَقْدٍ أَوْ دِينَارٍ إلَى أَجَلٍ فَلَا يُتَّهَمُ بِالْفَسَادِ فِيهَا إلَّا مَنْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ سِيرَتِهِ وَهُمْ أَهْلُ الْعِينَةِ ، وَاَلَّذِي يَخْشَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تَرَاوَضَا عَلَيْهِ وَقَصَدَا إلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ الطَّعَامَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِدِينَارٍ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي لَهُ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا إلَى أَجَلٍ وَذَلِكَ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَبْقَى لَهُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا بَاعَ مِنْهُ بِدِينَارٍ .
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ ، وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّهُ يَخْلُفُهُ مِنْ الطَّعَامِ يُرِيدُ أَنَّ التُّهْمَةَ لَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْبَيْعِ وَقَعَ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ الدِّينَارَ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ فَلَا يُصْلِحُهُ دَفْعُهُ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا
وَقَعَ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا يُفْسِدُهُ نَقْدُهُ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ .
ا هـ .
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ النُّقُولَ عَلِمْتَ أَنَّ كَلَامَ عِيَاضٍ الْمَذْكُورَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَأَنَّ تَقْدِيرَهُ مَا اُشْتُرِيَ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ لِيُبَاعَ ، فَقَوْلُهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِ اُشْتُرِيَ لَا بِ يُبَاعَ فَهِيَ إذًا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى غَيْرُ مُفَرَّعَةٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ ، وَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ عِيَاضٍ وَلَمْ يَزِدْ مَا بَعْدَهُ مِمَّا فِيهِ الْبَيَانُ لِمَا قَرَّرْنَا وَالظَّنُّ بِالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَفْهَمُهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ ، فَهَذَا عَجِيبٌ فَتَدَبَّرْهُ ، وَقَدْ نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ .
الْبُنَانِيُّ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ عَلَى الْمُصَنِّفِ دَرْكًا مِنْ وَجْهَيْنِ تَفْرِيعِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ وَلَيْسَتْ مُفَرَّعَةً عَلَيْهَا وَأَنَّ هَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.
وَكُرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ مَا بِثَمَانِينَ ، أَوْ اشْتَرِهَا وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ .
وَلَمْ يُفْسَخْ .
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَوْلُ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ سَلَفُ ثَمَانِينَ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ مَثَلًا ( خُذْ ) أَيْ اشْتَرِ مِنِّي ( بِمِائَةٍ ) إلَيْهِ ( مَا ) أَيْ شَيْئًا يُبَاعُ ( بِثَمَانِينَ ) نَقْدًا ( أَوْ ) قَوْلُ مَنْ طَلَبَ سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ ( اشْتَرِهَا ) أَيْ السِّلْعَةَ الْمَطْلُوبَةَ ( وَيُومِئُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يُشِيرُ الطَّالِبُ ( لِتَرْبِيحِهِ ) أَيْ شِرَائِهَا مِنْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ بِرِبْحٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ : أَعِنْدَك كَذَا ، وَكَذَا تَبِيعُهُ مِنِّي بِدَيْنٍ فَيَقُولُ : لَا ، فَيَقُولُ : ابْتَعْ ذَلِكَ وَأَنَا أَبْتَاعُهُ مِنْك بِدَيْنٍ وَأُرْبِحُك فِيهِ فَيَشْتَرِي ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعُهُ مِنْهُ عَلَى مَا تَوَاعَدَا عَلَيْهِ ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ : اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا : أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ ا هـ .
وَ ) إنْ وَقَعَ الْمَكْرُوهُ ( لَمْ يُفْسَخْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ حُكْمِهِ بِالْكَرَاهَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّحْرِيمُ لِلتَّحَيُّلِ بِدَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ ، فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ : اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهِمَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا تَسْمِيَةِ رِبْحٍ وَلَا تَصْرِيحٍ بِهِ وَلَكِنْ يُعَرِّضُ بِهِ .
ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا يُكْرَهُ ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، قَالَ : وَلَا أَبْلُغُ بِهِ الْفَسْخَ .
وَقَالَ فَضْلٌ : يَجِبُ الْفَسْخُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ .
.
بِخِلَافِ .
اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ .
وَلَزِمَتْ الْآمِرَ ، إنْ قَالَ : لِي .
.
( بِخِلَافِ ) قَوْلِ مَنْ طَلَبَ سِلْعَةً مِنْ شَخْصٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ ( اشْتَرِهَا ) أَيْ السِّلْعَةَ الْمَطْلُوبَةَ ( بِعَشَرَةٍ وَ ) أَنَا ( آخُذُهَا ) أَيْ أَشْتَرِيهَا مِنْك ( بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ ) مَعْلُومٍ كَشَهْرٍ الشَّارِحُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِخِلَافِ كَذَا فَيُمْنَعُ وَأَنَّهُ أَرَادَ فَيُفْسَخُ ح وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْمَمْنُوعُ ، وَقَدْ ذَكَرُوا سِتَّ مَسَائِلَ مِنْهَا مَا يُفْسَخُ وَمِنْهَا مَا لَا يُفْسَخُ عَلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِهِمْ الْمَنْعَ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ تَجَوُّزٌ ، فَإِنَّ بَعْضَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ جَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي .
قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ : وَالْمَحْظُورُ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ فَيَقُولَ : اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا ، وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا أَوْ أَبْتَاعُهَا مِنْك بِكَذَا ، وَنَحْوِهِ فِي الْبَيَانِ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَرَامُ الَّذِي هُوَ رِبًا صَرَاحٌ أَنْ يُرَاوِضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّتِي يُسَاوِمُهُ فِيهَا لِيَبِيعَهَا مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ عَلَى ثَمَنِهِ الَّذِي يَشْتَرِيهَا بِهِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْدًا ، أَوْ يُرَاوِضُهُ عَلَى رِبْحِ السِّلْعَةِ الَّتِي يَشْتَرِيهَا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقُولُ : أَنَا أَشْتَرِيهَا عَلَى أَنْ تُرْبِحَنِي فِيهَا كَذَا أَوْ لِلْعَشَرَةِ .
ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا حَرَامٌ .
فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ فِي هَذَا الْوَجْهِ سِتُّ مَسَائِلَ مُفْتَرِقَةِ الْأَحْكَامِ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ : اشْتَرِ لِي وَثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ : اشْتَرِ لِنَفْسِك ، أَوْ قَوْلِهِ : اشْتَرِ وَلَا يَقُولُ : لِي وَلَا لِنَفْسِك ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ لَهُ : اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ سَوَاءٌ قَالَ : اشْتَرِهَا لِي أَوْ لِنَفْسِك أَوْ لَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك ، فَهَذَا مَمْنُوعٌ وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ يَخُصُّهُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَزِمَتْ ) السِّلْعَةُ الشَّخْصَ ( الْآمِرَ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ
الْمِيمِ بِشِرَائِهَا بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ الزَّائِدَانِ عَلَيْهَا ( إنْ قَالَ ) الْآمِرُ : اشْتَرِهَا ( لِي ) بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَهَلْ الْمَأْمُورُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ وَالدِّرْهَمَيْنِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ خِلَافٌ يَأْتِي فِي الْمَتْنِ .
.
وَفِي الْفَسْخِ أَوْ إمْضَائِهَا وَلُزُومِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ : قَوْلَانِ .
.
( وَفِي الْفَسْخِ ) لِلْبَيْعِ الثَّانِي الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ ( إنْ لَمْ يَقُلْ ) الْآمِرُ ( لِي ) بِأَنْ قَالَ : اشْتَرِهَا لِنَفْسِك أَوْ قَالَ : اشْتَرِ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَ آخُذُهَا أَوْ أَشْتَرِيهَا أَوْ أَبْتَاعُهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ فَيُفْسَخُ الثَّانِي فِي كُلِّ حَالٍ فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ بِعَيْنِهِ ( إلَّا أَنْ يَفُوتَ ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْآمِرِ ( فَالْقِيمَةُ ) تَلْزَمُ الْآمِرَ لِلْمَأْمُورِ مُعْتَبَرَةً يَوْمَ قَبْضِ الْآمِرِ حَالَّةً ، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِفَسْخِهِ مُطْلَقًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ رُدَّتْ بِعَيْنِهَا ، وَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ قِيمَتُهَا فَلَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ قَالَ بَدَلَهُ مُطْلَقًا كَانَ أَبْيَنَ ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَفُتْ تُرَدُّ عَيْنُهَا وَإِنْ فَاتَتْ تُرَدُّ قِيمَتُهَا .
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ يَفُوتُ بِالثَّمَنِ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا أَكْثَرِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ ( أَوْ إمْضَائِهَا ) أَيْ الْبَيْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ .
( وَلُزُومِهِ ) أَيْ الْآمِرِ ( الِاثْنَيْ عَشَرَ ) أَيْ دَفْعِهَا لِلْمَأْمُورِ إذَا حَلَّ أَجَلُهَا ، سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَاتَتْ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ لَوْ تَلْفِت بِيَدِهِ قَبْلَ بَيْعِهَا لِلْآمِرِ وَلَوْ أَرَادَ الْآمِرُ عَدَمَ شِرَائِهَا مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُورِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ التَّوَرُّعُ عَنْ أَخْذِ الزَّائِدِ عَلَى مَا نَقَدَ وَضَمَانُهَا قَبْلَ أَخْذِهَا الْآمِرُ مِنْ الْمَأْمُورِ وَلِلْآمِرِ تَرْكُهَا لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ إلْزَامُهُ بِهَا إنْ أَبَى أَخْذَهَا ( قَوْلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ ، وَالْمُنَاسِبُ وَإِمْضَائِهَا بِالْوَاوِ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ
فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَا فِي أَحَدِهِمَا كَمَا تُفِيدُهُ أَوْ وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ .
.
وَبِخِلَافِ : اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا ، إنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ بِشَرْطٍ ، وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ .
فِيهِمَا وَالْأَصَحُّ لَا جُعْلَ لَهُ ، وَجَازَ بِغَيْرِهِ : كَنَقْدِ الْآمِرِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي ، فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ : قَوْلَانِ .
وَبِخِلَافِ ) قَوْلِ الْآمِرِ ( اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا ) فَيَمْتَنِعُ ( إنْ نَقَدَ ) أَيْ دَفَعَ ( الْمَأْمُورُ ) بِشِرَاءِ السِّلْعَةِ الْعَشَرَةِ لِبَائِعِهَا ( بِشَرْطٍ ) مِنْ الْآمِرِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ تَسْلِيفِهِ لِلْعَشَرَةِ وَتَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ لَهُ فَهِيَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ بِزِيَادَةٍ ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ يَصِحُّ وَأَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ ، وَإِنْ وَقَعَ لَزِمَتْ الْآمِرَ بِالْعَشَرَةِ حَالَّةً لِقَوْلِهِ لِي وَيُفْسَخُ بَيْعُهَا لَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا لَهُ ، وَقَوْلُهُ أَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك لَغْوٌ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ لَهُ وَبِأَمْرِهِ فَإِنْ كَانَ النَّقْدُ مِنْ عِنْدِ الْآمِرِ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُورِ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ الدِّينَارَيْنِ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ وَيَنْقُدَ الثَّمَنَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
( وَلَهُ ) أَيْ الْمَأْمُورِ ( الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ ) فِي تَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ نِيَابَةً عَنْ الْآمِرِ ( أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ ) اللَّذَيْنِ سَمَّاهُمَا لَهُ وَالْأَوْلَى وَالدِّرْهَمَيْنِ بِالْوَاوِ وَلِأَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ .
ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَأْمُورِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ أَنَّ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ وَإِنْ قَبَضَ السَّلَفَ ، أَوْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَلِلْمَأْمُورِ هُنَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ .
وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّهُ إنْ أُعْطِيَ الْأُجْرَةَ كَانَتْ ثَمَنًا لِلتَّسْلِيفِ وَتَتْمِيمًا لِلرِّبَا ، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ إذَا عُثِرَ عَلَى الْآمِرِ بِحِدْثَانِهِ وَرُدَّ السَّلَفُ إلَى الْمَأْمُورِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ الْآمِرُ .
وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْثَرْ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى انْتَفَعَ الْآمِرُ بِالسَّلَفِ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُمَا كَانَا قَصَدَاهُ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمَأْمُورِ إجَارَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ عُثِرَ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ الِابْتِيَاعِ وَقَبْلَ نَقْدِ الْمَأْمُورِ الثَّمَنَ لَكَانَ النَّقْدُ مِنْ الْآمِرِ ، وَلَكَانَ فِيمَا يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا : إجَارَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ ، وَالثَّانِي لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّينَارَيْنِ ا هـ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ ( فِيهِمَا ) أَيْ اشْتَرِ لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَاشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا .
( وَالْأَظْهَرُ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ زَرْقُونٍ مِنْ الْخِلَافِ ( لَا جُعْلَ لَهُ ) أَيْ الْمَأْمُورِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ .
الشَّارِحُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ ( وَجَازَ ) نَقْدُ الْمَأْمُورِ الْعَشَرَةَ ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ الشَّرْطِ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ : ( كَنَقْدِ الْآمِرِ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْعَشَرَةَ لِلْمَأْمُورِ لِيَنْقُدَهَا الْبَائِعُ السِّلْعَةَ الَّتِي أَمَرَهُ بِشِرَائِهَا وَلِلْمَأْمُورِ الدِّرْهَمَانِ .
( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ) الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا ( لِي ) بِأَنْ قَالَ لَهُ : اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا لِنَفْسِك أَوْ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا ( فَفِي الْجَوَازِ ) أَيْ لِشِرَائِهَا مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا ( وَالْكَرَاهَةِ ) لِذَلِكَ ( قَوْلَانِ ) الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَأَجَازَهُ مَرَّةً وَكَرِهَهُ مَرَّةً لِلْمُرَاوِضَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا فِي السِّلْعَةِ قَبْلَ دُخُولِهَا فِي مِلْكِ
الْمَأْمُورِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ ، فَفِي إطْلَاقِ الْمَنْعِ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ تَسَمُّحٌ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ ، مَحَلُّهُمَا إذَا نَقَدَ الْآمِرُ أَوْ الْمَأْمُورُ بِلَا شَرْطٍ .
.
وَبِخِلَافِ : اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَشْتَرِيهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا ، فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى ، وَلَا تُعَجَّلُ الْعَشَرَةُ ، .
وَإِنْ عُجِّلَتْ : أُخِذَتْ ، وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ : لِي فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ إذَا فَاتَ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ ؟ أَوْ يُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ ؟ قَوْلَانِ .
.
( وَبِخِلَافِ ) قَوْلِ الْآمِرِ ( اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَشْتَرِيهَا ) مِنْك ( بِعَشَرَةٍ نَقْدًا ) فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ اشْتَرِهَا لِي وَقَوْلِهِ وَأَشْتَرِيهَا لِأَنَّ الْمَعْنَى : اشْتَرِهَا لِنَفْسِك لِأَجْلِ بَيْعِهَا لِي وَإِنْ وَقَعَ ( فَتَلْزَمُ ) السِّلْعَةُ الْآمِرَ ( بِ ) الثَّمَنِ ( الْمُسَمَّى ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ أَيْ الِاثْنَيْ عَشَرَ لِلْأَجَلِ ( وَلَا تُعَجَّلُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدَةً ( الْعَشَرَةُ ) لِلْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ الْآمِرَ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى شِرَاءِ السِّلْعَةِ لَهُ بِتَسْلِيفِهِ عَشَرَةً يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى الْأَجَلِ وَيَقْضِي عَنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ قَالَهُ الشَّارِحُ ، وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ تَعْجِيلِهَا الْبَائِعَ الْأَصْلِيَّ وَلِلْمَأْمُورِ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَّ أَجَلُ الِاثْنَيْ عَشَرَ يَدْفَعُهَا الْآمِرُ .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ : اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَنَا أَبْتَاعُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَهَذَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِسَلَفِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَيْهِ ، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ لَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْآمِرَ بِالِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى الْأَجَلِ وَلَا يَتَعَجَّلُ الْمَأْمُورُ الْعَشَرَةَ مِنْهُ وَإِنْ قَدْ دَفَعَهَا إلَيْهِ رَدَّهَا إلَيْهِ وَلَا يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ إلَى الْأَجَلِ ، وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي هَذَا الْوَجْهِ بِاتِّفَاقٍ ا هـ .
( وَإِنْ عُجِّلَتْ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا الْعَشَرَةُ لِلْمَأْمُورِ ( أَخَذَهَا ) أَيْ الْآمِرُ الْعَشَرَةَ مِنْ الْمَأْمُورِ وَلَا يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ إلَى الْأَجَلِ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِتَعْجِيلِهَا لِأَنَّهُ سَلَفٌ مُسْتَقِلٌّ بَعْدَ بَيْعٍ صَحِيحٍ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمَأْمُورِ ( جُعْلُ مِثْلِهِ ) وَلَوْ زَادَ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ لِأَنَّ الْمُسْلِفَ هُنَا
وَهُوَ الْآمِرُ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ ( وَإِنْ ) قَالَ : اشْتَرِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَآخُذُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَ ( لَمْ يَقُلْ ) الْآمِرُ ( لِي ) سَوَاءٌ قَالَ لِنَفْسِك أَوْ لَا وَاشْتَرَاهَا الْمَأْمُورُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَبَاعَهَا لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا ( فَهَلْ لَا يُرَدُّ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ لَا يُفْسَخُ ( الْبَيْعُ ) الثَّانِي مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا ( إذَا فَاتَ ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْآمِرِ ( وَلَيْسَ عَلَى ) الشَّخْصِ ( الْآمِرِ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ ( إلَّا الْعَشَرَةُ ) الَّتِي اشْتَرَى بِهَا السِّلْعَةَ مِنْ الْمَأْمُورِ رَوَاهُ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، قَالَ : وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَزِيدَهُ الدِّينَارَيْنِ وَمَفْهُومُ إذَا فَاتَ فَسْخُ الْبَيْعِ الثَّانِي إذَا لَمْ يَفُتْ .
( أَوْ يُفْسَخُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْبَيْعُ ( الثَّانِي ) مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَسْخًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْفَوَاتِ وَتُرَدُّ عَيْنُهَا ( إلَّا أَنْ تَفُوتَ ) السِّلْعَةُ بِيَدِ الْآمِرِ ( فَالْقِيمَةُ ) لَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا الْآمِرُ يَرُدُّهَا بَدَلَهَا ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ .
تَنْبِيهَانِ ) : الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَآخُذُهَا وَفِي الثَّالِثِ وَأَشْتَرِيهَا يَجُوزُ فِيهِ النَّصْبُ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ وُجُوبًا بَعْدَ الْوَاوِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ ، وَالرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ أَيْ وَأَنَا .
الثَّانِي : مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ الْحِيَلِ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ بِأَنْ يَدْفَعَ لِلْمُتَسَلِّفِ نَقْدًا وَيَقُولَ اشْتَرِ بِهِ سِلْعَةً لِي وَأَبِيعُهَا لَك بِرِبْحٍ لِأَجَلِ كَذَا ، وَلَا إشْكَالَ فِي مَنْعِهِ .
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ أَبْضَعَ مَعَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ طَعَامًا ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ ابْتَاعَ طَعَامًا وَاكْتَالَهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لَهُ فَقَالَ مَا أُحِبُّهُ وَمَا يُعْجِبُنِي .
ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ ابْتِيَاعَهُ وَاكْتِيَالَهُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَلَوْ تَحَقَّقَهُ مَا
كَرِهَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمُبْتَاعُ لِلطَّعَامِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ وَإِنْ تَحَقَّقَ قَبْضُهُ ، وَلَا بِدَنَانِيرَ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ ، وَلَا بِدَرَاهِمَ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ دَنَانِيرَ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَخْسُ فِي الْعُرْفِ عَلَى رَبِّ الطَّعَامِ فَتَرْتَفِعُ التُّهْمَةُ فِي ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ وَهُوَ صَحِيحٌ ا هـ .
وَفِي النَّوَادِرِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الرَّجُلِ يُبْضِعُ مَعَ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ لَهُ طَعَامًا فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ فَعَلَ وَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَقَالَ : مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ ا هـ .
وَفِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ابْتَعْتَهُ بِعَيْنِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ جُزَافًا أَوْ اشْتَرَيْتَهُ مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَضْمُونًا عَلَى كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ جُزَافٍ مِنْ عِطْرٍ أَوْ زِئْبَقٍ أَوْ مِسْكٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ نَوَى وَشِبْهِهِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِك أَوْ غَيْرِهِ وَتُحِيلُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَلَا يَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ابْتَعْت ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
( فَصْلٌ ) إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ .
فَصْلٌ ) ( فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ) .
( فَصْلٌ ) ( فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ) ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ بَيْعٌ وُقِفَ بَتُّهُ أَوَّلًا عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ قَوْلُهُ بَيْعُ جِنْسٍ شَمِلَ بَيْعَ الْخِيَارِ وَبَيْعَ الْبَتِّ .
وَقَوْلُهُ وُقِفَ بَتُّهُ فَصْلُ مَخْرَجِ بَيْعِ الْبَتِّ .
وَقَوْلُهُ أَوَّلًا بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا صِلَةُ وَقْفٍ ، فَصْلُ مَخْرَجِ بَيْعِ خِيَارِ الْعَيْبِ .
وَقَوْلُهُ يُتَوَقَّعُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ نَعْتُ إمْضَاءٍ أَيْ يُرْجَى وُقُوعُهُ .
فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْعَقْدِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَئُولُ لَهُ الْأَمْرُ ، لَكِنْ أَجَازَهُ الشَّارِعُ لِيَكُونَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَيَنْفِي الْغَبْنَ عَنْ نَفْسِهِ .
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَوْلَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَازَ الْخِيَارُ أَصْلًا .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ الْغَرَرِ وَحَجْرِ الْمَبِيعِ خِلَافٌ .
الْوَانُّوغِيُّ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى إبَاحَتِهِ فَعَلَى أَنَّهُ عَزِيمَةٌ فَهُوَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى إبَاحَةِ سَائِرِ الْبُيُوعِ ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } وَعَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ فَدَلِيلُ إبَاحَتِهِ دَلِيلٌ خَاصٌّ بِهِ ، وَمَا رَوَاهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ مَنْعِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِفُلَانٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا وَالْمَشْهُورُ مَنْعُ الْجَمْعِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَيْنَ بَيْعِ الْبَتِّ وَالْخِيَارِ قَالَهُ الْمُوَضِّحُ .
( إنَّمَا ) يَثْبُتُ ( الْخِيَارُ ) فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا ( بِشَرْطٍ ) فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَيَشْمَلُ الْخِيَارَ الشَّرْطِيَّ وَخِيَارَ التَّرَوِّي أَيْ النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ
وَرَدُّهُ هَذَا الْقِسْمَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ بَيْعُ الْخِيَارِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ وَهُوَ مَا مُوجِبُهُ ظُهُورُ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ وَيُسَمَّى خِيَارَ النَّقِيصَةِ أَيْضًا .
وَسَيَأْتِي .
وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِالْحَصْرِ عَلَى أَنَّ خِيَارَ التَّرَوِّي إنَّمَا يَكُونُ بِالشَّرْطِ فَلَا يَثْبُتُ بِدَوَامِ اجْتِمَاعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ هَذَا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ ، إلَّا ابْنَ الْمُسَيِّبِ .
وَقِيلَ : لَهُ قَوْلَانِ وَوَافَقَهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا " ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُوَطَّإِ حَدِيثَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَالَ عُقْبَةُ : وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى خِلَافِهِ أَيْ وَعَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَالْمُتَوَاتِرِ فَيُقَدَّمُ عَلَى خَبَرِ الْآحَادِ ، وَذَكَرَهُ فِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ وَشَرْطُهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ لِجَهْلِ مُدَّتِهِ ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي حَلَفَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يُفْتِي فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَالثَّانِيَةُ التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ ، وَالثَّالِثَةُ جِنْسِيَّةُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ .
وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ مُدَّةَ الْمَجْلِسِ دُونَ شَرْطِهِ قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ وَالْمَشْهُورُ .
كَشَهْرٍ فِي دَارٍ
وَمُدَّةُ الْخِيَارِ ( كَشَهْرٍ ) وَدَخَلَ بِالْكَافِ سِتَّةُ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ( فِي ) بَيْعِ ك ( دَارٍ ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَشَهْرَيْنِ ، وَجَعَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ تَفْسِيرًا وَابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا .
وَفِي التَّوْضِيحِ الْأَرْضُ كَالدَّارِ ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : يَنْبَغِي أَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ كَالدَّارِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى اخْتِيَارِ الدَّارِ أَكْثَرُ .
وَفِي الشَّامِلِ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقِيلَ : وَشَهْرَيْنِ ، وَحُمِلَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَقِيلَ : وَثَلَاثَةٍ وَالرَّابِعُ وَالْأَرْضُ كَذَلِكَ ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي الضَّيْعَةِ سَنَةً .
.
وَلَا يَسْكُنُ ، .
وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ ، وَاسْتَخْدَمَهُ .
.
( وَلَا يَسْكُنُ ) الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ خِيَارِهِ الدَّارَ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ وَلَهُ دُخُولُهَا بِنَفْسِهِ وَبَيَانُهُ بِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ التُّونُسِيُّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ بِالدَّارِ لَيْلًا لِخِبْرَةِ جِيرَانِهَا دُونَ سُكْنَى .
" غ " ابْنُ مُحْرِزٍ قَالُوا : وَأَمَّا الدَّارُ فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا بِنَفْسِهِ لِاخْتِبَارِ أَحْوَالِهَا وَمَبِيتِهَا ، فَأَمَّا انْتِقَالُهُ إلَيْهَا بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ ، وَمَتَى فَعَلَهُ أَدَّى كِرَاءَهُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِلْبَائِعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ قَبِلَ الْمُشْتَرِي أَوْ رَدَّ ، وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي سُكْنَاهَا بِأَهْلِهِ مُدَّةَ الْخِيَارِ مَجَّانًا فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُرْبَانِ .
اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا الدَّارُ يَسْكُنُهَا الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْهُ إذَا كَانَ فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ أَوْ بِكِرَاءٍ وَلَمْ يُخْلِهِ لِأَجْلِ سُكْنَاهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ وَلَمْ يُكْرِهِ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ سُكْنَاهُ فِي مُكْتَرًى فَأَخْلَاهُ أَوْ أَكْرَاهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْكُنَ بِغَيْرِ كِرَاءٍ .
الْبُنَانِيُّ يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ " ز " أَنَّ السُّكْنَى بِأُجْرَةٍ جَائِزَةٌ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ كَثِيرَةً كَانَتْ أَوْ يَسِيرَةً لِلِاخْتِبَارِ وَلِغَيْرِهِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ ، وَتُمْنَعُ السُّكْنَى الْكَثِيرَةُ بِلَا أُجْرَةٍ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ لِاخْتِبَارٍ وَلِغَيْرِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي صُورَتَيْ الشَّرْطِ وَالْيَسِيرَةُ لِغَيْرِ الِاخْتِبَارِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ ، وَتَجُوزُ الْيَسِيرَةُ لِلِاخْتِبَارِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا .
( وَكَجُمُعَةٍ فِي ) بَيْعِ ( رَقِيقٍ ) ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لَا يَغِيبُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَمَةِ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ لِلْمُبْتَاعِ لَغْوٌ وَأُجْرَةُ مَنْفَعَتِهِ وَخَرَاجُهُ غَلَّةٌ .
وَفِي الشَّامِلِ وَحِيلَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْمُتَبَايِعِينَ فِي زَمَنِهِ وَلِلْمُشْتَرِي اسْتِخْدَامُهَا دُونَ غَيْبَةٍ عَلَيْهَا ( وَاسْتَخْدَمَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الرَّقِيقَ اسْتِخْدَامًا يَسِيرًا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ إنْ
كَانَ لِلْخِدْمَةِ ، فَإِنْ كَانَ ذَا صَنْعَةٍ أَوْ تَاجِرًا فَلَا يَسْتَعْمِلُهُ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بِدُونِهِ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ .
وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ شَيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ رِبْحِهِ لِلْمُشْتَرِي .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَفِيهِ لَهُ انْتِفَاعٌ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الدَّارِ بِحَيْثُ يَسْكُنُهَا وَيَصْرِفُ عَنْ نَفْسِهِ مُؤْنَةَ كِرَاءِ دَارٍ كَانَ يَسْكُنُهَا ، وَإِنَّمَا يَمْضِي وَحْدَهُ فَيُقِيمُ فِيهَا لَيْلًا لِيَخْتَبِرَ أَمْرَ جِيرَانِهَا مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ بِهَا وَلَا نَقْلِ فَرْشٍ إلَيْهَا وَكُلُّ أَمْرٍ مِنْ هَذَا لَهُ ثَمَنٌ وَلَهُ فِيهِ انْتِفَاعٌ فَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ وَلَا فِعْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ ، وَمَا لَا قَدْرَ لَهُ فَجَائِزٌ شَرْطُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا يُلْزَمُ الْبَائِعُ بِدَفْعِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لِيَخْتَبِرَهُ ا هـ .
اللَّخْمِيُّ الْعَبْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ عَبْدُ : خِدْمَةٍ وَعَبْدُ صِنَاعَةٍ وَعَبْدُ خَرَاجٍ ، فَعَبْدُ الْخِدْمَةِ لَهُ خِدْمَتُهُ فِيمَا لَا يُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ خِدْمَتُهُ فِيمَا يُسْتَأْجَرُ فِيهِ إلَّا بِعِوَضٍ ، وَعَبْدُ الصَّنْعَةِ إنْ قَدَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَعْرِفَتِهَا وَهُوَ عِنْدَ سَيِّدِهِ فَعَلَ وَإِلَّا جُعِلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا تَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ .
وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخَرَاجِ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي مَعْرِفَةَ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَانَ لَهُ بَعْثُهُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَمَا يَكْتَسِبُهُ لِبَائِعِهِ ، وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ .
وَإِذَا ثَبَتَ الْعِوَضُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سُكْنَى أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي كَوْنُهُ مَعْلُومًا ، فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَمَدِ فَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ ، وَإِنْ قَبِلَ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِهِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ ، وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ ذَلِكَ الْأَمَدِ فَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا
انْتَفَعَ وَسَقَطَ مَا سِوَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَإِنْ بِيعَتْ دَارٌ بِرَقِيقٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْخِيَارَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَ مَا أَمَدُهُ أَطْوَلُ مِنْهُمَا وَهُوَ الدَّارُ ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ أَحَدَهُمَا اُعْتُبِرَ الْمَقْصُودُ بِهِ مِنْهُمَا .
ابْنُ مُحْرِزٍ لَوْ بَاعَ عَرْضًا بِعَرْضٍ بِخِيَارٍ اُعْتُبِرَ أَمَدُ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.
وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ ، وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا ، .
وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ الْبَرِيدِ أَشْهَبُ وَالْبَرِيدَيْنِ .
وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَرَدُّدٌ ، .
وَكَثَلَاثَةٍ فِي ثَوْبٍ .
.
( وَكَثَلَاثَةٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ ( فِي ) بَيْعِ ( دَابَّةٍ وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا ) أَيْ الدَّابَّةِ .
" غ " يَعْنِي أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةٌ كَالثَّوْبِ ، فَإِذَا شَرَطَ رُكُوبَهَا لِلِاخْتِبَارِ فَلَهُ رُكُوبُهَا بِيَوْمٍ فَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ الَّتِي لَا تُسْكَنُ وَالثَّوْبُ الَّذِي لَا يُلْبَسُ مُطْلَقًا ، وَلَا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الَّذِي يُسْتَخْدَمُ مُطْلَقًا ، بَلْ لَهَا حَالَةٌ بَيْنَ حَالَتَيْنِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إلَى الِاخْتِبَارِ ، وَبِنَحْوِ هَذَا فَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالدَّابَّةُ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ ، فَقَالَ : قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فِي النُّكَتِ ، وَعَابَ أَبُو عِمْرَانَ هَذَا عَلَى مَنْ قَالَهُ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُجِبْ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ ، وَإِنَّمَا أَجَابَ عَنْ أَمَدِ الرُّكُوبِ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ ، وَلَمْ يَعْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ رُكُوبَ النَّهَارِ كُلِّهِ بَلْ الرُّكُوبَ الْيَسِيرُ .
ا هـ .
وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ رُكُوبَ الْيَوْمِ فِي الْمَدِينَةِ عَلَى حَسَبِ رُكُوبِ النَّاسِ فِي تَصَرُّفَاتِهِمْ وَالْبَرِيدِ وَالْبَرِيدَيْنِ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ يَخْتَبِرُ سَيْرَهَا ا هـ .
طفي ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَا يُرَادُ مِنْهَا ، وَبِهِ قَرَّرَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهَا تُرْكَبُ الدَّابَّةُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَرِيدَيْنِ هَذَا فِي الرُّكُوبِ وَإِلَّا فَتَجُوزُ الثَّلَاثَةُ .
ا هـ .
وَقَصَدَ ابْنُ الْحَاجِبِ اخْتِصَارَ قَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَالدَّابَّةُ فِي الْكِتَابِ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ .
عَبْدُ الْحَقِّ يَشْتَرِطُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْيَوْمَ لِلرُّكُوبِ مَعَ بَقَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ
ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ ، إذْ قَالَ فِي قَوْلِهَا الْمَذْكُورِ ابْنُ حَبِيبٍ : الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الْيَوْمَ فِي شَرْطِ رُكُوبِهَا ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّوْبِ ا هـ .
وَعَابَ أَبُو عِمْرَانَ هَذَا عَلَى مَنْ قَالَهُ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ ، فَأَنْتَ تَرَى أَبَا عِمْرَانَ فَهِمَ أَنَّ تَأْوِيلَ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ ظَرْفُ الرُّكُوبِ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَهُوَ مَا قُلْنَاهُ .
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الدَّابَّةِ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ كَذَا فِي رِوَايَةِ شُيُوخِي ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ وَفِي آخِرِ الْكِتَابِ جَوَازُ شِرَاءِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ تُخْتَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ يَقْطَعُ اخْتِلَافَ التَّأْوِيلِ لِذِكْرِ الْيَوْمِ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِي الدَّابَّةِ ، فَقَدْ قِيلَ : إنَّمَا ذَكَرَ الْيَوْمَ لِأَمَدِ الرُّكُوبِ لَا لِأَمَدِ الْخِيَارِ .
وَقِيلَ : قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَهُ يَدُلُّ عَلَى تَسَاوِي الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا ، وَأَنَّهُ لَيْسَ أَمَدُ خِيَارِهَا يَوْمًا فَقَطْ ، وَأَنَّ مَا يُشْبِهُ الْيَوْمَ مِثْلُهُ .
ا هـ .
فَانْظُرْ جَزْمَهُ بِأَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ أَمَدًا لِلْخِيَارِ ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يَعْرُجْ عَلَى غَيْرِهِ أَصْلًا ، وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ ، وَلَوْلَا مَا فِي التَّوْضِيحِ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا أَيْ لِاشْتِرَاطِهِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ كَوْنِ كَلَامِهِ فِي تَحْدِيدِ أَمَدِ الْخِيَارِ يَبْعُدُهُ .
( وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ ) رُكُوبِهَا فِي ( الْبَرِيدَيْنِ وَفِي كَوْنِهِ ) أَيْ قَوْلِ أَشْهَبَ ( خِلَافًا ) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِحَمْلِ الْبَرِيدِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْبَرِيدَيْنِ فِي كَلَامِ أَشْهَبَ كَذَلِكَ أَوْ الْبَرِيدُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ ،
وَفِي كَلَامِ الثَّانِي الْبَرِيدَانِ كَذَلِكَ أَوْ وِفَاقًا بِحَمْلِ الْبَرِيدِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْبَرِيدَيْنِ فِي الثَّانِي عَلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ ( تَرَدُّدٌ ) حَقُّهُ تَأْوِيلَانِ التَّوْفِيقُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَفَهْمُ الْخِلَافِ لِبَعْضِهِمْ ( وَكَثَلَاثَةٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ ( فِي ) بَيْعِ ( ثَوْبٍ ) وَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْمِثْلِيَّاتِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : أَتَى بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَشَهْرٍ وَمَا بَعْدَهُ لِإِدْخَالِ مَا قَارَبَهَا فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ وَالْجُمُعَةُ وَنَحْوُهَا .
الثَّانِي : ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْخِيَارِ لِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ أَوْ التَّرَوِّي فِي ثَمَنِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ : إنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ اسْتَوَى فِيهِ الثَّوْبُ وَالْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ وَكَانَ الْأَجَلُ عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ ، وَلَيْسَ الْأَمَدُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ دِينَارًا كَالْأَمَدِ إذَا كَانَ عِشْرِينَ ، وَلَا الْعِشْرُونَ كَالْمِائَةِ ، وَلَا الْمِائَةُ كَالْأَلْفِ .
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَنَصَّهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ تَخْتَلِفُ مُدَّتُهُ بِحَسَبِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ لِخِبْرَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي ثَمَنِهِ فَقَالَ التُّونُسِيُّ : ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ ، فَلَوْ شَرَطَ فِي الدَّارِ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ إلَّا ثَلَاثَةٌ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ : التَّرَوِّي بِحَسَبِ قَدْرِ الثَّمَنِ لَيْسَ الدِّينَارُ كَالْعَشَرَةِ ، وَلَا هِيَ كَالْمِائَةِ وَلَا هِيَ كَالْأَلْفِ .
ا هـ .
وَتَعَقَّبَهُ الْحَطّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ التُّونُسِيِّ فَانْظُرْهُ .
الثَّالِثُ : إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمَشُورَةِ لَا لِلِاخْتِبَارِ هَلْ يَخْتَلِفُ أَمَدُهُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ أَمْ لَا ، ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ إلَى اخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِهِ ، وَذَهَبَ عِيَاضٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ وَأَنَّ أَمَدَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ فِي كُلِّ مَبِيعٍ .
الرَّابِعُ : لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ رَطْبِ الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ النَّاسُ يُشَاوِرُونَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرَهُمْ وَيَحْتَاجُونَ فِيهِ إلَى رَأْيِهِمْ فَلَهُمْ مِنْ الْخِيَارِ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِمَّا لَا يَقَعُ فِيهِ تَغْيِيرٌ وَلَا فَسَادٌ .
الْخَامِسُ : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الدَّارِ وَمَا بَعْدَهَا هُوَ الْمَعْرُوفُ ، وَفِي اللُّبَابِ مُدَّتُهُ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ حَكَاهُ عِيَاضٌ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حَدٌّ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعَاتِ لِقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَيْسَ مَحْدُودًا بِزَمَنٍ مُؤَقَّتٍ ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ فَيَطُولُ إنْ احْتَاجَ لِلطُّولِ وَيَقْصُرُ إذَا أَغْنَى فِيهِ الْقِصَرُ .
.
وَصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ ، وَهَلْ إنْ نَقَدَ ؟ تَأْوِيلَانِ .
( وَصَحَّ ) أَنْ يَشْتَرِطَ ( الْخِيَارَ ) فِي الْبَيْعِ ( بَعْدَ ) عَقْدِهِ بِ ( بَتٍّ ) لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَجَازَ ابْتِدَاءً ( وَهَلْ ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ ( إنْ ) كَانَ ( نَقَدَ ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ بَشِيرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَلَا يَجُوزُ لِأَخْذِ الْبَائِعِ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِعَقْدِ الْبَتِّ سِلْعَةً بِخِيَارٍ ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ ، سَوَاءٌ نَقَدَ أَمْ لَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهِ تَطْبِيبُ نَفْسِ مَنْ جُعِلَ الْخِيَارُ لَهُ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) وَالثَّانِي مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْبَائِعُ بِأَخْذِهَا عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ .
الْحَطّ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.
وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي .
( وَضَمِنَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ وُقُوعِ شَرْطِ الْخِيَارِ بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ الشَّخْصَ ( الْمُشْتَرِيَ ) لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا بِخِيَارٍ .
الْحَطّ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فَالضَّمَانُ مِنْهُ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَفِيهِ قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي .
وَرَوَى الْمَخْزُومِيُّ أَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُغِيرَةِ .
وَفِي الشَّامِلِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ .
فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَاتِ لِلْعُقُودِ هَلْ تُقَدَّرُ وَاقِعَةً فِيهَا أَمْ لَا .
.
وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ ، .
أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ ، أَوْ مَجْهُولَةٍ .
أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ ، .
أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ وَرَدَّ أُجْرَتَهُ .
.
( وَفَسَدَ ) الْبَيْعُ ( بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ ) شَخْصٍ غَائِبٍ بِمَحِلٍّ ( بَعِيدٍ ) لَا يَعْلَمُ مَا يُشِيرُ بِهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ .
الْحَطّ وَكَذَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ وَرِضَاهُ مِنْ بَابِ أَحْرَى .
اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ مَنْ شُرِطَ رِضَاهُ أَوْ خِيَارُهُ أَوْ مَشُورَتُهُ غَائِبًا بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ .
فِي الشَّامِلِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَسَدَ .
وَلَوْ تَرَكَ الْمَشُورَةَ لِيُجِيزَ الْبَيْعَ لَمْ يَصِحَّ .
وَمَفْهُومُ بَعِيدٍ جَوَازُ شَرْطِ مُشَاوَرَةِ قَرِيبٍ وَهُوَ كَذَلِكَ ( أَوْ ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي ( مُدَّةٍ زَائِدَةٍ ) عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ الْمُقَدَّرَةِ لِلْمَبِيعِ بِأَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِيمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فِي الدَّارِ ، وَعَلَى الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا فِي الرَّقِيقِ ، وَعَلَى الثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا فِي الدَّابَّةِ وَالْعَرْضِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ شَرَطَ بَعِيدُ أَمَدٍ فَالنَّصُّ فَسْخُ الْبَيْعِ ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ خَرَّجَ إمْضَاءَهُ مِنْ الْقَوْلِ بِإِمْضَاءِ بُيُوعِ الْآجَالِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِمَا اتَّهَمَا عَلَيْهِ .
قَالَ : وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ فَسَادَ بَيْعِ الْخِيَارِ مُعَلَّلٌ بِالْغَرَرِ ، وَعَلَى الْفَسْخِ فَلَوْ أُسْقِطَ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ .
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ : لَوْ زَادَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى مَا هُوَ أَمَدٌ لِخِيَارِهَا فِي الْعَادَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ .
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِإِسْقَاطِ مُشْتَرِطِهِ لَهُ بِخِلَافِ مُشْتَرِطِ السَّلَفِ إذَا أَسْقَطَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ كَوْنَ الْخِيَارِ لَهُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ ، فَإِذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ فَقَدْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ الْفَاسِدِ ، وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ الْإِمْضَاءَ إذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
الْمَازِرِيُّ وَهَذَا إذَا أَسْقَطَهُ بِبَتِّ الْبَيْعِ وَلَوْ أَسْقَطَ الزَّائِدَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَشْرُوعَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْفَسَادَ بِالْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ ، وَقَيَّدَهُ فِي الشَّامِلِ
بِكَثْرَتِهَا وَإِلَّا كُرِهَتْ وَنَصُّهُ وَبِمُدَّةٍ جُهِلَتْ كَقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ زَادَتْ كَثِيرًا وَإِلَّا كُرِهَ .
ا هـ .
وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُوَضِّحُ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَأَصَّلَهُ اللَّخْمِيُّ ، قَالَ : الْأَجَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ جَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ وَمَمْنُوعٌ ، فَإِنْ كَانَ مُدَّةً تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا جَازَ وَإِنْ زَادَ يَسِيرًا كُرِهَ ، وَلَا يُفْسَخُ وَإِنْ بَعُدَ الْأَجَلُ مُنِعَ ، وَفُسِخَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ا هـ .
وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ قَالَ : إنْ وَقَعَ الْخِيَارُ فِي الرَّقِيقِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَا أَفْسَخُهُ وَأَفْسَخُهُ فِي الشَّهْرِ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ : الْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ وَالْخَمْسَةُ وَلَا أَفْسَخُهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَأَفْسَخُهُ فِي الشَّهْرِ ( أَوْ ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي ( مُدَّةٍ مَجْهُولَةِ ) كَإِلَى إمْطَارِ السَّمَاءِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ مِنْ سَفَرٍ لَا يَعْلَمُ وَقْتَهُ .
فِي الْجَوَاهِرِ كَقَوْلِهِمَا إلَى قُدُومِ زَيْدٍ وَلَا أَمَارَةَ عِنْدَهُمَا عَلَى قُدُومِهِ أَوْ إلَى أَنْ يُولَدَ لِفُلَانٍ وَلَا حَمْلَ عِنْدَهُ أَوْ إلَى أَنْ يُنْفَقَ سُوقُ السِّلْعَةِ ، وَلَا أَوْ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عُرْفًا أَنَّهَا تَنْفَقُ فِيهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ .
ا هـ .
فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَجَلَ إذَا عُلِمَ بِالْعُرْفِ كَقُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَلَى الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الطُّرْطُوشِيُّ إنْ شَرَطَ خِيَارَ بَعِيدٍ أَوْ أَجَلًا مَجْهُولًا فَسَدَ وَإِنْ أَسْقَطَهُ .
( أَوْ ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ ( غَيْبَةٍ ) مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ ( عَلَى مَا ) أَيْ مَبِيعٍ ( لَا يُعْرَفُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ( بِعَيْنِهِ ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْبَيْعِ وَمَفْهُومُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَنَّ شَرْطَ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَائِزٌ لِعَدَمِ تَرَدُّدِهِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا .
سَحْنُونٌ
فِيهَا لَمَّا ذَكَرَ الْخِيَارَ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ قَالَ : مِنْ قَبْلِ أَنْ يَغِيبَ الْمُبْتَاعُ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَيَصِيرُ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً بَيْعًا ، ثُمَّ قَالَ : وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ ا هـ .
الْحَطّ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فَسَادُ الْبَيْعِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْغَيْبَةَ وَمُرَادُهُ الْغَيْبَةُ بِشَرْطٍ ، فَإِنْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِإِعْطَاءِ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي جَازَ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ يُرْشِدُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا مَعَ الِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الثَّمَنِ ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ غَيْبَةٍ أَنَّ غَيْبَةَ الْبَائِعِ مُمْتَنِعَةٌ أَيْضًا .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَقَدْ نَصَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى امْتِنَاعِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَيْضًا عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ ، قَالَ : وَلْتُحْرَزْ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ حَاصِلٌ وَيُقَدَّرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ وَأَسْلَفَهُ فَيَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَرُدَّهُ ، وَسَلَفًا إنْ رَدَّهُ ، وَأَجَازَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بَقَاءَهُ بِيَدِهِ لِأَنَّ عِنْدَهُ شَيْأَهُ .
( تَنْبِيهَانِ ) : الْأَوَّلُ : فَسَادُ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ وَفِيهَا لَا يَغِيبُ مُبْتَاعٌ عَلَى مِثْلِيٍّ .
اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ فَإِنْ غَابَ دُونَهُ بِشَرْطٍ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا .
ا هـ .
وَنَصُّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْخِيَارُ فِي الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَاللَّحْمِ جَائِزٌ إلَى مُدَّةٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا وَلَا يَغِيبُ عَلَيْهَا الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهَا أَوْ يَكُونُ الثَّمَرُ فِي شَجَرَةٍ ، فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا يُتَّهَمُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْصِدَ بِالْبَيْعِ هَذِهِ أَوْ مِثْلَهَا ، وَإِنْ كَانَ
لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَسَلَّفَهَا وَيَرُدَّ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا بِيعَ بِالْخِيَارِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ كَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْقَمْحِ وَالزَّيْتِ فَلَا يَغِيبُ عَلَيْهِ بَائِعٌ وَلَا مُشْتَرٍ ، فَإِنْ فَعَلَا مَضَى وَلَا يُفْسَخُ .
الثَّانِي : هَلْ يُقْضَى بِتَسْلِيمِ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِلْمُشْتَرِي إذَا طَلَبَهُ .
اللَّخْمِيُّ الْخِيَارُ لِثَلَاثٍ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ وَلِعِلْمِ غَلَائِهِ مِنْ رُخْصِهِ ، وَالثَّانِي لِيُؤَامِرَ نَفْسَهُ فِي الْغُرْمِ عَلَى الشِّرَاءِ مَعَ عِلْمِهِ بِغَلَاءِ الثَّمَنِ أَوْ رُخْصِهِ ، وَالثَّالِثُ لِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ ، فَإِنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ وَهُوَ عِنْدَ بَائِعِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِيُعَاوِدَ نَظَرَهُ فِي الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا أَوْ لِيَخْتَبِرَ الْمَبِيعَ فَلَهُ قَبْضُهُ ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَرَادَهُ بِالْخِيَارِ حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الِاخْتِبَارِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْخِيَارِ أَنَّهُ فِي الْعَقْدِ ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّ ، وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ ، فَإِنْ قَالَ : سَلِّمْهُ لِي لِأَخْتَبِرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِشَرْطٍ ا هـ .
وَفِي اللُّبَابِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ السِّلْعَةِ وَإِنْ كَانَ لِيُعَاوِدَ نَظَرَهُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ لِيَخْتَبِرَهُ فَلَهُ قَبْضُهُ ا هـ .
التُّونُسِيُّ إنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ دَفْعِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ : إنَّمَا فَهَمَّتْ عَنْهُ الْمَشُورَةُ لَا أَنْ أَدْفَعَ إلَيْهِ عَبْدِي فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى الْمُشْتَرِي لِيَخْتَبِرَهُ إلَّا بِشَرْطٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ تَارَةً يَكُونُ لِلْمَشُورَةِ وَتَارَةً يَكُونُ لِلِاخْتِبَارِ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الِاخْتِبَارُ إلَّا بِشَرْطٍ .
( أَوْ ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ ( لُبْسِ ثَوْبٍ ) مَبِيعٍ بِخِيَارٍ لِغَيْرِ قِيَاسِهِ عَلَيْهِ مَجَّانًا ( وَ ) إذَا لَبِسَهُ ( رَدَّ ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي ( أُجْرَتَهُ ) أَيْ الثَّوْبِ لِلُبْسِهِ الْكَثِيرِ الْمُنْقِضِ قِيمَتَهُ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ فَغَلَّتُهُ لَهُ .
.
وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ .
( وَيَلْزَمُ ) الْمَبِيعُ بِخِيَارِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ ( بِ ) سَبَبِ ( انْقِضَائِهِ ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَهُوَ بِيَدِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ( وَرَدَّ ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ إنْ شَاءَ ( فِي كَالْغَدِ ) لِزَمَنِ الْخِيَارِ ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْيَوْمَ التَّالِي لِلْغَدِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ كَالْغَدِ أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ .
أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي بِالْقُرْبِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالْبُعْدِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .
.
وَبِشَرْطِ نَقْدٍ .
كَغَائِبٍ ، وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ ، وَمُوَاضَعَةٍ ، وَأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا ، وَجُعْلٍ .
وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ زَرْعٍ ، وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْرًا ، وَمُنِعَ وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبٍ ، وَكِرَاءٍ ضَمِنَ ، وَسَلَّمَ بِخِيَارٍ .
.
( وَ ) فَسَدَ بَيْعُ الْخِيَارِ ( بِشَرْطِ نَقْدٍ ) أَيْ تَعْجِيلٍ لِثَمَنِهِ عَلَى تَمَامِ زَمَنِ الْخِيَارِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَنَزَلَ شَرْطُهُ مَنْزِلَتَهُ لِحُصُولِهِ مَعَهُ غَالِبًا ، وَمَفْهُومُ بِشَرْطٍ أَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا لَا يُفْسِدُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا وَالنَّقْدُ فِيمَا بَعُدَ مِنْ أَجَلِ الْخِيَارِ أَوْ قَرُبَ لَا يَحِلُّ بِشَرْطٍ ، وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الْخِيَارِ بِغَيْرِ شَرْطِ النَّقْدِ فَلَا بَأْسَ بِالنَّقْدِ فِيهِ ا هـ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : لِضَعْفِ التُّهْمَةِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أُسْقِطَ شَرْطُ النَّقْدِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِخِلَافِ إسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ .
وَقِيلَ : مِثْلُهُ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَسَادَ بِشَرْطِ النَّقْدِ لِلْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ ، وَالْفَسَادُ بِشَرْطِ السَّلَفِ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ وَلَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ وَضْعَ الثَّمَنِ عِنْدَ أَمِينٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَآلَ أَمْرِ الْبَيْعِ هَلْ يُتِمُّ فَيَأْخُذُهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا فَيَرْجِعُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ ، قِيلَ : اتِّفَاقًا ، وَقِيلَ : فِيهِ قَوْلٌ بِإِيفَاقِهِ كَثَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ .
وَفَرَّقَ بِأَنَّ بَيْعَهُمَا مُنْبَرِمٌ وَبَيْعَ الْخِيَارِ غَيْرُ مُنْبَرِمٍ .
وَشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ بِشَرْطِ النَّقْدِ سَبْعَ مَسَائِلَ فَقَالَ : ( كَ ) بَيْعِ شَيْءٍ ( غَائِبٍ ) عَنْ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ غَيْبَةً بَعِيدَةً غَيْرِ عَقَارٍ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ ( وَ ) بَيْعِ رَقِيقٍ ( بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ وَ ) بَيْعِ أَمَةٍ ( مُوَاضَعَةٍ وَ ) كِرَاءِ ( أَرْضٍ ) لِزَرْعٍ ( لَمْ يُؤْمَنْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْمِيمِ ( رِيُّهَا ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا مِنْ مَطَرٍ أَوْ بَحْرٍ ( وَجُعْلٍ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ عَلَى تَحْصِيلِ شَيْءٍ .
ابْنُ يُونُسَ وَيُمْنَعُ فِي هَذَا النَّقْدِ تَطَوُّعًا أَيْضًا .
الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الضَّابِطِ الْآتِي لِمَا
يَمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا ، نَعَمْ عِبَارَاتُ الْأَئِمَّةِ تَدُلُّ عَلَى مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالنَّقْدِ ، فَفِي الْمُنْتَقَى مَا نَصُّهُ .
وَمِنْ شَرْطِ الْجُعْلِ أَنْ لَا يَنْقُدَ الْجُعْلَ ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتِمُّ مَا جُعِلَ لَهُ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ مَا قَبَضَ ، وَقَدْ يَتِمُّ فَيَصِيرُ لَهُ ، فَتَارَةً يَكُونُ جُعْلًا وَتَارَةً يَكُونُ سَلَفًا .
ابْنُ نَاجِي قَالَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ : يَجُوزُ مَعَ التَّطَوُّعِ .
ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ ، وَاخْتُلِفَ إذَا تَطَوَّعَ بِهِ فَقَالَ أَشْهَبُ : لَا خَيْرَ فِيهِ .
وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَلِيهَا زَايٌ أَيْ حِفْظٍ وَحِرَاسَةِ ( زَرْعٍ ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ بِجَائِحَةٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ لُزُومِ خَلَفِهِ فَيَرُدُّهُ وَسَلَامَتِهِ فَلَا يَرُدُّهُ فَتَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ ، وَفِي نُسْخَةٍ لِجَزِّ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ حَصْدِ .
" غ " عَدَّ أَبُو إِسْحَاقَ الْغَرْنَاطِيُّ فِي وَثَائِقِهِ الْإِجَارَةُ عَلَى حِرَاسَةِ الزَّرْعِ مِنْ هَذِهِ النَّظَائِرِ ، وَنَقَلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَحْرُسُ لَهُ زَرْعًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُدَهُ الْإِجَارَةَ بِشَرْطٍ ، لِأَنَّ الزَّرْعَ رُبَّمَا تَلِفَ فَتَنْفَسِخُ فِيهِ الْإِجَارَةُ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهِ ، فَهُوَ إنْ سَلَّمَ كَانَ إجَارَةً وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَانَ سَلَفًا .
( وَ ) إجَارَةُ ( أَجِيرٍ ) مُعَيَّنٍ عَلَى عَمَلٍ ( تَأَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا شُرُوعُهُ فِي الْعَمَلِ ( شَهْرًا ) وَكَذَا تَأَخُّرُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ ( وَمُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النَّقْدُ بِشَرْطٍ ، بَلْ ( وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي ) بَيْعِ أَمَةٍ ( مُوَاضَعَةٍ وَ ) فِي بَيْعِ شَيْءٍ ( غَائِبٍ وَ ) فِي ( كِرَاءٍ ضُمِّنَ ) بِضَمِّ الضَّادِ أَيْ وَصَفَ مُتَعَلِّقَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ .
" غ " خَصَّصَهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ ، ثُمَّ قَالَ
: وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ : الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ وَالْمُعَيَّنُ سَوَاءٌ يَعْنِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ الْكِرَاءَ بِكَوْنِهِ مَضْمُونًا لَكَانَ أَوْلَى لِيَجْرِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلَوَافَقَ قَوْلَهُ الْمُتَقَدِّمَ أَوْ مَنَافِعَ عَيْنٍ ( وَ ) فِي عَقْدِ ( سَلَمٍ ) وَقَيَّدَ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ بِقَوْلِهِ ( بِخِيَارٍ ) لِتَأْدِيَتِهِ لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ سَوَاءٌ كَانَ بِشَرْطٍ أَوْ تَطَوُّعًا ، وَاللَّازِمُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ السَّابِقَةِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ إذَا كَانَ بِشَرْطٍ .
.
وَاسْتَبَدَّ بَائِعٌ ، أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ ، .
لَا خِيَارِهِ وَرِضَاهُ ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى نَفْيِهِ فِي مُشْتَرٍ ، وَعَلَى نَفْيِهِ فِي الْخِيَارِ فَقَطْ .
وَعَلَى أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا ، وَرَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتَبَ
( وَاسْتَبَدَّ ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ اسْتَقَلَّ بِالْإِمْضَاءِ أَوْ الرَّدِّ شَخْصٌ ( بَائِعٌ أَوْ مُشْتَرٍ ) شَيْئًا ( عَلَى ) شَرْطِ ( مَشُورَةِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُشَاوَرَةِ ( غَيْرِهِ ) مُشَاوَرَةً مُطْلَقَةً فَلَهُ تَرْكُ مُشَاوَرَتِهِ وَالِاسْتِقْلَالُ بِنَفْسِهِ فِي إمْضَائِهِ وَرَدَّهُ .
وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ بَاعَ عَلَى مَشُورَةِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَمْضَى الْبَيْعَ مَضَى وَإِلَّا فَلَا فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي تَوْقِيفَ الْبَيْعِ عَلَى اخْتِيَارِ فُلَانٍ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ بِزِيَادَةِ الْقَيْدِ فَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ فُلَانًا إلَخْ هُوَ الْقَيْدُ الَّذِي أَوْقَفَهُ عَلَى اخْتِيَارِ فُلَانٍ ( لَا ) يَسْتَبِدُّ بِالْإِمْضَاءِ أَوْ الرَّدِّ مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى ( عَلَى خِيَارِهِ ) أَيْ غَيْرِهِ ( وَرِضَاهُ ) لِأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ ، فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ مَا يُقَوِّي نَظَرَهُ وَلِأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمُوَافَقَةَ لِحَدِيثِ { شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ } .
( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فَهَّمَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا فَهَمَّتْ عَلَى نَفْيِ اسْتِبْدَادِ مَنْ شَرَطَ خِيَارَ غَيْرِهِ أَوْ رِضَاهُ ، سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا ( عَلَى نَفْيِهِ ) أَيْ الِاسْتِبْدَادِ ( فِي مُشْتَرٍ ) بِشَرْطِ خِيَارِ غَيْرِهِ أَوْ رِضَاهُ ، وَمَفْهُومٌ فِي مُشْتَرٍ أَنَّ الْبَائِعَ بِشَرْطِ خِيَارِهِ أَوْ رِضَاهُ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَبِيعِ بِمِلْكِهِ وَضَمَانِهِ ( وَ ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا ( عَلَى نَفْيِهِ ) أَيْ الِاسْتِبْدَادِ ( فِي ) الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِشَرْطِ ( الْخِيَارِ ) لِغَيْرِهِ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ بِشَرْطِ رِضَا غَيْرِهِ فَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ .
طفي اُنْظُرْ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى
هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ ، وَقَدْ أَشْبَعَ عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَوْفَى مَا فِيهَا مِنْ التَّأْوِيلَاتِ وَنَسَبَهَا لِقَائِلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ مِثْلُ الرِّضَا بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا فِي الْخِيَارِ مِنْ الْخِلَافِ ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا .
وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ تت بَيْنَ الْخِيَارِ وَالرِّضَا فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ عَلَيْهِ " س " لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ مَنْعِ الْبَيْعِ عَلَى خِيَارِ الْغَيْرِ أَوْ رِضَاهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِأَنَّ الْخِيَارَ رُخْصَةٌ فَلَا يَتَعَدَّى الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأَصَّلَهُ عِيَاضٌ ، فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ : كَأَنَّهُ رَأَى الْخِيَارَ رُخْصَةً مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ فَلَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
( وَ ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا ( عَلَى أَنَّهُ ) أَيْ الْمَجْعُولَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ الرِّضَا ( كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا ) أَيْ الْخِيَارِ وَالرِّضَا فِي نُفُوذِ تَصَرُّفِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ لِتَصَرُّفِ الثَّانِي قَبْضٌ لِقَوْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَإِنْ بِعْت وَبَاعَ فَالْأَوَّلُ إلَّا بِقَبْضٍ ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَصَرُّفُ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا ( وَرَضِيَ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ شَخْصٌ ( مُشْتَرٍ ) شَيْئًا بِشَرْطِ خِيَارِهِ ( كَاتَبَ ) أَيْ أَعْتَقَ الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَكِتَابَتُهُ رِضًا مِنْهُ بِشِرَائِهِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَهَا ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَأَوْلَى الْعِتْقِ النَّاجِزُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْعِتْقُ لِأَجَلٍ .
الْحَطّ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ ، فَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ تَصَدَّقَ مُشْتَرٍ أَوْ وَهَبَ لِغَيْرِ وَلَدٍ صَغِيرٍ وَقِيلَ :
مُطْلَقًا أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ أَوْ أَعْتَقَ وَلَوْ بَعْضًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ فَهُوَ رِضًا ا هـ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ : مَنْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارٍ فَوَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَوْلَدَ أَوْ وَطِئَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ نَظَرَ إلَى الْفَرْجِ كَانَ رِضًا وَقَبُولًا لِلْبَيْعِ ، ثُمَّ قَالَ : وَعَتَقَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ مَاضٍ وَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ رَدٌّ وَمِنْ الْمُشْتَرِي قَبُولٌ .
.
أَوْ زَوَّجَ وَلَوْ عَبْدًا ، أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذًا .
( أَوْ زَوَّجَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا بِشِرَائِهَا اتِّفَاقًا ، بَلْ ( وَلَوْ ) زَوَّجَ ( عَبْدًا ) كَذَلِكَ فَهُوَ رِضًا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ رِضًا وَلَوْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا مُجْمَعًا عَلَيْهِ عَلَى الظَّاهِرِ ( أَوْ قَصَدَ ) الْمُشْتَرِي بِتَجْرِيدِ الْأَمَةِ ( تَلَذُّذًا ) بِهَا ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ بِهَا بِالْفِعْلِ ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ تَقْلِيبَهَا فَلَيْسَ رِضًا ، ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ الْتَذَّ بِهَا بِالْفِعْلِ .
ابْنُ حَبِيبٍ قَرَصَهَا أَوْ مَسَّ بَطْنَهَا أَوْ يَدَيْهَا أَوْ خَضَّبَ يَدَيْهَا بِحِنَّاءَ أَوْ ضَفَّرَ رَأْسَهَا دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا لَا فِعْلَهَا ذَلِكَ دُونَ أَمْرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَطْءُ ذِي الْخِيَارِ بَائِعًا رَدٌّ وَمُبْتَاعًا بَتٌّ ، فَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا عَجَّلَ الثَّمَنَ وَتُوقَفُ الْعِلِّيَّةُ لِلِاسْتِبْرَاءِ .
اللَّخْمِيُّ اتِّفَاقًا كَبَيْعٍ بَتٍّ .
غ " تَبِعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَقَدْ قَبِلَ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ تَجَوُّزٌ فَإِنَّ الْقَصْدَ بِمُجَرَّدِهِ دُونَ الْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِيَارِ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَلَكِنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَتَّى يَرْتَفِعَ النِّزَاعُ بِسَبَبِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْقَاصِدَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ فِي الْجَارِيَةِ فَجَرَّدَهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَنَظَرَ إلَيْهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ رِضًا وَقَدْ تُجَرَّدُ لِلتَّقْلِيبِ لَا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ جَرَّدَهَا مُتَلَذِّذًا فَهَذَا رِضًا .
.
أَوْ رَهَنَ ، أَوْ آجَرَ ، أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ ، أَوْ تَسَوَّقَ
( أَوْ رَهَنَ ) الْمُشْتَرِي الشَّيْءَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ قَالَهُ " د " ، وَبَحَثَ " ق " بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُجِزْهُ الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْبَيْعِ الَّذِي لَا يُعَدُّ رِضًا ( أَوْ آجَرَ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ الْمُشْتَرِي الشَّيْءَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا وَلَوْ مُيَاوَمَةً ( أَوْ أَسْلَمَ ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِعِلْمٍ ( لِلصَّنْعَةِ ) كَخَيَّاطٍ وَلَوْ هِينَةً أَوْ لِلْكِتَابَةِ ( أَوْ تَسَوَّقَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَقَفَ الْمُشْتَرِي فِي السُّوقِ ( بِهَا ) أَيْ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِبَيْعِهَا وَلَوْ مَرَّةً لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ سَاوَمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِلْبَيْعِ ، وَعَبَّرَ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ بِالتَّسَوُّقِ وَهُوَ مُرَادِفٌ لِلْمُسَاوَمَةِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ اقْتِضَاءَهُ لِلتَّكَرُّرِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ .
.
أَوْ جَنَى إنْ تَعَمَّدَ ، أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ ، أَوْ عَرَّبَ دَابَّةَ ، أَوْ وَدَّجَهَا ، لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ ؛ .
إلَّا الْإِجَارَةَ
( أَوْ جَنَى ) الْمُشْتَرِي عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِخِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا ( إنْ تَعَمَّدَ ) هَا فَإِنْ أَخْطَأَ فَلَيْسَتْ رِضًا ( أَوْ نَظَرَ ) الرَّجُلُ الْمُشْتَرِي ( الْفَرْجَ ) لِلْأَمَةِ قَصْدًا لِأَنَّهُ لَا يُجَرِّدُ لِلشِّرَاءِ .
فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَظَرُ الْمُبْتَاعِ إلَى فَرْجِ الْأَمَةِ رِضًا لِأَنَّهُ لَا يُجَرِّدُ فِي الشِّرَاءِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ ، وَمَنْ يَحِلُّ لَهُ الْفَرْجُ ( أَوْ عَرَفَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ فَصَدَ الْمُشْتَرِي ( دَابَّةً ) فِي أَسَافِلِهَا ( أَوْ وَدَّجَهَا ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وَبِجِيمٍ أَيْ فَصَدَهَا فِي أَوْدَاجِهَا ( لَا ) يُعَدُّ رَاضِيًا ( إنْ جَرَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُشْتَرِي ( جَارِيَةً ) مِنْ ثِيَابِهَا لِقَصْدِ تَقْلِيبِهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ جَائِزٌ لِتَقْلِيبِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَقَدْ يَكُونُ عَيْبٌ بِجِسْمِهَا ( وَهُوَ ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِهِ كَاتَبَ إلَى هُنَا ( رَدَّ ) لِلْبَيْعِ إذَا حَصَلَ ( مِنْ ) الشَّخْصِ ( الْبَائِعِ ) شَيْئًا بِشَرْطِ خِيَارِهِ فِي زَمَنِهِ ( إلَّا الْإِجَارَةَ ) وَالْإِسْلَامَ لِتَعْلِيمِ الصَّنْعَةِ بِعَمَلِهِ فَلَيْسَتْ رَدًّا لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ مَا لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهُمَا عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ .
الْحَطّ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَوْ اسْتَثْنَاهُ لَكَانَ حَسَنًا وَهُوَ إسْلَامُهُ لِلصَّنْعَةِ ، فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اسْتَثْنَاهُ مَعَ الْإِجَارَةِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ .
اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَعْتَقَ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ افْتَرَقَ الْجَوَابُ ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَفَ ، فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي سَقَطَ وَإِنْ رَدَّ مَضَى ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ سَقَطَ سَوَاءٌ رَدَّ الْبَائِعُ أَوْ أَمْضَى لِإِعْتَاقِهِ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي ضَمَانِهِ .
.
وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ : أَنَّهُ اخْتَارَ أَوْ رَدَّ بَعْدَهُ ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
( وَلَا يُقْبَلُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِمَّنْ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا دَعْوَاهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَلَيْسَ الْمَبِيعُ بِيَدِهِ ( أَنَّهُ اخْتَارَ ) فِيهِ الْإِمْضَاءَ لِلْبَيْعِ ( أَوْ ) اخْتَارَ فِيهِ ( رَدَّ ) الْبَيْعِ ، وَصِلَةُ لَا يَقْبَلُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ ( إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا تَتْمِيمٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ وَهُوَ يَشْمَلُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ بِيَدِهِ الْمَبِيعُ وَشَمِلَ كَوْنَ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا وَغَابَ الْآخَرُ وَقَدِمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ فَادَّعَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَهُوَ بَائِعٌ أَنَّهُ أَمْضَى أَوْ مُشْتَرٍ أَنَّهُ رَدَّ فِي زَمَنِهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَفِيهَا إنْ اخْتَارَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ رَدًّا أَوْ إجَازَةً وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ جَازَ عَلَى الْغَائِبِ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ إلَى إشْهَادٍ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ وَإِنْ أَرَادَ الْإِمْضَاءَ فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ الْإِمْضَاءَ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِشْهَادٍ وَإِنْ أَرَادَ رَدَّهُ فَلْيُشْهِدْ .
ا هـ .
فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْبَائِعِ ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الرَّدُّ وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الْإِمْضَاءُ وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ تَفْتَقِرُ إلَى الْبَيِّنَةِ ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْإِمْضَاءَ وَهُوَ بِيَدِهِ
لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيِّنَةٍ ، فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِ صُوَرٍ حَصَّلَهَا أَبُو الْحَسَنِ .
.
وَلَا يَبِعْ مُشْتَرٍ ، فَإِنْ فَعَلَ ، فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ بِيَمِينٍ ، أَوْ لِرَبِّهَا نَقْضُهُ ؟ قَوْلَانِ .
.
( وَلَا يَبِعْ ) بِتَقْدِيمِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ وَجَزْمِ الْمُضَارِعِ بِلَا النَّاهِيَةِ ، وَفِي نُسْخَةٍ يَبِيعُ بِرَفْعِهِ بِالتَّجَرُّدِ وَلَا نَافِيَةٌ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَخْتَارَ شَخْصٌ ( مُشْتَرٍ ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَضَمَانِهِ .
الْبُنَانِيُّ مُقْتَضَى لَا يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُنْتَخَبِ تُفِيدُ الْمَنْعَ ، وَنَصُّهُ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَهُ .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي نُسْخَةٍ بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ فَهُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى الْإِجَارَةِ أَيْ وَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَيْعُ مُشْتَرٍ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ دَلَالَةِ التَّسَوُّقِ عَلَى الرِّضَا ، فَالْبَيْعُ أَوْلَى فَالصَّوَابُ نُسْخَةُ الْمُضَارِعِ مَجْزُومًا أَوْ مَرْفُوعًا لِمُوَافَقَتِهَا مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( فَإِنْ فَعَلَ ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَا اشْتَرَاهُ بِخِيَارِهِ قَبْلَ إخْبَارِ الْبَائِعِ بِاخْتِيَارِهِ الْإِمْضَاءَ إنْ حَضَرَ أَوْ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ إنْ غَابَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَنَازَعَهُ الْبَائِعُ ( فَهَلْ يُصَدَّقُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ فِي دَعْوَاهُ ( أَنَّهُ ) كَانَ ( اخْتَارَ ) الْإِمْضَاءَ ( بِيَمِينٍ ) وَهَذَا لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ( أَوْ ) لَا يُصَدَّقُ وَ ( لِرَبِّهَا ) أَيْ بَائِعِ السِّلْعَةِ ( نَقْضُهُ ) أَيْ فَسْخُ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِتَعَدِّيهِ بِهِ وَأَخْذِ السِّلْعَةِ وَإِجَازَتِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) الْحَطّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ : فَإِنْ بَاعَ فَإِنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ وَرَبُّ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ
شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَحَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَطَرَحَ سَحْنُونٌ التَّخْيِيرَ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ : إنَّمَا فِي الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ .
ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ : بِعْت سِلْعَتِي وَمَا فِي ضَمَانِي فَالرِّبْحُ لِي .
وَأَمَّا نَقْضُ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُبْتَاعِ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهُ ، فَلَوْ نَقَضَ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَ السِّلْعَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِهِ .
ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي " ق " ، وَبِهِ شَرْحُ الْخَرَشِيِّ أَوَّلًا وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ .
فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي : أَوْ لِرَبِّهَا رِبْحُهُ لَتَنَزَّلَ عَلَى هَذَا .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالرِّوَايَاتِ أَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْهَا الْبَائِعُ ، وَقَيَّدَ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهُ فَقَالَا : يُرِيدُ لِعِلْمٍ يَدَّعِيهِ .
قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ : وَاحْتَرَزَا بِذَلِكَ مِمَّا إذَا لَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : وَالْمُوَضِّحُ كَانَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ رَأَى أَنَّ قَوْلَهُ ، وَكَذَّبَهُ يُنَاسِبُ أَنَّهَا دَعْوَى مُحَقَّقَةٌ ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ : وَلَا يَبِيعُ مُشْتَرٍ قَبْلَ مُضِيِّهِ وَاخْتِيَارِهِ ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ ، وَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَهُ بِيَمِينٍ إنْ كَذَّبَهُ رَبُّهَا لِعِلْمٍ يَدَّعِيهِ
وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ أَوْ لِرَبِّهَا رَدُّ الْبَيْعِ أَوْ لَهُ الرِّبْحُ فَقَطْ أَقْوَالٌ .
الثَّانِي : فِي الرِّوَايَةِ إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي : بِعْت قَبْلَ أَنْ أَخْتَارَ فَالرِّبْحُ لِرَبِّهَا لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ ، وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ .
الثَّالِثُ : قَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا الْمَسْأَلَةَ بِالْمُشْتَرِي لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا فِيهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ .
الرَّابِعُ : اللَّخْمِيُّ لَوْ فَاتَ مَبِيعُ الْمُبْتَاعِ وَالْخِيَارُ لِبَائِعِهِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَالْقِيمَةُ وَعَكْسُهُ فَلِلْمُبْتَاعِ الْأَكْثَرُ مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ .
الْخَامِسُ : إنْ قِيلَ : إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فَلِمَ لَمْ يُصَدَّقْ بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ يَقُولُ : أَنَا أَخْتَارُ الْآنَ عَلَى تَسْلِيمِ عَدَمِ اخْتِيَارِي قَبْلُ فَجَوَابُهُ أَنَّهُمْ نَزَّلُوا بَيْعَهُ مَنْزِلَةَ اخْتِيَارِهِ رَدَّهُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا ، وَظَهَرَ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَهُ وَبَاعَهُ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَانْقَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ ، وَلَا يُعَارَضُ قَوْلُهُمْ تَلْزَمُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ لِأَنَّهَا بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ قَالَهُ " د " .
.
وَانْتَقَلَ لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ عَجَزَ ، وَلِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ .
.
( وَ ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ مُكَاتَبٌ بِخِيَارِهِ وَعَجَزَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ ( انْتَقَلَ ) الْخِيَارُ ( لِسَيِّدِ ) شَخْصٍ ( مُكَاتَبٍ ) بَائِعٍ أَوْ مُبْتَاعٍ بِخِيَارٍ لَهُ ( عَجَزَ ) عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَتِهِ زَمَنَ خِيَارِهِ ، وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَرُقَّ لِبَقَاءِ حَقِّهِ وَلَا يَبْقَى بِيَدِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَصَرِّفًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ( وَ ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَفَلَّسَ أَوْ مَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ انْتَقَلَ ( لِ ) شَخْصٍ ( غَرِيمٍ ) أَيْ رَبِّ دَيْنٍ ( أَحَاطَ دَيْنَهُ ) بِمَالِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ .
وَشَرْطُ اخْتِيَارِ الْغَرِيمِ الْأَخْذُ كَوْنُهُ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ وَأَوْفَرَ لِتَرِكَتِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، زَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ كَوْنَ الرِّبْحِ لِلْمَيِّتِ وَالنَّقْصِ عَلَى الْغَرِيمِ ، قَالَ : فَإِنْ اخْتَارُوا الرَّدَّ وَالْأَخْذُ أَرْجَحُ فَلَا يُجْبَرُونَ .
وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ ؛ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ وَلِوَارِثٍ .
( وَ ) مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِخِيَارِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَالْكَلَامُ فِيهِ لِغُرَمَائِهِ وَ ( لَا كَلَامَ لِوَارِثٍ ) لِلْمُشْتَرِي فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَأْخُذَ ) الْوَارِثُ الْمَبِيعَ ( بِمَالِهِ ) أَيْ الْوَارِثِ بَعْدَ رَدِّ الْغُرَمَاءِ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ لِلْبَائِعِ فَيُمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ ( وَ ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلِ اخْتِيَارِهِ انْتَقَلَ خِيَارُ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي بِخِيَارِهِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِهِ ( لِوَارِثٍ ) وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ مُتَّفَقٍ .
قَالَ فِي الشَّامِلِ : وَالْوَصِيُّ مَعَ الْكَبِيرِ كَوَارِثٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَوْصِيَاءُ فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ .
.
وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ .
إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ .
( وَ ) إنْ تَعَدَّدَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَانْتَقَلَ الْخِيَارُ لَهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِجَازَةِ وَالرِّدَّةِ فَ ( الْقِيَاسُ ) عِنْدَ أَشْهَبَ وَهُوَ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي حُكْمِهِ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي عِلَّتِهِ عِنْدَ الْحَامِلِ وَإِنْ خَصَّ بِالصَّحِيحِ حَذْفَ الْأَخِيرِ قَالَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَخَبَرُ الْقِيَاسِ ( رَدُّ الْجَمِيعِ ) أَيْ الْبَاقِي وَهُوَ الْمُجِيزُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ ( إنْ رَدَّ ) بَيْعَهُ ( بَعْضُهُمْ ) أَيْ الْوَرَثَةِ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ فَيُجْبَرُ الْمُجِيزُ عَلَى الرَّدِّ مَعَ مَنْ رَدَّ لِانْتِقَالِ حِصَّةِ الرَّادِّ لِلْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الرَّدِّ ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَبْعِيضُ الصَّفْقَةِ وَلَا بَيْعُ نَصِيبِ مَنْ رَدَّ لِمَنْ أَجَازَ وَمُوَرِّثُهُمْ إنَّمَا كَانَ لَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ رَدُّ الْجَمِيعِ فَقِيَاسُهُمْ عَلَيْهِ يَقْتَضِي رَدَّ الْجَمِيعِ بِجَامِعِ ضَرَرِ التَّبْعِيضِ .
وَفِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ أَشْهَبُ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ سِلْعَةً بِخِيَارٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَرُدُّ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَخْتَارُ الْإِمْضَاءَ فَالْقِيَاسُ الْفَسْخُ لِأَنَّ الَّذِي وَرِثُوا عَنْهُ الْخِيَارَ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ بَعْضِ السِّلْعَةِ وَقَبُولُ بَعْضِهَا ، بَلْ إذَا رَدَّ الْبَعْضُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مُوَرِّثِهِمْ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ عِنْدَ رَدِّ بَعْضِهِمْ أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ ا هـ .
( وَالِاسْتِحْسَانُ ) عِنْدَهُ أَيْضًا وَهُوَ مَعْنَى يَنْقَدِحُ فِي ذِهْنِ الْمُجْتَهِدِ تَقْصُرُ عِبَارَتُهُ عَنْهُ ، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى دَلِيلُ الْحُكْمِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ لَا نَفْسُ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَذْكُرُهُ وَهُوَ هُنَا ( أَخْذُ ) الْوَارِثِ ( الْمُجِيزِ ) شِرَاءَ مُوَرِّثِهِ ( الْجَمِيعَ ) أَيْ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مُوَرِّثُهُ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَعَ الْمُوَرِّثِ فَإِنْ أَبَى أَخْذَ الْجَمِيعِ جُبِرَ عَلَى الرَّدِّ
مَنْ رَدَّ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ نَصِيبِهِ فَقَطْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ بِتَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ .
.
وَهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَذَلِكَ ؟ .
تَأْوِيلَانِ
( وَ ) إنْ بَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَأَجَازَ بَيْعَهُ بَعْضُ وَرَثَتِهِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ فَ ( هَلْ وَرَثَةُ ) الشَّخْصِ ( الْبَائِعِ ) شَيْئًا بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ الْمُخْتَلِفُونَ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ ( كَذَلِكَ ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِمَا فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِيهِمْ .
الْحَطّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فِي أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ ، لَكِنْ يَنْزِلُ الرَّادُّ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ الْمُجِيزِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُدْخِلٌ السِّلْعَةَ فِي مِلْكِهِ وَيَنْزِلُ الْمُجِيزُ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُخْرِجٌ السِّلْعَةَ مِنْ مِلْكِهِ فَيُقَالُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ إجَازَةُ الْجَمِيعِ إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْمُجِيزِ ، فَيَلْزَمُ الرَّادَّ الْإِجَازَةُ فِي حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ وَهُوَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ ثَمَنِ نَصِيبِهِ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الرَّادِّ الْجَمِيعَ وَيَدْفَعُ لِلْمُجِيزِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ لَيْسَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِحْسَانِ فَلَيْسَ لِمَنْ رَدَّ أَخْذُ نَصِيبِ الْمُجِيزِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَيْ الْمُشْتَرِي لَا لِلْوَارِثِ ، بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُجِيزَ مِنْهُمْ يَقُولُ لِلْبَائِعِ : أَنْتَ رَضِيت بِإِخْرَاجِ سِلْعَتِكَ لِمُوَرِّثِي بِهَذَا الثَّمَنِ وَأَنَا قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي دَفْعِهِ لَكَ ، وَلَا يُمْكِنُ الرَّادُّ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ : هَذَا لِمَنْ صَارَ لَهُ نَصِيبُ الْمُجِيزِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي غَيْرِ الْمُخْتَصَرِ ، وَالثَّانِي لِبَعْضِ
الْقَرَوِيِّينَ .
.
وَإِنْ جُنَّ نَظَرَ السُّلْطَانُ .
( وَإِنْ ) بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَ ( جُنَّ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ النُّونِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَعُلِّمَ بِعَلَامَةٍ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ يَضُرُّ بِالْعَاقِدِ الْآخَرِ ( نَظَرَ ، السُّلْطَانُ ) أَيْ ذُو السَّلْطَنَةِ وَالْحُكْمِ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ نَائِبَهُ فِي الْأَصْلَحِ لَهُ مِنْ إمْضَاءٍ أَوْ رَدٍّ .
فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ جُنَّ فَأُطْبِقَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْخِيَارُ لَهُ ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ فِي الْأَخْذِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ يُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ يَرَى مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ مَنْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى عِيَالِهِ .
.
وَنُظِرَ الْمُغْمَى ، وَإِنْ طَالَ فُسِخَ .
( وَ ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ ( نُظِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ اُنْتُظِرَ الشَّخْصُ ( الْمُغْمَى ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ حَتَّى يُفِيقَ وَيَنْظُرَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ إفَاقَتُهُ عَنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ لَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ حَتَّى يَضُرَّ بِالْآخَرِ ( وَإِنْ طَالَ ) زَمَنُ إغْمَائِهِ بَعْدَ زَمَنِ الْخِيَارِ ( فُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْبَيْعُ .
فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ ثُمَّ هُوَ عَلَى خِيَارِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ إغْمَاؤُهُ أَيَّامًا فَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ ، فَإِنْ رَأَى ضَرَرًا فَسَخَ الْبَيْعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ ، خِلَافَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ، وَإِنَّمَا الْإِغْمَاءُ مَرَضٌ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَلَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ لِلْبَائِعِ إلَّا بِالطُّولِ الزَّائِدِ عَلَى أَمَدِ الْخِيَارِ لِأَنَّ أَيَّامَهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا كَانَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَفَاقَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ اخْتَارَ فِي الْيَوْمِ الْبَاقِي وَيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى أَنْ يُؤَامِرَ نَفْسَهُ ثَلَاثًا وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى الْبَائِعِ فِي زِيَادَةِ يَوْمَيْنِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَهُ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ زَوَالِهَا إلَّا الرَّدُّ .
الْحَطّ وَهَلْ الْمَفْقُودُ كَالْمُغْمَى أَوْ كَالْمَجْنُونِ قَوْلَانِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الثَّانِي .
.
وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ ، وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ ، إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ ، وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ ، وَالضَّمَانُ مِنْهُ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ .
إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ ، أَوْ يُغَابَ عَلَيْهِ ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ ، إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَالثَّمَنُ كَخِيَارِهِ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ ، وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ .
.
( وَالْمِلْكُ ) لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ ( لِلْبَائِعِ ) فَالْإِمْضَاءُ نَقْلُ مِلْكٍ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي لَا تَقْرِيرٌ .
وَقِيلَ : لِلْمُبْتَاعِ فَالْإِمْضَاءُ تَقْرِيرٌ لَا نَقْلٌ ، لَكِنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ ، فَلِذَا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِاتِّفَاقِهِمَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ ( وَمَا ) أَيْ الْمَالُ الَّذِي ( يُوهَبُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ ( لِلْعَبْدِ ) الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ ) أَيْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ فَلَهُ مَا يُوهَبُ زَمَنَهُ ( وَالْغَلَّةُ ) الْحَاصِلَةُ أَيَّامَ الْخِيَارِ لِلْمَبِيعِ بِهِ كَبَيْضٍ وَلَبَنٍ وَأُجْرَةِ عَمَلٍ لِلْبَائِعِ ( وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ ) عَلَى مَبِيعٍ بِخِيَارٍ زَمَنَهُ ( لَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِهِ ، أَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ .
( بِخِلَافِ الْوَلَدِ ) الَّذِي تَلِدُهُ الْأُنْثَى الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ زَمَنَهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ لَا غَلَّةٌ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ ( وَالضَّمَانُ ) لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ فِيهِ ( مِنْهُ ) أَيْ الْبَائِعِ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُظْهِرْ كَذِبَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ، وَثَبَتَ تَلَفُهُ بِبَيِّنَةٍ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ( وَ ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ بَائِعُهُ فِي دَعْوَاهُ ( حَلَفَ ) شَخْصٌ ( مُشْتَرٍ ) مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ أَوْ تَلَفَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ مُتَّهَمًا كَانَ أَمْ لَا .
وَقِيلَ : إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ بِأَنْ يَقُولَ : لَقَدْ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ أَخْتَارَ وَمَا فَرَّطْت ، وَيَقُولُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ : مَا فَرَّطْت فَقَطْ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى تَلَفٍ أَوْ ضَيَاعٍ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ
بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَهُ بَعْدَ الزَّمَنِ الَّذِي ادَّعَى التَّلَفَ ، أَوْ الضَّيَاعَ فِيهِ ، أَوْ بِإِيدَاعِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَتَكْذِيبِ مَنْ اسْتَشْهَدَهُ عَلَى مُعَايَنَةِ تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ ، وَيَضْمَنُ عِوَضَهُ .
فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ ادَّعَى مَوْتَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى مَوْتُهُ فِيهِ سُئِلَ عَنْهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ ضَمِنَ ، بِخِلَافِ الْإِبَاقِ فَيُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ ، فَإِنَّ قِيَامَهَا عَلَيْهِ مُتَعَذِّرٌ إذْ الْعَبْدُ لَا يُرْصَدُ لِإِبَاقِهِ إلَّا الْخَلْوَةَ قَوْلُهُ حَلَفَ مُشْتَرٍ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَنَازَعَا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ هَلْ هَلَكَتْ فِيهِ وَبَعْدَهُ ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَهُ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي .
ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا بِخِيَارٍ لَهُ فَهَلَكَ فَقَالَ : هَلَكَ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ وَقَالَ الْبَائِعُ : بَعْدُ صُدِّقَ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ طَلَبَ نَقْضَ الْبَيْعِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ .
الشَّيْخُ يَعْنِي وَاتَّفَقَا عَلَى مُضِيِّ الْأَمَدِ فَلَوْ قَالَ الْمُبْتَاعُ : لَمْ يَنْقَضِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَرَادَ تَضْمِينَهُ .
وَعَطَفَ عَلَى يَظْهَرُ فَقَالَ : ( أَوْ يُغَابُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ بِأَنْ يُمْكِنَ إخْفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِهِ سَالِمًا كَثَوْبٍ فَيَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ ( إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) تَشْهَدُ لَهُ بِضَيَاعِهِ أَوْ تَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَتَفْرِيطِهِ فِيهَا إنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ : لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ بِيَمِينِهِ كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا ( وَضَمِنَ ) الشَّخْصُ ( الْمُشْتَرِي ) بِخِيَارِ مَا أَتْلَفَهُ أَوْ ضَيَّعَهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ كَذِبُهُ ، أَوْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ ( إنْ خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ
مُثَقَّلَةً الشَّخْصُ ( الْبَائِعُ ) أَيْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لَهُ وَمَفْعُولُ ضَمِنَ ( الْأَكْثَرَ ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارَ الْإِمْضَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ ، وَالرَّدَّ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ .
الْبِسَاطِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ اسْتِفْسَارُهُ قَبْلَ إلْزَامِ الْمُشْتَرِي ، فَإِنْ أَمْضَى فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنْ رَدَّ فَلَهُ الْقِيمَةُ ( إلَّا أَنْ يَحْلِفَ ) الْمُشْتَرِي أَنَّ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَتَفْرِيطِهِ ( فَالثَّمَنُ ) يَضْمَنُهُ دُونَ الْقِيمَةِ الزَّائِدَةِ ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ أَوْ تَسَاوَيَا غَرِمَ الثَّمَنَ بِلَا يَمِينٍ .
وَشَبَّهَ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ فَقَالَ ( كَ ) : تَلَفِ أَوْ ضَيَاعِ مَا فِي ( خِيَارِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي فَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ غَرِمَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنَ فَبِدُونِ يَمِينٍ ، وَإِنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَبَعْدَ يَمِينِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَالظَّاهِرُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ : ( وَكَغَيْبَةِ ) شَخْصٍ ( بَائِعٍ ) عَلَى مَبِيعِهِ بِخِيَارٍ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ ( وَالْخِيَارُ ) مَشْرُوطٌ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ الْبَائِعِ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَضْمَنُ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ بِمِلْكِهِ وَضَمَانِهِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا بَعْدَ حَلِفِهِ لَقَدْ ضَاعَ أَوْ تَلِفَ .
قَالَ اللَّخْمِيُّ : فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ .
ا هـ .
أَيْ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَإِلَّا رَدَّهُ ، وَمَفْهُومُ وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى .
.
وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا فَرَدٌّ ، وَخَطَأً ، فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ .
( وَإِنْ جَنَى ) شَخْصٌ ( بَائِعٌ ) عَلَى مَبِيعِهِ زَمَنَ الْخِيَارِ ( وَالْخِيَارُ ) مَشْرُوطٌ ( لَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ وَجَنَى ( عَمْدًا ) وَلَمْ يُتْلِفْهُ ( فَ ) عَمْدُهُ ( رَدٌّ ) لِلْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَيْسَ رَدًّا لِقُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّهِ سَالِمًا فَرَدُّهُ لِلْبَائِعِ بِوَاسِطَةِ تَعْيِيبِهِ الْمَبِيعَ لَا يَصْدُرُ مِنْ عَاقِلٍ ( وَ ) إنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ ( خَطَأً ) فَلَهُ إمْضَاءُ الْبَيْعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي لِأَنَّ جِنَايَتَهُ خَطَأً لَيْسَتْ رَدًّا لِلْبَيْعِ لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَيْهِ لِمُنَافَاةِ الْخَطَأِ لِقَصْدِ الْفَسْخِ ، فَإِنْ أَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ ( فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ ) بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ زَمَنَ الْخِيَارِ كَالْقَدِيمِ .
وَإِنْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ فِيهِمَا ، وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وَتَعَمَّدَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ أَوْ أَخْذُ الْجِنَايَةِ .
( وَإِنْ تَلِفَتْ ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِهِ وَالْخِيَارُ لَهُ ( انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ فِيهِمَا ) أَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ ( وَإِنْ خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي ( وَتَعَمَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ تُتْلِفْهُ ( فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ ) لِلْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَالنَّقِيصَةِ ( أَوْ ) إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَ ( أَخْذُ ) أَرْشِ ( الْجِنَايَةِ ) وَهُوَ مَا حَدَّهُ الشَّارِعُ كَنِصْفِ عُشْرِ الْقِيمَةِ فِي الْمُوضِحَةِ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى وَالْعُشْرُ وَنِصْفُهُ فِي مُنَقِّلَتِهِمَا ، وَالثُّلُثُ فِي الْآمَّةِ أَوْ الْجَائِفَةِ .
وَإِنْ بَرِئْنَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَمَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا عَنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُسَمًّى .
إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ .
وَاسْتُشْكِلَ أَخْذُ الْمُشْتَرِي أَرْشَ جِنَايَةِ الْبَائِعِ بِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ وَمَضْمُونِهِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ جَنَى عَلَى مَا لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حَقٌّ وَأَجَابَ " د بِاتِّهَامِ الْبَائِعِ عَلَى قَصْدِ الرَّدِّ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ .
.
وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ ، وَإِنْ أَخْطَأَ ، فَلَهُ أَخْذُهُ نَاقِصًا ، أَوْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ .
( وَإِنْ تَلِفَتْ ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِهِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ( ضَمِنَ ) الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي ( الْأَكْثَرَ ) مِنْ الثَّمَنِ لِحُجَّةِ الْمُشْتَرِي بِاخْتِيَارِ الرَّدِّ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَالْقِيمَةِ إذْ لِلْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءُ بِذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ وَوَافَقَ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ ، وَإِلَّا فَإِنْ رَدَّ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي ، وَإِنْ أَجَازَ ضَمِنَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ( وَإِنْ أَخْطَأَ ) الْبَائِعُ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ تَتْلَفْ وَهُوَ لِغَيْرِهِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( أَخْذُهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ حَالَ كَوْنِهِ ( نَاقِصًا ) بِلَا أَخْذِ أَرْشٍ مِنْ الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ لِهَادِيهِ مَقْدِرَةٌ ، وَبَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ لِجِنَايَةِ الْبَائِعِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِهِ لِعُذْرِهِ بِالْخَطَأِ ( أَوْ رَدَّهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَخِيَارِ النَّقْصِ ( وَإِنْ تَلِفَتْ ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ عَلَيْهَا خَطَأً وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ( انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ .
.
وَإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ .
وَلَمْ يُتْلِفْهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا ، وَخَطَأً فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ ، وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وَجَنَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً ، فَلَهُ أَخْذُ الْجِنَايَةِ أَوْ الثَّمَنِ .
( وَإِنْ جَنَى ) شَخْصٌ ( مُشْتَرٍ ) عَلَى شَيْءٍ مَبِيعٍ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ ( وَالْخِيَارُ ) مَشْرُوطٌ لَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( وَلَمْ يُتْلِفْهَا ) أَيْ الْمُشْتَرِي الذَّاتَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا ( عَمْدًا فَهُوَ ) أَيْ فِعْلُ الْمُشْتَرِي ( رِضًا ) بِالشِّرَاءِ ( وَ ) إنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ ( خَطَأً فَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( رَدُّهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي ( وَ ) دَفَعَ أَرْشَ ( مَا نَقَصَ ) لِبَائِعِهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ كَالْعَمْدِ فِي مَالِ الْغَيْرِ ، وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ مَعِيبًا بِلَا أَرْشٍ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ ، وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ .
الْمُصَنِّفُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَغْرَمَ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ لِلْبَائِعِ إنْ تَمَاسَكَ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَضَمَانِهِ ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ بِبِنَائِهِ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي زَمَنَ الْخِيَارِ وَالْأَوْلَى وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِيَشْمَلَ أَرْشَ نَحْوِ الْمُوضِحَةِ .
( وَإِنْ أَتْلَفَهَا ) أَيْ الْمُشْتَرِي الذَّاتَ الَّتِي جَنَى عَلَيْهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي زَمَنِ خِيَارِهِ ( ضَمِنَ ) الْمُشْتَرِي ( الثَّمَنَ ) لِلْبَائِعِ ( وَإِنْ خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ ( وَجَنَى ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ ( عَمْدًا أَوْ خَطَأً ) وَلَمْ يُتْلِفْهُ ( فَلَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي رَدُّ الْبَيْعِ وَ ( أَخْذُ ) أَرْشِ ( الْجِنَايَةِ أَوْ ) إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ ( الثَّمَنِ ) ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ فِيهِمَا ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ وتت وَمَنْ تَبِعَهُمَا ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ " ح " عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا فِي الْعَمْدِ وَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي الْخَطَأِ بَيْنَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ وَتَرْكِهِ وَدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ .
.
فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ .
.
( وَإِنْ تَلِفَتْ ) الذَّاتُ بِجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ ( ضَمِنَ ) الْمُشْتَرِي ( الْأَكْثَرَ ) مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ إذْ لِلْبَائِعِ إمْضَاؤُهُ الْقِيمَةَ إذْ لَهُ رَدُّهُ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ وَوَافَقَ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ الْإِجَازَةُ وَإِلْزَامُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَالرَّدَّ ، وَإِلْزَامُهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي غُلِّبَ جَانِبُ الْبَائِعِ .
ابْنُ عَرَفَةَ جِنَايَةُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأً لَغْوٌ ، فَإِنْ رَدَّ غَرِمَ نَقْصَ الْقَلِيلِ وَفِي غُرْمِهِ لِلْمُفْسِدِ ثَمَنُهُ أَوْ قِيمَتُهُ ، ثَالِثُهَا أَقَلُّهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَائِلًا وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَوْ قِيلَ : لَكَانَ وَجْهًا ، ثُمَّ قَالَ : وَجِنَايَةُ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأً تُوجِبُ تَخْيِيرَ الْمُبْتَاعِ ، وَعَمْدًا فِي كَوْنِهَا دَلِيلَ رَدِّهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، ثُمَّ قَالَ : وَجِنَايَتُهُ أَيْ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ خَطَأً كَأَجْنَبِيٍّ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلْبَائِعِ أَخْذُ الْجِنَايَةِ وَالثَّمَنِ لَا أَعْرِفُهُ وَيَضُرُّ بِالْمُبْتَاعِ وَعَمْدًا لِلْبَائِعِ إلْزَامُهُ الْبَيْعَ أَوْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَجِنَايَةُ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ بِقَتْلٍ خَطَأً فَسْخٌ ، وَعَمْدًا يَلْزَمُهُ فَضْلُ قِيمَتِهِ عَلَى ثَمَنِهِ وَبِنَقْصٍ خَطَأً لَغْوٌ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ وَضَمَانِهِ ، وَعَمْدًا لِلْمُبْتَاعِ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ ا هـ .
.
وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ فَقَطْ .
وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا ، أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ ، وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي كَسَائِلٍ دِينَارًا فَيُعْطَى ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ ، فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ ، .
فَيَكُونُ شَرِيكًا .
وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا ، فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ ، وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ، وَهُمَا بِيَدِهِ ، وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ .
وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .
.
( وَإِنْ اشْتَرَى ) شَخْصٌ ( أَحَدَ ثَوْبَيْنِ ) مَثَلًا غَيْرَ مُعَيِّنٍ ( وَقَبَضَهُمَا ) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَيْنِ ( لِيَخْتَارَ ) أَيْ يُعَيِّنَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا مِنْهُمَا لِلشِّرَاءِ وَيَرُدَّ الْآخَرَ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ ( فَادَّعَى ) الْمُشْتَرِي ( ضَيَاعَهُمَا ) أَيْ الثَّوْبَيْنِ مَعًا بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ ، أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ وَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ .
الرَّجْرَاجِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ ضَمَانُهُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ أَوْ أَصَالَةٍ ( ضَمِنَ ) الْمُشْتَرِي ( وَاحِدًا ) مِنْهُمَا ( بِالثَّمَنِ ) الَّذِي بِيعَ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَيَضْمَنُ الثَّمَنَ خَاصَّةً ( فَقَطْ ) رَاجِعٌ لِوَاحِدٍ إلَّا لِقَوْلِهِ بِالثَّمَنِ لِإِيهَامِهِ ضَمَانَ الْآخَرِ بِالْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِإِلْزَامٍ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي وَلَزِمَهُ نِصْفُ التَّالِفِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ ، نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ .
وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا بِالثَّمَنِ إنْ لَمْ يَسْأَلْ الْبَائِعَ إقْبَاضَهُمَا ، بَلْ ( وَلَوْ سَأَلَ ) الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ ( فِي إقْبَاضِهِمَا ) أَيْ الثَّوْبَيْنِ لَهُ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِهِ الثَّانِي الَّذِي فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ تَطَوُّعِ الْبَائِعِ بِدَفْعِهِمَا لَهُ فَيَضْمَنُ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ ، وَبَيْنَ سُؤَالِ الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَهُمَا فَيَضْمَنُهُمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
الْبُنَانِيُّ .
وَالظَّاهِرُ عَلَى الثَّانِي ضَمَانُ الثَّانِي بِالثَّمَنِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَرْدُودَ بِوَلَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَاَلَّذِي
تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي قَوْلِهِ كَخِيَارِهِ هُوَ الضَّمَانُ بِالثَّمَنِ ، وَأَنَّ الْقَائِلَ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ بَعْدَ حَلِفِهِ هُوَ أَشْهَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( أَوْ ) ادَّعَى ( ضَيَاعَ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ ( ضَمِنَ ) الْمُشْتَرِي ( نِصْفَهُ ) أَيْ الضَّائِعِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الضَّائِعِ الْمَبِيعَ أَوْ غَيْرَهُ فَضَمِنَ النِّصْفَ عَمَلًا بِالِاحْتِمَالَيْنِ ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ ضَمَانَهُ إنْ كَانَ لِلتُّهْمَةِ فَكَانَ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ لِاسْتِحَالَةِ تُهْمَتِهِ فِي نِصْفِهِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَلَا يَضْمَنُ نِصْفَهُ ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ شَرْطَ إيجَابِ تُهْمَتِهِ ضَمَانَهُ كَوْنُهَا فِي مُشْتَرًى لَهُ وَمُشْتَرَاهُ أَحَدَهُمَا مُبْهَمًا فَفُضَّ عَلَيْهِمَا ، فَكَانَ مُشْتَرَاهُ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَصَارَ كَثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا مُشْتَرًى بِخِيَارٍ وَالْآخَرُ وَدِيعَةٌ ادَّعَى تَلَفَهُمَا ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( اخْتِيَارُ ) جَمِيعِ الثَّوْبِ ( الْبَاقِي ) وَلَهُ رَدُّهُ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ نِصْفِ الْبَاقِي عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : إنَّمَا لَهُ اخْتِيَارُ نِصْفِ الْبَاقِي وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِذَا اخْتَارَ جَمِيعَ الْبَاقِي لَزِمَ كَوْنُ الْمَبِيعِ ثَوْبًا وَنِصْفًا وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ ، وَبِمِثْلِهِ يُقْتَنَعُ فِي الْأُمُورِ الظَّنِّيَّةِ ، وَفِي اخْتِيَارِ نِصْفِهِ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ فَلَا يُرْتَكَبُ ، فَإِنْ قَالَ : اخْتَرْت الْبَاقِي ثُمَّ ضَاعَ الْآخَرُ فَلَا يُصَدَّقُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَإِنْ قَالَ : اخْتَرْ التَّالِفَ ضَمِنَهُ بِتَمَامِهِ وَأَشْعَرَ ذِكْرُهُ ثَوْبَيْنِ وَتَعْبِيرُهُ بِادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى ضَيَاعِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ كَقَبْضِهِ عَبْدَيْنِ لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِمَا ، أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ فَقَطْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ
فِيهِ ، وَخُيِّرَ فِي أَخْذِ جَمِيعِ الْبَاقِي وَرَدِّهِ ، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ ثُمَّ أَرَادَ الِاخْتِيَارَ بَعْدَهَا ، فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْهَا فَذَلِكَ لَهُ .
ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَلِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّيَا فِيمَا قَرُبَ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَإِنْ مَضَتْ وَتَبَاعَدَتْ فَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ أَحَدِهِمَا أَوْ يَنْقُضُ الْبَيْعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ أَنَّهُ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ الْقُرْبُ يَوْمَانِ وَالْبُعْدُ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ ، " ح " وَمَفْهُومُ ثَوْبَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ كَعَبْدَيْنِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَضَاعَا أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ : وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ فَقَالَ : ( كَ ) شَخْصٍ ( سَائِلٍ ) أَيْ طَالِبٍ مِنْ آخَرَ ( دِينَارًا ) قَرْضًا أَوْ قَضَاءً عَنْ دَيْنٍ ( فَيُعْطَى ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ السَّائِلُ ( ثَلَاثَةً ) مِنْ الدَّنَانِيرِ لِيَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا لِنَفْسِهِ وَيَرُدَّ اثْنَيْنِ ( فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ ) مِنْ الدَّنَانِيرِ الثَّلَاثَةِ هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، زَادَ سَحْنُونٌ فِي الْأُمَّهَاتِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ تَلَفَ الدِّينَارَيْنِ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ ، وَأَسْقَطَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ ، وَاعْتَرَضَهُ عَلَى سَحْنُونٍ غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ : الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ لَا يُعْلَمَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : الْأَظْهَرُ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي
الدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الثِّيَابِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لُزُومُهُ فِي الدَّنَانِيرِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ ، فَإِنَّ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَالْمُرَتَّبُ بِاخْتِيَارِ تَعْيِينِهِ لَا لُزُومِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَحَدَهُمَا وَالدَّنَانِيرُ لَمْ يَجِبْ لَهُ أَحَدُهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ أَحَدُهَا بِمُجَرَّدِ قَبْضِهَا لِتَوَقُّفِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْهَا عَلَى كَوْنِهِ وَازِنًا .
فَيَكُونُ ) قَابِضُ الدَّنَانِيرِ ( شَرِيكًا ) فِيهَا لِدَافِعِهَا ( بِالثُّلُثِ ) فِي السَّالِمِ وَالتَّالِفَيْنِ فَلَهُ ثُلُثُ السَّالِمِ ، وَعَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْ التَّالِفَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الدَّافِعُ فِي تَلَفِ الِاثْنَيْنِ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَضْمَنُ الثُّلُثَيْنِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُمَا فَإِنْ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا أَوْ يَزِنَهَا ، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا طِيبًا وَازِنًا أَخَذَهُ وَإِلَّا رَدَّ جَمِيعَهَا وَزَعَمَ تَلَفَهَا أَوْ بَعْضِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِهِ وَإِنْ قَبَضَهَا رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ضَمِنَهَا كُلَّهَا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الضَّيَاعَ بِبَيِّنَةٍ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ بِيَمِينٍ ( وَإِنْ كَانَ ) أَيْ الشَّخْصُ اشْتَرَاهُمَا مَعًا عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِمَا خِيَارَ التَّرَوِّي وَقَبَضَهُمَا ( لِيَخْتَارَهُمَا ) لِلشِّرَاءِ مَعًا أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا ( فَكِلَاهُمَا ) أَيْ الثَّوْبَيْنِ ( مَبِيعٌ وَلَزِمَاهُ ) أَيْ الثَّوْبَانِ الْمُشْتَرِي ( بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ) لِلْخِيَارِ ( وَهُمَا ) أَيْ الثَّوْبَانِ ( بِيَدِ ) هـ أَيْ الْمُشْتَرِي ، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُمَا بِيَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ شَيْءٌ .
وَإِنْ كَانَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَهُمَا مَعًا بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُمَا بِهِ ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَالْمُذَاكِرِينَ لَوْ كَانَ الْهَالِكُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَزِمَاهُ جَمِيعًا
وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ .
ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا غَلَطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهَ أَوْ التَّبَعَ لِأَنَّ ضَمَانَهُ بِثَمَنِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ التُّهْمَةِ وَلَيْسَ يَحْتِمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ احْتَبَسَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ حَتَمْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوْ التَّبَعِ ( وَ ) إنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ ( فِي اللُّزُومِ ) أَيْ بِهِ لَا بِالْخِيَارِ ( لِأَحَدِهِمَا ) وَمَضَتْ أَيَّامُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَتَبَاعَدَتْ وَهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ أَوْ الْبَائِعِ ( فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ ( النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ ) مِنْهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَبِيعٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ فَوَجَبَ كَوْنُهُ شَرِيكًا فِيهِمَا وَكَذَا إنْ ضَاعَا أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْإِيجَابِ فَضَاعَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَمَا تَلِفَ بَيْنَهُمَا وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا ، وَسَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَا ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ الثَّوْبِ الْبَاقِي كُلِّهِ وَلَوْ ذَهَبَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ وَهُمَا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ لَزِمَهُ نِصْفُ كُلِّ ثَوْبٍ وَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ ثَوْبًا قَدْ لَزِمَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا هُوَ فَوَجَبَ كَوْنُهُ شَرِيكًا فِيهِمَا .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ .
أَبُو الْحَسَنِ شِرَاءُ الثَّوْبَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : إمَّا بِخِيَارٍ وَحْدَهُ أَوْ بِاخْتِيَارٍ وَحْدَهُ ، وَإِمَّا بِخِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَيَمْضِي أَيَّامَ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ وَيَنْقُضُ الْبَيْعَ إذْ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ .
( أَوْ ) إنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا لِيَخْتَارَهُ وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( فِي الِاخْتِيَارِ ) فَمَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا وَهُمَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا
مِنْهُمَا فَ ( لَا يَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ ( شَيْءٌ ) مِنْهُمَا إذْ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى إيجَابِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ .
الْحَطّ ابْنُ يُونُسَ بِأَثَرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَهُوَ بِخِلَافِ شِرَائِهِ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى غَيْرِ إلْزَامٍ ، فَإِذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ إذْ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ وَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى إيجَابِ أَخْذٍ فَيُشَارِكُ ، فَصَارَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي شِرَائِهِمَا يَلْزَمَانِهِ ، وَفِي أَخْذِ أَحَدِهِمَا بِإِيجَابٍ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ ، وَفِي أَخْذِهِ عَلَى الْخِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى وَفِي الِاخْتِيَارِ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ .
وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الثَّوْبَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا خِيَارٌ وَاخْتِيَارٌ أَوْ خِيَارٌ فَقَطْ أَوْ اخْتِيَارٌ فَقَطْ ، وَيُنْظَرُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِي ضَيَاعِهِمَا مَعًا ، وَفِي ضَيَاعِ أَحَدِهِمَا وَفِي مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَهُمَا بَاقِيَانِ بِيَدِهِ ، فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ ، الْأُولَى : الْخِيَارُ وَالِاخْتِيَارُ أَشَارَ إلَى حُكْمِ ضَيَاعِ الثَّوْبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيهَا بِقَوْلِهِ إنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ يُرِيدُ بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا إلَى قَوْلِهِ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي ، وَأَشَارَ إلَى حُكْمِ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ فِيهَا بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ ، وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .
وَالثَّانِيَةُ : وَهِيَ الْخِيَارُ الْمُجَرَّدُ ، فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَ فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهُمَا بِيَدِهِ ، وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ : وَهِيَ الِاخْتِيَارُ الْمُجَرَّدُ بِقَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ سَوَاءٌ ضَاعَا مَعًا أَوْ ضَاعَ
أَحَدُهُمَا أَوْ بَقِيَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَرُدَّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ كَثَيِّبٍ لِيَمِينٍ فَيَجِدُهَا بِكْرًا .
وَإِنْ بِمُنَادَاةٍ .
لَا إنْ انْتَفَى
( وَرُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ الْمَعْلُومُ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ لِبَائِعِهِ ( بِ ) سَبَبِ ( عَدَمِ ) وُجُودِ وَصْفٍ ( مَشْرُوطٍ ) وُجُودُهُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَلَهُ ( فِيهِ غَرَضٌ ) صَحِيحٌ بِإِعْجَامِ الْغَيْنِ وَالضَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ سَوَاءٌ كَانَ يَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ كَكَوْنِ الْأَمَةِ طَبَّاخَةً وَلَمْ تُوجَدْ كَذَلِكَ أَوْ لَا ( كَ ) شَرْطِ ( ثَيِّبٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ كَوْنِ الْأَمَةِ ثَيِّبًا ( لِيَمِينٍ ) مِنْ مُشْتَرِيهَا أَنَّهُ لَا يَطَأُ بِكْرًا ( فَيَجِدُهَا بِكْرًا ) فَلَهُ رَدُّهَا لِبَائِعِهَا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْيَمِينِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ وَجْهٍ ، كَاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا نَصْرَانِيَّةً لِيُزَوِّجَهَا لِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ الثَّابِتِ فَيَجِدُهَا مُؤْمِنَةً .
وَالْفَرْقُ خَفَاءُ الْيَمِينِ غَالِبًا ، وَفِي تَمْثِيلِ " غ " وتت بِحَلِفِهِ لَا يَمْلِكُ بِكْرًا نُظِرَ لِحِنْثِهِ بِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الثَّيِّبِ وَلَوْ فَاسِدًا وَلَوْ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ ، بِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لِلْحِنْثِ بِأَدْنَى سَبَبٍ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ الرَّدِّ قَالَهُ عِبْ .
الْبُنَانِيُّ تَعْبِيرُهُمَا بِأَنْ لَا يَمْلِكَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ ، وَأَصْلُهَا فِي الْبَيَانِ عَنْ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ ، وَنَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ : كُتِبَ إلَيَّ مِنْ فَاسَ بِمَسَائِلَ مِنْهَا رَجُلٌ ابْتَاعَ جَارِيَةً وَشَرَطَهَا ثَيِّبًا فَأَلْفَاهَا بِكْرًا فَأَرَادَ رَدَّهَا هَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ فَأَفْتَيْت إنْ كَانَ شَرَطَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ لِوَجْهٍ يَذْكُرُهُ مَعْرُوفٍ مِنْ يَمِينٍ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْلِكَ بِكْرًا أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ افْتِضَاضًا ، وَشِبْهُ ذَلِكَ مِنْ الْعُذْرِ الظَّاهِرِ الْمَعْرُوفِ فَلَهُ رَدُّهَا وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ ا هـ .
طفي فَقَوْلُ عج فِي التَّمْثِيلِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ يَحْنَثُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي فَاشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا
غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقِيَاسُهُ غَيْرُ صَوَابٍ .
ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ فَاشْتَرَى فَاسِدًا وُجِدَتْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الشِّرَاءِ وَحَلَفَ هُنَا أَنْ لَا يَمْلِكَ بِكْرًا وَاشْتَرَى بِشَرْطِ الثُّيُوبَةِ فَحَيْثُ انْتَفَى الشَّرْطُ فَلَا يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ فَلَمْ يَمْلِكْ بِكْرًا حَتَّى يَحْنَثَ ، وَبِهَذَا يَرُدُّ مَا اُخْتِيرَ مِنْ الْحِنْثِ مَعَ الرَّدِّ جَمْعًا بَيْنَ الْمَنْصُوصِ ، وَمَا لعج .
وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ إنَّمَا ثَبَتَ خِيَارُهُ خَشْيَةَ حِنْثِهِ فَإِذَا حَنِثَ فَلَا مُوجِبَ لِخِيَارِهِ .
وَقَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ لِوَجْهٍ يَذْكُرُهُ مَعْرُوفٍ مِنْ يَمِينٍ عَلَيْهِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْيَمِينِ كَمَا لَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِمَا وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ " ح " مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي الْيَمِينِ ، وَإِذَا كَانَ شَرْطُ الثُّيُوبَةِ مَعْمُولًا بِهِ فَأَوْلَى شَرْطُ الْبَكَارَةِ ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا وَالْبَائِعُ أَنَّهُ وَجَدَهَا بِكْرًا نَظَرَهَا النِّسَاءُ ، فَإِنْ قَطَعْنَ بِشَيْءٍ عُمِلَ بِهِ بِلَا يَمِينٍ ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْنَ وَرَأَيْنَ أَثَرًا قَرِيبًا حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهَا بِكْرًا إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ إزَالَةَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا فَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ لَمْ يَرَيْنَ أَثَرًا حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّهَا فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ بَعْدَ حَلِفِ الْبَائِعِ .
وَيُرَدُّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ إنْ شَرَطَ صَرِيحًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ مُصَوِّرًا ( بِمُنَادَاةٍ ) مِنْ الدَّلَالِ مُسْتَنِدَةٍ لِزَعْمِ الرَّقِيقِ يَأْمَنُ مَنْ يَشْتَرِي مَنْ تَزْعُمُ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ مَثَلًا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِعَدَمِهِ .
" ح " أَشَارَ إلَى مَا فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الرَّدِّ بِالْعُيُوبِ .
قَالَ : وَسُئِلَ عَنْ الَّذِي يَبِيعُ الْمِيرَاثَ فَيَبِيعُ الْجَارِيَةَ فَيُصَاحُ عَلَيْهَا وَيَقُولُ الصَّائِحُ : إنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ شَرْطًا مِنْهُمْ إنَّمَا يَقُولُونَ أَنَّهَا تَزْعُمُ ثُمَّ يَجِدُهَا غَيْرَ
عَذْرَاءَ فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا قَالَ : أَرَى ذَلِكَ ، قِيلَ : لَهُ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّا لَمْ نَشْرِطْ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِأَمْرٍ زَعَمَتْهُ قَالَ : أَرَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ يَكُونُوا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا فَأَمَّا إنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ يَظُنُّ ذَلِكَ فَأَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : إنَّهَا تَنْصِبُ الْقُدُورَ وَتَخْبِزُ وَيَقُولُونَ : إنَّهَا تَزْعُمُ وَلَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ ، فَإِذَا هِيَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَإِنِّي أَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ لَا يُخْبِرُوا شَيْئًا ، فَلَا أَرَى عَلَيْهِمْ شَيْئًا .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ مِثْلَ هَذَا فِي رَسْمِ الْبُيُوعِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ ، وَفِي رَسْمِ يُوصِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعْلَمُهُ سَوَاءٌ قَالَ فِي الْجَارِيَةِ : أَبِيعُهَا عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ عَلَى أَنَّهَا رَقَّامَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ أَوْ وَصَفَهَا بِذَلِكَ فَقَالَ : أَبِيعُهَا مِنْكَ وَهِيَ عَذْرَاءُ أَوْ رَقَّامَةٌ أَوْ صَنَّاعَةٌ أَوْ أَبِيعُهَا مِنْك وَهِيَ تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ رَقَّامَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ ذَلِكَ كُلُّهُ كَالشَّرْطِ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ : إنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَلَى صِفَةِ كَذَا وَكَذَا ، أَوْ قَالَتْ عِنْدَ بَيْعِهَا : إنِّي عَلَى صِفَةِ كَذَا وَلَمْ يُكَذِّبْهَا وَلَا تَبْرَأُ ، فَقَدْ أَوْهَمَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فِيمَا زَعَمَتْ فَكَأَنَّهُ قَدْ بَاعَ ذَلِكَ وَشَرَطَهُ لِلْمُبْتَاعِ ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الشَّرْطُ مِنْ الْوَصْفِ فِي النِّكَاحِ لَا ) يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ ( إنْ انْتَفَى ) الْحَطّ كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْمُقَابِلَةِ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَالضَّمِيرُ الْغَرَضُ ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْغَرَضِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ انْتَفَيَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ ، فَإِنَّهُ يُلْغَى كَشَرْطِهِ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ أُمِّيٌّ فَوَجَدَهُ
كَاتِبًا .
وَفِي الْأَمَةِ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَيَجِدُهَا بِكْرًا وَلَا عُذْرَ لَهُ لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْغَرَضُ .
الْحَطّ فِي السَّلَمِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ بِفَاسِدٍ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَفَاءِ بِهِ مَنْفَعَةٌ هَلْ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا كَتَعْيِينِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا نَقَلَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ .
.
وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ كَعَوَرٍ وَقَطْعٍ ، وَخِصَاءٍ .
وَاسْتِحَاضَةٍ ، وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ وَعَسَرٍ ، .
وَزِنًا ، وَشُرْبٍ وَبَخَرٍ ، وَزَعَرٍ وَزِيَادَةِ سِنٍّ ، وَظُفُرٍ ، وَعُجَرٍ ، وَبُجَرٍ .
وَوَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدٍ ، لَا جَدٍّ ، وَلَا أَخٍ ، وَجُذَامِ أَبٍ ، أَوْ جُنُونِهِ بِطَبْعٍ ، لَا بِمَسِّ جِنٍّ وَسُقُوطِ سِنَّيْنِ وَفِي الرَّائِعَةِ الْوَاحِدَةُ ، وَشَيْبٍ بِهَا فَقَطْ ، وَإِنْ قَلَّ ، وَجُعُودَتِهِ ، .
وَصُهُوبَتِهِ ، وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا وَلَوْ وَخْشًا .
( وَ ) رُدَّ الْمَبِيعُ ( بِ ) وُجُودٍ ( مَا ) أَيْ عَيْبٍ فِيهِ ( الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ ) مُنَقِّصٌ لِلثَّمَنِ كَإِبَاقٍ وَسَرِقَةٍ أَوْ لِلذَّاتِ كَخِصَاءِ الْعَبْدِ أَوْ لِلتَّصَرُّفِ كَعُسْرٍ وَتَخَنُّثٍ أَوْ مَخُوفِ الْعَاقِبَةِ كَجُذَامِ أَصْلٍ ( كَعَوَرٍ ) وَأَوْلَى عَمَى وَالْمَبِيعُ غَائِبٌ أَوْ الْمُبْتَاعُ لَا يُبْصِرُ إنْ كَانَ ظَاهِرًا ، فَإِنْ كَانَ خَفِيًّا وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ وَإِبْصَارِ مُشْتَرِيهِ وَذَهَابُ بَعْضِ نُورِ الْعَيْنِ كَذَهَابِهِ كُلِّهِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ السَّلَامَةَ مِنْهُ .
وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْإِبَاقَ وَالسَّرِقَةَ وَلَوْ فِي صَغِيرٍ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي صَبِيٍّ يَأْبَقُ مِنْ الْكُتَّابِ ثُمَّ يُبَاعُ كَبِيرًا فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ عَيْبُ الرَّدِّ مَا نَقَصَ الثَّمَنَ كَعَوَرٍ وَبَيَاضِ عَيْنٍ وَصَمَمٍ وَخَرَسٍ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُرَدُّ صَغِيرٌ وُجِدَ أَصَمَّ أَوْ أَخْرَسَ ، إلَّا أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي صِغَرِهِ .
( وَقَطْعٍ ) لِبَعْضِ الْجَسَدِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا وَلَوْ لِأُصْبُعٍ .
ا هـ .
الْحَطّ وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَلَوْ لِأُصْبُعٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ قَطْعَ دُونَ الْأُصْبُعِ خَفِيفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ عَيْبٌ .
وَفِي الشَّامِلِ وَقَطْعٌ وَإِنْ حَضَرَ الْعَقْدَ عَلَى الْمَنْصُوصِ .
ا هـ .
الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ مُقَابِلَهُ تَخْرِيجٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَصٌّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ .
( وَخِصَاءٍ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَالْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَالرَّتْقُ وَالْإِفْضَاءُ ، زَادَ فِي الشَّامِلِ وَإِنْ زَادَ فِي ثَمَنِهِ أَيْ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَزِيَادَةِ ثَمَنِ الْأَمَةِ الْمُغَنِّيَةِ فَتُرَدُّ وَإِنْ زَادَ ثَمَنُهَا قَالَهُ فِي الْجَلَّابِ وَالْجَبُّ كَالْخِصَاءِ ، وَهَذَا فِي غَيْرِ فَحْلِ غَنَمٍ أَوْ بَقَرٍ مُعَدٍّ لِعَمَلٍ فَلَا يُرَدُّ بِخِصَائِهِ إذْ الْعَادَةُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ إلَّا الْخَصِيُّ .
وَقِيلَ : لَحْمُ فَحْلِ الْغَنَمِ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِ خَصِيِّهِ وَالْحَقُّ
الرُّجُوعُ فِي هَذَا لِلْعُرْفِ قَالَهُ عج ( وَاسْتِحَاضَةٍ ) فِي عَلِيٍّ أَوْ وَخْشٍ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَفِي الشَّامِلِ وَقَيَّدَ بِثُبُوتِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ حَاضَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ حَيْضَةَ اسْتِبْرَاءٍ وَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ ، وَلَا رَدَّ بِهَا إنْ قَبَضَهَا فِي نَقَاءٍ مِنْ حَيْضِهَا ، فَإِنْ قَبَضَهَا فِي أَوَّلِهِ وَتَمَادَى اسْتِحَاضَةً فَلَهُ رَدُّهَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ لِلْبَاجِيِّ رَوَى مُحَمَّدٌ مُدَّةُ الِاسْتِحَاضَةِ الَّتِي هِيَ عَيْبٌ شَهْرَانِ ( وَرَفْعِ ) أَيْ تَأَخُّرِ ( حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ ) عَنْ وَقْتِ مَجِيئِهَا زَمَنًا لَا يَتَأَخَّرُ لِمِثْلِهِ .
ابْنُ سَهْلٍ فِي نَوَازِلِهِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ إنَّمَا هُوَ عَيْبٌ فِي الْمُرْتَفِعَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لَا فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُقَرَّبِ وَالْمُخْتَصَرِ .
ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَتَّابٍ أَفْتَى بِأَنَّهُ عَيْبٌ حَتَّى فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا .
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقُولُ : لَا أَصْبِرُ عَلَى ارْتِفَاعِ حَيْضَتِهَا كَمَا أَنَّ حَمْلَهَا عَيْبٌ وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْعَطَّارِ ، وَقَدْ رَأَيْت لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ انْتَهَى ، هَذَا كُلُّهُ إذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ قِدَمَهُ ، فَإِنْ عَلِمَ قِدَمَهُ فَهُوَ عَيْبٌ مُطْلَقًا .
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ وَسِنُّهَا سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشِبْهُهَا فَعَيْبٌ فِي جَمِيعِ الرَّقِيقِ فَارِهَةً أَوْ دَنِيَّةً أَوْ مِنْ سَبْيِ الْعَجَمِ .
وَفِي الشَّامِلِ لَا تُرَدُّ فِي الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " شَهْرًا وَلَا شَهْرَيْنِ ، وَعَنْهُ أَنَّ ارْتِفَاعَهَا شَهْرَيْنِ عَيْبٌ وَقِيلَ : شَهْرٌ وَنِصْفٌ .
وَقِيلَ : أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ، وَقِيلَ : يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ حَلَّ لَهُ
وَطْؤُهَا ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى طَالَ طَوْلًا يَظُنُّ مَعَهُ أَنَّهَا مِمَّنْ لَا تَحِيضُ فَعَيْبٌ انْتَهَى ( وَعَسَرٍ ) بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى وَضَعْفُ الْيُمْنَى فِي ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلِيٍّ أَوْ وَخْشٍ .
ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْعُيُوبِ الْفَتْلُ فِي الْعَيْنَيْنِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا بِمَيْلِ إحْدَى الْحَدَقَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى فِي نَظَرِهَا وَالْمَيْلُ فِي الْخَدَّيْنِ يَمِيلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ إلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى ، وَالصُّوَرُ بِمَيْلِ الْعُنُقِ عَنْ الْجَسَدِ إلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ مَعَ اعْتِدَالِ الْجَسَدِ وَالزَّوَرُ فِي الْمَنْكِبِ بِمَيْلِهِ كُلِّهِ إلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَالصَّدْرُ بِإِشْرَافِ وَسَطِ الصَّدْرِ كَالْحَدَبَةِ وَالْغَزْرُ فِي الظَّهْرِ أَوْ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ بِإِشْرَافِهِ كَالْحَدَبَةِ وَالسَّلْعَةُ بِانْتِفَاخٍ فَاحِشٍ .
( وَزِنًا ) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا الزِّنَا وَلَوْ فِي الْعَبْدِ الْوَخْشِ عَيْبٌ .
مُحَمَّدٌ وَوَطْؤُهَا غَصْبًا عَيْبٌ ( وَشُرْبٍ ) لِمُسْكِرٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَشُرْبُ الْمُسْكِرِ وَأَخْذُ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ فِي شُرْبِهِ وَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ بِهِمَا رَائِحَةٌ عَيْبٌ ( وَبَخَرٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا بَخَرُ الْفَمِ عَيْبٌ .
ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ فِي عَبْدٍ دَنِيءٍ .
وَفِي الشَّامِلِ وَبَخَرِ فَمٍ أَوْ فَرْجٍ .
وَقِيلَ : بَخَرُ الْفَرْجِ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ ( وَزَعَرٍ ) بِفَتْحَتَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ الْجَوْهَرِيُّ الزَّعَرُ قِلَّةُ الشَّعْرِ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ .
وَفِي الشَّامِلِ وَكَزَعَرٍ وَإِنْ بِحَاجِبَيْنِ لِتَوَقُّعٍ كَجُذَامٍ .
وَقِيلَ : لَيْسَ عَيْبًا فِي غَيْرِ الْعَانَةِ وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى .
( وَزِيَادَةِ سِنٍّ ) وَرَاءَ الْأَسْنَانِ أَوْ طُولِ إحْدَاهَا لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلِيٍّ أَوْ وَخْشٍ بِمِقْدَامِ الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ عَلَتْ الزَّائِدَةُ عَلَى الْأَسْنَانِ أَمَّا زِيَادَتُهَا بِمَوْضِعٍ مِنْ الْحَنَكِ لَا يَضُرُّ بِالْأَسْنَانِ فَلَا ( وَظَفَرٍ ) بِفَتْحَتَيْنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ الظَّفَرُ
لَحْمٌ نَابِتٌ فِي شَحْمِ الْعَيْنِ وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالشَّعْرُ فِي الْعَيْنَيْنِ وَلَا يَحْلِفُ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ .
وَفِي الصِّحَاحِ الظَّفَرُ جِلْدَةٌ تَنْبُتُ عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَنْفِ إلَى سَوَادِهَا ( وَعُجَرٍ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْجِيمِ فَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِكِبَرِ الْبَطْنِ وَابْنُ عَرَفَةَ بِعُقْدَةٍ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْجَسَدِ وَالشَّارِحُ بِمَا يَنْعَقِدُ مِنْ الْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ .
( وَبُجَرٍ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مَا يَنْعَقِدُ عَلَى ظَاهِرِ الْبَطْنِ .
الْبُنَانِيُّ يَصِحُّ ضَبْطُهُمَا فِي الْمَتْنِ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرَيْنِ ، فَفِي الصِّحَاحِ الْبُجَرُ بِالتَّحْرِيكِ خُرُوجُ السُّرَّةِ وَنُتُوءُهَا وَغِلَظُ أَصْلِهَا وَالْعُجَرُ بِالتَّحْرِيكِ الْحَجْمُ وَالنُّتُوءُ يُقَالُ رَجُلٌ أَعْجَرُ بَيْنَ الْعُجَرِ أَيْ عَظِيمُ الْبَطْنِ وَ ) وُجُودِ أَحَدِ ( وَالِدَيْنِ ) دَنِيَّةً وَأَوْلَى وُجُودُهُمَا مَعًا ، وَبِتَقْدِيرِ أَحَدٍ انْدَفَعَ تَوَهُّمُ أَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا لَا يَرُدُّ بِهِ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِوُجُودِهِمَا ظُهُورُهُمَا بِبَلَدِ شِرَاءِ الرَّقِيقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لَا مَجِيئُهُمَا مِنْ بَلَدِهِمَا بَعْدَهُ ( وَ ) وُجُودِ ( وَلَدٍ ) وَإِنْ سَفَلَ وَكَذَا وُجُودُ زَوْجٍ لِأَمَةٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَزَوْجَةٍ لِلْعَبْدِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ( لَا ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِوُجُودِ ( جَدٍّ ) لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ ( وَلَا ) يُرَدُّ بِوُجُودِ ( أَخٍ ) لَهُ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ ( وَ ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ ( جُذَامِ أَبٍ ) لَهُ وَإِنْ عَلَا أَوْ أُمٍّ وَإِنْ عَلَتْ لِأَنَّ الْمَنِيَّ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ مِنْهُمَا لِسَرَيَانِهِ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ وَكَالْجُذَامِ الْبَرَصُ الشَّدِيدُ وَسَائِرُ مَا تَقْطَعُ الْعَادَةُ بِسَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ أَوْ بِ ( جُنُونِهِ ) أَيْ الْأَصْلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( بِطَبْعٍ ) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِبِلَّةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ بِأَنْ كَانَ بِغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الْوَسْوَاسِ السَّاكِنِ
فِي الْإِنْسَانِ ، فَمَتَى خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ مَعَهُ سُكَّانَهُ فَصَرْعُهُمْ وَوَسْوَسَتُهُمْ بِالطَّبْعِ أَيْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لِسَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ عَادَةً ( لَا ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِجُنُونِ أَصْلِهِ ( بِمَسِّ جِنٍّ ) أَجْنَبِيٍّ عَارِضٍ لَيْسَ بِسَاكِنٍ فِيهِ وَيَعْرِضُ أَحْيَانَا وَيُفَارِقُهُ أَحْيَانَا لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ ( وَ ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ ( سُقُوطِ سِنَّيْنِ ) بِفَتْحِ النُّونِ مُثَقَّلَةً مُثَنَّى سِنٍّ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْأَضْرَاسِ فِي وَخْشٍ وَفِي غَيْرِ مُقَدَّمِ الْفَمِ ( وَفِي ) الْأَمَةِ ( الرَّائِعَةِ ) أَيْ الزَّائِدَةِ فِي الْجَمَالِ ( الْوَاحِدَةُ ) مِنْ الْأَسْنَانِ سُقُوطُهَا عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُقَدِّمِ ، وَمَفْهُومُ الرَّائِعَةِ أَنَّ سُقُوطَهَا مِنْ غَيْرِهَا لَا يُرَدُّ بِهِ إلَّا الَّتِي مِنْ الْمُقَدِّمِ فَيُرَدُّ بِهِ فِي وَخْشٍ .
وَذِكْرُ ابْنِ حَبِيبٍ نَقْصُ السِّنِّ فِي الْعَبْدِ وَالْوَصِيفَةِ مِنْ مُؤَخَّرِ الْفَمِ لَغْوٌ ، وَنَقْصُ السِّنَّيْنِ وَزِيَادَةُ الْوَاحِدَةِ عَيْبٌ مُطْلَقًا فِيهِمَا ( وَ ) تُرَدُّ ( بِشَيْبِهَا ) أَيْ الرَّائِعَةُ الشَّابَّةُ الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا عَادَةً ( فَقَطْ ) أَيْ لَا وَخْشٍ أَوْ ذَكَرٍ إلَّا الْكَثِيرَ الَّذِي يُنْقِصُ الثَّمَنَ إنْ كَثُرَ شَيْبُ الرَّائِعَةِ ، بَلْ ( وَإِنْ قَلَّ ) شَيْبُ الرَّائِعَةِ قَالَهُ فِيهَا ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الشَّابَّةِ ( وَ ) تُرَدُّ الْأَمَةُ الْعَلِيَّةُ وَالْوَخْشُ بِظُهُورِ ( جُعُودَتِهِ ) أَيْ تَجْعِيدِ شَعْرِهَا بِلَفِّهِ عَلَى نَحْوِ عُودٍ ثُمَّ يَظْهَرُ مُرْسَلًا خِلْقَةً لِأَنَّهُ مِنْ عَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ لِأَنَّ جُعُودَتَهُ خِلْقَةً جَمَالٌ تَزِيدُ فِي الثَّمَنِ ( وَ ) تُرَدُّ الرَّائِعَةُ فَقَطْ ( بِصُهُوبَتِهِ ) أَيْ مَيْلِ لَوْنِ شَعْرِهَا إلَى الْحُمْرَةِ إنْ لَمْ يَنْظُرْهُ الْمُشْتَرِي حِينَ الشِّرَاءِ وَلَمْ تَكُنْ مِمَّنْ شَأْنُهُنَّ ذَلِكَ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ شَعْرَهَا قَدْ سَوِدَ أَوْ جَعُدَ ، فَإِنَّهُ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ اللَّخْمِيُّ إنْ جَعُدَ شَعْرُهَا وَكَانَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا رَدَّ بِهِ .
أَبُو الْحَسَنِ
التَّجْعِيدُ كَوْنُ شَعْرِهَا أَسَبْطَ فَيُلَفُّ عَلَى عُودٍ لِأَنَّ الْجَعْدَ أَحْسَنُ مِنْ السَّبْطِ إنْ كَانَتْ رَائِعَةً لِأَنَّهُ غِشٌّ وَتَدْلِيسٌ ، أَوْ كَانَ عَيْبًا يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا ( وَكَوْنُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( وَلَدَ زِنًا ) لِكَرَاهَتِهِ النُّفُوسُ إنْ كَانَ عَلِيًّا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( وَخْشًا ) أَيْ خَسِيسًا دَنِيًّا .
الْحَطّ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ الْجُعُودَةِ وَالصُّهُوبَةِ وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا .
.
وَبَوْلٍ فِي فِرَاشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ ، إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ ، وَإِلَّا حَلَفَ ، وَإِنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرِهِ .
.
( وَ ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ ( بَوْلٍ ) مِنْهُ ( فِي فَرْشٍ ) وَهُوَ نَائِمٌ ( فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ بَوْلُهُ فِيهِ وَهُوَ نَائِمٌ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي تَرَعْرَعَ وَفَارَقَ حَدَّ الصِّغَرِ جِدًّا ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ جِدًّا فَلَا يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ شَأْنُهُ وَيُرَدُّ الْكَبِيرُ بِهِ ( إنْ ثَبَتَ ) بِبَيِّنَةٍ بَوْلُهُ فِي فَرْشِهِ ( عِنْدَ ) الشَّخْصِ ( الْبَائِعِ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بَوْلُهُ فِيهِ عِنْدَ الْبَائِعِ ( حَلَفَ ) الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَبُلْ عِنْدَهُ فِي فَرْشِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَمَحِلُّ حَلِفِهِ ( إنْ أُقِرَّتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ وُضِعَتْ الذَّاتُ الرَّقِيقَةُ أَمَانَةً ( عِنْدَ غَيْرِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِيَعْلَمَ هَلْ تَبُولُ فِي نَوْمِهَا أَمْ لَا وَبِاَلَّتِي عِنْدَ الْأَمِينِ وَالْأَوْلَى غَيْرُهُمَا أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنْ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ أَوْ رَجُلٍ أَمِينٍ لَهُ زَوْجَةٌ إنْ كَانَتْ أَمَةً ، وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ أَوْ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ بِبَوْلِهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَحَلَفَ الْبَائِعُ مَعَ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ بِلَا يَمِينٍ لِتَقْوَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي بِإِخْبَارِ الْأَمِينِ .
" غ " وَلَوْ قَالَ : إنْ بَالَتْ عِنْدَ أَمِينٍ لَكَانَ أَبْيَنَ وَدَلَّ قَوْلُهُ إنْ أُقِرَّتْ إلَخْ عَلَى أَنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ وَقَدَّمَهُ فَالْقَوْلُ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِلَا يَمِينٍ ، فَإِنْ رَجَّحُوا قَوْلَ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ ، وَإِنْ شَكُّوا أَوْ عَدِمُوا فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ .
" د " مِثْلُ إقْرَارِهَا شَهَادَةُ بَيِّنَةٍ بِبَوْلِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الشَّامِلِ أَوْ وَضَعَتْ عِنْدَ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ بِهَا أَوْ نَظَرَ رَجُلَانِ مَرْقَدَهَا مَبْلُولًا .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُحَلِّفُ الْمُبْتَاعُ بَائِعَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ ، بَلْ حَتَّى تُوضَعَ بِيَدِ امْرَأَةٍ أَوْ ذِي زَوْجَةٍ فَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ عَنْ زَوْجَتِهِ
وَلَوْ أَتَى الْمُبْتَاعُ بِمَنْ نَظَرَ مَرْقَدَهَا بِالْغَدِ مَبْلُولًا فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ .
.
وَتَخَنُّثِ عَبْدٍ ، وَفُحُولَةِ أَمَةٍ اشْتَهَرَتْ ، وَهَلْ هُوَ الْفِعْلُ أَوْ التَّشَبُّهُ ؟ .
تَأْوِيلَانِ .
( وَ ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ ( تَخَنُّثِ عَبْدٍ وَ ) بِ ( فُحُولَةٍ ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ تَشَبُّهِ ( أَمَةٍ ) بِالرَّجُلِ ( إنْ اشْتَهَرَتْ ) الصِّفَةُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْأَظْهَرُ اشْتَهَرَا بِأَلِفِ الِاثْنَيْنِ لِإِيهَامِ الْإِفْرَادِ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِخُصُوصِ الْأَمَةِ ، هَذَا عَلَى مَا نَقَلَهُ " ق " عَنْ الْوَاضِحَةِ ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ ق عَنْهَا أَيْضًا .
أَبُو عِمْرَانَ خَصَّ الْأَمَةَ بِهَذَا الْقَيْدِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْعَبْدَ مُشَارِكًا لَهَا فِيهِ لِأَنَّ تَخَنُّثَ الْعَبْدِ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ وَيُذْهِبُ نَشَاطَهُ ، وَتَذَكُّرُ الْأَمَةِ لَا يَمْنَعُ جَمِيعَ الْخِصَالِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ وَلَا يُنْقِصُهَا ، فَإِنْ اشْتَهَرَتْ بِهِ كَانَ عَيْبًا لِلَعْنِهَا فِي الْحَدِيثِ ، وَجَعَلَ فِي الْوَاضِحَةِ الِاشْتِهَارَ عَائِدًا عَلَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ .
عِيَاضٌ وَرَأَيْت بَعْضَ الْمُخْتَصِرِينَ اخْتَصَرَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِفْرَادَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ .
( وَهَلْ هُوَ ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخَنُّثِ وَالْفُحُولَةِ ( الْفِعْلُ ) بِأَنْ يُؤْتَى الْعَبْدُ وَتُسَاحَقُ الْأَمَةُ وَهُوَ مَا فِي الْوَاضِحَةِ ، وَتَأَوَّلَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدَّانِ بِالتَّشَبُّهِ فِي الْكَلَامِ وَالْحَرَكَاتِ الْمُصَنِّفُ : يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْوَخْشِ ، وَأَمَّا الْمُتَرَفِّعَةُ فَتَشَبُّهُهَا عَيْبٌ إذْ الْمُرَادُ مِنْهَا التَّأْنِيثُ وَقَالَهُ عِيَاضٌ ( أَوْ ) هُوَ ( التَّشَبُّهُ ) بِأَنْ يُؤَنِّثَ كَلَامَهُ وَحَرَكَاتِهِ وَتُذَكِّرُ الْأَمَةُ كَلَامَهَا وَحَرَكَاتِهَا وَهَذَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَالْفِعْلُ أَحْرَى ( تَأْوِيلَانِ ) سَبَبُهُمَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ بِتَخْنِيثِ الْعَبْدِ وَتَذْكِيرِ الْأَمَةِ .
وَصَرَّحَ فِي الْوَاضِحَةِ بِرَدِّهِمَا بِالْفِعْلِ دُونَ التَّشَبُّهِ فَجَعَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَفْسِيرًا لَهَا ، وَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ خِلَافًا .
وَاحْتَجَّ لَهُ أَبُو عِمْرَانَ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْفِعْلَ لَكَانَ عَيْبًا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَلَا
يَحْتَاجُ إلَى قَيْدِ الِاشْتِهَارِ فِي الْأَمَةِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
.
وَقَلَفِ ذَكَرٍ .
وَأُنْثَى مُوَلَّدٍ ، أَوْ طَوِيلِ الْإِقَامَةِ ، وَخَتْنِ مَجْلُوبِهِمَا كَبَيْعٍ بِعُهْدَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِبَرَاءَةٍ .
وَكَرَهَصٍ ، وَعَثَرٍ ، وَحَرَنٍ ، وَعَدَمِ حَمْلٍ مُعْتَادٍ وَلَا ضَبْطَ ، وَثُيُوبَةٍ ، إلَّا فِيمَنْ لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا ، وَعَدَمِ فُحْشِ ضِيقِ قُبُلٍ ، وَكَوْنِهَا زَلَّاءَ ، وَكَيٍّ لَمْ يُنَقِّصْ .
( وَ ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ ( قَلَفٍ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ أَيْ عَدَمِ خَتْنٍ ( ذَكَرٍ وَ ) عَدَمِ خَفْضِ ( أُنْثَى ) وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ رَفِيعَيْنِ أَوْ وَخْشَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْأُنْثَى مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ( مُوَلَّدٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ ، وَفِي مِلْكِ مُسْلِمٍ ( أَوْ طَوِيلِ الْإِقَامَةِ ) بِهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي مِلْكِهِمْ وَفَاتَ وَقْتُهُ مِنْهُمَا بِأَنْ بَلَغَا طَوْرًا يَخْشَى مَرَضَهُمَا إنْ خُتِنَا فِيهِ ، فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ ، إسْلَامُ الرَّقِيقِ ، وَوِلَادَتُهُ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ طُولِ إقَامَتِهِ بِهَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ ، وَفَوَاتُ وَقْتِ الْخَتْنِ .
( وَ ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ ( خَتْنِ مَجْلُوبِهِمَا ) أَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى خَوْفَ كَوْنِهِ رَقِيقَ مُسْلِمٍ أَبَقَ إلَيْهِمْ ، وَالْخَتْنُ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُفْعَلُ بِالذَّكَرِ كَثِيرًا وَبِالْأُنْثَى قَلِيلًا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ .
وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ خَاتِنَةً تَخْتِنُ فَقَالَ : إذَا خَتَنْت فَلَا تُنْهِكِي } .
وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ : ( كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ ) أَيْ ضَمَانٍ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ وَمَفْعُولُ بَيْعٍ ( مَا ) أَيْ رَقِيقًا ( اشْتَرَاهُ ) أَيْ الْبَائِعُ الرَّقِيقُ ( بِ ) شَرْطِ ( بَرَاءَةٍ ) مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ بِهِ مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَرَاحَةً أَوْ حُكْمًا كَمَوْهُوبٍ وَمَوْرُوثٍ وَمُشْتَرِي مِنْ مِيرَاثٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ مِيرَاثٌ فَلِمُشْتَرِيهِ رَدُّهُ ، لِقَوْلِهِ لَوْ عَلِمْت أَنَّكَ ابْتَعْتَهُ بِبَرَاءَةٍ أَوْ مَلَكْتَهُ بِهِبَةٍ أَوْ اشْتَرَيْتَهُ مِنْ إرْثٍ لَمْ أَشْتَرِهِ مِنْكَ بِعُهْدَةٍ ، إذْ قَدْ أُصِيبُ بِهِ عَيْبًا وَأَنْتَ مُفْلِسٌ أَوْ عَدِيمٌ فَلَا أَرْجِعُ عَلَى بَائِعِكَ أَوْ وَاهِبِكَ ، وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْعُهْدَةِ بِضَمَانِ الْمَبِيعِ مِنْ اسْتِحْقَاقٍ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ وَلَوْ اشْتَرَطَ سُقُوطَهَا ،
فَإِنْ شَرَطَ سُقُوطَهَا فِي الشِّرَاءِ ثُمَّ بَاعَ بِشَرْطِ ثُبُوتِهَا فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ ، إذْ لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رُجُوعِهِ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِإِلْغَاءِ شَرْطِهِ سُقُوطَهَا وَلَا بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ لِأَنَّ مَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْقَدِيمِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَيْعُهُ بِبَرَاءَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِعُهْدَةٍ قِيلَ : يَرُدُّ بِهِ لِأَنَّهُ دَاعٍ لِلتَّدْلِيسِ .
وَظَاهِرُ مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ تَرْجِيحُهُ ، وَقِيلَ : يُمْضِي مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ ابْتَاعَ أَمَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَحْرُمُ جَمْعُهُمَا فِي الْوَطْءِ كَأُخْتَيْنِ ، فَقِيلَ : لَهُ رُدَّهُمَا لِأَنَّهُ إنْ وَطِئَ أَحَدَهُمَا حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى وَهَذَا غَرَضٌ .
وَقِيلَ : لَا يَرُدُّهُمَا إذْ يَبْقَى لَهُ فِي الْأُخْرَى مَا سِوَى الْوَطْءِ مِنْ الْمَنَافِعِ .
ابْنُ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الرَّدِّ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ : ( وَ ) تُرَدُّ الدَّابَّةُ بِ ( كَرَهَصٍ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ دُمَّلٍ فِي بَاطِنِ الْحَافِرِ مِنْ وَطْءِ حَجَرٍ ( وَ ) بِ ( عَثَرٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَلَّثَةِ فِي الْقَامُوسِ عَثَرَ كَضَرَبَ وَنَصَرَ وَكَرَمَ عَثْرًا وَعِثَارًا وَتَعَثُّرًا إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ ، أَوْ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ : إنَّهُ لَا يَحْدُثُ بَعْدَ بَيْعِهَا ، أَوْ كَانَ بِقَوَائِمِهَا أَوْ غَيْرِهَا أَثَرُهُ ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثُهُ حَلَفَ الْبَائِعُ مَا عَلِمَهُ عِنْدَهُ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّ إنْ حَقَّقَ دَعْوَاهُ وَإِلَّا رَدَّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْبَائِعِ .
( وَ ) بِ ( حَرَنٍ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ يَلِيهَا نُونٌ أَيْ عِصْيَانٌ وَعَدَمُ انْقِيَادٍ وَوُقُوفٍ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْجَرْيِ ، يُقَالُ حَرَنَ يَحْرُنُ حُرُونًا وَحَرُنَ بِالضَّمِّ صَارَ حَرُونًا .
وَفِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِيِّ حَرَنَتْ الدَّابَّةُ
تَحْرُنُ حِرَانًا فَالْآتِي عَلَيْهِمَا وَحُرُونٌ أَوْ حِرَانٌ قَالَهُ " غ " ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الدُّبُرُ وَتَقْوِيسُ الذِّرَاعَيْنِ وَقِلَّةُ أَكْلٍ وَنُفُورٌ مُفْرَطَيْنِ .
وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ تُرَدُّ الدَّابَّةُ بِالْخَوْفِ وَالنِّفَارِ الْمُفْرَطِ وَإِذَا أَفْرَطَ قِلَّةُ الْأَكْلِ فِي الدَّابَّةِ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ ، وَعَدَمُ حَرْثٍ فِي مُشْتَرٍ لَهُ أَوْ فِي إبَّانِهِ بِثَمَنِ حَارِثٍ وَحَرَثَهُ بِعُنُقِهِ وَقَدْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ يَحْرُثُ بِرَأْسِهِ ( وَ ) بِ ( عَدَمِ حَمْلٍ ) عَلَى ظَهْرِهَا ( مُعْتَادٍ ) لِمِثْلِهَا .
وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ فَتْحُونٍ مَنْ ابْتَاعَ دَابَّةً أَوْ نَاقَةً وَحَمَلَ عَلَيْهَا حَمْلَ مِثْلِهَا وَلَمْ تَنْهَضْ بِهِ وَلَا يُقْعِدُهَا عَنْهُ عَجَفٌ ظَاهِرٌ ، فَلَهُ رَدُّهَا بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ( لَا ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ ( ضَبَطٍ ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَمَلُهُ بِيَدَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ ، وَفِي يَمِينِهِ قُوَّتُهَا الْمُعْتَادَةُ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ لَا نَقْصٌ وَمَاضِيهِ كَفَرِحَ وَالرَّجُلُ أَضْبَطُ وَالْمَرْأَةُ ضَبْطَاءُ .
( وَ ) لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِ ( ثُيُوبَةٍ ) وَلَوْ رَائِعَةً ( إلَّا فِيمَنْ ) أَيْ أَمَةٍ ( لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا ) لِصِغَرِهَا فَتُرَدُّ الرَّائِعَةُ مُطْلَقًا وَالْوَخْشُ إنْ اُشْتُرِطَتْ عَذَارَتُهَا ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ مُتَعَقِّبًا بِهِ إطْلَاقَ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ تَبِعَهُ هُنَا ( وَ ) لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِ ( عَدَمِ فُحْشٍ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ أَيْ تَفَاحُشِ ( ضِيقِ قُبُلٍ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُتَحَسِّنَةِ ، وَمَفْهُومُهُ رَدُّهَا بِضِيقِهِ الْمُتَفَاحِشِ إنْ كَانَتْ تُرَادُ لِلْوَطْءِ وَكَذَا بِسَعَتِهِ الْمُتَفَاحِشَةِ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِغَرٍ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ عَيْبٌ ، وَلَفْظُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَالصَّغِيرَةُ الْقُبُلُ لَيْسَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيَصِيرُ كَالنَّقْصِ .
( وَ ) عَدَمُ فُحْشٍ ( كَوْنُهَا ) أَيْ الْأَمَةِ ( زَلَّاءَ ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ