كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
، وَجَعَلَ الثَّانِي الْعَمَلَ وَيَكُونُ الرُّبْعُ لِلْعَامِلِ ، فَأَجَابَ إنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ جَازَتْ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ تَجُزْ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ تَجَرَّدَ عَقْدُهَا مِنْ اللَّفْظَيْنِ أَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ .
تت هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ هِيَ عَلَى مَا فِي تَوْضِيحِهِ حَيْثُ تَعَقَّبَ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ أَجَازَهُ سَحْنُونٌ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ الْبَقَرُ وَالْآلَةُ فِيهَا مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْأَرْضِ ، وَإِنَّمَا لِلْعَامِلِ جُزْءٌ مَعْلُومٌ يُسَاوِي قِيمَةَ عَمَلِهِ ، وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِالْوُقُوفِ عَلَى مَا فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ ، وَنَصُّهُ يَتَفَضَّلُ الْفَقِيهُ الْأَجَلُّ قَاضِي الْجَمَاعَةِ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ بِالْجَوَابِ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الزَّرْعِ عَلَى أَنْ جَعْلَ أَحَدِهِمَا الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ ، وَالثَّانِي الْعَمَلُ ، وَيَكُونُ الرُّبْعُ لِلْعَامِلِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا ، فَأَجَابَ تَصَفَّحْت سُؤَالَك ، فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الِاشْتِرَاكِ فِي الزَّرْعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْت فَلَا يَخْلُو الْأَمْرُ فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، أَحَدُهَا أَنْ يَعْقِدَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ ، وَالثَّانِي أَنْ يَعْقِدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ .
وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يُسَمِّيَا إجَارَةً وَلَا شَرِكَةً ، وَأَنَّمَا قَالَ أَدْفَعُ إلَيْك أَرْضِي وَبَقَرِي وَبَذْرِي وَتَتَوَلَّى أَنْتَ الْعَمَلَ ، وَيَكُونُ لَك رُبْعُ الزَّرْعِ أَوْ خُمُسُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ يُسَمِّيَانِهِ ، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُجِزْهُ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فَأَجَازَهُ ، هَذَا تَحْصِيلُ الْقَوْلِ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَكَانَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ شُيُوخِنَا لَا يُحَصِّلُونَهَا هَذَا
التَّحْصِيلَ ، وَيَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهَا مَسْأَلَةُ اخْتِلَافٍ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِصَحِيحٍ ا هـ الْبُنَانِيُّ هَذَا النَّقْلُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَتَبِعَهُ " غ " ، فَانْظُرْهُ ، وَالْعَجَبُ مِنْ " ق " كَيْفَ خَالَفَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ ذِي الْأَرْضِ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ لِلْآخَرِ فَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ .
سَحْنُونٌ إنْ اشْتَرَكَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ثُلُثَ مَا يَحْصُلُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَلِذِي الْعَمَلِ ثُلُثٌ وَالْبَقَرُ ثُلُثٌ وَالْقَيِّمُ كَذَا جَازَ ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ فَقَطْ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي مِثْلِ هَذَا هُوَ فَاسِدٌ ، وَهَذَا خِلَافُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ سَلِمَ الْمُتَزَارِعَانِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الْبَذْرَ جَازَتْ الشَّرِكَةُ إذَا تَسَاوَيَا .
قُلْت تُرَدُّ مُنَاقَضَتُهُ مُحَمَّدًا بِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ فِي الْمُتَزَارِعَيْنِ وَلَا يَصْدُقُ هَذَا اللَّفْظُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِزَرِيعَةٍ .
ابْنُ حَبِيبٍ إنْ نَزَلَ فَالزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ ، وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ تَعَالَ نَتَزَارَعُ عَلَى أَنَّ نِصْفَ أَرْضِي وَنِصْفَ بَذْرِي وَنِصْفَ بَقَرِي كِرَاءُ نِصْفِ عَمَلِك ، فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ قَبَّضَهُ نِصْفَ الْبَذْرِ فِي أُجْرَتِهِ وَضَمَّهُ وَالصَّوَابُ قَوْلُ سَحْنُونٍ إذَا دَخَلَا عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ وَأَنْ يَعْمَلَا الْبَذْرَ عَلَى أَمْلَاكِهِمَا جَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ مَا يَخْرُجُ فَسَدَتْ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِمَجْهُولٍ .
قُلْت قَوْلُهُ فَسَدَتْ قَوْلًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي أَنَّ مَعْنَى إجَازَةِ سَحْنُونٍ إنَّمَا هِيَ إذَا كَانَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا الْبَذْرَ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ بِبَلَدِنَا ، وَقَالَ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ إنْ عَقَدَهَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ جَازَ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا .
وَإِنْ
عَرِيَ الْعَقْدُ مِنْ اللَّفْظَيْنِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَأَرَى أَنَّهُ تَحْقِيقُ الْمَذْهَبِ .
قُلْت جَوَابُ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَسْئِلَتِهِ مَا نَصُّهُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الزِّرَاعَةِ عَلَى أَنْ جَعْلَ أَحَدِهِمَا الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرَ ، وَالثَّانِي الْعَمَلَ ، وَيَكُونُ الرُّبْعُ لِلْعَامِلِ فَأَجَابَ بِالتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْهُ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَهَا وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ وَهْمٌ ، لِأَنَّ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُجِزْهُ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فَأَجَازَهُ هَذَا تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ .
ا هـ .
وَزَعْمُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ عُرْفِنَا هِيَ مَسْأَلَةُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ ، فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ مَسْأَلَتَهُمَا لَيْسَ فِيهَا اخْتِصَاصُ رَبِّ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنْ غَلَّةِ الْحَرْثِ ، وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ فِي زَمَنِهِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَهُ إنَّمَا هِيَ عَلَى أَنَّ كُلَّ التِّينِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ .
الثَّانِي أَنَّ مَسْأَلَةَ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ أَخْرَجَ مَعَهُ الْبَقَرَ وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا لَا يَأْتِي الْعَامِلُ فِيهَا إلَّا بِعَمَلِ يَدِهِ فَقَطْ ، وَكَوْنُهُ كَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ أَجِيرًا ، وَيَمْنَعُ كَوْنَهُ شَرِيكًا .
وَدَلَالَةُ جَوَابِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا عَلَى خِلَافِ مَا قُلْنَاهُ ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ فَقَطْ تُرَدُّ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ شَرْطَ الشَّرِكَةِ كَوْنُ عَمَلِهَا مَضْمُونًا لَا مُعَيَّنًا فِي عَامِلٍ مُعَيَّنٍ ، وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا إنَّمَا يَدْخُلُونَ فِيهَا عَلَى أَنَّ عَمَلَهَا مُعَيَّنٌ بِنَفْسِ عَامِلِهَا وَحَامِلُهُمْ عَلَى هَذَا خَوْفُ الِاغْتِرَارِ بِقَوْلِهِ فَيَفْتَقِرُ فِي مَسْأَلَةِ عُرْفِنَا إلَى قَوْلٍ بِالصِّحَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَقَدْ أَجَادَ ، وَنَصَحَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ
الْمُحَصِّلُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عُمَرَ الْهَنْتَانِيُّ الْهَكْوَرِيُّ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ الْخُمَاسِ فِي الزَّرْعِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ الزَّرْعِ ، هَلْ تَجُوزُ أَمْ لَا ، وَهَلْ يَنْتَهِضُ عُذْرًا فِي إبَاحَتِهِ تَعَذُّرُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَيْسَتْ شَرِكَةً لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَسْتَدْعِي الِاشْتِرَاكَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي هِيَ مُسْتَنَدُ الْأَرْبَاحِ ، وَعَدَمُ الْمُسَاعِدِ عَلَى مَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَنْهَضُ عُذْرًا لِأَنَّ غَلَبَتَهُ فِي ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ إنَّمَا هِيَ مِنْ إهْمَالِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ وَلَوْ تَعَرَّضُوا لِفُسُوخِ عُقُودِ ذَوِي الْفَسَادِ لَمَا اسْتَمَرُّوا عَلَى فَسَادِهِمْ ، وَأَنَّ حَاجَةَ الضَّعِيفِ لِلْفَتْوَى أَشَدُّ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ } ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نُصُوصٍ طَوِيلَةٍ قُلْت تَقْرِيرُ كَوْنِ مَا قَالُوهُ هُوَ الصَّوَابُ أَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ مُبَايِنَةٌ لِحَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ عَدَمُ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ وَالْآخَرِ بِإِخْرَاجِ الْعَمَلِ ، وَالْإِجَارَةُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ ، وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ أَنَّ فَائِدَتَهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِطَرِيقِ نِسْبَةِ بَعْضِ الشَّيْءِ إلَيْهِ كَالنِّصْفِ لَا بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، وَحُكْمُ الْإِجَارَةِ أَنَّ فَائِدَتَهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِعَكْسِ ذَلِكَ ، وَالْمُزَارَعَةُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هِيَ شَرِكَةٌ وَإِجَارَةٌ ، فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ لَمْ يَجْعَلْهَا لَازِمَةً بِعَقْدِهَا ، وَمَنْ غَلَّبَ الْإِجَارَةَ جَعَلَهَا لَازِمَةً بِهِ ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَكُلَّمَا لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا فِي الْمُزَارَعَةِ بِإِخْرَاجِ مَالٍ كَانَ شَبِيهًا بِالشَّرِكَةِ ثَابِتًا ضَرُورَةَ اشْتِمَالِهَا عَلَى خَاصِّيَّةِ الشَّرِكَةِ ، وَكُلَّمَا انْفَرَدَ
أَحَدُهُمَا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ وَالْآخَرُ بِالْعَمَلِ بَطَلَ كَوْنُهَا مُزَارَعَةً لِانْتِفَاءِ لَازِمِهَا حِينَئِذٍ وَهُوَ اشْتِمَالُهُمَا عَلَى خَاصِّيَّةِ الشَّرِكَةِ ، وَصَارَتْ مَحْضَ إجَارَةٍ لِمُمَاثَلَتِهَا حِينَئِذٍ إيَّاهَا ، فَيَجِبُ كَوْنُهَا فَاسِدَةً لِأَنَّ حُكْمَ الْإِجَارَةِ وُجُوبُ كَوْنِ فَائِدَتِهَا مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا .
( تَنْبِيهٌ ) ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْعَمَلُ الْمُشْتَرَطُ هُوَ الْحَرْثُ لَا الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ .
وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ .
التَّوْضِيحِ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ إنَّهُ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْحَصَادَ وَالدِّرَاسَ مَجْهُولَانِ .
وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ كَانَ الْعُرْفُ بِالْبَلَدِ أَنَّ الْحَصَادَ وَالدِّرَاسَ وَالتَّصْفِيَةَ عَلَى الْعَامِلِ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ جَمِيعِ الْعَمَلِ مُسَاوِيًا لِكِرَاءِ الْأَرْضِ جَازَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَلَمْ يُجِزْهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَمَلُهَا مَئُونَةُ الزَّرْعِ قَبْلَ تَمَامِهِ بِيُبْسِهِ .
وَفِي كَوْنِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ نَقْلًا الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَائِلًا إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَتِمُّ وَلَا كَيْفَ يَكُونُ وَصَوَّبَهُ لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ ، وَكَذَا شَرْطُ النَّقَاءِ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ إلَخْ فَقَالَ ( كَإِلْغَاءٍ ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ عَدَمِ حَسْبِ كِرَاءِ ( أَرْضٍ ) لَهُ قَدْرٌ مِنْ أَحَدِهِمَا ( وَتَسَاوَيَا ) أَيْ الشَّرِيكَانِ فِي ( غَيْرِهَا ) أَيْ الْأَرْضِ مِنْ بَذْرٍ وَبَقَرٍ وَعَمَلِ يَدٍ فَلَا تَصِحُّ شَرِكَتُهُمَا لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ ، فِيهَا إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَرْضًا لَهَا قَدْرٌ مِنْ الْكِرَاءِ .
وَأَلْغَاهَا لِصَاحِبِهِ وَاعْتَدَلَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْعَمَلِ وَالْبَذْرِ ، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُعْطِيَ شَرِيكَهُ نِصْفَ كِرَاءِ أَرْضِهِ ( أَوْ لِأَحَدِهِمَا )
أَيْ الشَّرِيكَيْنِ ( أَرْضٌ رَخِيصَةٌ ) أَيْ قَلِيلَةُ الْكِرَاءِ ( وَلَهُ ) أَيْ مُخْرِجُ الْأَرْضِ الرَّخِيصَةِ ( عَمَلٌ ) بِيَدِهِ وَبَقَرِهِ وَلِلْآخِرِ الْبَذْرُ فَفَاسِدَةٌ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بَعْضَ الْبَذْرِ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ .
وَأَشَارَ إلَى تَرْجِيحِهِ بِقَوْلِهِ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالُ الْأَصَحِّ بِالْأَرْجَحِ ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَرْضٌ وَعَمَلٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ وَبَذْرٌ وَلِلْآخِرِ الْعَمَلُ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ ، إذْ لَمْ تُقَابِلُ الْأَرْضُ الْبَذْرَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَنْطُوقِ ، وَلِذَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْعَمَلَ بِكَوْنِهِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي الرِّوَايَةِ قَالَهُ طفي .
" غ " أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصَةٌ وَعَمَلٌ عَلَى الْأَصَحِّ ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَإِلْغَاءِ أَرْضٍ فَهُوَ أَيْضًا مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ وَعَنْ هَذَا عَبَّرَ فِي تَوْضِيحِهِ بِقَوْلِهِ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْأَرْضَ ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهَا خَطْبٌ لَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا خَطْبٌ فَقَوْلَانِ الْجَوَازُ لِسَحْنُونٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالتَّافِهِ فِي الْعَقْدِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَرَأَى أَنَّهُ يَدْخُلُهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا .
ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ .
ا هـ .
فَلَعَلَّ الْأَصَحَّ تَصْحِيفُ الْأَرْجَحِ .
" ق " ابْنُ يُونُسَ فِي بَابٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْبَذْرَ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضًا لَا كِرَاءَ لَهَا ، وَقَدْ تُسَاوَيَا فِيمَا سِوَاهَا فَأَخْرَجَ هَذَا الْبَذْرَ وَهَذَا الْعَمَلَ وَقِيمَتُهَا سَوَاءٌ ، فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا كِرَاءَ لَهَا .
وَأَنْكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ هَذَا وَقَالَ إنَّمَا أَجَازَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ تُلْغَى الْأَرْضُ إذَا تَسَاوَيَا فِي إخْرَاجِ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ ، فَأَمَّا إنْ كَانَ مُخْرَجُ الْبَذْرِ غَيْرَ مُخْرَجِ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَتْ لَا كِرَاءَ لَهَا ،
إذْ يَدْخُلُهُ كِرَاؤُهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ، أَلَا تَرَى أَنْ لَوْ أُكْرِيَتْ هَذِهِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَحِّحَ هُوَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا ابْنُ يُونُسَ ، فَلَفْظُ الْأَصَحِّ فِي مَحَلِّهِ ، وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْهُ فِيهِ .
وَإِنْ فَسَدَتْ وَتَكَافَآ عَمَلًا ، فَبَيْنَهُمَا ، وَتَرَادَّا غَيْرَهُ ، وَإِلَّا فَلِلْعَامِلِ ، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ ، كَانَ لَهُ بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ ، أَوْ أَرْضٌ ؛ أَوْ كُلٌّ لِكُلٍّ .
وَإِنْ فَسَدَتْ ) الْمُزَارَعَةُ لِعَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شَرْطَيْ صِحَّتِهَا وَعُثِرَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَإِنْ عَمِلَا ( وَتَكَافَآ ) أَيْ الشَّرِيكَانِ ( عَمَلًا ) أَيْ تَسَاوَى عَمَلُهُمَا فِي الْقِيمَةِ ، وَكَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ( فَ ) الزَّرْعُ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ لِكُلٍّ نِصْفُهُ ( وَتَرَادَّا ) أَيْ الشَّرِيكَانِ ( غَيْرَهُ ) أَيْ الْعَمَلِ وَهُوَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ ، فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ مِثْلُ نِصْفِ مَكِيلَةِ الْبَذْرِ لِصَاحِبِهِ ، وَعَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفَسَدَتْ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الْبَذْرَ .
عب وَإِنْ عَمِلَا مَعًا وَتَفَاوَتَا فِيهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْأَوْلَى وَعَمِلَا بَدَلَ وَتَكَافَآ عَمَلًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلَا مَعًا بِأَنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ عَمَلُهُمَا بِلَا تَكَافُؤٍ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ ( فَ ) الزَّرْعُ كُلُّهُ ( لِلْعَامِلِ ) وَحْدَهُ إذَا انْضَمَّ لِعَمَلِهِ شَيْءٌ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ كَانَ لَهُ بَذْرٌ إلَخْ فَهُوَ كَالتَّقْيِيدِ لِإِطْلَاقِهِ هُنَا .
( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الْمُنْفَرِدِ بِالْعَمَلِ الْمُخْتَصِّ بِالزَّرْعِ ( الْأُجْرَةُ ) لِلْأَرْضِ الَّتِي انْفَرَدَ الْآخَرُ بِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلْعَامِلِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِثْلُ الْبَذْرِ سَوَاءٌ ( كَانَ لَهُ ) أَيْ الْمُنْفَرِدِ بِالْعَمَلِ ( بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ ) أَيْ عَمَلِهِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ وَالْأَرْضُ لِلْآخَرِ فَسَدَتْ لِمُقَابَلَةِ الْبَذْرِ بَعْضَ الْأَرْضِ " غ " فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْعَامِلِ وَحْدَهُ أَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ مَعَ عَمَلٍ ( أَوْ ) كَانَ لَهُ ( أَرْضٌ ) وَالْبَذْرُ لِلْآخَرِ وَفَسَادُهَا لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بَعْضَ الْبَذْرِ ( أَوْ ) كَانَ ( كُلٌّ ) مِنْ الْبَذْرِ وَالْأَرْضِ ( لِكُلٍّ ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَالْمَوْضُوعُ عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ ، وَفَسَادُهَا لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ ، فَالزَّرْعُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ ، وَعَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ
مِثْلُ مَكِيلَةِ بُذُورِهِ وَكِرَاءِ أَرْضِهِ .
فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا فَاتَتْ بِالْعَمَلِ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ ، أَحَدُهَا : أَنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَيُؤَدِّي لِأَصْحَابِهِ كِرَاءَ مَا أَخْرَجُوهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ ، وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ .
قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ شَيْئًا مِنْ ثَلَاثَةِ أُصُولٍ ، هِيَ الْبَذْرُ ، وَالْأَرْضُ ، وَالْعَمَلُ ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئَانِ مِنْهَا أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ، وَإِنْ اجْتَمَعَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ شَيْئَانِ مِنْهَا دُونَ صَاحِبِهِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتِيَارُ ابْنِ الْمَوَّازِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ .
وَالرَّابِعُ : إنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ عَلَى هَذَا التَّرَيُّبِ وَهِيَ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ .
وَالْخَامِسُ : إنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْضًا ، وَهِيَ الْأَرْضُ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ .
وَالسَّادِسُ : قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّ الْفَسَادَ إنْ سَلِمَ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا كَانَ الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ ا هـ بِلَفْظِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَنَسَبَ ابْنُ الْحَاجِبِ السِّتَّةَ لِلْبَاجِيِّ وَهُوَ وَهْمٌ نَشَأَ عَنْ تَقْلِيدِهِ ابْنَ شَاسٍ وَظَنِّهِ بِقَوْلِهِ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ أَنَّهُ الْبَاجِيَّ .
" غ " فِي التَّكْمِيلِ وَيُقَرِّبُ الْأَقْوَالَ السِّتَّةَ لِلْحِفْظِ أَنْ تَقُولَ : الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ أَوْ لِلْبَاذِرْ فِي فَاسِدٍ أَوْ لِسِوَى الْمُخَابِرْ أَوْ مَنْ لَهُ حَرْفَانِ مِنْ إحْدَى الْكَلِمْ عَابَ وَعَاثَ ثَاعِبٌ لِمَنْ فَهِمْ وَمُرَادُهُ بِالْمُخَابَرِ هُنَا الَّذِي يُعْطِي أَرْضَهُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ، وَالْعَيْنَاتُ لِلْعَمَلِ ، وَالْأَلِفَاتُ لِلْأَرْضِ ، وَالْبَاءَانِ لِلْبَذْرِ ،
وَالثَّاءَانِ لِلثِّيرَانِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ إنَّ مَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ فِي كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ ، وَهُوَ الْمُرْتَضَى ، فَقَوْلُ " ز " لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
بَابٌ ) صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ مِنْ فَسْخٍ ، وَقَبْضِ حَقٍّ وَعُقُوبَةٍ ؛ وَحَوَالَةٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِنْ جَهِلَهُ الثَّلَاثَةُ وَحَجٍّ
بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ ( صِحَّةُ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ ، وَفِي بَعْضِهَا بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي ( الْوَكَالَةِ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً الْحِفْظُ وَالْكِفَايَةُ وَالضَّمَانُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا } قِيلَ حَافِظًا ، وَقِيلَ كَافِيًا ، وَقِيلَ ضَامِنًا قَالَهُ عِيَاضٌ .
وَاصْطِلَاحًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ غَيْرِ ذِي إمْرَةٍ وَلَا عِبَادَةٍ لِغَيْرِهِ فِيهِ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ ، فَتَخْرُجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ صَاحِبِ الصَّلَاةِ وَالْوَصِيَّةِ ، فَلَا يُقَالُ لِنِيَابَةٍ فِي حَقِّ ذِي إمْرَةٍ وَكَالَةٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ تَجْرِي الْوَكَالَةُ فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مُجَرَّدُ فِعْلٍ لَا إمْرَةَ فِيهِ ، هَذَا ظَاهِرُ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ .
وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وِلَايَةَ الْإِمْرَةِ وَكَالَةً وَنَحْوُهُ قَوْلُ عِيَاضٍ ، اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْوَكَالَةِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي النِّيَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ وَمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ عَلِمَ صِحَّةَ مَا قُلْنَاهُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرَ لِلذِّهْنِ عُرْفًا ، وَيَأْتِي لَهُمْ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ وَكِيلِي أَوْ وَصِيِّي .
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ النِّيَابَةُ مُسَاوِيَةٌ لِلْوَكَالَةِ فِي الْعُرْفِ فَتَعْرِيفُهَا بِهَا دَوْرٌ فَيُقَالُ هِيَ جَعْلُ ذِي أَمْرٍ غَيْرِ إمْرَةِ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِغَيْرِهِ الْمُوجِبَ لُحُوقَ حُكْمِهِ جَاعِلَهُ ، كَأَنَّهُ فَعَلَهُ فَتَخْرُجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ إمَامِ الصَّلَاةِ ، لِعَدَمِ لُحُوقِ حُكْمِ فِعْلِ النَّائِبِ فِي الْحُكْمِ أَوْ فِي الصَّلَاةِ الْجَاعِلَ وَالْوَصِيَّةُ لِلُحُوقِ حُكْمِ فِعْلِ فَاعِلِهَا غَيْرَ الْجَاعِلِ .
" ح " الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْ النُّسْخَةِ الْمَنْقُولِ مِنْهَا عَقِبَ قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ فِيهِ إمَّا مَالُهُ أَوْ التَّصَرُّفُ كَمَا لَهُ يَظْهَرُ هَذَا بِتَأَمُّلِ الْكَلَامِ الْآتِي مِنْ أَوَّلِهِ إلَخْ .
الْبُنَانِيُّ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ التَّعْرِيفُ تَامٌّ بِغَيْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ ،
وَقَدْ تَضَافَرَتْ نُسَخٌ كَثِيرَةٌ عَلَى سُقُوطِهَا .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ الْوَكَالَةُ مِنْهُ ، وَهُوَ تَوْكِيلُ الْإِمَامِ فِي حَقٍّ لَهُ قِبَلَ شَخْصٍ ، فَلَوْ أَسْقَطَ ذِي مِنْ قَوْلِهِ ذِي إمْرَةٍ وَجَعَلَ غَيْرَ نَعْتًا لِحَقٍّ لَشَمِلَهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهَا لِذَاتِهَا الْجَوَازُ رَوَى أَبُو دَاوُد { عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ أَرَدْت الْخُرُوجَ إلَى خَيْبَرَ فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ وَقُلْت أَرَدْت الْخُرُوجَ إلَى خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَيْت وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا ، فَإِنْ ابْتَغَى آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ } ، وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِسُكُوتِهِ عَلَيْهِ ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِيهِ رَمَاهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِالْكَذِبِ ، وَقَالَ نَحْنُ نَفَيْنَاهُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَيَعْرِضُ لَهَا سَائِرُ الْأَحْكَامِ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهَا كَقَضَاءِ دَيْنٍ تَعَيَّنَ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِهَا وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهَا .
وَتَنَازَعَ صِحَّةَ وَالْوَكَالَةَ ( فِي ) شَيْءٍ ( قَابِلِ ) بِمُوَحَّدَةٍ أَيْ صَالِحِ ( النِّيَابَةِ ) فِيهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ وَاقْتِضَاءِ الدَّيْنِ وَقَضَائِهِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَبَعْضِ الْقُرَبِ ، وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ ، إلَّا أَنَّهُ أَضَافَ ذَلِكَ لِلنِّيَابَةِ لَا لِلْوَكَالَةِ .
قَالَ وَلَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي أَعْمَالِ الْبَدَنِ الْمَحْضَةِ كَالصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَيُنْقَضُ قَوْلُهُ فِي أَعْمَالِ الْأَبْدَانِ الْمَحْضَةِ بِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي الْعَاجِزِ
عَنْ الرَّمْيِ لِمَرَضِهِ فِي الْحَجِّ يَرْمِي عَنْهُ نَائِبُهُ .
ابْنُ شَاسٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الْعِبَادَاتِ إلَّا فِي الْمَالِيَّةِ ، كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ ، وَفِي الْحَجِّ خِلَافٌ ، وَلَا تَجُورُ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَيَلْحَقُ بِالْعِبَادَةِ الشَّهَادَةُ وَالْأَيْمَانُ وَاللِّعَانُ وَالْإِيلَاءُ مِنْهَا ، وَتَجُوزُ فِي الْكَفَالَةِ كَالْحَوَالَةِ وَالْبَيْعِ ، وَلَا تَصِحُّ بِالظِّهَارِ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَزُورٌ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَكَفَّلُ عَنْهُ فِي حَقٍّ وَجَبَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تُطْلَقُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيمَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ مُبَاشَرَتُهُ وَكَفَالَةُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ مُمْتَنِعَةٌ .
ابْنُ هَارُونَ هُوَ أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يَتَكَفَّلَ عَنْهُ لِفُلَانٍ بِمَا عَلَى فُلَانٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا أَقْرَبُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي هَذَا الْمِثَالِ يَصِحُّ مِنْهُ الْفِعْلُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ الْتَزَمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِكَفِيلٍ بِهِ عَنْهُ بِحَيْثُ صَارَ الْإِتْيَانُ بِالْكَفِيلِ حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ ، وَخَرَّجَ ابْنُ هَارُونَ عَلَى الظِّهَارِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ عَلَيْهِ ، لِأَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ زَوْجَةُ مُوَكِّلِي عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ ، كَقَوْلِهِ امْرَأَةُ مُوَكِّلِي طَالِقٌ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الظِّهَارَ وَالطَّلَاقَ إنْشَاءٌ مُجَرَّدٌ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ .
وَأَمَّا الْيَمِينُ فَمُتَضَمِّنَةٌ لِلْخَبَرِ عَنْ فِعْلِ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَدْرِي الْوَكِيلُ حَقِيَةَ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِعِلْمِهِ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ مُوَكِّلِهِ بِذَلِكَ ، وَيُرَدُّ قِيَاسُهُ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ وَجَمْعُهُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِنْشَاءِ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقِّ الْمُوَكِّلِ ، بِخِلَافِ الظِّهَارِ ، وَالِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ حَقُّ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ عَلَيْهِ غَيْرُ خَاصٍّ
بِهِ جَازَ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ .
وَقَوْلُنَا غَيْرُ خَاصٍّ بِهِ احْتِرَازٌ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِغَيْرِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى أَدَائِهَا فَإِنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ ، وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ لِأَنَّ حَلِفَ غَيْرِهِ غَيْرُ حَلِفِهِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ .
وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ تَصِحُّ فِي الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافًا ابْنُ عَاتٍ فِي الْمُكَافِئِ لِأَبِي عُمَرَ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ الْإِقْرَارَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي .
وَزَعَمَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّ تَحْصِيلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ .
وَبَيَّنَ قَابِلَ النِّيَابَةِ فَقَالَ ( مِنْ عَقْدٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَنِكَاحٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ وَقَرْضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَشَرِكَةٍ وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهَا ( وَفَسْخٍ ) لِعَقْدٍ يَجُوزُ فَسْخُهُ أَوْ يَتَحَتَّمُ ( وَقَبْضِ حَقٍّ ) لِلْمُوَكِّلِ وَقَضَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ ( وَعُقُوبَةٍ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ كَحَدٍّ وَقِصَاصٍ وَتَأْدِيبٍ ( وَحَوَالَةٍ ) لِغَرِيمِ الْمُوَكِّلِ عَلَى مَدِينِهِ ( وَإِبْرَاءٍ ) لِمَنْ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا ، بَلَى ( وَإِنْ جَهِلَهُ ) أَيْ الْحَقَّ الْمُبْرَأَ مِنْهُ ( الثَّلَاثَةُ ) أَيْ الْمُوَكِّلُ وَوَكِيلُهُ وَمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ .
" ق " ابْنُ الْحَاجِبِ الْوَكَالَةُ نِيَابَةٌ فِيمَا لَا تَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ ، فَتَجُوزُ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ .
ابْنُ شَاسٍ وَأَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ ، وَيَجُوزُ أَيْضًا التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ ، وَالتَّوَكُّلُ بِالْإِبْرَاءِ لَا يَسْتَدْعِي عِلْمَ الْمُوَكِّلِ بِمَبْلَغِ الدَّيْنِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ ، وَلَا عِلْمَ الْوَكِيلِ بِهِ ، وَلَا عِلْمَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ
هَذَا كَضَرُورِيٍّ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَرْكٍ ، وَالتَّرْكُ لَا مَانِعِيَّةَ لِلْغَرَرِ فِيهِ .
( وَحَجٍّ ) عَنْ الْمُوَكِّلِ .
اللَّخْمِيُّ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الْأَعْمَالِ الْمَحْضَةِ كَالصَّلَاةِ وَالْعَاجِزِ عَنْ الْحَجِّ لِمَرَضِهِ إلَّا أَنَّهُ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَأَدَاءُ زَكَاةٍ وَتَذْكِيَةٍ
وَوَاحِدٍ فِي خُصُومَةٍ ، وَإِنْ كَرِهَ خَصْمُهُ
( وَ ) صَحَّ تَوْكِيلُ شَخْصٍ ( وَاحِدٍ ) فَقَطْ ( فِي خُصُومَةٍ ) بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَغَيْرِهِ لَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إنْ ادَّعَى شَرِيكَانِ مَعًا عَلَى رَجُلٍ حَقًّا وَقَالَا لِلْقَاضِي مَنْ حَضَرَ مِنَّا يُخَاصِمُهُ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ ، لِقَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ عِنْدَ الْقَاضِي ثَلَاثًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ .
وَفِي رِوَايَةٍ ادَّعَوْا مَنْزِلًا بِيَدِ رَجُلٍ فَلَا يُخَاصِمُهُ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ ، بَلْ يُقِيمُونَ رَجُلًا يُخَاصِمُهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلَيْنِ يُخَاصِمَانِ عَنْهُ لَا يَجُوزُ إنْ غَابَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا خَاصَمَ لَهُ الْآخَرُ ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خُصُومَةٍ جَوَازُ تَوْكِيلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ .
الْمُتَيْطِيُّ لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخِصَامِ أَكْثَرَ مِنْ وَكِيلٍ وَاحِدٍ ا هـ .
وَلِلشَّخْصِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخُصُومَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا إنْ رَضِيَ خَصْمُهُ ، بَلْ ( وَإِنْ كَرِهَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ ( خَصْمُهُ ) تَوْكِيلَهُ .
الْمُتَيْطِيُّ إنْ أَرَادَ شَخْصٌ التَّوْكِيلَ عَلَى الْخِصَامِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ .
فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ بِرِضَا خَصْمِهِ وَبِغَيْرِ رِضًا فِي حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ وَغَيْبَتِهِ ، وَلَا يَفْتَقِرُ إثْبَاتُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَى حُضُورِهِ أَيْضًا .
وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْذَرَ إلَيْهِ فِي تَوْكِيلِ خَصْمِهِ ، قَالَ لَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ السَّلَاطِينِ ضَرَبَ لِأَحَدٍ أَجَلًا فِي تَوْكِيلٍ ، وَإِنَّمَا السِّيرَةُ عِنْدَ الْقُضَاةِ أَنْ يَثْبُتَ التَّوْكِيلُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ يَسْمَعُ مِنْ الطَّالِبِ وَيَنْظُرُ فِيمَا جَاءَ بِهِ .
ابْنُ الْهِنْدِيِّ الْإِعْذَارُ إلَى الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ مِنْ تَمَامِ الْوَكَالَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَعْذِرْ
إلَيْهِ جَازَ ابْنُ عَتَّابٍ كَانَ الْإِعْذَارُ مِنْ الشَّأْنِ الْقَدِيمِ ثُمَّ تُرِكَ ابْنُ بَشِيرٍ تُرِكَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْذِرَ إلَيْهِ عِنْدَ إرَادَةِ الْحُكْمِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْأَمْرِ ، فَاسْتَغْنَى عَنْهُ أَوَّلًا ابْنُ سَهْلٍ هَذِهِ نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ .
لَا إنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ : كَثَلَاثٍ ، إلَّا لِعُذْرٍ وَحَلَفَ فِي : كَسَفَرٍ ، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ : عَزْلُهُ
( لَا ) يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْخُصُومَةِ ( إنْ قَاعَدَ ) الْمُوَكِّلُ ( خَصْمَهُ ) بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي ( كَثَلَاثٍ ) مِنْ الْمَجَالِسِ لِانْعِقَادِ الْمَقَالَاتِ بَيْنَهُمَا وَقُرْبِ انْفِصَالِ خُصُومَتِهِمَا وَالتَّوْكِيلُ يُؤَدِّي إلَى طُولِهَا وَلَا خَيْرَ فِيهِ ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّوْكِيلُ بَعْدَ الْمُقَاعَدَةِ ثَلَاثَةً ( إلَّا لِ ) طَرَيَان ( عُذْرٍ ) كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ .
الْمُتَيْطِيُّ إنْ خَاصَمَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَقَاعَدَ خَصْمَهُ ثَلَاثَ مَجَالِسَ وَانْعَقَدَتْ الْمَقَالَاتُ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَكَلَّمُ لَهُ إذَا مَنَعَهُ صَاحِبُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ أَوْ يُرِيدَ السَّفَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي السَّفَرِ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ لِلتَّوْكِيلِ ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا لَمْ يُتَّجَهْ تَوْكِيلُهُ إلَّا بِرِضَا خَصْمِهِ .
( وَ ) إنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ وَأَرَادَ السَّفَرَ وَالتَّوْكِيلَ ( حَلَفَ فِي كَسَفَرٍ ) وَاعْتِكَافٍ وَمَرَضٍ خَفِيفٍ أَنَّهُ مَا قَصَدَهُ لِلتَّوْكِيلِ ( وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ قَاعَدَ وَكِيلُهُ خَصْمَهُ ثَلَاثًا ( عَزْلُهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ عَنْ وَكَالَتِهِ فِي الْخُصُومَةِ لِذَلِكَ
وَلَا لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ
( وَلَا ) أَيْ لَيْسَ ( لَهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( عَزْلُ نَفْسِهِ ) عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ ، قَالَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ عَنْهَا مَتَى شَاءَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ فِي الْخِصَامِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ عَنْهَا وَتَوْكِيلُ غَيْرِهِ أَوْ خِصَامُهُ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ قَاعَدَ الْوَكِيلُ خَصْمَهُ الْمَرَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي الْمَكَانِ الَّذِي لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ عَنْ الْخِصَامِ لَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَحِلَّ عَنْ نَفْسِهِ إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ .
وَلَا الْإِقْرَارُ ، إنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ ، أَوْ يَجْعَلْ لَهُ
( وَلَا ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ ( الْإِقْرَارُ ) عَلَى مُوَكِّلِهِ لِخَصْمِهِ ( إنْ لَمْ يُفَوِّضْ ) مُوَكِّلُهُ ( لَهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ ( أَوْ ) إنْ لَمْ ( يَجْعَلْ ) الْمُوَكِّلُ ( لَهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ الْإِقْرَارَ ، فَإِنْ فَوَّضَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ أَوْ جَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ فَلَهُ عَلَيْهِ ، وَيَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ فِي التَّوْضِيحِ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْخِصَامِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ إلَيْهِ ، فَلَوْ أَقَرَّ فَلَا يَلْزَمُهُ ، هَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ قَالَهُ فِي الْكَافِي .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ الْوَكَالَةُ عَلَى الْخِصَامِ لَا تَشْمَلُ صُلْحًا وَلَا إقْرَارًا فَلَا يَصِحُّ أَحَدُهُمَا مِنْ الْوَكِيلِ إلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ مِنْ مُوَكِّلِهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا فِيهِ ا هـ .
فِي الشَّامِلِ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ مِنْ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الَّتِي وُكِّلَ عَلَيْهَا ، وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ .
ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الْمُخَاصَمَةِ الَّتِي وُكِّلَ عَلَيْهَا .
ابْنُ سَهْلٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ .
الْحَطّ لَا شَكَّ أَنَّهُ قَاضٍ قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تُخَصَّصُ وَتُقَيَّدُ بِالْعُرْفِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَاضٍ بِأَنَّ مَنْ وَكَّلَ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ وَجَعَلَ لِوَكِيلِهِ الْإِقْرَارَ إنَّمَا يُرِيدُ فِيمَا هُوَ مِنْ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الَّتِي وَكَّلَ فِيهَا .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : مَنْعُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بَعْدَ مُقَاعَدَتِهِ الْخَصْمَ ثَلَاثًا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ غِشِّهِ مُوَكِّلَهُ وَمَيْلِهِ مَعَ خَصْمِهِ وَإِلَّا فَلَهُ عَزْلُهُ .
ابْنُ فَرْحُونٍ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ مَا لَمْ يُنَاشِبْ الْخُصُومَةَ ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ نَاشَبَ خَصْمَهُ وَجَالَسَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ غِشٌّ أَوْ تَدْخِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ ، وَمَيْلٌ مَعَ الْمُخَاصِمِ لَهُ فَلَهُ عَزْلُهُ ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِأَجْرٍ فَظَهَرَ غِشُّهُ كَانَ عَيْبًا وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَكَالَتَهُ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ .
الثَّانِي : فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ لِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ ، وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَنْحَلَّ عَنْ الْوَكَالَةِ مَتَى شَاءَ أَحَدُهُمَا اتِّفَاقًا إلَّا فِي وَكَالَةِ الْخِصَامِ ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ أَنْ انْتَشَبَ الْخِصَامُ وَالْمُفَوَّضُ وَالْمَخْصُوصُ إلَيْهِ سَوَاءٌ ا هـ .
ابْنُ فَرْحُونٍ وَإِنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ الْوَكِيلِ تَلْزَمُهُ إذَا قَبِلَهَا وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْخِصَامِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ ، وَهَلْ لَا تَلْزَمُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ فَكَهُمَا ، وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ تَرَدُّدٌ .
الثَّالِثُ فِي النَّوَادِرِ ابْنُ الْمَوَّازِ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي عُذْرِ الْخِصَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ رِضَا مُوَكِّلِهِ ، إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِأَحَدٍ ، وَيَكُونُ فِي عَزْلِ نَفْسِهِ إبْطَالٌ لِذَلِكَ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَرَّعَ بِمَنَافِعِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ فَهِيَ إجَارَةٌ تَلْزَمُهُمَا بِعَقْدِهَا وَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ التَّخَلِّي وَتَكُونُ بِعِوَضٍ مُسَمًّى وَإِلَى أَجَلٍ مَضْرُوبٍ وَفِي عَمَلٍ مَعْرُوفٍ .
الرَّابِعُ : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ مَنْعِ عَزْلِ وَكِيلِ الْخِصَامِ بَعْدَ الْمُقَاعَدَةِ ثَلَاثًا أَحَدُ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ ، حَصَّلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ كَلَامِ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ فَفِي مَنْعِ الْعَزْلِ بِمُجَرَّدِ إنْشَابِ الْخِصَامِ أَوْ بِمُقَاعَدَتِهِ ثَلَاثًا ثَالِثُهَا بِمُقَاعَدَتِهِ مُقَاعَدَةً تَثْبُتُ فِيهَا الْحُجَجُ ، وَرَابِعُهَا مَا لَمْ يُشْرِفْ عَلَى تَمَامِ الْحُكْمِ ، وَخَامِسُهَا عَلَى الْحُكْمِ لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَلَهُ عَنْ أَحَدِ قَوْلَيْ أَصْبَغَ وَثَانِيهِمَا وَمُحَمَّدٌ .
الْخَامِسُ : ابْنُ عَرَفَةَ الْوَكَالَةُ عَلَى الْخِصَامِ لِمَرَضِ الْمُوَكِّلِ أَوْ سَفَرِهِ أَوْ كَوْنِهِ امْرَأَةً لَا يَخْرُجُ مِثْلُهَا جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا الْمُتَيْطِيُّ وَكَذَا الْوَكَالَةُ لِعُذْرٍ بِشُغْلِ الْأَمِيرِ أَوْ خُطَّةٍ لَا يَسْتَطِيعُ مُفَارَقَتَهَا كَالْحِجَابَةِ وَغَيْرِهَا ، وَفِي جَوَازِهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ ثَالِثُهَا لِلطَّالِبِ لَا لِلْمَطْلُوبِ لِمَعْرُوفٍ مَعَ قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي جَوَازِهَا مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ بَيْنَهُمَا مَا يَكُونُ مِنْ دَعْوَى وَإِقْرَارٍ نَقْلًا ابْنِ سَهْلٍ قَائِلًا ذَكَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ الْمُجَاوَبَةِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّدَدَ ظَاهِرٌ فِيهِ ، وَمُرَادُهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ مَا فِيهِ تَشْغِيبٌ وَنَصَّ ابْنُ سَهْلٍ إنْ أَرَادَ الْخَصْمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ جَلَسَا فِيهِ التَّوْكِيلَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ ، فَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ بَيْنَهُمَا إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ مِنْهُمَا ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَ أَصَحُّ لِأَنَّهُ قَدْ أُجِيزَ لِلْحَاضِرِ ابْنُ الْعَطَّارِ لَهُ التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْمُجَاوَبَةِ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْحَضْرَةِ فَيُجَاوِبُ عَنْهُ ، فَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْ فَيُقَالُ بَعْدَ الْأَدَبِ قُلْ الْآنَ مَا تَأْمُرُ بِهِ وَكِيلَك أَنْ يَقُولَهُ عَنْك فَإِنْ أَبَى عُلِمَ أَنَّهُ مُلِدٌّ الْمُتَيْطِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِهَذَا إذَا لَمْ يُوَكِّلَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حَتَّى حَضَرَا عِنْدَ الْقَاضِي ، أَمَّا لَوْ وَكَّلَا أَوَّلًا فَلَا كَلَامَ فِيهِ ، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ مُرَادَهُمْ مَا لَمْ يَجْلِسَا ثَلَاثًا عِنْدَ الْحَاكِمِ .
السَّادِسُ ابْنُ فَرْحُونٍ مَنْ وَكَّلَ ابْتِدَاءً ضَرَرًا لِخَصْمِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ .
السَّابِعُ : ابْنُ فَرْحُونٍ مُحَمَّدٌ وَابْنُ لُبَابَةَ كُلُّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ عِنْدَ الْقَاضِي لَدَدٌ وَتَشْغِيبٌ فِي خُصُومَةٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ فِي وَكَالَةٍ ، وَلَا يَحِلُّ إدْخَالُ اللَّدَدِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .
ابْنُ سَهْلٍ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ النَّاسُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ قَبُولُ الْوُكَلَاءِ إلَّا مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ تَشْغِيبٌ وَلَدَدٌ ، فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إبْعَادُهُ وَأَنْ لَا تُقْبَلَ لَهُ وَكَالَةٌ عَلَى أَحَدٍ .
الثَّامِنُ : فِي الْمُتَيْطِيَّةِ كَرِهَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " لِذَوِي الْهَيْئَاتِ الْخُصُومَاتِ ، قَالَ مَالِكٌ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ الْخُصُومَةَ وَيَتَنَزَّهُ عَنْهَا ، وَكَانَ إذَا نَازَعَهُ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ قَالَ لَهُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّيْءُ لِي فَهُوَ لَك ، وَإِنْ كَانَ لَك فَلَا تَحْمَدْنِي عَلَيْهِ وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ شَيْءٌ لَا يُخَاصِمُهُ وَيَقُولُ الْمَوْعِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " مَنْ عَلِمَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَاسَبُ فِيهِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ ، وَيَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ يُوَفَّوْنَ حُقُوقَهُمْ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلْيَطِبْ بِذَلِكَ نَفْسًا ، فَإِنَّ الْأَمْرَ أَسْرَعُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا بَيْنَك وَبَيْنَ الْآخِرَةِ وَمَا فِيهَا إلَّا خُرُوجُ رُوحِك حَتَّى تَنْسَى ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّى كَأَنَّك مَا كُنْت فِيهِ وَلَا عَرَفْتَهُ .
ابْنُ شَعْبَانَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ خَاصَمَ رَجُلُ سَوْءٍ ابْنُ مَسْعُودٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " كَفَى بِك ظُلْمًا أَنْ لَا تَزَالَ مُخَاصِمًا وَقَالَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْأَلَدُّ الْخَصِمُ } .
التَّاسِعُ : ابْنُ الْعَطَّارِ لَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَكِّلَ أَبَاهُ لَهُ لِيَطْلُبَ لَهُ حَقًّا لِأَنَّهَا اسْتِهَانَةٌ لِلْأَبِ .
الْعَاشِرُ : مَنْ عَزَلَ وَكِيلَهُ فَأَرَادَ خَصْمُهُ تَوْكِيلَهُ فَأَبَى الْأَوَّلُ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَوْرَاتِهِ وَوُجُوهِ خُصُومَاتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، وَلِخَصْمِهِ تَوْكِيلُهُ ، قَالَهُ فِي الِاسْتِغْنَاءِ ابْنُ فَرْحُونٍ يَنْغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْ تَوْكِيلِهِ ، لِأَنَّهُ صَارَ كَعَدُوِّهِ وَلَا يُوَكَّلُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ .
الْحَادِي عَشَرَ : ابْنُ فَرْحُونٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ لِلْمُتَّهَمِ بِدَعْوَى الْبَاطِلِ وَلَا الْمُجَادَلَةُ عَنْهُ .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنَيْنِ خَصِيمًا } .
إنَّ النِّيَابَةَ عَنْ الْمُتَّهَمِ الْمُبْطِلِ فِي الْخُصُومَةِ لَا تَجُوزُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ { وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } ، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ يَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ أَنْ يَتَحَفَّظَ بِدَيْنِهِ وَلَا يَتَوَكَّلَ إلَّا فِي مَطْلَبٍ يَقْبَلُ فِيهِ يَقِينُهُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ فِيهِ عَلَى حَقٍّ فَقَدْ جَاءَ فِي جَامِعِ السُّنَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ضَادَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي أَمْرِهِ ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي خُصُومَةٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا لَمْ يَزَلْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَنْزِعَ .
وَلِخَصْمِهِ اضْطِرَارُهُ إلَيْهِ
( وَلِخَصْمِهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ بِالْكَسْرِ عَلَى خُصُومَةٍ ( اضْطِرَارُهُ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ ( إلَيْهِ ) أَيْ جَعْلُ الْإِقْرَارِ لِوَكِيلِهِ عَلَيْهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ لَا أَقْبَلُ تَوْكِيلَهُ وَلَا أُخَاصِمُهُ حَتَّى تَجْعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ .
الْمُتَيْطِيُّ قَوْلُنَا فِي النَّصِّ وَكَّلَهُ عَلَى كَذَا وَكَذَا ، وَعَلَى الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ وَالْإِنْكَارِ عَنْهُ هُوَ مِمَّا لَا يَتِمُّ التَّوْكِيلُ فِي الْخِصَامِ إلَّا بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ كَانَ لِخَصْمِهِ أَنْ يَضْطَرَّهُ إلَى التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ ، هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ .
ابْنُ الْعَطَّارِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ مِنْ حَقِّ الْخَصْمِ أَنْ لَا يُخَاصِمَ الْوَكِيلَ حَتَّى يَجْعَلَ مُوَكِّلُهُ لَهُ الْإِقْرَارَ .
قَالَ وَإِنْ قَالَ أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ ، فَإِقْرَارٌ
( قَالَ ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ ( وَإِنْ قَالَ ) الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ ( أَقَرَّ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُثَقَّلًا فِعْلُ أَمْرٍ نِيَابَةً ( عَنِّي بِأَلْفٍ ) مَثَلًا ( فَ ) قَوْلُهُ لِوَكِيلِهِ أَقَرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ ( إقْرَارٌ ) مِنْ نَفْسِ الْمُوَكِّلِ بِالْأَلْفِ سَوَاءٌ أَقَرَّ وَكِيلُهُ عَنْهُ بِهِ أَوْ لَا .
الْحَطّ هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَكَلَامُ الْمَازِرِيِّ لَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ ، وَنَصُّهُ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَازِرِيُّ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ أَقَرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا مِنْ الْآمِرِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقَرَّ عَنِّي فَأَضَافَ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ ، وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ مَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا وَجَعَلَهُ فِي الْإِقْرَارِ عَنْهُ كَنَفْسِهِ فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ يَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَلِكَ فِي أَقِرَّ عَنِّي .
وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ كَبِيرُ شَاهِدٍ يُرَدُّ بِأَنَّهُ مَحْضُ دَعْوَى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فِي مُقَابَلَةِ مُسْتَدَلٍّ عَلَيْهِ ، وَاسْتِشْهَادُ الْمَازِرِيِّ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ بِفِعْلِ شَيْءٍ وَبَيْنَ جَعْلِهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِيَدِهِ كَقَوْلِهِ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ جَعَلْت بَيْعَهُ بِيَدِكَ ، هَذَا إنْ حَمَلْنَا قَوْلَ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ ذَلِكَ كَقَوْلِ مُوَكِّلِهِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ لُزُومَ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ مَا وَكَّلَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ عَنْهُ ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقِرَّ عَنِّي ، وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ أَقِرَّ عَنِّي بِكَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِذَلِكَ .
قَالَ ابْنُ شَاسٍ مَا نَصُّهُ لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهُوَ بِهَذَا
الْقَوْلِ كَالْمُقِرِّ بِأَلْفِ ، قَالَهُ الْمَازِرِيُّ ، وَاسْتِقْرَاءٌ مِنْ نَصِّ بَعْضِ الْأَصْحَابِ .
قُلْت فَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى هَذَا صَحَّ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ كَبِيرُ شَاهِدٍ .
لَا فِي كَيَمِينٍ ، وَمَعْصِيَةٍ : كَظِهَارٍ
وَذَكَرَ مَفْهُومَ قَابِلِ النِّيَابَةِ فَقَالَ ( لَا ) تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ ( كَيَمِينٍ ) وَطَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ وَشَهَادَةٍ وَمِنْ الْيَمِينِ الْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ .
ابْنُ شَاسٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الشَّهَادَةِ وَالْأَيْمَانِ وَالْإِيلَاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ حَقٌّ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ عَلَيْهِ غَيْرَ خَاصٍّ بِهِ جَازَ فِيهِ التَّوْكِيلُ ، وَقَوْلُنَا غَيْرَ خَاصٍّ بِهِ احْتِرَازًا مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِغَيْرِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى حَلِفِهَا فَإِنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ لِأَنَّ حَلِفَ غَيْرِهِ غَيْرُ حَلِفِهِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ ( وَ ) كَ ( مَعْصِيَةٍ ) كَقَتْلِ عَمْدٍ عُدْوَانٍ وَسَرِقَةٍ وَغَصْبٍ .
ابْنُ شَاسٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ ( وَ ) كَ ( ظِهَارٍ ) .
ابْنُ شَاسٍ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِالظِّهَارِ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ ، وَخَرَّجَ ابْنُ هَارُونَ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنْشَاءٌ مُجَرَّدٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ قِيَاسُهُ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ وَجَمْعُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِنْشَاءِ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقٍّ لِلْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : الْمِسْنَاوِيُّ الْأَفْعَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا تَحْصُلُ مَصْلَحَتُهُ إلَّا بِمُبَاشَرَةٍ قَطْعًا لِكَوْنِهِ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَصْلَحَةٍ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ ، بَلْ بِالنَّظَرِ لِفَاعِلِهِ ، وَمَا تَحْصُلُ بِدُونِهَا قَطْعًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ فَاعِلِهِ ، وَهُوَ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَهُمَا ، فَاخْتُلِفَ فِي إلْحَاقِهِ بِأَيِّهِمَا ، مِثَالُ الْأَوَّلِ الْإِيمَانُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْيَمِينُ ، إذْ مَصْلَحَةُ الْأَيْمَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إجْلَالُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِظْهَارُ عُبُودِيَّتِهِ ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْ جِهَةِ فَاعِلِهَا وَمَصْلَحَةُ الْيَمِينِ دَلَالَتُهَا عَلَى صِدْقِ حَالِفِهَا وَلَا تَحْصُلُ بِحَلِفِ غَيْرِهِ ، وَلِذَا لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَالنِّكَاحُ بِمَعْنَى الْوَطْءِ مِنْ الْأَوَّلِ ، إذْ مَصْلَحَتُهُ الْعِفَّةُ وَانْتِسَابُ الْوَلَدِ ، وَلَا يَحْصُلُ هَذَا بِفِعْلِ الْغَيْرِ ، وَبِمَعْنَى الْعَقْدِ مِنْ الثَّانِي ، إذْ مَصْلَحَتُهُ تُحَقِّقُ سَبَبَ إبَاحَةِ الْوَطْءِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِعَقْدِ الْوَكِيلِ كَتَحَقُّقِهِ بِعَقْدِ الْأَصْلِ .
وَمِثَالُ الثَّانِي رَدُّ الْعَارِيَّةُ الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ ، فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا إيصَالُ الْحَقِّ لِأَهْلِهِ ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ الْأَصِيلُ .
وَمِثَالُ الثَّالِثِ الْحَجُّ ، فَمَنْ رَأَى أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَأْدِيبُ النَّفْسِ وَتَهْذِيبُهَا وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَإِظْهَارُ الِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ إنْفَاقَ الْمَالِ فِيهِ عَارِضٌ يُمْكِنُ بِدُونِهِ كَحَجِّ مُسْتَطِيعِ الْمَشْيِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ وَنَحْوِهِمْ أَلْحَقَهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَصَالِحَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ ، وَمَنْ رَأَى اشْتِمَالَهُ عَلَى إنْقَاقٍ غَالِبًا أَلْحَقَهُ بِالثَّانِي .
الثَّانِي الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الْخَامِسِ وَمِائَةٍ إنْ وَقَفَ الْوَاقِفُ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِوَظِيفَةِ الْإِمَامَةِ أَوْ الْأَذَانِ أَوْ الْخُطْبَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ رِيعِ ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا إذَا قَامَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ عَلَى مُقْتَضَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ، فَإِنْ اسْتَنَابَ غَيْرَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنْهُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْأَعْذَارِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ رِيعِ ذَلِكَ الْوَقْفِ ، أَمَّا النَّائِبُ فَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ اسْتِحْقَاقِهِ صِحَّةَ وِلَايَتِهِ وَمَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهَا مِنْ نَاظِرٍ ، وَهَذَا الْمُسْتَنِيبُ لَيْسَ نَاظِرًا إنَّمَا هُوَ إمَامٌ أَوْ مُؤَذِّنٌ أَوْ خَطِيبٌ أَوْ مُدَرِّسٌ فَلَا تَصِحُّ الْوِلَايَةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ وَأَمَّا الْمُسْتَنِيبُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا أَيْضًا لِعَدَمِ قِيَامِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ ، فَإِنْ اسْتَنَابَ فِي أَيَّامِ الْأَعْذَارِ جَازَ لَهُ بِتَنَاوُلِ رِيعِ الْوَقْفِ ، وَأَنْ يُطْلِقَ لِنَائِبِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ الرِّيعِ .
ا هـ .
وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَالْبَيْغُورِيُّ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ أَجِيرَ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا فِي الْحَجِّ وَلَا يَقْضِي بِهَا دَيْنَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ وَأَنَّ ذَلِكَ جِنَايَةٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ غَرَضِ الْمُوصِي .
وَأَشَارَ إلَى هَذَا فِي مُخْتَصَرِهِ بِقَوْلٍ وَجَنَى إنْ وَفَّى دِينَهُ وَمَشَى مَا نَصُّهُ ، وَكَانَ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَمِثْلُ هَذَا الْمَسَاجِدُ وَنَحْوُهَا يَأْخُذُهَا الْوَجِيهُ بِوَجَاهَتِهِ ، ثُمَّ يَدْفَعُ مِنْ مَرْتَبَاتِهَا شَيْئًا قَلِيلًا لِمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ ، فَأَرَى أَنَّ الَّذِي أَبْقَاهُ لِنَفْسِهِ حَرَامٌ لِأَنَّهُ اتَّخَذَ عِبَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى مَتْجَرًا وَلَمْ يُوَفِّ بِقَصْدِ صَاحِبِهَا إذْ مُرَادُهُ التَّوْسِعَةُ لِيَأْتِيَ الْأَجِيرُ بِذَلِكَ مَشْرُوحَ الصَّدْرِ ، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنِّي أَعْذِرُهُ لِضَرُورَتِهِ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ فِي
الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ فِي مَدْخَلِهِ وَهُوَ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَ شَيْخُ الْمَنُوفِيِّ .
الْمِسْنَاوِيُّ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَنُوفِيِّ الَّذِي أَبْقَاهُ لِنَفْسِهِ حَرَامٌ اسْتِحْقَاقُ النَّائِبِ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِالْحُرْمَةِ عَلَى مَا أَبْقَاهُ الْمُسْتَنِيبُ لِنَفْسِهِ لَا عَلَى مَا أَخَذَهُ النَّائِبُ ، خِلَافُ قَوْلِ الْقَرَافِيِّ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا ، وَلَعَلَّ مَنْشَأَ الْخِلَافِ كَوْنُ التَّوْلِيَةِ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ غَيْرَ شَرْطٍ فِيهِ كَمَا فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ، وَكَوْنُهَا شَرْطًا فِيهِ هُوَ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ فِي أَجْوِبَةِ الْعَبْدُوسِيِّ فِي الْمِعْيَارِ ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيمَا حَرُمَ عَلَى الْأَوَّلِ إبْقَاؤُهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقَرَافِيِّ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَاخْتَارَ عج جَوَازَ مَا يُبْقِيهِ الْمُسْتَنِيبُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ اسْتَنَابَ اخْتِيَارًا لِغَيْرِ عُذْرٍ ، وَأَخَذَهُ مِنْ جَوَابِ الْقَاضِي مَنْصُورٍ فِي نَوَازِلِ الْإِحْبَاسِ مِنْ الْمِعْيَارِ ، وَنَحْوِ مَا لعج لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمِسْنَاوِيُّ فِي تَأْلِيفِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ تَكُونُ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى مَجْرَى الْعَادَةِ وَمُوَافَقَةَ الْعُرْفِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ فِيهَا إلَى حَدِّ الْإِفْرَاطِ وَالزِّيَادَةِ الْمُعْتَادِ فِي الْبَلَدِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ كَوْنِهَا دَائِمًا أَوْ غَالِبًا أَوْ كَثِيرًا بِغَيْرِ سَبَبٍ يُعْذَرُ بِهِ عَادَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا
وَتَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ ( بِمَا ) أَيْ شَيْءٍ ( يَدُلُّ ) عَلَيْهَا ( عُرْفًا ) وَلَا يُشْتَرَطُ لِانْعِقَادِهَا لَفْظٌ مَخْصُوصٌ قَالَهُ الْحَطّ فِي اللُّبَابِ مِنْ أَرْكَانِ الْوَكَالَةِ الصِّيغَةُ وَهِيَ لَفْظٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ يَدُلُّ عَلَى التَّوْكِيلِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا .
فِي التَّوْضِيحِ أَيْ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ الصِّيغَةُ كَوَكَّلْتُكَ وَأَنْتَ وَكِيلِي ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، كَقَوْلِهِ تَصَرَّفْ عَنِّي فِي هَذَا أَوْ كَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَنَحْوِهِ ا هـ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْحَطّ هَذَا مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مِنْ جَانِبِ الْوَكِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهَا فَوْرًا .
فَفِي اللُّبَابِ إثْرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ التَّوْكِيلِ ، فَإِنْ تَرَاخَى قَبُولُهُ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ فَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلَانِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ ، فَإِنْ أَجَابَ فِي الْمَجْلِسِ قُبِلَ اخْتِيَارُهَا .
ا هـ .
وَأَصْلُهُ لِلذَّخِيرَةِ وَزَادَ فِيهِ عَنْ الْجَوَاهِرِ عَنْ الْمَازِرِيِّ .
قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْعَادَةِ هَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ جَوَابُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ شَاسٍ لَا بُدَّ فِي الصِّيغَةِ مِنْ الْقَبُولِ ، فَإِنْ وَقَعَ بِالْفَوْرِ فَوَاضِحٌ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَفِي لَغْوِهِ قَوْلَانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي لَغْوِ التَّخْيِيرِ بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ .
الْمَازِرِيُّ التَّحْقِيقُ الرُّجُوعُ لِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ وَالْعَادَةِ هَلْ الْمُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ اسْتِدْعَاءُ الْجَوَابِ عَاجِلًا أَوْ وَلَوْ كَانَ مُؤَخَّرًا .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ .
الثَّانِي : الْحَطّ مَا فَسَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْبِسَاطِيُّ ، وَحَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى كَوْنِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ مَعْلُومًا بِالْعُرْفِ ، وَهَذَا أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ بَعْدُ ، بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ أَوْ يُعَيِّنَ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ وَتُخَصَّصُ
وَتُقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَأَلْجَأَ الشَّارِحَ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَعْنَاهُ مَعَ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ بِأَنْ يُقَالَ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا ، وَلَيْسَ مُطْلَقُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَافِيًا فِيهَا ، إذْ لَا يَصْدُقُ الْمُطْلَقُ مَعَ التَّفْوِيضِ وَالتَّعْيِينِ وَالْأَعَمُّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ .
ا هـ .
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الْمُوَكَّلِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ لَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِالرُّكْنِ .
الثَّالِثُ : أَعْنِي الْمُوَكَّلَ فِيهِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالذَّخِيرَةِ ، وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالرُّكْنِ الرَّابِعِ الَّذِي هُوَ الصِّيغَةُ ، وَالْمَعْنَى تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ ، وَلِهَذَا أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّالِثُ : الْبِسَاطِيُّ يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَكَالَةِ صِيغَةٌ خَاصَّةٌ ، بَلْ كُلُّ مَا يَدُلُّ لُغَةً أَوْ عُرْفًا فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ بِهِ ، فَإِنْ خَالَفَ الْعُرْفُ اللُّغَةَ فَالْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ ا هـ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعُرْفُ .
الرَّابِعُ : مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ عُرْفًا الْعَادَةُ ، كَمَا إذَا كَانَ رِيعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَالْأَخُ يَتَوَلَّى كِرَاءَهُ وَقَبْضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً ثُمَّ تَنَازَعَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ دَفَعَ لِأُخْتِهِ حَظَّهَا .
ابْنُ نَاجِي عَنْ شَيْخِهِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَتَصَرُّفُ الزَّوْجِ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّعَدِّي .
الْخَامِسُ : أَرْكَانُ الْوَكَالَةِ أَرْبَعَةٌ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ وَتَقَدَّمَ شَرْطُهُمَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ ، وَالثَّالِثُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ ،
وَالرَّابِعُ الصِّيغَةُ ، وَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا وَعَدَّهَا جَمَاعَةٌ ثَلَاثَةً .
الْمَشَذَّالِيُّ أَرْكَانُ الْوَكَالَةِ الْعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالصِّيغَةُ وَالْعَاقِدَانِ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ ، وَشَرْطُ الْمُوَكِّلِ جَوَازُ تَصَرُّفِهِ فِيمَا وَكَّلَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ مِنْ الرَّشِيدِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَحْجُورِ فِي الْخُصُومَةِ .
السَّادِسُ : تَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ وَكَالَةَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ جَائِزَةٌ ، وَفِي تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ طَرِيقَانِ .
وَفِي النَّوَادِرِ إذَا وَكَّلَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ لَزِمَتْهُ الْوَكَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا .
لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك ، بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ
( لَا ) تَصِحُّ الْوَكَالَةُ ( بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك ) الْخَالِي عَنْ التَّفْوِيضِ وَالتَّعْيِينِ ( بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ فِي التَّوَكُّلِ عَنْهُ فِي جَمِيعِ حُقُوقِهِ الْقَابِلَةِ لِلنِّيَابَةِ أَوْ يُعَيِّنَ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُقَيِّدَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، وَقَالَ وَهُوَ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إنْ قَصُرَتْ طَالَتْ ، وَإِنْ طَالَتْ قَصُرَتْ .
أَبُو الْحَسَنِ فَرَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا الْعَادَةُ قَالَ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ التَّصَرُّفَ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَلَا تَقْتَضِيهِ عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْوَكَالَةِ ، وَيَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ .
الثَّانِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ مُتَهَيِّئٌ لِلتَّصَرُّفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْقِيَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَيَفْتَقِرُ إلَى تَقْرِيرِ مَا أَبْقَى وَالْمُوصِي لَا تَصَرُّفَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى تَقْرِيرٍ .
فَيَمْضِي النَّظَرُ ، إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَ النَّظَرِ
وَإِذَا فَوَّضَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ وَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ ( فَيَمْضِي النَّظَرُ ) أَيْ السَّدَادُ وَالْمَصْلَحَةُ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ وَيَحُوزُ ابْتِدَاءً وَيُرَدُّ غَيْرُهُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَقُولَ ) الْمُوَكِّلُ فَوَّضْت لَك النَّظَرَ ( وَغَيْرَ النَّظَرِ ) فَيَمْضِي غَيْرُ النَّظَرِ أَيْضًا .
" ق " ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ وَكَّلْتُك بِمَا إلَيَّ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ شَمِلَتْ يَدُ الْوَكِيلِ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ ، وَمَضَى فِعْلُهُ فِيهَا إذَا كَانَ نَظَرًا وَمَا لَيْسَ بِنَظَرٍ فَهُوَ مَعْزُولٌ عَنْهُ عَادَةً إلَّا أَنْ يَقُولَ افْعَلْ مَا شِئْت وَلَوْ كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ تَبِعَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ ، وَمُقْتَضَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ مَنْعُ التَّوْكِيلِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ لِأَنَّهُ فَسَادٌ ، وَقَيَّدُوا بَيْعَ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَسَادِ ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَنْعَ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ ا هـ .
خَلِيلٌ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَأْذَنُ الشَّرْعُ فِي السَّفَهِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ إذْ لَا يَحِلُّ لَهُمَا ذَلِكَ .
ا هـ .
وَفَهِمَ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ تَبِعَهُ بِخِلَافِ مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فَقَالَ إثْرَهُ هَذَا مِثَالٌ لِوَكَالَةِ التَّفْوِيضِ وَلَفْظِ مَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَمَعْنَاهُ فَلَوْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك بِمَا إلَيَّ تَعَاطِيهِ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَقَلِيلِ الْأَشْيَاءِ وَكَثِيرِهَا جَازَ فِعْلُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ ، وَعَكْسُهُ هُوَ مَعْزُولٌ عَنْهُ بِالْعَادَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ افْعَلْ مَا رَأَيْتَ كَانَ نَظَرًا عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ ، أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ افْعَلْ مَا شِئْت وَإِنْ كَانَ سَفَهًا كَمَا فَهِمَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ ا هـ .
الْحَطّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَنْعِ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ وَهُوَ أَحَدُ طَرِيقَتَيْنِ ، وَأَمَّا عَلَى جَوَازِ تَوْكِيلِهِ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى
كَلَامِ التَّوْضِيحِ ، وَالْحَقُّ أَنَّ النَّظَرَ هُنَا فِي مَقَامَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : جَوَازُ التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ .
وَالثَّانِي : مُضِيُّ أَفْعَالِ الْوَكِيلِ وَعَدَمِ تَضْمِينِهِ ، فَأَمَّا جَوَازُ التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِذْنُ فِيمَا هُوَ السَّفَهُ عِنْدَ الْوَكِيلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَلَا يَنْبَغِي التَّوْقِيتُ فِيهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِذْنُ فِيمَا يَرَاهُ الْوَكِيلُ صَوَابًا ، وَإِنْ كَانَ سَفَهًا عِنْدَ النَّاسِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مَعْلُومَ السَّفَهِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ جَازَ .
وَأَمَّا مُضِيُّ أَفْعَالِ الْوَكِيلِ وَعَدَمُ تَضْمِينِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَفْعَالَهُ مَاضِيَةٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ لِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ لَهُ فِيهِ ، وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ فِيمَنْ أَذِنَ لِإِنْسَانٍ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَقَطَعَهَا لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِإِذْنِهِ لَهُ فِيهِ فَالْمَالُ أَحْرَى ، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ ، بَلْ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِمْ مَضَى ، أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً .
نَعَمْ بَقِيَ وَجْهٌ لِحَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى الْجَوَازِ ابْتِدَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا صَنَعَهُ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ مِنْ شَرِيكٍ أَوْ وَكِيلٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَلَا يَلْزَمُ ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ فِي حِصَّتِهِ ، وَيُرَدُّ صَنِيعُ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ مَا صَنَعَهُ الْوَكِيلُ فَيَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ ، فَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَمْنُوعًا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ بِمُضِيِّ النَّظَرِ أَيْ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ لَا لِتَبَرُّعَاتٍ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوَّضَةً وَأَذِنْت لَك أَنْ تَفْعَلَ جَمِيعَ مَا تَرَاهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ أَيْ لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ .
وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَتَمْضِي
التَّبَرُّعَاتُ ، وَلَا يُقَالُ فِيهَا إنَّهَا سَفَهٌ وَفَسَادٌ إلَّا مَا تَفَاحَشَ مِنْهَا وَخَرَجَ عَنْ الْحَدِّ ، وَلَمْ يَكُنْ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْيَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ فَأَحْرَى غَيْرُهُ .
وَفِي الْكَافِي مَا نَصُّهُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُقِيلَ وَيُؤَجِّرَ وَأَنْ يَهْضِمَ الشَّيْءَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ ، وَيَنْفُذُ فِعْلُهُ فِي الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ إذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ ، وَفِعْلُهُ كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ ، فَإِذَا بَانَ تَعَدِّيهِ أَوْ فَسَادُهُ ضَمِنَ وَمَا خَالَفَ فِيهِ الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلِمُوَكِّلِهِ تَضْمِينُهُ إنْ شَاءَ ا هـ .
الْحَطّ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ فِعْلُهُ فِي الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ إذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ يَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ ، كَمَا قَالُوا فِي الشَّرِيكِ إنَّهُ يَمْضِي إذَا قَصَدَ بِهِ الِاسْتِئْلَافَ لِلتِّجَارَةِ ، وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِي : إذَا ابْتَدَأَ الْوَكَالَةَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ وَكَّلَهُ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَأَنْزَلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَجَعَلَ لَهُ النَّظَرَ بِمَا يَرَاهُ ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ التَّفْوِيضُ إلَى مَا سَمَّاهُ وَلَا يَتَعَدَّاهُ .
لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا سَمَّاهُ وَعَادَ إلَيْهِ .
وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا قَالَ وَكَّلْتُهُ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً فَهَذَا التَّوْكِيلُ تَامٌّ فِي جَمِيعِ أُمُورِ الْوَكَالَةِ فَيَجُوزُ فِعْلُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَصُلْحٍ وَغَيْرِهَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، قَالَ وَإِنْ قَالَ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً جَامِعَةً لِجَمِيعِ وُجُوهِ التَّوْكِيلِ وَمَعَانِيهِ كَانَ أَبْيَنَ فِي التَّفْوِيضِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ زَادَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إذَا طَالَتْ قَصُرَتْ ، وَإِذَا قَصُرَتْ طَالَتْ ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْبَرْزَلِيِّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ عَنْ ابْنِ عَاتٍ .
الثَّالِثُ : الْمُتَيْطِيُّ اخْتِصَارُ لَفْظِ التَّوْكِيلِ الشَّامِلِ الْعَامِّ أَنْ يَقُولَ وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا تَوْكِيلًا مُفَوَّضًا جَامِعًا لِمَعَانِي التَّوْكِيلِ كُلِّهِ لَا يَشِذُّ عَنْهُ فَصْلٌ مِنْ فُصُولِهِ ، وَلَا فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِهِ دَائِمًا مُسْتَمِرًّا ، وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنْ فُصُولِهِ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ تَوْكِيلَ غَيْرِهِ عَنْهُ فَفِي دُخُولِهِ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمُتَقَدِّمِينَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَحْفَظْ فِيهِ قَوْلًا لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَنْزَلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَجَعَلَهُ بِمَثَابَتِهِ .
الرَّابِعُ : ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ كَانَ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ ، فَإِنَّمَا يُوَكِّلُ أَمِينًا وَظَاهِرُ مَا فِي التَّوْكِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فِي الْأَمَانَةِ ، وَظَاهِرُ إجَارَتِهَا اشْتِرَاطُ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِيهَا
إلَّا الطَّلَاقَ ، وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ ، وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ وَعَبْدِهِ ، أَوْ يُعَيِّنَ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ ، وَتَخَصَّصَ ، وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ
وَلِلْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ التَّصَرُّفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِمُوَكِّلِهِ .
( إلَّا الطَّلَاقَ ) لِزَوْجَةِ مُوَكِّلِهِ ( وَإِنْكَاحَ ) أَيْ تَزْوِيجَ ( بِكْرِهِ ) أَيْ مُوَكِّلِهِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ( وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ ) أَيْ مُوَكِّلِهِ ( وَ ) بَيْعَ ( عَبْدِ ) خَدَمْتِ ( هـ ) أَيْ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي وَكَالَةِ التَّفْوِيضِ الْعَامَّةِ الْجَامِعَةِ .
ابْنُ فَرْحُونٍ بَعْضُهُمْ يَسْتَثْنِي مِنْ الْوَكَالَةِ الْمُفَوَّضَةِ بَيْعَ دَارِ السُّكْنَى وَطَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَبَيْعَ الْعَبْدِ الْقَائِمِ بِأُمُورِ الْمُوَكِّلِ وَزَوَاجَ الْبِكْرِ ، لِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِأَنَّهَا لَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ الْوَكَالَةِ ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهَا الْوَكِيلُ بِإِذْنٍ خَاصٍّ .
وَفِي اللُّبَابِ إنْ فَوَّضَ إلَيْهِ جَمِيعَ أُمُورِهِ .
وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ مَعْزُولٌ عُرْفًا عَنْ طَلَاقِ الزَّوْجَةِ وَبَيْعِ دَارِ السُّكْنَى وَتَزْوِيجِ الْبِنْتِ وَعِتْقِ الْعَبْدِ .
وَعَطَفَ عَلَى يُفَوِّضَ ( أَوْ يُعَيِّنَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ مَا وَكَّلَهُ عَلَيْهِ ( بِنَصٍّ ) كَوَكَّلْتُكَ عَلَى كَذَا ( أَوْ ) بِ ( قَرِينَةٍ ) دَالَّةٍ عَلَى تَوْكِيلِهِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ .
ابْنُ الْحَاجِبِ شَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ أَوْ الْقَرِينَةِ أَوْ الْعَادَةِ ، فَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فَلَا يُقَيَّدُ حَتَّى يُقَيِّدَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِأَمْرٍ ( وَتَخَصَّصَ ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا لَفْظُ الْوَكَالَةِ الْعَامِّ كَاشْتَرِ لِي أَيْ الْأَثْوَابَ ، فَيُخَصِّصُهُ الْعُرْفُ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِ مُوَكِّلِهِ ، وَكَبَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ فِي أَيِّ سُوقٍ وَلَهَا سُوقٌ خَاصٌّ فَيُخَصِّصُهُ الْعُرْفُ بِهِ ( وَتَقَيَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا لَفْظُ الْمُوَكِّلِ الْمُطْلَقِ ، وَتَنَازَعَ تَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ فِي قَوْلِهِ ( بِالْعُرْفِ ) كَاشْتَرِ لِي ثَوْبًا وَبِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ فِي سُوقٍ فَيُقَيِّدُهُ الْعُرْفُ بِلَائِقِ
الثِّيَابِ وَمُعْتَادِ الْأَسْوَاقِ لِبَيْعِهَا وَالْعَامُّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ بِلَا حَصْرِ وَتَخْصِيصُهُ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَالْمُطْلَقُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ ، وَتَقْيِيدُهُ تَعْيِينُ بَعْضِ أَفْرَادِهِ .
فَلَا يَعْدُهُ إلَّا عَلَى بَيْعٍ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ ، أَوْ اشْتِرَاءٍ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَرَدُّ الْمَعِيبِ ، إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ
وَإِذَا خُصِّصَ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ أَوْ قُيِّدَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ( فَلَا يَعْدُهُ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ أَيْ لَا يُجَاوِزُ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ بِالتَّصَرُّفِ إلَى غَيْرِهِ ( إلَّا ) إذَا وَكَّلَهُ ( عَلَى بَيْعِ ) شَيْءٍ مُعَيِّنٍ ( فَلَهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( طَلَبُ الثَّمَنِ ) مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْهُ الشَّيْءَ الَّذِي وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ ( وَ ) لَهُ ( قَبْضُهُ ) أَيْ الثَّمَنِ مِنْهُ ، وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِهِ لَهُ وَإِذَا تَلِفَ مِنْ الْوَكِيلِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ فَلَا يَضْمَنُهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَمْلِكُ الْوَكِيلُ الْمُطَالَبَةَ بِالثَّمَنِ وَقَبْضَهُ .
خَلِيلٌ يَعْنِي أَنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْمَبِيعِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْوَكِيلِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ وَقَبْضُهُ فَلَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ وَتَعَذَّرَ قَبْضُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي ضَمِنَهُ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ لَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ عَدَمَهُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ .
الثَّانِي : قَيَّدَ فِي التَّوْضِيحِ لُزُومَهُ قَبْضَ الثَّمَنِ بِمَا إذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِعَدَمِ قَبْضِهِ .
أَبُو عِمْرَانَ لَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ فِي الرِّبَاعِ أَنَّ وَكِيلَ الْبِيَعِ لَا يَقْبِضُ ثَمَنَهَا فَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِهِ إلَيْهِ .
وَفِي الشَّامِلِ وَلَهُ قَبْضُ ثَمَنِ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ إلَّا الْعَادَةَ .
ابْنُ فَرْحُونٍ الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ إنْ أَرَادَ قَبْضَ ثَمَنِهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ مِنْهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى بَيْعِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ ، لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ أَنَّ وَكِيلَ بَيْعِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ لَا يَقْبِضُ ثَمَنَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلٍ خَاصٍّ عَلَى قَبْضِهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ بَلَدٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنَّ مُتَوَلِّي بَيْعِهَا يَتَوَلَّى قَبْضَ ثَمَنِهَا فَيُجْزِئُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَى الْوَكَالَةِ عَلَى الْبَيْعِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَكِيلِ بَيْعِ السِّلْعِ فَلَهُ
قَبْضُ ثَمَنِهَا ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ لَا غِنَى عَنْ قَوْلِهِ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ .
( أَوْ ) إلَّا إذَا وُكِّلَ عَلَى ( اشْتِرَاءٍ فَلَهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( قَبْضُ الْمَبِيعِ ) مِنْ بَائِعِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَمْلِكُ قَبْضَ الْمَبِيعِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ ، وَفِي قَبُولِهِ مُطْلَقًا نَظَرٌ ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلُ فَحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمَبِيعِ ، وَحَيْثُ لَا يَجِبُ لَا يَجِبُ لِلنُّكْتَةِ الَّتِي فَرَّقُوا بِهَا بَيْنَ وُجُوبِ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ مَا بَاعَهُ وَعَدَمِ صِحَّةِ قَبْضِ وَلِيِّ الثَّيِّبِ نَقْدَ وَلِيَّتِهِ دُونَ تَوْكِيلٍ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ هُوَ مُسَلِّمٌ الْمَبِيعَ لِمُبْتَاعِهِ ، وَلَيْسَ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ ا هـ .
الْحَطّ مَا قَالَهُ ظَاهِرٌ ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِيهِ دَفْعُ الثَّمَنِ .
( وَ ) لِلْوَكِيلِ عَلَى الشِّرَاءِ ( رَدُّ الْمَعِيبِ ) بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَالَ شِرَائِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِدُونِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ ( إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ ) أَيْ الْمَعِيبَ ( مُوَكِّلُهُ ) حِينَ تَوْكِيلِهِ عَلَى شِرَائِهِ فَإِنْ عَيَّنَهُ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَّا بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ اتِّفَاقًا لِاحْتِمَالِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ بِالْعَيْبِ وَاغْتِفَارِهِ لِغَرَضِهِ فِي الْمَبِيعِ .
وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ رَدُّهُ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِمُخَالَفَةِ الصِّفَةِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَإِنْ رَدَّهُ فَلِلْمُوَكِّلِ قَبُولُهُ وَتَضْمِينُ الْوَكِيلِ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ أَبُو عِمْرَانَ وَإِذَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِعَدَمِ الرَّدِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ فَالْمَخْلَصُ مِنْهُ رَفْعُهُ لِلْحَاكِمِ فَيَحْكُمُ لَهُ بِأَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ بِالْمَذْهَبِ الْآخَرِ .
وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمُثْمَنٍ ، مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ كَبَعَثَنِي فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ ، لَا لِأَشْتَرِيَ مِنْك ، وَبِالْعُهْدَةِ ، مَا لَمْ يَعْلَمْ
( وَطُولِبَ ) وَكِيلُ الشِّرَاءِ أَوْ الْبَيْعِ ( بِثَمَنٍ وَمُثْمَنٍ ) وَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ ( مَا لَمْ يُصَرِّحْ ) الْوَكِيلُ حِينَ الشِّرَاءِ أَوْ الْبَيْعِ ( بِالْبَرَاءَةِ ) مِنْ دَفْعِهِ الثَّمَنَ أَوْ الْمُثْمَنَ ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهَا فَلَا يُطَالِبُ حِينَئِذٍ ، وَإِنَّمَا الْمَطَالِبُ بِهِ مُوَكِّلُهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُطَالِبُ بِالثَّمَنِ وَالْمَثْمُونِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ وَالْعُهْدَةِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْوَكَالَةِ فِي النِّدَاءِ فِي التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ مِنْهَا .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ وَأَعْلَمَ بَائِعَهَا أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهَا لِفُلَانٍ فَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ نَقْدًا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا ، حَتَّى يَقُولَ لَهُ فِي الْعَقْدِ إنَّمَا يَنْقُدُك فُلَانٌ دُونِي فَالثَّمَنُ عَلَى الْآمِرِ حِينَئِذٍ .
وَشَبَّهَ فِي مُطَالَبَةِ الْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِ الْوَكِيلِ لِلْبَائِعِ ( بَعَثَنِي فُلَانٌ ) إلَيْك ( لِتَبِيعَهُ ) أَيْ فُلَانًا سِلْعَةَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا ، فَإِنْ بَاعَهُ فَالثَّمَنُ يُطْلَبُ مِنْ فُلَانٍ لَا مِنْ الرَّسُولِ إنْ أَقَرَّ فُلَانٌ بِإِرْسَالِهِ ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ فَيَطْلُبُ مِنْ الرَّسُولِ .
" ق " ابْنُ يُونُسَ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَ فُلَانٌ بَعَثَنِي إلَيْك لِتَبِيعَهُ فَهَذَا كَالشَّرْطِ الْمُؤَكَّدِ فَلَا يَتْبَعُ إلَّا فُلَانًا ، فَإِنْ أَنْكَرَ فُلَانٌ غَرِمَ الرَّسُولُ رَأْسَ الْمَالِ ( لَا ) يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ فُلَانٌ إنْ قَالَ الرَّسُولُ بَعَثَنِي إلَيْك ( لِأَشْتَرِيَ مِنْك ) سِلْعَةَ كَذَا .
ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ قَالَ إنِّي أَبْتَاعُهُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ يَنْقُدُك دُونِي فَلْيَتْبَعْ الْمَأْمُورَ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْآمِرُ فَلْيَتْبَعْ أَيَّهُمَا شَاءَ .
ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْمَأْمُورِ فَيَحْلِفُ وَيَبْرَأُ وَيَتْبَعُ الْمَأْمُورَ .
( وَ ) طُولِبَ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ ( بِالْعُهْدَةِ ) أَيْ ضَمَانِ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ وَاسْتِحْقَاقٍ ( مَا يَعْلَمُ ) الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ ، فَإِنْ
عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَالْمَطَالِبُ بِالْعُهْدَةِ الْمُوَكِّلُ لَا الْوَكِيلُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا مُفَوَّضًا ، فَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا طُولِبَ بِهَا وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ أَمْ لَا .
" ق " فِيهَا مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ بِأَمْرِهِ ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقْدِ إنَّهَا لِفُلَانٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى رَبِّهَا إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ فَعَلَى رَبِّهَا تُرَدُّ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ لَا عَلَى الْوَكِيلِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِفُلَانٍ حَلَفَ الْوَكِيلُ وَإِلَّا رُدَّتْ السِّلْعَةُ عَلَيْهِ وَمَا بَاعَ الطَّوَّافُونَ وَالنَّخَّاسُونَ وَمَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا اسْتِحْقَاقَ وَالتِّبَاعَةُ عَلَى رَبِّهَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا اُتُّبِعَ .
ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ شِرَاءِ الْوَكِيلِ وَبَيْعِهِ إنْ قَالَ الْمَبِيعُ لِفُلَانٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى فُلَانٍ ، وَإِنْ قَالَ أَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ يَنْقُدُ دُونِي ، لِأَنَّ الْعُهْدَةَ أَمْرُهَا خَفِيفٌ ، وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا أَبَدًا وَالثَّمَنُ فِي شِرَائِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْوَكِيلُ قَدْ وَلِيَ مُعَامَلَتَهُ وَقَبَضَ سِلْعَتَهُ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ عَلَى فُلَانٍ .
وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ ، نَقْدُ الْبَلَدِ
( وَتَعَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( فِي ) التَّوْكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ ( الْمُطْلَقِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِنَقْدٍ مَخْصُوصٍ ، وَفَاعِلُ تَعَيَّنَ ( نَقْدُ الْبَلَدِ ) الَّذِي يَبِيعُ الْوَكِيلُ فِيهِ ، " ق " فِي الْكَافِي مَنْ وُكِّلَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ ، وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " أَنْ يُبَاعَ الْعَرْضُ ، فَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فَهُوَ لِلْآمِرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ ضَمِنَهُ الْوَكِيلُ .
تت سَكَتَ عَنْ حُكْمِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ وَبَيْعِهِ بِعَرْضٍ أَوْ بِنَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْآمِرُ فِعْلَهُ وَيَأْخُذَ مَا بَاعَ بِهِ ، كَذَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي ، وَفِي وَكَالَتِهَا إنْ بَاعَ بِعَرْضٍ وَلَمْ يَفُتْ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ ، وَيُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ بَيْعِهِ وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ أَوْ نَقْضِهِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ ، وَإِنْ فَاتَ خُيِّرَ فِيمَا بِيعَتْ بِهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ قِيمَتَهَا وَيُسَلَّمُ الْعَرْضُ لِلْوَكِيلِ .
عِيَاضٌ وَهُوَ وِفَاقٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَقْدُ الْبَلَدِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ غَالِبِهِ .
وَلَائِقٌ بِهِ ، إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَتَرَدُّدٌ
( وَ ) تَعَيَّنَ فِي التَّوْكِيلِ عَلَى الشِّرَاءِ الْمُطْلَقِ شَيْءٌ ( لَائِقٌ ) أَيْ مُنَاسِبٌ ( بِهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ .
" ق " فِي سَلَمِهَا الثَّانِي مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " مَنْ أَمَرَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً أَوْ ثَوْبًا وَلَمْ يَصِفْ لَهُ ذَلِكَ ، فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ثِيَابِ الْآمِرِ وَخَدَمِهِ جَازَ وَلَزِمَ الْآمِرَ ، وَإِنْ ابْتَاعَ لَهُ مَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ خَدَمِهِ وَلَا مِنْ ثِيَابِهِ فَذَلِكَ لَازِمٌ لِلْمَأْمُورِ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ، وَيَتَعَيَّنُ اللَّائِقُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ ) الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ ( الثَّمَنَ ) الَّذِي يَشْتَرِي بِهِ مَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهِ ، وَنَقَصَ الْمُسَمَّى عَنْ ثَمَنِ اللَّائِقِ وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ إلَّا مَا لَا يَلِيقُ ( فَتَرَدُّدٌ ) أَيْ تَأْوِيلَانِ فِي جَوَازِ شِرَاءِ مَا لَا يَلِيقُ وَعَدَمِهِ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ سَمَّى الثَّمَنَ وَلَمْ يَصِفْ فَلَا يُبَالِي مَا اشْتَرَى لَهُ كَانَ يُشْبِهُهُ أَوْ لَا يُشْبِهُهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَبَانَ لَهُ قَدْرَ ذَلِكَ .
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يُشْبِهُهُ وَإِنْ سَمَّى الثَّمَنَ خَاصَّةً ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ، ثَانِيهَا لَمْ يُسَمِّ وَلَمْ يَصِفْ فَيَلْزَمُهُ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ مِمَّا يُشْبِهُهُ مِنْ ثِيَابِهِ وَخَدَمِهِ .
وَثَالِثُهَا أَنْ يُسَمِّيَ وَيَصِفَ فَيَلْزَمَهُ مَا يَشْتَرِيهِ بِالْمُسَمَّى أَوْ فَوْقَهُ بِيَسِيرٍ أَوْ بِدُونِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ، وَرَابِعُهَا أَنْ يَصِفَ وَلَا يُسَمِّيَ فَلَا يُبَالِي بِمَا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ .
وَثَمَنُ الْمِثْلِ وَإِلَّا خُيِّرَ ، كَفُلُوسٍ ، إلَّا مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ لِخِفَّتِهِ ، كَصَرْفِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّأْنَ ، وَكَمُخَالَفَتِهِ مُشْتَرًى عُيِّنَ ، أَوْ سُوقًا ، أَوْ زَمَانًا أَوْ بَيْعِهِ بِأَقَلَّ ، أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ كَثِيرًا ؛ إلَّا كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ وَصُدِّقَ فِي دَفْعِهِمَا وَإِنْ سَلِمَ ، مَا لَمْ يَطُلْ
( وَ ) تَعَيَّنَ فِي التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ ( ثَمَنُ الْمِثْلِ ) لِلْمَبِيعِ أَوْ الْمُشْتَرَى .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " إنْ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ ابْتَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَلَا يَلْزَمُك كَبَيْعِهِ الْأَمَةَ ذَاتَ الثَّمَنِ الْكَثِيرِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ كُلُّهُ إنْ لَمْ يَفُتْ ، فَإِنْ فَاتَ لَزِمَ الْوَكِيلَ الْقِيمَةُ وَلَوْ بَاعَ بِمَا يُشْبِهُ جَازَ بَيْعُهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِ التَّسْمِيَةِ لِلثَّمَنِ مُسْقِطَةً عَنْ الْوَكِيلِ النِّدَاءَ وَالْإِشْهَارَ وَالْمُبَالَغَةَ فِي الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا ابْنُ بَشِيرٍ لَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ سَمَّاهُ فَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِ إشْهَارٍ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إمْضَاؤُهُ ، وَالثَّانِي رَدُّهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّسْمِيَةِ عَدَمُ نَقْصِ الثَّمَنِ وَطَلَبُ الزِّيَادَةِ وَلَوْ ثَبَتَ أَحَدُ الْقَصْدِينَ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ .
وَبَيَّنَ حُكْمَ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ نَقْدَ الْبَلَدِ وَاللَّائِقَ وَثَمَنَ الْمِثْلِ فَقَالَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ بِأَنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَى بِزَائِدٍ عَلَيْهِ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً الْمُوَكِّلُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " إنْ بَاعَ بِغَيْرِ الْعَيْنِ عَنْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَضْمَنَ الْمَأْمُورُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْآمِرُ فِعْلَهُ وَيَأْخُذَ مَا بَاعَ بِهِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا بِغَيْرِ الْعَيْنِ فَلَهُ تَرْكُ مَا اشْتَرَى وَالرِّضَا بِهِ وَيَدْفَعُ مِثْلَ مَا أَدَّى .
وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَ ( كَ ) بَيْعِهِ بِ ( فُلُوسٍ ) نُحَاسٍ فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ فِي إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ لِأَنَّهَا كَالْعَرْضِ ( إلَّا مَا ) أَيْ عَرْضًا ( شَأْنُهُ ذَلِكَ ) أَيْ بَيْعُهُ بِفُلُوسٍ ( لِخِفَّةِ ) ثَمَنِ ( هـ ) فَبَيْعُهُ بِهَا لَازِمٌ الْمُوَكِّلَ ، إذْ الْفُلُوسُ
بِالنِّسْبَةِ لَهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ ، فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِفُلُوسٍ فَهِيَ كَالْعُرُوضِ إلَّا أَنْ تَكُونَ سِلْعَةً خَفِيفَةَ الثَّمَنِ إنَّمَا تُبَاعُ بِالْفُلُوسِ وَمَا أَشْبَهَهَا ، فَالْفُلُوسُ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَيْ وَبَاعَهَا بِالْعُرْفِ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَمْ يَتَعَدَّ .
وَعَطَفَ عَلَى كَفُلُوسٍ الْمُشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ ( وَكَصَرْفِ ذَهَبٍ ) دَفَعَهُ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ لِيُسْلِمَهُ فِي طَعَامٍ لَهُ فَصَرَفَهُ ( بِفِضَّةٍ ) وَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَ الْوَكِيلُ الطَّعَامَ خُيِّرَ مُوَكِّلُهُ فِي قَبْضِهِ وَتَرْكِهِ وَتَغْرِيمِ الْوَكِيلِ مِثْلَ ذَهَبِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ تَعَيَّنَ تَغْرِيمُهُ مِثْلَ الذَّهَبِ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ الْمُوَكِّلِ الطَّعَامَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِانْعِقَادِ السَّلَمِ لِلْوَكِيلِ بِمُخَالِفَتِهِ وَفُسِخَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) صَرْفُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِهِ ( الشَّأْنَ ) أَيْ الْمُعْتَادَ بَيْنَ النَّاسِ فِي شِرَاءِ تِلْكَ السِّلْعَةِ أَنْ لَا يُسْلِمَ إلَّا الْفِضَّةَ وَيَكُونُ نَظَرًا فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ .
" ق " فِيهَا إنْ دَفَعْتَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ يُسْلِمُهَا لَك فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يُسْلِمْ حَتَّى صَرَفَهَا دَرَاهِمَ ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الشَّأْنَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَكَانَ نَظَرًا لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ فِيمَا يُسْلَمُ فِيهِ أَفْضَلُ فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَإِلَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا ، وَضَمِنَ الدَّنَانِيرَ وَلَزِمَهُ الطَّعَامُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ لَك إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ فَأَنْتَ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ دَنَانِيرِك مِنْهُ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي التَّخْيِيرِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ ( وَكَمُخَالَفَتِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الشِّرَاءِ ( مُشْتَرًى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ( عُيِّنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ عَيَّنَهُ
الْمُوَكِّلُ كَاشْتَرِ لِي الْفَرَسَ الْفُلَانِيَّ فَاشْتَرَى لَهُ غَيْرَهُ فَلِمُوَكِّلِهِ الْخِيَارُ فِي رَدِّهِ وَالرِّضَا بِهِ ، وَيَصِحُّ كَسْرُ الرَّاءِ كَبِعْ لِفُلَانٍ فَبَاعَ لِغَيْرِهِ .
" ق " ابْنُ الْحَاجِبِ مُخَصَّصَاتُ الْمُوَكِّلِ مُتَعَيِّنَةٌ كَالْمُشْتَرَى وَالزَّمَانِ وَالسُّوقِ ، فَإِنْ خَالَفَ فَالْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ ( أَوْ ) مُخَالَفَتِهِ بِبَيْعِهِ أَوْ شِرَائِهِ ( فِي سُوقٍ ) غَيْرِ السُّوقِ الَّذِي عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فَيُخَيَّرُ ( أَوْ ) مُخَالَفَتِهِ فِي ( زَمَانٍ ) عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فِيهِ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى فِي غَيْرِهِ فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ مُخَصَّصَاتُ الْمُوَكِّلِ مُعْتَبَرَةٌ لَوْ قَالَ بِعْ مِنْ زَيْدٍ فَلَا يَبِيعُ مِنْ غَيْرِهِ ، وَلَوْ خَصَّصَ سُوقًا تَتَفَاوَتُ فِيهَا الْأَغْرَاضُ تَخَصَّصَ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ أُمِرَ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ مَوْصُوفَةٍ بِبَلَدٍ فَاشْتَرَاهَا بِبَلَدٍ دُونَهُ خُيِّرَ الْآمِرُ فِي أَخْذِهَا وَضَمَانِهَا مِنْ الْمَأْمُورِ ، زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ كَانَتْ بِالْمَوْضِعِ الْمُسَمَّى أَرْخَصَ أَوْ أَغْلَى .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ تَسَاوَى سِعْرَا الْمَوْضِعَيْنِ فَلَيْسَ بِمُتَعَدٍّ وَضَمَانُهَا مِنْ الْآمِرِ .
( أَوْ ) خَافَ بِ ( بَيْعِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( بِ ) ثَمَنٍ ( أَقَلَّ ) مِمَّا سَمَّى لَهُ مُوَكِّلُهُ وَلَوْ يَسِيرًا فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الْبَيْعِ طَلَبُ الزِّيَادَةِ .
" ق " سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِخَمْسَةٍ ، فَإِنَّ عَلَيْهِ تَمَامَ الْعَشَرَةِ لَا الْقِيمَةَ .
ابْنُ بَشِيرٍ إذَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعٍ فَبَاعَ بِأَقَلَّ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلَوْ نَقَصَ الْيَسِيرَ ( أَوْ ) خَالَفَ فِي ( اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ ) مِمَّا سُمِّيَ لَهُ ( كَثِيرًا ) فَيُخَيَّرُ ، وَأَمَّا يَسِيرًا فَلَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ تُسْتَخَفُّ فِي الشِّرَاءِ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضِ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ وَجَمَاعَةٌ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَسَاوِيهِمَا وَذَكَرَهُ أَبُو
الْحَسَنِ عَنْ النَّظَائِرِ وَالتِّلْمِسَانِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِحَذْفِ كَثِيرًا مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي .
الْحَطّ وَتَخْيِيرُهُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلَا بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، وَبِعَدَمِ الْتِزَامِ الْوَكِيلِ الزِّيَادَةَ كَمَا سَيَأْتِي .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " وَمَنْ أَبْضَعَ مَعَ رَجُلٍ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ وَوَصَفَهَا لَهُ فَاشْتَرَاهَا لَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بِنِصْفِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ دِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُزَادُ عَلَى الثَّمَنِ لَزِمَتْ الْآمِرَ إنْ كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ وَكَانَتْ مُصِيبَتُهَا مِنْهُ إنْ مَاتَتْ ، وَإِنْ زَادَ زِيَادَةً كَثِيرَةً لَا يُزَادُ مِثْلُهَا عَلَى الثَّمَنِ خُيِّرَ الْآمِرُ فِي دَفْعِ الزِّيَادَةِ ، وَأَخْذِ الْجَارِيَةِ ، فَإِنْ أَبَى لَزِمَتْ الْمَأْمُورَ وَغَرِمَ لِلْآمِرِ مَا أَبْضَعَ مَعَهُ ، وَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْآمِرُ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمَأْمُورِ وَيَغْرَمُ لِلْآمِرِ مَالَهُ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ فَقَالَ ( إلَّا كَدِينَارَيْنِ ) يَزِيدُهُمَا الْوَكِيلُ ( فِي ) شِرَاءِ مَا وُكِّلَ عَلَى شِرَائِهِ بِ ( أَرْبَعِينَ ) دِينَارًا فَلَا يُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ تُغْتَفَرُ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضِ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا دِينَارَيْنِ بِلَا النَّافِيَةِ بَدَلَ الِاسْتِثْنَائِيَّة الْحَطّ وَهُوَ أَحْسَنُ فَهُوَ مُخْرِجٌ مِنْ قَوْلِهِ بِأَقَلَّ ، قَالَهُ تت .
طفي كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَكَذَا فِي كَبِيرِهِ ، وَلَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ كَثِيرًا كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .
( وَصُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْوَكِيلُ ( فِي ) دَعْوَى ( دَفْعِهِمَا ) أَيْ الدِّينَارَيْنِ اللَّذَيْنِ زَادَهُمَا عَلَى الْأَرْبَعِينَ الَّتِي أَمَرَهُ مُوَكِّلُهُ بِالشِّرَاءِ بِهَا مِنْ مَالِهِ لِلْبَائِعِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ لِمُوَكِّلِهِ ، وَكَذَا ( إنْ سَلَّمَ ) هـ لَهُ ( مَا لَمْ يَطُلْ ) الزَّمَنُ بَعْدَ
تَسْلِيمِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ ، فَإِنْ طَالَ فَلَا يُصَدَّقُ ، فِي التَّوْضِيحِ هَلْ يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ فِي دَفْعِهِ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ تَرَدَّدَ فِيهِ التُّونِسِيُّ ، وَيَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي دَفْعِهَا قَبُولُ قَوْلِهِ فِيهَا ، فَلِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ .
" ق " ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ قَالَ زِدْت دِينَارًا وَدِينَارَيْنِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَيْت ، وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ حَلَفَ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ ، وَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ مَحْصُورَةً فِي هَذَا الْحِسَابِ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَا يُزَادُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَزِيدَهُ إنَّمَا هَذَا إذَا زَادَهُ لَزِمَ مُوَكِّلَهُ ابْنُ شَاسٍ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ أَوْ قُرْبَ التَّسْلِيمِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي ذِكْرِهِ بَعْدَ الطُّولِ .
( تَنْبِيهٌ ) الْحَطّ هَذَا كُلُّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ الْحُكْمَ بَعْدَ الْوُقُوعِ بِقَوْلِهِ وَالْأَخِيرُ إلَخْ .
تت ذَكَرَ مَسْأَلَةَ اللَّائِقِ مَعَ فَهْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَتَخَصَّصَ بِالْعُرْفِ لِلنَّصِّ عَلَى عَيْنِهَا وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُسَمَّى فَتَرَدَّدَ ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا لَا يَنْدَرِجُ فِيمَا قَبْلَهُ ، فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِقَصْرِ الدَّابَّةِ عَلَى الْحِمَارِ ، وَقَالَ لَهُ اشْتَرِ دَابَّةً فَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا حِمَارًا ، فَإِنْ كَانَ أَفْرَادُ الْحَمِيرِ مُتَفَاوِتَةً فَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا حِمَارًا لَائِقًا بِهِ ، فَاللَّائِقُ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ ، إذْ هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ فَرْدٍ بِخُصُوصِهِ .
الْبُنَانِيُّ لَعَلَّ " ح " رَاعَى الْعُرْفَ الْخَاصَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ وَابْنُ عَاشِرٍ رَاعَى عُرْفَ الْبَلَدِ ، وَمَا ذَكَرَهُ " ح " ظَاهِرٌ .
وَحَيْثُ خَالَفَ فِي اشْتِرَاءٍ لَزِمَهُ ، إنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ ، كَذِي عَيْبٍ ، إلَّا أَنْ يَقِلَّ ، وَهُوَ فُرْصَةٌ ، أَوْ فِي بَيْعٍ ، فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ وَلَوْ رِبَوِيًّا بِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ عَلَى الْأَحْسَنِ
( وَحَيْثُ خَالَفَ ) الْوَكِيلُ ( فِي اشْتِرَاءٍ ) بِأَنْ اشْتَرَى غَيْرَ لَائِقٍ أَوْ غَيْرَ مَا عَيَّنَهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ ( لَزِمَهُ ) أَيْ الِاشْتِرَاءُ الْوَكِيلَ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ ( إنْ لَمْ يَرْضَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرَى بِفَتْحِ الرَّاءِ ( مُوَكِّلُهُ ) وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْوَكِيلِ فَقَالَ ( كَ ) مُشْتَرَى بِالْفَتْحِ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( عَيْبٍ ) أَيْ مَعِيبٍ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ عَلِمَهُ الْوَكِيلُ حِينَ شِرَائِهِ أَوْ رَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ ، فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَقِلَّ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَشَدِّ اللَّامِ الْعَيْبُ ( وَ ) الْحَالُ ( هُوَ ) أَيْ الشِّرَاءُ ( فُرْصَةٌ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ ، أَيْ نَادِرُ الْوُقُوعِ لِكَثْرَةِ الرُّخْصِ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ ( أَوْ ) خَالَفَ الْوَكِيلُ ( فِي بَيْعٍ ) بِأَنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّى لَهُ ( فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ ) فِي رَدِّهِ وَإِمْضَائِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ ، فَإِنْ فَاتَ فَلِمُوَكِّلِهِ تَغْرِيمُهُ نَقْصَ مَا بَاعَ بِهِ عَنْ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( رِبَوِيًّا ) أَيْ يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ بِأَنْ كَانَ طَعَامًا مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا أَوْ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا بَاعَهُ ( بِمِثْلِهِ ) أَيْ الرِّبَوِيِّ .
" ق " ابْنُ بَشِيرٍ خَالَفَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ فَبَاعَ رِبَوِيًّا بِرِبَوِيٍّ كَعَيْنٍ بِعَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ فَهَلْ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ قَوْلَانِ وَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ هَلْ هُوَ كَالشَّرْطِيِّ .
اللَّخْمِيُّ إنْ بَاعَ طَعَامًا بِطَعَامٍ فَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ الثَّانِيَ ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ ، وَقَالَ لَيْسَ لِلْآمِرِ إلَّا مِثْلُ طَعَامِهِ ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ ، قَالَ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ حُرَّةً بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ زَنَتْ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ السَّيِّدُ فَقَالَ إنْ أَجَازَ السَّيِّدُ رُجِمَتْ ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا تُرْجَمُ فَجَعَلَهُ إذَا أَجَازَهُ كَأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ مِنْ
الْأَوَّلِ ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ الثَّانِيَ .
وَمَحَلُّ تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ ( إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ ) لِمُوَكِّلِهِ ( الزَّائِدَ ) عَلَى مَا بَاعَ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَعَلَى مَا سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ فِي الشِّرَاءِ ، فَإِنْ الْتَزَمَهُ فَلَا خِيَارَ لِمُوَكِّلِهِ ( عَلَى الْأَحْسَنِ ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْخِلَافِ " ق " فِيهَا إنْ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ ابْتَاعَ بِمَا لَا يُشْبِهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ وَلَهُ رَدُّهُ مَا لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ قِيمَتُهَا ابْنُ بَشِيرٍ إنْ قَالَ أَنَا أُتِمُّ مَا نَقَصَتْ فَهَلْ يَتْرُكُ وَيَمْضِي الْبَيْعُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ لِتَعَدِّيهِ فِي الْبَيْعِ ، وَالثَّانِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِتَمَامِ مَقْصِدِ الْآمِرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَحْكِ الصِّقِلِّيُّ غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَيْسَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يُلْزِمَ الْآمِرَ بِالْمُشْتَرَى بِمَا أَمَرَهُ ، وَيَحُطُّ الزِّيَادَةَ عَنْهُ .
ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مِنْهُ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ مَنْ أُمِرَ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِأَلْفٍ فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ فِيمَا رَجَعَ إلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَلَا يَجْرِي مِنْ الْقَوْلِ بِقَبُولِ إتْمَامِ الْمَأْمُورِ فِي الْبَيْعِ الْقَوْلُ بِقَبُولِهِ إتْمَامَهُ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ قَبُولَهُ فِي النِّكَاحِ غَضَاضَةٌ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ إنْ حَدَثَ ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ جَرْيَ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَحْرَوِيًّا .
لَا إنْ زَادَ فِي بَيْعٍ ، أَوْ نَقَصَ فِي اشْتِرَاءٍ ، أَوْ اشْتَرِ بِهَا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا وَعَكَسَهُ ، أَوْ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَتَيْنِ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمَا وَإِلَّا خُيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ ، أَوْ أَخَذَ فِي سَلَمِك حَمِيلًا ، أَوْ رَهْنًا ، وَضَمِنَهُ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ ، وَرِضَاك وَفِي بِذَهَبٍ بِدَرَاهِمَ ، وَعَكْسِهِ ، قَوْلَانِ
( لَا ) يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ ( إنْ زَادَ ) الْوَكِيلُ ( فِي بَيْعٍ ) عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ كَبِعْ هَذَا بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ ( أَوْ نَقَصَ ) الْوَكِيلُ عَمَّا سَمَّى لَهُ ( فِي اشْتِرَاءٍ ) كَاشْتَرِ بِعَشَرَةٍ هَذَا الشَّيْءَ فَاشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ لِأَنَّ هَذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُوَكِّلِ " ق " ابْنُ بَشِيرٍ إنْ خَالَفَ فِي بَيْعٍ بِزِيَادَةٍ كَقَوْلِهِ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَوْ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ فَبَاعَهُ بِهَا نَقْدًا فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَرْطِ مَا لَا يُفِيدُ يُوَفَّى بِهِ أَمْ لَا .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا كَمَا قَالَ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ إنْ دَفَعَ لِوَكِيلِهِ عَشَرَةً وَقَالَ لَهُ ( اشْتَرِ بِهَا ) أَيْ الْعَشَرَةِ سِلْعَةَ كَذَا ( فَاشْتَرَى ) الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ الَّتِي سَمَّاهَا مُوَكِّلُهُ بِعَشَرَةٍ ( فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا ) أَيْ دَفَعَ الْعَشَرَةَ لِلْبَائِعِ ( وَ ) لَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ فِي ( عَكْسِهِ ) أَيْ الْمَذْكُورِ بِأَنْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ عَشَرَةً .
وَقَالَ لَهُ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِعَشَرَةٍ فِي الذِّمَّةِ وَادْفَعْ الْعَشَرَةَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَخَالَفَ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَ بِهِ مُوَكِّلُهُ وَاشْتَرَى السِّلْعَةَ الَّتِي سَمَّاهَا الْمُوَكِّلُ بِعَيْنِ الْعَشَرَةِ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا أَسْلَمَ لَهُ أَلْفًا وَقَالَ اشْتَرِ بِهَا كَذَا فَاشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَ الْأَلْفَ أَوْ اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ وَسَلِّمْ الْأَلْفَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ صَحَّ فِيهِمَا ا هـ .
وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ بِشَرْطٍ لَا يُقَيَّدُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ ، أَمَّا إنْ ظَهَرَ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَكِّلِ فَائِدَةٌ ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا إشْكَالٍ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ لِلشَّافِعِيَّةِ كَلَامًا فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ إنْ ظَهَرَ فِيمَا رَسَمَهُ الْمُوَكِّلُ غَرَضٌ فَمُخَالَفَتُهُ عَدَاءٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضُهُ إلَّا تَحْصِيلَ السِّلْعَةِ
فَلَيْسَ بِعَدَاءٍ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ دَفَعَ الدَّنَانِيرَ وَدِيعَةً فَدَفَعَهَا الْوَكِيلُ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا إذَا قِيلَ بِتَعَيُّنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ، إذْ قَدْ يَتَعَلَّقُ لِلْآمِرِ بِعَيْنِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ إمَّا لِشُبْهَةٍ فِيهَا فَلَا يَجِبُ تَفْوِيتُهَا بِالشِّرَاءِ بِهَا حَتَّى يَنْظُرَ فِي إصْلَاحِ شُبْهَتِهَا أَوْ يَتَحَقَّقَ كَسْبَهَا فَيَجِبُ الشِّرَاءُ بِهَا لِقُوتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْصِدُهُ الْعُقَلَاءُ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حَكَمَ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ بِحُكْمِ التَّعَدِّي بِقَيْدِ كَوْنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَمُسَلَّمٌ ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بِحُكْمِ التَّعَدِّي مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، رُدَّ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِالتَّعَدِّي لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِتَعَدِّيهِ غُرْمُ مِثْلِ دَنَانِيرِ الْآمِرِ وَيَجِبُ عَلَى الْآمِرِ غُرْمُ مِثْلِهِ وَهَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ ا هـ .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ إنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ ( شَاةً ) مَثَلًا ( بِدِينَارٍ ) مَثَلًا دَفَعَهُ لَهُ ( فَاشْتَرَى ) الْوَكِيلُ ( بِهِ ) أَيْ الدِّينَارِ شَاتَيْنِ ( اثْنَتَيْنِ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُ ) إحْدَا ( هُمَا ) عَنْ الْأُخْرَى بِالشِّرَاءِ لِامْتِنَاعِ الْبَائِعِ مِنْهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ إفْرَادُ إحْدَاهُمَا بِالشِّرَاءِ وَاشْتَرَاهُمَا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَزِمَتْ الْأُولَى إنْ اشْتَرَاهُمَا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ ، وَإِحْدَاهُمَا إنْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا الْمُوَكِّلُ .
( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً الْمُوَكِّلُ ( فِي ) أَخْذِ الشَّاةِ ( الثَّانِيَةِ ) وَتَرْكِهَا لِلْوَكِيلِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ أَصْبَغُ تَلْزَمَانِ الْمُوَكِّلَ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ وُكِّلَ عَلَى شِرَاءِ جَارِيَةٍ مَوْصُوفَةٍ بِثَمَنٍ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَتَيْنِ بِصِفَتِهَا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ اشْتَرَاهُمَا فِي عُقْدَتَيْنِ أَوْ كَانَتْ
إحْدَاهُمَا عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ لَزِمَتْ الْأَوْلَى أَوْ الَّتِي عَلَى الصِّفَةِ وَالْآمِرُ فِي الْأُخْرَى بِالْخِيَارِ ، وَإِلَّا فَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَيْرِهِمَا لَزِمَتَا الْآمِرَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِهِمَا أَوْ إحْدَاهُمَا بِمَنَابِهَا مِنْ الثَّمَنِ أَصْبَغُ يَلْزَمَانِهِ مُطْلَقًا عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِهِمَا أَوْ تَرْكِهِمَا .
وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شِرَاءِ وَاحِدَةٍ لَزِمَتَاهُ أَحْسَنَ ، وَلَا يَخْتَلِفُ فِيهِ إنَّمَا الْخِلَافُ إنْ قَدَرَ الْمَازِرِيُّ يَحْتَجُّ لِأَصْبَغَ { بِحَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ وَبَاعَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ ، فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى لَهُ تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ } ، فَلَوْ لَا أَنَّ الشَّاةَ الْمَبِيعَةَ لَازِمَةٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَارَتْ عَلَى مِلْكِهِ لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهَا وَلَا أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَقِيلَ إنَّ الشَّاةَ الْمَبِيعَةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَى مِلْكِ حَكِيمٍ لَمَا بَاعَهَا وَلَا أَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَيْعِهَا وَإِنَّمَا بَاعَهَا عَلَى مِلْكِهِ ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِيَارُ فِي قَبُولِهَا ، لِأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قُلْت حَدِيثُ حَكِيمٍ لَمْ أَعْلَمْهُ إلَّا مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى الْأُضْحِيَّةَ فَرَبِحَ فِيهَا دِينَارًا فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا فَجَاءَ بِالْأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ } ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ حَكِيمٍ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .
وَرَوَى
الْبُخَارِيُّ عَنْ شَبِيبِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْت أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ شَاةً قَالَ فَاشْتَرَيْت شَاتَيْنِ فَبِعْت إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجِئْت بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت لَهُ مَا كَانَ مِنْ الْأَمْرِ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَةِ يَمِينِك ، فَكَانَ يَخْرُجُ إلَى سُوقِ الْكُوفَةِ فَيَرْبَحُ الرِّبْحَ الْعَظِيمَ } .
قُلْت فَالِاسْتِدْلَالُ بِحَدِيثِ عُرْوَةَ هُوَ الصَّوَابُ لَا بِحَدِيثِ حَكِيمٍ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ فِي سَمَاعِهِ عِيسَى بْنَ رُشْدٍ قَوْلُ مُحَمَّدٍ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لَك يَا مُوَكِّلُ إنْ دَفَعْت لِوَكِيلِك مَالًا وَقُلْت لَهُ أَسْلِمْهُ فِي كَذَا فَأَسْلَمَهُ فِيهِ وَ ( أَخَذَ ) الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَمْرِك ( فِي سَلَمِك ) يَا مُوَكِّلُ الَّذِي وَكَّلْته عَلَيْهِ ( حَمِيلًا ) بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ تَوَثُّقٌ وَمَصْلَحَةٌ لَك ( أَوْ ) أَخَذَ لَك فِي سَلَمِك ( رَهْنًا ) بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِذَلِكَ ( وَضَمِنَهُ ) أَيْ الْوَكِيلُ الرَّهْنَ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ الَّذِي أَخَذَ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي سَلَمِك إنْ تَلِفَ ( قَبْلَ عِلْمِك ) يَا مُوَكِّلُ ( بِهِ ) أَيْ الرَّهْنِ ( وَرِضَاك ) يَا مُوَكِّلُ ( بِهِ ) وَمَفْهُومُ قَبْلَ عِلْمِكَ بِهِ .
.
.
إلَخْ أَنَّ ضَمَانَهُ بَعْدَهُمَا مِنْك ، وَهُوَ كَذَلِكَ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ رَدَدْته لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ حَبْسُهُ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ أَمَرْته أَنْ يُسْلِمَ لَك فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ وَأَخَذَ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا بِغَيْرِ أَمْرِك جَازَ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ فَهُوَ مِنْ الْوَكِيلِ ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك فَهُوَ مِنْك وَإِنْ رَدَدْته لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ حَبْسُهُ .
( وَفِي ) تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ
وَعَدَمِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ بِعْ هَذَا الشَّيْءَ بِ ( ذَهَبٍ ) فَخَالَفَهُ وَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ ( فِي ) بَيْعِهِ ( بِدَرَاهِمَ وَفِي عَكْسِهِ ) أَيْ الْمَذْكُورِ بِأَنْ قَالَ لَهُ بِعْهُ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِذَهَبٍ ( قَوْلَانِ ) الْمَازِرِيُّ عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسَانِ أَوْ جِنْسٌ ، وَالْمُعْتَدُّ اعْتِبَارُ عَادَةِ الْمُتَعَامِلِينَ فِي تُسَاوِيهِمَا وَعَدَمِهِ .
اللَّخْمِيُّ مَحَلُّهُمَا عِنْدَ اتِّحَادِ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ قَالَهُ تت " ق " اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ بِدَنَانِيرَ فَبَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَ بِدَنَانِيرَ وَمَا بَاعَ بِهِ مِثْلُ مَا سَمَّى لَهُ فِي الْقِيمَةِ ، وَأَرَى أَنَّهُ مَاضٍ لِسَدِّ كُلٍّ مِنْهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ لِغَرَضِ الْآمِرِ فَيَرُدَّ الْبَيْعَ فِيهِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ وَغَابَ الْمُشْتَرِي فَالْآمِرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ أَوْ يُبَاعَ الثَّمَنُ وَيَشْتَرِيَ بِهِ مِثْلَ مَا أَمَرَ الْمَازِرِيُّ فِي هَذَا الْأَصْلِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ أَوْ جِنْسَانِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَهُ دَنَانِيرَ فَتَسَلَّفَهَا وَرَدَّهَا دَرَاهِمَ لَمْ يَبْرَأْ اتِّفَاقًا ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ دَنَانِيرَ فَرَدَّهُ الْعَامِلُ دَرَاهِمَ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ قَبُولُهَا .
وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ فِي : لَا أَفْعَلُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ
( وَحَنِثَ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ خَالَفَ الْمُوَكِّلُ يَمِينَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِيهِ حِنْثُهُ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( بِ ) سَبَبِ ( فِعْلِهِ ) أَيْ وَكِيلِهِ ( فِي ) حَلِفِ الْمُوَكِّلِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَثَلًا ( لَا أَفْعَلُهُ ) أَيْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ فَعَلَهُ وَكِيلُهُ فَيَحْنَثُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ تَلَبُّسِهِ ( بِنِيَّةٍ ) مِنْ الْمُوَكِّلِ حَالَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ وَكِيلُهُ " ق " ابْنُ رُشْدٍ يَدُ الْوَكِيلِ كَيَدِ مُوَكِّلِهِ فِيمَا وَكَّلَهُ عَلَيْهِ ، فَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا وَوَكَّلَ عَلَى فِعْلِهِ فَهُوَ حَانِثٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى فِعْلِهِ فَقَدْ بَرِئَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ الْحَطّ وَنَقَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ .
وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ
( وَمُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( ذِمِّيٌّ ) أَيْ تَوْكِيلُهُ ( فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ ) لِدَيْنٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ شُرُوطَهَا وَمَوَانِعَهَا وَلِتَعَمُّدِ مُخَالَفَتِهَا إنْ عَلِمَهَا لِاعْتِقَادِهِ عَدَمَ صِحَّتِهَا وَأَوْلَى حَرْبِيٌّ " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَأْجِرَ نَصْرَانِيًّا إلَّا لِلْخِدْمَةِ فَأَمَّا لِبَيْعٍ أَوْ لِشِرَاءٍ أَوْ لِتَقَاضٍ أَوْ لِيُبْضِعَ مَعَهُ فَلَا يَجُوزُ لِعَمَلِهِمْ بِالرِّبَا وَاسْتِحْلَالِهِمْ لَهُ ، وَكَذَلِكَ عَبْدُهُ النَّصْرَانِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَلَا شِرَائِهِ وَلَا اقْتِضَائِهِ وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ أَنْ يَأْتِيَ الْكَنِيسَةَ وَلَا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُشَارِكُ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا إلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَاقِيَهُ إذَا كَانَ الذِّمِّيُّ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا وَلَا أُحِبُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَدْفَعَ لِذِمِّيٍّ قِرَاضًا لِعَمَلِهِ بِالرِّبَا وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ قِرَاضًا لِئَلَّا يُذِلَّ نَفْسَهُ .
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَإِنْ وَقَعَ فَلَا يُفْسَخُ الْحَطّ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ اطَّلَعَ الْمُسْلِمُ فِي تَعَاوُضِ الذِّمِّيِّ لِوَكَالَتِهِ فِي خَمْرِهِ تَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا وَفِي الرِّبَا بِالزِّيَادَةِ فَقَطْ .
وَلَوْ فَعَلَ وَهُوَ يَعْلَمُ حُرْمَتَهُ وَعَدَمَ إرَادَةِ الْمُسْلِمِ لَهُ غَرِمَ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ ا هـ .
وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ .
وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ
( وَ ) مُنِعَ أَنْ يُوَكَّلَ ( عَدُوٌّ ) مُسْلِمٌ ( عَلَى عَدُوِّهِ ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الضَّرَرِ وَالضِّرَارِ .
ابْنُ فَرْحُونٍ وَلِلْحَاكِمِ عَزْلُهُ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ مِنْ الْمَوَانِعِ مِنْ التَّوْكِيلِ الْعَدَاوَةُ فَلَا يُوَكَّلُ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ لِمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ الضَّرَرِ وَالضِّرَارِ .
الْحَطّ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُبَاحُ لِأَحَدٍ تَوْكِيلُ عَدُوِّ خَصْمِهِ عَلَى الْخِصَامِ وَلَا عَدُوَّ الْمُخَاصِمِ عَنْ خَصْمِهِ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيِّنٌ .
ابْنُ سَلْمُونٍ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْخِصَامِ فَوَكَّلَ خَصْمَهُ وَكِيلًا آخَرَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْوَكِيلَيْنِ عَدَاوَةٌ فَقَالَ الَّذِي أَرَاهُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِأَحَدٍ تَوْكِيلُ عَدُوِّ خَصْمِهِ عَلَى الْخِصَامِ ، وَلَا عَدُوِّ الْمُخَاصِمِ عَنْهُ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيِّنٌ .
زَادَ الْبُرْزُلِيُّ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ دَعْوَاهُ الْبَاطِلَ لِعَدَاوَتِهِ لِخَصْمِهِ .
ابْنُ الْحَاجِّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ نَفْسِهِ عَدُوَّهُ ، بِخِلَافِ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ إلَّا أَنْ يُسْرِعَ لِأَذَاهُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ، وَيُقَالُ لَهُ وَكِّلْ غَيْرَك بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْيَهُودِيِّ مُخَاصَمَةُ الْمُسْلِمِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ أَشَدُّ عَدَاوَةً .
ا هـ .
وَهَلْ الْمَنْعُ مِنْ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى مُخَاصَمَةِ عَدُوِّهِ لِحَقِّهِ ، فَإِذَا رَضِيَ بِهِ جَازَ ، وَبِهِ صَرَّحَ مُصَنِّفُ الْإِرْشَادِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ ، وَنَقَلَهُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِهِ ، وَنَصُّهُ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي مُخَاصَمَةٍ جَازَ كَانَ خَصْمُهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا ، رَضِيَ أَوْ لَمْ يَرْضَ ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْوَكِيلِ عَدَاوَةٌ ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَاهُ ا هـ .
الْحَطّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْعَهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ بِهِ الْعَدُوُّ ، لِأَنَّ مَنْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فِي إذَايَتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَمْ
أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِيهِ غَيْرَ مَا لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ ، إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ
( وَ ) إنْ دَفَعَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ ، وَقَالَ لَهُ أَسْلِمْهُ فِي شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فَخَالَفَهُ وَأَسْلَمَهُ فِي غَيْرِهِ مُنِعَ ( الرِّضَا ) مِنْ الْمُوَكِّلِ ( بِمُخَالَفَتِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( فِي ) عَقْدِ ( سَلَمٍ إنْ ) كَانَ ( دَفَعَ ) الْمُوَكِّلُ ( لَهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( الثَّمَنَ ) وَقَالَ لَهُ أَسْلِمْهُ فِي كَذَا فَأَسْلَمَهُ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ جَازَ لِلسَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ دَفَعْت إلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيُسْلِمَهَا فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فَأَسْلَمَهَا فِي بِسَاطِ شَعْرٍ أَوْ يَشْتَرِيَ لَك بِهَا ثَوْبًا فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ أَوْ فِي غَيْرِ مَا أَمَرْته بِهِ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ مَا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فَلَيْسَ لَك أَنْ تُجِيزَ فِعْلَهُ ، وَتَطْلُبَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ تَدْفَعَ إلَيْهِ مَا زَادَ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمَّا تَعَدَّى عَلَيْهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فَفَسَخَتْهُ فِيمَا لَا تَتَعَجَّلْهُ ، وَذَلِكَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ ، وَيَدْخُلُ فِي أَخْذِك الطَّعَامَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا بَيْعهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا شَكَّ فِيهِ وَسَلَمُ الْمَأْمُورِ لَازِمٌ لَهُ لَيْسَ لَك وَلَا لَهُ فَسْخُهُ وَلَا شَيْءَ لَك أَنْتَ عَلَى الْبَائِعِ ، وَإِنَّمَا عَلَى مَأْمُورِك مَا دَفَعْت إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ .
ابْنُ بَشِيرٍ مَنْ أُمِرَ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ فَأَسْلَمَ فِي خِلَافِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَفُتْ رَأْسُ الْمَالِ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَالْآمِرُ لَهُ الرِّضَا أَوْ رَدُّ السِّلْعَةِ ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ ، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ وَفَاتَ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَهَلْ لَهُ الرِّضَا فِيهِ قَوْلَانِ .
وَبَيْعُهُ لِنَفْسِهِ وَمَحْجُورِهِ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ ، إنْ لَمْ يُحَابِ
( وَ ) مُنِعَ ( بَيْعُهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( لِنَفْسِهِ ) مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ ( أَوْ ) بَيْعِهِ لِ ( مَحْجُورِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، فَإِنْ فَعَلَ خُيِّرَ مُوَكِّلُهُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِتَغَيُّرِ بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ فَيَلْزَمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ .
" ق " اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُسْلِمَ فِي طَعَامٍ فَأَسْلَمَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ مَنْ يَلِيهِ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ سَفِيهٍ لَمْ يَجُزْ .
( بِخِلَافِ ) بَيْعِهِ لِ ( زَوْجَتِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( وَرَقِيقِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ( إنْ لَمْ يُحَابِ ) أَيْ بَيْعُ الْوَكِيلِ لَهُمَا بِنَاقِصٍ عَمَّا يَبِيعُ بِهِ لِغَيْرِهِمَا اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ إلَى زَوْجَتِهِ أَوْ ابْنِهِ الرَّشِيدِ أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ شَرِيكِهِ غَيْرِ الْمُفَاوِضِ جَازَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ أَسْلَمَهُ إلَى ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ أَوْ إلَى يَتِيمِهِ جَازَ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَفِي كَوْنِ مَنْعِ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُخَاطَبِ تَحْتَ الْخِطَابِ ، أَوْ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ مُحَابَاةِ نَفْسِهِ قَوْلَانِ ، وَيُمْنَعُ لَوْ سَمَّى لَهُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، لِاحْتِمَالِ الرَّغْبَةِ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ .
فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهَا فِيهِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ إذْنِهِ لَهُ فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ جَازَ ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ بُعِثَ مَعَهُ مَالٌ مِنْ الْحُجَّاجِ أَوْ الْغُزَاةِ لِيُعْطِيَهُ لِمَنْ انْقَطَعَ وَاحْتَاجَ الْمَبْعُوثُ مَعَهُ وَانْقَطَعَ فَلَهُ إنْفَاقُهُ عَلَى نَفْسِهِ .
وَاشْتِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ ، إلَّا فَعَلَى آمِرِهِ
( وَ ) مُنِعَ ( اشْتِرَاؤُهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ بِمَالٍ مُوَكِّلِهِ ( مَنْ ) أَيْ رَقِيقًا ( يَعْتِقُ عَلَيْهِ ) أَيْ مُوَكِّلِهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَحَوَاشِيهِ الْقَرِيبَةِ ( إنْ عَلِمَ ) الْوَكِيلُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ ( وَ ) الْحَالُ ( لَمْ يُعَيِّنْهُ ) أَيْ الرَّقِيقَ ( مُوَكِّلُهُ ) لِلشِّرَاءِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ ( عَتَقَ ) الرَّقِيقُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ عِتْقَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ قَرَابَتَهُ لَهُ أَمْ لَا ، كَمَا قَالَ عِيَاضٌ ، أَوْ عَلِمَ عِتْقَهُ عَلَيْهِ وَعَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ لِلشِّرَاءِ ( وَ ) يَعْتِقُ ( عَلَى آمِرِهِ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْمُوَكِّلِ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَإِنْ أَمَرْته بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَابْتَاعَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْك ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَهُ يَلْزَمُك .
يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يَعْنِي وَيَلْزَمُ الْمَأْمُورَ وَيَسْتَرِقُّهُ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْبَرْقِيِّ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُورُ عِتْقَ الْعَبْدِ ضَمِنَ لِلْآمِرِ ثَمَنَهُ .
ابْنُ يُونُسَ ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ شِرَاءِ الْمَرْءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ مَا تَلِفَ عَلَى يَدِ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ دُونَ عَمْدٍ مِنْ رَبِّهِ لَا مِنْ الْمَأْمُورِ ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ كَخَطَأِ الْقَاضِي فِي مَالٍ عَنْ اجْتِهَادٍ هَلْ يُقِيمُهُ أَمْ لَا ، وَفِيهَا وَإِنْ ابْتَاعَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْك غَيْرَ عَالِمٍ لَزِمَك وَعَتَقَ عَلَيْك .
وَتَوْكِيلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ بِهِ أَوْ يَكْثُرَ ، فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ
( وَ ) مُنِعَ ( تَوْكِيلُهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ فِيمَا وُكِّلَ هُوَ فِيهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ ( أَنْ لَا يَلِيقَ ) الْفِعْلُ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ ( بِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ فَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِيهِ ، ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ مُوَكِّلُهُ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا ، وَهُوَ كَذَلِكَ ( أَوْ ) أَيْ وَإِلَّا أَنْ ( يَكْثُرَ ) الْفِعْلُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَى الْوَكِيلِ اسْتِقْلَالُهُ فِيهِ فَلَهُ تَوْكِيلُ مَنْ يُعِينُهُ عَلَيْهِ لَا مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَيُوَكِّلُ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ .
" ق " ابْنُ رُشْدٍ الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ لَمْ أَحْفَظْ فِي جَوَازِ تَوْكِيلِهِ غَيْرَهُ نَصًّا ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَمْ أَحْفَظْ خِلَافًا فِي الْوَكِيلِ عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يُسْلِمُ لَهُ فِي طَعَامٍ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ أَرَادَ لَا يَجُوزُ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ ، إذْ بِتَعَدِّيهِ صَارَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ فَفَسَخَهُ فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ ، فَذَلِكَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَجَلُ السَّلَمِ قَدْ حَلَّ وَقَبَضَ لَهُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ ، وَمِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يَتَوَلَّى السَّلَمَ بِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ .
ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَازَ لَهُ فَلَمْ يَتَخَلَّدْ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ .
ابْنُ شَاسٍ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ عَجْزَ الْوَكِيلِ بِانْفِرَادِهِ عَمَّا وَكَّلَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَدَمَ مُبَاشَرَتِهِ ذَلِكَ عَادَةً يُجِيزُ لَهُ تَوْكِيلَ غَيْرِهِ وَلَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ الْقَرِينَةُ
تُسَوِّغُ لَهُ الِاسْتِعَانَةَ بِوَكِيلٍ وَلَا تُسَوِّغُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ وَكِيلًا أَوْ وُكَلَاءَ يَنْظُرُونَ فِيمَا كَانَ يَنْظُرُ هُوَ فِيهِ ، وَالْقَرِينَةُ الْأُولَى تُسَوِّغُ لَهُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ الْأَعْلَى النَّظَرُ عَلَى مَنْ تَحْتَهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْوَكِيلُ بِالتَّعْيِينِ لَا يُوَكِّلُ إلَّا فِيمَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ لِكَثْرَتِهِ .
خَلِيلٌ احْتَرَزَ بِالتَّعْيِينِ مِنْ الْمُفَوَّضِ فَلَهُ التَّوْكِيلُ عَلَى الْمَعْرُوفِ .
وَفِي الْبَيَانِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ ، قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَحَلَّهُ مَحَلَّ نَفْسِهِ فَكَانَ كَالْوَصِيِّ .
ا هـ .
ثُمَّ قَالَ الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ .
وَأَمَّا الْوَكِيلُ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَلِي مَا وُكِّلَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَلِيَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ عَلِمَ مُوَكِّلُهُ بِذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ ، وَيُحْمَلُ الْمُوَكِّلُ عَلَى عِلْمِهِ بِذَلِكَ إنْ اُشْتُهِرَ بِهِ ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِذَلِكَ فَرَضَاهُ بِالْوَكَالَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَتَوَلَّى حَتَّى يَعْلَمَ مُوَكِّلُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالتَّوْكِيلِ وَضَامِنٌ لِلْمَالِ وَرَبُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ .
( وَ ) إذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ لِعَدَمِ اللِّيَاقَةِ أَوْ الْكَثْرَةِ فَوَكِيلُهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ ( فَلَا يَنْعَزِلُ ) الْوَكِيلُ ( الثَّانِي بِعَزْلِ ) الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ ( الْأَوَّلِ ) وَكَأَنَّهُ وَكَّلَ وَكِيلًا بَعْدَ وَكِيلٍ .
" ق " ابْنُ عَرَفَةَ إذَا وَكَّلَ الْوَكِيلَ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ مَا يُشِيرُ إلَى هَذَا وَهُوَ إمْضَاءُ تَصَرُّفِ مَا
أَبْضَعَ مَعَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ مُفَاصَلَتِهَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُعْزَلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِمَوْتِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَاسْتِقْلَالُهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ اتِّفَاقًا .
ا هـ .
فَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِعَزْلِ الْأَوَّلِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْحَطّ لَكِنَّهُمْ إنَّمَا قَالُوا لَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِمَوْتِ الْأَوَّلِ ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنِ عَزْلِهِ وَمَوْتِهِ أَوْ رَآهُ مَنْصُوصًا ، وَلَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ لَا يَنْعَزِلُ إذَا عَزَلَهُ الْأَوَّلُ لِحِكَايَةِ ابْنِ عَرَفَةَ الِاتِّفَاقَ عَلَى انْعِزَالِهِ بِعَزْلِهِ ، ثُمَّ قَالَ وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ فَرْعًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ وَكِيلِ وَكِيلِهِ وَنَصُّهُ : فَإِنْ قُلْت رَجُلٌ غَيْرُ حَاكِمٍ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَ رَجُلٍ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّلُ وَيُعَلِّقُ عَزْلَهُ عَلَى شَيْءٍ ، قُلْت إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ وَكِيلًا وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا فَلِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ عَزْلُ وَكِيلِ وَكِيلِهِ .
ا هـ .
وَهَذَا الْفَرْعُ وَفَرْعُ ابْنِ عَرَفَةَ عَزِيزَانِ .
ابْنُ سَلْمُونٍ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِمَوْتِ الَّذِي وَكَّلَهُ ، وَيَنْعَزِلَانِ مَعًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ .
فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ مَا قَبَضَهُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِ مُوَكِّلِهِ يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِمَنْ أَرَادَ قَبْضَهُ مِنْهُ ، سَوَاءٌ كَانَ مُوَكِّلَهُ أَوْ مُوَكِّلَ مُوَكِّلِهِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَالَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ مُوَكِّلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ لِبَرَاءَتِهِ بِالدَّفْعِ إلَى أَيِّهِمَا .
وَفِي رِضَاهُ إنْ تَعَدَّى بِهِ تَأْوِيلَانِ
( وَفِي ) مَنْعِ ( رِضَاهُ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ بِتَصَرُّفِ وَكِيلِ وَكِيلِهِ ( إنْ ) كَانَ قَدْ ( تَعَدَّى ) الْوَكِيلُ ( بِهِ ) أَيْ التَّوْكِيلِ بِأَنْ وَكَّلَ فِي لَائِقٍ غَيْرِ كَثِيرٍ بِلَا إذْنٍ وَجَوَازُهُ ( تَأْوِيلَانِ ) فِي قَوْلِهَا مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يُسْلِمُ لَهُ فِي طَعَامٍ فَوَكَّلَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ ، حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى مَعْنَى لَمْ يَجُزْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ بِلَا إذْنِ مُوَكِّلِهِ ، وَبَعْدُ فَلِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ فِي إمْضَاءِ فِعْلِ وَكِيلِ وَكِيلِهِ وَرَدِّهِ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ ، وَحَمَلَهَا ابْنُ يُونُسَ عَلَى مَعْنَى لَمْ يَجُزْ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِتَصَرُّفِ وَكِيلِ وَكِيلِهِ ، إذْ بِتَعَدِّي وَكِيلِهِ صَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَلَا يَفْسَخُهُ فِي سَلَمِ الْوَكِيلِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ حَلَّ أَجَلُهُ وَقَبَضَهُ فَيَحُوزُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالسَّلَمِ .
وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ ، إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ بِمُسَمَّاهُ أَوْ بِدَيْنٍ إنْ فَاتَ ، وَبِيعَ ، فَإِنْ وَفَّى بِالتَّسْمِيَةِ ، أَوْ الْقِيمَةِ ، وَإِلَّا غَرِمَ ، وَإِنْ سَأَلَ غُرْمَ التَّسْمِيَةِ ، أَوْ الْقِيمَةِ ، وَيَصْبِرُ لِيَقْبِضَهَا
( وَ ) مُنِعَ ( رِضَاهُ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ بِتَصَرُّفِ وَكِيلِهِ ( بِ ) سَبَبِ ( مُخَالَفَتِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ لَهُ ( فِي سَلَمٍ ) تَنَازَعَ فِيهِ رِضًا وَمُخَالَفَةٌ ( إنْ ) كَانَ قَدْ ( دَفَعَ ) الْمُوَكِّلُ ( الثَّمَنَ ) لِوَكِيلِهِ وَحَصَلَتْ مُخَالَفَتُهُ ( بِمُسَمَّاهُ ) أَيْ فِي الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ بِأَنْ زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ عَادَةً كَدَفْعِهِ لَهُ عَشَرَةً لِيُسْلِمَهَا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَسْلَمَ فِيهِ عِشْرِينَ فَيُمْنَعُ رِضَا مُوَكِّلِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ ، إذْ بِتَعَدِّيهِ صَارَ الْمُسَمَّى دَيْنًا عَلَيْهِ ، فَالرِّضَا بِهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَزِيدُ الطَّعَامُ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَبِمُسَمَّاهُ صِلَةُ مُخَالَفَةٌ وَبَاؤُهُ بِمَعْنَى فِي ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا ، وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي هَذِهِ فِي الثَّمَنِ ، وَفِي الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَقَدْ جَمَعَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ وَإِنْ دَفَعَتْ إلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيُسْلِمَهَا فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ ، إلَخْ ، نَصُّهَا السَّابِقُ عِنْدَ الرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ .
.
.
إلَخْ ، وَفِيهَا عَقِبَهُ ، وَلَوْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَأَمَرْته أَنْ يُسْلِمَ لَك مِنْ عِنْدِهِ فِي قَمْحٍ أَوْ فِي جَارِيَةٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ وَلَمْ تَصِفْهَا لَهُ ، فَإِنْ أَسْلَمَ فِي غَيْرِ مَا أَمَرْته بِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ فِيمَا لَا يُشْتَرَى لِمِثْلِك مِنْ جَارِيَةٍ أَوْ ثَوْبٍ فَلَكَ أَنْ تَتْرُكَهُ ، وَلَا يَلْزَمُك الثَّمَنُ أَوْ تَرْضَى بِهِ وَتَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ فَتَفْسَخَهُ ، وَكَأَنَّهُ وَلَّاك وَلَا يَجُوزُ هُنَا أَنْ يُؤَخِّرَك بِالثَّمَنِ وَإِنْ تَرَاضَيْتُمَا بِهِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْك مَا أَسْلَمَ فِيهِ إلَّا بِرِضَاك ، فَكَأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ لِدَيْنٍ لَهُ وَتَوْلِيَةٌ فَتَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِيهِ دَيْنٌ بِدَيْنٍ .
ا هـ .
وَتَفْرِيقُ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا مُشَوِّشٌ فَلَوْ جَمَعَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ اسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ أَوَّلًا
وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ .
.
.
إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَشْمَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَعَطَفَ عَلَى بِمُخَالَفَتِهِ وَعَلَى بِمُسَمَّاهُ فَقَالَ ( أَوْ ) أَيْ وَمُنِعَ رِضَا الْمُوَكِّلِ ( بِدَيْنٍ ) بَاعَ بِهِ وَكِيلُهُ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ بِنَقْدٍ أَوْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُسَمِّ نَقْدًا وَلَا مُؤَجَّلًا ( إنْ ) كَانَ قَدْ ( فَاتَ ) الْمَبِيعُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَزِمَ أَيْضًا رِبَا الْفَضْلِ ، إذْ بِتَعَدِّيهِ صَارَ الْمُسَمَّى دَيْنًا عَلَيْهِ حَالًّا ، فَلَيْسَ لِمُوَكِّلِهِ الرِّضَا بِالدَّيْنِ إلَى أَجَلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقِيلَ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِالدَّيْنِ وَقِيلَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمُسَمَّى أَوْ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ يُسَمِّ ، وَيَبْقَى الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ لِأَجَلِهِ .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ فَاتَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفُتْ فَلَا يَمْتَنِعُ رِضَاهُ بِالدَّيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَإِنْشَاءِ بَيْعٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ بِهِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ وَإِمْضَائِهِ بِالدَّيْنِ إلَى أَجَلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ .
( وَ ) حَيْثُ مُنِعَ الرِّضَا بِالدَّيْنِ ( بِيعَ ) الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ بِعَرْضٍ حَالٍّ ثُمَّ بِيعَ الْعَرْضُ بِنَقْدٍ حَالٍّ ( فَإِنْ وَفَّى ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدًا ثَمَنَ الدَّيْنِ ( بِالْقِيمَةِ ) لِسِلْعَةِ الْمُوَكِّلِ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا حِينَ التَّوْكِيلِ عَلَى بَيْعِهَا ( أَوْ ) وَفَّى بِ ( التَّسْمِيَةِ ) أَيْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لَهَا حِينَهُ فَلَا كَلَامَ لِمُوَكِّلٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَ الدَّيْنِ بِالْقِيمَةِ وَالتَّسْمِيَةِ بِأَنْ كَانَ بِأَقَلَّ ( غَرِمَ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْوَكِيلُ تَمَامَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ ، وَإِنْ بِيعَ الدَّيْنُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ فَجَمِيعُهُ لِلْمُوَكِّلِ إذْ لَا رِبْحَ لِلْمُتَعَدِّي عَلَى مَالِ غَيْرِهِ ( وَإِنْ سَأَلَ ) أَيْ طَلَبَ الْوَكِيلُ (
غُرْمَ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ دَفْعَ ( التَّسْمِيَةِ ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ حِينَ التَّوْكِيلِ لِسِلْعَتِهِ مِنْ مَالِهِ حَالًّا ( أَوْ ) غُرْمَ ( الْقِيمَةِ ) لِسِلْعَةِ الْمُوَكِّلِ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا حِينَ التَّوْكِيلِ مِنْ مَالِهِ حَالَّةً وَأَنْ لَا يُبَاعَ الدَّيْنُ ( وَيَصْبِرَ ) الْوَكِيلُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ ( لِيَقْبِضَهَا ) أَيْ الْوَكِيلُ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ الَّتِي غَرِمَهَا لِمُوَكِّلِهِ مِمَّنْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ الزَّائِدِ عَلَيْهَا .
وَيَدْفَعُ الْبَاقِيَ : جَازَ ، إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَهَا فَأَقَلَّ ؛
( وَيَدْفَعُ ) الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ ( الْبَاقِيَ ) مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ ( جَازَ ) لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِمَا سَأَلَهُ الْوَكِيلُ ( إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ) أَيْ الدَّيْنِ لَوْ بِيعَ وَقْتَ السُّؤَالِ ( مِثْلَهَا ) أَيْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ ( فَأَقَلَّ ) إذْ لَيْسَ فِيهِ تَرْكُ قَلِيلٍ حَالٍّ لِأَخْذِ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِمَا سَأَلَ الْوَكِيلُ إذْ يَلْزَمُهُ فَسْخُ مَا زَادَتْهُ قِيمَةُ الدَّيْنِ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مُؤَجَّلًا وَهُوَ بَاقِي الدَّيْنِ وَهَذَا رِبَا فَضْلٍ ، كَمَا لَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ عَشَرَةً وَالدَّيْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقِيمَتُهُ الْآنَ اثْنَا عَشَرَ ، فَإِذَا أَخَذَ الْمُوَكِّلُ مِنْ وَكِيلِهِ عَشَرَةً وَصَبَرَ حَتَّى تُقْبَضَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَيَأْخُذَ مِنْهَا خَمْسَةً فَقَدْ تَرَكَ اثْنَيْنِ اسْتَحَقَّهُمَا حَالًا لِيَأْخُذَ عَنْهُمَا عِنْدَ الْأَجَلِ خَمْسَةً ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ الرِّضَا بِقَوْلِ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ أَفَادَهُ الْحَطّ ، " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ وَكَّلْته عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِدَيْنٍ .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَرَضِيَ بِهِ الْآمِرُ ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ تَفُتْ فَرِضَاهُ جَائِزٌ ، وَإِنْ فَاتَتْ لَمْ يَجُزْ ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ أَمَرْته بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْلَمَهَا فِي عَرْضٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ بَاعَهَا بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ ، فَإِنْ أَدْرَكَ الْبَيْعَ فُسِخَ ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ بِيعَ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ نَقْدًا أَوْ بِيعَتْ الدَّنَانِيرُ بِعَرْضٍ نَقْدًا ثُمَّ بِيعَ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ نَقْدًا ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ فَأَكْثَرَ إنْ
سُمِّيَتْ كَانَ ذَلِكَ لَك وَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ الْمَأْمُورُ .
وَرَوَى عِيسَى لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ بِيعَ الدَّيْنُ بِعَرْضٍ ، ثُمَّ بِيعَ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْ عَشَرَةٍ غَرِمَ تَمَامَهَا ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا فَهُوَ لِلْآمِرِ ، وَلَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ لِلْآمِرِ أَنَا أُعْطِيك عَشَرَةً نَقْدًا وَانْتَظِرْ بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ حُلُولَهَا فَأَقْبِضُ مِنْهَا عَشَرَةً وَأَدْفَعُ لَك الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ فَرَضِيَ الْآمِرُ ، فَإِنْ كَانَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لَوْ بِيعَتْ بِيعَتْ بِعَشَرَةٍ فَأَقَلَّ جَازَ إذَا عَجَّلَ الْعَشَرَةَ ، وَإِنْ كَانَتْ تُبَاعُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لَمْ يَحُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دِينَارَيْنِ فِي خَمْسَةٍ إلَى أَجَلٍ .
وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ ، أُغْرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ ؛ وَاسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ لِأَجَلِهِ فَبِيعَ ، وَغَرِمَ النَّقْصَ ، وَالزِّيَادَةُ لَك
( وَإِنْ أُمِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْوَكِيلُ ( بِبَيْعِ سِلْعَةٍ ) سَمَّى لَهَا ثَمَنًا أَمْ لَا ( فَأَسْلَمَهَا ) أَيْ الْمَأْمُورُ السِّلْعَةَ ( فِي طَعَامٍ ) مُنِعَ الرِّضَا بِهِ لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ، وَبِيعَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَ ( أُغْرِمَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمَأْمُورُ ( التَّسْمِيَةَ ) أَيْ الثَّمَنَ الَّذِي سَمَّاهُ الْآمِرُ لِلسِّلْعَةِ حَالَّةً إنْ كَانَ سَمَّى لَهُ ( أَوْ ) أُغْرِمَ ( الْقِيمَةَ ) إنْ لَمْ يُسَمِّ ( وَاسْتُؤْنِيَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ اُسْتُمْهِلَ ( بِ ) بَيْعِ ( الطَّعَامِ ) الْمُسْلَمِ فِيهِ ( لِأَجَلِهِ ) لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( فَ ) إذَا حَلَّ أَجَلُهُ ( بِيعَ ) الطَّعَامُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ، فَإِنْ سَاوَى ثَمَنُهُ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ أَخَذَهُ الْمَأْمُورُ عِوَضًا عَمَّا غَرِمَهُ لِلْآمِرِ ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْهَا ( غَرِمَ ) الْمَأْمُورُ ( النَّقْصَ ) أَيْ اسْتَمَرَّ غُرْمُهُ عَلَيْهِ .
لِأَنَّهُ قَدْ غَرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ أَوَّلًا .
( وَ ) إنْ زَادَ عَلَيْهَا فَ ( الزِّيَادَةُ لَك ) يَا آمِرُ فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَإِنْ أَمَرْته أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ ، أَغْرَمْته الْآنَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ تُسَمِّ ثُمَّ اُسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ ، فَإِذَا حَلَّ أَجَلُهُ اسْتَوْفَى ثُمَّ بِيعَ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ لَك وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ .
أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الطَّعَامِ مِقْدَارَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ الَّتِي لَزِمَتْهُ ، وَالزَّائِدُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الطَّعَامِ لِلْآمِرِ .
وَضَمِنَ ، إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يُشْهِدْ أَوْ بَاعَ بِكَطَعَامٍ .
نَقْدًا مَا لَا يُبَاعُ بِهِ وَادَّعَى الْإِذْنَ ، فَنُوزِعَ
وَ ) إنْ وَكَّلَهُ عَلَى إقْبَاضِ دَيْنٍ فَأَقْبَضَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ مُسْتَحِقُّهُ قَبْضَهُ مِنْهُ وَحَلَفَ عَلَى عَدَمِهِ ( ضَمِنَ ) الْوَكِيلُ الدَّيْنَ ( إنْ أَقْبَضَ ) الْوَكِيلُ ( الدَّيْنَ ) لِمُسْتَحِقِّهِ ( وَلَمْ يُشْهِدْ ) الْوَكِيلُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْبَاضِهِ لَهُ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ قَبْضَهُ لِتَفْرِيطِ الْوَكِيلِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ تَرْكَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ عَدَمَهُ وَحُكْمُ إقْبَاضِهِ الْمَبِيعَ بِلَا إشْهَادٍ وَجَحْدِهِ أَوْ الثَّمَنَ كَذَلِكَ وَجَحْدِهِ الْبَائِعَ حُكْمُ إقْبَاضِ الدَّيْنِ بِلَا إشْهَادٍ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَذَفَ مَفْعُولَ أَقْبَضَ فَيَعُمُّ الدَّيْنَ وَغَيْرَهُ ، وَهَذِهِ إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الرَّجْرَاجِيِّ ، وَنَصُّهُ فَإِنْ جَحَدَ لَهُ الثَّمَنَ جُمْلَةً فَهَلْ يُصَدَّقُ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَضْمَنُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْوَكِيلِ وَالْمَبْعُوثِ مَعَهُ مَالٌ لِيَدْفَعَهُ لِرَجُلٍ فَزَعَمَ دَفْعَهُ لَهُ وَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ دَفْعَهُ لَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْيَوْمَ تَرْكُ الْإِشْهَادِ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَابْنُ الْقَاسِمِ ضَمَّنَهُمَا فِي الْجَمِيعِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَجَحَدَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ أَوْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ضَمِنَ وَلَوْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ فَكَذَلِكَ .
وَقَبِلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ التَّرْكَ ، وَالطَّرِيقَةُ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا جَرَتْ بِالْأَمْرَيْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ ، وَهَذِهِ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ لِلَّخْمِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : فِيهَا ضَمَانُ
الْوَكِيلِ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الدَّفْعِ لِتَفْرِيطِهِ .
الثَّانِي : مَحَلُّ ضَمَانِهِ إذَا لَمْ يَدْفَعْ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ ، فَفِي كِتَابِ الْقِرَاضِ وَإِذَا دَفَعَ الْعَامِلُ ثَمَنَ سِلْعَةٍ بِلَا بَيِّنَةٍ فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ وَحَبَسَ السِّلْعَةَ فَالْعَامِلُ ضَامِنٌ ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ يَدْفَعُ الثَّمَنَ بِلَا بَيِّنَةٍ فَيَجْحَدُهُ الْبَائِعُ فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُغَرِّمَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ بِقَبْصِ الثَّمَنِ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَهُ ثُمَّ جَحَدَهُ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيَطِيبُ لَهُ مَا يُقْضَى لَهُ بِهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْوَدِيعَةِ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَمَالَةِ عَنْ الْبَيَانِ نَحْوُهُ .
وَعَطَفَ عَلَى أَقْبَضَ فَقَالَ ( أَوْ ) أَيْ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ إنْ ( بَاعَ ) الْوَكِيلُ ( بِكَطَعَامٍ ) وَعَرْضٍ ( نَقْدًا ) أَيْ حَالًّا ، وَمَفْعُولُ بَاعَ ( مَا ) أَيْ عَرْضًا ( لَا يُبَاعُ ) عَادَةً ( بِهِ ) أَيْ كَالطَّعَامِ ( وَادَّعَى ) الْوَكِيلُ ( الْإِذْنَ ) لَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ فِي بَيْعِهِ بِكَطَعَامٍ ( فَنُوزِعَ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ ، أَيْ أَنْكَرَ مُوَكِّلُهُ إذْنَهُ لَهُ فِي بَيْعِهِ بِذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ .
الْحَطّ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا الَّذِي يَضْمَنُهُ ، وَهَلْ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ أَوْ فَوَاتِهِ وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ مَا بِيعَ بِهِ أَوْ نَقْضِهِ وَأَخْذِهِ مَبِيعَهُ ، وَإِنْ كَانَ فَاتَ خُيِّرَ فِي أَخْذِ مَا بِيعَ بِهِ أَوْ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ قِيمَتَهُ .
قَالَ فِيهَا إنْ بَاعَ الْمَأْمُورُ سِلْعَةً بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ نَقْدًا ، وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتنِي وَأَنْكَرَ الْآمِرُ ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تُبَاعُ بِذَلِكَ ضَمِنَ .
وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَلَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ وَيُخَيَّرُ الْآمِرُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ أَوْ نَقْضِ
الْبَيْعِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ فَاتَتْ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ قِيمَتَهَا وَتَسْلِيمِ ذَلِكَ إلَيْهِ .
أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ ضَمِنَ ، ظَاهِرُهُ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَمْ لَا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ ضَمِنَ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَقَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقٌ .
قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ فَقَوْلُهُ ضَمِنَ أَيْ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يُرِيدُ مَعَ فَوَاتِهَا .
وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَيُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ بَيْعِهَا وَأَخْذِهِ مَا بِيعَتْ بِهِ وَرَدِّهِ وَأَخْذِهَا بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ عِيَاضٍ الْآتِي وَقَوْلُهُ نَقْدًا احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا إذَا بَاعَ بِذَلِكَ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِهِ وَلَا أَخْذُ الْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ اُنْظُرْ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ لَمْ يُعْلِمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَاحْتَاجَ إلَى إثْبَاتِهِ وَالْخِصَامُ فِيهِ هَلْ هُوَ فَوْتٌ وَهُوَ الْأَشْبَهُ .
وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ وَلَزِمَتْهُ الْيَمِينُ ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا إشْكَالَ فِيهِ إذَا أَعْلَمَ الْمَأْمُورُ الْمُشْتَرِي بِتَعَدِّيهِ .
ا هـ .
وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَادَّعَى الْإِذْنَ فَنُوزِعَ فَأَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ مُنَازَعَتَهُ فِي الْإِذْنِ وَمُخَاصَمَتَهُ فِيهِ وَتَوْجِيهَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَوْتٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ هَلْ السِّلْعَةُ قَائِمَةٌ أَوْ فَاتَتْ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَمَا كَانَ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَائِدَةٌ لَاسْتَفَادَتْهَا مِمَّا تَقَدَّمَ .
( فَرْعٌ ) فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ ، لِلْمُوَكِّلِ رَدُّ بَيْعِ وَكِيلِهِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَتَضْمِينُ الْوَكِيلِ الْقِيمَةَ إنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ .
ا هـ .
مِنْ الْجَزِيرِيِّ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ فَرْعٌ ، قَالَ عَلِيٌّ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ رُدَّ ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِعَزْلِهِ عَنْ ذَلِكَ عَادَةً .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَصِحُّ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ يَتَنَاوَلُهُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ .
وَجَوَابُهُ عُمُومُهُ مُقَيَّدٌ بِالْعَادَةِ ، وَكَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بَيْعَهُ بِالدَّيْنِ ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ الْإِطْلَاقِ ، وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ .
قُلْت وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَوْ أَنْكَرَ الْقَبْضَ ، فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ ، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ : كَالْمِدْيَانِ
( أَوْ ) أَيْ وَضَمِنَ إنْ ( أَنْكَرَ ) الْوَكِيلُ ( الْقَبْضَ ) لِمَا وُكِّلَ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ أَوْ دَيْنٍ ( فَقَامَتْ ) أَيْ شَهِدَتْ ( الْبَيِّنَةُ ) عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ فَادَّعَى تَلَفَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ ، أَوْ دَفَعَهُ لِمُوَكِّلِهِ ( فَشَهِدَتْ ) لَهُ بَيِّنَةٌ أُخْرَى ( بِالتَّلَفِ ) أَوْ الدَّفْعِ الَّذِي ادَّعَاهُ فَيَضْمَنُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَةٌ لِتَكْذِيبِهَا بِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ .
وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ بِإِنْكَارِ الْقَبْضَ وَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِهِ مَعَ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى بِالْبَرَاءَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ ( كَالْمِدْيَانِ ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ فَيُنْكِرُ التَّدَايُنَ فَتَشْهَدُ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَيَدَّعِي الْإِقْبَاضَ وَتَشْهَدُ بِهِ بَيِّنَةٌ أُخْرَى فَلَا تَنْفَعُهُ لِتَكْذِيبِهَا بِإِنْكَارِهِ التَّدَايُنَ ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ لِمَنْ شَهِدَتْهُ لَهُ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى الْبُرْزُلِيُّ مِثْلُ ذَلِكَ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى قَضَاءَهُ هُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَنْكَرَ حَقًّا فَقَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ فَادَّعَى قَضَاءَهُ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ، سَوَاءٌ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ فِي هَذَا الْأَصْلُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ .
وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَسَائِلَ جَزَمَ فِيهَا بِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ هَذَا الْأَصْلَ ، وَذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا .
وَذَكَرَ عَنْ ابْن زَرْقُونٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا تَنْفَعُهُ وَلَكِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ تَشْهِيرَهُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ أَمَّا مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ أَوْ أَنْكَرَ الدَّعْوَى فِي الرُّبُعِ أَوْ فِيمَا يُفْضِي إلَى الْحَدِّ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ لِأَمْرٍ ادَّعَاهُ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ، الْأَوَّلُ : لِابْنِ نَافِعٍ تُقْبَلُ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ .
الثَّانِي لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ .
الثَّالِثُ : لِابْنِ الْمَوَّازِ تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحَدِّ دُونَ غَيْرِهِ .
الرَّابِعُ : تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحَدِّ وَالْأُصُولِ ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحُقُوقِ مِنْ الدُّيُونِ ، وَشَبَهِهَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ إنْ قَالَ مَا أَوْدَعْتنِي شَيْئًا فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ ، وَإِنْ قَالَ مَا لَك عِنْدِي مِنْ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ شَيْءٌ فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ .
الْحَطّ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَارٍ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ ، فَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا مِنْ سَلَفٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمَّا خَافَ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَقَرَّ وَادَّعَى فِيهِ وَجْهًا مِنْ الْوُجُوهِ يُرِيدُ إسْقَاطَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا زَعَمَ أَخِيرًا لِأَنَّ جُحُودَهُ أَوَّلًا أَكْذَبَ بَيِّنَتَهُ فَلَا تُسْمَعُ ، وَإِنْ كَانَتْ عُدُولًا .
الثَّانِي : وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ لَمْ يُقِرَّ وَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً عَلَى رَدِّ السَّلَفِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ أَوْ الرِّسَالَةِ أَوْ عَلَى هَلَاكِ ذَلِكَ فَلَا تَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ بِإِنْكَارِهِ مُكَذِّبٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ ، هَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ أَجْمَعِينَ .
ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ .
الثَّالِثُ : إنْ قَالَ لَا سَلَفَ لَك عَلَيَّ وَلَا ثَمَنَ سِلْعَةٍ وَلَا لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَلَا قِرَاضٌ وَلَا بِضَاعَةٌ فَلَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَقَرَّ بِهِ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ وَالسَّلَفَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَدَّعِي بِهِ عَلَيْهِ ، أَوْ ادَّعَى هَلَاكَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَهَا هُنَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ
لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا لَك شَيْءٌ أَرَادَ بِهِ فِي وَقْتِي هَذَا ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَقَدْ قَالَ فِيهَا مَا أَوْدَعْتنِي أَوْ مَا أَسْلَفْتنِي فَلَيْسَ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ مَا لَك عَلَيَّ سَلَفٌ .
ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا مِمَّا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا عِنْدَ الرُّوَاةِ إلَّا أَنِّي رَأَيْت فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ السَّمَاعِ شَيْئًا يُخَالِفُ هَذَا ، وَأَظُنُّ لَهُ وَجْهًا يَصِحُّ مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ مَعَهُ رَجُلٌ بِعِشْرِينَ دِينَارًا يُبَلِّغُهَا إلَى الْجَارِ وَالْجَارُ مَوْضِعٌ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ دَفْعِهِ إلَيْهِ فَحَمَلَ الْكِتَابَ وَبَلَّغَهُ إلَى مَنْ أُرْسِلَ إلَيْهِ فَلَمَّا قَرَأَ مَسْأَلَةً عَنْ الذَّهَبِ فَجَحَدَهُ إيَّاهُ ، ثُمَّ إنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ الَّذِي أَرْسَلَ مَعَهُ الذَّهَبَ وَقَالَ لَهُ إنِّي أَشْهَدْت عَلَيْك فَقَالَ لَهُ إنْ كُنْت دَفَعْت إلَيَّ شَيْئًا فَقَدْ ضَاعَ ، فَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " مَا أَرَى عَلَيْهِ إلَّا يَمِينًا وَأَرَى هَذَا مِنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " إنَّمَا هُوَ فِي الْجَاهِلِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ أَنَّ الْإِنْكَارَ يَضُرُّهُ .
وَأَمَّا الْعَالِمُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ مِنْ كِتَابِ الرُّعَيْنِيِّ .
ا هـ .
كَلَامُ التَّبْصِرَةِ وَزَادَ الرُّعَيْنِيُّ بَعْدَهُ ، وَرَأَيْت لِابْنِ مُزَيْنٍ أَنَّهُ قَبِلَ بَيِّنَتَهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَإِنْ جَحَدَهُ ، وَقَالَ مَا أَسْلَفَنِي قَطُّ شَيْئًا ، أَوْ الْأَوَّلُ أَصْوَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
ثُمَّ قَالَ الْحَطّ فَيَتَحَصَّلُ مِمَّا تَقَدَّمَ جَمِيعِهِ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ وَادَّعَى مَا يُسْقِطُ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ عَادِلَةً ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَا لَك عِنْدِي سَلَفٌ وَلَا وَدِيعَةٌ وَلَا قِرَاضٌ ، أَوْ مَا لَك عِنْدِي حَقٌّ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ
عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَادَّعَى مَا يُسْقِطُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ ، فَقَالَ وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبَ الْمُعَامَلَةِ فَالْبَيِّنَةُ ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ ، بِخِلَافِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ .
الرَّابِعُ : يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا قَالَ الرُّعَيْنِيُّ وَهُوَ كَوْنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْرِفُ أَنَّ الْإِنْكَارَ يَضُرُّهُ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ قَوْلِهِ مَا أَسْلَفْتنِي وَمَا أَوْدَعْتنِي ، وَقَوْلِهِ مَا لَك عِنْدِي سَلَفٌ وَلَا وَدِيعَةٌ فَيُعْذَرُ بِجَهْلِهِ إلَّا إذَا حَقَّقَ عَلَيْهِ وَقَرَّرَ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَهُ أَنْتَ تُنْكِرُ هَذَا أَصْلًا فَإِذَا قَامَتْ عَلَيْك الْبَيِّنَةُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُك ، فَإِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ .
الْخَامِسُ : يَنْبَغِي ، أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْحُدُودِ وَالْأُصُولِ ، لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ ابْنِ مُزَيَّفٍ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ : قَبَضْت وَتَلِفَ ، بَرِئَ ، وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ : إلَّا بِبَيِّنَةٍ
( وَلَوْ قَالَ ) الْوَكِيلُ ( غَيْرُ الْمُفَوَّضِ ) إلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى شَيْءٍ خَاصٍّ كَقَبْضِ دَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ وَمَفْعُولُ قَالَ ( قَبَضْت ) مَا وُكِّلْت عَلَى قَبْضِهِ ( وَتَلِفَ ) مَا قَبَضْته بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ ( بَرِئَ ) الْوَكِيلُ فَلَا يَغْرَمُ عِوَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ ( وَلَمْ يَبْرَأْ ) الشَّخْصُ ( الْغَرِيمُ ) الَّذِي أَقْبَضَ الْوَكِيلُ مَا كَانَ عِنْدَهُ لِلْمُوَكِّلِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ رَهْنٍ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْوَكِيلِ وَتَوَاطُئِهِ مَعَ الْغَرِيمِ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا ( بِبَيِّنَةٍ ) تَشْهَدُ لِلْغَرِيمِ بِمُعَايَنَةِ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ لِلْمُوَكِّلِ ، وَإِذَا غَرِمَ الْغَرِيمُ لِلْمُوَكِّلِ فَهَلْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ ، وَمَفْهُومُ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ بَرَاءَةُ الْغَرِيمِ لِلْمُوَكِّلِ بِإِقْرَارِ الْمُفَوَّضِ بِالْقَبْضِ مِنْهُ وَدَعْوَى التَّلَفِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَالْوَصِيِّ ، وَنَصُّهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَقْبِضُ لَهُ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ قَبَضْته وَضَاعَ مِنِّي أَوْ قَالَ بَرِئَ إلَيَّ مِنْ الْمَالِ ، وَقَالَ الرَّجُلُ دَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الدَّافِعُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَ الْوَكِيلُ بِالْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُفَوَّضًا إلَيْهِ أَوْ وَصِيًّا فَهُوَ مُصَدَّقٌ ، بِخِلَافِ وَكِيلٍ مَخْصُوصٍ .
وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ : غُرْمُ الثَّمَنِ ، إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ ، إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ
( وَ ) مَنْ وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ فَاشْتَرَاهُ لَهُ ثُمَّ دَفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ لِيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ فَغَابَ عَلَيْهِ ثُمَّ زَعَمَ تَلَفَهُ قَبْلَ دَفْعِهِ الْبَائِعَ ( لَزِمَ الْمُوَكِّلَ غُرْمُ الثَّمَنِ ) وَلَوْ ضَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ مِرَارًا ( إلَى أَنْ يَصِلَ ) الثَّمَنُ ( لِرَبِّهِ ) أَيْ الْبَائِعِ ، وَمَحَلُّ لُزُومِ الْمُوَكِّلِ غُرْمَ الثَّمَنِ الَّذِي ضَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ ( إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ ) أَيْ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ ( لَهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّةِ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بِوُصُولِهِ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ لَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ وَضَاعَ فَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى الشِّرَاءِ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ ، فَذَهَبَ وَذِمَّتُهُ لَمْ تَشْتَغِلْ بِشَيْءٍ فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ وَلَمْ تَدْفَعْ لَهُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِمَا أَمَرْته بِهِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْك الثَّمَنَ لِيَدْفَعَهُ فِيهَا فَضَاعَ مِنْهُ فَعَلَيْك غُرْمُهُ ثَانِيَةً .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ ضَاعَ مِرَارًا حَتَّى يَصِلَ إلَى الْبَائِعِ .
ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَوْ كُنْت دَفَعْت إلَيْهِ الثَّمَنَ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَذَهَبَ مِنْهُ بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُك غُرْمُهُ إنْ أَبَيْت مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالٌ بِعَيْنِهِ ذَهَبَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّتِك فَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِك حَتَّى يَصِلَ إلَى الْبَائِعِ ، وَهَذَا الثَّانِي إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى مَالٍ بِعَيْنِهِ ، فَإِذَا ذَهَبَ فَلَا يَلْزَمُك غُرْمُهُ وَيَلْزَمُ الْمَأْمُورَ وَالسِّلْعَةُ لَهُ إلَّا أَنْ تَشَاءَ أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ ثَانِيَةً وَتَأْخُذَهَا .
وَصُدِّقَ فِي الرَّدِّ : كَالْمُودَعِ ، فَلَا يُؤَخَّرُ لِلْإِشْهَادِ
( وَصُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ ( فِي ) دَعْوَى ( الرَّدِّ ) أَيْ دَفْعِ ثَمَنِ مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ مَثْمُونِ مَا وُكِّلَ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ مَا وُكِّلَ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ مَدِينٍ أَوْ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ أَوْ مُرْتَهِنٍ أَوْ وَاهِبٍ أَوْ مُتَصَدِّقٍ لِمُوَكِّلِهِ قَصُرَ الزَّمَانُ أَوْ طَالَ مُفَوَّضًا كَانَ أَوْ لَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا وَالْوَكِيلُ عَلَى بَيْعٍ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ ثَمَنِهِ لِلْآمِرِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْمُبْضَعُ مَعَهُ فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ طُولِبَ بِهَا فَقَالَ قَدْ رَدَدْت إلَيْك بِضَاعَتَك قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَلَا يُصَدَّقُ أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ الدَّفْعَ إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ إلَى الْبَاعِثِ بِلَا بَيِّنَةٍ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْأَوْصِيَاءَ بِالْإِشْهَادِ بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِ الْيَدِ الَّتِي أَعْطَتْهُمْ وَهُمْ الْأَيْتَامُ ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْيَدِ الَّتِي أَعْطَتْك لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلِيُؤَدِّ الَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ } .
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ أَوْ الْمَخْصُوصِ أَوْ الزَّوْجِ يُوَكِّلُونَ عَلَى قَبْضِ حَقٍّ فَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ قَبَضُوهُ وَدَفَعُوهُ إلَى مَنْ وَكَّلَهُمْ أَنَّهُمْ مُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ كُلُّهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ كَالْمُودَعِ ، يَقُولُ رَدَدْت الْوَدِيعَةَ وَيُنْكِرُهُ رَبُّهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ .
وَشَبَّهَ فِي التَّصْدِيقِ فَقَالَ ( كَالْمُودَعِ ) بِفَتْحِ الدَّالِ يَدَّعِي رَدَّ الْوَدِيعَةِ لِمُودِعِهَا وَيُنْكِرُهُ الْمُودِعُ فَيُصَدَّقُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
الْحَطّ قَوْلُهُ وَصُدِّقَ فِي الرَّدِّ أَيْ مَعَ يَمِينِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ
بِقُرْبِ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ أَوْ طَالَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ أَمْ لَا .
هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ .
ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْوَكِيلِ يَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ إلَى مُوَكِّلِهِ مَا قَبَضَهُ مِنْ غُرَمَائِهِ أَوْ مَا بَاعَ بِهِ مَتَاعَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ جُمْلَةً بِلَا تَفْصِيلٍ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ إنْ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ شَيْئًا ، وَعَلَى الْوَكِيلِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ تَبَاعَدَ الْأَمْرُ كَالشَّهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ جِدًّا فَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ .
وَالثَّالِثُ : إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ صُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ جِدًّا صُدِّقَ بِدُونِ يَمِينٍ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
وَالرَّابِعُ : تَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ وَالْمُفَوَّضُ يُصَدَّقُ فِي الْقُرْبِ بِيَمِينِهِ ، وَفِي الْبُعْدِ بِدُونِهَا وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ لَفْظَ صُدِّقَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُصَدَّقُ فِيهِ بِلَا يَمِينٍ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : عَبْدُ الْوَهَّابِ صُدِّقَ الْوَكِيلُ وَالْمُودَعُ وَالْمُرْسَلُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا لِأَنَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ قَدْ ائْتَمَنُوهُمْ فَكَانَ قَوْلُهُمْ مَقْبُولًا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ وَكَذَا عَامِلُ الْقِرَاضِ مُؤْتَمَنٌ بِالْفَتْحِ فِي رَدِّ الْقِرَاضِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَخَذَ الْمَالَ بِبَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يُبْرِئُهُ دَعْوَى رَدِّهِ ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ حِينَ اسْتَوْثَقَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ .
الثَّانِي : قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ أَشَارَ بِهِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى أَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ إذَا قَبَضَهُ بِغَيْرِ إشْهَادٍ ، وَأَمَّا مَا قَبَضَهُ بِإِشْهَادٍ فَلَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّهِ .
الثَّالِثُ : ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ طَالَ الزَّمَانُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ سُقُوطُهَا بِطُولِهِ .
الرَّابِعُ : يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ فِي الرَّدِّ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُرْزُلِيُّ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ ، وَنَبَّهْت عَلَيْهِ لِتَوَقُّفِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ فِيهِ حَتَّى أَطْلَعْته عَلَى النَّصِّ .
الْخَامِسُ : ابْنُ نَاجِي يَقُومُ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَك بِغَيْرِ أَمْرِك مِنْ وَلَدِك أَوْ بَعْضِ عِيَالِك لِيَكْفِيَك مُؤْنَتَهَا ، فَذَلِكَ مُجْزٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ رَبْعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتِهِ ، وَتَوَلَّى الْأَخُ عَقْدَ كِرَائِهِ وَقَبَضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً ثُمَّ طَالَبَتْهُ أُخْتُهُ بِمَنَابِهَا مِنْ الْكِرَاءِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَزَعَمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا مِنْهُ وَادَّعَى دَفْعَهُ لَهَا ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ، إذْ هُوَ وَكِيلُهَا بِالْعَادَةِ وَوَقَعَتْ بِمَدِينَةِ الْمَهْدِيَّةِ وَأَفْتَى فِيهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ بِلَا دَلِيلٍ ، وَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ ابْنُ عَرَفَةَ فَأَفْتَى فِيهَا أَبُو مَهْدِيٍّ بِعَكْسِهَا ، وَجِيءَ لِلْقَاضِي بِالْفَتْوَيَيْنِ فَتَوَقَّفَ حَتَّى وَصَلَ تُونُسَ ، فَتَأَوَّلَ أَبُو مَهْدِيٍّ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَكَتَبَ تَحْتَهُ رَأَى رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ فَقَبِلَ قَوْلَهُ وَبِهِ أَقُولُ ، وَقَطَّعَ مَا أَفْتَى بِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ مَا خَالَفْته فِي حَيَاتِهِ فَلَا أُخَالِفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَحَيْثُ كَانَ الْوَكِيلُ وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مُصَدَّقَيْنِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا بِرَدِّ مَا بِيَدِهِ
لِلْمُوَكِّلِ أَوْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ ( فَلَا يُؤَخِّرُ ) أَيْ الْوَكِيلُ وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ رَدَّهُ إلَيْهِ ( لِلْإِشْهَادِ ) عَلَيْهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَرُدُّ حَتَّى أُشْهِدَ عَلَيْهِ ، إذْ لَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمُصَنِّفُ لَوْ قِيلَ لَهُمَا تَأْخِيرُ الدَّفْعِ حَتَّى يُشْهِدَا لَكَانَ حَسَنًا لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ لَوْ لَمْ نُشْهِدْ لَتَوَجَّهَتْ عَلَيْنَا الْيَمِينُ قُلْنَا التَّأْخِيرُ لَنُسْقِطَهَا .
الْبُنَانِيُّ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ ابْنَ هَارُونَ وَفِيهِ نَظَرٌ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْوَكِيلِ أَوْ الْمُودَعِ مَقَالٌ فِي وَقْفِ الدَّفْعِ عَلَى الْبَيِّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْقِطُ الْيَمِينَ عَنْهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ هُوَ نَصُّ الْغَزَالِيِّ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْقَلَ عَنْ الْمَذْهَبِ مَا هُوَ نَصٌّ لِغَيْرِ الْمَذْهَبِ لَا سِيَّمَا وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي خِلَافَهُ حَسْبَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَشَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ .
وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ : الِاسْتِبْدَادُ ، إلَّا لِشَرْطٍ
( وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ ) أَيْ الِاسْتِقْلَالُ فِيمَا يَفْعَلُهُ عَنْ مُوَكِّلِهِ دُونَ إطْلَاعِ الْوَكِيلِ الْآخَرِ ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ ، وَفَرَّقَ بِتَعَذُّرِ النَّظَرِ مِنْ الْمُوصِي فِي الرَّدِّ دُونَ الْمُوَكِّلِ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى أَمْرِ عَزْلِهِ ( إلَّا لِشَرْطٍ ) مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمَا فَيَتَّبِعَ شَرْطَهُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَجَمَاعَةٌ ، وَتَعَقَّبَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ قَائِلًا بَلْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ .
وَلَمَّا رَأَى الشَّارِحُ قُوَّةَ التَّعَقُّبَ قَالَ فِي شَامِلِهِ وَلَا يَسْتَبِدُّ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ قَالَهُ تت .
" ق " ابْنُ عَرَفَةَ يَجُوزُ تَوْكِيلُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى غَيْرِ الْخِصَامِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ أَمْرَ الْوَكِيلَيْنِ يُخَالِفُ الْوَصِيَّيْنِ ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا الِاسْتِبْدَادُ ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ هَارُونَ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْهُ لِغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ ، فَفِيهَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَ رَجُلَيْنِ يَشْتَرِيَانِ لَهُ سِلْعَةً أَوْ يَبِيعَانِهَا لَهُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا أَوْ اشْتَرَى ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " وَسَمِعَ يَحْيَى إنْ مَاتَ أَحَدُ وَكِيلَيْنِ عَلَى تَقَاضٍ فَلَا يَتَقَاضَى الْبَاقِي دُونَ إذْنِ الْقَاضِي بَهْرَامَ الْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَرَضَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَتَبِعَهُ هُنَا " غ " فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَالَ هُنَا وَلَا لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ بِزِيَادَةِ لَا النَّافِيَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُؤَخِّرُ لِلْإِشْهَادِ ، وَأَسْقَطَهَا النَّاقِلُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَبِعَ مَنْ ذَكَرْنَا مُنْشِدًا بِلِسَانِ حَالِهِ : وَهَلْ أَنَا إلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إنْ غَوَتْ غَوَيْت وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدُ الْبُنَانِيُّ أَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْوَكِيلَانِ الْمُرَتَّبَانِ ، وَأَمَّا
الْوَكِيلَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا لِشَرْطٍ ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا بِعِطْفِ الِاسْتِبْدَادِ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ مُنِعَ أَوْ بِتَقْدِيرِ لَا قَبْلَ لِأَحَدِ ، وَكِلَاهُمَا بَعِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ بِعْتَ وَبَاعَ ، فَالْأَوَّلُ ، إلَّا بِقَبْضٍ
وَإِنْ ) وَكَّلْت شَخْصًا عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ ثُمَّ ( بِعْت ) هَا لِشَخْصٍ ( وَبَاعَ ) هَا الْوَكِيلُ الْآخَرَ ( فَالْأَوَّلُ ) مِنْ الْبَيْعَيْنِ هُوَ اللَّازِمُ ، وَالثَّانِي بَيْعُ فُضُولِيٍّ لِانْتِقَالِ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ تَلَبُّسِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ( بِقَبْضٍ ) لِلسِّلْعَةِ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي فَيَمْضِي الْبَيْعُ الثَّانِي وَيُرَدُّ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ الثَّانِي وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ .
وَإِلَّا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ فِيهَا وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا يَبِيعُ لَهُ سِلْعَةً فَبَاعَهَا الْآمِرُ وَبَاعَهَا الْمَأْمُورُ فَأَوَّلُ الْبَيْعَيْنِ أَحَقُّ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الثَّانِي السِّلْعَةَ فَهُوَ أَحَقُّ كَإِنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ الْأَوَّلُ أَحَقُّ فِي النِّكَاحِ ، إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الثَّانِي .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ .
إنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ إذَا قَبَضَ السِّلْعَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ بَيْعَ الْأَوَّلِ هُوَ وَلَا الَّذِي بَاعَ لَهُ ، وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ قَالَهُ فِي رَسْمِ نَذَرَ سَنَةً مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
الثَّانِي : إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ لِشَخْصٍ ثُمَّ بَاعَ لِآخَرَ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَك قَبْضُ سَلَمِهِ لَك ، إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ
( وَ ) إنْ دَفَعْت لِرَجُلٍ مَالًا وَوَكَّلْته عَلَى إسْلَامِهِ فِي سِلْعَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَأَسْلَمَهُ فِيهَا وَحَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ وَغَابَ وَكِيلُك فَ ( لَك ) يَا مُوَكِّلُ ( قَبْضُ سَلَمِهِ ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَكِيلُك ( لَك ) فِي غَيْبَةِ وَكِيلِك وَيَبْرَأُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَفْعِهِ لَك ( إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ ) أَنَّ وَكِيلَك أَسْلَمَ فِيهِ لَك ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِهِ لَك لِأَنَّك لَمْ تُسْلِمْهُ رَأْسَ الْمَالِ ، لِأَنَّ إسْلَامَ وَكِيلِك كَإِسْلَامِك .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ فَلَيْسَ لَك قَبْضُهُ جَبْرًا عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ بَيَّنَ لَهُ أَنَّ السَّلَمَ لَك ، فَهَلْ يَكُونُ شَاهِدًا بِحَلِفِ الْمُوَكِّلِ مَعَهُ وَيَقْبِضُ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْهُ أَوْ لَا لِأَنَّ إقْرَارَهُ جَرَّ لَهُ نَفْعَ تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَوْلَانِ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " وَلَك قَبْضُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَكِيلُك لَك بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ ، وَيَبْرَأُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ لَك إنْ كَانَتْ لَك بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِيهِ لَك ، وَإِلَّا فَالْمَأْمُورُ أَوْلَى بِقَبْضِهِ مِنْك .
أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ الْقَابِسِيُّ لَوْ أَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِأَنَّهُ لَك فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَك وَلَا يَكُونُ شَاهِدًا لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِ مَنْفَعَةً لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُفَرِّغَ ذِمَّتَهُ .
وَرَأَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ لَك ، فَإِنْ جَاءَ الْمَأْمُورُ فَصَدَّقَهُ بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ لَهُ ثَانِيَةً .
بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ مَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ نَحْوُهُ لِسَحْنُونٍ .
وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا فَيَحْلِفُ مَعَهُ الْمُقِرُّ لَهُ وَيَقْبِضُ مِنْهُ وَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَفْرِيعِ ذِمَّتِهِ بِدَفْعِهِ لِلْقَاضِي فِي غَيْبَةِ الْمُسْلِمِ ، فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ
اُخْتُلِفَ هَلْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ لَا ، وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يَكُونُ شَاهِدًا أَوْ لَا قَوْلَانِ وَجَزَمَ فِي الْمَعُونَةِ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ .
وَالْقَوْلُ لَك إنْ ادَّعَى الْإِذْنَ ، أَوْ صِفَةً لَهُ ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ ، فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِغَيْرِهِ ، وَحَلَفَ : كَقَوْلِهِ : أَمَرْت بِبَيْعِهِ بِعَشْرَةٍ ، وَأَشْبَهْت ، وَقُلْت بِأَكْثَرَ ، وَفَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ ، أَوْ لَمْ يَفُتْ ، وَلَمْ تَحْلِفْ
( وَ ) إنْ تَصَرَّفَ شَخْصٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ اكْتِرَاءٍ وَادَّعَى أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ الْإِذْنَ فِيهِ ( فَالْقَوْلُ لَك ) يَا مَالِكُ لِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ غَيْرُك فِي عَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ ( إنْ ادَّعَى ) الْمُتَصَرِّفُ ( الْإِذْنَ ) مِنْك لَهُ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ وَأَنْكَرْت الْإِذْنَ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ ( وَ ) إنْ وَكَّلْته فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِكِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ وَادَّعَى ( صِفَةً لَهُ ) أَيْ التَّصَرُّفَ وَخَالَفْته فِيهَا بِأَنْ بَاعَهُ وَقُلْت لَهُ لَمْ آمُرْك بِبَيْعِهِ ، بَلْ رَهْنِهِ مَثَلًا أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ وَقُلْت بَلْ بِنَقْدٍ ، أَوْ بِمُؤَجَّلٍ وَقُلْت بَلْ بِحَالٍّ ، أَوْ بِقَدْرٍ وَقُلْت بَلْ بِأَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لَك .
" ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ ، فَلَوْ قَالَ وَكَّلْتنِي وَقَالَ الْآخَرُ مَا وَكَّلْتُك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَفِيهَا إنْ بَاعَ الْمَأْمُورُ سِلْعَةً بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضَ نَقْدًا وَقَالَ بِهِ أَمَرْتنِي وَأَنْكَرَ الْآمِرُ ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُبَاعُ بِذَلِكَ ضَمِنَ ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَا يَضْمَنُ وَيُخَيَّرُ الْآمِرُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ ، فَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ فِي أَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ قِيمَتَهَا .
عِيَاضٌ قَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقٌ وَفِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرَنِي رَبُّهَا ، وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ أَمَرْتُك بِرَهْنِهَا صُدِّقَ رَبُّهَا بِيَمِينِهِ فَاتَتْ أَوْ لَمْ تَفُتْ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ لَك فَقَالَ ( إلَّا أَنْ ) تَدْفَعَ ثَمَنًا لِشَخْصٍ وَتُوَكِّلُهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِهِ فَيَقْبِضَهُ ( وَيَشْتَرِيَ ) الْوَكِيلُ ( بِالثَّمَنِ ) الَّذِي دَفَعْته لَهُ عَبْدًا مَثَلًا ( فَزَعَمْت ) يَا مُوَكِّلُ ( أَنَّك أَمَرْته ) أَيْ الْوَكِيلَ ( بِ ) شِرَاءِ ( غَيْرِهِ ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ كَثَوْبٍ ( وَحَلَفَ )
الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّك أَمَرْته بِشِرَاءِ مَا اشْتَرَاهُ لَا بِشِرَاءِ غَيْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مُسْتَهْلَكٌ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ ، فَإِنْ نَكَلَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْيَمِينِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَعْدَ يَمِينِهِ ، وَهَذَا إذَا فَاتَ الثَّمَنُ فَإِنْ بَقِيَ بِيَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ أَعْلَمَهُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ اتِّفَاقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالرَّجْرَاجِيُّ أَفَادَهُ الْحَطّ .
وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ لِلْوَكِيلِ فَقَالَ ( كَقَوْلِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ ( أَمَرْت ) ني ( بِبَيْعِهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلُ عَلَى بَيْعِهِ ( بِعَشَرَةٍ ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا ( وَ ) قَدْ ( أَشْبَهَتْ ) الْعَشَرَةُ أَنْ تَكُونَ ثَمَنَهُ ( وَقُلْت ) يَا مُوَكِّلُ أَمَرْتُك بِبَيْعِهِ ( بِأَكْثَرَ ) مِنْ الْعَشَرَةِ كَاثْنَيْ عَشَرَ ( وَ ) قَدْ ( فَاتَ الْمَبِيعُ ) فَوَاتًا مُصَوَّرًا ( بِزَوَالِ عَيْنِهِ ) فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الضَّمَانُ ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآمِرُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ اثْنَيْنِ ، وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ .
وَمَفْهُومُ أَشْبَهَتْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ مَا لَمْ يُشْبِهْ فَلَا يُصَدَّقْ وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ ، فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ مُيَسِّرٍ .
وَمَفْهُومُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ عَدَمُ فَوَاتِهِ بِنَحْوِ هِبَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ فَاتَ فَقَالَ ( أَوْ لَمْ يَفُتْ ) مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ ( وَلَمْ يَحْلِفْ ) مُوَكِّلُهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ " ق " ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ دَفَعْت إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا تَمْرًا أَوْ ثَوْبًا وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتنِي ، وَقُلْت أَنْتَ مَا أَمَرْتُك إلَّا بِحِنْطَةٍ فَالْمَأْمُورُ مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ إذْ الثَّمَنُ مُسْتَهْلَكٌ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ .
ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَبِهِ أَقُولُ وَفِيهَا
لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرَنِي رَبُّهَا وَقَالَ رَبُّهَا مَا أَمَرْتُك إلَّا بِاثْنَيْ عَشَرَ ، فَإِنْ فَاتَتْ حَلَفَ الْمَأْمُورُ وَبَرِئَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يَبِعْ بِمَا يُسْتَنْكَرُ وَفَوْتُهَا هُنَا زَوَالُ عَيْنِهَا ، وَكَذَلِكَ رَوَى الْأَنْدَلُسِيُّونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .
قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " فَإِنْ لَمْ تَفُتْ حَلَفَ الْآمِرُ وَأَخَذَهَا .
ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ عَشَرَةٌ .
وَإِنْ وَكَّلْتَهُ عَلَى أَخْذِ جَارِيَةٍ فَبَعَثَ بِهَا فَوُطِئَتْ ، ثُمَّ قَدِمَ بِأُخْرَى ، وَقَالَ هَذِهِ لَك ، وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ : أَخَذَهَا : إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِكَوَلَدٍ ، أَوْ تَدْبِيرٍ : إلَّا لِبَيِّنَةٍ ، وَلَزِمَتْك الْأُخْرَى
( وَإِنْ وَكَّلْته ) أَيْ مُرِيدَ السَّفَرِ إلَى جِهَةٍ تُجْلَبُ الْجَوَارِي مِنْهَا ( عَلَى شِرَاءِ جَارِيَةٍ ) لَك مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ الَّتِي أَرَادَ السَّفَرَ إلَيْهَا ( فَبَعَثَ ) الْمَأْمُورُ ( بِهَا ) أَيْ الْجَارِيَةِ إلَيْك ( فَوُطِئَتْ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ التَّاءِ مِنْك أَوْ مِمَّنْ زَوَّجْتهَا لَهُ ( ثُمَّ قَدِمَ الْمَأْمُورُ ) مِنْ سَفَرِهِ مُتَلَبِّسًا ( بِ ) جَارِيَةٍ ( أُخْرَى ، وَقَالَ ) الْمَأْمُورُ ( هَذِهِ ) الْجَارِيَةُ الْأُخْرَى الَّتِي قَدِمْت بِهَا هِيَ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا ( لَك ) يَا آمِرُ ( وَ ) الْجَارِيَةُ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ الَّتِي بَعَثْت بِهَا ( وَدِيعَةٌ ) عِنْدَك .
( فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ ) الْمَأْمُورُ حِينَ بَعَثَ الْجَارِيَةَ الْأُولَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ ( وَحَلَفَ ) الْمَأْمُورُ عَلَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ ( أَخَذَهَا ) أَيْ الْوَكِيلُ الْجَارِيَةَ الْأُولَى وَتَرَكَ لَك الْجَارِيَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي قَدِمَ بِهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تَفُوتَ ) الْجَارِيَةُ الْأُولَى ( بِكَوَلَدٍ ) مِنْك ( أَوْ تَدْبِيرٍ ) أَوْ عِتْقٍ نَاجِزٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَلَا يَأْخُذُهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِبَيِّنَةٍ ) تَشْهَدُ لِلْوَكِيلِ ، عَلَى أَنَّ الْأُولَى وَدِيعَةٌ فَيَأْخُذُهَا مَعَ قِيمَةِ وَلَدِهَا إنْ كَانَ ( وَلَزِمَتْك ) يَا مُوَكِّلُ الْأَمَةُ ( الْأُخْرَى ) الَّتِي قَدِمَ الْمَأْمُورُ بِهَا .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً بَرْبَرِيَّةً فَبَعَثَ بِهَا إلَيْهِ فَوَطِئَهَا ثُمَّ قَدِمَ الْوَكِيلُ بِأُخْرَى ، فَقَالَ هَذِهِ لَك وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ ، وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ بَيَّنَ ذَلِكَ حِينَ بَعَثَ بِهَا ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ حَلَفَ وَأَخَذَهَا وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ فَاتَتْ الْأُولَى بِوَلَدٍ مِنْهُ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ فَلَا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً فَيَأْخُذَهَا .
سَحْنُونٌ وَيَأْخُذَ قِيمَةَ وَلَدِهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَلْزَمُ الْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ .
ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ .
وَإِنْ أَمَرْتَهُ بِمِائَةٍ ، فَقَالَ : أَخَذْتُهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ : خُيِّرْت فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْك إلَّا الْمِائَةُ
( وَإِنْ أَمَرْته ) أَيْ مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ لَك ( بِمِائَةٍ ) فَاشْتَرَى جَارِيَةً وَأَرْسَلَهَا إلَيْك ثُمَّ قَدِمَ ( فَقَالَ ) الْمَأْمُورُ ( أَخَذْتهَا ) أَيْ اشْتَرَيْت الْجَارِيَةَ الَّتِي أَرْسَلْتهَا ( بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ ) الْجَارِيَةُ الَّتِي أَرْسَلَهَا لَك بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ( خُيِّرْت ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً وَفَتْحِ تَاءِ الْمُخَاطَبِ يَا مُوَكِّلُ ( فِي أَخْذِهَا ) أَيْ قَبُولِ الْجَارِيَةِ الَّتِي أَرْسَلَهَا لَك ( بِمَا ) أَيْ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ الَّتِي ( قَالَ ) الْوَكِيلُ إنَّهُ أَخَذَهَا بِهَا أَوْ رَدِّهَا لِلْوَكِيلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك إنْ كُنْت وَطِئْتهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ فَاتَتْ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ( وَلَمْ يَلْزَمْك ) يَا آمِرُ ( إلَّا الْمِائَةُ ) الَّتِي أَمَرْته بِالشِّرَاءِ بِهَا ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِك حِينَ إرْسَالِهَا فَكَأَنَّهُ تَبَرَّعَ لَك بِالْخَمْسِينَ الَّتِي زَادَهَا .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " مَنْ أَمَرَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً بِمِائَةٍ فَبَعَثَ بِهَا إلَيْهِ ، وَلَمَّا قَدِمَ قَالَ ابْتَعْتهَا بِخَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرَ الْآمِرُ بَيْنَ أَخْذِهَا بِمَا قَالَ الْمَأْمُورُ أَوْ رَدِّهَا وَإِنْ كَانَتْ حَمَلَتْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إلَّا الْمِائَةُ .
أَبُو الْحَسَنِ إنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرَ الْآمِرُ يُرِيدُ بَعْدَ حَلِفِ الْمَأْمُورِ لَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ .
وَإِنْ رُدَّتْ دَرَاهِمُكَ لِزَيْفٍ : فَإِنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُك : لَزِمْتُك ، وَهَلْ ، وَإِنْ قَبَضْت ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَإِلَّا فَإِنْ قَبِلَهَا ، حَلَفْت وَهَلْ مُطْلَقًا ، أَوْ لِعُدْمِ الْمَأْمُورِ مَا دَفَعْتَ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك وَلَزِمَتْهُ ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَإِلَّا حَلَفَ كَذَلِكَ ، وَحَلَّفَ الْبَائِعُ ، وَفِي الْمُبَدَّإِ : تَأْوِيلَانِ
( وَإِنْ ) دَفَعْت دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ وَوَكَّلْته عَلَى إسْلَامِهَا فِي طَعَامٍ مَثَلًا لَك فَأَسْلَمَهَا فِيهِ وَغَابَ عَلَيْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثُمَّ ( رُدَّتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ ( دَرَاهِمُك ) أَيْ رَدَّهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ( لِزَيْفٍ ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَفَاءٍ ، أَيْ عَيْبٍ بِهَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِيهَا ( فَإِنْ عَرَفَهَا ) أَيْ الدَّرَاهِمَ ( مَأْمُورُك لَزِمَتْك ) صَدَّقَتْهُ أَمْ لَا .
( وَهَلْ ) تَلْزَمُك إنْ لَمْ تَقْبِضْ الْمُسْلَمَ فِيهِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كُنْت ( قَبَضْت ) يَا آمِرُ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ ، أَوْ إنَّمَا تَلْزَمُك إنْ لَمْ تَقْبِضْ الْمُسْلَمَ فِيهِ ، فَإِنْ كُنْت قَبَضْته فَلَا تَلْزَمُك وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَأْمُورِك عَلَيْك ، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا بَعْضُ الشُّيُوخِ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَمَرْت رَجُلًا يُسْلِمُ لَك دَرَاهِمَ دَفَعْتهَا إلَيْهِ فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ ثُمَّ أَتَى الْبَائِعُ بِدَرَاهِمَ زَائِفَةٍ لِيُبَدِّلَهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا الَّتِي قَبَضَهَا مِنْ مَأْمُورِك ، فَإِنْ عَرَفَهَا الْمَأْمُورُ لَزِمَتْ الْآمِرَ أَنْكَرَهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَمِينُهُ .
ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ السَّلَمَ ، وَأَمَّا لَوْ قَبَضَهُ فَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْوَكِيلِ ، وَذَلِكَ عِنْدِي سَوَاءٌ قَبَضَ الْآمِرُ السَّلَمَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : تت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ بَيَّنَ الْمَأْمُورُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ أَمْ لَا .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ ، وَأَمَّا إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَهُ فَإِنَّ وَكَالَتَهُ تَنْقَضِي بِنَفْسِ دَفْعِهِ الدَّرَاهِمَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى الْآمِرِ ، وَيُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَبْدَلَهَا وَيَحْلِفُ الْآمِرُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ ، الثَّانِي قَيَّدَ الرَّجْرَاجِيُّ الْخِلَافَ بِالْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ بِفَرَاغِهِ مِمَّا وُكِّلَ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي أَنَّ مَا قَبِلَهُ مَقْبُولٌ فَيَلْزَمُ الْآمِرَ الْبَدَلُ .
الثَّالِثُ : عِيَاضٌ إذَا أَبْدَلَهَا الْآمِرُ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ أَبْدَلَهَا فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا مَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُودَعِ ، وَحَكَى أَشْهَبُ أَنَّهُ يُبَدِّلُهَا بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ أَنَّهَا هِيَ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ يَدٍ أَمِينَةٍ وَغَابَتْ عَنْهُ .
أَبُو الْحَسَنِ لَعَلَّ قَوْلَ أَشْهَبَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكَلَ الْبَائِعُ عَنْ يَمِينِهِ فَيَسْقُطَ إبْدَالُهَا عَنْ الْآمِرِ .
وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَهَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ غَابَ عَلَيْهَا ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ قَدْ أَبْدَلَهَا .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا مَأْمُورُك ( فَإِنْ قَبِلَهَا ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَأْمُورُك الدَّرَاهِمَ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِتَبَدُّلِهَا لَهُ وَامْتَنَعْت مِنْ إبْدَالِهَا ( حَلَفْت ) يَا آمِرُ وَيَأْتِي مَفْعُولُهُ فِي قَوْلِهِ مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك .
( وَهَلْ ) تَحْلِفُ حَلِفًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعُدْمِ مَأْمُورِك وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ( أَوْ ) إنَّمَا تَحْلِفُ ( لِعُدْمِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ عُسْرِ ( الْمَأْمُورِ ) وَأَمَّا مَعَ يُسْرِهِ فَلَا تَحْلِفُ ، وَإِلَيْهِ نَحَا أَبُو عِمْرَانَ ، وَمَفْعُولُ حَلَفْت ( مَا دَفَعْتَ ) بِفَتْحِ تَاءِ خِطَابِ الْآمِرِ ( إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ صَرَّافًا وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَقِيلَ يَحْلِفُ الصَّرَّافُ بَتًّا وَإِذَا حَلَفْت كَذَلِكَ ( لَزِمَتْهُ ) أَيْ الدَّرَاهِمُ الْمَأْمُورُ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْمَأْمُورُ وَقَبِلَهَا حَلَفَ الْآمِرُ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُ أَنَّهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ ، وَمَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَبَرِئَ وَأَبْدَلَهَا الْمَأْمُورُ لِقَبُولِهِ إيَّاهَا عِيَاضٌ قِيلَ حَلِفُ الْآمِرِ هُنَا هُوَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي أَيْمَانِ التُّهَمِ ،
وَقِيلَ بَلْ وَجَدَ الْمَأْمُورَ عَدِيمًا فَلِذَلِكَ حَلَّفَهُ وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ مُوسِرًا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَى الْآمِرِ سَبِيلٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الْمَأْمُورُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا ( حَلَفَ ) الْمَأْمُورُ حَلِفًا ( كَذَلِكَ ) أَيْ حَلَفَ الْآمِرُ فِي أَنَّ صِيغَتَهُ مَا دَفَعْتُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِي ، وَبَرِئَ " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الْمَأْمُورُ وَلَا عَرَفَهَا حَلَفَ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ مَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ ، وَبَرِئَ .
( وَحَلَفَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فَاعِلُهُ ( الْبَائِعُ ) وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ الْآمِرُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ أَيْضًا وَلَزِمَتْ الْبَائِعَ ( وَفِي الْمُبَدَّأِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً بِالتَّحْلِيفِ مِنْ الْآمِرِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ وَالْمَأْمُورُ لِأَنَّهُ الَّذِي بَاشَرَ الدَّفْعَ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا وَلَمْ يَقْبَلْهَا الْمَأْمُورُ وَلَا الْآمِرُ ( تَأْوِيلَانِ ) " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْبَائِعِ ، أَنْ يُحَلِّفَ الْآمِرَ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ وَأَنَّهُ مَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ ثُمَّ تَلْزَمُ الْبَائِعَ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الرُّتْبَةُ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِ الْآمِرِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ الَّذِي عَامَلَهُ وَلَهُ عِنْدِي أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي وَلَّى مُعَامَلَتَهُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَحْلِفُ إلَّا لَك ، إذْ لَا مُعَامَلَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْآمِرِ ، وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْآمِرَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ هَذَا وَكِيلُهُ وَهَذِهِ دَرَاهِمُهُ ، فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُمَا وَيَبْدَأَ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا .
الْحَطّ ذَكَرَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ تَبْدِئَةَ الْآمِرِ وَتَبْدِئَةَ الْمَأْمُورِ وَتَخْيِيرَ الْبَائِعِ قَالَ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى
كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ تَبْدِئَةَ الْمَأْمُورِ ، وَهُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ ، وَتَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَاخْتَصَرَهَا عَلَيْهِ وَتَبْدِئَةَ الْآمِرِ ، وَلَمْ يَعْزُهُ الرَّجْرَاجِيُّ لِأَحَدٍ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ وَقَالَ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ ، وَالثَّالِثُ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُس .
( تَكْمِيلٌ ) إنْ بَدَأَ بِالْآمِرِ فَنَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَغَرِمَ الْآمِرُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يَتَّهِمَهُ بِتَبْدِيلِهَا فَيُحَلِّفَهُ ، وَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَأْمُورَ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنْ يَمِينِ الْآمِرِ نُكُولٌ عَنْ يَمِينِ الْمَأْمُورِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْمَأْمُورِ وَنَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَبْدَلَهَا الْمَأْمُورُ ، ثُمَّ هَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْآمِرِ أَمْ لَا قَوْلَانِ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ .
وَانْعَزَلَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ ، إنْ عَلِمَ ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ
( وَانْعَزَلَ ) الْوَكِيلُ ( بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ إنْ عَلِمَ ) الْوَكِيلُ مَوْتَهُ إذْ هُوَ نَائِبُهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ ، وَقَدْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَصَارَ مِلْكًا لِوَارِثِهِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى فَصْلِ الْخُصُومَةِ ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ قِيلَ قَبَضَ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ ، وَظَاهِرُهُ كَانَ مَخْصُوصًا أَوْ مُفَوَّضًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ " ق " ابْنُ عَرَفَةَ الْمَعْرُوفُ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ بِعِلْمِهِ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ أَمَرَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ سِلْعَةً ثُمَّ يَدْفَعُ لَهُ ثَمَنَهَا أَوْ دَفَعَهُ لَهُ فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ مَوْتِ الْآمِرِ ، فَذَلِكَ لَازِمٌ لِوَرَثَتِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِ الْآمِرِ ، فَلَا تَلْزَمُ الْوَرَثَةَ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الثَّمَنِ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ قَدْ انْفَسَخَتْ قَبْلَ شِرَائِهِ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَنْ لَهُ وَكِيلٌ بِبَلَدٍ يُجَهِّزُ إلَيْهِ الْمَتَاعَ أَنَّ مَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِ الْآمِرِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَهُوَ لَازِمٌ لِوَرَثَتِهِ وَمَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ لَا يَلْزَمُهُمْ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ قَدْ انْفَسَخَتْ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ مَوْتَ مُوَكِّلِهِ وَتَصَرَّفَ فِي الْمَالِ بَعْدَهُ ( فَ ) فِي مُضِيِّ تَصَرُّفِهِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا عَامَّةُ الْأَشْيَاخِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ ( تَأْوِيلَانِ ) " ق " ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ أَوْ عَزْلِهِ فَقِيلَ إنَّهُ مَعْزُولٌ بِنَفْسِ الْعَزْلِ أَوْ الْمَوْتِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي حَجَرَ عَلَى وَكِيلِهِ فَقَبَضَ مِنْ غُرَمَائِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَبْرَءُونَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِعَزْلِهِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ
الشُّيُوخُ يَحْمِلُونَهُ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ التُّونُسِيُّ .
فَإِذَا لَمْ يَبْرَأْ الْغُرَمَاءُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا يَبْرَأُ هُوَ وَلِلْغُرَمَاءِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ ، فَهَذَا بَيِّنٌ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَنْفَسِخُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ عَامَلَهُ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِنَفْسِ الْعَزْلِ أَوْ الْمَوْتِ ، وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ فِي حَقِّ أَحَدٍ إلَّا بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ فَيَنْعَزِلُ بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ ، وَفِي حَقِّ مَنْ بَايَعَهُ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْوَكَالَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَكَذَلِكَ يَبْرَأُ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَوْتَ مُوَكِّلِهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ ، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ هَذَا لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ مَوْتَ مُوَكِّلِهِ فَبَاعَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَتَلِفَتْ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ عِنْدَهُ ضَمِنَهَا الْوَكِيلُ لِانْفِسَاخِ الْوَكَالَةِ فِي حَقِّهِ لِعِلْمِهِ مَوْتَهُ وَتَعَدِّيهِ فِيمَا لَا يَنْصَرِفُ لَهُ فِيهِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْغَلَّةِ إذَا أُخِذَتْ السِّلْعَةُ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِمَوْتِهِ وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْغَلَّةَ إذَا أُخِذَتْ السِّلْعَةُ مِنْهُ لِتَعِدِيهِ بِابْتِيَاعِ مَا قَدْ انْفَسَخَتْ الْوَكَالَةُ فِيهِ فِي حَقِّهِ .
وَفِي عَزْلِهِ بِعَزْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ : خِلَافٌ
( وَفِي عَزْلِهِ ) أَيْ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ ( بِعَزْلِهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ ( وَلَمْ يَعْلَمْ ) الْوَكِيلُ بِعَزْلِهِ لَهُ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ لَهُ بَعْدَهُ كَمَا فِي شَرِكَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَدَمِهِ حَتَّى يَعْلَمَ فَيَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ لَهُ بَعْدَهُ وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ إذْ مَا فِي شَرِكَتِهَا مَشْهُورٌ أَيْضًا " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ يَنْعَزِلُ بِنَفْسِ عَزْلِهِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ : وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ التُّونُسِيُّ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ ، هَذَا قَوْلٌ أَوَّلُ .
الْقَوْلُ الثَّانِي لِأَشْهَبَ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَوْ فِي حَقِّ مَدِينِ مُوَكِّلِهِ .
الْقَوْلُ الثَّالِثُ يَنْعَزِلُ بِنَفْسِ عَزْلِهِ أَوْ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ مَعَ عِلْمِهِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ فَقَطْ ، وَفِي حَقِّ الْمَدِينِ بِعِلْمِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوَّلَ وَكَالَتِهَا مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّرِيكَيْنِ .
الْقَوْلُ الرَّابِعُ يَنْعَزِلُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ، وَفِي الْعَزْلِ إنْ عَلِمَ رَوَاهُ اللَّخْمِيُّ ا هـ .
وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الثَّانِيَ وَالرَّابِعَ لَمْ يُشْهَرَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ ، فَانْظُرْ هَذَا مَعَ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ بِعِلْمِهِ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مُطَرِّفٍ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُفَوَّضًا إلَيْهِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ حَارِثٍ عَنْهُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُفَوَّضًا إلَيْهِ ، وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ تَفْوِيضٍ ، وَكَذَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، قَالَ فِيهَا وَلِأَصْبَغَ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ فَلَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ
لَا بِتَوْكِيلِ الْوَارِثِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ وَلِيَ الْبَيْعَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ الْوَارِثُ .
قُلْت فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ الْمَعْرُوفُ وَنَقْلَانِ عَنْ مُطَرِّفٍ ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي تَقَرُّرِ انْعِزَالِهِ بِنَفْسِ عَزْلِهِ أَوْ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ أَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَوْ فِي حَقِّ مَدِينِ مُوَكِّلِهِ ثَالِثُهَا بِعِلْمِهِ فَقَطْ فِي حَقِّهِ ، وَفِي حَقِّ الْمَدِينِ بِعِلْمِهِ ، وَرَابِعُهَا بِنَفْسِ الْمَوْتِ فِيهِ وَيُعْلِمُهُ فِي الْعَزْلِ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ قَائِلًا عَلَيْهِ حَمَلَ الشُّيُوخُ وَالتُّونُسِيُّ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَاقِلًا عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَابْنُ رُشْدٍ مَعَ سَمَاعِ سَحْنُونٍ عَنْ أَشْهَبَ وَلِلْمُقَدِّمَاتِ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوَّلُ وَكَالَتِهَا مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّرِيكَيْنِ يَفْتَرِقَانِ ، فَيَقْضِي الْغَرِيمُ أَحَدَهُمَا إنْ عَلِمَ افْتِرَاقَهُمَا ضَمِنَ حَظَّ مَنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ ، وَرَجَعَ عَلَى مَنْ دَفَعَ لَهُ بِمَا غَرِمَ لِلْغَائِبِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَضْمَنُهُ وَرِوَايَةُ اللَّخْمِيِّ .
وَهَلْ لَا تَلْزَمُ ، أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ ، فَكَهُمَا ، وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ ؟ تَرَدُّدٌ .
( وَهَلْ لَا تَلْزَمُ ) الْوَكَالَةُ الْمُوَكِّلَ وَلَا الْوَكِيلَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَلُّهَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا سَوَاءٌ وَقَعَتْ بِأُجْرَةِ أَوْ جُعْلٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ وَلَا جُعْلٍ ( أَوْ وَقَعَتْ ) الْوَكَالَةُ ( بِأُجْرَةٍ ) مَعْلُومَةٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ كَتَوْلِيَتِهِ عَلَى تَقَاضِي دَيْنٍ قَدَّرَهُ ، كَذَا مِنْ فُلَانٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ( أَوْ جُعْلٍ ) مَعْلُومٍ عَلَى تَقَاضِي دِينِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ قَدْرِهِ أَوْ تَعْيِينِهِ دُونَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ ( ف ) الْوَكَالَةُ بِأُجْرَةِ وَالْوَكَالَةُ بِجُعْلٍ ( كَهُمَا ) أَيْ الْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَالْجَعَالَةِ فِي عَدَمِهِ بِهِ ، وَاللُّزُومُ بِالشُّرُوعِ لِلْجَاعِلِ لَا لِلْمَجْعُولِ لَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ بِأُجْرَةٍ وَلَا جُعْلٍ ، بِأَنْ وَقَعَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ ( لَمْ تَلْزَمْ ) الْمُوَكِّلَ وَلَا الْوَكِيلَ وَهَذَا تَمَامُ الْقَوْلِ الثَّانِي ، فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ لَا تَلْزَمُ فِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ .
" ق " ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ جَبْرًا كَالْوَصِيَّةِ وَوِلَايَةِ الْيَتِيمِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ الِانْصِرَافُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِنْ كَانَتْ اخْتِيَارًا ، فَإِنْ كَانَتْ بِثَمَنٍ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيل الْإِجَارَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ مِنْ الْمُتَعَاقِدِينَ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ عَنْهَا ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الْجَعَالَةِ فَقِيلَ إنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ ، وَقِيلَ مُنْحَلَّةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ ، وَقِيلَ لَازِمَةٌ لِلْجَاعِلِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِعِوَضِ فَهِيَ إجَارَةٌ تَلْزَمُهُمَا جَمِيعًا وَلَا تَجُوزُ إلَّا بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ وَأَجَلٍ مَضْرُوبٍ وَعَمَلٍ مَعْرُوفٍ ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ الْوَكِيلِ يَلْزَمُهُ إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ مَا الْتَزَمَهُ وَلِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ فِي الْخِصَامِ ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ عَقْدُ الْوَكَالَةِ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ
الْخِصَامِ وَالْوَكِيلُ مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِهَا فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبُولُهُ عَنْ عِلْمِهِ بِهَا فَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَإِنْ قَبِلَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا يَشْتَرِيهَا الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ فَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السِّلْعَةَ لِلْآمِرِ ، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهَا لِلْوَكِيلِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَيُصَدَّقُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ ابْنُ زَرْقُونٍ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِ هَلْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنْ ذَلِكَ لَهُ إذَا لَمْ يُوَكَّلْ بِأَجْرٍ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِتَمَامِ الْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُوَكِّلًا عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ ، فَإِنْ كَانَ مُفَوِّضًا فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِعَزْلِ مُوَكِّلِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ بِمُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، هَذَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْوَكَالَةِ بِالدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ وَإِلَّا فَتَسْتَمِرُّ قَالَهُ فِي الْقَوَانِينَ .
الثَّانِي : ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ جُنُونُ الْوَكِيلِ لَا يُوجِبُ عَزْلَهُ إنْ بَرَأَ فَكَذَا جُنُونُ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فَإِنْ طَالَ نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي كُلِّ أَمْرِهِ وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ لَا يُوجِبُ عَزْلَهَا عَنْ وَكَالَةِ مُطَلِّقِهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَرْضَى فِعْلَهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا وَالْأَظْهَرُ انْعِزَالُهُ عَنْ وَكَالَتِهَا إيَّاهُ بِطَلَاقِهَا ، قَالَ وَالرِّدَّةُ لَغْوٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَرْضَى فِعْلَهُ بَعْدَ رَدَّتِهِ .
الثَّالِثُ : ابْنُ عَرَفَةَ فِي الِانْعِزَالِ بِطُولِ مُدَّةِ التَّوْكِيلِ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَبَقَائِهِ قَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ رَأَيْت بَعْضَ شُيُوخِنَا يَسْتَكْثِرُ إمْسَاكَ الْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ نَحْوَهَا ، وَيَرَى تَجْدِيدَ التَّوْكِيلِ عَلَى قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ الْوَكَالَةُ عَلَى الْخِصَامِ إذَا سَقَطَ مِنْ رَسْمِهَا لَفْظُ دَائِمَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ وَإِنْ طَالَ أَمَدُهَا كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ سَقَطَتْ إلَّا بِتَوْكِيلٍ ثَانٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَامَ بِتَوْكِيلٍ عَلَى خُصُومَةٍ سَنَتَيْنِ ، وَقَدْ أَنْشَبَ الْخُصُومَةَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْشَبْهَا إلَّا بَعْد مُضِيِّ سَنَتَيْنِ يَسْأَلُ مُوَكِّلَهُ عَنْ بَقَاءِ تَوْكِيلِهِ أَوْ عَزْلِهِ ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ .
ابْنُ فَتُّوحٍ إنْ خَاصَمَ وَاسْتَمَرَّ خِصَامُهُ سِنِينَ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ تَوْكِيلٍ .
الرَّابِعُ : إذَا وَكَّلَ عَبْدًا عَلَى عَمَلٍ وَطَلَبَ سَيِّدُهُ أَجَرْتَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَا أُجْرَةُ لَهُ عَلَى مَنْ وَكَّلَهُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يُودَعُ فَيَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ إذْن سَيِّدِهِ ، وَلَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ .
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ مَنْ وَكَّلَهُ أَجَرْتَهُ لِسَيِّدِهِ الشَّيْخِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ لَا خَطَبَ لَهُ ، كَكَوْنِ الْمِسَلَّةِ إلَيْهِ أَتَى إلَى مَنْزِلِ هَذَا الْعَبْدِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كَمُنَاوَلَةِ الْقَدَحِ وَالنَّعْلِ ا هـ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
بَابٌ ) يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ ، بِلَا حَجْرٍ بِإِقْرَارِهِ لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ ، وَلَمْ يُتَّهَمْ ، كَالْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ ، وَأَخْرَسَ ، وَمَرِيضٍ ، إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ لِأَبْعَدَ أَوْ لِمُلَاطِفِهِ ، أَوْ لِمَنْ يَرِثُهُ ، أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ : كَزَوْجٍ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا أَوْ جُهِلَ ، وَوَرِثَهُ ابْنٌ أَوْ بَنُونَ ، إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ
( بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ ( يُؤَاخَذُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَمَدِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ يَلْزَمُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الزَّايِ الشَّخْصَ ( الْمُكَلَّفَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا ، أَيْ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ حَالَ كَوْنِهِ ( بِلَا حَجْرٍ ) عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِأَنْ كَانَ حُرًّا رَشِيدًا غَيْرَ مُفْلِسٍ وَلَوْ زَوْجَةً أَوْ مَرِيضًا فِي زَائِدِ الثُّلُثِ .
طفي وَهِمَ الشَّارِحُ فِي إخْرَاجِ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ بِقَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ ، وَتَبِعَهُ تت وَغَيْرُهُ إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِمَا فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ ، إذْ لَيْسَ هُوَ مِنْ التَّبَرُّعِ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ قَائِلًا فَقَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ ، أَيْ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَصِلَةُ يُؤَاخَذُ ( بِإِقْرَارِهِ ) أَيْ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ فِي الذَّخِيرَةِ ، هَذِهِ الْمَادَّةُ وَهِيَ الْإِقْرَارُ وَالْقَرَارُ وَالْقَرُّ وَالْقَارُورَةُ أَصْلُهَا السُّكُونُ وَالثُّبُوتُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُثْبِتُ الْحَقَّ وَالْمُقِرُّ أَثْبَتَ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ ، وَالْقَرَارُ مَحِلُّ السُّكُونِ ، وَالْقَرُّ الْبَرْدُ وَهُوَ يُسْكِنُ الدِّمَاءَ وَالْأَعْضَاءَ ، وَالْقَارُورَةُ يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْمَائِعُ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يُعَرِّفُوهُ وَكَأَنَّهُ بَدِيهِيٌّ عِنْدَهُمْ ، وَمَنْ يُنْصِفُ لَا يَدَّعِي بَدَاهَتَهُ لِأَنَّ مُقْتَضَى حَالِ مُدَّعِيهَا أَنَّهُ قَوْلٌ يُوجِبُ حَقًّا عَلَى قَائِلِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ نَظَرِيٌّ فَيُعْرَفُ بِأَنَّهُ خَبَرٌ يُوجِبُ حُكْمَ صِدْقِهِ عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ بِلَفْظِهِ أَوْ لَفْظِ نَائِبِهِ فَيَدْخُلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ وَتَخْرُجُ الْإِنْشَاءَاتُ كَبِعْتُ وَطَلَّقْت وَنُطْقُ الْكَافِرِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَازَمَهَا الْإِخْبَارُ عَنْهَا بِلَفْظِ بِعْت وَطَلَّقْت وَأَسْلَمْت وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَالرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ وَالْقَذْفُ كَقَوْلِهِ زَيْدٌ زَانٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَوْجَبَ حُكْمًا عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ هُوَ حُكْمَ مُقْتَضَى صِدْقِهِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ
قَوْلُهُ وَنُطْقُ الْكَافِرِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِيهِ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ مِنْهُ إنْشَاءٌ ، وَجَوَّزَ الرَّصَّاعُ فِيهِ الْخَبَرِيَّةَ وَرَدَّ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ الْقَلْبِيَّ مِنْ قَبِيلِ الْعُلُومِ أَوْ مِنْ تَوَابِعِهَا لِأَنَّهُ الْمَعْرِفَةُ أَوْ حَدِيثُ النَّفْسِ التَّابِعُ لَهَا ، وَالْمُرَادُ بِحَدِيثِ النَّفْسِ الْقَبُولُ وَالْإِذْعَانُ لِمَا عَرَّفَهُ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَلِمَةُ الشَّهَادَةِ عِبَارَةٌ عَنْهُ فَهُوَ يُخْبِرُ أَنَّهُ اعْتَقَدَ مَضْمُونَهَا وَأَقَرَّ بِهِ فَهِيَ خَبَرٌ مِنْ الْأَخْبَارِ فَتَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِهِ .
وَأَمَّا كَوْنُهَا إنْشَاءً فَمُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمُنْشَأَ إنْ كَانَ مَا فِي الِاعْتِقَادِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ سَابِقٌ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهَا وَالْمُنْشَأُ يَلْزَمُ تَأَخُّرُهُ عَنْ صِيغَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مَعْنَاهَا الْخَبَرِيِّ ، وَأَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنَّ كُلَّ إقْرَارٍ إنْشَاءٌ لِدُخُولِ كُلِّ مُقِرٍّ فِي الْتِزَامِ مَا أَقَرَّ بِهِ ، وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ ، فَالصَّوَابُ أَنَّ نُطْقَ الْكَافِرِ بِهَا إخْبَارٌ عَنْ اعْتِقَادِهِ ، وَكَذَا الذَّاكِرُ بِالْأَحْرَى ، نَعَمْ إذَا قَصَدَ الذَّاكِرُ إنْشَاءَ الثَّنَاءِ بِهَا نَاقِلًا لَهَا عَنْ مَعْنَاهَا صَحَّ ذَلِكَ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْكَافِرِ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةِ إنَّمَا تَحْصُلُ بَعْدَ الْإِيمَانِ .
الْحَطّ وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عَلَى الصَّحِيحِ .
الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يَكُونَ بِإِكْرَاهٍ ، وَاخْتُلِفَ فِي أَخْذِ الْمَحْبُوسِ وَالْمُهَدَّدِ بِإِقْرَارِهِ وَاضْطَرَبَ الْمَذْهَبُ فِيهِ هَلْ يُقْبَلُ جُمْلَةً أَوْ لَا يُقْبَلُ جُمْلَةً أَوْ يُفَرَّقُ ، فَيُقْبَلُ إذَا عَيَّنَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ سَرِقَةٍ ، وَلَا يُقْبَلُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ .
الدَّمَامِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ
وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ الْمَذْعُورَ لَا يَلْزَمُهُ مَا صَدَرَ مِنْهُ فِي حَالِ ذُعْرِهِ مِنْ بَيْعٍ وَإِقْرَارٍ وَغَيْرِهِمَا .
" ق " ابْنُ شَاسٍ الْمُقِرُّ يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمَحْجُورٍ فَالْمُطْلَقُ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي كُلِّ مَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَالِهِ وَبَدَنِهِ ، وَالْمَحْجُورُ سِتَّةُ أَشْخَاصٍ الصَّبِيُّ وَإِقْرَارُهُ مَسْلُوبٌ قَطْعًا مُطْلَقًا نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ لَصُدِّقَ ، إذْ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَالْمَجْنُونُ وَهُوَ مَسْلُوبُ الْقَوْلِ مُطْلَقًا وَالْمُبَذِّرُ وَالْمُفْلِسُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ ا هـ .
( فَائِدَةٌ ) الْإِقْرَارُ وَالشَّهَادَةُ وَالدَّعْوَى إخْبَارٌ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ الْخَبَرَ إنْ كَانَ حُكْمُهُ قَاصِرًا عَلَى قَائِلِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ لَهُ فَدَعْوًى وَإِلَّا فَشَهَادَةٌ .
( لِأَهْلِ ) أَيْ صَالِحِ الْمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَحَمْلٍ وَمَسْجِدٍ وَقَنْطَرَةٍ فَلَا يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ كَجَبَلٍ وَبَحْرٍ وَسَبُعٍ .
ابْنُ شَاسٍ مِنْ شَرْطِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ ، فَلَوْ قَالَ لِهَذَا الْحَجَرِ أَوْ الْحِمَارِ عَلَيَّ أَلْفٌ بَطَلَ ( لَمْ يُكَذِّبْهُ ) أَيْ الْأَهْلُ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ .
ابْنُ شَاسٍ مِنْ شَرْطِ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْضًا أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُقِرَّ ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا يَسْلَمُ لَهُ الْمُقَرُّ بِهِ وَيُتْرَكُ بِيَدِ الْمُقِرِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ ، إذْ لَا يَصِحُّ دُخُولُ مِلْكِ الْغَيْرِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ جَبْرًا إلَّا فِي الْمِيرَاثِ ( وَلَمْ يُتَّهَمْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ مَفْتُوحَةً هِيَ وَالْهَاءُ ، أَيْ الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ بِكَذِبٍ لَا كَيْدِ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ .
" ق " هَذَا الشَّرْطُ لَا يُحْتَاجُ لَهُ فِي إقْرَارٍ صَحِيحٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ
، اُنْظُرْ أَوَّلَ الْإِقْرَارِ مِنْ الْكَافِي ، فَإِنَّهُ قَالَ إقْرَارُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ بِأَمْرٍ لَا يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ ، وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ يَلْزَمُهُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةِ قَبْضِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالْقَهْرِ وَالتَّعَدِّي .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْغَرِيمِ مَنْعُ إقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ .
" طفي " قَوْلُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ ، إذْ هُوَ مَخْرَجٌ لِلْمَرِيضِ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الْمُقِرُّ يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمَحْجُورٍ فَالْمُطْلَقُ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ سِتَّةٌ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُبَذِّرُ وَالْمُفْلِسُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ .
ا هـ .
أَيْ وَعَدَمُ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ .
الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِحَمْلِ الْحَجْرِ الْمَنْفِيِّ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْحَجْرِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
عب إنَّمَا يُعْتَبَرُ عَدَمُ الِاتِّهَامِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ .
الْبُنَانِيُّ يَعْنِي بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْمُفْلِسَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَازِمٌ ، لَكِنْ لَا يُحَاصَصُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهِ وَيَتْبَعُهُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَلَسِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ هُنَا مِنْ بُطْلَانِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ عَدَمَ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَثَّلَ لِمَنْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَنْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ مُؤَاخَذَتِهِ بِهِ فَقَالَ ( كَالْعَبْدِ ) غَيْرِ الْمَأْذُونِ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ ( فِي غَيْرِ الْمَالِ ) كَجُرْحٍ أَوْ قَتْلٍ عَمْدًا مِمَّا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ أَوْ حَدٌّ كَقَذْفٍ وَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ لَا لِغُرْمِ الْمَسْرُوقِ ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ
الْمَالِ عَلَى أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ شَرْعِيَّةٌ ، يَعْنِي أَنَّ الشَّارِعَ حَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا ، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ الْأَمْرَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فَيُؤَاخَذُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ، كَالسَّرِقَةِ فَيُقْطَعُ ، وَلَا يَغْرَمُ وَلَمْ يُقَيَّدُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ أَغْنَى عَنْهُ ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ قَالَهُ تت ، وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ وعب ، وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِالْمَأْذُونِ لَا بِغَيْرِهِ ، وَلِذَا قَالَ الْعَدَوِيُّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمَالِ يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ ، لِأَنَّ الْمَأْذُونَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ ، وَيَكُون فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُمَا لِسَيِّدِهِ وَمَا زَادَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْهَا .
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ ، وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِهِ وَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ سَيِّدُهُ أَوْ السُّلْطَانُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ .
" ق " ابْنُ عَرَفَةَ حَجْرُ الرِّقِّ يُلْغِي الْإِقْرَارَ فِي الْمَالِ لَا الْبَدَنِ ، فَفِي جِنَايَاتِهَا إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ صُدِّقَ فِيهِ وَمَا آلَ إلَى غُرْمِ سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ .
ابْنُ سَحْنُونٍ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَصْبٍ لَازِمٍ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَإِقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِبَيْعٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ
جَائِزٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَالِكٌ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ عَبْدٍ قَالَ فُلَانٌ أَوْدَعَنِيهِ وَسَيِّدُهُ يَدَّعِيهِ إنَّ السَّيِّدَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فُلَانٌ الْبَيِّنَةَ .
ا هـ .
عَبْدُ الْحَقِّ وَيَحْلِفُ إنْ قَالَ هُوَ لِي عَلَى الْبَتِّ ، أَوْ قَالَ هُوَ لِعَبْدِي أُعْلِمَ شِرَاؤُهُ أَوْ مِلْكُهُ .
وَأَمَّا إنْ قَالَ هُوَ بِيَدِ عَبْدِي أَوْ حَوْزِهِ فَلْيَحْلِفْ مَا عَلِمْت لَك فِيهِ حَقًّا .
( وَ ) كَشَخْصٍ ( أَخْرَسَ ) فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَا يُفْهَمُ عَنْهُ مِنْ إشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ إقْرَارِهِ .
" ق " لَمْ أَجِدْ ذَكَرَ هَذَا فِي الْبَابِ ( وَ ) كَشَخْصٍ ( مَرِيضٍ ) فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَالٍ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ ( إنْ وَرِثَهُ ) أَيْ الْمَرِيضَ ( وَلَدٌ ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ وَلَدُ ابْنٍ إذَا أَقَرَّ ( لِ ) قَرِيبٍ ( أَبْعَدَ ) مِنْ الْوَلَدِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ الْوَلَدُ جَمِيعَ مَالِهِ كَابْنٍ أَوْ بَعْضَهُ كَبِنْتٍ .
ابْنُ رُشْدٍ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ غَيْرُ وَارِثٍ أَوْ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ .
قِيلَ جَائِزٌ مُطْلَقًا .
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَهُمَا قَائِمَانِ مِنْهَا .
عب لَكِنَّ الَّذِي فِي الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ مَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ الْمَشْهُورُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ قَائِمًا مِنْهَا أَيْضًا إذَا لَا يَلْزَمُ مِنْ قِيَامِهِ مِنْهَا كَوْنُهُ مَشْهُورًا .
الْبُنَانِيُّ مِثْلُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ وَنَصَّهُ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ أَوْ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ لَا كَلَالَةٍ .
وَقِيلَ إنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ كَأَنْ يُورَثَ بِكَلَالَةٍ أَوْ بِوَلَدٍ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَقَدْ قِيلَ إنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ جَازَ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَإِنْ كَانَ بِكَلَالَةٍ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ .
( أَوْ ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ ( لِ ) صَدِيقِ ( مُلَاطِفِهِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ
مُعَامِلٍ لَهُ مُعَامَلَةً جَمِيلَةً أَجْنَبِيٍّ مِنْ نَسَبِهِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ ، وَمَفْهُومُ أَبْعَدَ وَمُلَاطِفٍ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُلَاطِفٍ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ فِيهِ .
" غ " الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَنْ بَعْدَ الْأَبْعَدِ وَاحْتَرَزَ بِالْأَبْعَدِ مِنْ الْأَقْرَبِ وَالْمُسَاوِي وَالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَهُمَا ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَحْكَامِهِمْ فِيمَا بَعْدَ وَقَصَدَ اخْتِصَارَ تَحْصِيلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي ثَانِي مَسْأَلَةٍ مِنْ رَسْمِ لَيَفْعَلَن ( أَوْ ) أَقَرَّ مَرِيضٌ ( لِمَنْ ) أَيْ شَخْصٍ قَرِيبٍ ( لَمْ يَرِثْهُ ) أَيْ الشَّخْصُ الْمُوصَى لَهُ الْمَرِيضَ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَخَالِهِ وَأَبِي أُمِّهِ ، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ .
الْحَطّ يَعْنِي لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ وَلَا يُرِيدُ الْأَجْنَبِيَّ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لَهُ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَهُ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا .
طفي قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ ، أَيْ مَعَ كَوْنِهِ قَرِيبًا إذْ الْكَلَامُ فِيهِ فَزِيَادَةُ .
تت أَوْ أَجْنَبِيَّا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ .
تت تَنْكِيتُ تَمْثِيلِ الْبِسَاطِيِّ بِقَوْلِهِ أَوْ حَجْبًا لَكِنَّهُ قَرِيبٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ لَا بَعْدُ .
طفي فَهِمَ تت أَنَّ الْمَحْجُوبَ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ لَا بَعْدُ فَعِنْدَهُ الْأَبْعَدُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ الْإِرْثُ سَوَاءٌ وَرِثَ بِالْفِعْلِ أَوْ حُجِبَ ، وَلِذَا قَالَ سَوَاءٌ اسْتَغْرَقَ الْوَلَدُ الْمَالَ أَوْ لَا .
وَهَذَا اغْتِرَارٌ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ فِي الْإِقْرَارِ لِلْأَبْعَدِ وُجُودُ وَلَدٍ وَهُوَ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ فِيهِ ، إذْ لَا مُسْتَنَدَ لِلْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ وَاعْتِمَادُهُ فِي هَذَا عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ لَمْ يُشْتَرَطْ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ كَإِقْرَارِهِ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ ابْنَةٌ أَوْ لِأَخٍ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ أَوْ لِأَخٍ شَقِيقٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ
وَلَهُ أُمٌّ جَازَ إقْرَارُهُ اتِّفَاقًا .
ا هـ .
وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ ، وَإِنَّمَا شَرَطَ وُجُودَ الْوَلَدِ فِي الْإِقْرَارِ لِلْمُلَاطِفِ أَوْ لِلْقَرِيبِ غَيْرِ الْوَارِثِ فَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ هُوَ الصَّوَابُ وَالْجَارِي عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ، فَقَوْلُهُ لِأَبْعَدَ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ وَارِثًا بِالْفِعْلِ ، وَالْقَرِيبُ غَيْرُ الْوَارِثِ هُوَ قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ ، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَرِثُ أَصْلًا أَوْ حَجْبًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ ، فَالْإِقْرَار لِلْبَعِيدِ الْمَحْجُوبِ مَشْرُوطٌ بِإِرْثِ وَلَدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ أَبٌ أَوْ لِأَخٍ لِأُمٍّ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ إلَخْ ، قَوْلُهُ أَنْ يُقِرَّ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ أَبٌ ، هَكَذَا رَأَيْته فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الْمَوَّاقِ بِلَفْظِ وَلَهُ يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ الْأَبْعَدِ لِمَنْ لَا يَرِثُ لِحَجْبِ الْعَصَبَةِ بِالْأَبِ وطفي نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ بِلَفْظٍ وَلَهُ ابْنَةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا رَأَيْته فِي نُسَخِ " ق " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قُلْت وَاَلَّذِي فِي نُسْخَةِ " ق " الَّتِي رَأَيْتهَا بِلَفْظٍ وَلَهُ ابْنَةٌ ( أَوْ ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ ( لِ ) شَخْصٍ ( مَجْهُولٍ حَالُهُ ) مَعَ الْمَرِيضِ الْمُقَرِّ لَهُ هَلْ هُوَ قَرِيبُهُ وَارِثُهُ أَوْ غَيْرُ وَارِثِهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مُلَاطِفٌ لَهُ أَوْ غَيْرُهُ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ .
( تَنْبِيهٌ ) الشَّرْطُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ قُيِّدَ فِي إقْرَارِهِ لِلْمُلَاطِفِ وَغَيْرِ الْوَارِثِ وَالْمَجْهُولِ لَا فِي الْإِقْرَارِ لِلْأَبْعَدِ ، وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ زَوْجٍ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ لِوَارِثٍ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ لِمُلَاطِفٍ لِمَجْهُولٍ لِأَجْنَبِيٍّ قَالَهُ تت .
" ق " ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِمَجْهُولٍ ، فَإِنْ وَرِثَ
بِوَلَدٍ جَازَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ وَرِثَ بِكَلَالَةٍ ، فَفِي كَوْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ قَلَّ وَإِنْ كَثُرَ بَطَلَ ، ثَالِثُهَا إنْ أَوْصَى بِوَقْفِهِ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ بَطَلَ مُطْلَقًا .
الْحَطّ سَوَاءٌ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ يُوقَفَ لَهُ فَذَلِكَ شَرْطُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِلْمَجْهُولِ ، وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ ، وَنَقَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ ، وَلَيْسَ فِيهَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، أَحَدُهَا : أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إنْ أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ ، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بَطَلَ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّامِلِ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ا هـ .
قُلْت جَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
طفي عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ لِمَنْ لَا يُعْرَفُ وَفِي رَسْمٍ إنْ خَرَجَتْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى أَنَّ عَلَيْهِ لِأُنَاسٍ لَا يُعْرَفُونَ ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ غَيْرُ حَاضِرِينَ وَلَا مَعْرُوفِينَ بِالْعَيْنِ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، فَإِنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ جَازَ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوقَفَ لَهُ .
عب مَفْهُومُ مَرِيضٍ أَنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ صَحِيحٌ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُتَّهَمْ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ أَوْ الدَّيْنِ أَوْ الْبِرِّ آتٍ
أَوْ قَبَضَ أَثْمَانَ الْمَبِيعَاتِ فَإِقْرَارُهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ لَا تَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ فِيهِ تَوْلِيجٌ ، وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْوَارِثُ فِيهِ سَوَاءٌ ، وَكَذَا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ وَلَا يَحْتَاجُ مَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصِّحَّةِ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ إلَى مُعَايَنَةِ قَبْضِ الثَّمَنِ .
ا هـ .
فَإِذَا قَامَ بَقِيَّةُ أَوْلَادِ مَنْ مَرِضَ بَعْدَ إشْهَادِهِ فِي صِحَّتِهِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُمْ إنْ كَانَ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّ الصَّحِيحَ قَبَضَ مِنْ وَلَدِهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ لَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ فَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا .
وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا .
وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ الْأَبُ بِالْمِيلِ لَهُ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا .
الْبُنَانِيُّ إقْرَارُ الصَّحِيحِ جَائِزٌ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ كَذَلِكَ ، سَوَاءٌ أَقَرَّ لِمَنْ عُلِمَ مِيلُهُ إلَيْهِ أَمْ لَا ، وَرِثَ بِوَلَدٍ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ قَامَ الْمُقِرُّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَتَّى هَلَكَ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ بَاعَ لَهُ شَيْئًا ، أَوْ أَخَذَ مِنْ مَوْرُوثٍ لَهُ شَيْئًا ، فَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَهُوَ قَوْلٌ لَهُ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ .
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ لِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ إنْ عَرَفَ وَجْهَهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ وَهُوَ رِوَايَةُ
الْمِصْرِيِّينَ الصِّحَّةُ ، وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَاخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمُهَا ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا طُلِبَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ الْيَمِينُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَوْلِيجًا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ لُحُوقُ الْيَمِينِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ لَمْ يُعْمِلْ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِلُزُومِهَا إنْ ثَبَتَ مِيلُ الْمَيِّتِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَمِثْلُ الْإِقْرَارِ بِدَيْنٍ تَصْيِيرُ الْأَبِ لِابْنِهِ دَوْرًا أَوْ عُرُوضًا فِي دَيْنٍ أَقَرَّ لَهُ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ سَبَبَ الدَّيْنِ جَازَ التَّصْيِيرُ ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَصْلَهُ فَكَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ ، فَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا نُفُوذُهُ وَيُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ .
الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ ، وَالثَّانِي أَنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ .
وَشَبَّهَ فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِالْإِقْرَارِ فَقَالَ ( كَ ) إقْرَارِ ( زَوْجٍ ) لِزَوْجَتِهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ إنْ ( عُلِمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ ثَبَتَ ( بُغْضُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ أَوْ انْفَرَدَتْ بِصَغِيرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالنَّاصِرِ وَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ ( أَوْ جُهِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَالُهُ مَعَهَا ( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ ( وَرِثَهُ ) أَيْ الزَّوْجَ فِي هَذَا الْحَالِ فَقَطْ ( ابْنٌ ) صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ( أَوْ ) وَرِثَهُ ( بَنُونَ ) ذُكُورٌ وَحْدَهُمْ أَوْ مَعَهُمْ إنَاثٌ .
وَأَمَّا إنْ وَرِثَهُ إنَاثٌ فَقَطْ فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي ، وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ ، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهَا مَعَ الْبَنِينَ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ ) الزَّوْجَةُ الْمَجْهُولُ حَالُهُ مَعَهَا ( بِ ) الْوَلَدِ ( الصَّغِيرِ ) وَلَوْ أُنْثَى قَالَهُ أَحْمَدُ ، فَإِنْ انْفَرَدَتْ بِصَغِيرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهَا مِنْ
زَوْجَاتِهِ وَلَدٌ صَغِيرٌ أُلْغِيَ إقْرَارُهُ لَهَا ، سَوَاءٌ كَانَ الْكَبِيرُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهُمَا مَعًا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَانَ جُهِلَ إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ كَبِيرٌ مُطْلَقًا أَوْ صَغِيرَةً مِنْ غَيْرِهَا مَعَ كَبِيرٍ مُطْلَقًا لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ ، وَمَفْهُومه أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ أَوْ انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهَا إذَا جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا .
وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ ، قَوْلَانِ ، كَإِقْرَارِهِ لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ ، أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَبْعَدُ وَأَقْرَبُ ، لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ
( وَ ) فِي مُؤَاخَذَتِهِ بِإِقْرَارِهِ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا ( مَعَ ) وُجُودِ ( الْإِنَاثِ ) مِنْ أَوْلَادِ الزَّوْجِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهُمَا ( وَالْعَصَبَةِ ) لَهُ كَأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ نَظَرًا لِبُعْدِهَا عَنْ الْإِنَاثِ وَعَدَمِهَا نَظَرًا لِقُرْبِهَا عَنْ الْعَصَبَةِ ( قَوْلَانِ ) " ق " ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ إقْرَارِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ عَلَى مِنْهَاجِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ مِيلُهُ لَهَا وَصَبَابَتُهُ بِهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا ، وَإِنْ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا وَشَنَآنُهُ لَهَا صَحَّ إقْرَارُهُ لَهَا وَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا إنْ وُرِّثَ بِكَلَالَةٍ وَإِنْ وُرِّثَ بِوَلَدٍ غَيْرِ ذَكَرٍ مَعَ عَصَبَةٍ سَوَاءٌ كُنَّ وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا مِنْ غَيْرِهَا أَوْ كِبَارًا مِنْهَا ، فَيَخْرُجُ ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إقْرَارَهُ لَهَا جَائِزٌ ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي إقْرَارِهِ لِبَعْضِ الْعَصَبَةِ إذَا تَرَكَ ابْنَهُ وَعَصَبَةً وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَاحِدًا جَازَ إقْرَارُهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذُكُورًا عَدَدًا جَازَ إقْرَارُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا مِنْهَا وَبَعْضُهُمْ كَبِيرًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْفَعُ التُّهْمَةَ عَنْ الْأَبِ فِي إقْرَارِهِ لَهَا عَاقًّا لَهُ لَمْ يَرْفَعْ تُهْمَتَهُ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا وَسَمِعَهُ أَصْبَغُ .
وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ ( كَإِقْرَارِهِ ) أَيْ لِأَبٍ ( لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ ) لَهُ بِشَدِّ الْقَافِ ، أَيْ الْخَارِجِ عَنْ طَاعَتِهِ مَعَ وُجُودِ وَلَدٍ آخَرَ بَارٍّ لَهُ ، فَفِي صِحَّتِهِ نَظَرًا لِكَوْنِ عُقُوقِهِ صَيَّرَهُ كَالْبَعِيدِ وَبُطْلَانِهِ نَظَرًا لِمُسَاوَاتِهِ لِلْبَارِّ فِي وَلَدِيَّتِهِ قَوْلَانِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ أَحَدُهُمْ عَاقًّا وَالْآخَرُ بَارًّا وَأَقَرَّ
لِلْعَاقِّ تَخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ ( أَوْ أَقَرَّ لِأُمِّهِ ) أَيْ الْعَاقِّ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا .
فَفِي مَنْعِهِ نَظَرًا لِكَوْنِ عُقُوقِهِ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ ، وَجَوَازِهِ نَظَرًا لِوَلَدِيَّتِهِ قَوْلَانِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْفَعُ التُّهْمَةَ عَنْ الْأَبِ فِي إقْرَارِهِ لَهَا عَاقًّا لَهُ لَمْ يَرْفَعْ التُّهْمَةَ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا .
أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ ) الْمُقِرُّ ( لَهُ ) بَعْضَهُ ( أَبْعَدَ ) مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ ( وَ ) بَعْضَهُ الْآخَرَ ( أَقْرَبُ ) مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُخْتِهِ مَعَ وُجُودِ أُمِّهِ وَعَمِّهِ فَقِيلَ صَحِيحٌ نَظَرًا لِبُعْدِهَا عَنْ الْأُمِّ ، وَقِيلَ بَاطِلٌ نَظَرًا لِقُرْبِهَا عَنْ الْعَمِّ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ أَبْعَدُ مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُمِّهِ وَلَهُ ابْنٌ وَأَخٌ ، فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ ، وَكَذَا الْخِلَافُ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ مُسَاوِيًا لِلْمَقَرِّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِ إخْوَتِهِ مَعَ بِنْتِهِ ( لَا ) يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَى قَرِيبِهِ ( الْمُسَاوِي ) لِغَيْرِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَمْ يُقِرَّ لَهُمْ كَأَحَدِ ابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ ( وَ ) لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِقَرِيبِهِ ( الْأَقْرَبِ ) لِلْمُقِرِّ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُمِّهِ مَعَ وُجُودِ أُخْتِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ قَرَّبَهُ مِنْهُ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْ سَائِرِهِمْ سَقَطَ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : حُكْمُ إقْرَارِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا كَحُكْمِ إقْرَارِ الزَّوْجِ لَهَا .
الثَّانِي : طفي مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ مِنْ إقْرَارِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِبَعْضٍ وَمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ ، وَالْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ .
أَمَّا إقْرَارُ الصَّحِيحِ فَصَحِيحٌ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ وَلَا تَفْصِيلَ ، سَوَاءٌ أَقَرَّ لِمَنْ عُلِمَ مِيلُهُ لَهُ أَمْ لَا وَرِثَهُ كَلَالَةً أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ قَامَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ ، فَفِي رَسْمِ الْبَرَاءَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَسَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يُقِرُّ لِوَلَدِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ أَوْ لِبَعْضِ مَنْ يَرِثُهُ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ الرَّجُلُ بَعْدَ سِنِينَ فَيَطْلُبُ الْوَارِثُ الدَّيْنَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ قَالَ ذَلِكَ لَهُ إذَا أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ .
وَفِي الْمَبْسُوطَةِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَتَّى هَلَكَ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ قَدْ بَاعَ لَهُ رَأْسًا أَوْ أَخَذَ مِنْ مُورِثٍ لَهُ شَيْئًا ، فَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَهُوَ قَوْلٌ لَهُ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَى أَنْ لَا يَقُومَ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ ا هـ .
وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ عَمَّهُ وَأُمَّهُ وَتَقُومُ الْأُمُّ بِدَيْنٍ لَهَا كَأَنْ أَقَرَّ لَهَا بِهِ فِي صِحَّتِهِ ، قَالَ لَا كَلَامَ لِعَمِّهِ .
قُلْت أَرَأَيْت إنْ طَلَبَ مِنْهَا الْيَمِينَ أَنَّ ذَلِكَ مَا كَانَ تَوْلِيجًا ، قَالَ أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَلَا تَلْزَمُهَا .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَ
الرَّجُلِ لِوَارِثِهِ بِالدَّيْنِ فِي الصِّحَّةِ جَائِزٌ ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ وَالدَّيْنِ وَقَبَضَ أَثْمَانَ الْمَبِيعَاتِ ، فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ لَا تَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ، وَكَذَا الْقَرِيبُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ ، وَلَا يَحْتَاجُ مَنْ أَقَرَّ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِبَيْعِ شَيْءِ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ إلَى مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ قَبْضَ الثَّمَنِ ا هـ .
وَقَالَ فِي فَصْلِ التَّصْيِيرِ الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ ، فَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ ، أَحَدُهُمَا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ وَيُحَاصَصُ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْفَلَسِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ .
وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ فِي الْفَلَسِ وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ لِلتُّهْمَةِ .
ا هـ .
فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ لِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ كَانَ يُعْرَفُ وَجْهُهُ وَسَبَبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا ، وَإِلَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَمُخْتَارُ ابْنِ رُشْدٍ ، فَمَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِيمَنْ أَشْهَدَ وَهُوَ صَحِيحٌ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ لِابْنِهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ ، وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يُكْرِيهَا لَهُ وَيَغْتَلُّهَا بِاسْمِهِ وَالِابْنُ صَغِيرٌ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ هُوَ تَوْلِيجٌ فَهُوَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ .
ا هـ .
وَمَا فِي ابْنِ سَلْمُونٍ مِنْ قَوْلِهِ سَأَلَ الْفُقَهَاءُ بِقُرْطُبَةَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ نِصْفَ دَارٍ لَهُ فِي صِحَّتِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى الْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَقَامَ أَخُوهُ وَأَثْبَتَ أَنَّ أَخَاهُ لَمْ يَزَلْ سَاكِنًا فِي الدَّارِ إلَى أَنْ مَاتَ وَبِعَدَاوَةِ الْأَخِ لَهُ وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا أُوَرِّثُهُ شَيْئًا ، فَأَجَابَ ابْنُ عَتَّابٍ إذَا ثَبَتَ سُكْنَاهُ لَهَا فَذَلِكَ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَلَا حَقَّ لَهَا فِي الثَّمَنِ ، إذْ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ ، وَإِنَّمَا قَصَدَ هِبَةَ الدَّارِ وَإِسْقَاطَ الْحِيَازَةِ ، وَبِهَذَا قَالَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ شُيُوخِنَا ، وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ رُشْدٍ .
وَأَجَابَ ابْنُ الْحَاجِّ مَا عُقِدَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا نَافِذٍ ، وَمَا ثَبَتَ مِنْ السُّكْنَى مُبْطِلٌ لَهُ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتَضَمَّنْ مُعَايَنَةَ الْقَبْضِ لِلثَّمَنِ ، وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَرَابُ فِيهِ وَيُظَنُّ بِهِ الْقَصْدُ إلَى التَّوْلِيجِ وَالْخَدِيعَةِ ، وَبِذَلِكَ جَاءَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، سُئِلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَمَّنْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ إنِّي قَدْ بِعْت مَنْزِلِي هَذَا مِنْ امْرَأَتِي أَوْ ابْنِي أَوْ وَارِثِي بِمَالٍ عَظِيمٍ وَلَمْ يَرَ أَحَدٌ مِنْ الشُّهُودِ الثَّمَنَ وَلَمْ يَزَلْ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ مَاتَ فَقَالَ لَا يَجُوزُ هَذَا ، وَلَيْسَ بَيْعًا ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْلِيجٌ وَخَدِيعَةٌ وَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ ، وَهَذَا نَصٌّ فِي النَّازِلَةِ ا هـ كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ كُلُّ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ ، وَلَا يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ إنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ لَا تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِيلٌ وَمَحَبَّةٌ لِلْمُقِرِّ أَمْ لَا ، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ مِيلٌ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ مَا كَانَ ذَلِكَ تَوْلِيجًا ، وَأَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ وَمَا زِلْت أَتَعَجَّبُ
مِنْ أَجْوِبَةِ هَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ وَعَدَمِ تَنْبِيهِهِمْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَشْهُورِ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَمَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ أَصْلُهُ لِأَصْبَغَ آخِرَ كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ الْعُتْبِيَّةِ ، وَقَدْ جَعَلَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَصُّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ رَبْعًا أَوْ غَيْرَهُ ، وَقَالَ إنَّ الْمَالَ لِلِابْنِ وَإِنْ عَرَفَ الشُّهُودُ الْوَجْهَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَبُ أَوْ عَرَفَهُ غَيْرُهُمْ مَعْنَى ذَلِكَ لِلِابْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَبُ وَجْهًا فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ لِلِابْنِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَصِحُّ لِلِابْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَبِهِ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْآخَرُ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا كَانَ تَوْلِيجًا مِنْ الْأَبِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ ا هـ .
وَفِي النَّوَادِرِ فِيمَنْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ غُلَامًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لَهُ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ دُخُولٌ فِيهِ مَعَ الصَّغِيرِ .
ا هـ .
وَإِطْلَاقُهُ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَإِنَّمَا أَطَلْت فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَخَرَجْت عَمَّا قَصَدْته مِنْ الِاخْتِصَارِ وَتَتَبُّعِ أَلْفَاظِ تت ، لِأَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهَا مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا .
وَقَدْ اغْتَرَّ عج بِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَتَاوَى ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ ، فَتَوَرَّكَ بِهَا عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّحِيحَ يَجُوزُ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا .
وَأَجَابَ بِأَنَّهَا تَعُودُ بِالتَّخْصِيصِ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَرِيضٌ ، وَهُوَ جَوَابٌ غَيْرُ صَحِيحٍ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ التَّحْقِيقِ ، بَلْ لَا يُخَصِّصُ الْمَفْهُومَ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْفَتَاوَى .
الثَّالِثُ تت لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِدَيْنٍ أَوْ بِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَهُ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ .
طفي هَذَا نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى تَقْسِيمِهِ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْأَصْدِقَةَ وَغَيْرَهَا ، لَكِنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إلَّا مِنْ وَارِثِهِ أَوْ مَنْ يُتَّهَمُ فِيهِ بِتَوْلِيجٍ ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الزَّوْجَةِ بِقَبْضِ الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِهَا وَأَبْقَاهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَزَادَ أَبُو عِمْرَانَ وَكَذَا غَيْرُ الْمُؤَجَّلِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ .
الشَّيْخُ وَقَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَهَذَا إنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا قَبَضَتْهُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا قَبَضَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ صُدِّقَتْ ا هـ .
وَفِي الْمُقَرِّبِ قُلْت فَإِنْ قَالَتْ فِي مَرَضِهَا قَبَضْت مِنْ زَوْجِي مُؤَخَّرَ صَدَاقِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا ، قَالَ لَا ، هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ا هـ .
وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ قَالَتْ عِنْدَ مَوْتِهَا قَبَضْت صَدَاقِي مِنْ زَوْجِي ، فَقَالَ أَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا وَلَدَ لَهَا وَمِثْلُهَا يُتَّهَمُ فَلَا يَجُوزُ قَوْلُهَا ، وَأَمَّا الَّتِي لَهَا أَوْلَادٌ كِبَارٌ وَلَعَلَّهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا غَيْرُ الْحُسْنَى فَهَذِهِ لَا تُتَّهَمُ .
ا هـ .
وَعَلَى هَذَا السَّمَاعِ اعْتَمَدَ عَبْدُ الْحَقِّ فَقَالَ إقْرَارُ الزَّوْجَةِ فِي مَرَضِهَا بِقَبْضِهَا مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَإِقْرَارُ الزَّوْجِ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ أَوْ مَهْرٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .
وَقَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا أَنَّهَا أَخَذَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهُوَ حَيٌّ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمْرٌ سَيِّئٌ .
ا هـ .
فَاشْتَرَطَ عَبْدُ الْحَقِّ الْبُغْضَ بَيْنَهُمَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ السَّمَاعِ ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ مُوَافَقَتُهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَمُخَالَفَتُهُ لِتَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ الْمُخَالِفُ
لِإِطْلَاقِهَا ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ .
وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ أَوْ مَهْرٍ ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إلَيْهَا انْقِطَاعٌ وَنَاحِيَةٌ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَإِنْ عُرِفَ بِانْقِطَاعٍ إلَيْهَا وَمَوَدَّةٍ وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ تَفَاقُمٌ وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ قِيلَ أَفَغَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فِيمَنْ لَهُ انْقِطَاعٌ أَوْ بُعْدٌ قَالَ ، وَإِنَّمَا رَأَى مَالِكٌ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْهَا وَلَمْ يُعْرَفْ بِانْقِطَاعِ مَوَدَّةٍ إلَيْهَا أَنْ يُقِرَّ إلَيْهَا بِمَالِهِ عَنْ وَلَدِهِ ، ثُمَّ قَالَتْ وَأَصْلُ هَذَا قِيَامُ التُّهْمَةِ ، فَإِذَا لَمْ يُتَّهَمْ لِمَنْ يُقِرُّ إلَيْهِ دُونَ مَنْ يَرِثُ مَعَهُ جَازَ إقْرَارُهُ فَهَذَا أَصْلُ ذَلِكَ .
ا هـ .
فَإِنْ تَأَمَّلْتهَا وَجَدْتهَا مُخَالِفَةً لِتَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ لِإِطْلَاقِهَا فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَتَقْيِيدِهَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ مَعَ زَوْجَتِهِ يَكُونُ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهَا ، وَتَقْيِيدُهَا مَنْ عُلِمَ بِالِانْقِطَاعِ إلَيْهَا يَكُونُ الزَّوْجُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ تَفَاقُمٌ ، وَقَوْلُهَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ فَقَالَ لَا .
عِيَاضٌ كَذَا فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَحْنُونٍ ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَعَلَيْهَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّ الْوَرَثَةَ فِي الظِّنَّةِ أَقْوَى لِبَقَاءِ نَسَبِهِمْ ، وَالزَّوْجِيَّةُ تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ .
عِيَاضٌ وَعِنْدَ ابْنِ وَضَّاحٍ وَآخَرِينَ أَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِإِسْقَاطِ لَا ، فَعَلَى هَذَا غَيْرُهَا مِنْ الْوَرَثَةِ بِمَنْزِلَتِهَا ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ بُعْدٌ ، وَأَصْلُ هَذَا قِيَامُ التُّهْمَةِ ، فَالْأَوْلَى الْجَرْيُ عَلَى مَذْهَبِهَا وَتَرْكُ تَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي بَعْضُهُ اخْتِيَارٌ لَهُ
وَإِجْرَاءٌ ا هـ كَلَامُ طفي
كَأَخِّرْنِي لِسَنَةٍ ؛ وَأَنَا أُقِرُّ ، وَرَجَعَ لِلْخُصُومَةِ
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ الَّذِي أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ لِلْمُدَّعِي ( أَخِّرْنِي ) بِمَا تَدَّعِيهِ عَلَيَّ ( لِسَنَةٍ ) مَثَلًا ( وَأَنَا أُقِرُّ ) لَك بِهِ فَلَا يُعَدُّ قَوْلُهُ هَذَا إقْرَارًا ( وَرَجَعَ ) الْمُدَّعِي ( لِخُصُومَتِهِ ) فِي الِاسْتِغْنَاءِ إنْ قَالَ اقْضِنِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي قِبَلَك ، فَقَالَ إنْ أَخَّرْتنِي بِهَا سَنَةً أَقْرَرْت لَك بِهَا ، أَوْ إنْ صَالَحَتْنِي عَنْهَا صَالَحْتُك لَمْ يَلْزَمْهُ ، وَيَحْلِفُ .
" غ " التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ فِي قَوْلِهِ : الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبِ ، وَعَلَى نَفْيِ اللُّزُومِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِخُصُومَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الِاسْتِغْنَاءِ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اقْضِي الْمِائَةَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ .
طفي فَفَرَضَ فِي الِاسْتِغْنَاءِ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَاضِي ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ لَفُهِمَ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمُضَارِعِ بِالْأَوْلَى ، وَأَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ لِلتَّوَرُّكِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِنَقْلِ كَلَامِ الِاسْتِغْنَاءِ .
وَلَزِمَ لِحَمْلٍ ، إنْ وُطِئَتْ ، وَوُضِعَ لِأَقَلِّهِ ، وَإِلَّا فَلِأَكْثَرِهِ ، وَسُوِّيَ بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ ، إلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ
( وَلَزِمَ ) الْإِقْرَارُ ( لِحَمْلٍ ) فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ ( إنْ وُطِئَتْ ) بِضَمِّ الْوَاوِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا ( وَوُضِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ وَلَدُ الْحَمْلِ ( لِأَقَلِّهِ ) أَيْ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ .
وَمَفْهُومُ لِأَقَلِّهِ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّهَا تُوطَأُ فَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ قَوْلَهُمْ لِأَقَلِّهِ بِأَنَّ حُكْمَ أَقَلِّهِ حُكْمُ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِينَ حَيْثُ أَبْقَيَا الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَهُ تت .
" غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَوُضِعَ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّهِ وَهُوَ الصَّوَابُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا ( فَ ) يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ إنْ وَضَعَتْهُ ( لِأَكْثَرِهِ ) أَيْ الْحَمْلِ وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ أَوْ خَمْسٌ عَلَى الْخِلَافِ .
وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ فَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَلِأَقَلَّ مِنْهُ يَلْزَمُ بِالْأَوْلَى فَتَحَصَّلَ أَنَّ وَضْعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ ، يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ قَطْعًا ، وَوَضْعُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ الْخَمْسِ أَوْ الْأَرْبَعِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ وَوَضْعُهُ فِيمَا بَيْنَهُمَا مُحْتَمِلٌ لَهُمَا ، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُودِ إذْ لَا تَحِلُّ إضَافَتُهُ لِلزِّنَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ ، قَالَ الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ إنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَصِحُّ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَوْ مِيرَاثٍ صَحَّ ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَمْتَنِعُ بَطَلَ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ مِائَةُ دِينَارٍ عَامَلَنِي بِهَا ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِحَمْلٍ ، فَإِنْ وُلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِهِ لَزِمَهُ لَهُ ، وَإِنْ قَالَ وَهَبْته ذَلِكَ أَوْ تَصَدَّقْت أَوْ أَوْصَى لَهُ