كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
الْبَائِعِ فِيمَا كَثُرَ .
وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ السِّلَعِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعَقَارِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينه مَا لَمْ يَمْضِ مِنْ الزَّمَانِ مَا لَا يُمْكِنُ الصَّبْرُ إلَيْهِ كَعِشْرِينَ عَامًا وَنَحْوِهَا .
ابْنُ بَشِيرٍ وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى الْعَادَةِ ا هـ .
وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ مُثَمَّنِهِ ، وَحَلَّفَ بَائِعُهُ ، إنْ بَادَرَ كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ بِقَبْضِهِ .
( وَإِشْهَادُ ) الشَّخْصِ ( الْمُشْتَرِي ) عَلَى نَفْسِهِ ( بِ ) بَقَاءِ ( الثَّمَنِ ) فِي ذِمَّتِهِ ( مُقْتَضٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ( لِقَبْضِ ) الْمُشْتَرِي لِ ( مُثَمَّنِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ وَهِيَ السِّلْعَةُ عُرْفًا ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى عَدَمِ قَبْضِهِ ( وَحَلَّفَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُشْتَرِيَ ( بَائِعُهُ ) أَنَّهُ أَقْبَضَهُ الْمُثَمَّنَ ( إنْ بَادَرَ ) الْمُشْتَرِي بِطَلَبِ الْمُثَمَّنِ بَعْدَ إشْهَادِهِ كَعَشْرَةِ الْأَيَّامِ ، فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ الْحَطّ فِي رَسْمِ الْكِرَاءِ وَالْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ أَنَّ إشْهَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ السِّلْعَةِ إذَا قَامَ بَعْدَ شَهْرٍ فَأَكْثَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ دَفَعَهَا بِيَمِينِهِ وَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ كَالْجُمُعَةِ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا ، وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ .
وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ بَاعَ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا إلَى أَجَلٍ وَكَتَبَ بِهِ وَثِيقَةً فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي قَبْضَ السِّلْعَةِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ قَبْضَهُ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي اقْتِضَاءِ الْإِشْهَادِ الْقَبْضَ وَالتَّحْلِيفَ بِشَرْطِ الْمُبَادَرَةِ فَقَالَ : ( كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ ) عَلَى نَفْسِهِ ( بِقَبْضِهِ ) الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ مِنْهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ لِثِقَتِهِ بِهِ وَاعْتِقَادِهِ فِيهِ الْخَيْرَ وَتَشْرِيفًا لَهُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي إنْ بَادَرَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ .
الْحَطّ وَبِذَا أَفْتَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْقَرْضِ .
عب وَأَمَّا إشْهَادُ الْبَائِعِ بِإِقْبَاضِ الْمَبِيعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَإِشْهَادِ الْمُشْتَرِي بِإِقْبَاضِ الثَّمَنِ ، فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ ، فَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ الْإِشْهَادِ حَلَفَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ قَرُبَ كَالْجُمُعَةِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ
يَقْبِضْ الْمَبِيعَ ، وَانْظُرْ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالشَّهْرِ ، وَلَوْ أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ إنْ بَادَرَ .
قَالَ صر جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَتْبِ الْوُصُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ ، فَإِذَا ادَّعَى الْكَاتِبُ عَدَمَهُ حَلَفَ الْمُقْبِضُ وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأَمَّا إشْهَادُ الْبَائِعِ بِإِقْبَاضِ الْمَبِيعِ إلَخْ ، يَعْنِي أَنَّ إشْهَادَ الْبَائِعِ بِدَفْعِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُ مِنْهُ الثَّمَنَ بِمَنْزِلَةِ إشْهَادِ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ ثُمَّ قَامَ بِطَلَبِ الْمَبِيعِ مِنْهُ فَفِي هَذِهِ إنْ قَامَ بَعْدَ شَهْرٍ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ ، وَفِي الْقُرْبِ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ ، وَفِي الْأُولَى الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ شَهْرٍ ، وَلِلْبَائِعِ فِي الْقُرْبِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ إشْهَادَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ مُخَالِفٌ لِإِشْهَادِهِ بِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ " ح " وخش ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْقَوْلَيْنِ ، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لَكِنْ يَحْلِفُ مَعَ الْقُرْبِ مِنْ الْإِشْهَادِ لَا مَعَ بُعْدِهِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ ، وَقِيلَ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ السِّلْعَةِ وَإِنْ كَانَ بِالْقُرْبِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ .
وَكَذَا لَوْ أَشْهَدَ الْمُبْتَاعُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ ثُمَّ قَامَ بِطَلَبِ السِّلْعَةِ بِالْقُرْبِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ فِيهِ الْقَبْضُ وَيَشْتَغِلُ فِيهِ الْأَيَّامُ وَالْجُمُعَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ بَعُدَ كَشَهْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ
مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ هَذِهِ ، ثُمَّ وَجَّهَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِ ، وَرَجَّحَ التُّونُسِيُّ رِوَايَةُ أَصْبَغَ ، فَفِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ مَا نَصُّهُ : أَبُو إِسْحَاقَ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ أَنَّ الْبَائِعَ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ السِّلْعَةِ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ إلَّا وَقَدْ قَبَضَ الْعِوَضَ .
ا هـ .
وَبِهِ تَعْلَمُ صِحَّةَ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَخْ عَلَى إشْهَادِهِ بِبَقَائِهِ بِذِمَّتِهِ وَإِشْهَادِهِ بِدَفْعِهِ كَمَا أَنَّ إشْهَادَ الْبَائِعِ بِدَفْعِ الْمَبِيعِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ إشْهَادَهُ بِبَقَائِهِ بِذِمَّتِهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَذَكَرَ " ز " إشْهَادُ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَهُ .
وَبِهَذَا يَتِمُّ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتُّ صُوَرٍ ، إشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِدَفْعِهِ أَوْ بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ وَإِشْهَادُ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِدَفْعِهِ أَوْ بِقَبْضِهِ ثَمَنَهُ ، وَقَوْلُهُ عَنْ صر حَلَفَ الْمُقْبِضُ وَلَوْ طَالَ إلَخْ مِثْلُهُ فِي الْخَرَشِيِّ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقْبِضَ اسْمُ فَاعِلٍ ، وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الدَّفْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لِلْآخَرِ .
وَنَقَلَ أَحْمَدُ بَابَا عَنْ الْمِعْيَارِ أَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَقْبِضُ السَّلَفَ حَتَّى يَأْتِيَ بِوَثِيقَةِ الْقَبْضِ .
قَالَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا خِلَافٌ ، وَعَلَيْهِ فَالْمُقْبَضُ فِي كَلَامِ النَّاصِرِ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَفْعُولٍ لِيُوَافِقَ مَا ذَكَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي الْبَتِّ مُدَّعِيهِ كَمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ .
وَهَلْ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا الثَّمَنُ فَكَقَدْرِهِ ؟ تَرَدُّدٌ .
وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ الْعَيْنِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ ، أَوْ السِّلْعَةِ : كَالْمُشْتَرِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ، إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا ، وَإِنْ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ : فَسَلَمٌ وَسَطٌ ، وَفِي مَوْضِعِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ ، وَإِلَّا فَالْبَائِعُ وَإِنْ لَمْ " يُشْبِهْ وَاحِدٌ : تَحَالَفَا وَفُسِخَ : كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ ، وَجَازَ بِالْفُسْطَاطِ ، وَقُضِيَ بِسُوقِهَا ، وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهُمَا .
( وَ ) إنْ اخْتَلَفَا ( فِي ) وُقُوعِ الْبَيْعِ ب ( الْبَتِّ ) وَالْخِيَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ( مُدَّعِيهِ ) أَيْ الْبَتِّ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ .
وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ إنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالْخِيَارِ وَحْدَهُ ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْخِيَارِ وَادَّعَاهُ كُلٌّ لِنَفْسِهِ تَحَالَفَا ، ثُمَّ هَلْ يُفْسَخُ أَوْ يَكُونُ بَتًّا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ .
وَشَبَّهَ فِي تَقْدِيمِ الْقَوْلِ فَقَالَ ( كَمُدَّعِي ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ ( الصِّحَّةِ ) لِلْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ دُونَ مُدَّعِي فَسَادِهِ ، وَلَا يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِهِمَا بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا وَقَعَ ضَحْوَةَ الْجُمُعَةِ ، وَالْآخَرُ بَيْنَ الْأَذَانِ الثَّانِي وَالسَّلَامِ مِنْهَا وَفَاتَ الْمَبِيعُ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحُذَّاقُ أَصْحَابِهِ ، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا فِي السَّلَمِ أَنَّهُمَا لَمْ يَضْرِبَا لَهُ أَجَلًا ، أَوْ أَنَّ رَأْسَ مَالِهِ تَأَخَّرَ بِشَرْطِ شَهْرٍ أَوْ أَكْذَبَهُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَلَالِ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ لِلْآخَرِ بَيِّنَةٌ عَلَى فَسَادِهِ فَيُفْسَخُ السَّلَمُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ رَأْسَ الْمَالِ .
الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الْحَلَالَ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ ، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ حُذَّاقُ أَصْحَابِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَوْ لَمْ تَفُتْ .
ا هـ .
وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ ( إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ ) لِلْبَيْعِ فِي عُرْفِهِمْ ، فَإِنْ غَلَبَ فِي عُرْفِهِمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ .
( وَهَلْ ) الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ ، سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا أَمْ لَا ، أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا ) أَيْ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ ( الثَّمَنُ ) أَيْ الْعِوَضُ الشَّامِلُ لِلْمُثَمَّنِ كَدَعْوَى أَحَدِهِمَا بَيْعَ الْأُمِّ وَحْدَهَا أَوْ
الْوَلَدِ وَحْدَهُ قَبْلَ إثْغَارِهِ وَالْآخَرِ بَيْعَهُمَا مَعًا أَوْ دَعْوَى أَحَدِهِمَا أَنَّ الثَّمَنَ خَمْرٌ وَالْآخَرِ أَنَّهُ دَرَاهِمُ .
الْحَطّ وَكَدَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّهُ بَاعَهَا بِمِائَةٍ مَثَلًا وَالْمُشْتَرِي أَنَّهُ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ السُّعْرِ ( فَ ) كَالِاخْتِلَافِ فِي ( قَدْرِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ فِي حَلِفِهِمَا وَالْفَسْخِ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ وَتَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي إنْ فَاتَ وَأَشْبَهَ ، وَإِنْ أَشْبَهَ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ صُدِّقَ إنْ حَلَفَ ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَلَزِمَ الْمُبْتَاعَ الْقِيمَةُ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ أَشْبَهَ مُدَّعِيَ الصِّحَّةِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْبِهُ مُدَّعِيَ الْفَسَادِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ شَبَهُهُ ، وَيَحْلِفَانِ ، وَيُفْسَخُ مَعَ الْقِيَامِ ، وَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ ( تَرَدُّدٌ ) فَإِنْ غَلَبَ الْفَسَادُ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ ، سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا أَمْ لَا ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ .
وَاعْتَرَضَ د وس تَمْثِيلَهُمْ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ بِادِّعَاءِ أَحَدِهِمَا بَيْعَ الْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ وَالْآخَرِ بَيْعَهُمَا مَعًا بِأَنَّ الْغَالِبَ بَيْعُهُمَا مَعًا ، فَهُوَ مِمَّا غَلَبَتْ فِيهِ الصِّحَّةُ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا هَذَا لَفْظُ " د " ، وَلَفْظُ " س " أَطْبَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى التَّمْثِيلِ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ بِالْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا أَوْ دُونِهِ وَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ التَّفْرِيقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِلَا فَسَادٍ ، وَيُفْسَخُ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُمَثِّلَ بِدَعْوَى أَحَدِهِمَا بَيْعَ عَبْدٍ غَيْرِ آبِقٍ وَالْآخَرِ بَيْعَ آبِقٍ أَوْ شَارِدٍ .
وَقَالَ " د " الْمُنَاسِبُ التَّمْثِيلُ بِدَعْوَى أَحَدِهِمَا أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَجَلٌ إلَى شَهْرٍ وَالْآخَرِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ بَابَ السَّلَمِ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَسَادُ وَاخْتِلَافُ الْأَجَلِ يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ عج .
التَّمْثِيلُ بِبَيْعِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ صَحِيحٌ حَيْثُ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ ، إذْ يَكْفِي الصِّحَّةُ فِي الْجُمْلَةِ ، إذْ الْمِثَالُ
يَكْفِي فَرْضُ صِحَّتِهِ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " كَدَعْوَى أَحَدِهِمَا أَنَّ الثَّمَنَ خَمْرٌ وَالْآخَرِ دَرَاهِمُ ، هَذَا مِنْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لَا الْقَدْرِ ، فَلَا يُنَزَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَكَقَدْرِهِ ، فَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا فَكَهُوَ لِشَمْلِهِمَا ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ ابْنِ بَشِيرٍ كَمَا فِي " ق " .
( وَ ) الشَّخْصُ ( الْمُسْلَمُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ الْمَدْفُوعُ ( إلَيْهِ ) رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ الْمُتَنَازَعِ مَعَ الْمُسْلِمِ بِكَسْرِ اللَّامِ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ ( مَعَ فَوَاتِ ) رَأْسِ الْمَالِ ( الْعَيْنِ ) فِي يَدِهِ ( بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ ) الَّذِي يُظَنُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِهَا وَانْتِفَاعُهُ فِيهِ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ طُولًا مَا .
وَقَالَ التُّونُسِيُّ بِغَيْبَتِهِ عَلَيْهَا ( أَوْ ) فَوَاتِ ( السِّلْعَةِ ) الْمَجْعُولَةِ رَأْسَ مَالٍ مُقَوَّمَةً كَانَتْ أَوْ مِثْلِيَّةً وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ ، وَخَبَرُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( كَالْمُشْتَرِي ) فِي بَابِ الْبَيْعِ ( فَيُقْبَلُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ( قَوْلُهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( إنْ ادَّعَى ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ شَيْئًا مُسْلَمًا فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ أَجَلًا أَوْ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا ( مُشْبِهًا ) مَا يُسَلِّمُ النَّاسُ فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ لَهُ أَوْ يَتَوَثَّقُونَ بِهِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُسْلِمُ أَمْ لَا وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُسْلِمُ وَحْدُهُ قَضَى لَهُ بِيَمِينِهِ .
( وَإِنْ ادَّعَيَا ) أَيْ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعًا ( مَا لَا يُشْبِهُ ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الِاخْتِلَافِ مَعَ فَوَاتِ الْعَيْنِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ أَوْ السِّلْعَةِ حَلَفَا ، وَفُسِخَ إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ ، وَيَرُدُّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ فِي فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( فَسَلَمٌ وَسَطٌ ) مِمَّا عُرِفَ الْإِسْلَامُ فِيهِ مِنْ مِثْلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ كَانَ وَسَطًا فِي
الْقَدْرِ أَوْ فِي الْوُجُودِ ، وَظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَرَّرَ هَذَا الْمَحَلُّ فَيُعَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ ، وَيُخَصَّصُ قَوْلُهُ فَسَلَمٌ وَسَطٌ بِالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ أَوْ نَوْعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَوْ بِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ ، فَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ حَلَفَا وَفُسِخَ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ .
( وَ ) إنْ اخْتَلَفَا فِي ( وَضْعِهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي يَقْبِضُ هُوَ فِيهِ ( صُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ ) أَيْ السَّلَمِ بِيَمِينِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَحَدُهُمَا وَضْعَ عَقْدِهِ بِأَنْ ادَّعَيَا مَعًا غَيْرَهُ ( فَالْبَائِعُ ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ ، وَسَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ أَيْضًا أَمْ لَا ، فَإِنْ أَشْبَهَ الْمُسْلِمُ وَحْدُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ .
( وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ ) مِنْهُمَا فِي دَعْوَاهُ ( تَحَالَفَا ) أَيْ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ ( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّلَمُ ، وَكَلَامُهُ حَيْثُ حَصَلَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ ، فَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَهُ حَلَفَا وَفُسِخَ مُطْلَقًا .
وَالظَّاهِرُ احْتِيَاجُهُ لِحُكْمٍ ، لِأَنَّ الْمَوْضِعَ كَالْأَجَلِ ، وَتَقَدَّمَ احْتِيَاجُ الْفَسْخِ بِالِاخْتِلَافِ فِيهِ إلَى حُكْمٍ .
وَشَبَّهَ فِي الثُّبُوتِ شَرْعًا فَقَالَ ( كَفَسْخِ مَا ) أَيْ سَلَمٌ اُشْتُرِطَ فِيهِ أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ ( يُقْبَضُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ ( بِمِصْرَ ) وَأُرِيدَ بِهَا جَمِيعُ عَمَلِهَا وَهِيَ طُولًا مِنْ الْبَحْرِ الْمَالِحِ ثَغْرُ إسْكَنْدَرِيَّةَ وَالْعَرِيشِ إلَى أُسْوَانَ ، بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ السِّينِ آخِرُهُ نُونٌ مَدِينَةٌ بِأَقْصَى الصَّعِيدِ ، وَعَرْضًا مِنْ عَقَبَةِ أَيْلَةَ إلَى عَقَبَةِ بَرْقَةَ .
فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْمَدِينَةُ الْمُعَيَّنَةُ فَقَطْ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَجَازَ ) شَرْطٌ أَنْ يُقْبَضَ الْمُسْلَمُ فِيهِ ( بِالْفُسْطَاطِ ) بِضَمِّ
الْفَاءِ أَيْ مِصْرَ الْعَتِيقَةِ سُمِّيَتْ بِهِ لِإِنْشَائِهَا مَوْضِعَ فُسْطَاطِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِأَمْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْإِمَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( وَقُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ دُفِعَ الْمُسْلَمُ فِيهَا مِنْ الْفُسْطَاطِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ ( فَفِي أَيِّ مَكَان ) مِنْ الْفُسْطَاطِ يَقْضِي الْمُسَلَّمُ فِيهِ إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ فَيُعْمَلُ بِهِ .
بَابُ ) شَرْطِ السَّلَمِ : قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا وَلَوْ بِشَرْطٍ ، وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ ، إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا : تَرَدُّدٌ
بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ السَّلَمِ ( شَرْطُ ) صِحَّةِ عَقْدِ ( السَّلَمِ ) عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُوجِبُ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ بِغَيْرِ عَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ غَيْرُ مُتَمَاثِلِ الْعِوَضَيْنِ .
ا هـ .
خَرَجَ بِالْأَوَّلِ بَيْعُ الْأَجَلِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ وَإِنْ مَاثَلَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا ، وَالْمُخْتَلِفَانِ يَجُوزُ اشْتِرَاكُهُمَا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ ، وَبِالثَّانِي الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ ، وَبِالثَّالِثِ السَّلَفُ ، وَلَا يَدْخُلُ إتْلَافُ مِثْلِيٍّ غَيْرِ عَيْنٍ وَلَا هِبَتِهِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ، وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ بِنِكَاحٍ بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ مَثَلًا ، فَإِنَّهُ نِكَاحٌ لَا سَلَمٌ .
الْمَشَذَّالِيُّ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الشُّرُوطُ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ هِيَ فِي جَوَازِهِ فَحُكْمُهُ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } .
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ } وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِهِ .
الْجُزُولِيُّ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَنْعُ تَسْمِيَتِهِ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى ، فَفِي إطْلَاقِهِ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى تَهَاوُنٌ ، وَفِي الْمَدَارِكِ كَرِهَ شَيْخُنَا تَسْمِيَتَهُ بِالسَّلَمِ ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِالسَّلَمِ ا هـ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ لَفْظَ السَّلَمِ فِي حَقِيقَتِهِ الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ ، وَرَأَى أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ السَّلَفِ أَوْ التَّسْلِيفِ صَوْنًا لِلَفْظِ السَّلَمِ مِنْ التَّنَزُّلِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، وَرَأَى أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ لَفْظِ الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لَا سِيَّمَا غَالِبُ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ إنَّمَا هُوَ صِيغَةُ الْفِعْلِ مَقْرُونَةً بِحَرْفِ فِي ، فَيَقُولُونَ أَسْلَمَ فِي كَذَا ، فَإِذَا
أَرَادُوا الْأَهَمَّ أَتَوْا بِلَفْظِ السَّلَمِ وَقَلَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ .
} وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ سَلَمَ وَأَسْلَمَ ، وَفِي وَثَائِقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَاجِيَّ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ سَلَّمَ وَسَلَّفَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ أَسْلَمَ فُلَانٌ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ إنَّمَا الْإِسْلَامُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وَالْمُرَادُ شُرُوطُ صِحَّةِ السَّلَمِ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا .
( قَبْضُ رَأْسِ ) أَيْ ثَمَنٍ سُمِّيَ رَأْسًا لِأَنَّهُ أَصْلٌ مُوَصِّلٌ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ ( الْمَالِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِتَمَوُّلِهِ ، وَهَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ ، ثُمَّ صَارَ الْمُرَكَّبُ الْإِضَافِيُّ كَالْعَلَمِ عَلَى الْعِوَضِ الْمُعَجَّلِ ( كُلِّهِ ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي كَوْنِ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ عَزِيمَةً ، وَأَنَّ الْأَصْلَ التَّعْجِيلُ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يُرَخِّصُ فِي تَأْخِيرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ يَطْلُبُ تَعْجِيلَ أَوَّلِ عِوَضَيْهِ وَشَرْطُهُ عَدَمُ طُولِ تَأْخِيرِهِ .
ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ .
اللَّخْمِيُّ مِنْ شَرْطِهِ تَعْجِيلُ رَأْسِ مَالِهِ إنْ كَانَ مَضْمُونًا ، وَلَا يَضُرُّ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ .
وَاخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَطَ تَأْخِيرَهُ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ كَالْيَوْمَيْنِ أَوْ يَسِيرِ رَأْسِ الْمَالِ الْمُدَّةَ الْبَعِيدَةَ هَلْ يَصِحُّ أَوْ يَفْسُدُ ، فَأَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا تَأْخِيرَ جَمِيعِهِ بِشَرْطِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَحَكَى ابْنُ سَحْنُونٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ فَاسِدٌ .
زَادَ الْمَازِرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ يَوْمَيْنِ لَا أَكْثَرَ .
قُلْت وَلَمْ
يَذْكُرْ الْبَاجِيَّ الثَّلَاثَةَ فَاسْتَدْرَكَهَا عَلَيْهِ ابْنُ زَرْقُونٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ الْخِلَافِ مُنَافٍ لِنَقْلِ ابْنِ حَارِثٍ الِاتِّفَاقَ فِي الْيَوْمَيْنِ ، وَعَزَا الصِّقِلِّيُّ وَغَيْرُهُ كَوْنَ الثَّلَاثَةِ كَالْيَوْمَيْنِ لِكِتَابِ الْخِيَارِ .
( أَوْ تَأْخِيرُهُ ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ ( ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ تَأْخِيرَهُ ثَلَاثَةً شَرْطٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
وَأُجِيبَ بِعَطْفِهِ عَلَى قَبْضٍ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ أَيْ شَرْطُ السَّلَمِ كَوْنُ رَأْسِ مَالِهِ مَقْبُوضًا أَوْ فِي حُكْمِهِ ، وَقَالَ أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا لِبَيَانِ مَا فِي حُكْمِهِ ، وَبِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ ، وَتَأْخِيرُهُ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَجُوزُ ، وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَصَبُّهُ قَوْلُهُ ثَلَاثًا أَيْ إنْ أَخَّرَ فَشَرْطُهُ كَوْنُهُ ثَلَاثًا .
الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ لَا إشْكَالَ فَإِنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ شَرْطَهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا قَبْضُهُ وَإِمَّا تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا ، فَإِنْ فَقَدَا بِتَأْخِيرِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَقَدْ شَرَطَهُ ، فَأَوْ عَلَى بَابِهَا ، وَمَحَلُّ اغْتِفَارِ تَأْخِيرِهِ ثَلَاثًا إنْ كَانَ أَجَلُ الْمَالِ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَكْثَرَ ، فَإِنْ كَانَ يَوْمَيْنِ بِأَنْ شَرَطَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ عَلَى مَسَافَتِهِمَا فَلَا يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى إجَازَةِ السَّلَمِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِهِ الْيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنًا بِدَيْنٍ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْكَاتِبِ ، وَهُوَ بَيِّنٌ .
قُلْت ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ غَيْرَ مَعْزُوٍّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ .
قَالَ وَيَجِبُ أَنْ يَقْبِضَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهُ .
ا هـ .
وَيُغْتَفَرُ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ كَانَ بِلَا شَرْطٍ ، بَلْ ( وَلَوْ بِشَرْطٍ ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثَةً بِشَرْطٍ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ .
( وَفِي فَسَادِهِ ) أَيْ السَّلَمِ ( بِ ) سَبَبِ ( الزِّيَادَةِ ) فِي تَأْخِيرِ رَأْسِ
الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ وَعَدَمِهِ ( إنْ ) لَمْ ( تَكْثُرْ ) الزِّيَادَةُ ( جِدًّا ) بِأَنْ لَمْ يُؤَخِّرْ إلَى أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( تَرَدُّدٌ ) الْحَطَّابُ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ ، وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ فِي سَلَمِهَا الثَّانِي ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ وَتَأْخِيرُهُ بِلَا شَرْطٍ إنْ كَانَ عَيْنًا إلَى أَجَلِ السَّلَمِ .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْسِدُهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُفْسِدُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ .
وَلِابْنِ وَهْبٍ إنْ تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا تَأْخِيرَهُ لَمْ يَفْسُدْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ أَحَدُهُمَا فَسَدَ ، يُرِيدُ إنْ فَرَّ أَحَدُهُمَا لِيُفْسِدَهُ فَلَا يَفْسُدُ عَلَى قَوْلِنَا الْفِرَارُ مِنْ الْأَدَاءِ فِي الصَّرْفِ لَا يُفْسِدُهُ .
الْبَاجِيَّ وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ هُوَ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْقَضَاءِ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْأَخْذِ ، وَيَدْفَعُ الْمُسْلَمَ فِيهِ .
وَفِي حِلِّ الصَّفْقَةِ وَرَدِّ مَا قُبِضَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ الْمُمْتَنِعُ لَزِمَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ قَبْضُهُ وَدَفْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ .
وَفِي التَّهْذِيبِ إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَضْرِبَا لِرَأْسِ الْمَالِ أَجَلًا وَأَنَّهُ تَأَخَّرَ شَهْرًا بِشَرْطِ وَأَكْذَبَهُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ .
عَبْدُ الْحَقِّ نَقَصَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ نَصَّهَا فِي الْأُمِّ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ لَمْ أَقْبِضْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ ، أَوْ كُنَّا شَرَطْنَا ذَلِكَ فَاقْتَصَرَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّرْطِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَهِيَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا شَرْطِ الْأَمَدِ الطَّوِيلِ كَالشَّهْرِ يُفْسِدُهُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الثَّالِثِ إنْ أَخَّرَ النَّقْدَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ كَرِهْتُهُ ، وَأَرَاهُ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ هَذَا ، وَهُوَ رَأْيُ
الْحَطَّابِ .
وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْفَسَادِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ قَوْلُهَا فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ إنْ تَأَخَّرَ رَأْسُ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ انْتَهَى ، وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ أَحَدُهُمَا : أَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِشَرْطٍ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ بِلَا شَرْطٍ وَإِلَّا فَسَدَ اتِّفَاقًا .
الثَّانِي : أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا إلَخْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إذَا كَثُرَتْ جِدًّا لَا يُخْتَلَفُ فِي الْفَسَادِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ الْخِلَافُ فِي الزِّيَادَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ كَثُرَتْ جِدًّا وَحَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ .
طفي فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ أَطْلَقَا الْخِلَافَ فِيهَا ، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، بَلْ صَرَّحُوا بِهِ فِيهَا وَمَا كَانَ مِنْهَا لِلْأَجَلِ ا هـ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَأَمَّا الْفَسَادُ بِالزِّيَادَةِ مُطْلَقًا فَهُوَ مَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي ، وَأَمَّا مُقَابِلُهُ فَهُوَ مَا فِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ ، لَكِنْ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى الْجَوَازِ وَلَوْ حَلَّ الْأَجَلُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ ، ثُمَّ قَالَ الْبُنَانِيُّ الْأَمْرُ الثَّالِثُ : مِمَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالتَّرَدُّدِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ ، وَلِذَا قَالَ الْحَطَّابُ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ ، لَكِنَّ فِي قَوْلِهِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ إلَخْ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ .
الْأَمْرُ الرَّابِعُ : مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لِتَصْرِيحِ ابْنِ بَشِيرٍ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ كَمَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ
عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ ، إنْ لَمْ يُنْقَدْ
( وَجَازَ ) عَقْدُ السَّلَمِ ( بِ ) شَرْطِ ( خِيَارٍ ) فِي رَأْسِ مَالٍ أَوْ مُسْلَمٍ فِيهِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا ( لِمَا ) أَيْ زَمَنٍ ( يُؤَخَّرُ ) رَأْسُ الْمَالِ ( إلَيْهِ ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا أَكْثَرُ وَلَوْ فِي كَرَقِيقٍ وَدَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ ( وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ ) إنْ لَمْ يُنْقَدْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ رَأْسُ الْمَالِ ، فَإِنْ نُقِدَ وَلَوْ تَطَوُّعًا فَسَدَ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ ، وَشَرْطٍ بَيِّنٍ مُفْسِدٍ لِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ ، وَمَحَلُّ فَسَادِهِ بِالنَّقْدِ تَطَوُّعًا إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَيْنِ .
وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ كَثَوْبٍ وَحَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ نَقْدُهُ تَطَوُّعًا ، فَتَحَصَّلَ أَنَّ شَرْطَهُ مُفْسِدٌ نُقِدَ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا ، حُذِفَ الشَّرْطُ أَمْ لَا ، وَأَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ وَمُفْسِدٌ فِيمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يُرِدْ وَإِلَّا وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ صَحَّ ، قَالَ فِيهَا فِي كِتَابِ الْخِيَارِ وَلَا بَأْسَ بِالْخِيَارِ فِي السَّلَمِ إلَى أَمَدٍ قَرِيبٍ يَجُوزُ تَأْخِيرُ النَّقْدِ إلَيْهِ كَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إنْ لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ ، فَإِنْ قَدَّمَهُ كَرِهْت ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَسَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَإِنْ تَبَاعَدَ أَجَلُ الْخِيَارِ كَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ لَمْ يَجُزْ قُدِّمَ النَّقْدُ أَمْ لَا ، وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْبُيُوعِ إلَى هَذَا الْأَجَلِ ، فَإِنْ عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ تَمَّ تَرْكُ الْخِيَارِ مُشْتَرَطُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَا يَجُوزُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ .
وَبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ ، وَبِجُزَافٍ وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ بِلَا شَرْطٍ ، وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ ، إنْ كِيلَ وَأُحْضِرَ ، أَوْ كَالْعَيْنِ ؟ تَأْوِيلَانِ
( وَ ) جَازَ السَّلَمُ ( بِ ) جَعْلِ ( مَنْفَعَةِ ) شَيْءٍ ( مُعَيَّنٍ ) كَعَقَارٍ وَحَيَوَانٍ رَأْسَ مَالِهِ وَشَرَعَ فِيهَا وَلَوْ تَأَخَّرَ تَمَامُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ ، وَمُنِعَتْ عَنْ دَيْنٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَمَا هُنَا ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ، وَالسَّلَمُ كُلُّهُ مِنْ هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ ذِي الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا الْحَيَوَانَ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ أَكْثَرَ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَيْهِ إذَا كَانَ رَأْسَ مَالٍ ، وَاحْتُرِزَ بِمُعَيَّنٍ عَنْ مَنْفَعَةِ مَضْمُونٍ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا الْبُنَانِيُّ .
جَزَمَ خش بِتَقْيِيدِ الْمَنْعِ بِعَدَمِ الشُّرُوعِ فِيهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ ، فَلَا مَفْهُومَ لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْمُعَيَّنِ لِاشْتِرَاطِ الشُّرُوعِ فِي مَنْفَعَتِهِ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .
( وَ ) جَازَ السَّلَمُ ( بِ ) جَعْلِ شَيْءٍ ( جُزَافٍ ) رَأْسَ مَالِهِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ بَيْعِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُجَازَفَةُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ جَائِزَةٌ كَالْبَيْعِ .
وَفِي الشَّامِلِ وَجَازَ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَجُزَافٍ بِشَرْطِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ ( وَ ) جَازَ ( تَأْخِيرُ حَيَوَانٍ ) جُعِلَ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ إلَى حُلُولِ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ ( بِلَا شَرْطٍ ) وَمَفْهُومُهُ مَنْعُ تَأْخِيرِهِ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ .
( وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ ) الْمَجْعُولُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ( كَذَلِكَ ) أَيْ الْحَيَوَانُ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِ بِلَا شَرْطٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمُنِعَ تَأْخِيرُهُ بِهِ زِيَادَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ( إنْ كِيلَ ) الطَّعَامُ ( وَأُحْضِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ( الْعَرْضُ ) مَجْلِسَ الْعَقْدِ لِانْتِقَالِ ضَمَانِهِمَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَتَرْكُهُ قَبْضَهُمَا بَعْدَ
ذَلِكَ نَزَلَ مَنْزِلَةَ قَبْضِهِمَا ابْتِدَاءً ، فَإِنْ لَمْ يُكَلْ الطَّعَامُ وَلَمْ يُحْضَرْ الْعَرْضُ حِينَ الْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالنَّقْلُ كَرَاهَتُهُ ( أَوْ ) الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ ( كَالْعَيْنِ ) فِي امْتِنَاعِ التَّأْخِيرِ زِيَادَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ ، وَلَوْ كِيلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ وَقْتَ الْعَقْدِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالنَّقْلُ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَالْعَيْنِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) ابْنُ بَشِيرٍ إذَا تَأَخَّرَ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ وَطَالَ الزَّمَانُ الْمُشْتَرَطُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ أَوْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالنَّقْدِ ، وَإِذَا كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثِّيَابِ أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ ، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ كُرِهَ وَلَا يُفْسَخُ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَدْ جَعَلَهُ كَالْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُسْلَمِ فَلَا يُكْرَهُ .
وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالنَّقْدِ فِي تَأْخِيرِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا فَسْخُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ .
وَالثَّانِي عَدَمُهُ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ عَلَى تَأْخِيرِهِ ا هـ .
الْحَطَّابُ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا زَادَ التَّأْخِيرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَأْخِيرًا طَوِيلًا ، لِأَنَّ حَدَّ الْقَصِيرِ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ فَسْخُهُ ، وَحَيْثُ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ وَفِي أَوَائِلِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ التَّهْذِيبِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ حَيَوَانًا بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ ،
فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ أَوْ كَانَ هُرُوبًا مِنْ أَحَدِهِمَا نَفَذَ الْبَيْعُ مَعَ كَرَاهَةِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ذَلِكَ التَّأْخِيرَ الْبَعِيدَ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَهُمَا ا هـ .
وَظَاهِرُ هَذَا كَرَاهَةُ تَأْخِيرِ الْحَيَوَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْهَا .
وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ ، وَأَمَّا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِي الْفَسَادِ قَوْلَانِ فِي الْعَيْنِ خَاصَّةً ، وَلَا يُفْسِدُ تَأْخِيرُ الْعَرْضِ لَكِنْ يُكْرَهُ .
ا هـ .
فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِشَرْطٍ مُفْسِدَةٌ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُقَالَ قَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَالْعَيْنِ أَنَّهُمَا أَشْبَهَاهَا إنْ كِيلَ وَأُحْضِرَ فِي كَوْنِهِمَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا ، فَتَأْخِيرُهُمَا مَكْرُوهٌ لِقُرْبِهِمَا مِنْ الْعَيْنِ الْمَمْنُوعِ تَأْخِيرُهَا ، فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ لَا تَلْزَمُ مُسَاوَاتُهُ الْمُشَبَّهَ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَهُمَا بِهَا فِي طَلَبِ التَّعْجِيلِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الطَّلَبُ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
طفي مَا فِي التَّوْضِيحِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ أَبِي سَعِيدٍ مُحْتَمِلًا لِمَا قَالَهُ ، فَفِي الْأُمِّ مَا يَدْفَعُهُ ، وَنَصُّهَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ فَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَلَمْ يُعْجِبْهُ ، وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ فَسْخَهُ ، وَأَرَاهُ نَافِذًا ا هـ .
وَحَمْلُ كَلَامِهَا عَلَى جَعْلِ عَدَمِ الْفَسْخِ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ بَعِيدٌ وَتَكَلُّفٌ بِلَا مُوجِبٍ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى مَا قَالَ ا هـ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ هَذِهِ
الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفَذَ بِلَا كَرَاهَةٍ .
وَإِنْ كَانَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ نَفَذَ مَعَ الْكَرَاهَةِ .
وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَتَأَخَّرَ كَثِيرًا أَوْ إلَى الْأَجَلِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فَأَشْبَهَ مَا فِي الذِّمَّةِ فَصَارَ دَيْنًا بِدَيْنٍ .
بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ غَائِبًا ، فَإِنْ حَضَرَ حِينَ الْعَقْدِ لَا يَنْبَغِي كَوْنُهُ كَالْعَبْدِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِ وَالطَّعَامُ أَثْقَلُ مِنْهُ إذْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ ، وَالْعَيْنُ أَشَدُّ مِنْ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَهِيَ لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا .
وَرَدُّ زَائِفٍ وَعُجِّلَ ، وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ عَلَى الْأَحْسَنِ
( وَ ) جَازَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( رَدُّ ) رَأْسِ مَالٍ ( زَائِفٍ ) أَيْ رَدِيءٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ سَوَاءٌ كَانَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ( وَعُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بَدَلُهُ وُجُوبًا وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ بِشَرْطٍ عَلَى الْمَشْهُورِ .
إنْ طَلَبَ الْبَدَلَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ طَلَبَ عِنْدَ حُلُولِهِ أَوْ قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ جَازَ تَأْخِيرُهُ مَا شَاءَ وَلَوْ بِشَرْطٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ الْبَدَلَ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ ( فَسَدَ ) السَّلَمُ فِي بَعْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَهُوَ ( مَا ) أَيْ الْجُزْءُ الَّذِي ( يُقَابِلُهُ ) أَيْ الزَّائِفُ فَقَطْ و ( لَا ) يَفْسُدُ ( الْجَمِيعُ ) أَيْ الْمُقَابِلُ لِلزَّائِفِ وَالْمُقَابِلُ الْجَيِّدُ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَحْسَنِ ) عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ شَعْبَانَ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَفْسُدُ الْجَمِيعُ ، وَقِيلَ بِصِحَّةِ الْجَمِيعِ ، وَفَسَادُ الْمُقَابِلِ فَقَطْ مُقَيَّدٌ بِخَمْسَةِ قُيُودٍ قِيَامُهُ بِالْبَدَلِ ، وَبَقَاءُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ الْأَجَلِ وَالْإِطْلَاعُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَعَدَمُ دُخُولِهِمَا عِنْدَ عَقْدِهِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا ، وَكَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَيْنًا .
فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ بِأَنْ رَضِيَ بِالزَّائِفِ أَوْ سَامَحَ مَنْ عَوَّضَهُ لَمْ يَفْسُدْ مَا يُقَابِلُهُ ، وَكَذَا إنْ قَامَ بِهِ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، فَإِنْ دَخَلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا فَسَدَ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ ، وَكَذَا إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَيُنْقَضُ السَّلَمُ كُلُّهُ إنْ عَقَدَ عَلَى عَيْنِهِ ، فَإِنْ عَقَدَاهُ عَلَى مَوْصُوفٍ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِ مَا ظَهَرَ مَعِيبًا .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : إذَا ظَهَرَ عَيْبٌ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا
يُنْقَضُ السَّلَمُ بِحَالٍ ، سَوَاءٌ كَانَ فِي عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ ، وَلِلْمُسْلَمِ رَدُّ الْمَعِيبِ وَالرُّجُوعُ بِمِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ حَوَالَةِ سُوقٍ لِأَنَّهَا لَا تُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ، وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ فَلَهُ الرَّدُّ ، وَغَرِمَ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِ مَوْصُوفِ الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا ، فَإِنْ أَحَبَّ الْإِمْسَاكَ أَوْ كَانَ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بِهِبَةٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ فَقِيلَ يَغْرَمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قِيمَةَ مَا قَبَضَ مَعِيبًا ، وَرَجَعَ بِالصِّفَةِ ، وَقِيلَ يَرْجِعُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْعَيْبِ فِي الصِّفَةِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْبِ الرِّبْحَ رَجَعَ بِمِثْلِ رِبْحِ الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا شَرِيكًا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ .
وَقِيلَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ أَسْلَمَ .
اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْقِيمَةَ وَيَرْجِعَ بِالْمِثْلِ أَوْ يُنْقِصَ مِنْ رَأْسِ الْمُسْلَمِ بِقَدْرِ الْعَيْبِ .
الثَّانِي : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ قُلْت لَهُ حِينَ رَدَّهَا عَلَيْك مَا دَفَعْت إلَيْك إلَّا جِيَادًا فَالْقَوْلُ قَوْلُك ، وَتَحْلِفُ مَا أَعْطَيْته إلَّا جِيَادًا فِي عَمَلِك إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَخَذَهَا مِنْك لِيَزِنَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَيْك بَدَلُهَا .
زَادَ فِي الْوِكَالَةِ وَلَا أَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِي .
أَبُو إِسْحَاقَ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ قَابِضُهَا الرَّادُّ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهُ مُوقِنٌ ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ كَانَ صَيْرَفِيًّا .
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَحْلِفُ الصَّرَّافُ عَلَى الْبَتِّ .
الثَّالِثُ : فِي النَّوَادِرِ لَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا مَا اتَّفَقَ عَلَى أَنَّهُ جَيِّدٌ ، فَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ لِرَدَاءَتِهِ فَلَا يُجْبَرُ الدَّافِعُ عَلَى بَدَلِهِ إلَّا أَنَّهُ رَدِيءٌ .
ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي أَحْكَامِ ابْنِ
سَهْلٍ .
الرَّابِعُ : إذَا شَرَطَ تَعَيُّنَ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ فَقِيلَ الشَّرْطُ سَاقِطٌ ، وَقِيلَ لَازِمٌ إنْ كَانَ مِنْ مُطَرَّتِهَا ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْحُكْمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى لُزُومِهِ يَجُوزُ الْخَلَفُ إذَا رَضِيَا جَمِيعًا وَلَا يَدْخُلُهُ الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّعْيِينُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا مُعَيَّنًا ، فَإِذَا رَدَّهَا انْتَقَضَ السَّلَمُ وَمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ سَلَمٌ مُبْتَدَأٌ ، وَعَلَى الثَّانِي إنْ شَرَطَهُ مُسْلِمُهَا جَازَ خَلَفُهَا إذَا رَضِيَ وَإِلَّا فُسِخَ .
وَإِنْ شَرَطَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ .
الْخَامِسُ : اللَّخْمِيُّ إذَا انْتَقَضَ السَّلَمُ لِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ بِعَيْبٍ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُسْلَمِ رَدَّهُ ، وَإِنْ حَالَتْ سُوقُهُ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا رَدَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ ، وَلَوْ كَانَ مَوْجُودًا الْآنَ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا كَطَعَامٍ وَنُحَاسٍ فَلِبَائِعِهِ أَخْذُهُ بِعَيْنِهِ إنْ وَجَدَهُ بِيَدِ الْمُسْلِمِ ، وَمِثْلُهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ وَلَا تُفِيتُهُ حَوَالَةُ السُّوقِ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَفِي الشَّامِلِ وَزَادَ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ فِيهِ قَوْلًا بِفَوَاتِهِ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالتَّصْدِيقُ فِيهِ : كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ ، ثُمَّ لَك أَوْ عَلَيْك الزَّيْدُ وَالنَّقْصُ الْمَعْرُوفُ ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَك إلَّا بِتَصْدِيقٍ أَوْ بَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْ ، وَحَلَفَ لَقَدْ أَوْفَى مَا سَمَّى ، أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ ، إنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيَهُ ، وَإِلَّا حَلَفْتَ وَرَجَعْتَ
( وَ ) جَازَ لِلْمُسْلِمِ ( التَّصْدِيقُ ) لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( فِي ) كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ الْمُسْلِمِ فِي ( هـ ) إذَا دَفَعَهُ لَهُ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ لَا قَبْلَهُ لِمَنْعِهِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ .
الْحَطَّابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَائِلِ سَلَمِهَا الثَّانِي .
ابْنُ الْكَاتِبِ فِي الَّذِي أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ الطَّعَامَ عَلَى التَّصْدِيقِ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَصْدِيقُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ لِأَجْلِ تَعْجِيلِهِ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ دَخَلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً ، وَهُوَ بِمَعْنَى ضَعْ مِنْهُ وَتَعَجَّلْ ، فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ جَازَ مَعْنَاهُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ ، وَقَبْلَهُ يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ .
وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ التَّصْدِيقِ فَقَالَ ( كَ ) التَّصْدِيقِ فِي كَيْلِ أَوْ وَزْنِ ( طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ ) فَيَجُوزُ ( ثُمَّ ) إذَا صَدَّقْت فِي كَيْلِ أَوْ وَزْنِ طَعَامٍ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ وَوَجَدْت نَقْصًا أَوْ زَيْدًا عَلَى مَا صَدَّقْته فِيهِ فَ ( لَك ) يَا مُصَدِّقُ ( أَوْ عَلَيْك الزَّيْدُ ) أَيْ الزَّائِدُ الْمَعْرُوفُ رَاجِعٌ لَك ( وَالنَّقْصُ ) أَيْ النَّاقِصُ ( الْمَعْرُوفُ ) أَيْ الْمُعْتَادُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ رَاجِعٌ لِعَلَيْك ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّيْدُ مَعْرُوفًا بِأَنْ كَانَ مُتَفَاحِشًا رَدَدْته كُلَّهُ إلَى الْبَائِعِ وَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ الْمَعْرُوفَ ، وَتَرَكَ هَذَا لِوُضُوحِهِ وَإِلَّا يَكُنْ النَّقْصُ مَعْرُوفًا ( فَلَا رُجُوعَ لَك ) يَا مُصَدِّقُ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِتَصْدِيقٍ ) مِنْ الْبَائِعِ لَك عَلَيْهِ ( أَوْ بَيِّنَةٍ ) تَشْهَدُ لَك بِهِ ( لَمْ تُفَارِقْ ) كَ مِنْ حِينِ قَبْضِك إلَى حِينِ كَيْلِك أَوْ وَزْنِك أَوْ بَيِّنَةٍ حَضَرَتْ كَيْلَ الْبَائِعِ أَوْ وَزْنَهُ يَنْقُصُ كَمَا قَالَ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ النَّقْصِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ الْمُتَعَارَفُ كَالْجَائِحَةِ إذَا أَصَابَتْ دُونَ الثُّلُثِ لَا يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ ، وَإِنْ أَصَابَتْ الثُّلُثَ وُضِعَ عَنْهُ قَدْرُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ
لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لَا يُوضَعُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى إصَابَتِهَا الْيَسِيرُ مِنْ الثَّمَرَةِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ .
وَإِذَا ثَبَتَ النَّقْصُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ مَضْمُونٍ رَجَعَ بِمِثْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
الرَّجْرَاجِيُّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ بِحِصَّةِ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا كَانَ قَلِيلًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَسُّكِ ، وَيَجْرِي فِي حَدِّ الْقَلِيلِ الْخِلَافُ الَّذِي جَرَى فِيهِ فِي الْعُيُوبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِذَا قَبَضَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي الطَّعَامَ مُصَدِّقًا الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعَ فِي ، كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ نَاقِصًا مُخَالِفًا لِلْمُعْتَادِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ وَلَمْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ ( حَلَفَ ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ ( لَقَدْ أَوْفَى ) أَيْ سَلَّمَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي ( مَا ) أَيْ الْقَدْرَ الَّذِي ( سَمَّى ) لَهُ إنْ كَانَ اكْتَالَهُ أَوْ وَزَنَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ حَضَرَ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ ( أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي ( عَلَى مَا ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي ( كُتِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِهِ ) أَيْ الْقَدْرُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَا ( إلَيْهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعِ مِنْ وَكِيلِهِ إنْ لَمْ يَكْتَلْهُ وَلَمْ يَزِنْهُ وَلَمْ يَحْضُرْهُ ( إنْ ) كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ ( أَعْلَمَ ) حِينَ الْبَيْعِ مُسْلِمَهُ أَوْ ( مُشْتَرِيَهُ ) بِأَنَّهُ كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ أَوْ أَخْبَرَ رَسُولَ وَكِيلِهِ بِهِ ، وَلَوْ قَالَ بَعَثْت إلَيْك مَا كُتِبَ بِهِ إلَيَّ لَكَانَ أَوْضَحَ إذْ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي بَيْعِهِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ضَمَّنَ بَاعَ مَعْنَى أَوْصَلَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَقَدْ أَوْفَى مَا سَمَّى فِي الْأُولَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيهِ فِي الثَّانِيَةِ ( حَلَفْت ) يَا مُسْلِمُ أَوْ يَا مُشْتَرِي عَلَى النَّقْصِ الَّذِي وَجَدْته ( وَرَجَعْت ) بِعِوَضِهِ ،
فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَك فِي الْأُولَى وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ لِنُكُولِهِ عَنْهَا أَوَّلًا وَسَيَأْتِي وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ فِي الثَّانِيَةِ وَبَرِيءَ ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْبَائِعُ لَقَدْ أَوْفَى لَهُ جَمِيعَ مَا سَمَّى لَهُ إنْ اكْتَالَهُ هُوَ أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الَّذِي يَذْكُرُ .
أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ ، وَإِنَّمَا مُوَفَّى الْمُسْلِمِ الثَّالِثُ فَجَمَعَ أَبُو سَعِيدٍ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنَى التَّخْيِيرِ فِي صِفَةِ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَاعَ مُخَيَّرٌ فِي تَحْلِيفِ الْبَائِعِ بِأَيِّ اللَّفْظَيْنِ شَاءَ ، هَذَا فِي الطَّعَامِ الْمُعَيَّنِ ، وَأَمَّا الْمَضْمُونُ فَإِنَّمَا يَحْلِفُ لَقَدْ أَوْفَى إلَخْ .
وَانْظُرْ قَوْلَهُ لَقَدْ بَاعَ كَيْفَ يَصِحُّ لِأَنَّ شَرْطَ الْيَمِينِ كَوْنُهَا بِحَسَبِ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ وَافَقَ الْبَائِعَ عَلَى ابْتِيَاعِهِ عَلَى مَا فِيهِ ، وَلَكِنْ يَقُولُ لَمْ تُوَفِّنِي ذَلِكَ ، وَإِذَا حَلَفَ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الَّذِي ذَكَرَ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّعَامِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَنَقَصَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْبَائِعُ صَادِقٌ فِي يَمِينِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَبْدِيلِ هَذَا اللَّفْظِ بِدَفْعٍ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمَشَذَّالِيُّ .
وَإِنْ أَسْلَمْت عَرَضًا فَهَلَكَ بِيَدِك فَهُوَ مِنْهُ ، إنْ أَهْمَلَ ، أَوْ أَوْدَعَ ، أَوْ عَلَى الِانْتِفَاعِ ، وَمِنْك إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوُضِعَ لِلتَّوْثِيقِ ، وَنُقِضَ السَّلَمُ وَحَلَفَ ؛ وَإِلَّا خُيِّرَ الْآخَرُ ، وَإِنْ أَسْلَمْتَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا : فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ ، وَيُتَّبَعُ الْجَانِيَ
( وَإِنْ أَسْلَمْت عَرْضًا ) يُغَابُ عَلَيْهِ كَثَوْبٍ أَيْ عَقَدْت عَلَيْهِ سَلَمًا فِي مُسْلَمٍ فِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَسْلَمْته بِالْفِعْلِ لِقَوْلِهِ ( فَهَلَكَ ) أَيْ تَلِفَ الْعَرْضُ الَّذِي جَعَلْته رَأْسَ مَالٍ ( بِيَدِك ) يَا مُسْلِمُ ( فَهُوَ ) أَيْ الْعَرْضُ أَيْ ضَمَانُهُ ( مِنْهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( إنْ أَهْمَلَ ) أَيْ فَرَّطَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعَرْضِ مِنْك ( أَوْ أَوْدَعَ ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْعَرْضَ عِنْدَك ( أَوْ ) تَرَكَهُ عِنْدَك عَلَى ) وَجْهِ ( الِانْتِفَاعِ ) مِنْك بِهِ إمَّا لِاسْتِثْنَائِك مَنْفَعَتَهُ أَوْ اسْتِئْجَارِهِ مِنْهُ أَوْ إعَارَتِهِ لَك ( و ) ضَمَانِهِ ( مِنْك ) يَا مُسْلِمُ ( إنْ لَمْ تَقُمْ ) أَيْ تَشْهَدُ ( بَيِّنَةٌ ) بِهَلَاكِ الْعَرْضِ ( وَوُضِعَ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ عِنْدَك ( لِلتَّوَثُّقِ ) بِهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالْإِشْهَادِ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَهُ أَوْ بِإِتْيَانِهِ بِرَهْنٍ أَوْ حِيَلٍ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ ( وَنُقِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ فُسِخَ ( السَّلَمُ وَحَلَفَ ) الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِ الْعَرْضِ الْمَوْضُوعِ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ بِهِ .
وَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِإِنْ الشَّرْطِيَّةِ وَتَاءِ الْخِطَابِ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك وَإِلَّا فَلَا يَنْقُضُ ، وَضَمِنَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِك وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْك ضَمِنْتَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ بِأَنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ( الْآخَرُ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَقْضِ السَّلَمِ وَإِبْقَائِهِ وَاتِّبَاعِكَ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ .
( وَإِنْ أَسْلَمْت حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا ) أَيْ جَعَلْت مَا ذُكِرَ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فَتَلِفَ بِتَعَدِّي الْمُسْلِمِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ ( فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ ) لَا يَنْقُضُ ( وَيَتَّبِعُ ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ( الْجَانِيَ ) عَلَى الْحَيَوَانِ أَوْ الْعَقَارِ بِقِيمَتِهِ .
الْحَطّ
فِي هَذَا الْكَلَامِ إجْمَالٌ ، وَالْكَلَامُ الْمُفَصَّلُ الْمُبَيَّنُ مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ ، وَاعْلَمْ قَبْلَهُ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ ضَمَانَ الْعَرْضِ فِي الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَكَذَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ وَإِلَّا فَمِنْ الْمُسْلِمِ .
ابْنُ بَشِيرٍ إنْ هَلَكَ بَعْدَمَا صَارَ فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلَا شَيْءَ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ ، وَيُنْظَرُ فَإِنْ هَلَكَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ عَلَى حَسَبِ تَضْمِينِ الْمُتْلَفَاتِ ، وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إنْ أَتْلَفَهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي ضَمَانِ الْمُسْلِمِ انْفَسَخَ السَّلَمُ إلَّا أَنْ يُتْلِفَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَاصِدًا إلَى قَبْضِهِ وَإِتْلَافِهِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ ، وَإِنْ جُهِلَ مِمَّنْ هَلَاكُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا فَسْخُ السَّلَمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَالثَّانِي تَخْيِيرُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ا هـ .
قَوْلُهُ وَإِنْ جُهِلَ هَلَاكُهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى مَا فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْفَسْخُ ، فَإِنْ جَهِلَ مِمَّنْ هَلَاكُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ ، نَعَمْ يَحْلِفُ الْمُسْلِمُ إنْ اُتُّهِمَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَا نَقْدَيْنِ ، وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ : كَالْعَكْسِ ، إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ ، وَسَابِقِ الْخَيْلِ لَا هِمْلَاجٍ ، إلَّا كَبِرْذَوْنٍ
( وَ ) الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ ( أَنْ لَا يَكُونَا ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ ( طَعَامَيْنِ ) فَلَا يَصِحُّ سَلَمٌ طَعَامٌ فِي طَعَامٍ ، وَلَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا لِأَنَّهُ رِبَا نَسَاءٍ ( وَ ) أَنْ ( لَا ) يَكُونَا ( نَقْدَيْنِ ) فَلَا يَصِحُّ سَلَمٌ نَقْدٌ فِي نَقْدٍ لِذَلِكَ ( وَ ) أَنْ ( لَا ) يَكُونَا ( شَيْئًا ) مُسْلَمًا ( فِي أَكْثَرَ ) مِنْهُ ، مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ رِبَا فَضْلٍ ( أَوْ أَجْوَدَ ) مِنْهُ كَذَلِكَ لِذَلِكَ ، وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَالْعَكْسِ ) أَيْ سَلَمُ شَيْءٍ فِي أَقَلَّ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّا عَلَيْهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ ( إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ ) بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ ، فَيَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِ أَفْرَادِهِ فِي بَعْضٍ آخَرَ مُخَالِفٌ فِيهَا أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ لِأَنَّ اخْتِلَافَهَا يَصِيرُ إفْرَادًا لِجِنْسِ الْوَاحِدِ كَجِنْسَيْنِ .
الْبُنَانِيُّ أَوْجُهُ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْجَوَازِ وَاتِّفَاقُهُمَا مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي مَنْعِهِ إلَّا أَنْ يُسْلَمَ الشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ فَهُوَ قَرْضٌ ، وَاتِّحَادُ الْجِنْسِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَاتِّحَادُ الْمَنْفَعَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ ، وَفِيهِ قَوْلَانِ ، فَمَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا مَنَعَ وَمَنْ نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ أَجَازَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( كَفَّارَةٍ ) بِالْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ سَرِيعِ السَّيْرِ مِنْ ( الْحُمُرِ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا جَمْعُ حِمَارٍ ، كَذَا فَسَّرَ الْمُصَنِّفُ الْفَارَّةَ ، وَاعْتَرَضَهُ طفي بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ ، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَعِيَاضٌ مَذْهَبُهَا أَنَّ الْحَمْلَ وَالسَّيْرَ غَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ لِأَنَّهُ جَعَلَ حُمُرَ مِصْرَ كُلَّهَا صِنْفًا وَبَعْضُهَا أُسَيْرُ مِنْ بَعْضٍ وَأَحْمَلُ ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى
أَنَّ الْفَرَاهَةَ غَيْرُ سُرْعَةِ السَّيْرِ .
وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ احْتِجَاجَ أَبِي عِمْرَانَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إلْغَاءِ شِدَّةِ السَّيْرِ مَعَ سَيْرٍ دُونَهُ إلْغَاؤُهُ مَعَ عَدَمِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّيْرِ سُرْعَتُهُ لَا مُطْلَقُهُ .
وَأَجَابَ عج بِأَنَّ مُرَادَ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ إطْلَاقَهَا يَتَنَاوَلُ الْأَسْيَرَ وَالْقَطُوفَ وَمَا بَيْنَهُمَا وَالْقَطُوفَ كَصَبُورٍ ضِيقُ السَّيْرِ فَيَصِحُّ سَلَمُهُ ( فِي ) الْحُمُرِ ( الْأَعْرَابِيَّةِ ) أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْأَعْرَابِ بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ سُكَّانِ الْبَوَادِي الَّتِي مَنْفَعَتُهَا الْحَمْلُ وَالْعَمَلُ لَا سُرْعَةُ السَّيْرِ ، وَاَلَّذِي يُقَيِّدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ الْعَدَدِ إلَّا مَعَ ضَعْفِ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ ، وَنَصُّهُ الْإِبِلُ صِنْفَانِ صِنْفٌ يُرَادُ لِلْحَمْلِ وَصِنْفٌ لِلرُّكُوبِ ، وَكُلُّ صِنْفٍ جَيِّدٍ وَحَاشٍ ، فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ مَا يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِيمَا يُرَادُ لِلرُّكُوبِ جَيِّدُ أَحَدِهِمَا فِي جَيِّدِ الْآخَرِ ، وَالْجَيِّدُ فِي الرَّدِيءِ وَالرَّدِيءُ فِي الرَّدِيءِ اتَّفَقَ الْعَدَدُ أَوْ اخْتَلَفَ .
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ كُلُّهَا تُرَادُ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الْجَيِّدُ فِي الرَّدِيءِ وَلَا الرَّدِيءُ فِي الْجَيِّدِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ جَيِّدٌ فِي حَاشِيَيْنِ فَأَكْثَرَ وَحَاشِيَانِ فَأَكْثَرَ فِي جَيِّدٍ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْجَيِّدُ أَوْ الرَّدِيءُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إنْ تَقَدَّمَ الرَّدِيءُ ، وَضَمَانٌ يُجْعَلُ إنْ تَقَدَّمَ الْجَيِّدُ ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ وَكَانَتْ الْكَثْرَةُ فِي الرَّدِيءِ كَانَتْ مُبَايَعَةً فَيَكُونُ فَضْلُ الْعَدَدِ لِمَكَانِ الْجَوْدَةِ ، وَكَذَا فَعَلَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَهَذَا الشَّأْنُ فِيهِ قِلَّةُ عَدَدِ الْجَيِّدِ وَكَثْرَةُ عَدَدِ الرَّدِيءِ ، فَإِنْ اسْتَوَى الْعَدَدُ كَانَ الْفَضْلُ مِنْ صَاحِبِ الْجَيِّدِ خَاصَّةً فَلَمْ تَدْخُلْهُ مُبَايَعَةٌ وَلَوْ أَسْلَمَ نِصْفًا مِنْ ثَوْبٍ جَيِّدٍ فِي ثَوْبٍ كَامِلٍ رَدِيءٍ لَجَازَ
وَدَخَلَهُ الْمُبَايَعَةُ لِأَنَّ كَمَالَ أَحَدِهِمَا فِي مُقَابَلَةِ جَوْدَةِ الْآخَرِ نَقَلَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَعْرَابِيَّةِ الْمُقَيَّدُ لِلتَّعَدُّدِ تَبِعَ فِيهِ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا عَبَّرَتْ بِالْأَفْرَادِ أَيْضًا فَقَالَتْ كَاخْتِلَافِ الْحِمَارِ الْفَارَّةِ النَّجِيبِ بِالْحِمَارِ الْأَعْرَابِيِّ فَيَجُوزُ .
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ حِمَارٌ يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِي حِمَارٍ يُرَادُ لِلرُّكُوبِ وَالسَّرْجِ .
ا هـ .
وَتَخْتَلِفُ مَنْفَعَةُ الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ وَالْأَجَلِ بِقُوَّةِ الْحَمْلِ ، وَالْبَقَرِ بِكُثْرِ الْحَرْثِ وَالْعَمَلِ ، وَالْغَنَمِ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَالرَّقِيقِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْحَرِيرِ وَالصُّوفِ بِالرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ .
فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ جِنْسَانِ إلَّا أَنْ تَقْرَبَ مَنْفَعَتُهُمَا حَكَاهُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَلْ الْبِغَالُ مَعَ الْحَمِيرِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا يُسْلَمُ حِمَارٌ فِي بَغْلٍ وَلَا بَغْلٌ فِي حِمَارٍ حَتَّى يَتَبَايَنَا فِي الْمَنْفَعَةِ كَتَبَايُنِ الْحَمِيرِ أَوْ الْبِغَالِ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ هُمَا جِنْسَانِ وَالْأَصْلُ الْجَوَازُ إلَّا أَنْ تَقْرَبَ مَنْفَعَتُهُمَا ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ .
( وَسَابِقِ الْخَيْلِ ) فِي غَيْرِ سَابِقِهَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ هَلْ تَخْتَلِفُ الْخَيْلُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ فَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ اخْتِلَافَهَا بِهِمَا .
وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَا تَخْتَلِفُ الصِّغَارُ مِنْ الْكِبَارِ فِي جِنْسٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ .
وَاعْتَبَرَ اللَّخْمِيُّ الْجَمَالَ فِي الْخَيْلِ ( لَا ) يَجُوزُ سَلَمُ فَرَسٍ ( هِمْلَاجٍ ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ حَسَنُ السَّيْرِ وَسَرِيعَةٌ بِلَا سَبْقٍ فِي غَيْرِهِ فِي الْقَامُوسِ الْهِمْلَاجُ بِالْكَسْرِ مِنْ الْبَرَاذِينِ الْمُهَمْلَجِ
وَالْمُهَمْلَجَةُ فَارِسِيٌّ عُرِّبَ ، وَشَاةٌ هِمْلَاجٌ لَا مُخَّ فِيهَا لِهُزَالِهَا وَامْرُؤٌ مُهَمْلَجٌ مُذَلَّلٌ مُنْقَادٌ .
غ فِي الصِّحَاحِ الْهِمْلَاجُ مِنْ الْبَرَاذِينِ وَاحِدٌ لِهَمَالِيجَ ، وَمَشْيُهَا الْهَمْلَجَةُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ الْهَمْلَجَةُ وَالْهِمْلَاجُ حُسْنُ سَيْرِ الدَّابَّةِ فِي سُرْعَةٍ وَدَابَّةٌ هِمْلَاجُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فِيهِ ، إذْ لَا تُصَيِّرُهُ سُرْعَةُ سَيْرِهِ مَعَ حُسْنِهِ مُغَايِرًا لِآحَادِ جِنْسِهِ حَتَّى يَجُوزَ سَلَمُ الْوَاحِدِ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ تِلْكَ السُّرْعَةُ ( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ الْهِمْلَاجُ ( كَبِرْذَوْنٍ ) عَرِيضٍ لَا جَرْيَ فِيهِ وَلَا سَبْقَ يُرَادُ لِلْحَمْلِ وَالسَّيْرِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْلَمَ الْهِمْلَاجُ مِنْهَا فِي اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْهَمَالِجَةِ الْخَالِيَةِ عَنْ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ .
" س " اُنْظُرْ مَا دَخَلَتْهُ الْكَافُ .
وَجَمَلٍ : كَثِيرِ الْحَمْلِ ، وَصُحِّحَ ، وَبِسَبْقِهِ ، وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ وَلَوْ أُنْثَى
( وَ ) جَازَ سَلَمُ ( جَمَلٍ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأُنْثَى ( كَثِيرِ الْحَمْلِ ) فِي مُتَعَدِّدٍ لَيْسَ كَثِيرَ الْحَمْلِ ( وَصُحِّحَ ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مُشَدَّدَةً اخْتِلَافُ مَنْفَعَةِ الْجَمَلِ بِكَثْرَةِ حَمْلِهِ ( وَبِسَبْقِهِ ) أَيْ الْجَمِيلِ فَيَصِحُّ سَلَمُ جَمَلٍ سَابِقٍ فِي مُتَعَدِّدٍ غَيْرِ سَابِقٍ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ فِي الْإِبِلِ الْحَمْلُ خَاصَّةً وَلَيْسَ السَّبْقُ بِمُعْتَبَرٍ فِيهَا عِنْدَهُمْ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا وَيُرِيدُونَ بَعْضَهَا لِلرُّكُوبِ دُونَ الْحَمْلِ وَهُوَ مَوْجُودٌ إلَى الْآنَ ، فَمَا كَانَ مِنْهَا يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْلَمَ فِيمَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ ، وَكَذَا عَكْسُهُ .
ا هـ .
وَإِلَى اخْتِيَارِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِصُحِّحَ ، وَنَكَّتَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى قَوْلِهِ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ فِي الْإِبِلِ الْحَمْلُ خَاصَّةً ، فَقَالَ فَسَّرَ التُّونِسِيُّ النَّجَابَةَ بِالْجَرْيِ فَقَالَ النَّجِيبُ مِنْهَا صِنْفٌ وَهُوَ مَا فَاقَ بِالْجَرْيِ وَالْجَمِيلُ صِنْفٌ ، وَالدَّنِيُّ صِنْفٌ ، وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ كُلٍّ مِنْ الْحَمْلِ وَالسَّبْقِ وَالسَّيْرِ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ .
ا هـ .
وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ .
" د " وَالْمَقْصُودُ بِالتَّصْحِيحِ السَّبْقُ إذْ الْحَمْلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
( وَ ) تَخْتَلِفُ الْمَنْفَعَةُ فِي نَوْعِ الْبَقَرِ ( بِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ ) عَلَى الْعَمَلِ كَالْحَرْثِ وَالدَّرْسِ وَالسَّقْيِ وَالطَّحْنِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ يُفَرَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُ بِالتَّاءِ وَلَوْ مُذَكَّرًا فَتَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ فَتُطْلَقُ الْبَقَرَةُ عَلَى الذَّكَرِ أَيْضًا ، فَلِذَا قَالَ إنْ كَانَتْ ذَكَرًا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ الْبَقَرَةُ ( أُنْثَى ) فِي الصِّحَاحِ الْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ، وَإِنَّمَا دَخَلَتْهُ الْهَاءُ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ ، وَالْجَمْعُ الْبَقَرَاتُ .
وَفِي الْقَامُوسِ الْبَقَرَةُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ الْجَمْعُ بَقَرٌ وَبَقَرَاتٌ وَبُقُرٌ بِضَمَّتَيْنِ .
الْحَطّ وَالْجَوَازُ ث قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ بِأَنْ يُسْلِمَ بَقَرَةً قَوِيَّةً فِي بَقَرَتَيْنِ ضَعِيفَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَمَّا سَلَمُ بَقَرَةٍ قَوِيَّةٍ فِي بَقَرَةٍ غَيْرِ قَوِيَّةٍ فَنَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، إذْ هُوَ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ ، وَعَكْسُهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا خَاصًّا بِالْبَقَرَةِ ، بَلْ يَجْرِي فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَمَا يَأْتِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَكَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ ، وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ .
وَصُحِّحَ خِلَافُهُ
( وَ ) تَخْتَلِفُ الْمَنْفَعَةُ بِ ( كَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ ) مِنْ الْمَعْزِ فَتُسْلَمُ شَاةٌ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ مِنْ الْمَعْزِ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهُ لَيْسَتَا غَزِيرَتَيْ اللَّبَنِ فَأَكْثَرَ .
الْمَازِرِيُّ اتِّفَاقًا .
تت وَأَشْعَرَ بِمَنْعِ شَاةٍ لَبُونٍ بِلَبَنٍ فَفِي الْكَافِي لَا يَجُوزُ أَيُّهُمَا عَجَّلَ وَأَخَّرَ صَاحِبُهُ وَهُوَ الْأَشْهُرُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي جَوَازُهُ ، وَمَفْهُومُ الشَّاةِ عَدَمُ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ بِكَثْرَتِهِ فِي بَقَرٍ أَوْ جَامُوسٍ أَوْ إبِلٍ إلَّا لِعُرْفٍ وَقَدْ اقْتَصَرَ بِالتَّبْصِرَةِ عَلَى الِاخْتِلَافِ بِكَثْرَةِ لَبَنِ الْبَقَرِ ، وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، فَأَفَادَ اعْتِمَادَهُ ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ خِلَافُهُ ، وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا لِلَّخْمِيِّ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُرَادُ فِيهِ الْبَقَرُ وَالْجَامُوسُ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ لَا لِلْحَرْثِ ، وَلِذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِهَا وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ جَازَ أَنْ يُسْلَمَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ اتَّفَقَ مِنْهُ أَوْ اخْتَلَفَ ، هَذَا هُوَ الْفِقْهُ الْجَلِيُّ الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي فَيَنْظُرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ إلَى عُرْفِ أَهْلِهِ وَلَا يَحْمِلُ أَهْلَ بَلَدٍ عَلَى مَا سُطِّرَ قَدِيمًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عُرْفٍ تُرِكَ فِيمَا يُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ .
( وَظَاهِرُهَا ) قَوْلُهَا أَيْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُسْلَمُ ضَأْنُ الْغَنَمِ فِي مَعْزِهَا وَلَا عَكْسُهُ إلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةً بِالْكَرْمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَخَبَرُ ظَاهِرِهَا ( عُمُومُ ) أَيْ شُمُولُ الشَّاةِ الْغَزِيرَةِ اللَّبَنِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَحْكُومِ بِجَوَازِ إسْلَامِهَا فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ ( الضَّأْنِ ) ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الضَّأْنَ وَالْمَعْزَ سَوَاءٌ مَا عُرِفَ مِنْهُمَا بِغُزْرِ اللَّبَنِ وَالْكَرْمِ جَازَ أَنْ يُسْلَمَ فِي غَيْرِهِ " س " الْأَوْلَى إبْدَالُ عُمُومٍ بِشُمُولٍ ، أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ شَاةٍ فِي كَلَامِهَا مِنْ صِيَغِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي
سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ لَا الْعَامِّ ( وَصُحِّحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( خِلَافُهُ ) أَيْ أَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ لَا تَخْتَلِفُ بِهَا مَنْفَعَةُ الضَّأْنِ لِأَنَّ غَالِبَ مَا تُرَادُ لَهُ الصُّوفُ ، حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّأْنِ كَالتَّابِعِ لِمَنْفَعَةِ الصُّوفِ وَلِأَنَّ لَبَنَهَا غَالِبًا أَقَلُّ مِنْ لَبَنِ الْمَعْزِ .
وَأَمَّا الْمَعْزُ فَمَنْفَعَةُ شَعْرِهِ يَسِيرَةٌ وَلَبَنُهَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَكَصَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ ، أَوْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ ، إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُزَابَنَةِ ؛ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ :
وَعَطَفَ عَلَى كَفَّارَةِ الْحُمُرِ إلَخْ فَقَالَ ( وَكَ ) سَلَمِ حَيَوَانَيْنِ ( صَغِيرَيْنِ فِي ) حَيَوَانٍ ( كَبِيرٍ ) مِنْ نَوْعِهِمَا فَيَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ فِي ضَيْح وَأَبِي الْحَسَنِ أَنَّ هَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ لُبَابَةَ ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ لُبَابَةَ وَالتَّأْوِيلُ الْآتِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُمَا بِأَبِي مُحَمَّدٍ غَيْرُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ ( وَ ) كَ ( عَكْسِهِ ) أَيْ سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ .
السَّفَاقِسِيُّ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا لِسَلَامَتِهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَضَمَانٍ بِجُعْلٍ ( أَوْ ) سَلَمُ ( صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ ) أَيْ سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ فَيَجُوزَانِ ( إنْ لَمْ يُؤَدِّ ) الْمَذْكُورَ مِنْ سَلَمِ الْكَبِيرِ فِي الصَّغِيرِ وَعَكْسُهُ ( لِلْمُزَابَنَةِ ) فِي التَّوْضِيحِ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ هُنَا الْقِمَارُ وَالْخَطَرُ لِأَنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ الصَّغِيرَ فِي الْكَبِيرِ إلَى أَجَلٍ يَكْبُرُ فِيهِ الصَّغِيرُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ اضْمَنْ هَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَإِنْ مَاتَ كَانَ فِي ذِمَّتِك وَإِنْ سَلِمَ عَادَ إلَيَّ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لَك ، وَفِيمَا إذَا أَعْطَاهُ الْكَبِيرَ فِي الصَّغِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا الْكَبِيرَ فِي صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ .
عب وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُرَاعِي فِي سَلَمِ الصَّغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ ، وَعَكْسِهِ أَنْ لَا يَطُولَ أَجَلُ السَّلَمِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الصَّغِيرَانِ أَحَدُهُمَا كَالْكَبِيرِ وَيَلِدُ الْكَبِيرُ صَغِيرَيْنِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا مِنْ الْأَوَّلِ نَظَرًا إلَى جَهْلِ انْتِفَاعِ كُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ عج .
( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( عَلَى خِلَافِهِ ) أَيْ مَنْعِ سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ فَقَطْ لَا مَنْعِ سَلَمِ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ ، فَإِنَّهُ
جَائِزٌ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ وَلَمْ تُتَأَوَّلْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى خِلَافِهِ
كَالْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ فَقَالَ ( كَالْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ ) فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ صَغِيرِهِمَا فِي كَبِيرِهِمَا وَلَا عَكْسُهُ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَيَصِيرُ كَالْجِنْسَيْنِ الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي نَوْعَيْنِ الْآدَمِيُّ وَالْغَنَمُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ الْقَاسِمِ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ تَخْتَلِفَانِ إلَّا فِي نَوْعَيْنِ الْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ ، فَلِذَا يَجُوزُ سَلَمُ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَكَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ .
وَأَمَّا سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَعَكْسُهُ أَوْ كَبِيرَيْنِ فِي صَغِيرَيْنِ وَعَكْسُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الْجَوَازُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ الصَّغِيرِ فِي الْكَبِيرِ وَلَا عَكْسُهُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ .
طفي جَعَلَ " س " مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ سَلَمُ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ ، وَتَبِعَهُ عج وَفِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّ التَّأْوِيلَ بِالْمَنْعِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَكُلُّ مَنْ نَقَلَهُ لَمْ يَخُصَّ الْمَنْعَ بِكَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَعَكْسُهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَسَّرَ الشَّيْخُ الْمُدَوَّنَةَ بِسَمَاعِ عِيسَى فَقَالَ لَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِهَا كَبِيرٌ فِي صَغِيرٍ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا صَغِيرٌ فِي كَبِيرَيْنِ .
ا هـ .
وَيَجُوزُ مَا عَدَا مَا ذَكَرَ وَهُوَ عَكْسُ الْأَخِيرَةِ وَصَغِيرَانِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ ، فَالصُّوَرُ سِتٌّ .
وَقَالَ عِيَاضٌ ظَاهِرُ قَوْلِهَا لَا يَجُوزُ كَبِيرٌ فِي صَغِيرٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ وَنَحْوُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَلِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ .
وَقَوْلُهُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ أَيْ فَيَجُوزُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدَّمِ لَا أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا ، إذْ سَمَاعُ عِيسَى فِيهِ التَّفْصِيلُ ، وَعَلَى هَذَا يُفْهَمُ إطْلَاقُ الْمُؤَلِّفِ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ فِي تَوْضِيحِهِ حَيْثُ قَالَ لَا يَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ
اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ ، وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَفِيهَا لَا خَيْرَ فِي قَارِحٍ فِي حَوْلِيٍّ ، وَلَا حَوْلِيٍّ فِي قَارِحٍ ، وَلَا صَغِيرٍ فِي كَبِيرَيْنِ فَتَفْصِيلُ الْمَوَّازِيَّةِ يُقَيِّدُ إطْلَاقَهُ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِسَمَاعِ عِيسَى ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلِمُحَمَّدٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ لَا يَجُوزُ صَغِيرٌ فِي كَبِيرَيْنِ ، وَيَجُوزُ كَبِيرٌ فِي صَغِيرَيْنِ .
ا هـ .
وَمُقَابِلُ التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ هُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ لُبَابَةَ الْجَوَازَ مُطْلَقًا فِي الْمُتَعَدِّدِ وَالْمُتَّحِدِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ، وَهُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ ، وَأَنَّهُمَا لَيْسَا خَاصَّيْنِ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ ، وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عج صَغِيرَانِ فِي كَبِيرٍ ، وَعَكْسُهُ جَائِزٌ ، وَلَوْ تُؤَوِّلَ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى خِلَافِهِ صَوَابٌ لَوْلَا تَخْصِيصُهُ الْمُتَقَدِّمُ ، وَلَعَلَّ مَا قَالَاهُ تَبِعَا فِيهِ قَوْلَ عِيَاضٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ فَفِيهِمَا أَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِ يَجُوزُ مُطْلَقًا ، وَلَئِنْ سَلِمَ ذَلِكَ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِبَقَاءِ تَأْوِيلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ ، وَصَغِيرٌ فِي كَبِيرَيْنِ ، وَمَا عَدَا هَذَا فَجَائِزٌ .
وَعِنْدَ عِيَاضٍ مَحَلُّ الْمَنْعِ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ فَقَطْ عَلَى إبْقَاءِ قَوْلِهِ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعُضْوُ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ صَغِيرٌ فِي كَبِيرَيْنِ ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَحَلَّ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهُ مِنْ شُرَّاحِهِ ، وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُ " سَحْنُونٍ " وعج عَلَيْهِ فَيَرْجِعَانِ لِمَا قَالَهُ لَا أَنَّهُمَا لَا يُجِيزَانِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ .
الْبُنَانِيُّ يُجَابُ عَنْهُمَا بِأَنَّهُمَا اقْتَصَرَ فِي مَحَلِّ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ بِاعْتِبَارِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَبِأَنَّ مَا ذَكَرَاهُ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ عِيَاضٍ .
ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ
أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَبِيرٌ فِي صَغِيرٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ فَقَوْلُهُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ يَشْمَلُ صَغِيرًا فِي كَبِيرَيْنِ ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ طفي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي غَيْرِهِ ، وَكَسَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ ، وَكَجِنْسَيْنِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ : كَرَقِيقِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ
وَعَطَفَ عَلَى كَفَّارَةٍ فَقَالَ ( وَكَ ) سَلَمِ ( جِذْعٍ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ( طَوِيلٍ غَلِيظٍ ) أَيْ أَوْ غَلِيظٍ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ( فِي غَيْرِهِ ) الْحَطّ أَيْ فِي جِذْعٍ مُخَالِفٍ لَهُ فِي الطُّولِ وَالْغِلَظِ أَوْ فِي جِذْعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَيْسَتْ مِثْلَهُ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ الْخَشَبُ لَا يُسْلَمُ مِنْهُ جِذْعٌ فِي جِذْعَيْنِ مِثْلِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ اخْتِلَافُهُمَا ، كَجِذْعِ نَخْلٍ كَبِيرٍ غِلَظُهُ وَطُولُهُ ، كَذَا فِي جُذُوعِ نَخْلٍ صِغَارٍ لَا تُقَارِبُهُ فَيَجُوزُ ، وَإِنْ أَسْلَمْته فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَجِنْسًا فَهُوَ قَرْضٌ إنْ ابْتَغَيْت بِهِ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ جَازَ وَإِنْ ابْتَغَيْت بِهِ نَفْعَ نَفْسِك فَلَا يَجُوزُ وَرُدَّ السَّلَفُ ، وَلَا يُسْلَفُ جِذْعٌ فِي نِصْفِ جِذْعٍ مِنْ جِنْسِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ جِذْعًا عَلَى ضَمَانِ نِصْفِ جِذْعٍ ، وَهَذَا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، وَكَذَا ثَوْبٌ فِي ثَوْبٍ دُونَهُ أَوْ رَأْسٍ فِي رَأْسٍ دُونَهُ إلَى أَجَلٍ لَا خَيْرَ فِيهِ .
ا هـ .
فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ كَجِذْعٍ طَوِيلٍ أَوْ غَلِيظٍ فِي جِذْعٍ يُخَالِفُهُ يَقْتَضِي أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الطُّولِ كَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَأَمَّا سَلَمُ الْغَلِيظِ فِي الرِّقَاقِ فَيَجُوزُ وَقَدْ اُعْتُرِضَ بِإِمْكَانِ قَسْمِهِ عَلَى جُذُوعٍ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَ الْكَبِيرُ لَا يُجْعَلُ فِيمَا يُجْعَلُ فِيهِ الصِّغَارُ أَوْ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ الصِّغَارُ إلَّا بِفَسَادٍ لَا يَقْصِدُهُ النَّاسُ ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَبِيرُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الصَّغِيرِ ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِذْعِ الصَّغِيرِ الْمَخْلُوقُ لَا الْمَنْجُورُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جِذْعًا ، بَلْ جَائِزَةٌ وَهَذَا لِعِيَاضٍ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْجَوَابِ الثَّانِي أَنَّ الْخَشَبَ أَصْنَافٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ كَانَ الْجِذْعُ مِثْلَ الصَّنَوْبَرِ وَالنِّصْفُ مِنْ النَّخْلِ أَوْ مِنْ نَوْعٍ غَيْرِ الصَّنَوْبَرِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَفِي الْوَاضِحَةِ
كُلُّهُ صِنْفٌ ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أُصُولُهُ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ مَنَافِعُهُ وَمَصَارِفُهُ كَالْأَلْوَاحِ وَالْجَوَائِزِ ، وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِي كَوْنِهِ مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ .
وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا الرَّاجِحِ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ أُصُولُ الْخَشَبِ جَازَ سَلَمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَكَسَيْفٍ قَاطِعٍ ) أَيْ شَدِيدِ الْقَطْعِ لِشِدَّةِ حِدَّتِهِ وَجَيِّدِ الْجَوْهَرِيَّةِ فَيَجُوزُ سَلَمُهُ ( فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ ) أَيْ أَدْنَى مِنْهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مَعًا لِتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ وَصَيْرُورَتِهِمَا كَجِنْسَيْنِ لَا فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وتت ، فَإِنْ سَاوَيَاهُ فِيهِمَا مُنِعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي سَيْفَيْنِ مَنْعُهُ فِي وَاحِدٍ دُونَهُ فِيهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ ق عَنْهَا ، وَنَصُّ عِيَاضٍ لَا يَجُوزُ سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَلَا جَيِّدٍ فِي رَدِيءٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَبِهِ يُرَدُّ اسْتِظْهَارُ " د " جَوَازَهُ أَفَادَهُ عب .
طفي لَكِنْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَدِيدُ جَيِّدُهُ وَرَدِيئُهُ صِنْفٌ حَتَّى يُعْمَلَ سُيُوفًا أَوْ سَكَاكِينَ فَيَجُوزُ سَلَفُ الْمُرْتَفِعِ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ .
وَعَطَفَ عَلَى كَفَّارَةِ الْحُمُرِ أَيْضًا فَقَالَ ( وَكَالْجِنْسَيْنِ ) فَيَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ إنْ تَبَاعَدَتْ مَنْفَعَتُهُمَا اتِّفَاقًا ، بَلْ ( وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ ) الْمُرَادَةُ مِنْهُمَا ( كَرَقِيقِ ) ثِيَابِ ( الْقُطْنِ وَ ) رَقِيقِ ثِيَابِ ( الْكَتَّانِ ) فَيَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ ، وَفِي نُسْخَةِ " تت " فِي الْكَتَّانِ وَالْأُولَى مَنْطُوقُهَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ ، وَالثَّانِيَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى إحْدَاهُمَا وَتُعْلَمُ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا وَهِيَ عَكْسُهَا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا لِاسْتِوَائِهِمَا أَوْ بِدُخُولِهَا
بِالْكَافِ ، فَإِنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ كَغَلِيظِ الْقُطْنِ أَوْ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهِ
لَا جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ عُجِّلَ أَحَدُهُمَا
( لَا ) يَجُوزُ سَلَمُ ( جَمَلٍ ) مَثَلًا ( فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ عُجِّلَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً ( أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْجَمَلَيْنِ وَأُجِّلَ الْآخَرُ لِأَجَلِ السَّلَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ وَالْمُعَجَّلُ زَائِدٌ فَهُوَ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ .
وَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ وَالْمُؤَجَّلَ زَائِدُهُ ، فَإِنْ أُجِّلَا مَعًا مُنِعَ بِالْأَوْلَى ، وَإِنْ عُجِّلَا مَعًا جَازَ وَهُوَ حِينَئِذٍ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ .
وَمَفْهُومُ مِثْلِهِ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَعًا أَجْوَدَ مِنْهُ بِكَثْرَةِ حَمْلٍ أَوْ سَبْقٍ أَوْ أَرْدَأَ جَازَ مُطْلَقًا أُجِّلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِثْلَهُ وَالْآخَرُ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ ، فَإِنْ أُجِّلَ الْمِثْلُ مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةِ الْمُعَجَّلِ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَدْنَى ، وَإِنْ عُجِّلَ الْمِثْلُ جَازَ قَالَهُ أَصْبَغُ ، وَإِنْ أُجِّلَا مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ ، لَكِنْ قَالَ الْحَطّ لَا مَفْهُومَ لِمِثْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَنْبِيهٌ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ ، اُنْظُرْ ضَيْح وَالْكَبِيرَ ، لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ ، وَنَصُّهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ وَالْمُنْفَرِدُ مِثْلُ الْمُعَجَّلِ أَوْ أَدْنَى جَازَ ، وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ الْمُعَجَّلِ وَمِثْلَ الْمُؤَجَّلِ أَوْ أَدْنَى لَمْ يَجُزْ وَهُوَ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ هِيَ الْمُعَجَّلُ مَعَ فَضْلِ الْمُؤَجَّلِ إنْ كَانَ أَجْوَدَ ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ أَجْوَدَ مِنْهُمَا جَازَ وَهِيَ مُبَايَعَةٌ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : الْبُنَانِيُّ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَكَالْجِنْسَيْنِ إلَّا قَوْلَهُ كَفَّارَةِ الْحُمُرِ ، لَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنَّ كَفَّارَةِ الْحُمُرِ مِثَالٌ لِلْجِنْسِ الْوَاحِدِ الَّذِي اخْتَلَفَتْ مَنْفَعَتُهُ ، وَهَذَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِي ذَلِكَ ، فَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ هُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْكَافِ كَانَ أَصْوَبَ .
الثَّانِي : ابْنُ عَاشِرٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُقْتَحِمَتَانِ بَيْنَ نَظَائِرَ مِنْ نَمَطٍ وَاحِدٍ .
الثَّالِثُ : اعْتَرَضَ " ق " قَوْلَهُ لَا جَمَلَ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ إلَخْ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَبِهَا أَخَذَ ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمُقَابِلُهُ الْكَرَاهَةُ ، قَالَ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ خَلِيلٍ ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي جَمَلٍ بِجَمَلَيْنِ مِثْلِهِ أَحَدُهُمَا نَقْدٌ وَالْآخَرُ مُؤَخَّرٌ رِوَايَتَانِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ ، وَبِالْأُولَى أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَبِالثَّانِيَةِ أَخَذَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ هَذَا الرِّبَا انْتَهَى .
الْبُنَانِيُّ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ هُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ الْمُؤَخَّرَ عِوَضٌ مِنْ الْمَدْفُوعِ فَهُوَ سَلَفٌ وَالْمُعَجَّلَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَقْرَبُهُمَا جَرْيًا عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَقْدِيرًا يَمْنَعُ وَتَقْدِيرًا يَجُوزُ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا تَغْلِيبُ الْمَنْعِ انْتَهَى ، وَبِأَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ هَذَا الرِّبَا يُفِيدُ الْمَنْعَ ، وَلَعَلَّ الْكَرَاهَةَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْمُرَادُ بِهَا الْمَنْعُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَلِقَوْلِ سَحْنُونٍ هَذَا الرِّبَا وَبِمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ ، وَنَصُّهُ لَوْ أَسْلَمَ فُسْطَاطِيَّةً فِي فُسْطَاطِيَّةٍ مُعَجَّلَةٍ وَفُسْطَاطِيَّةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ الْجَوَازَ ، وَعَنْ سَحْنُونٍ الْكَرَاهَةَ .
وَاعْتَرَضَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَبُو إِسْحَاقَ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ نِصْفُهُ عَنْ الْمُعَجَّلِ وَنِصْفُهُ عَنْ الْمُؤَجَّلِ ، فَصَارَ قَدْ دَفَعَ نِصْفَ جَمَلٍ فِي جَمَلٍ إلَى أَجَلٍ ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ انْتَهَى ، فَقَدْ رَجَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ وَأَبُو إِسْحَاقَ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
الرَّابِعُ : لَوْ كَانَ مَعَ أَحَدِ الْجَمَلَيْنِ دَرَاهِمُ حَيْثُ أُسْلِمَ جَمَلٌ فِي جَمَلٍ أَوْ كَانَ
مَعَ الْمُنْفَرِدِ دَرَاهِمُ إذَا أُسْلِمَ جَمَلٌ فِي جَمَلَيْنِ جَازَ إنْ عُجِّلَ الْجَمَلَانِ أَوْ الْجِمَالُ وَلَوْ أُخِّرَتْ الدَّرَاهِمُ ، فَإِنْ أُخِّرَ الْجَمَلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ إنْ كَانَتْ مِنْ صَاحِبِ الْمُؤَجَّلِ كَانَ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ صَاحِبِ الْمُعَجَّلِ كَانَ ضَمَانًا بِجُعْلٍ .
الْخَامِسُ : الْحَطّ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ إسْلَامِ بَعْضِ نَوْعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ فِي بَعْضِهِ مِمَّا حُكِمَ إسْلَامُ نَوْعٍ مِنْهُ فِي نَوْعٍ آخَرَ .
قُلْت حُكْمُهُ الْجَوَازُ ، وَلِوُضُوحِهِ سَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ لِحُكْمِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْغَنَمِ كُلِّهَا بِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ، قَالَ فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلَفَ الْإِبِلُ فِي الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ وَيُسْلَمَ الْبَقَرُ فِي الْإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ وَيُسْلَفَ الْغَنَمُ فِي الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ وَيُسْلَمَ الْحَمِيرُ فِي الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ أَوْ الْخَيْلِ ، وَكَرِهَ مَالِكٌ إسْلَافَ الْحَمِيرِ فِي الْبِغَالِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْحُمُرِ الْأَعْرَابِيَّةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الْفَارَةُ النَّجِيبُ فِيهَا ، وَكَذَلِكَ إذَا أُسْلِفَتْ الْحَمِيرُ فِي الْبِغَالِ وَالْبِغَالُ فِي الْحَمِيرِ ، وَاخْتَلَفَتْ كَاخْتِلَافِ الْحِمَارِ الْفَارَةِ النَّجِيبِ بِالْحِمَارِ الْأَعْرَابِيِّ فَجَائِزٌ ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يُسْلَفُ صِغَارُ الْغَنَمِ فِي كِبَارِهَا وَلَا كِبَارُهَا فِي صِغَارِهَا وَلَا مَعْزُهَا فِي ضَأْنِهَا فِي مَعْزِهَا لِأَنَّهَا كُلَّهَا مَنْفَعَتُهَا اللَّحْمُ لَا الْحُمُولَةُ إلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ مَعْرُوفَةً بِالْكَرْمِ ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ .
وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ جَازَ إسْلَامُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ اتَّفَقَتْ أَسْنَانُهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ ا هـ .
وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ ، لَا بِالْبَيْضِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَلَوْ آدَمِيًّا ، وَغَزْلٍ وَطَبْخٍ إنْ لَمْ يَبْلُغْ النِّهَايَةَ ، وَحِسَابٍ ، وَكِتَابَةٍ .
وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ : قَرْضٌ
( وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا صَنْعَةً شَرْعِيَّةً كَالِاصْطِيَادِ وَتَوْصِيلِ الْكِتَابِ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَيَجُوزُ سَلَمُ وَاحِدٍ مُعَلَّمٍ فِي وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ أَوْ أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ الطَّيْرِ بِالتَّعَلُّمِ ( لَا بِالْبِيضِ ) فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ دَجَاجَةٍ بَيُوضٍ فِي دَجَاجَتَيْنِ دُونَهَا فِيهِ " غ " لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ طَيْرَ التَّعْلِيمِ ( وَلَا ) يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ الطَّيْرِ بِ ( الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ ) فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ دِيكٍ فِي دَجَاجَتَيْنِ وَلَا عَكْسُهُ الْحَطّ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا يُقْتَنَى مِنْ الطَّيْرِ لِلْفِرَاخِ وَالْبِيضِ كَالدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ وَالْحَمَامِ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهُ جِنْسٌ عَلَى حِدَتِهِ صَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ ذَكَرُهُ وَأُنْثَاهُ ، وَإِنْ تَفَاضَلَ بِالْبِيضِ وَالْفِرَاخِ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجَنَانُ مِنْهُ جَازَ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ لِأَجَلٍ ، وَمَا كَانَ مِنْهَا لَا يُقْتَنَى لِبَيْضٍ وَلَا فِرَاخٍ وَإِنَّمَا يُتَّخَذُ لِلَّحْمِ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ اللَّحْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُرَاعِي حَيَاتَهَا إلَّا مَعَ اللَّحْمِ وَأَشْهَبُ يُرَاعِيهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِهِ سَلَمُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ إذَا اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا بِمَنْزِلَةِ مَا يُقْتَنَى لِبَيْضٍ أَوْ فِرَاخٍ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَالْحَمَامُ صِنْفٌ وَمَا لَا يُقْتَنَى مِنْ الْوَحْشِ كَالْحَجَلِ وَالْيَمَامِ هُوَ كَاللَّحْمِ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَيًّا إلَّا تَحَرِّيًا يَدًا بِيَدٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْإِوَزَّ وَالدَّجَاجَ جِنْسَانِ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَهُمَا مَعًا فِي قُطْرِ الْأَنْدَلُسِ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ الرَّجْرَاجِيُّ ، زَادَ بَعْدَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إلَّا تَحَرِّيًا يَدًا بِيَدٍ ، وَلَا يَجُوزُ بِإِوَزٍّ أَوْ دَجَاجٍ أَوْ حَمَامٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ ا هـ .
وَلَا يُعْتَبَرُ الِاخْتِلَافُ بِالذُّكُورَةِ وَ
الْأُنُوثَةِ إنْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ آدَمِيٍّ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( آدَمِيًّا ) عَلَى الصَّحِيحِ وَالْأَشْهَرِ ، وَهُوَ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهَا وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى اخْتِلَافِهِ بِهِمَا لِاخْتِلَافِ خِدْمَتِهِمَا فَخِدْمَةُ الذَّكَرِ خَارِجَ الْبَيْتِ وَالْأَسْفَارِ وَشَبَهِهِمَا ، وَخِدْمَةُ الْأُنْثَى دَاخِلَ الْبَيْتِ كَعَجْنٍ وَخَبْزٍ وَطَبْخٍ وَشَبَهِهَا ، وَلِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النَّاسِ قَالَهُ تت ( وَ ) لَا تَخْتَلِفُ مَنْفَعَةُ الْإِمَاءِ بِ ( غَزْلٍ و ) لَا بِ ( طَبْخٍ ) لِسُهُولَتِهِمَا ( إنْ لَمْ يَبْلُغْ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( النِّهَايَةَ ) فِي الْإِتْقَانِ بِأَنْ تَفُوقَ فِيهِ عَلَى أَمْثَالِهَا ، وَيَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَلِمِثْلِهِ تُرَادُ قَالَهُ الشَّارِحُ و " ق " وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الطَّبْخَ مُعْتَبَرٌ بَلَغَ النِّهَايَةَ أَمْ لَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
طفي سَوَّى بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ التَّابِعِ لِابْنِ بَشِيرٍ ، وَلِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الطَّبْخَ كَالْغَزْلِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ الطَّبْخُ وَالْخَبْزُ صَنْعَةٌ يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ بُلُوغِ النِّهَايَةِ ، وَلِذَا قَالَ " ق " هَذَا الشَّرْطُ لِلَّخْمِيِّ فِي الْغَزْلِ وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الطَّبْخِ وَسَوَّى خَلِيلٌ بَيْنَهُمَا كَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
( وَ ) لَا تَخْتَلِفُ مَنْفَعَةُ الرَّقِيقِ بِمَعْرِفَةِ ( حِسَابٍ وَكِتَابَةٍ ) وَلَوْ اجْتَمَعَا فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ تَخْتَلِفُ مَنْفَعَتُهُ بِهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ بِسَلَمِ حَاسِبٍ كَاتِبٍ فِي وَصِيفٍ سِوَاهُ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ .
أَبُو عِمْرَانَ قَوْلُهُمَا خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ .
تت فِي كَبِيرِهِ لَوْ قَالَ كَكِتَابَةٍ لِيَشْمَلَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّجْرَ وَالْخِيَاطَةَ وَشَبَهَهَا لَكَانَ أَحْسَنَ وَتَبِعَهُ " س " ، وَهُوَ وَهْمٌ فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ بِالْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ وَسَائِرِ الصَّنَائِعِ ، وَالْخِلَافُ فِي الْحِسَابِ وَالْكِتَابَةِ هَلْ هُمَا صَنْعَةٌ أَمْ لَا .
ابْنُ
عَرَفَةَ وَتَخْتَلِفُ أَفْرَادُ النَّوْعِ بِالتَّجْرِ بِأَنْ يُسْلَمَ عَبْدٌ تَاجِرٌ فِي نُوبِيَّيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا لَا تَجْرَ فِيهِمَا ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ إنْ اخْتَلَفَ تَجْرُهُمَا كَبَزَّازٍ وَعَطَّارٍ أَوْ صَنْعَتُهُمَا كَخَبَّازٍ وَخَيَّاطٍ ، وَيُسْلَمُ التَّاجِرُ فِي الصَّانِعِ ، ثُمَّ قَالَ وَالتَّجْرُ مُعْتَبَرًا اتِّفَاقًا ، وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاق عَلَى اعْتِبَارِ الصَّنَائِعِ .
عِيَاضٌ تَأَمَّلْ قَوْلَهَا لَا بَأْسَ بِسَلَمِ عَبْدٍ تَاجِرٍ فِي نُوبِيَّيْنِ مَعَ كَرَاهَةِ بَيْعِ النَّوْبِ لِأَنَّ لَهُمْ عَهْدًا فِيهَا ، وَالنُّوبَةُ لَا يَنْبَغِي شِرَاؤُهُمْ مِمَّنْ سَبَاهُمْ لِأَنَّ لَهُمْ عَهْدًا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ .
وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِأَنَّ ذَا لَعَلَّهُ فِيمَا بَاعُوهُ مِنْ عَبِيدِهِمْ أَوْ يَكُونُ لَفْظُهَا لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّحْقِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْكَلَامَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِمْ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ لَعَلَّهُ لِشَرْطٍ نَقَضُوهُ .
عب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَبْنِي بِنَاءً مُعْتَبَرًا وَالْآخَرُ دُونَهُ فَكَجِنْسَيْنِ ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْخِيَاطَةِ .
( وَالشَّيْءُ ) طَعَامًا كَانَ أَوْ نَقْدًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ رَقِيقًا الْمَدْفُوعُ ( فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ ) سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ لَمْ يُسَمِّ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعَرْضِ .
وَأَمَّا الطَّعَامُ وَالنَّقْدُ فَحَلَّ جَوَازُهُ إذَا سُمِّيَ قَرْضًا ، فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا أَوْ سَلَمًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا مَنَعَ لِأَنَّهُ فِي الطَّعَامِ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ .
وَفِي النَّقْدِ بَدَلٌ مُؤَخَّرٌ فَيُعَمَّمُ فِي الشَّيْءِ ، وَيُخَصَّصُ بَعْدُ .
الْحَطّ رَدَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحُكْمَ فِيهِ إلَى الْقَصْدِ لِعَدَمِ ظُهُورِ مَنْفَعَتِهِ فِي الْخَارِجِ بِخِلَافِ مَا ظَهَرَتْ مَنْفَعَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَنْ يُؤَجَّلَ بِمَعْلُومٍ زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ : كَالنَّيْرُوزِ ، وَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ .
وَاعْتُبِرَ مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ ، إلَّا أَنْ يُقْبَضَ بِبَلَدٍ : كَيَوْمَيْنِ ، وَإِنْ خَرَجَ حِينَئِذٍ بِبَرٍّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ .
وَالْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ ، وَتُمِّمَ الْمُنْكَسِرُ مِنْ الرَّابِعِ ، وَإِلَى رَبِيعٍ حَلَّ بِأَوَّلِهِ وَفَسَدَ فِيهِ عَلَى الْمَقُولِ ، لَا فِي الْيَوْمِ
وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ فَقَالَ ( وَأَنْ يُؤَجَّلَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدَةً السَّلَمُ فِيهِ ( بِ ) أَجَلٍ ( مَعْلُومِ ) الْعَاقِدَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالزَّمَنِ الْمُعْتَادِ لِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ لِضَرْبِ أَجَلٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ ، وَأَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ لِاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ فِيهِ غَالِبًا .
وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ ( زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ ) لِأَنَّهُ لَا تَتَحَقَّقُ الْخَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَوْ يَسِيرَةً .
" غ " لَعَلَّهُ أَرَادَ نِصْفَ شَهْرٍ نَاقِصٍ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ نِصْفَ شَهْرٍ لِيُوَافِقَ النَّصَّ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ فِي خش تَبَعًا تت مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ نِصْفَ الشَّهْرِ غَيْرُ كَافٍ مَعَ أَنَّهُ كَافٍ ، بَلْ وُقُوعُ السَّلَمِ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ خِلَافُ الْأَوْلَى فَقَطْ .
عج وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِي قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى .
طفي وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرَهُ لَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَلَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَدْ اسْتَوْفَى ابْنُ عَرَفَةَ أَقْوَالَهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ خَمْسَةَ عَشَرً يَوْمًا وَنَحْوَهَا وَلَا صَاحِبُ الشَّامِلِ .
وَلَمَّا كَانَ التَّأْجِيلُ الْمَعْلُومُ جَائِزًا بِحِسَابِ الْعَجَمِ إنْ عَلِمَهُ الْعَاقِدَانِ قَالَ ( كَالنَّيْرُوزِ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ آخِرَهُ زَايٌ أَيْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَهُوَ أَوَّلُ شَهْرِ تُوتٍ وَفِي سَابِعِهِ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمِهْرَجَانَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ عِيدُ الْفُرْسِ بِضَمِّ الْفَاءِ
رَابِعَ عَشَرَ شَهْرِ بَؤُونَةَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْهَمْزِ تَلِيهَا نُونٌ وُلِدَ فِيهِ يَحْيَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
( وَ ) يَجُوزُ التَّأْجِيلُ بِفِعْلٍ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ ( كَالْحَصَادِ ) لِلزَّرْعِ ( وَالدِّرَاسِ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ ( وَقُدُومِ ) بِضَمِّ الْقَافِ الْحَاجِّ أَيْ رُجُوعِ ( الْحَاجِّ ) لِبَلَدِهِ بَعْدَ حَجِّهِ ، وَيَجُوزُ التَّأْجِيلُ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ سَوَاءٌ عُرِفَا بِالْحِسَابِ أَوْ بِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأَخُّرِ الْمَذْكُورَاتِ عَنْ يَوْمِ الْعَقْدِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ( وَاعْتُبِرَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( مِيقَاتُ ) أَيْ وَقْتُ حُصُولِ ( مُعْظَمِهِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ أَكْثَرِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَصَادِ وَمَا بَعْدَهُ عَادَةً ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ لِمَانِعٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ بِالْبَيْعِ إلَى الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ وَالْعَصِيرِ أَوْ إلَى رَفْعِ جُرُونِ بِئْرِ زَرْقُونَ لِأَنَّهُ أَجَلٌ مَعْرُوفٌ وَإِنْ كَانَ لِلْعَطَاءِ وَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَفِصْحِ النَّصَارَى وَصَوْمِهِمْ وَالْمِيلَادِ وَقْتٌ مَعْرُوفٌ جَازَ الْبَيْعُ إلَيْهِ .
عِيَاضٌ الْحَصَادُ وَالْجَدَادُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ ، وَجُرُونٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالرَّاءِ جَمْعُ جَرِينٍ وَهُوَ الْأَنْدَرُ كَذَا جَاءَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِزِيَادَةِ وَاوٍ ، وَصَوَابُهُ جُرُنٌ بِغَيْرِ وَاوٍ ، وَبِئْرُ زَرْقُونٍ بِفَتْحِ الزَّاي فَسَّرَهَا فِي الْكِتَابِ بِأَنَّهَا بِئْرٌ عَلَيْهَا زَرْعٌ وَحَصَادٌ .
الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَزَرْقُونٌ الْمُضَافُ إلَيْهِ الْبِئْرُ اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ كُلَيٍّ ، وَالنَّيْرُوزُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَالسُّرْيَانِيَّةِ وَ الْعَجَمِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ ، وَمَعْنَاهُ الْيَوْمُ الْجَدِيدُ وَهُوَ عِيدُ الْفُرْسِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوَّلُهَا الْيَوْمُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ شُهُورِ سَنَتِهِمْ ، وَيُسَمُّونَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ نَيْرُوزَ الْخَاصَّةِ وَالْمُعْتَبَرُ مُعْظَمُ الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ
يَحِلَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِالْحَصَادِ وَالْجَدَادِ ، فَسَوَاءٌ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ فِي الْحَصَادِ أَوْ الْجَدَادِ أَوْ بَاعَهُ إلَى الْجَدَادِ وَالْحَصَادِ يَحِلُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فِي مُعْظَمِ الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ ، إذْ لَيْسَ لِأَوَّلِ الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ وَآخِرِهِ حَدٌّ مَعْلُومٌ فَيُحْمَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى مُعْظَمِهِ بِخِلَافِ الشَّهْرِ إذَا بَاعَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فِي شَهْرِ كَذَا جَازَ الْبَيْعُ ، وَحَلَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي وَسَطِهِ بِدَلِيلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّهْرَ لَمَّا كَانَا أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ غَيْرَ مَعْلُومَيْنِ كَانَ وَسَطُهُ مَعْرُوفًا ، فَقُضِيَ بِحُلُولِ الثَّمَنِ عِنْدَهُ .
وَإِذَا بَاعَهُ إلَى شَهْرِ كَذَا حَلَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِاسْتِهْلَالِهِ لِأَنَّهُ إلَى غَايَةٍ وَهَذَا بَيِّنٌ ا هـ .
فَمَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ يَقْضِيَهُ فِي الصَّيْفِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَقْضِيهِ فِي وَسَطِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ لُبَابَةَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ ، وَإِذَا بَاعَهُ إلَى الصَّيْفِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ يَعْرِفَانِ الْحِسَابَ وَيَعْرِفَانِ أَوَّلَ الصَّيْفِ وَآخِرَهُ فَيَحِلُّ بِأَوَّلِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا الصَّيْفُ عِنْدَهُمَا بِشِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ كَالْبَيْعِ إلَى الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ فَيَحِلُّ بِمُعْظَمِهِ ، وَيَرْجِعُ فِي أَوَّلِ الصَّيْفِ إلَى الْحِسَابِ الَّذِي تَعَارَفَهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ فَقَالَ ( إلَّا ) أَنْ يُشْتَرَطَ ( أَنْ يُقْبَضَ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الْمُسْلَمُ فِيهِ ( بِبَلَدٍ ) غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ نِصْفُ شَهْرٍ ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ مَسَافَةِ ذَلِكَ الْبَلَدِ ( كَيَوْمَيْنِ ) مِنْ بَابِ الْعَقْدِ يَحْتَمِلُ التَّحْدِيدَ بِهِمَا فَيَكُونُ نَحْوُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ ، وَيَحْتَمِلُ وَالثَّلَاثَةُ وَهُوَ الَّذِي فِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ
الْمَازِرِيُّ يَكْفِي الْيَوْمُ الْوَاحِدُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى بُعْدٍ .
الْمَازِرِيُّ التَّحْقِيقُ عِنْدِي رَدُّ جَمِيعِهَا لِلْوِفَاقِ بِاعْتِبَارِ زَمَانِ كُلٍّ أَوْ مَفْهُومِ عَدَدٍ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ ، أَوْ خَرَجَ عَلَى سُؤَالٍ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ قَالَهُ تت .
طفي قَوْلُهُ يَحْتَمِلُ التَّحْدِيدَ أَيْ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَالْكَافُ زَائِدَةٌ ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ الْكَافِ وَمُخَالَفَةُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ .
قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ وَالثَّلَاثَةُ أَيْ لَا أَقَلُّ مِنْهَا وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ كَأَنَّهُ يَحُومُ عَلَى مَذْهَبِهَا وَلَوْ نَصَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَحَذَفَ الْكَافَ لَجَرَى عَلَى مَذْهَبِهَا بِلَا كُلْفَةٍ .
عب كَيَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ذَهَابًا فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِمَسَافَتِهِمَا فَلَا يَحْتَاجُ لِنِصْفِ شَهْرٍ لِمَظِنَّةِ اخْتِلَافِ سُوقِ الْبَلَدَيْنِ حِينَئِذٍ .
وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي عَوْنُ الْيَوْمَيْنِ وَلَوْ اخْتَلَفَ السُّوقُ بِالْفِعْلِ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْجِيلِهِ بِنِصْفِ شَهْرٍ ثُمَّ جَوَازُ مَا أَجَّلَهُ كَيَوْمَيْنِ مُقَيَّدٌ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ : أَحَدُهَا : قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ قُرْبِهِ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَقَدْ سَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ .
وَثَانِيهَا : اشْتِرَاطُ خُرُوجُهُمَا حَالَ الْعَقْدِ ، وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
ثَالِثُهَا : خُرُوجُهُمَا بِالْفِعْلِ وَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ ( إنْ خَرَجَ ) عَاقِدُ السَّلَمِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْمُسْلِمُ إذْ الْمَوْضُوعُ قَبْضُهُ بِبَلَدٍ عَلَى كَيَوْمَيْنِ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ عَقَدَهُ بِنَفْسِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِهِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَالْآخَرُ بِوَكِيلِهِ أَوْ لَهُمَا وَكِيلَانِ بِبَلَدٍ قَبَضَهُ فِرَارًا مِنْ جَهَالَةِ زَمَنِ قَبْضِهِ .
رَابِعُهَا : كَوْنُ مَسَافَةِ الْيَوْمَيْنِ ( بِبَرٍّ أَوْ ) بِبَحْرٍ يُسَافِرُ فِيهِ ( بِغَيْرِ رِيحٍ ) بِأَنْ كَانَ بِانْحِدَارٍ مَعَ جَرْيِ الْمَاءِ أَوْ بِمَجَادِيفَ أَوْ يُجَرُّ بِحَبْلٍ مِنْ
أَشْخَاصٍ مَاشِينَ بِبَرٍّ احْتِرَازًا مِنْ الْبَحْرِ الَّذِي يُسَافِرُ فِيهِ بِالرِّيحِ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ إذْ قَدْ يَصِلُ فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَيَصِيرُ سَلَمًا حَالًّا ( وَالْأَشْهُرُ ) بِضَمِّ الْهَاءِ جَمْعُ شَهْرٍ الْمُؤَجَّلُ بِهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِشَهْرٍ فَأَكْثَرَ تُحْسَبُ ( بِ ) ظُهُورِ ( الْأَهِلَّةِ ) جَمْعُ هِلَالٍ ، سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ بَعْدَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا إنْ عَقَدَ السَّلَمَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ ، فَإِنْ عَقَدَ فِي غَيْرِهَا وَأَجَّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حَسَبَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بِالْهِلَالِ ( وَتُمِّمَ ) الشَّهْرُ الْأَوَّلُ ( الْمُنْكَسِرُ ) أَيْ الَّذِي مَضَى مِنْهُ لَيْلَةٌ أَوْ أَكْثَرُ قَبْلَ عَقْدِ السَّلَمِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، وَإِنْ كَانَ بِالْهِلَالِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَيُتَمَّمُ ( مِنْ ) الشَّهْرِ ( الرَّابِعِ ) لَا مِمَّا يَلِيهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ وَلِتَأْدِيَتِهِ لِانْكِسَارِ جَمِيعِ الْأَشْهُرِ .
( وَ ) إنْ أَحَلَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ ( إلَى ) شَهْرِ ( رَبِيعٍ ) الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي مَثَلًا ( حَلَّ ) الْمُسْلَمُ فِيهِ ( بِأَوَّلِهِ ) أَيْ رَبِيعٍ بِظُهُورِ هِلَالِهِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْهُ لَا بِظُهُورِهِ نَهَارًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ أَرَادَ بِهِ الرُّؤْيَةَ الْغَالِبَةَ وَهِيَ رُؤْيَتُهُ لَيْلًا ( وَفَسَدَ ) السَّلَمُ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ ( فِيهِ ) أَيْ الشَّهْرِ ( عَلَى الْمَقُولِ ) أَيْ مُخْتَارِ الْمَازِرِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ لُبَابَةَ لِلْجَهْلِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ وَسَائِرِ أَيَّامِهِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا صَحَّ وَيَقْضِيهِ وَسَطَهُ وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْبٍ وَابْنُ سَهْلٍ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَائِلًا يَكُونُ مَحَلُّ الْأَجَلِ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ إذَا قَالَ فِي شَهْرِ كَذَا وَفِي وَسَطِ السَّنَةِ إذَا قَالَ فِي
سَنَةِ كَذَا ، وَإِنْ قَالَ أَقْضِيك فِي جُلِّ رَبِيعٍ مَثَلًا فَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْجُلُّ الثُّلُثَانِ فَأَكْثَرُ ( لَا ) يَفْسُدُ السَّلَمُ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( فِي الْيَوْمِ ) الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ مَثَلًا لِخِفَّةِ غَرَرِهِ وَيَحِلُّ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ ، وَإِنْ قَالَ لِصَدْرِ شَهْرِ كَذَا فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ ثُلُثَاهُ أَوْ نِصْفُهُ .
ابْنُ مَالِكٍ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَحْدَهُ بِثُلُثِهِ لِرِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ لِأَجَلٍ سَمَّاهُ ، فَلَمَّا حَلَّ قَضَاهُ مِنْ حَقِّهِ صَدْرًا مِثْلَ الثُّلُثِ فَمَا فَوْقَهُ بُرْءٌ قَالَهُ تت .
وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ مِنْ : كَيْلٍ ، أَوْ وَزْنٍ ، أَوْ عَدَدٍ : كَالرُّمَّانِ ، وَقِيسَ بِخَيْطٍ ، وَالْبِيضِ ، أَوْ بِحَمْلٍ أَوْ جُرْزَةٍ فِي : كَفَصِيلٍ ، لَا بِفَدَّانٍ .
أَوْ بِتَحَرٍّ وَهَلْ بِقَدْرِ كَذَا ؟ أَوْ يَأْتِي بِهِ وَيَقُولُ كَنَحْوِهِ ؟ تَأْوِيلَانِ .
وَفَسَدَ بِمَجْهُولٍ وَإِنْ نَسَبَهُ أُلْغِيَ
وَأَشَارَ لِرَابِعِ شُرُوطِ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ : ( وَأَنْ يُضْبَطَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُسْلَمُ فِيهِ ( بِ ) ضَابِطِ ( عَادَتِهِ ) فِي بَلَدِ السَّلَمِ أَيْ بِمَا اعْتَادَ أَهْلُ بَلَدِهِ ضَبْطَهُ بِهِ ( مِنْ كَيْلٍ ) لِنَحْوِ قَمْحٍ ( أَوْ وَزْنٍ ) لِنَحْوِ لَحْمٍ وَسَمْنٍ وَالْيُسْرِ وَالرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْأُرْزِ تُكَالُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَتُوزَنُ فِي بَعْضٍ آخَرَ فَتُضْبَطُ بِالْكَيْلِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالْوَزْنِ فِي الثَّانِي ( أَوْ عَدَدٍ كَالرُّمَّانِ ) وَالسَّفَرْجَلِ وَالْبَيْضِ وَالْبِطِّيخِ ( وَقِيسَ ) بِكَسْرِ الْقَافِ الرُّمَّانُ وَنَحْوُهُ سَوَاءٌ اُعْتِيدَ عَدُّهُ أَوْ وَزْنُهُ أَيْ اُعْتُبِرَ قِيَاسُهُ ( بِ ) مِلْءِ ( خَيْطٍ ) مَعْلُومِ الطُّولِ كَشِبْرٍ أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ بَاعٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ بِكِبَرِهِ وَصِغَرِهِ ، وَيُجْعَلُ الْخَيْطُ عِنْدَ أَمِينٍ أَوْ بِخَيْطَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ ، وَيُجْعَلُ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْمُسْلِمِ وَالْآخَرُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ .
( وَ ) كَ ( الْبَيْضِ ) يُضْبَطُ بِالْعَدِّ وَأَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَقِيسَ بِخَيْطٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ لَهُ أَيْضًا فَلَا يُقَاسُ بِخَيْطٍ لِيَسَارَةِ تَفَاوُتِهِ .
ا هـ .
وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ يُقَاسُ الْبَيْضُ بِخَيْطٍ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ ، وَلَا يَسْلُفُ فِي الْبَيْضِ إلَّا عَدَدًا بِصِفَةٍ ، وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ عَلَى الْعَدَدِ وَالصِّفَةِ أَوْ عَلَى الْكَيْلِ إذَا عُرِفَ فِيهِ ، وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي الرُّمَّانِ عَدَدًا إذَا وُصِفَ مِقْدَارُ الرُّمَّانَةِ ، وَكَذَا التُّفَّاحُ وَالسَّفَرْجَلُ إذَا كَانَ يُحَاطُ بِمَعْرِفَتِهِ ا هـ .
( أَوْ ) يُضْبَطُ الْمُسْلَمُ فِيهِ ( بِحِمْلٍ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ ( أَوْ جُرْزَةٍ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَلِيهَا زَايٌ أَيْ حُزْمَةٍ الْمُصَنِّفُ ، قِيلَ وَيُقَاسُ بِحَبْلٍ بِأَنْ يَقُولَ أُسْلِمُك فِي عَشْرَةِ أَحْمَالٍ مِنْ الْبِرْسِيمِ أَوْ الْحَطَبِ كُلُّ حِمْلٍ يَمْلَأُ هَذَا الْحَبْلَ أَوْ فِي مِائَةِ جُرْزَةٍ مِنْ كَذَا
كُلُّ جُرْزَةٍ تَمْلَؤُهُ ، وَيُحْمَلُ عِنْدَ أَمِينٍ وَيَكُونُ الضَّبْطُ بِالْحِمْلِ أَوْ الْجُرْزَةِ ( فِي كَفَصِيلٍ ) مِنْ نَحْوِ بِرْسِيمٍ وَقَضْبٍ و ( لَا ) يَصِحُّ ضَبْطُهُ ( بِفَدَّانٍ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ آخِرَهُ نُونٌ مِقْيَاسٌ مَعْلُومٌ لِلزَّارِعِينَ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْجَهْلَ ، وَالْغَرَرَ لِاخْتِلَافِ الزَّرْعِ بِالْخِفَّةِ وَضِدِّهَا وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ ( أَوْ ) يُضْبَطُ الْمُسْلَمُ فِيهِ ( بِتَحَرٍّ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ اجْتِهَادٍ وَتَخْمِينٍ ، إنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ جُزَافًا كَخُبْزٍ وَلَحْمٍ وَحَبٍّ وَسَمْنٍ وَزَيْتٍ إنْ عُدِمَتْ آلَةُ الْوَزْنِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ ، وَهُوَ نَحْوُ تَقْيِيدِ ابْنِ رُشْدٍ فِي مَسْأَلَةِ الذِّرَاعِ .
( وَهَلْ ) مَعْنَى التَّحَرِّي أَنْ يَقُولَ أُسْلِمُك فِي خُبْزٍ أَوْ لَحْمٍ مَثَلًا إذَا تَحَرَّى كَانَ ( بِقَدْرِ كَذَا ) أَيْ قِنْطَارٍ مَثَلًا أَوْ إرْدَبٍّ .
ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ كَأَنْ يَقُولَ أُسْلِمُك فِي قَدْرِ عَشْرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ ضَأْنٍ مَثَلًا أَوْ خُبْزٍ وَنَحْوَهُ ، أَيْ تَحَرِّيًا لَا تَحْقِيقًا وَإِلَّا كَانَ مَضْبُوطًا بِالْوَزْنِ ( أَوْ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ ( يَأْتِي ) الْمُسْلِمُ ( بِهِ ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُتَحَرِّي بِهِ مِنْ نَحْوِ لَحْمٍ أَوْ قَمْحٍ ( وَيَقُولُ ) الْمُسْلِمُ أُسْلِمُك فِي خُبْزٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ تَمْرٍ ( كَنَحْوِهِ ) أَيْ الْمَأْتِيِّ بِهِ ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ أَبُو الْحَسَنِ عِيَاضٌ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إلَى أَنَّ مَعْنَى التَّحَرِّي مِنَّا أَنْ يَقُولَ أُسْلِمُكَ فِي لَحْمٍ يَكُونُ قَدْرَ عَشْرَةِ أَرْطَالٍ ، وَكَذَلِكَ الْخُبْزُ .
وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ إنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ قَدْرًا مَا وَيَقُولُ آخُذُ مِنْكَ قَدْرَ هَذَا كُلَّ يَوْمٍ وَيَشْهَدُ عَلَى الْمِثَالِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا فِي السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اشْتَرَطَ فِي اللَّحْمِ تَحَرِّيًا مَعْرُوفًا جَازَ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْ عَرَفُوهُ لِأَنَّ اللَّحْمَ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ تَحَرِّيًا
.
ا هـ .
وَقَيَّدَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بِالْقَلِيلِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ .
( وَفَسَدَ ) السَّلَمُ إنْ ضَبَطَ فِيهِ ( بِ ) شَيْءٍ ( مَجْهُولٍ ) مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ كَمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ حِنْطَةً أَوْ وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ زَيْتًا أَوْ عَدَدِ هَذَا الْكَفِّ مِنْ الْحَصَى بَيْضًا ( وَإِنْ ) ضَبَطَهُ بِمَجْهُولٍ وَ ( نَسَبَهُ ) أَيْ الْمَجْهُولَ لِمَعْلُومٍ كَمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ وَهُوَ إرْدَبٌّ أَوْ وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ وَهُوَ قِنْطَارٌ أَوْ عَدَدِ هَذَا الْحَصَى وَهُوَ أَلْفٌ ( أُلْغِيَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ لَمْ يُعْتَبَرْ الْمَجْهُولُ ، وَاعْتُبِرَ الْمَعْلُومُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ وَصَحَّ السَّلَمُ .
وَجَازَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ : كُوبِيَّةٌ وَحَفْنَةٍ ؛ وَفِي الْوَبْيَاتِ وَالْحَفَنَاتِ : قَوْلَانِ
( وَجَازَ ) ضَبْطُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَذْرُوعِ ( بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ ) أَيْ يَدِهِ مِنْ طَرَفِ مِرْفَقِهِ لِطَرَفِ وَسَطٍ ا هـ .
ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَمْ يُنَصِّبْ الْحَاكِمُ ذِرَاعًا ، وَمَفْهُومُ مُعَيَّنٍ مَنْعُهُ إنْ لَمْ يُعَيَّنْ الرَّجُلُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ يَجُوزُ وَيَحْمِلَانِ عَلَى ذِرَاعٍ وَسَطٍ .
أَصْبَغُ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ فَسْخُهُ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَ ) سَلَمٍ فِي ( وَبِيَّةٍ وَحَفْنَةٍ ) مِنْ نَحْوِ قَمْحٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْحَفْنَةُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ لِيَسَارَتِهَا حَكَى الْمُصَنِّفُ عَنْ سَلَمِهَا .
الثَّالِثُ مَنْ أَسْلَمَ فِي ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ بِذِرَاعِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ .
كَذَا جَازَ إذَا أَرَاهُ الذِّرَاعَ ، وَلِيَأْخُذَا قِيَاسَ الذِّرَاعِ عِنْدَهُمَا كَمَا جَازَ شِرَاءُ وَبِيَّةٍ وَحَفْنَةٍ بِدِرْهَمٍ إنْ أَرَاهُ الْحَفْنَةَ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ .
" غ " عِيَاضٌ الْوَبِيَّةُ عِشْرُونَ مُدًّا .
ا هـ .
فَهِيَ خَمْسَةُ آصُعٍ ، وَالْحَفْنَةُ مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي حَجْمِهَا الثَّالِثِ .
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ .
( وَفِي ) جَوَازِ بَيْعِ ( الْوَبْيَاتِ وَالْحَفَنَاتِ ) أَيْ مَعَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَمَنَعَهُ وَهُوَ نَقْلُ عِيَاضٍ عَنْ الْأَكْثَرِ وَسَحْنُونٍ ( قَوْلَانِ ) مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَتْ الْحَفَنَاتُ بِعَدَدِ الْوَبْيَاتِ أَوْ دُونَهَا ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْوَبْيَاتِ فَيَظْهَرُ الْمَنْعُ اتِّفَاقًا
وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ عَادَةً : كَالنَّوْعِ ؛ وَالْجَوْدَةِ ، وَالرَّدَاءَةِ ، وَبَيْنَهُمَا .
وَاللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ ، وَالْعَسَلِ ، وَمَرْعَاهُ ، وَفِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ ، وَالنَّاحِيَةِ ، وَالْقَدْرِ ، وَفِي الْبُرِّ وَجِدَّتِهِ ، وَمِلْئِهِ ، إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا ، وَسَمْرَاءَ ، أَوْ مَحْمُولَةٍ بِبَلَدٍ : هُمَا بِهِ ، وَلَوْ بِالْحَمْلِ بِخِلَافِ مِصْرَ فَالْمَحْمُولَةُ وَالشَّامِ فَالسَّمْرَاءُ ، وَ نَقِيٍّ ؛ أَوْ غَلِثٍ .
وَفِي الْحَيَوَانِ وَسِنِّهِ ، وَالذُّكُورَةِ ، وَالسِّمَنِ ، وَضِدَّيْهِمَا ، وَفِي اللَّحْمِ ، وَخَصِيًّا ، وَرَاعِيًا ، أَوْ مَعْلُوفًا ، لَا مِنْ كَجَنْبٍ ، وَفِي الرَّقِيقِ ، وَالْقَدِّ ، وَالْبَكَارَةِ ، وَاللَّوْنِ قَالَ : وَكَالدَّعَجِ ، وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ ، وَفِي الثَّوْبِ وَالرِّقَّةِ ، وَالصَّفَاقَةِ وَضِدَّيْهِمَا ، وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ ، وَبِمَا يُعْصَرُ بِهِ ، وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ ، وَإِلَّا فَالْوَسَطُ
( وَ ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ ( أَنْ تُبَيَّنَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا أَيْ تُذْكَرُ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ ( صِفَاتُهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( الَّتِي تَخْتَلِفُ بِ ) اخْتِلَافِ ( هَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( عَادَةً ) " غ " كَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، ظَاهِرُهُ أَنَّ الصِّفَةَ إذَا كَانَتْ لَا تَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بَيَانُهَا فِي السَّلَمِ .
وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَقْرَبُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا تُبَيَّنُ فِي السَّلَمِ جَمِيعُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِسَبَبِهَا وَاخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْقِيمَةِ لِجَوَازِ كَوْنِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْغَرَضُ صِفَةً يَسِيرَةً عِنْدَ التُّجَّارِ ، أَوْ كَوْنِ الصِّفَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَإِنْ وُجِدَتْ لَكِنْ فُقِدَتْ صِفَةٌ أُخْرَى يَكُونُ فَقْدُهَا مُسَاوِيًا لِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ ، قَالَ وَإِنَّمَا قَالَ فِي السَّلَمِ لِأَنَّ السَّلَمَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مِنْ الْإِضْرَابِ عَنْ بَعْضِ الْأَوْصَافِ مَا لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ وَلَا يَنْعَكِسُ لِأَنَّ السَّلَمَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ التَّعَرُّضُ لِلصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ فِي السَّلَمِ مُبْطِلًا لَهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ .
الْمَازِرِيُّ الصِّفَاتُ الَّتِي تَجِبُ الْإِحَاطَةُ بِهَا مِنْهُ الَّتِي يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلَافِهَا ، فَيَزِيدُ عِنْدَ وُجُودِ بَعْضِهَا وَيَنْقُصُ عِنْدَ انْتِقَاصِ بَعْضِهَا .
ا هـ .
وَبِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ .
وَمَثَّلَ لِلصِّفَاتِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فَقَالَ ( كَالنَّوْعِ ) يَحْتَمِلُ حَقِيقَتَهُ كَالْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ وَيَحْتَمِلُ الصِّنْفَ كَالرُّومِيِّ وَالْحَبَشِيِّ ( وَ ) يُبَيِّنُ مَعَهُ صِفَةَ ( الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَ ) التَّوَسُّطِ ( بَيْنَهُمَا ) نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فِي
كُلِّ مُسْلَمٍ فِيهِ ( وَ ) يَزِيدُ بَيَانُ ( اللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ الرَّقِيقِ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَعَضَّدَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ ، ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّ اللَّوْنَ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَنَا فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ ، وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى كَلَامِ الْمَازِرِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اللَّوْنَ فِي غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ ، فَإِنَّ الثَّمَنَ يَخْتَلِفُ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ ( وَ ) يَزِيدُ بَيَانُ اللَّوْنِ فِي ( الثَّوْبِ وَ ) فِي ( الْعَسَلِ وَ ) يَزِيدُ بَيَانُ ( مَرْعَاهُ ) أَيْ مَا يَرْعَاهُ نَحْلُ الْعَسَلِ لِاخْتِلَافِ ثَمَنِهِ بِاخْتِلَافِهِ .
" غ " لَا أَذْكُرُ مَنْ ذَكَرَ الْمَرْعَى فِي الْعَسَلِ وَالْمُصَنِّفُ مُطَّلِعٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ مَعَ كَثْرَةِ اطِّلَاعِهِ الْحَطَّابُ ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ ، وَنَصُّهُ وَالْجَوَابُ عَنْ السُّؤَالِ الرَّابِعِ أَنْ يُقَالَ أَمَّا الْعَسَلُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَرْعَاهُ لِاخْتِلَافِ طَعْمِ الْعَسَلِ وَحَلَاوَتِهِ وَقِوَامِهِ وَلَوْنِهِ بِاخْتِلَافِ مَرَاعِيهِ ، وَهَذِهِ مَعَانٍ مَقْصُودَةٌ فِيهِ يَخْتَلِفُ بِهَا الثَّمَنُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، كَالنَّحْلِ الَّذِي مَرْعَاهُ السَّعْتَرُ وَآخِرُ مَرْعَاهُ الْوَرْدُ وَالْأَزْهَارُ الطَّيِّبَةُ ، وَآخَرُ مَرْعَاهُ الْإِسْفَنَارِيَّة وَشَبَهُهَا .
( وَ ) يُبَيِّنُ مَا تَقَدَّمَ ( فِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ ) وَيَزِيدُ فِيهِمَا بَيَانَ ( النَّاحِيَةِ ) الَّتِي يُجْلَبُ مِنْهَا كَكَوْنِ التَّمْرِ مَدَنِيًّا أَوْ يَنْبُعِيًّا أَوْ سِيوِيًّا أَوْ أَلْوَاحِيًّا ، وَكَوْنِ الْحُوتِ إسْكَنْدَرانِيًّا أَوْ سُوَيْسِيًّا أَوْ فَيُّومِيًّا ( وَ ) يَزِيدُ فِيهِمَا بَيَانَ ( الْقَدْرِ ) أَيْ الْكِبَرِ أَوْ الصِّغَرِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا .
الْمَازِرِيُّ يُحْتَاجُ فِي التَّمْرِ إلَى ذِكْرِ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ ، وَزَادَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْبَلَدَ وَاللَّوْنَ وَكِبَرَ التَّمْرَةِ وَصِغَرَهَا ، وَكَوْنَهُ جَدِيدًا أَوْ قَدِيمًا ، وَفِي الْحُوتِ طُولَهُ وَعَرْضَهُ أَوْ
وَزْنَهُ .
فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَسْلَمَ فِي تَمْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ بَرْنِيًّا مِنْ صَيْحَانِيٍّ وَلَا جِنْسًا مِنْ التَّمْرِ ، أَوْ ذَكَرَ الْجِنْسَ وَلَمْ يَذْكُرْ جَوْدَةً وَلَا رَدَاءَةً فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ حَتَّى يَذْكُرَ الْجِنْسَ وَالصِّفَةَ وَفِيهَا السَّلَمُ فِي الْحُوتِ الطَّرِيِّ جَائِزٌ إذَا سَمَّى جِنْسًا مِنْهُ وَشَرَطَ ضَرْبًا مَعْلُومًا صِفَتُهُ وَطُولُهُ وَنَاحِيَتُهُ إذَا أَسْلَمَ فِيهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا .
( وَ ) يُبَيِّنُ مَا تَقَدَّمَ ( فِي الْبُرِّ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ( وَ ) يَزِيدُ ( جِدَّتَهُ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ كَوْنَهُ جَدِيدًا أَوْ قَدِيمًا إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا .
ابْنُ فَتُّوحٍ يُسْتَحَبُّ بَيَانُ كَوْنِهِ قَدِيمَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ رَفْعِ أَيِّ عَامٍ إذْ مِنْهُ مَا يُجْعَلُ فِي الْمُطْمَرِ أَوْ الْإِهْرَاءِ أَوْ الْغُرَفِ ( وَ ) بَيَانَ ( مِلْئِهِ ) وَضَامِرِهِ ( إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا ) إذْ الضَّامِرُ يُرَادُ لِلزِّرَاعَةِ لَا لِلْأَكْلِ وَعَكْسُهُ الْمُمْتَلِئُ ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِمَا الثَّمَنُ فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهُمَا ( وَ ) يَزِيدُ بَيَانَ كَوْنِهَا ( سَمْرَاءَ ) وَهُوَ قَمْحُ الشَّامِ ( أَوْ مَحْمُولَةً ) أَيْ بَيْضَاءَ وَهُوَ قَمْحُ مِصْرَ إنْ عَقَدَا السَّلَمَ ( بِبَلَدٍ ) بِالتَّنْوِينِ ( هُمَا ) أَيْ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ مَوْجُودَانِ ( بِهِ ) أَيْ الْبَلَدِ بِنَبَاتٍ فِيهِ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَا بِهِ ( بِالْحَمْلِ ) إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَجِبُ بَيَانُهُمَا إنْ كَانَا فِي الْبَلَدِ بِالْحَمْلِ وَرَدَّهُ الْبَاجِيَّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ " غ " هَذَا اخْتِصَارُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ بَشِيرٍ ، وَنَصُّهُ إنْ كَانَ الْبَلَدُ يَنْبُتَانِ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَإِلَّا فَسَدَ السَّلَمُ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُجْلَبَانِ إلَيْهِ فَابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَرَ فَسَادَهُ بِتَرْكِهِ ، وَرَأَى الْبَاجِيَّ أَنَّ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ خِلَافُهُ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مِثْلِ هَذَا
وَأَنَّ كُلًّا مِنْهَا تَكَلَّمَ عَلَى شَهَادَةٍ ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَثْمَانُ وَالْأَعْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَحَدِهِمَا ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِ ا هـ .
وَهَذَا عَكْسُ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْحِجَازِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ وَلَمْ يُسَمِّ جِنْسًا فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ حَتَّى يُسَمِّيَ سَمْرَاءَ مِنْ مَحْمُولَةٍ وَيَصِفَ جَوْدَتَهُمَا ، قَالَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَذَكَرَ جَيِّدًا نَقِيًّا وَسَطًا أَوْ مَغْلُوثًا وَسَطًا .
وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ هَذَا لَا وَجْهَ لَهُ ، وَسَوَاءٌ بِبَلَدٍ يَنْبُتُ فِيهِ الصِّنْفَانِ أَوْ يُحْمَلَانِ إلَيْهِ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ إذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْ الثَّمَنِ .
ا هـ .
وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ، الْحَطَّابُ نَبَّهَ عَلَيْهِمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ السَّابِعُ مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ ذَكَرَ الْمَحْمُولَةَ وَالسَّمْرَاءَ ، ثُمَّ قَالَ وَالْكَلَامُ فِيهِمَا طَوِيلٌ فَعَلَيْك بِكَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَقَابِلْهُ بِنَقْلِ ابْنِ يُونُسَ ، وَإِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَوَافَقَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي الْأَنْوَاعِ الْبَدِيعَةِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي الْأَنْوَارِ ا هـ .
فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ غَلَبَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ ، وَلِذَا قَالَ ( بِخِلَافِ مِصْرَ ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ لِإِرَادَةِ الْبَلْدَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ فِيهَا بَيَانُ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةٍ ، وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ ( فَالْمَحْمُولَةُ ) يَقْضِي بِهَا فِيهَا إذْ هِيَ الْغَالِبُ فِيهَا .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ لَمْ يُسَمِّ بِمِصْرَ مَحْمُولَةً وَلَا سَمْرَاءَ فَسَدَ السَّلَمُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَيُقَالُ مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ ( وَ ) بِخِلَافِ ( الشَّامِ فَالسَّمْرَاءُ ) يَقْضِي بِهَا فِيهَا (
وَ ) بِخِلَافِ ( نَقِيٍّ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ خَالٍ مِنْ الْغَلَثِ ( أَوْ غَلِثٍ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ فَمُثَلَّثَةٍ أَيْ مَخْلُوطٍ بِتُرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَكْثِيرِهِ أَوْ بَيْنَهُمَا ، فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ .
نَعَمْ يُنْدَبُ الْمُتَيْطِيُّ حَسَنٌ أَنْ يَذْكُرَ نَقِيٍّ أَوْ غَلِثٍ وَإِنْ سَقَطَ ذَكَرُهُمَا لَمْ يَفْسُدْ ، وَيَقْضِي بِالْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْوَسَطِ .
" غ " كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ الْيَاءِ وَعَطْفِ غَلِثٍ عَلَيْهِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ .
قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ وَحَسَنٌ أَنْ يُذْكَرَ مَعَ ذِكْرِ الْجَيِّدِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ أَوْ الرَّدِيءِ نَقِيٌّ أَوْ مُتَوَسِّطٌ فِي النَّقَاءِ أَوْ مَغْلُوثٌ ، فَإِنْ سَقَطَ ذِكْرُ الصِّفَةِ مِنْ الْعَقْدِ فَسَدَ السَّلَمُ وَإِنْ سَقَطَ ذِكْرُ النَّقَاءِ مِنْهُ لَمْ يَفْسُدْ ، وَقَالَهُ أَيْضًا مُحَمَّدٌ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ انْتَهَى .
وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَا يَشْهَدُ لِنَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ فِي هَذِهِ ، وَلِنَقْلِ ابْنِ يُونُسَ فِي الَّتِي فَوْقَهَا .
( وَ ) إذَا أَسْلَمَ ( فِي الْحَيَوَانِ ) النَّاطِقِ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَ الْأَوْصَافَ السَّابِقَةَ ( وَ ) بَيَّنَ ( سِنَّهُ ) بِكَسْرِ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ عُمُرَهُ فَيَقُولُ فِي الرَّقِيقِ عُمُرُهُ ثَمَانِ أَوْ عَشْرُ سِنِينَ مَثَلًا ، وَفِي غَيْرِهِ سَنَةٌ أَوْ سَنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ مَثَلًا .
الْمُتَيْطِيُّ يُقَالُ لِلْمَوْلُودِ حِينَ يُولَدُ طِفْلٌ ثُمَّ رَضِيعٌ ثُمَّ فَطِيمٌ ثُمَّ قَارِحٌ ثُمَّ جَفْرٌ وَالْأُنْثَى جَفْرَاءُ ثُمَّ يَافِعٌ ، وَالْأُنْثَى يَافِعَةٌ وَفَيْعَاءُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ إلَى عَشْرٍ .
وَقِيلَ إلَى اثْنَتَيْ عَشْرَ ثُمَّ جَزُورٌ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ .
وَقِيلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ ثُمَّ مُرَاهِقٌ ثُمَّ مُحْتَلِمٌ ثُمَّ أَمْرَدُ ، فَإِذَا بَدَا فِي وَجْهِهِ شَعْرٌ قِيلَ بَقَّلَ وَجْهُهُ بِشَدِّ الْقَافِ ، ثُمَّ حَدِيثُ السِّنِّ ثُمَّ كَهْلٌ ثُمَّ أَشَمَطُ ثُمَّ أَشَيْبُ ثُمَّ شَيْخٌ ثُمَّ هَرِمٌ وَبَعْدَ الْفَيْعَاءِ مِنْ النِّسَاءِ
كَاعِبٌ وَهِيَ الَّتِي كَعَّبَ ثَدْيُهَا بِشَدِّ الْعَيْنِ وَعَدَمِهِ ثُمَّ نَاهِدٌ إذَا شَخَصَ ثَدْيُهَا ثُمَّ مُعْصِرٌ عِنْدَ دُنُوِّ حَيْضِهَا ثُمَّ حَائِضٌ ثُمَّ حَدِيثَةُ السِّنِّ ثُمَّ كَهْلَةٌ انْتَهَى .
( وَ ) يُبَيِّنُ ( الذُّكُورَةَ وَالسِّمَنَ وَضِدَّيْهِمَا ) أَيْ الْأُنُوثَةِ وَالْهُزَالِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ السِّمَنَ فِي الْحَيَوَانِ ، وَقَدْ شَرَطُوهُ فِي اللَّحْمِ بَعْضُهُمْ السِّمَنُ تَارَةً يَكُونُ مِنْ الْجَوْدَةِ وَتَارَةً مِنْ الرَّدَاءَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ بَلْ مُسْتَغْنًى عَنْهُ .
الْبُنَانِيُّ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ جَامِعِ الطُّرَرِ وَنَقَلَهُ " ق " عَنْ ابْنِ يُونُسَ فِي اللَّحْمِ وَالْحَيَوَانِ مِثْلَهُ ( وَ ) يَزِيدُ ( فِي اللَّحْمِ ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَوْنُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ ( خَصِيًّا ) أَوْ فَحْلًا ( وَرَاعِيًا أَوْ مَعْلُوفًا ) قَالَ الْمَازِرِيُّ ( لَا ) يُشْتَرَطُ بَيَانُ كَوْنِهِ ( مِنْ كَجَنْبٍ ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ بِهِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ .
قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيُحْتَاجُ لِذِكْرِ كَوْنِهِ مِنْ جَنْبٍ أَوْ يَدٍ قَالَ لَا إنَّمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَهُوَ بَاطِلٌ .
قِيلَ لَهُ فَلَوْ قَضَاهُ مَعَ ذَلِكَ بُطُونًا فَلَمْ يَقْبَلْهَا قَالَ أَفَيَكُونُ لَحْمٌ بِلَا بَطْنٍ قِيلَ فَمَا قَدْرُهُ قَالَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرَ الْبَطْنِ مِنْ الشَّاةِ .
اللَّخْمِيُّ بَيْعُ الْبُطُونِ وَحْدَهَا عَادَةُ مِصْرَ .
طفي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ إلَخْ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَى قَدْرِ الْبَطْنِ مِنْ الشَّاةِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُرَادُ بِالْبَطْنِ مَا احْتَوَى الْبَطْنُ عَلَيْهِ مِنْ كَرِشٍ وَمَصَارِينَ إلَّا الْفُؤَادَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَى حِدَتِهِ كَالرَّأْسِ وَالْأَكَارِعِ .
( وَ ) يَذْكُرُ ( فِي الرَّقِيقِ ) مَا تَقَدَّمَ ( وَ ) يَزِيدُ ( الْقَدَّ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَنَدٍ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ فِيمَا عَدَا الْإِنْسَانَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَيُزَادُ فِي الرَّقِيقِ الْقَدُّ ، وَكَذَا الْخَيْلُ
وَالْإِبِلُ وَشَبَهُهَا ، قَالَ فَانْظُرْ ذَلِكَ ( وَ ) يَزِيدُ فِي الرَّقِيقِ ( الْبَكَارَةَ ) أَوْ الثُّيُوبَةَ عَلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ ( وَاللَّوْنَ ) الْخَاصَّ كَكَوْنِهِ شَدِيدَ السَّوَادِ أَوْ مَائِلًا إلَى حُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ ، وَكَوْنِ الْبَيَاضِ نَاصِعًا أَوْ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ اللَّوْنِ ، فَإِنَّ ذِكْرَ صِنْفِ الرَّقِيقِ يُغْنِي عَنْهُ ، فَلَوْنُ النُّوَبِ السَّوَادُ وَالْحَبَشِ الصُّفْرَةُ وَالرُّومِ الْبَيَاضُ ، وَسَقَطَ اللَّوْنُ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا لِتَقَدُّمِهِ فِي الْحَيَوَانِ الْأَعَمِّ مِنْ الرَّقِيقِ ، فَيُحْمَلُ اللَّوْنُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْخَاصِّ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الصِّنْفِ ، وَذِكْرُهُ هُنَا تَكْرَارٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْعَامِّ أَغْنَى عَنْهُ ذِكْرُ الْجِنْسِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْخَاصِّ تَكَرَّرَ مَعَ اللَّوْنِ الْمُقَدَّمِ ، فَإِنْ حُمِلَ هَذَا عَلَى الْخَاصِّ وَالْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْعَامِّ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( قَالَ ) أَيْ الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ ( وَ ) يَزِيدُ فِي الرَّقِيقِ ( كَالدَّعَجِ ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَيْنِ فَجِيمٍ أَيْ شِدَّةِ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سَعَتِهَا ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الشُّهْلَةَ وَالْكُحْلَةَ وَالزُّرْقَةَ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ فَتُّوحٍ وَغَيْرِهِ ، وَالْكَحَلُ بِفَتْحَتَيْنِ أَنْ يَعْلُوَ جُفُونَ الْعَيْنَيْنِ سَوَادٌ كَالْكُحْلِ بِدُونِ اكْتِحَالٍ ، وَالْحَوَرُ شِدَّةُ بَيَاضِهَا مَعَ شِدَّةِ سَوَادِهَا ، وَالشُّهْلَةُ مَيْلُ سَوَادِهَا إلَى الْحُمْرَةِ ، وَالزُّرْقَةُ مَيْلُهُ إلَى الْخُضْرَةِ ( وَتَكَلْثُمِ ) أَيْ كَثْرَةِ لَحْمِ ( الْوَجْهِ ) بِلَا جُهُومَةٍ إنْ كَلَحَ وَهُوَ تَكَشُّرٌ فِي عَبُوسَةٍ .
ابْنُ فَتُّوحٍ وَيَصِفُ الْأَنْفَ بِالْقِنَاءِ أَيْ انْخِفَاضِ وَسَطِهِ أَوْ الشَّمَمِ أَيْ ارْتِفَاعِهِ ، أَوْ الْفَطَسِ أَيْ عَرْضِ أَرْنَبَتِهِ وَتَطَامُنِ قَصَبَتِهِ وَلَوْنِ شَعْرِهِ وَسُبُوطَتِهِ أَوْ جُعُودَتِهِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهَا .
قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ لَمْ يَذْكُرْ
الْمُصَنِّفُ الْبَكَارَةَ وَالثُّيُوبَةَ إلَّا عَنْ الْمَازِرِيِّ ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِمَا فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُمَا بَعْدُ .
قَالَ ( وَ ) يَذْكُرُ ( فِي الثَّوْبِ ) مَا تَقَدَّمَ ( وَ ) يَزِيدُ ( الرِّقَّةَ وَالصَّفَاقَةَ وَضِدَّيْهِمَا ) أَيْ الثِّخَنِ وَالشَّفَّافِيَّةِ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى ذِكْرِ وَزْنِهِ وَنَحْوِهِ فِيهَا ( وَ ) يَزِيدُ ( فِي الزَّيْتِ ) الْجِنْسَ ( الْمُعْصَرَ مِنْهُ ) زَيْتُونًا أَوْ سِمْسِمًا أَوْ غَيْرَهُمَا ، وَكَوْنَهُ شَامِيًّا أَوْ مَغْرِبِيًّا أَوْ رُومِيًّا مَثَلًا " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ بِصِيغَةِ اسْمِ مَفْعُولِ الرُّبَاعِيِّ ، وَوَجْهُ الْكَلَامِ الْمُعْتَصَرُ بِزِيَادَةِ تَاءٍ خُمَاسِيًّا أَوْ الْمَعْصُورُ ثُلَاثِيًّا مِنْ قَوْله تَعَالَى { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَغِلُّونَ .
وَقِيلَ بِمَعْنَى يَنْجُونَ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ .
وَأُجِيبَ بِوُرُودِ أَعَصَرَ رُبَاعِيًّا فِي قَوْله تَعَالَى { وَأَنْزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا } ، قِيلَ هِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي تَعْصِرُ السَّحَابَ .
( وَ ) يَزِيدُ ( بِمَا يُعْصَرُ ) بِهِ مِنْ مَعْصَرَةٍ أَوْ مَاءٍ لِاخْتِلَافِ ثَمَنِهِ بِهِمَا وَإِذَا اجْتَمَعَ زُيُوتُ بِلَادٍ بِبَلَدٍ بَيَّنَ بَلَدَ مَا يُسْلَمُ فِيهِ ( وَ ) إنْ شَرَطَ كَوْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا وَتَعَدَّدَ الْجَيِّدُ أَوْ الرَّدِيءُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَقْبِضُ فِيهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ ( حُمِلَ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فِيهِ ( فِي ) شَرْطِ كَوْنِهِ مِنْ ( الْجَيِّدِ ) أَوْ ( الرَّدِيءِ ) مِنْ غَيْرِ بَيَانِ كَوْنِهِ مِنْ أَعْلَاهُ أَوْ أَدْنَاهُ أَوْ وَسَطِهِ فَيُحْمَلُ ( عَلَى الْغَالِبِ ) طفي نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ فَرْحُونٍ حَمَلَ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْجَيِّدِ وَلَا يَلْزَمُهُ غَايَةُ الْجَوْدَةِ لِأَنَّهُ مَا مِنْ جَيِّدٍ إلَّا وَيُوجَدُ أَجْوَدُ مِنْهُ ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ فِي الْوُجُودِ ، أَيْ الْأَكْثَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ انْتَهَى وَبِهِ تَعْلَمُ جَوَابَ قَوْلِ " س " ، اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ الْأَكْثَرُ فِي الْوُجُودِ أَوْ فِي
الْإِطْلَاقِ وَالتَّسْمِيَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ ( فَالْوَسَطُ ) مِنْ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ يَقْضِي مِنْهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ .
تت فَلَا يَقْضِي بِالْوَسَطِ أَوَّلًا ، وَفِي النِّكَاحِ يَقْضِي بِهِ أَوَّلًا ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِالْمُشَاحَّةِ فِي الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ طفي ، وَتَبِعَهُ س و ج وَأَقَرَّاهُ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ اشْتِرَاطِ الْجَيِّدِ فِي النِّكَاحِ يَقْضِي بِوَسَطِهِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْأَغْلَبِ ، بِخِلَافِ السَّلَمِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا التَّفْرِيقِ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهَا الْوَسَطُ فَهُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، أَمَّا عِنْدَ اشْتِرَاطِ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ فَيُعْمَلُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَغَيْرِهِ ، وَإِذَا عُمِلَ بِهِ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ النَّظَرُ لِلْأَغْلَبِ كَمَا فِي السَّلَمِ .
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُتَيْطِيِّ لَهَا الْوَسَطُ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَهُوَ قَائِلٌ بِهَذَا فِي السَّلَمِ أَيْضًا ، وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِ النِّكَاحِ كَالسَّلَمِ قَوْلُهُ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَتْ الْخَمْسُونَ صِفَةً لِلرَّأْسِ بِمَنْزِلَةِ مَا يُوَقَّتُ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ مِمَّا يَتَوَاصَفُ النَّاسُ ، بَيْنَهُمْ إذَا أَسْلَفُوا فِي الرَّقِيقِ وَابْتَاعُوهُ كَقَوْلِهِ هُوَ لَك صَبِيحًا تَاجِرًا فَصِيحًا فَإِنِّي أَرَى هَذِهِ الصِّفَةَ لَازِمَةً عَلَى الرَّقِيقِ أَوْ رُخِّصَ .
ا هـ .
وَأَوَّلَ سَمَاعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ نُكِحَتْ عَلَى رَأْسَيْنِ بِمِائَةٍ كُلُّ رَأْسٍ بِخَمْسِينَ ثُمَّ غَلَا الرَّقِيقُ وَصَارَ كُلُّ رَأْسٍ بِمِائَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْخَمْسُونَ صِفَةً لِلرَّأْسِ إلَخْ .
وَكَوْنُهُ دَيْنًا
( وَ ) الشَّرْطُ السَّادِسُ ( كَوْنُهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( دَيْنًا ) أَيْ شَيْئًا مَوْصُوفًا مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ لَزِمَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَزِمَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ لَيْسَ عِنْدَهُ ، وَنَصَّ التَّوْضِيحِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَغَرَرُهُ ظَاهِرٌ ، وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَبَقَاؤُهُ بِصِفَتِهِ إلَى أَجَلِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِيَضْمَنَهُ لَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ اخْتَلَّ شَرْطُ السَّلَمِ وَإِنْ نَقَدَهُ دَارَ بَيْنَ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَهْلَكْ وَالسَّلَفِ إنْ هَلَكَ .
فَإِنْ قِيلَ مِنْ الْبِيَاعَاتِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ شَهْرٍ فَلِمَ لَا أُجِيزَ هُنَا كَذَلِكَ ، قِيلَ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ ، وَكَلَامُنَا فِي السَّلَمِ .
فَإِنْ قِيلَ قَدْ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ كِرَاءَ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ تُقْبَضُ بَعْدَ شَهْرٍ ، وَيَلْزَمُهُ جَوَازُ السَّلَمِ فِي مُعَيَّنٍ إلَى أَجَلٍ .
قِيلَ الْفَرْقُ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُعَيَّنَةَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ بِالْعَقْدِ أَوْ التَّمْكِينِ ، فَإِذَا اشْتَرَطَ تَأْخِيرَهَا كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ ، فَيَلْزَمُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ ، بِخِلَافِ مَنَافِعِ الْمُعَيَّنِ ، فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ رَبِّهَا فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ .
صر حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ حَيْثُ يَكُونُ ضَمَانُ الْمَبِيعِ أَصَالَةً عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَائِعِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ كَمَا فِي السَّلَمِ دُونَ الصُّورَتَيْنِ الْوَارِدَتَيْنِ ، فَإِنَّ الضَّمَانَ فِيهِمَا فِي صُورَةِ الْبَيْعِ بَاقٍ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْبَائِعِ ، وَفِي صُورَةِ الْكِرَاءِ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الْمُكْرِي أَصَالَةً فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ ، لَكِنَّ قَوْلَ الْمُوَضِّحِ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ إلَخْ ، يُقَالُ عَلَيْهِ أَنَّ
الْمَنْعَ فِي السَّلَمِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ يَئُولُ إلَى بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ ، فَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا نَظَرٌ .
وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ فِيهِ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ بِخِلَافِ السَّلَمِ .
وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ضَيْح وَصَرَّحَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّلَمِ وَبَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ حَيْثُ يَكُونُ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَصَالَةً وَيُنْقَلُ إلَى الْبَائِعِ ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِكَوْنِ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ بَاقِيًا مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْتَقِلْ ، وَفِي صُورَةِ الْكِرَاءِ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الْمُكْرِي أَصَالَةً ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : الْقَرَافِيُّ الْعِبَارَةُ الْكَاشِفَةُ عَنْ الذِّمَّةِ أَنَّهَا مَعْنًى شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْمُكَلَّفِ قَابِلُ الِالْتِزَامِ وَاللُّزُومِ ، وَجَعَلَهُ الشَّارِعُ مُسَبَّبًا عَنْ أَشْيَاءَ خَاصَّةٍ ، مِنْهَا الْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ ، فَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا ذِمَّةَ لَهُ .
وَمِنْهَا عَدَمُ الْحَجْرِ فَلَا ذِمَّةَ لِلْمُفْلِسِ ، فَمَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ رَتَّبَ الشَّارِعُ عَلَيْهَا تَقْدِيرَ مَعْنًى يُقْبَلُ إلْزَامُهُ أُرُوشُ الْجِنَايَاتِ وَأَجْرُ الْإِجَارَاتِ وَأَثْمَانُ الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوُهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ ، وَيُقْبَلُ الْتِزَامُهُ شَيْئًا اخْتِيَارًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ ، وَهَذَا الْمَعْنَى الْمُقَدَّرُ هُوَ الَّذِي تُقَرَّرُ فِيهِ الْأَجْنَاسُ الْمُسْلَمُ فِيهَا مُسْتَقِرَّةً حَتَّى تَصِحَّ مُقَابِلَتُهَا بِالْأَعْوَاضِ الْمَقْبُوضَةِ ، وَفِيهِ تُقَدَّرُ أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ وَصَدَقَاتُ الْأَنْكِحَةِ وَسَائِرُ الدُّيُونِ وَمَنْ لَا يَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى مُقَدَّرًا فِيهِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّهِ سَلَمٌ وَلَا ثَمَنٌ إلَى أَجَلٍ وَلَا حَوَالَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَطَالَ فِي هَذَا ثُمَّ قَالَ شَرْطُهَا الْبُلُوغُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَعْلَمُهُ .
ابْنُ الشَّاطِّ الْأَوْلَى عِنْدِي أَنَّهَا
قَبُولُ الْإِنْسَانِ لِلُزُومِ الْحُقُوقِ دُونَ الْتِزَامِهَا ، فَعَلَى هَذَا لِلصَّبِيِّ ذِمَّةٌ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُرُوشُ الْجِنَايَاتِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ نَقُولُ هِيَ قَبُولُ الْإِنْسَانِ شَرْعًا لِلُزُومِ الْحُقُوقِ وَالْتِزَامِهَا .
الْبُنَانِيُّ وَلِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لِلْقَرَافِيِّ أَنَّ الْقَبُولَ الْمَذْكُورَ نَاشِئٌ ، وَمُسَبَّبٌ عَنْ الذِّمَّةِ عَلَى مَا لِلْقَرَافِيِّ ، وَعَلَى مَا لِابْنِ الشَّاطِّ عَيَّنَهَا وَاخْتَارَهُ لِسَلَامَتِهِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ تَعْرِيفُ الْقَرَافِيُّ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ .
الشَّيْخُ الْمِسْنَاوِيُّ إثْبَاتُ الذِّمَّةِ لِلصَّبِيِّ لِلدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَوْدَعْته حِنْطَةً فَخَلَطَهَا صَبِيٌّ أَجْنَبِيٌّ بِشَعِيرٍ لِلْمُودَعِ ضَمِنَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ جِنَايَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ .
الصِّقِلِّيُّ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ وَالدِّمَاءَ عَلَى حُكْمِ الْخَطَأِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وضيح ، وَكُلُّهُ صَرِيحٌ فِي إثْبَاتِ ذِمَّةِ الصَّبِيِّ وَهُوَ اتِّفَاقٌ فِي الْمُمَيِّزِ ، وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ ، فَلَا يُشْتَرَطُ : فِيهَا التَّمْيِيزُ فَضْلًا عَنْ الْبُلُوغِ ، اُنْظُرْ صَرْفَ الْهِمَّةِ إلَى تَحْقِيقِ مَعْنَى الذِّمَّةِ لِلْمِسْنَاوِيِّ .
الثَّانِي : عَرَّفَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهَا أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ فَلَيْسَ ذَاتًا وَلَا صِفَةً لَهَا فَيُقَدَّرُ الْمَبِيعُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَثْمَانِ ، كَأَنَّهُ فِي وِعَاءٍ عِنْدَ مَنْ هُوَ مَطْلُوبٌ بِهِ فَهِيَ الْأَمْرُ التَّقْدِيرِيُّ الَّذِي يَحْوِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ أَوْ عِوَضَهُ .
ا هـ .
وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ إنْ قَامَ زَيْدٌ وَنَحْوَهُ ذِمَّةٌ وَسَلَّمَهُ الْأَبِيُّ وَالرَّصَّاعُ وَالْمَشَذَّالِيُّ وَالْحَطّ ، وَرَدَّهُ السَّنُوسِيُّ فِي حَاشِيَةِ مُسْلِمٍ قَائِلًا
فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقِيَامَ الْمُقَدَّرَ بَعْدَ إنْ الشَّرْطِيَّةِ يَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لِلذَّاتِ وَلَيْسَ مُرَادُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ وَلَا صِفَةً لَهَا مَا هُوَ صِفَةٌ فِي الْحَالِ فَقَطْ ، بَلْ الْمَعْنَى لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لَهَا مُطْلَقًا ، وَذَكَرَهُ الْيَزْنَاسِيُّ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ .
الْمِسْنَاوِيُّ قَدْ يُقَالُ جَوَابًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ آخِرُ كَلَامِهِ يُخَرِّجُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ فَالذِّمَّةُ هُوَ الْأَمْرُ التَّقْدِيرِيُّ إلَخْ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا أَنَّهَا أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ يَفْرِضُهُ الذِّهْنُ لَيْسَ بِذَاتٍ وَلَا صِفَةٍ لَهَا يَحْوِي الْمَبِيعَ أَوْ عِوَضَهُ ، وَبِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ يَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى مَنْ دُونَ ابْنِ عَرَفَةَ فَضْلًا عَمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ ، وَنَظَّمَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ نَحْوَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ : وَالشَّرْحُ لِلذِّمَّةِ ظَرْفٌ قُدِّرَا عِنْدَ الْمَدِينِ فِيهِ مَا قَدْ أُنْظِرَا الثَّالِثُ : عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا مِلْكٌ مُتَمَوَّلٌ كُلِّيٌّ حَاصِلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ ، قَالَ فَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا أَمْكَنَ حُصُولُهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ وِلَايَةٍ أَوْ وُجُوبِ حَقٍّ فِي قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ مُتَمَوَّلًا ، إذْ لَا يُسَمَّى ذَلِكَ فِي الْعُرْفِ ذِمَّةً وَاعْتَرَضَهُ الرَّصَّاعُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمِلْكِ الشَّيْءَ الْمُتَمَلَّكَ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ الذِّمَّةَ مُتَمَلَّكَةٌ ، وَإِنَّمَا الْمُتَمَلَّكُ مَا فِيهَا وَإِنْ أَرَادَ اسْتِحْقَاقَ التَّصَرُّفِ فِي الْمُتَمَلَّكِ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الِاسْتِحْقَاقُ .
طفي اعْتِرَاضُهُ صَحِيحٌ وَأَجَابَ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمِلْكِ الْعِنْدِيَّةُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَالظَّرْفِيَّةُ التَّقْدِيرِيَّةُ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ فِي وِعَاءٍ إلَخْ ، عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهَا بِالْمِلْكِ مَجَازًا لِلْمُشَابَهَةِ بَيْنَهُمَا اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ ، وَهِيَ عَدَمُ
صَلَاحِيَّةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لَهُ هُنَا .
وَبَحَثَ السَّنُوسِيُّ فِي تَقْيِيدِهِ بِمُتَمَوَّلٍ بِإِطْلَاقِهِمْ الذِّمَّةَ فِي الْعِبَادَاتِ فَقَالُوا تَرَتَّبَتْ الصَّلَاةُ أَوْ الصَّوْمُ فِي ذِمَّتِهِ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
الْمِسْنَاوِيُّ قَدْ يُجَابُ بِادِّعَاءِ الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ بِتَشْبِيهِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ بِالْمُتَمَوَّلِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بِجَامِعِ مَطْلُوبِيَّتِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ، أَوْ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعْرِيفِ إنَّمَا هُوَ ذِمَّةُ الْمُعَامَلَةِ لَا مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ ذِمَّةٌ فِي لِسَانِ أَهْلِ الشَّرْعِ مُطْلَقًا .
الرَّابِعُ : الرَّصَّاعُ مِنْ لَازِمِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْمُقَدَّرَ فِيهَا كُلِّيٌّ لَا جُزْئِيٌّ أَيْ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّ هُوَ الْمُعَيَّنُ وَالذِّمَّةُ لَا تَقْبَلُهُ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ كُلِّيٌّ .
الْخَامِسُ " د " قِيلَ هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ وَلَا تَبْيِينَ فِي الْحَاضِرِ الْمُعَيَّنِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّبْيِينَ إنَّمَا هُوَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ فَيَنْبَغِي الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ ، وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّبْيِينَ قَدْ يَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ غَائِبٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلِذَا اُحْتِيجَ لِهَذَا الشَّرْطِ .
وَوُجُودُهُ عِنْدَ : حُلُولِهِ وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ : لَا نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ وَقَلَّ أَوْ حَائِطٍ ، وَشُرِطَ ، إنْ سُمِّيَ سَلَمًا وَلَا بَيْعًا ازْدِهَاؤُهُ ، وَسَعَةُ الْحَائِطِ وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ ، لِمَالِكِهِ ، وَشُرُوعُهُ وَإِنْ لِنِصْفِ شَهْرٍ ، وَأَخْذُهُ بُسْرًا ، أَوْ رُطَبًا لَا تَمْرًا .
فَإِنْ شَرَطَ تَتَمُّرَ الرُّطَبِ : مَضَى بِقَبْضِهِ ، وَهَلْ الْمُزْهِيُّ كَذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، أَوْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ ؟ تَأْوِيلَانِ ، فَإِنْ انْقَطَعَ : رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ ، وَهَلْ عَلَى الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ؟ أَوْ عَلَى الْمَكِيلَةِ ؟ تَأْوِيلَانِ .
( وَ ) الشَّرْطُ السَّابِعُ ( وُجُودُهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَالِبًا ( عِنْدَ حُلُولِ ) أَجَلِ ( هـ ) الْمَشْرُوطِ حَالَ عَقْدِهِ وَإِنْ اسْتَمَرَّ وُجُودُهُ فِي الْأَجَلِ كُلِّهِ ، بَلْ ( وَإِنْ انْقَطَعَ ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ الْمُسْلَمُ فِيهِ ( قَبْلَ ) حُلُولِ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِ ( هـ ) أَوْ انْقَطَعَ عِنْدَ حُلُولِهِ نَادِرًا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَنَصُّهُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ غَالِبًا وَقْتَ حُلُولِهِ لِئَلَّا يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ تَارَةً سَلَفًا وَ تَارَةً ثَمَنًا ، وَسَلَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَائِلًا لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ عَدَمَهُ نَادِرًا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الشَّرْعِ كَالْمُحَقَّقِ .
الشَّارِحُ يَنْبَغِي أَنَّ مُرَادَهُ بِالْوِجْدَانِ كَوْنُهُ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يَضُرُّهُ الِانْقِطَاعُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَالْأَشْيَاءِ الَّتِي لَهَا إبَّانٌ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ مِنْ حِينِ السَّلَمِ فِيهِ إلَى حِينِ حُلُولِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ فَلَسِهِ .
الْمُصَنِّفُ لَمْ يَعْتَبِرْ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ لِنُدُورِهِ عَلَى أَنَّ وُجُودَهُ مَعَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ مَاتَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِبَّانِ وُقِفَ قَسْمُ التَّرِكَةِ إلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يُوقَفُ إنْ خِيفَ أَنْ يَسْتَغْرِقَهَا مَا عَلَيْهِ ، فَإِنْ قَلَّ وَكَثُرَتْ وُقِفَ قَدْرُ مَا يُرَى أَنَّهُ يَفِي بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَقُسِّمَ مَا سِوَاهُ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْقَسْمَ لَا يَجُوزُ ، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَوْ يَسِيرًا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ ضُرِبَ لِلْمُسْلِمِ بِقِيمَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي وَقْتِهِ عَلَى مَا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ مِنْ غَلَاءٍ أَوْ رُخْصٍ ، وَيُوقَفُ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ بِالْمُحَاصَّةِ حَتَّى يَأْتِيَ الْإِبَّانُ فَيَشْتَرِيَ لَهُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ اُتُّبِعَ بِبَاقِيهِ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ
إنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ ، وَإِنْ زَادَ فَلَا يُشْتَرَى لَهُ إلَّا قَدْرُ حَقِّهِ وَتُرَدُّ الْبَقِيَّةُ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَرِيمٍ وَلَوْ هَلَكَ مَا وُقِفَ لَهُ حَالَ وُقِفَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ نَمَاءَهُ فَعَلَيْهِ تَوَاه فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي مُحَقَّقٍ أَوْ غَالِبِ الْوُجُودِ عِنْدَ حُلُولِهِ .
( لَا ) فِي ( نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً نَعْتُ حَيَوَانٍ ( وَقَلَّ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا الْحَيَوَانُ الَّذِي أَسْلَمَ فِي نَسْلِهِ لِتَرَدُّدِ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَقَّقًا وَلَا غَالِبَ الْوُجُودِ ، وَتَبِعَ فِي قَيْدِ الْقِلَّةِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُهُ مُطْلَقًا ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ثَمَرِ ( حَائِطٍ ) عُيِّنَ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَنَسْلُ الْحَيَوَانِ الْمُعَيَّنُ الْقَلِيلُ ، وَثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنُ لَيْسَا دَيْنًا فِيهَا فَقَدْ فُقِدَ مِنْهُمَا الشَّرْطَانِ قَبْلَهُمَا .
طفي لَمْ يُقَيِّدْ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحَائِطَ بِالصِّغَرِ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَائِطَ قَلِيلٌ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ ، وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَقَلَّ ، وَدَعْوَى أَنَّهُ حَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ بَعِيدَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَشُرِطَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي الْعَقْدِ عَلَى ثَمَرِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ الْمُعَيَّنِ ( إنْ سُمِّيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْعَقْدُ عَلَيْهِ ( سَلَمًا ) مَجَازًا فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ ( لَا ) إنْ سُمِّيَ ( بَيْعًا ) وَنَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ ( إزْهَاؤُهُ ) أَيْ الثَّمَرِ ، فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا اُشْتُرِطَ فِيهِ مَا عَدَا كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ .
طفي دَرَجَ
الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إذْ يَظْهَرُ مِنْ تَوْضِيحِهِ اعْتِمَادُهُ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ سَمَّيَاهُ بَيْعًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ ، وَبِعَقْدِ الْبَيْعِ يَجِبُ لَهُ قَبْضِ جَمِيعِهِ وَهُوَ جَائِزٌ لَا فَسَادَ فِيهِ ، فَإِنْ أَخَذَهُ يَتَأَخَّرُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هَذَا قَرِيبٌ ، وَأَمَّا إنْ سَمَّيَاهُ سَلَمًا فَإِنْ اشْتَرَطَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ إمَّا مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَلَا ذَكَرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّيَاهُ سَلَمًا وَكَانَ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَفَسَدَ لِذَلِكَ ا هـ .
فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا وَعَدَمِهَا إلَّا فِي بَيَانٍ كَبَقِيَّةِ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ، ثُمَّ قَالَ وَمَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ صَدَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ فِي مَعْرِضِ ذِكْرِ الشُّرُوطِ وَيَضْرِبُ أَجَلًا لَا يُثْمِرُ فِيهِ وَيُسَمَّى مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ ، وَلَوْ شَرَطَ أَخْذَ الْجَمِيعِ فِي يَوْمٍ لَجَازَ .
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنْ سَمَّوْهُ بَيْعًا لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِيهِ ، وَإِنْ سَمَّوْهُ سَلَمًا لَزِمَ ، وَمَا صَدَّرَ بِهِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهَا لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الشُّرُوطَ قَالَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَحْمَلُ الْبَيْعِ لَا مَحْمَلُ السَّلَفِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ اعْتَبَرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ عَلَى مُلَاحَظَةِ أَنَّهُ بَيْعٌ وَلَا عِبْرَةَ بِتَسْمِيَتِهِ سَلَمًا لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ ، وَهَذِهِ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ إذَا تَقَابَلَ اللَّفْظُ وَالْفِعْلُ فِي الْعُقُودِ ، فَالنَّظَرُ إلَى الْفِعْلِ فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْهَا مَنْ قَالَ أَبِيعُك سُكْنَى دَارِي سَنَةً فَذَلِكَ غَلَطٌ فِي اللَّفْظِ كِرَاءٌ صَحِيحٌ .
وَفِي كِتَابِ الصَّرْفِ وَإِنْ صَرَفْت دِينَارًا
بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ بِهَا سَمْنًا أَوْ زَيْتًا وَتُسَمِّيَ صِفَتَهُ وَمِقْدَارَهُ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَعَلَى أَنْ تَقْبِضَهَا ثُمَّ تَشْتَرِيَ مِنْهُ هَذِهِ السِّلْعَةَ كَأَجَلِ السَّلَمِ فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ لَغْوٌ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْت لَهُ عَلَى أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْك ثُمَّ أَشْتَرِيَ بِهَا مِنْك سِلْعَةً فَذَلِكَ جَائِزٌ ، فَإِنْ رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ رَجَعْت بِدِينَارِك لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا وَقَعَ بِهِ ، وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ لَغْوٌ ، وَإِنَّمَا نَظَرَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إلَى فِعْلِهِمَا لَا إلَى قَوْلِهِمَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَبَعًا لَهَا وَالْأَطْعِمَةُ وَالنُّقُودُ قَرْضٌ وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ ، فَالنَّظَرُ أَبَدًا إلَى الْفِعْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِاللَّفْظِ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى الرِّبَا ، وَلَعَلَّ هَذَا الَّذِي لَاحَظَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لِقَوْلِهِ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّأْخِيرَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَكَلَامُهَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ ، وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِهَا ، وَكَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ قَالَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا لَا سَلَمًا فَهِيَ إشَارَةٌ مِنْهُ إلَى أَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مُلْغًى ، فَالْأَوْلَى بِالْمُصَنِّفِ مُتَابَعَتُهُ وَشُرِطَ إزْهَاؤُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَهُ .
( وَ ) شُرِطَ أَيْضًا ( سَعَةُ ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا أَيْ كِبَرُ ( الْحَائِطِ ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ اسْتِيفَاءُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَى مِنْ ثَمَرِهِ لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ ( وَ ) شُرِطَ أَيْضًا بَيَانُ ( كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ ) أَيْ الثَّمَرِ الْمُشْتَرَى أَمُتَوَالِيًا أَمْ مُتَفَرِّقًا ، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ ، فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ لِاقْتِضَاءِ الْبَيْعِ الْمُنَاجَزَةَ وَلَفْظِ السَّلَمِ التَّأْجِيلَ ( وَ ) شُرِطَ أَيْضًا فِيهِمَا إسْلَامُهُ لِمَالِكِهِ ) أَيْ الْحَائِطِ ( وَ ) شُرِطَ فِيهِمَا ( شُرُوعُهُ ) أَيْ الْمُسْلِمِ فِي أَخْذِ الثَّمَرَةِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ فِيهِ ( لِنِصْفِ شَهْرٍ ) لَا أَكْثَرَ
عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ فِيهَا وَيَضْرِبُ لِأَمَدِهِ أَجَلًا وَيَذْكُرُ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ .
أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ إذَا شَرَطَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَاهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبَا أَجَلًا وَلَا ذَكَرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَا مَتَى يَأْخُذُهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّيَاهُ سَلَمًا وَكَانَ لَفْظُهُ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَيَفْسُدُ .
( وَ ) يُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَيْضًا ( أَخْذُهُ ) أَيْ الثَّمَرِ أَيْ انْتِهَاءِ أَخْذِهِ لِجَمِيعِ مَا اشْتَرَاهُ حَالَ كَوْنِ الْمَأْخُوذِ ( بُسْرًا أَوْ رُطَبًا ) وَزِيدَ شَرْطٌ سَابِعٌ وَهُوَ اشْتِرَاطُ أَخْذِهِ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يَكْفِي الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا الشَّرْطُ مِنْ غَيْرِ أَخْذِهِ كَذَلِكَ ( لَا ) يَصِحُّ الشِّرَاءُ إنْ أَخَذَ حَالَ كَوْنِهِ ( تَمْرًا ) لِبُعْدِهِ مِنْ الزَّهْوِ ، وَمَحَلُّ هَذَا الشَّرْطِ إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ بِمِعْيَارٍ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا فَلَهُ إبْقَاؤُهُ إلَى تَتَمُّرِهِ لِتَنَاوُلِ الْعَقْدِ الْجُزَافَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ اسْتَلَمَهُ الْمُبْتَاعُ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ إلَّا ضَمَانُ الْجَائِحَةِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ سُمِّيَ سَلَمًا لِأَنَّهَا مَجَازٌ ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ غَيْرَ طَعَامٍ وَضَبْطُهُ بِعَادَتِهِ الْحَطّ إنْ قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا سَمَّاهُ سَلَمًا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ لِوُجُوبِهِ فِي السَّلَمِ وَقَدْ عَرَّجَ فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ ، أَوْ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا .
( فَإِنْ شَرَطَ ) الْمُسْلِمُ ( تَتَمُّرَ الرُّطَبِ ) الْمَوْجُودِ حَالَ الْعَقْدِ شَرْطًا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا بِأَنْ شَرَطَ فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ
أَيَّامًا يَصِيرُ فِيهَا تَمْرًا ( مَضَى ) الْعَقْدُ فَلَا يُفْسَخُ ( بِقَبْضِهِ ) أَيْ التَّمْرِ وَلَوْ قَبْلَ تَتَمُّرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ قَالَهُ فِيهَا وَمِثْلُهُ يُبْسُهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ .
( وَهَلْ ) الثَّمَرُ ( الْمُزْهِيُّ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ مَا لَمْ يَرْطُبْ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالرُّطَبِ فَشَمَلَ الْبُسْرَ الْمُشْتَرَطَ تَتَمُّرُهُ ( كَذَلِكَ ) أَيْ الرُّطَبُ الْمُشْتَرَطُ تَتَمُّرُهُ فِي مُضِيِّ بَيْعِهِ بِقَبْضِهِ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ كَوْنُ الْمُزْهِيِّ كَذَلِكَ ( الْأَكْثَرُ ) مِنْ شُرَّاحِهَا وَعَلَيْهِ حَمَلُوهَا ( أَوْ ) لَا يَمْضِي بِقَبْضِهِ ، بَلْ هُوَ ( كَالْبَيْعِ ) فِي فَسْخِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَّا بِمُفَوِّتِهِ لِبُعْدِ مَا عَدَا الرُّطَبَ مِنْ التَّمْرِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ زَهْوِهِ ، وَشَرْطُ أَخْذِهِ تَمْرًا لَمْ يَجُزْ لِبُعْدِهِ وَقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ فِيهِ .
( فَإِنْ ) اشْتَرَى ثَمَرَ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَأَخَذَ بَعْضَهُ وَ ( انْقَطَعَ ) بَاقِي ثَمَرِهِ بِجَائِحَةٍ أَوْ تَعَيُّبٍ أَوْ أَكَلَهُ عِيَالُ الْبَائِعِ لَزِمَ الْمُشْتَرِي مَا قَبَضَهُ مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ وَانْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ ، وَبَيْعُ الْمِثْلِيِّ الْمُعَيَّنِ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ .
طفي تَعْبِيرُهُ ؛ بِالِانْقِطَاعِ كَالْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرٌ فِي انْقِطَاعِ إبَّانِهِ ، وَكَذَا تَلَفُهُ بِجَائِحَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ قَبْضِهِ .
قَالَ فِيهَا إذَا قَبَضَ بَعْدَ سَلَمِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ لَزِمَهُ مَا أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ ، وَلَا يَخْتَلِفُ فِي هَذَا كَمَا اخْتَلَفَ فِي الْمَضْمُونِ إذَا انْقَطَعَ إبَّانُهُ ا هـ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُعَيَّنٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُعَيَّنَاتِ ، وَلَيْسَ مِنْ السَّلَمِ فِي شَيْءٍ ( رَجَعَ ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ( بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ لَهُ ) مِنْ الثَّمَرِ مِنْ ثَمَنِهِ
اتِّفَاقًا ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لِيَأْخُذَ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَرِهِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ، وَلِمَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ ، فَالصَّبْرُ إلَيْهِ أَشَدُّ غَرَرًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ شَيْئًا مُعَجَّلًا وَلَوْ طَعَامًا .
ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَأَخَّرَ مُنِعَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ .
ابْنُ يُونُسَ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا بِالْقَضَاءِ .
طفي وَالْبَنَّانِيُّ وَمَعْنَاهُ إنْ طَلَبَ تَعْجِيلَهُ يَقْضِي لَهُ بِهِ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهِ وَلَا مَحْذُورَ فِي تَأْخِيرِهِ .
( وَهَلْ ) الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ ( عَلَى الْقِيمَةِ ) بِأَنْ يَقُومَ مَا قَبَضَ مِنْ الثَّمَرِ فِي وَقْتِهِ وَمَا لَمْ يَقْبِضْ كَذَلِكَ ، وَتُنْسَبُ قِيمَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ لِمَجْمُوعِهِمَا وَبِمِثْلِ نِسْبَتِهَا يَرْجِعُ مِنْ الثَّمَنِ مَثَلًا اشْتَرَى الثَّمَرَ بِسِتِّينَ وَقَبَضَ مَا قِيمَتُهُ سِتُّونَ وَقِيمَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ عِشْرُونَ ، فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانُونَ وَالْعِشْرُونَ رُبُعُهُ ، فَيَرْجِعُ بِرُبُعِ السِّتِّينَ الثَّمَنِ خَمْسَةَ عَشَرَ ( أَوْ ) الرُّجُوعُ بِهَا مِنْهُ ( عَلَى ) قَدْرِ ( الْمَكِيلَةِ ) بِمَا أَخَذَ وَمَا لَمْ يُؤْخَذْ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَسْقَيْنِ وَالثَّانِي وَسْقًا رَجَعَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) مَحَلُّهُمَا إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَخْذِ شَيْئًا فَشَيْئًا ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَخْذِهِ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَالرُّجُوعُ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِهَذَا ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَكْثَرُ كَابْنِ مُحْرِزٍ وَجَمَاعَةٍ ، وَالثَّانِي لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِي مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَفَادَهُ تت .
طفي تَعَقَّبَهُ " ق " بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ .
الْبُنَانِيُّ لَعَلَّ " ق ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كَبِيرِهِ إذْ لَيْسَ فِي النُّسَخِ الَّتِي بِأَيْدِينَا مِنْ صَغِيرِهِ .
وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ ؟ أَوْ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا ؟ أَوْ تُخَالِفُهُ فِيهِ وَفِي السَّلَمِ لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ تَأْوِيلَاتٌ .
( وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ ) الَّتِي يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا فِي بَعْضِ إبَّانِهِ مِنْ السَّنَةِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فِي اشْتِرَاطِ مَا سَبَقَ فِي السَّلَمِ فِي ثَمَرِهَا ( أَوْ ) هِيَ كَذَلِكَ ( إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ ) أَيْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِشَرْطِهِ حَالَ كَوْنِ تَعْجِيلِهِ ( فِي ) السَّلَمِ فِي ثَمَرِ ( هَا ) أَيْ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى حَوَائِطَ فَشِرَاؤُهُ سَلَمٌ حَقِيقِيٌّ ، بِخِلَافِ السَّلَمِ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِيهِ ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ وَتَسْمِيَتُهُ سَلَمًا مَجَازٌ ( أَوْ تُخَالِفُهُ ) أَيْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ الْحَائِطَ الْمُعَيَّنَ ( فِيهِ ) أَيْ وُجُوبُ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا ( وَفِي ) جَوَازِ ( السَّلَمِ ) فِي ثَمَرِهَا ( لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ ) فِيهَا بِخِلَافِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ثَمَرِهِ إلَّا لِمَالِكِهِ فَتُخَالِفُهُ فِي وَجْهَيْنِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَاتٌ ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَالثَّانِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ ، وَالثَّالِثُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ .
وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ ، أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ : خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ ، وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ : وَجَبَ التَّأْخِيرُ ، إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا .
( وَإِنْ ) أَسْلَمَ فِي ثَمَرٍ سَلَمًا حَقِيقِيًّا فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَ ( انْقَطَعَ مَا ) أَيْ ثَمَرٌ مُسْلَمٌ فِيهِ ( لَهُ ) أَيْ الثَّمَرُ ( إبَّانُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ نُونٌ ، أَيْ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ عَادَةً قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي ( أَوْ ) أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ مَأْمُونَةٍ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً ( الْمُشْتَرِي ) بِكَسْرِ الرَّاءِ ( فِي الْفَسْخِ ) لِلسَّلَمِ وَالرُّجُوعِ بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ عِوَضِهِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( وَ ) فِي ( الْإِبْقَاءِ ) لِلسَّلَمِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ وَأَخْذِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ ثَمَرِهِ .
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّأْخِيرُ إلَى فَوَاتِ الْإِبَّانِ بِسَبَبِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَكَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي عَدَمُ تَخْيِيرِهِ وَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ ظُلْمٌ لِلْبَائِعِ فَتَخْيِيرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ زِيَادَةُ ظُلْمٍ ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ سُكُوتَهُ إلَى دُخُولِ الْإِبَّانِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ تت .
( وَإِنْ ) كَانَ أَسْلَمَ فِي ثَمَرٍ لَهُ إبَّانٌ ( قَبَضَ ) الْمُشْتَرِي ( الْبَعْضَ ) مِنْ الثَّمَرِ وَفَاتَ الْإِبَّانُ قَبْلَ قَبْضِ بَاقِيهِ ( وَجَبَ التَّأْخِيرُ ) لِلسَّلَمِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لِيَأْخُذَ الْبَاقِيَ مِنْ ثَمَرِهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَرْضَيَا ) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ ( بِ ) الْفَسْخِ وَ ( الْمُحَاسَبَةِ ) فَلَهَا ذَلِكَ فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ ، وَفِي السَّلَمِ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ مَأْمُونَةٍ ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ لِتَعَلُّقِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِالذِّمَّةِ فَلَا يَبْطُلُ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ كَالدَّيْنِ ، وَلَهُمَا الرِّضَا بِالْفَسْخِ وَالْمُحَاسَبَةِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا ، بَلْ ( وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا ) بِفَتْحِ الْوَاوِ كَعُرُوضٍ وَحَيَوَانٍ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ عَلَى
غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا لِيَأْمَنَا مِنْ خَطَأِ التَّقْوِيمِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : إنْ تَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ فَهِيَ عَلَى الْمَكِيلَةِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ ا هـ عب .
الثَّانِي : يُمْنَعُ أَخْذُهُ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ عَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالتُّونُسِيُّ ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا تُهْمَةَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لِضَرَرِهِمَا بِالتَّأْخِيرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
الثَّالِثُ : مَحَلُّ جَوَازِ رِضَاهُمَا بِالْمُحَاسَبَةِ حَيْثُ كَانَ انْقِطَاعُهُ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بِهِ أَيْضًا ، فَإِنْ كَانَ بِسُكُوتِ الْمُشْتَرِي عَنْ طَلَبِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا بِهَا .
ا هـ .
عب زَادَ الْخَرَشِيُّ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ .
الرَّابِعُ : طفي قَوْلُهُ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ مَعْنَاهُ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ بِفَرْضِ الْمَرْدُودِ مِثْلَ مَا بَقِيَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ لِاحْتِمَالِ الْمُخَالَفَةِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ ، فَيَلْزَمُ جَوَازُ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ عِوَضًا عَمَّا لَمْ يَقْبِضْ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ احْتَمَلَ كَوْنَ الْمَرْدُودِ مِثْلَ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَيَجُوزُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إقَالَةٌ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَ الْإِقَالَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ التَّقْوِيمِ .
ا هـ .
فَأَشَارَ تت إلَى هَذَا .
الْخَامِسُ : طفي الصَّوَابُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ عَلَى السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ ، وَهُوَ السَّلَمُ فِي الذِّمَّةِ فِي غَيْرِ ثَمَرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ وَغَيْرِ ثَمَرِ قَرْيَةٍ .
وَقَوْلُهُ أَوْ
مِنْ قَرْيَةٍ عَلَى الْقَرْيَةِ الْمَأْمُونَةِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ الْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ ، وَلَك جَعْلُ قَوْلِهِ وَانْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ شَامِلًا السَّلَمَ فِي الذِّمَّةِ وَالسَّلَمَ فِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْمَأْمُونَةِ ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ هُوَ فِي السَّلَمِ فِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ ، لَكِنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ يَحْتَاجُ التَّصْرِيحَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فِي انْقِطَاعِ الثَّمَرِ فِي الْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ ، وَاَلَّذِي فِيهَا قَوْلَانِ إذَا انْقَطَعَ ثَمَرُهَا أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْمُحَاسَبَةِ ، وَالثَّانِي جَوَازُ الْبَقَاءِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ .
وَأَمَّا لَوْ أُجِيحَتْ فَيَلْزَمُ الْبَقَاءُ اتِّفَاقًا قَالَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوَضِّحُ وَاقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْفَسْخِ فِي الْجَائِحَةِ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَالصَّوَابُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ تَوْضِيحِهِ ، وَتَكُونُ الْقَرْيَةُ الْمَأْمُونَةُ شَامِلَةً لِانْقِطَاعِ ثَمَرِهَا بِجَائِحَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَتَبْقَى غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ مَسْكُوتًا عَنْهَا أَوْ دَاخِلَةً فِي التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ ، وَأَنَّ الْفَسْخَ فِيهَا مُتَعَيَّنٌ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ سَوَاءٌ انْقَطَعَ ثَمَرُهَا أَوْ أُجِيحَ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ .
وَأَمَّا الْحَائِطُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَدْخُلُ هُنَا أَصْلًا كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ " ج " وَمَنْ تَبِعَهُ ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَحَلَّ فَإِنَّهُ مَزَلَّةُ أَفْكَارٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأَمَّا الْحَائِطُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَدْخُلُ هُنَا أَصْلًا ، أَيْ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ اتِّفَاقًا حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ .
وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ ، وَاللُّؤْلُؤِ ، وَالْعَنْبَرِ ، وَالْجَوَاهِرِ ، وَالزُّجَاجِ ، وَالْجِصِّ وَالزِّرْنِيخِ ، وَأَحْمَالِ الْحَطَبِ ، وَالْأَدَمِ ، وَصُوفٍ بِالْوَزْنِ ، لَا بِالْجَزَزِ
( وَيَجُوزُ ) السَّلَمُ ( فِيمَا ) أَيْ طَعَامٍ ( طُبِخَ ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ إنْ بُيِّنَتْ صِفَتُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَاءٍ فَصِيحَةٍ وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَوْ الْعَاطِفَةُ عَلَى مُقَدَّرٍ ، وَهِيَ أَحْسَنُ لِإِفَادَتِهَا التَّفْرِيعَ عَلَى الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْهَا ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ كَوْنُهُ لَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَطْبُوخُ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ فِي الشَّامِلِ فِي الرُّءُوسِ مَا فِي اللَّحْمِ وَلَوْ مَشْوِيَّةً أَوْ مَغْمُورَةً ، فَإِنْ اُعْتِيدَ وَزْنُهَا عُمِلَ بِهِ وَيَصِحُّ فِي الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ ، وَفِي الْمَطْبُوخِ مِنْهُمَا وَمِنْ اللَّخْمِيِّ إذَا عُرِفَ تَأْثِيرُ النَّارِ فِيهَا بِالْعَادَةِ وَحَصَرَتْهُ الصِّفَةُ .
( وَ ) يَجُوزُ فِي ( اللُّؤْلُؤِ ) بِهَمْزَتَيْنِ وَبِوَاوَيْنِ وَبِهَمْزٍ ثُمَّ وَاوٍ وَعَكْسِهِ اسْمُ جَمْعٍ وَاحِدُهُ لُؤْلُؤَةٌ وَجَمْعُهُ لَآلِئُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى حَصْرِ صِفَتِهِ بِذِكْرِ جِنْسِهِ وَعَدَدِهِ ، وَوَزْنِ كُلِّ حَبَّةٍ ، وَبَيَانِ صِفَتِهَا ( وَالْعَنْبَرِ ) بَعْضُهُمْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَمَرُ شَجَرٍ يَنْبُتُ فِي قَاعِ الْبَحْرِ فَيَرْمِيهِ بِسَاحِلِهِ وَهُوَ أَعْلَاهُ وَأَوْسَطُهُ مَا تَبْتَلِعُهُ دَابَّةٌ بَحْرِيَّةٌ فَيَضُرُّهَا لِشِدَّةِ حَرَارَتِهِ فَتَتَقَايَأَهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَوُجِدَ فِي جَوْفِهَا فَهُوَ يَلِي الثَّانِيَ ، وَإِنْ جَافَتْ وَهُوَ فِي جَوْفِهَا فَهُوَ أَدْنَاهُ .
( وَ ) فِي ( الْجَوْهَرِ ) أَيْ كَبِيرِ اللُّؤْلُؤِ ( وَالزُّجَاجِ ) بِتَثْلِيثِ الزَّايِ وَاحِدُهُ زُجَاجَةٌ ( وَالْجِصِّ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ يُسَمَّى فِي عُرْفِ مِصْرَ جِبْسًا ، حَجَرٌ يُحْرَقُ وَيُطْحَنُ يُبْنَى بِهِ السَّلَالِمُ وَيُبَيَّضُ بِهِ الْحِيطَانُ ( وَالزِّرْنِيخِ ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَنُونٍ مَكْسُورَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَحَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَعْدِنٌ مَعْرُوفٌ ( وَ ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ( أَحْمَالِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حِمْلٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ( الْحَطَبِ ) وَيُقَاسُ
بِخَيْطٍ وَيُجْعَلُ عِنْدَ أَمِينٍ ، وَيُوصَفُ الْحَطَبُ وَصْفًا شَافِيًا فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ يُسْلَمُ فِي الْحَطَبِ وَزْنًا وَأَحْمَالًا .
لِلْبَاجِيِّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِعُرْفِهِمْ فِيهِ .
( وَ ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ( الْأَدَمِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ أَيْ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ غَيْرَهُ ( وَ ) فِي ( صُوفٍ ) مَضْبُوطٍ ( بِالْوَزْنِ ) كَقِنْطَارٍ ( لَا بِالْجِزَزِ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جِزَّةٍ كَذَلِكَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا لِاخْتِلَافِهَا بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَالْغَزَارَةِ وَالْخِفَّةِ ، وَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَمِ بِالْجَزَزِ تَحَرِّيًا ، وَبِالْوَزْنِ مَعَ رُؤْيَةِ الْغَنَمِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّرُوعِ فِي الْجَزِّ وَلَوْ يَتَأَخَّرُ تَمَامُهُ لِنِصْفِ شَهْرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقِسْمَةِ
وَالسُّيُوفِ ، وَتَوْرٍ لِيُكَمِّلَ ، وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ : كَالْخَبَّازِ ، وَهُوَ بَيْعٌ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ :
( وَ ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي نَصْلِ ( سُيُوفٍ ) وَسَكَاكِينَ ، وَفِي الْعُرُوضِ كُلِّهَا إذَا وُصِفَتْ وَضُمِنَتْ فِي الذِّمَّةِ وَأُجِّلَتْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَعُجِّلَ رَأْسُ مَالِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا .
( وَ ) يَجُوزُ شِرَاءُ ( تَوْرٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَسُكُونِ الْوَاوِ آخِرَهُ رَاءٌ أَيْ إنَاءٍ مَفْتُوحٍ يُشْبِهُ الطَّشْتَ مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ شَرَعَ فِيهِ الْعَامِلُ ( لِيُكَمِّلَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا .
وَأَمَّا ذَكَرُ الْبَقَرِ فَبِالْمُثَلَّثَةِ وَلَيْسَ هَذَا سَلَمًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوعُهُ الْآنَ أَوْ لِأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ لِئَلَّا يَلْزَمُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ بَائِعُهُ ضَمَانَ الصَّانِعِ .
طفي فِي إطْلَاقِ السَّلَمِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ ، فَلِذَا اُشْتُرِطَ فِيهِ الشُّرُوعُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ كَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ وَيَضْمَنُهُ بَائِعُهُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ ، وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ فِي الرِّوَايَةِ بِالشِّرَاءِ ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ وَجَازَ شِرَاءُ تَوْرٍ لِيُكَمِّلَ .
الْبُنَانِيُّ جَعَلَهُ الشُّرَّاحُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وضيح مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهُوَ مُغَايِرٌ لِأُسْلُوبِ الْمُصَنِّفِ ، فَيَصِحُّ كَوْنُهُ مِنْ السَّلَمِ ، لَكِنْ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الْمُجَوِّزِ تَعْيِينَ الْمَصْنُوعِ مِنْهُ وَالصَّانِعِ فِي السَّلَمِ ، وَعَيَّنَ هُنَا الْمَصْنُوعَ مِنْهُ لِتَعَيُّنِ الْجُزْءِ الْمَصْنُوعِ ، وَهَذِهِ مَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ مَا بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ ، وَإِذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ وَجَدْتَهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ لِسَلَمٍ وَلَا لِبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ ، وَلَكِنَّ أَقْرَبَ مَا يَتَمَشَّى عَلَيْهِ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا ، وَاَلَّذِي فِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ التَّوْرَ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْقُمْقُمِ ، وَقَالَ عِيَاضٌ هُوَ البِرْقَالُ قَالَ أَيْ
الْإِبْرِيقُ .
( وَ ) يَجُوزُ ( الشِّرَاءُ ) لِجُمْلَةٍ مَضْبُوطَةٍ كَقِنْطَارٍ تُؤْخَذُ فِي أَيَّامٍ كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا حَتَّى تَنْتَهِيَ ( مِنْ ) عَامِلٍ ( دَائِمِ الْعَمَلِ ) حَقِيقَةً بِأَنْ لَا يَفْتُرَ عَنْهُ غَالِبًا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ حِرْفَةِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى لِتَيَسُّرِهِ عِنْدَهُ فَيُشْبِهُ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ ، وَالْعَقْدُ فِي هَذِهِ لَازِمٌ لَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ ، وَجُوِّزَ الْعَقْدُ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مِقْدَارِ الْجُمْلَةِ وَعَقْدُ هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُهَا ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ .
وَمَثَّلَ لِدَائِمِ الْعَمَلِ فَقَالَ ( كَالْخَبَّازِ ) وَالْجَزَّارِ وَالطَّبَّاخِ ( وَهُوَ ) أَيْ الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ ( بَيْعٌ ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ وَلَا تَأْجِيلُ الْمُثَمَّنِ لِقَوْلِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ كُنَّا نَبْتَاعُ اللَّحْمَ مِنْ الْجَزَّارِينَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِشَرْطِ دَفْعِ الثَّمَنِ مِنْ الْعَطَاءِ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إذَا كَانَ وَقْتُ الْعَطَاءِ مَعْرُوفًا ، أَيْ وَمَأْمُونًا .
الْحَطّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى بَيْعَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِاشْتِهَارِهَا بَيْنَهُمْ وَهِيَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي أَوَائِلِ السَّلَمِ .
قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ وَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ اللَّحْمَ بِسَعْرٍ مَعْلُومٍ يُؤْخَذُ كُلَّ يَوْمٍ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَيُشْرَعُ فِي الْأَخْذِ وَيَتَأَخَّرُ الثَّمَنُ إلَى الْعَطَاءِ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَكُونُ لِأَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ يُسَمَّى مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَكَانَ الْعَطَاءُ يَوْمئِذٍ مَأْمُونًا وَلَمْ يَرَوْهُ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَاسْتَخَفُّوهُ وَذَكَرُوا أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشُّرُوعِ فِي الْأَخْذِ عَشْرَةَ
أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُجْمِرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا كُنَّا نَبْتَاعُ اللَّحْمَ مِنْ الْجَزَّارِينَ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ نَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلًا أَوْ رِطْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ، وَنَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ نَدْفَعَ مِنْ الْعَطَاءِ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ حَسَنًا .
مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إذَا كَانَ الْعَطَاءُ مَأْمُونًا وَأَجَلُ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ كُنَّا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ مَشْهُورٌ ، وَلِاشْتِهَارِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ سُمِّيَتْ بَيْعَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَأَجَازَهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ اتِّبَاعًا لِمَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِهَا بِشَرْطَيْنِ الشُّرُوعُ فِي أَخْذِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ، وَكَوْنُ أَصْلِهِ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ، فَلَيْسَ سَلَمًا مَحْضًا ، وَلِذَا جَازَ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ وَلَا شِرَاءَ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ حَقِيقَةً ، وَلِذَا جَازَ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُ جَمِيعِهِ إذَا أَشْرَعَ فِي قَبْضِ أَوَّلِهِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ مَنَعَهُ وَرَآهُ دَيْنًا بِدَيْنٍ ، وَقَالَ تَأْوِيلُ حَدِيثِ الْمُجْمِرِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى الْعَطَاءِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ فِيهِ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا سَمَّى فِيهِ السَّوْمَ وَمَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الْأَرْطَالِ الَّتِي اشْتَرَى مِنْهُ ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ عَلَى عَدَدٍ مُسَمًّى مِنْ الْأَرْطَالِ ، فَكُلَّمَا أَخَذَ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ إلَى الْعَطَاءِ وَلَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا التَّمَادِي عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْقِدَا بَيْعَهُمَا عَلَى عَدَدٍ مَعْلُومٍ مُسَمًّى مِنْ الْأَرْطَالِ ، فَكُلَّمَا أَخَذَ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ إلَى الْعَطَاءِ وَإِجَازَةُ ذَلِكَ مَعَ تَسْمِيَةِ الْأَرْطَالِ الَّتِي يَأْخُذُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُوَ
الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا مَعْنَاهُ وَأَنَا أُجِيزُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا اتِّبَاعًا لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ الْقِيَاسُ ا هـ .
( وَإِنْ لَمْ يَدُمْ ) عَمَلُهُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ كَانَ يَعْمَلُ مَرَّةً وَيَتْرُكُ أُخْرَى وَلَيْسَ حِرْفَتَهُ وَاشْتَرَى مِنْهُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ ( فَهُوَ ) أَيْ الْعَقْدُ ( سَلَمٌ ) حَقِيقِيٌّ لَا بَيْعٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ السَّلَمِ الَّتِي مِنْهَا بَقَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ ، وَتَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ شَيْءٌ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ .
كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ .
وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ ، وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ : جَازَ ، إنْ شَرَعَ : عَيَّنَ عَامِلَهُ أَمْ لَا
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ فَقَالَ ( كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ ) فَيَجُوزُ بِشُرُوطِ السَّلَمِ مِنْ وَصْفِ الْعَمَلِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَتَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَكَوْنِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ ( وَفَسَدَ ) السَّلَمُ فِي نَحْوِ عَمَلِ السَّيْفِ ( بِتَعْيِينِ ) الشَّيْءِ ( الْمَعْمُولِ مِنْهُ ) كَالْحَدِيدِ ( أَوْ ) تَعْيِينِ الشَّخْصِ ( الْعَامِلِ ) وَأَوْلَى بِتَعْيِينِهِمَا مَعًا لِشِدَّةِ غَرَرِهِ فِيهَا ، وَمَنْ اسْتَصْنَعَ طَشْتًا أَوْ تَوْرًا أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ خِفَافًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْمَلُ فِي الْأَسْوَاقِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنْ كَانَ مَضْمُومًا إلَى مِثْلِ أَجَلِ السَّلَمِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا شَيْئًا بِعَيْنِهِ يُعْمَلُ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ إذَا قَدَّمَ رَأْسَ الْمَالِ مَكَانَهُ أَوْ إلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، فَإِنْ ضَرَبَ لِرَأْسِ الْمَالِ أَجَلًا بَعِيدًا لَمْ يَجُزْ وَصَارَ دَيْنًا بِدَيْنٍ .
وَإِنْ اشْتَرَطَ عَمَلَهُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ ظَوَاهِرَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ فَقَدَهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يَدْرِي أَيُسْلَمُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا وَلَا يَكُونُ السَّلَفُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ ا هـ .
وَالظَّوَاهِرُ الْجُلُودُ وَسَقَطَ أَوْ الْعَامِلِ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ وَثُبُوتُهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّهَا السَّابِقِ ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ رُشْدٍ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا يَقْضِي جَوَازَهُ إذَا عَيَّنَ الْعَامِلَ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا وَالْأَجْرُ مِنْ عِنْدَ الْأَجِيرِ جَازَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ اُنْظُرْ " ق " .
( وَإِنْ اشْتَرَى ) شَخْصٌ الشَّيْءَ ( الْمَعْمُولَ مِنْهُ ) كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالْجِلْدِ وَنَحْوِهَا مِنْ صَانِعٍ ( وَاسْتَأْجَرَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى عَمَلِهِ سَيْفًا أَوْ تَوْرًا أَوْ سَرْجًا مَثَلًا ( جَازَ ) عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ ( إنْ شَرَعَ ) الْبَائِعُ فِي الْعَمَلِ وَلَوْ حُكْمًا بِتَأْخِيرِهِ
ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَسَوَاءٌ ( عَيَّنَ ) الْمُشْتَرِي ( عَامِلَهُ أَمْ لَا ) وَفَارَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا بِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ، وَهَذِهِ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ أَجَرَهُ عَلَى عَمَلِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا قَبْلَهَا وَقَعَ عَلَى الْمَصْنُوعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي ، وَهَذِهِ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى الْمَبِيعِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَمَلَكَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ عَلَى عَمَلِهِ ، وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ هِيَ مَسْأَلَةُ ابْنِ رُشْدٍ ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ تَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالْعَامِلِ ، وَعَدَمُ تَعْيِينِهِمَا ، وَتَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ فَقَطْ ، وَتَعْيِينُ الْعَامِلِ فَقَطْ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : قَيَّدَ فِي التَّوْضِيحِ الْجَوَازَ بِكَوْنِ خُرُوجِهِ مَعْلُومًا ، فَإِنْ اخْتَلَفَ كَشِرَائِهِ ثَوْبًا عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ صَبْغَهُ ، أَوْ غَزْلًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ نَسْجَهُ ، أَوْ خَشَبَةً عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُهَا تَابُوتًا فَمَمْنُوعٌ .
طفي سَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ جَعْلَ ابْنِ رُشْدٍ التَّأْخِيرَ الْمُغْتَفَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامً فَقَطْ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إذْ الْمَمْنُوعُ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي بَيْعِ مُعَيَّنٍ بِتَأَخُّرِ قَبْضِهِ كَمَا فِي بُيُوعِهَا الْفَاسِدَةِ فِي اشْتِرَاءِ الزَّرْعِ الْمُسْتَحْصَدِ بِكَيْلٍ وَشِرَاءِ زَيْتِ زَيْتُونٍ مُعَيَّنٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا هُوَ كَثِيرٌ فِي الْمَذْهَبِ ، وَلِذَا قَالَ " س " يُنْظَرُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ الشُّرُوعَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلُ النَّقْدِ بِشَرْطٍ مَعَ قَوْلِهِمْ وَأُجِيزَ تَأْخِيرُهُ شَهْرًا ، فَإِنَّمَا مَنَعُوا النَّقْدَ بِشَرْطٍ إذَا تَأَخَّرَ شَهْرًا وَنَحْوَهُ أَمَّا إلَى مِثْلِ الثَّلَاثَةِ وَالْعَشَرَةِ كَمَا فِي دَوْلَةِ النِّسَاءِ فَلَا مَنْعَ .
ا
هـ .
وَابْنُ رُشْدٍ صَرَّحَ بِهَذَا كُلِّهِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فَانْظُرْهُ .
الثَّالِثُ : " د " مَسْأَلَةُ تَجْلِيدِ الْكُتُبِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ضَرْبِ أَجَلِ السَّلَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ .
عب غَيْرُ ظَاهِرٍ فَفِي تَهْذِيبِ الْبَرَادِعِيِّ لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَاجِرَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارِك وَالْجِصُّ وَالْآجُرُّ مِنْ عِنْدَهُ .
الْوَانُّوغِيُّ قُلْت لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ هَذَا مَسْأَلَةُ تَجْلِيدِ الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ الطَّلَبَةِ شَرْقًا وَغَرْبًا وَكَأَنَّهَا بِعَيْنِهَا فَصَوَّبَهُ .
الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَحْمَدَ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَرُدُّهُ ، بَلْ كَلَامُهَا يَشْهَدُ لَهُ ، وَنَصُّهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجِصَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ ، ثُمَّ قَالَ قُلْت أَرَأَيْت السَّلَمَ هَلْ يَجُوزُ فِيهِ أَنْ لَا يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا وَهَذَا لَمْ يَضْرِبْ لِلْآجُرِّ وَالْجِصِّ أَجَلًا ، قَالَ لَمَّا قَالَ لَهُ ابْنِ لِي هَذِهِ الدَّارَ فَكَأَنَّهُ وَقَّتَ لَهُ أَجَلًا لِأَنَّ وَقْتَ بُنْيَانِهَا عِنْدَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي جِصٍّ وَآجُرٍّ مَعْرُوفٍ إلَى وَقْتٍ مَعْرُوفٍ ، وَأَجَرَهُ فِي عَمَلِ هَذِهِ الدَّارِ فَلِذَا جَازَ .
ا هـ .
عَلَى نَقْلِ " ق " فَهَذَا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ ضَرْبِ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْقَبَّابِ لِبُيُوعِ ابْنِ جَمَاعَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ فِيمَنْ أَعْطَى ثَوْبَهُ أَوْ نَعْلَهُ لِمَنْ يُرَقِّعُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُرِيَهُ الرُّقْعَةَ وَالْجِلْدَ إنْ كَانَا مِنْ عِنْدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا ، قَالَ مَا نَصُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ انْضَافَ إلَى ذَلِكَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك مِنْ غَيْرِ أَجَلِ السَّلَمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَرَّازُ أَوْ الْخَيَّاطُ لَا يَعْدَمُ الرِّقَاعَ أَوْ الْجُلُودَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى طُولِ الْأَجَلِ ، وَيَكْفِي الْوَصْفُ التَّامُّ كَمَا فِي السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ لِمَنْ شَأْنُهُ يَبِيعُهُ ، وَفِي الْخُبْزِ لِمَنْ شَأْنُهُ يَبِيعُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلَ السَّلَمِ فَلَا يَكْتَفِي
بِالْوَصْفِ إلَّا إذَا كَانَ مَا يُرِيدُ أَنْ يُعْمَلَ مِنْهُ مَوْجُودًا عِنْدَهُ حِينَ الْعَقْدِ ، أَوْ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ غَالِبًا لِكَوْنِهِ لَا يَعْدَمُهُ وَيَكْثُرُ عِنْدَهُ .
ا هـ .
فَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْبِنَاءِ وَفِي مُجَلَّدِ الْكُتُبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ : كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ ، وَالْأَرْضِ ، وَالدَّارِ ، وَالْجُزَافِ ، وَمَا لَا يُوجَدُ
( لَا ) يَجُوزُ السَّلَمُ ( فِيمَا ) أَيْ شَيْءٍ ( لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ ) وَصْفًا كَاشِفًا لِحَقِيقَتِهِ وَرَافِعًا لِجَهَالَتِهِ ( كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ ) لِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ، وَعَجْوَةٍ وَحِنَّاءٍ مَخْلُوطَيْنِ بِرَمْلٍ ، وَتُرَابِ حَانُوتِ صَائِغٍ ( وَ ) لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْعَقَارِ كَ ( الْأَرْضِ وَالدُّورِ ) لِأَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ بَيَانُ صِفَتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا ، وَكَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ ، وَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا فِيهِ لِأَنَّ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ فِيهَا الْأَغْرَاضُ مَحَلَّهُ ، وَبِذِكْرِهِ يَتَعَيَّنُ خَارِجًا وَلَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَقْدِ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ .
( وَ ) لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ( الْجُزَافِ ) لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ بَيْعِهِ رُؤْيَتَهُ ، وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ كَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَهَذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ .
الْبُنَانِيُّ قِيلَ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوْ بِتَحَرٍّ لِأَنَّ الْمُتَحَرَّى جُزَافٌ قَطْعًا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِاللَّحْمِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ أَنَّهُ فُقِدَ مِنْهُ بَعْضُ شُرُوطِ الْجُزَافِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَرْئِيًّا وَمَا هُنَا فِيمَا عَدَاهُ .
اللَّخْمِيُّ لَا يُسْلَمُ فِي الْجُزَافِ لِجَهْلِ مَا يَقْتَضِي إلَّا فِي اللَّحْمِ بِالتَّحَرِّي ، وَنَقَلَ " ق " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْجُزَافُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ ، وَالسَّابِقُ فِيمَا يُمْكِنُ تَحَرِّيهِ أَفَادَ هَذَا كَلَامَ الْمُقَدِّمَاتِ .
( وَ ) لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ( مَا ) أَيْ شَيْءٍ ( لَا يُوجَدُ ) أَصْلًا أَوْ إلَّا نَادِرًا كَكِبَارِ اللُّؤْلُؤِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ وُجُودِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَسَلَفُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ كُلِّ الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، حَاشَا أَرْبَعَةً : أَحَدُهُمَا : مَالًا يَصِحُّ الِانْتِقَالُ بِهِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ .
وَالثَّانِي : مَا لَا يُحَاطُ بِصِفَتِهِ مِثْلُ
تُرَابِ الْمَعَادِنِ وَالْجُزَافِ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا .
وَالثَّالِثُ : مَا يَتَعَذَّرُ وُجُودُهُ مِنْ الصِّفَةِ .
وَالرَّابِعُ : مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَالٍ كَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَجَمِيعِ النَّجَاسَاتِ .
وَحَدِيدٍ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ وَبِالْعَكْسِ ؛
( وَ ) لَا يَجُوزُ سَلَمُ ( حَدِيدٍ ) إنْ كَانَتْ السُّيُوفُ تَخْرُجُ مِنْهُ ، بَلْ ( وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ أَوْ بِالْعَكْسِ ) أَيْ سَلَمُ سُيُوفٍ فِي حَدِيدٍ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ سُيُوفٌ .
الْحَطّ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ الْمُفَارِقَةَ لَغْوٌ بِخِلَافِ الْمُلَازِمَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَذُو الصَّنْعَةِ الْمُفَارِقَةِ فِي أَصْلِهِ كَأَصْلِهِ بِخِلَافِ الْمُلَازِمَةِ كَالنَّسْجِ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَعَزَاهُ أَبُو الْحَسَنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ .
وَلِسَحْنُونٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلَمَ حَدِيدٌ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ سُيُوفٌ فِي سُيُوفٍ ، وَكَذَا فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ وِفَاقٌ لِلْكِتَابِ ، وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ السُّيُوفَ وَالْحَدِيدَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَالْقَاعِدَةُ أَنْ لَا يُسْلَمَ شَيْءٌ فِي جِنْسِهِ وَلَا فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَالْقِيَاسُ قَوْلُ سَحْنُونٍ .
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَدُّ الذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَوَسَّلَ بِسَلَمِ مَا لَا تَخْرُجُ مِنْهُ فِيهَا إلَى سَلَمِ مَا تَخْرُجُ مِنْهُ فِيهَا أَفَادَهُ تت .
وَلَا كَتَّانٍ غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُغْزَلَا ؛ وَثَوْبٍ لِيُكَمَّلَ
( وَ ) يُمْنَعُ سَلَمُ ( كَتَّانٍ ) شَعْرٍ غَيْرِ مَغْزُولٍ ( غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ ) أَيْ الْكَتَّانِ ( إنْ لَمْ يُغْزَلَا ) أَيْ الْكَتَّانُ الْغَلِيظُ وَالْكَتَّانُ الرَّقِيقُ .
ابْنُ نَاجِي لِأَنَّ غَلِيظَ الْكَتَّانِ قَدْ يُعَالَجُ فَيُجْعَلُ مِنْهُ مَا يُجْعَلُ مِنْ رَقِيقِهِ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ جَوَازُهُ إنْ غُزِلَا لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا كَغَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهَا ، وَقَرَّرَ الشَّارِحُ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ أَنَّ مَعْنَاهُ يُمْنَعُ سَلَمُ غَزْلِ غَلِيظِ الْكَتَّانِ فِي غَزْلِ رَقِيقِهِ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ قَبْلَ غَزْلِهِمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا يَدْفَعُ لِصَاحِبِهِ مَا فِي ذِمَّتِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَغْزِلَهُ ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى ابْتِدَاءِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ .
( وَ ) لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ( ثَوْبٍ ) نُسِجَ بَعْضُهُ ( لِيُكَمَّلَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً لِلْمُسْلِمِ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ بِخِلَافِهَا بِبَدَلِهِ بِغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكْثُرْ عِنْدَهُ الْغَزْلُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْرِ أَنَّ التَّوْرَ إنْ خَرَجَ بِخِلَافِ الصِّفَةِ يُسْبَكُ وَيُعَادُ عَلَيْهَا وَإِنْ نَقَصَ يُكَمَّلُ وَالثَّوْبُ لَا يُعَادُ ، فَإِنْ كَثُرَ الْغَزْلُ أَوْ النُّحَاسُ عِنْدَهُ بِحَيْثُ يُنْسَجُ أَوْ يُصَاغُ مِنْهُ ثَوْبٌ أَوْ ثَوْبٌ آخَرُ بِالصِّفَةِ إنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ بِخِلَافِهَا جَازَ فِيهِمَا ، وَإِنْ اشْتَرَى جَمِيعَ الْغَزْلِ عَلَى شَرْطِ نَسْجِهِ أَوْ جَمِيعَ النُّحَاسِ بِشَرْطِ عَمَلِهِ امْتَنَعَ فِيهِمَا الْغَرَرُ ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ زَائِدٌ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ صَنْعَتِهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ آخَرُ مُنِعَ فِي الثَّوْبِ لِأَنَّهُ لَا يُعَادُ ، وَجَازَ فِي التَّوْرِ لِأَنَّهُ يُعَادُ وَيُكَمَّلُ ، فَأَقْسَامُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ .
وَمَصْنُوعٍ قُدِّمَ لَا يَعُودُ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ : كَالْغَزْلِ ، بِخِلَافِ النَّسْجِ إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ .
وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ : اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ ، وَإِنْ عَادَ ، اُعْتُبِرَ فِيهِمَا وَالْمَصْنُوعَانِ يَعُودَانِ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ .
( وَ ) لَا يَجُوزُ سَلَمُ شَيْءٍ ( مَصْنُوعٍ قُدِّمَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً ، أَيْ جَعْلُ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ لِأَصْلِهِ الْمَصْنُوعِ هُوَ مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ ( لَا يَعُودُ ) وَأَوْلَى إنْ كَانَ يَعُودُ الْمَصْنُوعُ غَيْرَ مَصْنُوعٍ حَالَ كَوْنِهِ ( هَيِّنَ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً ، أَيْ سَهْلَ ( الصَّنْعَةِ ) وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( كَالْغَزْلِ ) مِنْ كَتَّانٍ يُسْلَمُ فِي كَتَّانٍ لِأَنَّ صَنْعَتَهُ لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ أَصْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، وَبَيَّنَ مَفْهُومَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ بِقَوْلِهِ ( بِخِلَافِ النَّسْجِ ) أَيْ الْمَنْسُوجِ فَيَجُوزُ سَلَمُهُ فِي أَصْلِهِ لِإِخْرَاجِهِ صَنْعَتَهُ عَنْ أَصْلِهِ لِصُعُوبَتِهَا ، فَيَجُوزُ سَلَمُ ثَوْبٍ مِنْ كَتَّانٍ فِي غَزْلِ كَتَّانٍ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ مِنْ صُوفٍ فِي غَزْلِ صُوفٍ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ مِنْ قُطْنٍ فِي غَزْلِ قُطْنٍ أَوْ شَعْرِهِ لِبُعْدِهِ مِنْ أَصْلِهِ بِصَنْعَتِهِ ( إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ ) أَيْ الْحَرِيرِ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُهَا فِيهِ .
أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَنَّهَا تَنْفُشُ وَتَصِيرُ خَزًّا .
سَنَدُ هَذَا بَعِيدٌ إذْ يَبْعُدُ فِي الْمَنْسُوجِ أَنْ يُقْصَدَ التَّعَامُلُ عَلَى نَقْضِ نَسْجِهِ .
( وَإِنْ قُدِّمَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلًا أَيْ جُعِلَ ( أَصْلُهُ ) أَيْ الْمَمْنُوعُ غَيْرُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ كَالْمَنْسُوجِ وَالْمَصُوغُ رَأْسُ مَالٍ لِلْمَصْنُوعِ كَسَلَمِ كَتَّانٍ فِي ثَوْبٍ أَوْ نُحَاسٍ فِي تَوْرٍ ( اُعْتُبِرَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لُوحِظَ ( الْأَجَلُ ) الْمَضْرُوبُ بَيْنَهُمَا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ يَسَعُ صَنْعَةَ الْأَصْلِ الْمُقَدَّمِ مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ بِمَا يَفْضُلُ مِنْ الْأَصْلِ إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِلَّا ذَهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسَعُ ذَلِكَ جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ .
وَأَمَّا أَصْلُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ فَيُمْنَعُ سَلَمُهُ فِي مَصْنُوعِهِ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى مِنْ مَنْعِ سَلَمِ مَصْنُوعِهِ فِي أَصْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ قَصْدُ نَقْضِ
الْمَصْنُوعِ فِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ لَا خَيْرَ فِي شَعِيرٍ نُقِدَ فِي قَصِيلٍ لِأَجَلٍ إلَّا لِأَجَلٍ لَا يَصِيرُ الشَّعِيرُ فِيهِ قَصِيلًا .
وَذَكَرَ مَفْهُومَ لَا يَعُودُ فَقَالَ ( وَإِنْ عَادَ ) الْمَصْنُوعُ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ ( اُعْتُبِرَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لُوحِظَ الْأَجَلُ ( فِيهِمَا ) أَيْ سَلَمِ الْمَصْنُوعِ فِي أَصْلِهِ وَسَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ ، فَإِنْ وَسِعَ الْأَجَلُ جُعِلَ الْمَصْنُوعُ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ جُعِلَ أَصْلُهُ مِنْهُ امْتَنَعَ السَّلَمُ وَإِلَّا جَازَ كَسَلَمِ آلَةٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ فِي نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ عَكْسِهِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : ابْنُ هَارُونَ اعْتِبَارُ الْأَجَلِ حَسَنٌ إذَا قُدِّمَ الْأَصْلُ ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ ، وَأَجَازَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَالْبَرْقِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ قَائِلًا وَأَمَّا إذَا قُدِّمَ الْمَصْنُوعُ فِي غَيْرِهِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِيهِ إذْ يَبْعُدُ أَنْ يُفْسِدَ الْمَصْنُوعَ وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَدْفَعَهُ لِلْمُسْلِمِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى صُورَةٍ نَادِرَةٍ بِأَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ قَلِيلَ الثَّمَنِ لِقِدَمِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ ، فَإِذَا زَالَتْ صَنْعَتُهُ ظَهَرَتْ لَهُ صُورَةٌ وَفِيهِ بُعْدٌ ا هـ .
الثَّانِي : الْمُعْتَمَدُ أَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَعُودُ لِأَصْلِهِ أَمْ لَا لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ ، وَأَنَّ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ إنْ لَمْ يَعُدْ أَسْلَمَ فِي أَصْلِهِ وَأَسْلَمَ أَصْلُهُ فِيهِ إنْ ضَاقَ الْأَجَلُ عَنْ صَنْعَتِهِ ، وَإِنْ عَادَ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ : وَعَكْسُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا .
الثَّالِثُ : طفي قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ لَيْسَ مَفْهُومَ وَلَا يَعُودُ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ ، وَأَمَّا هُوَ فَالْمَنْعُ فِيهِ إنْ عَادَ أَوْلَى وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْأَجَلِ فِيهِ لِأَنَّ هَيِّنَهَا مَعَ أَصْلِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ .
ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ هَانَتْ الصَّنْعَةُ كَغَزْلِ
الْكَتَّانِ فَقَدْ جَعَلُوهُ كَغَيْرِ الْمَصْنُوعِ ، وَجَعَلُوا الصَّنْعَةَ لِهَوَانِهَا كَالْعَدَمِ .
ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ الْمَغْزُولُ وَغَيْرُ الْمَغْزُولِ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَعَنْهُمْ صِنْفٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَفْهُومُ لَا يَعُودُ وَلَا بِقَيْدِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ .
( وَ ) الشَّيْئَانِ ( الْمَصْنُوعَانِ ) مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَنُحَاسٍ أَوْ كَتَّانٍ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ حَالَ كَوْنِهِمَا ( يَعُودَانِ ) أَيْ يُمْكِنُ عَوْدُهُمَا لِأَصْلِهِمَا ( يُنْظَرُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ ( لِلْمَنْفَعَةِ ) الْمَقْصُودَةِ مِنْهُمَا ، فَإِنْ اتَّحَدَتْ أَوْ تَقَارَبَتْ كَإِبْرِيقٍ مِنْ نُحَاسٍ فِي مِثْلِهِ أَوْ صَحْنٍ ، فِي طَاسَةٍ مِنْهُ مُنِعَ ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ كَإِبْرِيقٍ فِي طَسْتٍ كِلَاهُمَا مِنْ نُحَاسٍ جَازَ وَفِيهَا لَا خَيْرَ فِي سَيْفٍ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْدَةِ وَالْقَطْعِ .
تَنْكِيتٌ تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ يَعُودَانِ مَعَ تَعَقُّبِهِ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا لَا يَعُودَانِ لِرَقِيقِ ثِيَابِ كَتَّانٍ فِي مِثْلِهِ لَا يُنْظَرُ ، لِمَنْفَعَتِهِمَا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ تت .
وَأَشَارَ الْخَرَشِيُّ لِجَوَابِهِ بِقَوْلِهِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعُودَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ صَنْعَتُهُمَا هَيِّنَةً أَمْ لَا .
وَجَازَ قَبْلَ زَمَانِهِ : قَبُولُ صِفَتِهِ فَقَطْ : كَقَبْلِ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا .
( وَجَازَ ) لِلْمُسْلِمِ ( قَبْلَ ) صِلَةِ قَبُولِ حُلُولِ ( زَمَانِهِ ) أَيْ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ، وَفَاعِلُ جَازَ ( قَبُولُ ) مَوْصُوفِ ( صِفَتِهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَجَازَ لَهُ عَدَمُ قَبُولِهِ ، وَيَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ دَفْعُهُ قَبْلَهُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُمَا ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ( فَقَطْ ) عَنْ الْأَجْوَدِ وَالْأَدْنَى وَالْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ فَلَا يَجُوزُ قَبُولُهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى قَبُولِ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَكْثَرِ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَعَلَى قَبُولِ الْأَدْنَى أَوْ الْأَقَلِّ ضَعْ وَتَعَجَّلْ .
الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ قَبُولُ مِثْلِهِ إلَخْ لَكَانَ أَنَصَّ عَلَى الْمُرَادِ ، أَيْ مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا .
قُلْت لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَدْرَ مِنْ الصِّفَةِ .
الْحَطّ هَذَا إذَا قَضَاهُ شَيْئًا مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ شَيْئًا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ اُشْتُرِطَ فِي جَوَازِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ فِي قَضَائِهِ بِهِ بَعْدَهُ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ .
الْخَرَشِيُّ مُرَادُهُ قَبُولُ صِفَتِهِ فِي مَحَلِّهِ بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ .
عب إنْ قُلْت مَوْصُوفُ صِفَتِهِ هُوَ عَيْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ .
قُلْت لَعَلَّهُ لِقَوْلِهِ فَقَطْ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَ ) قَبُولِ مَوْصُوفِ صِفَتِهِ ( قَبْلَ ) وُصُولِ ( مَحَلِّهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي اُشْتُرِطَ دَفْعُهُ فِيهِ فَيَجُوزُ ( فِي الْعَرْضِ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَرَادَ بِهِ مُقَابِلَ الطَّعَامِ بِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِحُلُولِ أَجَلِهِ .
عب هَذَا ضَعِيفٌ ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْجَوَازِ مِنْ حُلُولِ أَجَلِ الْعَرْضِ .
تت وَظَاهِرُهُ كَانَ لِلْعَرْضِ حِمْلٌ كَالثِّيَابِ أَمْ لَا كَالْجَوْهَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا كَانَ الطَّالِبُ لِذَلِكَ الْمُسْلِمَ أَوْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ .
وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ إنْ لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً ، وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا : كَقَاضٍ إنْ غَابَ .
وَجَازَ أَجْوَدُ وَأَرْدَأُ ؛
( وَ ) جَازَ قَبُولُ صِفَتِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ ( فِي الطَّعَامِ ) الْمُسْلَمِ فِيهِ ( إنْ حَلَّ ) أَجَلُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ مُنِعَ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ جَرَّ نَفْعًا لِلْمُسَلِّفِ وَهُوَ سُقُوطُ ضَمَانِهِ عَنْهُ إلَى حُلُولِ أَجَلِهِ وَبَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ عِوَضٌ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْآنَ ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْقَضَاءِ قَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ اللَّذَيْنِ حَلَّ أَجَلُهُمَا ( إنْ لَمْ يَدْفَعْ ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ ( كِرَاءً ) لِحَمْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ قَبْضِهِ لِمَوْضِعِ الشَّرْطِ ، فَإِنْ دَفَعَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَحَلَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُ .
حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ هَذَا الْمَنْعُ عَامٌّ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ ، وَتَزِيدُ عِلَّةُ الطَّعَامِ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالنَّسِيئَةُ بِأَخْذِهِ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَجِبُ لَهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ ، وَيَجْرِي فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إذَا كَانَ الْكِرَاءُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَبَيْعٍ وَسَلَفٍ .
( تَنْبِيهَانِ ) : الْأَوَّلُ : اسْتَشْكَلَ ابْنُ جَمَاعَةَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ الْكَاتِبِ وَابْنُ مُحْرِزٍ جَوَازَ قَبُولِ صِفَتِهِ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إنْ حَلَّ قَبْلَ مَحَلِّهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ لِانْتِفَاعِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِسُقُوطِ حَمْلِهِ إلَى مَحَلِّهِ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا ، وَالْمَحَلُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَلِ ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الطَّعَامِ وَالصَّوَابُ جَرَيَانُهُ فِي الْعَرْضِ أَيْضًا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ .
الثَّانِي : فِي الطَّعَامِ وَالْعَرْضِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ الْجَوَازُ بِشَرْطِ حُلُولِهِمَا ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ الْجَوَازُ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فِيهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا أَحْسَنُ ، وَالْأَوَّلُ أَقَيْسُ وَالْمُصَنِّفُ فَرَّقَ بَيْنَ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ فَيُنْظَرُ مُسْتَنَدُهُ فِيهِ
وَلَوْ جَرَى عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَقَالَ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إنْ حَلَّ أَوْ عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ لَقَالَ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ مُطْلَقًا .
( وَلَزِمَ ) قَبُولُ صِفَتِهِ الْمُسْلَمِ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ( بَعْدَ ) بُلُوغِ ( هِمَا ) أَيْ الْأَجَلِ وَالْمَحَلِّ إنْ أَتَاهُ بِجَمِيعِهِ ، فَإِنْ أَتَاهُ بِبَعْضِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إنْ أَيْسَرَ الْمَدِينُ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَضَاؤُهُ بِحُلُولِهِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ لَازِمٌ لَهُمَا مَعَ يُسْرِ الْمَدِينِ ، وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ قَبُولِ صِفَتِهِ بَعْدَهُمَا فَقَالَ ( كَ ) قَبُولِ ( قَاضٍ ) أَيْ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ مَنْصِبَ الْقَضَاءِ إذَا أَتَاهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ بِقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ( إنْ غَابَ ) الْمُسْلِمُ عَنْ مَحَلِّ قَبْضِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ خَاصٌّ فِيهِ ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى وَكِيلِهِ وَمَثَّلَهُ فِيهَا فِي بَابِ الْمَفْقُودِ الْمُصَنِّفُ ، وَظَاهِرُ عُيُوبِهَا خِلَافُهُ .
( وَ ) إنْ رَفَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَهُمَا شَيْئًا أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( جَازَ ) شَيْءٌ ( أَجْوَدُ ) أَيْ أَزْيَدُ جَوْدَةً وَحُسْنًا مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ، أَيْ قَبُولُهُ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَهُمَا لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ، وَلَا تَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُهُ لِأَنَّهَا هِبَةٌ وَهِيَ لَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا .
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ يَجِبُ لِحُصُولِ الْغَرَضِ وَزِيَادَةٍ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَذْهَبُ خِلَافُهُ لِمَا فِي صَرْفِهَا مِنْ أَقْرَضْتَهُ دَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةً فَقَضَاك مُحَمَّدِيَّةً أَوْ قَضَاك دَنَانِيرَ عُتَقَاءَ مِنْ هَاشِمِيَّةٍ أَوْ سَمْرَاءَ مِنْ مَحْمُولَةٍ أَوْ مِنْ شَعِيرٍ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهَا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ ، وَالْمُحَمَّدِيَّةُ وَالْعَتْقَاءُ وَالسَّمْرَاءُ أَفْضَلُ أَفَادَهُ تت .
( وَ ) جَازَ شَيْءٌ ( أَرْدَأُ ) مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ، أَيْ قَبُولُهُ بَعْدَهُمَا لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً " غ " .
هَذَا خِلَافُ تَفْصِيلِ ابْنِ شَاسٍ إذْ قَالَ وَإِنْ أَتَى بِالْجِنْسِ
وَهُوَ أَجْوَدُ وَجَبَ قَبُولُهُ ، وَإِنْ كَانَ أَرْدَأَ جَازَ قَبُولُهُ وَلَمْ يَجِبْ ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاسْتَبْعَدَهُ هُوَ وَابْنُ هَارُونَ إذْ لَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ قَبُولُ الْمِنَّةِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ هِبَةٌ وَلَا يَجِبُ قَبُولُهَا ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهَا فِي الصَّرْفِ وَمَنْ أَقْرَضْته دَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةً فَقَضَاك مُحَمَّدِيَّةً أَوْ قَضَاك دَنَانِيرَ عُتَقَاء عَنْ هَاشِمِيَّةٍ ، أَوْ قَضَاك سَمْرَاءَ عَنْ مَحْمُولَةٍ أَوْ شَعِيرٍ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهَا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَإِنْ قَبِلْتهَا جَازَ فِي الْعَيْنِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدِهِ ، وَلَا يَجُوزُ فِي الطَّعَامِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ كَانَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ لِأَنَّ الطَّعَامَ يُرْجَى تَغَيُّرُ أَسْوَاقِهِ ، وَلَيْسَ الْعَيْنُ كَذَلِكَ .
وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِإِجَازَتِهِ مِنْ قَرْضٍ قَبْلَ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَأْيٌ وَلَا عَادَةٌ سَحْنُونٌ وَهُوَ أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَظَرٌ ، بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى جِنْسٍ فَوَجَدَ أَجْوَدَ مِنْهُ لَزِمَهُ كَنَقْلِ ابْنِ شَاسٍ لِأَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْأَظْهَرُ إنْ دَفَعَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ ، وَإِنْ دَفَعَهُ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَشَقَّةَ تَعْوِيضِهِ بِمِثْلِ مَا شَرَطَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ .
لَا أَقَلُّ ، إلَّا عَنْ مِثْلِهِ ، وَيُبْرِئُ مِمَّا زَادَ ، وَلَا دَقِيقٌ عَنْ قَمْحٍ ، وَعَكْسُهُ
( لَا ) يَجُوزُ قَبُولُ شَيْءٍ ( أَقَلَّ ) مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَدْرًا كَعَشْرَةٍ عَنْ أَحَدَ عَشَرَ ، أَوْ إرْدَبٍّ عَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْهُ لِلِاتِّهَامِ عَلَى بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مِنْ صِنْفِهِ غَيْرِ مُمَاثِلٍ لَهُ ( إلَّا ) أَنْ يَأْخُذَ الْأَقَلَّ ( عَنْ مِثْلِهِ ) مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَدْرًا ( وَيُبَرِّئُ ) الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ ( مِمَّا ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي ( زَادَ ) هـ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَلَى الْمَأْخُوذِ فَيَجُوزُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْفَضْلِ فِي الطَّعَامَيْنِ الْمُتَّحِدَيْ الصِّنْفِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَمْ يَعْتَدَّ ، وَهَذَا فِي الطَّعَامِ وَالنَّقْدِ اللَّذَيْنِ حَلَّ أَجَلُهُمَا ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَيَجُوزُ قَبُولُ الْأَقَلِّ مِنْهُ عَنْ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ كَقِنْطَارِ نُحَاسٍ عَنْ قِنْطَارَيْنِ .
( وَلَا ) يَجُوزُ ( دَقِيقٌ ) أَيْ أَخْذُهُ قَضَاءً ( عَنْ قَمْحٍ ) مُسْلَمٍ فِيهِ ( وَ ) لَا يَجُوزُ ( عَكْسُهُ ) أَيْ أَخْذُ قَمْحٍ قَضَاءً عَنْ دَقِيقٍ مُسْلَمٍ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّحْنَ يَنْقُلُ فَصَارَا جِنْسَيْنِ ، فَلَزِمَ فِيهِمَا بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيهَا إنْ أَسْلَمْت فِي مَحْمُولَةٍ أَوْ سَمْرَاءَ أَوْ شَعِيرٍ ، أَوْ سَلَّمْت أَوْ أَقْرَضْت ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ قَضَاءً عَنْ بَعْضٍ مِثْلَ الْمَكِيلَةِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ ، وَهُوَ بَدَلٌ جَائِزٌ ، وَكَذَلِكَ أَجْنَاسُ التَّمْرِ ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ ، وَإِنْ أَسْلَمْت فِي حِنْطَةٍ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ دَقِيقَ حِنْطَةٍ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَا بَأْسَ بِهِ مِنْ قَرْضٍ بَعْدَ مَحَلِّهِ ، وَإِنْ أَسْلَمْت فِي لَحْمِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ جَازَ أَنْ تَأْخُذَ لَحْمَ بَعْضِهَا أَوْ شَحْمًا قَضَاءً مِنْ بَعْضٍ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ بَدَلٌ وَلَيْسَ بَيْعَ طَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّفَاضُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ مَا أَسْلَفَ فِيهِ ا هـ مِنْ الْحَطّ .
طفي وَجَازَ أَجْوَدُ وَأَرْدَأُ وَأَقَلُّ وَأَكْثَرُ
أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الصِّفَةِ لَا أَقَلُّ مَعَ اخْتِلَافِهَا ، هَذَا لِلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ : وَقَضَاؤُهُ لِحُلُولِهِ وَبِصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَعَ يُسْرِ الْمَدِينِ ، وَبِأَقَلَّ قَدْرًا مِنْ صِنْفِهِ وَالْقَبْضُ مِنْ الْمَدِينِ جَائِزٌ حَسَنٌ اقْتِضَاءً وَعَكْسُهُ حَسَنٌ قَضَاءً ، ثُمَّ قَالَ وَمَنْعُ الْقَضَاءِ بِأَقَلَّ قَدْرًا وَأَجْوَدَ صِفَةً وَاضِحٌ وَعَكْسُهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَهُوَ الْأَقَلُّ قَدْرًا وَأَرْدَأُ صِفَةً ، ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى جَوَازِ الصُّورَتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَخَذَ خَمْسِينَ مَحْمُولَةً عَنْ مِائَةٍ سَمْرَاءَ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً لِأَنَّهُ أَدْنَى صِفَةً ، وَمَنَعَهُ مَرَّةً لِأَنَّهَا يُرْغَبُ فِيهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَقَوْلُهُ لَا أَقَلُّ يَشْمُلُ الصُّورَتَيْنِ ، وَلَا يَشْمَلُ اتِّحَادَ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، فَتَعْمِيمُ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ ، وَإِنْ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ .
وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ ، إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ .
وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً ، وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ ، لَا طَعَامٍ ، وَلَحْمٍ بِحَيَوَانٍ
( وَ ) جَازَ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَبَعْدَهُ ( بِغَيْرِ جِنْسِهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( إنْ جَازَ بَيْعُهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( قَبْلَ قَبْضِهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامًا ( وَ ) إنْ جَازَ ( بَيْعُهُ ) أَيْ الْمَأْخُوذِ ( بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً ) أَيْ مُقَابَضَةً بِلَا تَأْخِيرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لَحْمًا وَالْآخَرُ حَيَوَانًا مِنْ جِنْسِهِ .
( وَ ) جَازَ ( أَنْ يُسْلَمَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَأْخُوذِ ( رَأْسُ الْمَالِ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ الْوَاجِبُ وَبَيْعُهُ بِالْمَأْخُوذِ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى السَّلَمِ فِيهِ كَالضَّمَائِرِ السَّابِقَةِ ( لَا ) يَجُوزُ قَضَاءُ ( طَعَامٍ ) مُسْلَمٍ فِيهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، فَهَذَا مُحْتَرَزُ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ( وَ ) لَا يَجُوزُ قَضَاءُ ( لَحْمِ ) مُسْلَمٍ فِيهِ ( بِحَيَوَانٍ ) مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهَا مُزَابَنَةٌ وَلَا عَكْسُهُ لِذَلِكَ ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ بَيْعِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ لِأَنَّ اللَّحْمَ وَالْحَيَوَانَ جِنْسَانِ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْقَمْحِ وَالدَّقِيقِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ .
وَذَهَبٍ ؛ وَرَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ ، وَعَكْسِهِ .
وَجَازَ بَعْدَ أَجَلِهِ الزِّيَادَةُ لِيَزِيدَهُ طُولًا : كَقَبْلِهِ ، إنْ عَجَّلَ دَرَاهِمَهُ ، وَغَزْلٍ يَنْسِجُهُ ، لَا أَعْرَضَ أَوْ أَصَفْقَ
( وَ ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( ذَهَبٍ وَرَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ ) لِامْتِنَاعِ سَلَمِ الْوَرِقِ فِي الذَّهَبِ ، فَهَذَا مُحْتَرَزُ وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ ( وَ ) لَا يَجُوزُ ( عَكْسُهُ ) أَيْ الْقَضَاءُ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِوَرِقٍ وَرَأْسُ الْمَالِ ذَهَبٌ لِامْتِنَاعِ سَلَمِ الذَّهَبِ فِي الْوَرِقِ .
تت وَيَخْرُجُ بِهَذَا الْمُحْتَرَزِ أَمْرٌ ثَانٍ وَهُوَ مَنْعُ الطَّعَامِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ طَعَامًا لِلتَّفَاضُلِ وَالنَّسَاءِ إلَّا أَنْ يَتَسَاوَى الطَّعَامَانِ فَيَجُوزُ وَبَعْدَ إقَالَةٍ ، وَيَخْرُجُ بِهِ أَيْضًا أَمْرٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ عَرْضٌ عَنْ صِنْفِهِ حَذَرًا مِنْ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ لِلْأَمْنِ مِمَّا سَبَقَ .
ا هـ .
وَأَصْلُهُ لِلتَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ .
( وَ ) إنْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ( جَازَ ) لَهُ ( بَعْدَ ) حُلُولِ ( أَجَلِهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( الزِّيَادَةُ ) لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ ( لِيَزِيدَهُ ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلَمَ ( طُولًا ) أَوْ عَرْضًا أَوْ صَفَاقَةً أَيْ لِيُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ أَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ مِمَّا وَصَفَهُ إنْ عَيَّنَهُ وَعَجَّلَهُ لَهُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي حَالٍّ ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ، وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ عُجِّلَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ اشْتِرَاطُ تَعْجِيلِهَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي وَإِنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَزِدْته بَعْدَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَك ثَوْبًا أَطْوَلَ مِنْهُ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ جَازَ إذَا تَعَجَّلْت ذَلِكَ ا هـ .
ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّك أَعْطَيْت فِي الثَّوْبِ الْمَأْخُوذِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي زِدْتهَا وَالثَّوْبَ الَّذِي أَسْلَمْت فِيهِ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ كَانَ بَيْعًا وَسَلَفًا تَأْخِيرُهُ لِمَا عَلَيْهِ سَلَفٌ ، وَالزِّيَادَةُ بَيْعٌ ،
وَلَوْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ مُؤَخَّرًا كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَ ) زِيَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ ( قَبْلِهِ ) أَيْ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِيَزِيدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَفْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ طُولًا عَلَى طُولِهِ الْمَشْرُوطِ أَوَّلًا فَيَجُوزُ ( إنْ عَجَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُسْلِمُ ( دَرَاهِمَهُ ) أَيْ الْمُسْلِمِ الْمَزِيدَةَ عَلَى رَأْس الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَوْ حَكَمَا بِتَأْخِيرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ سَلَمٌ مُؤْتَنَفٌ ، وَأُجِّلَتْ الزِّيَادَةُ كَأَجَلِ السَّلَمِ ، وَبَقِيَ مِنْ أَجَلِ الْأَصْلِ نِصْفُ شَهْرٍ فَأَكْثَرُ ، وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ لِلْجَوَازِ .
وَالثَّالِثُ : كَوْنُ الزِّيَادَةِ فِي الطُّولِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ .
وَالرَّابِعُ : أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ عَنْ أَجَلِهِ وَإِلَّا لَزِمَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ .
وَالْخَامِسُ : أَنْ لَا يُشْتَرَطَ حَالَ عَقْدِ السَّلَمِ أَنَّهُ يَزِيدُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ دَرَاهِمَ لِيَزِيدَهُ فِي الطُّولِ فِيهَا وَإِنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَزِدْته قَبْلَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ نَقْدًا عَلَى إنْ زَادَ لَك فِي طُولِهِ جَازَ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ الْمُشْتَرَطَةَ أَوَّلًا بَقِيَتْ بِحَالِهَا وَاسْتَأْنَفَا صَفْقَةً أُخْرَى ، وَلَوْ كَانَتْ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَا جَازَ .
أَبُو الْحَسَنِ أَيْ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَنِّي أَزِيدُك بَعْدَ مُدَّةٍ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي ثَوْبًا أَطْوَلَ لَمْ يَجُزْ .
( وَ ) جَازَ لِمَنْ دَفَعَ غَزْلًا لِمَنْ يَنْسِجُهُ لَهُ ثَوْبًا طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا إنْ عَجَّلَ لَهُ دَرَاهِمَ مَعَ ( غَزْلٍ يَنْسِجُهُ ) لَهُ وَيَزِيدُهُ فِي طُولِ الشُّقَّةِ أَوْ عَرْضِهَا وَنَحْوِهِ فِيهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ لِإِجَازَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِلزِّيَادَةِ فِي الطُّولِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ، وَأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ ، قَالَ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ لَوْ دَفَعْت إلَيْهِ غَزْلًا يَنْسِجُهُ ثَوْبًا سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ زِدْته دَرَاهِمَ وَغَزْلًا عَلَى أَنْ
يَزِيدَك فِي طُولٍ أَوْ عَرْضٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهُمَا صَفْقَتَانِ ، وَهَذِهِ إجَارَةٌ وَهِيَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ انْتَهَى .
فَمَسْأَلَةُ الْغَزْلِ الَّذِي يُنْسَجُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ السَّلَمِ ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ ، وَلِذَا فِيهَا أَنْ يَزِيدَهُ غَزْلًا وَدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِي الْعَرْضِ لِأَنَّهَا لَا يَدْخُلُهَا فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَزِيدُهُ مِنْ غَزْلِهِ ، وَلَكِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْعَرْضِ إنَّمَا تُمْكِنُ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نَسْجِ شَيْءٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( لَا ) إنْ زَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ لِيُعْطِيَهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ ( أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ ) مِنْ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَفْقَةٌ أُخْرَى فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ كُلِّهِ ، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ مُخَالَفَةِ الْمَأْخُوذِ لِلْأَوَّلِ مُخَالَفَةً تُبِيحُ سَلَمَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ ، وَإِلَّا كَانَ قَضَاءً قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَرْدَأَ أَوْ أَجْوَدَ فِيهَا ، وَلَوْ زَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَصْفَقَ وَأَرَقَّ لَمْ يَجُزْ .
أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا إنْ زَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَبْدِيلِ ذَلِكَ الثَّوْبِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوَّلًا بِمَا شَرَطَاهُ ثَانِيًا لِأَنَّ الْعَرْضَ لَا يُزَادُ فِيهِ ، وَكَذَا الصَّفَاقَةُ .
ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ زَادَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ خِلَافَ الصِّفَةِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ عَمَّا أَسْلَمَهُ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ .
وَأَمَّا إنْ زَادَهُ دَرَاهِمَ لِيَزِيدَهُ فِي الطُّولِ فَالثَّوْبُ الْأَوَّلُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَالزِّيَادَةُ لِأَذْرُعٍ أُخْرَى فَهِيَ صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ خَالِيَةٌ عَنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ .
وَلَا يَلْزَمُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ .
( وَلَا يَلْزَمُ ) الْمُسْلَمَ إلَيْهِ ( دَفْعُهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا طَابَ مِنْهُ ( بِغَيْرِ مَحَلِّهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ إنْ ثَقُلَ حَمْلُهُ ، بَلْ ( وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَجَوْهَرٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ ، قِيلَ وَالْمُبَالَغَةُ عَلَى هَذَا أَنْسَبُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الدَّفْعِ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً أَيْضًا ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اتَّحَدَ سِعْرُ الْمَحَلَّيْنِ أَوْ كَانَ غَيْرُ مَحَلِّهِ أَرْخَصَ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَحَقُّهُ اسْتِثْنَاءُ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ .
ابْنُ بَشِيرٍ إذَا لَقِيَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي اشْتَرَطَ الْقَضَاءَ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا وَجَبَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرِّضَا بِالْأَخْذِ إذَا طَلَبَهُ الْآخَرُ ، وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَا يُجْبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا .
وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَا حِمْلَ لَهَا كَالْجَوَاهِرِ فَهَلْ هِيَ كَالْعَيْنِ أَوْ كَالنَّوْعِ الْأَوَّلِ فِيهِ قَوْلَانِ ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْنُ فِي الطَّرِيقِ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهَا كَالْعَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهَا كَالْعَرْضِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ كَالْعُرُوضِ مَعَ الْخَوْفِ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ ، فَلَوْ ظَفَرَ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَكَانَ فِي الْحَمْلِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي لَوْ ظَفَرَ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي يَجِبُ الْقَضَاءُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ مَا طَلَبَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ فَقَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ .
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَحْتَمِلُ فَإِنْ ظَفَرَ الْمَدِينُ
بِرَبِّ الدَّيْنِ وَأَرَادَ الْمَدِينُ التَّعْجِيلَ وَامْتَنَعَ الطَّالِبُ وَيَحْتَمِلُ عَكْسَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا وَجَبَ قَبُولُهُ إلَّا أَنْ يُتَّفَقَ أَنَّ لِلطَّالِبِ فَائِدَةً فِي التَّأْخِيرِ كَحُصُولِ خَوْفٍ فِي الزَّمَانِ أَوْ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَهَا حِمْلٌ أَوْ طَعَامًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ كَالْجَوَاهِرِ فَقَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَالْعُرُوضِ .
وَقِيلَ كَالْعَيْنِ ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ .
فَإِنْ كَانَ الْأَمْنُ فِي الطَّرِيقِ فَكَالْعَيْنِ وَإِلَّا فَلَا ، وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ .
وَأَمَّا الْقَرْضُ فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ مُطْلَقًا ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَنَصَّ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلطَّالِبِ جَبْرُ الْمَطْلُوبِ مُطْلَقًا .
اللَّخْمِيُّ وَلِأَشْهَبَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ سَوَاءً أَوْ هُوَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ أَرْخَصُ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : مَحَلِّهِ .
الْمَحَلُّ الَّذِي اُشْتُرِطَ دَفْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِيهِ أَوْ مَحَلُّ الْعَقْدِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ مَحَلٌّ مُعَيَّنٌ لَهُ .
الثَّانِي : أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ دَفْعُهُ إلَخْ ، وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْعَيْنِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ الْمُخْتَصَرِ وَالتَّوْضِيحِ .
الثَّالِثُ : تَقَدَّمَ فِيمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْمَدِينَ إنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ الْقَرْضِ وَامْتَنَعَ الطَّالِبُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ مُطْلَقًا ، وَهَذَا كَمَا تَرَى لَيْسَ بِظَاهِرٍ ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ آخِرَ الْقَرْضِ ، وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَّا بِشَرْطٍ
أَوْ عَادَةٍ كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ إلَّا الْعَيْنَ ، وَلِقَوْلِ الْجَلَّابِ وَلَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَجَلِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا إذَا رَدَّهُ إلَيْهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي اقْتَرَضَهُ مِنْهُ فِيهِ ، وَإِنْ رَدَّهُ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّهُ قَبُولُهُ وَنَحْوَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهَا الْحَطّ .
( فَصْلٌ ) يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ فَقَطْ
فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَرْضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَرَنَهُ بِالسَّلَمِ لِتَشَابُهِهِمَا فِي دَفْعِ مَالٍ مُعَجَّلٍ فِي مَالٍ مُؤَخَّرٍ ( يَجُوزُ ) أَيْ يُنْدَبُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُوجِبُهُ أَوْ يُحَرِّمُهُ أَوْ يُكَرِّهُهُ وَتَعْسُرُ إبَاحَتُهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ النَّدْبُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُوجِبُهُ أَوْ كَرَاهَتُهُ أَوْ حُرْمَتُهُ وَإِبَاحَتُهُ تَعْسُرُ { رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ دِرْهَمُ الْقَرْضِ بِثَمَانِيَةَ عَشْرَ وَدِرْهَمُ الصَّدَقَةِ بِعَشْرَةٍ فَسَأَلَ جِبْرِيلَ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ لِأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُقْتَرِضُ لَا يَقْتَرِضُ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ } ، أَفَادَهُ تت ، وَفَاعِلُ يَجُوزُ ( قَرْضُ ) بِفَتْحِ الْقَافِ ، وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَعْنَاهُ لُغَةً الْقَطْعُ وَشَرْعًا دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي مِثْلِهِ غَيْرِ مُعَجَّلٍ لِنَفْعِ آخِذِهِ فَقَطْ لَا يُوجِبُ عَارِيَّةً مُمْتَنِعَةً أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
قَوْلُهُ مُتَمَوَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ دَفْعَ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فِي مِثْلِهِ أَخْرَجَ بِهِ السَّلَمَ ، وَقَوْلُهُ غَيْرِ مُعَجَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ الْمُبَادَلَةَ وَالْمُرَاطَلَةَ وَقَوْلُهُ لِنَفْعِ آخِذِهِ فَقَطْ أَخْرَجَ بِهِ مَا لِنَفْعِ دَافِعِهِ فَقَطْ أَوْ لِنَفْعِهِمَا مَعًا فَقَرْضٌ فَاسِدٌ ، وَقَوْلُهُ لَا يُوجِبُ عَارِيَّةً مُمْتَنِعَةً لِإِخْرَاجِ مَا أَوْجَبَ عَارِيَّةً مُمْتَنِعَةً .
الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْقَرْضَ الْفَاسِدَ وَشَأْنُ التَّعْرِيفِ شُمُولُهُ أَيْضًا .
وَأَضَافَ قَرْضُ لِمَفْعُولِهِ ( مَا ) أَيْ الْمُتَمَوَّلُ الَّذِي ( يُسْلَمُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ ( فِيهِ ) مِنْ عَيْنٍ وَعَرَضٍ وَطَعَامٍ وَحَيَوَانٍ وَرَقِيقٍ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَرْضُ مَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ كَأَرْضٍ وَدَارٍ وَبُسْتَانٍ وَتُرَابِ صَائِغٍ وَمَعْدِنٍ وَجَوْهَرٍ نَفِيسٍ وَجُزَافٍ لَا يُحْزَرُ لِكَثْرَتِهِ ، وَأَوْرَدَ
عَلَى هَذَا جِلْدَ مَيْتَةٍ مَدْبُوغٍ وَجِلْدَ ضَحِيَّةٍ وَمِلْءَ مِكْيَالٍ مَجْهُولٍ وَوَيْبَاتٍ وَحَفْنَاتٍ ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْأَخِيرِ ، وَيَجُوزُ قَرْضُهَا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَوَّلِ : وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَقَطْ
إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ .
وَرُدَّتْ ، إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَهُ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ، فَالْقِيمَةُ كَفَاسِدِهِ
وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ الْجَارِيَةَ وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى مَنْعِ قَرْضِهَا اسْتَثْنَاهَا فَقَالَ ( إلَّا جَارِيَةً ) أَيْ أَمَةً شُبِّهَتْ بِالسَّفِينَةِ فِي سُرْعَةِ الْجَرْي ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً ( تَحِلُّ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا ( لِلْمُسْتَقْرِضِ ) فَلَا يَجُوزُ قَرْضُهَا لَهُ لِتَأْدِيَتِهِ لِإِعَارَةِ الْفَرْجِ لِأَنَّ لِلْمُقْتَرَضِ رَدَّ عَيْنِ الْقَرْضِ .
وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ جَوَازُ قَرْضِهَا لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمَحْرَمِهَا وَامْرَأَةٍ وَصَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى ، وَيَلْحَقُ بِهِ الصَّغِيرُ يَقْتَرِضُ لَهُ وَلِيُّهُ أَمَةً ، وَيَجُوزُ لِلنِّسَاءِ اقْتِرَاضُ الْجَوَارِي قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ ، وَمِنْ هُنَا مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ يُونُسَ وَنَقَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا لَا بَأْسَ أَنْ تَأْمُرَهُ يَبْتَاعُ لَك عَبْدَ فُلَانٍ بِطَعَامِهِ هَذَا أَوْ بِثَوْبِهِ هَذَا وَذَلِكَ قَرْضٌ ، عَلَيْك الْمِثْلُ لَهُمَا بَعْضُ شُيُوخِنَا أَوْ بِجَارِيَتِهِ هَذِهِ وَعَلَيْك مِثْلُهَا وَلَيْسَ فِيهِ عَارِيَّةٌ لِلْفَرْجِ لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ لِيَدِ الْمُسْتَقْرِضِ .
أَبُو الْحَسَنِ وَرُبَّمَا أُلْقِيَتْ بِأَنْ يُقَالَ أَيْنَ يَجُوزُ قَرْضُ الْجَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمِهَا فَيُقَالُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ ا هـ أَفَادَهُ الْحَطّ .
( وَ ) إنْ أُقْرِضَتْ الْجَارِيَةُ لِمَنْ تَحِلُّ هِيَ لَهُ فُسِخَ قَرْضُهَا و ( رُدَّتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْجَارِيَةُ لِمُقْرِضِهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تَفُوتَ ) الْجَارِيَةُ ( بِمُفَوِّتِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ ( الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ) مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قُوَّتِهَا بِمُجَرَّدِ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا .
ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بِشِبْهِ الْوَطْءِ فِيهَا .
لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَعُونَةِ وَالْمَازِرِيِّ بِزِيَادَةٍ وَظَنَّ بِالْقَابِضِ ، فَإِنْ فَاتَتْ بِذَلِكَ (
فَالْقِيمَةُ ) لِلْأَمَةِ تَلْزَمُ الْمُقْرِضَ عَلَى الْمَنْصُوصِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ وَلَدِهَا مِنْهُ لِلْخِلَافِ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْغَارَّةِ فَقِيمَتُهُ تَلْزَمُ الْمَغْرُورَ لِإِحْبَالِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَتَى بِقَوْلِهِ ( كَفَاسِدِهِ ) أَيْ الْبَيْعِ وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ لِيُفِيدَ اعْتِبَارَهَا يَوْمَ الْقَبْضِ ، وَأَنَّ الْقَرْضَ إذَا فَسَدَ يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ الَّذِي تُرَدُّ فِيهِ الْعَيْنُ أَوْ الْمِثْلُ ، وَلَعَلَّ وَجْهَ كَوْنِ الْبَيْعِ أَصْلًا لِلْقَرْضِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي دَفْعِ الْمَالِ فِي عِوَضِ الْمُكَايَسَةِ .
وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ ، إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا ، أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ كَرَبِّ الْقِرَاضِ وَعَامِلِهِ .
وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ
وَحَرُمَ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ ( هَدِيَّتُهُ ) أَيْ إهْدَاءُ الْمُقْتَرِضِ لِمُقْرِضِهِ لِتَأْدِيَتِهَا لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا يَحِلُّ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ أَنْ يُهْدِيَ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ هَدِيَّةً وَلَا أَنْ يُطْعِمَهُ طَعَامًا رَجَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَ بِدَيْنِهِ .
وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ غَرَضِهِ ، وَيَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَصَحَّتْ نِيَّتُهُ كَمَا فَعَلَ ابْنُ شِهَابٍ ، وَيُكْرَهُ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ .
وَإِنْ تَحَقَّقَ صِحَّةُ نِيَّتِهِ فِيهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِاسْتِجَازَةِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ ( إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا ) أَيْ الْهَدِيَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقَرْضِ ، فَإِنْ تَقَدَّمَ مِثْلُهَا مِنْ الْمُهْدِي لِلْمُهْدَى لَهُ لَمْ تَحْرُمْ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِمِثْلِهَا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مَنْ تُعَوِّدَ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَعُلِمَ أَنَّ هَدِيَّتَهُ لَيْسَتْ لِلدَّيْنِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ مِثْلَهَا فِي قَدْرِ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدَّيْنِ وَهُوَ تَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ( أَوْ ) لَمْ ( يَحْدُثْ ) بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْقَرْضِ ( مُوجِبٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبٌ لِلْإِهْدَاءِ ، فَإِنْ حَدَثَ كَصِهَارٍ وَجِوَارٍ فَلَا تَحْرُمُ إذَا عُلِمَ أَنَّ إهْدَاءَهُ بَعْدَ الدَّيْنِ لَيْسَ لِلدَّيْنِ ، بَلْ لِلْمُوجِبِ الَّذِي حَدَثَ تت .
( تَنْكِيتٌ ) لَوْ قَالَ حَرُمَ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ لِيَشْمَلَ الْمُقْتَرِضَ وَغَيْرَهُ لَكَانَ حَسَنًا لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
وَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ عَنْ فَهْمِهِ قَوْلَ سَحْنُونٍ الْحُرْمَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقْتَرِضِ .
وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ فَقَالَ ( ك ) هَدِيَّةِ ( رَبِّ ) أَيْ مَالِكِ ( الْقِرَاضِ ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ لِعَامِلِهِ ( وَ ) هَدِيَّةِ ( عَامِلِهِ ) أَيْ
الْمُتَّجِرُ فِي الْقِرَاضِ لِرَبِّ الْمَالِ فَتَحْرُمُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا قَصَدَا بِإِهْدَائِهِمَا إدَامَةَ الْعَمَلِ فِي الْمَالِ إنْ أَهْدَى أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ اتِّفَاقًا بَلْ ( وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شِرَاءِ السِّلَعِ ب ( الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ نَظَرًا لِلْمَآلِ وَمُقَابِلُهُ الْجَوَازُ بَعْدَهُ نَظَرًا لِلْحَالِ وَنَصِّ ابْنِ يُونُسَ ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ وَإِنْ شَغَلَ الْمَالُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إذَا نَضَّ أَنْ يُبْقِيَهُ بِيَدِهِ ، وَبِهَذَا أَقُولُ وَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَقَدُّمِ مِثْلِهَا وَعَدَمِ حُدُوثِ مُوجِبٍ .
وَذِي الْجَاهِ
( وَ ) كَهَدِيَّةٍ إلَى ( ذِي الْجَاهِ ) فَتَحْرُمُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا وَلَمْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ .
أَبُو عَلِيٍّ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْأَخْذَ عَلَى الْجَاهِ إلَّا إذَا كَانَ يُمْنَعُ غَيْرُهُ بِجَاهِهِ مِنْ أَمْرٍ يَجِبُ عَلَى ذِي الْجَاهِ دَفْعُهُ عَنْهُ بِأَنْ يَكُونَ بِلَا مَشْيٍ وَحَرَكَةٍ ، وَإِنَّ قَوْلَهُ وَذِي الْجَاهِ مُقَيَّدٌ بِهَذَا أَيْ مِنْ حَيْثُ جَاهُهُ فَقَطْ كَاحْتِرَامِ زَيْدٍ مَثَلًا بِذِي جَاهٍ ، وَمُنِعَ مِنْ أَجْلِ احْتِرَامِهِ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ زَيْدٍ ، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ تَجُوزُ الْمَسْأَلَةُ لِلضَّرُورَةِ إنْ كَانَ يَحْمِي بِسِلَاحِهِ ، فَإِنْ كَانَ يَحْمِي بِجَاهِهِ فَلَا لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْجَاهِ ا هـ ، يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا ذُكِرَ ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ ثَمَنُ الْجَاهِ إنَّمَا حَرُمَ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَخْذِ عَلَى الْوَاجِبِ ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ الذَّهَابُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ ا هـ .
وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ الْقُورِيُّ عَنْ ثَمَنِ الْجَاهِ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي حُكْمِ ثَمَنِ الْجَاهِ فَمِنْ قَائِلٍ بِالتَّحْرِيمِ بِإِطْلَاقٍ ، وَمِنْ قَائِلٍ بِالْكَرَاهَةِ بِإِطْلَاقٍ ، وَمِنْ مُفَصِّلٍ فِيهِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ ذُو الْجَاهِ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ وَتَعَبٍ وَسَفَرٍ فَأَخَذَ مِثْلَ أَجْرِ نَفَقَةِ مِثْلِهِ فَجَائِزٌ وَإِلَّا حَرُمَ .
ا هـ .
وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْحَقُّ .
وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا سُئِلَ الْعَبْدُوسِيُّ عَمَّنْ يَجُوزُ النَّاسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَخُوفَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأَجَابَ ذَلِكَ جَائِزٌ بِشُرُوطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَاهٌ قَوِيٌّ بِحَيْثُ لَا يُتَجَاسَرُ عَلَيْهِ عَادَةً ، وَأَنْ يَكُونَ سَيْرُهُ مَعَهُمْ بِقَصْدِ تَجْوِيزِهِمْ فَقَطْ لَا لِحَاجَةٍ لَهُ ، وَأَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِمَا يَدْفَعُونَهُ لَهُ .
وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَجُوزُ فَأَجَابَ نَعَمْ
يَجُوزُ ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ .
وَالْقَاضِي
( وَ ) كَهَدِيَّةٍ إلَى ( الْقَاضِي ) فَتَحْرُمُ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي } ، وَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ جَوَازَ الْهَدِيَّةِ إلَيْهِ الَّتِي اعْتَادَهَا قَبْلَ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ قَوْلَيْنِ .
قُلْت وَلَعَلَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ حُرْمَةِ الرِّشْوَةِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِجَوَازِهَا أَحَدٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا ، فَإِنْ الشَّافِعِيَّ جَوَّزَ الْأَخْذَ عَلَى الْجَاهِ ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ عَلَى الدَّافِعِ لِلْقَاضِي إذَا أَمْكَنَهُ خَلَاصُ حَقِّهِ أَوْ دَفْعُ مَظْلِمَتِهِ بِدُونِهَا وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ عَلَى الْقَاضِي فَقَطْ .
وَمُبَايَعَتِهِ مُسَامَحَةً ، أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ : كَشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ ، وَدَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ ، أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمِلَّةٍ ، أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا : كَسَفْتَجَةٍ ، إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ ، وَكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إقَامَتُهَا ، إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُفْتَرِضِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ : كَفَدَّانٍ مُسْتَحْصِدٍ : خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ : يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ وَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ ، وَمُلِكَ ، وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ ، إلَّا بِشَرْطٍ ، أَوْ عَادَةٍ : كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ ، إلَّا الْعَيْنَ .
( وَ ) حَرُمَ ( مُبَايَعَتُهُ ) أَيْ مَنْ تَحْرُمُ هَدِيَّتُهُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَذِي الْجَاهِ وَالْقَاضِي بَيْعًا ( مُسَامَحَةً ) أَيْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ ، فَإِنْ وَقَعَ رَدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَفِيهِ قِيمَةُ الْمُقَوِّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ ، وَأَمَّا مُبَايَعَتُهُ بِلَا مُسَامَحَةٍ فَقِيلَ تَجُوزُ .
وَقِيلَ تُكْرَهُ وَيُكْرَهُ بَيْعُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ بِمُسَامَحَةٍ خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى زِيَادَةِ الْمَدِينِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَحْظُورَاتِ ( أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ ) لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ الْأَصْوَبُ ضَبْطُهُ مَصْدَرًا مَرْفُوعًا مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ وَعَلَى هَدِيَّتِهِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، أَيْ وَجَرُّ مَنْفَعَةٍ ، أَيْ لِلْمُقْرِضِ قَالَهُ " غ " .
سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ حَلَّ أَجَلُهَا فَأَعْسَرَ بِهَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَخِّرْهُ بِالْعَشَرَةِ وَأَنَا أُسْلِفُك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ .
قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ كَانَ الَّذِي يُعْطِي يَكُونُ لَهُ عَلَى الَّذِي لَهُ الْحَقُّ فَلَا خَيْرَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ قَضَاءً عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَلَفًا لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيَّنَ عَلَى مَا قَالَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَلَفًا مِنْهُ لَهُ لِأَنَّهُ سَلَفُ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ لِغَرَضٍ لَهُ فِي مَنْفَعَةِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا ، إذْ لَا يَحِلُّ السَّلَفُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمُسْلِفُ مَنْفَعَةَ الَّذِي أَسْلَفَهُ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْفَعَةِ مَنْ سِوَاهُ .
وَمَثَّلَ لِجَرِّ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ ( كَشَرْطِ ) قَضَاءِ شَيْءٍ ( عَفِنٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ مُتَعَفِّنٍ أَوْ مُسَوِّسٍ ( ب ) شَيْءٍ ( سَالِمٍ ) مِنْ الْعَفَنِ وَالسُّوسِ وَمَبْلُولٍ بِيَابِسٍ وَقَدِيمٍ بِجَدِيدٍ فَيُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ بِمَا إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى
إرَادَةِ نَفْعِ الْمُتَسَلِّفِ فَقَطْ وَإِلَّا جَازَ وَالْعَادَةُ الْعَامَّةُ أَوْ الْخَاصَّةُ كَالشَّرْطِ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ جَوَازُ قَضَاءِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ إذَا كَانَ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عَادَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَسَنٌ قَضَاءً ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { خَيْرُ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً } .
( وَ ) شَرْطِ دَفْعِ مِثْلِ ( دَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ ) مُسْلَفٍ بِبَلَدٍ بِشَرْطِ مِثْلِهِ ( بِبَلَدٍ ) آخَرَ غَيْرِ بَلَدِ الْقَرْضِ لِيُسْقِطَ الْمُقْرِضُ عَنْ نَفْسِهِ كُلْفَةَ حَمْلِهِ مِنْ بَلَدِ الْقَرْضِ إلَى الْبَلَدِ الْآخَرِ ، كَأَنْ يُسْلِفَهُ بِمِصْرَ دَقِيقًا أَوْ كَعْكًا بِشَرْطِ دَفْعِ قَضَائِهِ بِمَكَّةَ فَيُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ لِلْحَاجِّ ، وَيَجُوزُ بِلَا شَرْطٍ ، فِي الْحَمْدِيسِيَّةِ جَوَازُهُ لِلْحَاجِّ مَعَ الشَّرْطِ ( وَ ) شَرْطُ قَضَاءِ ( خُبْزِ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرَهُ زَايٌ ( فُرْنٍ ب ) خُبْزِ ( مِلَّةٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ رَمَادٍ حَارٍّ يُخْبَزُ بِهِ ، أَوْ حُفْرَةٍ يُجْعَلُ فِيهَا رَمَادٌ حَارٌّ يُخْبَزُ بِهِ ، وَخُبْزُ الْمِلَّةِ أَحْسَنُ مِنْ خُبْزِ الْفُرْنِ ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ ( أَوْ ) شَرَطَ قَضَاءَ ( عَيْنٍ ) أَيْ ذَاتَ نَقْدٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ ( عَظُمَ حَمْلُهَا ) بِبَلَدٍ آخَرَ فَيُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِنَفْعِ الْمُقْرِضِ بِدَفْعِ مُؤْنَةِ حَمْلِهَا عَنْ نَفْسِهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَسَفْتَجَةٍ ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْجِيمُ أَعْجَمِيَّةٌ أَيْ وَرَقَةٌ يَكْتُبُهَا مُقْتَرِضٌ بِبَلَدٍ كَمِصْرِ لِوَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ كَمَكَّةَ لِيَقْضِيَ عَنْهُ بِهَا مَا اقْتَرَضَهُ بِمِصْرَ فَيُمْنَعُ لِانْتِفَاعِ الْمُقْرِضِ بِدَفْعِ كُلْفَةِ مَا أَقْرَضَهُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ وَغَرَّرَهُ بَرًّا وَبَحْرًا ( إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ ) الْبَرَّ وَالْبَحْرَ فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ ( وَكَ ) قَرْضِ ( عَيْنٍ ) أَيْ ذَاتِ نَقْدٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ
حَيَوَانٍ ( كُرِهَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( إقَامَتُهَا ) عِنْدَ مَالِكِهَا لِخَوْفِ تَلَفِهَا بِعَفَنٍ أَوْ سُوسٍ مَثَلًا فَيَحْرُمُ قَرْضُهَا لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ ( إلَّا أَنْ يَقُومَ ) أَيْ يُوجَدَ ( دَلِيلٌ ) أَيْ قَرِينَةٌ ( عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ ) بِقَرْضِ مَا كُرِهَتْ إقَامَتُهُ ( نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ ) فَيَجُوزُ ( فِي الْجَمِيعِ ) أَيْ جَمِيعُ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ ، كَمَا إذَا كَانَ الْمُسَوِّسُ أَوْ الْقَدِيمُ إنْ بَاعَهُ يَأْتِي ثَمَنُهُ بِأَضْعَافِهِ لِمَسْغَبَةٍ أَوْ غَلَاءٍ وَشُبِّهَ بِالْمُسْتَثْنَى فِي الْجَوَازِ أَوْ مَثَّلَ لَهُ فَقَالَ ( كَفَدَّانٍ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ آخِرُهُ نُونٌ ، أَيْ مِقْدَارٍ مِنْ الزَّرْعِ ( مُسْتَحْصِدٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ حَانَ حَصَادُهُ ( خَفَّتْ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ سَهُلَتْ ( مُؤْنَتُهُ ) أَيْ حَصْدُ الْفَدَّانِ وَدَرْسُهُ وَتَذْرِيَتُهُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ مَالِكِهِ وَأَقْرَضَهُ لِمَنْ ( يَحْصُدُهُ ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا ( وَيَدْرُسُهُ ) وَيُذَرِّيهِ وَيَنْتَفِعُ بِحَبِّهِ ثُمَّ يَقْضِيهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُقْرِضُ نَفْسَهُ بِفِعْلِ الْمُقْتَرِضِ كَمَا فِي " ق " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّشْبِيهُ يُفِيدُهُ .
( وَيَرُدُّ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُقْتَرِضُ لِلْمُقْرِضِ ( مَكِيلَتَهُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ الْحَبَّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَتِبْنَهُ لِمُقْرِضِهِ وَإِنْ هَلَكَ الزَّرْعُ قَبْلَ حَصْدِهِ فَضَمَانُهُ عَلَى مُقْرِضِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ ( وَمُلِكَ ) بِضَمٍّ بِكَسْرٍ أَيْ الْقَرْضُ أَيْ مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ بِالْعَقْدِ وَصَارَ مَالًا فَيَقْضِي عَلَى الْمُقْرِضِ بِدَفْعِهِ لَهُ ( وَلَمْ يَلْزَمْ ) الْمُقْتَرِضَ ( رَدُّهُ ) أَيْ الْقَرْضِ لِمُقْرِضِهِ إلَّا بَعْدَ انْتِفَاعِهِ بِهِ انْتِفَاعَ أَمْثَالِهِ ، فَإِنْ رَدَّهُ الْمُقْتَرِضُ وَجَبَ عَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولَهُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَقْصٍ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْمُقْتَرِضِ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ لُزُومِ رَدِّهِ فَقَالَ ( إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ ) بِرَدِّهِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَادَةِ ، فَإِنْ انْتَفَيَا فَهُوَ كَالْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ .
وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ فِيهَا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَيْنِ .
فَقِيلَ لَهُ رَدُّهَا وَلَوْ بِالْقُرْبِ ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إبْقَاؤُهَا الْقَدْرَ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَعَارَهُ لِمِثْلِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ هَذَا عَمَلًا بِالْعَادَةِ ، إذْ قَدْ تَزِيدُ عَلَيْهِ بِفَرْضِ وُجُودِهَا .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ ( كَأَخْذِهِ ) أَيْ الْقَرْضَ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ أَخْذُهُ إنْ دَفَعَهُ الْمُقْتَرِضُ لَهُ ( بِغَيْرِ مَحَلِّهِ ) الَّذِي يَقْضِي فِيهِ لِزِيَادَةِ الْكُلْفَةِ عَلَيْهِ ( إلَّا الْعَيْنَ ) أَيْ الدَّنَانِيرَ أَوْ الدَّرَاهِمَ الْمُقْرَضَةَ فَيَلْزَمُ مُقْرِضُهَا أَخْذَهَا بِغَيْرِ مَحَلِّهِ لِخِفَّةِ حَمْلِهَا إلَّا لِخَوْفٍ أَوْ احْتِيَاجٍ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ ، وَمِثْلُهَا الْجَوَاهِرُ النَّفِيسَةُ .
( خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ ) : الْأُولَى : ابْنُ الْعَرَبِيِّ .
انْفَرَدَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْهُ بِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ لِخَبَرِ الصَّحِيحِ { أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ اسْتَلَفَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِينَارٍ } الْحَدِيثُ .
الثَّانِيَةُ : فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ إنْ وَعَدْت غَرِيمَك بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ لَزِمَك لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَقِّ لَازِمٌ ، سَوَاءٌ قُلْت لَهُ أُؤَخِّرُك أَوْ أَخَّرْتُك .
الثَّالِثَةُ : ابْنُ نَاجِي : فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَلَهُ أَنْ يُقْرِضَهُ شَيْئًا فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَمِقْدَارًا يَقُومُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ افْتِقَارُ الْقَرْضِ لَأَنْ يَكُونَ بِلَفْظِهِ ، وَفِيهِ قَوْلَانِ ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ اشْتِرَاطِ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَمِقْدَارًا لِأَنَّ قَضَاءَ الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ يُوجِبُهُمَا الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ نَصٌّ عَلَيْهِمَا فِي الْعَقْدِ ، وَاخْتُلِفَ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ بِهِ إنْ شَرَطَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يُمْنَعُ فِي الطَّعَامِ ،
فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ ا هـ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ سَنَدُ مَنْعِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أُقْرِضُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مِثْلَهَا ، وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ يَقْتَضِي إعْطَاءَ الْمِثْلِ لِإِظْهَارِ صُورَةِ الْمُكَايَسَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ قَصَدَ بِشَرْطِ إعْطَاءِ الْمِثْلِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ فَلَا يُكْرَهُ ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا ، وَإِنْ قَصَدَ الْمُكَايَسَةَ كُرْه ، وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِعَدَمِ نَفْعِ الْمُقْرِضِ .
الرَّابِعَةُ : ابْنُ عَرَفَةَ : لِلْمُقْتَرِضِ رَدُّ عَيْنِ الْمُقْتَرَضِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ ، وَبِهِ اتَّضَحَ تَعْلِيلُ مَنْعِهِ فِي الْإِمَاءِ بِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ لِلْفُرُوجِ ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَقْصٍ فَوَاضِحٌ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ ، وَلَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ عَدَمُهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الْمُقْتَرِضِ يُرَدُّ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ ، وَهُوَ عَرْضٌ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُقْرِضِ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ مَعْرُوفِهِ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ وَوُجُوبِ قَضَائِهِ بِمَحَلِّ قَبْضِهِ وَهُوَ غَيْرُ عَيْنٍ ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِهِ تَرَاضِيًا .
الْجَلَّابُ إنْ حَلَّ أَحَلَّهُ وَإِلَّا فَلَا .
ابْنُ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ مِنْ أَقْرَضَ طَعَامًا بِبَلَدٍ فَخَرِبَ وَانْجَلَى أَهْلُهُ وَأَيِسَ مِنْ عِمَارَتِهِ إلَّا بَعْدَ طُولٍ فَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِ السَّلَفِ ، وَإِنْ رَجَا قُرْبَ عِمَارَتِهِ تَرَبَّصَ إلَيْهَا وَلَوْ كَانَ مَنْ سَلَّمَ خُيِّرَ فِي الْإِيَاسِ بَيْنَ تَرَبُّصِهِ وَأَخْذِ رَأْسِ مَالِهِ .
قُلْت الْأَظْهَرُ إنْ لَمْ تُرْجَ عِمَارَتُهُ عَنْ قُرْبٍ الْقَضَاءُ بِالدَّفْعِ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعِ عِمَارَةٍ لِمَحِلِّ الْقَرْضِ .
الْخَامِسَةُ : ابْنُ نَاجِي : اُخْتُلِفَ إذَا أَرَادَ الْمَدِينُ دَفْعَ بَعْضِ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُوسِرٌ ، فَهَلْ يُجْبَرُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى قَبْضِهِ أَمْ لَا فَرَوَى مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يُجْبَرُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْبَرُ ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَيُجْبَرُ اتِّفَاقًا ، وَعَزَا الْجُزُولِيُّ
الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ ، وَحَكَى الثَّانِيَ بِقِيلَ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّانِي .
ابْنُ يُونُسَ ابْنِ الْمَوَّازِ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ فَجَاءَ بِبَعْضِهِ فَقَالَ لَا أَقْبَلُ إلَّا الْمَالَ كُلَّهُ فَأَرَى أَنْ يُجْبَرَ عَلَى أَخْذِ مَا جَاءَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا فَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِ مَا جَاءَ بِهِ ، أَفَادَهَا الْحَطّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
( فَصْلٌ ) تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ مُطْلَقًا ، إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً ، حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا ، أَمْ لَا .
وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ اخْتِلَافِهِ ، فَكَذَلِكَ إنْ حَلَّا ، وَإِلَّا فَلَا : كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مِنْ بَيْعٍ
فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُقَاصَّةِ تت هَذَا الْفَصْلُ بَيَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَلَّفَهُ الْعَلَامَةُ بَهْرَامُ ، قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ عَادَةَ الْأَشْيَاخِ فِي الْغَالِبِ أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْبَابَ بِذِكْرِ الْمُقَاصَّةِ وَالشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فَأَرَدْت أَنْ أَذْكُرَ شَيْئًا لِيَكُونَ تَتْمِيمًا لِغَرَضِ النَّاظِرِ .
( تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِقَافٍ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمُقَاصَّةُ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِمُمَاثِلِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ لِمَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا .
قَوْلُهُ مُتَارَكَةُ مُفَاعَلَةٌ مُقْتَضِيَةٌ مَطْلُوبَ فَاعِلِهَا ، فَفِيهِ حَذْفُ الْوَاوِ وَمَعْطُوفِهَا ، وَالْأَصْلُ وَطَالِبٌ ، وَقَوْلُهُ بِمُمَاثِلٍ تَنَازَعَ فِيهِ مَطْلُوبٌ وَطَالِبٌ وَهُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ حَقٍّ .
وَقَوْلُهُ صِنْفٌ فَاعِلٌ مُمَاثِلٌ وَقَوْلُهُ مَا عَلَيْهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ ، وَالْأَصْلُ صِنْفُهُ ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهٌ لِعُدُولِهِ عَنْهُ مَعَ اخْتِصَارِهِ وَأَوْضَحِيَّتِهِ .
وَقَوْلُهُ لِمَا لَهُ صِلَةُ مُمَاثِلٍ ، وَقَوْلُهُ عَلَى طَالِبِهِ صِلَةُ مُتَعَلِّقٍ لَهُ ، وَقَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ أَيْ مَا عَلَيْهِ وَمَا لَهُ صِلَةُ مُتَارَكَةٍ ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمَا حَالٌ مِمَّا ذُكِرَ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ مُتَارَكَتِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِهِمَا لَهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يُنْتَقَضُ طَرْدُهُ بِمُتَارَكَةٍ مُتَقَاذِفَيْنِ حَدَّيْهِمَا وَلَا بِمُتَارَكَةِ مُتَجَارِحَيْنِ جُرْحَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عُرْفًا مَا صَحَّ قِيَامُ أَحَدِهِمَا بَدَلَ الْآخَرِ ، وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى حَدَّيْ الْقَذْفِ وَلَا عَلَى الْجُرْحَيْنِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَصِحُّ بَدَلَ الْآخَرِ بِحَالٍ ، وَإِلَّا زِيدَ فِي الرَّسْمِ مَالِيًّا .
وَقَوْلُنَا مَا عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ لَفْظِ الدَّيْنِ لِتَدْخُلَ الْمُقَاصَّةُ فِيمَا حَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ .
الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ الْمُقَاصَّةُ فِي