كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
عَلَيْهِ جَرَتْ فَتْوَى شُيُوخِنَا وَفُقَهَائِنَا وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ .
وَقَوْلُ ابْنِ الْعَطَّارِ مَعَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوَثَّقِينَ .
وَبِالْغَرَرِ : كَجَنِينٍ ، وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ .
وَلَهُ الْوَسَطُ .
( وَ ) جَازَ الْخُلْعُ ( بِ ) ذِي ( الْغَرَرِ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ التَّحَيُّرِ وَالتَّرَدُّدِ بَيْنَ مَا يُوَافِقُ الْغَرَضَ وَمَا لَا يُوَافِقُهُ لِجَوَازِهِ بِلَا شَيْءٍ ( كَجَنِينٍ ) لِأَمَةٍ ، أَوْ بَهِيمَةٍ فِي مِلْكِهَا ، فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ ، فَإِنْ انْفَشَّ ، أَوْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِدُخُولِهِ مُجَوِّزًا لِهَذَا ( وَ ) جَازَ الْخُلْعُ بِحَيَوَانٍ ، أَوْ عَرَضٍ ، أَوْ مِثْلِيٍّ ( غَيْرِ مَوْصُوفٍ ) بِصِفَاتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الرَّغْبَةُ فِيهِ بِاعْتِبَارِهَا ( وَلَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ الَّتِي خَالَعَتْهُ بِغَيْرِ مَوْصُوفِ النَّوْعِ ( الْوَسَطُ ) أَيْ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي خَالَعَتْهُ بِهِ لَا مِمَّا يُخَالِعُ النَّاسُ بِهِ عَادَةً ، وَلَا يُرْعَى فِيهِ حَالُ الْمَرْأَةِ وَكَالْخُلْعِ فِي جَوَازِ الْغَرَرِ الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ إلَّا الْجَنِينَ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَنَظَمَ عج الْمَسَائِلَ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ فَقَالَ : عَطِيَّةُ إبْرَاءٍ وَرَهْنٌ كِتَابَةٌ وَخُلْعٌ ضَمَانٌ جَازَ فِي كُلِّهَا الْغَرَرْ وَفِي الرَّهْنِ يُسْتَثْنَى الْجَنِينُ وَخُلْعُهَا بِهِ جَائِزٌ إنْ مِلْكُ أُمٍّ لَهَا اسْتَقَرْ .
وَعَلَى نَفَقَةِ حَمْلٍ ، إنْ كَانَ .
وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا .
( وَ ) جَازَ الْخُلْعُ بِ ( نَفَقَةِ حَمْلٍ ) أَيْ عَلَى أَنَّهَا تُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا ( إنْ كَانَ ) بِهَا حَمْلٌ .
وَأَوْلَى بِنَفَقَةٍ : الْحَمْلُ الظَّاهِرُ ، فَإِنْ أَعْسَرَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَرَجَعَ عَلَيْهَا إنْ أَيْسَرَتْ ( وَ ) جَازَ الْخُلْعُ ( بِإِسْقَاطِ ) الزَّوْجَةِ حَقَّهَا فِي ( حَضَانَتِهَا ) أَيْ حِفْظِهَا وَلَدَهَا وَتَرْبِيَتِهِ لِزَوْجِهَا أَبِي وَلَدِهَا فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا قَبْلَهُ كَأُمِّ الْأُمِّ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْأُمِّ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَفِيهَا أَيْضًا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَ الْأُمِّ قَبْلَ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : هَذَا الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى وَجَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَشَمِلَ كَلَامُهُ خُلْعَهَا بِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا لِحَمْلٍ بِهَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ .
الْحَطُّ وَ الظَّاهِرُ لُزُومُهُ لِجَرَيَانِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ .
وَمَعَ الْبَيْعِ ، وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ مَعَهُ نِصْفَهُ ،
( وَ ) جَازَ الْخُلْعُ ( مَعَ الْبَيْعِ ) كَأَنْ تَدْفَعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيَدْفَعَ لَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَالْعَبْدُ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِ خُلْعٌ ، وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِ بَيْعٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ زَائِدَةً عَلَى الدَّنَانِيرِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا ، أَوْ نَاقِصَةً عَنْهَا عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي تَرَاضِيهِمَا ، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَقَضَى بِهِ الْقُضَاةُ لِجَوَازِ الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ : رَجْعِيٌّ كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى وَكَأَنْ تَدْفَعَ عَشْرَ دَنَانِيرَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ ، وَأُمُّهُ تَأْخُذُهَا مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَبِيعِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ دُونَ الْخُلْعِ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَيَرُدُّ مَا بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ لِبَائِعِهِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَةَ ، أَوْ الزَّوْجَ .
وَيَرُدُّ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْعِوَضِ لِمُشْتَرِيهِ وَيَمْضِي الْخُلْعُ بِمَا يُقَابِلُ الْعِصْمَةَ مِنْهُ ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( وَرَدَّتْ ) الزَّوْجَةُ ( لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ ) الَّذِي دَفَعَتْهُ لِلزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ عِصْمَتِهَا وَمَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا ( مَعَهُ ) أَيْ الْبَيْعِ أَيْ مَعَ رَدِّ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ فَتَرُدُّ لِلزَّوْجِ مَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْعَبْدِ ، وَمَفْعُولُ رَدَّتْ ( نِصْفَهُ ) أَيْ الْعَبْدِ مِنْ الزَّوْجِ لِنَفْسِهَا وَيَمْضِي الْخُلْعُ بِنِصْفِهِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مَعَ بَيْنُونَتِهَا ، فَلَوْ قَالَ : وَرُدَّ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ بَيْعُ نِصْفِهِ لَكَانَ أَوْضَحَ .
وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمَبِيعِ نِصْفَهُ إنْ عَيَّنَا ذَلِكَ وَقْتَ الْخُلْعِ ، أَوْ دَفَعَتْهُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالْعِصْمَةِ مَعًا ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ لِلْمَعْلُومِ النِّصْفَ ، وَلِلْمَجْهُولِ النِّصْفَ ، فَإِنْ كَانَا عَيَّنَا قَدْرًا مِنْ الْعَبْدِ لِلْبَيْعِ غَيْرَ النِّصْفِ عُمِلَ بِهِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ :
الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا تَرُدُّ نِصْفَ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَهُ ، بَلْ تَرُدُّهُ كُلَّهُ وَيَرُدُّ الزَّوْجُ لَهَا نِصْفَ الْعَبْدِ ، وَتَمَّ الْخُلْعُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فَلَوْ قَالَ : وَرُدَّ فِي حَقِّ الْعَبْدِ الْعِوَضُ وَلَهُ نِصْفُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ ، وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى آبِقٍ ، أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى أَنْ زَادَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فُسِخَ مِنْ الْغَرَرِ مَنَابُ الْعَشَرَةِ وَرَدَّتْ لِلزَّوْجِ وَتَمَّ لَهُ مَنَابُ الْعِصْمَةِ مِنْهُ .
وَعُجِّلَ الْمُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِقِيمَتِهِ ، وَرُدَّتْ دَرَاهِمُ رَدِيئَةٌ ، إلَّا لِشَرْطٍ ؛ وَقِيمَةٌ : كَعَبْدٍ اُسْتُحِقَّ .
( وَ ) إنْ خَالَعَتْهُ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ كَإِمْطَارِ السَّمَاءِ وَقُدُومِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْتُ قُدُومِهِ ( عُجِّلَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا لِلزَّوْجِ الْعَدَدُ الْمُخَالَعُ بِهِ ( الْمُؤَجَّلُ بِ ) أَجَلٍ ( مَجْهُولٍ ) فَهُوَ كَقَوْلِهَا ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَيْ مَعْلُومِ الْقَدْرِ لَكِنْ أُجِّلَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ كَانَ حَالًّا كَمَنْ بَاعَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ ، فَالْقِيمَةُ فِيهِ حَالَّةٌ مَعَ فَوَاتِ السَّلَمَةِ ( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ بِتَعْجِيلِ عَدَدِهِ تُؤُوِّلَتْ ( بِ ) تَعْجِيلِ ( قِيمَتِهِ ) أَيْ الْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ يَوْمَ الْخُلْعِ عَلَى غَرَرِهِ حَالَّةً .
أَحْمَدُ اُنْظُرْ كَيْفَ يُقَوَّمُ مَعَ جَهْلِ أَجَلِهِ ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَالَ نَفْسَهُ حَلَالٌ ، وَالْحَرَامَ تَأْجِيلُهُ بِمَجْهُولٍ فَأُلْغِيَ .
وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ فِي فَاسِدِ الْبَيْعِ الَّذِي فَاتَ .
( وَرُدَّتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ ( دَرَاهِمُ ) مَثَلًا ظَهَرَتْ وَهِيَ ( رَدِيئَةٌ ) خَالَعَتْهُ بِهَا أَيْ يَرُدُّهَا الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا دَرَاهِمَ جَيِّدَةً إنْ شَاءَ سَوَاءٌ أَرَتْهُ إيَّاهَا حِينَ الْخُلْعِ أَمْ لَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا بِالْإِرَادَةِ وَلَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا كَمَا لَا تَتَعَيَّنُ بِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِشَرْطٍ ) مِنْهَا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ فَلَا تُرَدُّ عَمَلًا بِالشَّرْطِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ خُذْهَا دُونَ تَقْلِيبٍ أَوْ لَا أَعْرِفُ هَلْ هِيَ رَدِيئَةٌ ، أَوْ جَيِّدَةٌ ، وَلَوْ قَالَ وَرُدَّ رَدِيءٌ مُخَالَعٌ بِهِ لَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَغَيْرَهَا .
( وَ ) رُدَّ لِلزَّوْجِ مِنْ الزَّوْجَةِ ( قِيمَةُ كَعَبْدٍ ) وَعَرَضٍ وَحَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ خَالَعَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ زَوْجَهَا وَ ( اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ ، أَيْ نَحْوُ الْعَبْدِ أَيْ رُفِعَ مِلْكُ الزَّوْجِ عَنْهُ بِثُبُوتِ مِلْكِهِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ
، أَوْ حُرِّيَّتِهِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْخُلْعُ ، وَتَرُدُّ الزَّوْجَةُ لِلزَّوْجِ قِيمَةَ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفَتْحِ يَوْمَ الْخُلْعِ إنْ عَلِمَا مَعًا بِاسْتِحْقَاقِهِ ، فَإِنْ عَلِمَا مَعًا بِهِ ، أَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِهِ وَحْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَانَتْ ، وَإِنْ عَلِمَتْ بِهِ وَحْدَهَا فَلَا خُلْعَ ، وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ وَالْمِثْلِيُّ فَتَدْفَعُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ .
وَالْحَرَامُ : كَخَمْرٍ ، وَمَغْصُوبٍ ، وَإِنْ بَعْضًا ، وَلَا شَيْءَ لَهُ : كَتَأْخِيرِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ ، وَخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا ، وَتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ ، أَوْ لَا ؟ تَأْوِيلَانِ .
( وَ ) رُدَّ ( الْحَرَامُ ) حُرْمَةً أَصْلِيَّةً الَّذِي خَالَعَتْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا بِهِ ( كَخَمْرٍ ) وَخِنْزِيرٍ ( وَ ) شَيْءٍ ( مَغْصُوبٍ ) وَعَارِضَةٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَأُمِّ وَلَدٍ إنْ كَانَ كُلَّ الْمُخَالَعِ بِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( بَعْضًا ) مِنْ الْمُخَالَعِ بِهِ أَيْ حُكِمَ بِفَسْخِهِ شَرْعًا ( وَلَا شَيْءَ لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ عِوَضًا عَنْهُ إنْ عَلِمَهُ وَحْدَهُ ، أَوْ مَعَ الزَّوْجَةِ ، أَوْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا ، نَحْوُ الْخَمْرِ ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا الْمَغْصُوبَ فَعَلَيْهَا مِثْلُهُ ، وَإِنْ عَلِمَتْ وَحْدَهَا فَلَا طَلَاقَ فِي نَحْوِ الْخَمْرِ إنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى عَيْنِهِ ، وَإِلَّا بَانَتْ ، وَعَلَيْهَا مِثْلُهُ مِنْ الْحَلَالِ كَخَلٍّ وَشَاةٍ وَهَلْ يُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ أَوْ يُسَرَّحُ ؟ قَوْلَانِ ، وَتُرَاقُ الْخَمْرُ ، وَهَلْ تُكْسَرُ أَوَانِيهَا وَتُشَقُّ زِقَاقُهَا ، أَوْ لَا ؟ خِلَافٌ ، فَإِنْ تَخَلَّلَتْ فَلِلزَّوْجِ ، وَإِنْ قَالَ : إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا مُشِيرًا لِحُرٍّ عَالِمًا حُرِّيَّتَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ ، فَعُلِمَ أَنَّ " رُدَّتْ " مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ .
وَأَنَّ الرَّادَّ لِلدَّرَاهِمِ الزَّوْجُ ، وَلِلْقِيمَةِ الزَّوْجَةُ ، وَلِلْحَرَامِ الشَّرْعُ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ ؛ إذْ الْأَوَّلُ رَدٌّ لِلْمَقْبُوضِ لِأَخْذِ بَدَلِهِ ، وَالثَّانِي دَفْعُ الْقِيمَةِ ، وَالثَّالِثُ فَسْخُ الْعَقْدِ قَالَهُ " غ " .
وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ ( كَتَأْخِيرِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( دَيْنًا ) لَهَا حَالًّا ( عَلَيْهِ ) أَيْ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقِهَا ؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ جَرَّ لَهَا نَفْعًا بِحَلِّ عِصْمَتِهَا وَتَحَصُّلِهَا مِنْ سُوءِ عِشْرَتِهِ ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَالِّ تَسْلِيفٌ فَيُرَدُّ التَّأْخِيرُ وَتَسْتَحِقُّ دِينَهَا حَالًا وَبَانَتْ مِنْهُ ، وَكَذَا تَسْلِيفُهَا لَهُ ابْتِدَاءً وَتَعْجِيلُهَا دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا مُؤَجَّلًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا ؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ ( وَ ) كَخُلْعِهَا عَلَى ( خُرُوجِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( مِنْ مَسْكَنِهَا ) الَّذِي كَانَتْ سَاكِنَةً
مَعَهُ فِيهِ وَاعْتِدَادِهَا خَارِجَهُ فَلَا يَجُوزُ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ ، وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ ، وَأَمَّا إنْ خَالَعَتْهُ عَلَى أَنَّهَا تَدْفَعُ أُجْرَتَهُ مِنْ مَالِهَا مَعَ سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا فَهُوَ جَائِزٌ لَازِمٌ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا فَلَهَا إسْقَاطُهُ .
( وَ ) كَخُلْعِهَا بِ ( تَعْجِيلِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( مَا ) أَيْ دَيْنًا مُؤَجَّلًا عَلَيْهِ لَهَا ( لَا يَجِبُ ) عَلَيْهَا ( قَبُولُهُ ) مِنْهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ كَطَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ مِنْ سَلَمٍ فَيَبْطُلُ التَّعْجِيلُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ : حُطَّ الضَّمَانَ ، وَأَزِيدُكَ ؛ إذْ الزَّوْجَةُ حَطَّتْ عَنْهُ ضَمَانَ الدَّيْنِ إلَى الْأَجَلِ وَزَادَهَا عِصْمَتَهَا وَيَبْقَى الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْعِصْمَةِ ( وَهَلْ كَذَلِكَ ) أَيْ الْخُلْعُ بِمَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ فِي الْفَسْخِ الْخُلْعُ بِتَعْجِيلِ مَا لَهَا عَلَيْهِ ( إنْ وَجَبَ ) عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ كَعَيْنٍ مُطْلَقًا وَطَعَامٍ وَعَرَضٍ مِنْ قَرْضٍ ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَهُ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ نَفَقَةَ عِدَّتِهَا .
وَقِيلَ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا ، وَاعْتُرِضَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى إسْقَاطِهَا بِطَلَاقِهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ ( أَوْ لَا ) يَكُونُ الْخُلْعُ بِتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَخُلْعِهَا بِتَعْجِيلِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَبُولُهُ فِي الْمَنْعِ ، بَلْ هُوَ جَائِزٌ ، وَطَلَاقُهُ رَجْعِيٌّ ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى فِي الْجَوَابِ .
( تَأْوِيلَانِ ) لِقَوْلِهَا عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " : وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَالٌ مُؤَجَّلٌ فَتَخَالَعَا عَلَى تَعْجِيلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ جَازَ الْخُلْعُ وَرُدَّ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ فَمِنْهُ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى إطْلَاقِهَا وَقَالَ : لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ
لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ أَوْ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَحَمَلَهَا بَعْضٌ عَلَى خِلَافِهِ ، وَفَصَّلَ فَقَالَ : الدَّيْنُ الَّذِي لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ ، وَاَلَّذِي يَجِبُ قَبُولُهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ لَهَا وَلَا يُرَدُّ إلَى أَجَلِهِ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ وَلَيْسَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى خُلْعِهَا بِلَا مَالٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ .
وَبَانَتْ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ نُصَّ عَلَيْهِ ، أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ : كَإِعْطَاءِ مَالٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى نَفْيِهَا :
( وَبَانَتْ ) مَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِعِوَضٍ ، بَلْ ( وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ ) حَيْثُ ( نُصَّ ) بِضَمِّ النُّونِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ لَفْظِ الْخُلْعِ ( أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ ) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ مَعَ النَّصِّ عَلَى الرَّجْعَةِ بَائِنٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ أَيْ وَبَانَتْ إنْ طَلَّقَهَا بِعِوَضٍ وَلَوْ نُصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ بِأَنْ أَعْطَتْهُ شَيْئًا ، وَقَالَتْ لَهُ : طَلِّقْنِي طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَخَذَهُ مِنْهَا وَطَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ الْبَيْنُونَةُ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ النَّصِّ عَلَى الرَّجْعَةِ ، وَكَذَا طَلَاقُهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِلَا عِوَضٍ مَعَ النَّصِّ عَلَيْهَا .
وَشَبَّهَ فِي الْبَيْنُونَةِ فَقَالَ ( كَ ) طَلَاقِهَا رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ وَلَا لَفْظِ خُلْعٍ وَ ( إعْطَاءِ مَالٍ ) لِلزَّوْجِ ( فِي الْعِدَّةِ ) مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ ( عَلَى ) شَرْطِ ( نَفْيِهَا ) أَيْ الرَّجْعَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ ، وَبَانَتْ بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ مِنْ انْقِلَابِ الطَّلْقَةِ الرَّجْعِيَّةِ بَائِنَةً ، وَقَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إنَّهُ خُلْعٌ فَيَلْزَمُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الرَّجْعَةِ لَازِمٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَاَلَّذِي أَنْشَأَهُ الْآنَ غَيْرُ الطَّلْقَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، أَوْ ظَاهِرٌ إنْ قَبِلَ بِلَفْظٍ ، وَإِنْ قَبِلَ بِغَيْرِهِ فَمُشْكِلٌ بِأَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ اللَّفْظَ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى قَبُولِهِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ كَالْحَفْرِ وَالرَّدْمِ الْآتِي أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَرْتَجِعَ ، وَأَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ فَخَلَعَ بِثَانِيَةٍ اتِّفَاقًا ، هَذَا
الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ ، وَنَصُّ السَّمَاعِ : سُئِلَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً ، ثُمَّ أَعْطَتْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فَفَعَلَ فَقَالَ أَرَاهُ خُلْعًا .
قُلْت : أَفَتَرَاهُ تَطْلِيقَةً أُخْرَى مَعَ الْأُولَى الَّتِي طَلَّقَ ، قَالَ نَعَمْ أَرَاهُمَا تَطْلِيقَتَيْنِ .
ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا فَخُلْعٌ يَقَعُ بِهِ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى .
وَأَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ لَا يَرْتَجِعَهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ خُلْعٌ أَيْضًا يَقَعُ بِهِ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الْعَشَرَةَ ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ شَاءَ رَاجَعَهَا فَإِنْ رَاجَعَهَا رَدَّ عَلَيْهَا الْعَشَرَةَ أَيْ تَرَكَهَا لَهَا وَلَا يَأْخُذُهَا مِنْهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُتَأَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْعَشَرَةَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اخْتِلَافًا مِنْ الْقَوْلِ .
وَقَالَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ : وَلَوْ قَالَتْ : خُذْ مِنِّي عَشْرَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَك عَلَيَّ لَكَانَ صُلْحًا بِاتِّفَاقٍ ، وَبِذَلِكَ كُلِّهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ ، وَنَصُّهُ أَخْذُهُ مَالًا مِنْهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ فِي كَوْنِهِ خُلْعًا بِالْأُولَى ، أَوْ بِالْأُخْرَى .
ثَالِثُهَا إنْ ارْتَجَعَ رَدَّ الْمَالَ الْأَوَّلَ .
ا هـ .
فَقَدْ حُكِيَ الْخِلَافُ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ .
وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ خُلْعٌ وَيَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ ، وَقَدْ رَأَيْت لِابْنِ يُونُسَ مِثْلَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَعَلَّهُمَا طَرِيقَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
كَبَيْعِهَا ، أَوْ تَزْوِيجِهَا .
وَالْمُخْتَارُ : نَفْيُ اللُّزُومِ فِيهِمَا ، وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ ؛ إلَّا لِإِيلَاءٍ وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ ؛
وَشَبَّهَ فِي الْبَيْنُونَةِ أَيْضًا فَقَالَ ( كَبَيْعِهَا ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إذَا بَاعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِمَسْغَبَةٍ ، أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ ( أَوْ تَزْوِيجِهَا ) كَذَلِكَ أَيْ إذَا زَوَّجَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ ، وَكَذَا بَيْعُهَا وَتَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ إذَا لَمْ يَكُنْ هَازِلًا فِيهِمَا ، وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِهَا وَلَا مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِهَا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ مَخَافَةَ بَيْعِهَا ، أَوْ تَزْوِيجِهَا ثَانِيَةً ، قَالَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْبَيْعِ وَقِيسَ عَلَيْهِ التَّزْوِيجُ الْمُتَيْطِيُّ .
ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ بَاعَ امْرَأَتَهُ ، أَوْ زَوَّجَهَا هَازِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَيَحْلِفُ فِي التَّزْوِيجِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا ، وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ .
أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ زُوِّجَتْ ، أَوْ بِيعَتْ بِحَضْرَتِهِ فَأَنْكَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
( وَالْمُخْتَارُ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ( نَفْيُ ) أَيْ عَدَمُ ( اللُّزُومِ ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ الزَّوْجَ ( فِيهِمَا ) أَيْ بَيْعِ الزَّوْجَةِ وَتَزْوِيجِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ( وَ ) بَانَتْ بِكُلِّ ( طَلَاقٍ حُكِمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( بِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْقَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْحَاكِمُ بِكَعَيْبٍ ، أَوْ نُشُوزٍ ، أَوْ إضْرَارٍ ، أَوْ فَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ ، أَوْ كَمَالِ عِتْقٍ ، فَإِنْ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ مُخْتَارًا وَتَنَازَعَا فِي صِحَّتِهِ ، أَوْ لُزُومِهِ فَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ كَوْنِهِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ( إلَّا ) الطَّلَاقَ الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ ( لِإِيلَاءٍ ) أَيْ حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ رِقٌّ فَرَجْعِيٌّ .
( وَ ) إلَّا الطَّلَاقَ الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ لِ ( عُسْرٍ ) مِنْ الزَّوْجِ (
بِنَفَقَةٍ ) لِلزَّوْجَةِ فَرَجْعِيٌّ وَالْأَوْلَى : وَعَدَمِ نَفَقَةٍ لِيَشْمَلَ صَرِيحًا عَدَمَهَا لِغَيْبَةِ الزَّوْجِ مُوسِرًا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَا مَالَ لَهُ بِبَلَدِهَا وَلَمْ تَجِدْ مَنْ يُسْلِفُهَا إلَى قُدُومِهِ فَطَلَّقَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا .
لَا إنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ بِلَا عِوَضٍ ، أَوْ طَلَّقَ ، أَوْ صَالَحَ وَأَعْطَى .
وَهَلْ مُطْلَقًا ، أَوْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُلْعَ ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَمُوجِبُهُ : زَوْجٌ مُكَلَّفٌ وَلَوْ سَفِيهًا ، ، أَوْ وَلِيَّ صَغِيرٍ : أَبًا ، أَوْ سَيِّدًا ، أَوْ غَيْرَهُمَا ؛ لَا أَبَ سَفِيهٍ ، وَسَيِّدَ بَالِغٍ .
( لَا ) تَبِينُ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا ( إنْ ) طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَ ( شُرِطَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( نَفْيُ ) أَيْ عَدَمُ ( الرَّجْعَةِ ) حَالَ كَوْنِ شَرْطِهَا ( بِلَا عِوَضٍ ) سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهَا ، أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا ، أَوْ مِنْهُ ، وَمِثْلُهُ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَكِ فَرَجَّحَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَأَفْتَى جَدُّ عج بِهِ ، قَالَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ ، وَقِيلَ بَائِنَةٌ ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ ( أَوْ طَلَّقَ ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَعْطَاهَا مَالًا فَرَجْعِيٌّ ( أَوْ صَالَحَ ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى مَالٍ لَهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِهِ ، أَوْ أَنْكَرَهُ ( وَأَعْطَى ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مَالًا وَطَلَّقَهَا فَرَجْعِيٌّ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ .
ابْنُ عَاشِرٍ لَمْ أَرَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا فِي غَيْرِهِ مَا قَرَّرَهُ بِهِ تت مِنْ أَنَّهُ صَالَحَ عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ بِبَعْضِهِ ، بَلْ الَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنْ صَالَحَهَا عَلَى عَطِيَّةٍ مِنْهُ لَهَا جَهْلًا وَظَنَّ أَنَّهُ وَجْهُ الصُّلْحِ ، فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهَا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هُوَ خُلْعٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ا هـ ، وَحَمَلَ الْحَطُّ الْمُصَنِّفَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ .
( وَهَلْ ) يَكُونُ رَجْعِيًّا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ قَصْدِ الْخُلْعِ ( أَوْ ) هُوَ رَجْعِيٌّ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَقْصِدَ ) الزَّوْجُ ( الْخُلْعَ ) فَبَائِنٌ ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لَهَا عَلَيْهِ ؟ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) وَلَيْسَ مَعْنَى قَصْدِ الْخُلْعِ إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ ، بَلْ مَعْنَاهُ جَرَيَانُ ذِكْرِهِ بَيْنَهُمَا ؛ إذْ لَوْ قَصَدَ بِاللَّفْظِ لَمْ يَكُنْ نِزَاعٌ فِي أَنَّهُ بَائِنٌ قَالَهُ أَحْمَدُ ، وَهُمَا فِيمَا إذَا صَالَحَ وَأَعْطَى .
وَأَمَّا إذَا طَلَّقَ وَأَعْطَى فَرَجْعِيٌّ اتِّفَاقًا ، ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَفِيهَا فِيمَنْ طَلَّقَ ، وَأَعْطَى أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ : رَجْعِيَّةٌ
ضَيْح ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى لِزَوْجَتِهِ الْمُتْعَةَ .
قَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَقَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا ذَلِكَ فَلَهُ الرَّجْعَةُ .
وَتَأَوَّلَ ابْنُ الْكَاتِبِ الْقَوْلَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْبَيْنُونَةِ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْحَقِّ ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُوَطَّإِ ابْنِ وَهْبٍ وَالْأَسَدِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ صَالَحَ وَأَعْطَى ، لَا فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى ، قَالَ فِي النُّكَتِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَالنَّقْلُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَلَا خِلَافَ فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى أَنَّهُ لَهُ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّهُ وَهَبَ لَهَا هِبَةً وَطَلَّقَهَا وَلَيْسَتْ مِنْ الْخُلْعِ فِي شَيْءٍ .
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ صَحَّحُوا الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ مَسَائِلَ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَهِيَ إذَا طَلَّقَ وَأَعْطَى ، وَإِذَا صَالَحَ وَأَعْطَى ، وَإِذَا طَلَّقَ طَلَاقَ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَحَلَّهُمَا فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى لَا فِيمَنْ صَالَحَ وَأَعْطَى ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ وَاعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى إنْ جَرَى الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ فَهِيَ بَائِنَةٌ ، وَإِلَّا فَرَجْعِيَّةٌ .
ا هـ .
هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَمُوجِبُهُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مَوْقِعُ طَلَاقِ الْخُلْعِ بِعِوَضٍ وَمُثْبِتُهُ ( زَوْجٌ ) أَوْ نَائِبُهُ مِنْ وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ ( مُكَلَّفٌ ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مُلْزَمٌ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ أَيْ مَصِيرُهُ وَاجِبًا عَلَى مُلْتَزِمِهِ زَوْجَةً
وَغَيْرَهَا فَلَا يَجِبُ بِطَلَاقِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ إنْ كَانَ الْمُكَلَّفُ رَشِيدًا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( سَفِيهًا ) ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِلَا عِوَضٍ فِيهِ أَوْلَى .
اللَّخْمِيُّ وَيُكَمَّلُ لَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ إنْ خَالَعَ بِدُونِهِ .
ضَيْح : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْمُخَالِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ لَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَثَّقِينَ كَابْنِ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ بَرَاءَةُ الْمُخَالِعِ بِدَفْعِ الْخُلْعِ لَهُ .
قُلْت ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِ مُتَمَوَّلٍ يَسْتَقِلُّ السَّفِيهُ بِهِ فَهُوَ كَهِبَةٍ ، وَالْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ أَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ " اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ خُلْعِ السَّفِيهِ " لَا أَعْرِفُهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ لِتَكْمِيلِ خُلْعِ الْمِثْلِ .
( أَوْ ) مُوجِبُهُ ( وَلِيُّ ) زَوْجٍ ( صَغِيرٍ ) وَمَجْنُونٍ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ ( أَبًا ، أَوْ سَيِّدًا ، أَوْ غَيْرَهُمَا ) مِنْ وَصِيٍّ ، وَحَاكِمٍ ، وَمُقَدَّمِهِ إذَا كَانَ خُلْعُ مَنْ ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ عِوَضٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَحَكَى عَلَيْهِ الرَّجْرَاجِيُّ الِاتِّفَاقَ وَيَرُدُّهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ .
اللَّخْمِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُطَلَّقَ عَلَى السَّفِيهِ الْبَالِغِ وَالصَّغِيرِ دُونَ شَيْءٍ يُؤْخَذُ لَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَقَاءُ عِصْمَتِهِ فَسَادَ الْأَمْرِ ، جَهِلَ قَبْلَ نِكَاحِهِ ، أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ مِنْ كَوْنِ زَوْجَتِهِ غَيْرَ مَحْمُودَةِ الطَّرِيقِ .
ا هـ .
وَوَلِيُّ الْمَجْنُونِ : الْحَاكِمُ ، أَوْ مُقَدَّمُهُ إنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ ، وَالْأَبُ ، ثُمَّ وَصِيُّهُ إنْ جُنَّ قَبْلَهُ وَاتَّصَلَ .
( لَا أَبُ ) زَوْجٍ ( سَفِيهٍ ) أَيْ بَالِغٍ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ ( وَ ) لَا ( سَيِّدُ ) عَبْدٍ ( بَالِغٍ ) فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا عَنْهُمَا بِغَيْرِ
إذْنِهِمَا وَلَوْ جَبَرَاهُمَا عَلَى النِّكَاحِ .
وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضِ وَوَرِثَتْهُ دُونَهَا كَمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ فِيهِ ، وَمُولًى مِنْهَا ،
( وَنَفَذَ ) أَيْ مَضَى وَلَزِمَ ( خُلْعُ ) الزَّوْجِ ( الْمَرِيضِ ) مَرَضًا مَخُوفًا ، وَلَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ لِوَارِثٍ وَلَوْ كَافِرَةً ، أَوْ أَمَةً لِاحْتِمَالِ إسْلَامِ الْأُولَى وَتَحَرُّرِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ ، وَيَجُوزُ طَلَاقُ الْمَرِيضِ مَرَضًا غَيْرَ مَخُوفٍ وَلَوْ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ ( وَ ) إنْ مَاتَ الْمَرِيضُ بِمَرَضِهِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ ( وَرِثَتْهُ ) أَيْ الْمَرِيضَ زَوْجَتُهُ الَّتِي طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ حَتَّى مِمَّا خَالَعَتْهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ( دُونَهَا ) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ فِي مَرَضِ الزَّوْجِ الْمَخُوفِ فَلَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ مَرَضًا مَخُوفًا ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَ نَفْسَهُ وَأَسْقَطَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ كَانَتْ بِيَدِهِ .
وَشَبَّهَ فِي إرْثِهَا دُونَهُ فَقَالَ ( كَ ) زَوْجَةٍ ( مُخَيَّرَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا فِي الْبَقَاءِ فِي عِصْمَتِهِ وَفِرَاقِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ ، أَوْ مَرِيضٌ فَاخْتَارَتْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فِرَاقَهُ ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا ( وَ ) زَوْجَةٍ ( مُمَلَّكَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا ، أَيْ مَلَّكَهَا زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا فِي صِحَّتِهِ ، أَوْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ( فِيهِ ) أَيْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ فَتَرِثُهُ ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا ( وَ ) زَوْجَةٍ ( مُولًى مِنْهَا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ حَلَفَ زَوْجُهَا عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ ، أَوْ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ فَضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، أَوْ شَهْرَيْنِ ، وَتَمَّ وَلَمْ يَفِ وَلَا وَعَدَ بِهَا فَطُلِّقَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَتَرِثُهُ ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا .
وَمُلَاعَنَةٍ ، أَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ ، أَوْ أَسْلَمَتْ ، أَوْ عَتَقَتْ ، أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا ، وَإِنْ فِي عِصْمَةٍ .
وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ بِصِحَّةٍ بَيِّنَةٍ .
( أَوْ ) زَوْجَةٍ ( مُلَاعَنَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ ، أَوْ كَسْرِهَا أَيْ لَاعَنَهَا زَوْجُهَا لِقَذْفِهَا بِنَفْيِ حَمْلِهَا عَنْهُ ، أَوْ بِالزِّنَا وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضًا مَخُوفًا ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا ( أَوْ ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا فِي صِحَّتِهِ ، أَوْ مَرَضِهِ ( وَأَحْنَثَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا ( فِيهِ ) أَيْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا ( أَوْ ) تَزَوَّجَ فِي صِحَّتِهِ كِتَابِيَّةً ، أَوْ أَمَةً ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَوْ بَائِنًا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ ، ثُمَّ ( أَسْلَمَتْ ) الْكِتَابِيَّةُ ( أَوْ عَتَقَتْ ) الْأَمَةُ فِي مَرَضِهِ ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا ( أَوْ ) طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا وَ ( تَزَوَّجَتْ ) زَوْجًا ( غَيْرَهُ ) فَإِنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَرِثَتْهُ ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا .
الْبُنَانِيُّ : وَالْأَوْلَى وَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مُبَايِنًا لِلْخُلْعِ فِي الْمَرَضِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ .
( وَوَرِثَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ ( أَزْوَاجًا ) تَزَوَّجَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ فِي صِحَّتِهِ وَطَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( فِي عِصْمَةٍ ) لِزَوْجٍ حَيٍّ ( وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ ) إرْثُ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ، أَوْ بَائِنًا ( بِ ) حُصُولِ ( صِحَّةٍ ) لِلزَّوْجِ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ ( بَيِّنَةٍ ) أَيْ ظَاهِرَةٍ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ .
وَلَوْ صَحَّ ، ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا ثَانِيَةً : لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ .
( وَلَوْ ) طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ ، ثُمَّ ( صَحَّ ) مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا ( ثُمَّ مَرِضَ ) مَرَضًا مَخُوفًا ( فَطَلَّقَهَا ) فِي هَذَا الْمَرَضِ الثَّانِي ، ثُمَّ مَاتَ مِنْهُ ( لَمْ تَرِثْ ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) أَنْ يَمُوتَ ( فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ ) الرَّجْعِيِّ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي مَرَضِهِ الْأَوَّلِ .
وَكَذَا إذَا طَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ رَجْعِيًّا ، ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا وَطَلَّقَهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ ، وَلَوْ قَالَ إلَّا فِي الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ لَا عِدَّةَ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي .
وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهَا قَدْ انْقَطَعَ بِصِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِهِ ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ قَبْلَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ يُوهِمُ أَنَّ ثَمَّ عِدَّةً أُخْرَى .
وَمَفْهُومُ " ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا " أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ ، وَفِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ الْأَوَّلِ يَنْقَطِعُ إرْثُهَا مِنْهُ إنْ كَانَ الثَّانِي بَائِنًا ، وَلَوْ مَاتَ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَكَمَنْ طَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ رَجْعِيًّا .
وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ : كَإِنْشَائِهِ .
وَالْعِدَّةُ : مِنْ الْإِقْرَارِ
( وَالْإِقْرَارُ ) مِنْ الزَّوْجِ ( بِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ فِي الصِّحَّةِ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضًا مَخُوفًا طَلَّقْتُهَا وَأَنَا صَحِيحٌ قَبْلَ مَرَضِي هَذَا ( كَإِنْشَائِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ فِي أَنَّهَا تَرِثُهُ دُونَهَا وَلَا يَقْطَعُ إرْثَهَا إلَّا صِحَّتُهُ الْبَيِّنَةُ لِاتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ لِيُخْرِجَهَا مِنْ الْإِرْثِ ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ وَلَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَلَى دَعْوَاهُ ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ وَرِثَهَا ، وَإِلَّا فَلَا ( وَالْعِدَّةُ ) لِلطَّلَاقِ الَّذِي أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ السَّابِقَةِ ابْتِدَاؤُهَا ( مِنْ ) يَوْمِ ( الْإِقْرَارِ ) بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ يَقْتَضِي انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ كُلِّهَا ، أَوْ بَعْضِهَا لِاتِّهَامِهِ فِيهِ ، وَالْعِدَّةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْقِطُهَا كُلَّهَا وَلَا بَعْضَهَا إقْرَارُهُ .
وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ " إقْرَارُهُ " أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ ، وَإِلَّا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ بِهَا ، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَتْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَحَاضَتْ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ ، قَالَ عِدَّتُهَا مِنْ الطَّلَاقِ ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَرِيضُ الطَّلَاقَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَمِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ ، ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَمِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَمَفْهُومٌ فِيهِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ إذْ الْعِدَّةُ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ أَيْضًا إلَّا لِبَيِّنَةٍ ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا فِي بَابِ الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ أَيْ الصَّحِيحُ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يَرِثْهَا أَنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا ، أَيْ الْعِدَّةِ الْمُبْتَدَأَةِ مِنْ إقْرَارِهِ
إلَّا لِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ ا هـ .
فَإِنْ تَمَّتْ ، ثُمَّ مَاتَ فَلَا تَرِثُهُ ، وَهَذَا مَحَلُّ افْتِرَاقِ إقْرَارِ الصَّحِيحِ مِنْ إقْرَارِ الْمَرِيضِ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ هُنَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَرِثُ الْمَرِيضَ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَصِحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً .
وَقَوْلُهُ تَشْهَدُ لَهُ ، وَكَذَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُنْكِرٌ ، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَهُوَ إقْرَارُهُ بِهِ صَحِيحًا ، أَوْ مَرِيضًا ، وَإِنْكَارُهُ إيَّاهُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ ، أَوْ لَهُ .
وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ الصَّحِيحُ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ .
وَلَوْ شُهِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقٍ فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ .
( وَلَوْ شُهِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى زَوْجٍ ( بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ ) الْبَائِنِ ، أَوْ الرَّجْعِيِّ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِحَسَبِ تَارِيخِهِمْ وَمَاتَ وَهُوَ مُعَاشِرٌ لَهَا مُعَاشَرَةَ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ ، وَكَانَ تَأْخِيرُهُمْ رَفْعَ الشَّهَادَةِ لِلْحَاكِمِ لِعُذْرٍ كَغَيْبَتِهِمْ ( فَ ) حُكْمُهُ ( كَ ) حُكْمِ ( الطَّلَاقِ ) الْوَاقِعِ مِنْ الزَّوْجِ ( فِي الْمَرَضِ ) الْمَخُوفِ لَهُ مِنْ أَنَّهَا تَرِثُهُ أَبَدًا وَتَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ وَفَاتِهِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا عِدَّةَ وَفَاةٍ لِأَنَّ مَوْتَهُ نَقَلَهَا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا ، وَعِدَّةَ طَلَاقٍ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمَشْهُودُ بِهِ بَائِنًا .
وَقَالَ عج ظَاهِرُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَوْ كَانَ بَائِنًا لِاحْتِمَالِ طَعْنِهِ فِي الشَّهَادَةِ لَوْ كَانَ حَيًّا ، وَبِهَذَا يُوَجَّهُ إرْثُهَا إيَّاهُ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ حَيْثُ أَسْنَدَتْهُ لَهَا ، وَبِأَنَّ مُعَاشَرَتَهُ إيَّاهَا لِمَوْتِهِ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ تَكْذِيبِهِ الْبَيِّنَةَ ، فَإِنْ لَمْ تُعْذَرْ الْبَيِّنَةُ فِي تَأْخِيرِ الرَّفْعِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهَا وَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ .
وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى زَوْجِ مَيِّتَةٍ بِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا وَعَجَزَ عَنْ تَجْرِيحِهَا فَلَا يَرِثُهَا .
وَإِنْ أَشْهَدَ بِهِ فِي سَفَرٍ ، ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فُرِّقَ وَلَا حَدَّ .
( وَإِنْ أَشْهَدَ ) الزَّوْجُ ( بِهِ ) أَيْ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ ، أَوْ الْإِقْرَارِ بِهِ ثَلَاثًا ، أَوْ بَائِنًا دُونَهَا ، وَصِلَةُ " أَشْهَدَ " ( فِي سَفَرٍ ) مَثَلًا أَيْ ، أَوْ حَضَرٍ ( ثُمَّ قَدِمَ ) الزَّوْجُ مِنْ السَّفَرِ ( وَوَطِئَ ) الزَّوْجَةَ الَّتِي أَشْهَدَ بِطَلَاقِهَا أَيْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ، أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ ( وَأَنْكَرَ ) الزَّوْجُ ( الشَّهَادَةَ ) أَيْ الْإِشْهَادَ وَكَذَّبَ الْبَيِّنَةَ فِيهِ ( فُرِّقَ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الَّتِي أَشْهَدَ بِطَلَاقِهَا ، أَوْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ( وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ، وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ حَدِّهِ مَعَ الْحُكْمِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ .
وَأَجَابَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ كَانَ كَمَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَالْأَبْهَرِيُّ بِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمٍ لِزَوْجَتِهِ إلَى الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ بِدَلِيلِ اعْتِدَادِهَا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ وَالْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ كَمَنْ أَقَرَّ بِزِنًا وَرَجَعَ عَنْهُ ، وَبِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ الْإِشْهَادَ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَإِذَا بَلَغَهَا مَوْتُ زَوْجِهَا الْغَائِبِ فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا وَقَدْ حَلَّتْ ا هـ .
وَلَوْ أَبَانَهَا ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صِحَّتِهِ فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ .
( وَلَوْ أَبَانَهَا ) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ ( ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ الَّتِي أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ ( قَبْلَ صِحَّتِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي أَبَانَهَا فِيهِ ( فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ ) الْمَخُوفِ فِي الْفَسَادِ وَاسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ قَبْلُ وَبَعْدُ ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ بَعْدَ الدُّخُولِ ، وَيُعَجَّلُ فَسْخُهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً ، وَلَكِنْ لَهَا مِيرَاثُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ .
فَإِنْ قُلْتَ : عِلَّةُ مَنْعِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ إدْخَالُ وَارِثٍ وَقَدْ انْتَفَتْ هُنَا ؛ لِأَنَّهَا تَرِثُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا .
قُلْتُ : بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا اُحْتُمِلَ انْقِطَاعُ إرْثِهَا بِصِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ ، وَلَمَّا تَزَوَّجَهَا صَارَتْ تَرِثُهُ وَلَوْ صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً فَقَدْ نَقَلَهَا مِنْ إرْثٍ مُعَرَّضٍ لِلِانْقِطَاعِ لِإِرْثٍ لَا يَنْقَطِعُ .
وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ وَهَلْ يُرَدُّ ، أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا وَوُقِفَ إلَيْهِ ؟ تَأْوِيلَانِ .
( وَلَمْ يَجُزْ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْجِيمِ أَيْ يَحْرُمُ ( خُلْعُ ) الزَّوْجَةِ ( الْمَرِيضَةِ ) مَرَضًا مَخُوفًا عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجُ وَارِثٍ ، وَعَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ ، وَإِنْ وَقَعَ لَزِمَ الطَّلَاقُ وَانْتَفَى التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي عِدَّتِهَا اتِّفَاقًا .
( وَهَلْ يُرَدُّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْخُلْعُ أَيْ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ كُلُّهُ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا .
وَظَاهِرٌ وَلَوْ صَحَّتْ صِحَّةً بَيِّنَةً وَهَذَا تَأْوِيلُ الْخِلَافِ ( أَوْ ) الَّذِي يُرَدُّ ( الْمُجَاوِزُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ آخِرَهُ زَايٌ أَيْ الزَّائِدُ ( لِإِرْثِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ أَنْ لَوْ كَانَ وَارِثًا ( يَوْمَ مَوْتِهَا ) صِلَةُ الْمُجَاوِزِ " ( وَ ) إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ يَوْمَ مَوْتِهَا ( وُقِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ ( إلَيْهِ ) أَيْ يَوْمِ مَوْتِهَا فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا .
وَأَمَّا عَلَى مِثْلِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَأَقَلَّ فَجَائِزٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ .
عِيَاضٌ فِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَفْسِيرًا ، أَوْ اخْتِلَافًا قَوْلَانِ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ .
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَيُوقَفُ الْمَالُ حَتَّى تَصِحَّ أَوْ تَمُوتَ ، فَقَوْلُهُ وَهَلْ يُرَدُّ أَيْ الْمُخَالَعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا ، وَإِنْ صَحَّتْ مِنْ مَرَضِهَا هُوَ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ لِلْأَقَلِّ ، وَقَوْلُهُ ، أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ إلَخْ ، هُوَ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَبَرُ فِي قَدْرِ الْمِيرَاثِ يَوْمُ الْخُلْعِ فَيَتَعَجَّلُ الزَّوْجُ الْخُلْعَ إنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ ، أَوْ يُعْتَبَرُ يَوْمُ مَوْتِهَا فَيُوقَفُ
الْمُخَالَعُ بِهِ كُلُّهُ إلَيْهِ .
فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ أَخَذَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ ، فَقَالَ ابْن رُشْدٌ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ وَلَا إرْثَ بِحَالٍ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ مِنْهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ وَيَرُدُّ الزَّائِدَ ، وَإِنْ صَحَّتْ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ مَا خَالَعَ بِهِ ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، بَلْ هُمَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
وَإِنْ نَقَصَ وَكِيلُهُ عَنْ مُسَمَّاهُ : لَمْ يَلْزَمْ ، أَوْ أَطْلَقَ لَهُ ، أَوْ لَهَا حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ ،
( وَإِنْ ) وَكَّلَ الزَّوْجُ مَنْ يُخَالِعُ لَهُ زَوْجَتَهُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ فَ ( نَقَصَ وَكِيلُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى الْخُلْعِ ( عَنْ مُسَمَّاهُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ السِّينِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الزَّوْجُ لِلْوَكِيلِ بِأَنْ خَالَعَهَا بِأَقَلَّ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ ( لَمْ يَلْزَمْ ) الزَّوْجَ طَلَاقٌ ، وَزَوْجَتُهُ بَاقِيَةٌ عَلَى عِصْمَتِهِ إلَّا أَنْ تُتِمَّ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَكِيلُ الْمُسَمَّى ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الِامْتِنَاعُ عَنْ قَبُولِ إتْمَامِ الْوَكِيلِ ؛ إذْ لَا تَلْحَقُهُ بِهِ مِنَّةٌ ( أَوْ أَطْلَقَ ) الزَّوْجُ ( لَهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْخُلْعِ ( أَوْ ) أَطْلَقَ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ ( حَلَفَ ) الزَّوْجُ ( أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ إلَّا أَنْ تُتِمَّهُ الزَّوْجَةُ ، أَوْ الْوَكِيلُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا ، وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ ، أَوْ إنْ دَعَوْتِنِي إلَى الصُّلْحِ بِالتَّعْرِيفِ ، فَإِنْ كَانَ قَالَ إلَى صُلْحٍ بِالتَّنْكِيرِ ، أَوْ إنْ خَالَعْتِنِي عَلَى مَالٍ لَزِمَهُ مَا دَفَعَتْهُ لَهُ وَلَوْ تَافِهًا .
وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا ، فَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ ، وَرَدُّ الْمَالِ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ ، وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ
( وَإِنْ ) وَكَّلَتْ مَنْ يُخَالِعُ لَهَا زَوْجَهَا وَبَيَّنَتْ قَدْرًا مَعْلُومًا كَعَشَرَةٍ ، أَوْ أَطْلَقَتْ فَ ( زَادَ وَكِيلُهَا ) عَلَى مَا سَمَّتْهُ لَهُ ، أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَتْ ( فَعَلَيْهِ ) أَيْ وَكِيلِهَا ( الزِّيَادَةُ ) عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ خُلْعِ الْمِثْلِ ، وَلَزِمَ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا مَا سَمَّتْ ، أَوْ خُلْعُ الْمِثْلِ ، وَسَوَاءٌ أَضَافَ الْمُخَالَعَةَ لَهَا ، أَوْ لَهُ ، أَوْ لَمْ يُضِفْهَا .
وَإِنْ أَطْلَقَتْ حَلَفَتْ عَلَى إرَادَتِهَا خُلْعَ الْمِثْلِ .
( وَرُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ ( الْمَالُ ) الْمُخَالَعُ بِهِ لِلزَّوْجَةِ وَسَقَطَ عَنْهَا مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا ، أَوْ نَفَقَةِ حَمْلٍ ، أَوْ إسْقَاطِ حَضَانَةٍ ( بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ ) بِلَا يَمِينٍ وَأَوْلَى بِشَهَادَةِ قَطْعٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ بِيَمِينٍ وَصَوَّبَ ( عَلَى الضَّرَرِ ) مِنْ الزَّوْجِ لَهَا الَّذِي لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ وَلَزِمَتْ الْبَيْنُونَةُ .
وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ ، فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمْ إنْ كَانُوا مُجَاوِرِينَ لِلزَّوْجَيْنِ .
عج إنْ كَانَ مُلْتَزِمُ الْمَالِ غَيْرَهَا فَإِنْ قَصَدَ فِدَاءَهَا مِنْ ضَرَرِهِ رُدَّ لَهُ ، وَإِلَّا فَلَا ( وَ ) رُدَّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ لَهَا ( بِيَمِينِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ ( مَعَ ) شَهَادَةِ ( شَاهِدٍ ) وَاحِدٍ قَاطِعٍ بِضَرَرِهِ لَهَا بِضَرْبٍ ، أَوْ دَوَامِ شَتْمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ أَخْذِ مَالٍ ، أَوْ مُشَارَرَةٍ ، أَوْ إيثَارِ ضَرَّةٍ عَلَيْهَا فِي مَبِيتٍ لَا يُبْغِضُهُ لَهَا ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ ( أَوْ ) بِيَمِينِهَا مَعَ شَهَادَةِ ( امْرَأَتَيْنِ ) قَاطِعَتَيْنِ بِالضَّرَرِ وَعُمِلَ فِيهِ بِشَاهِدٍ ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ ؛ لِأَنَّهُ آلَ لِلْمَالِ وَمِثْلُهُ خُلْعُهَا بِإِسْقَاطِ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ لِثُبُوتِهِ فِي الْجَرْحِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ .
فَإِنْ لَمْ يُؤَوَّلْ لِلْمَالِ كَخُلْعِهَا بِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا فَلَا يَسْقُطُ الْتِزَامُهَا بِشَاهِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ مَعَ يَمِينٍ عَلَى الضَّرَرِ فَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ ، أَوْ
الْمَرْأَتَيْنِ بِالسَّمَاعِ فَقَوْلَانِ فِي الشَّامِلِ وَالْحَطِّ ، وَلَيْسَ مِنْ الضَّرَرِ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ ، أَوْ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَأَدَّبَهَا ، وَإِنْ شَاءَ خَالَعَهَا وَيَتِمُّ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ مُضَارَرَتُهَا إنْ عَلِمَ زِنَاهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَيُنْدَبُ لَهُ فِرَاقُهَا ، وَإِنْ ضَارَرَهَا حَتَّى افْتَدَتْ مِنْهُ بِمَالٍ فَلَا يَتِمُّ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَشْتُمَهُ ، أَوْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ .
وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِكَوْنِهَا بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا ، أَوْ لِكَوْنِهِ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ ، أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ .
( وَ ) مَنْ ضَارِرْهَا زَوْجُهَا ضَرَرًا لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ إثْبَاتِهِ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَأَرَادَتْ مُخَالَعَتَهُ وَأَشْهَدَتْ بَيِّنَةً بِضَرَرِ زَوْجِهَا لَهَا وَأَنَّهَا تُخَالِعُهُ وَتُسْقِطُ حَقَّهَا فِي الضَّرَرِ ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مُلْتَزِمَةٍ لِهَذَا الْإِسْقَاطِ ، وَإِنَّمَا تَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى خَلَاصِهَا مِنْهُ وَتَمَكُّنِهَا مِنْ إثْبَاتِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ خَالَعَتْهُ مُعْتَرِفَةً بِالطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ ، وَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِيهِ ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَرْعَتْهَا أَيْ أَشْهَدَتْهَا سِرًّا بِمَا تَقَدَّمَ فَ ( لَا يَضُرُّهَا ) أَيْ الزَّوْجَةَ ( إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ ؛ إذْ عَقِبَهَا أَلِفٌ وَكُتِبَتْ بِصُورَةِ الْيَاءِ لِتَجَاوُزِهَا خَمْسَةَ أَحْرُفٍ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ حَاكِيًا لَهُ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ضَرَرَهَا يَحْمِلُهَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّوْعِ .
الْبُنَانِيُّ مَعْنَى الِاسْتِرْعَاءِ إشْهَادُهَا قَبْلَ الْخُلْعِ أَنَّهَا مَتَى افْتَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ فَلَيْسَ طَوْعًا مِنْهَا وَلَا الْتِزَامًا ، وَإِنَّمَا يَحْمِلُهَا عَلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَالرَّغْبَةُ فِي الرَّاحَةِ مِنْ ضَرَرِهِ بِهَا ، وَأَنَّهَا مَتَى حَصَلَتْ لَهَا النَّجَاةُ مِنْهُ تَرْجِعُ عَلَيْهِ قَالَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ ، وَهُنَا ثَلَاثُ صُوَرٍ صَرَّحَ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَنَصُّهُ : وَإِنْ اعْتَرَفَتْ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ بِالطَّوْعِ وَكَانَتْ اسْتَرْعَتْ فَلَهَا الرُّجُوعُ بِاتِّفَاقٍ ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَسْتَرْعِ فَقَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ بِهَا .
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلِمَتْهَا فَفِيهِ نَظَرٌ .
وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَلَا يَضُرُّهَا أَيْضًا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَهُوَ أَصْوَبُ ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ بِهَا يَحْمِلُهَا عَلَى أَنْ تَعْتَرِفَ بِالطَّوْعِ .
وَمَنْ
اُبْتُلِيَ بِالْأَحْكَامِ يَكَادُ يَقْطَعُ بِذَلِكَ .
ا هـ .
وَالْأَوْلَى بِحَقِيقَةِ الِاسْتِرْعَاءِ حَمْلُهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَإِنْ كَانَ الْإِسْقَاطُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رَاشِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَوْ كَتَبَ فِي الْوَثِيقَةِ طَائِعَةً غَيْرَ مُشْتَكِيَةٍ ضَرَرًا وَأَسْقَطَتْ الِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ إلَى أَبْعَدِ غَايَتِهِ وَأَقْصَى حُدُودِهِ وَنِهَايَتِهِ فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ حَقَّهَا ؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ لَوْ لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ لَمَا تَخَلَّصْتُ مِنْهُ .
عج يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ كُلَّ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِمَا يُنَافِي مَا أَقَرَّتْ بِهِ مِنْ الطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا .
( تَنْبِيهٌ ) : قَوْلُهُ " الْمُسْتَرْعِيَةِ " هُوَ فِي النُّسَخِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ ، وَقَاعِدَةُ الْخَطِّ أَنَّ الْأَلِفَ الْمُتَجَاوِزَةَ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ وَلَيْسَ قَبْلَهَا يَاءٌ تُرْسَمُ يَاءً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ وَاوٍ ، أَوْ يَاءٍ ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، وَتُقْرَأُ أَلِفًا وَقِرَاءَتُهَا يَاءً لَحْنٌ فَاحِشٌ قَالَهُ اللَّقَانِيُّ .
( وَ ) رُدَّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ ( بَ ) تَبَيُّنِ ( كَوْنِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُخَالَعَةِ ( بَائِنًا ) مِنْ مُخَالِعِهَا وَقْتَ خُلْعِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا ( لَا ) يُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ إنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْخُلْعِ أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلْقَةً ( رَجْعِيَّةً ) لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مَمْلُوكَةُ الْعِصْمَةِ فَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ ( أَوْ لِكَوْنِهِ ) أَيْ النِّكَاحِ فَاسِدًا مَعًا عَلَى فَسَادِهِ ( يُفْسَخُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ ( بِلَا طَلَاقٍ ) كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ وَمَحْرَمٍ مِنْ نَسَبٍ ، أَوْ رَضَاعٍ ، أَوْ صِهْرٍ فَيُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ لِعَدَمِ مُصَادَفَةِ خُلْعِهِ مَحَلًّا .
وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا يُوجِبُ ظُهُورُهُ رَدَّ الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلًّا عِنْدَ الْقَائِلِ بِصِحَّتِهِ وَخُلْعُ الْمُمَلَّكَةِ صَحِيحٌ وَهُوَ رَدٌّ
لِتَمْلِيكِهَا وَلَا تُعْذَرُ بِجَهْلِهَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
( أَوْ لِ ) ظُهُورِ ( عَيْبِ خِيَارٍ بِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ كَعُنَّتِهِ وَاعْتِرَاضِهِ وَخِصَائِهِ وَجَبِّهِ وَجُنُونِهِ وَجُذَامِهِ وَبَرَصِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ ، فَلَهَا الرُّجُوعُ بِالْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَوْ طَلَّقَهَا ، أَوْ مَاتَا ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ فَكَالْعَدَمِ ا هـ ضَعِيفٌ ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِ خِيَارٍ بِهَا فَقَطْ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ رَاجِعْ مَا كَتَبْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُ عَيْبِهِ عَيْبُهُمَا .
أَوْ قَالَ : إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ، .
لَا إنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا ، وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ .
( أَوْ قَالَ ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ ( إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ) ، أَوْ اثْنَتَيْنِ وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدَةً وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ اثْنَتَيْنِ ، ثُمَّ خَالَعَهَا بِمَالٍ فَيَرُدُّهُ لَهَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْخُلْعِ مَحَلًّا لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ مَعَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا يَرُدُّ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَهُ فِي الصُّلْحِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ صَالَحْتُكِ فَصَالَحَهَا إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْمُصَالَحَةِ الَّتِي جَعَلَهَا شَرْطًا لِوُقُوعِهِ ، فَالْمُصَالَحَةُ هِيَ السَّابِقَةُ لِلطَّلَاقِ ؛ إذْ لَا يَكُونُ الْمَشْرُوطُ إلَّا تَبَعًا لِلشَّرْطِ .
فَإِذَا سَبَقَتْ الْمُصَالَحَةُ الطَّلَاقَ صَحَّتْ وَمَضَتْ ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا .
وَبَطَلَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً كَانَ ، أَوْ ثَلَاثًا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الصُّلْحِ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ .
وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ عِيسَى أَنَّهُ جَعَلَ الطَّلَاقَ سَابِقًا لِلْمُصَالَحَةِ ، وَهَذَا مُنَكَّسٌ مِنْ قَوْلِهِ : إذْ لَوْ تَقَدَّمَ الطَّلَاقُ الْمُصَالَحَةَ لَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ بِالْمُصَالَحَةِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ وَاحِدَةً فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ .
وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْطَ تَابِعًا لِلْمَشْرُوطِ إنَّمَا بَنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ أَنَّهُ حُرٌّ عَلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ فِيهَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ حُصُولِ الْعَبْدِ لِلْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ ا هـ ابْنُ عَرَفَةَ .
اللَّخْمِيُّ
مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ صَالَحْتُكِ فَصَالَحَهَا حَنِثَ بِطَلْقَةِ الْيَمِينِ ، ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةُ الصُّلْحِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا .
ا هـ .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ قَالَ إنْ خَالَعْتكِ إلَخْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ .
( لَا ) يُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ ( إنْ لَمْ يَقُلْ ) الزَّوْجُ ( ثَلَاثًا ) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ ذَلِكَ اثْنَتَيْنِ ( وَلَزِمَهُ ) أَيْ الزَّوْجَ الَّذِي قَالَ إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( طَلْقَتَانِ ) وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ ، فَإِنْ قَيَّدَ بِاثْنَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ ،
( وَجَازَ ) لِلْمُخَالِعِ ( شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا ) أَيْ مَا تَلِدُهُ الزَّوْجَةُ لِمُخَالَعَةٍ مِنْ زَوْجِهَا الْمُخَالِعِ لَهَا عَلَيْهَا وَهُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِهَا حِينَ الْخُلْعِ ، أَيْ مَا يَحْتَاجُهُ الْوَلَدُ ( مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ ) بِهِ أَيْ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا حَالَ حَمْلِهَا بِهِ تَبَعًا لِسُقُوطِ مُؤْنَةِ رَضَاعِهِ مُدَّتَهُ ، فَلَوْ قَالَ وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ مَا تَلِدُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ ، فَلَيْسَ مُرَادٌ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهِ مِنْ أَنَّهَا حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ فَخَالَعَهَا بِنَفَقَةِ الرَّضِيعِ فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اتِّفَاقًا ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ أَسْقَطَتْ أَحَدَهُمَا فَيَبْقَى الْآخَرُ .
الصِّقِلِّيُّ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ ، أَوْ غَيْرِهِ ، وَزَائِدٌ شُرِطَ : كَمَوْتِهِ .
( وَ ) إنْ خَالَعَهَا بِرَضَاعِ وَلَدِهَا وَنَفَقَةِ زَوْجِهَا ، أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةَ رَضَاعِهِ ( سَقَطَ نَفَقَةُ الزَّوْجِ ) الْمَشْرُوطَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ مَعَ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ ( أَوْ ) نَفَقَةُ ( غَيْرِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ كَشَرْطِهِ إنْفَاقَهَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ ، أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَفَادَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وتت .
د : هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تَلْزَمُهَا إذَا لَمْ تُضَفْ لِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ بِأَنْ خَالَعَهَا بِأَنَّهَا تُنْفِقُ عَلَيْهِ ، أَوْ عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ ، أَوْ أَبِيهِ ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْوَسَطِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ سُقُوطُ الْمُضَافَةِ بِدَلِيلِ مَا فِي كَبِيرِهِ ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُضَافَةِ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ النَّقْلِ سُقُوطُهَا ، وَإِنْ ادَّعَاهُ عج .
( وَ ) سَقَطَ ( زَائِدٌ ) عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ ( شُرِطَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ كَنَفَقَتِهَا عَلَى وَلَدِهَا سَنَةً بَعْدَ مُدَّةِ رَضَاعِهِ فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا نَفَقَتُهُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ ، وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَجَازَ بِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ ، وَلَزِمَ ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْغَرَرُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الرَّضِيعَ قَدْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا وَلِأَنَّ إرْضَاعَهُ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ مَالٌ .
وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَقَالَ الْأَكْثَرُ لَا يَسْقُطُ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ مُدَّةَ رَضَاعِهِ ، وَصَوَّبَهُ الْأَشْيَاخُ وَبِهِ الْعَمَلُ ، حَتَّى قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ .
الْبُنَانِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الزَّوْجُ نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ عَاشَ الْوَلَدُ ، أَوْ مَاتَ ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي ضَيْح ، وَفِي التُّحْفَةِ : وَجَازَ قَوْلًا وَاحِدًا حَيْثُ الْتَزَمْ ذَاكَ وَإِنْ مُخَالِعٌ بِهِ عُدِمْ وَيَصِحُّ
حَمْلُ قَوْلِهِ وَزَائِدٌ شُرِطَ عَلَى مَا يَعُمُّ غَيْرَ النَّفَقَةِ كَشَرْطِهِ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ ، فَإِنَّهُ لَغْوٌ .
ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا ، وَأَمَّا إلَى مُدَّةِ فِطَامِهِ فَثَالِثُهَا إنْ كَانَ يَضُرُّ الْوَلَدَ ، وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ .
وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ عَنْ الزَّوْجَةِ فَقَالَ ( كَمَوْتِهِ ) أَيْ الْوَلَدِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ رَضَاعِهِ فَيَسْقُطُ عَنْ أُمِّهِ مَا بَقِيَ حَيْثُ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ النَّفَقَةِ أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ .
وَمِثْلُ مَوْتِهِ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الرَّضَاعِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ .
وَإِنْ مَاتَتْ ، أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا ، أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ : فَعَلَيْهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ ، إلَّا لِشَرْطٍ ، لَا نَفَقَةُ جَنِينٍ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ أُمِّهِ ،
( وَإِنْ مَاتَتْ ) الْمُخَالَعَةُ بِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ فَعَلَيْهَا التَّمَامُ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا مَا يُتَمِّمُ الْحَوْلَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ ، وَلَا يَدْفَعُ لِأَبِيهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ تَمَامِهَا فَيُوقَفُ بِيَدِ عَدْلٍ ، وَكُلَّمَا يَمْضِي أُسْبُوعٌ ، أَوْ شَهْرٌ يَدْفَعُ مِنْهُ نَفَقَتَهُ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ أُمِّهِ يَوْمَ مَوْتِهَا ، فَإِنْ لَمْ تُخَلِّفْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا فَإِنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَأُجْرَةَ رَضَاعِهِ عَلَى أَبِيهِ .
( أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا ) أَيْ الْمُخَالَعَةِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَعَلَيْهَا نَفَقَةُ التَّمَامِ ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا فَعَلَى الْأَبِ ( أَوْ وَلَدَتْ ) الْمُخَالَعَةُ بِنَفَقَةِ رَضَاعِ حَمْلِهَا ( وَلَدَيْنِ ) أَوْ أَكْثَرَ ( فَعَلَيْهَا ) نَفَقَةُ جَمِيعِ مَا وَلَدَتْ ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَعَلَى الْأَبِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ أَيْسَرَتْ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( نَفَقَةُ ) الْعَبْدِ ( الْآبِقِ وَ ) الْبَعِيرِ ( الشَّارِدِ ) الْمُخَالَعِ بِهِمَا أَيْ أُجْرَةُ أَوْ جُعْلُ تَحْصِيلِهِمَا وَطَعَامِهِمَا وَشَرَابِهِمَا مِنْ وَقْتِ وِجْدَانِهِمَا إلَى وُصُولِهِمَا لَهُ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهَا قَدْ زَالَ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْخُلْعِ وَدَخَلَا فِي مِلْكِهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِشَرْطٍ ) مِنْ الزَّوْجِ حَالَ عَقْدِ الْخُلْعِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَيُعْمَلُ بِهِ وَمِثْلُهُ الْعُرْفُ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ : وَإِنْ مَاتَتْ وَمَا بَعْدَهُ ، وَتَقْدِيمُ الشَّرْطِ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا ( لَا ) يَلْزَمُ الزَّوْجَ ( نَفَقَةُ ) أُمِّ ( جَنِينٍ ) مُخَالَعٍ بِهِ ( إلَّا ) أَيْ لَكِنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ( بَعْدَ وَضْعِهِ ) أَيْ الْجَنِينِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ ( وَأُجْبِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُتَخَالِعَانِ بِجَنِينٍ ( عَلَى جَمْعِهِ ) أَيْ الْجَنِينِ بَعْدَ وَضْعِهِ ( مَعَ أُمِّهِ ) فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ إمَّا بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا مَا يَمْلِكُهُ الْآخَرُ ، أَوْ بَيْعِهِمَا مَعًا
لِوَاحِدٍ ، وَلَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ ، فَالْأَوْلَى وَأُجْبِرَا بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِجَعْلِ : عَلَى جَمْعِهِ إلَخْ نَائِبَ فَاعِلِ " أُجْبِرَ " وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ جَبْرَهُمَا مَعًا .
وَفِي نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا : قَوْلَانِ ، وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ .
( وَفِي ) كَوْنِ ( نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ ) مُخَالَعٍ بِهَا ( لَمْ يَبْدُ ) أَيْ يَظْهَرُ ( صَلَاحُهَا ) قَبْلَ ظُهُورِهَا ، أَوْ بَعْدَهُ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ عَلَى الزَّوْجَةِ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا شَرْعًا أَوْ عَلَى الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ تَمَّ وَلَا جَائِحَةَ فِيهَا ( قَوْلَانِ ) لِشُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ قِيلَ فَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ تَرَدُّدٌ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى وَبِالتَّرَدُّدِ إلَخْ إنْ وُجِدَ فِي كَلَامِي فَقَدْ أَشَرْت بِهِ إلَخْ ، وَأَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ إلَخْ ، فَإِنْ كَانَ بَدَا صَلَاحُهَا وَلَمْ تَحْتَجْ لِكَبِيرِ كُلْفَةٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ جَذِّهَا إلَّا لِشَرْطٍ .
( وَكَفَتْ ) فِي عَقْدِ الْخُلْعِ ( الْمُعَاطَاةُ ) إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِهَا فِي الْخُلْعِ ، أَوْ اقْتَرَنَتْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ بِهَا ، فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ : إنْ قَصَدَ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ أَخَذَ مَتَاعَهُ وَسَلَّمَ لَهَا مَتَاعَهَا فَهُوَ خُلْعٌ لَازِمٌ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْتِ طَالِقٌ ، وَرَوَى الْبَاجِيَّ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ مَنْ نَدِمَ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَهْلُهَا نَرُدُّ لَك مَا أَخَذْنَا مِنْك وَتَرُدُّ لَنَا أُخْتَنَا وَلَمْ يَكُنْ طَلَاقٌ وَلَا كَلِمَةٌ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَيَتَقَرَّرُ بِالْفِعْلِ دُونَ قَوْلٍ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهَا وَانْقَلَبَتْ وَقَالَتْ : هَذَا بِذَاكَ وَلَمْ يُسَمِّيَا طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقُ الْخُلْعِ .
ا هـ .
وَكَمَنْ عَرَّفَهُمْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْهُ مَا يُغْضِبُهَا وَأَخْرَجَتْ سِوَارَهَا مِنْ يَدِهَا وَدَفَعَتْهَا إلَيْهِ وَخَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا فَهُوَ طَلَاقٌ .
، وَإِنْ عُلِّقَ بِالْإِقْبَاضِ ، أَوْ الْأَدَاءِ : لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمَجْلِسِ إلَّا لِقَرِينَةٍ .
( وَإِنْ عُلِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الطَّلَاقُ ( بِالْإِقْبَاضِ ، أَوْ الْأَدَاءِ ) بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ إنْ أَقَبَضْتِنِي ، أَوْ أَدَّيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ( لَمْ يَخْتَصَّ ) الْإِقْبَاضُ ، أَوْ الْأَدَاءُ ( بِالْمَجْلِسِ ) الَّذِي عُلِّقَ فِيهِ ، فَمَتَى أَقَبَضَتْهُ ، أَوْ أَدَّتْهُ مَا قَالَهُ طَلُقَتْ مِنْهُ سَوَاءٌ قَبِلَتْ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ ، أَوْ لَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ ، وَهَذَا مَا لَمْ يَطُلْ جِدًّا بِحَيْثُ يُرَى أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَجْعَلْ التَّمْلِيكَ إلَيْهِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِالْمَجْلِسِ فَقَالَ ( إلَّا لِقَرِينَةٍ ) دَالَّةٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْإِقْبَاضَ ، أَوْ الْأَدَاءَ فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً فَيَخْتَصُّ بِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِهِ .
وَلَزِمَ فِي أَلْفٍ الْغَالِبُ وَالْبَيْنُونَةُ إنْ قَالَ : إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا : فَارَقْتُكِ ، أَوْ أُفَارِقُكِ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ ، أَوْ الْوَعْدُ إنْ وَرَّطَهَا ، أَوْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً وَبِالْعَكْسِ ، أَوْ أَبِنِّي بِأَلْفٍ ، أَوْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ ، أَوْ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَفَعَلَ ، أَوْ قَالَ بِأَلْفٍ غَدًا فَقَبِلَتْ فِي الْحَالِ ، أَوْ بِهَذَا الْهَرَوِيِّ فَإِذَا هُوَ مَرْوِيٌّ ، أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا وَفِيهِ مُتَمَوَّلٌ ، أَوْ لَا عَلَى الْأَحْسَنِ ، لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ أَوْ بِتَافِهٍ فِي : إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ ، أَوْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ ، فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ .
( وَلَزِمَ فِي ) الْخُلْعِ بِ ( أَلْفِ ) دِرْهَمٍ مَثَلًا ، وَفِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ مُخْتَلِفَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْهَا فَيَلْزَمُهَا ( الْغَالِبُ ) فِي التَّعَامُلِ بِهِ ، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَيَلْزَمُ فِي الِاثْنَيْنِ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَمِنْ الثَّلَاثَةِ الثُّلُثُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا ، وَمِنْ الْأَرْبَعَةِ وَهَكَذَا ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَ الْأَلْفِ حُمِلَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ إنْ كَانَ ، وَإِلَّا قُبِلَ تَفْسِيرُهَا إنْ وَافَقَهَا بِلَا يَمِينٍ ، وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ وَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ إنْ نَكَلَتْ أَفَادَهُ عب .
تت ، وَحُكْمُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ كَذَلِكَ كَالْمُخَالَعَةِ بِعَدَدٍ مِنْ شِيَاهٍ مَثَلًا وَهُنَاكَ نَوْعَانِ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَيَلْزَمُ فَإِنْ أَتَتْ بِغَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ ( وَ ) لَزِمَ ( الْبَيْنُونَةُ ) أَيْ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِمُجَرَّدِ تَحَقُّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ( إنْ قَالَ ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ ( إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا ) مِنْ الدَّرَاهِمِ ، أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الضَّأْنِ ، أَوْ الْغَنَمِ ، أَوْ النَّعَمِ ( فَارَقْتُكِ ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي ( أَوْ أُفَارِقُكِ ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ مِنْ غَالِبِ مَا سَمَّى فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُخَصِّصُهُ بَانَتْ مِنْهُ بِلَا إنْشَاءِ طَلَاقٍ ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، قَالَ فِيهَا : إنْ قَالَ لَهَا : إنْ أَعْطَيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهَا ذَلِكَ إنْ أَعْطَتْهُ .
قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : فِي : أَمْرُكِ بِيَدِكِ ، أَوْ إلَى أَجَلٍ لَهَا ذَلِكَ مَا لَمْ تُوقَفْ ، أَوْ تُوطَأْ فَيَبْطُلْ مَا بِيَدِهَا ا هـ .
وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : اقْضِنِي دَيْنِي وَأُفَارِقُكِ ، فَقَبَضَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَا أُفَارِقُكِ حَتَّى كَانَ لِي عَلَيْك فَأَعْطَيْتِنِيهِ قَالَ أَرَى ذَلِكَ طَلَاقًا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْفِدْيَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِهَا أُحْلِفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِهَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ .
ابْنُ
رُشْدٍ مَعْنَاهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِهَا بِبِسَاطٍ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مِثْلُ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى شَيْءٍ تُعْطِيهِ إيَّاهُ فَقَالَ لَهَا اقْضِنِي دَيْنِي أُفَارِقُكِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ خُلْعًا ثَابِتًا ( إنْ فُهِمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بِقَرِينَةِ حَالٍ ، أَوْ مَقَالٍ كَمَتَى شِئْت ، أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا ، وَنَائِبُ فَاعِلِ " فُهِمَ " ( الِالْتِزَامُ ) لِلْفِرَاقِ وَأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى إعْطَائِهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ ( أَوْ ) لَمْ يُفْهَمْ الِالْتِزَامُ بَلْ فُهِمَ ( الْوَعْدُ ) بِأَنَّهُ يُطَلِّقُهَا إنْ أَعْطَتْهُ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا فَإِنْ أَعْطَتْهُ مِمَّا ذَكَرَهُ فَيَلْزَمُهُ تَطْلِيقُهَا ( إنْ ) كَانَ ( وَرَّطَهَا ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَدْخَلَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فِي وَرْطَةٍ ، أَيْ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ بِسَبَبِ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ بَاعَتْ مَتَاعَهَا لِتَدْفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِثْلُ : إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الِالْتِزَامُ لَزِمَ ، وَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْوَعْدُ وَدَخَلَتْ فِي شَيْءٍ بِسَبَبِهِ فَقَوْلَانِ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ اللُّزُومِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ ، وَنَظَمَ عج الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالِالْتِزَامِ فَقَالَ : قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ أَوْ سَوْقُ الْكَلَامِ مَوْرِدُ فَرْقٍ بَيْنَ وَعْدٍ وَالْتِزَامِ ( أَوْ ) قَالَتْ ( طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ ) هَا طَلْقَةً ( وَاحِدَةً ) فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ ؛ لِأَنَّ قَصْدَهَا الْبَيْنُونَةَ وَقَدْ حَصَلَتْ بِالْوَاحِدَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ ، وَكَوْنُهَا بِالثَّلَاثِ لَا يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ شَرْعِيٌّ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَّا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ، وَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَلْفِ فِي نَظِيرِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا .
وَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا بَائِنَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي
مُقَابَلَةِ عِوَضٍ ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ .
وَقِيلَ يَلْزَمُهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ وَاسْتُشْكِلَ مَذْهَبُهَا بِأَنَّ شَرْطَهَا الثَّلَاثَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِبَيْنُونَتِهَا بِوَاحِدَةٍ .
وَأَجَابَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ وَهُوَ عَدَمُ رُجُوعِهَا إلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ إنْ صَالَحَهَا أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ز : مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ، وَالظَّنُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ .
وَفِي إيضَاحِ الْمَسَالِكِ لِلْوَنْشَرِيسِيِّ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لَهَا ، وَصَحَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ تَخْرِيجَ اللَّخْمِيِّ عَلَى الْقَاعِدَةِ يَعْنِي قَاعِدَةَ اشْتِرَاطِ مَا لَا يُفِيدُ هَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُفِيدُ تَقِيَّةَ غَلَبَةِ الشَّفَاعَةِ لَهَا فِي مُرَاجَعَتِهِ عَلَى كُرْهٍ مِنْهَا .
ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَرَفَةَ .
اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى طَلَاقِهَا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً صَحَّ لَهُ وَلَا حُجَّةَ لَهَا لِنَيْلِهَا بِالْوَاحِدَةِ مَا تَنَالُ بِالثَّلَاثِ ، وَأَرَى إنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى طَلَاقِهَا وَاحِدَةً فَلَهَا الرُّجُوعُ بِكُلِّ مَا أَعْطَتْهُ ؛ لِأَنَّهَا لِلِاثْنَتَيْنِ أَعْطَتْهُ ، وَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي إمْسَاكِهَا فَرَغِبَتْ فِي الطَّلَاقِ فَلَا قَوْلَ لَهَا .
( وَبِالْعَكْسِ ) أَيْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا بِهَا ثَلَاثًا فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا لِحُصُولِ غَرَضِهَا وَزِيَادَةٍ قَالَهُ تت ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ بِالْأَلْفِ مَعَ لُزُومِ الثَّلَاثِ وَنَصُّهُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ : وَإِنْ كَانَ رَغِبَ فِي طَلَاقِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَزِمَ ، وَلَا قَوْلَ لَهَا ، وَأَرَى إنْ كَانَ رَاغِبًا فِي طَلَاقِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً أَنْ تَرْجِعَ بِجَمِيعِ مَا أَعْطَتْهُ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يُوقِعَ الِاثْنَتَيْنِ لِتَحِلَّ لَهُ مِنْ قَبْلِ زَوْجٍ إنْ بَدَا لَهُمَا .
قُلْت :
الْأَظْهَرُ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا ثَلَاثًا يَعِيبُهَا لِامْتِنَاعِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ تَزْوِيجِهَا خَوْفَ جَعْلِهَا إيَّاهُ مُحَلَّلًا فَتُسِيءُ عِشْرَتَهُ لِيُطَلِّقَهَا فَتَحِلَّ لِلْأَوَّلِ .
( أَوْ ) قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا ( أَبِنِّي ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَالنُّونِ مُشَدَّدًا أَيْ طَلِّقْنِي طَلَاقًا بَائِنًا ( بِأَلْفٍ ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ : طَلَّقْتُكِ بِهَا لَزِمَهَا الْأَلْفُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ ( أَوْ ) قَالَتْ لَهُ ( طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ ) مَثَلًا بِأَلْفٍ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ بِهَا لَزِمَهُ طَلْقَةٌ كَامِلَةٌ ، وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ ( أَوْ ) قَالَتْ لَهُ أَبِنِّي ( فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ ) بِأَلْفٍ أَيْ اجْعَلْهُ ظَرْفًا لَهُ ( فَفَعَلَ ) الزَّوْجُ مَا طَلَبَتْهُ وَمِنْهُ إبَانَتُهَا فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَقَدْ لَزِمَتْهَا الْأَلْفُ الَّتِي عَيَّنَتْهَا ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ لَزِمَهُ بَائِنًا وَلَا شَيْءَ لَهُ .
( أَوْ قَالَ ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( بِأَلْفٍ ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ ( غَدًا فَقَبِلَتْ ) الزَّوْجَةُ طَلَاقَهَا بِالْأَلْفِ ( فِي الْحَالِ ) لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ ، وَلَزِمَهَا الْمُسَمَّى كَذَلِكَ ، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَتْ : طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ غَدًا فَطَلَّقَهَا فِي الْحَالِ فَيَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ إنْ فُهِمَ مِنْهَا قَصْدُ تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ ، أَوْ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَإِنْ فُهِمَ تَخْصِيصُ الْغَدِ فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ إذَا قَدَّمَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ ، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ( أَوْ ) رَأَى فِي يَدِهَا ثَوْبًا ظَنَّهُ هَرَوِيًّا فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( بِهَذَا ) الثَّوْبِ الَّذِي فِي يَدِكِ ( الْهَرَوِيِّ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ وَشَدِّ الْيَاءِ نِسْبَةً إلَى هَرَاةَ إحْدَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ تُصْنَعُ بِهَا الثِّيَابُ ، وَكَانَتْ سَادَةُ الْعَرَبِ تُعَمَّمُ بِعَمَائِمِهَا فَأَعْطَتْهُ مَا فِي يَدِهَا ( فَإِذَا هُوَ ) ثَوْبٌ ( مَرْوِيٌّ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ
نِسْبَةً إلَى مَرْوَ كَذَلِكَ بَلَدٌ بِخُرَاسَانَ يَلْبَسُ ثَوْبَهَا خَاصَّةُ النَّاسِ ، وَيُقَالُ فِي نِسْبَةِ الْآدَمِيِّ إلَيْهَا مَرْوَزِيٌّ بِزِيَادَةِ الزَّايِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسُ ، فَتَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ بِالْمَرْوِيِّ الَّذِي أَعْطَتْهُ لَهُ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ ، وَقَدْ قَصَّرَ فِي عَدَمِ تَثَبُّتِهِ .
وَكَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ ، أَوْ الدَّنَانِيرِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَإِذَا هِيَ يَزِيدِيَّةٌ ، وَأَمَّا إنْ خَالَعَهَا بِثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَوْصُوفٍ فَدَفَعَتْ لَهُ ثَوْبًا فَظَهَرَ مَرْوِيًّا فَعَلَيْهَا إبْدَالُهُ بِهَرَوِيٍّ ، وَالْخُلْعُ لَازِمٌ .
وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ .
( أَوْ ) خَالَعَتْهُ ( بِمَا فِي يَدِهَا ) مَقْبُوضَةً ( وَفِيهِ ) أَيْ يَدِهَا وَذَكَرَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا عُضْوًا شَيْءٌ ( مُتَمَوَّلٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَوْ يَسِيرًا كَدِرْهَمٍ فَتَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ بِمَا فِي يَدِهَا فَقَطْ ( أَوْ لَا ) بِسُكُونِ الْوَاوِ وَمُخَفَّفًا أَيْ أَوْ لَيْسَ فِيهَا مُتَمَوَّلٌ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ ، أَوْ فِيهَا نَحْوُ حَصَاةٍ فَتَبِينُ مِنْهُ ( عَلَى الْأَحْسَنِ ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، قَالَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ ؛ لِأَنَّهُ أَبَانَهَا مُجَوِّزًا لِذَلِكَ .
وَلِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالْأَكْثَرِ لَا تَلْزَمُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَنْ مُشَارَّةٍ ، وَعِنْدَ الْجَدِّ قَالَ ، وَإِنَّمَا تَسَامَحَ النَّاسُ فِي هَذَا عِنْدَ الْهَزْلِ وَاللَّعِبِ .
( لَا ) تَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ ( إنْ خَالَعَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا ( بِمَا ) أَيْ مُتَمَوَّلٍ مُعَيَّنٍ ( لَا شُبْهَةَ لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( فِي ) مِلْكِ ( هـ ) عَالِمَةً بِذَلِكَ دُونَهُ كَمَسْرُوقٍ وَمَغْصُوبٍ الْوَدِيعَةٍ وَمِلْكِ غَيْرِهَا مُدَّعِيَةً إيصَاءَهُ بِهِ لَهَا ، أَوْ هِبَتَهُ لَهَا كَاذِبَةً ، فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَوْصُوفٍ لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ ،
أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَهَا فِيهِ شُبْهَةٌ بِأَنْ أَوْصَى لَهَا ، ثُمَّ رَجَعَ الْمُوصِي بَعْدَ الْخُلْعِ ، أَوْ لَمْ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَوْ وَهَبَهُ لَهَا أَبُوهَا ، ثُمَّ اعْتَصَرَهُ مِنْهَا ، أَوْ اشْتَرَتْهُ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَانَتْ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِعِوَضِهِ ، وَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ .
( أَوْ ) خَالَعَتْهُ ( بِتَافِهٍ ) أَيْ قَلِيلٍ جِدًّا هَذَا مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا نَقَصَ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ ( فِي ) قَوْلِهِ ( إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا ) أَيْ مُتَمَوَّلًا ( أُخَالِعُكِ بِهِ ) فَلَا تَبِينُ مِنْهُ وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى ، وَيَحْلِفُ فِي الْمُرَافَعَةِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
( أَوْ ) قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ ( طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا ( فَقَبِلَتْ ) الزَّوْجَةُ مِنْهَا طَلْقَةً ( وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ ) مِنْ الْأَلْفِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَرْضَ بِخَلَاصِهَا مِنِّي إلَّا بِأَلْفٍ ، وَلِذَا لَوْ قَبِلَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ لَزِمَتْهُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِحُصُولِ مَقْصُودِهِ ، وَهُوَ حُصُولُ الْأَلْفِ لَهُ .
وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ شَرْعِيٌّ ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ فَاسِدٌ وَهُوَ تَنْفِيرُ الْأَزْوَاجِ مِنْهَا إذَا سَمِعُوا أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا وَلَمْ تَلْزَمْهُ الثَّلَاثُ مَعَ تَلَفُّظِهِ بِهَا نَظَرًا لِتَعْلِيقِهَا فِي الْمَعْنَى عَلَى شَيْئَيْنِ قَبُولِهَا وَالْأَلْفِ ، وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَلْفُ .
وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الثَّلَاثُ ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهَا وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ ، وَهَكَذَا كَانَ يَقُولُ الشَّيْخُ بَحْثًا .
ا هـ .
وَفِيهِ أَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْئَيْنِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا أَحَدُهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
، وَإِنْ ادَّعَى : الْخُلْعَ ، أَوْ قَدْرًا ، أَوْ جِنْسًا : حَلَفَتْ وَبَانَتْ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ : كَدَعْوَاهُ مَوْتَ عَبْدٍ ، أَوْ عَيْبَهُ قَبْلَهُ .
وَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ ، فَلَا عُهْدَةَ .
( وَإِنْ ) اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَ ( ادَّعَى ) الزَّوْجُ ( قَدْرًا ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ قَدْرًا دُونَهُ ( أَوْ ) اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى الزَّوْجُ ( جِنْسًا ) مِنْ الْمَالِ كَنَقْدٍ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ جِنْسًا غَيْرَهُ كَعِوَضٍ ( حَلَفَتْ ) الزَّوْجَةُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بِاَللَّهِ عَلَى نَفْيِ دَعْوَاهُ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهَا ( وَبَانَتْ ) مِنْ زَوْجِهَا وَلَا تَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا فِي الْأُولَى نَظَرًا لِإِقْرَارِهِ ، وَتَدْفَعُ لَهُ مَا ادَّعَتْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ، فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَأَخَذَ مَا ادَّعَى فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأُولَى وَلَهُ مَا قَالَتْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ .
( وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( إذَا ) اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ أَوْ لَا وَ ( اخْتَلَفَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( فِي الْعَدَدِ ) لِلطَّلَاقِ بِيَمِينٍ ، هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ هِيَ تَدَّعِيهِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ بَيَانٍ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ نَكَلَ يُحْبَسُ ، فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ فَيُطْلَقُ ، وَلَا تَحْلِفُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَتْ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ وَالْحَلِفِ ، وَبَانَتْ مِنْهُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْخُلْعِ ، وَإِلَّا فَهُوَ رَجْعِيٌّ .
الْبُنَانِيُّ أَصْلُ هَذَا لِابْنِ شَاسٍ وَنَقَلَهُ الْحَطُّ وَلَمْ أَجِدْهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَا لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ ، مَعَ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ " جَاعَ فَبَاعَ امْرَأَتَهُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ النِّكَاحِ الثَّالِثِ " ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالثَّلَاثِ وَهِيَ بَائِنٌ فَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ قَبْلَ زَوْجٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا .
ابْنُ رُشْدٍ فَلَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ ، ثُمَّ أَبَانَهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ قَبْلَ زَوْجٍ وَقَالَتْ كُنْت كَاذِبَةً وَأَرَدْتُ الرَّاحَةَ مِنْهُ
صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ تَزَوُّجِهِ مَا لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمَا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ عَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ تَظْهَرُ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَتَكُونُ مَعَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ بَقِيَتَا لَهُ فَقَطْ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ الْأُولَى عَلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فَقَالَ ( كَدَعْوَاهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( مَوْتَ عَبْدٍ ) غَائِبٍ غَيْرِ آبِقٍ مُخَالَعٍ بِهِ مَاتَ فَادَّعَى الزَّوْجُ مَوْتَهُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ مَوْتَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ( أَوْ ) لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَادَّعَى الزَّوْجُ ( عَيْبَهُ ) أَيْ الْعَبْدِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْخُلْعِ فَنَازَعَهُ مَوْتٌ وَعَيْبٌ وَادَّعَتْ أَنَّ عَيْبَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَيْهِ وَبَقَاؤُهُ عَلَيْهَا فَهِيَ الْمُدَّعِيَةُ ، فَعَلَيْهَا الْبَيَانُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِيهِمَا .
( وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ ) أَيْ الْعَبْدِ الْغَائِبِ الْمُخَالَعِ بِهِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْخُلْعِ ( فَلَا عُهْدَةَ ) أَيْ ضَمَانَ عَلَيْهَا وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ غَائِبًا عَلَى الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَوْ الصِّفَةِ ، أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ يَمُوتُ بَعْدَ الْبَيْعِ ، فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُهُ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ ، فَالْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ ضَمَانُ مَا يَطْرَأُ عَلَى الْغَائِبِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ النَّاصِرُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ .
وَأَمَّا الْآبِقُ الْمُخَالَعُ بِهِ فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُهُ عَلَى الزَّوْجِ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْخُلْعِ بِهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً بِهِ قَبْلَهُ فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ آبِقًا وَبَانَتْ مِنْهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( فَصْلٌ ) .
طَلَاقُ السُّنَّةِ : وَاحِدَةٌ بِطُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ بِلَا عِدَّةٍ وَإِلَّا فَبِدْعِيٌّ .
( فَصْلٌ ) ( فِي بَيَانِ شُرُوطِ طَلَاقِ السُّنَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ) .
( طَلَاقُ السُّنَّةِ ) أَيْ الَّذِي عُلِمَتْ شُرُوطُهُ تَفْصِيلًا مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْكِتَابِ مُجْمَلَةً ، سَوَاءٌ كَانَ رَاجِحًا ، أَوْ مَرْجُوحًا ، أَوْ مُسَاوِيًا ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَرْجُوحِيَّةُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ } ، أَيْ أَقْرَبُ أَفْرَادِ الْحَلَالِ أَيْ مَا لَيْسَ مُحَرَّمًا وَلَا مَكْرُوهًا إلَى الْبُغْضِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ الْمُحَرَّمَ أَوْ الْمَكْرُوهَ لِانْتِفَاءِ شَرْطٍ ، وَإِنْ كُرِهَ ، أَوْ حَرُمَ لِعَارِضٍ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ ، أَوْ الَّتِي سُرِقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا فِيهَا ( وَاحِدَةٌ ) فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا بِدْعِيٌّ ( بِطُهْرٍ ) فَالطَّلَاقُ فِي حَيْضٍ ، أَوْ نِفَاسٍ بِدْعِيٌّ ( لَمْ يَمَسَّ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ يَطَأْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ ( فِيهِ ) أَيْ الطُّهْرِ فَالطَّلَاقُ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ بِدْعِيٌّ ( بِلَا ) إرْدَافٍ فِي ( عِدَّةٍ ) مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَالطَّلَاقُ الْمُرْدَفُ فِيهَا بِدْعِيٌّ ، وَبَقِيَ شَرْطَانِ كَوْنُ الطَّلْقَةِ كَامِلَةً وَكَوْنُهَا عَلَى كُلِّ الزَّوْجَةِ فَالطَّلَاقُ الْمَكْسُورُ كَنِصْفٍ وَطَلَاقُ جُزْءِ الزَّوْجَةِ كَنِصْفِهَا بِدْعِيَّانِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ كَيَدٍ ، وَزَادَ فِي التَّلْقِينِ كَوْنَهَا مِمَّنْ تَحِيضُ احْتِرَازًا عَنْ طَلَاقِ صَغِيرَةٍ ، أَوْ يَائِسَةٍ فَلَيْسَ سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ ، بَلْ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ .
فَفِي ضَيْح نَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ يَجُوزُ طَلَاقُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ كَالصَّغِيرَةِ لَا يُوصَفُ طَلَاقُهَا بِسُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ ا هـ .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ فَإِنَّمَا يَكُونُ طَلَاقُهَا بِدْعَةً بِالنَّظَرِ إلَى الْعَدَدِ ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَوْنُهُ تَالِيًا حَيْضًا لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ احْتِرَازًا عَمَّنْ
طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ ، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ فَرَاجَعَهَا وَطَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ فَهُوَ بِدْعِيٌّ إذْ السُّنَّةُ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ، ثُمَّ تَحِيضَ ، ثُمَّ تَطْهُرَ ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا كَمَا يَأْتِي .
( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي طُهْرٍ ، أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ ، أَوْ كَانَ مُرْدَفًا فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ ( فَ ) هُوَ طَلَاقٌ ( بِدْعِيٌّ ) وَكَانَ الطَّلَاقُ فِي الطُّهْرِ الَّذِي مَسَّ فِيهِ بِدْعِيًّا لِتَلْبِيسِهِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ ؛ إذْ لَا تَدْرِي هَلْ هِيَ حَامِلٌ فَتَعْتَدَّ بِوَضْعِهِ ، أَوْ لَا فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ ، وَلِخَوْفِ تَنَدُّمِهِ إنْ ظَهَرَتْ حَامِلًا ، وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ نَفْيَ الْحَمْلِ إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَأَرَادَ نَفْيَهُ .
وَكُرِهَ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ ، وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ : .
كَقَبْلِ الْغُسْلِ مِنْهُ ، أَوْ التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ ، وَمُنِعَ فِيهِ .
( وَكُرِهَ ) الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ ( فِي غَيْرِ الْحَيْضِ ) وَالنِّفَاسِ بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ، أَوْ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ ، أَوْ مُرْدَفًا فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ .
الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إيقَاعُ اثْنَتَيْنِ مَكْرُوهٌ وَثَلَاثَةٍ مَمْنُوعٌ وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاللُّبَابِ .
وَعَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ لَكِنْ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ : مُرَادُهُ بِهَا التَّحْرِيمُ .
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ الثَّلَاثِ لِمَنْ أَوْقَعَهَا .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ : مَا ذَبَحْتُ دِيكًا بِيَدِي قَطُّ وَلَوْ وَجَدْتُ مَنْ يَرُدُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَذَبَحْتُهُ بِيَدِي ( وَلَمْ يُجْبَرْ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الزَّوْجُ الْمُطَلِّقُ طَلَاقًا بِدْعِيًّا فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ ( عَلَى الرَّجْعَةِ ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا لِعَدَمِ وُرُودِ جَبْرِهِ عَلَيْهَا فِي السُّنَّةِ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ جَبْرِهِ عَلَيْهَا فَقَالَ ( كَ ) طَلَاقِهَا بَعْدَ رُؤْيَتِهَا عَلَامَةَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ بِقَصَّةٍ ، أَوْ جُفُوفٍ وَ ( قَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ ) أَيْ الْحَيْضِ ( أَوْ ) قَبْلَ ( التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ ) بِهِ الْوَطْءُ لِمَرَضِهَا ، أَوْ عَدَمِ مَاءٍ ، وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ( وَمُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ ( فِيهِ ) أَيْ الْحَيْضِ حَقِيقَةً ، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ وَلَمْ تَتَيَمَّمْ تَيَمُّمًا جَائِزًا بِهِ الْوَطْءُ ، وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا فَأُعْطِيَ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ وَحُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ ، وَمِثْلُ الْحَائِضِ النُّفَسَاءُ ، وَهَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا غَيْرِ الْحَامِلِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي .
وَوَقَعَ ، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الدَّمِ لِمَا يُضَافُ فِيهِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَحْسَنُ عَدَمُهُ لِآخِرِ الْعِدَّةِ
( وَوَقَعَ ) أَيْ لَزِمَ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِنْشَاءٍ فِيهِ ، أَوْ بِحِنْثٍ فِي تَعْلِيقٍ فِيهِ ، أَوْ قَبْلَهُ وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِهِ أَيْضًا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا تُحْنِثُهُ فِيهِ ، وَإِلَّا فِيهَا فَقَطْ إنْ عَلِمَتْ بِتَعْلِيقِهِ ( وَأُجْبِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّوْجُ ( عَلَى الرَّجْعَةِ ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا حَائِضًا إنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ حَالَ نُزُولِ الدَّمِ ، بَلْ ( وَلَوْ ) وَقَعَ فِي يَوْمِ ارْتِفَاعِ الدَّمِ ( لِ ) زَوْجَةٍ ( مُعْتَادَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ اعْتَادَتْ عَوْدَ ( الدَّمِ ) قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ( لِمَا ) أَيْ فِي زَمَنٍ ( يُضَافُ ) أَيْ يُضَمُّ الدَّمُ النَّازِلُ ( فِيهِ ) أَيْ الزَّمَنِ فَالْجُمْلَةُ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَا وَلَمْ يُبْرِزْ الضَّمِيرَ لِأَمْنِ اللَّبْسِ ، وَصِلَةُ يُضَافُ ( لِ ) الدَّمِ ( الْأَوَّلِ ) النَّاقِصِ عَنْ أَكْثَرِ حَيْضِهَا ، وَإِتْيَانِ الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِتَنْزِيلِ أَيَّامِ الطُّهْرِ مَنْزِلَةَ أَيَّامِ الدَّمِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا فِي الطُّهْرِ ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ هَذَا قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ .
( وَالْأَحْسَنُ ) أَيْ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ الْبَاجِيَّ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ ( عَدَمُهُ ) أَيْ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ مِنْ الطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي أَيَّامِ انْقِطَاعِ الدَّمِ قَبْلَ تَمَامِ أَكْثَرِ حَيْضِهَا وَأَقَلِّ طُهْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا طَاهِرًا فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْتَمِرُّ الْجَبْرُ ( لِآخِرِ الْعِدَّةِ ) إذَا غَفَلَ عَنْهُ حِينَ طَلَّقَهَا حَائِضًا إلَى أَنْ طَهُرَتْ ، ثُمَّ حَاضَتْ ، ثُمَّ طَهُرَتْ ، ثُمَّ حَاضَتْ فَعَلِمَ ذَلِكَ .
فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي هَذَا الْحَيْضِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ طَلَاقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي
يَلِيهَا فَلَا وَجْهَ لِإِجْبَارِهِ عَلَيْهَا فِيهِ .
وَإِنْ أَبَى : هُدِّدَ ، ثُمَّ سُجِنَ ، ثُمَّ ضُرِبَ بِمَجْلِسٍ ، وَإِلَّا ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ .
( وَإِنْ أَبَى ) أَيْ امْتَنَعَ الْمُطَلِّقُ فِي الْحَيْضِ مِنْ الرَّجْعَةِ ( هُدِّدَ ) أَيْ خُوِّفَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِالسَّجْنِ إنْ لَمْ يَرْتَجِعْ ( ثُمَّ ) إنْ اسْتَمَرَّ آبِيًا الرَّجْعَةَ ( سُجِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( ثُمَّ ) إنْ اسْتَمَرَّ مُمْتَنِعًا مِنْهَا هُدِّدَ بِالضَّرْبِ ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ كَذَلِكَ ( ضُرِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بِالسَّوْطِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ ( بِمَجْلِسٍ ) وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْصِيَةٍ يَجِبُ الْإِقْلَاعُ عَنْهَا فَوْرًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ ( ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ ) بِأَنْ يَقُولَ ارْتَجَعْتُ لَهُ زَوْجَتَهُ ، أَوْ أَلْزَمْتُهُ بِهَا ، أَوْ حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِهَا ، وَذَكَرَ الْحَطُّ أَنَّ شَرْطَ التَّهْدِيدِ بِالضَّرْبِ ظَنُّ إفَادَتِهِ فَأَوْلَى الضَّرْبُ ، فَإِنْ ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ مَعَ فِعْلِهَا ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَرْتِيبِهَا ، فَإِنْ فَعَلَهَا كُلَّهَا بِلَا تَرْتِيبٍ ، ثُمَّ ارْتَجَعَ مَعَ إبَايَتِهِ صَحَّ .
وَجَازَ : الْوَطْءُ بِهِ ، وَالتَّوَارُثُ .
وَالْأَحَبُّ : أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ، ثُمَّ تَحِيضَ ، ثُمَّ تَطْهُرَ .
( وَجَازَ ) لِلزَّوْجِ ( الْوَطْءُ ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي ارْتَجَعَهَا الْحَاكِمُ لَهُ ( بِهِ ) أَيْ ارْتِجَاعِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِغَيْرِ نِيَّةِ الزَّوْجِ لِقِيَامِ نِيَّةِ الْحَاكِمِ مَقَامَهَا ( وَ ) جَازَ ( التَّوَارُثُ ) أَيْ إرْثُ الْحَيِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْمَيِّتَ مِنْهُمَا بِارْتِجَاعِ الْحَاكِمِ .
( وَالْأَحَبُّ ) أَيْ الْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَاجَعَ مُطَلَّقَتَهُ فِي الْحَيْضِ مُخْتَارًا ، أَوْ مَجْبُورًا ، أَوْ ارْتَجَعَهَا الْحَاكِمُ لَهُ وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَالْمَنْدُوبُ ( أَنْ يُمْسِكَهَا ) فِي عِصْمَتِهِ بِلَا طَلَاقٍ ، وَيُعَاشِرَهَا مُعَاشَرَةَ الزَّوْجِ ( حَتَّى تَطْهُرَ ) مِنْ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ ، وَهَذَا الْإِمْسَاكُ وَاجِبٌ ( ثُمَّ ) إذَا طَهُرَتْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُمْسِكَهَا مَا دَامَتْ فِي هَذَا الطُّهْرِ حَتَّى ( تَحِيضَ ) فَيَجِبَ إمْسَاكُهَا مَا دَامَتْ حَائِضًا ( ثُمَّ تَطْهُرَ ) مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا إنْ شَاءَ أَنْ يَمَسَّهَا فَالِاسْتِحْبَابُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ حَائِضًا فَذَكَرَهُ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : { مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا } فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّطْلِيقِ لَهَا ، وَبِهَذَا أَخَذَ أَهْلُ الْحِجَازِ ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ كُرِهَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا .
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَأَنَّ الْبَائِنَ لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الِارْتِجَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَيْهِ وَكُرِهَ طَلَاقُهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ لِتَوَقُّفِ تَمَامِ الرَّجْعَةِ عَلَى الْوَطْءِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِكَرَاهَةِ طَلَاقِهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ ارْتَجَعَهَا وَلَمْ يُصِبْهَا كَانَ مُضِرًّا بِهَا آثِمًا .
وَفِي مَنْعِهِ فِي الْحَيْضِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّ فِيهَا جَوَازَ طَلَاقِ الْحَامِلِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ ، أَوْ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا لِمَنْعِ الْخُلْعِ وَعَدَمِ الْجَوَازِ ، وَإِنْ رَضِيَتْ ، وَجَبْرِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ : خِلَافٌ .
.
( وَفِي ) كَوْنِ ( مَنْعِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ ( فِي الْحَيْضِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ ) إذْ زَمَنُ الْحَيْضِ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ وَأَوَّلُهَا أَوَّلُ الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ ، وَعَلَّلَ كَوْنَ مَنْعِهِ فِيهِ لِتَطْوِيلِهَا فَقَالَ ( لِأَنَّ فِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( جَوَازَ طَلَاقِ الْحَامِلِ ) فِي الْحَيْضِ ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا وَضْعُ حَمْلِهَا فَطَلَاقُهَا فِيهِ لَا يُطَوِّلُهَا ( وَ ) فِيهَا أَيْضًا جَوَازَ طَلَاقِ ( غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ ) أَيْ فِي الْحَيْضِ ؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ( أَوْ ) مَنْعُهُ فِيهِ ( لِكَوْنِهِ ) أَيْ الْمَنْعِ ( تَعَبُّدًا ) أَيْ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمْ تَظْهَرْ لَنَا حِكْمَتُهُ .
وَعَلَّلَ كَوْنَهُ تَعَبُّدًا فَقَالَ ( لِمَنْعِ الْخُلْعِ ) أَيْ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ مِنْ الزَّوْجَةِ وَهِيَ حَائِضٌ ، وَلَوْ كَانَ مُعَلَّلًا بِتَطْوِيلِهَا لَجَازَ الْخُلْعُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِهِ وَطَلَبَتْهُ وَعَاوَضَتْ عَلَيْهِ ( وَ ) لِ ( عَدَمِ الْجَوَازِ ) لِلطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ ( وَإِنْ رَضِيَتْ ) الزَّوْجَةُ بِهِ وَلَوْ كَانَ مُعَلِّلًا بِهِ لَجَازَ إذَا رَضِيَتْ بِهِ ( وَ ) لِ ( جَبْرِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ فِي الْحَيْضِ ( عَلَى الرَّجْعَةِ ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ ) الزَّوْجَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِطَلَبِ الرَّجْعَةِ ( خِلَافٌ ) شَهَّرَ الْأَوَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ : الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَذَكَرَ الْعِلَّةَ هُنَا ، وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ لِبَيَانِ رَدِّ الْأَحْكَامِ لِتَرَتُّبِ أَحْكَامٍ عَلَيْهَا قَالَهُ الْمُوَضِّحُ .
وَصُدِّقَتْ أَنَّهَا حَائِضٌ ، وَرُجِّحَ : إدْخَالُ خِرْقَةٍ وَتَنْظُرُهَا النِّسَاءُ ، إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا طَاهِرًا .
( وَصُدِّقَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجَةُ إنْ ادَّعَتْ ( أَنَّهَا حَائِضٌ ) وَقْتَ طَلَاقِهَا وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَتَرَافَعَا وَهِيَ حَائِضٌ وَالظَّاهِرُ بِيَمِينٍ لِدَعْوَاهَا عَلَيْهِ الْعَدَاءَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ لِائْتِمَانِهَا عَلَى فَرْجِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ ( وَرُجِّحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( إدْخَالُ خِرْقَةٍ ) فِي فَرْجِهَا ( وَيَنْظُرُهَا ) أَيْ الْخِرْقَةَ عَقِبَ إخْرَاجِهَا مِنْ فَرْجِهَا ( النِّسَاءُ ) أَيْ مَا فَوْقَ وَاحِدَةٍ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجِ كَعَيْبِ الْفَرْجِ ، فَإِنْ رَأَيْنَ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ صُدِّقَتْ ، وَإِلَّا فَلَا لِاتِّهَامِهَا عَلَى عُقُوبَتِهِ بِجَبْرِهِ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْظُرْنَ لِفَرْجِهَا ، وَهَذَا حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ فَالْمُنَاسِبُ وَالْأَرْجَحُ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَصُدِّقَتْ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ إلَى الْحَاكِمِ حَالَ كَوْنِهَا ( طَاهِرًا ) مِنْ الْحَيْضِ .
فَقَوْلُهُ : وَعُجِّلَ فَسْخُ الْفَاسِدِ فِي الْحَيْضِ وَالطَّلَاقُ عَلَى الْمُولِي ، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ لَا لِعَيْبٍ ،
( فَقَوْلُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ : سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ : إنْ ادَّعَتْ طَلَاقَهُ إيَّاهَا وَهِيَ حَائِضٌ ، وَقَالَ بَلْ وَهِيَ طَاهِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ وَعَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ الصِّقِلِّيُّ لَوْ قَالَ قَائِلٌ : يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ بِإِدْخَالِ خِرْقَةٍ لَرَأَيْته صَوَابًا .
قُلْتُ : وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ مَا نَصُّهُ حَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ النِّسَاءَ يَنْظُرْنَ إلَيْهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ كَانَتْ حِينَ تَدَاعَيَا حَائِضًا قُبِلَ قَوْلُهَا ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا قُبِلَ قَوْلُهُ .
ا هـ .
طفي فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشْكَالٌ ، ؛ لِأَنَّ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِإِدْخَالِ الْخِرْقَةِ حِينَئِذٍ ا هـ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مَنْ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ قَوْلُهُ وَصُدِّقَتْ أَنَّهَا حَائِضٌ يُحْمَلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ وَقَعَ التَّرَافُعُ وَقْتَ الطَّلَاقِ ، أَوْ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ ، وَقَوْلُهُ وَرُجِّحَ إدْخَالُ خِرْقَةٍ مُقَابِلٌ لِبَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ كَلَامُهُ ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ التَّرَافُعُ وَقْتَ الطَّلَاقِ ، وَقَوْلُهُ " إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا طَاهِرًا " اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْعُمُومِ السَّابِقِ أَشَارَ بِهِ إلَى جَعْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ تَقْيِيدًا كَمَا جَعَلَهُ كَذَلِكَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ فَجَعَلُوهُ خِلَافًا .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ : تُصَدَّقُ مُطْلَقًا تَرَافَعَا وَقْتَ الطَّلَاقِ ، أَوْ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ فَاسْتَثْنَى مِنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ صُورَةً وَهِيَ تَرَافُعُهُمَا بَعْدَ الطَّلَاقِ وَهِيَ طَاهِرٌ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَنُسَلِّمُ أَنَّهَا تُصَدَّقُ إذَا
تَرَافَعَا وَقْتَهُ وَابْنُ يُونُسَ رَجَّحَ أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ وَقْتَهُ بَلْ تُدْخِلُ خِرْقَةً ، وَسَكَتَ عَنْ التَّرَافُعِ بَعْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُنَانِيٌّ .
( عُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( فَسْخُ ) النِّكَاحِ ( الْفَاسِدِ ) الَّذِي يُفْسَخُ أَبَدًا كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ وَالْمُتْعَةِ وَمَحْرَمٍ ( فِي ) حَالِ ( الْحَيْضِ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ فَسْخِهِ فِيهِ فَارْتُكِبَ أَخَفُّ الْمَفْسَدَتَيْنِ حَيْثُ تَعَارَضَتَا ( وَ ) عُجِّلَ فِي الْحَيْضِ ( الطَّلَاقُ عَلَى ) الزَّوْجِ ( الْمُولِي ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، أَيْ الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ رِقٌّ وَانْتَهَى أَجَلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ ، وَامْتَنَعَ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْوَعْدِ بِهَا فَيُجْعَلُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ عَمَلًا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى .
( وَأُجْبِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الزَّوْجُ ( عَلَى الرَّجْعَةِ ) عَمَلًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ السَّابِقِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ طَلَبِ الْفَيْئَةِ وَالْحَيْضُ مَانِعٌ مِنْهُ .
وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى طَلَبِهَا قَبْلَ الْحَيْضِ لِانْتِهَاءِ الْأَجَلِ قَبْلَهُ وَتَأَخُّرِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ حَتَّى حَاضَتْ ( وَ ) لَا يُعَجَّلُ فِي الْحَيْضِ الْفَسْخُ ( لِ ) ظُهُورِ ( عَيْبٍ ) فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مُقْتَضٍ لِلْخِيَارِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَعَذْيَطَةٍ وَرَتَقٍ وَعُنَّةٍ ، وَلَا لِكَمَالِ عِتْقِ أَمَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ فَيُؤَخَّرُ حَتَّى تَطْهُرَ .
وَمَا لِلْوَلِيِّ فَسْخُهُ ، أَوْ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ : كَاللِّعَانِ
( وَلَا ) يُعَجَّلُ فِيهِ فَسْخُ ( مَا ) أَيْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ ( لِلْوَلِيِّ ) لِعَاقِدِهِ الْمَحْجُورِ لِرِقٍّ أَوْ صِبًا ، أَوْ سَفَهٍ ( فَسْخُهُ ) وَإِبْقَاؤُهُ ، فَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَظَهَرَتْ حَائِضًا أَخَّرَهُ حَتَّى تَطْهُرَ .
ابْنُ الْمَوَّازِ ، وَأَمَّا مَا لِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ فَإِنْ بَنَى فَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ إلَّا فِي الطُّهْرِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ يُؤَخِّرُهُ وَلِيُّ السَّفِيهِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ حَتَّى تَطْهُرَ ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَوْ عَتَقَ ، أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ .
( أَوْ ) الطَّلَاقُ عَلَى الزَّوْجِ ( لِعُسْرِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( بِالنَّفَقَةِ ) إذَا حَلَّ أَجَلُ تَلَوُّمِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى تَطْهُرَ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّعْجِيلِ فِيهِ فَقَالَ ( كَاللِّعَانِ ) إذَا قَذَفَهَا بِزِنًا ، أَوْ نَفْيِ حَمْلِهَا فَلَا يُلَاعِنُهَا وَهِيَ حَائِضٌ فَيُؤَخِّرُ حَتَّى تَطْهُرَ ، فَإِنْ لَاعَنَهَا فِيهِ أَثِمَ وَلَزِمَ .
وَنُجِّزَتْ الثَّلَاثُ فِي شَرِّ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ ، وَفِي : طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ إنْ دَخَلَ بِهَا ، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ : كَخَيْرِهِ أَوْ وَاحِدَةً عَظِيمَةً ، أَوْ قَبِيحَةً ، أَوْ كَالْقَصْرِ ، وَثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ ، أَوْ بَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ ، وَبَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ ، فَثَلَاثٌ فِيهِمَا .
( وَنُجِّزَتْ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَزِمَتْ الزَّوْجَ بِمُجَرَّدِ نُطْقِهِ بِمَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَبِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الْمُعَلَّقِ الطَّلَقَاتُ ( الثَّلَاثُ فِي ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ طَالِقٌ بِ ( شَرِّ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ ) كَأَسْمَجِهِ بِالْجِيمِ وَأَقْذَرِهِ وَأَنْتَنِهِ وَأَبْغَضِهِ وَأَكْثَرِهِ وَأَكْمَلِهِ وَأَعْظَمِهِ وَأَقْبَحِهِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا ( وَ ) نُجِّزَتْ الثَّلَاثُ ( فِي ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ ( إنْ ) كَانَ ( دَخَلَ ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ الْمَقُولِ لَهَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا حَامِلًا كَانَتْ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَوْ حَائِضًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ( فَ ) طَلْقَةٌ ( وَاحِدَةٌ ) تَلْزَمُهُ لِبَيْنُونَتِهَا بِهَا فَلَا يَجِدُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا مَحَلًّا يَقَعُ فِيهِ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الثَّلَاثِ ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ وَاحِدٌ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ .
وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْوَاحِدِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِ ( خَيْرِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ ، أَوْ أَحْسَنِهِ ، أَوْ أَجْمَلِهِ أَوْ أَفْضَلِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ أَكْثَرَ ( أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً ( وَاحِدَةً عَظِيمَةً ، أَوْ قَبِيحَةً ) أَوْ خَبِيثَةً أَوْ مُنْكَرَةً ، أَوْ شَدِيدَةً ، أَوْ طَوِيلَةً ( أَوْ ) كَبِيرَةً ( كَالْقَصْرِ ) أَوْ الْجَبَلِ ، أَوْ الْبَلَدِ ، أَوْ الْمِصْرِ ، أَوْ إلَى الْبَصْرَةِ ، أَوْ تَمْلَأُ الْأَرْضَ ، أَوْ مَا بَيْنَهُمَا وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَلَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ .
سَحْنُونٌ : لَوْ قَالَ : وَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ ، أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ ، أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ السُّنَّةِ ، أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( وَ ) لَوْ قَالَ ( ثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ ، أَوْ
بَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ فَثَلَاثٌ فِيهِمَا ) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا .
( فَصْلٌ ) وَرُكْنُهُ : أَهْلٌ ، وَقَصْدٌ ، وَمَحَلٌّ ، وَلَفْظٌ .
( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ( وَرُكْنُهُ ) أَيْ الطَّلَاقِ سُنِّيًّا كَانَ أَوْ بِدْعِيًّا بِعِوَضٍ أَوْ لَا ( أَهْلٌ ) أَيْ زَوْجٌ أَوْ نَائِبُهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ زَوْجَةٍ مُخَيَّرَةٍ أَوْ مُمَلَّكَةٍ أَوْ مُوَكَّلَةٍ .
وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَدَّهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَرْكَانًا لِلطَّلَاقِ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةٌ تَمَتُّعِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبٌ تَكْرَارُهَا مَرَّتَيْنِ مِنْ الرِّقِّ ، حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ وَالْأَهْلُ جِسْمٌ مَحْسُوسٌ وَالْقَصْدُ عَرَضٌ كَالْمَحَلِّ وَالصِّيغَةِ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ مَاهِيَّتِهِ .
وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَشَرْطُ الطَّلَاقِ وَمَحَلٌّ ، وَالْقَصْدُ مَعَ اللَّفْظِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ إشَارَةٍ سَبَبٌ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعَيْنِ لِلْغَزَالِيِّ الْكُلُّ أَرْكَانٌ لَهُ يُرَدُّ بِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَكُلُّ خَارِجٍ عَنْ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ غَيْرُ رُكْنٍ لَهُ ا هـ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالرُّكْنِ مَا تَتَوَقَّفُ الْمَاهِيَّةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا تَوَسُّعًا ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً ، وَقَوْلُهُ تَكْرَارُهَا مَرَّتَيْنِ أَيْ بَعْدَ وَاحِدَةٍ إذْ التَّكْرَارُ يَسْتَلْزِمُ سَابِقًا ، وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا لَاقْتَضَى أَنَّهَا تَحِلُّ بَعْدَ ثَلَاثٍ بِدُونِ مُحَلِّلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمَرَّةً لِلرِّقِّ وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ لِمَعْرِفَةٍ مِنْ صِيَغِ الْعَامِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَأَرْكَانُهُ فَلِذَا عَطَفَ عَلَى أَهْلٍ قَوْلَهُ ( وَقَصْدٌ ) أَيْ إرَادَةُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ وَإِرَادَةَ حَلِّهَا بِالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ سَبْقُ اللِّسَانِ بِلَا قَصْدٍ لِلنُّطْقِ وَفِي الْأَخِيرِ عَدَمُ قَصْدِ الْحِلِّ وَإِنْ قَصَدَ النُّطْقَ بِهِ .
( وَمَحَلٌّ ) أَيْ عِصْمَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِلزَّوْجِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ إلَخْ ( وَلَفْظٌ )
دَالٌّ عَلَى فَكِّ الْعِصْمَةِ وَضْعًا كَطَالِقٍ أَوْ عُرْفًا كَبَرِيَّةٍ أَوْ قَصْدًا كَالنَّفْسِيِّ فَلَا طَلَاقَ بِفِعْلٍ إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ ، وَلَا بِمُجَرَّدِ نِيَّةٍ وَكَلَامٍ نَفْسِيٍّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ، وَيَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ الْإِشَارَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْكَلَامُ النَّفْسِيُّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَالْفِعْلُ مَعَ الْعُرْفِ أَوْ الْقَرِينَةِ .
وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ ، وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ ، أَوْ مُطْلَقًا ؟ تَرَدُّدٌ
( وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِكَافِرَةٍ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمَا إلَيْنَا فَيَجْرِيَ فِيهِ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ ، وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا إلَخْ وَلَا لِمُسْلِمَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ بَعْدَ إسْلَامِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا .
فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَسْلَمَتْ النَّصْرَانِيَّةُ وَزَوْجُهَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا فَلَا يُعَدُّ طَلَاقُهُ طَلَاقًا ، وَيَكُونُ عَلَى نِكَاحِهِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَنَكَحَهَا بَعْدَهَا جَازَ وَبَطَلَ طَلَاقُهُ فِي شِرْكِهِ .
اللَّخْمِيُّ أَرَادَ إنْ تَرَكَتْ حَقَّهَا فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ قَامَتْ بِهِ يَمْنَعُ مِنْ رَجْعَتِهَا لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقًّا لَهَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ( الْمُكَلَّفُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ أَيْ الْمُلْزَمُ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ لِبُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ طَلَاقٌ حَالَ جُنُونِهِ ، وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا ، وَوُقُوعُهُ عَلَيْهِ إنْ ارْتَدَّ بِحُكْمِ الشَّارِعِ لَا أَنَّهُ هُوَ الْمُوقِعُ لَهُ ، وَهَذَا إنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ .
وَأَمَّا الْوَكِيلُ وَالْفُضُولِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْلَامٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا تَكْلِيفٌ ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا التَّمْيِيزُ لِأَنَّ الْمُوقِعَ حَقِيقَةً الزَّوْجُ الْمُوَكِّلُ وَالْمُجِيزُ .
وَيَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ إنْ لَمْ يَسْكَرْ بَلْ ( وَلَوْ سَكِرَ ) سُكْرًا ( حَرَامًا ) بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ عَالِمًا بِتَغْيِيبِهِ عَقْلَهُ أَوْ شَاكًّا فِيهِ ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُسْكِرُ جِنْسُهُ كَخَمْرٍ أَمْ لَا كَلَبَنٍ حَامِضٍ ، وَلِذَا قَالَ حَرَامًا وَلَمْ يَقُلْ بِحَرَامٍ .
وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْكِرٍ وَأَنَّهُ لَا يُغَيِّبُ عَقْلَهُ فَغَابَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَطَلَّقَ وَعَقْلُهُ غَائِبٌ فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَإِنْ نُوزِعَ فِي سُكْرِهِ حَرَامًا وَغَيْرَهُ ، فَإِنْ شَهِدَتْ
بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ حَرَامٍ أَوْ حَرَامٌ عُمِلَ بِهَا بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ السُّكْرُ الْحَلَالُ لِأَنَّهُ كَالْجُنُونِ .
( وَهَلْ ) طَلَاقُ السَّكْرَانِ سُكْرًا حَرَامًا لَازِمٌ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ ( أَنْ لَا يُمَيِّزَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً بِأَنْ لَا يَفْهَمَ الْخِطَابَ وَلَا يُحْسِنَ رَدَّ الْجَوَابِ ، وَلَا يَعْرِفَ السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ ، وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ ، فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ ( أَوْ ) طَلَاقُهُ لَازِمٌ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مُمَيِّزًا فِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) أَيْ طُرُقٌ ، فَطَرِيقُ ابْنِ يُونُسَ يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا إنْ مَيَّزَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ لَمْ يُمَيِّزْ ، وَطَرِيقُ الْمَازِرِيِّ يَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَيَّزَ أَمْ لَا ، وَطَرِيقُ الْبَاجِيَّ وَابْنِ رُشْدٍ إنْ مَيَّزَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا .
وَفِي نُسْخَةٍ وَهَلْ إنْ مَيَّزَ وَفِي أُخْرَى وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا ، أَيْ وَهَلْ الْخِلَافُ الْمُشَارُ لَهُ بِلَوْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ فَيَلْزَمُ بِلَا خِلَافٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَطَلَاقُ السَّكْرَانِ أَطْلَقَ الصِّقِلِّيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ الرِّوَايَاتِ بِلُزُومِهِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ لَا يُمَيِّزُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ اتِّفَاقًا ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْبَاجِيَّ إنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ عَقْلٌ جُمْلَةً لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ نُطْقٌ وَلَا قَصْدٌ لِفِعْلٍ ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ بَلَغَ حَدَّ الْإِغْمَاءِ لَكَانَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا السَّكْرَانُ الْمُخْتَلِطُ فَطَلَاقُهُ لَازِمٌ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ طَلَاقُهُ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ رِوَايَةً شَاذَّةً .
وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ : كَبَيْعِهِ
( وَطَلَاقُ ) الشَّخْصِ ( الْفُضُولِيِّ ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِبْهُ الزَّوْجُ وَلَيْسَ وَلِيًّا لَهُ وَلَا حَاكِمًا كَبَيْعِهِ ) أَيْ الْفُضُولِيِّ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الزَّوْجُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ هُنَا عَلَى امْتِنَاعِ قُدُومِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي جَرَى فِي الْقُدُومِ عَلَى بَيْعِهِ ، لِأَنَّ الْعَادَةَ طَلَبُ الرِّبْحِ بِالسِّلَعِ لَا بِالزَّوْجَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَجَازَ الزَّوْجُ وَاحِدَةً فَقَطْ أَوْ بَائِنًا فَأَجَازَ الزَّوْجُ رَجْعِيًّا ، فَالْمُعْتَبَرُ مَا أَجَازَهُ الزَّوْجُ لَا مَا أَوْقَعَهُ الْفُضُولِيُّ ، وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ ، فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِهَا .
وَلَزِمَ ، وَلَوْ هَزِلَ
( وَلَزِمَ ) الطَّلَاقُ الْمُسْلِمَ الْمُكَلَّفَ إنْ لَمْ يَهْزِلْ بِهِ ، بَلْ ( وَلَوْ هَزَلَ ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا أَيْ قَصَدَ اللَّعِبَ وَالْمَزْحَ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ { ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ } ، وَفِي رِوَايَةٍ الْعِتْقُ بَدَلَ الرَّجْعَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ هَزَلَ بِإِيقَاعِهِ أَوْ بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ ، وَنَصُّهُ وَهَزْلُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ لَازِمٌ اتِّفَاقًا وَهَزْلُ إطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ الْمَعْرُوفُ لُزُومُهُ .
الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ قَدْ وَلَّيْتُك أَمْرَك إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَتْ فَارَقْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَهُمَا لَاعِبَانِ لَا يُرِيدَانِ طَلَاقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا .
وَيَحْلِفُ وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ عَلَى اللَّعِبِ لَزِمَهُ ا هـ اللَّخْمِيُّ .
ابْنُ الْقَاسِمِ هَزْلُ الطَّلَاقِ لَازِمٌ وَأَرَى إنْ قَامَ دَلِيلُ الْهَزْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَفِي الْهَزْلِ بِالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ ثَالِثُهَا إنْ قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ لَمْ يَلْزَمْ .
ا هـ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقْلُ الْخِلَافِ فِيهِ مُطْلَقًا دُونَ تَفْصِيلِ كَوْنِ الْهَزْلِ فِي إيقَاعِهِ أَوْ إطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ تَصَوُّرٌ لِمَا مَرَّ فِي نَقْلِ الشَّيْخِ .
ا هـ .
فَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِ الْهَزْلِ مُطْلَقًا وَالْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِهِ إنْ دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ .
لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ فِي الْفَتْوَى ، أَوْ لُقِّنَ بِلَا فَهْمٍ ، أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ
( لَا ) يَلْزَمُ الزَّوْجَ الطَّلَاقُ ( إنْ سَبَقَ ) هـ ( لِسَانُهُ ) إلَيْهِ بِلَا قَصْدِ التَّلَفُّظِ بِهِ بِأَنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِغَيْرِهِ فَلَفَظَ بِهِ وَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ سَبَقَنِي لِسَانِي ( فِي الْفَتْوَى ) وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يَنْفَعُهُ فِيهِ دَعْوَاهُ سَبْقَ لِسَانِهِ إلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ سَبْقَهُ بِبَيِّنَةٍ فَتَنْفَعَهُ فِيهِ أَيْضًا .
ابْنُ عَرَفَةَ فَسَبْقُ اللِّسَانِ لَغْوٌ إنْ ثَبَتَ وَإِلَّا فَفِي الْفُتْيَا فَقَطْ .
ا هـ .
وَلَوْ نُوزِعَ فِي سَبْقِ لِسَانِهِ ، فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةُ صِدْقِهِ أَوْ كَذِبِهِ عُمِلَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ ( أَوْ لُقِّنَ ) بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً أَيْ الزَّوْجُ الْأَعْجَمِيَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ الْعَرَبِيِّ أَوْ الْعَرَبِيُّ لَفْظَهُ الْأَعْجَمِيَّ فَنَطَقَ بِهِ ( بِلَا فَهْمٍ ) لِمَعْنَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِي الْفُتْيَا ابْنُ عَرَفَةَ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ لُقِّنَ الْأَعْجَمِيُّ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَفْهَمُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَثَرَ لِلَّفْظِ بِجَهْلِ مَعْنَاهُ كَأَعْجَمِيٍّ لُقِّنَ أَوْ عَرَبِيٍّ لُقِّنَ .
( أَوْ هَذَى ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَكَلَّمَ بِصِيغَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهَا ( لِمَرَضٍ ) قَامَ بِهِ وَغُيِّبَ عَقْلُهُ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ وَلَمَّا أَفَاقَ أَنْكَرَ وُقُوعَهُ مِنْهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ ، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ وَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ بِشَيْءٍ أَوْ لَا بَيِّنَةَ وَلَا قَرِينَةَ ، وَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ بِشَيْءٍ أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ ، لَا فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ ، وَيَحْلِفُ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَقَوْلِهِ وَقَعَ شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي .
ابْنُ عَرَفَةَ طَلَاقُ فَاقِدِ الْعَقْلِ وَلَوْ بِنَوْمٍ لَغْوٌ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ جَوَابَ
مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنْ مَرِيضٍ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَفَاقَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْقِلُ مَا صَنَعَ وَلَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا كَانَ يَعْقِلُ وَيُتْرَكُ أَهْلُهُ فَأَطْلَقَهُ الْبَاجِيَّ ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا شَهِدَ الْعُدُولُ أَنَّهُ يَهْذِي وَيَخْتَلُّ عَقْلُهُ ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يُسْتَنْكَرْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعِشْرَةِ ، وَفِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْهَا مَا طَلَّقَ الْمُبَرْسَمُ فِي هَذَيَانِهِ وَعَدَمِ عَقْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سَقَى السَّكْرَانَ فَحَلَفَ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ شَيْئًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، كَالْبُرْسَامِ وَهُوَ شَيْءٌ لَمْ يُدْخِلْهُ عَلَى نَفْسِهِ إذَا كَانَ إنَّمَا يُسْقَاهُ وَلَا يَعْلَمُهُ وَقَالَ أَصْبَغُ ، وَلَوْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَشَرِبَهُ عَلَى وَجْهِ الدَّوَاءِ فَأَصَابَهُ ذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ صَحِيحٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ ، وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ إنَّمَا يُسْقَاهُ وَلَا يَعْلَمُهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَرِبَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُغَيِّبُ عَقْلَهُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَإِنَّمَا أَلْزَمَ مَنْ أَلْزَمَ السَّكْرَانَ طَلَاقَهُ وَعِتْقَهُ إذَا كَانَ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ لَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ ، فَإِنْ كَانَ سُكْرُ شَارِبِ السَّكَرَانِ كَسُكْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَيَخْتَلِطُ بِهِ عَقْلُهُ كَالسَّكْرَانِ مِنْ الْخَمْرِ فَلَهُ حُكْمُهُ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُدْخِلَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِيَسْكَرَ بِهِ أَوْ يُسْقَاهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ، وَهُوَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ السَّكْرَانَ إنَّمَا أُلْزِمَ الطَّلَاقَ
لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ .
أَوْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ : يَا طَالِقُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقٍ : الْتِفَاتُ لِسَانِهِ
( أَوْ قَالَ ) الزَّوْجُ ( لِمَنْ ) أَيْ زَوْجَتِهِ الَّتِي ( اسْمُهَا طَالِقٌ ) بِاللَّامِ ( يَا طَالِقُ ) قَاصِدًا بِهِ نِدَاءَهَا فَلَا تَطْلُقُ فِي الْفُتْيَا ، وَلَا فِي الْقَضَاءِ ، فَإِنْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ فَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ أَوْ عَلَى الطَّلَاقِ عُمِلَ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَادَّعَى قَصْدَ النِّدَاءِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْفُتْيَا فَقَطْ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَثَرَ لِقَصْدِ لَفْظٍ يَظْهَرُ مِنْهُ غَيْرُ الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ .
( وَقُبِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مِنْهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( فِي ) نِدَاءِ مَنْ اسْمُهَا ( طَارِقٌ ) بِالرَّاءِ بِيَا طَالِقٌ بِاللَّامِ وَنَائِبُ فَاعِلِ قُبِلَ ( الْتِفَاتُ لِسَانِهِ ) مِنْ الرَّاءِ لِلَّامِ بِلَا قَصْدٍ فِي الْفُتْيَا فَقَطْ بِدَلِيلِ تَغْيِيرِهِ أُسْلُوبَ مَا قَبْلَهُ ، فَإِنْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامَا وَادَّعَى الْتِفَافَ لِسَانِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ .
ابْنُ غَازِيٍّ وَقُبِلَ مِنْهُ الْتِفَافُ لِسَانِهِ الْتِوَاؤُهُ وَهُوَ بِفَاءَيْنِ مُكْتَنِفَيْنِ الْأَلِفَ وَمَنْ جَعَلَ بَعْدَ الْأَلْفِ تَاءً مُثَنَّاةً مِنْ فَوْقٍ فَقَدْ صَحَّفَ ا هـ تت .
هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ فَفِي الْقَامُوسِ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ لَوَاهُ وَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ ا هـ طفي .
قِيلَ لَا دَلَالَةَ فِي كَلَامِ الْقَامُوسِ لِأَنَّ لَفَتَ مَصْحُوبٌ بِالْقَصْدِ وَكَلَامُنَا فِي غَيْرِهِ ، لِأَنَّ لَفَتَهُ إذَا صَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ بِقَصْدٍ مِنْهُ وَتَحَيُّلٍ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } ا هـ وَفِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي لَفَتَ لَا فِي الْتَفَتَ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ فَالْتَفَتَ أَيْ صَرَفَهُ فَانْصَرَفَ ، أَيْ قَبِلَ انْصِرَافَهُ عَنْ الْمَقْصُودِ .
وَرُدَّ كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ بِأَنَّ فِي الصِّحَاحِ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ : اللَّفْتُ بِالْفَتْحِ اللَّيُّ ، وَفِي الْحَدِيثِ فِي قُرَّاءِ الْمُنَافِقِينَ { يَلْفِتُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ } كَمَا تَلْفِتُ الدَّابَّةُ الْخَلَا الْحَشِيشَ ، وَيُقَالُ
الْتَفَتُّ مَلْفَتًا وَتَلَفُّتًا وَهُوَ الْأَكْثَرُ .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ الْتِفَاتٌ وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي هَذَا .
الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّنْظِيرِ ، لِأَنَّهُ مَصْدَرُ غَيْرِ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ قِيَاسِيٌّ وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ كَمَا فِي الْأَلْفِيَّةِ وَالْمُرَادِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْقَامُوسِ ، وَنَصُّهُ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ لَوَاهُ وَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ وَمِنْهُ الِالْتِفَاتُ وَاللَّفْتُ .
أَوْ قَالَ : يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ ، وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ
( أَوْ قَالَ ) الزَّوْجُ وَلَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ ( يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَ ( عَمْرَةُ ) لِظَنِّهَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا أَوْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا ( فَطَلَّقَهَا ) أَيْ خَاطَبَ الزَّوْجُ عَمْرَةَ الَّتِي أَجَابَتْهُ بِصِيغَةِ الطَّلَاقِ ظَانًّا أَنَّهَا حَفْصَةُ الَّتِي نَادَاهَا ( فَالْمَدْعُوَّةُ ) أَيْ حَفْصَةُ الَّتِي دَعَاهَا الزَّوْجُ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْفُتْيَا لَا عَمْرَةُ الْمُجِيبَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَهَا .
( وَطَلَقَتَا ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ حَفْصَةُ الْمَدْعُوَّةُ بِقَصْدِهِ طَلَاقَهَا بِالصِّيغَةِ الَّتِي خَاطَبَ بِهَا عَمْرَةَ وَعَمْرَةُ بِخِطَابِهَا ( مَعَ ) شَهَادَةِ ( الْبَيِّنَةِ ) عَلَيْهِ أَوْ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي ، فَلَوْ قَالَ فِي الْقَضَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ ، وَيُحْتَمَلُ إنْ أَلِفَ طَلَقَتَا لِطَارِقٍ الَّتِي الْتَفَتَ فِيهَا لِسَانُهُ إلَى طَالِقٍ وَحَفْصَةَ وَهَذَا أَحْسَنُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ وَزِيَادَةِ فَائِدَتِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ يَا عَمْرَةُ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَحْسِبُهَا عَمْرَةَ فَأَرْبَعَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ ، هَذَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْقَوْلِ بِطَلَاقِهِمَا وَبَقَائِهِمَا وَطَلَاقِ عَمْرَةَ دُونَ حَفْصَةَ وَعَكْسِهِ ، وَلَا أَعْرِفُهَا إلَّا مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ مَنْ قَالَ يَا عَمْرَةُ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَحْسِبُهَا عَمْرَةَ طَلَقَتْ ، وَفِي طَلَاقِ حَفْصَةَ خِلَافٌ .
أَوْ أُكْرِهَ ، وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ ، أَوْ فِي فِعْلٍ
وَعَطَفَ عَلَى سَبَقَ أَيْضًا فَقَالَ ( أَوْ أُكْرِهَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ الزَّوْجُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ } أَيْ إكْرَاهٍ ، وَلِخَبَرِ { حُمِلَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ } ، إنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ لَيْسَ شَرْعِيًّا ، بَلْ ( وَلَوْ ) أُكْرِهَ إكْرَاهًا شَرْعِيًّا ( بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ ) الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ ، وَقَدْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ لَا يَبِيعُهُ لَهُ فَأَعْتَقَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ ، أَوْ أَعْتَقَ شَرِيكُ الْحَالِفِ الْمُوسِرِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَقُوِّمَ نَصِيبُ الْحَالِفِ لِذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ ، هَذَا قَوْلُ الْمُغِيرَةِ .
وَأَشَارَ بِوَ " لَوْ " إلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْحِنْثِ لِأَنَّ إكْرَاهَ الشَّرْعِ طَوْعٌ ، فَالصَّوَابُ الْعَكْسُ .
وَلَوْلَا مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ .
وَقَالَ تت ثُمَّ بَالَغَ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ الَّذِي حَلَفَ لَا اشْتَرَاهُ فَأُكْرِهَ عَلَى عِتْقِ نَصِيبِهِ مِنْهُ وَقَوَّمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بَقِيَّتَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَصْلُ .
وَلَا الْفَرْعُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ فِيهِمَا وَهُوَ صَحِيحٌ ، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ وَلَا يُلَائِمُ الْمُبَالَغَةَ الْمُثِيرَةَ لِلْخِلَافِ ، إذْ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ .
ابْنُ عَاشِرٍ ظَهَرَ لِي أَنَّ صَوَابَ وَضْعِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إثْرَ قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لِأَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْفِعْلِ لَا الْقَوْلِ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ وَأُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ عَلَّقَ هُوَ عَلَيْهِ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ فَتَتَحَرَّرُ الْعِبَارَةُ وَتُفِيدُ الْمَشْهُورَ .
وَعُطِفَ عَلَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ( أَوْ ) أَيْ وَلَوْ
أُكْرِهَ ( فِي فِعْلٍ ) أَيْ عَلَيْهِ كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِهَا فَلَا يَحْنَثُ عِنْدَ سَحْنُونٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِفِعْلٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مَخْلُوقٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَسُجُودٍ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَزِنًا بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ ، وَيَمِينِ الْبِرِّ وَبِكَوْنِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ غَيْرَ الْحَالِفِ ، وَبِعَدَمِ عِلْمِهِ حَالَ الْيَمِينِ بِالْإِكْرَاهِ ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَا أَفْعَلُهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا وَبِعَدَمِ فِعْلِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ ، فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ حَنِثَ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحْنَثُ لِعَدَمِ نَفْعِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ ، وَفَرَّقَ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى هَذَا بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَوْلِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ مَثَلًا مُعَظِّمٌ لِرَبِّهِ بِقَلْبِهِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } ، بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْفِعْلُ كَشُرْبِ الْحُمْرِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا فَمَفْسَدَتُهُ مُحَقَّقَةٌ .
وَعِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ قَوْلُهُ أَوْ فِي فِعْلٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ ، وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْفِعْلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ إكْرَاهٌ ، وَهَذَا صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى تَحْرِيرٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي ذَكَرُوا فِي الْبَابِ ضَرْبَانِ ، أَحَدُهُمَا الْفِعْلُ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ وَفِيهِ طُرُقٌ ، الْأُولَى طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ قَالَ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا فَأُكْرِهَ عَلَى فِعْلِهِ مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ ، فَحُمِلَ حَتَّى أُدْخِلَهَا أَوْ أُكْرِهَ حَتَّى دَخَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّهَا فِي وَقْتِ كَذَا ، فَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ ، فَهُوَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ غَيْرُ حَانِثٍ ، فَأَمَّا إنْ حُمِلَ
حَتَّى أُدْخِلَ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ ، فَلَا يُقَالُ فُلَانٌ دَخَلَ الدَّارَ وَاخْتُلِفَ إذَا أُكْرِهَ حَتَّى دَخَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّخُولِ إذَا حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ فَمَنْ حَمَلَ الْأَيْمَانَ عَلَى الْمَقَاصِدِ لَمْ يُحَنِّثْهُ ، وَمَنْ حَمَلَهَا عَلَى مُجَرَّدِ اللَّفْظِ حَنَّثَهُ لِأَنَّ هَذَا دَخَلَ وَوُجِدَ مِنْهُ الْفِعْلُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ وَالْآخَرُ حَلَفَ لَيَفْعَلَن فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْفِعْلُ .
الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ : لِابْنِ حَارِثٍ قَالَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ لَوْ حُمِلَ فَأُدْخِلَهَا مُكْرَهًا دُونَ تَرَاخٍ مِنْهُ وَلَا مُكْثٍ فِيهَا بَعْدَ إمْكَانِ خُرُوجِهِ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَتْهُ دَابَّةٌ هُوَ رَاكِبُهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا ، زَادَ عِيسَى وَلَا النُّزُولِ عَنْهَا .
الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ : لِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ قَالَ لَا يَحْنَثُ بِالْإِكْرَاهِ فِي لَا أَفْعَلُ اتِّفَاقًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي لَا أَفْعَلَنَّ وَالْمَشْهُورُ حِنْثُهُ .
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَحْنَثُ .
الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ : لِابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا قَالَ فِي حِنْثِهِ ثَالِثُهَا فِي يَمِينِ الْحِنْثِ لَا الْبِرِّ لِرِوَايَةِ عِيسَى وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَالْمَشْهُورِ ، وَهَذَا الْمَشْهُورُ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ ، إذْ قَالَ وَوَجَبَتْ بِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ وَهَذَا فِي الْحَالِفِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لَا غَيْرِهِ .
الضَّرْبُ الثَّانِي : الْأَفْعَالُ الْمَحْظُورَةُ شَرْعًا .
ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ حَمَلَ صَبِيًّا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى الْأَفْعَالِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ، فَقَالَ سَحْنُونٌ هُوَ إكْرَاهٌ وَهُوَ فِي نِكَاحِ الْمُدَوَّنَةِ الثَّالِثُ : وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ إكْرَاهًا كَشُرْبِ خَمْرٍ ، وَأَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ ، وَسُجُودٍ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَزِنًا بِطَائِعَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مَخْلُوقٍ وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ
مَخْلُوقٍ كَقَتْلٍ وَغَصْبٍ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَيْهِ غَيْرُ نَافِعٍ ، زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ أَنَّ الْمَفَاسِدَ لَا تُحَقَّقُ فِي الْأَقْوَالِ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ مُعَظِّمٌ لِرَبِّهِ بِقَلْبِهِ ، وَالْأَلْفَاظُ سَاقِطَةُ الِاعْتِبَارِ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِمَا ، فَإِنَّ الْمَفَاسِدَ مُتَحَقِّقَةٌ فِيهَا .
وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْقَوْلَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْمَعَانِي وَلَا الذَّوَاتِ ، بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ مُؤَثِّرٌ وَاَلَّذِي فِي نِكَاحِهَا الثَّالِثُ قَوْلُهُ فِي الْأَسِيرَانِ ثَبَتَ إكْرَاهُهُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ عَلَيْهِ .
قَالَ فِي جَامِعِ الطُّرَرِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ كَمَا أَقَامَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَقَدْ أُكْرِهَ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا ، وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا وَأَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الضَّرْبَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى وَلَوْ بِنَوْعِ تَجَوُّزٍ أَوْ تَغْلِيبٍ ، وَرُبَّمَا يُسْتَرْوَحُ مِنْ كَلَامِنَا عَلَى الْأَلْفَاظِ بَعْدَ هَذَا مَا يَزِيدُك بَيَانًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى أَسْتَعِينُ .
إلَّا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا
وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَوْلِ فَقَالَ لَا يَحْنَثُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَوْلِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَتْرُكَ ) الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْقَوْلِ ( التَّوْرِيَةَ ) أَصْلُهَا إرَادَةُ الْمَعْنَى الْبَعِيدِ لِقَرِينَةٍ ، كَقَوْلِهِ طَالِقٌ مُرِيدًا مِنْ وِثَاقٍ أَوْ وَجَعٍ بِالطَّلْقِ قُرْبَ وَضْعِ الْحَمْلِ .
وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُخَلَّصُ سَوَاءٌ كَانَ بِهَذَا أَوْ بِغَيْرِهِ ، كَقَوْلِهِ جَوْزَتِي طَالِقٌ مَرِيدًا : جَوْزَةَ حَلْقِهِ خَالِيَةً مِنْ لُقْمَةٍ مَثَلًا ( مَعَ مَعْرِفَتِهَا ) أَيْ اسْتِحْضَارِهَا لِعَدَمِ دَهْشَتِهِ بِالْإِكْرَاهِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ تَرَكَهَا مَعَ مَعْرِفَتِهَا .
تت لَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْقَوْلِ لَكَانَ أَوْضَحَ ، لِأَنَّ التَّوْرِيَةَ لَا تَكُونُ فِي الْفِعْلِ .
" غ " لَا مِرْيَةَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ كَقَوْلِ الْمُكْرَهِ أَنْتِ طَالِقٌ ، وَيُرِيدُ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ رَجْعَةٍ بِالطَّلْقِ .
وَأَمَّا الْفِعْلُ بِضَرْبَيْهِ فَلَا تُمْكِنُ التَّوْرِيَةُ فِيهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
عج مَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَ ثَلَاثًا ، أَوْ زَوْجَةً فَطَلَّقَ جَمِيعَ زَوْجَاتِهِ ، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا فَأَعْتَقَ أَكْثَرَ أَوْ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَأَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ عَكْسُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ .
بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ : مِنْ قَتْلٍ ، أَوْ ضَرْبٍ ، أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ ، أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ ، أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ لِمَالِهِ .
وَهَلْ إنْ كَثُرَ ؟ تَرَدُّدٌ
وَالْإِكْرَاهُ يَتَحَقَّقُ ( بِخَوْفٍ ) أَيْ غَلَبَةِ ظَنِّ حُصُولِ شَيْءٍ ( مُؤْلِمٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ مُوجِعٍ حَالًا أَوْ مَآلًا سَوَاءٌ هُدِّدَ أَوْ لَمْ يُهَدَّدْ ، وَطُلِبَ مِنْهُ الْحَلِفُ مَعَ التَّخْوِيفِ فَإِنْ بَادَرَ قَبْلَ الطَّلَبِ وَالتَّهْدِيدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إكْرَاهٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ يُهَدَّدْ وَإِلَّا فَلَا .
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ إكْرَاهًا مُطْلَقًا ، وَبَيَّنَ الْمُؤْلِمَ فَقَالَ ( مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ ) بِغَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَلَيْسَ إكْرَاهًا ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ قَلَّ الضَّرْبُ أَوْ السَّجْنُ وَبِهِ جَزَمَ تت فَقَالَ عَقِبَ أَوْ ضَرْبٍ وَلَوْ قَالَ ( أَوْ قَيْدٍ ) أَيْ تَقْيِيدٍ بِحَدِيدٍ فِي رِجْلَيْهِ مَثَلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ ( أَوْ صَفْعٍ ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ ضَرْبٍ بِبَاطِنِ كَفٍّ عَلَى قَفًا ( لِ ) شَخْصٍ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( مُرُوءَةٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ هِمَّةٍ عَالِيَةٍ وَنَفْسٍ كَامِلَةٍ ( بِ ) حَضْرَةِ ( مَلَإٍ ) بِالْقَصْرِ وَالْهَمْزِ أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَشْرَافًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْفِقْهِ هُنَا .
وَكَذَا فِي اللُّغَةِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ صَفْعِهِ فِي خَلْوَةٍ فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَلَوْ لِذِي مُرُوءَةٍ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْيَسِيرِ وَإِلَّا فَهُوَ إكْرَاهٌ مُطْلَقًا .
وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ إنَّمَا يَكُونُ بِحُصُولِ الضَّرْبِ أَوْ الصَّفْعِ لَا بِخَوْفِ وُقُوعِهِمَا ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ذِي مُرُوءَةٍ أَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ صَفْعُهُ بِمَلَإٍ إكْرَاهًا ، وَمِثْلُهُ فِي الْجَوَاهِرِ .
( أَوْ ) بِخَوْفِ ( قَتْلِ وَلَدِهِ ) وَلَوْ عَاقًّا وَكَذَا بِعُقُوبَةِ الْبَارِّ إنْ تَأَلَّمَ بِهَا كَمَا يَتَأَلَّمُ بِنَفْسِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَصْبَغَ مَنْ حَلَفَ دَرْءَةً عَنْ وَلَدِهِ لَزِمَتْهُ يَمِينُهُ إنَّمَا يُعْذَرُ فِي الدَّرْأَة عَنْ نَفْسِهِ
، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ اللَّبِيدِيِّ إنْكَارُ قَوْلِ أَصْبَغَ قَائِلًا أَيُّ إكْرَاهٍ أَشَدُّ مِنْ رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ وَلَدَهُ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَنْوَاعُ الْعَذَابِ ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ التَّخْوِيفُ بِقَتْلِ الْوَلَدِ إكْرَاهٌ فَحَمَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى خِلَافِ الْمَنْقُولِ فِي الْمَذْهَبِ فَذَكَرَ قَوْلَ أَصْبَغَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِأَنَّ الْأَمْرَ النَّازِلَ بِالْوَلَدِ قَدْ يَكُونُ أَلَمُهُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ ، وَقَدْ يَتَعَدَّى لِلْأَبِ فَهُوَ فِي غَيْرِ قَتْلِهِ مَعْرُوضٌ لِلْأَمْرَيْنِ ، فَقَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْقَاصِرِ عَلَى الْوَلَدِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ دَرْءَةً عَنْ وَلَدِهِ لَا فِي الْمُتَعَدِّي لِلْأَبِ ، لِقَوْلِهِ إنَّمَا يُعْذَرُ فِي الدَّرْأَة عَنْ نَفْسِهِ ، وَقَوْلُ اللَّبِيدِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَعَدِّي لِلْأَبِ .
أَمَّا فِي قَتْلِهِ فَلَا يُشَكُّ فِي لُحُوقِهِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْوَلَدِ ، وَالْأَخِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ ، فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ .
ا هـ .
وَأَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ ابْنَ شَاسٍ قَصَدَ قَتْلَ النَّفْسِ لَا دُونَهُ أَيْ وَأَصْبَغُ قَصَدَ مَا دُونَهُ ( أَوْ ) يُخَوَّفُ الْأَخْذَ ( لِمَالِهِ ) أَوْ إتْلَافَهُ بِكَحَرْقِهِ .
( وَهَلْ إنْ كَثُرَ ) الْمَالُ الَّذِي خَافَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَلَّ فَلَيْسَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ إكْرَاهًا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ أَوْ وَلَوْ قَلَّ قَالَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْهُ لَوْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أُخِذَ بَعْضُ مَالِهِ فَهُوَ كَالْخَوْفِ عَلَى الْبَدَنِ ، وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ إكْرَاهًا ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي جَعْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ تَفْسِيرًا لِقَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْكَثِيرِ وَالثَّانِي عَلَى الْقَلِيلِ ، فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَهَذَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَمَنْ وَافَقَهُ ، وَجَعَلَهُ خِلَافًا لَهُمَا فَفِيهِ
ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، وَهَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّخْوِيفِ بِالْمَالِ .
ثَالِثُهَا إنْ كَثُرَ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ ، وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ
لَا أَجْنَبِيٍّ ، وَأُمِرَ بِالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ
( لَا ) يَكُونُ الْمُكَلَّفُ مُكْرَهًا بِخَوْفِ قَتْلِ شَخْصٍ ( أَجْنَبِيٍّ ) أَوْ أَخَذَ مَالَهُ بِالْأَوْلَى وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ خَوْفَ قَتْلِ الْوَالِدِ وَالْأَخِ إكْرَاهٌ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيُؤْخَذُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيِّ مَا عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ وَالْأَخَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ .
( وَأُمِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْخَائِفُ قَتَلَ الْأَجْنَبِيَّ نَدْبًا ( بِالْحَلِفِ ) كَاذِبًا ( لِيَسْلَمَ ) الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْقَتْلِ ، وَتَجِبُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَمُوسًا لِتَعَلُّقِهَا بِالْحَالِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا أَنَّهَا تُكَفَّرُ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ أَوْ الْمُسْتَقْبِلِ وَأَنَّ اللَّغْوَ لَا تُكَفَّرُ إلَّا إنْ تَعَلَّقَتْ بِمُسْتَقْبَلٍ ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ أَوْ نَحْوِهَا لَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَقُتِلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ طَلَبَ حَلِفِهِ نُدِبَ فَقَطْ .
وَوُجُوبُ تَخْلِيصِ الْمُسْتَهْلِكِ شَرْطُهُ عَدَمُ تَوَقُّفِهِ عَلَى يَمِينٍ غَمُوسٍ لِخَطَرِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ .
وَكَذَا الْعِتْقُ ، وَالنِّكَاحُ ، وَالْإِقْرَارُ ، وَالْيَمِينُ ، وَنَحْوُهُ .
( وَكَذَا ) أَيْ الطَّلَاقُ فِي كَوْنِ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ بِمَا تَقَدَّمَ ( الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ ) ابْنُ عَرَفَةَ وَالْوَطْءُ فِي نِكَاحِ الْإِكْرَاهِ إكْرَاهًا زِنًا مِنْ الْوَاطِئِ الْمُكْرَهِ لَا الْمُكْرَهَةِ وَإِجَازَتُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ اخْتِيَارًا كَنِكَاحٍ مَوْقُوفٍ ( وَالْإِقْرَارُ ) عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ أَوْ جِنَايَةٍ ( وَالْيَمِينُ ) بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ وَنَحْوِهِمَا ( وَنَحْوُهُ ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَرَهْنٍ وَنَحْوِهَا .
وَأَمَّا الْكُفْرُ ، وَسَبُّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ : فَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَتْلِ : كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا ، إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا
( وَأَمَّا الْكُفْرُ ) أَيْ الْإِنْصَافُ بِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ( وَسَبُّهُ ) أَيْ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِأَشَدِّيَّتِهِ بِعَدَمِ قَبُولِهِ التَّوْبَةَ .
وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ النَّبِيِّينَ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِمْ وَالْحُورِ الْعِينِ ( وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ ) الْعَفِيفِ الْحُرِّ وَسَبُّ الصَّحَابَةِ بِغَيْرِهِ ( فَإِنَّمَا يَجُوزُ ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْكُفْرِ وَسَبُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ ( لِ ) خَوْفِ ( الْقَتْلِ ) لِنَفْسِهِ .
وَأَمَّا سَبُّ مُسْلِمٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ بِغَيْرِ قَذْفِهِ وَقَذْفِ غَيْرِ مُسْلِمٍ فَيَجُوزُ إنْ بِخَوْفِ غَيْرِ الْقَتْلِ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ بِخَوْفِ الْقَتْلِ فَقَالَ ( كَالْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَجِدُ مَا ) أَيْ طَعَامًا ( يَسُدُّ ) أَيْ يَحْفَظُ ( رَمَقَهَا ) أَيْ حَيَاتَهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ تَمْكِينِهَا نَفْسَهَا ( لِمَنْ ) أَيْ رَجُلٍ ( يَزْنِي بِهَا ) فَيَجُوزُ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا بِقَدْرِ مَا يُشْبِعُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ سَدِّ رَمَقِهَا سَدُّ رَمَقِ صِبْيَانِهَا إنْ لَمْ تَجِدْهُ إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ .
وَمَفْهُومُ لَا تَجِدُ إلَخْ عَدَمُ جَوَازِهِ مَعَ وُجُودِ مَيْتَةٍ تَسُدُّ رَمَقَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِإِبَاحَتِهَا لِلْمُضْطَرِّ .
وَمَفْهُومُ الْمَرْأَةِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلَّا أَنْ يَزْنِيَ بِمَرْأَةٍ تُعْطِيهِ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَالْأَمْرَدُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلَّا لِمَنْ يَلُوطُ بِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَمْكِينُهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يُبَاحُ الْفِعْلُ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ ، وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ تَقْدِيمِ الزِّنَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ عَلَى الزِّنَا بِمَحْرَمٍ عِنْدَ تَحَتُّمِ أَحَدِهِمَا .
وَصَبْرُهُ أَجْمَلُ ، لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ وَقَطْعُهُ ، وَأَنْ يَزْنِيَ ،
( وَصَبْرُهُ ) أَيْ الْمُكْرَهِ بِالْقَتْلِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَوْتِ مَنْ لَمْ تَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا .
وَخَبَرُ " صَبْرُهُ " : ( أَجْمَلُ ) أَيْ أَفْضَلُ لَهُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ إقْدَامِهِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا ( لَا ) يَجُوزُ ( قَتْلُ ) الشَّخْصِ ( الْمُسْلِمِ ) وَلَوْ رَقِيقًا لِلْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ بِخَوْفِ الْقَتْلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ .
وَمَفْهُومُ الْمُسْلِمِ جَوَازُ قَتْلِ الْكَافِرِ الذِّمِّيَّ بِخَوْفِ الْقَتْلِ .
( وَ ) لَا يَجُوزُ ( قَطْعُهُ ) أَيْ الْمُسْلِمِ بِخَوْفِ الْقَتْلِ وَلَوْ أُنْمُلَةً فَيُمَكِّنُ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ وَلَا يَقْطَعُ أُنْمُلَةَ غَيْرِهِ ، وَأَمَّا قَطْعُهُ عُضْوًا مِنْ نَفْسِهِ فَيَجُوزُ خَوْفَ قَتْلِهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ ( وَ ) لَا يَجُوزُ لَهُ ( أَنْ يَزْنِيَ ) بِمُكْرَهَةٍ أَوْ ذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ بِخَوْفِ قَتْلِهِ ، وَأَمَّا بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ وَلَا سَيِّدَ لَهَا فَيَجُوزُ بِهِ فَقَطْ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَصْحَابِنَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى كُفْرٍ أَوْ شَتْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَذْفِ مُسْلِمٍ بِقَطْعِ عُضْوٍ أَوْ ضَرْبٍ يَخَافُ تَلَفَ بَعْضِ أَعْضَائِهِ بِهِ لَا تَلَفَ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا يَسَعُهُ ذَلِكَ لِخَوْفِ قَتْلِهِ لَا لِغَيْرِهِ ، وَلَهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يُقْتَلَ وَهُوَ أَفْضَلُ لَهُ .
سَحْنُونٌ وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ مَيْتَةٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ .
قَالَ وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا قَطْعُهُ بِالْإِكْرَاهِ وَلَا عَلَى أَنْ يَزْنِيَ ، وَأَمَّا عَلَى قَطْعِ يَدِ نَفْسِهِ فَيَسَعُهُ ذَلِكَ ا هـ .
وَفِي لُزُومِ طَاعَةٍ أُكْرِهَ عَلَيْهَا : قَوْلَانِ : كَإِجَازَتِهِ كَالطَّلَاقِ طَائِعًا وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ
( وَفِي لُزُومِ ) يَمِينٍ حَلَفَهَا عَلَى فِعْلِ ( طَاعَةٍ أُكْرِهَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْحَالِفُ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْيَمِينِ بِأَنْ أُكْرِهَ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ طَلَاقَ زَوْجَاتِهِ ثَلَاثًا ، أَوْ عِتْقَ رَقِيقِهِ أَوْ صَوْمَهُ عَامًا ، أَوْ حَجَّهُ مَاشِيًا ، أَوْ صَدَقَتَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ مُخْتَارِ وَقْتِهَا ، أَوْ لَا يَشْرَبُ مُسْكِرًا ، أَوْ لَا يَسْرِقُ أَوْ لَا يَزْنِي ، أَوْ لَا يَغُشُّ الْمُسْلِمِينَ فَحَلَفَ خَائِفًا فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ ، أَوْ لَا تَلْزَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ ؟ ( قَوْلَانِ ) مَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبِلٍ كَمَا مَثَّلْنَا ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَاضٍ مُكْرَهًا لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا كَإِكْرَاهِهِ عَلَى الْحَلِفِ بِأَنَّهُ صَلَّى أَوْ زَكَّى ، أَوْ صَامَ رَمَضَانَ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ .
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَقْبِلَ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ ، بِخِلَافِ الْمَاضِي فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْبِرُّ فِيهِ .
وَمَفْهُومُ طَاعَةٍ إنْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينِ مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ زِنًا أَوْ قَتْلٍ أَوْ مُبَاحٍ كَدُخُولِ دَارٍ أَوْ سُوقٍ لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا .
وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ ( كَإِجَازَتِهِ ) أَيْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ عَلَى طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ وَلِفَاعِلِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ ( كَالطَّلَاقِ ) وَالْعِتْقِ الْوَاقِعِ مِنْهُ حَالَ إكْرَاهِهِ عَلَيْهِ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مَفْعُولُ إجَازَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( طَائِعًا ) بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ نَظَرًا لِطَوْعِهِ حَالَهَا ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلِأَنَّ الْوَاقِعَ فَاسِدًا لَا يُصَحَّحُ بَعْدَ وُقُوعِهِ قَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ ، قَالَ أَوَّلًا بِعَدَمِ اللُّزُومِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى اللُّزُومِ .
( وَالْأَحْسَنُ ) مِنْهُمَا عِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ ( الْمُضِيُّ ) أَيْ اللُّزُومُ وَعَلَى هَذَا فَأَحْكَامُ الطَّلَاقِ
كَالْعِدَّةِ مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ ، وَلَا يَدْخُلُ النِّكَاحُ تَحْتَ الْكَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ ، فَفِي التَّوْضِيحِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرَهَةِ ، وَلَا يَجُوزُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ .
سَحْنُونٌ وَلَوْ انْعَقَدَ لَبَطَلَ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ ، وَفِي قِيَاسِ بَعْضِ مَذْهَبِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنْ لِلْمُكْرَهِ إمْضَاءَ ذَلِكَ النِّكَاحِ إذَا أَمِنَ ، وَكَذَا لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ الْمُكْرَهَةِ .
وَفِي قِيَاسِ بَعْضِ مَذَاهِبِهِمْ إنَّمَا تَجُوزُ إجَازَةُ الْمُكْرَهِ بِحَدَثَانِ ذَلِكَ .
وَمَحَلُّهُ مَا مُلِكَ قِبَلَهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا : كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا ، أَوْ إنْ دَخَلْتِ ، وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا
( وَمَحَلُّهُ ) أَيْ الطَّلَاقِ ( مَا ) أَيْ عِصْمَةٌ قَائِمَةٌ بِالزَّوْجَةِ شَرْعًا ( مُلِكَ ) ضَمٌّ فَكَسْرٌ وَذَكَرَ الْعَائِدَ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مَا ( قَبْلَهُ ) أَيْ نُفُوذِ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالَ النُّفُوذِ إنْ مَلَكَهَا تَحْقِيقًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( تَعْلِيقًا ) أَيْ مُعَلَّقًا عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَقَوْلُ مَالِكٍ الرُّجُوعُ عَنْهُ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ صَرِيحًا كَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، بَلْ وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ الْبِسَاطُ ( كَقَوْلِهِ ) أَيْ الْخَاطِبِ ( لِأَجْنَبِيَّةٍ ) حَالَ خِطْبَتِهَا ( هِيَ ) أَيْ الْمَخْطُوبَةُ ( طَالِقٌ ) وَصِلَةُ قَوْلِهِ ( عِنْدَ خِطْبَتِهَا ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْتِمَاسِ نِكَاحِهَا مِنْ وَلِيِّهَا بِسَبَبِ تَغْلِيَةِ مَهْرِهَا مَثَلًا .
( أَوْ إنْ دَخَلْتِ ) بِكَسْرِ التَّاءِ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَضَرَتْ وَخَاطَبَهَا أَوْ بِسُكُونِهَا إنْ كَانَتْ غَائِبَةً ، وَمَفْعُولُ دَخَلْت مَحْذُوفٌ لِيَعُمَّ الدَّارَ وَغَيْرَهَا أَيْ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( وَ ) قَدْ ( نَوَى ) أَيْ إنْ دَخَلَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ( بَعْدَ نِكَاحِهَا ) وَأَمَّا الْأَوْلَى فَوُقُوعُ التَّطْلِيقِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِسَاطٌ دَالٌّ عَلَى التَّعْلِيقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّتِهِ إذْ لَوْ نَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا قَالَهُ " غ " ، فَأَقْسَامُ التَّعْلِيقِ ثَلَاثَةٌ ، أَحَدُهَا : بِاللَّفْظِ كَإِنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ .
الثَّانِي : فُلَانَةُ طَالِقٌ ، وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا .
الثَّالِثُ : تَعْلِيقٌ بِالْبِسَاطِ كَقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ لِمَا سَمِعَهُ مِنْ شُرُوطِهَا وَشُرُوطِ أَهْلِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِي أَيْ مِنْ شُرُوطِ الطَّلَاقِ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ بِالْأَرْكَانِ الْمَحَلُّ وَهِيَ الْعِصْمَةُ ، وَشَرْطُهُ مُقَارَنَةُ إنْشَائِهِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا لِامْتِنَاعِ
وُجُودِ حَالٍ بِدُونِ مَحَلٍّ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَالِقٌ غَدًا فَتَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ إنْ تَزَوَّجْتُك ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَكَلَّمَهُ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا .
وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ ، وَعَلَيْهِ النِّصْفُ ، إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ عَلَى الْأَصْوَبِ
( وَ ) إنْ تَزَوَّجَ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزَوُّجِهَا بِاللَّفْظِ أَوْ الْبِسَاطِ أَوْ عَلَى دُخُولِهَا وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا ( تَطْلُقُ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ أَيْ تَصِيرُ طَالِقًا ( عَقِبَهُ ) أَيْ الْعَقْدِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالدُّخُولِ فِي الثَّالِثَةِ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الزَّوْجِ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ( النِّصْفُ ) مِنْ صَدَاقِهَا إنْ دَخَلَتْ الثَّالِثَةُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ صَدَاقِهَا وَهَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّفْوِيضِ حَيْثُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالْبِنَاءِ ، وَكُلَّمَا يَعْقِدُ عَلَى مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزَوُّجِهَا تَطْلُقُ وَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ ( إلَّا ) عَقْدَهُ عَلَيْهَا ( بَعْدَ ثَلَاثٍ ) مِنْ الْمَرَّاتِ وَقَبْلَ زَوْجٍ فَلَا تَطْلُقُ وَلَا نِصْفَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ وَفَسَادِ الْعَقْدِ إجْمَاعًا ( عَلَى الْأَصْوَبِ ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ وَغَيْرِهِمَا .
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ لُزُومُ النِّصْفِ .
" غ " ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ التَّوْضِيحِ فَقَالَ لَوْ أَتَى فِي لَفْظِهِ بِمَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَقَالَ قَبْلَ النِّكَاحِ كُلَّمَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ، فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَوْ بَعْدَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ .
وَقَالَ التُّونُسِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ وَغَيْرُهُمَا الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ .
ا هـ .
وَاَلَّذِي لِأَبِي إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ الْمَوَّازِيَّةِ إذَا عَيَّنَ قَبْلَهُ تَكَرَّرَ عَلَيْهِ كُلَّمَا تَزَوَّجَ مِنْهَا ، أَوْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ كُلَّمَا عَقَدَ النِّكَاحَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ نِكَاحُهُ فِي وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَتَزَوَّجَهَا رَابِعَةً قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجًا فَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَفَارَقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا .
ا هـ .
قَالَ
صَاحِبُ الْمِنْهَاجِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ .
وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا ، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَثْبُتُ مَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ الثَّلَاثَ أَوْ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا ، وَبَعْدَ زَوْجٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَثْبُتُ بَعْدَ الثَّلَاثِ ، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْعَقْدُ فَلَا يَجِبُ الصَّدَاقُ .
وَلَوْ دَخَلَ ، فَالْمُسَمَّى فَقَطْ كَوَاطِئٍ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا ، لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ إلَّا إذَا تَزَوَّجَهَا .
( وَلَوْ دَخَلَ ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا ( فَ ) الصَّدَاقُ ( الْمُسَمَّى ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ ( فَقَطْ ) وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَمِثْلُ نِصْفِهِ النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ عَقِبَ الْعَقْدِ وَالْمُسَمَّى بِالْوَطْءِ .
وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ اسْتَنَدَ لِعَقْدٍ فَلَا يُوجِبُ زَائِدًا عَمَّا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ .
ثُمَّ شَبَّهَهَا لِلتَّقَوِّي بِهِ فَقَالَ ( كَ ) زَوْجٍ ( وَاطِئٍ ) زَوْجَتَهُ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَيْءٍ ( بَعْدَ حِنْثِهِ ) فِي تَعْلِيقِهِ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ ( لَمْ يَعْلَمْ ) بِالْحِنْثِ قَبْلَ وَطْئِهِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى فَقَطْ .
وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِحِنْثِهِ فِيهَا تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ الْحَرَامِ الَّذِي لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ إنْ لَمْ تَعْلَمْ بِحِنْثِهِ أَوْ أَكْرَهَهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَانِيَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنِصْفٌ فَتَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ طَلَاقُهَا ، وَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى ، فَإِنْ بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاحِدٌ لَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ كَمَنْ وَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ إنْ مَاتَ إنَّمَا عَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ .
وَسُمِعَ أَبُو زَيْدٍ كَتَبَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ دَخَلَ بِامْرَأَةٍ حَلَفَ طَلَاقَهَا أَلْبَتَّةَ إنْ تَزَوَّجَهَا فَكَتَبَ إلَيْهِ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا بَلَغَنِي عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ حَلَفْت بِطَلَاقِ فُلَانَةَ إنْ تَزَوَّجْتُهَا فَقَالَ تَزَوَّجْهَا وَإِثْمُكُمَا فِي رَقَبَتِي ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمَخْزُومِيَّ مِمَّنْ حَلَفَ عَلَى أُمِّهِ بِمِثْلِ هَذَا .
ابْنُ رُشْدٍ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ دَخَلَا وَمُرَاعَاةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْخِلَافَ فِيهِ شُذُوذٌ .
أَبُو عُمَرَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ
عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَفْتَى ابْنُ وَهْبٍ .
وَقَالَ نَزَلْت بِالْمَخْزُومِيِّ فَأَفْتَاهُ مَالِكٌ بِذَلِكَ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ ، وَقَالَ كَأَنَّ عَامَّةَ مَشَايِخِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا ، وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَحْوِ هَذَا الْقَوْلِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ إلَّا أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَ بَعْضَهَا وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُخَالِفُهَا أَحْسَنُهَا مَا خَرَّجَ قَاسِمٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا طَلَاقَ إلَّا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ } ، وَرُوِيَ { لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ } ، وَرُوِيَ { لَا طَلَاقَ فِيمَا لَا تَمْلِكُ } .
قُلْت فِي أَحْكَامِ عَبْدِ الْحَقِّ أَبُو دَاوُد عَنْ مُطَرِّفٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ ، وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ ، وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ ، وَلَا وَفَاءَ نَذْرٍ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ } .
قَالَ الْبُخَارِيُّ هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي جَوَازِ نِكَاحِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا لِلْحَالِفِ وَمَنْعِهِ مَعَ مُضِيِّهِ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْبِنَاءِ ، رَابِعُهَا يُفْسَخُ أَبَدًا .
وَخَامِسُهَا الْوَقْفُ ، وَعَزَاهَا لِقَائِلَيْهَا فَانْظُرْ .
وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ فَقَالَ ( كَأَنْ ) طَلَّقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهُنَّ وَ ( أَبْقَى ) الْمُطَلِّقُ لِنَفْسِهِ ( كَثِيرًا ) مِنْ النِّسَاءِ لَمْ يُطَلِّقْهُنَّ ، سَوَاءٌ كَانَ طَلَاقُهُ بِتَعْلِيقٍ نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ، إلَّا مِنْ إقْلِيمِ كَذَا ، أَوْ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ بِدُونِهِ ؛ نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ إلَّا مِنْ إقْلِيمِ كَذَا ، أَوْ
إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ .
وَسَوَاءٌ كَانَ مَا أَبْقَاهُ مُسَاوِيًا لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ لَا .
وَبَيْنَ إبْقَاءِ الْكَثِيرِ بِقَوْلِهِ ( بِذِكْرِ جِنْسٍ ) لُغَوِيٍّ وَإِنْ كَانَ صِنْفًا مَنْطِقِيًّا كَكُلِّ تُرْكِيَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ( أَوْ ) بِذِكْرِ ( بَلَدٍ ) كَكُلِّ مِصْرِيَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقَةٌ ( أَوْ ) بِذِكْرِ ( زَمَانٍ يَبْلُغُهُ ) أَيْ يَصِلُ إلَيْهِ ( عُمُرُهُ ظَاهِرًا ) أَيْ يُشْبِهُ حَيَاتَهُ إلَيْهِ غَالِبًا .
وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ عُمُرِ الْحَالِفِ مِنْ شُبُوبِيَّةٍ وَكُهُولَةٍ وَشَيْخُوخَةٍ ، كَكُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا فِي هَذَا الْعَامِ طَالِقٌ .
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا عَنْ نَحْوِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا إلَى تِسْعِينَ سَنَةً طَالِقٌ ، فَلَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْيَمِينُ ، وَيُشْتَرَطُ فِي اللُّزُومِ أَيْضًا أَنْ يَبْقَى مُدَّةً بَعْدَ مَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا يُنْتَفَعُ بِالزَّوَاجِ فِيهَا عَادَةً وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ عَمَّ النِّسَاءَ دُونَ قَيْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلْحَرَجِ .
ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا نَصُّ الْمَذْهَبِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ لُزُومَهُ مَعَ رِوَايَةِ عُمُومِ اللُّزُومِ فِيمَنْ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا حَرَامٌ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلُّ بِكْرٍ كَذَلِكَ .
وَرُدَّ بِأَنَّ الْعُمُومَ الْمَقْصُودَ أَشَدُّ مِنْ الْعُمُومِ الَّذِي آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ .
قُلْت هَذَا اعْتِرَافٌ بِتَصَوُّرِ الْعُمُومِ فِي صُورَةِ التَّفْصِيلِ وَالْحَقُّ مَنْعُهُ .
أَمَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَكَذَلِكَ ضَرُورَةَ عَدَمِ تَنَاوُلِهِ بَعْضَ الْجِنْسِ وَهُوَ مُتَعَلَّقُ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ .
وَعِلَّةُ الْإِسْقَاطِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، إنَّمَا هِيَ الْمَشَقَّةُ النَّاشِئَةُ عَنْ اللَّفْظِ الْعَامِّ ، وَهِيَ هُنَا عَنْ لَفْظٍ خَاصٍّ فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ بِحَالٍ ، وَإِذَا أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا وَكَانَ مُتَزَوِّجًا فَ ( لَا ) تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ ( فِيمَنْ تَحْتَهُ ) أَيْ فِي عِصْمَةِ الْحَالِفِ مِنْ الزَّوْجَاتِ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ
بِهَذِهِ الْيَمِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَلْبَسُ وَهُوَ رَاكِبٌ أَوْ لَابِسٌ وَدَامَ رَاكِبًا أَوْ لَابِسًا فَحَنِثَ بِهِ أَنَّ حَقِيقَةَ التَّزَوُّجِ إنْشَاءُ عَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَذَا فِيمَنْ تَحْتَهُ ، وَلَيْسَتْ حَقِيقَةُ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ قَاصِرَةً عَلَى إنْشَائِهِمَا ، فَإِنْ كَانَ نَوَى إنْشَاءَهُمَا فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِهِمَا ، وَفَرَّقَ تت بِضَعْفِ الِالْتِزَامِ فِي النِّكَاحِ بِقَوْلِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَا يَلْزَمُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ فِيمَنْ تَحْتَهُ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا إذَا ) أَبَانَهَا بَعْدَ يَمِينِهِ ثُمَّ ( تَزَوَّجَهَا ) فَتَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ إنْ شَمَلَهَا لَفْظُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ عَلَّقَ التَّحْرِيمَ بِمَا يَبْقَى كَثِيرًا لَزِمَ ، وَلَا تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ إلَّا إذَا بَانَتْ وَشَمَلَهَا لَفْظُهُ
وَلَهُ نِكَاحُهَا
( وَلَهُ ) أَيْ مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَةٍ عَلَى تَزَوُّجِهَا ( نِكَاحُهَا ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَتْ تَطْلُقُ عَقِبَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَفَائِدَتُهُ حَلُّ يَمِينِهِ فَيَتَزَوَّجَهَا عَقِبَ طَلَاقِهَا وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْأَدَاةُ الَّتِي عَلَّقَ بِهَا لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ ، وَإِلَّا فَلَا يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ حِينَئِذٍ " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ عَقِبَهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ ، وَالْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِهَذَا الْعَقْدِ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ ، قَالَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنِّي طَالِقٌ عَقِبَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ صَدَاقًا إنْ تَزَوَّجَتْهُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّرْطِ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ ، قُلْنَا لَهُ هُنَا فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا عَقِبَ طَلَاقِهِ إنْ شَاءَ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ ذَلِكَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ مِثْلُ كُلَّمَا فَلَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا .
ا هـ .
وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
وَنِكَاحُ الْإِمَاءِ فِي كُلِّ حُرَّةٍ ، وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ ، وَالطَّارِئَةُ إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ
( وَ ) لَهُ أَيْ الْحُرِّ الَّذِي يُولَدُ لَهُ وَهُوَ وَاجِدٌ لِطَوْلِ الْحُرَّةِ ( نِكَاحُ ) أَيْ تَزَوُّجُ النِّسَاءَ ( الْإِمَاءِ ) الْمَمْلُوكَاتِ لِمَنْ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ ( فِي ) أَيْ بِسَبَبِ قَوْلِهِ ( كُلُّ حُرَّةٍ ) أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ إذْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ تَنْزِيلًا لِيَمِينِهِ مَنْزِلَةَ عَدَمِ الطَّوْلِ لِلْحُرَّةِ لِلُزُومِ يَمِينِهِ فِي الْحَرَائِرِ بِإِبْقَائِهِ الْإِمَاءَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ ( وَلَزِمَ ) التَّعْلِيقُ ( فِي ) الْمَرْأَةِ ( الْمِصْرِيَّةِ ) مَثَلًا " غ " لَيْسَ صُورَتُهَا " كُلُّ مِصْرِيَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ " .
ا هـ .
أَيْ لَا تُقْصَرُ صُورَتُهَا عَلَى ذَلِكَ فَتُصَوَّرُ بِذَلِكَ وَبِمَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً أَوْ مِنْ مِصْرَ مَثَلًا لِاسْتِفَادَةِ التَّكْرَارِ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ ، وَصِلَةُ لَزِمَ ( فِيمَنْ ) أَيْ مَرْأَةٍ ( أَبُوهَا كَذَلِكَ ) أَيْ مِصْرِيٌّ وَلَوْ كَانَتْ أُمُّهَا غَيْرَ مِصْرِيَّةٍ وَوُلِدَتْ فِي غَيْرِ مِصْرَ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ لِأَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ } وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْأُولَى سَبَبِيَّةٌ .
( وَ ) لَزِمَ فِي الْمَرْأَةِ ( الطَّارِئَةِ ) عَلَى مِصْرَ ( إنْ تَخَلَّقَتْ ) أَيْ اتَّصَفَتْ غَيْرُ الْمِصْرِيَّةِ الطَّارِئَةِ عَلَى مِصْرَ ( بِخُلُقِهِنَّ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ أَيْ بِصِفَاتِ الْمِصْرِيَّاتِ إذْ لَا دَخْلَ لِمِصْرِ فِي الذَّاتِ ، وَإِنَّمَا دَخْلُهَا فِي الصِّفَاتِ ، فَمَنْ تَخَلَّقَ بِخُلُقِ أَهْلِهَا كَمَنْ وُلِدَ بِهَا ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ لَمْ تَتَخَلَّقْ بِخُلُقِهِنَّ لَا تَدْخُلُ فِي الْمِصْرِيَّاتِ ، وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا بِهَا ، وَاَلَّذِي فِي نَصِّ سَحْنُونٍ انْقَطَعَتْ عَنْ الْبَادِيَةِ بَدَلَ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ ، فَإِنْ فُسِّرَ الِانْقِطَاعُ عَنْ الْبَادِيَةِ بِتَخَلُّقِهَا بِأَخْلَاقِ الْمُنْقَطِعَةِ إلَيْهِمْ سَاوَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلَا .
وَهَلْ الْمُرَادُ الْأَخْلَاقُ الَّتِي تُمِيلُ الْمِصْرِيَّةُ بِهَا قُلُوبَ
الرِّجَالِ ، أَوْ الْأَخْلَاقُ الَّتِي تَحْمِلُ عَلَى الِاجْتِنَابِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، وَلَا يَبْعُدُ إرَادَتُهُمَا مَعًا .
وَفِي مِصْرَ يَلْزَمُ فِي عَمَلِهَا ، إنْ نَوَى ، وَإِلَّا فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ ، وَلَهُ الْمُوَاعَدَةُ بِهَا ، إلَّا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ
( وَ ) إنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ ( فِي ) نَحْوِ ( مِصْرَ يَلْزَمُ ) التَّعْلِيقُ ( فِيمَنْ ) يَتَزَوَّجُهَا فِي ( عَمَلِهَا ) أَيْ الْبِلَادِ الدَّاخِلَةِ فِي حُكْمِهَا ( إنْ نَوَى ) بِمِصْرَ مَا يَعُمُّ عَمَلَهَا أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ بِسَاطٌ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ فِيهَا بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَا يَعُمُّ عَمَلَهَا وَلَمْ يَجْرِ بِهِ عُرْفٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ بِسَاطٌ بِأَنْ نَوَى خُصُوصَهَا أَوْ لِآنِيَةٍ لَهُ ( فَلِمَحَلِّ لُزُومِ ) السَّعْيِ إلَى ( الْجُمُعَةِ ) ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَرُبُعُ مِيلٍ فِي الصُّورَتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ كِنَانَةَ يَلْزَمُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ لِحَدِّ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا .
أَصْبَغُ وَهُوَ الْقِيَاسُ .
( وَلَهُ ) أَيْ الْحَالِفِ لَا يَتَزَوَّجُ فِي مِصْرَ ( الْمُوَاعَدَةُ بِهَا ) عَلَى الزَّوَاجِ فِي غَيْرِهَا لِمِصْرِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْمُرَاعَى عَقْدُ النِّكَاحِ وَالْمُوَاعَدَةُ لَيْسَتْ عَقْدًا ( لَا ) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ( إنْ عَمَّ النِّسَاءَ ) الْحَرَائِرَ وَالْإِمَاءَ وَالثَّيِّبَاتِ وَالْأَبْكَارَ الْحَضَرِيَّاتِ وَالْبَدْوِيَّاتِ بِأَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ، وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَفْعِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } وَلَمْ يَعْتَبِرُوا إمْكَانَ التَّسَرِّي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ فِي التَّحْصِينِ وَالضَّبْطِ ، وَلِأَنَفَةِ بَعْضِ النُّفُوسِ مِنْهَا .
فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ يَلْزَمُهُ مَعَ أَنَّهُ عَمَّ النِّسَاءَ .
قُلْت لَزِمَهُ وَإِنْ عَمَّ النِّسَاءَ لِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً بِطَلَاقِ الْمَحْلُوفِ لَهَا طَلَاقًا بَائِنًا .
أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا : كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا ، إلَّا تَفْوِيضًا أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ حَتَّى أَنْظُرَهَا فَعَمِيَ
( أَوْ أَبْقَى ) الْحَالِفُ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَدَدًا ( قَلِيلًا ) فِي نَفْسِهِ كَكُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا فُلَانَةَ أَوْ بَنَاتِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ جِدًّا ، وَمَثَّلَ لِإِبْقَاءِ الْقَلِيلِ فَقَالَ ( كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا ) طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَيَسَّرَ لَهُ التَّفْوِيضُ وَلَوْ عِنْدَ مُعْتَادٍ بِهِ لِقِلَّتِهِ .
وَأَمَّا إنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا تَفْوِيضًا طَالِقٌ فَيَلْزَمُهُ لِإِبْقَائِهِ كَثِيرًا وَهِيَ التَّسْمِيَةُ ( أَوْ ) كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ إلَّا ( مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ ) دُونَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِحَيْثُ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ تَلِيقُ بِهِ ( أَوْ ) قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ( حَتَّى أَنْظُرَهَا ) أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَهَا ( فَعَمِيَ ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ .
أَوْ الْأَبْكَارِ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ ، أَوْ بِالْعَكْسِ
( أَوْ ) انْقَلَبَتْ يَمِينُهُ مِنْ الْخُصُوصِ لِلْعُمُومِ وَكَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ ( الْأَبْكَارِ ) عَلَى تَزَوُّجِهِنَّ بِأَنْ قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ( بَعْدَ ) تَعْلِيقِ طَلَاقِ ( كُلِّ ثَيِّبٍ ) عَلَى تَزَوُّجِهِنَّ بِأَنْ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا ( أَوْ بِالْعَكْسِ ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَكُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي الثَّانِي مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْحَرَجُ وَيَلْزَمُهُ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ فِيهِمَا ، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا حَكَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِدَوَرَانِ الْحَرَجِ مَعَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا ، وَلَوْ حَرَّمَ الثَّيِّبَاتِ وَأَبْقَى الْأَبْكَارَ فَعَجَزَ عَنْهُنَّ لِعُلُوِّ سِنِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَرِّي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ ثَيِّبٍ .
أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ ، وَتَعَذَّرَ التَّسَرِّي
( أَوْ ) عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا فِي أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرٌ أَوْ ( خَشِيَ ) الْحَالِفُ عَلَى نَفْسِهِ فِي ( الْمُؤَجَّلِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدَةً بِأَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي هَذَا الْعَامِ طَالِقٌ ، وَمَفْعُولُ خَشِيَ قَوْلُهُ ( الْعَنَتَ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ أَيْ الزِّنَا فِي الْعَامِّ ( وَتَعَذَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ لَمْ يُمْكِنْهُ ( التَّسَرِّي ) فَلَهُ تَزَوُّجُ حُرَّةٍ لِشِدَّةِ خَطَرِ الزِّنَا وَخِفَّةِ أَمْرِ التَّعْلِيقِ بِقَوْلِ الْأَكْثَرِ بِعَدَمِ لُزُومِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قَالَ ، كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَهِيَ طَالِقٌ لَزِمَهُ إنْ أَمْكَنَتْ حَيَاتُهُ لِمَا ذَكَرَ ، فَإِنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَتَسَرَّى بِهِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ ضَرَبَ أَجَلًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُهُ أَوْ قَالَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ .
الْبَاجِيَّ التَّعْمِيرُ فِي ذَلِكَ تِسْعُونَ عَامًا .
وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعِشْرُونَ عَامًا كَثِيرٌ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَصْبَغُ بَعْدَ تَصَبُّرٍ وَتَعَفُّفٍ .
ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ لَا يَتَزَوَّجُ فِي ثَلَاثِينَ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ .
مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَتَزَوَّجُ فِيهَا إنْ خَافَ الْعَنَتَ .
أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَدَرَ فِيهَا عَلَى التَّسَرِّي فَلَا يَتَزَوَّجُ .
وَكَذَا إنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ اُنْظُرْ تَمَامَهُ .
أَوْ آخِرُ امْرَأَةٍ ، وَصُوِّبَ وُقُوفُهُ عَنْ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً ، ثُمَّ كَذَلِكَ ، وَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمُولِي وَاخْتَارَهُ إلَّا الْأُولَى
( أَوْ ) قَالَ ( آخِرُ امْرَأَةٍ ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ جَمِيعَ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ آخِرًا ، فَلَوْ فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَى امْرَأَةٍ ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ قَوْلُهُ ( وَصُوِّبَ ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً ( وُقُوفُهُ ) أَيْ مَنْعُ الْحَالِفِ ( عَنْ ) وَطْءِ الزَّوْجَةِ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا ( حَتَّى يَنْكِحَ ) أَيْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَةً ( ثَانِيَةً ) فَيَحِلَّ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى ( ثُمَّ ) يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الثَّانِيَةِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ مَنْعِهِ مِنْ وَطْءِ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَالِثَةً فَيَحِلَّ لَهُ وَطْءُ الثَّانِيَةِ ، وَهَكَذَا أَبَدًا ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رَاشِدٍ ، وَظَاهِرُهُ إيقَافُهُ .
وَلَوْ قَالَ أَنَا لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَمِلَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهَا .
( وَ ) إنْ تَضَرَّرَتْ الْمَرْأَةُ الْمَوْقُوفُ عَنْهَا مِنْ تَرْكِ وَطْئِهَا وَرِفْعَتِهِ فَ ( هُوَ ) أَيْ الْقَائِلُ آخَرُ امْرَأَةٍ إلَخْ ( فِي ) الْمَرْأَةِ ( الْمَوْقُوفَةِ ) عَنْ الْقَائِلِ صِلَةُ كَافِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ ( كَالْمُوَلِّي ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ فِي ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ، فَإِذَا انْقَضَى وَلَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِدُونِ وَطْءٍ طَلَّقَ عَلَيْهِ ، وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْآتِي لِيُفِيدَ رُجُوعَهُ إلَيْهِ أَيْضًا .
وَإِذْ مَاتَ زَمَنَ الْإِيقَافِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا تَرِثُهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ، وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ مَاتَ زَوْجٌ عَنْ زَوْجَةٍ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى
وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ وَلَا تَرِثُهُ وَلَا تَعْتَدُّ مِنْهُ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَتْ وَقَفَ إرْثُهُ مِنْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ أَخَذَهُ وَتُكَمِّلُ صَدَاقَهَا وَإِلَّا فَلَا وَيُلْغَزُ بِهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ .
( وَاخْتَارَهُ ) أَيْ اللَّخْمِيُّ الْإِيقَافَ عَنْ السَّابِقَةِ حَتَّى يَتَزَوَّجَ بَعْدَهَا فِي كُلِّ سَابِقَةٍ ( إلَّا فِي ) الزَّوْجَةِ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ فَلَا يُوقَفُ عَنْهَا لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ آخَرُ امْرَأَةٍ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ طَلَاقَ الْأُولَى .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ قَالَ آخَرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَفِي لَغْوِهِ وَلُزُومِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ مَعَ سَحْنُونٍ ، وَعَلَيْهِ يُوقَفُ عَنْ الْأُولَى حَتَّى يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا فَتَحِلَّ لَهُ ، وَكَذَا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ .
زَادَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَلِمَ وَقَفَ عَنْهَا رَفْعَهُ لِعَدَمِ وَطْئِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِتَزَوُّجِ ثَانِيَةٍ وَلَهَا بِثَالِثَةٍ وَلَهَا رَابِعَةٌ .
ابْنُ رُشْدٍ نَحْوُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ وَإِنْ مَاتَتْ مَنْ وَقَفَ عَنْهَا وَقَفَ مِيرَاثُهُ مِنْهَا ، فَإِنْ تَزَوَّجَ ثَانِيَةً أَخَذَهُ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رُدَّ لِوَرَثَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِعَدَمِ بِنَائِهِ .
الشَّيْخُ إنْ مَاتَ فِي الْوَقْفِ قَبْلَ بِنَائِهِ فَلَا تَرِثُهُ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ فَقَطْ وَلَا عِدَّةَ لِوَفَاتِهِ ، ثُمَّ قَالَ وَاعْتَرَضَ ابْنُ دَحُونٍ قَوْل سَحْنُونٍ بِأَنْ قَالَ إذَا وَقَفَ عَنْ وَطْءِ الْأُولَى ثُمَّ تَزَوَّجَ لَمْ يُبَحْ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى حَتَّى يَطَأَ الثَّانِيَةَ ، كَمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَيُمْنَعُ مِنْهَا حَنَى يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَيَطَأَ لِيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا آخِرُ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْءِ الثَّانِيَةِ حَنَى يَتَزَوَّجَ ثَالِثَةً ، وَكَذَا يَلْزَمُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ ، فَلَا يَتِمُّ لَهُ وَطْءٌ أَلْبَتَّةَ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا اعْتِرَاضٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَهَلْ فِيهِ الشَّيْخُ
عَلَى رُسُوخِ عِلْمِهِ وَثَاقِبِ ذِهْنِهِ ، وَلَا مَعْصُومَ مِنْ الْخَطَإِ إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك ، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَسْأَلَةِ مَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا الثَّانِيَةَ لَا الْأُولَى فَوَجَبَ أَنْ تَطْلُقَ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَى اسْمِ زَوَاجٍ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى قَوْلِهِمْ الْحِنْثُ يَدْخُلُ بِأَقَلِّ الْوُجُوهِ ، وَالْبِرُّ إنَّمَا يَكْمُلُ بِأَكْمَلِ الْوُجُوهِ .
قُلْت الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ وَبَيَانُهُ إنْ تَزَوَّجَ الثَّانِيَةَ ، أَمَّا أَنْ يُوجِبَ طَلَاقًا أَوْ عَدَمَ وُقُوعِهِ بِيَمِينٍ بِهِ وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا فَتَعَيَّنَ الثَّانِي ، وَكُلُّ تَزْوِيجٍ يُوجِبُ عَدَمَ وُقُوعِ طَلَاقٍ بِيَمِينٍ بِهِ مَشْرُوطٌ بِالْبِنَاءِ فِيهِ أَصْلُهُ الْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ لَيَتَزَوَّجَنَّ ، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فَوَجَبَ أَنْ تَطْلُقَ بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ زَوَاجٍ وَهْمٌ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ التَّزَوُّجَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا يُوجِبُ طَلَاقًا مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ كَوْنُهُ آخِرًا ، وَالْفَرْضُ عَدَمُ تَيَقُّنِهِ ، وَإِنَّمَا يَقَعُ بِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَقَدْ يُجَابُ بَحْثُ ابْنِ دَحُونٍ بِأَنَّ التَّزَوُّجَ فِي مَسْأَلَةِ سَحْنُونٍ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِعَدَمِ الطَّلَاقِ فِي الْأُولَى كَمَسْأَلَةِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك إلَخْ ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ عَلَيْهَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ يَمِينٌ مَقْصُودٌ بِهَا إغَاظَةُ الْمُخَاطَبَةِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِوَطْءِ الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَبَيُّنُ أَنَّ الزَّوْجَةَ السَّابِقَةَ لَيْسَتْ آخِرَ امْرَأَةٍ ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى أُخْرَى بَعْدَهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْوَطْءِ ، وَلَيْسَ فِيهَا يَمِينٌ حَتَّى يُقَالَ الْبِرُّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِأَكْمَلِ الْوُجُوهِ ، وَإِنْ قَالَ أَوَّلُ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَآخِرُ امْرَأَةٍ
أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَزِمَهُ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ لَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا : نُجِّزَ طَلَاقَهَا ، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا قَبْلَهَا ، وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالَ النُّفُوذِ
( وَلَوْ قَالَ ) الْمُكَلَّفُ ( إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ ) امْرَأَةً ( مِنْ ) نِسَاءِ ( الْمَدِينَةِ ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مَثَلًا ( فَهِيَ ) أَيْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا ( طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ ) الْحَالِفُ ( مِنْ غَيْرِهَا ) أَيْ الْمَدِينَةِ ( نُجِّزَ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا أَيْ حَصَلَ ( طَلَاقُهَا ) بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قَضِيَّةٌ حَمْلِيَّةٌ فِي قُوَّةِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ طَالِقٌ ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ .
( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( عَلَى أَنَّهُ ) أَيْ الشَّأْنَ ( إنَّمَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ ) فِيمَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهَا ( إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا ) أَيْ الْمَدِينَةِ ( قَبْلَ ) تَزَوُّجِهِ مِنْ ( هَا ) أَيْ الْمَدِينَةِ .
عج هَذَا مَدْلُولُ لَفْظِهِ لِتَعْلِيقِهِ طَلَاقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى عَدَمِ تَزَوُّجِهِ مِنْهَا ، فَإِنْ تَزَوَّجَ مِنْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ .
" ق " بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ فِي قُوَّةِ إنْ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَهَا فَهِيَ طَالِقٌ ، فَإِنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَالْمَذْهَبُ الْإِطْلَاقُ فَهِيَ حَمْلِيَّةٌ وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَنَّ وَالتَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قَالَ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْفُسْطَاطِ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا .
اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ لَا يَحْنَثُ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُ مِنْ غَيْرِ الْفُسْطَاطِ ، وَتَوَقَّفَ عَنْهَا كَمَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْفُسْطَاطِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَالِفِ بِمِثْلِ هَذَا أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ
يَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْفُسْطَاطِ طَالِقٌ .
ابْنُ مُحْرِزٍ أَحْسِبُ لِمُحَمَّدٍ مِثْلَ مَا فِيهَا .
ابْنُ بَشِيرٍ هُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ فَيَكُونُ مُسْتَثْنِيًا ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ فَيَكُونُ مُولِيًا .
وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى مِنْ غَيْرِهَا أَوْ تَعْلِيقٌ مُحَقَّقٌ يُرِيدُ أَنَّ مَعْنَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ حَمْلِيَّةٌ ، وَعَلَى الثَّانِي شَرْطِيَّةٌ ، وَتَقْرِيرُهُمَا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ لَفْظِ اللَّخْمِيِّ وَاضِحٌ وَقَوْلُ " ز " عَنْ " ق " بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ إلَخْ فِيهِ نَظَرٍ ، بَلْ التَّأْوِيلَانِ مَعًا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهَا حَمْلِيَّةٌ ، أَيْ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ طَالِقٌ ، ثُمَّ هَلْ مُطْلَقًا وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ رَاشِدٍ ، أَوْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ مِنْ الْمَدِينَةِ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ ، تَأْوِيلَانِ وَإِنَّمَا الْمَبْنِيُّ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِسَحْنُونٍ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيمَا يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ مِنْهَا ، بَلْ يُوقَفُ عَنْهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَ مِنْ الْمَدِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ .
وَقَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْإِطْلَاقُ وَالتَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ تَبِعَ فِيهِ مَا فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ رَاشِدٍ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ .
" غ " وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَفْهَمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا ابْنُ مُحْرِزٍ وَمَا عَوَّلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَّا عَلَى كَلَامِهِمَا وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الثَّانِي .
( وَاعْتُبِرَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( فِي وِلَايَتِهِ ) أَيْ اسْتِيلَاءِ الزَّوْجِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَحَلِّ وَهِيَ الْعِصْمَةُ وَنَائِبُ فَاعِلِ اُعْتُبِرَ ( حَالُ النُّفُوذِ ) أَيْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ الظِّهَارِ الَّذِي عَلَّقَهُ الزَّوْجُ تَبَعًا لِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَا حَالُ التَّعْلِيقِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ ، فَيَشْمَلُ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَوْ عَلَّقَ
عَبْدًا لِثَلَاثٍ إلَخْ ، فَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ حَالَ التَّعْلِيقِ لَصِبًا أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ جُنُونٍ فَلَا يُعْتَبَرُ حَالُ النُّفُوذِ ، فَإِنْ عَلَّقَ الصَّبِيُّ أَوْ مُكْرَهٌ أَوْ مَجْنُونٌ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ زَالَ الْإِكْرَاهُ أَوْ أَفَاقَ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ ، وَفِيهَا وَالنَّوَادِرِ مَنْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ لَأَفْعَلُ كَذَا ، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ زَوْجَةٌ وَلَا رَقِيقٌ وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى تَزَوَّجَ أَوْ مَلَكَهُ ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ يَمِينٍ عَلَيْهِ حَالَ النُّطْقِ بِهَا ، فَلَا تَلْزَمُهُ فِيمَا تَجَدَّدَ لَهُ بَعْدَهَا مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ رَقِيقٍ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ .
فَلَوْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا : لَمْ يَلْزَمْ
فَلَوْ فَعَلَتْ ) الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا عَلَى أَنْ لَا تَفْعَلَ كَذَا الشَّيْءَ ( الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا ) وَلَوْ وَاحِدَةً بِخُلْعٍ أَوْ رَجْعِيَّةً انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ( لَمْ يَلْزَمْ ) الزَّوْجَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى عِصْمَتِهَا حَالَ النُّفُوذِ ، فَالْمَحَلُّ مَعْدُومٌ وَكَذَا إنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَفَعَلَهُ حَالَ بَيْنُونَتِهَا فَالْأَوْلَى فَلَوْ فُعِلَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيَأْتِيَنَّهُ أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ وَقْتَ كَذَا وَطَلَّقَهَا طَلَاقَ الْخُلْعِ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ لِخَوْفِهِ مِنْ مَجِيءِ الْوَقْتِ وَهُوَ مُعْدِمٌ أَوْ قَصَدَ عَدَمَ الذَّهَابِ فَلَمْ تَلْزَمْهُ الثَّلَاثِ ، وَيَعْقِدُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ بِرُبُعِ دِينَارٍ بِرِضًا وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ ، وَتَبْقَى لَهُ فِيهَا طَلْقَتَانِ أَوْ طَلْقَةٌ إنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ طَلْقَةً وَاحِدَةً ، وَهَذَا أَحْسَنُ لَهُ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا بِعَدَمِ مَجِيئِهِ أَوْ قَضَائِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَيُكْرَهُ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ .
وَلَوْ نَكَحَهَا فَفَعَلَتْهُ : حَنِثَ ، إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ : كَالظِّهَارِ ، لَا مَحْلُوفٍ لِمَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا
( وَلَوْ ) عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى فِعْلِهَا أَوْ فِعْلِهِ غَيْرَ مُقَيِّدٍ بِزَمَنٍ ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ بِخُلْعٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةِ طَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ ( نَكَحَهَا ) أَيْ تَزَوَّجَهَا رَاضِيَةً بِصَدَاقٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدٍ ( فَفَعَلَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الْمُعَلَّقَ طَلَاقُهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ فَعَلَتْهُ حَالَ بَيْنُونَتِهَا أَمْ لَا ( حَنِثَ ) الزَّوْجُ فِي تَعْلِيقِهِ ( إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ ) بَيَانٌ لِشَيْءٍ الْآتِي ( الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ ) أَيْ طَلْقَتَانِ أَوْ طَلْقَةٌ لِعَوْدِهَا مُعَلِّقًا طَلَاقَهَا إلَى تَمَامِ عِصْمَتِهَا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ عَقْدَ الثَّانِي لَا يَهْدِمُ عِصْمَةَ الْأَوَّلِ .
فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ بِأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَا بَيْنَهَا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ إلَيْهِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ طَلَاقُهَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى ، فَإِنْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ انْقَضَى وَأَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ ، وَلَوْ لَمْ يُبِنْهَا وَلَوْ أَتَى بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ كَكُلَّمَا فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ اخْتَصَّتْ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى الْمُعَلَّقِ فِيهَا .
وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى ، فَكُلَّمَا تَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ عَقِبَهُ .
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ الطَّلَاقَ مِنْ عِصْمَةٍ مَمْلُوكَةٍ حَالَ التَّعْلِيقِ فَاخْتَصَّ بِهَا ، وَفِي الثَّانِي عَلَّقَهُ عَلَى عِصْمَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَعَمَّ سَائِرَ الْعِصَمِ .
وَشَبَّهَ فِي اعْتِبَارِ حَالِ النُّفُوذِ فِي مِلْكِ الْعِصْمَةِ وَمَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ وَاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فَقَالَ ( كَالظِّهَارِ ) فَإِنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَفَعَلَ حَالَ بَيْنُونَتِهَا فَلَا يَلْزَمُ ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا فَفَعَلَ ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا .
وَأَخْرَجَ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى فَقَالَ ( لَا ) تَخْتَصُّ الْيَمِينُ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِزَوْجَةٍ ( مَحْلُوفٍ لَهَا ) عَلَى عَدَمِ التَّزَوُّجِ أَوْ التَّسَرِّي عَلَيْهَا بِطَلَاقِ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا أَوْ عِتْقِ الَّتِي يَتَسَرَّاهَا عَلَيْهَا ( فَ ) يَلْزَمُهُ التَّعْلِيقُ ( فِيهَا ) أَيْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا ( وَغَيْرِهَا ) مِنْ الْعِصَمِ الْمُسْتَقْبَلَةِ ، فَإِنْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ عَادَ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ فَتَطْلُقُ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا وَتَعْتِقُ الَّتِي يَتَسَرَّاهَا عَلَيْهَا وَهَكَذَا أَبَدًا ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ اخْتِصَاصُهُ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا .
وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا فَلَا يَخْتَصُّ التَّعْلِيقَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فَيَعُمَّهَا وَغَيْرَهَا ، فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ عَزَّةُ وَزَيْنَبُ وَقَالَ إنْ وَطِئْت عَزَّةَ فَزَيْنَبُ طَالِقٌ ، فَزَيْنَبُ مَحْلُوفٌ بِطَلَاقِهَا ، وَعَزَّةُ مَحْلُوفٌ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا ، فَيَلْزَمُهُ التَّعْلِيقُ فِيهَا .
وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ مَا دَامَتْ زَيْنَبُ فِي الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا ، فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ .
وَلَا يَخْفَى أَنَّ اللَّازِمَ فِي عَزَّةَ الْإِيلَاءُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا الطَّلَاقُ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَقَالَ كَمَحْلُوفٍ لَهَا لَا عَلَيْهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِيهِ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْحَقُّ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ .
وَحَاصِلُ مَا لَهُمْ هُنَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ الْيَمِينِ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا ، وَأَنَّ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا اتَّفَقُوا عَلَى اخْتِصَاصِ الْيَمِينِ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ
الْأُولَى .
وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ لَهَا فَفِيهَا الْخِلَافُ فَاَلَّذِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْهَا أَنَّهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا فِي الِاخْتِصَاصِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى ، وَعَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُحَقِّقِينَ وَرَأَوْا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا لَا فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا .
ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ مَا فِي الْإِيلَاءِ مِنْهَا حَيْثُ فَرَّقَ فِي مَسْأَلَةِ زَيْنَبَ وَعَزَّةَ بَيْنَ الْمَحْلُوفِ بِهَا فَخَصَّهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى ، وَبَيْنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا فَجَعَلَ حُكْمَهَا مُسْتَمِرًّا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا .
قَالَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ سَبَقَهُ إلَيْهِ عِيَاضٌ فَذَكَرَهُ مَرَّتَيْنِ وَصَحَّحَ مَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُخَالِفًا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِمَا كَانَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْهَا .
لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَضْعِيفُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رِوَايَةَ مَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِظَاهِرِ مَا فِي الْإِيلَاءِ مِنْهَا نَقَلَهُ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْفَاسِيِّينَ .
وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ مُخَالِفٌ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَزِمَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا يَزُولُ بِالْمِلْكِ ، وَالطَّلَاقُ لَا يَلْزَمُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَيَزُولُ بِالْمِلْكِ ، وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ .
وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الْإِيلَاءِ قُصَارَاهُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَالْإِيلَاءُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ لَازِمٌ .
وَالضَّابِطُ أَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي عَقَدَ فِيهِ الْيَمِينَ إمَّا بِالظِّهَارِ أَوْ بِالطَّلَاقِ ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالتَّزْوِيجِ عَلَيْهَا مَتَى طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا مُجَرَّدًا ، أَوْ بِشَرْطٍ وَقَدْ وَقَعَ الشَّرْطُ ، أَوْ يَكُونَ إيلَاءً فَيَلْزَمَ فِي
الْأَجْنَبِيَّةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ فَرْقِ بَعْضِ الْفَاسِيِّينَ وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَا مُخَالَفَةَ فِيهَا بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَنْ شَرَطَ لِامْرَأَتِهِ طَلَاقَ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا تَنْحَلُّ عَنْهُ الْيَمِينُ بِخُرُوجِ زَوْجَتِهِ عَنْ عِصْمَتِهِ بِالثَّلَاثِ ، وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُطَرِّفٍ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْحَلُّ عَنْهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْيَمِينِ فِي الدَّاخِلَةِ وَلَيْسَ هُوَ فِيهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ خِلَافًا لَقَالَ وَمِثْلُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَذْكَرُ النَّاسِ لِمَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ ا هـ طفي فَظَهَرَ لَك أَنْ لَا تَخَافِيَ فِي كَلَامِهَا وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِيلَاءِ مُبَايِنَةٌ لِمَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ ، وَأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ الصَّوَابُ .
وَلَوْ طَلَّقَهَا ، ثُمَّ تَزَوَّجَ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا : طَلُقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا ، وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَهَلْ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا ، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَفِي مَا عَاشَتْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا ، إلَّا لِنِيَّةِ كَوْنِهَا تَحْتَهُ
وَلَوْ طَلَّقَهَا ) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهَا بِطَلَاقِ كُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ أَوْ رَجْعِيًّا انْقَضَتْ عِدَّتُهُ ( ثُمَّ تَزَوَّجَ ) أَجْنَبِيَّةً ( ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ) أَيْ الْمُطَلَّقَةَ الْمَحْلُوفَ لَهَا أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا صَحِيحًا بِصَدَاقٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ ( طَلُقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ ) الَّتِي تَزَوَّجَهَا حَالَ بَيْنُونَةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا ( وَلَا حُجَّةَ لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ مُعْتَبَرَةً فِي دَعْوَاهُ ( أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ ) الْأَجْنَبِيَّةَ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْمَحْلُوفِ لَهَا ، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِهَا قَالَ فِيهَا لَا أَنْوِيهِ ، وَبَالَغَ عَلَى طَلَاقِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَدَمُ قَبُولِ حُجَّتِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ فَقَالَ إنْ لَمْ يَدَّعِ نِيَّةً .
بَلْ ( وَإِنْ ادَّعَى ) الزَّوْجُ ( نِيَّةً لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً ( وَهَلْ ) عَدَمُ قَبُولِ نِيَّتِهِ ( لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا ) وَنِيَّتُهَا أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهَا غَيْرَهَا ، وَظَاهِرُ هَذَا التَّأْوِيلِ سَوَاءٌ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ ذَلِكَ أَوْ تَطَوَّعَ لَهَا بِهِ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لَهَا .
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ ( أَوْ ) حَمْلُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِ ( قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ) وَأَسَرَّتْهُ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا لَقُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ ؟ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِأَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ ، وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ .
فَإِنْ قِيلَ النِّيَّةُ هُنَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهَا مَعَ الْبَيِّنَةِ .
فَجَوَابُهُ أَنَّهَا وَإِنْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ لُغَةً فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لَهُ عُرْفًا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ أَمَتَهُ وَنَوَى بِقَدَمِهِ .
( وَ ) لَزِمَهُ ( فِي ) قَوْلِهِ كُلُّ زَوْجَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ( مَا عَاشَتْ ) فُلَانَةُ طَالِقٌ التَّعْلِيقُ ( مُدَّةَ حَيَاتِهَا ) أَيْ الْمَحْلُوفَةِ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَقْتَ الْحَلِفِ أَمْ لَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ
لَا يَلْزَمُهُ حَيَاتُهَا لِأَنَّهُ ضِيقٌ عَلَيْهِ وَحَرَجٌ ، وَنَحْوُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيهَا ، وَزَادَ مَا لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ ، وَيَلْزَمُهُ فِيمَا عَاشَتْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِنِيَّةِ ) الْحَالِفِ بِمَا عَاشَتْ مُدَّةَ ( كَوْنِهَا ) أَيْ الْمَحْلُوفِ لَهَا ( تَحْتَهُ ) أَيْ زَوْجَةِ الْحَالِفِ ، فَإِنْ أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَ وَقَالَ نَوَيْت مَا دَامَتْ زَوْجَةً لِي قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ لِمُوَافَقَةِ نِيَّتِهِ الْعُرْفَ .
وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ عَلَى الدُّخُولِ فَعَتَقَ وَدَخَلَتْ : لَزِمَتْ وَاثْنَتَيْنِ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ عَتَقَ
( وَلَوْ عَلَّقَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( عَبْدٌ ) الطَّلَاقَ ( الثَّلَاثَ ) لِزَوْجَتِهِ ( عَلَى الدُّخُولِ ) لِدَارٍ مَثَلًا مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا ( فَعَتَقَ ) الْعَبْدُ أَيْ صَارَ حُرًّا بَعْدَ التَّعْلِيقِ ( وَدُخِلَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الدَّارُ بَعْدَ عِتْقِهِ ( لَزِمَتْ ) الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ الْعَبْدَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ النُّفُوذِ ، فَإِنْ دُخِلَتْ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَهُ .
ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ الْفُرُوعِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِ النُّفُوذِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فِرَاقٌ ، أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ حَالَ النُّفُوذِ وَاعْتُبِرَ حَالَ التَّعْلِيقِ اثْنَتَانِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَيْضًا .
نَعَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَاثْنَتَيْنِ إلَخْ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَلَيْسَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى اعْتِبَارِ حَالَةِ النُّفُوذِ ا هـ ( وَ ) لَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ ( اثْنَتَيْنِ ) عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ عَتَقَ فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَ ( بَقِيَتْ ) لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ ( وَاحِدَةٌ ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ النُّفُوذِ ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ وَقْتُ التَّعْلِيقِ لَمْ تَبْقَ لَهُ وَاحِدَةٌ .
وَلَوْ عَلَّقَ وَاحِدَةً فَعَتَقَ فَفَعَلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ بَقِيَتْ لَهُ اثْنَتَانِ .
وَشَبَّهَ فِي بَقَاءِ وَاحِدَةٍ فَقَالَ ( كَمَا لَوْ طَلَّقَ ) الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً ( وَاحِدَةً ثُمَّ عَتَقَ ) فَتَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ طَلَّقَ نِصْفَ طَلَاقِهِ فَصَارَ كَحُرٍّ طَلَّقَ طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةٍ .
وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ عَلَى مَوْتِهِ : لَمْ يَنْفُذْ
( وَلَوْ عَلَّقَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا حُرٌّ مُسْلِمٌ ( طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَصِلَةُ عَلَّقَ ( عَلَى مَوْتِهِ ) أَيْ الْأَبِ بِأَنْ قَالَ إنْ مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ مَثَلًا وَمَاتَ أَبُوهُ ( لَمْ يَنْفُذْ ) الطَّلَاقُ الَّذِي عَلَّقَهُ عَلَى مَوْتِهِ لِمِلْكِهِ زَوْجَتَهُ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا بِمُجَرَّدِ مَوْتِ أَبِيهِ وَانْفِسَاخِ النِّكَاحِ ، فَلَا يَجِدُ الطَّلَاقُ مَحَلًّا يَقَعُ فِيهِ ، وَفَائِدَةُ عَدَمِ النُّفُوذِ مَعَ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ الثَّلَاثَ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا قَبْلَ زَوْجٍ إنْ عَتَقَتْ .
وَلَفْظُهُ طَلَّقْت ، وَأَنَا طَالِقٌ ، أَوْ أَنْتِ ، أَوْ مُطَلَّقَةٌ أَوْ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ ، لَا مُنْطَلِقَةٌ .
وَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ ، إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ : كَاعْتَدِّي
( وَلَفْظُهُ ) أَيْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ مِنْ أَرْكَانِهِ أَوْ شُرُوطِهِ الصَّرِيحُ مَا اشْتَمَلَ عَلَى الطَّاءِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ وَجَرَى الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ وَهُوَ ( طَلَّقْت ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( وَأَنَا طَالِقٌ ) مِنْك ( أَوْ أَنْتِ ) طَالِقٌ مِنِّي ( أَوْ ) أَنْتِ ( مُطَلَّقَةٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ ( أَوْ الطَّلَاقُ لِي ) صِلَةٌ ( لَازِمٌ ) وَعَطَفَ عَلَى طَلَّقْت بِلَا لِلْإِخْرَاجِ مِنْ لَفْظِهِ فَقَالَ ( لَا ) مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي حَلِّهَا وَهُوَ ( مُنْطَلِقَةٌ ) وَمَطْلُوقَةٌ وَمُطْلَقَةٌ بِسُكُونِ الطَّاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَفْظُهُ صَرِيحٌ وَهُوَ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ وَكِنَايَتُهُ : ظَاهِرٌ ، وَهُوَ مَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ بِهَا ، وَخَفِيَّةٌ وَهُوَ مَا تَتَوَقَّفُ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ عَلَيْهَا ، وَفِي كَوْنِ الصَّرِيحِ لَفْظَ طَالِقٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ خَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك وَشَبَهِهِمَا .
نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْقَاضِي وَابْنِ الْقَصَّارِ .
زَادَ الْبَاجِيَّ عَنْهُ السَّرَاحَ وَالْفِرَاقَ وَالْحَرَامَ قَائِلًا بَعْضُهَا أَبْيَنُ مِنْ بَعْضٍ ، وَخَرَّجَهُمَا عَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهِ لُغَةً الْخَالِصَ ، وَاعْتِبَارُ كَوْنِهِ لُغَةً الْبَيْنَ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي عُيُونِ الْمَجَالِسِ تِسْعَةَ أَلْفَاظٍ ، فَزَادَ عَلَى مَا سَمَّيْنَاهُ بَتَّةً وَبَتْلَةً وَبَائِنًا وَإِلَيْهَا أَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَزَادَ ابْنُ الْقَصَّارِ خَمْسَةً فِي غَيْرِ الْحُكْمِ .
ابْنُ هَارُونَ يُرِيدُ فِي الْفَتْوَى فَالْحُكْمُ أَحْرَى ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَخَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ الظَّاهِرَةَ بِمَا لَا يَنْصَرِفُ وَجَعَلَ مَا يَنْصَرِفُ كِنَايَةً مُحْتَمَلَةً .
( وَتَلْزَمُ ) طَلْقَةٌ ( وَاحِدَةٌ ) بِكُلِّ لَفْظٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَبِحَلِفِ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ مِنْهَا عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَنَصُّهُ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ مَا نَوَى ،
فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ وَاحِدَةٌ وَفِي حَلِفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى يَمِينِ التُّهْمَةِ ا هـ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْقَضَاءِ .
وَأَمَّا الْفَتْوَى فَلَا يَمِينَ ا هـ .
وَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ بِالصَّرِيحِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ ) مِنْ وَاحِدَةٍ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ ، وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ وَاحِدَةٍ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَقَالَ ( كَاعْتَدِّي ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي ، فَإِنْ نَوَى إخْبَارَهَا وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ ، عَطَفَهَا بِوَاوٍ ، وَلَا نَوَى حِينَئِذٍ أَفَادَهُ الْحَطّ ، وَنَوَى فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّلَاقِ كَتَرَتُّبِ جَوَابِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ ، وَالْعَطْفُ يُنَافِي ذَلِكَ .
وَ صُدِّقَ فِي نَفْيِهِ ، إنْ دَلَّ الْبِسَاطُ عَلَى الْعَدِّ ، أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً فَقَالَتْ : أَطْلِقْنِي وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ : فَتَأْوِيلَانِ .
( وَ ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ اعْتَدِّي وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ ( صُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الْمُتَكَلِّمُ لَفْظَ الصَّرِيحِ أَوْ بِاعْتَدِّي ( فِي ) دَعْوَى ( نَفْيِهِ ) أَيْ عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِهِ ( إنْ دَلَّ بِسَاطٌ ) أَيْ حَالٌ مُقَارِنٌ لِلْكَلَامِ ( عَلَى ) إرَادَةِ الْأَمْرِ بِ ( الْعَدِّ ) لِنَحْوِ الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ فَمَا بَعْدَهُ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مَعْطُوفَةٌ بِأَوْ عَلَى مَا يَصْدُقُ فِيهِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الْعَدَاءِ بِأَلِفٍ عَقِبَ الدَّالِ ، أَيْ التَّعَدِّي وَالظُّلْمِ .
عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ ( وَكَانَتْ ) الْمَرْأَةُ ( مُوثَقَةً ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ مُقَيَّدَةً بِقَيْدٍ أَوْ كِتَافٍ لِلْحَالِ فَلَيْسَ فِي الْمَتْنِ إلَّا أَلِفٌ وَاحِدَةٌ فَاحْتَمَلَتْ الْوَجْهَيْنِ كَوْنُهَا مِمَّا قَبْلَهَا أَوْ مِمَّا بَعْدَهَا ( فَقَالَتْ أَطْلِقْنِي ) مِنْ وِثَاقِي فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ، وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْوَثَاقِ فَيُصَدَّقُ بِلَا خِلَافٍ إنْ سَأَلَتْهُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ ، وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى فَإِمَّا مَقْدِرَةٌ فِي الْأَوَّلِ ، وَالْأَصْلُ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ إمَّا عَلَى الْعَدِّ أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً إلَخْ ، إذْ كَوْنُهَا مُوثَقَةً مِنْ الْبِسَاطِ وَعَطْفُهُ بِدُونِ تَقْدِيرٍ إمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ ضَرُورَةُ اقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ .
( وَإِنْ ) كَانَتْ مُوثَقَةً وَ ( لَمْ تَسْأَلْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ أَنْ يُطْلِقَهَا مِنْ وِثَاقِهَا ، وَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ، وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْوِثَاقِ ( فَ ) فِي تَصْدِيقِهِ بِيَمِينٍ وَعَدَمِهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَصْلُهُمَا قَوْلَانِ ، قَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الثَّانِي ، وَمَحَلُّهُمَا فِي الْقِصَاءِ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى تَصْدِيقِهِ فِي الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُوثَقَةً فَلَا يُصَدَّقُ اتِّفَاقًا .
قَوْلُهُ وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ
اللُّزُومَ فِي الصَّرِيحِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ دَالٌّ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ ، فَإِنْ كَانَ قُبِلَ مِنْهُ ، فَإِنْ قِيلَ الظَّاهِرُ لُزُومُهُ وَلَوْ سَأَلَتْهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَمَا قَالَ ، بَلْ مُوثَقَةٌ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ كَوْنُهُ إخْبَارًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ أَيْ : سَتَطْلُقِينَ .
فَإِنْ قِيلَ سَبَقَ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَتَبْيِينِ الْمُجْمَلِ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الْبِسَاطِ ، وَأَنَّهُ تَحْوِيمٌ عَلَيْهَا ، وَهَذَا يَقْتَضِي صَرْفَ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحَةِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ عَنْهُ بِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ الْبِسَاطِ ، وَقَدْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّهَا لَا تَصْرِفُهَا عَنْهُ ، وَأَنَّ الْبِسَاطَ يَصْرِفُهَا عَنْهُ قَبْلَ شَرْطِ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ مُسَاوَاتُهَا عُرْفًا لِلْمَوْضُوعِ لَهُ ، وَهِيَ هُنَا بَعِيدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ ، وَانْضَمَّ لِهَذَا خَفَاؤُهَا فَاحْتِيطَ لِلْفُرُوجِ بِإِلْغَائِهَا ، وَاعْتُبِرَ الْبِسَاطُ لِظُهُورِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " مَحَلُّهُمَا فِي الْقَضَاءِ إلَخْ هَذَا الْقَيْدُ حَكَاهُ فِي التَّوْضِيحِ بِقِيلٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ ، قَالَ وَقِيلَ إنْ أَتَى مُسْتَفْتِيًا صُدِّقَ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّ مُجَرَّدَ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُونَ نِيَّتِهِ يُوجِبُهُ .
ا هـ .
وَاعْتَمَدَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّهَا .
فَفِي ابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت مِنْ وَثَاقٍ وَلَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا ، قَالَ أَرَى الطَّلَاقَ يَلْزَمُهُ ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كَلَامًا مُبْتَدَأً أَنْتِ بَرِيَّةٌ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ ، وَلَا يَنْفَعُهُ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك .
وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُؤْخَذُ النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ بِأَلْفَاظِهِمْ وَلَا تَنْفَعُهُمْ
نِيَّاتُهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِكَلَامٍ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إذَا كَانَتْ فِي وَثَاقٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَعْنِي مِنْ الْوَثَاقِ دَيَّنْتُهُ وَنَوَيْته .
ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي جَعْلِ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْمُسْتَفْتِي فَكَيْفَ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُمَا بِالْقَضَاءِ وَقَدْ سَلَّمَ كَلَامَهَا .
ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ ، وَبَحَثَ فِيهِ الْقَرَافِيُّ فَقَالَ إلْزَامُ الطَّلَاقِ فِيهَا لَوْ قِيلَ أَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ، فَقِيلَ لَهُ مَا صَنَعْت فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ وَأَرَادَ الْإِخْبَارَ ، فَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يَلْزَمُهُ فِي الْفَتْوَى إجْمَاعًا ، ثُمَّ قَالَ الْقَرَافِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ مَسْأَلَةُ الْوَثَاقِ عَلَى اللُّزُومِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى .
ا هـ .
وَاعْتَمَدَ طفي كَلَامَ الْقَرَافِيِّ وَمَالَ إلَى تَقْيِيدِ عج كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْقَضَاءِ ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ كَيْفَ يَعْدِلُ عَنْ كَلَامِهَا مَعَ تَسْلِيمِهِ الشُّيُوخَ إلَى مُجَرَّدِ بَحْثِ الْقَرَافِيِّ ، وَقَدْ قَدَّمَ طفي قَرِيبًا وَمَا بِالْعَهْدِ مَنْ قَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا مَحْلُوفَ لَهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا أَنَّ كَلَامَهَا حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ ، كَيْفَ وَقَدْ سَلَّمَهُ هُنَا الشُّيُوخُ .
نَعَمْ بَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا لَيْسَ فِيهَا نِيَّةُ مُخَالَفَةٍ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ ، وَلَمْ يَقُلْ وَنَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ ، وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا نِيَّةٌ تَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ الْحُكْمُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ دَعْوَاهُ
فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نِيَّةٌ مُزَاحِمَةٌ لِلطَّلَاقِ بَاطِلَةٌ ، لِقَوْلِهِ فِيهَا لَا يَنْفَعُهُ مَا أَرَادَهُ مِنْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ ، فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَلْبِهِ شَيْئًا غَيْرَ الطَّلَاقِ وَحَكَمَ بِعَدَمِ نَفْعِهِ إيَّاهُ .
فَإِنْ قُلْت الْمُزَاحِمُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بَيِّنٌ وَهُوَ إطْلَاقُهَا مِنْ الْوَثَاقِ فِيمَا هُوَ فِي أَنْتِ بَرِيَّةٌ .
قُلْنَا هُوَ كَثِيرٌ كَكَوْنِهَا بَرِيَّةً مِنْ الْفُجُورِ ، أَوْ الْخَيْرِ ، أَوْ غَيْرِهِمَا ، قَالَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ .
وَالثَّلَاثُ فِي : " بَتَّةٌ ، وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك ، أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً ، أَوْ نَوَاهَا : بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك ، أَوْ اُدْخُلِي
( وَ ) تَلْزَمُ ( الثَّلَاثُ فِي ) قَوْلِهِ لَهَا أَحَدَ أَلْفَاظٍ خَمْسَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ ( بَتَّةٌ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ مُشَدَّدَةً لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ ، فَقَدْ قَطَعَ الْعِصْمَةَ وَلَمْ يُبْقِ شَيْئًا مِنْهَا بِيَدِهِ ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ الْأَقَلِّ وَلَوْ لَمْ يَبْنِ بِهَا .
( وَ ) كَذَا ( حَبْلُك ) أَيْ عِصْمَتُك ( عَلَى غَارِبِك ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ كَتِفِك فَلَمْ يَبْقَ شَيْئًا مِنْهَا بِيَدِهِ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ( وَاحِدَةً بَائِنَةً ) فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ نَظَرًا لِلَفْظِ بَائِنَةٍ وَإِلْغَاءً لِوَاحِدَةٍ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ أَوْ تَقْدِيرُ وَاحِدَةٍ صِفَةً لِمَرَّةٍ أَيْ دَفْعَةٍ لَا لِطَلْقَةٍ ( أَوْ نَوَاهَا ) أَيْ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ ( بِ ) قَوْلِهِ ( خَلَّيْت ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ فَرَّغْت ( سَبِيلَك ) أَيْ طَرِيقَك فَاذْهَبِي حَيْثُ شِئْت فَلَا مِلْكَ لِي عَلَيْك ( أَوْ ) نَوَاهَا بِقَوْلِهِ ( اُدْخُلِي ) وَنَحْوِهِ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ .
غ لَيْسَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ سَوَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ .
أَمَّا بَتَّةٌ فَثَلَاثٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا ، وَأَمَّا حَبْلُك عَلَى غَارِبِك فَفِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ هِيَ ثَلَاثٌ وَلَا يَنْوِي لِأَنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَقَدْ أَبْقَى مِنْ الطَّلَاقِ شَيْئًا .
اللَّخْمِيُّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَنْوِي قَبْلُ وَلَا بَعْدُ .
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَنْوِي قَبْلُ وَإِمَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً وَادْخُلِي فَفِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ مِنْهَا وَإِنْ قَالَ لَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَهِيَ ثَلَاثٌ ، أَوْ قَالَ لَهَا الْحَقِي بِأَهْلِك أَوْ اسْتَتِرِي أَوْ اُدْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي يُرِيدُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَهِيَ ثَلَاثٌ ، فَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ سَكَتَ عَنْ هَذَا الْقَيْدَ لِوُضُوحِهِ وَقَدْ بَانَ لَك أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَوَاهَا عَائِدٌ عَلَى وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى لَفْظِ اُدْخُلِي دُونَ مَا مَعَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ أَخْفَاهَا فَهِيَ أَحْرَى ، وَكَذَلِكَ أَلْحَقَ ، بِهَا خَلَّيْت سَبِيلَك إذَا نَوَى بِهِ وَاحِدَةً بَائِنَةً ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ ذَلِكَ فَسَيَقُولُ فِيهِ وَثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُطْلَقًا فِي خَلَّيْت سَبِيلَك ، هَذَا أَمْثَلُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ عب ، وَهَذِهِ الثَّلَاثُ مَسَائِلُ يَلْزَمُ فِيهَا ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ كَمَا يُفِيدُهُ سَالِمٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَالثَّلَاثُ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي : كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَوَهَبْتُك وَرَدَدْتُك لِأَهْلِك ، أَوْ أَنْتِ ، أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِي : حَرَامٌ ، أَوْ خَلِيَّةٌ ، أَوْ بَائِنَةٌ ، أَوْ أَنَا
( وَ ) تَلْزَمُ ( الثَّلَاثُ ) فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ) الْمُطَلِّقُ ( أَقَلَّ ) مِنْهَا كَوَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ ( إنْ لَمْ يَدْخُلْ ) الزَّوْجُ ( بِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( فِي ) قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ ( كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ) وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا الطَّلَاقَ لِأَنَّهَا مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ وَلَوْ نَوَى بِهَا أَقَلَّ مِنْهَا وَوَاوُ وَالدَّمِ بِمَعْنَى أَوْ ( وَ ) تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي قَوْلِهِ ( وَهَبْتُك ) نَفْسَك أَوْ عِصْمَتَك أَوْ لِأَبِيك أَوْ لِأَهْلِك ( أَوْ رَدَدْتُك لِأَهْلِك وَ ) قَوْلُهُ ( أَنْتِ حَرَامٌ ) قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ ، وَمِثْلُهُ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْك ( أَوْ مَا انْقَلَبَ ) أَيْ رَجَعَ ( إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ ) أَيْ زَوْجَةٍ بَيَانٌ لِمَا ( حَرَامٌ ) خَبَرُ مَا .
" غ الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَأَمَّا أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَقَالَ فِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمَلُّكِ هِيَ ثَلَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا الطَّلَاقَ .
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً نَوَى .
وَأَمَّا وَهَبْتُك وَرَدَدْتُك لِأَهْلِك وَخَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ وَبَائِنٌ قَالَ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ فَصَرَّحَ فِيهَا فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ بِمِثْلِ مَا هُنَا .
اللَّخْمِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَأَمَّا أَنْتِ حَرَامٌ فَكَذَلِكَ قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي .
وَأَمَّا مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَلَكِنْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ ، أَوْ قَالَ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ حَرَامٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَهْلَ فَهُوَ طَلَاقٌ فَإِنْ قَالَ حَاشَيْت الزَّوْجَةَ فَلَا يُصَدَّقُ إذَا سَمَّى الْأَهْلَ وَيُصَدَّقُ إذَا لَمْ يُسَمِّ الْأَهْلَ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ أَنْتِ (
خَلِيَّةٌ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ ، أَوْ بَرِيَّةٌ كَذَلِكَ ، أَوْ أَنَا خَلِيٌّ أَوْ بَرِيٌّ مِنْك ( أَوْ ) أَنْتِ ( بَائِنَةٌ ) قَالَ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ ( أَوْ أَنَا ) خَلِيٌّ أَوْ بَرِيٌّ أَوْ بَائِنٌ مِنْك تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ بِكُلِّ صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا أَقَلَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا .
الْقَرَافِيُّ نَحْوُ " خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك وَرَدَدْتُك الْحُكْمُ فِيهَا بِمَا سَبَقَ لِعُرْفٍ كَانَ وَتُنُوسِيَ ، فَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِهِ إلَّا لِمَنْ عَرَفَهُ لِصَيْرُورَتِهَا مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ فَلَا تَجِدُ أَحَدًا يُطَلِّقُ بِشَيْءٍ مِنْهَا ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُقْرِي وَابْنُ رَاشِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ ، وَاعْتَبَرُوهُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ أَيْضًا ، وَقَالُوا لَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ فِي الطَّلَاقِ حَتَّى يَعْلَمَ عُرْفَ الْبَلَدِ فِيهِ ، وَكَذَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْعَوَائِدِ وَالْعُرْفِ كَالنُّقُودِ وَالسِّكَكِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَالْوَصَايَا وَالنُّذُورِ .
وَحَلَفَ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ ، وَدُيِّنَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ وَثَلَاثٌ فِي : لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك ، أَوْ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ ، إلَّا لِفِدَاءٍ ، وَثَلَاثٌ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُطْلَقًا فِي خَلَّيْتُ سَبِيلَك
وَ ) إنْ طَلَّقَ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا بِصِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ وَقَالَ نَوَيْت بِهَا وَاحِدَةً وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ( حَلَفَ ) الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا الثَّلَاثَ ( عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ ) أَيْ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِمَهْرٍ أَقَلُّهُ رُبُعُ دِينَارٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ ، فَإِنْ حَلَفَ مُكِّنَ مِنْهُ ، وَإِنْ نَكَلَ مُنِعَ مِنْهُ وَلَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَبْلَهَا إذْ لَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا ( وَدُيِّنَ ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ أَيْ وُكِّلَ الزَّوْجُ إلَى دِينِهِ وَصُدِّقَ ( فِي نَفْيِ ) أَرَادَتْ ( هـ ) أَيْ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى هُنَا بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى ( إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ ) أَيْ نَفْيِهِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ فِي حُسْنِ رَائِحَتِهَا وَعَدَمِهِ وَنَظَافَتِهَا وَعَدَمِهَا ، أَوْ فِي اشْتِمَالِهَا عَلَى صِفَةٍ وَعَدَمِهِ ، أَوْ فِي كَوْنِهَا مُتَّهَمَةً بِأَمْرٍ وَعَدَمِهِ ، أَوْ فِي كَوْنِهَا مُتَّصِلَةً بِهِ وَعَدَمِهِ فَيَقُولُ لَهَا مَا ذُكِرَ وَيَقُولُ أَرَدْت بِقَوْلِي كَالْمَيْتَةِ فِي النَّتْنِ وَخُبْثِ الرَّائِحَةِ ، وَبِقَوْلِي كَالدَّمِ فِي الْقَذَارَةِ ، وَبِقَوْلِي كَالْخِنْزِيرِ فِي الِاتِّسَاخِ ، وَبِقَوْلِي خَلِيَّةٌ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ وَبَرِيَّةٌ أَيْ مِنْ التُّهْمَةِ ، وَبَائِنٌ أَيْ بَيْنِي وَبَيْنَك فُرْجَةٌ فَيُصَدَّقُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .
أَحْمَدُ بَابَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي خَلِيَّةٍ وَبَائِنَةٍ وَبَرِيَّةٍ وَانْظُرْ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْبَاقِي .
( وَ ) تَلْزَمُ ( ثَلَاثٌ ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا ( فِي لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك أَوْ اشْتَرَتْهَا ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْعِصْمَةَ ( مِنْهُ ) أَيْ الزَّوْجِ فَتَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا ( إلَّا لِفِدَاءٍ ) أَيْ خُلْعٍ فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الثَّلَاثَ ، وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك ، فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ بِلَصْقِهِ لَا
لِقَوْلِهِ أَوْ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ عَيْنُهُ .
( وَ ) تَلْزَمُهُ ( ثَلَاثٌ ) فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ ) مِنْهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالدُّخُولِ ، أَوْ عَدَمِهِ ( فِي ) قَوْلِهِ ( خَلَّيْت ) بِشَدِّ اللَّامِ ( سَبِيلَك ) وَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَمُ نِيَّةِ عَدَدٍ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِيهِمَا ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا ، إذْ مَوْضُوعُ مَا تَقَدَّمَ نِيَّةُ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك ، وَمَوْضُوعُ مَا هُنَا نِيَّةُ الطَّلَاقِ بِهِ لَا الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ .
وَوَاحِدَةٌ فِي : فَارَقْتُك وَنَوَى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي ، اذْهَبِي ، وَانْصَرِفِي ، أَوْ لَمْ أَتَزَوَّجْك ، أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَلَكَ امْرَأَةٌ ، فَقَالَ : لَا ، أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ ، أَوْ الْحَقِي بِأَهْلِك ، أَوْ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فِي الْأَخِيرِ
( وَ ) تَلْزَمُ طَلْقَةٌ ( وَاحِدَةٌ فِي ) قَوْلِهِ ( فَارَقْتُك ) دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا ، رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ مِنْهَا .
وَلِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاحِدَةٌ فِي الَّتِي لَمْ يَبْنِ بِهَا ، وَثَلَاثٌ فِي الَّتِي بَنَى بِهَا ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا لَزِمَهُ ثَلَاثٌ ( وَنُوِّيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ تُقْبَلُ نِيَّةُ الزَّوْجِ ( فِي ) إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَإِرَادَةِ عَدَمِ ( هـ وَ ) إنْ نَوَاهُ نَوَى ( فِي عَدَدِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ ، وَصِلَةُ نُوِّيَ ( فِي ) قَوْلِهِ ( اذْهَبِي وَانْصَرِفِي أَوْ ) قَوْلُهُ ( لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ قَالَ لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( رَجُلٌ أَلَكَ امْرَأَةٌ ) أَيْ زَوْجَةٌ ( فَقَالَ ) الزَّوْجُ ( لَا ) وَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ وَلَمْ أُرِدْ عَدَدَهُ فَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِوَاحِدَةٍ إلَى أَنْ مَاتَ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا بَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا ، وَنَصُّهُ وَالْخَفِيَّةُ أَلْفَاظُ الشَّيْخِ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ اذْهَبِي لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك ، أَوْ لَا تَحِلِّينَ لِي ، أَوْ احْتَالِي لِنَفْسِك ، أَوْ أَنْتِ سَائِبَةٌ ، أَوْ اُخْرُجِي ، أَوْ انْتَقِلِي عَنِّي وَشَبَهُ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا شَيْءَ فِيهِ بَنَى أَوْ لَمْ يَبْنِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقَيْنِ فَهُوَ مَا نَوَى .
أَصْبَغُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَنَوَى الطَّلَاقَ فَهِيَ ثَلَاثٌ حَتَّى يَنْوِيَ أَقَلَّ .
قُلْت فِي قَبُولِهِمَا إيَّاهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَى الثَّلَاثِ بِذَاتِهِ لَمْ يَفْتَقِرْ لِنِيَّةِ الطَّلَاقِ ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ إلَّا بِنِيَّتِهِ فَهِيَ كَاللَّفْظِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ بِنَفْسِهِ عَدَدًا .
ا هـ .
وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ أَصْبَغَ قَالَ أَلْفَاظُ الطَّلَاقِ يَلْزَمُ بِهَا الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُخَالِفًا
لِلْمَشْهُورِ ، فَقَوْلُهُ هُنَا جَارٍ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ .
أَوْ ) قَوْلُهُ ( أَنْتِ حُرَّةٌ ) وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي فَيُنَوَّى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ عَلَى مَا فِي الثَّمَانِيَةِ وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ طَلَاقًا عَلَى مَا لِابْنِ شِهَابٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ ( وَ ) كَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتِ ( مُعْتَقَةٌ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( الْحَقِي ) بِكَسْرِ هَمْزَةِ الْوَصْلِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ بِفَتْحِ هَمْزَةِ الْقَطْعِ وَالتَّعْدِيَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ نَفْسَك ( بِأَهْلٍ أَوْ ) قَوْلُهُ ( لَسْتِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ التَّاءِ أَصْلُهُ لَيْسَ فَلَمَّا سَكَّنَ آخِرَهُ لِاتِّصَالِهِ بِتَاءِ الْفَاعِلِ حُذِفَتْ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ( لِي بِامْرَأَةٍ ) أَيْ زَوْجَةٍ فَيَنْوِي فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يُعَلِّقَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً الزَّوْجُ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ ( فِي ) الْقَوْلِ ( الْأَخِيرِ ) أَيْ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ بِأَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ تَفْعَلِي ، كَذَا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَسْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ مَا أَنْتِ بِامْرَأَةٍ وَيَحْنَثُ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ تَرْكِهِ فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ إنْ كَانَ نَوَى الطَّلَاقَ ، وَإِنْ كَانَ نَوَى غَيْرَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ لُزُومَ الثَّلَاثِ وَابْنُ رُشْدٍ عَدَمَ لُزُومِ شَيْءٍ .
وَإِنْ قَالَ : لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك ، أَوْ لَا مِلْكَ عَلَيْك ، أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عِتَابًا ، وَإِلَّا فَبَتَاتٌ
( وَإِنْ قَالَ ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ ( لَا نِكَاحَ ) أَيْ زَوْجِيَّةَ ( بَيْنِي وَبَيْنَك ) بِكَسْرِ الْكَافِ ( فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( إنْ كَانَ ) أَيْ قَوْلُهُ لَا نِكَاحَ إلَخْ ( عِتَابًا ) أَيْ مُعَاتَبَةً وَتَوْبِيخًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ ( وَإِلَّا ) إي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِتَابًا بِأَنْ قَالَهُ لَهَا ابْتِدَاءً قَاصِدًا بِهِ الطَّلَاقَ ( فَبَتَاتٌ ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي .
وَهَلْ تُحَرَّمُ .
بِوَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ ، أَوْ عَلَيَّ وَجْهُك حَرَامٌ أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ ، أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لَهَا .
يَا حَرَامُ ، أَوْ الْحَلَالُ حَرَامٌ ، أَوْ حَرَامٌ ، أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ ، أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا ؟ قَوْلَانِ
( وَهَلْ تَحْرُمُ ) الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ ( بِ ) قَوْلِهِ لَهَا ( وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ ) وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولَ بِهَا وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَهُوَ الرَّاجِحُ ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مُسْتَفْتِيًا نَصَّ فِي أَنَّهُ يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فِي عَدَدِهِ فِي الْفَتْوَى كَنَقْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِظَاهِرِهَا وَغَيْرِهَا .
ا هـ .
وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) قَوْلُهُ وَجْهِي ( عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ ) فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا لَوْ شَدَّدَ يَاءَ عَلَيَّ فَمُطْلَقُ جُزْءٍ بِلَفْظٍ حَرَامٍ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ ، وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا .
( أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ ) فَهَلْ تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ ( أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِمَّا يَعِيشُ فِيهِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي لَفْظِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَتَلْزَمَهُ ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي يَمِينِهِ قَوْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَحَذْفُهُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ ، " غ " أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ التَّخْيِيرِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ، وَهُوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَلَاثٌ لَا يَنْوِي فِي أَقَلَّ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مُسْتَفْتِيًا .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ يَنْوِي بَعْدَ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا كَنَقْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ خِلَافَ ظَاهِرِهَا وَغَيْرِهَا ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ اتِّفَاقًا قُصُورٌ لِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ إلَى مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ فِي
قَوْلِهِمْ عَيْنِي مِنْ عَيْنِك حَرَامٌ ، وَوَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ ، يُرِيدُونَ بِهِ الْبَعْضَ وَالْمُبَاعَدَةَ فَاللَّائِقُ الْجَزْمُ بِمَا حَكَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ ، إذْ هُوَ أَدُلُّ دَلِيلٍ عَلَى شُذُوذِ مُقَابِلِهِ .
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ وَجْهِي عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ كَانَ طَلَاقًا ، وَقَبِلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَزَعَمَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ اللَّخْمِيَّ نَصَّ فِيهِ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ بَعْدَ أَنْ أَشَارَ لِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ بِاللُّزُومِ ، فَادَّعَى الْخِلَافَ فِيهِ ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ هُنَا ، وَذَلِكَ كُلُّهُ وَهْمٌ فَقِفْ عَلَى نُصُوصِ مَنْ ذَكَرْنَا يَتَّضِحْ لَك مَا قَرَّرْنَا ، فَالْوَاجِبُ الْقَطْعُ هُنَا بِاللُّزُومِ .
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَالْقَوْلَانِ فِيهِ مَعْرُوفَانِ اللَّخْمِيُّ .
مُحَمَّدٌ فِيمَنْ قَالَ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَيْشِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَيَلْزَمَهُ .
عَبْدُ الْحَقِّ أَعْرِفُ فِيهِ قَوْلًا آخَرَ أَنَّ زَوْجَتَهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ ، وَأَظُنُّهُ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ .
وَشَبَّهَ فِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَقَالَ ( كَقَوْلِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجِ ( يَا حَرَامُ ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَبُو عِمْرَانَ وَلَا نَصَّ لِغَيْرِهِ ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ طَلَاقًا كَأَنْتِ سُحْتٌ .
" غ " يُرِيدُ إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يُرِيدُونَ الطَّلَاقَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ وَسُحْتٌ وَكَقَوْلِهِ لِمَا لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ ( أَوْ ) قَوْلِهِ ( الْحَلَالُ حَرَامٌ ) وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ ( أَوْ ) قَوْلِهِ ( حَرَامٌ عَلَيَّ ) وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ " غ " .
اللَّخْمِيُّ لَوْ قَالَ الْحَلَالُ حَرَامُ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافَهُ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ ( جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَلَمْ يُرِدْ ) بِضَمٍّ
فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ ( إدْخَالَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُ بِأَنْ نَوَى إخْرَاجَهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ إدْخَالَهَا وَلَا إخْرَاجَهَا فَ ( لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) وَبِهِ أَفْتَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَهَذِهِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُحَاشَاةِ وَهِيَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ ، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إخْرَاجِهَا أَوَّلًا .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ لَمْ تَدْخُلْ إلَّا بِنِيَّةِ إدْخَالِهَا فِي قَوْلِهِ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ بِخِلَافِ " الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ ، فَإِنَّهُ شَامِلٌ لَهَا ، فَاحْتِيجَ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ ، فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ قَالَهُ " د " وَجَدُّ عج ، وَجَعَلَهُ غَيْرُهُمَا رَاجِعًا لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ " غ " الْمُتَيْطِيِّ كَتَبَ مِنْ إشْبِيلِيَّةَ إلَى الْقَيْرَوَانِ فِي رَجُلٍ قَالَ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ عَلَيَّ هَلْ هُوَ كَالْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِي التَّحْرِيمِ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهَا أَوْ لَا تَدْخُلُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا عِنْدَنَا وَلَمْ تُوجَدْ رِوَايَةٌ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ عَلَيَّ حَرَامٌ ، لَا تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُدْخِلَهَا بِنِيَّةٍ أَوْ قَوْلٍ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي قَالَ الْأَمْلَاكُ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ نَوَى عُمُومَ الْأَشْيَاءِ دَخَلَتْ الزَّوْجَةُ فِيهَا كَالْقَائِلِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ : الزَّوْجَةُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلزَّوْجِ ، وَإِنَّمَا الْأَمْلَاكُ الْأَمْوَالُ وَالْإِمَاءُ مِنْ الْأَمْوَالِ ، فَإِذَا قَالَ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا قَالَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ سَرَى التَّحْرِيمُ إلَى الزَّوْجَاتِ إذَا لَمْ يَعْزِلْهُنَّ بِنِيَّتِهِ .
وَأَمَّا الَّذِي لَفَظَ بِتَحْرِيمِ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُ فَلَا تَدْخُلُ الزَّوْجَاتُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَمْ
يَمْلِكْهُنَّ فَاسْتَغْنَى عَنْ اسْتِثْنَائِهِنَّ ( قَوْلَانِ ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَبْلَ الْكَافِ .
وَإِنْ قَالَ سَائِبَةً مِنِّي ، أَوْ عَتِيقَةٌ ، أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ .
حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ ، فَإِنْ نَكَلَ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ وَعُوقِبَ
( وَإِنْ قَالَ ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ ( سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ ) قَالَ أَنْتِ ( عَتِيقَةٌ ) مِنِّي ( أَوْ ) قَالَ ( لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ ) وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْهَا طَلَاقًا ( حَلَفَ ) الزَّوْجُ ( عَلَى نَفْيِ ) أَرَادَتْ ( هـ ) بِإِحْدَى هَذِهِ الصِّيَغِ الثَّلَاثِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ( فَإِنْ نَكَلَ ) الزَّوْجُ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِهِ ( نُوِّيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ ( فِي عَدَدِهِ ) مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ .
طفى هَذَا الْكَلَامُ نَقَلَهُ عَنْهَا وَهِيَ إنَّمَا ذَكَرْته عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فَلَيْسَ هُوَ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، فَلِذَا خَالَفَ أَصْلَ مَذْهَبِهِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ لِتَنْوِيَتِهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَنُكُولِهِ ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ فِي الْكِنَايَةِ مَعَ أَلْفَاظٍ أُخَرَ عَنْ الْأَخَوَيْنِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا بَنَى أَوْ لَمْ يَبْنِ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقًا فَهُوَ مَا نَوَى .
وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَنَوَى الطَّلَاقَ فَهِيَ الثَّلَاثُ حَتَّى يَنْوِيَ أَقَلَّ وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينًا وَلَا نُكُولًا ، وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا بِيَسِيرٍ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ ، فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ بِهِ طَلَاقًا وَيُدَيَّنُ .
وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ بِحَالٍ مَعَ اعْتِنَائِهِ بِالنَّقْلِ عَنْهَا ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِهِ لَيْسَ قَوْلَ مَالِكٍ ، وَنَصُّهَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ سَائِبَةٌ أَوْ مِنِّي عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ ، فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ بِهِ طَلَاقًا وَيُدَيَّنُ ، فَإِنْ نَكَلَ وَزَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ طَلَاقًا كَانَ مَا أَرَادَ مِنْ الطَّلَاقِ ، وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيُنَكَّلُ مَنْ قَالَ هَذَا عُقُوبَةً مُوجِعَةً لِأَنَّهُ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ ( وَعُوقِبَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ
وَكَسْرِ الْقَافِ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ سَائِبَةٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يَعُدُّهُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً لِتَلْبِيسِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ .
وَلَا يُنَوِّي فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ : أَنْتِ بَائِنٌ ، أَوْ بَرِيَّةٌ ، أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَتَّةٌ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك
( وَلَا يُنَوَّى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ ( فِي الْعَدَدِ ) لِلطَّلَاقِ ( إنْ أَنْكَرَ ) الزَّوْجُ ( قَصْدَ ) أَيْ نِيَّةَ ( الطَّلَاقِ ) فَتَلْزَمُ الثَّلَاثُ ( بَعْدَ قَوْلِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ بَائِنَةٌ أَوْ ) قَوْلِهِ أَنْتِ ( بَرِيَّةٌ أَوْ ) أَنْتِ ( خَلِيَّةٌ أَوْ ) أَنْتِ ( بَتَّةٌ ) حَالَ كَوْنِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ ( جَوَابًا لِقَوْلِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ لَهُ ( أَوَدُّ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْوَاوِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ أَتَمَنَّى ( لَوْ ) مَصْدَرِيَّةٌ ( فَرَّجَ ) بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدِ الرَّاءِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ رَفَعَ الْكَرْبَ ( اللَّهُ لِي ) أَيْ عَنِّي ( مِنْ صُحْبَتِك ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ كَذَلِكَ أَيْ عِشْرَتِك وَزَوْجِيَّتِك لِدَلَالَةِ الْبِسَاطِيِّ عَلَى قَصْدِهِ الطَّلَاقَ وَكَذِبِهِ فِي إنْكَارِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ إلَخْ ، وَأَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ بِهِ فَإِنْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَإِنْ أَقَرَّ بِقَصْدِ الطَّلَاقِ بِمَا كَانَ جَوَابًا لِذَلِكَ أَوْ مَا لَمْ يَكُنْ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ مُطْلَقًا ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ أَقَلَّ مِنْهَا .
وَكَذَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي بَتِّهِ وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ .
هَذَا وَقَالَ طفى لَيْسَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بَعْدَ إنْكَارِ قَصْدِ الطَّلَاقِ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ بِهَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ ، بَلْ مَعْنَاهَا قَوْلُهَا فِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ ، وَإِنْ قَالَتْ أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَاتَّةٌ ، أَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَرِيءٌ أَوْ خَلِيٌّ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَاتٌّ ، ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالِهَا .
ا هـ .
فَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ تَأْدِيَةَ هَذَا الْمَعْنَى فَقَصَّرَتْ
بِهِ الْعِبَارَةُ ، فَمَعْنَى قَوْلِهَا لَا يُصَدَّقُ أَيْ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهَا ، وَبِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُصَنِّفُ فَهِمَ لَا يَنْوِي فِي الْعَدَدِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إحَالَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ الْعَدَدِ لَطَابَقَ نَصَّهَا وَالْمُدَوَّنَةُ مَقْصِدُ كَلَامِهَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ عَدَمِ الطَّلَاقِ .
وَأَمَّا مَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ فَأَجْرِهِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهَا وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِي بَاتَّةٍ الثَّلَاثُ بَنَى أَمْ لَا ، وَفِي بَائِنٍ الثَّلَاثُ إنْ بَنَى ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْنِ لِعَدَمِ نِيَّةِ الْأَقَلِّ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَكَذَا خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ .
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْجَمِيعِ عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ ، وَمَفْهُومُ إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ هُوَ مَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ ، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ مَا أَطَالَ بِهِ الشُّرَّاحُ هُنَا خَبْطٌ وَمِثْلُ مَنْ عَرَفَ الْمُضَارِبَ لَا يُطِيلُ الْهَزَّ ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَسَلَّمَهُ .
أَقُولُ كَلَامُ طفي هَذَا { كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا } .
وَبِتَحْصِيلِهِ لُزُومَ الثَّلَاثِ فِي الْجَمِيعِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِي الْعَدَدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُحِلَّ الْمَسْأَلَةَ إذْ عَدَمُ تَنْوِيَتِهِ فِي الْعَدَدِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَنْوِيَتِهِ فِي عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ ، فَكَلَامُهُ مُفِيدٌ مَا أَفَادَهُ كَلَامُهَا وَزِيَادَةٌ خَتَمَ اللَّهُ لَنَا بِخَاتِمَةِ السَّعَادَةِ .
وَإِنْ قَصَدَهُ بِ " اسْقِنِي " الْمَاءَ ، أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ : لَزِمَ
( وَإِنْ قَصَدَهُ ) أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ ( بِ ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ ( اسْقِنِي الْمَاءَ ) خَاطَبَهَا بِصِيغَةِ أَمْرِ الْمُذَكَّرِ لَحْنًا ، وَصَوَابُهُ اسْقِينِي بِإِثْبَاتِ يَاءِ الْفَاعِلَةِ أَوْ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ اسْتِهْزَاءً بِهَا أَوْ تَعْظِيمًا لَهَا أَوْ بِحَذْفِهَا تَخْفِيفًا ( أَوْ ) قَصَدَهُ ( بِكُلِّ كَلَامٍ ) كَادْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ كُلِي أَوْ اشْرَبِي مِمَّا لَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ الصَّرِيحِ ، وَلَا كِنَايَتِهِ الظَّاهِرَةِ ، وَجَوَابُ إنْ قَصَدَهُ ( لَزِمَ ) الطَّلَاقُ الزَّوْجَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ كَلَامٍ الْكَلَامُ الصَّرِيحُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَالظِّهَارِ ، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إذَا نَوَاهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَرِيحُهُ يُظْهِرُ مُؤَيَّدَ تَحْرِيمِهَا ، وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ إلَخْ ، إلَّا الصَّرِيحُ فِي الْعِتْقِ ، كَحُرَّةٍ وَمُعْتَقَةٍ .
فَيَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِهِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِنَحْوِ اسْقِينِي قَاصِدَهَا بِهِ إلَّا إذَا قَالَ إذَا قُلْت اسْقِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَإِذَا قَالَهُ طَلَقَتْ بِحِنْثِهِ فِي التَّعْلِيقِ لَا بِنَفْسِ لَفْظِ اسْقِينِي ، وَهَذَا يُسَمَّى كِنَايَةً خَفِيَّةً عِنْدَ الْأَكْثَرِ ، وَقَدْ حَصَرُوا لَفْظَهُ فِي صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ وَكِنَايَةٍ خَفِيَّةٍ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْكِنَايَةِ لِأَنَّهَا اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَا وُضِعَ لَهُ ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ وَذَاكَ اصْطِلَاحٌ لِلْبَيَانِيِّينَ وَلَا مُشَاحَةَ فِي الِاصْطِلَاحِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَمِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ مَا جَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَسِيمًا لِمُطَلِّقِهَا نَحْوُ اسْقِينِي وَكُلِي وَاشْرَبِي ، وَقَوْلُ عِتْقِهَا اُدْخُلِي الدَّارَ الْمَشْهُورُ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ مُطْلَقًا أَوْ عَدَدًا لَزِمَهُ مَنْوِيُّهُ اللَّخْمِيُّ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قُلْتُ اُدْخُلِي الدَّارَ يُرِيدُ أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ عِنْدَمَا أَقُولُ لَا بِنَفْسِ
اللَّفْظِ ، وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَالَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ إلَّا أَصْحَابُهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِأَشْهَبَ خِلَافًا .
وَكَذَا الْبَاجِيَّ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا ، قَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ .
وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إنَّمَا يَقَعُ بِاللَّفْظِ الْمُقَارِنِ لَهَا لِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ كُلِي أَوْ اشْرَبِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ وُجِدَتْ مِنْهُ النِّيَّةُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي لُزُومِ الطَّلَاقِ بِإِرَادَتِهِ مِنْ لَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُهُ .
ثَالِثُهَا إنْ قَصَدَ تَعْلِيقَهُ عَلَى النُّطْقِ بِهِ لِلْمَشْهُورِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبَ ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ قَالَ تَقَنَّعِي أَوْ اسْتَتِرِي يُرِيدُ يه الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِلَّا فَلَا ، وَفِيهَا لَهُ كُلُّ كَلَامٍ يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ كَمَا نَوَى .
قُلْت ظَاهِرُهَا مَعَ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّ نِيَّةَ الطَّلَاقِ بِمَا لَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ بِحَالٍ ، إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا يَلْزَمُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لَا الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا .
لَا إنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ فَلَفَظَ بِهَذَا غَلَطًا ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ فَقَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ، وَسُفِّهَ قَائِلٌ : يَا أُمِّي ، وَيَا أُخْتِي
لَا ) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ( إنْ قَصَدَ ) الزَّوْجُ ( التَّلَفُّظَ ) أَيْ النُّطْقَ وَالتَّكَلُّمَ ( بِ ) لَفْظِ ( الطَّلَاقِ ) كَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَلَفَظَ ) أَيْ نَطَقَ الزَّوْجُ وَتَكَلَّمَ ( بِهَذَا ) اسْقِينِي مَثَلًا ( غَلَطًا ) أَيْ ذَا غَلَطٍ أَوْ غَالِطًا بِأَنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ إلَى مَا تَكَلَّمَ بِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ التَّطْلِيقَ ( أَوْ أَرَادَ ) الزَّوْجُ ( أَنْ يُنَجِّزَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ زَايٌ ، أَيْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( فَقَالَ ) لِلزَّوْجِ ( أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ) الزَّوْجُ عَنْ قَوْلِهِ بِالثَّلَاثِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ مَعَ اسْتِحْضَارِهِ نَادِمًا عَلَى نِيَّتِهِ وَرَاجِعًا عَنْهَا أَوْ سَاهِيًا عَنْهُ ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ فَتَلْزَمُهُ .
وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَلْزَمُ الثَّلَاثُ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ تُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّقَ الثَّلَاثَ عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ، فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
عج أَيْ فِي الْفَتْوَى .
عب اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَى لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ تَعْلِيقُ الثَّلَاثِ وَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِنُطْقِهِ أَوْ مَعْنَاهُ لَا تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ .
الْبُنَانِيُّ لَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ كَمَا ذَكَرَهُ ، بَلْ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّقَ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَسَكَتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهُوَ قَدْ نَطَقَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا ، فَقَوْلُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَسَقَطَ تَرَدُّدُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الَّذِي سَمِعْت وَاسْتَحْسَنْت أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ ، فَقَالَ أَخْزَاك اللَّهُ ، أَوْ لَعَنَك اللَّهُ ، فَلَا شَيْءَ
عَلَيْهِ .
ابْنُ مُحْرِزٍ مِنْ الْمُذَاكِرِينَ مَنْ أَجْرَاهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ ، وَأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاهُ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ بِنِيَّتِهِ بَلْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ بِلَفْظِهِ .
( وَسُفِّهَ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ نُسِبَ لِلسَّفَهِ زَوْجٌ ( قَائِلٌ ) لِزَوْجَتِهِ ( يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَمِثْلُهُ يَا بُنَيَّتِي أَوْ عَمَّتِي أَوْ خَالَتِي .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَوْلُهُ يَا أُمَّهُ أَوْ يَا أُخَيَّتَهُ أَوْ يَا عَمَّتَهُ أَوْ يَا خَالَتَهُ لَا شَيْءَ فِيهِ ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ السَّفَهِ .
قُلْت كَوْنُهُ مِنْهُ دَلِيلُ حُرْمَتِهِ أَوْ كَرَاهَتِهِ .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ { أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخَيَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَأُخْتُك هِيَ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ } ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلُ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي زَوْجَتِهِ سَارَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا إنَّهَا أُخْتِي لِأَنَّهُ قَالَهُ لِضَرُورَةٍ دَعَتْهُ إلَيْهِ ، وَأَرَادَ أُخْتَهُ فِي الدِّينِ ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ إذْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ مُكْرَهٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد مُرْسَلٌ لِأَنَّ أَبَا تَمِيمَةَ تَابِعِيٌّ ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْهُ عَمَّنْ فَوْقَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ .