كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
عَقَبَهُ الثَّالِثُ ، ظَاهِرُ قَوْلُهُ يُفْطِرُهُنَّ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِطْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى طَلَبِ صَوْمِهِمَا ، وَهَلْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا إذَا أَفْطَرَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا هَلْ يَبْنِي أَوْ يَسْتَأْنِفُ ، فَلَوْ قَالَ : لَا جَهِلَهُ إنْ صَامَ ثَانِيَ النَّحْرِ وَثَالِثَهُ وَإِلَّا فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ أَوْ يَبْنِي تَأْوِيلَانِ لِسَلِمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ ، وَعَلَى صَوْمِهَا فَهَلْ يَقْضِي يَوْمَ الْعِيدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَفَادَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ أَوْ يَقْضِي الثَّلَاثَةَ وَهُوَ مَا فِي الْوَسَطِ وَالصَّغِيرِ .
تت أَطْلَقَ الْجَهَالَةَ هُنَا مَعَ أَنَّ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ عِيَاضٍ اُنْظُرْ هَلْ الْجَهَالَةُ الَّتِي عَذَرَهُ بِهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الْجَهَالَةُ بِالْحُكْمِ أَوْ الْجَهَالَةُ بِالْعَدَدِ وَتَعْيِينُ الشَّهْرِ وَغَفْلَتُهُ عَنْ أَنَّ فِيهِ فِطْرًا فَيَكُونُ كَالنَّاسِي .
وَفِي الشَّامِلِ تَصْحِيحُ الثَّانِي .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ : جَهَالَةُ الْحُكْمِ كَجَهَالَةِ الْعَيْنِ جَدّ عج وَهَذَا أَظْهَرُ .
( وَجَهْلُ ) أَيْ حُكْمُ جَهْلِ ( رَمَضَانَ ) عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ ( كَ ) حُكْمِ جَهْلِ ( الْعِيدِ ) مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَصُومُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ صَوْمُ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَّصِلًا وَيُجْزِيهِ لِعُذْرِهِ بِجَهْلِهِ ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَمَفْهُومُ جَهْلُ رَمَضَانَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يُجْزِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ صَامَ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ لِظِهَارِهِ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ لِفَرْضِهِ وَلَا لِظِهَارِهِ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ صَامَ شَعْبَانَ لِظِهَارِهِ وَرَمَضَانَ لِفَرْضِهِ وَأَكْمَلَ ظِهَارَهُ بِصَوْمِ شَوَّالٍ أَجْزَأَهُ الصِّقِلِّيُّ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ كَقَوْلِهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا : هَذَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ
وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ ، وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ : صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا : صَامَهُمَا وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ ،
( وَ ) انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ ( بِفَصْلِ الْقَضَاءِ ) لِمَا أَفْطَرَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ عَنْهَا بِمَا يُجَوِّزُ صَوْمَهُ وَأَفْطَرَهُ وَأَمَّا فَصْلُهُ بِمَا لَا يُجَوِّزُ صَوْمَهُ كَالْعِيدِ فَلَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ ، وَسَوَاءٌ فَصَلَهُ بِذَلِكَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَبُو الْحَسَنِ فَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ الثَّانِي وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( وَشُهِّرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( أَيْضًا الْقَطْعُ ) لِتَتَابُعِ الصَّوْمِ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ ( بِالنِّسْيَانِ ) فَلَيْسَ هَذَا مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَفِيهَا نِسْيَانٌ كَيْفَ وَقَدْ حَكَى ابْنُ رَاشِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى مَا فِيهَا ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهَا مَا ذَكَرَهُ فِي النِّسْيَانِ لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا .
وَاَلَّذِي شُهِّرَ الْقَطْعُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا ابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّهُ " تَتَابُعُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ فَرْضٌ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ ، فَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِتَفْرِيقِهَا نِسْيَانًا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَإِنَّمَا يُعْذَرُ فِيهِ بِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ ، فَإِنْ مَرِضَ فَأَفْطَرَ فِي شَهْرَيْ صِيَامِهِ أَوْ أَكَلَ فِيهِمَا نَاسِيًا قَضَى ذَلِكَ وَوَصَلَهُ بِصِيَامِهِ ، فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَهُ بِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُتَعَمِّدًا اسْتَأْنَفَ صِيَامَهُ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ ا هـ .
فَلَوْ كَانَ تَشْهِيرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا زَعَمَ فِي ضَيْح وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ لَنَبَّهَ عَلَى مَذْهَبِهَا ، وَلَمْ يَعْزِهِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَكَلَامُهَا فِي الْفِطْرِ نِسْيَانًا لَا فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهَا خِلَافٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ نَاجِي ، وَلَمْ يَعْزِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ لَهَا إلَّا الْعُذْرَ بِالنِّسْيَانِ وَإِنَّمَا عَزَوْا عَدَمَ اغْتِفَارِهِ لِغَيْرِهَا أَفَادَهُ طفي .
( فَإِنْ ) كَانَ عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَتَانِ لِظِهَارَيْنِ ، وَصَامَ عَنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَأَفْطَرَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْهَا نَاسِيًا وَتَذَكَّرَهُمَا وَ ( لَمْ يَدْرِ ) الْمُظَاهِرُ ( بَعْدَ )
فَرَاغِ ( صَوْمِ أَرْبَعَةٍ ) مِنْ الْأَشْهُرِ ( عَنْ ظِهَارَيْنِ ) لَزِمَاهُ وَقُبِلَ فِطْرُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهَا وَمَفْعُولُ يَدْرِ ، ( مَوْضِعَ ) الـ ( يَوْمَيْنِ ) اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا نَاسِيًا هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ ، أَوْ أَوَّلُهُمَا آخِرُ الْأُولَى وَثَانِيهِمَا آخِرُ الثَّانِيَةِ ، وَلَكِنْ عَلِمَ تَوَالِيهِمَا وَاجْتِمَاعَهُمَا ، وَجَوَابُ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ .
.
.
إلَخْ .
( صَامَهُمَا ) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِصْلَاحُهَا مُمْكِنٌ ( وَقَضَى شَهْرَيْنِ ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا أَوْ كَوْنِ أَوَّلِهِمَا مِنْ الْأُولَى ، وَقَدْ بَطَلَتْ بِفَصْلِ قَضَائِهَا بِالثَّانِيَةِ فَصَوْمُ الْيَوْمَيْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ فِطْرَ النِّسْيَانِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ ، وَقَضَاءُ الشَّهْرَيْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا يَقْطَعُهُ .
( وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا ) أَيْ تَوَالِي الْيَوْمَيْنِ ( صَامَهُمَا ) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ لِاحْتِمَالِ اجْتِمَاعِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِصْلَاحُهَا مُمْكِنٌ ( وَ ) قَضَى الْأَشْهُرَ ( الْأَرْبَعَةَ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ فَرَّعَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمَسْأَلَةَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَفَرَّعَهَا عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ إلَّا أَنَّهُمَا أَجْمَلَا وَفَصَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى التَّفْرِيعِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ اجْتِمَاعَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ ، إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَعًا مِنْ الْأُولَى فِي أَوَّلِهَا أَوْ أَثْنَائِهَا أَوْ آخِرِهَا ، بَطَلَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ كَانَا مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ وَحْدَهَا ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ آخِرَ الْأُولَى وَالثَّانِي أَوَّلَ الثَّانِيَةِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا الْأُولَى ، فَلِذَا لَمْ يَقْضِ الْأَرْبَعَةَ ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْلَمْ اجْتِمَاعُهُمَا فَيُحْتَمَلُ مَا ذُكِرَ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ
أَحَدُهُمَا مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَ مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلَانِ مَعًا ، فَيَقْضِي الْأَرْبَعَةَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ التَّفْصِيلَ بِشِقَّيْهِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ ، وَأَمَّا إنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يَقْطَعُهُ فَلَا يَقْضِي إلَّا شَهْرَيْنِ فَقَطْ مَعَ صَوْمِ يَوْمَيْنِ عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا أَمْ لَا ، وَعَلَيْهِ فَرَّعَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَابْنُ عَرَفَةَ مُعْرِضًا عَنْ تَفْرِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ صَوْمُ الْأَرْبَعَةِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ مُقَيَّدٌ بِشَكِّهِ فِي أَمْسِهِ ، هَلْ هُوَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَمْ لَا فَإِنْ تَحَقَّقَ سَبْقَهُمَا فَيَحْتَسِبُ بِالْعَدَدِ الَّذِي صَامَهُ وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُ فِطْرٌ وَيَبْنِي عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
ثُمَّ تَمْلِيكُ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ : لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بُرًّا ، وَإِنْ اقْتَاتُوا تَمْرًا أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ : فَعَدْلُهُ ، وَلَا أُحِبُّ الْغَذَاءَ وَلَا الْعَشَاءَ : كَفِدْيَةِ الْأَذَى ؛
( ثُمَّ ) إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ ( تَمْلِيكُ سِتِّينَ ) شَخْصًا ( مِسْكَيْنَا أَحْرَارًا ) بِالْجَرِّ نَعْتُ سِتِّينَ وَبِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْهُ لِتَخَصُّصِهِ بِالتَّمْيِيزِ ( مُسْلِمِينَ ، لِكُلٍّ ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتِّينَ ( مُدٌّ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ ، نَبَوِيٌّ وَهُوَ مِلْءُ حِفَانٍ مُتَوَسِّطٍ وَوَزْنُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ ، وَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا ، وَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ شَعِيرَةً مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ ( وَثُلُثَانِ ) مِنْ مُدٍّ ، فَمَجْمُوعُ الْكَفَّارَةِ مِائَةُ مُدٍّ نَبَوِيٍّ ( بُرًّا ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ قَمْحًا تَمْيِيزٌ لِلْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ وَبَيَانٌ لِجِنْسِ الطَّعَامِ الْمُخْرَجِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ، إنْ اقْتَاتُوا الْبُرَّ ( وَإِنْ اقْتَاتُوا ) أَيْ أَهْلُ بَلَدِ الْكُفْرِ كُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ ( تَمْرًا أَوْ ) اقْتَاتُوا طَعَامًا ( مُخْرَجًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ غَيْرُ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ ، أَيْ مَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ ( فِي ) زَكَاةِ ( الْفِطْرِ ) وَهُوَ شَعِيرٌ وَسُلْتٌ وَأُرْزٌ وَذُرَةٌ وَدُخْنٌ وَزَبِيبٌ وَأَقِطٌ وَبُرٌّ وَتَمْرٌ فَهَذِهِ التِّسْعَةُ الَّتِي تُخْرَجُ زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْهَا ، ( فَعَدْلُهُ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُسَاوِي الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ مِنْ الْمُقْتَاتِ غَيْرَ الْبُرِّ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ إذَا شَبِعَ الشَّخْصُ بِمُدِّ حِنْطَةٍ كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي مِثْلُ مَكِيلَةِ الْقَمْحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَرْضٌ وَلَا ثَمَنٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
( وَلَا أُحِبُّ الْغَذَاءَ وَالْعَشَاءَ ) أَيْ لِلْمِسْكِينِ بَدَلًا عَنْ الْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُمَا يَبْلُغَانِ الْمُدَّ وَالثُّلُثَيْنِ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : لَوْ غَدَّى وَعَشَّى فَلَا يُعِيدُ ، فَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ الْإِمَامِ عَلَى النَّدْبِ مُسْتَدِلًّا
بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَحَمَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَلَى التَّحْرِيمِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ ذَلِكَ ، وَبِقَوْلِهَا يُجْزِئُ ذَلِكَ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ ، فَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الظِّهَارِ ، وَشُبِّهَ فِي نَفْيِ أَحَبِّيَّةِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ فَقَالَ ( كَفِدْيَةِ الْأَذَى ) الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ لِتَرَفُّهِهِ أَوْ إزَالَتِهِ أَذًى وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى ، أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، أَوْ تَمْلِيكِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مُدَانٍ ، فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : لَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ بَدَلًا عَنْ الْمُدَّيْنِ فِيهَا لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُمَا يَبْلُغَانِهِمَا .
وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إنْ آيَسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصِّيَامِ ، أَوْ إنْ شَكَّ ؟ ؛ قَوْلَانِ فِيهَا وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ ، وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَكَالْيَمِينِ
( وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ ) الْمُظَاهِرُ عَنْ الصَّوْمِ الَّذِي عَجَزَ عَنْهُ ، إلَى الْإِطْعَامِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا إنْ آيَسَ ) الْمُظَاهِرُ عِنْدَ الْعَوْدَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ ( مِنْ قُدْرَتِهِ ) أَيْ الْمُظَاهِرِ ( عَلَى الصَّوْمِ ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا حِينَئِذٍ مَثَلًا وَعَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ اسْتِمْرَارُ عَجْزِهِ عَنْهُ إلَى مَوْتِهِ ، ( أَوْ ) يَنْتَقِلُ ( إنْ شَكَّ ) الْمُظَاهِرُ حِينَ الْعَوْدِ فِي قُدْرَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) مَذْكُورَانِ ( فِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ، فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ صَامَ عَنْ ظِهَارِهِ شَهْرًا ثُمَّ مَرِضَ ، وَهُوَ لَا يَجِدُ رَقَبَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ ، وَإِنْ تَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَارٍّ ، وَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ فَإِذَا صَحَّ صَامَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ لَا يُقَوِّي صَاحِبَهُ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَهُ ، فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مِنْ أَهْلِ الْإِطْعَامِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ ، إلَّا بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْقُدْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِيهَا أَيْضًا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ، وَهُوَ مَرِيضٌ بِمِثْلِ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يَصِحُّ مِنْهَا فَلْيُنْظَرْ حَتَّى يَصِحَّ ، إذَا كَانَ لَا يَجِدُ رَقَبَةً وَكُلُّ مَرَضٍ يَطُولُ بِصَاحِبِهِ ، وَلَا يَدْرِي لِيَبْرَأَ مِنْهُ أَمْ لَا ، وَلَعَلَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَهْلِهِ فَلْيُطْعِمْ وَيُصِبْ أَهْلَهُ ثُمَّ إنْ صَحَّ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الْإِطْعَامُ ا هـ .
وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ التَّرَدُّدَ لَا يُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ : لَا يَدْرِي لِيَبْرَأَ مِنْهُ أَمْ لَا ، فَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ ( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةَ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ عَلَى الْخِلَافِ ( عَلَى أَنَّ ) الْمُظَاهِرَ ( الْأَوَّلَ ) الَّذِي صَامَ شَهْرًا عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ مَرِضَ ( قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ )
بِصَوْمِهِ شَهْرًا مِنْهَا وَالثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا ، وَلِلدُّخُولِ تَأْثِيرٌ فِي الْعَمَلِ بِالتَّمَادِي فَلِذَا لَا يَنْتَقِلُ الْأَوَّلُ ، إلَّا إذَا آيَسَ وَلِلثَّانِي الِانْتِقَالُ وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ ، مِنْهُمْ ابْنُ شَبْلُونَ ابْنُ عَرَفَةَ تَقْرِيرُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمَرَضَ أَثْنَاءَ الصَّوْمِ أَضْعَفُ مِنْهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ فِي أَثْنَائِهِ عَرَضَ بَعْدَ كَوْنِ الْمُكَفِّرِ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ بِالْفِعْلِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ إلَّا لِعَجْزِهِ عَنْهُ دَائِمًا كَوْنُهُ كَذَلِكَ فِي الْمَرَضِ الْعَارِضِ قَبْلَ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْمُكَفِّرَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ بِالْقُوَّةِ وَمَا بِالْقُوَّةِ أَضْعَفُ مِمَّا هُوَ بِالْفِعْلِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِانْتِقَالَ عَنْ الْإِعْتَاقِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ إلَى الصَّوْمِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيَأْسُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
( وَإِنْ أَطْعَمَ ) أَيْ مَلَّكَ الْمُظَاهِرُ ( مِائَةً وَعِشْرِينَ ) مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ مُدٍّ وَثُلُثَهُ وَهُوَ نِصْفُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، ( فَ ) حُكْمُهُ ( كَ ) حُكْمِ تَمْلِيكِ عَشَرَةِ أَمْدَادٍ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفَ مُدٍّ فِي كَفَّارَةِ ( الْيَمِينِ ) بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَتَّى يُكْمِلَ لِعَشَرَةٍ مِنْ الْعِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا ، وَلَهُ نَزْعُ مَا دَفَعَهُ لِلْعَشَرَةِ الْأُخْرَى إنْ كَانَ بَيَّنَ لَهُمْ حِينَ الدَّفْعِ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ ، وَبَقِيَ بِأَيْدِهِمْ مَا أَرَادَ نَزْعَهُ فَلَا يُجْزِئُ هُنَا حَتَّى يُكْمِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ سِتِّينَ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ وَلَهُ نَزْعُ مَا دَفَعَهُ لِغَيْرِهِمْ بِالْقُرْعَةِ إنْ كَانَ بَيَّنَ وَبَقِيَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ تَعَيَّنَ رَدُّ مَا بِيَدِهِ وَفِي شَرْطِ بَقَاءِ النِّصْفِ الْمُكَمِّلِ عَلَيْهِ بِيَدِ
الْمِسْكِينِ إلَى التَّكْمِيلِ وَعَدَمِهِ تَأْوِيلًا أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ وَعِيَاضٍ .
وَلِلْعَبْدِ إخْرَاجُهُ إنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ ، وَفِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ ، وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ ، وَهَلْ هُوَ وَهْمٌ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ ، أَوْ أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ ، أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ ، أَوْ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ ، أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ فَقَطْ ؟ تَأْوِيلَاتٌ ، وَفِيهَا إنْ أُذِنَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ فِي الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ ،
( وَلِلْعَبْدِ ) الْمُظَاهِرِ ( إخْرَاجُهُ ) أَيْ الطَّعَامِ كَفَّارَةً عَنْ ظِهَارِهِ ، ( إنْ ) عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَ ( أَذِنَ ) لَهُ ( سَيِّدُهُ ) فِي الْإِطْعَامِ ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ إذْ الْإِطْعَامُ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ ( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( أَحَبُّ إلَيَّ ) ( أَنْ يَصُومَ ) الْعَبْدُ عَنْ ظِهَارِهِ ( وَإِنْ ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ ( أَذِنَ لَهُ ) سَيِّدُهُ ( فِي الْإِطْعَامِ ) وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ قَادِرًا عَلَى الصَّوْمِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ ، ( وَهَلْ هُوَ ) أَيْ قَوْلُ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَحَبُّ ( وَهْمٌ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ غَلَطٌ لِسَانِيٌّ وَبِسُكُونِهَا أَيْ سَهْوٌ قَلْبِيٌّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ( لِأَنَّهُ ) أَيْ الصَّوْمَ هُوَ ( الْوَاجِبُ ) عَلَى الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ ( أَوْ ) لَيْسَ بِوَهْمٍ وَ ( أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ ) أَيْ الْمُخْتَارُ إلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ ( أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ ) لِلْعَبْدِ مِنْ الصَّوْمِ مَعَ قُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَإِضْرَارِهِ بِهِ فِي عَمَلِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ ( أَوْ ) أَحَبُّ لِلْعَبْدِ الصَّوْمُ ( لِمَنْعِ السَّيِّدِ ) أَيْ عِنْدَ مَنْعِهِ الْعَبْدَ مِنْ الصَّوْمِ ، لِإِضْرَارِهِ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ بِحَيْثُ يُؤَخِّرُ الْكَفَّارَةَ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الصَّوْمِ ، أَوْ يُعْتَقَ أَوْ يَأْتِيَ زَمَانٌ لَا يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ فِيهِ عَنْ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ ( أَوْ ) أَحَبُّ مَحْمُولٌ ( عَلَى ) الْعَبْدِ ( الْعَاجِزِ ) عَنْ الصَّوْمِ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ الْعَوْدِ ( فَقَطْ ) بِكَمَرَضٍ وَهُوَ رَاجٍ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَعَارَضَ ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا بِالْحُرِّ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ ، وَهُوَ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْإِطْعَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ وَفِيهَا ) أَيْ
الْمُدَوَّنَةِ .
قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( إنْ أَذِنَ ) السَّيِّدُ ( لَهُ ) أَيْ الْعَبْدِ الْحَالِفِ بِمَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ( أَنْ يُطْعِمَ ) أَوْ يَكْسُوَ الْعَبْدُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ( فِي ) كَفَّارَةِ ( الْيَمِينِ ) بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَا أُلْحِقَ بِهَا ( أَجْزَأَهُ ) أَيْ الْعَبْدَ مَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ مِنْ إطْعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ ( وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ ) أَيْ كَرَاهَةٌ وَنُفْرَةً ، وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي لِلِاخْتِلَافِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا : لَيْسَ عَلَيْهِ أَيْ الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ لَهُ فَصَوْمُهُ أَحَبُّ إلَيَّ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قُلْت نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَزَادَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا أَدْرِي مَا هَذَا ، وَلَا يُطْعِمُ مَنْ يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ وَمَا جَوَابُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إلَّا وَهْمٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، فَحَمَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ الصَّوْمَ وَلِتَرَدُّدِهِ فِي صِحَّةِ مَنْعِهِ ، اُسْتُحِبَّ صَوْمُهُ الْبَاجِيَّ حَمَلَهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَمَعْنَى اسْتِحْبَابِهِ صَوْمَهُ قَصْرُ تَكْفِيرِهِ عَلَيْهِ .
قَالَ : لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ لِلْمَسَاكِينِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ إذْنِهِ ، فَلَا يُطْعِمُ لِأَنَّ إذْنَ سَيِّدِهِ لَا يُخْرِجُ الطَّعَامَ مِنْ مِلْكِهِ إلَّا لِلْمَسَاكِينِ الشَّيْخُ يُرِيدُ أَنَّ مِلْكَ الْعَبْدِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ ، لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ عِيَاضٌ مِثْلُ تَوْهِيمِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا طَرَحَ سَحْنُونٌ لَفْظَ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ ، وَزَادَ اعْتِذَارًا آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِرَجْعِ أَحَبُّ إلَى السَّيِّدِ أَيْ إذْنُهُ لَهُ فِي الصَّوْمِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْأَبْهَرِيُّ قَالَ
الصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْهُ فَأَحَبُّ إلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِ ، وَعُورِضَ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَطُلْ عَجْزُهُ وَرُجِيَ بُرْؤُهُ فَفَرْضُهُ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا فَفَرْضُهُ الْإِطْعَامُ ثُمَّ قَالَ : قَدْ تَكُونُ أَحَبُّ عَلَى بَابِهَا وَلَا وَهْمَ ، وَلَا تَجَوُّزَ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ أَرْجَحَ وَأَوْلَى وَإِنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ الصِّيَامَ أَجْزَأَهُ وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ حِينَئِذٍ وَهَذَا كَقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ " إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يُطْعِمَ أَوْ يَكْسُوَ يُجْزِئُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي فَلَمْ يَرَ مِلْكَهُ لِلطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ مِلْكًا مُسْتَقَرًّا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَمْ يُعْطِنَا فِي الْإِطْعَامِ جَوَابًا بَيِّنًا اللَّخْمِيُّ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ سَيِّدُهُ وَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ مِلْكٌ مُتَرَقَّبٌ ، لَمْ أَرَ لِسَيِّدِهِ رُجُوعًا وَلَا انْتِزَاعًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ فِيهِ وَأَدْنَى حَالِهِ أَنَّهُ كَمَنْ أُطْعِمَ عَنْهُ .
وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ وَلَا تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ وَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ عَدَدًا ، أَوْ عَنْ الْجَمِيعِ كَمَّلَ ، وَسَقَطَ حَظُّ مَنْ مَاتَتْ
( وَلَا يُجْزِي ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ ( تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ ) لِظِهَارَيْنِ ( فِي ) حَظِّ كُلِّ مِسْكِينٍ ) بِأَنْ يُمَلِّكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا أَوْ ثُلُثَيْنِ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ نَاوِيًا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَاهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ لِلْكَفَّارَتَيْنِ مُنَاصَفَةً كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ إجْزَاءِ التَّشْرِيكِ فِي الصَّوْمِ بِالْأَوْلَى لِشَرْطِيَّةِ تَتَابُعِهِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ إجْزَاءِ مَا فِيهِ التَّشْرِيكُ سَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعَ أَوْ الْبَعْضَ وَهُوَ كَذَلِكَ ( وَلَا ) يُجْزِئُ ( تَرْكِيبُ ) كَفَّارَةٍ مِنْ ( صِنْفَيْنِ ) كَصِيَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِطْعَامِ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَاحْتُرِزَ بِصِنْفَيْنِ مِنْ تَرْكِيبِهَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ كَغَدَاءِ وَعَشَاءِ ثَلَاثِينَ وَتَمْلِيكِ ثَلَاثِينَ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا أَوْ ثُلُثَيْنِ فَيُجْزِي ( وَ ) لَوْ نَوَى مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَعَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ ، وَأَطْعَمَ مَسَاكِينَ كُلَّ وَاحِدٍ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ وَمَفْعُولُ نَوَى ( لِكُلٍّ ) مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ عَدَدًا مِنْ الْمَسَاكِينِ أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ ( أَوْ ) نَوَى بِمَا أَخْرَجَهُ ( عَنْ الْجَمِيعِ ) أَيْ مَجْمُوعِ الْكَفَّارَتَيْنِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ وَلَمْ يَنْوِ التَّشْرِيكَ فِي مِسْكِينٍ ( كَمَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظَّاهِرُ لِكُلِّ كَفَّارَةٍ سِتِّينَ عَلَى مَا نَوَاهُ ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَعَلَى مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ قِسْمَةِ الْمَجْمُوعِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ( وَ ) إنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمُكَفَّرِ عَنْهُنَّ قَبْلَ التَّكْمِيلِ ( سَقَطَ حَظُّ ) أَيْ نَصِيبُ ( مَنْ مَاتَتْ ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَمِّلَ لَهَا ، وَلَا يُجْزِيهِ مَا أَخْرَجَهُ لَهَا عَنْ كَفَّارَةٍ عَنْ غَيْرِهَا وَمِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ ، وَمَحَلُّ السُّقُوطِ إذَا لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ طَلَاقِهَا وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ حَظُّهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا سِتِّينَ .
وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً حَتَّى يُخْرِجَ الرَّابِعَةَ ، وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ طَلُقَتْ .
( وَلَوْ أَعْتَقَ ) الْمُظَاهِرُ ( ثَلَاثًا ) مِنْ الرِّقَابِ ( عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ ) مِنْ النِّسَاءِ مُظَاهَرٍ مِنْهُنَّ ، وَقَدْ لَزِمَهُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ الثَّلَاثَ الْمُعْتَقَ عَنْهُنَّ ( لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً ) مِنْ الْأَرْبَعِ ( حَتَّى يُخْرِجَ ) الْكَفَّارَةَ ( الرَّابِعَةَ ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الَّتِي أَرَادَ وَطْأَهَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهَا إنْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ أَوْ تَطْلُقْ بَلْ ( وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ ) مِنْ الْأَرْبَعِ ( أَوْ طَلُقَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَاقِيَاتِ حَتَّى يُخْرِجَ الْكَفَّارَةَ الرَّابِعَةَ ، وَلَوْ مَاتَ ثَلَاثٌ أَوْ طَلُقَتْ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا حَتَّى يُخْرِجَ الرَّابِعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الَّتِي لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهَا وَمِثْلُ الْإِعْتَاقِ الصَّوْمُ وَالْإِطْعَامُ ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَسَاكِينَ بِبَلَدِهِ يَنْقُلُ الطَّعَامَ لِبَلَدٍ آخَرَ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ ، وَفِي الشَّامِلِ إنْ انْتَهَبَ الْمَسَاكِينُ طَعَامَ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ فَلَا يُبْنَى عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَإِلَّا بُنِيَ عَلَى وَاحِدٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ فِي عَدَدٍ أَنَّهُمْ أَخَذُوا مَا يَجِبُ لَهُمْ بُنِيَ عَلَيْهِمْ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .
( بَابٌ ) إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ وَإِنْ فَسَدَ نِكَاحُهُ أَوْ فِسْقًا أَوْ رُقَّا ، لَا كُفْرًا إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي نِكَاحِهِ ، وَإِلَّا حُدَّ
( بَابٌ ) فِي أَحْكَامِ اللِّعَانِ هُوَ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ مَعْنَاهُ لَعَنَ كُلٌّ مِنْ شَخْصَيْنِ الْآخَرَ ، وَأَصْلُ اللَّعْنِ الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُبْعِدُ الْمُتَمَرِّدَ الشِّرِّيرَ لِئَلَّا تُؤْخَذَ بِجَرَائِرِهِ وَتُسَمِّيهِ لَعِينًا وَعُرْفًا : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حَلِفُ زَوْجٍ عَلَى زِنَا زَوْجَتِهِ أَوْ نَفْيُ حَمْلِهَا اللَّازِمِ لَهُ ، وَحَلِفُهَا عَلَى تَكْذِيبِهِ إنْ أَوْجَبَ نُكُولُهَا حَدَّهَا بِحُكْمِ قَاضٍ وَاحْتَرَزَ بِاللَّازِمِ عَنْ حَمْلِهَا غَيْرِ اللَّازِمِ كَاَلَّذِي أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ وَهُوَ خَصِيٌّ أَوْ مَجْبُوبٌ أَوْ صَبِيٌّ فَلَا لِعَانَ فِيهِ بِقَوْلِهِ : وَحَلِفُهَا عَنْ حَلِفِهِ وَنُكُولُهَا الَّذِي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَيْهَا لِثُبُوتِ غَصْبِهَا وَبِقَوْلِهِ بِحُكْمٍ عَنْ تَلَاعُنِهِمَا بِلَا حُكْمٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِعَانًا شَرْعِيًّا ثُمَّ قَالَ : وَلَا نَصَّ فِي حُكْمِهِ ابْنُ عَاتٍ لَاعَنَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فَعُوتِبَ فَقَالَ : أَرَدْت إحْيَاءَ سُنَّةٍ دَرَسَتْ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِنَفْيِ نَسَبٍ وَجَبَ ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ بِتَرْكِ سَبَبِهِ فَإِنْ وَقَعَ صِدْقًا وَجَبَ لِوُجُوبِ دَفْعِ مَعَرَّةِ الْقَذْفِ وَحَدِّهِ ، ثُمَّ وَجَدْت مِثْلَهُ فِي سِرَاجِ الْعَرَبِيِّ ، وَمُنَاسَبَةُ تَسْمِيَةِ هَذَا لِعَانًا تَبَاعُدُهُمَا عَنْ النِّكَاحِ بِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ أَوْ ذِكْرِ اللَّعْنَةِ فِي خَامِسَةِ الزَّوْجِ ، وَلَمْ يُسَمَّ غِضَابًا مَعَ ذِكْرِهِ فِي خَامِسَتِهَا تَغْلِيبًا لِلذَّكَرِ وَلِسَبْقِهِ وَتَسَبُّبِهِ فِي لِعَانِهَا ( إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ ) مُكَلَّفٌ مُسْلِمٌ لَا سَيِّدٌ ابْنُ عَرَفَةَ شُرِطَ لِزَوْجٍ تَكْلِيفُهُ قَالُوا وَكَذَا إسْلَامُهُ وَفِسْقُهُ لَغْوٌ .
اللَّخْمِيُّ لَوْ أَسْلَمَتْ تَحْتَ كَافِرٍ أَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمَةً عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ غَيْرُ زِنًا فَقَذَفَهَا لَاعَنَ وَلَا تُحَدُّ إنْ نَكَلَتْ لِأَنَّهَا أَيْمَانُ كَافِرٍ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ عِمْرَانَ لَوْ رَضِيَ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ بِحُكْمِنَا فَنَكَلَتْ رُجِمَتْ ، عَلَى قَوْلِ عِيسَى لَا عَلَى قَوْلِ الْبَغْدَادِيِّينَ لِفَسَادِ
أَنْكِحَتِهِمْ إنْ صَحَّ نِكَاحُهُ بَلْ ( وَإِنْ فَسَدَ نِكَاحُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ وَلَوْ بِإِجْمَاعٍ دَخَلَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَدْلًا ( أَوْ فِسْقًا ) أَيْ الزَّوْجَانِ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا ( أَوْ رُقَّا ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الْقَافِ أَيْ كَانَا رَقِيقَيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا الْعَبْدُ كَالْحُرِّ وَفِي نِكَاحِهَا الْأَوَّلُ قَذَفَهَا فِي النِّكَاحِ الَّذِي لَا يُقِرُّ عَلَى حَالٍ لَاعَنَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ .
الْمُتَيْطِيُّ أَجَابَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ بِثُبُوتِهِ فِيمَا دُرِئَ فِيهِ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ } مُنْقَطِعٌ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ غَيْرَ قَوْلِهِمْ فَإِنَّ الشَّخْصَ لَا يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ ، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ : الصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ ، وَالْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ ، وَرُدَّ بِلُزُومِ تَخْرِيجِ الْقُرْآنِ عَلَى لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ إذْ نَصْبُ الْمُسْتَثْنَى الْمُنْقَطِعِ بَعْدَ النَّفْيِ وَشِبْهِهِ وَاجِبٌ عِنْدَ الْحِجَازِيِّينَ وَرَاجِحٌ عِنْدَ التَّمِيمِيِّينَ فَالْمُتَعَيِّنُ جَعْلُ " إلَّا " بِمَعْنَى " غَيْرُ " ، صِفَةُ " شُهَدَاءُ " ظَهَرَ إعْرَابُهَا عَلَى مَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ وَحَقَّقَ الرَّضِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ س جَوَازُ ذَلِكَ فِي إلَّا سَوَاءٌ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِهَا أَوْ تَعَذَّرَ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي اشْتِرَاطِهِ تَعَذُّرَهُ بِهَا .
( لَا ) يُلَاعِنُ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ إنْ ( كَفَرَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ مَعًا إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا إلَيْهِ رَاضِيَيْنِ بِحُكْمِنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ ( إنْ قَذَفَهَا ) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ ( ب ) رُؤْيَةِ ( زِنًا ) فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ ادَّعَى طَوْعَهَا فِيهِ وَرَفَعَتْهُ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّهَا وَإِلَّا فَلَا لِعَانَ ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبُهُ فِيهَا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِمَا أَنْ يَدَّعِيَ رُؤْيَةَ زِنَاهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ ثُمَّ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ
يَنْفِيَ حَمْلًا قَبْلَهُ اسْتِبْرَاءٌ ، وَلَوْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا دُونَ رُؤْيَةٍ وَلَا نَفْيِ حَمْلٍ أَوْ نَفْيِ حَمْلٍ دُونَ اسْتِبْرَاءٍ فَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ : يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ ابْنُ نَافِعٍ يُلَاعِنُ وَلَا يُحَدُّ وَقَالَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ الْأُولَى الْبَاجِيَّ هِيَ الْمَشْهُورُ وَفِي لَغْوِ تَعْرِيضِهِ وَلِعَانِهِ بِهِ قَوْلًا الْمَعْرُوفُ ، وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ مَعَ عِيَاضٍ عَنْ قَذْفِهَا وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي حَدِّهِ بِهِ كَأَجْنَبِيٍّ أَوْ تَأْدِيبِهِ ، نَقَلَ مُحَمَّدٌ قَوْلَ أَشْهَبَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ صَرَّحَ بَعْد تَعْرِيضِهِ لَاعَنَ .
ثُمَّ قَالَ وَكَوْنُ قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ " قَذَفَهَا بِوَطْءِ الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ وَاضِحٌ ، ثُمَّ قَالَ وَفِي شَرْطِ الرُّؤْيَةِ بِكَشْفٍ كَالْبَيِّنَةِ وَالِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَتِهَا تَزْنِي سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ وَالشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ فَقَطْ ، وَصِلَةُ قَذَفَهَا ( فِي ) زَمَنِ ( نِكَاحِهِ ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الزِّنَا الْمَقْذُوفِ بِهِ فِي زَمَنِ نِكَاحِهِ أَيْضًا فَفِي ق عَنْ الْبَاجِيَّ إنْ قَالَ : " رَأَيْتُك تَزْنِينَ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك حُدَّ اتِّفَاقًا ا هـ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ : إنْ قَذَفَهَا فِي النِّكَاحِ بِزِنًا قَبْلَهُ فَلَا يُلَاعِنُ وَحُدَّ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَنُقِلَ عَلَيْهِ فِي ضَيْح كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَإِذَا قَذَفَهَا بِزِنًا فِي نِكَاحِهَا ثُمَّ أَبَانَهَا وَقَامَتْ بِحَقِّهَا فَيُلَاعِنُهَا وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ، وَزَمَنُ الْعِدَّةِ كَزَمَنِ النِّكَاحِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَذْفُ وَالزِّنَا مَعًا فِي نِكَاحِهِ ، بِأَنْ قَذَفَهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ بِزِنًا فِي نِكَاحِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحِهِ بِزِنًا قَبْلَهُ ( حُدَّ ) الزَّوْجُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ ، وَلَا يُلَاعِنُ
تَيَقَّنَهُ أَعْمَى وَرَآهُ غَيْرُهُ ، وَانْتَفَى بِهِ مَا وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ ،
وَنَعَتَ زِنًا بِجُمْلَةِ ( تَيَقَّنَهُ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ تَحَقَّقَ الزِّنَا الْمَقْذُوفُ بِهِ زَوْجُ ( أَعْمَى ) بِلَمْسٍ أَوْ سَمَاعِ صَوْتٍ أَوْ إخْبَارٍ يُفِيدُ ذَلِكَ ، وَلَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ يُلَاعِنُ الْأَعْمَى ، يَقُولُ : سَمِعْت الْحِسَّ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَقَوْلِهَا لِأَنَّ الْعِلْمَ يَقَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ مِنْ حِسٍّ وَجَسٍّ ، ثُمَّ قَالَ قُلْت صَوَّبَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَصَّارِ لَا يُلَاعِنُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَمَسْت فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا ، وَفِيهَا يُلَاعِنُ الْأَعْمَى فِي الْحَمْلِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ وَفِي الْقَذْفِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَيَحْمِلُ مَا تَحْمِلُ قَالَ غَيْرُهُ بِعِلْمٍ يَدُلُّهُ عَلَى الْمَسِيسِ .
( وَرَآهُ ) أَيْ الزِّنَا أَيْ إدْخَالَ الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ بِعَيْنِهِ ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْأَعْمَى وَهُوَ الزَّوْجُ الْبَصِيرُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُعْتَمَدُ عَلَى يَقِينِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَقُبِلَ كَالشُّهُودِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ اعْتِمَادُهُ عَلَى الرُّؤْيَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْ كَالشُّهُودِ ، وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ حَتَّى يَصِفَ كَالشُّهُودِ وَهَذَا الْقَوْلُ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْجَلَّابِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْبَاجِيِّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمْ ا هـ .
طفي اُنْظُرْ مَا حَكَاهُ مِنْ الْمَشْهُورِ مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ : وَاللِّعَانُ يَجِبُ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَجْهَانِ : مُجْمَعٌ عَلَيْهِمَا وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ ، ثُمَّ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَنْفِيَ حَمْلًا يَدَّعِي اسْتِبْرَاءً قَبْلَهُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا وَلَا يَدَّعِي رُؤْيَةً وَلَا نَفْيَ حَمْلٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ قَالُوا : يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ ا هـ .
قَوْلُهَا أَيْضًا ، وَمَنْ قَالَ فِي زَوْجَتِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ أَوْ تَجَرَّدَتْ لَهُ أَوْ ضَاجَعَتْهُ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ
إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ رُؤْيَةَ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ ا هـ .
وَرَأَيْت لِلْأَبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَشْهِيرُ هَذَا وَنَصُّهُ " وَهَلْ مِنْ شَرْطِ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ أَنْ يَصِفَ كَالْبَيِّنَةِ فَيَقُولُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ أَوْ يَكْفِي قَوْلُهُ : رَأَيْتهَا تَزْنِي ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ مَشْهُورًا وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ .
( وَانْتَفَى ) عَنْ الْمَلَاعِنِ ( بِهِ ) أَيْ لِعَانِ تَيَقُّنِ الْأَعْمَى وَرُؤْيَةِ الْبَصِيرِ نَسَبُ ( مَا ) أَيْ مَوْلُودٍ أَوْ الْمَوْلُودِ الَّذِي ( وُلِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْر كَامِلًا ( لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ) أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَلِدْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِأَنْ وَلَدَتْهُ كَامِلًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ عَلَى الصَّحِيحِ ( لَحِقَ ) الْوَلَدُ ( بِهِ ) أَيْ الْمُلَاعِنِ لِظُهُورِ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِهِ مِنْهُ قَبْلَ زِنَاهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ) الْمَلَاعِنُ ( الِاسْتِبْرَاءَ ) بِحَيْضَةٍ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَهَا قَبْلَ : رَأَيْتهَا تَزْنِي فَلَا يَلْحَقُ بِهِ إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ اسْتِبْرَائِهَا وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ لِظُهُورِ أَنَّهَا حَاضَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ مِنْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ يَنْتَفِي عَنْهُ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ يَنْفِيهِ بِلِعَانٍ ثَانٍ وَفِيهَا مَا يَدُلُّ لِلْقَوْلَيْنِ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ عِنْدَ لِعَانِهِ لِلرُّؤْيَةِ انْتَفَى عَنْهُ بِإِجْمَاعٍ
وَبِنَفْيِ حَمْلٍ وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ أَوْ التَّوْأَمُ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ : كَالزِّنَا وَالْوَلَدِ ، إنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ وَضْعٍ ، أَوْ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا لِقِلَّةٍ ، أَوْ لِكَثْرَةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ بِحَيْضَةٍ
وَعَطَفَ عَلَى بِزِنًا فَقَالَ ( و ) يُلَاعِنُ الزَّوْجُ إنْ قَذَفَهَا ( بِنَفْيِ حَمْلٍ ) ظَاهِرٍ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِوَضْعِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ قَالَ بِنَفْيِ نَسَبٍ لَشَمِلَ الْوَلَدَ أَيْضًا ، وَلَعَلَّهُ اعْتَبَرَ الْغَالِبَ إنْ لَمْ يَمُتْ الْوَلَدُ بَلْ ( وَإِنْ مَاتَ ) الْوَلَدُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ حَيًّا أَوْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ لِغَيْبَتِهِ مِنْهَا مَثَلًا ، وَفَائِدَةُ لِعَانِهِ سُقُوطُ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ ( أَوْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ ) أَيْ الْوِلَادَةُ لِوَلَدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَكْفِي فِي نَفْيِ نَسَبِهِمْ لِعَانٌ وَاحِدٌ ، فَقَدْ سَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَدِمَ مِنْ غَيْبَتِهِ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَأَنْكَرَهُمْ وَقَالَتْ : بَلْ هُمْ مِنْك لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُمْ وَمِنْ الْحَدِّ إلَّا بِلِعَانٍ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا إنْ أَمْكَنَ إتْيَانُهُ إلَيْهَا سِرًّا كَدَعْوَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ا هـ .
( أَوْ ) وُضِعَ ( التَّوْأَمُ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ أَيْ وَلَدٌ مُتَعَدِّدٌ فِي حَمْلٍ وَاحِدٍ وَيَنْتَفِي نَسَبُ الْحَمْلِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ ( بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ ) قَالَ فِي الشَّامِلِ : وَلَوْ مَرِيضَيْنِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَتُؤَخَّرُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إلَى الطُّهْرِ لِمَنْعِهِمَا مِنْ دُخُولِ الْجَامِعِ .
وَشُبِّهَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ فَقَالَ ( ك ) قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ بِرُؤْيَةِ ( الزِّنَا ) أَوْ تَيَقُّنِهِ ( وَ ) بِنَفْيِ نَسَبِ ( الْوَلَدِ ) سَوَاءٌ كَانَتْ رُؤْيَةُ الزِّنَا سَابِقَةً عَلَى الْوِلَادَةِ أَوْ مُتَأَخِّرَةً عَنْهَا ( إنْ لَمْ يَطَأْ ) الْمَلَاعِنُ الْمُلَاعِنَةَ ( بَعْدَ وَضْعٍ ) لِحَمْلٍ مِنْهُ سَابِقٍ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ الْمَنْفِيِّ وَبَيْنَ الْوَضْعَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ شُرِطَ فِي الْمُلَاعَنَةِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ ( أَوْ ) وَطْئِهَا بَعْدَ وَضْعِهَا بِشَهْرٍ مَثَلًا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ ( لِمُدَّةٍ ) مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْوَضْعِ ( لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا ) أَيْ الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ وَطْئِهَا وَوَضْعِهَا
بِالزَّوْجِ ( لِقِلَّةٍ ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ لِنَقْصِهَا عَنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ ، بِأَنْ وَضَعْته كَامِلًا لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ وَضْعِهَا فَهَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ لِلْوَطْءِ الثَّانِي لِنَقْصِ مَا بَيْنَهُمَا عَنْ السِّتَّةِ إلَّا خَمْسَةً وَلَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَمْلِ الْأَوَّلِ لِقَطْعِهِ عَنْهُ بِالسِّتَّةِ فَيَعْتَمِدُ عَلَى هَذَا وَيُلَاعِنُ ( أَوْ ) وَطِئَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ وَاجْتَنَبَهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا ( لِكَثْرَةٍ ) عَنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ كَسِتِّ سِنِينَ فَيَعْتَمِدُ عَلَى هَذَا وَيُلَاعِنُ فِيهِ .
( أَوْ ) وَطِئَهَا ثُمَّ ( اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ ) وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ كَامِلٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَعْتَمِدُ فِي نَفْيِهِ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا وَيُلَاعِنُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ رُؤْيَةً عِيَاضٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى عُقْمِهِ
وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ ، إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ وَهُوَ صَبِيٌّ حِينَ الْحَمْلِ أَوْ مَجْبُوبٌ ، أَوْ ادَّعَتْهُ مَغْرِبِيَّةٌ عَلَى مَشْرِقِيٍّ
وَلَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِغَيْرِ لِعَانٍ إنْ تَنَازَعَا فِي نَفْيِهِ بَلْ ( وَلَوْ تَصَادَقَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( عَلَى نَفْيِهِ ) أَيْ الْوَلَدِ عَنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ .
ابْنُ يُونُسَ فَلَا بُدَّ مِنْ لِعَانِ الزَّوْجِ فَقَطْ لِحَقِّ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَا يُحَدُّ لِقَذْفِهِ غَيْرَ عَفِيفَةٍ وَتُحَدُّ هِيَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا فِيهَا إذَا تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى نَفْيِ الْحَمْلِ بِغَيْرِ لِعَانٍ حُدَّتْ الزَّوْجَةُ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ سِنُونَ قَالَهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ : لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَرَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَيْضًا ا هـ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ فَرِوَايَتَانِ ، وَالْأَكْثَرُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَصَدَّقَتْهُ صُدِّقَ بِغَيْرِ لِعَانٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ بِهَا خَلْوَةٌ وَلَمْ تَدَّعِ ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ لَمْ يَنْفِهِ إلَّا بِلِعَانٍ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ عَقْدِهِ فَتُحَدُّ ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى نَفْيِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِي انْتِفَائِهِ بِغَيْرِ لِعَانٍ تَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ ا هـ .
فَالْمُصَنِّفُ دَرَجَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشَارَ " بِلَوْ " لِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ طفي .
وَاسْتَثْنَى مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ لَا يَنْتَفِي الْحَمْلُ وَالْوَلَدُ بِغَيْرِ لِعَانٍ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تَأْتِيَ ) الزَّوْجَةُ ( بِهِ ) أَيْ الْوَلَدِ الْكَامِلِ ( لِأَقَلَّ مِنْ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) مِنْ يَوْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَهُ زَائِدَةٌ عَلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ كَسِتَّةِ أَيَّامٍ فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ لِقِيَامِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ مِنْ لُحُوقِهِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ ثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَارِيخِ الْعَقْدِ وَلَا بَيِّنَةَ بِهِ فَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ .
( أَوْ ) إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ ( وَهُوَ ) أَيْ الزَّوْجُ ( صَبِيٌّ حِينَ ) ظُهُورِ ( الْحَمْلِ أَوْ مَجْبُوبٌ ) حِينَهُ فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ لِاسْتِحَالَةِ حَمْلِهَا مِنْهُ فِيهِمَا عَادَةً وَمِثْلُ الْمَجْبُوبِ ذَاهِبُ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ أَنْزَلَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَمَقْطُوعُ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى وَأَمَّا مَقْطُوعُ الذَّكَرِ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ وَمَقْطُوعُ الْيُمْنَى فَقَطْ فَيُلَاعِنَانِ لِأَنَّ الْيُسْرَى تَطْبُخُ الْمَنِيَّ ، وَالْيُمْنَى تُنْبِتُ الشَّعْرَ .
( أَوْ ادَّعَتْهُ ) أَيْ الْوَلَدَ زَوْجَةٌ ( مَغْرِبِيَّةٌ ) مَثَلًا ( عَلَى ) زَوْجٍ لَهَا ( مَشْرِقِيٍّ ) مَثَلًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِبَلَدِهِ لَمْ يَغِبْ عَنْهَا غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ فِيهَا لِلْآخَرِ عَادَةً فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ عَادَةً ابْنُ عَرَفَةَ قَرَّرَ اللَّخْمِيُّ عَدَمَ إمْكَانِ قَوْلِهَا بِأَنْ يَعْقِدَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ غَائِبٌ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ إنْ قَدِمَ مِنْهَا بَعْدَ الْعَقْدِ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سِتَّةٍ وَشَهِدَ مَنْ هُوَ بَيْنَهُمْ بِعَدَمِ غَيْبَتِهِ طُولَ الْمُدَّةِ أَوْ غَيْبَتِهِ مَا لَا يَكُونُ مُدَّةً لِذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ .
وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ ، أَوْ لِعَانِهِ .
خِلَافٌ ، وَإِنْ لَاعَنَ لِرُؤْيَةٍ وَادَّعَى الْوَطْءَ قَبْلَهَا ، وَعَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ فَلِمَالِكٍ فِي إلْزَامِهِ بِهِ وَعَدَمِهِ وَنَفْيِهِ : أَقْوَالٌ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَيَلْحَقُ إنْ ظَهَرَ يَوْمَهَا .
( وَفِي حَدِّهِ ) أَيْ الزَّوْجِ حَدَّ الْقَذْفِ وَمَنْعُهُ مِنْ اللِّعَانِ ( بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ ) لِزَوْجَتِهِ أَيْ الْعَارِي عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ تَيَقُّنٍ وَنَفْيِ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ بِأَنْ قَالَ : زَنَتْ ( وَلِعَانُهُ ) أَيْ تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنْهُ فَإِنْ لَاعَنَهَا سَقَطَ حَدُّهُ لِقَذْفِهَا لِعُمُومِ آيَةِ اللِّعَانِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا رُؤْيَةَ زِنًا وَلَا نَفْيَ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ ( خِلَافٌ ) أَيْ قَوْلَانِ مُشْهَرَانِ وَهُمَا فِيهَا .
( وَإِنْ لَاعَنَ ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ ( لِرُؤْيَةٍ ) أَوْ تَيَقُّنٍ مِنْهُ لِلزِّنَا ( وَادَّعَى ) الزَّوْجُ ( الْوَطْءَ ) لِلْمُلَاعَنَةِ ( قَبْلَهَا ) أَيْ رُؤْيَةِ الزِّنَا ( وَ ) ادَّعَى ( عَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ ) مِنْ وَطْئِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ رُؤْيَةٍ أَوْ تَيَقُّنِ زِنَاهَا لَحِقَ بِهِ قَطْعًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَإِنْ أَتَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ بِأَنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِهَا ( فَلِ ) لْإِمَامِ ( مَالِكٍ ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( فِي إلْزَامِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( بِهِ ) أَيْ الْوَلَدِ فَيَلْحَقُهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ بِهَذَا اللِّعَانِ وَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ آخَرَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَفَسَّرَهَا أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ لَا بِهَذَا اللِّعَانِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ لِنَفْيِ الْحَدِّ فَقَطْ وَعُدُولُهُ عَنْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ رِضًا مِنْهُ بِاسْتِلْحَاقِهِ وَهُوَ إذَا اسْتَلْحَقَهُ فَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ( وَعَدِمَهُ ) أَيْ إلْزَامَهُ بِهِ أَيْ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ بِاللِّعَانِ السَّابِقِ لِرُؤْيَةِ أَوْ تَيَقُّنِ زِنَاهَا وَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ آخَرَ وَلَهُ اسْتِلْحَاقُهُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ حَقٌّ بِنَفْيِهِ بِلِعَانٍ آخَرَ .
( وَنَفْيِهِ ) أَيْ الْوَلَدِ عَنْ الزَّوْجِ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِنَفْيِ الْحَدِّ وَالْوَلَدِ مَعًا فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ (
أَقْوَالٌ ) ثَلَاثَةٌ فِي التَّوْضِيحِ مُطَلَّقَةٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الرُّؤْيَةِ أَمْ لَا ( وَ ) فَصَّلَ ( ابْنُ الْقَاسِمِ ) فَقَالَ ( وَيَلْحَقُ ) الْوَلَدُ بِالْمُلَاعِنِ ( إنْ ظَهَرَ ) حَمْلُهُ ( يَوْمَهَا ) أَيْ الرُّؤْيَةَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَفْصِيلُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لِعَانِهِ لِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُ نَفْيُهُ الْحَمْلَ الظَّاهِرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الظُّهُورُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ ا هـ .
وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَلِلتَّيَقُّنِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَيْنِ انْتِفَاءُ الْوَلَدِ مُطْلَقًا وَانْتِفَاؤُهُ إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَعْزِ لُحُوقَهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأُمَّهَاتِ وَنَصَّهَا فِي الْحَطّ .
وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ طفي قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ : وَإِنْ قَالَ رَأَيْت امْرَأَتِي الْيَوْمَ تَزْنِي وَلَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنِّي كُنْت وَطِئْتهَا قَبْلَهَا فِي يَوْمِهَا أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ أَسْتَبْرِئْهَا فَإِنَّهُ يُلَاعِنُهَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا تَأْتِي بِهِ مِنْ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِهَا فَيَلْزَمُهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَرَّةً أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً قَالَ بِنَفْيِهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِهَا يَوْمَ الرُّؤْيَةِ حَمْلٌ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ إذَا الْتَعَنَ عَلَى الرُّؤْيَةِ ا هـ .
فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَلِمَالِكٍ فِي
إلْزَامِهِ بِهِ إلَى قَوْلِهَا فَمَرَّةٌ أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ فَقَالَ تت تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ ثَانٍ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ كَمَا فِي تَنْبِيهَاتِ عِيَاضٍ .
وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ وَبِهِ فَسَّرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَذَكَرَهُ عِيَاضٌ أَيْضًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ : " وَعَدِمَهُ " إلَى قَوْلِهَا " وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ وَفَسَّرَهُ تت تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ أَمْرُهُ إنْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ وَإِنْ نَفَاهُ انْتَفَى عَنْهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ أَرَ مَنْ فَسَّرَهَا بِذَلِكَ لَا فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَلَا فِي ابْنِ رُشْدٍ وَلَا ابْنِ مُحْرِزٍ وَلَا أَبِي الْحَسَنِ وَلَا غَيْرِهِمْ وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ فَسَّرُوا قَوْلَهُ " وَمَرَّةً " لَمْ يُلْزِمْهُ بِأَنَّهُ مَنْفِيٌّ بِلِعَانِ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فَمَرَّةً أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً قَالَ يَنْفِيهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا .
ا هـ .
عَلَى قَوْلَيْنِ كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ لُبَابَةَ جَعَلُوا قَوْلَهَا : وَمَرَّةً قَالَ بِنَفْيِهِ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهَا وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ هَلْ يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِذَلِكَ اللِّعَانِ أَمْ لَا أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَنْتَفِي بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ وُلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي مِنْهُمَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُولَدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرَ فَيَلْحَقَ بِهِ وَلِأَكْثَرَ فَيَنْفِي بِهِ ثُمَّ قَالَ : وَفُسِّرَتْ بِثَلَاثَةٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : وَنَفَاهُ مَرَّةً وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا أَيْ بِلِعَانٍ آخَرَ أَيْ هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ آخَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا كَمَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ بِثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ
جَعَلُوا قَوْلَهُ : وَمَرَّةً قَالَ يَنْفِيهِ أَيْ بِلِعَانٍ آخَرَ أَيْ هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ آخَرَ ، وَهَذَا عَكْسُ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ بَابًا وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ هُوَ الظَّاهِرُ وَقَوْلُهُ : " إنْ ظَهَرَ يَوْمَهَا " الْمُرَادُ ظُهُورُهُ حَقِيقَةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ : الْمُرَادُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ .
وَلَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى عَزْلٍ وَلَا مُشَابَهَةٍ لِغَيْرِهِ .
وَإِنْ بِسَوَادٍ وَلَا وَطْءٍ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ وَلَا بِغَيْرِ إنْزَالٍ إنْ أَنْزَلَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبُلْ ، وَلَاعَنَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ مُطْلَقًا ، وَفِي الرُّؤْيَةِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ مِنْ بَائِنٍ ، وَحُدَّ بَعْدَهَا كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ ، إلَّا أَنْ تَزْنِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ وَتَسْمِيَةِ الزَّانِي بِهَا وَأُعْلِمَ بِحَدِّهِ ، لَا إنْ كَرَّرَ قَذْفَهَا بِهِ
( وَلَا يَعْتَمِدُ ) الزَّوْجُ ( فِيهِ ) أَيْ نَفْيِ الْوَلَدِ ( عَلَى عَزْلٍ ) أَيْ نَزْعِ ذَكَرِهِ حِينَ إمْنَائِهِ مِنْ فَرْجِ زَوْجَتِهِ وَإِمْنَائِهِ خَارِجَهُ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ فِي فَرْجِهَا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ ( وَلَا ) يَعْتَمِدُ فِيهِ عَلَى ( مُشَابَهَةٍ ) مِنْ الْوَلَدِ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ سَوَادٍ بَلْ ( وَإِنْ كَانَتْ ) الْمُشَابَهَةُ ( بِسَوَادٍ ) فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي التَّعْرِيضِ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ : هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ ؟ قَالَ أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ قَالَ فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ } .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَفَهِمَ الْأَئِمَّةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُشَابَهَةَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي اللِّعَانِ وَأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ مَظِنَّةً فِي ذَلِكَ وَلَا عِلَّةً ، وَأَرَادَ اللَّخْمِيُّ أَنْ يَسْلُكَ بِذَلِكَ مَسْلَكَ التَّعْلِيلِ وَزَادَ فَأَلْزَمَ عَكْسَ الْعِلَّةِ فَقَالَ : لَوْ كَانَ الْأَبَوَانِ أَسْوَدَيْنِ قَدِمَا مِنْ الْحَبَشَةِ فَوَلَدَتْ أَبْيَضَ فَانْظُرْ هَلْ يَنْفِيهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ فِي آبَائِهِ أَبْيَضَ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الظَّنِّ نَفْيُ مُطْلَقِ الِاحْتِمَالِ وَهُوَ مَدْلُولُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَعَلَّ ابْنَك هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إثْرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ يَعْنِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُنَا " لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ " وَاضِحُ بُطْلَانِهِ ضَرُورَةُ إمْكَانِهِ ( وَلَا ) يَعْتَمِدُ عَلَى ( وَطْءٍ بَيْنَ الْفَخْذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ ) لِأَنَّ الْمَاءَ سَيَّالٌ ( وَلَا )
يَعْتَمِدُ عَلَى ( وَطْءٍ ) فِي الْقُبُلِ ( بِغَيْرِ إنْزَالٍ إنْ ) كَانَ ( أَنْزَلَ قَبْلَهُ ) أَيْ الْوَطْءِ فِي وَطْءِ أُخْرَى أَوْ احْتِلَامٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ ( وَلَمْ يَبُلْ ) بَعْدَ الْإِنْزَالِ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنِيِّ فِي الْقَصَبَةِ انْفَصَلَ فِي الْقُبُلِ حَالَ وَطْئِهِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بَالَ بَعْدَهُ انْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ لِأَنَّ الْبَوْلَ يُنَقِّي الْقَصَبَةَ مِنْ الْمَنِيِّ .
اللَّخْمِيُّ وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ نَفْيَهُ لِظَنِّهِ أَنْ لَا يَكُونَ عَنْ وَطْئِهِ حَمْلٌ .
ا هـ .
وَهُوَ يَجْرِي فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ ( وَلَاعَنَ ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ ( فِي ) قَذْفِهَا ب ( نَفْيِ الْحَمْلِ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً ( وَ ) لَاعَنَهَا ( فِي ) قَذْفِهَا ب ( الرُّؤْيَةِ ) لِلزِّنَا أَوْ تَيَقُّنِهِ وَصِلَةِ الرُّؤْيَةِ ( فِي الْعِدَّةِ ) وَأَوْلَى الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ ، وَيُلَاعِنُهَا فِيهِمَا وَلَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ ( مِنْ ) طَلَاقٍ ( بَائِنٍ ) بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلنِّكَاحِ ( وَحُدَّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ ، الزَّوْجُ حَدَّ الْقَذْفِ إنْ قَذَفَهَا ( بَعْدَهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا وَلَوْ فِيهَا ، أَوْ قَبْلَ طَلَاقِهَا .
وَشَبَّهَ فِي الْحَدِّ فَقَالَ ( كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ ) الْمُلَاعَنِ فِيهِ فَيُحَدُّ لِاعْتِرَافِهِ بِالْقَذْفِ وَلَا يَتَعَدَّدُ حَدُّهُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ الْمُسْتَلْحَقِينَ بَعْدَ لِعَانِهِ فَهُمْ سَوَاءٌ اسْتَلْحَقَهُمْ دَفْعَةً أَوْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ، وَلَوْ بَعْدَ حَدِّهِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ بَنَانِيٌّ قَالَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا يُحَدُّ الْمُسْتَلْحِقُ إذَا لَاعَنَ لِنَفْيِهِ فَقَطْ أَوْ لَهُ مَعَ الرُّؤْيَةِ وَأَمَّا إذَا لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ فَقَطْ ثُمَّ اسْتَلْحَقَ مَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةٍ فَلَا يُحَدُّ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : لَا يُحَدُّ إلَّا إذَا لَاعَنَ لِنَفْيِهِ فَقَطْ
وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ بَعْدَ نُقُولٍ : فَالْحَاصِلُ إنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ حَمْلِهَا فَقَطْ حُدَّ بِاسْتِلْحَاقِهِ وَإِلَّا فَثَالِثُهَا إنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ حَمْلِهَا مَعَ الرُّؤْيَةِ أَوْ قَذَفَ لِلْجَلَّابِ وَمُحَمَّدٍ وَظَاهِرُهَا .
وَاسْتَثْنَى مِنْ حَدِّهِ بِالِاسْتِلْحَاقِ بَعْدَ اللِّعَانِ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ تَزْنِيَ ) الْمُلَاعَنَةُ لِنَفْيِ حَمْلِهَا ( بَعْدَ اللِّعَانِ ) وَقَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ فَلَا يُحَدُّ لِاسْتِلْحَاقِهِ لِزَوَالِ عِفَّتِهَا كَقَاذِفِ عَفِيفٍ لَمْ يُحَدَّ حَتَّى زَنَى الْمَقْذُوفُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَكَذَا قَبْلُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ( و ) يُحَدُّ الْمُلَاعِنُ لِ ( تَسْمِيَةِ الزَّانِي ) أَيْ الَّذِي اتَّهَمَهُ بِالزِّنَا ( بِهَا ) أَيْ الْمُلَاعَنَةِ فَلِعَانُهُ لَا يُسْقِطُ حَدَّهُ لِقَذْفِ غَيْرِ الْمُلَاعَنَةِ ، فَإِنْ حُدَّ لَهُ قَبْلَ اللِّعَانِ سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ اللِّعَانِ وَإِنْ لَاعَنَ قَبْلَهُ حُدَّ لَهُ وَإِنْ حُدَّ لَهَا ابْتِدَاءً سَقَطَ حَدُّهُ لِلرَّجُلِ قَامَ أَوْ لَمْ يَقُمْ قَالَهُ الْبَاجِيَّ .
( وَأُعْلِمَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمُسَمَّى بِالْفَتْحِ بِتَسْمِيَةِ الْمُلَاعِنِ لَهُ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ : فُلَانٌ قَذَفَك بِزَوْجَتِهِ فَلَكَ سَبِيلٌ ( لِحَدِّهِ ) أَيْ الْمُلَاعِنِ حَدَّ الْقَذْفِ فَإِنْ اعْتَرَفَ أَوْ عَفَا لِلسَّتْرِ سَقَطَ حَدُّ الْقَذْفِ وَظَاهِرُ نَقْلِ " ق " أَنَّ إعْلَامَهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحَاكِمِ إنْ عَلِمَ بِالتَّسْمِيَةِ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلِمَهَا مِنْ الْعُدُولِ تت هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ النَّمِيمَةِ .
الْبُنَانِيُّ وَعُورِضَ هَذَا بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ { هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ } إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ ، فَسَمَّى الزَّانِيَ بِهَا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ هِلَالًا حُدَّ مِنْ أَجْلِهِ فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ وَأَجَابَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ
الْمَقْذُوفَ لَمْ يَطْلُبْ حَقَّهُ ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ اعْتَذَرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ شَرِيكًا كَانَ يَهُودِيًّا ، قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا خِلَافًا فِي شَرِيكٍ ، وَأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا ( لَا ) يُحَدُّ الْمُلَاعِنُ ( إنْ كَرَّرَ ) بَعْدَ اللِّعَانِ ( قَذْفَهَا ) أَيْ الْمُلَاعَنَةَ ( بِهِ ) أَيْ مَا لَاعَنَهَا بِسَبَبِهِ فَقَطْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِهِ يُحَدُّ .
وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ ،
( وَوَرِثَ ) الْأَبُ ( الْمُسْتَلْحِقُ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ ( الْمَيِّتَ ) الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَوْلَى الْمُسْتَلْحَقُ فِي حَيَاتِهِ فَالْمَيِّتُ إمَّا مَفْعُولُ الْمُسْتَلْحِقِ وَمَفْعُولُ وَرِثَ مَحْذُوفٌ أَوْ تَنَازَعَهُ وَرِثَ وَالْمُسْتَلْحِقُ فَأُعْمِلَ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ لِقُرْبِهِ ، وَالْأَوَّلُ فِي ضَمِيرِهِ وَحَذَفَهُ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ وَلَا يُرَدُّ أَنَّ اللِّعَانَ مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا جَعَلَ لَهُ الِاسْتِلْحَاقَ بَعْدَهُ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُلَاعِنْ وَيَرِثُهُ ( إنْ كَانَ لَهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ الْمَيِّتِ ( وَلَدٌ ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ( حُرٌّ مُسْلِمٌ ) لِضَعْفِ التُّهْمَةِ بِهِ لَا بِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ لِعَدَمِ إرْثِهِ فَهُوَ كَعَدَمِهِ غ لَمْ يَقُلْ إنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا " وَمَنْ نَفَى وَلَدًا بِلِعَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ أَنْ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ فَإِنْ كَانَ لِوَلَدِهِ وَلَدٌ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي مِيرَاثِهِ وَيُحَدُّ وَلَا يَرِثُهُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا .
وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ بِنْتًا لَمْ يَرِثْ مَعَهَا بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ إنْ تَرَكَ بِنْتًا صَحَّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ قَدْرُ إرْثِهَا وَقَيَّدَ وَلَدَ الْمُسْتَلْحَقِ بِكَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا بِحَيْثُ يُزَاحِمُ الْمُلَاعِنَ فِي الْمِيرَاثِ فَتَبْعُدُ التُّهْمَةُ احْتِرَازًا مِنْ كَوْنِهِ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا بِحَيْثُ لَا يُزَاحِمُ الْمُسْتَلْحِقَ فِي الْمِيرَاثِ ، فَتَقْوَى التُّهْمَةُ عَلَى أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَمِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ وَلَحِقَ بِهِ .
وَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ لَمْ
يَتَّهِمْهُ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَإِنْ كَانَ يَرِثُ مَعَهُ السُّدُسَ فَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْعَبْدُ أَوْ النَّصْرَانِيُّ وَإِنْ كَانَا لَا يَرِثَانِ ، وَهُوَ أَيْضًا خِلَافُ مَا فِي النَّوَادِرِ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ وَإِذَا تَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ وَلَحِقَ وَحُدَّ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَحُدَّ ، وَلَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ طفي وَقَدْ ارْتَضَى الْحَطّ تَعَقُّبَ غ ، وَنَقَلَ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ عَنْ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَتَبِعَهُ عج وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
عب وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْقُولُ ، وَقَدْ يُقَالُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِهِمْ التَّصْرِيحُ بِهِ لَكِنَّهُ مُرَادُهُمْ لِدَفْعِ تَقْوَى التُّهْمَةِ كَمَا مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( أَوْ لَمْ يَكُنْ ) لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ ( وَقَلَّ الْمَالُ ) الَّذِي تَرَكَهُ الْوَلَدُ الْمُسْتَلْحَقُ فَيَرِثُهُ الْمُسْتَلْحِقُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ غ ذَكَرَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ الْفَاسِيُّ عَنْ فَضْلٍ وَمِنْ يَدِ أَبِي إبْرَاهِيمَ ، أَخَذَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفُهِمَ مِنْ تَفْصِيلِهِ فِي الْإِرْثِ دُونَ الِاسْتِلْحَاقِ أَنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْتِلْحَاقَ النَّسَبِ يَنْفِي كُلَّ تُهْمَةٍ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْفَاسِيِّينَ وَلَهُمْ نَسَبَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِيمَنْ لَاعَنَ وَنَفَى الْوَلَدَ ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ وَوَلَدِهِ فَأَقَرَّ الْمُلَاعِنُ بِهِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَيُحَدُّ ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يَلْحَقْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِيرَاثِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ : إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِتُهْمَتِهِ فِي الْإِرْثِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا قُبِلَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَسَبٌ يَلْحَقُ .
وَرَوَى الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْمِيرَاثَ قَدْ تُرِكَ لِمَنْ تَرَكَ فَلَا يَجِبُ لَهُ مِيرَاثٌ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا ثُمَّ قَالَ : وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى
عَدَمِ اسْتِلْحَاقِهِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا مِثْلَهُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ ، وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْفَاسِيِّينَ " إنَّمَا يُتَّهَمُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فِي مِيرَاثِهِ فَقَطْ وَأَمَّا نَسَبُهُ فَثَابِتٌ بِاعْتِرَافِهِ .
وَإِنْ وَطِئَ أَوْ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ بِلَا عُذْرٍ : امْتَنَعَ وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا لَرَأَيْتهَا تَزْنِي ، أَوْ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي ، وَوَصَلَ خَامِسَةً بِلَعْنَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ .
أَوْ إنْ كُنْت كَذَبْتهَا ،
( وَإِنْ وَطِئَ ) الزَّوْجُ الَّذِي قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِنَفْيِ الْحَمْلِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعِهَا أَوْ حَمْلِهَا امْتَنَعَ لِعَانُهُ ( أَوْ أَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ الَّذِي قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ لِعَانَهُ ( بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ ) مِنْ زَوْجَتِهِ تَنَازَعَ فِيهِ وَطِئَ وَأَخَّرَ ( بِلَا عُذْرٍ ) يَوْمًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ( امْتَنَعَ ) لِعَانُهُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَبَقِيَتْ لَهُ زَوْجَةٌ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً ، وَحُدَّ لِقَذْفِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ دُونَ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلَهُ الْقِيَامُ وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِهِ وَهَذَا فِي نَفْيِ الْوَلَدِ ، وَأَمَّا الرَّمْيُ بِالرُّؤْيَةِ فَلَا يَمْنَعُ لِعَانَهُ إلَّا وَطْؤُهَا بَعْدَهَا .
( وَشَهِدَ ) أَيْ بِقَوْلِ الزَّوْجِ فِي لِعَانِهِ أَشْهَدُ ( بِاَللَّهِ أَرْبَعًا ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ ( لَرَأَيْتهَا ) أَيْ الزَّوْجَةَ ( تَزْنِي ) لِيَكُونَ التَّكْرَارُ أَرْبَعًا لِلصِّيغَةِ بِتَمَامِهَا لَا لِأَشْهَد بِاَللَّهِ فَقَطْ ، كَمَا يُوهِمُهُ تَقْدِيمُهُ هَذَا فِي الْبَصِيرِ وَيَقُولُ الْأَعْمَى : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَعَلِمْتهَا أَوْ تَيَقَّنْتهَا وَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَلَا عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَلَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَلَا زِيَادَةُ الْبَصِيرُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَوَالِي خَمْسَتِهِ قَبْلَ بُدَاءَتِهَا هَذَا إنْ كَانَ اللِّعَانُ لِلرُّؤْيَةِ أَوْ التَّيَقُّنِ وَإِنْ كَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) يَقُولُ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ ( مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي ) قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَجَمَاعَةٌ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ " أَشْهَدُ لَزَنَتْ " .
تت كَأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ مَذْهَبِهَا لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ : " اُنْظُرْ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ " زَنَتْ " كَوْنُ حَمْلِهَا
لَيْسَ مِنْهُ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْهُ زِنَاهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ غَصْبٍ لَكِنْ وَجْهُ مَا فِيهَا بِالتَّشْدِيدِ عَلَيْهِ عَسَى أَنْ يَنْكُلَ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ الْمَحْبُوبُ شَرْعًا ( وَوَصَلَ ) الْمُلَاعِنُ ( خَامِسَتَهُ ) بِشَهَادَاتِهِ الْأَرْبَعِ حَالَ كَوْنِ خَامِسَتِهِ مُصَوَّرَةً ( بِلَعْنَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ ) فَلَيْسَ فِيهَا : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ هَذَا ظَاهِرُ الْآيَةِ .
وَقَوْلُهُ : وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ضَمِيرِ خَامِسَتِهِ لِيَكُونَ ظَاهِرًا فِي مَذْهَبِ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَارِ الْجَلَّابِ وَالْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ فِي الْخَامِسَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْجَلَّابِ وَالْكَافِي عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْإِتْيَانِ " بِأَنَّ " الدَّاخِلَةِ عَلَى " لَعْنَةَ " فِي الْآيَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْإِرْشَادِ الْإِتْيَانُ بِهَا فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْأَوْلَى فَلَا خِلَافَ ( أَوْ ) يَقُولُ ( إنْ كُنْت كَذَبْتهَا ) أَيْ كَذَبْت عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا يُجْزِئُ وَالْأَحَبُّ إلَيْنَا لَفْظُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَرَفَةَ " وَشَرْطُ اللِّعَانِ ثُبُوتُ الزَّوْجِيَّةِ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا ، وَاللِّعَانُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ ثُمَّ قَالَ الْبَاجِيَّ يَكُونُ اللِّعَانُ مَعَ شُبْهَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ إذَا دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا .
الْمُتَيْطِيُّ إذَا ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهُمَا وَمَقَالَتُهُمَا سَجَنَهُ الْإِمَامُ الْبَاجِيَّ اُخْتُلِفَ فِي سَجْنِهِ فَسَأَلْت أَبَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَقَالَ : يُسْجَنُ لِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهَا إنَّهُ قَاذِفٌ فَيُوعَظُ الزَّوْجُ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَفِيهَا يَبْدَأُ فَيَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ : الْأَيْمَانُ فِي اللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَالْحُقُوقِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَنَحْوِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ
وَرَوَى ابْنُ كِنَانَةَ فِي اللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَمَا بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ " بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ .
وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ : يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَحْيَا وَأَمَاتَ اللَّخْمِيُّ لَوْ قَالَ : وَاَللَّهِ فَقَطْ أَوْ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَطْ فَفِي إجْزَائِهِ قَوْلَا مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَلَوْ فِي الْمَالِ " وَفِي أَشْهَدُ وَيَعْلَمُ اللَّهُ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَأَصْلُ أَشْهَبَ ، وَفِي أُقْسِمُ بَدَلَ أَشْهَدُ وَبِالرَّحْمَنِ بَدَلَ بِاَللَّهِ التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَوْلِ الْقَاضِي مُقْتَضَى النَّظَرِ لَا يَجُوزُ إلَّا مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَفِيهَا مَا تَحْلِفُ بِهِ الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ الْمَقْسَمُ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فِي لُزُومِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ لِلزَّوْجِ قَوْلَانِ لِلْمَوَّازِيَّةِ وَلَهَا وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ مَعَ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ { أَمَرَهُمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَلَاعَنَا بِمَا فِي الْقُرْآنِ } قُلْت وَعَزَاهُ ابْنُ حَارِثٍ لِسَمَاعِ أَصْبَغَ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ فِي الرُّؤْيَةِ رَأَيْتهَا تَزْنِي وَفِي لُزُومِ زِيَادَةِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ قَوْلُ أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُهَا وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلَ بِأَنَّ أَيْمَانَهُ كَالْبَيِّنَةِ إنْ نَكَلَتْ وَقَوْلُهَا مَا رَآنِي أَزْنِي ، كَافٍ قُلْتُ ظَاهِرُهُ لَوْ زَادَتْ لِمِرْوَدٍ أَجْزَأَهَا ، وَالِاقْتِصَارُ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وَفِيهَا يَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ : أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ ابْنُ عَاتٍ الْبَاجِيَّ يَحْلِفُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيَزِيدُ فِي الْخَامِسَةِ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ .
وَتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَتَحْلِفُ خَامِسَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ تَزِيدُ فِيهَا أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَأَصْبَغُ وَرِوَايَةُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ ذَلِكَ سَأَلْت
عَنْهَا الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الْقَابِسِيَّ ، قَالَ نَصُّ كِتَابِ اللَّهِ { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } الْآيَةَ وَأَنْتَ تَقُولُ : يَشْهَدُ بِاَللَّهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَيَزِيدُ فِي يَمِينِهِ اللَّعْنَةَ وَالْمَرْأَةُ فِي يَمِينِهَا الْغَضَبَ ، فَهَذِهِ سِتُّ أَيْمَانٍ وَأَنْكَرَ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ
وَأَشَارَ الْأَخْرَسُ أَوْ كَتَبَ وَشَهِدَتْ مَا رَآنِي أَزْنِي ، أَوْ مَا زَنَيْت ، أَوْ لَقَدْ كَذَبَ فِيهِمَا وَفِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ
( وَأَشَارَ ) الشَّخْصُ ( الْأَخْرَسُ ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِمَا يُفْهَمُ مِنْهُ شَهَادَاتُهُ الْأَرْبَعُ وَالْخَامِسَةُ ( أَوْ كَتَبَ ) مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَيُعْلَمُ قَذْفُهُ بِإِشَارَتِهِ ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي بَاقِي أَيْمَانِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكَرِّرُ الْإِشَارَةَ أَوْ الْكِتَابَةَ بِعَدَدِ تَكْرِيرِ النَّاطِقِ فِي الشَّهَادَاتِ فِي الشَّامِلِ إنْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ بَعْدَ لِعَانِهِ ، فَقَالَ : لَمْ أُرِدْ اللِّعَانَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْقُرْبِ ابْنُ نَاجِي وَلَا يُعَادُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ ، وَمِنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ بَعْدَ الْقَذْفِ ، وَقَبْلَ اللِّعَانِ وَرُجِيَ زَوَالُهُ بِالْقُرْبِ يَنْتَظِرُ .
( وَشَهِدَتْ ) أَيْ تَقُولُ الزَّوْجَةُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ ( مَا رَآنِي أَزْنِي ) لِرَدِّ لِعَانِهِ لِرُؤْيَةِ الزِّنَى ( أَوْ ) تَقُولُ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ ( مَا زَنَيْت ) فِي رَدِّ لِعَانِهِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَالْوَلَدِ ( أَوْ ) تَقُولُ فِي أَيْمَانِهَا الْأَرْبَعِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ ( لَقَدْ كَذَبَ ) عَلَيَّ ( فِيهِمَا ) أَيْ قَوْلُهُ : " لَرَأَيْتهَا تَزْنِي " فِي لِعَانِ الرُّؤْيَةِ ، وَقَوْلُهُ لَزَنَتْ فِي لِعَانِ نَفْيِ الْحَمْلِ وَالْوَلَدِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ لَقَدْ كَذَبَ ظَاهِرُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَا فِي الْجَلَّابِ لِأَنَّ فِيهِ لَقَدْ كَذَبَ عَلَيَّ فِيمَا رَمَانِي بِهِ ، وَقَوْلُهُ لَقَدْ كَذَبَ عَلَيَّ صَادِقٌ بِكَذِبِهِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَى ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ عَنْ هَذَا احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ : فِيهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( وَ ) تَقُولُ ( فِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ ) زَوْجُهَا ( مِنْ الصَّادِقِينَ ) فِيمَا رَمَاهَا بِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ إنْ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ غَضَبَ وَهُوَ لَفْظُ الْقُرْآنِ ، وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ غَضَبَ فِعْلًا وَمَصْدَرًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ خُولِفَتْ الْقَاعِدَةُ هُنَا وَفِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالْأَوْلِيَاءَ مُدَّعُونَ وَالْقَاعِدَةُ إنَّمَا يَحْلِفُ أَوَّلًا
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، قِيلَ أَمَّا الْمُلَاعِنُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَلِذَا حَلَفَ الزَّوْجَانِ وَبَدَأَ لِابْتِدَائِهِ بِقَذْفِهَا ، وَأَمَّا أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فَاللَّوْثُ قَامَ مَقَامَ شَاهِدٍ لَهُمْ وَالْقَاعِدَةُ حَلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ وَغَلِطَتْ عَلَيْهِمْ الْيَمِينُ لِعِظَمِ الدَّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي أَيْمَانِ اللِّعَانِ وَوَجَبَ : أَشْهَدُ ، وَاللَّعْنُ وَالْغَضَبُ ، وَبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ ، وَبِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ
( وَوَجَبَ ) عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي أَيْمَانِ اللِّعَانِ لَفْظُ ( أَشْهَدُ ) شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا فَلَا يُجْزِئُ أَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ يَعْلَمُ اللَّهُ ( وَ ) وَجَبَ ( اللَّعْنُ ) فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ فَإِنْ خَمَّسَ بِالْغَضَبِ فَلَا يُجْزِئُ ( وَ ) وَجَبَ ( الْغَضَبُ ) فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا أَغْضَبَتْ رَبَّهَا وَزَوْجَهَا وَأَهْلَهَا فَإِنْ خَمَّسَتْ بِاللَّعْنِ فَلَا يَكْفِي .
( و ) وَجَبَ اللِّعَانُ ( بِأَشْرَفِ ) مَوْضِعٍ فِي ( الْبَلَدِ ) وَهُوَ الْجَامِعُ لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ مُغَلَّظَةٌ فَإِنْ كَانَ فِي مَكَّةَ فَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي فِيهِ الْكَعْبَةُ الْمُشَرَّفَةُ ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَفِي مَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَالْقَبْرِ الشَّرِيفِ ، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَفِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا فَفِي جَامِعِ الْجُمُعَةِ ( وَ ) وَجَبَ ( بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ ) عُدُولٍ لِوُقُوعِهِ كَذَلِكَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورَهُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ .
عِيَاضٌ سُنَّتُهُ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِحُضُورِهِ الْإِمَامِ أَوْ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ الْفَقِيهِ الْجَلِيلِ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ لِذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ لِقَوْلِ عِيَاضٍ سُنَّتُهُ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ أَوْ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْحُكَّامِ وَهَذَا إجْمَاعٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالسُّلْطَانِ ( أَقَلُّهَا ) أَيْ الْجَمَاعَةِ ( أَرْبَعَةٌ ) لِاحْتِمَالِ نُكُولِهَا أَوْ إقْرَارِهَا وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ الشَّارِحُ وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمْ عُدُولًا إذْ لَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِمْ ، وَالْأَوْلَى لِأَنَّ الْغَرَضَ إظْهَارُ شَعِيرَةِ الْإِسْلَامِ وَأُبَّهَتِهِ وَأَمَّا النُّكُولُ وَالْإِقْرَارُ فَيَكْفِي فِيهِمَا اثْنَانِ .
وَنُدِبَ إثْرَ صَلَاةٍ وَتَخْوِيفُهُمَا ، وَخُصُوصًا عِنْدَ الْخَامِسَةِ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ الْعَذَابَ
( وَنُدِبَ ) اللِّعَانُ ( إثْرَ صَلَاةٍ ) مِنْ الْخَمْسِ ابْنُ وَهْبٍ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إلَيَّ لِخَبَرِ : { ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ كَانَ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا فَلَمْ يُبَايِعْهُ إلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا سَخِطَ ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَقَالَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ أُعْطِيتُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَصَدَّقَهُ } ا هـ .
وَالثَّالِثُ شَاهِدُنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَانًا .
( وَ ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ ( تَخْوِيفُهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ اللِّعَانِ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ الشَّدِيدِ الْأَلِيمِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ الْمَخْلُوقُ لِجَزْمِنَا بِكَذِبِ أَحَدِهِمَا ، وَأَمَّا عَذَابُ الدُّنْيَا فَخَفِيفٌ زَائِلٌ ( وَخُصُوصًا عِنْدَ الْخَامِسَةِ ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ كَوْنَهُ عِنْدَهَا آكَدُ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَذْهَبِ .
( وَ ) نُدِبَ ( الْقَوْلُ ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا ( بِأَنَّهَا ) أَيْ الْخَامِسَةَ ( مُوجِبَةٌ الْعَذَابَ ) عَلَى الْكَاذِبِ لِخَبَرِ النَّسَائِيّ وَأَبِي دَاوُد أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَيَقُولُ لَهُ : إنَّهَا مُوجِبَةٌ الْعَذَابَ ، وَظَاهِرُ قَصْرِهِ عَلَى الرَّجُلِ وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ وتت عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ، إمَّا لِدَلِيلٍ آخَرَ فِيهِ تَخْوِيفُهُمَا ، وَفِيهِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَهَا أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّجُلِ ، وَقَوْلُهُ : مُوجِبَةٌ أَيْ هِيَ مَحَلُّ نُزُولِهِ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ بِمُقْتَضَى اخْتِيَارِهِ يُرَتِّبُ الْعَذَابَ عَلَيْهَا أَوْ بِمَعْنَى مُتَمِّمَةٌ لِلْأَيْمَانِ وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ الرَّجْمُ أَوْ الْجَلْدُ .
وَفِي إعَادَتِهَا إنْ بَدَأَتْ خِلَافٌ :
( وَفِي ) وُجُوبِ ( إعَادَتِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ أَيْمَانَ اللِّعَانِ ( إنْ بَدَأَتْ ) الزَّوْجَةُ أَيْ قُدِّمَتْ أَيْمَانُهَا عَلَى أَيْمَانِ الزَّوْجِ وَعَدَمِهِ ( خِلَافٌ ) الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُهُ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ ، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ بِمَا إذَا حَلَفَتْ أَوَّلًا كَالرَّجُلِ بِأَنْ قَالَتْ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ وَإِنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ مَا زَنَيْت أَوْ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْهُ ، فِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْكَاذِبِينَ ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ حَلَفَتْ أَوَّلًا عَلَى تَكْذِيبِهِ بِأَنْ قَالَتْ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ وَفِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ أَعَادَتْ اتِّفَاقًا .
وَلَاعَنَتْ الذِّمِّيَّةُ بِكَنِيسَتِهَا وَلَمْ تُجْبَرْ ، وَإِنْ أَبَتْ أُدِّبَتْ وَرُدَّتْ لِمِلَّتِهَا كَقَوْلِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ
( وَلَاعَنَتْ ) الزَّوْجَةُ ( الذِّمِّيَّةُ ) يَهُودِيَّةً كَانَتْ أَوْ نَصْرَانِيَّةً وَزَوْجَهَا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا أَوْ مَجُوسِيَّةٌ تَرَافَعَتْ إلَيْنَا مَعَ زَوْجِهَا الْمَجُوسِيِّ ( بِكَنِيسَتِهَا ) أَيْ مَعْبَدِهَا كَنِيسَةٌ أَوْ بِيعَةٌ أَوْ بَيْتُ نَارٍ وَلِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ دُخُولُهُ مَعَهَا ، وَتُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهَا الْجَامِعَ مَعَ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا تُلَاعِنُ النَّصْرَانِيَّةُ فِي الْكَنِيسَةِ حَيْثُ تُعَظِّمُ وَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهَا أَوْ يَدَعَ وَلَا تَدْخُلُ هِيَ مَعَهُ الْمَسْجِدَ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْهُ .
ا هـ .
( وَلَمْ ) الْأُولَى لَا ( تُجْبَرُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الذِّمِّيَّةُ عَلَى اللِّعَانِ إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا لَا تُحَدُّ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلذِّمِّيَّةِ بِعَدَمِ الْجَبْرِ عَلَيْهِ ، فَلِمَ خَصَّهَا بِهِ وَلَعَلَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَبْرِهَا عَلَيْهِ لِحَقِّ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ .
( وَأُدِّبَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدًا الذِّمِّيَّةُ الْمُمْتَنِعَةُ مِنْ اللِّعَانِ لِإِذَايَتِهَا زَوْجَهَا وَإِدْخَالِهَا اللُّبْسَ فِي نَسَبِهِ ( وَرُدَّتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الذِّمِّيَّةُ بَعْدَ تَأْدِيبِهَا ( لِ ) حَاكِمِ ( مِلَّتِهَا ) لِاحْتِمَالِ حَدِّهِ لَهَا بِنُكُولِهَا أَوْ قَرَارِهَا وَلَا يُمْنَعُ مِنْ رَجْمِهَا إنْ كَانَ شَرْعًا لَهُمْ ، وَفِي نُسْخَةٍ وَلَمْ تُجْبَرْ وَإِنْ أَبَتْ أُدِّبَتْ وَمَعْنَاهَا وَلَمْ تُجْبَرْ عَلَى اللِّعَانِ بِكَنِيسَتِهَا وَإِنْ أَبَتْ اللِّعَانَ بِالْكُلِّيَّةِ أُدِّبَتْ .
وَشَبَّهَ فِي التَّأْدِيبِ فَقَالَ ( كَقَوْلِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( وَجَدْتهَا ) أَيْ زَوْجَتَهُ مُضْطَجِعَةً أَوْ مُتَجَرِّدَةً ( مَعَ رَجُلٍ ) أَجْنَبِيٍّ ( فِي لِحَافٍ ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ فَيُؤَدَّبُ وَلَا يُلَاعِنُ وَلَا يُحَدُّ وَلَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَحُدَّ فَيُعَابُ بِهَا بِأَنْ يُقَالَ أَيْ قَذْفُ الْأَجْنَبِيَّةِ لَا يُلَاعِنُ فِيهِ الزَّوْجُ وَلَا يُحَدُّ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ تَعْرِيضَ
الزَّوْجِ بِالْقَذْفِ لَيْسَ كَتَصْرِيحِهِ بِهِ وَسَيَأْتِي أَوَّلَ بَابِ الْقَذْفِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي التَّعْرِيضِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَقْصِدُ الْإِذَايَةَ الْمَحْضَةَ وَالزَّوْجَ يَقْصِدُ صِيَانَةَ نَسَبِهِ وَشَأْنُهُ الْغَيْرَةُ عَلَى زَوْجَتِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لَغْوِ تَعْرِيضِهِ وَلِعَانِهِ بِهِ قَوْلَا الْمَعْرُوفِ ، وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ عِيَاضٍ قَذْفَهَا ، وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي حَدِّهِ بِهِ كَأَجْنَبِيٍّ أَوْ تَأْدِيبِهِ نَقْلُ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ
وَتَلَاعَنَا ، إنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَأَنْكَرَتْهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ ، وَلَمْ يَظْهَرْ ، وَتَقُولُ : مَا زَنَيْت ، وَلَقَدْ غُلِبْت ، وَإِلَّا الْتَعَنَ فَقَطْ : كَصَغِيرَةٍ تُوطَأُ
( وَتَلَاعَنَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( إنْ رَمَاهَا ) أَيْ قَذَفَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ ( بِغَصْبٍ ) أَيْ بِوَطْئِهَا مَغْصُوبَةً ( أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ) مِنْ أَجْنَبِيٍّ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا بِهِ فَمَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا ( وَأَنْكَرْته ) أَيْ الزَّوْجَةُ مَا ذَكَرَهُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْءِ الْغَصْبِ أَوْ الشُّبْهَةِ ( أَوْ صَدَّقَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فِي أَنَّهَا وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ بِشُبْهَةٍ ( وَلَمْ يَثْبُتْ ) وَطْءُ الْغَصْبِ أَوْ الشُّبْهَةِ بِبَيِّنَةٍ ( وَلَمْ يَظْهَرْ ) لِلْجِيرَانِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمَا يَتَلَاعَنَانِ .
( وَتَقُولُ ) الزَّوْجَةُ إنْ صَدَّقَتْهُ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ ( مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْهُ فَتَقُولُ : مَا زَنَيْت وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ ( وَإِلَّا ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يَظْهَرْ أَيْ وَإِنْ ثَبَتَ الْغَصْبُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ ظَهَرَ بِقَرِينَةٍ كَاسْتِغَاثَةٍ عِنْدَ النَّازِلَةِ ( الْتَعَنَ ) الزَّوْجُ فَقَطْ أَيْ دُونَ الزَّوْجَةِ لِعُذْرِهَا ، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا يُحَدُّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لِعَانُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ، نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَظَاهِرُ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْتَعِنُ إذَا كَانَ بِهَا حَمْلٌ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُلَاعِنُهَا سَوَاءٌ كَانَ بِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا خِلَافًا لِظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ إنْ فُقِدَ الْحَمْلُ فَلَا لِعَانَ ، وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُ لِعَانِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ وَالْحَدِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ فِي الْقَذْفِ أَوْ مُكْرَهَةً .
وَأَمَّا الْتِعَانُهَا فَلِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَقَرَّتْ بِالْوَطْءِ وَعَقَّبَتْهُ بِرَافِعِ الْحَدِّ ، وَنُكُولُهَا فِي صُورَةِ الْإِنْكَارِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ فِي التَّصْدِيقِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيِّ وَالصَّوَابُ إذَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ أَنْ لَا لِعَانَ عَلَيْهَا فِي الْإِقْرَارِ وَلَا فِي الْإِنْكَارِ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا أَثْبَتَ فِي الْتِعَانِهِ اغْتِصَابَهَا ،
وَمِثْلُهُ فِي نَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ فَلَا يُحَدُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ ثَبَتَ الْغَصْبُ أَوْ صَدَّقَتْهُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَا إنْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا أَحَدٌ فَلَا يُحَدُّ الزَّوْجُ لِأَنَّ مَحْمَلَ قَوْلِهِ الشَّهَادَةُ لَا التَّعْرِيضُ ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ وَقَالَ قَوْلُ ز وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ .
.
.
إلَخْ هُوَ لِمُحَمَّدٍ أَيْضًا .
وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ أَنْ لَا لِعَانَ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ قَائِلًا لَمْ أَعْلَمْ لِرَجْمِهَا وَجْهًا لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُثْبِتْ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ زِنًا ، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ عَلَيْهَا غَصْبًا فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا كَثُبُوتِ الْغَصْبِ بِالْبَيِّنَةِ ، وَلَوْ لَاعَنَتْهُ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَ بِالْتِعَانِهِ الْغَصْبَ وَتَصْدِيقُ الزَّوْجِ وَهَذَا خَارِجٌ عَمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي النُّكُولِ وَالْفِرَاقِ فِي الْحَلِفِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَ التُّونُسِيُّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَسَاقَهُ مَسَاقَ تَفْسِيرِ الْمَذْهَبِ ا هـ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لِذَلِكَ اعْتَمَدَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَبِلَ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ كُلَّهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .
شَبَّهَ فِي الْتِعَانِ الزَّوْجِ فَقَطْ فَقَالَ ( كَ ) زَوْجٍ زَوْجَةٍ ( صَغِيرَةٍ ) عَنْ سِنِّ مَنْ تَحْمِلُ ( تُوطَأُ ) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَتُطِيقُهُ عَادَةً قَذَفَهَا بِرُؤْيَةِ الزِّنَا فَيُلَاعِنُ دُونَهَا الشَّامِلِ فَإِنْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ تَحْمِلُ فَلَهُ الْمُلَاعَنَةُ اتِّفَاقًا إنْ ادَّعَى رُؤْيَةً وَهَلْ تُحَدُّ قَوْلَانِ وَوَقَفْت فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَاعَنَتْ فَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ حَدَّ الْبِكْرِ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ حَتَّى ظَهَرَ حَمْلُهَا وَجَبَ لِعَانُهَا اتِّفَاقًا فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَلَحِقَ بِهِ وَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ كَالْبِكْرِ .
وَإِنْ شَهِدَ مَعَ ثَلَاثَةٍ الْتَعَنَ ؛ ثُمَّ الْتَعَنَتْ ، وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ ؛ لَا إنْ نَكَلَتْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِزَوْجِيَّتِهِ حَتَّى رُجِمَتْ
( وَإِنْ شَهِدَ ) زَوْجٌ بِزِنَا زَوْجَتِهِ ( مَعَ ثَلَاثَةٍ ) مِنْ الرِّجَالِ وَاطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ زَوْجُهَا قَبْلَ حَدِّهَا ( الْتَعَنَ ) الزَّوْجُ ( ثُمَّ الْتَعَنَتْ ) الزَّوْجَةُ ( وَحُدَّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ الشُّهُودُ ( الثَّلَاثَةُ ) لِنَقْصِهِمْ عَنْ نِصَابِ شَهَادَةِ الزِّنَا ( لَا ) تُحَدُّ الثَّلَاثَةُ ( إنْ نَكَلَتْ ) الزَّوْجَةُ عَنْ اللِّعَانِ وَتُحَدُّ وَتَبْقَى زَوْجَةً إنْ كَانَتْ بِكْرًا رُجِمَتْ يَرِثُهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الزُّورَ لِيَقْتُلَهَا أَوْ يُقِرَّ بِهِ فَلَا يَرِثُهَا ( أَوْ لَمْ يُعْلَمْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ ( بِزَوْجِيَّتِهِ ) أَيْ كَوْنَهَا زَوْجًا لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهَا مَعَ الثَّلَاثَةِ بِالزِّنَا ( حَتَّى رُجِمَتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِالزِّنَا فَلَا تُحَدُّ الثَّلَاثَةُ وَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ يُحَدُّ دُونَ الثَّلَاثَةِ وَيَرِثُهَا وَلَا تُحَدُّ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَرُجُوعِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ يُوجِبُ حَدَّ الرَّاجِعِ فَقَطْ وَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَلَيْسَ بِخَطَإٍ صَرِيحٍ قَالَهُ الشَّارِحُ .
وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَالْأَمَةِ ، وَلِأَقَلَّ فَكَالزَّوْجَةِ
( وَإِنْ اشْتَرَى ) الزَّوْجُ ( زَوْجَتَهُ ) الْأَمَةَ وَلَيْسَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ شِرَائِهَا وَوَطِئَهَا بَعْدَهُ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ ( فَوَلَدَتْ ) وَلَدًا كَامِلًا ( لِسِتَّةٍ ) مِنْ الْأَشْهُرِ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَهُ وَنَفَاهُ ( فَ ) الْوَلَدُ ( كَ ) وَلَدِ ( الْأَمَةِ ) الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي لُحُوقِهِ بِهِ وَعَدَمِ اللِّعَانِ وَإِنْ كَانَ اسْتِبْرَاؤُهَا بَعْدَ وَطْئِهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَوَلَدَتْ لِسَنَةٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَهُوَ كَوَلَدِ الْأَمَةِ الَّتِي اسْتَبْرَأَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي انْتِفَائِهِ بِلَا لِعَانٍ ( وَ ) إنْ وَلَدَتْهُ ( لِأَقَلَّ ) مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ يَطَأَهَا بَعْدَهُ ( فَ ) وَلَدُهَا ( كَ ) وَلَدِ ( الزَّوْجَةِ ) فِي أَنَّهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ مُعْتَمَدٍ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَفِي امْتِنَاعِ اللِّعَانِ فِيهِ بِالْوَطْءِ أَوْ التَّأْخِيرِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَنَفْيُ حَمْلِ الْأَمَةِ الْمُقِرِّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا لَغْوٌ فِي اللِّعَانِ وَلَا يُنْفَى إلَّا بِادِّعَائِهِ اسْتِبْرَاءَهَا وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَهُ فِي حَمْلٍ يُمْكِنُ بَعْدَهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ : مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَأَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الشِّرَاءِ سَحْنُونٌ أَوْ لِأَكْثَرَ وَأَنْكَرَ وَطْأَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَحَمْلُهَا لِلنِّكَاحِ سَحْنُونٌ وَلَوْ لِخَمْسِ سِنِينَ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمِلْكِ .
وَحُكْمُهُ : رَفْعُ .
الْحَدِّ أَوْ الْأَدَبُ فِي الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ ، وَإِيجَابُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ ، إنْ لَمْ تُلَاعِنْ .
وَقُطِعَ نَسَبُهُ ، وَبِلِعَانِهَا : تَأْبِيدٌ وَحُرْمَتُهَا ، وَإِنْ مُلِكَتْ أَوْ انْفَشَّ حَمْلُهَا
( وَحُكْمُهُ ) أَيْ ثَمَرَةُ اللِّعَانِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ ( رَفْعُ ) أَيْ عَدَمُ ( الْحَدِّ ) عَنْ الزَّوْجِ لِقَذْفِهِ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً ( أَوْ الْأَدَبِ ) لَهُ ( فِي ) الزَّوْجَةِ ( الْأَمَةِ أَوْ الذِّمِّيَّة ) الْكِتَابِيَّةِ ( وَ ) ثَانِيهَا ( إيجَابُهُ ) أَيْ الْحَدِّ أَوْ الْأَدَبِ ( عَلَى الْمَرْأَةِ ) الْحَدُّ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَلَوْ أَمَةً وَالْأَدَبُ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ ( إنْ لَمْ تُلَاعِنْ وَ ) ثَالِثُهَا ( قَطْعُ نَسَبِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ عَنْ حَمْلٍ ظَاهِرٍ أَوْ سَيَظْهَرُ وَثَلَاثَةٌ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ أَحَدُهَا رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهَا ثَانِيهَا فَسْخُ نِكَاحِهَا ثَالِثُهَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( وَ ) يَجِبُ ( بِلِعَانِهَا ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ ( تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا ) عَلَى مُلَاعَنِهَا إنْ لَمْ يَمْلِكْهَا وَأَرَادَ نِكَاحَهَا بَلْ ( وَإِنْ مُلِكَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مَلَكَهَا مَلَاعِنُهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا ( أَوْ ) أَيْ وَإِنْ ( انْفَشَّ حَمْلُهَا ) بَعْدَ لِعَانِهَا لِنَفْيِهِ فَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ خِفْيَةً قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ الِانْفِشَاشُ بِمُلَازَمَةِ بَيِّنَةٍ لَهَا لِغَايَةِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَوَجَبَ رَدُّهَا إلَيْهِ لِتَبَيُّنِ صِدْقِهِمَا مَعًا وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ فَرْضَ مُلَازَمَةِ الْبَيِّنَةِ لَهَا بِحَيْثُ لَا تُفَارِقُهَا لِانْقِضَاءِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَأَقَلُّهُ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ مُحَالٌ عَادَةً وَتَقَدَّمَ فِي الْخُسُوفِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْفُقَهَاءِ التَّكَلُّمُ فِي خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَمَا عَزَاهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَبَعْضِ الشُّيُوخِ لَمْ أَعْرِفْهُ ا هـ .
قُلْتُ مَنْ حَفِظَهُ حُجَّةً ا هـ عب الْبُنَانِيُّ قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ انْفِشَاشُهُ بِقُرْبِ اللِّعَانِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ الْقَوَابِلِ بِعَدَمِ حَمْلِهَا فَلَا
يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
، وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قُبِلَ : كَالْمَرْأَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ ،
( وَلَوْ ) نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ اللِّعَانِ ثُمَّ ( عَادَ ) أَيْ رَجَعَ الزَّوْجُ ( إلَيْهِ ) أَيْ اللِّعَانِ بَعْدَ نُكُولِهِ عَنْهُ وَقَبْلَ حَدِّهِ لِلْقَذْفِ ( قُبِلَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ عَوْدُهُ إلَيْهِ وَشَبَّهَ فِي قَبُولِ الْعَوْدِ إلَى اللِّعَانِ بَعْدَ النُّكُولِ عَنْهُ فَقَالَ ( كَ ) عَوْدِ ( الْمَرْأَةِ ) إلَيْهِ بَعْدَ نُكُولِهَا عَنْهُ فَيُقْبَلُ ( عَلَى الْأَظْهَرِ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَهَذَا مُسَلَّمٌ لِأَنَّهُ كَرُجُوعِهَا عَنْ إقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَهُوَ مَقْبُولٌ ، وَأَمَّا قَبُولُ عَوْدِهِ إلَيْهِ فَضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ قَبُولِهِ لِاتِّهَامِهِ بِإِسْقَاطِ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ ، وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْقَذْفِ ، فَلَوْ قَالَ : وَقُبِلَ عَوْدُهَا فَقَطْ لَهُ أَوْ وَلَمْ يُقْبَلْ عَوْدُهُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لَمَشَى عَلَى الرَّاجِحِ عب الْبُنَانِيُّ الطُّرُقُ ثَلَاثٌ الْأُولَى لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّ رُجُوعَهُ مَقْبُولٌ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي رُجُوعِ الْمَرْأَةِ .
وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ يُونُسَ الْخِلَافُ فِيهِمَا .
وَالثَّالِثَةُ لِابْنِ رُشْدٍ الْخِلَافُ فِي الْمَرْأَةِ ، وَالرَّجُلُ مُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِهِ وَمَشَى الْمُصَنِّفُ فِي الرَّجُلِ عَلَى الْأُولَى وَفِي الْمَرْأَةِ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَالْمُنَاسِبُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ فِيهِمَا .
وَإِنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ : لَحِقَا ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَبَطْنَانِ ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ : إنْ أَقَرَّ بِالثَّانِي ، وَقَالَ : لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ : سُئِلَ النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ : إنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا لَمْ يُحَدَّ .
( وَإِنْ ) لَاعَنَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِنَفْيِ حَمْلِهَا فَوَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَ ( اسْتَلْحَقَ ) الْمُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ ( أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ ) أَيْ الْوَلَدَيْنِ اللَّذَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ أَمَدِ الْحَمْلِ ( لَحِقَاهُ ) مَعًا لِأَنَّهُمَا كَوَلَدٍ وَاحِدٍ وَلَوْ لَاعَنَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ انْتَفَيَا مَعًا وَيَتَوَارَثَانِ كَتَوَارُثِ الشَّقِيقَيْنِ كَتَوْأَمَيْ مُسَبَّبَةٍ وَمُسْتَأْمَنَةٍ بِخِلَافِ تَوْأَمَيْ الزَّانِيَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ فَأَخَوَانِ لِأُمٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ .
( وَإِنْ ) وَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ فَاسْتَلْحَقَ الزَّوْجُ أَحَدَهُمَا ، وَنَفَى الْآخَرَ ( وَكَانَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْوَلَدَيْنِ اللَّذَيْنِ اسْتَلْحَقَ الزَّوْجُ أَحَدَهُمَا وَنَفَى الْآخَرَ ( سِتَّةٌ ) مِنْ الْأَشْهُرِ ( فَ ) هُمَا ( بَطْنَانِ ) أَيْ حَمْلَانِ لَا يَلْحَقُ أَحَدُهُمَا بِاسْتِلْحَاقِ الْآخَرِ وَلَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ ( إلَّا أَنَّهُ ) أَيْ لَكِنْ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( قَالَ إنْ أَقَرَّ ) أَيْ الزَّوْجُ ( بِ ) الْوَلَدِ ( الثَّانِي ) الَّذِي تَأَخَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِأَنْ قَالَ : هَذَا وَلَدِي وَالْفَرْضُ أَنَّهُ إنْ اسْتَلْحَقَ الْأَوَّلَ ( وَقَالَ ) الزَّوْجُ ( لَمْ أَطَأْ ) هَا ( بَعْدَ ) وِلَادَةِ الْوَلَدِ ( الْأَوَّلِ ) وَجَوَابُ : إنْ أَقَرَّ ، وَقَالَ : ( سُئِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( النِّسَاءُ ) الْعَارِفَاتُ بِذَلِكَ .
( فَإِنْ قُلْنَ إنَّهُ ) أَيْ التَّوْأَمُ ( قَدْ يَتَأَخَّرُ ) عَنْ الْأَوَّلِ ( هَكَذَا ) أَيْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ( لَمْ ) الْأُولَى فَلَا ( يُحَدَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ الزَّوْجُ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ قَوْلُهُ : لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ نَفْيًا لِلثَّانِي صَرِيحًا لِجَوَازِ كَوْنِهِ بِالْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ الْأَوَّلُ عَمَلًا بِقَوْلِهِنَّ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا .
قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ قُلْنَ : إنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ هَكَذَا حُدَّ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالثَّانِي وَلَحِقَ بِهِ وَقُلْنَ لَا يَتَأَخَّرُ هَكَذَا صَارَ قَوْلُهُ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ قَدْ قَالَهَا وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ السِّتَّةَ إنْ
كَانَتْ قَاطِعَةً فَلَا يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ وَيُحَدُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً فَيُرْجَعُ إلَيْهِنَّ وَلَا يُحَدُّ وَهُوَ قَدْ قَالَ فِي الْأَوَّلِ إنَّهَا قَاطِعَةٌ وَيُحَدُّ وَفِي الثَّانِي يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ وَلَا يُحَدُّ فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا قَاطِعَةٌ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا أَصْلٌ ، وَقَدْ عَارَضَهَا هُنَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَفِي الْحَدِيثِ { ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ } وَأَمَّا إنْ نَفَى الْأَوَّلَ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي ، وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ لِاسْتِلْحَاقِهِ الْوَلَدَ الثَّانِي بَعْدَ نَفْيِهِ فَيُحَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ الْحَطّ .
غ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ " فَإِنْ وَضَعَتْ الثَّانِيَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُمَا بَطْنَانِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ لَاعَنَ وَنَفَى الثَّانِي إذْ هُمَا بَطْنَانِ فَسَكَتَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ هَذَا الْفَرْعِ لِجَرَيَانِهِ عَلَى أَصْلِ كَوْنِهِمَا بَطْنَيْنِ ثُمَّ جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْفَرْعِ الْمُسْتَشْكِلِ فَقَالَ وَإِنْ قَالَ : لَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ وَهَذَا الثَّانِي وَلَدِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَيُسْأَلُ النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ إنَّ الْحَمْلَ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا فَلَا يُحَدُّ وَكَانَا بَطْنًا وَاحِدًا وَإِنْ قُلْت لَا يَتَأَخَّرُ حُدَّ وَلَحِقَ بِهِ ، وَقَدْ أَشَارَ فِي التَّقْيِيدِ لِهَذَا الْإِشْكَالِ ثُمَّ انْفَصَلَ عَنْهُ أَحْسَنَ الِانْفِصَالِ ، فَقَالَ جَزَمَ أَوَّلًا بِجَعْلِهِمَا بَطْنَيْنِ ثُمَّ قَالَ : يُسْأَلُ النِّسَاءُ وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِأَجْلِ حَدِّ الزَّوْجِ حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ ثُمَّ قَالَ : وَاخْتَصَرَهَا اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِمَا جَمِيعًا وَقَالَ : لَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ سُئِلَ النِّسَاءُ فَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّانِي يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّنْظِيرُ إذْ كَأَنَّهُ نَفَاهُ وَأَثْبَتَهُ ا هـ .
وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ مَا عِنْدَ ابْنِ
عَرَفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ : إنَّمَا لَمْ يَجِدْ إذَا قَالَ النِّسَاءُ يَتَأَخَّرُ لِعَدَمِ نَفْيِهِ إيَّاهُ بِقَوْلِهِ لَمْ أَطَأْهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ بِالْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ الْأَوَّلُ عَمَلًا بِقَوْلِهِنَّ يَتَأَخَّرُ وَحُدَّ بِقَوْلِهِنَّ لَا يَتَأَخَّرُ لِنَفِيَهُ إيَّاهُ بِقَوْلِهِ : لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مُنْضَمًّا لِقَوْلِهِنَّ لَا يَتَأَخَّرُ فَامْتَنَعَ كَوْنُهُ عَنْ الْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ الْأَوَّلُ وَإِقْرَارُهُ بِهِ مَعَ ذَلِكَ فَآلَ أَمْرُهُ لِنَفْيِهِ إيَّاهُ وَإِقْرَارِهِ بِهِ فَوَجَبَ لُحُوقُهُ بِهِ وَحَدُّهُ ا هـ وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّانِي بَعْدَ أَنْ نَفَى الْأَوَّلَ وَلَاعَنَ فِيهِ وَقَرَّرَ الْإِشْكَالَ وَلَمْ يَقْبَلْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ تَحْرِيفٌ لِلْمَسْأَلَةِ بِنَقِيضِ مَا هِيَ عَلَيْهِ مَعَ وُضُوحِهَا وَشُهْرَتِهَا فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
( بَابٌ ) تَعْتَدُّ حُرَّةٌ ، وَإِنْ كِتَابِيَّةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ بِخَلْوَةِ بَالِغٍ غَيْرِ مَجْبُوبٍ أَمْكَنَ شَغْلُهَا مِنْهُ وَإِنْ نَفَيَاهُ ، وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا لَا بِغَيْرِهَا ، إلَّا أَنْ تُقِرَّ بِهِ أَوْ يَظْهَرَ حَمْلٌ ، وَلَمْ يَنْفِهِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَطْهَارٍ
( بَابٌ ) فِي الْعِدَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا .
( تَعْتَدُّ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّتَيْنِ وَشَدِّ الدَّالِ زَوْجَةٌ ( حُرَّةٌ ) إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( كِتَابِيَّةً ) طَلَّقَهَا زَوْجٌ مُسْلِمٌ أَوْ أَرَادَ نِكَاحَهَا مِنْ طَلَاقِ كَافِرٍ لَمْ يَمْضِ مِنْهُ قَدْرُهَا ( أَطَاقَتْ ) الْحُرَّةُ ( الْوَطْءَ ) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهَا وَلَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا إنْ لَمْ تُطَلِّقْهُ وَإِنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ عَلَى مَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا عِدَّةُ طَلَاقٍ وَمِنْهَا قَبْلَهَا عِدَّةُ مَنْ فِيهَا بَقِيَّةُ رِقٍّ فِي الطَّلَاقِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لِصِغَرٍ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ وَبَنَى بِهَا زَوْجُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ ابْنُ لُبَابَةَ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي سِنِّ مَنْ تَحِيضُ وَيُؤْمَنُ حَمْلُهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَهُوَ شَاذٌّ .
قُلْت قَالَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْأَمَةِ تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا تَحْمِلُ غَالِبًا كَبِنْتِ تِسْعٍ وَعَشْرٍ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ وَظَاهِرُ تَرْجِيحِ اللَّخْمِيِّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِقَوْلِهِ قِيَاسًا عَلَى الْحُرَّةِ الْمُعْتَدَّةِ أَنَّ الْحُرَّةَ لَا خِلَافَ فِيهَا ، وَنَقَلَ الصِّقِلِّيُّ وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِمْ فِي الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ لَا تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَلَوْ أَطَاقَ الْوَطْءَ يَرُدُّ بِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا مَاءَ لَهُ قَطْعًا فَلَا وَلَدَ لَهُ قَطْعًا وَنَفْيُ الْوَلَدِ عَنْ الصَّغِيرَةِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ لَا يَنْهَضُ لِلْقَطْعِ فَجَاءَ الِاحْتِيَاطُ .
اللَّخْمِيُّ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ رَأَى جَدَّةً بِنْتَ إحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَعَرَفْت أَنَّ فِي بِلَادِ مَكَّةَ مِثْلَ ذَلِكَ كَثِيرًا كَالْيَمَنِ وَصِلَةُ تَعْتَدُّ ( بِ ) سَبَبِ ( خَلْوَةِ ) زَوْجٍ ( بَالِغٍ ) بِهَا خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ
وَزِيَارَةٍ وَلَوْ مَرِيضًا مُطِيقًا أَوْ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ صَائِمَةٌ لَا بِخَلْوَةِ صَبِيٍّ وَلَوْ قَوِيٍّ عَلَى الْوَطْءِ خَالَعَ عَنْهُ وَلِيُّهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَيَقْوَى عَلَى الْوَطْءِ فَظَهَرَ بِامْرَأَتِهِ حَمْلٌ فَلَا يَلْحَقُهُ وَتُحَدُّ وَإِنْ مَاتَ فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لَوْ أَفَاتَهُ بِوَضْعِهِ لِأَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ هُوَ اللَّاحِقُ بِأَبِيهِ إلَّا الْمُلَاعَنَةُ تَحِلُّ بِوَضْعِهَا وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ بِالزَّوْجِ وَالْمَمْسُوحِ ذَكَرِهِ وَانْتِبَاهُ مِثْلِهِ ( غَيْرِ مَجْبُوبٍ ) لَا بِخَلْوَةِ بَالِغٍ بِوُجُوبٍ وَلَا بِوَطْئِهِ عِنْدَ جَمْعٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِقَوْلِ عِيَاضٍ وَالرَّجْرَاجِيِّ إنْ دَنَا مِنْ النِّسَاءِ وَالْتَذَّ وَعَالَجَ وَأَنْزَلَ ثُمَّ طَلَّقَ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَنَعَتَ " خَلْوَةً " بِجُمْلَةِ ( أَمْكَنَ شَغْلُهَا ) أَيْ الْخَلْوَةِ ( مِنْهُ ) أَيْ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ بِالْوَطْءِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ خَلْوَتِهِ بِهَا بِحَضْرَةِ نِسَاءٍ مُتَّصِفَاتٍ بِالْعَدَالَةِ وَالْعِفَّةِ أَوْ وَاحِدَةً كَذَلِكَ وَعَنْ خَلْوَةِ لَحْظَةٍ قَصِيرَةٍ عَنْ زَمَنِ الْوَطْءِ فَلَا تُوجِبُ عِدَّةً قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ .
وَتَجِبُ الْعِدَّةُ بِمَا تَقَدَّمَ إنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ فِي الْخَلْوَةِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ بَلْ ( وَإِنْ نَفَيَاهُ ) أَيْ الزَّوْجَانِ الْوَطْءَ فِيهَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى نَفْيِهِ ( وَأُخِذَا ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الزَّوْجَانِ ( بِإِقْرَارِهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بِنَفْيِهِ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لَهُمَا فَتُؤَاخَذُ الزَّوْجَةُ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مُدَّةَ الْعِدَّةِ وَبِعَدَمِ تَكْمِيلِ الْمَهْرِ وَيُؤَاخَذُ الزَّوْجُ بِعَدَمِ رَجْعَتِهَا وَمَنْعِهِ مِنْ تَزَوُّجِ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا وَرَابِعَةٍ سِوَاهَا وَيُؤَاخَذَانِ مَعًا بِأَنَّ مَنْ تَأَخَّرَتْ حَيَاتُهُ لَا يَرِثُ الْمَيِّتَ قَبْلَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ ، وَقَالَ لَمْ أَمَسَّهَا
وَصَدَّقَتْهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَكَذَا إنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ قَبَّلَ أَوْ جَرَّدَ أَوْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ إلَّا أَنْ يَطُولَ مُكْثُهُ مَعَهَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَرَى لَهَا جَمِيعَ الْمَهْرِ ، وَقَالَ قَوْمٌ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ ( لَا ) تَعْتَدُّ الزَّوْجَةُ ( بِغَيْرِهَا ) أَيْ الْخَلْوَةِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تُقِرَّ ) الزَّوْجَةُ فَقَطْ ( بِهِ ) أَيْ وَطِئَ الْبَالِغُ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ فِي غَيْرِ الْخَلْوَةِ فَتَعْتَدُّ ( أَوْ ) إلَّا أَنْ ( يَظْهَرَ ) بِهَا ( حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ ) أَيْ الزَّوْجُ الْحَمْلَ بِلِعَانٍ فَتَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ فَإِنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَلَا تَعْتَدُّ وَتَسْتَبْرِئُ بِوَضْعِهِ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ لَهَا وَلَا يَرِثُ الْحَيُّ مِنْهُمَا الْمَيِّتَ مِنْهُمَا قَبْلَ وَضْعِهِ وَصِلَةُ تَعْتَدُّ ( بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَطْهَارٍ ) بَيَانٌ أَوْ بَدَلٌ
وَذِي الرِّقِّ قُرْءَانِ وَالْجَمِيعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ ، لَا الْأَوَّلُ فَقَطْ عَلَى الْأَرْجَحِ ، وَلَوْ اعْتَادَتْهُ فِي : كَالسَّنَةِ أَوْ أَرْضَعَتْ ، أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَمَيَّزَتْ
( وَ ) عِدَّةُ الشَّخْصِ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( الرِّقِّ ) أَيْ الْأَمَةِ الرَّقِيقَةِ مِنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ أَوْ الرَّقِيقِ ( قُرْءَانِ ) بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَيْ طُهْرَانِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ الْأُولَى مُعْتَادٌ حَيْضُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ دُونَ دَمٍ غَيْرِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ قَدْرُهُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ لِلْحُرَّةِ وَقُرْءَانِ لِغَيْرِهَا وَالْمَنْصُوصُ الْقُرْءُ الطُّهْرُ ، وَاسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ مِنْ إطْلَاقِهِ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى الْحَيْضِ أَنَّهُ الْحَيْضُ وَرَجَّحَهُ وَرَدَّهُ ابْنُ بَشِيرٍ بِأَنَّهُ مَجَازٌ قُلْت كَيْفَ هَذَا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ لُغَةً بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ .
( وَالْجَمِيعُ ) أَيْ الْأَقْرَاءُ الثَّلَاثَةُ لِلْحُرَّةِ وَالْقُرْءَانِ لِلْأَمَةِ ( لِلِاسْتِبْرَاءِ ) أَيْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ فِي مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا وَلِذَا لَا تَجِبُ عَلَى مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِلِاسْتِبْرَاءِ ( لَا الْأَوَّلُ فَقَطْ ) لِلِاسْتِبْرَاءِ وَالْبَاقِي تَعَبُّدٌ ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ وَالثَّانِي لِلْقَاضِي وَرَجَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْكِتَابِيَّةِ فَتَلْزَمُهَا الثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَقُرْءُ الطَّلَاقِ فَقَطْ عَلَى الثَّانِي وَتَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ بِالْأَقْرَاءِ إنْ اعْتَادَتْ الْحَيْضَ فِيمَا دُونَ سَنَةٍ بَلْ ( وَلَوْ اعْتَادَتْهُ ) أَيْ الْحَيْضَ ( فِي كَالسَّنَةِ ) مَرَّةً وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ مَا زَادَ عَلَيْهَا إلَى تَمَامِ عَشْرِ سِنِينَ عَلَى مَا نَقَلَهُ " د " عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَإِلَى تَمَامِ خَمْسِ سِنِينَ عَلَى مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالنَّاصِرُ عَنْهُ فَمَنْ اعْتَادَتْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ أَوْ خَمْسٍ مَرَّةً تَنْتَظِرُهُ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ مَجِيئِهِ وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِنْ حَاضَتْ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُهَا وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِنْ حَاضَتْ انْتَظَرَتْ الثَّالِثَةَ أَوْ وَقْتَهَا وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ مَنْ اعْتَادَتْهُ فِي السَّنَةِ تَحِلُّ
بِتَمَامِهَا وَأَنْكَرَ وُجُودَهُ شَارِحُوهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ حَيْضَتُهَا لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عِدَّتُهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ إنْ لَمْ تَحِضْ لِوَقْتِهَا وَإِلَّا فَأَقْرَاؤُهَا وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا فَتَعَقَّبَ شَارِحِي ابْنِ الْحَاجِبِ نَقْلَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ انْتِظَارِ الْإِقْرَارِ بِانْفِرَادِهِ بِهِ حَسَنٌ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهَا حَيْضٌ مَرَّةً لَطَلَبَتْ الْحَيْضَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا اعْتَدَّتْ بِسَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ فَإِذَا جَاءَ الْحَيْضُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً انْتَظَرَتْ الْأَقْرَاءَ عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي الْمَذْهَبِ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا وَمَضَى وَقْتُهُ حَلَّتْ وَلَوْ حَاضَتْ مِنْ الْغَدِ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ بَعْدَ سَنَةٍ انْتَظَرَتْ عَادَتَهَا فَإِنْ حَاضَتْ فِي وَقْتِهِ حَلَّتْ وَإِلَّا فَسَنَةٌ بَعْدَ طُهْرِهَا وَلَا تَزَالُ كَذَا حَتَّى يَتَأَخَّرَ عَنْ عَادَتِهِ أَوْ تُكْمِلَ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ .
( أَوْ ) أَيْ وَتَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ بِالْأَقْرَاءِ وَلَوْ ( أَرْضَعَتْ ) وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِإِرْضَاعِهَا فَلَا تَعْتَدُّ بِالسَّنَةِ وَتَنْتَظِرُ الْأَقْرَاءَ حَتَّى تُتِمَّهَا أَوْ تَفْطِمَ وَلَدَهَا أَوْ يَنْقَطِعَ إرْضَاعُهَا فَتَسْتَقْبِلَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ حَتَّى أَتَمَّتْ سَنَةً مِنْ حِينِ انْقِطَاعِ الْإِرْضَاعِ حَلَّتْ لِظُهُورِ أَنَّ تَأَخُّرَهُ لَيْسَ لِلْإِرْضَاعِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فَالْمُبَالَغَةُ عَلَى هَذَا لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ( أَوْ ) أَيْ وَلَوْ ( اُسْتُحِيضَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْمُطَلَّقَةُ ( وَ ) قَدْ ( مَيَّزَتْ ) دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الْمَرَضِ بِرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ تَأَلُّمٍ لَا بِكَثْرَةٍ لِتَبَعِيَّتِهَا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ ، فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لَا بِالسَّنَةِ عَلَى الْمَشْهُور وَعَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسَنَةِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ .
وَلِلزَّوْجِ انْتِزَاعُ وَلَدِ الْمُرْضِعِ فِرَارًا مِنْ أَنْ تَرِثَهُ أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ رَابِعَةً ، إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْوَلَدِ
( وَلِلزَّوْجِ ) الْمُطَلِّقِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا مُرْضِعًا يَتَأَخَّرُ حَيْضُهَا لِإِرْضَاعِهَا ( انْتِزَاعُ وَلَدِ ) الْمُطَلَّقَةِ ( الْمُرْضِعِ ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ( فِرَارًا مِنْ أَنْ تَرِثَهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا إنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا وَلَوْ صَحِيحًا لِأَنَّ الْمَوْتَ يَفْجَأُ ( أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا ) وَنَحْوَهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا ( أَوْ رَابِعَةً ) بَدَلَهَا ( إذَا لَمْ يَضُرَّ ) الِانْتِزَاعُ ( بِالْوَلَدِ ) لِوُجُودِ مُرْضِعٍ غَيْرِهَا قَبِلَهَا الْوَلَدُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْوَلَدُ فَلَا يَجُوزُ انْتِزَاعُهُ وَإِذَا جَازَ انْتِزَاعُهُ لِقَطْعِ إرْثِهَا الْعَائِدِ نَفْعُهُ عَلَى وَارِثَةٍ غَيْرِهَا فَأَحْرَى انْتِزَاعُهُ لِإِسْقَاطِ نَفَقَتِهَا عَنْهُ وَمَحِلُّهُ إذَا تَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ لَهَا لِأَوْضَاعِهَا كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ لِتَبَيُّنِ قَصْدِهِ إضْرَارَهَا وَمِثْلُ وَلَدِهَا وَلَدُ غَيْرِهَا الَّذِي تُرْضِعُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِجَارَتِهَا وَيُقِرُّهَا قَبْلَ طَلَاقِهَا وَلِلزَّوْجَةِ طَرْحُهُ لِأَبِيهِ لِتَعْجِيلِ حَيْضِهَا وَتَزَوُّجِهَا غَيْرَ مُطَلِّقِهَا إنْ قَبِلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا وَلَهُ أَوْ لِأَبِيهِ مَالٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِشَرَفِهَا فَإِنْ قُلْت هَذِهِ لَهَا رَدُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَصْلَحَةٌ فِيهِ فَلَا يَتِمُّ هَذَا الْحَمْلُ قُلْت لَيْسَ فِي النَّقْلِ تَقْيِيدُ رَدِّهَا بِمَصْلَحَتِهَا فَلَيْسَتْ كَالْأَبِ وَعُورِضَتْ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ الْآتِي فِي الْحَضَانَةِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ تَرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ عُذْرَهُ هُنَا أَسْقَطَ حَقَّهَا فِي إرْضَاعِهِ وَحَضَانَتُهَا بَاقِيَةٌ فَيَأْتِي لَهَا بِمَنْ تَرْضِعُهُ عِنْدَهَا فَهَذِهِ مُخَصِّصَةٌ لِلْآتِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ ، أَوْ مَرِضَتْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ .
كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ وَالْيَائِسَةَ وَلَوْ بِرِقٍّ ، وَتُمِّمَ مِنْ الرَّابِعِ فِي الْكَسْرِ ، وَلَغَا يَوْمُ الطَّلَاقِ ، وَإِنْ حَاضَتْ فِي السَّنَةِ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ ، ثُمَّ إنْ احْتَاجَتْ لِعِدَّةٍ ، فَالثَّلَاثَةُ
( وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ ) الْمُسْتَحَاضَةُ دَمَ الْمَرَضِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ ( أَوْ تَأَخَّرَ ) الْحَيْضُ ( بِلَا سَبَبٍ ) ظَاهِرٍ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ ( أَوْ مَرِضَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ فَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِسَبَبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ ( تَرَبَّصَتْ ) أَيْ تَأَخَّرَتْ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ) اسْتِبْرَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ لِزَوَالِ الرِّيبَةِ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْحَمْلِ غَالِبًا وَهَلْ تُعْتَبَرُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ أَوْ مِنْ يَوْمِ ارْتِفَاعِ حَيْضِهَا قَوْلَانِ ( ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ) حُرَّةً كَانَتْ أَمْ أَمَةً وَحَلَّتْ بِتَمَامِ السَّنَةِ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِ النِّسَاءِ وَقَبْلَ التِّسْعَةِ عِدَّةٌ أَيْضًا وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : الْمَرِيضَةُ كَالْمُرْضِعِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَهُمَا بِقُدْرَةِ الْمُرْضِعِ عَلَى إزَالَةِ السَّبَبِ فَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَى الْأَقْرَاءِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ فَإِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ ذَلِكَ السَّبَبِ فَأَشْبَهَتْ الْيَائِسَةَ وَشَبَّهُ فِي الِاعْتِدَادِ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالَ ( كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ ) لِصِغَرٍ وَهِيَ مُطِيقَةٌ الْوَطْءَ أَوْ لِطَيْعِهَا وَهِيَ الْبَغْلَةُ ( وَ ) عِدَّةُ ( الْيَائِسَةِ ) مِنْ الْحَيْضِ لِكِبَرِهَا فِي السِّنِّ فَعِدَّةُ كُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً ( بِرِقٍّ ) وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى الْخِلَافِ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا شَهْرَانِ وَالْآخَرُ شَهْرٌ وَنِصْفٌ وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلِذَا سَاوَتْ الْأَمَةُ الْحُرَّةَ قَالَهُ الْمُوَضِّحُ .
( وَ ) تُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَهِلَّةِ كَامِلَةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً إنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِ اعْتَبَرَتْ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بِالْهِلَالِ ( وَتُمِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّهْرُ الْأَوَّلُ ثَلَاثِينَ
يَوْمًا ( مِنْ ) الشَّهْرِ ( الرَّابِعِ فِي ) صُورَةِ ( الْكَسْرِ ) لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ بِالطَّلَاقِ فِي أَثْنَائِهِ ( وَلَغَا ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يَحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ ( يَوْمُ الطَّلَاقِ ) الَّذِي وَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِهِ فَإِنْ وَقَعَ لَيْلًا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حُسِبَ الْيَوْمُ مِنْهَا وَكَذَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ .
وَقِيلَ لَا يُلْغَى وَتَعْتَدُّ إلَى مِثْلِ السَّاعَةِ الَّتِي طَلَّقَ أَوْ مَاتَ فِيهَا وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجَعَ إلَى أَوَّلِهِمَا ( وَلَوْ حَاضَتْ ) الْمُعْتَدَّةُ الَّتِي تَتَرَبَّصُ تِسْعَةً وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةٍ ( فِي السَّنَةِ ) وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا رَجَعَتْ إلَى اعْتِدَادِهَا بِالْأَقْرَاءِ وَ ( انْتَظَرَتْ ) الْحَيْضَةَ ( الثَّانِيَةَ ) أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ فَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةُ وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِنْ حَاضَتْ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا انْتَظَرَتْ تَمَامَ سَنَةٍ ( وَ ) الْحَيْضَةَ ( الثَّالِثَةَ ) فَتَحِلُّ بِالسَّابِقِ مِنْهُمَا هَذَا فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ تَحِلُّ بِالثَّانِيَةِ أَوْ تَمَامِ سَنَةٍ بَيْضَاءَ قَبْلَهَا .
( ثُمَّ إنْ احْتَاجَتْ ) مَنْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً وَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ وَلَمْ يَأْتِهَا دَمٌ لَا فِيهَا وَلَا بَعْدَهَا ( لِعِدَّةٍ ) مِنْ طَلَاقٍ آخَرَ ( فَ ) الْأَشْهُرُ ( الثَّلَاثَةُ ) عِدَّتُهَا ابْتِدَاءً بِلَا تَرَبُّصٍ تِسْعَةً لِصَيْرُورَتِهَا يَائِسَةً ، فَإِنْ كَانَ أَتَاهَا دَمٌ ثُمَّ احْتَاجَتْ لِعِدَّةٍ جَرَى فِيهَا مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَوَجَبَ إنْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ ، فَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ ، وَلَا يَعْقِدُ ، أَوْ غَابَ غَاصِبٌ أَوْ سَابٍ أَوْ مُشْتَرٍ وَلَا يُرْجَعُ لَهَا قَدْرُهَا ،
( وَوَجَبَ ) عَلَى الْحُرَّةِ زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ أَيِّمًا ( إنْ وُطِئَتْ ) بِضَمِّ الْوَاوِ ( بِزِنًا أَوْ ) وُطِئَتْ ب ( شُبْهَةٍ ) لِنِكَاحٍ كَغَلَطٍ أَوْ عَقْدِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مُجْمَعٍ عَلَى فَسَادِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ خَامِسِيَّةٍ مَعَ شُبْهَةٍ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَإِلَّا فَهُوَ زِنًا لَكِنَّ هَذَا عِدَّةٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ شُبْهَةً فَهُوَ اسْتِبْرَاءٌ ( وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ ) زَوْجَتَهُ الَّتِي وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْهُ وَإِلَّا فَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَقِيلَ : يُبَاحُ وَقِيلَ خِلَافُ الْأُولَى ، ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ يُونُسَ وَفِي الْبَيَانِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ التَّحْرِيمُ وَبِهِ أُجِيبَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَالْمِعْيَارِ عَنْ الْعُقْبَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يَنْفُشُ الْحَمْلُ فَيَخْلِطُ مَاءَهُ بِمَاءِ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( وَلَا يَعْقِدُ ) أَحَدٌ نِكَاحًا عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ أَيِّمًا زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا سَوَاءٌ كَانَ زَوْجَهَا الَّذِي فَسَخَ نِكَاحَهُ أَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ امْتَنَعَ فِيهِ الِاسْتِمْتَاعُ امْتَنَعَ الْعَقْدُ فِيهِ ، إلَّا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالصِّيَامُ وَالِاعْتِكَافُ ( أَوْ غَابَ ) عَلَى الْحُرَّةِ غَيْبَةً يُمْكِنُ الْوَطْءُ فِيهَا ( غَاصِبٌ أَوْ سَابٍ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفَةٌ كَافِرٌ حَرْبِيٌّ ( أَوْ مُشْتَرٍ ) جَهْلًا أَوْ فِسْقًا ثُمَّ خَلَصَتْ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْوَطْءِ ( وَلَا يُرْجَعُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ ( لَهَا ) أَيْ لَا تُصَدَّقُ الْحُرَّةُ فِي نَفْيِهَا وَطْءَ مَنْ ذُكِرَ لِاتِّهَامِهَا بِالْحَيَاءِ وَدَفْعِ الْمَعَرَّةِ عَنْ نَفْسِهَا وَفَاعِلُ وَجَبَ .
( قَدْرُهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ بِالتَّفْصِيلِ السَّابِقِ فَذَاتُ الْحَيْضِ غَيْرُ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ زَمَنِهِ أَوْ الْمُتَأَخِّرِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَالْيَائِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ وَالْبَغْلَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَالْمُتَأَخِّرُ حَيْضُهَا بِلَا سَبَبٍ أَوْ لِمَرَضٍ
وَالْمُسْتَحَاضَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ سَنَةٌ وَفَائِدَةُ اسْتِبْرَاءِ الْحُرَّةِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَوَلَدُهَا لِفِرَاشِ زَوْجِهَا سُقُوطُ حَدِّ الْقَذْفِ عَمَّنْ رَمَى وَلَدَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نَحْوِ الزِّنَا بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ وَحُدَّ مَنْ رَمَى وَلَدَهَا لِأَقَلَّ مِنْهَا بِذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ بِنَفْيِ النَّسَبِ لَا بِإِثْبَاتِ الشُّبْهَةِ إذْ هِيَ لَا تَسْتَلْزِمُ نَفْيَ النَّسَبِ بِدَلِيلِ لُحُوقِهِ فِي نَفْسِ الْمَسْأَلَةِ ا هـ .
وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ رُبَّمَا تَسْلَمُ مِنْ هَذَا الْبَحْثِ وَنَصَّهَا " وَاسْتَشْكَلَ لُزُومَ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ وُجُوبِ لُحُوقِ الْوَلَدِ وَأُجِيبَ بِإِفَادَتِهِ نَفْيَ تَعْرِيضِ مَنْ قَالَ لِذِي نَسَبٍ مِنْهُ يَا ابْنَ الْمَاءِ الْفَاسِدِ ا هـ .
فَإِنَّ الْمَاءَ الْفَاسِدَ فِيهِ تَعْرِيضٌ بِنَفْيِ النَّسَبِ لِإِطْلَاقِهِ عَلَى مَاءِ الزِّنَا أَيْضًا بِخِلَافِ الشُّبْهَةِ وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحُرَّةِ فَقَطْ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ فِي بَابِهِ ، وَلِئَلَّا يَتَعَقَّبَ بِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي عِدَّةِ الْأَمَةِ قُرْآنِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ سَنَةٌ وَاسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ نَحْوِ الزِّنَا حَيْضَةٌ نَقَلَهُ ق عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّهُ : وَفِيهَا لُزُومُ ذَاتِ الرِّقِّ الْعِدَّةَ كَالْحُرَّةِ وَاسْتِبْرَاؤُهَا فِي الزِّنَا وَالِاشْتِبَاهِ حَيْضَةٌ ا هـ .
وَنُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عِمْرَانَ وَالْجَلَّابِ وَقَوْلُهُ : قَدْرُهَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ كَعِدَّتِهَا وَقَدْ اسْتَثْنَوْا اسْتِبْرَاءَهَا لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا فِي الزِّنَا أَوْ لِقَتْلِهَا بِالرِّدَّةِ وَاَلَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمَلَاعِنُ فَإِنَّهُ بِحَيْضَةٍ وَنَظَمَهَا عج بِقَوْلِهِ : وَالْحُرَّةُ اسْتِبْرَاؤُهَا كَالْعِدَّةِ لَا فِي لِعَانٍ وَزِنًا وَرِدَّةٍ فَإِنَّهَا فِي كُلِّ ذَا تَسْتَبْرِئُ بِحَيْضَةٍ فَقَطْ وُقِيَتْ الضُّرَّا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَقَلَهُ
الْمُوَضِّحُ فِي الْفَقْدِ وَالشَّارِحُ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ : وَحُرِّمَ فِي زَمَنِهِ أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ الِاسْتِمْتَاعُ لِأَنَّهُ فِي أَمَةٍ تَجَدَّدَ مِلْكُهَا لَمْ يَسْبِقْ فِيهَا اسْتِمْتَاعٌ ، وَمَا هُنَا فِي زَوْجَةٍ سَبَقَ لَهُ فِيهَا اسْتِمْتَاعٌ لَكِنْ نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَنْعَ وَلَعَلَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ .
ا هـ .
عب الْبُنَانِيُّ مَا نَقَلَهُ عَنْ عِيَاضٍ لَاعَنَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَنَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ سِيَاقُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَجَدَّدَ مِلْكُهَا لَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي إمْضَاءِ الْوَلِيِّ وَفَسْخِهِ : تَرَدُّدٌ .
( وَ ) إذَا زَوَّجَ أَجْنَبِيٌّ شَرِيفَةً بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ وَلَهَا وَلِيٌّ غَيْرُ مُجْبَرٍ وَدَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا وَلَمْ يُطِلْ وَخَيَّرَ وَلِيَّهَا فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ ، أَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَدَخَلَ أَوْ سَفِيهٌ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَدَخَلَ وَخُيِّرَ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ فِي الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ فَاخْتُلِفَ ( فِي ) إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ ب ( إمْضَاءِ الْوَلِيِّ ) نِكَاحَ الشَّرِيفَةِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ السَّفِيهِ مِنْ الْمَاءِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ لِأَنَّهُ حَرَامٌ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ مَاؤُهُ وَهُوَ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ( أَوْ ) إيجَابُهُ ب ( فَسْخِهِ ) أَيْ الْوَلِيِّ النِّكَاحَ الْمَذْكُورَ وَأَرَادَ زَوْجُهَا تَزَوُّجَهَا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ فِي تَزَوُّجِهَا أَوْ وَلِيُّ السَّفِيهِ فِي تَزَوُّجِهَا لِذَلِكَ وَعَدَمُهُ ( تَرَدُّدٌ ) فَإِنْ كَانَ الْإِمْضَاءُ أَوْ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ ، وَإِنْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ تَزَوُّجَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْهُ اتِّفَاقًا .
الْبُنَانِيُّ نَقْلُ التَّوْضِيحِ و ق أَنَّهُمَا فِي الْفَسْخِ تَأْوِيلَانِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَسَبَ وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَعَدَمَهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ ز وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ ، وَإِنْ لَحْظَةً فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ ، إنْ طَلُقَتْ لِكَحَيْضٍ .
وَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ ؟ تَأْوِيلَانِ .
( وَاعْتَدَّتْ ) أَيْ احْتَسَبَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي طُهْرٍ ( بِطُهْرِ الطَّلَاقِ ) فَجَعَلَتْهُ قُرْءً أَوَّلَ إنْ طَالَ بَعْدَ الطَّلَاقِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( لَحْظَةً ) يَسِيرَةً جِدًّا فَإِذَا حَاضَتْ عَقِبَ الطَّلَاقِ فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا الْأَوَّلُ فَإِنْ طَهُرَتْ نِصْفَ شَهْرٍ وَحَاضَتْ ثَانِيَةً فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا الثَّانِي فَإِنْ طَهُرَتْ كَذَلِكَ وَحَاضَتْ ثَالِثَةً فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا الثَّالِثُ ( فَتَحِلُّ ) لِلْأَزْوَاجِ ( بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ عَدَمُ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَوْرًا وَدَوَامُهُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ ( أَوْ ) أَوَّلِ الْحَيْضَةِ ( الرَّابِعَةِ ) بِالنِّسْبَةِ لِحَيْضَةِ الطَّلَاقِ ( إنْ طَلُقَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( بِكَحَيْضٍ ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ النِّفَاسَ لِأَنَّهَا بِالْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ تَمَّ قُرْؤُهَا الْأَوَّلُ وَبِالثَّالِثَةِ تَمَّ قُرْؤُهَا الثَّانِي وَبِالرَّابِعَةِ تَمَّ الثَّالِثُ .
( وَهَلْ يَنْبَغِي ) لِلْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ مِنْ الطَّلَاقِ أَيْ وَهَلْ مَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَنْبَغِي ( أَنْ لَا تُعَجِّلَ ) الْمُعْتَدَّةُ التَّزَوُّجَ ( ب ) مُجَرَّدِ ( رُؤْيَتِهِ ) أَيْ دَمِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ إنْ طَلُقَتْ بِطُهْرٍ أَوْ الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِحَيْضِ الْوُجُوبِ فَيَكُونُ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ أَوْ مَعْنَاهُ النَّدْبُ فَلَا يُخَالِفُهُ فِي الْجَوَابِ ، ( تَأْوِيلَانِ ) وَذَلِكَ أَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَلِأَشْهَبَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِالنِّكَاحِ أَوَّلَ الدَّمِ فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِحَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى النَّدْبِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَكْثَرِ الشُّيُوخِ أَوْ خِلَافٌ بِحَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ وَهَذَا تَأْوِيلُ غَيْرِ وَاحِدٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ لِقَوْلِهِ هُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِيهَا لِأَشْهَبَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ وَهَلْ وِفَاقُ تَأْوِيلَانِ
لَكَانَ أَوْضَحُ وَاَللَّه أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا طُهْرُ الطَّلَاقِ قُرْءٌ وَلَوْ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْهُ وَفِي انْقِضَائِهَا بِأَوَّلِ جُزْءِ دَمِهَا اضْطِرَابٌ سَمَحَ الْقَرِينَانِ لِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ إذَا حَاضَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ قَبْلَ طُهْرِهَا وَلَكِنْ لَا تُعَجِّلُ حَتَّى تُقِيمَ أَيَّامًا فَتَعْلَمَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا تُعَجِّلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَإِلَّا تَنَاقَضَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ فِيهَا يَنْبَغِي أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُعَجِّلَ لِتَعْلَمَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ بِتَمَادِيهَا يَأْتِي عَلَى سَمَاعِهِ هَذَا وَعَلَى أَنَّ لِأَقَلِّ دَمِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِبْرَاءِ حَدًّا فِي كَوْنِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةً قَوْلَا ابْنِ مَسْلَمَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَيَأْتِي عَلَى أَنَّ لِأَقَلِّهِ حَدًّا قَوْلُهُ إنْ انْقَطَعَ وَجَبَ رُجُوعُهَا لِبَيْتِهَا وَلِزَوْجِهَا رَجْعَتُهَا لِأَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضٌ فِي الظَّاهِرِ يُوجِبُ انْتِقَالَهَا مِنْ مَسْكَنِ الزَّوْجِ وَيُبِيحُ تَزْوِيجَهَا بِكَرَاهَةٍ وَيَمْنَعُ ارْتِجَاعَ زَوْجِهَا إيَّاهَا فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ وَلَمْ يَعُدْ عَنْ قُرْبٍ ، وَكَانَتْ تَزَوَّجَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا ، وَصَحَّتْ رَجْعَةُ زَوْجِهَا إنْ كَانَ ارْتَجَعَهَا وَلَهُ رَجْعَتُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ ارْتَجَعَهَا وَإِنْ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ تَمَّ نِكَاحُهَا وَبَطَلَتْ رَجْعَتُهَا لِإِضَافَةِ الدَّمِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ طُهْرٍ لَغْوٌ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا لَا حَدَّ لَهُ .
وَالدَّفْعَةُ حَيْضٌ يُعْتَدُّ بِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَهِيَ رِوَايَتُهُ فِيهَا إذَا دَخَلَتْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ فِي الدَّمِ بِأَوَّلِ مَا تَدْخُلُ تَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي وَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِأَوَّلَ مَا تَرَاهُ مِنْ الدَّمِ وَلَا مَعْنَى لِاسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ لِأَنَّ الدَّمَ إنْ انْقَطَعَ فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ فَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ فَكَانَ كَدَوَامِهِ وَإِنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ فَالْأَوَّلُ حَيْضٌ مُسْتَقِلٌّ وَسَحْنُونٌ أَوْجَبَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ حَتَّى
تُقِيمَ فِي الدَّمِ إقَامَةً يُعْلَمُ بِهَا أَنَّهَا حَيْضَةٌ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَلَا تَبِينُ مُطَلَّقَةٌ وَلَا تَحِلُّ أَمَةٌ مُسْتَبْرَأَةٌ وَلَا يَضْمَنُهَا مُبْتَاعُهَا بِأَوَّلِ الدَّمِ حَتَّى يَتَمَادَى ، وَيَعْلَمَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي اسْتِبْرَائِهَا إنْ رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وَانْقَطَعَ يُرِيدُ وَلَمْ يَعُدْ حَتَّى مَضَى مَا يَكُونُ طُهْرًا يُسْأَلُ النِّسَاءُ إنْ قُلْنَ يَكُونُ هَذَا حَيْضًا يَكُونُ اسْتِبْرَاءً وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ إنْ قُلْنَ لَا يَكُونُ حَيْضًا يَكُونُ فِي حُكْمِهِ عَلَى مَا سَمِعَهُ أَشْهَبُ وَعَلَى فَصْلِ هَذَا الدَّمِ مِمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ عِدَّةً لِقِلَّتِهِ فِي عَدَمِ قَضَاءِ صَلَاةِ أَيَّامِهِ وَوُجُوبِهِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ وَهُوَ شُذُوذُ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ ابْنِ سَعْدُونٍ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا تَحِلُّ مُطَلَّقَةٌ إلَّا بِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ كَقَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ .
قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ وَفِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا إذَا رَأَتْ أَوَّلَ قَطْرَةٍ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ تَمَّ قُرْؤُهَا وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ أَشْهَبَ اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا تَجْعَلَ حَتَّى يَتَمَادَى دَمُهَا عِيَاضٌ كُلُّ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَوَّلِهَا عِنْدِي لِأَشْهَبَ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَاخْتَصَرَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ عَلَى أَنَّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ قَوْلَ أَشْهَبَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ سَحْنُونٌ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ
وَرُوجِعَ النِّسَاءُ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ هُنَا هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ ، وَفِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرَهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ .
أَوْ لَا
( وَرُجِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لِلنِّسَاءِ ) الْعَارِفَاتِ ( فِي قَدْرِ ) أَقَلِّ زَمَنِ ( الْحَيْضِ هُنَا ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ ( هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ ) الَّذِي لَهُ بَالٌ لِاخْتِلَافِ قَدْرِ زَمَنِ الْحَيْضِ فِي النِّسَاءِ بِالنَّظَرِ إلَى الْبُلْدَانِ فَقَدْ تَعُدُّ الْعَارِفَاتُ الْيَوْمَ حَيْضًا بِاعْتِبَارِ عَادَةِ نِسَاءِ بَلَدِهِنَّ وَقَدْ تَعُدُّ عَارِفَاتٌ أُخَرُ أَقَلَّ مِنْهُ حَيْضًا بِاعْتِبَارِ عَادَةِ نِسَاءِ بَلَدِهِنَّ أَيْضًا .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ لَا يَرْجِعُ فِيهِمَا لِلنِّسَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ كَالْيَوْمِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ كَافٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ فَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ الْبُنَانِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ فَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ وَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ وَعَلَى تَأْوِيلِهِمْ مَشَى الْمُصَنِّفُ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُمَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الدَّمِ وَإِنْ انْقَطَعَ وَرَأَوْا أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مِقْدَارِ الْحَيْضِ هُنَا كَالْعِبَادَةِ وَلَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ نَفْيُ التَّحْدِيدِ وَإِسْنَادُ الْحُكْمِ لِمَا يَقُولُ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
( وَ ) رُجِعَ لِلنِّسَاءِ ( فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ ) هَلْ ( يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوْ لَا ) يُولَدُ لَهُ فَلَا تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ عب هَذَانِ ضَعِيفَانِ وَالرَّاجِحُ فِي الْأَوَّلِ سُؤَالُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَفِي الثَّانِي اعْتِدَادُهَا بِلَا سُؤَالٍ الْبُنَانِيُّ تَبِعَ فِي الْأَوَّلِ ق إذْ نَقْلُ نَصِّ عِيَاضٍ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فِيمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَأَجَابَ طفي بِأَنَّ
أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ يَرْجِعُونَ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُهُنَّ فَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ النِّسَاءُ ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَعِيَاضٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ عِيَاضًا جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ خِلَافُ مَذْهَبِ الْكِتَابِ ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَعْرِفَةُ الْوِلَادَاتِ وَهَذَا بَابُ النِّسَاءِ وَكَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اعْتَمَدَ كَلَامَ عِيَاضٍ وَأَمَّا الثَّانِي فَتَبِعَ فِيهِ ح حَيْثُ اعْتَمَدَ قَوْلَ صَاحِبِ النُّكَتِ إذَا كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدٌ وَلَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الْخُصْيَتَيْنِ قَائِمَ الذَّكَرِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ يَطَأُ بِذَكَرِهِ وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخُصْيَتَيْنِ فَهَذَا إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ حَفِظَتْ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ ا هـ .
ح وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ مَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ كَلَامُ النُّكَتِ وَإِيَّاهُ اعْتَمَدَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ ا هـ وَكَلَامُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ كَلَامَ عِيَاضٍ وَنَصُّهُ : " الْخَصِيُّ إنْ كَانَ قَائِمَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضَهُ وَهُوَ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ بَاقِيهِمَا أَوْ إحْدَاهُمَا فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لِأَنَّهُ يُشْكِلُ إذَا قُطِعَ بَعْضُ ذَكَرِهِ دُونَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ أُنْثَيَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ ذَكَرِهِ هَلْ يَنْسِلُ وَيُنْزِلُ أَمْ لَا ا هـ فَنَسَبَ الْمَسْأَلَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَكَانَ ح لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَعَلَى وُقُوفِهِ عَلَيْهِ فَلَا مُوجِبَ لِتَرْجِيحِ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَكَذَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ ح نَقَلَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُهَا " أَوْ الْخَصِيُّ لَا يَلْزَمُهُ وَلَدٌ إنْ أَتَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ
أَنَّهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَا تَرَاهُ الْيَائِسَةُ ، هَلْ هُوَ حَيْضٌ لِلنِّسَاءِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا ، وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ وَالطُّهْرُ كَالْعِبَادَةِ
( وَ ) رُجِعَ لِلنِّسَاءِ فِي ( مَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ ) أَيْ الْمَشْكُوكُ فِي يَأْسِهَا وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً وَلَمْ تَبْلُغْ سَبْعِينَ ( هَلْ هُوَ حَيْضٌ ) وَصِلَةُ رُجِعَ ( لِلنِّسَاءِ ) الْعَارِفَاتِ بِأَحْوَالِ الْحَيْضِ فَمَنْ بَلَغَتْ السَّبْعِينَ دَمُهَا غَيْرُ حَيْضٍ قَطْعًا وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ الْخَمْسِينَ دَمُهَا حَيْضٌ قَطْعًا فَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ فِيهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَاتِ السَّبْعِينَ الْمُوفِيَةُ لَهَا وَقَوْلُهُ لِلنِّسَاءِ الْجَمْعُ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَيُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ ، بِشَرْطِ سَلَامَتِهَا مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ ( بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ ) الْمُعْتَدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ بِالْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ تَرَى الدَّمَ أَثْنَاءَ الْأَشْهُرِ فَهُوَ حَيْضٌ ( إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا ) لَا نَحْوُ بِنْتِ سَبْعٍ فَمَا تَرَاهُ دَمَ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ ( وَانْتَقَلَتْ ) الصَّغِيرَةُ الَّتِي يُمْكِنُ حَيْضُهَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ ( لِلْأَقْرَاءِ ) وَأَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَشْهُرِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهَا يَوْمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْحَيْضَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا يَرْجِعُ فِي دَمِهَا لِلنِّسَاءِ ( وَالطُّهْرُ ) فِي الْعِدَّةِ أَقَلُّهُ ( ك ) أَقَلِّهِ فِي ( الْعِبَادَةِ ) نِصْفُ شَهْرٍ .
وَإِنْ أَتَتْ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَحِقَ بِهِ ، إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ وَتَرَبَّصَتْ إنْ ارْتَابَتْ بِهِ ، وَهَلْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا ؟ خِلَافٌ .
وَفِيهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الْخَمْسِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ لِخَمْسَةٍ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَحُدَّتْ وَاسْتُشْكِلَتْ
( وَإِنْ أَتَتْ ) مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ ( بَعْدَهَا ) أَيْ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْأَشْهُرِ فِي الْوَفَاةِ ( بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدٍ ) أَيْ مُدَّةِ ( الْحَمْلِ ) مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ وَطْئِهِ عَنْهَا ( لَحِقَ ) الْوَلَدُ ( بِهِ ) أَيْ الْمُطَلِّقِ أَوْ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ قَبْلَ حَيْضَةٍ مِنْ عِدَّتِهَا أَوْ بَعْدَهَا وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ تَزَوُّجِ الثَّانِي فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ ( إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ ) أَيْ الْوَلَدَ الزَّوْجُ الْحَيُّ ( بِلِعَانٍ ) تت وَلَا يَضُرُّهَا إقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّ دَلَالَةَ الْقُرْءِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ أَكْثَرِيَّةٌ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي بَعْدَ حَيْضَةٍ مِنْ عِدَّتِهَا وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ تَزَوُّجِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ ( وَتَرَبَّصَتْ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ تَأَخَّرَتْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ ( إنْ ارْتَابَتْ ) أَيْ شَكَّتْ وَتَحَيَّرَتْ ( بِهِ ) أَيْ الْحَمْلِ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ ( وَهَلْ ) تَتَرَبَّصُ ( خَمْسًا ) مِنْ السِّنِينَ ( أَوْ أَرْبَعًا ) مِنْ السِّنِينَ فِي الْجَوَابِ ( خِلَافٌ ) ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ أَقْصَاهُ أَرْبَعَ سِنِينَ أَوْ خَمْسًا ثَالِثُ رِوَايَاتِ الْقَاضِي سَبْعٌ ، وَرَوَى أَبُو عُمَرَ سِتًّا وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأُولَى ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي الْمَشْهُورَ وَعَزَا الْبَاجِيَّ الثَّانِيَةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ الْمُتَيْطِيِّ بِالْخَمْسِ الْقَضَاءِ ، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِنْ زَادَتْ مَكَثَتْ إلَى ارْتِفَاعِهَا الْحَطّ فَإِذَا مَضَتْ الْخَمْسَةُ أَوْ الْأَرْبَعَةُ حَلَّتْ وَلَوْ بَقِيَتْ الرِّيبَةُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُرْتَابَةُ فِي الْحَمْلِ يُجَسُّ بَطْنُ عِدَّتِهَا بِوَضْعِهِ أَوْ مُضِيُّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِهِ .
( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( لَوْ تَزَوَّجَتْ ) الْمُرْتَابَةُ بِالْحَمْلِ ( قَبْلَ )
تَمَامِ ( الْخَمْسِ ) سِنِينَ ( بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ لِخَمْسَةِ ) أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي ( لَمْ يَلْحَقْ ) الْوَلَدُ ( بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ) وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي لِأَنَّهُ نَكَحَ حَامِلًا ، وَلَمْ يَلْحَقْ بِالْأَوَّلِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ بِشَهْرٍ وَلَا بِالثَّانِي لِنَقْصِهِ عَنْ أَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ شَهْرًا ( وَحُدَّتْ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَرْأَةُ حَدَّ الزِّنَا ( وَاسْتَشْكَلَتْ ) الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيِّ بِأَنَّ تَحْدِيدَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ بِخَمْسِ سِنِينَ لَيْسَ فَرْضًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا مِنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُنْفَى الْوَلَدُ وَتُحَدُّ الْمَرْأَةُ بِمُجَاوَزَتِهِ بِشَهْرٍ وَعَزَا ابْنُ يُونُسَ اسْتِعْظَامَ هَذَا لِلْقَابِسِيِّ ، وَنَصُّهُ حَكَى لَنَا بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الْقَابِسِيَّ كَانَ يَسْتَعْظِمُ أَنْ يُنْفَى الْوَلَدُ عَنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَأَنْ تُحَدَّ الْمَرْأَةُ حِينَ زَادَتْ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ شَهْرًا كَأَنَّ الْخَمْسَ سِنِينَ فَرْضٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .
وَقَدْ اخْتَلَفَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَغَيْرُهُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ فَقَالَ مَرَّةً يَلْحَقُ إلَى سَبْعِ سِنِينَ وَقَالَ إلَى دُونِ ذَلِكَ فَكَيْفَ يُنْفَى الْوَلَدُ وَتُرْجَمُ الْمَرْأَةُ وَالْخِلَافُ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ وَفَرَضَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُرْتَابَةِ وَهِيَ مَحَلُّ الْإِشْكَالِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَتُحَدُّ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَعِدَّةُ الْحَامِلِ فِي طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ ، وَإِلَّا فَكَالْمُطَلَّقَةِ إنْ فَسَدَ : كَالذِّمِّيَّةِ تَحْتَ ذِمِّيٍّ ، وَإِلَّا فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ؛ وَإِنْ رَجْعِيَّةً إنْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا ، وَقَالَ النِّسَاءُ : لَا رِيبَةَ بِهَا ، وَإِلَّا انْتَظَرَتْهَا إنْ دَخَلَ بِهَا
( وَعِدَّةُ ) الزَّوْجَةِ ( الْحَامِلِ ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً مِنْ زَوْجٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ ( فِي وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ وَضْعُ حَمْلِهَا ) اللَّاحِقِ بِزَوْجِهَا أَوْ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ ( كُلِّهِ ) بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ ، وَاحْتَرَزَ بِكُلِّهِ عَنْ وَضْعِ بَعْضِهِ فَلَا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ احْتِيَاطًا .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ تَخْرُجُ بِوَضْعِ ثُلُثَيْهِ لِتَبَعِيَّةِ الْأَقَلِّ الْأَكْثَرَ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدَ وَضْعِ بَعْضِهِ حَلَّتْ بِخُرُوجِ بَاقِيهِ ، وَلَوْ الْأَقَلَّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَرَاءَتِهَا فَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ بَاقِيهِ ، أَوْ بَعْدَهُ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ احْتِيَاطًا وَلَهُ رَجْعَتُهَا قَبْلَ خُرُوجِ بَقِيَّتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَاحْتَرَزَ بِاللَّاحِقِ أَوْ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ عَنْ الْحَمْلِ الَّذِي لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ لِكَوْنِ الزَّوْجِ صَبِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا مَثَلًا فَلَا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَلْ بِأَقْصَى الْأَمْرَيْنِ وَضْعُهُ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ وَعَشَرَةٌ فَتَحِلُّ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَتَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْأَقْرَاءِ بَعْدَ وَضْعِهِ وَلَا تُحْتَسَبُ بِحَيْضِهَا ، وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ تَعُدُّ وَضْعَهُ قُرْءًا أَوْ لَا إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ لِوَطْءٍ صَحِيحٍ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَتَخْرُجُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ تَمَّتْ عِدَّتُهَا مِنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ فَلَا يُعْتَبَرُ طَلَاقُ الْأَوَّلِ وَلَا وَفَاتُهُ ، وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَكَيْفَ يَطَؤُهَا الثَّانِي بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ مِلْكٍ وَأَجَابَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ بِأَنْ يُتَصَوَّرَ فِي الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا إذَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَرُدَّتْ لَهُ .
وَإِنْ
وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ مِنْ الثَّانِي وَلَا يَقْرَبُهَا الْأَوَّلُ إلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءَ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرَ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ قَبْلَ وَضْعِهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَا تَحِلُّ بِالْوَضْعِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَا بِتَمَامِهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ كَفَاهَا وَضْعُهُ إنْ كَانَ مُضْغَةً أَوْ مَا بَعْدَهَا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْحَمْلُ ( دَمًا اجْتَمَعَ ) بِحَيْثُ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ حَارٌّ لَا يَذُوبُ وَهِيَ الْعَلَقَةُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَشْكَلَ أَمْرُ الْخَارِجِ مِنْ الدَّمِ هَلْ هُوَ وَلَدٌ أَوْ دَمٌ اُخْتُبِرَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ فَإِنْ كَانَ دَمًا انْحَلَّ وَإِنْ كَانَ وَلَدًا فَلَا يَزِيدُهُ ذَلِكَ إلَّا شِدَّةً وَظَاهِرُ قَوْلِهِ : وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَلَوْ بَعْدَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظُنَّ وُجُودُهُ بِبَطْنِهَا حِينَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَلَوْ مَيِّتًا وَكَذَا إنْ شَكَّ فِي وُجُودِهِ عِنْدَ جَمْعٍ .
وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي : الْمَشْهُورُ الِاكْتِفَاءُ بِمُضِيِّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ د وَضْعِ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَلَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْ ابْنِ دَحُونٍ وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا لِلْحَمْلِ وَقَدْ مَاتَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِمَوْتِهِ فِي بَطْنِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَامِلًا ( فَ ) عِدَّتُهَا ( كَ ) عِدَّةِ ( الْمُطَلَّقَةِ ) فِي كَوْنِهَا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَبِقُرْأَيْنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً ( إنْ فَسَدَ ) نِكَاحُهَا بِإِجْمَاعٍ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً اُسْتُبْرِئَتْ بِالْأَشْهُرِ وَيَأْتِي حُكْمُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَشَبَّهَ فِي اعْتِدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا كَالْمُطَلَّقَةِ فَقَالَ ( كَ ) الزَّوْجَةِ ( الذِّمِّيَّةِ ) الْحُرَّةِ غَيْرِ الْحَامِلِ ( تَحْتَ ) أَيْ زَوْجَةُ زَوْجٍ ( ذِمِّيٍّ ) مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَأَرَادَ مُسْلِمٌ تَزَوُّجَهَا أَوْ
تَرَافَعَا إلَيْنَا ، وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ وَمَفْهُومُ " تَحْتَ ذِمِّيٍّ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ لَجُبِرَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ مِنْ طَلَاقِهِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَعَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةٍ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا فِي وَفَاتِهِ أَرَادَ مُسْلِمٌ تَزَوُّجَهَا أَمْ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْمَيِّتِ ، إمَّا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ } الْآيَةَ ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ وَهَذَا يُغَلَّبُ فِيهِ جَانِبُ الْمُسْلِمِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ مَجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا اتِّفَاقًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلَوْ نِكَاحَ مَرِيضٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ الشَّارِحُ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا فِي الْوَفَاةِ لِحُرٍّ أَوْ عَبْدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً ( فَ ) عِدَّتُهَا ( أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ) مِنْ الْأَيَّامِ لِتَحَرُّكِ الْجَنِينِ غَالِبًا فِي الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ وَزِيدَ الْعَشْرُ لِأَنَّهَا قَدْ تَنْقُصُ أَوْ تَتَأَخَّرُ حَرَكَةُ الْجَنِينِ عَنْهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً .
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( رَجْعِيَّةً ) فَتَنْتَقِلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ لِلْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ وَتَنْهَدِمُ الْأُولَى لِأَنَّهَا لِلتَّعَبُّدِ لَا لِلِاسْتِبْرَاءِ وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَاحْتَرَزَ بِالرَّجْعِيَّةِ عَنْ الْبَائِنِ إذَا مَاتَ مُطَلِّقُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاءِ وَتَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِالْأَقْرَاءِ وَتَكْتَفِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَعَشْرٍ ( إنْ تَمَّتْ ) الْأَرْبَعَةُ وَالْعَشَرَةُ لِلْحُرَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا ( قَبْلَ ) مَجِيءِ ( زَمَنِ حَيْضَتِهَا ) بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةٍ وَمَاتَ زَوْجُهَا عَقِبَ حَيْضِهَا أَوْ كَانَتْ عَقِيمَةً أَوْ تَأَخَّرَ
حَيْضُهَا لِرَضَاعِ سَابِقِ الْمَوْتِ وَأُمِنَ حَمْلُهَا فَإِنْ تَأَخَّرَ لِمَرَضٍ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً إلَّا أَنْ تَحِيضَ قَبْلَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ كَتَأَخُّرِهِ لِرَضَاعٍ وَحَكَى عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ الِاتِّفَاقَ .
( وَ ) إنْ ( قَالَ النِّسَاءُ ) عِنْدَ رُؤْيَتِهِنَّ إيَّاهَا ( لَا رِيبَةَ ) حَمْلٍ ( بِهَا ) قُبِلَ أَوْ لَمْ يَقُلْنَ شَيْئًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُتِمَّ الْأَرْبَعَةَ وَالْعَشَرَةَ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي أَثْنَائِهَا وَلَمْ تَحِضْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَأَخَّرَ لِمَرَضٍ أَوْ قَالَ النِّسَاءُ بِهَا رِيبَةُ حَمْلٍ أَوْ ارْتَابَتْ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا ( انْتَظَرَتْهَا ) أَيْ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ رَفْعَهَا أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ ( إنْ ) كَانَ ( دَخَلَ ) الزَّوْجُ بِهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ خَشْيَةَ الْحَمْلِ .
وَتَنَصَّفَتْ بِالرِّقِّ ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ، إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتِسْعَةٌ ، وَلِمَنْ وَضَعَتْ غُسْلُ زَوْجِهَا ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ
( وَتَنَصَّفَتْ ) عِدَّةُ الْوَفَاةِ ( بِالرِّقِّ ) لِلزَّوْجَةِ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَهِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً أَوْ عَقِيمَةً أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ حَاضَتْ فِيهَا ( وَإِنْ ) كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَشَأْنُهَا الْحَيْضُ و ( لَمْ تَحِضْ ) فِي الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسَةِ أَيَّامٍ لِعَادَتِهَا تَأَخَّرَهُ أَوْ بِلَا سَبَبٍ ( ف ) عِدَّتُهَا ( ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ) فَإِنْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ مَكَثَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَكِنْ عِدَّتُهَا مِنْهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَالْبَاقِي لِرَفْعِ الرِّيبَةِ لَا عِدَّةَ وَفَائِدَةُ هَذَا سُقُوطُ الْإِحْدَادِ عَنْهَا وَحَقِّهَا فِي السُّكْنَى وَرُفِعَتْ لِلثَّلَاثَةِ وَإِنْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا لِقَصْرِ زَمَنِ عِدَّتِهَا فَلَا يَظْهَرُ الْحَمْلُ فِيهَا وَإِنْ تَأَخَّرَ لِغَيْرِهِمَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةٌ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَعِنْدَهُ تَمْكُثُ تِسْعَةً إلَّا أَنْ تَحِيضَ قَبْلَهَا .
( إلَّا أَنْ تَرْتَابَ ) بِجَسِّ بَطْنٍ ( ف ) عِدَّتُهَا ( تِسْعَةٌ ) مِنْ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ تَحِضْ قَبْلَهَا فَإِنْ حَاضَتْ أَثْنَاءَهَا حَلَّتْ ، وَإِنْ تَمَّتْ التِّسْعَةُ حَلَّتْ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ فَإِنْ بَقِيَتْ انْتَظَرَتْ زَوَالَهَا أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَإِنْ مَضَى أَقْصَاهُ حَلَّتْ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ وُجُودٌ بِبَطْنِهَا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ فِي الْحُرَّةِ الْمُرْتَابَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَهَا أَوْ أَقْصَاهُ فَقَطْ ا هـ عب الْبُنَانِيُّ مَا شَرَحَ بِهِ زَمَنَ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ مِنْ الثَّلَاثَةِ إنْ ارْتَابَتْ فِيهَا إلَى التِّسْعَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِي ضَيْح مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ كَلَامُهَا فِيمَنْ طَرَأَ عَلَى عِدَّتِهَا اسْتِبْرَاءٌ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا هُنَا فَرْقٌ فَالصَّوَابُ شَرْحُهُ بِمَا فِي الْحَطّ مِنْ تَخْصِيصِ قَوْلِهِ : وَإِنْ لَمْ تَحِضْ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ حَيْضُهَا
وَلَمْ تَحِضْ وَالْيَائِسَةُ أَمْكَنَ حَمْلُهَا أَمْ لَا وَأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تَرْتَابَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إذْ مَنْ ذَكَرَ لَا يُمْكِنُ فِيهَا رِيبَةٌ ، وَالْمَعْنَى لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِمَّنْ تَحِيضُ فِيهَا وَلَمْ تَحِضْ فِيهَا لِتَأَخُّرِهِ عَنْ عَادَتِهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَى الثَّلَاثَةِ بَلْ إلَى التِّسْعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ إلَى ثَلَاثَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ مَضَتْ التِّسْعَةُ وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرِّيبَةَ بِرَفْعِ الدَّمِ فَقَطْ لَا بِجَسِّ بَطْنٍ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةٌ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ تَحِيضَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَمْ تَحِضْ فِيهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِثَلَاثَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا كَبِنْتِ سِتٍّ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ أَوْ كَانَتْ يَائِسَةً فَقَوْلَانِ هَلْ كَذَلِكَ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً مِمَّنْ تَحِيضُ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَثَلَاثَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فِيهَا وَلَمْ تَحِضْ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُ قَوْلَ أَشْهَبَ فِي الَّتِي عَادَتُهَا الْحَيْضُ وَلَمْ تَحِضْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَلِمَنْ ) أَيْ الزَّوْجَةِ الَّتِي ( وَضَعَتْ ) حَمْلَهَا عَقِبَ مَوْتِ زَوْجِهَا ( غُسْلٌ ) أَيْ تَغْسِيلُهَا لِ ( زَوْجِهَا ) وَيُقْضَى لَهَا بِهِ إنْ نَازَعَهَا وَلِيُّهُ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ بَلْ ( وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ) لَكِنْ بِكَرَاهَةٍ وَتَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ إنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ
وَلَا يَنْقُلُ الْعِتْقُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ وَلَا مَوْتُ زَوْجِ ذِمِّيَّةٍ أَسْلَمَتْ
( وَ ) إنْ مَاتَ زَوْجُ الْأَمَةِ أَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فِي عِدَّتِهِ ف ( لَا يَنْقُلُ الْعِتْقُ ) لِأَمَةٍ مُطَلَّقَةٍ رَجْعِيَّةٍ أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْأَمَةَ مِنْ عِدَّتِهَا بِقُرْأَيْنِ فِي الطَّلَاقِ أَوْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي الْوَفَاةِ ( لِعِدَّةِ ) الزَّوْجَةِ ( الْحُرَّةِ ) بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فِي الطَّلَاقِ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي الْوَفَاةِ فَتَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّتِهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يُوجِبُ عِدَّةً .
وَأَمَّا لَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدَ عِتْقِهَا وَهِيَ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَهَذَا مَنْقُولٌ وَمَفْهُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ وَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا وَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ انْتَقَلَتْ لِعِدَّةِ الْأَمَةِ فِي الْوَفَاةِ .
( وَ ) إنْ أَسْلَمَتْ ذِمِّيَّةٌ وَزَوْجُهَا ذِمِّيٌّ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا وَهِيَ فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْهُ ف ( لَا ) يَنْقُلُ ( مَوْتُ ) ذِمِّيٍّ ( زَوْجُ ذِمِّيَّةٍ أَسْلَمَتْ ) بَعْدَ الْبِنَاءِ وَشَرَعَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ مَائِهِ فَمَاتَ فِيهِ عَلَى كُفْرِهِ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبَائِنِ وَرَدُّهَا لَهُ إنْ أَسْلَمَ فِيهِ تَرْغِيبٌ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ انْتَقَلَتْ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا قَالَهُ الطِّخِّيخِيُّ .
وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ : اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يَرِثْهَا إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا ، إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ
( وَإِنْ أَقَرَّ ) زَوْجٌ صَحِيحٌ ( بِطَلَاقٍ ) بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ ( مُتَقَدِّمٍ ) عَلَى وَقْتِ إقْرَارِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ ( اسْتَأْنَفَتْ ) الزَّوْجَةُ ( الْعِدَّةَ مِنْ ) وَقْتِ ( إقْرَارِهِ ) فَيُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي إسْنَادِهِ لِلْوَقْتِ السَّابِقِ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى إسْقَاطِ الْعِدَّةِ وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لَهُمَا إسْقَاطُهَا ( وَ ) إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ ثُمَّ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ ( لَمْ ) الْأُولَى وَلَا ( يَرِثْهَا ) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ الَّتِي أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا فِي زَمَنٍ مُتَقَدِّمٍ إنْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ ( إنْ ) كَانَتْ عِدَّتُهَا ( انْقَضَتْ ) أَيْ تَمَّتْ ( عَلَى دَعْوَاهُ ) أَيْ الزَّوْجِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا عَلَى دَعْوَاهُ .
( وَ ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ رَجْعِيًّا وَمَاتَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ ( وَرِثَتْهُ ) أَيْ : الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ إنْ مَاتَ ( فِيهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ ، إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ فِي إسْنَادِ الطَّلَاقِ لِلزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فِيهِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِيهِ فَلَا تَرِثُهُ أَيْضًا مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا ( إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ السَّابِقِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَلَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ إقْرَارِهِ وَلَا تَرِثُهُ إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ
وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْ الْمُطَلَّقَةُ ، وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ ، بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ
( وَ ) إنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا وَلَمْ يُعْلِمْهَا بِهِ وَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا وَأَنْفَقَتْ مِنْهُ بَعْد انْقِضَاءِ عِدَّتِهِ فَ ( لَا ) يَرْجِعُ الزَّوْجُ ( بِمَا أَنْفَقَتْ ) الزَّوْجَةُ ( الْمُطَلَّقَةُ ) مِنْ مَالِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا الْبَائِنِ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ قَبْلَ عِلْمِهَا بِهِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِصِدْقِ دَعْوَاهُ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِهَا بِهِ فَإِنْ كَانَ أَعْلَمَهَا أَوْ عَلِمَتْ بِمَنْ يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِهِ كَشَاهِدَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهَا مِنْ حِينِهِ لَا بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَلَا يُنْظَرُ لِثُبُوتِ الْمَالِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ .
( وَيَغْرَمُ ) الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ عِوَضَ ( مَا تَسَلَّفَتْ ) الزَّوْجَةُ وَأَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا بَعْدَ طَلَاقِهِ وَقَبْلَ إعْلَامِهَا بِهِ وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا نَقَلَهُ ح عَنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ : لَا يَغْرَمُ لَهَا عِوَضَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ مَالِهَا وَلَا يَلْزَمُ بِعِوَضٍ الْغَبَنُ اتِّفَاقًا مِثْلُ شِرَائِهَا مَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ بِدِينَارَيْنِ ( بِخِلَافِ ) الزَّوْجَةِ ( الْمُتَوَفَّى ) بِفَتْحِ الْفَاءِ عَنْهَا زَوْجُهَا تُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمَةٍ بِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا الْوَرَثَةُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ( وَ ) بِخِلَافِ الشَّخْصِ ( الْوَارِثِ ) الَّذِي أَنْفَقَ مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِعِوَضِ مَا أَنْفَقَتْهُ
وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا : حَلَّتْ إنْ مَضَتْ سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ وَثَلَاثَةٌ لِلشِّرَاءِ أَوْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَفَاةٍ ، فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ
( وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَمَةٌ ( مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ ) وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ وَلَمْ تُرَتِّبْ فَقَدْ دَخَلَ اسْتِبْرَاءٌ عَلَى عِدَّةٍ فَتَحِلُّ بِقُرْأَيْنِ لِلطَّلَاقِ وَحَيْضَةٍ لِلشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ قَبْلَ حَيْضِهَا شَيْئًا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ انْدَرَجَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْعِدَّةِ فَتَحِلُّ بِقُرْأَيْنِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ حَيْضَةٍ مِنْهَا حَلَّتْ مِنْهُمَا بِالْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ فِي الْعِدَّةِ ( فَارْتَفَعَتْ ) أَيْ تَأَخَّرَتْ ( حَيْضَتُهَا ) لِغَيْرِ رَضَاعٍ ( حَلَّتْ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ لِمُشْتَرِيهَا بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ : ( إنْ مَضَتْ سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ ) أَيْ مِنْهُ عِدَّةُ الْمُرْتَابَةِ ( وَثَلَاثَةٌ ) مِنْ الْأَشْهُرِ ( لِلشِّرَاءِ ) أَيْ مِنْهُ .
فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الطَّلَاقِ حَلَّتْ بِتَمَامِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَ عَشَرَةٍ حَلَّتْ بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ وَبَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا حَلَّتْ بِسَنَةٍ وَشَهْرَيْنِ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ لِرَضَاعٍ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَمَيَّزَتْ حَلَّتْ بِقُرْأَيْنِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَانْدَرَجَ اسْتِبْرَاؤُهَا فِيهَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِي هَاتَيْنِ تَأَخُّرُ اسْتِبْرَائِهَا عَنْ عِدَّتِهَا فَتُسْتَثْنَى هَاتَانِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً لِلرِّيبَةِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ وَاسْتُبْرِئَتْ بِثَلَاثَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ أَوْ يَأْسٍ أَوْ عُقْمٍ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَاسْتِبْرَائِهَا فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي يَوْمِ الطَّلَاقِ اسْتَوَيَا وَإِلَّا تَأَخَّرَ مُوجِبُ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا ( أَوْ ) اُشْتُرِيَتْ أَمَةٌ ( مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَفَاةٍ فَ ) عِدَّتُهَا ( أَقْصَى ) أَيْ أَبْعَدُ ( الْأَجَلَيْنِ ) أَيْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَحَيْضَةُ اسْتِبْرَاءِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ انْتَظَرَتْ تَمَامَهَا وَإِنْ تَمَّتْ قَبْلَ الْحَيْضَةِ انْتَظَرَتْهَا
فَإِنْ ارْتَابَتْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ زَادَتْ فَلَا تُوطَأُ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ .
وَتُرِكَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَقَطْ ، وَإِنْ صَغُرَتْ وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَمَفْقُودًا زَوْجُهَا التَّزَيُّنَ بِالْمَصْبُوغِ وَلَوْ أَدْكَنَ ، إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ ، إلَّا الْأَسْوَدَ وَالتَّحَلِّيَ ، وَالتَّطَيُّبَ ، وَعَمَلَهُ وَالتَّجْرَ فِيهِ ، وَالتَّزَيُّنَ ، فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ أَوْ كَتَمٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ وَالسِّدْرِ ، وَاسْتِحْدَادِهَا وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَا تَطْلِي جَسَدَهَا وَلَا تَكْتَحِلُ ، إلَّا لِضَرُورَةٍ وَإِنْ بِطِيبٍ ، وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا .
( وَتُرِكَتْ ) الزَّوْجَةُ ( الْمُتَوَفَّى عَنْهَا ) زَوْجُهَا بِفَتْحِ الْفَاءِ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا الْمُطَلَّقَةِ إنْ بَلَغَتْ بَلْ ( وَإِنْ صَغُرَتْ ) وُجُوبًا وَيَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ ( كِتَابِيَّةً ) مَاتَ زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ إنْ تَحَقَّقَ مَوْتُ زَوْجِهَا بَلْ ( وَ ) لَوْ كَانَ ( مَفْقُودًا ) أَيْ غَائِبًا مُنْقَطِعَ الْخَبَرِ ( زَوْجُهَا ) لِتَوَفِّيهِ حُكْمًا وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ وَمَفْعُولُ " تَرَكَتْ " ( التَّزَيُّنَ بِالْمَصْبُوغِ ) مِنْ ثِيَابٍ حَرِيرٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ إنْ كَانَ وَرْدِيًّا أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( أَدْكَنَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ، وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ أَحْمَرَ مَائِلًا إلَى السَّوَادِ ( إنْ وُجِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْمَصْبُوغِ وَلَوْ بِبَيْعِهِ وَشِرَاءِ غَيْرِهِ بِثَمَنِهِ ( إلَّا الْأَسْوَدَ ) فَيَجُوزُ لُبْسُهُ لِغَيْرِ نَاصِعَةِ الْبَيَاضِ وَغَيْرِ قَوْمٍ هُوَ زِينَتُهُمْ وَيَحْرُمُ عَلَى نَاصِعَتِهِ وَعَلَى مَنْ هُوَ زِينَتُهُمْ كَأَهْلِ مِصْرَ فِي الْحِبْرِ ( وَ ) تَرَكَتْ وُجُوبًا ( التَّحَلِّيَ ) بِكَقُرْطٍ وَسِوَارٍ وَخَلْخَالٍ وَخَاتَمٍ وَلَوْ مِنْ حَدِيدٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَلْبَسُ رَقِيقَ الْبَيَاضِ كُلَّهُ وَغَلِيظَهُ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَمَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى الْمَنْعِ مِنْ رَقِيقِ الْبَيَاضِ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ رَجَعَ فِي أَمْرِ اللُّبْسِ لِلْأَحْوَالِ لَكَانَ حَسَنًا قُرْبُ امْرَأَةٍ شَأْنُهَا لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالْخَزِّ فَإِنْ لَبِسَتْ الْكَتَّانَ فَلَا يَكُونُ زِينَةً لَهَا أَيَّ لَوْنٍ كَانَ خَلِيلٌ فَتُمْنَعُ نَاصِعَةُ الْبَيَاضِ مِنْ السَّوَادِ لِأَنَّهُ زِينَتُهَا وَفِي الْكَافِي الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُهَا لِشَيْءٍ تَتَزَيَّنُ بِهِ بَيَاضًا أَوْ غَيْرَهُ ( وَ ) تَرَكَتْ ( التَّطَيُّبَ ) بِالطِّيبِ فَإِنْ تَطَيَّبَتْ قَبْلَ وَفَاةِ زَوْجِهَا ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَجِبُ عَلَيْهَا نَزْعُهُ وَغَسْلُهُ كَمَا إذَا أَحْرَمَتْ وَلِلْبَاجِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا نَزْعُهُ
وَنَقَلُهُ التَّادَلِيُّ عَنْ الْقَرَافِيِّ وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ أَحْرَمَتْ بِإِدْخَالِ الْمُحْرِمَةِ الْإِحْرَامَ عَلَى نَفْسِهَا ( وَ ) تَرَكَتْ ( عَمَلَهُ ) أَيْ الطِّيبَ لِتَعَلُّقِ رَائِحَتِهِ بِهَا كَالتَّطَيُّبِ ( وَ ) تَرَكَتْ ( التَّجْرَ فِيهِ ) أَيْ الطِّيبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَنْعَةٌ غَيْرُهُ إذَا كَانَتْ تُبَاشِرُ مَسَّهُ بِنَفْسِهَا فَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُهُ لَهَا غَيْرُهَا بِأَمْرِهَا كَخَادِمِهَا فَلَا تُمْنَعُ مِنْ التَّجْرِ فِيهِ .
( وَ ) تَرَكَتْ ( التَّزَيُّنَ ) فِي بَدَنِهَا ( فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ ) بِالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ ( أَوْ كَتَمٍ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْفَوْقِيَّةِ صَبْغٌ يُذْهِبُ حُمْرَةَ الشَّعْرِ وَلَا يُسَوِّدُهُ ( بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ ) الْخَالِي عَنْ الطِّيبِ ( وَالسِّدْرِ ) وَدَخَلَ بِنَحْوِ دُهْنٍ لَا طِيبٍ فِيهِ كَدُهْنِ السِّمْسِمِ الْمُسَمَّى بالشيرج فَيَجُوزُ امْتِشَاطُهَا بِهِ ( وَ ) بِخِلَافِ ( اسْتِحْدَادِهَا ) أَيْ حَلْقِ عَانَتِهَا فَيَجُوزُ ( وَلَا تَدْخُلُ ) الزَّوْجَةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا ( الْحَمَّامَ ) ابْنُ نَاجِي اُخْتُلِفَ فِي دُخُولِهَا الْحَمَّامِ فَقِيلَ لَا تَدْخُلُهُ أَصْلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ ضَرُورَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَدْخُلُهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ ( وَلَا تُطْلِي جَسَدَهَا ) بِنَوْرَةٍ ( وَلَا تَكْتَحِلُ ) وَلَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ ( إلَّا ) اكْتِحَالُهَا ( لِضَرُورَةٍ ) فَيَجُوزُ اكْتِحَالُهَا بِغَيْرِ طِيبٍ بَلْ ( وَإِنْ بِطِيبٍ ) وَجَوَّزَ الطِّخِّيخِيُّ رُجُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ لِدُخُولِ الْحَمَّامِ وَطَلْيِ الْجَسَدِ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي السَّابِقِ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ نَصٌّ وَمُقَابِلُهُ ظَاهِرٌ فَيُؤَيِّدُ تَقْرِيرَ الطِّخِّيخِيِّ أَيْضًا وَتَكْتَحِلُ لِلضَّرُورَةِ لَيْلًا ( وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا ) إنْ كَانَ بِطِيبٍ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْأَبِيُّ .
( فَصْلٌ ) وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ : الرَّفْعُ : لِلْقَاضِي ، وَالْوَالِي ، وَوَالِي الْمَاءِ ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُؤَجَّلُ الْحُرُّ أَرْبَعَ سِنِينَ ، إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا ، وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا مِنْ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ : كَالْوَفَاةِ
( فَصْلٌ ) فِي مَسَائِلِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَمَا يُنَاسِبُهَا ( وَلِزَوْجَةِ ) الزَّوْجِ ( الْمَفْقُودِ ) أَيْ الَّذِي غَابَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ مَعَ إمْكَانِ الْكَشْفِ عَنْهُ فَخَرَجَ الْأَسِيرُ وَالْمَحْبُوسُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الْكَشْفُ عَنْهُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ غَيْرِهِ فِيمَا يَأْتِي حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً ( الرَّفْعُ ) فِي شَأْنِ زَوْجِهَا ( لِلْقَاضِي وَالْوَالِي ) أَيْ حَاكِمِ الْبَلَدِ وَحَاكِمِ السِّيَاسَةِ وَهُوَ الشُّرْطِيُّ ( وَوَالِي الْمَاءِ ) أَيْ السَّاعِي لِخُرُوجِهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَاءِ أَوَّلَ الصَّيْفِ وَلَهَا عَدَمُ الرَّفْعِ وَالْبَقَاءُ فِي عِصْمَتِهِ حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُخَيَّرُ فِي الرَّفْعِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَالنَّقْلُ أَنَّهَا حَيْثُ أَرَادَتْ الرَّفْعَ وَوُجِدَتْ الثَّلَاثَةُ وَجَبَ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي فَإِنْ رَفَعَتْ لِغَيْرِهِ حَرُمَ وَصَحَّ وَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ خُيِّرَتْ فِيهِمَا فَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمَا صَحَّ عَلَى الظَّاهِرِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ ( فَ ) تَرْفَعُ ( لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ) مِنْ عُدُولِ جِيرَانِهَا وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَالْإِمَامِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ بِجَمَاعَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي وَكَذَا الِاثْنَانِ وَبِهِ صَرَّحَ عج ( فَيُؤَجَّلُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ ، الْمَفْقُودُ الْحُرُّ ( أَرْبَعَ سِنِينَ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا ) أَيْ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَمْ تَدَعْهُ لِلدُّخُولِ بِهَا قَبْلَ غَيْبَتِهِ حَيْثُ طَلَبَتْهَا الْآنَ وَاشْتِرَاطُ الدُّعَاءِ لَهُ فِي وُجُوبِ إنْفَاق الزَّوْجِ فِي الْحَاضِرِ فَقَطْ وَيَكْفِي فِي وُجُوبِهَا فِي مَالِ الْغَائِبِ أَنْ لَا تُظْهِرَ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ تَدُمْ نَفَقَتُهَا مِنْ مَالِهِ فَلَهَا
التَّطْلِيقُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ بِلَا تَأْجِيلٍ وَكَذَا إنْ خَشِيَتْ عَلَى نَفْسِهَا الزِّنَا فَيُزَادُ عَلَى دَوَامِ نَفَقَتِهَا عَدَمُ خَشْيَتِهَا الزِّنَا .
( وَ ) يُؤَجَّلُ الزَّوْجُ ( الْعَبْدُ ) الْمَفْقُودُ ( نِصْفَهَا ) أَيْ السِّنِينَ الْأَرْبَعَةِ فَيُؤَجَّلُ الْعَبْدُ سَنَتَيْنِ وَابْتِدَاءُ السِّنِينَ الْأَرْبَعَةِ أَوْ نِصْفِهَا ( مِنْ ) يَوْمِ ( الْعَجْزِ ) مِمَّنْ رَفَعَتْ لَهُ الزَّوْجَةُ ( عَنْ ) عِلْمِ ( خَبَرِهِ ) أَيْ الْمَفْقُودِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَالْمُكَاتَبَةُ فِي أَمْرِهِ لِمَنْ عَسَاهُ أَنْ يَعْرِفَ خَبَرَهُ مِنْ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَوُلَاةِ الْمَاءِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّاجِحُ أَنَّ تَأْجِيلَ الْحُرِّ بِأَرْبَعِ سِنِينَ تَعَبُّدِيٌّ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ ( اعْتَدَّتْ ) عِدَّةً ( ك ) عِدَّةِ ( الْوَفَاةِ ) فِي كَوْنِ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَالْأَمَةُ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ كَانَتْ مَبْنِيًّا بِهَا أَمْ لَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَقَدْرُ طَلَاقِ .
إلَخْ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ فَقَطْ لِمَا سَيَأْتِي وَقَالَ كَالْوَفَاةِ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَهَلْ يُكْمِلُ لَهَا الصَّدَاقَ وَبِهِ الْقَضَاءُ أَوْ لَا رِوَايَتَانِ وَإِنْ قَدِمَ فَهَلْ تَرُدُّ مَا قَبَضَتْهُ أَمْ لَا وَبِهِ الْقَضَاءُ تَرَدُّدٌ وَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُعَجَّلُ وَهُوَ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوَّلًا وَهُوَ لِسَحْنُونٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَوْلَانِ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْفَلَسِ مِنْ قَوْلِهِ وَعُجِّلَ بِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ فِي نِسْبَةِ الْأَوَّلِ لِمَالِكٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ نَظَرٌ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ فِي صَدَاقِ مَنْ لَمْ يُبْنَ بِهَا فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : لَهَا جَمِيعُهُ وَابْنُ دِينَارٍ نِصْفُهُ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ كَانَ دَفَعَهُ لَهَا فَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا وَإِلَّا أُعْطِيت نِصْفَهُ وَعَلَى
الْأَوَّلِ فَقَالَ مَالِكٌ : يُعَجَّلُ الْمُعَجَّلُ وَالْمُؤَجَّلُ لِأَجَلِهِ وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ يُعَجِّلُ نِصْفَهُ وَيُؤَخِّرُ نِصْفَهُ لِمَوْتِهِ بِالتَّعْمِيرِ وَسَحْنُونٌ يُعَجِّلُ جَمِيعَهُ ا هـ وَنَحْوُهُ فِي ضَيْح و ح .
وَسَقَطَتْ بِهَا النَّفَقَةُ .
وَلَا تَحْتَاجُ فِيهَا لِإِذْنٍ ، وَلَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ بَعْدَهَا ، وَقُدِّرَ طَلَاقٌ يَتَحَقَّقُ بِدُخُولِ الثَّانِي فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ، فَإِنْ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ فَكَالْوَلِيَّيْنِ ، وَوَرِثَتْ الْأَوَّلَ إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ فَكَغَيْرِهِ
( وَسَقَطَتْ بِهَا ) أَيْ الدُّخُولِ فِي الْعِدَّةِ ( النَّفَقَةُ ) لِلزَّوْجَةِ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ لِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَوْ حَامِلًا وَهَذِهِ مُتَوَفًّى عَنْهَا حُكْمًا ( وَلَا تَحْتَاجُ ) زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ ( فِيهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ ( لِإِذْنٍ ) مِمَّنْ رَفَعَتْ لَهُ وَلَا فِي تَزَوُّجِهَا بَعْدَهَا لِحُصُولِ إذْنِهِ فِيهِمَا بِضَرْبِهِ الْأَجَلَ أَوَّلًا ( وَلَيْسَ لَهَا ) أَيْ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ ( الْبَقَاءُ ) فِي عِصْمَتِهِ ( بَعْدَ ) الشُّرُوعِ فِي ( هَا ) أَيْ الْعِدَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا وَالْإِحْدَادُ فَلَيْسَ لَهَا إسْقَاطُهُمَا وَلَهَا ذَلِكَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ ، قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا كَمَا يُفِيدُهُ الشَّامِلِ ، وَلَفْظُهُ ثُمَّ اعْتَدَّتْ إذْ ظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْعِدَّةِ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ ، قَالَ فِي الشَّامِلِ لَهَا الْبَقَاءُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَيْ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ أَبُو عِمْرَانَ لَهَا الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَتِهِ فِي خِلَالِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إنْ تَمَّتْ الْأَرْبَعُ .
ا هـ .
وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ لِلْأَرْبَعِ سِنِينَ إذْ بِمُجَرَّدِ تَمَامِهَا تَدْخُلُ فِي الْعِدَّةِ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَهَا الْبَقَاءُ مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ لِلْعِدَّةِ وَقَوْلُ ز أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا .
.
.
إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهَا بِنَفْسِ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ تَدْخُلُ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ تَأْخِيرٌ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَلَا إذْنٍ مِنْ الْحَاكِمِ وَلِذَا قَالَ ح كَلَامُ الشَّامِلِ هُنَا مُشْكِلٌ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الشَّامِلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلَا إشْكَالَ ( وَقُدِّرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( طَلَاقٌ ) مِنْ الْمَفْقُودِ حِينَ الشُّرُوعِ فِي
الْعِدَّةِ يُفِيتُهَا عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ وَلَكِنْ إنَّمَا ( يَتَحَقَّقُ ) وُقُوعُهُ حُكْمًا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ ( بِدُخُولِ ) الزَّوْجِ ( الثَّانِي ) بِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ فَإِنْ جَاءَ الْمَفْقُودُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي رُدَّتْ لَهُ وَبَعْدَ دُخُولِهِ بَانَتْ مِنْ الْمَفْقُودِ تت وَاسْتَشْكَلَ هَذَا الطَّلَاقُ بِعَدَمِ جَرَيَانِهِ عَلَى الْأُصُولِ لِوُقُوعِهِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَهِيَ فِي عِصْمَةِ الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ الْعِدَّةَ قَبْلَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِدُخُولِهِ خَلْوَتُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ التَّلَذُّذَ بِهَا لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ وَقَائِمَةٌ مَقَامَهُ كَمَا يُفِيدُهُ تت عَنْ ضَيْح ، وَبِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ وُقُوعَهُ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى دُخُولِ الثَّانِي تَحَقُّقُهُ أَيْ ظُهُورُهُ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ .
( فَتَحِلُّ ) زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ ( لِلْأَوَّلِ ) أَيْ الْمَفْقُودِ ( إنْ ) جَاءَ وَكَانَ قَدْ ( طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ) قَبْلَ فَقْدِهِ وَوَطِئَهَا الثَّانِي وَطْءً يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ ثُمَّ تَأَيَّمَتْ مِنْهُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَتَحِلُّ لِلْمَفْقُودِ بِعِصْمَةٍ تَامَّةٍ لِتَمَامِ الْعِصْمَةِ الْأُولَى بِالطَّلَاقِ الَّذِي قُدِّرَ وُقُوعُهُ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَحَقَّقَهُ دُخُولُ الثَّانِي ( فَإِنْ جَاءَ ) الْمَفْقُودُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَهُ عَالِمًا بِمَجِيءِ الْمَفْقُودِ أَوْ بَعْدَ تَلَذُّذِ الثَّانِي بِهَا بِلَا عِلْمٍ فِي فَاسِدٍ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ فَهِيَ لِلْمَفْقُودِ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَلِلثَّانِي فِي صُورَتَيْنِ دُخُولُهُ غَيْرَ عَالِمٍ فِي صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ ، ( أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ) أَيْ الْمَفْقُودَ ( حَيٌّ ) فَكَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ يَجْرِي فِيهِ الصُّوَرُ السَّبْعُ الْمُتَقَدِّمَةُ ( أَوْ ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ ( مَاتَ ) فَيَجْرِي فِي الصُّوَرِ السَّبْعِ أَيْضًا وَمَعْنَى كَوْنِ الْأَوَّلِ أَحَقَّ بِهَا إنْ مَاتَ فُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِي وَاعْتِدَادُهَا قَاعِدَةُ وَفَاةِ وَارِثِهَا مِنْهُ ( فَكُّذَاتِ ) (
الْوَلِيَّيْنِ ) فِي أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِمَجِيءِ الْمَفْقُودِ أَوْ حَيَاتِهِ أَوْ مَوْتِهِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ أَيِّمًا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا أَحَدٌ وَتَبَيَّنَ مَوْتَ الْمَفْقُودِ وَرِثَتْهُ قَطْعًا فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا أَحَدٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ .
الْأَوَّلُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْمَفْقُودِ ، الثَّانِي أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي عِدَّتِهِ ، الثَّالِثُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَهَا وَفِي كُلِّ صُوَرٍ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ دَخَلَ فِي حَيَاتِهِ أَيْضًا عَالِمًا بِحَيَاتِهِ أَوْ دَخَلَ فِي عِدَّتِهِ عَالِمًا بِحَيَاتِهِ أَوْ مَوْتِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَرِثَتْ الْأَوَّلَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي فَإِنْ دَخَلَ فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ غَيْرَ عَالِمٍ بِحَيَاتِهِ كَانَتْ لِلدَّاخِلِ وَلَا تَرِثُ الْأَوَّلَ فَإِنْ عَقَدَ قَبْلَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَرِثَتْ الْأَوَّلَ وَهَلْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي أَمْ لَا ، خِلَافٌ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ ، الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَعْقِدَ فِي عِدَّةِ الْمَفْقُودِ فَتَرِثُ الْمَفْقُودَ دَخَلَ الثَّانِي بِهَا عَالِمًا أَمْ لَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي فِي هَذِهِ الْخَمْسِ وَيَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُهَا إنْ دَخَلَ بِهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَعْقِدَ بَعْدَ عِدَّةِ الْمَفْقُودِ فَهِيَ لِلثَّانِي دَخَلَ عَالِمًا بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ أَمْ لَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَتَرِثُ الْمَفْقُودَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ ، وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى قَوْلِهِ ( وَوَرِثَتْ الْأَوَّلَ إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا ) وَذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يَمُوتَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ خَرَجَتْ مِنْهَا وَلَمْ يَعْقِدْ الثَّانِي أَوْ عَقَدَ وَلَمْ يَدْخُلْ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَيُسْتَفَادُ
مِنْهَا أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الزَّوْجِ حَقِيقَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا مِنْ يَوْمِ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهَا ( وَلَوْ ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ ( تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ ) مِنْ الْأَوَّلِ ( فَ ) لِلثَّانِي ( كَغَيْرِهِ ) مِمَّنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَكَانَ خَاطِبًا إنْ أَحَبَّ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فِيهَا وَتَلَذَّذَ بِهَا فِيهَا أَوْ وَطِئَهَا وَلَوْ بَعْدَهَا تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ .
وَأَمَّا إنْ نُعِيَ لَهَا ، أَوْ قَالَ : عَمْرَةُ طَالِقٌ مُدَّعِيًا غَائِبَةً فَطَلَّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَثْبَتَهُ
( وَأَمَّا إنْ نُعِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( زَوْجُهَا ) أَيْ أُخْبِرَتْ مِنْ غَيْرِ عَدْلَيْنِ بِمَوْتِهِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ الْأَوْلَادَ وَسَوَاءٌ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَوْتِهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ قِيلَ تَفُوتُ بِدُخُولِهِ كَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَقِيلَ تَفُوتُ إنْ حَكَمَ بِهِ وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ أَنَّ زَوْجَةَ الْمَفْقُودِ لَمَّا احْتَاجَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ نِصْفِهَا احْتَاجَتْ لِحُكْمٍ وَتَعْتَدُّ مِنْ الثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ أَوْ أَشْهُرَ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ فِي بَيْتِهِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ مَعَهُ وَيُحَالُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ فَعِدَّةُ وَفَاةٍ .
تت وَلَا تُرْجَمُ وَإِنْ لَمْ يَغْشَ مَوْتُهُ لِأَنَّ دَعْوَاهَا شُبْهَةٌ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ز سَوَاءٌ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ أَمْ لَا .
.
.
إلَخْ هَذَا لَا يَنْزِلُ عَلَى مَا فَرَضَهُ أَوَّلًا مِنْ تَخْصِيصِ النَّعْي بِخَبَرِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ عَدْلَيْنِ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّعْيَ إنَّمَا هُوَ الْإِخْبَارُ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا كَانَ مِنْ الْعُدُولِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَعَلَى ذَلِكَ تُنَزَّلُ الْأَقْوَالُ وَيَكُونُ مَحَلُّ الْحُكْمِ إذَا كَانَ مِنْ عَدْلَيْنِ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ ذَاتِ الْمَفْقُودِ وَهَذِهِ مَا نَصُّهُ " وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَفْقُودِ اسْتَنَدَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِ فَقْدِهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ وَالْمُنْعَى لَهَا زَوْجُهَا إنْ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ فَقَدْ اسْتَنَدَ إلَى شَهَادَةٍ ظَهَرَ خَطَؤُهَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَوَاضِحٌ ا هـ .
قَوْلُهُ لَمْ يُتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ أَيْ فِي وُجُودِ الْفَقْدِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَفْقُودِ وَهَذَا الْفَرْقُ خَيْرٌ مِمَّا فِي ضَيْح و ق ( أَوْ قَالَ ) زَوْجٌ لَهُ زَوْجَةٌ حَاضِرَةٌ اسْمُهَا عَمْرَةُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهَا مُسَمَّاةٌ عَمْرَةَ ( عَمْرَةُ طَالِقٌ ) حَالَ
كَوْنِهِ ( مُدَّعِيًا ) أَنَّ لَهُ زَوْجَةً ( غَائِبَةً ) اسْمُهَا عَمْرَةُ وَأَنَّهُ قَصَدَهَا بِقَوْلِهِ عَمْرَةُ طَالِقٌ فَلَمْ يُصَدَّقْ ( وَطَلَّقَ ) الْحَاكِمُ ( عَلَيْهِ ) الْحَاضِرَةَ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَدَخَلَ بِهَا ( ثُمَّ أَثْبَتَهُ ) أَيْ الزَّوْجُ نِكَاحَ عَمْرَةَ الْغَائِبَةَ فَتُرَدُّ الْحَاضِرَةُ إلَيْهِ وَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي .
وَذُو ثَلَاثٍ : وَكُلُّ وَكِيلَيْنِ ، وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ ، ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا ،
( وَ ) زَوْجُ ( ذُو ) أَيْ صَاحِبُ زَوْجَاتٍ ( ثَلَاثٍ ) فِي عِصْمَتِهِ ( وَكَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( وَكِيلَيْنِ ) مُسْتَقِلَّيْنِ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَاهُ زَوْجَةً رَابِعَةً فَزَوَّجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا زَوْجَةً فِي وَقْتَيْنِ فَفَسَخَ نِكَاحَ الْأُولَى مِنْهُمَا ظَنًّا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا الْأُولَى فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ ( وَ ) الزَّوْجَةُ ( الْمُطَلَّقَةُ ) فِي حَالِ غَيْبَةِ زَوْجِهَا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ( لِ ) دَعْوَاهَا ( عَدَمِ النَّفَقَةِ ) مِنْ مَالِهِ بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا مَا تُنْفِقُهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ لَهَا وَلَمْ يُوَكِّلْ مِنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَطَلَبَتْ الطَّلَاقَ وَحَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ فَطَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ ، أَوْ أَمَرَهَا بِتَطْلِيقِ نَفْسِهَا وَحَكَمَ بِهِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَدَخَلَ بِهَا .
( ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا ) أَيْ النَّفَقَةِ عَنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِأَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَتَهَا مُدَّةَ غَيْبَتِهِ أَوْ أَنَّهُ أَرْسَلَهَا لَهَا وَوَصَلَتْهَا أَوْ أَنَّهُ وَكَّلَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّانِي وَهَلْ إقَامَتُهُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ وَهِيَ رَشِيدَةٌ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِإِسْقَاطٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهُ مِنْ إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَهُوَ مَا لِلْقَرَافِيِّ وَأَقَرَّهُ ابْنُ الشَّاطِّ .
وَذَاتُ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا فَيُفْسَخُ : أَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ أَوْ بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ فَيُفْسَخُ ، ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ ، فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولٍ
( وَ ) الزَّوْجَةُ ( ذَاتُ ) أَيْ صَاحِبَةُ الزَّوْجِ ( الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ ) بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ السَّنَتَيْنِ ( فِي عِدَّتِهَا ) أَوْ فِي الْأَجَلِ بِالْأَوْلَى ( فَيُفْسَخُ ) نِكَاحُهَا لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا وَاسْتَبْرَأَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثَالِثًا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ثَبَتَ مَوْتُ الْمَفْقُودِ وَانْقِضَاءُ عِدَّتِهِ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي الَّذِي فَسَخَ فَتَرُدُّ إلَيْهِ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّالِثِ ( أَوْ تَزَوَّجَتْ ) زَوْجَةُ زَوْجٍ غَائِبٍ ( بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ ) لِزَوْجِهَا الْغَائِبِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ إلَّا مِنْ قَوْلِهَا فَفُسِخَ نِكَاحُهَا فَأَثْبَتَتْ مَوْتَ الْغَائِبِ وَاعْتَدَّتْ مِنْهُ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ دَعْوَاهَا الْأُولَى مُوَافَقَةٌ لِلْوَاقِعِ وَأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي صَحِيحٌ لِمَوْتِ الْأَوَّلِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ قَبْلَهُ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّالِثِ وَلَا تُحَدُّ لِأَنَّ دَعْوَاهَا شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ .
( أَوْ ) تَزَوَّجَتْ زَوْجَةُ زَوْجٍ غَائِبٍ غَيْرَهُ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا ( بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ ) عَلَى مَوْتِ الْغَائِبِ ( فَيُفْسَخُ ) نِكَاحُهَا لِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا ثُمَّ شَهِدَ عَدْلَانِ بِمَوْتِهِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثَالِثًا ( ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ ) أَيْ نِكَاحَ الثَّانِي الَّذِي تَزَوَّجَتْهُ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلَيْنِ ( كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ ) لِثُبُوتِ مَوْتِ الْغَائِبِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ قَبْلَهُ بِعَدْلَيْنِ ( فَلَا تَفُوتُ ) وَاحِدَةٌ مِنْ السَّبْعِ ( بِدُخُولٍ ) مِنْ الزَّوْجِ الثَّالِثِ بِهَا غَيْرُ عَالِمٍ جَوَابُ أَمَّا فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا إنْ نُعِيَ لَهَا .
.
.
إلَخْ .
وَالضَّرْبُ لِوَاحِدَةٍ : ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ ، وَإِنْ أَبَيْنَ ،
( وَ ) إنْ فُقِدَ ذُو زَوْجَاتٍ وَقَامَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ وَسَكَتَ بَاقِيهِنَّ أَوْ امْتَنَعْنَ مِنْ الرَّفْعِ ثُمَّ طَلَبْنَ الرَّفْعَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَ ( الضَّرْبُ ) لِلْأَجَلِ ( لِوَاحِدَةٍ ) مِنْهُنَّ وَهِيَ الَّتِي قَامَتْ أَوَّلًا ( ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ ) فَلَا يُضْرَبُ لَهُنَّ أَجَلٌ آخَرُ إنْ سَكَتْنَ بَلْ ( وَإِنْ أَبَيْنَ ) أَيْ امْتَنَعْنَ مِنْ الْقِيَامِ مَعَ الْأُولَى فَمَنْ قَامَتْ مِنْهُنَّ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَا تَسْتَأْنِفُهَا وَلَهَا التَّزَوُّجُ بِمُجَرَّدِ قِيَامِهَا قَالَ الْحَطّ بَعْدَ نُقُولٍ مَا نَصُّهُ " وَكَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمُتَيْطِيُّ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ : إنْ قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيهِنَّ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُنَّ لَا يَحْتَجْنَ لِعِدَّةٍ إذَا قُمْنَ بَعْدَهَا .
وَبَقِيَتْ أُمَّ وَلَدِهِ ، وَمَالُهُ ، وَزَوْجَةُ الْأَسِيرِ وَمَفْقُودُ أَرْضِ الشِّرْكِ لِلتَّعْمِيرِ ، وَهُوَ سَبْعُونَ وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ : ثَمَانِينَ ، وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ فَالْأَقَلُّ ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ ، وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ .
( وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ ) أَيْ الْمَفْقُودِ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ عَلَى حَالِهَا وَلَا يُنْجَزُ عِتْقُهَا لِنِهَايَةِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا نَجَزَ عِتْقُهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُوَثِّقِينَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ إثْبَاتِ أُمُومَتِهَا وَغَيْبَةِ سَيِّدِهَا وَعَدَمِ إمْكَانِ الْأَعْذَارِ فِيهَا وَعَدَمِ النَّفَقَةِ وَمَا بَعْدِي فِيهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ شَيْئًا وَذَهَبَ ابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ الْقَطَّانِ إلَى أَنَّهَا لَا يُنْجَزُ عِتْقُهَا وَتَسْعَى فِي مَعَاشِهَا حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ أَوْ تَتِمُّ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ ثَالِثًا أَنَّهَا تُزَوَّجُ .
وَنَصُّهُ " وَمَنْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ أُمِّ وَلَدِهِ فَقِيلَ تَزَوُّجُ وَلَا تُعْتَقُ وَقِيلَ تُعْتَقُ وَكَذَا إنْ غَابَ سَيِّدُهَا وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً ، ( وَ ) بَقِيَ ( مَالُهُ ) أَيْ الْمَفْقُودِ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ لِغَايَةِ مُدَّةِ تَعْمِيرِهِ إذْ لَا مِيرَاثَ بِشَكٍّ فِي مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَإِذَا تَمَّتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ وَيَقْسِمُ مَالَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ يَوْمَئِذٍ لَا يَوْمَ فَقْدِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ يَوْمَ فَقْدِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَيُعْتَبَرُ وَارِثُهُ يَوْمَ ثُبُوتِ مَوْتِهِ وَيُنْفَقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ لَا عَلَى أَبَوَيْهِ إنْ لَمْ يُقْضَ بِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ فَقْدِهِ ابْنُ عَرَفَةَ أَقْوَالُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ مُسْتَحِقَّ إرْثِهِ وَارِثُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِتَمْوِيتِهِ لَا يَوْمَ بُلُوغِهِ سِنَّ تَمْوِيتِهِ ( و ) بَقِيَتْ ( زَوْجَةُ ) الزَّوْجِ ( الْأَسِيرِ ) أَيْ الَّذِي أَسَرَهُ الْحَرْبِيُّونَ وَذَهَبُوا بِهِ لِبِلَادِهِمْ ( وَ ) بَقِيَتْ زَوْجَةُ زَوْجٍ ( مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ الْكُفْرِ أَيْ الَّذِي ذَهَبَ لِأَرْضِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَصِلَةُ بَقِيَ ( لِ ) تَمَامِ مُدَّةِ (
التَّعْمِيرِ ) إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهُمَا وَإِلَّا فَلَهُمَا الطَّلَاقُ وَإِذَا ثَبَتَ لَهُمَا الطَّلَاقُ بِذَلِكَ فَبِخَشْيَتِهِمَا الزِّنَا أَوْلَى لِأَنَّ ضَرَرَ تَرْكِ الْوَطْءِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ عَدَمِ النَّفَقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ إسْقَاطَ النَّفَقَةِ يَلْزَمُهَا وَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ فَلَهَا الرُّجُوعُ فِيهِ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِنَحْوِ تَسَلُّفٍ وَسُؤَالٍ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فَإِذَا تَمَّتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ فَيُحْكَمُ بِمَوْتِهِ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ ( وَهُوَ ) أَيْ التَّعْمِيرُ نِهَايَةُ مُدَّتِهِ ( سَبْعُونَ ) سَنَةً مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ وَتُسَمَّى دَقَّاقَةُ الْأَعْنَاقِ ( وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ ) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْقَابِسِيُّ ( ثَمَانِينَ سَنَةً ) وَالْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَالْأَخَوَانِ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْقَاضِيَانِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَإِسْمَاعِيلُ الْبَغْدَادِيَّانِ وَالْمُحَمَّدَانِ ابْنُ سَحْنُونٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ تت ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ( وَحُكِمَ ) بِضَمِّ فَكَسْرٍ ( بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ ) سَنَةً لَعَلَّ الرَّاجِحَ عِنْدَهُ الْأَوَّلُ وَلِذَا صَدَرَ بِهِ وَلَمْ يُعَيَّرْ بِأَقْوَالٍ أَوْ خِلَافٍ وَفِيمَنْ فُقِدَ بَعْدَ بُلُوغِ سِنِّ التَّعْمِيرِ خِلَافٌ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ عَاتٍ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ تَعْمِيرِهِ فَقَالَ مَالِكٌ : وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مَرَّةً سَبْعُونَ سَنَةً وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَرَّةً ثَمَانُونَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْقَابِسِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ .
وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا تِسْعُونَ وَعَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا مِائَةٌ وَلِلدَّاوُدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَفِي نَظَائِرِ أَبِي عِمْرَانَ قِيلَ : سِتِّينَ سَنَةً ذَكَرَهُ ابْنُ عَيْشُونٍ قُلْت هَذَا يُؤَكِّدُ مَا تَقَدَّمَ
لِأَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ لَا عَمَلَ عَلَى تَأْلِيفِ ابْنِ عَيْشُونٍ وَعَلَى السَّبْعِينَ إنْ فُقِدَ لَهَا زِيدَ لَهُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ أَبُو عِمْرَانَ وَكَذَا ابْنُ ثَمَانِينَ ، وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ زِيدَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ مِائَةٍ اُجْتُهِدَ فِيمَا يُزَادُ لَهُ سَحْنُونٌ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا أَنْ يُزَادَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ ، وَقِيلَ الْعَامُ وَالْعَامَانِ وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ تَلَوَّمَ لَهُ الْعَامَ وَنَحْوُهُ اتِّفَاقًا .
اللَّخْمِيُّ .
إنْ فُقِدَ وَهُوَ شَابٌّ أَوْ كَهْلٌ فَالسَّبْعُونَ أَحْسَنُ وَإِنْ فُقِدَ لَهَا زِيدَ قَدْرٌ مَا يُرَى مِنْ حِلِّهِ يَوْمَ فُقِدَ ، وَهَلْ بَلَغَهَا وَهُوَ صَحِيحُ الْبِنْيَةِ أَوْ ضَعِيفُهَا .
الْمُتَيْطِيُّ عَنْ الْبَاجِيَّ فِي سِجِلَّاتِهِ قِيلَ يُعَمَّرُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَبِهِ قَضَى ابْنُ زَرْبٍ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَكَانَ ابْنُ السَّلِيمِ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ قَضَى بِالثَّمَانِينَ وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ قُضَاةِ شُيُوخِنَا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِتُونُسَ فِي أَوَاخِرِ أَوْ أَوَاسِطِ الْقَرْنِ السَّابِعِ فَحَكَمَ الْقَاضِي حِينَئِذٍ بِتَمْوِيتِهِ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَأَشْهَدَ عَلَى حُكْمِهِ بِذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ شَهِيدَيْنِ وَرَفَعَ الرَّسْمَ إلَى سُلْطَانِهَا فَقِيلَ لَهُ هَذَا الْقَاضِي وَالشَّهِيدَانِ كُلٌّ مِنْهُمْ جَاوَزَ هَذَا السِّنَّ فَأَلْغَى الْأَعْمَالَ بِهِ بَعْدَ ضَحِكِ أَهْلِ مَجْلِسِهِ تَعَجُّبًا مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي وَشَهَادَةِ شَهِيدَيْهِ قُلْتُ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ وَهَذِهِ شُبْهَةٌ نَشَأَتْ عَنْ حِكَايَةٍ عَامِّيَّةٍ ( وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ ) أَيْ الْمَفْقُودِ حِينَ فَقَدَهُ بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَأُخْرَى بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ( فَالْأَقَلُّ ) مِنْ السِّنِينَ الْمَشْهُودِ بِهَا هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ .
( وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ ) بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لِلضَّرُورَةِ ( وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى التَّقْدِيرِ بِأَنَّ
الْمَشْهُودَ بِهِ حَقُّ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ عَلَى الْبَتِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَخْلُفُ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ
وَإِنْ تَنَصَّرَ أَسِيرٌ فَعَلَى الطَّوْعِ ، وَاعْتَدَّتْ فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ .
وَهَلْ تُتَلَوَّمُ وَيُجْتَهَدُ ؟ تَفْسِيرَانِ .
وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ كَالْمُنْتَجِعِ لِبَلَدِ الطَّاعُونِ ، أَوْ فِي زَمَنِهِ
( وَإِنْ تَنَصَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَوْ تَهَوَّدَ أَوْ تَمَجَّسَ شَخْصٌ ( أَسِيرٌ ) مُسْلِمٌ ( ف ) هُوَ مَحْمُولٌ ( عَلَى الطَّوْعِ ) إذَا جُهِلَ حَالُهُ فَتَبِينُ زَوْجَتُهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَسْلَمَ أَخَذَهُ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ أُكْرِهَ فَكَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَقِيلَ كَالْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا وَإِنْ عُلِمَ إكْرَاهُهُ بَقِيَتْ زَوْجَتُهُ وَمَالُهُ لِلتَّعْمِيرِ ( وَاعْتَدَّتْ ) الزَّوْجَةُ ( فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مَحَلِّ الِاعْتِرَاكِ فِي الْفِتَنِ الْوَاقِعَةِ ( بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ) بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ قَرُبَ الْمَحَلُّ أَوْ بَعُدَ وَصِلَةُ اعْتَدَّتْ ( بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ ) الَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي هَذَا هُوَ مَا نَصُّهُ فَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَيُقْسَمُ مَالُهُ قِيلَ مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ قَرِيبَةً كَانَتْ أَوْ بَعِيدَةً وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقِيلَ بَعْدَ أَنْ يُتَلَوَّمَ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَنْصَرِفُ مَنْ هَرَبَ أَوْ انْهَزَمَ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى بُعْدٍ مِنْ بَلَدِهِ مِثْلُ إفْرِيقِيَةَ مِنْ الْمَدِينَةِ ضُرِبَ لِامْرَأَتِهِ سَنَةٌ ثُمَّ تَعْتَدُّ وَتَتَزَوَّجُ وَيُقْسَمُ مَالُهُ ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ وَعَزَا الثَّانِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ وَعَزَا الْمُتَيْطِيُّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالثَّانِيَ لِلْعُتْبِيَّةِ وَوَافَقَهُ فِي التَّوْضِيحِ ثُمَّ قَالَ جَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الثَّانِيَ خِلَافًا لِلْأَوَّلِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرًا لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ هُنَا بِالتَّفْسِيرَيْنِ وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَتُهُمْ فِي الْأَوَّلِ فَعِبَارَةِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ " مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَعَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " انْفِصَالُ الصَّفَّيْنِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِهِ وَإِنَّمَا تَعَقَّبَهُ
اللَّقَانِيُّ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ انْفِصَالِهِمَا وَتَحْسِبُهَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ هِيَ التَّحْقِيقُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الِالْتِقَاءِ وَالِانْفِصَالِ أَيَّامٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا مَاتَ يَوْمَ الِانْفِصَالِ فَلَوْ حُسِبَتْ مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ لَزِمَ كَوْنُ الْعِدَّةِ غَيْرَ كَامِلَةٍ فَيَجِبُ عَدُّهَا مِنْ يَوْمِ الِانْفِصَالِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْعِدَّةِ بِدَلِيلِ إلْغَاءِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَيَشْهَدُ لِهَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ لَوْ كَانَ الْقِتَالُ أَيَّامًا أَوْ أَشْهُرًا فِي آخِرِ يَوْمٍ .
ا هـ .
عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ وَكَذَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ يَحْتَمِلُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمَعْرَكَةِ وَيَحْتَمِلُ مِنْ انْتِهَائِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى انْتِهَائِهَا وَكَذَا الِالْتِقَاءُ يُحْمَلُ عَلَى انْتِهَائِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِدَّةِ فَمَا فَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( وَهَلْ يُتَلَوَّمُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ يُنْتَظَرُ لِمَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ ( وَيُجْتَهَدُ ) كَذَلِكَ فِي قَدْرِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ عَسَى أَنْ يَتَبَيَّنَ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوْ تَعْتَدُّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ بِلَا تَلَوُّمٍ فِي الْجَوَابِ تَفْسِيرَانِ .
( وَوُرِثَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قُسِمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ ( مَالُهُ ) أَيْ مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَشَبَّهَ فِي الِاعْتِدَادِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَقُسِمَ الْمَالُ حِينَهُ فَقَالَ ( كَ ) الزَّوْجِ ( الْمُنْتَجِعِ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الذَّاهِبِ ( لِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ فِي زَمَنِهِ ) وَمَا فِي حُكْمِهِ كَحُمَّى فَيُفْقَدُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ ذَهَابِ الطَّاعُونِ وَنَحْوِهِ وَيُورَثُ مَالُهُ حِينَئِذٍ لِحَمْلِهِ عَلَى مَوْتِهِ فِيهِ .
وَفِي الْفَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ
( وَ ) اعْتَدَّتْ الزَّوْجَةُ ( فِي الْفَقْدِ ) لِزَوْجِهَا فِي قِتَالٍ ، ( بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ ) فِي أَمْرِهِ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ ثُمَّ تَتَزَوَّجُ وَيُورَثُ مَالُهُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ بِإِضَافَةِ الظَّرْفِ الْأَوَّلِ لِسَنَةٍ وَهُوَ صِلَةُ اعْتَدَّتْ الْمُقَدَّرِ ، وَالظَّرْفُ الثَّانِي صِلَةُ مَحْذُوفٍ نَعْتِ سَنَةٍ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِسْقَاطِ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَالْأُولَى هِيَ الصَّوَابُ وَاعْتَرَضَ طفي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَجَمِيعِ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ سِوَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَا مِنْ بَعْدِ النَّظَرِ قَالَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ " غ " وَلَا غَيْرُهُ لِهَذَا وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى .
الْبُنَانِيُّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ نَقْلُ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ وَوَقَعَ الْقَضَاءُ بِهِ فِي الْأَنْدَلُسِ وَنَظَمَهُ صَاحِبُ التُّحْفَةِ رَادًّا لِلْقَوْلِ الْآخَرِ فَقَالَ : وَإِنْ يَكُنْ فِي الْحَرْبِ فَالْمَشْهُورُ فِي مَالِهِ وَلِزَوْجِهِ التَّعْمِيرُ وَقَدْ أَتَى قَوْلٌ بِضَرْبِ عَامٍ مِنْ حِينِ بَأْسٍ مِنْهُ لَا الْقِيَامُ وَذَا بِهِ الْقَضَاءُ فِي أَنْدَلُسَ لِمَنْ مَضَى فَحَقَّقْته تَأْتَسِ قَالَ وَلَدُهُ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَرْبُ السُّلْطَانِ لِلْأَجَلِ مِنْ يَوْمِ الْيَأْسِ مِنْ الْمَفْقُودِ لَا مِنْ يَوْمِ قِيَامِ الزَّوْجَةِ عِنْدَهُ عَلَى مَا اُسْتُحْسِنَ مِنْ الْخِلَافِ ، وَقَالَ : وَلَدُ النَّاظِمِ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ " وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلَ أَشْهَبَ أَنَّهُ يُتَلَوَّمُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ ، لِأَنَّ مُجْمَلَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ يَوْمِ الْيَأْسِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ فَعَبَّرَ بِالرَّفْعِ عَنْهُ تَجَوُّزًا ا هـ .
فَتَأَوَّلَ عِبَارَةَ ابْنِ
رُشْدٍ وَرَدَّهَا لِمَا بِهِ الْقَضَاءُ .
وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ : السُّكْنَى ،
وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ : السُّكْنَى ( وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ ) طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا السُّكْنَى عَلَى مُطَلِّقِهَا سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ حَيًّا أَوْ مَاتَ عَلَى مَا يَأْتِي .
( أَوْ ) الْمَرْأَةِ ( الْمَحْبُوسَةِ ) أَيْ الْمَمْنُوعَةِ عَنْ النِّكَاحِ ( بِسَبَبِهِ ) أَيْ الرَّجُلِ غَيْرِ الطَّلَاقِ كَوَطْئِهِ غَصْبًا أَوْ غَيْرِ عَالِمَةٍ بِنَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ ظَانَّةٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَإِعْتَاقُهُ أَوْ فَسْخُ نِكَاحِهِ الْفَاسِدِ أَوْ لِعَانٍ لِرُؤْيَةٍ أَوْ نَفْيِ حَمْلٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَصِلَةُ الْمَحْبُوسَةِ ( فِي حَيَاتِهِ ) أَيْ الرَّجُلِ وَمُبْتَدَأٌ لِلْمُعْتَدَّةِ .
.
.
إلَخْ ( السُّكْنَى ) عَلَى الزَّوْجِ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَعَلَى الْمُتَسَبِّبِ فِي الْحَبْسِ فِي الْمَحْبُوسَةِ وَالْأَحْسَنُ تَعَلُّقُ فِي حَيَاتِهِ بِمُقَدَّرٍ أَيْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ الْفَسْخِ أَوْ فَسِيخٌ أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِ فَتَجِبُ السُّكْنَى لَهَا وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ لِحُرْمَةِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ حِفْظِهِ فَلَا يَزُولُ بِالْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا عِوَضُ الِاسْتِمْتَاعِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ : فِي حَيَاتِهِ عَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ حِينَئِذٍ فَلَا سُكْنَى لَهَا مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا وَهَذَا عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى فَسَادِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ فَسَخَ مَا حَقُّهُ الْفَسْخُ فِي حَيَاتِهِ أَمْ لَا ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ مُسْتَنَدُهُ فِي هَذَا الِاعْتِمَادِ قَوْلُ الْحَطّ بَعْدَ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَلِأُمِّ وَلَدٍ تُعْتَقُ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا السُّكْنَى .
.
.
إلَخْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُرَّةَ إذَا فُسِخَ نِكَاحُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَهَا السُّكْنَى فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ ا هـ .
وَهُوَ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى
أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ عَلَى أَنَّ طفي قَالَ عَقِبَهُ لَمْ أَرَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ نُصُوصَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مُطْلَقَةٌ فِي وُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْحَيَاةِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمُعْتَدَّةِ .
وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ : لِلْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ السُّكْنَى وَلَوْ مَاتَ خِلَافًا لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ سُقُوطُهَا بِمَوْتِهِ وَاخْتَارَهَا ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ قَالَ فَقَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلصُّورَتَيْنِ عَلَى مُخْتَارِ ابْنِ رُشْدٍ لَكِنْ يُبْعِدُهُ لُزُومُ مُخَالَفَتِهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُخَالَفَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ عَلَى تَقْرِيرِ " ح " وَأَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ لَقَالَ عَلَى الْأَظْهَرِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِلْمُعْتَدَّةِ وَلَا لِلْمَحْبُوسَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَا نَقْلَ يُسَاعِدُهُ فَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ " حَيَاتِهِ " كَمَا قَالَ " ح " الْبُنَانِيُّ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ فِي حَيَاتِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَحْبُوسَةِ كَمَا قَرَّرَهُ " ز " أَنَّ مَنْ حُبِسَتْ فِي حَيَاتِهِ أَيْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ حَبْسِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِ يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ ، صَحَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَكَانَ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُوَافِقًا لِمَا يَأْتِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا إنْ دَخَلَ بِهَا ، وَالْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ ، لَا بِلَا نَقْدٍ ، وَهَلْ مُطْلَقًا ؟ أَوْ إلَّا الْوَجِيبَةَ ؟ تَأْوِيلَانِ .
وَلَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ ؛ إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا ، إلَّا لِيَكُفَّهَا ، وَسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ .
وَرَجَعَتْ لَهُ إنْ نَقَلَهَا ، وَاتُّهِمَ .
أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِهِ وَإِنْ بِشَرْطٍ فِي إجَارَةِ رَضَاعٍ ، وَانْفَسَخَتْ
( وَلِ ) لِزَوْجَةِ ( الْمُتَوَفَّى ) بِفَتْحِ الْفَاءِ زَوْجُهَا ( عَنْهَا ) وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ ( السُّكْنَى ) مُدَّةَ عِدَّتِهَا ( إنْ ) كَانَ الزَّوْجُ ( دَخَلَ بِهَا ) وَأَطَاقَتْ الْوَطْءَ سَكَنَ مَعَهَا أَمْ لَا ( وَ ) الْحَالُ ( الْمَسْكَنُ لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ بِمِلْكٍ ( أَوْ ) إجَارَةٍ و ( نَقَدَ ) أَيْ دَفَعَ ( كِرَاءَهُ ) كُلَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً فَإِنْ كَانَ نَقَدَ بَعْضَهُ فَلَهَا السُّكْنَى بِقَدْرِ مَا نَقَدَهُ ، فَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ أُجْرَةُ بَقِيَّتِهَا فَتَدْفَعُهَا مِنْ مَالِهَا ، ( لَا ) سُكْنَى لَهَا إنْ اكْتَرَاهُ وَمَاتَ ( بِلَا نَقْدٍ ) لِأُجْرَةٍ ( وَهَلْ ) لَا سُكْنَى لَهَا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْوَجِيبَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ ( أَوْ ) لَا سُكْنَى لَهَا ( إلَّا ) إذَا كَانَ الْكِرَاءُ ( الْوَجِيبَةَ ) أَيْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَهَا السُّكْنَى فِي تَرِكَتِهِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ النَّقْدِ لِلُزُومِهَا فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ وَلَا ) سُكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ ، ( إنْ لَمْ يَدْخُلْ ) بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُدْخَلُ بِمِثْلِهَا لِعَدَمِ إطَاقَتِهَا أَوْ كَبِيرَةً فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) أَنْ ( يُسْكِنَهَا ) مَعَهُ فِي حَيَاتِهِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا يُدْخَلُ بِمِثْلِهَا وَيَمُوتُ فَلَهَا السُّكْنَى فِي عِدَّتِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ إسْكَانَهَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ دُخُولِهِ بِهَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ نَاجٍ بِسُكْنَاهُ مَعَهَا ، وَإِلَّا فَلَا سُكْنَى لَهَا وَإِنْ أَسْكَنَهَا مَعَهُ فَلَهَا السُّكْنَى فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ أَسْكَنَهَا مَعَهُ ( لِيَكُفَّهَا ) أَيْ يَحْفَظَهَا وَيَمْنَعَهَا عَمَّا لَا يَلِيقُ فَلَا سُكْنَى لَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ ، هَذَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِلَا لَامٍ بَعْدَ الْفَاءِ ، وَاَلَّذِي فِي بَعْضٍ آخَرَ مِنْ نُسَخِ التَّوْضِيحِ حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الصِّقِلِّيِّ عَنْهُ لِيَكْفُلَهَا مِنْ الْكَفَالَةِ أَيْ
الْحَضَانَةِ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الصَّوَابُ لِغَرَضِ الْمَسْأَلَةِ فِي صَغِيرَةٍ غَيْرِ مُطِيقَةٍ فَيُعَمِّمُ فِي أَوَّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيَخُصُّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُدْخَلُ بِمِثْلِهَا ، وَأَمَّا الْمُطِيقَةُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَأَسْكَنَهَا فَلَهَا السُّكْنَى وَلَوْ قَصَدَ كَفَّهَا .
ابْنُ يُونُسَ وَالْكَبِيرَةُ يَمُوتُ عَنْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ فِي مَسْكَنِهَا فَلْتَعْتَدَّ فِيهِ وَلَا سُكْنَى لَهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْكَنَهَا دَارًا لَهُ أَوْ نَقَدَ الْكِرَاءَ فَتَكُونُ أَحَقَّ بِذَلِكَ الْمَسْكَنِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا .
( وَسَكَنَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا ( عَلَى مَا ) أَيْ فِيمَا ( كَانَتْ تَسْكُنُ ) وَهِيَ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا شِتَاءً وَصَيْفًا ( وَرَجَعَتْ ) الْمُعْتَدَّةُ ( لَهُ ) أَيْ مَسْكَنِهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ ( إنْ نَقَلَهَا ) الزَّوْجُ ( مِنْهُ ) ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ ( وَاتُّهِمَ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ بِأَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهَا لِإِسْقَاطِ سُكْنَاهَا بِهِ فِي الْعِدَّةِ بِقَرِينَةٍ وَلَمْ تُطْلَبُ مِنْهُ يَمِينٌ بِأَنْ لَمْ يَنْقُلْهَا لِذَلِكَ احْتِيَاطًا فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَإِحْدَادِ الصَّغِيرَةِ ( أَوْ ) كَانَتْ مُقِيمَةً ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ مَسْكَنِهَا حِينَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فَتَرْجِعُ لَهُ إنْ كَانَتْ إقَامَتُهَا بِغَيْرِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فِي إجَارَةٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ إقَامَتُهَا بِغَيْرِهِ ( بِشَرْطٍ فِي إجَارَتِ ) هَا لِ ( رَضَاعٍ ) لِوَلَدِ غَيْرِهَا اشْتَرَطَ عَلَيْهَا أَهْلُهُ إقَامَتَهَا عِنْدَهُمْ لِإِرْضَاعِهِ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَتَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ ، كَقَطْعِ يَدِ سَارِقٍ قَاطِعٍ يَدًا عَمْدًا لِلسَّرِقَةِ دُونَ الْقِصَاصِ .
( وَانْفَسَخَتْ ) الْإِجَارَةُ وَرَجَعَ لِلْحِسَابِ إنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُ الرَّضِيعِ بِإِرْضَاعِهَا بِمَسْكَنِهَا فَلَوْ كَانَتْ قَابِلَةً أَوْ مَاشِطَةً فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْبَيَاتُ فِي غَيْرِ مَسْكَنِهَا وَلَوْ مُحْتَاجَةً
وَمَعَ ثِقَةٍ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ ، إنْ خَرَجَتْ صَرُورَةً فَمَاتَ ، أَوْ طَلَّقَهَا فِي : كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ ، وَفِي التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ إنْ خَرَجَ : لِكَرِبَاطٍ : لَا لِمُقَامٍ ، وَإِنْ وَصَلَتْ وَالْأَحْسَنُ ، وَلَوْ أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ
( وَ ) إنْ خَرَجَ الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ لِحَجٍّ أَوْ رِبَاطٍ بِثَغْرٍ ثُمَّ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا وَرَجَعَتْ لِمَسْكَنِهَا ( مَعَ ) رَقِيقٍ ( ثِقَةٍ ) مَحْرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ ( إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ ) بَعْدَ وُصُولِهَا لِمَسْكَنِهَا ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ لَيْلَةً وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا لَهُ بَالٌ وَإِلَّا أَتَمَّتْهُ بِمَوْضِعِهَا إنْ كَانَ مُسْتَعْتَبًا وَإِلَّا فَبِالْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَتْ لَهُ لَا إنْ كَانَتْ تَنْقَضِي قَبْلَ وُصُولِهِ أَوْ عِنْدَهُ ( إنْ خَرَجَتْ ) الزَّوْجَةُ مَعَ زَوْجِهَا حَالَ كَوْنِهَا ( صَرُورَةً ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فِي الطَّرِيقِ وَقِيسَ عَلَى الصَّرُورَةِ وَفَاءٌ النَّذْرِ وَكَانَتْ ( فِي ) بُعْدِهَا عَنْ مَسْكَنِهَا ( كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ ) وَلَمْ تُحْرِمْ فَإِنْ كَانَتْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا تَرْجِعُ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ .
.
.
إلَخْ ، مَعَ فَرْضِهِ طَلَاقَهُ أَوْ مَوْتَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَبَقَاءُ شَيْءٍ مِنْهَا حِينَئِذٍ ضَرُورِيٌّ وَأُجِيبَ بِتَصَوُّرِهِ فِي حَامِلٍ مُقَرَّبٍ وَفِيمَنْ مَنَعَهَا مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ وَزَالَ فِي آخِرِ عِدَّتِهَا .
( وَ ) تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ ( فِي ) الْحَجِّ ( التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ ) مِنْ النَّوَافِلِ مِثْلُ ( إنْ خَرَجَ ) زَوْجُهَا ( لِكَرِبَاطٍ ) أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ فَخَرَجَتْ مَعَهُ ثُمَّ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا ( لَا ) تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ رَافِضَةً لِسُكْنَاهُ ( لِمُقَامٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ إقَامَةٍ وَسُكْنَى مَعَ الزَّوْجِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَإِذَا قُلْنَا تَرْجِعُ فِي التَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ وَالرِّبَاطِ ، فَيَجِبُ رُجُوعُهَا إنْ لَمْ تَصِلْ الْمَحِلَّ الْمَقْصُودَ لِلْحَجِّ أَوْ الرِّبَاطِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَلْ ( وَإِنْ وَصَلَتْ ) الزَّوْجَةُ الْمَحَلَّ الَّذِي خَرَجَتْ إلَيْهِ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ وُصُولِهَا مَسْكَنَهَا وَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ طُولِ إقَامَتِهَا بِهِ ( وَالْأَحْسَنُ ) رُجُوعُهَا لِمَسْكَنِهَا ( وَلَوْ
أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرَ ) أَوْ سَنَةً بِالْمَحَلِّ الَّذِي انْتَقَلَتْ لَهُ فَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مُحَمَّدًا اسْتَحْسَنَ الرُّجُوعَ فِي الْأَشْهُرِ ، وَفِي السَّنَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ التُّونُسِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيِّ فَلَعَلَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَحْرِيفٌ وَالْأَصْلُ وَلَوْ أَقَامَتْ السَّنَةَ أَوْ الْأَشْهُرَ ( وَالْمُخْتَارُ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ( خِلَافُهُ ) أَيْ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بَعْدَ إقَامَةِ نَحْوِ السَّنَةِ وَتَعْتَدُّ بِمَحَلِّ إقَامَتِهَا .
وَفِي الِانْتِقَالِ تَعْتَدُّ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا ، وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا
( وَفِي ) مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فِي سَفَرِ ( الِانْتِقَالِ ) مِنْ الْمَسْكَنِ الْأَصْلِيِّ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِهِ دَائِمًا ( تَعْتَدُّ ) الزَّوْجَةُ إنْ شَاءَتْ ( بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا ) أَيْ الْمَكَانَيْنِ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ وَالْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ لِلْمَكَانِ الَّذِي هِيَ بِهِ حِينَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ ( أَوْ ) تَعْتَدُّ ( بِمَكَانِهَا ) الَّذِي هِيَ بِهِ حِينَ أَحَدِهِمَا أَوْ حَيْثُ شَاءَتْ غَيْرَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ قَالَ : أَوْ حَيْثُ شَاءَتْ لَشَمِلَ غَيْرَ الْأَمْكِنَةِ الثَّلَاثَةِ مَعَ الِاخْتِصَارِ ( وَ ) حَيْثُ لَزِمَهَا الرُّجُوعُ لِعِدَّةِ طَلَاقٍ فَ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُطَلِّقِ ( الْكِرَاءُ ) لِلدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ الَّتِي تَرْجِعُ عَلَيْهَا لِإِدْخَالِهِ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( رَاجِعًا ) مَعَهَا لِأَنَّهَا تَرْجِعُ لِأَجْلِهِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَرْجِعْ مَعَهَا وَلَزِمَهَا الرُّجُوعُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمَنْزِلِ الَّذِي تَرْجِعُ لَهُ فَإِنْ اعْتَدَّتْ بِمَحِلِّهَا أَتَمَّتْ وَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاءُ رُجُوعِهَا كَمَا أَنَّهُ فِي مَوْتِهِ لَا كِرَاءَ لَهَا لِرُجُوعِهَا لِلْمَسْكَنِ الَّذِي لَزِمَهَا الِانْتِقَالُ إلَيْهِ لِانْتِقَالِ تَرِكَتِهِ لِوَرَثَتِهِ وَكَمَا لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ حَيْثُ تَشَاءُ .
وَمَضَتْ الْمُحْرِمَةُ أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ
( وَ ) إنْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَسْكَنِهَا لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَأَحْرَمَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ خَرَجَتْ لِاعْتِكَافٍ وَشَرَعَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ ( مَضَتْ ) أَيْ اسْتَمَرَّتْ فِي سَفَرِهَا الزَّوْجَةُ ( الْمُحْرِمَةُ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ ) عَلَى اعْتِكَافِهَا إنْ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا إكْمَالُ حَجِّهَا أَوْ عُمْرَتِهَا أَوْ اعْتِكَافِهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ لِمَسْكَنِهَا ( أَوْ ) الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ ( أَحْرَمَتْ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فَتَتْرُكُ الْمَبِيتَ فِي مَسْكَنِهَا وَتَمْضِي عَلَى إحْرَامِهَا التَّتْمِيمَةُ ( وَعَصَتْ ) اللَّهَ تَعَالَى بِإِحْرَامِهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ وَتَمْضِي الْمُحْرِمَةُ إنْ اعْتَكَفَتْ أَيْضًا وَالْمُعْتَكِفَةُ إنْ أَحْرَمَتْ وَالْمُعْتَدَّةُ إنْ اعْتَكَفَتْ فَتَسْتَمِرُّ عَلَى مَبِيتِهَا فِي مَسْكَنِهَا وَلَا تَخْرُجُ لِمُعْتَكَفِهَا الْبُنَانِيُّ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ " أَوْ أَحْرَمَتْ " وَقَالَ عِوَضَهُ : كَالْمُعْتَدَّةِ إنْ اعْتَكَفَتْ لَا إنْ أَحْرَمَتْ لَوَفَّى بِالصُّوَرِ السِّتِّ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ : وَعِدَّةُ عُكُوفٍ أَوْ إحْرَامِ سَابِقِهَا قَطْعًا لَهُ التَّمَامُ وَطَارِئٌ لَيْسَ بِدَافِعٍ لَهُ لَكِنْ مَبِيتُ ثَالِثٍ أَبْطَلَهُ
وَلَا سُكْنَى لِأَمَةٍ لَمْ تُبَوَّأْ ، وَلَهَا حِينَئِذٍ الِانْتِقَالُ مَعَ سَادَتِهَا : كَبَدَوِيَّةٍ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ ، أَوْ لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُ الْمُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا : كَسُقُوطِهِ أَوْ خَوْفِ جَارٍ سُوءٍ ، وَلَزِمَتْ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ
( وَلَا سُكْنَى ) مُسْتَحِقَّةٍ ( لِأَمَةٍ ) مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجِهَا ( لَمْ تُبَوَّأْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْوَاوُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ لَمْ تُفْرَدْ بِالسُّكْنَى مَعَ زَوْجِهَا عَنْ سَيِّدِهَا ( وَلَهَا ) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي لَمْ تُبَوَّأْ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ لَمْ تُبَوَّأْ ( الِانْتِقَالُ ) مِنْ الْمَسْكَنِ ( مَعَ سَادَتِهَا ) لِمَسْكَنٍ آخَرَ وَمَفْهُومُ وَلَمْ تُبَوَّأْ أَنَّ لِلْمُبَوَّأَةِ السُّكْنَى وَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَالُ مَعَ سَادَاتِهَا حَتَّى تَتِمَّ عِدَّتُهَا عَلَى هَذَا حَمَلَ أَبُو عِمْرَانَ الْمُدَوَّنَةَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهَا إنْ انْتَجَعَ سَيِّدُهَا لِبَلَدٍ آخَرَ فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مَعَهُ وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ يُجْبَرُ سَيِّدُهَا عَلَى رَدِّهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ فَقَالَ ( كَ ) زَوْجَةٍ ( بَدَوِيَّةٍ ) طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا ( ارْتَحَلَ ) أَيْ انْتَقَلَ ( أَهْلُهَا ) مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ الزَّوْجُ بِهِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا لُحُوقُهَا بِهِمْ بَعْدَ فَرَاغِ عِدَّتِهَا فَلَهَا الِانْتِقَالُ مَعَ أَهْلِهِمْ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهَا الِارْتِحَالُ مَعَهُمْ .
وَمَفْهُومُ بَدَوِيَّةٍ أَنَّ الْحَضَرِيَّةَ لَا تَنْتَقِلُ مِنْ مَسْكَنِهَا مَعَ أَهْلِهَا وَتَعْتَدُّ بِمَسْكَنِهَا ، وَمَفْهُومُ أَهْلِهَا أَنَّهُ إنْ ارْتَحَلَ أَهْلُ زَوْجِهَا فَقَطْ فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّهُ إنْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَأَهْلُ زَوْجِهَا مَعًا فَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقُوا ارْتَحَلَتْ مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَإِلَّا فَمَعَ أَهْلِهَا .
اللَّخْمِيُّ إنْ انْتَوَى أَهْلُ زَوْجِهَا خَاصَّةً فَلَا تَنْتَوِي مَعَهُمْ .
ا هـ .
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا مَشَقَّةٌ فِي عَوْدِهَا لِأَهْلِهَا أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِي الْجَلَّابِ إذَا تُوُفِّيَ الْبَدَوِيُّ عَنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ أَهْلُهَا فَلَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مَعَهُمْ وَإِنْ انْتَقَلَ أَهْلُ زَوْجِهَا فَقَطْ فَلَا تَنْتَقِلُ مَعَهُمْ وَإِنْ
كَانَتْ فِي حَضَرٍ وَقَرَارٍ فَلَا يَجُوزُ لَهَا انْتِقَالُهَا مَعَ أَهْلِهَا وَلَا مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي الْكَافِي ( أَوْ ) أَيْ وَلِلْمُعْتَدَّةِ مُطْلَقًا الِانْتِقَالُ مِنْ مَسْكَنِهَا ( لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُهَا ) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ سَوَاءٌ كَانَتْ بَدَوِيَّةً أَوْ حَضَرِيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُبَوَّأَةً ( الْمُقَامُ ) بِضَمٍّ أَيْ الْإِقَامَةُ وَالسُّكْنَى ( مَعَهُ ) أَيْ الْعُذْرِ ( بِمَسْكَنِهَا كَ ) خَوْفِ ( سُقُوطِهِ ) أَيْ الْمَسْكَنِ وَأَوْلَى سُقُوطُهُ بِالْفِعْلِ ( أَوْ خَوْفِ ) ضَرَرٍ ( جَارٍ سُوءٍ ) بِضَمِّ السِّينِ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا فِي حَضَرِيَّةٍ وَبَدَوِيَّةٍ لَا تَرْتَحِلُ لِمَشَقَّةٍ تَحْوِيلِهَا وَلَا تَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهِ بِوَجْهٍ لَا فِي عَمُودِيَّةٍ تَرْتَحِلُ بِلَا مَشَقَّةٍ ( وَ ) حَيْثُ انْتَقَلَتْ لِعُذْرٍ ( لَزِمَتْ ) الْمُعْتَدَّةُ الْمَسْكَنَ .
( الثَّانِيَ ) فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُهَا الْإِقَامَةُ مَعَهُ فِيهِ فَتَنْتَقِلُ عَنْهُ ( وَ ) لَزِمَتْ ( الثَّالِثَ ) وَهَكَذَا وَإِنْ انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ رُدَّتْ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا الْمُطَلِّقُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى
وَالْخُرُوجُ فِي حَوَائِجهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ ؛ لَا لِضَرَرِ جِوَارٍ لِحَاضِرَةٍ ، وَرَفَعَتْ لِلْحَاكِمِ ، وَأَقْرَعَ لِمَنْ يَخْرُجُ ، وَإِنْ أَشْكَلَ .
( وَ ) لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ ( الْخُرُوجُ ) مِنْ مَسْكَنِهَا ( فِي ) قَضَاءِ ( حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ ) فَتْحُ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ مُثَنَّى طَرَفٍ بِفَتْحِهِمَا حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى ( النَّهَارِ ) أَيْ قُرْبَ الْفَجْرِ وَعَقِبَ الْغُرُوبِ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَعَبَّرَ عَنْهُمَا بِطَرَفَيْ النَّهَارِ لِلْمُجَاوَرَةِ بِقَرِينَةِ النَّصِّ وَمَفْهُومُ فِي حَوَائِجهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُهَا فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِغَيْرِ حَوَائِجِهَا وَيَجُوزُ خُرُوجُهَا نَهَارًا وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَوْ لِعُرْسٍ إنْ دُعِيَتْ إنْ شَاءَتْ وَلَا تَتَزَيَّنُ وَلَا تَبِيتُ إلَّا بِبَيْتِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَهَا التَّصَرُّفُ نَهَارًا وَالْخُرُوجُ سَحَرًا قَبْلَ الْفَجْرِ وَتَرْجِعُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ .
الْأَخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرَى أَنْ يُحْتَاطَ لِلْأَنْسَابِ فَتُؤَخِّرُ خُرُوجَهَا لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَأْتِي حِينَ غُرُوبِهَا بَعْضُهُمْ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ هُوَ اللَّائِقُ يُعْرَفُ هَذَا الزَّمَانُ فَالْمَدَارُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَنْتَشِرُ فِيهِ النَّاسُ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهَا أَهْلُ الْفَسَادِ ( لَا ) تَخْرُجُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ مَسْكَنِهَا ( لِضَرَرِ جِوَارٍ ) بِالنِّسْبَةِ ( لِحَاضِرَةٍ ) يُمْكِنُهَا رَفْعُهُ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ خَوْفُ جَارِ سُوءٍ فِيمَنْ لَا يُمْكِنُهَا رَفْعُهُ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا ( وَرَفَعَتْ ) أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ ظُلْمُ الْجَارِ زَجَرَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْكَفَّ أَخْرَجَهُ مِنْ مَسْكَنِهِ وَإِنْ ثَبَتَ ظُلْمُهَا زَجَرَهَا فَإِنْ لَمْ تَنْكَفَّ أَخْرَجَهَا ( وَأَقْرَعَ ) أَيْ ضَرَبَ الْحَاكِمُ الْقُرْعَةَ ( لِمَنْ يَخْرُجُ ) مِنْ مَسْكَنِهِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ وَجَارِهَا ( إنْ أَشْكَلَ ) الْأَمْرُ عَلَى الْحَاكِمِ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِلَا بَيِّنَةٍ أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَيْنِ مُتَعَادِلَتَيْنِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّوَابُ إخْرَاجُ غَيْرِ
الْمُعْتَدَّةِ لِأَنَّ إقَامَتَهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى .
وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ جَوَازُ إخْرَاجِهَا لِشَرِّهَا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَهُ ح الْبُنَانِيُّ هَذَا النَّظَرُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِلَّةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ إخْرَاجُ مَنْ تَبَيَّنَ شَرُّهَا وَبَحَثَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَنْ أَشْكَلَ أَمْرُهَا وَفِي ح وَتَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ لَسِنَةً عَلَى الْجِيرَانِ وَمَفْهُومُ لِحَاضِرَةٍ أَنَّ الْبَدَوِيَّةَ تَنْتَقِلُ لِضَرَرِ الْجَارِ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الْحَضَرِ وُجُودُ الْحَاكِمِ الْمُنْصِفِ وَالْبَدْوُ عَدَمُهُ فَإِنْ وُجِدَ فِي الْبَادِيَةِ فَلَا تَنْتَقِلُ وَإِنْ عُدِمَ فِي الْحَضَرِ فَلَهَا الِانْتِقَالُ فَالْمَدَارُ عَلَى وُجُودِ الْحَاكِمِ وَعَدَمِهِ فِي الْحَضَرِ وَالْبَدْوِ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْتُ ضَابِطُهُ إنْ قَدَرَتْ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهِمَا بِوَجْهٍ مَا فَلَا تَنْتَقِلُ وَحَمَلَهَا ابْنُ عَاتٍ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ لِأَنَّ بِهَا مَنْ تَرْفَعُ إلَيْهِ أَمْرَهَا بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ غَالِبًا .
وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ؟ قَوْلَانِ
( وَهَلْ لَا سُكْنَى ) فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ ( لِمَنْ ) أَيْ زَوْجَةٍ ( سَكَّنَتْ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( زَوْجَهَا ) مَعَهَا بِبَيْتِهَا دُونَ كِرَاءٍ ( ثُمَّ طَلَّقَهَا ) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلنِّكَاحِ أَوْ لَهَا السُّكْنَى فِيهِ لِانْقِطَاعِ الْمُكَارَمَةِ بِالطَّلَاقِ فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) لِابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْمَكْوِيِّ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْمَكْوِيِّ وَهُمْ مَحِلُّهُمَا إذَا أَطْلَقَتْ فَإِنْ تَبَرَّعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى زَمَنَ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ فَلَا سُكْنَى لَهَا فِيهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ قَيَّدَتْ بِمُدَّةِ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهَا السُّكْنَى فِيهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهَا السُّكْنَى فِي الْعَقْدِ فَسَدَ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ، وَيُلْغَى الشَّرْطُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَهَا السُّكْنَى وَمَحِلُّهُمَا أَيْضًا إذَا اكْتَرَتْ الْمَسْكَنَ أَوْ مَلَكَتْهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَهَا السُّكْنَى قَوْلًا وَاحِدًا وَمَفْهُومُ طَلَّقَهَا أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَلَا سُكْنَى لَهَا زَمَنَ عِدَّتِهَا .
وَسَقَطَتْ ، إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ : كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ بِهِ ، وَلِلْغُرَمَاءِ بَيْعُ الدَّارِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا ؟ فَإِنْ ارْتَابَتْ : فَهِيَ أَحَقُّ ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ، وَلِلزَّوْجِ فِي الْأَشْهُرِ ، وَمَعَ تَوَقُّعِ الْحَيْضِ : قَوْلَانِ .
( وَسَقَطَتْ ) سُكْنَاهَا فِيهِ عَنْ الزَّوْجِ ( إنْ أَقَامَتْ ) الْمُعْتَدَّةُ فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ مَسْكَنِهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ ، فَقَالَ ( كَنَفَقَةِ وَلَدٍ ) لِلزَّوْجِ ( هَرَبَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ ( بِهِ ) مُدَّةً بِمَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا مِنْهُ لِمَسْكَنِهَا ثُمَّ طَلَبَتْهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا فَإِنْ عَلِمَ مَوْضِعَهَا وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا وَتَرَكَهَا مُدَّةً فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنْهُ .
( وَلِلْغُرَمَاءِ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ غَرِيمٍ أَيْ أَصْحَابِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ ( بَيْعُ الدَّارِ ) الْمَمْلُوكَةِ لِلزَّوْجِ وَزَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ سَاكِنَةٌ فِيهَا لِأَخْذِ ثَمَنِهَا فِي دُيُونِهِمْ وَصِلَةُ بَيْعٍ ( فِي ) عِدَّةِ الزَّوْجَةِ ( الْمُتَوَفَّى ) بِفَتْحِ الْفَاءِ ( عَنْهَا ) وَلَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّهَا فِي السُّكْنَى وَيَشْتَرِطُ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي سُكْنَاهَا مُدَّةَ عِدَّتِهَا إذْ هِيَ أَحَقُّ مِنْهُمْ بِهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِعَيْنِ الدَّارِ وَحَقِّهِمْ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُهَا بِدُونِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ، وَكَتْمُ سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَإِنْ وَقَعَ صَحَّ كَبَيْعِ دَارٍ مَكْرِيَّةٍ بِدُونِ بَيَانٍ ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ ، وَالصَّبْرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعِدَّةِ وَمَفْهُومٌ لِلْغُرَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ بَيْعُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ الْبَيَانِ وَاسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ أَبُو الْحَسَنِ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُ الدَّارِ وَاسْتِثْنَاءُ الْعِدَّةِ ؟ فَأَجَازَهُ اللَّخْمِيُّ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي الْمُشْتَرِي مَتَى يَتَّصِلُ بِقَبْضِهَا وَإِنَّمَا رَخَّصَ فِيهِ فِي الدَّيْنِ .
( فَإِنْ ) بِيعَتْ بِشَرْطِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ وَ ( ارْتَابَتْ ) أَيْ شَكَّتْ الْمُعْتَدَّةُ
فِي حَمْلِهَا بِحَرَكَةِ بَطْنٍ أَوْ تَأَخُّرِ حَيْضٍ ( فَهِيَ ) أَيْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا ( أَحَقُّ ) بِسُكْنَى الدَّارِ لِتَمَامِ عِدَّتِهَا إذْ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي التَّطْوِيلِ ( وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى جَوَازِهَا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ ( وَلِلزَّوْجِ ) الَّذِي طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا الْمُعْتَدَّةَ فِي دَارِهِ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَمَفْهُومُ ( فِي الْأَشْهُرِ ) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْأَقْرَاءِ وَوَضْعِ الْحَمْلِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ مُدَّتِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنَّمَا يَجُوزُ هَذَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا أَيَّامٌ مُحَصَّلَةٌ وَذَلِكَ إذَا دَعَا الْغُرَمَاءُ الْوَرَثَةَ لِبَيْعِهَا ، وَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ قُلْتُ فِي تَهْذِيبِ عَبْدِ الْحَقِّ ذَكَرَ لِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ ، زَادَ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ .
اللَّخْمِيُّ إنْ قَامَ الْغُرَمَاءُ وَالْمَسْكَنُ مِلْكٌ لِلزَّوْجِ بِبَيْعٍ وَاسْتَثْنَى أَمَدَ الْعِدَّةِ كَانَتْ عِدَّةَ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَ بِكِرَاءٍ وَنَقْدٍ فَهِيَ أَحَقُّ مِنْ ذَلِكَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ عِدَّتِهَا وَبِيعَ الْبَاقِي لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ وَالْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ فَلِلْمُكْرِي أَخْذُ مَسْكَنِهِ أَوْ إسْلَامِهِ فَتَكُونُ الزَّوْجَةُ أَحَقَّ بِهِ وَيَضْرِبُ الْمُكْرِي مَعَ الْغُرَمَاءِ فِيمَا سِوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ لِوَفَاةٍ لَمْ يَكُنْ الْمُكْرِي أَحَقَّ وَلَا الزَّوْجَةُ وَبِبَيْعٍ لِلْغُرَمَاءِ وَالْمُكْرِي أَحَدُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ غَرِيمٍ بِيعَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَبَيْعُ الْغُرَمَاءِ كَبَيْعِ الزَّوْجِ .
( وَ ) إنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الَّتِي تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ لِصِغَرِهَا أَوْ يَأْسِهَا مَعَ تَوَقُّعِ حَيْضِهَا كَبِنْتِ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ وَأَرَادُوا بَيْعَ الدَّارِ فِي دُيُونِهِمْ فَفِي جَوَازِ بَيْعِهَا فِي
الْأَشْهُرِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ ( مَعَ تَوَقُّعِ ) أَيْ ظَنِّ حُصُولِ ( الْحَيْضِ ) مِنْ الْمُطَلَّقَةِ كَبِنْتِ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَمَنْعُهُ لِلْغَرَرِ ( قَوْلَانِ ) وَعَلَى الْجَوَازِ لَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي إنْ حَاضَتْ وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ لِدُخُولِهِ مُجَوِّزًا ذَلِكَ وَعَلَى الْمَنْعِ إنْ وَقَعَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْجَوَاهِرِ إنْ تَوَقَّعَ طَرَيَان حَيْضِ ذَاتِ الْأَشْهُرِ فَفِي جَوَازِ الْبَيْعِ إلَى الْبَرَاءَةِ خِلَافُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الْمُتَوَقَّعِ حَيْضُهَا إذَا اشْتَرَطَهُ قَوْلَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي اُخْتُلِفَ فِيمَنْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ وَيُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا فِيهَا وَاشْتَرَطَ الْبَائِعُ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَتْ رِيبَةٌ فِي الْعِدَّةِ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضِ بَعْدَ حُصُولِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ هَلْ يُؤَثِّرُ هَذَا الشَّرْطُ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ ؟ قَوْلَانِ .
وَلَوْ بَاعَ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ : فَسَدَ
( وَلَوْ ) طَلَّقَ مَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَيُمْكِنُ حَيْضُهَا فِيهَا وَتُوُفِّيَ عَنْهَا وَحَصَلَتْ لَهَا رِيبَةُ حَمْلٍ أَوْ أَمْكَنَ حُصُولُهَا فِيهِمَا وَ ( بَاعَ ) الْغُرَمَاءُ الدَّارَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَوْ الزَّوْجُ فِي الْأَشْهُرِ وَقَالَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ ( إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ ) الْحَاصِلَةُ حِينَ الْبَيْعِ أَوْ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَهُ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ ( فَسَدَ ) الْبَيْعُ لِلْغَرَرِ طفي بِهَذَا قَرَّرَ الْمُوَضِّحُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ زَوَالِ الرِّيبَةِ فَاسِدٌ قَالَ وَهَكَذَا فِي الْوَاضِحَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَعَلَى هَذَا جَرَى فِي مُخْتَصَرِهِ وَحَادَ عَنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَأَتَى بِعِبَارَةٍ تُطَابِقُ تَقْرِيرَهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ مَعَ أَنَّهُ تَقْرِيرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَكَثَتْ الْمُعْتَدَّةُ إلَى زَوَالِ رِيبَتِهَا هَكَذَا فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَلِذَا عَلَّلَ الثَّعَالِبِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَاسِدٌ بِقَوْلِهِ لِغَرَرِ كَوْنِهَا تَتَمَادَى سَنَةً أَوْ خَمْسًا أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَعَزْوُهُ لِلْوَاضِحَةِ وَابْنِ الْمَوَّازِ غَيْرُ صَحِيحٍ .
يَتَبَيَّنُ لَك بِنَقْلِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ هَلَكَ وَتَرَكَ دَارًا أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ : تُبَاعُ الدَّارُ ، وَيُشْتَرَطُ لِامْرَأَتِهِ سُكْنَاهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قِيلَ لَهُ : إذَا بِيعَتْ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ارْتَابَتْ أَتَرَى لَهَا السُّكْنَى حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الرِّيبَةِ قَالَ : نَعَمْ وَإِنَّمَا هِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ قَالَ سَحْنُونٌ : وَإِنْ تَمَادَتْ الرِّيبَةُ إلَى خَمْسِ سِنِينَ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَقْصَى الْعِدَّةِ خَمْسُ سِنِينَ فَكَأَنَّهُ قَدَّمَ عَالِمًا بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهَا إنْ ارْتَابَتْ الْمَرْأَةُ
كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يَتَمَاسَكَ عَلَى أَنْ لَا يَرُدَّ الْبَائِعُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَمِثْلُهُ فِي الْوَاضِحَةِ وَإِيَّاهُ اخْتَارَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ قَالَ : لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْعِدَّةِ الْمَعْرُوفَةِ وَلَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الِاسْتِرَابَةِ كَانَ فَاسِدًا وَاعْتَرَضَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فَقَالَ إذَا كَانَ الْبَيْعُ شَرَطَ الِاسْتِرَابَةَ لَا يَجُوزُ إذْ لَا يَدْرِي أَتَكُونُ سَنَةً أَوْ خَمْسَ سِنِينَ فَإِذَا مَلَكَ الْخِيَارَ فِي الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى أَنْ تَسْكُنَ الْمَرْأَةُ إلَى انْقِضَاءِ رِيبَتِهَا كَابْتِدَاءِ الشِّرَاءِ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا ابْنُ رُشْدٍ وَلَا أَدْرِي مَعْنَى تَخْرِيجِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَ إذْ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَحْفَظُهُ .
كَمَا أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ سِلْعَتَهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ أَيَّهُمَا شَاءَ وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ جَوَازُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلَعًا فَاسْتَحَقَّ مِنْهَا جُلَّهَا فَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ يَتَمَاسَكَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بِالرَّدِّ مَا لَمْ تَنْقَضِ الرِّيبَةُ لَا عَلَى أَنَّهُ يَتَمَاسَكُ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ لَهُ طَالَتْ الرِّيبَةُ أَوْ قَصُرَتْ وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ ا هـ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ تَعَقُّبُهُ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ لِأَنَّهُ لِلْغَرَرِ يَتَعَيَّنُ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ لَا لِلِانْتِقَالِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ
وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ زَوَالِ الرِّيبَةِ فَاسِدٌ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ ظَاهِرُهُ أَنْ قَالَ سَحْنُونٌ نُصَّ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ لِلْبَاجِيِّ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ بِلُزُومِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي مَعَ الرِّيبَةِ وَأَنَّهَا مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ يَجُوزُ شَرْطُهُ وَفِيهِ بَحْثٌ تَقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ .
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ : لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ زَوَالِ الرِّيبَةِ كَانَ فَاسِدًا ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا عِنْدِي عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارَ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُلْزِمُهُ ذَلِكَ فَلَا تَأْثِيرَ لِلشَّرْطِ .
ا هـ .
وَالْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْبَاجِيَّ طفي فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِمَّا نَقَلْنَاهُ مَا قُلْنَا مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَمَحَطُّ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَاعْتِرَاضَ التُّونُسِيِّ وَتَخْرِيجَ الْبَاجِيَّ وَلَمْ يَهْتَدِ لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ نَازَعَهُ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ فِي تَقْرِيرِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَقَالَ : لَوْ فَسَّرَ هُنَا بِأَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي مُكْثَ الْمُعْتَدَّةِ إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ آخِرَ كَلَامِهِ لَكَانَ أَوْجَهَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُرَادَ قَوْلُهُ وَزَادَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُشْتَرِي وَاعْتِرَاضُ التُّونُسِيِّ ا هـ وَإِنَّمَا تَنَفَّسْنَا بِشَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ إيضَاحًا لِلْحَقِّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
وَأُبْدِلَتْ فِي : الْمُنْهَدِمِ وَالْمُعَارِ ، وَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُنْقَضِي الْمُدَّةَ ،
( وَ ) إنْ انْهَدَمَ مَسْكَنُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ كَانَ مُعَارًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا وَانْقَضَتْ مُدَّةُ إعَارَتِهِ أَوْ إجَارَتِهِ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا وَمُطَلِّقُهَا حَيٌّ ( أُبْدِلَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ ، الْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ لَمْ يَمُتْ زَوْجُهَا ( فِي ) الْمَسْكَنِ ( الْمُنْهَدِمِ ) غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكًا لِلزَّوْجِ أَوْ لِغَيْرِهِ ، قَالَهُ تت وَكَذَا مُعْتَدَّةُ وَفَاةٍ انْهَدَمَتْ مَقْصُورَتُهَا فَتُبْدَلُ بِمَقْصُورَةٍ أُخْرَى مِنْ مَقَاصِيرِ دَارِ الْمَيِّتِ فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ بِتَمَامِهَا فَلَا تُبْدَلُ بِغَيْرِهَا ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ أُخْرَى لِانْتِقَالِهَا لِلْوَرَثَةِ مَعَ عَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِهَا بِخِلَافِ الدَّارِ الَّتِي كَانَتْ مَقْصُورَتُهَا بِهَا فَإِنَّهَا ، وَإِنْ انْتَقَلَتْ لِلْوَرَثَةِ أَيْضًا لَكِنْ لِلْمَرْأَةِ تَعَلُّقٌ بِهَا وَهُوَ اعْتِدَادُهَا فِيهَا كَمَا أَنَّهَا لَا تُبْدَلُ إذَا انْهَدَمَ مَا كَانَ لَهُ بِكِرَاءٍ نَقَدَهُ أَوْ وَجِيبَةٍ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ ( وَ ) أُبْدِلَتْ مُطَلَّقَةٌ لَمْ يَمُتْ زَوْجُهَا فِي الْمَسْكَنِ ( الْمُعَارِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرِ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ لِلزَّوْجِ ( الْمُنْقَضِي الْمُدَّةِ ) لِلْإِعَارَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِمَكَانٍ آخَرَ فَإِنْ أَرَادَتْ الْبَقَاءَ بِهِمَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا فِي الْمَوْتِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِمَا الِامْتِنَاعُ إلَّا لِوَجْهٍ .
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانَيْنِ : أُجِيبَتْ ؛
( وَإِنْ ) انْهَدَمَ مَسْكَنُ الْمُعْتَدَّةِ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ وَ ( اخْتَلَفَا ) أَيْ الزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ ( فِي مَكَانَيْنِ ) بِأَنْ طَلَبَتْ مَكَانًا وَالزَّوْجُ غَيْرُهُ ( أُجِيبَتْ ) لِسُكْنَاهَا فِيمَا طَلَبَتْهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ بِكَثْرَةِ كِرَائِهِ أَوْ بِجِوَارِهِ لِغَيْرِ مَأْمُونٍ أَوْ بُعْدِهِ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ خُرُوجَهَا مِنْ الْعِدَّةِ اللَّخْمِيُّ مَا لَمْ تَتَحَمَّلْ بِالزَّائِدِ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا يَلْزَمُهَا الزَّائِدُ فِي الِاكْتِرَاءِ إنْ كَانَ مَا دَعَا إلَيْهِ يَلِيقُ بِهَا
وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ وَنَحْوَهُ : لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ وَإِنْ ارْتَابَتْ كَالْحُبُسِ حَيَاتَهُ ؛ بِخِلَافِ حُبُسِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ ،
( وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ ) كَنَائِبِهِ وَالْقَاضِي إذَا طَلُقَتْ ثُمَّ عُزِلَ أَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي دَارِ الْإِمَامِ أَوْ الْقَضَاءِ وَقَدِمَ غَيْرُهُ ( لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ ) حَتَّى تَتِمَّ عِدَّتُهَا بِهَا إنْ لَمْ تَرْتَبْ بَلْ .
( وَإِنْ ارْتَابَتْ ) الْمُطَلَّقَةُ بِجَسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأَخُّرِ حَيْضٍ إلَى خَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يَجْعَلُوا مَا اسْتَحَقَّهُ الْأَمِيرُ الْمَعْزُولُ أَوْ الْمُتَوَفَّى مِنْ السُّكْنَى كَالْأُجْرَةِ وَالْأَلَمِ تَسْتَحِقُّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْوِلَايَةِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِخْرَاجِ .
فَقَالَ ( كَ ) الدَّارِ ( الْحُبُسِ ) عَلَى رَجُلٍ ( حَيَاتَهُ ) فَيُطَلِّقُ أَوْ يَمُوتُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بِهَا وَلَا يُخْرِجُهَا مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ زَوْجِهَا بِحُبُسٍ أَوْ غَيْرِهِ ، حَتَّى تَتِمَّ عِدَّتُهَا ، وَإِنْ ارْتَابَتْ لِخَمْسِ سِنِينَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الطَّلَاقِ لِبَقَاءِ حَقِّ زَوْجِهَا وَقِيسَ الْمَوْتُ عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ فِي مَسْكَنِهَا وَظَاهِرُ تَعْلِيلِ الطَّلَاقِ بِبَقَاءِ حَقِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهُ لِغَيْرِهِ فَلَا سُكْنَى لَهَا وَانْظُرْهُ قَالَهُ عج الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إسْقَاطَهُ هِبَةٌ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْمُطَلِّقِ هِبَةُ مَسْكَنِ الْعِدَّةِ وَإِخْرَاجُهَا مِنْهُ وَمَفْهُومُ حَيَاتِهِ أَنَّهُ لَوْ حَبَسَهَا عَلَيْهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ فَانْقَضَتْ فَلَيْسَ لَهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ فَيَلْزَمُهُ إبْدَالُهُ بِمَسْكَنٍ آخَرَ كَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمُعَارِ الْمُنْقَضِي الْمُدَّةِ ( بِخِلَافِ حُبُسِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ ) أَيْ تَصَرُّفُ الزَّوْجِ سَكَنَهُ لِإِمَامَتِهِ بِهِ ، مَثَلًا مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ عُزِلَ عَنْ وَظِيفَةٍ أَوْ أَسْقَطَهَا لِغَيْرِهِ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا ، فَلِلْإِمَامِ الْقَادِمِ أَنْ يُخْرِجَ زَوْجَةَ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُطَلِّقِ إذَا عُزِلَ أَوْ فَرَغَ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِغَيْرِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ دَارَ الْإِمَارَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمَرْأَةُ لَهَا
حَقٌّ فِيهِ بِخِلَافِ دَارِ الْإِمَامَةِ مَثَلًا وَنَحْوُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ بِكَوْنِهَا حُبُسًا مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَتْ حُبُسًا عَلَى خُصُوصِ إمَامٍ مَثَلًا فَكَدَارِ الْإِمَارَةِ وَارْتِضَاءُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وعج ، أَرَادَا بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي ارْتِضَائِهِ الْإِطْلَاقَ ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ز فَلِلْإِمَامِ الْقَادِمِ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ يَتَوَقَّفُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ فَفِي ق وَكَذَا زَوْجَةُ إمَامِ الْمَسْجِدِ السَّاكِنِ فِي دَارِهِ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَرَى جِيرَانُ الْمَسْجِدِ إخْرَاجَهَا مِنْ النَّظَرِ فَذَلِكَ لَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي اُخْتُلِفَ إذَا مَاتَ إمَامُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ الْمُحْبَسَةِ عَلَيْهِ فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ الْأَمِيرِ قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ ابْنُ عَاتٍ وَعَلَيْهِ جَرَى عَمَلُ قُرْطُبَةَ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ غَيْرَهُ ، وَقِيلَ تَخْرُجُ مِنْهَا إنْ أَخْرَجَهَا جَمَاعَةُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ وَنَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُتَيْطِيِّ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ فَتُّوحٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ فَانْظُرْ لِمَ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ ، وَقَوْلُهُ : وَالْفَرْقُ أَنَّ دَارَ الْإِمَارَةِ .
.
.
إلَخْ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ كَعَبْدِ الْحَقِّ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمْ ، اقْتَصَرُوا عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْأَمِيرِ فَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بِأَنَّ سُكْنَى الْإِمَامِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ ، بِخِلَافِ الْإِمَارَةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عَبْدُ الْحَقِّ وَالْبَاجِيِّ وَغَيْرُهُمَا .
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إجَارَةُ الْإِمَامِ مَكْرُوهَةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لِأَنَّ امْرَأَةَ الْأَمِيرِ لَهَا حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَدَارُ الْإِمَارَةِ مِنْ
بَيْتِ الْمَالِ ، بِخِلَافِ دَارِ الْمَسْجِدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَتْ حَبْسًا عَلَى خُصُوصِ إمَامٍ مَثَلًا .
.
إلَخْ صَوَابُهُ فَإِنْ كَانَتْ حَبْسًا عَلَى أَئِمَّةِ الْمَسْجِدِ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ تَفْصِيلِ ابْنِ زَرْقُونٍ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهَا حَبْسًا عَلَى الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا إمَّا أَنْ يُوجِبَ حَقًّا لِلْإِمَامِ أَمْ لَا ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا حَبْسًا عَلَى الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا إمَّا أَنْ يُوجِبَ حَقًّا لِلْإِمَامِ أَمْ لَا ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا عَلَى الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى إمَامِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ سُكْنَاهَا إلَّا بِإِجَارَةٍ مُؤَجَّلَةٍ ، فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا زَوْجَتُهُ إلَّا لِتَمَامِ أَجَلِهِ كَمُكْتَرَاةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ عَقِبَهُ يُخْتَارُ الْأَوَّل وَفَرَّقَ بَيْنَ دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ وَدَلَالَةِ التَّضَمُّنِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَرِيحٌ وَالثَّانِيَ ظَاهِرٌ يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَيُضَعِّفُهُ إذَا كَانَ حَبْسُهُ مُطْلَقًا وَقُوَّتُهُ فِي الْحَبْسِ عَلَى الْإِمَامِ .
ا هـ .
وَوَجْهُهُ مَا فِي الْمِعْيَارِ أَنَّ مَا حُبِسَ عَلَى الْمَسْجِدِ لَا يُؤَجِّرُ مِنْهُ الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ كَالْمُؤَذِّنِ إلَّا بِمَا فَضَلَ عَنْ حُصُرِ الْمَسْجِدِ وَبِنَائِهِ وَنَحْوِهِمَا وَمَا حُبِسَ عَلَى الْإِمَامِ يَأْخُذُهُ وَحْدَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ .
وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ عَنْهَا : السُّكْنَى .
وَزِيدَ مَعَ الْعِتْقِ : نَفَقَةُ الْحَمْلِ : كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمُشْتَبِهَةِ إنْ حَصَلَتْ ، وَهَلْ نَفَقَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ ؟ قَوْلَانِ .
( وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ ) سَيِّدُهَا ( عَنْهَا ) أَوْ يُعْتِقُهَا ( السُّكْنَى ) حَقٌّ وَاجِبٌ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا ، وَلَيْسَ لَهَا وَلَا لِسَيِّدِهَا الْحَيِّ أَوْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَكُونُ لَهَا السُّكْنَى حَيْثُ مَاتَ السَّيِّدُ إلَّا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ أَوْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَلَا يَلْزَمُهَا مَبِيتٌ فِيهِ ا هـ .
عب الْبُنَانِيُّ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَوْ يُعْتِقُهَا هَلْ لَهَا السُّكْنَى ؟ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَهَا السُّكْنَى وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا عَلَيْهَا ، وَرَوَى أَشْهَبُ ذَلِكَ لَهَا وَعَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إيجَابِ وَذَلِكَ أَرَى أَصْبَغَ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ لَهَا وَعَلَيْهِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى غَيْرُهُ قَوْلًا آخَرَ أَنَّ السُّكْنَى حَقٌّ لَهَا إنْ شَاءَتْ تَرَكَتْهُ وَقِيلَ تَرْكُهَا مَكْرُوهٌ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَهَا وَعَلَيْهَا ، وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى قَوْلِهَا وَلِأُمِّ وَلَدٍ السُّكْنَى فِي الْحَيْضَةِ إنْ مَاتَ سَيِّدُهَا مَا نَصُّهُ الشَّيْخُ إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ بِكِرَاءٍ نَقَدَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ قَوْلُهُ : وَلَا يَلْزَمُهَا مَبِيتٌ خِلَافُ قَوْلِهَا مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا أُحِبُّ لَهَا الْمُوَاعَدَةُ فِيهَا وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَهُ قُلْت قَوْلُهُ لَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا ، خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ لَهَا الْمَبِيتُ فِي الْحَيْضَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا مِنْ عِتْقٍ أَوْ وَفَاةٍ ا هـ .
وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْمَوَّازِ لَهَا أَنْ تَبِيتَ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا .
( وَزِيدَ ) بِكَسْرِ الزَّايِ لِأُمِّ الْوَلَدِ عَلَى السُّكْنَى ( مَعَ ) تَنْجِيزِ ( الْعِتْقِ ) مِنْ سَيِّدِهَا لَهَا وَنَائِبُ فَاعِلِ زِيدَ ( نَفَقَةُ الْحَمْلِ ) مِنْ سَيِّدِهَا
إنْ كَانَتْ حَامِلًا وَمَفْهُومُ مَعَ الْعِتْقِ أَنَّهَا لَا تُزَادُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ مَعَ مَوْتِ سَيِّدٍ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ حَمْلَهَا وَارِثٌ مِنْ أَبِيهِ فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا بِهِ مِمَّا يَرِثُهُ مِنْ أَبِيهِ وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ السُّكْنَى وَنَفَقَةِ الْحَمْلِ فَقَالَ ( كَ ) الزَّوْجَةِ ( الْمُرْتَدَّةِ ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا وَاسْتُتِيبَتْ فَلَمْ تَتُبْ وَأَخَّرَ قَتْلَهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ، فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا .
( وَ ) كَالْمَرْأَةِ ( الْمُشْتَبِهَةِ ) عَلَى وَاطِئَهَا بِحَلِيلَتِهِ وَهِيَ غَيْرُ عَالِمَةٍ بِنَوْمٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَاشْتِبَاهٍ بِحَلِيلِهَا فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ عَلَى وَاطِئَهَا ( إنْ حَمَلَتْ ) مِنْ وَطْئِهِ فَإِنْ عَلِمَتْ فَلَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ ، ( وَهَلْ نَفَقَةُ ) الْمُشْتَبِهَةِ الْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ ( ذَاتِ الزَّوْجِ ) الَّذِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا ( إنْ لَمْ تَحْمِلْ ) وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَخَبَرُ نَفَقَةٍ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِهَا مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ، لِلْحُرَّةِ وَقُرْءٍ لِلْأَمَةِ ( أَوْ ) نَفَقَتُهَا مُدَّتَهُ ( عَلَى الْوَاطِئِ ) الْغَالِطِ فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) مَحِلُّهُمَا فِي الَّتِي لَمْ يَبْنِ بِهَا زَوْجُهَا وَأَمَّا الَّتِي بَنَى بِهَا زَوْجُهَا فَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا عَلَى زَوْجِهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ أَوْ حَمَلَتْ وَلَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ أَحْبَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْغَالِطِ بِغَيْرِ الْعَالِمَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ قَوْلَانِ غ لِشُرَّاحِهِ فِي صِفَةِ الْقَوْلَيْنِ ثَلَاثُ عِبَارَاتٍ .
الْأُولَى كَمَا هُنَا وَهِيَ الَّتِي فِي التَّوْضِيحِ وَمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِمَا الثَّانِيَةُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الْوَاطِئِ وَنَسَبَهَا ابْنُ عَرَفَةَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَوَهَّمَهُ فِيهَا الثَّالِثَةُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى زَوْجِهَا وَهِيَ الَّتِي عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ