كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش
اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَعَبَثٌ بِلِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا : كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبِّعٍ ، وَفِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بِهِ قَوْلَانِ .
( وَ ) كُرِهَ ( عَبَثٌ ) مِنْ الْمُصَلِّي ( بِلِحْيَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا ) كَخَاتَمٍ بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يُحَوِّلَهُ لِعَدَدِ رَكَعَاتٍ لِخَوْفِ سَهْوِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِهَا وَمِثْلُهُ الَّذِي يُحْصِي الْآيِ بِيَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ فَجَائِزٌ كَمَا فِي الْحَطّ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا عَبِثَ بِلِحْيَتِهِ فَنَتَفَ مِنْهَا شَعْرَةً أَوْ شَعْرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كَمَا لِجَدِّ عج وَهَذَا عَلَى أَنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ وَأَمَّا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ كَثُرَ الشَّعْرُ وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبَّعٍ ) لِعَدَمِ تَسَاوِي الصُّفُوفِ فِيهِ ، وَكَذَا مُرَبَّعٌ قِبْلَتُهُ فِي أَحَدِ أَرْكَانِهِ لِذَلِكَ ( وَفِي كَرَاهَة الصَّلَاةِ بِهِ ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ الْمُرَبَّعِ لِذَلِكَ وَعَدَمِهِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا
( فَصْلٌ ) يَجِبُ بِفَرْضٍ قِيَامٌ ، إلَّا لِمَشَقَّةٍ أَوْ لِخَوْفِهِ بِهِ فِيهَا ، أَوْ قَبْلُ ضَرَرًا كَالتَّيَمُّمِ : كَخُرُوجِ رِيحٍ
( فَصْلٌ ) فِي الْقِيَامِ وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا فِي الْفَرْضِ ( يَجِبُ بِفَرْضٍ ) أَيْ فِي صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ عَيْنًا أَوْ كِفَايَةً كَجِنَازَةٍ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ فَالْقِيَامُ فِيهَا مَنْدُوبٌ وَلَوْ بِنَذْرٍ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ، مَعَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ عَلَى وُجُوبِ الْقِيَامِ فِيهِمَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا لَا يُصَلِّيَانِ فِي الْكَعْبَةِ وَالْحِجْرِ كَالْفَرْضِ ، لِأَنَّ ابْنَ نَاجِي ضَعَّفَهُ وَرَجَّحَ مَا أَقَامَهُ بَعْضُ التُّونُسِيِّينَ مِنْهَا مِنْ جَوَازِ الْجُلُوسِ فِيهِمَا اخْتِيَارًا لِقَوْلِهَا يُصَلِّيهِمَا الْمُسَافِرُ سَفَرَ قَصْرٍ عَلَى الدَّابَّةِ لِجِهَةِ سَفَرِهِ وَلَا يَرِدْ إيهَامُهُ وُجُوبَ الْقِيَامِ لِلسُّورَةِ لِانْدِفَاعِهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَسُورَةٌ وَقِيَامٌ لَهَا وَفَاعِلُ يَجِبُ ( قِيَامٌ ) اسْتِقْلَالًا لِلْإِحْرَامِ وَالْفَاتِحَةِ وَهُوِيِّ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا لِمَشَقَّةٍ ) حَالِيَّةٍ بِهِ لِمَرِيضٍ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ مَعَهَا وَتَزُولُ بِفَرَاغِ صَلَاتِهِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ مَسْلَمَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنُ نَاجِي لَقَدْ أَحْسَنَ أَشْهَبُ حِينَ سُئِلَ عَنْ مَرِيضٍ لَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ قَائِمًا لَقَدَرَ بِمَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ فِي جَوَابِهِ بِأَنَّ لَهُ الْفِطْرَ وَالْجُلُوسَ فِي الصَّلَاةِ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ .
( أَوْ ) إلَّا ( لِخَوْفِهِ ) أَيْ الْمُكَلَّفِ ( بِهِ ) أَيْ بِسَبَبِ الْقِيَامِ ( فِيهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ صِلَةُ خَوْفِ أَوْ ) خَوْفِهِ ( قَبْلُ ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةُ مَعْنَاهُ أَيْ قَبْلُ إحْرَامِ الصَّلَاةِ ، وَمَفْعُولُ خَوْفٍ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ ( ضَرَرًا ) أَيْ حُدُوثَ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ خَوْفًا ( كَ ) الْخَوْفِ الْمُسَوِّغِ لِ ( التَّيَمُّمِ ) فِي كَوْنِهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا أَوْ وَهْمًا ، وَكَوْنِهِ مُسْتَنِدًا لِتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مُوَافَقَةً فِي الْمِزَاجِ أَوْ إخْبَارَ عَارِفٍ بِالطِّبِّ .
وَشَبَّهَ فِي
تَسْوِيغِ تَرْكِ الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا فَقَالَ ( كَ ) خَوْفِ ( خُرُوجِ رِيحٍ ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَدَثِ بِصَلَاتِهِ قَائِمًا لَا جَالِسًا فَيَجْلِسُ مُحَافَظَةً عَلَى شَرْطِهَا الْمُسْتَمِرِّ الَّذِي لَا بَدَلَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الشَّرْطِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى رُكْنِهَا الْوَاجِبِ فِي بَعْضِهَا وَبِهَذَا يَرِدُ قَوْلَ سَنَدٍ لِمَ لَا يُصَلِّي قَائِمًا وَيُغْتَفَرُ لَهُ خُرُوجُ الرِّيحِ وَيَصِيرُ كَالسَّلَسِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ فَلَا يَتْرُكُ الرُّكْنَ لِأَجْلِهِ ، لِعُرْيَانٍ يُصَلِّي قَائِمًا بَادِي الْعَوْرَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ السَّتْرِ ا هـ .
وَبِأَنَّهُ كَسَلَسٍ يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ هُنَا بِالْجُلُوسِ .
ثُمَّ اسْتِنَادٌ .
لَا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ ، وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ
( ثُمَّ ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا فَيُطْلَبُ ( اسْتِنَادٌ ) فِي الْقِيَامِ مُحَافَظَةً عَلَى صُورَتِهِ مَا أَمْكَنَ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَيَسْتَنِدُ لِكُلِّ شَيْءٍ غَيْرِ جُنُبٍ وَحَائِضٍ ( لَا لِ ) إنْسَانٍ ( جُنُبٍ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالنُّونِ ( ذَكَرٍ ) أَوْ أُنْثَى مَحْرَمٍ ( وَحَائِضٍ ) مَحْرَمٍ فَيُكْرَهُ الِاسْتِنَادُ لَهُمَا لِبُعْدِهِمَا عَنْ الصَّلَاةِ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا ، وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ ( وَ ) إنْ اسْتَنَدَ ( لِ ) أَحَدِ ( هِمَا ) أَيْ الْجُنُبِ وَالْحَائِضُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا ( أَعَادَ ) لِلصَّلَاةِ ( بِوَقْتٍ ) لِلِاصْفِرَارِ .
ثُمَّ جُلُوسٌ كَذَلِكَ ، وَتَرَبَّعَ كَالْمُتَنَفِّلِ ، وَغَيَّرَ جِلْسَتَهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ
( ثُمَّ ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَجَبَ ( جُلُوسٌ ) وَنَعَتَهُ بِقَوْلِهِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ الْقِيَامِ فِي تَقْدِيمِ الِاسْتِقْلَالِ عَلَى الِاسْتِنَادِ لِغَيْرِ جُنُبٍ وَحَائِصٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتِ الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا أَوْ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ .
وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَزَرُّوقٌ وَابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ .
وَاخْتَارَ ابْنُ نَاجِي خِلَافَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي .
وَاَلَّذِي لِابْنِ شَاسٍ هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْقَبَّابُ عَنْ الْمَازِرِيِّ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْقَلْشَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لعب وَمَنْ تَبِعَهُ ( وَتَرَبَّعَ ) نَدْبًا الْمُصَلِّي جَالِسًا فِي مَحَلِّ قِيَامِهِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ .
وَشَبَّهَ فِي التَّرَبُّعِ فَقَالَ ( كَالْمُتَنَفِّلِ ) مِنْ جُلُوسٍ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ الْجُلُوسِ الْبَدَلِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ الْأَصْلِيِّ ( وَغَيَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُتَرَبِّعُ ( جِلْسَتَهُ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ هَيْئَةَ جُلُوسِهِ نَدْبًا حَالَ سُجُودِهِ وَ ( بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ ) وَحَالَ تَشَهُّدِهِ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا وَإِذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ تَرَبَّعَ وَهَكَذَا .
وَلَوْ سَقَطَ قَادِرٌ بِزَوَالِ عِمَادٍ بَطَلَتْ ، وَإِلَّا كُرِهَ ، ثُمَّ نُدِبَ عَلَى أَيْمَنَ ، ثُمَّ أَيْسَرَ ، ثُمَّ ظَهْرٍ .
( وَلَوْ سَقَطَ ) شَخْصٌ ( قَادِرٌ ) عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا فَخَالَفَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَصَلَّى الْفَرْضَ مُسْتَنِدًا اسْتِنَادًا تَامًّا فَسَقَطَ بِالْفِعْلِ ، أَوْ قُدِّرَ سُقُوطُهُ ( بِزَوَالِ عِمَادٍ ) اسْتَنَدَ لَهُ ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ إمَامًا وَفَذًّا وَاسْتَنَدَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ ، أَوْ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ، أَوْ فِي هُوِيِّ الرُّكُوعِ بِفَرْضٍ لَا سَاهِيًا فَتَبْطُلُ الرَّكْعَةُ الَّتِي اسْتَنَدَ فِيهَا فَقَطْ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْقُطُ بِزَوَالِ الْعِمَادِ لِخِفَّةِ اسْتِنَادِهِ إلَيْهِ ( كُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ اسْتِنَادُهُ كَاسْتِنَادِهِ اسْتِنَادًا تَامًّا حَالَ السُّورَةِ فَقَطْ وَكَاسْتِنَادِ الْمَأْمُومِ حَالَ الْفَاتِحَةِ أَيْضًا الْخَرَشِيُّ وعبق وَيُعِيدُ بِوَقْتٍ الْبُنَانِيِّ لَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِمَا وَالْكَرَاهَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِعَادَةَ الْعَدَوِيُّ الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ .
( ثُمَّ ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْجُلُوسِ بِحَالَتَيْهِ ( نُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ اضْطِجَاعٌ ( عَلَى ) جَنْبٍ ( أَيْمَنَ ثُمَّ ) نُدِبَ عَلَى جَنْبٍ ( أَيْسَرَ ثُمَّ ) وَجَبَ عَلَى ( ظَهْرٍ ) وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِعَدَمِ اسْتِقْبَالِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّحَوُّلِ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُحَوِّلُهُ فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَى بَطْنِهِ وَرَأْسُهُ لِلْقِبْلَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِذَلِكَ فَإِنْ قَدَّمَهَا عَلَى ظَهْرِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بَطَلَتْ .
وَأَوْمَأَ عَاجِزٌ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ ، وَمَعَ الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ ، وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ وَيُجْزِئُ إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ أَوْ يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ : كَحَسْرِ عِمَامَتِهِ بِسُجُودٍ ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكُلِّ ، وَإِنْ سَجَدَ لَا يَنْهَضُ ، أَتَمَّ رَكْعَةً ثُمَّ جَلَسَ وَإِنْ خَفَّ مَعْذُورٌ انْتَقَلَ لِلْأَعْلَى ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ ، أَوْ مَعَ إيمَاءٍ بِطَرَفٍ ، فَقَالَ وَغَيْرُهُ لَا نَصَّ ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ
( وَأَوْمَأَ ) بِالْهَمْزِ أَيْ أَشَارَ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلِلتَّشَهُّدِ وَلِلسَّلَامِ شَخْصٌ ( عَاجِزٌ ) عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ ( إلَّا عَنْ الْقِيَامِ ) فَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَيَقُومُ وَيُومِئُ لَهَا مِنْهُ ( وَ ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ( مَعَ الْجُلُوسِ ) وَعَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَ ( أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ ) أَيْ الْجُلُوسِ فَيَجْلِسُ وَيُومِئُ لِلسَّجْدَتَيْنِ مِنْ الْجُلُوسِ ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْقِيَامِ أَيْ يُومِئُ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ قِيَامٍ كَمَا يَنْحَطُّ الْقَادِرُ لَهَا مِنْهُ ، وَعَزَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِلْأَشْيَاخِ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لَهُمَا مِنْهُ .
( وَهَلْ يَجِبُ ) عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الْمُومِي لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ أَوْ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَالسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ ( فِيهِ ) أَيْ الْإِيمَاءِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا صِلَةُ يَجِبُ وَفَاعِلُهُ ( الْوُسْعُ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَسُكُونِ السِّينِ أَيْ الِانْحِطَاطِ إلَى نِهَايَةِ طَاقَتِهِ فَإِنْ نَقَصَهُ عَنْهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَيُسَاوِي إيمَاؤُهُ لِلرُّكُوعِ إيمَاءَهُ لِلسُّجُودِ وَيَتَمَيَّزَانِ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَا يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ وَيُجْزِئُ مَا يُعَدُّ إيمَاؤُهُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ فَيَجِبُ أَنْ يَنْحَطَّ لِلسُّجُودِ أَزْيَدَ مِنْ انْحِطَاطِهِ لِلرُّكُوعِ كَمَا أَخَذَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مِنْ قَوْلِهَا ، وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ .
ا هـ .
وَالسُّجُودُ عَلَى الْأَنْفِ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَاءِ فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ( وَ ) هَلْ ( يُجْزِئُ ) مِنْ فَرْضِهِ الْإِيمَاءُ كَمَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهَا السُّجُودُ عَلَى أَنْفِهِ ( إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ ) وَخَالَفَ فَرْضَهُ وَهُوَ الْإِيمَاءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ ، أَوْ لَا يُجْزِئُ
لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْأَصْلِ وَلَا بِبَدَلِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ ( تَأْوِيلَانِ ) ذَكَرَ الْبُنَانِيُّ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَوْلَانِ لِلَّخْمِيِّ ، لَا تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ مَنْ رَفَعَ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ إذَا أَوْمَأَ جَهْدَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهَا يُومِئُ الْقَائِمُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ إيمَائِهِ لِلرُّكُوعِ فَالْأَوْلَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَرَدُّدٌ .
( وَهَلْ ) الْعَاجِزُ عَنْ السُّجُودِ الَّذِي يُومِئُ لَهُ مِنْ قِيَامٍ لِعَجْزِهِ عَنْ الْجُلُوسِ أَيْضًا أَوْ مِنْ جُلُوسٍ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ( يُومِئُ ) وُجُوبًا ( بِيَدَيْهِ ) إلَى الْأَرْضِ مَعَ إيمَائِهِ بِرَأْسِهِ وَظَهْرُهُ إلَيْهَا ( أَوْ ) إنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ وَقَدَرَ عَلَى وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ( يَضَعُهُمَا ) أَيْ الْيَدَيْنِ ( عَلَى الْأَرْضِ ) بِالْفِعْلِ وَالْوَاوِ أَظْهَرُ مِنْ أَوْ فَهَذَا تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ ، وَالثَّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَوْ لَا يُومِئُ بِهِمَا إلَيْهَا إنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ ، عَجَزَ مَعَهُ عَنْ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَيْهَا .
وَلَا يَضَعُهُمَا عَلَيْهَا إنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ قَدَرَ مَعَهُ عَلَى وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَيْهَا ( وَهُوَ ) أَيْ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ بِحَالَتَيْهِ ( الْمُخْتَارُ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ خِلَافِ شَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا دُونَ مَا حَذَفَهُ بِحَالَتَيْهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ فَقَالَ ( كَحَسْرِ ) أَيْ رَفْعِ ( عِمَامَتِهِ ) عَنْ جَبْهَتِهِ حَالَ إيمَائِهِ بِهَا إلَى الْأَرْضِ ( بِسُجُودٍ ) فَإِنْ تَرَكَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا خَفِيفًا مِنْ عِمَامَتِهِ تَنَازَعَ فِيهِ يُومِئُ وَيَضَعُ وَحَسِرَ .
وَقَوْلُهُ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَحَقُّهُ تَرَدُّدٌ لِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْمُصَلِّي جَالِسًا هَلْ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ،
وَيُومِئُ بِهِمَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ أَوْ لَا يَفْعَلُ بِهِمَا شَيْئًا ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَلَيْسَ هُنَا خِلَافٌ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ وَالْبَنَّانِيُّ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْإِيمَاءَ لِلرُّكُوعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ قِيَامٍ فَيُومِئُ بِيَدَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ بِلَا خِلَافٍ ، وَإِنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ وَضَعَهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِلَا خِلَافٍ .
وَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ عَجَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ .
( وَإِنْ قَدَرَ ) مُرِيدُ الصَّلَاةَ الْقَائِمُ ( عَلَى الْكُلِّ ) أَيْ جَمِيعِ أَرْكَانِ الرَّكْعَةِ ( وَ ) لَكِنْ ( إنْ سَجَدَ ) عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا ( لَا يَنْهَضُ ) أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ لِلْقِيَامِ ( أَتَمَّ رَكْعَةً ) بِرُكُوعِهَا وَرَفْعِهِ مِنْهُ وَسَجْدَتَيْهَا وَجُلُوسِهِ بَيْنَهُمَا ( ثُمَّ جَلَسَ ) فِي بَاقِي صَلَاتِهِ تَقْدِيمًا لِسِتِّ سَجَدَاتٍ عَلَى ثَلَاثِ قِيَامَاتٍ فِي الرُّبَاعِيَّةِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَالتُّونُسِيُّ .
وَقِيلَ يُصَلِّي قَائِمًا مُومِيًا لِلسُّجُودِ إلَّا الْأَخِيرَةَ فَيَسْجُدُ فِيهَا تَقْدِيمًا لِلْقِيَامِ عَلَى السُّجُودِ .
وَإِنْ خَفَّ ) فِي الصَّلَاةِ شَخْصٌ ( مَعْذُورٌ ) بِعُذْرٍ مُسَوِّغٍ لِلِاسْتِنَادِ أَوْ الْجُلُوسِ أَوْ الِاضْطِجَاعِ بِزَوَالِ عُذْرِهِ وَقَدَرَ عَلَى حَالَةٍ أَعْلَى مِمَّا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِيهَا ( انْتَقَلَ ) وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا ( لِلْأَعْلَى ) كَمُسْتَنِدٍ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ وَجَالِسٍ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَمُضْطَجِعٍ قَدَرَ عَلَى الْجُلُوسِ أَوْ الْقِيَامِ كَمُضْطَجِعٍ عَلَى أَيْسَرَ قَدَرَ عَلَى أَيْمَنَ ، فَإِنْ تَرَكَهُ بَطَلَتْ فِي الِانْتِقَالِ الْوَاجِبِ لَا فِي الْمَنْدُوبِ .
وَقَوْلُهُ انْتَقَلَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْخِفَّةَ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ خَفَّ بَعْدَهَا لَا يُعِيدُهَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَالْغَرِيقُ إذَا صَلَّى إيمَاءً ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْبَرِّ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ قَالَهُ أَشْهَبُ .
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَقَاءُ أَثَرِ الْمَرَضِ بَعْدَ زَوَالِهِ غَالِبًا
فَخُفِّفَ عِنْدَ زَوَالِهِ بِخِلَافِ الْفَرْقِ فَلَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ غَالِبًا ( وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ) قِرَاءَةِ ( فَاتِحَةٍ ) حَالَ كَوْنِهِ ( قَائِمًا جَلَسَ ) لِقِرَاءَتِهَا عَقِبَ إحْرَامِهِ قَائِمًا ثُمَّ يَقُومُ لِهُوِيِّ الرُّكُوعِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ لَمْ يَحْفَظْهَا وَأَمْكَنَهُ قِرَاءَتُهَا جَالِسًا بِمُصْحَفٍ ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهَا قَائِمًا قَامَ بِقَدْرِهِ وَجَلَسَ لِتَكْمِيلِهَا ثُمَّ يَقُومُ لِلرُّكُوعِ .
( وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ) الْمُكَلَّفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ لَا بِهَيْئَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ وَلَا بِالْإِيمَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ ( إلَّا عَلَى نِيَّةٍ ) أَيْ إجْرَاءِ أَرْكَانِهَا مِنْ الْإِحْرَامِ إلَى السَّلَامِ عَلَى قَلْبِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مُجَرَّدَ قَصْدِهَا فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَا نَصَّ فِيهَا فِي الْمَذْهَبِ .
وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقَصْدَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ أَحْوَطُ .
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ إسْقَاطُ الصَّلَاةِ عَمَّنْ وَصَلَ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ .
وَاعْتُرِضَ بِوُجُودِ النَّصِّ فِي الْمَذْهَبِ .
قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ عَقْلِهِ ، وَنَحْوُهُ فِي الْكَافِي ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِيُصَلِّ الْمَرِيضُ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الْقَوْمِ تَنْكَسِرُ بِهِمْ الْمَرْكَبُ فَيَتَعَلَّقُونَ بِالْأَلْوَاحِ وَنَحْوِهَا .
اخْتَلَفَ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلَاةِ بِإِيمَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ ، فَقِيلَ تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنْهُمْ وَهِيَ رِوَايَةُ مَعْنٍ عَنْ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الَّذِينَ يَكْتَنِفُهُمْ الْعَدُوُّ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الصَّلَاةِ .
وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ الْوَقْتِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِينَ انْهَدَمَ الْبَيْتُ عَلَيْهِمْ وَنَصُّهَا ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ تَحْتَ الْهَدْمِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الصَّلَاةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ لِأَنَّهُ فِي
عَقْلِهِ ا هـ .
فَهَذَا يَرُدُّ عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ وَأَتْبَاعِهِ فِي قَوْلِهِمْ لَا نَصَّ فِي الْعَاجِزِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ سِوَى النِّيَّةِ قَالَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ .
( أَوْ ) لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ ( مَعَ ) قُدْرَتِهِ عَلَى ( إيمَاءٍ ) أَيْ إشَارَةٍ لِأَرْكَانِ الصَّلَاةِ ( بِطَرْفٍ ) بِسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ عَيْنٍ ( فَقَالَ ) الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فِيمَا ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُومِئُ بِطَرْفِهِ وَحَاجِبِهِ وَيَكُونُ مُصَلِّيًا بِهِ مَعَ النِّيَّةِ ا هـ .
وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قُصُورٌ مِنْهُ فَإِنَّ ابْنَ بَشِيرٍ ذَكَرَهَا وَنَصُّهُ ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَرَكَةِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ مِنْ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْضَائِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُومِئُ بِمَا قَدَرَ عَلَى حَرَكَتِهِ .
( وَ ) قَالَ ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْمَازِرِيِّ وَهُوَ ابْنُ بَشِيرٍ فِيمَنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ وَنَصَّهُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ سِوَى النِّيَّةِ بِالْقَلْبِ فَهَلْ يُصَلِّي أَمْ لَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا نَصَّ فِيهَا إلَخْ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ( لَا نَصَّ ) أَيْ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى وُجُوبِهَا بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، وَبِهَا مَعَ الْإِيمَاءِ بِالطَّرْفِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ .
( وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ ) لِلصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا فِي الْأُولَى وَبِهَا مَعَ إيمَاءِ الطَّرْفِ فِي الثَّانِيَةِ .
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ وَغَيْرَهُ تَكَلَّمَا عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ .
وَقَالَا فِيهِمَا لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ .
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْغَيْرُ تَكَلَّمَ عَلَى الْأُولَى ، وَقَالَ فِيهَا لَا نَصَّ وَلَمْ يَقُلْ فِيهَا مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ .
وَالْمَازِرِيُّ تَكَلَّمَ عَنْ الثَّانِيَةِ ، وَقَالَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَلَمْ يَقُلْ لَا نَصَّ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَقَالَ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ
وَقَوْلَهُ وَغَيْرُهُ رَاجِعٌ لِلْأُولَى ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ لَا نَصَّ ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ ، لَكِنْ ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ فِي الْأُولَى لَا نَصَّ صَرَاحَةً وَقَالَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ ضِمْنًا لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقَصْدَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ أَحْوَطُ يُفِيدُ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ فَهُوَ مَقُولٌ لَهُ ضِمْنًا .
وَالْمَازِرِيُّ قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ صَرَاحَةً ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهَا فَيَكُونُ مَقُولًا لَهُ ضِمْنًا فَقَدْ صَحَّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمَا ضِمْنًا وَالْبَعْضُ الْآخَرُ صَرِيحًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُشَوَّشًا بِاعْتِبَارِ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ وَمُرَتَّبًا بِاعْتِبَارِ الْمَقُولِ وَالتَّصْوِيرِ .
وَجَازَ قَدْحُ عَيْنٍ أَدَّى لِجُلُوسٍ ، لَا اسْتِلْقَاءٍ ، فَيُعِيدُ أَبَدًا ، وَصُحِّحَ عُذْرُهُ أَيْضًا ، وَلِمَرِيضٍ سَتْرُ نَجِسٍ بِطَاهِرٍ ، لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ : كَصَحِيحٍ عَلَى الْأَرْجَحِ
( وَجَازَ ) لِلْمُكَلَّفِ ( قَدْحُ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ قَصْدُ ( عَيْنٍ ) لِإِخْرَاجِ الْمَاءِ الْمُتَكَوِّنِ عَلَيْهَا الْمَانِعِ لَهَا مِنْ الْإِبْصَارِ بِلَا وَجَعٍ فِيهَا فَإِنْ كَانَ فِيهَا جَازَ ، وَإِنْ أَدَّى لِاسْتِلْقَاءٍ وَمِثْلُ الْعَيْنِ مُدَاوَاةُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَنَعَتَ قَدْحُ بِجُمْلَةِ ( أَدَّى ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ مُشَدَّدًا أَيْ قَدْحُ الْعَيْنِ ( لِجُلُوسٍ ) فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَوْ بِإِيمَاءٍ ( لَا ) يَجُوزُ قَدْحُ عَيْنٍ أَدَّى إلَى ( اسْتِلْقَاءٍ ) فِيهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ .
( فَيُعِيدُ أَبَدًا ) إنْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا فِيهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ مَعْذُورٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( وَصُحِّحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُحِّحَ ( عُذْرُهُ ) أَيْ مِنْ قَدْحِ عَيْنِهِ لِلْبَصَرِ قَدْحًا أَدَّى لِصَلَاتِهِ مُسْتَلْقِيًا ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَمُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا صُحِّحَ عَدَمُ عُذْرِهِ بِأَنَّ نَجْحَ الدَّوَاءِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ .
وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْجُلُوسِ وَالِاسْتِلْقَاءِ لِأَنَّ الْجَالِسَ يُطَاطِي فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ بِالْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ وَظَهْرِهِ دُونَ الْمُسْتَلْقِي فَلَا يَرْكَعُ وَلَا يَسْجُدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ .
( وَ ) جَازَ ( لِ ) شَخْصٍ ( مَرِيضٍ سَتْرُ ) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِ مَوْضِعٍ ( نَجَسٍ ) فَرْشٍ أَوْ غَيْرِهِ ( بِ ) سَاتِرٍ ( طَاهِرٍ ) كَثِيفٍ غَيْرِ حَرِيرٍ ، إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ ( لِيُصَلِّيَ ) الْمَرِيضُ عَلَى السَّاتِرِ الطَّاهِرِ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كِ ) الشَّخْصِ ( الصَّحِيحِ ) فَيَجُوزُ لَهُ سَتْرُ النَّجَسِ بِطَاهِرٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرِيضُ عَلَى فِرَاشٍ نَجَسٍ إذَا بَسَطَ عَلَيْهِ ثَوْبًا
طَاهِرًا كَثِيفًا .
ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّمَا رَخَّصَ هَذَا لِلْمَرِيضِ خَاصَّةً .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلصَّحِيحِ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ حَائِلًا طَاهِرًا كَالْحَصِيرِ إذَا كَانَ بِمَوْضِعِهِ نَجَاسَةٌ ، وَالسَّقْفُ إذَا صَلَّى بِمَوْضِعٍ طَاهِرٍ وَتَحَرَّكَ مِنْهُ مَوْضِعُ النَّجَسِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ لِأَنَّ مَا صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ فَكَذَلِكَ هَذَا ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ ا هـ .
قَالَ عج مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَلِمَرِيضٍ إلَخْ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا طَرْفِ حَصِيرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَجْهُهُ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ الْمُقَابِلَ لِلْوَجْهِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُصَلِّي .
وَلِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْإِتْمَامِ ، لَا اضْطِجَاعٌ ، وَإِنْ أَوَّلًا .
( وَ ) جَازَ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ بَلْ ( وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا ) عَقِبَ إيقَاعِ بَعْضِهَا مِنْ قِيَامٍ ، وَاسْتَلْزَمَ هَذَا جَوَازَ الِاسْتِنَادِ بِهِ وَهُوَ قَائِمٌ بِالْأُولَى ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ حُمِلَ النَّفَلُ عَلَى غَيْرِ السُّنَنِ إذْ الْجُلُوسُ فِيهَا مَكْرُوهٌ ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مُقَابِلُ الْفَرْضِ فَالْمُرَادُ بِهِ مُقَابِلُ الْمَنْعِ فَيُصَدَّقُ بِالْكَرَاهَةِ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِمَنْعِ الْجُلُوسِ اخْتِيَارًا لِمَنْ ابْتَدَأَهُ قَائِمًا وَمَحَلُّ جَوَازِ الْجُلُوسِ بِهِ .
( إنْ لَمْ يَدْخُلْ ) الْمُتَنَفِّلُ ( عَلَى الْإِتْمَامِ ) أَيْ صَلَاتُهُ قَائِمًا أَيْ لَمْ يَنْذُرْهُ وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ شُرُوعِهِ فِيهِ فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ( لَا ) يَجُوزُ لِمُتَنَفِّلٍ ( اضْطِجَاعٌ ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَعْلَى مِنْهُ وَإِنْ مُسْتَنِدًا إنْ اضْطَجَعَ فِي أَثْنَائِهِ بَلْ .
( وَإِنْ ) اضْطَجَعَ ( أَوَّلًا ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ وَظَاهِرُهُ صَحِيحًا كَانَ أَوْ مَرِيضًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَلَا يَتَنَفَّلُ قَادِرٌ عَلَى الْقُعُودِ مُضْطَجِعًا عَلَى الْأَصَحِّ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَحِيحًا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَجَازَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ لِلْمَرِيضِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي النَّوَادِرِ الْمَنْعُ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا وَأَجَازَهُ الْأَبْهَرِيُّ حَتَّى لِلصَّحِيحِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الْقِيَاسُ عَلَى الرُّخْصَةِ ، هَلْ يَجُوزُ أَوْ يُمْنَعُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَعْلَى مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الِاضْطِجَاعِ جَازَ لَهُ التَّنَفُّلُ مِنْ اضْطِجَاعٍ اتِّفَاقًا ، وَحِكَايَةُ عبق الْخِلَافَ فِيهِ وَجَعْلُ الْأَوَّلِ كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ غَيْرُ صَوَابٍ ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
( فَصْلٌ ) وَجَبَ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مُطْلَقًا ، وَمَعَ ذِكْرٍ : تَرْتِيبُ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا ، وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ ، وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا ، وَهَلْ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ ؟ خِلَافٌ .
فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا أَعَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ ، وَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِهِ خِلَافٌ
( فَصْلٌ ) فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَبِسَيْرِهِ مَعَ حَاضِرَةٍ ( وَجَبَ ) فَوْرًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ عَلَى التَّرَاخِي .
وَقِيلَ عَلَى حَالَةٍ وُسْطَى ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَّا وَقْتَ الضَّرُورَاتِ مِنْ نَوْمٍ غَالِبٍ ، وَأَكْلٍ لِشِدَّةِ جُوعٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَتَكَسُّبٍ لِقُوتٍ ضَرُورِيٍّ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَاشْتِغَالٍ بِعِلْمٍ عَيْنِيٍّ وَالتَّنَفُّلِ إلَّا السُّنَنَ وَشَفْعَ الْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ .
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَهُ التَّنَفُّلُ ، وَلَا يَبْخَسُ نَفْسَهُ مِنْ الْفَضِيلَةِ .
وَقَالَ الْقُورِيُّ إنْ كَانَ يَتْرُكُ النَّفَلَ لِقَضَاءِ الْفَرْضِ فَلَا يَتَنَفَّلُ ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَطَالَةِ فَتَنَفُّلُهُ أَوْلَى زَرُّوقٌ لَمْ أَعْرِفْ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ وَالْفَتْوَى لَا تَتْبَعُ الْهَوَى .
وَفَاعِلُ وَجَبَ ( قَضَاءُ ) صَلَاةٍ ( فَائِتَةٍ ) أَيْ فَاتَ وَقْتُهَا وَالذِّمَّةُ مَعْمُورَةٌ بِهَا قَضَاءً أَوْ فَوَاتًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ مَنْعِ نَفْلٍ أَوْ كَرَاهَتِهِ ، فَيَقْضِي وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَبِكَوْنِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ ، وَبِكَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ بِكَوْنِهِ مُحَقَّقًا أَوْ مَظْنُونًا .
وَنُدِبَ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ إذَا قَضَى بِوَقْتٍ نُهِيَ أَنْ يُعْلِمَ مَنْ يَلِيَهُ بِأَنَّهُ قَضَاءٌ وَبِكَوْنِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ، فَمَنْ أَسْلَمَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً بِلَا صَلَاةٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا يُفِيدُهُ ق .
وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي بَيَانِ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْقَضَاءِ إذْ لَمْ يَعُدُّوا مِنْهَا الْجَهْلَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ لِمَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَقِيَ فِيهَا مُدَّةً .
( وَ ) وَجَبَ ( مَعَ ذِكْرٍ ) أَيْ تَذَكُّرٍ لِأُولَى الْحَاضِرَتَيْنِ فِي حَالِ
الشُّرُوعِ فِي ثَانِيَتِهِمَا اتِّفَاقًا .
وَكَذَا بَعْدَ الشُّرُوعِ وَقَبْلَ فَرَاغِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ ، وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ إذَا ذَكَرَ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ كَظُهْرِ يَوْمِهِ فِي عَصْرِهِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَكَمَّلَ فَذٌّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ عج ، وَتَبِعَهُ عب ، فَقَالَ وَوَجَبَ مَعَ ذِكْرٍ ابْتِدَاءً .
وَكَذَا فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وس فَقَوْلُ د إذَا ذَكَرَ حَاضِرَةً إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ الْبُنَانِيُّ مَا نَسَبَهُ لِلتَّوْضِيحِ لَيْسَ هُوَ فِيهِ ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ ، هُوَ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَاَلَّذِي يَجِبُ مَعَ ذِكْرِ ( تَرْتِيبِ ) صَلَاتَيْنِ ( حَاضِرَتَيْنِ ) مُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْتِ وَهُمَا الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ تَرْتِيبًا ( شَرْطًا ) فِي صِحَّةِ ثَانِيَتِهِمَا فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهَا وَلَا يَكُونَانِ حَاضِرَتَيْنِ إلَّا إذَا وَسِعَهُمَا الْوَقْتُ ، فَإِنْ ضَاقَ عَنْهُمَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُ إلَّا أَخِيرَتَهُمَا اخْتَصَّتْ بِهِ وَدَخَلَتَا فِي قِسْمِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَةِ مَعَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ ، وَهُوَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأُولَى حَالَ شُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا فِي أَثْنَائِهَا ، وَتَذَكَّرَهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا صَحَّتْ الثَّانِيَةُ ، وَنُدِبَ إعَادَتُهَا بِوَقْتِهَا بَعْدَ الْأُولَى وَلَوْ الضَّرُورِيِّ .
( وَ ) وَجَبَ تَرْتِيبُ ( الْفَوَائِتِ ) سَوَاءٌ كَانَتْ يَسِيرَةً أَوْ كَثِيرَةً ( فِي أَنْفُسِهَا ) تَرْتِيبًا شَرْطًا فِي صِحَّةِ قَضَائِهَا مُطْلَقًا هَذَا هُوَ الَّذِي فَرَّعَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْفُرُوعَ الْمَشْهُورَةَ الْآتِيَةَ كَغَيْرِهِ .
وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ تَرْتِيبَ الْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ .
( وَ ) وَجَبَ غَيْرُ شَرْطٍ مُطْلَقًا تَرْتِيبُ قَضَاءِ ( يَسِيرِهَا ) أَيْ
الْفَوَائِتِ ( مَعَ ) صَلَاةٍ حَاضِرَةٍ ) كَالْعِشَاءَيْنِ مَعَ الصُّبْحِ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ قَضَاءِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ عَلَى الْحَاضِرَةِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ خُرُوجُ وَقْتِهَا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ إذَا قَدَّمَ قَضَاءَ الْيَسِيرِ عَلَى الْحَاضِرَةِ ( خَرَجَ وَقْتُهَا ) أَيْ الْحَاضِرَةِ وَصَارَتْ قَضَاءً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ ضَاقَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ يُخَيَّرُ فِي تَقْدِيمِ أَيِّهِمَا شَاءَ .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُقَدِّمُ الْحَاضِرَةَ مَعَهُ .
( وَهَلْ ) أَكْثَرُ الْيَسِيرِ ( أَرْبَعٌ ) وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ ( أَوْ خَمْسٌ ) وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجَلَّابُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ ، وَصَوَّبَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَشَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ الصَّلَوَاتِ مِنْ أَصْلِ الْفَوَاتِ وَالْبَاقِي بَعْدَ قَضَاءِ بَعْضِهَا فِي الْجَوَابِ ( خِلَافٌ ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْأَرْبَعَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا كَالْخَمْسِ ذَكَرَهُمَا عِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ وَمَفْهُومُ يَسِيرِهَا تَقْدِيمُ الْحَاضِرَةِ عَلَى كَثِيرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ نَدْبًا إنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا وَوُجُوبًا إنْ ضَاقَ .
( فَإِنْ خَالَفَ ) مَنْ عَلَيْهِ يَسِيرُ الْفَوَائِتِ وَالْحَاضِرَةِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِأَنْ قَدَّمَ الْحَاضِرَةَ عَلَى قَضَاءِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ سَهْوًا بَلْ ( وَلَوْ ) خَالَفَ ( عَمْدًا أَعَادَ ) نَدْبًا الْحَاضِرَةَ الَّتِي قَدَّمَهَا عَلَى يَسِيرِ الْفَوَائِتِ وَلَوْ مَغْرِبًا صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ وَعِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ ( بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ ) الَّذِي يُدْرِكُ فِيهِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَعُلِمَتْ الْإِعَادَةُ فِي الْمُخْتَارِ بِالْأُولَى فَيُعِيدُ الظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ وَالْعِشَاءَيْنِ وَالصُّبْحَ لِلطُّلُوعِ .
( وَ ) إنْ كَانَ الْمُخَالِفُ إمَامًا فِي الثَّالِثَةِ لِمَأْمُومِينَ لَيْسَ
عَلَيْهِمْ يَسِيرُ الْفَوَائِتِ فَ ( فِي ) نَدْبِ ( إعَادَةِ مَأْمُومِهِ ) أَيْ الْمُخَالِفِ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ لِتَعَدِّي خَلَلِ صَلَاةِ إمَامِهِ لِصَلَاتِهِ وَعَدَمِ نَدْبِ إعَادَتِهِ لِتَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ ، وَإِنَّمَا يُعِيدُهَا لِمُخَالَفَةِ التَّرْتِيبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ فَرَجَّحَ الْأَوَّلَ ابْنُ بَزِيزَةَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَقْيَسُ وَلِلَّقَّانِيِّ وَالْخَرَشِيُّ وعبق الْبُنَانِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ يُونُسَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ .
وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ جُمُعَةً قَطَعَ فَذٌّ ، وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ ، وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ لَا مُؤْتَمٌّ ، فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ جُمُعَةً ، وَكَمَّلَ فَذٌّ بَعْدَ شَفْعٍ مِنْ الْمَغْرِبِ : كَثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهَا
( وَإِنْ ذَكَرَ ) أَيْ تَذَكَّرَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا ( الْيَسِيرَ ) مِنْ الْفَوَائِتِ ( فِي صَلَاةٍ ) حَاضِرَةٍ غَيْرِ جُمُعَةٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ الْمَذْكُورُ فِيهَا ( جُمُعَةً ) وَهُوَ إمَامٌ لَا فَذٌّ لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا مِنْهُ وَلَا مَأْمُومٌ لِتَمَادِيهِ ( قَطَعَ ) وُجُوبًا ( فَذٌّ ) إنْ لَمْ يَرْكَعْ ( وَشَفَعَ ) نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا ( إنْ رَكَعَ ) رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَيَضُمُّ لَهَا أُخْرَى وَيَجْعَلُهُمَا نَافِلَةً .
وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهَا ثُنَائِيَّةً كَصُبْحٍ .
وَقِيلَ يُتِمُّهَا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهَا لِمُشَارَفَتِهِ عَلَى إتْمَامِهَا لَا مَغْرِبًا فَيَقْطَعُهَا ، وَلَوْ رَكَعَ لِشِدَّةِ كَرَاهَةِ النَّفْلِ قَبْلَهَا هَذَا الَّذِي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ .
وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْهَا أَنَّهُ يَشْفَعُهَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ وَضُعِّفَ هَذَا الْقَوْلُ .
وَرَجَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ إتْمَامَهَا مَغْرِبًا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ .
( وَ ) قَطَعَ ( إمَامٌ ) وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ ( وَ ) قَطَعَ ( مَأْمُومُهُ ) أَيْ الْإِمَامِ الَّذِي تَذَكَّرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ تَبَعًا لَهُ فَلَا يَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِ مَنْ يُتِمُّ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَلَا يَقْطَعُ مَأْمُومُهُ ( لَا ) يَقْطَعُ شَخْصٌ ( مُؤْتَمٌّ ) ذَكَرَ الْيَسِيرَ خَلْفَ إمَامِهِ بَلْ يَتَمَادَى مَعَهُ لِحَقِّهِ وَإِذَا أَتَمَّهَا مَعَهُ .
( فَيُعِيدُ ) هَا نَدْبًا ( فِي الْوَقْتِ ) لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالطُّلُوعُ فِي غَيْرِهِمَا عَقِبَ قَضَاءِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ غَيْرَ جُمُعَةٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي ذَكَرَ الْمَأْمُومُ فِيهَا يَسِيرَ الْفَوَائِتِ ( جُمُعَةً ) فَيُتِمُّهَا مَعَهُ لِحَقِّهِ وَيُعِيدُهَا جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيُعِيدُهَا ظُهْرًا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقِيلَ مُطْلَقًا نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْطَعُهَا إلَّا الْمَغْرِبَ فَيُتِمُّهَا مَعَهُ
وَمِثْلُ تَذَكُّرِ الْمَأْمُومِ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ فِي حَاضِرَةٍ تَذَكُّرُهُ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ .
وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ تَمَادِيهِ مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ وَإِعَادَتِهَا عَقِبَ الْأُولَى بِوَقْتٍ .
( وَكَمَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وُجُوبًا وَيُعِيدُهَا عَقِبَ قَضَاءِ الْيَسِيرِ بِوَقْتٍ وَفَاعِلُ كَمَّلَ ( فَذٌّ ) وَأَوْلَى إمَامٌ ذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْيَسِيرَ ( بَعْدَ شَفْعٍ ) أَيْ رَكْعَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ بِالْجُلُوسِ عَقِبَ سَجْدَتَيْ الثَّانِيَةِ ( مِنْ الْمَغْرِبِ ) وَلَا يَشْفَعُهَا لِئَلَّا يُؤَدِّي إلَى التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَلِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ .
وَشَبَّهَ فِي التَّكْمِيلِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فَقَالَ ( كَ ) ذِكْرِهِ عَقِبَ ( ثَلَاثٍ ) مِنْ الرَّكَعَاتِ تَامَّاتٍ بِاعْتِدَالِهِ قَائِمًا فِي الرَّابِعَةِ ( مِنْ غَيْرِهَا ) أَيْ الْمَغْرِبِ فَيُكْمِلُهَا بِالرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ وُجُوبًا لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ .
فَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ كَمَالِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ رَجَعَ لِجُلُوسِ الثَّانِيَةِ وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ وَسَلَّمَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي أَيْضًا فِي تَذَكُّرِ الْإِمَامِ أَوْ الْفَذِّ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ .
فَإِنْ كَانَ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ قَطَعَا .
وَإِنْ كَانَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ شَفَعَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ كَمَّلَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ، صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ خَلِيلٍ فِي التَّوْضِيحِ فَيَكُونُ كَمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ فَتَكْمِيلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ .
وَقَوْلُ الْمَوْضِحِ كَمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ يَدُلَّانِ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ ، وَهَذَا يُرَشِّحُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْحَاضِرَتَيْنِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الذِّكْرِ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ ، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لَا فِي الْأَثْنَاءِ
أَيْضًا كَمَا قَالَ عبق تَبَعًا لعج أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
وَإِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ مُطْلَقًا صَلَّى خَمْسًا ، وَإِنْ عَلِمَهَا دُونَ يَوْمِهَا صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ ، وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا صَلَّى سِتًّا .
وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ
( وَإِنْ جَهِلَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْمُكَلَّفُ ( عَيْنَ ) أَيْ ذَاتَ صَلَاةٍ ( مَنْسِيَّةٍ ) أَيْ مَتْرُوكَةٍ خَرَجَ وَقْتُهَا وَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِهَا سَوَاءٌ نَسِيَهَا أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا أَوْ فَاتَتْهُ لِعُذْرٍ غَيْرِ مُسْقِطٍ كَنَوْمٍ فَلَمْ يَدْرِ أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا لَيْلِيَّةٍ أَوْ نَهَارِيَّةٍ ( صَلَّى ) وُجُوبًا لِتَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ ( خَمْسًا ) مِنْ الصَّلَوَاتِ وَهِيَ الْمَفْرُوضَةُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالصُّبْحِ لِيُحِيطَ بِأَوْجُهِ الشَّكِّ فَإِنْ عَلِمَهَا نَهَارِيَّةً صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالصُّبْحَ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ ، وَإِنْ عَلِمَهَا لَيْلِيَّةً صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ .
( وَإِنْ عَلِمَ ) عَيْنَ ( هَا ) أَيْ الْفَائِتَةِ بِأَنَّهَا ظُهْرٌ مَثَلًا ( دُونَ ) عَيْنِ ( يَوْمِهَا ) الَّذِي تُرِكَتْ مِنْهُ ( صَلَّاهَا ) أَيْ الْفَائِتَةَ حَالَ كَوْنِهِ ( نَاوِيًا ) نَدْبًا الْيَوْمَ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهَا ( لَهُ ) لِأَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَنِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ هَذَا مُرَادُهُ لِأَنَّ نِيَّةَ الْمَجْهُولِ مُحَالَةٌ ( وَإِنْ نَسِيَ ) عَيْنَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِتِ وَكَانَ ( صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا ) وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُمَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ مِنْهُمَا وَلَا أَنَّ اللَّيْلَ سَابِقُ النَّهَارِ ، أَوْ عَكْسَهُ ( صَلَّى ) وُجُوبًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ ( سِتًّا ) مِنْ الصَّلَوَاتِ بِتَرْتِيبِهَا الْمَعْلُومِ خَاتِمًا بِاَلَّتِي بَدَأَ بِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الَّتِي عَلَيْهِ مُتَأَخِّرَةً فِي الْفَوَاتِ عَنْ الَّتِي خَتَمَ بِهَا .
وَتَرْتِيبُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ شَرْطُ صِحَّةٍ فَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ .
( وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ ) فِي قَضَاءِ السِّتِّ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالصُّبْحِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ أَوْلَى الْحَطَّابُ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةِ النَّهَارِ فَإِنْ عَلِمَهُمَا مِنْ اللَّيْلِ فَقَطْ
فَقَدْ عَلِمَ عَيْنَهُمَا فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَقَطْ وَإِنْ عَلِمَهُمَا مِنْ النَّهَارِ فَقَطْ صَلَّى الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَقَطْ ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إحْدَاهُمَا مِنْ اللَّيْلِ وَالْأُخْرَى مِنْ النَّهَارِ وَأَنَّ اللَّيْلَ سَابِقٌ فَقَدْ عَلِمَ عَيْنَهُمَا فَيُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ .
وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَ النَّهَارِ فَقَدْ عَلِمَ عَيْنَهُمَا فَيُصَلِّي الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ ، وَإِنْ شَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا صَلَّى الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ، وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُمَا مِنْ اللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ النَّهَارِ فَقَطْ أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ اللَّيْلِ وَالْأُخْرَى مِنْ النَّهَارِ صَلَّى خَمْسًا فَقَطْ ، وَبَدَأَ بِالْمَغْرِبِ فِي الْأُولَى وَبِالصُّبْحِ فِي الثَّانِيَةِ .
وَفِي ثَالِثَتِهَا أَوْ رَابِعَتِهَا أَوْ خَامِسَتِهَا كَذَلِكَ يُثَنِّي بِالْمَنْسِيِّ ، وَصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ فِي سَادِسَتِهَا وَحَادِيَةِ عَشْرَتِهَا
( وَ ) الْحُكْمُ ( فِي ) جَهْلِ عَيْنِ صَلَاةٍ وَعَيْنِ ( ثَالِثَتِهَا ) الْفَائِتَيْنِ وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا وَاحِدَةٌ بَرِئَتْ الذِّمَّةُ مِنْهَا ( أَوْ ) جَهِلَ عَيْنَ صَلَاةٍ وَعَيْنَ ( رَابِعَتِهَا ) فَاثْنَتَيْنِ وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا اثْنَتَانِ بَرِئَتْ الذِّمَّةُ مِنْهُمَا ( أَوْ ) جَهِلَ عَيْنَ صَلَاةٍ وَعَيْنَ ( خَامِسَتِهَا ) فَاثْنَتَيْنِ وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثٌ بَرِئَتْ الذِّمَّةُ مِنْهَا .
( كَذَلِكَ ) أَيْ الْحُكْمُ فِي جَهْلِ عَيْنِ صَلَاةٍ وَعَيْنِ ثَانِيَتِهَا مِنْ صَلَاةِ سِتِّ صَلَوَاتٍ ، وَنُدِبَ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ لَكِنَّهَا غَيْرُ مُتَوَالِيَةٍ بَلْ حَالَ كَوْنِهِ ( يُثَنِّي ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا كُلَّ صَلَاةٍ فَرَغَ مِنْهَا ( بِ ) بَاقِي ( الْمَنْسِيِّ ) عَلَى تَقْدِيرَانِ أُولَاهُ الْمَفْرُوغُ مِنْهَا فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يُثَنِّي إذْ يُثَلِّثُ وَيُرَبِّعُ وَيُخَمِّسُ أَيْضًا ، وَبِأَنَّ الْمَنْسِيَّ مَجْمُوعُ الصَّلَاتَيْنِ وَالتَّثْنِيَةُ إنَّمَا هِيَ بَيَانِيَّةٌ فَإِنْ بَدَأَ بِالظُّهْرِ وَأَتَمَّهَا قَدَّرَ أَنَّهَا الْأُولَى ، وَثَنَّاهَا بِبَاقِي الْمَنْسِيِّ وَهِيَ ثَانِيَتُهَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، وَثَالِثَتُهَا فِي الثَّانِيَةِ ، وَرَابِعَتُهَا فِي الثَّالِثَةِ ، وَخَامِسَتُهَا فِي الرَّابِعَةِ .
وَإِذَا فَرَغَ مِنْ هَذِهِ قَدَّرَهَا الْأُولَى وَثَنَّاهَا بِبَاقِيهِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ حَتَّى يُصَلِّيَ سِتَّ صَلَوَاتٍ خَاتِمًا بِاَلَّتِي ابْتَدَأَ بِهَا لِلتَّرْتِيبِ .
( وَصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ صَلَاةِ الْخَمْسِ مُتَوَالِيَةً وَإِعَادَتِهَا كَذَلِكَ وَصَلَاةُ ظُهْرَيْنِ فَعَصْرَيْنِ إلَخْ .
وَاخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأُولَى لِانْتِقَالِ النِّيَّةِ مِنْ يَوْمٍ لِآخَرَ مَرَّةً فَقَطْ .
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ الثَّانِيَةُ أَوْلَى ( فِي ) نِسْيَانِ عَيْنِ صَلَاةٍ وَعَيْنِ ( سَادِسَتِهَا ) وَهِيَ مُمَاثِلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي .
( وَ ) فِي نِسْيَانِ عَيْنِ صَلَاةٍ وَعَيْنِ ( حَادِيَةِ عَشْرَتِهَا ) وَهِيَ مُمَاثِلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ ، وَكَذَا فِي سَادِسَةِ عَشْرَتِهَا وَحَادِيَةِ عَشْرَيْهَا
وَهَلُمَّ جَرَّا .
وَمُمَاثِلُ ثَانِيَتِهَا إلَى خَامِسَتِهَا كَمَا مَاثَلَهُ عَلَى الصَّوَابِ الَّذِي قَالَهُ الْحَطَّابُ وَالرَّمَاصِيُّ وَغَيْرُهُمَا خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ وتت وَغَيْرِهِمَا فِي صَلَاةِ الْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ ، وَالضَّابِطُ الَّذِي تُعْرَفُ بِهِ خَامِسَتُهَا وَمُمَاثَلَتُهَا وَمُمَاثَلَةُ ثَانِيَتِهَا إلَى خَامِسَتِهَا أَنْ يَقْسِمَ الْعَدَدَ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ اسْمَ الْمَعْطُوفَةِ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهُ شَيْءٌ فَالثَّانِيَةُ خَامِسَةٌ فِي أَدْوَارٍ بِقَدْرِ آحَادٍ خَارِجَ الْقِسْمَةِ ، وَإِنْ فَضَلَ وَاحِدٌ فَالْمَعْطُوفَةُ مِثْلُ الْأُولَى كَذَلِكَ وَإِنْ فَضَلَ اثْنَانِ فَمِثْلُ ثَانِيَتِهَا .
وَإِنْ فَضَلَ ثَلَاثَةٌ فَمِثْلُ ثَالِثَتِهَا أَوْ أَرْبَعَةٌ فَمِثْلُ رَابِعَتِهَا كَذَلِكَ فَالصَّلَاةُ ، وَمُكَمِّلَةٌ ثَلَاثِينَ خَامِسَتُهَا مِنْ الدُّورِ السَّادِسِ وَالثَّانِيَةَ عَشَرَ مُمَاثِلَةُ الثَّانِيَةِ بَعْدَ دَوْرَيْنِ وَقِسْ عَلَى هَذَيْنِ لِأَنَّ مَنْ جَهِلَ عَيْنَ فَائِتَةٍ مِنْ الْخَمْسِ يُصَلِّي خَمْسًا وَهَذَا عَلَيْهِ صَلَاتَانِ مِنْ خَمْسَيْنِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالسِّينِ فَيُصَلِّي لِكُلِّ صَلَاةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ .
وَفِي صَلَاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ لَا يَدْرِي السَّابِقَةَ صَلَّاهُمَا ، وَأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ ، وَمَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ أَعَادَ إثْرَ كُلِّ حَضَرِيَّةٍ سَفَرِيَّةً ، وَثَلَاثًا كَذَلِكَ سَبْعًا ، وَأَرْبَعًا ، ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسًا إحْدَى وَعِشْرِينَ وَصَلَّى فِي ثَلَاثٍ مُرَتَّبَةٍ مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ الْأُولَى سَبْعًا وَأَرْبَعًا ثَمَانِيًا ، وَخَمْسًا تِسْعًا
( وَفِي ) نِسْيَانِ تَرْتِيبِ ( صَلَاتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ ) مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَيْنِ ( لَا يَدْرِي ) الصَّلَاةَ ( السَّابِقَةَ ) مِنْهُمَا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ الْيَوْمَيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ السَّابِقَ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّ الصَّلَاتَيْنِ لِأَيِّ الْيَوْمَيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلَيْنِ ، وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَخِيرَةِ .
وَقِيلَ فِيهَا يُصَلِّي لِكُلِّ يَوْمٍ صَلَاتَيْنِ ( صَلَّاهُمَا ) أَيْ الْفَائِتَتَيْنِ نَاوِيًا كُلَّ صَلَاةٍ لِلْيَوْمِ الْمَعْلُومِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ( وَأَعَادَ ) وُجُوبًا ( الْمُبْتَدَأَةَ ) لِلتَّرْتِيبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ كَسَائِرِ فُرُوعِ الْبَابِ .
( وَ ) إنْ شَكَّ فِي التَّرْتِيبِ ( مَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ ) لِلرُّبَاعِيَّةِ وَإِتْمَامِهَا بِأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَهَا فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ ( أَعَادَ ) نَدْبًا ( إثْرَ كُلِّ ) صَلَاةٍ ( حَضَرِيَّةٍ ) أَيْ رُبَاعِيَّةٍ تَامَّةٍ ( سَفَرِيَّةً ) أَيْ مَقْصُورَةً فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَقْصُورَةِ أَعَادَهَا تَامَّةً وُجُوبًا إذْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا حَضَرِيَّةٌ لَا تَكْفِي عَنْهَا السَّفَرِيَّةُ ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ .
وَاسْتَشْكَلَ فِي التَّوْضِيحِ نَدْبَ إعَادَةِ الْحَضَرِيَّةِ سَفَرِيَّةً بِأَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَتَمَّ عَمْدًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ يَخْرُجُ بِالْفَرَاغِ مِنْ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ مُرَاعَاةٌ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إجْزَاءُ الْحَضَرِيَّةِ عَنْ السَّفَرِيَّةِ خَاصٌّ بِالْوَقْتِيَّةِ وَأَمَّا الْفَائِتَةُ فِي السَّفَرِ فَلَا تُجْزِئُ الْحَضَرِيَّةُ عَنْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ ، لَكِنَّ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ مِنْ الْوَرَعِ الْمَنْدُوبِ .
( وَإِنْ ) ذَكَرَ ( ثَلَاثًا ) مِنْ الصَّلَوَاتِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ فِي التَّعْيِينِ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ وَكَوْنُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ أَمْ لَا وَلَمْ يَدْرِ السَّابِقَةَ مِنْهَا صَلَّى وُجُوبًا سَبْعًا ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ مِنْ الصَّلَوَاتِ
لِتَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا مُرَتَّبَةً وَيُعِيدَهَا كَذَلِكَ ، وَيُعِيدَ الَّتِي ابْتَدَأَ بِهَا لِيُحِيطَ بِأَقْسَامِ الشَّكِّ ، وَهِيَ سِتَّةٌ إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْأُولَى الظُّهْرُ فَالْعَصْرُ فَالْمَغْرِبُ أَوْ فَالْمَغْرِبُ فَالْعَصْرُ وَأَنَّهَا الْعَصْرُ فَالْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ فَالْمَغْرِبُ وَأَنَّهَا الْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ فَالْعَصْرُ أَوْ فَالْعَصْرُ فَالظُّهْرُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ ، فَإِذَا صَلَّاهَا مُرَتَّبَةً بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَإِذَا أَعَادَ الظُّهْرَ ثَانِيًا بَرِئَتْ أَيْضًا عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الْعَصْرُ فَالْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ .
وَإِذَا أَعَادَ الْعَصْرَ ثَانِيًا بَرِئَ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الظُّهْرُ فَالْمَغْرِبُ فَالْعَصْرُ وَعَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ فَالْعَصْرُ .
وَإِذَا أَعَادَ الْمَغْرِبَ ثَانِيًا بَرِئَ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الْعَصْرُ فَالظُّهْرُ فَالْمَغْرِبُ وَإِذَا أَعَادَ الظُّهْرَ ثَالِثًا فَقَدْ بَرِئَ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الْمَغْرِبُ فَالْعَصْرُ فَالظُّهْرُ .
وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ ( وَ ) إنْ ذَكَرَ ( أَرْبَعًا ) مِنْ الْفَوَائِتِ مُعَيَّنَاتٍ كَصُبْحٍ وَظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَاتٍ أَمْ لَا لَا يَعْلَمُ تَرْتِيبَهَا صَلَّى ( ثَلَاثَ عَشْرَةَ ) صَلَاةً بِأَنْ يُصَلِّيَ الْأَرْبَعَ مُرَتَّبَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُصَلِّيَ الْمُبْتَدَأَةَ مَرَّةً أَرْبَعَةً لِيُحِيطَ بِصُوَرِ الشَّكِّ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً إذْ كُلُّ صَلَاةٍ مِنْهَا إذَا فُرِضَتْ الْأُولَى فَفِي تَرْتِيبِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ سِتُّ صُوَرٍ فَعَلَى أَنَّ الْأُولَى الصُّبْحُ فَالثَّانِيَةُ ظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ ، أَوْ الثَّانِيَةُ عَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَظُهْرٌ ، أَوْ فَظُهْرٌ فَمَغْرِبٌ ، أَوْ الثَّانِيَةُ مَغْرِبٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ ، أَوْ فَعَصْرٌ فَظُهْرٌ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الصُّبْحِ وَمِثْلُهَا عَلَى أَوَّلِيَّةِ الظُّهْرِ ، وَمِثْلُهَا عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْعَصْرِ ، وَمِثْلُهَا عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمَغْرِبِ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ
ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي سِتَّةٍ وَالثَّلَاثُ عَشْرَةَ صَلَاةً بِالْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ مُحِيطَةٌ بِهَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ فِيهِمَا .
( وَ ) إنْ ذَكَرَ ( خَمْسًا ) مِنْ الْفَوَائِتِ مُعَيَّنَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ أَمْ لَا وَجَهِلَ تَرْتِيبَهَا صَلَّى ( إحْدَى وَعِشْرِينَ ) صَلَاةً بِأَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ مُرَتَّبَةً أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيُعِيدَ الْمُبْتَدَأَةَ مَرَّةً خَامِسَةً لِيُحِيطَ بِاحْتِمَالَاتِ الشَّكِّ وَهِيَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ إذْ تَقْدِيرُ أَوَّلِيَّةِ كُلِّ صَلَاةٍ يَحْصُلُ مَعَهُ فِي تَرْتِيبِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَهِيَ السَّابِقَةُ فِيمَنْ ذَكَرَ أَرْبَعًا .
وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرُونَ فِي خَمْسَةٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْإِحْدَى وَالْعِشْرُونَ صَلَاةً بِالْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهَا كُلِّهَا يُعْلَمُ مَأْمَلُهُمَا وَالضَّابِطُ لِمَعْرِفَةِ الْعَدَدِ الَّذِي تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ضَرْبُ عَدَدِ الْفَوَائِتِ فِي عَدَدٍ أَقَلَّ مِنْهُ بِوَاحِدٍ وَزِيَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى خَارِجِ الضَّرْبِ أَوْ ضَرْبُ عَدَدِهَا فِي مِثْلِهِ وَيَنْقُصُ مِنْ حَاصِلِ الضَّرْبِ عَدَدُهَا إلَّا وَاحِدًا أَوْ ضَرْبُ عَدَدِهَا إلَّا وَاحِدًا فِي مِثْلِهِ ، وَيُزَادُ عَلَى حَاصِلِ الضَّرْبِ عَدَدُهَا .
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ جَهِلَ عَيْنَ فَائِتَةٍ يُصَلِّي خَمْسًا وَمَنْ جَهِلَ عَيْنَ فَائِتَةٍ وَثَانِيَتَهَا يُصَلِّي سِتًّا عَادَ لِتَتْمِيمِ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ضَابِطَ هَذَا النَّوْعِ أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ الْمَنْسِيُّ وَاحِدَةً يَزِيدُهَا فِي الْمَقْضِيِّ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقْضِي فِي جَهْلِ الْوَاحِدَةِ خَمْسًا وَفِي جَهْلِ الِاثْنَتَيْنِ سِتًّا وَفِي جَهْلِ الثَّلَاثِ سَبْعًا وَهَكَذَا مَا زَادَ فَقَالَ ( وَصَلَّى ) الْمُكَلَّفُ ( فِي ) جَهْلِ عَيْنٍ ( ثَلَاثٍ ) مِنْ الْفَوَائِتِ مُتَوَالِيَةٍ ( مُرَتَّبَةٍ ) وَهِيَ الصَّلَاةُ .
وَثَانِيَتُهَا وَثَالِثَتُهَا ( مِنْ يَوْمٍ ) وَلَيْلَةٍ ( لَا يَعْلَمُ ) الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَلَا الثَّانِيَةَ وَلَا الثَّالِثَةَ مِنْهَا وَلَا سَبَقَ اللَّيْلُ
النَّهَارَ وَلَا عَكْسُهُ وَمَفْعُولُ صَلَّى قَوْلُهُ ( سَبْعًا ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ بِأَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مُرَتَّبَةً يُعِيدُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ لِيُحِيطَ بِأَحْوَالِ الشَّكِّ فِي تَرْتِيبِهَا ( وَ ) إنْ جَهِلَ ( أَرْبَعًا ) مِنْ الْفَوَائِتِ الْمُتَوَالِيَةِ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَدْرِي سَبْقَ اللَّيْلِ النَّهَارَ وَلَا عَكْسَهُ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَثَانِيَتُهَا وَثَالِثَتُهَا وَرَابِعَتُهَا صَلَّى الْمُكَلَّفُ ( ثَمَانِيًا ) الْخَمْسَ مُرَتَّبَةً وَيُعِيدُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ لِلتَّرْتِيبِ .
( وَإِنْ ) جَهِلَ ( خَمْسًا ) كَذَلِكَ صَلَّى ( تِسْعًا ) بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ لِيُحِيطَ بِأَوْجُهِ الشَّكِّ وَإِنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ صَلَّى خَمْسًا مُبْتَدِئًا بِالْمَغْرِبِ وَإِنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ صَلَّى خَمْسًا أَيْضًا لَكِنْ يَبْتَدِئُ بِالصُّبْحِ وَلَكِنَّهُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عَالِمٌ بِالْعَيْنِ وَالتَّرْتِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( فَصْلٌ ) سُنَّ لِسَهْوٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ : سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ وَبِالْجَامِعِ فِي الْجُمُعَةِ ، وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ : كَتَرْكِ جَهْرٍ وَسُورَةٍ بِفَرْضِ وَتَشَهُّدَيْنِ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ : كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ ، وَمُقْتَصَرٍ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوِتْرٍ أَوْ تَرْكِ سِرٍّ بِفَرْضٍ
( فَصْلٌ ) ( فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ) ( سُنَّ ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ ( لِسَهْوٍ ) مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمَسْبُوقِ إذَا سَهَا فِي قَضَائِهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ السَّهْوُ بَلْ ( وَإِنْ تَكَرَّرَ ) السَّهْوُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ بِهِمَا مُبَالَغَةً فِي السُّنِّيَّةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْوُجُوبِ أُوفِي سَجْدَتَانِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا .
وَهَذَا إنْ تَكَرَّرَ قَبْلَ السُّجُودِ فَإِنْ تَكَرَّرَ بَعْدَهُ كَمَسْبُوقٍ سَجَدَ الْقَبْلِيَّ مَعَ إمَامِهِ ثُمَّ سَهَا فِي قَضَائِهِ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَلَا يَجْتَزِي بِسُجُودِهِ الْأَوَّلِ وَكَمُتَكَلِّمٍ سَهْوًا بَعْدَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ ، وَكَمَنْ سَجَدَهُ ثَلَاثًا فَيَسْجُدُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ .
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَسْجُدُ وَصِلَةُ سَهْوٍ : ( بِنَقْصٍ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ ) دَاخِلَةٌ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُحَقَّقًا أَوْ مَشْكُوكًا فِي أَصْلِهِ أَوْ فِيهِ وَفِي الزِّيَادَةِ ( أَوْ ) يُنْقِصُ سُنَّةً وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ ( مَعَ زِيَادَةٍ ) سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالْآخَرُ مَشْكُوكًا وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ ( سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ ) أَيْ الْمُصَلِّي إنْ سَجَدَ الْقِبْلِيَّ ثَلَاثًا .
وَبَعْدَ تَشَهُّدِهِ وَصَلَاتِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُعَائِهِ فَلَا تُجْزِئُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ سَجَدَ الثَّانِيَةَ وَإِنْ تَذَكَّرَهَا بَعْدُ سَجَدَهَا وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ ، وَتُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ زَادَ عَلَيْهِمَا قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ الْقَبْلِيُّ وَاجِبٌ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ ، وَلَا يَكْفِي عَنْ السُّجُودِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ فَمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَبْلِيٌّ لَا يَبْطُلُ تَرْكُهُ أَوْ بَعْدِيٌّ فَتَرَكَهُ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ قَالَهُ
ابْنُ بَشِيرٍ .
وَقَوْلُ الذَّخِيرَةِ تَرْقِيعُ الصَّلَاةِ بِالسُّجُودِ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهَا وَإِعَادَتِهَا لِلْعَمَلِ حَمَلُوا أَوْلَى فِيهِ عَلَى الْوُجُوبِ ، أَيْ يَحْرُمُ إفْسَادُهَا وَأَمَّا جَبْرُهَا بِالسُّجُودِ فَهُوَ قَدْرٌ زَائِدٌ فَهُوَ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ بِالسُّنِّيَّةِ .
فَإِنْ تُرِكَ فَاتَتْ السُّنَّةُ وَلَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ إلَّا إذَا كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَتَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَيَسْجُدُهُ بِالْجَامِعِ أَوْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ .
( وَ ) يَسْجُدُهُ ( بِالْجَامِعِ ) الَّذِي صَلَّى فِيهِ إنْ سَهَا ( فِي الْجُمُعَةِ ) كَمَسْبُوقٍ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ ثَانِيَتَهَا وَسَهَا فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ عَنْ السُّورَةِ مَثَلًا وَسَهَا عَنْ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَتَذَكَّرَهُ بِالْقُرْبِ فَيَرْجِعُ لِلْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ وَيَجْلِسُ وَيُكَبِّرُ مَعَ رَفْعِ يَدَيْهِ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ ، وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَهَذَا عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُعَدُّ طُولًا وَإِنَّمَا هُوَ بِالْعُرْفِ وَيَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ مِنْهَا فِي أَيِّ جَامِعٍ كَانَ .
( وَأَعَادَ ) مَنْ سَجَدَ الْقَبْلِيَّ ( تَشَهُّدَهُ ) بَعْدَهُ اسْتِنَانًا لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ تَشَهُّدٍ ، وَلَا يَدْعُو وَلَا يُصَلِّي فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلَ لَا يَطْلُبُ فِي تَشَهُّدِهَا دُعَاءً .
وَثَانِيَتُهَا : مَنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلرَّاتِبِ وَهُوَ يُصَلِّي وَلَوْ فَرْضًا .
وَالثَّالِثَةُ : مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ وَهُوَ فِي تَشَهُّدِ نَافِلَةٍ .
وَالرَّابِعَةُ : مَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الدُّعَاءِ .
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ أَنَّ الْقَبْلِيَّ بَعْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ .
وَمَثَّلَ لِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ بِقَوْلِهِ ( كَتَرْكِ جَهْرٍ )
بِفَاتِحَةٍ وَلَوْ مَرَّةً وَأَوْلَى مَعَ سُورَةٍ أَوْ بِسُورَةٍ فَقَطْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ فِيهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ .
وَفِي الْفَاتِحَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَأَتَى بَدَلَهُ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ فَإِنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ فَلَا يَسْجُدْ .
( وَ ) تَرَكَ ( سُورَةً ) أَيْ قِرَاءَةَ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ هُوَ أُولَى أَوْ ثَانِيَةٌ ( بِ ) صَلَاةِ ( فَرْضٍ ) لَا نَفْلٍ لِأَنَّ الْجَهْرَ وَالسُّورَةَ فِيهِ مَنْدُوبَانِ فَهُوَ قَيْدٌ فِيهِمَا ( وَ ) تَرَكَ ( تَشَهُّدَيْنِ ) فِي أُمِّ التَّشَهُّدَاتِ مِنْ صُوَرِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ وَمَفْهُومُ تَشَهُّدَيْنِ عَدَمُ السُّجُودِ لِتَرْكِ تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ ، وَهُوَ قَوْلٌ مُرَجَّحٌ ، وَهُوَ مُرَجَّحٌ وَالْأَرْجَحُ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطّ السُّجُودُ لَهُ .
وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّهْوُ يَنْقُصُ فَقَطْ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ بِأَنْ كَانَ بِزِيَادَةٍ فَقَطْ ( فَ ) يَسْجُدُ السَّجْدَتَيْنِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ السَّلَامِ وَمَثَّلَ لِلزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا فَتَفْهَمُ مِنْهُ الْمُحَقَّقَةَ بِالْأُولَى بِقَوْلِهِ ( كَ ) شَخْصٍ ( مُتِمٍّ ) صَلَاتَهُ ( لِ ) أَجْلِ ( شَكٍّ ) مِنْهُ فِي إتْمَامِهَا وَعَدَمِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَحٍ بِأَنْ شَكَّ فِي رُبَاعِيَّةٍ هَلْ صَلَّاهَا أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا فَبَنَى عَلَى الثَّلَاثِ لِتَيَقُّنِهَا وَأَتَى بِرَابِعَةٍ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَزَالَ بِهَا شَكَّهُ لِكَوْنِهِ صَلَّى قَبْلَهَا أَرْبَعًا .
وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِي ثَلَاثٍ وَاثْنَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ فَبَنَى عَلَى اثْنَتَيْنِ .
وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ فَبَنَى عَلَى وَاحِدَةٍ .
وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ وَسَجْدَتَيْنِ فَبَنَى عَلَى سَجْدَةٍ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الشَّكَّ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ ، وَهُوَ التَّرَدُّدُ الْمُسْتَوِي فَلَا يُعْتَبَرُ التَّوَهُّمُ إذْ الظَّنُّ كَالْيَقِينِ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا .
( وَ ) كَشَخْصٍ ( مُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ ) لِكَوْنِهِ ( شَكَّ ) أَيْ تَرَدَّدَ عَلَى السَّوَاءِ فِي جَوَابِ ( أَهُوَ بِهِ ) أَيْ الشَّفْعِ فِي
ثَانِيَتِهِ ( أَوْ بِوِتْرٍ ) لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ فَجَعَلَ الرَّكْعَةَ الْمَشْكُوكَ فِيهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِلزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْمَشْكُوكَ فِيهَا زَائِدَةٌ وَقَدْ جَعَلَهَا مِنْ الشَّفْعِ .
فَإِنْ قِيلَ لَا وَجْهَ لِسُجُودِهِ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ ثَانِيَةَ شَفْعِهِ فَلَا زِيَادَةَ أَصْلًا ، وَإِنْ كَانَتْ الْوِتْرَ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ الشَّفْعِ وَمُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ قِيلَ فِي جَوَابِهِ وَجِهَةُ احْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى الشَّفِيعُ رَكْعَتَيْنِ وَسَهَا عَنْ السَّلَامِ وَقَامَ لِلْوِتْرِ فَقَدْ زَادَ رَكْعَةً فِي الشَّفْعِ ، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ لِاجْتِمَاعِ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ ، وَلِذَا رَوَى عِيسَى بْنُ زِيَادٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ وَمِثْلُهُ مُقْتَصِرٌ عَلَى عِشَاءٍ شَكَّ أَهُوَ بِهَا أَوْ بِشَفْعٍ وَمُقْتَصِرٌ عَلَى ظُهْرٍ شَكَّ أَهُوَ بِهَا أَمْ بِعَصْرٍ .
( أَوْ تَرْكِ سِرٍّ بِفَرْضٍ ) كَظُهْرٍ وَأَبْدَلَهُ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْجَهْرِ بِفَاتِحَةٍ وَحْدَهَا وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ وَأَوْلَى مَعَ سُورَةٍ أَوْ بِسُورَةٍ وَحْدَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِمَحْضِ الزِّيَادَةِ .
فَإِنْ قِيلَ بَلْ مَعَهَا نَقْصُ سُنَّةِ السِّرِّ فَمُقْتَضَاهُ يَسْجُدُ قَبْلَهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَلَعَلَّ الْمَشْهُورَ رَأَى أَنَّ النَّقْصَ حَصَلَ بِنَفْسِ الزِّيَادَةِ فَكَأَنَّهُ لَا شَيْءَ إلَّا هِيَ مَعَ أَنَّ السِّرَّ عَدَمِيٌّ فَيَخُصُّ النَّقْصَ مَعَ الزِّيَادَةِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ وُجُودِيَّةٍ كَتَكْبِيرَةٍ وَتَشَهُّدٍ وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ لِلْقِرَاءَةِ مُضَادَّةٌ لِلْجَهْرِ بِهَا عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ زِيَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي السُّجُودَ ، كَزِيَادَةِ سُورَةٍ فِي أُخْرَيَيْهِ .
وَرَاعَى هَذَا أَشْهَبُ فَقَالَ بِعَدَمِ السُّجُودِ وَلَعَلَّ الْمَشْهُورَ رَأَى أَنَّهَا لَمَّا اجْتَمَعَتْ مَعَ النَّقْصِ اقْتَضَتْ
السُّجُودَ ، وَإِنْ نَقَضَتْهُ بِمُجَرَّدِهَا فَإِنْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ فَلَا يَسْجُدْ .
أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلَهِيَ عَنْهُ : كَطُولٍ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ .
بِإِحْرَامٍ ، وَتَشَهُّدٍ .
وَسَلَامٍ جَهْرًا
( أَوْ اسْتَنْكَحَهُ ) أَيْ كَثُرَ مِنْهُ ( الشَّكُّ ) فِي النَّقْصِ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ ( وَلَهِيَ ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ أَعْرَضَ ( عَنْهُ ) وُجُوبًا وَبَنَى عَلَى التَّمَامِ إذْ لَا دَوَاءَ لَهُ مِثْلُ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ .
فَإِنْ قِيلَ إذَا بَنَى عَلَى التَّمَامِ فَلَا وَجْهَ لِلسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ لِعَدَمِ الزِّيَادَةِ ، قِيلَ أَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ { إذَا سَجَدَ ابْنُ آدَمَ انْعَزَلَ الشَّيْطَانُ فِي نَاحِيَةٍ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَامْتَثَلَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرَ هُوَ بِهِ فَأَبَى فَلَهُ النَّارُ } بِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ فِي وَيْلَ وَأُمِرُوا بِي وَفَلَهُ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ سُجُودَ مُسْتَنْكَحِ الشَّكِّ سُنَّةٌ .
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ مُسْتَحَبٌّ وَلَكِنَّهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ الَّذِينَ يُطْلِقُونَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ تَعْبِيرُهُ نَصًّا فِي مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ .
وَشَبَّهَ فِي السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَالَ ( كَطُولٍ ) عَمْدًا لِلتَّذَكُّرِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي النَّقْصِ ( بِمَحَلٍّ ) مِنْ الصَّلَاةِ ( لَمْ يُشْرَعْ ) الطُّولُ ( بِهِ ) كَقِيَامٍ عَقِبَ رُكُوعٍ وَجُلُوسٍ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ وَاسْتِيفَازِ الْقِيَامِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ الْوَاجِبَةِ وَالسُّنَّةُ زِيَادَةُ بَيِّنَةٍ فَيَسْجُدُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَظْهَرِ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ .
وَأَمَّا الطُّولُ بِهِ سَهْوًا فَالسُّجُودُ لَهُ بَعْدَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ ، فَإِنْ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ يُشْرَعُ الطُّولُ فِيهِ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَجُلُوسٍ وَتَشَهُّدٍ وَقِيَامِ قِرَاءَةٍ فَلَا سُجُودَ لَهُ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ .
فِي الْمُنْتَقَى مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَمَهَّلَ لِيَتَذَكَّرَ مَا سَهَا عَنْهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ سَهْوًا كَمَّلَ عَلَى مَا سَبَقَ .
وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُطَوِّلْ فِي تَمَهُّلِهِ ، فَإِنْ طَالَ فَابْنُ
الْقَاسِمِ لَمْ يَرَ سُجُودَهُ مُطْلَقًا وَسَحْنُونٌ رَآهُ مُطْلَقًا .
وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فَرَأَى سُجُودَهُ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَعَدَمُهُ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فَإِنْ طَوَّلَ فِيمَا لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ عَبَثًا أَوْ لِتَذَكُّرِ شَيْءٍ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَالسُّجُودِ بِالْأَوْلَى مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .
وَمَحَلُّ السُّجُودِ إذَا طَوَّلَ بِمَا لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ سُنَّةٍ كَتَطْوِيلِ رَفْعٍ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ مِنْ ثَانِيَتِهِمَا إذْ عَدَمُهُ فِيهَا سُنَّةٌ .
فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ كَتَطْوِيلِ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ فَلَا سُجُودَ لَهُ إذْ لَا سُجُودَ لِتَرْكِ مُسْتَحَبٍّ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ لِلنَّقْصِ مَعَ الزِّيَادَةِ .
أُجِيبُ بِأَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ إنَّمَا يُطْلَبُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ وُجُودِيَّةٍ لِأَنَّهُ نَقْصٌ .
وَالسُّنَّةُ هُنَا عَدَمِيَّةٌ فَتَرْكُهَا زِيَادَةٌ لَا نَقْصٌ فَلِذَا كَانَ بَعْدِيًّا وَيَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ إنْ ذَكَرَهُ بِالْقُرْبِ بَلْ ( وَإِنْ ) ذَكَرَهُ ( بَعْدَ شَهْرٍ ) أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ ( بِإِحْرَامٍ ) أَيْ نِيَّةٍ وُجُوبًا شَرْطًا ( وَتَشَهُّدٍ ) اسْتِنَانًا كَتَكْبِيرٍ هَوَى وَرَفْعٍ ( وَسَلَامٍ ) عَقِبَ التَّشَهُّدِ وُجُوبًا غَيْرَ شَرْطٍ ( جَهْرًا ) اسْتِنَانًا وَالْقَبْلِيُّ إنْ سَجَدَهُ قَبْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِانْسِحَابِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ .
وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ صَارَ بَعْدِيًّا .
وَصَحَّ إنْ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ ، لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ ، وَيُصْلِحُ
( وَصَحَّ ) السُّجُودُ ( إنْ قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ عَلَى السَّلَامِ مَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ ( أَوْ أُخِّرَ ) كَذَلِكَ أَيْ عَنْهُ مَا حَقُّهُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فِيهِمَا لَكِنَّ تَعَمُّدَ التَّقْدِيمِ مُحَرَّمٌ وَتَعَمُّدَ التَّأْخِيرِ مَكْرُوهٌ ابْنِ عَرَفَةَ وَسَجْدَتَا سَهْوًا لِزِيَادَةِ الْمَازِرِيِّ وَالْقَاضِي سُنَّةٌ الطَّرَّازُ وَاجِبَتَانِ وَلِنَقْصِ سُنَّتِهَا فِي وُجُوبِهِمَا ، وَسُنَّتُهُمَا ثَالِثُهَا التَّفْصِيلُ لِأَخْذِ الْمَازِرِيِّ مِنْ بُطْلَانِهَا بِتَرْكِهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَتَفْصِيلٌ يَأْتِي فَلِلْأَوَّلِ بَعْدَ السَّلَامِ ، وَلِلثَّانِي فِي كَوْنِهِ قَبْلَهُ وَتَخْيِيرِهِ رِوَايَتَا الْمَشْهُورِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَفِي كَوْنِهِ لَهُمَا قَبْلُ أَوْ بَعْدُ رِوَايَتَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَانْظُرْهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ طَوِيلٌ ( لَا ) يُؤْمَرُ بِالسُّجُودِ ( إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ ) بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ بِأَنْ يَأْتِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً .
( وَيُصْلِحُ ) إنْ أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ كَسَهْوِهِ عَنْ سَجْدَةٍ مِنْ رَكْعَةٍ تَذَكَّرَهَا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا فَيَرْجِعُ جَالِسًا وَيَأْتِي بِهَا ، ثُمَّ يَقُومُ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وُجُوبًا وَيُكْمِلُ صَلَاتَهُ وَلَا يَسْجُدُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِصْلَاحُ بِعَقْدِ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا انْقَلَبَتْ الْمَعْقُودَةُ أُولَى فَيَبْنِي عَلَيْهَا وَلَا يَسْجُدْ هَذَا فِي الْفَرْضِ ، وَفِي السُّنَّةِ إنْ أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ يُصْلِحُ كَاعْتِيَادِهِ السَّهْوَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَتَذَكُّرِهِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ فَيَرْجِعُ لَهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا يَسْجُدْ .
وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ إلَّا بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا بِهَا فَاتَ وَلَا يَسْجُدُ لَهُ .
أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا ، أَوْ سَلَّمَ ، أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً فِي شَكِّهِ فِيهِ ، هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ .
أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ ، أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ لِغَيْرِهَا ، أَوْ قَاءَ غَلَبَةً ، أَوْ قَلَسَ
( أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا ) فِي صَلَاتِهِ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ لَمْ يَسْهُ .
ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ وَلَمْ يُطَوِّلْ فِي تَفَكُّرِهِ أَوْ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ فَلَا يَسْجُدْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ الطُّولُ بِهِ يَسْجُدُ ( أَوْ ) شَكَّ هَلْ ( سَلَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مِنْ صَلَاتِهِ أَمْ لَا فَيُسَلِّمُ وَلَا يَسْجُدُ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ فَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَإِنْ انْحَرَفَ اسْتَقْبَلَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ وَإِنْ طَالَ لَا جِدًّا أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ بَنَى بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ .
( أَوْ سَجَدَ ) سَجْدَةً ( وَاحِدَةً ) عُطِفَ عَلَى اسْتَنْكَحَهُ لِإِزَالَةِ شَكِّهِ ( فِي ) أَيْ بِسَبَبِ ( شَكِّهِ فِيهِ ) أَيْ سُجُودِ سَهْوِهِ ( هَلْ سَجَدَ ) لَهُ سَجْدَتَيْنِ ( اثْنَتَيْنِ ) أَوْ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَيَأْتِي بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَسْجُدْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ سُجُودٌ قَبْلِيٌّ أَوْ بَعْدِيٌّ لِسَهْوِهِ فَسَجَدَهُ وَشَكَّ هَلْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَيَسْجُدُ الثَّانِيَةَ ، وَلَا يَسْجُدُ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهَا وَإِنْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ فَيَسْجُدْ السَّجْدَتَيْنِ وَلَا يَسْجُدْ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِمَا .
( أَوْ زَادَ ) فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ ( سُورَةً فِي ) الرَّكْعَتَيْنِ ( أُخْرَيَيْهِ ) أَيْ أَخِيرَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ وَأُولَى فِي إحْدَاهُمَا ، أَوْ سُورَةً عَلَى الْفَاتِحَةِ وَسُورَةً فِي أُولَيَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَلَا يَسْجُدْ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْجُدُ إنْ زَادَ سُورَتَيْنِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا فِي إحْدَاهُمَا ( أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ ) قَبْلَ تَمَامِهَا ( لِغَيْرِهَا ) فَلَا يَسْجُدْ وَكُرِهَ تَعَمُّدُهُ إلَّا أَنْ يَشْرَعَ فِي سُورَةٍ قَصِيرَةٍ فِي نَحْوِ الصَّحِيحِ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ إتْمَامَهَا وَيَقْرَأَ سُورَةً طَوِيلَةً ( أَوْ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ ) غَلَبَةً
فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ طَاهِرًا يَسِيرًا وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا فَإِنْ ازْدَرَدَهُ سَهْوًا تَمَادَى وَسَجَدَ بَعْدُ وَفِي بُطْلَانِهَا بِغَلَبَةِ ازْدِرَادِهِ قَوْلَانِ سِيَّانِ وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ الْبُطْلَانَ
وَلَا لِفَرِيضَةٍ ، وَلَا غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ : كَتَشَهُّدٍ .
وَيَسِيرِ جَهْرٍ ، أَوْ سِرٍّ وَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ ، وَإِعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ لَهُمَا ، وَلِتَكْبِيرَةٍ ، وَفِي إبْدَالِهَا بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَوْ عَكْسِهِ : تَأْوِيلَانِ ، وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ ، وَإِصْلَاحِ رِدَاءٍ ، أَوْ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ ، أَوْ دَفْعِ مَارٍّ ، أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ وَإِنْ بِجَنْبٍ ، أَوْ قَهْقَرَةِ وَفَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ ، وَسَدٍّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ
( وَلَا ) يَسْجُدُ ( لِ ) تَرْكِ ( فَرِيضَةٍ ) لِعَدَمِ جَبْرِهَا بِهِ وَيَأْتِي بِهَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أَلْقَى رَكْعَتَهَا بِتَمَامِهَا وَأَتَى بِبَدَلِهَا إلَّا الْفَاتِحَةَ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهَا وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ لِلْخِلَافِ فِيهَا .
( وَ ) لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ ( غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ كَتَشَهُّدٍ ) نَحْوَهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْجَلَّابِ .
وَجَعَلَهُ سَنَدٌ الْمَذْهَبَ .
وَصَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ بِالسُّجُودِ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ وَصَرَّحَ ابْنُ جُزَيٍّ والْهَوَّارِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي النَّوَادِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَظْهَرُهُمَا السُّجُودُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ( وَ ) لَا سُجُودَ فِي ( يَسِيرِ جَهْرٍ ) أَيْ إسْمَاعِهِ مَنْ يَلِيهِ فَقَطْ فِي مَحَلِّ السِّرِّ ( أَوْ ) يَسِيرِ ( سِرٍّ ) أَيْ إسْمَاعِ نَفْسِهِ فَقَطْ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ ، وَالْمَعْنَى لَا سُجُودَ عَلَى مَنْ جَهَرَ جَهْرًا خَفِيفًا فِي السِّرِّيَّةِ بِأَنْ أَسْمَعَ مَنْ يَلِيَهُ فَقَطْ وَلَا عَلَى مَنْ أَسَرَّ خَفِيفًا فِي الْجَهْرِيَّةِ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ وَكَذَا هُوَ فِي ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَقَرَّرَ بِهِ عج .
( وَ ) لَا فِي ( إعْلَانٍ ) أَوْ إسْرَارٍ ( بِكَآيَةٍ ) فِي مَحَلِّ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ آيَةً ثَانِيَةً ( وَ ) لَا فِي ( إعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ فَاتِحَةٍ ( لَهُمَا ) أَيْ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ أَيْ أَعَادَهَا لِتَحْصِيلِ سُنَّتِهَا مِنْ جَهْرٍ فِي مَحَلِّهِ أَوْ سِرٍّ فِي مَحَلِّهِ عَقِبَ قِرَاءَتِهَا بِخِلَافِ سُنَّتِهَا كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ ، لِإِمْكَانِ تَدَارُكِهِ لِعَدَمِ فَوَاتِهِ بِانْحِنَائِهِ لِرُكُوعٍ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّ مَنْ أَعَادَ الْفَاتِحَةَ لِذَلِكَ يَسْجُدُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَكَذَا إنْ كَرَّرَهَا سَهْوًا وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا .
وَالرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ ( وَ ) لَا سُجُودَ لِتَرْكِ (
تَكْبِيرَةٍ ) وَاحِدَةٍ مِنْ تَكْبِيرِ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَلَا لِتَرْكِ تَسْمِيعَةٍ وَاحِدَةٍ .
( وَفِي ) سُجُودِ ( إبْدَالِهَا ) أَيْ التَّكْبِيرَةِ ( بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ) سَهْوًا حَالَ هُوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ ( أَوْ عَكْسَهُ ) أَيْ إبْدَالُ تَسْمِيعَةٍ بِتَكْبِيرَةٍ حَالَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِهِ لِأَنَّهُ نَقَصَ وَزَادَ وَعَدَمُ سُجُودِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقِصْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَلَمْ يُزِدْ زِيَادَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا مِنْ فَرَائِضِهَا كَالسَّلَامِ وَالْفَاتِحَةِ .
( تَأْوِيلَانِ ) مَحَلُّهُمَا إذَا أَبْدَلَ فِي أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ كَمَا أَفَادَهُ بِأَوْ .
فَإِنْ أَبْدَلَ فِيهِمَا مَعًا فَيَسْجُدُ اتِّفَاقًا لِنَقْصِهِ سُنَّتَيْنِ .
وَنَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا وَمَحَلُّهُمَا أَيْضًا إذَا فَاتَ تَدَارُكُ مَا أَبْدَلَهُ بِتَلَبُّسِهِ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَلِيهِ .
فَإِنْ لَمْ يَفُتْ أَتَى بِالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ وَلَا سُجُودَ اتِّفَاقًا .
وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ لَا اخْتِلَافٌ مِنْ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِهَا فَالْأَوْلَى قَوْلَانِ أَقْوَاهُمَا عَدَمُ السُّجُودِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .
( وَلَا ) سُجُودَ عَلَى إمَامٍ ( لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ ) مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ لِجِهَةِ يَمِينِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ { لِإِدَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مِنْ يَسَارِهِ لِيَمِينِهِ حِينَ اقْتِدَائِهِ بِهِ لَيْلًا فِي بَيْتِ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا } .
وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي نَفْيِ السُّجُودِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي مِنْ تَقَدُّمِهِ مَعَ عَدَمِ تَوَهُّمِهِ فِيهَا لِنَدْبِهَا وَتَعَمُّدِهَا .
( وَ ) لَا سُجُودَ ( لِإِصْلَاحِ رِدَاءٍ ) سَقَطَ عَنْ ظَهْرِ الْمُصَلِّي وَهُوَ مَنْدُوبٌ ( أَوْ ) إصْلَاحِ ( سُتْرَةٍ سَقَطَتْ ) وَهُوَ مَنْدُوبٌ إنْ خَفَّ وَلَمْ يَنْحَطَّ لَهُ فِيهَا وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَبَطَلَتْ بِانْحِطَاطِهِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ ( أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّالِثَ مِنْ صُفُوفٍ
مُتَقَارِبَةٍ بِغَيْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنْ مَسْبُوقٍ قَامَ لِلْقَضَاءِ وَخَافَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُنْدَبُ مَشْيُهُ ( لِسُتْرَةٍ ) يَسْتَتِرُ بِهَا ( أَوْ ) لِ ( فُرْجَةٍ ) فِي صَفِّ أَحْرَمَ خَارِجَهُ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ لِخَوْفِهِ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ إنْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ إلَيْهَا يَسُدُّهَا وَهُوَ مَنْدُوبٌ .
( أَوْ ) لِ ( دَفْعِ مَارٍّ ) أَيْ مُرِيدِ الْمُرُورِ فِي حَرِيمِهِ بِنَاءً عَلَى زِيَادَتِهِ عَنْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ ، أَوْ لِقِصَرِ يَدَيْهِ عَنْهُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ ( أَوْ ) لِ ( ذَهَابِ دَابَّتِهِ ) وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ تَبْعُدْ لِيَرُدَّهَا .
فَإِنْ بَعُدَتْ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَجْحَفَ ثَمَنَهَا بِهِ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَأَدْرَكَهَا وَإِلَّا أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَتَرَكَهَا إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ هَلَاكٌ أَوْ شِدَّةُ ضَرَرٍ .
وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَالْمَالُ كَالدَّابَّةِ إنْ كَانَ الْمَشْيُ لِشَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( بِجَنْبٍ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ لِجِهَةِ الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ .
( أَوْ ) بِ ( قَهْقَرَةٍ ) أَيْ رُجُوعٍ إلَى خَلْفٍ وَوَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ فِيهِمَا فَلَا يَجُوزُ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ إذَا تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَيْهِ ( وَ ) لَا سُجُودَ عَلَى مُؤْتَمٍّ بِ ( فَتْحٍ ) أَيْ رَدٍّ ( عَلَى إمَامِهِ ) فِي قِرَاءَتِهِ ( إنْ وَقَفَ ) أَيْ تَحَيَّرَ إمَامُهُ فِيهَا وَهُوَ مَنْدُوبٌ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ وَانْتَقَلَ لِآيَةٍ أُخْرَى كُرِهَ فَتْحُهُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ ، وَإِلَّا وَجَبَ مُطْلَقًا .
فَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَجَزَ عَنْ رُكْنٍ وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الَّذِي تَرَكَ الْفَتْحَ أَمْ لَا لَا نَصَّ .
( وَ ) لَا سُجُودَ عَلَى إمَامٍ أَوْ فَذٍّ بِ ( سَدِّ فِيهِ ) أَيْ فَمِهِ ( لِتَثَاؤُبٍ ) بِمُثَنَّاةٍ فَمُثَلَّثَةٍ أَيْ حَالُهُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ بِالْيُمْنَى بَطْنًا وَظَهْرًا أَوْ بِالْيُسْرَى ظَهْرًا لَا بَطْنًا فَيُكْرَهُ
لِمُبَاشَرَتِهِ النَّجَاسَةَ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ ، وَالْقِرَاءَةُ حَالُهُ مَكْرُوهَةٌ ، وَتَكْفِي إنْ فُهِمَتْ وَإِلَّا أُعِيدَتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ إنْ كَانَتْ الْفَاتِحَةَ .
وَنَفْثٍ بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ كَتَنَحْنُحٍ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْإِبْطَالِ بِهِ لِغَيْرِهَا
( وَ ) لَا سُجُودَ بِ ( نَفْثٍ ) أَيْ بَصْقٍ بِصَوْتٍ ( بِثَوْبٍ ) أَيْ فِيهِ ( لِحَاجَةٍ ) أَيْ احْتِيَاجِهِ لِلْبَصْقِ بِكَثْرَةِ الْبُصَاقِ فِي فَمِهِ أَوْ نُزُولِ نُخَامَةٍ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ بَلْغَمٍ مِنْ صَدْرِهِ وَهُوَ جَائِزٌ .
وَكُرِهَ لِغَيْرِهَا ، فَإِنْ كَانَ بِلَا صَوْتٍ فَفِي سُجُودِهِ لَهُ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ ، وَإِنْ كَانَ بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ السُّجُودِ فَقَالَ ( كَتَنَحْنُحٍ ) لِحَاجَةٍ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالصَّلَاةِ فَلَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ .
( وَ ) الْقَوْلُ ( الْمُخْتَارُ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( عَدَمُ الْإِبْطَالِ ) لِلصَّلَاةِ ( بِهِ ) أَيْ التَّنَحْنُحِ ( لِغَيْرِهَا ) أَيْ الْحَاجَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ .
وَقَوْلُهُ الْآخَرُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ وَالْبُطْلَانُ لِعَمْدِهِ وَالْمُتَنَخِّمُ كَالتَّنَحْنُحِ .
وَفَسَّرَ ابْنُ عَاشِرٍ الْحَاجَةَ بِضَرُورَةِ الطَّبْعِ .
وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ التَّنَحْنُحُ لِضَرُورَةِ الطَّبْعِ وَأَنِينِ الْوَجَعِ مُغْتَفِرٌ وَإِنْ قَالَ الْحَطّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِاحْتِيَاجُ لِلتَّنَحْنُحِ لِرَفْعِ بَلْغَمٍ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ صَدْرِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْفَاتِحَةِ وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِهَا ، وَالْحَاجَةُ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَإِعْلَامِهِ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ .
وَتَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ ، وَلَا يُصَفِّقْنَ ، وَكَلَامٍ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ .
وَرَجَعَ إمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ ، إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا
( وَ ) لَا سُجُودَ بِ ( تَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ ) أَيْ حَاجَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِإِصْلَاحِهَا أَمْ لَا بِأَنْ تَجَرَّدَ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَثَلًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ } وَمَنْ مِنْ صِيَغِ الْعَامِّ فَشَمِلَتْ النِّسَاءَ وَلِذَا قَالَ ( وَلَا يُصَفِّقْنَ ) أَيْ النِّسَاءُ فِي صَلَاتِهِنَّ لِحَاجَةٍ ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ } ، ذَمٌّ لَهُ لَا إذْنٌ لَهُنَّ فِيهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ عَمَلِهِنَّ بِهِ .
( وَ ) لَا سُجُودَ بِ ( كَلَامٍ ) قَلِيلٍ عَمْدًا ( لِإِصْلَاحِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( بَعْدَ سَلَامٍ ) مِنْ إمَامٍ عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ ثُنَائِيَّةٍ سَهْوًا سَوَاءٌ كَانَ الْكَلَامُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمَأْمُومِ أَوْ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَفْهَمْ إلَّا بِهِ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ .
وَنَشَأَ شَكُّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ لَا مِنْ نَفْسِهِ فَلَا سُجُودَ لِأَجْلِ هَذَا الْكَلَامِ .
وَإِنْ طَلَبَ بِهِ لِزِيَادَةِ السَّلَامِ فَإِنْ عُدِمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بَطَلَتْ .
( وَرَجَعَ ) وُجُوبًا ( إمَامٌ فَقَطْ ) أَيْ لَا فَذٌّ وَ لَا مَأْمُومٌ ( لِ ) إخْبَارِ ( عَدْلَيْنِ ) تت مُقْتَضَى اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْحُرِّيَّةُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَالذُّكُورَةُ .
وَمَفْهُومُ التَّثْنِيَةِ عَدَمُ رُجُوعِهِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَمَفْهُومُ التَّثْنِيَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِاثْنَيْنِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَدْلَيْنِ ( مِنْ مَأْمُومِيهِ ) أَيْ الْإِمَامِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الرُّجُوعِ لَهُمَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمُشَارِكَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهِ .
وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذَلِكَ وَصَدْرَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَخَّرَ الْأَوَّلَ حَاكِيًا لَهُ بِقِيلِ أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ حَالَ شَكِّهِ فِيهِ فَيَرْجِعُ لِخَبَرِهِمَا
بِهِ وَلَا يَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ .
( إنْ لَمْ يُتْقِنْ ) خِلَافُ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ التَّمَامِ بِأَنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُمَا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ .
فَإِنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا عَمِلَ بِيَقِينِهِ وَلَا يَرْجِعُ لَهُمَا وَلَا لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا ( إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ لَا بِقَيْدِ الْعَدَالَةِ كَثْرَةً ( جِدًّا ) بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَرْجِعُ لِخَبَرِهِمْ مَعَ تَيَقُّنِهِ خِلَافُهُ ، وَأَوْلَى مَعَ ظَنِّهِ أَوْ شَكِّهِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ .
وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَنْ يَقِينِهِ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَثُرُوا .
إلَّا أَنْ يُخَالِطَهُ رَيْبٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى يَقِينِ الْقَوْمِ .
وَسَوَاءٌ أَخْبَرُوهُ بِالنَّقْصِ أَوْ بِالتَّمَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مَأْمُومِينَ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا الْمَأْمُومَةُ فِي خَبَرِ مَنْ بَلَغَ هَذَا الْمِقْدَارَ .
وَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ التَّمَامَ وَأَخْبَرَ بِعَدَمِهِ فَيَعْمَلُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ وَلَوْ وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ لِحُصُولِ شَكِّهِ بِسَبَبِ إخْبَارِهِ كَشَكِّهِ مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَحٍ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
فَإِنْ كَانَ مُسْتَنْكَحًا يَبْنِي عَلَى التَّمَامِ .
وَلَوْ أَخْبَرَ بِالنَّقْصِ فَيَرْجِعُ لَهُمَا لَا لِوَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ .
وَلَا لِحَمْدِ عَاطِسٍ أَوْ مُبَشِّرٍ وَنُدِبَ تَرْكُهُ ، وَلَا لِجَائِزٍ ، كَإِنْصَاتٍ قَلَّ لِمُخْبِرٍ ، وَتَرْوِيحِ رِجْلَيْهِ ، وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ ، وَإِشَارَةٍ لِسَلَامٍ ، أَوْ حَاجَةٍ .
لَا عَلَى مُشَمِّتٍ : كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ وَبُكَاءٍ تَخَشُّعٍ .
وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ : كَسَلَامٍ عَلَى مُفْتَرِضٍ وَلَا لِتَبَسُّمٍ
( وَلَا ) سُجُودَ ( لِحَمْدِ عَاطِسٍ ) فِي صَلَاتِهِ ( أَوْ ) حَمْدِ ( مُبَشِّرٍ ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فِي صَلَاتِهِ بِمَا يَسُرُّهُ وَلَا فِي اسْتِرْجَاعٍ مِنْ مُصِيبَةٍ أُخْبِرَ بِهَا ( وَنُدِبَ تَرْكُهُ ) أَيْ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَالْمُبَشِّرِ فِي صَلَاتِهِ وَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبنِي لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ .
( وَلَا ) سُجُودَ ( لِجَائِزٍ ) فِعْلَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِهَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا غَالِبًا .
وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَهَذَا إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا لِكُلِّ جَائِزٍ ( كَإِنْصَاتٍ ) أَيْ اسْتِمَاعٍ مِنْ مُصَلٍّ ( قَلَّ ) عُرْفًا ( لِ ) شَخْصٍ ( مُخْبِرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ .
فَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَلَوْ سَهْوًا ، وَإِنْ تَوَسَّطَ سَهْوًا سَجَدَ وَعَمْدًا بَطَلَتْ .
( وَتَرْوِيحِ ) أَيْ إرَاحَةِ إحْدَى ( رِجْلَيْهِ ) أَيْ الْمُصَلِّي بِالِاعْتِمَادِ فِي قِيَامِهِ عَلَى الْأُخْرَى بِدُونِ رَفْعِ الْمِرْوَحَةِ عَنْ الْأَرْضِ فَلَا سُجُودَ لَهُ وَلَوْ طَالَ .
فَإِنْ رَفَعَهَا عَنْهَا جَازَ إنْ لَمْ يُطَوِّلْ وَإِلَّا كُرِهَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فَيُبْطِلُهَا وَلَوْ سَهْوًا ( وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ ) أَيْ الْمُصَلِّي فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ كُرِهَ قَتْلُهَا وَلَا تَبْطُلُ بِانْحِطَاطِهِ لِأَخْذِ شَيْءٍ يَقْتُلُهَا بِهِ فِي الْقِسْمَيْنِ وَمِثْلُ الْعَقْرَبِ الثُّعْبَانُ .
وَيُكْرَهُ قَتْلُ الطَّيْرِ وَالدُّودِ وَالنَّحْلِ وَلَوْ أَرَادَهُ وَإِنْ انْحَطَّ لَهُ بَطَلَتْ .
وَاَلَّذِي أَفَادَهُ الْحَطّ أَنَّ الِانْحِطَاطَ مِنْ قِيَامٍ لِأَخْذِ حَجَرٍ أَوْ قَوْسٍ مِنْ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ سَوَاءٌ كَانَ لِقَتْلِ عَقْرَبٍ أَرَادَتْهُ أَمْ لَا أَوْ لِقَتْلِ طَائِرٍ أَوْ صَيْدٍ فَالتَّعْرِيفُ السَّابِقُ غَيْرُ ظَاهِرٍ .
( أَوْ إشَارَةٍ ) بِيَدٍ أَوْ رَأْسٍ ( لِ ) ابْتِدَاءِ ( سَلَامٍ ) فَتَجُوزُ وَلَا سُجُودَ لَهَا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ .
وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِرَدِّهِ وَاجِبَةٌ وَرَدُّهُ بِاللَّفْظِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا مُبْطِلٌ وَسَهْوًا مُقْتَضٍ لِلسُّجُودِ ( أَوْ ) إشَارَةٍ لِ ( حَاجَةٍ ) وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ جَائِزٍ قَوْلَهُ ( لَا ) الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ ( عَلَى ) شَخْصٍ ( مُشَمِّتٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً فَمَكْرُوهَةٌ .
( وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ السُّجُودِ ) فَقَالَ ( كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ ) أَيْ غَلَبَةِ خُشُوعٍ لَا فِي الْجَوَازِ لِأَنَّ الْوَاقِعَ غَلَبَةً لَا يَتَعَلَّقُ الْجَوَازُ بِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ ، فَلِذَا حَسُنَ تَشْبِيهُهُ لَا عَطْفُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَنِينُ لِوَجَعٍ وَلَا الْبُكَاءُ لِخُشُوعٍ ( فَ ) هُمَا ( كَالْكَلَامِ ) فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَمْدِ الْمُبْطِلِ وَالسَّهْوِ الْمُقْتَضِي السُّجُودَ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيَبْطُلَ .
وَهَذَا فِي الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ وَأَمَّا بِلَا صَوْتٍ فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَ ) ابْتِدَاءِ ( سَلَامٍ ) مِنْ غَيْرِ مُصَلٍّ ( عَلَى ) مُصَلٍّ ( مُفْتَرِضٍ ) وَأَوْلَى عَلَى مُنْتَقِلٍ فَيَجُوزُ ( وَلَا ) سُجُودَ ( لِتَبَسُّمٍ ) قَلِيلٍ أَيْ انْبِسَاطِ وَجْهٍ وَاتِّسَاعِهِ مَعَ ظُهُورِ السُّرُورِ بِلَا صَوْتٍ وَكُرِهَ تَعَمُّدُهُ .
فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا لِأَنَّهُ مِنْ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَإِنْ تَوَسَّطَ بِالْعُرْفِ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَأَبْطَلَ عَمْدُهُ .
وَفَرْقَعَةِ أَصَابِعَ ، وَالْتِفَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ ، وَتَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ ، وَحَكِّ جَسَدِهِ ، وَذِكْرٍ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ .
وَإِلَّا بَطَلَتْ : كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ عَلَى الْأَصَحِّ
( وَ ) لَا سُجُودَ فِي ( فَرْقَعَةِ أَصَابِعَ وَالْتِفَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُمَا مَكْرُوهَانِ إنْ قَلَّا ، فَإِنْ كَثُرَا أَبْطَلَا وَالِالْتِفَاتُ لَهَا جَائِزٌ ( وَ ) لَا فِي ( تَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ ) وَلَوْ مَضَغَهُ لِيَسَارَتِهِ قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَضْغُ فِعْلٌ كَثِيرٌ بِخِلَافِ الْبَلْعِ .
وَلَمْ أَجِدْ فِي أَبِي الْحَسَنِ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ عبق مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ إذَا مَضَغَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَبَلَعَهُ عبق ، وَكَذَا تَعَمُّدُ بَلْعِ لُقْمَةٍ أَوْ تِينَةٍ كَانَتْ فِي فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ رَفَعَ حَبَّةً مِنْ الْأَرْضِ وَابْتَلَعَهَا وَهُوَ فِيهَا بِلَا مَضْغٍ فِيهِمَا وَإِلَّا أَبْطَلَ الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ الصَّلَاةَ .
وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : وَمَنْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ كَفِلْقَةِ الْحَبَّةِ فَابْتَلَعَهُ فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ .
أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ فِلْقَةَ حَبَّةٍ لَيْسَتْ بِأَكْلٍ لَهُ بَالٌ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا ابْتَلَعَهَا فِي الصَّوْمِ فَلَا يُفْطِرُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ ، فَإِذَا كَانَ الصَّوْمُ لَا يَبْطُلُ فَأَحْرَى الصَّلَاةُ ا هـ .
فَاسْتِدْلَالُهُ بِالصَّوْمِ يَدُلُّ عَلَى الْبُطْلَانِ فِي الْمَضْغِ وَفِي بَلْعِ اللُّقْمَةِ أَوْ التِّينَةِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ الصَّوْمِ مَعَ ذَلِكَ .
( وَ ) لَا فِي ( حَكِّ جَسَدِهِ ) وَجَازَ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ وَقَلَّ وَكُرِهَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ .
وَقِيلَ فَإِنْ كَثُرَ وَلَوْ سَهْوًا أَبْطَلَ .
وَإِنْ تَوَسَّطَ أَبْطَلَ عَمْدُهُ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ ( وَ ) لَا فِي ( ذِكْرٍ ) أَيْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَتَسْبِيحٍ ( قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ ) كَأَنْ يُسَبِّحَ حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا لِذَلِكَ أَوْ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَهُوَ يَقْرَأُ { إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمَنِينَ } ، قَاصِدًا بِهِ الْإِذْنَ فِي
الدُّخُولِ أَوْ يَبْتَدِئُهَا عَقِبَ الْفَاتِحَةِ لِذَلِكَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَحَلِّهِ .
( وَلَا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الذِّكْرُ الْمَقْصُودُ بِهِ التَّفْهِيمَ فِي مَحَلٍّ كَكَوْنِهِ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ أَوْ غَيْرِهَا فَيَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَيَنْتَقِلُ إلَى آيَةٍ أُخْرَى لِقَصْدِ التَّفْهِيمِ ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَالصَّلَاةُ كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالْحَوْقَلَةِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ التَّفْهِيمِ بِهَا فِي أَيِّ مَحَلٍّ مِنْهَا ، وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَفَتْحٍ ) مِنْ مُصَلٍّ ( عَلَى مَنْ ) أَيْ قَارِئٍ ( لَيْسَ مَعَهُ ) أَيْ الْمُصَلِّي الْفَاتِحِ ( فِي صَلَاةٍ ) بِأَنْ كَانَ الْقَارِئُ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ فَذًّا فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَصَحِّ ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ .
وَمَفْهُومُهُ أَنَّ فَتْحَهُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِيهَا لَا يُبْطِلُهَا سَوَاءٌ كَانَ إمَامَهُ أَوْ مَأْمُومًا آخَرَ وَاسْتَظْهَرَ سَالِمٌ .
وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ فَتْحَهُ عَلَى مَأْمُومٍ آخَرَ مُبْطِلٌ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ وَلَكِنْ لَا يَعْتَرِضُ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ .
وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ ، وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ : كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ
( وَبَطَلَتْ ) أَيْ الصَّلَاةُ ( بِقَهْقَهَةٍ ) أَيْ ضَحِكٍ بِصَوْتٍ وَلَوْ مِنْ مَأْمُومٍ سَهْوًا وَقَطَعَ الْفَذُّ وَالْإِمَامُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ مُطْلَقًا فِيهِمَا ( وَتَمَادَى ) وُجُوبًا الشَّخْصُ ( الْمَأْمُومُ ) الْمُقَهْقِهُ فِي صَلَاتِهِ مَعَ إمَامِهِ الْبَاطِلَةَ لِحَقِّ الْإِمَامِ وَاحْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ لِحُرْمَتِهَا إذْ قَدْ قِيلَ بِصِحَّتِهَا ( إنْ لَمْ يَقْدِرْ ) الْمَأْمُومُ حَالَ ضَحِكِهِ ( عَلَى التَّرْكِ ) مِنْ ابْتِدَائِهِ إلَى انْتِهَائِهِ ، بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ غَلَبَةً مِنْ أَوَّلِهِ لِآخِرِهِ أَوْ نِسْيَانًا كَذَلِكَ ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَرْكِهِ بِأَنْ ابْتَدَأَهُ مُخْتَارًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا وَأَمْكَنَهُ تَرْكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَمَادَى فِيهِ فَلَا يَتَمَادَى بَلْ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ مَعَ إمَامِهِ وَلَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ الَّتِي ضَحِكَ فِيهَا جُمُعَةً وَإِلَّا قَطَعَهَا وَابْتَدَأَهَا لِئَلَّا تَفُوتَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى تَمَادِيهِ ضَحِكُ غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا ، وَإِلَّا قَطَعَ وَخَرَجَ مِنْهُمْ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَطَعَ وَابْتَدَأَ .
وَشَبَّهَ فِي التَّمَادِي لَا بِقَيْدِ الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَتَكْبِيرِهِ ) أَيْ الْمَأْمُومِ فَقَطْ ( لِلرُّكُوعِ ) فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيهَا رَاكِعًا سَوَاءٌ كَانَتْ أُولَى الْإِمَامِ أَوْ غَيْرَهَا حَالَ كَوْنِ تَكْبِيرِهِ ( بِلَا نِيَّةِ ) تَكْبِيرَةِ ( إحْرَامٍ ) بِأَنْ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ وَنَسِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ نَاوِيًا تَكْبِيرَةَ سُنَّةِ الرُّكُوعِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ كِلَاهُمَا مِنْ شُيُوخِ الْإِمَامِ مَالِكٍ مِنْ التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ عَنْ مَأْمُومِهِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَيُتِمُّهَا مَعَ إمَامِهِ وُجُوبًا .
وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا احْتِيَاطًا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ رَبِيعَةَ مِنْ شُيُوخِ مَالِكٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ
الْإِمَامَ لَا يَحْمِلُهَا عَنْهُ .
وَالْقَرِينَةُ عَلَى قَصْدِ الْمُصَنِّفِ التَّشْبِيهُ فِي التَّمَادِي دُونَ الْبُطْلَانِ عَدَمُ عَطْفِهَا عَلَى بِقَهْقَهَةٍ وَقَرْنُهَا بِكَافِ التَّشْبِيهِ ، وَتَجْرِيدُ الَّتِي تَلِيهَا مِنْ الْبَاءِ ، وَلَمَّا رَجَعَ لِلْعَطْفِ عَلَى بِقَهْقَهَةٍ أَعَادَ الْبَاءَ فَقَالَ وَيَحْدُثُ قَالَهُ الْفِيشِيُّ ، وَفِيهِ أَنَّ عَدَمَ عَطْفِهِمَا وَقَرْنَ أَوَّلِهِمَا بِكَافِ التَّشْبِيهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِمُشَابَهَتِهِمَا الْقَهْقَهَةَ فِي الْإِبْطَالِ مَعَ التَّمَادِي فَلَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ التَّشْبِيهِ فِي خُصُوصِ التَّمَادِي خُصُوصًا .
وَالْأَصْلُ فِي التَّشْبِيهِ كَوْنُهُ تَامًّا نَعَمْ قَوْلُهُ فِي مَبْحَثِ الْفَوَائِتِ لَا مُؤْتَمٌّ فَيُعِيدُ بِوَقْتٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ .
وَجَمْعُ الْأُولَى مَعَهَا يَظْهَرُ مِنْهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُكْمِ عَلَى أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْأُولَى مُشَبَّهَةٌ فِيهِمَا مَعًا ، وَالثَّانِيَةَ فِي التَّمَادِي فَقَطْ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَوَائِتِ .
وَقَالَ عج التَّشْبِيهُ فِي الْبُطْلَانِ وَالتَّمَادِي مَعًا وَيُعِيدُهَا أَبَدًا وُجُوبًا لِحَقِّ الْإِمَامِ وَاحْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي قِيلَ بِصِحَّتِهَا .
الْعَدَوِيُّ هَذَا هُوَ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خِلَافٌ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِ الْفِيشِيِّ وعج عَلَى وُجُوبِ التَّمَادِي وَالْإِعَادَةِ أَبَدًا .
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الصُّورَةَ هُنَا جَمِيعًا لِلنَّظَائِرِ وَسَيُعِيدُهَا فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ : وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ ، وَخُصَّتْ بِالْمَأْمُومِ .
وَإِنْ أَمْكَثَ فِي الْفَذِّ وَالْإِمَامِ الَّذِي سَقَطَتْ الْفَاتِحَةُ عَنْهُ لِعَدَمِ مَنْ يُعَلِّمُهُ إيَّاهَا أَوْ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْهُ أَوْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ وُجُوبًا وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْفَذُّ فَيَقْطَعَانِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ .
وَذِكْرِ فَائِتَةٍ ، وَبِحَدَثٍ ، وَبِسُجُودِهِ لِفَضِيلَةٍ أَوْ لِتَكْبِيرَةٍ .
( وَذِكْرِ ) أَيْ تَذَكُّرِ صَلَاةٍ ( فَائِتَةٍ ) يَسِيرَةٍ يُقَدَّمُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْحَاضِرَةِ مِنْ مَأْمُومٍ خَلْفَ إمَامٍ فِي الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ لِحَقِّ الْإِمَامِ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ قَضَاءِ الْيَسِيرِ وَالْحَاضِرَةِ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ .
وَكَذَا مُتَذَكِّرٌ أُولَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي ثَانِيَتِهِمَا خَلْفَ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى التَّحْقِيقِ أَنَّ تَرْتِيبَهُمَا بِالذِّكْرِ فِي الْأَثْنَاءِ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ أَيْضًا .
وَأَمَّا عَلَى خِلَافِهِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ بِالذِّكْرِ فِيهِ فَالتَّمَادِي عَلَى بَاطِلِهِ لِحَقِّ الْإِمَامِ ، وَاحْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي قِيلَ بِصِحَّتِهَا قَوْلًا قَوِيًّا .
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِ ) حُصُولِ ( حَدَثٍ ) أَيْ نَاقِضٍ فِيهَا غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا لِفَذٍّ أَوْ مَأْمُومٍ أَوْ إمَامٍ وَلَا يَسْرِي الْبُطْلَانُ لِصَلَاةِ مَأْمُومِيهِ فَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَكَمَّلَ بِهِمْ أَوْ عَمِلَ عَمَلًا بَعْدَ حَدَثِهِ وَاتَّبَعُوهُ فِيهِ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ أَيْضًا كَتَعَمُّدِهِ النَّاقِضَ .
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِسُجُودِهِ ) أَيْ الْمُصَلِّي قَبْلَ سَلَامِهِ ( لِ ) تَرْكِ ( فَضِيلَةٍ ) وَلَوْ كَثُرَتْ ( أَوْ لِ ) تَرْكِ سُنَّةٍ خَفِيفَةٍ ( كَتَكْبِيرَةٍ ) وَاحِدٌ مِنْ تَكْبِيرٍ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَأَمَّا تَكْبِيرُ الْعِيدِ الَّذِي بَيْنَ إحْرَامِهِ أَوْ قِيَامِهِ وَقِرَاءَتِهِ ، فَيُؤْمَرُ بِالسُّجُودِ لِتَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْهُ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، وَتَبْطُلُ بِسُجُودِهِ لِتَرْكِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يَسْجُدُ لِلْفَضِيلَةِ إلَخْ ، فَلَا تَبْطُلُ .
وَيَجِبُ سُجُودُهُ مَعَ إمَامِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ .
وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي حُكْمِهِ بِالْبُطْلَانِ بِسُجُودِهِ لِفَضِيلَةٍ أَوْ تَكْبِيرَةٍ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَدْ نَصَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ لِتَرْكِ فَضِيلَةٍ أَعَادَ أَبَدًا .
وَكَذَا قَالُوا فِي الْمَشْهُورِ إذَا سَجَدَ قَبْلَهُ لِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ا
هـ .
وَتَعَقَّبَهُ الْبُنَانِيُّ بِأَنَّ السُّجُودَ لِلْفَضِيلَةِ فِيهِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ ، وَصَدَّرَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَالسُّجُودِ لِتَرْكِ التَّكْبِيرَةِ قَبْلَهُ .
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ أَعْلَمُ مَنْ قَالَ بِإِبْطَالِهِ .
وَقَالَ سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ إنَّمَا وَقَفْت عَلَى الْخِلَافِ فِي السُّجُودِ لِلتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ إبْطَالُهُ خُصُوصًا مَعَ الْقَوْلِ بِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ نَرَ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْبُطْلَانِ بِالسُّجُودِ لِتَكْبِيرَةٍ ا هـ .
قُلْت مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ كَيْفَ يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ مَعَ قَوْلِ الثِّقَةِ نَصَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ ، وَكَذَا قَالُوا فِي الْمَشْهُورِ .
وَبِمُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ ، وَعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِ ) شَيْءٍ ( مُشْغِلٍ ) أَيْ مَانِعٍ الْمُصَلِّي ( عَنْ فَرْضٍ ) كَرُكُوعٍ مِنْ حَقْنٍ أَوْ قَرْقَرَةٍ أَوْ غَثَيَانٍ أَوْ حَمْلِ شَيْءٍ بِفَمٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْفَرْضِ أَصْلًا أَوْ بِدُونِ مَشَقَّةٍ ، وَدَامَ الْمُشْغِلُ .
فَإِنْ حَصَلَ وَزَالَ فَلَا يُعِيدُ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ ( وَ ) بِمُشْغِلٍ ( عَنْ سُنَّةٍ ) مِنْ السُّنَنِ الثَّمَانِيَةِ الْمُؤَكَّدَاتِ ( يُعِيدُ ) نَدْبًا ( فِي الْوَقْتِ ) الَّذِي هُوَ بِهِ اخْتِيَارِيًّا كَانَ أَوْ ضَرُورِيًّا ، وَهَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْقَطْعِ قَالَهُ الْبَدْرُ .
وَأَمَّا مَنْ تَرَكَ سُنَّةً غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ فَضِيلَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ تَرَكَهَا بِمُشْغِلٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
وَبِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ : كَرَكْعَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ .
وَبِتَعَمُّدٍ : كَسَجْدَةٍ ، أَوْ نَفْخٍ ، أَوْ أَكْلٍ ، أَوْ شُرْبٍ ، أَوْ قَيْءٍ ، أَوْ كَلَامٍ ، وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى ، إلَّا لِإِصْلَاحِهَا فَبِكَثِيرِهِ
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ ) مِنْ الرَّكَعَاتِ مُتَيَقِّنَةٍ سَهْوًا فَإِنْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ سَجَدَ اتِّفَاقًا وَلَوْ فِي ثُلَاثِيَّةٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ تَبْطُلُ الثُّلَاثِيَّةُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا .
وَقِيلَ بِزِيَادَةِ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَقْدُ هُنَا بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ ثَامِنَةِ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ سَابِعَةِ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رَابِعَةِ ثُنَائِيَّةٍ بَطَلَتْ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِبْطَالِ فَقَالَ ( كَ ) زِيَادَةِ ( رَكْعَتَيْنِ ) سَهْوًا ( فِي ) الصَّلَاةِ ( الثُّنَائِيَّةِ ) أَصَالَةً كَجُمُعَةٍ وَصُبْحٍ لَا مَقْصُورَةً فَبِأَرْبَعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ يَوْمِهَا وَأَنَّ الْمَقْصُورَةَ شُرِعَتْ أَوَّلًا أَرْبَعًا .
وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ ، وَأَنَّ الْمَقْصُورَةَ شُرِعَتْ أَوَّلًا رَكْعَتَيْنِ فَيُبْطِلُهَا زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ وَتَبْطُلُ زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا النَّقْلَ الْمُحَدَّدَ كَفَجْرٍ وَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ .
وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ الرُّكُوعَ فِيهِمَا وَالنَّفَلُ غَيْرُ الْمَحْدُودِ لَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ لِقَوْلِهِمْ إنْ قَامَ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا يَرْجِعُ وَلَمْ يُكْمِلْهَا سَادِسَةً وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ .
وَبِتَعَمُّدِ ) زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ ( كَسَجْدَةٍ ) فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ مَحْدُودٍ كَوِتْرٍ وَانْظُرْ غَيْرَهُ قَالَهُ عج لَا قَوْلِي كَتَكْرِيرِ فَاتِحَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَبْطُلُ ( أَوْ ) بِتَعَمُّدِ ( نَفْخٍ ) بِفَمٍ وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ حَرْفٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ لَا يُبْطِلُهَا مُطْلَقًا .
وَقِيلَ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفٌ لَا بِأَنْفٍ مَا لَمْ يُكْثِرْ أَوْ يَقْصِدْ عَبَثًا فِيمَا يَظْهَرُ .
وَفِي النَّوَادِرِ يَتَمَادَى الْمَأْمُومُ عَلَى بَاطِلَةٍ إنْ نَفَخَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَيَقْطَعُ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ .
( أَوْ ) بِتَعَمُّدِ ( أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ ) وَلَوْ بِأَنْفٍ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِإِنْفَاذِ نَفْسِهِ وَوَجَبَ الْقَطْعُ لَهُ .
وَلَوْ خَافَ خُرُوجَ
الْوَقْتِ ( أَوْ ) بِتَعَمُّدِ ( قَيْءٍ ) أَوْ قَلْسٍ وَلَوْ مُجَرَّدَ مَاءٍ ( أَوْ ) بِتَعَمُّدِ ( كَلَامٍ ) أَجْنَبِيٍّ لِغَيْرِ إصْلَاحِهَا وَلَوْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ أَوْ صَوْتٍ سَاذَجٍ اخْتِيَارًا وَلَمْ يَجِبْ بَلْ ( وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى ) مِنْ الْهَلَاكِ أَوْ شِدَّةِ الْأَذَى وَتَرْجِعُ الْمُبَالَغَةُ لِقَوْلِهِ وَبِتَعَمُّدٍ كَسَجْدَةٍ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ لِإِجَابَةِ وَالِدٍ أَعْمَى أَصَمَّ فِي نَافِلَةٍ فَيَجِبُ قَطْعُهَا وَإِجَابَتُهُ .
وَإِنْ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ وَالِدُهُ الْمُنَادِي لَيْسَ أَعْمَى أَصَمَّ فَيُخَفِّفُ وَيُسَلِّمُ وَيُجِيبُهُ وَإِجَابَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيًّا وَمَيِّتًا لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى الرَّاجِحِ .
( إلَّا ) تَعَمُّدَ الْكَلَامِ ( لِإِصْلَاحِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( فَ ) لَا تَبْطُلُ إلَّا ( بِكَثِيرِهِ ) وَكَذَا بِكَثِيرِ سَهْوِهِ كَكُلِّ كَثِيرٍ سَهْوًا
وَبِسَلَامٍ ، وَأَكْلٍ ، وَشُرْبٍ ، وَفِيهَا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ ، وَهَلْ اخْتِلَافٌ أَوْ لَا لِلسَّلَامِ فِي الْأُولَى أَوْ لِلْجَمْعِ ؟ تَأْوِيلَانِ
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِسَلَامٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ ) سَهْوًا لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ .
وَإِنْ انْصَرَفَ حِينَ سَلَّمَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ ابْتَدَأَ .
وَإِنْ لَمْ يُطِلْ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي أَبُو الْحَسَنِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهَا حِينَ سَلَّمَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ .
( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي ( إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ ) سَهْوًا ( انْجَبَرَ ) بِالسُّجُودِ وَنَصُّ مَا فِي الْكِتَابِ الثَّانِي وَمَنْ تَكَلَّمَ أَوْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ شَرِبَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ ( وَهَلْ ) بَيْنَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ ( اخْتِلَافٌ ) نَظَرًا لِحُصُولِ الْمُنَافِي فِي الصُّورَتَيْنِ وَقَطَعَ النَّظَرَ عَنْ اتِّحَادِهِ وَتَعَدُّدِهِ ، وَعَنْ كَوْنِهِ السَّلَامُ أَوْ غَيْرُهُ مَعَ الْحُكْمِ فِي الْأَوَّلِ بِالْإِبْطَالِ ، وَفِي الثَّانِي بِعَدَمِهِ ( أَوْ لَا ) اخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْحَقُّ وَيُوَفِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ حُكْمَهُ بِالْبُطْلَانِ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ ( لِ ) حُصُولِ ( السَّلَامِ فِي ) الصُّورَةِ ( الْأُولَى ) الَّتِي فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ مَعَ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا عَلَى رِوَايَةِ أَوْ وَعَدَمُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ الثَّانِي لِعَدَمِ حُصُولِ السَّلَامِ فِيهَا .
الثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الْأُولَى ( لِلْجَمْعِ ) بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ مُنَافِيَاتٍ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ وَشَيْئَيْنِ مُنَافِيَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ أَوْ وَعَدَمُهُ فِي الثَّانِي لِاتِّحَادِ الْمُنَافِي ( تَأْوِيلَاتٌ ) ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ بِالْخِلَافِ وَاثْنَانِ بِالْوِفَاقِ ، فَإِنْ حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ أَوْ سَلَامٌ مَعَ أَحَدِهِمَا اتَّفَقَ الْمُوَفِّقَانِ عَلَى الْبُطْلَانِ .
وَإِنْ حَصَلَ وَاحِدٌ مِنْهَا اتَّفَقَا عَلَى الصِّحَّةِ .
وَإِنْ حَصَلَ أَكْلٌ وَشُرْبٌ اخْتَلَفَا فِيهِمَا .
وَالْقَائِلُ بِالْخِلَافِ يُجْرِيهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَتَعْلِيلُ الْبُطْلَانِ فِي الْكِتَابِ
الْأَوَّلِ بِكَثْرَةِ الْمُنَافِي يُضْعِفُ التَّأْوِيلَ بِالْخِلَافِ ، وَالتَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ بِحُصُولِ السَّلَامِ .
وَيُرَجَّحُ التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ بِالْجَمْعِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .
وَبِانْصِرَافٍ لِحَدَثٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ : كَمُسْلِمٍ شَكَّ فِي الْإِتْمَامِ ثُمَّ ظَهَرَ الْكَمَالُ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَبِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا أَوْ قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً وَإِلَّا سَجَدَ ، وَلَوْ تَرَكَ إمَامَهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مُوجَبَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ ، وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْرَةِ ، وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ ، لَا أَقَلَّ ، فَلَا سُجُودَ ، وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي صَلَاةٍ وَبَطَلَتْ : فَكَذَا كَرِهَا ، وَإِلَّا ؛ فَكَبَعْضٍ .
فَمِنْ فَرْضٍ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ بَطَلَتْ ، وَأَتَمَّ النَّفَلَ وَقَطَعَ غَيْرَهُ
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِانْصِرَافٍ ) أَيْ إعْرَاضٍ عَنْ صَلَاتِهِ بِنِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَتَحَوَّلْ مِنْ مَكَانِهِ ( لِ ) ذِكْرِ ( حَدَثٍ ) أَوْ إحْسَاسٍ بِهِ ( ثُمَّ تَبَيَّنَ ) أَيْ ظَهَرَ ( نَفْيُهُ ) أَيْ عَدَمُ الْحَدَثِ فَيَبْتَدِئُهَا وَلَا يَبْنِي وَلَوْ قَرُبَ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بَيَّنَ بِغَيْرِهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَ ) شَخْصٍ ( مُسَلِّمٍ ) عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً مِنْ صَلَاتِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ ( شَكَّ ) حَالَ سَلَامِهِ ( فِي الْإِتْمَامِ ) وَعَدَمِهِ وَأَوْلَى سَلَامُهُ مُعْتَقِدًا عَدَمَهُ .
( ثُمَّ ظَهَرَ ) لَهُ ( الْكَمَالُ ) لِصَلَاتِهِ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا شَاكًّا لِتَبْطُلَ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَظْهَرِ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ لِمُخَالَفَتِهِ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَقَلِّ الْمُتَيَقَّنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَأَوْلَى ظُهُورُ النَّقْصِ أَوْ بَقَاءُ شَكِّهِ بِحَالِهِ وَهُوَ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ لَا مَا قَابَلَ الْجَزْمَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ السَّلَامَ مَعَ ظَنِّ الْكَمَالِ مُبْطِلٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، كَمَا أَفَادَهُ الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ ظَهَرَ الْكَمَالُ لَا تَبْطُلُ .
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِسُجُودِ ) الشَّخْصِ الْمَأْمُومِ ( الْمَسْبُوقِ ) عَمْدًا أَوْ جَهْلًا ( مَعَ الْإِمَامِ ) قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ سُجُودًا ( بَعْدِيًّا ) مُطْلَقًا ( أَوْ ) سُجُودًا ( قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ ) الْمَأْمُومُ مَعَهُ ( رَكْعَةً ) بِسَجْدَتَيْهَا لِإِدْخَالِهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَحِقَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بَيَانٌ لِمَفْهُومِ إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ ( سَجَدَ ) الْمَسْبُوقُ وُجُوبًا الْقَبْلِيَّ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ سَجَدَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ كَشَافِعِيٍّ يَرَى تَقْدِيمَ السُّجُودِ مُطْلَقًا .
فَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَهُ فَهَلْ يَفْعَلُهُ مَعَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ ، وَهَذَا
أَفَادَهُ آخِرَ كَلَامِ كَرِيمِ الدِّينِ وَضُعِّفَ ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْقَضَاءِ قَبْلَ سَلَامِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا أَفَادَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَأَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ ، أَوْ إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَعَلَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ وَهَذَا لِأَبِي مَهْدِيٍّ وَارْتَضَاهُ ابْنُ نَاجِي وَبَعْضُ مَنْ لَقِيَهُ تَرَدَّدَ الْعَدَوِيُّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ .
وَيَسْجُدُ الْمَسْبُوقُ الْمُدْرِكُ رَكْعَةَ الْقَبْلِيِّ قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ سَجَدَهُ إمَامُهُ وَأَدْرَكَ مُوجِبَهُ بَلْ .
( وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ ) السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ سَهْوًا أَوْ رَأْيًا أَوْ عَمْدًا ( أَوْ لَمْ يُدْرِكْ ) الْمَسْبُوقُ ( مُوجِبَهُ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ وَسَجَدَهُ الْمَسْبُوقُ وَهُوَ لِتَرْكِ ثَلَاثِ سُنَنٍ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ فَتُزَادُ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَاعِدَةِ كُلِّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى مَأْمُومِهِ .
( وَأَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمَسْبُوقُ الْمُدْرِكُ رَكْعَةَ وُجُوبًا السُّجُودَ ( الْبَعْدِيَّ ) عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَفْعَلُهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَهُ .
فَإِنْ فَعَلَهُ مَعَهُ قَبْلَهُ بَطَلَتْ لِإِدْخَالِهِ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ .
وَقَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ هُوَ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَى السَّلَامِ لَا فِي خِلَالِهَا أَوْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَقُومَ لِلْقَضَاءِ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ تَشَهُّدِ الْبَعْدِيِّ ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ سَهْوٌ بِنَقْصٍ فِي الْقَضَاءِ غَلَبَهُ عَلَى زِيَادَةِ إمَامِهِ وَسَجَدَ لَهُمَا قَبْلَ سَلَامِهِ وَإِلَّا سَجَدَهُ بَعْدَهُ .
( وَ ) إنْ سَهَا الْمَأْمُومُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ بِهِمَا مَعًا حَالَ اقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ فَ ( لَا سَهْوَ ) أَيْ لَا سُجُودَ لَهُ ( عَلَى مُؤْتَمٍّ ) سَهَا ( حَالَةَ الْقَدْوَةِ ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ .
وَلَوْ نَوَى عَدَمَ
حَمْلِهِ عَنْهُ وَمَفْهُومُ حَالَةِ الْقَدْوَةِ أَنَّهُ إنْ سَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِهَا بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَقِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ فَعَلَيْهِ السُّجُودُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِتَرْكِ ) سُجُودٍ ( قَبْلِيٍّ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَنْسُوبٌ إلَى قَبْلَ أَيْ مَطْلُوبٌ قَبْلَ السَّلَامِ ( عَنْ ) تَرْكِ ( ثَلَاثِ سُنَنٍ ) كَثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ وَكَتَرْكِ السُّورَةِ ( وَطَالَ ) الزَّمَنُ أَوْ حَصَلَ مُنَافٍ كَحَدَثٍ وَكَلَامٍ وَمُلَابَسَةِ نَجَسٍ وَاسْتِدْبَارٍ عَمْدًا إنْ كَانَ تَرَكَهُ سَهْوًا .
وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ وَقَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ أَخَّرَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْرِضْ عَنْهُ بِأَنْ نَوَى سُجُودَهُ عَقِبَ السَّلَامِ ( لَا ) تَبْطُلُ بِتَرْكِ قَبْلِيٍّ تَرَتَّبَ عَنْ تَرْكِ ( أَقَلَّ ) مِنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ بِأَنْ كَانَ عَنْ تَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ ، وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ وَطَالَ ( فَلَا سُجُودَ ) عَلَيْهِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِارْتِبَاطِهِ بِالصَّلَاةِ وَتَبَعِيَّتُهُ لَهَا وَحَقُّ التَّابِعِ لُحُوقُ مَتْبُوعِهِ بِالْقُرْبِ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْجُدُهُ وَإِنْ طَالَ وَمَفْهُومُ قَبْلِيٍّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِتَرْكِ بَعْدِيٍّ وَلَوْ طَالَ ، وَيَسْجُدُهُ مَتَى ذَكَرَهُ .
( وَإِنْ ذَكَرَهُ ) أَيْ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ تَرْكِ ثَلَاثِ سُنَنٍ ( فِي صَلَاةٍ ) شُرِعَ فِيهَا ( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ ( بَطَلَتْ ) الصَّلَاةُ الْأُولَى بِطُولِ الزَّمَنِ بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَشُرُوعِهِ فِي الَّتِي ذُكِرَ السُّجُودُ فِيهَا ( فَ ) حُكْمُهُ ( كَ ) حُكْمِ ( ذَاكِرِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ الْأُولَى الَّتِي بَطَلَتْ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مِنْ قَطْعِ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ ، وَشَفَعَهُ إنْ رَكَعَ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ لَحِقَ إمَامَهُ وَإِعَادَتُهُ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ فِعْلِ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَتَا مُشْتَرَكَتَيْنِ أَمْ لَا عَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّ تَرْتِيبَ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ لَيْسَ شَرْطًا بِالذِّكْرِ فِي الْأَثْنَاءِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ الْأُولَى لِعَدَمِ الطُّولِ بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَشُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ ( فَ
) حُكْمُهُ ( كَ ) حُكْمِ ذَاكِرِ ( بَعْضٍ ) مِنْ صَلَاةٍ كَرُكُوعٍ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَأَقْسَامُهُ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ الْأُولَى إمَّا فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ ( فَ ) إنْ كَانَ تَرَكَ الْقَبْلِيَّ أَوْ الْبَعْضَ ( مِنْ فَرْضٍ ) وَتَذَكَّرَهُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَ ( إنْ ) كَانَ ( أَطَالَ الْقِرَاءَةَ ) فِي الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا بِأَنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
أَوْ فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ عَلَى مُقَابِلِهِ قَبْلَ ذِكْرِ الْبَعْضِ أَوْ الْقَبْلِيِّ .
( أَوْ ) لَمْ يُطِلْ الْقِرَاءَةَ وَ ( رَكَعَ ) بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ بِلَا قِرَاءَةٍ كَمَسْبُوقِ وَأُمِّيٍّ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ ( بَطَلَتْ ) أَيْ الصَّلَاةُ الْمَتْرُوكُ رُكْنُهَا أَوْ قَبَلَيْهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ إصْلَاحِهَا ( وَأَتَمَّ ) وُجُوبًا ( النَّفَلَ ) الَّذِي شَرَعَ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الْأُولَى لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا عَقِبَ إتْمَامِهِ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهُ أَمْ لَا أَوْ ضَاقَ وَكَانَ قَدْ أَتَمَّ رَكْعَةً مِنْهُ بِسَجْدَتَيْهَا وَإِلَّا قَطَعَهُ وَابْتَدَأَ الْأُولَى .
( وَقَطَعَ ) الْمُصَلِّي ( غَيْرَهُ ) أَيْ النَّفْلِ وَهُوَ الْفَرْضُ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ بِسَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَحْصِيلِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ وَالْحَاضِرَةِ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ فِي الْقَطْعِ ، وَتَمَادَى إنْ كَانَ مَأْمُومًا لَحِقَ إمَامَهُ .
وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَإِلَّا رَجَعَ بِلَا سَلَامٍ ، وَمِنْ نَقْلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى : كَفَى نَفْلٌ إنْ أَطَالَهَا أَوْ رَكَعَ ، وَهَلْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ ، أَوْ لَا وَلَا سُجُودَ ؟ خِلَافٌ
( وَنُدِبَ ) لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ ( الْإِشْفَاعُ ) أَيْ السَّلَامُ عَلَى شَفْعٍ لَوْ بِصُبْحٍ وَجُمُعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ ( إنْ عَقَدَ ) أَيْ الْمُصَلِّي ( رَكْعَةً ) بِسَجْدَتَيْهَا وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَطَعَ لِأَنَّ الْفَرْضَ يُعَادُ بِخِلَافِ النَّفْلِ ( وَإِلَّا ) أَيْ إنْ لَمْ يُطِلْ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَرْكَعْ فِيمَا شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ ذِكْرِ الْبَعْضِ أَوْ الْقَبْلِيِّ ( رَجَعَ ) وُجُوبًا لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ الْأُولَى الَّتِي تَرَكَ مِنْهَا الرُّكْنَ أَوْ الْقَبْلِيَّ ( بِلَا سَلَامٍ ) مِنْ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا فَإِنْ سَلَّمَ مِنْهَا بَطَلَتْ الْأُولَى .
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ أَخَّرَ فَمَحْمُولٌ عَلَى تَأْخِيرِهِ مِنْ السَّلَامِ مِنْ الْأُولَى وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِيَةِ فَيَكْثُرُ الْمُنَافِي .
( وَ ) إنْ ذَكَرَ الْبَعْضَ أَوْ الْقَبْلِيَّ الْمُبْطِلَ تَرَكَهُ ( مِنْ نَقْلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى ) فِي الْفَرْضِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ مُطْلَقًا .
وَشَبَّهَ فِي التَّمَادِي فَقَالَ ( كَ ) ذِكْرِ بَعْضٍ أَوْ قَبْلِيٍّ مِنْ نَفْلٍ ( فِي نَفْلٍ ) وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ مِنْ الْمَذْكُورِ مِنْهُ ( إنْ أَطَالَهَا ) أَيْ الْقِرَاءَةَ فِي النَّفْلِ الثَّانِي ( أَوْ رَكَعَ ) وَإِلَّا رَجَعَ لِإِصْلَاحِ الْأَوَّلِ بِلَا سَلَامٍ وَلَوْ أَخَفَّ مِنْ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فِي إصْلَاحِ الرُّكْنِ ، وَقَبْلَهُ فِي تَدَارُكِ الْقَبْلِيِّ لِاجْتِمَاعِ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ وَلَا يَقْضِي النَّفَلَ الثَّانِيَ لِعَدَمِ تَعَمُّدِ إبْطَالِهِ .
( وَهَلْ ) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ ( بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ ) مُؤَكَّدَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا دَاخِلَةِ الصَّلَاةِ أَيْ جِنْسِهَا الصَّادِقِ بِمُتَعَدِّدٍ وَمِثْلُهَا سُنَّتَانِ خَفِيفَتَانِ دَاخِلَتَانِ مِنْ فَذٍّ وَإِمَامٍ ( أَوْ لَا ) تَبْطُلُ قَالَهُ سَنَدٌ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَحَلُّ الْخِلَافِ السُّنَّةُ الْوَاحِدَةُ ، وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَتَرْكُهُ عَمْدًا مُبْطِلٌ اتِّفَاقًا ( وَلَا سُجُودَ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِجَبْرِ السَّهْوِ نَعَمْ يَسْتَغْفِرُ أَيْ يَتُوبُ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ الْأَوَّلِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ
وَاللَّخْمِيُّ وَالثَّانِي لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ لِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ .
وَضَعَّفَ الْأَوَّلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَشَنَّعَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ فَرْقٌ .
وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا كَالْفَاتِحَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْجُلِّ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَتَبْطُلُ بِتَرْكِهَا اتِّفَاقًا أَفَادَهُ عبق الْبُنَانِيُّ فِي حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ نَظَرٌ ، فَقَدْ قَالَ الْقَلْشَانِيُّ وَعَلَى وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْأَكْثَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هِيَ سُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهَا سَهْوًا قَبْلُ ، وَيَخْتَلِفُ إذَا تَرَكَهَا عَمْدًا هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ أَوْ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا ا هـ .
فَإِنْ قِيلَ السُّجُودُ الْقَبْلِيِّ سُنَّةٌ وَقَدْ قَالُوا إذَا تَرَكَهُ سَهْوًا وَطَالَ بَطَلَتْ وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ وَلَمْ يَحْكُوا فِيهِ الْخِلَافَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ رَاعَوْا الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى شَاذٍّ .
وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ : كَشَرْطٍ وَتَدَارَكَهُ ، إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا : وَهُوَ رَفْعُ رَأْسٍ ، إلَّا لِتَرَك رُكُوعٍ ، فَبِالِانْحِنَاءِ : كَسِرٍّ وَتَكْبِيرِ عِيدٍ ، وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ ، وَذِكْرِ بَعْضٍ ، وَإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا ، وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ بِإِحْرَامٍ ، وَلَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ ، وَجَلَسَ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ التَّشَهُّدَ ، وَسَجَدَ إنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ وَرَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ ، وَلَا سُجُودَ .
وَإِلَّا فَلَا .
وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ وَلَوْ اسْتَقَلَّ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ وَسَجَدَ بَعْدَهُ : كَنَفْلٍ لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَتَهُ ، وَإِلَّا كَمَّلَ أَرْبَعًا وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا ، وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِتَرْكِ رُكْنٍ ) سَهْوًا ( وَطَالَ ) الزَّمَنُ وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ فَقَالَ ( كَ ) تَرْكِ ( شَرْطٍ ) لِصِحَّتِهَا مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ مُطْلَقًا وَطَهَارَةِ خَبَثٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ إنْ ذَكَرَ ، وَقَدَّرَ فِي الثَّلَاثَةِ وَإِنْ سَهَا عَنْ رُكْنٍ ( وَ ) لَمْ يَطُلْ ( تَدَارُكُهُ ) أَيْ فَعَلَ الْمُصَلِّي الرُّكْنَ ( إنْ لَمْ يُسَلِّمْ ) مِنْ الْأَخِيرَةِ مُعْتَقِدًا كَمَالَ صَلَاتِهِ بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَصْلًا أَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَلَطًا فَيَأْتِي بِالرُّكْنِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ ، فَإِنْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَاتَ تَدَارُكُهُ لِأَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ حَصَلَ بَعْدَ رَكْعَةٍ فِيهَا خَلَلٌ فَأَشْبَهَ عَقْدَ رَكْعَةٍ بَعْدَهَا فَيَبْنِي إنْ قَرُبَ سَلَامُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَجْلِسَ وَيَنْوِيَ إكْمَالَ الصَّلَاةِ وَيُكَبِّرَ تَكْبِيرَةَ إحْرَامٍ رَافِعًا يَدَيْهِ مَعَهَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَقُومَ فَيَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ أَخِيرَةٍ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ بَعْدَهُ ، فَإِنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ هَذَا إنْ تَرَكَ الرُّكْنَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ .
( وَ ) إنْ سَهَا عَنْ رُكْنٍ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ تَدَارَكَهُ إنْ ( لَمْ يَعْقِدْ ) تَارِكُهُ ( رُكُوعًا ) مِنْ رَكْعَةٍ أَصْلِيَّةٍ تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ ، فَإِنْ عَقَدَهُ فَاتَ تَدَارُكُهُ ، فَإِنْ كَانَ التَّرْكُ مِنْ الْأُولَى بَطَلَتْ وَنَابَتْ عَنْهَا الْمَعْقُودَةُ فَتَرْجِعُ الثَّانِيَةُ أُولَى ، وَخَرَجَ بِأَصْلِيَّةٍ عَقْدُ رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ كَخَامِسَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ ، وَرَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ ، وَثَالِثَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ ، وَثَانِيَةٍ فِي أُحَادِيَّةٍ ، فَلَا يَمْنَعُ عَقْدُ تَدَارُكِ رُكْنِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ شَرْعًا فَهِيَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَيُكْمِلُ الرَّكْعَةَ النَّاقِصَةَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ .
( وَهُوَ ) أَيْ عَقْدُ الرُّكُوعِ الْمُفِيتُ تَدَارُكَ الرُّكْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ( رَفْعُ رَأْسٍ ) مِنْ الرُّكُوعِ مَعَ
الِاعْتِدَالِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فَالرَّفْعُ بِلَا اعْتِدَالٍ أَوْ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ لَيْسَ عَقْدًا .
وَقَالَ أَشْهَبُ مُجَرَّدُ الِانْحِنَاءِ لِحَدِّ الرُّكُوعِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عَشْرِ مَسَائِلَ أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ ) مِنْ رَكْعَةٍ سَهْوًا ( فَ ) يَفُوتُ تَدَارُكُهُ ( بِالِانْحِنَاءِ ) لِرُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ فِيهِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ شب يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الِانْحِنَاءِ بِقُرْبِ رَاحَتَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ ، وَأَمَّا تَرْكُ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَلَا يُفِيتُهُ إلَّا رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ رُكُوعِ التَّالِيَةِ .
فَإِنْ ذَكَرَهُ مُنْحَنِيًا فِي رُكُوعِ التَّالِيَةِ رَفَعَ بِنِيَّةِ رَفْعِ رَكْعِ السَّابِقَةِ وَأَعَادَ السُّجُودَ لِبُطْلَانِهِ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الرَّفْعِ .
وَشَبَّهَ فِي الْفَوَاتِ بِالِانْحِنَاءِ فَقَالَ ( كَ ) تَرْكِ ( سِرٍّ ) بِمَحَلِّهِ مِنْ فَرْضِ سَهْوٍ أَوْ أَبْدَلَهُ بِمَا زَادَ عَلَى أَدْنَى جَهْرٍ وَلَمْ يَتَذَكَّرْهُ حَتَّى انْحَنَى لِرُكُوعِ نَفْسِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَرَكَ مِنْهَا السِّرَّ ، فَلَا يَرْجِعُ لَهُ وَإِنْ رَجَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِرُجُوعِهِ مِنْ فَرْضٍ لِسُنَّةٍ وَمِثْلُهُ تَرْكُ الْجَهْرِ وَإِبْدَالُهُ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ وَالسُّورَةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْفَاتِحَةِ بِفَرْضٍ .
( وَ ) تَرْكِ جِنْسِ ( تَكْبِيرِ ) صَلَاةِ ( عِيدِ ) فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى أَيْ التَّكْبِيرِ بَيْنَ الْإِحْرَامِ أَوْ الْقِيَامِ مِنْ الْأُولَى وَالْقِرَاءَةِ سَهْوًا فَيَفُوتُ تَدَارُكُهُ بِانْحِنَائِهِ لِرُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَرَكَ تَكْبِيرَهَا ، وَسَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ لِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ .
( وَ ) تَرَكَ ( سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ ) سَهْوًا فَتَفُوتُ بِانْحِنَائِهِ لِرُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَرَأَ فِيهَا آيَةَ السَّجْدَةِ ، إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَفْلًا أَعَادَ الْآيَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ وَهَلْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا فَلَا يُعِيدُهَا فِي الثَّانِيَةِ .
( وَذَكَرَ ) أَيْ تَذَكَّرَ ( بَعْضَ ) أَيْ رُكْنَ أَوْ
قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثٍ تَرَكَهُ سَهْوًا مِنْ صَلَاةٍ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى أَحْرَمَ بِهَا عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْأُولَى فَيَفُوتُ بِانْحِنَائِهِ لِرُكُوعِ الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ الرُّكْنُ أَوْ الْقَبْلِيُّ مِنْ فَرْضٍ وَذَكَرَهُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ مِنْ نَفْلٍ .
وَذَكَرَهُ فِي نَفْلٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ نَفْلٍ وَذَكَرَهُ فِي فَرْضٍ فَاتَ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ كَمَا تَقَدَّمَ .
( وَ ) كَ ( إقَامَةِ مَغْرِبٍ ) لِصَلَاةِ رَاتِبٍ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الشَّخْصِ الْمُكَلَّفِ ( وَهُوَ ) مُتَلَبِّسٌ ( بِ ) صِلَاتِ ( هَا ) أَيْ الْمَغْرِبِ فَذًّا فِي مَحَلِّ الرَّاتِبِ فَيَفُوتُ قَطْعُهَا بِمُجَرَّدِ انْحِنَائِهِ لِرُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا فَرْضًا وَالْخُرُوجُ بِهَيْئَةِ الرَّاعِفِ ، فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ قَطَعَهَا وَأَحْرَمَ مُقْتَدِيًا بِالرَّاتِبِ وُجُوبًا هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ فَوَاتُ قَطْعِهَا بِمُجَرَّدِ رَفْعِهِ مِنْ سَجْدَتَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِاعْتِدَالِهِ جَالِسًا .
( وَ ) إنْ سَهَا عَنْ رُكْنٍ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَاتَ تَدَارُكُ الرُّكْنِ وَبَطَلَتْ الرَّكْعَةُ وَ ( بَنَى ) الْمُصَلِّي وُجُوبًا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ جِنْسِ الرَّكَعَاتِ ( إنْ قَرُبَ ) تَذَكُّرُهُ عَقِبَ سَلَامِهِ بِالْعُرْفِ ( وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ طَالَ بِالْعُرْفِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا مَنْ سَهَا عَنْ سَجْدَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ أَوْ عَنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ بَنَى فِيمَا قَرُبَ .
وَإِنْ تَبَاعَدَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ .
أَبُو الْحَسَنِ حَدُّ الْقُرْبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّفَّانِ وَالثَّلَاثَةُ أَوْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ طُولٌ بِاتِّفَاقٍ ا هـ .
وَمِثْلُ الطُّولِ الْحَدَثُ وَسَائِرُ الْمُنَافِيَاتِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَكَلَامٍ وَصِلَةُ بَنَى ( بِإِحْرَامٍ ) أَيْ نِيَّةِ تَكْمِيلِ الصَّلَاةِ وَتَكْبِيرٍ لِلدُّخُولِ فِيهَا وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا وَنُدِبَ رَفْعُ يَدَيْهِ عِنْدَهُ .
( وَلَمْ تَبْطُلْ )
الصَّلَاةُ ( بِتَرْكِهِ ) أَيْ الْإِحْرَامِ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِكْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا .
وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا اتِّفَاقًا قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ فِي الِاتِّفَاقِ نَظَرٌ بَلْ النِّيَّةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لَهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّلَامَ مَعَ اعْتِقَادِ الْكَمَالِ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِلْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وُجُوبُ الْإِحْرَامِ .
وَلَوْ قَرُبَ الْبِنَاءُ جِدًّا وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ بَشِيرٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ الْإِحْرَامِ إنْ قَرُبَ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ بِمَعْنَى النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ لَا فِي التَّكْبِيرِ فَقَطْ ا هـ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ .
أَقُول الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ عبق إذْ لَا يَتَأَتَّى تَكْمِيلٌ بِلَا نِيَّةٍ وَلِقَوْلِهِ وَجَلَسَ لَهُ ( وَجَلَسَ ) الْبَانِي ( لَهُ ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ لِيَأْتِيَ بِهِ مِنْ جُلُوسٍ إنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ السَّلَامِ لِأَنَّهُ الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ الصَّلَاةَ مِنْهَا .
وَأَمَّا قِيَامُهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فَلَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الصَّلَاةِ وَصِلَةُ جَلَسَ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَظْهَرِ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ .
وَقِيلَ يُكَبِّرُ قَائِمًا وَلَا يَجْلِسُ .
وَقِيلَ يُكَبِّرُ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ ، وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
وَمَوْضُوعُ الْخِلَافِ إذَا سَلَّمَ مِنْ الْأَخِيرَةِ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ تَارِكًا رُكْنًا مِنْهَا سَهْوًا وَتَذَكَّرَهُ بَعْدَ قِيَامِهِ وَيَجْرِي أَيْضًا فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ ثُنَائِيَّةٍ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ وَتَذَكَّرَ عَقِبَ قِيَامِهِ .
وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ مِنْ وَاحِدَةٍ تَامَّةٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثٍ تَامَّاتٍ وَتَذَكَّرَ عَقِبَ جُلُوسِهِ أَوْ قِيَامِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِحَالَةِ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَيُحْرِمُ
فِيهَا لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا وَلَا يَجْلِسُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
( وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ ) سَهْوًا ( التَّشَهُّدَ ) عَقِبَ الْإِحْرَامِ اسْتِنَانًا جَالِسًا لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ تَشَهُّدٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ .
وَهَذَا إذَا طَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ ( وَسَجَدَ ) لِلسَّهْوِ بَعْدَ سَلَامِهِ بِلَا إعَادَةِ تَشَهُّدٍ ( إنْ ) كَانَ ( انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ ) انْحِرَافًا كَثِيرًا بِلَا طُولٍ أَصْلًا .
فَإِنْ انْحَرَفَ يَسِيرًا اعْتَدَلَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ طَالَ كَثِيرًا بَطَلَتْ انْحَرَفَ أَمْ لَا فَارَقَ مَكَانَهُ أَمْ لَا ( وَرَجَعَ ) اسْتِنَانًا ( تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ ) أَيْ جُلُوسِ غَيْرِ السَّلَامِ سَهْوًا لَهُ ( إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ ) جَمِيعًا بِأَنْ بَقِيَ بِهَا وَلَوْ يَدًا أَوْ رُكْبَةً .
( وَلَا سُجُودَ ) لِهَذِهِ النَّهْضَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ جَمِيعًا ( فَلَا ) يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ سَلَامِهِ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ وُجُوبًا وَيُفْهَمُ هَذَا بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ ( وَلَا تَبْطُلُ ) الصَّلَاةُ ( إنْ رَجَعَ ) الْمُصَلِّي لِلْجُلُوسِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ جَمِيعًا إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ قَائِمًا بَلْ ( وَلَوْ ) رَجَعَ عَمْدًا بَعْدَ أَنْ ( اسْتَقَلَّ ) قَائِمًا وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ .
فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا كُلِّهَا بَطَلَتْ وَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ اسْتَقَلَّ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِرُجُوعِهِ وَيَتَشَهَّدُ فَإِنْ قَامَ بِلَا تَشَهُّدٍ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِبُطْلَانِهَا بِرُجُوعِهِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ .
( وَتَبِعَهُ ) أَيْ الْإِمَامَ الَّذِي رَجَعَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ اسْتَقَلَّ أَوَّلًا ( مَأْمُومُهُ ) فِي الرُّجُوعِ وُجُوبًا ( وَسَجَدَ ) لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ السَّلَامِ لِأَنَّ جُلُوسَهُ وَتَشَهُّدَهُ مُعْتَدٌّ بِهِمَا فَقَدْ
أَتَى بِالتَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ لَهُ الْمَطْلُوبَيْنِ مِنْهُ فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا زِيَادَةُ الْقِيَامِ .
وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ لِلْجُلُوسِ وَالسُّجُودِ بَعْدَهُ فَقَالَ ( كَ ) مَنْ قَامَ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ ( نَفْلٍ ) سَاهِيًا وَ ( لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَتَهُ ) أَيْ النَّفْلِ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا فَيَرْجِعُ لِلْجُلُوسِ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَقَدَ ثَالِثَتَهُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا قَبْلَ ذِكْرِهِ ( كَمَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَتَمَّ النَّفَلَ ( أَرْبَعًا ) مِنْ الرَّكَعَاتِ وُجُوبًا إلَّا النَّفَلَ الْمَحْدُودَ كَالْفَجْرِ وَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَلَا يُكْمِلُهُ أَرْبَعًا لِأَنَّ زِيَادَةَ مِثْلِهِ تُبْطِلُهُ ( وَ ) إنْ صَلَّى النَّفَلَ أَرْبَعًا وَقَامَا لِخَامِسَةٍ سَاهِيًا فَيَرْجِعُ وُجُوبًا ( فِي الْخَامِسَةِ ) رُجُوعًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ عَقْدِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعَى مِنْ الْخِلَافِ إلَّا مَا قَوِيَ وَاشْتَهَرَ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ النَّفَلَ أَرْبَعٌ قَوِيٌّ مَشْهُورٌ وَالْقَوْلَانِ بِأَنَّهُ سِتٌّ أَوْ ثَمَانٌ لَمْ يَقْوَيَا وَلَمْ يَشْتَهِرَا فَلَمْ يُرَاعَيَا .
( وَ يَسْجُدُ قَبْلَهُ ) أَيْ السَّلَامِ ( فِيهِمَا ) أَيْ تَكْمِيلُهُ أَرْبَعًا وَرُجُوعُهُ مِنْ الْخَامِسَةِ لِنَقْصِ السَّلَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ .
وَإِنْ كَانَ فَرْضًا لَكِنَّهُ أَشْبَهَ السُّنَّةَ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَأَوْرَدَ أَنَّ مَنْ قَامَ لِزَائِدَةٍ فِي الْفَرْضِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَدْ نَقَصَ السَّلَامُ مِنْ مَحَلِّهِ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْفَرْضِ مُجْمَعٌ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَهِيَ مَعْدُومَةٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَكَانَ السَّلَامُ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فِي النَّفْلِ فَقَدْ قِيلَ بِهَا فَاعْتُبِرَتْ فِي تَأَخُّرِ السَّلَامِ عَنْ مَحَلِّهِ .
وَتَارِكُ رُكُوعٍ يَرْجِعُ قَائِمًا .
وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ
( وَتَارِكُ رُكُوعٍ ) سَهْوًا وَتَذَكَّرَهُ جَالِسًا أَوْ رَافِعًا مِنْ السُّجُودِ ( يَرْجِعُ ) لَهُ حَالَ كَوْنِهِ قَائِمًا ) لِيَنْحَطَّ لَهُ مِنْ قِيَامٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ .
فَإِنْ رَجَعَ لَهُ مُحْدَوْدِبًا بِلَا قَصْدٍ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِرُجُوعِهِ لَهُ مُحْدَوْدِبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ قَائِمًا انْحَطَّ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ فَوْرًا .
( وَنُدِبَ ) لَهُ ( أَنْ يَقْرَأَ ) شَيْئًا غَيْرَ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّ تَكْرَارَهَا فِي رَكْعَةٍ مَمْنُوعٌ فَلَا يُفْعَلُ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ وَلَوْ فِي ثَالِثَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ .
وَإِنْ كُرِهَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِيهِمَا لَكِنْ رَخَّصَ فِيهَا لِيَكُونَ رُكُوعُهُ عَقِبَ قِرَاءَةٍ كَمَا هُوَ شَأْنُهُ وَتَارِكُ رَفْعٍ مِنْ رُكُوعٍ يَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا حَتَّى يَصِلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَرْفَعَ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ بِنَاءً عَلَى قَصْدِ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ قَائِمًا بِنِيَّةِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَيَسْجُدُ مِنْ قِيَامِهِ مِنْ غَيْرِ رُكُوعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ ، وَعَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ الِانْحِطَاطُ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ .
وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ رَجَعَ قَائِمًا فَلَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ .
وَسَجْدَةٍ يَجْلِسُ لَا سَجْدَتَيْنِ ، وَلَا يُجْبَرُ رُكُوعُ أُولَاهُ بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ
( وَ ) تَارِكُ ( سَجْدَةٍ ) سَهْوًا تَذَكَّرَهَا قَبْلَ عَقْدِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ رَافِعٌ ( يَجْلِسُ ) لِيَنْحَطَّ لَهَا مِنْهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُ الْأُولَى وَفِعْلُ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ مَتَى أَتَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَتْ الْأُولَى قَطْعًا .
وَلَوْ جَلَسَ قَبْلَهَا فَجُلُوسُهُ لَغْوٌ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا يُصَيِّرُهَا الْجُلُوسُ قَبْلَهَا ثَانِيَةً وَلَا فِعْلُهُ لَهَا بِقَصْدِ الثَّانِيَةِ ثَانِيَةً وَهَذَا وَاضِحٌ .
وَتَارِكُ السَّجْدَةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَرْجِعُ جَالِسًا مُطْلَقًا وَيَسْجُدُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ .
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَرْجِعُ سَاجِدًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ بِأَنْ يَنْحَطَّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ جَلَسَ أَوَّلًا قَبْلَ نَهْضَتِهِ لِلْقِيَامِ عَقِبَ سَجْدَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ قَامَ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَخِرُّ لَهَا مِنْ قِيَامِهِ وَلَا يَجْلِسُ قَبْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ قَبْلَ نَهْضَتِهِ فَيَجْلِسُ وَيَسْجُدُهَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ خَرَّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ فَلَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
لَا ) يَجْلِسُ تَارِكُ ( سَجْدَتَيْنِ ) سَهْوًا تَذَكَّرَهُمَا قَائِمًا فَيَنْحَطُّ لَهُمَا مِنْهُ ، وَإِنْ تَذَكَّرَهُمَا جَالِسًا قَامَ وَانْحَطَّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ فَإِنْ سَجَدَهُمَا مِنْ جُلُوسٍ فَلَا تَبْطُلُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ إذْ الِانْحِطَاطُ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ غَيْرِ وَاجِبٍ ، ذَكَرَهُ الْمُوضِحُ وَالْحَطّ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ ، فَالِانْحِطَاطُ لَهُمَا مِنْهُ وَاجِبٌ ، فَلَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَعَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا سُنَّةٍ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ صَيَّرَتْهَا كَالسُّنَّةِ فَلِذَا جُبِرَتْ بِالسُّجُودِ .
( وَلَا يُجْبَرُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( رُكُوعُ أَوَّلَاهُ ) الْمَنْسِيِّ سَجْدَتَاهُ ( بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ ) الْمَنْسِيِّ رُكُوعُهَا لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنِيَّةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْأُولَى .
فَإِنْ تَذَكَّرَهُمَا جَالِسًا أَوْ سَاجِدًا قَامَ لِيَنْحَطَّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ .
فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَجَدَهُمَا مِنْ جُلُوسٍ فَقَدْ نَقَصَ الِانْحِطَاطُ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَإِنْ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَنَسِيَ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ وَسَجَدَ لَهَا سَجْدَةً أَوْ سَجْدَتَيْنِ فَلَا تُجْبَرُ سَجْدَةُ الْأُولَى بِسَجْدَةِ الثَّانِيَةِ .
فَإِنْ تَذَكَّرَهَا جَالِسًا سَجَدَهَا حَالًا وَقَائِمًا جَلَسَ لَهَا .
وَبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ : الْأُوَلِ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أَوْلَى بِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ وَإِمَامٍ
( وَبَطَلَ بِ ) تَرْكِ ( أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ ) سَهْوًا ( مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ ) الرَّكَعَاتُ الثَّلَاثَةُ ( الْأُوَلُ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ جَمْعُ أُولَى لِفَوَاتِ تَدَارُكِ سَجْدَةِ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا بِعَقْدِ الَّتِي تَلِيهَا وَالرَّكْعَةُ الرَّابِعَةُ لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُ سَجْدَتِهَا فَيَسْجُدُهَا وَتَصِيرُ أُولَى فَيَبْنِي عَلَيْهَا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ، وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مِنْ الْأُولَى وَالزِّيَادَةِ ، وَهَذَا إنْ لَمْ يُسَلِّمْ مُعْتَقِدُ التَّمَامِ وَإِلَّا بَطَلَتْ الرَّابِعَةُ أَيْضًا فَيَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ .
( وَ ) إنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الْأُولَى سَهْوًا وَعَقَدَ الثَّانِيَةَ بَطَلَتْ الْأُولَى وَ ( رَجَعَتْ ) أَيْ صَارَتْ الرَّكْعَةُ ( الثَّانِيَةُ ) رَكْعَةً ( أُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ( بِ ) سَبَبِ ( بُطْلَانِهَا ) أَيْ الْأُولَى بِتَرْكِ رُكْنِهَا وَفَوَاتِ تَدَارُكِهِ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ وَتَنَازُعٍ رَجَعَتْ وَبُطْلَانٍ ( لِفَذٍّ وَإِمَامٍ ) وَلِمَأْمُومِهِ تَبَعًا لَهُ فَيَبْنِي عَلَى الْأُولَى وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ ، وَتَرْجِعُ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً بِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ فَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيَبْنِي عَلَيْهَا وَيَسْجُدُ قَبْلُ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ ، وَتَرْجِعُ الرَّابِعَةُ ثَالِثَةً فَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيَأْتِي بِرَابِعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَمَفْهُومُ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ أَنَّ رَكَعَاتِ الْمَأْمُومِ لَا تَنْقَلِبُ حَيْثُ سَلِمَتْ رَكَعَاتُ إمَامِهِ فَتَبْقَى عَلَى حَالِهَا لِبِنَاءِ صَلَاتِهِ عَلَى صَلَاةِ إمَامِهِ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ يَأْتِي بِبَدَلِ مَا بَطَلَتْ عَلَى صِفَتِهَا مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ بِسُورَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا .
وَمَحَلُّ انْقِلَابِ رَكَعَاتِ الْإِمَامِ إنْ شَارَكَهُ بَعْضُ مَأْمُومِيهِ فِي السَّهْوِ وَإِلَّا فَلَا تَنْقَلِبُ رَكَعَاتُهُ .
وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُ صَلَاتِهِ بِرَكْعَةٍ تَكُونُ قَضَاءً عَنْ رَكْعَةِ النَّقْصِ بِصِفَتِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يُكْثِرْ وَاجِدًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا ، سَجَدَهَا ، وَفِي الْأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقِيَامِ ثَالِثَتِهِ بِثَلَاثٍ ، وَرَابِعَتِهِ بِرَكْعَتَيْنِ ، وَتَشَهُّدٍ
( وَإِنْ شَكَّ ) الْمُصَلِّي غَيْرُ الْمُسْتَنْكَحِ ( فِي ) تَرْكِ ( سَجْدَةٍ ) أَوْ ظَنَّهُ أَوْ تَحَقَّقَهُ بِالْأُولَى وَ ( لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا ) الَّذِي تُرِكَتْ مِنْهُ ( سَجَدَهَا ) حَالَ تَذَكُّرِهَا وُجُوبًا إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ تَمَامَ مَا هُوَ فِيهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَتَدَارُكُهَا مُمْكِنٌ ، وَبِسُجُودِهَا يَزُولُ الشَّكُّ عَنْ هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَيَنْحَصِرُ فِيمَا قَبْلَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ عَنْهُ أَيْضًا .
( وَ ) إنْ كَانَ شَكُّهُ فِي السَّجْدَةِ ( فِي ) الرَّكْعَةِ ( الْأَخِيرَةِ ) مِنْ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَالْفَاءُ أَوْلَى مِنْ الْوَاوِ هُنَا بِأَنْ شَكَّ فِيهَا وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَسْجُدْهَا ، وَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ لَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ ( يَأْتِي بِرَكْعَةٍ ) بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ .
وَفَاتَ تَدَارُكُهَا بِعَقْدِ مَا تَلِيهَا وَانْقِلَابِ رَكَعَاتِهِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ النَّقْصِ هَذَا إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا ، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا سَجَدَهَا لِتَكْمِيلِ الرَّابِعَةِ وَأَتَى بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ بِرَكْعَةٍ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ لِاحْتِمَالِ تَرْكِهَا مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ ، وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ يَأْتِي الشَّاكُّ فِي سَجْدَةٍ بِرَكْعَةٍ فَقَطْ إذْ الْمَطْلُوبُ رَفْعُ الشَّكِّ بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّهُ قَالَ يَتَشَهَّدُ عَقِبَ السَّجْدَةِ لِأَنَّهَا مُصَحِّحَةٌ لِلرَّابِعَةِ وَهُوَ مِنْ تَمَامِهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُحَقَّقُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَلَيْسَتْ مَحَلًّا لِلتَّشَهُّدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ .
( وَ ) إنْ كَانَ شَكُّهُ فِي السَّجْدَةِ فِي ( قِيَامِ ثَالِثَتِهِ ) أَوْ رُكُوعِهَا قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْهُ أَوْ فِي تَشَهُّدِ الثَّانِيَةِ فَيَجْلِسُ وَيَسْجُدُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ
الثَّانِيَةِ وَتَدَارُكُهَا مُمْكِنٌ .
وَبَطَلَتْ الْأُولَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْهَا وَفَاتَ تَدَارُكُهَا بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فَتَحَقَّقَتْ لَهُ رَكْعَةٌ بِهَا فَيَأْتِي ( بِثَلَاثٍ ) مِنْ الرَّكَعَاتِ أُولَاهَا بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَالْأَخِيرَتَانِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ .
فَإِنْ شَكَّ فِيهَا عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَلَا يَسْجُدُهَا لِفَوَاتِ تَدَارُكِهَا وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ ، وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ نَقْصِ السُّورَةِ ، هَذَا إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا وَأَمَّا الْمَأْمُومُ الَّذِي شَارَكَ فِيهَا عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَيُصَلِّي رَكْعَةً مَعَ إمَامِهِ وَرَكْعَةً بَعْدَهُ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ .
( وَ ) إنْ كَانَ فِي قِيَامِ ( رَابِعَتِهِ ) جَلَسَ وَسَجَدَهَا لِتَكْمِيلِ الثَّالِثَةِ وَأَتَى ( بِرَكْعَتَيْنِ ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَبَطَلَتْ بِانْعِقَادِ الَّتِي تَلِيهَا فَالْمُحَقَّقُ لَهُ رَكْعَتَانِ فَقَطْ ( وَتَشَهَّدَ ) اسْتِنَانًا عَقِبَ السَّجْدَةِ وَأَتَى بِرَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَسَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا سَجَدَ لِجَبْرِ الثَّالِثَةِ وَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَصَلَّى مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً وَقَضَى بَعْدَ سَلَامِهِ رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ .
وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً لَمْ يُتَّبَعْ ، وَسُبِّحَ بِهِ ، فَإِذَا خِيفَ عَقْدُهُ قَامُوا ، فَإِذَا جَلَسَ قَامُوا : كَقُعُودِهِ بِثَالِثَةٍ ، فَإِذَا سَلَّمَ أَتَوْا بِرَكْعَةٍ ، وَأَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ ، وَسَجَدُوا قَبْلَهُ :
( وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً ) وَاحِدَةً فِي أُولَى رُبَاعِيَّةٍ وَتَرَكَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ سَهْوًا وَقَامَ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ( لَمْ يُتَّبَعْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ فَلَا يَتْبَعُهُ مَأْمُومُهُ فِي الْقِيَامِ لِلثَّانِيَةِ قَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَيَجْلِسُ ( وَسُبِّحَ ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً ، أَيْ قَالَ الْمَأْمُومُ سُبْحَانَ اللَّهِ ( بِهِ ) أَيْ لِأَجْلِ إفْهَامِ الْإِمَامِ سَهْوَهُ عَنْ السَّجْدَةِ .
فَإِنْ رَجَعَ لَهَا فَذَاكَ ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لَهَا فَلَا يُكَلِّمُونَهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ الَّذِي مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِهِ هُنَا لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا يُبْطِلُهَا ، وَإِنْ تَرَكُوا التَّسْبِيحَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِتَعَمُّدِهِمْ تَرْكَ السَّجْدَةِ .
( فَإِذَا ) لَمْ يَرْجِعْ الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الَّتِي تَرَكَهَا مِنْ الْأُولَى وَقَامَ لِلثَّانِيَةِ وَ ( خِيفَ عَقْدُهُ ) أَيْ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي قَامَ لَهَا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا ( قَامُوا ) أَيْ الْمَأْمُومُونَ لِعَقْدِهَا مَعَهُ ، فَإِنْ عَقَدَهَا بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى لِلْجَمِيعِ وَلَا يَسْجُدُونَ السَّجْدَةَ ، وَإِنْ سَجَدُوهَا لَمْ تُجِزْهُمْ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ فَإِنْ رَجَعَ الْإِمَامُ إلَيْهَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ إعَادَتُهَا مَعَهُ عِنْدَهُ .
( فَإِذَا جَلَسَ ) الْإِمَامُ عَقِبَ الثَّانِيَةِ فِي ظَنِّهِ ( قَامُوا ) أَيْ الْمَأْمُومُونَ فَلَا يَجْلِسُونَ مَعَهُ ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُولَى وَشَبَّهَ فِي قِيَامِهِمْ إذَا جَلَسَ فَقَالَ ( كَقُعُودِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ ( بِثَالِثَةٍ ) عَقِبَ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْوَاقِعِ وَاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِينَ وَإِنْ ظَنَّهَا الْإِمَامُ رَابِعَةً .
( فَإِذَا سَلَّمَ ) الْإِمَامُ عَقِبَ تَشَهُّدِهِ لِظَنِّهِ كَمَالَ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ كَالْحَدَثِ فَلَا يُحْمَلُ عَنْهُمْ سَهْوًا وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ
فَيُعِيدُونَهَا لَهُ وَ ( أَتَوْا ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ( بِرَكْعَةٍ ) بَعْدَ سَلَامِهِ ( وَأَمَّهُمْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ صَلَّى إمَامًا لَهُمْ فِيهَا ( أَحَدُهُمْ ) إنْ شَاءُوا أَتَمُّوا أَفْذَاذًا وَصَحَّتْ لَهُمْ .
( وَسَجَدُوا قَبْلَهُ ) أَيْ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مِنْ رَكْعَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ فَلَا يُكَلِّمُونَهُ وَيَسْجُدُونَهَا وَيَجْلِسُونَ مَعَهُ وَيُسَلِّمُونَ مَعَهُ ، وَإِنْ كَلَّمُوهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَةِ الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا .
وَإِنْ رَجَعَ لِسُجُودِهَا بَعْدَ سُجُودِهِمْ فَلَا يُعِيدُونَهَا مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَصَحَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ .
وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ نَعَسَ أَوْ نَحْوُهُ ؛ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى ، مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا ، أَوْ سَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ تَمَادَى وَقَضَى رَكْعَةً ، وَإِلَّا سَجَدَهَا ، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ
( وَإِنْ زُوحِمَ ) بِضَمِّ الزَّايِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ بِوَعْدِ شَخْصٍ ( مُؤْتَمٌّ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ أَيْ مُقْتَدٍ بِإِمَامٍ وَصِلَةُ زُوحِمَ ( عَنْ رُكُوعٍ ) مَعَ إمَامِهِ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَبْلَ إتْيَانِ الْمَأْمُومِ بِأَدْنَى الرُّكُوعِ ( أَوْ نَعَسَ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ أَيْ نَامَ الْمُؤْتَمُّ نَوْمًا خَفِيفًا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ كَذَلِكَ ( أَوْ ) حَصَلَ لِلْمُؤْتَمِّ ( نَحْوُهُ ) أَيْ النُّعَاسِ كَسَهْوٍ وَإِكْرَاهٍ وَحُدُوثِ مَرَضٍ مَنَعَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مَعَهُ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ كَذَلِكَ ( اتَّبَعَهُ ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَأَدْرَكَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنْ سُجُودٍ أَوْ جُلُوسٍ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ وُجُوبًا وَصِلَةُ اتَّبَعَهُ ( فِي غَيْرِ ) الرَّكْعَةِ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ لِلْمَأْمُومِ لِثُبُوتِ مَأْمُومِيَّتِهِ بِإِدْرَاكِهِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِرُكُوعِهِ مَعَهُ فِيهَا وَصِلَةُ اتَّبَعَهُ : ( مَا ) مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ مُدَّةُ كَوْنِ الْإِمَامِ ( لَمْ يَرْفَعْ ) رَأْسَهُ ( مِنْ ) تَمَامِ ( سُجُودِهَا ) أَيْ الرَّكْعَةِ غَيْرِ الْأُولَى بِأَنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَرْكَعُ وَيَرْفَعُ وَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ أَوْ مَعَ جُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ، وَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مَعَهُ أَوْ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مَعَ سُجُودِ الْإِمَامِ الثَّانِيَةِ ، وَالثَّانِيَةَ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهَا .
فَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ وَاتَّبَعَهُ فَرَفَعَ الْإِمَامُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ لُحُوقِهِ فِيهَا أَلْغَى مَا فَعَلَهُ وَانْتَقَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ وَقَضَى رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَمَفْهُومُ مَا لَمْ يَرْفَعْ إلَخْ أَنَّهُ إنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ رَكَعَ وَرَفَعَ لَا يُدْرِكُهُ فِي السُّجُودِ أَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِهِ فِيهِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْكَعُ وَيَنْتَقِلُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا
هُوَ فِيهِ وَيَقْضِيهَا بَعْدَ سَلَامِهِ ، فَإِنْ رَكَعَ وَرَفَعَ فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَرَكْعَتُهُ فَلَا يَقْضِيهَا عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ .
وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فِيهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ اعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فَإِنْ أَلْغَاهَا فَلَا تَبْطُلُ .
وَمَفْهُومُ فِي غَيْرِ الْأُولَى إلْغَاءُ الْأُولَى لِلْمَأْمُومِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَبْلَ انْحِنَاءِ الْمَأْمُومِ لِلرُّكُوعِ فَيَخِرُّ مَعَهُ سَاجِدًا وَيَقْضِي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِهِ .
فَإِنْ رَكَعَ وَرَفَعَ وَلَحِقَهُ بَطَلَتْ إنْ اعْتَدَّ بِهِ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ ، إنْ أَلْغَاهُ فَلَا تَبْطُلُ وَيَحْمِلُهُ الْإِمَامُ وَمَفْهُومُ زُوحِمَ إلَخْ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَ إمَامِهِ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى أَيْضًا لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى أَيْضًا كَذِي الْعُذْرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ ، إلَّا أَنَّ الْمَعْذُورَ لَا يَأْثَمُ وَغَيْرُهُ يَأْثَمُ .
وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَهُ فِي الْأُولَى لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ جَزَمَ بِهِ عج .
وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ مَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَحَتَّى رَفَعَ مِنْ سُجُودِهَا فَإِنْ أَتَى بِهِ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ صَحَّتْ مَعَ الْإِثْمِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَنْ زُوحِمَ عَنْ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ مَعَ إمَامِهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ بِرَفْعِ الرَّأْسِ .
وَقِيلَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ سَجْدَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِرَفْعِ الرَّأْسِ ( أَوْ ) زُوحِمَ عَنْ ( سَجْدَةٍ ) أَوْ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ لِمَا تَلِيهَا .
( فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ ) الْمَأْمُومُ ( فِي ) سُجُودِ ( هَا ) أَيْ السَّجْدَةِ الَّتِي زُوحِمَ هُوَ عَنْهَا أَيْ لَمْ يَتَحَقَّقْهُ أَوْ يَظُنَّهُ ( قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ )
الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ سَجَدَهَا رَفَعَ إمَامُهُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا قَبْلَ لُحُوقِهِ أَوْ شَكَّ فِي هَذَا ( تَمَادَى ) الْمَأْمُومُ وُجُوبًا عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ أَوْ السَّجْدَتَيْنِ وَتَبِعَ إمَامَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ .
فَإِنْ سَجَدَهَا وَلَحِقَ الْإِمَامَ ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ صَحَّتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ .
( وَقَضَى ) الْمَأْمُومُ ( رَكْعَةً ) عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ بِصِفَةِ مَا فَاتَتْهُ ( وَإِلَّا ) لَمْ يَطْمَعْ بِأَنْ طَمِعَ فِيهَا أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ سَجَدَهَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ قَبْلَ عَقْدِ الَّتِي تَلِيهَا ( سَجَدَهَا ) وُجُوبًا وَلَحِقَ إمَامَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ فَإِنْ تَخَلَّفَ اعْتِقَادُهُ أَوْ ظَنُّهُ وَعَقَدَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ دُونَهُ بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِسُجُودِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ .
وَالثَّانِيَةُ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِ رُكُوعَهَا مَعَ الْإِمَامِ .
( وَ ) إنْ تَمَادَى عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ لِعَدَمِ طَمَعِهِ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ وَلَحِقَ الْإِمَامَ وَقَضَى رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِهِ فَ ( لَا سُجُودَ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَأْمُومِ لِزِيَادَةِ رَكْعَةِ النَّقْصِ لِحَمْلِهَا الْإِمَامُ عَنْهُ إنْ تَيَقَّنَ ) الْمَأْمُومُ تَرْكَ السَّجْدَةِ ، فَإِنْ شَكَّ فِيهِ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لِكَوْنِهِ أَتَى بِالسَّجْدَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا .
فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الرَّكْعَةُ عَمْدٌ وَالسُّجُودُ إنَّمَا هُوَ لِلسَّهْوِ قِيلَ هَذَا كَمَنْ شَكَّ فِي الْكَمَالِ فَبَنَى عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَكَمَّلَ ، وَهَذَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ مَا كَمَّلَ بِهِ وَهُوَ عَمْدٌ فَكَوْنُ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ أَغْلَبِيٌّ .
وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ مُوجِبِهَا : يَجْلِسُ ، وَإِلَّا اتَّبَعَهُ ، فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا ؛ بَطَلَتْ فِيهِمَا ، لَا سَهْوًا فَيَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ ، وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ : وَإِنْ قَالَ : قُمْت لِمُوجِبٍ ؛ صَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ ، وَتَبِعَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ : كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَلَمْ يَتَّبِعْ .
وَلَمْ يُجْزِ مَسْبُوقًا عَلِمَ بِخَامِسِيَّتِهَا ، وَهَلْ كَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ تُجْزِ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ ؟ قَوْلَانِ
( وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ ) فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ رَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ وَسَبَّحَ لَهُ فَلَمْ يَرْجِعْ ( فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ ) أَيْ عَدَمِ ( مُوجِبِهَا ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبِ الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ الَّتِي قَامَ الْإِمَامُ لَهَا ( يَجْلِسُ ) وُجُوبًا وَلَا يَقُومُ مَعَ الْإِمَامِ لِلرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إنْ سَبَّحَ لِلْإِمَامِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ .
أَنَّ لَهَا مُوجِبًا .
وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ أَشَارَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ كَلَّمَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ الْمَأْمُومُ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا بِأَنْ تَيَقَّنَ مُوجِبَهَا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ ( اتَّبَعَهُ ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ وُجُوبًا إنْ ظَهَرَ لَهَا مُوجِبٌ فَظَاهِرٌ .
وَإِنْ ظَهَرَ عَدَمُهُ سَجَدَ الْإِمَامُ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُتَّبِعُ لَهُ .
( فَإِنْ خَالَفَ ) الْمَأْمُومُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ ( عَمْدًا ) أَوْ جَهْلًا غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ ( فِيهِمَا ) أَيْ فِي الْجُلُوسِ وَالِاتِّبَاعِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي الْوَاقِعِ ( لَا ) تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَالَفَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ ( سَهْوًا ) فِيهِمَا .
وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ ( فَيَأْتِي ) الْمَأْمُومُ الَّذِي لَمْ يَتَيَقَّنْ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ ( الْجَالِسُ ) سَهْوًا ( بِرَكْعَةٍ ) عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ قَضَاءً عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا الْإِمَامُ .
( وَيُعِيدُهَا ) أَيْ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَامَ لَهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُومُ الَّذِي تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ ( الْمُتَّبِعُ ) سَهْوًا لِلْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا إنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ ، وَلَا تَجْزِيهِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ إمَامِهِ سَهْوًا .
وَقِيلَ تَجْزِيهِ فَلَا يُعِيدُهَا وَهُمَا مُخْرَجَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ ظَنَّ كَمَالَ صَلَاتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْ نَفْلٍ ثُمَّ
تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ والْهَوَّارِيُّ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمَشْهُورُ الْإِعَادَةُ نَقَلَهُ الْحَطّ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُودَ الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ الَّذِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ وَأَجْزَأَتْ تَابِعَهُ سَهْوًا فِيهَا .
وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ يَقْضِي رَكْعَةً فِي قَوْلِهِ أُسْقِطَتْ سَجْدَةٌ لَا أَعْرِفُهُ وَقَوْلُهُ كَالْخِلَافِ فِيمَنْ صَلَّى نَفْلًا إثْرَ فَرْضٍ اعْتَقَدَ تَمَامَهُ فَتَبَيَّنَ نَقْصُهُ رَكْعَتَيْنِ وَاضِحٌ فَرَّقَهُ .
ا هـ .
وَهُوَ أَنَّ الْمَقِيسَ سَهْوٌ فِي الْفِعْلِ بِلَا تَحَوُّلِ نِيَّةٍ بَلْ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الذُّهُولِ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ تَبَدَّلَتْ فِيهِ النِّيَّةُ سَهْوًا أَوْ نَوَى الْفِعْلَ مِنْ صَلَاةٍ أُخْرَى لَا مِنْ تَمَامِ الْأُولَى ، وَلَا مَعَ الذُّهُولِ بِالْكُلِّيَّةِ وَصَحَّتْ صَلَاةُ كُلٍّ مِنْهُمَا .
فَقَوْلُهُ ( وَإِنْ قَالَ ) الْإِمَامُ ( قُمْت ) لِلرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ ( لِمُوجِبٍ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبٍ مِنْ تَرْكِ رُكْنٍ سَهْوًا مِنْ إحْدَى الرَّكَعَاتِ الْأَصْلِيَّةِ وَفَاتَنِي تَدَارُكُهُ بِعَقْدِ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا فَتَغَيَّرَ اعْتِقَادًا لِمُتَّبِعِ صَوَابِهِ إسْقَاطُ الْوَاوِ مِنْهُ وَإِدْخَالُهَا عَلَى قَوْلِهِ ( صَحَّتْ ) الصَّلَاةُ ( لِمَنْ ) أَيْ الْمَأْمُومِ الَّذِي ( لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ ) أَيْ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا ( وَتَبِعَهُ ) بِالْفِعْلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَيْهِ ( وَ ) صَحَّتْ ( لِمُقَابِلِهِ ) أَيْ مَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعَهُ وَهُوَ مَنْ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ لِتَيَقُّنِهِ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ وَجَلَسَ ( إنْ سَبَّحَ ) لِتَفْهِيمِ الْإِمَامِ قِيَامَهُ لِزَائِدَةٍ فَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ فَاسْتَمَرَّ الْجَالِسُ عَلَى يَقِينِهِ زِيَادَتِهَا .
وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ ( كَ ) صَلَاةِ مَأْمُومٍ ( مُتَّبِعٍ ) لِلْإِمَامِ فِي الزَّائِدَةِ الَّتِي تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا ( تَأَوَّلَ
) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَنَّ ( وُجُوبَهُ ) أَيْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ فِي الزَّائِدَةِ لِكَوْنِهِ مَأْمُومًا لَهُ وَفِي الْحَدِيثِ { إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ } فَهِيَ صَحِيحَةٌ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ لِعُذْرِهِ بِتَأْوِيلِهِ وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ وَإِنْ أَخْطَأَ فِيهِ إذَا لَمْ يَقُلْ الْإِمَام قُمْت لِمُوجِبٍ فَأَوْلَى إنْ قَالَهُ ( لَا ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ ( لِمَنْ ) أَيْ الْمَأْمُومِ ( لَزِمَهُ ) أَيْ الْمَأْمُومَ ( اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ) لِتَرْكِ رُكْنٍ مِنْ إحْدَى الرَّكَعَاتِ السَّابِقَةِ فَاتَ تَدَارُكُهُ وَانْقِلَابُ الرَّكَعَاتِ ، وَلَكِنْ جَزَمَ الْمَأْمُومُ بِانْتِفَاءِ الْمُوجِبِ فَجَلَسَ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ الزِّيَادَةَ .
( وَلَمْ يَتْبَعْ ) الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَامَ لِمُوجِبٍ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ .
فَقَوْلُهُ فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ ، أَيْ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يُسَبِّحَ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ يَقِينُهُ ( وَلَمْ تُجْزِ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ لَا تَكْفِي الرَّكْعَةُ الزَّائِدَةُ الَّتِي صَلَّاهَا الْإِمَامُ سَهْوًا مَأْمُومًا ( مَسْبُوقًا ) بِرَكْعَةٍ مَثَلًا ( عَلِمَ ) الْمَسْبُوقُ ( بِخَامِسِيَّتِهَا ) أَيْ بِكَوْنِهَا خَامِسَةً وَتَبِعَ الْإِمَامَ فِيهَا عَنْ رَكْعَةِ قَضَاءٍ لِكَوْنِهِ صَلَّاهَا بِنِيَّةِ الزِّيَادَةِ لَا الْقَضَاءِ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُولَى الْمَسْبُوقِ أَمْ لَا .
وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ رَكْعَةً فَكَأَنَّهُ قَامَ لَهَا وَيَقْضِي مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ عَقِبَ سَلَامِهِ إنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ وَلَمْ يُجْمِعُ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ .
فَإِنْ لَمْ يَقُلْ قُمْت لِمُوجِبٍ أَوْ أَجْمَعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ تُجْزِيهِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ مُعْتَقِدًا
زِيَادَتَهَا عَنْ رَكْعَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَهَا رَابِعَةً وَأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ ظَهَرَ بُطْلَانُهَا .
وَانْقِلَابُ رَكَعَاتِ الْإِمَامِ فَهَذِهِ الرَّكْعَةُ رَابِعَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ دُونَ الظَّاهِرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَرَابِعَةٌ فِي الظَّاهِرِ وَالْوَاقِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ .
( وَهَلْ ) لَا تُجْزِئُ الْخَامِسَةُ الْمَسْبُوقَ ( كَذَا ) أَيْ كَعَدَمِ إجْزَائِهَا إنْ عَلِمَ خَامِسِيَّتَهَا ( إنْ لَمْ يَعْلَمْ ) الْمَسْبُوقُ خَامِسِيَّتَهَا حَالَ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ فِيهَا مُطْلَقًا ، أَيْ سَوَاءٌ أَجْمَعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ مُوجِبِهَا أَمْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ( أَوْ تُجْزِئُ ) إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ ) فَلَا تُجْزِئُ فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا .
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا وُجُودَ لَهُ وَالْمَوْجُودُ إجْزَاؤُهَا غَيْرُ الْعَالِمِ بِخَامِسِيَّتِهَا مُطْلَقًا إنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ وَإِجْزَاؤُهَا إلَّا أَنْ يُجْمِعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ .
فَلَوْ قَالَ وَأَجْزَأَتْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ إلَخْ الطَّابَقُ النَّقْلُ ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ لَمْ تَجُزْ الرَّكْعَةُ قَطْعًا وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ أَفَادَهُ الْحَطّ وَتَعَقَّبَهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ ذَكَرَهُ .
وَحَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرَ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ فِي إجْزَاءِ الْخَامِسَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَعَدَمِ إجْزَائِهَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُمَا بِالْعَالِمِ وَلَا بِغَيْرِهِ ، وَالْقَوْلُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا هُوَ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ لِابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ ، إلَّا أَنْ يُجْمِعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ وَالْمُصَنِّفُ جَزَمَ بِعَدَمِ
الْإِجْزَاءِ فِي الْعَالِمِ وَذَكَرَ فِي غَيْرِ الْعَالِمِ الْخِلَافَ بِعَدَمِهِ مُطْلَقًا وَالْإِجْزَاءَ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا لَا فِي الْعَالِمِ وَلَا فِي غَيْرِهِ .
وَتَارِكُ سَجْدَةً مِنْ كَأُولَاهُ : لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا .
( وَتَارِكُ سَجْدَةٍ ) مَثَلًا سَهْوًا ( مِنْ ) رَكْعَةٍ ( كَأُولَاهُ ) وَفَاتَهُ تَدَارُكُهَا بِعَقْدِ رَكْعَةٍ تَلِيهَا وَانْقَلَبَتْ رَكَعَاتُهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِهَذَا وَاعْتَقَدَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ ( لَا تَجْزِيهِ ) تِلْكَ الرَّكْعَةُ ( الْخَامِسَةُ ) عَنْ الرَّكْعَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ ( إنْ تَعَمَّدَ ) زِيَادَاتِ ( هَا ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا بِنِيَّةِ الْجَبْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ إتْيَانِهِ بِرَكْعَةٍ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ مَعَ تَعَمُّدِهِ زِيَادَةَ رَكْعَةٍ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ بَقَاءِ رَكْعَةٍ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَامَ لَهَا ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ الْهَوَّارِيُّ الْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا نَظَرًا لِتَلَاعُبِهِ فِي نِيَّتِهِ حَكَاهُمَا الْحَطّ وَمَفْهُومُ إنْ تَعَمَّدَهَا إجْزَاؤُهَا إنْ زَادَهَا سَهْوًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجْزِيهِ لِفَقْدِ قَصْدِ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ آنِفًا وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ فَعَلَى هَذَا لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهَا
فَصْلٌ ) سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ : قَارِئٌ وَمُسْتَمِعٌ فَقَطْ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ ، وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ إنْ صَلَحَ لِيَؤُمَّ ، وَلَمْ يَجْلِسْ لِيُسْمِعَ : فِي إحْدَى عَشْرَةَ ، لَا ثَانِيَةِ الْحَجِّ وَالنَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْقَلَمِ .
( فَصْلٌ ) فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ ( سَجَدَ ) أَيْ طَلَبَ السُّجُودَ فِي أَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ وَهِيَ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَيْضًا عُدُولُهُ عَنْ الِاسْمِ إلَى الْفِعْلِ الَّذِي يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ مَدْلُولِهِ وَاحِدٌ مِنْ أَفْرَادِ حَقِيقَتِهِ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ .
إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَعَلَى كُلٍّ انْدَفَعَ مَا أُورِدَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِاتِّحَادِهَا ( بِشَرْطِ ) صِحَّةِ ( الصَّلَاةِ ) فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا وَهُوَ عَامٌّ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ ، وَالْخَبَثِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ، أَوْ صَوْبَ السَّفَرِ لِرَاكِبِ الدَّابَّةِ بِإِضَافَتِهِ لِلْمَعْرِفَةِ وَبَاؤُهُ لِلْمُصَاحَبَةِ .
( بِلَا إحْرَامٍ ) أَيْ تَكْبِيرٍ مَعَ نِيَّةٍ وَرَفْعِ يَدَيْنِ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْخَفْضِ .
وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَبَاؤُهُ لِلْمُلَابَسَةِ ( وَ ) بِلَا تَشَهُّدٍ وَبِلَا ( سَلَامٍ ) وَفَاعِلُ سَجَدَ شَخْصٌ .
( قَارِئٌ ) بِدُونِ شَرْطٍ مِمَّا يَأْتِي فِي سُجُودِ الْمُسْتَمِعِ ( وَ ) شَخْصٌ ( مُسْتَمِعٌ ) أَيْ قَاصِدٌ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ سَامِعِهَا بِلَا قَصْدٍ ، وَيَنْحَطُّ الْقَائِمُ لَهَا مِنْ قِيَامِهِ وَلَا يَجْلِسُ قَبْلَهَا وَيَنْزِلُ الرَّاكِبُ لِسُجُودِهَا عَلَى الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا سَفَرَ قَصْرٍ ، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِيمَاءُ بِهَا لِلْأَرْضِ لِجِهَةِ سَفَرِهِ .
( إنْ جَلَسَ ) الْمُسْتَمِعُ ( لِيَتَعَلَّمَ ) مِنْ الْقَارِئِ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَكَلِمَاتِهِ أَوْ أَحْكَامَهُ وَمَخَارِجَ حُرُوفِهِ وَمِثْلُ الْمُتَعَلِّمِ الْمُسْتَمِعُ الْمُعَلِّمُ .
وَاحْتَرَزَ مِمَّنْ اسْتَمَعَ لِمُجَرَّدِ الثَّوَابِ أَوْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَالِاتِّعَاظِ بِهِ أَوْ السُّجُودِ فَلَا يُخَاطَبُونَ بِالسُّجُودِ ، وَيَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ لِلتَّعَلُّمِ إنْ سَجَدَهَا الْقَارِئُ بَلْ ( وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ ) السَّجْدَةَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا فَسُجُودُهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي سُجُودِ الْمُسْتَمِعِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ لَا يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ إذَا تَرَكَهُ الْقَارِئُ .
إنْ صَلَحَ )
بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا أَيْ تَأَهَّلَ الْقَارِئُ ( لِيَؤُمَّ ) أَيْ لِيُصَلِّيَ إمَامًا لِكَوْنِهِ ذَكَرًا مُحَقَّقًا بَالِغًا عَاقِلًا مُتَوَضِّئًا وَلَوْ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ وَالْمُسْتَمِعُ قَادِرٌ عَلَيْهِ لِصَلَاحِيَتِهِ لِإِمَامَةِ مِثْلِهِ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ ( وَلَمْ يَجْلِسْ ) الْقَارِئُ لِلْقِرَاءَةِ ( لِيُسْمِعَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْقَارِئُ النَّاسَ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ أَوْ صَوْتِهِ ، فَإِنْ جَلَسَ لِلْإِسْمَاعِ فَلَا يُطْلَبُ مُسْتَمِعُهُ بِالسُّجُودِ لِأَنَّهُ مُرَاءٍ فَاسِقٌ .
فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي تَرْجِيحُ صِحَّةِ إمَامَةِ فَاسِقِ الْجَارِحَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ .
قُلْت الْقِرَاءَةُ هُنَا كَالصَّلَاةِ وَالْمُتَعَلِّقُ فِسْقُهُ بِهَا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا شَرْطٌ زَائِدٌ عَلَى الصَّلَاحِيَةِ لِلْإِمَامَةِ فَلَا إيرَادَ أَصْلًا وَصِلَةُ سَجَدَ ( فِي إحْدَى عَشْرَةَ ) كَلِمَةً آخِرَ الْأَعْرَافِ ، وَالْآصَالِ فِي الرَّعْدِ ، وَيُؤْمَرُونَ فِي النَّحْلِ ، وَخُشُوعًا فِي الْإِسْرَاءِ ، وَبُكِيًّا فِي مَرْيَمَ ، وَمَا يَشَاءُ فِي الْحَجِّ ، وَنُفُورًا فِي الْفُرْقَانِ ، وَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ وَلَا يَسْتَكْبِرُونَ فِي السَّجْدَةِ ، وَأَنَابَ فِي ص ، وَتَعْبُدُونَ فِي فُصِّلَتْ .
( لَا ) فِي ( ثَانِيَةِ الْحَجِّ ) أَيْ قَوْله تَعَالَى { ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } ( وَ ) لَا فِي آخِرِ ( النَّجْمِ وَ ) لَا ( الِانْشِقَاقِ وَ ) لَا ( الْقَلَمِ ) لِعَدَمِ سُجُودِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَقُرَّائِهَا فِيهَا وَعَمَلُهُمْ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَسْخِهِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِآخِرِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَشَدُّهَا اتِّبَاعًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهَلْ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ ؟ خِلَافٌ ،
( وَهَلْ ) السُّجُودُ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ ( سُنَّةٌ ) خَفِيفَةٌ ( أَوْ فَضِيلَةٌ ) مُسْتَحَبَّةٌ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ شَهَرَ السُّنِّيَّةَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ الْكَاتِبِ فَضِيلَةٌ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَاعِدَتُهُ تَشْهِيرُ مَا يُصَدِّرُ بِهِ وَهُوَ فِي سُجُودِ الْبَالِغِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى نَدْبِ سُجُودِ الصَّبِيِّ
وَكَبَّرَ لِخَفْضٍ وَرَفْعٍ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ ، وَصَ : وَأَنَابَ .
وَفُصِّلَتْ : تَعْبُدُونَ
( وَكَبَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ نَطَقَ السَّاجِدُ لِلتِّلَاوَةِ بِالتَّكْبِيرِ ( لِخَفْضٍ ) لِلسَّجْدَةِ وَرَفْعٍ ) مِنْهَا إنْ سَجَدَهَا بِصَلَاةٍ بَلْ ( وَلَوْ ) سَجَدَهَا ( بِغَيْرِ صَلَاةٍ ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ سَجَدَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ لَا يُكَبِّرُ لِخَفْضٍ وَلَا رَفْعٍ ( وَصَ ) مَحَلُّ السَّجْدَةِ فِيهَا ( وَأَنَابَ ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَحُسْنَ مَآبٍ ( وَفُصِّلَتْ ) مَحَلُّهَا فِيهَا ( تَعْبُدُونَ ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَسْأَمُونَ .
وَكُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ ،
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ ( سُجُودُ شُكْرٍ ) فَالصَّلَاةُ لَهُ عِنْدَ بِشَارَةٍ بِمَسَرَّةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ ، وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ أَمْرٌ فَسُرَّ بِهِ فَخَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى } ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ عَدَمُ الْعَمَلِ بِهِ
أَوْ زَلْزَلَةٍ ،
( أَوْ ) سُجُودُ ( زَلْزَلَةٍ ) وَتُنْدَبُ الصَّلَاةُ لِلزَّلْزَلَةِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْآيَاتِ الْمُخَوِّفَةِ كَالْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ أَفْذَاذًا وَجَمَاعَةً رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ .
وَعَنْ اللَّخْمِيِّ نَدْبُ رَكْعَتَيْنِ وَتَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ .
وَجَهْرٌ بِهَا بِمَسْجِدٍ ،
( وَ ) كُرِهَ ( جَهْرٌ ) أَيْ رَفْعُ الصَّوْتِ ( بِهَا ) أَيْ الْقِرَاءَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ ( بِمَسْجِدٍ ) وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ
وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ : كَجَمَاعَةٍ وَجُلُوسٌ لَهَا ، لَا لِتَعْلِيمٍ .
وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ ،
( وَ ) كُرِهَ ( قِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ ) أَيْ تَطْرِيبِ صَوْتٍ لَا يُخْرِجُ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ وَإِلَّا حَرُمَ ، لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مُتَقَدِّمٍ ذَكَرًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَى جَوَازِهِ ، بَلْ قَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ وَاسْتَحْسَنَهُ كَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّ سَمَاعَهُ بِهِ يَزِيدُ غِبْطَةً بِالْقُرْآنِ وَإِيمَانًا وَيُكْسِبُ الْقَلْبَ خَشْيَةً ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ } .
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ .
} وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْخَلْقِ وَالْوُثُوقِ بِضَمَانِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ مَقْلُوبٌ أَيْ زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَ ) قِرَاءَةِ ( جَمَاعَةٍ ) مَعًا بِصَوْتٍ وَاحِدٍ فَتُكْرَهُ لِمُخَالَفَةِ الْعَمَلِ وَلِتَأَدِّيهَا لِتَرْكِ بَعْضِهِمْ شَيْئًا مِنْهُ لِبَعْضٍ عِنْدَ ضِيقِ النَّفَسِ وَسَبْقِ الْغَيْرِ ، وَلِعَدَمِ الْإِصْغَاءِ لِلْقُرْآنِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا } الْأَعْرَافِ إنْ لَمْ تُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ الْكَلِمَاتِ وَإِلَّا حُرِّمَتْ .
وَأَمَّا اجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ يَقْرَأُ أَحَدُهُمْ رُبُعَ حِزْبٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا فَقِيلَ مَكْرُوهٌ .
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَوَازَهُ الْبُنَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ .
قُلْت وَجْهُهَا مُخَالَفَتُهُ لِلْعَمَلِ فِي مُدَارَسَةِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَتَرْكِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَتَأْدِيَتِهِ إلَى الْمُبَاهَاةِ وَالْمُنَافَسَةِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ ( وَ ) كُرِهَ ( جُلُوسٌ ) أَيْ اسْتِمَاعُ قِرَاءَةٍ ( لَهَا ) أَيْ السَّجْدَةِ خَاصَّةً ( لَا لِتَعْلِيمٍ ) وَلَا لِتَعَلُّمٍ وَلَا لِقَصْدِ ثَوَابٍ فَإِنْ كَانَ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يُكْرَهُ .
(
وَأُقِيمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُمِرَ بِالْقِيَامِ ( الْقَارِئُ ) جَهْرًا بِرَفْعِ صَوْتِهِ ( فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ ) إنْ قَصَدَ دَوَامَهَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ قَرِينَةِ حَالِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ فَقِيرًا مُحْتَاجًا ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْعِلْمِ فِي الْمَسَاجِدِ فَسُنَّةٌ قَدِيمَةٌ وَلَكِنْ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَا لِلْعِلْمِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ .
وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ رِوَايَتَانِ .
( وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ ) الْمُتَعَلِّمِينَ مَعًا دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ ( عَلَى ) الْمُعَلِّمِ ( الْوَاحِدِ ) الْمُسْتَمِعِ لَهُمْ مَخَافَةَ خَطَأِ بَعْضِهِمْ وَعَدَمِ تَنَبُّهِ الْمُعَلِّمِ لَهُ لِاشْتِغَالِهِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ غَيْرِهِ ، فَيَظُنُّ الْمُخْطِئُ فِي قِرَاءَتِهِ أَنَّ الْمُعَلِّمَ مُتَنَبِّهٌ لَهُ ، وَأَنَّ قِرَاءَتَهُ صَحِيحَةٌ فَيَحْفَظُهَا وَيَنْسُبُهَا لِمُعَلِّمِهِ وَجَوَازِهَا ( رِوَايَتَانِ ) عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَكَرِهَهَا أَوَّلًا وَرَآهَا خِلَافَ الصَّوَابِ ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى جَوَازِهَا .
فَإِنْ قِيلَ حَيْثُ رَجَعَ عَنْهَا فَأَوْجَهُ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ .
قُلْت وَجْهُهَا أَنَّهَا اجْتِهَادٌ وَالْجَوَازُ اجْتِهَادٌ وَالِاجْتِهَادُ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ لِاحْتِمَالِ إصَابَةِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَعَكْسُهُ .
قَالَ الْإِمَامُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي الْمُشْتَرَكَةِ ، وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ فِيهَا ثَانِيًا بِخِلَافِ مَا قَضَى بِهِ فِيهَا أَوَّلًا فَقِيلَ لَهُ هَذَا خِلَافُ قَضَائِك الْأَوَّلِ ، فَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى يَنْبَغِي مَزِيدُ الِاحْتِيَاطِ فِيهِ .
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ كَانَ فِي إفْرَادِ كُلِّ قَارِئٍ بِالِاسْتِمَاعِ لَهُ مَشَقَّةٌ .
فَإِنْ انْتَفَتْ فَالْكَرَاهَةُ اتِّفَاقًا .
وَاجْتِمَاعٌ لِدُعَاءٍ يَوْمَ عَرَفَةَ ،
( وَ ) كُرِهَ ( اجْتِمَاعٌ لِكَدُعَاءٍ ) وَذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَنَحْوَهُ ( يَوْمَ عَرَفَةَ ) وَلَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ قُصِدَ بِهِ التَّشْبِيهُ بِالْحُجَّاجِ أَوْ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِلَّا فَيَنْدُبُ
وَمُجَاوَزَتُهَا لِمُتَطَهِّرٍ .
وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا ، فَهَلْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهَا أَوْ الْآيَةَ ؟ تَأْوِيلَانِ ،
( وَ ) كُرِهَ ( مُجَاوَزَةُ ) أَيْ تَعَدِّي مَحَلِّ ( هَا ) بِلَا سُجُودٍ عِنْدَهُ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُتَطَهِّرٍ ) طَهَارَةً صُغْرَى وَصِلَةُ مُجَاوَزَةُ ( وَقْتَ جَوَازٍ ) لَهَا كَبَعْدَ فَرْضِ صُبْحٍ وَقَبْلَ إسْفَارٍ أَوْ فَرْضِ عَصْرٍ وَقَبْلَ اصْفِرَارٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا وَقْتَ جَوَازٍ بِأَنْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ الْوَقْتُ وَقْتَ نَهْيٍ عَنْهَا كَوَقْتِ طُلُوعٍ أَوْ غُرُوبِ شَمْسٍ وَإِسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ .
( فَهَلْ يُجَاوِزُ ) أَيْ يَتْرُكُ ( مَحَلَّهَا ) أَيْ السَّجْدَةِ فَقَطْ بِلَا تِلَاوَةٍ لَهُ بِلِسَانِهِ ، وَإِنْ اسْتَحْضَرَهُ بِقَلْبِهِ كَلَفْظِ يَسْجُدُونَ آخِرَ الْأَعْرَافِ ، وَالْآصَالِ فِي الرَّعْدِ ، وَيُؤْمَرُونَ فِي النَّحْلِ ، وَخُشُوعًا فِي الْإِسْرَاءِ ، وَيَقْرَأُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ ( أَوْ ) يُجَاوِزُ ( الْآيَةَ ) بِتَمَامِهَا ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ اخْتِلَافٌ بَيْنَ شَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا .
وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يُجَاوِزُ شَيْئًا وَيَقْرَأُ الْآيَةَ بِتَمَامِهَا لِأَنَّهُ إنْ حُرِمَ السُّجُودَ فَلَا يُحْرَمُ أَجْرَ الْقِرَاءَةِ .
وَمَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا فَرْضًا وَإِلَّا فَيَسْجُدُهَا وَقْتَ النَّهْيِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ .
وَاقْتِصَارٌ عَلَيْهَا ، وَأُوِّلَ بِالْكَلِمَةِ ، وَالْآيَةِ .
قَالَ : وَهُوَ الْأَشْبَهُ ،
( وَ ) كُرِهَ ( اقْتِصَارٌ عَلَيْهَا ) قَالَ فِيهَا أَكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتَهَا خَاصَّةً لَا قَبْلَهَا شَيْءٌ وَلَا بَعْدَهَا شَيْءٌ .
ثُمَّ يَسْجُدُهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( وَأُوِّلَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فَهْمُ قَوْلِهَا أَكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتَهَا خَاصَّةً ( بِالْكَلِمَةِ ) الَّتِي يَسْجُدُ عِنْدَهَا كَيَسْجُدُونَ وَالْآصَالِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْآيَةِ وَالسُّجُودِ ( وَ ) أُوِّلَ بِ ( الْآيَةِ ) أَيْضًا نَحْوَ قَوْله تَعَالَى { وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ } .
وَنَحْوَ قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } ( قَالَ ) الْمَازِرِيُّ ( وَ ) التَّأْوِيلُ بِالْآيَةِ ( هُوَ الْأَشْبَهُ ) بِالْقَوَاعِدِ مِنْ الْأَوَّلِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْكَلِمَةِ
وَتَعَمُّدُهَا بِفَرِيضَةٍ أَوْ خُطْبَةٍ .
لَا نَفْلٍ مُطْلَقًا ، وَإِنْ قَرَأَهَا فِي فَرْضٍ ، لَا خُطْبَةٍ
( وَ ) كُرِهَ ( تَعَمُّدُ ) قِرَاءَةِ آيَاتِ ( هَا ) أَيْ السَّجْدَةِ ( بِفَرِيضَةٍ ) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَوْ صُبْحَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَعَمُّدِهَا وَلَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ وَلَيْسَ مِنْ تَعَمُّدِهَا الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ يَتَعَمَّدُهَا فَلَا يُكْرَهُ .
وَعُلِّلَتْ كَرَاهَةُ تَعَمُّدِهَا بِهَا بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ عَمَّهُ ذَمُّ { وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ } ، وَإِنْ سَجَدَ زَادَ فِي سُجُودِ الْفَرِيضَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا إنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَفَسَادَ الْفَرِيضَةِ .
قُلْت لَمَّا أَمَرَ الشَّارِعُ كُلَّ قَارِئٍ بِالسُّجُودِ عِنْدَهَا صَارَتْ مَحْضَةً .
إنْ قُلْت هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِي النَّفْلِ وَلَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِيهِ .
قُلْت لَمَّا كَانَتْ نَافِلَةً وَالصَّلَاةُ نَافِلَةٌ كَانَتْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ زَائِدَةً مَحْضَةً .
( أَوْ ) بِ ( خُطْبَةٍ ) سَوَاءٌ كَانَتْ خُطْبَةَ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِذَلِكَ ( لَا ) يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي ( نَفْلٍ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سِرًّا أَوْ جَهْرًا أَمِنَ التَّخْلِيطَ عَلَى مَأْمُومِيهِ أَمْ لَا فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ .
( وَإِنْ قَرَأَهَا ) أَيْ آيَةَ السَّجْدَةِ ( فِي فَرْضٍ ) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَوْ عَمْدًا ( سَجَدَ ) وَلَوْ بِوَقْتِ نَهْيٍ عَنْهَا لِتَبَعِيَّتِهَا لَهُ ( لَا ) يَسْجُدُ إنْ قَرَأَهَا فِي ( خُطْبَةٍ ) أَيْ يُكْرَهُ وَإِنْ سَجَدَ فَلَا تَبْطُلْ
وَجَهَرَ إمَامُ السِّرِّيَّةِ وَإِلَّا اُتُّبِعَ
( وَجَهَرَ ) نَدْبًا بِقِرَاءَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ ( إمَامُ ) الصَّلَاةِ ( السِّرِّيَّةِ ) لِيُعْلِمَ مَأْمُومِيهِ سَبَبَ سُجُودِهِ فَيَتْبَعُونَهُ فِيهِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا وَسَجَدَ ( اُتُّبِعَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ، أَيْ اتَّبَعَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِهِ وُجُوبًا غَيْرَ شَرْطٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَهْوِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُقْتَدَى بِهِ فِيهَا أَصَالَةً وَتَرْكُ الْوَاجِبِ الَّذِي لَيْسَ شَرْطًا لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَمْتَنِعُ اتِّبَاعُهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ .
وَمُجَاوِزُهَا بِيَسِيرٍ : يَسْجُدُ وَبِكَثِيرٍ : يُعِيدُهَا بِالْفَرْضِ وَلَمْ يَنْحَنِ ، وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ ، فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ : قَوْلَانِ .
( وَمُجَاوِزُهَا ) أَيْ مُتَعَدِّي الْكَلِمَةَ الَّتِي يُسْجَدُ عِنْدَهَا فِي التِّلَاوَةِ ( بِيَسِيرٍ ) مِنْ الْقُرْآنِ كَآيَتَيْنِ بِلَا سُجُودٍ عِنْدَهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا ( يَسْجُدُ ) عِنْدَ الْمَحَلِّ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ فِي التِّلَاوَةِ دُونَ إعَادَةِ قِرَاءَةِ مَحَلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ ( وَ ) مُجَاوِزُهَا ( بِكَثِيرٍ ) مِنْ الْقُرْآنِ كَثَلَاثِ آيَاتٍ ( يُعِيدُ ) قِرَاءَةَ آيَاتِ ( هَا ) أَيْ السَّجْدَةِ وَيَسْجُدُهَا عِنْدَ مَحَلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، وَصِلَةُ يُعِيدُهَا ( بِالْفَرْضِ ) وَبِالنَّفَلِ بِالْأَوْلَى ( مَا لَمْ يَنْحَنِ ) لِلرُّكُوعِ فَإِنْ انْحَنَى لَهُ فَاتَ فِعْلُهَا فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي انْحَنَى لِرُكُوعِهَا ، وَلَا يُعِيدُ قِرَاءَةَ آيَتِهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ لِكَرَاهَةِ تَعَمُّدِهَا فِيهِ .
( وَ ) يُعِيدُهَا نَدْبًا ( بِالنَّفْلِ فِي ثَانِيَتِهِ ) لِيَسْجُدَهَا ( فَفِي ) إعَادَةِ آيَتِهَا وَ ( فِعْلِهَا ) أَيْ السَّجْدَةِ ( قَبْلَ ) قِرَاءَةِ ( الْفَاتِحَةِ ) لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ بَعْدَهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَالْفَاتِحَةُ وَاجِبَةٌ فَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الْفَاتِحَةِ كَفَتْ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا ، الْأَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ .
وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا ؛ اعْتَدَّ بِهِ
( وَإِنْ قَصَدَهَا ) أَيْ السَّجْدَةَ بِانْحِطَاطِهِ فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ نَسِيَهَا ( فَرَكَعَ ) أَيْ نَوَى بِانْحِنَائِهِ الرُّكُوعَ ( سَهْوًا ) أَيْ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ ( اعْتَدَّ ) أَيْ اكْتَفَى الْمُصَلِّي وَاحْتَسَبَ ( بِهِ ) أَيْ الرُّكُوعِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهَا فَيَطْمَئِنُّ بِهِ وَيَرْفَعُ مِنْهُ وَفَاتَتْهُ السَّجْدَةُ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ ، فَإِنْ كَانَتْ أُولَى نَفْلٍ أَعَادَ آيَتَهَا فِي ثَانِيَتِهِ وَسَجَدَهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَإِلَّا فَلَا .
وَلَا سَهْوَ بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا أَوْ سُجُودٍ قَبْلَهَا سَهْوًا ؛ قَالَ : وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ تَكْرِيرُهَا ، إنْ ، كَرَّرَ حِزْبًا .
إلَّا الْمُعَلِّمَ وَالْمُتَعَلِّمَ فَأَوَّلُ مَرَّةٍ
( وَلَا سَهْوَ ) أَيْ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ عَنْ الْحَرَكَةِ لِلرُّكُوعِ وَقَالَ الْإِمَامُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيَخِرُّ سَاجِدًا فَلَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيَخِرُّ سَاجِدًا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ ، إلَّا إذَا ذَكَرَهَا قَبْلَ طُمَأْنِينَتِهِ فِي رُكُوعِهِ ( بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا ) أَيْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ فَإِنْ كَرَّرَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ( أَوْ سُجُودٍ ) لِلتِّلَاوَةِ ( قَبْلَ ) قِرَاءَةِ مَحَلِّ ( هَا ) أَيْ السَّجْدَةِ لِظَنِّهِ أَنَّ الَّذِي قَرَأَهُ مَحَلُّهَا ( سَهْوًا ) فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ سَوَاءٌ قَرَأَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَسَجَدَ لَهَا أَمْ لَا .
( قَالَ ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ ( وَأَصْلُ ) أَيْ قَاعِدَةُ ( الْمَذْهَبِ ) الْمَالِكِيِّ ( تَكْرِيرُهَا ) أَيْ السَّجْدَةِ ( إنْ كَرَّرَ حِزْبًا ) مَثَلًا فِيهِ مَحَلُّ سَجْدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا تَكْفِيهِ السَّجْدَةُ الْأُولَى ( إلَّا ) الشَّخْصَ ( الْمُعَلِّمَ وَ ) الشَّخْصَ ( الْمُتَعَلِّمَ ) الْمُكَرِّرَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ يَسْمَعُ ( فَ ) يَسْجُدُ ( أَوَّلَ مَرَّةٍ ) فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ ، فَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ عَلَى الْمَقُولِ .
وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَمَنْ قَرَأَ مَوَاضِعَ السَّجَدَاتِ أَوْ مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ عِنْدَ كُلِّ مَوْضِعٍ اتِّفَاقًا وَلَوْ مُعَلِّمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا .
وَنُدِبَ لِسَاجِدِ الْأَعْرَافِ : قِرَاءَةٌ قَبْلَ رُكُوعِهِ ، وَلَا يَكْفِي مِنْهَا رُكُوعٌ ، وَإِنْ : تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ ، صَحَّ وَكُرِهَ
( وَنُدِبَ لِسَاجِدِ ) التِّلَاوَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ آخِرِ ( الْأَعْرَافِ ) مَثَلًا قِرَاءَةٌ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ الْقِرَاءَةِ إذْ فِيهَا جَمْعُ سُورَتَيْنِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْفَرْضِ ، وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ ( قِرَاءَةٌ ) بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ السَّجْدَةِ مِنْ الْأَفْعَالِ أَوْ غَيْرِهَا ( قَبْلَ رُكُوعِهِ ) لِيَقَعَ عَقِبَ قِرَاءَةٍ كَمَا هِيَ سُنَّتُهُ ( وَلَا يَكْفِي عَنْهَا ) أَيْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَيْ بَدَلَهَا ( رُكُوعٌ ) سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( وَإِنْ تَرَكَهَا ) أَيْ السَّجْدَةَ عَمْدًا ( وَقَصَدَهُ ) أَيْ الرُّكُوعَ بِانْحِطَاطٍ ( صَحَّ ) رُكُوعُهُ ( وَكُرِهَ ) تَرْكُهَا .
وَسَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ ، لَا ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَيَسْجُدُ إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ .
وَ ) إنْ تَرَكَهَا ( سَهْوًا ) عَنْهَا وَرَكَعَ وَتَذَكَّرَهَا رَاكِعًا ( اعْتَدَّ بِهِ ) أَيْ بِرُكُوعِهِ ( عِنْدَ ) الْإِمَامِ ( مَالِكٍ ) رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَوَاهُ أَشْهَبُ ( لَا ) عِنْدَ الْإِمَامِ ( ابْنِ الْقَاسِمِ ) فَيَخِرُّ سَاجِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ شَيْئًا وَيَرْكَعُ ( فَيَسْجُدُ ) بَعْدَ السَّلَامِ ( إنْ ) كَانَ ( اطْمَأَنَّ بِهِ ) أَيْ بِرُكُوعِهِ الَّذِي تَذَكَّرَ فِيهِ تَرْكَهَا لِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ ، وَأَوْلَى إذَا رَفَعَ مِنْهُ سَاهِيًا فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَفَعَ سَهْوًا إلَخْ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ قَصَدَ السُّجُودَ وَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ نَسِيَهُ وَرَكَعَ ، وَفِي هَذِهِ سَهَا عَنْ السَّجْدَةِ وَقَصَدَ الرُّكُوعَ وَلَمَّا رَكَعَ تَذَكَّرَهَا وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ .
كَذَا قُرِّرَ وَالْحَقُّ التَّكْرَارُ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ الرُّكُوعَ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ فَقَدْ قَصَدَ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ فَيَتَّفِقُ الْإِمَامَانِ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى غَيْرِهِ .
( فَصْلٌ ) نُدِبَ نَفْلٌ ، وَتَأَكَّدَ بَعْدَ مَغْرِبٍ : كَظُهْرٍ وَقَبْلَهَا : كَعَصْرٍ بِلَا حَدٍّ ، وَالضُّحَى وَسِرٌّ بِهِ نَهَارًا ، وَجَهْرٌ لَيْلًا ، وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ ، وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ
( فَصْلٌ فِي النَّفْلِ ) ( نُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( نَفْلٌ ) فِي كُلِّ وَقْتٍ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ فِيهِ أَيْ مَا زَادَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالسُّنَنِ الْخَمْسِ وَالرَّغِيبَةِ لِذِكْرِهَا بَعْدَهُ وَمَعْنَاهُ لُغَةً مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ ، أَيْ يَتْرُكُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا مِنْ الْبِرِّ لَا يَتْرُكُهُ دَائِمًا لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ وَالسُّنَّةُ لُغَةً الطَّرِيقَةُ ، وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَاظَبَ عَلَيْهِ وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ .
وَالرَّغِيبَةُ لُغَةً الْخَيْرُ الْمُرَغَّبُ فِيهِ ، وَاصْطِلَاحًا مَا رَغَّبَ الشَّارِعُ فِيهِ وَحْدَهُ وَلَمْ يُظْهِرْهُ فِي جَمَاعَةٍ .
( وَتَأَكَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا نَدْبُ النَّفْلِ ( بَعْدَ ) صَلَاةِ ( مَغْرِبٍ ) وَبَعْدَ الذِّكْرِ الْوَارِدِ عَقِبَهَا وَشَبَّهَ فِي التَّأَكُّدِ فَقَالَ ( كَ ) النَّفْلِ ( بَعْدَ ) صَلَاةِ ( ظُهْرٍ وَقَبْلَهَا ) أَيْ الظُّهْرِ ( كَ ) النَّفْلِ قَبْلَ ( عَصْرٍ ) حَالَ كَوْنِ النَّفْلِ فِي الْأَوْقَاتِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ( بِلَا حَدٍّ ) أَيْ تَحْدِيدًا يَتَوَقَّفُ الْمَنْدُوبُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْتَفِي بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ النَّقْصِ عَنْهُ .
وَإِنْ كَانَ الْأَكْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَسِتٍّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ .
ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي تَقْدِيمِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهُ مَعْنًى لَطِيفٌ فَفِي التَّقْدِيمِ تَأْنِيسُ النَّفْسِ بِالْعِبَادَةِ وَتَقْرِيبُهَا لِلْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ الَّذِي هُوَ رُوحُ الْعِبَادَةِ لِبُعْدِهَا عَنْهُمَا بِاشْتِغَالِهَا بِأَسْبَابِ الدُّنْيَا .
فَإِذَا قَدَّمَ النَّفَلَ عَلَى الْفَرْضِ أَنِسَتْ النَّفْسُ بِالْعِبَادَةِ وَتَكَيَّفَتْ بِحَالَةِ تَقَرُّبِهَا مِنْ الْخُشُوعِ ، وَفِي تَأْخِيرِ النَّفْلِ عَنْ الْفَرْضِ جَبْرُ الْخَلَلِ وَالنَّقْصِ
الَّذِي يَقَعُ فِي الْفَرْضِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ، لَكِنْ تُكْرَهُ نِيَّةُ الْجَبْرِ بِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ بَلْ يَأْتِي بِهِ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ وَمُفَوِّضًا الْأَمْرَ لَهُ تَعَالَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ قَصْدُهُ .
وَشَرْطُ طَلَبِ النَّفْلِ الْقَبْلِيِّ اتِّسَاعُ وَقْتِ الْفَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا أَوْ جَمَاعَةً طَلَبَتْ غَيْرَهَا وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ سَابِقًا وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ وَجَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِعْلُهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا عَقِبَ نَفْلِهَا الْقَبْلِيِّ الَّذِي يُفِيتُ تَقْدِيمَهَا شَرْعًا لِكَوْنِهِ مُقَدِّمَةً لَهَا ، هَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا مَرَّ عَنْ الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ .
( وَ ) تَأَكَّدَ ( الضُّحَى ) وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَأَوْسَطُهُ سِتٌّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْمَلَهُ اثْنَا عَشَرَ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَكْمَلَهُ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ بِحَسَبِ مَا وَرَدَ وَلَا يُكْرَهُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ لَا تَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ أَفَادَهُ الْمِسْنَاوِيُّ ( وَ ) نُدِبَ ( سِرٌّ ) أَيْ إسْرَارٌ ( بِهِ ) أَيْ النَّفْلِ ( نَهَارًا ) وَفِي كَرَاهَةِ الْجَهْرِ بِهِ قَوْلَانِ إلَّا الْوِرْدَ إذَا صَلَّاهُ عَقِبَ الْفَجْرِ فَيَجْهَرُ بِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ ( وَ ) نُدِبَ ( جَهْرٌ ) بِهِ ( لَيْلًا ) إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى غَيْرِهِ وَإِسْرَارُهُ جَائِزٌ ( وَتَأَكَّدَ ) نَدْبُ الْجَهْرِ ( بِوِتْرٍ ) وَعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ .
( وَ ) تَأَكَّدَ ( تَحِيَّةُ ) رَبِّ ( مَسْجِدٍ ) بِرَكْعَتَيْنِ لِدَاخِلِهِ مُتَوَضِّئًا وَقْتَ جَوَازِ نَفْلٍ يُرِيدُ جُلُوسًا بِهِ ، وَكُرِهَ جُلُوسُهُ قَبْلَهَا وَلَا يُسْقِطُهَا ، وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَفَتْهُ الْأُولَى إنْ قَرُبَ رُجُوعُهُ عُرْفًا وَإِلَّا كَرَّرَهَا ، وَالْمَسْجِدُ يَشْمَلُ مَا تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ وَغَيْرَهُ .
رَوَى الْأَثْرَمُ فِي مُغْنِيهِ مَرْفُوعًا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَعْطُوا الْمَسَاجِدَ حَقَّهَا ، قَالُوا وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ
تُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسُوا } .
زَرُّوقٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدَ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ تَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ ، فَيَنْبَغِي الْإِتْيَانُ بِهَا وَقْتَ النَّهْيِ .
الْحَطَّابُ وَهُوَ حَسَنٌ فَيَنْبَغِي وَقْتَ النَّهْيِ أَوْ لِغَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ ، أَمَّا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ ، إنْ قِيلَ التَّحِيَّةُ وَقْتَ النَّهْيِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَكَيْفَ يَطْلُبُ بِبَدَلِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ .
قِيلَ بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا لَكِنْ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ صَلَاةٌ وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ ذِكْرٌ وَالْمُسْتَحَبُّ صَلَاتُهَا فِي أَوَّلِ الْمَسْجِدِ ، وَقِيلَ لَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ .
وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ ، وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ
( وَجَازَ تَرْكُ ) شَخْصٍ ( مَارٍّ ) بِمَسْجِدٍ تَحِيَّتَهُ وَهَذَا يَقْتَضِي طَلَبَهَا مِنْهُ ، وَلَكِنْ سَقَطَتْ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ .
وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا ، وَهَذَا الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَهَا إرَادَةُ الْجُلُوسِ وَجَوَازُ الْمُرُورِ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِيهَا وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِيَسَارَتِهِ ، فَإِنْ كَثُرَ كُرِهَ إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ لَهُ ( وَتَأَدَّتْ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ حَصَلَتْ التَّحِيَّةُ ( بِ ) صَلَاةِ ( فَرْضٍ ) بِالْمَسْجِدِ عَقِبَ دُخُولِهِ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إنْ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا ، وَتَتَأَدَّى بِسُنَّةٍ وَرَغِيبَةٍ أَيْضًا وَخَصَّ الْفَرْضَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ تَأْدِيَتِهَا بِهِ لَا بِصَلَاةِ جِنَازَةٍ لِكَرَاهَتِهَا فِيهِ .
وَبَدْءٌ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( وَ ) نُدِبَ ( بَدْءٌ بِهَا ) أَيْ التَّحِيَّةِ ( بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ) الْمُنَوَّرَةِ بِنُورِ سَاكِنِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لِتَعَلُّقِهَا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَعَلُّقِ السَّلَامِ عَلَيْهِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّيْءُ يَتْبَعُ مُتَعَلِّقَهُ فِي الشَّرَفِ فَهِيَ أَشْرَفُ مِنْ السَّلَامِ .
وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِلْأَمْرِ بِهِمَا ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ فِيهِ دَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ جَمَاعَةٌ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ التَّحِيَّةَ عَلَى السَّلَامِ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَخْشَى إضْرَارَهُمْ .
وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ بِمُصَلَّاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( وَ ) نُدِبَ ( إيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ ) أَيْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ ، عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ( بِمُصَلَّاهُ ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْ عُرِفَ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
مُصَلَّاهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى الْعَمُودِ الْمُحَلَّقِ وَلَيْسَ بِجَانِبِهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِجَانِبِهِ
وَالْفَرْضِ : بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ .
( وَ ) نُدِبَ إيقَاعُ صَلَاةِ ( الْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ ) الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ بِلَا فَاصِلٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَا التَّرْوِيحُ .
وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالطَّوَافُ
( وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ ) لِمَنْ طُلِبَ بِهِ وَلَوْ نَدْبًا أَوْ أَرَادَهُ وَلَوْ مَكِّيًّا فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ بِهِ وَلَمْ يُرِدْهُ فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ مَكِّيًّا فَالصَّلَاةُ إنْ كَانَ وَقْتَ جَوَازٍ وَأَرَادَ الْجُلُوسَ بِهِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَحِيَّةَ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ لَا رَكْعَتَاهُ ، وَيُؤَيِّدُهُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ } وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُزُولِيِّ وَالْقَاشَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ تَحِيَّتَهُ الرَّكْعَتَانِ وَعَلَى هَذَا إذَا صَلَّاهَا خَارِجَهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا .
وَتَرَاوِيحٍ ، وَانْفِرَادٌ بِهَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ ، وَالْخَتْمُ فِيهَا ، وَسُورَةٌ تُجْزِئُ ، ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ ، ثُمَّ جُعِلَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ ، وَخَفَّفَ مَسْبُوقُهَا ثَانِيَتَهُ وَلَحِقَ
( وَ ) تَأَكَّدَ ( تَرَاوِيحٌ ) أَيْ قِيَامُ رَمَضَانَ سُمِّيَ تَرَاوِيحُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُطِيلُونَ الْقِيَامَ فِيهِ فَيَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئَتَيْنِ يُصَلُّونَ تَسْلِيمَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُونَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَلِيَقْضِ مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَهَكَذَا ، وَوَقْتُهُ كَوَقْتِ الْوِتْرِ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ ، وَالْجَمَاعَةُ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ ( وَ ) نُدِبَ ( انْفِرَادٌ بِهَا ) أَيْ التَّرَاوِيحِ بُعْدًا عَنْ الرِّيَاءِ ( إنْ لَمْ تُعَطَّلْ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُثَقَّلًا ( الْمَسَاجِدُ ) عَنْ فِعْلِهَا فِيهَا وَكَانَ يَنْشَطُ لَهَا وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ آفَاقِيًّا بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ .
( وَ ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ ( الْخَتْمُ ) لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ ( فِيهَا ) أَيْ تَرَاوِيحِ الشَّهْرِ كُلِّهِ لِيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ ( وَسُورَةٌ ) أَيْ قِرَاءَتُهَا فِي جَمِيعِ تَرَاوِيحِ الشَّهْرِ كُلِّهِ ( تُجْزِئُ ) فِي حُصُولِ نَدْبِ قِرَاءَةِ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي التَّرَاوِيحِ مَعَ كَوْنِهَا خِلَافَ الْأَوْلَى وَهِيَ ( ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ ) رَكْعَةً بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَهَذَا الَّذِي جَرَى بِهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ .
( ثُمَّ جُعِلَتْ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ التَّرَاوِيحُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ ، فَخَفَّفُوا فِي الْقِيَامِ وَزَادُوا فِي الْعَدَدِ لِسُهُولَتِهِ فَصَارَتْ ( تِسْعًا وَثَلَاثِينَ ) بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً غَيْرَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَاسْتَقَرَّ الْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ .
( وَخَفَّفَ ) نَدْبًا ( مَسْبُوقُهَا ) أَيْ لِلتَّرَاوِيحِ بِرَكْعَةٍ ( ثَانِيَتَهُ ) الَّتِي قَامَ لِقَضَائِهَا عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ ( وَلَحِقَ ) الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الَّتِي تَلِيهَا ، وَقِيلَ يُخَفِّفُ بِحَيْثُ يُدْرِكُهُ فِي ثَانِيَتِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ
وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ عَلَيْهِ إدْرَاكُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ .
وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ : بِسَبِّحْ ، وَالْكَافِرُونَ ، وَوِتْرًا : بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ ؛ إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ فَمِنْهُ فِيهِمَا ، وَفِعْلُهُ لِمُنْتَبِهٍ آخِرَ اللَّيْلِ ، وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدِّمٌ ، ثُمَّ صَلَّى
( وَ ) نُدِبَ ( قِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ( وَالْكَافِرُونَ ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ فِيهِمَا ( وَ ) نُدِبَ قِرَاءَةُ ( وِتْرٍ ) وَهِيَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ ( بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ ) عَقِبَ الْفَاتِحَةِ لِكُلِّ مُصَلٍّ ( إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ أَيْ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْرَأُهُ فِي تَهَجُّدِهِ لَيْلًا ( فَمِنْهُ ) أَيْ حِزْبِهِ يَقْرَأُ ( فِيهِمَا ) أَيْ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْوَذِيِّ عَلَى صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ الصَّحِيحُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْوِتْرِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، كَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ .
وَهَذَا إذَا انْفَرَدَ ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ صَلَاةٌ فَلْيَجْعَلْ وِتْرَهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَلْيَكُنْ مَا يَقْرَأُ فِيهِ مِنْ حِزْبِهِ ، وَلَقَدْ انْتَهَتْ الْغَفْلَةُ بِقَوْمٍ أَنْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ ، فَإِذَا أَوْتَرُوا صَلَّوْا بِهَذِهِ السُّوَرِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ وِتْرُهُ مِنْ حِزْبِهِ فَتَنَبَّهُوا لِهَذَا .
وَلِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْتِزَامُ هَذِهِ السُّوَرِ أَيْضًا أَوْ قِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ وَلَهُ أَيْضًا إنْ كَانَ بَعْدَ تَهَجُّدٍ فَمَا تَيَسَّرَ ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ السُّوَرُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ .
( وَ ) نُدِبَ ( فِعْلُهُ ) أَيْ الْوِتْرِ مَعَ الْحِزْبِ آخِرَ اللَّيْلِ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُنْتَبِهٍ ) أَيْ عَادَتُهُ الِانْتِبَاهُ وَالِاسْتِيقَاظُ ( آخِرَ اللَّيْلِ ) تَنَازَعَهُ فِعْلُ وَمُنْتَبِهٍ ، وَمَفْهُومُ مُنْتَبِهٍ أَنَّ مَنْ عَادَتُهُ النَّوْمُ آخِرَ اللَّيْلِ أَوْ اسْتَوَى انْتِبَاهُهُ وَنَوْمُهُ ، فَيُنْدَبُ لَهُ فِعْلُهُ قَبْلَ نَوْمِهِ احْتِيَاطًا فِي الثَّانِيَةِ ، وَفِي الرِّسَالَةِ نُدِبَ تَأْخِيرُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَرُجِّحَ ( وَلَمْ يُعِدْهُ ) أَيْ الْوِتْرَ شَخْصٌ ( مُقَدِّمٌ ) لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ إذَا انْتَبَهَ آخِرُهُ أَيْ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ ( ثُمَّ صَلَّى ) أَيْ تَنْدُبُ لَهُ صَلَاةُ النَّفْلِ عَقِبَ انْتِبَاهِهِ
وَجَازَ ، وَعَقِبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ بِسَلَامٍ ، إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ
( وَجَازَ ) أَيْ التَّنَفُّلُ بَعْدَ الْوِتْرِ وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ عَقِبَهُ إذَا طَرَأَ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ أَوْ فِيهِ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمُوَضِّحُ ، وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُونَ وَأَخَذُوهُ مِنْ قَوْلِهَا : وَمَنْ أَوْتَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلًا ا هـ وَلَمْ يَصِلْهُ بِوِتْرِهِ بِأَنْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِفَاصِلٍ عَادِيٍّ وَإِلَّا كُرِهَ .
( وَ ) نُدِبَ فِعْلُهُ ( عَقِيبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ ) عَنْهُ نَدْبًا ( بِسَلَامٍ ) ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّفْعُ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ .
وَقِيلَ لِلصِّحَّةِ وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِهِ قَوْلَانِ الْمُوَضِّحُ يَقْتَضِي كَلَامُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُ الشَّفْعِ لِلْفَضِيلَةِ وَاَلَّذِي لِلْبَاجِيِّ تَشْهِيرُ الثَّانِي ، فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يَكُونُ الْوِتْرُ إلَّا عَقِبَ شَفْعٍ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
ثُمَّ قَالَ الْمُوَضِّحُ وَفِيهَا لَا يَنْبَغِي أَنَّهُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ فَقَوْلُهَا لَا يَنْبَغِي يَقْتَضِي أَنَّهُ فَضِيلَةٌ وَكَوْنُهُ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ ا هـ ، أَيْ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ لِلْمُسَافِرِ لِقَوْلِهَا لَا يُوتِرُ الْمُسَافِرُ بِوَاحِدَةٍ .
وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِ إلَخْ فِي رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِنِيَّةٍ أَوْ يَكْتَفِي بِأَيِّ رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا ، وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ .
الرَّمَاصِيُّ اُنْظُرْ كَيْفَ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ كَوْنِ الشَّفْعِ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ مَعَ تَوَرُّكِهِ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ بِتَشْهِيرِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ .
قُلْت لَعَلَّهُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ لِلْفَضِيلَةِ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ ا هـ .
بُنَانِيٌّ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مُعْتَمَدَ الْمَذْهَبِ أَنَّ تَقَدُّمَ الشَّفْعِ شَرْطُ كَمَالٍ وَأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ .
( إلَّا
لِاقْتِدَاءٍ بِ ) إمَامٍ ( وَاصِلٍ ) الشَّفْعَ بِالْوِتْرِ فَيَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُ فِي وَصْلِهِ وَاقْتِدَاؤُهُ بِهِ مَكْرُوهٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهَا .
فَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي وَصْلِهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ الشَّفْعِ فَلَا يَبْطُلُ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِهِ ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ بِالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الشَّفْعَ وَبِالْأَخِيرَةِ الْوِتْرَ وَأَحْدَثَهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِوَصْلِهِ إلَّا عِنْدَ قِيَامِهِ لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ ، فَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ قَضَى رَكْعَةَ الشَّفْعِ وَكَانَ وِتْرُهُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ شَفْعٍ ، وَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَتَيْنِ قَضَى الشَّفْعَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَكَانَ وِتْرُهُ قَبْلَ شَفْعٍ أَفَادَهُ عج وعبق وَالْخَرَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ قَدْ يُقَالُ يَدْخُلُ بِنِيَّةِ الشَّفْعِ ثُمَّ يُوتِرُ وَالنَّفَلُ خَلْفَ النَّفْلِ جَائِزٌ مُطْلَقًا عَلَى أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى التَّرْتِيبِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ أَوْلَى وَكَأَنَّهُمْ رَاعَوْا أَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ أَوْلَى لَكِنْ مُخَالَفَتُهُ لَازِمَةٌ لِأَنَّ الثَّلَاثَ كُلَّهَا عِنْدَهُ وِتْرٌ وَقَدْ قَالُوا لَا تَضُرُّ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِي هَذَا .
وَكُرِهَ وَصْلُهُ وَوِتْرٌ بِوَاحِدَةٍ وَقِرَاءَةُ ثَانٍ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ أَوْ أَثْنَاءِ نَفْلٍ ، لَا أَوَّلَهُ ، وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ ، أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَكَلَامٌ بَعْدَ صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ ، لَا بَعْدَ فَجْرٍ ، وَضِجْعَةٌ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ فَجْرٍ
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( وَصْلُهُ ) أَيْ الشَّفْعِ بِالْوِتْرِ بِتَرْكِ السَّلَامِ مِنْ الشَّفْعِ لِغَيْرِ مُقْتَدٍ بِوَاصِلٍ وَإِنْ كُرِهَ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ ( وَ ) كُرِهَ ( وِتْرٌ بِ ) رَكْعَةٍ ( وَاحِدَةٍ ) مِنْ غَيْرِ شَفْعٍ قَبْلَهَا عَلَى أَنَّهُ لِلْفَضِيلَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَوْ لِمَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ ( وَ ) كُرِهَ ( قِرَاءَةُ ) إمَامٍ ( ثَانٍ ) فِي التَّرَاوِيحِ ( مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ ) قِرَاءَةِ الْإِمَامِ ( الْأَوَّلِ ) لِأَنَّ الْغَرَضَ إسْمَاعُهُمْ جَمِيعَهُ .
( وَ ) كُرِهَ ( نَظَرٌ بِمُصْحَفٍ ) أَيْ قِرَاءَةٌ فِيهِ ( فِي ) صَلَاةِ ( فَرْضٍ ) سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ ( أَوْ ) فِي ( أَثْنَاءِ نَفْلٍ ) لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِهِ ( لَا ) يُكْرَهُ النَّظَرُ بِمُصْحَفٍ فِي ( أَوَّلِهِ ) أَيْ النَّفْلِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ ( وَ ) كُرِهَ ( جَمْعٌ كَثِيرٌ لِ ) صَلَاةِ ( نَفْلٍ ) إلَّا التَّرَاوِيحَ ( أَوْ ) جَمْعٌ قَلِيلٌ كَرَجُلَيْنِ وَثَلَاثَةٍ ( بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ ) حَذَرَ الرِّيَاءِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ قَلِيلًا بِمَكَانٍ غَيْرِ مُشْتَهِرٍ ( فَلَا ) يُكْرَهُ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِكَرَاهَةِ الِاجْتِمَاعِ فِيهَا كَلَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ وَأَوَّلِ جُمُعَةِ رَجَبٍ وَلَيْلَةِ عَاشُورَاءَ .
( وَ ) كُرِهَ ( كَلَامٌ ) دُنْيَوِيٌّ ( بَعْدَ ) صَلَاةِ ( صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ ) لِلشَّمْسِ إذْ الْمَطْلُوبُ فِي هَذَا الْوَقْتِ الِاسْتِغْفَارُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ ، وَكَذَا حَالَ الطُّلُوعِ وَبَعْدَهُ إلَى ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ ، ثُمَّ الصَّلَاةُ لِحَدِيثِ مَنْ { صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ وَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ ثَوَابُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ } ، كَرَّرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثَلَاثًا تَأْكِيدًا لِلتَّرْغِيبِ فِي الِامْتِثَالِ فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ حِرْمَانُ نَفْسِهِ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ : وَإِنَّ سَبِيلِي وَاضِحٌ لِمَنْ اهْتَدَى وَلَكِنَّهَا
الْأَهْوَاءُ عَمَّتْ فَأَعْمَتْ ( لَا ) يُكْرَهُ الْكَلَامُ ( بَعْدَ ) صَلَاةِ ( فَجْرٍ وَقَبْلَ ) صَلَاةِ ( صُبْحٍ وَ ) كُرِهَ ( ضِجْعَةٌ ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الِاضْطِجَاعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلًا وَاضِعًا كَفَّهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ ( بَيْنَ ) صَلَاةِ ( صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ) إذَا فَعَلَهَا اسْتِنَانًا لَا اسْتِرَاحَةً مِنْ طُولِ قِيَامِ اللَّيْلِ
وَالْوِتْرُ سُنَّةُ آكَدُ ، ثُمَّ عِيدٌ ، ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ ، وَشَفَقٌ لِلْفَجْرِ ، وَضَرُورِيَّةٌ لِلصُّبْحِ
( وَالْوِتْرُ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا ( سُنَّةٌ ) وَهُوَ ( آكَدُ ) السُّنَنِ الْخَمْسِ ( ثُمَّ ) يَلِيهِ ( عِيدُ ) الْأَضْحَى أَوْ فِطْرٍ وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ .
( ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ ) وَاَلَّذِي فِي الْبَيَانِ وَالْجَوَاهِرِ أَنَّ الْوِتْرَ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَيْضًا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ أَنَّ آكَدَ السُّنَنِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَالْجِنَازَةُ ، لِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُهُمَا ثُمَّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ غَيْرِ الْوَاجِبِ لِاسْتِوَاءِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا وَالْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِمَا ثُمَّ الْعُمْرَةُ لِضَعْفِ قَوْلِ ابْنِ الْجَهْمِ بِوُجُوبِهَا ثُمَّ الْوِتْرُ إلَخْ ( وَوَقْتُهُ ) أَوْ الْوِتْرُ الْمُخْتَارُ ( بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَ ) بَعْدَ مَغِيبِ ( شَفَقٍ ) أَحْمَرَ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلَا بَعْدَهَا قَبْلَ مَغِيبِ شَفَقِ لَيْلَةِ جَمْعِ الْمَطَرِ وَيَنْتَهِي ( لِ ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ ) الصَّادِقِ ( وَضَرُورِيَّةٌ ) أَيْ الْوِتْرُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ ( لِ ) تَمَامِ صَلَاةِ ( الصُّبْحِ ) وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ لَهُ بِلَا عُذْرٍ .
وَنُدِبَ قَطْعُهَا لِفَذٍّ ، لَا مُؤْتَمٍّ
( وَنُدِبَ قَطْعُهَا ) أَيْ الصُّبْحِ ( لَهُ ) أَيْ الْوِتْرِ إذَا تَذَكَّرَهُ فِيهَا وَصِلَةُ نُدِبَ ( لِفَذٍّ ) عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَيُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ ( لَا ) يُنْدَبُ قَطْعُ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ لِشَخْصٍ ( مُؤْتَمٍّ ) تَذَكَّرَ الْوِتْرَ فِي الصُّبْحِ خَلْفَ إمَامِهِ وَيَجُوزُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ قَطْعِهَا وَإِتْمَامِهَا مَعَ الْإِمَامِ ، وَهَذَا الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ أَوَّلًا يُنْدَبُ تَمَادِيهِ مَعَ إمَامِهِ .
وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ
( وَفِي الْإِمَامِ ) الَّذِي تَذَكَّرَ الْوِتْرَ وَهُوَ فِي الصُّبْحِ ( رِوَايَتَانِ ) عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رِوَايَةٌ بِنَدْبِ قَطْعِهِ وَرِوَايَةٌ بِجَوَازِهِ .
وَإِذَا قَطَعَ فَفِي قَطْعِ مَأْمُومِيهِ وَالِاسْتِخْلَافِ عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ تَرْجِيحُ الْأُولَى لِأَنَّهُ عَزَّاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَدْبُ تَمَادِيهِ فَإِنَّهَا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ نَدْبُ قَطْعِهِ وَنَدْبُ تَمَادِيهِ وَتَخْيِيرُهُ .
وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ : تَرَكَهُ ، لَا لِثَلَاثٍ وَلِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ ، وَلَوْ قَدَّمَ ، وَلِسَبْعٍ زَادَ الْفَجْرَ
( وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ ) الضَّرُورِيُّ ( إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ ) يُصَلِّي فِيهِمَا الصُّبْحَ ( تَرَكَهُ ) أَيْ الْوِتْرَ مُحَافَظَةً عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ كُلِّهَا فِي وَقْتِهَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُصَلِّي الْوِتْرَ وَيُدْرِكُ وَقْتَ الصُّبْحِ بِرَكْعَةٍ ، وَيَقْضِي الْفَجْرَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ( لَا ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ ( لِثَلَاثٍ ) أَوْ أَرْبَعٍ فَلَا يَتْرُكُهُ بَلْ يُصَلِّيهِ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ .
وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ كَانَ الْبَاقِي يَتَّسِعُ أَرْبَعًا يُصَلِّي الشَّفْعَ فَالْوِتْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ وَيَقْضِي الْفَجْرَ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ .
( وَ ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ ( لِخَمْسٍ ) أَوْ سِتٍّ مِنْ الرَّكَعَاتِ ( صَلَّى الشَّفْعَ ) أَيْ فَالْوِتْرَ فَالصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ .
وَقَالَ أَصْبَغُ إذَا بَقِيَ سِتٌّ يُصَلِّي الشَّفْعَ فَالْوِتْرَ فَالْفَجْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ وَبَالَغَ عَلَى صَلَاةِ الشَّفْعِ إنْ اتَّسَعَ لِخَمْسٍ بِقَوْلِهِ ( وَلَوْ قَدَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَلَّى الشَّفْعَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَيُعِيدُهُ لِيَصِلَهُ بِالْوِتْرِ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَدَّمَ الشَّفْعَ لَا يُعِيدُهُ وَيُصَلِّي الْوِتْرَ فَالْفَجْرَ فَالصُّبْحَ وَاعْتَمَدَ ( وَ ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِسَبْعٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ زَادَ الْفَجْرَ ) عَقِبَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَقَبْلَ الصُّبْحِ .
وَهِيَ رَغِيبَةٌ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا ، وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ وَلَوْ بِتَحَرٍّ ، وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ .
وَإِيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ ، وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ ، وَإِنْ فَعَلَهَا بِبَيْتِهِ لَمْ يَرْكَعْ ، وَلَا يُقْضَى غَيْرُ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَلِلزَّوَالِ ،
( وَهِيَ ) أَيْ صَلَاةُ الْفَجْرِ ( رَغِيبَةٌ ) كَالْعِلْمِ بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ التَّرْغِيبِ فِيهَا ، وَهِيَ رُتْبَةٌ دُونَ السُّنَّةِ وَفَوْقَ النَّافِلَةِ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَلَهُ قُوَّةٌ أَيْضًا ( تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا ) أَيْ تُمَيِّزُهَا عَنْ مُطْلَقِ النَّفْلِ بِخِلَافِهِ وَالْوَقْتُ يَصْرِفُهُ لِلْمَطْلُوبِ فِيهِ .
فَإِنْ كَانَ عَقِبَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ صَرَفَهُ لِلضُّحَى ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ صَرَفَهُ لِلتَّحِيَّةِ ، وَإِنْ كَانَ عَقِبَ عِشَاءِ رَمَضَانَ صَرَفَهُ لِلتَّرَاوِيحِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ فَرْضٍ أَوْ بَعْدَهُ صُرِفَ لِرَاتِبَتِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَصِيَامٍ فَلَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الْعَيْنِ ، بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالرَّغِيبَةِ وَلَيْسَ لَنَا رَغِيبَةٌ إلَّا الْفَجْرُ .
( وَلَا تُجْزِئُ ) صَلَاةُ الْفَجْرِ فِي الرَّغِيبَةِ ( إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا ) أَيْ سَبَقِهِ ( لِ ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ ) إنْ كَانَ لَمْ يَتَحَرَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ صَلَّاهَا ( بِتَحَرٍّ ) أَيْ اجْتِهَادٍ حَتَّى اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَهُ ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَجْزَأَتْ مَعَ التَّحَرِّي فِيهِمَا لَا مَعَ عَدَمِهِ فَالصُّوَرُ سِتٌّ لَا تُجْزِئُ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا ( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( الِاقْتِصَارُ ) فِيهَا ( عَلَى الْفَاتِحَةِ ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِيهَا بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَصَحِيحِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَقَدْ جُرِّبَ لِوَجَعِ الْأَسْنَانِ فَصَحَّ وَلَا يَذْكُرُ مَنْ قَرَأَ فِيهَا بِأَلَمْ وَأَلَمْ لَمْ يُصِبْهُ أَلَمٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ
بِدْعَةٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا ، وَفِي وَسَائِلِ الْحَاجَاتِ وَأَسْبَابِ الْمُنَاجَاتِ لِلْغَزَالِيِّ مِنْ الْإِحْيَاءِ مِمَّا جُرِّبَ لِدَفْعِ الْمَكَارِهِ وَقُصُورِ يَدِ كُلِّ عَدُوٍّ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إلَيْهِ سَبِيلًا قِرَاءَةُ ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) ( وَأْلَمْ تَرَ كَيْفَ ) فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( إيقَاعُهَا ) أَيْ الرَّغِيبَةِ ( بِمَسْجِدٍ وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ ) الْمَنْدُوبَةِ عِنْدَ دُخُولِهِ لِمَنْ دَخَلَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ ، يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إنْ نَوَاهَا بِهَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّغِيبَةَ ( وَإِنْ فَعَلَهَا ) أَيْ صَلَّى الرَّغِيبَةَ ( بِبَيْتِهِ ) ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ وَوَجَدَ النَّاسَ مُنْتَظِرِينَ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ ( لَمْ يَرْكَعْ ) تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ وَقْتُ جَوَازٍ لِلنَّفْلِ وَلَا الرَّغِيبَةِ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ ، وَهِيَ لَا تُعَادُ فَيَجْلِسُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَاسْتِثْنَائِهَا مِنْ كَرَاهَةِ النَّفْلِ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَنَقْلُ ابْنِ بَشِيرٍ إعَادَتَهَا بِنِيَّةِ الْفَجْرِ لَا أَعْرِفُهُ .
( وَلَا يُقْضَى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قِيلَ يَحْرُمُ الْعَدَوِيُّ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَلَيْسَ مَنْقُولًا فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَلَا سِيَّمَا وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ جَوَّزَ الْقَضَاءَ وَنَائِبُ فَاعِلِ لَا يُقْضَى ( غَيْرُ فَرْضٍ إلَّا هِيَ ) أَيْ الرَّغِيبَةِ ( فَ ) تُقْضَى مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ ( لِلزَّوَالِ ) وَمَنْ فَاتَتْهُ الرَّغِيبَةُ وَالصُّبْحُ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرَّةً يُقَدِّمُ قَضَاءَ الصُّبْحِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَقَالَ أَيْضًا يُقَدِّمُ قَضَاءَ الرَّغِيبَةِ .
وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ وَهُوَ بِمَسْجِدٍ : تَرَكَهَا ، وَخَارِجَهُ : رَكَعَهَا ؛ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ
( وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ ) لِلرَّاتِبِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الرَّغِيبَةَ ( وَهُوَ ) أَيْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الرَّغِيبَةَ ( بِمَسْجِدٍ ) أَوْ رَحْبَتِهِ ( تَرَكَهَا ) أَيْ الرَّغِيبَةَ وُجُوبًا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصُّبْحِ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِحَيْثُ إذَا صَلَّاهَا وَدَخَلَ مَعَهُ يُدْرِكُهُ فِيهَا ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَهَا خَارِجَهَا ثُمَّ يَقْضِيَهَا وَقْتَ حِلِّ النَّفْلِ ، وَلَا يُسْكِتُ الْإِمَامُ الْمُقِيمَ لِيُصَلِّيَهَا بِخِلَافِ الْوِتْرِ فَيُسْكِتُهُ لَهُ بِالْأَوْلَى مِنْ قَطْعِ الصُّبْحِ لَهُ هَذَا الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ يُونُسَ ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ وَسَنَدٌ أَنَّهُ يُسْكِتُهُ وَلَمْ يَحْكِيَا غَيْرَهُ .
وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ عَلَى مَنْ يُصَلِّ الْفَجْرَ حَالَ كَوْنِهِ ( خَارِجَهُ ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَخَارِجَ رَحْبَتِهِ ( رَكَعَهَا ) أَيْ صَلَّى الْفَجْرَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ ( إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ ) مِنْ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ بِصَلَاتِهِ الْفَجْرَ ، فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دَخَلَ مَعَهُ نَدْبًا وَقَضَاهَا وَقْتَ حِلِّ النَّفْلِ
وَهَلْ الْأَفْضَلُ كَثْرَةُ السُّجُودِ أَوْ طُولُ الْقِيَامِ ؟ قَوْلَانِ .
( وَهَلْ الْأَفْضَلُ ) فِي النَّفْلِ ( كَثْرَةُ السُّجُودِ ) لِخَبَرِ { عَلَيْك بِكَثْرَةِ السُّجُودِ فَإِنَّك لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَك اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْك خَطِيئَةً } ( أَوْ ) الْأَفْضَلُ فِيهِ ( طُولُ الْقِيَامِ ) بِالْقُرْآنِ لِخَبَرِ { أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ أَيْ الْقِيَامِ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ حَتَّى تَتَوَرَّمَ قَدَمَاهُ ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى إحْدَى عَشْرَ رَكْعَةً فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ غَالِبًا } فِيهِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا مَحَلُّهَا إذَا اسْتَوَيَا زَمَنًا وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ هُوَ الْأَطْوَلُ .
( فَصْلٌ ) الْجَمَاعَةُ بِفَرْضٍ ، غَيْرِ جُمُعَةٍ : سُنَّةٌ وَلَا تَتَفَاضَلُ ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ
( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ حُكْمِ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ ( الْجَمَاعَةُ ) أَيْ الصَّلَاةُ مَعَهَا بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ ( بِفَرْضٍ ) أَدَاءً أَوْ قَضَاءً نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَالْحَطّ عَنْ رِوَايَةِ عِيسَى وَنَعْتُ فَرْضٍ بِ ( غَيْرِ جُمُعَةٍ ) وَخَبَرُ الْجَمَاعَةِ ( سُنَّةٌ ) مُؤَكَّدَةٌ وَمَفْهُومُ فَرْضٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ : فَمِنْهُ مَا الْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِي سُنِّيَّتِهِ كَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ ، وَمِنْهُ مَا هِيَ فِيهِ مَنْدُوبَةٌ كَالتَّرَاوِيحِ ، وَمِنْهُ مَا هُوَ فِيهِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَشَفْعٍ وَوِتْرٍ وَفَجْرٍ ، وَمِنْهُ مَا هِيَ فِيهِ مَكْرُوهَةٌ إنْ كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ أَوْ اُشْتُهِرَ الْمَكَانُ .
وَمَفْهُومُ غَيْرِ جُمُعَةٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةً فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَاجِبٌ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَشَمِلَ الْفَرْضُ الْجِنَازَةَ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ فَهِيَ سُنَّةٌ فِيهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَجَعَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَاجِبًا شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَالْجُمُعَةِ .
فَإِنْ صُلِّيَتْ بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ .
وَقِيلَ تُنْدَبُ فِيهَا .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْبَلَدِ ، وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ ، وَلِكُلِّ مُصَلٍّ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ وَيُقَاتَلُ تَارِكُوهَا لِتَفْرِيطِهِمْ فِي السُّنَّةِ وَالشَّعِيرَةِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَشِيرٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْبَلَدِ يُقَاتَلُ أَهْلُهُ إنْ تَرَكُوهُ وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَمَنْدُوبَةٌ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ الْأَبِيِّ هَذَا أَقْرَبُ لِلْحَقِّ .
( وَلَا تَتَفَاضَلُ ) أَيْ لَا يَتَفَاوَتُ فَضْلُهَا تَفَاوُتًا تُطْلَبُ الْإِعَادَةُ لِأَجْلِهِ أَوْ فِي كَمِّيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَالدَّرَجَاتِ وَإِلَّا فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَأَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا مَعَ غَيْرِهِمْ ، لَكِنْ لَمْ يَزِدْ طَلَبُ الْإِعَادَةِ لِإِدْرَاكِ الْأَفْضَلِ بَعْدَ فِعْلِهَا مَعَ مَنْ هُوَ دُونَهُ .
( وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا ) أَيْ الْجَمَاعَةِ الْوَارِدُ بِهِ الْحَدِيثُ وَهُوَ { صَلَاةُ
الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا } وَفِي رِوَايَةٍ { صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً } وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجُزْءَ أَعْظَمُ مِنْ الدَّرَجَةِ فَمَجْمُوعُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ جُزْءًا مُسَاوٍ لِمَجْمُوعِ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً ، وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَيْهِ أَوَّلًا الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ فَأَخْبَرَهُ بِهَا ثُمَّ تَفَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِزِيَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ فَأَخْبَرَ بِهِمَا مَعَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ ، وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقَدُّمِ رِوَايَةِ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ عَلَى رِوَايَةِ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ ، وَصِلَةُ يَحْصُلُ ( بِرَكْعَةٍ ) كَامِلَةٍ يُدْرِكُهَا مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ يَنْحَنِيَ بِحَيْثُ تَقْرَبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ بِتَقْدِيرِ مَوْضِعِهِمَا عَلَى فَخِذَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ وَاعْتِدَالِهِ مُطْمَئِنًّا ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَهُ فَمُدْرِكُ مَا دُونَهَا لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالدُّخُلِ مَعَ الْإِمَامِ وَمَأْجُورًا بِلَا نِزَاعٍ إذَا لَمْ يَكُنْ .
مُعِيدًا لِتَحْصِيلِ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ .
وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِالدُّخُولِ مَعَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فَلَا يُؤْجَرُ .
وَقَدْ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ فَضْلَهَا يَحْصُلُ وَيُدْرَكُ بِجُزْءٍ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ ، وَأَنَّ حُكْمَهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَكْعَةٍ دُونَ أَقَلَّ مِنْهَا ، وَحُكْمُهَا أَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَلَا يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ وَتَرَتُّبُ سُجُودِ سَهْوِ إمَامِهِ عَلَيْهِ وَتَسْلِيمِهِ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَصِحَّةُ اسْتِخْلَافِهِ .
وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ سَجْدَتَيْهَا قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنْ زُوحِمَ أَوْ نَعَسَ عَنْهُمَا حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ فَعَلَهُمَا بَعْدَ سَلَامِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَمَنْ سَجَدَهُمَا مَعَهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ : الْأَوَّلُ
لِأَشْهَبَ ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ ، كَذَا فِي الْبُنَانِيِّ .
وَعَكَسَ الْعَدَوِيُّ النِّسْبَةَ إلَى الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعْدَ عَقْدِهِ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ لِظَنِّهَا غَيْرَهَا فَتَبَيَّنَتْ الْأَخِيرَةَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ عَقِبَهَا وَلَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا فَذًّا ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ تَكْمِيلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا وَلَا شَفْعُهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَغْرِبًا وَلَا عِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا .
وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ ، الْقَطْعِ وَالشَّفْعِ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي مُعَادَةٍ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ صَلَّاهَا فَذًّا بَعْدَ عَقْدِهِ الْأَخِيرَةَ بِظَنِّهَا غَيْرَهَا فَظَهَرَتْ الْأَخِيرَةَ بِالسَّلَامِ عَقِبَهَا ، وَرُبَّمَا الْتَبَسَتْ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَأَجْرَى التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى أَيْضًا خَطَأً نَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ عَنْ الْمِعْيَارِ
وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ : كَمُصَلٍّ بِصَبِيٍّ - إلَّا امْرَأَةً - أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا مَأْمُومًا ، وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ ، غَيْرَ مَغْرِبٍ : كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ فَإِنْ أَعَادَ وَلَمْ يَعْقِدْ قَطَعَ ، وَإِلَّا شَفَعَ
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لِمَنْ ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي صَلَّى وَ ( لَمْ يُحَصِّلْهُ ) أَيْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ رَجُلٌ ( كَمُصَلٍّ ) إمَامًا بِمَأْمُومٍ ( صَبِيٍّ ) وَأَوْلَى مَنْ صَلَّى فَذًّا وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ ( لَا ) لِمَنْ حَصَّلَهُ كَرَجُلٍ صَلَّى إمَامًا لِ ( اِ ) مَرْأَةٍ لِأَنَّ صَلَاتَهَا فَرْضٌ وَصَلَاةَ الصَّبِيِّ نَفْلٌ ، وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ ( أَنْ يُعِيدَ ) صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا لِصَبِيٍّ وَلَوْ بِوَقْتٍ ضَرُورِيٍّ حَالَ كَوْنِهِ ( مُفَوِّضًا ) أَمْرَهُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي جَعْلِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَرْضَهُ الْفَاكِهَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ يَنْوِي الْفَرْضَ وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي قَبُولِ أَيِّ الْفَرْضَيْنِ شَاءَ .
وَقِيلَ يَنْوِي النَّفَلَ وَقِيلَ يَنْوِي إكْمَالَ الْفَرْضِ الَّذِي صَلَّاهُ فَذًّا وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ : فِي نِيَّةِ الْعَوْدِ لِلْمَفْرُوضِ أَقْوَالٌ فَرْضٌ وَنَفْلٌ وَتَفْوِيضٌ وَإِكْمَالٌ وَكُلُّهَا مُشْكِلَةٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَالَ كَوْنِهِ ( مَأْمُومًا ) فَإِنْ أَعَادَ إمَامًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُعِيدِ تُشْبِهُ النَّفَلَ ، وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ شِبْهِ نَفْلٍ وَاسْتَثْنَى مِمَّنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ مَنْ صَلَّى فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى .
فَلَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهِمَا جَمَاعَةً وَمِنْ مَفْهُومِ مَأْمُومًا مَنْ صَلَّى بِغَيْرِهَا كَذَلِكَ وَدَخَلَ أَحَدُهُمَا فَيُعِيدُ فِيهِ ، فَذًّا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِمَا وَمِنْ مَفْهُومِ لَمْ يُحَصِّلْهُ مَنْ حَصَّلَهُ فِي غَيْرِهَا وَدَخَلَهَا فَيُعِيدُ فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ لَا فَذًّا .
وَقِيلَ يُعِيدُ فِيهَا فَذًّا أَيْضًا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِ .
وَبَالَغَ عَلَى إعَادَتِهِ مَأْمُومًا فَقَالَ ( وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا إذَا
كَانَ إمَامًا رَاتِبًا فَيُعِيدُ مَعَهُ لِأَنَّهُ كَجَمَاعَةٍ ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ ، وَمَفْعُولُ يُعِيدُ قَوْلُهُ فَرْضًا ( غَيْرَ مَغْرِبٍ ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحْرُمُ إعَادَتُهَا لِصَيْرُورَتِهَا مَعَ الْأُولَى شَفْعًا فَتَنْتَفِي حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا ثَلَاثًا مِنْ إيتَارِ عَدَدِ رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ النَّهَارِيَّةِ وَلِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ النَّفَلَ بِثَلَاثٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ ( كَعِشَاءٍ ) صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ وَأَوْتَرَ عَقِبَهَا فَلَا تُعَادُ ( بَعْدَ وِتْرٍ ) أَيْ تُمْنَعُ إعَادَتُهَا لِأَنَّهُ إنْ أَعَادَ الْوِتْرَ لَزِمَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ } .
وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ لَزِمَ مُخَالَفَةُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا } .
وَفِي إفَادَةِ هَذِهِ الْعِلَلِ الْمَنْعَ نَظَرٌ مَعَ إجَازَتِهِمْ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْوِتْرِ ، وَالْإِعَادَةُ أَقْوَى مِنْهُ بِدَلِيلِ إعَادَةِ الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَالظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ .
أَبُو إِسْحَاقَ أَجَازُوا إعَادَةَ الْعَصْرِ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا وَإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ نَفْلًا ، وَكَذَلِكَ الصُّبْحَ لِرَجَاءِ أَنْ تَكُونَ الْمُعَادَةُ فَرِيضَةً ، وَكُرِهَتْ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِ الثَّانِيَةِ فَرِيضَةً لِلُزُومِ النَّفْلِ بِثَلَاثٍ ، وَكَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ خَفِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَمَفْهُومُ بَعْدَ وِتْرٍ نَدْبُ إعَادَتِهَا قَبْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا .
( فَإِنْ أَعَادَ ) أَيْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ نَاسِيًا صَلَاتَهَا فَذًّا ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهَا فَذًّا وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ ( لَمْ يَعْقِدْ ) رَكْعَةً مِنْهَا ( قَطَعَ ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا وَخَرَجَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ كَهَيْئَةِ الرَّاعِفِ لِئَلَّا يَطْعَنَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ بِرَفْعِ
رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا ( شَفَعَ ) نَدْبًا مَعَ الْإِمَامِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ وَخَرَجَ بِهَيْئَةِ الرَّاعِفِ لِذَلِكَ .
وَلَوْ فَصَلَ بِجُلُوسٍ بَيْنَ رَكْعَتَيْهِ بِأَنْ سُبِقَ بِالْأُولَى هَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَهُ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ .
فَإِنْ أَعَادَهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَشْفَعَهَا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً ا هـ .
وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى قَطْعُهَا أَوْلَى وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ شَفْعُهَا .
وَلَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي عَقَدَهَا قَبْلَ تَذَكُّرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَرَكَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمُرَاعَاةً لِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ .
وَإِنْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ نَاسِيًا فَيَقْطَعُهَا وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً .
وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً يَشْفَعُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ وَمَنْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ أَوْ الْعِشَاءِ بَعْدَ وِتْرٍ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا فَيَقْطَعُ وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً .
.
وَإِنْ أَتَمَّ وَلَوْ سَلَّمَ أَتَى بِرَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ
( وَإِنْ أَتَمَّ ) الْمَغْرِبَ الَّتِي أَعَادَهَا بَعْدَ صَلَاتِهَا فَذًّا سَهْوًا مَعَ الْإِمَامِ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ .
بَلْ ( وَلَوْ سَلَّمَ ) مِنْهَا قَبْلَ تَذَكُّرِهِ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ ( أَتَى ) وُجُوبًا ( بِ ) رَكْعَةٍ ( رَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ ) تَذَكُّرُهُ مِنْ سَلَامِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَسَجَدَ بَعْدَ سَلَامِهِ .
وَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ فَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ وَلَا يَسْجُدُ وَمَفْهُومُ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا أَفْذَاذًا
( وَ ) إنْ أَعَادَ الْمُعِيدُ أَفْضَلَ الْجَمَاعَةِ إمَامًا ( أَعَادَ ) شَخْصٌ ( مُؤْتَمٌّ بِ رَجُلٍ ) ( مُعِيدٍ ) صَلَاتَهُ ، وَصِلَةُ أَعَادَ قَوْلُهُ ( أَبَدًا ) لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ خَلْفَ الْمُعِيدِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِمُتَنَفِّلٍ وَالْمُؤْتَمُّ مُفْتَرِضٌ .
وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ شِبْهِ نَفْلٍ حَالَ كَوْنِ الْمُؤْتَمِّ ( أَفْذَاذًا ) فِي إعَادَةِ صَلَاتِهِ الَّتِي صَلَّاهَا خَلْفَهُ وَالْأَوْلَى لِيُطَابِقَ الْحَالُ صَاحِبَهُ فِي إفْرَادِهِ لَكِنَّهُ رَاعَى الْمَعْنَى ، إذْ الْمَقْصُودُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِمُتَعَدِّدٍ أَيْضًا هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ .
ابْنُ يُونُسَ وَجْهُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا فَرْضُ الْمُعِيدِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ مَأْمُومِيهِ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُونَهَا فِي جَمَاعَةٍ ، وَوَجَبَتْ إعَادَتُهُمْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ فَرْضِهِ الْأُولَى وَالْمُعَادَةِ نَافِلَتُهُ فَاحْتِيطَ لِلْوَجْهَيْنِ .
ابْنُ نَاجِي لَمْ يَحْكِ ابْنُ بَشِيرٍ غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَدَّرَ الشَّاذِلِيُّ إعَادَتَهُمْ جَمَاعَةً عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ خَلْفَهُ وَاقْتِصَارُ ابْنِ بَشِيرٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُعَادِلُ نِسْبَةَ مُقَابِلِهِ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعِيدُ الْإِمَامُ الْمُعِيدُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ هَذِهِ فَرْضَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ .
وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا : أَجْزَأَتْ
( وَإِنْ تَبَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَهَرَ لِلْمُعِيدِ ( عَدَمُ ) الصَّلَاةِ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ الَّتِي ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا رَأْسًا ( أَوْ ) تَبَيَّنَ لَهُ ( فَسَادُهَا ) أَيْ الْأُولَى الَّتِي صَلَّاهَا فَذًّا لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ ( أَجْزَأَتْهُ ) الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ وَلَا يُعِيدُ مُؤْتَمٌّ بِهِ فِيهَا إنْ نَوَى الْفَرْضَ أَوْ التَّفْوِيضَ ، فَإِنْ نَوَى النَّفَلَ أَوْ الْإِكْمَالَ فَلَا تُجْزِئُهُ .
، وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ
( وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ ) مِنْ إمَامٍ أَيْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ ( لِدَاخِلٍ ) عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ إذَا لَمْ يَخْشَ إضْرَارَهُ وَلَا اعْتِدَادَهُ بِمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ إنْ لَمْ يُطِلْ لَهُ الرُّكُوعَ .
اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ مَنْ وَرَاءَهُ أَعْظَمُ عَلَيْهِ حَقًّا مِمَّنْ يَأْتِي الْقَرَافِيُّ لِصَرْفِ نُفُوسِ الْمُصَلِّينَ إلَى انْتِظَارِ الدَّاخِلِينَ فَيَذْهَبُ إقْبَالُهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ وَأَدَبُهُمْ مَعَ رَبِّهِمْ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَ الدَّاخِلَ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ فَلَا يُطِيلُ وَعَدَمِهَا فَيُطِيلُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ وَالْعَمَلِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَظِرُ مَنْ رَآهُ أَوْ حَسَّهُ مُقْبِلًا ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْكَرَاهَةِ فَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الدَّاخِلَ وَالرُّكُوعَ خِلَافُ مَا فِي السَّمَاعِ وَاسْتَظْهَرَ الْبِسَاطِيُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ بِهِ قَالَ وَلَا يُعْلَمُ لِتَخْصِيصِ الدَّاخِلِ مَعْنًى ا هـ .
وَوَجْهُ تَعْمِيمِ مَا فِي السَّمَاعِ مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْقَرَافِيِّ قَالَهُ تت .
وَقَالَ سَحْنُونٌ نَنْتَظِرُهُ وَلَوْ طَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَنْ مَعَهُ ، وَقَدْ رُوِيَ { عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَطَالَ ، وَقَالَ إنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي } { وَخَفَّفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ } .
أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ رَأَى مُقْبِلًا يُرِيدُ الدُّخُولَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ أَوْ يُبْطِئُ فِيهَا وَلَوْلَا انْتِظَارُهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ عج .
وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ أَيْ يُكْرَهُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ الْأَفْعَالِ ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالْإِمَامِ ، وَأَمَّا الْمُصَلِّي وَحْدَهُ إذَا حَسَّ بِدُخُولِ شَخْصٍ مَعَهُ فَلَهُ أَنْ يُطِيلَ لَهُ الرُّكُوعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَقْرِيرِ تت وَتَعْلِيلَيْ اللَّخْمِيِّ
وَالْقَرَافِيِّ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ وَأَقَرَّهُمْ الرَّمَاصِيُّ وَالْعَدَوِيُّ .
وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ : كَجَمَاعَةٍ
( وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ ) أَيْ الَّذِي رَتَّبَهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْوَاقِفُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ لِلْإِمَامَةِ بِمَحَلٍّ مُعَدٍّ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَسْجِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ بَعْضِهَا ( كَجَمَاعَةٍ ) فِيمَا هُوَ رَاتِبٌ فِيهِ فَضْلًا وَحُكْمًا ، فَيَنْوِي الْإِمَامَةَ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ وَلَا يُعِيدُ فِي أُخْرَى وَلَا يُصَلِّي بَعْدَهُ جَمَاعَةً فِي مَحَلِّهِ الَّذِي هُوَ مُرَتَّبٌ فِيهِ ، وَيُعِيدُ مَعَهُ مُرِيدُ الْفَضْلَ اتِّفَاقًا وَيَجْمَعُ وَحْدَهُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ إنْ أُذِّنَ وَأُقِيمَ وَانْتَظَرَ النَّاسَ فِي وَقْتِهِمْ الْمُعْتَادِ فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ إذْ لَا مُجِيبَ لَهُ .
وَقِيلَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَوَّلِ .
وَلَا تُبْتَدَأُ صَلَاةٌ بَعْدَ الْإِقَامَةِ
( وَلَا تُبْتَدَأُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى نَائِبُ فَاعِلِهِ ( صَلَاةٌ ) أَيْ يَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهَا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا مِنْ فَذٍّ أَوْ جَمَاعَةٍ بِالْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُرَتَّبٌ لِلصَّلَاةِ بِهِ أَوْ رَحْبَتِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِلطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ وَجَمَاعَتِهِ ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَحُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى التَّحْرِيمِ ، وَتَصِحُّ صَرَّحَ بِهَا الْمُوَضِّحُ وَالْقَبَّابُ وَالْبَرْزَلِيُّ وَالْأَبِيُّ نَقَلَهُ الْحَطّ وَلَعَلَّهُ عَلَى أَنَّ الْفِسْقَ الْمُتَعَلِّقَ بِالصَّلَاةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِمَامَةِ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهَا بِهِ ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ ، وَصِلَةُ تُبْتَدَأُ ( بَعْدَ ) الشُّرُوعِ فِي ( الْإِقَامَةِ ) لِلرَّاتِبِ .
وَإِنْ أُقِيمَتْ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ ، أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ : عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا ، وَالْقَطْعُ بِسَلَامٍ أَوْ مُنَافٍ وَإِلَّا أَعَادَ
( وَإِنْ أُقِيمَتْ ) الصَّلَاةُ لِلرَّاتِبِ ( وَهُوَ ) أَيْ الشَّخْصُ الْمُكَلَّفُ ( فِي صَلَاةٍ ) نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ هِيَ الْمُقَامَةُ أَوْ غَيْرُهَا بِمَحَلِّ الرَّاتِبِ أَوْ رَحْبَتِهِ ( قَطَعَ ) الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَدَخَلَ مَعَ الرَّاتِبِ وُجُوبًا إنْ لَمْ يُصَلِّهَا أَوْ صَلَّاهَا فَذًّا .
وَإِنْ كَانَ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ خَرَجَ وُجُوبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَسَيَأْتِي هَذَا ، وَسَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً مِمَّا هُوَ فِيهَا أَمْ لَا ( إنْ خَشِيَ ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ ( فَوَاتَ رَكْعَةٍ ) مِنْ صَلَاةِ الرَّاتِبِ بِإِتْمَامِ مَا هُوَ فِيهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ بِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِي الْأُولَى عَقِبَ إتْمَامِ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ ( أَتَمَّ النَّافِلَةَ ) الَّتِي هُوَ فِيهَا عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً أَمْ لَا ( أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا ) أَيْ الْمُقَامَةِ لِلرَّاتِبِ ، بِأَنْ كَانَ فِي ظُهْرٍ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْعَصْرُ مَثَلًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً غَيْرَهَا بِأَنْ كَانَتْ عَيْنَ الْمُقَامَةِ لِلرَّاتِبِ كَإِقَامَةِ ظُهْرٍ وَهُوَ بِهَا ( انْصَرَفَ ) أَيْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ( فِي ) الرَّكْعَةِ ( الثَّالِثَةِ ) الَّتِي لَمْ يَعْقِدْهَا ( عَنْ شَفْعٍ ) بِأَنْ يَرْجِعَ لِلْجُلُوسِ وَيُعِيدَ التَّشَهُّدَ وَيُسَلِّمَ وَيَدْخُلَ مَعَ الرَّاتِبِ ، فَإِنْ عَقَدَهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَّلَهَا فَرِيضَةً بِرَكْعَةٍ وَلَا يَجْعَلُهَا نَافِلَةً كَإِتْمَامِهِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ ، فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَرِيضَةً وَيَخْرُجُ مِنْ مَحَلِّ الرَّاتِبِ لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ لِلْفَضْلِ وَيُتِمُّ الصُّبْحَ وَيَدْخُلُ مَعَهُ .
وَشَبَّهَ فِي الِانْصِرَافِ عَنْ شَفْعٍ فَقَالَ ( كِ ) الرَّكْعَةِ ( الْأُولَى ) مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي أُقِيمَتْ وَهُوَ بِهَا فَيَشْفَعُهَا بِرَكْعَةٍ أُخْرَى ( إنْ ) كَانَ ( عَقَدَهَا ) بِأَنْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَلَمْ تَكُنْ
مَغْرِبًا وَإِلَّا فَيَقْطَعُ وَلَوْ عَقَدَهَا لِئَلَّا يَصِيرَ تَنَفُّلًا وَقْتَ النَّهْيِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا ، وَإِنْ صَلَّى ثِنْتَيْنِ أَتَمَّهَا ثَلَاثًا وَخَرَجَ ، وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا سَلَّمَ وَخَرَجَ وَلَمْ يُعِدْهَا ( وَالْقَطْعُ ) حَيْثُ قِيلَ بِهِ ( بِسَلَامٍ أَوْ ) شَيْءٍ ( مُنَافٍ ) لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ غَيْرِ السَّلَامِ كَكَلَامٍ وَرَفْضٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَلَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ غَيْرَهُ وَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالرَّاتِبِ ( أَعَادَ ) الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَاَلَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهَا لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ لَكِنْ إنَّمَا يُعِيدُ الْأُولَى إذَا كَانَتْ فَرِيضَةً .
وَإِنْ أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ عَلَى مُحَصِّلِ الْفَضْلِ .
وَهُوَ بِهِ : خَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّهَا وَلَا غَيْرَهَا ، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا ، وَبِبَيْتِهِ يُتِمُّهَا
( وَإِنْ أُقِيمَتْ ) صَلَاةُ رَاتِبٍ ( بِمَسْجِدٍ ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ عَلَى ) شَخْصٍ ( مُحَصِّلِ الْفَضْلَ ) فِي الصَّلَاةِ الْمُقَامَةِ بِصَلَاتِهَا فِي جَمَاعَةٍ ( وَهُوَ ) أَيْ مُحَصِّلُ الْفَضْلِ ( بِهِ ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ ( خَرَجَ ) مِنْهُ وُجُوبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ لِئَلَّا يَطْعَنَ فِي الْإِمَامِ وَجَمَاعَتِهِ ( وَلَمْ يُصَلِّهَا ) أَيْ الْمُقَامَةَ مَعَهُ لِامْتِنَاعِ إعَادَتِهَا جَمَاعَةً ( وَلَا ) يُصَلِّي فَرْضًا ( غَيْرَهَا وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْفَضْلُ بِأَنْ كَانَ صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ ( لَزِمَتْهُ ) أَيْ الْمُقَامَةُ مَعَ الْإِمَامِ خَوْفَ الطَّعْنِ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ أَوْ مُكْثِهِ بِلَا صَلَاةٍ فَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ خَرَجَ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِهَا مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَ ( كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا ) وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَهُ إنْ كَانَ مُحَصِّلًا لِشُرُوطِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُرَتَّبًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَإِلَّا خَرَجَ .
( وَإِنْ ) أُقِيمَتْ بِالْمَسْجِدِ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِهَا ( بِبَيْتِهِ ) أَيْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ فَ ( يُتِمُّهَا ) بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وُجُوبًا سَوَاءٌ عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً أَمْ لَا خَشَى فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ أَمْ لَا
وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا ، أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا ، أَوْ مَجْنُونًا أَوْ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ ، أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ
( وَبَطَلَتْ ) الصَّلَاةُ ( بِ ) سَبَبِ ( اقْتِدَاءٍ ) فِيهَا ( بِمَنْ ) أَيْ إمَامٍ أَوْ الْإِمَامِ الَّذِي ( بَانَ ) أَيْ تَبَيَّنَ وَظَهَرَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا ( كَافِرًا ) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ فَتُعَادُ أَبَدًا سَوَاءٌ كَانَتْ سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً وَسَوَاءٌ كَانَ آمِنًا وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فِيمَا بَعْدُ أَوْ لَا ، وَسَوَاءٌ طَالَتْ مُدَّةُ صَلَاتِهِ إمَامًا بِالنَّاسِ أَمْ لَا وَقِيلَ لَا يُعِيدُ مَأْمُومٌ مَا جَهَرَ فِيهِ وَيُعِيدُ مَا أَسَرَّ فِيهِ .
وَقِيلَ إنْ كَانَ آمِنًا وَطَالَتْ مُدَّةُ صَلَاتِهِ إمَامًا فَالصَّلَاةُ خَلْفَهُ صَحِيحَةٌ فَلَا تُعَادُ لِلْمَشَقَّةِ وَبَحَثَ فِي الْأَخِيرَيْنِ ، بِأَنَّهُ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا وَإِنْ تَحَقَّقَتْ الشَّهَادَتَانِ مِنْهُ بِأَذَانٍ أَوْ إقَامَةٍ أَوْ جَهْرِهِ بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَكَرَّرَتْ الصَّلَاةُ مِنْهُ آمِنًا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ، فَإِنْ رَجَعَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ .
سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ الْأَعْجَمِيِّ يُقَالُ لَهُ صَلِّ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَمُوتُ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ ، فَقَالَ نَعَمْ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى فَقَدْ أَسْلَمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ ، وَمَنْ أَبَى فَهُوَ كَافِرٌ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ } وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ مَرَّةً ، كَالْحَدِيثِ وَجَوَابِ الْإِمَامِ ( أَوْ ) بَانَ ( امْرَأَةً ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ فِي نَفْلٍ وَلَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ يُؤْتَمُ بِهِ .
( أَوْ ) بَانَ ( خُنْثَى ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ شَخْصًا لَهُ آلَةُ رَجُلٍ وَآلَةُ امْرَأَةٍ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُمَا وَلَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا ( مُشْكِلًا ) أَيْ لَمْ تَتَّضِحْ ذُكُورَتُهُ وَلَا أُنُوثَتُهُ وَلَوْ لِمِثْلِهِ فِي نَفْلٍ وَلَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ يُؤْتَمُّ بِهِ ( أَوْ ) بَانَ ( مَجْنُونًا ) مُطْبَقًا أَوْ يُفِيقُ وَأَمَّ حَالَ جُنُونِهِ ، فَإِنْ أَمَّ حَالَ إفَاقَتِهِ
فَصَحِيحَةٌ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ .
( أَوْ ) بَانَ ( فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ ) كَزَانٍ وَشَارِبٍ مُغَيَّبٍ ، لِحَدِيثِ { أَئِمَّتُكُمْ شُفَعَاؤُكُمْ } وَالْفَاسِقُ لَا يَصْلُحُ لَهَا ، وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ مَعَ كَرَاهَتِهَا إذْ لَمْ يَتَعَلَّقْ فِسْقُهُ بِالصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا كَقَصْدِهِ الْكِبْرَ بِالْإِمَامَةِ وَإِخْلَالِهِ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ سُنَّةٍ عَمْدًا ( أَوْ ) بَانَ ( مَأْمُومًا ) بِأَنْ ظَهَرَ مَسْبُوقًا فَأَقَامَ لِلْقَضَاءِ أَوْ ظَنَّهُ إمَامًا وَهُوَ مَأْمُومٌ ( أَوْ ) بَانَ ( مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ ) فِيهَا أَوْ دُخُولَهَا بِهِ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِي أَثْنَائِهَا وَعَمِلَ عَمَلًا مِنْهَا لَا إنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ تَمَامِهَا أَوْ سَبَقَهُ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِيهَا وَخَرَجَ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ جُمُعَةً بِشَرْطِ اسْتِخْلَافٍ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَوْ السَّلَامَ .
( أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ ) بِحَدَثِهِ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا أَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَهُ وَلَوْ نَاسِيًا .
فَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَأَعْلَمَهُ فَوْرًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَعِلْمُهُ بِهِ بَعْدَهَا مُغْتَفَرٌ
وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ عِلْمٍ ، إلَّا كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ فَجَائِزٌ
( وَ ) بَطَلَتْ ( بِ ) اقْتِدَاءٍ بِ ( عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ ) قَوْلِيٍّ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْفَاتِحَةِ وَالسَّلَامِ أَوْ فِعْلِيٍّ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَالْمَأْمُومُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ غَيْرُهُ .
( أَوْ ) عَاجِزٍ عَنْ ( عِلْمٍ ) بِمَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ كَيْفِيَّةِ غُسْلٍ وَوُضُوءٍ وَصَلَاةٍ فَإِنْ عَلِمَ كَيْفِيَّتَهَا بِتَلَقِّيهَا مِنْ عَالِمٍ بِهَا صَحَّتْ خَلْفَهُ وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَجْزَائِهَا سُنَنٌ أَوْ أَنَّ الْفَرْضَ سُنَّةٌ وَالسُّنَّةَ فَرْضٌ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } ، فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ إلَّا بِفِعْلِ مَا رَأَوْا ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ نَائِبُونَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ مِثْلُهُ فِي الِاقْتِدَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي أَوْ رَأَيْتُمْ نُوَّابِي يُصَلُّونَ .
( إلَّا ) أَنْ يُسَاوِيَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فِي الْعَجْزِ عَنْ رُكْنٍ ( كَالْقَاعِدِ ) أَيْ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ يَقْتَدِي فِي الْفَرْضِ ( بِمِثْلِهِ ) أَيْ قَاعِدٍ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ ( فَ ) اقْتِدَاؤُهُ بِهِ ( جَائِزٌ ) ابْتِدَاءً فَهُوَ صَحِيحٌ ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ رُكْنٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ عِلْمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ لِشُمُولِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعَاجِزَ الْمُمَاثِلَ لِمَأْمُومِهِ ، وَالْمُخَالِفَ لَهُ فِيهِ ، وَالْإِمَامَ لِقَادِرٍ ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ مُقَوَّسُ الظَّهْرِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُسْتَقِيمِ الظَّهْرِ بِهِ ، أَفْتَى بِهَذَا الْعَبْدُوسِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ ، وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقُورِيُّ بِصِحَّتِهِ .
وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ إمَامَتَهُ عَلَى إمَامَةِ صَاحِبِ السَّلَسِ لِلصَّحِيحِ وَالْمَشْهُورُ فِيهَا الصِّحَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُومِئَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمِثْلِهِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ .