كتاب : طرح التثريب
المؤلف : زَيْنُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْعِرَاقِيُّ

( مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ بْنِ أَشْيَمَ اللَّيْثِيُّ ) قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ بْنِ حُشَيْشٍ وَبِهِ صَدَّرَ الْمِزِّيُّ كَلَامَهُ ، يُكَنَّى أَبَا سُلَيْمَانَ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ كَذَا رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ الِاسْتِيعَابِ وَتِسْعِينَ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ أَنَسًا مَاتَ قَبْلَ هَذَا ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ .

( الْمُبَارَكُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمَعْطُوشِ أَبُو طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ الْحَرِيمِيُّ الْعَطَّارُ ) رَوَى عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاَللَّهِ وَأَبِي الْغَنَائِمِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاَللَّهِ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُمَا وَعَنْ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَنْمَاطِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ فِي آخَرِينَ .
رَوَى عَنْهُ الضِّيَاءُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيَّ وَالشَّرِيفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُمَرَ بْنِ قُدَامَةَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ النَّجَّارِ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ بْنِ نِعْمَةَ وَعَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْحَرَّانِيِّ وَآخَرُونَ ، وَكَانَ ثِقَةً صَحِيحَ السَّمَاعِ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ فِي عَاشِرِ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِبَغْدَادَ .

( مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدِ بْنِ صَخْرٍ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ) رَوَى عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَنَسٍ وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَأَبِي سَلَمَةَ فِي آخَرِينَ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُوسَى وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَآخَرُونَ .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : كَانَ فَقِيهًا مُحَدِّثًا ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ وَقَالَ أَحْمَدُ : فِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ ، يَرْوِي أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، وَقِيلَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَقِيلَ تِسْعَ عَشْرَةَ .

( مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ) الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ رَوَى عَنْ مَالِكٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيِّ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَخَلْقٍ .
رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ وَأَبُو إبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ قِيلَ بِغَزَّةَ وَقِيلَ بِعَسْقَلَانَ وَقِيلَ بِالْيَمَنِ وَقِيلَ بِمِنًى ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَحُمِلَ إلَى مَكَّةَ وَلَهُ سَنَتَانِ وَقِيلَ : عَشْرُ سِنِينَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَطَلَبَ الْعِلْمَ بِالْحَرَمَيْنِ وَالْعِرَاقِ .
وَرَوَيْنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ : حَفِظْت الْقُرْآنَ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَحَفِظْت الْمُوَطَّأَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ ، وَأَفْتَى وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً .
قَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَتَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ إلَى الشَّافِعِيِّ أَنْ يَضَعَ لَهُ كِتَابًا فِيهِ مَعَانِي الْقُرْآنِ ، وَيَجْمَعَ فُنُونَ الْقُرْآنِ فِيهِ وَحُجَّةَ الْإِجْمَاعِ وَبَيَانَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَعَمِلَ لَهُ كِتَابَ الرِّسَالَةِ ، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ : مَا أُصَلِّي صَلَاةً إلَّا وَأَنَا أَدْعُو فِيهَا لِلشَّافِعِيِّ .
وَقَالَ أَحْمَدُ : مَا بِتُّ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا وَأَنَا أَدْعُو لِلشَّافِعِيِّ ، وَقَالَ ابْنُهُ صَالِحٌ : مَشَى أَبِي مَعَ بَغْلَةِ الشَّافِعِيِّ فَبَعَثَ إلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا رَضِيت إلَّا أَنْ تَمْشِيَ مَعَ بَغْلَةِ الشَّافِعِيِّ ؟ فَقَالَ : يَا أَبَا زَكَرِيَّا لَوْ مَشَيْت مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ كَانَ أَنْفَعَ لَك ، وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ : حَدَّثَنَا سَيِّدُ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيُّ .
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ

رَأَى مِثْلَ الشَّافِعِيِّ فِي عِلْمِهِ وَفَصَاحَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَثَبَاتِهِ وَتَمَكُّنِهِ فَقَدْ كَذَبَ ، كَانَ مُنْقَطِعَ الْقَرِينِ فِي حَيَاتِهِ ، وَرَوَيْنَا فِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تَسُبُّوا قُرَيْشًا فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا } .
وَرَوَيْنَا فِي تَارِيخِ الْخَطِيبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَهُوَ أَبُو نُعَيْمٍ الإستراباذي : فِي هَذِهِ عَلَامَةٌ لِلْمِيزَانِ ، الْمُرَادُ بِذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأَمَةِ مِنْ قُرَيْشٍ ، قَدْ ظَهَرَ عِلْمُهُ وَانْتَشَرَ فِي الْبِلَادِ قَالَ : وَهَذِهِ صِفَةٌ لَا نَعْلَمُهَا قَدْ أَحَاطَتْ إلَّا بِالشَّافِعِيِّ .
وَرَوَيْنَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا } .
وَرَوَيْنَا فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ إذَا سُئِلْتُ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا أَعْرِفُ فِيهَا خَبَرًا قُلْت فِيهَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّهُ إمَامٌ عَالِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { عَالَمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا } قَالَ : وَذُكِرَ فِي الْخَبَرِ { أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَيِّضُ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ رَجُلًا يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ } ، وَرَوَى أَحْمَدُ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : فَكَانَ فِي الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَفِي الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ : مَاتَ الشَّافِعِيُّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

( مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَبُو بَكْرٍ السُّلَمِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ الْحَافِظُ الْمُلَقَّبُ بِإِمَامِ الْأَئِمَّةِ مُصَنَّفُ الصَّحِيحِ ) رَوَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَعَلِيِّ بْنِ حُجْرٌ وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بُنْدَارٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى الزَّمِنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ سِيَارٍ الْمَرْوَزِيِّ وَخَلَائِقَ ، رَوَى عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ حِبَّانَ الْبُسْتِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْجُرْجَانِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ وَالْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَاسَرْجِسِيُّ وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ الشَّاشِيُّ الْقَفَّالُ الْكَبِيرُ ، وَالزَّاهِدُ أَبُو الْقَاسِمِ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّصْرَآبَاذِيُّ وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ الْجُلُودِيُّ وَأَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصُّعْلُوكِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَعْفَرٌ الْبُحَيْرِيُّ وَالْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُلَقَّبُ حُسَيْنُكَ وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْغِطْرِيفِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَاسِينَ الْبَاهِلِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْكَرَابِيسِيُّ ، وَالْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَاكِمُ وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَرْوَانَ الضَّبِّيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الصُّنْدُوقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مِهْرَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ الْمُقْرِئُ وَحَفِيدُهُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، وَهُوَ مِنْ آخِرِ مَنْ عَلِمْته حَدَّثَ عَنْهُ وَتَفَقَّهَ عَلَى الرَّبِيعِ وَالْمُزَنِيِّ وَصَارَ

إمَامَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِخُرَاسَانَ .
قَالَ الرَّبِيعُ : اسْتَفَدْنَا مِنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَكْثَرَ مِمَّا اسْتَفَادَ مِنَّا ، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ : لَمْ أَرَ مِثْلَهُ وَقَالَ أَيْضًا كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَحْفَظُ الْفِقْهِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِهِ كَمَا يَحْفَظُ الْقَارِئُ السُّورَةَ .
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ لَمْ نَرَ مِثْلَهُ فِي حِفْظِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : كَانَ إمَامًا مَعْدُومَ النَّظِيرِ وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ : سَمِعْت ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ لَيْسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلٌ إذَا صَحَّ الْخَبَرُ عَنْهُ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَتُوُفِّيَ فِي ثَانِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ لَهُ ذِكْرٌ فِي الصَّلَاةِ .

( مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ الْعَبْدِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ ) أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ رَوَى عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي سَعِيدٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصَمِّ وَالْهَيْثَمِ بْنِ كُلَيْبٍ الشَّاشِيِّ وَأَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَابٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانِ وَخَيْثَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ وَعُمَرَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ التُّونِيُّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّازِيّ وَخَلَائِقَ .
وَعِدَّةُ شُيُوخِهِ أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةِ شَيْخٍ رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَأَبُو مُظَفَّرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ خَطِيبُ أَصْبَهَانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ الْعِجْلِىُّ وَالْمُطَهَّرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِيزَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَاطِرْقَانِيُّ وَعَائِشَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ الْوَرْكَانِيَّةُ وَآخَرُونَ طَوَّفَ ابْنُ مَنْدَهْ الدُّنْيَا وَبَقِيَ فِي الرِّحْلَةِ بِضْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، وَجَمَعَ وَكَتَبَ مَا لَا يَنْحَصِرُ ، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ بِبَلَدِهِ فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ الْحَافِظُ : مَا رَأَيْت مِثْلَهُ .
وَقَالَ الْبَاطِرْقَانِيُّ : ابْنُ مَنْدَهْ إمَامُ الْأَئِمَّةِ فِي الْحَدِيثِ ، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي نُعَيْمٍ وَحْشَةٌ ، فَتَكَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى كَلَامِهِمَا لِمَا يَكُونُ بَيْنَ الْأَقْرَانِ ، وَلَمَّا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي التَّارِيخِ قَالَ : هُوَ حَافِظٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمُحَدِّثِينَ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَحَدَّثَ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ بَعْدَ أَنْ سَمِعَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ عَنْهُمْ إجَازَةً ، وَتَخَبَّطَ فِي أَمَالِيِّهِ وَنَسَبَ إلَى جَمَاعَةٍ

أَقْوَالًا فِي الْمُعْتَقَدَاتِ لَمْ يُعْرَفُوا بِهَا .
قَالَ الذَّهَبِيُّ الْبَلَاءُ الَّذِي بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ هُوَ الِاعْتِقَادُ ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيُّ ابْنُ مَنْدَهْ سَيِّدُ أَهْلِ زَمَانِهِ ، وَقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ مَنْدَهْ : كَتَبْت عَنْ أَبِي عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَلْفَ جُزْءٍ وَعَنْ خَيْثَمَةَ أَلْفَ جُزْءٍ ، وَعَنْ الْأَصَمِّ أَلْفَ جُزْءٍ وَعَنْ الْهَيْثَمِ الشَّاشِيِّ أَلْفَ جُزْءٍ ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ .

( مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ الْقُرَشِيُّ الْمُطَّلِبِيُّ مَوْلَاهُمْ الْمَدَنِيُّ يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ وَقِيلَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ) أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ صَاحِبُ السِّيرَةِ وَصَاحِبُ الْمَغَازِي ، وَقَدْ رَأَى أَنَسًا وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَنَافِعٍ وَخَلْقٍ ، رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَزِيَادٌ الْبُكَائِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَخَلَائِقُ ، سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْ مَغَازِيهِ فَقَالَ هَذَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا ، وَأَشَارَ إلَى ابْنِ إِسْحَاقَ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ مَدَارُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سِتَّةٍ ، ثُمَّ صَارَ عِلْمُ السِّتَّةِ عِنْدَ اثْنَيْ عَشَرَ أَحَدُهُمْ ابْنُ إِسْحَاقَ وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ فَقَالَ حَسَنُ الْحَدِيثِ ، ثُمَّ قَالَ قَالَ مَالِكٌ : هُوَ دَجَّالٌ مِنْ الدَّجَاجِلَةِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ : ذَاكَرْت دُحَيْمًا مَوْلَى مَالِكٍ فَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْحَدِيثِ ، إنَّمَا هُوَ ؛ لِأَنَّهُ اتَّهَمَهُ بِالْقَدَرِ .
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ سَأَلْت ابْنَ الْمَدِينِيِّ عَنْ كَلَامِ مَالِكٍ فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ : لَمْ يُجَالِسْهُ وَلَمْ يَعْرِفْهُ وَأَيُّ شَيْءٍ حَدَّثَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالْمَدِينَةِ ، قُلْت لَهُ كَيْفَ حَدِيثُهُ عِنْدَك قَالَ صَحِيحٌ .
وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ : رَأَيْت ابْنَ الْمَدِينِيِّ يَحْتَجُّ بِهِ .
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ جَالَسْته مُنْذُ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، وَمَا يَتَّهِمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَا يَقُولُ فِيهِ شَيْئًا .
وَقَالَ شُعْبَةُ بْنُ إِسْحَاقَ أَمِيرُ الْمُحَدِّثِينَ لِحِفْظِهِ ، وَوَثَّقَهُ أَيْضًا الْعِجْلِيّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ لِتَدْلِيسِهِ ، وَلِكَوْنِهِ اُتُّهِمَ بِالْقَدَرِ قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ كَانَ يُرْمَى بِالْقَدَرِ ، وَكَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ، وَإِذَا حَدَّثَ عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مِنْ الْمَعْرُوفِينَ فَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ صَدُوقٌ ، وَإِنَّمَا أُتِيَ مِنْ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ

الْمَجْهُولِينَ أَحَادِيثَ بَاطِلَةً .
وَقَالَ النَّسَائِيّ : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : لَا بَأْسَ بِهِ تُوُفِّيَ سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي الِاعْتِكَافِ .

( مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَالِمِ بْنِ رِكَابٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفِدَاءِ بْنِ الْخَبَّازِ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْعَبَّادِيُّ الدِّمَشْقِيُّ مِنْ وَلَدِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ) رَوَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ بْنِ نِعْمَةَ حُضُورًا وَعَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ الْخَضِرِ بْنِ شِبْلٍ الْحَارِثِيِّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْيُسْرِ التَّنُوخِيِّ وَيَحْيَى بْنِ النَّاصِحِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَجْمٍ الْحَنْبَلِيِّ وَالْعَلَّامَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيِّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُمْ بِالسَّمَاعِ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَمُؤَمَّلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَالِسِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْخَيْرِ الْحَدَّادِ وَأَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ الصَّيْرَفِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْقَاسِمِ الْإِرْبِلِيِّ وَالْكَمَالِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَقْدِسِيَّ وَالْحَافِظِ أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الصَّابُونِيِّ وَالْمُسْلِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْلِمِ بْنِ مَكِّيٍّ الْقَيْسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ الْمِزِّيِّ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ الدَّرَجِيِّ وَالْمِقْدَادِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الْقَيْسِيِّ وَأَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَرَ الْمَقْدِسِيَّ وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْقَوَّاسِ وَالرَّشِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ الْأَنْمَاطِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ شَيْبَانُ بْنِ تَغْلِبَ الشَّيْبَانِيِّ وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْكَمَالِ وَالْفَخْرِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ

الْوَاحِدِ بْنِ النَّجَّارِيِّ فِي خَلَائِقَ تَجْمَعُهُمْ مَشْيَخَتُهُ الَّتِي ، أَخْرَجَهَا لَهُ الْبِرْزَالِيُّ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ وَالْحُفَّاظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْزَالِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي السُّبْكِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ خَلِيلُ بْنُ كيكلدي الْعَلَائِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ السَّلَامِيُّ وَالشَّرِيفُ أَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ .
وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ ثِقَةً صَحِيحَ السَّمَاعِ سَهْلًا فِي التَّسْمِيعِ رَاغِبًا فِي الْخَيْرِ قَرَأْت عَلَيْهِ صَحِيحَ مُسْلِمٍ فِي سِتَّةِ مَجَالِسَ مُتَوَالِيَةٍ ، وَقَرَأْت عَلَيْهِ مُسْنَدَ أَحْمَدَ مُتَوَالِيًا فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً ، وَكَانَ قَدْ انْفَرَدَ بِكَثِيرٍ مِنْ الشُّيُوخِ وَالْأَجْزَاءِ وَانْقَطَعَتْ بِمَوْتِهِ كُتُبٌ وَأَجْزَاءُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

( مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ بردزبه وَقِيلَ بذدذبه وَقِيلَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَحْنَفِ الْجُعْفِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ ) الْحَافِظُ الْعَلَمُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ مُؤَلِّفُ الصَّحِيحِ وَالتَّارِيخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، كَتَبَ بِخُرَاسَانَ وَالْجِبَالِ وَالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ فَرَوَى عَنْ مَكِّيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَأَبِي عَاصِمٍ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ النَّبِيلِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ وَخَلَائِقَ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ حَتَّى كَتَبَ عَنْ أَقْرَانِهِ وَعَنْ أَصْغَرَ مِنْهُ حَتَّى زَادَ عَدَدُ شُيُوخِهِ عَلَى الْأَلْفِ .
وَرَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ خَارِجَ الصَّحِيحِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ صَاعِدٍ وَأَبُو حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ وَمَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزْدَوِيُّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى الصَّحِيحَ عَنْهُ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ وَآخِرُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَارِسٍ الْبَلْخِيّ ، وُلِدَ الْبُخَارِيُّ فِي ثَالِثَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ ، وَأُلْهِمَ حِفْظَ الْحَدِيثِ فِي الْكُتَّابِ ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَحَضَرَ عِنْدَ الدَّاخِلِيِّ وَهُوَ ابْنُ إحْدَى عَشْرَةَ فَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ الْبُخَارِيُّ إنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ لَمْ يَرْوِ عَنْ إبْرَاهِيمَ فَقَالَ : كَيْفَ هُوَ يَا غُلَامُ ؟ قَالَ هُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ فَأَخَذَ الْقَلَمَ ، وَأَصْلَحَ كِتَابَهُ وَحَفِظَ كُتُبَ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٍ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَخَرَجَ مَعَ أُمِّهِ وَأَخِيهِ أَحْمَدَ إلَى مَكَّةَ وَتَخَلَّفَ بِهَا يَطْلُبُ ، وَصَنَّفَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ سَنَةً التَّارِيخَ عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ : لَوْ كَتَبَ الرَّجُلُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا مَا اسْتَغْنَى عَنْ تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ وَشَرَعَ فِي جَمْعِ

الصَّحِيحِ فِي أَيَّامِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَقَالَ أَخْرَجْته مِنْ زُهَاءِ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ ، وَمَا أَدْخَلْت فِيهِ إلَّا مَا صَحَّ وَتَرَكْت مِنْ الصِّحَاحِ لِحَالِ الطُّولِ ، وَرَوَى الْفَرَبْرِيُّ عَنْهُ مَا وَضَعْت فِي الصَّحِيحِ حَدِيثًا إلَّا اغْتَسَلْت قَبْلَ ذَلِكَ وَصَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ .
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي لِكُلِّ تَرْجَمَةٍ مِنْ تَرَاجِمِ التَّارِيخِ رَكْعَتَيْنِ ، قَالَ أَحْمَدُ : مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ : مَا رَأَى مِثْلَ نَفْسِهِ وَقَالَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ : هُوَ فَقِيهُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمَّا دَخَلَ الْبُخَارِيُّ الْبَصْرَةَ قَالَ بُنْدَارٌ دَخَلَ الْيَوْمَ سَيِّدُ الْفُقَهَاءِ .
وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ : لَوْ أَدْرَكْت مَالِكًا وَنَظَرْت إلَيْهِ وَإِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ لَقُلْت كِلَاهُمَا وَاحِدٌ فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : هُوَ أَعْلَمُ مَنْ دَخَلَ الْعِرَاقَ وَقِصَّتُهُ مَعَ أَهْلِ بَغْدَادَ مَشْهُورَةٌ فِي أَنَّهُمْ قَلَبُوا عَلَيْهِ مِائَةَ حَدِيثٍ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ فَرَدَّ كُلَّ إسْنَادٍ إلَى مَتْنِهِ ذَكَرَهَا ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الْمَشَايِخِ ، وَكَانَ لَهُ بِبَغْدَادَ ثَلَاثَةُ مُسْتَمْلِينَ وَاجْتَمَعَ فِي مَجْلِسِهِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا ، وَحَدَثَتْ لَهُ مِحْنَةٌ مَعَ خَالِدِ بْنِ أَحْمَدَ الذُّهْلِيِّ وَالِي بُخَارَى فَنَفَاهُ مِنْ الْبَلَدِ ، فَجَاءَ إلَى خرتنك قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى سَمَرْقَنْدَ فَنَزَلَ عَلَى أَقَارِبَ لَهُ بِهَا فَقَالَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ السَّمَرْقَنْدِيُّ : سَمِعْته لَيْلَةً وَقَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ يَدْعُو يَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ فَاقْبِضْنِي إلَيْك فَمَا تَمَّ الشَّهْرُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ .
.

( مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ دَاوُد بْنِ كَيْسَانَ الْعَبْدِيُّ مَوْلَاهُمْ الْبَصْرِيُّ أَبُو بَكْرٍ بُنْدَارٌ ) أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ ، رَوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ وَمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَطَبَقَتِهِمْ فَأَكْثَرَ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ صَاعِدٍ وَخَلْقٌ .
قَالَ أَبُو دَاوُد كَتَبْت عَنْهُ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ ، وَقَالَ الْعِجْلِيّ ثِقَةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيَارٍ ثِقَةٌ لَكِنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ قَالَ الْخَطِيبُ وَإِنْ كَانَ يَقْرَأُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ الذَّهَبِيُّ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدُ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ مَاتَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ .

( مُحَمَّدُ بْنُ حِبَّانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حِبَّانَ بْنِ مُعَاذٍ أَبُو حَاتِمٍ التَّمِيمِيُّ الْبُسْتِيُّ ) أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ ، رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ النَّسَائِيّ وَأَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيِّ وَأَبِي يَعْلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَوْصِلِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ النَّسَوِيُّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ وَأَبِي خَلِيفَةَ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ الْجُمَحِيِّ وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ وَجَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ الْقَطَّانِ وَخَلَائِقَ .
رَوَى عَنْهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ الزَّوْزَنِيُّ رَاوِي صَحِيحِهِ عَنْهُ وَآخَرُونَ وَصَنَّفَ كُتُبًا حَسَنَةً ( مِنْهَا ) صَحِيحُهُ الْمُسَمَّى بِالتَّقَاسِيمِ وَالْأَنْوَاعِ وَتَارِيخِ الثِّقَاتِ وَتَارِيخِ الضُّعَفَاءِ وَكِتَابِ وَصْفِ الصَّلَاةِ بِالسُّنَّةِ ، فَهَذَا مَا وَصَلَ إلَيْنَا مِنْ تَصَانِيفِهِ ، وَقَدْ عَقَدَ الْخَطِيبُ فَصْلًا فِي كِتَابِ الْجَامِعِ سَمَّى فِيهِ تَصَانِيفَهُ ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ نَفِيسَةٌ وَسَمِعَ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَالْجَزِيرَةِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا ، خَرَّجْت لَهُ مِنْ صَحِيحِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا بُلْدَانِيَّةً وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ سَمَرْقَنْدَ مُدَّةً ، وَأَقَامَ بِنَيْسَابُورَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ ، وَحَدَّثَ بِمُصَنَّفَاتِهِ وَكَانَ رَأْسًا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ عَالِمًا بِالْفِقْهِ وَالْكَلَامِ وَالطِّبِّ وَالنُّجُومِ .
وَقَدْ اُمْتُحِنَ بِسَبَبِ الْكَلَامِ وَتَكَلَّمُوا فِيهِ وَأُمِرَ بِقَتْلِهِ ، ثُمَّ أُخْرِجَ إلَى سَمَرْقَنْدَ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ فَقَالَ غَلِطَ الْغَلَطَ الْفَاحِشَ فِي تَصَرُّفِهِ ، وَرَأَيْت لِلضِّيَاءِ الْمَقْدِسِيَّ جُزْءًا ذَكَرَ فِيهِ أَوْهَامَهُ فِي التَّقَاسِيمِ وَالْأَنْوَاعِ ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ : إنَّ

خَاتَمَ النُّبُوَّةِ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ) وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَتُوُفِّيَ بِبُسْتَ فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِينَ .

( مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ التَّمِيمِيُّ مَوْلَاهُمْ الْكُوفِيُّ ) أَحَدُ الْأَعْلَامِ قَالَ أَبُو دَاوُد عَمِيَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَقِيلَ ابْنُ ثَمَانٍ رَوَى عَنْ الْأَعْمَشِ وَعَاصِمٍ الْأَحْوَلِ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَخَلْقٍ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَابْنُ مَعِينٍ وَخَلْقٌ .
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ : أَثْبَتُهُمْ فِي الْأَعْمَشِ بَعْدَ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ : وَكَانَ فِي غَيْرِ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ مُضْطَرِبًا لَا يَحْفَظُهَا جَيِّدًا .
وَقَالَ الْعِجْلِيّ : ثِقَةٌ يَرَى الْأَرْجَاءَ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ : كَانَ مِنْ الثِّقَاتِ وَرُبَّمَا دَلَّسَ وَكَانَ يَرَى الْأَرْجَاءَ ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ .

( مُحَمَّدُ بْنُ رِبْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ ) رَوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَيَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ ، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْدَلَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ وَدَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ الْخَطِيبُ : وَكَانَ ثِقَةً ، قَالَ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ : مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ .

( مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَبُو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ كَانَ أَبُوهُ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ ) رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَمَوْلَاهُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ .
قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ أَدْرَكَ ابْنُ سِيرِينَ ثَلَاثِينَ صَحَابِيًّا .
رَوَى عَنْهُ ثَابِتٌ وَقَتَادَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَخَلَائِقُ قَالَ هِشَامٌ : هُوَ أَصْدَقُ مَنْ رَأَيْت مِنْ الْبَشَرِ .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ : كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا عَالِيًا رَفِيعًا فَقِيهًا إمَامًا كَثِيرَ الْعِلْمِ وَرِعًا ، وَقَالَ مُوَرَّقٌ الْعِجْلِيّ : مَا رَأَيْت رَجُلًا أَفْقَهَ فِي وَرِعِهِ وَلَا أَوْرَعَ فِي فِقْهِهِ مِنْهُ ، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ : لَمْ أَرَ فِي الدُّنْيَا مِثْلَهُ ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمُزَنِيّ : مَا رَأَيْنَا مَنْ هُوَ أَوْرَعُ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ : رَأَيْته فِي السُّوقِ فَمَا رَآهُ أَحَدٌ فِي السُّوقِ إلَّا ذَكَرَ اللَّهَ ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَكَانَ آيَةً فِي التَّعْبِيرِ .
وَرَأَى ابْنُ سِيرِينَ كَأَنَّ الْجَوْزَاءَ تَقَدَّمَتْ الثُّرَيَّا فَأَخَذَ فِي وَصِيَّتِهِ ، وَقَالَ يَمُوتُ الْحَسَنُ وَأَمُوتُ بَعْدَهُ هُوَ أَشْرَفُ مِنِّي فَكَانَ كَذَلِكَ مَاتَا فِي سَنَةِ عَشْرَةٍ وَمِائَةٍ ، مَاتَ الْحَسَنُ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ وَمَاتَ ابْنُ سِيرِينَ فِي تَاسِعِ شَوَّالٍ .

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبْرَاهِيمَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ الشَّافِعِيُّ صَاحِبُ الْفَوَائِدِ الْمَشْهُورَةِ ) رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَرْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةً الْوَاسِطِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيِّ وَإِبْرَاهِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَعْنَبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ رِبْح الْبَزَّارِ وَبِشْرِ بْنِ مُوسَى الْأَسَدِيِّ وَمُوسَى بْنِ سَهْلٍ الْوَشَّاءِ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ الصَّائِغِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدَوَيْهِ الْحَرَّازُ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّرْسُ وَمُحَمَّدِ بْنِ شَدَّادٍ الْمِسْمَعِيِّ وَالْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ وَخَلْقٍ .
رَوَى عَنْهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ وَأَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّحَّانُ قَالَ الْخَطِيبُ : كَانَ ثِقَةً ثَبْتًا حَسَنَ التَّصْنِيفِ جَمَعَ أَبْوَابًا وَشُيُوخًا قَالَ : وَلَمَّا مَنَعَتْ الدَّيْلَمُ النَّاسَ مِنْ ذِكْرِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ ، وَكَتَبُوا السَّبَّ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ كَانَ يَتَعَمَّدُ إمْلَاءَ أَحَادِيثِ الْفَضَائِلِ فِي الْجَامِعِ ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، وَلَهُ خَمْسٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً .

( مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ بْنِ الْبَيْعِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ النَّيْسَابُورِيُّ ) صَاحِبُ الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ وَتَارِيخِ نَيْسَابُورَ وَكِتَابِ الْإِكْلِيلِ وَعُلُومِ الْحَدِيثِ وَالْمَدْخَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ ، رَوَى عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصَمِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ الْأَخْرَمِ وَأَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ وَأَبِي الْوَلِيدِ حَسَّانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهِ وَأَبِي عَلِيٍّ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ النَّيْسَابُورِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الضُّبَعِيِّ الْفَقِيهِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْفَقِيهِ النَّيْسَابُورِيِّ وَخَلَائِقَ .
رَوَى عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو عُثْمَانَ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْجِيرِيُّ وَأَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُؤَذِّنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمُزَكَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الصَّوَّامُ وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَحْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَسِيُّ وَأَبُو الْمُظَفَّرِ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ النَّيْسَابُورِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلَفٍ الشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَكَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ الْمُكْثِرِينَ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ أَحْسَنُ تَصْنِيفًا مِنْهُ ، وَلَكِنَّهُ نُسِبَ إلَى التَّشَيُّعِ وَإِلَى التَّسَاهُلِ فِي التَّصْحِيحِ .
قَالَ الذَّهَبِيُّ : بَرَعَ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَفُنُونِهِ ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيفَ الْكَثِيرَةَ ، وَانْتَهَتْ إلَيْهِ رِيَاسَةُ الْفَنِّ بِخُرَاسَانَ لَا ، بَلْ بِالدُّنْيَا وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ وَحَطَّ عَلَى مُعَاوِيَةَ ، وَهُوَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ سَأَلْت أَبَا إسْمَاعِيلَ عَبْدَ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ عَنْهُ

فَقَالَ : إمَامٌ فِي الْحَدِيثِ ، رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ .
قَالَ الذَّهَبِيُّ : اللَّهُ يُحِبُّ الْإِنْصَافَ مَا هُوَ بِرَافِضِيٍّ بَلْ شِيعِيٍّ فَقَطْ ، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً بِنَيْسَابُورَ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِهَا فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ .

( مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ ) وَهُوَ أَخُو أَبِي بَكْرٍ ، رَوَى عَنْ عَائِشَةَ ، رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي النِّكَاحِ .

( مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَاسْمُ أَبِي ذِئْبٍ ، هِشَامُ بْنُ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدُودٍ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ الْمَدَنِيُّ يُكَنَّى أَبَا الْحَارِثِ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ ) رَوَى عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ وَنَافِعٍ وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ فِي آخَرِينَ كَثِيرِينَ ، رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَخَلْقٌ .
قَالَ أَحْمَدُ : كَانَ أَشْبَهَ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قِيلَ لَهُ : خَلَّفَ مِثْلَهُ بِبِلَادِهِ ؟ قَالَ لَا وَلَا بِغَيْرِهَا ، كَانَ ثِقَةً صَدُوقًا أَفْضَلَ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنَّ مَالِكًا أَشَدُّ تَنْقِيَةً لِلرِّجَالِ مِنْهُ ، وَسُئِلَ أَيْضًا مَنْ أَعْلَمُ ، مَالِكٌ أَوْ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَكْبَرُ مِنْ مَالِكٍ وَأَصْلَحُ وَأَوْرَعُ وَأَقْوَمُ بِالْحَقِّ مِنْ مَالِكٍ عِنْدَ السَّلَاطِينِ ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَقَالَ لَهُ : الظُّلْمُ فَاشٍ بِبَابِكَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ : شُيُوخُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ إلَّا أَبُو جَابِرٍ الْبَيَاضِيُّ .
وَقَالَ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ ثِقَةٌ ، وَلَمَّا حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ دَعَا ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ بِدَارِ النَّدْوَةِ فَقَالَ لَهُ : مَا تَقُولُ فِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، فَقَالَ : وَرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ إنَّكَ لَجَائِرٌ ، وَلَمَّا حَجَّ الْمَهْدِيُّ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ النَّاسُ إلَّا ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ فَقَالَ لَهُ الْمُسَيِّبُ بْنُ زُهَيْرٍ : قُمْ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ : إنَّمَا يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ : دَعْهُ فَلَقَدْ قَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِي ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ .

( مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ أَبَا الْحَسَنِ ) رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحُرْقَةِ ، رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَخَلْقٌ ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ : لَيْسَ بِقَوِيٍّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ ، قِيلَ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ لَهُ ذِكْرٌ فِي الصَّلَاةِ .

( مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ الضَّحَّاكِ ) ، وَقِيلَ فِي نَسَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ أَبُو عِيسَى السُّلَمِيُّ التِّرْمِذِيُّ الْحَافِظُ الضَّرِيرُ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ ، وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ أَكْمَهَ طَافَ الْبِلَادَ فَسَمِعَ مِنْ قُتَيْبَةَ وَعَلِيِّ بْنِ حُجْرٌ وَأَبِي كُرَيْبٌ وَخَلَائِقَ ، وَأَخَذَ عِلْمَ الرِّجَالِ وَالْعِلَلِ عَنْ الْبُخَارِيِّ ، رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ شَاكِرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَسْنَوَيْهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْقَرَّابُ وَالْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيُّ وَآخَرُونَ ، وَقَدْ سَمِعَ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ أَيْضًا .
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ : كَانَ مِمَّنْ جَمَعَ وَصَنَّفَ وَحَفِظَ وَذَاكَرَ قَالَ الْمُسْتَغْفِرِيُّ : مَاتَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقَوْلُ الْخَلِيلِيِّ فِي الْإِرْشَادِ : مَاتَ بَعْدَ الثَّمَانِينَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، قَالَهُ الْمُسْتَغْفِرِيُّ وَغُنْجَارُ وَابْنُ مَاكُولَا وَغَيْرُهُمْ .

( مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُظَفَّرٍ الْفَارِقِيُّ ) آخِرُ مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ وَعَنَى بِهِ ، رَوَى لَنَا عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَطِيبِ الْمِزَّةِ وَالنَّجْمِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ شَبِيبٍ الْحَرَّانِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غُلَامِ اللَّهِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ الشَّمْعَةِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّسْعَنِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ الصَّيْرَفِيِّ اللَّخْمِيِّ وَسَيِّدَةُ بِنْتُ مُوسَى الْمَارَانِيَّةُ فِي آخَرِينَ ، وَرَحَلَ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة فَسَمِعَ بِهَا مِنْ الشَّرِيفِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمُحْسِنِ الْعِرَاقِيِّ وَطَبَقَتِهِ .
رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ اللَّهِ بْنِ جَمَاعَةَ وَأَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ وَآخَرُونَ ، وَكَانَ قَدْ اعْتَنَى بِطَلَبِ الْحَدِيثِ فَقَرَأَ بِنَفْسِهِ وَكَتَبَ وَرَحَلَ وَأَفَادَ ، وَكَانَ أَحَدَ الشُّهُودِ الْمُعَدَّلِينَ بِالْقَاهِرَةِ إلَّا أَنِّي سَمِعْت مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيهِ فِي الشَّهَادَةِ ، فَلِذَلِكَ قَرَنْته فِي الرِّوَايَةِ بِأَبِي الْحَرَمِ الْقَلَانِسِيِّ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ .

( مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلَانَ أَبُو طَالِبٍ الْبَزَّارُ الْهَمَذَانِيُّ الْبَغْدَادِيُّ ) رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيِّ وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ ، رَوَى عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ وَأَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَاكُولَا وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرَدَانِيُّ وَأَبُو غَالِبٍ شُجَاعُ بْنُ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ وَمُقْرِئُ الْعِرَاقِ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَوَّارٍ وَأَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْمُحْسِنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيمِيُّ وَنُورُ الْهُدَى أَبُو طَالِبٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخَطِيبُ وَأَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الطُّيُورِيِّ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُبْخِرُ وَهِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ وَآخَرُونَ ، وَثَّقَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ قَالَ الْخَطِيبُ : كَانَ صَدُوقًا صَالِحًا دَيِّنًا وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ، وَقَدْ اسْتَكْمَلَ أَرْبَعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً .

( مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ أَبُو الْفَتْحِ الْبَكْرِيُّ الْمَيْدُومِيُّ مُسْنَدِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ) رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرَّانِيِّ وَأَبِي عِيسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِلَاقٍ ، وَتَفَرَّدَ بِالسَّمَاعِ مِنْهُمْ وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْأَنْمَاطِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ فَارِسٍ التَّمِيمِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْقَسْطَلَّانِيِّ وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَطِيبِ الْمِزَّةْ وَشَامِيَّةَ بِنْتِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيِّ فِي آخَرِينَ .
وَأَجَازَ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ وَمَجْدُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ وَهْبِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ فِي آخَرِينَ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُنِيرٍ الْحَلَبِيُّ وَأَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ اللَّهِ بْنِ جَمَاعَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ خَلِيلُ بْنُ كيكلدي الْعَلَائِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ لُؤْلُؤِ بْنِ النَّقِيبِ وَأَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَأَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْبَنَّاءِ وَآخَرُونَ ، وَكَانَ رَجُلًا جَيِّدًا ثِقَةً صَحِيحَ السَّمَاعِ مَوْلِدُهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ فِي الْعُشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ ، وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ وَلَمْ يُحْضِرْهُ وَالِدُهُ مَجَالِسَ السَّمَاعِ إلَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الْخَامِسَةِ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ حُضُورٌ أَصْلًا ، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ وَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ .

( مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَرَامِ أَبُو الْحَرَمِ الْقَلَانِسِيِّ الْحَنْبَلِيُّ ) شَيْخٌ مُكْثِرٌ ثِقَةٌ صَحِيحُ السَّمَاعِ ، رَوَى عَنْ الشِّهَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ الْخَيْمِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَطِيبِ الْمِزَّةِ حَضَرَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الْفُتُوحِ بْنِ الْحُصَرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ غُلَامِ اللَّهِ بْنِ السُّمْعَةِ وَغَازِي بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْحَلَاوِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ تَرْجَمَ وَالنَّجْمِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ شَبِيبٍ الْحَرَّانِيِّ الْحَنْبَلِيِّ وَالتَّاجِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ قُرَيْشٍ وَيُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الْمُحْسِنِ الْحَمْزِيّ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ غَازِي بْنِ الْأَغْلَاقِيِّ وَالضِّيَاءِ عِيسَى بْنِ يَحْيَى بْنِ أَحْمَدَ السَّبْتِيِّ وَالرَّضِيِّ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ القسطنطيني النَّحْوِيِّ وَالْحَافِظِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الظَّاهِرِيِّ وَيَعْقُوبَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَضَائِلَ الْحَلَبِيِّ وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ خَلَفٍ الدَّمِيرِيِّ وَسَيِّدَةَ بِنْتِ مُوسَى الْمَارَانِيَّةِ وَمُؤْنِسَةَ ابْنَةِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ فِي آخَرِينَ كَثِيرِينَ ، رَوَى عَنْهُ أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَأَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ وَآخَرُونَ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ .

( مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ الْأَسَدِيُّ مَوْلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ ) رَوَى عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالسُّفْيَانَانِ وَخَلَائِقُ قِيلَ لِشُعْبَةَ لِمَ تَرَكْت حَدِيثَهُ ؟ قَالَ : رَأَيْته يَزِنُ وَيَسْتَرْجِحُ فِي الْمِيزَانِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَبُو الزُّبَيْرِ يَحْتَاجُ إلَى دِعَامَةٍ ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الثِّقَاتِ تَخَلَّفَ عَنْ الرِّوَايَةِ عَنْهُ ، وَلَمْ يَحْتَجَّ ابْنُ حَزْمٍ بِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ إلَّا إذَا قَالَ : حَدَّثَنَا جَابِرٌ أَوْ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إلَّا مَا سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي الصَّلَاةِ .

مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ ) أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ ، رَوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلَائِقُ .
وَقَدْ أَفْرَدَ النَّسَائِيّ بِالتَّصْنِيفِ مَنْ رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَرَوَى عَنْ الزُّهْرِيِّ .
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : مَا اسْتَوْدَعْت قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَنَسِيتُهُ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مَا رَأَيْت أَحَدًا أَقَصَّ لِلْحَدِيثِ مِنْهُ ، وَمَا رَأَيْت أَحَدًا الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْهُ كَأَنَّهَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَعْرِ ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٌ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنْهُ ، وَقَالَ أَيُّوبُ مَا رَأَيْت أَعْلَمَ مِنْهُ .
وَقَالَ اللَّيْثُ مَا رَأَيْت عَالِمًا قَطُّ أَجْمَعَ وَلَا أَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ ، وَمَا رَأَيْت أَكْرَمَ مِنْهُ ، وَقَالَ مَالِكٌ : بَقِيَ وَمَا لَهُ فِي النَّاسِ نَظِيرٌ ، تُوُفِّيَ بِآدَامَ آخِرَ حَدِّ الْحِجَازِ وَأَوَّلَ عَمَلِ فِلَسْطِينَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ ، وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي مَوْلِدِهِ فَقِيلَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ إحْدَى ، وَقِيلَ سِتٍّ وَقِيلَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ .

( مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الْأَعْلَامِ ) رَوَى عَنْ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَأَنَسٍ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالسُّفْيَانَانِ وَخَلْقٌ .
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ يَجْتَمِعُ إلَيْهِ الصَّالِحُونَ ، وَقَالَ مَالِكٌ كَانَ سَيِّدَ الْقُرَّاءِ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَسْأَلُهُ عَنْ حَدِيثٍ إلَّا كَانَ يَبْكِي ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ : ثِقَةٌ وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ حَافِظٌ ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ ، وَقِيلَ سَنَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ لَهُ ذِكْرٌ فِي النِّكَاحِ .

( مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَازِمٍ أَبُو بَكْرٍ الْحَازِمِيُّ الْهَمَذَانِيُّ الشَّافِعِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ ) عَلَى حَدَاثَةِ سِنِّهِ .
رَوَى عَنْ أَبِي الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ بْنِ عِيسَى السِّجْزِيِّ حُضُورًا ، وَعَنْ أَبِي زُرْعَةَ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيَّ وَمُعَمِّرِ بْنِ الْفَاخِرِ وَغَيْرِهِمْ وَرَحَلَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ إلَى الْعِرَاقِ وَأَصْبَهَانَ وَالْجَزِيرَةِ وَالنَّوَاحِي ، ثُمَّ اسْتَوْطَنَ بَغْدَادَ وَتَفَقَّهَ بِهَا عَلَى ابْنِ فَضْلَانِ وَغَيْرِهِ وَصَنَّفَ التَّصَانِيفَ الْمُفِيدَةَ كَالْأَنْسَابِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ قَالَ الذَّهَبِيُّ كَانَ إمَامًا ذَكِيًّا ثَاقِبَ الذِّهْنِ فَقِيهًا بَارِعًا وَمُحَدِّثًا بَارِعًا بَصِيرًا بِالرِّجَالِ وَالْعِلَلِ مُتَبَحِّرًا فِي عِلْمِ السُّنَنِ ذَا زُهْدٍ وَتَعَبُّدٍ وَتَأَلُّهٍ وَانْقِبَاضٍ عَنْ النَّاسِ ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ شَابًّا عَنْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً .

( مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ فَارِسِ بْنِ ذُؤَيْبٍ الذُّهْلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ أَحَدُ الْأَعْلَامِ الْحُفَّاظِ ) رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ وَخَلَائِقَ ، وَلَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ ، رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ الْإسْفَرايِينِيّ وَخَلَائِقُ قَالَ أَحْمَدُ : مَا رَأَيْت خُرَاسَانِيًّا أَعْلَمَ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْهُ وَلَا أَصَحَّ كِتَابًا مِنْهُ .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى إمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ ثِقَةٌ ، وَقَالَ النَّسَائِيّ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُد : هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ ، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى إمَامُ أَهْلِ عَصْرِهِ ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً لَهُ ذِكْرٌ فِي النِّكَاحِ .

( مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرَّبَعِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَاجَهْ ) وَمَاجَهْ لَقَبٌ لِأَبِيهِ يَزِيدَ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ السِّتَّةِ صَاحِبِ السُّنَنِ وَالتَّفْسِيرِ وَالتَّارِيخِ ، سَمِعَ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ ، رَوَى عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيِّ وَمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ وَدَاوُد بْنِ رَشِيدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ وَخَلَائِقَ .
رَوَى عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ الْقَطَّانُ وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَبْهَرِيُّ وَالصَّفَّارُ وَآخَرُونَ .
قَالَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ : ثِقَةٌ كَبِيرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مُحْتَجٌّ بِهِ لَهُ مَعْرِفَةٌ وَحِفْظٌ وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي السُّنَنِ وَالتَّفْسِيرِ وَالتَّارِيخِ ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَكَذَا أَرَّخَهُ جَعْفَرُ بْنُ إدْرِيسَ وَزَادَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ .

( مِخْمَرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ) كَذَا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَكِيمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَاءِ ( مِخْنَفُ بْنُ سُلَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ مَازِنِ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الدُّؤْلِ بْنِ سَعْدِ مَنَاةَ بْنِ غَامِدٍ الْأَزْدِيُّ الْغَامِدِيُّ ) لَهُ صُحْبَةٌ ، رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي أَيُّوبَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ حَبِيبٌ وَعَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ وَغَيْرُهُمَا ، نَزَلَ الْكُوفَةَ وَعَدَّهُ بَعْضُهُمْ فِي الْبَصْرِيِّينَ ، وَوَلِيَ أَصْبَهَانَ لِعَلِيٍّ وَشَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ وَكَانَ عَلَى رَايَةِ الْأَزْدِ يَوْمَئِذٍ ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ .

( مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو الْخَيْرِ الْيَزَنِيُّ ) وَيَزَنْ مِنْ حِمْيَرَ الْمِصْرِيُّ .
رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، رَوَى عَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ وَآخَرُونَ ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي زَمَانِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ .

( مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ الْهَمْدَانِيُّ أَبُو عَائِشَةَ ) نَزَلَ الْكُوفَةَ أَحَدُ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ وَأَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ انْتَهَى إلَيْهِمْ الزُّهْدُ مِنْ التَّابِعِينَ ، صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَى عَنْهُ وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاذٍ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رَوَى عَنْهُ أَبُو وَائِلٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَخَلْقٌ .
قَالَ مُرَّةُ مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَهُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ مَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا كَانَ أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنْهُ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ مَا أُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ .
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ لَا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ ، وَقَالَتْ امْرَأَتُهُ قُمَيْرُ كَانَ يُصَلِّي حَتَّى تَوَرَّمَ قَدَمَاهُ ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ .

( مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ الْمُطَّلِبِيُّ ) وَقِيلَ إنَّ مِسْطَحًا لَقَبٌ ، وَاسْمُهُ عَوْفٌ يُكَنَّى أَبَا عَبَّادٍ وَقِيلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ شَهِدَ بَدْرًا ، ثُمَّ خَاضَ فِي الْإِفْكِ فَجَلَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ جَلَدَهُ ، وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ فَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ ، وَقِيلَ إنَّهُ شَهِدَ صِفِّينَ ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي الْحُدُودِ وَفِي قِصَّةِ الْإِفْكِ .

( مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ وَرْدِ بْنِ كوشاد أَبُو الْحُسَيْنِ الْقُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ ) أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ وَمُصَنِّفُ الصَّحِيحِ وَالْمُسْنَدِ الْكَبِيرِ عَلَى أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَكِتَابِ الْعِلَلِ وَكِتَابِ أَوْهَامِ الْمُحَدِّثِينَ وَكِتَابِ التَّمْيِيزِ وَكِتَابِ الطَّبَقَاتِ وَكِتَابِ الْوَاحِدَانِ وَكِتَابِ الْمُخَضْرَمِينَ ، رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةً الْقَعْنَبِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَخَلَائِقَ ، رَوَى عَنْهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ وَأَبُو عَوَانَةَ الْإسْفَرايِينِيّ وَخَلْقٌ .
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَسْلَمَةً النَّيْسَابُورِيُّ رَأَيْت أَبَا زُرْعَةَ وَأَبَا حَاتِمٍ يُقَدِّمَانِ مُسْلِمًا فِي مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ عَلَى مَشَايِخِ عَصْرِهِمَا ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ ، وَتُوُفِّيَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بِنَيْسَابُورَ ، وَقِيلَ إنَّهُ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً ، وَبِهِ جَزَمَ الذَّهَبِيُّ فِي الْعِبَرِ وَقِيلَ بَلَغَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ وَكِلَاهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَارِيخِ مَوْلِدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الْمُسْلِمُ بْنُ مَكِّيٍّ وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِالْمُسْلِمِ بْنِ عَلَّانَ ) فَيُنْسَبُ إلَى أَجْدَادِهِ وَهُوَ الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْلِمِ بْنِ مَكِّيِّ بْنِ خَلَفِ بْنِ عَلَّانَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقَيْسِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْكَاتِبُ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ ، وَرَوَى عَنْ حَنْبَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرُّصَافِيِّ وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ طَبَرْزَدَ وَعَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ أَبِي غَالِبِ بْنِ مَنْدَوَيْهِ وَأَبِي الْيُمْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكِنْدِيِّ فِي آخَرِينَ ، وَعَنْ أَبِي طَاهِرٍ بَرَكَاتِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْخُشُوعِيِّ بِالْإِجَازَةِ .
رَوَى عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُد بْنِ الْعَطَّارِ وَأَخُوهُ دَاوُد بْنُ إبْرَاهِيمَ وَقَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ اللَّهِ بْنِ جَمَاعَةَ وَالْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْزَالِيُّ وَالْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِزِّيُّ وَأَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ الْأَزْدِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْإِسْكَنْدَرِيِّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ الْكَحَّالِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْخَبَّازِ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ وَآخَرُونَ ، وَكَانَ ثِقَةً صَحِيحَ السَّمَاعِ مِنْ بَيْتِ حَدِيثٍ وَرِيَاسَةٍ ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ .

( مُصْعَبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ أَبُو زُرَارَةَ الْمَدَنِيُّ ) رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَخَلْقٌ قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : ثِقَةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ

مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ الْحَجَبِيُّ ) رَوَى عَنْ عَمَّةِ أَبِيهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ وَأَخِيهَا مُسَافِعٍ وَطَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ وَجَمَاعَةٍ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ زُرَارَةُ وَحَفِيدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُرَارَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَآخَرُونَ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ : ثِقَةٌ ، وَقَالَ أَحْمَدُ رَوَى مَنَاكِيرُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ قَالَ النَّسَائِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي الطَّهَارَةِ فِي السِّوَاكِ .

( مُعَاذُ بْنُ جَبَلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ بْنِ عَائِدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَدَّى بْنِ سَعْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَسَدِ بْنِ سَارِدَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَشْمِ بْنِ الْخَزْرَجِ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ ثُمَّ الْجُشَمِيُّ ، وَقَدْ نَسَبَهُ بَعْضُهُمْ فِي سَلَمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَلِيٍّ ؛ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَإِنَّمَا ادَّعَتْهُ بَنُو سَلَمَةَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَخَا سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ لِأُمِّهِ ، كُنْيَةُ مُعَاذٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ ) .
رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ رَوَى عَنْهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ أَحَدَ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ { وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو { اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَذَكَرَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ } وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ { ، جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةً فَذَكَرَ مِنْهُمْ مُعَاذًا } .
{ وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِأَسْنَادٍ صَحِيحٍ : وَاَللَّهِ يَا مُعَاذُ إنِّي لَأُحِبُّك } .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إنَّ مُعَاذًا كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّا كُنَّا لَنُشَبِّهُ مُعَاذًا بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ تُوُفِّيَ بِطَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَقِيلَ سَبْعَ عَشْرَةَ ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ سِنِّهِ فَقِيلَ ثَمَانٍ وَثَلَاثُونَ ، وَقِيلَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ وَقِيلَ ثَمَانٌ وَعِشْرُونَ وَهُوَ وَهْمٌ ، فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا

وَهُوَ رَجُلٌ .

( مُعَاذُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ الْبَصْرِيُّ ) رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ عَوْنٍ وَشُعْبَةَ وَغَيْرِهِمْ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْفَلَّاسُ وَخَلْقٌ ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ صَدُوقٌ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَقِيلَ لِأَبِي دَاوُد هُوَ عِنْدَك حُجَّةٌ ؟ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ شَيْئًا كَانَ يَحْيَى لَا يَرْضَاهُ ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ رُبَّمَا يَغْلَطُ ، وَأَرْجُو أَنَّهُ صَدُوقٌ ، مَاتَ سَنَةَ مِائَتَيْنِ .

( مُعَاوِيَةُ بْنُ خَدِيجِ بْنِ جَفْنَةَ بْنِ قَنْبَرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَشْرَسَ بْنِ شَبِيبِ بْنِ السُّكُونِ السَّكُونِيُّ وَقِيلَ الْكِنْدِيُّ وَقِيلَ التُّجِيبِيُّ ، وَقِيلَ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَالصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ السَّكُونِيُّ ؛ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقِيلَ أَبَا نُعَيْمٍ يُعَدُّ فِي أَهْلِ مِصْرَ ) .
رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عَمْرٍو وَأَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِمْ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِمَاسَةَ وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ فِي آخَرِينَ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهْرَيْنِ .
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ : وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ بَشِيرًا بِفَتْحِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَوَلِيَ غَزْوَ إفْرِيقِيَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ذَهَبَتْ عَيْنُهُ فِي إحْدَاهَا وَقِيلَ : بَلْ ذَهَبَتْ يَوْمَ دُنْقُلَةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ .

( مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَاسْمُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْأُمَوِيُّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ وَأَبُوهُ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ ، وَقِيلَ أَسْلَمَ هُوَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَكَتَمَ إسْلَامَهُ ) رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ .
رَوَى عَنْهُ أَبُو ذَرٍّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَهَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي آخَرِينَ كَثِيرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَلِيَ لِعُمَرَ الشَّامَ وَأَقَرَّهُ عُثْمَانُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ كَانَ أَمِيرًا عِشْرِينَ سَنَةً وَخَلِيفَةً عِشْرِينَ سَنَةً .
رَوَيْنَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ ، قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَقِه الْعَذَابَ } قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : إلَّا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ زِيَادٍ فِي إسْنَادِهِ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ : { اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ } ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ عُمَيْرٍ { : لَا تَذْكُرُوا مُعَاوِيَةَ إلَّا بِخَيْرٍ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اهْدِ بِهِ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّهُ فَقِيهٌ ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا رَأَيْت أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ فَقِيلَ لَهُ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ فَقَالَ كَانُوا وَاَللَّهِ خَيْرًا مِنْهُ وَأَفْضَلَ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَسْوَدَ مِنْهُمْ } قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ : هُوَ أَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ دِيوَانَ الْخَاتَمِ ، وَأَمَرَ بِهَدَايَا

النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ ، وَاِتَّخَذَ الْمَعَاصِرَ فِي الْجَوَامِعِ ؛ وَأَوَّلُ مَنْ أَقَامَ عَلَى رَأْسِهِ حَرَسًا ، وَأَوَّلُ مَنْ قُيِّدَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ الْجَنَائِبُ ، وَأَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ الْخُصْيَانِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَوَّلُ مَنْ بَلَّغَ دَرَجَاتِ الْمِنْبَرِ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً ، وَكَانَ يَقُولُ : أَنَا أَوَّلُ الْمُلُوكِ وَصَدَقَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَفِينَةَ قَالَ { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ } ، تُوُفِّيَ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ عَنْ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ عَاشَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ .

( الْمُعَلَّى بْنُ إسْمَاعِيلَ ) رَوَى عَنْ نَافِعٍ رَوَى عَنْهُ أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ : لَيْسَ بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ ، صَالِحُ الْحَدِيثِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ أَرْطَاةَ ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ .

( مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ أَبُو عُرْوَةَ الْأَزْدِيُّ مَوْلَاهُمْ الْبَصْرِيُّ سَكَنَ الْيَمَنَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ ) رَوَى عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَالزُّهْرِيِّ وَطَبَقَتِهِمْ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ شُعْبَةُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : سَمِعْت مِنْهُ عَشْرَةَ آلَافٍ .
قَالَ أَحْمَدُ : لَا تَضُمُّ أَحَدًا إلَى مَعْمَرٍ إلَّا وَجَدْته يَتَقَدَّمُهُ ، وَكَانَ مِنْ أَطْلَبْ أَهْلِ زَمَانِهِ لِلْعِلْمِ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ رَحَلَ إلَى الْيَمَنِ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ أَعْلَمُ مِنْهُ .
وَقَالَ الْعِجْلِيّ : ثِقَةٌ رَجُلٌ صَالِحٌ لَمَّا دَخَلَ صَنْعَاءَ كَرِهُوا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ فَقَالَ رَجُلٌ قَيِّدُوهُ ، فَزَوَّجُوهُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَقَالَ النَّسَائِيّ : ثِقَةٌ مَأْمُونٌ مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ : فُقِدَ فَلَمْ يُرَ لَهُ أَثَرٌ .

( مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ الْأَسَدِيُّ الْحِزَامِيُّ ) رَوَى عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي آخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْر وَقُتَيْبَةُ وَآخَرُونَ قَالَ أَبُو دَاوُد : رَجُلٌ صَالِحٌ نَزَلَ عَسْقَلَانَ .
وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ، وَقَالَ الْخَطِيبُ كَانَ عَلَّامَةَ النَّسَبِ ، قَالَ الذَّهَبِيُّ : وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ مَوْتِ مَالِكٍ لَهُ ذِكْرٌ فِي النَّجَاسَةِ .

( مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ الرَّبَذِيُّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الْعَزِيزِ ) رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَنَافِعٍ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ فِي آخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَخَلْقٌ .
قَالَ أَحْمَدُ : لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عِنْدِي عَنْهُ وَضَعَّفَهُ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ : ثِقَةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ : صَدُوقٌ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ جِدًّا ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ : رَجُلٌ مُتَعَبِّدٌ حَسَنُ الْعِبَادَةِ لَيْسَ بِالْحَافِظِ ، وَأَحْسِبُ إنَّمَا قَصُرَ بِهِ عَنْ الْحَدِيثِ فَضْلُ الْعِبَادَةِ ، تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ .

( مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَسَدِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ وَقِيلَ مَوْلَى أُمِّ خَالِدٍ زَوْجِ الزُّبَيْرِ أَحَدِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ ) رَوَى عَنْ أُمِّ خَالِدٍ وَلَهَا صُحْبَةٌ وَعَنْ عُرْوَةَ وَسَالِمٍ وَأَبِي سَلَمَةَ وَخَلْقٍ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالسُّفْيَانَانِ وَخَلْقٌ .
قَالَ مَالِكٌ عَلَيْكُمْ بِمَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ ، وَقَالَ أَيْضًا : فَإِنَّهَا أَصَحُّ الْمَغَازِي ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ : كِتَابُ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ مِنْ أَصَحِّ هَذِهِ الْكُتُبِ ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ نَافِعٍ فِيهَا شَيْءٌ وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ ثِقَةٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ إحْدَى وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ .

( مُوسَى بْنُ أَبِي عِيسَى الْحَنَّاطُ أَبُو هَارُونَ الْمَدَنِيُّ وَاسْمُ أَبِي عِيسَى مَيْسَرَةُ وَهُوَ أَخُو عِيسَى الْحَنَّاطِ ) رَوَى عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَنَافِعٍ فِي آخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمَا وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْجَنَائِزِ فِي بَابِ الْكَفَنِ .

( الْمُؤَيَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَسَنٍ أَبُو الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ الْمُقْرِي مُسْنَدُ خُرَاسَانَ ) رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَرَوِيِّ وَهِبَةِ اللَّهِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عُمَرَ السِّيدِيِّ وَعَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْخُوَارِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيِّ ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُمْ وَأَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَصَّارِيِّ الطُّوسِيِّ فِي آخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ وَالْحُفَّاظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبِرْزَالِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِ الصَّيْرَفِينِيُّ وَأَبُو عُمَرَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُوسَى بْنِ الصَّلَاحِ وَالضِّيَاءُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيَّ وَالْمَجْدُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالشَّمْسُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِيسَى الْخُسْرُ وَشَاهِي الْمُتَكَلِّمُ وَالنَّظَّامُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيّ الْحَنَفِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الصَّدْرِيُّ وَالسَّرِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُرْسِيُّ وَالصَّدْرُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيُّ وَالزَّكِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْبَيْلَقَانِيُّ الْمُتَكَلِّمُ وَالْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْقَاسِمِ الْإِرْبِلِيُّ ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ وَرَوَى عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي الْفُتُوحِ بْنِ الْحُصَرِيُّ وَالْفَخْرُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبُخَارِيِّ وَمَحْمُودُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَالشَّرِيفُ أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ وَسَيِّدَةُ بِنْتُ مُوسَى الْمَارَانِيَّةُ وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ كِنْدِيّ وَهِيَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ ، وَرَوَى عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّةِ الْحَافِظُ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ ، وَكَانَ ثِقَةً مُكْثِرًا صَحِيحَ السَّمَاعِ ،

وَكَانَ الرِّحْلَةُ إلَيْهِ مِنْ الْأَقْطَارِ ، مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ الْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ .

( نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ الْعَدَوِيِّ الْمَدَنِيُّ ) قِيلَ اسْمُ أَبِيهِ هُرْمُزُ أَحَدُ الْأَعْلَامِ مِنْ الْمَغْرِبِ ، وَقِيلَ مِنْ نَيْسَابُورَ وَقِيلَ مِنْ سَبْيِ كَابُلَ ، رَوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي لُبَابَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَالْأَئِمَّةُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَخَلَائِقُ .
قَالَ مَالِكٌ كُنْت إذَا سَمِعْت مِنْهُ لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا بِنَافِعٍ قَالَ : وَبَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى مِصْرَ يُعَلِّمُهُمْ السُّنَنَ وَأَعْطَى فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفًا فَأَبَى وَأَعْتَقَهُ قَالَ النَّسَائِيُّ : اخْتَلَفَ نَافِعٌ وَسَالِمٌ فِي ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ ، وَقَوْلُ نَافِعٍ فِيهَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ ، وَلَمْ يُفَضِّلْ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ إذَا اخْتَلَفَا ، تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ .

( نُبَيْشَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَتَّابِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حُصَيْنِ بْنِ دَابِغَةَ بْنِ لِحْيَانَ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ الْهُذَلِيُّ وَقِيلَ فِي نَسَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ : نُبَيْشَةُ الْخَيْرِ ) رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، رَوَى عَنْهُ أَبُو الْمَلِيحِ الْهُذَلِيُّ وَأُمُّ عَاصِمٍ جَدَّةُ الْمُعَلَّى بْنِ رَاشِدٍ أُمُّ وَلَدٍ لِسِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الذَّبَائِحِ .

نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ ) وَيُقَالُ لَهُ النَّحَّامُ { لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلْت الْجَنَّةَ فَسَمِعْت نَحْمَةَ نُعَيْمٍ فِيهَا } ، وَالنَّحْمَةُ السَّعْلَةُ ، وَقِيلَ النَّحْنَحَةُ الْمَمْدُودُ آخِرُهَا أَسْلَمَ قَدِيمًا قَبْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَيُقَالُ بَعْدَ عَشْرَةِ أَنْفُسٍ وَكَانَ يَكْتُمُ إسْلَامَهُ ، وَمَنَعَهُ قَوْمُهُ مِنْ الْهِجْرَةِ لِشَرَفِهِ فِيهِمْ ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَرَامِلِ بَنِي عَدِيٍّ وَأَيْتَامِهِمْ وَيَمُونَهُمْ ، وَهَاجَرَ عَامَ خَيْبَرَ وَقُتِلَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَقِيلَ بَلْ أَقَامَ فِي مَكَّةَ حَتَّى كَانَ قَبْلَ الْفَتْحِ رَوَى عَنْهُ نَافِعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : مَا أَظُنُّهُمَا سَمِعَا مِنْهُ ، وَهُوَ كَمَا ذَكَرَ فَقَدْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ إنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَقَالَ غَيْرُهُ : قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ شَهِيدًا بِأَجْنَادِينَ سَنَة ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْعِتْقِ .

( نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِلَاجٍ الثَّقَفِيُّ أَبُو بَكْرَةَ ؛ قِيلَ كَانَ ابْنُ عُبَيْدِ الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ فَاسْتَلْحَقَهُ ، وَقِيلَ نُفَيْعُ بْنُ مَسْرُوحٍ وَقِيلَ : اسْمُ أَبِي بَكْرَةَ مَسْرُوحٌ ) وَقِيلَ : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّاهُ أَبَا بَكْرَةَ ؛ لِأَنَّهُ تَدَلَّى إلَيْهِ مِنْ حِصْنِ الطَّائِفِ بِبَكْرَةٍ فَأَسْلَمَ وَأَعْتَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ الْبَصْرَةَ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَوَى عَنْهُ أَوْلَادُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَمُسْلِمٌ وَدَاوُد وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَكَيِّسَةُ وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَآخَرُونَ قَالَ الْحَسَنُ لَمْ يَنْزِلْ الْبَصْرَةَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي بَكْرَةَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ : كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَرِعًا آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَرْزَةَ ، كَانَ مِمَّنْ اعْتَزَلَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَ أَحَدٍ ، تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ إحْدَى وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ .

( هِبَةُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو أَبُو مُحَمَّدٍ السَّيِّدُ الْبِسْطَامِيُّ ثُمَّ النَّيْسَابُورِيُّ ) رَوَى عَنْ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَسْرُورٍ الزَّاهِدِ وَأَبِي عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبُحَيْرِيِّ وَأَبِي يَعْلَى إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ فِي آخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ وَالْعَلَّامَةُ أَبُو الْمَعَالِي مَسْعُودُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الطُّرَيْثِيثِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الشِّعْرِيُّ وَمَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْفَرَاوِيُّ وَالْمُؤَيَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ وَآخَرُونَ قَالَ الذَّهَبِيُّ : فَقِيهٌ صَالِحٌ مُتَعَبِّدٌ عَالِي الْإِسْنَادِ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ .

( هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْحُصَيْنِ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ الْبَغْدَادِيُّ الْكَاتِبُ الْمَعْرُوفُ بِالْأَزْرَقِ ) رَوَى عَنْ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلَانَ وَأَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَذْهَبِ وَالْحَسَنِ بْنِ عِيسَى بْنِ الْمُقْتَدِرِ وَأَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيِّ ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ .
رَوَى عَنْهُ أَبُو أَحْمَدَ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْفَاخِرِ وَأَبُو مَسْعُودٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ أَبِي الْوَفَا الْحَاجِيُّ وَالْعَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَشَّابِ وَالْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ سَعْدُونٍ الْقُرْطُبِيُّ نَزِيلُ الْمَوْصِلِ وَعَبْدُ الْمُغِيثِ بْنُ زُهَيْرٍ الْحَرْبِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الدَّامَغَانِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَأَبُو طَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْكَرْخِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَبَّةَ الْبَغْدَادِيُّ وَعَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْبُنْدَارِ وَأَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَوَّازِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ الطَّوِيلَةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَلَّاحِ الشَّطِّ وَعُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَرْبِيُّ الْوَاعِظُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْمَجْدِ الْحَرْبِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ الثَّلَّاجِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوِقَايَاتِيُّ الْعُمَرِيِّ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَعِيشَ سِبْطُ بْنُ الدَّامَغَانِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ السِّبْطِ وَالْحَسَنُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ أُشْنَانَةَ

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ عَلْيَانَ وَعَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْكَاتِبُ وَالْمُبَارَكُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْمَعْطُوسِ وَأَبُو الْعُمْرِ بَقَاءُ بْنُ عُمَرَ الْأَزَجِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي بْنُ مَعَالِي بْنِ شِدْقِينِيِّ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَزَجِيُّ وَالْمُبَارَكُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُخْتَارٍ الْأَزَجِيُّ وَلَاحِقُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَيُّوبَ الْحَرْبِيُّ وَحَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّصَافِيُّ وَالْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحَرِيمِيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بُخْتِيَارَ الْمنْدَائِيُّ وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ ابْنِ سُكَيْنَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ طَبَرْزَدَ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ قَالَ الذَّهَبِيُّ وَكَانَ دَيِّنًا صَحِيحَ السَّمَاعِ ، تُوُفِّيَ فِي رَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةٍ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ .

( هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ الْفِرْدَوْسِيُّ الْأَزْدِيُّ مَوْلَاهُمْ الْبَصْرِيُّ ) يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ الْأَعْلَامِ رَوَى عَنْ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ فِي آخَرِينَ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَخَلَائِقُ آخِرُهُمْ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ : حَدِيثُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ صِحَاحٌ وَحَدِيثُهُ عَنْ الْحَسَنِ عَامَّتُهَا تَدُورُ عَلَى حَوْشَبٍ .
وَقَالَ أَحْمَدُ صَالِحٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُعِينِ : لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ وَقَالَ الْعِجْلِيّ : ثِقَةٌ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ يُضَعِّفُ حَدِيثَهُ عَنْ عَطَاءٍ ، وَقَالَ يَحْيَى هُوَ فِي مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ ، وَتُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ ، قَالَهُ مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ .

( هَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ كَامِلِ بْنِ سِيَجٍ الْأَنْبَارِيُّ الْيَمَانِيُّ الصَّنْعَانِيُّ يُكَنَّى أَبَا عُقْبَةَ وَهُوَ أَخُو وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ) رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيفَةً صَحِيحَةً وَعَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رَوَى عَنْهُ أَخُوهُ وَهْبٌ وَابْنُ أَخِيهِ عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَنَسٍ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إحْدَى وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ .

( هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى بْنِ دِينَارٍ الْعَوْذِيُّ الْمَحْمِلِيُّ مِنْ الْأَزْدِ بَصْرِيٌّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ أَبَا بَكْرٍ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ ) رَوَى عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَخَلْقٍ ، رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَخَلْقٌ قَالَ أَحْمَدُ : ثَبْتٌ فِي كُلِّ الْمَشَايِخِ وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ أَنَّ يَحْيَى الْقَطَّانَ كَانَ لَا يَعْبَأُ بِهِ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ ، وَقِيلَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ .

( وَائِلُ بْنُ حُجْرٌ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ يَعْمُرَ الْحَضْرَمِيُّ يُكَنَّى أَبَا هُنَيْدَةَ وَقِيلَ أَبَا هُنَيْدٍ ) كَانَ قِيلًا مِنْ أَقْيَالِ حَضْرَمَوْتَ ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ مُلُوكِهِمْ { فَوَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْرَمَهُ وَرَحَّبَ بِهِ وَبَسَطَ لَهُ رِدَاءَهُ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ أَطْلَعَهُ مَعَهُ الْمِنْبَرَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٌ بَقِيَّةُ الْأَقْيَالِ } وَقِيلَ إنَّهُ بَشَّرَهُمْ بِقُدُومِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي وَائِلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ ، وَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَقْيَالِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ ، وَكَتَبَ مَعَهُ ثَلَاثَةَ كُتُبٍ وَأَقْطَعَهُ أَرْضًا وَأَرْسَلَ مَعَهُ مُعَاوِيَةَ وَقِصَّتُهُ مَعَهُ مَعْرُوفَةٌ ، وَنَزَلَ الْكُوفَةَ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَعَلْقَمَةُ وَكُلَيْبُ بْنُ شِهَابٍ وَآخَرُونَ وَبَقِيَ إلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ وَقَدِمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلْ جَائِزَتَهُ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْأَدَبِ .

( وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كُلَيْبٍ الْيَشْكُرِيُّ الْكُوفِيُّ ) يُكَنَّى أَبَا بِشْرٍ نَزَلَ الْمَدَائِنَ رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَبِي الزِّنَادِ فِي آخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَشُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ ، قَالَ شُعْبَةُ لِأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ عَلَيْك بِهِ فَإِنَّك لَا تَلْقَى بَعْدَهُ مِثْلَهُ حَتَّى تَرْجِعَ ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد صَاحِبُ سُنَّةٍ زَادَ أَبُو دَاوُد فِيهِ إرْجَاءٌ .

( وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ الْقُرَشِيُّ الْأَسَدِيُّ ) أَدْرَكَ ابْتِدَاءَ الْوَحْيِ وَاسْتَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ وَرَقَةُ : هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ، ثُمَّ تُوُفِّيَ وَرَقَةُ قَبْلَ اشْتِهَارِ النُّبُوَّةِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ اخْتَلَفُوا فِي إسْلَامِ وَرَقَةَ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ : هُوَ أَحَدُ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَمَا ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ هُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَسُبُّ وَرَقَةَ فَقَالَ : أَمَا عَلِمْت أَنِّي رَأَيْت لِوَرَقَةِ جَنَّةً أَوْ جَنَّتَيْنِ ؟ } قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ وَرَقَةَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ : كَانَ صَدَّقَك وَلَكِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَأَيْت وَرَقَةَ فِي الْمَنَامِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَكَانَ عَلَيْهِ لِبَاسٌ غَيْرُ ذَلِكَ } قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَعُثْمَانُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ .
( قُلْت ) وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا لَيْسَ فِيهِ عَائِشَةُ وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ هَكَذَا .
وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ بِإِسْنَادِهِ إلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ { سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَرَقَةَ فَقَالَ أَبْصَرْته فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ عَلَيْهِ السُّنْدُسُ } ، فَهَذَا مَعَ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَعَ مُرْسَلِ عُرْوَةَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى إسْلَامِ

وَرَقَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ ) أَخُو خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا فَقَدِمَ أَخَوَاهُ خَالِدٌ وَهِشَامٌ فَافْتَكَّاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَقِيلَ افْتَكَّاهُ بِدِرْعٍ لِأَبِيهِمَا أُقِيمَتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ ، فَلَمَّا فُدِيَ أَسْلَمَ فَقِيلَ لَهُ هَلَّا أَسْلَمْت وَأَنْتَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ كَرِهْت أَنْ تَظُنُّوا بِي أَنِّي جَزِعْت مِنْ الْإِسَارِ فَأَخَذُوهُ فَحَبَسُوهُ بِمَكَّةَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو لَهُ فِي قُنُوتِهِ مَعَ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، ثُمَّ أَفْلَتَ وَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَ مَعَهُ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ وَكَتَبَ إلَى أَخِيهِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَكَانَ هُوَ السَّبَبَ فِي هِجْرَةِ أَخِيهِ خَالِدٍ ، وَقِيلَ : إنَّهُ لَمَّا أَفْلَتَ مِنْ قُرَيْشٍ خَرَجَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَطَلَبُوهُ فَلَمْ يُدْرِكُوهُ شَدًّا ، وَنُكِبَتْ أُصْبُعُهُ فَجَعَلَ يَقُولُ : هَلْ أَنْتِ إلَّا أُصْبُعٌ دَمِيَتْ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيت فَمَاتَ بِبِئْرِ أَبِي عُتْبَةَ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ قَالَ مُصْعَبٌ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شَهِدَ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ وَكَتَبَ إلَى أَخِيهِ خَالِدٍ فَكَانَ سَبَبَ هِجْرَتِهِ ، وَرَثَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَيْنُ فَابْكِي لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَهْ قَدْ كَانَ عَيْنًا فِي السِّنِّ ينَ وَرَحْمَةً فِينَا وَمِيرَهْ ضَخْمَ الدَّسِيعَةِ مَاجِدٌ يَسْمُو إلَى طَلَبِ الْوَثِيرَهْ مِثْلَ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَبِي الْوَلِيدِ كَفَى الْعَشِيرَهْ .

( يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ فَرُّوخَ أَبُو سَعِيدٍ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ الْقَطَّانُ أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ ) رَوَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ وَخَلْقٍ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْأَئِمَّةُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَابْنُ مَعِينٍ وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ الْمِسْمَعِيُّ قَالَ أَحْمَدُ مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ هُوَ أَثْبَتُ مِنْ وَكِيعٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَأَبِي نُعَيْمٍ .
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَا كَانَ أَضْبَطَهُ وَأَشَدَّ تَفَقُّدَهُ وَقَالَ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَقَلَّ خَطَأً مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ : مَا رَأَيْت أَحَدًا أَعْلَمَ بِالرِّجَالِ مِنْهُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَثْبَتَ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ : لَا تَرَى بِعَيْنِك مِثْلَهُ أَبَدًا وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الشَّهِيدِيُّ كُنْت أَرَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ مَنَارَةِ الْمَسْجِدِ فَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْفَلَّاسُ وَالشَّاذَكُونِيُّ وَغَيْرُهُمْ يَسَالُونَهُ عَنْ الْحَدِيثِ وَهُمْ قِيَامٌ عَلَى أَرْجُلِهِمْ إلَى قُرْبِ الْمَغْرِبِ لَا يَقُولُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ اجْلِسْ وَلَا يَجْلِسُونَ هَيْبَةً لَهُ وَإِعْظَامًا .
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ : أَقَامَ عِشْرِينَ سَنَةً يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَلَمْ يَفُتْهُ الزَّوَالُ فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَالَ الْعِجْلِيّ : كَانَ لَا يُحَدِّثُ إلَّا عَنْ ثِقَةٍ وَقَالَ بُنْدَارٌ يَحْيَى : إمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ اخْتَلَفْتُ إلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا أَظُنُّ أَنَّهُ عَصَى اللَّهَ قَطُّ .
وَقَالَ النَّسَائِيّ : أُمَنَاءُ اللَّهِ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِهِ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ ، وُلِدَ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ .

( قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ وَلِيُّ الدِّينِ أَبْقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ) " فَاتَ الشَّيْخَ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ فَكَتَبْتُهَا مِنْ عِنْدِي مُخْتَصَرَةً " ( يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو وَقِيلَ ابْنُ فَهْدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ أَبُو سَعِيدٍ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الْأَعْلَامِ ) وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَقْدَمَهُ الْمَنْصُورُ الْعِرَاقَ وَوَلَّاهُ الْقَضَاءَ بِالْهَاشِمِيَّةِ ، وَبِهَا مَاتَ وَقِيلَ إنَّهُ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِبَغْدَادَ قَالَ الْخَطِيبُ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَآخَرِينَ كَثِيرِينَ .
رَوَى عَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ : لَمْ أَرَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ أَنْبَلَ عِنْدِي مِنْهُ وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ مَا تَرَكْت بِالْمَدِينَةِ أَحَدًا أَفْقَهَ مِنْهُ ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كَانَ أَجَلَّ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ .
وَقَالَ مَالِكٌ : مَا خَرَجَ مِنَّا أَحَدٌ إلَى الْعِرَاقِ إلَّا تَغَيَّرَ غَيْرَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ ، وَقِيلَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ .

( يَحْيَى بْنُ سِيرِينَ الْبَصْرِيُّ مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ) رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَخِيهِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ وَعُبَيْدَةَ ، رَوَى عَنْهُ أَخُوهُ مُحَمَّدٌ ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ ثُمَّ قَالَ قِيلَ إنَّهُ كَانَ يَفْضُلُ عَلَى أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ .

( يَحْيَى بْنُ شَرَفِ بْنِ مَرِيِّ بْنِ حَسَنِ بْنِ حِزَامٍ الْحِزَامِيُّ ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحْيِي الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ وُلِدَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِنَوًى مِنْ عَمَلِ دِمَشْقَ ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَحَفِظَ التَّنْبِيهَ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ فِي أَرْبَعَةٍ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ ، وَحَفِظَ رُبْعَ الْمُهَذَّبِ وَلَزِمَ الِاشْتِغَالَ لَيْلًا وَنَهَارًا نَحْوَ عَشْرِ سِنِينَ حَتَّى فَاقَ الْأَقْرَانَ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي التَّصْنِيفِ مِنْ حُدُودِ السِّتِّينَ إلَى أَنْ مَاتَ ، وَسَمِعَ مِنْ شَيْخِ الشُّيُوخِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْمُحْسِنِ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُضَرَ وَالزَّيْنِ خَالِدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ الْحَافِظِ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ وَالْكَمَالِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَبْدٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْيُسْرِ فِي آخَرِينَ كَثِيرِينَ ، وَتَفَقَّهَ عَلَى الْكَمَالِ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْمَعَرِّيُّ وَالْكَمَالُ سلار بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ الْإِرْبِلِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَخَذَ النَّحْوَ عَنْ الْعَلَّامَةِ جَمَالِ الدِّينِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ وَأَخَذَ عِلْمَ الْحَدِيثِ عَنْ الزَّبْنِ خَالِدٍ الْمَذْكُورِ ، قَرَأَ عَلَيْهِ الْكَمَالُ لِعَبْدِ الْغَنِيِّ وَحَدَّثَ .
رَوَى عَنْهُ تِلْمِيذُهُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُد بْنِ الْعَطَّارِ وَالْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوسُفَ الْمِزِّيُّ وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ النَّقِيبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي وَآخَرُونَ وَبِالْإِجَازَةِ دَاوُد بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُد بْنِ الْعَطَّارِ وَأَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدُومِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي

الْبَرَكَاتِ الْمِصْرِيُّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَنَا عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ وَصَنَّفَ تَصَانِيفَ مُفِيدَةً مِنْهَا شَرْحُ مُسْلِمٍ وَالْأَذْكَارُ وَرِيَاضُ الصَّالِحِينَ وَالْبُسْتَانُ وَالرَّوْضَةُ وَالْمِنْهَاجُ وَدَقَائِقُهُ وَلُغَاتُ التَّنْبِيهِ وَتَصْحِيحُهُ وَنُكَتٌ عَلَيْهِ وَرُءُوسُ الْمَسَائِلِ وَكِتَابٌ فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَمُخْتَصَرُ التَّذْنِيبِ وَالْمَنَاسِكُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى وَالتِّبْيَانُ وَتَصْنِيفٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَتَصْنِيفٌ آخَرُ فِي جَوَازِ الْقِيَامِ وَالْأَرْبَعُونَ وَتَهْذِيبُ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَطَبَقَاتُ الْفُقَهَاءِ وَمَاتَ عَنْ هَذَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَهُمَا مُسَوَّدَتَانِ فَبَيَّضَهُمَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ وَالْفَتَاوَى الَّتِي سَمَّاهَا الْمَسَائِلَ الْمَنْثُورَةَ فَرَتَّبَهَا ابْنُ الْعَطَّارِ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا أَنَّهُ أَكْمَلَهُ .
وَأَمَّا مَا لَمْ يُكْمِلْ تَصْنِيفَهُ فَشَرْحُ الْبُخَارِيُّ وَالْخُلَاصَةُ فِي الْأَحْكَامِ وَشَرْحُ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقُ وَشَرْحُ التَّنْبِيهِ وَشَرْحُ الْوَسِيطِ الْمُسَمَّى بِالتَّنْقِيحِ وَنُكَتٌ عَلَيْهِ أَيْضًا وَمُهِمَّاتُ الْأَحْكَامِ وَالْإِشَارَاتُ عَلَى الرَّوْضَةِ وَالْأُصُولُ وَالضَّوَابِطُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ : كَانَ مَعَ تَبَحُّرِهِ فِي الْعِلْمِ وَسَعَةِ مَعْرِفَتِهِ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَاللُّغَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ رَأْسًا فِي الزُّهْدِ قُدْوَةً فِي الْوَرَعِ .
عَدِيمَ الْمِثْلِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ، قَانِعًا بِالْيَسِيرِ ، رَاضِيًا عَنْ اللَّهِ ، وَاَللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ .
مُقْتَصِدًا إلَى الْغَايَةِ فِي مَلْبَسِهِ وَمَطْعَمِهِ وَأَثَاثِهِ تَعْلُوهُ سَكِينَةٌ وَهَيْبَةٌ فَاَللَّهُ يَرْحَمُهُ وَيُسْكِنُهُ الْجَنَّةَ بِمَنِّهِ ، وَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ بَعْدَ الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ بْنِ أَبِي شَامَةَ وَكَانَ لَا يَتَنَاوَلُ مِنْ مَعْلُومِهَا شَيْئًا بَلْ يَتَقَنَّعُ بِالْقَلِيلِ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِ أَبُوهُ ، تُوُفِّيَ فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ

بِقَرْيَةِ نَوًى عِنْدَ أَهْلِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ .

( يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الطَّائِيُّ الْيَمَامِيُّ ) وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِيهِ فَقِيلَ : صَالِحٌ وَقِيلَ يَسَارٌ وَقِيلَ دِينَارٌ ، وَكُنْيَةُ يَحْيَى أَبُو نَصْرٍ أَحَدُ الْأَعْلَامِ أَرْسَلَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ، وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَعَطَاءٍ وَأَبِي سَلَمَةَ وَخَلْقٍ رَوَى عَنْهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَعْمَرٌ وَشَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا أَبُو إسْمَاعِيلَ الْقَنَّادُ قَالَ أَيُّوبُ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِثْلُهُ وَقَالَ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَعْدَ الزُّهْرِيِّ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْهُ .
وَقَالَ شُعْبَةُ : هُوَ أَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ : إذَا خَالَفَهُ الزُّهْرِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ يَحْيَى وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ إمَامٌ لَا يُحَدِّثُ إلَّا عَنْ ثِقَةٍ ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ كَانَ مِنْ الْعُبَّادِ إذَا حَضَرَ جِنَازَةً لَمْ يَتَعَشَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ يُكَلِّمُهُ ، وَكَانَ يُدَلِّسُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ .

( يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ بْنِ عَوْنٍ وَقِيلَ غِيَاثُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو زَكَرِيَّا الْغَطَفَانِيُّ الْبَغْدَادِيُّ الْحَافِظُ الْعَلَمُ ) رَوَى عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ وَخَلَائِقَ ، رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَبَّاسٌ الدَّوْرِيُّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنِ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ وَخَلْقٌ كَثِيرُونَ قَالَ الْعِجْلِيّ : هُوَ مِنْ أَهْلِ الْأَنْبَارِ وَكَانَ أَبُوهُ كَاتِبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الطَّبَرِيُّ سَمِعْت ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ كَتَبْت بِيَدِي أَلْفَ أَلْفِ حَدِيثٍ .
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدَّوْرِيُّ عَنْهُ لَوْ لَمْ يَكْتُبْ الْحَدِيثَ مِنْ ثَلَاثِينَ وَجْهًا مَا عَقَلْنَاهُ ، قَالَ ابْنُ سَعِيدٍ : كَثَّرَ مِنْ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ وَكَانَ لَا يَكَادُ يُحَدِّثُ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَتَبَ عَلَى كُتُبٍ وَقَالَ انْتَهَى الْعِلْمُ إلَى يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَبَعْدَهُ إلَى ابْنِ مَعِينٍ .
وَقَالَ أَيْضًا انْتَهَى الْعِلْمُ إلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ وَبَعْدَهُ إلَى ابْنِ مَعِينٍ ، وَقَالَ أَيْضًا : دَارَ حَدِيثُ الثِّقَاتِ إلَى جَمَاعَةٍ إلَى أَنْ قَالَ وَصَارَ حَدِيثُ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ إلَى يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَلَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي النَّاسِ ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَعْلَمُهُمْ بِصَحِيحِ الْحَدِيثِ وَسَقِيمِهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَحْمَدُ أَعْلَمُنَا بِالرِّجَالِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، وَقَالَ أَيْضًا كُلُّ حَدِيثٍ لَا يَعْرِفُهُ يَحْيَى فَلَيْسَ بِحَدِيثٍ .
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِثْلُ أَحْمَدَ وَيَحْيَى وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَرْدَعِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ كَانَ أَحْمَدُ لَا يَرَى الْكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ وَلَا عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَلَا عَمَّنْ اُمْتُحِنَ فَأَجَابَ ، وُلِدَ يَحْيَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ بِمَدِينَةِ

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَمَاتَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، وَأُخْرِجَتْ لَهُ الْأَعْوَادُ الَّتِي غُسِّلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغُسِّلَ عَلَيْهَا ، وَقَالَ عَبَّاسُ حُمِلَ عَلَى أَعْوَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُودِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ هَذَا الَّذِي كَانَ يَنْفِي الْكَذِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

( يَحْيَى بْنُ يَحْيَى بْنِ كَثِيرِ بْنِ وسلاس بْنِ شِمْلَالِ بْنِ منعايا اللَّيْثِيُّ مَوْلَاهُمْ الْبَرْبَرِيُّ الْمَصْمُودِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ الْقُرْطُبِيُّ ) يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ أَحَدُ الْأَعْلَامِ وَعَالِمُ الْأَنْدَلُسِ سَكَنَ جَدُّهُ كَثِيرٌ الْأَنْدَلُسَ ، وَرَحَلَ يَحْيَى وَحَجَّ فَسَمِعَ الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَ أَبْوَابٍ مِنْ الِاعْتِكَافِ شَكَّ فِي سَمَاعِهَا فَرَوَاهَا عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ ، وَسَمِعَ أَيْضًا مِنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَآخَرِينَ .
رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَبَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ وَآخَرُونَ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : عَادَتْ فُتْيَا الْأَنْدَلُسِ بَعْدَ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ عَلَيْهِ ، وَانْتَهَى السُّلْطَانُ وَالْعَامَّةُ إلَى رَأْيِهِ وَكَانَ فَقِيهًا حَسَنَ الرَّأْيِ إلَى أَنْ قَالَ : وَكَانَ إمَامَ أَهْلِ بَلَدِهِ وَالْمُقْتَدَى بِهِ مِنْهُمْ وَالْمَنْظُورَ إلَيْهِ وَالْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ ثِقَةً عَاقِلًا حَسَنَ الْهَدْيِ وَالسَّمْتِ يُشَبَّهُ بِمَالِكٍ فِي سَمْتِهِ قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَصَرٌ بِالْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ الْفَرْضِيِّ كَانَ إمَامَ وَقْتِهِ وَوَاحِدَ بَلَدِهِ وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَالَ : كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ .

( يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ أَبُو عَوْفٍ الْعَامِرِيُّ الْبُكَائِيُّ ) وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ الْأَصَمِّ وَقِيلَ الْأَصَمُّ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَيَزِيدُ هَذَا كُوفِيٌّ نَزَلَ الْكُوفَةَ ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ مَيْمُونَةَ رَوَى عَنْهَا وَعَنْ ابْنِ خَالَتِهِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ رَوَى عَنْهُ ابْنَا أَخِيهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ وَالزُّهْرِيُّ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَآخَرُونَ ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ .

( يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ) وَأَبُو حَبِيبٍ اسْمُهُ سُوَيْد أَبُو رَجَاءٍ الْأَزْدِيُّ مَوْلَاهُمْ الْمِصْرِيُّ عَالِمُ أَهْلِ مِصْرَ ، رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ وَلَهُ صُحْبَةٌ وَعَنْ أَبِي الْخَيْرِ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ حَتَّى كَتَبَ عَنْ أَصْحَابِهِ ، رَوَى عَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ وَآخَرُونَ قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ سَمِعْته يَقُولُ كَانَ أَبِي مِنْ دُنْقُلَةَ وَنَشَأْتُ بِمِصْرَ .
قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي زَمَانِهِ ، وَكَانَ حَلِيمًا عَاقِلًا ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ الْعِلْمَ بِمِصْرَ وَالْكَلَامَ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ .

( يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ زَاذَى وَيُقَالُ زَاذَانَ أَبُو خَالِدٍ السُّلَمِيُّ الْوَاسِطِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ ) رَوَى عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَحُمَيْدَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ فِي خَلَائِقَ مِنْ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالذُّهْلِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَآخَرُونَ وَمِنْ آخِرِ مَنْ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْوَحَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رِبْح .
قَالَ أَحْمَدُ كَانَ حَافِظًا مُتْقِنًا وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ : مَا رَأَيْت أَحْفَظَ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ : مَا رَأَيْت أَتْقَنَ حِفْظًا مِنْهُ .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ ثِقَةٌ إمَامٌ صَدُوقٌ لَا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ ثِقَةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ ، وَقَالَ الْعِجْلِيّ : ثِقَةٌ ثَبْتٌ وَكَانَ مُتَعَبِّدًا حَسَنَ الصَّلَاةِ جِدًّا وَكَانَ قَدْ عَمَّرَ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً .
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ : مَا رَأَيْت عَالِمًا قَطُّ أَحْسَنَ صَلَاةً مِنْهُ يَقُومُ كَأَنَّهُ أُسْطُوَانَةٌ يُصَلِّي بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَمْ يَكُنْ يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ .
وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ كَانَ إذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ لَا يَزَالُ قَائِمًا حَتَّى يُصَلِّيَ الْغَدَاةَ بِذَلِكَ الْوُضُوء نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ كَانَ مِنْ الْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنْ الْمُنْكَرِ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ عَنْهُ أَحْفَظُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ إسْنَادٍ ، وَأَنَا سَيِّدُ مَنْ رَوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَا فَخْرَ ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ السِّمْسَارِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : أَحْفَظُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ بِالْإِسْنَادِ وَلَا فَخْرَ وَأَحْفَظُ لِلشَّامِيِّينَ عِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ لَا أُسْأَلُ عَنْهَا مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَقِيلَ سَبْعَ عَشْرَةَ .

( يَعْقُوبُ الْقِبْطِيُّ ) الَّذِي دَبَّرَهُ أَبُو مَدْكُورٍ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامِ لَا يُعْرَفُ لَهُ ذِكْرٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَتُوُفِّيَ يَعْقُوبُ هَذَا فِي إمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ذُكِرَ فِي الْعِتْقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ .

( يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ عَاصِمِ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ الْقُرْطُبِيُّ ) أَحَدُ الْأَعْلَامِ صَاحِبُ التَّمْهِيدِ وَالِاسْتِذْكَارِ وَالِاسْتِيعَابِ وَالتَّقَصِّي وَالْكُنَى وَغَيْرِ ذَلِكَ ، رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ وَأَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْقَامِرِيِّ وَعَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسَدٍ وَخَلَفِ بْنِ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيمِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَيِّدِ بْنِ أَبِي الْفَرَاهِيدِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ الْقُرْطُبِيِّ فِي خَلَائِقَ .
رَوَى عَنْهُ الْحُفَّاظُ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ مُفَوِّزٍ الشَّاطِبِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَسَّانِيُّ الْجَيَّانِيُّ وَالْمُقْرِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الرَّوْشَنِ الشَّاطِبِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شَفِيعٍ الْأَنْدَلُسِيُّ وَأَبُو بَحْرٍ سُفْيَانُ بْنُ الْعَاصِ الْأَسَدِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ وَالْعَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُرْسِيُّ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ .
وَرَوَى عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْجُذَامِيُّ قَالَ الذَّهَبِيُّ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْمَغْرِبِ أَحْفَظُ مِنْهُ مَعَ الثِّقَةِ وَالدِّينِ وَالنَّزَاهَةِ وَالتَّبَحُّرِ فِي الْفِقْهِ وَالْعَرَبِيَّةِ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ طَاهِرُ بْنُ مُفَوِّزٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ فِي سَلْخِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بِشَاطِبَةَ مِنْ الْأَنْدَلُسِ .

( يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الزَّهْرَاءِ أَبُو الْحَجَّاجِ الْقُضَاعِيُّ الْكَلْبِيُّ الْمِزِّيُّ ) أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ مَوْلِدُهُ بِظَاهِرِ حَلَبَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ ، وَنَشَأَ بِالْمِزَّةِ وَحَفِظَ الْقُرْآنَ فِي صِغَرِهِ ، وَقَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْفِقْهِ وَالْعَرَبِيَّةِ ثُمَّ دَخَلَ دِمَشْقَ وَشَرَعَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ بِنَفْسِهِ ، وَلَهُ عِشْرُونَ سَنَةً فَسَمِعَ الْكَثِيرَ مِنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْخَيْرِ الْحَدَّادِ وَأَبِي الرَّجَاءِ مُؤَمَّلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَالِسِيِّ وَأَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ الْحَرَّانِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْقَاسِمِ الْإِرْبِلِيِّ وَالْكَمَالِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَقْدِسِيَّ وَالْحَافِظِ أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الصَّابُونِيِّ وَأَبِي الْغَنَائِمِ الْمُسْلِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْلِمِ الْقَيْسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ الْحَنَفِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ الدَّرَجِيِّ وَالْمِقْدَادِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الْقَيْسِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَرَ بْنِ قُدَامَةَ وَالرَّشِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ شَيْبَانُ بْنِ ثَعْلَبٍ الشَّيْبَانِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَمَوِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْكَمَالِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّيْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَقْدِسِيَّ وَالْفَخْرِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْبُخَارِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الصُّورِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ الْمُجَاوِرِ وَخَلَائِقَ لَا يُحْصَوْنَ ، ثُمَّ رَحَلَ إلَى الْقَاهِرَةِ فِي سَنَةَ ثَمَانِينَ فَسَمِعَ بِهَا مِنْ الْعِزِّ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْحَرَّانِيِّ وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَطِيبِ

الْمِزَّةِ وَغَازِي بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْحَلَاوِيِّ وَالنَّجِيبِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَيَّدِ الْهَمْدَانِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ تَرْجَمَ وَالنَّجْمِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ وَخَلَائِقَ ، وَسَمِعَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ طَرْخَانَ وَعَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّطِيفِ الْحَرَّانِيِّ وَالشَّرِيفِ تَاجِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمُحْسِنِ الْغَرَّافِيِّ فِي آخَرِينَ ، وَسَمِعَ بِحَلَبِ مِنْ الْكَمَالِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ بْنِ النَّصِيبِيِّ وَسُنْقُرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزَّيْنِيِّ فِي آخَرِينَ ، وَسَمِعَ بِحَمَاةِ مِنْ التَّقِيِّ إدْرِيسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَزِيزٍ وَالشَّرِيفِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُغَيْزِلِ فِي آخَرِينَ ، وَسَمِعَ بَشِيرٌ مِنْ شَامِيَّةَ بِنْتِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيِّ وَسَمِعَ بِنَابُلُسَ مِنْ عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ وَغَيْرِهِ وَبِبَعْلَبَكَّ مِنْ التَّاجِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَزَيْنَبَ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ كِنْدِيّ فِي آخَرِينَ ، وَسَمِعَ أَيْضًا بِالْحَرَمَيْنِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَحِمْصَ وَغَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ ، رَوَى عَنْهُ الْحُفَّاظُ وَالْأَئِمَّةُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عُثْمَانُ الذَّهَبِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي بْنِ عَلِيٍّ السُّبْكِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ خَلِيلُ بْنُ كيكلدي الْعَلَائِيُّ وَالْعِمَادُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ وَأَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ اللَّهِ بْنِ جَمَاعَةَ وَأَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَالصَّلَاحُ خَلِيلُ بْنُ أَيْبَكَ الصَّفَدِيُّ وَأَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ وَخَلَائِقُ وَصَنَّفَ تَهْذِيبَ الْكَمَالِ وَالْأَطْرَافَ وَدَرَّسَ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ ، وَانْتَفَعَ بِهِ النَّاسُ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَحْفَظُ مِنْهُ .
قَالَ الذَّهَبِيُّ هُوَ الْإِمَامُ الْأَوْحَدُ الْعَالِمُ الْحُجَّةُ الْحَافِظُ الْمَأْمُونُ شَرَفُ

الْمُحَدِّثِينَ عُمْدَةُ النُّقَّادِ شَيْخُنَا وَصَاحِبُ مُعْضِلَاتِنَا إلَى أَنْ قَالَ : بَرَعَ فِي فُنُونِ الْحَدِيثِ مَعَانِيهِ وَلُغَاتِهِ وَفِقْهِهِ وَعِلَلِهِ وَصَحِيحِهِ وَسَقِيمِهِ وَرِجَالِهِ ، فَلَمْ نَرَ مِثْلَهُ فِي مَعْنَاهُ وَلَا رَأَى هُوَ مِثْلَ نَفْسِهِ مَعَ الْإِتْقَانِ وَالصِّدْقِ وَحُسْنِ الْخَطِّ وَالدِّيَانَةِ وَحُسْنِ الْأَخْلَاقِ وَالسَّمْتِ الْحَسَنِ وَالْهَدْيِ الصَّالِحِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْخَيْرِ وَالِاقْتِصَادِ فِي الْمَعِيشَةِ وَاللِّبَاسِ وَالْمُلَازَمَةِ لِلِاشْتِعَالِ وَالسَّمَاعِ مَعَ الْعَقْلِ التَّامِّ وَالرَّزَانَةِ وَالْفَهْمِ وَصِحَّةِ الْإِدْرَاكِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ ، وَتُوُفِّيَ الْمِزِّيُّ فِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَانِي عَشْرَ صَفَرٍ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ .
لَهُ ذِكْرٌ فِي الْحَجِّ .

( يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْمَشْهَدِيُّ ) رَوَى عَنْ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيِّ فِي آخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي السُّبْكِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْفَارِقِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَآخَرُونَ ، كَانَ أَحَدَ الْعُدُولِ بِالْقَاهِرَةِ ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِمِائَةٍ .

( يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي النَّجَّادِ الْأَيْلِيُّ أَبُو يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ مَوْلَاهُمْ ) رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْقَاسِمِ وَنَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ ، رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ وَهْبٍ وَآخَرُونَ ، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ مَهْدِيٍّ : كِتَابُهُ صَحِيحٌ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ : أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهْرِيِّ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَذَكَرَ جَمَاعَةً ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ أَحْمَدَ فَقَالَ مُرَّةُ : مَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَعْمَرٍ إلَّا مَا كَانَ مِنْ يُونُسَ فَإِنَّهُ كَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ هُنَاكَ .
وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْهُ أَنَّهُ ضَعَّفَ أَمْرَ يُونُسَ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ وَعَقِيلٌ أَقَلُّ خَطَأً مِنْهُ وَنَحْوُهُ مَا رَوَاهُ الْمَيْمُونِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ رَوَى أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً وَكَذَا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَرُبَّمَا جَاءَ بِالشَّيْءِ الْمُنْكَرِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ نَحْنُ لَا نُقَدِّمُ فِي الزُّهْرِيِّ عَلَى يُونُسَ أَحَدًا وَقَالَ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ ثِقَةٌ ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ .

( بَابُ الْكُنَى ) ( أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ ) وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ ، فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ : هَانِئُ بْنُ نِيَارِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ كِلَابِ بْنِ غَانِمِ بْنِ هُبَيْرَةَ بْنِ ذُهْلِ بْنِ هَانِئِ بْنِ بَلِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُلْوَانَ بْنِ إلْحَاقَ بْنِ قُضَاعَةَ الْبَلَوِيُّ الْحَارِثِيُّ حَلِيفٌ لِبَنِي حَارِثَةَ مِنْ الْأَنْصَارِ وَقِيلَ هَانِئُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نِيَارٍ ، وَقِيلَ اسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو قَالَهُ ابْنُ أُخْتِهِ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ ، وَقِيلَ اسْمُهُ مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ قَالَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ أُخْتِهِ الْبَرَاءُ وَابْنُ أُخْتِهِ سَعِيدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَبَشِيرُ بْنُ بَشَّارٍ وَآخَرُونَ ، وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا شَهِدَ الْعَقَبَةَ الثَّانِيَةَ مَعَ السَّبْعِينَ فِي قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَالْوَاقِدِيِّ وَأَبِي مَعْشَرٍ وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَسَائِرَ الْمَشَاهِدِ ، وَحَمَلَ رَايَةَ بَنِي حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ .
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فَرَسَانِ فَرَسٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَسٌ لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ ، وَتُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ قِيلَ سَنَةَ إحْدَى ، وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ .

( أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ) تَقَدَّمَ فِي الْأَسْمَاءِ ( أَبُو بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ ) اسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ ، تَقَدَّمَ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عويج بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيِّ ) وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي جَهْمٍ ، فَقِيلَ عَامِرٌ وَقِيلَ عُبَيْدٌ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ وَصَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ مُقَدَّمًا مُعَظَّمًا فِي قُرَيْشٍ ، قَالَ الزُّبَيْرُ : كَانَ مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ عَالِمًا بِالنَّسَبِ ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَأْخُذُ عَنْهُمْ عِلْمَ النَّسَبِ ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ دَفَنُوا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَهُوَ الَّذِي أَهْدَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهَا إلَيْهِ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدَقَةِ ، وَانْفَرَدَ عَنْ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ بِأَنَّهُ شَهِدَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ حِينَ بَنَتْهَا قُرَيْشٌ ، وَمَرَّةً فِي الْإِسْلَامِ حِينَ بَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ هَكَذَا ذَكَرَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَقِيلَ إنَّهُ مَاتَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ قَبْلَ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
لَهُ ذِكْرٌ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الدِّيَاتِ أَيْضًا .

( أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيُّ ) وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ مُهَشِّمٌ وَقِيلَ هُشَيْمِ وَقِيلَ هَاشِمٍ أَسْلَمَ قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارَ الْأَرْقَمِ ، وَهَاجَرَ مَعَ امْرَأَتِهِ سَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ إلَى الْحَبَشَةِ فَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ مُحَمَّدًا ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا ، وَصَلَّى إلَى الْقِبْلَتَيْنِ ، وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ، لَهُ ذِكْرٌ فِي الرَّضَاعِ .

( أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ الْأَنْصَارِيُّ ) وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ خَالِدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ سَاعِدَةَ وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْن الْمُنْذِرِ وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ وَقِيلَ اسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ يَعُدْ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، رَوَى عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، رَوَى عَنْهُ حَفِيدُهُ سَعْدُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ وَآخَرُونَ ، وَتُوُفِّيَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ أَوْ أَوَّلِ خِلَافَةِ يَزِيدَ قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ .

( أَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ ) تَقَدَّمَ ( أَبُو دَاوُد سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ ) تَقَدَّمَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ إبْرَاهِيمُ وَقِيلَ قِيلَ ثَابِتٌ ، وَقِيلَ هُرْمُزُ كَانَ لِلْعَبَّاسِ فَوَهَبَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَشَّرَهُ بِإِسْلَامِ الْعَبَّاسِ أَعْتَقَهُ ، وَقِيلَ كَانَ لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، وَشَهِدَ أَبُو رَافِعٍ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ ، وَرَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، رَوَى عَنْهُ أَوْلَادُهُ حَسَنٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَرَافِعٌ وَأَحْفَادُهُ صَالِحٌ وَالْفَضْلُ ابْنَا عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ وَآخَرُونَ ، وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ وَقِيلَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ .

( أَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ ) اسْمُهُ نُفَيْعٌ وَهُوَ مَوْلَى ابْنَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقِيلَ مَوْلَى لَيْلَى بِنْتِ الْعَجْمَاءِ وَهُوَ مَدَنِيٌّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَعَدَّهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُخَضْرَمِينَ ، أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، وَرَوَى عَنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي آخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنُ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو وَثَابِتٌ الْبُنَانِيَّ وَقَتَادَةُ وَآخَرُونَ .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ تَحَوَّلَ قَدِيمًا ، وَكَانَ ثِقَةً وَقَالَ الْعِجْلِيّ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ .
لَهُ ذِكْرٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ .

( أَبُو الزُّبَيْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ ) تَقَدَّمَ فِي الْأَسْمَاءِ ( أَبُو الزِّنَادِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ ) تَقَدَّمَ ، وَأَبُو الزِّنَادِ لَقَبٌ لَهُ ( أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ) اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ تَقَدَّمَ ، ( أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ) تَقَدَّمَ ( أَبُو سُفْيَانَ الْأُمَوِيُّ اسْمُهُ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ) أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ { وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ } وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَأُعْطِيَ مِنْ غَنَائِمِهَا مِائَةَ بَعِيرٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، وَشَهِدَ الطَّائِفَ وَفُقِئَتْ عَيْنُهُ يَوْمَئِذٍ .
فَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ أَوْ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْك ؟ قَالَ : بَلْ عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَرَمَى بِهَا } وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ فَقِيلَ فُقِئَتْ عَيْنُهُ الْأُخْرَى يَوْمَئِذٍ .
رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالْمُسَيِّبُ بْنُ حَزْنٍ ، وَقَالَ خَمَدَتْ الْأَصْوَاتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ إلَّا صَوْتَ رَجُلٍ يَقُولُ : يَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ يَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ فَرَفَعْت رَأْسِي فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ تَحْتَ رَايَةٍ ابْنِهِ يَزِيدَ ، وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ فَقِيلَ سَنَةَ إحْدَى وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ وَقِيلَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ .

( أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الْأَعْلَامِ ) اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ ، وَقِيلَ إسْمَاعِيلُ وَقَالَ مَالِكٌ : اسْمُهُ كُنْيَتُهُ ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَقِيلَ مُرْسَلًا وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَأَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عُمَرُ وَابْنُ أَخِيهِ سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَالْأَعْرَجُ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَخَلَائِقُ .
قَالَ الزُّهْرِيُّ أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَجَدْتُهُمْ بُحُورًا فَذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا سَلَمَةَ وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ : فُقَهَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَشَرَةٌ فَذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا سَلَمَةَ .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ ثِقَةٌ إمَامٌ ، وَقَالَ خَلِيفَةُ اسْتَقْضَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَلَى الْمَدِينَةِ قِيلَ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ عَنْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَهَذَا أَثْبَتُ .

( أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ ) تَقَدَّمَ ( أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ) اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْنِ هِلَالِ بْنِ وُهَيْبٍ بْنِ ضَبَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ ، شَهِدَ بَدْرًا وَقَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَئِذٍ كَافِرًا ، رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، رَوَى عَنْهُ الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ وَجَابِرٌ وَآخَرُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ } .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ { قُلْت لِعَائِشَةَ أَيُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَبَّ إلَيْهِ ؟ قَالَتْ أَبُو بَكْرٍ قُلْت فَمَنْ بَعْدَهُ ؟ قَالَتْ عُمَرُ قُلْت فَمَنْ بَعْدَهُ ؟ قَالَتْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ } .
وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يَوْمَ السَّقِيفَةِ دَعَا إلَى الْبَيْعَةِ إلَى عُمَرَ أَوْ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَوَلَّاهُ عُمَرُ الشَّامَ ، وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدِهِ الْيَرْمُوكَ وَالْجَنِيَّةَ وَسَرْغَ وَالرَّمَادَةَ ، وَتُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً .
.

( أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ اسْمُهُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ) تَقَدَّمَ ( أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ ) اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ الْحَارِثُ رِبْعِيٍّ بْنُ بَلْدَمَةَ بْنِ خُنَاسِ بْنِ سِنَانِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ وَقِيلَ النُّعْمَانُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَقِيلَ النُّعْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ بَلْدَمَةَ وَقِيلَ عَمْرُو بْنُ رِبْعِيٍّ بْنِ بَلْدَمَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَ فِيهِ { يَوْمَ ذِي قَرَدٍ : خَيْرُ فُرْسَانِنَا أَبُو قَتَادَةَ ، } وَشَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا .
وَاخْتُلِفَ فِي شُهُودِهِ بَدْرًا فَقَالَ الشَّعْبِيُّ : كَانَ بَدْرِيًّا وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَلَا ابْنُ إِسْحَاقَ فِي أَصْحَابِ بَدْرٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عُمَرَ وَمُعَاذٍ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو سَعِيدٍ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَخَلْقٌ ، فَقِيلَ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ ، وَلَهُ سَبْعُونَ سَنَةً وَقِيلَ تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

( أَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ ) تَقَدَّمَ ( أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ ) ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ بَشِيرٌ قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَخَلِيفَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ اسْمُهُ رِفَاعَةُ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بْنِ زُبَيْرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ أَحَدُ النُّقَبَاءِ بِالْعَقَبَةِ شَهِدَ بَدْرًا أَوْ قِيلَ رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّرَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ ، وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ ، وَشَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ ، رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ السَّائِبُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُهُ سَالِمٌ وَآخَرُونَ ، وَهُوَ الَّذِي رَبَطَ نَفْسَهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَتَّى تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ فَقِيلَ إنَّهُ لَمَّا أَرَادَتْ قُرَيْظَةُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَشَارَ إلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ فَنَدِمَ عَلَى ذَلِكَ ، وَقِيلَ أَنَّهُ { تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ فَرَبَطَ نَفْسَهُ ، وَحَلَفَ لَا يَحِلُّ نَفْسَهُ وَلَا يَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَوْ يَمُوتَ فَمَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ : وَاَللَّهِ لَا أَحِلُّ نَفْسِي حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ يُحِلُّنِي فَجَاءَ فَحَلَّهُ بِيَدِهِ } قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَهَذَا أَحْسَنُ وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ فَقِيلَ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ بَقِيَ إلَى بَعْدِ الْخَمْسِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( أَبُو مَذْكُورٍ ) رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ كَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ مِنْ الْأَنْصَارِ لَهُ صُحْبَةٌ ، { دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ يُقَالُ لَهُ يَعْقُوبُ ، فَبَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نُعَيْمٍ النَّحَّامِ } ، وَتُوُفِّيَ أَبُو مَذْكُورٍ هَذَا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَلَا يُعْرَفُ أَبُو مَذْكُورٍ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ

( أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ) اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْبَصْرِيُّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ مُؤَلِّفُ كِتَابِ السُّنَنِ ، رَوَى عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ النَّبِيلِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُثَنَّى الْأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةً الْقَعْنَبِيّ وَمُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْفَرَاهِيدِيُّ وَحَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاءُ ، رَوَى عَنْهُ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْفَضْلِ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مِقْسَمٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَزَّازُ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآجُرِّيُّ وَالْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ النَّجْمِ الْمَيَانَجِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ النَّجِيرَمِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ الْقَطِيعِيُّ وَالْفَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ الْخَطَّابِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مَاسِي وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمٍ الْحَنْبَلِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو إسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْد اللَّهِ الذُّهْلِيُّ وَآخَرُونَ .
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَلَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ حَتَّى حُزِرَ مَجْلِسُهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ إنْسَانٍ وَزِيَادَةٍ ، وَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ سَبْعَةُ مُسْتَمْلِينَ كُلُّ وَاحِدٍ يُبَلِّغُ الْآخَرَ قَالَ الذَّهَبِيُّ كَانَ مُحَدِّثًا حَافِظًا مُحْتَشِمًا كَبِيرَ الشَّأْنِ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ مِائَتَيْنِ ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ

( أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ تَقَدَّمَ ( أَبُو مُعَيْدٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَآخِرُهُ دَالٌ مُهْمَلَةٌ اسْمُهُ حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ تَقَدَّمَ .
( أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ ) اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ تَقَدَّمَ ( أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ اسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ) تَقَدَّمَ ( أَبُو هَارُونَ اسْمُهُ مُوسَى بْنُ أَبِي عِيسَى الْخَيَّاطُ ) تَقَدَّمَ ( أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ ) صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِينَ قَوْلًا ، أَصَحُّهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ ، وَرَجَّحَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَتْ طَائِفَةٌ أَلَّفَتْ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَصَحَّحَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ النَّوَوِيُّ ، وَبِهِ صَدَّرَ الْمِزِّيُّ كَلَامَهُ ، وَقِيلَ اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ عَامِرٍ .
وَهُوَ قَوْلُ خَلِيفَةَ بْنِ خَيَّاطٍ ، وَرَجَّحَهُ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ قَالَ خَلِيفَةُ : هُوَ عُمَيْرُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ ذِي الشِّرَاءِ بْنِ طَرِيفِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَبِي صَعْبِ بْنِ هُنَيَّةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَلَمِ بْنِ بَهْمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دَوْسِ وَقِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ شَمْسٍ قَالَهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَحَكَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَأَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ ، وَقِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ عَمْرِو بْنُ عَبْدِ غَنْمٍ قَالَهُ ابْنُهُ الْمُحَرَّرُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَصَحَّحَهُ الْفَلَّاسُ وَقِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ نَهْمِ بْنُ عَامِرٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ لَهِيعَةَ ، وَقِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، وَقِيلَ سَكِينُ بْنُ دَرْمَةَ وَقِيلَ

سَكِينُ بْنُ عَمْرٍو ، وَقِيلَ بَرِيرَةُ بْنُ عَسْرَقَةَ وَقِيلَ بَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو .
وَقِيلَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ غَنْمٍ وَقِيلَ اسْمُهُ عَامِرٌ وَقِيلَ كُرْدُوسٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ اسْمُهُ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدَ شَمْسٍ أَوْ عَبْدَ عَمْرٍو أَوْ عَبْدَ غَنْمٍ قَالَ : وَهَذَا إنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْهُ إنَّمَا كَانَ شَيْءٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
وَأَمَّا فِي الْإِسْلَامِ فَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ .
وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ كَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ شَمْسٍ وَفِي الْإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ ، وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْر عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ اسْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ شَمْسٍ فَسُمِّيت فِي الْإِسْلَامِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَإِنَّمَا كُنِّيت بِأَبِي هُرَيْرَةَ ؛ لِأَنِّي وَجَدْت هِرَّةً فَحَمَلْتهَا فِي كُمِّي فَقِيلَ لِي مَا هَذَا ؟ فَقُلْت هِرَّةٌ قِيلَ لِي فَأَنْتَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَقِيلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي كَنَّاهُ بِذَلِكَ ؛ لِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَهَذَا أَشْبَهُ عِنْدِي ، أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَامَ خَيْبَرَ وَشَهِدَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَزِمَهُ وَوَاظَبَهُ حَتَّى كَانَ أَحْفَظَ أَصْحَابِهِ .
وَرَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْثَرَ ذَكَرَ بَقِيٍّ بْنُ مَخْلَدٍ أَنَّهُ رَوَى خَمْسَةَ آلَافِ حَدِيثٍ .
وَثَلَثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةً وَسَبْعِينَ حَدِيثًا ، وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَآخَرِينَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ وَوَاثِلَةُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ وَخَلَائِقُ قَالَ الْبُخَارِيُّ : رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ

بَيْنِ صَاحِبٍ وَتَابِعٍ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ { : إنَّ إخْوَانَنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ ، وَإِنَّ إخْوَانَنَا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشِبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ وَيَحْفَظُ مَا لَا يَحْفَظُونَ } .
.
وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِهِ { قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْمَعُ مِنْك حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ قَالَ اُبْسُطْ رِدَاءَك فَبَسَطْته فَغَرَفَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ ضُمَّهُ فَضَمَمْته فَمَا نَسِيت شَيْئًا بَعْدُ } .
وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا عَنْهُ قَالَ : " حَفِظْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْته وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْته قُطِعَ مِنِّي هَذَا الْبُلْعُومُ " قَالَ عِكْرِمَةُ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ .
وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ كَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَتَعَاقَبُونَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا بِالصَّلَاةِ وَاسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ ثُمَّ عَزَلَهُ ، ثُمَّ أَرَادَهُ عَلَى الْعَمَلِ فَأَبَى ، وَاسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ عَزَلَهُ بِمَرْوَانَ وَلَمْ يَزَلْ يَسْكُنُ الْمَدِينَةَ إلَى أَنْ مَاتَ بِهَا فَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ مَاتَ بِالْعَقِيقِ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيدَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ كَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرًا بِالْمَدِينَةِ .
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ لَا تُدْرِكُنِي سَنَةَ سِتِّينَ ، فَتُوُفِّيَ قَبْلَهَا أَوْ فِيهَا .

( ابْنُ حِبَّانَ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ حَزْمٍ اسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ خُزَيْمَةَ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ خَطَلٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ ) كَمَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ ، وَقِيلَ اسْمُهُ هِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ وَقِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى ، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، كَانَ أَسْلَمَ وَكَتَبَ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَكَانَتْ لَهُ قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ اُقْتُلُوهُ } ، فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ خَاتِمَةِ السُّوءِ ، لَهُ ذِكْرٌ فِي الْحَجِّ بِهَذَا .
( ابْنُ أَبِي دَاوُد اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ سِنَانٍ اسْمُهُ أَحْمَدُ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اسْمُهُ يُوسُفُ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ عَدِيٍّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ الْقَطَّانِ اسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ مَاجَهْ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ اسْمُهُ عَمْرٌو ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ مَنْدَهْ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ الْمُنْذِرِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ) تَقَدَّمَ ( ابْنُ نُمَيْرٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ) تَقَدَّمَ ( فَصْلٌ فِيمَنْ اُشْتُهِرَ بِنِسْبَةٍ ) ( الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ) تَقَدَّمَ ( الْأَصِيلِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ ) تَقَدَّمَ ( الْبُخَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ) تَقَدَّمَ ( الْبَزَّارُ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ ) تَقَدَّمَ ( الْبَيْهَقِيُّ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ) تَقَدَّمَ ( التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ) تَقَدَّمَ ( الْحَازِمِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ) تَقَدَّمَ ( الْحَاكِمُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ

اللَّهِ ) تَقَدَّمَ ( الْخَطَّابِيُّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ) تَقَدَّمَ ( الْخَلَّالُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ ) تَقَدَّمَ ( الدَّارَقُطْنِيُّ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ ) تَقَدَّمَ ( الدَّارِمِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ) تَقَدَّمَ ( الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ ) تَقَدَّمَ ( الطَّحَاوِيُّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ ) تَقَدَّمَ ( الْكَشِّيُّ أَبُو مُسْلِمٍ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ) تَقَدَّمَ فِي الْكُنَى ( الْمِزِّيُّ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ) تَقَدَّمَ ( النَّسَائِيّ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ) تَقَدَّمَ

( بَابٌ فِي النِّسَاءِ ) ( أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ) أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَوَى عَنْهَا ابْنَاهَا عَبْدُ اللَّهِ وَعُرْوَةُ وَأَحْفَادُهَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبَّادُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ وَآخَرُونَ ، وَكَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ لِمَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ فِي سَبَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ أَسْلَمَتْ بَعْدَ سَبْعَةَ عَشَرَ إنْسَانًا ، قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهَاجَرَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَكَانَتْ عَارِفَةً بِتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا حَتَّى قِيلَ أَخَذَ ابْنُ سِيرِينَ التَّعْبِيرَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَأَخَذَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَسْمَاءَ وَأَخَذَتْهُ أَسْمَاءُ عَنْ أَبِيهَا .
وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ كَانَتْ جَدَّتِي أَسْمَاءُ تَمْرَضُ الْمَرْضَةَ فَتُعْتِقُ كُلَّ مَمْلُوكٍ لَهَا ، وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَا رَأَيْت امْرَأَتَيْنِ قَطُّ أَجْوَدَ مِنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ وَجُودُهُمَا مُخْتَلِفٌ أَمَّا عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَجْمَعُ الشَّيْءَ إلَى الشَّيْءِ حَتَّى إذَا اجْتَمَعَ عِنْدَهَا وَضَعَتْهُ مَوَاضِعَهُ .
وَأَمَّا أَسْمَاءُ فَكَانَتْ لَا تَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ وَهِيَ آخِرُ الْمُهَاجِرَاتِ وَفَاةً ، تُوُفِّيَتْ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ بِمَكَّةَ بَعْدَ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِأَيَّامٍ ، قِيلَ لَمْ تَمْكُثْ بَعْدَهُ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا جَاءَ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِإِنْزَالِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الصَّلْبِ فَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ عِشْرُونَ وَقِيلَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ ، وَبَلَغَتْ مِائَةَ سَنَةٍ لَمْ تَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ وَلَمْ يُنْكَرْ لَهَا عَقْلٌ ، لَهَا ذِكْرٌ فِي آخِرِ الْجِهَادِ فِي الْهِجْرَةِ

( أُنَيْسَةُ بِنْتُ خُبَيْبِ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا ابْنِ يَسَافَ وَقِيلَ إسَافَ الْأَنْصَارِيَّةُ رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فِي أَذَانِ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ رَوَاهُ عَنْهَا ابْنُ أَخِيهَا خُبَيْبِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اُخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهَا ، لَهَا ذِكْرٌ فِي الْأَذَانِ

( بَرِيرَةُ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ ) رُوِيَ لَهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَانِ وَلَيْسَا بِمَحْفُوظَيْنِ ، رَوَى عَنْهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُمَا .
لَهَا ذِكْرٌ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ فِي الْحُدُودِ .

( حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ الْعَدَوِيَّةُ شَقِيقَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ ، مَوْلِدُهَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَكَانَتْ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ ، وَكَانَتْ تَحْتَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفُوا مَتَى تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَكْثَرُونَ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ ، وَاسْتَشْكَلَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِ التَّهْذِيبِ فَقَالَ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَيْفَ يَصِحُّ أَنَّ خُنَيْسًا اُسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ بِهَا عَامَ أُحُدٍ أَوْ قَبْلَ أُحُدٍ ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ خُنَيْسٌ طَلَّقَهَا فَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا جَاءَ الْإِشْكَالُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الذَّهَبِيَّ جَزَمَ أَوَّلًا مِنْ زَوَائِدِهِ أَنَّ خُنَيْسًا اُسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَإِنَّهُ جَزَمَ بِهِ فِي تَرْجَمَةِ خُنَيْسٍ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْإِشْكَالُ صَحِيحًا ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا أَنَّ وَقْعَةَ أُحُدٍ فِي شَوَّالٍ إمَّا فِي سَابِعِهِ أَوْ فِي حَادِي عَشَرَهُ أَوْ نِصْفِهِ أَقْوَالٌ ، وَلَكِنْ قَدْ وَهَّمَ الْحُفَّاظُ وَالْمُتَأَخِّرُونَ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ فِي قَوْلِهِ : إنَّهُ اُسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ ، وَإِنَّمَا تُوُفِّيَ قَبْلَهَا بِالْمَدِينَةِ .
وَاَلَّذِي ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا ، وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ بَدْرٍ وَتَأَيَّمَتْ مِنْهُ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَعْبَانَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ شَهْرًا .
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي

الْعِبَرِ : إنَّهُ دَخَلَ بِهَا فِي رَمَضَانَ وَقَدْ قِيلَ إنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أُحُدٍ ، وَمِمَّا وَهَمَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا قَوْلُهُ { إنَّ عُمَرَ عَرَضَهَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ ، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى عُثْمَانَ حِينَ مَاتَتْ رُقَيَّةُ فَقَالَ مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ الْيَوْمَ فَانْطَلَقَ عُمَرُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إلَيْهِ عُثْمَانَ } إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ .
وَقَدْ تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ فِي ذَلِكَ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ فِي عُيُونِ الْأَثَرِ وَالذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِ التَّهْذِيبِ ، وَاَلَّذِي ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ إلَى عُمَرَ أَنَّهُ عَرَضَهَا عَلَى عُثْمَانَ أَوَّلًا ، ثُمَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، رَوَتْ حَفْصَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَوَى عَنْهَا أَخُوهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُهُ حَمْزَةُ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ .
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا } وَهَذَا مُرْسَلٌ ، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ فِي كِتَابِ مَنْ دَخَلَ مِصْرَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ { طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَحَثَا عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ ، وَقَالَ مَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِعُمَرَ وَابْنَتِهِ بَعْدَ هَذَا ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ مِنْ الْغَدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تُرَاجِعَ حَفْصَةَ رَحْمَةً لِعُمَرَ } قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً ، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا وَذَلِكَ { أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُك فِي الْجَنَّةِ } .
وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهَا فَقَالَ الْوَاقِدِيُّ : تُوُفِّيَتْ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ .
وَقَالَ ابْنُ

أَبِي خَيْثَمَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ سَنَةَ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ : سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ عَامَ اُفْتُتِحَتْ إفْرِيقِيَّةُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَعَ لَهَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَرَاجِمِ الْكِتَابِ .

( حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشِ بْنِ رَبَابِ بْنِ يَعْمُرَ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَبِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ الْأَسَدِيَّةِ ) كُنْيَتُهَا أُمُّ حَبِيبَةَ فِيمَا ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ كَانَتْ تَحْتَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فَتَزَوَّجَهَا طَلْحَةُ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهَا فِي ذَلِكَ ، رَوَى عَنْهَا ابْنُهَا عِمْرَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَمْرَةُ فِيمَا قِيلَ ، وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ أُخْتُهَا أُمُّ حَبِيبٍ حَبِيبَةُ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، لَهَا ذِكْرٌ فِي الْحُدُودِ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَكَذَلِكَ أُخْتُهَا

( خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيَّةُ الْأَسَدِيَّةِ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَانَ مَوْلِدُهَا قَبْلَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَتَزَوَّجَتْ أَوَّلًا بِعَائِدٍ وَقِيلَ عَتِيقُ بْنُ عَائِدٍ ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِأَبِي هَالَةَ هِنْدَ بْنِ زُرَارَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقِيلَ ابْنُ إحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَقِيلَ ابْنُ ثَلَاثِينَ فَأَقَامَتْ مَعَهُ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَلَدَتْ لَهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ الْقَاسِمَ ثُمَّ زَيْنَبَ ثُمَّ رُقَيَّةَ ثُمَّ فَاطِمَةَ ثُمَّ أُمَّ كُلْثُومٍ وَوَلَدَتْ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدَ اللَّهِ وَسُمِّيَ الطَّيِّبَ وَالطَّاهِرَ .
وَقِيلَ إنَّ الطَّيِّبَ وَالطَّاهِرَ اثْنَانِ غَيْرُهُ ، وَقِيلَ فِي تَرْتِيبِ مَوَالِيدِهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ فَقِيلَ : إنَّ فَاطِمَةَ أَصْغَرُ مِنْ أُمِّ كُلْثُومٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ ادَّعَى الثَّعْلَبِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ { خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ } ، وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ { أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إنَاءٌ فِيهِ طَعَامٌ وَشَرَابٌ فَإِذَا هِيَ أَتَتْك فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ } .
وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ { اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَالَةَ قَالَتْ فَغِرْت فَقُلْت : مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا

مِنْهَا } .
وَزَادَ أَحْمَدُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ { قَالَ : مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ النَّاسُ ، وَصَدَقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَأَشْرَكَتْنِي فِي مَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا وَحَرَمَنِي وَلَدَ غَيْرِهَا فَقُلْت : وَاَللَّهِ لَا أُعَاتِبُك فِيهَا بَعْدَ الْيَوْمِ } وَفِي إسْنَادِهِ مُجَالِدٌ ، وَتُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ قَالَهُ عُرْوَةُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : مَاتَتْ بَعْدَ الْمَبْعَثِ بِسَبْعَةِ أَعْوَامٍ ، وَبَلَغَتْ مِنْ الْعُمْرِ خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَدُفِنَتْ بِالْحَجُونِ لَهَا ذِكْرٌ فِي الِاعْتِكَافِ .

( زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ بِنْتُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَيْمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَكَانَ اسْمُهَا بُرَّةَ فَسَمَّاهَا زَيْنَبَ كَانَتْ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا طَلَّقَهَا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } فَلِذَلِكَ كَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَقُولُ زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ، وَاخْتَلَفُوا مَتَى تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَكَذَا قَالَ خَلِيفَةُ وَقَالَ قَتَادَةُ وَالْوَاقِدِيُّ : سَنَةَ خَمْسٍ وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ ، وَرَجَّحَهُ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ : { لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ اذْهَبْ فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ فَانْطَلَقَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي حَتَّى مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا فَوَلَّيْتهَا ظَهْرِي وَنَكَصْت عَلَى عَقِبِي فَقُلْت : يَا زَيْنَبُ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُك قَالَتْ : مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أَوَامِرَ رَبِّي فَقَامَتْ إلَى مَسْجِدِهَا وَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنٍ } الْحَدِيثَ رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رَوَى عَنْهَا ابْنُ أَخِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ وَأَتْقَى لِلَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثًا

وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ وَأَعْظَمَ صَدَقَةً وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ وَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَةٍ كَانَتْ فِيهَا تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْنَةُ ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ { أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا قَالَتْ : فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا قَالَتْ فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَّدَّقُ } انْتَهَى .
فَكَانَ كَمَا قَالَ ، كَانَتْ أَوَّلَ نِسَائِهِ بَعْدَهُ مَوْتًا فَقِيلَ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ عِشْرِينَ ، وَقِيلَ إحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إلَيْهَا بِعَطَائِهَا فَفَرَّقَتْهُ ، وَكَانَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، ثُمَّ رَفَعَتْ يَدَهَا إلَى السَّمَاءِ فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكُنِي عَطَاءُ عُمَرَ بَعْدَ عَامِي هَذَا ، فَمَاتَتْ وَهِيَ أَوَّلُ امْرَأَةٍ جُعِلَ عَلَى سَرِيرِهَا نَعْشٌ وَغُشِّيَ بِثَوْبٍ بَعْدَ فَاطِمَةَ ، وَلَمْ يَشْتَهِرْ أَمْرُ فَاطِمَةَ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِهَا دُفِنَتْ لَيْلًا ، وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ ضُرِبَ عَلَى قَبْرِهَا فُسْطَاطٌ فِي الْإِسْلَامِ ضَرَبَهُ عُمَرُ ؛ لِأَنَّهُ رَآهُمْ يَحْفِرُونَ لَهَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ .

( زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَتَّابِ بْنِ الْأَسْعَدِ بْنِ غَاضِرَةَ بْنِ حَطِيط بْنِ قَسِيِّ وَهُوَ ثَقِيفٌ الثَّقَفِيَّةُ ) كَمَا نَسَبَهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ : وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ الثَّقَفِيِّ وَقَالَ الْمِزِّيُّ زَيْنَبُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ أَوْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، وَهِيَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَهَا صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رَوَى عَنْهَا ابْنُهَا أَبُو عُبَيْدَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْمُصْطَلِقِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، وَقِيلَ إنَّمَا حَدَّثَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ أَخِيهَا عَنْهَا

( سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدُودِ بْنِ نَضْرَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ الْقُرَشِيَّةُ الْعَامِرِيَّةُ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ وَخَلَّفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ) رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ ، رَوَى عَنْهَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ

( سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدُودٍ الْمَذْكُورُ فِي تَرْجَمَةِ " سَهْلَةَ ) وَهِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تُكْنَى أُمُّ الْأَسْوَدِ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ قَبْلَ عَائِشَةَ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَأَصْدَقَهَا أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيلَ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ قَبْلَهَا فَقِيلَ تَزَوَّجَ سَوْدَةَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ النُّبُوَّةِ ، وَقِيلَ فِي الثَّامِنَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ السَّكْرَانِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ ، وَهَاجَرَ بِهَا الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ إلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا إلَى مَكَّةَ فَمَاتَ عَنْهَا ، رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ " صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
" وَرَوَى عَنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، وَكَانَتْ ضَخْمَةً سَمِينَةً وَكَبِرَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اخْتَلَفُوا هَلْ طَلَّقَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا أَمْ هَمَّ بِطَلَاقِهَا فَقَطْ ؟ فَرَوَى هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إلَى سَوْدَةَ بِطَلَاقِهَا فَجَلَسَتْ عَلَى طَرِيقِهِ فَقَالَتْ : أَنْشُدُك اللَّهَ لِمَ طَلَّقْتَنِي أَلِمَوْجِدَةٍ ؟ قَالَ لَا ، قَالَتْ فَأَنْشُدُك اللَّهَ لَمَا رَاجَعْتنِي ، وَقَدْ كَبِرْت وَلَا حَاجَةَ لِي فِي الرِّجَالِ ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُبْعَث فِي نِسَائِك فَرَاجَعَهَا قَالَتْ : وَإِنِّي قَدْ جَعَلْت يَوْمِي لِعَائِشَةَ } .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : { أَسَنَّتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَمَّ بِطَلَاقِهَا فَقَالَتْ لَا تُطَلِّقْنِي ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ شَأْنِي فَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُحْشَرَ فِي أَزْوَاجِك ، وَإِنِّي قَدْ وَهَبْت يَوْمِي لِعَائِشَةَ ، وَإِنِّي لَا أُرِيدُ مَا تُرِيدُ النِّسَاءُ فَأَمْسَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا } وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا كَمَا صَحَّحَهُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ الدِّمْيَاطِيُّ .
رَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى عَائِشَةَ قَالَتْ مَا مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِلَاخِهِ مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ إلَّا أَنَّ بِهَا حِدَةً ، وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ فِي آخَرِ خِلَافَةِ عُمَرَ ، قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَغَيْرُهُ ، وَحَكَى ابْنُ سَعْدٍ عَنْ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ .

( سَيِّدَةُ بِنْتُ مُوسَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ دِرْبَاسٍ الْمَازِنِيُّ ) تُكْنَى أُمُّ مُحَمَّدٍ سَمِعَتْ بِالْمَوْصِلِ مِنْ مِسْمَارِ بْنِ الْعُوَيْسِ وَتَفَرَّدَتْ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ ، وَأَجَازَ لَهَا الْمُؤَيَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ وَآخَرُونَ .
رَوَى عَنْهَا الْحُفَّاظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ النُّورِ بْنِ مُنِيرٍ الْحَلَبِيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَيِّدِ النَّاسِ الْيَعْمُرِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ الْحَلَبِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْزَالِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْفَارِقِيُّ وَأَبُو الْحَرَمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَرَمِ الْقَلَانِسِيُّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهَا بِالسَّمَاعِ وَآخَرُونَ ، وَكَانَ سَمَاعُهَا وَإِجَازَتُهَا صَحِيحَيْنِ ، وَتُوُفِّيَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ

( صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ بْنِ سَعْنَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ أَبِي حَبِيبِ بْنِ النَّضِيرِ بْنِ النَّحَّامِ بْنِ ينحوم مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ هَارُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَانَتْ عِنْدَ سَلَامِ بْنِ مُشْكِمٍ الشَّاعِرِ الْيَهُودِيِّ ، ثُمَّ خَلَّفَ عَلَيْهَا كِنَانَةَ بْنَ أَبِي الْحَقِيقِ فَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَصَارَتْ لِدِحْيَةَ ثُمَّ أَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صَهْبٍ عَنْ أَنَسٍ { فِي غُزَاةِ خَيْبَرَ وَجَمَعَ السَّبْيَ فَجَاءَهُ دِحْيَةُ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ ، فَقَالَ اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَعْطَيْت دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ ؟ مَا تَصْلُحُ إلَّا لَك ، قَالَ اُدْعُوهُ بِهَا فَجَاءَ بِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذْ جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ غَيْرَهَا قَالَ وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا } فَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ { وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ وَهِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ } وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ { صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ فِي مَقْسَمِهِ ، وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيَقُولُونَ مَا رَأَيْنَا فِي السَّبْيِ مِثْلَهَا ، قَالَ فَبَعَثَ إلَى دِحْيَةَ فَأَعْطَاهُ بِهَا مَا أَرَادَ } ، الْحَدِيثَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ فَحَجَبَهَا ، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِتَمْرٍ وَسَوِيقٍ وَقَسَمَ لَهَا وَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ ، وَيُقَالُ كَانَ عُمْرُهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَ عَشْرَةَ

سَنَةً وَتُوُفِّيَتْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسِينَ قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالذَّهَبِيُّ فِي الْعِبَرِ ، وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ

( ضُبَاعَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيَّةُ بِنْتُ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ ) كَانَتْ عِنْدَ الْمِقْدَادِ وَخَلَّفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ وَرَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ زَوْجِهَا الْمِقْدَادِ ، رَوَتْ عَنْهَا ابْنَتُهَا كَرِيمَةُ بِنْتُ الْمِقْدَادِ وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْأَعْرَجُ وَغَيْرُهُمْ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْحَجِّ

( عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ ) الصِّدِّيقَةُ الْمُبَرَّأَةُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ حَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَقِيهَةُ الرَّبَّانِيَّةُ وَكُنْيَتُهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ كَنَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِ أُخْتِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ .
وَقِيلَ إنَّهَا أَسْقَطَتْ مِنْهُ سِقْطًا سُمِّيَ عَبْدَ اللَّهِ فَكُنِّيَتْ بِهِ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ وَلَمْ يَصِحَّ ، رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْثَرَتْ ، رَوَى عَنْهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْهُمْ مَسْرُوقٌ وَالْأَسْوَدُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَعُمَرُ وَوُلِدَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنْ النُّبُوَّةِ وَتَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَهِيَ بِنْتُ سَبْعٍ أَوْ سِتٍّ .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِهَا { تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ ، وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ } .
وَلَهُ أَيْضًا { تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ } ، وَلَهُ { تَزَوَّجَنِي فِي شَوَّالٍ ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ } وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي شَوَّالٍ ، وَمَنَاقِبُهَا جَمَّةٌ مِنْهَا نُزُولُ الْقُرْآنِ بِبَرَاءَتِهَا .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَبِي مُوسَى أَيْضًا { فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ { : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَائِشُ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُك السَّلَامَ } وَلَهُمَا عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أُرِيتُك فِي الْمَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ جَاءَنِي بِك الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُك فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِك فَإِذَا أَنْتِ هِيَ } الْحَدِيثَ .
.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ { إنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي

سَرَقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ فَقَالَ هَذِهِ زَوْجَتُك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَلِلْبُخَارِيِّ .
مِنْ حَدِيثِهَا { كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ } الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ { يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاَللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَهَا } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ قَالَ لَهَا إنِّي لَأَعْلَمُ إذَا كُنْت عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْت عَلَيَّ غَضْبَى } الْحَدِيثَ .
.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ { قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيْك قَالَ عَائِشَةُ قُلْت مِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا } وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
وَلَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى { قَالَ مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ إلَّا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا } قَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .
وَلَهُ { أَنَّ رَجُلًا نَالَ مِنْ عَائِشَةَ عِنْدَ عَمَّارٍ فَقَالَ اُغْرُبْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا أَتُؤْذِي حَبِيبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
} قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَلَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ : مَا رَأَيْت أَحَدًا أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَةَ وَقَالَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ .
، وَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَاَللَّهِ مَا سَمِعْت خَطِيبًا لَيْسَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْلَغَ مِنْ عَائِشَةَ وَقَالَ مَسْرُوقٌ رَأَيْت مَشْيَخَةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهَا عَنْ الْفَرَائِضِ .
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ كَانَتْ أَفْقَهَ النَّاسِ وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْيًا فِي الْعَامَّةِ .
وَقَالَ عُرْوَةُ : مَا رَأَيْت أَحَدًا أَعْلَمَ بِفِقْهٍ وَلَا بِخُطَبٍ وَلَا بِشِعْرٍ مِنْهَا ، وَبَعَثَ إلَيْهَا مُعَاوِيَةُ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَمَا أَمْسَتْ حَتَّى فَرَّقَتْهَا .
وَقِيلَ إنَّهُ قَضَى عَنْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ وَرَآهَا عُرْوَةُ تَصَدَّقَتْ بِسَبْعِينَ أَلْفًا ،

وَإِنَّهَا لَتَرْفَعُ جَانِبَ دِرْعِهَا .
وَبَعَثَ إلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَمَا أَمْسَتْ حَتَّى قَسَمَتْهُ ، وَفِيهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَمْدَحُهَا وَيَعْتَذِرُ إلَيْهَا حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تَزِنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ عَقِيلَةُ أَصْلٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ كِرَامُ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خَيْمَهَا وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ بَغْيٍ وَبَاطِلٍ فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ قِيلَ عَنِّي قُلْته فَلَا رُفِعَتْ سَوْطِي إلَى أَنَامِلِي وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِطٍ بِهَا الدَّهْرَ بَلْ قَوْلُ امْرِئٍ بِي مَاحِلٍ وَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيت وَنُصْرَتِي لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهَا أَبْيَاتًا أُخَرَ ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَهِيَ تَمُوتُ فَأَثْنَى عَلَيْهَا فَقَالَتْ : دَعْنِي مِنْك فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْت أَنِّي كُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا ، وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهَا فَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ قَالَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَخَلِيفَةُ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ سَنَةَ ثَمَانٍ زَادَ الْوَاقِدِيُّ فِي لَيْلَةِ سَابِعَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَصَلَّى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ بِالْبَقِيعِ ، وَدُفِنَتْ بِهِ مَعَ صَوَاحِبِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَجْمَعِينَ

عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ الْمَدَنِيَّةُ الْفَقِيهَةُ كَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ فَحَفِظَتْ عَنْهَا الْكَثِيرَ ، وَرَوَتْ عَنْهَا وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَغَيْرِهِنَّ ، رَوَى عَنْهَا ابْنُهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ وَابْنَاهُ حَارِثَةُ وَمَالِكٌ وَعُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَخَلْقٌ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ : هِيَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْعُلَمَاءِ بِعَائِشَةَ الْأَثْبَاتِ فِيهَا ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ قِيلَ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ ، لَهَا ذِكْرٌ فِي الطِّبِّ

( فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ) كَنَّاهَا بَعْضُهُمْ أُمَّ أَبِيهَا حَكَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ كَانَتْ أَصْغَرَ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَاخْتُلِفَ فِي مَوْلِدِهَا فَقِيلَ : وُلِدَتْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ : وُلِدَتْ لَهُ وَعُمْرُهُ إحْدَى وَأَرْبَعُونَ سَنَةً .
وَقِيلَ : وُلِدَتْ عَامَ بَنَتْ قُرَيْشٌ الْكَعْبَةَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَقِيلَ دَخَلَ بِهَا عَلِيٌّ وَعُمْرُهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ، رَوَتْ فَاطِمَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَوَى عَنْهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ وَابْنُهَا الْحُسَيْنُ وَأَنَسٌ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ وَلَمْ تُدْرِكْهَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ { أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ أَبِيهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْحَبًا بِابْنَتِي ، ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ حَتَّى إذَا قُبِضَ سَأَلْتهَا فَقَالَتْ : إنَّهُ كَانَ حَدَّثَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ - كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً ، وَأَنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَانِي إلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّك أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَالَك ، فَبَكَيْت لِذَلِكَ ثُمَّ إنَّهُ سَارَّنِي فَقَالَ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَضَحِكْت لِذَلِكَ } .
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ { فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ } ، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ صَدُوقٌ تُكُلِّمَ فِي حِفْظِهِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ رِوَايَةِ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَرْفُوعًا { أَمَا تَرْضِينَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَائِهَا فَقُلْت : يَا أَبَتِ فَأَيْنَ مَرْيَمُ بِنْتُ

عِمْرَانَ .
قَالَ تِلْكَ نِسَاءُ عَالَمِهَا وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِك } وَكَثِيرٌ النَّوَّاءُ شِيعِيٌّ جَلْدٌ ضَعِيفٌ .
وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ مِنْ رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَرْيَمُ ثُمَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ خَدِيجَةُ ثُمَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَكَذَا رَوَاهُ الزُّبَيْرُ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ فَاطِمَةُ وَخَدِيجَةُ وَآسِيَةُ } .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي إسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ قُلْت لَمْ يُخْرِجْهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ فَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِهِ .
وَلِلنَّسَائِيِّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمَ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } .
.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ { حَسْبُك مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِيمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ { مَا رَأَيْت أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَلَا هَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ { فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا } .
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ { فَمَنْ أَغْضَبَهَا فَقَدْ أَغْضَبَنِي } .
وَرَوَى السَّرَّاجُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْت أَحَدًا كَانَ أَصْدَقَ

لَهْجَةً مِنْ فَاطِمَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي وَلَدَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنَاقِبُهَا جَمَّةٌ تَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ بَدْرٍ ، وَكَانَتْ يَوْمَئِذٍ عَلَى مَا قِيلَ بِنْتَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ فَوَلَدَتْ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ حَسَنًا وَحُسَيْنًا وَمُحْسِنًا وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَزَيْنَبَ وَمَاتَ مُحْسِنٌ صَغِيرًا ، وَتُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ بِسَبْعِينَ يَوْمًا ، وَقِيلَ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ يَوْمًا وَقِيلَ بِمِائَةِ يَوْمٍ ، وَقِيلَ بِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ .
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الْوَاقِدِيُّ وَحَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : تُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا لَيْلَتَيْنِ ، وَذَلِكَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثَلَاثٍ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَغَسَّلَهَا عَلِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَدَفَنَهَا لَيْلًا بِوَصِيَّتِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ صَلَّى عَلَيْهَا الْعَبَّاسُ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَى امْرَأَةِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ فَاطِمَةَ اغْتَسَلَتْ بِنَفْسِهَا وَلَبِسَتْ ثِيَابًا جُدُدًا .
وَقَالَتْ إنِّي مَقْبُوضَةٌ السَّاعَةَ قَدْ اغْتَسَلْت فَلَا يَكْشِفْنَ أَحَدٌ لِي كَنَفًا فَمَاتَتْ وَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ : لَا وَاَللَّهِ مَا نَكْشِفُ لَهَا كَنَفًا فَاحْتَمَلَهَا وَدَفَنَهَا بِغُسْلِهَا ذَلِكَ ، وَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَ الذَّهَبِيُّ أَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَهَا وَرَوَى السَّرَّاجُ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ غَسَّلَهَا عَلِيٌّ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَزَادَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعَهُمَا سَلْمَى امْرَأَةَ أَبِي رَافِعٍ وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ عُمْرِهَا فَقِيلَ عَاشَتْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَبِهِ جَزَمَ الذَّهَبِيُّ فِي الْعِبَرِ وَقِيلَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَائِنِيِّ .
وَقِيلَ ثَلَاثِينَ ، وَمِمَّا

يُسْتَحْسَنُ مَا ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ دَخَلَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعِنْدَهُ الْكَلْبِيُّ فَقَالَ هِشَامٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَمْ بَلَغَتْ فَاطِمَةُ مِنْ السِّنِّ ؟ فَقَالَ ثَلَاثِينَ ، فَقَالَ هِشَامٌ لِلْكَلْبِيِّ كَمْ بَلَغَتْ ؟ قَالَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، فَقَالَ هِشَامٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ اسْمَعْ الْكَلْبِيُّ يَقُولُ مَا تَسْمَعُ ، وَقَدْ عُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَلْنِي عَنْ أُمِّي ، وَسَلْ الْكَلْبِيَّ عَنْ أُمِّهِ

( مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْهَزْمِ بْنِ رُوَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصْفَةَ الْهِلَالِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ ) رَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ بِإِسْنَادِهِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ مَيْمُونَةَ كَانَ اسْمُهَا بُرَّةَ فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ ، وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى } .
وَقِيلَ بَلْ عِنْدَ أَبِي سَبْرَةَ بْنِ أَبِي رُهْمٍ حَكَاهُمَا أَبُو عُبَيْدَةَ وَقِيلَ كَانَتْ تَحْتَ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَقِيلَ كَانَتْ عِنْدَ فَرْوَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَتَادَةَ وَهُوَ خَطَأٌ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَكَانَتْ قَبْلَ أَبِي رُهْمٍ تَحْتَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيِّ فَفَارَقَهَا فَلَمَّا تَزَوَّجَتْ مِنْ أَبِي رُهْمٍ بَعَثَ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ ، وَبَنَى بِهَا بِسَرَفٍ .
وَقِيلَ : بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ قِيلَ وَأَوْسَ بْنَ خَوْلِيٍّ وَالْخِلَافُ مَعْرُوفٌ هَلْ كَانَ مُحْرِمًا حِينَ تَزَوَّجَهَا فَيَكُونَ مِنْ خَصَائِصِهِ ، أَوْ كَانَ حَلَالًا ؟ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي شَوَّالٍ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ، ثُمَّ بَنَى بِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ ، وَزَوَّجَهُ إيَّاهَا الْعَبَّاسُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إنَّهَا الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ بِسَرَفٍ بِالْمَكَانِ الَّذِي بَنَى بِهَا فِيهِ ، وَصَلَّى عَلَيْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَقَالَ إنَّهَا آخِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَفَاةً ، وَأَنَّهَا تُوُفِّيَتْ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَقِيلَ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ .

هِنْدُ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ وَاسْمُ أَبِي أُمَيَّةَ حُذَيْفَةُ وَقِيلَ اسْمُهُ سُهَيْلُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْزُومٍ الْمَخْزُومِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَقِيلَ اسْمُهَا رَمْلَةُ وَغَلِطَ قَائِلُ ذَلِكَ وَكَانَ أَبُوهَا أَبُو أُمَيَّةَ أَحَدَ الْأَجْوَادِ يُلَقَّبُ بِزَادِ الرَّاكِبِ ، وَهَاجَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَحْدَهَا كَانَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ .
قِيلَ : هُوَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَكَانَ يُرَحِّلُ لَهَا بَعِيرَهَا وَيَنْتَحِي عَنْهَا فَلَمَّا رَأَى نَخْلَ الْمَدِينَةِ قَالَ لَهَا هَذَا الَّذِي تُرِيدِينَ ، وَانْصَرَفَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يُقَالُ إنَّهَا أَوَّلُ ظَعِينَةٍ دَخَلَتْ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرَةً وَقِيلَ بَلْ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي خَثْمَةَ وَشَهِدَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَتْحَ خَيْبَرَ ، وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ وَهَاجَرَتْ مَعَهُ الْهِجْرَةَ الْأُولَى إلَى الْحَبَشَةِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ خَلَّفَ عَلَيْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ لِلَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ ، فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ .
وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ غَلَطٌ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي سَلَمَةَ بِالِاتِّفَاقِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَدْ ذَكَرَ فِي وَفَاةِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا جُمَادَى الْآخِرَةُ سَنَةَ ثَلَاثٍ ، فَكَيْفَ يَتَّفِقُ تَزَوُّجُهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ ؟ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ فِي وَفَاةِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمًا كَثِيرًا ، رَوَى عَنْهَا وَلَدُهَا عُمَرُ وَزَيْنَبُ ابْنَا أَبِي سَلَمَةَ وَمَوْلَاهَا سَفِينَةُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ وَعَطَاءٌ وَخَلْقٌ وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهَا فَقَالَ الْوَاقِدِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ ، وَصَلَّى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ فِي

صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ .
وَإِنَّمَا وَلِيَ يَزِيدُ فِي سَنَةِ سِتِّينَ ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتِّينَ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ ، وَبِهِ صَدَّرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَلَامَهُ ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ وَضَعُفَ أَيْضًا لِمَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارٍ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ سَمِعْت الْجِنُّ تَبْكِي عَلَى حُسَيْنٍ وَتَنُوحُ عَلَيْهِ .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَى قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ تَبْكِي ، وَقَالَتْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَعَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ التُّرَابُ فَقُلْت : مَالَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : شَهِدْت قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفًا .
وَرَوَيْنَا عَنْهَا مِنْ طُرُقٍ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بَاقِيَةً ، وَسَمِعَتْ نَوْحَ الْجِنِّ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا قُتِلَ الْحُسَيْنُ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَقِيلَ : إنَّهَا تُوُفِّيَتْ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَرَجَّحَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْعِبَرِ وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ صَلَّى عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَإِنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَسَبَبُ الْوَهْمِ فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّهَا أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيصَائِهَا بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ ذَلِكَ بَلْ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ ، وَكَانَ قَدْ مَاتَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيَّةُ زَوْجَةُ أَبِي سُفْيَانَ وَأُمُّ مُعَاوِيَةَ ) أَسْلَمَتْ عَامِ الْفَتْحِ بَعْدَ إسْلَامِ زَوْجِهَا فَأَقَرَّهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نِكَاحِهِمَا ، وَكَانَتْ امْرَأَةٌ لَهَا نَفْسٌ وَأَنَفَةٌ { فَلِمَا بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ وَأَخَذَ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ قَالَتْ هِنْدُ : وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّةُ أَوْ تَسْرِقُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ } وَتُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَبُو قُحَافَةَ وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ .

( أُمُّ الْحُصَيْنِ ) بِنْتُ إِسْحَاقَ الْأَحْمَسِيَّةُ شَهِدَتْ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَرَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ رَوَى عَنْهَا حَفِيدُهَا يَحْيَى بْنُ الْحُصَيْنِ والعيزار بْنُ حُرَيْثٍ .
لَهَا ذِكْرٌ فِي الْحَجِّ .

( أُمُّ شَرِيكٍ ) الْقُرَشِيَّةُ الْعَامِرِيَّةُ اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا فَقِيلَ غَزِيَّةُ بِنْتُ دُودَانَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرٌ وَقِيلَ حُجَيْرُ بْنُ عَبْدِ بْنِ مَعِيصٍ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قِيلَ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ جَابِرِ بْنِ ضَبَابِ بْنِ حُجْرٌ بْنِ عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَقِيلَ اسْمُهَا غُزَيْلَةُ وَقِيلَ إنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَنْصَارِيَّةٌ رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ ، رَوَى عَنْهَا جَابِرٌ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ، وَيُقَالُ : إنَّهَا الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَصِحُّ ، وَقِيلَ إنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمَكَّةَ ، لَهَا ذِكْرٌ فِي الْحَجِّ .

( أُمُّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةُ الْخُزَاعِيَّةُ ) مَكِّيَّةٌ لَهَا صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ ، رَوَى عَنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَسِبَاعُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُرْوَةُ وَآخَرُونَ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْعَقِيقَةِ .

( أُمُّ مِسْطَحِ ) بِنْتُ أَبِي دِرْهَمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيَّةُ الْمُطَّلِبِيَّةُ وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقِيلَ إنَّ أُمَّ مِسْطَحٍ اسْمُهَا سَلْمَى بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ وَبِهِ صَدَّرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَلَامَهُ فِي نَسَبِهَا ، وَقَالَ هِيَ ابْنَةُ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ تَحْتَ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَوَلَدَتْ لَهُ مِسْطَحًا ، لَهَا ذِكْرٌ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ فِي الْحُدُودِ ، فَهَذَا آخِرُ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْمَذْكُورِينَ بِأَسْمَائِهِمْ أَوْ كُنَاهُمْ دُونَ مَنْ أُبْهِمَ مِنْهُ فَلَمْ أَذْكُرْهُ هُنَا بَلْ مَنْ عُرِفَ مِنْهُمْ ذَكَرْته فِي مَوْضِعِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

كِتَابُ الطَّهَارَةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدُومِيُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الْعُمَرِيُّ ، وَالْمُبَارَكُ بْنُ الْمَعْطُوشِ قَالُوا أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رِبْح الْبَزَّازُ قَالَا : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ يَقُولُ : سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { : إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ }

كِتَابُ الطَّهَارَةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدُومِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الْعُمَرِيُّ ، وَالْمُبَارَكُ بْنُ الْمَعْطُوشِ قَالُوا أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رِبْح الْبَزَّازُ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ يَقُولُ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { : إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ } فِيهِ فَوَائِدُ : ( الْأُولَى ) حَدِيثُ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ شَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ فَوَقَعَ بَدَلًا لَهُمَا عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَبِي خَلَدٍ الْأَحْمَرِ وَحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَبِي خَلَدٍ الْأَحْمَرِ .
وَابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَشَرَتُهُمْ عَنْ

يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ ، وَالْإِيمَانِ ، وَالنِّكَاحِ ، وَالْهِجْرَةِ وَتَرْكِ الْحِيَلِ ، وَالْعِتْقِ ، وَالنُّذُورِ ، وَمُسْلِمٌ فِي الْجِهَادِ .
وَأَبُو دَاوُد فِي الطَّلَاقِ ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْجِهَادِ ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الْإِيمَانِ .
وَابْنُ مَاجَهْ فِي الزُّهْدِ .
( الثَّانِيَةُ ) هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِ الصَّحِيحِ لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَلَا عَنْ عُمَرَ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَلَا عَنْ التَّيْمِيِّ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ : لَا نَعْلَمُ يُرْوَى هَذَا الْكَلَامُ إلَّا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مُسْنَدًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ .
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ .
وَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ : لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ غَيْرُ عُمَرَ وَلَا عَنْ عُمَرَ غَيْرُ عَلْقَمَةَ وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَلَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ غَيْرُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَتَّابٍ : لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ عُمَرَ وَلَا عَنْ عُمَرَ غَيْرُ عَلْقَمَةَ إلَى آخِرِهِ .
( الثَّالِثَةُ ) مَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ مِنْ كَوْنِ حَدِيثِ عُمَرَ فَرْدًا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى رَأَيْت ذِكْرَهَا لِلْفَائِدَةِ فَوَقَفْت عَلَيْهِ مُسْنَدًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَنَسٍ وَعَلِيٍّ .
فَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ

وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُد عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ ابْنِ أَبِي دَاوُد .
وَقَوْلُ الْخَطَّابِيِّ : إنَّهُ يُقَالُ : إنَّ الْغَلَطَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ نُوحِ بْنِ حَبِيبٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ ابْنِ أَبِي دَاوُد فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ مِنْ قَائِلِهِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ نُوحٌ عَنْهُ بَلْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْهُ ، وَإِنَّمَا الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي دَاوُد كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَحَدِيثُ ) أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الرَّشِيدُ الْعَطَّارُ فِي بَعْضِ تَخَارِيجِهِ ، وَهُوَ وَهْمٌ أَيْضًا .
( وَحَدِيثُ ) أَنَسٍ رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا ، وَالْمَحْفُوظُ حَدِيثُ عُمَرَ انْتَهَى .
وَالْمَعْرُوفُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الْأَنْصَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ بَيْتِي عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ أَنَّهُ { لَا عَمَلَ لِمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ } الْحَدِيثَ .
( وَحَدِيثُ ) عَلِيٍّ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَاسِرٍ الْجَيَّانِيُّ فِي نُسْخَةٍ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْبَيْتِ إسْنَادُهَا ضَعِيفٌ .
وَأَمَّا مَنْ تَابَعَ عَلْقَمَةَ عَلَيْهِ فَذَكَرَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ أَنَّ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ وَعَلْقَمَةَ .
وَأَمَّا مَنْ تَابَعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَلَيْهِ فَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ أَوْرَدَهُ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ : إنَّهُ غَلِطَ فِيهِ قَالَ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لَا عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ .
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ، وَأَنَّهُ رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ صُقَيْرٍ عَنْ

الدَّرَاوَرْدِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ ، وَأَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَوَهِمَ سَهْلٌ عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ .
وَرَأَيْت فِي كِتَابِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ أَحَادِيثِ النَّاسِ لِلْفَائِدَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَنْدَهْ أَنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرَ عُمَرَ ، وَأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ عَلْقَمَةَ وَعَنْ عَلْقَمَةَ غَيْرُ التَّيْمِيِّ وَعَنْ التَّمِيمِيِّ غَيْرُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ .
وَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ سُئِلَ عَنْ كَلَامِ ابْنِ مَنْدَهْ هَذَا فَاسْتَبْعَدَهُ ، وَقَدْ تَتَبَّعْت كَلَامَ ابْنِ مَنْدَهْ فَوَجَدْت أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ ذَكَرَ حَدِيثَهُمْ فِي الْبَابِ إنَّمَا لَهُمْ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي مُطْلَقِ النِّيَّةِ لَا هَذَا الْحَدِيثُ بِعَيْنِهِ .
كَحَدِيثِ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَحَدِيثِ لَيْسَ لَهُ مِنْ غُزَاتِهِ إلَّا مَا نَوَى وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَهَكَذَا يَفْعَلُ التِّرْمِذِيُّ حَيْثُ يَقُولُ : وَفِي الْبَابِ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَكَثِيرًا مَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَحَادِيثَ غَيْرَ الْحَدِيثِ الَّذِي يُسْنِدُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَلَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهَا تَصْلُحُ أَنْ تُورَدَ فِي ذَلِكَ الْبَابِ ، وَهُوَ عَمَلٌ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ إنَّمَا يَفْهَمُونَ إرَادَةَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ الْمُعَيَّنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الرَّابِعَةُ ) أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ اسْمَ التَّوَاتُرِ وَبَعْضُهُمْ اسْمَ الشُّهْرَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ فَرْدٌ وَمَنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الِاشْتِهَارَ أَوْ التَّوَاتُرَ فِي آخِرِ السَّنَدِ مِنْ عِنْدِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ .
قَالَ النَّوَوِيُّ : هُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى آخِرِهِ غَرِيبٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَوَّلِهِ قَالَ : وَلَيْسَ مُتَوَاتِرًا لِفَقْدِ شَرْطِ التَّوَاتُرِ فِي أَوَّلِهِ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتِي إنْسَانٍ أَكْثَرُهُمْ أَئِمَّةٌ قُلْت رَوَيْنَا

عَنْ الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ .
( الْخَامِسَةُ ) فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ لَطِيفَةٌ حَدِيثِيَّةٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ عَلْقَمَةُ ، وَالتَّيْمِيُّ وَيَحْيَى ، وَهُوَ كَثِيرٌ وَأَكْثَرُ مَا اجْتَمَعَ التَّابِعُونَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَنْفُسٍ أَفْرَدَهُ الْخَطِيبُ بِالتَّصْنِيفِ فِي جُزْءٍ لَهُ ، وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فِي فَضْلِ قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .
( السَّادِسَةُ ) هَذَا الْحَدِيثُ قَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ حَتَّى قِيلَ فِيهِ : إنَّهُ ثُلُثُ الْعِلْمِ وَقِيلَ رُبْعُهُ وَقِيلَ خُمْسُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إنَّهُ ثُلُثُ الْعِلْمِ .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ فَالنِّيَّةُ أَحَدُ الْأَقْسَامِ ، وَهِيَ أَرْجَحُهَا ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ عِبَادَةً بِانْفِرَادِهَا وَلِذَلِكَ كَانَتْ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرًا مِنْ عَمَلِهِ وَهَكَذَا أَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ .
وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِكَوْنِهِ ثُلُثَ الْعِلْمِ مَعْنًى آخَرَ ، فَإِنَّهُ قَالَ : أُصُولُ الْإِسْلَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ : حَدِيثُ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ { مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ } وَحَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ { الْحَلَالُ بَيِّنٌ ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ } .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد اجْتَهَدْت فِي الْمُسْنَدِ ، فَإِذَا هُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ ، ثُمَّ نَظَرْت ، فَإِذَا مَدَارُهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ : الْحَلَالُ بَيِّنٌ ، وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ { إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا } ، وَحَدِيثُهُ { مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ } .
هَكَذَا رَوَى ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ دَاسَةَ عَنْهُ نَحْوَهُ إلَّا أَنَّهُ أَبْدَلَ حَدِيثَ إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ بِحَدِيثِ { لَا يَكُونُ الْمَرْءُ مُؤْمِنًا حَتَّى لَا يَرْضَى لِأَخِيهِ إلَّا مَا

يَرْضَى لِنَفْسِهِ } .
وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مَكَانَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي تَرَدَّدَ كَلَامُ أَبِي دَاوُد فِيهِ حَدِيثَ { ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبّكَ النَّاسُ } وَرُوِيَ عَنْ أَبِي دَاوُد أَيْضًا الْفِقْهُ يَدُورُ عَلَى خَمْسَةِ أَحَادِيثَ الْحَلَالُ بَيِّنٌ ، وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ .

( السَّابِعَةُ ) كَلِمَةُ " إنَّمَا " لِلْحَصْرِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَمَعْنَى الْحَصْرِ فِيهَا إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِي الْمَذْكُورِ وَنَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّمَا إلَهُكُمْ اللَّهُ } وَلَكِنْ دَلَالَتُهَا عَلَى النَّفْيِ فِيمَا عَدَاهُ هَلْ هُوَ بِمُقْتَضَى مَوْضُوعِ اللَّفْظِ أَوْ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ ؟ فِيهِ كَلَامٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى وِفَاقِهِمْ أَنَّهَا لِلْحَصْرِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ } فَاعْتَرَضَهُ الْمُخَالِفُونَ لَهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ رِبَا الْفَضْلِ وَلَمْ يُعَارِضُوهُ فِيمَا فَهِمَهُ مِنْ الْحَصْرِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ .
وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَلَى إثْبَاتِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي الْحَدِيثِ ، وَقَدْ رَوَاهُ الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ دُونَ لَفْظِ إنَّمَا ، وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَيْضًا ، وَإِسْنَادُهَا جَيِّدٌ إلَّا أَنَّ أَبَا مُوسَى الْمَدِينِيَّ قَالَ : لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ يَعْنِي بِدُونِ إنَّمَا .
( الثَّامِنَةُ ) إذَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لِلْحَصْرِ فَتَارَةً تَقْتَضِي الْحَصْرَ الْمُطْلَقَ ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ الْأَكْثَرُ وَتَارَةً تَقْتَضِي حَصْرًا مَخْصُوصًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ } وَقَوْلِهِ { إنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } فَالْمُرَادُ حَصْرُهُ فِي النِّذَارَةِ لِمَنْ لَا يُؤْمِنُ وَنَفْيُ قُدْرَتِهِ عَلَى مَا طَلَبُوا مِنْ الْآيَاتِ وَأَرَادَ بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ الْحَصْرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ آثَرَهَا أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ تَغْلِيبِ الْغَالِبِ عَلَى النَّادِرِ .
وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ { إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ } أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى بَوَاطِنِ الْخُصُومِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ ، وَالسِّيَاقِ .

( التَّاسِعَةُ ) الْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ هُنَا أَعْمَالُ الْجَوَارِحِ كُلِّهَا حَتَّى تَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الْأَقْوَالُ ، فَإِنَّهَا عَمَلُ اللِّسَانِ ، وَهُوَ مِنْ الْجَوَارِحِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : وَرَأَيْت بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ خَصَّصَ الْأَعْمَالَ بِمَا لَا يَكُونُ قَوْلًا وَأَخْرَجَ الْأَقْوَالَ مِنْ ذَلِكَ .
قَالَ : وَفِي هَذَا عِنْدِي بُعْدٌ وَلَا تَرَدُّدَ عِنْدِي فِي أَنَّ الْحَدِيثَ يَتَنَاوَلُ الْأَقْوَالَ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْعَاشِرَةُ ) النِّيَّاتُ جَمْعُ نِيَّةٍ ، وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ تَشْدِيدُ الْيَاءِ فِي الْجَمْعِ وَحَكَى فِيهِ النَّوَوِيُّ التَّخْفِيفَ ، وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ أَيْضًا فِي النِّيَّةِ وَفِي الْعَمَلِ أَيْضًا وَكُلُّهُ فِي الصَّحِيحِ وَاخْتُلِفَ فِي حَقِيقَةِ النِّيَّةِ فَقِيلَ هِيَ الطَّلَبُ وَقِيلَ الْجِدُّ فِي الطَّلَبِ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ : مِنْ يَنْوِ الدُّنْيَا تُعْجِزُهُ أَيْ مَنْ يَجِدُّ فِي طَلَبِهَا وَقِيلَ الْقَصْدُ لِلشَّيْءِ بِالْقَلْبِ وَقِيلَ عَزِيمَةُ الْقَلْبِ ، وَقِيلَ هِيَ مِنْ النَّوَى بِمَعْنَى الْبُعْدِ فَكَأَنَّ النَّاوِيَ لِلشَّيْءِ يَطْلُبُ بِقَصْدِهِ وَعَزْمِهِ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ بِجَوَارِحِهِ وَحَرَكَاتِهِ الظَّاهِرَةِ لِبُعْدِهِ عَنْهُ فَجُعِلَتْ النِّيَّةُ وَسِيلَةً إلَى بُلُوغِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْدِيرِهِ فَاَلَّذِينَ اشْتَرَطُوا النِّيَّةَ قَدَّرُوا صِحَّةَ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَشْتَرِطُوهَا قَدَّرُوا كَمَالَ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ ، وَقَدْ رُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصِّحَّةَ أَكْثَرُ لُزُومًا لِلْحَقِيقَةِ مِنْ الْكَمَالِ فَالْحَمْلُ عَلَيْهَا أَوْلَى ، قَالَ : وَقَدْ يُقَدِّرُونَهُ إنَّمَا اعْتِبَارُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ ، وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ السُّرُوجِيُّ أَنَّ التَّقْدِيرَ ثَوَابُهَا لَا صِحَّتُهَا ؛ لِأَنَّهُ

الَّذِي يَطَّرِدُ ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَعْمَالِ يُوجَدُ وَيُعْتَبَرُ شَرْعًا بِدُونِهَا ، وَلِأَنَّ إضْمَارَ الثَّوَابِ مُنْفَقٌ عَلَى إرَادَتِهِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ انْتِفَاءُ الثَّوَابِ دُونَ الْعَكْسِ فَكَانَ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ أَقَلَّ إضْمَارًا فَهُوَ أَوْلَى وَلِأَنَّ إضْمَارَ الْجَوَازِ ، وَالصِّحَّةِ يُؤَدِّي إلَى نَسْخِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلِأَنَّ الْعَامِلَ فِي قَوْلِهِ بِالنِّيَّةِ مُقَدَّرٌ بِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْأَعْمَالِ ؛ لِأَنَّهَا رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ فَيَبْقَى بِلَا خَبَرٍ فَلَا يَجُوزُ فَالْمُقَدَّرُ إمَّا مُجْزِئَةٌ أَوْ صَحِيحَةٌ أَوْ مُثِيبَةٌ ( فَمُثِيبَةٌ ) أَوْلَى بِالتَّقْدِيرِ لِوَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ لَا يَبْطُلُ أَصْلُ الْعَمَلِ وَعَلَى إضْمَارِ الصِّحَّةِ ، وَالْإِجْزَاءِ يَبْطُلُ فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ .
( الثَّانِي ) أَنَّ قَوْلَهُ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى يَدُلُّ عَلَى الثَّوَابِ ، وَالْأَجْرِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَهُ إنَّمَا هُوَ الثَّوَابُ ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَعَلَيْهِ انْتَهَى .
وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ : ( أَحَدُهَا ) أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى إضْمَارِ مَحْذُوفٍ مِنْ الصِّحَّةِ أَوْ الْكَمَالِ أَوْ الثَّوَابِ إذْ الْإِضْمَارُ خِلَافُ الْأَصْلِ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْعَمَلِ الشَّرْعِيِّ فَلَا يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى إضْمَارٍ وَأَيْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ إضْمَارِ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَارُّ ، وَالْمَجْرُورُ فَلَا حَاجَةَ لِإِضْمَارِ مُضَافٍ ؛ لِأَنَّ تَقْلِيلَ الْإِضْمَارِ أَوْلَى فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ إنَّمَا الْأَعْمَالُ وُجُودُهَا بِالنِّيَّةِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْأَعْمَالَ الشَّرْعِيَّةَ .
( وَالثَّانِي ) أَنَّ قَوْلَهُ : إنَّ تَقْدِيرَ الثَّوَابِ أَقَلُّ إضْمَارًا لِكَوْنِهِ يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ انْتِفَاءُ الثَّوَابِ دُونَ الْعَكْسِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِيهِ تَقْلِيلَ الْإِضْمَارِ ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُوفَ وَاحِدٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ تَقْدِيرُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى نَفْيِهَا مِنْ نَفْيِ الثَّوَابِ وَوُجُوبِ

الْإِعَادَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا نَحْتَاجُ إلَى أَنْ نُقَدِّرَ إنَّمَا صِحَّةُ الْأَعْمَالِ ، وَالثَّوَابِ وَسُقُوطِ الْقَضَاءِ مَثَلًا بِالنِّيَّةِ بَلْ الْمُقَدَّرُ وَاحِدٌ ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْوَاحِدِ شَيْءٌ آخَرُ فَلَا يَلْزَمُ تَقْدِيرُهُ .
( وَالثَّالِثُ ) أَنَّ قَوْلَهُ : إنَّ تَقْدِيرَ الصِّحَّةِ يُؤَدِّي إلَى نَسْخِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْكِتَابَ دَالٌّ عَلَى صِحَّةِ الْعَمَلِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِكَوْنِ النِّيَّةِ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ فَهَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ وَأَيْضًا فَالثَّوَابُ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ عَلَى الْعَمَلِ وَلَمْ تُذْكَرْ النِّيَّةُ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ ذُكِرَتْ فِيهِ نِيَّةُ الْعَمَلِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّيْنَ } فَهَذَا هُوَ الْقَصْدُ ، وَالنِّيَّةُ ، وَلَوْ سَلِمَ لَهُ أَنَّ فِيهِ نَسْخَ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأُصُولِ .
( وَالرَّابِعُ ) أَنَّ قَوْلَهُ : إنَّ تَقْدِيرَ الصِّحَّةِ يُبْطِلُ الْعَمَلَ وَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ لَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ إذَا تَيَقَّنَّا شَغْلَ الذِّمَّةِ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ لَمْ نُسْقِطْهُ بِالشَّكِّ وَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ إلَّا بِيَقِينٍ فَحَمْلُهُ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى لِتَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ بِهِ .
( وَالْخَامِسُ ) أَنَّ قَوْلَهُ : إنَّ الَّذِي لَهُ إنَّمَا هُوَ الثَّوَابُ ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَعَلَيْهِ ، وَالْأَحْسَنُ فِي التَّقْدِيرِ أَنْ لَا يُقَدَّرَ حَذْفُ مُضَافٍ ، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَكِنْ يُقَدَّرُ شَيْءٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَارُّ ، وَالْمَجْرُورُ ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ إنَّمَا الْأَعْمَالُ وُجُودُهَا بِالنِّيَّةِ ، وَنَفْيُ الْحَقِيقَةِ أَوْلَى ، وَالْمُرَادُ نَفْيُ الْعَمَلِ الشَّرْعِيِّ ، وَإِنْ وَجَدَ صُورَةَ الْفِعْلِ فِي الظَّاهِرِ فَلَيْسَ بِشَرْعِيٍّ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الثَّانِيَةَ عَشَرَ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْوِ الشَّيْءَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ

يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْ نَوَى شَيْئًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ قَوْلُهُ : وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ انْتَهَى .
وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ التَّشْرِيكَ فِي النِّيَّةِ مُفْسِدٌ لَهَا ، وَقَدْ وَرَدَ لِكُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ مَا يُؤَكِّدُهُ فَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ { : جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : رَأَيْت رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ ، وَالذِّكْرَ مَا لَهُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا شَيْءَ لَهُ } الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتَغَى بِهِ وَجْهَهُ .
وَيَدُلُّ لِلِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَنْوِ إلَّا عِقَالًا فَلَهُ مَا نَوَاهُ } .
فَإِتْيَانُهُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا نَوَى مَعَ الْعِقَالِ شَيْئًا آخَرَ كَانَ لَهُ مَا نَوَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ أَصْحَابِنَا فِي مَوَاضِعَ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ مَنْ نَوَى مَعَ الْفَرْضِ مَا هُوَ حَاصِلٌ ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ .
( فَمِنْهَا ) لَوْ نَوَى الْإِمَامُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَإِعْلَامَ الْقَوْمِ لَمْ يَضُرَّهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ .
( وَمِنْهَا ) إذَا قَصَدَ الْمَسْبُوقُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ التَّحَرُّمَ ، وَالْهَوَى لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَا يَحْصُلُ بِهَا تَكْبِيرَةُ الْهَوَى .
( وَمِنْهَا ) لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ ، وَالتَّبَرُّدَ لَمْ يَضُرَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِحُصُولِ التَّبَرُّدِ بِدُونِ النِّيَّةِ ، وَهَذَا إذَا نَوَاهُمَا مَعًا ، فَإِنْ طَرَأَتْ نِيَّةُ التَّبَرُّدِ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ النِّيَّةِ

لَمْ يَضُرَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَهَا لَمْ يَصِحَّ مَا بَعْدَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ .
( وَمِنْهَا ) لَوْ نَوَى الْجُنُبُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ، وَالْجُمُعَةِ مَعًا فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى حُصُولِهِمَا ، وَهَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَخَالَفَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فَقَالَ يَحْصُلُ الْمَنْوِيُّ فَقَطْ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى هَذَا فِي سَائِرِ كُتُبِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ : إنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا وَقُلْنَا : إنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَنَابَةِ لَمْ تَحْصُلْ الْجُمُعَةُ فَقَضَيْته أَنْ لَا يَصِحَّ الْغُسْلُ أَصْلًا وَرُدَّ كَلَامُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ .
وَمِنْهَا لَوْ نَوَى بِفَرْضِهِ الْفَرْضَ ، وَالرَّاتِبَةَ ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ دُخُولِ الرَّاتِبَةِ مَعَ الْفَرْضِ لَوْ لَمْ يَنْوِ .
( وَمِنْهَا ) لَوْ نَوَى الْفَرْضَ ، وَالتَّحِيَّةَ حَصَلَا لِحُصُولِ التَّحِيَّةِ بِدُونِهَا .
( وَمِنْهَا ) لَوْ نَوَى بِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ الْجُمُعَةَ ، وَالْكُسُوفَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ .
( وَمِنْهَا ) مَا إذَا نَوَى بِقَضَاءِ الْفَائِتَةِ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ حُصُولُ الْفَائِتَةِ ، وَهُوَ مُشْكِلٌ .
( وَمِنْهَا ) أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ عَاشُورَاءَ مَعَ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَأَفْتَى شَرَفُ الدِّينِ الْبَارِزِيُّ بِحُصُولِهِ عَنْهُمَا ، وَهُوَ مُشْكِلٌ أَمَّا إذَا نَوَى فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ الصِّيَامَ عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ وَأَطْلَقَ فَالْقِيَاسُ حُصُولُ الْفَرْضِ فَقَطْ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِحُصُولِهِمَا ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَهُوَ مَرْدُودٌ أَيْضًا بَلْ الصَّوَابُ حُصُولُ الْفَرْضِ فَقَطْ .
( الثَّالِثَةَ عَشَرَ ) إنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ : وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى بَعْدَ قَوْلِهِ : إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ هَلْ

أَتَى بِهِ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِلتَّأْسِيسِ ؟ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ : فِيهِ تَحْقِيقٌ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ ، وَالْإِخْلَاصِ فِي الْأَعْمَالِ انْتَهَى فَجَعَلَهُ لِلتَّأْكِيدِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ ، وَذُكِرَ فِي فَائِدَةِ ذَلِكَ وُجُوهٌ : ( أَحَدُهَا ) مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ : إنَّ فَائِدَتَهُ اشْتِرَاطُ تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ ، فَإِذَا كَانَ عَلَى الْإِنْسَانِ صَلَاةٌ مَقْضِيَّةٌ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَهَا ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا ، وَلَوْلَا اللَّفْظُ الثَّانِي لَاقْتَضَى الْأَوَّلُ صِحَّةَ النِّيَّةِ بِلَا تَعْيِينٍ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) مَا ذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي أَمَالِيهِ أَنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الْخَارِجَةَ عَنْ الْعِبَادَةِ قَدْ تُقَيِّدُ الثَّوَابَ إذَا نَوَى بِهَا فَاعِلُهَا الْقُرْبَةَ كَالْأَكْلِ ، وَالشُّرْبِ إذَا نَوَى بِهِمَا الْقُوَّةَ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَالنَّوْمِ إذَا قَصَدَ بِهِ تَرْوِيحَ الْبَدَنِ لِلْعِبَادَةِ ، وَالْوَطْءِ إذَا أَرَادَ بِهِ التَّعَفُّفَ عَنْ الْفَاحِشَةِ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ } الْحَدِيثَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ ) أَنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي ظَاهِرُهَا الْقُرْبَةُ ، وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعُ فِعْلِهَا لِلْعِبَادَةِ إذَا فَعَلَهَا الْمُكَلَّفُ عَادَةً لَمْ يَتَرَتَّبْ الثَّوَابُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ ، وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ صَحِيحًا حَتَّى يَقْصِدَ بِهِ الْعِبَادَةَ .
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الِاقْتِرَاحِ أَنَّ مِنْ أَحْسَنِ مَا يُقْصَدُ بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ كَثْرَةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ فَجَعَلَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ كَانَتْ قُرْبَةً أَنَّ فَائِدَتَهَا فِيمَا إذَا قَصَدَ بِهَا الْقُرْبَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الرَّابِعَةَ عَشَرَ ) الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَةِ كَسْرُ الرَّاءِ مِنْ قَوْلِهِ لِامْرِئٍ وَعَلَى هَذَا فَإِعْرَابُهُ فِي حَرْفَيْنِ مِنْ آخِرِهِ الرَّاءُ ، وَالْهَمْزَةُ تَقُولُ هُوَ امْرُؤٌ جَيِّدٌ بِرَفْعِ الرَّاءِ وَرَأَيْت امْرَأً بِنَصْبِهَا ، وَهَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْفُصْحَى ، وَفِيهِ لُغَتَانِ أُخْرَيَانِ فَتْحُ الرَّاءِ مُطْلَقًا حَكَاهَا الْفَرَّاءُ وَضَمُّهَا مُطْلَقًا وَتَكُونُ حَرَكَاتُ الْإِعْرَابِ فِي الْهَمْزَةِ فَقَطْ ، وَهُوَ مُفْرَدٌ لَا جَمْعَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ .
( الْخَامِسَةَ عَشَرَ ) فِيهِ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ لِصِحَّةِ الْعِبَادَةِ ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ الْمَقْصُودَةِ لِعَيْنِهَا الَّتِي لَيْسَتْ وَسِيلَةً إلَى غَيْرِهَا ، وَحَكَى أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِهِ بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ وَحَكَى الِاخْتِلَافَ فِي الْوُضُوءِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّهُ وَسِيلَةٌ أَوْ مَقْصِدٌ وَحَكَى ابْنُ التِّينِ السَّفَاقِسِيُّ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ الْعِبَادَةَ الْمَحْضَةَ مُفْتَقِرَةٌ إلَى النِّيَّةِ ، وَالْعِبَادَةَ الْمَفْهُومَةَ الْمَعْنَى غَيْرُ مُفْتَقِرَةٍ إلَى النِّيَّةِ .
وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْأَعْمَالَ ضَرْبَانِ : ضَرْبٌ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِصِحَّتِهِ وَحُصُولِ الثَّوَابِ فِيهِ كَالْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ وَكَالْوُضُوءِ ، وَالْغُسْلِ ، وَالتَّيَمُّمِ وَطَوَافِ الْحَجِّ ، وَالْعُمْرَةِ ، وَالْوُقُوفِ مِمَّا اشْتَرَطَ النِّيَّةَ فِيهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ، وَضَرْبٌ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِصِحَّتِهِ لَكِنْ تُشْتَرَطُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ ، وَالْأَذَانِ ، وَالْإِقَامَةِ وَابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّهِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَإِمَاطَةِ الْأَذَى وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ ، وَالرَّبْطِ ، وَالْأَوْقَافِ ، وَالْهِبَاتِ ، وَالْوَصَايَا ، وَالصَّدَقَاتِ وَرَدِّ الْأَمَانَاتِ

وَنَحْوِهَا .

( السَّادِسَةَ عَشَرَ ) احْتَجَّ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ ، وَالْغُسْلِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُد وَغَيْرِهِمْ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ عَنْ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ النَّظَافَةُ فَأَشْبَهَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُمْ أَوْجَبُوهَا فِي التَّيَمُّمِ ، وَلَيْسَ مَقْصُودًا وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَعِيفَةٌ فَافْتَقَرَ إلَى النِّيَّةِ تَقْوِيَةً لَهُ وَبِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ النِّيَّةَ فِي التَّيَمُّمِ { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } أَيْ اقْصِدُوا ، وَهُوَ النِّيَّةُ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ ، وَالْغُسْلِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ بِتَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوُضُوءَ لِلْأَعْرَابِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ النِّيَّةَ مَعَ جَهْلِ الْأَعْرَابِيِّ بِأَحْكَامِ الْوُضُوءِ ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَنَقَضَ عَلَيْهِمْ بِتَعْلِيمِهِ الصَّلَاةَ لِلْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ النِّيَّةَ ، وَقَدْ قُلْتُمْ بِوُجُوبِهَا فِي الصَّلَاةِ فَمَا الْفَرْقُ ؟ وَإِنَّمَا بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ عَلَّمَهُ الْأَفْعَالَ الظَّاهِرَةَ الَّتِي يَقِفُ النَّاظِرُ عَلَى تَرْكِهَا لَوْ تَرَكُوهَا فَأَمَّا الْقَصْدُ لِلْعِبَادَةِ فَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( السَّابِعَةَ عَشَرَ ) فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ فِي ذَهَابِهِ إلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا تَجِبُ لَهُ النِّيَّةُ أَيْضًا كَبَقِيَّةِ الطُّهَارَاتِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّهَا وَسَائِلُ وَلَيْسَتْ بِمَقَاصِدَ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَوْ سَقَطَ فِي الْمَاءِ غَافِلًا عَنْ كَوْنِهِ جُنُبًا أَنَّهُ لَا تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ قَطْعًا فَلَوْلَا وُجُوبُ النِّيَّةِ لَمَا تَوَقَّفَ صِحَّةُ غُسْلِهِ عَلَيْهَا ، وَهُوَ

وَاضِحٌ .
( الثَّامِنَةَ عَشَرَ ) احْتَجَّ بِهِ لِمَنْ أَوْجَبَ النِّيَّةَ فِي غُسْلِ النَّجَاسَةِ ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ وَاجِبٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُحْكَى عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ فِيمَا حَكَاهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ انْتَهَى .
وَحَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَوَائِدِ الرِّحْلَةِ وَجْهًا ثَالِثًا أَنَّهَا تَجِبُ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى الْبَدَنِ دُونَ الثَّوْبِ لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ فِي غَيْرِهِ ، وَقَدْ رُدَّ ذَلِكَ بِحِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَالْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تُشْتَرَطُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عِنْدِي لَا يَصِحُّ النَّقْلُ عَنْهُمَا أَيْ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَالصُّعْلُوكِيِّ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطُوا النِّيَّةَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التُّرُوكِ فَصَارَ كَتَرْكِ الْمَعَاصِي ، وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الصَّوْمَ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ أَيْضًا ؛ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ بِالْعَزْمِ عَلَى قَطْعِهِ ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِ .

( التَّاسِعَةَ عَشَرَ ) اُحْتُجَّ بِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَهَابِهِ إلَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَجْنَبَ أَوْ أَحْدَثَ فَاغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إعَادَةُ الْغُسْلِ ، وَالْوُضُوءِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَخَالَفَ الْجُمْهُورُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا : تَجِبُ إعَادَةُ الْغُسْلِ ، وَالْوُضُوءِ ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَبَعْضُهُمْ يُعَلِّلُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ .

( الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ ) اُحْتُجَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ النِّيَّةُ إذَا غَسَّلَ زَوْجَتَهُ الْمَجْنُونَةَ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ الذِّمِّيَّةَ إذَا امْتَنَعَتْ فَغَسَّلَهَا الزَّوْجُ ، وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْنُونَةِ .
وَأَمَّا الذِّمِّيَّةُ الْمُمْتَنِعَةُ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَجْنُونَةِ بَلْ قَدْ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ فِي غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَنَّ الْمُسْلِمَ هُوَ الَّذِي يَنْوِي وَلَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ فِي الذِّمِّيَّةِ غَيْرِ الْمُمْتَنِعَةِ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ عَلَيْهَا نَفْسِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُ الْمُرْتَدِّ وَلَا غُسْلُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ ، وَالنِّيَّةِ ، وَقَدْ ادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ نَفْيَ الْخِلَافِ فِيهِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَجْهًا فِي صِحَّةِ غُسْلِهِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حِكَايَةُ وَجْهٍ عَنْ النِّهَايَةِ فِي صِحَّةِ غُسْلِهِ وَوُضُوئِهِ أَيْضًا وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْقَمُولِيِّ حِكَايَةُ وَجْهٍ فِي صِحَّتِهِمَا وَصِحَّةِ تَيَمُّمِهِ أَيْضًا .

( الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ ) فِيهِ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يُوجِبْ النِّيَّةَ فِيهِ .

( الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ عَلَى الْغَاسِلِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَغُسْلٌ وَاجِبٌ ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى وُجُوبِ غُسْلِ الْغَرِيقِ ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي إصَابَةُ الْمَاءِ لَهُ وَلَكِنَّ أَصَحَّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ عَلَى الْغَاسِلِ وَنَسَبَ فِي الشَّرْحِ تَصْحِيحَهُ لِلْقَاضِي الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُغْتَسِلِ ، وَالْمَيِّتِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ النَّظَافَةُ وَيُشْكِلُ بِوُجُوبِ غُسْلِ الْغَرِيقِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِهِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ إلَّا بِغُسْلِنَا .

( الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ إلَّا عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ثَوَابُ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ ، وَالِاسْتِنْشَاقِ وَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ ، وَالتَّسْمِيَةِ ، وَالسِّوَاكِ لِخُلُوِّ ذَلِكَ عَنْ النِّيَّةِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ .
وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إلَى حُصُولِ ثَوَابِ السُّنَنِ لِانْعِطَافِ النِّيَّةِ عَلَى بَقِيَّةِ الْعِبَادَةِ كَصِيَامِ التَّطَوُّعِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَاسْتَثْنَى الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ مِمَّا يَحْصُلُ ثَوَابُهُ مِنْ السُّنَنِ التَّسْمِيَةَ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ أَرَادَ حُصُولَ ثَوَابِ الذِّكْرِ لَا بِقَيْدِ ثَوَابِهِ عَلَى فَعَلِهَا فِي الْوُضُوءِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الرَّافِعِيِّ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى حُصُولَ ثَوَابِ سُنَنِ الْوُضُوءِ ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى السِّوَاكُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا لَكِنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ السِّوَاكِ فِي الْوُضُوءِ ، وَإِنْ أَرَادَ الْقَمُولِيُّ حُصُولَ ثَوَابِ التَّسْمِيَةِ بِقَيْدِ كَوْنِهَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ فَمَمْنُوعٌ لِقَوْلِهِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، وَهُوَ لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ قَبْلَ مَا فَعَلَهُ مِنْ السُّنَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ نَوَى صَلَاةَ فَرْضٍ ، ثُمَّ بَطَلَ فَرْضُهُ لِإِتْيَانِهِ بِمَا يُنَافِي الْفَرْضِيَّةَ دُونَ النَّفْلِيَّةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ نَفْلًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِصَلَاتِهِ النَّافِلَةَ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ مَا لَمْ يَنْوِهِ ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَمَّا إذَا نَوَى فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ انْقِلَابَهَا نَفْلًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ ، فَإِنْ كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَأَنْ أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ مُنْفَرِدًا فَجَاءَ الْإِمَامُ وَتَقَدَّمَ لِيُصَلِّيَ فَنَوَى قَلْبَهَا نَفْلًا وَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ صَحَّتْ الْأُولَى نَفْلًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ نَفْلًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَوَقْتُ النِّيَّةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لَا فِي أَثْنَائِهَا .
وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَلَكِنْ اُغْتُفِرَ لِخُرُوجِهِ لِعُذْرٍ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ النَّفَلَ بَعْدَ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْفَرْضِ ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَمْرٍ مَحْبُوبٍ ، وَهُوَ اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ ، وَإِنْ قَلَبَهَا نَفْلًا لِغَيْرِ سَبَبٍ فَالْأَظْهَرُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ الْبُطْلَانُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَمْ يَصِحَّ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا لِتَلَاعُبِهِ ، وَإِنْ فَعَلَهُ لَظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ بِالِاجْتِهَادِ فَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا تَكُونُ نَفْلًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَبَّرَ الْمَسْبُوقُ لِلْإِحْرَامِ فِي حَالَةِ هَوِيِّهِ إلَى الرُّكُوعِ ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِامْتِنَاعِ إيقَاعِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ حَدِّ الْقِيَامِ فَالْأَظْهَرُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ الْبُطْلَانُ ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهَا نَفْلًا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَجَدَ الْعَاجِزُ عَنْ الْقِيَامِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ خِفَّةً فَلَمْ يَقُمْ

وَالْأَظْهَرُ فِيهِ الْبُطْلَانُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ .
وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ، وَالْأَظْهَرُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا لِتَلَاعُبِهِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا .
وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ النَّفْلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِيهِ الْمَعْذُورُ وَغَيْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَنِيَّتُهُ الْحَادِثَةُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَاقِعَةٌ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِ النِّيَّةِ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا جَعَلُوا لِلْمُتَطَوِّعِ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ الزِّيَادَةَ ، وَالنُّقْصَانَ بِالنِّيَّةِ عَلَى مَا نَوَاهُ أَوَّلًا ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ ) فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا نَوَى الْجَمَاعَةُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فَخَرَجَ وَقْتُهَا أَنَّهُمْ لَا يُكْمِلُونَهَا ظُهْرًا ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْوُوا الظُّهْرَ ، وَإِنَّمَا نَوَوْا الْجُمُعَةَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءُ الظُّهْرِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهُوَ أَحَدُ الطَّرِيقَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَبَنَوْهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْجُمُعَةَ صَلَاةٌ عَلَى حِيَالِهَا أَوْ هِيَ ظُهْرٌ مَقْصُورٌ ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ اقْتَضَاهُمَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهَا صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا وَالْمَذْهَبُ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ جَوَازُ إتْمَامِهَا ظُهْرًا ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَضِيَّةِ بِنَائِهِمْ لَهُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَمُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَيْضًا لَكِنَّهُمْ شَبَّهُوهُ بِالْمُسَافِرِ يَنْوِي الْقَصْرَ فَيَفُوتُ شَرْطُهُ فَيُتِمُّ وَلَيْسَ كَالْقَصْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ ، وَقَدْ نَوَاهَا وَنِيَّةُ الْقَصْرِ أَوْ الْإِتْمَامِ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ ، فَإِنَّهَا صَلَاةٌ عَلَى حِيَالِهَا كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ لَكِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يُصَحِّحْ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ شَيْئًا .
وَأَشْكَلُ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُهُمْ انْقِلَابَهَا بِنَفْسِهَا ظُهْرًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ الظُّهْرِ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَيْضًا ، وَقَالَ : إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ ) فِيهِ حُجَّةٌ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَسْبُوقَ فِي الْجُمُعَةِ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يَنْوِي الظُّهْرَ لَا الْجُمُعَةَ لِفَوَاتِهَا وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا نَوَى .
وَلَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ أَنَّهُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ ، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَنْوِي مَا لَا يَفْعَلُهُ لَا جَرْمَ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ : لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى وَكَتَبَ النَّوَوِيُّ عَلَى حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ هُنَا " إنَّمَا يَنْوِي الْجُمُعَةَ ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ فَوَاتَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ قَدْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ مِنْ إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ فَيَتَذَكَّرُ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ فَيَقُومُ إلَيْهَا " انْتَهَى .
وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زِيَادَاتِهِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا بَقِيَتْ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ فَلَا تَجُوزُ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ انْتَهَى .
وَإِذَا قُلْنَا يَنْوِي الْجُمُعَةَ كَمَا هُوَ الْمُرَجَّحُ فَهَلْ يَصْرِفُ نِيَّتَهُ إلَى الظُّهْرِ عِنْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَمْ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ وَتَنْقَلِبُ بِنَفْسِهَا ظُهْرًا ؟ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ الْأَوَّلُ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَائِدَةِ قَبْلَهَا مِنْ انْقِلَابِهَا بِنَفْسِهَا ظُهْرًا فِي مَسْأَلَةِ فَوَاتِ شَرْطِ الْجُمُعَةِ أَنْ يَجِيءَ مِثْلُهُ هُنَا ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : إنَّمَا يُدْرِكُ الْمَأْمُومُ الْجُمُعَةَ بِرَكْعَةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يُدْرِكُ بِإِدْرَاكِهِ قَبْلَ السَّلَامِ بَلْ لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ كَانَ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ .

( الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ ) فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا نَوَى فِي رَمَضَانَ صَوْمَ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَقَعَ عَنْ رَمَضَانَ إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا نَوَاهُ وَلَمْ يَنْوِ صَوْمَ رَمَضَانَ ، وَتَعْيِينُهُ شَرْعًا لَا يُغْنِي عَنْ نِيَّةِ الْمُكَلَّفِ لِأَدَاءِ مَا كُلِّفَ بِهِ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ رَمَضَانَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ بِخِلَافِ الْحَجِّ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَذَهَبَ زُفَرُ إلَى أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ لِتَصْحِيحِ الْمُقِيمِ لِتَعَيُّنِ الزَّمَانِ لَهُ .

التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ ) فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُتَطَوِّعَ بِالصِّيَامِ إذَا نَوَى فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَقُلْنَا بِصِحَّتِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُحْسَبُ لَهُ الصِّيَامُ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ لِخُلُوِّ أَوَّلِ النَّهَارِ عَنْ النِّيَّةِ ، وَالنِّيَّةُ لَا تَنْعَطِفُ عَلَى مَا قَبْلَهَا ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ : إنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ لَكِنَّ الْأَظْهَرَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ؛ لِأَنَّ صَوْمَ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ لَا يَتَبَعَّضُ وَشَبَّهُوهُ بِالْمَسْبُوقِ يُدْرِكُ ثَوَابَ جَمِيعِ الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ .

( الْفَائِدَةُ الثَّلَاثُونَ ) فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي اكْتِفَائِهٍ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَانَ لِجَمِيعِ الشَّهْرِ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عَمَلٌ بِنَفْسِهِ وَعِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِدَلِيلِ مَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَ الْأَيَّامِ فِي لَيَالِيِهَا مِمَّا يُنَافِي الصَّوْمَ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ إذْ هُوَ عَمَلٌ وَلَا عَمَلَ إلَّا بِنِيَّةٍ .

( الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) احْتَجَّ بِهِ لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ عُمْرَةً ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْعُمْرَةَ ، وَإِنَّمَا لَهُ مَا نَوَاهُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّ الْأَئِمَّةَ الثَّلَاثَةَ قَالُوا : يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ وَلَكِنْ يُكْرَهُ عِنْدَهُمْ الْإِحْرَامُ بِهِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْحَجِّ .
وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ هَلْ يَتَحَلَّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ نَقْلُهُ عَنْهُ أَوْ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ عُمْرَةً ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ عُمْرَةُ الْإِسْلَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ تَسْقُطُ عَنْهُ عُمْرَةُ الْإِسْلَامِ قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَشَبَّهُوا الْقَوْلَيْنِ بِالْقَوْلَيْنِ فِي التَّحَرُّمِ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا هَلْ تَنْعَقِدُ نَافِلَةً ؟ وَهَا هُنَا الْأَظْهَرُ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً بِكُلِّ حَالٍ لِقُوَّةِ الْإِحْرَامِ وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ مَعَ السَّبَبِ الْمُفْسِدِ لَهُ بِأَنْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا ( قُلْت ) أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ عُمْرَةً ، وَإِنْ كَانُوا فِي الصَّلَاةِ قَدْ جَزَمُوا بِعَدَمِ انْعِقَادِهَا نَفْلًا فِيمَا إذَا عُرِفَ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ لِتَلَاعُبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ أَنَّ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةٌ فَلَيْسَ يُشْبِهُ ذَلِكَ الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّلَاةِ ، وَإِنَّمَا يُشْبِهُهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَأَحْرَمَ بِالْحَاضِرَةِ بِالِاجْتِهَادِ فَبَانَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْفَائِتَةِ قَطْعًا ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْحَاضِرَةِ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا لِكَوْنِهِ لَمْ يَنْوِ الْفَائِتَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ أَيْضًا

عُمْرَةً وَلَكِنَّ الْحَجَّ خَرَجَ عَنْ قِيَاسِ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْ شُبْرُمَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ الَّتِي تَلِيهَا .

( الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) احْتَجَّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّ الصَّرُورَةَ يَصِحُّ حَجُّهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ عَنْ نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا لَهُ مَا نَوَاهُ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْأَوْزَاعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَقَعُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ ، فَقَالَ أَحَجَجْت قَطُّ ؟ قَالَ لَا قَالَ فَاجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِك ، ثُمَّ حَجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ } وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ .
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد { حُجَّ عَنْ نَفْسِك ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ } وَلَك أَنْ تَقُولَ لَيْسَ فِيهِ تَصْحِيحُ الْإِحْرَامِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يُنْشِئَ الْإِحْرَامَ عَنْ نَفْسِهِ .
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا كَانَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ الْإِحْرَامُ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ فَرْضِ نَفْسِهِ لَأَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ بِإِخْرَاجِ دَمٍ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ صَحِيحٍ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُجَاوَزَتِهِ لِلْمِيقَاتِ .
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ هَذِهِ عَنْ نَفْسِك ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَدْ رَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ وَلَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ فِيهَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَاسْتَدَلَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ بِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ : { سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُلَبِّي عَنْ نُبَيْشَةَ فَقَالَ : أَيُّهَا الْمُلَبِّي عَنْ نُبَيْشَةَ ، اُحْجُجْ عَنْ نَفْسِك } ، وَهَذَا ضَعِيفٌ فِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : يُقَالُ إنَّ الْحَسَنَ بْنَ

عُمَارَةَ كَانَ يَرْوِيهِ ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى الصَّوَابِ ، وَقَدْ ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ إلَى أَنَّ الصَّرُورَةَ إذَا نَوَى الْحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ عَنْهُ ، وَإِنَّمَا لَهُ مَا نَوَاهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَمَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ النِّيَّةِ أَوَّلَ الْعِبَادَةِ يُشْتَرَطُ اسْتِمْرَارُهَا حُكْمًا إلَى آخِرِ الْعِبَادَةِ حَتَّى لَوْ رَفَضَ النِّيَّةَ وَنَوَى قَطْعَ الْعِبَادَةِ بَطَلَتْ الْعِبَادَةُ ، وَقَدْ فَرَّقَ فِيهِ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْعِبَادَاتِ فَجَزَمُوا فِيمَا إذَا نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْبُطْلَانِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَخْرُجُ أَوْ يَسْتَمِرُّ فِيهَا ؟ وَكَذَا لَوْ نَوَى الْخُرُوجَ إذَا دَخَلَتْ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ مَثَلًا بَطَلَتْ فِي الْحَالِ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ حَتَّى لَوْ رَفَضَ هَذَا الْعَزْمَ قَبْلَ دُخُولِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ صَحَّتْ ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ بِدُخُولِ شَخْصٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ : لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ ، فَإِنْ دَخَلَ ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلتَّعْلِيقِ بَطَلَتْ ، وَكَذَا إنْ كَانَ ذَاهِلًا عَنْهُ عَلَى مَا قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ .
وَلَوْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّوْمِ فَالْأَظْهَرُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَإِمْسَاكٌ ، وَلَوْ تَرَدَّدَ فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ شَخْصٍ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُعْظَمُ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُمْ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَطَرَدَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهُ كَالصَّوْمِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ : وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِبُطْلَانِهِ كَالصَّلَاةِ وَجَزَمُوا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنَّهُ لَا تُفْسِدُهُمَا نِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلِ ذِكْرِهِ وَهَكَذَا الْوُضُوءُ ، وَالْغُسْلُ لَا يُفْسِدُهُمَا نِيَّةُ قَطْعِهِ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِحَيْثُ يَعْلَمُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَجِّ ، وَالْعُمْرَةِ ، وَالصَّوْمِ ، وَالِاعْتِكَافِ ، وَالصَّلَاةِ فَلَمْ يَرَ قَطْعَ النِّيَّةِ مُفْسِدًا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .

( الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ اشْتَرَطَ النِّيَّةَ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ مِنْ الطَّوَافِ ، وَالسَّعْيِ ، وَالْوُقُوفِ ، وَالْحَلْقِ ، وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَرْكَانِ الْمَذْكُورَةِ ، وَالْخِلَافُ فِي الطَّوَافِ أَشْهَرُ مِنْهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ لِكَوْنِهِ صَلَاةً ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْجُمْهُورُ النِّيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مُجِيبِينَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ شَامِلَةٌ لِهَذِهِ الْأَرْكَانِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى كَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَعْرِضَ فِي الطَّوَافِ نِيَّةٌ أُخْرَى صَارِفَةٌ كَطَلَبِ غَرِيمٍ مَثَلًا ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَنِيَّةِ التَّبْرِيدِ الْعَارِضَةِ بَعْدَ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْوُقُوفِ عَدَمَ النِّيَّةِ الصَّارِفَةِ كَطَلَبِ الْغَرِيمِ مَثَلًا بَلْ جَزَمُوا فِيهِ بِالْإِجْزَاءِ إلَّا مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ بَلْ قَالُوا : لَوْ مَرَّتْ بِهِ الدَّابَّةُ بِعَرَفَةَ ، وَهُوَ نَائِمٌ وَلَمْ يَشْعُرْ صَحَّ وُقُوفُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) كَمَا اشْتَرَطُوا النِّيَّةَ فِي الْعِبَادَةِ اشْتَرَطُوا فِي تَعَاطِي مَا هُوَ مُبَاحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ نِيَّةٌ تَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ كَمَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ شَرِبَ شَرَابًا مُبَاحًا ، وَهُوَ ظَانٌّ أَنَّهُ خَمْرٌ أَوْ أَقْدَمَ عَلَى اسْتِعْمَالِ مِلْكِهِ ظَانًّا أَنَّهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَعَاطِي ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِنِيَّتِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ حَدًّا وَلَا ضَمَانًا لِعَدَمِ التَّعَدِّي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ تَعَاطَى شُرْبَ الْمَاءِ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَاءٌ وَلَكِنْ عَلَى صُورَةِ اسْتِعْمَالِ الْحَرَامِ كَشُرْبِهِ فِي آنِيَةِ الْخَمْرِ فِي صُورَةِ مَجْلِسِ الشَّرَابِ صَارَ حَرَامًا لِتَشَبُّهِهِ بِالشَّرْبَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ النِّيَّةُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا عَلَى الْحَرَامِ مَعَ الْعِلْمِ بِحِلِّهِ وَنَحْوِهِ لَوْ جَامَعَ أَهْلَهُ ، وَهُوَ فِي ذِهْنِهِ مُجَامَعَةُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَصُوِّرَ فِي ذِهْنِهِ أَنَّهُ يُجَامِعُ تِلْكَ الصُّورَةَ الْمُحَرَّمَةَ ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ لِتَشَبُّهِهِ بِصُورَةِ الْحَرَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

( السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا عَلَى تَخْصِيصِ الْأَلْفَاظِ بِالنِّيَّةِ فِي الزَّمَانِ ، وَالْمَكَانِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ مَثَلًا وَأَرَادَ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ سَنَةَ كَذَا أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا مَثَلًا وَأَرَادَ كَلَامَهُ بِالْقَاهِرَةِ مَثَلًا دُونَ غَيْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَإِنَّ لَهُ مَا نَوَاهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لَوْ خَالَفَ ظَاهِرَ اللَّفْظِ مَعَ مُوَافَقَةِ النِّيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْكِنَايَاتِ الَّتِي يَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ ، وَالْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ فَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِإِرَادَةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى إذْ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ فَلَوْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُطَلِّقَ إذَا طَلَّقَ بِصَرِيحِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَنَوَى عَدَدًا مِنْ أَعْدَادِ الطَّلَاقِ كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ثَلَاثًا كَانَ مَا نَوَاهُ مِنْ الْعَدَدِ وَاقِعًا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : هِيَ وَاحِدَةٌ ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ .

( التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ ) فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَهْلِ الرَّأْيِ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ أَنَّهُ إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لِكَوْنِهَا كَلِمَةً وَاحِدَةً ، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ أَيْضًا ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ ، وَالْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهُوَ كَذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ وَأَوْلَى بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الْفَائِدَةُ الْأَرْبَعُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ مُجْمَلٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَى شَيْءٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى نِيَّتِهِ مَا أَرَادَ بِذَلِكَ ، وَأَنَّهُ يَقْبَلُ مِنْهُ تَفْسِيرَهُ بِأَقَلَّ مَا يَتَمَوَّلُ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا نَوَاهُ ، وَكَذَا لَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ مِمَّا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَكَذَا حَقُّ الشُّفْعَةِ وَحْدُ الْقَذْفِ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْضًا بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ ، وَالْعِيَادَةِ .
وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ عَلَى مَالٍ ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ دُونَ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَنَحْوِهِ ، وَيُقْبَلُ مِنْهُ تَفْسِيرُهُ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ لَهُ مَا نَوَاهُ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ : الْإِيمَانُ إقْرَارٌ بِاللِّسَانِ دُونَ الِاعْتِقَادِ بِالْقَلْبِ ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي آخِرِ الْإِيمَانِ مُحْتَجًّا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُرْجِئَةُ مَرْدُودٌ بِالنُّصُوصِ الْقَاطِعَةِ ، وَالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ .

( الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ النَّاسِي ، وَالْمُخْطِئُ فِي الطَّلَاقِ ، وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ لِنَاسٍ وَلَا مُخْطِئٍ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .

( الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ ) فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَدِينُونَ مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ وَخَالَفَهُمْ الْجُمْهُورُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ { الرَّجُلِ الَّذِي ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ ، ثُمَّ وَجَدَهَا فَقَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي ، وَأَنَا رَبُّك قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ } .
وَاَلَّذِي جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحُكَّامِ الْحُذَّاقِ مِنْهُمْ اعْتِبَارُ حَالِ الْوَاقِعِ مِنْهُ ذَلِكَ ، فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَعُرِفَ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْمُخَالَفَاتِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاتِ بِأَمْرِ الدِّينِ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى دَعْوَاهُ وَمَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلْتَةً وَعُرِفَ بِالصِّيَانَةِ ، وَالتَّحَفُّظِ قَبِلُوا قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ تَوَسُّطٌ حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26