كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
بألسنتهم فقال حسان بن ثابت : أنا لها يا رسول الله وأخذ بطرف لسانه
فقال : والله ما يسرني بهم مقولا بين بصرى وصنعاء فقال له رسول الله صلى
الله عليه وسلم : وكيف تهجوهم وأنا منهم فقال : اني أسلك منهم كما تسل
الشعرة من العجين فكان يهجوهم ثلاثة من الانصار يجيبونهم ، حسان بن ثابت
وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة ، فكان حسان وكعب يعارضانهم بمثل قولهم
بالوقائع والايام والمآثر ويعيرونهم بالمناقب وكان ابن رواحة يعيرهم
بالكفر وينسبهم إلى الكفر ويعلم أنه ليس فيهم شيء شرا من الكفر ، وكانوا
في ذلك الزمان أشد القول عليهم قول حسان وكعب وأهون القول عليهم قول ابن
رواحة فلما أسلموا وفقهوا الإسلام كان أشد القول عليهم قول ابن رواحة.
وأخرج ابن أبي شيبه عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من الشعر حكما.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عباس ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول ان من الشعر حكما.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ان من الشعر حكما وان من البيان سحرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن فضالة ابن عبيدة في قوله {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} قال : هؤلاء الذين يخربون البيت.
وأخرج
أحمد عن أبي أمامة بن سهل حنيف قال : سمعت رجلا من أصحاب النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يقول : أتركوا الحبشة ما تركوكم فانه لا يستخرج كنز الكعبة
إلا ذو السويقتين من الحبشة.
وأخرج ابن أبي شيبه والحاكم وصححه عن أبي
هريرة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يبايع رجل بين الركن والمقام
ولن يستحل هذا البيت إلا أهله فاذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ثم
تجيء الحبشة فتخربه خرابا لا يعمر بعده أبدا وهم الذين يستخرجون كنزه.
وأخرج
الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال
اتركوا الحبشة ما تركوكم فانه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من
الحبشة.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : من آخر أمر
الكعبة أن الحبشة يغزون البيت فيتوجه المسلمون نحوهم فيبعث الله عليهم
ريحا شرقية فلا تدع لله عبدا في قلبه مثقال ذرة من تقى إلا قبضته حتى اذا
فرغوا من خيارهم بقي عجاج من الناس.
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة.
وأخرج ابن أبي شيبه عن علي ابن أبي طالب قال كأني أنظر إلى رجل من الحبش ، أصلع أجمع حمش الساقين جالس عليها وهو يهدمها.
وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن عمرو قال : كأني به ، أصيلع أفيدع قائم عليها يهدمها بمسحاته.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : كتب أبي في وصيته سطرين بسم الله الرحمن
الرحيم ، هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين
يؤمن الكافر ويتقي الفاجر ويصدق الكاذب ، اني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب
فان يعدل فذلك ظني به ورجائي فيه وان يجر ويبدل فلا أعلم الغيب {وسيعلم
الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.
وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن رباح قال : كان صفوان بن مجرز اذا قرأ هذه الآية بكى {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.
*
بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة النمل.
مكية وآياتها ثلاث وتسعون.
- مقدمة سورة النمل.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : انزلت سورة النمل بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير ، مثله.
-
طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين * هدى وبشرا للمؤمنين * الذين يقيمون
الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون * إن الذين لا يؤمنون بالآخرة
زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون * أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة
هم الأخسرون * وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {طس} قال : هو اسم الله الاعظم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {طس} قال : هو اسم الله الاعظم.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {طس} قال
: هو اسم من اسماء القرآن ، وفي قوله {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال :
لا يقرون بها ولا يؤمنون بها {فهم يعمهون} قال : في صلاتهم وفي قوله {وإنك
لتلقى القرآن} يقول : تأخذ القرآن من عند {حكيم عليم}.
- قوله تعالى : إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون.
أخرج الطستي عن ابن عباس ، ان نافع بن الازرق قال له : اخبرني عن قوله
عز
وجل {بشهاب قبس} قال : شعلة من نار يقتبسون منه قال : وهل تعرف العرب ذلك
قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة : هم عراني فبت أدفعه * دون سهادي كشعلة
القبس.
- قوله تعالى : فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين * يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم.
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فلما
جاءها نودي أن بورك من في النار} يعني تبارك وتعالى نفسه ، كان نور رب
العالمين في الشجرة {ومن حولها} يعني الملائكة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ، وَابن مردويه عنه عن ابن عباس
{نودي أن بورك من في النار ومن حولها} يقول : بروكت بالنار ناداه الله وهو
في النور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : كانت تلك النار نورا {أن بورك من في النار ومن} حول النار.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس {أن بورك من في النار} قال : بوركت النار.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد ، مثله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : في مصحف
أبي بن كعب (بوركت النار ومن حولها) أما النار فيزعمون انها نور رب
العالمين {ومن حولها} الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة أنه كان يقرأ (أن بوركت النار).
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال : النار : نور الرحمن {ومن حولها} موسى والملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {بورك} قال : قدس.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن ماجه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ،
وَابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الاسماء والصفات من طريق
أبي عبيدة عن أبي موسى الاشعري قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال ان الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه ، يرفع
إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور لو رفع
الحجاب لا حرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره ثم قرأ أبو عبيدة {أن بورك
من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين}.
- قوله تعالى : وألق
عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا
يخاف لدي المرسلون * إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم *
وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه
إنهم كانوا قوما فاسقين * فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين *
وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فلما رآها تهتز كأنها جان} قال : حين تحولت حية تسعى.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولم يعقب يا موسى} قال : لم
يرجع وفي قوله {إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء} قال : ثم تاب من بعد ظلمه
وإساءته.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولى مدبرا} قال : فارا
{ولم يعقب} قال : لم يلتفت ، وفي قوله {لا يخاف لدي} قال : عندي وفي قوله
{إلا من ظلم} قال : ان الله لم يجز ظالما ، ثم عاد الله بعائدته وبرحمته
فقال {ثم بدل حسنا بعد سوء} أي فعمل عملا صالحا بعد عمل سيء عمله {فإني
غفور رحيم}.
وأخرج ابن المنذر عن ميمون قال : ان الله قال لموسى {إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم} وليس للظالم عندي أمان حتى يتوب.
وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن اسلم أنه قرأ {إلا من ظلم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت على موسى جبة لا تبلغ مرفقيه فقال له {وأدخل يدك في جيبك} فادخلها.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن مقسم قال : انما قيل {وأدخل
يدك في جيبك} لأنه لم يكن لها كم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كانت عليه مدرعة إلى بعض يده ، ولو كان لها كم أمره أن يدخل يده في كمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وأدخل يدك في جيبك} قال : جيب القميص.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وأدخل يدك في
جيبك} قال : في جيب قميصك {تخرج بيضاء من غير سوء} قال : من غير برص {في
تسع آيات} قال : يقول هاتان الآيتان : يد موسى وعصاه والطوفان والجراد
والقمل والضفادع والدم والسنين في بواديهم ومواشيهم ونقص من الثمرات في
أمصارهم ، وفي قوله {فلما جاءتهم آياتنا مبصرة} قال : بينة {وجحدوا بها}
قال : كذبت القوم بآيات الله بعدما استيقنتها أنفسهم انها حق ، والجحود لا
يكون إلا من بعد المعرفة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {ظلما وعلوا} قال : تعظما واستكبارا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {واستيقنتها أنفسهم ظلما
وعلوا} قال : تكبروا وقد استيقنتها أنفسهم ، وهذا من التقديم والتأخير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الاعمش أنه قرأ / {ظلما وعليا > / وقرأ عاصم {وعلوا} برفع العين واللام.
- قوله تعالى : ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين.
أخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان داود أعطي ثلاثا : سخرت له الجبال يسبحن
معه والين له الحديد وعلم منطق الطير ، وأعطي سليمان : منطق الطير وسخرت
له الجن وكان ذلك مما ورث عنه ، ولم تسخر له الجبال ولم يلن له الحديد.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب : ان الله لم ينعم على عبد
نعمة فحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل من نعمته ، ان كنت لا تعرف ، ذلك
في كتاب الله المنزل قال الله عز وجل {ولقد آتينا داود
وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين} وأي نعمة أفضل مما أوتي داود وسليمان.
- قوله تعالى : وورث سليمان داود وقال ياأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وورث سليمان داود} قال : ورثه نبوته وملكه وعلمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال : الناس عندنا : أهل العلم.
وَأَمَّا قوله تعالى : {علمنا منطق الطير}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : كنت عند عمر بن الخطاب فدخل
علينا كعب الحبر فقال : يا أمير المؤمنين إلا أخبرك بأغرب شيء قرأت في كتب
الانبياء : ان هامة جاءت إلى سليمان فقالت : السلام عليك يا نبي الله فقال
: وعليك السلام يا هام أخبرني كيف لا تأكلين الزرع فقالت : يا نبي الله
لأن آدم عصى ربه في سببه لذلك لا آكله قال : فكيف لا تشربين الماء قالت :
يا
نبي الله لأن أغرق بالماء قوم نوح من أجل ذلك تركت شربه قال : فكيف تركت العمران وأسكنت
الخراب
قالت : لأن الخراب ميراث الله وأنا أسكن في ميراث الله وقد ذكر الله ذلك
في كتابه فقال {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها} القصص الآية 58 إلى قوله
{وكنا نحن الوارثين}.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد ، وَابن أبي
حاتم عن أبي الصديق الناجي قال : خرج سليمان بن داود يستسقي بالناس فمر
بنملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول : اللهم انا
خلق من خلقك ليس بنا غنى عن رزقك فاما أن تسقينا واما ان تهلكنا فقال
سليمان للناس : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن
أبي الدرداء قال : كان داود يقضي بين البهائم يوما وبين الناس يوما فجاءت
بقرة فوضعت قرنها في حلقة الباب ثم تنغمت كما تنغم الوالدة على ولدها
وقالت : كنت شابة كانوا ينتجوني ويستعملوني ثم اني كبرت فأرادوا أن
يذبحوني فقال داود : أحسنوا إليها
ولا تذبحوها ثم قرأ {علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء}.
وأخرج
الحاكم في المستدرك عن جعفر بن محمد قال : أعطي سليمان ملك مشارق الأرض
ومغاربها فملك سليمان سبعمائة سنة وستة أشهر ، ملك أهل الدنيا كلهم من
الجن والانس والدواب والطير والسباع وأعطي كل شيء ومنطق كل شيء وفي زمانه
صنعت الصنائع المعجبة ، حتى اذا أراد الله أن يقبضه اليه أوحى إليه : ان
استودع علم الله وحكمته أخاه ، وولد داود كانوا أربعمائة وثمانين رجلا
أنبياء بلا رسالة ، قال الذهبي : هذا باطل.
وأخرج الحاكم عن محمد بن
كعب قال : بلغنا ان سليمان كان عسكره مائة فرسخ : خمسة وعشرون منها للأنس
وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة وعشرون للطير وكان له ألف بيت
من قوارير على الخشب ، فيها ثلثمائة صريحة وسبعمائة سرية وأمر الريح
العاصف فرفعته فأمر الريح فسارت به ، فأوحى الله إليه : اني زدتك في ملكك
ان لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر عن وهب بن منبه قال : مر سليمان بن داود وهو في ملكه قد حملته الريح على رجل
حراث
من بني اسرائيل فلما رآه قال - سبحان الله - لقد أوتي آل داود ملكا ،
فحملتها الريح فوضعتها في أذنه فقال : ائتوني بالرجل فأتي به فقال : ماذا
قلت فأخبره فقال سليمان : اني خشيت عليك الفتنة ، لثواب سبحان الله عند
الله يوم القيامة أعظم مما أوتي آل داود فقال الحراث : أذهب الله همك كما
أذهبت همي قال : وكان سليمان رجلا أبيض جسيما أشقر غزاء لا يسمع بملك إلا
أتاه فقاتله فدوخه يأمر الشياطين فيجعلون له دارا من قوارير فيحمل ما يريد
من آلة الحرب فيها ثم يأمر العاصف فتحمله من الأرض ثم يأمر الرخاء فتقدمه
حيث شاء.
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن كثير قال : قال سليمان بن داود
لبني اسرائيل : ألا أريكم بعض ملكي اليوم قالوا : بلى يا نبيى الله قال :
يا ريح ارفعينا ، فرفعتهم الريح فجعلتهم بين السماء والأرض ثم قال : يا
طير أظلينا ، فاظلتهم الطير بأجنحتها لا يرون الشمس ، قال : يا بني
اسرائيل أي ملك ترون قالوا : نرى ملكا عظيما قال : قول لا اله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، خير من ملكي
هذا ومن الدنيا وما فيها ، يا بني اسرائيل من خشي
الله في السر والعلانية وقصد في الغنى والفقر وعدل في الغضب والرضا وذكر الله على كل حال فقد أعطي مثل ما أعطيت.
- قوله تعالى : وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون.
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ، كان يوضع لسليمان عليه السلام ثلثمائة ألف
كرسي فيجلس مؤمنوا الانس مما يليه ومؤمنوا الجن من ورائهم ثم يأمر الطير
فتظله ثم يأمر الريح فتحمله فيمرون على السنبلة فلا يحركونها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فهم يوزعون} قال : يدفعون.
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فهم يوزعون} قال : جعل على كل صنف منهم
وزعة ترد أولاها على أخراها لئلا يتقدموا في المسير كما تصنع الملوك.
وأخرج
الطبراني والطستي في مسائله عن ابن عباس ، ان نافع بن الازرق سأله عن قوله
{فهم يوزعون} قال : يحبس أولهم على آخرهم حتى تنام الطير ، قال : وهل تعرف
العرب ذلك قال : نعم ، أو ما سمعت قول الشاعر : وزعت رعيلها باقب نهد *
اذا ما القوم شدوا بعد خمس
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد وأبي رزين في قوله
{فهم يوزعون} قال : يحبس أولهم على آخرهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فهم يوزعون} قال : يرد أولهم على آخرهم.
-
قوله تعالى : حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا
مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبسم ضاحكا من قولها
وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا
ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {حتى إذا أتوا على وادي النمل} قال : ذكر لنا أنه واد بأرض الشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : النملة التي فقه سليمان كلامها كانت من الطير ذات جناحين ولولا ذلك لم يعرف سليمان ما تقول.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : النمل من الطير.
وأخرج
البخاري في تاريخه ، وَابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
نوف قال : كان النمل في زمن سليمان بن داود أمثال الذباب ، وفي لفظ مثل
الذباب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحكم قال : كان النمل في زمان سليمان
أمثال الذباب.
وأخرج
ابن المنذر عن وهب ابن منبه قال : أمر الله الريح قال لا يتكلم أحد من
الخلائق بشيء في الأرض بينهم إلا حملته فوضعته في أذن سليمان فبذلك سمع
كلام النملة.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن سيرين أنه سئل عن التبسم في
الصلاة فقرأ هذه الآية {فتبسم ضاحكا من قولها} وقال : لا أعلم التبسم إلا
ضحكا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله !
{أوزعني} قال : ألهمني.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه
في قوله {وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} قال : مع الانبياء والمؤمنين.
-
قوله تعالى : وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين *
لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين * فمكث غير بعيد
فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين * إني وجدت امرأة تملكهم
وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم * وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله
وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون * ألا يسجدوا لله
الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * الله لا
إله إلا هو رب العرش العظيم * قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين * إذهب
بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تولى عنهم فانظر ماذا يرجعون * قالت يا أيها
الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن
الرحيم * ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس
رضي الله عنهما انه سئل كيف تفقد سليما الهدهد
من بين الطير قال : ان
سليمان نزل منزلا فلم يدر ما بعد الماء وكان الهدهد يدل سليمان على الماء
فأراد أن يسأله عنه ففقده ، وقيل كيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ يلقي عليه
التراب ويضع له الصبي الحبالة فيغيبها فيصيده فقال : اذا جاء القضاء ذهب
البصر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن يوسف بن ماهك
أنه حدث : ان نافع بن الازرق صاحب الازارقة كان يأتي عبد الله بن عباس ،
فاذا أفتى ابن عباس ، يرى هو أنه ليس بمستقيم فيقول : قف من أين افتيت
بكذا وكذا ومن أين كان فيقول ابن عباس رضي الله عنهما : أومات من كذا وكذا
، حتى ذكر يوما الهدهد فقال : يعرف بعد مسافة الماء في الأرض فقال له ابن
الازرق : قف قف ، يا ابن العباس ، كيف تزعم أن الهدهد يرى مسافة الماء من
تحت الأرض وهو ينصب له الفخ فيذر عليه التراب فيصطاد فقال ابن عباس : لولا
أن يذهب هذا فيقول : كذا وكذا لم أقل له شيئا ، ان البصر ينفع ما لم يأت
القدر فاذا جاء القدر حال دون البصر ، فقال ابن الازرق : لا أجادلك بعدها
في شيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان
سليمان اذا أراد أن ينزل منزلا دعا الهدهد ليخبره عن الماء ، فكان اذا قال
: ههنا شققت الشياطين الصخور فجرت العيون من قبل أن يضربوا أبنيتهم فأراد
أن ينزل منزلا فتفقد الطير فلم يره فقال {ما لي لا أرى الهدهد أم كان
من الغائبين}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
ذكر لنا أن سليمان أراد أن يأخذ مفازة فدعا بالهدهد وكان سيد الهداهد
ليعلم مسافة الماء ، وكان قد اعطي من البصر بذلك شيئا لم يعطيه شيء من
الطير ، لقد ذكر لنا : انه كان يبصر الماء في الأرض كما يبصر أحدكم الخيال
من وراء الزجاجة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : اسم هدهد سليمان : عنبر.
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله {لأعذبنه عذابا شديدا} قال : نتف ريشه.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {لأعذبنه عذابا شديدا} قال : نتف ريشه كله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة ، مثله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : نتف ريشه والقاؤه للنمل في الشمس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن رومان قال : ان عذابه الذي كان يعذب به الطير : نتف ريش جناحه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أو ليأتيني بسلطان مبين} قال : خبر الحق الصدق البين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أو ليأتيني بسلطان مبين} قال : بعذر بين.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : قال ابن عباس : كل سلطان في
القرآن حجة ونزع الآية التي في سورة سليمان {أو ليأتيني بسلطان} قال : وأي
سلطان كان للهدهد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : إنما دفع الله عن الهدهد ببره والدته.
وأخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ في العظمة عن عكرمة قال : انما صرف الله عذاب سليمان عن الهدهد لأنه كان بارا بوالديه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أحطت بما لم تحط به} قال : اطلعت على ما لم تطلع عليه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وجئتك من سبإ بنبإ يقين} قال : خبر حق.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجئتك
من سبإ} قال : سبأ بأرض اليمن يقال لها : مأرب ، بينها وبين صنعاء مسيرة
ثلاث ليال {بنبإ يقين} قال : بخبر حق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة
قال : يقولون ان مأرب مدينة بلقيس ، لم يكن بينها وبين بيت المقدس إلا ميل
فلما غضب الله عليها بعدها ، وهي اليوم
باليمن وهي التي ذكر الله القرآن {لقد كان لسبإ في مسكنهم} سبأ الآية 15.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : بعث إلى سبأ اثنا عشر نبيا منهم : تبع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ {من سبإ بنبإ يقين} قال : بجعله أرضا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ {من سبإ بنبإ} قال : يجعله رجلا.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {إني وجدت امرأة تملكهم}
قال : كان اسمها بلقيس بنت أبي شبرة وكانت هلباء شعراء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إني وجدت امرأة تملكهم} قال : هي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : بلغني انها
امرأة تسمى بلقيس بنت شراحيل أحد أبوايها من الجن ، مؤخر إحدى قدميها مثل
حافر الدابة ، وكانت في بيت مملكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال : هي بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن ريان وأمها فارعة الجنية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : بلقيس بنت أبي شرح وأمها بلقته.
وأخرج ابن مردويه عن سفيان الثوري ، مثله.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : كانت ملكة سبأ اسمها ليلى وسبأ مدينة باليمن وبلقيس حميرية.
وأخرج
ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احدى أبوي بلقيس كان
جنيا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن قتادة
قال : ذكر لنا أن ملك سبأ كانت امرأة باليمن ، كانت في بيت مملكة يقال لها
بلقيس بنت شراحيل ، هلك أهل بيتها فملكها قومها.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : صاحبة سبأ كانت أمها
جنية.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن مردويه عن عثمان بن حاضر قال : كانت أم بلقيس امرأة من الجن يقال لها : بلقمة بنت شيصان.
وأخرج
ابن عساكر عن الحسن أنه سئل عن ملكة سبا فقال : ان أحد أبويها جني ، فقال
: الجن لا يتوالدون أي أن المرأة من الأنس لا تلد من الجن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان لصاحبة سليمان اثنا عشر ألف قيل تحت كل قيل مائة ألف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما قال {إني وجدت امرأة تملكهم} أنكر سليمان أن يكون لاحد على الأرض سلطان غيره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وأوتيت من كل شيء} قال : من كل شيء في أرضها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {وأوتيت من كل شيء} قال : من أنواع الدنيا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {ولها عرش عظيم} قال : سرير
كريم من ذهب وقوائمه من جوهر ولؤلؤ حسن الصنعة غالي الثمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {ولها عرش عظيم}
قال : سرير من ذهب وصفحتاه مرمول بالياقوت والزبرجد طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان في قوله {وجدتها وقومها يسجدون للشمس} قال
: كانت لها كوة في بيتها اذا طلعت الشمس نظرت إليها فسجدت لها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يخرج الخبء} قال : يعلم كل خفية في السماء والأرض.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يخرج الخبء} قال : الغيب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {يخرج الخبء} قال : السر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {يخرج الخبء} قال : الماء.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن حكيم بن جابر في قوله {يخرج الخبء} قال : المطر.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : خبء السموات والأرض
، ما جعل من الارزاق والقطر من السماء والنبات من الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} قال : لم يصدقه ولم يكذبه.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اذهب بكتابي هذا} قال : كتب معه بكتاب
فقال {اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم} يقول : كن قريبا منهم
{فانظر ماذا يرجعون} فانطلق بالكتاب حتى اذا توسط عرشها ألقى الكتاب إليها
فقرأه عليها فاذا فيه {إنه من
سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
قال : كانت صاحبة سبأ اذا رقدت غلقت الابواب وأخذت المفاتيح فوضعتها تحت
رأسها ، فلما غلقت الابواب وآوت إلى فراشها جاءها الهدهد حتى دخل من كوة
بيتها فقذف الصحيفة على بطنها بين فخذيها فأخذت الصحيفة فقرأتها فقالت {يا
أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم} تقول : حسن ما فيه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {إني ألقي إلي كتاب كريم} قال : مختوم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {كتاب كريم} قال : تريد مختوم ،
وكذلك الملوك تختم كتبها ، لا تجيز بينها كتابا إلا بخاتم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {إنه من سليمان وإنه بسم الله
الرحمن الرحيم} قال : لم يزد زعموا على هذا الكتاب على ما قص الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال : كتب بسم الله الرحمن الرحيم ، من سليمان بن داود إلى بلقيس بنت ذي شرح وقومها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد : ان سليمان بن داود كتب إلى ملكة
سبأ ، بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس
ملكة سبأ
السلام على من أتبع الهدى ، اما بعد : فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لم يكن في كتاب سليمان إلى صاحبة سبأ إلا ما
تقرأون في القرآن {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي} يقول : لا
تخالفوا علي {وأتوني مسلمين} قال : وكذلك كانت الانبياء تكتب جميلا ،
يطلبون ولا يكثرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم من
طريق سفيان بن منصور قال : كان يقال كان سليمان بن داود أبلغ الناس في
كتاب وأقله كلاما ، ثم قرأ {إنه من سليمان}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن
سعد ، وَابن أبي شيبه ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي قال : كان أهل الجاهلية
يكتبون باسمك اللهم ، فكتب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أول ما كتب :
باسمك اللهم ، حتى نزلت {بسم الله مجراها ومرساها} فكتب {بسم الله} ثم
نزلت {ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} الرحمن الآية 110 فكتب {بسم الله
الرحمن} ثم أنزلت الآية التي في {طس} {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن
الرحيم} فكتب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن
الحرث العكلي قال : قال لي الشعبي : كيف كان كتاب النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم اليكم قلت : باسمك اللهم فقال : ذاك الكتاب الاول كتب النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم (باسمك اللهم) فجرت بذلك ما شاء الله ان تجري ثم نزلت {بسم
الله مجراها ومرساها} فكتب (بسم الله) فجرت بذلك ما شاء الله ان تجري ثم
نزلت {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} فكتب (بسم الله الرحمن) فجرت بذلك
ما شاء الله أن تجري
ثم نزلت {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} فكتب بذلك.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان
يكتب (باسمك اللهم) حتى نزلت {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة قال : لم يكن الناس يكتبون إلا (باسمك
اللهم) حتى نزلت {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج
أبو داود في مراسيله عن أبي مالك قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
يكتب (باسمك اللهم) فلما نزلت {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن
الرحيم} كتب (بسم الله الرحمن الرحيم).
وأخرج أبو عبيد في فضائله ،
وَابن أبي شيبه عن سعيد بن المسيب قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى كسرى وقيصر والنجاشي أما بعد : فتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ان
لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون
الله فان تولوا فقولوا اشهدوا
بأنا مسلمون) فلما أتى كتاب النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم إلى قيصر فقرأه قال : ان هذا الكتاب لم أره بعد سليمان
بن داود (بسم الله الرحمن الرحيم).
- قوله تعالى : قالت يا أيها الملأ
أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون * قالوا نحن أولوا قوة
وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين * قالت إن الملوك إذا
دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة كذلك يفعلون * وإني مرسلة
إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون * فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال
فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون * إرجع إليهم
فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون * قال يا
أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن
أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين * قال الذي عنده
علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده
قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن
كفر فإن ربي غني كريم * قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون
من
الذين لا يهتدون * فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم
من قبلها وكنا مسلمين * وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم
كافرين * قيل لها أدخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال
إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب
العالمين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قالت يا أيها الملأ
أفتوني في أمري} قال : جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في أمرها فاجتمع رأيهم
ورأيها على أن يغزوه ، فسارت حتى إذا كانت قريبه قالت : أرسل إليه بهدية
فإن قبلها فهو ملك أقاتله وان ردها تابعته فهو نبي ، فلما دنت رسلها من
سليمان علم خبرهم فأمر الشياطين فهيئوا له ألف قصر من ذهب وفضة ، فلما رأت
رسلها قصور ذهب قالوا : ما يصنع هذا بهديتنا وقصوره ذهب وفضة فلما دخلوا
بهديتها قال : أتهدونني بمال ثم قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن
يأتوني مسلمين} فقال كاتب سليمان : ارفع بصرك ، فرفع بصره ، فلما رجع إليه
طرفه اذا هو بسريرها {قال نكروا لها عرشها} فنزع عنه فصوصه ومرافقه وما
كان عليه من شيء فقيل لها {أهكذا
عرشك قالت كأنه هو} وأمر الشياطين
: فجعلوا لها صرحا من قوارير ممردا وجعل فيها تماثيل السمك فقيل لها
{ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} فاذا فيها الشعر ،
فعند ذلك أمر بصنعة النورة فقيل لها {إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني
ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن
زهير بن محمد في قوله {أفتوني في أمري} تقول : أشيروا علي برأيكم {ما كنت
قاطعة أمرا حتى تشهدون} تريد : حتى تشيروا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان تحت يدي ملكة سبأ اثنا عشر
ألف قيول تحت يدي كل قيول مائة ألف مقاتل وهم الذين قالوا {نحن أولوا قوة
وأولو بأس شديد}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة قال : ذكر لنا أنه كان أولو مشورتها ثلاثمائة واثنى عشر
رجلا ، كل رجل منهم على عشرة
الآف من الرجال.
وأخرج ابن أبي شيبه
، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن
الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها} قال : اذا أخذوها عنوة أخربوها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {وجعلوا أعزة أهلها أذلة} قال : بالسيف.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قالت بلقيس {إن الملوك إذا دخلوا قرية
أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة} قال : يقول الرب تبارك وتعالى {وكذلك
يفعلون}.
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن ابن عباس في قوله {وإني مرسلة إليهم بهدية} قال : أرسلت بلبنة من
ذهب فلما قدموا اذا حيطان المدينة من ذهب فذلك قوله {أتمدونن بمال}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : قالت اني
باعثة اليهم بهدية فمصانعتهم بها عن ملكي أن كانوا أهل دنيا ، فبعثت إليهم
بلبنة من ذهب في حرير وديباج فبلغ ذلك سليمان فأمر بلبنة من ذهب
فصنعت ثم قذفت تحت أرجل الدواب على طريقهم تبول عليها وتروث فلما جاء رسلها واللبنة تحت أرجل الدواب صغر في أعينهم الذي جاؤا به.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن ثابت البناني قال : أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج ، فلما
بلغ ذلك سليمان أمر الجن فموهوا له الآجر بالذهب ثم أمر به فالقى في
الطريق ، فلما جاؤا ورأوه ملقى في الطريق وفي كل مكان قالوا : جئنا نحمل
شيئا نراه ههنا ملقى ما يلتفت اليه ، فصغر في أعينهم ما جاؤا به.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإني مرسلة إليهم بهدية} قال :
جوار لباسهن لباس الغلمان وغلمان لباسهن لباس الجواري.
وأخرج ابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : أرسلت بثمانين من وصيف
ووصيفة وحلقت رؤوسهم كلهم وقالت : ان عرف الغلمان من الجواري فهو نبي وان
لم يعرف الغلمان من الجواري فليس بنبي.
فدعا بوضوء فقال : توضؤا
، فجعل الغلام يأخذ من مرفقيه إلى كفيه وجعلت الجارية تأخذ من كفها إلى
مرفقها فقال : هؤلاء جوار وهؤلاء غلمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر عن عكرمة قال : كانت هدية بلقيس لسليمان مائتي فرس على كل فرس غلام
وجارية ، الغلمان والجواري على هيئة واحدة لا يعرف الجواري من الغلمان ولا
الغلمان من الجواري ، على كل فرس لون ليس على الآخر ، وكانت أو هديتهم عند
سليمان وآخرها عندها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الهدية ، وصفان ووصائف ولبنة من ذهب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانت الهدية ، جواهر.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة قال : ان الهدية لما جاءت سليمان بين الغلمان
والجواري امتحنهم بالوضوء ، فغسل الغلمان ظهور السواعد قبل بطونها وغسلت
الجواري بطون السواعد قبل ظهورها.
وأخرج ابن أبي شيبه عن السدي قال :
قالت : ان هو قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه دون ملككم وان لم يقبل الهدية
فهو نبي لا طاقة لكم بقتاله ، فبعثت إليه بهدية ، غلمان في هيئة الجواري
وحليهم وجوار في هيئة الغلمان ولباسهم وبعثت إليه بلبنات من ذهب وبخرزة
مثقوبة مختلفة وبعثت إليه بقدح
وبعثت إليه تعلمه ، فلما جاء سليمان
الهدية أمر الشياطين فموهوا لبن المدينة وحيطانها ذهبا وفضة فلما رأى ذلك
رسلها قالوا : أين نذهب باللبنات في أرض هؤلاء وحيطانهم ذهب وفضة فحسبوا
اللبنات وأدخلوا عليه ما سوى ذلك وقالوا : أخرج لنا الغلمان من الجواري ،
فأمرهم فتوضأوا.
وَأخرَج الغلمان من الجواري ، اما الجارية فافرغت على
يدها وأما الغلام فاغترف وقالوا : ادخل لنا في هذه الخرزة خيطا ، فدعا
بالدساس فربط فيه خيطا فأدخله فيها فجال فيها واضطرب حتى خرج من الجانب
الآخر ، وقالوا : املأ لنا هذا القدح بماء ليس من الأرض ولا من السماء ابن
عباس
فأمر بالخيل فأجريت حتى اذا اربدت مسح عرقها فجعله فيه حتى ملأه ،
فلما رجعت رسلها فأخبروها : ان سليمان رد الهدية ، وفدت إليه وأمرت بعرشها
فجعل في سبعة أبيات وغلقت عليها فأخذت المفاتيح ، فلما بلغ سليمان ما صنعت
بعرشها {قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال : قال للهدهد {ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} يعني من الانس والجن.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {لا قبل لهم
بها} قال : لا طاقة لهم بها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
قال : لما بلغ سليمان انها جاءته وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه ، وكان
عرشها من ذهب وقوائمه من لؤلؤ وجوهر وكان مستترا بالديباج والحرير وكان
عليه سبعة مغاليق فكره ان يأخذه بعد إسلامهم ، وقد علم نبي الله سليمان أن
القوم متى ما يسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم فأحب أن يؤتى به قبل أن يكون
ذلك من أمرهم فقال {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أيكم يأتيني بعرشها} قال :
سرير في أريكة.
وأخرج ابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله {قبل أن يأتوني مسلمين} قال : طائعين.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قال عفريت من الجن} قال : مارد
{قبل أن تقوم من مقامك} قال : من مقعدك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح في
قوله {قال عفريت} قال : عظيم كأنه جبل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم العفريت ، كوزن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال : اسمه كوزي.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قال عفريت
من الجن} قال : هو صخر الجني {وإني عليه لقوي} قال : على حمله {آمين} قال
: على ما استودع فيه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قبل أن تقوم من مقامك} قال : من مجلسك.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {قبل أن تقوم من مقامك} قال : من
مجلسك الذي تجلس فيه للقضاء ، وكان سليمان اذا جلس للقضاء لم يقم حتى تزول
الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإني عليه لقوي أمين} قال : على جوهره.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {أنا آتيك به قبل أن تقوم
من مقامك} قال : اني أريد أعجل من هذا {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا
آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قال : فخرج العرش من نفق من الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن حماد بن سلمة قال : قرأت من مصحف أبي بن كعب {وإني عليه لقوي أمين} قال : أريد أعجل من ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قال الذي عنده علم من الكتاب} قال : آصف : كاتب سليمان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال : هو آصف بن برخيا ، وكان صديقا يعلم الاسم الاعظم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان اسمه أسطوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة قال : هو الخضر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال : هو رجل من الانس يقال له : ذو النور.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : هو آصف بن برخيا بن مشعيا بن منكيل واسم أمه باطورا من بني اسرائيل.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {قال الذي عنده علم من الكتاب} قال : كان اسمه تمليخا.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله {قال الذي عنده علم من الكتاب} قال الاسم الاعظم
الذي اذا دعي به أجاب وهو ياذا الجلال والاكرام.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قال الذي عنده علم من الكتاب} قال : كان
رجلا من بني اسرائيل يعلم اسم الله الاعظم
اذا دعي به أجاب.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قبل أن يرتد إليك طرفك} قال :
ادامة النظر حتى يرتد اليك الطرف خاسئا.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : في قراءة ابن مسعود
(قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن
يرتد إليك طرفك) قال : فتكلم ذلك العالم بكلام دخل العرش في نفق تحت الأرض
حتى خرج إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في
قوله {قبل أن يرتد إليك طرفك} قال : قال لسليمان : انظر إلى السماء قال :
فما اطرق حتى جاءه به فوضعه بين يديه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس ، مثله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الزهري قال : دعاء الذي عنده من الكتاب ، يا
الهنا واله كل شيء الها واحدا لا اله إلا أنت : ائتني بعرشها ، قال : فمثل
له بين يديه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن ابن
عباس قال : لم يجر عرش صاحبة سبأ بين الأرض والسماء ولكن انشقت به الأرض
فجرى تحت الأرض حتى ظهر بين يدي سليمان.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن سابط قال : دعا باسمه الاعظم فدخل السرير
فصار له نفق في الأرض حتى نبع بين يدي سليمان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : دعا باسم من أسماء الله ، فاذا عرشها
يحمل بين عينيه ، ولا يدري ذلك الاسم ، قد خفي ذلك الاسم على سليمان وقد أعظم ما أعطى.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به
قبل أن يرتد إليك طرفك} قال : كان رجلا من بني اسرائيل يعلم اسم الله
الاعظم الذي اذا دعي به أجاب واذا سئل له أعطي ، وارتداد الطرف
أن يرى ببصره حيث بلغ ثم يرد طرفه ، فدعاه فلما رآه مستقرا عنده جزع وقال : رجل غيري أقدر على ما عند الله مني.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {هذا من فضل ربي ليبلوني
أأشكر} اذا أتيت بالعرش {أم أكفر} اذا رأيت من هو أدنى مني في الدنيا أعلم
مني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قال نكروا
لها عرشها} قال : زيد فيه ونقص {ننظر أتهتدي} قال : لننظر إلى عقلها ،
فوجدت ثابتة العقل.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد
، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قال
نكروا لها عرشها} قال : تنكيره أن يجعل أسفله أعلاه ومقدمه مؤخره ويزاد
فيه أو ينقص منه فلما جاءت {قيل أهكذا عرشك}
قالت {كأنه هو} شبهته به وكانت قد تركته خلفها فوجدته أمامها.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي قال : لما دخلت وقد غير عرشها ، فجعل كل شيء من
حليته أو فرشه في غير موضعه ليلبسوا عليها قيل {أهكذا عرشك} فرهبت أن تقول
نعم هو ، فيقولون : ما هكذا كان حليته ولا كسوته ورهبت أن تقول ليس هو ،
فيقال لها : بل هو ولكنا غيرناه ، فقالت كأنه هو.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {وأوتينا العلم من قبلها} قال : سليمان يقوله : أوتينا معرفة الله وتوحيده.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأوتينا العلم من قبلها} قال :
سليمان يقوله ، وفي قوله {وصدها ما كانت تعبد من دون الله} قال : كفرها
بقضاء الله غير الوثن ان تهتدي
للحق ، في قوله {قيل لها ادخلي الصرح} بركة ماء ضرب عليها سليمان قوارير وكانت بلقيس عليها
شعر قدماها حافر كحافر الحمار وكانت أمها جنية.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح قال : كان الصرح من زجاج وجعل
فيه تماثيل السمك ، فلما رأته وقيل لها : أدخلي الصرح ، فكسفت عن ساقيها
وظنت أنه ماء قال : والممرد : الطويل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال
: كان قد نعت لها خلقها فأحب أن ينظر إلى ساقيها فقيل لها {ادخلي الصرح}
فلما رأته ظنت أنه ماء فكشفت عن ساقيها فنظر إلى ساقيها أنه عليهما شعر
كثير فوقعت من عينيه وكرهها فقالت له الشياطين : نحن نصنع لك شيئا يذهب به
، فصنعوا له نورة من أصداف فطلوها فذهب الشعر ونكحها سليمان عليه السلام.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله قالت {رب إني ظلمت نفسي} قال : ظنت أنه
ماء ، وان سليمان أراد قتلها فقالت : أراد قتلي - والله -
على ذلك
لاقتحمن فيه ، فلما رأته أنه قوارير عرفت أنها ظلمت سليمان بما ظنت ، فذلك
قولها {ظلمت نفسي} وانما كانت هذه المكيدة من سليمان عليه السلام لها ، ان
الجن تراجعوا فيما بينهم فقالوا : قد كنتم تصيبون من سليمان غرة فان نكح
هذه المرأة اجتمعت فطنة الوحي والجن فلن تصيبوا له غرة ، فقدموا إليه
فقالوا : ان النصيحة لك علينا حق انما قدماها حافر حمار ، فذلك حين ألبس
البركة قوارير وأرسل إلى نساء من نساء بني اسرائيل ينظرنها اذا كشفت عن
ساقيها ، ما قدماها فاذا هي أحسن الناس ساقا من ساق شعراء واذا قدماها هما
قدم انسان فبشرن سليمان ، وكره الشعر فأمر الجن فجعلت النورة ، فذلك أو ما
كانت النورة.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان سليمان بن داود عليه السلام اذا
أراد سفرا قعد على سريره ووضعت الكراسي يمينا وشمالا فيؤذن للأنس عليه ثم
أذن للجن عليه بعد الانس ثم أذن للشياطين بعد الجن ثم أرسل إلى الطير
فتظلهم وأمر الريح فحملتهم وهو على سريره والناس على الكراسي والطير تظلهم
والريح تسير بهم ، غدوها شهر ورواحها شهر رخاء حيث أراد ، ليس بالعاصف ولا
باللين وسطا بين ذلك.
وكان سليمان يختار من كل طير طيرا فيجعله رأس تلك الطير ، فاذا أراد ان يسائل تلك الطير عن شيء سأل رأسها.
فبينما سليمان يسير اذ نزل مفازة فقال : كم بعد الماء ههنا فسأل الانس فقالوا : لا ندري فسأل الشياطين فقالوا : لا ندري فغضب سليمان وقال : لا أبرح حتى أعلم كم بعد مسافة الماء ههنا فقالت له الشياطين : يا رسول الله لا تغضب فان يك شيء يعلم فالهدهد يعلمه ، فقال سليمان : علي بالهدهد ، فلم يوجد فغضب سليمان وقال {لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} يقول : بعذر مبين غيبة عن مسيري هذا ، قال : ومر الهدهد على قصر بلقيس فرأى لها بستانا خلف قصرها فمال إلى الخضرة فوقع فيه فاذا هو بهدهد في البستان فقال له : هدهد سليمان أين أنت عن سليمان وما تصنع ههنا فقال له هدهد بلقيس : ومن سليمان فقال : بعث الله رجلا يقال له : سليمان رسولا وسخر له الجن والانس والريح والطير ، فقال له هدهد بلقيس : أي شيء تقول قال : أقول لك ما تسمع ، قال : ان هذا لعجب وأعجب من ذلك ان كثرة هؤلاء القوم تملكهم أمرأة {وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم} جعلوا الشكر لله : أن يسجدوا للشمس من دون الله ، قال : وذكر لهدهد سليمان فنهض عنه فلما انتهى إلى العسكر تلقته الطير فقالوا : تواعدك رسول الله وأخبروه بما قال ، وكان عذاب سليمان للطير أن ينتفه ثم يشمسه فلا يطير أبدا ويصير مع هوام الأرض أو يذبحه فلا يكون له نسل أبدا ، قال الهدهد : وما استثنى نبي الله
قالوا
: بلى ، قال : أو ليأتيني بعذر مبين ، فلما أتى سليمان قال : وما غيبتك عن
مسيري قال {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين إني وجدت امرأة
تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم} قال : بل اعتللت {سننظر أصدقت أم
كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم} وكتب (بسم الله الرحمن
الرحيم) إلى بلقيس {ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين} فلما ألقى الهدهد الكتاب
إليها ألقى في روعها أنه كتاب كريم وانه من سليمان و{ألا تعلوا علي وأتوني
مسلمين} ، قالوا نحن أولوا قوة {قالت} ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها ،
واني مرسلة إليهم
بهدية فلما جاءت الهدية سليمان قال : أتمدونني بمال
ارجع إليهم ، فلما رجع إليها رسلها خرجت فزعة فأقبل معها ألف قيل مع كل
قيل مائة ألف ، قال : وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو
الذي يسأل عنه ، فخرج يومئذ فجلس على سريره فرأى رهجا قريبا منه قال : ما
هذا قالوا : بلقيس يا رسول الله قال : وقد نزلت منا بهذا المكان قال ابن
عباس : وكان بين سليمان وبين ملكة سبأ ومن معها حين نظر إلى الغبار كما
بين الكوفة والحيرة قال : فأقبل على جنوده فقال : أيكم يأتيني بعرشها قبل
أن يأتوني مسلمين قال : وبين سليمان وبين عرشها حين نظر إلى الغبار مسيرة
شهرين {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} ، قال : وكان
لسليمان مجلس فيه للناس كما تجلس الامراء ثم يقوم
قال سليمان : أريد اعجل من ذلك ، قال الذي عنده علم من الكتاب : أنا انظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ، فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه رد سليمان بصره فنبع عرشها من تحت قدم سليمان ، من تحت كرسي كان يضع عليه رجله ثم يصعد إلى السرير فلما رأى سليمان عرشها مستقرا عنده {قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر} اذ أتاني به قبل أن يرتد الي طرفي {أم أكفر} اذ جعل من هو تحت يدي أقدر على المجيء مني ثم {قال نكروا لها عرشها} ، فلما جاءت تقدمت إلى سليمان {قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو} ثم قالت : يا سليمان اني أريد ان اسألك عن شيء فأخبرني به قال : سلي ، قالت : أخبرني عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء ، قال : وكان اذا جاء سليمان شيء لا يعلمه يسأل الأنس عنه فان كان عند الأنس منه علم ، والا سأل الجن فان لم يكن عند الجن علم سأل الشياطين فقالت له الشياطين : ما أهون هذا يا رسول الله مر بالخيل فتجري ثم لتملأ الآنية من عرقها فقال لها سليمان : عرق الخيل قالت : صدقت قالت : فأخبرني عن لون الرب قال ابن عباس : فوثب سليمان عن سريره فخر ساجدا فقامت عنه وتفرقت عنه
جنوده وجاءه الرسول فقال : يا سليمان يقول
لك
ربك ما شأنك قال : يا رب أنت اعلم بما قالت قال : فان الله يأمرك أن تعود
إلى سريرك فتقعد عليه وترسل إليها والى من حضرها من جنودها وترسل إلى جميع
جنودك الذين حضروك فيدخلوا عليك فتسألها وتسألهم عما سألتك عنه قال : ففعل
سليمان ذلك ، فلما دخلوا عليه جميعا قال لها : عم سألتيني قالت : سألتك عن
ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء قال : قلت لك عرق الخيل قالت : صدقت ،
قال : وعن أي شيء سألتيني قالت : ما سألتك عن شيء إلا عن هذا قال لها
سليمان : فلأي شيء خررت عن سريري قالت : كان ذلك لشيء لا أدري ما هو ،
فسأل جنودها فقالوا : مثل قولها ، فسأل جنوده من الأنس والجن والطير وكل
شيء كان حضره من جنوده فقالوا : ما سألتك يا رسول الله عن شيء إلا عن ماء
رواء قال : وقد كان ، قال له الرسول : يقول الله لك : ارجع ثمة إلى مكانك
فاني قد كفيتكم فقال سليمان للشياطين : ابنو لي صرحا تدخل علي فيه بلقيس
فرجع الشياطين بعضهم إلى بعض فقالوا لسليمان : يا رسول الله قد سخر الله
لك ما سخر وبلقيس ملكة سبأ ينكحها فتلد له غلاما فلا ننفك له من العبودية
أبدا قال : وكانت امرأة شعراء الساقين فقالت الشياطين : ابنو له بنيانا
كأنه الماء يرى ذلك منها
فلا يتزوجها فبنوا له صرحا من قوارير
فجعلوا له طوابيق من قوارير وجعلوا من باطن الطوابيق كل شيء يكون من
الدواب في البحر ، من السمك وغيره ثم اطبقوه ثم قالوا لسليمان : ادخل
الصرح ، فألقي كرسيا في أقصى الصرح ، فلما دخله أتى الكرسي فصعد عليه ثم
قال : أدخلوا علي بلقيس فقيل لها ادخلي الصرح فلما ذهبت فرأت صورة السمك
وما يكون في الماء من الدواب {حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} لتدخل ، وكان
شعر ساقها ملتويا على ساقيها ، فلما رآه سليمان ناداها وصرف وجهه عنها
{إنه صرح ممرد من قوارير} فألقت ثوبها وقالت {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع
سليمان لله رب العالمين} ، فدعا سليمان الانس فقال : ما أقبح هذا ما يذهب
هذا قالوا : يا رسول الله الموسى ، فقال : الموسى تقطع ساقي المرأة ثم دعا
الشياطين فقال مثل ذلك فتلكؤا عليه ثم جعلوا له النورة قال ابن عباس :
فانه لاول يوم رؤيت فيه النورة
قال : واستنكحها سليمان عليه السلام ، قال ابن أبي حاتم : قال أبو بكر ابن أبي شيبه : ما أحسنه من حديث
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال : كان سليمان عليه السلام اذا أراد أن يسير وضع كرسيه فيأتي من أراد من الانس والجن ثم يأمر الريح فتحملهم ثم يأمر الطير فتظلهم ، فبينا هو يسير اذ عطشوا فقال : ما ترون بعد الماء قالوا : لا ندري ، فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا} وكان عذابه اذا عذب الطير نتفه ثم يجففه في الشمس {أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} يعني بعذر بين ، فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له : قد أوعدك سليمان فقال لهم : هل استثنى فقالوا له : نعم ، قد قال : إلا أن يجيء بعذر بين ، فجاء بخبر صاحبة سبأ فكتب معه إليها (بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين) فأقبلت بلقيس فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} فقال سليمان : أريد أعجل من ذلك ، فقال الذي عنده علم من الكتاب {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} فأتى بالعرش في نفق في الأرض يعني سرب في الأرض قال سليمان : غيروه ، فلما جاءت {قيل أهكذا عرشك} فاستنكرت السرعة ورأت العرش {قالت كأنه هو} ، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته {لجة} ماء {وكشفت عن
ساقيها} فاذا هي
امرأة شعراء فقال سليمان : ما يذهب هذا فقال بعض الجن : أنا أذهبه ، وصنعت
له النورة ، وكان أول ما صنعت النورة وكان اسمها بلقيس.
وأخرج ابن
عساكر عن عكرمة قال : لما تزوج سليمان بلقيس قال : ما مستني حديدة قط فقال
للشياطين : أنظروا أي شيء يذهب بالشعر غير الحديد فوضعوا له النورة فكان
أول من وضعها شياطين سليمان.
وأخرج البخاري في تاريخه والعقيلي عن أبي موسى الاشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من صنعت له الحمامات سليمان.
وأخرج
الطبراني ، وَابن عدي في الكامل والبيهقي في الشعب عن أبي موسى الاشعري
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من دخل الحمام سليمان فلما
وجد حره أوه من عذاب الله.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد
قال : لما قدمت ملكة سبأ على سليمان رأت حطبا جزلا فقالت لغلام سليمان :
هل يعرف مولاك كم وزن هذا الدخان فقال : أنا أعلم فكيف مولاي قالت : فكم
وزنه فقال الغلام : يوزن الحطب ثم يحرق ثم يوزن الرماد فما نقص فهو دخانه.
وأخرج
البيهقي في الزهد عن الاوزاعي قال : كسر برج من أبراج تدمر فأصابوا فيه
امرأة حسناء دعجاء مدمجى كأن أعطافها طي الطوامير عليها عمامة طولها
ثمانون ذراعا مكتوب على طرف العمامة بالذهب (بسم الله الرحمن الرحيم) أنا
بلقيس ملكة سبأ زوجة سليمان بن داود ملكت الدنيا كافرة ومؤمنة ما لم يملكه
أحد قبلي ولا يملكه أحد بعدي صار مصيري إلى الموت فأقصروا يا طلاب الدنيا.
وأخرج ابن عساكر عن سلمة بن عبد الله بن ربعي قال : لما أسلمت بلقيس تزوجها سليمان وأمهرها باعلبك.
-
قوله تعالى : ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم
فريقا يختصمون * قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئه قبل الحسنه لولا تستغفرون
الله اعلكم ترحمون * قالوا إطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل
أنتم قوم تفتنون * وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون *
قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله
وإنا لصادقون * ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون * فانظركيف كان
عاقبة مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا
إن
في ذلك لآية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون * ولوطا إذ
قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون * أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون
النساء بل أنتم قوم تجهلون * فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل
لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من
الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين.
أخرج الفريابي ،
وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال : مؤمن وكافر
قولهم صالح مرسل من ربه ، وقولهم ليس بمرسل ، وفي قوله {لم تستعجلون
بالسيئة} قال : العذاب {قبل الحسنة} قال : الرحمة ، وفي قوله {قالوا
اطيرنا بك} قال : تشاءمنا ، وفي قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال : من
قوم صالح ، وفي قوله {تقاسموا بالله} قال : تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا
إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون}
قال : ان القوم بين مصدق ومكذب ، مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه
، في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال : قالوا : ما أصبنا من
شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك {قال طائركم عند الله} يقول : علم
أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال : تبتلون بطاعة الله ومعصيته !
{وكان
في المدينة تسعة رهط} قال : من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه
وأهله} قال : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال : ذكر لنا أنهم
بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة
فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرا} قال : مكرهم
الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرا} قال : مكر الله الذي مكر بهم : رماهم
بصخرة فأهمدتهم
{فانظر كيف كان} مكرهم قال : شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {طائركم} قال : مصائبكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال : كان أسماؤهم زعمي وزعيم وهرميوهريم
وداب وهواب ورياب وسيطع وقدار بن سالف عاقر الناقة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال : وهم
الذين عقروا الناقة وقالوا حين عقروها تبيتن صالحا وأهله فنقتلهم ثم نقول
لاولياء صالح ما شهدنا من هذا شيئا ومالنا به علم فدمرهم الله أجمعين.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عطاء بن أبي رياح {وكان في المدينة تسعة
رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} قال : كانوا يقرضون الدراهم ، والله أعلم.
- قوله تعالى : قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أ أما يشركون.
أخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وسلام على عباده الذين اصطفى آلله}
قال : هم أصحاب محم صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله لنبيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سفيان الثوري في قوله {وسلام على عباده الذين اصطفى} قال : نزلت في أصحاب محمد خاصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أنه كان اذا قرأ {آلله خير أما يشركون} قال : بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم.
-
قوله تعالى : أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به
حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون
* أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين
البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون.
أخرج الطستي عن ابن
عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {حدائق} قال :
البساتين ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول :
بلاد سقاها الله أما سهولها * فقضب ودر مغدق وحدائق.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {حدائق} قال : النخل الحسان {ذات بهجة} قال : ذات نضارة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {حدائق} قال : البساتين تخللها الحيطان {ذات بهجة} قال : ذات حسن.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حدائق ذات بهجة} قال البهجة
الفقاع ، يعني النوار مما يأكل الناس والانعام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أإله مع الله} أي ليس مع الله اله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {بل هم قوم يعدلون} قال : يشركون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {بل هم قوم يعدلون} الآلهة التي عبدوها عدلوها بالله ، ليس لله عدل ولا ند ولا اتخذ صاحبة ولا ولدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وجعل لها رواسي} قال : رواسيها : جبالها {وجعل بين البحرين حاجزا} قال : حاجزا من الله لا يبغي
أحدهما على صاحبه.
-
قوله تعالى : أمن يجيب الضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض
أإله مع الله قليلا ما تذكرون * أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل
الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون * أمن يبدؤ
الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا
برهانكم إن كنتم صادقين.
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني عن رجل من
بلجهم قال : قلت يا رسول الله الام تدعو قال أدعو إلى الله وحده الذي ان
نزل بك ضر فدعوته كشف عنك والذي ان ضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك والذي ان
أصابك سنة فدعوته أنزل لك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ويكشف السوء} قال : الضر.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن سحيم بن نوفل قال : بينما نحن عند عبد الله اذ جاءت وليدة
إلى سيدها فقالت : ما يحبسك وقد لفع فلان مهرك بعينه فتركه يدور في الدار
كأنه في فلك قم فابتغ راقيا فقال عبد الله : لا تبتغ راقيا وانفث في منخره
الايمن أربعا وفي الايسر ثلاثا وقل : لا بأس اذهب البأس رب الناس ، اشف
أنت الشافي لا يكشف الضر إلا أنت قال : فذهب ثم رجع إلينا فقال : فعلت ما
أمرتني فما جئت حتى راث وبال وأكل.
وأخرج الطبراني عن سعد بن
جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة فهو في
النار على وجهه ، لان الله تعالى يقول {أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف
السوء ويجعلكم خلفاء الأرض} فالخلافة من الله عز وجل فان كان خيرا فهو
يذهب به وان كان شرا فهو يؤخذ به عليك أنت بالطاعة فيما أمر الله تعالى به.
وأخرج
البغوي في معجمه عن اياد بن لقيط قال : قال جعدة بن هبيرة لجلسائه : اني
قد علمت ما لم تعلموا وأدركت ما لم تدركوا أنه سيجيء بعد هذا
- يعني
معاوية - أمراء ليس من رجاله ولا من ضربائه وليس فيهم أصغر أو أبتر حتى
تقوم الساعة ، هذا السلطان سلطان الله جعله وليس أنتم تجعلونه ، إلا وان
للراعي على الرعية حقا وللرعية على الراعي حقا فادوا إليهم حقهم فان
ظلموكم فكلوهم إلى الله فانكم وإياهم تختصمون يوم القيامة وان الخصم
لصاحبه الذي أدى إليه الحق الذي عليه في الدنيا ، ثم قرأ {فلنسألن الذين
أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} الأعراف الآية 6 حتى بلغ {والوزن يومئذ
الحق} الأعراف الآية 8 هكذا قرأ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة !
{ويجعلكم خلفاء الأرض} قال خلفا بعد خلف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ويجعلكم خلفاء الأرض} قال : خلفا لمن قبلكم من الامم.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن جَرِير عن ابن جريج {أم من يهديكم في ظلمات البر} قال
: ضلال الطريق {والبحر} قال : ضلالة طرقه وموجه وما يكون فيه.
- قوله تعالى : قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون إيان يبعثون.
أخرج
الطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي
والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ،
وَابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن مسروق قال : كنت متكئا عند
عائشة فقالت عائشة : ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية ،
قلت : وما هن قالت : من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية
قال : وكنت متكئا فجلست فقلت : يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجلي علي ألم
يقل الله {ولقد رآه بالأفق المبين} ، {ولقد رآه نزلة أخرى} النجم الآية 13
فقالت : أنا أول هذه الامة سأل عن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
جبريل : لم أره على صورته
التي خلق عليها غير هاتين السرتين ، رأيته منهبطا من السماء ، ساد أعظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض قالت :
أو
لم تسمع الله عز وجل يقول {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف
الخبير} الانعام الآية 103 أو لم تسمع الله يقول {وما كان لبشر أن يكلمه
الله إلا وحيا} الشورى الآية 51 إلى قوله {علي حكيم} ، ومن زعم أن محمدا
كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله جل ذكره يقول {يا
أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} إلى قوله {والله يعصمك من الناس}
المائدة الآية 67 قالت : ومن زعم أنه يخبر الناس بما يكون في غد فقد أعظم
على الله الفرية والله تعالى يقول {قل لا يعلم من في السماوات والأرض
الغيب إلا الله}.
- قوله تعالى : بل ادارك علمهم في الآخره بل هم في شك
منها بل هم منها عمون * وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا
لمخرجون * لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين *
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين * ولا تحزن عليهم ولا
تكن في ضيق مما يمكرون * ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * قل عسى
أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون * وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن
أكثرهم لا يشكرون * وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون * وما من
غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {بل ادارك علمهم في الآخرة} قال : حين لم ينفع العلم.
وأخرج
أبن عبيد في فضائله وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ {بل ادارك علمهم في الآخرة} قال : لم
يدرك علمهم قال أبو عبيد : يعني أنه قرأها بالاستفهام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {بل ادارك علمهم في الآخرة} يقول : غاب علمهم.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر عن مجاهد في قوله {بل ادارك علمهم في الآخرة} قال : ام ادرك علمهم
{أم هم قوم طاغون} الذاريات الآية 53 {بل هم قوم طاغون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {بل ادارك علمهم} مثقلة مكسورة اللام على معنى تدارك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {بل ادارك علمهم في الآخرة} قال : تتابع علمهم في الآخرة بسفههم وجهلهم {بل هم منها
عمون} قال : عموا عن الآخرة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرأ (بل ادرك علمهم في الآخرة) قال :
اضمحل علمهم في الدنيا حين عاينوا الآخرة ، وفي قوله {فانظروا كيف كان
عاقبة المجرمين} قال : كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والامم
التي عذب الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {عسى أن يكون ردف لكم} قال : اقترب لكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {عسى أن يكون ردف لكم} قال : اقترب منكم.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {عسى أن يكون ردف لكم} قال : عجل لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {ردف لكم} قال : أزف لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {ردف لكم بعض الذي تستعجلون}
قال : من العذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون} قال : يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ليعلم ما تكن صدورهم} قال : السر.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وما من غائبة في السماء والأرض
إلا في كتاب} يقول : ما من شيء في السماء والأرض سرا وعلانية إلا يعلمه.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مجاهد {وما من غائبة} يقول : ما من قولي ولا عملي في
السماء والأرض إلا وهو عنده {في كتاب} في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الله
السموات والأرض.
- قوله تعالى : إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل
أكثر الذي هم فيه يختلفون * وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين * إن ربك يقضي بينهم
بحكمه وهو العزيز العليم * فتوكل على الله إنك على الحق المبين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن
هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} يعني اليهود والنصارى {أكثر الذي هم فيه يختلفون} يقول : هذا القرآن يبين لهم الذي اختلفوا فيه.
وأخرج
الترمذي ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه
وسلم : ان امتك ستفتتن من بعدك ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو
سئل ما المخرج منها فقال كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين
يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد من ابتغى العلم في غيره أضله الله
ومن ولي هذا الامر فحكم به عصمة الله وهو الذكر الحكيم والنور المبين
والصراط المستقيم فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل
ليس بالهزل.
- قوله تعالى : إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء
إذا ولو مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن
بآياتنا فهم مسلمون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة في قوله {إنك لا تسمع الموتى} قال : هذا مثل ضربه الله
للكافر كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع
الكافر ولا ينتفع به {ولا تسمع
الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} يقول : لو أن أصم ولى مدبرا ثم ناديته لم
يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يستمع ، والله أعلم.
- قوله تعالى : وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون.
أخرج
ابن مبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ونعيم بن حماد
في الفتن ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الامر بالمعروف ،
وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عمر في قوله
{وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} قال : اذا لم
يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم
دابة من الأرض تكلمهم} قال : ذاك حين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر.
وأخرج
ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
قول الله {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} قال اذا
تركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجب السخط عليهم.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وإذا وقع القول عليهم} قال : اذا وجب
القول عليهم {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} قال : وهي في بعض القراءة
تحدثهم تقول لهم {أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن حفصة بنت سيرين قالت :
سألت
أبا العالية عن قوله {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض
تكلمهم} ما وقوع القول عليهم فقال : {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك
إلا من قد آمن} هود الآية 36 قالت : فكأنما كشف عن وجهي شيئا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى
الناس مكانه وأكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع ، قيل : وكيف يرفع ما في
صدور
الرجال قال : يسري عليهم ليلا فيصبحون منه قفرا وينسون قول لا اله إلا
الله ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم ، فذلك حين يقع القول عليهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {وقع القول عليهم} قال : حق عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {دابة من الأرض تكلمهم} قال : تحدثهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {تكلمهم} قال : كلامها
تنبئهم {أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي داود ونفيع الاعمى
قال : سألت ابن عباس عن قوله {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} أو تكلمهم
قال : كل ذلك والله يفعل تكلم المؤمن وتكلم الكافر ، تجرحه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {دابة من الأرض تكلمهم} مشددة من الكلام {إن الناس} بنصب الالف.
وأخرج
نعيم بن حماد ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم اذا كان الوعد الذي قال الله {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم}
قال : ليس ذلك حديثا ولا كلاما ولكنه سمة تسم من أمرها الله به ، فيكون
خروجها من الصفا ليلة منى فيصبحون بين رأسها وذنبها لا يدحض داحض ولا يخرج
خارج حتى اذا فرغت مما أمرها الله فهلك من هلك ونجا من نجا كان أول خطوة
تضعها بانطاكية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمر وقال الدابة زغباء
ذات وبر وريش.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال الدابة ذات وبر وريش مؤلفة فيها من كل لون لها أربع قوائم تخرج بعقب من الحاج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي قال : ان دابة الأرض ذات وبر تناغي السماء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن :
أن
موسى عليه السلام سأل ربه أن يريه الدابة ، فخرجت ثلاثة أيام ولياليهن
تذهب في السماء لا يرى واحد من طرفها قال : فرأى منظرا فظيعا فقال : رب
ردها ، فردها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال
: لا تقوم الساعة حتى يجتمع أهل بيت على الاناء الواحد فيعرفون مؤمنيهم من
كفارهم ، قالوا : كيف ذاك قال : ان الدابة تخرج وهي ذامة للناس تمسح كل
انسان على مسجده ، فاما المؤمن فتكون نكتة بيضاء ، فتفشوا في وجهه حتى
يبيض لها وجهه وأما الكافر فتكون نكتة سوداء فتفشو في وجهه حتى يسود لها
وجهه ، حتى أنهم ليتبايعون في أسواقهم فيقولون : كيف تبيع هذا يا مؤمن
وكيف تبيع هذا يا كافر فما يرد بعضهم على بعض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : تخرج الدابة باجياد مما يلي الصفا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد من طريق سماك عن إبراهيم قال : تخرج الدابة من مكة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمرو قال : تخرج الدابة فيفزع الناس إلى
الصلاة فتأتي الرجل وهو يصلي فتقول : طول ما شئت أن تطول فو الله لاخطمنك.
وأخرج
ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تخرج
الدابة يوم تخرج وهي ذات عصب وريش تكلم الناس فتنقط في وجه المؤمن نقطة
بيضاء فيبيض وجهه وتنقط في وجه الكافر نقطة سوداء فيسود وجهه فيتبايعون في
الاسواق بعد ذلك ، بم تبيع هذا يا مؤمن وبم تبيع هذا يا كافر ثم يخرج
الدجال وهو أعور على عينه ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن
وكافر.
وأخرج أحمد وسمويه ، وَابن مردويه عن أبي أمامة عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ثم
يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل الدابة فيقال : ممن اشتريت فيقال : من الرجل
المخطم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج دابة
الأرض
ولها ثلاث خرجات ، فأول خرجة منها بأرض البادية ، والثانية في أعظم
المساجد وأشرفها وأكرمها ولها عنق مشرف يراها من بالمشرق كما يراها من
بالمغرب ولها وجه كوجه انسان ومنقار كمنقار الطير ذات وبر وزغب معها عصا
موسى وخاتم سليمان بن داود تنادي بأعلى صوتها : {أن الناس كانوا بآياتنا
لا يوقنون} ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل : يا رسول الله وما
بعد قال : هنات وهنات ثم خصب وريف حتى الساعة.
وأخرج ابن مردويه عن
حذيفة بن أسيد أراه رفعه قال تخرج الدابة من أعظم المساجد حرمة فبينما هم
قعود بربو الأرض فبينما هم كذلك اذ تصدعت قال ابن عيينة : تخرج حين يسري
الامام من جمع ، وانما جعل سابق بالحاج ليخبر الناس ان الدابة لم تخرج.
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عمر أنه قال : ألا أريكم المكان الذي قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان دابة الأرض تخرج منه ، فضرب بعصاه قبل الشق الذي في
الصفا.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ان بين يدي الساعة الدجال والدابة ويأجوج ومأجوج والدخان وطلوع
الشمس من مغربها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : الدابة تخرج من أجياد.
وأخرج
ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
الدابة فقال حذيفة : يا رسول الله من أين تخرج قال من أعظم المساجد حرمة
على الله بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون اذ تضطرب الأرض من تحتهم
تحرك القنديل وتشق الصفا مما يلي المسعى وتخرج الدابة من الصفا أول ما
يبدو رأسها ملمعة ذات وبر وريش لن يدركها طالب ولن يفوتها هارب تسم الناس
مؤمن وكافر أما المؤمن فيرى وجهه كأنه كوكب دري وتكتب بين عينيه مؤمن.
وَأَمَّا الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء كافر.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن
عمرو أنه قال وهو يومئذ بمكة : لو شئت لأخذت سيتي هاتين ثم مشيت حتى أدخل
الوادي
التي تخرج منه دابة الأرض وانها تخرج وهي آية للناس تلقي المؤمن فتسمه في
وجهه واكية فيبيض لها وجهه وتسم الكافر واكية فيسود لها وجهه وهي دابة ذات
زغب وريش فتقول {أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}.
وأخرج سعيد بن
منصور ونعيم ابن حماد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في البعث عن ابن عباس : ان دابة الأرض تخرج من بعض أودية تهامة
ذات زغب وريش لها أربع قوائم فتنكت بين عيني المؤمن نكتة يبيض لها وجهه
وتنكت بين عيني الكافر نكتة يسود بها وجهه.
وأخرج أحمد والطيالسي وعبد بن حميد
والترمذي
وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان
فتجلوا وجه المؤمن بالخاتم وتخطم أنف الكافر بالعصا حتى يجتمع الناس على
الخوان يعرف المؤمن من الكافر.
وأخرج الطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن
مردويه والبيهقي في البعث عن حذيفة ابن أسيد الغفاري قال : ذكر رسول الله
صلى الله عليه وسلم الدابة فقال لها ثلاث خرجات من الدهر ، فتخرج خرجة
بأقصى اليمن فينشر ذكرها بالبادية في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية
- يعني مكة - ثم تكمن زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى دون تلك فيعلو ذكرها
في أهل البادية ويدخل ذكرها القرية - يعني مكة - قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها المسجد
الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام وتنفض عن رأسها التراب
فأرفض
الناس عنها شتى بقيت عصابة من المؤمنين ثم عرفوا أنهم لن
يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم جتى جعلتها كأنها الكوكب الدري وولت في
الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى ان الرجل ليتعوذ منها
بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان الآن تصلي ، فيقبل عليها فتسمه في
وجهه ثم ينطلق ويشترك الناس في الاموال ويصطحبون في الامصار يعرف المؤمن
من الكافر حتى ان المؤمن ليقول : يا كافر أقضني حقي وحتى ان الكافر ليقول
: يا مؤمن أقضني حقي.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة
قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم بئس الشعب جياد مرتين أو ثلاثا
قالوا : وبم ذاك يا رسول الله قال : تخرج منه الدابة فتصرخ ثلاث صرخات
فيسمعها من بين الخافقين.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم تخرج دابة الأرض من جياد
فيبلغ صدرها الركن ولم يخرج ذنبها بعد
قال : وهي دابة ذات وبر وقوائم.
وأخرج
البخاري في تاريخه ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه عن بريدة قال : ذهب بي
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية قريب من مكة فاذا أرض
يابسة حولها رمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج الدابة من هذا
الموضع فاذا شبر في شبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن النزال بن سبرة قال :
قيل لعلي بن أبي طالب : ان ناسا يزعمون أنك دابة الأرض فقال : والله ان
لدابة الأرض ريشا وزغبا ومالي ريش ولا زغب وان لها لحافر وما لي من حافر
وانها لتخرج حضر الفرس الجواد ثلاثا وما خرج ثلثاها.
وأخرج ابن أبي
شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : تخرج الدابة ليلة جمع والناس
يسيرون إلى منى فتحملهم بين نحرها وذنبها فلا يبقى منافق إلا خطمته وتمسح
المؤمن فيصبحون وهم بشر من الدجال.
وأخرج ابن أبي شيبة والخطيب في تالي
التلخيص عن ابن عمر قال : لتخرج الدابة من جبل جياد في أيام التشريق
والناس بمنى قال : فلذلك جاء سائق الحاج بخبر سلامة الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : ان الدابة فيها من كل لون ما بين
قرنيها فرسخ للراكب.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر
قال : تخرج الدابة من صدع في الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام لم يخرج ثلثها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : تخرج الدابة من تحت
صخرة بجياد تستقبل المشرق فتصرخ صرخة ثم تستقبل الشام فتصرخ صرخة منفذة ثم
تروح من مكة
فتصبح بعسفان قيل : ثم ماذا قال : لا أعلم.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس : الدابة مؤلفة ذات زغب وريش فيها من ألوان الدواب
كلها وفيها من كل أمة سيما ، وسيماها من هذه الامة انها تتكلم بلسان عربي
مبين تلكمهم بكلامها.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي الزبير
أنه وصف الدابة فقال : رأسها رأس ثور وعينها عين خنزير وأذنها أذن فيل
وقرنها قرن أيل وعنقها عنق نعامة وصدرها صدر أسد ولونها لون نمر وخاصرتها
خاصرة هرة وذنبها ذنب كبش وقوائمها قوائم بعير بين كل مفصلين منها اثنا
عشر ذراعا ، تخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان ولا يبقى مؤمن إلا نكتته في
مسجده بعصا موسى نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة حتى يبيض لها وجهه ولا يبقى
كافر إلا نكتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان فتفشو تلك النكتة حتى يسود
لها وجهه ، حتى ان الناس يتبايعون في الاسواق : بكم ذا يا مؤمن وبكم ذا يا
كافر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن صدقة بن مزيد قال : تجيء الدابة إلى الرجل وهو
قائم يصلي في المسجد فتكتب بين عينيه : كذاب.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : تخرج الدابة مرتين قبل يوم القيامة حتى يضرب
فيها رجال ثم تخرج الثالثة عند أعظم مساجدكم فتأتي القوم وهم مجتمعون عند
رجل فتقول : ما يجمعكم عند عدو الله فيبتدرون فتسم المؤمن حتى ان الرجلين
ليتبايعان فيقول هذا : خذ يا مؤمن ويقول هذا : خذ يا كافر.
وأخرج نعيم
بن حماد في الفتن عن عمرو بن العاص قال : تخرج الدابة من شعب بالاجياد
رأسها تمس به السحاب وما خرجت رجلها من الأرض تأتي الرجل وهو يصلي فتقول :
ما الصلاة من حاجتك ، ما هذا إلا تعوذ أو رياء فتخطمه.
وأخرج نعيم عن وهب بن منبه قال : أول الآيات الروم ثم الدجال والثالثة يأجوج ومأجوج والرابعة عيسى والخامسة الدخان والسادسة الدابة.
-
قوله تعالى : ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون * حتى
إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون *
ووقع القول
عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون * ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {ويوم نحشر من كل أمة فوجا} قال : زمرة ، وفي قوله {فهم يوزعون}
قال : يحبس أولهم على آخرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {يوزعون} قال : يسافون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ووقع القول} قال : وجب القول ، والقول الغضب وفي قوله {والنهار مبصرا} قال : منيرا والله أعلم.
- قوله تعالى : ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة في قوله {ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : هم الشهداء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عاصم انه قرأ {وكل أتوه
داخرين} ممدودة مرفوعة التاء على معنى فاعلوه.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود انه قرأ
{وكل أتوه داخرين} خفيفة بنصب التاء على معنى جاؤه ، يعني بلا مد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النمل {وكل أتوه داخرين} على معنى جاؤه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {داخرين} قال : صاغرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة ، مثله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الداخر : الصاغر الراهب لأن
المرء اذا فزع انما همته الهرب من الامر الذي فزع منه فلما
نفخ في الصور فزعوا فلم يكن لهم من الله منجا.
- قوله تعالى : وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون.
أخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وترى
الجبال تحسبها جامدة} قال : قائمة {صنع الله الذي أتقن كل شيء} قال : احكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وترى الجبال تحسبها جامدة} قال : ثابتة في أصولها لا تتحرك {وهي تمر مر السحاب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {صنع الله الذي أتقن كل شيء} يقول : أحسن كل شيء خلقه وأتقنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {صنع الله الذي أتقن كل شيء} قال : أحسن كل شيء.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {الذي أتقن
كل شيء} قال : أوثق كل شيء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {الذي أتقن كل شيء} قال : ألم تر إلى كل دابة كيف تبقى على نفسها.
-
قوله تعالى : من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن
جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون.
أَخْرَج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي هريرة عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم {من جاء بالحسنة فله خير منها} قال : هي لا إله إلا
الله {ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} قال : هي الشرك.
وأخرج
ابن مردويه ، عَن جَابر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الموجبتين قال {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن
جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} قال : من
لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقي الله يشرك به دخل النار.
وأخرج الحاكم في الكني عن صفوان بن عسال قال : قال رسول الله :
صلى
الله عليه وسلم اذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك يجثوان بين يدي
الرب فيقول الله للايمان : انطلق أنت وأهلك إلى الجنة ، ويقول للشرك :
انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {من جاء
بالحسنة فله خير منها} يعني : قول لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} يعني
: الشرك {فكبت وجوههم في النار}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأنس
بن مالك عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يجيء الاخلاص والشرك يوم
القيامة فيجثوان بين يدي الرب فيقول الرب للاخلاص : انطلق أنت وأهلك إلى
الجنة ثم يقول للشرك انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا هذه الآية {ومن جاء
بالسيئة} بالشرك {فكبت وجوههم في النار}.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن
مردويه والديلمي عن كعب بن عجرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله
الله {من جاء بالحسنة فله خير منها} يعني بها شهادة ان لا إله إلا الله
{ومن جاء بالسيئة} يعني بها الشرك يقال : هذه تنجي ، وهذه تردي.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الاسماء
والصفات والخارئطي في مكارم الاخلاق عن ابن مسعود {من جاء بالحسنة}
قال : لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} قال :
بالشرك.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الشعبي قال : كان حذيفة جالسا في حلقة
فقال : ما تقولون في هذه الآية {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع
يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} فقالوا : نعم يا حذيفة
من جاء بالحسنة ضعفت له عشرا أمثالها ، فأخذ كفا من حصى يضرب به الأرض
وقال : تبا لكم ، وكان حديدا وقال : من جاء بلا إله إلا الله وجبت له
الجنة ومن جاء بالشرك وجبت له النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس {من جاء بالحسنة} قال : بلا إله إلا
الله {فله خير منها} قال : منها وصل إلى الخير {ومن جاء بالسيئة} قال :
الشرك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {من جاء بالحسنة} قال : لا إله إلا الله {من جاء بالحسنة} قال : الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وابراهيم وأبي صالح وسعيد بن
جبير وعطاء وقتادة ومجاهد ، ومثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فله خير منها} قال : ثواب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {من جاء بالحسنة} قال شهادة ان لا إله إلا الله {فله خير منها} قال ج يعطي به الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ثمن الجنة لا إله إلا الله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن زرعة بن إبراهيم {من جاء بالحسنة} قال : لا إله إلا الله
{فله خير منها} قال : لا إله إلا الله خير ، ليس شيء أخير من لا إله إلا
الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {وهم من فزع يومئذ آمنون} ينون فزع وينصب يومئذ.
-
قوله تعالى : إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء
وأمرت أن أكون من المسلمين * وأن اتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه
ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين * وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها
وما ربك بغافل عما تعملون.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أن أعبد رب هذه البلدة} قال : مكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : زعم الناس انها مكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : هي منى.
وأخرج
أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هرون قال في حرف ابن مسعود / {وأن اتل القرآن
> / على الامر وفي حرف أبي بن كعب (واتل عليهم القرآن).
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {سيريكم آياته
فتعرفونها} قال : في أنفسكم وفي السماء وفي الأرض وفي الرزق.
وأخرج ابن
مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال :
ما كان في القرآن {وما الله بغافل عما تعملون} بالتاء وما كان {وما ربك
بغافل عما يعملون} بالياء.
*
بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة القصص.
مكية وآياتها ثمان وثمانون.
- مقدمة سورة القصص.
أَخرَج النحاس ، وَابن الضريس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت سورة القصص بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت سورة القصص بمكة.
وأخرج
أحمد والطبراني ، وَابن مردويه بسند جيد عن معدي كرب قال : أتينا عبد الله
بن مسعود فسألناه أن يقرأ علينا (طسم) المائتين فقال : ما هي معي ولكن
عليكم بمن أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرث فأتيت
خباب بن الأرث فقلت : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (طسم) أو
(طس) فقال : كل ، ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ.
- طسم *
تلك آيات الكتاب المبين * نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم
يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح
أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين.
أخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم عن السدي قال : كان من شأن فرعون انه رأى رؤيا في منامه : أن
نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اذا اشتملت على بيوت
مصر أحرقت القبط
وتركت بني اسرائيل فدعا السحرة والكهنة والعافة والزجرة ، وهم العافة
الذين يزجرون الطير فسألهم عن رؤياه فقالوا له : يخرج من هذا البلد الذي
جاء بنو اسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على وجهه هلاك مصر ،
فأمر بني اسرائيل ان لا يولد لهم ولد إلا ذبحوه ولا يولد لهم
جارية إلا
تركت وقال للقبط : انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فادخلوهم واجعلوا
بني اسرائيل يلون تلك الاعمال القذرة فجعلوا بني اسرائيل في أعمال غلمانهم
، فذلك حين يقول {إن فرعون علا في الأرض} يقول : تجبر في الأرض {وجعل
أهلها شيعا} يعني بني اسرائيل {يستضعف طائفة منهم} حين جعلهم في الاعمال
القذرة وجعل لا يولد لبني اسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر صغير ، وقذف
الله في مشيخة بني اسرائيل الموت فأسرع فيهم ، فدخل رؤوس القبط على فرعون
فكلموه فقالوا : ان هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت فيوشك ان يقع العمل على
غلماننا تذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار فيعينون الكبار فلو انك كنت تبقى من
أولادهم ، فأمر ان يذبحوا سنة ويتركوا سنة فلما كان في السنة التي لا
يذبحون
فيها ولد هرون عليه السلام ، فترك فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى عليه الصلاة والسلام فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجارا وجعلت له تابوتا وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته في اليم بين أحجار عند بيت فرعون فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فادخلنه إلى آسية وظنن ان فيه مالا ، فلما تحرك الغلام رأته آسية صبيا فلما نظرته آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته ، فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها وقال : اني أخاف ان يكون هذا من بني اسرائيل وان يكون هذا الذي على يديه هلاكنا ، فبينما هي ترقصه وتلعب به اذ ناولته فرعون وقالت : خذه {قرة عين لي ولك} القصص الآية 9 قال فرعون : هو قرة عين لك - قال عبد الله بن عباس : ولو قال هو قرة عين لي اذا لآمن به ولكنه ابى - فلما أخذه اليه أخذ موسى عليه السلام بلحيته فنتفها فقال فرعون : علي بالذباحين هو ذا ، قالت آسية : لا تقتله {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} القصص الآية 9 إنما هو
صبي لا يعقل وانما صنع هذا من صباه أنا أضع له حليا من الياقوت وأضع له جمرا فإن أخذ الياقوت فهو يعقل اذبحه وان أخذ الجمر فانما
هو
صبي فاخرجت له ياقوتا ووضعت له طستا من جمر فجاء جبريل عليه السلام فطرح
في يده جمرة فطرحها موسى عليه السلام في فيه فاحرقت لسانه فارادوا له
المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند
فرعون في الرضاع فأبى ان يأخذ ، فجاءت أخته فقالت : {هل أدلكم على أهل بيت
يكفلونه لكم وهم له ناصحون} فأخذوها فقالوا : انك قد عرفت هذا الغلام
فدلينا على أهله فقالت : ما أعرفه ولكن إنما هم للملك ناصحون ، فلما جاءته
أمه أخذ منها ، وكادت تقول : هو ابني ، فعصمها الله فذلك قوله {إن كادت
لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين} قال : قد كانت من
المؤمنين ولكن بقول : {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} قال السدي :
وانما سمى موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو الشجر سى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله !
{نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون} يقول : في هذا القرآن نبؤهم {إن فرعون علا في الأرض} أي بغى في الأرض {وجعل أهلها شيعا} أي فرقا.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وجعل أهلها شيعا} قال : فرق بينهم.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله {وجعل أهلها شيعا} قال : يتعبد طائفة ويقتل طائفة ويستحي طائفة ، أما
قوله تعالى {إنه كان من المفسدين}.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه قال : لقد ذكر لنا انه كان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال
الشفار ثم يصف بعضه إلى بعض ثم يؤتى بحبالى
من بني اسرائيل فيوقفن
عليه فيجز أقدامهن حتى ان المرأة منهم لتضع بولدها فيقع بين رجليها فتظل
تطؤه وتتقي به حد القصب عن رجليها لما بلغ من جهدها ، حتى أسرف في ذلك
وكان يفنيهم قيل له : أفنيت الناس وقطعت النسل وانما هم خولك وعمالك فتأمر
أن يقتلوا الغلمان وولد موسى عليه السلام في
السنة التي فيها يقتلون
وكان هرون عليه السلام أكبر منه بسنة فلما أراد بموسى عليه السلام ما أراد
واستنقاذ بني اسرائيل مما هم فيه من البلاء أوحى الله إلى أم موسى حين
تقارب ولادها {أن أرضعيه} القصص الآية 7.
- قوله تعالى : ونريد أن نمن
على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم
في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون.
أخرج ابن
أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله
عنه في قوله {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} قال : يوسف وولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله !
{ونريد
أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} قال : هم بنو اسرائيل {ونجعلهم أئمة}
أي هم ولاة الامر {ونجعلهم الوارثين} أي يرثون الأرض بعد فرعون وقومه
{ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} قال : ما كان القوم
حذروه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ونجعلهم الوارثين} قال : يرثون
الأرض بعد آل فرعون وفي قوله {ونري فرعون} الآية قال : كان حاز يحزي
لفرعون فقال : انه يولد في هذا العام غلام يذهب بملككم وكان فرعون {يذبح
أبناءهم ويستحيي نساءهم} حذرا لقول الحازي فذلك قوله {ونري فرعون وهامان
وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله
قال : قال عمر رضي الله عنه : اني استعملت عمالا لقول الله {ونريد أن نمن
على الذين استضعفوا في الأرض}.
- قوله تعالى : وأوحينا إلى أم موسى أن
أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولاتحزني إنا رادوه إليك
وجاعلوه من المرسلين * فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون
وهامان وجنودهما كانوا خاطئين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأوحينا إلى أم موسى} يقول : ألهمناها الذي صنعت بموسى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأوحينا إلى أم موسى} قال : قذف في نفسها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وأوحينا إلى أم موسى
أن أرضعيه} قال : وحي جاءها عن الله قذف في قلبها وليس بوحي نبوة {فإذا
خفت عليه فألقيه في اليم} قال : فجعلته في تابوت فقذفته في البحر.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال : ان الله أوحى إلى أم موسى
حين وضعت {أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم} فلما خافت عليه جعلته
في التابوت وجعلت المفتاح مع التابوت وطرحته في البحر وخرجت امرأة فرعون
إلى البحر وابنة لفرعون برصاء فرأوا سوادا في البحر فأخرج التابوت اليهم
فبدرت ابنة فرعون وهي برصاء إلى التابوت فوجدت موسى في التابوت وهو مولود
فأخذته فبرأت من برصها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : في قوله {فإذا خفت عليه} قال : ان يسمع جيرانك صوته.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} قال :
فجعلته في بستان فكانت تأتيه في كل يوم مره فترضعه وتأتيه في كل ليله
فترضعه فيكفيه ذلك {فإذا خفت عليه} قال : اذا بلغ أربعة أشهر وصاح وابتغى
من الرضاع أكثر من ذلك ، فذلك قوله فاذا خفت عليه فالقيه في اليم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولا تخافي}
قال : لا تخافي عليه البحر {ولا تحزني} يقول : ولا تحزني لفراقه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فالتقطه
آل فرعون ليكون لهم عدوا} قال : في دينهم {وحزنا} قال : لما يأتيهم به.
- قوله تعالى : وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون.
أخرج
ابن جرير عن محمد بن قيس قال : قالت : امرأة فرعون {قرة عين لي ولك لا
تقتلوه} قال فرعون : قرة عين لك ، أما لي فلا قال محمد بن قيس : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لو قال فرعون قرة عين لي ولك لكان لهما جميعا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {وقالت امرأة فرعون قرة
عين لي ولك} تعني بذلك : موسى عليه السلام {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا}
قال : ألقيت عليه رحمتها حين ابصرته {وهم لا يشعرون} ان هلاكهم على يديه
وفي زمانه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وهم لا يشعرون} قال : آل فرعون انه عدو لهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وهم لا يشعرون} قال : ما يصيبهم من عاقبة أمره.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في
الآية قال : لا يشعرون ان هلاكهم على يديه والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين.
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {وأصبح فؤاد أم موسى
فارغا} قال : من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلا من ذكر موسى.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال : خاليا من كل شيء غير ذكر موسى
عليه السلام وفي قوله {إن كادت لتبدي به} قال : تقول يا ابناه.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وأصبح
فؤاد أم موسى فارغا} قال : من كل شيء غير هم موسى عليه السلام.
وأخرج الفريابي عن عكرمة رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا}
قال : من كل شيء من أمر الدنيا والآخرة إلا من هم موسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال : من كل شيء إلا من ذكر موسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيث بن سمي أو عن أبي عبيدة في قوله {إن كادت لتبدي به} قال : لتقول : أنا أمه .
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة في قوله : (إن كادت لتبدي به) . أي لتنبى ء انه ابنها من
شدة وجدها {لولا أن ربطنا على قلبها} قال : ربط الله على قلبها بالايمان.
- قوله تعالى : وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون.
أخرج
الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقالت لأخته قصيه} أي اتبعي أثره
{فبصرت به عن جنب} قال : عن جانب.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله {وقالت لأخته قصيه} أي اتبعي أثره كيف يصنع به
{فبصرت به عن جنب} قال : عن بعد {وهم لا يشعرون} قال : آل فرعون انه عدو
لهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وقالت لأخته
قصيه} قال : قصي أثره !
{فبصرت به عن جنب} يقول : بصرت به وهي مجانبة لهم {وهم لا يشعرون} انها أخته قال : جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : اسم أخت موسى يواخيد وأمه يحانذ.
وأخرج
ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي رواد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لخديجة رضي الله عنها اما علمت ان الله قد زوجني معك في
الجنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون قالت : وقد فعل
الله ذلك يا رسول الله قال : نعم ، قالت : بالرفاه والبنين.
وأخرج
الطبراني ، وَابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما شعرت ان الله زوجني مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى
وامرأة فرعون فقلت : هنيئا لك يا رسول الله.
- قوله تعالى :
وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم
له ناصحون * فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق
ولكن أكثرهم لا يعلمون.
أخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وحرمنا عليه المراضع
من قبل} قال : لا يؤتى بمرضع فيقبلها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {وحرمنا عليه المراضع من قبل} قال : لا يقبل ثدي امرأة حتى يرجع إلى أمه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : حين قالت {هل
أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} قالوا : قد عرفتيه فقالت :
إنما أردت الملك هم للملك ناصحون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وحرمنا عليه المراضع}
قال : جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها وفي قوله {ولتعلم أن وعد الله
حق} قال : وعدها انه راده اليها وجاعله من المرسلين ففعل الله بها ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : كان فرعون يعطي أم
موسى على رضاع موسى كل يوم دينارا.
وأخرج
أبو داود في المراسيل عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يعني : يتقوون
على عدوهم ، مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها.
- قوله تعالى : ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ
والمحاملي في أماليه عن طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
{ولما بلغ أشده} قال : ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال : أربعين سنة.
وأخرج
ابن أبي الدنيا في كتاب المعمرين من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله {ولما بلغ أشده واستوى} قال : الاشد ما بين
الثماني عشرة إلى الثلاثين والاستواء ما بين الثلاثين والأربعين فاذا زاد
على الأربعين أخذ في النقصان.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولما بلغ
أشده} قال : ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال : أربعين سنة {آتيناه حكما
وعلما} قال : الحكم والفقه
والعقل والعلم قال : النبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قبيصة رضي الله عنه في الآية قال : يعني بالاستواء : خروج لحيته.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ولما
بلغ أشده} قال : ثلاثا وثلاثين سنة {واستوى} قال : أربعين سنة.
- قوله
تعالى : ودخل المدينه على حين غفله من أهلها فوجد فيها رجلان يقتتلان هذا
من شيعته وهذا من عدوه فاستغثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى
فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مبين.
أخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم عن السدي : ان فرعون ركب مركبا وليس عنده موسى فلما جاء موسى
عليه السلام قيل له : ان فرعون قد ركب ، فركب في أثره ، فأدركه المقيل
بأرض يقال لها منف فدخلها نصف النهار وقد تغلقت أسواقها وليس في طرقها أحد
، وهي التي يقول الله تعالى {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله {ودخل المدينة على حين غفلة} قال : نصف النهار.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله
عنه في قوله {ودخل المدينة على حين غفلة} قال : نصف النهار والناس قائلون.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة في الآية قال : دخلها عند القائلة بالظهيرة والناس نائمون ،
وذلك أغفل ما يكون الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حين غفلة} قال : ما بين المغرب والعشاء.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {على حين غفلة} قال : ما بين المغرب
والعشاء عن أناس وقال آخرون : نصف النهار وقال ابن عباس : أحدهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فوجد فيها رجلين
يقتتلان
هذا من شيعته} قال : اسرائيلي {وهذا من عدوه} قال : قبطي {فاستغاثه الذي
من شيعته} الاسرائيلي {على الذي من عدوه} القبطي {فوكزه موسى فقضى عليه}
قال : فمات قال : فكبر ذلك على موسى عليه الصلاة والسلام.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاستغاثه الذي من
شيعته} قال : من قومه من بني اسرائيل ، وكان فرعون من فارس من اصطخر
{فوكزه موسى} قال : بجمع كفه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله {فوكزه موسى} قال : بعصا ولم يتعمد قتله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الذي وكزه موسى كان خبازا لفرعون.
وأخرج
أحمد في الزهد عن وهب رضي الله عنه قال : قال الله عز وجل (بعزتي يا ابن
عمران لو أن هذه النفس التي وكزت فقتلت اعترفت لي ساعة من ليل أو نهار
باني
لها خالق أو رازق لاذقتك فيها طعم العذاب ، ولكني عفوت عنك في أمرها انها
لم تعترف لي ساعة من ليل أو نهار اني لها خالق أو رازق).
- قوله تعالى : قال رب ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم.
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إني ظلمت نفسي} قال : بلغني
أنه من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر ، فقتله ولم يؤمر.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قال رب إني
ظلمت نفسي} قال : عرف نبي الله عليه السلام من أين المخرج ، فاراد المخرج
فلم يلق ذنبه على ربه ، قال بعض الناس : أي من جهة المقدور.
- قوله تعالى : قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} قال : معينا للمجرمين.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} قال : ان
أعين بعدها ظالما على فجره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن عبيد الله بن الوليد الرصافي رضي الله عنه ، أنه سأل
عطاء بن أبي رباح عن أخ له كاتب ليس يلي من أمور
السلطان شيئا إلا
أنه يكتب لهم بقلم ما يدخل وما يخرج فان ترك قلمه صار عليه دين واحتجاج
وان أخذ به كان له فيه غنى قال : يكتب لمن قال : لخالد بن عبد الله القسري
قال : ألم تسمع إلى ما قال العبد الصالح {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا
للمجرمين} فلا يهتم بشيء وليرم بقلمه فان الله سيأتيه برزق.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن أبي حنظلية جابر بن حنظلة الكاتب الضبي قال : قال رجل لعامر :
يا أبا عمرو اني رجل كاتب أكتب ما يدخل وما يخرج آخذ ورقا استغني به أنا
وعيالي قال : فلعلك تكتب في دم يسفك قال : لا ، قال :
فلعلك تكتب في
مال يؤخذ قال : لا ، قال : فلعلك تكتب في دار تهدم قال : لا ، قال : أسمعت
بما قال موسى عليه الصلاة والسلام {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا
للمجرمين} قال : رضي الله عنه قال : صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما
العصر فسمعته يقول في ركوعه {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سلمة بن نبيط رضي الله عنه قال : بعث
عبد الرحمن ابن مسلم إلى الضحاك فقال : اذهب بعطاء أهل بخاري فاعطهم فقال
: اعفني فلم يزل يستعفيه حتى أعفاه فقال له بعض أصحابه : ما عليك أن تذهب
فتعطيهم وأنت لا ترزؤهم شيئا فقال : لا أحب أن أعين الظلمة على شيء من
أمرهم.
- قوله تعالى : فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره
بالأمس يستصرخه قال لع موسى إنك لغوي مبين * فلما أراد أن يبطش بالذي هو
عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا
أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأصبح في المدينة خائفا} قال : خائفا أن يؤخذ.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {يترقب} قال : يتلفت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {يترقب} قال : يتوحش.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فإذا الذي استنصره
بالأمس يستصرخه} قال : هو صاحب موسى الذي استنصره بالامس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال :
الذي استنصره : هو الذي استصرخه.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {فإذا
الذي استنصره بالأمس يستصرخه} قال : الاستصراخ : الاستغاثة ، قال :
والاستنصار والاستصراخ واحد {قال له موسى إنك لغوي مبين} فاقبل عليه موسى
عليه السلام فظن الرجل أنه يريد قتله فقال : يا موسى {أتريد أن تقتلني كما
قتلت نفسا بالأمس} قال : قبطي قريب منهما يسمعهما فافشى عليهما.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فلما أن أراد أن يبطش} قال : ظن الذي من
شيعته انما يريده فذلك قوله {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس} أنه
لم يظهر على قتله أحد غيره ، فسمع قوله {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا
بالأمس} عدوهما فأخبر عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي
قال : من قتل رجلين فهو جبار ثم تلا هذه الآية {أتريد أن تقتلني كما قتلت
نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : لا يكون الرجل جبارا حتى يقتل نفسين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني قال : آية الجبابرة القتل بغير حق ، والله أعلم.
-
قوله تعالى : وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون
بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين * فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني
من القوم الظالمين.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال : مؤمن آل فرعون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الذي قال لموسى {إن الملأ يأتمرون بك} شمعون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال : يعمل ليس بالسيد ، اسمه حزقيل.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : ذهب القبطي فافشى عليه : أن
موسى هو الذي قتل الرجل فطلبه فرعون وقال : خذوه فانه الذي
قتل صاحبنا وقال الذين يطلبونه : اطلبوه في ثنيات الطريق فان موسى غلام لا يهتدي للطريق ، وأخذ موسى عليه السلام في ثنيات الطريق وقد جاءه الرجل فأخبره {إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين} فلما أخذ في ثنيات الطريق جاءه ملك على فرس بيده عنزة فلما رآه موسى عليه السلام سجد له من الفرق ، فقال : لا تسجد لي ولكن اتبعني فتبعه وهداه نحو مدين ، فانطلق الملك حتى انتهى به إلى المدين فلما أتى الشيخ وقص عليه القصص {قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين} القصص الآية 25 فأمر احدى ابنتيه أن تأتيه بعصا ، وكانت تلك العصا عصا استودعه إياها ملك في صورة رجل فدفعها إليه فدخلت الجاريه فأخذت العصا فأتته بها فلما رآها الشيخ قال لإبنته إئتيه بغيرها ، فالقتها وأخذت تريد غيرها فلا يقع في يدها إلا هي وجعل يرددها وكل ذلك لايخرج في يدها غيرها فلما رآى ذلك عهد إليه فأخرجها معه فرعى بها ثم إن الشيخ ندم وقال : كانت وديعة فخرج
يتلقى موسى عليه السلام فلما رآه قال :
اعطني العصا ، فقال موسى عليه السلام : هي عصاي فأبى أن يعطيه فاختصما
فرضيا أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما ، فاتاهما ملك يمشي فقضى بينهما
فقال : ضعوها في الأرض فمن حملها فهي له ، فعالجها الشيخ فلم يطقها وأخذها
موسى عليه السلام بيده فرفعها فتركها له الشيخ فرعى له عشر سنين.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في
قوله {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} قال : هو مؤمن آل فرعون جاء يسعى
وفي قوله {فخرج منها خائفا يترقب} قال : أن يأخذه الطلب.
- قوله تعالى : ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل.
أخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولما توجه تلقاء مدين} قال : عرضت لموسى
عليه السلام أربعة طرق فلم يدر أيتها يسلك فقال {عسى ربي أن يهديني سواء
السبيل} فأخذ طريق مدين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {تلقاء مدين} قال : مدين ماء كان عليه شعيب.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {عسى ربي أن
يهديني سواء السبيل} قال : قصد السبيل : الطريق إلى مدين.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل}
قال : الطريق المستقيم قال : فالتقى والله يومئذ خير أهل الأرض ، شعيب
وموسى بن عمران.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب بن علقمة رضي الله عنه قال
: ان موسى عليه السلام لما خرج هاربا من فرعون قال : رب أوصني قال أوصيك
أن لا تعدل بي شيئا أبدا إلا اخترتني عليه فاني لا أرحم ولا أزكى من لم
يكن كذلك قال : وبماذا يا رب قال : بأمك فانها حملتك وهنا على وهن قال :
ثم بماذا
يا رب قال : ان أوليتك شيئا من أمر عبادي فلا تعيهم اليك في حوائجهم فانك انما تعي روحي فاني مبصر ومسمع ومشهد.
-
قوله تعالى : ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من
دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا
شيخ كبير * فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير
فقير * فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما
سقيت لنا فلما جاءه قص عليه القصص قال
لا تخف نجوت من القوم الظالمين *
قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين * قال إني
أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا
فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إنشاء الله من الصالحين * قال ذلك
بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل.
أخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : خرج موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء
مدين وعليه أمة من الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما فسالهما ما
خطبكما {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} قال : فهل قربكما
ماء قالتا : لا ، إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال :
فانطلقا فاريانيها ، فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما
سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل
فقال
: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما
فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فاخبرتاه فقال لاحداهما : انطلقي فادعيه
فاتته فقالت : {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فمشيت بين يديه فقال
لها : امشي خلفي فاني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم
الله علي وارشديني الطريق ، {فلما جاءه وقص عليه القصص} ، قالت احداهما :
{يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال لها أبوها : ما رأيت
من قوته وأمانته فأخبرته بالأمر الذي كان قالت : أما قوته فانه قلب الحجر
وحده وكان لا يقلبه إلا النفر.
وَأَمَّا أمانته فانه قال : امشي خلفي
وارشديني الطريق لاني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام لا يحل لي منك ما
حرم الله تعالى ، قيل لابن عباس رضي الله عنهما ، أي الاجلين قضى موسى
عليه السلام قال : أبرهما وأوفاهما.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة
في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ان موسى عليه السلام لما ورد
ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر
ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين {قال ما خطبكما} فحدثتاه ،
فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم
يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم ، فرجعت+ المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل {فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} واضعه ثوبها على وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فقام معها موسى عليه السلام فقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك ، فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال : يا بنية ما علمك بأمانته وقوته قالت : أما قوته ، فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك ، فزاده ذلك رغبة فيه فقال {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} إلى قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام {ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} قال : نعم ، {قال الله على ما نقول وكيل} فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج اليه وزوجه صفورا
وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان.
وأخرج
أحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله {ولما ورد ماء مدين} قال : ورد الماء حيث ورد وانه لتتراءى
خضرة البقل من بطنه من الهزال.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج موسى عليه السلام من مصر إلى مدين
وبينه وبينها ثمان ليال ، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر وخرج اليها حافيا
فما وصل حتى وقع خف قدمه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {ولما ورد ماء مدين} قال : كان مسيره خمسة وثلاثين يوما.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أمة من الناس يسقون} قال : اناسا ،
وفي قوله {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : من طعام.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ووجد من دونهم امرأتين} قال : أسماؤهم ، ليا وصفورا ولهما أربع أخوات صغار يسقين
الغنم في الصحاف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {تذودان} قال : تحبسان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {تذودان} قال : تحبسان غنمهما حتى يفرغ الناس وتخلو لهما البئر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء} قال : تنتظران ان تسقيا من فضول ما في حياضهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {حتى يصدر الرعاء} برفع الياء وكسر الراء في الرعاء.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد قال
موسى عليه السلام {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} وهو أكرم خلقه عليه
ولقد افتقر إلى شق تمرة ولقد لصق بطنه بظهره من شدة الجوع.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني لما أنزلت
إلي من خير فقير} قال : سأل فلقا من الخبز يشد بها صلبه من الجوع.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما هرب موسى عليه السلام
من فرعون أصابه جوع كانت ترى أمعاؤه من ظاهر الثياب {فقال رب إني لما
أنزلت إلي من خير فقير}.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سقى موسى للجاريتين {ثم تولى إلى الظل
فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : انه يومئذ فقير إلى كف من
تمر.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي
حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إني لما أنزلت إلي من خير
فقير} قال : شبعه يومئذ.
وأخرج الفريابي وأحمد عن مجاهد قال : ما سأل إلا طعاما يأكله.
وأخرج الفريابي وأحمد عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} قال : ما كان معه رغيف ولا درهم.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن أبي
الهذيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله {تمشي على استحياء} قال :
جاءت مستترة بكم درعها على وجهها ، وأخرجه ابن المنذر عن ابن أبي الهذيل
موقوفا عليه.
وأخرج أحمد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه قال : أما والله لو كان عند نبي الله شيء ما تبع مذقتها ولكن حمله على ذلك الجهد.
وأخرج
ابن عساكر عن أبي حازم قال : لما دخل موسى عليه السلام على شعيب عليه
السلام اذا هو بالعشاء فقال له شعيب عليه السلام : كل ، قال موسى عليه
السلام : أعوذ بالله قال ولم ، ألست بجائع قال : بلى ، ولكن أخاف أن يكون
هذا عوضا لما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبتغي شيئا من عمل الآخرة بملء
الأرض ذهبا قال : لا والله ، ولكنها عادتي وعادة آبائي نقري الضيف ونطعم
الطعام ، فجلس موسى عليه السلام فأكل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس رضي الله عنه أنه بلغه : ان شعيبا عليه السلام هو الذي قص على موسى القصص.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : يقول ناس : انه
شعيب ، وليس بشعيب ولكن سيد الماء يومئذ.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي
عبيدة قال : كان صاحب موسى عليه السلام أثرون ابن أخي شعيب عليه السلام.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان اسم ختن موسى يثربي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذي استأجر موسى عليه
السلام يثرب صاحب مدين.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما : انه كان يكره الكنية بأبي مرة وكانت كنية فرعون وكانت صاحبة موسى صفيرا بنت يثرون.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {القوي} قال : قوته فتح لهما عن بئر
حجرا على فيها فسقى لهما {الأمين} قال : غض بصره عنهما حين سقى لهما.
وأخرج
الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال : لما قالت صاحبة موسى {يا أبت
استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} قال : وما رأيت من قوته قالت :
جاء إلى البئر وعليه صخرة لا يقلها كذا وكذا فرفعها قال : وما رأيت من
أمانته قالت : كنت أمشي أمامه فجعلني خلفه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن
جريج رضي الله عنه في قوله {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} قال :
بلغني أنه نكح الكبيرة التي دعته واسمها صفورا وأبوها ابن أخي شعيب واسمه
رعاويل ، وقد أخبرني من أصدق : ان اسمه في الكتاب يثرون كاهن مدين ،
والكاهن حبر.
وأخرج ابن المنذر عن نوف الشامي قال : ولدت المرأة لموسى عليه السلام غلاما فسماه جرثمة.
وأخرج
ابن ماجة والبزار ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن
مردويه عن عقبة بن المنذر السلمي رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقرأ {طس} حتى بلغ قصة موسى عليه السلام قال : ان موسى
أجر نفسه ثماني سنين أو عشرا على عفة فرجه وطعام بطنه فلما وفى الأجل قيل
: يارسول الله
أى الأجلين قضى موسى ؟ قال : أبرهما وأوفاهما فلما
أراد فراق شعيب أمر امرأته ان تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به
فأعطاها ما ولدت من غنمه قالب لون من ذلك العام وكانت غنمه سوداء حسناء
فانطلق موسى إلى عصاه فسماها من طرفها ثم وضعها في أدنى الحوض ثم أوردها
فسقاها ووقف موسى بازاء الحوض فلم يصدر منها شاة إلا ضرب جنبها شاة شاة
قال : فأنمت وأثلثت ووضعت كلها قوالب الوان ، إلا شاة أو شاتين ليس فيها
فشوش ولا ضبوب ولا غزور ولا ثفول ولا كمشة
تفوت الكف ، قال النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم : فلو افتتحتم الشام وجدتم بقايا تلك الغنم ، وهي
السامرية قال ابن لهيعة : الفشوش : التي تفش بلبنها واسعة الشخب والضبوب :
الطويلة الضرع مجترة والغزور : الضيقة الشخب والثفول : التي ليس لها ضرع
إلا كهيئة حلمتين والكمشة : الصغيرة الضرع لا يدركه الكف.
وأخرج
ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال : لما دعا موسى عليه السلام صاحبه إلى
الأجل الذي كان بينهما قال له صاحبه : كل شاة ولدت على لونها فلك لونها ،
فعمد فرفع خيالا على الماء فلما رأيت الخيال فزعت فجالت جولة فولدت كلهن
بلقاء إلا شاة واحدة ، فذهب بالوانهن ذلك العام.
وأخرج سعيد بن منصور ،
وَابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن المنذر ،
وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل أي الأجلين قضى
موسى فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما ، ان رسول الله اذا قال فعل.
وأخرج
البزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن
مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل
جبريل أي الاجلين قضى موسى قال : أتمهما وأكملهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يوسف بن سرح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي
الأجلين
قضى موسى فسأل جبريل فقال : لا علم لي ، فسأل جبريل ملكا فوقه فقال : لا
علم لي ، فسأل ذلك الملك ربه فقال الرب عز وجل أبرهما وأتقاهما وأزكاهما.
وأخرج
ابن مردويه من طريق علي بن عاصم عن أبي هريرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه : ان رجلا سأله أي الأجلين قضى موسى فقال : لا أدري حتى أسأل رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا أدري حتى أسأل جبريل فقال : لا أدري
حتى أسأل ميكائيل فسأل ميكائيل فقال : لا أدري حتى أسأل الرفيع فسأل
الرفيع فقال : لا أدري حتى أسأل اسرافيل فسأل اسرافيل فقال : لا أدري حتى
أسأل ذا العزة فنادى اسرافيل بصوته الأشد : يا ذا العزة أي الأجلين قضى
موسى قال : أتم الأجلين وأطيبهما عشر سنين قال علي بن عاصم : فكان أبو
هرون اذا حدث بهذا الحديث يقول : حدثني أبو سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم عن جبريل عن ميكائيل عن الرفيع عن اسرافيل عن ذي العزة
تبارك وتعالى
ان موسى قضى أتم الأجلين وأطيبه ، عشر سنين.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاجلين قضى موسى قال : أوفاهما.
وأخرج
ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي
جبريل : يا محمد ان سألك اليهود أي الاجلين قضى موسى فقل أوفاهما وان
سألوك أيهما تزوج فقل الصغرى منهما.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي ذر
رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذا سئلت أي
الاجلين قضى موسى فقل خيرهما وأبرهما واذا سئلت أي المرأتين تزوج فقل
الصغرى منهما ، وهي التي جاءت فقالت {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت
القوي الأمين} فقال : ما رأيت من قوته قالت : أخذ حجرا ثقيلا فالقاه على
البئر قال : وما الذي رأيت من أمانته قالت : قال لي امشي خلفي ولا تمشي
امامي.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاجلين قضى موسى قال : أبعدهما وأطيبهما.
وأخرج
البزار ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الاوسط ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن
أبي ذر رضي الله عنه ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل أي الاجلين قضى
موسى قال : أبرهما وأوفاهما ، قال : وان سئلت أي المرأتين تزوج فقل الصغرى
منهما.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة في المصنف ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي
الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاجلين قضى موسى قال :
سوف أسأل جبريل فسأله قال : سوف أسأل ميكائيل فسأله قال : سوف أسأل
اسرافيل فسأله فقال : سوف أسأل الرب فسأله فقال : أبرهما وأوفاهما.
وأخرج
ابن مردويه عن مقسم قال : لقيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
فقلت له : أي الاجلين قضى موسى ، الاول أو الآخر قال : الآخر.
وأخرج الفريابي عن مجاهد في قوله : (فلما قضى موسى الأجل) قال : عشر سنين ثم مكث بعد ذلك عشرا أخري ..
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {والله على ما نقول وكيل} قال : على قول موسى وختنه.
-
قوله تعالى : فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال
لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم
تصطلون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله {فلما قضى موسى الأجل} قال : عشر سنينثم مكث بعد ذلك
عشرا أخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي قال عبد الله بن عباس ،
لما قضى موسى الاجل سار بأهله فضل عن الطريق وكان في الشتاء ، ورفعت له
نار فلما رآها ظن انها نار وكانت من نور الله فقال لاهله {امكثوا إني آنست
نارا لعلي آتيكم منها بخبر} فان لم أجد خبرا آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون
من البرد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله (آنس) قال : أحس وفي قوله {إني آنست نارا} قال : أحسست.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لعلي آتيكم منها بخبر}
قال : لعلي أجد من يدلني على الطريق ، وكانوا قد ضلوا الطريق.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {جذوة} قال : شهاب.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {جذوة} قال : أصل شجرة.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه في قوله {جذوة} قال : أصل شجرة في طرفها نار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال الجذوة عود من حطب فيه النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (أو جذوة) بنصب الجيم.
وأخرج
أبو عبيد ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن أبي المليح قال : أتيت ميمون بن
مهران لا ودعه عند خروجي في تجارة فقال : لا تيأس ان تصيب في وجهك هذا في
أمر دينك أفضل مما ترجو أن تصيب في أمر دنياك فان صاحبة سبأ خرجت
وليس
شيء أحب اليها من ملكها فاخرجها الله إلى ما هو خير من ذلك فهداها إلى
الإسلام وان موسى عليه السلام خرج يريد ان يقتبس لأهله نارا فاخرجه الله
إلى ما هو خير من ذلك : كلمه الله تعالى.
وأخرج الخطيب عن عائشة رضي
الله عنها قالت : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فان موسى بن عمران
عليه السلام خرج يقتبس نارا فرجع بالنبوة.
- قوله تعالى : فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {نودي من شاطئ الوادي الأيمن} قال : كان النداء من السماء الدنيا.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله {من شاطئ الوادي الأيمن} قال : الايمن عن يمين موسى عليه
السلام عند الطور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح في الآية
قال : كان النداء من أيمن الشجرة ، والنداء من السماء ، وذلك في التقديم والتأخير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : نودي عن يمين الشجرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {من الشجرة} قال : أخبرت انها عوسجة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الكلبي {من الشجرة} قال : شجرة العوسج.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه قال : ذكرت لي الشجرة التي أوى اليها موسى عليه
السلام فسرت اليها يومي وليلتي حتى صبحتها فاذا هي سمرة خضراء ترف فصليت
على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاهوى اليها بعيري وهو جائع فاخذ منها
ملء فيه فلاكه فلم يستطع أن يسغه فلفظه فصليت على النَّبِيّ وسلمت ثم
انصرفت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نوف البكالي : ان موسى عليه السلام لما
نودي من شاطى ء الوادي الايمن قال : ومن أنت الذي تنادي قال : أنا ربك
الاعلى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الثقفي قال : أتى موسى
عليه السلام الشجرة ليلا وهي خضراء والنار تتردد فيها فذهب يتناول النار
فمالت عنه فذعر وفزع فنودي من شاطى ء الوادي الايمن قال : عن يمين الشجرة
فاستأنس بالصوت فقال : أين أنت ، أين أنت قيل : الصوت ، انا فوقك قال :
ربي قال : نعم.
- قوله تعالى : وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان
ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولاتخف إنك من الآمنين * أسلك يدك في
جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من
ربك إلى فرعون وملائه إنهم كانوا قوما فاسقين * قال رب إني قتلت منهم نفسا
فأخاف أن يقتلون * وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني
إني أخاف أن يكذبون * قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون
إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون * فلما جاءهم موسى بآياتنا
بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين *
وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه
لا يفلح الظالمون.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولى مدبرا} ، من الرهب قال : هذا من تقديم القرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واضمم إليك جناحك} قال : يدك.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واضمم إليك جناحك} قال : كفه تحت
عضده {من الرهب} قال : من الفرق {فذانك برهانان} قال : العصا واليد ، وفي
قوله {ردءا} قال : عونا وفي قوله {ونجعل لكما سلطانا} قال : الحجة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولم يعقب} قال : لم يلتفت
من الفرق وفي قوله {اسلك يدك في جيبك} قال : في جيب قميصك {تخرج بيضاء من
غير سوء} قال : من غير برص {واضمم إليك جناحك من الرهب} قال : من الرعب
{فذانك برهانان} قال : آيتان من ربك ، {فأرسله معي ردءا} قال : عونا لي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {من الرهب} مخففة مرفوعة الراء وقرأ (فذانك) مخففة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن كثير وقيس انهما كانا يقرآن (فذنك برهانان) مثقلة النون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ردءا يصدقني} كي يصدقني.
وأخرج
ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب نبأنا نافع بن أبي نعيم قال : سألت مسلم بن
جندب رضي الله عنه عن قوله {ردءا يصدقني} قال : الردء الزيادة أما سمعت
قول الشاعر :
واسمر خطى كأن كعوبه * نوى القصب قد اردى ذراعا على عشر.
وَأخرَج
الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق سأله عن
قوله {سنشد عضدك بأخيك} قال : العضد : المعين الناصر قال : وهل تعرف العرب
ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول النابغة : في ذمة من أبي قابوس منقذة *
للخائفين ومن ليست له عضد.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
قال : كان موسى عليه السلام قد ملى ء قلبه رعبا من فرعون فكان اذا رآه قال
: اللهم أدرأ بك في نحره وأعوذ بك
من شره ففزع الله تعالى ما كان في قلب موسى وجعله في قلب فرعون فكان اذا رآه بال كما يبول الحمار.
وأخرج
البيهقي في الاسماء والصفات عن الضحاك رضي الله عنه قال : دعاء موسى حين
توجه إلى فرعون ودعاء النَّبِيّ عليه السلام يوم حنين ودعاء كل مكروب
كنت وتكون وأنت حي لا تموت تنام العيون وتكدر النجوم وأنت حي قيوم لا تاخذك سنة ولا نوم يا حي يا قيوم.
-
قوله تعالى : وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي
يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من
الكاذبين * واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا
يرجعون.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قال
فرعون {يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري} قال جبريل عليه السلام :
يا رب طغى عبدك فائذن لي في هلاكه قال : يا جبريل هو عبدي ولن يسبقني له
اجل قد اجلته حتى يجييء ذلك الأجل ، فلما قال {أنا ربكم الأعلى} النازعات
الآية 24 قال : يا جبريل قد سكنت روعتك ، بغى عبدي وقد جاء أوان هلاكه.
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمتان
قالهما فرعون {ما علمت لكم من إله غيري} وقوله {أنا ربكم الأعلى} قال :
كان بينهما أربعون عاما {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى} النازعات الآية
26 ، أما قوله تعالى {فأوقد لي يا هامان} الآية
أخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر قال : حدثنا أسد عن خالد بن عبد الله عن محدث حدثه قال : كان هامان نبطيا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فأوقد لي يا هامان على الطين} قال على المدر يكون لبنا مطبوخا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : بلغني ان فرعون أول من طبخ الآجر.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان فرعون أول من طبخ الآجر وصنع له الصرح.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : فرعون أول من صنع الآجر وبنى به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {فأوقد لي يا هامان على الطين} قال : أوقد على الطين حتى يكون آجرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : لما بنوا له الصرح ارتقى فوقه فامر
بنشابة فرمى بها نحو السماء فردت اليه وهي متلطخة دما فقال : قتلت اله موسى.
-
قوله تعالى : فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظركيف كان عاقبة
الظالمين * وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون *
وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين.
أخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فنبذناهم في
اليم} قال : في البحر ، بحر يقال له ساف من وراء مصر غرقهم الله فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} قال : جعلهم الله أئمة يدعون إلى المعاصي.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة} لعنة أخرى ثم استقبل فقال {هم من المقبوحين}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأتبعناهم في هذه الدنيا
لعنة ويوم القيامة} قال : لعنوا في الدنيا والآخرة هو كقوله {وأتبعناهم في
هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة}.
- قوله تعالى : ولقد أتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون.
أخرج
البزار ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أهلك الله قوما
ولا قرنا ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه
الأرض غير القرية التي مسخت قردة ، ألم تر إلى قوله {ولقد آتينا موسى
الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} وأخرجه البزار ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سعيد موقوفا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بصائر للناس} قال : بينة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : البصائر الهدى ، بصائر ما في قلوبهم لذنوبهم.
-
قوله تعالى : وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من
الشاهدين * ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل
مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنت بجانب الغربي} قال : جانب غربي الجبل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وما كنت ثاويا} قال : الثاوي المقيم.
- قوله تعالى : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون.
أخرج
الفريابي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن
مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه في
قوله {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} قال : نودوا يا أمة محمد أعطيتكم
قبل أن تسألوني واستجبت لكم قبل أن تدعوني ، وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر
عن أبي هريرة مرفوعا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن
عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ان رب العزة نادى يا أمة محمد ان
رحمتي سبقت غضبي ثم أنزلت هذه الآية في سورة موسى وفرعون {وما كنت بجانب
الطور إذ نادينا}.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وأيو نصر
السجزي في الابانة والديلمي عن عمرو بن عبسة قال : سألت النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم عن قوله !
{وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة
من ربك} ما كان النداء وما كانت الرحمة قال كتاب كتبه الله قبل أن يخلق
خلقه بالفي عام ثم وضعه على عرشه ثم نادى : يا أمة محمد سبقت رحمتي غضبي
أعيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني فمن لقيني منكم يشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمد عبدي ورسولي صادقا أدخلته الجنة.
وأخرج الحلي في الديباج عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا ، مثله.
وأخرج
ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني ، وذلك في قوله
{وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} قال : نودوا يا أمة محمد ما دعوتمونا إلا
استجبنا لكم ولا سألتمونا إلا أعطيناكم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس
رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لما قرب الله موسى
إلى طور سينا نجينا قال : أي رب هل أحد أكرم عليك مني قربتني نجيا
وكلمتني
تكليما قال : نعم ، محمد أكرم علي منك ، قال : فان كان محمد أكرم عليك مني
فهل أمة محمد أكرم من بني اسرائيل فلقت لهم البحر وأنجيتهم من فرعون وعمله
وأطعمتهم المن والسلوى ، قال : نعم ، أمة محمد أكرم علي من بني اسرائيل ،
قال : الهي أرنيهم قال : انك لن تراهم وان شئت أسمعتك
صوتهم ، قال :
نعم ، الهي فنادى ربنا : أمة محمد أجيبوا ربكم فاجابوا وهم في أصلاب
آبائهم وأرحام امهاتهم إلى يوم القيامة ، فقالوا : لبيك ، أنت ربنا حقا
ونحن عبيدك حقا قال : صدقتم وأنا ربكم وأنتم عبيدي حقا قد غفرت لكم قبل أن
تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله
دخل الجنة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلما بعث الله محمدا صلى الله
عليه وسلم أراد أن يمن عليه بما أعطاه وبما أعطى امته فقال : يا محمد {وما
كنت بجانب الطور إذ نادينا}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
نصر السجزي في الابانة عن مقاتل {وما كنت بجانب الطور} يقول : وما كنت أنت
يا محمد بجانب الطور اذ نادينا أمتك وهم في أصلاب آبائهم ان يؤمنوا بك اذا
بعثت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما كنت بجانب
الطور إذ نادينا} قال : اذ نادينا موسى {ولكن رحمة من ربك} أي مما قصصنا عليك.
-
قوله تعالى : ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا
أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين * فلما جاءهم الحق من
عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل
قالوا ساحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون * قل فأتوا بكتاب من عند الله
هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما
يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي
القوم الظالمين.
أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم الهالك في الفترة يقول : رب لم يأتني كتاب
ولا رسول ، ثم قرأ هذه الآية {ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك
ونكون من المؤمنين}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس
رضي الله عنهما {فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي
موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا
بكل كافرون} قال : هم أهل الكتاب ، يقول بالكتابين التوراة والفرقان فقال
الله {قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين}.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لولا أوتي مثل ما أوتي موسى} قال : يهود تأمر
قريشا ان تسأل محمدا {مثل ما أوتي موسى} من قبل يقول الله لمحمد : قل
لقريش يقولون لهم {أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا}
قال : قول يهود لموسى وهارون {وقالوا إنا بكل كافرون} قال : يهود تكفر
أيضا بما أوتي محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل} قال : من قبل ان يبعث محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الطبراني عن ابن الزبير رضي الله عنه انه كان يقرأ {قالوا سحران تظاهرا}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير انه كان يقرأ {قالوا سحران تظاهرا} قال : موسى وهارون.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ،
وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قرأ {سحران تظاهرا} بالالف
قال : يعني موسى ومحمدا عليهما السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه انه كان يقرأ !
{سحران تظاهرا} قال : هما كتابان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه {قالوا سحران تظاهرا} يقول : التوراة والفرقان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {قالوا سحران تظاهرا} قال : التوراة والفرقان حين صدق كل واحد منهما صاحبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم الجحدري انه كان يقرأ {سحران تظاهرا}
يقول : كتابان التوراة والفرقان : ألا تراه يقول {فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : لو كان يريد النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم لم يقل {فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه}
انما أراد الكتابين.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي
حاتم عن أبي رزين رضي الله عنه انه كان يقرأها {سحران تظاهرا} يقول :
كتابان التوراة والانجيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {قالوا سحران
تظاهرا} قال : ذلك أعداء الله اليهود للانجيل والقرآن قال : ومن قرأها (ساحران) يقول : محمد وعيسى.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عبد الكريم أبي أمية قال : سمعت عكرمة يقول {سحران}
فذكرت ذلك لمجاهد فقال : كذب العبد قرأتها على ابن عباس (ساحران) فلم يعب
علي.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : سألت ابن عباس
رضي الله عنهما وهو بين الركن والباب والملتزم وهو متكى ء على يدي عكرمة
فقلت : أسحران تظاهرا أم ساحران فقلت ذلك مرارا فقال عكرمة (ساحران
تظاهرا) اذهب أيها الرجل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه {وقالوا إنا بكل كافرون} يقول : بالتوراة والقرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {وقالوا إنا بكل كافرون} قال : الذي جاء به موسى والذي جاء به عيسى.
-
قوله تعالى : ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون * الذين آتيناهم الكتاب
من قبلهم هم به يؤمنون * وإذايتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا
إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون
بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون * وإذا سمعوا اللغو
أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين.
أخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو القاسم
البغوي في معجمه والباوردي ، وَابن قانع الثلاثة في معاجم الصحابة
والطبراني ، وَابن مردويه بسند جيد عن رفاعة القرظي رضي الله عنه قال :
نزلت {ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون} إلى قوله {أولئك يؤتون أجرهم
مرتين بما صبروا} في عشرة رهط : انا أحدهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي
شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه {ولقد وصلنا لهم} قال : لقريش {القول}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {ولقد وصلنا لهم القول} قال : بينا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ولقد وصلنا لهم
القول} قال : وصل الله لهم القول في هذا القرآن يخبرهم كيف يصنع بمن
مضى وكيف صنعوا وكيف هو صانع.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي رفاعة رضي الله عنه قال : خرج عشرة رهط من
أهل الكتاب - منهم أبو رفاعة - إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فآمنوا
فاوذوا فنزلت {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون}.
وأخرج
البخاري في تاريخه ، وَابن المنذر عن علي بن رفاعة رضي الله عنه قال : كان
أبي من الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب وكانوا عشرة
فلما جاؤا جعل الناس يستهزئون بهم ويضحكون منهم فانزل الله {أولئك يؤتون
أجرهم مرتين بما صبروا}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد
رضي الله عنه {الذين آتيناهم الكتاب} إلى قوله {لا نبتغي الجاهلين} قال :
في مسلمة أهل الكتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم
به يؤمنون} قال : كنا نحدث انها أنزلت في
أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق ياخذون بها وينتهون اليها حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم
وصبرهم على ذلك قال : وذكر لنا ان منهم سلمان وعبد الله بن سلام.
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم
به يؤمنون} قال : يعني من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب.
وأخرج
ابن مردويه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : تداولتني الموالي حتى
وقعت بيثرب فلما يكن في الأرض قوم أحب الي من النصارى ولا دين أحب الي من
النصرانية لما رأيت من اجتهادهم فبينا أنا كذلك اذ قالوا : قد بعث في
العرب نبي ثم قالوا : قدم المدينة فاتيته فجعلت أسأله عن النصارى قال : لا
خير في النصارى ولا أحب النصارى قال : فاخبرته ان صاحبي قال : لو أدركته
فأمرني ان أقع النار لوقعتها قال : وكنت قد استهترت بحب النصارى فحدثت
نفسي بالهرب وقد جرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فأتاني آت فقال :
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فقلت : اذهب حتى أجيء وأنا أحدث
نفسي بالهرب قال لي : لن افارقك حتى أذهب بك اليه فانطلقت به
فلما رآني قال : يا سلمان قد أنزل الله عذرك {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون}.
وأخرج
الطبراني والخطيب في تاريخه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : انا رجل
من أهل رام هرمز كنا قوما مجوسا فاتانا رجل نصراني من أهل الجزيرة فنزل
فينا واتخذ فينا ديرا وكنت في كتاب في الفارسية وكان لا يزال غلام معي في
الكتاب يجيء مضروبا يبكي قد ضربه أبواه ، فقلت له يوما : ما يبكيك قال :
يضربني أبواي قلت : ولم يضربانك قال : آتي صاحب هذا الدير فاذا علما ذلك
ضرباني وأنت لو أتيته سمعت منه حديثا عجيبا قلت : فاذهب بي معك فاتيناه
فحدثنا عن بدء الخلق وعن بدء مغلق السموات والارض وعن الجنة والنار ،
فحدثنا باحاديث عجب وكنت أختلف اليه معه ففطن لنا غلمان من الكتاب فجعلوا
يجيؤن معنا ، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه فقالوا : يا هذا انك قد
جاورتنا فلم نر من جوارك إلا الحسن وإننا لنا غلماننا يختلفون اليك ونحن
نخاف ان تفسدهم علينا أخرج
عنا قال : نعم ، فقال لذلك الغلام كان يأتيه : اخرج معي ، قال : لا أستطيع ذلك قد علمت شدة أبوي علي قلت : لكنني أخرج معك وكنت
يتيما لا أب لي فخرجت معه فاخذنا جبل رام هرمز فجعلنا نمشي ونتوكل ونأكل من ثمر الشجر حتى قدمنا الجزيرة فقدمنا نصيبين فقال لي صاحبي : يا سلمان ان ههنا قوما عباد الأرض وأنا أحب ان ألقاهم ، فجئنا اليهم يوم الاحد وقد اجتمعوا فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به وقالوا : أين كان غيبتك قال كنت في إخوان لي من قبل فارس فتحدثنا ما تحدثنا ثم قال لي صاحبي : قم يا سلمان انطلق قلت : لا دعني مع هؤلاء قال : انك لا تطيق ما يطيق هؤلاء يصومون الاحد إلى الاحد ولا ينامون هذا الليل فاذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة فكنت فيهم حتى أمسينا فجعلوا يذهبون واحدا واحدا إلى غاره الذي يكون فيه فلما أمسينا قال ذاك الذي من أبناء الملوك هذا الغلام ما تصنعونه ليأخذه رجل منكم فقالوا : خذه أنت ، فقال لي : قم يا سلمان فذهب بي حتى أتى غاره الذي يكون فيه فقال لي : يا سلمان هذا خبز وهذا أدم فكل اذ غرثت وصم اذا نشطت وصل ما بدا لك ونم اذا كسلت ثم قام في صلاته فلم يكلمني ولم ينظر الي فأخذني
الغم تلك السبعة الايام لا يكلمني أحد حتى كان
الاحد فانصرف الي فهبت إلى مكانها الي كانوا يجتمعون وهم يجتمعون كل أحد
يفطرون فيه فيلقى بعضهم بعضا فيسلم بعضهم على بعض ثم لا يلتقون إلى مثله ،
فرجعت إلى منزلنا فقال لي : مثل ما قال لي أول مرة : هذا خبز وخذا أدم فكل
منه اذا غرثت وصم اذا نشطت وصل ما بدا لك ونم اذا كسلت ثم دخل في صلاته
فلم يلتفت الي ولم يكلمني إلى الاحد الآخر فاخذني غم وحدثت نفسي بالفرار
فقلت : اصبر أحدين أو ثلاثة فلما كان الاحد رجعنا اليهم فافطروا واجتمعوا
فقال لهم : اني أريد بيت المقدس ، فقالوا له : وما تريد إلى ذاك قال : لا
عهد به قالوا : انا نخاف ان يحدث بك حدث فيليك غيرنا وكنا نحب ان نليك قال
: لا عهد به.
فلما سمعته يذكر ذاك فرحت قلت : نسافر ونلقى الناس فيذهب
عني الغم الذي كنت أجد فخرجت أنا وهو وكان يصوم من الاحد إلى الاحد ويصلي
الليل كله ويمشي بالنهار فاذا نزلنا قام يصلي ، فلم يزل ذاك دأبه حتى
نزلنا بيت المقدس وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس فقال : اعطني ، فقال :
ما معي شيء فدخلنا بيت المقدس فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا به واستبشروا
به
فقال لهم : غلامي هذا فاستوصوا به فانطلقوا بي فاطعموني خبزا ولحما ودخل في الصلاة فلم ينصرف الي حتى كان يوم الاحد الآخر ثم انصرف فقال لي : يا سلمان اني أريد أن أضع رأسي فاذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فايقظني ، فبلغ الظل الذي قال فلم أوقظه رحمة له مما رأيت من اجتهاده ونصبه فاستيقظ مذعورا فقال : يا سلمان ألم أكن قلت لك اذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فايقظني قلت : بلى ، ولكن انما منعني رحمة لك لما رأيت من دأبك قال : ويحك يا سلمان ، اني أكره ان يفوتني شيء من الدهر لم أعمل فيه لله خيرا ، ثم قال لي : يا سلمان أعلم أن أفضل ديننا اليوم النصرانية ، قلت : ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية كلمة ألقيت على لساني ، قال : نعم ، يوشك ان يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فاذا أدركته فاتبعه وصدقة قلت : وان أمرني ان أدع النصرانية قال : نعم ، فانه نبي الله لا يأمر إلا بالحق ولا يقول إلا حقا والله لو أدركته ثم أمرني ان أقع في النار لوقعتها ، ثم خرجنا من بيت المقدس فمررنا على ذلك المقعد فقال له : دخلت فلم تعطني وهذا تخرج فاعطني ، فالتفت فلم ير حوله أحدا قال : فاعطني يدك فاخذ بيده
فقال : قم باذن الله ، فقام صحيحا
سويا فتوجه نحو أهله فاتبعته بصري تعجبا مما رأيت وخرج صاحبي فأسرع المشي
وتبعته فتلقاني رفقة من كلب اعراب فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقا
فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة فاشتراني رجل من الانصار فجعلني في
حائط له من نخل فكنت فيه ومن ثم تعلمت الخوص أشترى خوصا بدرهم فاعلمه
فابيعه بدرهمين فارد درهما إلى الخوص واستنفق درهما أحب ان آكل من عمل يدي
فبلغنا ونحن بالمدينة ان رجلا خرج بمكة يزعم ان الله أرسله فمكثنا ما شاء
الله أن نمكث فهاجر الينا
وقدم علينا فقلت : والله لاجربنه إلى السوق
فاشتريت لحم جزور ثم طحنته فجعلت قصعة من ثريد فاحتملتها حتى أتيته بها
على عاتقي حتى وضعتها بين يديه فقال : ما هذه ، أصدقة ام هدية قلت : بل
صدقة فقال لاصحابه : كلوا بسم الله ، وأمسك ولم يأكل فمكث أيام ثم اشتريت
لحما أيضا بدرهم فاصنع مثلها فاحتملها حتى أتيته بها فوضعتها بين يديه
فقال : ما هذه ، صدقة أم هدية فقلت : بل هدية ، فقال لاصحابه : كلوا بسم
الله وأكل معهم ، قلت : هذا - والله - يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة فرأيت
بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة
الحمامة فاسلمت ، فقلت له ذات يوم :
يا رسول الله أي قوم النصارى قال : لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم قلت في
نفسي : أنا - والله - أحبهم ، قال : وذاك حين بعث السرايا وجرد السيف ،
فسرية تخرج وسرية تدخل والسيف يقطر قلت : يحدث بي الآن اني أحبهم فيبعث
الي فيضرب عنقي فقعدت في البيت فجاءني الرسول ذات يوم فقال : يا سلمان أجب
رسول الله قلت : هذا - والله - الذي كنت أحذر قلت : نعم ، اذهب حتى ألحقك
قال : لا والله حتى تجيء وأنا أحدث نفسي ان لو ذهب فافر ، فانطلق بي حتى
انتهيت اليه فلما رآني تبسم وقال لي : يا سلمان ابشر فقد فرج الله عنك ثم
تلا على هؤلاء الآيات {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} إلى
قوله {لا نبتغي الجاهلين} قلت : يا رسول الله - والذي بعثك بالحق - سمعته
يقول : لو أدركته فامرني ان أقع في النار لوقعتها انه نبي لا يقول إلا حقا
ولا يأمر إلا بالحق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {الذين
آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} قال : نزلت في عبد الله بن سلام لما
أسلم احب ان يخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعظمته في اليهود ومنزلته
فيهم وقد ستر بينه وبينهم سترا فكلمهم ودعاهم فابوا فقال : أخبروني عن عبد
الله بن سلام كيف هو فيكم قالوا : ذاك سيدنا وأعلمنا قال : أرأيتم ان آمن
بي وصدقني
أتؤمنون بي وتصدقوني قالوا : لا يفعل ذاك ، هو أفقه فينا من أن يدع دينه ويتبعك قال أرأيتم ان فعل قالوا : لا يفعل قال :
أرأيتم
ان افعل قالوا اذا نفعل ، ، قال : أخرج يا عبد الله بن سلام فخرج فقال :
أبسط يدك أشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله فبايعه فوقعوا به وشتموه
وقالوا : والله ما فينا أحد أقل علما منه ولا أجهل بكتاب الله منه قال :
ألم تثنوا عليه آنفا قالوا : انا استحينا أن تقول اغتبتم صاحبكم من خلفه ،
فجعلوه يشتمونه فقام اليه أمين بن يامين فقال : أشهد ان عبد الله بن سلام
صادق فابسط يدك فبايعه فانزل الله فيهم {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم
به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من
قبله مسلمين} يعني إبراهيم واسمعيل وموسى وعيسى وتلك الامم وكانوا على دين
محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنيس
رضي الله عنه في قوله {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} قال : هؤلاء
قوم كانوا في زمان الفترة متمسكين بالاسلام مقيمين عليه صابرين على ما
اوذوا حتى أدرك رجال منهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي
حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما أتى جعفر وأصحابه النجاشي
أنزلهم واحسن اليهم فلما ارادوا ان يرجعوا قال من آمن من أهل مملكته :
ائذن لنا فلنصحب هؤلاء في البحر ونأتي هذا النَّبِيّ فنحدث به عهدا
فانطلقوا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أحدا وخيبر
ولم يصب أحد منهم فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ائذن لنا فلنأت أرضنا
فان لنا أموالا فنجيء بها فنفقها على المهاجرين فإنا نرى بهم جهدا فأذن
لهم فانطلقوا فجاؤا بأموالهم فأنفقوها على المهاجرين فانزلت فيهم الآية
{أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم
ينفقون}.
وأخرج ابن ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه
قال : ان قوما من المشركين أسلموا فكانوا يؤذونهم فنزلت هذه الآية فيهم
{أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه} قال : أناس
من أهل الكتاب أسلموا فكان أناس من اليهود اذا مروا عليهم سبوهم فأنزل
الله هذه الآية فيهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}
قال : لا يجاورون أهل الجهل والباطل في باطلهم أتاهم من الله ما وقذهم عن ذلك.
وأخرج
أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه
والبيهقي عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين ، رجل من أهل الكتاب آمن بالكتاب الاول
والكتاب الآخر ، ورجل كانت له أمة فادبها وأحسن تاديبها ثم أعتقها وتزوجها
، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده.
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين.
- قوله تعالى : إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي
في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا عماه قل لا إله إلا الله أشهد لك
بها عند الله يوم القيامة ، فقال : لولا أن تعيرني قريش يقولون : ما حمله
عليها إلا جزعة من الموت لأقررت بها عينك فأنزل الله عليك {إنك لا تهدي من
أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}.
وأخرج ابن أبي شيبه
وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن المسيب نحوه وتقدم في
سورة براءة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنك لا تهدي من أحببت} قال : نزلت هذه الآية في أبي طالب.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود في القدر والنسائي ، وَابن
المنذر ، وَابن مردويه عن أبي سعيد بن رافع قال : قلت لابن عمر {إنك لا
تهدي من أحببت} أفي أبي طالب نزلت قال : نعم.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد بن رافع قال : سألت ابن عمر رضي الله عنهما {إنك لا تهدي من أحببت} أفي أبي جهل وأبي طالب قال : نعم.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنك لا تهدي من أحببت} قال : قال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأبي طالب : قل كلمة الاخلاص أجادل عنك بها
يوم القيامة قال : يا ابن أخي ملة الاشياخ {وهو أعلم بالمهتدين} قال : ممن
قدر الهدى والضلالة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {إنك
لا تهدي من أحببت} قال : ذكر لنا انها نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : التمس منه عند موته أن يقول لا إله إلا الله كيما
تحل له الشفاعة فابى عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه انك {لا تهدي من أحببت} يعني أبا طالب {ولكن الله يهدي من يشاء} قال : العباس.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجند يسابوري في الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !
{إنك
لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} قال : نزلت في أبي طالب ، ألح
عليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يسلم فأبى ، فانزل الله {إنك لا
تهدي من أحببت} أي لا تقدر تلزمه الهدى وهو كاره له انما أنت نذير {ولكن
الله يهدي من يشاء} للايمان.
وأخرج أيضا من طريق عبد القدوس عن نافع عن
ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {إنك لا تهدي من أحببت} قال : نزلت في أبي
طالب عند موته والنبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه وهو يقول : يا عم قل لا
إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة ، قال أبو طالب : لا ، يعيرني نساء
قريش بعدي اني جزعت عند موتي فانزل الله {إنك لا تهدي من أحببت} يعني لا
تقدر ان تلزمه الهدى وهو يهوى الشرك ولا تقدر تدخله لفعل وليس بفاعل حتى
يكون ذلك منه ، فاخبر الله بقدرته وهو كقوله {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا
مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} الشعراء
الآية 3 فاخبر بقدرته أنه لا يعجزه شيء.
وأخرج العقيلي ، وَابن عدي ، وَابن مردويه والديلمي ، وَابن عساكر
وابن
النجار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعثت داعيا ومبلغا وليس الي من الهدى شيء وخلق ابليس مزينا وليس اليه
من الضلالة شيء.
- قوله تعالى : وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من
أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبي إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن
أكثرهم لا يعلمون * وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن
من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين * وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث
في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون *
وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى
أفلا تعقلون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن
عباس رضي الله عنهما : ان ناسا من قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم :
ان نتبعك يتخطفنا الناس فأنزل الله تعالى {وقالوا إن نتبع الهدى معك}
الآية.
وأخرج النسائي ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما : ان
الحارث بن عامر بن نوفل الذي قال : {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا}.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أو لم نمكن
لهم حرما آمنا} قال : كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا فاذا خرج
أحدهم قال : أنا من أهل الحرم لم يعرض له أحد وكان غيرهم من الناس اذا خرج
أحدهم قتل وسلب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في
قوله {أو لم نمكن لهم حرما آمنا} قال : أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا
يغزون فيه ولا يخافون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {نتخطف} قال : كان بعضهم يغير على بعض.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله {يجبى إليه ثمرات كل شيء} قال : ثمرات الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا} قال : في أوائلها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما كان ربك مهلك
القرى حتى يبعث في أمها رسولا} قال : أم القرى : مكة ، بعث الله اليهم
رسولا محمدا صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون}
قال : قال الله لم نهلك قرية بايمان ولكنه أهلك القرى بظلم اذا ظلم أهلها
ولو كانت مكة آمنوا
لم يهلكوا مع من هلك ولكنهم كذبوا وظلموا فبذلك هلكوا.
- قوله تعالى : أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين.
أخرج
ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه
كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} قال : نزلت في النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم وفي أبي جهل.
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه} الآية ، قال : نزلت في حمزة وأبي جهل.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو
لاقيه} قال : حمزة بن عبد المطلب {كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} قال :
أبو جهل بن هشام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه} قال : هو المؤمن ، سمع كتاب
الله فصدق بهن وآمن بما وعد فيه من الخير والجنة {كمن متعناه متاع الحياة
الدنيا} قال : هو
الكافر ، ليس كالمؤمن {ثم هو يوم القيامة من المحضرين} قال : من المحضرين في عذاب الله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه انه قرأ هذه الآية (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيها).
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من المحضرين} قال : أهل النار
أحضروها.
وأخرج البخاري في تاريخه عن عطاء بن السائب قال : كان ميمون
بن مهران اذا قدم ينزل على سالم البراد فقدم قدمة فلم يلقه فقالت له
امرأته : ان أخاك قرأ {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه} قالت
: فشغل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من استطاع منكم ان يضع كنزه حيث لا يأكله السوس فليفعل.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه قال : مكتوب في التوراة ، ابن آدم ضع
كنزك عندي فلا غرق ولا حرق أدفعه اليك افقر ما تكون اليه يوم القيامة.
وأخرج
مسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله عز وجل يا ابن آدم مرضت فلم تعدني
فيقول : رب كيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول : أما علمت ان عبدي فلانا
مرض فلم تعده أما علمت انك لو عدته لوجدتني عنده ويقول : يا ابن آدم
استسقيتك فلم تسقني فيقول : أي رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول تبارك
وتعالى : اما علمت ان عبدي فلانا استسقاك فلم تسقه أما علمت انك لو سقيته
لوجدت ذلك عندي ، قال : ويقول : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني : فيقول :
أي رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول : أما علمت ان عبدي فلانا
استطعمك فلم تطعمه أما انك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي.
وأخرج عبد الله
بن أحمد في زوائد الزهد عن عبد الله بن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال :
يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا وأعطش ما كانوا وأعرى ما كانوا فمن
أطعم لله عز وجل أطعمه الله ومن كسا لله عز وجل
كساه الله ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ومن كان في رضا الله كان الله على رضاه أقدر.
-
قوله تعالى : ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون * قال
الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا
إليك ما كانوا إيانا يعبدون * وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم
ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ويوم يناديهم فيقول أين
شركائي الذين كنتم تزعمون} قال : هؤلاء بنو آدم {قال الذين حق عليهم
القول} قال : هم الجن {ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم} الآية ، وقيل
لبني آدم {ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} ولم يردوا عليهم خيرا.
-
قوله تعالى : ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين * فعميت عليهم
الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون * فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن
يكون من المفلحين.
أخرج ابن المبارك في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد
والنسائي والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من أحد إلا سيخلو الله به كما
يخلوا أحدكم بالقمر ليلة البدر فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي يا ابن آدم
ماذا عملت فيما عملت يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه {فعميت عليهم الأنباء} قال : الحجج {يومئذ فهم لا يتساءلون} قال
: بالأنساب.
- قوله تعالى : وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم
الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون * وربك يعلم ما تكن صدورهم وما
يعلنون * وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم
وإليه ترجعون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أرطاة قال : ذكرت لأبي عون الحمصي
شيئا من قول القدر فقال : ما تقرأون كتاب الله تعالى {وربك يخلق ما يشاء
ويختار ما كان لهم الخيرة}.
وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي
، وَابن ماجه ، وَابن مردويه والبيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله
عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الامر
كما يعلمنا السورة من القرآن ، يقول : اذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين
من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم اني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك
من فضلك العظيم فانك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وانت علام الغيوب ،
اللهم ان كنت تعلم ان هذا الأمر
خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري
وعاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ، وان كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي
في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه
واقدر لي الخير حيث كان وأرضني به ، ويسمى حاجته باسمها.
- قوله تعالى
: قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير
الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون * قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار
سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا
تبصرون * ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله
ولعلكم تشكرون * ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون *
ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم
ما كانوا يفترون.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن جعل الله عليكم الليل سرمدا} قال : دائما.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سرمدا} قال : دائما لا ينقطع.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {سرمدا إلى يوم القيامة}
قال : دائما {من إله غير الله يأتيكم بضياء} قال : بنهار.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه} قال : في الليل {ولتبتغوا من فضله} قال : في النهار.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ونزعنا من كل أمة شهيدا} قال : رسولا
{فقلنا هاتوا برهانكم} قال : هاتوا حجتكم بما كنتم تعبدون وتقولون.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ونزعنا من كل أمة
شهيدا} قال : شهيدها : نبيها ، ليشهد عليها انه قد بلغ رسالات ربه {فقلنا
هاتوا برهانكم} قال : بينتكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وضل عنهم} في القيامة {ما كانوا يفترون} يكذبون في الدنيا.
-
قوله تعالى : إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وأتيناه من الكنوز ما
إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا
يحب الفرحين * وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا
وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب
المفسدين * قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من
قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثرجمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون
* فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل
ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا
العلم ويلكم ثواب
الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون * فخسفنا به وبداره
الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين *
وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من
عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون.
أخرج
ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ،
وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن قارون كان من قوم موسى} قال
: كان ابن عمه وكان يبتغي العلم حتى جمع علما فلم يزل في أمره ذلك حتى بغى
على موسى حسده ، فقال له موسى عليه السلام : ان الله أمرني أن آخذ الزكاة
فأبى فقال : ان موسى عليه السلام يريد أن يأكل أموالكم ، جاءكم بالصلاة
وجاءكم
بأشياء فاحتملتموها فتحملوه أن تعطوه قالوا : لا نحتمل فما ترى فقال لهم :
أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني اسرائيل فنرسلها اليه فترميه بانه
أرادها على نفسها ، فارسلوا اليها فقالوا لها : نعطيك حكمك على أن تشهدي
على موسى أنه فجر بك ، قالت : نعم ، فجاء قارون إلى موسى عليه السلام قال
: اجمع بني اسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربك قال : نعم ، فجمعهم فقالوا له :
بم أمرك ربك قال : أمرني أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأن تصلوا
الرحم وكذا وكذا وقد أمرني في الزاني اذا زنى وقد أحصن أن يرجم ، قالوا :
وان كنت أنت قال : نعم ، قالوا : فانك قد زنيت قال : أنا ، فأرسلوا إلى
المرأة فجاءت فقالوا : ما تشهدين على موسى فقال لها موسى عليه السلام :
أنشدك بالله إلا ما صدقت قالت : أما اذ نشدتني بالله فانهم دعوني وجعلوا
لي جعلا على أن أقذفك بنفسي وأنا أشهد أنك بريء وأنك رسول الله فخر موسى
عليه السلام ساجدا يبكي فأوحى الله اليه : ما يبكيك وأنك رسول الله فخر
موسى عليه السلام ساجدا يبكي فأوحى الله اليه : ما يبكيك قد سلطناك على
الأرض فمرها فتطيعك.
فرفع رأسه فقال : خذيهم
فاخذتهم إلى أعقابهم
فجعلوا يقولون : يا موسى ، يا موسى ، فقال : خذيهم إلى أعناقهم فجعلوا
يقولون : يا موسى ، يا موسى ، فقال : خذيهم فغيبتهم فأوحى الله يا موسى :
سألك عبادي وتضرعوا اليك فلم تجبهم وعزتي لو أنهم دعوني لأجبتهم ، قال ابن
عباس : وذلك قوله تعالى {فخسفنا به وبداره الأرض} وخسف به إلى الأرض
السفلى.
وأخرج الفريابي عن إبراهيم رضي الله عنه قال : كان قارون ابن عم موسى.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إن قارون كان من قوم موسى}
قال : كان ابن عمه أخي أبي قارون بن مصر بن فاهث أو قاهث وموسى بن عرموم
بن فاهث أو قاهث
وعرموم بالعربية عمران.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله قال : كان قارون ابن عم موسى أخي أبيه
وكان قطع البحر مع بني اسرائيل وكان يسمى النور من حسن صوته بالتوراة ولكن
عدو الله نافق كما نافق السامري فأهلكه الله ببغيه ، وإنما بغى لكثرة ماله
وولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فبغى عليهم} قال : فعلا عليهم.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن شهر
بن حوشب رضي الله عنه في قوله {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم} قال
: زاد عليهم في طول ثيابه شبرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله {وآتيناه من الكنوز} قال : أصاب كنزا من كنوز يوسف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الوليد بن زوران رضي الله عنه في قوله {وآتيناه من الكنوز} قال : أصاب كنزا من كنوز يوسف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الوليد بن زوران رضي الله عنه في قوله {وآتيناه من
الكنوز} قال : كان قارون يعلم الكيمياء.
وأخرج ابن مردويه عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أرض دار قارون من فضة وأساسها من ذهب.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن خيثمة رضي الله عنه قال : وجدت في
الإنجيل أن مفاتيح خزائن قارون كانت وقر ستين بغلا غرا محجلة ما يزيد منها
مفتاح على أصبع لكل مفتاح كنز.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن خيثمة رضي الله عنه
قال : كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود كل مفتاح على خزانة على حدة فاذا
ركب حملت المفاتيح على سبعين بغلا أغر محجلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : كانت المفاتيح من جلود الإبل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لتنوء
بالعصبة} يقول : لا يرفعها العصبة من الرجال {أولي القوة}.
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الازرق سأله عن
قوله {لتنوء بالعصبة} قال : لتثقل قال : وهل تعرف العرب ذلك ، قال : نعم ،
أما سمعت قول امرى ء القيس اذ يقول : تمشي فتثقلها عجيزتها * مشي الضعيف
ينوء بالوسق.
وَأخرَج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال العصبة ما بين
العشرة إلى الخمسة عشر و{أولي القوة} خمسة عشر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي قال {بالعصبة} ما بين الخمس عشرة إلى الاربعين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {بالعصبة} اربعون رجلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : كنا نحدث أن {بالعصبة} ما فوق العشرة إلى الأربعين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح مولى أم هانى ء قال {بالعصبة} سبعون رجلا ، قال : وكانت خزانته تحمل على أربعين بغلا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إذ قال له قومه لا تفرح} قال
: هم المؤمنون منهم قالوا : يا قارون لا تفرح بما أوليت فتبطر.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الله لا يحب الفرحين} قال :
المرحين الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما
أعطاهم.
وأخرج
الحاكم وصححه والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في الشعب والخرائطي في اعتلال
القلوب عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ان الله يحب كل قلب حزين.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب
الايمان وقال : هذا متن منكر عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم زر القبور تذكر بها الآخرة واغسل الموتى فان معالجة
جسد خاو موعظة بليغة وصل على الجنائز لعل ذلك يحزنك فان الحزين في ظل الله
يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الله لا يحب الفرحين} قال : الفرح هنا البغي.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إن الله لا يحب الفرحين} قال
: ان الله لا يحب بطرا {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} قال : تصدق
وتقرب إلى الله تعالى وصل الرحم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الله لا يحب الفرحين} قال : المرحين.
وفي قوله {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا} يقول : لا تترك أن تعمل لله في الدنيا.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
{ولا تنس نصيبك من الدنيا} قال : أن تعمل فيها لآخرتك.
وأخرج عبد
الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا تنس نصيبك من الدنيا} قال : العمل بطاعة
الله نصيبه من الدنيا الذي يثاب عليه في الآخرة.
وأخرج الفريابي ،
وَابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولا
تنس نصيبك} قال : قدم الفضل وأمسك ما يبلغك - وفي لفظ - قال : امسك قوت
سنة وتصدق بما بقي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ولا
تنس نصيبك من الدنيا} قال : أن تأخذ من الدنيا ما أحل الله لك فان لك فيه
غنى وكفاية.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن منصور رضي الله عنه في قوله {ولا تنس نصيبك من الدنيا}
قال : ليس هو عرض من عرض الدنيا ولكن هو نصيبك عمرك ان تقدم فيه لآخرتك.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قال
إنما أوتيته على علم عندي} يقول على خير عندي وعلم عندي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إنما أوتيته على علم عندي} يقول : علم الله أني أهل لذلك.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه في قوله {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} قال : المشركون ، لا
يسألون عن ذنوبهم ولا يحاسبون لدخول النار بغير حساب.
وأخرج الفريابي ،
وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا يسأل عن ذنوبهم
المجرمون} قال : كقوله {يعرف المجرمون بسيماهم} الرحمن الآية 41 سود الوجوه
زرق العيون الملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال : خرج على براذين بيض
عليها سرج من أرجوان وعليها ثياب معصفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال : في ثوبين أحمرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الزبير رضي الله عنه قال : خرج قارون على قومه في ثوبين بغير عصفر كالقرمز.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه في
قوله {فخرج على قومه في زينته} قال : في ثياب صفر وحمر.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في
زينته} قال : خرج في سبعين ألفا عليهم المعصفرات وكان ذلك أول يوم في
الأرض رؤيت المعصفرات فيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال : في حشمه ،
وذكر لنا أنهم خرجوا على أربعة الآف دابة
عليهم ثياب حمر منها ألف بغلة بيضاء وعلى دوابهم قطائف الارجوان.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فخرج على
قومه في زينته} قال : خرج على بغلة شهباء عليها الارجوان وعليها ثلاثمائة
جارية على بغال شهب عليهن ثياب حمر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي
الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال : خرج في جوار بيض على
سروج من ذهب على قطف أرجوان وهن
على بغال بيض عليهن ثياب حمر وحلى ذهب.
وأخرج
ابن مردويه عن أوس بن أوس الثقفي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {فخرج
على قومه في زينته} قال في أربعة آلاف بغل يعني عليه البزيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدة بن أبي لبابة رضي الله عنه قال : أول من صبغ بالسواد قارون.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله {قال الذين يريدون الحياة الدنيا} قال : أناس من أهل التوحيد قالوا :
{يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون} وفي قوله {ولا يلقاها إلا الصابرون} يعني
لا يلقى ثواب الله والصواب من القول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إنه لذو حظ عظيم} قال : ذو جد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه ، وهو ابن نوفل الهاشمي قال : بلغنا أن قارون أوتي من الكنوز والمال حتى جعل باب داره من ذهب وجعل داره كلها من صفائح الذهب وكان الملا من بني اسرائيل يغدون اليه ويروحون يطعمهم الطعام ويتحدثون عنده وكان مؤذيا لموسى عليه الصلاة والسلام فلم تدعه القسوة والهوى حتى أرسل إلى امرأة من بني اسرائيل مذكورة بالجمال كانت تذكر بريبة فقال لها : هل لك أن أمولك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتين والملا من بني اسرائيل عندي فتقولين : يا قارون ألا تنهي موسى عني فقالت : بلى ، فلما جاء أصحابه واجتمعوا عنده دعا بها فقامت على رؤوسهم فقلب الله قلبها ورزقها التوبة فقالت : ما أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله وأبرى ء رسول الله عليه فقالت : ان قارون بعث الي فقال : هل لك أن أمولك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من بني اسرائيل عندي وتقولين : يا قارون ألا تنهي موسى عني فاني لم أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله وأبريء رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكس قارون رأسه وعرف انه قد هلك ، وفشا الحديث في الناس حتى بلغ موسى عليه
السلام وكان موسى عليه السلام شديد الغضب ، فلما بلغه توضأ ثم صلى وسجد وبكى وقال : يا رب ، عدوك قارون كان لي مؤذيا فذكر أشياء ثم لن يناه حتى أراد فضيحتي ، يا رب سلطني عليه ، فأوحى الله اليه : ان مر الأرض بما شئت تطعك ، فجاء موسى إلى قارون فلما رآه قارون عرف الغضب في وجهه فقال : يا موسى ارحمني فقال موسى عليه السلام : يا أرض خذيهم فاضطربت داره وخسف به وبأصحابه حتى تغيبت أقدامهم وساخت دارهم على قدر ذلك فقال قارون : يا موسى ارحمني فقال : يا أرض خذيهم فخسف به وبداره وبأصحابه فلما خسف به قيل له : يا موسى ما أفظك أما وعزتي لو إياي دعا لرحمته
وقال أبو عمران الجوني : فقيل لموسى : لا أعبد الأرض بعدك أحدا.
وأخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فخسفنا به وبداره الأرض} قال : خسف به إلى الأرض السفلى.
وأخرج
ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن أبي ميمون عن سمرة بن جندب قال : يخسف
بقارون وقومه في كل يوم قدر قامة فلا يبلغ الأرض السفلى إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا انه يخسف به كل يوم قامة وانه يتجلجل فيها لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ان الله أمر الأرض ان تطيعه ساعة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مالك بن دينار رضي الله عنه : ان قارون يخسف به كل يوم قامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما خسف بقارون فهو يذهب
وموسى
قريب منه قال : يا موسى ادع ربك يرحمني ، فلم يجبه موسى حتى ذهب ، فأوحى
الله اليه استغاث بك فلم تغثه وعزتي وجلالي لو قال : يا رب لرحمته.
وأخرج
أحمد في الزهد عن عون بن عبد الله القاري عامل عمر بن عبد العزيز على
ديوان فلسطين انه بلغه : ان الله عز وجل أمر الأرض ان تطيع موسى عليه
السلام في قارون فلما لقيه موسى قال للأرض : أطيعيني فأخذته إلى الركبتين
ثم قال : أطيعيني فوارته في جوفها فأوحى الله اليه يا موسى ما أشد قلبك
وعزتي وجلالي لو بي استغاث لأغثته قال : رب غضبا لك فعلت.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
{فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين} قال : ما
كانت عنده منعة يمتنع بها من الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ويكأن
الله} يقول : أو لا يعلم {أن الله يبسط الرزق} وفي قوله : (ويكأنه لا يفلح
الكافرون). يقول : أولا تعلم أنه لا يفلح الكافرون .
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ويكأنه لا يفلح الكافرون} يقول
: أو لا يعلم {إنه لا يفلح الكافرون} والله أعلم.
- قوله تعالى : تلك
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة
للمتقين * من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين
عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون.
أخرج المحاملي والديلمي في مسند
الفردوس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في
قوله {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا}
قال : التجبر في الأرض والآخذ بغير الحق.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسلم البطين رضي الله عنه في
قوله {للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} قال : العلو التكبر في
الأرض بغير الحق ، والفساد الأخذ بغير الحق.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {لا يريدون علوا في الأرض} قال : بغيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {للذين لا يريدون علوا في الأرض} قال : تعظما وتجبرا {ولا فسادا} قال : بالمعاصي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {تلك الدار
الآخرة}
قال : نجعل الدار الآخرة {للذين لا يريدون علوا في الأرض} قال : التكبر
وطلب الشرف والمنزلة عند سلاطينها وملوكها {ولا فسادا} قال : لا يعملون
بمعاصي الله ولا يأخذون المال بغير حقه {والعاقبة للمتقين} قال : الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لا يريدون علوا في الأرض} قال : الشرف والعز عند ذوي سلطانهم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي معاوية الاسود في قوله {لا يريدون علوا في الأرض ولا
فسادا} قال : لم ينازعوا أهلها في عزها ولا يجزعوا من ذلها.
وأخرج ابن
أبي شيبه ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قال : ان الرجل ليحب ان يكون شسع نعله أفضل من شسع نعل صاحبه
فيدخل في هذه الآية {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الأرض ولا فسادا}.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه ، أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو وال يرشد الضال ويعين
الضعيف ويمر بالبقال والبيع فيفتح عليه القرآن ويقرأ {تلك الدار الآخرة
نجعلها للذين لا يريدون علوا
في الأرض ولا فسادا} ويقول : نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع في الولاة وأهل القدرة من سائر الناس.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، نحوه.
وأخرج
ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : لما دخل على النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم ألقى اليه وسادة فجلس على الأرض فقال : اشهد أنك لا تبتغي
في الأرض ولا فسادا ، فاسلم.
- قوله تعالى : إن الذي فرض عليك القرآن
لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين * وما كنت
ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين *
ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من
المشركين.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : لما خرج
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأنزل
الله {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} إلى مكة.
وأخرج ابن
مردويه عن علي بن الحسين بن واقد رضي الله عنه قال : كل القرآن مكي أو
مدني غير قوله {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} فانها أنزلت على
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة حين خرج مهاجرا إلى المدينة ، فلا
هي مكية ولا مدنية وكل آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل
الهجرة فهي مكية ، فنزلت بمكة أو بغيرها من البلدان وكل آية نزلت بالمدينة
بعد الهجرة فانها مدنية ، نزلت بالمدينة أو بغيرها من البلدان.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لرادك إلى معاد} قال : إلى مكة ، زاد
ابن مردويه (كما أخرجك منها).
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {لرادك إلى معاد} قال : إلى مولدك ، إلى مكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما {لرادك إلى معاد} قال : الموت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {لرادك إلى معاد} قال : الموت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه وأبو يعلى ، وَابن جَرِير عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {لرادك إلى معاد} قال : الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {لرادك إلى معاد} قال : إلى يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} قال : يحييك يوم
القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {لرادك إلى معاد} قال : ان له معاد يبعثه الله يوم القيامة ثم يدخله الجنة.
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن علي رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {لرادك إلى معاد} قال الجنة.
وأخرج
ابن أبي شيبه والبخاري في تاريخه وأبو يعلى ، وَابن المنذر عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه {لرادك إلى معاد} قال : معاده الجنة وفي لفظ (معاده)
آخرته.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {لرادك إلى معاد} قال : إلى معدنك من
الجنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه
عن ابن عباس {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} قال : لرادك إلى الجنة ثم سائلك عن القرآن.
وأخرج الفريابي عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {لرادك إلى معاد} قال : إلى الجنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله {لرادك إلى معاد} قال : هذه مما كان يكتم ابن عباس رضي الله عنهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نعيم القاري رضي الله عنه {لرادك إلى معاد} قال : إلى بيت المقدس.
- قوله تعالى : ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون.
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : لما نزلت {كل من عليها فان}
الرحمن الآية 26 قالت الملائكة : هلك أهل الأرض فلما نزلت {كل نفس ذائقة
الموت} آل عمران الآية 18 قالت الملائكة : هلك كل نفس فلما نزلت {كل شيء
هالك إلا وجهه} قالت الملائكة : هلك أهل السماء وأهل الأرض.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {كل نفس ذائقة الموت} قال : لما نزلت
قيل
: يا رسول الله فما بال الملائكة فنزلت {كل شيء هالك إلا وجهه} فبين في
هذه الآية فناء الملائكة والثقلين من الجن والانس وسائر عالم الله وبريته
من الطير والوحش والسباع والانعام وكل ذي روح أنه هالك ميت.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {كل شيء هالك إلا وجهه} يعني الحيوان خاصة
من أهل السموات والملائكة ومن في الأرض وجميع الحيوان ثم تهلك السماء
والارض بعد ذلك ولا تهلك الجنة والنار وما فيها ولا العرش ولا الكرسي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما {كل شيء هالك إلا وجهه} إلا ما يريد به وجهه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {كل شيء هالك إلا وجهه} قال : إلا ما أريد به وجهه.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن سفيان قال {كل شيء هالك إلا وجهه} قال : إلا ما أريد به وجهه من الاعمال الصالحة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنه كان اذا أراد ان
يتعاهد قلبه يأتي الخربة يقف على بابها فينادي بصوت حزين : أين أهلك ثم يرجع إلى نفسه فيقول {كل شيء هالك إلا وجهه}.
وأخرج
أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال : لما مات موسى بن عمران عليه
الصلاة والسلام جالت الملائكة عليهم السلام في السموات يقولون : مات موسى
عليه السلام فأي نفس لا تموت
* بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة العنكبوت.
مكية وآياتها تسع وستون.
- مقدمة سورة العنكبوت.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة العنكبوت بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال : نزلت سورة العنكبوت بمكة.
وأخرج
الدارقطني في السنن عن عائشة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات وأربع سجدات يقرأ في
الركعة الاولى بالعنكبوت أو الروم وفي الثانية بيس.
- الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعملن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين.
أَخرَج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي
رضي الله عنه في قوله {الم} {أحسب الناس أن يتركوا} قال : أنزلت في أناس
بمكة قد اقروا بالاسلام فكتب اليهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من
المدينة لما نزلت آية الهجرة : انه لا يقبل منكم قرار ولا اسلام حتى
تهاجروا قال : فخرجوا عامدين إلى المدينة فأتبعهم المشركون فردوهم فنزلت
فيهم هذه الآية فكتبوا إليهم أنه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا فقالوا : نخرج
فان
اتبعنا أحد قاتلناه ، فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم
من قتل ومنهم من نجا فأنزل الله فيهم {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما
فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} النحل الآية 110.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الم} {أحسب الناس} قال نزلت
في أناس من أهل مكة خرجوا يريدون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فعرض لهم
المشركون فرجعوا فكتب إليهم إخوانهم بما نزل فيهم من القرآن فخرجوا فقتل
من قتل وخلص من خلص فنزل القرآن (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال
: نزلت هذه الآيات في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة وهؤلاء الآيات
العشر مدنيات وسائرها مكي.
وأخرج ابن سعد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن عساكر عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : نزلت في عمار بن
ياسر يعذب في الله {أحسب الناس أن يتركوا}.
وأخرج ابن المنذر عن
ابن جريج قال : سمعت ابن عمير وغيره يقولون : كان أبو جهل لعنه الله يعذب
عمار بن ياسر وأمه ويجعل على عمار درعا من حديد في اليوم الصائف وطعن في
حيا أمه برمح ، ففي ذلك نزلت {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا
يفتنون}.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
{وهم لا يفتنون} قال : لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم {ولقد فتنا الذين من
قبلهم} قال : ابتلينا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
أبي حاتم عن قتادة {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
قال : يبتلون {ولقد فتنا الذين من قبلهم} قال : ابتلينا الذين من قبلهم
{فليعلمن الله الذين صدقوا} قال : ليعلم الصادق من الكاذب والطائع من
العاصي وقد كان يقال : ان المؤمن ليضرب بالبلاء كما يفتن الذهب بالنار
وكان يقال : ان مثل الفتنة كمثل الدرهم الريف يأخذه الاعمى ويراه البصير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ {فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} قال : يعلمهم الناس.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية
قال
: كان الله يبعث النَّبِيّ إلى أمته فيلبث فيهم إلى انقضاء اجله في الدنيا
ثم يقبضه الله إليه فتقول الأمة من بعده أو من شاء الله منهم : انا على
منهاج النَّبِيّ وسبيله فينزل الله بهم البلاء فمن ثبت منهم على ما كان
عليه فهو الصادق ومن خالف إلى غير ذلك فهو الكاذب.
وأخرج ابن ماجه ،
وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أول من أظهر اسلامه سبعة ،
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وسمية أم عمار وعمار وصهيب وبلال
والمقداد فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب
وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فالبسوهم
ادراع الحديد فانه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأخذوه فأعطوه
الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد ، والله تعالى
أعلم.
- قوله تعالى : أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء مايحكمون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {أم حسب الذين يعملون السيئات} قال : الشرك.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وابن
المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أن يسبقونا} قال : ان يعجزونا.
-
قوله تعالى : من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم *
ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين * والذين آمنوا
وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون.
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي
الله عنه {من كان يرجو لقاء الله} قال : من كان يخشى البعث في الآخرة.
-
قوله تعالى : ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك
به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون * والذين آمنوا
وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قالت أمي : لا
آكل طعاما ولا أشرب شرابا حتى تكفر بمحمد فامتنعت من الطعام والشراب حتى
جعلوا يسجرون فاها بالعصا فنزلت هذه الآية {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا
وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} الآية.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ووصينا
الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}
قال : أنزلت في سعد بن مالك رضي الله عنه لما هاجر قالت امه : والله لا
يظلني ظل حتى يرجع فأنزل الله في ذلك أن يحسن اليهما ولا يطيعهما في
الشرك.
-
قوله تعالى : ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة
الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله
بأعلم بما في صدور العالمين * وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين.
أخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من
يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله} إلى قوله {وليعلمن المنافقين} قال :
أناس يؤمنون بألسنتهم فاذا أصابهم بلاء من الناس أو مصيبة في أنفسهم أو
أموالهم فتنوا فجعلوا ذلك في الدنيا كعذاب الله في الآخرة.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يقول آمنا بالله}
قال : كان أناس من المؤمنين آمنوا وهاجروا فلحقهم أبو سفيان فرد بعضهم إلى
مكة فعذبهم فافتتنوا فأنزل الله فيهم هذا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله {فإذا أوذي في الله} قال : اذا أصابه بلاء في الله عدل بعذاب الله عذاب الناس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فتنة الناس} قال : يرتد عن دين الله اذا أوذي في الله.
وأخرج
أحمد ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن ماجه
وأبو يعلى ، وَابن حبان وأبو نعيم والبيهقي في شعب الايمان والضياء عن أنس
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أوذيت في الله
وما يؤذى أحد ولقد أخفت في الله وما يخاف احد ولقد أتت علي ثالثة وما لي
ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا ما يواري ابط بلال.
وأخرج ابن جرير عن
الضحاك رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يقول آمنا بالله} قال : ناس من
المنافقين بمكة كانوا يؤمنون فاذا أوذوا وأصابهم بلاء من المشركين رجعوا
إلى الكفر والشرك مخافة من يؤذيهم وجعلوا اذى الناس في الدنيا كعذاب الله.
وأخرج
ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ومن الناس من يقول آمنا بالله} إلى قوله
{وليعلمن المنافقين} قال : هذه الآيات نزلت في القوم الذين ردهم المشركون
إلى مكة وهذه الآيات العشر مدنية.
- قوله تعالى : وقال الذين كفروا
للذين أمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وماهم بحاملين من خطاياهم من شئ
إنهم لكاذبون * وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة
عما كانوا يفترون.
أخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا
سبيلنا ولنحمل خطاياكم} قال : قول كفار قريش بمكة لمن آمن منهم قالوا : لا نبعث نحن ولا أنتم فاتبعونا فان كان عليكم شيء فعلينا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {وقال الذين كفروا} هم القادة من
الكفار {للذين آمنوا} لمن آمن من الاتباع {اتبعوا سبيلنا} ديننا واتركوا
دين محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما هم بحاملين} قال : بفاعلين
{وليحملن أثقالهم} قال : أوزارهم {وأثقالا مع أثقالهم} قال : أوزار من
أضلوا.
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن المنذر عن ابن الحنفية
رضي الله عنه قال : كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس اذا جاؤا إلى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يسلمون يقولون : انه يحرم الخمر ويحرم الزنا
ويحرم ما كانت تصنع العرب فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم ، فنزلت هذه الآية
{وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن
حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم} قال :
هي مثل التي في النحل {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين
يضلونهم} النحل الآية 25.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله
عنه {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم} قال : حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب
من اطاعهم ولا يخفف ذلك عمن اطاعهم من العذاب شيئا.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال أيما داع دعا إلى هدى فاتبع عليه وعمل به فله مثل أجور الذين
اتبعوه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وأيما داع دعا إلى ضلالة فأتبع عليها
وعمل بها فعليه مثل أوزار الذين اتبعوه ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا قال
عون : وكان الحسن رضي الله عنه مما يقرأ عليها {وليحملن أثقالهم وأثقالا
مع أثقالهم} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي امامة رضي الله
عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اياكم والظلم فان الله يقول يوم
القيامة : وعزتي لا يجيزني اليوم ظلم ثم ينادي مناد
فيقول : أين فلان
بن فلان فيأتي فيتبعه من الحسنات أمثال الجبال فيشخص الناس إليها أبصارهم
ثم يقوم بين يدي الرحمن ثم يأمر المنادي ينادي : من كانت له تباعة أو
ظلامة عند فلان بن فلان فهلم فيقومون حتى يجتمعوا قياما بين يدي الرحمن
فيقول الرحمن : اقضوا عن عبدي فيقولون :
كيف نقضي عنه فيقول : خذوا
له من حسناته ، فلا يزالون يأخذون منها حتى لا تبقى منها حسنة وقد بقي من
أصحاب الظلامات فيقول : اقضوا عن عبدي فيقولون : لم يبق له حسنة فيقول :
خذوا من سيئآته فاحملوها عليه ثم نزع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بهذه
الآية {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم}.
وأخرج أحمد عن حذيفة رضي
الله عنه قال : سأل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك القوم
ثم ان رجلا أعطاه فأعطى القوم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من سن
خيرا فاستن به كان له أجره ومن أجور من تبعهم غير منتقص من اجورهم شيئا
ومن أسن شرا فاستن به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من
أوزارهم شيئا.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة وأبي
الدرداء قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيروا سبق المفردون ،
قيل : يا رسول الله
ومن المفردون قال : الذين يهترون في ذكر الله يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافا.
-
قوله تعالى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما
فأخذهم الطوفان وهم ظالمون * فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناه آية
للعالمين.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : بعث الله نوحا وهو ابن أربعين سنة ولبث فيهم ألف سنة إلا
خمسين عاما يدعوهم إلى الله وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس
وفشوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان عمر نوح عليه السلام قبل أن يبعث إلى قومه وبعدما بعث الفا وسبعمائة سنة.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
مجاهد قال : قال لي ابن عمر رضي الله عنهما كم لبث نوح عليه السلام في
قومه قلت : الف سنة إلا خمسين عاما قال : فان من كان قبلكم كانوا أطول
أعمارا ثم لم يزل الناس ينقصون في الاخلاق والآجال والاحلام والاجسام إلى
يومهم هذا.
وأخرج ابن جرير عن عون بن أبي شداد رضي الله تعالى
عنه قال : ان الله أرسل نوحا عليه السلام إلى قومه وهو ابن خمسين
وثلاثمائة سنة فلبث فيهم الف سنة إلا خمسين عاما ثم عاش بعد ذلك خمسين
وثلاثمائة سنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا عن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال : جاء ملك الموت إلى نوح عليه السلام فقال : يا أطول
النبيين عمرا كيف وجدت الدنيا ولذتها قال : كرجل ردخل بيتا له بابان فوقف
وسط الباب هنيهة ثم خرج من الباب الآخر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله
{فأخذهم الطوفان} قال : الماء الذي أرسل عليهم.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال {الطوفان} الغرق.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فأنجيناه وأصحاب السفينة} قال : نوح وبنوه ونساء بنيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {وجعلناها آية للعالمين} قال : أبقاها الله آية فهي على الجودي ، والله أعلم.
-
قوله تعالى : وابراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن
كنتم تعلمون * إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين
تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه
واشكروا له وإليه ترجعون * وإن تكذبوا فقد كذب
أمم من قبلكم وما على
الرسول إلا البلاغ المبين * أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن
ذلك على الله يسير * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله
ينشيء النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير * يعذب من يشاء ويرحم من
يشاء وإليه تقلبون * وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من
دون الله من ولي ولا نصير * والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا
من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم * فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه
أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون * وقال إنما
اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة
يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين * فآمن
له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم * ووهبنا له إسحاق
ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في
الآخرة لمن الصالحين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في
قوله {إنما تعبدون من دون الله أوثانا} قال : أصناما {وتخلقون إفكا} قال :
تصنعون أصناما.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله {وتخلقون إفكا} قال : تنحتون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وتخلقون إفكا} قال : تصنعون كذبا.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن مجاهد ، مثله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده} قال : يبعثه ، وفي قوله {فانظروا
كيف بدأ الخلق} قال : خلق السموات والأرض {ثم الله
ينشئ النشأة
الآخرة} قال : البعث بعد الموت ، وفي قوله {فما كان جواب قومه} قال : قوم
إبراهيم ، وفي قوله {فأنجاه الله من النار} قال : قال كعب ما أحرقت النار
منه إلا وثاقه ، وفي قوله {وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة
بينكم في الحياة الدنيا} قال : انخذوها لثوابها في الحياة الدنيا {ثم يوم
القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا} قال : صارت كل خلة في الدنيا
عداوة على أهلها يوم القيامة إلا خلة المتقين ، وفي قوله {فآمن له لوط}
قال : فصدقة لوط {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال : هاجرا جميعا من كوثي :
وهي من سواد الكوفة إلى الشام ، وفي قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} قال :
عافية وعملا صالحا وثناء حسنا فلست تلقى أحدا من أهل الملل إلا يرضي
إبراهيم يتولاه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم بن أبي النجود رضي الله
عنه أنه قرأ {وتخلقون إفكا} خفيفتين وقرأ {أوثانا مودة} منصوبة منونة
{بينكم} نصب.
وأخرج ابن أبي شيبه عن جبلة بن سحيم قال : سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن صلاة
المريض على العود قال : لا آمركم ان تتخذوا من دون الله أوثانا ، ان استطعت ان تصلي قائما والا فقاعدا والا فمضطجعا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {النشأة الآخرة} قال : هي الحياة بعد الموت : وهو النشور.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فآمن له لوط} قال : صدق إبراهيم عليهما السلام.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال : هو إبراهيم عليه السلام القائل اني مهاجر إلى ربي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه في قوله {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال : إلى حران.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج ، مثله.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال : إلى الشام كان مهاجر.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال سيهاجر خيار أهل
الأرض هجرة بعج هجرة إلى مهاجر إبراهيم عليه السلام.
وأخرج
أبو يعلى ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : أول من هاجر من
المسلمين إلى الحبشة بأهله عثمان بن عفان فقال النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم صحبهما الله ان عثمان لاول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط.
وأخرج
ابن منده ، وَابن عساكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : هاجر
عثمان إلى الحبشة فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم انه أول من هاجر بعد
إبراهيم ولوط.
وأخرج ابن عساكر والطبراني والحاكم في الكني عن زيد بن
ثابت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان بين
عثمان ورقية وبين لوط من مهاجر.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أول من هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عثمان بن عفان كما هاجر لوط إلى إبراهيم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {ووهبنا له إسحاق ويعقوب} قال : هما ولدا إبراهيم ، وفي قوله
{وآتيناه أجره في الدنيا} قال : ان الله رضى أهل الاديان بدينه فليس من
أهل دين إلا وهم يتولون إبراهيم ويرضون به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} قال : الثناء.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {وآتيناه أجره في الدنيا} قال : الولد الصالح والثناء.
-
قوله تعالى : ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد
من العالمين * أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم
المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا إئتنا بعذاب الله إن كنت من
الصادقين * قال رب انصرني على القوم المفسدين * ولما جاءت رسلنا إبراهيم
بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين * قال إن
فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من
الغابرين * ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف
ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين * إنا منزلون على
أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون * ولقد تركنا منها آية
بينة لقوم يعقلون.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنهما في
قوله {وتقطعون السبيل} قال : الطريق اذا مر بهم المسافر وهو ابن السبيل
قطعوا به وعملوا به ذلك العمل الخبيث.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله {وتأتون في ناديكم} قال : مجلسكم.
وأخرج
الفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن أبي الدنيا في
كتاب الصمت ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والشاشي في
مسنده والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان ،
وَابن عساكر عن أم هانى ء بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت : سألت رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى
{وتأتون في ناديكم المنكر} قال كانوا يجلسون بالطريق فيخذفون ابن السبيل ويسخرون منهم.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وهو قول الله {وتأتون في ناديكم المنكر}.
وأخرج
ابن ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {وتأتون في ناديكم
المنكر} قال : الخذف فقال رجل : ومالي قلت هكذا فأخذ ابن عمر كفا من حصباء
فضرب به وجهه وقال : في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخذ بالمعاريض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتأتون في ناديكم المنكر} قال : الخذف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة رضي الله عنه {وتأتون في ناديكم المنكر} قال : كانوا يخذفون الناس.
وأخرج
الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
، وَابن أبي حاتم والخرائطي في مساوى ء الاخلاق عن مجاهد في قوله {وتأتون
في ناديكم المنكر} قال : كان يجامع بعضهم بعضا في المجالس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتاده {وتأتون في ناديكم
المنكر} قال كانوا يعملون الفاحشة في مجالسهم.
وأخرج
البخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عائشة
رضي الله عنها في قوله {وتأتون في ناديكم المنكر} قال : الضراط.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه أنه سئل عن قول الله {وتأتون في ناديكم المنكر} ماذا كان المنكر
الذي كانوا يأتون قال : كانوا يتضارطون في مجالسهم يضرط بعضهم على بعض ،
والنادي هو المجلس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتأتون في ناديكم المنكر} قال : الصفير ولعب الحمام والجلاهق وحل ازرار القباء.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قال إن فيها لوطا
قالوا نحن أعلم بمن فيها}
قال : لا يلقى المؤمن إلا يرحم المؤمن ويحوطه حيثما كان
وفي
قوله {إلا امرأته كانت من الغابرين} قال : من الباقين في عذاب الله ، وفي
قوله {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا} قال : ساء بقومه ظنا
يتخوفهم على اضيافه وضاق ذرعا بضيفه مخافة عليهم ، وفي قوله {إنا منزلون
على أهل هذه القرية رجزا من السماء} قال : عذابا من السماء ، وفي قوله
{ولقد تركنا منها آية بينة} قال : هي الحجارة التي أمطرت عليهم أبقاها
الله.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولقد تركنا منها آية بينة} قال : عبرة.
-
قوله تعالى : وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم
الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين * فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في
دارهم جاثمين * وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان
أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين * وقارون وفرعون وهامان ولقد
جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين * فكلا أخذنا
بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا
به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
أخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فأخذتهم الرجفة} قال : الصيحة ، وفي
قوله {وكانوا مستبصرين} قال : في الضلالة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن
أبي
حاتم عن قتادة في قوله {فأصبحوا في دارهم جاثمين} قال : ميتين ، وفي قوله
{وكانوا مستبصرين} قال : معجبين بضلالتهم ، وفي قوله {فمنهم من أرسلنا
عليه حاصبا} قال : هم قوم لوط {ومنهم من أخذته الصيحة} قال : قوم صالح
وقوم شعيب {ومنهم من خسفنا به الأرض} قال : قارون {ومنهم من أغرقنا} قال :
قوم نوح وفرعون وقومه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {أرسلنا عليه حاصبا} قال : حجارة.
-
قوله تعالى : مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت
بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون * إن الله يعلم ما
يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن
أبي
حاتم عن قتادة في قوله {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل
العنكبوت} قال : هذا مثل ضربه الله للمشرك ، انه لن يغني عنه الهه شيئا من
ضعفه وقلة اجزائه مثل ضعف بيت العنكبوت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء} قال : ذاك
مثل ضربه الله لمن عبد غيره ، ان مثله كمثل بيت العنكبوت.
وأخرج أبو
داود في مراسيله عن يزيد بن مرثد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم العنكبوت شيطان مسخها الله فمن وجدها فيلقتلها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن ميسرة قال (العنكبوت) شيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : نسجت العنكبوت مرتين ، مرة على داود عليه السلام ، والثانية على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الخطيب عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت أنا وأبو بكر
الغار فاجتمعت العنكبوت فنسجت بالباب فلا تقتلوهن.
- قوله تعالى : وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون * خلق الله السموات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين.
أخرج
ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال : ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها
إلا أحزنتني لاني سمعت الله تعالى يقول {وتلك الأمثال نضربها للناس وما
يعقلها إلا العالمون}.
- قوله تعالى : اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
أخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} يقول : في الصلاة منتهى ومزدجر
عن معاصي الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية رضي الله عنه في
قوله {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} قال : الصلاة فيها ثلاث خلال ،
الاخلاص والخشية وذكر الله فكل صلاة ليس فيها من هذه الخلال فليس بصلاة ،
فالاخلاص يامره بالمعروف والخشية تنهاه عن المنكر وذكر الله القرآن يامره
وينهاه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الربيع بن أنس رضي
الله عنه انه كان يقرؤها (ان الصلاة تأمر بالمعروف تنهي عن الفحشاء
والمنكر).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عمران بن حصين
رضي الله عنه قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قول الله {إن
الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} فقال من لم تنهه صلاته عن الفحشاء
والمنكر فلا صلاة له.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم
تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان عن الحسن رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء
والمنكر فلا صلاة لهز وفي لفظ لم يزدد بها من الله إلا بعدا.
وأخرج
الخطيب في رواة مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم من صلى صلاة لم تأمره بالمعروف وتنهه عن المنكر لم تزده
صلاته من الله إلا بعدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
مردويه بسند ضعيف عن ابن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول لا صلاة لمن لم يطيع الصلاة
وطاعة الصلاة ان تنهى عن الفحشاء والمنكر.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قيل له : ان فلانا يطيل
الصلاة قال : ان الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها ثم قرأ {إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء والمنكر}.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير
، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال :
من لم تأمره الصلاة بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا.
وأخرج
أحمد ، وَابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ان فلانا يصلي بالليل فاذا أصبح سرق
قال : انه سينهاه ما تقول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : يا ابن آدم إنما الصلاة التي تنهى عن
الفحشاء والمنكر فان لم تنهك صلاتك عن الفحشاء والمنكر فانك لست تصلي.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي عون الانصاري في قوله {إن الصلاة تنهى
عن الفحشاء والمنكر} قال : اذا كنت في صلاة فأنت في معروف وقد حجزتك
الصلاة عن الفحشاء والمنكر والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حماد بن أبي سليمان رضي
الله عنه في قوله {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} قال : ما دمت فيها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} قال : القرآن الذي يقرأ في المساجد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !
{ولذكر الله أكبر} قال : ولذكر الله لعباده اذا ذكروه أكبر من ذكرهم اياه.
وأخرج
الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن عبد الله بن ربيعة قال : سألني
ابن عباس رضي الله عنهما عن قول الله {ولذكر الله أكبر} فقلت : ذكر الله
بالتسبيح والتهليل والتكبير ، قال : لا ، ذكر الله اياكم أكبر من ذكركم
اياه ثم قرأ {فاذكروني أذكركم} البقرة الآية 152.
وأخرج ابن أبي شيبه
وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير عن ابن مسعود
رضي الله عنه {ولذكر الله أكبر} قال : ذكر الله العبد أكبر من ذكر العبد
لله.
وأخرج ابن السني ، وَابن مردويه والديلمي عن ابن عمر رضي الله
عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {ولذكر الله أكبر} قال ذكر
الله اياكم أكبر من ذكركم اياه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عطية
رضي الله عنه في قوله {ولذكر الله أكبر} قال : هو قوله {فاذكروني أذكركم}
فذكر الله اياكم أكبر من ذكركم اياه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
{ولذكر الله أكبر} قال : لذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه في الصلاة
وغيرها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {ولذكر الله أكبر} يقول : لذكر الله اياكم اذا ذكرتموه أكبر من ذكركم اياه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، عَن جَابر قال : سألت أبا قرة عن قوله {ولذكر الله أكبر} قال : ذكر الله أكبر من ذكركم إياه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {ولذكر الله} عندما حرمه وذكر الله اياكم أعظم من ذكركم اياه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي مالك رضي الله عنه {ولذكر الله أكبر} قال : ذكر الله العبد في الصلاة أكبر من الصلاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولذكر الله أكبر} قال : لا شيء أكبر من ذكر الله.
وأخرج
أحمد في الزهد ، وَابن المنذر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : ما عمل
آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله ، قالوا : ولا الجهاد في سبيل
الله قال : ولا ان يضرب بسيفه حتى ينقطع لان الله تعالى يقول في كتابه
{ولذكر الله أكبر}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه ، وَابن
المنذر والحاكم في الكني والبيهقي في شعب الايمان عن عنترة قال : قلت لابن
عباس رضي الله عنهما : أي العمل أفضل قال : ذكر الله أكبر وما قعد قوم في
بيت من بيوت الله يدرسون كتاب الله ويتعاطونه بينهم إلا أظلتهم الملائكة
بأجنحتها وكانوا أضياف الله ما داموا فيه حتى يفيضوا في حديث غيره وما سلك
رجل طريقا يلتمس فيه العلم إلا سهل الله له طريقا إلى الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ألا
أخبركم بخير
أعمالكم
وأحبها إلى مليككم وانماها في درجاتكم وخير من ان تلقوا عدوكم فيضربوا
رقابكم وتضربوا رقابهم وخير من اعطاء الدنانير والدراهم ، قالوا : وما هو
يا أبا الدرداء قال : ذكر الله {ولذكر الله أكبر}.
وأخرج ح والبيهقي عن
أم الدرداء رضي الله عنها قالت {ولذكر الله أكبر} وان صليت فهو من ذكر
الله وان صمت فهو من ذكر الله وكل خير تعمله فهو من ذكر الله وكل شر
تجتنبه فهو من ذكر الله وأفضل من ذلك تسبيح الله.
وأخرج ابن جرير عن
سلمان رضي الله عنه أنه سئل أي العمل أفضل قال : أما تقرأ القرآن {ولذكر
الله أكبر} لا شيء أفضل من ذكر الله ، والله أعلم.
- قوله تعالى : ولا
تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا
بالذي أنزل إلينا وأزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون * وكذلك
أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به
وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون.
أخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن مجاهد
في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم}
قال : الذين قالوا : مع الله اله أو له ولد أوله شريك أو يد الله مغلولة
أو الله فقير ونحن
أغنياء أو آذى محمدا صلى الله عليه وسلم وهم أهل
الكتاب ، وفي قوله {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} قال : لمن
يقول هذا منهم ، يعني من لم يقل مع الله اله أوله ولد أوله شريك أو يد
الله مغلولة أو الله فقيرا وآذى محمدا صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
الفريابي ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا
بالتي هي أحسن} قال : ان قالوا شرا فقولوا خيرا {إلا الذين ظلموا منهم}
فانتصروا منهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا
الذين ظلموا منهم}
قال : لا تقاتلوا إلا من قاتل ولم يعط الجزية ومن أدى منهم الجزية فلا تقولوا لهم إلا حسنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قال : بلا اله إلا الله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في الآية قال {التي هي أحسن} قولوا {آمنا
بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} فهذه
مجادلتهم بالتي هي أحسن.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في المصاحف عن
قتادة {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قال : نهى عن مجادلتهم
في هذه الآية ، ثم نسخ ذلك فقال {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم
الآخر} ولا مجادلة أشد من السيف.
وأخرج البخاري والنسائي ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية
ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم
وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ،
وَابن جَرِير عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : كانت اليهود يحدثون
أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسبحون كانهم يعجبون فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا
وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن سعد وأحمد والبيهقي في
سننه
عن أبي نملة الانصاري رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال لجنازة : أنا
أشهد أنه تتكلم ، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا حدثكم أهل
الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا : آمنا بالله وكتبه ورسله فان كان
حقا لم تكذبوهم وان كان باطلا لم تصدقوهم.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه"
وفي الشعب والديلمي وأبو نصر السجزي في الابانة ، عَن جَابر بن عبد الله
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألوا هل الكتاب
عن شيء فانهم لن يهدوكم وقد ضلوا اما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق والله
لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني.
وأخرج عبد الرزاق
عن زيد بن أسلم قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا
تسألوا أهل الكتاب عن شيء فانهم لن يهدوكم وقد ضلوا أنفسهم.
وأخرج عبد
الرزاق ، وَابن جَرِير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لا تسألوا أهل
الكتاب عن شيء فانهم لن يهدوكم وقد ضلوا لتكذبوا بحق وتصدقوا
بباطل ، فان كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه.
-
قوله تعالى : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب
المبطلون * بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا
إلا الظالمون * وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند
الله وإنما أنا نذير مبين.
أخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد ، في قوله {وما كنت تتلو من قبله من
كتاب ولا تخطه بيمينك} قال : كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى
الله عليه وسلم لا يخط بيمينه ولا يقرأ كتابا ، فنزلت {وما كنت تتلو من
قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون} قريش.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والاسمعيلي في معجمه عن ابن عباس في
قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال : لم يكن رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب كان أميا ، وفي قوله {بل هو آيات
بينات في صدور الذين أوتوا العلم} قال : كان الله أنزل شأن محمد صلى الله
عليه وسلم في التوراة والانجيل لأهل العلم وعلمه لهم وجعله لهم آية فقال
لهم : ان آية نبوته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابا ولا يخطه بيمينه ، وهي
الآيات البينات التي قال الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله
{وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال : كان النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم لا يقرأ كتابا قبله ولا يخطه بيمينه وكان أميا لا يكتب ،
وفي قوله {آيات بينات} قال : النَّبِيّ آية بينة ? {في صدور الذين أوتوا
العلم من أهل الكتاب > ? قال : وقال الحسن : القرآن {آيات بينات في
صدور الذين أوتوا العلم} يعني المؤمنين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي
حاتم عن الضحاك في الآية قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يقرأ
ولا يكتب وكذلك جعل نعته في التوراة والانجيل أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ،
وهي الآية البينة ، وهي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون} قال : يعني
صفته التي وصف لأهل الكتاب يعرفونه بالصفة.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه"
عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب} قال :
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب.
- قوله تعالى :
أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم
يؤمنون * قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السموات والأرض
والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون.
أخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله ، وَابن جرير
وابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن يحي بن جعدة رضي الله عنه قال : جاء ناس من
المسلمين بكتب قد كتبوها فيها بعض ما سمعوه من اليهود ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم
إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم ، فنزلت {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك
الكتاب يتلى عليهم} الآية.
وأخرج الاسمعيلي في معجمه ، وَابن مردويه من
طريق يحيى ابن جعدة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان ناس من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتبون من
التوراة فذكروا ذلك لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال ان أحمق الحمق وأضل الضلالة قوم رغبوا عما جاء به
نبيهم إلى نبي غير نبيهم والى أمة غير أمتهم ، ثم أنزل الله {أو لم يكفهم
أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف
والبيهقي في شعب الايمان عن الزهري : أن حفصة جاءت إلى النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرأه عليه والنبي صلى الله
عليه وسلم يتلون وجهه فقال والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا بينكم
فاتبعتموه وتركتموني
لضللتم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد ،
وَابن الضريس والحاكم في الكني والبيهقي في شعب الايمان عن عبد الله بن
ثابت بن الحرث الانصاري قال : دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال : هذه
أصبتها مع رجل من أهل الكتاب أعرضها عليك ، فتغير وجه رسول الله صلى الله
عليه وسلم تغيرا شديدا لم أر مثله قط فقال عبد الله بن الحارث لعمر رضي
الله عنهما : أما ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله
عنه : رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا ، فسرى عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقال ولو نزل موسى فأتبعوه وتركتموني لضللتم انا حظكم
من النبيين وأنتم حظي من الامم.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي
قلابة ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر برجل يقرأ كتابا فاستمعه ساعة
فاستحسنه فقال للرجل : اكتب لي من هذا الكتاب قال : نعم ، فاشترى أديما
فهيأه ثم جاء به اليه فنسخ له في ظهره وبطنه ثم أتى النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فجعل يقرأه عليه وجعل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلون
فضرب رجل من الانصار بيده الكتاب وقال : ثكلتك أمك يا ابن
الخطاب
أما ترى ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا
الكتاب فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عند ذلك انما بعثت فاتحا وخاتما
وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لي الحديث اختصارا فلا يهلكنكم
المتهوكون.
وأخرج البيهقي وضعفه عن عمر بن الخطاب قال : سألت رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن تعلم التوراة فقال لا تتعلمها وآمن بها وتعلموا ما
أنزل اليكم وآمنوا به.
وأخرج ابن الضريس عن الحسن ان عمر بن الخطاب رضي
الله عنه قال : يا رسول الله ان أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت
بقلوبنا وقد هممنا ان نكتبها فقال يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت
اليهود والنصاري أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولكني
أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصارا.
وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي ملكية قال : أهدى عبد الله بن عامر بن
كرز
إلى عائشة رضي الله عنها هدية فظنت أنه عبد الله بن عمرو فردتها وقالت :
يتتبع الكتب وقد قال الله {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى
عليهم} فقيل لها : انه عبد الله بن عامر ، فقبلتها.
- قوله تعالى :
ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا
يشعرون * يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين * يوم يغشاهم
العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون.
أخرج ابن
جرير عن قتادة {ويستعجلونك بالعذاب} قال : قال ناس من جهلة هذه الامة
{اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا
بعذاب أليم}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون} قال : يوم بدر.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن جهنم لمحيطة
بالكافرين} قال : جهنم هو هذا البحر الاخضر تنتثر الكواكب فيه ويكون فيه
الشمس والقمر ثم تستوقد ثم يكون هو جهنم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وإن جهنم لمحيطة} قال : البحر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يوم يغشاهم العذاب} قال : النار.
- قوله تعالى : يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون.
أَخْرَج
الفريابي ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان عن سعيد بن جبير رضي
الله عنه في قوله {يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة} قال : اذا عمل في
الأرض بالمعاصي فاخرجوا منها.
وأخرج ابن أبي شيبه عن سعد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إن أرضي واسعة} قال : من أمر بمعصية فليهرب.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون} قال : فهاجروا وجاهدوا.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزلة ، وَابن جَرِير عن عطاء في الآية قال : اذا
أمرتم بالمعاصي فاذهبوا فان أرضي واسعة.
وأخرج
أحمد عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فحيثما أصبت خيرا فأقم.
وأخرج
الطبراني والقضاعي والشيرازي في الالقاب والخطيب ، وَابن النجار والبيهقي
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سافروا
وتصحوا وتغنموا.
- قوله تعالى : كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون *
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون.
أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما نزلت هذه الآية انك ميت وانهم ميتون) قلت : يا رب أيموت الخلائق كلهم وتبقى الانبياء نزلت {كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون}.
-
قوله تعالى : وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع
العليم * ولئن سألتم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله
فأنى يؤفكون * الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل
شيء عليم * ولئن سألتم من نزل من السماء ماءا فأحيا به الأرض من بعد موتها
ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لايعقلون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي ، وَابن عساكر بسند ضعيف عن ابن
عمر رضي الله عنهما قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
دخل
بعض حيطان المدينة فجعل يلتقط من التمر ويأكل فقال يا ابن عمر مالك لا
تأكل قلت : لا أشتهيه يا رسول الله ، قال : لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة
منذ لم أذق طعاما ولم أجده ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسى وقيصر
فكيف بك يا ابن عمر اذا بقيت في قوم يخبؤون رزق سنتهم ويضعف اليقين قال :
فو الله ما برحنا ولارمنا حتى نزلت {وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله
يرزقها وإياكم وهو السميع العليم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان
الله لم يأمرني بكنز الدنيا ولا باتباع الشهوات إلا وإني لا أكنز دينارا
ولا درهما ولا أدخر رزقا لغد.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وكأين من دابة لا تحمل رزقها}
قال : الطير والبهائم.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن
الاقمر في قوله {وكأين من دابة لا تحمل رزقها} قال : لا تظفر شيئا لغد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي مجلز في الآية قال : من الدواب لا يستطيع أن يدخر لغد يوفق رزقه كل يوم حتى يموت.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {فأنى يؤفكون} قال : يعدلون.
-
قوله تعالى : وما هذه الحياة الدنيا إلا لخو ولعب وإن الدار الآخرة لهي
الحيوان لو كانوا يعلمون * فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين
فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف
يعلمون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} قال : باقية.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن الضحاك في قوله {لهي الحيوان} قال : الحياة الدائمة.
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن أبي جعفر رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عجبا كل العجب للمصدق بدار الحيوان
وهو يسعى لدار الغرور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا ركبوا في الفلك} قال : الخلق كلهم يقرون
لله أنه ربهم ثم يشركون بعد ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فتمتعوا فسوف تعلمون} قال : ما كان في الدنيا فسوف ترونه وما كان في الآخرة فسيبدو لكم.
-
قوله تعالى : أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم
أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون * ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا
أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين * والذين جاهدوا فينا
لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
{أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا} قال : قد كان لهم في ذلك آية ان الناس
يغزون ويتخطفون وهم آمنون {أفبالباطل يؤمنون} أي
بالشرك {وبنعمة الله يكفرون} أي يجحدون.
وأخرج
جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما انهم قالوا : يا محمد ما
يمنعنا ان ندخل في دينك إلا مخافة ان يتخطفنا الناس لقلتنا والعرب أكثر
منا فمتى بلغهم انا قد دخلنا في دينك اختطفنا فكنا أكلة رأس ، فأنزل الله
{أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا} العنكبوت الآية 67.
* بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة الروم.
مكية وآياتها ستون.
- مقدمة سورة الروم.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الروم بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير ، مثله.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد بسند حسن عن رجل من الصحابة ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح فقرأ فيها سورة الروم.
وأخرج البزار عن الاغر المزني رضي الله عنه ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الصبح بسورة الروم.
وأخرج عبد الرزاق عن معمر بن عبد الملك بن عمير ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ في الفجر يوم الجمعة بسورة الروم.
وأخرج
ابن أبي شيبه في المصنف وأحمد ، وَابن قانع من طريق عبد الملك بن عمير عن
أبي روح رضي الله عنه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فقرأ
سورة
الروم فتردد فيها فلما انصرف قال انما يلبس علينا صلاتنا قوم يحضرون الصلاة بغير طهور من شهد الصلاة فليحسن الطهور.
-
الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين
لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء
وهو العزيز الرحيم * وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون
أخرج
أحمد والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني
في الكبير والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الم غلبت الروم} قال : غلبت ، وغلبت قال
: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أصحاب أوثان وكان
المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أصحاب كتاب فذكروه لابي بكر
رضي الله عنه فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أما انهم سيغلبون فذكره أبو بكر رضي الله عنه لهم
فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلا فان ظهرنا كان لنا كذا وكذا وان ظهرتم كان
لكم كذا وكذا ، فجعل بينهم أجلا خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبو بكر
لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إلا جعلته أراه قال : دون العشر
فظهرت الروم بعد ذلك فذلك قوله {الم غلبت الروم} فغلبت ثم غلبت بعد ، يقول
الله {لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} قال
سفيان : سمعت أنهم قد ظهروا عليهم يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن
ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان فارس ظاهرين على الروم وكان المشركون
يحبون أن تظهر فارس على الروم وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس
لأنهم أهل كتاب وهم أقرب إلى دينهم ، فلما نزلت {الم غلبت الروم في أدنى
الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} قالوا : يا أبا بكر ان صاحبك
يقول ان الروم تظهر على فارس في بضع سنين ، قال : صدق قالوا : هل لك إلى
أن نقامرك فبايعوه على أربعة قلائص إلى سبع سنين فمضى السبع سنين ولم يكن
شيء ، ففرح المشركون بذلك وشق على المسلمين ، وذكر ذلك للنبي صلى الله
عليه وسلم فقال ما بضع سنين قال : فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور
الروم على فارس ففرح الممؤمنون بذلك وأنزل الله {الم غلبت الروم} إلى قوله
{وعد الله لا يخلف الله وعده}.
وأخرج أيو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن البراء بن
عازب رضي الله عنه قال : لما أنزلت {الم غلبت الروم} قال المشركون لأبي بكر
رضي
الله عنه : ألا ترى إلى ما يقول صاحبك ، يزعم ان الروم تغلب فارس قال :
صدق صاحبي ، قالوا : هل لك ان نخاطرك فجعل بينه وبينهم أجلا فحل الاجل قبل
أن يبلغ الروم فارس فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فساءه وكرهه
وقال لأبي بكر ما دعاك إلى هذا قال : تصديقا لله ورسوله فقال : تعرض لهم
وأعظم الخطر واجعله إلى بضع سنين ، فأتاهم أبو بكر رضي الله عنه فقال : هل
لكم في العود فان العود أحمد قالوا : نعم ، ثم لم تمض تلك السنون حتى غلبت
الروم فارس وربطوا خيولهم بالمدائن وبنوا الرومية فقمر أبو بكر فجاء به
أبو بكر يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : هذا السحت تصدق به.
وأخرج الترمذي وصححه والدار قطني في
الافراد والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي في شعب
الايمان عن يسار بن مكرم السلمي قال : لما نزلت {الم غلبت الروم} ، كانت
فارس
يوم نزلت هذه الآية قاهرين الروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم
لأنهما وإياهم أهل كتاب وفي ذلك يقول الله {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر
الله} وكانت قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا أهل كتاب ولا إيمان
ببعث فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر رضي الله عنه يصيح في نواحي
مكة {الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين}
فقال ناس من قريش لأبي بكر : ذاك بيننا وبينكم يزعم صاحبك ان الروم ستغلب
فارس في بضع سنين أفلا نراهنك على ذاك قال : بلى - وذلك قبل تحريم الرهان
- فارتهن أبو بكر رضي الله عنه المشركون وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر
: لم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسم بيننا وبينك وسطا تنتهي اليه
قال : فسموا بينهم ست سنين فمضت الست قبل أن يظهروا فأخذ المشركون رهن أبي
بكر رضي الله عنه فلما دخلت السنة السابعه ظهرت الروم على فارس فعاب
المسلمون على أبي بكر رضي الله عنه بتسميته ست سنين قال : لأن الله قال
{في بضع سنين} فأسلم عند ذلك ناس كثير.
وأخرج الترمذي وحسنه ،
وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : لما نزلت {الم غلبت
الروم} ألا يغالب البضع دون العشر
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر ،
وَابن أبي حاتم وة والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر عن ابن شهاب رضي
الله عنه قال : بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة يقولون
: الروم أهل كتاب وقد غلبتهم الفرس وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب
الذي أنزل على نبيكم وسنغلبكم كما غلبت فارس الروم فأنزل الله {الم غلبت
الروم} قال ابن شهابك فاخبرني عبيد الله بن عبد الله بن
عتبة بن
مسعود قال : انه لما نزلت هاتان الآيتان فأمر أبو بكر بعض المشركين - قبل
أن يحرم القمار - على شيء ان لم تغلب الروم فارس في بضع سنين فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لم فعلت فكل ما دون العشر بضع فكان ظهور فارس على
الروم في سبع سنين ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية ففرح
المسلمون بظهور أهل الكتاب.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردوية عن أبي سعيد قال : كان يوم
بدر ظهرت الروم على قارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت {الم غلبت الروم} قرأها
بالنصب إلى قوله {يفرح المؤمنون بنصر الله} قال : ففرح المؤمنو بظهور
الروم على فارس قال الترمذي : هكذا قرأ {غلبت}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر
من
طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله {الم غلبت الروم} قال : قد مضى ،
كان ذلك في أهل فارس والروم وكانت فارس قد غلبتهم ثم غلبت الروم بعد ذلك
والتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على
العجم ، قال عطية : وسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك عن ذلك فقال : التقينا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشركي العرب والتقت الروم وفارس فنصرنا
على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على المجوس ففرحنا بنصر الله ايانا على
المشركين وفرحنا بنصر أهل الكتاب على المجوس فذلك قوله {ويومئذ يفرح
المؤمنون بنصر الله}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن
قتادة {الم غلبت الروم في أدنى الأرض} قال : غلبتهم أهل فارس على أدنى
أرضك الشام ، {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} قال : لما أنزل الله هؤلاء
الآيات صدق
المسلمون ربهم وعرفوا أن الروم
ستظهر على أهل فارس
فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص وأجلوا بينهم خمس سنين فولي قمار
المسلمين أبو بكر وولي قمار المشركين ابي بن خلف - وذلك قبل أن ينهى عن
القمار - فجاء الاجل ولم تظهر الروم على فارس فسأل المشركون قمارهم فذكر
ذلك أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال
ألم تكونوا أحقاء أن تؤجلوا أجلا دون العشر فان البضع ما بين الثلاث إلى
العشر فزايدوهم وما دوهم في الاجل فأظهر الله الروم على فارس عند رأس
السبع من قمارهم الاول فكان ذلك مرجعهم من الحديبيه وكان مما شد الله به
الإسلام فهو قوله {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله}.
وأخرج ابن أبي
حاتم والبيهقي عن الزبير الكلابي قال : رأيت غلبة فارس الروم ثم رأيت غلبة
الروم فارس ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم وظهورهم على الشام والعراق
، كل ذلك في خمس عشرة سنة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سيجيء أقوام يقرأون !
{غلبت الروم} وإنما هي {غلبت}.
وأخرج
ابن مردويه عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل رضي الله عنه عن
قول الله {الم غلبت الروم} أو {غلبت} فقال : اقرأني رسول الله صلى الله
عليه وسلم {الم غلبت الروم}.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الم غلبت
الروم} قال : غلبتهم فارس ثم غلبت الروم فارس ، وفي قوله {في أدنى الأرض}
قال : في طرف الأرض : الشام.
وأخرج الطبراني في الاوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البضع ما بين السبع إلى العشرة.
وَأخرَج
الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن نيار بن مكرم قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم البضع : ما بين الثلاث إلى التسع.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق إبراهيم بن سعد
عن أبي الحويرث رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {بضع سنين} ما بين خمس إلى سبع.
وأخرج ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال البضع سبع سنين.
وأخرج
ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {الم غلبت الروم} إلى قوله {أكثر الناس لا
يعلمون} قال : ذكر غلبة فارس اياهم وادالة الروم على فارس وفرح المؤمنون
بنصر الله أهل الكتاب على فارس من أهل الاوثان.
وأخرج ابن جرير عن
عكرمة أن الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض قال : وأدنى الأرض يومئذ
اذرعات ، بها التقوا فهزمت الروم فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
وأصحابه وهم بمكة فشق ذلك عليهم وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يكره
ان يظهر الاميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم وفرح الكفار بمكة
وشمتوا فلقوا أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : انكم أهل
الكتاب وانكم ان قاتلتمونا لنظهرن عليكم ، فأنزل الله {الم غلبت الروم}.
فخرج
أبو بكر رضي الله عنه إلى الكفار فقال : فرحتم بظهور اخوانكم على اخواننا
فلا تفرحوا ولا يقرن الله عينكم فوالله لتظهرن الروم على فارس أخبرنا بذلك
نبينا صلى الله عليه وسلم فقام اليه أبي بن خلف فقال : كذبت ، فقال له أبو
بكر رضي الله عنه : أنت أكذب يا عدو الله ، قال : انا أحبك عشر قلائص مني
وعشر فلائص منك فان ظهرت الروم على فارس غرمت وان ظهرت فارس غرمت إلى ثلاث
سنين فجاء أبو بكر رضي الله عنه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره
فقال ما هكذا ذكرت انما البضع من الثلاث إلى التسع فزايده في الخطر وماده
في الاجل فخرج أبو بكر رضي الله عنه فلقي أبيا فقال : لعلك ندمت قال : لا
، قال : تعال أزايدك في الخطر وأمادك في الاجل فاجعلها مائة قلوص إلى تسع
سنين قال : قد فعلت.
وأخرج ابن جرير عن سليط قال : سمعت ابن عمر رضي
الله عنهما يقرأ {الم غلبت الروم} قيل له : يا أبا عبد الرحمن على أي شيء
غلبوا قال : على ريف الشام.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {لله الأمر من قبل} دولة فارس على
الروم {ومن بعد} دولة الروم على فارس.
-
قوله تعالى : يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون *
أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق
وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون * أولم يسيروا في الأرض
فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض
وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم
ولكن كانوا أنفسهم يظلمون * ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوء أن كذبوا
بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون * الله يبدؤ الخلق ثم يعيده ثم إليه
ترجعون * ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون * ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء
وكانوا بشركائهم كافرين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} يعني معايشهم ، متى
يغرسون ومتى يزرعون ومتى يحصدون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {يعلمون ظاهرا من الحياة
الدنيا} يعرفون عمران الدنيا ، وهم في امر الآخرة جهال.
وأخرج عبد
الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاردة رضي
الله عنه في قوله {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} قال : يعلمون تجارتها
وحرفتها وبيعها.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {يعلمون ظاهرا من الحياة
الدنيا} قال : معايشهم وما يصلحهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم ، وَابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : ليبلغ من
حذق أحدهم بأمر دنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزنة وما يحسن
يصلي.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو في قوله {كانوا هم أشد منهم قوة} قال :
كان الرجل ممن كان قبلكم بين منكبيه ميل.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله {وأثاروا الأرض} قال : حرثوا الأرض.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن الضحاك في قوله {وأثاروا الأرض} يقول : جنانها وأنهارها
وزروعها {وعمروها أكثر مما عمروها} يقول : عاشوا فيها أكثر من عيشكم فيها.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى} قال : الذين كفروا جزاؤهم العذاب.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال {السوأى} الاساءة جزاء المسيئين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يبلس} قال : ييأس.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يبلس} قال : يكتئب.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال {يبلس} قال : يكتئب.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : الابلاس الفضيحة.
-
قوله تعالى : ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون * فأما الذين آمنوا وعملوا
الصالحات فهم في روضة يحبرون * وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء
الآخرة فأولئك في العذاب محضرون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ويوم تقوم الساعة يومئذ
يتفرقون} قال : فرقة لا اجتماع بعدها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {يومئذ يتفرقون} قال : هؤلاء في عليين وهؤلاء في أسف سافلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {في روضة} يعني بساتين الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {في روضة يحبرون} قال : في جنة يكرمون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يحبرون}
قال : يكرمون.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يحبرون} قال : ينعمون.
وأخرج سعيد
بن منصور ، وَابن أبي شيبه وهناد بن السري ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والخطيب في
تاريخه عن يحيى بن أبي كثير {في روضة يحبرون} قال : لذة السماع في الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن أبي كثير في قوله (يحبرون) قيل : يا رسول الله ما الحبر قال اللذة والسماع.
وأخرج
ابن عساكر عن الاوزاعي في قوله {في روضة يحبرون} قال : هوالسماع اذا أراد
أهل الجنة أن يطربوا أوحى الله إلى رياح يقال لها : الهفافة ، فدخلت في
آجام قصب اللؤلؤ الرطب فحركته فضرب بعضه بعضا فتطرب الجنة فاذا طربت لم
يبق في الجنة شجرة إلا وردت.
وأخرج ابن أبي شيبه وهناد ، وَابن
جَرِير والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه ، انه سئل هل في الجنة سماع فقال :
ان فيها لشجرة يقال لها القيض لها سماع لم يسمع السامعون إلى مثله.
وأخرج
ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والاصبهاني في الترغيب عن محمد بن المنكدر
قال : اذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الذين ينزعون أنفسهم عن اللهو
مزامير الشيطان أسكنوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة : أسمعوهم حمدي
وثنائي وأعلموهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأخرج الدينوري في المجالسة عن مجاهد رضي الله عنه قال : ينادي مناد يوم
القيامة
أين الذين كانوا ينزهون أصواتهم واسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان
فيحملهم الله في رياض الجنة من مسك فيقول للملائكة اسمعوا عبادي تحميدي
وتمجيدي وأخبروهم ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأخرج الديلمي ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم القيامة
قال
الله : أين الذين كانوا ينزهون اسماعهم وأبصارهم عن مزامير الشيطان ميزوهم
فيميزون في كتب المسك والعنبر ثم يقول للملائكة : أسمعوهم من تسبيحي
وتحميدي وتهليلي قال : فيسبحون بأصوات لم يسمع السامعون بمثلها قط.
وأخرج
ابن أبي الدنيا والضياء المقدسي كلاهما في صفة الجنة بسند صحيح عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : في الجنة شجرة على ساق قدر ما يسير الراكب
المجد في ظلها مائة عام فيخرج أهل الجنة أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في
ظلها فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك
الشجرة بكل لهو كان في الدنيا.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن سابط قال : ان في الجنة لشجرة لم يخلق الله من صوت حسن إلا وهو في جرمها يلذذهم وينعمهم.
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل
: يا رسول الله اني رجل حبب إلى الصوت الحسن فهل في الجنة صوت
حسن
فقال أي والذي نفسي بيده ان الله يوحي إلى شجرة في الجنة : ان أسمعي عبادي
الذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عن عزف البرابط والمزامير فترفع بصوت لم يسمع
الخلائق بمثله من تسبيح الرب وتقديسه.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي
موسى الاشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين في الجنة ، قيل : ومن
الروحانيون يا رسول الله قال : قراء أهل الجنة.
وأخرج الخطيب في المتفق
والمفترق عن سعيد بن أبي سعيد الحارثي رضي الله عنه قال : ان في الجنة
آجاما من قصب من ذهب حملها اللؤلؤ اذا اشتها أهل الجنة صوتا بعث الله ريحا
على تلك الآجام فأتتهم بكل صوت حسن يشتهونه ، والله أعلم.
- قوله تعالى
: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السموات والأرض وعشيا
وحين تظهرون * يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد
موتها وكذلك تخرجون.
أخرج الفريابي ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أدنى ما يكون من
الحين بكرة وعشيا ثم قرأ {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون}.
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه عن أبي رزين رضي الله عنه قال : جاء نافع بن
الازرق إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن
قال : نعم ، فقرأ {فسبحان الله حين تمسون} صلاة المغرب {وحين تصبحون} صلاة
الصبح {وعشيا} صلاة العصر {وحين تظهرون} صلاة الظهر وقرأ (ومن بعد صلاة
العشاء).
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : جمعت هذه الآية مواقيت الصلوة {فسبحان الله حين
تمسون} قال : المغرب والعشاء {وحين تصبحون} الفجر {وعشيا} العصر {وحين
تظهرون} الظهر.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن السني في عمل يوم وليلة والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي
في الدعوات عن
معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى لأنه كان يقول كلما
أصبح وأمسى {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات
والأرض وعشيا وحين تظهرون}.
وأخرج أبو داود والطبراني ، وَابن السني ،
وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من قال حين يصبح {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في
السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من
الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} أدرك ما
فاته في يومه ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته من ليلته.
وأخرج
ابن مردويه والخرائطي في مكارم الاخلاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين أصبح سبحان الله وبحمده الف
مرة فقد اشترى نفسه من الله وكان آخر يومه عتيقا من النار.
وأخرج ابن
ماجه في تفسيره ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال عمر رضي الله عنه : أما الحمد فقد عرفناه فقد يحمد
الخلائق بعضهم بعضا
وأما لا اله إلا الله فقد عرفناها فقد عبدت
الآلهة من دون الله وأما الله أكبر فقد يكبر المصلي وأما سبحان الله فما
هو فقال رجل من القوم : الله أعلم فقال عمر رضي الله عنه : قد شقي عمر إن
لم يكن يعلم أن الله يعلم فقال علي رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين اسم
ممنوع ان ينتحله أحد من الخلائق واليه يفزع الخلق واحب أن يقال له فقال :
هو كذاك.
وأخرج أحمد والحاكم والضياء عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله
عنهما ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله اصطفى من الكلام
أربعا ، سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر ، فمن قال
سبحان الله ، كتبت له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة ومن قال الله أكبر ،
مثل ذلك ومن قال لا اله إلا الله ، مثل ذلك ومن قال الحمد لله رب العالمين
، من قبل نفسه له ثلاثون حسنة وحطت عنه ثلاثون سيئة.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن البصري رضي الله عنه قال : من قرأ الآيات {فسبحان
الله حين تمسون وحين تصبحون} إلى آخرها ، لم يفته شيء في يومه وليلته وأدرك ما فاته من يومه وليلته.
-
قوله تعالى : ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشرتنتشرون * ومن
آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة
إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * ومن آياته خلق السموات والأرض وإختلاف
ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات
للعالمين * ومن آياته منامكم بالليل
والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون * ومن آياته يريكم
البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك
لآيات لقوم يعقلون * ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم
دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون * وله من في السموات والأرض كل له قانتون.
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ومن آياته} قال : كل شيء في
القرآن آيات ، بذلك تعرفون الله ، انكم لن تروه فتعرفونه على رؤية ولكن
تعرفون بآياته وخلقه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن آياته أن خلقكم من تراب} قال :
آدم من تراب {ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} يعني ذريته {ومن آياته أن خلق لكم
من أنفسكم أزواجا} قال : حواء ، خلقها الله من ضلع من أضلاع آدم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وجعل بينكم مودة} قال : الجماع {ورحمة} قال : الولد.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} قال : قامتا بأمره
بغير عمد ثم {إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} قال : دعاهم من السماء فخرجوا من الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إذا أنتم تخرجون} قال : من قبوركم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الازهر بن عبد الله الجزاري قال : يقرأ على المصاب اذا
أخذ {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض
إذا أنتم تخرجون}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (كل له قانتون)
يقول : مطيعون يعني الحياة والنشور والموت ، وهم عاصون له فيما سوى ذلك من
العبادة ، والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
أخرج
ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
الانباري في المصاحف عن عكرمة قال : تعجب الكفار من احياء الله الموتى
فنزلت {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} قال : اعادة الخلق
أهون عليه من ابتدائه.
وأخرج آدم بن أبي اياس والفريابي ، وَابن
أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
الانباري والبيهقي في الاسماء والصفات عن مجاهد في قوله {وهو أهون عليه}
قال : الاعادة أهون عليه من البداءة والبداءة عليه هين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهو أهون عليه} قال : أيسر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : في عقولكم إعادة شيء إلى شيء كان أهون من ابتدائه إلى شيء لم يكن.
وأخرج
ابن الانباري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وهو أهون عليه قال :
الاعادة أهون على المخلوق لأنه يقول له يوم القيامة {كن فيكون} وابتداء
الخلق من نطقة ثم من علقة ثم من مضغة.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : كل عليه هين.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {وله المثل الأعلى} يقول {ليس كمثله شيء} الشورى الآية 11.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وله المثل الأعلى}
قال : شهادة ان لا اله إلا الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وله المثل الأعلى} قال : مثله انه لا اله إلا هو ولا معبود غيره.
-
قوله تعالى : ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت إيمانكم من شركاء
في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات
لقوم يعقلون * بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله
وما لهم من ناصرين.
أخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : كان يلبي أهل الشرك لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك
هو لك تملكه ملك فأنزل الله {هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء}.
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هل لكم من ما ملكت أيمانكم}
الآية ، قال : هي في الآلهة وفيه يقول : تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم
بعضا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله {ضرب لكم} الآية ، قال هذا مثل ضربه الله لمن عدل به
شيئا من خلقه يقول : أكان أحد منكم مشاركا مملوكه في ماله ونفسه
وزوجته فكذلك لا يرضى الله تعالى أن يعدل به أحد من خلقه.
-
قوله تعالى : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا
تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله {فطرة الله التي فطر الناس عليها} قال : الدين الإسلام
{لا تبديل لخلق الله} قال : لدين الله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {فطرة الله التي فطر الناس عليها} قال : الإسلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فطرة الله التي فطر الناس عليها} قال : دين الله الذي فطر خلقه عليه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن مكحول رضي الله عنه ، ان الفطرة معرفة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا تبديل لخلق الله} قال : دين الله {ذلك الدين القيم} قال : القضاء القيم.
وأخرج
ابن مردويه عن حماد بن عمر الصفار قال : سألت قتادة رضي الله عنه عن قوله
{فطرة الله التي فطر الناس عليها} فقال : حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه
قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم {فطرة الله التي فطر الناس عليها} قال : دين الله.
وأخرج
ابن جرير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، ان عمر رضي الله عنه قال له : ما
قوام هذه الامة قال : ثلاث وهي المنجيات ، الاخلاص : وهي الفطرة التي فطر
الناس عليها ، والصلاة : وهي الملة ، والطاعة : وهي العصمة ، فقال عمر رضي
الله عنه : صدقت.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {لا تبديل لخلق الله} قال : لدين الله.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة وقتادة والضحاك وابراهيم ، وَابن زيد ، مثله.
وأخرج
البخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود
إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة
بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه :
اقرأوا ان شئتم {فطرة الله التي
فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}.
وأخرج
مالك وأبو داود ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه
وينصرانه كما تنتج الابل من بهيمة جمعاء هل تحس من جدعاء) قالوا : يا رسول
الله أفرأيت من يموت وهو صغير قال : الله أعلم بما كانوا عاملين.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبه وأحمد والنسائي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه
عن الاسود بن سريع رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية
إلى خيبر فقاتلوا المشركين فانتهى بهم القتل إلى الذرية فلما جاؤا قال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ماحملكم على قتل الذرية قالوا : يا رسول
الله انما كانوا أولاد المشركين قال : وهل خياركم إلا أولاد المشركين
والذي نفسي بيده ما من نسمة تولد إلا على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها.
-
قوله تعالى : منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين *
من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون * وإذا مس الناس
ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم
يشركون * ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون * أم أنزلنا عليهم
سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون * وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها
وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون * أولم يروا أن الله يبسط
الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون * فآت ذا القربى حقه
والمسكين ، وَابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم
المفلحون * وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله
وماأتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون * الله الذي خلقكم
ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء
سبحانه وتعالى عما يشركون.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {منيبين إليه} قال : تائبين اليه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {من الذين فرقوا
دينهم} قال : هم اليهود والنصارى ، وفي قوله {أم أنزلنا عليهم سلطانا} قال
: يأمرهم بذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله {أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون} يقول :
أم أنزلنا عليهم كتابا فهو ينطق بشركهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فآت ذا
القربى حقه والمسكين ، وَابن السبيل} قال : الضيف {ذلك خير للذين يريدون
وجه الله وأولئك هم المفلحون} قال : هذا الذي يقبله الله ويضاعفه لهم عشر
أمثالها وأكثر من ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله {وما آتيتم من ربا} قال : الربا رباآن ، ربا لا بأس به ، وربا لا
يصلح فأما الربا الذي لا بأس به ، فهدية الرجل إلى الرجل يريد فضلها أو
اضعافها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {وما آتيتم من
ربا} ، قال هو ما يعطي الناس بعضهم بعضا يعطي الرجل الرجل العطية يريد أن
يعطى أكثر منها.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما آتيتم من ربا ليربو
في أموال الناس فلا يربو عند الله} قال : هي الهدايا.
وأخرج الفريابي ،
وَابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله} قال :
يعطي ما له يبتغي أفضل منه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند
الله} قال : ما أعطيتم من عطية لتثابوا عليها في الدنيا فليس فيها أجر.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وما آتيتم من ربا} قال : هو الربا
الحلال ، أن تهدي أكثر منه وليس له أجر ولا وزر ونهى عنه النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم خاصة فقال {ولا تمنن تستكثر}.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما ، مثله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه {وما آتيتم من ربا} قال
: الرجل يعطي الشيء ليكافئه به ويزداد عليه {فلا يربو عند الله} والآخر
الذي يعطي الشيء لوجه الله ولا يريد من صاحبه جزاء ولا مكافأة فذلك الذي
يضعف عند الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما آتيتم من زكاة} قال : هي الصدقة.
-
قوله تعالى : ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض
الذي عملوا لعلهم يرجعون * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين
من قب ل كان أكثرهم مشركين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله {ظهر الفساد في البر والبحر} قال {البر} البرية التي ليس
عندها نهر ، و{البحر} مكان من المدائن والقرى على شط نهر.
وأخرج ابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ظهر الفساد
في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} الآية ، قال : نقصان البركة بأعمال
العباد كي يتوبوا.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {ظهر الفساد
في البر والبحر} قال : قحوط المطر ، قيل له : قحوط المطر لن يضر البحر ،
قال : اذا قل المطر قل
الغوص.
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في الآية ، انه قيل له : هذا البر والبحر أي فساد فيه قال : اذا قل المطر قل الغوص.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن رفيع رضي الله عنه في قوله {ظهر الفساد في البر والبحر}
قال : انقطاع المطر ، قيل : فالبحر قال : اذا لم يمطر عميت دواب البحر.
وأخرج الفريابي عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {ظهر الفساد في البر والبحر} قال {البر} الفيافي التي ليس فيها شيء ، و{البحر} القرى.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل
عن قوله {ظهر الفساد في البر والبحر} قال : البر قد عرفناه فما بال البحر
قال : ان العرب تسمى الامصار البحر.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ظهر
الفساد في البر والبحر} قال : فساد البر : قتل ابن آدم أخاه ، والبحر :
أخذ الملك السفن غصبا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ظهر الفساد في البر
والبحر} قال : هذا قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم رجع راجعون من الناس.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ظهر الفساد في البر والبحر}
قال {البر} كل قرية نائية عن البحر ، مثل مكة والمدينة و{البحر} كل قرية
على البحر ، مثل كوفة والبصرة والشام وفي قوله {بما كسبت أيدي الناس} قال
: بما عملوا من المعاصي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في الآية قال : البحر الجزائر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لعلهم يرجعون} قال : يتوبون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لعلهم يرجعون} قال : عن الذنوب.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنهما في قوله {ظهر الفساد
في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} قال : أفسدهم الله بذنوبهم في بر
الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة {لعلهم يرجعون} قال : يرجع من بعدهم.
-
قوله تعالى : فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله
يومئذ يصدعون * من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون * ليجزي
الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين * ومن آياته أن
يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من
فضله ولعلكم تشكرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فأقم وجهك للدين
القيم} قال : الإسلام {من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله} قال : يوم
القيامة {يومئذ يصدعون} قال : فريق في الجنة وفريق في السعير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يومئذ يصدعون} قال : يتفرقون.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {يومئذ
يصدعون} يومئذ يتفرقون ، وقرأ {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في
روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في
العذاب محضرون} قال : هذا حين يصدعون يتفرقون إلى الجنة والنار.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم
في الحلية والبيهقي في عذاب القبر عن مجاهد في قوله {فلأنفسهم يمهدون} قال
: يسوون المضاجع في القبر.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات} قال : بالمطر {وليذيقكم من رحمته}
قال : المطر {ولتجري الفلك بأمره} قال : السفن في البحار {ولتبتغوا من
فضله} قال : التجارة في السفن.
- قوله تعالى : ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين.
أخرج
ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرى ء مسلم يرد عن عرض
أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ، ثم تلا
{وكان حقا علينا نصر المؤمنين}.
- قوله تعالى : الله الذي يرسل الرياح
فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من
خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون * وإن كانوا من قبل
أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين * فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض
بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير * ولئن أرسلنا ريحا
فرؤوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون.
أخرج أبو الشيخ في العظمة عن السدي
رضي الله عنه قال : يرسل الله الريح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين - طرف
السماء حين يلتقيان - فتخرجه ثم تنشره فيبسطه في السماء كيف يشاء فيسيل
الماء على السحاب ثم يمطر السحاب بعد ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يرسل الله الريح فتحمل الماء من السحاب
فتمر به السحاب فتدر كما تدر الناقة وثجاج مثل العزالي غير أنه متفرق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فيبسطه في السماء} قال : يجمعه ويجعله {كسفا} قال : قطعا.
وأخرج
أبو يعلى ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ويجعله
كسفا} قال : قطعا يجعل بعضها فوق بعض {فترى الودق} قال : المطر {يخرج من
خلاله} قال : من بينه.
وأخرج الفريابي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فترى الودق} قال : القطر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ويجعله كسفا} قال : سماء دون سماء وفي قوله {لمبلسين} قال : القنطين.
-
قوله تعالى : فإنك لاتسمع الموتى ولاتسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين *
وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون.
أخرج
مسلم ، وَابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم ترك قتلى بدر أياما حتى جيفوا ثم أتاهم فقام يناديهم فقال : يا
أمية بن خلف يا أبا جهل بن هشام يا عتبة بن ربيعة ، هل وجدتم ما وعد ربكم
حقا فسمع عمر رضي الله عنه صوته فجاء فقال : يا رسول الله تناديهم بعد
ثلاث وهل يسمعون يقول الله {إنك لا تسمع الموتى} فقال : والذي نفسي بيده
ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يطيقون أن يجيبوا.
وأخرج البخاري ومسلم
والنسائي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال
: وقف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد
ربكم حقا ثم قال : انهم الآن يسمعون ما أقول ، فذكر لعائشة رضي الله عنها
فقالت : انما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : انهم الآن ليعلمون أن
الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت {إنك لا تسمع الموتى} حتى قرأت الآية.
وأخرج
أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من طريق قتادة قال : ذكر
لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنهما ان نبي الله صلى الله عليه
وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوى من
أطواء بدر
خبيث مخبث وكان اذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال
فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه
أصحابه قالوا : ما ترى ينطلق
إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركى
فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ، يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان
أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم
ما وعد ربكم حقا فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله ما تكلم من أجساد
لا أرواح فيها : فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : انهم لأسمع لما أقول
منكم قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة
وندما.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في دعاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
لاهل بدر {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين}.
- قوله تعالى : الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير.
أخرج
سعيد بن منصور وأحمد وابو داود والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر والطبراني
والشيرازي في الالقاب والدار قطني في الافراد ، وَابن عدي والحاكم وأبو
نعيم في الحلية ، وَابن مردويه والخطيب في
تالي التلخيص عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قرأت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {الله الذي خلقكم من ضعف} فقال من ضعف يا بني.
وأخرج الخطيب عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ (الله الذي خلقكم من ضعف) بالضم.
وأخرج
ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان
يقرأ هذا الحرف في الروم {خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من
بعد قوة ضعفا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله {الله الذي خلقكم من ضعف} قال : من نطفة {ثم جعل من بعد قوة ضعفا}
قال : الهرم {وشيبة} قال : الشمط.
- قوله تعالى : ويوم تقوم الساعة
يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين أوتوا
العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث
ولكنكم كنتم لا تعلمون * فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم
يستعتبون * ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية
ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون * كذلك يطبع الله على قلوب الذين
لا يعلمون * فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه في قوله {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة}
قال : يعنون في الدنيا استقل القوم أجل الدنيا لما عاينوا الآخرة {كذلك
كانوا يؤفكون} قال : كذلك كانوا يكذبون في الدنيا {وقال الذين أوتوا
العلم} الآية ، قال : هذا من تقاديم الكلام وتأويلها : وقال الذين اوتوا
الايمان والعلم في كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث.
وأخرج ابن أبي
حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {لقد لبثتم في كتاب الله إلى
يوم البعث} قال : لبثوا في علم الله في البرزخ إلى يوم القيامة لا يعلم
متى علم وقت الساعة إلا الله وفي ذلك أنزل الله {وأجل مسمى عنده} طه الآية
129.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن علي رضي الله عنه أن رجلا من
الخوارج ناداه وهو في صلاة الفجر فقال {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك
لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} فأجابه علي رضي الله عنه وهو
في الصلاة {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون}.
* بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة لقمان.
مكية وآياتها اربع وثلاثون.
- مقدمة سورة لقمان.
أَخْرَج ابن الضريس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة لقمان بمكة.
وأخرج
النحاس في تاريخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سورة لقمان نزلت بمكة
سوى ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام}
لقمان الآية 27 إلى تمام الآيات الثلاث.
وأخرج النسائي ، وَابن ماجه عن
البراء رضي الله عنه قال : كنا نصلي خلف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
الظهر ونسمع منه الآية بعد الآية من سورة لقمان والذاريات.
- الم * تلك
آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون
* ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا
أولئك لهم عذاب مهين.
أخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} يعني باطل الحديث ،
وهو النضر بن الحارث بن علقمة ، اشترى أحاديث العجم وصنيعهم في دهرهم وكان
يكتب الكتب من الحيرة والشام ويكذب بالقرآن فأعرض عنه فلم يؤمن به.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من
يشتري لهو الحديث} قال : شراؤه استحبابه ، وبحسب المرء من الضلالة أن
يختار حديث الباطل على حديث الحق ، وفي قوله {ويتخذها هزوا} قال : يستهزى
ء بها ويكذبها.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويتخذها هزوا} قال : سبيل الله
يتخذ السبيل هزوا.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال :
باطل الحديث ، وهو الغناء ونحوه {ليضل عن سبيل الله} قال : قراءة القرآن
وذكر الله ، نزلت في رجل من قريش اشترى جارية مغنية.
وأخرج جويبر عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال :
أنزلت في النضر بن الحارث ، اشترى قينة فكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام
إلا انطلق به إلى قينته فيقول : أطعميه واسقيه وغنيه هذا خير مما يدعوك
اليه محمد من الصلاة والصيام وان تقاتل بين يديه فنزلت.
وأخرج
سعيد بن منصور وأحمد والترمذي ، وَابن ماجه ، وَابن أبي الدنيا في ذم
الملاهي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ،
وَابن مردويه والبيهقي عن أبي امامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في
تجارة فيهن وثمنهن حرام ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري
لهو الحديث} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ،
وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ان الله حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع اليها ، ثم قرأ
{ومن الناس من يشتري لهو الحديث}.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد ،
وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه
والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما {ومن الناس من يشتري
لهو الحديث} قال : هو الغناء وأشباهه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ومن الناس
من يشتري لهو الحديث}
قال : هو شراء المغنية.
وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال : الجواري الضاربات.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم
وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن أبي الصهباء قال : سألت عبد الله بن
مسعود رضي الله تعالى عنه عن قوله تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}
قال : هو - والله - الغناء.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير عن شعيب بن يسار قال : سألت عكرمة رضي الله عنه عن {لهو الحديث} قال : هو الغناء.
وأخرج
الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال : هو
الغناء وكل لعب لهو.
وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق حبيب بن أبي ثابت عن
إبراهيم رضي الله عنه {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال : هو الغناء
وقال مجاهد رضي الله عنه : هو لهو
الحديث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال : الغناء والباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} في الغناء والمزامير.
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع والذكر ينبت الايمان في
القلب كما ينبت الماء الزرع.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن إبراهيم رضي الله عنه قال : كانوا يقولون : الغناء ينبت النفاق في القلب.
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغناء ينبت النفاق في القلب كما
ينبت الماء البقل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : اذا
ركب الرجل الدابة ولم يسم ردفه شيطان فقال : تغنه فان كان لا يحسن قال له : تمنه.
وأخرج
ابن أبي الدنيا ، وَابن مردويه عن أبي امامة رضي الله عنه ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله اليه
شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان باعقابهما على صدره حتى يمسك.
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الشعبي عن القاسم بن محمد رضي الله عنه أنه
سئل عن الغناء فقال : أنهاك عنه وأكرهه لك ، قال السائل : احرام هو قال :
انظر يا ابن أخي ، اذا ميز الله الحق من الباطل في أيهما يجعل الغناء.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الشعبي قال : لعن المغني والمغنى له.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن فضيل بن عياض قال : الغناء رقية الزنا.
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي عثمان الليثي قال : قال يزيد بن الوليد
الناقص : يا بني أمية أياكم والغناء فانه ينقص الحياء ويزيد في الشهوة
ويهدم المروءة وانه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل السكر فان كنتم لابد
فاعلين فجنبوه النساء فان الغناء داعية الزنا.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن
أبي جعفر الأموي عمر بن عبد الله قال : كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله
عنه إلى مؤدب ولده : من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى سهل مولاه ، أما
بعد فاني اخترتك على علم مني لتأديب ولدي وصرفتهم اليك عن غيرك من موالي
وذوي الخاصة بي فخذهم بالجفاء فهو أمكن لاقدامهم وترك الصحبة فان عادتها
تكسب الغفلة وكثرة الضحك فان كثرته تميت القلب وليكن أول ما يعتقدون من
أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن فانه بلغني
عن الثقات من حملة العلم ان حضور المعازف واستماع الاغاني واللهج بهما
ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب ولعمري ولتوقي ذلك بترك حضور
تلك المواطن أيسر على ذوي
الذهن من الثبوت على النفاق في قلبهن وهو
حين يفارقها لا يعتقد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع به وليفتح كل غلام
منهم بجزئه من القرآن يثبت في قراءته فاذا فرغ منه تناول قوسه وكنانته
وخرج
إلى الغرض حافيا فرمى سبعة ارشاق ثم انصرف إلى القائلة فان ابن مسعود رضي
الله عنه كان يقول : يا بني قيلوا فان الشياطين لا تقيل والسلام.
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن رافع بن حفص المدني قال : أربع لا ينظر الله اليهن يوم
القيامة ، الساحرة ، والنائحة ، والمغنية ، والمرأة مع المرأة ، وقال : من
أدرك ذلك الزمان فأولى به طول الحزن.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال : ما قدست أمة فيها البربط.
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، ان رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين ، صوت عند نغمة
لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة ، خدش وجوه وشق جيوب ورنة
شيطان.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن رضي الله تعالى عنه قال : صوتان ملعونان ، مزمار عند نغمة ، ورنة عند مصيبة.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : أخبث الكسب كسب الزمارة.
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي عن نافع قال : كنت أسير مع عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما في طريق فسمع زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه ثم عدل عن الطريق
فلم يزل يقول : يا نافع أتسمع قلت : لا ، فأخرج أصبعيه من أذنيه وقال :
هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع.
وأخرج ابن مردويه عن عبد
الله بن عمر أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : في هذه الآية
{ومن الناس من يشتري لهو الحديث} إنما ذلك شراء الرجل اللعب والباطل.
وأخرج الحاكم في الكني عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية !