كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير
الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها وتنور ثمارها.وأخرج ابن عبد الحكم عن كعب الأحبار قال : من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى أرض مصر إذا أزهرت.
وأخرج ابن عبد الحكم عن ابن لهيعة قال : كان عمرو بن العاصي يقول : ولاية مصر جامعة لعدل الخلافة.
وأخرج
ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاصي ، ، قال : خلقت الدنيا على
خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مكة والمدينة
واليمن والصدر الشام ومصر والجناح الأيمن العراق والجناح الأيسر السند
والهند والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر مافي الطير الذنب.
وأخرج
أبو نعيم في الحلية عن نوف قال : إن الدنيا مثلت على طير فإذا انقطع
جناحاه وقع وإن جناحي الأرض مصر والبصرة فإذا خربا ذهبت الدنيا
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن مجاهد في قوله {وتمت كلمة ربك الحسنى} قال : ظهور قوم موسى على
فرعون وتمكين الله لهم في الأرض وما ورثهم منها.
وأخرج ابن أبي حاتم من
طريق ابن وهب عن موسى بن علي عن أبيه قال : كانت بنو إسرائيل بالربع من آل
فرعون ووليهم فرعون أربعمائة وأربعين سنة فضاعف الله ذلك لبني إسرائيل
فولاهم ثمانمائة عام وثمانين عاما ، قال : وإن كان الرجل ليعمر ألف سنة في
القرون الأولى وما يحتلم حتى يبلغ عشرين ومائة سنة.
وأخرج ابن سعد ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال
: لو أن الناس إذا ابتلوا من سلطانهم بشيء صبروا ودعوا الله لم يلبثوا أن
يرفع الله ذلك عنهم ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه والله ما جاؤو
بيوم خير قط ثم تلا هذه الآية {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما
صبروا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال : ما أوتيت بنو
إسرائيل ما أوتيت إلا بصبرهم وما فزغت هذه الأمة إلى السيف قط فجاءت بخير.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : إذا جاء أمر لا كفاء لك به فاصبر وانتظر الفرج من الله.
وأخرج
أحمد عن بيان بن حكيم قال : جاء رجل إلى أبي الدرداء فشكا إليه جارا له
قال : اصبر فإن الله سيجيرك منه فما لبث أن أتى معاوية فحباه وأعطاه فأتى
أبا الدرداء فذكر ذلك له قال : إن ذلك لك منه جزاء.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} قال : إن الله تعالى لا يملي للكافر إلا قليلا حتى يوبقه بعمله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وما كانوا يعرشون} قال : يبنون.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وما كانوا يعرشون} قال : يبنون
البيوت والمساكن ما بلغت وكان عنبهم غير معروش ، والله اعلم.
- الآية (138 - 141).
-.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال : على لخم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال : هم لخم وجذام.
وَأَخرَج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن أبي جريج في قوله {فأتوا على قوم يعكفون
على أصنام لهم} قال : تماثيل بقر من نحاس فلما كان عجل السامري شبه لهم
أنه من تلك البقر فذلك كان أول شأن العجل لتكون لله عليهم حجة فينتقم منهم
بعد ذلك.
وَأَخرَج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قالوا
يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} قال : يا سبحان الله 000 قوم أنجاهم
الله من العبودية وأقطعهم البحر وأهلك عدوهم وأراهم الآيات العظام ثم
سألوا الشرك صراحية.
وَأَخرَج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن
جرير
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي واقد
الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين فمررنا
بسدرة فقلت : يا رسول الله اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط
وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها فقال النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم الله أكبر هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اجعل لنا إلها كما
لهم آلهة} إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه والطبراني من طريق كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده قال :
غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ونحن ألف ونيف ففتح الله
له مكة وحنينا حتى إذا كنا بين حنين والطائف مررنا بشجرة دنوا عظيمة سدرة
كان يناط بها السلاح فسميت ذات أنواط وكانت تعبد من دون الله فلما رآها
رسول الله صلى الله عليه وسلم صرف عنها في يوم صائف إلى ظل هو أدنى منها
فقال له رجل : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها السنن قلتم 0 والذي نفس محمد بيده كما
قالت بنو إسرائيل {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} 0
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {متبر} قال : خسران.
وَأَخرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {متبر} قال : هالك.
وَأَخرَج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل} قال :
المتبر المخسر وقال المتبر والباطل سواء كله واحد كهيئة غفور رحيم والعرب
تقول : إنه البائس المتبر وإنه البائس المخسر 0.
- الآية (142).
أَخْرَج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله
{وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} قال : ذو القعدة وعشر من ذي
الحجة.
وَأَخرَج ابن أبي حاتم عن سليمان التيمي قال : زعم حضرمي أن
الثلاثين ليلة التي وعد موسى ذو القعدة والعشر التي تمم الله بها الأربعين
ليلة عشر ذي الحجة 0
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : ما من عمل في أيام من السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة وهي العشر التي أتمها الله لموسى.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها
بعشر} يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة خلف موسى أصحابه واستخلف عليهم
هرون فمكث على الطور أربعين ليلة وأنزل عليه التوراة في الألواح فقربه
الرب نجيا وكلمه وسمع صريف القلم وبلغنا أنه لم يحدث في الأربعين ليلة حتى
هبط من الطور.
وَأَخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} قال : ذو القعدة {وأتممناها بعشر} قال : عشر ذي الحجة.
وَأَخرَج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وواعدنا موسى ثلاثين
ليلة وأتممناها بعشر} قال : إن موسى قال لقومه : إن ربي وعدني ثلاثين ليلة
أن ألقاه وأخلف هرون فيكم فلما فصل موسى إلى ربه زاده الله عشرا فكانت
فتنتهم في العشر التي زاده الله فلما مضى ثلاثون ليلة كان السامري أبصر
جبريل فأخذ من أثر الفرس قبضة من تراب فقال حين مضى ثلاثون ليلة : يا بني
إسرائيل إن معكم حليا من حلى آل فرعون وهو حرام عليكم فهاتوا ما عندكم
فنحرقها فأتوه بما عندهم من حليهم فأوقدوا نارا ثم
ألقى الحلى في
النار فلما ذاب الحلى ألقى تلك القبضة من التراب في النار فصار عجلا جسدا
له خوار فخار خورة واحدة لم يثن فقال السامري : إن موسى ذهب يطلب ربكم
وهذا إله موسى فذلك قوله {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} طه الآية 88 يقول :
انطلق يطلب ربه فضل عنه وهو هذا فقال الله تبارك وتعالى لموسى وهو يناجيه
{قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان
أسفا} طه الآية 85 - 86 قال يعني حزينا.
وَأَخرَج أحمد في الزهد عن وهب
قال : قال الرب تبارك وتعالى لموسى عليه السلام مر قومك أن ينيبوا إلى
ويدعوني في العشر - يعني عشر ذي الحجة - فإذا كان اليوم العاشر فليخرجوا
إلي أغفر لهم قال وهب : اليوم الذي طلبته اليهود فأخطأوه وليس عدد أصوب من
عدد العرب.
وَأَخرَج الديلمي عن ابن عباس رفعه لما أتى موسى ربه وأراد
أن يكلمه بعد الثلاثين يوماوقد صام ليلهن ونهارهن فكره أن يكلم ربه وريح
فمه ريح فم
الصائم فتناول من نبات الأرض فمضغه فقال له ربه : لم أفطرت
- وهو أعلم بالذي كان - قال : أي رب كرهت ان أكلمك إلا وفي طيب الريح 0
قال : أوما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك ارجع
فصم عشرة أيام ثم ايتني 0 ففعل موسى الذي أمره ربه فلما كلم الله موسى قال
له ما قال 0 أما قوله تعالى : {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}.
أَخرَج
البزار ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات
، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كلم الله موسى
يوم الطور كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه فقال له موسى : يا رب
أهذا كلامك الذي كلمتني به قال : يا موسى إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان
ولي قوة الألسن كلها وأقوى من ذلك فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا :
يا موسى صف لنا كلام الرحمن 0 فقال : لا تستطيعونه ألم تروا إلى أصوات
الصواعق الذي يقبل في أحلى حلاوة سمعتموه فذلك قريب منه وليس به.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عطاء بن السائب قال : كان لموسى عليه السلام قبة طولها ستمائة ذراع يناجي فيها ربه عز وجل.
وَأَخرَج
الحكيم الترمذي قي نوادر الأصول عن كعب قال : لما كلم الله موسى قال : يا
رب أهكذا كلامك قال : يا موسى إنما أكلمك بقوة عشرة
آلاف لسان ولي قوة الألسنة كلها ولو كلمتك بكنه كلامي لم تك شيئا.
وَأَخرَج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في
الأسماء والصفات عن كعب قال : لما كلم الله موسى كلمه بالألسنة كلها قبل
كلامه - يعني كلام موسى - فجعل يقول : يا رب لا أفهم حتى كلمه آخر الألسنة
بلسانه بمثل صوته فقال : يا رب هكذا كلامك قال : لا لو سمعت كلامي أي على
وجهه لم تك شيئا 0 قال : يا رب هل في خلقك شيء شبه كلامك قال : لا وأقرب
خلقي شبها بكلامي أشد ما سمع الناس من الصواعق.
وَأَخرَج ابن جرير ،
وَابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال : قيل لموسى عليه السلام ما شبهت
كلام ربك مما خلق فقال موسى : الرعد الساكن.
وَأَخرَج ابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال :
إنما كلم الله موسى بقدر ما يطيق من كلامه ولو تكلم
بكلامه كله لم يطقه شيء فمكث موسى أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين 0
وأخرج
الديلمي عن أبي هريرة رفعه لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه كلمه ألف كلمة
ومائتي كلمة فأول ما كلمه بالبربرية أن قال : يا موسى ونفسي معبرا : أي
أنا الله الأكبر 0 قال موسى : يا رب أعطيت الدنيا لأعدائك ومنعتها أولياءك
فما الحكمة في ذلك فأوحى الله إليه : أعطيتها أعدائي ليتمرغوا ومنعتها
أوليائي ليتضرعوا.
وَأَخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عجلان قال : كلم موسى
بالألسنة كله وكان فيما كلمه لسان البربر فقال كلمته بالبربرية : أنا الله
الكبير.
وَأَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والحاكم ، وَابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال يوم كلم الله موسى كان عليه جبة صوف وكساء صوف وسراويل صوف وكمه
صوف ونعلان من جلد حمار غير ذكي.
وَأَخرَج أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن معاوية قال : لما كلم موسى ربه عز وجل
مكث أربعين يوما لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين.
وَأَخرَج
أبو الشيخ عن عروة بن رويم قال : كان موسى لم يأت النساء منذ كلمه ربه
وكان قد ألبس على وجهه برقع فكان لا ينظر إليه أحد إلا مات فكشف لها عن
وجهه فأخذتها من غشيته مثل شعاع الشمس فوضعت يدها على وجهها وخرت لله
ساجدة.
وَأَخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم في
الحلية عن وهب بن منبه قال : كلم الله موسى من ألف مقام فكان كلما كلمه
رأى النور على وجهه ثلاثة أيام قال : وما قرب موسى امرأة مذ كلمه ربه.
وَأَخرَج
ابن المنذر عن عروة بن رويم اللخمي قال : قالت امرأة موسى لموسى : إني أيم
منك مذ أربعين سنة فأمتعني بنظرة 0 فرفع البرقع عن وجهه فغشى وجهه نور
التمع بصرها فقالت : ادع الله أن يجعلني زوجتك في الجنة 0 قال : على أن لا
تزوجي بعدي وأن لا تأكلي إلا من عمل يديك 0 قال : فكانت تتبع الحصادين
فإذا رأوا ذلك تخاطوا لها فإذا أحست بذلك تجاوزته.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو خيثمة في كتاب العلم والبيهقي عن ابن عباس قال : قال موسى عليه السلام حين كلم
ربه
: أي رب أي عبادك أحب إليك قال : أكثرهم لي ذكرا 0 قال : أي عبادك أحكم
قال : الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس 0 قال : رب أي عبادك أغنى
قال : الراضي بما أعطيه.
وَأَخرَج أحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن 0 أن موسى عليه السلام سأل ربه جماعا من الخير فقال : أصحب الناس بما تحب أن تصحب به.
وَأَخرَج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن
عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى ناجى موسى
عليه السلام بمائة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام فلما سمع موسى كلام
الآدميين مقتهم لما وقع في مسامعه من كلام الرب عز وجل فكان فيما ناجاه أن
قال : يا موسى إنه لم يتصنع المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا ولم يتقرب إلي
المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ولم يتعبد المتعبدون بمثل البكاء من
خشيتي 0 فقال موسى : يا رب ويا إله البرية كلها ويا مالك يوم الدين ويا ذا
الجلال والإكرام ماذا أعددت لهم وماذا جزيتهم قال : أما الزاهدون في
الدنيا فإني أبيحهم جنتي حتى يتبوأوا فيها حيث شاؤوا
وأما الورعون
عما حرمت عليهم فإذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته الحساب وفتشت
عما في يديه إلا الورعون فإني أستحيهم وأجلهم وأكرمهم وأدخلهم الجنة بغير
حساب وأما الباكون من خشيتي فأولئك لهم الرفيق الأعلى لا يشاركهم فيه أحد.
وأخرج
أبو يعلى ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي
سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال موسى : يا رب علمني
شيئا أذكرك به وأدعوك به 0 قال : قل يا موسى لا إله إلا الله 0 قال : يا
رب كل عبادك يقول هذا 000 قال : قل لا إله إلا الله 0 قال : لا إله إلا
أنت يا رب إنما أريد شيئا تخصني به 0 قال : يا موسى لو أن السموات السبع
وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا
إله إلا الله.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب
الأولياء عن عطاء بن يسار قال : قال موسى عليه السلام : يا رب من أهلك
الذين هم أهلك الذين تظلهم في
ظل عرشك قال : هم البريئة أيديهم الطاهرة
قلوبهم الذين يتحابون بجلالي الذين ذكرت ذكروا بي وإذا ذكروا ذكرت بذكرهم
الذين يسبغون الوضوء في المكاره وينيبون إلى ذكري كما
تنيب النسور إلى وكورها ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضب النمر إذا حزب.
وَأَخرَج
أحمد عن عمر أن القصير قال : قال موسى بن عمران : أي رب أين أبغيك قال :
ابغني عند المنكسرة قلوبهم إني أدنوا منهم كل يوم باعا ولولا ذلك انهدموا.
وَأَخرَج
ابن المبارك وأحمد عن عمار بن ياسر 0 أن موسى عليه السلام قال : يا رب
حدثني بأحب الناس إليك قال : ولم 000 قال : لأحبه لحبك إياه 0 فقال : عبد
في أقصى الأرض سمع به عبد آخر في أقصى الأرض لا يعرفه فإن أصابته مصيبة
فكأنما أصابته وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته ما ذاك إلا لي فذلك أحب خلقي
إلي 0 قال : يا رب خلقت خلقا تدخلهم النار أو تعذبهم فأوحى الله إليه :
كلهم خلقي ثم قال : ازرع زرعا فزرعه 0 فقال : اسقه فسقاه ثم قال : قم عليه
فقام عليه فحصده ورفعه فقال : ما فعل زرعك يا موسى قال : فرغت منه ورفعته
، قال : ما تركت منه شيئا قال : ما لا خير فيه 0 قال : كذلك أنا لا أعذب
إلا من لا خير فيه.
وَأَخرَج أبو نعيم في الحلية عن عائشة عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم أن موسى عليه السلام قال : يا رب أخبرني بأكرم خلقك
عليك 0 قال : الذي يسرع إلى
هواي إسراع النسر إلى هواه والذي يكلف
بعبادي الصالحين كما يكلف الصبي بالناس والذي يغضب إذا انتهكت محارمي غضب
النمر لنفسه فإن النمر إذا غضب لم يبال أقل الناس أم كثروا 0 وأخرجه ابن
أبي شيبة عن عروة موقوفا.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : سأل
موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال : أي عبادك أغنى قال : الذي يقنع بما
يؤتي 0 قال : فأي عبادك أحكم قال : الذي يحكم للناس بما يحكم لنفسه قال :
فأي عبادك أعلم قال : أخشاهم.
وَأَخرَج أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب
السنة وأبو نعيم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن موسى
عليه السلام كان يمشي ذات يوم في طريق فناداه الجبار عز وجل : يا موسى 0
فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا 000 ثم ناداه الثانية : يا موسى
بن
عمران 0 فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحد وارتعدت فرائصه ثم نودي الثالثة
يا موسى بن عمران إنني أنا الله لا إله إلا أنا فقال : لبيك لبيك فخر لله
تعالى ساجدا فقال : ارفع رأسك يا موسى بن عمران فرفع رأسه فقال : يا موسى
إن أحببت أن تسكن في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي كن كالأب الرحيم وكن
للأرملة كالزوج العطوف يا موسى بن
عمران ارحم ترحم يا موسى كما تدين
تدان يا موسى نبأ بني إسرائيل أنه من لقيني وهو جاحد بمحمد صلى الله عليه
وسلم أدخلته النار 0 فقال : ومن أحمد فقال : يا موسى وعزتي وجلالي ما خلقت
خلقا أكرم علي منه كتبت اسمه مع اسمي في العرش قبل أن أخلق السموات والأرض
والشمس والقمر بألفي سنة وعزتي وجلالي إن الجنة محرمة على جميع خلقي حتى
يدخلها محمد وأمته 0 قال موسى : ومن أمة أحمد قال : أمته الحمادون يحمدون
صعودا وهبوطا وعلى كل حال يشدون أوساطهم ويطهرون أطرافهم صائمون بالنهار
رهبان بالليل أقبل منهم اليسير وأدخلهم الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله 0
قال : اجعلني نبي تلك الأمة 0 قال : نبيها منها 0 قال : اجعلني من أمة ذلك
النَّبِيّ ، قال : استقدمت واستأخر يا موسى ولكن سأجمع بينك وبينه في دار
الجلال.
وأخرج أبو نعيم عن وهب قال : قال موسى عليه السلام : إلهي ما
جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه قال : يا موسى أظله يوم القيامة بظل عرشي
واجعله في كنفي 0 قال : يا رب أي عبادك أشقى قال : من لا تنفعه موعظة ولا
يذكرني إذا خلا.
وَأَخرَج أبو نعيم عن كعب قال : قال موسى : يا رب ما
جزاء من آوى يتيما حتى يستغني أو كفل أرملة قال : أسكنه جنتي وأظله يوم لا
ظل إلا
ظلي.
وَأَخرَج ابن شاهين في الترغيب عن أبي بكر الصديق
رضي الله عنه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب ما لمن عزى الثكلى قال :
أظله بظلي يوم لا ظل إلا ظلي.
وَأَخرَج آدم بن أبي أياس في كتاب العلم
عن عبد الله بن مسعود قال : لما قرب موسى نجيا أبصر في ظل العرش رجلا
فغبطه بمكانه فسأل عنه فلم يخبر باسمه وأخبر بعمله فقال له : هذا رجل كان
لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله بر بالوالدين لا يمشي بالنميمة 0
فقال الله : يا موسى ما جئت تطلب قال : جئت
أطلب الهدى يا رب 0 قال :
قد وجدت يا موسى 0 قال : رب اغفر لي ما مضى من ذنوبي وما غبر وما بين ذلك
وما أنت أعلم به مني وأعوذ بك من وسوسة نفسي وسوء عملي 0 فقيل له : قد
كفيت يا موسى 0 قال : رب أي العمل أحب إليك أن أعمله قال : اذكرني يا موسى
0 قال : رب أي عبادك أتقى قال : الذي يذكرني ولا ينساني 0 قال : رب أي
عبادك أغنى قال الذي يقنع بما يؤتي قال : رب أي عبادك أفضل قال : الذي يقض
بالحق ولا يتبع الهوى قال : رب أي عبادك أعلم قال : الذي يطلب علم الناس
إلى علمه لعله يسمع كلمة تدله على هدى
أو ترده عن ردى 0 قال : رب أي
عبادك أحب إليك عملا قال : الذي لا يكذب لسانه ولا يزني فرجه ولا يفجر
قلبه 0 قال : رب ثم أي على أثر هذا قال : قلب مؤمن في خلق حسن قال : رب أي
عبادك أبغض إليك قال : قلب كافر في خلق سيى ء 0 قال : رب ثم أي على أثر
هذا قال : جيفة بالليل بطال بالنهار.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد
0 أن الله أوحى إلى موسى عليه السلام : إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تنتفض
أعضاؤك وكن عند ذكري خاشعا مطمئنا وإذا ذكرتني فاجعل لسانك وراء قلبك وإذا
قمت بين يدي فقم مقام العبد الحقير الذليل وذم نفسك فهي أولى بالذم وناجني
حين تناجيني بقلب وجل ولسان صادق.
وَأَخرَج أحمد عن قسي رجل من أهل
الكتاب قال : إن الله أوحى إلى موسى عليه السلام : يا موسى إن جاءك الموت
وأنت على غير وضوء فلا تلومن إلا نفسك 0 قال : وأوحى إليه أن الله تبارك
وتعالى يدفع بالصدقة سبعين بابا من السوء مثل الغرق والحرق والسرق وذات
الجنب 0 قال : وقال له : والنار قال : والنار.
وَأَخرَج أحمد عن كعب الأحبار قال : أوحى الله إلى موسى : أن علم الخير
وتعلمه فإني منور لمعلم الخير ومتعلمه في قبورهم حتى لا يستوحشوا لمكانهم.
وَأَخرَج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة قال : لما ارتقى موسى طور
سينا رأى الجبار في إصبعه خاتما قال : يا موسى ما هذا - وهو أعلم به - قال
: شيء من حلي الرجال يا رب 0 قال : فهل عليه شيء من أسمائي مكتوب أو كلامي
قال : لا 0 قال : فاكتب عليه {لكل أجل كتاب} الرعد 38.
وأخرج االحكيم
الترمذي عن عطاء قال : قال موسى عليه السلام : يا رب أيتمت الصبي من أبويه
وتدعه هكذا قال : يا موسى أما ترضى بي كافلا.
وأخرج ابن المبارك عن عطاء قال : قال موسى : يا رب أي عبادك أحب إليك قال : أعلمهم بي.
وَأَخرَج
أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال : قال موسى : يا رب إنهم
سيسألنني كيف كان بدؤك قال : فأخبرهم أني أنا الكائن قبل كل شيء والمكون
لكل شيء والكائن بعد كل شيء.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد ، أن موسى عليه السلام سأل ربه
قال : أي رب أنزل علي آية محكمة أسير بها في عبادك ، فأوحى الله إليه : يا موسى أن اذهب فما أحببت أن يأتيه عبادي إليك فأته إليهم.
وأخرج أحمد عن قتادة ، أن موسى عليه السلام قال : أي رب أي شيء وضعت في الأرض أقل قال : العدل أقل ما وضعت في الأرض.
وأخرج
أحمد عن عمرو بن قيس قال : قال موسى عليه السلام : يا رب أي الناس أتقى
قال : الذي يذكر ولا ينسى ، قال : فأي الناس أعلم قال : الذي يأخذ من علم
الناس إلى علمه.
وأخرج أحمد وأبو نعيم عن وهب بن منبه قال : قال موسى
عليه السلام : يا رب أي عبادك أحب إليك قال : من أذكر برؤيته ، قال : أي
رب أي عبادك أحب اليك الذين يعودون المرضى ويعزون الثكلى ويشيعون الهلكى.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : لما قيل للجبال أنه يريد أن يتجلى تطاولت الجبال كلها وتواضع الجبل الذي تجلى له.
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق أحمد بن أبي الحواري عن
أبي
سليمان قال : أن الله اطلع في قلوب الآدميين فلم يجد قلبا أشد تواضعا من
قلب موسى عليه السلام فخصه بالكلام لتواضعه ، قال ، وقال غير أبي سليمان :
أوحى الله إلى الجبال : إني مكلم عليك عبدا من عبيدي ، فتطاولت الجبال
ليكلمه عليها وتواضع الطور ، قال : إن قدر شيء كان قال : فكلمه عليه
لتواضعه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العلاء بن كثير قال : إن الله تعالى
قال : يا موسى أتدري لم كلمتك قال : لا يا رب ، قال : لأني لم أخلق خلقا
تواضع لي تواضعك.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن نوف
البكالي قال : أوحى الله إلى الجبال أني نازل على جبل منكم قال : فشمخت
الجبال كلها إلا جبل الطور فإنه تواضع ، قال : أرضى بما قسم لي فكان الأمر
عليه ، وفي لفظ قال : إن قدر لي شيء فسيأتيني فأوحى الله : إني سأنزل عليك
بتواضعك لي ورضاك بقدرتي.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي خالد الأحمق
قال : لما كلم الله تعالى موسى عرض إبليس على الجبل فإذا جبريل قد وافاه
فقال : أخر يا لعين إيش تعمل ههنا قال : جئت أتوقع من موسى ما توقعت من
أبيه ، فقال له جبريل : أخر يا لعين ، ثم قعد جبريل يبكي حيال موسى فأنطق
الله الجبة
فقالت : يا جبريل إيش هذا البكاء قال : إني في القرب من
الله وإني لأشتهي أن أسمع كلام الله كما يسمعه موسى ، قالت الجبة : يا
جبريل أنا جبة موسى وأنا على جلد موسى أنا أقرب إلى موسى أو أنت يا جبريل
أنا لا أسمع ماتسمعه أنت.
- الآية (143).
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {قال رب أرني} يقول : أعطني أنظر إليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {قال رب أرني أنظر إليك} قال : لما سمع الكلام طمع في الرؤية.
وأخرج
أبو الشيخ عن ابن عباس قال : حين قال موسى لربه تبارك وتعالى {رب أرني
أنظر إليك} قال الله له : يا موسى إنك لن تراني ، قال : يقول : ليس تراني
، قال : لا يكون ذلك أبدا يا موسى إنه لا يراني أحدا فيحيا ، فقال موسى :
رب أن أراك ثم أموت أحب إلي من أن لا أراك ثم أحيا ، فقال الله لموسى : يا
موسى انظر إلى الجبل العظيم الطويل الشديد {فإن استقر مكانه} يقول : فإن
ثبت مكانه
لم يتضعضع ولم ينهد لبعض ما يرى من عظمى {فسوف تراني} أنت لضعفك وذلتك وإن الجبل تضعضع وانهد
بقوته وشدته وعظمه فأنت أضعف وأذل.
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال :
تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {رب أرني أنظر إليك} قال قال
الله عر وجل : يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات ولا يابس إلا تدهده ولا
رطب إلا تفرق وإنما يراني أهل الجنة الذين لا تموت أعينهم ولا تبلى
أجسادهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : لن تراني ولكن انظر إلى
الجبل فإنه أكبر منك وأشد خلقا ، قال {فلما تجلى ربه للجبل} فنظر إلى
الجبل لا يتمالك وأقبل الجبل يندك على أوله فلما رأى موسى ما يصنع الجبل
خر موسى صعقا.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لما أوحى الله إلى موسى بن عمران : إني مكلمك على جبل طور
سيناء صار من مقام موسى إلى جبل طور سيناء أربعة فراسخ في أربعة فراسخ رعد
وبرق وصواعق فكانت ليلة قر فجاء موسى حتى وقف بين يدي صخرة جبل طور سيناء
فإذا هو بشجرة خضراء الماء يقطر منها وتكاد النار تلفح من جوفها فوقف موسى
متعجبا فنودي من جوف الشجرة : يا ميشا ، فوقف موسى مستمعا للصوت ، فقال
موسى : من هذا الصوت العبراني يكلمني فقال الله له : يا موسى إني
لست
بعبراني إني أنا الله رب العالمين ، فكلم الله موسى في ذلك المقام بسبعين
لغة ليس منها لغة إلا وهي مخالفة للغة الأخرى وكتب له التوراة في ذلك
المقام فقال موسى : إلهي أرني أنظر إليك ، قال : يا موسى إنه لا يراني أحد
إلا مات ، فقال موسى : إلهي أرني أنظر إليك وأموت فأجاب موسى جبل طور
سيناء : يا موسى بن عمران لقد سألت أمرا عظيما لقد ارتعدت السموات السبع
ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن وزالت الجبال واضطربت البحار لعظم ما
سألت يا ابن عمران ، فقال موسى وأعاد الكلام : رب أرني أنظر إليك ، فقال :
يا موسى أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فإنك تراني {فلما تجلى ربه للجبل
جعله دكا وخر موسى صعقا} مقدار جمعة فلما أفاق موسى مسح التراب عن وجهه
وهو يقول {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} فكان موسى بعد مقامه لا
يراه أحد إلا مات واتخذ موسى على وجهه البرقع فجعل يكلم الناس بقفاه فبينا
موسى ذات يوم في الصحراء فإذا هو
بثلاثة نفر يحفرون قبرا حتى انتهوا
إلى الضريح فجاء موسى حتى أشرفع عليهم فقال لهم : لمن تحفرون هذا القبر
قالوا له : الرجل كأنه أنت أو مثلك أو في طولك أو نحوك ، فلو نزلت فقدرنا
عليك هذا الضريح ، فنزل موسى فتمدد في الضريح فأمر الله الأرض فانطبقت
عليه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي في الكامل وأبو الشيخ والحاكم
وصححه
، وَابن مردويه والبيهقي في كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك ، أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {فلما تجلى ربه للجبل جعله
دكا} قال هكذا وأشار بإصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر ، وفي لفظ
: على المفصل الأعلى من الخنصر فساخ الجبل {وخر موسى صعقا} وفي لفظ : فساخ
الجبل في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة.
وأخرج أبو الشيخ ابن
مردويه من طريق ثابت عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله
{فلما تجلى ربه للجبل} قال أظهر مقدار هذا ووضع الإبهام على خنصر الإصبع
الصغرى فقال حميد : يا أبا محمد ما تريد إلى هذا فضرب في صدره وقال : من
أنت يا حميد وما أنت يا حميد يحدثني أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم وتقول أنت : ما تريد إلى هذا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الجبل الذي أمر الله أن ينظر إليه : الطور.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الرؤية
عن ابن عباس {فلما تجلى ربه للجبل} قال : ما تجلى منه إلا قدر الخنصر {جعله دكا} قال : ترابا {وخر موسى صعقا} قال : مغشيا عليه.
وأخرج
أبو الشيخ عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما تجلى
الله لموسى كان يبصر دبيب النملة على الصفا في الليلة الظلماء من مسيرة
عشرة فراسخ.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أنس بن
مالك ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لما تجلى الله للجبل طارت
لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بالمدينة أحد وورقان ورضوى ، وبمكة حراء
وثبير وثور.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال لما تجلى الله لموسى تطايرت سبعة جبال ، ففي الحجاز
منها خمسة وفي اليمن اثنان في الحجاز أحد وثبير وثور وورقان وفي اليمن
حصور وصير
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله {فلما تجلى
ربه للجبل جعله دكا} قال : اسمع موسى قال له : إني أنا الله قال : وذاك
عشية عرفة وكان الجبل بالموقف فانقطع على سبع قطع ، قطعة سقطت بين يديه
وهو الذي يقوم الإمام عنده في الموقف يوم عرفة وبالمدينة ثلاثة طيبة وأحد
ورضوى وطور سيناء بالشام ، وإنما سمي الطور : لأنه طار في الهواء إلى
الشام.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال أخرج خنصره.
وأخرج ابن مردويه عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} مثقله ممدودة.
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {دكا} منونة ولم يمده.
وأخرج
أبو نعيم في الحلية عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلما تجلى ربه للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعن بالمدينة
أحد وورقان ورضوى ووقع بمكة ثور وثبير وحراء
وأخرج ابن جرير ، وَابن
مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس ، أن موسى لما كلمه ربه أحب أن ينظر
إليه فسأله فقال {لن تراني ولكن انظر إلى الجبل} قال : فحف حول الجبل
بالملائكة وحف حول الملائكة بنار وحف حول النار بالملائكة وحف حولهم بنار
ثم تجلى ربك للجبل تجلى منه مثل الخنصر فجعل الجبل دكا وخر موسى صعقا فلم
يزل صعقا ما شاء الله ثم إنه أفاق فقال {سبحانك تبت إليك وأنا أول
المؤمنين} يعني أول المؤمنين من بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فلما تجلى ربه للجبل} قال : كشف بعض الحجب.
وأخرج
ابن المنذر عن عكرمة أنه كان يقرأ هذا الحرف {فلما تجلى ربه للجبل جعله
دكا} قال : كان حجرا أصم فلما تجلى له صار تلا ترابا دكا من الدكوات.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن سفيان في قوله {فلما تجلى ربه
للجبل جعله دكا} قال : ساخ الجبل إلى الأرض حتى وقع في البحر فهو يذهب بعد
وأخرج
أبو الشيخ عن أبي معشر قال : مكث موسى أربعين ليلة لا ينظر إليه أحد إلا
مات من نور رب العالمين ومصداق ذلك في كتاب الله {فلما تجلى ربه للجبل
جعله دكا} قال : ترابا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عروة بن رويم
قال : كانت الجبال قبل أن يتجلى الله لموسى على الطور صما ملسا ليس فيها
كهوف ولا شقوق فلما تجلى الله لموسى على الطور صار الطور دكا وتفطرت
الجبال فصارت فيها هذه الكهوف والشقوق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله {دكا} قال : الأرض المستوية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة {جعله دكا} قال : دك بعضه بعضا.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وخر موسى صعقا} قال : غشى عليه إلا
أن روحه في جسده {فلما أفاق قال} لعظم ما رأى {سبحانك} تنزيها الله من أن
يراه {تبت إليك} رجعت
عن الأمر الذي كنت عليه {وأنا أول المؤمنين} يقول : أول المصدقين الآن أنه لا يراك أحد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {وأنا أول المؤمنين} يقول : أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في
قوله {وخر موسى صعقا} أي ميتا {فلما أفاق} قال : فلما رد عليه روحه ونفسه
{قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} إنه لن تراك نفس فتحيا وإليها
يفزع كل عالم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {تبت إليك} قال : من سؤالي إياك الرؤية {وأنا
أول المؤمنين} قال : أول قومي إيمانا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ
عن أبي العالية في قوله {وأنا أول المؤمنين} قال : قد كان أذن قبله مؤمنون
ولكن يقول : أنا أول من آمن
بأنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة.
وأخرج
أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن مردويه عن أبي سعيد عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم
القيامة فأكون أول
من يفيق فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور.
- الآية (144 - 145).
-
أَخْرَج أبو الشيخ عن ابن شودب قال : أوحى الله إلى موسى أتدري لم اصطفيتك
على الناس برسالاتي وبكلامي قال : لا يا رب ، قال : إنه لم يتواضع لي
تواضعك أحد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : قال موسى : يا رب دلني
على عمل إذا عملته كان شكرا لك فيما اصطنعت إلي ، قال : يا موسى قل لا إله
إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، قال :
فكان موسى أراد من العمل ما هو أنهك لجسمه مما أمر به فقال له : يا موسى
لو أن السموات السبع والأرضين السبع وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في
كفة لرجحت بهن ، قوله تعالى : {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة
وتفصيلا لكل شيء}
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كتبت التوراة بأقلام من ذهب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال : كتب الله الألواح لموسى وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الألواح التي أنزلت على موسى كانت من
سدر الجنة كان طول اللوح اثني عشر ذراعا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج
قال : أخبرت أن الألواح من زبرجد ومن زمرد الجنة أمر الرب تعالى جبريل
فجاء بها من عدن وكتبها بيده بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد الرب من نهر
النور وكتب به الألواح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال :
كانوا يقولون : كانت الألواح من ياقوتة وأنا أقول : إنما كانت من زبرجد
وكتابها الذهب كتبها الله بيده فسمع أهل السموات صريف القلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : كانت ألواح موسى
من برد.
وأخرج
ابن المنذر عن مجاهد قال : كانت الألواح من زمرد أخضر أمر الرب تعالى
جبريل فجاء بها من عدن فكتب الرب بيده بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد
الرب من نهر النور وكتب به الألواح.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال : كتب
الله التوراة لموسى بيده وهو مسند ظهره إلى الصخرة يسمع صريف القلم في
ألواح من زمرد ليس بينه وبينه إلا الحجاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : إن الله لم يمش شيئا إلا ثلاثة ، خلق آدم بيده وغرس الجنة بيده وكتب التوراة بيده.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن حكيم بن جابر قال :
أخبرت أن الله تبارك وتعالى لم يمس من خلقه بيده شيئا إلا ثلاثة أشياء ،
غرس الجنة بيده وجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك وخلق آدم بيده
وكتب التوراة لموسى بيده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وردان بن خالد قال خلق الله آدم بيده
وخلق جبريل بيده وخلق القلم بيده وخلق عرشه بيده وكتب الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه غيره بيده وكتب التوراة بيده.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أعطى موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد
فيها تبيان لكل شيء وموعظة فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفا على عبادة
العجل رمى بالتوراة من يده فتحطمت فرفع الله منها ستة أسباع وبقي سبع.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن مغيث الشامي قال : بلغني أن الله تعالى لم يخلق بيده
إلا ثلاثة أشياء الجنة غرسها بيده وآدم خلقه بيده والتوراة كتبها بيده.
وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عمر قال : خلق الله آدم بيده وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده ثم قال لسائر الأشياء : كن فكان.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي {وكتبنا له في الألواح من كل شيء} أمروا به ونهوا عنه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وكتبنا
له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء} قال : مما أمروا به ونهوا
عنه.
وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه وضعفه الذهبي عن ابن عباس قال :
إن الله يقول في كتابه لموسى {إني اصطفيتك على الناس} الأعراف الآية 144 ،
!
{وكتبنا له في الألواح من كل شيء} قال : فكان يرى أن جميع الأشياء
قد أثبتت له كما ترون أنتم علماءكم فلما انتهى إلى ساحل البحر لقي العالم
فاستنطقه فأقر له بفضل علمه ولم يحسده الحديث.
وأخرج ابن جرير عن ابن
عباس ، أن موسى لما كربه الموت قال : هذا من أجل آدم قد كان الله جعلنا في
دار مثوى لا نموت فخطا آدم أنزلنا هنا ، فقال الله لموسى : أبعث لك آدم
فتخاصمه قال : نعم ، فلما بعث الله آدم سأله موسى فقال : لولا أنت لم نكن
ههنا ، فقال له آدم : قد آتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلا أفلست تعلم
أنه {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن
نبرأها} الحديد الآية 22 قال موسى : بلى فخصمه آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم
عن ابن عباس قال : كان الله عز وجل كتب في الألواح ذكر محمد صلى الله عليه
وسلم وذكر أمته وما ذخر لهم من عنده وما يسر عليهم في دينهم وما وسع عليهم
فيما أحل لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : فيما كتب الله لموسى في الألواح : يا موسى لا تحلف بي كاذبا فإني لا أزكي عمل من حلف
بي كذبا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه في قوله
{وكتبنا له في الألواح من كل شيء} قال : كتب له اعبدني ولا تشرك بي شيئا
من أهل السماء ولا من أهل الأرض فإن كل ذلك خلقي فإذا أشرك بي غضبت وإذا
غضبت لعنت وإن لعنتي تدرك الرابع من الولد وإني إذا أطعت رضيت وإذا رضيت
باركت والبركة مني تدرك الأمة بعد الأمة ولا تحلف باسمي كاذبا فإني
لا
أزكي من حلف باسمي كاذبا ووقر والديك فإنه من وقر والديه مددت له في عمره
ووهبت له ولدا يبره ومن عق والديه قصرت له في عمره ووهبت له ولدا يعقه
واحفظ السبت فإنه آخر يوم فرغت فيه من خلقي ولا تزن ولا تسرق ولا تول وجهك
عن عدوى ولا تزن بامرأة جارك الذي يأمنك ولا تغلب جارك على ماله ولا تخلفه
على امرأته.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي حزرة
القاص أن العشر الآيات التي كتب الله تعالى لموسى في الألواح : أن اعبدني
ولا تشرك بي شيئا ولا تحلف باسمي كاذبا فإني لا أزكي ولا أطهر من حلف
باسمي
كاذبا واشكر لي ولوالديك أنسأ لك في أجلك وأقيك المتالف ولا تسرق ولا تزن
فأحجب عنك نور وجهي ولا تغلق عن دعائك أبواب سماواتي ولا تغدر بحليل جارك
وأحب للناس ما تحب لنفسك ولا تشهد بما لم يع سمعك ويفقه قلبك فإني واقف
أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها ولا تذبح لغيري ولا
يصعد إلي من قربان أهل الأرض إلا ما ذكر عليه اسمي.
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : بلغني أن فيما أنزل الله على موسى عليه السلام : لا تجالسوا أهل الأهواء فيحدثوا في قلبك ما لم يكن.
وأخرج
ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن لال في مكارم الأخلاق ، عَن جَابر
بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كان فيما أعطى
الله موسى في الألواح الأول في أول ما كتب عشرة أبواب :
يا موسى لا
تشرك بي شيئا فقد حق القول مني لتلفحن وجوه المشركين النار واشكر لي
ولوالديك أقك المتالف وانسأ في عمرك وأحييك حياة طيبة وأقلبك إلى خير منها
ولا تقتل النفس التي حرمت إلا بالحق فتضيق عليك الأرض برحبها والسماء
بأقطارها وتبوء بسخطي والنار ولا تحلف باسمي كاذبا ولا آثما فإني لا أطهر
ولا أزكي من لم ينزهني ويعظم أسمائي ولا تحسد الناس على ما أعطيتهم من
فضلي ولا تنفس عليهم نعمتي ورزقي فإن الحاسد عدو نعمتي راد لقضائي ساخط
لقسمتي التي أقسم بين عبادي ومن لم يكن كذلك فلست منه وليس مني ولا تشهد
بما لم يع سمعك ويحفظ عقلك وتعقد عليه قلبك فإني واقف أهل الشهادات على
شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها سؤالا حثيثا ولا تزن ولا تسرق ولا تزن
بحليلة جارك فأحجب عنك وجهي ولا تغلق عنك أبواب السماء
وأحبب للناس ما
تحب لنفسك ولا تذبحن لغيري فإني لا أقبل من القربان إلا ما ذكر عليه اسمي
وكان خالصا لوجهي وتفرغ لي يوم السبت وفرغ لي نفسك وجميع أهل بيتك ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل السبت لموسى عيدا واختار لنا
الجمعة فجعلها لنا عيدا.
وأخرج أبو الشيخ عن ميمون بن مهران قال : مما كتب الله لموسى في الألواح لا تتمن مال أخيك ولا امرأة أخيك
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن وهب بن منبه قال : مكتوب في التوراة :
شوقناكم فلم تشتاقوا ونحنا لكم فلم تبكوا ألا وإن لله ملكا ينادي في
السماء كل ليلة : بشر القتالين بأن لهم عند الله سيفا لا ينام وهو نار
جهنم أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده أبناء الخمسين هلموا إلى الحساب لا
عذر لكم أبناء الستين ماذا قدمتم وماذا أخرتم أبناء السبعين ما تنظرون ألا
ليت الخلق لم يخلقوا فإذا خلقوا علموا لما خلقوا ألا أتتكم الساعة فخذوا
حذركم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال
: قال موسى : رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة
الآخرون في الخلق والسابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة
أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة
أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب
الآخر ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي ،
قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في قلوبهم
يقرأونها - قال قتادة : وكان من قبلكم إنما يقرأون كتابهم نظرا فإذا
رفعوها
لم يحفظوا منه شيئا ولم يعوه وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا
لم يعطه أحدا من الأمم قبلكم فالله خصكم بها وكرامة أكرمكم بها - قال :
فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة
صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها - قال قتادة : وكان من قبلكم
إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها وإن ردت تركت
فأكلتها السباع والطير وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم رحمة رحمكم
بها وتخفيفا خفف به عنكم - فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب
إني
أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فإن
عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة
أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه
حتى يعملها فإن عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد
، قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم
أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال قتادة : فذكر لنا أن نبي الله موسى نبذ
الألواح وقال : اللهم إذا فاجعلني من أمة أحمد ، قال : فأعطي اثنتين لم
يعطهما {قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} الأعراف
الآية 144 قال : فرضي نبي الله ثم أعطى الثانية {ومن قوم موسى أمة يهدون
بالحق وبه يعدلون} قال : فرضي نبي الله موسى كل الرضا
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال موسى : يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالحسنة كتبت له حسنة وإذا عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه وإذا عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفع لهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم يوم القيامة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة ينصرون على من ناوأهم حتى يقاتلوا الأعور
الدجال
فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : فانتبذ الألواح من يده وقال :
رب فاجعلني من أمة أحمد ، فأنزل الله {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه
يعدلون} الأعراف الآية 159 فرضي نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
أبو الشيخ عن ابن عباس قال : فيما ناجى موسى ربه فيما وهب الله لمحمد
وأمته حيث قرأ التوراة وأصاب فيها نعت النَّبِيّ وأمته قال : يا رب من هذا
النبي
الذي جعلته وأمته أولا وآخرا قال : هذا محمد النَّبِيّ الأمي
العربي الحرمي التهامي من ولد قاذر بن إسمعيل جعلته أولا في المحشر وجعلته
آخرا ختمت به الرسل يا موسى ختمت بشريعته الشرائع وبكتابه الكتب وبسننه
السنن وبدينه الأديان ، قال : يا رب إنك اصطفيتني وكلمتني قال : يا موسى
إنك صفي وهو حبيبي أبعثه يوم القيامة على كوم أجعل حوضه أعرض الحياض
وأكثرهم واردا وأكثرهم تبعا قال : رب لقد كرمته وشرفته ، قال : يا موسى حق
لي أن أكرمه وأفضله وأفضل أمته لأنهم يؤمنون بي وبرسلي كلهم وبكلمتي كلها
وبغيبي كله ما كان فيهم شاهدا - يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - ومن
بعد موته إلى يوم القيامة ، قال : يا رب هذا نعتهم قال : نعم ، قال : يا
رب وهبت لهم الجمعة أو لأمتي قال : بل لهم الجمعة دون
أمتك ، قال : رب إني نظرت في التوراة إلى نعت قوم غر محجلين فمن هم أمن بني إسرائيل هم أم من غيرهم قال : تلك أمة أحمد الغر المحجلون من آثار الوضوء ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما يمرون على الصراط كالبرق والريح فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما يصلون الصلوات الخمس فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما يتزرون إلى أنصافهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت قوما يراعون الشمس مناديهم في جو السماء فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني وجدت في التوراة قوما الحسنة منهم بعشرة والسيئة بواحدة فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم شاهرين سيوفهم لا ترد لهم حاجة قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما إذا
أرادوا أمرا استخاروك ثم ركبوه فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال
: يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم يشفع محسنهم في مسيئهم فمن هم قال :
تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يحجون البيت
الحرام لا ينأون عنه أبدا لا يقضون منه وطرا أبدا فمن هم قال : تلك أمة
احمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم قربانهم دماؤهم فمن هم
قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يقاتلون في
سبيلك صفوفا زحوفا يفرغ عليهم الصبر إفراغا فمن هم قال : تلك أمة أحمد ،
قال : يا رب إني
وجدت في التوراة نعت قوم يذنب أحدهم الذنب فيتوضأ
فيغفر له ويصلي فتجعل الصلاة له نافلة بلا ذنب فمن هم قال : تلك أمة أحمد
، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يشهدون لرسلك بما بلغوا فمن هم
قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يجعلون
الصدقة في بطونهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في
التوراة نعت قوم الغنائم لهم حلال وهي محرمة على الأمم فمن هم قال : تلك
أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم جعلت الأرض لهم طهورا
ومسجدا فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت نعت قوم الرجل
منهم خير من ثلاثين ممن كان قبلهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد يا موسى
الرجل من الأمم السالفة
أعبد من الرجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بثلاثين ضعفا وهم خير بثلاثين ضعفا بإيمانه بالكتب كلها ، قال : يا رب إني وجدت نعت قوم يأوون إلى ذكرك ويتحابون عليه كما تأوي النسور إلى وكورها فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم إذا غضبوا هللوك وإذا تنازعوا سبحوك فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يغضبون لك كما يغضب النمر الحرب لنفسه فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تفتح أبواب السماء لأعمالهم وأرواحهم وتباشر بهم الملائكة فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تتباشر بهم الأشجار والجبال بممرهم عليها لتسبيحهم لك وتقديسهم لك فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم وهبت لهم الاسترجاع عند المصيبة ووهبت لهم عند المصيبة الصلاة والرحمة والهدى فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تصلي عليهم أنت وملائكتك فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يدخل محسنهم الجنة بغير حساب ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا وظالمهم يغفر له فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب فاجعلني منهم ، قال : يا موسى أنت منهم وهم منك لأنك على ديني وهم
على ديني ولكن قد فضلتك برسالاتي وبكلامي فكن من الشاكرين.
قال
: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يبعثون يوم القيامة قد ملأت صفوفهم
ما بين المشرق والمغرب صفوفا يهون عليهم الموقف لا يدرك فضلهم أحد من
الأمم فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت
قوم تقبضهم على فرشهم وهم شهداء عندك فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال :
يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم لا يخافون فيك لومة لائم فمن هم قال :
تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم أذلة على
المؤمنين أعزة على الكافرين فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني
وجدت في التوراة نعت قوم صديقهم أفضل الصديقين فمن هم قال : تلك أمة أحمد
، قال : يا رب لقد كرمته وفضلته ، قال : يا موسى هو كذلك نبي وصفي وحبيبي
وأمته خير أمة ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم محرمة على الأمم
الجنة أن يدخلوها حتى يدخلها نبيهم وأمته فمن هم قال : تلك أمة أحمد ، قال
: يا رب لبني إسرائيل ما بالهم قال : يا موسى إن قومك من بني إسرائيل
يبدلون دينك من بعدك ويغيرون كتابك الذي أنزلت عليك وإن أمة محمد لا
يغيرون سنته ولا يبطلون الكتاب الذي أنزلت عليه إلى أن تقوم الساعة فلذلك
بلغتهم سنام كرامتي
وفضلتهم على الأمم وجعلت نبيهم أفضل الأنبياء ،
أولهم في الحشر وأولهم في انشقاق الأرض وأولهم شافعا وأولهم مشفعا ، قال :
يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم حلماء علماء كادوا أن يبلغوا بفقههم
حتى يكونوا أنبياء فمن هم قال : تلك أمة أحمد يا موسى أعطوا العلم الأول
الآخر ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما توضع المائدة بين أيديهم
فما يرفعونها حتى يغفر لهم فمن هم قال : أولئك أمة أحمد ، قال : يا رب إني
وجدت في التوراة نعت قوم يلبس أحدهم الثوب فما ينفضه حتى يغفر لهم فمن هم
قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم إذا استووا
على ظهور دوابهم حمدوك فيغفر لهم فمن هم قال : تلك أمة أحمد أوليائي يا
موسى الذين أنتقم بهم من عبدة النيران والأوثان.
وأخرج أبو نعيم في
الدلائل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن موسى لما
نزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال : يا رب إني أجد في
الألواح
أمة هم الآخرون السابقون فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب
إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلها أمتي ، قال :
تلك
أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في
صدورهم يقرأونه ظاهرا فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب
إني أجد في الألواح أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ،
قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها
فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة
إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة وإن عملها كتبت له عشر حسنات
فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في الألواح أمة
يؤتون العلم الأول والعلم الآخر فيقتلون قرون الضلالة والمسيح الدجال
فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب فاجعلني من أمة أحمد
فأعطي عند ذلك خصلتين {قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي
وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين} قال : قد رضيت يارب.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن
كعب
الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له : ما يبكيك قال : ذكرت بعض الأمر
فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني قال : نعم ، قال :
أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : رب
إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن
المنكر ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ويقاتلون أهل الضلالة حتى
يقاتلوا الأعور الدجال فقال موسى : رب اجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد
قال الحبر : نعم ، قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن
موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس
المحكمون إذا أرادوا أمرا قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي ، قال : هم
أمة أحمد قال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله
المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم
على شرف كبر الله وإذا هبط واديا حمد الله الصعيد لهم طهور والأرض لهم
مسجد حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث
لا يجدون الماء غر محجلون من
آثار الوضوء فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة
أحمد قال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل
أن موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب
واصطفيتهم {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} فاطر الآية
32 ولا أجد أحدا منهم إلا مرحوما فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد
قال
الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى
نظر في التوراة فقال : يا رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم
يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في
مساجدهم كدوي النحل لا يدخل النار منهم أحدا إلا من بري من الحسنات مثل ما
بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد قال الحبر : نعم
، فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمدا وأمته قال : يا ليتني من
أمة أحمد فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن {يا موسى إني اصطفيتك على
الناس برسالاتي وبكلامي} الأعراف الآية 144 الآية فرضي موسى كل الرضا.
وأخرج
أبو نعيم عن سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن عمرو قال لكعب : أخبرني عن
صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته قال : أجدهم في كتاب الله : إن أحمد
وأمته حمادون يحمدون الله على كل خير وشر يكبرون الله على كل شرف يسبحون
الله في كل منزل نداؤهم في جو السماء لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل على
الصخر يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة ويصفون في القتال كصفوفهم في الصلاة
إذا غزوا في سبيل الله كانت الملائكة بين أيديهم ومن خلفهم برماح شداد إذا
حضروا الصف في سبيل الله كان الله عليهم مظلا كما تظل النسور على وكورها
لا يتأخرون زحفا أبدا حتى يحضرهم جبريل عليه السلام
وأخرج الطبراني
والبيهقي في الدلائل عن محمد بن يزيد الثقفي قال : اصطحب قيس بن خرشة وكعب
الأحبار حتى إذا بلغا صفين وقف كعب ثم نظر ساعة ثم قال : ليهراقن بهذه
البقعة من دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله فقال قيس : ما
يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به فقال كعب : ما
من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة الذي أنزل الله على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة.
وأخرج
عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن خالد الربعي قال : قرأت في كتاب الله
المنزل أن عثمان بن عفان رافع يديه إلى الله يقول : يا رب قتلني عبادك
المؤمنون.
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الربعي قال : قرأت في التوراة اتق الله يا ابن آدم وإذا شبعت فاذكر الجائع.
وأخرج
أحمد عن قتادة قال : بلغنا أنه مكتوب في التوراة ابن آدم ارحم ترحم إنه من
لا يرحم لا يرحم كيف ترجو أن أرحمك وأنت لا ترحم عبادي.
وَأخرَج أحمد وأبو نعيم في الحلية عن مالك بن دينار قال : قرأت في
التوراة
يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكيا فإني أنا الله الذي
إقتربت لقلبك وبالغيب رأيت نوري ، قال مالك : يعني الحلاوة والسرور الذي
يجد المؤمن.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال : أربعة أحرف
في التوراة مكتوب من لم يشاور يندم ومن استغنى استأثر والفقر الموت الأحمر
وكما تدين تدان.
وأخرج أحمد وأبو نعيم عن خيثمة قال : مكتوب في التوراة
ابن آدم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنى وأسد فقرك وإن لا تفعل املأ قلبك شغلا
ولا أسد فقرك.
وأخرج أحمد في الزهد عن بيان قال : بلغني أن في التوراة مكتوب ابن آدم كسيرة تكفيك وخرقة تواريك وحجر يأويك.
وأخرج
أحمد عن وهيب المكي قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة يا ابن آدم اذكرني
إذا غضبت أذكرك إذا غضبت فلا أمحقك مع من أمحق وإذا ظلمت فارض بنصرتي لك
فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك
وأخرج أحمد عن الحسن بن أبي الحسن
قال : انتهت بنو إسرائيل إلى موسى عليه السلام فقالوا : إن التوراة تكبر
علينا فأنبئنا بجماع من الأمر فيه تخفيف ، فأوحى الله إليه : ما سألك قومك
قال : يا رب أنت أعلم ، قال : إنما بعثتك لتبلغني عنهم وتبلغهم عني ، قال
: فإنهم سألوني جماعا من الأمر فيه تخفيف ويزعمون أن التوراة تكبر عليهم
فقال الله عز وجل : قل لهم لا تظالموا في المواريث ولا يدخلن عليكم عبد
بيتا حتى يستأذن وليتوضأ من الطعام ما يتوضأ للصلاة فاستخفوها يسيرا ثم
إنهم لم يقوموا بها ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك
تقبلوا إلي بست أتقبل لكم
بالجنة من حدث فلا يكذب ومن وعد فلا يخلف ومن ائتمن فلا يخون اخفظوا أيديكم وأبصاركم وفروجكم.
وأخرج
أحمد عن مالك بن دينار قال : قرأت في التوراة من يزدد علما يزدد وجفا ،
وقال : مكتوب في التوراة من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه.
وأخرج أحمد عن قتادة قال : إن في التوراة مكتوبا يا ابن آدم تذكرني وتنساني وتدعو إلي وتفر مني وأرزقك وتعبد غيري
وأخرج
عبد الله وابنه عن الوليد بن عمر قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة ابن
آدم حرك يديك أفتح لك بابا من الرزق وأطعني فيما آمرك فما أعلمني بما
يصلحك.
وأخرج عبد الله عن عقبة بن زينب قال : في التوراة مكتوب لا
تتوكل على ابن آدم فإن ابن آدم لليس ولكن توكل على الحي الذي لا يموت وفي
التوراة مكتوب مات موسى كليم الله فمن ذا الذي لا يموت.
وأخرج أحمد عن
وهب بن منبه قال : وجدت فيما أنزل الله على موسى أن من أحب الدنيا أبغضه
الله ومن أبغض الدنيا أحبه الله ومن أكرم الدنيا أهانه الله ومن أهان
الدنيا أكرمه الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال : مكتوب في التوراة ليكن وجهك بسطا وكلمتك طيبة تكن أحب إلى الناس من الذين يعطونهم العطاء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة كما ترحمون ترحمون
وأخرج
ابن أبي شيبة عن كعب قال : والذي فلق البحر لبني إسرائيل في التوراة مكتوب
: يا ابن آدم اتق ربك وابرر والديك وصل رحمك أمد لك في عمرك وأيسر لك يسرك
وأصرف عنك عسرك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كردوس الثعلبي قال : مكتوب في التوراة اتق توقه إنما التوقي في التقوى ارحموا ترحموا توبوا يتاب عليكم.
وأخرج
الحكيم في نوادر الأصول عن أبي الجوزاء قال : قرأت في التوراة أن سرك أن
تحيا وتبلغ علم اليقين فاحتمل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا فإن من يغلب
شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله.
وأخرج الطبراني في السنة وأبو الشيخ
عن كعب قال : لما أراد الله أن يكتب لموسى التوراة قال : يا جبريل ادخل
الجنة فائتني بلوحين من شجرة الجنة فدخل جبريل الجنة فاستقبلته شجرة من
شجر الجنة من ياقوت الجنة فقطع منها لوحين فتابعته على ما أمره الرحمن
تبارك وتعالى فأتى بهما الرحمن فأخذهما بيده فعاد اللوحان نورا لما مسهما
الرحمن تبارك وتعالى وتحت العرش نهر يجري من نور لا يدري حملة العرش أين
يجيء ولا أين يذهب منذ خلق الله
الخلق فلما استمد منه الرحمن جف فلم
يجر فلما كتب لموسى التوراة بيده ناول اللوحين موسى فلما أخذهما موسى عادا
حجارة فلما رجع إلى بني إسرائيل وإلى هرون وهو مغضب أخذ بلحيته ورأسه يجره
إليه فقال له هرون : يا ابن آدم {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني}
الأعراف الآية 150 ومع ذلك إني خفت أن آتيك فتقول : فرقت بين بني إسرائيل
ولم تنتظر قولي فاستغفر موسى ربه تبارك وتعالى واستغفر لأخيه وقد تكسرت
الألواح لما ألقاها من يده.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب الأحبار ، أن موسى عليه السلام كان يقول في دعائه : اللهم لين قلبي بالتوراة ولا تجعل قلبي قاسيا كالحجر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : سأل موسى جماعا من العمل فقيل له : انظر ما تريد أن يصاحبك به الناس فصاحب الناس به.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فخذها بقوة} قال : بجد وحزم {سأريكم دار الفاسقين} قال : دار الكفار.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فخذها بقوة} قال : بجد {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} قال : أمر موسى أن يأخذها بأشد مما أمر به قومه
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {فخذها بقوة} قال : إن الله تعالى يحب أن يؤخذ أمره بقوة وجد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {فخذها بقوة} قال : بطاعة.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {فخذها بقوة} يعني بجد واجتهاد
{وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} قال : بأحسن ما يجدون منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال : مصيرهم في الآخرة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {دار الفاسقين} قال : منازلهم في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال : جهنم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال : رفعت لموسى حتى نظر إليها.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال : مصر.
- الآية (146 - 147).
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون} يقول : سأصرفهم عن أن يتفكروا في آياتي.
وأخرج
ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {سأصرف عن آياتي} قال : عن خلق
السموات والأرض والآيات التي فيها سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها أو يعتبروا
فيها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سفيان بن عيينة
في قوله {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق} يقول : أنزع
عنهم فهم القرآن.
- الآية (148).
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذرعن مجاهد في قوله {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم
عجلا جسدا} قال : حين دفنوها ألقى عليها السامري قبضة من تراب من أثر فرس
جبريل عليه السلام
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {من حليهم عجلا جسدا له خوار} قال :
استعاروا حليا من آل فرعون فجمعه السامري فصاغ منه عجلا فجعله الله جسدا
لحما ودما له خوار.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن
الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {عجلا جسدا له خوار} قال : يعني له
صياح ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول :
كان بني معاوية بن بكر * إلى الإسلام ضاحية تخور.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : خار العجل خورة لم يثن ألم تر أن الله قال {ألم يروا أنه لا يكلمهم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {له خوار} قال : الصوت.
- الآية (149).
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {ولما سقط في أيديهم} قال : ندموا.
- الآية (150 - 151).
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن
ابن عباس في قوله {أسفا} قال : حزينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} قال : حزينا على ما صنع قومه من بعده.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {غضبان أسفا} قال : حزينا وفي الزخرف
{فلما آسفونا} الزخرف الآية 55 يقول : أغضبونا ، والأسف على وجهين : الغضب
والحزن.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أسفا} قال : جزعا.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال : الأسف : منزلة وراء الغضب أشد من ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن كعب قال : الأسف : الغضب الشديد.
وأخرج
أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبزار ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني
وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم أيزحم الله موسى ليس المعاين كالمخبر أخبره ربه تبارك وتعالى أن قومه
فتنوا
بعده فلم يلق الألواح فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح فتكسر ما تكسر.
وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال : كان موسى عليه السلام إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : لما ألقى موسى الألواح تكسرت فرفعت إلا سدسها.
وأخرج
أبو الشيخ عن ابن عباس قال : كتب الله لموسى في الألواح فيها {موعظة
وتفصيلا لكل شيء} الأعراف الآية 145 فلما ألقاها رفع الله منها ستة
أسباعها وبقي سبع يقول الله {وفي نسختها هدى ورحمة} الأعراف الآية 154
يقول : فيما بقي منها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أوتي رسول
الله صلى الله عليه وسلم السبع المثاني وهي الطوال وأوتي موسى ستا فلما
ألقى الألواح رفعت اثنتان وبقيت أربع.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في
قوله {وألقى الألواح} قال : ذكر أنه رفع من الألواح خمسة أشياء وكان لا
ينبغي أن يعلمه الناس {إن الله عنده علم الساعة} لقمان الآية 34 إلى آخر
الآية.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد وسعيد بن جبير قال : كانت الألوح من زمرد فلما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : أخبرت أن ألواح موسى كانت تسعة فرفع منها لوحان وبقي سبعة.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {ولا تجعلني مع القوم الظالمين} قال : مع أصحاب العجل.
- الآية (152).
-
أَخْرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
وأبو الشيخ عن أيوب قال : تلا أبو قلابة هذه الآية {إن الذين اتخذوا العجل
سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين} قال : هو
جزاء لكل مفتر إلى يوم القيامة أن يذله الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {وكذلك نجزي المفترين}
قال : كل صاحب بدعه ذليل.
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن سفيان بن عيينة قال : لا تجد مبتدعا إلا وجدته
ذليلا ألم تسمع إلى قول الله {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم
وذلة في الحياة الدنيا}.
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عيينة قال : ليس
في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذلة تغشاه وهو في كتاب الله ، قالوا : أين
هي قال : أما سمعتم إلى قوله {إن الذين اتخذوا العجل} الآية قال : يا أبا
محمد هذه لأصحاب العجل
خاصة ، قال : كلا اقرأ ما بعدها {وكذلك نجزي المفترين} فهي لكل مفتر ومبتدع إلى يوم القيامة.
- الآية (153).
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن مسعود ، أنه سئل عن الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها
فتلا {والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها
لغفور رحيم}.
- الآية (154).
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
أعطى الله موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة
التوراة مكتوبة فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفا على العجل فرمى
التوراة من يده فتحطمت وأقبل
على هرون فأخذ برأسه فرفع الله منها
ستة أسباع وبقي سبع {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى
ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} قال : فما بقي منها.
وأخرج أبو عبيد ،
وَابن المنذر عن مجاهد ، إن سعيد بن جبير قال : كانت الألواح من زمرد فلما
ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى والرحمة وقرأ {وكتبنا له في الألواح
من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء} الأعراف آية 145 وقرا / {ولما ذهب عن
موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة > / قال : ولم يذكر
التفصيل ههنا.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
ابن عباس في قوله : (واختار موسى قومة) الآية قال : كان الله أمره أن
يختار من قومه سبعين رجلا فاختار سبعين رجلا فبرز بهم ليدعوا ربهم فكان
فيما دعوا الله أن قالوا: اللهم أعطينا ما لم تعطه أحدا من قبلنا ولا تعطه
أحدا بعدنا . فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة قال موسى : رب لو
شئت أهلكتهم من قبل (إن هي إلا فتنتك) يقول : إن هو إلا عذابك تصيب به من
تشاء وتصرفه عمن تشاء .
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {واختار موسى
قومه سبعين رجلا لميقاتنا} قال : اختارهم ليقوموا مع هرون على قومه بأمر
الله {فلما أخذتهم الرجفة} تناولتهم الصاعقة حين أخذت قومهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد من طريق أبي سعد عن مجاهد {واختار موسى قومه سبعين رجلا
لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة} بعد أن خرج موسى بالسبعين من قومه يدعون
الله ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء فلم يستجب لهم علم موسى أنهم قد أصابوا
من المعصية ما أصاب قومهم قال أبو سعد : فحدثني محمد بن كعب القرظي قال :
فلم يستجب لهم من أجل أنهم لم ينهوهم عن المنكر ولم يأمروهم بالمعروف
فأخذتهم الرجفة فماتوا ثم أحياهم الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الفضل
بن عيسى بن أخي الرقاشي ، إن بني إسرائيل قالوا ذات يوم لموسى : ألست ابن
عمنا ومنا وتزعم أنك كلمت رب العزة فإنا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة
فلما أن أبوا إلا ذلك أوحى الله إلى موسى : أن اختر من قومك سبعين رجلا ،
فاختار موسى من قومه سبعين رجلا خيرة ثم قال لهم : اخرجوا ، فلما برزوا
جاءهم ما لا قبل لهم به فأخذتهم الرجفة قالوا : يا موسى ردنا ، فقال لهم
موسى : ليس لي من الأمر شيء سألتم شيئا فجاءكم فماتوا جميعا قيل : يا موسى
ارجع ، قال : رب إلى أين الرجعة {قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي
أتهلكنا بما فعل السفهاء
منا} الأعراف آية 155 إلى قوله {فسأكتبها للذين يتقون} الآية ، قال عكرمة ، كتبت الرحمة يومئذ لهذه الأمة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت ، وَابن
جَرِير ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال : لما حضر أجل
هرون أوحى الله إلى موسى : أن انطلق أنت وهرون ، وَابن هرون إلى غار في
الجبل فأنا قابض روحه فانطلق موسى وهرون ، وَابن هرون فلما انتهوا إلى
الغار دخلوا فإذا سرير فاضطجع عليه موسى ثم قام عنه فقال : ما أحسن هذا
المكان يا هرون فاضطجع هرون فقبض روحه فرجع موسى ، وَابن هرون إلى بني
إسرائيل حزينين ، فقالوا له : أين هرون قال : مات ، قالوا : بل قتلته كنت
تعلم أنا نحبه ، فقال لهم موسى : ويلكم أقتل أخي وقد سألته الله وزيرا ولو
أني أردت قتله أكان ابنه يدعني قالوا له : بلى قتلته حسدتناه ، قال :
فاختاروا سبعين رجلا فانطلق بهم فمرض رجلان في الطريق فخط عليهما خطا
فانطلق موسى ، وَابن هرون وبنو إسرائيل حتى انتهوا ألى هرون فقال : يا
هرون من قتلك قال : لم يقتلني أحد ولكني مت قالوا : ما
تقضي يا موسى
ادع لنا ربك يجعلنا أنبياء ، قال : فأخذتهم الرجفة فصعقوا وصعق الرجلان
اللذان خلفوا وقام موسى يدعوا ربه {لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا
بما فعل السفهاء منا} فأحياهم الله فرجعوا إلى قومهم أنبياء
- الآية (155).
أَخْرَج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واختار
موسى قومه} الآية ، قال : كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلا
فاختار سبعين رجلا فبرز بهم فكان ليدعوا ربكم فيما دعوا الله أن قالوا :
اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم
الرجفة قال موسى {لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء
منا إن هي إلا فتنتك} يقول : إن هو إلا عذابك تصيب به من تشاء وتصرفه عمن
تشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الحميري قال : لما اختار
موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه قال الله لموسى : أجعل لكم الأرض مسجدا
وطهورا وأجعل لكم السكينة معكم في بيوتكم وأجعلكم تقرأون التوراة من ظهور
قلوبكم فيقرأها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير ، فقال
موسى : إن الله قد جعل لكم الأرض مسجدا وطهورا ، قالوا : لا نريد أن نصلي
إلا في الكنائس ، قال : ويجعل السكينة معكم في بيوتكم ، قالوا : لا نريد
إلا كما كانت في التابوت ، قال : ويجعلكم تقرأون التوراة عن ظهور قلوبكم
فيقرأها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير ، قالوا : لا
نريد أن نقرأها إلا نظرا ، قال الله {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة}
إلى قوله {المفلحون} قال موسى : أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم
اجعلني نبي هذه الأمة ، قال : إن نبيهم منهم ، قال : اجعلني من هذه الأمة
، قال : إنك لن تدركهم ، قال : رب أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم ،
قال : فأوحى الله إليه {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}
الأعراف الآية 159 قال : فرضي موسى ، قال نوف : ألا تحمدون ربا شهد غيبتكم وأخذ لكم بسمعكم وجعل وفادة غيركم لكم.
وَأخرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف البكالي ، إن موسى لما
اختار
من قومه سبعين رجلا قال لهم : فدوا إلى الله وسلوه فكانت لموسى مسألة ولهم
مسألة فلما انتهى إلى الطور - المكان الذي وعده الله به - قال لهم موسى :
سلوا الله ، قالوا {أرنا الله جهرة} النساء الآية 153 قال : ويحكم ،
تسألون الله هذا مرتين قال : هي مسألتنا أرنا الله جهرة فأخذتهم الرجفة
فصعقوا فقال موسى : أي رب جئتك بسبعين من خيار بني اسرائيل فأرجع إليهم
وليس معي منهم أحد فكيف أصنع ببني إسرائيل أليس يقتلونني فقيل له : سل
مسألتك ، قال : أي رب إني أسألك أن تبعثهم ، فبعثهم الله فذهبت مسألتهم
ومسألته وجعلت تلك الدعوة لهذه الأمة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم وأبو الشيخ عن أبي سعيد الرقاشي في قوله {واختار موسى قومه سبعين
رجلا} قال : كانوا قد جاوزوا الثلاثين ولم يبلغوا الأربعين وذلك أن من
جاوز الثلاثين فقد ذهب جهله وصباه ومن بلغ الأربعين لم يفقد من عقله شيئا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في
قوله {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} قال : لتمام الموعد ، وفي
قوله {فلما أخذتهم الرجفة} قال : ماتوا ثم أحياهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله !
{إن هي إلا فتنتك} قال : بليتك.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {إن هي إلا فتنتك} قال : مشيئتك.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال موسى : يا رب إن هذا السامري أمرهم أن
يتخذوا العجل أرأيت الروح من نفخها فيه قال الرب : أنا ، قال : رب فأنت
إذا أضللتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن راشد بن سعد ، أن موسى لما أتى ربه لموعده قال :
يا
موسى إن قومك افتتنوا من بعدك ، قال : يا رب وكيف يفتنون وقد أنجيتهم من
فرعون ونجيتهم من البحر وأنعمت عليهم قال : يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك
عجلا جسدا له خوار ، قال : يا رب فمن جعل فيه الروح قال : أنا ، قال :
فأنت أضللتهم يا رب ، قال : يا موسى يا رأس النبيين يا أبا الحكماء إني
رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي عمر
العدني في مسنده ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : إن السبعين
الذين اختارهم موسى من قومه إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يرضوا بالعجل ولم
ينهوا عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة قال : ذكر لنا أن
أولئك السبعين كانوا يلبسون ثياب الطهرة ثياب يغزله وينسجه العذارى ثم
يتبرزون
صبيحة ليلة المطر إلى البرية فيدعون الله فيها فو الله ما سأل القوم يومئذ شيئا إلا أعطاه الله هذه الأمة.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ، إن السبعين الذين اختار موسى من قومه كانوا يعرفون بخضاب السواد.
- الآية (156 - 157).
وأخرج
سعيد بن منصور عن ابن عباس في قوله {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي
الآخرة} قال : فلم يعطها موسى {قال عذابي أصيب به من أشاء} إلى قوله
{المفلحون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة} قال : فكتب الرحمة يومئذ لهذه الأمة.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة} قال : مغفرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {إنا هدنا إليك} قال : تبنا إليك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد ين جبير في قوله {إنا هدنا إليك} قال : تبنا
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي وجرة السعدي - وكان من
أعلم الناس بالعربية - قال : لا والله لا أعلمها في كلام أحد من العرب
(هدنا) قيل : فكيف قال : هدنا بكسر الهاء يقول : ملنا.
وأخرج عبد
الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن وقتادة في
قوله {ورحمتي وسعت كل شيء} قالا : وسعت في الدنيا البر والفاجر وهي يوم
القيامة للذين اتقوا خاصة.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء في قوله {ورحمتي وسعت كل شيء} قال : رحمته في الدنيا على خلقه كلهم يتقلبون فيها.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سماك بن الفضل ، أنه ذكر عنده أي شيء أعظم
فذكروا السموات والأرض وهو ساكت فقالوا : ما تقول يا أبا الفضل فقال : ما
من شيء أعظم من رحمته قال الله تعالى {ورحمتي وسعت كل شيء}.
وأخرج أحمد وأبو داود عن جندب بن عبد الله البجلي قال : جاء أعرابي فأناخ
راحلته
ثم عقلها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نادى : اللهم ارحمني
ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد
حظرت رحمة واسعة إن الله خلق مائة رحمة فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنها
وإنسها وبهائمها وعنده تسعة وتسعون.
وأخرج أحمد ومسلم عن سلمان عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن لله مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها
الخلق وبها تعطف الوحوش على أولادها وأخر تسع وتسعون إلى يوم القيامة.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن سلمان موقوفا ، وَابن مردويه عن سلمان قال : قال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إن الله خلق مائة رحمة يوم خلق السموات
والأرض كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض فأهبط منها رحمة إلى الأرض
فيها تراحم الخلائق وبها تعطف الوالدة على ولدها وبها يشرب الطير والوحوش
من الماء وبها تعيش الخلائق فإذا كان يوم القيامة انتزعها من خلقه ثم
أفاضها على المتقين وزاد تسعا وتسعين رحمة ثم قرأ {ورحمتي وسعت كل شيء
فسأكتبها للذين يتقون}.
وَأَخرَج الطبراني عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي
نفسي
بيده ليدخلن الجنة الفاجر في دينه الأحمق في معيشته والذي نفسي بيده
ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه والذي نفسي بيده ليغفرن الله يوم
القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن
حُمَيد في مسنده وأبو يعلى ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن
أبي سعيد الخدري ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال افتخرت الجنة
والنار فقالت النار : يا رب يدخلني الجبابرة والملوك والأشراف ، وقالت
الجنة : يا رب ، يدخلني الفقراء والضعفاء والمساكين ، فقال الله للنار :
أنت عذابي أصيب بك من أشاء وقال للجنة : أنت رحمتي وسعت كل شيء ولكل واحدة
منكما ملؤها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي بكر الهذلي قال :
لما نزلت {ورحمتي وسعت كل شيء} قال إبليس : يا رب وأنا من الشيء ، فنزلت
{فسأكتبها للذين يتقون} الآية ، فنزعها الله من إبليس.
وأخرج أبو الشيخ
عن السدي قال : لما نزلت {ورحمتي وسعت كل شيء} قال إبليس : وأنا من الشيء
، فنسخها الله فأنزل {فسأكتبها للذين يتقون}
إلى آخر الآية.
وأخرج
ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج قال : لما نزلت {ورحمتي وسعت كل شيء}
قال إبليس : أنا من كل شيء ، قال الله {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون
الزكاة} قالت يهود : فنحن نتقي ونؤتي الزكاة ، قال الله {الذين يتبعون
الرسول النَّبِيّ الأمي}
فعزلها الله عن إبليس وعن اليهود وجعلها لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة نحوه.
وأخرج
البيهقي في الشعب عن سفيان بن عيينة قال : لما نزلت هذه الآية {ورحمتي
وسعت كل شيء} مد إبليس عنقه فقال : أنا من الشيء ، فنزلت {فسأكتبها للذين
يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون} فمدت اليهود والنصارى
أعناقها فقالوا : نحن نؤمن بالتوراة والإنجيل ونؤدي الزكاة ، فاختلسها
الله من إبليس واليهود والنصارى فجعلها لهذه الأمة خاصة فقال {الذين
يتبعون} الآية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبزار في مسنده ، وَابن مردويه عن ابن عباس
قال
: سأل موسى ربه مسألة فأعطاها محمدا صلى الله عليه وسلم ، قوله {واختار
موسى قومه} إلى قوله {فسأكتبها للذين يتقون} فأعطى محمدا صلى الله عليه
وسلم كل شيء ، سأل موسى ربه في هذه الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {فسأكتبها للذين يتقون} قال : كتبها الله لهذه الأمة.
وأخرج
الحاكم عن ابن عباس قال : دعا موسى فبعث الله سبعين فجعل دعاءه حين دعاه
لمن آمن بمحمد واتبعه قوله {فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين}
{فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة} والذين يتبعون محمدا.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فسأكتبها للذين يتقون} قال : يتقون الشرك.
وأخرج
أبو الشيخ عن سعيد بن جبير {فسأكتبها للذين يتقون} أمة محمد صلى الله عليه
وسلم فقال موسى : يا ليتني أخرت في أمة محمد ، فقالت اليهود لموسى : أيخلق
ربك خلقا ثم يعذبهم فأوحى الله إليه : يا موسى ازرع ، قال :
قد زرعت
، قال : أحصد ، قال : قد حصدت ، قال : دس ، قال : قد دست ، قال : ذر ، قال
: قد ذريت ، قال : فما بقي قال : ما بقي شيء فيه خير ، قال : كذلك لا أعذب
من خلقي إلا من لا خير فيه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، إنه سئل عن أبي بكر وعمر فقال :
إنهما من السبعين الذين سألهم موسى بن
عمران فاخرا حتى أعطيهما محمدا صلى الله عليه وسلم ، قال : وتلا هذه الآية {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} الآية.
وأخرج
ابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان
يوم الجمعة نزل جبريل عليه السلام إلى المسجد الحرام فركز لواءه بالمسجد
الحرام وغدا بسائر الملائكة إلى المساجد التي يجمع فيها يوم الجمعة فركزوا
ألويتهم وراياتهم بأبواب المساجد ثم نشروا قراطيس من فضة وأقلاما من ذهب
ثم كتبوا الأول فالأول من بكر إلى الجمعة فإذا بلغ من في المسجد سبعين
رجلا قد بكروا طووا القراطيس فكان أولئك السبعون كالذين اختارهم موسى من
قومه والذين اختارهم موسى من قومه كانوا أنبياء.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا راح منا إلى
الجمعة سبعون رجلا كانوا كسبعين موسى الذين وفدوا إلى ربهم أو أفضل.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم النخعي في قوله {النبي الأمي} قال : كان لا يكتب ولا يقرأ.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {الرسول
النَّبِيّ الأمي} قال : هو نبيكم صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يكتب.
وأخرج
ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال خرج علينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوما كالمودع فقال : أنا محمد النَّبِيّ الأمي أنا محمد
النَّبِيّ الأمي أنا محمد النَّبِيّ الأمي ولا نبي بعدي أوتيت فواتح الكلم
وخواتمه وجوامعه وعلمت خزنة النار وحملة العرش فاسمعوا وأطيعوا ما دمت
فيكم فإذا ذهب بي فعليكم كتاب الله أحلوا حلاله وحرموا حرامه.
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن مردويه عن ابن
عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أمة أمية لا تكتب ولا
تحسب وإن الشهر كذا وكذا وضرب بيده ست مرات وقبض واحدة
وأخرج أبو
الشيخ من طريق مجالد ، قال : حدثني عون بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال :
ما مات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى قرأ وكتب فذكرت هذا الحديث
للشعبي فقال : صدق سمعت أصحابنا يقولون ذلك ، قوله تعالى {الذي يجدونه
مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل}.
أخرج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم
وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة
والإنجيل} قال : يجدون نعته وأمره ونبوته مكتوبا عندهم.
وأخرج ابن سعد
عن قتادة قال : بلغنا أن نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الكتب
محمد رسول الله ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة
مثلها ولكن يعفو ويصفح أمته الحمادون على كل حال.
وأخرج ابن سعد وأحمد
عن رجل من الأعراب قال : جلبت حلوية إلى المدينة في حياة رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلما فرغت من بيعتي قلت : لألقين هذا الرجل ولأسمعن منه ،
فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشيان فتبعتهما حتى أتيا على رجل من اليهود
ناشر التوراة يقرؤها يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت كأحسن الفتيان
وأجمله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدك بالذي أنزل التوراة هل
تجدني
في كتابك ذا صفتي ومخرجي فقال برأسه هكذا أي لا ، فقال ابنه :
أي والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك وأشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمد رسول الله ، فقال : أقيموا اليهودي عن أخيكم ثم ولي
كفنه والصلاة عليه.
وأخرج ابن سعد والبخاري ، وَابن جَرِير والبيهقي في
الدلائل عن عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاصي قلت :
أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أجل - والله - إنه
لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن {يا أيها النَّبِيّ إنا أرسلناك
شاهدا ومبشرا ونذيرا} الأحزاب الآية 45 وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي
سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة
السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن
يقولوا : لا إله إلا الله ، ويفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.
وأخرج
ابن سعد والدارمي في مسنده والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر عن عبد الله
بن سلام قال : صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة {يا أيها
النَّبِيّ إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} الأحزاب الآية 45 وحرزا
للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في
الأسواق ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو
ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، ويفتح أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا
وأخرج
الدارمي عن كعب قال : في السطر الأول : محمد رسول الله عبدي المختار لا فظ
ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر
مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام ، وفي السطر الثاني : محمد رسول
الله أمته الحمادون يحمدون الله في السراء والضراء يحمدون الله في كل
منزلة ويكبرونه على كل شرف رعاة الشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها ولو
كانوا على رأس كناسة ويأتزرون على أوساطهم ويوضئون أطرافهم وأصواتهم
بالليل في جو السماء كأصوات النحل.
وأخرج ابن سعد والدارمي ، وَابن
عساكر عن أبي فروة عن ابن عباس ، إنه سأل كعب الأحبار كيف قد نعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم في التوراة فقال كعب : نجده محمد بن عبد الله
يولد بمكة ويهاجر إلى طابة ويكون ملكه بالشام وليس بفاحش ولا سخاب في
الأسواق ولا يكافى ء بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر أمته الحمادون يحمدون
الله في كل سراء ويكبرون الله على كل نجد ويوضئون أطرافهم ويأتزرون في
أوساطهم يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم دويهم في مساجدهم كدوي النحل
يسمع مناديهم في جو السماء
وأخرج أبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل
عن أم الدراداء قالت : قلت لكعب : كيف تجدون صفة رسول الله صلى الله عليه
وسلم في التوراة قال : نجده موصوفا فيها محمد رسول الله اسمه المتوكل ليس
بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق وأعطي المفاتيح ليبصر الله به أعينا
عورا ويسمع به الله آذانا صما ويقيم به السنة المعوجة حتى يشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له يعين المظلوم ويمنعه من أن يستضعف.
وأخرج
الزبير بن بكار في أخبار المدينة وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صفتي أحمد المتوكل مولده بمكة ومهاجره
إلى طيبة ليس بفظ ولا غليظ يجزي بالحسنة الحسنة ولا يكافى ء بالسيئة أمته
الحمادون يأتزرون على أنصافهم ويوضئون أطرافهم أناجيلهم في صدورهم يصفون
للصلاة كما يصفون للقتال قربانهم الذي يتقربون به إلي دماؤهم رهبان بالليل
ليوث بالنهار.
وأخرج أبو نعيم عن كعب قال : إن أبي كان من أعلم الناس بما أنزل الله على
موسى
وكان لم يدخر عني شيئا مما كان يعلم فلما حضره الموت دعاني فقال لي : يا
بني إنك قد علمت أني لم أدخر عنك شيئا مما كنت أعلمه إلا أني قد حبست عنك
ورقتين فيهما : نبي يبعث قد أظل زمانه فكرهت أن أخبرك بذلك فلا آمن عليك
أن يخرج بعض هؤلاء الكذابين فتطيعه وقد جعلتهما في هذه الكوة التي ترى
وطينت عليهما فلا تعرضن لهما ولا تنظرن فيهما حينك
هذا فإن الله إن
يرد ذلك خيرا ويخرج ذلك النَّبِيّ تتبعه ثم أنه مات فدفناه فلم يكن شيء
أحب إلي من أن أنظر في الورقتين ففتحت الكوة ثم استخرجت الورقتين فإذا
فيهما : محمد رسول الله خاتم النبيين لا نبي بعده مولده بمكة ومهاجره
بطيبة لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ويجزي بالسيئة الحسنة ويعفو
ويصفح أمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل حال تذلل ألسنتهم بالتكبير
وينصر نبيهم على كل من ناوأه يغسلون فروجهم ويأتزرون على أوساطهم أناجيلهم
في صدورهم وتراحمهم بينهم تراحم بني الأم وهم أول من يدخل الجنة يوم
القيامة من الأمم ، فمكث ما شاء الله ثم بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قد خرج بمكة فأخرت حتى استثبت ثم بلغني أنه توفي وأن خليفته قد قام
مقامه وجاءتنا جنوده فقلت : لا أدخل في هذا الدين حتى أنظر سيرتهم
وأعمالهم فلم أزل أدافع ذلك وأؤخره لأستثبت حتى قدمت علينا عمال عمر بن
الخطاب فلما رأيت وفاءهم بالعهد وما صنع الله لهم على الأعداء علمت أنهم
هم الذين كنت أنتظر فو الله إني لذات ليلة فوق سطحي فإذا رجل من المسلمين
يتلو قول الله {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما
معكم من قبل أن نطمس وجوها} النساء الآية 47 الآية ، فلما سمعت هذه الآية
خشيت أن لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي فما كان شيء أحب إلي من الصباح
فغدوت على مسلمين.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن علي بن أبي
طالب أن يهوديا كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم دنانير فتقاضى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له :
ماعندي ما أعطيك ، قال :
فإني لا أفارقك يا محمد حتى تعطيني ، قال : إذن أجلس معك يا محمد ، فجلس
معه فصلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء
والغداة وكان أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يتهددون اليهودي
ويتوعدونه فقالوا : يا رسول الله يهودي
يحبسك قال : منعني ربي أن أظلم
معاهدا ولا غيره فلما ترحل النهار أسلم اليهودي وقال : شطر مالي في سبيل
الله أما والله ما فعلت الذي فعلت بك إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة :
محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام ليس بفظ ولا غليظ
ولا صخاب في الأسواق ولا متزين بالفحشاء ولا قوال للخنا.
وأخرج ابن سعد
عن الزهري ، إن يهوديا قال : ما كان بقي شيء من نعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم في التوراة إلا رأيته إلا الحلم وإني أسلفته ثلاثين دينارا في
ثمر إلى أجل معلوم فتركته حتى إذا بقي من الأجل يوم أتيته فقلت : يا محمد
اقضني حقي فإنكم معاشر بني عبد المطلب مطل ، فقال عمر : يا يهودي الخبيث
أما والله لولا مكانه لضربت الذي فيه عيناك فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم غفر الله لك يا أبا حفص نحن كنا إلى غير هذا منك أحوج إلى أن تكون
أمرتني بقضاء ما علي وهو إلى أن تكون أعنته على قضاء حقه أحوج فلم يزده
جهلي عليه إلا حلما ، قال : يا يهودي إنما يحل حقك غدا ثم قال : يا أبا
حفص اذهب به إلى الحائط الذي كان سأل أول يوم فإن رضيه فأعطه
كذا
وكذا صاعا وزده لما قلت له كذا وكذا صاعا وزده فإن لم يرض فأعط ذلك من
حائط كذا وكذا فأتى بي الحائط فرضي تمره فأعطاه ما قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم وما أمره من الزيادة فلما قبض اليهودي تمره قال : أشهد أن لا
إله إلا الله وأنه رسول الله وإنه والله ما حملني على ما رأيتني صنعت يا
عمر إلا أني قد كنت رأيت في رسول الله صفته في التوراة كلها إلا الحلم
فاختبرت حلمه اليوم فوجدته على ما وصف في التوراة وإني أشهدك أن هذا التمر
وشطر مالي في فقراء المسلمين ، فقال عمر : فقلت : أو بعضهم فقال : أو
بعضهم ، قال : وأسلم أهل بيت اليهودي كلهم إلا شيخ كان ابن مائة سنة فعسا
على الكفر.
وأخرج ابن سعد عن كثير بن مرة قال : إن الله يقول : لقد
جاءكم رسول ليس بوهن ولا كسل يفتح أعينا كانت عميا ويسمع آذانا صما ويختن
قلوبا كانت غلفا ويقيم سنة كانت عوجاء حتى يقال : لا إله إلا الله.
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدارس
فقال
أخرجوا إلى أعلمكم فقالوا : عبد الله ابن صوريا ، فخلا به رسول الله صلى
الله عليه وسلم فناشده بدينه وبما أنعم الله به عليهم وأطعمهم من المن
والسلوى وظللهم به من الغمام أتعلم أني رسول الله قال : اللهم نعم وإن
القوم ليعرفون ما أعرف وإن
صفتك ونعتك المبين في التوراة ولكنهم حسدوك ، قال : فما يمنعك أنت قال : أكره خلاف قومي وعسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم.
وأخرج
الطبراني وأبو نعيم والبيهقي عن الفلتان بن عاصم قال : كنا مع النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتقرأ
التوراة قال : نعم ، قال : والإنجيل قال : نعم ، فناشده هل تجدني في
التوراة والإنجيل قال : نجد نعتا مثل نعتك ومثل هيئتك ومخرجك وكنا نرجو أن
تكون منا فلما خرجت تخوفنا أن تكون هو أنت فنظرنا فإذا ليس أنت هو ، قال :
ولم ذاك قال : إن معه من أمته سبعين ألفا ليس عليهم حساب ولا عذاب وإنما
معك نفر يسير ، قال : والذي نفسي بيده لأنا هو إنهم لأمتي وإنهم لأكثر من
سبعين ألفا وسبعين ألفا.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وغيرهما إلى يهود يثرب
وقالوا لهم : سلوهم عن محمد صلى الله عليه وسلم فقدموا المدينة فقالوا :
أتيناكم لأمر حدث فينا منا غلام يتيم يقول قولا عظيما يزعم
أنه رسول
الرحمن قالوا : صفوا لنا نعته ، فوصفوا لهم قالوا : فمن تبعه منكم قالوا :
سفلتنا ، فضحك حبر منهم فقال : هذا النَّبِيّ الذي نجد نعته ونجد قومه أشد
الناس له عداوة.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب قال : كان في بني
إسرائيل رجل عصى الله تعالى مائتي سنة ثم مات فأخذوه فألقوه على مزبلة
فأوحى الله إلى موسى عليه السلام : أن أخرج فصل عليه قال : يا رب بنو
إسرائيل شهدوا أنه عصاك مائتي سنة فأوحى الله إليه : هكذا كان لأنه كان
كلما نشر التوراة ونظر إلى اسم محمد صلى الله عليه وسلم قبله ووضعه على
عينيه وصلى عليه فشكرت له ذلك وغفرت ذنوبه وزوجته سبعين حوراء.
وأخرج
ابن سعد والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن عائشة رضي
الله عنها قالت : إن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مكتوب في الإنجيل لا فظ
ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح.
وأخرج
البيهقي عن ابن عباس قال قدم الجارود بن عبد الله على النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فأسلم وقال : والذي بعثك بالحق لقد وجدت وصفك في الإنجيل ولقد
بشر بك ابن البتول
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر من طريق موسى بن
يعقوب الربعي عن سهل مولى خيثمة قال : قرأت في الإنجيل نعت محمد صلى الله
عليه وسلم : إنه لا قصير ولا طويل أبيض ذو طمرين بين كتفيه خاتم يكثر
الإحتباء ولا يقبل الصدقة ويركب الحمار والبعير ويحتلب الشاة ويلبس قميصا
مرقوعا ومن فعل ذلك فقد برى ء من الكبر وهو يفعل ذلك وهو من ذرية إسمعيل
عليه السلام.
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن وهب بن منبه
رضي الله عنه قال : أوحى الله يعالى إلى شعيب أني باعث نبيا أميا أفتح به
آذانا صما وقلوبا غلفا وأعينا عميا مولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه الشام
عبدي المتوكل المصطفى المرفوع الحبيب المتحبب المختار لا يجزي بالسيئة
السيئة ولكن يعفو ويصفح رحيما بالمؤمنين يبكي للبهيمة المثقلة ويبكي
لليتيم في حجر الأرملة ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا متزين
بالفحش ولا قوال للخنا يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته ولو يمشي
على القصب الرعراع - يعني اليابس - لم يسمع من تحت قدميه أبعثه مبشرا
ونذيرا أسدده لكل جميل وأهب له كل خلق كريم أجعل السكينة
لباسه
والبر شعاره والمغفرة والمعروف حليته والحق شريعته والهدى إمامه والإسلام
ملته وأحمد اسمه أهدي به من بعد الضلالة وأعلم به بعد الجهالة وأرفع به
بعد الخمالة وأسمي به بعد النكرة وأكثر به بعد القلة وأغني به بعد العيلة
وأجمع به بعد الفرقة وأؤلف به بين قلوب وأهواء متشتتة وأمم مختلفة وأجعل
أمته خير أمة أخرجت للناس أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وتوحيدا لي
وإيمانا بي وإخلاصا لي وتصديقا لما جاءت به رسلي وهم رعاة الشمس ، طوبى
لتلك القلوب والوجوه والأرواح التي أخلصت لي ألهمهم التسبيح والتكبير
والتمجيد والتوحيد في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم ويصفون
في مساجدهم كما تصف الملائكة حول عرشي هم أوليائي وأنصاري أنتقم بهم من
أعدائي عبدة الأوثان يصلون لي قياما وقعودا وسجودا ويخرجون من ديارهم
وأموالهم ابتغاء مرضاتي ألوفا ويقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا أختم بكتبهم
الكتب وشريعتهم الشرائع وبدينهم الأديان من أدركهم فلم يؤمن بكتابهم ويدخل
في دينهم وشريعتهم فليس مني وهو مني بريء وأجعلهم أفضل
الأمم وأجعلهم
أمة وسطاء شهداء على الناس إذا غضبوا هللوني وإذا قبضوا كبروني وإذا
تنازعوا سبحوني يطهرون الوجوه والأطراف ويشدون الثياب إلى الأنصاف ويهللون
على التلال والأشراف قربانهم دماؤهم وأناجيلهم
صدورهم رهبان بالليل
ليوث بالنهار مناديهم في جو السماء لهم دوي كدوي النحل طوبى لمن كان معهم
وعلى دينهم ومناهجهم وشريعتهم ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل
العظيم.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن وهب بن منبه قال : إن الله أوحى
في الزبور ياداود إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمد ومحمد صادقا نبيا لا
أغضب عليه أبدا ولا يعصيني أبدا وقد غفرت له أن يعصيني ما تقدم من ذنبه
وما تأخر وأمته مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء وافترضت
عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل حتى يأتوني يوم القيامة
ونورهم مثل نور الأنبياء وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا لي لكل صلاة
كما افترضت على الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت
الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالجهاد
كما أمرت الرسل قبلهم ، يا داود إني فضلت محمدا وأمته على الأمم أعطيتهم
ست خصال لم أعطيها غيرهم من الأمم ، لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان وكل ذنب
ركبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته وما قدموا لآخرتهم من شيء طيبة
به أنفسهم عجلته لهم أضعافا مضاعفة ولهم عندي أضعاف مضاعفة وأفضل من ذلك
وأعطيتهم على المصائب في البلايا إذا صبروا وقالوا إنا لله وإنا إليه
راجعون الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات النعيم
فإن دعوني استجبت لهم
فإما أن يروه عاجلا وإما أن أصرف عنهم سوءا وإما أن أؤخره لهم في الآخرة
يا داود من لقيني من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي
صادقا بها فهو معي في جنتي وكرامتي ومن لقيني وقد كذب محمدا وكذب بما جاء
به واستهزأ بكتابي صببت عليه في قبره العذاب صبا وضربت الملائكة وجهه
ودبره عند منشره من قبره ثم أدخله في الدرك الأسفل من النار.
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الله بن عمرو قال : أجد في الكتب
أن هذه الأمة تحب ذكر الله كما تحب الحمامة وكرها ولهم أسرع إلى ذكر الله
من الإبل إلى وردها يوم ظمئها.
قوله تعالى : {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} الآية.
أخرج
الطبراني عن حبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم أتاه رجل من الأعراب يستفتيه عن الرجل ما الذي يحل له والذي
يحرم عليه في ماله ونسكه وماشيته وعنزه وفرعه من نتاج إبله وغنمه فقال له
رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أحل لك الطيبات وحرم عليك الخبائث إلا أن تفتقر
إلى طعام فتأكل منه حتى تستغني عنه ، قال : ما فقري الذي آكل ذلك إذا
بلغته أم ما غناي الذي يغنيني عنه قال : إذا كنت ترجو نتاجا فتبلغ بلحوم
ماشيتك إلى نتاجك أو كنت ترجو عشاء تصيبه مدركا فتبلغ إليه بلحوم ماشيتك
وإذا كنت لا ترجو من ذلك شيئا فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه ، قال
الأعرابي : وما عشائي الذي أدعه إذا وجدته قال : إذا رويت أهلك غبوقا من
اللبن فاجتنب ما حرم عليك من الطعام وأما مالك فإنه ميسور كله ليس منه
حرام غير أن نتاجك من إبلك فرعا وفي نتاجك من غنمك فرعا تغذوه ماشيتك حتى
تستغني ثم إن شئت فأطعمه أهلك وإن شئت تصدق بلحمه وامره أن يعقر من الغنم
في كل مائة عشرا.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن جريج
في قوله {ويحل لهم الطيبات} قال : الحلال {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي
كانت عليهم} قال : الثقيل الذي كان في دينهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في
قوله
{ويحرم عليهم الخبائث} قال : كلحم الخنزير والربا وما كانوا يستحلون من
المحرمات من المآكل التي حرمها الله ، وفي قوله {ويضع عنهم إصرهم والأغلال
التي كانت عليهم} قال : هو ما كان أخذ الله عليهم من الميثاق فيما حرم
عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ويضع عنهم إصرهم} قال : عهدهم ومواثيقهم في تحريم ما أحل الله لهم.
وأخرج
ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}
يقول : يضع عنهم عهودهم ومواثيقهم التي أخذت عليهم في التوراة والإنجيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن صعيد بن جبير في قوله {ويضع عنهم إصرهم}
قال
: التشديد في العبادة كان أحدهم يذنب الذنب فيكتب على باب داره : إن توبتك
أن تخرج أنت وأهلك ومالك إلى العدو فلا ترجع حتى يأتي الموت على آخركم.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ويضع عنهم إصرهم} قال : ما غلظ على بني
إسرائيل من قرض البول من جلودهم إذا أصابهم ونحوه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شودب في قوله {والأغلال التي كانت عليهم} قال : الشدائد التي كانت عليهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ويضع عنهم
إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} قال : تشديد شدد على القوم فجاء محمد صلى
الله عليه وسلم بالتجاوز عنهم.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير {ويضع عنهم إصرهم} قال : ما غلظوا على أنفسهم من قطع أثر البول وتتبع العروق في اللحم وشبهه.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {ويضع عنهم إصرهم} قال : عهدهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعزروه} يعني عظموه ووقروه.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله {وعزروه ونصروه} قال : بالسيف.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وعزروه} يقول : نصروه ، قال : فأما نصره
وتعزيره قد سبقتم به ولكن خيركم من آمن واتبع النور الذي
أنزل معه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {وعزروه} قال : شدوا أمره وأعانوا رسوله ونصروه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (وعزروه) مثقله.
- الآية (158).
-
أَخْرَج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : بعث الله محمدا صلى
الله عليه وسلم إلى الأحمر والأسود فقال {يا أيها الناس إني رسول الله
إليكم جميعا}.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كانت
بين أبي بكر وعمر محاورة فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عمر عنه مغضبا فأتبعه
أبو بكر فسأله أن يستغفر له فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه فأقبل أبو بكر
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وندم عمر على ما كان منه فأقبل حتى سلم
وجلس إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقص الخبر فغضب رسول الله صلى الله
عليه وسلم هل أنتم تاركو لي صاحبي إني قلت {يا أيها الناس إني رسول الله
إليكم جميعا} فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صدقت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة في قوله : (يؤمن بالله وكلمته) قال : آياته.
وَأخرَج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يؤمن بالله وكلماته} قال : عيسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (يؤمن بالله وكلماته) على الجماع.
- الآية (159 - 162).
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال موسى : يا رب أجد أمة
إنجيلهم في قلوبهم قال : تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد ، قال : يا رب أجد
أمة يصلون الخمس تكون كفارة لما بينهن قال : تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد ،
قال : يا رب أجد أمة يعطون صدقات أموالهم ثم ترجع فيهم فيأكلون قال : تلك
أمة تكون بعدك أمة أحمد ، قال : يا رب اجعلني من أمة أحمد ، فأنزل الله
كهيئة المرضية لموسى {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي ليلى الكندي قال : قرأ عبد الله بن مسعود {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} فقال
رجل : ما أحب أني منهم ، فقال عبد الله : لم ما يزيد صالحوكم على أن يكونوا مثلهم.
وَأخرَج
ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {ومن قوم موسى
أمة} الآية ، قال : بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا
وكانوا إثني عشر سبطا تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله أن
يفرق بينهم وبينهم ففتح الله لهم نفقا في الأرض فساروا فيه حتى خرجوا من
وراء الصين فهم هنالك حنفاء مستقلين يستقبلون قبلتنا ، قال ابن جريج : قال
ابن عباس : فذلك قوله {وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء
وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا} الإسراء الآية 104 ووعد الآخرة عيسى بن مريم ،
قال ابن عباس : ساروا في السرب سنة ونصفا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي
بن أبي طالب قال : افترقت بنو إسرائيل بعد موسى إحدى وسبعين فرقة كلها في
النار إلا فرقة وافترقت النصارى بعد عيسى على إثنتين وسبعين فرقة كلها في
النار إلا فرقة وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا
فرقة فأما اليهود فإن الله يقول {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه
يعدلون} وأما النصارى فإن الله يقول {منهم أمة مقتصدة} المائدة الآية 66
فهذه التي تنجو
وأما نحن فيقول {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} الأعراف الآية 181 فهذه التي تنجو من هذه الأمة.
وأخرج
أبو الشيخ عن مقاتل قال : إن مما فضل الله به محمدا صلى الله عليه وسلم
أنه عاين ليلة المعراج قوم موسى الذين من وراء الصين وذلك أن بني إسرائيل
حين عملوا بالمعاصي وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس دعوا ربهم وهم
بالأرض المقدسة فقالوا : اللهم أخرجنا من بين أظهرهم فاستجاب لهم فجعل لهم
سربا في الأرض فدخلوا فيه وجعل معهم نهرا يجري وجعل لهم مصباحا من نور بين
أيديهم فساروا فيه سنة ونصفا وذلك من بيت المقدس إلى مجلسهم الذي هم فيه
فأخرجهم الله إلى أرض تجتمع فيها الهوام والبهائم والسباع مختلطين بها ليس
فيها ذنوب ولا معاص فأتاهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ومعه
جبريل فآمنوا به وصدقوه وعلمهم الصلاة وقالوا : إن موسى قد بشرهم به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} قال : بينكم وبينهم نهر من سهل يعني من رمل يجري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن صفوان بن عمرو قال : هم الذين قال الله {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق} يعني سبطان من أسباط بني
إسرائيل يوم الملحمة العظمى ينصرون الإسلام وأهله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : إن لله عبادا من وراء الأندلس كما بيننا
وبين الأندلس لا يرون أن الله عصاه مخلوق رضراضهم الدر والياقوت وجبالهم
الذهب والفضة لا يزرعون ولا يحصدون ولا يعملون عملا لهم شجر على أبوابهم
لها أوراق عراض هي لبوسهم ولهم شجر على أبوابهم لها ثمر فمنها يأكلون ،
قوله تعالى : {فانبجست منه اثنتا عشرة عينا}.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {فانبجست} قال : فانفجرت.
وأخرج
الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل
{فانبجست منه اثنتا عشرة عينا} قال : أجرى الله من الصخرة اثنتي عشرة عينا
لكل عين يشربون منها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت بشر
بن أبي حازم يقول : فأسلبت العينان مني بواكف * كما انهل من واهي الكلى
المتبجس
- الآية (163 - 166).
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال : دخلت على ابن عباس وهو يقرأ هذه الآية
{واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} قال : يا عكرمة هل تدري أي
قرية هذه قلت : لا ، قال : هي أيلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب {واسألهم عن القرية} هي طبرية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {واسألهم عن القرية} قال : هي قرية يقال لها مقنا بين مدين وعينونا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {واسألهم عن القرية}قال : هي أيلة.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (إذ يعدون في السبت) قال : يظلمون ..
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إذ يعدون في السبت} قال : يظلمون.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {شرعا} يقول : من كل مكان.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {شرعا} قال : ظاهرة على الماء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {شرعا} قال : واردة.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واسألهم
عن القرية التي كانت حاضرة البحر} قال : هي قرية على شاطى ء البحر بين مصر
والمدينة
يقال لها أيلة فحرم الله عليهم الحيتان يوم سبتهم فكانت تأتيهم يوم سبتهم
شرعا في ساحل البحر فإذا مضى يوم السبت لم يقدروا عليها فمكثوا كذلك ما
شاء الله ثم إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم فنهتهم طائفة فلم
يزدادوا إلا غيا ، فقالت طائفة من النهاة : تعلمون أن هؤلاء قوم قد حق
عليهم العذاب {لم تعظون قوما الله مهلكهم} وكانوا أشد غضبا من الطائفة
الأخرى وكل قد كانوا ينهون فلما وقع عليهم غضب الله نجت الطائفتان اللتان
قالتا : لم تعظون والذين {قالوا معذرة إلى ربكم} وأهلك الله أهل معصيته
الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم
وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {واسألهم عن القرية} الآية ، قال : إن
الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم يوم الجمعة
فخالفوا إلى يوم السبت فعظموه وتركوا ما أمروا به فلما ابتدعوا السبت
ابتلوا فيه فحرمت عليهم الحيتان وهي قرية يقال لها مدين أيلة والطور
فكانوا إذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر فإذا
انقضى السبت ذهبت فلم تر حتى مثله من السبت المقبل فإذا جاء السبت عادت
شرعا ثم إن رجلا منهم أخذ حوتا فحزمه بخيط ثم ضرب له وتدا في الساحل وربطه
وتركه في الماء فلما كان الغد جاء فأخذه فأكله سرا ففعلوا ذلك وهم ينظرون
ولا يتناهون إلا بقية منهم فنهوهم حتى إذا ظهر ذلك في الأسواق علانية قالت
طائفة للذين ينهونهم {لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا}
قالوا {معذرة إلى ربكم} في سخطنا أعمالهم {ولعلهم يتقون} فكانوا أثلاثا ،
ثلثا نهى وثلثا قالوا {لم تعظون} وثلثا أصحاب الخطيئة فما نجا إلا الذين
نهوا وهلك سائرهم فأصبح الذين نهوا ذات غداة في مجالسهم يتفقدون الناس لا
يرونهم وقد باتوا من ليلتهم وغلقوا عليهم دورهم فجعلوا يقولون : إن للناس
شأنا فانظروا ما شأنهم فاطلعوا في دورهم فإذا القوم قد مسخوا يعرفون الرجل
بعينه وإنه لقرد والمرأة بعينها وإنها لقردة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عكرمة قال : جئت ابن
عباس يوما وهو يبكي وإذا المصحف في حجره
فقلت : ما يبكيك يا ابن
عباس فقال : هؤلاء الورقات ، وإذا في سورة الأعراف قال : تعرف أيلة قلت :
نعم ، قال : فإنه كان بها حي من يهود سيقت الحيتان إليهم يوم السبت
ثم
غاصت لا يقدرون عليها حتى يغوصوا عليها بعد كد ومؤنة شديدة وكانت تأتيهم
يوم السبت شرعا بيضا سمانا كأنها الماخض فكانوا كذلك برهة من الدهر ثم إن
الشيطان أوحى إليهم فقال : إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت فخذوها فيه
وكلوها في غيره من الأيام ، فقالت : ذلك طائفة منهم وقالت طائفة : بل
نهيتم عن أكلها وأخذها وصيدها في يوم السبت فعدت طائفة بأنفسها وأبنائها
ونسائها واعتزلت طائفة ذات اليمين وتنحت واعتزلت طائفة ذات اليسار وسكتت
وقال الأيمنون : ويلكم ، لا تتعرضوا لعقوبة الله وقال الأيسرون {لم تعظون
قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} قال الأيمنون : {معذرة إلى ربكم
ولعلهم يتقون} إن ينتهوا فهو أحب إلينا أن لا يصابوا ولا يهلكوا وإن لم
ينتهوا فمعذرة إلى ربكم ، فمضوا على الخطيئة وقال الأيمنون : قد فعلتم يا
أعداء الله والله لنبايننكم الليلة في مدينتكم والله ما أراكم تصبحون حتى
يصبحكم الله بخسف أو قذف أو بعض ما عنده من العذاب فلما أصبحوا ضربوا
عليهم الباب ونادوا فلم يجابوا فوضعوا سلما وعلوا سور المدينة رجلا فالتفت
إليهم فقال : أي عباد الله قردة - والله - تعاوى لها أذناب ، ففتحوا
فدخلوا عليهم فعرفت القردة أنسابها من الإنس ولا تعرف الإنس أنسابها من
القردة
فجعلت القرود تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي فيقول : ألم ننهكم
فتقول برأسها : أي نعم ، ثم قرأ ابن عباس {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا
الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس} قال : أليم وجيع ،
قال : فأرى الذين نهوا قد نجوا ولا أرى الآخرين ذكروا ونحن نرى أشياء
ننكرها ولا نقول فيها ، قلت : أي جعلني الله فداك ألا ترى أنهم كرهوا ما
هم عليه وخالفوهم وقالوا {لم تعظون قوما الله مهلكهم} قال : فأمر بي فكسيت
ثوبين غليظين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : كانت قرية على ساحل
البحر يقال لها أيلة وكان على ساحل البحر صنمان من حجارة مستقبلان الماء
يقال لأحدهما لقيم والآخر لقمانة فأوحى الله إلى السمك : أن حج يوم السبت
إلى الصنمين وأوحى إلى أهل القرية : إني قد أمرت السمك أن يحجوا إلى
الصنمين يوم السبت فلا تعرضوا للسمك يوم لا يمتنع منكم فإذا ذهب السبت
فشأنكم به فصيدوه فكان إذا طلع الفجر يوم السبت أقبل السمك شرعا إلى
الصنمين لا يمتنع من آخذ يأخذه فظهر
يوم السبت شيء من السمك في القرية
فقالوا : نأخذه يوم السبت فنأكله يوم الأحد فلما كان يوم السبت الآخر ظهر
أكثر من ذلك فلما كان السبت الآخر ظهر السمك في القرية فقام إليهم قوم
منهم فوعظوهم فقالوا : اتقوا الله ، فقام آخرون فقالوا {لم تعظون قوما
الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون}
فلما كان سبت من تلك الأسبات فشى السمك في
القرية فقام الذين نهوا
عن السوء فقالوا : لا نبيت معكم الليلة في هذه القرية ، فقيل لهم : لو
أصبحتم فانقلبتم بذراريكم ونسائكم ، قالوا : لا نبيت معكم الليلة في هذه
القرية فإن أصبحنا غدونا فأخرجنا ذرارينا وأمتعتنا من بين ظهرانيكم وكان
القوم شاتين فلما أمسوا أغلقوا أبوابهم فلما أصبحوا لم يسمع القوم لهم
صوتا ولم يروا سرجا خرج من القرية ، قالوا : قد أصاب أهل القرية شر ،
فبعثوا رجلا منهم ينظر إليهم فلما أتى القرية إذا الأبواب مغلقة عليهم
فاطلع في دار فإذا هم قرود كلهم المرأة أنثى والرجل ذكر ثم اطلع في دار
أخرى فإذا هم كذلك الصغير صغير والكبير كبير ورجع إلى القوم فقال : يا قوم
نزل بأهل القرية ما كنتم تحذرون أصبحوا قردة كلهم لا يستطيعون أن يفتحوا
الأبواب فدخلوا عليهم فإذا هم قردة كلهم فجعل الرجل يومى ء إلى القرد منهم
أنت فلان فيومى ء برأسه : نعم ، وهم يبكون فقالوا : أبعدكم الله قد
حذرناكم هذا ففتحوا لهم الأبواب فخرجوا فلحقوا بالبرية.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن
عباس قال : نجا الناهون وهلك الفاعلون ولا أدري ما صنع
بالساكتين.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : والله لئن أكون علمت أن
القوم الذين قالوا {لم تعظون قوما} نجوا مع الذين نهوا عن السوء أحب إلى
ما عدل به ، وفي لفظ : من حمر النعم ، ولكني أخاف أن تكون العقوبة نزلت
بهم جميعا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن
عكرمة قال : قال ابن عباس : ما أدري أنجا الذين قالوا لم تعظون قوما أم لا
قال : فما زلت أبصره حتى عرف أنهم قد نجوا فكساني حلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ليث بن أبي سليم قال : مسخوا حجارة الذين قالوا {لم تعظون قوما الله مهلكهم}.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {واسألهم عن القرية} الآية ، قال :
كان حوتا حرمه الله عليهم في يوم وأحله لهم فيما سوى ذلك فكان يأتيهم في
اليوم الذي حرمه الله عليهم كأنه المخاض ما يمتنع من أحد فجعلوا يهمون
ويمسكون وقلما رأيت أحدا أكثر الإهتمام بالذنب إلا واقعه فجعلوا يهمون
ويمسكون حتى أخذوه فأكلو بها - والله - أوخم أكلة أكلها قوم قط أبقاه خزيا
في الدنيا وأشده عقوبة في الآخرة وأيم الله للمؤمن أعظم حرمة
عند الله من حوت ولكن الله عز وجل جعل موعد قوم الساعة والساعة أدهى وأمر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : أخذ موسى عليه السلام رجلا يحمل حطبا يوم السبت وكان موسى يسبت فصلبه.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : احتطب رجل في السبت وكان داود عليه السلام يسبت فصلبه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن أبي بكر بن عياش قال : كان حفظي عن عاصم (بعذاب بئيس)
على معنى فعيل ثم دخلني منها شك فتركت روايتها عن عاصم وأخذتها عن الأعمش
(بعذاب بئيس) على معنى فعيل.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بعذاب بئيس} قال : لا رحمة فيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {بعذاب بئيس} قال : وجيع
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {بعذاب بئيس} قال : أليم بشدة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عطاء قال : نودي الذين اعتدوا في السبت ثلاثة أصوات نودوا
يا أهل القرية فانتبهت طائفة ثم نودوا يا أهل القرية فانتبهت طائفة أكثر
من الأولى ثم نودوا يا أهل القرية فانتبه الرجال والنساء والصبيان فقال
الله لهم {كونوا قردة خاسئين} البقرة آية 65 فجعل الذين نهوهم يدخلون
عليهم فيقولون : يا فلان ألم ننهكم فيقولون برؤوسهم : أي بلى.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير وماهان الحنفي قال : لما مسخوا جعل الرجل
يشبه الرجل وهو قرد فيقال : أنت فلان ، فيومى ء إلى يديه بما كسبت يداي.
وأخرج
ابن بطة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل.
وأخرج
أبو الشيخ عن سفيان قال : قالوا لعبد الله بن عبد العزيز العمري في الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر : تأمر من لا يقبل منك قال : يكون معذرة وقرأ
{قالوا معذرة إلى ربكم}
- الآية (167 - 168).
أَخْرَج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وإذ
تأذن ربك} الآية ، قال : الذين يسومونهم سوء العذاب محمد وأمته إلى يوم
القيامة وسوء العذاب الجزية.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن
عباس في قوله {وإذ تأذن ربك} الآية ، قال : هم اليهود بعث عليهم العرب
يجبونهم الخراج فهو سوء العذاب ولم يكن من نبي جبا الخراج إلا موسى جباه
ثلاث عشرة سنة ثم كف عنه ولا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، وفي قوله
{وقطعناهم} الآية ، قال : هم اليهود بسطهم الله في الأرض فليس في الأرض
بقعة إلا وفيها عصابة منهم وطائفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وإذ
تأذن ربك} يقول : قال ربك : ليبعثن عليهم قال : على اليهود والنصارى إلى
يوم القيامة {من يسومهم سوء العذاب} فبعث الله عليهم أمة محمد صلى الله
عليه وسلم يأخذون منهم الجزية وهم صاغرون {وقطعناهم في الأرض أمما} قال :
يهود {منهم الصالحون} وهم مسلمة أهل الكتاب {ومنهم دون ذلك} قال : اليهود {وبلوناهم بالحسنات} قال : الرخاء والعافية !
{والسيئات} قال : البلاء والعقوبة.
وأخرج
ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له :
أخبرني عن قول الله {وقطعناهم في الأرض أمما} ما الأمم قال : الفرق وقال
فيه بشر بن أبي حازم : من قيس غيلان في ذوائبها * منهم وهم بعد قادة الأمم.
وَأخرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وبلوناهم بالحسنات والسيئات} قال : بالخصب والجدب.
- الآية (169 - 170).
-
أَخْرَج أبو الشيخ عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية {فخلف من بعدهم خلف
ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى} قال : أقوام يقبلون على الدنيا
فيأكلونها ويتبعون رخص القرآن ويقولون : سيغفر لنا ولا يعرض لهم شيء من
الدنيا إلا أخذوه ويقولون : سيغفرلنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فخلف من بعدهم
خلف} قال : النصارى {يأخذون عرض هذا الأدنى} قال : ما أشرف لهم شيء من
الدنيا حلالا أو حراما يشتهونه أخذوه ويتمنون المغفرة وإن يجدوا آخر مثله
يأخذونه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فخلف من بعدهم خلف} الآية ،
يقول : يأخذون ما أصابوا ويتركون ما شاؤوا من حلال أو حرام ويقولون سيغفر
لنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في
قوله {فخلف من بعدهم خلف} قال : خلف سوء {ورثوا الكتاب} بعد أنبيائهم
ورسلهم أورثهم الله الكتاب وعهد الله إليهم {يأخذون عرض هذا الأدنى
ويقولون سيغفر لنا} قال : أماني تمنوها على الله وغرة يغترون بها {وإن
يأتهم عرض مثله يأخذوه} ولا يشغلهم شيء عن شيء ولا ينهاهم شيء عن ذلك كلما
أشرف لهم شيء من الدنيا أخذوه ولا يبالون حلالا كان أو حراما.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في
الشعب عن سعيد بن جبير في قوله {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا}
قال : كانوا يعملون بالذنوب ويقولون : سيغفرلنا
وأخرج ابن أبي حاتم
وأبو الشيخ عن عطاء في قوله {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا}
قال : يأخذون ما عرض لهم من الدنيا ويقولون : نستغفر الله ونتوب إليه.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال : كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيا إلا ارتشى في الحكم فإذا قيل له يقول : سيغفر لي.
وأخرج
أبو الشيخ عن أبي الجلد قال : يأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن
وتتهافت وتبلى كما تبلى ثيابهم لا يجدون لهم حلاوة ولا لذاذة إن قصروا عما
أمروا به قالوا : إن الله غفور رحيم وإن عملوا بما نهوا عنه قالوا : سيغفر
لنا إنا لا نشرك بالله شيئا أمرهم كله طمع ليس فيه خوف لبسوا جلود الضان
على قلوب الذئاب أفضلهم في نفسه المدهن.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال
: المؤمن يعلم أن ما قال الله كما قال الله والمؤمن أحسن عملا وأشد الناس
خوفا لو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين لا يزداد صلاحا وبرا وعبادة
إلا ازداد فرقا يقول : ألا أنجوه ، والمنافق يقول : سواد الناس كثير
وسيغفر لي ولا بأس علي فيسيء العمل ويتمنى على الله.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا
يقولوا على الله إلا الحق} فيما يوجهون على الله من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون إليها ولا يتوبون منها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ودرسوا ما فيه} قال : علموا ما في الكتاب لم يأتوه بجهالة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {والذين يمسكون بالكتاب} قال : هي لأهل الأيمان منهم.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {والذين يمسكون بالكتاب} قال : من
اليهود والنصارى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {والذين يمسكون بالكتاب} قال : الذي جاء به موسى عليه السلام.
- الآية (171).
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن
عباس
في قوله {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} يقول : رفعناه وهو قوله {ورفعنا
فوقهم الطور بميثاقهم} النساء الآية 154 فقال {خذوا ما آتيناكم بقوة} وإلا
أرسلته عليكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإذ نتقنا
الجبل} قال : رفعته الملائكة فوق رؤوسهم فقيل لهم {خذوا ما آتيناكم بقوة}
فكانوا إذا نظروا إلى الجبل قالوا : سمعنا وأطعنا وإذا نظروا إلى الكتاب
قالوا : سمعنا وعصينا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال
: إني لأعلم لم تسجد اليهود على حرف قال الله {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه
ظلة وظنوا أنه واقع بهم} قال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم به فسجدوا وهم
ينظرون إليه مخافة أن يسقط عليهم فكانت سجدة رضيها الله تعالى فاتخذوها
سنة.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال : أتى ابن عباس يهودي ونصراني فقال
لليهودي : ما دعاكم أن تسجدوا بجباهكم فلم يدر ما يجيبه فقال : سجدتم
بجباهكم لقول
الله {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} فخررتم لجباهكم تنظرون إليه وقال للنصراني : سجدتم إلى الشرق لقول الله !
{إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} مريم الآية 16.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : إن هذا الجبل جبل الطور هو الذي رفع على بني إسرائيل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وإذ نتقنا الجبل} قال : كما تنتق الزبدة أخرجنا الجبل.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ثابت بن الحجاج قال : جاءتهم التوراة جملة
واحدة فكبر عليهم فأبوا أن يأخذوه حتى ظلل الله عليهم الجبل فأخذوه عند
ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة {وإذ
نتقنا الجبل} قال : انتزعه الله من أصله ثم جعله فوق رؤوسهم ثم قال :
لتأخذن أمري أو لأرمينكم به.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن الكلبي قال : كتب هرقل ملك الروم إلى معاوية يسأله عن الشيء ولا شيء وعن دين لا يقبل الله غيره
وعن
مفتاح الصلاة وعن غرس الجنة وعن صلا ة كل شيء وعن أربعة فيهم الروح ولم
يركضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء وعن رجل لا أب له وعن رجل لا قوم
له وعن قبر جرى بصاحبه وعن قوس قزح وعن بقعة طلعت عليها الشمس مرة لم تطلع
عليها قبلها ولا بعدها وعن ظاعن ظعن مرة لم يظعن قبلها ولا بعدها وعن شجرة
نبتت بغير ماء وعن شيء يتنفس لا روح له وعن اليوم وأمس وغد وبعد غد ما
أجزاؤها في الكلام وعن الرعد والبرق وصوته وعن المجرة وعن المحو الذي في
القمر فقيل له : لست هناك وإنك متى تخطى ء شيئا في كتابك إليه يغتمزه فيك
فاكتب إلى ابن عباس ، فكتب إليه فأجابه ابن عباس : أما الشيء : فالماء قال
الله {وجعلنا من الماء كل شيء حي} وأما لا شيء : فالدنيا تبيد وتفني وأما
الدين الذي لا يقبل الله غيره : فلا إله إلا الله وأما مفتاح الصلاة :
فالله أكبر وأما غرس الجنة ، فلا حول ولا قوة إلا بالله وأما صلاة كل شيء
: فسبحان الله وبحمده وأما الأربعة التي فيها الروح ولم يرتكضوا في أصلاب
الرجال ولا أرحام
النساء : فآدم وحواء وعصا موسى والكبش الذي فدى الله
به إسحاق وأما الرجل الذي لا أب له : فعيسى بن مريم وأما الرجل الذي لا
قوم له : فآدم وأما القبر الذي جرى بصاحبه : فالحوت حيث سار بيونس في
البحر وأما قوس قزح : فأمان الله لعباده من الغرق وأما البقعة التي طلعت
عليها الشمس ولم تطلع عليها قبلها
ولا بعدها : فالبحر حيث انفلق
لبني إسرائيل وأما الظاعن الذي ظعن مرة لم يظعن قبلها ولا بعدها : فجبل
طور سيناء كان بينه وبين الأرض المقدسة أربع ليال فلما عصت بنو إسرائيل
أطاره الله بجناحين من نور فيه ألوان العذاب فأظله الله عليهم وناداهم
مناد إن قبلتم التوراة كشفته عنكم وإلا ألقيته عليكم فأخذوا التوراة
معذورين فرده الله إلى موضعه فذلك قوله {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة}
الآية وأما الشجرة التي نبتت من غير ماء : فاليقطينة التي أنبتت على يونس
وأما الذي تنفس بلا روح فالصبح ، قال الله {والصبح إذا تنفس} التكوير
الآية 18 وأما اليوم : فعمل وأما أمس : فمثل وأما غد : فأجل وبعد غد فأمل
وأما البرق : فمخاريق بأيدي الملائكة تضرب بها السحاب وأما الرعد : فاسم
الملك الذي يسوق السحاب وصوته زجره وأما المجرة : فأبواب السماء ومنها
تفتح الأبواب وأما المحو الذي في القمر فقول الله {وجعلنا الليل والنهار
آيتين فمحونا آية الليل} الإسراء الآية 12 ولولا ذلك المحو لم يعرف الليل
من النهار ولا النهار من الليل ، فبعث بها معاوية إلى قيصر وكتب إليه جواب
مسائله ، فقال قيصر : ما يعلم هذا إلا نبي أو رجل من أهل بيت نبي ، والله
تعالى أعلم.
- الآية (172 - 174).
- أَخْرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله !
{وإذ
أخذ ربك من بني آدم} الآية ، قال : خلق الله آدم وأخذ ميثاقه أنه ربه وكتب
أجله ورزقه ومصيبته ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر فأخذ مواثيقهم أنه
ربهم وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن
جَرِير عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم} الآية ، قال : لما
خلق الله آدم أخذ ذريته من ظهره كهيئة الذر ثم سماهم بأسمائهم فقال : هذا
فلان بن فلان يعمل كذا وكذا وهذا فلان بن فلان يعمل كذا وكذا ثم أخذ بيده
قبضتين فقال : هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ ربك} الآية ،
قال : إن الله خلق آدم ثم أخرج ذريته من صلبه مثل الذر فقال لهم : من ربكم
فقالوا : الله ربنا ، ثم أعادهم في صلبه حتى يولد كل من أخذ ميثاقه لا
يزاد فيهم ولا ينقص منهم إلى أن تقوم الساعة
وأخرج ابن المنذر عن
ابن عباس قال : لما أهبط آدم عليه السلام حين أهبط بدحناء فمسح الله ظهره
فأخرج كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ثم قال : ألست بربكم قالوا : بلى
، فيومئذ جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق ،
وَابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : مسح الله على صلب آدم فأخرج من
صلبه ما يكون من ذريته إلى يوم القيامة وأخذ ميثاقهم أنه ربهم وأعطوه ذلك
فلا يسأل أحد كافر ولا غيره من ربك إلا قال : الله.
وأخرج ابن أبي شيبة
، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ واللالكائي
في السنة عن عبد الله بن عمرو في قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم
ذريتهم} قال : أخذهم من ظهرهم كما يؤخذ بالمشط من الرأس
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن منده في كتاب الرد على
الجهمية وأبو الشيخ عن ابن عباس في الآية قال : أخرج ذريته من صلبه كأنهم
الذر في آذى ء من الماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في الآية
قال : إن الله ضرب بيمينه على منكب آدم فخرج منه مثل اللؤلؤ في كفه فقال :
هذا للجنة ، وضرب بيده
الأخرى على منكبه الشمال فخرج منه سواد مثل
الحمم فقال : هذا ذرء النار ، قال : وهي هذه الآية {ولقد ذرأنا لجهنم
كثيرا من الجن والإنس} الأعراف الآية 179.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في الآية قال : مسح
الله ظهر آدم وهو ببطن نعمان - واد إلى جنب عرفة - فأخرج منه كل نسمة هو
خالقها إلى يوم القيامة ثم أخذ عليهم الميثاق وتلا (أن يقولوا يوم
القيامة) هكذا قرأها يقولوا بالياء
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الكريم بن أبي أمية قال : أخرجوا من ظهره مثل طريق النمل.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب قال : أقروا له بالإيمان والمعرفة الأرواح قبل أن يخلق أجسادها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال : خلق الله الأرواح قبل أن يخلق الأجساد فأخذ ميثاقهم.
وأخرج
ابن عبد البر في التمهيد من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن
عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله تعالى {وإذ
أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} قالوا : لما أخرج الله آدم من الجنة
قبل تهبيطه من السماء مسح صفحة ظهره اليمنى فأخرج منه ذريته بيضاء مثل
اللؤلؤ كهيئة الذر فقال لهم : ادخلوا الجنة برحمتي ، ومسح صفحة ظهره
اليسرى فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر فقال : ادخلوا النار ولا أبالي ،
فذلك قوله : أصحاب اليمين
وأصحاب الشمال ثم أخذ منهم الميثاق فقال
{ألست بربكم قالوا بلى} فأعطاه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية
فقال : هو والملائكة {شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين
أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل} قالوا : فليس أحد من ولد آدم إلا وهو
يعرف الله أنه ربه وذلك قوله عز وجل {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا
وكرها} آل عمران الآية 83 وذلك قوله {فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم
أجمعين} الأنعام الآية 149 يعني يوم أخذ الميثاق.
وأخرج ابن جرير عن
أبي محمد رجل من أهل المدينة قال : سألت عمر بن الخطاب عن قوله {وإذ أخذ
ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} قال : سألت رسول الله صلى الله عليه
وسلم كما سألتني فقال خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه ثم أجلسه فمسح
ظهره بيده اليمنى فأخرج ذرا فقال : ذرء ذرأتهم للجنة ثم مسح ظهره بيده
الأخرى - وكلتا يديه يمين - فقال : ذرء ذرأتهم للنار يعملون فيما شئت من
عمل ثم أختم بأسوأ أعمالهم فأدخلهم النار
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن منده في كتاب الرد على الجهمية والالكائي ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن عساكر في تاريخه عن أبي بن كعب في قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} قال : إلى قوله {بما فعل المبطلون} جميعا فجعلهم أرواحا في صورهم ثم استنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق {وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى} قال : فإني أشهد عليكم السموات السبع وأشهد عليكم أباكم آدم {أن تقولوا يوم القيامة} إنا لم نعلم بهذا اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ولا تشركوا بي شيئا إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي قالوا : شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك فأقروا ورفع عليهم آدم ينظر إليهم فرأى الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال : يا رب لولا سويت بين عبادك قال : إني أحببت أن أشكر ، ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور
وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة أن
يبلغوا وهو قوله {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم} الأحزاب الآية 7 الآية
وهو قوله {فطرة الله التي فطر الناس عليها} الروم الآية 30 وفي ذلك قال
{وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} الأعراف الآية 102
وفي ذلك قال {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل} الأعراف الآية 101
قال : فكان في علم الله يومئذ من يكذب به ومن يصدق به فكان روح عيسى من
تلك الأرواح التي أخذ عهدها وميثاقها في زمن آدم فأرسله الله إلى مريم في
صورة بشر فتمثل لها بشرا سويا ، قال : أبي فدخل من فيها.
وأخرج مالك في
الموطأ وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه وأبو داود والترمذي
وحسنه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
حبان والآجري في الشريعة وأبو الشيخ والحاكم ، وَابن مردويه واللالكائي
والبيهقي في
الأسماء والصفات عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن
الخطاب سئل عن هذه الآية {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} الآية
، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال إن الله خلق
آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل
أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال : خلقت هؤلاء للنار
وبعمل أهل النار يعملون ، فقال الرجل : يا رسول الله ففيم العمل فقال : إن
الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من
أعمال أهل الجنة فيدخله الله الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل
النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله النار.
وأخرج
أحمد والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله
أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها
فنثرها بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال {ألست بربكم قالوا بلى
شهدنا} إلى قوله {المبطلون}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن منده في كتاب الرد على الجهمية عن عبد الله بن عمرو قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم
ذريتهم} قال أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس ، فقال لهم {ألست بربكم
قالوا بلى} قالت الملائكة {شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا
غافلين}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن منده وأبو الشيخ في العظمة ،
وَابن عساكر عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله
لما خلق آدم مسح ظهره فخرت منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ونزع
ضلعا من أضلاعه فخلق منه حواء ثم أخذ عليهم العهد {ألست بربكم قالوا بلى}
ثم اختلس كل نسمة من بني آدم بنوره في وجهه وجعل فيه البلوى الذي
كتب
أنه يبتليه بها في الدنيا من الأسقام ثم عرضهم على آدم فقال : يا آدم
هؤلاء ذريتك ، واذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى وأنواع الأسقام فقال آدم
: يا رب لم فعلت هذا بذريتي قال : كي
تشكر نعمتي ، وقال آدم : يا رب من
هؤلاء الذين أراهم أظهر الناس نورا قال : هؤلاء الأنبياء من ذريتك ، قال :
من هذا الذي أراه أظهرهم نورا قال : هذا داود يكون في آخر الأمم ، قال :
يا رب كم جعلت عمره قال : ستين سنة ، قال : يا رب كم جعلت عمري قال : كذا
وكذا ، قال : يا رب فزده من عمري أربعين سنة حتى يكون عمره مائة سنة ، قال
: أتفعل يا آدم قال : نعم يا رب ، قال : فيكتب ويختم أنا كتبنا وختمنا ولم
نغير ، قال : فافعل أي رب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلما جاء
ملك الموت إلى آدم ليقبض روحه قال : ماذا تريد يا ملك الموت قال : أريد
قبض روحك ، قال : ألم يبق من أجلي أربعون سنة قال : أو لم تعطها ابنك داود
قال : لا ، قال : فكان أبو هريرة يقول : نسي آدم ونسيت ذريته وجحد آدم
فجحدت ذريته
وأخرج ابن جرير عن جويبر قال : مات ابن الضحاك بن مزاحم
ابن ستة أيام فقال : إذا وضعت ابني في لحده فأبرز وجهه وحل عقده فإن ابني
مجلس ومسؤول ، فقلت : عم يسأل قال : عن ميثاق الذي أقر به في صلب آدم
حدثني ابن عباس : أن الله مسح صلب آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى
يوم القيامة فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وتكفل لهم
بالأرزاق ثم أعادهم في صلبه فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق
يومئذ فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به نفعه الميثاق الأول ومن أدرك
الميثاق الآخر فلم يقر به لم ينفعه الميثاق الأول ومن مات صغيرا قبل أن
يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد عن سلمان قال : إن الله لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذارى
ء إلى يوم القيامة فكتب الآجال والأرزاق والأعمال والشقوة والسعادة فمن
علم السعادة فعل الخير ومجالس الخير ومن علم الشقاوة فعل الشر ومجالس الشر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن أبي أمامة أن
رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله الخلق وقضى القضية وأخذ ميثاق
النبيين وعرشه على الماء فأخذ أهل اليمين بيمينه وأخذ أهل الشمال بيده
الأخرى - وكلتا يدي الرحمن يمين - فقال : يا أصحاب اليمين.
فاستجابوا
له فقالوا : لبيك ربنا وسعديك ، قال {ألست بربكم قالوا بلى} قال : يا
أصحاب الشمال ، فاستجابوا له فقالوا : لبيك ربنا وسعديك ، قال {ألست بربكم
قالوا بلى} فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم : رب لم خلطت بيننا قال {ولهم
أعمال من دون ذلك هم لها عاملون} المؤمنون الآية 63 ، {أن تقولوا يوم
القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} ثم ردهم في صلب آدم فأهل الجنة أهلها وأهل
النار أهلها فقال قائل : يا رسول الله فما الأعمال قال : يعمل كل قوم
لمنازلهم ، فقال عمر بن الخطاب : إذا نجتهد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو
الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره نسمة هو خالقها من ذريته إلى
يوم القيامة وجعل بين عيني كل إنسان منهم
وبيصا من نور ثم عرضهم على
آدم فقال : أي رب من هؤلاء قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلا منهم فأعجبه
وبيص ما بين عينيه فقال : أي رب من هذا فقال : رجل من آخر الأمم من ذريتك
يقال له داود ، قال : أي رب وكم جعلت عمره قال : ستين سنة قال : أي رب زده
من عمري أربعين سنة ، فلما انقضى عمر آدم جاء ملك الموت فقال : أولم يبق
من عمري أربعون سنة قال : أولم تعطها ابنك داود قال : فجحد فجحدت ذريته
ونسي فنسيت ذريته.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الشكر وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن الحسن قال : لما خلق الله آدم عليه السلام.
وَأخرَج أهل الجنة من صفحته اليمنى.
وَأخرَج
أهل النار من صفحته اليسرى فدبوا على وجه الأرض منهم الأعمى والأصم
والأبرص والمقعد والمبتلى بأنواع البلاء فقال آدم : يا رب ألا سويت بين
ولدي قال : يا آدم إني أردت أن أشكر ثم
ردهم في صلبه.
وأخرج عبد
الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن قتادة والحسن قالا : لما
عرضت على آدم ذريته فرأى فضل بعضهم على بعض قال : أي رب أفهلا سويت بينهم
قال : إني أحب أن أشكر يرى ذو الفضل فضله فيحمدني ويشكرني.
وأخرج أحمد في الزهد عن بكر ، مثله.
وأخرج
ابن جرير والبزار والطبراني والآجري في الشريعة ، وَابن مردويه والبيهقي
في الأسماء والصفات عن هشام بن حكيم أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم فقال : أتبتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم ثم أشهدهم على أنفسهم ثم أفاض
بهم في كفيه فقال : هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار
فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار.
وأخرج
الطبراني ، وَابن مردويه عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن الله أخرج ذرية آدم من صلبه حتى ملؤوا الأرض وكانوا هكذا فضم إحدى
يديه على الأخرى.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن مردويه
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت ربي فأعطاني أولاد
المشركين خدما لأهل الجنة وذلك أنهم لم يدركوا ما أدرك آباؤهم من الشرك
وهم في الميثاق الأول.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : أرأيت لو
كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به فيقول : نعم ، فيقول : قد أردت
منك أهون من ذلك قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا أن
تشرك بي
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن علي بن حسين ، أنه كان يعزل ويتأول هذه الآية {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم}.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال لا عليكم أن لا تفعلوا إن تكن مما أخذ
الله منها الميثاق فكانت على صخرة نفخ فيها الروح.
وأخرج أحمد ، وَابن
أبي حاتم عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال لو
أن الماء الذي يكون منه الولد صب على صخرة لأخرج الله منها ما قدر ليخلق
الله نفسا هو خالقها.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود ، أنه سئل عن
العزل فقال : لو أخذ الله ميثاق نسمة من صلب رجل ثم أفرغه على صفا لأخرجه
من ذلك الصفا فإن شئت فأعزل وإن شئت فلا تعزل.
وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يقولون : إن النطفة التي
قضى الله فيها الولد لو وقعت على صخرة لأخرج الله منها الولد.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف وأبو الشيخ عن فاطمة بنت حسين قالت : لما أخذ الله
الميثاق من بني آدم جعله في الركن فمن الوفاء بعهد الله استلام الحجر.
وأخرج
أبو الشيخ عن جعفر بن محمد قال : كنت مع أبي محمد بن علي فقال له رجل : يا
أبا جعفر ما بدء خلق هذا الركن فقال : إن الله لما خلق الخلق قال لبني آدم
{ألست بربكم قالوا بلى} فأقروا وأجرى نهرا أحلى من العسل وألين من الزبد
ثم أمر القلم فاستمد من ذلك النهر فكتب إقرارهم وما هو كائن إلى اليوم
القيامة ثم ألقم ذلك الكتاب هذا الحجر فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو
بيعه على إقرارهم الذي كانوا أقروا به.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : ضرب الله متن آدم فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية فقال : هؤلاء أهل
الجنة
وخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء فقال : هؤلاء أهل النار أمثال الخردل في
صور الذر فقال : يا عباد الله أجيبوا الله : يا عباد الله أطيعوا الله ،
قالوا : لبيك اللهم أطعناك اللهم أطعناك اللهم أطعناك ، وهي التي أعطى
الله إبراهيم في المناسك : لبيك اللهم لبيك ، فأخذ عليهم العهد بالإيمان
به والإقرار والمعرفة بالله وأمره.
وأخرج الجندي في فضائل مكة وأبو
الحسن القطان في الطوالات والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن أبي
سعيد الخدري قال : حججنا مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استقبل الحجر
فقال : إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك ثم قبله فقال له علي بن أبي طالب : يا أمير
المؤمنين إنه يضر وينفع قال : بم ، قال : بكتاب الله عز وجل قال : وأين
ذلك من كتاب الله قال الله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من
ظهورهم
ذريتهم} إلى قوله {بلى} خلق الله آدم ومسح على ظهره فقررهم بأنه الرب
وأنهم العبيد وأخذ عهودهم ومواثيقهم وكتب ذلك في رق وكان لهذا الحجر عينان
ولسان فقال له افتح فاك ، ففتح فاه فألقمه ذلك الرق فقال : اشهد لمن وافاك
بالموافاة يوم القيامة وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد
فهو يا أمير
المؤمنين يضر وينفع ، فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن.
وأخرج
أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ ربك} الآية ، قال : أخذهم في كفه
كأنهم الخردل الأولين والآخرين فقلبهم في يده مرتين أو ثلاثا يرفع
ويطأطئها ما شاء الله من ذلك ثم ردههم في أصلاب آبائهم حتى أخرجهم قرنا
بعد قرن ثم قال بعد ذلك {وما وجدنا لأكثرهم من
عهد} الأعراف الآية 102 الآية ، ثم نزل بعد ذلك {واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به} المائدة الآية 7.
وأخرج
البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن عمر قال : لما خلق الله آدم
نفضه نفض المزود فخر منه مثل النغف فقبض منه قبضتين فقال لما في اليمين :
في الجنة وقال لما في الأخرى : في النار.
وأخرج ابن سعد وأحمد عن عبد
الرحمن بن قتادة السلمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم
أخذ الخلق من ظهره فقال : هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا
أبالي ، فقال رجل : يا رسول الله فعلى ماذا نعمل قال : على مواقع القدر.
وأخرج
أحمد والبزار والطبراني عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء
كأنهم
الذر وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحممة فقال للذي في يمينه
: إلى الجنة ولا أبالي وقال للذي في كتفه اليسرى : إلى النار ولا أبالي.
وأخرج
البزار والطبراني والآجري ، وَابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جل ذكره يوم خلق آدم قبض من صلبه
قبضتين فوقع كل طيب في يمينه وكل خبيث بيده الأخرى فقال : هؤلاء أصحاب
الجنة ولا أبالي وهؤلاء أصحاب النار ولا أبالي ثم أعادهم في صلب آدم فهم
ينسلون على ذلك إلى الآن.
وأخرج البزار والطبراني ، وَابن مردويه عن
أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في القبضتين هذه
في الجنة ولا أبالي.
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في
القبضتين هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه ، قال : فتفرق الناس وهم لا يختلفون في القدر.
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادرالأصول والآجري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما خلق الله آدم ضرب بيده على شق آدم الأيمن فأخرج
ذرأ كالذر فقال : يا آدم هؤلاء ذريتك من أهل الجنة ثم ضرب بيده على شق آدم
الأيسر فأخرج ذرأ كالحمم ثم قال : هؤلاء ذريتك من أهل النار.
وأخرج
أحمد عن أبي نضر ، فإن رجلا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقال
له أبو عبد الله دخل عليه أصحابه يعودونه وهو يبكي فقالوا له : ما يبكيك
قال : سمعت رسول الله يقول إن الله قبض بيمينه قبضة وأخرى باليد الأخرى
فقال : هذه لهذه وهذه لهذه ولا أبالي فلا أدري في أي القبضتين أنا.
وأخرج
ابن مردويه عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله قبض قبضة
فقال : للجنة برحمتي وقبض قبضة فقال : إلى النار ولا أبالي
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال : إن الله أخرج من ظهر آدم
يوم خلقه ما يكون إلى يوم القيامة فأخرجهم مثل الذر ثم قال {ألست بربكم
قالوا بلى} قالت الملائكة : شهدنا ، ثم قبض قبضة بيمينه فقال : هؤلاء في
الجنة ، ثم قبض قبضة أخرى فقال : هؤلاء في النار ولا أبالي.
وأخرج ابن
المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن
هذا غافلين} قال : عن الميثاق الذي أخذ عليهم {أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا
من قبل} فلا يستطيع أحد من خلق الله من الذرية {أو تقولوا إنما أشرك
آباؤنا} ونقضوا الميثاق {وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا} بذنوب آباؤنا وبما
فعل المبطلون ، والله تعالى أعلم.
- الآية (175 - 177).
- أَخْرَج
الفريابي وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني ، وَابن مردويه عن عبد الله
بن مسعود {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال : هو
رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن أبر.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طرق عن ابن
عباس قال : هو بلعم بن باعوراء ، وفي لفظ : بلعام بن عامر الذي أوتي الإسم
كان في بني إسرائيل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في
قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا} الآية ، قال : هو رجل من مدينة
الجبارين يقال له بلعم تعلم اسم الله الأكبر فلما نزل بهم موسى أتاه بنو
عمه وقومه فقالوا : إن موسى رجل جديد ومعه جنود كثيرة وإنه إن يظهر علينا
يهلكنا فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه ، قال : إني إن دعوت الله أن
يرد موسى ومن معه مضت دنياي وآخرتي فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فسلخ مما
كان فيه ، وفي قوله {إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} قال : إن حمل الحكمة
لم يحملها وإن ترك لم يهتد لخير كالكلب إن كان رابضا لهث وإن طرد لهث.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {واتل عليهم نبأ الذي
آتيناه} الآية ، قال : هو رجل أعطى ثلاث دعوات يستجاب له فيهن وكانت له
امرأة له منها ولد فقالت : اجعل لي منها واحدة ، قال : فلك واحدة فما الذي
ترتدين قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فدعا الله
فجعلها أجمل امرأة في بني إسرائيل فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه
وأرادت شيئا آخر فدعا الله أن يجعلها كلبة فصارت كلبة فذهبت دعوتان فجاء
بنوها فقالوا : ليس بنا على هذا قرار قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها
فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليه فدعا الله فعادت كما كانت فذهبت الدعوات الثلاث وسميت البسوس
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : هو رجل يدعى بلعم من أهل اليمن آتاه الله آياته فتركها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
وأبو الشيخ والطبراني ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عمر {واتل عليهم نبأ
الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال : هو أمية بن أبي الصلت الثقفي ، وفي
لفظ : نزلت في صاحبكم أمية بن أبي الصلت.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن
المسيب قال : قدمت الفارعة أخت أمية بن أبي الصلت على رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعد فتح مكة فقال لها هل تحفظين من شعر أخيك شيئا قالت : نعم ،
فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا فارعة إن مثل أخيك كمثل الذي آتاه
الله آياته فانسلخ منها.
وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب قال : قال أمية
بن أبي الصلت : ألا رسول لنا منا يخبرنا * ما بعد غايتنا من رأس نجرانا
قال : ثم خرج أمية إلى البحرين وتنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام
أمية بالبحرين ثماني سنين ثم قدم فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في
جماعة من أصحابه فدعاه
النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وقرأ
عليه بسم الله الرحمن الرحيم {يس والقرآن الحكيم} يس الآيتان 1 - 2 حتى
فرغ منها وثب أمية يجر رجليه فتبعته قريش تقول : ما تقول يا أمية قال :
أشهد أنه على الحق ، قالوا : فهل تتبعه قال : حتى أنظر في أمره ، ثم خرج
أمية إلى الشام وقدم بعد وقعة بدر يريد أن يسلم فلما أخبر بقتلى بدر ترك
الإسلام ورجع إلى الطائف ، فمات بها قال : ففيه أنزل الله {واتل عليهم نبأ
الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن نافع بن عاصم بن عروة ابن مسعود قال
: إني لفي حلقة فيها عبد الله بن عمر فقرأ رجل من القوم الآية التي في
الأعراف {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} فقال : أتدرون
من هو فقال بعضهم : هو صيفي بن الراهب ، وقال بعضهم : هو
بلعم رجل من بني إسرائيل ، فقال : لا ، فقالوا : من هو قال : أمية بن أبي الصلت.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن الشعبي في هذه الآية {واتل عليهم نبأ الذي
آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال : قال ابن عباس : هو رجل من بني إسرائيل
يقال له بلعم بن باعورا وكانت الأنصار تقول : هو ابن الراهب الذي بنى له
مسجد الشقاق وكانت ثقيف تقول : هو أمية بن أبي الصلت
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : هو صيفي بن الراهب.
وأخرج
ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : هو نبي في بني إسرائيل يعني بلعم أوتي
النبوة فرشاه قومه على أن يسكت ففعل وتركهم على ما هم عليه.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله
{فانسلخ منها} قال : نزع منه العلم ، وفي قوله {ولو شئنا لرفعناه بها} قال
: رفعه الله بعلمه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مالك بن
دينار قال : بعث نبي الله موسى بلعام بن باعورا إلى ملك مدين يدعوهم إلى
الله وكان مجاب الدعوة وكان من علماء بني إسرائيل فكان موسى يقدمه في
الشدائد فأقطعه وأرضاه فترك دين موسى وتبع دينه فأنزل الله {واتل عليهم
نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا} قال : كان يعلم إسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في
قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال : هذا مثل ضربه
الله لمن عرض عليه الهدى فأبى أن يقبله وتركه {ولو شئنا لرفعناه بها} قال
: لو شئنا لرفعناه بإيتائه الهدى فلم يكن للشيطان عليه سبيل ولكن الله
يبتلي من يشاء من عباده {ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه} قال : أبى أن
يصحب الهدى {فمثله كمثل الكلب} الآية ، قال : هذا مثل الكافر ميت الفؤاد
كما أميت فؤاد الكلب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله {واتل
عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال : أناس من اليهود والنصارى
والحنفاء ممن أعطاهم الله من آياته وكتابه {فانسلخ منها} فجعله مثل الكلب.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن مجاهد في قوله {ولو شئنا لرفعناه بها} قال : لدفعناه عنه بها
{ولكنه أخلد إلى الأرض} قال : سكن {إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} إن
تطرده بدابتك ورجليك وهو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ولكنه أخلد إلى الأرض} قال : ركن نزع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إن تحمل عليه} قال : إن تسع عليه.
وأخرج
ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {إن تحمل عليه يلهث} قال :
الكلب منقطع الفؤاد لا فؤاد له مثل الذي يترك الهدى لا فؤاد له إنما فؤاده
منقطع كان ضالا قبل وبعد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن المعتمر قال :
سئل أبو المعتمر عن هذه الآية {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ
منها} فحدث عن سيار أنه كان رجلا يقال له بلعام وكان قد أوتي النبوة وكان
مجاب الدعوة ثم إن موسى أقبل في بني إسرئيل يريد الأرض التي فيها بلعام
فرعب الناس منه رعبا شديدا فأتوا بلعام فقالوا : ادع الله على هذا الرجل
قال : حتى أؤامر ربي فوامر في الدعاء عليهم فقيل له : لا تدع عليهم فإن
فيهم عبادي وفيهم نبيهم فقال لقومه : قد وأمرت في الدعاء عليهم وإني قد
نهيت ، قال : فاهدوا إليه هدية فقبلها ثم راجعوه فقالوا : ادع الله عليهم
فقال
: حتى أوامر فوامر فلم يحار إليه شيء ، فقال : قد وأمرت فلم يحار إلى شيء
، فقالوا : لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك الأولى فأخذ يدعو
عليهم فإذا دعا جرى على لسانه الدعاء على قومه فإذا أرسل أن يفتح على قومه
جرى على لسانه أن يفتح على موسى وجيشه فقالوا : ما نراك إلا تدعو علينا ،
قال : ما يجري على لساني إلا هكذا ولو دعوت عليهم ما استجيب لي ولكن
سأدلكم على أمر عسى أن يكون فيه هلاكهم إن الله يبغض الزنا وإن هم وقعوا
بالزنا هلكوا فأخرجوا النساء فإنهم قوم مسافرون فعسى أن يزنوا فيهلكوا
فأخرجوا النساء تستقبلهم فوقعوا بالزنا فسلط الله عليهم الطاعون فمات منهم
سبعون ألفا.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها}
قال
: كان اسمه بلعم وكان يحسن إسما من أسماء الله فغزاهم موسى في سبعين ألفا
فجاءه قومه فقالوا : ادع الله عليهم - وكانوا إذا غزاهم أحد أتوه فدعا
عليهم فهلكوا - وكان لا يدعو حتى ينام فينظر ما يؤمر به في منامه فنام
فقيل له : ادع الله لهم ولا تدع عليهم فاستيقظ فأبى أن يدعو عليهم فقال
لهم : زينوا لهم النساء فإنهم إذا رأوهن لم يصبروا حتى
يصيبوا من الذنوب فتدالوا عليهم.
- الآية (178).
أَخْرَج
ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في
الخطبة الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من
يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وأخرج مسلم والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عَن جَابر قال : كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول في خطبته نحمد الله ونثني عليه بما هو أهله ثم يقول :
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له أصدق الحديث كتاب الله
وأحسن الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
وكل ضلالة في النار ثم يقول : بعثت أنا والساعة كهاتين.
وأخرج البيهقي
في الأسماء والصفات عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من
نوره فمن أصابه من ذلك النور يومئذ شيء
اهتدى ومن أخطأه ضل فلذلك أقول : جف القلم على علم الله.
- الآية (179).
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولقد ذرأنا} قال : خلقنا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن {ولقد ذرأنا لجهنم} قال : خلقنا لجهنم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عمرو
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لما ذرأ لجهنم من ذرأ كان
ولد الزنا ممن ذرأ لجهنم.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن أبي الدنيا في
مكايد الشيطان وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن
أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله الجن ثلاثة
أصناف ، صنف حيات وعقارب
وخشاش الأرض وصنف كالريح في الهواء وصنف
عليهم الحساب والعقاب ، وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف ، صنف كالبهائم قال
الله {لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا
يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل} وجنس أجسادهم أجساد بني آدم
وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف في ضل الله يوم لا ظل إلا ظله.
وأخرج ابن
جرير عن مجاهد في قوله {ولقد ذرأنا لجهنم} قال : لقد خلقنا لجهنم {لهم
قلوب لا يفقهون بها} قال : لا يفقهون شيئا من أمر الآخرة {ولهم أعين لا
يبصرون بها} الهدى {ولهم آذان لا يسمعون بها} الحق ثم جعلهم كالأنعام ثم
جعلهم شرا من الأنعام فقال {بل هم أضل} ثم أخبر أنهم الغافلون ، والله
أعلم.
- الآية (180).
- أَخْرَج البخاري ومسلم وأحمد والترمذي
والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة وأبو عوانة ، وَابن جَرِير ، وَابن
أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني وأبو عبد الله بن منده في التوحيد ،
وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا
واحدا من أحصاها دخل الجنة إنه وتر يحب الوتر
وأخرج أبو نعيم ،
وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله
مائة اسم غير اسم من دعا بها استجاب الله له دعاءه.
وأخرج الدار قطني
في الغرائب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
قال الله عز وجل : لي تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة.
وأخرج ابن
مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس ، وَابن عمر قالا : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة.
وأخرج
الترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن حبان ، وَابن منده والطبراني والحاكم ،
وَابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة إنه وتر
يحب الوتر هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام
المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارى ء المصور الغفار
القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز
المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف
الخبير الحليم العظيم
الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب
المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي
المتين الولي الحميد المحصي المبدى ء المعيد المحيي المميت الحي القيوم
الواجد الماجد الواحد الأحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول
الآخر الظاهر الباطن البر التواب المنتقم العفو الرؤوف المالك الملك ذو
الجلال والإكرام الوالي المتعال المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار
النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور.
وأخرج ابن
أبي الدنيا في الدعاء والطبراني كلاهما وأبو الشيخ والحاكم ، وَابن مردويه
وأبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة اسأل الله الرحمن الرحيم
الإله الرب الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر
الخالق البارى ء المصور الحليم العليم السميع البصير الحي القيوم الواسع
اللطيف الخبير الحنان المنان البديع الغفور الودود
الشكور المجيد
المبدى ء المعيد النور البادى ء وفي لفظ : القائم الأول الآخر الظاهر
الباطن العفو الغفار الوهاب الفرد وفي لفظ : القادر الأحد الصمد الوكيل
الكافي الباقي المغيث الدائم
المتعالي ذا الجلال والإكرام المولى
النصير الحق المبين الوارث المنير الباعث القدير وفي لفظ : المجيب المحيي
المميت الحميد وفي لفظ : الجميل الصادق الحفيظ المحيط الكبير القريب
الرقيب الفتاح التواب القديم الوتر الفاطر الرزاق العلام العلي العظيم
الغني المليك المقتدر الأكرم الرؤوف المدبر المالك القاهر الهادي الشاكر
الكريم الرفيع الشهيد الواحد ذا الطول ذا المعارج ذا الفضل الكفيل الجليل.
وأخرج
أبو نعيم عن ابن عباس ، وَابن عمر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن لله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة وهي في القرآن.
وأخرج
أبو نعيم عن محمد بن جعفر قال : سألت أبي جعفر بن محمد الصادق عن الأسماء
التسعة والتسعين التي من أحصاها دخل الجنة فقال : هي في القرآن ففي
الفاتحة خمسة أسماء ، يا ألله يا رب يا رحمن يا رحيم يا مالك ، وفي البقرة
ثلاثة وثلاثون اسما : يا محيط يا قدير يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم يا
تواب يا بصير يا ولي يا واسع يا كافي يا رؤوف يا بديع يا شاكر يا واحد يا
سميع يا قابض يا باسط يا حي يا قيوم يا غني يا حميد يا غفور يا حليم يا
إله يا قريب يا مجيب يا عزيز يا نصير يا قوي يا شديد يا سريع يا خبير ،
وفي آل عمران :
يا وهاب يا قائم يا صادق يا باعث يا منعم يا متفضل ،
وفي النساء : يا رقيب يا حسيب يا شهيد يا مقيت يا وكيل يا علي يا كبير ،
وفي الأنعام : يا فاطر يا قاهر يا لطيف يا برهان ، وفي الأعراف : يا محيي
يا مميت ، وفي الأنفال : يا نعم المولى يا نعم النصير ، وفي هود : يا حفيظ
يا مجيد يا ودود يا فعال لما يريد ، وفي الرعد : يا كبير يا متعال ، وفي
إبراهيم : يا منان يا وارث ، وفي الحجر : يا خلاق ، وفي مريم : يا فرد ،
وفي طه : يا غفار ، وفي قد أفلح : يا كريم ، وفي النور : يا حق يا مبين ،
وفي الفرقان : يا هادي ، وفي سبأ : يا فتاح ، وفي الزمر :
يا عالم ،
وفي غافر : يا غافر يا قابل التوبة يا ذا الطول يا رفيع ، وفي الذاريات :
يا رزاق يا ذا القوة يا متين ، وفي الطور : يا بر ، وفي اقتربت : يا مليك
يا مقتدر ، وفي الرحمن : ياذا الجلال والإكرام يا رب المشرقين يا رب
المغربين يا باقي يا مهيمن ، وفي الحديد : يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن
، وفي الحشر : يا ملك يا قدوس يا سلام يا مؤمن يا مهيمن يا عزيز يا جبار
يا متكبر يا خالق يا بارى ء يا مصور ، وفي البروج : يا مبدئ يا معيد ، وفي
الفجر : يا وتر ، وفي الإخلاص : يا أحد يا صمد.
وأخرج البيهقي في كتاب
الأسماء والصفات عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من أصابه هم أو حزن فليقل : اللهم إني عبدك ، وَابن عبدك ، وَابن
أمتك ناصيتي في يدك ماض في حكمك عدل في
قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك
سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في
علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور بصري وذهاب همي
وجلاء حزني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما قالهن مهموم قط إلا
أذهب الله همه وأبدله بهمه فرجا ، قالوا : يا رسول الله افلا نتعلم هذه
الكلمات قال : بلى فتعلموهن وعلموهن.
وأخرج البيهقي عن عائشة ، أنها
قالت : يا رسول الله علمني اسم الله الذي إذا دعى به أجاب ، قال لها قومي
فتوضئي وادخلي المسجد فصلي ركعتين ثم ادعي حتى أسمع ، ففعلت فلما جلست
للدعاء قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اللهم وفقها ، فقالت : اللهم
إني أسالك بجميع أسمائك الحسنى كلها ما علمنا منها وما لم نعلم واسألك
بإسمك العظيم الأعظم الكبير الأكبر الذي من دعاك به أجبته ومن سألك به
أعطيته ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أصبته أصبته ، قوله تعالى :
{وذروا الذين يلحدون في أسمائه}.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الإلحاد التكذيب
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} قال : اشتقوا العزى من العزيز واشتقوا اللات من الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في الآية قال : الإلحاد الضاهاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش أنه قرأ (يلحدون) بنصب الياء والحاء من اللحد وقال تفسيرها يدخلون فيها ما ليس منها.
وأخرج
عبد الرزاق وعبد حميد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وذروا الذين يلحدون في
أسمائه} قال : يشركون ، واخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة {يلحدون
في أسمائه} قال : يكذبون في أسمائه
- الآية (181).
أَخْرَج ابن
جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {وممن خلقنا أمة
يهدون بالحق} قال : ذكر لنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال هذه أمتي
بالحق يحكمون ويقضون ويأخذون ويعطون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق} قال
: بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قرأها هذه لكم وقد
أعطى القوم بين أيديكم مثلها {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}
الأعراف الآية 159.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {وممن خلقنا
أمة يهدون بالحق} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أمتي قوما
على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم متى ما نزل.
وأخرج أبو الشيخ عن علي بن
أبي طالب قال : لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا
فرقة يقول الله {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} فهذه هي التي
تنجو من هذه الأمة.
- الآية (182 - 183).
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي {سنستدرجهم}
يقول : سنأخذهم {من حيث لا يعلمون} قال : عذاب بدر.
وأخرج أبو الشيخ عن يحيى بن المثنى {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} قال : كلما أحدثوا ذنبا جددنا لهم نعمة تنسيهم الاستغفار.
وأخرج
ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن سفيان في قوله
{سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} قال : نسبغ عليهم النعم ونمنعهم شكرها.
وأخرج
أبو الشيخ عن السدي {وأملي لهم إن كيدي متين} يقول : كف عنهم وأخرجهم على
رسلهم أن مكري شديد ثم نسخها الله فأنزل الله {فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كيد الله العذاب والنقمة.
- الآية (184).
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قام على
الصفا فدعا قريشا
فخذا فخذا : يا بني فلان يا بني فلان يحذرهم بأس
الله ووقائع الله إلى الصباح حتى قال قائلهم : إن صاحبكم هذا لمجنون بات
يهوت حتى أصبح فأنزل الله {أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير
مبين}.
- الآية (185).
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة في المصنف عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسري بي فلما
انتهينا إلى السماء السابعة نظرت فوقي فإذا أنا برعد وبرق وصواعق ، قال :
وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم قلت : من
هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة الربا فلما نزلت إلى السماء
الدنيا
فنظرت إلى أسفل مني فإذا أنا برهج ودخان وأصوات فقلت : ما هذا يا جبريل
قال : هذه الشياطين يحرجون على أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت
السموات والأرض ولولا ذلك لرأوا العجائب.
- الآية (186).
-.
أَخْرَج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عمر بن الخطاب ، أنه خطب بالجابية فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال : من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، فقال
له فتى بين يديه كلمة بالفارسية فقال عمر لمترجم يترجم له : ما يقول قال :
يزعم أن الله لا يضل أحدا ، فقال عمر : كذبت يا عدو الله بل الله خلقك وهو
أضلك وهو يدخلك النار إن شاء الله ولولا ولث عقد لضربت عنقك فتفرق الناس
وما يختلفون في القدر ، والله أعلم.
- الآية (187).
أَخْرَج ابن
إسحاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : قال حمل بن أبي قشير
وسمول بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا متى الساعة إن كنت
نبيا كما تقول فإنا نعلم ما هي فأنزل الله {يسألونك عن الساعة أيان مرساها
قل إنما علمها عند ربي} إلى قوله {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {يسألونك عن الساعة أيان مرساها}
أي متى قيامتها {قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو} قال :
قالت قريش : يا محمد أسر إلينا الساعة لما بيننا وبينك من القرابة ، قال :
{يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله} قال : وذكر لنا أن نبي
الله
صلى الله عليه وسلم كان يقول تهج الساعة بالناس : والرجل يسقي على ماشيته
والرجل يصلح حوضه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه والرجل يقيم سلعته في السوق
قضاء الله لا تأتيكم إلا بغتة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أيان مرساها} قال : منتهاها.
وأخرج
أحمد عن حذيفة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة قال {علمها
عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو} ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين
يديها إن بين يديها فتنة وهرجا ، قالوا : يا رسول الله الفتنة قد عرفناها
الهرج ما هو قال : بلسان الحبشة القتل.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه
عن أبي موسى الأشعري قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة
وأنا شاهد فقال لا يعلمها إلا الله ولا يجليها لوقتها إلا هو ولكن سأخبركم
بمشاريطها ما بين يديها من الفتن والهرج ، فقال رجل : وما الهرج يا رسول
الله قال : بلسان الحبشة القتل وأن تجف قلوب الناس ويلقي بينهم التناكر
فلا يكاد أحد يعرف أحدا ويرفع ذو الحجا ويبقى رجراجة من الناس لا يعرفون
معروفا ولا ينكرون
منكرا.
وأخرج مسلم ، وَابن أبي حاتم والحاكم
وصححه ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : سمعت النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر تسألوني عن الساعة وإنما علمها عند
الله وأقسم بالله ما على ظهر الأرض يوم من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن الشعبي قال : لقي عيسى جبريل فقال : السلام
عليك يا روح الله ، قال : وعليك يا روح الله ، قال : يا جبريل متى الساعة
فانتفض جبريل في أجنحته ثم قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ثقلت في
السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة أو قال {لا يجليها لوقتها إلا هو}.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {لا يجليها لوقتها إلا هو} يقول :
لا يأتي بها إلا الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : هو يجليها لوقتها لا يعلم ذلك إلا الله
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ثقلت في السماوات والأرض} قال : ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{ثقلت
في السماوات والأرض} قال : ثقل علمها على أهل السموات والأرض إنهم لا
يعلمون وقال الحسن إذا جاءت ثقلت على أهل السموات والأرض يقول : كبرت
عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله
{ثقلت في السماوات والأرض} قال : إذا جاءت انشقت السماء وانتثرت النجوم
وكورت الشمس وسيرت الجبال وما يصيب الأرض وكان ما قال الله فذلك ثقلها
بهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لا تأتيكم إلا بغتة} قال : فجأة آمنين.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم تقوم الساعة على رجل أكلته في فيه فلا يلوكها ولا يسيغها ولا
يلفظها وعلى رجلين قد نشرا بينهما ثوبا يتبايعانه فلا يطويانه ولا يتبايعانه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لا تقوم الساعة حتى ينادي مناد : يا أيها الناس أتتكم الساعة ثلاثا.
وأخرج
ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي في قوله {لا يجليها لوقتها إلا هو} يقول :
لا يرسلها لوقتها إلا هو {ثقلت في السماوات والأرض} يقول : خفيت في
السموات والأرض فلم يعلم قيامها متى تقوم ملك مقرب ولا نبي مرسل {لا
تأتيكم إلا بغتة} قال : تبغتهم تأتيهم على غفلة.
وأخرج ابن أبي شيبة ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في
قوله {كأنك حفي عنها} قال : استحفيت عنها السؤال حتى علمتها.
وأخرج ابن
أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله {كأنك حفي عنها}
قال أحدهما : عالم بها وقال الآخر : يجب أن يسأل عنها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {كأنك حفي عنها} قال : استحفيت عنها السؤال حتى علمتها.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله {كأنك حفي
عنها} قال أحدهما : عالم بها وقال الآخر : يجب أن يسأل عنها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {يسألونك كأنك حفي عنها} يقول : كأنك عالم بها أي لست تعلمها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن
عباس {كأنك حفي عنها} قال : لطيف بها.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس {يسألونك كأنك حفي
عنها} يقول : كان بينك وبينهم مودة كأنك صديق لهم قال ابن عباس : لما سأل
الناس محمد صلى الله عليه وسلم عن الساعة سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن
محمدا حفي بهم فأوحى الله إليه : إنما علمها عنده استأثر بعلمها فلم يطلع
عليها ملكا ولا رسولا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك {يسألونك كأنك حفي عنها} قال : كأنك حفي بهم حين يأتونك يسألونك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {يسألونك كأنك حفي} بسؤالهم قال : كأنك تحب أن يسألوك عنها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس يقرأ (كأنك حفيء بها).
وأخرج
أبو الشيخ عن الضحاك في قوله {يسألونك كأنك حفي عنها} قال : كأنك يعجبك أن
يسألوك عنها لنخبرك بها فأخفاها منه فلم يخبره فقال {فيم أنت من ذكراها}
النازعات الآية 43 وقال !
{أكاد أخفيها} طه الآية 15 وقراءة أبي (أكاد أخفيها من نفسي).
وأخرج
ابن جرير عن قتادة قال : قالت قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم : إن بيننا
وبينك قرابة فأسر إلينا متى الساعة فقال الله {يسألونك كأنك حفي عنها}.
- الآية (188).
أَخْرَج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ولو كنت أعلم الغيب
لاستكثرت من الخير} قال : لعلمت إذا اشتريت شيئا ما أربح فيه فلا أبيع
شيئا إلا ربحت فيه {وما مسني السوء} قال : ولا يصيبني الفقر.
وأخرج أبو
الشيخ عن ابن جريج في قوله {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا} قال : الهدى
والضلالة {ولو كنت أعلم الغيب} متى أموت {لاستكثرت من الخير} قال : العمل
الصالح.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وما مسني السوء} قال : لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون.
- الآية (189 - 193).
- أَخْرَج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم
وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن سمرة عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال : لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال :
سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش فكان ذلك من وحي الشيطان
وأمره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن سمرة بن
جندب في قوله {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء} قال : سمياه عبد الحارث.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن أبي بن كعب قال : لما حملت حواء وكان لا
يعيش لها ولد آتاها الشيطان فقال : سمياه عبد الحارث يعيش لكما فسمياه عبد
الحارث فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي بن كعب قال : لما حملت حواء أتاها الشيطان
فقال : أتطيعيني ويسلم لك ولدك سميه عبد الحارث فلم تفعل فولدت فمات ثم
حملت فقال لها مثل ذلك :
فلم تفعل ثم حملت
الثالث فجاءها فقال لها : إن تطيعيني سلم لك وإلا فإنه يكون بهيمة فهيبها فأطاعته.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : ولد لآدم ولد فسماه عبد الله فأتاهما إبليس
فقال : ما سميتا ابنكما هذا قال : عبد الله وكان ولد لهما قبل ذلك ولد
فسمياه عبد الله ، فقال إبليس : أتظنان أن الله تارك عبده عندكما ووالله
ليذهبن به كما ذهب بالآخر ولكن أدلكما على اسم يبقى لكما ما بقيتما فسمياه
عبد شمس فسمياه فذلك قوله تعالى {أيشركون ما لا يخلق شيئا} الشمس لا تخلق
شيئا إنما هي مخلوقة ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خدعهما
مرتين ، قال زيد : خدعهما في الجنة وخدعهما في الأرض.
وأخرج ابن المنذر
، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لما أهبط الله آدم
وحواء ألقى في نفسه الشهوة لامرأته فتحرك ذلك منه فأصابها فليس إلا أن
أصابها حملت فليس إلا أن حملت تحرك ولدها في بطنها فقالت : ما هذا فجاءها
إبليس فقال لها : إنك حملت فتلدين ، قالت : ما ألد قال : ما هل ترين إلا
ناقة أو بقرة أو ماعزة أو ضانية هو بعض ذلك ويخرج من أنفك أوعينك أو من
أذنك ، قالت : والله ما منى من شيء إلا وهو يضيق عن ذلك قال : فأطيعيني
وسميه عبد الحارث - وكان اسمه في الملائكة الحارث - تلدي مثلك فذكرت ذلك
لآدم فقال : هو صاحبنا الذي قد
علمت ، فمات ثم حملت بآخر فجاءها
فقال : أطيعيني أو قتلته فإني أنا قتلت الأول فذكرت ذلك لآدم فقال مثل
قوله الأول ثم حملت بالثالث فجاءها فقال لها مثل ما قال فذكرت ذلك لآدم
فكأنه لم يكره ذلك فسمته عبد الحارث فذلك قوله {جعلا له شركاء فيما
آتاهما}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس قال : حملت حواء فأتاها إبليس فقال : إني صاحبكما الذي أخرجتكم من
الجنة لتطيعيني أو لأجعلن له قربى أيل فيخرج من بطنك فيشقه ولأفعلن
ولأفعلن - فخوفهما - سمياه عبد الحارث فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا ثم حملت
فأتاهما أيضا فقال مثل ذلك فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا ثم حملت فأتاهما
فذكر لهما فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث فذلك قوله {جعلا له شركاء
فيما آتاهما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن السدي قال : إن أول اسم سمياه عبد الرحمن فمات ثم سمياه صالحا فمات يعني آدم وحواء.
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس قال : كانت حواء تلد لآدم أولاد ، فتعبدهم لله
وتسميه عبد الله وعبيد الله ونحو ذلك فيصيبهم الموت فأتاها إبليس وآدم
فقال : إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه لعاش فولدت له رجلا
فسماه عبد الحارث ففيه أنزل الله {هو الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال : كان هذا في بعض أهل الملل وليس بآدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه قرأها (حملت حملا خفيفا فمرت به).
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن سمرة في قوله {حملت حملا خفيفا} ، قال : خفيفا لم يستبن فمرت به لما استبان حملها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمرت به} قال : فشكت أحملت أم لا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أيوب قال : سئل الحسن عن قوله {حملت حملا خفيفا فمرت به} قال : فشكت أحملت أم لا.
وأخرج
ابن جرير وأبو الشيخ عن أيوب قال : سئل الحسن عن قوله {حملت حملا خفيفا
فمرت به} قال : لو كنت عربيا لعرفتها إنما هي استمرت بالحمل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {حملت حملا خفيفا} قال : هي من النطفة {فمرت به} يقول : استمرت
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {فمرت به} قال : فاستمرت به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فمرت به} قال : فاستمرت بحمله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فمرت به} قال : فاستمرت بحمله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران في قوله {فمرت به} قال : استخفته.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي {فلما أثقلت} قال : كبر الولد في بطنها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في قوله {لئن
آتيتنا} قال : أشفقا أن يكون بهيمة فقالا : لئن آتيتنا بشرا سويا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : أشفقا أن لا يكون إنسانا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {لئن آتيتنا صالحا} قال : غلاما سويا
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {جعلا له شركاء} قال : كان شركا في طاعة ولم يكن شركا في عباده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (فجعلا له شركا) بكسر الشين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سفيان {جعلا له شركاء} قال : أشركاه في الاسم قال : وكنية إبليس أبو كدوس.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن
السدي قال : هذا من الموصول والمفصول قوله {جعلا له شركاء فيما آتاهما} في
شأن آدم وحواء يعني في الأسماء {فتعالى الله عما يشركون} يقول : عما يشرك
المشركون ولم يعينهما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ما أشرك آدم أن أولهما شكر وآخرهما مثل ضربه لمن بعده.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فتعالى الله عما يشركون} هذه فصل بين آية آدم خاصة في آلهة العرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال : هذه مفصولة أطاعاه في
الولد {فتعالى الله عما يشركون} هذه لقوم محمد.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {جعلا له شركاء} قال : كان شركا في طاعته ولم يكن شركا في عبادته
وقال : كان الحسن يقول : هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولاد فهودوا
ونصروا.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {فتعالى الله عما يشركون} قال : يعني بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فتعالى الله عما يشركون} قال : هو
الإنكاف أنكف نفسه يقول : عظم نفسه وأنكفته الملائكة وما سبح له.
وأخرج
ابن حميد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال : هذا في الكفار يدعون الله
فإذا آتاهما صالحا وهودا ونصرا ثم قال {أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم
يخلقون} يقول : يطيعون ما لا يخلق شيئا وهي الشياطين لا تخلق شيئا وهي
تخلق {ولا يستطيعون لهم نصرا} يقول : لمن يدعوهم.
- الآية (194 - 197).
-
أَخْرَج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : يجاء بالشمس والقمر حتى يلقيان
بين يدي الله ويجاء بمن كان يعبدهما فيقال {فادعوهم فليستجيبوا لكم
إن كنتم صادقين}.
- الآية (198).
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وتراهم ينظرون إليك} قال : هؤلاء المشركون.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} ما تدعوهم إليه من الهدى.
- الآية (199).
-
أَخْرَج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي
والنحاس في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن
الزبير قال : ما نزلت هذه الآية إلا في أخلاق الناس {خذ العفو وأمر بالعرف
وأعرض عن الجاهلين} وفي لفظ : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ
العفو من أخلاق الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله تعالى {خذ العفو} قال :
أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.
وأخرج
ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق عن إبراهيم بن أدهم قال : لما أنزل الله
{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أمرت أن آخذ العفو من أخلاق الناس.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي قال : لما
أنزل الله {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ما هذا يا جبريل قال : لا أدري حتى أسأل العالم ، فذهب ثم
رجع فقال : إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك.
وأخرج
ابن مردويه ، عَن جَابر قال : لما نزلت هذه الآية {خذ العفو وأمر بالعرف
وأعرض عن الجاهلين} قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يا جبريل ما تأويل
هذه الآية قال : حتى أسأل ، فصعد ثم نزل فقال : يا محمد إن الله يأمرك أن
تصفح عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم : ألا أدلكم على أشرف أخلاق الدنيا والآخرة قالوا : وما ذاك يا رسول
الله قال : تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من
قطعك.
وأخرج ابن
مردويه عن قيس بن سعد بن عبادة قال : لما نظر رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى حمزة بن عبد المطلب قال والله لأمثلن بسبعين منهم ، فجاءه جبريل
بهذه الآية {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} فقال : يا جبريل ما
هذا قال : لا أدري ، ثم عاد فقال : إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك وتصل
من قطعك وتعطي من حرمك.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة في قول الله {خذ العفو} قال : ما عفى لك من مكارم الأخلاق.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن مجاهد في قوله {خذ العفو} من أخلاق الناس وأعمالهم بغير تجسيس
{وأمر بالعرف} قال : بالمعروف.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قدم
عيينة بن حصن بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس - وكان من النفر الذين
يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبابا -
فقال عيينة لابن أخيه : يا ابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي
عليه قال : سأستأذن لك عليه
قال ابن عباس : فاستأذن الحر لعيينة
فأذن له عمر فلما دخل قال : هي يا ابن الخطاب فو الله ما تعطينا الجزل ولا
تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم أن يوقع به فقال له الحر : يا أمير
المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {خذ العفو وأمر
بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وإن هذا من الجاهلين والله ما جاوزنا عمر حين
تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي حاتم من
طريق ابن وهب عن مالك بن أنس عن عبد الله بن نافع ، أن سالم بن عبد الله
مر على عير لأهل الشام وفيها جرس فقال : إن هذا ينهى عنه فقالوا : نحن
أعلم بهذا منك إنما يكره الجلجل الكبير وأما مثل هذا فلا بأس به فبكى سالم
وقال {وأعرض عن الجاهلين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
قتادة في قوله {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال : خلق أمر
الله به نبيه ودله عليه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عَن عَلِي ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلك على خير أخلاق الأولين
والآخرين قال : قلت يا رسول الله نعم ، قال : تعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك
وتصل من قطعك
وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر قال : قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة تصل من قطعك
وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك.
وأخرج البيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صل من قطعك واعف عمن ظلمك.
وأخرج البيهقي عن عائشة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صل من قطعك واعف عمن ظلمك.
وأخرج
البيهقي عن عائشة ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلكم على
كرائم الأخلاق للدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتجاوز عمن
ظلمك.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ألا أدلكم على مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة قالوا : بلى يا رسول
الله ، قال : صل من قطعك واعط من حرمك واعف عمن ظلمك.
وأخرج عبد الرزاق
في المصنف والبيهقي من طريقه عن معمر عن أبي إسحاق الهمداني عن ابن أبي
حسين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلكم على خير أخلاق أهل
الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك قال البيهقي
: هذا مرسل حسن
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن ينال عبد صريح الإيمان حتى يصل من
قطعه ويعفو عمن ظلمه ويغفر لمن شتمه ويحسن إلى من أساء إليه.
وأخرج ابن
مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مكارم الأخلاق
عند الله أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك ثم تلا النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : رضي الله بالعفو وأمر به.
وأخرج
أحمد والطبراني عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل
الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عمن شتمك.
وأخرج السلفي في الطيوريات عن نافع أن ابن عمر ، كان إذا سافر أخرج معه سفيها يرد عنه سفاهة السفهاء.
وأخرج
ابن عدي والبيهقي في الشعب عن ابن شوذب قال : كنا عند مكحول ومعنا سليمان
بن موسى فجاء رجل واستطال على سليمان وسليمان ساكت فجاء أخ لسليمان فرد
عليه فقال مكحول : لقد ذل من لا سفيه له
وأخرج ابن جرير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {خذ العفو} قال : خذ ما عفي
لك من أموالهم ما أتوك به من شيء فخذه وكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرائض
الصدقات وتفصيلها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {خذ العفو} قال : خذ الفضل أنفق الفضل {وأمر بالعرف} يقول بالمعروف.
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأرزق قال له : أخبرني {خذ
العفو} قال : خذ الفضل من أموالهم أمر الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
أن يأخذ لك ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت عبيد بن الأبرص
وهو يقول : يعفو عن الجهل والسوآت كما * يدرك غيث الربيع ذو الطرد.
وَأخرَج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن السدي في قوله {خذ العفو} قال : الفضل من المال نسخته الزكاة.
وأخرج
أبو الشيخ عن السدي قال : نزلت هذه الآية {خذ العفو} فكان الرجل يمسك من
ماله ما يكفيه ويتصدق بالفضل فنسخها الله بالزكاة {وأمر بالعرف} قال :
بالمعروف {وأعرض عن الجاهلين} قال : نزلت هذه
الآية قبل أن تفرض
الصلاة والزكاة والقتال أمره الله بالكف ثم نسخها القتال وأنزل {أذن للذين
يقاتلون بأنهم ظلموا} الحج الآية 39 الآية.
- الآية (200).
أَخْرَج
ابن جرير عن ابن زيد قال : لما نزلت {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن
الجاهلين} الأعراف الآية 199 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يا رب
والغضب فنزل {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد
، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في
قوله {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} قال : علم الله أن هذا العدو مبتغ
ومريد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم إنه كان يقول : اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه ،
قال : همزه الموتة ونفثه الشعر : ونفخه الكبرياء.
- الآية (201 - 203).
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إن الذين
اتقوا} قال : هم المؤمنون.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغضب ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إذا مسهم طائف من
الشيطان} قال : الغضب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الطيف : الغضب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ (إذا مسهم طائف من الشيطان) بالألف {تذكروا} قال : هم بفاحشة فلم يعملها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا} يقول : إذا زلوا تابوا.
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان من طريق وهب بن جرير عن أبيه قال : كنت جالسا عند
الحسن إذ جاءه رجل فقال : يا أبا سعيد ما تقول في العبد يذنب الذنب ثم
يتوب قال : لم يزدد بتوبته من الله إلا دنوا ، قال : ثم عاد في ذنبه ثم
تاب قال : لم يزدد بتوبته إلا شرفا عند الله ، قال : ثم قال لي : ألم تسمع
ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : وما قال قال مثل المؤمن مثل
السنبلة
تميل أحيانا وتستقيم
أحيانا - وفي ذلك تكبر - فإذا حصدها
صاحبها حمد أمره كما حمد صاحب السنبلة بره ثم قرأ {إن الذين اتقوا إذا
مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد
بن كعب قال : إن الله لم يسم عبده المؤمن كافرا ثم قرأ {إن الذين اتقوا
إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا} فقال : لم يسمه كافرا ولكن سماه متقيا.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {إذا مسهم طائف} بالألف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش عن إبراهيم ويحيى بن وثاب قرأ أحدهما طائف والآخر طيف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير أنه قرأ (إذا مسهم طائف) بالألف.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال :
الطائف اللمة من الشيطان {تذكروا فإذا هم مبصرون} يقول : إذا هم منتهون عن
المعصية آخذون بأمر الله عاصون للشيطان وإخوانهم ، قال : إخوان الشياطين
{يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} قال : لا الإنس عما يعملون السيئات ولا
الشياطين تمسك عنهم {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها} يقول : لولا
أحدثتها لولا تلقيتها
فأنشأتها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ،
وَابن مردويه عن ابن عباس {وإخوانهم يمدونهم في الغي} قال : هم الجن يوحون
إلى أوليائهم من الإنس {ثم لا يقصرون} يقول : لا يسامون {وإذا لم تأتهم
بآية قالوا لولا اجتبيتها} يقول : هلا افتعلتها من تلقاء نفسك.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن مجاهد ? {وإخوانهم من
الشياطين يمدونهم في الغي > ? قال : استجهالا وفي قوله {لولا اجتبيتها}
قال : ابتدعتها.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال : أتاني
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أعرف الحزن في وجهه فأخذ بلحيتي فقال
إنا لله وإنا إليه راجعون أتاني جبريل
آنفا فقال : إنا لله وإنا إليه
راجعون ، قلت : أجل فإنا لله وإنا إليه راجعون فما ذاك يا جبريل فقال : إن
أمتك مفتتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير قلت : فتنة كفر أو فتنة ضلالة
قال : كل ذلك سيكون ، قلت : ومن أين ذاك وأنا تارك فيهم كتاب الله ، قال :
بكتاب الله يضلون وأول ذلك من قبل قرائهم وأمرائهم يمنع الأمراء الناس
حقوقهم فلا يعطونها فيقتتلون وتتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي
ثم لا يقصرون قلت : يا جبريل فبم
يسلم من سلم منهم قال : بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة {قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي}
قال : هذا القرآن {هذا بصائر من ربكم} أي بينات فاعقلوه {وهدى ورحمة} لمن
آمن به وعمل به ثم مات عليه.
- الآية (204).
أَخْرَج ابن جرير ،
وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن أبي هريرة في
قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال : نزلت في رفع الأصوات
وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} يعني في الصلاة المفروضة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : صلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقرأ خلفه قوم فنزلت {وإذا قرئ
القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه إذا قال : بسم
الله الرحمن قالوا مثل ما يقول حتى تنقضي فاتحة الكتاب والسورة فلبث ما
شاء الله أن يلبث ثم نزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} الآية ،
فقرأ وأنصتوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في
"سُنَنِه" عن مجاهد قال : قرأرجل من الأنصار خلف النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم في الصلاة فأنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} الآية.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عبد الله بن
مغفل أنه سئل أكل من سمع القرآن يقرأ وجب عليه الاستماع والإنصات قال : لا
، قال : إنما نزلت هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} في
قراءة الإمام إذا قرأ الإمام فاستمع له وأنصت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي
في
القراءة عن ابن مسعود ، أنه صلى بأصحابه فسمع ناسا يقرؤون خلفه فلما انصرف
قال : أما آن لكم أن تفهموا أما آن لكم أن تعقلوا {وإذا قرئ القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا} كما أمركم الله.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في
الأوسط ، وَابن مردويه عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه قال في القراءة خلف
الإمام : أنصت للقرآن كما أمرت فإن في الصلاة شغلا وسيكفيك ذاك الإمام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت قال : لا قراءة خلف الإمام.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما
جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن جَابر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من كان له إمام فقراءته له قراءة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : أول ما أحدثوا القراءة خلف الإمام
وكانوا لا يقرأون.
وأخرج
ابن جرير عن الزهري قال : نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم كلما قرأ شيئا قرأه فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا
له وأنصتوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن أبي العالية أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بأصحابه فقرأ قرأ أصحابه خلفه
فنزلت هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فسكت القوم وقرأ
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال : كانت
بنو إسرائيل إذا قرأت أئمتهم جاوبوهم فكره الله ذلك لهذه الأمة قال {وإذا
قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن
إبراهيم قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ ورجل يقرأ فنزلت
{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو
الشيخ عن طلحة بن مصرف في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال
: ليس هؤلاء بالأئمة الذين أمرنا بالإنصات لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم
وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق أبي هريرة قال :
كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن مسعود أنه سلم على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو يصلي فلم يرد عليه - وكان الرجل قبل ذلك يتكلم في صلاته
ويأمر بحاجته - فلما فرغ رد عليه وقال : غن الله يفعل ما يشاء وإنها نزلت
{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة فجاء القرآن {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج
ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن مغفل قال : كان الناس
يتكلمون في الصلاة فأنزل الله هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له
وأنصتوا لعلكم ترحمون} فنهانا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الكلام في
الصلاة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عطاء قال : بلغني أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة كما يتكلم اليهود والنصارى حتى نزلت {وإذا قرئ
القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة قال : كانوا يتكلمون
في الصلاة أول ما أمروا بها كان الرجل يجيء وهم في الصلاة فيقول لصاحبه :
كم صليتم فيقول : كذا وكذا فأنزل الله هذه الآية {وإذا قرئ القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا} فأمروا بالاستماع والإنصات علم أن الإنصات هو أحرى
أن يستمع العبد ويعيه ويحفظه علم أن لن يفقهوا حتى ينصتوا والإنصات
باللسان والاستماع بالأذنين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك قال : كانوا يتكلمون في الصلاة فأنزل الله {وإذا قرئ القرآن} الآية.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن
عباس في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} قال : نزلت في صلاة الجمعة
وفي صلاة العيدين وفيما جهر به من القراءة في الصلاة.
وأخرج ابن أبي
حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : المؤمن في سعة من الاستماع إليه إلا في
صلاة الجمعة وفي صلاة العيدين وفيما جهر به من القراءة في الصلاة
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}
قال : نزلت في رفع الأصوات خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة
وفي الخطبة لأنها صلاة وقال : من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فلا صلاة
له.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في هذه الآية
{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال : هذا في الصلاة والخطبة يوم
الجمعة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد
قال : وجب الإنصات في اثنتين في الصلاة والإمام يقرأ ويوم الجمعة والإمام
يخطب.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما أوجب الإنصات
يوم الجمعة قال : قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال : ذاك
زعموا في الصلاة وفي الجمعة قلت : والإنصات يوم الجمعة كالإنصات في
القراءة سواء ، قال : نعم
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال : عند الصلاة المكتوبة وعند الذكر.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي قال : كانوا يرفعون أصواتهم في
الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار فأنزل الله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا
له} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإذا
قرئ القرآن فاستمعوا له} الآية ، قال : في الصلاة وحين ينزل الوحي عن الله
عز وجل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد ،
أنه كره إذا مر الإمام بآية خوف أو آية رحمة أن يقول أحد من خلفه شيئا قال
: السكوت
وأخرج أبو الشيخ عن عثمان بن زائدة ، أنه كان إذا قرى ء
عليه القرآن غطى وجهه بثوبه ويتأول من ذلك قول الله {وإذا قرئ القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا} فيكره أن يشغل بصره وشيئا من جواره بغير استماع.
وأخرج
أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند حسن عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة
ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة.
- الآية (205).
- أَخْرَج عبد
الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
عن قتادة في الآية قال : أمره الله أن يذكره ونهاه عن الغفلة أما بالغدو :
فصلاة الصبح والآصال : بالعشي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال : الآصال : ما بين الظهر والعصر.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وإذا قرئ
القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا} الأعراف الآية 204 قال : هذا إذا أقام الإمام الصلاة
{فاستمعوا له وأنصتوا} واذكر ربك أيها المنصت {في نفسك تضرعا وخيفة ودون
الجهر من القول} قال : لا تجهر بذاك {بالغدو والآصال} بالبكر والعشي {ولا
تكن من الغافلين}.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عبيد بن عمير في قوله
{واذكر ربك في نفسك} قال : يقول الله إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في
نفسي وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ
أحسن منهم وأكرم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {بالغدو} قال :
آخر الفجر صلاة الصبح {والآصال} آخر العشي صلاة العصر وكل ذلك لها وقت أول
الفجر وآخره وذلك مثل قوله في سورة آل عمران {بالعشي والإبكار} آل عمران
الآية 41 ميل الشمس إلى أن تغيب والإبكار أول الفجر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن معرف بن واصل قال : سمعت أبا وائل يقول لغلامه عند مغيب الشمس : آصلنا
أخرج
البزار والطبراني عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله
{ولا تكن من الغافلين} قال : ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل عن الفارقين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بكير بن الأخنس قال : ما أتى يوم الجمعة على أحد وهو لا يعلم أنه يوم الجمعة إلا كتب من الغافلين.
وأخرج
الطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : الغفلة في ثلاث ، عن ذكر الله ومن حين يصلي الصبح
إلى طلوع الشمس وأن يغفل الرجل عن نفسه في الدين حتى يركبه.
- الآية (206).
أَخْرَج
ابن أبي شيبة من طريق أبي العريان المجاشعي عن ابن عباس ، أنه ذكر سجود
القرآن فقال : الأعراف والرعد والنحل وبنو إسرائيل ومريم والحج سجدة واحدة
والنمل والفرقان والم تنزيل وحم تنزيل وص وليس في المفصل سجود
وأخرج
أبو الشيخ عن عطاء قال : عد علي بن العباس عشر سجدات في القرآن ، الأعراف
والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج الأولى منها والفرقان والنمل
وتنزيل السجدة وحم السجدة.
وأخرج ابن ماجة والبيهقي في "سُنَنِه" عن
أبي الدرداء قال سجدت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ليس
فيها من المفصل شيء ، الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج
سجدة والفرقان وسليمان سورة النمل والسجدة وص وسجدة الحواميم.
وأخرج
أبو داود ، وَابن ماجة والدارقطني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في
"سُنَنِه" عن عمرو بن العاص أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس
عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث من المفصل وفي سورة الحج سجدتين.
وأخرج
البخاري ومسلم وأبو داود والبيهقي عن ابن عمرو قال كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فيقرأ السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه
حتى لا يجد أحدنا مكانا لوضع جبهته.
وأخرج مسلم ، وَابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى
الله عليه وسلم إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا
ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار.
وأخرج
البيهقي عن ابن سيرين قال : سئلت عائشة عن سجود القرآن فقالت : حق الله
يؤديه أو تطوع تطوعه وما من مسلم سجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة أو
حط عنه بها خطيئة أو جمعها له كلتيهما.
وأخرج البيهقي عن مسلم بن يسار قال : إذا قرأ الرجل السجدة فلا يسجد حتى يأتي على الآية كلها فإذا أتى عليه رفع يديه وكبر وسجد.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي
والدارقطني والبيهقي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول في سجود القرآن بالليل يقول في السجدة مرارا سجد وجهي للذي خلقه وشق
سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن قيس بن السكن قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
سجد
وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره قال : وبلغني أن داود عليه السلام كان يقول
: سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقي وحق له ثم قال : سبحان الله ما أشبه
كلام الأنبياء بعضهم ببعض.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله
تعالى عنه أنه كان يقول في سجوده : اللهم لك سجد سوادي وبك آمن فؤادي
اللهم ارزفني علما ينفعني وعلما يرفعني.
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أنه كان يقول إذا قرأ السجدة : سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا سبحان الله وبحمده ثلاثا.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : كانوا يكرهون إذا أتوا على السجدة أن يجاوزوها حتى يسجدوا.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع قراءة آخر سورة الأعراف في كل جمعة على المنبر.
المجلد السابع
- سورة الأنفال.(8) سورة الأنفال مدنية وآياتها خمس وسبعون *.
أَخرَج النحاس في ناسخه وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة الأنفال بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة الأنفال.
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : نزلت الأنفال بالمدينة.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة الأنفال قال : نزلت في بدر ، وفي لفظ : تلك سورة بدر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1
أخرج ابن
أبي شيبة وأحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال :
لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاصي وأخذت سيفه وكان يسمى
ذا الكتيعة فأتيت به النَّبِيّ فقال اذهب فاطرحه في القبض ، فرجعت وبي ما
لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت
سورة الأنفال ، فقال لي رسول الله : اذهب فخذ سيفك.
وأخرج أحمد وأبو
داود والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن جَرِير وابنالمنذر ، وَابن أبي حاتم
، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن سعد قال : قلت :
يا
رسول الله قد شفاني الله اليوم من المشركين فهب لي هذا السيف قال : إن هذا
السيف لا لك ولا لي ضعه ، فوضعته ثم رجعت قلت : عسى يعطى هذا السيف اليوم
من لا يبلى بلائي إذا رجل يدعوني من ورائي قلت : قد أنزل الله في شيء قال
: كنت سألتني هذا السيف وليس هو لي وإني قد وهب لي فهو لك وأنزل الله هذه
الآية {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت في أربع آيات ، بر الوالدين والنفل والثلث وتحريم الخمر.
وأخرج
الطيالسي والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والنحاس في ناسخه ، وَابن مردويه
والبيهقي في الشعب عن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت في أربع آيات من كتاب
الله كانت أمي حلفت أن لا تأكل ولا تشرب حتى أفارق محمدا صلى الله عليه
وسلم : فأنزل الله (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا
تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) (لقمان الآية 15) والثانية أني كنت
أخذت سيفا أعجبني فقلت : يا رسول الله هب لي هذا فنزلت {يسألونك عن
الأنفال} والثالثة أني مرضت فأتاني رسول الله فقلت : يا رسول الله أني
أريد أن أقسم مالي أفأوصي بالنصف قال : لا ، فقلت : الثلث ، فسكت فكان
الثلث بعده جائزا والرابعة أني شربت الخمر مع قوم من الأنصار فضرب رجل
منهم أنفي بلحيي جمل فأتيت النَّبِيّ فأنزل الله تحريم الخمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والنحاس وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن سعد قال : أصاب رسول الله غنيمة عظيمة فإذا فيها سيف فأخذته فأتيت به
رسول
الله فقلت : نفلني هذا السيف فأنا من عملت ، فقال رده من حيث أخذته فرجعت
به حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت : أعطنيه
، فشد لي صوته وقال : رده من حيث أخذته ، فأنزل الله {يسألونك عن الأنفال}.
وأخرج ابن مردويه عن سعد قال : نفلني النَّبِيّ يوم بدر سيفا ونزل في النفل.
وأخرج الطيالسي وأبو نعيم في المعرفة من طريق مصعب بن سعد عن سعد قال :
أصبت
سيفا يوم بدر فأتيت به النَّبِيّ فقلت : يا رسول الله نفلنيه فقال ضعه من
حيث أخذته فنزلت {يسألونك عن الأنفال} وهي قراءة عبد الله هكذا الأنفال.
وأخرج
أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والحاكم
والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي أمامة قال : سألت عبادة بن الصامت عن
الأنفال فقال : فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل فساءت فيه
أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله فقسمه رسول الله بين
المسلمين عن براءة يقول : عن سواء
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه
والبيهقي ، وَابن مردويه عن عبادة بن الصامت قال خرجنا مع رسول الله فشهدت
معه بدر فالتقى الناس فهزم الله العدو فانطلقت طائفة في آثارهم منهزمون
يقتلون وأكبت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه وأحدقت طائفة برسول الله
لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال
الذين جمعوا الغنائم : نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب ، وقال
الذين خرجوا في طلب العدو : لستم بأحق بها منا نحن نفينا عنها العدو
وهزمناهم ، وقال الذين أحدقوا برسول الله : لستم بأحق بها منا نحن أحدقنا
برسول الله وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به فنزلت {يسألونك عن
الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} فقسمها
رسول الله بين المسلمين وكان رسول الله إذا أغار في أرض العدو ونفل الربع
وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث وكان يكره الأنفال ويقول : ليرد قوي
المسلمين على ضعيفهم.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وأبو الشيخ ،
وَابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال بعث رسول الله سرية فنصرها الله
وفتح عليها فكان من أتاه بشيء نفله من الخمس فرجع رجال كانوا يستقدمون
ويقتلون
ويأسرون ويقتلون وتركوا الغنائم خلفهم فلم ينالوا من الغنائم شيئا ،
فقالوا : يا يا رسول الله ما بال رجال منا يستقدمون ويأسرون وتخلف رجال لم
يصلوا بالقتال فنفلتهم من الغنيمة فسكت رسول الله ونزل {يسألونك عن
الأنفال} الآية ، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : ردوا ما أخذتم واقتسموه بالعدل والسوية فإن الله يأمركم بذلك ، قالوا : قد احتسبنا وأكلنا قال : احتسبوا ذلك.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن الناس سألوا
النَّبِيّ الغنائم يوم بدر فنزلت {يسألونك عن الأنفال}.
وأخرج ابن
مردويه عن أبيه عن جده قال : لم ينفل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد إذ
أنزلت عليه {يسألونك عن الأنفال} إلا من الخمس فإنه نفل يوم خيبر من الخمس.
وأخرج ابن مردويه عن حبيب بن مسلمة الفهري قال : كان رسول الله ينفل الثلث بعد الخمس.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
حبان وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس قال : لما كان يوم بدر قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا
فله
كذا وكذا ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا ، فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات
وأما الشبان فتسارعوا إلى القتل والغنائم فقالت المشيخة للشبان : أشركونا
معكم فإنا كنا لكم ردأ ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا فاختصموا إلى
النَّبِيّ فنزلت {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول} فقسم
الغنائم بينهم بالسوية.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد
، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم من قتل قتيلا فله كذا ومن جاء بأسير فله كذا ، فجاء أبو اليسر
بن عمرو الأنصاري بأسيرين فقال : يا رسول الله إنك قد وعدتنا ، فقام سعد
بن عبادة فقال : يا رسول الله إنك إن أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء وإنه
لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر ولا جبن عن العدو وإنما قمنا هذا المقام
محافظة عليك أن يأتوك من ورائك فتشاجروا فنزل القرآن {يسألونك عن الأنفال}
وكان أصحاب عبد الله يقرأونها {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} فيما تشاجرتم به فسلموا الغنيمة لرسول
الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله
خمسه) (الأنفال الآية 41) إلى آخر الآية
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فمكث
ضعفاء
الناس في العسكر فأصاب أهل السرية غنائم فقسمها رسول الله بينهم كلهم فقال
أهل السرية : يقاسمنا هؤلاء الضعفاء وكانوا في العسكر لم يشخصوا معنا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تنصرون إلا بضعفائكم فأنزل الله
{يسألونك عن الأنفال}.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم لما انصرف من بدر وقدم المدينة أنزل الله عليه سورة
الأنفال فعاتبه في إحلال غنيمة بدر وذلك أن رسول الله قسمها بين أصحابه
لما كان بينهم من الحاجة إليها واختلافهم في النفل يقول الله {يسألونك عن
الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا
الله ورسوله إن كنتم مؤمنين} فردها الله على رسوله فقسمها بينهم على
السواء فكان في ذلك تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله وصلاح ذات البين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنهم سألوا النَّبِيّ عن الخمس بعد الأربعة الأخماس فنزلت {يسألونك عن الأنفال}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {يسألونك عن الأنفال} قال : كان هذا يوم بدر.
وأخرج
النحاس في ناسخه عن سعيد بن جبير ، أن سعدا ورجلا من الأنصار خرجا يتنفلان
فوجدا سيفا ملقى فخرا عليه جميعا فقال سعد : هو لي ، وقال الأنصاري : هو
لي ، قال : لا أسلمه حتى آتي رسول الله فأتياه
فقصا عليه القصة فقال
رسول الله ليس لك يا سعد ولا للأنصاري ولكنه لي فنزلت {يسألونك عن الأنفال
قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله
ورسوله} يقول : سلما السيف إلى رسول الله ثم نسخت هذه الآية فقال (واعلموا
أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين ،
وَابن السبيل) (الأنفال الآية 41).
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة
والبخاري ومسلم والنحاس في ناسخه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعث سرية قبل نجد فغنموا إبلا كثيرا فصارت سهمانهم اثني عشر بعيرا
ونفلوا بعيرا بعيرا.
وأخرج ابن عساكر من طريق مكحول عن الحجاج بن سهيل
النصري وقيل أن له صحبة قال : لما كان يوم بدر قاتلت طائفة من المسلمين
وثبتت طائفة عند رسول الله فجاءت الطائفة التي قاتلت بالأسلاب وأشياء
أصابوها فقسمت الغنيمة بينهم ولم يقسم للطائفة التي لم تقاتل ، فقالت
الطائفة التي لم تقاتل : اقسموا لنا ، فأبت وكان بينهم في ذلك كلام فأنزل
الله {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات
بينكم} فكان صلاح ذان بينهم أن ردوا الذي كانوا أعطوا ما كانوا أخذوا
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في
"سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله
والرسول} قال الأنفال : المغانم كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة
ليس لأحد منها شيء ما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به فمن حبس منه
إبرة أو سلكا فهو غلول ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم
منها شيئأ ، فأنزل الله {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال} لي جعلتها لرسولي
ليس لكم منه شيء {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} إلى قوله {إن كنتم
مؤمنين} ثم أنزل الله (واعلموا أنما غنمتم من شيء) (الأنفال الآية 41)
الآية ، ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله ولذي القربى واليتامى والمساكين
والمهاجرين في سبيل الله وجعل أربعة أخماس الناس فيه سواء ، لفرس سهمان
ولصاحبه سهم وللراجل سهم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس
في قوله {يسألونك عن الأنفال} قال : هي الغنائم ثم نسخها (واعلموا أنما
غنمتم من شيء) (الأنفال الآية 41) الآية.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة
وأبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والنحاس ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن القاسم بن محمد قال : سمعت
رجلا يسأل ابن عباس عن الأنفال فقال : الفرس من
النفل والسلب من
النفل فأعاد المسئلة فقال ابن عباس : ذلك أيضا ثم قال الرجل : الأنفال
التي قال الله في كتابهما ما هي فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه فقال ابن
عباس : هذا
مثل صبيغ الذي ضربه عمر ، وفي لفظ : فقال : ما أحوجك إلى من
يضربك كما فعل عمر بصبيغ العراقي وكان عمر ضربه حتى سالت الدماء على عقبيه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : الأنفال : المغانم أمروا أن يصلحوا ذات بينهم فيها فيرد القوي على الضعيف.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والنحاس ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن عطاء
في قوله {يسألونك عن الأنفال} هو ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير
قتال من عبد أو دابة أو متاع فذلك للنبي يصنع به ما شاء.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن محمد بن عمرو قال : أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن الأنفال فقال : تسألوني عن
الأنفال وأنه لا نفل بعد رسول الله.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن المسيب أن النَّبِيّ لم يكن ينفل إلا من الخمس.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن المسيب قال : ما كانوا ينفلون إلا الخمس.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن المسيب قال : لا نفل في غنائم المسلمين إلا في خمس الخمس.
وأخرج عبد الرزاق عن أنس ، أن أميرا من الأمراء أراد أن ينفله قبل أن يخمسه فأبى أنس أن يقبله حتى يخمسه.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : هي في قراءة ابن مسعود يسئلونك الأنفال.
وأخرج ابن مردويه من طريق شقيق عن ابن مسعود أنه قرأ / {يسئلونك عن الأنفال > /
وأخرج
أبو الشيخ عن السدي {يسألونك عن الأنفال} قال : الفيء ما أصيب من أموال
المشركين مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو للنبي صلى الله عليه وسلم
خاصة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله {يسألونك عن الأنفال} قال : ما أصابت السرايا.
وأخرج ابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن مجاهد وعكرمة قالا :
كانت الأنفال لله والرسول حتى نسخها آية الخمس (واعلموا أنما غنمتم من شيء) (الأنفال الآية 41) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الأعمش قال : كان أصحاب عبد الله يقرؤنها يسئلونك الأنفال.
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عباس في قوله {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} قال : هذا
تحريج من الله على المؤمنين أن يتقوا الله وأن يصلحوا ذات بينهم حيث
اختلفوا في الأنفال
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وأصلحوا ذات بينكم} قال : لا تستبوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : كان صلاح ذات بينهم أن ردت الغنائم فقسمت بين من ثبت عند رسول الله وبين من قاتل وغنم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {وأطيعوا الله ورسوله} قال : طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة.
وأخرج
أبو يعلى وأبو الشيخ والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أنس قال بينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر : ما
أضحكك يا رسول الله قال : رجلا جثيا من أمتي بين يدي رب العزة فقال أحدهما
: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي ، قال الله : أعط أخاك مظلمته ، قال : يا رب
لم يبق من حسناتي شيء ، قال : يا رب يحمل عني من أوزاري ، وفاضت عينا رسول
الله بالبكاء ثم قال : إن ذلك ليوم عظيم يوم تحتاج الناس إلى أن يتحمل
عنهم من أوزارهم ، فقال الله للطالب : ارفع بصرك فانظر في الجنان فرفع
رأسه فقال : يا رب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي
هذا لأي صديق هذا لأي شهيد هذا قال : هذا لمن أعطى الثمن قال : يا رب من
يملك ثمنه قال : أنت ، قال : بماذا قال : بعفوك عن أخيك ، قال : يا رب قد
عفوت عنه ، قال : خذ بيد أخيك فأدخله الجنة ثم قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : اتقوا الله وأصلحوا ذات
بينكم فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب قالت : قال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم أخبرك أن الله تبارك وتعالى وتقدس يجمع الأولين والآخرين
يوم القيامة في صعيد واحد فمن يدري أي الطرفين فقالت : الله ورسوله أعلم ،
ثم ينادي مناد من تحت العرش يا أهل التوحيد ، فيشرئبون ثم ينادي : يا أهل
التوحيد ، ثم ينادي الثالثة إن الله قد عفا عنكم فيقوم الناس قد تعلق
بعضهم ببعض في ظلامات الدنيا ثم ينادي : يا أهل التوحيد يعفو بعضكم عن بعض
وعلى الله الثواب.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة نادى مناد : يا أهل التوحيد إن الله
قد عفا عنكم فليعف بعضكم عن بعض وعلي الثواب.
الآية 2.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال : فرقت قلوبهم
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إنما المؤمنون الذين إذا
ذكر الله وجلت قلوبهم} قال : المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله
عند أدأء فرائضه ولا يؤمنون بشيء من آيات الله ولا يتوكلون على الله ولا
يصلون إذا غابوا ولا يؤدون زكاة أموالهم فأخبر الله أنهم ليسوا بمؤمنين ثم
وصف المؤمنين فقال {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} فأدوا
فرائضه.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ من طريق شهر
بن حوشب عن أبي الدرداء قال : إنما الوجل في القلب كاحتراق السعفة يا شهر
أما تجد قشعريرة قلت : بلى ، قال : فادع عندها فإن الدعاء يستجاب عند ذلك.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عائشة قال : ما الوجل في قلب المؤمن إلا كضرمة السعفة فإذا وجد أحدكم فليدع عند ذلك.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ثابت البناني قال : قال فلان : إني لأعلم متى
يستجاب لي ، قالوا : ومن أين يعلم ذاك قال : إذا اقشعر جلدي ووجل
قلبي وفاضت عيناي فذاك حين يستجاب لي.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن السدي في قوله {إنما
المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال : هو الرجل يريد أن يظلم أو
يهم بمعصية فيقال له : اتق الله ، فيجل قلبه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زادتهم إيمانا} قال : تصديقا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله {زادتهم إيمانا} قال : زادتهم خشية.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {زادتهم إيمانا} قال : الإيمان يزيد وينقص وهو قول وعمل.
وأخرج
أبو الشيخ عن سفيان بن عيينة قال : نطق القرآن بزيادة الإيمان ونقصانه
قوله {زادتهم إيمانا} فهذه زيادة الإيمان وقوله : (فزادتهم رجسا إلى
رجسهم) فهذا نقصان الايمان.
وَأخرَج ابن سعد عن عمير بن حبيب بن حباشة الصحابي قال : إن الإيمان
يزيد وينقص . فقيل له : وما زيادته وما نقصانه ؟ قال : إذا ذكرنا الله وخشيناه فذلك زيادته . وإذا غفلنا ونيسنا وضيعنا فذلك نقصانه.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال : لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح إيمان أبي بكر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعلى ربهم يتوكلون} يقول : لا يرجون غيره.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي
في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير قال : التوكل على الله جماع الإيمان.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : التوكل جماع الإيمان.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : التوكل على الله نصف الإيمان
الآيات 3 – 4
أخرج
أبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : إن الإيمان في كتاب الله صار إلى العمل
فقال {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم
آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} ثم صيرهم إلى العمل فقال {الذين
يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أولئك هم المؤمنون حقا} قال : برئوا من الكفر.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {أولئك هم المؤمنون حقا} قال : خالصا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {أولئك هم المؤمنون حقا} قال : استحقوا الإيمان بحق فأحقه الله لهم.
وأخرج
ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن الضريس عن أبي سنان قال : سئل عمرو بن مرة
عن قوله {أولئك هم المؤمنون حقا} قال : إنما نزل القرآن بلسان العرب كقولك
: فلان سيد حقا وفي القوم سادة وفلان شاعر حقا وفي القوم شعراء
وأخرج
أبو الشيخ عن أبي روق في قوله {أولئك هم المؤمنون حقا} قال : كان قوم
يسرون الكفر ويظهرون الإيمان وقوم يسرون الإيمان ويظهرونه فأراد الله أن
يميز بين هؤلاء وهؤلاء فقال {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت
قلوبهم} حتى انتهى إلى قوله {أولئك هم المؤمنون حقا} الذين يسرون الإيمان
ويظهرونه لا هؤلاء الذين يسرون الكفر ويظهرون الإيمان.
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن مرة في قوله {أولئك هم المؤمنون حقا} قال : فضل بعضهم على بعض وكل مؤمنون.
وأخرج
الطبراني عن الحارث بن مالك الأنصاري ، أنه مر برسول الله فقال له كيف
أصبحت يا حارث قال : أصبحت مؤمنا حقا ، قال : انظر ما تقول فإن لكل شيء
حقيقة فما حقيقة إيمانك فقال : عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت
نهاري وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وكأني أنظر إلى أهل النار
يتضاغون فيها ، قال : يا حارث عرفت فالزم ثلاثا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {لهم درجات} يعني فضائل ورحمة
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {لهم درجات عند ربهم} قال : أعمال رفيعة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {لهم درجات} قال : أهل
الجنة بعضهم فوق بعض فيرى الذي هو فوق فضله على الذي هو أسفل منه ولا يرى
الذي هو أسفل أنه فضل عليه أحد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله ومغفرة قال : بترك الذنوب {ورزق كريم} قال الأعمال الصالحة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا سمعت الله يقول {ورزق كريم} فهي الجنة.
الآيات 5 - 6.
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي
أيوب الأنصاري قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة
وبلغه أن عير أبي سفيان قد أقبلت فقال ما ترون فيها لعل الله يغنمناها
ويسلمنا فخرجنا فلما سرنا يوما أو يومين أمرنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن نتعاد ففعلنا فإذا نحن ثلثمائة وثلاثة عشر
رجلا فأخبرنا
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعدتنا فسر بذلك وحمد الله وقال : عدة أصحاب
طالوت ، فقال : ما ترون في القوم فإنهم قد أخبروا بمخرجكم فقلنا : يا رسول
الله لا والله ما لنا طاقة بقتال القوم إنما خرجنا للعير ثم قال : ما ترون
في قتال القوم فقلنا مثل ذلك فقال المقداد : لا تقولوا كما قال أصحاب موسى
لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) (المائدة الآية 24) فأنزل
الله {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون} إلى
قوله {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم} فلما
وعدنا الله إحدى
الطائفتين - إما القوم وإما العير - طابت أنفسنا ثم إنا اجتمعنا مع القوم
فصففنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أنشدك وعدك ، فقال
ابن رواحة : يا رسول الله إني أريد أن أشير عليك - ورسول الله أفضل من أن
نشير عليه - إن الله أجل وأعظم من أن تنشده وعده ، فقال : يا ابن رواحة
لأنشدن الله وعده فإن الله لا يخلف الميعاد فأخذ قبضة من التراب فرمى بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه القوم فانهزموا فأنزل الله (وما
رميت إذ رميت ولكن الله رمى) (الأنفال الآية 17) فقتلنا وأسرنا ، فقال عمر
: يا رسول الله ما أرى أن تكون لك أسرى فإنما نحن داعون مؤلفون فقلنا معشر
الأنصار : إنما يحمل عمر على ما قال حسد لنا ، فنام رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثم استيقظ ثم قال : ادعو لي عمر فدعي له فقال
له : إن الله قد أنزل علي (ما كان لنبي أن تكون له أسرى) (الأنفال الآية 56) الآية.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن مردويه عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص
الليثي عن أبيه عن جده قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر حتى
إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال : كيف ترون فقال أبو بكر : يا رسول الله
بلغنا أنهم كذا وكذا ثم خطب الناس فقال : كيف ترون فقال عمر مثل قول أبي
بكر ثم خطب الناس فقال : كيف ترون فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله إيانا
تريد ، فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم ولئن
سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك ولا نكونن كالذين قالوا
لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) (المائدة الآية 24) ولكن
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون ولعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله
إليك غيره فانظر الذي أحدث الله إليك فامض له فصل حبال من شئت واقطع حبال
من شئت وعاد من شئت وسالم من شئت وخذ من أموالنا ما شئت ، فنزل القرآن على
قول سعد {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} إلى قوله {ويقطع دابر الكافرين}
وإنما
رسول الله يريد غنيمة مع أبي سفيان فأحدث الله إليه القتال.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن مجاهد في قوله {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} قال : كذلك أخرجك ربك إلى قوله {يجادلونك في الحق} قال : القتال.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق}
قال : خروج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى بدر {وإن فريقا من المؤمنين
لكارهون} قال : لطلب المشركين {يجادلونك في الحق بعد ما تبين} أنك لا تصنع
إلا ما أمرك الله به {كأنما يساقون إلى الموت} حين قيل هم المشركون.
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس قال : لما شاور النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في
لقاء العدو وقال له سعد بن عباة ما قال وذلك يوم بدر أمر الناس فتعبوا
للقتال وأمرهم بالشوكة فكره ذلك أهل الإيمان فأنزل الله {كما أخرجك ربك من
بيتك بالحق} إلى قوله {وهم ينظرون} أي كراهية لقاء المشركين.
وأخرج البزار ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن
عبد
الرحمن بن عوف قال : نزل الإسلام بالكره والشدة فوجدنا خير الخير في الكره
خرجنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من مكة فأسكننا سبخة بين ظهراني
حرة فجعل الله لنا في ذلك العلا والظفر وخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى بدر على الحال التي ذكر الله {وإن فريقا من المؤمنين لكارهون}
إلى قوله {وهم ينظرون} فجعل الله لنا في ذلك العلا والظفر فوجدنا خير
الخير في الكره.
وأخرج ابن جرير عن الزبيري قال : كان رجل من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر {كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون}
خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العير.
الآية 7 - 8.
أَخرَج
البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب وموسى بن عقبة قالا مكث رسول الله صلى
الله عليه وسلم بعد قتل ابن الحضرمي شهرين ثم أقبل أبو سفيان بن حرب في
عير لقريش من الشام ومعها سبعون راكبا من بطون قريش كلها وفيهم مخرمة بن
نوفل وعمرو بن
العاص وكانوا تجارا بالشام ومعهم خزائن أهل مكة ويقال :
كانت عيرهم ألف بعير ولم يكن لأحد من قريش أوقية فما فوقها إلا بعث بها مع
أبي سفيان إلا حويطب بن عبد العزى فلذلك كان تخلف عن بدر فلم يشهده فذكروا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقد كانت الحرب بينهم
قبل ذلك وقتل ابن الحضرمي وأسر الرجلين عثمان والحكم فلما ذكرت عير أبي سفيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عدي بن أبي الزغباء الأنصاري من بني غنم وأصله من جهينة وبسبس - يعني ابن عمرو - إلى العير عينا له فسارا حتى أتيا حيا من جهينة قريبا من ساحل البحر فسألوهم عن العير وعن تجار قريش فأخبروهما بخبر القوم فرجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فاستنفر المسلمين للعير وذلك في رمضان ، وقدم أبو سفيان على الجهنيين وهو متخوف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال : أحسوا من محمد فأخبروه خبر الراكبين عدي بن أبي الزغباء وبسبس وأشاروا له إلى مناخهما فقال أبو سفيان : خذوا من بعر بعيرهما ففته فوجد فيه النوى فقال : هذه علائف أهل يثرب وهذه عيون محمد وأصحابه فساروا سراعا خائفين للطلب وبعث أبو سفيان رجلا من بني غفار يقال له ضمضم بن عمرو إلى قريش أن انفروا فاحموا عيركم من محمد وأصحابه فإنه قد استنفر أصحابه ليعرضوا لنا وكانت عاتكة بنت عبد المطلب ساكنة بمكة وهي عمة رسول الله وكانت مع أخيها العباس بن عبد المطلب فرأت رؤيا قبل بدر وقبل قدوم ضمضم عليهم ففزعت منها فأرسلت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب من ليلتها فجاءها العباس فقالت : رأيت الليلة رؤيا قد أشفقت منها وخشيت على قومك منها الهلكة ، قال : وماذا رأيت قالت : لن أحدثك
حتى تعاهدني أنك لا
تذكرها فإنهم إن سمعوها آذونا وأسمعونا ما لا نحب فلما عاهدها العباس
فقالت : رأيت راكبا أقبل من أعلى مكة على راحلته يصيح بأعلى صوته : يا آل
غدر اخرجوا في ليلتين أو ثلاث فأقبل يصيح حتى دخل المسجد على راحلته فصاح
ثلاث صيحات ومال عليه الرجال والنساء والصبيان وفزع له الناس أشد الفزع
قال : ثم أراه مثل على ظهر الكعبة على راحلته فصاح ثلاث صيحات فقال : يا
آل غدر ويا آل فجر اخرجوا في ليلتين أو ثلاث ثم أراه مثل على ظهر أبي قبيس
كذلك يقول : يا آل غدر ويا آل فجر حتى أسمع من بين الأخشبين من أهل مكة ثم
عمد إلى صخرة فنزعها من
أصلها ثم أرسلها على أهل مكة فأقبلت الصخرة لها
حس شديد حتى إذا كانت عند أصل الجبل ارفضت فلا أعلم بمكة دارا ولا بيتا
إلا وقد دخلتها فلقة من تلك الصخرة فقد خشيت على قومك ، ففزع العباس من
رؤياها ثم خرج من عندها فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة من آخر تلك الليلة -
وكان الوليد خليلا للعباس - فقص عليه رؤيا عاتكة وأمره أن لا يذكرها لأحد
فذكرها الوليد لأبيه عتبة وذكرها عتبة لأخيه شيبة فارتفع الحديث حتى بلغ أبا جهل بن هشام واستفاض في أهل مكة فلما أصبحوا غدا العباس يطوف بالبيت فوجد في المسجد أبا جهل وعتبة وشيبة بن ربيعة وأمية وأبي بن خلف وزمعة بن الأسود وأبا البختري في نفر من قريش يتحدثون فلما نظروا إلى العباس ناداه أبو جهل : يا أبا الفضل إذا قضيت طوافك فهلم إلينا فلما قضى طوافه جاء فجلس إليهم فقال له أبو جهل : ما رؤيا رأتها عاتكة فقال : ما رأت من شيء ، فقال أبو جهل : أما رضيتم يا بني هاشم كذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء إنا وإياكم كفرسي رهان فاستبقنا المجد منذ حين فلما تحاكت الركب قلتم منا نبي فما بقي إلا أن تقولوا منا نبية فنا أعلم في قريش أهل بيت أكذب امرأة ولا رجل منكم وأذاه أشد الأذى وقال أبو جهل : زعمت عاتكة أن الراكب قال : اخرجوا في ليلتين أو ثلاث فلو قد مضت هذه الثلاث تبينت قريش كذبكم وكتبت سجلا أنكم أكذب أهل بيت في العرب رجلا وامرأة أما رضيتم يا بني قصي إن ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء والوفادة حتى جئتمونا بنبي منكم فقال العباس : هل أنت منته فإن
الكذب منك ومن أهل بيتك فقال من
حضرهما : ما كنت يا أبا الفضل جهولا خرقا ، ولقي العباس من عاتكة فيما
أفشى عليها من رؤياها أذى شديدا ، فلما كان مساء الليلة التي رأت عاتكة
فيها الرؤيا جاءهم الراكب الذي بعث أبو سفيان وهو ضمضم بن عمرو الغفاري
فصاح وقال : يا آل غالب بن فهر انفروا فقد خرج محمد وأهل يثرب يعترضون
لأبي سفيان فاحرزوا عيركم ففزعت قريش أشد الفزع وأشفقوا من رؤيا عاتكة
وقال العباس : هذا زعمتم كذا وكذب عاتكة فنفروا على كل صعب وذلول وقال أبو
جهل : أيظن محمد أن يصيب مثل ما أصاب بنخلة سيعلم أنمنع عيرنا أم لا ،
فخرجوا بخمسين وتسعمائة مقاتل وساقوا
مائة فرس ولم يتركوا كارها للخروج
يظنون أنه في قهر محمد وأصحابه ولا مسلما يعلمون إسلامه ولا أحدا من بني
هاشم إلا من لا يتهمون إلا أشخصوه معهم فكان ممن أشخصوا العباس
بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث وطالب بن أبي طالب وعقيل بن أبي طالب في آخرين فهنالك يقول طالب بن أبي طالب : إما يخرجن طالب * بمقنب من هذه المقانب في نفر مقاتل يحارب * وليكن المسلوب غير السالب والراجع المغلوب غير الغالب فساروا حتى نزلوا الجحفة نزلوها عشاء يتزودون من الماء ومنهم رجل من بني عبد المطلب بن عبد مناف يقال له جهيم بن الصلت بن مخرمة فوضع حهيم رأسه فأغفى ثم فزع فقال لأصحابه : هل رأيتم الفارس الذي وقف علي آنفا فقالوا : لا إنك مجنون ، فقال : قد وقف علي فارس آنفا فقال : قتل أبو جهل وعتبة وشيبة وزمعة وأبو البختري وأمية بن خلف فعد أشرافا من كفار قريش ، فقال له أصحابه : إنما لعب بك الشيطان ورفع حديث جهيم
إلى أبي جهل فقال : قد جئتم بكذب بني المطلب مع كذب بني هاشم سيرون غدا من يقتل ، ثم ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم عير قريش جاءت من الشام وفيها أبو سفيان بن حري ومخرمة بن نوفل وعمرو بن العاصي وجماعة من قريش فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلك حين خرج إلى بدر على نقب بني دينار ورجع حين رجع من ثنية الوداع فنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نفر ومعه ثلثمائة وسبعة عشر رجلا وفي رواية ابن فليح : ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا وأبطأ عنه كثير من أصحابه وتربصوا وكانت أول وقعة أعز الله فيها الإسلام فخرج في رمضان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدمه المدينة ومعه المسلمون لا يريدون إلا العير فسلك على نقب بني دينار والمسلمون غير معدين من الظهر إنما خرجوا على النواضح يعتقب الرجل منهم على البعير الواحد وكان زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ومرثد بن أبي
مرثد الغنوي
حليف حمزة فهم معه ليس مهعهم إلا بعير واحد فساروا حتى إذا كانوا بعرق
الظبية لقيهم راكب من قبل تهامة - والمسلمون يسيرون - فوافقه نفر من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن أبي سفيان فقال : لا علم لي به ،
فلما يئسوا من خبره فقالوا له : سلم على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقال : وفيكم رسول الله
صلى الله عليه وسلم قالوا : نعم ، قال : أيكم
هو فأشاروا له إليه فقال الأعرابي : أنت رسول الله كما تقول قال : نعم ،
قال : إن كنت رسول الله كما تزعم فحدثني بما في بطن ناقتي هذه فغضب رجل من
الأنصارمن بني عبد الأشهل يقال له سلمة بن سلامة بن وقش فقال للأعرابي :
وقعت على ناقتك فحملت منك ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال
سلمة حين سمعه أفحش فأعرض عنه ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يلقاه خبر ولا يعلم بنفرة قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أشيروا علينا في أمرنا ومسيرنا فقال أبو بكر : يا رسول اله أنا أعلم الناس
بمسافة الأرض أخبرنا عدي بن أبي الزغباء أن العير كانت بوادي كذا وكذا
فكانا وإياهم فرسخان إلى بدر ، ثم قال : أشيروا علي فقال عمر بن الخطاب :
يا رسول الله إنها قريش وعزها والله ما ذلت منذ عزت ولا آمنت منذ كفرت
والله لتقاتلنك فتأهب لذلك أهبته وأعدد له عدته ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أشيروا علي فقال المقداد بن عمرو : إنا لا نقول لك كما قال
أصحاب موسى (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) (المائدة الآية 24)
ولكن
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون ، فقال رسول الله : أشيروا علي فلما
رأى سعد بن معاذ كثرة استشارة النَّبِيّ أصحابه فيشيرون فيرجع إلى المشورة
ظن سعد أنه يستنطق الأنصار شفقا أن لا يستحوذوا معه على ما يريد من أمره
فقال سعد بن معاذ لعلك يا رسول الله تخشى أن لا تكون الأنصار يريدون
مواساتك ولا يرونها حقا عليهم إلا بأن يروا عدوا في بيوتهم وأولادهم
ونسائهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم : يا رسول الله فاظعن حيث شئت
وخذ من أموالنا ما شئت ثم أعطنا ما شئت وما أخذته منا أحب إلينا مما تركت
وما ائتمرت من أمر فأمرنا بأمرك فيه تبع فوالله لو سرت حتى تبلغ البركة من
ذي يمن لسرنا معك ، فلما قال ذلك سعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
سيروا على اسم الله فإني قد رأيت مصارع القوم فعمد لبدر ، وخفض أبو سفيان
فلصق بساحل البحر وكتب إلى قريش حين خالف مسير رسول الله صلى الله عليه
وسلم ورأى أن قد أحرز ما معه وأمرهم أن يرجعوا فإنما أخرجتم لتحرزوا ركبكم
فقد أحرز لكم فلقيهم هذا الخبر بالجحفة ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع
حتى
نقدم بدرا فنقيم فيها ونطعم من حضرنا من العرب فإنه لن يرانا أحد فيقاتلنا
، فكره ذلك الأخنس بن شريق فأحب أن يرجعوا وأشار عليهم بالرجعة فأبوا
وعصوا وأخذتهم حمية الجاهلية فلما يئس الأخنس من رجوع قريش أكب على بني
زهرة فأطاعوه فرجعوا فلم يشهد
أحد منهم بدرا واغتبطوا برأي الأخنس وتبركوا به فلم يزل فيهم مطاعا حتى مات وأرادت بنو هاشم الرجوع فيمن رجع فاشتد عليهم أبو جهل وقال : والله لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل أدنى شيء من بدر ثم بعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وبسبسا الأنصاري في عصابة من أصحابه فقال لهم : اندفعوا إلى هذه الظراب وهي في ناحية بدر فإني أرجو أن تجدوا الخبر عند القليب الذي يعلى الظراب فانطلقوا متوشحي السيوف فوجدوا وارد قريش عند القليب الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا غلامين أحدهما لبني الحجاج بن الأسود والآخر لأبي العاصي يقال له أسلم وأفلت أصحابهما قبل قريش فأقبلوا بهما حتى أتوا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في معرشة دون الماء فجعلوا يسألون العبدين عن أبي سفيان وأصحابه لا يرون إلا أنهم لهم فطفقا يحدثانهم عن قريش ومن خرج منهم وعن رؤوسهم فيكذبونهما وهم أكره شيء للذي يخبرانه وكانوا يطمعون بأبي سفيان وأصحابه ويكرهون قريشا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي يسمع ويرى الذي يصنعون بالعبدين فجعل العبدان إذا أذلقوهما بالضرب يقولان نعم هذا أبو سفيان (والركب) كما قال الله تعالى (أسفل منكم) قال الله (إذ أنتم
بالعدوة
الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في
الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا) (الأنفال الآية 42) قال فطفقوا
إذا قال العبد إن هذه قريش قد جاءتكم كذبوهما وإذا قالا هذا أبو سفيان
تركوهما ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صنيعهم بهما سلم من
صلاته وقال : ماذا أخبراكم قالوا : أخبرانا أن قريشا قد جاءت ، قال :
فإنهما قد صدقا والله إنكم لتضربونهما إذا صدقا وتتركونهما إذا كذبا خرجت
قريش لتحرز ركبها وخافوكم عليهم ثم دعا رسول الله العبدين فسألهما فأخبراه
بقريش وقالا : لا علم لنا بأبي سفيان.
فسألهما رسول الله صلى الله عليه
وسلم كم القوم قالا : لا ندري والله هم كثير ، فزعموا أن رسول الله قال :
من أطعمهم أمس فسميا رجلا من القوم ، قال : كم نحر لهم قالا : عشر جزائر ،
قال : فمن أطعمهم أول أمس فسميا رجلا آخر من القوم ، قال : كم نحر لهم
قالا : تسعا ، فزعموا أن رسول الله قال : القوم ما بين التسعمائة والألف
يعتبر ذلك بتسع جزائر ينحرونها يوما وعشر ينحرونها يوما ، فقام رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : أشيروا علي في المسير فقام الحباب بن المنذر
أحد بني سلمة فقال : يا رسول الله أنا عالم بها وبقلبها إن رأيت أن تسير
إلى قليب منها قد عرفتها كثيرة الماء عذبة فتنزل إليها ونسبق القوم إليها
ونغور ما سواها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيروا فإن الله قد
وعدكم إحدى الطائفتين أنها لكم فوقع
في قلوب ناس كثير الخوف وكان فيهم من تخاذل من تخويف الشيطان فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مسابقين إلى الماء وسار المشركون سراعا يريدون الماء فأنزل الله عليهم في تلك الليلة مطرا واحدا فكان على المشركين بلاء شديدا منعهم أن يسيروا وكان على المسلمين ديمة خفيفة لبد لهم المسير والمنزل وكانت بطحاء فسبق المسلمون إلى الماء فنزلوا عليه شطر الليل فاقتحم القوم في القليب فما حوها حتى كثر ماؤها وصنعوا حوضا عظيما ثم غوروا ما سواه من المياه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه مصارعهم إن شاء الله بالغداة ، وأنزل الله (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام) (الأنفال الآية 11) ، ثم صف رسول الله على الحياض فلما طلع المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم إني أسألك ما وعدتني - ورسول الله صلى الله عليه وسلم ممسك بعضد أبي بكر يقول : اللهم إني أسألك ما وعدتني - فقال أبو بكر : أبشر فوالذي نفسي بيده لنيجزن الله لك ما وعدك ، فاستنصر المسلمون الله واستعانوه فاستجاب الله لنبيه وللمسلمين وأقبل المشكون ومعهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي
يحدثهم أن بني كنانة وراءهم قد أقبلوا لنصرهم وأنه لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم لما
أخبرهم
من مسير بني كنانة وأنزل الله (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا
ورئاء الناس) (الأنفال الآية 47) هذه الآية والتي بعدها ، وقال رجال من
المشركين لما رأوا قلة من مع محمد صلى الله عليه وسلم : غر هؤلاء دينهم ،
فأنزل الله (ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم) (الطلاق الآية 3) ،
وأقبل المشركون حتى نزلوا وتعبوا للقتال والشيطان معهم لا يفارقهم فسعى
حكيم بن حزام إلى عتبة بن ربيعة فقال له : هل لك أن تكون سيد قريش ما عشت
قال عتبة فأفعل ماذا قال : تجير بين الناس وتحمل دم ابن الحضرمي وبما أصاب
محمد من تلك العير فإنهم لا يطلبون من محمد غير هذه العير ودم هذا الرجل ،
قال عتبة : نعم قد فعلت ونعما قلت ونعما دعوت إليه فاسع في عشيرتك فأنا
أتحمل بها ، فسعى حكيم في أشراف قريش بذلك يدعوهم فيه وركب عتبة جملا له
فسار عليه في صفوف المشركين في أصحابه فقال : يا قوم أطيعوني فإنكم لا
تطلبون عندهم غير دم ابن الحضرمي وما أصابوا من عيركم تلك وأنا أتحمل
بوفاء ذلك ودعوا هذا الرجل فإن كان كاذبا ولي قتله غيركم من العرب فإن
فيهم رجالا لكم فيهم قرابة قريبة وإنكم إن تقتلوهم لا يزال الرجل منكم
ينظر إلى قاتل أبيه وأخيه أو ابن أخيه أو ابن عمه فيورث ذلك فيهم احنا
وضغائن وإن كان هذا الرجل ملكا كنتم في ملك أخيكم وإن كان نبيا لم تقتلون
النَّبِيّ فتيسئوا به
ولن تخلصوا إليهم حتى يصيبوا أعدادهم ولا آمن
أن يكون لكم الدبرة عليهم فحسده أبو جهل على مقالته وأبى الله إلا أن ينفذ
أمره وعمد أبو جهل إلى ابن الحضرمي - وهو أخو المقتول - فقال : هذا عتبة
يخذل بين الناس وقد تحمل بدية أخيك يزعم أنك قابلها أفلا تسحيون من ذلك أن
تقبلوا الدية فزعموا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال وهو ينظر إلى
عتبة : إن يكن عند أحد من القوم خير فهو عند صاحب الجمل الأحمر وإن يطيعوه
يرشدوا ، فلما حرض أبو جهل قريشا على القتال أمر النساء يعولن عمر ، فقمن
يصحن : واعمراه واعمراه ، تحريضا على القتال فاجتمعت قريش على القتال فقال
عتبة لأبي جهل : سيعلم اليوم أي الأمرين أرشد ، وأخذت قريش مصاف هذا القتال
وقالوا
لعمير بن وهب : اركب فاحذر محمدا وأصحابه ، فقعد عمير على فرسه فأطاف
برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم رجع إلى المشركين فقال : حذرتهم
بثلثمائة مقاتل زادوا شيئا أو نقصوا شيئا وحذرت سبعين بعيرا ونحو ذلك ولكن
أنظروني حتى أنظر هل لهم مدد أو كمين فأطاف حولهم وبعثوا خيلهم معه
فأطافوا حولهم ثم رجعوا فقالوا : لا مدد لهم ولا كمين وإنما هم أكلة جزور
وقالوا لعمير حرش بين القوم فحمل عمير على الصف بمائة فارس ، واضطجع رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه : لا تقاتلوا حتى أؤذنكم وغشيه نوم
فغلبه فلما نظر بعض القوم إلى بعض جعل أبو بكر يقول : يا رسول الله قد دنا
القوم ونالوا منا ، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراه الله إياهم في منامه قليلا وقلل المسلمين في أعين المشركين حتى طمع بعض القوم في بعض ولو أراه عددا كثيرا لفشلوا وتنازعوا في الأمر كما قال الله وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فوعظهم وأخبرهم أن الله قد أوجب الجنة لمن استشهد اليوم ، فقام عمير بن الحمام من عجين كان يعجنه لأصحابه حين سمع قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي الجنة إن قتلت قال : نعم ، فشد على أعداء الله مكانه فاستشهد وكان أول قتيل قتل ثم أقبل الأسود بن عبد الأسد المخزومي يحلف بآلهته ليشربن من الحوض الذي صنع محمد وليهدمنه فلما دنا من الحوض لقيه حمزة بن عبد المطلب فضرب رجله فقطعها فأقبل يحبو حتى وقع في جوف الحوض وأتبعه حمزة حتى قتله ثم نزل عتبة بن ربيعة عن جمله ونادى : هل من مبارز ولحقه أخوه شيبة والوليد ابنه فناديا يسألان المبارزة فقام إليهم ثلاثة من الأنصار فاستحيا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من ذلك فناداهم أن ارجعوا إلى مصافكم وليقم إليهم بنو عمهم ، فقام حمزة وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب فقتل حمزة عتبة وقتل عبيدة شيبة وقتل علي الوليد وضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة وعلي فحمل حتى توفي بالصفراء وعند ذلك
نذرت هند بنت
عتبة لتأكلن من كبد حمزة إن قدرت عليها فكان قتل هؤلاء النفر قبل إلتقاء
الجمعين ، وعج المسلمون إلى الله يسألونه النصر حين رأوا القتال قد نشب
ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى الله يسأله ما وعده ويسأله
النصر ويقول : اللهم إن ظهر على هذه العصابة ظهر الشرك ولم يقم لك دين
وأبو بكر يقول : يا رسول الله والذي نفسي
بيده لينصرنك الله وليبيضن
وجهك فأنزل الله جندا في أكناف العدو فقال رسول الله : قد أنزل الله نصره
: ونزلت الملائكة عليهم السلام أبشر يا أبا بكر فإني قد رأيت جبريل معتجرا
يقود فرسا بين السماء والأرض فلما هبط إلى الأرض جلس عليها فتغيب عني ساعة
ثم رأيت على شفته غبارا ، وقال أبو جهل : اللهم انصر خير الدينين اللهم
ديننا القديم ودين محمد الحديث ونكص الشيطان على عقبيه حين رأى الملائكة
عليهم السلام وتبرأ من نصرة أصحابه وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء
كفه من الحصباء فرمى بها وجوه المشركين فجعل الله تلك الحصباء عظيما شأنها
لم يترك من المشركين رجلا إلا ملأت عينيه والملائكة عليهم السلام يقتلونهم
ويأسرونهم ويجدون النفر كل رجل منهم مكبا على وجهه لا يدري أن يتوجه يعالج
التراب
ينزعه من عينيه ، ورجعت قريش إلى مكة منهزمين مغلوبين وأذل الله بوقعة بدر
رقاب المشركين والمنافقين فلم يبق بالمدينة منافق ولا يهودي إلا وهو خاضع
عنقه لوقعة بدر وكان ذلك يوم الفرقان يوم فرق الله بين الشرك والإيمان
وقالت اليهود تيقنا : أنه النَّبِيّ الذي نجد نعته في التوراة والله لا
يرفع راية بعد اليوم إلا ظهرت ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة فدخل من ثنية الوداع ونزل القرآن يعرفهم الله نعمته فيما كرهوا من
خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فقال {كما أخرجك ربك من بيتك
بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون} هذه الآية وثلاث آيات معها وقال
فيما استجاب للرسول للمؤمنين (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم) (الأنفال
الآية 9) الآية ، وأخرى معها وأنزل فيما غشيهم من النعاس (إذ يغشيكم
النعاس) (الأنفال الآية 11) الآية ، ثم أخبرهم بما أوحى إلى الملائكة من
نصرهم فقال (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم) (الأنفال الآية 12) الآية
والتي بعدها ، وأنزل في قتل المشركين والقبضة التي رمى بها رسول الله (فلم
تقلتوهم ولكن الله قتلهم) (الأنفال الآية 17) الآية والتي بعدها ، وأنزل
في استفتاحهم (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) (الأنفال الآية 19) ثم أنزل
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله في سبع آيات منها وأنزل في
منازلهم (إذ أنتم بالعدوة الدنيا) (الأنفال الآية 42) الآية والتي بعدها.
وأنزل فيما
تكلم
به من رأى قلة المسلمين (غر هؤلاء دينهم) (الأنفال الآية 49) الآية وأنزل
في قتلى المشركين ومن اتبعهم (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا) (الأنفال
الآية 50) الآية وثمان آيات معها.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما سمع رسول الله بأبي
سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال هذه عير قريش فيها أموالهم
فأخرجوا إليها لعل الله يتفلكموها ، فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم
وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله يلقي حربا وكان أبو سفيان حين دنا من
الحجاز يتجسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفا عن أمر الناس حتى
أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد استنفر لك
أصحابه فحذر من ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن
يأتي قريشا فليستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم
قد عرض لها في أصحابه فخرج سريعا إلى مكة وخرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم حتى بلغ واديا يقال له وجران فأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عن
عيرهم فاستشار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الناس فقام أبو بكر رضي الله
عنه فقال فأحسن ثم قام عمر رضي الله عنه فقال فأحسن ثم المقداد بن عمرو
رضي الله عنه فقال : يا رسول الله امض لم أمرك الله به فنحن معك والله لا
نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام (اذهب أنت وربك فقاتلا
إنا ههنا قاعدون) (المائدة الآية 24) ولكن اذهب أنت وربك
فقاتلا إنا
معكم مقاتلون فو الله الذي بعثك لئن سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك
من دونه حتى تبلغه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له
وقال له سعد بن معاذ رضي الله عنه : لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضنا
معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن يلقي منا عدونا غد إنا لصبر في
الحرب صدق في اللقاء لعل الله تعالى يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على
بركة الله تعالى ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد رضي الله
عنه ونشطه ذلك سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين
والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
{وإذ
يعدكم الله إحدى الطائفتين} قال أقبلت عير أهل مكة من الشام فبلغ أهل
المدينة ذلك فخرجوا ومعهم رسول الله يريد العير فبلغ أهل مكة ذلك فخرجوا
فأسرعوا السير إليها لكي لا يغلب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه فسبقت العير رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الله عز وجل وعدهم
إحدى الطائفتين وكانوا إن يلقوا العير أحب إليهم وأيسر شوكة وأخصر نفرا
فلما سبقت
العير وفاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين يريد القوم فكره القوم مسيرهم لشوكة القوم فنزل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والمسلمون بينهم وبين الماء رملة دعصة فأصاب المسلمين ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ فوسوس بينهم يوسوسهم تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون مجنبين وأمطر الله عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا فأذهب الله عنهم رجز الشيطان وأشف الرمل من إصابة المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم وأمد الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف من الملائكة عليهم السلام فكان جبريل عليه السلام في خمسمائة من الملائكة مجنبة وميكائيل في خمسمائة من الملائكة مجنبة وجاء إبليس في جند معه راية في صورة رجال من بني مدلج والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال الشيطان للمشركين (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم) (الأنفال الآية 48) فلما اصطف القوم قال أبو جهل : اللهم أولانا بالحق فانصره ، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال : يا رب إن تهلك هذه العصابة في الأرض فلن تعبد
في الأرض أبدا ، فقال له جبريل
: خذ قبضة من التراب فأرم به وجوههم فما من المشركين من أحد إلا أصاب
عينيه ومنخريه وفمه من تلك القبضة فولوا مدبرين وأقبل جبريل عليه السلام
فلما رآه إبليس وكانت يده في يد رجل من المشركين انتزع إبليس يده ثم ولى
مدبرا وشيعته فقال الرجل : يا يا سراقة أتزعم أنك لنا جار فقال : إني أرى
ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب فذلك حين رأى الملائكة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها
لكم} قال : الطائفتان إحداهما أبو سفيان أقبل بالعير من الشام والطائفة
الأخرى أبو جهل بن
هشام معه نفر من قريش فكره المسلمون الشوكة والقتال وأحبوا أن يلتقوا العير وأراد الله ما أراد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وتودون أن
غير ذات الشوكة تكون لكم} قال : هي عير أبي سفيان ود أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن العير كانت لهم وأن القتال صرف عنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ويقطع دابر الكافرين} أي يستأصلهم.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه وأبو
يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو
الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل لرسول الله
حين فرغ من بدر : عليك العير ليس دونها شيء فناداه العباس رضي الله عنه
وهو في وثاقه أسير : إنه لا يصلح لك ، قال : ولم قال : لأن الله إنما وعدك
إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك ، قال : صدقت.
الآية 10.
أَخْرَج
ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو عوانة ، وَابن حبان وأبو الشيخ ، وَابن
مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن عبد الله بن عباس رضي الله
عنهما قال
حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر
نظر النَّبِيّ إلى أصحابه وهم ثلثمائة رجل وبضعة عشر رجلا ونظر إلى
المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم مد
يده وجعل يهتف بربه : اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة
من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض ، فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل
القبلة حتى سقط رداؤه فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فألقاه على
منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه
سينجز لك ما وعدك فأنزل
الله تعالى {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني
ممدكم بألف من الملائكة مردفين} ، فلما كان يومئذ والتقوا هزم الله
المشركين فقتل منهم سبعون رجلا واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا
بكر وعمر وعليا رضي الله عنهم فقال أبو بكر : يا رسول الله هؤلاء بنو العم
والعشيرة وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على
الكفار وعسى الله أن يهديهم فيكونوا لنا عضدا ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ما ترى يا ابن الخطاب قلت :
ما رأى أبو بكر ولكني أرى أن تمكنني من فلان قريب لعمر فاضرب عنقه حتى يعلم الله تعالى أنه ليس في قلوبنا مودة للمشركين هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم ، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر رضي الله عنه ولم يهو ما قلت وأخذ منهم الفداء فلما كان من الغد قال عمر رضي الله عنه : فغدوت إلى النَّبِيّ وأبو بكر رضي الله عنه وهما يبكيان ، فقلت : يا يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : الذي عرض على أصحابك من أخذ الفداء قد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة الشجرة قريبة وأنزل الله تعالى (ما كان لنبي أن تكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) (الأنفال الآية 67) إلى قوله (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) من الفداء ثم أحل لهم الغنائم فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه ، فأنزل الله تعالى (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم) (آل عمران الآية 165) بأخذكم الفداء ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : بينما رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة
بالصوت
فوقه وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا
فنظر إليه فإذا هو قد خطم وشق وجهه كضربة السوط فأحضر ذلك أجمع فجاء
الأنصاري فحدث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صدقت ذاك من مدد
السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين.
وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه قال : نزل جبريل عليه السلام في ألف
من
الملائكة عن ميمنة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفيها أبو بكر رضي الله
عنه ونزل ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميسرة النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم وأنا في الميسرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة رضي الله عنه أن رسول الله قال يوم بدر : هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب.
وأخرج
سنيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : ما أمد
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذه الألف التي ذكر الله تعالى في
الأنفال وما ذكر الثلاثة آلاف أو الخمسة آلاف إلا بشرى ثم أمدوا بالألف ما
أمدوا بأكثر منه
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري عن رفاعة بن رافع
الزرقي رضي الله عنه وكان من أهل بدر قال : جاء جبريل إلى النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم قال من أفضل المسلمين أو
كلمة نحوها ، قال : وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.
وأخرج أبو الشيخ عن
عطية بن قيس رضي الله عنه قال : وقف جبريل عليه السلام على فرس أخضر أنثى
قد علاه الغبار وبيد جبريل عليه السلام رمح وعليه درع فقال : يا محمد إن
الله بعثني إليك فأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى فهل رضيت فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : نعم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
{مردفين} يقال : المدد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {مردفين} يقال : المدد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !
{مردفين} قال : وراء كل ملك ملك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه قال : كان ألف مردفين وثلاثة آلاف منزلين فكانوا أربعة آلاف وهم مدد المسلمين في ثغورهم.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {مردفين} قال : ممدين.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {مردفين} قال :
متتابعين أمدهم الله تعالى بألف ثم بثلاثة ثم أكملهم خمسة آلاف
{وما
جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم} قال : يعني نزول الملائكة عليهم
السلام قال : وذكر لنا أن عمر رضي الله عنه قال : أما يوم بدر فلا نشك أن
الملائكة عليهم السلام كانوا معنا وأما بعد ذلك فالله أعلم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه {مردفين} قال : بعضهم على أثر بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما جعله الله إلا بشرى}
قال : إنما جعلهم الله يستبشر بهم.
الآية 11.
أَخرَج
أبو يعلى والبيهقي في الدلائل عن علي رضي الله عنه قال : ما كان فينا فارس
يوم بدر غير المقداد ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى
الله عليه وسلم يصلي تحت الشجرة حتى أصبح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن
شهاب رضي الله عنه في قوله {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه} قال : بلغنا أن
هذه الآية أنزلت في المؤمنين يوم بدر فيما أغشاهم الله من النعاس أمنة منه.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أمنة منه} قال : أمنا من الله.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (أمنه منه) . قال : رحمة منه أمنة من العدو .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : النعاس في الرأس والنوم في القلب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان النعاس أمنة من الله وكان النعاس نعاسين ، نعاس يوم بدر ونعاس يوم أحد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه في قوله {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} قال : طس كان يوم بدر.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وينزل عليكم من السماء ماء
ليطهركم به} قال : المطر : أنزله عليهم قبل النعاس فأطفأ بالمطر الغبار
والتبدت به الأرض وطابت به أنفسهم وثبتت به أقدامهم.
وأخرج ابن إسحاق ،
وَابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : بعث الله السماء
وكان الوادي دهسا وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها ما لبد
الأرض ولم يمنعهم المسير وأصاب قريشا ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه.
وأخرج
ابن المنذر وأبو الشيخ من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن
المشركين غلبوا المسلمين في أول أمرهم على الماء فظمئ المسلمون وصلوا
مجنبين محدثين فكانت بينهم رمال فألقى الشيطان في قلوبهم الحزن وقال :
أتزعمون أن فيكم نبيا وأنكم أولياء الله وتصلون مجنبين محدثين فأنزل الله
من السماء ماء فسال عليهم الوادي ماء فشرب المسلمون وتطهروا وثبتت أقدامهم
وذهبت وسوسته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {رجز الشيطان} قال : وسوسته.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وليربط على قلوبكم} قال : بالصبر {ويثبت
به الأقدام} قال : كان ببطن الوادي دهاس فلما مطر اشتد الرملة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ويثبت به الأقدام} قال : حتى يشتد على الرمل وهو وجه الأرض
وأخرج
ابن جرير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : كان رسول
الله يصلي تلك الليلة ليلة بدر ويقول : اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد
وأصابهم تلك الليلة مطر شديد فذلك قوله {ويثبت به الأقدام}.
الآيات 12 - 14
أخرج
ابن أبي حاتم أخبرنا أبو بدر عباد بن الوليد المغبري فيما كتب إلي قال :
سمعت أبا سعيد أحمد بن داود الحداد يقول : إنه لم يقل الله لشيء إنه معه
إلا للملائكة يوم بدر ، قال : إني معكم بالنصر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر.
وأخرج
أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : قال أبي : يا
بني لقد رأيتنا يوم بدر وإن أحدنا ليشير بسيفه إلى رأس المشرك فيقع رأسه
عن جسده قبل أن يصل إليه السيف.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : إن المشركين من قريش لما خرجوا لينصروا العير ويقاتلوا عليها
نزلوا على الماء يوم بدر فغلبوا المؤمنين عليه فأصاب
المؤمنين الظمأ
فجعلوا يصلون مجنبين ومحدثين فألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحزن فقال
لهم : أتزعمون أن فيكم النَّبِيّ وإنكم أولياء الله وقد غلبتم على الماء
وأنتم تصلون مجنبين ومحدثين حتى تعاظم ذلك في صدور أصحاب النَّبِيّ :
فأنزل الله من السماء ماء حتى سال الوادي فشرب المؤمنون وملأوا الأسقية
وسقوا الركاب واغتسلوا من الجنابة فجعل الله في ذلك طهورا وثبت أقدامهم
وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رملة فبعث الله المطر عليها فلبدها حتى
اشتدت وثبت عليها الأقدام ونفر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بجميع
المسلمين وهم يومئذ ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا منهم سبعون ومائتان من
الأنصار وسائرهم من المهاجرين وسيد المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة لكبر سنه
، فقال عتبة : يا معشر قريش إني لكم ناصح وعليكم مشفق لا أدخر النصيحة لكم
بعد اليوم وقد بلغتم الذي تريدون وقد نجا أبو سفيان فارجعوا وأنتم سالمون
فإن يكن محمد صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقه وإن يك كاذبا فأنتم أحق من حقن
دمه ، فالتفت إليه أبو جهل فشتمه وفج وجهه وقال له : قد امتلأت أحشاؤك
رعبا ، فقال له عتبة : سيعلم اليوم من الجبان المفسد لقومه.
فنزل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة حتى إذا
كانوا أقرب أسنة المسلمين قالوا : ابعثوا إلينا عدتنا منكم نقاتلهم ، فقام غلمة من بني الخزرج فأجلسهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال : يا بني هاشم أتبعثون إلى أخويكم - والنبي منكم - غلمة بني الخزرج فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فمشوا إليهم في الحديد فقال عتبة : تكلموا نعرفكم فإن تكونوا أكفاءنا نقاتلكم ، فقال حمزة رضي الله عنه : أنا أسد الله وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له عتبة : كفء كريم ، فوثب إليه شيبة فاختلفا ضربتين فضربه حمزة فقتله ثم قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الوليد بن عتبة فاختلفا ضربتين فضربه علي رضي الله عنه فقتله ثم قام عبيدة فخرج إليه عتبة فاختلفا ضربتين فجرح كل واحد منهما صاحبه وكر حمزة على عتبة فقتله فقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال اللهم ربنا أنزلت علي الكتاب وأمرتني بالقتال ووعدتني النصر ولا تخلف الميعاد فأتاه جبريل عليه السلام فأنزل عليه (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مردفين) (آل عمران الآية 124) فأوحى الله إلى الملائكة {أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} فقتل أبو جهل في تسعة وستين رجلا وأسر عقبة بن أبي معيط فقتل صبرا فوفى ذلك سبعين وأسر سبعون
وأخرج
ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن بعض بني ساعدة قال : سمعت أبا أسيد
مالك بن ربيعة رضي الله عنه بعدما أصيب بصره يقول : لو كنت معكم ببدر الآن
ومعي بصري لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك ولا أتمارى فلما
نزلت الملائكة ورآها إبليس وأوحى الله : إليهم إني معكم فثبتوا الذين
آمنوا وتثبيتهم أن الملائكة عليهم السلام تأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه
فيقول : أبشروا فإنهم ليسوا بشيء والله معكم كروا عليهم فلما رأى إبليس
الملائكة نكص على عقبيه وقال : إني بريء منكم وهو في صورة سراقة وأقبل أبو
جهل يحضض أصحابه ويقول : لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم فإنه كان على موعد
من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم قال : واللات والعزى لا نرجع حتى
نقرن محمدا وأصحابه في الحبال فلا تقتلوا وخذوهم أخذا.
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
لما
حضر القتال ورسول الله صلى الله عليه وسلم رافع يديه يسأل الله النصر
ويقول : اللهم إن ظهروا على هذه العصابة ظهر الشرك ولا يقوم لك دين وأبو
بكر رضي الله عنه يقول : والله لينصرنك الله ويبيضن وجهك فأنزل الله عز
وجل ألفا من الملائكة مردفين عند أكتاف العدو وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أبشر يا أبا بكر هذا جبريل عليه السلام معتجر بعمامة صفراء
آخذ بعنان فرسه بين السماء والأرض فلما نزل إلى الأرض تغيب
عني ساعة ثم نزل على ثنايا النقع يقول : أتاك نصر الله إذ دعوته.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : كان الناس يوم بدر
يعرفون قتلى الملائكة عليهم السلام ممن قتلوهم بضرب على الأعناق وعلى
البنان مثل سمة النار قد أحرق به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {فاضربوا فوق الأعناق} يقول : الرؤوس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله {فاضربوا فوق الأعناق} قال : اضربوا الأعناق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فاضربوا فوق الأعناق} يقول : اضربوا الرقاب.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {واضربوا منهم كل بنان} قال : يعني بالبنان الأطراف .
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ
عن عطية في قوله : (واضربوا منهم كل بنان) قال : كل مفصل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي رضي الله عنه في قوله {واضربوا منهم كل بنان} قال : اضرب منه الوجه والعين وارمه بشهاب من نار.
وأخرج
الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله تعالى {واضربوا منهم كل بنان} قال : أطراف الأصابع وبلغة هذيل الجسد
كله ، قال : فأنشدني في كلتيهما قال : نعم أما أطراف الأصابع فقول عنترة
العبسي : فنعم فوارس الهيجاء قومي * إذا علق الأعنة بالبنان وقال الهذلي
في الجسد : لها أسد شاكي البنان مقذف * له لبد أظفاره لم تقلم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن أبي داود المازني رضي الله عنه قال :
بينا أنا أتبع
رجلا من المشركين يوم بدر فأهويت إليه بسيفي فوقع رأسه قبل أن يصل سيفي إليه فعرفت أن قد قتله غيري.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم
كل بنان} قال : ما وقعت يومئذ ضربة إلا برأس أو وجه أو مفصل.
الآيات 15 - 16.
أَخرَج
البخاري في تاريخه والنسائي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن نافع رضي
الله عنه أنه سأل ابن عمر رضي الله عنهما قال : إنا قوم لا نثبت عند قتال
عدونا ولا ندري من الفئة أمامنا أو عسكرنا فقال لي : الفئة رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقلت : إن الله تعالى يقول {إذا لقيتم الذين كفروا زحفا
فلا تولوهم الأدبار} قال : إنما أنزلت هذه الآية في أهل بدر لا قبلها ولا
بعدها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ ، وَابن
مردويه والحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قوله {ومن يولهم يومئذ
دبره} قال : إنها كانت لأهل بدر خاصة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن
جَرِير عن أبي نضرة رضي الله عنه في قوله {ومن يولهم يومئذ دبره} الآية ،
قال : نزلت يوم بدر ولم يكن لهم أن ينحازوا ولو
انحازوا لم ينحازوا إلا للمشركين.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب رضي الله
عنه قال : لا تغرنكم هذه الآية فإنها كانت يوم بدر وأنا فئة لكل مسلم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ذاكم
يوم بدر لأنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ
، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : نزلت في أهل
بدر خاصة ما كان لهم أن يهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتركوه.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والنحاس في
ناسخه وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ومن يولهم يومئذ دبره}
قال : إنما كانت يوم بدر خاصة ليس الفرار من الزحف من الكبائر.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {ومن يولهم يومئذ دبره} قال : ذاك في يوم بدر.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الضحاك رضي الله
عنه قال : إنما كان يوم بدر ولم يكن للمسلمين فئة ينحازون إليها
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه {ومن يولهم يومئذ دبره} قال : يرون أن ذلك في بدر ألا ترى أنه يقول {ومن يولهم يومئذ دبره}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه قال : أوجب
الله تعالى لمن فر يوم بدر النار ، قال : ومن يولهم يومئذ دبره إلى قوله
{فقد باء بغضب من الله} فلما كان يوم أحد بعد ذلك قال (إنما استزلهم
الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم) (آل عمران الآية 155) ثم كان
يوم حنين بعد ذلك بسبع سنين فقال (ثم وليتم مدبرين) (التوبة الآية 25) ،
(ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء) (التوبة الآية 27).
وأخرج ابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ومن يولهم
يومئذ دبره} قال : يعني يوم بدر خاصة منهزما {إلا متحرفا لقتال} يعني
مستطردا يريد الكرة على المشركين {أو متحيزا إلى فئة} يعني أو ينحاز إلى
أصحابه من غير هزيمة {فقد باء بغضب من الله} يقول : استوجب سخطا من الله
{ومأواه جهنم وبئس المصير} فهذا يوم بدر خاصة كأن الله شدد على المسلمين
يومئذ ليقطع دابر الكافرين وهو أول قتال قاتل فيه المشركين من أهل مكة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال :
المتحرف
: المتقدم في أصحابه إنه يرى غرة من العدو فيصيبها والمتحيز : الفار إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكذلك من فر اليوم إلى أميره
وأصحابه قال :
وإنما هذه وعيد من الله تعالى لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يفروا وإنما كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثبتهم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه في
قوله {ومن يولهم يومئذ دبره} قال : هذه منسوخة بالآية التي في الأنفال
(الآن خفف الله عنكم) (الأنفال الآية 66).
وأخرج ابن جرير والنحاس في
ناسخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الفرار من الزحف من الكبائر لأن
الله تعالى قال {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الفرار من الزحف من الكبائر
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد
والبخاري في الأدب المفرد واللفظ له وأو داود والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ ، وَابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا في غزاة
فحاص الناس حيصه قلنا : كيف نلقى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد فررنا
من الزحف وبؤنا بالغضب فأتينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل صلاة
الفجر فخرج فقال من القوم ، فقلنا : نحن الفرارون ، فقال : لا بل أنتم
العكارون ، فقبلنا يده فقال : أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين ثم قرأ {إلا
متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة}.
وأخرج ابن مردويه عن أمامة رضي الله
عنها مولاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت : كنت أوضئ النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم أفرغ على يديه إذ دخل عليه رجل فقال : يا رسول الله أريد
اللحوق بأهلي فأوصني بوصية أحفظها عنك ، قال لا تفر يوم الزحف
فإنه من فر يوم الزحف فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.
وأخرج الشافعي ، وَابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من فر من اثنين فقد فر.
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما نزلت
هذه
الآية {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم
الأدبار} الآية ، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوا كما قال
الله.
وأخرج أحمد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم أنه استعاذ من سبع موتات ، موت الفجأة ومن لدغ الحية ومن السبع
ومن الغرق ومن الحرق ومن أن يخر عليه شيء ومن القتل عند فرار الزحف.
وأخرج أحمد عن أبي اليسر رضي الله عنه أن رسول الله كان يدعو بهؤلاء
الكلمات
السبع يقول : اللهم إني أعوذ بك من الهرم وأعوذ بك من الغم والغرق والحرق
وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا
وأعوذ بك أن أموت لديغا.
وأخرج ابن سعد وأبو داود والترمذي والبيهقي في
الأسماء والصفات عن بلال بن يسار عن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله يقول : من قال : أستغفر الله الذي
لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف.
وأخرج
ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول
الله من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ثلاثا غفرت ذنوبه
وإن كان فر من الزحف
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مثله موقوفا وله حكم الرفع ، والله تعالى أعلم.
الآيات 17 - 18.
أَخْرَج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلم تقتلوهم} قال :
لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين قال هذا قتلت وهذا قتلت {وما رميت إذ
رميت ولكن الله رمى} قال : محمد صلى الله عليه وسلم حين حصب الكفار.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وما رميت إذ رميت} قال : رماهم يوم بدر بالحصباء.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : ما وقع شيء من الحصباء إلا في عين رجل.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وما رميت إذ رميت ولكن
الله رمى} قال : هذا يوم بدر أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حصيات
فرمى بحصاة بين أظهرهم فقال : شاهت
الوجوه فانهزموا.
وأخرج ابن
عساكر عن محكول رضي الله عنه قال : لما كر علي وحمزة على شيبة بن ربيعة
غضب المشركون وقالوا : اثنان بواحد فاشتعل القتال فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم اللهم إنك أمرتني بالقتال ووعدتني النصر ولا خلف لوعدك وأخذ
قبضة من حصى فرمى بها في وجوههم فانهزموا بإذن الله تعالى فذلك قوله {وما
رميت إذ رميت ولكن الله رمى}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم
والطبراني ، وَابن مردويه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال لما كان يوم
بدر سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست ورمى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصباء وقال : شاهت الوجوه ، فانهزمنا
فذلك قول الله تعالى {وما رميت إذ رميت} الآية.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : سمعت صوت حصيات
وقعن
من السماء يوم بدر كأنهن وقعن في طست فلما اصطف الناس أخذهن رسول الله صلى
الله عليه وسلم فرمى بهن في وجوه المشركين فانهزموا فذلك قوله {وما رميت
إذ رميت} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه
ناولني قبضة من حصباء ، فناوله فرمى بها في وجوه القوم فما بقي أحد من
القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء فنزلت هذه الآية {وما رميت إذ رميت}
الآية.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن قيس ومحمد بن كعب القرظي رضي الله
عنهما قالا : لما دنا القوم بعضهم من بعض أخذ رسول الله صلى الله عليه
وسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال : شاهت الوجوه ، فدخلت في
أعينهم كلهم وأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلونهم وكانت
هزيمتهم في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وما رميت إذ
رميت ولكن الله رمى} إلى قوله {سميع عليم}
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن
المسيب
رضي الله عنه قال : لما كان يوم أحد أخذ أبي بن خلف يركض فرسه حتى دنا من
رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترض رجال من المسلمين لأبي بن خلف
ليقتلوه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم استأخروا فاستأخروا فأخذ
رسول الله صلى الله عليه وسلم حربته في يده فرمى بها أبي بن خلف وكسر ضلعا
من أضلاعه فرجع أبي بن خلف إلى أصحابه ثقيلا فاحتملوه حين ولوا قافلين
فطفقوا يقولون : لا بأس فقال أبي حين قالوا له ذلك : والله لو كانت بالناس
لقتلتهم ألم يقل إني أقتلك إن شاء الله فانطلق به أصحابه ينعشونه حتى مات
ببعض الطريق فدفونه قال ابن المسيب رضي الله عنه : وفي ذلك أنزل الله
تعالى {وما رميت إذ رميت} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب والزهري رضي الله عنهما قالا : أنزلت في
رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبي بن خلف بالحربة وهو في
لامته فخدشه في ترقوته فجعل يتدأدأ عن فرسه مرارا حتى كانت وفاته بها بعد
أيام قاسى فيها العذاب الأليم موصولا بعذاب البرزخ المتصل بعذاب الآخرة
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن الزهري رضي الله عنه في قوله {وما رميت إذ
رميت ولكن الله رمى} قال : حيث رمى أبي بن خلف يوم أحد بحربته فقيل له :
إن يك الأجحش ، قال : أليس قال : أنا أقتلك والله لو قالها لجميع الخلق
لماتوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن جبير رضي
الله عنه أن رسول الله - يوم ابن أبي الحقيق - دعا بقوس : فأتى بقوس طويلة
فقال : جيئوني بقوس غيرها ، فجاءوه بقوس كيداء فرمى رسول الله صلى الله
عليه وسلم الحصن فأقبل السهم يهوي حتى قتل ابن أبي الحقيق في فراشه فأنزل
الله {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي
حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله {ولكن الله رمى} أي لم يكن
ذلك برميتك لولا الذي جعل الله تعالى من نصرك وما ألقى في صدور عدوك منها
حتى هزمتهم {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا} أي يعرف المؤمنين من نعمته
عليهم في إظهارهم على
عدوهم مع كثرة عدوهم وقلة عددهم ليعرفوا بذلك حقه ويشكروا بذلك نعمته.
الآيات 19 - 20.
أَخْرَج
ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه ، وَابن منده والحاكم
وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب عن عبد الله ابن ثعلبة بن صغير ،
أن أبا جهل قال حيت التقى القوم : اللهم اقطعنا للرحم وأتانا بمالا نعرف
فاحنه الغداة ، فكان ذلك استفتاحا منه فنزلت {إن تستفتحوا فقد جاءكم
الفتح} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن تستفتحوا} يعني المشركين
إن تستنصروا
فقد جاءكم المدد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه قال : قال أبو جهل
يوم بدر : اللهم انصر إحدى الفئتين وأفضل الفئتين وخير الفئتين ، فنزلت
{إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}.
وأخرج أبو عبيد عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه كان يقرأ إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم
وإن تعودوا نعد ولن تغني عنهم فئتهم من الله شيئا.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن تستفتحوا فقد
جاءكم الفتح} قال : كفار قريش في قولهم : ربنا افتح بيننا وبين محمد صلى
الله عليه وسلم وأصحابه ، ففتح بينهم يوم بدر
وأخرج عَبد بن حُمَيد
، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {إن
تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} قال : إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء في يوم بدر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله
{وإن
تنتهوا} قال : عن قتال محمد صلى الله عليه وسلم {وإن تعودوا نعد} قال : إن
تستفتحوا الثانية أفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم {وأن الله مع المؤمنين}
قال : مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وإن تعودوا نعد} يقول : نعد لكم بالأسر والقتل.
الآية 21.
أَخْرَج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وهم لا يسمعون} قال :
عاصون
الآية 22.
أَخْرَج ابن ابي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {إن شر الدواب عند الله} قال : هم الكفار.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله {إن شر الدواب عند الله} قال : هم نفر من قريش من بني عبد الدار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الصم البكم الذين لا يعقلون} قال : لا يتبعون الحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : أنزلت في حي من أحياء العرب من بني عبد الدار.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية في المضر بن الحارث وقومه
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {إن شر الدواب عند الله} قال :
الدواب الخلق وقرأ {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من
دابة} فاطر الآية 45 ، (وما من دابة في الأرض إلا على رزقها) (هود الآية
6) قال : هذا يدخل في هذا.
الآية 23.
وَأخرَج ابن إسحاق ، وَابن أبي
حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله {ولو علم الله فيهم خيرا
لأسمعهم} أي لأعدلهم قولهم الذي قالوا بألسنتهم ولكن القلوب خالفت ذلك
منهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله
{ولو أسمعهم} قال : بعد أن يعلم أن لا خير فيهم ما نفعهم بعد أن ينفذ علمه
بأنهم لا ينتفعون به
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في
الآية قال : قالوا : نحن صم عما يدعونا إليه محمد لا نسمعه بكم لا نجيبه
فيه بتصديق قتلوا جميعا بأحد وكانوا أصحاب اللواء يوم أحد.
الآية 24.
وَأخرَج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إذا دعاكم لما
يحييكم} قال : هو هذا القرآن فيه الحياة والتقه والنجاة والعصمة في الدنيا
والآخرة.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله {إذا
دعاكم لما يحييكم} أي للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل وقواكم بها بعد الضعف ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم.
وأخرج
ابن أبي شيبة وحشيش بن أصرم في الاستقامة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} قال : يحول بين المؤمن وبين
الكفر ومعاصي الله ويحول بين الكافر وبين الإيمان وطاعة الله.
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سألت النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم عن هذه الآية {يحول بين المرء وقلبه} قال يحول بين المؤمن
والكفر ويحول بين الكافر وبين الهدى.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} قال : يحول
بين الكافر وبين أن يعي بابا من الخير أو يعمله أو يهتدي له
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} قال : علمه يحول بين المرء وقلبه.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي غالب الخلجي قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن
قول الله {يحول بين المرء وقلبه} قال : يحول بين المؤمن وبين معصيته التي
يستوجب بها الهلكة فلا بد لابن آدم أن يصيب دون ذلك ولا يدخل على قلبه
الموبقات التي يستوجب بها دار الفاسقين ويحول بين الكافر وبين طاعته ما
يستوجب ما يصيب أولياءه من الخير شيئا وكان ذلك في العلم السابق الذي
ينتهي إليه أمر الله تعالى وتستقر عنده أعمال العباد.
وأخرج أبو الشيخ
عن أبي غالب قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله {يحول بين المرء
وقلبه} قال : قد سبقت بها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وصف لهم عن
القضاء قال لعمر رضي الله عنه وغيره ممن سأله من أصحابه اعمل فكل ميسر ،
قال : وما ذاك التيسير قال : صاحب النار ميسر لعمل النار وصاحب الجنة ميسر
لعمل الجنة
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه ، أنه سمع غلاما يدعو : اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه فحل
بيني وبين الخطايا فلا أعمل بسوء منها ، فقال عمر رضي الله عنه : رحمك
الله ودعا له بخير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {يحول بين المرء وقلبه} قال : في القرب منه.
الآية 25
وأخرج
أحمد البزار ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن مطرف قال :
قلنا للزبير : يا أبا عبد الله ضيعتم الخليفة حتى قتل ثم جئتم تطلبون بدمه
فقال : الزبير رضي الله عنه : إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين
ظلموا منكم خاصة} ولم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت فينا حيث
وقعت.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ونعيم بن حماد في الفتن ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن الزبير رضي
الله عنه قال : لقد قرأنا زمانا وما نرى إنا من أهلها فإذا نحن المعنيون
بها {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال : البلاء والأمر الذي هو كائن.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {واتقوا فتنة لا
تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال : نزلت في علي وعثمان وطلحة والزبير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : أما والله لقد علم أقوام حين
نزلت أنه سيخص بها قوم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : علم -
والله - ذو الألباب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية
أنه سيكون فتن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك قال : نزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج
ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال : هذه نزلت في أهل بدر خاصة
فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا فكان من المقتولين طلحة والزبير وهما من أهل
بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ
عن السدي في قوله {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال :
أخبرت أنهم أصحاب الجمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال : تصيب الظالم والصالح عامة
وأخرج
أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم
خاصة} قال : هي يحول بين المرء وقلبه حتى يتركه لا يعقل.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله {واتقوا فتنة} الآية ، قال : أمر الله المؤمنين أن لا يقروا
المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب.
الآية 26.
وَأخرَج ابن
المنذر ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {واذكروا
إذ أنتم قليل} الآية ، قال : كان هذا الحي أذل الناس ذلا وأشقاه عيشا
وأجوعه بطونا وأعراه جلودا وأبينه ضلالة معكوفين على رأس حجر بين فارس
والروم ، لا والله ما في بلادهم يحسدون عليه من عاش منهم عاش شقيا ومن مات
منهم ردى في النار يؤكلون ولا يأكلون ، لا والله ما نعلم قبيلا من حاضر
الأرض يومئذ كان أشر منزلا منهم حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد
ووسع به في الرزق وجعلكم به ملوكا على رقاب الناس وبالإسلام أعطى الله ما
رأيتم فاشكروا لله نعمه
فإن ربكم منعم يحب الشكر وأهل الشكر في مزيد من الله عز وجل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يتخطفكم الناس} قال : في الجاهلية بمكة فآواكم إلى الإسلام.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ
عن وهب رضي الله عنه في قوله {يتخطفكم الناس} قال : الناس إذ ذاك : فارس
والروم.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي في مسند الفردوس عن ابن
عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {واذكروا إذ
أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس} قيل : يا رسول الله
ومن الناس قال أهل فارس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ
عن السدي رضي الله عنه في قوله {فآواكم} قال : إلى الأنصار بالمدينة
{وأيدكم بنصره} قال : يوم بدر.
الآيات 27 - 28.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أن أبا
سفيان
خرج من مكة فأتى جبريل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبا سفيان
بمكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا ، فكتب رجل من المنافقين إلى أبي
سفيان : إن محمدا صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم فأنزل الله {لا
تخونوا الله والرسول} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن قتادة رضي الله
عنه قال : نزلت هذه الآية {لا تخونوا الله والرسول} في أبي لبابة بن عبد
المنذر سألوه يوم قريظة ما هذا الأمر فأشار إلى حلقه أنه الذبح فنزلت قال
أبو لبابة رضي الله عنه : ما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله.
وأخرج
سنيد ، وَابن جَرِير عن الزهري رضي الله عنه في قوله {لا تخونوا الله
والرسول} الآية ، قال نزلت في أبي لبابة رضي الله عنه بعثه رسول الله
فأشار إلى حلقه أنه الذبح فقال أبو لبابة رضي الله عنه : لا والله لا أذوق
طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب علي فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا
شرابا حتى خر مغشيا
عليه ثم تاب الله عليه فقيل له : يا أبا لبابة
قد تيب عليك ، قال : لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله
عليه وسلم هو الذي يحلني ، فجاءه فحله بيده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن
الكلبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا لبابة رضي
الله عنه إلى قريظة وكان حليفا لهم فأومأ بيده أي الذبح فأنزل الله {يا
أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}
فقال رسول الله لأمرأة أبي لبابة ، أيصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة فقالت :
إنه ليصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة ويحب الله ورسوله ، فبعث إليه فأتاه
فقال :
يا رسول الله والله أني لأصلي وأصوم وأغتسل من الجنابة ، وإنما
نهست إلى النساء والصبيان فوقعت لهم ما زالت في قلبي حتى عرفت أني خنت
الله ورسوله.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {يا أيها الذين
آمنوا لا تخونوا الله والرسول} قال : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر رضي
الله عنه نسختها الآية التي في براءة (وآخرون اعترفوا بذنوبهم) (التوبة
الآية 102).
وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال لما كان شأن
بني قريظة بعث إليهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه فيمن
كان عنده من الناس انتهى إليهم وقعوا في
رسول الله صلى الله عليه
وسلم وجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس
أبلق فقالت عائشة رضي الله عنها : فلكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم مسح الغبار عن وجه جبريل عليه السلام فقلت : هذا دحية يا رسول
الله قال : هذا جبريل ، فقال : يا رسول الله ما يمنعك من بني قريظة أن
تأتيهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف لي بحصنهم فقال جبريل
عليه السلام : إني أدخل فرسي هذا عليهم فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرسا معرورا فلما رآه علي رضي الله عنه قال : يا رسول الله لا عليك أن لا
تأتيهم فإنهم يشتمونك ، فقال : كلا إنها ستكون تحية فأتاهم النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم فقال : يا أخوة القردة والخنازير ، فقالوا : يا أبا القاسم
ما كنت فحاشا ، فقالوا : لا ننزل على حكم محمد صلى الله عليه وسلم ولكننا
ننزل على حكم سعد بن معاذ فنزلوا فحكم فيهم : أن تقتل مقاتلتهم وتسبى
ذراريهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بذلك طرقني الملك سحرا
فنزل فيهم {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم
وأنتم تعلمون} نزلت في أبي لبابة رضي الله عنه أشار إلى بني قريظة حين
قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه لا تفعلوا فإنه الذبح
وأشار بيده إلى حلقه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا تخونوا الله} قال : بترك فرائضه
{والرسول} بترك سنته وارتكاب
معصيته {وتخونوا أماناتكم} يقول : لا تنقضوها والأمانة التي ائتمن الله عليها العباد.
وأخرج ابن جرير عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية في قتل عثمان رضي الله عنه.
وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه في قوله {لا تخونوا الله والرسول} هو الإخلال بالسلاح في المغازي.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ رضي الله عنه عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال : ما منكم من أحد إلا وهو يشتمل على فتنة لأن الله يقول {أنما
أموالكم وأولادكم فتنة} فمن استعاذ منكم فليستعذ بالله من مضلات الفتن.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله
{واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة} قال : فتنة الاختبار اختبرهم وقرأ
قول الله تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) (الأنبياء الآية 35)
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يجعل لكم فرقانا} قال : نجاة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يجعل لكم فرقانا} قال : نصرا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يجعل لكم فرقانا} يقول : مخرجا في الدنيا والآخرة.
الآية 30.
وَأخرَج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والخطيب عن ابن عباس رضي الله عنهما في