كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
الحميد) في علي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة بن الحارث.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
{هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال : مثل المؤمن والكافر اختصامها في البعث.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعطاء بن أبي رباح والحسن قال : هم الكافرون والمؤمنون اختصموا في ربهم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {هذان خصمان اختصموا في
ربهم} قال : هم أهل الكتاب قالوا للمؤمنين نحن أولى بالله وأقدم منكم
كتابا ونبينا قبل نبيكم ، وقال المؤمنون : نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا
بنبيكم وبما أنزل الله من كتاب وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه
وكفرتم به حسدا فكان ذلك خصومتهم في ربهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : اختصم المسلمون وأهل الكتاب
فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله
منكم وقال المسلمون : إن كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء
فنحن أولى بالله منكم فأفلج الله أهل الإسلام
على من ناوأهم فأنزل الله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} إلى قوله {عذاب الحريق}.
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة في قوله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال : هما الجنة
والنار اختصمتا فقالت النار : خلقني الله لعقوبته ، وقالت الجنة : خلقني
الله لرحمته.
وأخرج ابن جرير عن جاهد {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من
نار} قال : الكافر قطعت له ثياب من نار والمؤمن يدخله الله جنات تجري من
تحتها الانهار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
عن سعيد بن جبير في قوله {قطعت لهم ثياب من نار} من نحاس وليس من الآنية
شيء إذا حمي اشتد بأحر منه ، وفي قوله {يصب من فوق رؤوسهم الحميم} قال :
النحاس يذاب على رؤوسهم ، وفي قوله {يصهر به ما في بطونهم} قال : تسيل
أمعاؤهم والجلود قال : تتناثر جلودهم حتى يقوم كل عضو بحياله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي أنه قرأ قوله {قطعت لهم ثياب من نار} قال : سبحان من قطع من النار ثيابا.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال : كسي أهل النار والعري كان خيرا لهم وأعطوا الحياة والموت كان خيرا لهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن
مردويه عن أبي هريرة أنه تلا هذه الآية فقال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : ان الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى
جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدمه وهو الصهر ثم يعاد كما كان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : يأتيه الملك يحمل الاناء بكليتين من حرارته فاذا ادناه من وجهه يكرهه فيرفع مقمعة معه
فيضرب بها رأسه فيفذغ دماغه ثم يفرغ الإناء من دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه ، فذلك قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن
سعيد ابن جبير قال : إذا جاء أهل النار في النار استغاثوا بشجرة الزقوم
فأكلوا منها فاختنست جلود وجوههم فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف جلود
وجوههم بها ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل وهو الذي قد
سقطت عنه الجلود و{يصهر به ما في بطونهم} يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ثم
يضربون ، بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالويل والثبور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال : يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ، وفي قوله !
{ولهم مقامع من حديد} قال : يضربون بها فيقع كل عضو على حياله.
وأخرج
ابن الانباري والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن
قوله {يصهر} قال : يذاب {ما في بطونهم} إذا شربوا الحميم ، قال : وهل تعرف
العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : سخنت صهارته فظل عثانه * في
شيطل كعب به تتردد وظل مرتثيا للشمس تصهره * حتى اذا لشمس قامت جانبا عدلا.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال : يسقون ماء إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يصهر به ما في بطونهم} قال : يذاب إذابة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة {يصهر به} قال : يذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله {يصهر به} قال : يذاب كما يذاب الشحم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ولهم مقامع} قال : مطارق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : كان عمر يقول : أكثروا ذكر النار فان حرها شديد وإن قعرها بعيد وإن مقامعها حديد.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم وابن
مردويه
والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض فاجتمع الثقلان ما
أقلوه في الأرض ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان.
وأخرج
ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سلمان قال
: النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبا ولا جمرها ، ثم قرأ {كلما أرادوا أن
يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر القاري أنه قرأ هذه الآية {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم}
فبكى وقال : أخبرني زيد بن أسلم في هذه الآية ان أهل النار في النار لا يتنفسون.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض في الآية قال : والله ما طمعوا في الخروج
لأن الأرجل مقيدة والأيدي موثقة ولكن يرفعهم لهبا وتردهم مقامعها.
وأخرج البخاري ومسلم عن عمر قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
وأخرج
النسائي والحاكم عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من
لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم
يشربه في الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب في الآخرة ، ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل
الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن
ابن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في
الدنيا لم يلبسه في الآخرة ، قال ابن الزبير من قبل نفسه : ومن لم يلبسه
في الآخرة لم يدخل الجنة لأن الله تعالى قال : {ولباسهم فيها حرير}.
وأخرج
النسائي والحاكم ، وَابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وان دخل الجنة
لبسه أهل الجنة ولم يلبسه.
- قوله تعالى : وهدوا إلى الطيب من
القول وهدوا إلى صراط الحميد * إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله
والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه
بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم * وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا
تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود * وأذن في الناس
بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع
لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وهدوا إلى الطيب} قال : ألهموا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وهدوا إلى الطيب من القول} قال : في الخصومة إذ قالوا : الله مولانا ولا مولى لكم.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إسماعيل بن أبي خالد {وهدوا إلى الطيب من
القول} قال : القرآن {وهدوا إلى صراط الحميد} قال : الإسلام.
وأخرج ابن
أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {وهدوا إلى الطيب من
القول} قال : الإخلاص {وهدوا إلى صراط الحميد} قال : الإسلام.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وهدوا إلى الطيب من القول} قال : لا إله
إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله الذي قال (اليه يصعد الكلم
الطيب).
وأخرج عبد حميد عن ابن عباس قال : الحرم كله هو المسجد الحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {سواء العاكف فيه والباد} قال : خلق الله فيه سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {سواء} يعني شرعا واحدا {العاكف فيه}
قال : أهل مكة في مكة أيام الحج {والباد} قال : من كان في غير أهلها من
يعتكف به من الآفاق قال : هم في منازل مكة سواء فينبغي لأهل مكة أن يوسعوا
لهم حتى يقضوا مناسكهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال البادي وأهل مكة سواء في المنزل والحرم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد وعطاء {سواء العاكف فيه والباد} قال : سواء في تعظيم البلد وتحريمه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة في الآية قال : {سواء}
في جواره وأمنه وحرمته {العاكف فيه} أهل مكة {والباد} من يعتكفه من أهل
الآفاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن حصين قال : سألت سعيد بن جبير :
أعتكف بمكة قال : لا ، أنت معتكف ما أقمت ، قال الله {سواء العاكف فيه
والباد}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد في الآية قال : الناس بمكة سواء ليس أحد أحق بالمنازل من أحد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمرو قال : من أخذ من أجور بيوت مكة إنما يأكل في بطنه نارا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عطاء أنه كان يكره أن تباع بيوت مكة أو تكرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم أنه كان يكره اجارة بيوت مكة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن ابن عمر أن عمر نهى أن تغلق أبواب دور مكة فان الناس
كانوا ينزلون منها حيث وجدوا حتى كانوا يضربون فساطيطهم في الدور.
وأخرج
ابن سعد عن عمر بن الخطاب أن رجلا قال له عند المروة : يا أمير المؤمنين
أقطعني مكانا لي ولعقبي ، فأعرض عنه عمر وقال : هو حرم الله {سواء العاكف
فيه والباد}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : بيوت مكة لا تحل إجارتها.
وأخرج ابن أبي شية عن ابن جريج قال : أنا قرأت كتاب عمر بن عبد العزيز على الناس بمكة فنهاهم عن كراء بيوت مكة ودورها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم قال : من أكل شيئا من كراء مكة فإنما يأكل نارا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : كان عمر يمنع أهل مكة أن يجعلوا لها
أبوابا حتى ينزل الحاج في عرصات الدور.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه قال : لم يكن للدور بمكة أبواب كان أهل مصر وأهل العراق يأتون فيدخلون دور مكة.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن سابط في قوله {سواء العاكف فيه والباد} قال : البادي
الذي يجيء من الحج والمقيمون سواء في المنازل ينزلون حيث شاؤوا ولا يخرج
رجل من بيته.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه بسند صحيح
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى
{سواء العاكف فيه والباد} قال : سواء المقيم والذي يرحل.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {سواء العاكف
فيه والباد} قال : ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : مكة مباحة لا تؤجر
بيوتها ولا تباع رباعها.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة عن علقمة بن نضلة قال : توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن
ومن استغنى أسكن.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عمر أنه قال : يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا لينزل البادي حيث شاء.
وأخرج الدار قطني عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أكل كراء بيوت مكة أكل نارا.
وأخرج
الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن راهويه وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبزار
وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رفعه في قوله {ومن يرد فيه
بإلحاد بظلم} قال : لو أن رجلا هم فيه بإلحاد وهو بعدن
أبين لأذاقه الله تعالى عذابا أليما.
وأخرج
سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم
نذقه من عذاب أليم} قال : من هم بخطيئة فلم يعملها في سوى البيت لم تكتب
عليه حتى يعملها ومن هم بخطيئة في البيت لم يمته الله من الدنيا حتى يذيقه
من عذاب أليم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في
عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين : أحدهما
مهاجري والآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل
الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة ، فنزلت فيه {ومن يرد فيه
بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} يعني من لجأ إلى الحرم {بإلحاد} يعني بميل
عن الإسلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة
في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد} ، قال : من لجأ إلى الحرم ليشرك فيه عذبه الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : بشرك.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : هو أن يعبد فيه غير الله.
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} يعني أن تستحل من الحرام
ما حرم الله عليك من لسان أو قتل فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك ،
فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم.
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : هم المحتكرون الطعام بمكة.
وأخرج
البخاري في تاريخه ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم ، وَابن مردويه عن يعلى بن أمية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال :
احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال : احتكار الطعام بمكة إلحاد بظلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : بيع الطعام بمكة إلحاد.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : احتكار الطعام بمكة إلحاد.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن منيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن مجاهد قال :
كان لعبد الله بن عمرو
فسطاطان : أحدهما في الحل والآخر في الحرم فإذا
أراد أن يصلي صلى في الذي في الحرم واذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في
الذي في الحل ، فقيل له فقال : كنا نحدث أن من الالحاد فيه أن يقول الرجل
: كلا والله وبلى والله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآيه قال : شتم الخادم في الحرم ظلم فما فوقه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : تجارة الأمير بمكة إلحاد.
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : أقبل تبع بريد الكعبة حتى إذا كان بكراع
الغميم بعث الله تعالى عليه ريحا لا يكاد القائم يقوم إلا بمشقة ، ويذهب
القائم يقعد فيصرع وقامت عليه ولقوا منها عناء ودعا تبع حبريه فسألهما :
ما هذا الذي بعث علي قالا : أوتؤمنا قال : أنتم آمنون ، قالا : فإنك تريد
بيتا يمنعه الله ممن أراده قال : فما يذهب هذا عني قالا : تجرد في ثوبين
ثم تقول : لبيك اللهم لبيك ثم تدخل فتطوف به فلا تهيج أحدا من أهله ، قال
: فان اجمعت على هذا ذهبت هذه الريح عني قالا نعم ، فتجرد ثم لبى فأدبرت
الريح كقطع الليل المظلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد
بظلم
نذقه من عذاب أليم} قال : حدثنا شيخ من عقب المهاجرين والانصار أنهم
أخبروه أن ايما أحد أراد به ما أراد أصحاب الفيل عجل لهم العقوبة في
الدنيا وقال : إنما يؤتي استحلاله من قبل أهله ، فأخبرني عنهم أنه وجد
سطران بمكة مكتوبان في المقام : أما أحدهما فكان كتابته : بسم الله
والبركة وضعت بيتي بمكة طعام أهله اللحم والسمن والتمر ومن دخله كان آمنا
لا يحله إلا أهله ، قال : لولا أن أهله هم الذين فعلوا به ما قد علمت لعجل
لهم في الدنيا العذاب ، قال : ثم أخبرني أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال
: قبل أن يستحل منه الذي يستحل قال : أجد مكتوبا في الكتاب الأول : عبد
الله يستحل به الحرم وعنده عبد الله بن عمرو بن الخطاب وعبد الله بن
الزبير ، فقال : عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب
قال كل واحد منهما : لست قارا به إلا حاجا أو معتمرا أو حاجة لا بد منها ،
وسكت عبد الله بن الزبير فلم يقل شيئا فاستحل من بعد ذلك.
وأخرج ابن
أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن ابن مسعود قال : من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها ، ولو أن
رجلا كان بعدن أبين حدث نفسه بأن يلحد في البيت والالحاد فيه : أن يستحل
فيه ما حرم الله عليه فمات قبل أن يصل إلى ذلك أذاقه الله من عذاب أليم.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك في قوله {ومن يرد
فيه بإلحاد} قال : ان الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو بأرض أخرى فتكتب عليه
وما عملها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : القتل والشرك.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن ابن أبي مليكة أنه سئل عن قوله {ومن يرد فيه بإلحاد
بظلم} قال : ما كنا نشك أنها الذنوب حتى جاء اعلاج من أهل البصرة إلى
أعلاج من أهل الكوفة فزعموا أنها الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة
قال : ما من عبد يهم بذنب فيؤاخذه الله بشيء حتى يعمله إلا من هم بالبيت
العتيق شراء فإنه من هم به شرا عجل الله له.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الحجاج في الآية قال : إن الرجل يحدث نفسه أن يعمل ذنبا بمكة فيكتبه الله عليه ذنبا.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : رأيت عبد الله بن عمرو بعرفة
ومنزله في الحل ومسجده في الحرم فقلت له : لم تفعل هذا قال : لأن العمل
فيه أفضل والخطيئة فيه أعظم ، والله أعلم.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن عدي
، وَابن مردويه والديلمي بسند ضعيف عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم دثر مكان البيت فلم يحجه هود ولا صالح حتى بوأه الله
لابراهيم.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من طريق حارثه بن مضرب عن علي
بن أبي طالب قال : لما أمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر
فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس فكلمه
فقال : يا
إبراهيم ابن على ظلي أو على قدري ولا تزد ولا تنقص.
فلما بنى خرج وخلف إسماعيل وهاجر ، وذلك حين يقول الله {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء بن أبي
رياح قال : لما أهبط الله آدم كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فيسمع
كلام أهل السماء ودعاءهم فيأنس إليهم فهابت الملائكة منه حتى شكت إلى الله
في دعائها وفي صلاتها فأخفضه الله إلى الأرض فلما فقد ما كان يسمع منهم
استوحش حتى شكا إلى الله في دعائه وفي صلاته فوجه إلى مكة فكان موضع قدمه
قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة فأنزل الله ياقوته من ياقوت الجنة
فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطاف به حتى أنزل الله الطوفان فرفعت
تلك الياقوته حتى بعث الله إبراهيم فبناه ، فذلك قول الله {وإذ بوأنا
لإبراهيم مكان البيت}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
، وَابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة قال : وضع الله البيت مع آدم حين
أهبط الله آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند وكان رأسه في السماء
ورجلاه في الأرض وكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا فحزن آدم إذ
فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله فقال الله : يا آدم إني قد
أهبطت لك بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي ،
فاخرج إليه ، فخرج اليه آدم ومد له في خطوه فكان بين كل خطوتين مفازة ،
فلم تزل تلك المفاوز بعد على ذلك ، وأتى آدم فطاف به ومن بعده من الأنبياء.
قال
معمر : وأخبرني أبان أن البيت أهبط ياقوته واحدة أو درة واحدة ، قال معمر
: وبلغني أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا حتى اذا أغرق الله قوم نوح فقدوا
بقي أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك ، فذلك قول الله {وإذ بوأنا
لإبراهيم مكان البيت} ، قال معمر : قال ابن جريج : قال ناس : أرسل الله
سبحانه سحابه فيها رأس فقال الرأس : يا ابرهيم إن ربك يأمرك أن تأخذ قدر
هذه السحابة ، فجعل ينظر إليها ويخط قدرها ، قال الرأس : قد فعلت قال :
نعم ، ثم ارتفعت فحفر فأبرز عن أساس ثابت في الأرض ، قال ابن جريج : قال
مجاهد : أقبل الملك والصرد والسكينة مع إبراهيم من الشام فقالت السكينة :
يا
إبراهيم ريض على البيت ، قال : فلذلك لا يطوف البيت أعرابي ولا ملك من هذه
الملوك إلا رأيت عليه السكينة والوقار ، قال ابن جريج : وقال ابن المسيب :
قال علي بن أبي طالب : وكان الله استودع الركن أبا قبيس فلما بنى إبراهيم
ناداه أبو قبيس فقال : يا إبراهيم هذا الركن في فخده ، فحفر عنه فوضعه
فلما فرغ إبراهيم من بنائه قال : قد فعلت يا رب فأرنا مناسكنا ، أبرزها
لنا وعلمناها ، فبعث الله جبريل فحج به حتى إذا رأى عرفة قال : قد عرفت ،
وكان أتاها قبل ذلك مرة ، قال : فلذلك سميت عرفة حتى اذا كان يوم النحر
عرض له الشيطان فقال : احصب.
فحصبه بسبع حصيات ، ثم اليوم
الثاني فالثالث فسد ما بين الجبلين - يعني إبليس - فلذلك كان رمي الجمار ،
قال : اعل على ثبير ، فعلاه فنادى : يا عباد الله أجيبوا الله ، يا عباد
الله أطيعوا الله ، فسمع دعوته من بين الابحر السبع ممن كان في قلبه مثقال
ذرة من الإيمان ، فهي التي أعطى الله إبراهيم في المناسك قوله : لبيك
اللهم لبيك ولم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعدا فلولا ذلك هلكت
الأرض ومن عليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال : كان البيت غثاة - وهي الماء - قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عاما ومنه دحيت الأرض.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن السدي قال : إن الله عز
وجل أمر إبراهيم أن يبني البيت هو وإسماعيل فانطلق إبراهيم حتى أتى مكة
فقام هو وإسماعيل وأخذ المعاول لا يدريان أين البيت فبعث الله ريحا يقال
لها ريح الخجوج لها جناحان ورأس في صورة حية فكنست لهما ما حول الكعبة من
البيت الأول واتبعاها بالمعاول يحفران
حتى وضعا الأساس ، فذلك حين
يقول الله {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت} فلما بنيا القواعد فبلغ مكان
الركن قال إبراهيم لإسماعيل : اطلب لي حجرا حسنا أضعه ههنا ، قال : يا أبت
اني كسلان لغب ، قال : علي ذلك ، فانطلق يطلب له حجرا فأتاه بحجر فلم يرضه
فقال : ائتني بحجر أحسن من هذا ، فانطلق يطلب له حجرا فجاءه جبريل بالحجر
الأسود من الجنة وكان أبيض ياقوته بيضاء مثل الثغامة وكان آدم هبط به من
الجنة فاسود من خطايا الناس فجاءه إسماعيل بحجر فوجد عنده الركن فقال : يا
أبت من
جاءك بهذا قال : جاءني به من هو أنشط منك ، فبينما هما يدعوان
بالكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه فلما فرغا من البنيان أمره الله أن
ينادي ، فقال {وأذن في الناس بالحج}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حوشب بن
عقيل قال : سألت محمد بن عباد بن جعفر : متى كان البيت قال : خلقت الأشهر
له ، قلت : كم كان طول بناء إبراهيم قال : ثمانية عشر ذراعا ، قلت : كم هو
اليوم قال : ستة وعشرون ذراعا : قلت : هل بقي من حجارة بناء إبراهيم شيء
قال : حشي به البيت إلا حجرين مما يليا الحجر.
وأخرج الحاكم
وصححه عن ابن عباس قال : قال الله لنبيه {وطهر بيتي للطائفين والقائمين
والركع السجود} قال : طواف قبل الصلاة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه المنطق فمن نطق
فلا ينطق إلا بخير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
، وَابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {للطائفين} قال : الذين يطوفون به
{والقائمين} قال : المصلين عنده.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : القائمون المصلون.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن منيع ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال :
لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال : رب قد فرغت ، فقال {وأذن في الناس
بالحج} قال : رب وما يبلغ صوتي قال : أذن وعلي البلاغ ، قال : رب كيف أقول
قال : يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق ، فسمعه من بين
السماء والأرض ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : لما بنى إبراهيم
البيت أوحى الله اليه أن أذن في الناس بالحج ، فقال : ألا إن ربكم قد اتخذ
بيتا وأمركم أن تحجوه ، فاستجاب له ماسمعه من حجر أو شجر أو أكمة أو تراب
أو شيء ، فقالوا : لبيك اللهم لبيك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس
قال : لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج صعد أبا قبيس فوضع
أصبعيه في أذنيه ثم نادى : إن الله كتب
عليكم الحج فأجيبوا ربكم ،
فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء وأول من أجابه أهل اليمن
، فليس حاج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ.
وأخرج
الديلمي بسند واه عن علي رفعه : لما نادى إبراهيم بالحج لبى الخلق فمن لبى
تلبية واحدة حج واحدة ومن لبى مرتين حج حجتين ومن زاد فبحساب ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وأذن في الناس بالحج}
قال
: قام إبراهيم عليه السلام على الحجر فنادى : يا أيها الناس كتب عليكم
الحج ، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء فأجاب من آمن ممن سبق في
علم الله أن يحج إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير {وأذن في الناس بالحج} قال : وقرت في كل ذكر وأنثى.
وأخرج
ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت أوحى الله
إليه أن {وأذن في الناس بالحج} فخرج فنادى في الناس : يا أيها الناس ان
ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه ، فلم يسمعه حينئذ من إنس ولا جن ولا شجرة ولا
أكمة ولا تراب ولا جبل ولا ماء ولا شيء إلا قال : لبيك اللهم لبيك.
وأخرج
أبو الشيخ في كتاب الأذان عن عبد الله بن الزبير قال : أخذ الأذان من أذان
إبراهيم في الحج {وأذن في الناس بالحج} قال : فأذن رسول الله صلى الله
عليه وسلم للصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال : لما أمر
إبراهيم عليه السلام بدعاء الناس إلى الله استقبل المشرق فدعا ثم استقبل
المغرب فدعا ثم استقبل الشام فدعا ثم استقبل اليمن فدعا فأجيب : لبيك لبيك.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة أن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن
{وأذن في الناس بالحج} فقام على الحجر فقال : يا أيها الناس إن الله
يأمركم بالحج ، فأجابه من كان مخلوقا في الأرض يومئذ ومن كان في أرحام
النساء ومن كان في أصلاب الرجال ومن كان في البحور فقالوا : لبيك اللهم
لبيك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : قال جبريل لإبراهيم {وأذن
في الناس بالحج} قال : كيف أؤذن قال : قل يا أيها الناس أجيبوا إلى ربكم ،
ثلاث مرات ، فأجاب العباد فقالوا : لبيك اللهم ربنا لبيك لبيك اللهم ربنا
لبيك ، فمن أجاب إبراهيم يومئذ من الخلق فهو حاج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد
عن مجاهد قال : لما فرغ إبراهيم وإسماعيل من بناء البيت أمر إبراهيم أن
يؤذن بالحج فقام على الصفا فنادى بصوت سمعه ما بين المشرق والمغرب يا أيها
الناس أجيبوا إلى ربكم ، فأجابوه وهم في أصلاب آبائهم فقالوا : لبيك ، قال
: فإنما يحج البيت اليوم من أجاب إبراهيم يومئذ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما أذن إبراهيم بالحج قال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فلبى كل رطب ويابس.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن
مجاهد قال : لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج قام على المقام فنادى
بصوت أسمع من بين المشرق والمغرب : يا أيها الناس أجيبوا
ربكم.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن
مجاهد قال : قال إبراهيم : كيف أقول قال : قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم ،
فما خلق الله من جبل ولا شجر ولاشيء من المطيعين له إلا ينادي : لبيك
اللهم لبيك ، فصارت التلبيه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : قال إبراهيم : كيف أقول
قال : قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فما خلق الله من جبل ولا شجر ولا
شيء من المطيعين له إلا ينادي : لبيك اللهم لبيك ، فصارت التلبية.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : تطاول به المقام حتى كان
كأطول جبل في الأرض فأذن فيهم بالحج فأسمع من تحت البحور السبع وقالوا :
لبيك أطعنا ، لبيك أجبنا ، فكل من حج إلى يوم القيامة ممن استجاب له يومئذ.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : قيل لإبراهيم {وأذن في الناس بالحج} قال :
يا رب كيف أقول قال : قل لبيك اللهم لبيك ، فكان إبراهيم أول من لبى.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : لما أمر إبراهيم بالحج قام
على المقام فنادى نداء سمعه جميع أهل الأرض : ألا إن ربكم قد وضع بيتا
وأمركم أن تحجوه ، فجعل الله في أثر قدميه آية في الصخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء قال : صعد إبراهيم على الصفا
فقال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فأسمع من كان حيا في أصلاب
الرجال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : أجاب إبراهيم كل جني وإنسي وكل شجر وحجر.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس
قال : لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس تواضعت له الجبال ورفعت له الأرض
فقام فقال : يا أيها الناس اجيبوا ربكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن
عباس قال : صعد إبراهيم أبا قبيس فقال : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا
إله إلا الله وأشهد أن إبراهيم رسول الله ، أيها الناس إن الله أمرني أن
أنادي في الناس بالحج ، أيها الناس أجيبوا ربكم ، فأجابه من أخذ الله
مثاقه بالحج إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :
{وأذن في الناس بالحج} يعني بالناس أهل القبلة ألم تسمع أنه قال (ان أول
بيت وضع للناس) إلى قوله (ومن دخله كان آمنا) (آل عمران آية 96) يقول :
ومن دخله من الناس
الذين أمر أن يؤذن فيهم وكتب عليهم الحج.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {يأتوك رجالا} قال : مشاة {وعلى كل ضامر} قال : الإبل {يأتين من كل فج عميق} قال : بعيد.
وأخرج
الخطيب في تاريخه عن محمد بن كعب القرظي قال : سمعت ابن عباس يقول : ما
آسي على شيء إلا أني لم أكن حججت راجلا لأني سمعت الله يقول {يأتوك رجالا
وعلى كل ضامر} وهكذا كان يقرأوها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن سعد ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما آسي على شيء فاتني إلا أني لم أحج
ماشيا حتى أدركني الكبر أسمع الله تعالى يقول {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر}
فبدأ بالرجال قبل الركبان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن مجاهد أن إبراهيم وإسماعيل حجا وهما ماشيان.
وأخرج
ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة كتب
الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم ، قيل : وما حسنات الحرم
قال : بكل حسنة مائة ألف حسنة.
وأخرج ابن سعد ، وَابن مردويه والضياء
في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : ان للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة وللماشي
بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم ، قيل : يا رسول الله وما حسنات
الحرم قال : الحسنة مائة ألف حسنة.
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طان الملائكة لتصافح ركاب الحجاج وتعتنق المشاة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يأتوك رجالا} قال : على أرجلهم {وعلى كل ضامر} قال : الإبل {يأتين من كل فج
عميق} يعني مكان بعيد.
وأخرج
ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانوا يحجون ولا
يتزودون فأنزل الله (وتزودوا) (البقرة آية 197) ، وكانوا يحجون ولا يركبون
فأنزل الله {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} فأمرهم بالزاد ورخص لهم في الركوب
والمتجر.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله
عن قوله {من كل فج عميق} قال : طريق بعيد قال : وهل تعرف العرب ذلك قال :
نعم أما سمعت قول الشاعر : فساروا العناء وسدوا الفجاج * بأجساد عادلها
آيدات.
وَأخرَج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} قال : هم المشاة والركبان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وعلى كل ضامر} قال : ما تبلغه المطي حتى تضمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من كل فج عميق} قال : طريق بعيد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه {من كل فج عميق} قال : مكان بعيد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه مثله.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف عن عبيد بن عمير قال : لقي عمر بن الخطاب رضي الله
عنه ركبا يريدون البيت فقال : من أنتم فأجابه أحدثهم سنا فقال : عباد الله
المسلمون ، فقال : من أين جئتم قال : من الفج العميق ، قال : أين تريدون
قال : البيت العتيق ، فقال عمر رضي الله عنه : تأولها لعمر الله ، فقال
عمر رضي الله عنه : من أميركم فأشار إلى شيخ منهم فقال عمر : بل أنت
أميرهم لأحدثهم سنا الذي أجابه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ليشهدوا منافع لهم} قال : أسواقا
كانت لهم ، ما ذكر الله منافع إلا الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله {ليشهدوا منافع لهم} قال : منافع في الدنيا
ومنافع في الآخرة ، فأما منافع الآخرة فرضوان الله عز وجل.
وَأَمَّا منافع الدنيا فما يصيبون من لحوم البدن في ذلك اليوم والذبائح والتجارات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {ليشهدوا منافع لهم} قال : الأجر في الآخرة والتجارة في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله {ويذكروا اسم الله} قال : فيما ينحرون من البدن.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ويذكروا اسم
الله} قال : كان يقال : إذا ذبحت نسيكتك فقل بسم الله والله أكبر اللهم
هذا منك ولك عن فلان ثم كل وأطعم كما أمرك الله : الجار والأقرب فالأقرب.
وأخرج أبو بكر المروزي في كتاب العيدين ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأيام المعلومات أيام العشر.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : الأيام المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {في أيام معلومات} يعني أيام التشريق.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه {في أيام معلومات} يعني أيام التشريق {على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني البدن.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : الأيام
المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام ، فالمعلومات يوم النحر ويومان
بعده ، والمعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
وأخرج ابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {في
أيام معلومات} قال : قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء ومجاهد رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات أيام العشر.
وأخرج عن سعيد بن جبير والحسن رضي الله عنه مثله.
وأخرج
عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه قال : كان المشركون لا يأكلون من ذبائح
نسائكم
فأنزل الله {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} فرخص للمسلمين فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن
مجاهد في الآية قال : هي رخصة إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل ، بمنزلة قوله :
(واذ حللتم فاصطادوا) .
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء {فكلوا منها وأطعموا} قال : إذا ذبحتم فاهدوا وكلوا وأطعموا وأقلوا لحوم الأضاحي عندكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح الحنفي رضي الله عنه {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} قال : هي في الأضاحي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء رضي الله عنه قال : إن شاء أكل من الهدي والأضحية وإن شاء لم يأكل.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فكلوا منها} ان ابن مسعود
كان يقول للذي يبعث : بهدية معه كل ثلثا وتصدق بالثلث واهد لآل عتبة ثلثا.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن جَابر بن عبد الله قال : نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جزور
بضعة فجعلت في قدر فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي من اللحم وحسوا من المرق ، قال سفيان : لأن الله يقول {فكلوا منها}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وأطعموا البائس} قال : الزمن.
وأخرج
الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قول الله
{وأطعموا البائس الفقير} قال : {البائس} الذي لم يجد شيئا من شدة الحاجة ،
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت طرفة وهو يقول : يغشاهم
البائس المدقع * والضيف وجار مجاور جنب.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة ومجاهد قالا {البائس} الذي يمد كفيه إلى الناس يسأل.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : {البائس} المضطر الذي عليه البؤس و{الفقير} الضعيف.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {البائس الفقير} قال : هما سواء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : {البائس الفقير} الذي به زمانه وهو فقير.
- قوله تعالى : ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق.
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عمر رضي الله عنه قال : التفث المناسك كلها.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : التفث قضاء النسك كله.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في التفث : حلق الرأس والأخذ
من العارضين ونتف الابط وحلق العانة والوقوف بعرفة والسعي بين الصفا
والمروة ورمي الجمار وقص الأظفار وقص الشارب والذبح.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم
ليقضوا تفثهم} قال : يعني بالتفث : وضع إحرامهم من حلق الرأس ولبس الثياب
وقص الأظفار ، ونحو ذلك {وليوفوا نذورهم} قال : يعني نحر ما نذروا من
البدن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {ثم ليقضوا تفثهم} قال : التفث كل شيء أحرموا منه {وليوفوا نذورهم} قال : هو الحج.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : {ليقضوا تفثهم} قال : حلق الرأس
والعانة ونتف الابط وقص الشارب والأظافر ورمي الجمار وقص اللحية :
{وليوفوا نذورهم} قال : نذر الحج.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال : التفث حلق العانة ونتف الابط وأخذ من الشارب وتقليم الأظافر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {وليوفوا نذورهم} مثقله بجزم اللام ، {وليطوفوا} بجزم اللام مثقلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وليطوفوا} قال : هو الطواف الواجب يوم النحر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وليطوفوا} قال : هو الطواف الواجب يوم النحر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وليطوفوا} قال : طواف الزيارة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وليطوفوا} قال : يعني زيارة
البيت ، ولفظ ابن جرير : هو طواف الزيارة يوم النحر.
وأخرج
البخاري في تاريخه والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير والطبراني والحاكم وصححه
، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما سمى الله البيت العتيق لأن
الله أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من
الجبابرة لم يدعه جبار قط ، وفي لفظ : فليس في الأرض جبار يدعي أنه له.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق في زمان نوح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : إنما سمي العتيق لأنه أول بيت وضع.
وأخرج
ابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم انما جعل الطواف بالبيت ملاذا لأن الله لما خلق آدم أمر إبليس
بالسجود له فأبى فغضب الرحمن فلاذت الملائكة بالبيت حتى سكن غضبه.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت
هذه الآية {وليطوفوا بالبيت العتيق} طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من
ورائه.
وأخرج سفيان بن عيينة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في
"سُنَنِه" عن ابن عباس قال : الحجر من البيت لأن رسول الله صلى الله عليه
وسلم طاف بالبيت من ورائه وقال الله {وليطوفوا بالبيت العتيق}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : طواف الوداع واجب وهو قول الله {وليطوفوا بالبيت العتيق}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي جمرة قال : قال لي ابن عباس : أتقرأ سورة الحج يقول
الله {وليطوفوا بالبيت العتيق} قال : فان آخر المناسك الطواف بالبيت.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كانوا ينفرون من منى إلى
وجوههم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهدهم بالبيت ورخص للحائض.
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال : من طاف بهذا البيت سبعا لا يتكلم فيه إلا بتكبير أو تهليل كان عدل رقبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين كان مثل يوم ولدته أمه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : من طاف بالبيت كان عدل رقبة.
وأخرج
ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : من طاف بالبيت سبعا يحصيه كتب الله له بكل
خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة وكان له عدل رقبة.
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي عقال قال : طفت مع أنس في مطرة
فقال لنا : استأنفوا العمل فقد غفر لكم طفت من نبيكم صلى الله عليه وسلم في مثل هذا اليوم فقال : استأنفوا العمل فقد غفر لكم.
وأخرج
ابن أبي شيبة والبيهقي عن محمد بن المنكدر عن أبيه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من طاف حول البيت أسبوعا لا يلغو فيه كان عدل رقبة
يعتقها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : من طاف بالبيت خمسين أسبوعا خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه.
وأخرج
ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم ان النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : يابني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة
شاء من ليل أو نهار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء أنه طاف بالبيت بعد العصر وصلى ركعتين فقيل له فقال : انها ليست كسائر البلدان.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت استلم الحجر والركن في كل طواف.
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وسجد عليه
ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الركن اليماني ووضع خده
عليه.
وأخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عباس يقول :
احفظوا هذا الحديث ، وكان يرفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويدعو
به بين الركنين : رب قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف علي كل غائبة
بخير.
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن ابن عباس يرفعه إلى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ان الطواف بالبيت مثلا الصلاة إلا
أنكم تتكلمون فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف.
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن عبد الأعلى التيمي قال : قالت خديجة
رضي الله عنها : يا رسول الله ما أقول وأنا أطوف بالبيت قال : قولي :
اللهم اغفر ذنوبي وخطئي وعمدي وإسرافي في أمري انك إن لا تغفر لي تهلكني.
وأخرج
أحمد والحاكم وصححه عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أسمعت ابن عباس قال :
إنما أمرتم بالطواف به ولم تؤمروا بدخوله ، قال : لم يكن نهانا عن دخوله
ولكن سمعته يقول : أخبرني أسامة بن زيد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
دخل البيت فلما خرج ركع ركعتين في قبل البيت ، وقال : هذه القبلة.
وأخرج
الحاكم وصححه عن عائشة قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي
وهو قرير العين طيب النفس ثم رجع وهو حزين فقلت : يا رسول الله خرجت من
عندي وأنت كذا وكذا ، قال : إني دخلت الكعبة ، وددت أني لم أكن فعلته إني
أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة أنها
كانت تقول : عجبا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة حين يرفع بصره قبل السقف
يدع ذلك إجلالا لله وإعظاما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ما
خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها.
- قوله تعالى : ذلك ومن يعظم حرمات
الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا
الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور * حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك
بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق.
أخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ذلك ومن يعظم حرمات الله} قال : الحرمة الحج
والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء وعكرمة {ذلك ومن يعظم حرمات الله} قالا : المعاصي.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {ومن يعظم حرمات الله}
قال : الحرمات المشعر الحرام والبيت الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم عن عياش بن أبي ربيعة
المخزومي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لن تزال هذه الأمة بخير
ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها - يعني مكة - فإذا ضيعوا ذلك هلكوا.
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} يقول : اجتنبوا
طاعة الشيطان في عبادة الاوثان {واجتنبوا قول الزور} يعني الافتراء على
الله والتكذيب به.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
، وَابن مردويه عن أيمن بن خريم قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
خطيبا فقال : يا أيها الناس عدلت شهادة الزور إشراكا بالله ثلاثا ثم قرأ
{فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور}.
وأخرج أحمد ، وعَبد
بن حُمَيد ، وَابن داود ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب
عن خريم بن فاتك الاسدي قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلما انصرف قائما قال : عدلت شهادة
الزور الإشراك بالله ثلاثا ثم تلا هذه الآية {واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به}.
وأخرج
أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا : بلى يا رسول الله ، قال :
الإشراك بالله وعقوق الوالدين - وكان متكئا فجلس - فقال : ألا وقول الزور
، إلا وشهادة الزور ، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
وأخرج عبد
الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر والطبراني والخرائطي في مكارم الاخلاق والبيهقي عن ابن مسعود
قال : شهادة الزور تعدل بالشرل بالله ، ثم قرأ {فاجتنبوا الرجس من الأوثان
واجتنبوا قول الزور}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {واجتنبوا قول الزور} قال : الكذب.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل {واجتنبوا قول الزور} يعني الشرك بالكلام ، وذلك
أنهم كانوا يطوفون بالبيت فيقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكا
هو لك تملكه وما ملك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
في قوله {حنفاء لله غير مشركين به} قال : حجاجا لله غير مشركين به ، وذلك
أن الجاهلية كانوا يحجون مشركين فلما أظهر الله الإسلام قال الله للمسلمين
: حجوا الآن غير مشركين بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصديق
قال : كان الناس يحجون وهم مشركون فكانوا يسمونهم حنفاء الحجاج فنزلت
{حنفاء لله غير مشركين به}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن القاسم
مولى أبي بكر الصديق قال : كان ناس من مضر وغيرهم يحجون البيت وهم مشركون
وكان من لا يحج البيت من المشركين يقولون : قولوا حنفاء ، فقال الله
{حنفاء لله غير مشركين به} يقول : حجاجا غير مشركين به.
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال : ما كان في القرآن من حنفاء قال : مسلمين ، وما كان حنفاء مسلمين فهم حجاج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {حنفاء} قال : حجاجا.
وأخرج عن الضحاك مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد ! <
حنفاء} قال : متبعين.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن يشرك
بالله فكأنما خر من السماء} ، قال : هذا مثل ضربه الله لمن أشرك بالله في
بعده من الهدى وهلاكه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {في مكان سحيق} قال : بعيد.
-
قوله تعالى : ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب * لكم فيها
منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق * ولكل أمة جعلنا منسكا
ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله
أسلموا وبشر المخبتين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ذلك ومن يعظم شعائر الله} قال : البدن.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
في قوله {ذلك ومن يعظم شعائر الله} قال : الاستسمان والاستحسان والاستعظام
، وفي قوله {لكم فيها منافع إلى أجل مسمى} قال : إلى أن تسمى بدنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ذلك ومن يعظم شعائر الله} قال : استعظام البدن
واستسمانها
واستحسانها {لكم فيها منافع إلى أجل مسمى} قال : ظهورها وأوبارها واشعارها
وأصوافها إلى أن تسمى هديا ، فإذا سميت هديا ذهبت المنافع {ثم محلها} يقول
: حين يسمى إلى البيت العتيق.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك وعطاء في الأية قال : المنافع
فيها الركوب عليها إذا احتاج وفي أوبارها
وألبانها ، والأجل المسمى : إلى أن تقلد فتصير بدنا {ثم محلها إلى البيت العتيق} قالا : إلى يوم النحر تنحر بمنى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {ثم محلها إلى البيت العتيق} قال : إذا دخلت الحرم فقد بلغت محلها.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن محمد بن موسى في قوله {ذلك ومن يعظم شعائر الله} قال : الوقوف
بعرفة من شعائر الله وبجمع من شعائر الله والبدن من شعائر الله ورمي
الجمار من شعائر الله والحلق من شعائر الله ، فمن يعظمها {فإنها
من
تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى} قال : لكم في كل مشعر منها
منافع إلى أن تخرجوا منه إلى غيره {ثم محلها إلى البيت العتيق} قال : محل
هذه الشعائر كلها الطواف بالبيت العتيق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء أنه سئل عن شعائر الله قال : حرمات الله اجتناب سخط الله واتباع طاعته ، فذلك شعائر الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولكل أمة جعلنا منسكا} قال : عيدا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولكل أمة جعلنا منسكا} قال : إهراق الدماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {ولكل أمة جعلنا منسكا} قال : ذبحا.
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر :
أن
رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم أمرت بعيد الأضحى جعله الله لهذه الأمة ، قال الرجل : فان لم نجد إلا
ذبيحة أنثى أو شاة أعلي اذبحها قال : لا ولكن قلم أظفارك وقص شاربك واحلق
عانتك فذلك تمام أضحيتك عند الله.
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن
أبي هريرة قال : نزل جبريل فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كيف رأيت
عيدنا فقال : لقد تباهى به أهل السماء ، اعلم يا محمد ان الجذع من الضأن
خير من السيد من المعز وان الجذع من الضأن خير من السيد من البقر وإن
الجذع من الضأن خير من السيد من المعز وان الجذع من الضأن خير من السيد من
البقر وإن الجذع من الضأن خير من السيد من الابل ، ولو علم الله خيرا منه
فدى بها إبراهيم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه قال : في هذه الآية {ولكل أمة جعلنا منسكا} أنه مكة لم يجعل الله لأمة قط منسكا غيرها.
أخرج
أحمد وأبو داود والترمذي ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، عَن جَابر بن
عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى للناس يوم النحر فلما فرغ
من خطبته وصلاته دعا بكبش فذبحه هو بنفسه وقال : بسم الله والله أكبر ،
اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن ماجة
، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب ، عَن
جَابر قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين في يوم عيد فقال حين
وجههما : وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من
المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك
أمرت وأنا أول المسلمين ، اللهم منك ولك وعن محمد وأمته ، ثم سمى الله
وكبر وذبح.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الاضاحي والبيهقي في الشعب عن علي
أنه قال حين ذبح : وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا
من المشركين ان صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين فسمى وكبر.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا ذبح قال : بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك اللهم تقبل مني.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {فله أسلموا} يقول : فله أخلصوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله {وبشر المخبتين} قال : المطمئنين.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في
ذم الغضب ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن
عمرو بن أوس {وبشر المخبتين} قال : المخبتون الذين لا يظلمون الناس واذا
ظلموا لم ينتصروا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه {وبشر المخبتين} قال : المتواضعين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وبشر المخبتين} قال : الوجلين.
وأخرج
ابن سعد ، وَابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان اذا
رأى الربيع بن خثيم قال : {وبشر المخبتين} وقال له : ما رأيتك إلا ذكرت
المخبتين.
- قوله تعالى : الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين
على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * والبدن جعلناها لكم
من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها
فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون * لن
ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم
لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل
{الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} عند ما يخوفون {والصابرين على ما
أصابهم} من البلاء والمصيبات {والمقيمي الصلاة} يعني إقامتها بأداء ما
استحفظهم الله فيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {والبدن} خفيفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : لا نعلم البدن إلا من الابل والبقر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : البدنة ذات الخف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : البدنة ذات البدن من الابل والبقر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : ليس البدن إلا من الإبل.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد
الكريم قال : اختلف عطاء والحكم فقال عطاء البدن من الابل والبقر ، وقال
الحكم : من الابل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : البدن البعير والبقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : البدن من البقر.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن يعقوب الرياحي عن أبيه قال أوصى الي
رجل وأوصى ببدنة فأتيت ابن عباس - رضي الله عنهما - فقلت له : ان رجلا
أوصى الي وأوصى الي ببدنة فهل تجزى ء عني بقرة قال : نعم ، ثم قال : ممن
صاحبكم فقلت : من بني رياح ، قال : ومتى تقتني ، اقتنى بنو رياح البقر إلى
الإبل [ ]
وهو صاحبكم وانما البقر للاسد وعبد القيس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : انما سميت البدن من قبل السمانة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم في قوله {لكم
فيها خير} قال : هي البدنة ، ان احتاج إلى ظهر ركب أو إلى لبن شرب.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لكم فيها خير} قال : لكم أجر
ومنافع للبدن.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجة والطبراني
والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قلنا
يارسول الله ما هذه الضاحي قال : سنة أبيكم إبراهيم قال : فما لنا فيها يا
رسول الله قال : بكل شعرة حسنة قالوا : فالصوف قال : بكل شعرة من
الصوف حسنة.
وأخرج
ابن عدي والدار قطني والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنفقت الورق في شيء
أفضل من نحيرة في يوم عيد.
وأخرج الترمذي وحسنة ، وَابن ماجة والحاكم وصححه عن عائشة - رضي الله
عنها
- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا
أحب إلى الله من هراقه دم وانها لتأتي يوم القيامة بقرونها واظلافها
وأشعارها وان الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها
نفسا.
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن أب هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد سعة لان يصحي فلم يضح فلا يقربن
مصلانا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال : حج سعيد بن المسيب وحج معه ابن حرملة فاشترى سعيد كبشا فضحى به واشترى ابن حرملة بدنة بستة
دنانير
فنحرها ، فقال له سعيد : اما كان لك فينا أسوة فقال : اني سمعت الله يقول
: {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير} فاحببت ان آخذ الخير
من حيث دلني الله عليه فاعجب ذلك ابن المسيب منه وجعل يحدث بها عنه.
وأخرج
أبو نعيم الحلية عن ابن عيينة قال : حج صفوان بن سليم ومعه سبعة دنانير
فاشترى بها بدنة فقيل له : ليس معك إلا سبعة دنانير تشتري بها بدنة فقال :
اني سمعت الله يقول : {لكم فيها خير}.
وأخرج قاسم بن أصبغ ، وَابن عبد
البر في التمهيد عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا أيها الناس ضحوا وطيبوا
بها نفسا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد يوجه
بأضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه
يوم القيامة فان الدم ان وقع في التراب فانما يقع في حرز الله حتى يوفيه
صاحبه يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - اعملوا قليلا
تجزوا كثيرا.
وأخرج أحمد عن أبي الاشد السملي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن طاووس قال : ما أنفق الناس من نفقة أعظم أجرا من دم يهراق يوم النحر إلا رحما محتاجة يصلها.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله {لكم فيها خير} قال : ان احتاج إلى اللبن
شرب وان احتاج إلى الركوب ركب وان احتاج إلى الصوف أخذ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : قال رجل لابن عباس أيركب الرجل البدنة على غير مثقل قال : ويحلبها على غير مجهد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال : يركب الرجل بدنته بالمعروف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا.
وأخرج ابن أبي شيبة عطاء رضي الله عنه : ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - رخص لهم أن يركبوها اذا احتاجوا اليها.
وأخرج
مالك ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة :
أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال : اركبها قال :
انها بدنة ، قال : اركبها ويلك أو يحك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس : أن
النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يسوق بدنة أو هدية فقال :
اركبها فقال : انها بدنة - أو هدية ، قال : وان كانت.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في الاضاحي ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي ظبيان قال : سألت ابن عباس عن قوله {فاذكروا
اسم الله عليها صواف} قال : اذا أردت أن تنحر البدنة فاقمها على ثلاث
قوائم معقولة ثم قل : بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك.
وأخرج
الفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
{صواف} قال : قياما معقولة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عمر : أنه نحر بدنة وهي قائمة معقولة احدى يديها ،
وقال : {صواف} كما قال الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم
عن ابن عباس رضي الله عنهما : ان رجلا أناخ بدنته وهو ينحرها فقال :
ابعثها قيام مقيد سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن
ابن سابط : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يعقلون من
البدنة اليسرى وينحروها قائمة على ما هي من قوائمها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه - أنه كان ينحرها وهي معقولة يدها اليمنى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في الدنة كيف تنحر قال : تعقل يدها اليسرى وينحرها من قبل يدها اليمنى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد أنه كان يعقل يدها اليسرى اذا أراد أن ينحرها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : اعقل أي اليدين شئت.
وأخرج ابن الانباري في المصاحف والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما : إنه كان يقرأ (فاذكروا اسم الله عليها صوافن).
وأخرج ابن الانباري عن مجاهد في قوله (صوافن) قال : معقولة على ثلاثة.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الانباري عن قتادة قال : كان عبد
الله بن مسعود يقرأ (فاذكروا اسم الله عليها صوافن) أي معقولة قياما.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ميمون بن مهران بن مهران قال : في قراءة ابن مسعود : (صوافن) . يعني : قياما.
وَأخرَج
عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه : أنه كان يقرأها (صوافن)
قال : رأيت ابن عمر ينحر بدنته وهي على ثلاثة قوائم قياما معقولة.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : من قرأها (صوافن) قال :
معقولة ، ومن قرأها {صواف} قال : يصف بين يديها ، ولفظ عَبد بن حُمَيد من
قرأها {صواف} فهي قائمة مضمومة يديها ، ومن قرأها (صوافن) قياما معقولة
ولفظ ابن أبي شيبة الصواف على أربع والصوافن على ثلاثة.
وأخرج عبد
الرزاق وأبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري في
المصاحف ، وَابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرأها {صواف} قال : خاصلة ،
لله تعالى قال : كانوا يذبحونها لاصنامهم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه قرأ (فاذكروا اسم الله عليها
صوافي) بالياء منتصبة ، وقال : خالصة لله من الشرك
لانهم كانوا يشركون في الجاهلية اذا نحروها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {فإذا وجبت} قال : سقطت على جنبها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فإذا وجبت} قال نحرت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {فإذا وجبت جنوبها} قال : اذا سقطت إلى الأرض.
وأخرج
أبو داود والنسائي والحاكم وصححه وأبو نعيم في الدلائل عن عبد الله ابن
قرط قال : قدم إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بدنات خمس أو ست
فطفقن يزدلفن اليه بأيتهن يبدأ فلما وجبت جنوبها قال : من شاء اقتطع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر انه : كان يطعم من بدنه قبل أن يأكل منها ويقول : {فكلوا منها وأطعموا} هما سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا لا يأكلون من شيء جعلوه لله ثم رخص لهم أن يأكلوا من الهدي والاضاحي وأشباهه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد ولا مما جعل للمساكين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : لا يؤكل من النذر ولا من الكفارة ولا مما جعل للمساكين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان نطعم من الضحايا الجار والسائل والمتعفف.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن عمر : انه كان بمنى فتلا هذه الآية {فكلوا منها
وأطعموا القانع والمعتر} وقال : لغلام معه هذه القانع الذي يقنع بما آتيته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القانع المتعفف والمعتر السائل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس القانع الذي يقنع بما أوتي والمعتر الذي يعترض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القانع الذي يجلس في بيته.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس : ان نافع بن الازرق قال له :
اخبرني
عن قوله {القانع والمعتر} قال : القانع الذي يقنع بما عطي والمعتر الذي
يعتر من الابواب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول
الشاعر وهو يقول : على مكثريهم حق من يعتريهم * وعند المقلين السماحة
والبذل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه"
عن ابن عباس انه سئل عن هذه الآية قال : أما القانع فالقانع بما أرسلت
اليه في بيته ، والمعتر الذي يعتريك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : القانع الذي يسأل والمعتر الذي يعترض لولا يسأل.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : القانع السائل الذي
يسأل ثم أنشد قول الشاعر : لمال المرء يصلحه فيبقى * معاقره أعف من القنوع
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : القانع الذي يقنع اليك بما
في يديك والمعتر الذي يتصدى اليك لتطعمه ، ولفظ ابن أبي شيبة والمعتر الذي
يعتريك ويريك نفسه ولا يسألك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد
والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : القانع الطامع بما قبلك ولا يسألك
والمعتر الذي يعتريك ولا يسألك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : القانع الذي يسأل فيعطى في يديه والمعتر الذي يعتر فيطوف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : القانع أهل مكة ، والمعتر سائر الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : القانع السائل والمعتر معتر البدن.
وأخرج
البيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : البائس الذي يسأل بيده اذا سأل
والقانع الطامع الذي يطمع في ذبيحتك من جيرانك ، والمعتر الذي
يعتريك بنفسه ولا يسألك يتعرض لك.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن القاسم بن أبي بزة أنه سئل عن هذه الآية ما الذي آكل
وما الذي أعطي القانع والمعتر قال : اقسمها ثلاثة أجزاء ، قيل : ما القانع
قال : من كان حولك ، قيل : وان ذبح قال : وان ذبح ، والمعتر : الذي يأتيك
ويسألك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : كان المشركون اذا ذبحوا
استقبلوا الكعبة بالدماء فينضحون بها نحو الكعبة ، فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك فأنزل الله {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم
الإبل ودمائها ، فقال : أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنحن أحق أن
ننضح ، فأنزل الله {لن ينال الله لحومها}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
المنذر عن ابن جريج قال : النصب ليست بأصنام الصنم يصور وينقش وهذه حجارة
تنصب ثلثمائة وستون حجرا فكانوا اذا ذبحوا نضحوا الدم على ما أقبل من
البيت وشرحوا اللحم وجعلوه على الحجارة ، فقال المسلمون : يا رسول الله
كان أهل الجاهلية يعظمون البيت
بالدم فنحن أحق أن نعظمه ، فكأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - لم يكره ما قالوا ، فنزلت {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {لن ينال الله} قال : لن يرفع إلى الله
{لحومها ولا دماؤها ولكن} نحر البدن من تقوى الله وطاعته ، يقول : يرفع
إلى الله منكم : الأعمال الصالحة والتقوى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم {ولكن يناله التقوى منكم} قال : ما التمس به وجه الله تعالى.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {ولكن يناله التقوى منكم} يقول : ان كانت من طيب وكنتم طيبين وصل الي أعمالكم وتقبلتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {ولتكبروا الله على ما هداكم} قال : على ذبحها في تلك الأيام.
وأخرج
الحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن الحسن قال : أمرنا رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - ان نلبس أجود ما نجد وان نتطيب بأجود ما نجد وان
نضحي بأسمن ما نجد والبقرة عن سبعة والجزور عن سبعة وان نظهر التكبير
وعلينا السكينة والوقار والله أعلم.
- قوله تعالى : إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور.
أخرج عَبد بن حُمَيد عز عاصم أنه قرأ {إن الله يدافع} بالألف ورفع الياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} قال : والله ما يضيع الله رجلا قط حفظ له دينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : ان الله لا يحب ، قال : لا يقرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن كفور يعني به الكفار.
- قوله تعالى : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير.
أخرج
عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة
والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان
والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
قال : لما خرج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال أبو بكر :
أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن القوم فنزلت {أذن للذين
يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية ، وكان ابن عباس يقرأها {آذن} قال أبو بكر :
فعملت أنه
سيكون قتال ، قال ابن عباس : وهي أول آية نزلت في القتال.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي
في الدلائل عن مجاهد قال : خرج ناس مؤمنون مهاجرين من مكة إلى المدينة
فاتبعهم كفار قريش فأذن لهم في قتالهم فأنزل الله {أذن للذين يقاتلون
بأنهم ظلموا} الآية ، فقاتلوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير
أن أول آية أنزلت في القتال حين ابتلى المسلمون بمكة وسطت بهم عشائرهم
ليفتنوهم عن الإسلام وأخرجوهم من ديارهم وتظاهروا عليهم فأنزل الله {أذن
للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية ، وذلك حين أذن الله لرسوله بالخروج
وأذن لهم بالقتال.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن أبي هريرة قال : كانت أول آية نزلت في القتال {أذن للذين يقاتلون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {أذن للذين يقاتلون} قال : أذن لهم في قتالهم بعدما عفى عنهم عشر سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أذن للذين
يقاتلون} قال النَّبِيّ : صلى الله عليه وسلم - وأصحابه {بأنهم ظلموا} يعني ظلمهم أهل مكة حين أخرجوهم من ديارهم.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : أشرف عليهم عثمان من القصر فقال :
ائتوني برجل قارى ء كتاب الله فأتوه بصعصعة بن صوحان فتكلم بكلام فقال :
{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} فقال له عثمان
: كذبت ليست لك ولا لأصحابك ولكنها لي ولأصحابي.
- قوله تعالى : الذين
أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس
بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض
أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة
الأمور * وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود * وقوم إبراهيم
وقوم لوط * وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان
نكير.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس {الذين أخرجوا من
ديارهم} أي من مكة إلى المدينة {بغير حق} يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم
- وأصحابه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن
عثمان بن عفان قال : فينا نزلت هذه الآية {الذين أخرجوا من ديارهم بغير
حق} والآية بعدها أخرجنا من ديارنا {بغير حق} ثم مكنا في الأرض فأقمنا
الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر فهي لي ولأصحابي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ثابت بن
عوسجة
الخضيري قال : حدثني سبعة وعشرون من أصحاب علي وعبد الله منهم لاحق بن
الاقمر والعيزار بن جرول وعطية القرظي أن عليا قال : إنما نزلت هذه الآية
في أصحاب محمد {ولولا دفع الله الناس} قال : لولا دفع الله بأصحاب محمد عن
التابعين لهدمت صوامع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {ولولا دفع الله الناس} بغير الألف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {ولولا دفع الله الناس} ، قال : لولا القتال والجهاد.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية ، قال : دفع المشركون بالمسلمين.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في الآية قال : منع بعضهم ببعض في الشهادة وفي الحق وفيما يكون مثل هذا
يقول : لولا هذا لهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لهدمت صوامع} ، قال : الصوامع التي تكون فيها الرهبان والبيع مساجد
اليهود وصلوات كنائس النصارى والمساجد مساجد المسلمين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : البيع بيع النصارى وصلوات كنائس اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : صلوات كنائس اليهود يسمون الكنيسة صلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم الجحدري أنه قرأ {وصلوات} قال : الصلوات دون الصوامع ، قال : وكيف تهدم الصلاة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية قال : البيع بيع النصارى والصلوات : بيع صغار للنصارى.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية
قال : صوامع الرهبان وبيع النصارى وصلوات مساجد الصابئين : يسمونها بصلوات.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله !
{صوامع} قال : هي للصابئين وبيع للنصارى وصلوات كنائس اليهود ومساجد للمسلمين.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية ، قال
: الصوامع صوامع الرهبان وبيع كنائس وصلوات ومساجد لأهل الكتاب ولأهل
الإسلام بالطرق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وصلوات أهل الإسلام تنقطع اذا دخل عليهم العدو ، تنقطع العبادة من المساجد.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {يذكر فيها اسم الله كثيرا} يعني في كل
مما ذكر من الصوامع ، والصلوات والمساجد يقول : في كل هذا يذكر اسم الله
ولم يخص المساجد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {الذين إن مكناهم في الأرض} قال : أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {الذين إن مكناهم في الأرض} قال : هم الولاة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله :
{الذين إن مكناهم في الأرض} قال : أرض المدينة {أقاموا الصلاة} قال :
المكتوبة ، {وآتوا الزكاة} قال : المفروضة {وأمروا
بالمعروف} بلا اله إلا الله {ونهوا عن المنكر} قال : الشرك بالله {ولله عاقبة الأمور} قال : وعند الله ثواب ما صنعوا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية
، قال : كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الله وحده وعبادته لا شريك له
وكان نهيهم أنهم نهوا عن عبادة الشيطان ، وعبادة الأوثان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {الذين إن مكناهم في الأرض} قال : هذا شرط الله على هذه الأمة والله أعلم.
- قوله تعالى : فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمه فهي خاويه على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد.
أخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {فهي خاوية على
عروشها} قال : خربة ليس فها أحد {وبئر معطلة} قال : عطلها أهلها وتركوها
{وقصر مشيد} قال شيدوه وحصنوه فهلكوا وتركوه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وبئر معطلة} قال : التي تركت لا أهل لها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وقصر مشيد} قال : هو المجصص.
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله : {وقصر مشيد} قال : شيد بالجص والآجر ، قال : وهل تعرف
العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول : شاده مرمرا وجلله * كلسا فللطير في ذراه وكور.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وقصر مشيد} قال : بالقصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق عن عطاء {وقصر مشيد} قال : مجصص.
-
قوله تعالى : أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أوآذان
يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
أخرج
ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر عن ابن دينار قال : أوحى الله إلى موسى
عليه السلام أن اتخذ نعلين من حديد وعصا ثم سح في الأرض فاطلب الآثار
والعبر حتى تحفوا النعلان وتنكسر العصا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله : {فإنها لا تعمى الأبصار} قال : ما هذه الأبصار التي في الرؤوس
فانها جعلها الله منفعة وبلغة وأما البصر النافع فهو في القلب ، ذكر لنا
أنها نزلت في عبد الله بن زائدة يعني ابن أم مكتوم.
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نصر السجزي في الإبانة في شعب
الايمان والديلمي في مسند الفردوس عن عبد الله بن جراد قال : قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - ليس الأعمى من يعمى بصره ولكن الأعمى من تعمى
بصيرته.
- قوله تعالى : ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن
يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون * وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمه ثم
أخذتها وإلي المصير.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
: {ويستعجلونك بالعذاب} قال : قال ناس من جهلة هذه الأمة {اللهم إن كان
هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله : {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} قال : من الأيام
الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : ما طول ذلك اليوم على المؤمن إلا كما
بين الأولى والعصر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة الآف سنة فقد مضى منها ستة آلاف.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأمل عن سعيد بن جبير قال : انما الدنيا جمعة من جمع الآخرة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين عن رجل
من أهل الكتاب أسلم قال : {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة
أيام} {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} وجعل أجل الدنيا ستة أيام
وجعل
الساعة في اليوم السابع فقد مضت الستة الأيام وأنتم في اليوم
السابع فمثل ذلك مثل الحامل اذا دخلت في شهرها ففي أية ساعة ولدت كان
تماما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن صفوان بن سلم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل الاغنياء من المسلمين بنصف
يوم ، قيل : وما نصف اليوم قال خمسمائة عام وتلا {وإن يوما عند ربك كألف
سنة مما تعدون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه من طريق ضمير بن نهار
قال : قال أبو هريرة يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الاغنياء بنصف يوم ،
قلت : وما مقدار
نصف يوم قال : أو ما تقرأ القرآن {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}.
وأخرج
أحمد في الزهد عن ضمير بن نهار عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وتلا {وإن يوما
عند ربك كألف سنة مما تعدون}.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلى على جنازة فانصرف قبل أن
يفرغ منها كان له قيراط فان انتظر حتى يفرغ منها كان له قيراطان والقيراط
مثل أحد في ميزانه يوم القيامة ثم قال ابن عباس : حق لعظمة ربنا أن يكون
قيراطه مثل أحد ويومه كألف سنة.
وأخرج ابن عدي والديلمي عن أنس قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدنيا كلها سبعة أيام من أيام
الآخرة وذلك قول الله {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}.
- قوله
تعالى : قل ياأيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين * فالذين آمنوا وعملوا
الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك
أصحاب الجحيم.
أخرج بن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : اذا سمعت الله
يقول {ورزق كريم} فهي الجنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {معاجزين} في كل القرآن يعني بألف وقال : مشاقين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {معاجزين} قال مراغمين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن الزبير أنه كان يقرأ (والذين سعوا في آياتنا معجزين) يعني مثبطين.
وأخرج
بن أبي حاتم عن عروة بن الزبير : أنه كان يعجب من الذين يقرأون هذه الآية
{والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال : ليس معاجزين من كلام العرب إنما هي
(معجزين) يعني مثبطين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {في آياتنا معاجزين} قال :
مبطئين يبطئون الناس عن اتباع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
{والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال : كذبوا بآيات الله وظنوا أنهم
يعجزون الله ولن يعجزوه.
- قوله تعالى : وما أرسلنا من قبلك من رسول
ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان
ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم * ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين
في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد * وليعلم الذين
أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخيت له قلوبهم وإن الله لهاد
الذين آمنوا إلى صراط مستقيم * ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى
تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم * الملك يومئذ لله يحكم بينهم
فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم * والذين كفروا وكذبوا
بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الانباري
في المصاحف عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس رضي الله عنه يقرأ (وما
أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث).
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد
بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : ان فيما أنزل الله {وما أرسلنا من
قبلك من رسول ولا نبي} ولا محدث فنسخت محدث والمحدثون : صاحب يس ولقمان
وهو من آل فرعون وصاحب موسى.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : النَّبِيّ وحده الذي يكلم وينزل عليه ولا يرسل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق السدي عن أبي صالح قال : قام
رسول
الله صلى الله عليه وسلم - فقال المشركون : ان ذكر آلهتنا بخير ذكرنا
آلهته بخير ف {ألقى الشيطان في أمنيته} {أفرأيتم اللات والعزى ومناة
الثالثة الأخرى} النجم آية 19 إنهن لفي الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى
، قال : فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى
ألقى الشيطان في أمنيته} ، فقال ابن عباس : ان أمنيته أن يسلم قومه.
وأخرج
البزار والطبراني ، وَابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات من
طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ
{أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} تلك الغرانيق العلى وان
شفاعتهن لترتجى ففرح المشركون بذلك وقالوا : قد ذكر آلهتنا فجاءه جبريل
فقال : اقرأ علي ما جئتك به فقرأ {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة
الأخرى} تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ، فقال : ما أتيتك بهذا
هذا من الشيطان ، فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا
تمنى} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند صحيح عن
سعيد
بن جبير قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة النجم فلما بلغ هذا
الموضع {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} ألقى الشيطان على
لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ، قالوا : ما ذكر آلهتنا
بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا
ثم جاءه جبريل بعد ذلك قال : اعرض علي ما
جئتك به ، فلما بلغ : تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ، قال له
جبريل : لم آتك بهذا هذا من الشيطان فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من
رسول ولا نبي}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه من طريق العوفي عن ابن
عباس : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بينما هو يصلي اذ نزلت عليه
قصة آلهة العرب فجعل يتلوها فسمعه المشركون فقالوا : إنا نسمعه يذكر
آلهتنا بخير فدنوا منه فبينما هو يتلوها وهو يقول : {أفرأيتم اللات والعزى
ومناة الثالثة الأخرى} القى الشيطان : ان تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة
ترتجى ، فعلق يتلوها فنزل جبريل فنسخها ثم قال : {وما أرسلنا من قبلك من
رسول ولا نبي} إلى قوله {حكيم}.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ومن طريق أبي بكر الهذلي وأيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه ومن طريق
سليمان
التيمي عمن حدثه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة
النجم وهو بمكة فأتى على هذه الآية {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة
الأخرى} فألقى الشيطان على لسانه : إنهن الغرانيق العلى ، فأنزل الله {وما
أرسلنا من قبلك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق يونس عن
ابن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث : ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو بمكة قرأ سورة النجم فلما بلغ {أفرأيتم اللات والعزى ومناة
الثالثة الأخرى} قال : ان شفاعتهن ترتجى وسها رسول الله صلى الله عليه
وسلم - ففرح المشركون بذلك فقال : إلا إنما كان ذلك من الشيطان فأنزل الله
{وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في
أمنيته} حتى بلغ {عذاب يوم عقيم} مرسل صحيح الإسناد.
وأخرج ابن أبي
حاتم من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال : لما أنزلت سورة النجم وكان
المشركون يقولون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقرنناه وأصحابه
ولكن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من
الشتم والشر ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ما ناله
وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم فكان يتمنى كف أذاهم فلما أنزل
الله سورة النجم قال : {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة
الأخرى} القى الشيطان
عندها
كلمات حين ذكر الطواغيت فقال : وانهن لهن الغرانيق العلى وان شفاعتهن لهي
التي ترتجى ، فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنه فوقعت هاتان الكلمتان في قلب
مشرك بمكة وذلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها وقالوا : ان محمد قد رجع إلى
دينه الأول ودين قومه ، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخر
النجم سجد وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها
الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة ، فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول
ولا نبي} ، فلما بين الله قضاءه وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون
بضلالتهم وعداوتهم للمسلمين واشتدوا عليه ، وأخرجه البيهقي في الدلائل عن
موسى بن عقبة ولم يذكر ابن شهاب.
وأخرج الطبراني عن عروة مثله سواء.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس قالا :
جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناد من أندية قريش كثير أهله
فتمنى يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فيتفرقون عنه ، فأنزل الله عليه
(والنجم اذا هوى) (النجم آية 1) فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حتى بلغ {أفرأيتم اللات والعزى ومناة
الثالثة الأخرى} النجم آية 19
، ألقى الشيطان كلمتين : تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ، فتكلم
بها ثم مضى فقرأ السورة كلها ثم سجد في آخر السورة وسجد القوم جميعا معه
ورضوا بما تكلم به فلما أمسى أتاه جبريل فعرض عليه السورة فلما بلغ
الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال : ما جئتك بهاتين الكلمتين ، فقال
رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - افتريت على الله وقلت ما لم يقل ،
فأوحى الله إليه {وإن كادوا ليفتنونك} إلى قوله (نصيرا) (الإسراء آية 73 -
75) فما زال مغموما مهموما من شأن الكلمتين حتى نزلت {وما أرسلنا من قبلك}
، فسري عنه وطابت نفسه.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك : ان النَّبِيّ - صلى
الله عليه وسلم - وهو بمكة أنزل عليه في آلهة العرب فجعل يتلو اللات
والعزى ويكثر ترديدها فسمعه أهل مكة وهو يذكر آلهتهم ففرحوا بذلك ودنوا
يسمعون فألقى الشيطان في تلاوته : تلك الغرانيق
العلى منها الشفاعة ترتجى فقرأها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كذلك فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك} إلى قوله {حكيم}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية قال :
قال المشركون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو ذكرت آلهتنا في قولك
قعدنا معك فانه ليس معك إلا أراذل الناس وضعفاؤهم فكانوا اذا رأونا عندك
تحدث الناس بذلك فأتوك ، فقام يصلي فقرأ {والنجم} حتى بلغ {أفرأيتم اللات
والعزى
ومناة الثالثة الأخرى} تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى ومثلهن لا ينسى
فلما فرغ من ختم السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون ، فبلغ الحبشة : ان
الناس قد أسلموا فشق ذلك على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله
{وما أرسلنا من قبلك} إلى قوله {عذاب يوم عقيم}.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : نزلت سورة النجم بمكة
فقالت قريش : يا محمد إنه يجالسك الفقراء والمساكين ويأتيك الناس من أقطار
الأرض فان ذكرت آلهتنا بخير جالسناك فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- سورة {النجم} فلما أتى على هذه الآية {أفرأيتم اللات والعزى ومناة
الثالثة الأخرى} النجم آية 19 ألقى الشيطان على لسانه : وهي الغرانيق
العلى شفاعتهن ترتجى ، فلما فرغ من السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون
إلا أبا احيحة سعيد بن العاص فانه أخذ كفا من تراب فسجد عليها وقال : قد
آن لابن أبي كبشة أن يذكر آلهتنا بخير فبلغ ذلك المسلمين الذين كانوا
بالحبشة : ان قريشا قد أسلمت فأرادوا أن يقبلوا واشتد على رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - وعلى أصحابه ما ألقى الشيطان على لسانه فأنزل الله {وما
أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند المقام اذ
نعس
فألقى الشيطان على لسانه كلمة فتكلم بها وتعلق بها المشركون عليه فقال
{أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} فألقى الشيطان على لسانه
ونعس وان شفاعتهم لترتجى وإنها لمع الغرانيق العلى فحفظها المشركون
وأخبرهم الشيطان : ان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد قرأها فذلت بها
ألسنتهم فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} ، فدحر الله
الشيطان ولقن نبيه حجته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد : ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فألقى الشيطان على فيه أحكم آياته.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات
يوم {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى
تلك إذا قسمة ضيزى} النجم آية 19 - 23 فألقى الشيطان على لسان رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - تلك إذن في الغرانيق العلى تلك إذن شفاعة ترتجى ففزع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجزع فأوحى الله إليه {وكم من ملك في
السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا} النجم آية 26 ثم أوحى اليه ففرج عنه {وما
أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} إلى
قوله {حكيم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : خرج النَّبِيّ - صلى
الله عليه وسلم - إلى المسجد ليصلي فبينما هو يقرأ اذ قال : {أفرأيتم
اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}
فألقى الشيطان على لسانه فقال :
تلك الغرانقة العلى وان شفاعتهن ترتجى حتى اذا بلغ آخر السورة سجد وسجد
أصحابه وسجد المشركون لذكره آلهتهم فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا به بين
قطري مكة يقولون : نبي بني عبد مناف حتى اذا جاءه جبريل عرض عليه فقرأ
ذينك الحرفين فقال جبريل معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا فاشتد عليه فأنزل
الله يطيب نفسه {وما أرسلنا من قبلك}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} يقول : اذا
حدث ألقى الشيطان في حديثه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إذا
تمنى} يعني بالتمني التلاوة والقراءة {ألقى الشيطان في أمنيته} في تلاوة
النَّبِيّ {فينسخ الله} ينسخ جبريل بأمر الله {ما يلقي الشيطان} على لسان
النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إذا تمنى} قال : تكلم في أمنيته قال : كلامه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض} قال : المنافقون {والقاسية قلوبهم} يعني المشركين !
{وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق}
قال : القرآن {ولا يزال الذين كفروا في مرية منه} قال : من القرآن {عذاب يوم عقيم} قال : ليس معه ليلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في {مرية منه} قال : مما جاء به الخبيث إبليس لا يخرج من قلوبهم زادهم ضلالة.
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله : {عذاب يوم عقيم} قال : يوم بدر.
وأخرج
ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : أربع كن يوم بدر {أو يأتيهم عذاب يوم
عقيم} ذاك يوم بدر {فسوف يكون لزاما} الفرقان آية 77 ذاك يوم بدر {يوم
نبطش البطشة الكبرى} الدخان آية 16 ذاك يوم بدر {ولنذيقنهم من العذاب
الأدنى دون العذاب الأكبر} السجدة آية 21 ذاك يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {عذاب يوم عقيم} قال : يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد عذاب {يوم عقيم} قال : يوم القيامة لا ليلة له.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك مثله.
-
قوله تعالى : والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله
رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين * ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله
لعليم حليم.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سلمان الفارسي : سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من مات مرابطا أجرى الله عليه
مثل ذلك الأجر وأجرى عليه الرزق
وأمن الفتانين وأقرأوا ان شئتم {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا} إلى قوله : {حليم}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن فضالة بن عبيد الأنصاري
الصحابي : - انه كان برودس - فمروا بجنازتين : أحدهما قتيل والآخر متوفى ،
فمال الناس على القتيل فقال فضالة : ما لي أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا
هذا فقالوا : هذا لقتيل في سبيل الله فقال : والله ما ابالي من أي
حفرتيهما بعثت ، اسمعوا كتاب الله {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا
أو ماتوا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {مدخلا يرضونه} قال : الجنة.
-
قوله تعالى : ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن
الله لعفو غفور * ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في
الليل وأن الله سميع بصير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو
الباطل وأن الله هو العلي الكبير * ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء
فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير * له ما في السموات وما في الأرض وإن
الله لهو الغني الحميد.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : {ذلك ومن
عاقب} الآية ، قال : ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية في
ليلتين بقيتا من المحرم فلقوا المشركين فقال المشركون بعضهم لبعض : قاتلوا
أصحاب محمد فانهم يحرمون القتال في الشهر الحرام وان أصحاب محمد : ناشدوهم
وذكروهم بالله أن يعرضوا لقتالهم فانهم لا يستحلون القتال في الشهر الحرام
إلا من بادئهم وان المشركين بدأوا وقاتلوهم فاستحل الصحابة قتالهم عند ذلك
فقاتلوهم ونصرهم الله عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :
{ذلك ومن عاقب} ، قال : تعاون المشركون على النَّبِيّ - صلى الله عليه
وسلم - وأصحابه فأخرجوه فوعد الله ان ينصره وهو في القصاص أيضا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} قال : الشيطان.
-
قوله تعالى : ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر
بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم
* وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور.
أخرج
الطبراني عن ابن عباس قال : اذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف ان يسطو بك فقل :
الله أكبر الله أكبر من خلقه جميعا الله أعز ممن أخاف وأحذر أعوذ
بالله
الذي لا اله إلا هو الممسك السموات السبع ان يقعن على الأرض إلا بإذنه من
شر عبدك فلان وجنوده وأشياعه من الجن والانس إلهي كن لي جارا من شرهم جل
شأنك وعز جارك وتبارك إسمك ولا اله غيرك ثلاث مرات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {إن الإنسان لكفور} قال : يعد المصيبات وينسى النعم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن {إن الإنسان لكفور} يعني به الكفار والله أعلم.
-
قوله تعالى : لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع
إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم * وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون *
الله يحكم بينكم يوم القيامه فيما كنتم فيه تختلفون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي المليح قال : الأمة ما بين الاربعين إلى المائة فصاعدا.
وأخرج
أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن علي بن الحسين {لكل أمة
جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال : ذبحا هم ذابحوه ، حدثني أبو رافع أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - كان اذا ضحى : اشترى كبشين سمينين أملحين
أقرنين فاذا خطب وصلى ذبح احدهما ثم يقول : اللهم
هذا عن أمتي جميعا
من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ ثم أتى بالآخر فذبحه وقال : اللهم هذا عن
محمد وآل محمد ثم يطعمهما المساكين ويأكل هو وأهله منهما ، فمكثنا سنتين
قد كفانا الله الغرم والمؤنة ليس أحد من بني هاشم يضحي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {هم ناسكوه} يعني هم ذابحوه {فلا ينازعنك في الأمر} يعني في أمر الذبائح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال ذبحا هم ذابحوه.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه {منسكا هم ناسكوه} قال : اهراقه دم الهدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا} قال : ذبحا وحجا.
وأخرج
ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فلا ينازعنك في الأمر} قول أهل الشرك ،
أما ما ذبح الله بيمينه فلا تأكلون وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلال.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وادع إلى ربك} قال : إلى دين ربك
{إنك لعلى هدى} قال : دين مستقيم {وإن جادلوك} يعني في الذبائح.
وأخرج ابن المنذر عن جريج {وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون} لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.
-
قوله تعالى : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب
إن ذلك على الله يسير * ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس
لهم به علم وما للظالمين من نصير.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام
وقال : للقلم - قبل ان يخلق الخلق وهو على العرش - اكتب قال : ما أكتب قال
: علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة فجرى القلم بما هو كائن في علم الله
إلى يوم القيامة فذلك قوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - {ألم تعلم أن
الله يعلم ما في السماء والأرض} يعني ما في السموات السبع والأرضين السبع
{إن ذلك} العلم {في كتاب} يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل ان يخلق
السموات والارضين {إن ذلك على الله يسير} يعني هين.
وأخرج ابن مردويه
عن أنس رضي الله عنه : ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : سيفتح
الله على أمتي بابا من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء ويكفيكم من ذلك أن
تقولوا : {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن
ذلك على الله يسير}.
وأخرج اللالكائي في السنة من طريق آخر عن سليمان بن جعفر القرشي مرفوعا مثله مرسلا.
-
قوله تعالى : وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا
المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم
النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يكادون يسطون} قال : يبطشون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {يكادون يسطون} قال : يبطشون ، كفار قريش والله أعلم.
-
قوله تعالى : ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون
الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه
منه ضعف الطالب والمطلوب * ماقدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له} قال : نزلت في صنم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه {ضعف الطالب} آلهتكم {والمطلوب} الذباب.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {لن يخلقوا ذبابا} يعني
الصنم لا يخلق ذبابا {وإن يسلبهم الذباب شيئا} يقول : يجعل للاصنام طعام
فيقع عليه الذباب فيأكل منه فلا يستطيع ان يستنقذه منه ثم رجع إلى الناس
والى الاصنام {ضعف الطالب} الذي يطلب إلى هذا الصنم الذي لا يخلق ذبابا
ولا يستطيع ان يستنقذ ما سلب منه وضعف {والمطلوب} اليه ، الذي لا يخلق
ذبابا ولا يستنقذ ما سلب منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن
عكرمة رضي الله عنه في قوله {إن الذين تدعون من دون الله} إلى قوله : {لا
يستنقذوه منه} قال : الأصنام ، ذلك الشيء من الذباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه - في قوله : {ما قدروا الله حق قدره} قال : حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في شعب الايمان عن طارق بن شهاب رضي
الله عنه قال : قال سلمان دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار في ذباب ،
قالوا : وما الذباب فرأى ذبابا على ثوب انسان فقال : هذا الذباب ، قالوا :
وكيف ذلك قال : مر رجلان مسلمان على قوم يعكفون على صنم لهم لا يجاوزه أحد
حتى يقرب له شيئا فقالوا لهما : قربا
لصنمنا قربانا ، قالاك لا نشرك
بالله شيئا ، قالوا : قربا ما شئتما ولو ذبابا ، فقال أحدهما لصاحبه : ما
ترى قال أحدهما : لا أشرك بالله شيئا ، فقتل فدخل الجنة ، فقال الآخر :
بيده على وجهه فاخذ ذبابا فالقاه على الصنم فخلوا سبيله فدخل النار.
-
قوله تعالى : الله يصطفي من الملائكه رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير *
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور * ياأيها الذين آمنوا
اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رصي الله عنه في الآية قال : الذي {يصطفي} من الناس هم الانبياء عليهم الصلاة والسلام.
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - : ان الله اصطفى موسى بالكلام وابراهيم بالخلة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال : موسى بن عمران صفي الله.
وأخرج
البغوي في معجمه والباوردي ، وَابن قانع والطبراني ، وَابن عساكر عن زيد
بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- في مسجد المدينة فجعل يقول : اين فلان أين فلان فلم يزل يتفقدهم وينصب
اليهم حتى اجتمعوا عنده فقال : اني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه وحدثوا به من بعدكم ان الله اصطفى من خلقه خلقا ثم تلا هذه الآية {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس} خلقا يدخلهم الجنة واني مصطف منكم من أحب أن اصطفيه ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة قم يا أبا بكر ، فقام فجثا بين يديه ، فقال : ان لك عندي يدا ان الله يجزيك بها فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي وحرك قميصه بيده ، ثم قال : ادن يا عمر فدنا ثم قال : ادن يا عمر فدنا ثم قال : كنت شديد الثغب علينا ابا حفص فدعوت الله ان يعز الدين بك أو بأبي جهل ففعل الله ذلك لك وكنت أحبهما الي فانت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة ، ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر ثم دعا عثمان بن عفان فقال : ادن يا عثمان ادن يا عثمان فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نظر اليه ثم نظر إلى السماء فقال : سبحان الله العظيم ثلاث مرات ثم نظر إلى عثمان فاذا ازراره محلولة فزرها رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بيده ثم قالك اجمع عطفي ردائك على نحرك فان لك شأنا في أهل السماء أنت ممن يرد علي
الحوض وأوداجه تشخب دما فاقول من فعل هذا بك فتقول فلان ،
وذلك كلام جبريل وذلك اذا هتف من السماء : إلا ان عثمان أمير على كل خاذل
، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال : ادن ياأمين الله والامين في السماء
يسلط الله على مالك بالحق أما ان لك عندي دعوة وقد أخرتها ، قالك خر لي يا
رسول الله ، قال : حملتني يا عبد الرحمن أمانة أكثر
الله مالك ، وجعل
يحرك يده ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان ثم دخل طلحة والزبير فقال : ادنوا
مني فدنوا منه فقال : أنتما حواري كحواري عيسى بن مريم ، ثم آخى بينهما ثم
دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال : يا عمار تقتلك الفئة الباغية ،
ثم آخى بينهما ثم دعا أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال : يا سلمان أنت منا
أهل البيت وقد آتاك الله العلم الاول والعلم الإخر والكتاب الاول والكتاب
الآخر ، ثم قال إلا أنشدك يا أبا الدرداء قال : بلى يا رسول الله ، قال :
ان تنقدهم ينقدوك وان تتركهم لا يتركوك وان تهرب منهم يدركوك فاقرضهم
عرضك
ليوم فقرك ، فآخى بينهما ثم نظر في وجوه أصحابه فقال : ابشروا وقروا عينا
فانتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف ، ثم نظر إلى عبد الله بن
عمر فقال : الحمد لله الذي يهدي من الضلالة فقال علي : يا رسول الله ذهب
روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت باصحابك غيري فان كان من سخط علي
فلك العتبى والكرامة ، فقال : والذي بعثني بالحق وما أخرتك إلا لنفسي فانت
عندي بمنزلة هرون من موسى ووارثي ، فقال : يا رسول الله ما أرث منك قال :
ما ورثت الانبياء ، قال : وما ورثت الانبياء قبلك قال : كتاب الله وسنة
نبيهم وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي وأنت أخي ورفيقي ثم تلا
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه ، الآية {إخوانا على سرر متقابلين}
، الاخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {يا أيها الذين آمنوا اركعوا} ، قال انما هي أدب وموعظة.
-
قوله تعالى : وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين
من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول
شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير
أخرج ابن مردويه عن
عبد الرحمن بن عوف قال : قال لي عمر ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ {وجاهدوا في
الله حق جهاده} في آخر الزمان كما جاهدتم في
أوله قلت : بلى ، فمتى
هذا يا أمير المؤمنين قال : اذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة
الوزراء ، وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة ، قال : قال عمر
لعبد الرحمن بن عوف فذكره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : جاهدوا عدو محمد حتى يدخلوا في الإسلام.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه
{وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : ان الرجل ليجاهد في الله حق جهاده وما
ضرب بسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} يعني العمل أن يجتهدوا فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : يطاع فلا يعصى.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال
: لا تخافوا في الله لومة لائم {هو اجتباكم} قال : استخلصكم.
وأخرج ابن مردويه عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن عائشة - رضي الله عنها - انها
سألت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الإية {وما جعل عليكم في
الدين من حرج} قال : من ضيق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد قال : قال أبو
هريرة لابن عباس أما علينا في الدين من حرج في أن نسرق أو نزني قال : بلى
، قال : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال : الاصر الذي كان على بني
اسرائيل وضع عنكم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن شهاب ان ابن عباس كان يقول : في
قوله : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} توسعة الإسلام ما جعل الله من التوبة ومن الكفارات.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عثمان بن بشار عن ابن عباس {وما جعل عليكم في الدين من
حرج} قال : هذا في هلال رمضان اذا شك فيه الناس وفي الحج اذا شكوا في الهلال وفي الأضحى وفي الفطر وفي أشباهه.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق سعيد بن جبير أن
ابن عباس سئل عن الحرج فقال : ادعوا لي رجلا من هذيل فجاءه فقال : ما
الحرج فيكم فقال : الحرجة من الشجر التي ليس لها مخرج ، فقال ابن عباس :
هذا الحرج الذي ليس له مخرج.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر
والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عبيد الله بن أبي يزيد ان ابن عباس سئل عن
الحرج فقال : ههنا احد من هذيل فقال رجل : أنا ، فقال : ما تعدون الحرجة
فيكم قال : الشيء الضيق ، قال : هو ذاك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة
قال : الحرج الضيق لم يجعله ضيقا ولكنه جعله واسعا أحل لكم من النساء مثنى
وثلاث ورباع {وما ملكت أيمانكم} {حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير}.
وأخرج
محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات ، وَابن عساكر عن ابن شهاب قال : سأل عبد
الملك بن مروان علي بن عبد الله عن هذه الآية {وما جعل عليكم في الدين من
حرج} فقال علي بن عبد الله : الحرج الضيق جعل الله الكفارات مخرجا من ذلك
، سمعت ابن عباس يقول ذلك.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن محمد بن زيد
بن عبد الله بن عمر قال : قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية {وما جعل عليكم في
الدين من حرج} ثم قال : ادعوا لي رجلا من بني مدلج ، قال عمر : ما الحرج
فيكم قال : الضيق.
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان قال : غاب عنا رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج فلما خرج
سجد سجدة فظننا أن نفسه قد قبضت فلما رفع رأسه قال : ان ربي عز وجل
إستشارني في أمتي ماذا أفعل بهم
فقلت : ما شئت أي رب هم خلقك وعبادك
فاستشارني الثانية فقلت له كذلك فقال : لا أخزيك في أمتك يا محمد وبشرني :
ان أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفا مع كل ألف سبعون ألفا ليس
عليهم حساب ، ثم أرسل الي ادع تجب وسل تعط فقلت لرسوله : أو معطي ربي سؤلي
قال :
ما أرسلني إليك إلا ليعطيك ، ولقد أعطاني ربي عز وجل ولا فخر
وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخروأنا أمشي حياء وأعطاني أن لا تجوع أمتي
ولا تغلبوأعطاني الكوثر فهو نهر في الجنة يسيل في حوضي وأعطاني العز
والنصر والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرا وأعطاني : أني أول الانبياء أدخل
الجنة وطيب لي ولأمتي الغنيمة وأحل لنا كثيرا ممن شدد على من قبلنا ولم
يجعل علينا من حرج فلم أجد لي شكرا إلا هذه السجدة.
وأخرج ابن أبي حاتم
عن مقاتل بن حيان في قوله : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} يقول : لم
يضيق الدين عليكم ولكن جعله واسعا لمن دخله وذلك أنه ليس مما فرض عليهم
فيه إلا ساق اليهم عند الاضطرار رخصة والرخصة في الدنيا فيها وسع عليهم
رحمة منه اذا فرض عليهم الصلاة في المقام أربع ركعات وجعلها في السفر
ركعتين وعند الخوف من العدو ركعة ثم جعل في وجهة رخصة ان يوميء إيماء ان
لم يستطيع السجود في أي نحو كان وجهه لمن تجاوز عن السيئات منه والخطأ
وجعل في الوضوء والغسل
رخصة اذا لم يجد الماء ان يتيمموا الصعيد
وجعل الصيام على المقيم واجبا ورخص فيه للمريض والمسافر عدة من أيام أخر
فمن لم يطق فإطعام مسكين مكان كل يوم وجعل في الحج رخصة ان لم يجد زادا أو
حملانا أو حبس دونه وجعل في الجهاد رخصة ان لم يجد حملانا أو نفقة وجعل
عند الجهد والاضطرار من الجوع : ان رخص في الميتة والدم ولحم الخنزير قدر
ما يرد نفسه لا يموت جوعا في أشباه هذا في القرآن وسعة الله على هذه الأمة
رخصة منه ساقها إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ملة أبيكم إبراهيم} قال : دين أبيكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {هو سماكم المسلمين من قبل} قال الله عز وجل {سماكم}.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله : {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل {سماكم المسلمين من قبل}
قال الكتب كلها وفي الذكر {وفي هذا} قال : القرآن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {هو سماكم} قال الله {سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} أي في
كتابكم : {ليكون الرسول شهيدا عليكم} أنه قد بلغكم {وتكونوا شهداء على الناس} ان رسلهم قد بلغتهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان في قوله : {هو سماكم المسلمين}
قال الله عز وجل {من قبل} قال : في التوراة والإنجيل {وفي هذا} قال :
القرآن {ليكون الرسول شهيدا عليكم} قال : بأعمالكم {وتكونوا شهداء على
الناس} قال : على الأمم بأن الرسل قد بلغتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن
ابن زيد في الآية قال : لم يذكر الله بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة
ذكرت بهما جميعا ولم يسمع بأمة ذكرت بالإسلام والإيمان غيرها.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {هو سماكم المسلمين} قال إبراهيم : ألا
ترى إلى قوله {ربنا واجعلنا مسلمين لك} الآية : كلها.
وأخرج الطيالسي
وأحمد ، وَابن حبان والبخاري في تاريخه والترمذي وصححه والنسائي والموصلي
، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والباوردي ، وَابن قانع والطبراني والحاكم ،
وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن الحارث الاشعري عن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - قال : من دعا بدعوى الجاهلية فانه من جثاء جهنم قال رجل
: يا رسول الله وان صام وصلى قال : نعم ، فادعوا بدعوة الله التي سماكم
بها المسلمين
والمؤمنين عباد الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال : تسموا باسمائكم التي سماكم الله بها : بالحنيفية والإسلام والايمان.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف وإسحاق بن راهوية في مسنده عن مكحول : ان
النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال : تسمى الله بأسمين سمى بهما أمتي :
هو السلام وسمى أمتي المسلمين وهو المؤمن وسمى أمتي المؤمنين والله تعالى
أعلم.
*
بسم الله الرحمن الرحيم *- سورة المؤمنون.
مكية وآياتها ثماني عشرة ومائة.
مقدمة سورة المؤمنون.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة المؤمنين.
وأخرج
عبد الرزاق والشافعي وسعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد
والبخاري في تاريخه ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن خزيمة والطحاوي
، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن ثابت قال صلى
النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : بمكة الصبح فاستفتح سورة المؤمنين حتى
اذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع.
- قد أفلح المؤمنون.
أخرج
عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر
والعقيلي والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن عمر
بن الخطاب قال : كان اذا انزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي
يسمع
عند وجهه كدوي النحل فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة
فرفع يديه فقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا
تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرض عنا وأرضنا ثم قال : لقد أنزلت علي عشر
آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ {قد أفلح المؤمنون} حتى ختم العشر.
وأخرج
البخاري في الادب المفرد والنسائي ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن
مردويه والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة كيف كان
خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كان خلقه القرآن ، ثم قالت :
تقرأ سورة المؤمنون {قد أفلح المؤمنون} فقرأ حتى بلغ العشر فقالت : هكذا
كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرج ابن عدي والحاكم
والبيهقي في الاسماء والصفات عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده وقال لها : تكلمي ، فقالت {قد
أفلح المؤمنون}.
وأخرج الطبراني في السنة ، وَابن مردويه من حديث ابن عباس مثله.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {قد أفلح المؤمنون} قال : قال
كعب : لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة ، خلق آدم بيده والتوراة بيده وغرس جنة
عدن بيده ثم قال : تكلمي ، فقالت : {قد أفلح المؤمنون} لما علمت فيها من
الكرامة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لما غرس الله الجنة نظر اليها فقال : {قد أفلح المؤمنون}.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : لما خلق الله الجنة قال {قد أفلح المؤمنون} وأنزل الله به قرآنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {قد أفلح المؤمنون} يعني : سعد المصدقون بتوحيد الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن طلحة بن مصرف أنه كان يقرأ {قد أفلح المؤمنون} برفع أفلح.
وأخرج عن عاصم أنه قرأ بنصب (أفلح).
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله {قد أفلح
المؤمنون} قال : فازوا وسعدوا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما
سمعت قول لبيد ، فاعقلي ان كنت ما تعقلي * ولقد أفلح من كان عقل.
- قوله تعالى : الذين هم في صلاتهم خاشعون.
أخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن محمد ابن سيرين
قال : نبئت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان اذا صلى يرفع بصره
إلى السماء فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد
وأبو داود في مراسيله ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في
"سُنَنِه" من وجه آخر عن ابن سيرين قال : كان النَّبِيّ - صلى الله عليه
وسلم - اذا قام في
الصلاة نظر هكذا وهكذا يمينا وشمالا فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فحنى رأسه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد
ابن سيرين قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون
أبصارهم إلى السماء في الصلاة ويلتفتون يمينا وشمالا فأنزل الله {قد أفلح
المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} فقالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم
بعد ذلك في الصلاة ولم يلتفتوا يمينا ولا شمالا.
وأخرج عبد الرزاق ،
وَابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ربما ينظر إلى الشيء في الصلاة فرفع بصره حتى نزلت آية ان لم تكن هذه فلا
أدري ما هي {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فوضع رأسه.
وأخرج ابن مردويه
والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن
النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان أذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت
{الذين هم في صلاتهم خاشعون} فطأطأ رأسه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : كانوا اذا قاموا في الصلاة اقبلوا على صلاتهم وخفضوا
أبصارهم إلى موضع سجودهم وعلموا ان الله يقبل عليهم فلا يلتفتون يمينا لولا شمالا.
وأخرج
ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في
"سُنَنِه" عن علي أنه سئل عن قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال :
الخشوع في القلب وان تلين كنفك للمرء المسلم وان لا تلتفت في صلاتك.
وأخرج ابن جرير وان المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : خائفون ساكنون.
وأخرج
الحكيم الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - تعوذوا بالله من خشوع النفاق ، قالوا يا رسول
الله وما خشوع النفاق قال : خشوع البدن ونفاق القلب.
وأخرج ابن المبارك
، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : استعيذوا بالله من
خشوع النفاق ، قيل له : وما خشوع النفاق قال : ان
ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : الخشوع في القلب هو الخوف وغض البصر في الصلاة.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم {الذين هم في
صلاتهم خاشعون} قال : الخشوع في القلب ، وقال : ساكتون.
وأخرج ابن جرير
، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : كان
خشوعهم في قلوبهم فغضوا بذلك أبصارهم وخفضوا لذلك الجناح.
وأخرج عبد
الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الزهري
{الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : هو سكون المرء في صلاته.
وأخرج ابن
المبارك وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن
مجاهد في الآية قال : الخشوع في الصلاة السكوت فيها.
وأخرج ابن
سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن مجاهد عن عبد الله بن الزبير ،
أنه كان يقوم للصلاة كأنه عود وكان أبو بكر رضي الله عنه يفعل ذلك ، وقال
مجاهد : هو الخشوع في الصلاة.
وأخرج الحكيم الترمذي من طريق القاسم بن
محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان والدة عائشة قالت : رآني أبو بكر
الصديق رضي الله عنه أتميل في صلاتي فزجرني زجرة كدت أنصرف من صلاتي قال :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول اذا قام أحدكم في الصلاة
فليسكن أطرافه لا يتميل اليهود فان سكون الاطراف في الصلاة من تمام الصلاة.
وأخرج
الحكيم الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى
رجلا يعبث بحليته في صلاته فقال : لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه.
وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة قال : سألت مسلم بن يسار عن الخشوع في الصلاة فقال : تضع بصرك حيث تسجد.
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت : سألت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس
يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنه قال في مرضه (اقعدوني اقعدوني فان عندي
وديعة أودعتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يلتفت أحدكم في
صلاته فان كان لا بد فاعلا ففي غير ما افترض الله عليه.
وأخرج عبد
الرزاق ، وَابن أبي شيبة من طريق عطاء قال سمعت أبا هريرة يقول : اذا صليت
فان ربك امامك وأنت مناجيه فلا تلتفت ، قال عطاء : وبلغني ان الرب يقول :
يا ابن آدم إلى من تلتفت أنا خير لك ممن تلتفت إليه.
وأخرج ابن أبي
شيبة عن أبي الدرداء قال : اياكم والالتفاف في الصلاة فانه لا صلاة
للمتلفت واذا غلبتم على تطوع فلا تغلبوا على المكتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : ان الله لا يزال مقبلا على العبد
ما دام في صلاته ما لم يحدث أو يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن منقذ قال : اذا قام الرجل إلى
الصلاة أقبل الله عليه بوجهه فاذا التفت أعرض عنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : اذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه ما لم يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال : ان من تمام الصلاة ان لا تعرف من عن يمينك ولا من عن شمالك.
وأخرج
الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير بن عوف بن مالك أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - نظر إلى السماء يوما فقال : هذا أوان ما يرفع العلم فقال
له رجل من الأنصار يقال له ابن لبيد : يا رسول الله كيف يرفع وقد أثبت في
الكتب ووعته القلوب فقال : ان كنت لا حسبك من أفقه أهل المدينة ثم ذكر
ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله قال : فلقيت شداد بن
أوس فحدثته فقال : صدق عوف إلا أخبرك بأول ذلك ، قلت : بلى قال : الخشوع
حتى لا ترى خاشعا.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال كنا
مع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشخص ببصره إلى السماء ثم قال : هذا
أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء فقال زياد بن لبيد :
يا رسول الله وكيف يختلس العلم منا وقد قرأنا القرآن فو الله لنقرأنه
ولنقرئنه نساءنا وابناءنا فقال : ثكلتك أمك يا زياد ان كنت لا عدك من
فقهاء أهل المدينة هذا التوراة والانجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني
عنهم فلقيت عبادة بن الصامت فقلت له : ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء
وأخبرته ، فقال صدق وان شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس الخشوع ، يوشك
أن تدخل المسجد فلا ترى فيه رجلا خاشعا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في
الزهد والحاكم وصححه عن حذيفة قال : أول ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر
ما تفقدون من دينكم الصلاة ، ولتنقضن عرا الإسلام عروة عروة وليصلين
النساء وهن حيض ولتسلكن طريق من كان قبلكم حذو القذة بالقذة وحذو النعل
بالنعل لا تخطو طريقهم ولا تخطى ء بكم حتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة تقول
احداهما : ما بال الصلاة الخمس لقد ضل من كان قبلنا إنما قال الله {وأقم
الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} هود ، الآية 114 لا تصلوا إلا ثلاثا ،
وتقول الأخرى : إنما المؤمنون بالله
كإيمان الملائكة لا فينا كافر ولا منافق حق على الله أن يحشرها مع الدجال.
وأخرج
أحمد عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : منكم من يصلي
الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر.
وأخرج
ابن أبي شيبة ومسلم ، وَابن ماجة ، عَن جَابر بن سمرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : لينتهين قوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو
لا ترجع إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي ،
وَابن ماجة عن أنس بن مالك ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما بال
أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد في ذلك حتى قال : لينتهن
عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لينتهين أقوام
يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : أما يخشى أحدكم اذا رفع بصره إلى السماء أن لا يرجع إليه بصره يعني وهو في الصلاة.
-
قوله تعالى : والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون *
والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير
ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم
وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين هم عن اللغو معرضون} قال : الباطل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله {والذين هم عن اللغو} قال : عن المعاصي.
وأخرج ابن المبارك عن قتادة في قوله {والذين هم عن اللغو معرضون} قال : أتاهم والله من أمر الله ما وقذهم عن الباطل.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {والذين هم للزكاة فاعلون} يعني :
الأموال {والذين هم لفروجهم حافظون} يعني : الفواحش {إلا على أزواجهم أو
ما ملكت أيمانهم} يعني ، ولا ئدهم !
{فإنهم غير ملومين} قال :
لا
يلومون على جماع أزواجهم وولائدهم {فمن ابتغى وراء ذلك} يعني ، فمن طلب
الفواحش بعد الازواج والولائد طلب ما لم يحل {فأولئك هم العادون} يعني :
المعتدين في دينهم {والذين هم لأماناتهم} يعني ، بهذا ما ائتمنوا عليه
فيما بينهم وبين الناس {وعهدهم} قال : يوفون العهد {راعون} قال : حافظون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إلا على أزواجهم} يعني ، إلا من امرأته {أو ما ملكت أيمانهم} قال : أمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : كل فرج عليك حرام إلا فرجين ، قال الله {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فمن
ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} يقول : من تعدى الحلال أصابه الحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الرحمن في قوله {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} قال : الزنا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن أبي مليكة قال : سئلت عائشة عن متعة النساء فقالت : بيني وبينكم كتاب الله
وقرأت {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا.
وأخرج
عبد الرزاق عن وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمدأنه سئل عن المتعة
فقال : اني لا أرى تحريمها في القرآن ثم تلا {والذين هم لفروجهم حافظون
إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قال :
تسرت امرأة غلاما لها فذكرت لعمر رضي الله عنه فسألها : ما حملك على هذا
فقالت : كنت أرى أنه يحل لي ما يحل للرجل من ملك اليمين ، فاستشار عمر رضي
الله عنه فيها أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : تأولت كتاب
الله على غير تأويله ، فقال عمر : لا جرم والله لا أحلك لحر بعده أبدا ،
كأنه عاقبها بذلك ودرأ الحد عنها وأمر العبد أن لا يقربها.
وأخرج عبد
الرزاق عن أبي بكر بن عبد الله أنه سمع أباه يقول : حضرت عمر ابن عبد
العزيز جاءته امرأة من العرب بغلام لها رومي فقال : إني استسريته فمنعني
بنو عمي وإنما أنا يمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها فأبى علي بنو عمي
فقال لها عمر : أتزوجت قبله قالت : نعم ، قال : أما والله لولا منزلتك من
الجهالة
لرجمتك بالحجارة.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه سئل عن امرأة أحلت جاريتها
لزوجها فقال : لا يحل لك أن تطأ فرجا إلا فرجا ان شئت بعت وان شئت وهبت
وان شئت أعتقت.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن وهب قال : جاء رجل إلى ابن
عمر فقال : ان أمي كانت لها جارية وانه أحلتها ألي أطوف عليها ، فقال : لا
تحل لك ألا أن تشتريها أو تهبها لك.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : اذا أحلت امرأة الرجل أو ابنته أو أخته له جاريتها فليصبها وهي لها.
وأخرج عبد الرزاق ، عَن طاووس أنه قال : هو أحل من الطعام فان ولدت فولدها للذي أحلت له وهي لسيدها الأول.
وأخرج
عبد الرزاق عن عطاء قال : كان يفعل يحل الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه
وأبيه والمرأة لزوجها ولقد بلغني أن الرجل يرسل وليدته إلى ضيفه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : الفرج لا يعار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : لا يعار الفرج.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والذين
هم على صلواتهم يحافظون} قال : أي على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : ماكان في القرآن {يحافظون} فهو على مواقيت الصلاة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن
ابن مسعود أنه قيل له : ان الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن {الذين هم على
صلاتهم دائمون} المعارج الآية 23 {والذين هم على صلواتهم يحافظون} قال :
ذاك على مواقيتها ، قالوا ما كنا نرى ذلك إلا على تركها ، قال : تركها
الكفر.
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله {والذين هم على صلواتهم يحافظون} قال : المكتوبة ، والذي في سأل التطوع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {والذين هم على صلاتهم يحافظون} قال : على المكتوبة.
- قوله تعالى : أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون.
أخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن أبي هريرة
في قوله {الوارثون} قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو
أطاعوا الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في
الجنة ومنزل في النار ، فاذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك
قوله {أولئك هم الوارثون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أنس أن الربيع بنت
النضر أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابنها الحارث بن سراقة أصيب
يوم بدر أصابه سهم غرب فقالت : اخبرني عن حارثة فان كان أصاب الجنة احتسبت
وصبرت وان كان لم يصب الجنة اجتهدت في
الدعاء فقال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم : يا أم حارثة انها جنان في جنة وان ابنك أصاب الفردوس
الاعلى والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها.
- قوله تعالى : ولقد
خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا
النطفه علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما
ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * ثم إنكم بعد ذلك لميتون
* ثم إنكم يوم القيامة تبعثون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم
عن قتادة في قوله {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال بدء آدم خلق
من طين {ثم جعلناه نطفة} قال : ذرية آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}
قال : هو الطين اذا قبضت عليه خرج ماؤه من بين أصابعك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة}
قال : استل استلالا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {من سلالة}
قال : السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {من سلالة}
قال : من مني آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : الانسان خلق من طين وإنما تلين القلوب في الشتاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : استل آدم من طين وخلقت ذريته من ماء مهين.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : ان النطفة اذا وقعت في الرحم طارت في كل
شعر وظفر فتمكث أربعين يوما ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة.
وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس مرفوعا النطفة التي يخلق منها الولد ترعد لها الاعضاء والعروق كلها اذا خرجت وقعت في الرحم.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : سألنا ابن
عباس عن العزل فقال : اذهبوا فاسألوا الناس ثم ائتوني واخبروني فسألوا ثم
اخبروه أنهم قالوا أنها المؤودة الصغرى وتلا هذه الآية {ولقد خلقنا
الإنسان من سلالة} حتى فرغ منها ثم قال : كيف تكون من الموؤدة حتى تمر على
هذه الخلق.
وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن عزل النساء فقال : ذلك الوأد الخفي.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال في العزل : هي الموؤدة الخفيه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس أن أنه كان يقرأ {فخلقنا المضغة عظاما}.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ {فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (فخلقنا المضغة عظما) بغير ألف (فكسونا العظام) على واحده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : نفخ فيه الروح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي العالية {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : جعل فيه الروح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد وعكرمة مثله.
وأخرج عبد حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : حين استوى به الشباب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال :
الاسنان والشعر قيل أليس قد يولد وعلى رأسه الشعر قال : فأين العانة والابط.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال :
نزلت هذه الآية على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ولقد خلقنا الإنسان من
سلالة من طين} إلى قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال عمر {فتبارك الله أحسن
الخالقين} فقال والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت يا عمر.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : قال عزير : يا رب أمرت الماء فجمد في
وسط الهواء فجعلت منه سبعا وسميتها السموات ثم أمرت الماء ينفتق على
التراب وأمرت التراب أن يتميز من الماء فكان كذلك فسميت ذلك جميع الارضين
وجميع الماء البحار ثم خلقت من الماء أعمى عين بصرته ومنها أصم آذان
أسمعته ومنها ميت أنفس أحييته خلقت ذلك بكلمة واحدة منها ما عيشه الماء
ومنها ما لا صبر له على الماء خلقا مختلفا في الاجسام والألوان جنسته
أجناسا وزوجته أزواجا وخلقت أصنافا والهمته الذي خلقته ثم خلقت من التراب
والماء دواب الأرض
وما شيتها وسباعها {فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم
من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} النور الآية 45 ومنهم العظم
الصغير ثم وعظته بكتابك وحكمتك ثم قضيت عليه الموت لا محالة ، ثم أنت
تعيده كما بدأته وقال عزير : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك فأتى على مشيئتك
ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد تسقى بماء واحد فجاء
على مشيئتك مختلفا أكله ولونه وريحه وطعمه ومنه الحلو ومنه الحامض والمر
والطيب ريحه والمنتن والقبيح والحسن وقال عزير : يا رب انما نحن خلقك وعمل
يديك خلقت أجسادنا في أرحام أمهاتنا وصورتنا كيف تشاء بقدرتك ، جعلت لنا
أركانا وجعلت فيها عظاما وفتقت لنا أسماعا وأبصارا ثم جعلت لنا في تلك
الظلمة نورا وفي ذلك الضيق سعة وفي ذلك الفم روحا ثم هيأت لنا من فضلك
رزقا متفاوتا على مشيئتك لم
تأن في ذلك مؤنة ولم تعي منه نصبا كان عرشك
على الماء والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك ويسبحون بحمدك والخلق
مطيع لك خاشع من خوفك لا يرى فيه نور إلا نورك ولايسمع فيه
صوت إلا سمعك ثم فتحت خزانة النور وطريق الظلمة فكانا ليلا ونهارا يختلفنا بأمرك.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : خلق الله آدم كما
شاء ومما شاء فكان كذلك {فتبارك الله أحسن الخالقين} خلق من التراب والماء
فمنه شعره ولحمه ودمه وعظامه وجسده فذلك بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن
آدم ثم جعلت فيه النفس فيها يقوم ويقعد ويسمع ويبصر ويعلم ما تعلم الدواب
ويتقي ما تتقي ثم جعلت فيه الروح فبه عرف الحق من الباطل والرشد من الغي
وبه حذر وتقدم واستتر وتعلم ودبر الامور كلها فمن التراب يبوسته ومن الماء
رطوبته فهذا بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم كما أحب أن يكون ثم جعلت
فيه من هذه الفطر الأربع أنواعا من الخلق أربعة في جسد ابن آدم فهي قوام
جسده وملاكه باذن الله وهي : المرة السوداء والمرة الصفراء والدم والبلغم
فيبوسته وحرارته من النفس ومسكنها في الدم وبرودته من قبل الروح ومسكنه في
البلغم
فاذا اعتدلت هذه الفطر في الجسد فكان من كل واحد ربع كان جسدا كاملا وجسما
صحيحا او ان كثر واحد منها على صاحبه قهرها وعلاها وأدخل عليها السقم من
ناحيته وان قل عنها وأخذ عنها غلبت عليه وقهرته ومالت به وضعفت عن قوتها
وعجزت عن طاقتها وأدخل عليها السقم من ناحيته فالطبيب العالم بالداء يعلم
من الجسد حيث أتى سقمه أمن نقصان أم من زيادة.
وأخرج ابن أبي حاتم ،
عَن عَلِي ، قال : اذا نمت النطفة أربعة أشهر بعث إليها ملك فنفخ فيها
الروح في الظلمات الثلاث فذلك قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} يعني نفخ الروح
فيه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} يقول :
خرج من بطن أمه بعد ما خلق فكان من بدء خلقه الآخر ان استهل ثم كان من
خلقه ان دله على ثدي أمه ثم كان من خلقه أن علم كيف يبسط رجليه إلى أن قعد
إلى أن حبا إلى أن قام على رجليه إلى أن مشى إلى أن فطم تعلم كيف يشرب
ويأكل من الطعام إلى أن بلغ الحلم إلى أن بلغ أن
يتقلب في البلاد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : يقول
بعضهم هو نبات الشعر وبعضهم يقول : هو نفخ الروح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {فتبارك الله أحسن الخالقين} قال : يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {فتبارك الله أحسن الخالقين} قال : عيسى بن مريم يخلق.
وأخرج
الطيالسي ، وَابن أبي حاتم وان مردويه ، وَابن عساكر عن أنس قال : قال عمر
: وافقت ربي في أربع ، قلت : يا رسول الله لو صليت خلف المقام ، فانزل
الله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} البقرة الآية 125 وقلت : يا رسول
الله لو اتخذت على نسائك حجابا فانه يدخل عليك البر والفاجر ، فأنزل الله
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} الأحزاب الآية 53 وقلت :
لازواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجا
خيرا منكن ، فأنزلت {عسى ربه إن طلقكن} التحريم الآية 5 ، ونزلت {ولقد
خلقنا الإنسان من سلالة من طين} ، إلى قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} فقلت
أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت {فتبارك الله أحسن الخالقين}.
وأخرج
ابن راهويه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن
مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه
الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله {خلقا آخر} فقال
معاذ بن جبل فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال له معاذ : ما اضحكك يا رسول الله قال : انها ختمت {فتبارك الله أحسن
الخالقين}.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت
{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال عمر : فتبارك الله أحسن
الخالقين فنزلت {فتبارك الله أحسن الخالقين}.
- قوله تعالى : ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق}
قال : السموات السبع.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنا عن الخلق غافلين} قال : لو كان
الله مغفلا شيئا أغفل ما تسفي الرياح من هذه الآثار يعني الخطا.
- قوله
تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به
لقادرون * فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها
تأكلون.
أخرج ابن مردويه والخطيب بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما
عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة
أنهار ، سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا
العراق والنيل وهو نهر مصر ، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة من
أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض
وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم ، فذلك قوله {وأنزلنا من السماء ماء
بقدر فأسكناه في الأرض} فاذا كان عند خروج ياجوج وماجوج أرسل الله جبريل
فيرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر من ركن البيت ومقام إبراهيم
وتابوت موسى بما فيه وهذه الانهار الخمسة فيرفع كل ذلك إلى السماء ، فذلك
قوله {وإنا على ذهاب به لقادرون} فاذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد
أهلها خير الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عطاف
قال : ان الله أنزل أربعة أنهار دجلة والفرات وسيحون وجيجون وهو الماء
الذي قال الله {وأنزلنا من السماء ماء بقدر} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {فأنشأنا لكم به جنات} قال : هي البساتين.
- قوله تعالى : وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {من طور سيناء} قال : هو الجبل الذي نودي منه موسى.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وشجرة تخرج} قال : هي الزيتون من طور
سيناء قال : جبل حسن {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال : جعل الله فيها دهنا وأدما.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه {من طور سيناء} قال : المبارك {تنبت بالدهن} قال : تثمر
الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس {وشجرة تخرج من طور سيناء} قال : هي الزيتون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وشجرة} قال : هي شجرة الزيتون تنبت بالزيت فهو دهن يدهن به وهو صبغ للآكلين يأكله الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي رضي الله عنه قال : سيناء اسم الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الطور الجبل وسينا الحجارة وفي لفظ وسينا الشجر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي {طور سيناء} قال : جبل ذو شجر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {تنبت بالدهن} قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال : يتادمون به ويصبغون به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (من طور سيناء) بنصب السين ممدودة مهموزة الألف (تنبت) بنصب التاء ورفع الباء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سليمان بن عبد الملك أنه كان يقرأ {تنبت بالدهن} بنصب التاء ورفع الباء.
-
قوله تعالى : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها
منافع كثيرة ومنها تأكلون * وعليها وعلى الفلك تحملون * ولقد أرسلنا نوحا
إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * فقال
الملؤ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو
شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين * إن هو إلا رجل
به جنة فتربصوا به حتى حين * قال رب انصرني بما كذبون.
أخرج ابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وإن لكم في الأنعام} قال : الابل والبقر
والضأن والمعز {ولكم فيها منافع} قال : ما تنتج ومنها مركب ولبن ولحم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {وعلى الفلك} قال : السفن.
-
قوله تعالى : فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا
وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول
منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * فإذا استويت أنت ومن معك
على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين.
أخرج ابن جرير
، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاسلك فيها} الآية
، يقول : اجعل معك في السفينة من كل زوجين إثنين.
- قوله تعالى : وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.
أخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وقل رب أنزلني منزلا مباركا} قال لنوح
حين أنزل من السفينة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (أنزلني منزلا) بنصب الميم وخفض الزاي.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
{وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين} قال : يعلمكم كيف تقولون
اذا ركبتم وكيف تقولون اذا نزلتم اما عند الركوب {سبحان
الذي سخر
لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون} الزخرف الآية 13 {بسم
الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} هود الآية 41 وعند النزول {رب
أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين}.
- قوله تعالى : إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
{إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين} قال : أي ابتلى الناس قبلكم.
- قوله
تعالى : ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين * فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن
اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * وقال الملأ من قومه الذين
كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر
مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم
إذا لخاسرون * أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {قرنا} قال : أمة.
-
قوله تعالى : هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت
ونحياوما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له
بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {هيهات هيهات} قال : بعيد بعيد.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة {هيهات لما توعدون} قال : تباعد ذلك في أنفسهم يعني ، البعث
بعد الموت.
- قوله تعالى : فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا
للقوم الظالمين * ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين * ما تسبق من أمة أجلها
وما يستأخرون.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فجعلناهم غثاء} قال : جعلوا
كالشيء الميت البالي من الشجر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فجعلناهم غثاء} قال : هو الشيء البالي.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه {فجعلناهم غثاء} قال : كالرميم الهامد الذي يحتمل السيل ثمود
احتملوا كذلك.
- قوله تعالى : ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة
رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون *
ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين.
أخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم
أرسلنا رسلنا تترا} قال : يتبع بعضهم بعضا ، وفي لفظ قال : بعضهم على أثر
بعض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد وقتادة رضي الله عنه مثله والله أعلم.
-
قوله تعالى : إلى فرعون وملإئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين * فقالوا
أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون * فكذبوهما فكانوا من المهلكين *
ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم
عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وكانوا قوما عالين} قال : علوا على
رسلهم وعصوا رسلهم ذلك علوهم ، وقرأ {تلك
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} القصص الآية 83.
- قوله تعالى : وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين.
أخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} قال : ولدته مريم
من غير أب هو له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} قال : عبرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {وآويناهما} قال : عيسى وأمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وآويناهما} قال : عيسى وأمه حين أويا إلى الغوطة وما حولها.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وآويناهما إلى
ربوة} الآية ، قال : الربوة المستوى والمعين الماء الجاري وهو النهر الذي
قال الله {قد جعل ربك تحتك سريا} مريم الآية 24.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما !
{وآويناهما إلى ربوة} قال : هي المكان المرتفع من الأرض وهي أحسن ما يكون فيه النبات {ذات قرار} ذات خصب {ومعين} ماء ظاهر.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
{إلى ربوة} قال : مستوية {ذات قرار ومعين} قال : ماء جار.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير
رضي الله عنه في الآية قال الربوة المكان المرتفع وهو لبيت المقدس والمعين
الماء الظاهر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير ،
وَابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه {وآويناهما إلى ربوة} قال : كنا نحدث
ان الربوة بيت المقدس {ذات قرار} ذات ثمر كثير {ومعين} ماء جار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه !
{وآويناهما إلى ربوة} قال : هي مصر.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {وآويناهما إلى ربوة} قال : وليس
الربى إلا بمصر ، والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى لولا الربى
لغرقت تلك القرى.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي الاسكندرية.
وأخرج
ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن عيسى بن مريم أمسك عن
الكلام بعد أن كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم أنطقه الله بعد ذلك
بالحكمة والبيان فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه إلى رجل يعلمه كما يعلم
الغلمان فلا يعلمه شيئا إلا بدره عيسى إلى علمه قبل أن يعلمه إياه فعلمه
أبا جاد فقال
عيسى : ما أبو جاد قال المعلم : لا أدري ، فقال عيسى :
كيف تعلمني ما لا تدري فقال المعلم : إذن فعلمني ، فقال له عيسى : فقم من
مجلسك فقام ، فجلس عيسى مجلسه فقال : سلني فقال
المعلم : ما أبو جاد
فقال عيسى : ألف آلاء الله باء بهاء الله جيم بهجة الله وجماله فعجب
المعلم فكان أول من فسر أبا جاد عيسى عليه السلام وكان عيسى يرى العجائب
في صباه الهاما من الله ففشا ذلك في اليهود وترعرع عيسى فهمت به بنو
اسرائيل فخافت أمه عليه فأوحى الله إليها : أن تنطلق به إلى أرض مصر فذلك
قوله {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} فسئل ابن عباس : ألا قال آيتنان وهما
آيتان : فقال ابن عباس : انما قال آية لأن عيسى من آدم ولم يكن من أب لم
يشاركها في عيسى أحد فصار (آية ، واحدة) {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار
ومعين} قال : يعني أرض مصر.
وأخرج وكيع والفريابي ، وَابن أبي شيبة ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وتمام الرازي في فضائل
النبوة ، وَابن عساكر بسند صحيح عن ابن عباس في قوله {إلى ربوة} قال :
أنبئنا بانها دمشق.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام في قوله : {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي دمشق.
وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن سخبرة الصحابي قال : دمشق هي الربوة المباركة.
وأخرج
ابن عساكر بسند ضعيف عن أبي امامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه
تلا هذه الآية {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} قال : أتدرون أين هي
قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هي بالشام بأرض يقال لها الغوطة مدينة
يقال لها دمشق هي خير مدن الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن
المسيب {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي دمشق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن مرة البهزي
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (الرملة الربوة).
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم
، وَابن عساكر عن أبي هريرة في قوله {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي الرملة
في فلسطين وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعا.
وأخرج الطبراني ، وَابن
السكن ، وَابن منده وأبو نعيم ، وَابن عساكر من طرق عن الاقرع بن شفي
العكي رضي الله عنه قال دخل علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في مرض
يعودني فقلت : لا أحسب إلا أني ميت من مرضي ، قال : كلا لتبقين ولتهاجرن
منها إلى أرض الشام وتموت وتدفن بالربوة من أرض فلسطين ، فمات في خلافة
عمر رضي الله عنه ودفن بالرملة.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة عن الحسن في
قوله {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} قال : هي أرض ذات أشجار وأنهار
يعني أرض دمشق ، وفي لفظ قال : ذات ثمار وكثرة ماء هي دمشق.
- قوله تعالى : ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم * وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.
أخرج
أحمد ومسلم والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس ان الله طيب لا يقبل إلا
طيبا {واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا
من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام
ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي من الحرام يمد يديث إلى السماء يارب يارب
فاني يستجاب لذلك.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه والحاكم وصححه عن أم عبد الله أخت شداد بن أوس أنها بعثت إلى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقدح لبن عند فطره وهو صائم فرد اليها
رسولها اني لك هذا اللبن قال : من شاة لي ، فرد اليها رسولها انى لك الشاة
فقالت : اشتريتها من مالي ، فشرب منه ، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله
فقالت : يا رسول الله بعثت اليك بلبن فرددت إلى الرسول فيه فقال لها :
بذلك أمرت الرسل قبلي ان لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا.
وأخرج عبدان في الصحابة عن حفص بن أبي جبلة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في
قوله تعالى {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} الآية ، قال : ذاك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه مرسل حفص تابعي.
وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري مثله موقوفا عليه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم
في الحلية عن أبي ميسرة عن عمر بن شرحبيل في قوله {يا أيها الرسل كلوا من
الطيبات} قال :
كان عيسى بن مريم عليه السلام يأكل من غزل أمه.
وأخرج
البيهقي في الشعب عن جعفر بن سليمان عن ثابت بن عبد الوهاب بن أبي حفص قال
: امسى داود عليه السلام صائما فلما كان عند افطاره أتي بشربة لبن فقال :
من أين لكم هذا اللبن قالوا : من شاتنا ، قال : ومن أين ثمنها قالوا : يا
نبي الله من أين تسأل قال : انا معاشر الرسل أمرنا أن نأكل من الطيبات
ونعمل صالحا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن حنظلة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ما جاءني جبريل ألا أمرني بهاتين الدعوتين ، اللهم ارزقني
طيبا واستعملني صالحا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {يا
أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} قال : هذه للرسل ثم قال للناس
عامة و{إن هذه أمتكم أمة واحدة} الأنبياء الآية 92 يعني ، دينكم دين واحد.
- قوله تعالى : فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون * فذرهم في غمرتهم حتى حين.
أخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال : وقال الحسن : تقطعوا كتاب
الله بينهم فحرفوه وبدلوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال :
كتب الله حيث فرقوها قطعا {كل حزب} يعني : كل قطعة وهؤلاء أهل الكتاب.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال :
هذا ما اختلفوا فيه من الأديان {كل حزب} كل قوم {بما لديهم فرحون} معجبون
برأيهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد !
{فذرهم في غمرتهم} قال : في ضلالتهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
{فذرهم في غمرتهم} قال : في ضلالتهم {حتى حين} قال : الموت.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل {فذرهم في غمرتهم حتى حين} قال : يوم بدر.
- قوله تعالى : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {أيحسبون} قال : قريش ، {أنما نمدهم به} قال : نعطيهم {من مال
وبنين نسارع لهم في الخيرات} نزيد لهم في الخير بل نملي لهم في الخير ولكن
لا يشعرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا
يشعرون} قال : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم فلا تعتبروا الناس
بأموالهم وأولادهم ولكن
اعتبروهم بالإيمان والعمل الصالح.
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة انه قرأ (نسارع لهم في الخيرات).
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن الحسن ، ان عمر
بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن
مالك فأخذ عمر سواريه فرمى بهما إلى سراقة فأخذهما فجعلهما في يديه فبلغتا
منكبيه فقال : الحمد لله سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جعشم
اعرابي من بني مدلج ، ثم قال : اللهم اني قد علمت ان رسولك قد كان حريصا
على أن يصيب مالا ينفقه في سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك نظرا منك
وخيارا اللهم أني أعوذ بك ان يكون هذا مكرا منك بعمر ثم تلا {أيحسبون أنما
نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن يزيد بن ميسرة قال : أجد فيما أنزل الله على موسى أيفرح
عبدي المؤمن أن ابسط له الدنيا وهو أبعد له مني أو يجزع عبدي المؤمن أن
اقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني ثم تلا {أيحسبون أنما نمدهم به من مال
وبنين} {نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
- قوله تعالى : إن الذين
هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم
لا يشركون * والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون *
أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون * ولا نكلف نفسا إلا وسعها
ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم
عن الحسن قال : ان المؤمن جمع احسانا وشفقة وان المنافق جمع اساءة وأمنا
ثم تلا {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} إلى قوله {أنهم إلى ربهم
راجعون} وقال المنافق {إنما أوتيته على علم عندي} القصص الآية 71.
وأخرج
الفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن أبي
الدنيا في نعت الخائفين ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن عائشة قالت :
قلت : يا رسول الله ، قول الله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهو
الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله قال : لا ولكن الرجل
يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله ان لا يتقبل منه.
وأخرج
ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن الانباري في المصاحف ، وَابن
مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله
{والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهم الذين يخطئون ويعملون بالمعاصي
وفي لفظ : هو الذي يذنب الذنب وهو وجل منه قال : لا ولكن هم الذين يصلون
ويصومون ويتصدقون وقلوبهم وجلة.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا} قال : يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال : يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال : يعملون خائفين.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن ابن عمر في قوله {والذين يؤتون
ما آتوا} قال : الزكاة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عائشة {والذين يؤتون ما آتوا} قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يؤتون ما آتوا}
قال : يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة} قال : مما يخافون مما بين أيديهم من
الموقف وسوء الحساب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد
{والذين يؤتون ما آتوا} قال : يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة} قال : المؤمن
ينفق ماله وقلبه وجل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير عن الحسن وقتادة انهما كانا يقرأان {يؤتون ما آتوا} قال : يعملون
ما عملوا من الخيرات ويعطون ما أعطوا على خوف من الله عز وجل.
وأخرج
ابن المبارك في الزهد بن حميد ، وَابن جَرِير عن الحسن {والذين يؤتون ما
آتوا وقلوبهم وجلة} قال : كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر ويخافون
أن لا ينجيهم ذلك من عذاب الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : لأن تكون هذه
الآية كما اقرأ أحب إلي من حمر النعم ، فقال لها ابن عباس : ما هي قالت : {والذين يؤتون ما آتوا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {والذين يؤتون ما آتوا} مقصور من المجيء.
وأخرج
سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر
، وَابن اشته ، وَابن الانباري معا في المصاحف والدار قطني في الافراد
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن عبيد بن عمير أنه سأل عائشة كيف كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية {والذين يؤتون ما آتوا} أو
{والذين يؤتون ما آتوا} فقال : أيتهما أحب اليك قلت : والذي نفسي بيده
لأحدهما أحب إلي من الدنيا جميعا ، قالت : أيهما قلت {والذين يؤتون ما
آتوا} فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرأها
وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
قال : سبقت لهم السعادة
من الله.
- قوله تعالى : بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {بل
قلوبهم في غمرة من هذا} قال : يعني بالغمرة الكفر والشك {ولهم أعمال من
دون ذلك} يقول : أعمال سيئة دون الشرك {هم لها عاملون} قال : لا بد لهم من
أن يعملوها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال :
في عمى من هذا القرآن {ولهم أعمال} قال : خطايا {من دون ذلك هم لها
عاملون} قال : لا بد لهم أن يعملوها.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال : في غفلة من أعمال المؤمنين {ولهم أعمال
من دون ذلك} قال : هي شر من أعمال المؤمنين ذكر الله {الذين هم من خشية
ربهم مشفقون} المؤمنون الآية 57 والذين والذين ثم قال للكافرين {بل قلوبهم
في غمرة من هذا ولهم أعمال} من دون الأعمال التي سمى الذين والذين والذين.
-
قوله تعالى : حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذ هم يجأرون * لا تجأروا
اليوم إنكم منا لا تنصرون * قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم
تنكصون * مسيكبرين به سامرا تهجرون.
أخرج النسائي عن ابن عباس في قوله {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} الآية ، قال : هم أهل بدر.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {حتى إذا أخذنا
مترفيهم بالعذاب} قال : ذكر لنا انها نزلت في الذي قتل الله يوم بدر.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال : بالسيوف يوم بدر
{إذا هم يجأرون} قال : الذين بمكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال : بالسيف يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {حتى إذا أخذنا مترفيهم} قال : مستكبريهم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إذا هم
يجأرون} قال : يستغيثون ، وفي قوله : {فكنتم على أعقابكم
تنكصون} قال : تدبرون ، وفي قوله {سامرا تهجرون} قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {تنكصون} قال : تستأخرون.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {مستكبرين به}
قال : بالبيت والحرام {سامرا} قال : كان سامرهم لا يخاف مما اعطوا من
الأمن وكانت العرب تخاف سامرهم ويغزو بعضهم بعضا وكان أهل مكة لا يخافون
ذلك بما أعطوا من الأمن {تهجرون} قال : يتكلمون بالشرك والبهتان في حرم
الله وعند بيته قال : وكان الحسن يقول {سامرا تهجرون} كتاب الله ونبي الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
الحسن {مستكبرين به} قال : بحرمي {سامرا تهجرون} قال : القرآن وذكري ورسولي.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {مستكبرين به} قال : مستكبرين
بحرمي {سامرا} فيه مما لا ينبغي من القول ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {مستكبرين به} قال : بمكة بالبلد
(سامرا) قال : مجالسا {تهجرون} بالقول السيء في القرآن.
وأخرج عبد ابن حميد ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح {مستكبرين به} قال : بالقرآن.
وأخرج
الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل
{سامرا تهجرون} قال : كانوا يهجرون على اللهو والباطل قال : وهل تعرف
العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول : وباتوا بشعب لهم سامرا *
اذا خب نيرانهم أوقدوا
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن
سعيد بن جبير قال : كانت قريش تسمر حول البيت ولا تطوف به ويفتخرون به
فأنزل الله {مستكبرين به سامرا تهجرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {سامرا تهجرون} قال : كانت
قريش يستحلقون حلقا يتحدثون حول البيت.
وأخرج أبن أبي شيبة ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {مستكبرين به سامرا
تهجرون} قال : كان المشركون يهجرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القول
في سمرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {سامرا تهجرون} بنصب التار ورفع الجيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة انه قرأ {سامرا تهجرون} وكانوا اذا سمروا هجروا في القول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {سامرا تهجرون} قال : تهجرون الحق.
وأخرج النسائي ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن
ابن
عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية {مستكبرين به سامرا تهجرون}
قال : مستكبرين بالبيت تقولون : نحن أهله {تهجرون} قال : كانوا يهجرونه
ولا يعمرونه.
- قوله تعالى : أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت
آباءهم الأولين * أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون * أم يقولون به جنة
بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون * ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت
السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون * أم
تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين * وإنك لتدعوهم إلى صراط
مستقيم * وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون * ولو رحمناهم
وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون.
أخرج ابن أبي حاتم عن
قتادة {أفلم يدبروا القول} قال : اذا والله كانوا يجدون في القرآن زاجرا
عن معصية الله لو تدبره القوم وعقلوه ، ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {أم لم
يعرفوا رسولهم} قال : عرفوه ولكن حسدوه وفي قوله {ولو اتبع الحق أهواءهم}
قال : الحق الله عز وجل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {بل أتيناهم بذكرهم} قال : بينا لهم.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {بل أتيناهم بذكرهم} قال : هذا القرآن وفي قوله {أم تسألهم أجرا}
يقول : أم تسألهم على ما أتيناهم به جعلا.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {خرجا} قال : أجرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : الخرج وما قبلها من القصه لكفار قريش.
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم انه قرأ {أم تسألهم خرجا} بغير ألف {فخراج ربك} بالالف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الحسن أنه قرأ {أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير}.
وأخرج
عبد بن الحميد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإنك لتدعوهم إلى صراط
مستقيم} قال : ما فيه : عوج ، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي
رجلا فقال له أسلم ، فتصعب له ذلك وكبر عليه ، فقال له النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم : أرأيت لو كنت في طريق وعر وعث فلقيت رجلا تعرف وجهه وتعرف
نسبه فدعاك إلى طريق واسع سهل أكنت تتبعه قال : نعم ، قال : فوالذي نفس
محمد بيده انك لفي أوعر من ذلك الطريق لو كنت فيه ، واني لادعوك إلى أسهل
من ذلك الطريق لو دعيت إليه ، وذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
لقي رجلا فقال له : أسلم ، فصعده ذلك فقال له نبي صلى الله عليه وسلم :
أرأيت فتييك أحدهما ان
حدث صدقك وان امنته أدى اليك والآخر إن حدث
كذبك وان ائتمنته خانك قال : بلى ، فتاي الذي اذا حدثني صدقني واذا أمنته
أدى الي ، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : كذاكم أنتم عند ربكم.
وأخرج عبد بن الحميد عن مجاهد في قوله {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون} قال : عن الحق عادلون.
وأخرج ابن جرير في قوله {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر} قال : الجوع.
-
قوله تعالى : ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون * حتى
إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون * وهو الذي أنشألكم
السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون * وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه
تحشرون * وهو الذي يحيي ويميت وله أختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون * بل
قالوا مثل ما قال الأولون * قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا
لمبعوثون * لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين.
أخرج
النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن
مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا
العلهز -
يعني الوبر - بالدم ، فأنزل الله {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}.
وأخرج
ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ، أن
ثمامة بن أنال الحنفي لما أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو
أسير فخلى سبيله لحق باليمامة فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة
حتى أكلت قريش العلهز فجاء أبو سفيان إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين قال : بلى ، قال : فقد قتلت
الآباء بالسيف والابناء بالجوع ، فأنزل الله {ولقد أخذناهم بالعذاب فما
استكانوا لربهم وما يتضرعون}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {ولقد أخذناهم بالعذاب} قال : بالسنة والجوع.
وأخرج العسكري في المواعظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}
أي : لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا ولو خضعوا لله لاستجاب لهم.
وأخرج
ابن جرير عن الحسن قال : اذا أصاب الناس من قبل السلطان بلاء فإنما هي
نقمة فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية ولكن استقبلوها بالاستغفار واستكينوا
وتضرعوا إلى الله وقرأ هذه الآية {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا
لربهم وما يتضرعون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه
عن ابن عباس في قوله {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد} قال : قد
مضى كان يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد} قال : يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد} قال : لكفار قريش الجوع وما قبلها من القصة لهم أيضا.
-
قوله تعالى : قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا
تذكرون * قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا
تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون *
سيقولون لله قل فأنى تسحرون * بل آتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون * ما اتخذ
الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على
بعض سبحان الله عما يصفون * عالم الغيب والشهادة فتعالى الله عما يشركون *
قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين * وإنا على
أن نريك ما نعدهم لقادرون.
أخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هرون قال : في مصحف أبي بن كعب {سيقولون لله} كلهن بغير ألف.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن عاصم الجحدري قال : في الإمام
مصحف عثمان بن عفان ، قال : الذي كتب للناس لله لله كلهن بغير ألف.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسيد بن زيد قال : في مصحف عثمان بن عفان {سيقولون لله} ثلاثتهن بغير ألف.
وأخرج عبد بن الحميد عن يحيى بن عتيق قال : رأيت في مصحف الحسن لله لله بغير ألف في ثلاثة مواضع.
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم أنه قرأ {لله} بغير ألف كلهن.
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله {من بيده ملكوت كل شيء} قال : خزائن كل شيء.
- قوله تعالى : ادفع بالتي هي أحسن السيئه نحن أعلم بما يصفون.
أخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} يقول : اعرض عن أذاهم إياك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} قال : بالسلام.
وأخرج
عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في الآية قال : نعمت والله الجرعة تتجرعها وأنت مظلوم فمن استطاع أن يغلب
الشر بالخير فليفعل ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم
في الحلية عن أنس في قوله {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} قال : قول الرجل
لأخيه ما ليس فيه يقول ان كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك وان كنت
صادقا فانا أسأل الله أن يغفر لي.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة
قال : أتى رجل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أن لي
قرابة أصلهم ويقطعون وأحسن اليهم ويسيئون الي ويجهلون علي واحلم عنهم ،
قال : لئن كان كما تقول كأنما تسفهم الملل ولا يزال معك من الله ظهير
عليهم ما دمت على ذلك.
- قوله تعالى : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون.
أخرج
ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في
الاسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع ، بسم الله أعوذ
بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن
يحضرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وأعوذ بك رب أن يحضرون} قال : يحضرون في شيء من أمري.
وأخرج
أحمد عن خالد بن الوليد أنه قال يا رسول الله اني أجد وحشة قال : اذا أخذت
مضجعك فقل : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات
الشياطين وأن يحضرون فإنه لا يضرك وبالحري أن لا يضرك.
- قوله تعالى :
حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا
إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون.
أخرج ابن
أبي الدنيا في ذكر الموت ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : اذا وضع
الكافر في قبره مقعده من النار قال : {رب ارجعون} حتى أتوب أعمل صالحا
فيقال : قد عمرت ما كنت معمرا ، فيضيق عليه قبره فهو كالمنهوش ينام ويفزع
تهوى اليه هوام الأرض ، حياتها وعقاربها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة
قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور يدخل عليهم في قبورهم حيات سود حية
عند رأسه وحية عند رجليه يضربانه حتى يلتقيان في وسطه ، فذلك العذاب في
البرزخ الذي قال الله {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {قال رب ارجعون} قال : هذا حين يعاين قبل أن يذوق الموت.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا ان النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال لعائشة ان المؤمن اذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى
الدنيا فيقول : إلى دار الهموم والأحزان بل قدما إلى الله.
وَأَمَّا الكافر فيقولون له : نرجعك
فيقول :
{رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت}.
وأخرج
الديلمي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اذ حضر الانسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحق فيحول بين عينيه فعند
ذلك يقول {رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت}.
وأخرج عبد بن الحميد
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {لعلي أعمل صالحا فيما
تركت} قال : لعلي أقول لا إله إلا الله.
وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {لعلي أعمل صالحا} قال : أقول لا إله إلا الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في قوله ومن ورائهم برزخ قال : أمامهم.
وأخرج
ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو
نعيم في الحلية عن مجاهد في قوله {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} قال :
هو ما بين الموت إلى البعث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : البرزخ الحاجز ما بين الدنيا والآخرة.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} قال : حاجز بين الميت والرجوع إلى الدنيا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : البرزخ ما بين الدنيا والآخرة ،
ليس مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ولا مع أهل الآخرة يجازون باعمالهم.
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن في الآية قال : البرزخ بين الدنيا والآخرة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : البرزخ بقية الدنيا.
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة {ومن ورائهم برزخ} قال : أهل القبور في برزخ ما بين الدنيا والآخرة هم فيه إلى يوم يبعثون.
وأخرج عبد بن الحميد عن الربيع قال : البرزخ القبور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال : البرزخ المقابر ، لا هم في الدنيا ولا هم في الآخرة فهم مقيمون إلى يوم يبعثون.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وسمويه في
فوائده عن أبي أمامة انه شهد جنازة فلما دفن الميت قال :
هذا برزخ إلى يوم يبعثون.
وأخرج هناد عن أبي محلم قال : قيل للشعبي مات فلان قال : ليس هو في الدنيا ولا في الآخرة ، هو في البرزخ.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {ومن ورائهم برزخ} قال : ما بعد الموت.
-
قوله تعالى : فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن
ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا
أنفسهم في جهنم خالدون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
عن ابن عباس في قوله {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} قال : حين ينفخ
في الصور فلا يبقى حي إلا الله عز وجل.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن السدي {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} قال : في النفخة الأولى.
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة في الآية قال : ليس أحد من الناس يسأل أحدا بنسبه ولا بقرابته شيئا.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : لا يسأل أحد يومئذ بنسب
شيئا ولا ينمي اليه برحم.
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن الحميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس انه سئل عن قوله {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} وقوله {وأقبل
بعضهم على بعض يتساءلون} الصافات الآية 27 فقال : انها مواقف الذي لا
أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الاولى لا أنساب بينهم فيها اذا
صعقوا فاذا كانت النفخة الآخرة فاذا هم قيام يتساءلون.
وأخرج ابن جرير
والحاكم وصححه من وجه آخر عن ابن عباس انه سئل عن الآيتين فقال : اما قوله
{ولا يتساءلون} فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء.
وَأَمَّا قوله {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} الصافات الآية 27 فانهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأخرج
ابن المبارك في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر عن ابن مسعود قال : اذا كان يوم
القيامة جمع الله الاولين والآخرين - وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة
يوم القيامة على رؤوس الأولين والآخرين - ثم ينادي مناد إلا أن هذا فلان
بن فلان فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه - وفي لفظ : من كان له مظلمة
فليجى ء فليأخذ حقه - فيفرح - والله - المرء أن يكون له الحق على والده أو
ولده أو زوجته وان كان صغيرا ، ومصداق ذلك في كتاب الله {فإذا نفخ في
الصور فلا أنساب
بينهم يومئذ ولا يتساءلون}.
وأخرج ابن جرير عن
قتادة قال : ليس شيء أبغض إلى الانسان يوم القيامة من أن يرى من يعرفه
مخافة أن يدور له عليه شيء ثم قرأ {يوم يفر المرء من أخيه} عيسى الآية 34.
وأخرج
أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن المسور بن مخرمة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الانساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي
وسببي وصهري.
وأخرج البزار والطبراني والحاكم والبيهقي والضياء في
المختارة عن عمر بن الخطاب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل
سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل نسب
وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري.
- قوله تعالى : تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون * ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس {تلفح وجوههم النار} قال تنقح.
وأخرج
ابن مردويه والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم في قوله {تلفح وجوههم النار} قال : تلفحهم لفحة فتسيل
لحومهم على أعصابهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن
مردويه وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : ان جهنم لما سيق اليها أهلها تلقتهم بعنق فلفحتهم لفحة فلم تدع لحما
على عظم إلا القته على العرقوب.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في قوله {تلفح وجوههم النار} قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحما على عظم إلا ألقته على أعقابهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد عن أبي الهذيل ، مثله.
وأخرج
أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار
وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه
وأبو نعيم في الحلية عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في قوله {تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} قال تشويه النار فتقلص شفته
العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن مغيث بن سمى قال : اذا جيء بالرجل إلى النار قيل انتظر
حتى تنحفك فيؤتى بكأس من سم الأفاعي والاساود اذا أدناها من فيه نثرت
اللحم على حدة والعظم على حدة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي
شيبة وهناد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله {وهم فيها كالحون} قال : كلوح الرأس
النضيج بدت أسنانهم
وتقلصت شفاههم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كالحون} قال : عابسون.
- قوله تعالى : قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} قال : شقوتهم التي كتبت عليهم.
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن ، انه كان يقرأ (غلبت علينا شقاوتنا).
وأخرج عبد بن الحميد عن إسحاق قال : في قراءة عبد الله (شقاوتنا).
- قوله تعالى : قال اخسؤا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين.
أخرج
ابن أبي شيبة والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي الدرداء قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم
فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغنى
من جوع فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون
الغصص
في الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيرفع اليهم الحميم بكلاليب الحديد
فاذا دنت من وجوههم شوت وجوههم واذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم
فيقولون : ادعوا خزنة جهنم فيدعون خزنة جهنم ان {ادعوا ربكم يخفف عنا يوما
من العذاب} غافر الآية 49 {فيقولون} {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا
بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} غافر الآيه 50 فيقولون
ادعوا مالكا فيدعون مالكا فيقولون {يا مالك ليقض علينا ربك} الزخرف الآيه
77 فيجيبهم {إنكم ماكثون} فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم فيقولون
{ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا
ظالمون} المؤمنون الآيتان 106 - 107 فيجيبهم {اخسؤوا فيها ولا تكلمون}
فعند ذلك يئوا من كل خير وعند ذلك أخذوا في الزفير والحسرة والويل.
وأخرج
ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن أبي حاتم بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن
عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ان أهل جهنم ينادون مالكا {يا مالك ليقض
علينا ربك} فيذرهم أربعين عاما لا يجيبهم ثم يجيبهم {إنكم ماكثون} ثم
ينادون ربهم {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} فيذرهم مثلي الدنيا
لا يجيبهم ثم يجيبهم {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} قال : فيئس القوم بعدها وما
هو إلا
الزفير والشهيق.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر والبيهقي في الشعب عن محمد بن كعب قال : لأهل النار خمس
دعوات يجيبهم الله في أربعة فاذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا
يقولون {ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج
من سبيل}
غافر الآية 11 فيجيبهم الله {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده
كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} غافر الآية 12 ثم
يقولون {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون} السجدة الآية
12 فيجيبهم الله {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا
عذاب الخلد بما كنتم تعملون} السجدة الاية 14 ثم يقولون {ربنا أخرنا إلى
أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} إبراهيم الآية 44 فيجيبهم الله {أولم
تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} ثم يقولون {ربنا أخرجنا نعمل صالحا
غير الذي كنا نعمل} فاطر الآية 37 فيجيبهم الله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه
من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} ثم يقولون {ربنا غلبت
علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}
المؤمنون الآية 106 فيجيبهم الله {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} فلا يتكلمون
بعدها أبدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال :
بلغنا أن أهل النار نادوا خزنة جهنم أن {ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من
العذاب} غافر الآية 49 فلم يجيبوهم ما شاء الله فلما أجابوهم بعد حين
قالوا لهم {فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} غافر الآية 50 ثم نادوا
{يا مالك} لخازن النار {ليقض علينا ربك} الزخرف الآية 77 فسكت عنهم مالك
مقدار أربعين سنة ثم أجابهم فقال {إنكم ماكثون} ثم نادى الأشقياء ربهم
فقالوا {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} فسكت عنهم ، مقدار الدنيا
ثم أجابهم بعد ذلك {اخسؤوا فيها ولا تكلمون}.
وأخرج عبد بن الحميد عن
الحسن في الآية قال : تكلموا قبل ذلك وخاصموا فلما كان آخر ذلك قال
{اخسؤوا فيها ولا تكلمون} قال : منعوا الكلام آخر ما عليهم.
وأخرج عبد
الرزاق وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن زياد بن سعد
الخرساني في قوله {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} قال : فتنطبق عليهم فلا يسمع
منها إلا مثل طنين الطست.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {اخسؤوا} قال : اصغروا.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} قال : هذا قول الرب عز وجل حين انقطع كلامهم منه.
وأخرج
ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : ان الله اذا قال لأهل النار {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} عادت وجوههم
قطعة لحم ليس فيها أفوه ولا مناخير تردد النفس في أجوافهم.
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : ليس بعد الآية خروج {اخسؤوا فيها ولا تكلمون}.
- قوله تعالى : فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون.
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {فاتخذتموهم سخريا} قال :
هما مختلفان ، سخريا يقول الله {ليتخذ بعضهم بعضا سخريا} الزخرف الآية 32
قال : يسخرونهم والآخرون الذين يستهزؤن سخريا.
- قوله تعالى : قل كم
لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين *
قل إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون.
أخرج ابن أبي حاتم
عن أيفع بن عبد الكلاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله
اذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال لأهل الجنة {كم لبثتم في
الأرض عدد سنين} قالوا {لبثنا يوما أو بعض يوم} قال : لنعم ما اتجرتم في
يوم أو بعض يوم رحمتي ورضواني وجنتي اسكنوا فيها خالدين مخلدين ثم يقول :
يا أهل النار {كم لبثتم في الأرض عدد سنين} قالوا {لبثنا يوما أو بعض يوم}
فيقول : بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم ، ناري وسخطي امكثوا فيها خالدين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فاسأل العادين} قال : الحساب.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فاسأل العادين} قال : الملائكة.
- قوله تعالى : أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم.
أخرج
الحكيم الترمذي وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن السنى في عمل يوم
وليلة وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن
مصاب {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} حتى
ختم السورة فبرأ فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ماذا قرأت في أذنه فاخبره ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال.
وأخرج
ابن السنى ، وَابن منده وأبو نعيم في المعرفة بسند من طريق محمد بن
إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم في سرية وأمرنا أن نقول اذا نحن أمسينا وأصبحنا {أفحسبتم أنما
خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} فقرأناها فغنمنا وسلمنا والله أعلم.
- قوله تعالى : ومن يدعو مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون.
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لا برهان له} قال : لا بينة له.
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة {لا برهان له} قال : لا بينة له.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {لا برهان له} قال : لا حجة.
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم انه قرأ (انه لا يفلح الكافرون) بكسر الألف في إنه.
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن أنه قرأ (انه لا يفلح الكافرون) بنصب
الألف في انه.
وأخرج
عبد بن الحميد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فإنما حسابه عند ربه إنه لا
يفلح الكافرون} قال : ذاك حساب الكافر عند الله انه لا يفلح.
- قوله تعالى : وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين.
أخرج
ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ،
وَابن خزيمة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والبيهقي عن أبي بكر الصديق
رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء ادعو به في صلاتي قال :
قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وانه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي
مغفرة من عندك وارحمني انك أنت الغفور الرحيم.
*
بسم الله الرحمن الرحيم *- سورة النور.
مدنية وآياتها أربع وستون.
مقدمة سورة النور.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت سورة النور بالمدينة.
وأخرج عن ابن الزبير مثله.
وأخرج
الحاكم والبيهقي في شعب الايمان ، وَابن مردويه عن عائشة مرفوعا لا
تنزلوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة يعني النساء وعلموهن الغزل وسورة النور.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم علموا رجالكم سورة المائدة وعلموا نسائكم سورة النور.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن حارثة بن مضرب قال : كتب الينا عمر بن الخطاب ، ان تعلموا سورة النساء والاحزاب والنور.
وأخرج
الحاكم عن أبي وائل قال : حججت أنا وصاحب لي ، وَابن عباس على الحجن فجعل
يقرأ سورة النور ويفسرها فقال صاحبي : سبحان الله ، ماذا يخرج من رأس هذا
الرجل لو سمعت هذا الترك لأسلمت.
- سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون.
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حارثة عن ابن عباس في قوله {سورة أنزلناها وفرضناها} قال : بيناها.
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله {وفرضناها} قال : وفسرناها الأمر بالحلال والنهي عن
الحرام.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
{وفرضناها} قال : فرض الله فيها فرائضه وأحل حلاله وحرم حرامه وحد حدوده
وأمر بطاعته ونهى عن معصيته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن انه قرأ {وفرضناها} خفيفة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {وأنزلنا فيها آيات
بينات} قال : الحلال والحرام والحدود.
-
قوله تعالى : الزانية والزاني فأجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم
بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما
طائفة من المؤمنين.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء {ولا تأخذكم بهما
رأفة في دين الله} قال : في الحد أن يقام عليهم ولا يعطل ، أما انه ليس
بشدة الجلد.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال : في اقامة الحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال : في تعطيل الحد.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمران بن حدير قال : قلت
لأبي مجلز {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال : انا لنرجم الرجل أو
يجلد أو يقطع قال : ليس كذاك إنما اذا رفع للسلطان فليس له أن يدعهم رحمة
لهم حتى يقيم عليهم الحد.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن الحسن {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال : الجلد الشديد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم وعامر {ولا تأخذكم بهما رأفة} قالا : شدة الجلد في الزنا ويعطى كل عضو منه حقه.
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن شعبة قال : قلت لحماد
الزاني يضرب ضربا شديدا قال : نعم ويخلع عنه ثيابه قال الله {ولا تأخذكم
بهما رأفة في دين الله} قلت له : إنما ذلك في الحكم قال : في الحكم والجلد.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف عن عمرو بن شعيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد قضى الله ورسوله ان شهد أربعة على بكرين جلدا كما قال الله مائة
جلدة وغربا سنة غير الأرض التي كانا بها وتغريبهما سنتي.
وأخرج عبد
الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، ان جارية لابن عمر زنت فضرب رجليها
وظهرها فقلت {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} فقال : ان الله لم يأمرني أن أقتلها ، ولا أن أجلد رأسها وقد
أوجعت حيث ضربت.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن أبي برزة الأسلمي أنه أتي بأمة لبعض أهله قد زنت وعنده نفر
نحو عشرة فأمر بها فاجلست في ناحية ثم أمر بثوب فطرح عليها ثم اعطى السوط
رجلا فقال : اجلد خمسين جلدة ليس باليسير ولا بالخضفة فقام فجلدها وجعل
يفرق عليها الضرب ثم قرأ {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال الطائفة الرجل فما فوقه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال : الطائفة عشرة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : الطائفة واحد إلى الألف.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
امر الله أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ليكون ذلك عبرة وموعظة ونكالا
لهم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : ليحضر رجلان فصاعدا.
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال : الطائفة الثلاثة فصاعدا.
وأخرج عن ابن زيد في الآية قال : الطائفة أربعة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن نصر بن علقمة في قوله {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}
قال : ليس ذلك للفضيحة إنما ذاك ليدعو الله لهما بالتوبة والرحمة.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن الشيباني قال : قلت لابن أبي أوفى رجم رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : نعم ، قلت : بعدما أنزلت سورة النور أو قبلها قال : لا
أدري.
- قوله تعالى : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن الحميد ، وَابن أبي شيبة
وابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه والبيهقي في "سُنَنِه"
والضياء المقدسي في المختارة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله
{الزاني لا ينكح إلا زانية} قال : ليس هذا بالنكاح ولكن الجماع لا يزني
بها حين يزني إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين يعني الزنا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل : لما قدم المهاجرون المدينة قدموها وهم بجهد إلا
قليل منهم والمدينة غالية السعر شديدة الجهد وفي السوق زوان متعالنات من
أهل الكتاب واما الأنصار منهن أمية وليدة عبد الله بن أبي ونيسكة بنت أمية
لرجل من الأنصار في بغايا من ولائد الانصار قد رفعت كل امرأة منهن علامة
على بابها ليعرف انها زانية وكن من أخصب أهل المدينة وأكثره خيرا فرغب
أناس من مهاجري المسلمين فيما يكتسبن للذي هم فيه من الجهد فاشار بعضهم
على بعض لو تزوجنا بعض
هؤلاء الزواني فنصيب من فضول أطعامهن فقال
بعضهم : نستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوه فقالوا : يا رسول الله
قد شق علينا الجهد ولا نجد ما نأكل وفي السوق بغايا نساء أهل الكتاب
وولائدهن وولائد الأنصار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أن نتزوج منهن فنصيب من
فضول ما يكتسبن فاذا وجدنا عنهن غني تركناهن فأنزل الله {الزاني لا ينكح}
فحرم على المؤمنين ان يتزوجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير في قوله {الزاني لا ينكح
إلا زانية أو مشركة} قال : كن نساء في الجاهلية بغيات فكانت منهن امرأة
جميلة تدعى أم مهزول فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج احداهن فتنفق
عليه من كسبها فنهى الله ان يتزوجهن أحد من المسلمين.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد عن سليمان بن يسار في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة}
قال : كن نساء في الجاهلية بغيات فنهى الله المسلمين عن نكاحهن.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطاء قال : كانت بغايا في الجاهليه
بغايا آل فلان وبغايا آل فلان فقال الله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو
مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فأحكم الله ذلك من أمر
الجاهليه بالإسلام ، قيل له : أعن ابن عباس قال : نعم.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {الزاني
لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال : رجال كانوا يريدون الزنا بنساء زوان
بغايا متعالنات كن كذلك في الجاهلية ، قيل لهم هذا حرام فارادوا نكاحهن
فحرم الله عليهم نكاحهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : كان في
بدء الإسلام قوم يزنون قالوا : أفلا نتزوج النساء التي كنا نفجر بهن ،
فانزل الله {الزاني لا ينكح إلا زانية}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن الضحاك {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} قال إنما عني بذلك الزنا ولم يعن به التزويج.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير {الزاني لا ينكح إلا زانية
أو مشركة} قال : لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله أو مشركة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس
في
هذه الآية قال : الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثله من أهل
القبلة أو مشركة من غير أهل القبلة والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا
بزان مثلها من أهل القبلة أو مشرك من غير أهل القبلة وحرم الزنا على
المؤمنين.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : لما حرم الله الزنا فكان
زوان عندهن جمال ومال فقال الناس حين حرم الزنا : لتطلقن فلنتزوجهن ،
فانزل الله في ذلك {الزاني لا ينكح إلا زانية}.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن
حُمَيد والنسائي والحاكم وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" وأبو داود في ناسخه عن عبد
الله بن عمر قال : كانت امرأة يقال لها أم مهزول وكانت تسافح الرجال وتشرط
أن تنفق عليه فأراد رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها
فأنزل الله {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة وابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن عمرو بن
شعيب
عن أبيه عن جده قال : كان رجل يقال له مرثد يحمل الاسارى من مكة حتى يأتي
بهم المدينة وكانت امرأة بمكة يقال لها عناق وكانت صديقة له وأنه وجد رجلا
من أسارى مكة يحمله قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في
ليلة مقمرة فجاءت عناق فابصرت سواد ظل تحت الحائط فلما انتهت الي عرفتني
فقالت : مرثد ، فقلت : مرثد ، فقالت : مرحبا وأهلا هلم فبت عندنا الليلة
قلت : يا عناق حرم الله الزنا قالت : يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم
قال : فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة فانتهيت إلى غار أو كهف فدخلت فجاؤا
حتى قاموا على رأسي فبالوا وظل بولهم على رأسي ونحاهم الله عني ثم رجعوا
ورجعت إلى صاحبي فحملته حتى قدمت المدينة فأتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقلت : يا رسول الله أنكح عناقا فأمسك فلم يرد علي شيئا حتى نزلت
{الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية
لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} فلا تنكحها.
وأخرج
ابن جرير عن عبد الله بن عمر في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة}
قال : كان نساء معلومات فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج المرأة منهن
لتنفق عليه فنهاهم الله عن ذلك.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن
مردويه ، وَابن جَرِير والبيهقي عن ابن عباس ، أنها نزلت في بغايا معلنات
كن في الجاهلية وكن زوان مشركات فحرم الله نكاحهن على المؤمنين.
وأخرج
ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق سعيد مولى ابن عباس قال : كنت مع ابن
عباس فأتاه رجل فقال : اني كنت أتبع امرأة فاصبت منها ما حرم الله علي وقد
رزقني الله منها توبة فاردت أن أتزوجها فقال الناس {الزاني لا ينكح إلا
زانية أو مشركة} فقال ابن عباس : ليس هذا موضع هذه الآية إنما كن نساء
بغايا متعالنات يجعلن على أبوابهن رايات يأتيهن الناس يعرفن بذلك فأنزل
الله هذه الآية ، تزوجها فما كان فيها من إثم فعلي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
قال
: كن نساء بغايا في الجاهلية كان الرجل ينكح المرأة في الإسلام فيصيب منها
فحرم ذلك في الإسلام فأنزل الله {والزانية لا ينكحها إلا زان}.
وأخرج
أبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن عدي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح الزاني المحدود
إلا مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال : المحدود لا يتزوج إلا محدودة مثله.
وأخرج
ابن أبي شيبة وسعيد منصور ، وَابن المنذر عن علي ان رجلا تزوج امرأة ثم
انه زنى فأقيم عليه الحد فجاؤا به إلى علي ففرق بينه وبين
زوجته وقال له : لا تتزوج إلا مجلودة مثلك.
وأخرج
أحمد والنسائي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة
لا يدخلون الجنة ولا ينظر اليهم يوم القيامة ، العاق لوالديه والمرأة
المترجلة والديوث.
وأخرج ابن ماجة عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود وأبو عبيد
معا في التاريخ ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي
عن سعيد بن المسيب في هذه الآية {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال : يرون ان
هذه الآية التي بعدها نسختها {وأنكحوا الأيامى منكم} فهن من أيامى
المسلمين.
- قوله تعالى : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون
* إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا
بأربعة
شهداء فاجلدوهم} يعني الحكام اذا رفع اليهم جلدوا القاذف ثمانين جلدة {ولا
تقبلوا لهم شهادة أبدا} يعني بعد الجلد ما دام حيا {وأولئك هم الفاسقون}
العاصون فيما قالوه من الكذب.
وأخرج ابو داود في ناسخه ، وَابن المنذر
عن ابن عباس {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} ثم استثنى
فقال {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} فتاب الله عليهم من الفسوق
وأما الشهادة فلا تجوز.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {والذين يرمون المحصنات} إلى {رحيم} فأنزل الله الجلد والتوبة تقبل والشهادة ترد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال لأبي بكرة : إن تبت قبلت شهادتك.
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {إلا الذين تابوا
من بعد ذلك وأصلحوا} قال : توبتهم اكذابهم أنفسهم فان كذبوا أنفسهم قبلت
شهادتهم.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال : في سورة النور
{والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم} واستثنى من
ذلك فقال (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) فاذا حلفا
فرق
بينهما وان لم يحلفا أقيم الحد ، الجلد أو الرجم.
وأخرج ابن
المنذر ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {ولا
تقبلوا لهم شهادة أبدا} ثم قال {إلا الذين تابوا} قال : فمن تاب وأصلح
فشهادته في كتاب الله تقبل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة بالزنا
ونكل زياد فحد عمر الثلاثة وقال لهم : توبوا تقبل شهادتكم فتاب رجلان ولم
يتب أبو بكرة فكان لا تقبل شهادته وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه فلما كان
من أمر زياد ما كان حلف أبو بكرة أن لا يكلمه أبدا فلم يكلمه حتى مات.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء في الآية قال : اذا تاب القاذف وأكذب نفسه قبلت شهادته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي والزهري وطاوس ومسروق قالوا : إذا تاب القاذف قبلت شهادته ، وتوبته ان يكذب نفسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب والحسن قالا : القاذف اذا
تاب
فتوبته فيما بينه وبين الله ولا تجوز شهادته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مكحول في القاذف اذا تاب لم تقبل شهادته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ممد بن سيرين قال : القاذف إذا تاب فإنما توبته فيما بينه وبين الله فأما شهادته فلا تجوز أبدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : لا شهادة له.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال :
توبته فيما بينه وبين ربه من العذاب العظيم ، ولا تقبل شهادته.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في
قوله {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} قال : كان الحسن يقول : لا تقبل شهادة
القاذف أبدا ، توبته فيما بينه وبين الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد
الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : كل صاحب حد تجوز
شهادته إلا القاذف فإن توبته فيما بينه وبين ربه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : لا تقبل للقاذف شهادة ، توبته بينه وبين ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عيسى بن عاصم قال : كان أبو بكرة اذا جاءه رجل يشهده قال : أشهد غيري فإن المسلمين قد فسقوني.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب قال : شهدت عمر بن الخطاب حين جلد قذفة
المغيرة ، وَابن شعبة منهم أبو بكرة وماتع وشبل ثم دعا أبا بكرة فقال : ان
تكذب نفسك تجز شهادتك فأبى أن يكذب نفسه ، ولم يكن عمر يجيز شهادتهما حتى
هلكا فذلك قوله {إلا الذين تابوا} وتوبتهم اكذابهم أنفسهم.
وأخرج عبد
الرزاق عن عمرو بن شعيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى الله
ورسوله أن لا تقبل شهادة ثلاثة ولا اثنين ولا واحد على الزنا ويجلدون
ثمانين ثمانين ولا تقبل لهم شهادة أبدا حتى يتبين للمسلمين منهم توبة نصوح
واصلاح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن جعفر بن يرقان قال : سألت ميمون بن
مهران عن هذه الآية {والذين يرمون المحصنات} إلى قوله {إلا الذين تابوا}
فجعل الله فيها توبته ، وقال في آية أخرى {إن الذين يرمون المحصنات
الغافلات المؤمنات
لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم}
فقال : أما الأولى فعسى أن تكون قارفت وأما الأخرى فهي التي لم تقارف شيئا من ذلك.
وأخرج
ابن مردويه عن أنس قال : لما كان زمن العهد الذي كان بين رسول الله صلى
الله عليه وسلم وبين أهل مكة جعلت المرأة تخرج من أهل مكة إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم مهاجرة في طلب الإسلام فقال المشركون : إنما انطلقت في
طلب الرجال فأنزل الله {والذين يرمون المحصنات} إلى آخر الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : الزنا أشد من القذف والقذف أشد من الشرب.
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : جلد الزاني أشد من جلد الفرية والخمر وجلد الفرية والخمر فوق الحد والله تعالى أعلم.
-
قوله تعالى : والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة
أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه
إن كان من الكاذبين * ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه
لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين * ولولا
فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه عن عاصم بن عدي قال : لما نزلت {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا
بأربعة شهداء} قلت : يا رسول الله إلى أن يأتي الرجل بأربعة شهداء قد خرج
الرجل فلم ألبث إلا أياما فاذا ابن عم لي معه امرأته ومعها ابن وهي تقول :
منك ، وهو يقول : ليس مني ، فنزلت آية اللعان
قال عاصم : فانا أول من تكلم وأول من ابتلى به.
وأخرج
أحمد وعبد الرزاق والطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : لما نزلت {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} الآية
قال سعد بن عبادة وهو
سيد الانصار : أهكذا أنزلت يا رسول الله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الانصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم
فقالوا : يا رسول الله لا تلمه فانه رجل غيور ، والله ما تزوج امرأة قط
إلا بكرا وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته
فقال سعد : يا رسول الله اني لأعلم انها حق وانها من الله ولكني تعجبت اني
لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى أتي بأربعة
شهداء - فوالله - لا آتي بهم حتى يقضي حاجته قال : فما لبثوا إلا يسيرا
حتى جاء هلال بن أمية ، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فجاء من أرضه
عشاء فدخل على امرأته فوجد عندها رجلا فرأى بعينه وسمع بأذنيه فلم يهجه
حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله اني
جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد به واجتمعت الانصار فقالوا : قد
ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن ، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
هلال بن أمية وأبطل
شهادته في المسلمين فقال هلال : والله اني لارجو
أن يجعل الله لي منها مخرجا فقال : يا رسول الله اني قد أرى ما اشتد عليك
مما جئت به والله يعلم اين لصادق وان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد
أن يأمر بضربه اذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي وكان اذا
نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده فامسكوا عنه حتى فرغ من الوحي
فنزلت {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم} فسرى عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم الوحي فقال : ابشر يا هلال قد جعل الله لك فرجا ومخرجا فقال
هلال : قد كنت أرجو ذلك من ربي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ارسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وذكرهما
وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا فقال هلال : والله يا رسول
الله لقد صدقت عليها فقالت : كذب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لاعنوا بينهما فقيل لهلال اشهد ، فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين
فلما كان في الخامسة قيل لهلال : فان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وان
هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فقال : والله لا يعذبني الله عليها كما
لم يجلدني عليها ، فشهد في الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين
، ثم قيل لها اشهدي ، فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين ، فلما
كانت في الخامسة قيل لها : اتقي الله فان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة
وان هذه
الموجبة التي توجب عليك العذاب فتلكأت ساعة فقالت : والله لا أفضح قومي
فشهدت
في الخامسة أن غضب الله عليها أن كان من الصادقين ، ففرق رسول الله صلى
الله عليه وسلم بينهما وقضى أنه لا يدعى لاب ولا يرمي ولدها من أجل
الشهادات الخمس وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ليس لها قوت ولا
سكنى ولا عدة من أجل انها تفرقا من غير طلاق ولا متوفي عنها.
وأخرج
البخاري والترمذي ، وَابن ماجة عن ابن عباس : ان هلال بن أمية قذف امرأته
عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم : البينة أوحد في ظهرك ، فقال : يا رسول الله اذا رأى أحدنا على
امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
البينة وإلا حد في ظهرك ، فقال هلال : والذي بعثك بالحق اني لصادق ولينزلن
الله ما يبرى ء ظهري من الحد فنزل جبريل فأنزل الله عليه {والذين يرمون
أزواجهم} حتى بلغ {إن كان من الصادقين} فانصرف النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم فأرسل اليهما فجاء هلال يشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : الله
يعلم ان أحدكما كاذب فهل منكما تائب ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة
وقفوها وقالوا : انها موجبة ، فتلكأت ونكصت حتى ظننا انها ترجع ثم قالت :
لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم :
أبصروها فان جاءت به أكحل العينين سابغ الاليتين خدلج
الساقين فهو لشريك بن سحماء ، فجاءت به كذلك فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : جاء رجل
إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرمى امرأته برجل ، فكره ذلك رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلم يزل يردده حتى أنزل الله {والذين يرمون أزواجهم
ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} حتى فرغ من الآيتين فأرسل اليهما فدعاهما
فقال : ان الله قد أنزل فيكما ، فدعا الرجل فقرأ عليه ، فشهد أربع شهادات
بالله انه لمن الصادقين ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه فقال له : كل شيء
أهون عليك من لعنة الله ، ثم أرسله فقال : لعنة الله عليه ان كان من
الكاذبين ثم دعا بها فقرأ عليها ، فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن
الكاذبينن ثم أمر بها فأمسك على فيها فوعظها وقال : ويحك كل شيء أهون عليك
من غضب الله ثم أرسلت فقالت : غضب الله عليها ان كان من الصادقين.
وأخرج
البخاري ومسلم ، وَابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : جاء
رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ان امرأتي زنت ، وسكت رسول
الله صلى الله عليه وسلم كأنه منكس في الأرض ثم رفع رأسه فقال : قد أنزل
الله فيك وفي صاحبتك فائت بها ، فجاءت فقال : قم فاشهد أربع شهادات فقام
فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين ، فقال له : ويلك أو ويحك انها
موجبة ، فشهد الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ، ثم قامت
امرأته فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين ، ثم قال ويلك أو
ويحك
انها موجبة ، فشهدت الخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين ، ثم
قال له : اذهب فلا سبيل لك عليها فقال : يا رسول الله مالي ، قال : لا مال
لك ان كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وان كنت كذبت عليها فذاك
أبعد لك منها.
وأخرج أحمد وعبد بن الحميد والترمذي وصححه والنسائي ،
وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : سألت عن المتلاعنين
أيفرق بينهما فقال : سبحان الله نعم ، ان أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان
قال : يا رسول الله أرأيت الرجل يرى امرأته على فاحشة فان تكلم تكلم بأمر
عظيم وان سكت سكت على مثل ذلك فسكت فلم يجبه فلما كان بعد ذلك أتاه فقال :
ان الذين سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله هذه الآية في سورة النور
{والذين يرمون أزواجهم} حتى بلغ {أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}
فبدأ بالرجل فوعظه وذكره وأخبره ان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال
: والذي بعثك بالحق ما كذبتك ، ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها وأخبرها ان
عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت : والذي بعثك بالحق أنه لكاذب ،
فبدأ بالرجل فشهد
أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة أن
لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات
بالله أنه لمن الكاذبين والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن ماجة ،
وَابن حبان ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال
: كنا جلوسا عشية الجمعة في المسجد فجاء رجل من الانصار فقال : أحدنا اذا
رأى مع امرأته رجلا فقتله
قتلتموه وان تكلم جلدتموه وان سكت سكت على
غيظ والله لئن أصبحت صالحا لا سألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله
فقال : يا رسول الله أحدنا اذا رأى مع امرأته رجلا فقتله قتلتموه وان تكلم
جلدتموه وان سكت سكت على غيظ ، اللهم احكم ، فنزلت آية اللعان فكان ذلك
الرجل أول من ابتلى به.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد
والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر والطبراني عن سهل بن سعد قال : جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال :
سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله
أيقتل به أم كيف يصنع : فسأل عاصم
رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل فلقيه عويمر فقال : والله
لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سألنه فاتاه فوجده قد أنزل عليه ،
فدعا بهما فلاعن بينهما قال عويمر : أن انطلق بها يا رسول الله لقد كذبت
عليها ففارقها قبل أن يخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فصارت سنة
المتلاعنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبصروها فان جاءت به أسحم
أدعج العينين عظيم الاليتين فلا أراه إلا قد صدق ، وان جاءت به أحمر كأنه
وحرة فلا أراه إلا كاذبا ، فجاءت به على النعت المكروه.
وأخرج أبو يعلى
، وَابن مردويه عن أنس قال : لاول لعان كان في الإسلام ان شريك بن سحماء
رماه هلال بن أمية بامرأته فرفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربعة شهود والا فحد في ظهرك ، فقال : يا
رسول الله ان الله ليعلم اني لصادق ولينزلن الله ما يبرى ء ظهري من الجلد
، فأنزل الله آية اللعان {والذين يرمون أزواجهم} إلى آخر الآية فدعاه
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : اشهد بالله انك لمن الصادقين فيما
رميتها به من الزنا ، فشهد بذلك أربع شهادات بالله ثم قال له في الخامسة :
لعنة الله عليك أن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا ، ففعل ، ثم
دعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قومي فاشهدي بالله أنه لمن
الكاذبين فيما رماك به من الزنا ، فشهدت بذلك أربع شهادات ثم قال لها في
الخامسة وغضب الله عليك ان كان من الصادقين فيما رماك به من الزنا ، قال :
فلما كان في الرابعة أو الخامسة سكتت سكتة حتى ظنوا انها ستعترف ، ثم قالت
لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت على القول
ففرق رسول الله صلى الله عليه
وسلم بينهما وقال : انظروا فان جاءت به جعدا أخمش الساقين فهو لشريك بن
سحماء وان جاءت به أبيض سبطا قصير العينين فهو لهلال بن أمية فجاءت به آدم
جعدا أخمش الساقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا ما نزل فيهما
من كتاب الله لكان لي ولها
شأن.
وأخرج النسائي ، وَابن مردويه عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رجلا من الأنصار من بني زريق قذف امرأته
فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرد ذلك عليه أربع مرات ، فأنزل الله
آية الملاعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين السائل قد نزل من
الله أمر عظيم فأبى الرجل إلا أن يلاعنها وأبت إلا تدرأ عن نفسها العذاب ،
فتلاعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اما تجيء به أصفر أخمش مفتول
العظام فهو للملاعن واما تجيء به اسود كالجمل الاورق فهو لغيره فجاءت به
أسود كالجمل الاورق فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله لعصبة أمه
وقال : لولا الآيات التي مضت لكان فيه كذا وكذا.
وأخرج البزار عن حذيفة
بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر لو رأيت مع أم
رومان رجلا ما كنت فاعلا به قال : كنت - والله - فاعلا به شرا قال : فأنت
يا عمر قال : كنت - والله - قاتله فنزلت {والذين يرمون أزواجهم} قلت :
رجال إسناده ثقات إلا أن البزار كان يحدث من حفظه فيخطى ء.
وقد
أخرجه ابن مردويه والديلمي من هذا الطريق وزاد بعد قوله كنت قاتله قال :
فأنت يا سهيل بن بيضاء قال : كنت أقول لعن الله الأبعد فهو خبيث ولعن الله
البعدى فهي خبيثة ولعن الله أو الثلاثة أخبر بهذا ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : تأولت القرآن
يا ابن بيضاء {والذين يرمون أزواجهم} وهذا أصح من قول البزار فنزلت.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن زيد بن نفيع أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال لأبي بكر : أرأيت لو وجدت مع أهلك رجلا كيف كنت صانعا قال : اذا
لقتلته ، ثم قال لعمر ، ، فقال مثل ذلك ، فتتابع القوم على قول أبي بكر
وعمر ، ثم قال لسهيل بن البيضاء ، ، قال : كنت أقول لعنك الله فأنت خبيثة
ولعنك الله فأنت خبيث ولعن الله أول الثلاثة منا يخرج هذا الحديث ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : تأولت القرآن يا ابن البيضاء لو قتله به
ولو قذفه جلد ولو قذفها لاعنها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في
قوله {والذين يرمون أزواجهم} قال : هو الرجل يرمي زوجته بالزنا {ولم يكن
لهم شهداء إلا أنفسهم} يعني ليس للرجل شهداء غيره ان امرأته قد زنت فرفع
ذلك إلى الحكام فشهادة
أحدهم - يعني الزوج - يقوم بعد الصلاة في
المسجد فيحلف أربع شهادات بالله يقول : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن
فلانة - يعني امرأته - زانية ، والخامسة ان لعنة الله عليه - يعني على
نفسه - ان كان من الكاذبين في قوله ، ويدرأ يدفع الحكام عن المرأة العذاب
- يعني الحد - ان تشهد أربع شهادات بالله أنه - يعني زوجها - لمن الكاذبين
، فتقوم المرأة مقام زوجها فتقول أربع مرات أشهد بالله الذي لا إله إلا هو
أني لست بزانية وان زوجي لمن الكاذبين ، والخامسة ان غضب الله عليها -
يعني على نفسها - ان كان زوجها من الصادقين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن
قتادة {والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين} قال : فان هي
اعترفت رجمت وان هي أبت يدرأ عنها العذاب قال : عذاب الدنيا {أن تشهد أربع
شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من
الصادقين} ، ثم يفرق بينهما وتعتد عدة المطلقة.
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال : لا يجتمع المتلاعنان أبدا.
وأخرج عبد الرزاق عن علي ، وَابن مسعود ، مثله.
وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي قال : اللعان أعظم من الرجم.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال : وجبت اللعنة على أكذبهما.
وأخرج البزار ، عَن جَابر قال : ما نزلت آية التلاعن إلا لكثرة السؤال.
وأخرج
الخرائطي في مكارم الاخلاق عن أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية قال سعد
بن عبادة : اني لو رأيت أهلي ومعها رجل انتظر حتى أتي بأربعة قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، قال : والذي بعثك بالحق لو رأيته لعاجلته
بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الانصار اسمعوا ما يقول
سيدكم ان سعدا لغيور وأنا أغير منه والله أغير مني.
وأخرج ابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة أنه سمع
رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة أيما امرأة أدخلت على
قوم ما ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته ، وأيما رجل
جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس
الاولين والآخرين.
- قوله تعالى : إن الذين جاؤا بالإفك عصبة
منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم
والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم.
أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري
وعبد بن الحميد ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ،
وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم اذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين أزواجه فايتهن خرج سهمها خرج
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ، قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة
غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل الحجاب
وانا أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى اذا فرغ رسول الله صلى الله عليه
وسلم من غزوته تلك وقفل فدنونا من المدينة قافلين ، آذن ليلة بالرحيل فقمت
حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي
فاذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وأقبل
الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت
أركب وهم يحسبون أني فيه وكان النساء اذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم انما
تأكل المرأة
العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين
رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل فساروا فوجدت عقدي بعدما استمر
الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فيممت منزلي الذي كنت به فظنت
أنهم سيفقدوني فيرجعون الي ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني فنمت ، وكان
صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فادلج فأصبح عند منزلي
فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب
فاستيقظت باسترجاعه حين
عرفني فخمرت وجهي بجلبابي والله ما كلمني كلمة
واحدة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطى ء على يديها
فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد أن نزلوا موغرين في
نحر الظهيرة فهلك في من هلك ، وكان الذي تولى الافك عبد الله بن أبي ابن
سلول ، فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب
الافك لا أشعر
بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكى انما يدخل علي فيسلم ثم يقولك كيف تيكم ثم ينصرف ، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهي متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط ، فكنا نتاذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت انا وأم مسطح فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي قد أشرعنا من ثيابنا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح فقلت لها : بئس ما قلت اتسبين رجلا شهد بدرا قالت : أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال قلت : وما قال ، فاخبرتني بقول أهل الافك فازددت مرضا على مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال : كيف تيكم فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي قالت : - وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما - قالت : فاذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت لابوي فقلت لامي يا امتاه ما يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك فو الله لقلما كانت امرأة
قط
وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا اكثرن عليها فقلت - سبحان الله - ولقد
تحدث الناس بهذا فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا اكتحل
بنوم ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب
واسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله ، فأما أسامه
فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي
يعلم لهم في نفسه من الود فقال يا رسول الله : أهلك ولا نعلم إلا خيرا
وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله : لم يضيق الله عليك والنساء
سواها كثير وان تسأل الجارية تصدقك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بريرة فقال :
أي بريرة هل رأيت شيئا يريبك قالت بريرة : لا والذي بعثك
بالحق ان رأيت عليها أمرا أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن
عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي فقال وهو على المنبر : يا معشر المسلمين
من يعذرني من رجل بلغني أذاه في اهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا
خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا
معي ، فقال سعد بن معاذ الانصاري فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه ان
كان من الاوس ضربت عنقه وان كان من
إخواننا من بني الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحميه فقال لسعد : كذبت لعمر الله ما تقتله ولا تقدر على قتله ، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة : كذبت لنقتلنه فانك منافق تجادل عن المنافقين ، فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا ان يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت ، فبكيت يومي ذلك فلا يرقا لي دمع ولا أكتحل بنوم فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقا لي دمع وأبواي يظنان ان البكاء فالق كبدي ، فبينما هما جالسان عندي وأنا ابكي فاستأذنت على امرأة من الانصار فأذنت لها فجلست تبكي معي فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس ولم يجلس عندي منذ قيل في ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحي إليه في شأني بشيء فتشهد حين جلس ثم قال : أما بعد يا عائشة فانه بلغني عنك كذا وكذا ، فان كنت بريئه فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد اذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس
منه قطرة
فقلت لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والله ما أدري ما
أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لامي : أجيبي عني رسول الله صلى
الله عليه وسلم قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه
وسلم فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن : اني والله لقد
علمت انكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم - وصدقتم به فلئن قلت لكم
اني بريئة - والله يعلم اني بريئة - لا تصدقوني ولئن
اعترفت لكم بأمر -
والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقني والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا قول
أبي يوسف {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} يوسف الآية 18 ، ثم
تحولت فاضطجعت على فراشي وأنا حينئذ أعلم اني بريئة وان الله مبرئي
ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن ان الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في
نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول
الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يبرئني الله بها قالت : فو الله ما رام رسول
الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه
فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان
من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه فلما سري عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم سري عنه وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال
: ابشري يا عائشة اما الله فقد برأك فقالت أمي : قومي إليه فقلت : والله
لا أقوم اليه ولا
أحمد إلا الله الذي أنزل براءتي ، وأنزل الله {إن
الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} العشر الآيات كلها ، فلما أنزل الله هذا في
براءتي قال أبو بكر : وكان ينفق على مسطح بن اثاثة لقرابته منه وفقره
والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله
{ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين} النور
الآية 22 إلى قوله {رحيم} قال أبو بكر : والله اني أحب أن يغفر الله لي
فرجع الي مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال : والله لا أنزعها منه أبدا
قالت عائشة : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن
أمري فقال : يا زينب ماذا علمت أو رأيت فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي
وبصري ما علمت إلا خيرا قالت : وهي التي كانت تساميني من أزواج النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت
فيمن هلك من أصحاب الافك.
وأخرج البخاري والترمذي ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : لما ذكر من شأني الذي ذكر
وما علمت به ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطيبا فتشهد فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال : أما بعد أشيروا علي في أناس أنبوا أهلي - وأيم الله -
ما علمت على أهلي من سوء وأنبوهم بمن - والله -
ما علمت عليه من سوء قط ولا يدخل بيتي قط إلا وأنا حاضر ولا غبت في سفر إلا غاب معي
فقام
سعد بن معاذ فقال : ائذن لي يا رسول الله ان تضرب أعناقهم وقام رجل من بني
الخزرج وكانت أم حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل فقال : كذبت أما والله لو
كانوا من الاوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم حتى كاد أن يكون بين الاوس
والخزرج شرقي المسجد وما علمت ، فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي
ومعي أم مسطح فعثرت فقالت : تعس مسطح فقلت : أي أم تسبين ابنك فسكتت ثم
عثرت الثالثة فقالت : تعس مسطح فقلت لها : أي أم تسبين إبنك ثم عثرت
الثالثه فقالت : تعس مسطح فانتهرتها فقالت : والله لم أسبه إلا فيك فقلت :
في أي شأني فقرأت لي الحديث ، فقلت وقد كان هذا قالت : نعم ، والله ،
فرجعت إلى بيتي كأن الذي خرجت له لا أجد منه قليلا ولا كثيرا ووعكت فقلت
لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلني إلى بيت أبي فأرسل معي الغلام
فدخلت الدار فوجدت أم رومان في السفل وأبا بكر فوق البيت يقرأ ، فقالت أمي
: ما جاء بك يا بنية فاخبرتها وذكرت لها الحديث واذا هو لم يبلغ
منها مثل ما بلغ مني ، فقالت : يا بنية خففي عليك الشأن فانه - والله - لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا حسدتها وقيل : فيها ، قلت : وقد علم به أبي فقالت : نعم قلت : ورسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : نعم ، فاستعبرت وبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فنزل فقال لأمي : ما شأنها قالت : بلغها الذي ذكر من شأنها ففاضت عيناه فقال : أقسمت عليك أي بنية إلا رجعت إلى بيتك فرجعت ، ولقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فسأل عني خادمي فقالت : لا والله ما علمت عليها عيبا إلا أنها كانت ترقد حتى تدخل الشاة فتأكل خميرها أو عجينها وانتهرها بعض أصحابه فقال : اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسقطوا لهابه فقالت - سبحان الله - ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الاحمر فبلغ إلى ذلك الرجل الذي قيل له فقال - سبحان الله - والله ما كشفت كنف أنثى قط قالت : فقتل شهيدا في سبيل الله قال : وأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد صلى العصر ثم دخل وقد اكتنفني أبواي عن يميني وشمالي
فحمد
الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد يا عائشة أن كنت قارفت سوأ أو ظلمت
فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده ، قالت : وقد جاءت امرأة من
الانصار فهي جالسة بالباب فقلت : ألا تستحي من هذه المرأة ان تذكر شيئا
فوعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت إلى أبي فقلت : أجبه قال : ماذا
أقول فالتفت ألى أمي فقلت : أجيبيه قالت : أقول ماذا فلما يجيباه تشهدت
فحمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت : أما بعد - فو الله - لئن قلت لكم أني لم
أفعل - والله يشهد اني لصادقة - ما ذاك بنافعي عندكم وقد تكلمتم به
وأشربته قلوبكم ، وان قلت : اني فعلت - والله يعلم اني لم أفعل - لتقولن
قد باءت به على نفسها واني - والله - لا أجد لي ولكم مثلا ، والتمست اسم
يعقوب فلم أقدر عليه إلا أبا يوسف حين قال {فصبر جميل والله المستعان على
ما تصفون} يوسف الآية 18 ، وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من
ساعته فسكتنا فرفع عنه ، واني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه ويقول
: ابشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك قالت : وقد كنت أشد مما كنت غضبا
فقال لي أبواي : قومي اليه فقلت : والله لا أقوم اليه ولا أحمده ولكن أحمد
الله الذي أنزل براءتي لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه وكانت عائشة
تقول : أما زينب بنة جحش فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا وأما أختها
حمنة
فهلكت فيمن هلك وكان الذي تكلم فيها مسطح وحسان بن ثابت
والمنافق عبد الله بن أبي وهو الذي كان يستوشيه ويجمعه وهو الذي كان تولى
كبره منهم هو وحمنة قال : فحلف أبو بكر ان لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا
فأنزل الله {ولا يأتل أولوا الفضل منكم} النور الآية 22 ، إلى آخر الآية ،
يعني أبا بكر ، {والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين} يعني مسطحا ، إلى
قوله {ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} قال أبو بكر : بلى
والله انا نحب ان يغفر الله لنا وعاد له كما كان يصنع.
وأخرج أحمد
والبخاري وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أم رومان قال :
بينا أنا عند عائشة اذ دخلت عليها امرأة فقالت : فعل الله بابنها وفعل
فقالت عائشة : ولم قالت : انه كان فيمن حدث الحديث قالت عائشة : وأي حديث
قالت : كذا وكذا قلت : وقد بلغ ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت :
نعم.
قلت : وأبا بكر قالت : نعم ، فخرت عائشة مغشيا عليها فما أفاقت
إلا وعليها حمى بنافض فقمت فزبرتها وجاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقال : ما شأن هذه قلت : يا رسول الله
أخذتها حمى بنافض قال : فلعله
من حديث تحدث به ، قالت واستوت عائشة قاعدة فقالت : والله لئن حلفت لا
تصدقوني ، ولئن اعتذرت اليكم لا تعذروني فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه
{والله المستعان على ما تصفون} وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل
الله عذرها فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر فدخل فقال : يا
عائشة ان الله قد أنزل عذرك فقالت : بحمد الله لا بحمدك فقال لها أبو بكر
: أتقولين هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : نعم ، قالت : وكان
فيمن حدث الحديث رجل كان يعوله أبو بكر فحلف أبو بكر أن لا يصله فأنزل
{ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} إلى آخر الآية قال أبو بكر : بلى ،
فوصله.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه بسند حسن عن أبي هريرة قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفر أقرع بين نسائه فأصاب عائشة
القرعة في غزوة بني المصطلق فلما كان في جوف الليل انطلقت عائشة لحاجة
فانحلت قلادتها فذهبت في طلبها وكان مسطح يتيما لأبي بكر وفي عياله فلما
رجعت عائشة لم تر العسكر وكان صفوان بن المعطل السلمي يتخلف عن الناس
فيصيب القدح والجراب والاداوة فيحمله فنظر فاذا عائشة فغطى وجهه عنها ثم
أدنى بعيره منها فانتهى إلى العسكر فقالوا : قولا : وقالوا فيه
قال
: ثم ذكر الحديث حتى انتهى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء فيقوم
على الباب فيقول : كيف تيكم حتى جاء يوما فقال : ابشري يا عائشة قد أنزل
الله عذرك فقالت : بحمد الله لا بحمدك وأنزل في ذلك عشر آيات {إن الذين
جاؤوا بالإفك عصبة منكم} فحد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسطحا وحمنة
وحسان.
وأخرج ابن مردويه بسنده عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم كان اذا سافر جاء ببعض نسائه ، وسافر بعائشة وكان لها هودج وكان
الهودج له رجال يحملونه ، ويضعونه فعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه وخرجت عائشة للحاجة فباعدت فلم يعلم بها فاستيقظ النَّبِيّ رسول
الله صلى الله عليه وسلم والناس قد ارتحلوا وجاء الذين يحملون الهودج
فحملوه
فلم يعلموا إلا أنها فيه فساروا وأقبلت عائشة فوجدت النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم والناس قد ارتحلوا فجلست مكانها فاستيقظ رجل من الانصار يقال له
صفوان بن معطل وكان لا يقرب النساء فتقرب منها ومعه بعير له فلما رآها
وكان قد عرفها وهي صغيرة قال : أم المؤمنين ولى وجهه وحملها ثم أخذ بخطام
الجمل وأقبل يقوده حتى لحق الناس ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نزل وفقد
عائشة فأكثروا القول وبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فشق عليه حتى
اعتزلها واستشار فيها زيد بن ثابت وغيره فقال : يا رسول الله دعها لعل
الله أن يحدث أمره فيها فقال علي بن أبي طالب : النساء
كثير ، وخرجت
عائشة ليلة تمشي في نساء فعثرت أم مسطح فقالت : تعس مسطح قالت عائشة : بئس
ما قلت فقالت : انك لا تدري ما يقول فاخبريها ، فسقطت عائشة مغشيا عليها
ثم أنزل الله {إن الذين جاؤوا بالإفك} الآيات ، وكان أبو بكر يعطي مسطحا
ويصله ويبره فحلف أبو بكر لا يعطيه فنزل {ولا يأتل أولوا الفضل منكم}
فأمره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يأتيها ويبشرها فجاء أبو بكر
فأخبرها بعذرها وما أنزل الله فيها فقالت : بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد
صاحبك.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسنده عن عمر قال : كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ثلاثا فمن أصابته
القرعة خرج بها معه فلما غزا بني المصطلق اقرع بينهن فأصابت عائشة وأم
سلمة فخرج بهما معه فلما كانوا في بعض الطريق مال رحل أم سلمة فاناخوا
بعيرها ليصلحوا رحلها وكانت عائشة تريد قضاء حاجة فلما أبركوا ابلهم قالت
عائشة : فقلت في نفسي إلى ما يصلح رحل أم سلمة أقضي حاجتي ، قالت : فنزلت
من
الهودج ولم يعلموا بنزولي ، فأتيت خربة فانقطعت قلادتي فاحتبست
في جمعها ونظامها وبعث القوم إبلهم ومضوا وظنوا اني في الهودج فخرجت ولم
أر أحد فاتبعهم حتى أعييت ، فقلت في نفسي : ان القوم سيفقدوني ويرجعون في
طلبي فقمت على بعض الطريق فمر بي صفوان بن المعطل وكان سأل النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم ان يجعله على الساقة فجعله ، وكان اذا رحل الناس قام يصلي
ثم اتبعهم فما سقط منهم من شيء حمله
حتى يأتي به أصحابه قالت عائشة :
فلما مر بي ظن أني رجل فقال : يا نومان قم فان الناس قد مضوا فقلت : اني
لست رجلا أنا عائشة قال : انا لله وانا اليه راجعون ثم أناخ بعيره فعقل
يديه ثم ولى عني فقال يا امه : قومي فاركبي فاذا ركبت فآذنيني قالت :
فركبت فجاء حتى حل العقال ثم بعث جمله فأخذ بخطام الجمل قال عمر : فما
كلمها كلاما حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عبد الله بن
أبي ابن سلول للناس : فجربها ورب الكعبة وأعانه على ذلك حسان بن ثابت
ومسطح بن أثاثة وحمنة وشاع ذلك في العسكر فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فكان في قلب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مما قالوا حتى رجعوا
إلى المدينة وأشاع عبد الله بن أبي هذا الحديث في المدينة واشتد ذلك على
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عائشة : فدخلت ذات يوم أم مسطح فرأتني
وأنا أريد المذهب
فحملت معي السطل وفيه ماء فوقع السطل منها فقالت : تعس مسطح قالت لها عائشة - سبحان الله - تسبين رجلا من أهل بدر وهو ابنك قالت لها أم مسطح : انه سال بك السيل وأنت لا تدرين واخبرتها بالخبر ، قالت : فلما اخبرتني اخذتني الحمى بنافض مما كان ولم أجد المذهب ، قالت عائشة : وقد كنت أرى من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل ذلك جفوة ولم ادر من أي شيء هو فلما حدثتني أم مسطح علمت أن جفوة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذاك فلما دخل علي قلت : تأذن لي أن أذهب إلى أهلي قال : اذهبي فخرجت عائشة حتى أتت أباها فقال لها : مالك قلت : اخرجني رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته قال لها أبو بكر : فأخرجك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته وآويك انا والله لا آويك حتى يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤويها فقال لها أبو بكر : والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط فكيف وقد اعزنا الله بالاسلام فبكت عائشة وامها أم رومان وأبو بكر وعبد الرحمن وبكى معهم أهل الدار ، وبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه فقال : أيها الناس من يعذرني ممن يؤذيني فقام إليه سعد بن معاذ فسل سيفه وقال :
يا رسول الله أنا أعذرك منه ان يكن من الأوس اتيتك برأسه وان يكن من الخزرج امرتنا بأمرك
فيه
فقام سعد بن عبادة فقال : كذبت والله ما تقدر على قتله انما طلبتنا بذحول
كانت بيننا وبينكم في الجاهلية فقال هذا : يال الاوس وقال هذا : يال
الخزرج ، فاضطربوا بالنعال والحجارة فتلاطموا فقام أسيد بن حضير فقال :
فيم الكلام هذا رسول الله يأمرنا بأمره فنفعله عن رغم أنف من رغم ، ونزل
جبريل وهو على المنبر فلما سري عنه تلا عليهم ما نزل به جبريل {وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} الحجرات الآية 9 إلى آخر الآيات فصاح الناس
: رضينا بما أنزل الله وقام وبعضهم إلى بعض وتلازموا وتصايحوا فنزل
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن المنبر ، وأبطأ الوحي في عائشة فبعث
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد وبريرة
وكان اذا أراد أن يستشير في أمر أهله لم يعد عليا وأسامة بن زيد بعد موت
أبيه زيد فقال لعلي : ما تقول في عائشة فقد أهمني ما قال الناس قال : يا
رسول الله قد قال الناس وقد حل لك طلاقها وقال لاسامة : ما تقول أنت قال -
سبحان الله - ما يحل لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ، فقال
لبريرة : ما تقولين
يا بريرة قالت والله يا رسول الله ما علمت على
أهلك إلا خيرا إلا أنها امرأة نؤم تنام حتى تجيء الداجن فتأكل عجينها وان
كان شيء من هذا ليخبرنك الله ، فخرج صلى الله عليه وسلم حتى أتى منزل أبي
بكر فدخل عليها فقال : يا عائشة ان كنت فعلت هذا الامر فقولي لي حتى
أستغفر الله لك فقالت : والله لا أستغفر الله منه أبدا ، ان كنت قد فعلته
فلا غفر الله لي وما أجد مثلي ومثلكم إلا مثل أبي يوسف اذهب اسم يعقوب من
الأسف قال {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون}
يوسف الآية 86 ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمها اذ نزل جبريل
بالوحي فأخذت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نعسة فسري وهو يتبسم فقال : يا
عائشة ان الله قد أنزل عذرك فقالت : بحمد الله بحمدك ، فتلا عليها سورة
النور إلى الموضع الذي انتهى إليه عذرها وبراءتها فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ك قومي إلى البيت فقامت ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى المسجد فدعا أبا عبيدة بن الجراح فجمع الناس ثم تلا عليهم ما أنزل
الله من البراءة لعائشة وبعث إلى عبد الله بن
أبي فجيء به فضربه
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حدين وبعث إلى حسان ومسطح وحمنة فضربوا ضربا
وجيعا ووجى ء في رقابهم قال ابن عمر : انما ضرب رسول الله صلى الله عليه
وسلم عبد الله
بن أبي حدين لأنه من قذف أزواج النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فعليه حدان ، فبعث أبو بكر إلى مسطح لا وصلتك بدرهم أبدا ولا
عطف عليك بخير أبدا ثم طرده أبو بكر وأخرجه من منزله ، ونزل القرآن {ولا
يأتل أولوا الفضل منكم} إلى آخر الآية ، فقال أبو بكر : أما اذ نزل القرآن
يأمرني فيك لاضاعفن لك ، وكانت امرأة عبد الله بن أبي منافقة معه فنزل
القرآن {الخبيثات} يعني امرأة عبد الله {للخبيثين} يعني عبد الله
{والخبيثون للخبيثات} عبد الله وامرأته {والطيبات} يعني عائشة وأزواج
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {للطيبين} يعني النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن أبي اليسر الانصاري أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : يا عائشة قد أنزل الله عذرك
قالت : بحمد الله لا بحمدك ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند
عائشة فبعث إلى عبد الله بن أبي فضربه حدين وبعث إلى مسطح وحمنة فضربهم.
وأخرج
الطبراني عن ابن عباس {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} يريد ان الذين
جاؤا بالكذب على عائشة أم المؤمنين أربعة منكم {لا تحسبوه
شرا لكم
بل هو خير لكم} يريد خيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبراءة لسيدة
نساء المؤمنين وخير لأبي بكر وأم عائشة وصفوان بن المعطل {لكل امرئ منهم
ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم} يريد اشاعته منهم يريد عبد الله
بن أبي بن سلول {له عذاب عظيم} يريد في الدنيا جلده رسول الله صلى الله
عليه وسلم وفي الآخرة مصيره إلى النار {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون
والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين} وذلك أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم استشار فيها بريرة وأزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا
: خيرا وقالوا : هذا كذب عظيم {لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء} لكانوا هم
والذين شهدوا كاذبين {فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون}
يريد الكذب بعينه {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يريد ولولا ما من الله به
عليكم وستركم {هذا بهتان عظيم} يريد البهتان الافتراء مثل قوله في مريم
بهتانا عظيما {يعظكم الله أن تعودوا لمثله} يريد مسطحا
وحمنة وحسان
{ويبين الله لكم الآيات} التي أنزلها في عائشة والبراءة لها {والله عليم}
بما في قلوبكم من الندامة فيما خضتم به {حكيم} في القذف ثمانين جلدة {إن
الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} يريد بعد هذا {في الذين آمنوا} يريد المحصنين
والمحصنات من المصدقين {لهم عذاب أليم} وجيع في الدنيا يريد الحد وفي الآخرة العذاب في النار {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} ما دخلتم فيه وما فيه من شدة العذاب وأنتم لا تعلمون شدة سخط الله على من فعل هذا ، {ولولا فضل الله عليكم} يريد لولا ما تفضل الله به عليكم {ورحمته} يريد مسطحا وحمنة وحسان {وأن الله رؤوف رحيم} يريد من الرحمة رؤوف بكم حيث ندمتم ورجعتم إلى الحق {يا أيها الذين آمنوا} يريد صدقوا بتوحيد الله {لا تتبعوا خطوات الشيطان} يريد الزلات {فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} يريد بالفحشاء عصيان الله والمنكر كل ما يكره الله تعالى {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يريد ما تفضل الله به عليكم ورحمكم {ما زكا منكم من أحد أبدا} يريد ما قبل توبة أحد منكم أبدا {ولكن الله يزكي من يشاء} فقد شئت أن يتوب عليكم {والله سميع عليم} يريد سميع لقولكم عليم بما في أنفسكم من الندامة ، {ولا يأتل} يريد ولا يحلف {أولوا الفضل منكم والسعة}
يريد ولا يحلف أبو بكر أن
لا ينفق على مسطح {أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل
الله وليعفوا وليصفحوا} فقد جعلت فيك يا أبا بكر الفضل وجعلت عندك السعة
والمعرفة بالله فسخطت يا أبا بكر على مسطح فله قرابة وله هجرة ومسكنة
ومشاهد رضيتها منه يوم بدر {ألا تحبون} يا أبا بكر {أن يغفر الله لكم}
يريد فاغفر لمسطح {والله غفور رحيم} يريد فاني غفور لمن أخطأ رحيم
باوليائي ، {إن الذين يرمون المحصنات} يريد العفائف {الغافلات المؤمنات}
يريد المصدقات بتوحيد الله وبرسله وقد قال حسان بن ثابت في عائشة : حصان
رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل فقالت عائشة : لكنك لست
كذلك {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} يقول أخرجهم من الإيمان
مثل قوله في سورة الأحزاب للمنافقين {ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا
تقتيلا} الأحزاب الآية 61.
{والذي تولى كبره} يريد كبر القذف واشاعته عبد الله بن أبي الملعون {يوم تشهد
عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} يريد أن الله ختم على ألسنتهم فشهدت الجوارح وتكلمت على أهلها بذلك وذلك أنهم قالوا تعالوا نحلف بالله ما كنا مشركين فختم الله على ألسنتهم فتكلمت الجوارح بما عملوا ثم شهدت ألسنتهم عليهم بعد ذلك ، {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} يريد يجازيهم بأعمالهم بالحق كما يجازي أولياءه بالثواب كذلك يجازي أعداءه بالعقاب كقوله في الحمد {مالك يوم الدين} يريد يوم الجزاء {ويعلمون} يريد يوم القيامة {أن الله هو الحق المبين} وذلك ان عبد الله بن أبي كان يشك في الدنيا وكان رأس المنافقين فذلك قوله {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} ويعلم ابن سلول {أن الله هو الحق المبين} يريد انقطع الشك واستيقن حيث لا ينفعه اليقين ، {الخبيثات للخبيثين} يريد أمثال عبد الله بن أبي ومن شك في الله ويقذف مثل سيدة نساء العالمين {والطيبات للطيبين} عائشة طيبها الله لرسوله ، أتى بها جبريل في سرقة من حرير قبل أن تصور في رحم أمها فقال له : عائشة بنت أبي بكر زوجتك في الدنيا وزوجتك
في الجنة عوضا من خديجة
وذلك عند موتها بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقر بها عيناه ،
{والطيبون للطيبات} يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبه الله لنفسه
وجعله سيد ولد آدم {والطيبات} يريد عائشة {أولئك مبرؤون مما يقولون} يريد
برأها الله من كذب عبد الله بن أبي {لهم مغفرة} يريد عصمة في الدنيا
{ومغفرة} في الآخرة {ورزق كريم} يريد الجنة وثواب عظيم.
وأخرج ابن أبي
حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير {إن الذين جاؤوا بالإفك} الكذب {عصبة
منكم} يعني عبد الله بن أبي المنافق وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة
بنت جحش {لا تحسبوه شرا لكم} يقول لعائشة وصفوان : لا تحسبوا الذي قيل لكم
من الكذب {شرا لكم بل هو خير لكم} لانكم تؤجرون على ذلك {لكل امرئ منهم}
يعني ممن خاض في أمر عائشة {ما اكتسب من الإثم} على قدر ما خاض فيه من
أمرها {والذي تولى كبره} يعني حظه منهم يعني القدفة وهو
ابن أبي رأس المنافقين وهو الذي قال : ما برئت منه وما برى ء منها {له عذاب عظيم}
وفي
هذه الآية عبرة عظيمة لجميع المسلمين اذا كانت فيهم خطيئة فمن أعان عليها
بفعل أو كلام أو عرض لها أو أعجبه ذلك أو رضي فهو في تلك الخطيئة على قدر
ما كان منه واذا كان خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره فهو مثل الغائب ومن
غاب ورضي فهو مثل شاهد ، {لولا إذ سمعتموه} قذف عائشة وصفوان {ظن المؤمنون
والمؤمنات} لأن منهم حمنة بنت جحش هلا كذبتم به {بأنفسهم خيرا} هلا ظن
بعضهم ببعض خيرا أنهم لم يزنوا {وقالوا هذا إفك مبين} إلا قالوا هذا القذف
كذب بين {لولا جاؤوا عليه} يعني على القذف {بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا
بالشهداء فأولئك} يعني الذي قذفوا عائشة {عند الله هم الكاذبون} في قولهم
{ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة} من تأخير العقوبة {لمسكم
فيما أفضتم فيه} يعني فيما قلتم من القذف {عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم}
وذلك حين خاضوا في أمر عائشة فقال بعضهم : سمعت فلانا يقول كذا وكذا
وقال بعضهم : بل كان كذا وكذا فقال {تلقونه بألسنتكم} يقول : يرويه بعضكم عن بعض {وتقولون بأفواهكم} يعني بالسنتكم من قذفها {ما ليس لكم به علم} يعني من غير أن تعلموا ان الذي قلتم من القذف حق {وتحسبونه هينا} تحسبون ان القذف ذنب هين {وهو عند الله عظيم} يعني من الزور {لولا إذ سمعتموه} يعني القذف {قلتم ما يكون} يعني ألا قلتم ما يكون {ما يكون لنا أن نتكلم بهذا} ولم تره أعيننا {سبحانك هذا بهتان عظيم} يعني ألا قلتم هذا كذب عظيم مثل ما قال سعد بن معاذ الانصاري : وذلك ان سعدا لما سمع قول من قال في أمر عائشة قال {سبحانك هذا بهتان عظيم} يعني ألا قلتم هذا كذب عظيم مثل ما قال سعد بن معاذ الانصاري : وذلك ان سعدا لما سمع قول من قال في أمر عائشة قال {سبحانك هذا بهتان عظيم} والبهتان الذي يبهت فيقول ما لم يكن ، {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا} يعني القذف {إن كنتم مؤمنين} يعني مصدقين {ويبين الله لكم الآيات} يعني ما ذكر من المواعظ {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} تفشوا ويظهر الزنا {لهم عذاب أليم في الدنيا} بالحد {في الآخرة عذاب النار} ، {ولولا فضل الله} لعاقبكم بما قلتم لعائشة {وأن الله رؤوف رحيم} حين عفا عنكم فلم يعاقبكم {ومن يتبع خطوات الشيطان} يعني تزيينه {فإنه يأمر بالفحشاء} يعني بالمعاصي {والمنكر} ما لا يعرف
مثل ما قيل لعائشة {ولولا فضل الله عليكم ورحمته}
يعني
نعمته {ما زكا} ما صلح {ولكن الله يزكي} يصلح {من يشاء} ، فلما أنزل الله
عذر عائشة وبرأها وكذب الذين قذفوها حلف أبو بكر ان لا يصل مسطح بن اثاثة
بشيء أبدا لأنه كان فيمن ادعى على عائشة من القذف وكان مسطح من المهاجرين
الاولين وكان ابن خالة أبي بكر وكان يتيما في حجره فقيرا فلما حلف أبو بكر
ان لا يصله نزلت في أبي بكر {ولا يأتل} أي ولا يحلف {أولوا الفضل منكم}
يعني في الغنى أبا بكر الصديق {والسعة} يعني في الرزق {أن يؤتوا أولي
القربى} يعني مسطح ابن اثاثة قرابة أبي بكر ، وَابن خالته {والمساكين}
يعني ان مسطحا كان فقيرا {والمهاجرين في سبيل الله} يعني ان مسطحا كان من
المهاجرين {وليعفوا وليصفحوا} يعني ليتجاوزوا عن مسطح {ألا تحبون أن يغفر
الله لكم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : أما تحب أن يغفر
الله لك قال : بلى يا رسول الله قال : فاعف واصفح فقال أبو بكر : قد عفوت
وصفحت لا أمنعه معروفا بعد اليوم ، {إن الذين يرمون المحصنات} يعني يقذفون
بالزنا الحافظات لفروجهن العفائف {الغافلات} يعني عن الفواحش يعني عائشة
{المؤمنات} يعني الصادقات {لعنوا} يعني جلدوا {في الدنيا والآخرة} يعذبون
بالنار يعني عبد الله بن أبي لانه منافق له عذاب عظيم ، !
{يوم تشهد
عليهم ألسنتهم} يعني من قذف عائشة يوم القيامة {يومئذ} يعني في الآخرة
{يوفيهم الله دينهم الحق} حسابهم العدل لا يظلمهم {ويعلمون أن الله هو
الحق المبين} يعني العدل المبين {الخبيثات} يعني السيء من الكلام قذف
عائشة {للخبيثين} من الرجال والنساء يعني الذين قذفوها {والخبيثون} يعني
من الرجال والنساء {للخبيثات} يعني السيء من الكلام لأنه يليق بهم الكلام
السيء {والطيبات} يعني الحسن من الكلام {للطيبين} من الرجال والنساء يعني
الذين ظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرا {والطيبون} من الرجال والنساء
{للطيبات} للحسن من الكلام لأنه يليق بهم الكلام الحسن {أولئك} يعني
الطيبين من الرجال والنساء {مبرؤون مما يقولون} هم برآء من الكلام السيء
{لهم مغفرة} يعني لذنوبهم {ورزق كريم}
يعني حسنا في الجنة فلما أنزل الله عذر عائشة ضمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسه وهي من أزواجه في الجنة.
وأخرج
الطبراني ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : أنزل الله عذري
وكادت الامة تهلك في سببي فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرج
الملك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيك اذهب إلى ابنتك فاخبرها ان
الله قد أنزل عذرها من
السماء قالت : فاتاني أبي وهو يعدو يكاد أن
يعثر فقال : ابشري يا بنية بأبي وأمي فان الله قد أنزل عذرك قلت : بحمد
الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك الذي أرسلك ثم دخل رسول الله صلى الله عليه
وسلم فتناول ذراعي فقلت بيده هكذا فأخذ أبو بكر النعل ليعلوني بها فمنعته
أمي فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أقسمت لا تفعل.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : والله ما كنت أرجو
أن ينزل في كتاب الله ولا أطمع فيه ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى
الله عليه وسلم رؤيا فيذهب ما في نفسه وقد سأل الجارية الحبشية فقالت :
والله لعائشة أطيب من طيب الذهب ولكنها ترقد حتى تدخل تدخل الشاة فتأكل
عجينها والله لئن كان ما يقول الناس حقا ليخبرنك الله ، فعجب الناس من
فقهها.
وأخرج الطبراني عن الحكم ابن عتيبة قال : لما خاض الناس في أمر
عائشة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عائشة فقال : يا عائشة ما
يقول الناس فقالت : لا أعتذر من شيء قالوه حتى ينزل عذري من السماء ،
فأنزل الله فيها خمس عشرة آية من سورة النور ثم قرأ حتى بلغ {الخبيثات
للخبيثين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : نزلت ثمان عشرة آية متواليات بتكذيب من قذف عائشة وببراءتها.
وأخرج البزار والطبراني ، وَابن مردويه بسند صحيح عن عائشة قالت : لما رميت بما رميت به هممت ان آتي قلبيا فاطرح نفسي فيه.
وأخرج
البزار بسند صحيح عن عائشة : انه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رأسها فقالت :
إلا عذرتني فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني ان قلت ما لا أعلم.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : لما نزلت عذري من السماء جاءني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاخبرني بذلك فقلت : بحمد الله لا بحمدك.
وأخرج
عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ،
وَابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل
عن عائشة قالت : لما نزل عذري قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل ، أمر برجلين وامرأة فضربوا حدين.
وأخرج
ابن جرير عن محمد ابن عبد الله بن جحش قال : تفاخرت عائشة وزينب فقالت
زينب : أنا التي نزل تزويجي وقالت عائشة : وأنا التي نزل عذري في كتابه
حين حملني ابن المعطل فقالت لها زينب : يا عائشة ما قلت حين ركبتيها قالت
: قلت حسبي الله ونعم الوكيل قالت : قلت كلمة المؤمنين.
وأخرج البخاري
، وَابن مردويه عن ابن عباس : أنه دخل على عائشة قبل موتها وهي مغلوبة
فقال : كيف تجدينك قالت : بخير ان اتقيت قال : فأنت بخير ، زوج رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولم ينكح بكرا غيرك ونزل عذرك من السماء.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت : خلال في تسع لم تكن
لاحد
إلا ما آتى الله مريم جاء الملك بصورتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتزوجني وأنا ابنة سبع سنين وأهديت اليه وأنا ابنة تسع وتزوجني بكرا وكان
يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد وكنت من أحب الناس اليه ونزل في آيات
من القرآن كادت الامة تهلك فيها ورأيت جبريل ولم يره احد من نسائه غيري
وقبض في بيتي لم يله أحد غير الملك إلا أنا.
وأخرج ابن سعد عن عائشة
قالت : فضلت على نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعشر ، قيل ما هن يا
أم المؤمنين قالت : لم ينكح بكرا قط غيري ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران
غيري وأنزل الله براءتي من السماء وجاءه جبريل بصورتي من السماء في حريرة
وقال تزوجها فانها امرأتك وكنت أغتسل أنا وهو من اناء واحد ولم يكن يصنع
ذلك بأحد من نسائه غيري وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ولم يكن يفعل ذلك
بأحد من نسائه غيري وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ولم يكن ينزل عليه وهو
مع أحد من نسائه غيري وقبض الله نفسه وهو بين سحري ونحري ومات في الليلة
التي كان يدور علي فيها ودفن في بيتي.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن مجاهد
في قوله {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} قال :
أصحاب عائشة عبد الله بن أبي ابن سلول ومسطح وحسان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : الذين افتروا على عائشة حسان ومسطح وحمنة بنت جحش وعبد الله بن أبي.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن عروة : أن عبد الملك بن مروان كتب اليه يسأله
عن الذين جاؤا بالافك فكتب اليه أنه لم يسم منهم إلا حسان ومسطح وحمنة بنت
جحش في آخرين لا علم لي بهم.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر والطبراني ،
وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن الزهري قال : كنت عند الوليد بن عبد
الملك فقال : الذي تولى كبره منهم علي ، فقلت : لا ، حدثني سعيد بن المسيب
وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
كلهم سمع عائشة تقول : الذي تولى كبره عبد الله بن أبي قال : فقال لي فما
كان جرمه قلت : حدثني شيخان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وأبو
بكر
بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنهما سمعا عائشة تقول : كان
مسيئا في أمري ، وقال يعقوب بن شبة في مسنده : حدثنا الحسن بن علي
الحلواني ثنا الشافعي ثنا عمى قال : دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد
الملك فقال له : يا سليمان الذي تولى كبره من هو قال : عبد الله بن أبي
قال : كذبت هو علي ، قال أمير المؤمنين أعلم بما يقول فدخل الزهري فقال :
يا ابن شهاب من الذي تولى كبره فقال له : ابن أبي قال : كذبت ، هو علي قال
: أنا أكذب - لا أبا لك - لو نادى مناد من السماء ان الله أحل الكذب ما
كذبت ، حدثني عروة وسعيد وعبيد الله وعلقمة عن عائشة : ان الذي تولى كبره
عبد الله بن أبي.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم
، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه
عن مسروق قال : دخل حسان بن ثابت على عائشة رضي الله عنها فشبب وقال :
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثي من لحوم الغوافل
قالت : لكنك
لست كذلك قلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله {والذي تولى كبره
منهم له عذاب عظيم} فقالت : وأي عذاب أشد من العمى ولفظ ابن مردويه أو ليس
في عذاب قد كف بصره.
وَأخرَج ابن جرير من طريق الشعبي عن عائشة أنها
قالت : ما سمعت بشيء أحسن من شعر حسان وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة ،
قوله لابي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم : هجوت محمدا وأجبت عنه
* وعند الله في ذاك الجزاء فان أبي ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء
أتشتمه ولست له بكفء * فشركما لخيركما الفداء لساني صارم لا عيب فيه *
وبحري لا تكدره الدلاء فقيل : يا أم المؤمنين أليس هذا لغوا قالت : لا
انما اللغو ما قيل عند النساء قيل : أليس الله يقول {والذي تولى كبره منهم
له عذاب عظيم} قالت : أليس قد أصابه عذاب أليم أليس قد أصيب بصره وكسع
بالسيف وتعني الضربة التي ضربها اياه صفوان بن المعطل حين بلغه عنه أنه تكلم في ذلك فعلاه بالسيف وكاد يقتله.
وَأخرَج محمد بن سعد عن محمد بن سيرين ، أن عائشة كانت تأذن لحسان بن
ثابت
وتدعو له بالوسادة وتقول : لا تؤذوا حسان فانه كان ينصر رسول الله صلى
الله عليه وسلم بلسانه وقال الله {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} وقد
عمي والله قادر أن يجعل ذلك العذاب العظيم عماه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {والذي تولى كبره منهم} يقول : الذي بدأ بذلك.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن
مجاهد {والذي تولى كبره} قال : عبد الله بن أبي ابن سلول يذيعه.
وأخرج
عبد بن الحميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن الذي تولى كبره رجلان من أصحاب
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، أحدهما من قريش والآخر من الانصار ، عبد
الله بن أبي
بن سلول ولم يكن شر قط إلا وله قادة ورؤساء في شرهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن محمد بن سيرين ، أن عائشة كانت تأذن لحسان بن ثابتن
وتلقي له الوسادة وتقول ، لا تقولوا لحسان إلا خيرا فانه كان يرد عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد قال الله {والذي تولى كبره منهم له عذاب
عظيم} وقد عمي والعمى عذاب عظيم والله قادر على أن يجعله ذلك ويغفر لحسان
ويدخله الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن مسروق قال في قراءة عبد الله (والذي تولى كبره منهم له عذاب أليم).
-
قوله تعالى : لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا
هذا إفك مبين * لولا جاؤا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك
عند الله هم الكاذبون * ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخره
لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن بعض
الانصار ان امرأة أبي أيوب قالت له حين قال أهل الافك ما قالوا : ألا تسمع
ما يقول الناس في عائشة قال : بلى وذلك الكذب أكنت أنت فاعلة ذلك يا أم
أيوب قالت : لا والله قال : فعائشة والله خير منك وأطيب انما هذا كذب وأفك
باطل فلما نزل القرآن ذكر الله من قال من الفاحشة ما قال من أهل الافك ثم
قال {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك
مبين} أي كما قال أبو أيوب وصاحبته.
وأخرج الواحدي ، وَابن
عساكر والحاكم عن أفلح مولى أبي أيوب ان أم أيوب قالت : ألا تسمع ما يقول
الناس في عائشة قال : بلى وذلك الكذب أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك قالت :
لا والله قال : فعائشة والله خير منك ، فلما نزل القرآن وذكر أهل الافك
قال الله {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات}.
- قوله تعالى : إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم.
أخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن مجاهد أنه قرأ {إذ تلقونه بألسنتكم}
قال : يرويه بعضكم عن بعض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {إذ تلقونه بألسنتكم} قال : يرويه بعضكم عن بعض.
وأخرج
البخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ،
وَابن مردويه عن ابن مليكة قال : كانت عائشة تقرأ {إذ تلقونه
بألسنتكم}
وتقول : انما هو ولق القول ، والولق الكذب قال ابن أبي مليكة : هي أعلم به
من غيرها لأن ذلك نزل فيها ، أما قوله تعالى {وتحسبونه هينا وهو عند الله
عظيم}.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها
في النار أبعد ما بين السماء والأرض.
وأخرج الطبراني عن حذيفة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة.
- قوله تعالى : ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم.
أخرج
ابن مردويه عن عائشة قالت : كان أبو أيوب الانصاري حين أخبرته امرأته قالت
: يا أبا أيوب ألا تسمع ما يتحدث الناس فقال (ما يكون لنا ان نتكلم بهذا
سبحانك هذا بهتان عظيم) فأنزل الله {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن
نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم}.
وأخرج سنيد في تفسيره عن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ما
قيل في أمر عائشة قال : سبحانك هذا بهتان عظيم.
وأخرج ابن أخي سمي في فوائده عن سعيد بن المسيب قال : كان رجلان من
أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اذا سمعا شيئا من ذلك قالا : سبحانك هذا بهتان عظيم ، زيد بن حارثة وأبو أيوب.
- قوله تعالى : يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين * ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم.
أخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والطبراني ، وَابن مردويه {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا} قال يحرج
الله عليكم.
وأخرج الفريابي والطبراني عن مجاهد في قوله {يعظكم الله} قال : ينهاكم.
-
قوله تعالى : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب
أليم في الدنيا والآخره والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ولولا فضل الله
عليكم ورحمته أن الله رؤوف رحيم ، اخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن
مجاهد {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} قال : تظهر ، يحدث عن شأن عائشة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} قال : يحبون أن يظهر الزنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : من حدث بما أبصرت عيناه وسمعت أذناه فهو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : من أشاع الفاحشة فعليه النكال وان كان صادقا.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب قال : العامل الفاحشة والذي يشيع بها في الاثم سواء.
وأخرج البخاري في الأدب عن شبل بن عون قال : كان يقال من سمع بفاحشة فافشاها فهو فيها كالذي أبداها.
وأخرج أحمد عن ثوبان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا تؤذوا عباد الله ولا
تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم ، فانه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته.
-
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات
الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى
منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم.
أخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
{ما زكا منكم} قال : ما اهتدى أحد من الخلائق لشيء من الخير.
- قوله
تعالى : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يأتوا أولي القربى والمساكين
والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم
والله غفور رحيم.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا يأتل أولوا الفضل} يقول : لا تقسموا ان لا تنفقوا على أحد.
وأخرج
ابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان مسطح بن اثاثة ممن تولى
كبره من أهل الأفك وكان قريبا لأبي بكر وكان في عياله فحلف أبو بكر رضي
الله عنه ان لا ينيله خيرا أبدا فأنزل الله {ولا يأتل أولوا الفضل منكم
والسعة} قالت : فأعاده أبو بكر إلى عياله وقال : لا أحلف على يمين فأرى
غيرها خيرا منها إلا تحللتها وأتيت الذي هو خير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ولا يأتل أولوا
الفضل
منكم} قال : نزلت هذه الآية في رجل من قريش يقال له مسطح كان بينه وبين
أبي بكر قرابة وكان يتيما في حجره وكان ممن أذاع على عائشة ما
أذاع
فلما أنزل الله براءتها وعذرها تألى أبو بكر لا يرزؤه خيرا فأنزل الله هذه
الآية ، فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر فتلاها عليه
فقال : ألا تحب أن يغفر الله لك قال : بلى قال : فاعف عنه وتجاوز فقال أبو
بكر : لا جرم ، والله لا أمنعه معروفا كنت أوليه قبل اليوم.
وأخرج ابن
المنذر عن الحسن قال : كان ذو قرابة لأبي بكر ممن كثر على عائشة فحلف أبو
بكر لا يصله بشيء وقد كان يصله قبل ذلك فلما نزلت هذه الآية {ولا يأتل
أولوا الفضل منكم والسعة} إلى آخر الآية فصار أبو بكر يضعف له بعد ذلك
بعدما نزلت هذه الآية ضعفي ما كان يعطيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل
بن حيان قال : حلف أبو بكر لا ينفع مسطح بن أثاثة ولا يصله وكان بينه وبين
أبي بكر قرابة من قبل النساء فاقبل إلى أبي بكر يعتذر فقال مسطح : جعلني
الله فداءك والله الذي أنزل على محمد ما قذفتها وما تكلمت بشيء مما قيل
لها أي خالي - وكان أبو بكر خاله - قال أبو بكر : ولكن قد ضحكت وأعجبك
الذي قيل فيها قال : لعله يكون قد كان
بعض ذلك فأنزل الله في شأنه {ولا يأتل أولوا الفضل}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن محمد بن سيرين قال : حلف أبو بكر في
يتيمين كانا في حجره كانا فيمن خاض في أمر عائشة ، أحدهما مسطح بن اثاثة
قد شهد بدرا فحلف لا يصلهما ولا يصيبا منه خيرا ، فنزلت هذه الآية {ولا
يأتل أولوا الفضل منكم والسعة}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن
عباس في قوله {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} قال : كان ناس من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رموا عائشة بالقبيح وأفشوا ذلك وتكلموا
فيها فأقسم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر ان لا
يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من هذا ولا يصلوه قال : لا يقسم أولوا الفضل
منكم والسعة ان يصلوا أرحامهم وان يعطوهم من أموالهم كالذي كانوا يفعلون
قبل ذلك فأمر الله ان يغفر لهم وان يعفو عنهم.
وأخرج ابن المنذر عن أبي
سلمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقص مال من صدقة قط ،
تصدقوا ولا عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله عزا ، فاعفوا يعزكم
الله ولا فتح رجل على نفسه مسألة الناس إلا فتح الله له باب فقر.
إلا ان العفة خير.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغضب والخرائطي في
مكارم الأخلاق والحاكم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن
أبي وائل قال : رأيت عبد الله أتاه رجل برجل نشوان فأقام عليه الحد ثم قال
للرجل الذي جاء به : ما أنت منه قال : عمه ، قال : ماأحسنت الأدب ولا
سترته {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} ثم قال عبد الله :
اني لأذكر أول رجل قطعه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتى رجل فلما أمر به
لتقطع يده كأنما سف وجهه رمادا فقيل : يا رسول الله كان هذا شق عليك قال :
لا ينبغي ان تكونوا للشيطان عونا على أخيكم فانه لا ينبغي للحاكم اذا
انتهى اليه حد إلا أن يقيمه وان الله عفو يحب العفو ثم قرأ {وليعفوا
وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم}.
- قوله تعالى : إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس في
قوله {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال : نزلت في عائشة خاصة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن خصيف قال :
قلت لسعيد بن جبير أيما أشد ، الزنا أم القذف قال : الزنا ، قلت : ان الله
يقول {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال : إنما أنزل هذا في
شأن عائشة خاصة.
وأخرج الطبراني عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في عائشة خاصة {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جريرعن الضحاك {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات
المؤمنات} قال : إنما عني بهذا نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}
قال
: هذه لأمهات المؤمنين خاصة ، وأخرجابن أبي حاتم عن سلمة بن نبيط {إن
الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال : هن نساء النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير والطبراني
، وَابن مردويه عن ابن عباس ، أنه قرأ سورة النور ففسرها فلما أتى على هذه
الآية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات} قال : هذه في عائشة وأزواج
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة وجعل لمن رمى
امرأة من المؤمنات من غير أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم التوبة ثم
قرأ {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله {إلا
الذين تابوا} ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم توبة ثم تلا هذه الآية {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} فهم
بعض القوم ان يقوم إلى ابن عباس فيقبل رأسه لحسن ما فسر.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : رميت بما رميت به
وأنا غافلة فبلغني بعد ذلك : فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي
جالس اذ أوحي إليه وهو جالس ثم استوى فمسح على وجهه وقال : يا عائشة ابشري
فقلت : بحمد الله لا بحمدك فقرأ {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات
المؤمنات} حتى بلغ {أولئك مبرؤون مما يقولون}.
- قوله تعالى : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.
أخرج
أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي سعيد أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : اذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فجحد
وخاصم فيقال : هؤلاء جيرانك يشهدون عليك فيقول : كذبوا فيقال : أهلك
وعشيرتك فيقول : كذبوا فيقال : احلفوا فيحلفون ثم يصمتهم الله وتشهد عليهم
السنتهم وأيديهم ثم يدخلهم النار.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أول من يختصم يوم القيامة الرجل
وامرأته فما ينطق لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تغتاله
أو توليه أو كلمة نحوها ويداه ورجلاه يشهدون
عليه بما كانوا يوليها ثم يدعى الرجل وخوله فمثل ذلك.
وأخرج
أحمد ، وَابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنكم تدعون مقدمة أفواهكم بالفدام وان أول ما يبين عن
أحدكم فرجه وكفه.
وأخرج ابن مردويه عن أبي امامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما ينطق من ابن آدم يوم القيامة فخذه.
وأخرج
ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما
يستنطق من ابن آدم جوارحه في محاقير عمله ، فيقول وعزتك يا رب ان عندي
المضرات العظام.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول ، وَابن مردويه
عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اني لأعلم آخر رجل
من أمتي يجوز الصراط رجل يتلوى على الصراط كالغلام حين يضربه أبوه ، تزل
يده مرة فتصيبها النار وتزل رجله مرة فتصيبها النار فتقول له الملائكة :
أرأيت ان بعثك الله من مقامك هذا فمشيت سويا أتخبرنا بكل عمل عملته فيقول
: أي وعزته لا أكتمكم من عملي شيئا فيقولون له : قم فامش سويا ، فيقوم
فيمشي حتى يجاوز الصراط فيقولون له : اخبرنا باعمالك التي عملت فيقول في
نفسه : ان اخبرتهم بما عملت ردوني إلى مكاني فيقول : لا وعزته ما عملت
ذنبا قط فيقولون : ان لنا عليك بينة فيلتفت يمينا وشمالا هل يرى من
الآدميين ممن كان يشهد في الدنيا أحد ، فلا يراه فيقول : هاتوا بينتكم
فيختم الله على فيه فتنطق يداه ورجلاه وجلده بعمله فيقول : أي وعزتك لقد
عملتها وان عندي العظائم المضرات فيقول : اذهب فقد غفرتها لك.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول عظم
يتكلم من الانسان بعد ان يختم على فيه فخذه من جانبه الأيسر.
- قوله تعالى : يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين.
أخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يومئذ
يوفيهم الله دينهم الحق} قال : حسابهم وكل شيء في القرآن الدين فهو الحساب.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والطبراني عن قتادة {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} أي
أعمالهم الحق لحقهم وأهل الباطل لباطلهم {ويعلمون أن الله هو الحق المبين}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه قرأها (الحق) بالرفع.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ : (يومئذ يوفيه الله الحق دينهم).
-
قوله تعالى : الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين
والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس
في
قوله {الخبيثات} قال : من الكلام {للخبيثين} قال : من الرجال {والخبيثون}
من الرجال {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من الكلام {للطيبين} من الناس
{والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام ، نزلت في الذين قالوا في زوجة
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما قالوا من البهتان.
وأخرج عبد الرزاق
والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والطبراني عن مجاهد في قوله {الخبيثات} قال من الكلام {للخبيثين} من
الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من الكلام
{للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام {أولئك
مبرؤون مما يقولون} قال : من كان طيبا فهو مبرأ من كل قول خبيث لقوله يغفر
الله له ، ومن كان خبيثا فهو مبرأ من كل قول صالح يقوله يرده الله عليه لا
يقبله منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والطبراني عن قتادة في قوله {الخبيثات} قال : من القول والعمل {للخبيثين} من الناس {والخبيثون}
من
الناس {للخبيثات} من القول والعمل {والطيبات} من القول والعمل {للطيبين}
من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من القول والعمل {لهم مغفرة}
لذنوبهم {ورزق كريم} هو الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {للخبيثات} قال : من الكلام
{للخبيثين}
قال : من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من
الكلام {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام
وهؤلاء {مبرؤون مما} يقال لهم من السوء يعني عائشة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير عن الضحاك وابراهيم ، مثله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عطاء {الخبيثات} قال : من القول {للخبيثين} من الناس
{والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من القول {والطيبات} من القول {للطيبين}
من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من القول ، ألا ترى أنك تسمع
بالكلمة الخبيثة من الرجل الصالح فتقول غفر الله لفلان ما هذا من خلقه ولا
من شيمه ولا مما يقول ، قال الله {أولئك مبرؤون مما
يقولون} ان يكون ذلك من شيمهم ولا من أخلاقهمن ولكن الزلل قد يكون.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن يحيى الجزار قال : جاء أسير بن جابر إلى عبد الله فقال :
قد سمعت الوليد بن عقبة اليوم تكلم بكلام اعجبني فقال عبد الله : ان الرجل
المؤمن يكون في فيه الكلمة غير طيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها
فيسمعها رجل عنده مثلها فيضمها اليها ، وان الرجل الفاجر تكون في قلبه
الكلمة الطيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها فيسمعها الرجل الذي
عنده مثلها فيضمها اليها ، ثم قرأ عبد الله {الخبيثات للخبيثين والخبيثون
للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم والطبراني عن ابن زيد في قوله {الخبيثات للخبيثين} قال : نزلت في
عائشة حين رماها المنافق بالبهتان والفرية فبرأها الله من ذلك وكان عبد
الله بن أبي هو الخبيث فكان هو أولى بأن تكون له الخبيثه ويكون لها وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبا وكان أولى أن تكون له الطيبة وكانت
عائشة الطيبة فكانت أولى أن يكون لها الطيب وفي قوله {أولئك مبرؤون مما
يقولون} قال : ههنا برئت عائشة.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : لقد نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة وعند طيب ولقد وعدت مغفرة وأجرا عظيما.
وأخرج الطبراني عن ذكوان حاجب عائشة قال : دخل ابن عباس على عائشة
فقال
: ابشري ما بينك وبين أن تلقي محمدا والاحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد
كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله ولم يكن يحب
رسول الله إلا طيبا وسقطت قلادتك ليلة الابواء فأنزل الله أن {فتيمموا
صعيدا طيبا} النساء الآية 43 وكان ذلك بسببك وما أنزل الله لهذه الامة من
الرخصة وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات جاء بها الروح الامين فأصبح
وليس مسجد من مساجد الله يذكر الله يذكر الله فيه إلا هي تتلى فيه آناء
الليل وآناء النهار قالت : دعني منك يا ابن عباس فو الذي نفسي بيده لوددت
أني كنت نسيا منسيا.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
اذا كان يوم القيامة حد الله الذين قذفوا عائشة ثمانين ثمانين على رؤوس
الخلائق فيستوهب ربي المهاجرين منهم فاستأمرك يا عائشة فسمعت عائشة الكلام
وهي في البيت فبكت ثم قالت : والذي بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب إلى من
سروري فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا وقال : انها ابنة أبيها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي
والنسائي ، وَابن ماجه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام.
وأخرج الحاكم عن الزهري قال : لو جمع علم الناس كلهم ثم علم أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لكانت عائشة أوسعهم علما.
وأخرج الحاكم عن عروة قال ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر والطب من عائشة رضي الله عنها.
وأخرج الحاكم عن موسى بن طلحة قال : ما رأيت أحدا أفصح من عائشة رضي الله عنها.
وأخرج أحمد في الزهد والحاكم عن الاحنف قال : سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والخطباء هلم جرا فما سمعت الكلام من فم
مخلوق أفخم ولا أحسن منه من عائشة رضي الله عنها.
وأخرج
سعيد بن منصور والحاكم عن مسروق أنه سئل أكانت عائشة تحسن الفرائض فقال :
لقد رأيت الاكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن
الفرائض.
وأخرج الحاكم عن عطاء قال : كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسلمالبطين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة زوجتي في الجنة.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : خلال في سبع لم تكن في أحد من الناس إلا ما
أتى الله مريم بنت عمران ، والله ما أقول هذا لكي أفتخر على صواحبي قيل :
وما هن قالت : نزل الملك بصورتي وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم
لسبع سنين وأهديت إليه وأنا بنت تسع سنين وتزوجني بكرا لم يشركه في أحد من
الناس وأتاه الوحي وأنا واياه في لحاف واحد وكنت من أحب الناس إليه ونزل
في آيات من القرآن كادت الامة تهلك فيهن ورأيت جبريل لم يره
أحد من نسائه غيري وقبض لم يله أحد غير الملك وأنا.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عائشة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لها : ان
جبريل يقرأ عليك السلام قالت عائشة : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.
وأخرج
ابن النجار في تاريخ بغداد من طريق أبي بكر محمد بن عمر البغدادي الحنبلي
عن أبيه ثنا محمد بن الحسن الكاراني حدثني إبراهيم الخرجي قال : ضاق بي
شيء من أمور الدنيا فدعوت بدعوات يقال لها دعاء الفرج فقلت : وما هي فقال
: حدثني أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن حنبل حدثني سفيان بن عيينة ثنا
محمد بن واصل الانصاري عن أبيه عن جده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
كنت جالسا عند أم المؤمنين عائشة لأقر عينيها بالبراءة وهي تبكي فقالت :
والله لقد هجرني القريب والبعيد حتى هجرتني الهرة وما عرض علي طعام ولا
شراب فكنت أرقد وأنا جائعة ظامئة فرأيت في منامي فتى فقال لي : ما لك فقلت
: حزينة مما ذكر الناس فقال : ادعي بهذه يفرج عنك فقلت : وما هي فقال :
قولي يا سابغ النعم ودافع النقم ويا فارج الغمم ويا كاشف
الظلم يا أعدل من حكم يا حسيب من ظلم يا ولي من ظلم يا أول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية يا من له اسم بلا كنية اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا قالت : فانتبهت وأنا ريانة شبعانة وقد أنزل الله منه فرجي قال ابن النجار : خبر غريب.
المجلد الحادي عشر
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون * فإن ام تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم * ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون.أخرج الفريابي ، وَابن جَرِير من طريق عدي بن ثابت عن رجل من الانصار قال : قالت : امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد ولد ولا والد فيأتيني الآتي فيدخل علي فكيف أصنع ولفظ ابن جرير : وانه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} الآية.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} قال : أخطأ الكاتب انما هي حتى تستأذنوا.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان
عن إبراهيم قال : في مصحف عبد الله (حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : هي في قراءة أبي (حتى تسلموا وتستأذنوا).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في المصاحف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حتى تستأنسوا} قال : حتى تستأذنوا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الاستئناس ، الاستئذان.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه
عن
أبي أيوب قال : قلت يا رسول الله أرأيت قول الله {حتى تستأنسوا وتسلموا
على أهلها} هذا التسليم قد عرفناه فما الاستئناس قال : يتكلم الرجل
بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة ويتنحنح فيؤذن أهل
البيت.
وأخرج
الطبراني عن أبي أيوب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الاستئناس ،
أن تدعو الخادم حتى يستأنس أهل البيت الذين يسلم عليهم.
وأخرج ابن أبي
شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {حتى تستأنسوا}
قال : تنحنحوا وتنخموا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الادب
وأبو داود والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق ربعي قال : حدثنا رجل من بني
عامر استأذن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال : أألج
فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لخادمه : اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان
فقيل له : قل السلام عليكم ، أأدخل.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن
سعد الثقفي أن رجلا استأذن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أألج
فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها روضة ، قومي إلى هذا
فعلميه فانه لا يحسن يستأذن فقولي له يقول السلام عليكم ، أأدخل.
وأخرج
ابن سعد وأحمد والبخاري في الادب وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي
والبيهقي في شعب الايمان من طريق كلدة ، ان صفوان بن أمية بعثه في الفتح
بلياي وصقانيس والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي قال : فدخلت عليه
ولم أسلم ولم استأذن فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ارجع فقل السلام
عليكم ، أأدخل.
وأخرج قاسم بن أصبغ ، وَابن عبد البر في التمهيد عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : استأذن عمر على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقال : السلام على رسول الله السلام عليكم.
أيدخل عمر.
وَأخرَج
ابن وهب في كتاب المجالس ، وَابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : أرسلني
أبي إلى ابن عمر فجئته فقلت : أألج فقال : ادخل ، فلما دخلت قال : مرحبا
يا ابن أخي لا تقل أألج ولكن قل السلام عليكم فاذا قالوا وعليك فقل ،
أأدخل فان قالوا ادخل فأدخل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أم أياس قالت : كنت
في أربع نسوة نستأذن على عائشة فقلت : ندخل فقالت : لا ، فقالت واحدة :
السلام عليكم ، أندخل قالت : ادخلوا ثم قالت {يا أيها الذين آمنوا لا
تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}.
وأخرج الترمذي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام قبل الكلام.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن أبي هريرة ، فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال : لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : اذا دخل ولم يقل
السلام عليكم فقل : لا ، حتى تأتي بالمفتاح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال : كان عبد الله اذا دخل الدار استأنس تكلم ورفع صوته.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن مسعود قال : عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم واخواتكم.
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال اذا دخل البصر فلا اذن له.
وأخرج
ابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن
الاستئذان في البيوت فقال من دخلت عينه قبل أن يستأذن ويسلم فقد عصى الله
ولا أذن له.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال من كان يشهد أني رسول الله فلا يدخل على أهل بيت حتى يستأنس
ويسلم فاذا نظر في قعر البيت فقد دخل.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو
داود والبيهقي في شعب الايمان عن هذيل قال : جاء سعد فوقف على باب
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يستأذن فقام على الباب فقال له النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم هكذا عنك فإنما الاستئذان من النظر.
وأخرج البخاري في الادب وأبو داود عن عبد الله بن بشر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
اذا
أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، ولكن من ركنه الايمن أو
الايسر ويقول : السلام عليكم السلام عليكم وذلك ان الدور لم يكن عليها
يومئذ ستور.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن سهل بن
سعد قال : اطلع رجل من حجر في حجرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه
مدري يحك بها رأسه فقال لو أعلم انك تنظر لطعنت بها في عينك انما جعل
الاستئذان من أجل البصر ، وفي لفظ : إنما جعل الله الاذن من أجل البصر.
وأخرج
الطبراني عن سعد بن عبادة قال : جئت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو
في بيته فقمت مقابل الباب فاستأذنت فأشار الي أن تباعد وقال هل الاستئذان
إلا من أجل النظر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في
شعب الايمان عن قتادة في قوله {حتى تستأنسوا} قال : هو الاستئذان قال :
وكان يقال الاستئذان ثلاث فمن لم يؤذن له فيهن فليرجع ، اما الاولى فيسمع
الحي.
وَأَمَّا الثانية فيأخذوا حذرهم ، واما الثالثة فان شاؤا أذنوا وان شاؤا ردوه.
وأخرج
مالك والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : كنت جالسا في
مجلس من مجالس الانصار فجاء أبو موسى فزعا فقلنا له : ما افزعك قال :
أمرني عمر أن آتيه فأتيته فأستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت فقال : ما
منعك أن تأتيني قلت : قد جئت فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي وقد قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم اذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له
فليرجع
قال : لتأتيني على هذا بالبينة فقالوا : لا يقوم إلا أصغر القوم فقام أبو
سعيد معه فشهد له فقال عمر لأبي موسى : اني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في
قوله {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} يعني بيوتا ليست لكم {حتى تستأنسوا
وتسلموا} فيها تقديم يعني حتى تسلموا ثم تستأذنوا والسلام قبل الاستئذان
{ذلكم} يعني الاستئذان والتسليم {خير لكم} يعني أفضل من أن تدخل من غير
أذن ان لا تأثموا ويأخذ أهل البيت حذرهم {لعلكم تذكرون} {فإن لم تجدوا
فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم} يعني في
الدخول {وإن قيل لكم
ارجعوا فارجعوا} يعني لا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس {هو أزكى لكم}
يعني الرجوع خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم {والله بما تعملون
عليم} يعني بما يكون عليم {ليس عليكم جناح} يعني لا حرج عليكم {أن تدخلوا
بيوتا غير مسكونة} يعني ليس بها ساكن ، وهي الخانات التي على طرق الناس
للمسافر لا جناح عليكم أن تدخلوها بغير استئذان ولا تسليم {فيها متاع لكم}
يعني منافع من البرد والحر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإن لم تجدوا
فيها أحدا} يقول : ان لم يكن لكم فيها متاع فلا تدخلوها إلا بإذن وفي قوله
{ليس عليكم جناح} قال : كانوا يضعون بطريق المدينة اقتابا وامتعات في بيوت
ليس فيها أحد فأحلت لهم أن يدخلوها بغير أذن.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {بيوتا غير
مسكونة} قال : هي بالبيوت التي منزلها السفر لا يسكنها أحد.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن محمد بن الحنفية في قوله
{بيوتا غير مسكونة} قال : هي هذه الخانات التي في الطرق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {فيها متاع لكم} قال : الخلاء والبول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال : هي البيوت الخربة لقضاء الحاجة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم النخعي ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله {فيها متاع لكم} يعني الخانات ، ينتفع بها من المطر والبرد.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال :
هي البيوت التي ينزلها الناس في أسفارهم لا أحد فيها وفي قوله {فيها متاع
لكم} قال : بلغة ومنفعة.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه
عن أنس قال : قال رجل من المهاجرين : لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما
أدركتها ، ان استأذن على بعض
اخواني فيقول لي : ارجع ، فارجع وأنا مغتبط لقوله تعالى {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : كان الرجل في الجاهلية اذا لقي صاحبه
لا يسلم عليه يقول : حييت صباحا ، وحييت مساء ، وكان ذلك تحية القوم بينهم
وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول : قد دخلت ، فيشق
ذلك على الرجل ولعله يكون مع أهله فغير الله
ذلك كله في ستر وعفة
فقال {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} فلما نزلت آية التسليم في البيوت
والاستئذان فقال أبو بكر : يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون
بين مكة والمدينة والشام وبيت المقدس ولهم بيوت معلومة على الطريق فكيف
يستأذنون ويسلمون وليس فيهم سكان فرخص الله في ذلك ، فأنزل الله {ليس
عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة} بغير اذن.
وأخرج البخاري في
الأدب وأبو داود في الناسخ ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال {يا أيها الذين
آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} ففسح
واستثنى من ذلك فقال {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها
متاع لكم}.
- قوله تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.
أخرج
ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : مر رجل على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم في طريق من طرقات المدينة فنظر إلى امرأة ونظرت إليه فوسوس لهما
الشيطان : انه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلا اعجابا به فبينا الرجل يمشي
إلى جنب حائط ينظر اليها اذ استقبله الحائط فشق أنفه فقال : والله لا اغسل
الدم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلمه أمري فأتاه فقص عليه
قصته فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : هذا عقوبة ذنبك وأنزل الله {قل
للمؤمنين يغضوا