كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير
بالأسحار} قال : هم الذين يشهدون صلاة الصبح.
وأَخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه كان يحيي الليل صلاة ثم
يقول : يا نافع أسحرنا فيقول : لا ، فيعاود الصلاة فإذا قال : نعم ، قعد
يستغفر الله ويدعو حتى يصبح.
وأَخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أنس بن مالك قال أمرنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن نستغفر بالأسحار سبعين استغفارة.
وأَخرج ابن جرير عن جعفر بن محمد قال : من صلى من الليل ثم استغفر في آخر
الليل سبعين مرة كتب من المستغفرين.
وأَخرج
ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي سعيد الخدري قال : بلغنا أن داود عليه
السلام سأل جبريل عليه السلام فقال : يا جبريل أي الليل أفضل قال : يا
داود ما أدري إلا أن العرش يهتز في السحر.
الآيات 18 - 19 – 20
أخرج
ابن السني في عمل يوم وليلة وأبو منصور الشجامي في الأربعين ، عَن عَلِي ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فاتحة الكتاب وآية
الكرسي
والآيتين من آل عمران {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم
قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام} ،
و(قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من
تشاء وتذل من تشاء) (آل عمران الآية 26) إلى قوله (بغير حساب) هن معلقات
بالعرش ما بينهن وبين الله حجاب يقلن : يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من
يعصيك ، قال الله : إني حلفت لا يقرأكن أحد من عبادي دبر كل صلاة - يعني
المكتوبة - إلا جعلت الجنة مأواه على ما كان فيه وإلا أسكنته حظيرة
الفردوس وإلا نظرت اليه كل يوم سبعين نظرة وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة
أدناها المغفرة وإلا أعذته من كل عدو ونصرته منه.
وأَخرج الديلمي في
مسند الفردوس عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا لما نزلت (الحمد لله رب
العالمين) (الفاتحة الآية 1) وآية الكرسي و{شهد الله} و(قل اللهم مالك
الملك) (آل عمران الآية 26) إلى (بغير حساب) تعلقن بالعرش وقلن : أنزلتنا
على قوم يعملون بمعاصيك فقال : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يتلوكن عبد
عند دبر كل صلاة مكتوبة إلا غفرت له ما كان فيه
و أسكنته جنة الفردوس ونظرت له كل يوم سبعين مرة وقضيت له سبعين
حاجة أدناها المغفرة.
وأَخرج
أحمد والطبراني ، وَابن السني في عمل يوم وليلة ، وَابن أبي حاتم عن
الزبير ابن العوام قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة يقرأ
هذه الآية {شهد الله أنه لا إله إلا هو} إلى قوله {العزيز الحكيم} فقال :
وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب.
ولفظ الطبراني فقال : وأنا أشهد أنك لا إله إلا أنت العزيز الحكيم.
وأخرج
ابن عدي والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والخطيب في
تاريخه ، وَابن النجار عن غالب القطان قال : أتيت الكوفة في تجارة فنزلت
قريبا من الأعمش فلما كان ليلة أردت أن أنحدر قام فتهجد من الليل فمر بهذه
الآية {شهد الله أنه لا إله إلا هو} إلى قوله {إن الدين عند الله الإسلام}
فقال : وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي وديعة
عند الله ، قالها مرارا فقلت : لقد سمع فيها شيئا فسألته فقال : حدثني أبو
وائل عن عبد الله قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجاء بصاحبها يوم القيامة
فيقول الله : عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة.
أخرج
أبو الشيخ في العظمة عن حمزة الزيات قال : خرجت ذات ليلة أريد الكوفة
فآواني الليل إلى خربة فدخلتها فبينا أنا فيها دخل علي عفريتان من الجن
فقال أحدهما لصاحبه : هذا حمزة بن حبيب الزيات الذي يقرى ء الناس بالكوفة
قال : نعم والله لأقتلنه قال : دعه المسكين يعيش قال : لأقتلنه ، فلما
أزمع على قتلي قلت : بسم الله الرحمن الرحيم {شهد الله أنه لا إله إلا هو
والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} وأنا
على ذلك من الشاهدين فقال له صاحبه : دونك الآن فاحفظه راغما إلى الصباح.
وأخرج
ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله شهد الله أن
لا إله إلا هو وفي قراءته {إن الدين عند الله الإسلام}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {قائما بالقسط} قال : ربنا
قائما بالعدل.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس {بالقسط} قال : بالعدل.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : فإن الله شهد هو والملائكة
والعلماء من الناس {إن الدين عند الله الإسلام}.
وأخرج عن محمد بن جعفر بن الزبير {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة
وأولو العلم} بخلاف ما قال نصارى نجران.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إن الدين عند الله
الإسلام} قال : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء به من
عند
الله ، وهو دين الله الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياءه ، لا
يقبل غيره ولا يجزي إلا به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إن الدين عند الله الإسلام} قال :
لم أبعث رسولا إلا بالإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان حول
البيت
ستون وثلاثمائة صنم لكل قبيلة من قبائل العرب صنم أو صنمان ، فأنزل الله
{شهد الله أنه لا إله إلا هو} الآية ، قال : فأصبحت الأصنام كلها قد خرت
سجدا للكعبة ، قوله تعالى : {وما اختلف} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وما اختلف الذين أوتوا
الكتاب} قال : بنو إسرائيل.
وأخرج
ابن جرير عن أبي العالية في قوله {إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم}
ويقول : بغيا على الدنيا وطلب ملكها وسلطانها فقتل بعضهم بعضا على الدنيا
من بعد ما كانوا علماء الناس.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : إن موسى
عليه السلام لما حضره الموت دعا سبعين حبرا من أحبار بني إسرائيل
فاستودعهم التوراة وجعلهم أمناء عليه ، كل حبر جزء منه واستخلف موسى عليه
السلام يوشع بن نون فلما مضى القرن الأول ومضى الثاني ومضى الثالث وقعت
الفرقة بينهم ، وهم الذين أوتوا العلم من أبناء أولئك السبعين حتى أهرقوا
بينهم الدماء ووقع الشر والاختلاف ، وكان ذلك كله من قبل الذين أوتوا
العلم بغيا بينهم على الدنيا طلبا لسلطانها وملكها وخزائنها وزخرفها فسلط
الله عليهم جبابرتهم
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {وما
اختلف الذين أوتوا الكتاب} يعني النصارى {إلا من بعد ما جاءهم العلم} الذي
جاءك أي أن الله الواحد الذي ليس له شريك.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {فإن الله سريع الحساب} قال إحصاؤه عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فإن حاجوك} قال : إن حاجك اليهود
والنصارى.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج {فإن حاجوك} قال : اليهود والنصارى فقالوا : إن
الدين اليهودية والنصرانية فقل يا محمد {أسلمت وجهي لله}.
وأخرج ابن
جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {فإن حاجوك} أي بما يأتون به من الباطل من
قولهم : خلقنا وفعلنا وجعلنا وأمرنا فإنما هي شبهة باطل قد عرفوا ما فيها
من الحق {فقل أسلمت وجهي لله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ومن اتبعن} قال : ليقل من اتبعك مثل
ذلك
وأخرج
الحاكم وصححه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال أتيت النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فقلت : يا نبي الله إني أسألك بوجه الله بم بعثك ربنا قال :
بالإسلام ، ، قلت : وما آيته قال : أن تقول {أسلمت وجهي لله} وتخليت وتقيم
الصلاة وتؤتي الزكاة ، كل المسلم على المسلم محرم أخوان نصيران لا يقبل
الله من مسلم أشرك بعد ما أسلم عملا حتى يفارق المشركين إلى المسلمين ما
لي آخذ بحجزكم عن النار ألا إن ربي داعي ألا وإنه سائلي هل بلغت عبادي
وإني قائل : رب قد أبلغتهم فليبلغ شاهدكم غائبكم ثم أنه تدعون مفدمة
أفواهكم بالفدام (الفدام والفدام (يجب التشكيل) هو ما يوضع في فم الإبريق
ليعفى بابه) ثم أول ما يبين عن أحدكم لفخذه وكفه ، قلت : يا رسول الله هذا
ديننا قال : هذا دينكم وأينما تحسن يكفك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وقل للذين أوتوا الكتاب} قال :
اليهود والنصارى {والأميين} قال : هم الذين لا يكتبون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع {فإن أسلموا فقد اهتدوا} قال : من تكلم بهذا
صدقا من قلبه يعني الإيمان فقد اهتدى {وإن تولوا}
يعني عن الإيمان.
الآيتان 21 - 22.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي عبيدة بن الجراح قال قلت يا رسول
الله
أي الناس أشد عذابا يوم القيامة قال : رجل قتل نبيا أو رجل أمر بالمنكر
ونهى عن المعروف ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، {ويقتلون
النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس} إلى قوله {وما لهم
من ناصرين} ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا عبيدة قتلت بنو
إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة وسبعون
رجلا من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر
فقتلوا جميعا من آخر النهار من ذلك اليوم فهم الذين ذكر الله.
وأخرج
ابن أبي الدنيا فيمن عاش بعد الموت ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم
وصححه عن ابن عباس قال : بعث عيسى يحيى في اثني عشر رجلا من الحواريين
يعلمون الناس فكان ينهى عن نكاح بنت الأخ وكان ملك له بنت أخ له تعجبه
فأرادها وجعل يقضي لها كل يوم حاجة فقالت لها أمها : إذا سألك عن حاجتك
فقولي : حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا فقال الملك :
حاجتك ، ، قالت
حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا ، فقال سلي غير هذا ، قالت : لا أسألك غير
هذا ، فلما أبت أمر به فذبح في طست فبدرت قطرة من دمه فلم تزل تغلي حتى
بعث الله بختنصر فدلت عجوز عليه فألقى في نفسه أن لا يزال يقتل حتى يسكن
هذا الدم فقتل في يوم واحد من ضرب واحد وسن واحد سبعين ألفا فسكن.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن معقل بن أبي مسكين في
الآية قال : كان الوحي يأتي بني اسرائيل فيذكرون قومهم ولم يكن يأتيهم
كتاب فيقتلون فيقوم رجال ممن اتبعهم وصدقهم فيذكرون قومهم فيقتلون ، فهم
الذين يأمرون بالقسط من الناس.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله
{ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس} قال : هؤلاء أهل الكتاب ، كان
أتباع الأنبياء ينهونهم ويذكرونهم بالله فيقتلونهم.
وأخرج ابن المنذر
عن سعيد بن جبير قال : أقحط الناس في زمان ملك من ملوك بني إسرائيل فقال
الملك : ليرسلن علينا السماء أو لنؤذينه فقال له جلساؤه : كيف تقدر على أن
تؤذيه أو تغيظه وهو في السماء قال : أقتل أولياءه من أهل الأرض فيكون ذلك
أذى له ، قال : فأرسل الله عليهم السماء
وأخرج ابن عساكر من طريق
زيد بن أسلم عن ابن عباس في قول الله {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون
النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم}
قال : الذين يأمرون بالقسط من الناس ولاة العدل عثمان وأضرابه.
وأخرج
ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله ((إن الذين
يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق وقاتلو الذين يأمرون بالقسط من
الناس)).
الآيات 23 - 24 - 25.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن ابن عباس قال دخل رسول الله صلى الله
عليه وسلم بيت المدراس على جماعة من يهود فدعاهم إلى الله فقال له النعمان
بن عمرو والحرث بن زيد : على أي دين أنت يا محمد قال : على ملة إبراهيم
ودينه قالا : فإن إبراهيم كان يهوديا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه
وسلم : فهلما إلى التوراة فهي بيننا وبينكم فأبيا عليه فأنزل الله {ألم تر
إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم} إلى
قوله {وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون}
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ألم تر
إلى الذين أوتوا} الآية ، قال : هم اليهود دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم
وإلى نبيه وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة ثم تولوا عنه وهم معرضون.
وأخرج
ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : كان أهل الكتاب يدعون إلى كتاب الله
ليحكم بينهم بالحق وفي الحدود وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يدعوهم
إلى الإسلام فيتولون عن ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {نصيبا} قال : حظا {من الكتاب}
قال : التوراة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات}
قال : يعنون الأيام التي خلق الله فيها آدم عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {وغرهم في دينهم ما كانوا
يفترون} حين قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون}
قال : غرهم قولهم {لن تمسنا النار إلا أياما معدودات}
وأخرج ابن أبي
حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ووفيت} يعني توفى كل نفس بر وفاجر {ما
كسبت} ما عملت من خير أو شر {وهم لا يظلمون} يعني من أعمالهم.
الآيتان 26 - 27.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال ذكر لنا أن
نبي الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يجعل له ملك فارس والروم في أمته
فأنزل الله {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء} الآية.
وأخرج ابن
المنذر عن الحسن قال جاء جبريل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال :
يا محمد سل ربك {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء} إلى قوله {وترزق
من تشاء بغير حساب} ثم جاءه جبريل فقال : يا محمد فسل ربك (قل رب أدخلني
مدخل صدق) (الإسراء الآية 8) الآية ، فسأل ربه بقول الله تعالى فأعطاه ذلك.
وأخرج
الطبراني عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : اسم الله
الأعظم الذي اذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران {قل اللهم مالك
الملك تؤتي الملك من تشاء} إلى آخر الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم {قل اللهم
مالك الملك} إلى قوله {بغير حساب}.
وأخرج
ابن أبي الدنيا في الدعاء عن معاذ بن جبل قال شكوت إلى النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم دينا كان علي فقال : يا معاذ أتحب أن يقضى دينك قلت : نعم ، قال
{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من
تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} رحمن الدنيا والآخرة
ورحيمهما تعطي منهما ما تشاء وتمنع منهما ما تشاء اقض عني ديني فلو كان
عليك ملء الأرض ذهبا أدي عنك.
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم افتقده يوم الجمعة فلما صلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم أتى معاذا فقال : يا معاذ ما لي لم أرك فقال :
ليهودي علي
وقية من تبر فخرجت إليك فحبسني عنك فقال : ألا أعلمك دعاء تدعو به فلو كان
عليك من الدين مثل صبير أداه الله عنك فادع الله يا معاذ {قل اللهم مالك
الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء
بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في
الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب}
رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء منهما
ارحمني رحمة تغنني بها عن رحمة من سواك اللهم أغنني من الفقر واقض عني
الدين وتوفني في عبادتك وجهاد في سبيلك.
وأخرج الطبراني في الصغير بسند
جيد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ : ألا
أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك قل يا
معاذ {اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من
تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل
شيء قدير} رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء وتمنع
منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {تؤتي الملك من تشاء} قال :
النبوة.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {قل اللهم مالك الملك} أي
رب
العباد الملك لا يقضي فيهم غيركم {تؤتي الملك من تشاء} أي أن ذلك بيدك لا
إلى غيرك {إنك على كل شيء قدير} أي لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن ابن مسعود في قوله {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل}
قال : يأخذ الصيف من الشتاء ويأخذ الشتاء من الصيف {وتخرج الحي من الميت}
يخرج الرجل الحي من النطفة الميتة {وتخرج الميت من الحي} يخرج النطفة
الميتة من الرجل الحي.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن
مسعود في قوله {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل} قال : قصر
أيام الشتاء في طول ليله
وقصر ليل الصيف في طول نهاره.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {تولج الليل
في النهار وتولج النهار في الليل} قال : ما نقص من الليل يجعله في النهار
وما نقص من النهار يجعله في الليل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن
السدي {تولج الليل في النهار} حتى يكون الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع
ساعات {وتولج النهار في الليل} حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع
ساعات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {تولج الليل في النهار وتولج النهار في
الليل} قال : أخذ أحدهما من صاحبه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله {تولج الليل في النهار وتولج النهار في
الليل} قال : يأخذ النهار من الليل حتى يكون أطول منه ويأخذ الليل من
النهار حتى يكون أطول منه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وتخرج الحي من الميت} قال
: يخرج النطفة الميتة من الحي ثم يخرج من النطفة بشرا حيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
مجاهد
{وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} قال : الناس الأحياء من النطف
والنطف ميتة تخرج من الناس الأحياء ومن الأنعام والنبات كذلك.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة {وتخرج
الحي من الميت} قال : هي البيضة تخرج من الحي وهي ميتة ثم يخرج منها الحي.
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} قال :
النخلة من النواة والنواة من النخلة والحبة من السنبلة والسنبلة من الحبة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك ، مثله.
وأخرج
ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي}
يعني المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن والمؤمن عبد حي الفؤاد والكافر
عبد ميت الفؤاد
وأخرج سعد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات وأبو الشيخ في العظمة عن
سلمان قال : خمر الله طينة آدم أربعين يوما ثم وضع يده فيه فارتفع على هذه
كل طيب وعلى هذه كل خبيث ثم خلط بعضه ببعض ثم خلق منها آدم ، فمن ثم
{وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} يخرج المؤمن من الكافر ويخرج
الكافر من المؤمن.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عثمان النهدي عن سلمان
الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما خلق الله آدم عليه
السلام أخرج ذريته فقبض قبضة بيمينه فقال : هؤلاء أهل الجنة ولا أبالي
وقبض بالأخرى قبضة فجاء فيها كل رديء فقال : هؤلاء أهل النار ولا أبالي
فخلط بعضهم ببعض فيخرج الكافر من المؤمن ويخرج المؤمن من الكافر ، فذلك
قوله {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي}.
وأخرج ابن مردويه من
طريق أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أو عن سلمان عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} قال : المؤمن من
الكافر والكافر من المؤمن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق الزهري في قوله {وتخرج
الحي من الميت} عن عبد الله بن عبد الله أن خالدة ابنة
الأسود بن
عبد يغوث دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من هذه قيل :
خالدة بنت الأسود قال : سبحان الله الذي يخرج الحي من الميت ، وكانت امرأة
صالحة وكان أبوها كافرا.
وأخرج ابن مسعود من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ يخرج الحي من الميت ويخرج
الميت من الحي خفيفة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن وثاب أنه قرأ يخرج الحي من الميت ويخرج الميت
من الحي وقرأ (إلى بلد ميت) (فاطر الآية 9) مثقلات كلهن.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {وترزق من تشاء بغير حساب} قال :
لا يخرجه بحساب يخاف أن ينقص ما عنده ، إن الله لا ينقص ما عنده
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران {بغير حساب} قال : غدقا.
وأخرج
ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {تولج الليل في النهار وتولج النهار
في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} أي بتلك القدرة التي
تؤتي الملك بها من تشاء وتنزعها ممن تشاء {وترزق من تشاء بغير حساب} لا
يقدر على ذلك غيرك ولا يصنعه إلا أنت ، أي وإن كنت سلطت عيسى عليه السلام
على الأشياء التي يزعمون أنه إله من إحياء الموتى وإبراء الأسقام وخلق
الطير من الطين والخبر عن الغيوب لأجعله به آية للناس وتصديقا له في نبوته
التي بعثته بها إلى قومه فإن من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه تمليك الملوك
بأمر النبوة ووضعها حيث شئت وإيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في
الليل وإخراج الحي من الميت وإخرج الميت من الحي ورزق من شئت من بر وفاجر
بغير حساب وكل ذلك لم أسلط عيسى عليه ولم أملكه إياه أفلم يكن لهم في ذلك
عبرة وبينة أن لو كان إلها كان ذلك كله إليه وهو في علمهم يهرب من الملوك
وينتقل منهم في البلاد من بلد إلى بلد.
الآية 28
أخرج ابن إسحاق
، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الحجاج بن عمرو
حليف كعب بن الأشرف ، وَابن أبي الحقيق وقيس بن زيد قد بطنوا بنفر من
الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعد
بن خيثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء النفر من يهود واحذروا مباطنتهم لا
يفتنوكم عن دينكم ، فأبى أولئك النفر فأنزل الله فيهم {لا يتخذ المؤمنون
الكافرين} إلى قوله {والله على كل شيء قدير}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : نهى الله المؤمنين
أن يلاطفوا الكفار ويتخذوهم وليجة من دون المؤمنين إلا أن يكون الكفار
عليهم ظاهرين أولياء فيظهرون لهم اللطف ويخالفونهم في الدين ، وذلك قوله
{إلا أن تتقوا منهم تقاة}.
وأخرج ابن جبير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ومن يفعل ذلك فليس من الله في
شيء} فقد برى ء الله منه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {إلا
أن تتقوا منهم تقاة} فالتقية باللسان من حمل على أمر
يتكلم به وهو معصية لله فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن
بالإيمان فان ذلك لا يضره إنما التقية باللسان.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في
"سُنَنِه" من طريق عطاء عن ابن عباس {إلا أن تتقوا منهم تقاة} قال التقاة
التكلم باللسان والقلب مطمئن بالإيمان ولا يبسط يده فيقتل ولا إلى إثم
فانه لا عذر له.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إلا أن
تتقوا منهم تقاة} قال : إلا مصانعة في الدنيا ومخالقة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال التقية
باللسان وليس بالعمل.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
{إلا أن تتقوا منهم تقاة} قال : إلا أن يكون بينك وبينه قرابة فتصله لذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال التقية جائزة إلى يوم القيامة
وأخرج عبد عن أبي رجاء أنه كان يقرأ إلا أن تتقوا منهم تقية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أنه كان يقرؤها / {إلا أن تتقوا منه تقية
> / بالياء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم {إلا أن تتقوا منهم
تقاة} بالألف ورفع التاء.
الآيتان 29 - 30.
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : أخبرهم أنه يعلم ما أسروا من
ذلك وما أعلنوا فقال {إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {يوم تجد كل نفس ما عملت
من خير محضرا} يقول : موفرا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وما عملت من سوء تود لو أن
بينها وبينه أمدا بعيدا} قال : يسر أحدهم أن لا يلقى عمله
ذلك أبدا يكون ذلك مناه وأما في الدنيا فقد كانت خطيئة يستلذها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {أمدا بعيدا} قال : مكانا بعيدا.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {أمدا} قال : أجلا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ويحذركم الله
نفسه والله رؤوف بالعباد} قال : من رأفته بهم حذرهم نفسه.
الآيتان 31 - 32.
أخرج
ابن جرير من طريق بكر بن الأسوف عن الحسن قال قال قوم على عهد النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم : يا محمد إنا نحب ربنا ، فأنزل الله {قل إن كنتم
تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}
فجعل اتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم علما لحبه وعذاب من خالفه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق أبي عبيدة الناجي عن الحسن قال قال أقوام
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله يا محمد إنا لنحب ربنا
فأنزل الله {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} الآية
وأخرج ابن أبي
حاتم ، وَابن جَرِير من طريق عباد بن منصور قال إن أقواما كانوا على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعمون أنهم يحبون الله فأراد الله أن يجعل
لقولهم تصديقا من عمل فقال {إن كنتم تحبون الله} الآية ، فكان اتباع محمد
صلى الله عليه وسلم تصديقا لقولهم.
وأخرج الحكيم الترمذي عن يحيى بن
أبي كثير قال : قالوا إنا لنحب ربنا فامتحنوا ، فأنزل الله {قل إن كنتم
تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن
ابن جريج قال : كان أقوام يزعمون أنهم يحبون الله يقولون : إنا نحب ربنا ،
فأمرهم الله أن يتبعوا محمدا وجعل اتباع محمد صلى الله عليه وسلم علما
لحبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : من رغب عن سنتي فليس مني ثم تلا هذه الآية {قل إن كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر
بن الزبير {قل إن كنتم تحبون الله} أي إن كان هذا من قولكم في عيسى حبا
لله وتعظيما له {فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} أي ما مضى من
كفركم {والله غفور رحيم}
أخرج الأصبهاني في الترغيب عن ابن عمر قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يستكمل مؤمن إيمانه حتى يكون
هواه تبعا لما جئتكم به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء في قوله {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني}
قال : على البر والتقوى والتواضع وذلة النفس.
وأخرج
الحكيم الترمذي وأبو نعيم والديلمي ، وَابن عساكر عن أبي الدرداء عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني
يحببكم الله} قال : على البر والتقوى والتواضع وذلة النفس.
وأخرج ابن عساكر عن عائشة في هذه الآية {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني}
قالت : على التواضع والتقوى والبر وذلة النفس.
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والحاكم عن عائشة قالت : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة
الظلماء وأدناه أن يحب على شيء من الجور ويبغض على شيء من العدل وهل الدين
إلا البغض والحب في الله قال الله تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني
يحببكم الله}
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حوشب عن الحسن في قوله {فاتبعوني
يحببكم الله} قال : فكان علامة حبهم إياه اتباع سنة رسوله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله المرء مع من أحب فقال :
ألم تسمع قول الله {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} يقول :
يقربكم ، والحب هو القرب والله لا يحب الكافرين لا يقرب الكافرين.
وأخرج
ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {قل أطيعوا الله والرسول} فإنهم
يعرفونه ، يعني الوفد من نصارى نجران ويجدونه في كتابهم {فإن تولوا} على
كفرهم {فإن الله لا يحب الكافرين}.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي ،
وَابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم عن أبي رافع عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم ، قال لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت
به أو نهيت عنه فيقول : لا ندري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه
الآيات 34 - 35 - 36.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في
قوله {وآل إبراهيم وآل عمران} قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران
وآل ياسين وآل محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وان جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر
الله أهل بيتين صالحين ورجلين صالحين ففضلهم على العالمين فكان محمد صلى
الله عليه وسلم من آل إبراهيم.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن
الحسن في الآية قال : فضلهم الله على العالمين بالنبوة على الناس كلهم
كانوا هم الأنبياء الأتقياء المطيعين لربهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ذرية بعضها من بعض} قال
: في النية والعمل والإخلاص والتوحيد.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن عليا
قال للحسن قم فاخطب الناس قال : إني أهابك أن أخطب وأنا
أراك
، فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه
وتكلم ، ثم نزل فقال علي رضي الله عنه {ذرية بعضها من بعض والله سميع
عليم}.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله {إن الله
اصطفى} يعني اختار من الناس لرسالته {آدم ونوحا وآل إبراهيم} يعني إبراهيم
وإسمعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط {وآل عمران على العالمين} يعني اختارهم
للنبوة والرسالة على عالمي ذلك الزمان ، فهم ذرية بعضها من بعض فكل هؤلاء
من ذرية آدم ثم ذرية نوح ثم من ذرية إبراهيم {إذ قالت امرأة عمران} بن
ماثان واسمها حنة بنت فاقوذ وهي أم مريم {رب إني نذرت لك ما في بطني
محررا} وذلك أن أم مريم حنة كانت جلست عن الولد والمحيض فبينما هي ذات يوم
في ظل شجرة إذ نظرت إلى طير يزق فرخا له فتحركت نفسها للولد فدعت الله أن
يهب لها ولدا فحاضت من ساعتها فلما طهرت أتاها زوجها فلما أيقنت بالود
قالت : لئن نجاني الله ووضعت ما في بطني لأجعلنه محررا ، وبنو ماثان من
ملوك بني إسرائيل من نسل داود ، والمحرر لا يعمل للدنيا ولا يتزوج ويتفرغ
لعمل الآخرة ، يعبد الله تعالى ويكون في خدمة الكنيسة ولم يكن محررا في
ذلك الزمان إلا الغلمان ، فقالت
لزوجها : ليس جنس من جنس الأنبياء
إلا وفيهم محرر غيرنا وإني جعلت ما في بطني نذيرة تقول : نذرت أن أجعله
لله فهو المحرر ، فقال زوجها : أرأيت إن كان
الذي في بطنك أنثى -
والأنثى عورة - فكيف تصنعين فاغتمت لذلك فقالت عند ذلك {رب إني نذرت لك ما
في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم} يعني تقبل مني ما نذرت لك
، {فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر
كالأنثى} والأنثى عورة ثم قالت {وإني سميتها مريم} وكذلك كان اسمها عند
الله {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} يعني الملعون فاستجاب
الله لها فلم يقربها الشيطان ولا ذريتها عيسى ، قال ابن عباس قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : كل ولد آدم ينال منه الشيطان يطعنه حين يقع
بالأرض بأصبعه لما يستهل لا ما كان من مريم وابنها لم يصل إبليس إليهما
قال ابن عباس : لما وضعتها خشيت حنة أم مريم أن لا تقبل أنثى محررة فلفتها
في الخرقة ووضعتها في بيت المقدس عند القراء فتساهم القراء عليها لأنها
كانت بنت إمامهم وكان إمام القراء من ولد هارون ، أيهم يأخذها فقال زكريا
- وهو رأس الأحبار - أنا آخذها وأنا أحقهم بها لأن خالتها عندي - يعني أم
يحيى - فقال القراء : وإن كان في القوم من هو أفقر إليها منك ولو تركت
لأحق الناس بها تركت لأبيها ولكنها
محررة غير أن نتساهم عليها فمن
خرج سهمه فهو أحق بها فقرعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها
الوحي {أيهم يكفل مريم} يعني أيهم يقبضها فقرعهم زكريا ، وكانت قرعة
أقلامهم أنهم جمعوها في موضع ثم غطوها فقالوا لبعض خدم بيت المقدس من
الغلمان الذين لم يبلغوا الحلم : أدخل يدك فأخرج قلما منها فأدخل يده
فأخرج قلم زكريا فقالوا : لا نرضى ولكن نلقي الأقلام في الماء فمن خرج
قلمه في جرية الماء ثم ارتفع فهو يكفلها ، فألقوا أقلامهم في نهر الأردن
فارتفع قلم زكريا في جرية الماء فقالوا : نقترع الثالثة فمن جرى قلمه مع
الماء فهو يكفلها ، فألقوا أقلامهم فجرى قلم زكريا مع الماء وارتفعت
أقلامهم في جرية الماء وقبضها عند ذلك زكريا ، فذلك قوله {وكفلها زكريا}
يعني قبضها ثم قال {فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا} يعني
رباها تربية حسنة في عبادة وطاعة لربها حتى ترعرعت وبنى لها زكريا محرابا
في بيت المقدس وجعل بابه في وسط الحائط لا يصعد إليها إلا بسلم.
و كان
استأجر لها ظئرا فلما تم لها حولان فطمت وتحركت فكان يغلق عليها الباب
والمفتاح معه لا يأمن عليه أحدا لا يأتيها بما يصلحها أحد غيره حتى بلغت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن عكرمة قال : اسم
أم مريم حنة.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة قال : حنة ولدت مريم أم عيسى.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {نذرت لك ما في بطني محررا} قال : كانت
نذرت أن تجعله في الكنيسة يتعبد بها وكانت ترجو أن يكون ذكرا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : نذرت أن تجعله محررا للعبادة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
{محررا} قال : خادما للبيعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد في قوله {محررا} قال
: خالصا لا يخالطه شيء من أمر الدنيا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : كانت امرأة عمران
حررت لله ما في بطنها وكانوا إنما يحررون الذكور وكان المحرر إذا حرر جعل
في الكنيسة لا يبرحها يقوم عليها ويكنسها وكانت المرأة لا
تستطيع أن تصنع بها ذلك لما يصيبها من الأذى فعند ذلك قالت {وليس
الذكر كالأنثى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {محررا} قال : جعلته لله والكنيسة
فلا يحال بينه وبين العبادة.
وأخرج
ابن المنذر عن الضحاك قال : كانت المرأة في زمان بني إسرائيل إذا ولدت
غلاما أرضعته حتى إذا أطاق الخدمة دفعته إلى الذين يدرسون الكتب فقالت :
هذا محرر لكم يخدمكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : إن
امرأة عمران كانت عجوزا عاقرا تسمى حنة وكانت لا تلد فجعلت تغبط النساء
لأولادهن فقالت : اللهم إن علي نذرا شكرا إن رزقتني ولدا أن أتصدق به على
بيت المقدس فيكون من سدنته وخدامه {فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى
والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى} يعني في المحيض ولا ينبغي لامرأة
أن تكون مع الرجال ثم خرجت أم مريم تحملها في خرقتها إلى بني الكاهن ابن
هارون أخي موسى قال : وهم يومئذ يلون من بيت
المقدس ما يلي الحجبة من
الكعبة فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة فإني حررتها وهي ابنتي ولا يدخل
الكنيسة حائض وأنا لا أردها إلى بيتي فقالوا : هذه ابنة إمامنا -
وكان
عمران يؤمهم في الصلاة - فقال زكريا : ادفعوها إلي فإن خالتها تحتي فقالوا
: لا تطيب أنفسنا بذلك ، فذلك حين اقترعوا عليها بالأقلام التي يكتبون بها
التوراة فقرعهم زكريا فكفلها.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقرأ {والله أعلم بما وضعت}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ {بما وضعت} برفع التاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم بن أبي النجود أنه كان يقرؤها برفع التاء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سفيان بن حسين {والله أعلم بما
وضعت} قال : على وجه الشكاية إلى الرب تبارك وتعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأسود أنه كان يقرؤها {والله أعلم بما وضعت}
بنصب العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم أنه كان يقرؤها {والله أعلم بما وضعت}
بنصب العين
أما قوله تعالى {وإني أعيذها} الآية.
أخرج
عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من
مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه
إلا مريم وابنها ثم قال أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم {وإني أعيذها بك
وذريتها من الشيطان الرجيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل
مولود من ولد آدم له طعنة من الشيطان وبها يستهل الصبي إلا ما كان من مريم
بنت عمران وولدها فإن أمها قالت حين وضعتها {وإني أعيذها بك وذريتها من
الشيطان الرجيم} فضرب بينهما حجاب فطعن في الحجاب.
وأخرج ابن جرير عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مولود يولد إلا
وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين إلا عيسى بن مريم ومريم ثم قرأ رسول الله
صلى الله عليه وسلم {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : ما ولد مولود إلا قد استهل غير
المسيح ابن مريم لم يسلط عليه الشيطان ولم ينهزه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن وهب بن منبه قال : لما ولد عيسى
عليه السلام أتت الشياطين إبليس فقالوا : أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها
فقال : هذا حدث مكانكم فطار حتى جاب خافقي الأرض فلم يجد شيئا ثم جاء
البحار فلم يقدر على شيء ثم طار أيضا فوجد عيسى عليه السلام قد ولد عند
مدود حمار وإذا الملائكة قد حفت حوله فرجع إليهم فقال : ان نبيا قد ولد
البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها إلا هذا ، فأيسوا أن
تعبد الأصنام بعد هذه الليلة ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وإني أعيذها بك وذريتها من
الشيطان الرجيم} قال : ذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل
بني آدم طعن الشيطان في جنبه إلا عيسى بن مريم وأمه جعل بينهما وبينه حجاب
فأصابت الطعنة الحجاب ولم ينفذ اليهما شيء ، وذكر لنا أنهما كانا لا
يصيبان الذنوب كما يصيبه سائر بني آدم ، وذكر لنا أن عيسى عليه السلام كان
يمشي على البحر كما يمشي على البر مما أعطاه الله من اليقين والإخلاص
وأخرج
ابن جرير عن الربيع {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} قال : إن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل آدمي طعن الشيطان في جنبه غير عيسى
وأمه كانا لا يصيبان الذنوب كما يصيبها بنو آدم ، قال : وقال عيسى صلى
الله عليه وسلم فيما يثني على ربه : وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم فلم
يكن له علينا سبيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : لولا أنها قالت {وإني أعيذها بك
وذريتها من الشيطان الرجيم} إذن لم تكن لها ذرية.
الآية 37
أخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فتقبلها ربها بقبول حسن}
قال : تقبل من أمها ما أرادت بها الكنيسة فأجرها فيه {وأنبتها نباتا حسنا}
قال : نبتت في غذاء الله.
وأخرج ابن جرير عن الربيع وكفلها زكريا قال : ضمها إليه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال
: كفلها زكريا فدخل عليها المحراب فوجد عندها رزقا عنبا في مكتل في غير
حينه {قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من
يشاء
بغير حساب} قال : إن الذي يرزقك العنب في غير حينه لقادر أن يرزقني من
العاقر الكبير العقيم ولدا {هنالك دعا زكريا ربه} فلما بشر بيحيى قال {رب
اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس} قال : يعتقل لسانك من غير مرض وأنت
سوي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وآدم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد في قوله {وكفلها زكريا} قال :
سهمهم بقلمه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : كانت
مريم ابنة سيدهم وإمامهم فتشاح عليها أحبارهم فاقترعوا فيها بسهامهم أيهم
يكفلها وكان زكريا زوج خالتها فكفلها وكانت عنده وحضنتها.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود ، وَابن عباس وناس من الصحابة أن
الذين كانوا يكتبون التوراة إذا جاؤوا إليهم بإنسان محرر
واقترعوا
عليه أيهم يأخذه فيعلمه وكان زكريا أفضلهم يومئذ وكان معهم وكانت أخت أم
مريم تحته فلما أتوا بها قال لهم زكريا : أنا أحقكم بها تحتي أختها ، قال
: فخرجوا إلى نهر الأردن فألقوا أقلامهم التي يكتبون بها أيهم يقوم قلمه
فيكفلها فجرت الأقلام وقام قلم زكريا على قرنيه كأنه في طين فأخذ الجارية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وكفلها زكريا} قال : جعلها معه في محرابه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأها {وكفلها} مشددة
{زكريا} ممدودة مهموز منصوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس {وجد عندها رزقا} قال : مكتلا فيه عنب
في غير حينه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن جرير عن مجاهد {وجد عندها رزقا} قال : عنبا
في غير زمانه.
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد {وجد عندها رزقا} قال :
فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد {وجد عندها رزقا} قال : علما.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وجد عندها رزقا} قال : وجد عندها ثمار الجنة
، فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وجد عندها رزقا} قال :
الفاكهة الغضة حين لا توجد الفاكهة عند أحد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك {إني} يعني من أين.
وأخرج عن الضحاك {أنى لك هذا} يقول من أتاك بهذا.
وأخرج
أبو يعلى ، عَن جَابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام أياما لم يطعم
طعاما حتى شق ذلك عليه فطاف في منازل أزواجه فلم يجد عند واحدة منهن شيئا
فأتى فاطمة فقال يا بنية هل عندك شيء آكله فاني جائع فقالت : لا والله ،
فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم فأخذته منها
فوضعته
في جفنة لها وقالت : والله لأوثرن بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على
نفسي ومن عندي وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام فبعثت حسنا أو حسينا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليها فقالت له : - بأبي أنت وأمي
- قد أتى الله بشيء قد خبأته لك فقال : هلمي يا بنية بالجفنة فكشفت عن
الجفنة فإذا هي مملوءة خبزا ولحما فلما نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة
من الله ، فحمدت الله تعالى وقدمته إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلما
رآه حمد الله وقال : من أين لك هذا يا بنية قالت : يا أبت {هو من عند الله
إن الله يرزق من يشاء بغير حساب}.
الآية 38
أخرج ابن جرير عن ابن
عباس قال : لما رأى ذلك زكريا يعني فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء
في الصيف عند مريم قال : إن الذي يأتي بهذا مريم في غير زمانه قادر على أن
يرزقني ولدا فذلك حين دعا ربه.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن
الحسن قال : لما وجد زكريا عند مريم ثمر الشتاء في الصيف وثمر الصيف في
الشتاء يأتيها به جبريل قال لها : أنى لك هذا في غير حينه فقالت : هذا رزق
من عند الله يأتي به الله {إن الله
يرزق من يشاء بغير حساب} فطمع
زكريا في الولد فقال : إن الذي أتى مريم بهذه الفاكهة في غير حينها لقادر
أن يصلح لي زوجتي ويهب لي منها ولدا فعند ذلك {دعا زكريا ربه} وذلك لثلاث
ليال بقين من المحرم ، قام زكريا فاغتسل ثم ابتهل في الدعاء إلى الله قال
: يا رازق مريم ثمار الصيف في الشتاء وثمار الشتاء في الصيف هب لي من لدنك
- يعني من عندك - ذرية طيبة يعني تقيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ذرية طيبة} يقول : مباركة.
الآية 39.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {فنادته الملائكة} قال : جبريل.
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي حماد قال : في قراءة ابن مسعود
((فناداه جبريل وهو قائم يصلي في المحراب)).
وَأخرَج
ابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن مسعود قال : ذكروا الملائكة ثم تلا (إن
الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى) (النجم الآية 27)
وكان يقرأها ((فناداه الملائكة))
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن مسعود أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قرأ فناداه الملائكة بالتاء.
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم قال : كان عبد الله يذكر الملائكة في القرآن.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأ {فنادته الملائكة} بالتاء
{إن الله} بنصب الألف {يبشرك} مثقلة ، قوله تعالى {وهو قائم يصلي}.
أخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ثابت قال : الصلاة خدمة الله في الأرض ولو
علم الله شيئا أفضل من الصلاة ما قال {فنادته الملائكة وهو قائم يصلي} ،
قوله تعالى : {في المحراب}.
أخرج عبد المنذر عن السدي ، المحراب المصلى.
وأخرج الطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم
قال : اتقوا هذه المذابح ، يعني المحاريب.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف عن موسى الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : لا تزال أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : اتقوا هذه المحاريب.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عبيد بن أبي الجعد قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه
وسلم يقولون : إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد ، يعني
الطاقات.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أي ذر قال : إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في
المساجد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي أنه كره الصلاة في الطاق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم أنه كان يكره الصلاة في الطاق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد أنه كان يكره المذابح في المساجد
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب أنه كره المذابح في المسجد.
وأخرج ابن جرير عن معاذ الكوفي قال : من قرأ {يبشر} مثقلة فإنه من البشارة
ومن قرأ {يبشر} مخففة بنصب الباء فإنه من السرور.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : إن الملائكة شافهته بذلك
مشافهة فبشرته بيحيى.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
{أن الله يبشرك بيحيى} قال : إنما سمي يحيى لأن الله أحياه بالإيمان.
وأخرج
ابن عدي والدارقطني في الأفراد والبيهقي ، وَابن عساكر عن ابن مسعود
مرفوعا خلق الله فرعون في بطن أمه كافرا وخلق يحيى بن زكريا في بطن أمه
مؤمنا.
وأخرج الفرياني ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {مصدقا بكلمة من الله} قال : عيسى بن
مريم والكلمة يعني تكون بكلمة من الله
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن
جَرِير عن مجاهد قال : قالت امرأة زكريا لمريم : اني أجد الذي في بطني
يتحرك للذي في بطنك فوضعت امرأة زكريا يحيى عليه السلام ومريم عيسى عليه
السلام وذلك قوله {مصدقا بكلمة من الله} قال : يحيى مصدق بعيسى.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك في قوله {مصدقا بكلمة من الله} قال :
كان يحيى أول من صدق بعيسى وشهد أنه كلمة من الله ، قال : وكان يحيى ابن
خالة عيسى وكان أكبر من عيسى.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {مصدقا بكلمة من الله} يقول : مصدق بعيسى وعلى
سنته ومنهاجه.
وأخرج
ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس {مصدقا بكلمة من الله} قال : كان
عيسى ويحيى ابني خالة وكانت أم يحيى تقول لمريم : إني أجد الذي في بطني
يسجد للذي في بطنك فذلك تصديقه بعيسى سجوده في بطن أمه ، وهو أول من صدق
بعيسى وكلمة عيسى ، ويحيى أكبر من عيسى.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لقيت أم يحيى أم عيسى وهذه حامل
بيحيى وهذه حامل بعيسى فقالت امرأة زكريا : إني وجدت ما في بطني
يسجد لما في بطنك ، فذلك قوله تعالى {مصدقا بكلمة من الله}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وسيدا} قال : حليما تقيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : السيد الكريم على
الله.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغضب ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : السيد
الذي لا يغلبه الغضب.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال : السيد الفقيه العالم.
وأخرج أحمد في الزهد والخرائطي في مكارم الأخلاق عن الضحاك قال : السيد
الحسن الخلق والحصور الذي حصر عن النساء.
وأخرج أحمد والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : (الحصور) الذي لا يأتي
النساء
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه قال : نادى مناد من السماء
إن يحيى بن زكريا سيد من ولدت النساء وإن جورجيس سيد الشهداء.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سعيد بن جبير قال : (السيد) الحليم
والحصور الذي لا يأتي النساء.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن ابن عباس في
قوله {وسيدا وحصورا} قال : السيد الحليم والحصور الذي لا يأتي النساء.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
ابن عباس قال : الحصور الذي لا ينزل الماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود قال :
الحصور الذي لا يقرب النساء ، ولفظ ابن المنذر : العنين.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن عمرو بن العاص
عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يلقى الله إلا ذا ذنب إلا
يحيى
بن زكريا فإن الله يقول : {وسيدا وحصورا} قال : وإنما كان ذكره مثل هدبة
الثوب وأشار بأنملته ، وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن عساكر عن أبي هريرة من وجه آخر عن ابن عمرو ، موقوفا وهو
أقوى إسنادا من المرفوع.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن أبي
هريرة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل ابن آدم يلقى الله بذنب
قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا يحيى بن زكريا فإنه كان {وسيدا
وحصورا ونبيا من الصالحين} ثم أهوى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى قذاة
من الأرض فأخذها وقال : كان ذكره مثل هذه القذاة.
وأخرج الطبراني عن
أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربعة لعنوا في
الدنيا والآخرة وأمنت الملائكة : رجل جعله الله ذكرا فأنث نفسه وتشبه
بالنساء وامرأة
جعلها الله أنثى فتذكرت وتشبهت بالرجال والذي يضل الأعمى ورجل حصور ولم
يجعل الله حصورا إلا يحيى بن زكريا.
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن صالح عن بعضهم رفع الحديث لعن الله
والملائكة رجلا تحصر بعد يحيى بن زكريا
وأخرج
ابن جرير عن سعيد بن المسيب في قوله {وحصورا} قال : لا يشتهي النساء ثم
ضرب بيده إلى الأرض فأخذ نواة فقال : ما كان معه مثل هذه.
وأخرج الطسي
في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {وحصورا} قال :
الذي لا يأتي النساء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول
الشاعر : وحصور عن الخنا يأمر النا * س بفعل الحراب والتشمير.
الآيتان 40 - 41.
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : لما سمع زكريا النداء جاءه
الشيطان فقال له : يا زكريا إن الصوت الذي سمعت ليس هو من الله إنما هو من
الشيطان ليسخر بك ولو كان من الله أوحى إليك كما يوحي إليك في غيره من
الأمر ، فشك مكانه وقال {أنى يكون لي غلام}.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : أتاه الشيطان فأراد أن يكدر عليه نعمة
ربه
قال : هل تدري من ناداك قال : نعم ، ناداني ملائكة ربي قال : بل ذلك
الشيطان لو كان هذا من ربك لأخفاه إليك كما أخفيت نداءك فقال {رب اجعل لي
آية} ، أما قوله تعالى {وامرأتي عاقر}.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال اسم أم يحيى أشيع.
قوله تعالى : {قال كذلك الله يفعل ما يشاء}.
أخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {كذلك} يعني هكذا ، وفي قوله {رب اجعل لي
آية} قال : قال زكريا : رب فان كان هذا الصوت منك فاجعل لي آية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {رب اجعل لي آية} قال بالحمل به.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة في قوله {آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام} قال : انما عوقب
بذلك لأن الملائكة شافهته بذلك مشافهة فبشرته بيحيى فسأل الآية بعد
كلام الملائكة إياه فأخذ عليه بلسانه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : اعتقل لسانه من غير
مرض.
وأخرج عن السدي قال : اعتقل لسانه ثلاثة أيام وثلاث ليال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن جبير بن نفير قال : ربا لسانه في فيه
حتى ملأه فمنعه الكلام ثم أطلقه الله بعد ثلاث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إلا رمزا} قال : الرمز بالشفتين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {إلا رمزا} قال : ايماؤه
بشفتيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {إلا رمزا} قال : الإشارة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الرمز أن يشير بيده أو رأسه ولا
يتكلم.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : الرمز أن أخذ بلسانه
فجعل يكلم الناس بيده.
وأخرج
الطسي في مسائله ، وَابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع
بن الأزرق سأله عن قوله {إلا رمزا} قال : الإشارة باليد والوحي بالرأس قال
: وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : ما في السماء من
الرحمن مرتمز * إلا إليه وما في الأرض من وزر.
وَأخرَج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم عن محمد بن كعب القرظي قال : لو
رخص الله لأحد في ترك الذكر لرخص لزكريا عليه السلام حيث قال
{آيتك ألا
تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا} ولو رخص لأحد في ترك
الذكر لرخص للذين يقاتلون في سبيل الله قال الله (يا أيها الذين آمنوا إذا
لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وسبح
بالعشي والإبكار} قال {بالعشي} ميل الشمس إلى أن تغيب {والإبكار} أول
الفجر.
الآيات 42 - 43 - 44 - 45.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {إن الله اصطفاك
وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} قال كان أبو هريرة يحدث عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال : خير نساء ركبن الإبل نساء قريش ، أحناه على
ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده ، قال أبو هريرة : ولم تركب مريم
بنت عمران بعيرا قط أخرجه الشيخان بدون الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة
والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن علي
سمعت رسول الله يقول : خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت
خويلد
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أفضل نساء العالمين خديجة وفاطمة ومريم وآسية امرأة فرعون.
وأخرج
ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اصطفى
على نساء العالمين أربعا : آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة بنت
خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه
، وَابن المنذر ، وَابن حبان والحاكم عن أنس إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة
بنت محمد صلى الله عليه وسلم وآسية امرأة فرعون وأخرجه ابن أبي شيبة عن
الحسن ، مرسلا.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ،
وَابن ماجة ، وَابن جَرِير عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا : مريم بنت عمران وآسية
امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن فاطمة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم البتول.
وأخرج ابن جرير عن عمار بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين.
وأخرج
ابن عساكر عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيدة
نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون.
وأخرج
ابن عساكر من طريق مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال أربع نسوة سيدات عالمهن : مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم
وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وأفضلهن عالما فاطمة.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فاطمة سيدة نساء العالمين بعد مريم ابنة عمران وآسية امرأة
فرعون وخديجة ابنة خويلد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد
في صغره وأرعاه على بعل
في ذات يده ولو علمت ان مريم ابنة عمران ركبت بعيرا ما فضلت
عليها أحدا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {إن الله اصطفاك وطهرك} قال : جعلك طيبة إيمانا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وطهرك} قال : من الحيض {واصطفاك على نساء
العالمين} قال : على نساء ذلك الزمان الذي هم فيه.
وأخرج
ابن جرير عن ابن إسحاق قال : كانت مريم حبيسا في الكنيسة ومعها في الكنيسة
غلام اسمه يوسف وقد كان أمه وأبوه جعلاه نذيرا حبيسا فكانا في الكنيسة
جميعا وكانت مريم إذا نفذ ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما فانطلقا إلى
المفازة التي فيها الماء فيملآن ثم يرجعان والملائكة في ذلك مقبلة على
مريم {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} فإذا سمع
ذلك زكريا قال : إن لابنة عمران لشأنا
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {يا مريم اقنتي
لربك} قال : أطيلي الركود يعني القيام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : لما قيل لها {اقنتي
لربك} قامت حتى ورمت قدماها.
وأخرج ابن جرير عن الأوزاعي قال : كانت مريم تقوم حتى يسيل القيح من
قدميها.
وأخرج ابن عساكر عن ابن سعيد قال : كانت مريم تصلي حتى ترم قدماها.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير {اقنتي لربك} قال : أخلصي.
وأخرج عن قتادة قال {اقنتي لربك} قال : أطيعي ربك.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود أنه كان يقرأ ((واركعي واسجدي
في الساجدين))
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {وما كنت لديهم} يعني محمدا صلى
الله عليه وسلم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وما كنت
لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} قال : إن مريم عليها السلام لما
وضعت في المسجد اقترع عليها أهل المصلى وهم يكتبون الوحي فاقترعوا
بأقلامهم أيهم يكفلها فقال الله لمحمد : {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم
أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي
حاتم عن عكرمة في قوله {إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} قال : ألقوا
أقلامهم في الماء فذهبت مع الجرية وصعد قلم زكريا فكفلها زكريا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع قال : ألقوا أقلامهم يقال : عصيهم
تلقاء جرية الماء فاستقبلت عصا زكريا عليه السلام جرية الماء فقرعهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال {أقلامهم} قال : التي يكتبون
بها التوراة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عطاء {أقلامهم} يعني قداحهم.
وأخرج
إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال لما وهب الله لزكريا يحيى
وبلغ ثلاث سنين بشر الله مريم بعيسى فبينما هي في المحراب إذ قالت
الملائكة - وهو جبريل وحده - {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} من الفاحشة
{واصطفاك} يعني اختارك {على نساء العالمين} عالم أمتها {يا مريم اقنتي
لربك} يعني صلي لربك يقول : اركدي لربك في الصلاة بطول القيام فكانت تقوم
حتى ورمت قدماها {واسجدي واركعي مع الراكعين} يعني مع المصلين مع قراء بيت
المقدس ، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {ذلك من أنباء الغيب نوحيه
إليك} يعني بالخبر {الغيب} في قصة زكريا ويحيى ومريم {وما كنت لديهم} يعني
عندهم {إذ يلقون أقلامهم} في كفالة مريم ثم قال يا محمد يخبر بقصة عيسى
{إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن
مريم
وجيها في الدنيا} يعني مكينا عند الله في الدنيا من المقربين
في الآخرة {ويكلم الناس في المهد} يعني في الخرق {وكهلا} ويكلمهم كهلا إذا
اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء {ومن الصالحين} يعني من المرسلين.
وأخرج
إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن وهب قال : لما استقر حمل مريم وبشرها جبريل
وثقت بكرامة الله واطمأنت فطابت نفسا واشتد أزرها وكان معها في المحررين
ابن خال لها يقال له يوسف وكان يخدمها من وراء الحجاب ويكلمها ويناولها
الشيء من وراء الحجاب وكان أول من اطلع على حملها هو واهتم لذلك وأحزنه
وخاف من البلية التي لا قبل له بها ولم يشعر من أين أتيت مريم وشغله عن
النظر في أمر نفسه وعمله لأنه كان رجلا متعبدا حكيما وكان من قبل أن تضرب
مريم الحجاب على نفسها تكون معه ونشأ معها.
وكانت مريم اذا نفذ ماؤها
وماء يوسف أخذا قلتيهما ثم انطلقا إلى المفازة التي فيها الماء فيملآن
قلتيهما ثم يرجعان إلى الكنيسة والملائكة مقبلة على مريم بالبشارة !
{يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} فكان يعجب يوسف ما يسمع ، فلما استبان ليوسف حمل مريم وقع في نفسه من أمرها حتى كاد أن يفتتن فلما أراد أن يتهمها في نفسه ذكر ما طهرها الله واصطفاها وما وعد الله أمها أنه يعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم وما سمع من قول الملائكة {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} فذكر الفضائل التي فضلها الله تعالى بها وقال : إن زكريا قد أحرزها في المحراب فلا يدخل عليها أحد وليس للشيطان عليها سبيل فمن أين هذا فلما رأى من تغير لونها وظهور بطنها عظم ذلك عليه فعرض لها فقال : يا مريم هل يكون زرع من غير بذر قالت : نعم ، قال : وكيف ذلك قالت : إن الله خلق البذرالأول من غير نبات وأنبت الزرع الأول من غير بذر ولعلك تقول : لولا أنه استعان عليه بالبذر لغلبه حتى لا يقدر على أن يخلقه ولا ينبته ، قال يوسف : أعوذ بالله أن أقول ذلك قد صدقت وقلت بالنور والحكمة وكما قدر أن يخلق الزرع الأول وينبته من غير بذر يقدر على أن يجعل زرعا من غير بذر فأخبريني هل ينبت الشجر من غير ماء ولا مطر قالت : ألم تعلم أن للبذور والزرع والماء والمطر والشجر خالقا واحدا فلعلك تقول لولا الماء والمطر لم يقدر على أن ينبت الشجر ، قال : أعوذ بالله أن أقول ذلك قد صدقت ، فأخبريني هل يكون ولد أو رجل من غير ذكر قالت : نعم ، قال : وكيف ذلك قالت : ألم تعلم أن الله خلق آدم وحواء امرأته من غير حبل ولا أنثى ولا ذكر قال : بلى ، فأخبريني خبرك قالت : بشرني الله {بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم} إلى قوله {ومن الصالحين} فعلم يوسف أن ذلك أمر من الله لسبب خير
أراده بمريم فسكت عنها ، فلم تزل على ذلك حتى ضربها الطلق فنوديت
: أن اخرجي من المحراب فخرجت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله
يبشرك} قال : شافهتها الملائكة بذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{يبشرك بكلمة منه} قال : عيسى هو الكلمة من الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا
عيسى ومحمد عليهما السلام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : المسيح
الصديق.
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال : إنما سمي المسيح لأنه مسح بالبركة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن يحيى بن عبد الرحمن الثقفي أن عيسى كان سائحا ولذلك سمي
المسيح كان يمسي بأرض ويصبح بأخرى وأنه لم يتزوج حتى رفع
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ومن
المقربين} يقول : ومن المقربين عند الله يوم القيامة.
الآيتان 46 - 47.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج قال : بلغني عن ابن عباس
قال : {المهد} مضجع الصبي في رضاعه.
وأخرج
البخاري ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى عليه السلام وكان في بني
إسرائيل رجل يقال له جريج كان يصلي فجاءته أمه فدعته فقال : أجيبها أو
أصلي فقالت : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات ، وكان جريج في صومعته
فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى فأتت راعيا فأمكنته من نفسها فولدت غلاما
فقالت : من جريج ، فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه فتوضأ وصلى ثم أتى
الغلام فقال : من أبوك يا غلام قال : الراعي ، فقالوا له : نبني صومعتك من
ذهب قال : لا إلا من طين ، وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل فمر
بها رجل راكب ذو شارة فقالت : اللهم اجعل ابني مثله ، فترك ثديها وأقبل
على الراكب فقال : اللهم لا تجعلني مثله ، ثم أقبل على ثديها يمصه ثم مرا
بأمة تجزر ويلعب بها فقالت : اللهم لا
تجعل ابني مثل هذه ، فترك ثديها فقال : اللهم اجعلني مثلها فقالت
: لم ذاك ،.
فقال : الراكب جبار من الجبابرة وهذه الأمة يقولون لها زنيت وتقول حسبي
الله ويقولون سرقت وتقول حسبي الله.
وأخرج
أبو الشيخ والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : لم يكن يتكلم في المهد إلا عيسى وشاهد يوسف وصاحب جريج ،
وَابن ماشطة فرعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {ويكلم الناس في المهد
وكهلا} قال : يكلمهم صغيرا وكبيرا.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس {وكهلا} قال : في سن كهل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
مجاهد قال : الكهل الحليم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب قال : الكهل منتهى الحلم.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في الآية قال : قد كلمهم عيسى عليه السلام في
المهد
وسيكلمهم إذا أقبل الدجال وهو يومئذ كهل.
وأخرج
ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير قال {كذلك الله يخلق ما يشاء} أي يصنع
ما أراد ويخلق ما يشاء من بشر {إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} مما
يشاء وكيف يشاء فيكون كما أراد.
الآية 48.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ويعلمه الكتاب} قال : الخط بالقلم.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {ويعلمه الكتاب} قال : بيده.
وأخرج
ابن المنذر بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال : عندما ترعرع عيسى جاءت به أمه
إلى الكتاب فدفعته إليه فقال : قل بسم ، قال عيسى : الله ، فقال المعلم :
قل الرحمن ، قال عيسى : الرحيم ، فقال
المعلم : قل أبو جاد (قصد بها أيحد) ، قال : هو في كتاب ، فقال
عيسى : أتدري ما ألف قال : لا ، قال : آلاء الله ، أتدري ما باء
قال
: لا ، قال : بهاء الله ، أتدري ما جيم قال : لا ، قال : جلال الله ،
أتدري ما اللام قال : لا ، قال : آلاء الله ، فجعل يفسر على هذا النحو ،
فقال المعلم : كيف أعلم من هو أعلم مني قالت : فدعه يقعد مع الصبيان ،
فكان يخبر الصبيان بما يأكلون وما تدخر لهم أمهاتهم في بيوتهم.
وأخرج
ابن عدي ، وَابن عساكر عن أبي سعيد الخدري ، وَابن مسعود مرفوعا قال : إن
عيسى بن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم : اكتب بسم
الله قال عيسى : وما بسم قال له المعلم : ما أدري قال له عيسى : الباء
بهاء الله والسين سناؤه والميم مملكته والله إله الآلهة والرحمن رحمن
الآخرة والدنيا والرحيم رحيم الآخرة ، أبو جاد : الألف ، آلاء الله والباء
بهاء الله جيم جلال الله دال الله الدائم ، هوز : الهاء الهاوية واو ويل
لأهل النار واد في جهنم زاي زين أهل الدنيا حطي : حاء الله الحكيم طاء
الله الطالب لكل حق حتى يرده أي أهل النهار وهو
الوجع ، كلمن :
الكاف الله الكافي لام : الله القائم ميم الله المالك نون الله البحر سعفص
: سين السلام صاد الله الصادق عين الله العالم فاء الله ذكر كلمة صاد الله
الصمد ، قرشت قاف الجبل المحيط بالدنيا الذي أخضرت منه السماء راء رياء
الناس بها سين ستر الله تاء تمت أبدا ، قال ابن عدي هذا الحديث باطل بهذا
الإسناد لا يرويه غير إسمعيل بن يحيى.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن
عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس ، أن عيسى بن مريم أمسك
عن الكلام بعد اذ كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم أنطقه الله بعد
ذلك بالحكمة والبيان فأكثر إليهود فيه وفي أمه من قول الزور فكان عيسى
يشرب اللبن من أمه فلما فطم أكل الطعام وشرب الشراب حتى بلغ سبع سنين
أسلمته أمه لرجل يعلمه كما يعلم الغلمان فلا يعلمه شيئا إلا بدره عيسى إلى
علمه قبل أن يعلمه إياه ، فعلمه أبا جاد فقال عيسى : ما أبو جاد قال
المعلم : لا أدري فقال عيسى : فكيف تعلمني ما لا تدري فقال المعلم : إذن
فعلمني ، قال له عيسى : فقم من مجلسك فقام فجلس عيسى مجلسه فقال عيسى :
سلني ، فقال المعلم : فما أبو
أبجد فقال عيسى : الألف آلاء الله باء بهاء الله جيم بهجة الله وجماله ،
فعجب المعلم من ذلك فكان أول من فسر
أبجد
عيسى ابن مريم عليه السلام ، قال وسأل عثمان بن عفان رضي الله عنه رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما تفسسير أبي جاد فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : تعلموا تفسير أبي جاد فإن فيه الأعاجيب كلها
ويل لعالم جهل تفسيره ، فقيل : يا رسول الله وما تفسير أبي جاد قال :
الألف آلاء الله والباء بهجة الله وجلاله والجيم مجد الله والدال دين الله
هوز الهاوية ويل لمن هوى فيها والواو ويل لأهل النار والزاي الزاوية يعني
زوايا جهنم ، حطي : الحاء حط خطايا المستغفرين في ليلة القدر وما نزل به
جبريل مع الملائكة إلى مطلع الفجر والطاء طوبى لهم وحسن مآب وهي شجرة
غرسها الله بيده والياء يد الله فوق خلقه ، كلمن : الكاف كلام الله لا
تبديل لكلماته واللام إلمام أهل الجنة بينهم بالزيارة والتحية والسلام
وتلاوم أهل النار بينهم والميم ملك الله الذي لا يزول ودوام الله الذي لا
يفنى ونون (نون والقلم وما يسطرون) (القلم الآية 1 - 2) صعفص : الصاد صاع
بصاع وقسط بقسط وقص بقص يعني الجزاء بالجزاء وكما تدين تدان والله لا يريد
ظلما للعباد ، قرشت : يعني قرشهم فجمعهم يقضي بينهم يوم القيامة وهم لا
يظلمون.
ذكر نبذ من حكم عيسى عليه السلامالآية.
أَخرَج ابن المبارك
في الزهد أخبرنا ابن عيينة عن خلف بن حوشب قال : قال عيسى عليه السلام
للحواريين : كما ترك لكم الملوك الحكمة فكذلك اتركوا لهم الدنيا
وأخرج ابن عساكر عن يونس بن عبيد قال : كان عيسى بن مريم عليه
السلام يقول : لا يصيب أحد حقيقة الإيمان حتى لا يبالي من أكل الدنيا.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد عن ثابت البناني قال : قيل لعيسى
عليه السلام لو اتخذت حمارا تركبه لحاجتك فقال : أنا أكرم على الله من أن
يجعل لي شيئا يشغلني به.
وأخرج ابن عساكر عن مالك بن دينار قال : قال
عيسى : معاشر الحواريين إن خشية الله وحب الفردوس يورثان الصبر على المشقة
ويباعدان من زهرة الدنيا.
وأخرج ابن عساكر عن عتبة بن يزيد قال : قال
عيسى بن مريم : يا ابن آدم الضعيف اتق الله حيثما كنت وكل كسرتك من حلال
واتخذ المسجد بيتا وكن في الدنيا ضعيفا وعود نفسك البكاء وقلبك التفكر
وجسدك الصبر ولا تهتم برزقك غدا فإنها خطيئة تكتب عليك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والاصبهاني في الترغيب عن محمد بن مطرف ، أن عيسى
قال : فذكره.
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن وهيب المكي قال : بلغني أن عيسى عليه السلام قال : أصل
كل خطيئة حب الدنيا ، ورب شهوة أورثت أهلها حزنا طويلا
وأخرج ابن
عساكر عن يحيى بن سعيد قال : كان عيسى يقول : اعبروا الدنيا ولا تعمروها
وحب الدنيا رأس كل خطيئة والنظر يزرع في القلب الشهوة.
وأخرج أحمد
والبيهقي في شعب الإيمان عن سفيان بن سعيد قال : كان عيسى عليه السلام
يقول : حب الدنيا أصل كل خطيئة والمال فيه داء كبير ، قالوا : وما داؤه
قال : لا يسلم من الفخر والخيلاء ، قالوا : فإن سلم قال : يشغله إصلاحه عن
ذكر الله.
وأخرج ابن المبارك عن عمران الكوفي قال : قال عيسى بن مريم
للحواريين : لا تأخذوا ممن تعلمون الأجر الأمثل الذي أعطيتموني ويا ملح
الأرض لا تفسدوا فإن كل شيء إذا فسد فإنما يداوى بالملح وإن الملح إذا فسد
فليس له دواء واعلموا أن فيكم خصلتين من الجهل ، الضحك من غير عجب
والصبيحة من غير سهر.
وأخرج الحكيم الترمذي عن يزيد بن ميسرة قال : قال
عيسى عليه السلام : بالقلوب الصالحة يعمر الله الأرض وبها يخرب الأرض إذا
كانت على غير ذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن مالك بن دينار
قال
: كان عيسى بن مريم عليه السلام إذا مر بدار وقد مات أهلها وقف عليها فقال
: ويح لأربابك الذين يتوارثونك كيف لم يعتبروا فعلك بإخوانهم الماضين.
وَأخرَج
البيهقي عن مالك بن دينار قال : قالوا لعيسى عليه السلام يا روح الله ألا
نبني لك بيتا قال : بلى ، ابنوه على ساحل البحر قالوا : إذن يجيء الماء
فيذهب به قال : أين تريدون تبنون لي على القنطرة
وأخرج أحمد في الزهد
عن بكر بن عبد الله قال : فقد الحواريون عيسى عليه السلام فخرجوا يطلبونه
فوجدوه يمشي على الماء فقال بعضهم : يا نبي الله أنمشي إليك قال : نعم ،
فوضع رجله ثم ذهب يضع الأخرى فانغمس فقال : هات يدك يا قصير الإيمان ، لو
أن لابن آدم مثقال حبة أو ذرة من اليقين إذن لمشى على الماء.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن نمير قال : سمعت أن عيسى عليه السلام قال :
كانت ولم أكن وتكون ولا أكون فيها.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : لما بعث عيسى عليه السلام أكب الدنيا
على وجهها فلما رفع رفعها الناس بعده.
وأخرج عبد الله ابنه في زوائده عن الحسن قال : قال عيسى عليه
السلام
: اني أكببت الدنيا لوجهها وقعدت على ظهرها فليس لي ولد يموت ولا بيت يخرب
، قالوا له : أفلا نتخذ لك بيتا قال : ابنوا لي على سبيل الطريق بيتا
قالوا : لا يثبت قالوا : أفلا نتخذ لك زوجة قال : ما أصنع بزوجة تموت.
وَأخرَج
أحمد عن خيثمة قال : مرت امرأة على عيسى عليه السلام فقالت : طوبى لثدي
أرضعك وحجر حملك ، فقال عيسى عليه السلام : طوبى لمن قرأ كتاب الله ثم عمل
بما فيه.
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : أوحى الله إلى عيسى عليه
الصلاة والسلام : إني وهبت لك حب المساكين ورحمتهم تحبهم ويحبونك ويرضون
بك إماما وقائدا وترضى بهم صحابة وتبعا وهما خلقان ، اعلم أن من لقيني
بهما لقيني بأزكى الأعمال وأحبها إلي.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن
ميمون بن سياه قال : قال عيسى بن مريم : يا معشر الحواريين اتخذوا المساجد
مساكن واجعلوا بيوتكم كمنازل الأضياف ، فما لكم في العالم من منزل ان أنتم
إلا عابري سبيل
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه أن عيسى عليه السلام قال
: بحق أن أقول لكم أن أكناف السماء لخالية من الأغنياء ولدخول جمل في سم
الخياط أيسر من دخول غني الجنة ، واخرج عبد الله في زوائده عن جعفر بن
حرفاس أن عيسى بن مريم قال : رأس الخطيئة حب الدنيا والخمر مفتاح كل شر
والنساء حبالة الشيطان.
وأخرج أحمد عن سفيان قال : قال عيسى بن عليه
السلام : إن للحكمة أهلا ، فإن وضعتها في غير أهلها أضعتها وإن منعتها من
أهلها ضيعتها ، كن كالطبيب يضع الدواء حيث ينبغي.
وأخرج أحمد عن محمد
بن واسع أن عيسى بن مريم قال يا بني إسرائيل إني أعيذكم بالله أن تكونوا
عارا على أهل الكتاب ، يا بني إسرائيل قولكم شفاء يذهب الداء وأعمالكم داء
لا تقبل الدواء.
وأخرج أحمد عن وهب قال : قال عيسى لأحبار بني إسرائيل : لا تكونوا للناس
كالذئب السارق وكالثعلب الخدوع وكالحدأ الخاطف
وأخرج
أحمد عن مكحول قال : قال عيسى بن مريم : يا معشر الحواريين أيكم يستطيع أن
يبني على موج البحر دارا قالوا : يا روح الله ومن يقدر على ذلك قال :
إياكم والدنيا فلا تتخذوها قرارا.
وأخرج أحمد عن زياد أبي عمرو قال :
بلغني أن عيسى عليه السلام قال : إنه ليس بنافعك أن تعلم ما لم تعلم ولما
تعمل بما قد علمت إن كثرة العلم لا تزيد إلا كبرا إذا لم تعمل به.
وأخرج
أحمد عن إبراهيم بن الوليد العبدي قال : بلغني أن عيسى عليه الصلاة
والسلام قال : الزهد يدور في ثلاثة أيام : أمس خلا وعظت به واليوم زادك
فيه وغدا لا تدري ما لك فيه ، قال : والأمر يدور على ثلاثة ، أمر بان لك
رشده فاتبعه وأمر بان لك غيه فاجتنبه وأمر أشكل عليك فكله إلى الله عز وجل.
وأخرج أحمد عن قتادة قال : قال عيسى عليه الصلام والسلام : سلوني فإن قلبي
لين وإني صغير في نفسي.
وأخرج
أحمد عن بشير الدمشقي قال : مر عيسى عليه الصلاة والسلام بقوم فقال :
اللهم اغفر لنا ثلاثا فقالوا : يا روح الله انا نريد أن نسمع منك اليوم
موعظة ونسمع منك شيئا لم نسمعه فيما مضى فأوحى الله إلى عيسى أن قل لهم
اني من أغفر له مغفرة واحدة أصلح له بها دنياه وآخرته
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خثيمة قال : كان عيسى عليه السلام
إذا دعا القراء قام عليهم ثم قال : هكذا اصنعوا بالقراء.
وأخرج
أحمد عن يزيد بن ميسرة قال : قال عيسى عليه السلام : إن أحببتم أن تكونوا
أصفياء الله ونور بني آدم من خلقه فاعفوا عمن ظلمكم وعودوا من لا يعودكم
وأحسنوا إلى من لا يحسن اليكم وأقرضوا من لا يجزيكم.
وأخرج ابن أبي
شيبة وأحمد عن عبيد بن عمير ، أن عيسى عليه الصلاة والسلام كان يلبس الشعر
ويأكل من ورق الشجر ويبيت حيث أمسى ولا يرفع غداء ولا عشاء لغد ويقول :
يأتي كل يوم برزقه.
وأخرج أحمد عن وهب قال : قال عيسى ابن مريم : يا دار تخربين ويفنى سكانك
ويا نفس اعملي ترزقي ويا جسد انصب تسترح.
وأخرج
أحمد عن وهب ابن منبه قال : قال عيسى بن مريم للحواريين : بحق أقول لكم -
وكان عيسى عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يقول بحق - أقول لكم : إن أشدكم
حبا للدنيا أشدكم جزعا على المصيبة.
وأخرج أحمد عن عطاء الأزرق قال : بلغنا أن عيسى عليه الصلاة والسلام قال :
يا
معشر الحواريين كلوا خبز الشعير ونبات الأرض والماء القراح وإياكم وخبز
البر فإنكم لا تقومون بشكره واعلموا أن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة وأشد
مرارة الدنيا حلاوة الآخرة.
وأخرج ابنه في زوائده عن عبد الله بن شوذب قال : قال عيسى بن مريم : جودة
الثياب من خيلاء القلب.
وأخرج أحمد عن سفيان قال : قال عيسى عليه الصلاة والسلام : إني ليس أحدثكم
لتعجبوا إنما أحدثكم لتعلموا.
وأخرج ابنه عن أبي حسان قال : قال عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام : كن
كالطبيب العالم يضع دواءه حيث ينفع.
وأخرج
ابنه عن عمران بن سليمان قال : بلغني أن عيسى بن مريم قال : يا بني
إسرائيل تهاونوا بالدنيا تهن عليكم وأهينوا الدنيا تكرم الآخرة عليكم ولا
تكرموا الدنيا فتهون الآخرة عليكم فإن الدنيا ليست بأهل الكرامة وكل يوم
تدعو للفتنة والخسارة.
وأخرج ابن المبارك وأحمد عن أبي غالب قال في
وصية عيسى عليه الصلاة والسلام : يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغض
أهل المعاصي وتقربوا إليه بالمقت لهم والتمسوا رضاه بسخطهم ، قالوا : يا
نبي الله فمن نجالس قال :
جالسوا من
يزيد في عملكم منطقه ومن يذكركم الله رؤيته ويزهدكم في الدنيا عمله.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : أوحى الله إلى عيسى عظ نفسك فإن اتعظت
فعظ الناس وإلا فاستحي مني.
وأخرج أحمد عن وهب قال : قال عيسى للحواريين : بقدر ما تنصبون ههنا
تستريحون ههنا وبقدر ما تستريحون ههنا تنصبون ههنا.
وأخرج
ابن المبارك وأحمد عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عيسى عليه الصلاة
والسلام : طوبى لمن خزن لسانه ووسعه بيته وبكى من ذكر خطيئته.
وأخرج
ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة وأحمد عن هلال بن يساف قال : كان عيسى يقول
: إذا تصدق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله وإذا صام فليدهن وليمسح شفتيه
من دهنه حتى ينظر إليه الناظر فلا يرى أنه صائم وإذا صلى فليدن عليه ستر
بابه فإن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي
الدنيا عن خالد الربعي قال : ثبت أن عيسى عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه
: أرأيتم لو أن أحدكم أتى على أخيه المسلم وهو نائم وقد كشفت الريح بعض
ثوبه فقالوا : إذا كنا نرده عليه قال : لا ، بل تكشفون ما بقي مثل
ضربه للقوم يسمعون الرجل بالسيئة فيذكرون أكثر من ذلك.
وأخرج
أحمد عن أبي الجلد قال : قال عيسى بن مريم : فكرت في الخلق فإذا من لم
يخلق كان أغبط عندي ممن خلق ، وقال : لا تنظروا إلى ذنوب الناس كأنكم
أرباب ولكن انظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد ، والناس رجلان : مبتلى ومعافى
فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية.
وأخرج ابن أبي شيبة
وأحمد عن أبي الهذيل قال : لقي عيسى يحيى فقال : أوصني قال : لا تغضب قال
: لا أستطيع قال : لا تفتن مالا قال : أما هذا لعله.
وأخرج أحمد ،
وَابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال : مر عيسى عليه السلام والحواريون
رضي الله تعالى عنهم على جيفة كلب فقالوا : ما أنتن هذا فقال : ما أشد
بياض أسنانه ، يعظهم وينهاهم عن الغيبة.
وأخرج أحمد عن الأوزاعي قال : كان عيسى يحب العبد يتعلم المهنة يستغني بها
عن الناس ويكره العبد يتعلم العلم يتخذه مهنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد
قال
: قال عيسى عليه السلام : اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم انظروا إلى هذا
الطير يغدوا ويروح ولا يحرث ولا يحصد الله تعالى يرزقها ، فإن قلتم نحن
أعظم بطونا من الطير فإنظروا إلى هذه الأباقر من الوحش والحمر تغدو وتروح
لا تحرث ولا تحصد الله تعالى يرزقها اتقوا فضول الدنيا فإن فضول الدنيا
عند الله رجز.
وأخرج أحمد عن وهب قال : إن إبليس قال لعيسى : زعمت أنك
تحيي الموتى فإن كنت كذلك فادع الله أن يرد هذا الجبل خبزا فقال له عيسى :
أوكل الناس يعيشون بالخبز قال : فإن كنت كما تقول فثب من هذا المكان فإن
الملائكة ستلقاك قال : إن ربي أمرني أن لا أجرب نفسي فلا أدري هل يسلمني
أم لا.
وأخرج أحمد عن سالم بن أبي الجعد أن عيسى بن مريم كان يقول : للسائل حق
وإن أتاك على فرس مطوق بالفضة.
وأخرج
عن بعضهم قال أوحى الله إلى عيسى : إن لم تطب نفسك أن تصفك الناس بالزاهد
في لم أكتبك عندي راهبا فما يضرك إذا بغضك الناس وأنا عنك راض وما ينفعك
حب الناس وأنا عليك ساخط.
وأخرج أحمد عن الحضرمي ، وَابن أبي الدنيا ،
وَابن عساكر عن فضيل بن عياض قالا : قيل لعيسى بن مريم بأي شيء تمشي على
الماء قال : بالإيمان
واليقين قالوا : فإنا آمنا كما آمنت وأيقنا
كما أيقنت ، قال : فامشوا إذن ، فمشوا معه فجاء الموج فغرقوا فقال لهم
عيسى : ما لكم قالوا : خفنا الموج قال : ألا خفتم رب الموج فأخرجهم ثم ضرب
بيده إلى الأرض فقبض بها ثم بسطها فإذا في إحدى يديه ذهب وفي الأخرى مدر
فقال : أيهما أحلى في قلوبكم قالوا : الذهب قال : فإنهما عندي سواء.
وأخرج
ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن عساكر عن الشعبي قال : كان
عيسى بن مريم إذا ذكر عنده الساعة صاح ويقول : لا ينبغي لابن مريم أن تذكر
عنده الساعة فيسكت.
وأخرج أحمد ، وَابن عساكر عن مجاهد قال : كان عيسى
عليه السلام يلبس الشعر ويأكل الشجر ولا يخبى ء اليوم لغد ويبيت حيث أواه
الليل ، ولم يكن له ولد فيموت ولا بيت فيخرب.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن : إن عيسى رأس الزاهدين يوم القيامة وإن
الفرارين
بدينهم يحشرون يوم القيامة مع عيسى بن مريم وإن عيسى مر به إبليس يوما وهو
متوسد حجرا وقد وجد لذة النوم فقال له إبليس : يا عيسى أليس تزعم أنك لا
تريد شيئا من عرض الدنيا فهذا الحجر من عرض الدنيا فقام عيسى فأخذ الحجر
فرمى به وقال : هذا لك مع الدنيا
وأخرج ابن عساكر عن كعب أن عيسى
كان يأكل الشعير ويمشي على رجليه ولا يركب الدواب ولا يسكن البيوت ولا
يستصبح بالسراج ولا يلبس القطن ولا يمس النساء ولم يمس الطيب ولم يمزج
شرابه بشيء قط ولم يبرده ولم يدهن رأسه قط ولم يقرب رأسه ولا لحيته غسول
قط ولم يجعل بين الأرض وبين جلده شيئا قط إلا لباسه ولم يهتم لغداء قط ولا
لعشاء قط ولا يشتهي شيئا من شهوات الدنيا ، وكان يجالس الضعفاء والزمنى
والمساكين وكان إذا قرب إليه الطعام على شيء وضعه على الأرض ولم يأكل مع
الطعام إداما قط وكان يجتزي من الدنيا بالقوت القليل ويقول : هذا لمن يموت
ويحاسب عليه كثير.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : بلغني أنه قيل لعيسى
بن مريم : تزوج ، قال : وما أصنع بالتزويج قالوا : تلد لك الأولاد ، قال :
الأولاد إن عاشوا أفتنوا وإن ماتوا أحزنوا.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن شعيب بن إسحاق قال : قيل لعيسى
: لو اتخذت بيتا قال : يكفينا خلقان من كان قبلنا
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ميسرة قال : قيل لعيسى : ألا
تبني لك بيتا قال : لا أترك بعدي شيئا من الدنيا أذكر به.
وأخرج
ابن عساكر عن أبي سليمان قال : بينا عيسى يمشي في يوم صائف وقد مسه الحر
والعطش فجلس في ظل خيمة فخرج إليه صاحب الخيمة فقال : يا عبد لله قم من
ظلنا ، فقام عيسى عليه السلام فجلس في الشمس وقال : ليس أنت الذي أقمتني
إنما أقامني الذي لم يرد أن أصيب من الدنيا شيئا.
وأخرج أحمد عن سفيان
بن عيينة قال : كان عيسى ويحيى عليهما السلام يأتيان القرية فيسأل عيسى
عليه السلام عن شرار أهلها ويسأل يحيى عليه السلام عن خيار أهلها فقال له
: لم تنزل على شرار الناس قال : إنما أنا طبيب أداوي المرضى.
وأخرج أحمد عن هشام الدستوائي قال : بلغني أن في حكمة عيسى بن مريم
عليه
السلام : تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة
وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل ويحكم ، علماء السوء ، الأجر تأخذون
والعمل تضيعون توشكون أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه والله عز
وجل ينهاكم عن المعاصي كما أمركم بالصوم والصلاة ، كيف يكون من أهل العلم
من دنياه آثر عنده من آخرته وهو في الدنيا أفضل رغبة كيف يكون من أهل
العلم من مسيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أشهى إليه مما ينفعه
وكيف
يكون من أهل العلم من سخط واحتقر منزلته وهو يعلم أن ذلك من علم الله
وقدرته كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله تعالى في قضاءه فليس يرضى بشيء
أصابه كيف يكون من أهل العلم من طلب الكلام ليتحدث ولم يطلبه ليعمل به.
وَأخرَج
أحمد عن سعيد بن عبد العزيز عن أشياخه أن عيسى عليه السلام مر بعقبة أفيق
ومعه رجل من حواريه فاعترضهم رجل فمنعهم الطريق وقال : لا أترككما تجوزان
حتى ألطم كل واحد منكما لطمة فحاولاه فأبى إلا ذاك فقال عيسى عليه السلام
أما خدي فالطمه ، فلطمه فخلى سبيله وقال للحواري : لا أدعك تجوز حتى ألطمك
فتمنع عليه فلما رأى عيسى ذاك أعطاه خده الآخر فلطمه فخلى سبيلهما فقال
عيسى عليه السلام : اللهم إن كان هذا لك رضى فبلغني رضاك وإن كان هذا سخطا
فإنك أولى بالعفو.
وأخرج عبد الله ابنه عن علي بن أبي طالب قال : بينما
عيسى عليه السلام جالس مع أصحابه مرت به امرأة : فنظر إليها بعضهم فقال له
بعض أصحابه : زنيت فقال له عيسى : أرأيت لو كنت صائما فمررت بشواء فشممته
أكنت مفطرا قال : لا.
وأخرج أحمد عن عطاء قال : قال عيسى : ما أدخل قرية يشاء أهلها أن
يخرجوني منها إلا أخرجوني ، يعني ليس لي فيها شيء قال : وكان
عيسى عليه السلام يتخذ نعلين من لحي الشجر ويجعل شراكهما من ليف.
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز قال : قال المسيح : ليس كما أريد ولكن
كما تريد وليس كما أشاء ولكن كما تشاء.
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز قال : بلغني أنه ما من كلمة كانت تقال
لعيسى عليه السلام أحب إليه من أن يقال : هذا المسكين.
وأخرج ابنه عن ابن حليس قال : قال عيسى : إن الشيطان مع الدنيا ومكره مع
المال وتزيينه عند الهوى واستكماله عند الشهوات.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد عن جعفر بن برقان قال : كان عيسى يقول : اللهم إني
أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره ولا أملك نفع ما أرجو وأصبح الأمر بيد غيري
وأصبحت مرتهنا بعملي فلا فقير أفقر مني فلا تشمت بي عدوي ولا تسيء بي
صديقي ولا تجعل مصيبتي في ديني ولا تسلط علي من لا يرحمني.
وأخرج أحمد
عن وهب بن منبه قال : في كتب الحواريين إذا سلك بك سبيل البلاء فاعلم أنه
سلك بك سبيل الأنبياء والصالحين وإذا سلك بك سبيل أهل الرخاء فاعلم أنه
سلك بك غير سبيلهم
وخولف بك عن طريقهم.
وأخرج أحمد عن مالك بن
دينار قال : قال عيسى : انما أبعثكم كالكباش تلتقطون خراف بني إسرائيل فلا
تكونوا كالذئاب الضواري التي تخطتف الناس وعليكم بالخرفان ما لكم تأتون
عليكم ثياب الشعر وقلوبكم قلوب الخنازير البسوا ثياب الملوك ولينوا قلوبكم
بالخشية ، وقال عيسى : يا ابن آدم اعمل بأعمال البر حتى يبلغ عملك عنان
السماء فإن لم يكن حبا في الله ما أغنى ذلك عنك شيئا ، وقال عيسى
للحواريين : إن إبليس يريد أن يبخلكم فلا تقعوا في بخله.
وأخرج أحمد عن
الحسن بن علي الصنعاني قال : بلغنا أن عيسى عليه السلام قال : يا معشر
الحواريين ادع الله أن يخفف عني هذه السكرة - يعني الموت - ثم قال عيسى :
لقد خفت الموت خوفا أوقفني مخافتي من الموت على الموت.
وأخرج أحمد عن
وهب بن منبه أن عيسى عليه السلام كان واقفا على قبر ومعه الحواريون وصاحب
القبر يدلى فيه فذكروا من ظلمة القبر ووحشته وضيقه فقال عيسى : قد كنتم
فيما هو أضيق منه في أرحام أمهاتكم فإذا أحب الله أن يوسع وسع
وأخرج
أحمد عن وهب قال : قال المسيح عليه السلام : أكثروا ذكر الله وحمده
وتقديسه وأطيعوه فإنما يكفي أحدكم من الدعاء إذا كان الله تبارك وتعالى
راضيا عليه أن يقول : اللهم اغفر لي خطيئتي واصلح لي معيشتي وعافني من
المكاره يا إلهي.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد أن عيسى عليه السلام قال للحواريين : بحق
أقول
لكم : ما الدنيا تريدون ولا الآخرة قالوا : يا رسول الله فسر لنا هذا فقد
كنا نرى أنا نريد إحداهما قال : لو أردتم الدنيا لأطعتم رب الدنيا الذي
مفاتيح خزائنها بيده فأعطاكم ولوأردتم الآخرة أطعتم رب الآخرة الذي يملكها
فأعطاكم ولكن لا هذه تريدون ولا تلك.
وأخرج أحمد عن أبي عبيدة ، أن
الحواريين قالوا لعيسى : ماذا نأكل قال : تأكلون خبز الشعير وبقل البرية ،
قالوا : فماذا نشرب قال : تشربون ماء القراح ، قالوا : فماذا نتوسد قال :
توسدوا الأرض قالوا : ما نراك تأمرنا من العيش إلا بكل شديد قال : بهذا
تنجون ولا تحلون ملكوت السموات حتى يفعله أحدكم وهو منه على شهوة قالوا :
وكيف يكون ذلك قال : ألم تروا أن الرجل إذا جاع فما أحب إليه الكسرة وإن
كانت شعيرا وإن عطش فما أحب إليه الماء وإن كان قراحا وإذا أطال القيام
فما أحب إليه أن يتوسد الأرض.
وأخرج أحمد عن عطاء أنه بلغه أن عيسى عليه السلام قال : ترج ببلاغة
وتيقظ في ساعات الغفلة واحكم بلطف الفطنة لا تكن حلسا مطروحا
وأنت حي تتنفس.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي هريرة قال : كان عيسى عليه السلام يقول : يا
معشر الحواريين اتخذوا بيوتكم منازل واتخذوا المساجد مساكن وكلوا من بقل
البرية واخرجوا من الدنيا بسلام.
وأخرج أحمد عن إبراهيم التيمي أن عيسى عليه السلام قال : اجعلوا كنوزكم في
السماء فإن قلب المرء عند كنزه.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عبد الله بن سعيد الجعفي قال : قال عيسى بن مريم عليه
السلام : بيتي المسجد وطيبي الماء وإدامي الجوع وشعاري الخوف ودابتي رجلاي
ومصطلاي في الشتاء مشارق الشمس وسراجي بالليل القمر وجلسائي الزمنى
والمساكين وأمسي وليس لي شيء وأصبح وليس لي شيء وأنا بخير فمن أغنى مني
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن الفضيل بن عياض قال : قال عيسى : بطحت لكم الدنيا
وجلستم على ظهرها فلا ينازعكم فيها إلا الملوك والنساء ، فأما الملوك فلا
تنازعوهم الدنيا فإنهم لم يعرضوا لكم دنياهم وأما النساء فاتقوهن بالصوم
والصلاة.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان الثوري قال : قال المسيح عليه السلام : إنما
تطلب الدنيا لتبر فتركها أبر.
وأخرج
ابن عساكر عن شعيب بن صالح قال عيسى بن مريم : والله ما سكنت الدنيا في
قلب عبد إلا التاط قلبه منها بثلاث : شغل لا ينفك عناه وفقر لا يدرك غناه
وأمل لا يدرك منتهاه ، الدنيا طالبة ومطلوبة ، فطالب الآخرة تطلبه الدنيا
حتى يستكمل فيها رزقه وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يجيء الموت فيأخذ
بعنقه.
وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال : قال عيسى بن مريم : كما
توضعون كذلك ترفعون وكما ترحمون كذلك ترحمون وكما تقضون من حوائج الناس
كذلك يقضي الله من حوائجكم
وأخرج أحمد ، وَابن عساكر عن الشعبي قال
: قال عيسى بن مريم : ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك تلك مكافأة
إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك.
وأخرج ابن عساكر عن ابن
المبارك قال : بلغني أن عيسى بن مريم مر بقوم فشتموه فقال خيرا ، ومر
بآخرين فشتموه وزادوا فزادهم خيرا ، فقال رجل من الحواريين : كلما زادوك
شرا زدتهم خيرا كأنك تغريهم بنفسك فقال عيسى عليه السلام : كل إنسان يعطي
ما عنده.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن أنس قال : مر بعيسى بن مريم
خنزير فقال : مر بسلام ، فقيل له : يا روح الله لهذا الخنزير تقول قال :
أكره أن أعود لساني الشر.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان قال : قالوا
لعيسى بن مريم دلنا على عمل ندخل به الجنة قال : لا تنطقوا أبدا قالوا :
لا نستطيع ذلك قال : فلا تنطقوا إلا بخير.
وأخرج الخرائطي عن إبراهيم
النخعي قال : قال عيسى بن مريم : خذوا الحق من أهل الباطل ولا تأخذوا
الباطل من أهل الحق كونوا منتقدي الكلام كي لا يجوز عليكم الزيوف
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي في الزهد عن زكريا بن عدي قال : قال عيسى ابن
مريم : يا معشر الحواريين ارضوا بدنيء الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل
الدنيا بدنيء الدين مع سلامة الدنيا.
وأخرج ابن عساكر عن مالك بن دينار
قال : قال عيسى بن مريم عليه السلام : أكل الشعير مع الرماد والنوم على
المزابل مع الكلاب ، لقليل في طلب الفردوس.
وأخرج ابن عساكر عن أنس بن
مالك قال : كان عيسى بن مريم يقول : لا يطيق عبد أن يكون له ربان ، إن
أرضى أحدهما أسخط الآخر وإن أسخط أحدهما أرضى الآخر ، وكذلك لا يطيق عبد
أن يكون له خادما للدنيا يعمل عمل الآخرة ، لا تهتموا بما تأكلون ولا ما
تشربون فإن الله لم يخلق نفسا أعظم من رزقها ولا جسدا أعظم من كسوته
فاعتبروا.
وأخرج ابن عساكر عن المقبري ، أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان
يقول : يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها عند من لا يضيعها وإذا
عملت سيئة فاجعلها نصب عينك.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن أبي هلال أن
عيسى بن مريم كان يقول : من كان يظن أن حرصا يزيد في رزقه فليزد في طوله
أو في عرضه أو في عدد
بنائه أو تغير لونه ، إلا فإن الله خلق الخلق
فهيأ الخلق لما خلق ثم قسم الرزق فمضى الرزق لما قسم فليست الدنيا بمعطية
أحدا شيئا ليس له ولا بمانعة أحدا شيئا هو لكم فعليكم بعبادة ربكم فإنكم
خلقتم لها.
وأخرج ابن عساكر عن عمران بن سليمان قال : بلغني أن عيسى بن
مريم عليه السلام قال لأصحابه : إن كنتم اخواني وأصحابي فوطنوا أنفسكم على
العداوة والبغضاء من الناس.
وأخرج أحمد والبيهقي عن عبد العزيز بن ظبيان قال : قال المسيح : من تعلم
وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماء.
وأخرج
ابن عساكر عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى
بن مريم قام في بني إسرائيل فقال : يا معشر الحواريين لا تحدثوا بالحكمة
غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم والأمور ثلاثة : أمر تبين
رشده فاتبعوه وأمر تبين لكم غيه فاجتنبوه وأمر اختلف عليكم فيه فردوا علمه
إلى الله تعالى
وأخرج ابن عساكر عن عمرو بن قيس الملائي قال : قال
عيسى بن مريم : إن منعت الحكمة أهلها جهلت وان منحتها غير أهلها جهلت ، كن
كالطبيب المداوي ان رأى موضعا للدواء والا أمسك.
وأخرج عبد الله بن
أحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن عكرمة قال : قال عيسى ابن مريم للحواريين
: يا معشر الحواريين لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فإن الخنزير لا يصنع
باللؤلؤة شيئا ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها فإن الحكمة خير من اللؤلؤ
ومن لا يريدها شر من الخنزير.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال :
قال عيسى : يا علماء السوء جلستم على أبواب الجنة ، فلا أنتم تدخلونها ولا
تدعون المساكين يدخلونها ، إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عيسى بن مريم عليه السلام :
إن مثل حديث النفس بالخطيئة كمثل الدخان في البيت لا يحرقه فإنه ينتن ريحه
ويغير لونه
قوله تعالى : {والتوراة والإنجيل}.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان عيسى يقرأ التوراة
والإنجيل.
الآية 49.
أخرج
ابن جرير عن ابن إسحاق أن عيسى جلس يوما مع غلمان من الكتاب فأخذ طينا ثم
قال : أجعل لكم من هذا الطين طائرا قالوا : أو تستطيع ذلك قال : نعم ،
بإذن ربي ، ثم هيأه حتى إذا جعله في هيئة الطائر نفخ فيه ثم قال : كن
طائرا بإذن الله فخرج يطير من بين كفيه وخرج الغلمان بذلك من أمره فذكروه
لمعلمهم فأفشوه في الناس.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ، أن عيسى قال : أي الطير أشد خلقا قال :
الخفاش إنما هو لحم ففعل.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : إنما خلق عيسى طيرا واحدا ، وهو الخفاش
قوله تعالى : {وأبرئ الأكمه والأبرص}.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن
عباس {الأكمه} الذي يولد وهو أعمى.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس قال {الأكمه} الأعمى الممسوح
العين.
وأخرج
أبو عبيد والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في كتاب الأضداد عن مجاهد قال {الأكمه}
الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري
عن عكرمة قال : {الأكمه} الأعمش.
وأخرج
ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : كان دعاء عيسى الذي يدعو به للمرضى
والزمنى والعميان والمجانين وغيرهم : اللهم أنت إله من في السماء وإله من
في الأرض لا إله فيهما غيرك وأنت جبار من في السماء وجبار من في الأرض لا
جبار فيهما غيرك أنت ملك من في السماء وملك من في
الأرض لا ملك
فيهما غيرك قدرتك في السماء كقدرتك في الأرض وسلطانك في الأرض كسلطانك في
السماء أسألك باسمك الكريم ووجهك المنير وملكك القديم إنك على كل شيء قدير
، قال وهب : هذا للفزع والمجنون يقرأ عليه ويكتب له ويسقى ماؤه إن شاء
الله تعالى.
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن وهب قال : لما صار عيسى ابن
اثنتي عشرة سنة أوحى الله إلى أمه وهي بأرض مصر - وكانت هربت من قومها حين
ولدته إلى أرض مصر - أن اطلعي به إلى الشام ففعلت فلم تزل بالشام حتى كان
ابن ثلاثين سنة وكانت نبوته ثلاث سنين ثم رفعه الله إليه ، وزعم وهب أنه
ربما اجتمع على عيسى من المرضى في الجماعة الواحدة خمسون ألفا ، من أطاق
منهم أن يبلغه بلغه ومن لم يطق ذلك منهم أتاه فمشى إليه وإنما كان يداويهم
بالدعاء إلى الله تعالى ، قوله تعالى : {وأحيي الموتى بإذن الله}.
أخرج
البيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن عساكر من طريق إسماعيل بن عياش عن
محمد بن طلحة عن رجل ، أن عيسى بن مريم كان إذا أراد أن يحيي الموتى صلى
ركعتين يقرأ في الركعة الأولى (تبارك الذي بيده
الملك) (الملك الآية
1) وفي الثانية (تنزيل السجدة) (السجدة الآية 2) فإذا فرغ مدح الله وأثنى
عليه ثم دعا بسبعة أسماء : يا قديم يا حي يا دائم يا فرد يا وتر يا أحد يا
صمد ، قال البيهقي : ليس هذا بالقوي ، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد
بن طلحة بن مصرف عن أبي بشر عن أبي الهذيل بلفظه وزاد في آخره : وكانت إذا
أصابته شدة دعا بسبعة أسماء أخرى : يا حي يا قيوم يا الله يا رحمن يا ذا
الجلال والاكرام يا نور السموات والأرض وما بينهما ورب العرش العظيم يا رب.
وأخرج
ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن معاوية بن قرة قال : سألت بنو
إسرائيل عيسى فقالوا : إن سام بن نوح دفن ههنا قريبا فادع الله أن يبعثه
لنا ، فهتف فخرج أشمط ، قالوا : إنه قد مات وهو شاب فما هذا البياض قال :
ظننت أنها الصيحة ففزعت.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طرق عن
ابن عباس قال : كانت إليهود يجتمعون إلى عيسى ويستهزئون به ويقولون له :
يا عيسى ما أكل فلان البارحة وما ادخر في بيته لغد ، فيخبرهم فيسخرون منه
حتى إذا طال به وبهم وكان عيسى عليه السلام ليس له قرار ولا موضع يعرف
إنما هو سائح في
الأرض فمر ذات يوم بامرأة قاعدة عند قبر وهي تبكي
فسألها ، فقالت : ماتت ابنة لي لم يكن لي ولد غيرها ، فصلى عيسى ركعتين ثم
نادى : يا فلانة قومي بإذن الرحمن فاخرجي فتحرك القبر ثم نادى الثانية
فانصدع القبر ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب فقالت أماه
ما حملك على أن أذوق كرب الموت مرتين يا أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي
في الدنيا يا روح الله سل ربي أن يردني إلى الأخرة وأن يهون علي كرب الموت
، فدعا ربه فقبضها إليه فاستوت عليها الأرض ، فبلغ ذلك إليهود فازدادوا
عليه غضبا وكان ملك منهم في ناحية في مدينة يقال لها نصيبين جبارا عاتيا
وأمر عيسى بالمسير إليه ليدعوه وأهل تلك المدينة إلى
المراجعة فمضى حتى
شارف المدينة ومعه الحواريون فقال لأصحابه : ألا رجل منكم ينطلق إلى
المدينة فينادي فيها فيقول : إن عيسى عبد الله ورسوله ، فقام رجل من
الحواريين يقال له يعقوب فقال : أنا يا روح الله ، قال : فاذهب فأنت أول
من يتبرأ مني فقام آخر يقال له توصار وقال له : أنا معه قال : وأنت معه
ومشيا فقام شمعون فقال : يا روح الله أكون ثالثهم فائذن لي أن أنال منك إن
اضطررت إلى ذلك قال : نعم ، فانطلقوا حتى إذا كانوا
قريبا من المدينة قال لهما شمعون : ادخلا المدينة فبلغا ما أمرتما وأنا مقيم مكاني فإن ابتليتما أقبلت لكما ، فانطلقا حتى دخلا المدينة وقد تحدث الناس بأمر عيسى وهم يقولون فيه أقبح القول وفي أمه ، فنادى أحدهما وهو الأول : ألا إن عيسى عبد الله ورسوله فوثبوا إليهما من القائل أن عيسى عبد الله ورسوله فتبرأ الذي نادى فقال : ما قلت شيئا فقال الآخر : قد قلت وأنا أقول : إن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا به يا معشر بني إسرائيل خيرا لكم فانطلقوا به إلى ملكهم وكان جبارا طاغيا فقال له : ويلك ما تقول قال : أقول : إن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، قال : كذبت ، فقذفوا عيسى وأمه بالبهتان ثم قال له : تبرأ ويلك من عيسى وقل فيه مقالتنا ، قال : لا أفعل ، قال : إن لم تفعل قطعت يديك ورجليك وسمرت عينيك ، فقال : افعل بنا ما أنت فاعل ، ففعل به ذلك فألقاه على مزبلة في وسط مدينتهم ، ثم أن الملك هم أن يقطع لسانه إذ دخل شمعون وقد اجتمع الناس فقال لهم : ما بال هذا المسكين قالوا : يزعم أن عيسى عبد الله ورسوله فقال شمعون : إأيها الملك أتأذن لي فأدنو منه فأسأله قال : نعم ، قال له شمعون : أيها المبتلى ما تقول قال : أقول
أن
عيسى عبد الله ورسوله ، قال : فما آية تعرفه قال {وتبرئ الأكمه والأبرص}
والسقيم ، قال : هذا يفعله الأطباء فهل غيره قال : نعم يخبركم بما تأكلون
وما تدخرون قال : هذا تفعله الكهنة فهل غير هذا قال : نعم {تخلق من الطين
كهيئة الطير} قال : هذا قد تفعله السحرة يكون أخذه منهم ، فجعل الملك
يتعجب منه وسؤاله ، قال : هل غير هذا قال : نعم ، {يحيي الموتى} ، قال :
أيها الملك إنه ذكر أمرا عظيما وما أظن خلقا يقدر على ذلك إلا بإذن الله
ولا
يقضي الله ذلك على يد ساحر كذاب فإن لم يكن عيسى رسولا فلا يقدر على ذلك
وما فعل الله ذلك لأحد إلا لإبراهيم حين سأل ربه (أرني كيف تحيي الموتى)
(البقرة الآية 260) ومن مثل إبراهيم خليل الرحمن.
وأخرج ابن جرير عن
ابن السدي ، وَابن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن
عباس قال : لما بعث الله عيسى عليه السلام وأمره بالدعوة لقيه بنو إسرائيل
فأخرجوه فخرج هو وأمه يسيحون في الأرض فنزلوا في قرية على رجل فأضافهم
وأحسن إليهم وكان لتلك المدينة ملك جبار فجاء ذلك الرجل يوما حزينا فدخل
منزله ومريم عند امرأته فقالت لها : ما شأن زوجك أراه حزينا قالت : إن لنا
ملكا يجعل على كل رجل منا يوما يطعمه هو وجنوده
ويسقيهم الخمر فإن لم يفعل عاقبه ، وإنه قد بلغت نوبته اليوم وليس عندنا سعة قالت : قولي له فلا يهتم فاني آمر ابني فيدعو له فيكفى ذلك ، قالت مريم لعيسى في ذلك ، فقال عيسى : يا أماه إني إن فعلت كان في ذلك شر قالت : لا تبال فانه قد أحسن إلينا وأكرمنا ، قال عيسى : قولي له املأ قدورك وخوابيك ماء ، فملأهن فدعا الله تعالى فتحول ما في القدور لحما ومرقا وخبزا وما في الخوابي خمرا لم ير الناس مثله قط ، فلما جاء الملك أكل منه فلما شرب الخمر قال : من أين لك هذا الخمر قال : هو من أرض كذا وكذا ، قال الملك : فإن خمري أوتى به من تلك الأرض فليس هو مثل هذا قال : هو من أرض أخرى ، فلما خلط على الملك اشتد عليه فقال : إني أخبرك ، ، عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه وإنه دعا الله تعالى فجعل الماء خمرا فقال له الملك : وكان له ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيام وكان أحب الخلق إليه فقال : إن رجلا دعا الله تعالى فجعل الماء خمرا ليستجابن له حتى يحيي ابني ، فدعا عيسى فكلمه وسأله أن يدعو الله أن يحيي ابنه فقال عيسى : لا تفعل فإنه إن عاش كان شرا قال الملك : لست أبالي أراه فلا أبالي ما كان قال عيسى عليه السلام : فإني إن أحييته تتركوني أنا وأمي نذهب حيث نشاء فقال الملك : نعم ، فدعا الله
فعاش الغلام ، فلما رآه أهل مملكته قد عاش تنادوا
بالسلاح وقالوا : أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف علينا ابنه
فيأكلنا كما أكلنا أبوه ، فاقتتلوا
وذهب عيسى وأمه وصحبهما يهودي وكان
مع إليهودي رغيفان ومع عيسى رغيف ، فقال له عيسى : تشاركني فقال اليهودي :
نعم ، فلما رأى أنه ليس مع عيسى عليه السلام إلا رغيف ندم فلما ناما جعل
اليهودي يريد أن يأكل الرغيف ، فيأكل لقمة فيقول له عيسى : ما تصنع فيقول
له : لا شيء ، ، حتى فرغ من الرغيف ، فلما أصبحا قال له عيسى : هلم بطعامك
فجاء برغيف فقال له عيسى : أين الرغيف الآخر قال : ما كان معي إلا واحد ،
فسكت عنه وانطلقوا فمروا براعي غنم فنادى عيسى : يا صاحب الغنم أجزرنا شاة
من غنمك ، قال : نعم ، فأعطاه شاة فذبحها وشواها ثم قال لليهودي : كل ولا
تكسر عظما ، فأكلا فلما شبعوا قذف عيسى العظام في الجلد ثم ضربها بعصاه
وقال : قومي بإذن الله ، فقامت الشاة تثغوا فقال : يا صاحب الغنم خذ شاتك
فقال له الراعي : من أنت قال : أنا عيسى ابن مريم قال : أنت الساحر وفر
منه ، قال عيسى لليهودي : بالذي أحيا هذه الشاة بعد ما أكلناها كم كان معك
من الأرغفة أو - كم رغيف كان معك - فحلف ما كان معه إلا رغيف واحد ، فمر
بصاحب
بقر فقال : يا صاحب البقر أجزرنا من بقرك هذه عجلا ، فأعطاه فذبحه وشواه
وصاحب البقر ينظر فقال له عيسى : كل ولا تكسر عظما ، فلما فرغوا قذف
العظام في الجلد ثم ضربه بعصاه وقال : قم بإذن الله تعالى فقام له خوار
فقال : يا صاحب البقر خذ عجلك ، قال : من أنت قال : أنا عيسى قال : أنت
عيسى الساحر ثم فر منه ، قال عيسى لليهودي : بالذي أحيا هذه الشاة بعد ما
أكلناها والعجل بعدما أكلناه كم رغيفا كان معك فحلف بذلك ما كان معه إلا
رغيف واحد ، فانطلقا حتى نزلا قرية فنزل إليهودي في أعلاها وعيسى في
أسفلها وأخذ إليهودي عصا مثل عصا عيسى وقال : أنا اليوم أحيي الموتى ،
وكان ملك تلك القرية مريضا شديد المرض ، فانطلق إليهودي ينادي : من يبغي
طبيبا فأخبر بالملك وبوجعه فقال : أدخلوني عليه فأنا أبرئه وإن رأيتموه قد
مات فأنا أحييه فقيل له : إن وجع الملك قد أعيا الأطباء قبلك قال :
أدخلوني عليه فأدخل عليه فأخذ الرجل برجل الملك فضربه بعصاه حتى مات فجعل
يضربه وهو ميت ويقول : قم بإذن الله تعالى.
فأخذوه ليصلبوه فبلغ عيسى
فأقبل إليه وقد رفع على الخشبة فقال : أرأيتم إن أحييت لكم صاحبكم أتتركون
لي صاحبي فقالوا : نعم ، فأحيا عيسى الملك فقام ، وأنزل إليهودي فقال : يا
عيسى أنت أعظم الناس علي منة والله لا أفارقك ابدا ، قال عيسى أنشدك بالذي
أحيا الشاة والعجل بعد ما أكلناهما وأحيا هذا بعد ما مات وأنزلك من الجذع
بعد رفعك عليه لتصلب ، كم رغيفا كان معك فحلف بهذا كله ما
كان معه
إلا رغيف واحد ، فانطلقا فمرا بثلاث لبنات فدعا الله عيسى فصيرهن من ذهب
قال : يا يهودي لبنة لي ولبنة لك ولبنة لمن أكل الرغيف ، قال : أنا أكلت
الرغيف.
وأخرج ابن عساكر عن ليث قال : صحب رجل عيسى بن مريم فانطلقا
فانتهيا إلى شاطى ء نهر فجلسا يتغديان ومعهما ثلاثة أرغفة فأكلا الرغيفين
وبقي رغيف ، فقام عيسى إلى النهر يشرب ثم رجع فلم يجد الرغيف ، فقال للرجل
: من أكل الرغيف قال : لا أدري فانطلق معه فرأى ظبية معها خشفان فدعا
أحدهما فأتاه فذبحه وشواه وأكلا ثم قال للخشف : قم بإذن الله فقام فقال
للرجل : أسألك بالذي أراك هذه الآية من أكل الرغيف قال : لا أدري ثم
انتهيا إلى البحر فأخذ عيسى بيد الرجل فمشى على الماء ثم قال : أنشدك
بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف قال : لا أدري ، ثم انتهيا إلى مفازة
وأخذ عيسى ترابا وطينا فقال : كن ذهبا بإذن الله ، فصار ذهبا فقسمه ثلاثة
أثلاث فقال : ثلث لك وثلث لي وثلث لمن أخذ الرغيف ، قال : أنا أخذته ، قال
: فكله لك وفارقه عيسى فانتهى إليه رجلان فأرادا أن يأخذاه ويقتلاه قال :
هو بيننا أثلاثا فابعثوا أحدكم إلى القرية يشتري لنا
طعاما ، فبعثوا
أحدهم فقال الذي بعث : لأي شيء أقاسم هؤلاء المال ولكن أضع في الطعام سما
فأقتلهما ، وقال ذانك : لأي شيء نعطي هذا ثلث المال ولكن إذا رجع قتلناه ،
فلما رجع إليهم قتلوه وأكلا الطعام فماتا ، فبقي ذلك المال في المفازة
وأولئك الثلاثة قتلى عنده.
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الحذاء قال :
كان عيسى بن مريم إذا سرح رسله يحيون الموتى يقول لهم : قولوا كذا قولوا
كذا فإذا وجدتم قشعريرة ودمعة فادعوا عند ذلك.
وأخرج أحمد في الزهد عن
ثابت قال : انطلق عيسى عليه الصلاة والسلام يزور أخا له فاستقبله إنسان
فقال : إن أخاك قد مات ، فرجع فسمع بنات أخيه برجوعه عنهن فأتينه فقلن يا
رسول الله رجوعك عنا أشد علينا من موت أبينا قال : فانطلقن فأرينني قبره
فانطلقن حتى أرينه قبره قال : فصوت به فخرج وهو أشيب فقال : ألست فلانا ،
قال : بلى ، قال : فما الذي أرى بك قال : سمعت صوتك فحسبته الصيحة
أخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله {وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون} قال : بما أكلتم
الراحة من طعام وما خبأتم منه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كان عيسى يقول للغلام في الكتاب :
إن أهلك قد خبأوا لك كذا وكذا ، فذلك قوله {وما تدخرون}.
وأخرج ابن
عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : كان عيسى بن مريم وهو غلام يلعب
مع الصبيان فكان يقول لأحدهم : تريد أن أخبرك بما خبأت لك أمك فيقول : نعم
، فيقول : خبأت لك كذا وكذا ، فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها :
أطعميني ما خبأت لي قالت : وأي شيء خبأت لك فيقول : كذا وكذا ، فتقول : من
أخبرك فيقول : عيسى بن مريم فقالوا : والله لئن تركتم هؤلاء الصبيان مع
عيسى ليفسدنهم ، فجمعوهم في بيت وأغلقوا عليهم فخرج عيسى يتلمسهم فلم
يجدهم حتى سمع ضوضاءهم في بيت فسأل عنهم فقالوا : يا هؤلاء كأن هؤلاء
الصبيان قالوا : لا ، إنما هؤلاء قردة وخنازير قال : اللهم اجعلهم قردة
وخنازير ، فكانوا كذلك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عمار
بن
ياسر
قال {وأنبئكم بما تأكلون} من المائدة {وما تدخرون} منها وكان أخذ عليهم في
المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يدخروا وخافوا فجعلوا قردة وخنازير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم بن أبي النجود {وما تدخرون} مثقلة بالإدغام.
آية 50 - 51.
أخرج
ابن جرير عن وهب ، أن عيسى كان على شريعة موسى عليهما السلام وكان يسبت
ويستقبل بيت المقدس وقال لبني إسرائيل : إني لم أدعكم إلى خلاف حرف مما في
التوراة إلا {ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم} وأضع عنكم من الآصار.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {ولأحل لكم بعض الذي حرم
عليكم} قال : كان الذي جاء به عيسى ألين مما جاء به موسى وكان قد حرم
عليهم فيما جاء به موسى لحوم الإبل والثروب فأحلهما لهم على لسان عيسى
وحرمت عليهم الشحوم فأحلت لهم فيما جاء به عيسى وفي أشياء من السمك وفي
أشياء من الطير ما لا صيصية له (الصيصية في اللغة شوكة الديك وأراد بها
هنا مخلب الطير) وفي
أشياء أخر حرمها عليهم وشدد عليهم فيها ، فجاءهم عيسى بالتخفيف
منه في الإنجيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة ، مثله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {وجئتكم بآية من ربكم} قال : ما بين لهم عيسى من الأشياء كلها وما
أعطاه ربه.
الآية 52.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن ابن جريج في قوله {فلما أحس عيسى منهم الكفر} قال : كفروا وأرادوا
قتله ، فذلك حين استنصر قومه ، فذلك حين يقول (فآمنت طائفة من بني إسرائيل
وكفرت طائفة) (الصف الآية 14)
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {من أنصاري إلى الله} قال :
من يتبعني إلى الله
وأخرج ابن جرير عن السدي {من أنصاري إلى الله} يقول : مع الله.
وَأَمَّا قوله تعالى : {قال الحواريون} الآية.
أخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن ابن عباس قال : إنما سموا الحواريين لبياض ثيابهم ، كانوا صيادين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي أرطاة قال {الحواريون}
الغسالون الذين يحورون الثياب : يغسلونها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال {الحواريون} الغسالون وهو بالنبطية
هواري وبالعربية المحور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك قال {الحواريون} قصارون مر بهم عيسى
فآمنوا به واتبعوه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال {الحواريون}
هم الذين تصلح لهم الخلافة
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال {الحواريون}
أصفياء الأنبياء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : الحواري الوزير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال : الحواري الناصر.
وأخرج
البخاري والترمذي ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن عبد الله عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال : إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسيد بن يزيد قال {واشهد بأننا مسلمون}
في مصحف عثمان ثلاثة أحرف.
آية 53 - 54.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ والطبراني
وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فاكتبنا مع الشاهدين} قال : مع محمد صلى
الله عليه وسلم وأمته ، أنهم شهدوا له أنه قد بلغ وشهدوا
للرسل أنهم قد بلغوا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
{فاكتبنا مع الشاهدين} قال : مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول
إذا قضى صلاته : اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك - فإن للسائلين عليك
حقا - أيما عبد أو أمة من أهل البر والبحر تقبلت دعوتهم واستجبت دعاءهم أن
تشركنا في صالح ما يدعونك به وأن تعافينا وإياهم وأن تقبل منا ومنهم وأن
تجاوز عنا وعنهم بأنا {آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع
الشاهدين} وكان يقول : لا يتكلم بهذا أحد من خلقه إلا أشركه الله في دعوة
أهل برهم وبحرهم فعمتهم وهو مكانه.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : إن
بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلا من الحواريين في بيت فقال عيسى
لأصحابه : من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنة فأخذها رجل منهم وصعد بعيسى إلى
السماء ، فذلك قوله {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين}.
الآيات 55 - 57.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن
عباس في قوله {إني متوفيك} يقول : إني مميتك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال {متوفيك}
من الأرض.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في قوله {إني متوفيك} يعني
وفاة المنام رفعه الله في منامه قال الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لليهود : إن عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {إني متوفيك ورافعك إلي} قال : هذا من المقدم
والمؤخر ، أي رافعك إلي ومتوفيك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مطر الوراق في الآية قال {متوفيك} من
الدنيا وليس بوفاة موت.
وأخرج
ابن جرير بسند صحيح عن كعب قال : لما رأى عيسى قلة من اتبعه وكثرة من كذبه
شكا ذلك إلى الله ، فأوحى الله إليه {إني متوفيك ورافعك إلي} وإني سأبعثك
على الأعور الدجال
فتقتله ثم تعيش بعد ذلك أربعا وعشرين سنة ثم
أميتك ميتة الحي ، قال كعب : وذلك تصديق حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم حيث قال : كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها.
وأخرج إسحاق
بن بشر ، وَابن عساكر عن الحسن قال : لم يكن نبي كانت العجائب في زمانه
أكثر من عيسى إلى أن رفعه الله وكان من سبب رفعه أن ملكا جبارا يقال له
داود بن نوذا وكان ملك بني إسرائيل هو الذي بعث في طلبه ليقتله وكان الله
أنزل عليه الإنجيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة ورفع وهو ابن أربع وثلاثين سنة
من ميلاده ، فأوحى الله إليه {إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين
كفروا} يعني ومخلصك من اليهود فلا يصلون إلى قتلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في الآية قال : رفعه
الله إليه فهو عنده في السماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن وهب قال : توفى الله عيسى بن مريم
ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه إليه.
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال : أماته الله ثلاثة أيام ثم بعثه ورفعه
وأخرج
الحاكم عن وهب أن الله توفى عيسى سبع ساعات ثم أحياه وأن مريم حملت به
ولها ثلاث عشرة سنة وأنه رفع ابن ثلاث وثلاثين وأن أمه بقيت بعد رفعه ست
سنين.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جوهر عن الضحاك عن ابن
عباس في قوله {إني متوفيك ورافعك} يعني رافعك ثم متوفيك في آخر الزمان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جرير في الآية قال : رفعه إياه توفيته.
وأخرج
الحاكم عن الحريث بن مخشبي أن عليا قتل صبحة إحدى وعشرين من رمضان فسمعت
الحسن بن علي وهو يقول : قتل ليلة أنزل القرآن وليلة أسري بعيسى وليلة قبض
موسى.
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والحاكم عن سعيد بن المسيب قال : رفع عيسى
ابن ثلاث وثلاثين سنة ومات لها معاذ.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ومطهرك من
الذين كفروا} قال : طهره من اليهود والنصارى والمجوس ومن كفار
قومه.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {ومطهرك من الذين كفروا} قال :
إذ هموا منك بما هموا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {وجاعل الذين اتبعوك فوق
الذين كفروا إلى يوم القيامة} قال : أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته
وملته وسنته فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : ناصر من اتبعك على الإسلام على
الذين كفروا إلى يوم القيامة.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين لا يبالون من خالفهم حتى
يأتي أمر الله ، قال النعمان : فمن قال إني أقول على رسول الله ما لم يقل
فإن تصديق ذلك في كتاب الله تعالى ، قال الله تعالى {وجاعل الذين اتبعوك
فوق
الذين كفروا إلى يوم القيامة} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {وجاعل الذين اتبعوك} قال : هم المسلمون ونحن
منهم ونحن فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.
وأخرج
ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : إنها لن تبرح عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على الناس حتى
يأتي أمر الله وهم على ذلك ، ثم قرأ بهذه الآية {يا عيسى إني متوفيك
ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى
يوم القيامة}
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : النصارى فوق
اليهود إلى يوم القيامة فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في
شرق ولا غرب هم في البلد كلها مستذلون.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في
الآية قال : عيسى مرفوع عند الله ثم ينزل قبل يوم القيامة فمن صدق عيسى
ومحمدا صلى الله عليه وسلم وكان على دينهما لم يزالوا ظاهرين على من
فارقهم إلى يوم القيامة
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس في
قوله {وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات} يقول : أدوا فرائضي {فيوفيهم
أجورهم} يقول : فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملا لا يبخسون منه شيئا
ولا ينقصونه.
الآية 58.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال أتى رسول
الله راهبا نجران فقال أحدهما : من أبو عيسى وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم لا يعجل حتى يأمره ربه ، فنزل عليه {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر
الحكيم} إلى قوله {من الممترين}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {والذكر الحكيم} قال : القرآن.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستكون فتن
قلت : فما المخرج منها قال : كتاب الله وهو الذكر الحكيم والصراط المستقيم.
آية 59 - 63
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس أن رهطا من أهل
نجران قدموا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكان فيهم السيد والعاقب
فقالوا له : ما شأنك تذكر صاحبنا قال : من هو قالوا : عيسى تزعم أنه عبد
الله قال : أجل إنه عبد الله ، قالوا : فهل رأيت مثل عيسى أو أنبئت به ،
ثم خرجوا من عنده فجاءه جبريل فقال : قل لهم إذا أتوك {إن مثل عيسى عند
الله كمثل آدم} إلى آخر الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
قتادة قال : ذكر لنا أن سيدي أهل نجران وأسقفيهم السيد والعاقب لقيا نبي
الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن عيسى فقالا : كل آدمي له أب فما شأن
عيسى لا أب له فأنزل الله فيه هذه الآية {إن مثل عيسى عند الله} الآية.
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع به أهل
نجران أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم منهم السيد والعاقب وماسرجس ومار بحر
فسألوه ما تقول في عيسى قال : هو عبد الله وروحه وكلمته قالوا هم : لا
ولكنه هو الله نزل من ملكه فدخل في جوف مريم ثم خرج منها فأرانا قدرته
وأمره فهل رأيت انسانا قط خلق من غير أب فأنزل الله {إن مثل عيسى عند الله
كمثل آدم} الآية
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {إن مثل عيسى} الآية قال : نزلت
في العاقب والسيد من أهل نجران.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال بلغنا أن نصارى نجران قدم وفدهم
على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيهم السيد والعاقب وهما يومئذ سيدا أهل
نجران فقالوا : يا محمد فيم تشتم صاحبنا قال : من صاحبكم قالوا : عيسى بن
مريم تزعم أنه عبد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجل إنه عبد الله
وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، فغضبوا وقالوا : إن كنت صادقا فأرنا
عبدا يحيي الموتى ويبرى ء الأكمه ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه
لكنه الله ، فسكت حتى أتاه جبريل فقال : يا محمد (لقد كفر الذين قالوا إن
الله هو المسيح بن مريم) (المائدة الآية 17) الآية ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : يا جبريل إنهم سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى ، قال جبريل
{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}
فلما أصبحوا عادوا فقرأ عليهم الآيات.
وأخرج
ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد عن الأزرق بن قيس قال : جاء أسقف نجران والعاقب
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فقالا : قد كنا
مسلمين قبلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبتما منع الإسلام
منكما ثلاث : قولكما اتخذ الله ولدا وسجودكما للصليب وأكلكما لحم
الخنزير
قالا : فمن أبو عيسى فلم يدر ما يقول ، فأنزل الله {إن مثل عيسى عند الله
كمثل آدم} إلى قوله {بالمفسدين} فلما نزلت هذه الآيات دعاهما رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى الملاعنة فقالا : انه إن كان نبيا فلا ينبغي لنا
أن نلاعنه فأبيا فقالا : ما تعرض سوى هذا فقال : الإسلام أو الجزية أو
الحرب فأقروا بالجزية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة
{الحق من ربك فلا تكن من الممترين} يعني فلا تكن في شك من عيسى أنه كمثل
آدم عبد الله ورسوله وكلمته.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال : قدم وفد
نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : حدثنا عن عيسى بن مريم
قال : رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ، قالوا : ينبغي لعيسى أن يكون
فوق هذا ، فأنزل الله {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} الآية ، قالوا : ما
ينبغي لعيسى أن يكون مثل آدم ، فأنزل الله {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك
من العلم} الآية.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي
أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : ليت بيني وبين أهل نجران
حجابا فلا أراهم ولا يروني من شدة ما كانوا يمارون النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يشوع عن
أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن
ينزل عليه (طس) سليمان : بسم الله إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد رسول
الله إلى أسقف نجران وأهل نجران ، إن أسلمتم فإني أحمد إليكم الله إله
إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة
العباد وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد فإن أبيتم فالجزية وإن
أبيتم آذنتكم بالحرب والسلام ، فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به
وذعر
ذعرا شديدا فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة فدفع إليه
كتاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقرأه فقال له الأسقف : ما رأيك ، فقال
شرحبيل : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما يؤمن
أن يكون هذا الرجل ليس لي في النبوة رأي لو كان رأي من أمر الدنيا أشرت
عليك فيه وجهدت لك ، فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران
فكلهم
قال مثل قول شرحبيل فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة وعبد الله
بن شرحبيل وجبار بن فيض فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم وسألوه فلم
تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له : ما تقول في عيسى بن مريم فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم
بما يقال لي في عيسى صبح الغد ، فأنزل الله هذه الآية {إن مثل عيسى عند
الله كمثل آدم خلقه من تراب} إلى قوله {فنجعل لعنة الله على الكاذبين}
فأبوا أن يقروا بذلك ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد بعدما
أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي خلف
ظهره للملاعنة وله يومئذ عدة نسوة فقال شرحبيل لصاحبه : إني أرى أمرا
مقبلا إن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر
ولا ظفر إلا هلك فقالا له : ما رأيك فقال : رأيي أن أحكمه فإني أرى رجلا
لا يحكم شططا ابدا ، فقالا له : أنت وذاك ، فتلقى شرحبيل رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال : إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك قال : وما هو قال :
حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح فمهما حكمت فينا فهو جائز ، فرجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلاعنهم وصالحهم على الجزية.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو نعيم في
الدلائل
عن حذيفة أن العاقب والسيد أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن
يلاعنهما فقال أحدهما لصاحبه : لا تلاعنه فوالله لئن كان نبيا فلاعننا لا
نفلح نحن ولا عقبنا من بعده فقالوا له : نعطيك ما سألت فابعث معنا رجلا
أمينا فقال : قم يا أبا عبيدة ، فلما وقف قال : هذا أمين هذه الأمة.
وأخرج
الحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل ، عَن جَابر قال قدم
على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم العاقب والسيد فدعاهما إلى الإسلام
فقالا : أسلمنا يا محمد
قال : كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من
الإسلام ، قالا : فهات ، قال : حب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ،
قال جابر : فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه إلى الغد فغدا رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل اليهما فأبيا
أن يجيباه وأقرا له فقال : والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما
نارا ، قال جابر : فيهم نزلت {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} الآية ، قال
جابر : أنفسنا وأنفسكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وأبناءنا الحسن
والحسين ونساءنا فاطمة
وأخرج الحاكم وصححه ، عَن جَابر أن وفد نجران
أتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما تقول في عيسى فقال : هو
روح الله وكلمته وعبد الله ورسوله قالوا له : هل لك أن نلاعنك أنه ليس
كذلك قال : وذاك أحب إليكم قالوا : نعم ، قال : فإذا شئتم ، فجاء وجمع
ولده الحسن والحسين فقال رئيسهم : لا تلاعنوا هذا الرجل فوالله لئن
لاعنتموه ليخسفن بأحد الفريقين فجاؤوا فقالوا : يا أبا القاسم إنما أراد
أن يلاعنك سفهاؤنا وإنا نحب أن تعفينا ، قال : قد أعفيتكم ثم قال : إن
العذاب قد أظل نجران.
وأخرج أبو النعيم في الدلائل من طريق الكلبي عن
أبي صالح عن ابن عباس أن وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، منهم السيد وهو الكبير
والعاقب وهو الذي يكون بعده وصاحب رأيهم فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لهما : أسلما قالا : أسلمنا ، قال : ما أسلمتما ، قالا : بلى ، قد
أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما يمنعكم من الإسلام ثلاث فيكما : عبادتكما
الصليب وأكلكما الخنزير وزعمكما أن لله ولدا ، ونزل {إن مثل عيسى عند الله
كمثل آدم خلقه من تراب} الآية ، فلما قرأها عليهم قالوا : ما نعرف ما تقول
، ونزل {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم} يقول : من جادلك في أمر
عيسى من بعد ما جاءك من العلم من القرآن {فقل تعالوا} إلى قوله {ثم
نبتهل}
يقول : نجتهد في الدعاء أن الذي جاء به محمد هو الحق وأن الذي يقولون هو
الباطل فقال لهم : إن الله قد أمرني إن لم تقبلواهذا أن أباهلكم فقالوا :
يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك ، فخلا بعضهم ببعض
وتصادقوا فيما بينهم قال السيد للعاقب : قد والله علمتم أن الرجل نبي مرسل
ولئن لاعنتموه إنه ليستأصلكم وما لاعن قوم
قط نبيا فبقي كبيرهم ولا نبت
صغيرهم ، فإن أنتم لم تتبعوه وأبيتم إلا إلف دينكم فوادعوه وارجعوا إلى
بلادكم ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومعه علي والحسن
والحسين وفاطمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أنا دعوت فأمنوا
أنتم فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل
من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس أن ثمانية من أساقف العرب من أهل نجران
قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم العاقب والسيد فأنزل الله
{فقل تعالوا ندع أبناءنا} إلى قوله {ثم نبتهل} يريد ندع الله باللعنة على
الكاذب ، فقالوا : أخرنا ثلاثة أيام فذهبوا إلى بني قريظة والنضير وبني
قينقاع فاستشاروهم ، فأشاروا عليهم أن يصالحوه ولا يلاعنوه وهو النَّبِيّ
الذي نجده في التوراة ، فصالحوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على ألف حلة
في صفر وألف
في رجب ودراهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
وأبو نعيم في الدلائل عن قتادة {فمن حاجك فيه} في عيسى {فقل تعالوا ندع
أبناءنا} الآية فدعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لذلك وفد نجران وهم
الذين حاجوه في عيسى فنكصوا وأبوا ، وذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : إن كان العذاب لقد نزل على أهل نجران ولو فعلوا لاستئصلوا عن
وجه الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير وأبو نعيم عن الشعبي قال كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى
قولا في عيسى بن مريم فكانوا يجادلون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيه ،
فأنزل الله هذه الآيات في سورة آل عمران {إن مثل عيسى عند الله} إلى قوله
{فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فأمر بملاعنتهم فواعدوه لغد فغدا
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين وفاطمة فأبوا أن يلاعنوه
وصالحوه على الجزية فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لقد أتاني البشير
بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تموا على الملاعنة.
وأخرج عبد
الرزاق والبخاري والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال لو باهل
أهل نجران رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون
أهلا ولا مالا.
وأخرج مسلم والترمذي ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن سعد
بن أبي
وقاص
قال : لما نزلت هذه الآية {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} دعا رسول
الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء
أهلي.
وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر اليشكري قال لما نزلت هذه الآية
{فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} الآية ، أرسل رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين ودعا اليهود ليلاعنهم فقال
شاب من اليهود : ويحكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة
وخنازير لا تلاعنوا ، فانتهوا.
وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن
أبيه في هذه الآية {تعالوا ندع أبناءنا} الآية ، قال : فجاء بأبي بكر
وولده وبعمر وولده وبعثمان وولده وبعلي وولده.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس !
{ثم نبتهل} نجتهد.
وأخرج
الحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : هذا الإخلاص يشير بأصبعه التي تلي الإبهام وهذا الدعاء
فرفع يديه حذو منكبيه وهذا الإبتهال فرفع يديه مدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن هذا لهو القصص الحق}
يقول : إن هذا الذي قلنا في عيسى هو الحق.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن قيس بن سعد قال : كان بين ابن عباس وبين آخر شيء فقرأ
هذه الآية {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم
ثم نبتهل} فرفع يديه واستقبل الركن {فنجعل لعنة الله على الكاذبين}.
الآية 64.
أخرج
ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس
قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى
منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل
إلينا) (البقرة الآية 136) الآية ، وفي الثانية {تعالوا إلى كلمة سواء
بيننا وبينكم}.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن أبي حاتم عن
ابن
عباس قال : حدثني أبو سفيان أن هرقل دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقرأه فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى
هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإني أدعوك بدعاية
الإسلام ، أسلم تسلم ، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم
الأريسين {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا
الله ولا نشرك به شيئا} إلى قوله {اشهدوا بأنا مسلمون}.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
الكفار {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} الآية.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {تعالوا إلى كلمة} الآية ،
قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل المدينة إلى
ذلك فأبوا عليه فجاهدهم حتى أتوا بالجزية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال ذكر لنا أن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم
دعا
يهود أهل المدينة إلى الكلمة السواء وهم الذين حاجوا في إبراهيم وزعموا
أنه مات يهوديا وأكذبهم الله ونفاهم منه فقال (يا أهل الكتاب لم تحاجون في
إبراهيم) (آل عمران الآية 65) الآية.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : ذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
دعا اليهود إلى الكلمة السواء.
وأخرج عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله {قل يا أهل الكتاب تعالوا} الآية
قال : فدعاهم إلى النصف وقطع عنهم الحجة ، يعني وفد نجران.
وأخرج
عن السدي قال : ثم دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعني الوفد من
نصارى نجران فقال {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة {تعالوا إلى كلمة سواء} قال : عدل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع ، مثله.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن
قوله
{سواء بيننا وبينكم} قال : عدل ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ،
أما سمعت قول الشاعر : تلاقينا تعاصينا سواء * ولكن حم عن حال بحال.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كلمة السواء لا
إله إلا الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {تعالوا إلى كلمة سواء} قال
: لا إله إلا الله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا
من دون الله} قال : لا يطيع بعضنا بعضا في معصية الله ويقال : إن تلك
الربوبية أن يطيع الناس سادتهم وقادتهم في غير عبادة وإن لم يصلوا لهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولا يتخذ بعضنا بعضا
أربابا} قال : سجود بعضهم لبعض.
الآيتان 65 - 66
أخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال اجتمعت
نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده
فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى : ما كان
إبراهيم إلا نصرانيا ، فأنزل الله فيهم {يا أهل الكتاب لم تحاجون في
إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده} إلى قوله {والله ولي
المؤمنين} فقال أبو رافع القرظي : أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد
النصارى عيسى بن مريم فقال رجل من أهل نجران : أذلك تريد يا محمد فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة
غيره ، ما بذلك بعثني ولا أمرني ، فأنزل الله في ذلك من قولهما (ما كان
لبشر أن يؤتيه الله
الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا
لي من دون الله) (آل عمران الآية 79) إلى قوله (بعد إذ أنتم مسلمون) ثم
ذكر ما أخذ عليهم وعلى آباءهم من الميثاق بتصديقه إذا هو جاءهم وإقرارهم
به على أنفسهم فقال (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) (آل عمران الآية 81) إلى
قوله (من الشاهدين).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر عن قتادة قال ذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دعا يهود
أهل المدينة وهم الذين حاجوا في إبراهيم وزعموا أنه مات يهوديا ، فأكذبهم
الله ونفاهم منه وقال {يا أهل الكتاب لم تحاجون
في إبراهيم} وتزعمون
أنه كان يهوديا أو نصرانيا {وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده}
فكانت اليهودية بعد التوراة وكانت النصرانية بعد الإنجيل {أفلا تعقلون}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم} قال : اليهود والنصارى برأه
الله منهم حين ادعى كل أمة منهم وألحق به المؤمنين من كان من أهل الحنيفية.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي {يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم} قالت النصارى
: كان نصرانيا ، وقالت اليهود : كان يهوديا ، فأخبرهم الله أن التوراة
والإنجيل إنما أنزلتا من بعده وبعده كانت اليهودية والنصرانية.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي العالية {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم} يقول
: فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم {فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم} يقول :
فيما لم تشهدوا ولم تروا ولم تعاينوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة ، مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما الذي لهم به علم
فما حرم عليهم وما أمروا به وأما الذي ليس لهم به علم فشأن إبراهيم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : يعذر من حاج بعلم ولا يعذر من
حاج بالجهل.
الآية 67
أخرج
ابن جرير عن الشعبي قال : قالت اليهود : إبراهيم على ديننا ، وقالت
النصارى : هو على ديننا ، فأنزل الله {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
الآية ، فأكذبهم الله وأدحض حجتهم.
وأخرج عن الربيع ، مثله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : قال كعب وأصحابه ونفر من النصارى :
إن إبراهيم منا وموسى منا والأنبياء منا ، فقال الله {ما كان إبراهيم
يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما}.
وأخرج ابن جرير عن سالم بن عبد الله لا أراه إلا يحدثه عن أبيه ، أن زيد
بن
عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه فلقي عالما من اليهود
فسأله عن دينه وقال : إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني عن دينكم فقال له
اليهودي : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله قال زيد :
ما أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا فهل تدلني على دين
ليس فيه هذا قال : ما أعلمه إلا أن تكون حنيفا ، قال : وما الحنيف قال :
دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا وكان لا يعبد إلا الله ، فخرج من
عنده فلقي عالما من النصارى فسأله عن دينه فقال : إني لعلي أن أدين دينكم
فأخبرني عن دينكم قال : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة
الله قال : لا أحتمل من لعنة الله شيئا ولا من غضب الله شيئا أبدا فهل
تدلني على دين ليس فيه هذا فقال له نحو ما قال اليهودي : لا أعلمه إلا أن
تكون حنيفا ، فخرج من عندهم وقد رضي بالذي أخبراه والذي اتفقا عليه من شأن
إبراهيم ، فلم يزل رافعا يديه إلى الله وقال : اللهم إني أشهدك أني على
دين إبراهيم.
الآية 68.
أخرج عَبد بن حُمَيد من طريق شهر بن حوشب
حدثني ابن غنم أنه لما أن خرج أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى
النجاشي أدركهم عمرو بن العاص وعمارة بن أبي معيط
فأرادوا عنتهم والبغي عليهم فقدموا على النجاشي وأخبروه أن هؤلاء
الرهط
الذين
قدموا عليك من أهل مكة إنما يريدون أن يخبلوا عليك ملكك ويفسدوا عليك أرضك
ويشتموا ربك ، فأرسل إليهم النجاشي فلما أن أتوه قال : ألا تسمعون ما يقول
صاحباكم هذان لعمرو بن العاص وعمارة بن أبي معيط يزعمان أنما جئتم لتخبلوا
علي ملكي وتفسدوا علي أرضي ، فقال عثمان بن مظعون وحمزة : إن شئتم فخلوا
بين أحدنا وبين النجاشي فلنكلمه فأنا أحدثكم سنا فإن كان صوابا فالله يأتي
به وإن كان غير ذلك قلتم رجل شاب لكم في ذلك عذر ، فجمع النجاشي قسيسيه
ورهبانه وتراجمته ثم سألهم أرأيتكم صاحبكم هذا الذي من عنده جئتم ما يقول
لكم وما يأمركم به وما ينهاكم عنه ، هل له كتاب يقرأه قالوا : نعم ، هذا
الرجل يقرأ ما أنزل الله عليه وما قد سمع منه وهو يأمر بالمعروف ويأمر
بحسن المجاورة ويأمر باليتيم ويأمر بأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه إله
آخر ، فقرأ عليه سورة الروم وسورة العنكبوت وأصحاب الكهف ومريم ، فلما أن
ذكر عيسى في القرآن أراد عمرو أن يغضبه عليهم فقال : والله إنهم ليشتمون
عيسى ويسبونه قال النجاشي : ما يقول صاحبكم في عيسى قال : يقول إن عيسى
عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم
فأخذ النجاشي نفثة من
سواكه قدر ما يقذي العين فحلف ما زاد المسيح على ما يقول صاحبكم ما يزن
ذلك القذى في يده من نفثة سواكه فأبشروا ولا تخافوا فلا دهونة - يعني
بلسان الحبشة اليوم على حزب إبراهيم - قال عمرو بن العاص : ما حزب إبراهيم
قال : هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي جاؤوا من عنده ومن اتبعهم ، فأنزلت ذلك
اليوم خصومتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة {إن أولى
الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النَّبِيّ والذين آمنوا والله ولي
المؤمنين}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن لكل نبي ولاة من النبيين وإن وليي
منهم أبي وخليل ربي ثم قرأ {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا
النَّبِيّ والذين آمنوا والله ولي المؤمنين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن
الحكم بن ميناء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر قريش إن
أولى الناس بالنبي المتقون فكونوا أنتم بسبيل ذلك فانظروا أن لا يلقاني
الناس يحملون الأعمال وتلقوني بالدنيا تحملونها فأصد عنكم بوجهي ، ثم قرأ
عليهم
هذه الآية {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النَّبِيّ والذين
آمنوا والله ولي المؤمنين}
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {إن
أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه} قال : هم المؤمنون.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {إن أولى الناس بإبراهيم للذين
اتبعوه} يقول الذين اتبعوه على ملته وسنته ومنهاجه وفطرته {وهذا النبي}
وهو نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم {والذين آمنوا معه} وهم المؤمنون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : كل مؤمن ولي لإبراهيم ممن مضى
وممن بقي.
وأخرج
أحمد ، وَابن أبي داود في البعث ، وَابن أبي الدنيا في العزاء والحاكم
وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أولاد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى
يردهم إلى آبائهم يوم القيامة.
الآيات 69 - 74.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان قال : كل شيء في آل عمران من
ذكر أهل الكتاب فهو في النصارى
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {يا أهل
الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون} قال : تشهدون أن نعت نبي الله
محمد صلى الله عليه وسلم في كتابكم ثم تكفرون به وتنكرونه ولا تؤمنون به
وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل ، النَّبِيّ الأمي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع ، مثله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يا أهل الكتاب لم تكفرون
بآيات الله} قال : محمد {وأنتم تشهدون} قال : تشهدون أنه الحق تجدونه
مكتوبا عندكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {لم تكفرون بآيات الله} قال
: بالحجج {وأنتم تشهدون} أن القرآن حق وأن محمدا رسول الله تجدونه مكتوبا
في التوراة والإنجيل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج {لم تكفرون بآيات الله وأنتم
تشهدون} على أن الدين عند الله الإسلام ليس لله دين غيره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {لم تلبسون
الحق
بالباطل} يقول : لم تخلطون اليهودية والنصرانية بالإسلام وقد علمتم أن دين
الله الذي لا يقبل من أحد غيره الإسلام {وتكتمون الحق} يقول : تكتمون شأن
محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة ، مثله.
وأخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
قال : قال عبد الله بن الضيف وعدي بن زيد والحرث بن عوف بعضهم لبعض :
تعالوا نؤمن بما أنزل الله على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس
عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع فيرجعون عن دينهم ، فأنزل الله فيهم
{يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل} إلى قوله {والله واسع عليم}.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك قال : قالت
اليهود بعضهم لبعض : آمنوا معهم بما يقولون أول النهار وارتدوا آخره لعلهم
يرجعون معكم ، فاطلع الله على سرهم فأنزل الله تعالى {وقالت طائفة من أهل
الكتاب آمنوا بالذي أنزل} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وقالت طائفة
من
أهل الكتاب} الآية ، قال : كان أحبار قرى عربية اثني عشر حبرا فقالوا
لبعضهم : أدخلوا في دين محمد أول النهار وقولوا : نشهد أن محمدا حق صادق
فإذا كان آخر النهار فاكفروا وقولوا : إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا
فسألناهم فحدثونا : إن محمدا كاذب وإنكم لستم على شيء وقد رجعنا إلى ديننا
فهو أعجب إلينا من دينكم لعلهم يشكون فيقولون : هؤلاء كانوا معنا أول
النهار فما بالهم فأخبر الله رسوله بذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي
حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وقالت طائفة} الآية ، قال : إن
طائفة من اليهود قالت : إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا وإذا كان
آخره فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب وهم أعلم منا لعلهم
ينقلبون عن دينهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه
والضياء في المختارة من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله {وقالت طائفة}
الآية ، قال : كانوا يكونون معهم أول النهار ويجالسونهم ويكلمونهم فإذا
أمسوا وحضرت الصلاة كفروا به وتركوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {آمنوا بالذي
أنزل على الذين آمنوا وجه النهار} يهود
تقوله صلت مع محمد صلاة الفجر وكفروا آخر النهار مكرا منهم ليروا
الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد إذ كانوا اتبعوه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع في قوله {وجه النهار} قالا : أول النهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم}
قال : هذا قول بعضهم لبعض.
وأخرج ابن جرير عن الربيع ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} قال : لا تؤمنوا
إلا لمن تبع اليهودية.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كانت
اليهود تقول أحبارها للذين من دينهم : ائتوا محمدا وأصحابه أول النهار
فقولوا نحن على دينكم فإذا كان بالعشي فأتوهم فقولوا لهم : إنا كفرنا
بدينكم ونحن على ديننا
الأول إنا قد سألنا علماءنا فأخبرونا أنكم لستم
على شيء ، وقالوا لعل المسلمين يرجعون إلى دينكم فيكفرون بمحمد {ولا
تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} فأنزل الله {قل إن الهدى هدى الله}
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {أن يؤتى أحد
مثل ما أوتيتم} حسدا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم وإرادة أن يتابعوا
على دينهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
أبي مالك وسعيد بن جبير {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} قالا : أمة محمد صلى
الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال الله لمحمد {قل إن الهدى
هدى الله}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : قال الله لمحمد {قل إن الهدى
هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} يا أمة محمد {أو يحاجوكم عند ربكم}
يقول اليهود : فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة حتى أنزل علينا المن
والسلوى فإن الذي أعطاكم أفضل فقولوا {إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {قل إن الهدى هدى
الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} يقول : لما أنزل الله كتابا مثل كتابكم
وبعث نبيا كنبيكم حسدتموه على ذلك {قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء}.
وأخرج ابن جرير عن الربيع ، مثله
وأخرج
ابن جرير عن ابن جريج {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم}
يقول : هذا الأمر الذي أنتم عليه مثل ما أوتيتم {أو يحاجوكم عند ربكم} قال
: قال بعضهم لبعض : لا تخبروهم بما بين الله لكم في كتابه {ليحاجوكم} قال
: ليخاصموكم به عند ربكم فتكون لهم حجة عليكم {قل إن الفضل بيد الله} قال
: الإسلام {يختص برحمته من يشاء} قال : القرآن والإسلام.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {يختص
برحمته من يشاء} قال : النبوة يختص بها من يشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {يختص برحمته من يشاء} قال : رحمته الإسلام ،
يختص بها من يشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ذو الفضل العظيم} يعني الوافر.
الآيتان
75 - 76 ، أخرح عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {ومن أهل
الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك} قال : هذا من النصارى !
{ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك} قال : هذا من اليهود
{إلا ما دمت عليه قائما} قال : إلا ما طلبته واتبعته.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك}
قال : كانت تكون ديون لأصحاب محمد عليهم فقالوا : ليس علينا سبيل في أموال
أصحاب محمد إن أمسكناها ، وهم أهل الكتاب أمروا أن يؤدوا إلى كل مسلم عهده.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال : إنما سمي الدينار لأنه دين ونار قال
: معناه أن من أخذه بحقه فهو دينه ومن أخذه بغير حقه فله النار.
وأخرج
الخطيب في تاريخه عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الدرهم لم سمي درهما وعن
الدينار لم سمي دينارا قال : أما الدرهم فكان يسمى دارهم وأما الدينار
فضربته المجوس فسمي دينارا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
مجاهد {إلا ما دمت عليه قائما} قال : مواظبا
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {إلا ما دمت عليه قائما} يقول : يعترف
بأمانته ما دمت عليه قائما على رأسه فإذا قمت ثم جئت تطلبه كافرك الذي
يؤدي والذي يجحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في
قوله {ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل} قال : قالت اليهود :
ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيل.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : يقال له ما بالك لا تؤدي أمانتك فيقول :
ليس علينا حرج في أموال العرب قد أحلها الله لنا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد
بن جبير قال : لما نزلت {ومن أهل الكتاب} إلى قوله {ذلك بأنهم قالوا ليس
علينا في الأميين سبيل} قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : كذب أعداء
الله ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي هاتين إلا الأمانة فإنها
مؤداة إلى البر والفاجر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن صعصة أنه سأل ابن
عباس
فقال : إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ، قال ابن
عباس : فتقولون ماذا قال : نقول ليس علينا في ذلك من بأس ، قال : هذا كما
قال أهل الكتاب {ليس علينا في الأميين سبيل} إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل
لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن ابن جريج في الآية قال : بايع اليهود رجال من المسلمين في
الجاهلية فلما أسلموا تقاضوهم ثمن بيوعهم فقالوا : ليس علينا أمانة ولا
قضاء لكم عندنا لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه وادعوا أنهم وجدوا ذلك
في كتابهم فقال الله {ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}.
وأخرج ابن
جرير من طريق علي عن ابن عباس {بلى من أوفى بعهده واتقى} يقول : اتقى
الشرك {فإن الله يحب المتقين} يقول الذين يتقون الشرك.
الآية 77.
أخرج
عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو
داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود
قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرى ء
مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ، فقال الأشعث بن قيس :
في - والله - كان
ذلك كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم فقال لي رسول اله صلى الله عليه وسلم : ألك بينة ، قلت :
لا ، فقال لليهودي : احلف ، فقلت : يا رسول الله إذن يحلف فيذهب مالي ،
فأنزل الله {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} إلى آخر
الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا أقام سلعة له في السوق فحلف بالله لقد
أعطي بها ما لم يعطه ليوقع فيها رجلا من المسلمين ، فنزلت هذه الآية {إن
الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} إلى آخر الآية ، واخرج أحمد
، وعَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني
والبيهقي في الشعب ، وَابن عساكر عن عدي بن بحيرة قال كان بين امرى ء
القيس ورجل من حضرموت خصومة فارتفعا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقال للحضرمي : بينتك وإلا فيمينه قال : يا رسول الله إن
حلف ذهب
بأرضي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين كاذبة ليقتطع
بها حق أخيه لقي الله وهو عليه غضبان ، فقال امرؤ القيس : يا رسول الله
فما لمن تركها وهو يعلم أنها حق قال : الجنة ، فقال : أشهدك أني قد تركتها
، فنزلت هذه الآية {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} إلى
آخر الآية ، لفظ ابن جرير.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج أن الأشعث بن
قيس اختصم هو ورجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض كانت في يده
لذلك الرجل أخذها في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقم
بينتك قال الرجل : ليس يشهد لي أحد على الأشعث قال : فلك يمينه فقال
الأشعث : نحلف ، فأنزل الله {إن الذين يشترون بعهد الله} الآية ، فنكل
الأشعث وقال : إني أشهد الله وأشهدكم أن خصمي صادق فرد إليه أرضه وزاده من
أرض نفسه زيادة كثيرة.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي أن رجلا أقام سلعته من
أول النهار فلما كان آخره جاء رجل يساومه فحلف لقد منعها أول النهار من
كذا ولولا المساء ما باعها به ، فأنزل الله {إن الذين يشترون بعهد الله
وأيمانهم ثمنا قليلا} ، واخرج ابن جرير عن مجاهد ، نحوه
واخرج ابن جرير عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية {إن الذين يشترون
بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا}
في
أبي رافع وكنانة بن أبي الحقيق وكعب بن الأشرف وحيي بن أخطب ، واخرج ابن
أبي شيبة من طريق ابن عون عن إبراهيم ومحمد والحسن في قوله {إن الذين
يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} قالوا : هو الرجل يقتطع مال الرجل
بيمينه.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي عن وائل بن حجر قال جاء رجل من
حضرموت ورجل من كندة إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال الحضرمي : يا
رسول الله إن هذا قد غلبني على أرض كانت لأبي ، قال الكندي : هي أرض كانت
في يدي أزرعها ليس له فيها حق فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للحضرمي
: ألك بينة قال : لا ، قال : فلك يمينه فقال : يا رسول الله إن الرجل فاجر
لا يبالي ما حلف عليه وليس يتورع عن شيء فقال : ليس لك منه إلا ذلك فانطلق
ليحلف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أدبر : لئن حلف على مال
ليأكله ظلما ليلقين الله وهو عنه معرض.
وأخرج أبو داود ، وَابن ماجة عن
الأشعث بن قيس أن رجلا من كندة وآخر من حضرموت اختصما إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم في أرض من اليمن فقال
الحضرمي : يا رسول الله إن
أرضي اغتصبها أبو هذا وهي في يده فقال : هل لك بينة قال : لا ولكن أحلفه
والله ما يعلم أنها أرضي اغتصبها أبوه ، فتهيأ الكندي لليمين فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : لا يقتطع أحد مالا بيمين إلا لقي الله وهو أجذم
فقال الكندي : هي أرضه.
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني بسند
حسن عن أبي موسى قال : اختصم رجلان إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في
أرض أحدهما من حضرموت فجعل يمين أحدهما فضج الآخر وقال : إذن يذهب بأرضي
فقال : إن هو اقتطعها بيمينه ظلما كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة
ولا يزكيه وله عذاب أليم قال : وورع الآخر فردها.
وأخرج أحمد بن منيع
في مسنده والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود قال : كنا نعد
من الذنب الذي ليس له كفارة اليمين الغموس قيل : وما اليمين الغموس فقال :
الرجل يقتطع بيمينه مال الرجل.
وأخرج ابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن الحرث بن البرصاء : سمعت
رسول
الله صلى الله عليه وسلم في الحج بين الجمرتين وهو يقول : من اقتطع مال
أخيه بيمين فاجرة فليتبوأ مقعده من النار ليبلغ شاهدكم غائبكم مرتين
أو ثلاثا.
وأخرج البزار عن عبد الرحمن بن عوف أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال :
اليمين الفاجرة تذهب بالمال.
وأخرج
البيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس مما عصي
الله به هو أعجل عقابا من البغي وما من شيء أطيع الله فيه أسرع ثوابا من
الصلة ، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة
والحاكم وصححه عن كعب بن مالك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
من اقتطع مال امرى ء مسلم بيمين كاذبة كانت نكتة سوداء في قلبه لا يغيرها
شيء إلى يوم القيامة.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه ، عَن جَابر بن
عتيك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اقتطع مال مسلم بيمينه
حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار ، فقيل : يا رسول الله وإن شيئا يسيرا
قال : وإن سواكا
وأخرج مالك ، وَابن سعد وأحمد ومسلم والنسائي ،
وَابن ماجة عن أبي أمامة إياس ابن ثعلبة الحارثي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : من اقتطع حق امرى ء مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار
وحرم الله عليه الجنة ، قالوا : وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال :
وإن كان قضيبا من أراك ثلاثا.
وأخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا
أمة على يمين آثمة ولو على سواك رطبة إلا وجبت له النار ، واخرج ابن ماجة
، وَابن حبان ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : من حلف على يمين آثمة عند منبري هذا فليتبوأ مقعده من النار ولو
على سواك أخضر ، قال أبو عبيد والخطابي : كانت اليمين على عهده صلى الله
عليه وسلم عند المنبر.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن
اليمين الكاذبة تنفق السلعة وتمحق الكسب.
وأخرج
عبد الرزاق عن أبي سويد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
إن اليمين الفاجرة تعقم الرحم وتقل العدد وتدع الديار بلاقع
واخرج
البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم
: رجل حلف يمينا على مال مسلم فاقتطعه ورجل حلف على يمين بعد العصر أنه
أعطي بسلعته أكثر مما أعطي وهو كاذب ورجل منع فضل ماء فإن الله سبحانه
يقول : اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك.
وأخرج عبد
الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن
عمران بن حصين أنه كان يقول : من حلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال أخيه
فليتبوأ مقعده من النار ، فقال له قائل : شيء سمعته من رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لهم : إنكم لتجدون ذلك ثم قرأ {إن الذين يشترون بعهد الله
وأيمانهم} الآية ، واخرج البخاري عن ابن أبي مليكة أن امرأتين كانتا
تخرزان في بيت فخرجت إحداهما وقد أنفذ باشفاء في كفها فادعت على الأخرى
فرفع إلى ابن عباس فقال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو
يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم ذكروها بالله واقرووا عليها
{إن الذين
يشترون بعهد الله} الآية ، فذكروها فاعترفت ، واخرج عبد
الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن
المسيب قال : إن اليمين الفاجرة من الكبائر ، ثم تلا {إن الذين يشترون
بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} ، واخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : كنا
نرى ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من الذنب الذي لا يغفر يمين
فجر فيها صاحبها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : من قرأ
القرآن يتأكل الناس به أتى الله يوم القيامة ووجهه بين كتفيه وذلك بأن
الله يقول {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا}.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن زاذان قال : من قرأ القرآن يأخذ به جاء
يوم القيامة ووجهه عظم عليه لحم.
وأخرج
أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم وأبو داود الترمذي والنسائي ، وَابن ماجة
والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا
يزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل إزاره والمنفق سلعته بالحلف
الكاذب والمنان.
وأخرج
عبد الرزاق وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم
ولهم عذاب أليم : رجل منع ابن السبيل فضل ماء عنده ورجل حلف على سلعة بعد
العصر كاذبا فصدقه فاشتراها بقوله ورجل بايع إماما فإن أعطاه وفى له وإن
لم يعطه لم يف له.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سلمان : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم
ولهم عذاب أليم : أشمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله له بضاعة فلا يبيع
إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه
الأرض وعنقه منثن تحت العرش وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربنا
فيرد عليه ما علم ذلك من حلف بي كاذبا.
الآية 78.
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وإن منهم
لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب} قال : هم اليهود كانوا يزيدون في كتاب الله
ما لم ينزل الله.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد {يلوون ألسنتهم بالكتاب} قال : يحرفونه.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : إن التوراة والإنجيل
كما أنزلها الله لم يغير منها حرف ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل وكتب
كانوا يكتبونها من عند أنفسهم {ويقولون هو من عند الله وما هو من عند
الله} فأما كتب الله فهي محفوظة لا تحول
الآيتان 79 - 80.
أخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في
الدلائل عن ابن عباس قال : قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من
اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم
إلى الإسلام : أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم فقال
رجل من أهل نجران نصراني يقال له الرئيس : أو ذاك تريده منا يا محمد فقال
رسول اللله صلى الله عليه وسلم : معاذ الله ، أن نعبد غير الله أو نأمر
بعبادة غيره ، ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني ، فأنزل الله في ذلك من
قولهما {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب} إلى قوله {بعد إذ أنتم مسلمون}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : كان ناس من يهود يتعبدون
الناس من دون ربهم بتحريفهم كتاب الله عن موضعه ، فقال الله {ما كان لبشر
أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون
الله} ثم يأمر الناس بغير ما أنزل الله في كتابه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : بلغني أن رجلا قال : يا رسول
الله
نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك قال : لا ، ولكن أكرموا
نبيكم واعرفوا الحق لأهله فإنه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ، فأنزل
الله {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب} إلى قوله {بعد إذ أنتم مسلمون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {ربانيين} قال :
فقهاء معلمين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن
عباس في قوله {ربانيين} قال : حلماء علماء حكماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن طريق الضحاك عن ابن عباس {ربانيين}
قال : علماء فقهاء.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {ربانيين} قال : حكماء فقهاء
وأخرج البيهقي في الشعب" عن سعيد بن جبير في قوله : (كونوا
ربانيين) قال : حلماء فقهاء ..
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود {ربانيين} قال : حكماء علماء.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال الربانيون الفقهاء العلماء ، وهم فوق الأحبار.
وأخرج
عن سعيد بن جبير {ربانيين} قال : حكماء أتقياء ، واخرج ابن جرير عن ابن
زيد قال الربانيون الذين يربون الناس ولاة هذا الأمر ، يلونهم وقرأ (لولا
ينهاهم الربانيون والأحبار) (المائدة الآية 63) قال (الربانيون) الولاة
(والأحبار) العلماء ، واخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في
قوله {كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب} قال : حق على كل من تعلم
القرآن أن يكون فقيها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ {بما كنتم تعلمون}
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير أنه قرأ {بما كنتم تعلمون}
مثقلة برفع التاء وكسر اللام.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
، أنه قرأ {بما كنتم تعلمون الكتاب} خفيفة بنصب التاء قال ابن عيينة : ما
علموه حتى علموه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي بكر قال
: كان عاصم يقرؤها {بما كنتم تعلمون الكتاب} مثقلة برفع التاء وكسر اللام
، قال : القرآن {وبما كنتم تدرسون} قال : الفقه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد
، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لا يعذر أحد حر ولا عبد ولا رجل ولا
امرأة ، لا يتعلم من القرآن جهده ما بلغ منه فإن الله يقول : {كونوا
ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} يقول : كونوا فقهاء
كونوا علماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رزين في قوله {وبما كنتم تدرسون} قال : مذاكرة
الفقه كانوا يتذاكرون الفقه كما نتذاكره نحن
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {ولا يأمركم أن
تتخذوا} قال : ولا يأمركم النبي.
الآيتان 81 - 82.
أخرج
عَبد بن حُمَيد والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله
{وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة} قال : هي خطأ من
الكتاب ، وهي قراءة ابن مسعود {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب}.
وأخرج
ابن جرير عن الربيع أنه قرأ {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب} قال
: وكذلك كان يقرؤها أبي كعب بن كعب ، قال الربيع : ألا ترى أنه يقول {ثم
جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه} يقول : لتؤمنن بمحمد صلى
الله عليه وسلم ولتنصرنه ، قال : هم أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن
أصحاب عبد الله يقرؤون / {واذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا
الكتاب لما آتيتكم من كتاب وحكمة > / ونحن نقرأ {ميثاق
النبيين} فقال ابن عباس : إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس
في الآية قال : أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من وجه آخر ، عَن طاووس في الآية
قال : أخذ الله ميثاق الأول من الأنبياء ليصدقن وليؤمنن بما جاء به الآخر
منهم.
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لم يبعث الله نبيا
آدم
فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ،
ويأمره فيأخذ العهد على قومه ، ثم تلا {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما
آتيتكم من كتاب وحكمة} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
قتادة في الآية قال : هذا ميثاق أخذه الله على النبيين أن يصدق بعضهم بعضا
وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته فبلغت الأنبياء كتاب الله ورسالاته إلى
قومهم وأخذ عليهم فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم
ويصدقوه وينصروه
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية
قال : لم يبعث الله نبيا قط من لدن نوح إلا أخذ الله ميثاقه ، ليؤمنن
بمحمد ولينصرنه إن خرج وهو حي وإلا أخذ على قومه أن يؤمنوا به وينصروه إن
خرج وهم أحياء.
وأخرج ابن جريج عن الحسن في الآية قال : أخذ الله ميثاق النبيين ليبلغن
آخركم أولكم ولا تختلفوا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : ثم ذكر ما أخذ عليهم
- يعني على أهل الكتاب - وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه - يعني بتصديق
محمد صلى الله عليه وسلم - إذ جاءهم وإقرارهم به على أنفسهم ، واخرج أحمد
عن عبد الله بن ثابت قال : جاء عمر إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال
: يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا
أعرضها عليك فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : رضينا
بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، فسري عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقال : والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه لضللتم ،
إنكم حظي من الأ وأنا حظكم من النبيين
وأخرج أبو يعلى ، عَن جَابر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء
فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، إنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق
وإنه - والله - لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير أنه قرأ {لما آتيتكم} ثقل لما.
وأخرج عن عاصم أنه قرأ {لما} مخففة {آتيتكم} بالتاء على واحدة يعني
أعطيتكم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {إصري} قال : عهدي.
وأخرج
ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله {قال فاشهدوا} يقول : فاشهدوا على
أممكم بذلك {وأنا معكم من الشاهدين} عليكم وعليهم {فمن تولى} عنك يا محمد
بعد هذا العهد من جميع الأمم {فأولئك هم الفاسقون} هم العاصون في الكفر.
الآيتان 83 - 84
أخرج
الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {وله
أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها} أما من في السموات فالملائكة وأما
من في الأرض فمن ولد على الإسلام وأما كرها فمن أتي به من سبايا الأمم في
السلاسل والأغلال يقادون إلى الجنة وهم كارهون.
وأخرج الديلمي عن أنس
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {وله أسلم من في السماوات
والأرض طوعا وكرها} قال : الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار وعبد القيس
أطاعوه في الأرض.
وأخرج ابن جرير من طريق مجاهد عن ابن عباس {وله أسلم من في السماوات
والأرض طوعا وكرها} قال : حين أخذ الميثاق.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في
الآية قال : عبادتهم لي أجمعين {طوعا وكرها} وهو قوله (ولله يسجد من في
السموات والأرض طوعا وكرها) (الرعد الآية 15) ، واخرج ابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس {وله أسلم من في السماوات} قال : هذه
مفصولة {من في السماوات والأرض طوعا
وكرها}.
واخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {وله أسلم} قال :
المعرفة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : هو كقوله (ولئن
سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) (لقمان الآية 25) فذلك إسلامهم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : كل آدمي أقر على
نفسه بأن الله ربي وأنا عبده ، فمن أشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرها
ومن أخلص لله العبودية فهو الذي أسلم طوعا.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : أكره أقوام على الإسلام وجاء
أقوام طائعين.
وأخرج عن مطر الوراق في الآية قال : الملائكة طوعا والأنصار طوعا وبنو
سليم وعبد القيس طوعا والناس كلهم كرها
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
أما المؤمن فأسلم طائعا فنفعه ذلك وقبل منه وأما الكافر فأسلم حين رأى بأس
الله فلم ينفعه ذلك ولم يقبل منهم (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا)
(غافر الآية 85).
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : في السماء الملائكة طوعا وفي
الأرض الأنصار وعبد القيس طوعا.
وأخرج عن الشعبي {وله أسلم من في السماوات} قال : استقادتهم له.
وأخرج عن أبي سنان {وله أسلم من في السماوات والأرض} قال : المعرفة ، ليس
أحد تسأله إلا عرفه.
وأخرج
عن عكرمة في قوله {وكرها} قال : من أسلم من مشركي العرب والسبايا : ومن
دخل في الإسلام كرها ، واخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : من ساء خلقه من الرقيق والدواب والصبيان
فاقرأوا في أذنه {أفغير دين الله
يبغون}.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة عن يونس بن عبيد قال : ليس رجل
يكون على دابة صعبة فيقرأ في أذنها {أفغير دين الله يبغون وله أسلم} الآية
، إلا ذلت له بإذن الله عز وجل.
الآية 85.
أخرج
أحمد والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : تجيء الأعمال يوم القيامة فتجيء الصلاة فتقول : يا رب أنا الصلاة
فيقول : إنك على خير وتجيء الصدقة فتقول : يا رب أنا الصدقة فيقول : إنك
على خير ثم يجيء الصيام فيقول : أنا الصيام فيقول إنك على خير ثم تجيء
الأعمال كل ذلك يقول الله : إنك على خير ثم يجيء الإسلام فيقول : يا رب
أنت السلام وأنا الإسلام فيقول الله : إنك على خير ، بك اليوم آخذ وبك
أعطي ، قال الله في كتابه {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في
الآخرة من الخاسرين}.
الآيات 86 - 89.
أخرج النسائي ، وَابن حبان ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من
طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كان رجل من
الأنصار
فأسلم ثم ارتد ولحق بالمشركين ثم ندم فأرسل إلى قومه : أرسلوا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة فنزلت {كيف يهدي الله قوما كفروا
بعد إيمانهم} إلى قوله {فإن الله غفور رحيم} فأرسل إليه قومه فأسلم.
وأخرج
عبد الرزاق ومسدد في مسنده ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والباوردي في
معروفة الصحابة قال : جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم ثم كفر فرجع إلى قومه فأنزل الله فيه القرآن {كيف يهدي الله
قوما كفروا} إلى قوله {رحيم} فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه فقال
الحارث : إنك - والله - ما علمت لصدوق وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأصدق منك وإن الله عز وجل لأصدق الثلاثة ، فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن السدي في قوله {كيف يهدي الله قوما}
الآية قال : أنزلت في الحارث بن سويد الأنصاري كفر بعد إيمانه ، فأنزلت
فيه هذه الآيات ثم نزلت {إلا الذين تابوا} الآية ، فتاب.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد في قوله {كيف
يهدي الله قوما} الآية ، قال : نزلت في رجل من بني عمرو
بن عوف كفر بعد إيمانه فجاء الشام.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن مجاهد في الآية قال : هو رجل
من بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه قال : قال ابن جريج : أخبرني عبد الله
بن كثير عن مجاهد قال : لحق بأرض الروم فتنصر ثم كتب إلى قومه : أرسلوا هل
لي من توبة فنزلت {إلا الذين تابوا} فآمن ثم رجع ، قال ابن جريج : قال
عكرمة : نزلت في أبي عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت ووحوح بن
الأسلت في اثني عشر رجلا رجعوا عن الإسلام ولحقوا بقريش ، ثم كتبوا إلى
أهلهم هل لنا من توبة فنزلت {إلا الذين تابوا من بعد ذلك} الآيات.
وأخرج
ابن إسحاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس أن الحارث بن سويد قتل المجدر بن
زياد وقيس بن زيد أحد بني ضبيعة يوم أحد ثم لحق بقريش فكان بمكة ثم بعث
إلى أخيه الجلاس يطلب التوبة ليرجع إلى قومه ، فأنزل الله فيه {كيف يهدي
الله قوما} إلى آخر القصة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح مولى أم
هانى ء أن الحرث بن سويد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لحق بأهل
مكة وشهد أحدا فقاتل المسلمين ثم سقط في يده فرجع إلى مكة فكتب إلى أخيه
جلاس بن سويد : يا أخي إني ندمت على ما كان مني فأتوب إلى الله وأرجع إلى
الإسلام فاذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن
طمعت لي في توبة
فاكتب إلي ، فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله {كيف يهدي
الله قوما كفروا بعد إيمانهم} فقال قوم من أصحابه ممن كان عليه يتمنع ثم
يراجع الإسلام فأنزل الله (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن
تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون)
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من
طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم}
قال : هم أهل الكتاب عرفوا محمدا ثم كفروا به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن في الآية قال : هم أهل الكتاب من
اليهود والنصارى رأوا نعت محمد في كتابهم وأقروا به وشهدوا أنه حق ، فلما
بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك
فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم حسدا للعرب حين بعث من غيرهم.
الآية 90.
أخرج
البزار عن ابن عباس أن قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا ،
فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
، فنزلت هذه الآية {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا} الآية ،
هذا خطأ من البزار.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : اليهود والنصارى لن تقبل توبتهم
عند الموت.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
هم اليهود كفروا بالإنجيل وعيسى ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم
والقرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي
العالية في الآية قال : إنها نزلت في اليهود والنصارى كفروا بعد إيمانهم
ثم ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم
ولو كانوا على
الهدى قبلت توبتهم ولكنهم على ضلالة.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية
في قوله {لن تقبل توبتهم} قال : تابوا من الذنوب ولم يتوبوا من الأصل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ثم ازدادوا كفرا}
قال : تموا على كفرهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ثم ازدادوا كفرا} قال : ماتوا وهم كفار
{لن تقبل توبتهم} قال : إذا تاب عند موته لم تقبل توبته.
الآية 91.
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إن الذين كفروا وماتوا وهم
كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا} قال : هو كل كافر.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس
عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال
له
: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به فيقول : نعم ، فيقال :
لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك ، فذلك قوله تعالى {إن الذين كفروا وماتوا وهم
كفار} الآية ، لفظ ابن جرير.
الآية 92.
أخرج مالك وأحمد ، وعَبد بن
حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
عن أنس قال : كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة نخلا وكان أحب أمواله
إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فلما نزلت {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما
تحبون} قال أبو طلحة : يا رسول الله إن الله يقول {لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون} وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها
وذخرها عند الله فضعها يا
رسول الله حيث أراك الله ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : بخ ذاك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني
أرى أن تجعلها في الأقربين ، فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله فقسمها
أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم وأبو داود
والنسائي ، وَابن جَرِير عن أنس قال : لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر
حتى تنفقوا مما تحبون} قال أبو
طلحة : يا رسول الله إن الله يسألنا
من أموالنا أشهد أني قد جعلت أرضي بأريحا لله ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : اجعلها في قرابتك ، فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب.
وأخرج
أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن مردويه عن أنس قال : لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا
مما تحبون} أو هذه الآية (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) قال أبو طلحة :
يا رسول الله حائطي الذي بكذا وكذا صدقة ولو استطعت أن أسره لم أعلنه فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجعله في فقراء أهلك.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد والبزار عن ابن عمر قال : حضرتني هذه الآية {لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون} فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد شيئا أحب إلي من مرجانة
جارية لي رومية فقلت هي حرة لوجه الله فلو أني أعود
في شيء جعلته لله لنكحتها فأنكحها نافعا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه كتب
إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء ، فدعا بها عمر
فقال : إن الله يقول {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} فأعتقها عمر.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد
بن المنكدر قال : لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما
تحبون} جاء زيد بن حارثة بفرس له يقال لها شبلة لم يكن له مال أحب اليه
منها فقال : هي صدقة ، فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل عليها
ابنه أسامة فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في وجه زيد فقال : إن
الله قد قبلها منك.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن دينار ، مثله
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير من طريق معمر عن أيوب وغيره أنها حين نزلت {لن
تنالوا البر} الآية جاء زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها فقال : يا رسول
الله
هذه في سبيل الله فحمل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد
فكأن زيدا وجد في نفسه ، فلما رأى ذلك منه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : أما إن الله قد قبلها.
وأخرج عبد بن جميد عن ثابت بن الحجاج قال
: بلغني أنه لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}
قال زيد : اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إلي من فرسي هذه فتصدق بها
على المساكين فأقاموها تباع وكانت تعجبه ، فسأل النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم فنهاه أن يشتريها.
وأخرج ابن جرير عن ميمون بن مهران أن رجلا سأل
أبا ذر أي الأعمال أفضل قال : الصلاة عماد الإسلام والجهاد سنام العمل
والصدقة شيء عجيب ، فقال : يا أبا ذر لقد تركت شيئا هو أوثق عملي في نفسي
لا أراك ذكرته قال : ما هو قال : الصيام فقال : قربة وليس هنا ، وتلا هذه
الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن
رجل من بني سليم قال : جاورت أبا ذر بالربذة وله فيها قطيع إبل ، له فيها
راع ضعيف فقلت : يا أبا ذر ألا أكون لك صاحبا
أكنف راعيك وأقتبس منك
بعض ما عندك لعل الله أن ينفعني به فقال أبو ذر : إن صاحبي من أطاعني فإما
أنت مطيعي فأنت لي صاحب وإلا فلا ، قلت : ما الذي تسألني فيه الطاعة قال :
لا أدعوك بشيء من مالي إلا توخيت أفضله ، قال : فلبثت معه ما شاء الله ثم
ذكر له في الماء حاجة فقال : ائتني ببعير من الإبل فتصفحت الإبل فإذا
أفضلها فحلها ذلول فهممت بأخذه ثم ذكرت حاجتهم إليه فتركته وأخذت ناقة ليس
في الإبل بعد الفحل أفضل منها فجئت بها فحانت منه نظرة فقال : يا أخا بني
سليم خنتني ، فلما فهمتها منه خليت سبيل الناقة ورجعت إلى الإبل فأخذت
الفحل فجئت به فقال لجلسائه : من رجلان يحتسبان عملهما قال رجلان : نحن ،
قال : أما لا فأنيخاه ثم اعقلاه ثم انحراه ثم عدوا بيوت الماء فجزئوا لحمه
على عددهم واجعلوا بيت أبي ذر بيتا منها ففعلوا ، فلما فرق اللحم دعاني
فقال : ما أدري أحفظت وصيتي فظهرت بها أم نسيت فأعذرك قلت : ما نسيت وصيتك
ولكن لما تصفحت الإبل وجدت فحلها أفضلها فهممت بأخذه فذكرت حاجتكم إليه
فتركته فقال : ما تركته إلا لحاجتي
إليه قلت : ما تركته إلا لذلك قال :
أفلا أخبرك بيوم حاجتي إن يوم حاجتي يوم أوضع في حفرتي فذلك يوم حاجتي ،
إن في المال ثلاثة شركاء : القدر لا ينتظر أن يذهب بخيرها أو شرها والوارث
ينتظر متى تضع رأسك ثم يستفيئها وأنت ذميم وأنت الثالث
فإن استطعت
أن لا تكونن أعجز الثلاثة فلا تكونن مع أن الله يقول {لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون} وإن هذا المال مما أحب من مالي فأحببت أن أقدمه لنفسي.
وأخرج
أحمد عن عائشة قالت : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فلم يأكله ولم
ينه عنه قلت : يا رسول الله أفلا نطعمه المساكين قال : لا تطعموهم مما لا
تأكلون.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن طريق مجاهد عن ابن عمر أنه لما نزلت {لن
تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} دعا بجارية له فأعتقها.
وأخرج
أحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قرأ ابن
عمر وهو يصلي فأتى على هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}
فأعتق جارية له وهو يصلي أشار إليها بيده.
وأخرج ابن المنذر عن نافع
قال : كان ابن عمر يشتري السكر فيتصدق به فنقول له : لو اشتريت لهم بثمنه
طعاما كان أنفع لهم من هذا فيقول : إني أعرف الذي تقولون ولكن سمعت الله
يقول {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما
تحبون} ، وَابن عمر يحب السكر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {لن تنالوا البر}
قال : الجنة.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون والسدي ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن مسروق ، مثله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : لن
تنالوا بركم حتى تنفقوا مما يعجبكم ومما تهوون من أموالكم {وما تنفقوا من
شيء فإن الله به عليم} يقول محفوظ : ذلك لكم والله به عليم شاكر له.
الآيات 93 - 95.
أخرج
عَبد بن حُمَيد والفريابي والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس
{كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه} قال :
العرق ، أخذه عرق النسا فكان يبيت له زقاء يعني صياح فجعل لله عليه إن
شفاه أن لا
يأكل لحما فيه عروق فحرمته اليهود.
وأخرج سعيد بن
منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق يوسف بن ماهك عن ابن عباس
قال : هل تدري ما حرم إسرائيل على نفسه إن إسرائيل أخذته الأنساء فأضنته
فجعل لله عليه إن عافاه الله أن لا يأكل عرقا أبدا ، فلذلك تسل اليهود
العروق فلا يأكلونها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي
عن ابن عباس في الآية قال : حرم على نفسه العروق وذلك أنه كان يشتكي عرق
النسا فكان لا ينام الليل فقال : والله لئن عافاني الله منه لا يأكله لي
ولد وليس مكتوبا في التوراة ، وسأل محمد صلى الله عليه وسلم نفرا من أهل
الكتاب فقال : ما شأن هذا حراما فقالوا : هو حرام علينا من قبل الكتاب
فقال الله {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل} إلى {إن كنتم صادقين}.
وأخرج
البخاري في تاريخه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير
عن ابن عباس قال : جاء اليهود فقالوا : يا أبا القاسم أخبرنا عما حرم
إسرائيل على نفسه قال : كان يسكن البدو فاشتكى عرق النسا فلم
يجد شيئا يداويه إلا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرمها قالوا :
صدقت.
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {إلا ما حرم
إسرائيل على نفسه}
قال : حرم العروق ولحوم الإبل كان به عرق النسا فأكل من لحومها فبات بليلة
يزقو فحلف أن لا يأكله أبدا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن أبي مجلز في قوله {إلا ما حرم إسرائيل على نفسه} قال :
إن إسرائيل هو يعقوب وكان رجلا بطيشا فلقي ملكا فعالجه فصرعه الملك ثم ضرب
على فخذه فلما رأى يعقوب ما صنع به بطش به فقال : ما أنا بتاركك حتى
تسميني اسما ، فسماه إسرائيل فلم يزل يوجعه ذلك العرق حتى حرمه من كل دابة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : حرم على نفسه لحوم الأنعام.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن
عباس أنه كان يقول : الذي حرم إسرائيل على نفسه زائدتا الكبد
والكليتين والشحم إلا ما كان على الظهر ، فإن ذلك كان يقرب
للقربان فتأكله النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء {إلا ما حرم إسرائيل} قال :
لحوم الإبل وألبانها.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس
قال : قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم : نزلت التوراة بتحريم الذي
حرم إسرائيل فقال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم {قل فأتوا بالتوراة
فاتلوها إن كنتم صادقين} وكذبوا ليس في التوراة وإنما لم يحرم ذلك إلا
تغليظا لمعصية بني إسرائيل بعد نزول التوراة {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها
إن كنتم صادقين} وقالت اليهود لمحمد صلى الله عليه وسلم : كان موسى يهوديا
على ديننا وجاءنا في التوراة تحريم الشحوم وذي الظفر والسبت ، فقال محمد
صلى الله عليه وسلم : كذبتم لم يكن موسى يهوديا وليس في التوراة إلا
الإسلام ، يقول الله {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} أفيه ذلك
وما جاءهم بها أنبياؤهم بعد موسى فنزلت في الألواح جملة.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد عن عامر أن عليا رضي الله عنه قال في رجل جعل امرأته عليه حراما
قال : حرمت عليه كما حرم إسرائيل على نفسه لحوم الجمل
فحرم عليه ،
قال مسروق : إن إسرائيل كان حرم على نفسه شيئا كان في علم الله أن سيحرمه
إذا نزل الكتاب فوافق تحريم إسرائيل ما قد علم الله أنه سيحرمه إذا نزل
الكتاب وأنتم تعمدون إلى الشيء قد أحله الله فتحرمونه على أنفسكم ما أبالي
إياها حرمت أو قصعة من ثريد.
الآية 96.
أخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن علي بن أبي طالب في قوله
{إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة} قال : كانت البيوت قبله ولكنه كان أول
بيت وضع لعبادة الله.
وأخرج ابن جرير عن مطر ، مثله.
وأخرج ابن جريج عن الحسن في الآية قال {إن أول بيت وضع للناس} يعبد الله
فيه {للذي ببكة}.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير
والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول قال
: المسجد الحرام ، قلت : ثم أي قال : المسجد الأقصى قلت : كم بينهما قال :
أربعون سنة
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في
الشعب عن ابن عمرو قال : خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة وكان إذ كان
عرشه على الماء زبدة بيضاء وكانت الأرض تحته كأنها حشفة فدحيت الأرض من
تحته.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : إن الكعبة خلقت قبل الأرض
بألفي سنة وهي من الأرض إنما كانت حشفة على الماء عليها ملكان من الملائكة
يسبحان فلما أراد الله أن يخلق الأرض دحاها منها فجعلها في وسط الأرض.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والأزرقي عن مجاهد قوله {إن أول بيت وضع
للناس} كقوله (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (آل عمران الآية 110).
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال : أما أول بيت فإنه يوم كانت الأرض ماء كان زبدة
على الأرض فلما خلق الله الأرض خلق البيت معها ، فهو أول بيت وضع في الأرض
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : أول قبلة أعملت للناس
المسجد الحرام.
وأخرج
ابن المنذر والأزرقي عن ابن جريج قال : بلغنا أن اليهود قالت : بيت المقدس
أعظم من الكعبة لأنها مهاجر الأنبياء ولأنه في الأرض المقدسة ، فقال
المسلمون : بل الكعبة أعظم ، فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ،
فنزلت {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا} إلى قوله {فيه آيات بينات
مقام إبراهيم} وليس ذلك في بيت المقدس {ومن دخله كان آمنا} وليس ذلك في
بيت المقدس {ولله على الناس حج البيت} وليس ذلك لبيت المقدس.
وأخرج
البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أول بقعة وضعت في الأرض موضع البيت ثم مهدت منها الأرض ، وإن أول جبل وضعه
الله على وجه الأرض أبو قبيس ثم مدت منه الجبال.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير
قال : إنما سميت بكة لأن الناس يجيئون إليها من كل جانب حجاجا
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : إنما سميت
بكة لأن الناس يتباكون فيها الرجال والنساء ، يعني يزدحمون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي عن مجاهد قال : إنما سميت بكة
لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها وأنه يحل فيها ما لا يحل في غيرها ، واخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : سميت بكة
لأن الله بك بها الناس جميعا فيصلي النساء قدام الرجال ولا يصلح ذلك ببلد
غيره.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عتبة بن قيس قال : إن مكة بكت بكاء الذكر فيها
كالأنثى ، قيل : عمن تروي هذا قال : عن ابن عمر
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن زيد بن مهاجر قال : إنما سميت بكة
لأنها كانت تبك الظلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال :
البيت وما حوله بكة وما وراء ذلك مكة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير
عن أبي مالك الغفاري قال : بكة موضع البيت ومكة ما سوى ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب قال : بكة البيت والمسجد ومكة الحرم كله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : بكة هي مكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : مكة من الفج إلى التنعيم وبكة من
البيت إلى البطحاء
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : بكة الكعبة ومكة ما حولها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {مباركا} جعل فيه الخير والبركة
{وهدى للعالمين} يعني بالهدى قبلتهم.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في الشعب عن الزهري قال : بلغني أنهم وجدوا
في مقام إبراهيم ثلاثة صفوح في كل صفح منها كتاب ، في الصفح الأول : أنا
الله ذو بكة صغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء وباركت
لأهلها في اللحم واللبن ، وفي الصفح الثاني : أنا الله ذو بكة خلقت الرحم
وشققت لها من اسمي ومن وصلها وصلته ومن قطعها بتته ، وفي الثالث : أنا
الله ذو بكة خلقت الخير والشر فطوبى لمن كان الخير على يديه وويل لمن كان
الشر على يديه.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : وجد في المقام كتاب
فيه : هذا بيت الله الحرام بكة توكل الله برزق أهله من ثلاثة سبل : يبارك
لأهلها في اللحم والماء واللبن لا يحله أول من أهله ووجد في حجر من الحجر
كتاب من خلقة الحجر : أنا الله ذو بكة الحرام صغتها يوم صغت الشمس والقمر
وحففتها
بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في
اللحم والماء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد والضحاك نحوه.
وأخرج
الجندي في فضائل مكة عن ابن عباس وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : خلق الله مكة فوضعها على المكروهات والدرجات قيل لسعيد
بن جبير : ما الدرجات قال : الدرجات الجنة.
وأخرج الأزرقي والجندي عن عائشة قالت : ما رأيت السماء في موضع أقرب منها
إلى الأرض من مكة.
وأخرج الأزرقي عن عطاء بن كثير رفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم :
المقام بمكة سعادة وخروج منها شقوة
وأخرج
الأزرقي والجندي والبيهقي في الشعب وضعفه عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : من أدركه شهر رمضان بمكة فصامه كله وقام منه ما تيسر
كتب الله له مائة ألف شهر رمضان بغير مكة وكتب له كل يوم حسنة وكل ليلة
حسنة وكل يوم عتق رقبة وكل ليلة عتق رقبة وكل يوم حملان فرس في سبيل الله
وكل ليلة حملان فرس في سبيل الله وله بكل يوم دعوة مستجابة.
وأخرج
الأزرقي والطبراني في الأوسط ، عَن جَابر بن عبد الله أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : هذا البيت دعامة الإسلام من خرج يؤم هذا البيت من
حاج أو معتمر كان مضمونا على الله إن قبضه أن يدخله الجنة وإن رده أن يرده
بأجر أو غنيمة.
وأخرج البيهقي في الشعب ، عَن جَابر بن عبد الله قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة
فيما سواه إلا المسجد الحرام والجمعة في مسجدي هذا أفضل من ألف جمعة فيما
سواه إلا المسجد الحرام وشهر رمضان في مسجدي هذا أفضل من ألف شهر رمضان
فيما سواه إلا المسجد الحرام
وأخرج البزار ، وَابن خزيمة والطبراني
والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة وفي مسجدي ألف صلاة
وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة.
وأخرج ابن ماجة عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الرجل في بيته بصلاة وصلاته في مسجد
القبائل بخمس وعشرين صلاة وصلاته في في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة
صلاة وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة وصلاته في مسجدي بخمسين ألف
صلاة وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة
ومسلم والنسائي ، وَابن ماجة عن ابن عمر : إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد
الحرام.
وأخرج الطيالسي وأحمد والبزار ، وَابن عدي والبيهقي ، وَابن
خزيمة ، وَابن حبان عن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف
صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام
وصلاة
في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في مسجدي هذا قيل لعطاء : هذا
الفضل الذي يذكر في المسجد الحرام وحده أو في الحرم قال : لا ، بل في
الحرم فإن الحرم كله مسجد.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجة ، عَن جَابر : أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما
سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة ،
واخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة
والبيهقي عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلاة في
مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.
وأخرج البزار
عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا خاتم الأنبياء
ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء أحق المساجد أن يزار وتشد اليه الرواحل ،
المسجد الحرام ومسجدي ، صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من
المساجد إلا المسجد الحرام
وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي شيبة وأحمد ،
وَابن منيع والروياني ، وَابن خزيمة والطبراني عن جبير بن مطعم قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما
سواه إلا المسجد الحرام.
الآية 97.
أخرج سعيد بن منصور والفريابي ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس
أنه كان يقرأ فيه آية بينة مقام إبراهيم.
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد أنه كان يقرأ ((فيه آيات بينة)).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم بن أبي النجود {فيه آيات بينات} على الجمع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {فيه آيات
بينات} منهن مقام إبراهيم والمشعر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة في الآية قالا : مقام إبراهيم من الآيات
البينات
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله {فيه آيات بينات} قال :
{مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت}.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والأزرقي عن
مجاهد {فيه آيات بينات مقام إبراهيم} قال : أثر قدميه في المقام آية بينة
{ومن دخله كان آمنا} قال : هذا شيء آخر.
وأخرج الأزرقي عن زيد بن أسلم
{فيه آيات بينات} قال : الآيات البينات هن مقام إبراهيم {ومن دخله كان
آمنا ولله على الناس حج البيت} وقال (يأتين من كل فج عميق) (الحج الآية
27).
وأخرج ابن الأنباري عن الكلبي {فيه آيات بينات} قال {الآيات} الكعبة
والصفا والمروة ومقام إبراهيم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {ومن دخله كان آمنا} قال : هذا كان في الجاهلية كان الرجل لو جر
كل جريرة على نفسه ثم لجأ إلى حرم الله لم يتناول ولم يطلب فأما في
الإسلام فانه لا يمنع من حدود الله ومن سرق فيه قطع ومن زنى فيه أقيم عليه
الحد ومن قتل فيه قتل
وأخرج الأزرقي عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن
المنذر والأزرقي عن حويطب بن عبد العزى قال : أدركت في الجاهلية في الكعبة
حلقا أمثال لجم البهم لا يدخل خائف يده فيها ويهيجه أحد فجاء خائف ذات يوم
فأدخل يده فيها فجاءه آخر من ورائه فاجتذبه فشلت يده فلقد رأيته أدرك
الإسلام وإنه لأشل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والأزرقي عن عمر بن الخطاب قال : لو
وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {ومن
دخله كان آمنا} قال : من عاذ بالبيت أعاذه البيت ولكن لا يؤذى ولا يطعم
ولا يسقى ولا يرعى ، فإذا خرج أخذ بذنبه.
وأخرج ابن المنذر والأزرقي من
طريق طاووس عن ابن عباس في قوله {ومن دخله كان آمنا} قال : من قتل أو سرق
في الحل ثم دخل الحرم فإنه لا يجالس ولا يكلم ولا يؤوى ولكنه يناشد حتى
يخرج فيؤخذ فيقام عليه فإن قتل أو سرق في الحل فأدخل الحرم فأرادوا أن
يقيموا عليه ما أصاب
أخرجوه من الحرم إلى الحل فاقيم عليه وإن قتل في الحرم أو سرق
أقيم عليه في الحرم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : إذا أصاب
الرجل الحد قتل أو سرق فدخل الحرم لم يبايع ولم يؤو حتى يتبرم فيخرج من
الحرم فيقام عليه الحد.
وأخرج ابن المنذر ، عَن طاووس قال : عاب ابن عباس على ابن الزبير في رجل
أخذ في الحل ثم أدخله الحرم ثم أخرجه إلى الحل فقتله.
وأخرج عن الشعبي قال : من أحدث حدثا ثم لجأ إلى الحرم فقد أمن ولا يعرض له
وإذا أحدث في الحرم أقيم عليه.
وأخرج
ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : من أحدث حدثا ثم استجار بالبيت
فهو آمن وليس للمسلمين أن يعاقبوه على شيء إلى أن يخرج فإذا خرج أقاموا
عليه الحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق عطاء عن ابن
عباس قال : من أحدث حدثا في غير الحرم ثم لجأ إلى الحرم لم يعرض له ولم
يبايع ولم يؤو حتى يخرج من الحرم فإذا خرج من الحرم أخذ فأقيم عليه الحد
ومن
أحدث في الحرم حدثا أقيم عليه الحد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : لو أخذت قاتل عمر في الحرم ما هجته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : لو وجدت قاتل أبي
في الحرم لم أعرض له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : كان الرجل في الجاهلية يقتل
الرجل ثم يدخل الحرم فيلقاه ابن المقتول أو أبوه فلا يحركه.
وأخرج
البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي شريح العدوي قال : قام النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح فقال : إن مكة حرمها الله ولم
يحرمها الناس فلا يحل لامرى ء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما
ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقولوا : إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار
ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن
عمرو قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بناس من قريش جلوس في ظل
الكعبة فلما انتهى إليهم سلم ثم قال : اعلموا أنها مسؤولة عما يعمل فيها
وإن ساكنها لا يسفك دما ولا يمشي بالنميمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن يحيى بن جعدة بن هبيرة
في قوله {ومن دخله كان آمنا} قال : آمنا من النار.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من
دخل البيت دخل في حسنة وخرج من سيئة مغفورا له.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال : من مات في الحرم بعث آمنا ، يقول الله
{ومن دخله كان آمنا}.
وأخرج البيهقي في الشعب ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : من مات في أحد الحرمين بعث آمنا.
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه عن سلمان قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : من مات في أحد الحرمين استوجب شفاعتي وجاء
يوم القيامة من الآمنين.
وأخرج
الجندي والبيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة ومن زارني محتسبا إلى
المدينة كان في جواري يوم القيامة.
وأخرج الجندي عن مخرم بن قيس بن مخرمة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة.
وأخرج الجندي عن ابن عمر قال : من قبر بمكة مسلما بعث آمنا يوم القيامة ،
أما قوله تعالى : {ولله على الناس حج البيت} الآية.
أخرج
أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، عَن عَلِي ،
قال : لما نزلت {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} قالوا :
يا رسول الله في كل عام فسكت ، ، قالوا : يا رسول الله في كل عام قال : لا
، ولو قلت نعم لوجبت ، فأنزل الله (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)
(المائدة الآية 101)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن
عباس قال : لما نزلت {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} قال
رجل : يا رسول الله أفي كل عام فقال : حج حجة الإسلام التي عليك ، ولو قلت
نعم وجبت عليكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه والبيهقي في
"سُنَنِه" عن ابن عباس قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج ، فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي
كل عام يا رسول الله قال : لو قلتها لوجبت ولو وجبت لم تعملوا بها ولم
تستطيعوا أن تعملو بها ، الحج مرة فمن زاد فتطوع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد
عن الحسن قال : لما نزلت {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}
قال رجل : يا رسول الله أفي كل عام قال : والذي نفسي بيده لو قلت نعم
لوجبت ولو وجبت ما قمتم بها ولو تركتموها لكفرتم ، فذروني فإنما هلك من
كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبيائهم واختلافهم عليهم فإذا أمرتكم بأمر
فأتمروه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمر فاجتنبوه
وأخرج أبو نعيم في
المعرفة " من طريق محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن
الحارث بن يزيد أنه قال : يارسول الله الحج في كل عام فنزلت : (ولله على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) ..
وأخرج الشافعي ، وَابن أبي
شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي ، وَابن مردويه والبيهقي في
"سُنَنِه" عن ابن عمر قال : قام رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقال : من الحاج يا رسول الله قال : الشعث التفل ، فقام آخر فقال : أي
الحج أفضل يا رسول الله قال : العج والثج ، فقام آخر فقال : ما السبيل يا
رسول الله قال : الزاد والراحلة.
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه عن أنس
أن رسول صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله {من استطاع إليه سبيلا} فقيل
ما السبيل قال : الزاد
والراحلة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن
أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والدارقطني
والبيهقي في سننهما عن الحسن قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}
قالوا : يا رسول الله ما السبيل قال : الزاد والراحلة.
وأخرج
الدارقطني والبيهقي في سننهما من طريق الحسن عن أبيه عن عائشة قالت : سئل
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما السبيل إلى الحج قال : الزاد والراحلة.
وأخرج
الدارقطني في "سُنَنِه" عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في
قوله {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} قال : قيل يا رسول
الله ما السبيل قال : الزاد والراحلة.
وأخرج الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : السبيل إلى البيت ، الزاد والراحلة.
وأخرج
الدارقطني ، عَن جَابر بن عبد الله قال : لما نزلت هذه الآية {ولله على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} قام رجل فقال : يا رسول الله ما
السبيل قال : الزاد والراحلة.
وأخرج الدارقطني عن علي عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} قال :
فسئل عن ذلك فقال : تجد ظهر بعير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عمر بن الخطاب في قوله {من استطاع
إليه سبيلا} قال : الزاد والراحلة.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله
{من استطاع إليه سبيلا} قال : الزاد والبعير ، وفي لفظ الراحلة.
وَأخرَج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : البلاغ الزاد والراحلة " .
وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله قال : الزاد
والراحلة " . يعني قوله : (من استطاع إليه سبيلا) ..
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله {من استطاع إليه
سبيلا} قال : السبيل أن يصح بدن العبد ويكون له ثمن زاد وراحلة من غير أن
يجحف به.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال
{السبيل} من وجد إليه سعة ولم يحل بينه وبينه ، واخرج ابن أبي شيبة ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عبد الله بن الزبير {من استطاع إليه
سبيلا} قال : الاستطاعة القوة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد {من استطاع إليه سبيلا} قال : زادا وراحلة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير والحسن وعطاء ، مثله
واخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : إن
المحرم للمرأة من السبيل الذي قال الله.
وأخرج
الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا
تسافر امرأة مسيرة ليلة ، وفي لفظ : لا تسافر المرأة بريدا إلا مع ذي محرم.
وأخرج
ابن ابي شيبة عن ابن عباس قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخطب
يقول : لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن
امرأتي خرجت حاجة وإني كنت في غزوة كذا وكذا ، فقال : انطلق فحج مع امرأتك.
وأخرج
الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب ، وَابن
مردويه ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ملك
زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج بيت الله فلا عليه أن يموت يهوديا
أو نصرانيا وذلك بأن الله يقول {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه
سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد
في كتاب الإيمان وأبو يعلى والبيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه مرض حابس أو سلطان
جائر أو حاجة ظاهرة فليمت على أي حال شاء يهوديا أو نصرانيا.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الرحمن بن سابط مرفوعا مرسلا ، مثله.
وأخرج
سعيد بن منصور بسند صحيح عن عمر بن الخطاب قال : لقد هممت أن أبعث رجالا
إلى هذه الأمصار فلينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية
، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال : من مات وهو
موسر لم يحج ، فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن
عمر قال : من كان يجد وهو موسر صحيح لم يحج كان سيماه بين عينيه كافرا ،
ثم تلا هذه الآية {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} ولفظ ابن أبي شيبة :
من مات وهو موسر ولم يحج جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب كافرا.
وأخرج
سعيد بن منصور من طريق نافع عن ابن عمر قال : من وجد إلى الحج سبيلا سنة
ثم سنة ثم مات ولم يحج لم يصل عليه ، لا يدري مات يهوديا أو نصرانيا.
وأخرج سعيد بن منصور عن عمر بن الخطاب قال : لو ترك الناس الحج لقاتلتهم
عليه كما نقاتلهم على الصلاة والزكاة.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس قال : لو أن الناس تركوا الحج عاما واحدا
لا يحج أحد ما نوظروا بعده.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ومن كفر} قال : من
زعم أنه ليس بفرض عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن
ابن عباس في الآية قال : من كفر بالحج فلم ير حجه برا ولا تركه
مأثما.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي
في "سُنَنِه" عن عكرمة قال : لما نزلت (ومن يبتغ غير الإسلام دينا) (آل
عمران الآية 85) الآية ، قالت اليهود : فنحن مسلمون ، فقال لهم النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم : إن الله فرض على المسلمين حج البيت فقالوا : لم يكتب
علينا ، وأبوا أن يحجوا قال الله {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : لما نزلت ({ومن يبتغ غير
الإسلام دينا} الآية ، قالت الملل : نحن المسلمون ، فأنزل الله {ولله على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}
فحج المسلمون وقعد الكفار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي في "سُنَنِه"
عن مجاهد قال : لما نزلت هذه الآية (ومن يبتغ غير الإسلام دينا) الآية ،
قال أهل الملل كلهم : نحن مسلمون ، فأنزل الله {ولله على الناس حج البيت}
قال : يعني على المسلمين ، حج المسلمون وترك المشركون.
وأخرج سعيد بن
منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك قال :
لما نزلت آية الحج {ولله على الناس حج البيت} الآية جمع
رسول الله
صلى الله عليه وسلم أهل الملل ، مشركي العرب والنصارى واليهود والمجوس
والصابئين فقال : إن الله فرض عليكم الحج فحجوا البيت ، فلم يقبله إلا
المسلمون وكفرت به خمس
ملل ، قالوا : لا نؤمن به ولا نصلي إليه ولا نستقبله ، فأنزل الله {ومن
كفر فإن الله غني عن العالمين}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي داود نفيع قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر
فإن الله غني عن العالمين} فقام رجل من هذيل فقال : يا رسول الله من تركه
كفر قال : من تركه لا يخاف عقوبته ومن حج لا يرجو ثوابه فهو ذاك.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم في قول الله {ومن كفر} قال : من كفر بالله واليوم الآخر.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد أنه سئل عن قول الله {ومن كفر فإن
الله غني عن العالمين} ما هذا الكفر قال : من كفر بالله واليوم الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطاء بن أبي رباح في الآية قال :
من كفر بالبيت.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه سئل عن ذلك فقرأ {إن أول بيت وضع للناس}
إلى قوله {سبيلا} ثم قال : من كفر بهذه الآيات.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في الآية قال : ومن كفر فلم يؤمن فهو
الكافر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : لو كان لي جار موسر ثم مات ولم
يحج لم أصل عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش أنه قرأ {ولله على الناس حج البيت} بكسر
الحاء.
وأخرج عن عاصم بن أبي النجود {ولله على الناس حج البيت} بنصب الحاء.
وأخرج
ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عباس أن الأقرع بن حابس سأل النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم الحج في كل سنة ، أو مرة واحدة قال : لا ، بل مرة
واحدة فمن زاد فتطوع.
الآيات 98 - 101.
أخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن
زيد بن أسلم قال : مر شاس بن قيس وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر
شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما
رأى من إلفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم
من العداوة في الجاهلية فقال : قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد ، والله
ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار فأمر فتى شابا معه من يهود فقال
: اعمد إليهم فاجلس معهم ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله وأنشدهم بعض ما
كانوا تقاولوا فيه من الأشعار ، وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس
والخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج ، ففعل فتكلم القوم عند ذلك
وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب أوس بن قيظي أحد
بني حارثة من الأوس وجبار بن صخر أحد بني سلمة من
الخزرج فتقاولا ثم
قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم - والله - رددناها الآن جذعة ، وغضب الفريقان
جميعا وقالوا : قد فعلنا ، السلاح السلاح ، موعدكم الظاهرة والظاهرة الحرة
، فخرجوا إليها وانضمت الأوس بعضها إلى بعض والخزرج بعضها إلى بعض على
دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه
وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من
أصحابه حتى جاءهم فقال : يا
معشر المسلمين الله الله ، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم
الله إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من
الكفر وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا فعرف القوم أنها نزغة
من الشيطان وكيد من عدوه لهم ، فألقوا السلاح وبكوا وعانق الرجال بعضهم
بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين قد أطفأ
الله عنهم كيد عدو الله شاس وأنزل الله في شأن شاس بن قيس وما صنع {قل يا
أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون} إلى قوله {وما
الله بغافل عما تعملون} وأنزل في أوس بن قيظي وجبار ابن صخر ومن كان معهما
من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من
الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين} إلى قوله {وأولئك لهم عذاب
عظيم}
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والطبراني من طريق أبي نعيم عن ابن عباس قال : كانت الأوس والخزرج في
الجاهلية بينهم شر فبينما هم يوما جلوس ذكروا ما بينهم حتى غضبوا وقام
بعضهم إلى بعض بالسلاح فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك
فركب إليهم ، فنزلت {وكيف تكفرون} الآية ، والآيتان بعدها.
وأخرج ابن
المنذر عن عكرمة قال : كان بين هذين الحيين من الأوس والخزرج قتال في
الجاهلية فلما جاء الإسلام اصطلحوا وألف الله بين قلوبهم فجلس يهودي في
مجلس فيه نفر من الأوس والخزرج فأنشد شعرا قاله أحد الحيين في حربهم
فكأنهم دخلهم من ذلك فقال الآخرون : قد قال شاعرنا كذا وكذا ، فاجتمعوا
وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال فنزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا إن
تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب} إلى قوله {لعلكم تهتدون} فجاء
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى قام بين الصفين فقرأهن ورفع صوته فلما
سمعوا صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن أنصتوا له وجعلوا يستمعون
فلما فرغ ألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضا وجثوا يبكون.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان جماع قبائل الأنصار بطنين : الأوس
والخزرج وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن حتى من الله عليهم
بالإسلام وبالنبي صلى الله عليه وسلم فأطفأ الله الحرب التي
كانت بينهم وألف بينهم
بالإسلام
، فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحادثان ومعهما يهودي جالس
فلم يزل يذكرهما بأيامهم والعداوة التي كانت بينهم حتى استبا ثم اقتتلا
فنادى هذا قومه وهذا قومه فخرجوا بالسلاح وصف بعضهم لبعض فجاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلم يزل يمشي بينهم إلى هؤلاء وهؤلاء ليسكنهم حتى
رجعوا ، فأنزل الله في ذلك القرآن {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا
من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين}.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : نزلت في ثعلبة بن غنمة الأنصاري
وكان بينه وبين أناس من الأنصار كلام فمشى بينهم يهودي من قينقاع فحمل
بعضهم على بعض حتى همت الطائفتان من الأوس والخزرج أن يحملوا السلاح
فيقاتلوا ، فأنزل الله {إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد
إيمانكم كافرين} يقول : إن حملتم السلاح فاقتتلتم كفرتم.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لم تصدون عن سبيل الله} الآية ،
قال : كانوا إذا سألهم أحد هل تجدون محمدا قالوا : لا ، فصدوا الناس عنه
وبغوا
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية يقول
: لم تصدون عن الإسلام وعن نبي الله من آمن بالله وأنتم شهداء فيما تقرأون
من كتاب الله : أن محمدا رسول الله وأن الإسلام دين الله الذي لا يقبل
غيره ولا يجزي إلا به يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.
وأخرج
ابن جرير عن الحسن في قوله {يا أهل الكتاب لم تصدون} قال : هم اليهود
والنصارى ، نهاهم أن يصدوا المسلمين عن سبيل الله ويريدون أن يعدلوا الناس
إلى الضلالة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن
قتادة في قوله {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا} الآية ، قد تقدم
الله إليكم فيهم كما تسمعون وحذروكموهم وأنبأكم بضلالتهم فلا تأمنوهم على
دينكم ولا تنصحوهم على أنفسكم فإنهم الأعداء الحسدة الضلال ، كيف تأمنون
قوما كفروا بكتابهم وقتلوا رسلهم وتحيروا في دينهم وعجزوا عن أنفسهم أولئك
- والله - أهل التهمة والعداوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله}
قال :
علمان بينان : نبي الله وكتاب الله فأما نبي الله فمضى عليه
الصلاة والسلام.
وَأَمَّا كتاب الله فأبقاه الله بين أظهركم رحمة من الله ونعمة ، فيه
حلاله وحرامه ومعصيته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {ومن
يعتصم بالله} قال : يؤمن بالله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال
: الإعتصام بالله الثقة به.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الربيع رفع الحديث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه
قال : إن الله قضى على نفسه أنه من آمن به هداه ومن وثق به أنجاه ، قال
الربيع : وتصديق ذلك في كتاب الله {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط
مستقيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق الربيع عن أبي العالية قال : إن
الله قضى على نفسه أنه من آمن به هداه ومن توكل عليه كفاه ومن أقرضه جزاه
ومن وثق به أنجاه ومن دعاه استجاب له بعد أن يستجيب لله ، قال الربيع :
وتصديق ذلك في كتاب الله (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) (التغابن الآية 11)
(ومن
يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره) (الطلاق الآية 3) (ومن يقرض
الله قرضا حسنا يضاعفه له) {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}
{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي}
البقرة الآية 186.
وأخرج تمام في فوائده عن كعب بن مالك قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أوحى الله إلى داود : يا داود ما من عبد يعتصم
بي دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده السموات بمن فيها إلا جعلت له من بين
ذلك مخرجا وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف منه نيته إلا قطعت أسباب
السماء من بين يديه وأسخت الهواء من تحت قدميه.
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن ابن عمر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : من طلب ما عند الله كانت السماء ظلاله
والأرض فراشه لم يهتم بشيء
من
أمر الدنيا فهو لا يزرع الزرع وهو يأكل الخبز ولا يغرس الشجر ويأكل الثمار
توكلا على الله وطلب مرضاته فضمن الله السموات والأرض رزقه فهم يتعبون فيه
ويأتون به حلالا ويستوفي هو رزقه بغير حساب حتى أتاه اليقين ، قال الحاكم
: صحيح ، قال الذهبي : بل منكر أو موضوع فيه عمرو بن بكر السكسكي متهم عند
ابن حبان وابنه إبراهيم ، قال الدارقطني : متروك.
وأخرج الحاكم وصححه
عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول ربكم : يا
ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى وأملأ يديك رزقا ، يا ابن آدم لا
تباعد مني فأملأ قلبك فقرا وأملأ يديك شغلا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن
الزهري قال : أوحى الله إلى داود : ما من عبد يعتصم بي دون خلقي وتكيده
السموات والأرض إلا جعلت له من ذلك مخرجا وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني
إلا قطعت أسباب السماء بين يديه وأسخت الأرض من تحت قدميه.
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جعل
الهموم هما واحدا كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة ومن تشاعبت به
الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك.
الآية 102.
أخرج ابن
المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي
شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في الناسخ
والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن مسعود في
قوله {اتقوا الله حق تقاته} قال : أن يطاع فلا
يعصى
ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر ، واخرج الحكم وصححه ، وَابن مردويه من وجه
آخر عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {اتقوا الله حق
تقاته} أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن
عكرمة {اتقوا الله حق تقاته} قال : أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى ،
قال عكرمة : قال ابن عباس : فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله بعد ذلك
(فاتقوا الله ما استطعتم) (التغابن الآية 16).
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {اتقوا الله حق تقاته} أن يطاع فلا
يعصى ، فلم يستطيعوا قال الله (فاتقوا الله ما استطعتم).
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية اشتد على القوم
العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فأنزل الله تخفيفا على
المسلمين (فاتقوا الله ما استطعتم) فنسخت الآية الأولى.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود {اتقوا الله حق تقاته} قال :
نسختها (فاتقوا الله ما استطعتم).
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي
عن ابن عباس في قوله {اتقوا الله حق تقاته} قال : لم تنسخ ولكن {حق تقاته}
أن يجاهدوا في الله حق جهاده ولا تأخذهم في الله لومة لائم ويقوموا لله
بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن
أنس قال : لما نزلت {اتقوا الله حق تقاته} ثم نزل بعدها (فاتقوا الله ما
استطعتم) نسخت هذه الآية التي في آل عمران.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد
بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {اتقوا
الله حق تقاته} قال : نسختها الآية التي في التغابن (فاتقوا الله ما
استطعتم واسمعوا وأطيعوا) وعليها بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على
السمع والطاعة فيما استطاعوا ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {اتقوا الله حق تقاته} قال : نزلت هذه
الآية في الأوس والخزرج وكان
بينهم قتال يوم بعاث قبيل مقدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأصلح بينهم فأنزل الله هذه الآيات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال : لا يتقي الله العبد حق تقاته حتى يخزن من
لسانه.
وأخرج
الطيالسي وأحمد والترمذي وصححاه والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يا أيها الذين آمنوا
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} ولو أن قطرة من الزقوم
قطرت لأمرت على أهل الأرض عيشهم فكيف ممن ليس له طعام إلا الزقوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس {يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله حق تقاته} وهو أن يطاع فلا يعصى فإن لم تفعلوا ولم تستطيعوا
{فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} قال : على الإسلام وعلى حرمة الإسلام.
وأخرج
الخطيب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يتقي الله عبد
{حق تقاته} حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
الآية 103.
أخرج
سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني
بسند صحيح عن ابن مسعود في قول الله {واعتصموا بحبل الله} قال : حبل الله
القرآن.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس ، وَابن
جَرِير ، وَابن الأنباري في المصاحف والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في
الشعب عن ابن مسعود قال : إن هذا الصراط محتضر تحضره الشياطين ينادون يا
عبد الله هلم هذا هو الطريق ليصدوا عن سبيل الله فاعتصموا بحبل الله فإن
حبل الله القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : كتاب الله هو حبل الله الممدود من
السماء إلى الأرض.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي شريح الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: إن هذا القرآن سبب ، طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن
تضلوا بعده أبدا.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن زيد بن أرقم قال :
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني تارك فيكم كتاب الله هو
حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة.
وأخرج أحمد
عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني تارك فيكم
خليفتين : كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل
بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
وأخرج الطبراني عن زيد بن
أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لكم فرط وإنكم واردون
علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين قيل : وما الثقلان يا رسول الله
قال : الأكبر كتاب الله عز وجل ، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم
فتمسكوا
به لن تزالوا ولا تضلوا والأصغر عترتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض وسألت لهما ذاك ربي فلا تقدموهما لتهلكوا ولا تعلموهما فإنهما أعلم
منكم.
وأخرج ابن سعد وأحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إني تارك فيكم ما إن أخذتم به
لن تضلوا بعدي أمرين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود ما بين
السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني
من طريق الشعبي عن ابن مسعود {واعتصموا بحبل الله جميعا} قال : حبل الله
الجماعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن ثابت بن فطنة المزني
قال : سمعت ابن مسعود يخطب وهو يقول : أيها الناس عليكم
بالطاعة والجماعة فإنهما حبل الله الذي أمر به.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سماك بن الوليد الحنفي أنه لقي ابن عباس فقال : ما تقول
في سلاطين علينا يظلموننا ويشتموننا ويعتدون علينا في صدقاتنا ألا
نمنعهم قال : لا أعطهم الجماعة الجماعة إنما هلكت الأمم الخالية بتفرقها
أما سمعت قول الله {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}.
وأخرج
ابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي
ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة ، قالوا : يا رسول
ومن هذه الواحدة قال : الجماعة ، ثم قال {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا
تفرقوا} ، (في الكتاب الحديث مكرر).
وَأخرَج ابن ماجة ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افترقت
بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة
كلهم في النار إلا واحدة قالوا : يا رسول الله ومن هذه الواحدة قال :
الجماعة ثم قال {واعتصموا بحبل الله جميعا}.
وأخرج مسلم والبيهقي عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يرضى لكم ثلاثا
ويسخط لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا
بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، ويسخط لكم :
قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ، واخرج أحمد وأبو داود عن معاوية بن
أبي سفيان : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : إن أهل الكتابين
افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث
وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة.
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من خرج من
الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه حتى يراجعه ومن مات وليس
عليه إمام جماعة فإن موتته ميتة جاهلية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي
حاتم عن أبي العالية {واعتصموا بحبل الله} قال : بالإخلاص لله وحده {ولا
تفرقوا} يقول : لا تعادوا عليه - يقول على الإخلاص - وكونوا عليه إخوانا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {واعتصموا بحبل الله} قال : بطاعته.
وأخرج عن قتادة {واعتصموا بحبل الله} قال : بعهد الله وبأمره.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {واعتصموا بحبل الله} قال :
الإسلام.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {واذكروا نعمة الله عليكم إذ
كنتم أعداء} يقتل بعضكم بعضا ويأكل شديدكم ضعيفكم حتى جاء الله بالإسلام
فألف به بينكم وجمع جمعكم عليه وجعلكم عليه إخوانا.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر عن عكرمة قال : لقي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نفرا من
الأنصار فآمنوا به وصدقوا وأراد أن يذهب معهم فقالوا : يا رسول الله إن
بين قومنا حربا وإنا نخاف إن جئت على حالك هذه أن لا يتهيأ الذي تريد ،
فوادوه العام المقبل فقالوا : نذهب برسول الله صلى الله عليه وسلم فلعل
الله أن يصلح تلك الحرب ، وكانوا يرون أنها لا تصلح - وهي يوم بعاث -
فلقوه من العام المقبل سبعين رجلا قد آمنوا به فأخذ منهم النقباء اثني عشر
رجلا ، فذلك حين يقول {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين
قلوبكم} وفي لفظ لإبن جرير فلما كان من أمر عائشة ما كان فتشاور الحيان
قال بعضهم لبعض : موعدكم الحرة فخرجوا إليها ، فنزلت هذه الآية {واذكروا
نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جريج في قوله {إذ كنتم أعداء} قال : ما
كان بين الأوس والخزرج في شأن عائشة.
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحاق قال : كانت الحرب بين الأوس والخزرج عشرين
ومائة سنة حتى قام الإسلام فأطفأ الله ذلك وألف بينهم.
وأخرج
ابن المنذر عن مقاتل بن حيان قال : بلغني أن هذه الآية أنزلت في قبيلتين
من قبائل الأنصار في رجلين ، أحدهما من الخزرج والآخر من الأوس اقتتلوا في
الجاهلية زمانا طويلا فقدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة فأصلح
بينهم فجرى الحديث بينهما في المجلس فتفاخروا واستبوا حتى أشرع بعضهم
الرماح إلى بعض.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة {واذكروا نعمة الله عليكم
إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} إذ كنتم تذابحون
فيها يأكل شديدكم ضعيفكم حتى جاء الله بالإسلام فآخى به بينكم وألف به
بينكم ، أما والله الذي لا إله إلا هو إن الألفة لرحمة وإن الفرقة لعذاب
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : والذي نفس محمد بيده
لا يتواد رجلان في الإسلام فيفرق بينهما من أول ذنب يحدثه أحدهما وان
أرادهما المحدث
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار بم تمنون علي أليس جئتكم ضلالا فهداكم
الله بي وجئتكم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي قالوا : بلى يا رسول الله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وكنتم على شفا حفرة من
النار} يقول كنتم على طرف النار من مات منكم وقع في النار ، فبعث الله
محمدا صلى الله عليه وسلم فاستنقذكم به من تلك الحفرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه قرأ {وكنتم على شفا حفرة من النار
فأنقذكم منها} قال : أنقذنا منها فأرجو أن لا يعيدنا فيها.
وأخرج
الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل
{وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} قال : أنقذكم الله بمحمد صلى
الله عليه وسلم ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت عباس بن
مرداس وهو يقول : يكب على شفا الأذقان كبا * كما زلق التحتم عن جفاف.
الآيتان 104 - 105.
أخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن الأنباري في
المصاحف
عن عمرو بن دينار أنه سمع ابن الزبير يقرأ {ولتكن منكم أمة يدعون إلى
الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} ويستعينون بالله على ما أصابهم
، فما أدري أكانت قراءته أو فسر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن الأنباري عن عثمان أنه قرأ ولتكن
منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون
الله على ما أصابهم وأولئك هم المفلحون.
وأخرج ابن مردويه عن أبي جعفر
الباقر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولتكن منكم أمة يدعون إلى
الخير} ثم قال : الخير اتباع القرآن وسنتي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي
العالية قال : كل آية ذكرها الله في القرآن في الأمر بالمعروف فهو الإسلام
والنهي عن المنكر فهو عبادة الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن
حيان في قوله {ولتكن منكم أمة} يقول : ليكن منكم قوم ، يعني واحدا أو
اثنين أو ثلاثة نفر فما فوق ذلك أمة يقول : إماما يقتدى به يدعون إلى
الخير قال : إلى الخير قال : إلى الإسلام ويأمرون بالمعروف بطاعة ربهم
وينهون عن المنكر عن معصية ربهم
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن
الضحاك {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} قال : هم أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم خاصة ، وهم الرواة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من
طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا} قال :
أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الإختلاف والفرقة وأخبرهم أنما هلك
من كان قبلكم بالمراء والخصومات في دين الله.
وأخرج ابن جرير عن الربيع
في قوله {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا} قال : هم أهل الكتاب ، نهى
الله أهل الإسلام أن يتفرقوا ويختلفوا كما تفرق واختلف أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولا تكونوا كالذين
تفرقوا واختلفوا} قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج أبو داود والترمذي ، وَابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي
هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افترقت اليهود على إحدى وسبعين
فرقة وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين
فرقة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : كيف يصنع أهل هذه الأهواء
الخبيثة بهذه الآية في آل عمران {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من
بعد ما جاءهم البينات} قال : نبذوها ورب الكعبة وراء ظهورهم.
وأخرج
أحمد وأبو داود والحاكم عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: إن أهل الكتاب تفرقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة وتفترق هذه الأمة
على ثلاث
وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة ويخرج في
أمتي أقوام تتجارى تلك الأهواء بهم كما يتجارى الكلب بصاحبه فلا يبقى منه
عرق ولا مفصل إلا دخله.
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن عمرو قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو
النعل بالنعل حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله إن بني
إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة
كلها في النار إلا ملة واحدة فقيل له : ما الواحدة قال : ما أنا عليه
اليوم وأصحابي
وأخرج الحاكم عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن
أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لتسلكن سنن من قبلكم
إن بني إسرائيل افترقت ، الحديث.
وأخرج ابن ماجة عن عوف بن مالك قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة
فواحدة في الجنة وسبعون في النار وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة
فإحدى وسبعين في النار وواحدة في الجنة ، والذي نفس محمد بيده لتفترقن
أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فواحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار ، قيل
: يا رسول الله من هم قال : الجماعة.
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة فهلكت
سبعون فرقة وخلصت فرقة واحدة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة تهلك
إحدى وسبعون فرقة وتخلص فرقة قيل : يا رسول الله من تلك الفرقة قال :
الجماعة الجماعة.
وأخرج أحمد عن أبي ذر عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : اثنان خير من واحد وثلاثة خير من اثنين وأربعة خير من ثلاثة
فعليكم بالجماعة فإن الله لم يجمع أمتي إلا على هدى
وأخرج ابن
مردويه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : ادخلوا علي ولا يدخل علي إلا قرشي فقال : يا
معشر قريش أنتم الولاة بعدي لهذا الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون
{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} {ولا تكونوا كالذين تفرقوا
واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات}
{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا
الزكاة وذلك دين القيمة} البينة الآية 5.
الآيات 106 - 109.
أخرج
أحمد والترمذي ، وَابن ماجة والطبراني ، وَابن المنذر عن أبي غالب قال :
رأى أبو أمامة رؤوس الأزارقة منصوبة على درج مسجد دمشق فقال أبو أمامة :
كلاب النار شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه ، ثم قرأ {يوم تبيض
وجوه وتسود وجوه} الآية ، قلت لأبي أمامة : أنت سمعته من رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا حتى
عد سبعا ما حدثتكموه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نصر في الإبانة والخطيب
في تاريخه واللالكائي في السنة عن ابن عباس في هذه الآية قال {تبيض وجوه
وتسود وجوه} قال تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدع
والضلالة
وأخرج الخطيب في رواة مالك والديلمي عن ابن عمر عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه}
قال : تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدع.
وأخرج أبو نصر السجزي
في الإبانة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {يوم
تبيض وجوه وتسود وجوه} قال : تبيض وجوه أهل الجماعات والسنة وتسود وجوه
أهل البدع والأهواء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في الآية
قال :
صاروا
فرقتين يوم القيامة يقال لمن اسود وجهه {أكفرتم بعد إيمانكم} فهو الإيمان
الذي كان في صلب آدم حيث كانوا أمة واحدة وأما الذين ابيضت وجوههم فهم
الذين استقاموا على إيمانهم وأخلصوا له الدين فبيض الله وجوههم وأدخلهم في
رضوانه وجنته.
وأخرج الفريابي ، وَابن المنذر عن عكرمة في الآية قال :
هم أهل الكتاب كانوا مصدقين بأنبيائهم مصدقين بمحمد فلما بعثه الله كفروا
، فذلك قوله {أكفرتم بعد إيمانكم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي أمامة في
قوله !
{فأما الذين اسودت وجوههم} قال : هم الخوارج.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير في الآية عن قتادة قال : لقد كفر أقوام بعد
إيمانهم كما تسمعون {فأما الذين اسودت وجوههم} فأهل طاعة الله والوفاء
بعهد الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فأما
الذين اسودت وجوههم} قال : هم المنافقون كانوا أعطوا كلمة الإيمان
بألسنتهم وأنكروها بقلوبهم وأعمالهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {وتسود وجوه} قال : هم اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} قال :
هذا لأهل القبلة.
وأخرج ابن المنذر عن السدي بسند فيه من لا يعرف {يوم تبيض وجوه وتسود
وجوه} قال : بالأعمال والأحداث
وأخرج
ابن أبي حاتم بسند فيه من لا يعرف عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم هل تأتي عليك ساعة لا تملك فيها لأحد شفاعة قال : نعم {يوم
تبيض وجوه وتسود وجوه} حتى أنظر ما يفعل بي ، أو قال : بوجهي.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه.
وأخرج أبو نعيم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الغبار
في سبيل الله إسفار الوجوه يوم القيامة.
وأخرج
الطبراني عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ليس من
عبد يقول لا إله إلا الله مائة مرة إلا بعثه الله يوم القيامة ووجهه
كالقمر ليلة البدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن وثاب أنه قرأ كل شيء في القرآن {وإلى
الله ترجع الأمور} بنصب التاء وكسر الجيم.
الآيات 110 - 112
أخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والفريابي وأحمد والنسائي
، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه
عن ابن عباس في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال : هم الذين هاجروا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي
حاتم عن السدي في الآية قال : قال عمر بن الخطاب : لو شاء الله لقال :
أنتم ، فكنا كلنا ولكن قال {كنتم} في خاصة أصحاب محمد ومن صنع مثل صنيعهم
كانوا {خير أمة أخرجت للناس}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي عمن حدثه عن عمر في قوله {كنتم
خير أمة} قال : تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : نزلت في ابن مسعود وعمار
بن يسار وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية
{كنتم خير أمة أخرجت للناس} الآية ، ثم قال : يا أيها الناس من سره أن
يكون من تلكم الأمة فليؤد شرط الله منها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {كنتم خير
أمة أخرجت للناس} يقول : على هذا الشرط ، أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن
المنكر وتؤمنوا بالله ، يقول : لمن أنتم بين ظهرانيه كقوله (ولقد اخترناهم
على علم على العالمين) (الدخان الآية 32).
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن
حُمَيد والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذرو ابن أبي حاتم
والحاكم عن أبي هريرة في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال : خير الناس
للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس {كنتم خير أمة أخرجت للناس}
قال : خير الناس للناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال : لم تكن أمة أكثر استجابة في
الإسلام من هذه الأمة فمن ثم قال {كنتم خير أمة أخرجت للناس}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد وأحمد والترمذي وحسنه وابن
ماجة
، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه
، وَابن مردويه عن معاوية بن حيدة أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال : إنكم تتمون سبعين أمة أنتم
خيرها وأكرمها على الله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا نبي
الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو مسند ظهره إلى الكعبة : نحن نكمل
يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرها.
وأخرج أحمد بسند حسن ، عَن
عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت ما لم يعط أحد من
الأنبياء : نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل التراب لي
طهورا وجعلت أمتي خير الأمم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال : أهل بيت
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عطية في الآية قال : خير الناس
للناس ، شهدتم للنبيين الذين كذبهم قومهم بالبلاغ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : لم تكن أمة دخل فيها من أصناف
الناس غير هذه الأمة.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن
ابن عباس في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف} يقول :
تأمرونهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله والإقرار بما أنزل الله ويقاتلونهم
عليه ، ولا إله إلا الله هو أعظم المعروف وتنهونهم عن المنكر والمنكر هو
التكذيب وهو أنكر المنكر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {منهم المؤمنون} قال : استثنى الله
منهم ثلاثة كانوا على الهدى والحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وأكثرهم
الفاسقون} قال : ذم الله أكثر الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله !
{لن يضروكم إلا أذى} قال : تسمعونه منهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {لن يضروكم إلا أذى} قال : اشراكهم في عزير
وعيسى والصليب.
وأخرج عن الحسن {لن يضروكم إلا أذى} قال : تسمعون منهم كذبا على الله
يدعونكم إلى الضلالة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ضربت عليهم الذلة} قال : هم
أصحاب القبالات.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {ضربت عليهم الذلة} قال : أذلهم
الله فلا منعة لهم وجعلهم الله تحت أقدام المسلمين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
الحسن قال : أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجتنيهم الجزية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة {ضربت عليهم الذلة} قال :
يعطون الجزية عن يد وهم ضاغرون.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {وضربت عليهم الذلة} قال : الجزية.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريقين عن ابن عباس {إلا
بحبل من الله وحبل من الناس} قال : بعهد من الله وعهد من الناس.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ذلك بما عصوا
وكانوا يعتدون} قال : اجتنبوا المعصية والعدوان فإن بهما هلك من هلك قبلكم
من الناس.
الآيات 113 - 116.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر عن
ابن عباس قال : لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية
وأسد
بن عبيد ومن أسلم من يهود معهم ، فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قالت
أحبار يهود وأهل الكفر منهم : ما آمن بمحمد وتبعه إلا شرارنا ولو كانوا
خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره ، فأنزل الله في ذلك {ليسوا
سواء} إلى قوله {وأولئك من الصالحين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ليسوا سواء} الآية
، يقول : ليس كل القوم هلك قد كان لله فيهم بقية.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {أمة قائمة} قال : عبد الله بن سلام
وثعلبة بن سلام أخوه وسعية ومبشر وأسيد وأسد ابنا كعب
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : هؤلاء اليهود
ليسوا كمثل هذه الآمة التي هي قانتة لله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {أمة قائمة} يقول : مهتدية قائمة
على أمر الله لم تنزع عنه وتتركه كما تركه الآخرون وضيعوه
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
{أمة قائمة} قال : عادلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع {أمة قائمة} يقول : قائمة على
كتاب الله وحدوده وفرائضه.
وأخرج ابن جرير عن الربيع {آناء الليل} قال : ساعات الليل.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن نصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
ابن عباس في قوله {آناء الليل} قال : جوف الليل.
وأخرج
الفريابي والبخاري في تاريخه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {ليسوا سواء من أهل الكتاب
أمة قائمة} قال : لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد {يتلون آيات الله آناء
الليل} قال : صلاة العتمة هم يصلونها ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصلونها
وأخرج
أحمد والنسائي والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والطبراني بسند حسن عن ابن مسعود قال : أخر رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة
فقال : أما أنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ،
ولفظ ابن جرير والطبراني وقال : إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب
، قال : وأنزلت هذه الآية {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة} حتى بلغ
{والله عليم بالمتقين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {يتلون
آيات الله آناء الليل} قال : قال بعضهم : صلاة العتمة يصليها أمة محمد ولا
يصليها غيرهم من أهل الكتاب.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في
"سُنَنِه" عن معاذ بن جبل قال : أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة
العتمة ليلة حتى ظن الظان أن قد صلى ثم خرج فقال : أعتموا بهذه الصلاة
فإنكم فضلتم بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم
وأخرج الطبراني بسند حسن عن المنكدر عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم أنه خرج ذات ليلة
وقد
أخر صلاة العشاء حتى ذهب من اليل هنيهة أو ساعة والناس ينتظرون في المسجد
فقال : أما إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها ثم قال : أما إنها صلاة
لم يصلها أحد ممن كان قبلم من الأمم.
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار بسند
حسن عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أعتم ليلة بالعشاء ،
فناداه عمر : نام النساء والصبيان فقال : ما ينتظر هذه الصلاة أحد من أهل
الأرض غيركم.
وأخرج الطبراني بسند حسن عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم أخر صلاة العشاء ثم خرج فقال : ما يحبسكم هذه الساعة قالوا
: يا نبي الله انتظرناك لنشهد الصلاة معك فقال لهم : ما صلى صلاتكم هذه
أمة قط قبلكم وما زلتم في صلاة بعد.
وأخرج الطبراني بسند حسن عن عبد
الله بن المستورد قال : احتبس النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليلة حتى لم
يبق في المسجد إلا بضعة عشر رجلا فخرج إليهم فقال : ما أمسى أحد ينتظر
الصلاة غيركم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
منصور قال : بلغني أنها نزلت {يتلون آيات الله آناء الليل وهم
يسجدون} فيما بين المغرب والعشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {يتلون آيات الله آناء الليل}
قال : هي صلاة الغفلة.
وأخرج
ابن جرير عن أبي عمرو بن العلاء في قوله {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه}
قال : بلغني عن ابن عباس أنه كان يقرؤهما جميعا بالتاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فلن يكفروه} قال : لن يضل
عنكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فلن يكفروه} قال : لن تظلموه.
الآية 117
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا} قال : مثل
نفقة الكافر في الدنيا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : مثل ما ينفق المشركون
ولا يتقبل منهم كمثل هذا الزرع إذا زرعه القوم الظالمون ، فأصابته ريح
فيها صر فأهلكته فكذلك أنفقوا فأهلكهم شركهم.
وأخرج سعيد بن منصور
والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم من طرق عن ابن عباس {فيها صر} قال : برد شديد.
وأخرج الطستي في
مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {فيها صر} قال : برد ،
قال : فهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بني ذبيان : لا
يبردون إذا ما الأرض جللها * صر الشتاء من الأمحال كالأدم.
الآيات 118 - 120.
أخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
قال : كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من
الجوار والحلف في الجاهلية فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف
الفتنة عليهم
منهم {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لا تتخذوا بطانة من
دونكم} قال : هم المنافقون.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في الآية قال : نزلت في المنافقين من أهل المدينة ، نهى المؤمنين أن
يتولوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند جيد عن حميد بن مهران
المالكي الخياط قال : سألت أبا غالب عن قوله {يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا بطانة من دونكم} الآية ، قال : حدثني أبو أمامة عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم : أنه قال : هم الخوارج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو
يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب
عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تنقشوا في خواتيمكم
عربيا ولا تستضيئوا بنار المشركين ، فذكر ذلك للحسن فقال : نعم ، لا
تنقشوا في خواتيمكم محمدا ولا تستشيروا المشركين في شيء
من أموركم قال الحسن : وتصديق ذلك في كتاب الله {يا أيها الذين
آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم}.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب ، أنه
قيل له : إن هنا غلاما من أهل الحيرة حافظا كاتبا فلو اتخذته كاتبا قال :
قد اتخذت إذن بطانة من دون المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن الربيع {لا تتخذوا بطانة} يقول : لا تستدخلوا المنافقين
تتولوهم دون المؤمنين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ودوا ما عنتم} يقول : ما ضللتم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {ودوا ما عنتم} يقول : ود المنافقون ما
عنت المؤمنون في دينهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {قد بدت البغضاء من أفواههم} يقول
: من أفواه المنافقين إلى إخوانهم من الكفار من غشهم للإسلام وأهله وبغضهم
إياهم {وما تخفي صدورهم أكبر} يقول : ما تكن صدورهم أكبر مما قد أبدوا
بألسنتهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ها أنتم أولاء
تحبونهم ولا يحبونكم}
قال المؤمن خير للمنافق من المنافق للمؤمن يرحمه في الدنيا ، لو يقدر
المنافق من المؤمن على مثل ما يقدر عليه منه لأباد خضراءه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة ، مثله.
وأخرج
إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وتؤمنون
بالكتاب كله} أي بكتابكم وكتابهم وبما مضى من الكتب قبل ذلك وهم يكفرون
بكتابكم فأنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود {وإذا خلوا
عضوا عليكم الأنامل} قال : هكذا ووضع أطراف أصابعه في فيه
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {وإذا لقوكم} الآية ، قال
: إذا لقوا المؤمنين {قالوا آمنا} ليس بهم إلا مخافة على دمائهم وأموالهم
فصانعوهم بذلك {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ} يقول : مما يجدون
في قلوبهم من الغيظ والكراهة لما هم عليه لو يجدون ريحا لكانوا على
المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن السدي {عضوا عليكم الأنامل} قال : الأصابع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء قال
: نزلت هذه الآية في الإباضية.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل {إن تمسسكم حسنة} يعني النصر على العدو والرزق
والخير يسؤهم ذلك {وإن تصبكم سيئة} يعني القتل والهزيمة والجهد
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
إذا رأوا من أهل الإسلام إلفة وجماعة وظهورا على عدوهم غاظهم ذلك وساءهم
واذا رأوا من أهل الإسلام فرقة واختلافا أو أصيب طرف من أطراف المسلمين
سرهم ذلك وابتهجوا به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم} مشددة
برفع الضاد والراء.
الآية 121
أخرج
ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب وعاصم بن عمر بن قتادة ومحمد
بن يحيى بن حبان والحصين بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ قالوا : كان يوم
أحد يوم بلاء وتمحيص اختبر الله به المؤمنين ومحق به الكافرين ممن كان
يظهر الإسلام بلسانه وهو مستخف بالكفر ويوم أكرم الله فيه من أراد كرامته
بالشهادة من أهل ولايته فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية من آل
عمران فيها صفة ما كان في يومه ذلك ومعاتبة من عاتب منهم ، يقول الله
لنبيه {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم}
وأخرج
البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب قال : قاتل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
يوم بدر في رمضان سنة اثنتين ثم قاتل يوم أحد في شوال سنة ثلاث ثم قاتل
يوم الخندق وهو يوم الأحزاب وبني قريظة في شوال سنة أربع.
وأخرج عبد
الرزاق والبيهقي في الدلائل عن عروة قال : كانت وقعة أحد في شوال على رأس
سنة من وقعة بدر ولفظ عبد الرزاق : على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير
ورئيس المشركين يومئذ أبو سفيان بن حرب.
وأخرج البيهقي عن قتادة قال :
كانت وقعة أحد في شوال يوم السبت لإحدى عشرة ليلة مضت من شوال وكان أصحابه
يومئذ سبعمائة والمشركون ألفين أو ما شاء الله من ذلك.
وأخرج أبو يعلى
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن المسور بن مخرمة قال : قلت لعبد
الرحمن بن عوف يا خال أخبرني عن قصتكم يوم أحد قال : اقرأ بعد العشرين
ومائة من آل عمران تجد قصتنا {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد
للقتال} إلى قوله (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا) قال : هم الذين طلبوا
الأمان من المشركين إلى قوله (ولقد كنتم تمنون
الموت من قبل أن
تلقوه فقد رأيتموه) قال : هو تمني المؤمنين لقاء العدو إلى قوله (أفإن مات
أو قتل انقلبتم) قال : هو صياح الشيطان يوم أحد : قتل محمد إلى قوله (أمنة
نعاسا) قال : ألقي عليهم النوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس وإذ {غدوت من
أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال} قال : يوم أحد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {تبوئ المؤمنين} قال : توطى ء.
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {تبوئ
المؤمنين} قال : توطن المؤمنين لتسكن قلوبهم قال : وهل تعرف العرب ذلك قال
: نعم ، أما سمعت قول الأعشى الشاعر : وما بوأ الرحمن بيتك منزلا * بأجياد
غربي الفنا والمحرم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذ غدوت من أهلك تبوئ
المؤمنين مقاعد للقتال}
قال : مشى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يومئذ على رجليه يبوى ء
المؤمنين.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وإذ غدوت من أهلك} قال :
يعني محمدا صلى الله عليه وسلم يبوى ء المؤمنين مقاعد للقتال يوم الأحزاب.
وأخرج
ابن إسحاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن شهاب
ومحمد ابن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن
عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم ، كل حدث بعض الحديث عن يوم أحد قالوا : لما
أصيبت قريش أو من ناله منهم يوم بدر من كفار قريش ورجع قلهم إلى مكة ورجع
أبو سفيان بعيره ، مشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن
أمية في رجال من قريش ممن أصيب آباؤهم وإخوانهم ببدر فكلموا أبا سفيان ابن
حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا : يا معشر قريش إن
محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينوننا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه
ثأرا بمن أصاب ففعلوا فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وخرجت بجدتها وجديدها وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة ولئلا يقروا ،
وخرج أبو سفيان وهو قائد
الناس فأقبلوا حتى نزلوا بعينين جبل ببطن
السبخة من قناة على شفير الوادي مما يلي المدينة ، فلما سمع بهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم والمسلمون وأنهم قد نزلوا حيث نزلوا قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : إني رأيت بقرا تنحر ورأيت في ذباب سيفي ثلما ورأيت أني
أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة
وتدعوهم
حيث نزلوا فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا علينا
قاتلناهم فيها ، ونزلت قريش منزلها أحدا يوم الأربعاء فأقاموا ذلك اليوم
ويوم الخميس ويوم الجمعة وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى
الجمعة فأصبح بالشعب من أحد فالتقوا يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث
وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى رأيه
في ذلك ، أن لا يخرج إليهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج
من المدينة فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيرهم
ممن كان فاته يوم بدر وحضروه : يا رسول الله أخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون
أنا جبنا عنهم وضعفنا فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة
فلا تخرج إليهم فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا ولا
دخلها علينا إلا أصبنا منهم فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشر وإن
دخلوا قاتلهم النساء والصبيان والرجال بالحجارة من فوقهم وإن رجعوا رجعوا
خائبين كما جاؤوا ، فلم يزل
الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم
الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلبس لأمته - وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة - ثم خرج عليهم وقد ندم
الناس وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك
فإن شئت فاقعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ينبغي لنبي إذا لبس
لأمته أن يضعها حتى يقاتل ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف رجل
من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد تحول عنه عبد الله بن
أبي بثلث الناس ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بني
حارثة فذب فرس بذنبه فأصاب ذباب سيفه فاستله فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم - وكان يحب الفأل ولا يعتاف - لصاحب السيف شم سيفك فإني أرى السوف
ستستل اليوم ، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالشعب من أحد
من عدوة الوادي إلى الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وتعبأ رسول الله صلى
الله عليه وسلم للقتال وهو في سبعمائة رجل وأمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم على الرماة عبد الله بن جبير والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا
الجبل بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كان علينا أو لنا فأنت مكانك لنؤتين
من قبلك وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين.
وأخرج ابن جرير عن السدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم
أحد :
أشيروا
علي
ما أصنع فقالوا : يا رسول الله أخرج إلى هذه الأكلب فقالت الأنصار : يا
رسول الله ما غلبنا عدو لنا أتانا في ديارنا فكيف وأنت فينا ، فدعا رسول
الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بن سلول - ولم يدعه قط قبلها -
فاستشاره فقال : يا رسول الله أخرج بنا إلى هذه الأكلب وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعجبه أن يدخلوا عليه المدينة فيقاتلوا في الأزقة فأتى
النعمان بن مالك الأنصاري فقال : يا رسول الله لا تحرمني الجنة قال له :
بم قال : بأني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأني لا أفر من
الزحف قال : صدقت ، فقتل يومئذ ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا
بدرعه فلبسها فلما رأوه وقد لبس السلاح ندموا وقالوا : بئسما صنعنا نشير
على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي يأتيه فقاموا واعتذروا إليه
وقالوا : اصنع ما رأيت فقال : رأيت القتال وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل ، وخرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل وقد وعدهم الفتح إن يصبروا ، فرجع
عبد الله بن أبي في ثلاثمائة فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم فأعيوه وقالوا
له : ما نعلم قتالا ولئن أطعتنا لترجعن معنا وقال {إذ همت طائفتان منكم أن
تفشلا} وهم بنو سلمة وبنو حارثة هموا بالرجوع حين رجع عبد الله بن أبي
فعصمهم الله وبقي
رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين} قال : ذاك يوم
أحد غدا نبي الله صلى الله عليه وسلم من أهله إلى أحد {تبوئ المؤمنين
مقاعد للقتال} وأحد بناحية المدينة.
الآية 122.
أخرج سعيد بن منصور
، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والبيهقي في الدلائل ، عَن جَابر بن عبد الله قال : فينا نزلت في
بني حارثة وبني سلمة {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا} وما يسرني أنها لم
تنزل لقول الله {والله وليهما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {إذ همت
طائفتان} قال : بنو حارثة كانوا نحو أحد وبنو سلمة نحو سلع.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {إذ همت طائفتان} قال : ذلك يوم
أحد والطائفتان بنو سلمة وبنو حارثة حيان من الأنصار هموا بأمر فعصمهم
الله من ذلك وقد ذكر لنا أنه لما أنزلت هذه الآية
قالوا : ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا به وقد أخبرنا الله أنه
ولينا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {إذ همت طائفتان} قال : هم بنو حارثة وبنو
سلمة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : نزلت في بني سلمة من الخزرج وبني حارثة من
الأوس {إذ همت طائفتان} الآية.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال ابن عباس : الفشل الجبن والله أعلم.
الآية 123.
أخرج
أحمد ، وَابن حبان عن عياض الأشعري قال : شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء
: أبو عبيدة ويزيد بن أبي سفيان ، وَابن حسنة وخالد بن الوليد وعياض وليس
عياض هذا قال : وقال عمر : إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة ، فكتبنا إليه
أنه قد حاس إلينا الموت واستمددناه ، فكتب الينا أنه قد جاءني كتابكم
تستمدونني وإني أدلكم على
من هو أعز نصرا وأحضر جندا الله عز وجل
فاستنصروه فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم
فإذا جاءكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني ، فقاتلناهم فهزمناهم أربعة
فراسخ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {ولقد نصركم الله ببدر} إلى (ثلاثة آلاف من
الملائكة منزلين) (آل عمران الآية 124) في قصة بدر.
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : بدر بئر.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
المنذر عن الشعبي قال : كانت بدر بئرا لرجل من جهينة يقال له بدر فسميت به.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : بدر ماء عن يمين طريق مكة بين مكة
والمدينة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : بدر ماء بين مكة والمدينة
التقى عليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والمشركون وكان أول قتال قاتله
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وذكر لنا أنه قال لأصحابه يومئذ : إنهم
اليوم بعدة أصحاب طالوت يوم لقي جالوت وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا
وألف المشركون يومئذ أو
راهقوا ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : كانت بدر متجرا في الجاهلية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وأنتم أذلة} يقول :
وأنتم قليل وهم يومئذ بضعة عشر وثلاثمائة.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم عن رافع بن خديج قال : قال
جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تعدون من شهد بدرا فيكم قال :
خيارنا قال : وكذلك نعد من شهد بدرا من الملائكة فينا.
وأخرج ابن أبي
حاتم عن سفيان بن عيينة قال : على كل مسلم أن يشكر الله في نصره ببدر ،
يقول الله {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون}.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف عن الزهري قال : سمعت ابن المسيب يقول : غزا
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة غزوة قال : وسمعته مرة أخرى يقول
أربعا وعشرين غزوة فلا أدري أكان وهما منه أو شيئا سمعه بعد ذلك قال
الزهري :
وكان الذي قاتل فيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كل شيء ذكر في
القرآن.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة قاتل
في ثمان : يوم بدر ويوم أحد ويوم الأحزاب ويوم قديد ويوم خيبر ويوم فتح
مكة ويوم ماء لبني المصطلق ويوم حنين.
الآيات 124 - 127
أخرج ابن
أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي أن
المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق ذلك
عليهم فأنزل الله {ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف} إلى قوله
{مسومين} قال : فبلغت كرزا الهزيمة فلم يمد المشركين ولم يمد المسلمون
بالخمسة.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال : لما كان يوم بدر بلغ رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحوه إلا أنه قال {ويأتوكم من فورهم هذا}
يعني كرزا وأصحابه {يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين} فبلغ كرزا
وأصحابه الهزيمة فلم يمدهم ولم تنزل الخمسة وأمدوا بعد ذلك بألف فهم أربعة
آلاف من الملائكة مع المسلمين
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إذ تقول
للمؤمنين} الآية ، قال : هذا يوم بدر.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال :
أمدوا بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم صاروا خمسة آلاف ، وذلك يوم بدر.
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة في قوله {بلى إن تصبروا وتتقوا} الآية ، قال هذا يوم
أحد فلم يصبروا ولم يتقوا فلم يمدوا يوم أحد ولو مدوا لم يهزموا يومئذ.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة
قال : لم يمد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم أحد ولا بملك واحد لقول
الله {وإن تصبروا وتتقوا} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إن تصبروا وتتقوا} الآية ، قال : كان
هذا موعدا من الله يوم أحد عرضه على نبيه صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين
إن اتقوا وصبروا أيدهم بخمسة آلاف من الملائكة
مسومين ففر المسلمون يوم أحد وولوا مدبرين فلم يمدهم الله.
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد قال : قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم
ينتظرون المشركين : يا رسول الله أليس يمدنا الله كما أمدنا يوم بدر فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف
من الملائكة منزلين} فإنما أمدكم يوم بدر بألف قال : فجاءت الزيادة من
الله على أن يصبروا ويتقوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ويأتوكم من فورهم
هذا} يقول : من سفرهم هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وان جرير عن عكرمة قال {من فورهم} من وجههم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن والربيع وقتادة والسدي ، مثله.
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن عكرمة {من فورهم} قال : فورهم ذلك كان يوم
أحد غضبوا ليوم بدر مما لقوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {من فورهم} قال :
من غضبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي صالح مولى أم هانى ء ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {ويأتوكم من فورهم} يقول : من وجههم وغضبهم.
وأخرج
الطبراني ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم في قوله {مسومين} قال : معلمين وكانت سيما الملائكة يوم
بدر عمائم سودا ويوم أحد عمائم حمرا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عبدالله بن
الزبير أن الزبير كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتمرا أو معتما بها فنزلت
الملائكة عليهم عمائم صفر.
وأخرج ابن إسحاق والطبراني عن ابن عباس قال
: كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضا قد أرسلوها في ظهورهم ، ويوم
حنين عمائم حمرا ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر وكانوا يكونون عددا
ومددا لا
يضربون.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق
قال له : أخبرني عن قوله تعالى {مسومين} قال : الملائكة عليهم عمائم بيض
مسومة فتلك سيما الملائكة قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت
الشاعر يقول : ولقد حميت الخيل تحمل شكة * جرداء صافية الأديم مسومة
وأخرج
ابن جرير عن أبي أسيد وكان بدريا أنه كان يقول : لو أن بصري معي ثم ذهبتم
معي إلى أحد لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة في عمائم صفر قد
طرحوها بين أكتافهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير عن عروة قال : نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق وكان على الزبير
يومئذ عمامة صفراء.
وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة عن عروة قال : نزل جبريل يوم بدر على
سيما الزبير وهو معتم بعمامة صفراء
وأخرج
أبو نعيم ، وَابن عساكر عن عباد بن عبد الله بن الزبير أنه بلغه أن
الملائكة نزلت يوم بدر وهم طير بيض عليهم عمائم صفر وكان على رأس الزبير
يومئذ عمامة صفراء من بين الناس فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : نزلت
الملائكة على سيما أبي عبد الله ، وجاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
وعليه عمامة صفراء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عمير بن
إسحاق قال : إن أول ما كان الصوف ليوم بدر ، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : تسوموا فإن الملائكة قد تسومت ، فهو أول يوم وضع الصوف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن علي بن أبي طالب قال : كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف
الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة في قوله {مسومين} قال :
بالعهن الأحمر.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {مسومين} قال : أتوا
مسومين بالصوف فسوم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنفسهم وخيلهم
على سيماهم بالصوف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {مسومين} قال :
معلمين مجزوزة أذناب خيولهم ونواصيها فيها الصوف والعهن.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {مسومين} قال : ذكر لنا أن سيماهم
يومئذ الصوف بنواصي خيلهم وأذنابهم وأنهم على خيل بلق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة {مسومين} قال : عليهم سيما
القتال.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : كانوا يومئذ على خيل بلق.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عمير بن إسحاق قال : لما كان يوم أحد أجلى الله الناس
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي سعد بن مالك يرمي وفتى شاب ينبل له
كلما فني النبل أتاه به فنثره فقال : إرم أبا إسحاق إرم أبا إسحاق ، فلما
انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل فلم يعرف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما جعله
الله إلا بشرى لكم} يقول : إنما جعلهم
لتستبشروا بهم ولتطمئنوا إليهم ولم يقاتلوا معهم يومئذ لا قبله
ولا بعده إلا يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {وما النصر إلا من عند الله} قال : لو شاء أن
ينصركم بغير الملائكة فعل.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {ليقطع طرفا من الذين كفروا} قال : قطع الله يوم بدر طرفا من
الكفار وقتل صناديدهم ورؤوسهم وقادتهم في الشر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {ليقطع طرفا} قال : هذا يوم بدر
قطع الله طائفة منهم وبقيت طائفة.
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال : ذكر الله قتلى المشركين بأحد وكانوا ثمانية عشر
رجلا فقال {ليقطع طرفا من الذين كفروا} ثم ذكر الشهداء فقال (ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) الآية
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {أو يكبتهم} قال : يخزيهم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع ، مثله.
الآيتان 128 - 129.
أخرج
ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي
في الدلائل عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد
وشج في وجهه حتى سال الدم على وجهه فقال : كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم
وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو
يعذبهم فإنهم ظالمون}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه
الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وقد جرح في وحهه
وأصيب بعض رباعيته وفوق حاجبه فقال وسالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم عن
وجهه : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل
الله {ليس لك
من الأمر شيء} الآية.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال
: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وقد شج في
وجهه وأصيبت رباعيته فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم فقال
: كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى الشيطان
ويدعوهم إلى الهدى ويدعونه إلى الضلالة ويدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى
النار فهم أن يدعو عليهم ، فأنزل الله {ليس لك من الأمر شيء} الآية فكف
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد
عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انكشف عنه
أصحابه يوم أحد كسرت رباعيته وجرح وجهه فقال وهو يصعد على أحد : كيف يفلح
قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله مكانه {ليس لك
من الأمر شيء} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
عن قتادة أن رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم أصيبت يوم أحد أصابها
عتبة بن أبي وقاص وشجه في وجهه فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم والنبي
صلى الله عليه وسلم يقول : كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم فأنزل الله {ليس
لك من الأمر شيء} الآية.
وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي ،
وَابن جَرِير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم أحد : اللهم العن
أبا سفيان اللهم العن الحرث بن
هشام الهم العن سهيل بن عمرو اللهم العن صفوان بن أمية ، فنزلت هذه الآية
{ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} فتيب عليهم
كلهم.
وأخرج الترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : كان
النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة نفر ، فأنزل الله {ليس لك من
الأمر شيء} الآية ، فهداهم الله للإسلام.
وأخرج
البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في
ناسخه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع : اللهم
أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من
المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف - يجهر
بذلك - وكان يقول في بعض صلاته - في صلاة الفجر - اللهم العن فلانا وفلانا
، ، لأحياء من أحياء العرب - يجهر بذلك - حتى أنزل الله {ليس لك من الأمر
شيء} وفي لفظ اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله ، ثم
بلغنا أنه ترك ذلك لما نزل قوله {ليس لك من الأمر شيء} الآية
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والنحاس في ناسخه عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم لعن في صلاة الفجر بعد الركوع - في الركعة الآخرة - فقال : اللهم
العن فلانا وفلانا - ناسا من المنافقين دعا عليهم - فأنزل الله {ليس لك من
الأمر شيء} الآية.
وأخرج ابن إسحاق والنحاس في ناسخه عن سالم بن عبد
الله بن عمر قال : جاء رجل من قريش إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال
: إنك تنهى عن السبي يقول : قد سبى العرب ، ثم تحول قفاه إلى النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم وكشف أسته فلعنه ودعا عليه ، فأنزل الله {ليس لك من
الأمر شيء} الآية ، ثم أسلم الرجل فحسن إسلامه.
الآيات 130 - 132.
أخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال
: كانوا يتبايعون إلى الأجل ، فإذا حل الأجل زادوا عليهم وزادوا في الأجل
فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عطاء قال : كانت ثقيف تداين بني
المغيرة في الجاهلية فإذا حل الأجل قالوا : نزيدكم وتؤخرون عنا ،
فنزلت {لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن الرجل كان يكون له على
الرجل المال فإذا حل الأجل طلبه من صاحبه فيقول المطلوب : أخر عني وأزيدك
في مالك فيفعلان ذلك ، فذلك {الربا أضعافا مضاعفة} فوعظهم الله {واتقوا
الله} في أمر الربا فلا تأكلوا {لعلكم تفلحون} لكي تفلحوا {واتقوا النار
التي أعدت للكافرين} فخوف آكل الربا من المؤمنين بالنار التي أعدت
للكافرين {وأطيعوا الله والرسول} يعني في تحريم الربا {لعلكم ترحمون} يعني
لكي ترحموا فلا تعذبون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن معاوية
بن قرة قال : كان الناس يتأولون هذه الآية {واتقوا النار التي أعدت
للكافرين} اتقوا لا أعذبكم بذنوبكم في النار التي أعددتها للكافرين
المجلد الرابع
الآية 133.أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح قال : قال المسلمون يا رسول الله بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا ، كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح وكفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه ، اجدع أنفك اجدع أذنك افعل كذا وكذا ، فسكت ، فنزلت هذه الآيات {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} إلى قوله {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخير من ذلكم ثم تلا هؤلاء الآيات عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن أنس بن مالك في قوله {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} قال : التكبيرة الأولى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وسارعوا} يقول : سارعوا بالأعمال الصالحة {إلى مغفرة من ربكم} قال : لذنوبكم {وجنة عرضها السماوات والأرض}
يعني عرض سبع سموات وسبع أرضين لو لصق بعضهم إلى بعض فالجنة في عرضهن
وأخرج
ابن جرير من طريق السدي عن ابن عباس في الآية قال : تقرن السموات السبع
والأرضون السبع كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض ، فذاك عرض الجنة.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن كريب قال : أرسلني ابن
عباس إلى رجل من أهل الكتاب أسأله عن هذه الآية {وجنة عرضها السماوات
والأرض} فأخرج أسفار موسى فجعل ينظر قال : سبع سموات وسبع أرضين تلفق كما
تلفق الثياب بعضها إلى بعض هذا عرضها وأما طولها فلا يقدر قدره إلا الله.
وأخرج
ابن جرير عن التنوخي رسول هرقل قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم بكتاب هرقل وفيه : إنك كتبت تدعوني إلى {وجنة عرضها السماوات والأرض
أعدت للمتقين} فأين النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله
، فأين الليل إذا جاء النهار.
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة
قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت قوله {وجنة
عرضها السماوات والأرض} فأين النار قال : أرأيت الليل إذا لبس كل شيء فأين
النهار قال : حيث شاء الله قال : فكذلك حيث شاء الله
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن طارق بن شهاب أن أناسا من إليهود
سألوا عمر بن الخطاب عن جنة عرضها السموات والأرض فأين النار فقال عمر :
إذا جاء الليل فأين النهار وإذا جاء النهار أين الليل فقالوا : لقد نزعت
مثلها من التوراة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن يزيد بن
الأصم أن رجلا من أهل الأديان قال لابن عباس : تقولون {وجنة عرضها
السماوات والأرض} فأين النار فقال له ابن عباس : إذا جاء الليل فأين
النهار وإذا جاء النهار فأين الليل ، واخرج مسلم ، وَابن المنذر والحاكم
وصححه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : قوموا إلى
جنة عرضها السموات والأرض فقال عمير بن الحمام الأنصاري : يا رسول الله
جنة عرضها السموات والأرض قال : نعم ، قال : بخ بخ ، ، لا والله
يا
رسول الله لا بد أن أكون من أهلها قال : فإنك من أهلها ، فأخرج تميرات من
قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال : لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة
طويلة ، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل.
الآية 134
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الذين ينفقون في السراء
والضراء} يقول : في العسر واليسر {والكاظمين الغيظ} يقول : كاظمون على
الغيظ كقوله (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) (الشورى الآية 37) يغضبون في الأمر
لو وقعوا فيه كان حراما فيغفرون ويعفون يلتمسون وجه الله بذلك {والعافين
عن الناس} كقوله (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة) (النورالآية 22)
الآية ، يقول : لا تقسموا على أن لا تعطوهم من النفقة واعفوا واصفحوا.
وأخرج
ابن الأنباري في كتاب الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال
له : أخبرني عن قول الله والكاظمين الغيظ ما الكاظمون قال : الحابسون
الغيظ قال عبد المطلب بن هاشم : فخشيت قومي واحتسبت قتالهم * والقوم من
خوف قتالهم كظم.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {والعافين عن الناس} قال :
عن المملوكين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله !
{والعافين
عن الناس} قال : يغيظون في الأمر فيغفرون ويعفون عن الناس ومن فعل ذلك فهو
محسن {والله يحب المحسنين} بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال عند
ذلك : هؤلاء في أمتي قليل إلا من عصمه الله وقد كانوا كثيرا في الأمم التي
مضت.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي هريرة في
قوله {والكاظمين الغيظ} أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من كظم
غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمنا وإيمانا.
وأخرج أحمد والبيهقي
في الشعب بسند حسن عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ما كظم عبد لله إلا ملأ
الله جوفه إيمانا.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر ، مثله.
وأخرج أحمد ،
وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن
أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من كظم غيظا وهو قادر على أن
ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور
شاء.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : ليس الشديد بالصرعة ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب.
وأخرج
البيهقي عن عامر بن سعد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مر بناس يتحادون
مهراسا فقال : أتحسبون الشدة في حمل الحجارة إنما الشدة أن يمتلى ء الرجل
غيظا ثم يغلبه.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : يقال يوم القيامة ليقم من كان له على الله
أجر فما يقوم إلا إنسان عفا.
وأخرج
الحاكم عن أبي بن كعب : أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال : من سره أن
يشرف له البنيان وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه ويعط من حرمه ويصل من
قطعه.
وأخرج البيهقي عن علي بن الحسين أن جارية جعلت تسكب عليه الماء
يتهيأ
للصلاة فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه فرفع رأسه إليها فقالت : إن
الله يقول {والكاظمين الغيظ} قال : قد كظمت غيظي قالت {والعافين عن الناس}
قال : قد عفا الله عنك قالت {والله يحب المحسنين} قال : اذهبي فأنت حرة.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : وجبت محبة الله على من أغضب فحلم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن عبسة أن رجلا سأل النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم ما الإيمان فقال : الصبر والسماحة وخلق حسن.
وأخرج البيهقي عن كعب بن مالك أن رجلا من بني سلمة سأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم
عن الإسلام فقال : حسن الخلق ، ثم راجعه الرجل فلم يزل رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : حسن الخلق ، حتى بلغ خمس مرات.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وضعفه ، عَن جَابر قال : قالوا : يا
رسول الله ما الشؤم قال : سوء الخلق.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب وضعفه عن
عائشة مرفوعا قال : الشؤم سوء الخلق.
وأخرج
الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إن حسن الخلق ليذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد.
وأخرج
البيهقي عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : الخلق السوء يفسد
الإيمان كما يفسد الصبر الطعام قال أنس : وكان يقال : إن المؤمن أحسن شيء
خلقا.
وأخرج ابن عدي والطبراني والبيهقي وضعفه عن ابن عباس عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب
الشمس الجليد وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل.
وأخرج
البيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن
حسن الخلق يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد وإن سوء الخلق يفسد العمل
كما يفسد الصبر العسل.
وأخرج البيهقي وضعفه عن طريق سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى
الأشعري
عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسن الخلق زمام
من رحمة الله في أنف صاحبه والزمام بيد الملك والملك يجره إلى الخير
والخير يجره إلى الجنة ، وسوء الخلق زمام من عذاب الله في أنف صاحبه
والزمام بيد الشيطان والشيطان يجره إلى الشر والشر يجره إلى النار.
وأخرج
الطبراني في الأوسط والبيهقي عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : والله ما حسن الله خلق رجل ولا خلقه فتطعمه النار.
وأخرج
الطبراني في الأوسط والبيهقي عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : من سعادة ابن آدم حسن الخلق ومن شقوته سوء الخلق.
وأخرج
الخرائطي والبيهقي عن ابن عمرو قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يكثر الدعاء يقول : اللهم إني أسألك الصحة والعفة والأمانة وحسن الخلق
والرضا بالقدر.
وأخرج أحمد والبيهقي بسند جيد عن عائشة قالت : كان من دعاء
النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم كما حسنت خلقي فأحسن خلقي.
وأخرج الخرائطي والبيهقي عن أبي مسعود البدري قال : كان النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يقول : اللهم حسنت خلقي فأحسن خلقي.
وأخرج
ابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى والحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : إنكم لا تسعون الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط
الوجه وحسن الخلق.
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة
: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كرم المرء دينه ومروءته عقله
وحسبه خلقه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه
والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكمل
المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال :
من كان
هينا قريبا حرمه الله على النار.
وأخرج
البخاري والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم فقال مرني ولا تكثر فلعلي أعقله فقال : لا تغضب ، فأعاد
عليه فقال : لا تغضب.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن جارية بن قدامة قال : قلت : يا رسول الله قل لي
قولا ينفعني وأقلل لعلي أعقله قال : لا تغضب.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : سألت رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ما يبعدني عن غضب الله قال : لا تغضب.
وأخرج
الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال :
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلى مغيربان الشمس حفظها من
حفظها ونسيها من نسيها وأخبر ما هو كائن إلى يوم القيامة حمد الله وأثنى
عليه ثم قال : أما بعد فإن الدنيا خضرة حلوة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر
كيف تعملون ، ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، ألا إن بني آدم خلقوا على
طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا ومنهم من
يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا
مؤمنا ويموت كافرا ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا.
ألا
إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم ، ألم تروا إلى حمرة عينيه وانتفاخ
أوداجه فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئا فليلزق بالأرض ، ألا إن خير الرجال من
كان بطيء الغضب سريع الفيء ، وشر الرجال من كان بطيء الفيء سريع الغضب ،
فإذا كان الرجل سريع الغضب سريع الفيء فإنها بها وإذا كان بطيء الغضب بطيء
الفيء فإنها بها ، ألا وإن خير التجار من كان حسن القضاء حسن الطلب وشر
التجار من كان سيء القضاء سيء الطلب ، فإذا كان الرجل حسن القضاء سيء
الطلب فإنها بها وإذا كان الرجل سيء القضاء حسن الطلب فإنها بها ، ألا لا
يمنعن رجلا مهابة الناس أن يقول بالحق إذا علمه ، ألا إن لكل غادر لواء
بقدر غدرته يوم القيامة ، ألا وإن أكبر الغدر غدر أمير العامة ، ألا وإن
أفضل الجهاد من قال كلمة الحق عند سلطان جائر ، فلما كان عند مغرب الشمس
قال : ألا إن ما بقي من الدنيا فيما مضى منه كمثل ما بقي من يومكم هذا
فيما مضى.
وأخرج الحكيم في نوادر الأصول والبيهقي عن بهز بن حكيم عن
أبيه عن جده قال : قلت : يا رسول الله أخبرني بوصية قصيرة فألزمها قال :
لا تغضب يا معاوية بن حيدة إن الغضب ليفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل.
وأخرج الحكيم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن
الغضب
ميسم من نار جهنم يضعه الله على نياط أحدهم ، ألا ترى أنه إذا
غضب احمرت عيناه واربد وجهه وانتفخت أوداجه.
وأخرج
البيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الغضب جمرة
في قلب ابن آدم ، ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه فمن حس من ذلك
شيئا فإن كان قائما فليقعد وإن كان قاعدا فليضطجع.
وأخرج عبد الرزاق ،
وَابن أبي شيبة والبيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ كظمها رجل أو جرعة صبر عند مصيبة ،
وما قطرة أحب إلى الله من قطرة دمع من خشية الله أو قطرة دم في سبيل الله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي
بكر : ثلاث كلهن حق : ما من أحد يظلم مظلمة فيغض عنها إلا زاده الله بها
عزا وما من أحد يفتح باب مسألة ليزداد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة وما
من أحد يفتح باب عطية أو صلة إلا زاده الله بها كثرة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمرو
قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا
وكان يقول : إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والبزار ، وَابن حبان والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي الدرداء أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من
أعطي حظه من الرفق أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من
الخير وقال : ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وإن
الله يبغض الفاحش البذيء وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم
والصلاة.
وأخرج الترمذي وصححه ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في
الزهد عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما
يدخل الناس الجنة فقال : تقوى الله وحسن الخلق ، وسئل عن أكثر ما يدخل
الناس النار فقال : الأجوفان : الفم والفرج.
وأخرج ابن أبي شيبة
والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله
وأخرج
أحمد وأبو داود ، وَابن حبان والحاكم وصححه عن عائشة : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : ان المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات القائم الليل
الصائم النهار.
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم وصححه عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليبلغ العبد بحسن خلقه
درجة الصوم والصلاة.
وأخرج الطبراني والخرئطي عن أنس : أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة
وشرفات المنازل وانه لضعيف العبادة وانه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في
جهنم.
وأخرج أحمد والطبراني والخرائطي عن ابن عمرو : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام
بآيات الله بحسن خلقه وكرم ضريبته
وأخرج ابن أبي الدنيا في الصمت عن
صفوان بن سليم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بأيسر
العبادة وأهونها على البدن الصمت وحسن الخلق.
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن العلاء بن الشخير أن رجلا
أتى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه فقال : يا رسول الله أي العمل
أفضل قال : حسن الخلق ، ثم أتاه عن يمينه فقال : أي العمل أفضل قال : حسن
الخلق ثم أتاه عن شماله فقال : أي العمل أفضل قال : حسن الخلق ثم أتاه من
بعده - يعني من خلفه - فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل فالتفت إليه
رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال : مالك لا تفقه حسن الخلق أفضل ، لا
تغضب إن استطعت.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة عن أبي
أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا زعيم ببيت في ربض
الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن
كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه
وأخرج الترمذي وحسنه
والخرائطي في مكارم الأخلاق ، عَن جَابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا.
وأخرج الطبراني عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
حسن الخلق خلق الله الأعظم.
وأخرج
الطبراني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أوحى الله
إلى إبراهيم عليه السلام : يا خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مع
الأبرار فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله تحت عرشي وأن أسقيه من حظيرة
قدسي وأن أدنيه من جواري.
وأخرج أحمد ، وَابن حبان عن ابن عمرو أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني
مجلسا يوم القيامة قالوا : نعم يا رسول الله قال : أحسنكم خلقا.
وأخرج
ابن أبي الدنيا وأبويعلى والطبراني بسند جيد عن أنس قال : لقي رسول الله
صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال : يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف
على
الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما قال : بلى يا رسول الله قال : عليك بحسن
الخلق وطول الصمت فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلها.
وأخرج أبو
الشيخ بن حيان في الثواب بسند رواه عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : يا أبا ذر ألا أدلك على أفضل العبادة وأخفها على البدن
وأثقلها في الميزان وأهونها على اللسان قلت : بلى فداك أبي وأمي قال :
عليك بطول الصمت وحسن الخلق فإنك لست بعامل بمثلها.
وأخرج أبو الشيخ عن
أبي الدرداء قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا أبا الدرداء ألا
أنبئك بأمرين خفيفة مؤنتهما عظيم أجرهما لم تلق الله عز وجل بمثلهما طول
الصمت وحسن الخلق.
وأخرج البزار ، وَابن حبان عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخياركم قالوا : بلى يا رسول
الله قال : أطولكم أعمارا وأحسنكم أخلاقا.
وأخرج الطبراني ، وَابن حبان عن أسامة بن شريك قالوا :يا
رسول الله من أحب عباد الله إلى الله ؟ قال : أحسنهم خلقا.
أَخْرَج
ابن أبي شيبة ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن أسامة بن شريك قال :
قالوا : يا رسول الله ما خير ما أعطي الانسان قال : خلق حسن.
وأخرج ابن
أبي شيبة وأحمد والطبراني بسند جيد ، عَن جَابر بن سمرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء وإن
أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا.
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه
والخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن عمرو أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال :
يا نبي الله أوصني قال : اعبد الله ولا تشرك به شيئا قال : يا نبي الله
زدني قال : إذا أسات فأحسن ، قال : يا نبي الله زدني قال : استقم ولتحسن
خلقك.
وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححاه والخرائطي عن أبي ذر قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة
الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذه الأخلاق من الله
فمن أراد به خيرا منحه خلقا حسنا ومن أراد به سوءا منحه خلقا سيئا.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن حبان والطبراني عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة
أحاسنكم أخلاقا وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوأكم أخلاقا
الثرثارون المتشدقون المتفيقهون.
وأخرج البزار والطبراني والخرائطي عن
أنس قال : قالت أم حبيبة : يا رسول الله المرأة يكون لها زوجان ثم تموت
فتدخل الجنة هي وزوجاها لأيهما تكون للأول أو للآخر قال : تخير فتختار
أحسنهما خلقا كان معها في الدنيا يكون زوجها في الجنة يا أم حبيبة ذهب حسن
الخلق بخير الدنيا والآخرة
وأخرج الطبراني في الصغير عن عائشة عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من شيء إلا له توبة إلا صاحب سوء
الخلق فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه.
وأخرج أبو داود والنسائي
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو : اللهم إني أعوذ
بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق.
وأخرج الخرائطي عن جرير بن عبد الله قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم : إنك امرؤ قد حسن الله خلقك فحسن خلقك.
وأخرج الخرائطي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
خياركم أحاسنكم أخلاقا.
وأخرج الخرائطي عن عائشة قالت : قال رسول اله صلى الله عليه وسلم : لو كان
حسن الخلق رجلا يمشي في الناس لكان رجلا صالحا.
وأخرج الخرائطي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ثلاث من لم
تكن فيه أو واحدة منهن فلا يعتدن بشيء من عمله ، تقوى تحجزه عن
معاصي الله عز وجل أو حلم يكف به السفيه أو خلق يعيش به في الناس.
وأخرج الخرائطي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اليمن
حسن الخلق.
وأخرج
الخرائطي عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سعادة ابن آدم حسن الخلق.
وأخرج
القضاعي في مسند الشهاب عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحسن الحسن الخلق الحسن.
وأخرج الخرائطي عن الفضيل بن عياض قال : إذا خالطت الناس فخالط الحسن
الخلق فانه لا يدعو إلا إلى خير.
وأخرج
أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : إنه من أعطي حظه
من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة ومن حرم حظه من الرفق فقد
حرم حظه من الدنيا والآخرة وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن
الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار.
وأخرج
البيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة قالت : قال النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم : الرفق يمن والخرق شؤم وإذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم باب
الرفق ، إن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه وإن الخرق لم يكن في شيء قط
إلا شانه وإن
الحياء من الإيمان وإن الإيمان في الجنة ، ولو كان الحياء
رجلا كان رجلا صالحا وإن الفحش من الفجور وإن الفجور في النار ولو كان
الفحش رجلا يمشي في الناس لكان رجلا سوءا.
وأخرج أحمد في الزهد عن أم
الدرداء قالت : بات أبو الدرداء ليلة يصلي فجعل يبكي ويقول : اللهم أحسنت
خلقي فأحسن خلقي ، حتى إذا أصبح فقلت : يا أبا الدرداء أما كان دعاؤك منذ
اليلة إلا في حسن الخلق فقال : يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه
حتى يدخله حسن خلقه الجنة ويسوء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكمل
الناس إيمانا أحسنهم خلقا وأفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم
خياركم لنسائهم