كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
ضدا} قال : أعوانا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} قال :
أوثانهم يوم القيامة في النار تكون عليهم عونا يعني أوثانهم تخاصمهم
وتكذبهم يوم القيامة في النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} قال : حسرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة مثله.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :
{ويكونون عليهم ضدا} قال : قرناء في النار يلعن بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم
من بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} قال : أعداء.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} ما الضد قال : قال فيه حمزة بن عبد المطلب :
وإن تكونوا لهم ضدا نكن لكم * ضدا بغلباء مثل الليل مكتوم.
الآية 83 - 87.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} قال : تغويهم إغواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {تؤزهم} قال : تحرض المشركين على محمد وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {تؤزهم أزا} تشليهم أشلاء.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه في قوله : {تؤزهم أزا} قال : تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على
الكافرين تؤزهم أزا} قال : كقوله : (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له
شيطانا) (الزخرف آية 36).
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال
له : أخبرني عن قوله : {تؤزهم أزا} قال : توقدهم وقودا ، قال فيه الشاعر : حكيم أمين لا يبالي بخلبة * إذا أزه الأقوام لم يترمرم.
وَأخرَج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إنما نعد لهم عدا}
يقول : أنفاسهم التي يتنفسون في الدنيا فهي معدودة كسنهم وآجالهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله : {إنما نعد لهم عدا} قال : كل شيء حتى النفس.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس
في قوله : {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : ركبانا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي هريرة {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : على الإبل.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن أبي سعيد رضي الله عنه {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن
وفدا} قال : على نجائب رواحلها من زمرد وياقوت ومن أي لون شاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : إلى الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : يفدون إلى ربهم فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون.
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال
رسول
الله صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق :
راغبين وراهبين وإثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة
على بعير وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا.
وأخرج
ابن مردويه عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {يوم نحشر
المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : أما والله ما يحشرون على أقدامهم ولا
يساقون سوقا ولكنهم يؤتون من الجنة لم تنظر الخلائق إلى مثلها : رحالها
الذهب وأزمتها الزبرجد فيقعدون عليها حتى يقرعوا باب الجنة.
وأخرج ابن
ابي شيبة وعبد الله بن أحمد وفي زوائد المسند ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه
والبيهقي في
البعث عن علي رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {يوم نحشر المتقين إلى
الرحمن وفدا} فقال : أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ولا يساقون سوقا
ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة لم تنظر الخلائق إلى مثلها عليها رحال
الذهب وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يطرقوا باب الجنة.
وأخرج ابن
أبي الدنيا في صفة الجنة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق ، عَن
عَلِي ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية {يوم نحشر
المتقين إلى الرحمن وفدا} قلت : يا رسول الله هل الوفد إلا الركب قال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم
استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ كل
خطوة منها مثل مد البصر وينتهون إلى باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء
على صفائح الذهب وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان فإذا شربوا
من إحدى العينين فتغسل ما في بطونهم من دنس ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث
أبشارهم ولا أشعراهم بعدها أبدا فيضربون بالحلقة
على الصفيحة فلو
سمعت طنين الحلقة يا علي فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل فتستخفها العجلة
فتبعث قيمها فيفتح له الباب فإذا رآه خر له ساجدا فيقول : ارفع راسك فإنما
أنا قيمك وكلت بأمرك ، فيتبعه ويقفو أثره فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من
خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك وأنا الراضية
فلا أسخط أبدا وأنا الناعمة فلا أبأس أبدا وأنا الخالدة فلا أموت أبدا
وأنا المقيمة فلا أظعن أبدا فيدخل بيتا
من أساسه إلى سقفه مائة ألف
ذراع بني على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر وطرائق خضر وطرائق صفر ما
منها طريقة تشاكل صاحبتها ، وفي البيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون
فراشا عليها سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الحلل
يقضى جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه تجري من تحتهم الأنهار أنهار
مطردة (أنهار من ماء غير آسن) (محمد آية 15) صاف ليس فيه كدور (وأنهار من
لبن لم يتغير طعمه) (محمد آية 15) ولم يخرج من ضروع الماشية ، (وأنهار من
خمر لذة للشاربين) (محمد آية 15) لم يعصرها الرجال بأقدامها.
(وأنهار
من عسل مصفى) (محمد آية 15) لم يخرج من بطون النحل فيستحلي الثمار فإن شاء
أكل قائما وإن شاء أكل قاعدا وإن شاء أكل متكئا فيشتهي الطعام فيأتيه طير
بيض أجنحتها فيأكل من جنوبها أي لون شاء ثم تطير فتذهب فيدخل الملك فيقول
: (سلام عليكم) (الزمر آية 73) (تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم
تعملون) (الأعراف آية 43).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مسلم بن جعفر
البجلي قال : سمعت أبا معاذ البصري : أن عليا قال : قال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق
لها أجنحة عليها رحال الذهب شرك نعالهم نور تلألأ كل خطوة منها مد البصر
فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان فيشربون من أحداهما فيغسل ما في
بطونهم من دنس ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها
أبدا وتحري عليهم نضرة النعيم فيأتون باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء
على صفائح الذهب فيضربون بالحلقة على الصفحة فيسمع لها طنين فيبلغ كل
حوراء : أن زوجها قد اقبل فتبعث قيمها فيفتح له فإذا رآه خر له ساجدا
فيقول : ارفع رأسك إنما أنا قيمك وكلت بأمرك فيتبعه ويقفو أثره فتستخف
الحوراء
العجلة فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ثم تقول : أنت حبي وأنا
حبك وأنا الخالدة التي لا أموت وأنا الناعمة التي لا أبأس وأنا الراضية
التي لا أسخط وأنا المقيمة التي لا أظعن فيدخل بيتا من أسه إلى سقفه مائة
ألف ذراع بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق : أصفر وأحمر
وأخضر ليس منها
طريقة تشاكل صاحبتها في البيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون حشية على كل
حشية سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الحلل يقضي
جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه الأنهار من تحتهم تطرد : (أنهار من
ماء غير آسن) (محمد آية 15) قال : صاف لا كدر فيه (وأنهار من لبن لم يتغير
طعمه) (محمد آية 15) قال : لم يخرج من ضروع الماشية (وأنهار من خمر لذة
للشاربين) (محمد آية 15) قال : لم تعصرها الرجال بأقدامها (وأنهار من عسل
مصفى) (محمد آية 15) قال : لم يخرج من بطون النحل فيستحلي الثمار فإن شاء
أكل قائما وإن شاء أكل قاعدا وإن شاء أكل متكئا ، ثم تلا (ودانية عليهم
ظلالها) (محمد آية 15) الآية ، فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض وربما قال :
أخضر فترفع
أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ثم يطير فيذهب
فيدخل الملك فيقول : (سلام عليكم) (تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم
تعملون).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في
البعث عن ابن عباس في قوله : {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} قال : عطاشا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} قال : ظماء إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد : {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} قال : متقطعة أعناقهم من العطش.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة : {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} قال : عطاشا.
وأخرج هناد عن الحسن مثله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن
ابن عباس في قوله : {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : شهادة أن لا إله
إلا الله وتبرأ من الحول والقوة ولا يرجو إلا الله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مقاتل بن حيان {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : العهد الصلاح.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أدخل
على مؤمن سرورا فقد سرني ومن سرني فقد اتخذ عند الرحمن
عهدا ومن اتخذ عند الرحمن عهدا فلا تمسه النار ، إن الله لا يخلف الميعاد.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن
ابن مسعود أنه قرأ {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : إن الله يقول يوم
القيامة : من كان له عندي عهد فليقم فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا ،
قولوا اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في
هذه الحياة الدنيا أنك إن تكلني إلى نفسي تقربني
من الشر وتباعدني من الخير وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهدا تؤديه إلي يوم القيامة إنكى لا تخلف الميعاد.
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة - قد حافظ على وضوئها ومواقيتها
وركوعها وسجودها لم ينقص منها شيئا - جاء له عند الله عهد أن لا
يعذبه ومن جاء قد انتقص منهن شيئا فليس له عند الله عهد إن شاء رحمه وإن شاء عذبه.
وأخرج
الحكيم الترمذي عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: من قال في دبر كل صلاة - بعدما سلم - هؤلاء الكلمات : كتبه ملك في رق
فختم بخاتم ثم دفعها إلي يوم القيامة فإذا بعث الله العبد من قبره جاءه
الملك ومعه الكتاب ينادي : أين أهل العهود حتى تدفع إليهم والكلمات أن
تقول : اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم -
إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت
وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك فلا تكلني إلى نفسي فإنك إن تكلني
إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل
رحمتك لي عهدا عندك تؤديه إلي يوم القيامة : إنك لا تخلف الميعاد وعن
طاووس : أنه أمر بهذه الكلمات فكتبت في كفنه.
الآية 88 - 97.
أَخْرَج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لقد
جئتم شيئا إدا} قال : قولا عظيما ، وفي قوله : {تكاد السماوات يتفطرن منه}
الآية ، قال : إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق
إلا الثقلين وكادت تزول منه لعظمة الله : وكما لا ينفع مع الشرك إحسان
المشرك كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين ، وفي قوله : {وتخر الجبال
هدا} قال : هدما.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة
وأحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والطبراني والبيهقي
في شعب الإيمان من طريق عون عن ابن مسعود قال : إن الجبل لينادي الجبل
باسمه يا فلان هل مر بك اليوم أحد ذكر الله فإذا قال نعم استبشر ، قال عون
: أفيسمعن الزور إذا قيل ولا يسمعن الخير هي للخير أسمع ، وقرأ {وقالوا
اتخذ الرحمن ولدا} الآيات.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن المنكدر قال : بلغني أن الجبلين إذا
أصبحا
نادى أحدهما صاحبه يناديه باسمه فيقول : أي فلان هل مر بك ذاكر لله فيقول
: نعم ، فيقول : لقد أقر الله عينك ولكن ما مر بي ذاكر لله عز وجل اليوم.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ تكاد السموات ينفطرن بالياء والنون {وتخر الجبال} بالتاء.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : {يتفطرن منه} قال : الإنقطار الإنشقاق.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله : {تكاد السماوات يتفطرن منه} قال : يتشققن من عظمة الله.
وأخرج ابن المنذر عن هرون قال : في قراءة ابن مسعود / {تكاد السموات ينفطرن > / بالياء.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عوف : أنه لما
هاجر إلى المدينة - وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم : شيبة بن
ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف فأنزل الله {إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن البراء
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : قل : اللهم اجعل لي عندك
عهدا واجعل لي عندك ودا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة فأنزل الله {إن
الذين آمنوا وعملوا الصالحات
سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : فنزلت في علي.
وأخرج
الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالب {إن
الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : محبة في قلوب
المؤمنين.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : {سيجعل لهم الرحمن ودا} ما
هو قال : المحبة في قلوب المؤمنين والملائكة المقربين ، يا علي إن الله
أعطى المؤمن ثلاثا ، المنة والمحبة والحلاوة والمهابة في صدور الصالحين.
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في
قوله : {سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : محبة في الناس في الدنيا.
وأخرج هناد عن الضحاك {سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : محبة في صدور المؤمنين.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وهناد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
ابن عباس {سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : يحبهم ويحبونه.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : أني قد أحببت فلانا فأحبه
، فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض فذلك قول الله : {إن
الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} وإذا أبغض الله عبدا
نادى جبريل : إني قد أبغضت فلانا فينادي في أهل السماء ثم تنزل له البغضاء
في أهل الأرض.
وأخرج ابن مردويه عن ثوبان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد ليلتمس
مرضاة
الله فلا يزال كذلك فيقول الله لجبريل : إن عبدي فلانا يلتمس أن يرضيني
فرضائي عليه فيقول جبريل : رحمة الله على فلان ويقوله حملة العرش ويقوله
الذين يلونهم حتى يقوله أهل السموات السبع ثم يهبط إلى الأرض قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهي الآية التي أنزل الله في كتابه {إن الذين
آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} وإن العبد ليلتمس سخط الله
فيقول الله : يا جبريل إن فلانا يسخطني ألا وإن غضبي عليه فيقول جبريل :
غضب الله على فلان ويقوله حملة العرش ويقوله من دونهم حتى يقوله أهل
السموات السبع ثم يهبد إلى الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب قال :
أجد في التوراة : أنه لم تكن محبة لأحد من أهل الأرض حتى تكون بدؤها من
الله تعالى - ينزلها على أهل
الأرض ثم قرأت القرآن فوجدت فيه {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.
وأخرج
الحيكم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس بسند ضعيف : أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : إن الله أعطى المؤمن ثلاثة : المقة والملاحة والمودة
والمحبة في صدور المؤمنين ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن الذين
آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.
وأخرج البيهقي في
الأسماء والصفات عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كتب أبو الدرداء إلى
مسلمة بن مخلد سلام عليك أما بعد : فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه
الله فإذا أحبه الله حببه إلى عباده وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه
الله فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده.
وأخرج الحيكم الترمذي عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل عبد صيت فإن كان
صالحا وضع في الأرض وإن كان شيئا وضع في الأرض.
وأخرج أحمد
والحكيم الترمذي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن المقة من الله والصيت من السماء فإذا أحب الله عبدا قال لجبريل : إني
أحب فلانا فينادي جبريل : إن ربكم يحب فلانا فأحبوه فتنزل له المحبة في
الأرض وإذا أبغض عبدا قال لجبريل : إني أبغض فلانا فأبغضه فينادي جبريل :
إن ربكم يبغض فلانا فأبغضوه فيجري له البغض في الأرض ، وأخرح ابن جرير عن
ابن عباس في قوله : {وتنذر به قوما لدا} قال : فجارا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {لدا} قال : صما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {لدا} قال : خصماء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {قوما لدا}
قال : جدلا بالباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {قوما لدا} قال : هم قريش.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {لدا} قال : لا يستقيمون.
الآية 98
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {هل تحس منهم من أحد} قال : هل ترى منهم من أحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {هل تحس منهم} برفع التاء وكسر الحاء ورفع السين ولا يدغمها.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله تعالى : {هل تحس منهم من
أحد أو تسمع لهم ركزا} قال : هل ترى عينا أو تسمع صوتا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن في الآية قال : ذهب القوم فلا صوت ولا عين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ركزا} قال : صوتا.
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : {ركزا}
فقال : حسا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
وقد توجس ركزا متفقد ندس * بنية الصوت ما في سمعه كذب
*
بسم الله الرحمن الرحيم
20- سورة طه.
مكية وآياتها خمس وثلاثون ومائة.
مقدمة سورة طه.
أَخرَج النحاس ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة طه بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة طه بمكة.
وأخرج
الدارمي ، وَابن خزيمة في التوحيد والعقيلي في الضعفاء والطبراني في
الأوسط ، وَابن عدي ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس قبل
أن يخلق السموات والأرض بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى
لأمة ينزل عليها هذا وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تتكلم بهذا.
وأخرج الديلمي عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أعطيت
السورة
التي ذكرت فيها الأنعام من الذكر الأول وأعطيت طه والطواسيم من ألواح موسى
وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة.
وأخرج
ابن مردويه عن أبي أمامة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل قرآن
يوضع على أهل الجنة فلا يقرؤون منه شيئا إلا طه ويس فإنهم يقرؤون بهما في
الجنة.
الآية 1 - 11
أخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في
شعب الإيمان عن ابن عباس : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أول ما أنزل
عليه الوحي كان يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله : {طه ما أنزلنا
عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : قالوا لقد شقي هذا الرجل بربه فأنزل الله : {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج
ابن عساكر عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من
الليل يربط نفسه بحبل كي لا ينام فأنزل الله عليه {طه ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يربط
نفسه ويضع إحدى رجليه على الأخرى فنزلت : {طه ما أنزلنا عليك القرآن
لتشقى}.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : لما نزل على
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا) (سورة
المزمل آية 1) قام الليل كله حتى تورمت قدماه فجعل يرفع رجلا ويضع رجلا
فهبط عليه جبريل فقال : {طه} يعني : الأرض بقدميك يا محمد {ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى} وأنزل (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن).
وأخرج البزار بسند
حسن ، عَن عَلِي ، قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يراوح بين
قدميه يقوم على كل رجل حتى نزلت {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الربيع بن أنس قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله {طه} يعني طأ الأرض يا محمد {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {طه} قال : إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ربما قرأ القرآن إذا صلى قام على رجل واحدة فأنزل الله {طه} برجليك
{ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال :
لما أنزل الله القرآن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قام به وأصحابه
فقال له كفار قريش : ما أنزل الله هذا القرآن على محمد إلا ليشقى به ،
فأنزل الله {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {طه} قال : يا رجل.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {طه} بالنبطية أي طا يا رجل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {طه} بالنبطية أي طا يا رجل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {طه} قال : هو كقولك يا رجل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : {طه} يا رجل بالنبطية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : {طه} بالنبطية يا رجل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك قال : {طه} يا رجل بالنبطية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : {طه} يا رجل بالسريانية.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {طه} قال : هو كقولك يا محمد بلسان الحبش.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {طه} قال : هو كقولك يا رجل : بلسان الحبشة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : {طه} قال : كلمة عربت.
وأخرج عن مجاهد قال : {طه} فواتح السور.
وأخرج عن محمد بن كعب {طه} قال : الطاء من ذي الطول.
وأخرج
ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي
عشرة أسماء عند ربي قال أبو الطفيل : حفظت منها ثمانية : محمد وأحمد وأبو
القاسم والفاتح والخاتم والماحي والعاقب والحاشر وزعم سيف أن أبا
جعفر قال : الإسمان الباقيان {طه} ويس.
وأخرج
ابن مردويه والحاكم وصححه عن زر قال : قرأ رجل على ابن مسعود {طه} مفتوحة
فأخذها عليه عبد الله {طه} مكسورة فقال له الرجل : إنها بمعنى ضع رجلك ،
فقال عبد الله : هكذا قرأها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهكذا أنزلها
جبريل.
وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قال : أول سورة تعلمتها
من القرآن {طه} وكنت إذا قرأت {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} قال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لا شقيت يا عائش.
وأخرج البيهقي في
الدلائل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : {طه ما أنزلنا عليك القرآن
لتشقى} وكان يقوم الليل على رجليه فهي بلغة لعك إن قلت لعكي يا رجل لم
يلتفت وإذا قلت {طه} التفت إليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عروة بن خالد
رضي الله عنه قال : سمعت الضحاك وقال رجل من بني مازن بن مالك : ما يخفى
علي شيء من القرآن وكان قارئا للقرآن
شاعرا فقال له الضحاك : أنت
تقول ذلك أخبرني ما {طه} قال : هي من أسماء الله الحسنى ، نحو : طسم وحم
فقال الضحاك : إنما هي بالنبطية يا رجل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مسعود عن ابن عباس قال : {طه} قسم أقسمه الله وهو من أسماء الله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} يقول : في الصلاة هي مثل قوله :
(فاقرؤوا ما تيسر منه) (المزمل آية 20) قال : وكانوا يعلقون الحبال
بصدروهم في الصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى} يا رجل {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} لا والله ما جعله
الله شقيا ولكن جعله الله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة {إلا تذكرة لمن
يخشى} قال : إن الله أنزل كتابه وبعث رسله رحمة رحم بها العباد ليذكر ذاكر
وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله وهو ذكر أنزله الله فيه حلاله وحرمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {وما تحت الثرى} ما تحت سبع أرضين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : {الثرى} كل شيء مبتل.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي : {وما تحت الثرى} قال : هي الصخرة التي تحت الأرض
السابعة وهي صخرة خضراء وهو سجين الذي فيه كتاب الكفار ، واخرج ابن أبي
حاتم عن الضحاك قال : الثرى ما حفر من التراب مبتلا.
وأخرج أبو يعلى ،
عَن جَابر بن عبد الله : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل ما تحت هذه
الأرض قال : الماء ، قيل : فما تحت الماء قال : ظلمة ، قيل : فما تحت
الظلمة قال : الهواء ، قيل : فما تحت الهواء قال : الثرى ، قيل : فما تحت
الثرى قال : انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق.
وأخرج ابن مردويه ،
عَن جَابر بن عبد اللله قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
غزوة تبوك إذ عارضنا رجل مترجب - يعني طويلا فدنا من النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فأخذ بخطام راحلته فقال : أنت محمد قال : نعم ، قال : إني أريد
أن
أسألك عن خصال لا يعلمها أحد من أهل الأرض إلا رجل أو رجلان فقال : سل عما
شئت ، قال : يا محمد ما تحت هذه - يعني الأرض - قال : خلق ، قال : فما
تحتهم قال : أرض ، قال : فما تحتها قال : خلق قال : فما تحتهم قال : أرض
حتى انتهى إلى السابعة ، قال : فما تحت السابعة قال : صخرة ، قال : فما
تحت الصخرة قال : الحوت ، قال : فما تحت الحوت قال : الماء ، قال : فما
تحت الماء قال : الظلمة ، قال : فما تحت الظلمة قال : الهواء ، قال : فما
تحت الهواء قال : الثرى ، قال : فما تحت الثرى ففاضت عينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم بالبكاء فقال : انقطع علم المخلوقين
عند علم الخالق
أيها السائل ما المسؤول بأعلم من السائل ، قال : صدقت أشهد أنك رسول الله
يا محمد أما إنك لو ادعيت تحت الثرى شيئا لعلمت أنك ساحر كذاب أشهد أنك
رسول الله ثم ولى الرجل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها
الناس هل تدرون ما هذا قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا جبريل.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : السر ما أسره ابن آدم في
نفسه {وأخفى} ما خفي ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه فإنه يعلم ذلك كله
فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد وجميع
الخلائق عنده في ذلك كنفس واحدة وهو كقوله : (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) (لقمان آية 28).
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : السر ما علمته أنت وأخفى ما قذف الله في قلبك مما لم تعلمه.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي بلفظ : يعلم ما تسر في نفسك ويعلم ما تعمل غدا.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال :
أخفى من السر ما حدثت به نفسك وما لم تحدث به نفسك أيضا مما هو كائن.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {يعلم
السر وأخفى} قال : الوسوسة والسر العمل الذي تسرون من الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن قال : السر ما أسر الرجل إلى غيره وأخفى من ذلك ما أسر في نفسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في الآية ، قال :
السر ما تسر في نفسك وأخفى من السر ما لم يكن بعد وهو كائن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة في الآية ، قال : السر ما حدث به الرجل أهله وأخفى ما تكلمت به في نفسك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : السر ما أسررت في نفسك {وأخفى} ما لم تحدث به نفسك.
وأخرج
أبو الشيخ في العظمة عن زيد بن أسلم في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال :
يعلم أسرار العباد {وأخفى} سره فلا نعلمه والله أعلم ، وأخرح عبد الرزاق ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إني آنست نارا} أي
أحسست نارا ، {أو أجد على النار هدى} قال : من يهديني.
وأخرج ابن أبي
حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {أو أجد على النار هدى}
قال : من يهديني إلى الطريق وكانوا شاتين فضلوا الطريق.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {أو أجد على النار هدى} يقول : من يدل على الطريق.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : !
{أو أجد على النار هدى} قال : يهديه الطريق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله : {أو أجد على النار هدى} قال : هاد يهديني إلى الماء.
وأخرج
أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن وهب
بن منبه قال : لما رأى موسى النار انطلق يسير حتى وقف منها قريبا فإذا هو
بنار عظيمة : تفور من ورق الشجر خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق لا
تزداد النار فيما يرى إلا عظما وتضرما ولا تزداد الشجرة على شدة الحريق
إلا خضرة وحسنا فوقف ينظر لا يدري ما يصنع إلا أنه قد ظن أنها شجرة تحترق
وأوقد إليها موقد فنالها فاحترقت وإنه إنما يمنع النار شدة خضرتها وكثرة
مائها وكثافة ورقها وعظم جذعها فوضع أمرها على هذا فوقف وهو يطمع أن يسقط
منها شيء فيقتبسه فلما طال عليه ذلك أهوى إليها بضغث في يده وهو يريد أن
يقتبس من لهبها فلما فعل ذلك موسى مالت نحوه كأنها تريده فاستأخر عنها
وهاب ثم عاد فطاف بها ولم تزل تطمعه ويطمع بها ثم لم يكن شيء بأوشك من
خمودها فاشتد عند ذلك عجبه وفكر موسى في
أمرها فقال : هي نار ممتنعة
لا يقتبس منها ولكنها تتضرم في جوف شجرة فلا تحرقها ثم خمودها على قدر
عظمها في أوشك من طرفة عين ، فلما رأى ذلك موسى قال : إن لهذه شأنا ، ثم
وضع أمرها على أنها مأمورة أو مصنوعة لا يدري من أمرها ولا بما أمرت ولا
من صنعها ولا لم صنعت فوقف متحيرا لا يدري أيرجع أم يقيم فبينا هو على ذلك
إذ
رمى بطرفه نحو فرعها فإذا هو أشد مما كان خضرة ساطعة في السماء ينظر إليها
يغشى الظلام ثم لم تزل الخضرة تنور وتصفر وتبيض حتى صارت نورا ساطعا عمودا
بين السماء والأرض عليه مثل شعاع الشمس تكل دونه الأبصار كلما نظر إليه
يكاد يخطف بصره فعند ذلك اشتد خوفه وحزنه فرد يده على عينيه ولصق بالأرض
وسمع الحنين والوجس ، إلا أنه سمع حينئذ شيئا لم يسمع السامعون بمثله عظما
فلما بلغ موسى الكرب واشتد عليه الهول نودي من الشجرة فقيل : يا موسى
فأجاب سريعا وما يدري من دعاه وما كان سرعة إجابته إلا استئناسا بالإنس
فقال لبيك مرارا إني لأسمع صوتك وأحس حسك ولا أرى مكانك فأين أنت قال :
أنا فوقك ومعك وخلفك وأقرب إليك من نفسك.
فلما سمع هذا موسى علم أنه لا ينبغي هذا إلا لربه فأيقن به فقال : كذلك أنت يا إلهي فكلامك أسمع أم رسولك قال : بل أنا الذي أكلمك فادن مني فجمع موسى يديه في العصا ثم تحامل حتى استقل قائما فرعدت فرائصه حتى اختلفت واضطربت رجلاه وانقطع لسانه وانكسر قلبه ولم يبق منه عظم يحمل آخر فهو بمنزلة الميت إلا أن روح الحياة تجري فيه ثم زحف على ذلك وهو مرعوب حتى وقف قريبا من الشجرة التي نودي منها ، فقال له الرب تبارك وتعالى : {وما تلك بيمينك يا موسى} قال : هي عصاي ، قال : ما تصنع بها - ولا أحد أعلم منه بذلك - قال موسى : {أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى} قد علمتها وكان لموسى في العصا مآرب كان لها شعبتان ومحجن تحت الشعبتين فإذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا أراد كسره لواه بالشعبتين وكان يتوكأ عليها ويهش بها وكان إذا شاء ألقاها على عاتقه فعلق بها قوسه وكنانته ومرجامه ومخلاته وثوبه وزادا إن كان معه وكان إذا ارتع في البرية حيث لا ظل له ركزها ثم عرض بالوتد بين شعبتيها وألقى فوقها كساءه فاستظل بها ما كان مرتعا وكان إذا ورد ماء يقصر عنه رشاؤه وصل بها وكان يقاتل بها السباع عن غنمه ، قال له الرب {ألقها يا موسى} فظن موسى أنه يقول : ارفضها ، فألقاها
على وجه
الرفض ثم حانت منه نظرة فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون يرى يلتمس
كأنه يبتغي شيئا يريد أخذه يمر بالصخرة مثل الخلفة من الإبل فيلتقمها
ويطعن بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها عينان توقدان نارا
وقد عاد المحجن عرقا فيه
شعر مثل النيازك وعاد الشعبتان فهما مثل
القليب الواسع فيه أضراس وأنياب لها صريف فلما عاين ذلك موسى (ولى مدبرا
ولم يعقل) (النمل آية 10) فذهب حتى أمعن ورأى أنه قد أعجز الحية ثم ذكر
ربه فوقف استحياء منه ثم {نودي يا موسى} أن ارجع حيث كنت فرجع وهو شديد
الخوف فقال : خذها بيمينك ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ، قال : وكان على
موسى حينئذ مدرعة فجعلها في يده فقال له ملك : أرأيت يا موسى لو أذن الله
بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئا قال : لا ، ولكني ضعيف ومن ضعف
خلقت ، فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية ثم سمع حس الأضراس والأنياب ثم
قبض فإذا هي عصاه التي عهدها وإذا يده في موضعها الذي
كان يضعها إذا تؤكأ بين الشعبتين ، قال له ربه : ادن ، فلم يزل يدينه - حتى شد ظهره بجذع الشجرة ، فاستقر وذهبت عنه الرعدة وجمع يديه في العصا وخضع برأسه وعنقه ثم قال له : إني قد أقمتك اليوم في مقام لا ينبغي لبشر بعدك أن يقوم مقامك ، إذ أدنيتك وقربتك حتى سمعت كلامي وكنت بأقرب الأمكنة مني فانطلق برسالتي فإنك بعيني وسمعي وإن معك يدي وبصري وإني قد ألبستك جبة من سلطاني لتكمل بها القوة في أمري فأنت جند عظيم من جنودي بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر من نعمتي وأمن مكري وغرته الدنيا حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي وعد من دوني وزعم أنه لا يعرفني وإني لأقسم بعزتي : لولا العذر والحجة التي وضعت بيني وبين خلقي ، لبطشت به بطشة جبار - يغضب لغضبه السموات والأرض والجبال والبحار - فإن أمرت السماء حصبته وإن أمرت الأرض ابتلعته وإن أمرت البحار غرقته وإن أمرت الجبال دمرته ولكنه هان علي وسقط من عيني وسعه حلمي واستغنيت بما عندي وحق لي أني أنا الغني لا غني غيري فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسمي وذكره بآياتي وحذره نقمتي
وبأسي
وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي وقل له فيما بين ذلك : {قولا لينا لعله
يتذكر أو يخشى} وأخبره أني أنا العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب
والعقوبة ولا يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا فإن ناصيته بيدي ليس يطرف
ولا ينطق ولا يتنفس إلا بإذني
وقل له : أجب ربك فإنه واسع المغفرة فإنه
قد أمهلك أربعمائة سنة - في كلها أنت مبارزه بالمحاربة تتشبه وتتمثل به
وتصد عباده عن سبيله وهو يمطر عليك السماء وينبت لك الأرض لم تسقم ولم
تهرم ولم تفتقر ولم تغلب ولو شاء أن يجعل لك ذلك أو يسلبكه فعل ولكنه ذو
أناة وحلم عظيم وجاهده بنفسك وأخيك وأنتما محتسبان بجهاده فإني لو شئت أن
آتيه بجنود لا قبل له بها فعلت ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد
أعجبته نفسه وجموعه : أن الفئة القليلة ولا قليل مني تغلب الفئة الكبيرة
بإذني ولا يعجبنكما زينته ولا ما متع به ولا تمدا إلى ذلك أعينكما فإنها
زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا
بزينة يعلم فرعون - حين ينظر إليها - أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما
فعلت ولكن أرغب بكما عن ذلك وأزويه عنكما وكذلك أفعل بأوليائي وقد نما ما
حويت لهم من ذلك فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق
غنمه من
مواقع الهلكة وإني لأجنبهم شكوها وغنمها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة وما ذاك لهوانهم علي ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا ولم يطغه الهوى واعلم أنه لم يتزين إلي العباد بزينة ، هي أبلغ فيما عندي من الزهد في الدنيا فإنه زينة المتقين عليهم منه : لباس يعرفون به من السكينة والخشوع (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) (الفتح آية 29) أولئك هم أوليائي حقا فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك وذلل لهم قلبك ولسانك واعلم أنه من أهان لي وليا أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وعرض لي نفسه ودعاني إليها وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي فيظن الذي يحاربني أو يعاديني أن يعجزني أو يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة لا أكل نصرتهم إلى غيري قال : فأقبل موسى إلى فرعون في مدينة قد جعل حولها الأسد في غيضة قد غرسها والأسد فيها مع ساستها إذا أرسلها على أحد أكلته وللمدينة أربعة أبواب في الغيضة فأقبل موسى من الطريق الأعظم الذي يراه فرعون فلما رأته الأسد صاحت صياح الثعالب فأنكر ذلك الساسة وفرقوا
من
فرعون فأقبل موسى حتى انتهى إلى الباب الذي فيه فرعون فقرعه بعصاه وعليه
جبة من صوف وسراويل فلما رآه البواب عجب من جراءته فتركه ولم يأذن له فقال
:
هل تدري باب من أنت تضرب إنما أنت تضرب باب سيدك ، قال : أنت وأنا
وفرعون عبيد لربي فأنا ناصره فأخبر البواب الذي يليه من البوابين حتى بلغ
ذلك أدناهم ودونه سبعون حجابا كل حاجب منهم تحت يده من الجنود ما شاء الله
حتى خلص الخبر إلى فرعون فقال : أدخلوه علي فأدخل فلما أتاه قال له فرعون
: أعرفك قال : نعم ، قال : {ألم نربك فينا وليدا} الشعراء آية 18 قال :
فرد إليه موسى الذي رد ، قال : فرعون خذوه ، فبادر موسى (فألقى عصاه فإذا
هي ثعبان مبين) (الشعراء آية 32) فحملت على الناس فانهزموا منها فمات منهم
خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا وقام فرعون منهزما حتى دخل البيت فقال
لموسى : {فاجعل بيننا وبينك موعدا} ننظر فيه ، قال : موسى : لم أؤمر بذلك
إنما أمرت بمناجزتك وإن أنت لم تخرج إلي دخلت عليك ، فأوحى الله إلى موسى
: أن اجعل بينك وبينه أجلا وقل له : أن يجعله هو ، قال فرعون : اجعله إلى
أربعين يوما ففعل ، قال : وكان فرعون لا يأتي الخلاء إلا في كل أربعين
يوما مرة فاختلف ذلك اليوم أربعين مرة ، قال : وخرج موسى من المدينة فلما
مر بالأسد خضعت له بأذنابها وسارت مع موسى تشعيه ولا تهيجه ولا أحدا من
بني إسرائيل.
الآية 12 - 14
أخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد
بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه في قوله : {فاخلع نعليك}
قال : كانتا من جلد حمار ميت فقيل له اخعلهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن
الحسن رضي الله عنه قال : ما بال خلع النعلين في الصلاة إنما أمر موسى
بخلع نعليه إنهما كانتا من جلد حمار ميت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب
رضي الله عنه في قوله : {فاخلع نعليك} قال : كان نعلا موسى من جلد حمار
ميت فأراد ربك أن يمسه القدس كله.
وأخرج ابن أبي حاتم الزهري في قوله : {فاخلع نعليك} قال : كانتا من جلد حمار أهلي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانت نعلا موسى التي قيل له اخعلهما : من جلد خنزير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {فاخلع نعليك} قال كي تمس راحة قدميك الأرض الطيبة.
وأخرج
الطبراني عن علقمة أن ابن مسعود أتى أبا موسى الأشعري منزله فحضرت الصلاة
فقال أبو موسى رضي الله عنه : - تقدم يا أبا عبد الرحمن فإنك أقدم سنا
وأعلم ، قال : لا ، بل تقدم أنت فإنما أتيناك في منزلك فتقدم أبو موسى رضي
الله عنه فخلع نعليه فلما صلى قال له ابن مسعود رضي الله عنه : - لم خلعت
نعليك أبالواد المقدس أنت لقد رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصلي في الخفين والنعلين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إنك بالواد المقدس} قال : المبارك {طوى} قال : اسم الوادي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله : {بالواد المقدس} قال : الطاهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {بالواد المقدس} قال : واد بلفلسطين قدس مرتين.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {بالواد المقدس
طوى} يعني الأرض المقدسى وذلك أنه مر بواديها ليلا فطوي ، يقال : طويت
وادي كذا وكذا والطاوي من الليل وارتفع إلى أعلى الوادي وذلك نبي الله
موسى عليه السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {إنك بالواد المقدس} قال :
المبارك : {طوى} قال : اسم الوادي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد {طوى} بغير نون واد بإيلة زعم أنه طوي بالبركة مرتين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {طوى} قال : طا الوادي.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبي نجيح رضي الله
عنه في قوله : {طوى} قال طا الأرض حافيا كما تدخل الكعبة حافيا ، يقول :
من بركة الوادي هذا قول سعيد بن جبير ، قال : وكان مجاهد رضي الله عنه
يقول : {طوى} اسم الوادي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {بالواد المقدس طوى} قال : واد قدس مرتين واسمه {طوى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {طوى} برفع الطاء وبنون فيها.
وأخرج
أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : مكتوب على باب الجنة : إنني أنا الله لا إله إلا أنا لا أعذب
من قالها.
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي في الدلائل عن أنس
رضي الله عنه قال : خرج عمر متقلدا بالسيف فاقيه رجل من بني زهرة فقال له
: أين
تغدو يا عمر قال : أريد أن أقتل محمدا ، قال : وكيف تأمن بني
هاشم وبني زهرة فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك قال : أفلا
أدلك على العجب إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك فمشى عمرا زائرا حتى
أتاهما وعندهما خباب فلما سمع خباب بحس عمر توارى في البيت فدخل عليهما
فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم وكانوا يقرأون {طه} فقالا : ما
عدا حديثا تحدثنا به ، قال : فلعلكما قد صبأتما ، فقال له خنته : يا عمر
إن كان الحق في غير دينك فوثب عمر على خنته فوطئه وطأ شديدا : فجاءت أخته
لتدفعه عن زوجها فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها ، فقال عمر : أعطوني الكتاب
الذي هو عندكم فأقرأه فقالت أخته : إنك رجس وإنه (لا يمسه إلا المطهرون)
(الواقعة آية 79) فقم فتوضأ فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ {طه} حتى انتهى
إلى {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري}
فقال
عمر : دلوني على محمد فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال : أبشر يا
عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك - ليلة
الخميس - اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمر بن هشام فخرج حتى أتى
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي
بن أبي طالب رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
جبريل عليه السلام قال : قال الله عز وجل {إنني أنا الله لا إله إلا أنا
فاعبدني} من جاءني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله بالإخلاص دخل حصني ومن
دخل حصني أمن عذابي.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وأقم الصلاة
لذكري} قال : إذا صلى عبد ذكر ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم في قوله : {وأقم الصلاة لذكري} قال : حين تذكر.
وأخرج
أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن مردويه عن أنس :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل
عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال أقم الصلاة لذكري.
وأخرج الترمذي
، وَابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن
مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما قفل رسول الله صلى الله عليه
وسلم من خيبر أسري ليلة حتى أدركه الكرى أناخ فعرس ثم قال : يا بلال
أكلأنا الليلة قال : فصلى بلال ثم تساند إلى راحلته مستقبل الفجر فغلبته
عيناه فنام فلم يستيقظ
أحد منهم حتى ضربتهم الشمس وكان أولهم
استيقاظا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أي بلال فقال بلال : بأبي
أنت يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : اقتادوا ثم أناخ فتوضأ وأقام الصلاة ثم صلى مثل صلاته للوقت في
تمكث ثم قال : من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال : {وأقم الصلاة
لذكري} وكان ابن شهاب يقرؤها للذكرى.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن
عبادة بن الصامت قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل غفل عن
الصلاة حتى طلعت الشمس أو غربت ما
كفارتها قال : يتقرب إلى الله ويحسن وضوءه ويصلي الصلاة ويستغفر الله فلا كفارة لها إلا ذلك إن الله يقول : {وأقم الصلاة لذكري}.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سمرة بن يحيى قال : نسيت صلاة العتمة حتى
أصبحت فغدوت إلى ابن عباس فأخبرته فقال : قم فصلها ثم قرأ {وأقم الصلاة
لذكري}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا نسيت صلاة فاقضها متى ذكرت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي وإبراهيم في قوله : {وأقم الصلاة لذكري} ، قالا : صلها إذا ذكرتها وقد نسيتها.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : من نام عن صلاة أو نسيها يصلي متى ذكرها
عند طلوع الشمس وعند غروبها ثم قرأ {وأقم الصلاة لذكري} قال : إذا ذكرتها
فصلها في أي ساعة كنت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية
فنزلنا دهاسا من الأرض - والدهاس الرمل - فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : من يكلؤنا قال بلال : أنا فناموا حتى طلعت عليهم الشمس فقال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : افعلوا كما كنتم تفعلون كذلك لمن نام أو
نسي.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة قال : كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس ثم قال : إنكم كنتم
أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم فمن نام عن الصلاة أو نسي صلاة فليصلها إذا
ذكرها وإذا
استيقظ.
الآية 15 - 24
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إن الساعة آتية أكاد أخفيها} يقول : لا أظهر عليها أحدا غيري.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إن الساعة آتية أكاد أخفيها} قال :
أكاد أخفيها من نفسي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أكاد أخفيها} قال : من نفسي.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قرأ أكاد
أخفيها من نفسي ، يقول : لأنها لا تخفى من نفس الله أبدا.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ليس من أهل السموات والأرض أحد إلا
وقد أخفى الله عنه علم الساعة وهي في قراءة ابن مسعود أكاد أخفيها عن نفسي
، يقول : أكتمها من الخلائق حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي فعلت.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال :
في بعض القراءة أكاد أخفيها عن نفسي ، قال : لعمري لقد أخفاها الله من
الملائكة المقربين ومن الأنبياء والمرسلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح في قوله : {أكاد أخفيها} قال : يخفيها من نفسه.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن ورقاء قال : أقرأنيها سعيد بن جبير
{أكاد أخفيها} يعني بنصب الألف وخفض الفاء ، يقول : أظهرها ، ثم قال أما
سمعت قول الشاعر : دأت شهرين ثم شهرا دميكا * ما دميكين يخفيان عميرا
وأخرج ابن الأنباري عن الفراء قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه أكاد أخفيها من نفسي فكيف أطلعكم عليها.
وأخرج عبد بن جميد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {لتجزى كل
نفس بما تسعى} قال : لتعطى ثواب ما تعمل.
أخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه ، وَابن شبرمة قال : إنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه إلى النار.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس : عصا موسى - قال - : أعطاه إياها ملك من
الملائكة إذ توجه إلى مدين فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض فيخرج له
النبات ويهش بها على غنمه ورق الشجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {هي عصاي أتوكأ عليها} قال : إذا مشى مع غنمه.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في
قوله : {وأهش بها على غنمي} قال : أضرب بها الشجر فيتساقط منه الورق على
غنمي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون في قوله : {وأهش بها
على غنمي} قال : الهش أن يخبط الرجل بعصاه الشجر فيتساقط الورق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال : الهش العصا بين الشعبتين ثم يحركها حتى يسقط الورق والخبط أن يخبط حتى يسقط الورق.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال : الهش أن يضع الرجل المحجن في الغصن ثم
يحركه حتى يسقط ورقه وثمره ولا يكسر العود فهذا الهش ولا يخبط.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {وأهش
بها على غنمي} قال : أخبط بها الشجر ، {ولي فيها مآرب أخرى} قال : حاجات
أخرى.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولي فيها مآرب أخرى} قال : حوائج.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : {مآرب أخرى} قال : حاجات ومنافع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {مآرب أخرى} يقول : حوائج أخرى أحمل عليها المزود والسقاء.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولي فيها مآرب أخرى} قال : كانت تضيء له
بالليل وكانت عصا آدم عليه السلام ، وأخلاج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :
{فألقاها فإذا هي حية تسعى} ولم تكن قبل ذلك حية فمرت بشجرة فأكلتها ومرت
بصخرة فابتلعتها فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها ف (ولى مدبرا) (النمل
آية 10 والقصص 31) فنودي أن يا موسى خذها فلم يأخذها ثم نودي الثانية أن
{خذها ولا تخف} فقيل له في الثالثة : (إنك من الآمنين) (القصص آية 31)
فأخذها ، واخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
{سنعيدها سيرتها الأولى} قال : حالتها الأولى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {سنعيدها سيرتها
الأولى} قال : هيئتها الأولى : {واضمم يدك إلى جناحك} قال : أدخل كفك تحت
عضدك {تخرج بيضاء من غير سوء}
قال : من غير برص.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {من غير سوء} قال : من غير برص.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : أخرجها كأنها مصباح فعلم موسى
أنه قد لقي ربه ولهذا قال تعالى : {لنريك من آياتنا الكبرى}.
الآية 25 - 47.
أَخْرَج
ابن مردويه والخطيب ، وَابن عساكر عن أسماء بنت عميس قال : رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم بإزاء ثبير وهو يقول : أشرق ثبير أشرق ثبير اللهم إني
أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري وأن تيسر لي أمري وأن تحل عقدة
من لساني {يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري
وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا}.
وأخرج
السلفي في الطيوريات بسند واه عن أبي حعفر محمد بن علي قال : لما نزلت
{واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري} كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم على جبل ثم دعا ربه وقال اللهم اشدد أزري بأخي علي فأجابه إلى
ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله
عنه
في قوله : {واحلل عقدة من لساني} قال : عجمة بجمرة نار أدخلها في فيه عن
أمر امرأة فرعون تدرأ به عنه عقوبة فرعون حين أخذ موسى بلحيته وهو لا يعقل
، قال : هذا عدو لي فقالت امرأته : إنه لا يعقل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي} قال : كان أكبر من موسى.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية في قوله : {اشدد به أزري} قال ظهري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {اشدد به أزري} يقول : أشدد به أمري وقوني به فإن لي به قوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وأشركه في أمري} قال : نبئ هرون ساعتئذ حين نبئ موسى عليهما السلام.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عروة أن عائشة سمعت رجلا يقول : إني لأدري أي أخ في
الدنيا كان أنفع لأخيه : موسى حين سأل لأخيه النبوة ، فقالت : صدق والله.
وأخرج
الحاكم عن وهب قال : كان هرون فصيحا بين النطق يتكلم في تؤدة ويقول بعلم
وحلم وكان أطول من موسى طولا وأكبرهما في السن وأكثرهما لحما وأبيضهما
جسما وأعظمهما ألواحا وكان موسى جعدا آدم طوالا كأنه من رجال شنؤاة ولم
يبعث الله نبيا إلا وقد كانت عليه شامة النبوة في يده اليمنى إلا أن يكون
نبينا صلى الله عليه وسلم فإن شامة النبوة كانت بين كتفيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأ {كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا} بنصب الكاف الأولى في كلهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش : أنه كان يجزم هذه الكافات كلها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {فاقذفيه في اليم} قال هو النيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : كان كل من رآه ألقيت عليه منه محبة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل - رضي الله عنه - في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : حببتك إلى عبادي.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : حيث نظرت
آسية وجه موسى فرأت حسنا وملاحة فعندها قالت لفرعون : (قرة عين لي ولك لا
تقتلوه) (القصص آية 9).
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي رجاء في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : الملاحة والحلاوة.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : حلاوة في عيني موسى لم ينظر إليه خلق إلا أحبه.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : كنت مع عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - فتلقاه الناس
يسلمون
عليه ويحيونه ويثنون عليه ويدعون له - فيضحك ابن عمر - فإذا انصرفوا عنه
أقبل علي فقال : إن الناس ليجيئون حتى لو كنت أعطيهم الذهب والفضة ما
زادوا عليه ثم تلا هذه الآية {وألقيت عليك محبة مني}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك - رضي الله عنه - في قوله : {ولتصنع على عيني} قال : ولتعمل على عيني.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله : {ولتصنع على عيني} قال : تربى بعين الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولتصنع على عيني} قال : ولتغذى على عيني.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية يقول : أنت بعيني إذ جعلتك أمك في التابوت ثم في البحر {إذ تمشي أختك}.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والخطيب عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : إنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ.
يقول الله : {وقتلت نفسا فنجيناك من الغم}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : {فنجيناك من الغم} قال : من قتل النفس {وفتناك فتونا} قال :
أخلصناك إخلاصا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر
، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وفتناك فتونا} قال : أبتليناك
إبتلاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وفتناك فتونا} قال : إبتليناك ببلاء نعمة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وفتناك فتونا} قال : اختبرناك إختبارا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {وفتناك فتونا} قال : بلاء إلقاؤه في
التابوت ثم في اليم ثم إلتقاط آل فرعون إياه ثم خروجه خائفا يترقب.
وأخرج
ابن أبي عمر العدني في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي وأبو يعلى ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه قال : سألت ابن عباس عن قول الله تعالى لموسى عليه السلام : {وفتناك فتونا} فسألت عن الفتون ما هو فقال : استأنف النهار يا ابن جبير فإن لها حديثا طويلا فلما أصبحت غدوت على ابن عباس لأتنجز ما وعدني من حديث الفتون فقال : تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله عز وجل - وعد إبراهيم عليه السلام - من أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكا ، فقال بعضهم : إن بني إسرائيل ينتظرون ذلك ما يشكون فيه ولقد كانوا يظنون أنه يوسف بن يعقوب فلما هلك قالوا : ليس هذا كان وعد الله إبراهيم ، قال فرعون : فكيف ترون فائتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالا - معه الشفار - يطوفون في بني إسرائيل : فلا يجدون مولودا إلا ذبحوه ففعلوا فلما رأوا أن الكبار يموتون بآجالهم وأن الصغار يذبحون قالوا : يوشك أن يفني بنو إسرائيل فتصيروا تباشروا الأعمال والخدمة التي كانوا يكفونكم فاقتلوا عاما كل مولود ذكر فتقل أبناؤهم ، ودعوا عاما لا تقتلوا منهم أحدا فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار فإنهم لن يكثروا فتخافون مكاثرتهم إياكم ولن يفنوا بمن تقتلون فتحتاجون إليهم فأجمعوا أمرهم على ذلك فحملت أم موسى بهرون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان فولدت علانية آمنة حتى إذا كان في قابل حملت بموسى فوقع في قلبها الهم
والحزن فذلك من الفتون يا ابن جبير لما دخل عليه في بطن أمه ما يراد به فأوحى الله إليها أن : (لا تخافي ولا تحزني إنا
رادوه
إليك وجاعلوه من المرسلين) (القصص آية 7) وأمرها إذا ولدته أن تجعله في
تابوت ثم تلقيه في اليم فلما ولدت فعلت ما أمرت به حتى إذا توارى عنها
ابنها - أتاها الشيطان - وقالت في نفسها : ما فعلت بابني لو ذبح عندي
فواريته وكفنته كان أحب إلي من أن ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه ، فانطلق
به الماء حتى أوفى به عند مستقى جواري امرأة فرعون فرأينه فأخذنه فهممن أن
يفتحن الباب فقال بعضهن لبعض : إن في هذا لمالا وإنا إن فتحناه لم تصدقنا
امرأة الملك بما وجدنا فيه فحملنه بهيئته لم يحركن منه شيئا حتى دفعنه
إليها فلما فتحته رأت فيه الغلام فألقي عليها محبة لم تلق منها على أحد من
البشر قط (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) (القصص آية 10) من ذكر كل شيء إلا من
ذكر موسى ، فلما سمع الذباحون بأمره أقبلوا إلى امرأة فرعون بشفارهم
يريدون أن يذبحوه وذلك من الفتون يا ابن جبير فقالت للذباحين : إن هذا
الواحد لا يزيد في بني إسرائيل وإني آتي فرعون فأستوهبه منه فإن وهبه لي فقد أحسنتم وأجملتم وإن أمر بذبحه لم ألمكم فلما أتت به فرعون قالت : (قرة عين لي ولك لا تقتلوه) (القصص آية 9) قال فرعون : يكون لك وأما لي فلا حاجة لي فيه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي يحلف به لو أقر فرعون بأن يكون قرة عين له كما قالت امرأته لهداه الله به كما هدى به امرأته ولكن الله عز وجل - حرمه ذلك فأرسلت إلى من حولها من كل امرأة لها لبن لتختار له ظئرا فكلما أخذته امرأة منهن لترضعه لم يقبل ثديها حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمنتع من اللبن فيموت فأحزنها ذلك فأمرت به فأخرج إلى السوق ومجمع الناس ترجو أن تجد له ظئرا يأخذ منها فلم يفعل وأصبحت أم موسى والها فقالت لأخته : قصي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكرا أحي أم قد أكلته الدواب ونسيت الذي كان وعد الله ، (فبصرت به أخته عن جنب وهم لا يشعرون) والجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى شيء بعيد وهو إلى جنبه وهو لا يشعر به (فقالت) - من الفرح حين
أعياهم الظوائر - (هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون) فأخذوها فقالوا : وما يدريك ما نصحهم له هل يعرفونه
حتى
شكوا في ذلك وذلك من الفتون يا ابن جبير ، فقالت : نصحهم له وشفقتهم عليه
رغبتهم في جانب الملك رجاء شفقته ، فتركوها فانطلقت إلى أمه فأخبرتها
الخبر فجاءت فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصه حتى امتلأ جنباه ريا
وانطلق البشرى إلى امرأة فرعون يبشرونها : إنا قد وجدنا لابنك ظئرا ،
فأرسلت إليها فأتيت بها وبه فلما رأت ما يصنع قالت لها : امكثي عندي
أرضعني [ أرضعي ] ابني هذا - فإني لم أحب حب شيئا قط - قالت : لا أستطيع
أن أدع بيتي وولدي فيضيع فإن طابت نفسك أن تعطينيه فأذهب به إلى بيتي
فيكون معي لا آلوه خيرا فعلت وإلا فإني غير تاركة بيتي وولدي ، فذكرت أم
موسى ما كان الله عز وجل وعدها فتعاسرت على امرأة فرعون لذلك وأيقنت أن
الله عز وجل منجز وعده ، فرجعت بابنها من يومها فأنبته الله نباتا حسنا
وحفظه لما قد قضى فيه فلم يزل بنو إسرائيل - وهم يجتمعون في ناحية القرية
- يمتنعون به من الظلم والسخرة منذ كان فيهم فلما ترعرع قالت امرأة فرعون
لأم موسى : أريد أن تريني ابني فوعدتها يوما تزورها فيه به ، فقالت
لخزانها وجواريها
وقهارمتها : لا يبقى منكم اليوم واحد إلا استقبل ابني بهدية وكرامة أرى ذلك فيه وأنا باعثة أمينا يحضر ما صنع كل إنسان منكم فلم تزل الهدايا والنحل والكرامة تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل عليها فلما دخل عليها أكرمته ونحلته وفرحت به وأعجبها ونحلت أمه لحسن أثرها عليه ثم قالت لأنطلقن به إلى فرعون فلينحله وليكرمنه ، فلما دخلت به عليه وجعلته في حجره فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض فقالت له الغواة - من أعداء الله - : ألا ترى إلى ما وعد الله إبراهيم إنه يرثك ويصرعك ويعلوك ، فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه ، وذلك من الفتون يا ابن جبير بعد كل بلاء ابتلي به وأريد به فتونا ، فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون فقالت : ما بدا لك في هذا الصبي الذي وهبته لي قال : ألا ترينه يزعم أنه سيصرعني ويعلوني قالت له : اجعل بيني وبينك أمرا تعرف فيه الحق ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه فإن بطش بالؤلؤتين واجتنب الجمرتين علمت أن يعقل وإن هو تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين فاعلم أن أحد لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل ، فلما قرب إليه الجمرتين واللؤلؤتين أخذ الجمرتين
فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا بدنه ، فقال للمرأة : لا يذبح ، وصرفه الله عنه بعد أن كان هم به وكان الله بالغ أمره
فيه
فلما بلغ أشده - وكان من الرجال - لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من
بني إسرائيل معه بظلم ولا بسخرة حتى امتنعوا كل الإمتناع ، فبينما هو يمشي
في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان - أحدهما من بني إسرائيل والآخر
من آل فرعون - فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فغضب موسى واشتد غضبه
لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم : لا يعلم إلا
أن ذلك من الرضاع من أم موسى إلا أن يكون الله تعالى أطلع موسى من ذلك على
ما لم يطلع غيره عليه فوكز موسى الفرعوني فقتله وليس يراهما أحد إلا الله
وموسى والإسرائيلي ، (فقال) موسى : حين قتل الرجل (هذا من عمل الشيطان إنه
عدو مضل مبين) (القصص آية 15) ثم (قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له
وأصبح في المدينة خائفا يترقب) (القصص آية 17) الأخبار فأتى فرعون فقيل له
: إن بني إسرئيل قتلوا رجلا من آل فرعون فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم ،
فقال ائتوني به ومن شهد عليه فإن الملك - وإن كان صفوه مع قومه لا يستقيم
له أن يقيد بغير بينة
ولا ثبت فاطلبوا علم ذلك آخذ لكم بحقكمز
فبينما هم يطوفون فلا يجدون بينة ولا ثبتا إذا موسى من الغد قد رأى ذلك
الإسرائيلي يقاتل فرعونيا آخر فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف
موسى قد ندم على ما كان من وكزه الذي رأى فغضب من الإسرائيلي لما فعل
بالأمس واليوم وقال : (إنك لغوي مبين) (القصص آية 18) فنظر الإسرائيلي إلى
موسى حين قال له ما قال - فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس - فخاف بعدما قال له
: (إنك لغوي مبين) أن يكون إياه أراد وإنما أراد الفرعوني (فقال : يا موسى
أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) (القصص آية 19) وإنما قال ذلك
مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله فيتداركا فانطلق الفرعوني إلى قومه
فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي حين يقول : (أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا
بالأمس) (القصص آية 19) فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى فأخذ رسل فرعون
في الطريق الأعظم يمشون على هينتهم يطلبون موسى وهم لا يخافون أن يفوتهم
(وجاء رجل) من شيعة موسى (من أقصى المدينة) (القصص آية 20) فاختصر طريقا
قريبا حتى سبقهم إلى موسى فأخبره الخبر ، وذلك من الفتون يا ابن جبير.
فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء مثل ذلك وليس له بالطريق علم الأحسن ظنه بربه فإنه (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) (القصص آية 22) (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان) (القصص آية 23) يعني فلم تسقيا غنمهما قال : (ما خطبكما) (القصص آية 23) معتزلتين لا تسقيان مع الناس قالتا : ليست لنا قوة نزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم (فسقى لهما) (القصص آية 24) فجعل يغرف في الدلو ماء كثيرا حتى كانتا أول الرعاة فراغا - فانصرفتا إلى أبيهما بغنمهما وانصرف موسى إلى شجرة فاستظل بها (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) ز فاستنكر أبو الجاريتين سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا وقال : إن لكما اليوم لشأنا : فحدثتاه بما صنع موسى ، فأمر إحداهما أن تدعوه له فأتته فدعته ، فلما كلمه (قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين) (القصص آية 25) ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطانا ولسنا في مملكته ، قالت ابنته : (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) (القصص آية 26) فحملته الغيرة أن قال : وما يدريك ما قوته وما أمانته قالت : أما قوته : فما رأيت منه حين سقى لنا لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه حين سقى لنا : وأمانته : فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له
فلما علم أني امرأة صوب
رأسه ولم يرفعه ولم ينظر إلي حين أقبلت إليه حتى بلغته رسالتك ، فقال لي :
امشي خلفي وانعتي لي الطريق فلم يقل هذا إلا وهو أمين ، فسري عن أبيها
وصدقها وظن به الذي قالت ، فقال : هل لك (أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على
أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك)
(القصص آية 27) ففعل وكانت على موسى ثماني حجج واجبة وكانت سنتان عدة منه
فقضى الله عدته فأتمها عشرا ، قال سعيد : فسألني رجل من أهل النصرانية من
علمائهم : هل تدري أي الأجلين قضى موسى قلت : لا ، وأنا يومئذ لا أعلم ،
فلقيت ابن عباس فذكرت له الذي قال النصراني فقال : أما كنت تعلم أن ثمانيا
واجبة لم يكن موسى لينتقص منها وتعلم أن الله تعالى كان قاضيا عن موسى عدته
التي
وعد فإنه قضى عشرا فأخبرت النصراني فقال : الذي أخبرك بهذا هو أعلم منك ،
قلت : أجل وأولى (سار موسى بأهله) ورأى من أمر النار ما قص الله عليك في
القرآن وأمر العصا ويده فشكا إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في القتيل
وعقدة لسانه - فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام - فسأل ربه
أن يعينه بأخيه هارون ليكون له ردءا ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به
فأتاه الله سؤله فحل عقدة من لسانه وأوحى إلى هارون وأمره أن يلقى موسى.
فاندفع
موسى بالعصا ولقي هارون فانطلقا جميعا إلى فرعون فأقاما ببابه حينا لا
يؤذن لهما ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا : {إنا رسولا ربك} فقال : {فمن
ربكما يا موسى} فأخبراه بالذي قص الله في القرآن ، قال : فما تريدان وذكره
بالقتيل فاعتذر بما قد سمعت قال : أريد أن تؤمن بالله وترسل معي بني
إسرائيل ، فأبى عليه ذلك وقال : ائت بآية إن كنت من الصادقين فألقى بعصاه
فتحولت حية عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون - فلما رأى فرعون أنها قاصدة
إليه - خافها فاقتحم عن سريره واستغاث بموسى : أن يكفها عنه ففعل.
وَأخرَج
يده من جيبه بيضاء من غير سوء) يعني برص ثم أعادها إلى كمه فصارت إلى
لونها الأول ، فاستشار الملأ فيما رأى فقالوا له : {هذان لساحران يريدان
أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى} يعنون ملكهم الذي هم
فيه والعيش فأبوا على موسى أن يعطوه شيئا مما طلب ، وقالوا له : اجمع لهم
السحرة - فإنهم بأرضنا كثير - حتى تغلب بسحرهم سحرهما (فأرسل فرعون في
المدائن حاشرين) (الشعراء آية 54) فحشر له كل ساحر متعالم فلما أتوا فرعون
قالوا : بم يعمل هذا الساحر ، قالوا : يعمل بالحيات والحبال ، قال : فلا
والله ما في الأرض قوم يعملون بالحيات والحبال والعصي بالسحر ما نعمل به
فما أجرنا إن غلبناه قال لهم : أنتم أقاربي وخاصتي وأنا صانع بكم كل شيء
أحببتم
فتواعدوا ليوم الزينة {وأن يحشر الناس ضحى} قال سعيد : فحدثني ابن عباس :
إن يوم الزينة - اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة - وهو
يوم عاشوراء فلما اجتمعوا في صعيد واحد ، قال الناس لبعضهم لبعض : اذهبوا
بنا فلنحضر هذا الأمر و(نتبع السحرة
إن كانوا هم الغالبين) (الشعراء
آية 40) - يعنون بذلك موسى وهارون استهزاء بهما - فقالوا : يا موسى -
لقدرتهم بسحرهم - (إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين) (الأعراف آية
115) قال : ألقوا {فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن
الغالبون}) (الأعراف آية 44) فرأى موسى من سحرهم ما أوجس منه خيفة ، فأوحى
الله إليه (أن ألق عصاك) (القصص آية 31) فلما ألقاها صارت ثعبانا عظيما
فاغرة فاها فجعل العصا بدعوة موسى تلتبس بالحبال حتى صارت جردا إلى
الثعبان حتى تدخل فيه حتى ما أبقت عصا ولا حبلا إلا ابتلعته فلما عاين
السحرة ذلك قالوا : لو كان هذا سحرا لم تبتلع من سحرنا كل هذا ولكن هذا من
أمر الله عز وجل ، فآمنا بالله وبما جاء به موسى ونتوب إلى الله عز وجل
مما كنا فيه فكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه فظهر الحق وبطل ما
كانوا يعملون (فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين) (الأعراف الآية 119) وامرأة
فرعون بارزة مبتذلة - تدعو الله بالنصر لموسى على فرعون -
فمن رآها
- من آل فرعون ظن أنها تبذلت شفقة على فرعون وأشياعه وإنما كان حزنها
وهمها لموسى ، فلما طال مكث موسى لمواعد فرعون الكاذبة كلما جاء بآية وعد
عندها أن يرسل معه بني إسرائيل فإذا كشف ذلك عنه نكث عهده واختلف وعده حتى
أمر موسى بقومه فخرج بهم ليلا ، فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا بعث في
المدينة وحولها حاشرين فتبعتهم جنود عظيمة كثيرة وأوحى الله إلى البحر :
إذا ضربك عبدي موسى فانفرق له اثني عشر فرقا حتى يجوز موسى ومن معه ثم
التق بعد على من بقي من قوم فرعون وأشياعه ، فنسي موسى أن يضرب بعصاه فدفع
إلى البحر وله قصيف مخافة أن يضربه بعصاه وهو غافل فيصير عاصيا (فلما
تراءى الجمعان) وتقاربا (قال أصحاب موسى إنا لمدركون) (الشعراء الآية 61)
فافعل ما أمرك به ربك فإنك لم تكذب ولم تكذب ، قال : وعدني ربي إذا انتهيت
إلى البحر أن ينفرق لي حتى أجوز ثم ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر - حين
دنا أوائل جند فرعون - من أواخر جند موسى فانفرق البحر - كما أمره الله
وكما وعد موسى فلما جاز أصحاب موسى كلهم ودخل أصحاب فرعون كلهم التقى
البحر عليهم كما
أمره الله عز وجل فما أن جاوز البحر (قال أصحاب موسى :
إنا لمدركون) (الشعراء الآية 61) إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق ولا نأمن
هلاكه فدعا ربه فأخرجه له
ببدنه من البحر حتى استيقنوا ، ثم مروا بعد ذلك (على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون) (الأعراف آية 138) قد رأيتم من العبر ما يكفيكم وسمعتم به فمضى حتى أنزلهم منزلا ثم قال لهم : أطيعوا هارون فإني قد استخلفته عليكم وإني ذاهب إلى ربي وأجلهم ثلاثين يوما أن يرجع إليهم فيها فلما أتى ربه وأراد أن يكلمه في ثلاثين يوما - فصامهن ليلهن ونهارهن - كره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم فتناول موسى من نبات الأرض شيئا فمضغه ، فقال له ربه : - حين أتاه - لم أفطرت وهو أعلم بالذي كان ، قال : يا رب إني كرهت أن أكلمك إلا فمي طيب الريح ، قال : وما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ارجع حتى تصوم عشرة أيام ثم ائتني ، ففعل موسى الذي أمره الله به فلما رأى قوم موسى أنه لم يأتهم للأجل ساءهم ذلك وقد كان هارون خطبهم وقال لهم : إنكم خرجتم من مصر وعندكم ودائع لقوم فرعون وعوار ولكم فيهم مثل ذلك وأنا أرى أن تحتسبوا ما كان لكم عندهم ولا أحل لكم وديعة استودعتموها أو عارية ولسنا نرى أداء شيء من ذلك
إليهم ولا
ممسكيه ، فحفر حفرة وأمر كل قوم عندهم شيء من ذلك من متاع أو حلية بأن
يدفنوه في الحفرة ثم أوقد عليه النار فأحرقه وقال : لا يكون لنا ولا لهم ،
وكان السامري رجلا من قوم يعبدون البقر ليس من بني إسرائيل جار لهم فاحتمل
مع بني إسرئيل حين احتملوا فقضى له أن رأى أثر الفرس فقبض منه قبضة فمر
بهارون فقال له هارون : يا سامري ، ألا تلقي ما في يديك - وهو قابض عليه
لا يراه أحد طوال ذلك - فقال : هذه بضة [ قبضة ] من أثر الرسول الذي جاوز
بكم البحر فلا ألقيها لشيء إلا أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يكون ما أريد
، قال : فألقاها ودعا له هارون ، قال : أريد أن يكون عجلا فاجتمع ما كان
في الحفرة من متاع : نحاس أو حديد أو حلى فصار عجلا أجوف ليس فيه روح له
خوار ، فقال ابن عباس :
والله ما كان له صوت ولكن الريح كانت تدخل في
دبره وتخرج من فيه فكان ذلك الصوت من ذلك ، فتفرق بنو إسرائيل فقالت فرقة
: يا سامري ما هذا فإنك أنت أعلم به فقال : هذا ربكم ولكن موسى أخطأ
الطريق ، فقالوا : لا نكذب بهذا {حتى
يرجع إلينا موسى} طه آية 91 فإن يك ربنا لم يكن ضيعنا وعجزنا حين رأيناه وإن لم يكن ربنا فإننا نتبع قول موسى ، وقال فرقة : هذا من عمل الشيطان وليس ربنا ولا نصدق به ولا نؤمن به ، وأشرب فرقة في قلوبهم التصديق بما قال السامري في العجل : وأعلنوا التكذيب و{قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن} وليس بهكذا ، قالوا : فما بال موسى وعدنا ثلاثين ليلة ثم أخلفنا فهذه أربعون ليلة : فقال سفهاؤهم : أخطأ ربه فهو يطلبه ويتبعه ، فلما كلم الله موسى وقال ما قال له وأخبره بما لقي قومه من بعده (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) فقال لهم ما سمعتم في القرآن (وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه) (الأعراف آية 150) من الغضب غير أنه عذر أخاه واستغفر ربه ثم انصرف إلى السامري فقال له : ما حملك على ما صنعت فقال : {فقبضت قبضة من أثر الرسول} وفطنت وعميت عليكم {فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي} {قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس} إلى قوله : {في اليم نسفا} ولو كان إلها لم يخلص إلى ذلك فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة واغتبط الذين كان رأيهم رأي هارون فقالوا : يا موسى سل ربك أن يفتح لنا باب توبة نعملها ونكفر عنا ما عملنا (فاختار موسى من قومه سبعين رجلا) (الأعراف آية 155) لذلك لا يألوا لخير خيار بني إسرائيل ومن لم يشرك في العجل فانطلق بهم ليسأل ربهم التوبة فرجفت الأرض بهم فاستحيا موسى عليه السلام من قومه ووفده حين فعل بهم ذلك فقال : (!
{رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي
أتهلكنا بما فعل السفهاء} الأعراف آية 155 الآية ، ومنهم من قد اطلع الله
منه على ما أشرب قلبه العجل والإيمان به فلذلك رجفت بهم الأرض ، فقال :
(رحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون) إلى قوله : (والإنجيل) (الأعراف
آية 156) فقال : رب سألتك التوبة لقومي فقلت : إن رحمت [ رحمتك ] كتبتها
لقوم غير قومي فليتك أخرتني حتى أخرج في أمة ذلك الرجل المرحومة ، قال
الله عز
وجل : فإن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كل من لقي من والد أو
ولد فيقتله بالسيف ولا يبالي من قبل ذلك الموطن ، فتاب أولئك الذين كان
خفي على موسى وهارون وما طلع الله عابهم من ذنوبهم فاعترفوا بها ، وفعلوا
ما أمروا به فغفر الله للقاتل والمقتول ، ثم سار بهم موسى متوجها نحو
الأرض المقدسة فأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب وأمرهم بالذي أمره الله
أن يبلغهم من الوظائف فثقلت عليهم وأبوا أن يقروا بها حتى نتق الله عليهم
الجبل كأنه ظلة ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم فأخذوا الكتاب بأيمانهم
وهم مصغون ينظرون الأرض والكتاب الذي أخذوه بأيديهم وهم ينظرون إلى الجبل
مخافة أن يقع عليهم ، ثم مضوا حتى أتوا الأرض المقدسة فوجدوا فيها مدينة
جبارين خلقهم خلق
منكر وذكروا من ثمارهم أمرا عجيبا من عظمها فقالوا
: يا موسى (إن فيها قوم جبارين) (المائدة آية 22) لا طاقة لنا اليوم بهم
ولا ندخلها ما داموا فيها (فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) قال رجلان من
الجبارين : آمنا بموسى فخرجا إليه فقالا : نحن أعلم بقومنا إن كنتم تخافون
ما رأيتم من أجسامهم وعددهم فإنهم ليس لهم قلوب ولا منعة عندهم (فادخلوا
عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون) (المائدة آية 23) ويقول أناس
إنهما من قوم موسى وزعم سعيد أنهما من الجبارين آمنا بموسى ، يقول : (من
الذين يخافون أنعم الله عليهما) (المائدة آية 33) وإنما يعني بذلك الذين
يخافهم بنو إسرائيل ، فقالوا : (يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها
فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) (المائدة آية 24) فأغضبوا موسى
فدعا عليهم فسماهم فاسقين ولم يدع عليهم قبل ذلك لما رأى فيهم من المعصية
وإساءتهم - حتى كان يومئذ - فدعا عليهم فاستجاب الله له وسماهم كما سماهم
موسى فاسقين (فحرمها عليهم أربعين يتيهون في الأرض) (المائدة آية 26)
يصبحون كل يوم فيسيرون ليس لهم قرار ، ثم ظلل عليهم في التيه بالغمام
وأنزل عليهم المن والسلوى وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتسخ وجعل بين
ظهرانيهم حجرا مربعا وأمر موسى فضربه بعصاه (فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا)
(البقرة آية 60) في كل ناحية ثلاث عيون وأعلم كل سبط عينهم التي يشربون
منها لا
يرتحلون بها من مرحلة إلا وجدوا ذلك الحجر منهم بالمكان الذي كان منهم بالمنزل الأول.
رفع
الحديث ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - وصدق ذلك عندي : أن
معاوية بن أبي سفيان سمع من ابن عباس هذا الحديث فأنكر عليه أن يكون
الفرعوني هو الذي أفشى على موسى أمر القتيل وقال : إنما أفشى عليه
الإسرائيلي ، فأخذ ابن عباس بيده فانطلق إلى سعد بن مالك الزهري فقال :
أرأيت يوم حدثنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - عن قتيل موسى من آل فرعون
من أفشى عليه الإسرائيلي أو الفرعوني قال : أفشى عليه الفرعوني بما سمع من
الإسرائيلي الذي شهد ذلك وحضره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {فلبثت سنين في أهل مدين}
قال : عشر سنين {ثم جئت على قدر يا موسى} طه آية 40 قال على موعد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ثم جئت على قدر} قال : الميقات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ثم جئت على قدر} قال : على موعد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {ولا تنيا في ذكري} قال لا تضعفا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه - مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه - مثله.
وأخرج
الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله - عز وجل
- {ولا تنيا في ذكري} قال : ولا تضعفا عن أمري ، قال : وهل تعرف العرب ذلك
قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول : إني وجدك مل ونيت وإنني * أبغي
الفكاك له بكل سبيل.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {ولا تنيا} قال : لا تبطئا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه في قوله : {فقولا له قولا لينا} قال : كنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {فقولا له قولا لينا} قال : كنياه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان الثوري : {فقولا له قولا لينا} قال : كنياه يا أبا مرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فقولا له قولا لينا} قال اعذرا إليه وقولا له : إن لك ربا ولك معادا وإن بين يديك جنة ونارا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الفضل بن عيسى الرقاشي أنه تلا هذه الآية {فقولا له قولا
لينا} فقال : يا من يتحبب إلى من يعاديه فكيف بمن يتولى ويناديه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لعله يتذكر} قال : هل يتذكر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إننا نخاف أن يفرط علينا} قال : يعجل {أو أن يطغى} قال : يعتدي.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : {إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى} قال : عقوبة منه.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى}
قال : أسمع ما يقول {وأرى} ما يجاوبكما فأوحي إليكما فتجاوباه.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم بسند جيد عن ابن مسعود قال : لما بعث الله
موسى إلى فرعون قال : رب أي شيء أقول قال : قل أهيا شرا هيا ، قال الأعمش
: تفسير ذلك الحي قبل كل شيء والحي بعد كل شيء.
وأخرج أحمد في الزهد عن
ابن عباس قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون قال : لا يغرنكما لباسه الذي
ألبسته فإن ناصيته بيدي فلا ينطق ولا يطرف إلا بإذني ولا يغرنكما ما متع
به من زهرة الدنيا وزينة المترفين فلو شئت أن أزينكما من زينة الدنيا بشيء
يعرف فرعون أن قدرته تعجز عن ذلك لفعلت وليس ذلك لهوانكما علي ولكني
ألبستكما نصيبكما من الكرامة علي : أن لا تنقصكما الدنيا
شيئا وإني
لأذود أوليائي عن الدنيا كما يذود الراعي إبله عن مبارك 7 الغيرة وإني
لأجنبهم كما يجنب الراعي إبله عن مراتع الهلكة أريد أن أنور بذلك صدورهم
وأطهر بذلك قلوبهم في سيماهم الذين
يعرفون وأمرهم الذي يفتخرون به وأعلم : إنه من أخاف لي وليا فقد بارزني وأنا الثائر لأوليائي يوم القيامة.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه من طريق ابن عباس عن
أبي سفيان بن حرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل من محمد
رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى.
وأخرج عبد
الرزاق في المصنف والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : التسليم على أهل
الكتاب إذا دخلت عليهم بيوتهم أن تقول : السلام على من اتبع الهدى.
الآية 48 - 52.
أَخْرَج
ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب
وتولى} قال : من كذب بكتاب الله وتولى عن طاعة الله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن
ابن عباس في قوله : {الذي أعطى كل شيء خلقه} قال : خلق لكل شيء روحه ثم {هدى} قال : هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أعطى كل شيء خلقه} يقول : مثله أعطى
الإنسان إنسانة والحمار حمارة والشاة شاته : {ثم هدى} إلى الجماع.
وأخرج
عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن في
قوله : {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال : أعطى كل شيء ما يصلحه ثم هداه له.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله
عنه
- في قوله : {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال : سوى خلق كل دابة ثم هداها
لما يصلحها وعلمها إياه لم يجعل خلق الناس كخلق البهائم ولا خلق البهائم
كخلق الناس ولكن (خلق كل شيء فقدره تقديرا) (الفرقان آية 2).
وأخرج ابن
أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {أعطى كل شيء خلقه} قال
: أعطى كل ذي خلق ما يصلحه ولم يجعل الإنسان في خلق الدابة ولا الدابة في
خلق الكلب ولا الكلب في خلق الشاة وأعطى
كل شيء ما ينبغي له من
النكاح وهيأ كل شيء على ذلك ليس منها شيء يملك شيئا في فعاله في الخلق
والرزق والنكاح {ثم هدى} قال : هدى كل شيء إلى رزقه وإلى زوجته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أعطى كل شيء خلقه} قال : أعطى كل شيء صورته {ثم هدى} قال : لمعيشته.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في
قوله : {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال : ألم تر إلى البعير كيف يقوم
لصاحبه ينتظره حتى يجيء هذا منه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {ثم هدى} قال : كيف يأتي الذكر الأنثى.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن سابط قال : ما أبهت البهائم فلم تبهم عن أربع : تعلم
أن الله ربها ويأتي الذكر الأنثى وتهتدي لمعايشها وتخاف الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {قال فما بال القرون الأولى} يقول : فما حال القرون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {لا يضل ربي} قال : لا يخطئ.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {لا يضل ربي ولا ينسى} قال :
هما شيء واحد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {لا يضل ربي ولا ينسى} قال : {لا يضل ربي} الكتاب {ولا ينسى} ما فيه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي المليح قال : الناس يعيبون علينا الكتاب وقال الله تعالى : {علمها عند ربي في كتاب}.
وأخرج
ابن سعد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هلال قال : كنا عند قتادة
فذكروا الكتاب وسألوه عن ذلك فقال : وما بأس بذلك ، أليس الله الخبير يخبر
قال : {فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب}.
الآية 53 - 54.
أَخْرَج
ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فأخرجنا به أزواجا} يقول :
أصنافا فكل صنف من نبات الأرض أزواج ، النخل زوج صنف والأعناب
زوج صنف وكل شيء تنبته الأرض أزواج.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : {من نبات شتى} قال : مختلف وفي قوله : {لأولي النهى} قال : لأولي
التقى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {لأولي النهى} قال : لذوي الحجا والعقول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {لأولي النهى} قال : لأولي الورع.
وأخرج ابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه في قوله : {لأولي النهى} قال : الذين ينتهون عما نهوا عنه.
الآية 55 - 58
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء الخراساني قال : إن الملك ينطلق
فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب ومن
النطفة وذلك قوله منها خلقناكم وفيها نعيدكم.
وأخرج أحمد
والحاكم عن أبي أمامة قال : لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {منها خلقناكم
وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة
رسول الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {تارة أخرى} قال مرة أخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {مكانا سوى} قال : منصفا بينهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {مكانا سوى} قال : نصفا بيني وبينك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {مكانا سوى} قال : عدلا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {مكانا سوى} قال : مكانا
مستويا يتبين الناس سواء فيه لا يكون صوت ولا شيء يتغيب بعض ذلك
عن بعض مستو حين يرى.
الآية 59 - 60.
أَخرَج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : {موعدكم يوم الزينة} قال : يوم عاشوراء.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من
صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة ومن تصدق يومئذ بصدقة أدرك ما فاته من صدقة تلك السنة يعني يوم عاشوراء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {قال موعدكم يوم الزينة} قال : هو يوم عيد كان لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {قال موعدكم يوم الزينة} قال : هو عيدهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : {موعدكم يوم الزينة} قال : يوم السوق.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : {موعدكم يوم الزينة} قال :
يوم العيد يوم يتفرغ الناس من الأعمال ويشهدون ويحضرون ويرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وأن يحشر الناس ضحى} قال : يجتمعون لذلك الميعاد الذي واعدوه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ وأن تحشر الناس ضحى بالتاء وأن تشحر الناس أنت قال : فرعون يحشر قومه.
الآية 61 – 71
ملحوظة / يوجد نقص من ص217 إلى ص 219.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قال : أولو العقل والشرف والأسنان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ووكيع في الغرور عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قال بأشرافكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قال : يذهبا بالذي أنتم عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وقد أفلح اليوم من استعلى} قال : من غلب.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {تلقف ما
صنعوا} قال : ألقاها موسى فتحولت حية تأكل حبالهم وما صنعوا.
وأخرج ابن
أبي حاتم ، وَابن مردويه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أخذتم الساحر فاقتلوه ثم قرأ {ولا
يفلح الساحر حيث أتى} قال : لا يأمن حيث وجد.
الآية 72 - 76.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة : أن سحرة
فرعون كانوا تسعمائة فقالوا لفرعون : إن يكونا هذان ساحران فإنا نغلبهم فإنه لا
أسحر
منا وإن كان من رب العالمين فلما كان من أمرهم {خروا سجدا} أراهم الله في
سجودهم منازلهم التي إليها يصيرون فعندها قالوا : {لن نؤثرك على ما جاءنا
من البينات} إلى قوله : {والله خير وأبقى}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن
القاسم بن أبي بزة قال : لما وقعوا سجدا رأوا أهل النار وأهل الجنة وثواب
أهليهما فقالوا : {لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات}.
وأخرج ابن أبي
حاتم عن ابن عباس في قوله : {وما أكرهتنا عليه من السحر} قال : أخذ فرعون
أربعين غلاما من بني إسرائيل فأمر أن يعلموا السحر بالعوماء وقال : علموهم
تعليما لا يغلبهم أحد في الأرض ، قال ابن عباس : فهم من الذين قالوا :
{إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر}.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في قوله : {والله خير
وأبقى} قال : خير منك أن أطيع وأبقى منك عذابا إن عصي.
وأخرج
مسلم وأحمد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الآية {إنه من يأت ربه مجرما
فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أما أهلها الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وأما الذين
ليسوا بأهلها فإن النار تميتهم إماتة ثم يقوم الشفعاء فيشفعون فيؤتى بهم
ضبائر على نهر يقال له الحياة أو الحيوان فينبتون كما ينبت القثاء في حميل
السيل والله أعلم.
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : ثلاث من كن فيه لم ينل الدرجات العلى : من تكهن أو
استقسم أو رده من سفره طيرة.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي
الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كان وصلة لأخيه إلى
سلطان في مبلغ بر أو مدفع مكروه رفعه الله في الدرجات.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن عون بن
عبد
الله قال : إن الله ليدخل خلقا الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم ناس في
{الدرجات العلى} فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقول : يا ربنا إخواننا كنا
معهم فبم فضلتهم علينا فيقال : هيهات ، إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون
ويظمؤون حين تروون ويقومون حين تنامون ويستحصون حين تختصون.
فيه قال :
{يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن
نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} فأقام هرون فيمن معه من المسلمين
مخافة أن يقول له موسى : {فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} وكان له
سامعا مطيعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن
هرون مر بالسامري وهو يتنحت العجب فقال له : ما تصنع قال : اصنع ما لا يضر
ولا ينفع فقال هرون : اللهم أعطه ما سأل على نفسه ومضى هرون فقال السامري
: اللهم إني أسألك أن يخور فخار ، فكان إذا خار سجدوا له وإذا خار رفعوا
رؤوسهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : إن بني إسرائيل استعاروا حليا من القبط فخرجوا به معهم فقال
لهم هارون : قد ذهب موسى إلى السماء اجمعوا هذه الحلي حتى يجيء موسى فيقضي
فيه ما قضى فجمع ثم أذيب فلما ألقى السامري القبضة تحول {عجلا جسدا له
خوار} فقال : {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} قال : إن موسى ذهب يطلب ربه فضل
فلم يعلم مكانه وهو هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن علي رضي الله عنه قال : إن جبريل لما نزل فصعد بموسى إلى السماء
بصر به السامري من بين الناس فقبض قبضة من أثر الفرس وحمل جبريل موسى خلفه
حتى إذا دنا من باب السماء صعد وكتب الله الألواح وهو يسمع صرير الأقلام
في الألواح فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده نزل موسى فأخذ العجل
فأحرقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان السامري من أهل كرمان.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال انطلق موسى إلى ربه فكلمه فلما
كلمه قال له : {وما أعجلك عن قومك يا موسى} {قال هم أولاء على أثري وعجلت
إليك رب لترضى} قال : {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري} فلما
خبره خبرهم قال : يا رب هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل ، أرأيت الروح
من نفخها فيه قال الرب : أنا ، قال : يا رب ، فأنت إذا أضللتهم ، ثم رجع
{موسى إلى قومه غضبان أسفا} قال : حزينا {قال يا قوم ألم}
وأخرج أحمد
في الزهد عن ابن عمير قال : إن الرجل وعبده يدخلان الجنة فيكون عبده أرفع
درجة منه فيقول : يا رب هذا كان عبدي في الدنيا فيقال : إنه كان أكثر ذكرا
لله تعالى منك.
وأخرج أبو داود ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أهل الدرجات العلى ليراهم من
تحتهم كما ترون الكوكب الذري في أفق السماء وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما.
الآية 77 - 97
أخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله :
{فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا} قال : يابسا ليس فيه ماء ولا طين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {طريقا في البحر يبسا} قال : يابسا.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج قال : قال أصحاب موسى : هذا فرعون قد أدركنا وهذا
البحر قد عمنا ، فأنزل الله (ولا تخاف دركا ولا تخشى) من البحر غرقا ولا
وحلا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا تخاف دركا} قال : من آل فرعون {ولا تخشى} من البحر غرقا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فغشيهم من اليم} قال البحر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولا تطغوا فيه} قال :
الطغيان فيه أن يأخذه بغير حله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم في قوله : {فيحل عليكم غضبي} قال : فينزل عليكم غضبي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش أنه قرأ {ومن يحلل عليه غضبي} بكسر اللام على تفسير من يجب عليه غضبي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز في قوله : {ومن يحلل عليه غضبي} قال : إن غضبه خلق من خلقه يدعوه فيكلمه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فقد هوى} قال : شقي.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سقي بن ماتع : أن في جهنم قصرا يرمى الكافر من أعلاه
فيهوي في جهنم أربعين قبل أن يبلغ الصلصال فذلك قوله : {ومن يحلل عليه
غضبي فقد هوى}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وإني لغفار لمن تاب} قال : من الشرك {آمن} ، قال : وحد الله {وعمل
صالحا} قال : أدى الفرائض {ثم اهتدى} قال : لم يشك.
وأخرج
سعيد بن منصور والفريابي عن ابن عباس في قوله : {وإني لغفار} الآية ، قال
: تاب من الذنب وآمن من الشرك ، وعملا صالحا فيما بينه وبين ربه {ثم
اهتدى} علم أن لعمله ثوابا يجزى عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {ثم اهتدى} قال : ثم استقام لفرقة السنة والجماعة.
وأخرج
ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون عن
رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : فعجل موسى إلى ربه فقال
الله : {وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب
لترضى} قال : فرأى في ظل العرش رجلا فعجب له ، فقال : من هذا يا رب قال :
لا أحدثك حديثه لكن سأحدثك بثلاث فيه :
كان لا يسحد الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة.
وأخرج
ابن مردويه عن وهب بن مالك رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : إن الله لما وعد موسى أن يكلمه خرج للوقت الذي وعده فبينما هو يناجي
ربه إذ سمع خلفه صوتا فقال إلهي إني أسمع خلفي صوتا قال : لعل قومك ضلوا
قال : إلهي من أضلهم قال : السامري ، قال : كيف أضلهم قال :
صاغ لهم
{عجلا جسدا له خوار} قال : إلهي هذا السامري صاغ لهم العجل : فمن نفخ فيه
الروح حتى صار له خوار قال : أنا يا موسى قال : فبعزتك ما أضل قومي أحد
غيرك ، قال : صدقت ، قال : يا حكيم الحكماء لا ينبغي حكيم أن يكون أحكم
منك.
وأخرج ابن جرير في تهذيبه عن راشد بن سعد قال : إن موسى لما قدم
على ربه - واعد قومه أربعين ليلة - قال : يا موسى إن قومك قد افتتنوا من
بعدك ، قال : يا رب كيف يفتنون وقد نجيتهم من فرعون ونجيتهم من البحر
وأنعمت عليهم وفعلت بهم قال : يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلا له خوار
قال : يا رب فمن جعل فيه الروح قال : أنا ، قال : فأنت
يا رب أضللتهم ، قال : يا موسى يا رأس النبيين ويا أبا الحكام إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن علي رضي الله عنه قال : لما تعجل موسى إلى ربه عمد السامري فجمع
ما قدر عليه من حلى بني إسرائيل فضربه عجلا ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا
هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري : {هذا إلهكم وإله موسى} فقال لهم
هرون : {يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} فلما أن رجع موسى أخذ رأسه أخيه
فقال له هرون ما قال فقال موسى للسامري : {فما خطبك} فقال : {فقبضت قبضة
من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي} فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه
المبارد فبرده وهو على شطر نهر فما شرب أحد من ذلك الماء - ممن كان يعبد
ذلك العجل - إلا اصفر وجهه مثل الذهب فقالوا : يا موسى ما توبتنا قال :
يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه لا
يبالي من قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى : مرهم
فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي.
وأخرج ابن جرير عن
ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما هجم فرعون على البحر وأصحابه -
وكان فرعون على فرس أدهم حصان هاب الحصان أن يقتحم البحر فمثل له جبريل
على فرس لأنثى فلما رآها الحصان هجم خلفها
وعرف
السامري جبريل -
لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه - فكان جبريل يأتيه
فيغذوه بأصابعه في واحدة لبنا وفي الأخرى عسلا وفي الأخرى سمنا فلم يزل
يغذوه حتى نشأ فلما عاينه في البحر عرفه فقبض قبضة من أثر فرسه ، قال أخذ
من تحت الحافر قبضة وألقى في روع السامري : إنك لا تلقيها على شيء فتقول :
كن كذا إلا كان فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر فلما جاوز موسى
وبنو إسرائيل البحر أغرق الله آل فرعون ، قال موسى لأخيه هرون (اخلفني في
قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) ومضى موسى لموعد ربه وكان مع بني
إسرائيل حلي من حلي آل فرعون فكأنهم تأثموا منه فأخرجوه لتنزل النار
فتأكله فلما جمعوه قال السامري : بالقبضة هكذا فقذفها فيه وقال : كن عجلا
جسدا له خوار فصار {عجلا جسدا له خوار} فكان يدخل الريح من دبره ويخرج من
فيه يسمع له صوت فقال {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا على العجل يعبدونه ،
فقال هارون : {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا
أمري} {قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}.
وأخرج ابن
إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -
قال : كان السامري رجلا من أهل ماجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان يحب
عبادة
البقر في نفسه وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه
قال لهم هرون : إنكم قد حملتم {أوزارا من زينة القوم} آل فرعون ومتاعا
وحليا فتطهروا منها فإنها رجس وأوقد لهم نارا فقال : اقذفوا ما معكم من
ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل
فأخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال لهرون يا نبي الله ألقي
ما في يدي قال : نعم ، ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك
الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال : كن {عجلا جسدا له خوار} فكان للبلاء
والفتنة ، فقال : {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا
مثله شيئا قط : يقول الله : {فنسي} أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني
السامري {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} وكان
اسم السامري : موسى بن ظفروقع في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى
هرون ما وقعوا
!
{يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله : {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول : بطاقتنا {ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول : من حلي القبط : {فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي ، فقال لهم هرون : {يا قوم إنما فتنتم به} يقول ابتليتم بالعجل ، قال : {فما خطبك يا سامري} ما بالك ، إلى قوله : {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه} قال : فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد ، يعني سحكه ثم ذراه في اليم ، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى : اشربوا منه فشربوا ، فمن كان يحبه خرج على شاربيه
الذهب فذلك حين يقول : {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} ، قال : فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل {قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون : ربنا هلكت بنو إسرائيل ربنا البقية ، البقية ، فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا عنه فذلك قوله تعالى : {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم} ، ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فوعدهم موعدا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما أتوا ذلك قالوا : {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} فإنك قد كلمته فأرناه {فأخذتهم الصاعقة} فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول : رب ، ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأوحى الله إلى موسى
أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل ، فذلك حين يقول موسى : {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} الآية.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : {أفطال عليكم العهد} يقول : الوعد وفي قوله : {فأخلفتم موعدي}
يقول
: عهدي وفي قوله : {ما أخلفنا موعدك بملكنا} بأمر ملكنا {ولكنا حملنا
أوزارا} قال : أثقالا من زينة القوم وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون
{فقذفناها} قال : فألقيناها {فكذلك ألقى السامري} قال : كذلك صنع {فأخرج
لهم عجلا جسدا له خوار} قال : حفيف الريح فيه ، فهو خواره والعجل ولد
البقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {بملكنا} قال : بأمرنا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ما أخلفنا موعدك بملكنا} قال : بطاقتنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {بملكنا} قال : بسلطاننا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن يحيى أنه قرأ {بملكنا} وملكنا واحد.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله :
{هذا إلهكم وإله موسى فنسي} قال : نسي موسى أن يذكر لكم : أن هذا إلهه.
وَأخرَج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
{فنسي} قال هم يقولونه قومه : أخطأ الرب العجل {أفلا يرون ألا يرجع إليهم
قولا} قال : العجل {ولا يملك لهم ضرا} قال : ضلالة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن} قال : تدعهم.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : أمره موسى أن يصلح ولا يتبع سبيل
المفسدين فكان من إصلاحه أن ينكر العجل ، فذلك قوله : {ألا تتبعن أفعصيت
أمري} كذلك أيضا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {إني خشيت أن تقول فرقت بين
بني إسرائيل} قال : خشيت أن يتبعني بعضهم ويتخلف بعضهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اله عنه في قوله : {إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل} قال : قد كره الصالحون الفرقة قبلكم.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ولم ترقب قولي} قال : لم تنتظر قولي
وما أنا صانع وقائل ، قال : وقال ابن عباس رضي الله عنهما {ولم ترقب قولي}
لم تحفظ قولي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
{قال فما خطبك يا سامري} قال : لم يكن اسمه ولكنه كان من قرية اسمها سامرة
{قال بصرت بما لم يبصروا به} يعني فرس جبريل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {بما لم يبصروا به} بالياء ورفع الصاد.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : {فقبضت قبضة من أثر الرسول} قال : من تحت حافر فرس جبريل {فنبذتها}
قال : نبذ السامري على حلية بني إسرائيل فانقلبت عجلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فقبضت قبضة من أثر
الرسول} قال : قبض السامري قبضة من أثر الفرس فصره في ثوبه.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن
الحسن أنه كان يقرؤها فقنصت بالصاد ، قال : والقبص بأطراف الأصابع.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن أبي الأشهب قال : كان الحسن يقرؤها فقبصت قبصة بالصاد
يعني بأطراف أصابعه وكان أبو رجاء يقرؤها فقبصت قبصة بالصاد هكذا بجميع
كفيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : القبضة ملء الكف والقبصة بأطراف الأصابع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {فقبضت قبضة} بالضاد على معنى القبض.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فإن
لك في الحياة أن تقول لا مساس} قال : عقوبة له {وإن لك موعدا لن تخلفه}
قال : لن تغيب عنه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وانظر إلى
إلهك الذي ظلت عليه عاكفا}
قال : أقمت {لنحرقنه} قال : بالنار {ثم لننسفنه في اليم نسفا} قال : لنذرينه في البحر.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يقرأ {لنحرقنه} خفيفة ، يقول : إن الذهب
والفضة لا يحرقان بالنار يسحل بالمبرد ثم يلقى على النار فيصير رمادا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في بعض القراءة لنذبحنه ثم لنحرقنه خفيفة ، قال قتادة : وكان له لحم ودم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك الأزدي أنه قرأ {لنحرقنه} بنصب النون وخفض الراء وخففها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اليم البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : اليم النهر.
الآية 98 - 110
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وسع كل شيء علما} يقول : ملأ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي زيد في قوله : {وقد آتيناك من لدنا ذكرا} قال : القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {يحمل يوم القيامة وزرا} قال : إثما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وساء لهم يوم القيامة حملا} يقول : بئس ما حملوا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وساء لهم يوم القيامة حملا} قال : ليس
هي وسألهم موصولة ينبغي أن يقطع فإنك إن وصلت لم تفهم وليس بها خفاء
ساءلهم حملا {خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا} قال : حمل السوء وبوئ
صاحبه النار ، قال : وإنما هي {وساء لهم} مقطوعة وساء بعدها لهم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن رجلا أتاه فقال : أرأيت قوله : {ونحشر
المجرمين يومئذ زرقا} وأخرى عميا ، قال : إن يوم القيامة فيه حالات :
يكونون في حال زرقا وفي حال عميا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {يتخافتون
بينهم} قال : يتسارون.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد
بن جبير في قوله : {إذ يقول أمثلهم طريقة} قال : أعلمهم في نفسه.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إذ يقول أمثلهم طريقة} قال : أعدلهم من
الكفار {إن لبثتم} أي في الدنيا {إلا يوما} لما تقاصرت في أنفسهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قالت قريش : يا محمد كيف يفعل ربك بهذه الجبال يوم القيامة فنزلت {ويسألونك عن الجبال} الآية.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فيذرها قاعا} قال :
مستويا {صفصفا} قال : لا نبات فيه {لا ترى فيها عوجا} قال : واديا {ولا
أمتا} قال : رابية.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق
قال له : أخبرني عن قوله عزوجل : {فيذرها قاعا صفصفا} قال : القاع الأملس
، والصفصف المستوي ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر
وهو يقول :
ملمومة شهباء لو قذفوا بها * شماريخ من رضوى إذا عاد صفصفا.
وَأخرَج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة أنه سئل عن قوله
: {قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا} قال : كان ابن عباس يقول : هي
الأرض الملساء التي ليس فيها رابية مرتفعة ولا انخفاض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {قاعا صفصفا} قال : مستويا {لا ترى فيها عوجا} قال : خفضا {ولا أمتا} قال : إرتفاعا.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {صفصفا}
قال : القاع : الأرض والصفصف : المستوية {لا ترى فيها عوجا} قال : صدعا ،
{ولا أمتا} قال : أكمة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا ترى فيها عوجا} قال : ميلا {ولا أمتا} قال : الأمت الأثر مثل الشراك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : العوج الإرتفاع والأمت المبسوط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في الآية قال : يعني بالأمت حفرا.
وأخرج
ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله تعالى : {لا ترى فيها عوجا ولا أمتا} ما الأمت قال : الشي الشاخص من
الأرض قال فيه كعب بن زهير : فأبصرت لمحة من رأس عكرشة * في كافر ما به
أمت ولا شرف.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : يحشر
الله الناس يوم القيامة في ظلمة تطوى السماء وتتناثر النجوم وتذهب الشمس
والقمر وينادي مناد فيسمع الناس الصوت يأتونه ، فذلك قول الله : {يومئذ
يتبعون الداعي لا عوج له}.
وأخرج ابن ابي حاتم عن أبي صالح في قوله : {يتبعون الداعي لا عوج له} قال : لا عوج عنه.
وأخرج ابن ابي حاتم عن قتادة في قوله : {لا عوج له} لا يميلون عنه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : الصوت الخفي.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : صوت وطء الأقدام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : أصوات أقدامهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وسعيد في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : وطء الأقدام.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن حصين بن عبد الرحمن قال : كنت قاعدا عند الشعبي فمرت
علينا إبل قد كان عليها جص فطرحته فسمعت صوت أخفافها فقال : هذا الهمس.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فلا تسمع
إلا همسا} قال : هو خفض الصوت بالكلام يحرك لسانه وشفتيه ولا يسمع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {إلا همسا} قال : سر الحديث وصوت الأقدام ، والله أعلم.
الآية 111 - 114.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وعنت الوجوه} قال : ذلت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وعنت الوجوه} قال : خشعت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {وعنت الوجوه} قال : استأسرت صاروا أسارى كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية {وعنت الوجوه} قال : خضعت.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {وعنت الوجوه للحي القيوم} قال : استسلمت وخضعت يوم
القيامة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : ليبك عليك كل عان بكربه * وآل قصي من مقل وذي وفر.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله : {وعنت الوجوه} قال : الركوع والسجود.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن طلق
بن حبيب رضي الله عنه في قوله : {وعنت الوجوه للحي القيوم} قال : هو وضعك
جبهتك وكفيك وركبتيك وأطراف قدميك في السجود.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {وقد خاب من حمل ظلما} قال : شركا.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قول : {وقد خاب من
حمل ظلما} قال : شركا ، وفي قوله : {فلا يخاف ظلما ولا هضما} قال : {ظلما}
أن يزاد في سيئاته ، {ولا هضما} قال : لا ينقص من حسناته.
وأخرج ابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {فلا يخاف
ظلما ولا هضما} قال : لا يخاف أن يظلم فيزاد في سيئاته ولا يهضم من حسناته.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : {فلا يخاف ظلما} قال : أن يزاد عليه أكثر من ذنوبه {ولا هضما} قال
: أن ينتقص من حسناته شيئا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولا هضما} قال : غصبا.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه في قوله : {أو يحدث لهم ذكرا} قال : القرآن {ذكرا} قال : جدا
وورعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه جبريل بالقرآن أتعب نفسه في حفظه حتى
يشق على نفسه يتخوف أن يصعد جبريل ولم يحفظه فينسى ما علمه ، فقال الله :
{ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} وقال : (لا تحرك به لسانك
لتعجل به) (القيامة آية 16).
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} يقول : لا تعجل حتى نبينه لك.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه
عن
الحسن قال : لطم رجل امرأته فجاءت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تطلب
قصاصا فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص فأنزل الله {ولا
تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما} فوقف النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم حتى نزلت (الرجال قوامون على النساء) (النساء آية 34)
الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن أنه قرأ {من قبل أن يقضى إليك وحيه}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : {ولا تعجل بالقرآن} قال : لا تمله على أحد حتى نتمه لك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {من قبل أن يقضى إليك وحيه} قال : تبيانه.
وأخرج
الترمذي ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني
علما والحمد لله على كل حال.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود : أنه كان يدعو : اللهم زدني إيمانا وفقها ويقينا وعلما.
الآية 115
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والطبراني في الصغير ، وَابن منده في التوحيد والحاكم وصححه عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : إنما سمي الإنسان : لأنه عهد إليه فنسي.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن أبي أمامة
الباهلي قال : لو أن أحلام بني آدم جمعت منذ يوم خلق آدم إلى أن تقوم
الساعة فوضعت في كفة وحلم آدم في كفة لرجح حلمه بأحلامهم ، ثم قال الله :
{ولم نجد له عزما} قال : حفظا.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن قال : كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده ، قال الله : {فنسي ولم نجد له عزما}.
وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولقد عهدنا إلى آدم} قال : أن لا يقرب الشجرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن منده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولم نجد له عزما} قال : حفظا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : {فنسي} قال : فترك {ولم نجد له عزما} يقول : لم نجعل له عزما.
وأخرج
الزبير بن بكار في الموفقيات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سألت عمر
بن الخطاب رضي الله عنه عن قول الله : (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن
أشياء أن تبد لكم تسؤكم) (المائدة آية 101) قال : كان رجال من المهاجرين
في أنسابهم شيء فقالوا يوما : والله لوددنا أن الله أنزل قرآنا في نسبنا ،
فأنزل الله ما قرأت ثم قال لي : إن صاحبكم هذا - يعني علي بن أبي طالب -
إن ولي زهد ولكني أخشى عجب نفسه أن يذهب به ، قلت : يا أمير المؤمنين إن
صاحبنا من قد علمت ، والله ما نقول أنه غير ولا عدل ولا أسخط رسول الله
صلى الله عليه وسلم أيام صحبته فقال : ولا في بنت أبي جهل ، وهو يريد أن
يخطبها على فاطمة قلت : قال الله في معصية آدم عليه السلام {ولم نجد له
عزما} وصاحبنا لم يعزم على إسخاط رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن
الخواطر التي لم يقدر على دفعها عن نفسه ، وربما
كانت من
الفقيه
في دين الله العالم بأمر الله فإذا نبه عليها رجع وأناب ، فقال : يا ابن
عباس من ظن أنه يرد بحوركم فيغوص فيها حتى يبلغ قعرها فقد ظن عجزا.
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس أنه قال لعمر بن الخطاب : يا
أمير المؤمنين لم يذكر الرجل ولم ينس فقال : إن على القلب طخاة كطخاة
القمر فإذا تغشت القلب نسي ابن آدم ما كان يذكر فإذا انجلت ذكر ما نسي.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لا تأكلوا بشمائلكم ولا
تشربوا بشمائلكم فإن آدم أكل بشماله فنسي فأورث ذلك النسيان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية {ولم نجد له عزما} قال : حفظا لما أمر به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ولم نجد له عزما} قال : صبرا.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب قال : لو وزن حلم آدم بحلم العالمين لوزنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال : لم يكن آدم من أولي العزم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {فنسي} قال : ترك ما قدم
إليه ولو كان منه نسيان ما كان عليه شيء لأن الله قد وضع عن المؤمنين
النسيان والخطأ ولكن آدم ترك ما قدم إليه من أكل الشجرة.
الآية 116 - 122
أخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في
قوله : {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} قال : عنى به شقاء الدنيا فلا تلقى
ابن آدم إلا شقيا ناصبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عينية قال :
لم يقل فتشقيان لأنها دخلت معه فوقع المعنى عليهما جميعا وعلى أولادهما
كقوله : (يا أيها النَّبِيّ إذا طلقتم) (الطلاق آية 1) و(يا أيها
النَّبِيّ لم تحرم ما أحل الله لك قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) (التحريم
آية 1) فدخلوا في المعنى معه وإنما كلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وحده.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية ،
وَابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنهما قال : إن آدم عليه السلام لما
أهبط إلى الأرض استقبله ثور أبلق فقيل له : اعمل عليه ، فجعل يمسح العرق
عن جبينه ويقول : هذا ما وعدني ربي {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} ثم
نادى حواء : أحواء أنت عملت في هذا فليس أحد من بني آدم يعمل على ثور إلا قال : حواء دخلت عليهم من قبل آدم عليه السلام.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : {وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} قال : لا يصيبك فيها عطش ولا حر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {لا تظمأ} قال : لا تعطش {ولا تضحى} قال : لا يصيبك فيها حر.
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : {وأنك
لا تظمأ فيها ولا تضحى} قال : لا تعرق فيها من شدة الشمس ، قال : وهل تعرف
العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول : رأت رجلا أما إذا الشمس
عارضت * فيضحى وأما بالعشي فيخضر.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله :
{ولا تضحى} قال : لا يصيبك حر الشمس.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها وهي شجرة الخلد.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي
الله عنه قال : لما أسكن الله آدم الجنة وزوجته ونهاه عن الشجرة رأى
غصونها متشعبة بعضها على بعض وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم وهي
الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته فلما أراد إبليس أن يستزلهما دخل
الحية وكانت الحية لها أربع قوائم كأنها بختية من أحسن دابة خلقها الله
فلما دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس فأخذ من الشجرة التي نهى الله
آدم وزوجته عنها فجاء بها إلى حواء فقال : انظري إلى هذه الشجرة ما أطيب
ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها فأخذتها حواء
فأكلتها ثم ذهبت بها
إلى آدم فقالت : انظر إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن
لونها ، فأكل منها آدم {فبدت لهما سوآتهما} فدخل آدم في جوف الشجرة فناداه
ربه : أين أنت قال : ها أناذا يا رب ، قال : ألا تخرج قال : أستحي منك يا
رب ، قال : اهبط إلى الأرض ، ثم قال : يا حواء غررت عبدي فإنك لا تحملين
حملا إلا كرها فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارا ، وقال
للحية : أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غر عبدي ، أنت ملعونة لعنة
تتحول قوائمك في بطنك ولا يكون لك رزق إلا التراب أنت عدو بني آدم وهم
أعداؤك أينما لقيت أحد منهم أخذت بعقبيه وحيث ما لقيك أحد منهم شرخ رأسك ،
قيل لوهب : وهل كانت الملائكة تأكل قال : يفعل الله ما يشاء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن علقمة قال : اقتلوا الحيات كلها إلى الجان الذي كأنه ميل فإنه جنها ولا يضر أحدكم كافرا قتل أو مسلما.
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن أبي عبد الله المغربي قال : تفكر إبراهيم عليه
السلام في شأن آدم قال : يا رب خلقته بيدك ونفخت فيه من
روحك وأسجدت
له ملائكتك ثم بذنب واحد ملأت أفواه الناس حتى يقولوا : (وعصى آدم ربه
فغوى) فأوحى اله إليه : يا إبراهيم أما علمت أن مخالفة الحبيب على الحبيب
شديدة
الآية 123 - 126.
أَخرَج الطبراني والخطيب في المتفق والمفترق ، وَابن مردويه عن أبي الطفيل أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ : {فمن اتبع هداي}.
وأخرج
ابن أبي شيبة والطبراني وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه عن ابن عباس
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اتبع كتاب الله هداه الله من
الضلالة في الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة ، وذلك أن الله يقول :
{فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ،
وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس قال :
أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة ، ثم قرأ :
{فمن اتبع هداي فلا يضل ولا
يشقى} قال : لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.
وأخرج
عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه
والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في قوله : {معيشة
ضنكا} قال : عذاب القبر ، وفي لفظ عبد الرزاق قال : يضيق عليه قبره حتى
تختلف أضلاعه ، وفي لفظ ابن أبي حاتم عن ضمة القبر.
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : إن المعيشة الضنك : أن يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا تنهشه في القبر.
وأخرج
البزار ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في
قوله : {فإن له معيشة ضنكا} قال : المعيشة الضنك التي قال الله : أنه يسلط
عليه تسعة وتسعون حية تنهش لحمه حتى تقوم الساعة.
وأخرج ابن أبي
شيبة والبزار ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم من
وجه آخر عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {فإن له
معيشة ضنكا} قال : عذاب القبر.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت
والحكيم الترمذي وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال : المؤمن في قبره في روضة خضراءويرحب له قبره سبعين
ذراعاويضيءحتى يكون كالقمر ليلة البدر ، هل تدرون فيما أنزلت {فإن له
معيشة ضنكا} قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : عذاب الكافر في قبره يسلط
عليه تسعة وتسعون تنينا ، هل تدرون ما التنين تسعة وتسعون حية لكل حية
سبعة رؤوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون في جمسه إلى يوم يبعثون.
وأخرج ابن
أبي حاتم والطبراني والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن ابن مسعود قال : إذا
حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديق ذلك من كتاب الله إن المؤمن إذا وضع في قبره
أجلس فيه فيقال له : من ربك وما دينك ومن نبيك فيثبته الله فيقول : ربي
الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، فيوسع له في
قبره
ويروح له فيه ، ثم قرأ عبد الله {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في
الحياة الدنيا وفي الآخرة} فإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له : من
ربك وما دينك ومن نبيك فيقول : لا أدري ، قال : فيضيق عليه قبره ويعذب فيه
، ثم قرأ : {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {معيشة ضنكا} قال : الشقاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {معيشة ضنكا} قال : شدة عليه في النار.
وأخرج
الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {معيشة
ضنكا} قال : الضنك الشديد من كل وجه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ، قال :
نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : والخيل قد لحق بنا في مارق * ضنك نواحيه
شديد المقدم.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود في قوله : {فإن له معيشة ضنكا} قال : عذاب القبر.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن أبي صالح والربيع مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الحسن قال : المعيشة الضنك خصم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {معيشة ضنكا} قال : يقول : كل مال
أعطيته عبدا من عبادي قل أو كثر لا يطيعني فيه فلا خير فيه وهو الضنك في
المعيشة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {معيشة ضنكا} قال : ضيقة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {معيشة ضنكا} قال : الضنك من المعيشة إذا
وسع الله على عبده أن يجعل معيشته من الحرام فيجعله الله عليه ضيقا في نار
جهنم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله : {معيشة ضنكا} قال
: يحول الله رزقه في الحرام فلا يطعمه إلا رانا حتى يموت فيعذبه عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {معيشة
ضنكا} قال : العمل السيء والرزق الخبيث.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {معيشة ضنكا} قال : في النار شوك وزقوم
وغسلين والضريع وليس في القبر ولا في الدنيا معيشة ما المعيشة والحياة إلا
في الآخرة.
وأخرج البيهقي عن مجاهد {معيشة ضنكا} ضيقة يضيق عليه قبره.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فإن
له معيشة ضنكا} قال : رزقا {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال : عن الحجة {قال
رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا} قال : في الدنيا {قال كذلك أتتك آياتنا
فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} قال : تترك في النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال : ليس له حجة.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :
{ونحشره يوم القيامة أعمى} قال : عمي عليه كل شيء إلا جهنم ، وفي لفظ قال : لا يبصر إلا النار.
وأخرج هناد عن مجاهد في قوله : {لم حشرتني أعمى} قال : لا حجة له.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {أتتك آياتنا فنسيتها} يقول : تركتها أن
تعمل بها ، {وكذلك اليوم تنسى} قال : في النار ، والله أعلم.
الآية 127 - 131.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : {وكذلك نجزي من أسرف} قال : من أشرك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أفلم يهد لهم} قال : ألم نبين لهم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أفلم يهد لهم} قال : أفلم نبين لهم {كم
أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن أهلك من
الأمم ، وفي قوله : {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} قال :
هذا من مقاديم الكلام يقول : لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاما.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما} قال
: لكان أخذا ولكنا أخرناهم إلى يوم بدر وهو اللزوم وتفسيرها {ولولا كلمة
سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} لكان لزاما ولكنه تقديم وتأخير في
الكلام
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : الأجل المسمى الكلمة التي سبقت من ربك {لكان لزاما وأجل مسمى} قال : أجل مسمى الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لكان لزاما} قال : موتا.
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
عن ابن عباس في قوله : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال :
هي الصلاة المكتوبة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله
: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس} قال : هي صلاة الفجر {وقبل غروبها} قال
: صلاة العصر {ومن آناء الليل} قال : صلاة المغرب والعشاء {وأطراف النهار}
قال : صلاة الظهر.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن
جرير عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع
الشمس وقبل غروبها} قال : {قبل طلوع الشمس} صلاة الصبح {وقبل غروبها} صلاة
العصر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال : كان هذا قبل أن تفرض الصلاة.
وأخرج
أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن
خزيمة ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن
استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ، ثم
قرأ : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع
الشمس وقبل غروبها}.
وأخرج ابن
أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن عمارة بن رومية : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل
غروبها.
وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال له : حافظ على العصرين ، قلت : وما العصران قال : صلاة قبل
طلوع الشمس وقبل غروبها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله : {ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار} قال : بعد الصبح وعند غروب الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {لعلك ترضى} قال : الثواب فيما يزيدك الله على ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ {لعلك ترضى} برفع التاء.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن زاهويه والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق وأبو
نعيم في المعرفة عن أبي رافع قال : أضاف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
ضيفا ولم يكن عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما يصلحه فأرسلني إلى رجل
من اليهود أن بعنا أو أسلفنا دقيقا إلى هلال رجب ، فقال : لإ إلا برهن ،
فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : أما والله إني لأمين
في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه اذهب بدرعي
الحديد فلما أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية {ولا تمدن عينيك إلى ما
متعنا به أزواجا منهم} كأنه يعزيه عن الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : {ولا تمدن عينيك} الآية ، قال : تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن ما
أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا ، قالوا : وما زهرة
الدنيا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بركات الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {زهرة الحياة الدنيا} قال : زينة
الحياة الدنيا {لنفتنهم فيه} قال : لنبتليهم فيه {ورزق ربك خير وأبقى} قال : مما متع به هؤلاء من زهرة الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ورزق ربك خير وأبقى} يقول : رزق الجنة.
وأخرج المرهبي في فضل العلم عن زياد الصدعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من طلب العلم تكفل الله برزقه.
وأخرج
المرهبي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من
غدا في طلب العلم أظلت عليه الملائكة وبورك له في معيشته ولم ينقص من رزقه
وكان عليه مباركا.
الآية 132.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وأمر أهلك بالصلاة} قال : قومك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله : {لا نسألك رزقا} قال :
لا نكلفك بالطلب.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عروة أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى
من دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله فدخل الدار قرأ {ولا تمدن عينيك} إلى
قوله : {نحن نرزقك} ثم يقول : الصلاة ، الصلاة رحمكم الله.
وأخرج ابن
مردويه ، وَابن عساكر ، وَابن النجار عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت
{وأمر أهلك بالصلاة} كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يجيء إلى باب علي
صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول : الصلاة رحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزاب آية 33).
وأخرج أحمد في
الزهد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ثابت قال : كان
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله بالصلاة :
صلوا ، صلوا ، قال ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر
فزعوا إلى الصلاة.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد عن معمر عن رجل من قريش قال : كان
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل على أهله بعض الضيق في الرزق أمر
أهله بالصلاة ثم قرأ {وأمر أهلك بالصلاة} الآية.
وأخرج أبو عبيد وسعيد
بن منصور ، وَابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية
والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عبد الله بن سلام قال : كان
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة
وتلا {وأمر أهلك بالصلاة} الآية.
وأخرج مالك والبيهقي عن أسلم قال : كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما
شاء الله أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ويقول لهم : الصلاة ، الصلاة ، ويتلو هذه الآية : {وأمر أهلك بالصلاة}.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة قال : قال لنا أبي : إذا رأى أحدكم شيئا من
زينة الدنيا وزهرتها فليأت أهله وليأمر أهله بالصلاة وليصطبر عليها فإن
الله قال لنبيه : {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} وقرأ إلى
آخر الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في وله {والعاقبة للتقوى} قال : هي الجنة ، والله أعلم.
الآية 133 - 135.
أَخْرَج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله : {أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} قال : التوراة والإنجيل.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عطية قال : الهالك في الفترة والمعتوه والمولود يقول : رب
لم يأتني كتاب ولا رسول ، وقرأ هذه الآية {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله
لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {أصحاب الصراط السوي} قال : العدل.
*
بسم الله الرحمن الرحيم
21- سورة الأنبياء.
مكية وآياتها اثنتا عشرة ومائة.
مقدمة سورة الأنبياء.
أَخرَج
النحاس في ناسخه ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة الأنبياء
بمكة ، وأخر البخاري ، وَابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة
الأنبياء بمكة.
وأخرج البخاري ، وَابن الضريس عن ابن مسعود قال : بنو إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء هن من العتاق الأول وهن من تلادي.
وأخرج
ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر عن عامر بن ربيعة أنه نزل
به رجل من العرب وأكرم عامر مثواه وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجاء الرجل فقال : إني استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واديا ما في
العرب أفضل منه وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون
لك ولعقبك ، فقال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون}.
الآية 1 - 15
أخرج
ابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله :
{اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} قال : من أمر الدنيا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : {اقترب للناس حسابهم} قال : ما يوعدون.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ما يأتيهم من ذكر من
ربهم} يقول : ما ينزل عليهم شيء من القرآن ، وفي قوله : {لاهية قلوبهم}
قال : غافلة ، وفي قوله : {وأسروا النجوى الذين ظلموا} يقول : أسروا الذين
ظلموا النجوى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وأسروا النجوى}
قال : أسروا نجواهم بينهم {هل هذا إلا بشر مثلكم} يعنون محمد صلى الله
عليه وسلم {أفتأتون السحر} يقولون : إن متابعة محمد صلى الله عليه وسلم
متابعة السحر ، وفي
قوله : {قال ربي يعلم القول} قال : الغيب وفي قوله : {بل قالوا أضغاث أحلام} قال : أباطيل أحلام.
وأخرج
ابن منده وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن عدي عن جندب
البجلي أنه قتل ساحرا كان عند الوليد بن عقبة ثم قال : {أفتأتون السحر
وأنتم تبصرون}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :
{بل قالوا أضغاث أحلام} أي فعل الأحلام إنما هي رؤيا رآها {بل افتراه بل
هو شاعر} كل هذا قد كان منه {فليأتنا بآية كما أرسل الأولون} كما جاء موسى
وعيسى بالبينات والرسل {ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها} أي أن الرسل
كانوا إذا جاؤوا قومهم بالآيات فلم يؤمنوا لم ينظروا.
وأخرج ابن جرير
عن قتادة قال : قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كان ما تقول
حقا ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا ، فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان
الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا وإن
شئت استأنيت بقومك ، قال : بل أستأني بقومي ، فأنزل الله {ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أفهم يؤمنون} قال : يصدقون بذلك.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام}
يقول : لم نجعلهم جسدا ليس يأكلون الطعام إنما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما كانوا خالدين} قال :
لا بد لهم من الموت أن يموتوا ، وفي قوله : {ثم صدقناهم الوعد} إلى قوله :
{وأهلكنا المسرفين} قال : هم المشركون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :
{لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم} قال : فيه شرفكم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {كتابا فيه ذكركم} قال : فيه حديثكم.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن
في قوله : {كتابا فيه ذكركم} قال : فيه دينكم أمسك عليكم دينكم بكتابكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {كتابا فيه ذكركم} يقول : فيه ذكر ما تعنون به وأمر آخرتكم ودنياكم.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن ابن عباس قال : بعث الله نبيا من
حمير
يقال له شعيب فوثب إليه عبد بعصا فسار إليهم بختنصر فقاتلهم فقتلهم حتى لم
يبق منهم شيء وفيهم أنزل الله {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة} إلى قوله :
{خامدين}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الكلبي {وكم قصمنا من قرية} قال : هي حصون بني أزد.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله : {وكم قصمنا من قرية} قال : أهلكناها ، وفي قوله : !
{لا تركضوا} قال : لا تفروا ، وفي قوله : {لعلكم تسألون} قال : تتفهمون.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : كانوا إذا أحسوا بالعذاب وذهبت
عنهم الرسل من بعد ما أنذروهم فكذبوهم فلما فقدوا الرسل وأحسوا بالعذاب
أرادوا الرجعة إلى الإيمان وركضوا هاربين من العذاب فقيل لهم : لا تركضوا
، فعرفوا أنه لا محيص لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {إذا هم منها يركضون} قال : يفرون.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وارجعوا
إلى ما أترفتم فيه} يقول : ارجعوا إلى دنياكم التي أترفتم فيها {لعلكم
تسألون} من دنياكم شيئا استهزاء بهم ، وفي قوله : {فما زالت تلك دعواهم}
قال : لما رأوا العذاب وعاينوه لم يكن لهم هجيري إلا قولهم : {إنا كنا
ظالمين} حتى دمر الله عليهم وأهلكهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وارجعوا إلى ما أترفتم فيه} قال : ارجعوا إلى دوركم وأموالكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {فما زالت تلك دعواهم} قال : هم أهل حصون كانوا قتلوا نبيهم فأرسل الله عليهم بختنصر فقتلهم.
وفي قوله : {حتى جعلناهم حصيدا خامدين} قال : بالسيف ضربت الملائكة وجوههم حتى رجعوا إلى مساكنهم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن وهب قال : حدثني رجل من المحررين قال : كان باليمن قريتان
يقال لإحداهما حضور والأخرى فلانة فبطروا وأترفوا حتى كانوا
يغلقون
أبوابهم فلما أترفوا بعث الله إليهم نبيا فدعاهم فقتلوه فألقى الله في قلب
بختنصر أن يغزوهم فجهز إليهم جيشا فقاتلوهم فهزموا جيشه ثم رجعوا منهزمين
إليه فجهز إليهم جيشا آخر أكثف من الأول فهزموهم أيضا فلما رأى بختنصر ذلك
غزاهم هو بنفسه فقاتلوه فهزمهم حتى خرجوا منها يركضون فسمعوا مناديا يقول
: (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم) فرجعوا فسمعوا مناديا
يقول : يا لثارات النَّبِيّ فقتلوا بالسيف فهي التي قال الله : {وكم قصمنا
من قرية} إلى قوله : {خامدين}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {حتى جعلناهم حصيدا} قال : الحصاد {خامدين} قال : كخمود النار إذا طفئت.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله
: {خامدين} قال : ميتين ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت
لبيد بن ربيعة وهو يقول : خلوا ثيابهن على عوراتهم * فهم بأفنية البيوت
خمود.
الآية 16.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله : {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين} يقول : ما خلقناهما
عبثا ولا باطلا.
الآية 17 - 20.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : اللهو الولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} الآية ، يقول : لو أردت أن أتخذ ولدا لأتخذت من الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : النساء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اللهو بلسان اليمن المرأة.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا}
قال : اللهو بلغة أهل اليمن المرأة ، وفي قوله : {إن كنا فاعلين} أي إن
ذلك لا يكون ولا ينبغي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : نساء {لاتخذناه من لدنا} قال : من الحور العين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : لعبا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
{لاتخذناه من لدنا} قال : من عندنا {إن كنا فاعلين} أي ما كنا فاعلين ،
يقول : وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا وكل شيء في
القرآن {إن} فهو إنكار.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {بل نقذف بالحق}
قال : القرآن {على الباطل} قال : اللبس {فإذا هو زاهق} قال : هالك.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي
في البعث عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {ولكم الويل مما
تصفون} قال : هي والله لكل واصف كذب إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ومن عنده} قال : الملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله : {ولا يستحسرون} يقول : لا يرجعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قول : {ولا يستحسرون} قال : لا يحسرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {ولا يستحسرون} قال : لا يعيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ولا يستحسرون} قال : لا ينقطعون من العبادة.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الشعب عن
عبد الله بن الحارث بن نوفل رضي الله عنه أنه سأل كعبا عن قوله : {يسبحون
الليل والنهار لا يفترون} أما شغلهم رسالة أما شغلهم عمل فقال : جعل لهم
التسبيح كما جعل لكم النفس ألست تأكل وتشرب وتجيء وتذهب وتتكلم وأنت تتنفس
فكذلك جعل لهم التسبيح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {يسبحون الليل
والنهار لا يفترون} قال : جعلت أنفاسهم تسبيحا.
وأخرج أبو الشيخ عن يحيى بن ابي كثير قال : خلق الله الملائكة صمدا ليس لهم أجواف.
الآية 21 - 23.
أَخْرَج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون} قال : يحيون.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون}
قيقول : ينشرون الموتى من الأرض يقول : يحيونهم من قبورهم.
وأخرج ابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أم اتخذوا آلهة من الأرض}
يعني مما اتخذوا من الحجارة والخشب ، وفي قوله : {لو كان فيهما آلهة إلا
الله} قال : لو كان معهما آلهة إلا الله {لفسدتا فسبحان الله رب العرش}
يسبح نفسه تبارك وتعالى إذا قيل عليه البهتان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {لا يسأل عما يفعل} قال : بعباده {وهم يسألون} قال : عن أعمالهم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} قال : لا
يسأل الخالق عما يقضي في خلقه والخلق مسؤولون عن أعمالهم.
وأخرج سعيد
بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : ما في الأرض قوم أبغض إلي من
القدرية وما ذلك إلا لأنهم لا يعلمون قدرة الله تعالى ، قال الله : {لا
يسأل عما يفعل وهم يسألون}.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في بعض ما أنزل الله في
الكتب : إني أنا الله لا إله إلا أنا قدرت الخير والشر فطوبى لمن قدرت على
يده الخير ويسرته له وويل لمن قدرت على يده الشر ويسرته له ، إني أنا الله
لا إله إلا أنا لا أسأل عما أفعل وهم يسألون فويل لمن قال وكيف.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ميمون بن
مهران
قال : لما بعث الله موى وكلمه وأنزل عليه التوراة قال : اللهم إنك رب عظيم
لو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت
في ذلك تعصى فكيف يا رب فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم
يسألون.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن نوف البكالي قال : قال عزير
فيما يناجي ربه : يا رب تخلق خلقا (تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء)
(الأعراف آية 155) فقال له : يا عزير أعرض عن هذا ، فأعاد فقيل له :
لتعرضن عن هذا وإلا محوتك من النبوة إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون.
وأخرج البيهقي عن داود بن أبي هند أن عزيرا سأل ربه عن القدر فقال : سألتني عن علمي عقوبتك أن لا أسميك في الأنبياء.
وأخرج
الطبراني من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس قال : لما بعث الله موسى
عليه السلام وأنزل عليه التوراة قال : اللهم إنك رب عظيم ولو شئت أن تطاع
لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك
تعصى
فكيف يا رب فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فانتهى
موسى ، فلما بعث الله عزيرا وأنزل عليه التوراة بعد ما كان رفعها عن بني
إسرائيل حتى قال : من قال : إنه ابن الله قال : اللهم إنك
رب عظيم ولو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف يا رب فأوحى الله إليه أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فأبت نفسه حتى سأل أيضا فقال : أتستطيع أن تصر صرة من الشمس قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بمثقال من نور قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بقيراط من نور قال : لا ، قال : فهكذا إن لا تقدر على الذي سألت إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون أما إني لا أجعل عقوبتك إلا أن أمحو اسمك من الأنبياء فلا تذكر فيهم ، فمحي اسمه من الأنبياء فليس يذكر فيهم وهو نبي ، فلما بعث الله عيسى ورأى منزلته من ربه وعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى قال : اللهم إنك رب عظيم لو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف يا رب فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون وأنت عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتك إلى مريم وروح مني خلقتك من تراب ثم قلت لك كن فكنت لئن لم تنته لأفعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك ، إني لا أسال عما أفعل وهم
يسألون ، فجمع عيسى من تيعه وقال : القدر سر الله فلا تكلفوه.
الآية 24 - 25.
أَخْرَج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {أم اتخذوا
من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم} يقول : هاتوا بينتكم على ما تقولون {هذا
ذكر من معي}
يقول : هذا القرآن فيه ذكر الحلال والحرام {وذكر من قبلي}
يقول : فيه ذكر أعمال الأمم السالفة وما صنع الله بهم وإلى ما صاروا {بل
أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون} عن كتاب الله {وما أرسلنا من قبلك من
رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} قال : أرسلت الرسل
بالإخلاص والتوحيد لله لا يقبل منهم حتى يقولوه ويقروا به والشرائع تختلف
في التوراة شريعة وفي الإنجيل شريعة وفي القرآن شريعة حلال وحرام فهذا كله
في الإخلاص لله وتوحيد الله.
الآية 27 - 30.
أَخْرَج ابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : قالت اليهود : إن الله عز وجل
صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة ، فقال الله تكذيبا لهم {بل عباد مكرمون}
أي الملائكة ليس كا قالوا بل هم عباد أكرمهم الله بعبادته !
{لا يسبقونه بالقول} يثني عليهم {ولا يشفعون} قال : لا تشفع الملائكة يوم القيامة {إلا لمن ارتضى} قال : لأهل التوحيد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {إلا لمن ارتضى} قال : لمن رضي عنه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {إلا لمن ارتضى} قال :
قول لا إله إلا الله ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إلا لمن ارتضى}
قال : الذين ارتضاهم لشهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج الحاكم وصححه
والبيهقي في البعث ، عَن جَابر رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم تلا قول الله {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} فقال : إن شفاعتي لأهل
الكبائر من أمتي.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن جَابر رضي الله عنه قال :
قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ليلة أسري بي مررت بجبريل وهو باملأ
الأعلى ملقى كالحلس البالي من خشية الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {ومن يقل منهم} يعني من
الملائكة {إني إله من دونه} قال : ولم يقل ذلك أحد من الملائكة إلا إبليس دعا إلى عبادة نفسه وشرع الكفر.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ومن يقل
منهم إني إله من دونه} الآية ، قال : إنما كانت هذه خاصة لإبليس.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كانتا رتقا ففتقناهما} قال : فتقت
السماء بالغيث وفتقت الأرض بالنبات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله : {كانتا رتقا} قال : لا يخرج منها شيء
{ففتقناهما} قال : فتقت السماء بالمطر وفتقت الأرض بالنبات.
وأخرج ابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية من طريق عبد الله بن دينار
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلا أتاه فسأله عن {السماوات والأرض
كانتا رتقا ففتقناهما} قال : اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ثم تعال فأخبرني
ما قال ، فذهب إلى ابن عباس فسأله قال : نعم كانت السماء
رتقاء لا
تمطر وكانت الأرض رتقاء لا تنبت فلما خلق الله الأرض فتق هذه بالمطر وفتق
هذه بالنبات ، فرجع الرجل على ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر : الآن علمت أن
ابن عباس قد أوتي في القرآن علما صدق ابن عباس هكذا كانت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كانتا رتقا} قال : ملتصقتين.
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي وعبد حميد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة قال :
سئل ابن عباس عن الليل كان قبل أم النهار قال : الليل ، ثم قرأ
{أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {كانتا رتقا ففتقناهما}
قال : فتق من الأرض ست أرضين معها فتلك سبع أرضين بعضهن تحت بعض ومن
السماء سبع سموات منها معها فتلك سبع سموات بعضهن فوق بعض
ولم تكن الأرض والسماء مماستين.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
أبي صالح رضي الله عنه في قوله : {كانتا رتقا ففتقناهما} قال : كانت
السماء واحدة ففتق منها سبع سموات وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله : {كانتا رتقا
ففتقناهما} قال : كانتا جمعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء.
وأخرج أبو
الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كانت السموات والأرضون ملتزقتين
فلما رفع الله السماء وابتزها من الأرض فكان فتقها الذي ذكر الله.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه
والبيهقي
في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله
إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال : كل شيء خلق من
الماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي
في الأسماء والصفات عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله : {وجعلنا من
الماء كل شيء حي} قال : نطفة الرجل.
وأخرج ابن ابي حاتم عن الحسن رضي اله عنه في قوله : {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال : خلق كل شيء من الماء وهو حياة كل شيء.
الآية 31 – 33
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وجعلنا فيها فجاجا سبلا} قال : بين الجبال.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {فجاجا} أي أعلاما {سبلا} أي طرقا .
أخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال :قال
رجل :يارسول الله ما هذه السماء قال : هذا موج مكفوف عنكم " ..
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله :
{وجعلنا السماء سقفا محفوظا} قال : مرفوعا {وهم عن آياتها معرضون} قال :
الشمس والقمر والنجوم من آيات السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما يوم الجمعة قال : خلق الله في ساعتين منه الليل والنهار.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : {كل في فلك} قال : دوران {يسبحون} قال : يجرون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كل في فلك} قال : فلكة كفلكة المغزل !
{يسبحون} قال : يدورون في أبواب السماء ما تدور الفلكة في المغزل.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله : {كل في فلك} قال : هو فلك السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : الشمس والقمر والنجوم مسخرة في فلك بين السماء والأرض.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {كل في فلك}
قال : الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم والشمس والقمر ، وفي
قوله : {يسبحون} قال : يجرون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال : كل شيء يدور فهو فلك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {كل في فلك يسبحون}
النجوم والشمس والقمر ، قال : كفلكة المغزل قال : هو مثل حسبان قال : فلا يدور الغزل إلا بالفلكة ولا تدور الفلكة إلا بالمغزل
ولا
يدور الرحى إلا بالحسبان ولا يدور الحسبان إلا بالرحى كذلك النجوم والشمس
والقمر لا يدرن إلا به ولا يدور إلا بهن قال : والحسبان والفلك يصيران إلى
شيء واحد غير أن الحسبان في الرحى كالفلكة في المغزل.
وأخرج ابن أبي
شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {كل في فلك} قال : الفلك كهيئة حديدة
الرحى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {كل في فلك يسبحون} قال : يجرون في فلك السماء كما رأيت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال : هو الدوران.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال : المغزل قال كما تدور الفلكة في المغزل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال : وكان عبد الله يقرأ كل في فلك يعملون.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {كل في فلك يسبحون} قال : يجرون.
الآية 34.
أَخْرَج
ابن المنذر عن جريج قال : لما نعى جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه
قال : يا رب فمن لأمتي فنزلت {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} الآية.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه قال : لما قبض رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان أبو بكر رضي الله عنه في ناحية المدينة فجاء فدخل على رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله
عليه وسلم وجعل يقبله ويبكي ويقول : بأبي وأمي طبت حيا وطبت ميتا فلما خرج
مر بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو
يقول : ما مات رسول الله صلى الله
عليه وسلم ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين وحتى يخزي الله المنافقين ،
قال : وكانوا قد استبشروا بموت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرفعوا
رؤوسهم فقال : أيها الرجل اربع على نفسك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد مات ، ألم تسمع الله يقول : (إنك ميت وإنهم ميتون) (الزمر آية 30) وقال
: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون} قال : ثم أتى
المنبر فصعده فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إن كان محمد صلى
الله عليه وسلم إلهكم الذي تعبدون فإن
محمدا قد مات وإن كان إلهكم
الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت ثم تلا (وما محمد إلا رسول قد خلت من
قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (آل عمران آية 144) حتى
ختم الآية ، ثم نزل وقد استبشر المسلمون بذلك واشتد فرحهم وأخذت المنافقين
الكآبة ، قال عبد الله بن عمر : فوالذي نفسي بيده لكأنما كانت على وجوهنا
أغطية فكشفت.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل
عن عائشة قالت : دخل أبو بكر على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد مات
فقبله وقال : وانبياه ، واخليلاه ، واصفياه ، ثم تلا {وما جعلنا لبشر من
قبلك الخلد} الآية ، وقوله : (إنك ميت وإنهم ميتون).
الآية 35.
أَخْرَج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن
عباس في قوله : {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} قال : نبتليكم بالشدة والرخاء
والصحة والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام والطاعة والمعصية والهدى
والضلالة ، والله أعلم.
الآية 36
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي
الله عنه قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان وأبي جهل
وهما يتحدثان فلما رآه أبو جهل ضحك وقال لأبي سفيان : هذا نبي بني عبد
مناف ، فغضب أبو سفيان فقال : ما تنكرون أن يكون لبني عبد مناف نبي ،
فسمعها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال
: ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك ، وقال لأبي سفيان : أما إنك لم
تقل ما قلت إلا حمية فنزلت هذه الآية {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك
إلا هزوا} الآية.
الآية 37 - 38.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : لما نفخ في آدم الروح ماد في رأسه
فعطس فقال : الحمد لله ، فقالت الملائكة : يرحمك الله فذهب لينهض قبل أن
تمور في رجليه فوقع فقال الله : {خلق الإنسان من عجل}.
وأخرج ابن جرير
، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : أول ما نفخ فيه الروح
نفخ في رأسه ثم في ركبتيه فذهب ليقوم قال : {خلق الإنسان من عجل}.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {خلق
الإنسان من عجل} قال : آدم حين خلق بعد كل شيء آخر النهار من يوم خلق الخلق
فلما أجرى الروح في عينيه ولسانه ورأسه ولم يبغ أسفله قال : يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج قال : نفخ الرب تبارك وتعالى الروح في نافوخ آدم
فأبصر ولم يعقل حتى إذا بلغ الروح قلبه ونظر فرأى الجنة ففعرف أنه إن قام
دخلها ولم يبلغ الروح أسفله فتحرك فذلك قوله تعالى : {خلق الإنسان من عجل}.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله
: {خلق الإنسان من عجل} قال : خلق عجولا ، والله أعلم.
الآية 39 - 41.
أَخرَج
البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما
منكم أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه حجاب يحجبه ولا
ترجمان يترجم له فيقول : ألم أوتك مالا فيقول : بلى ، فيقول : ألم أرسل
إليك رسولا فيقول : بلى ، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار وينظر عن
يساره فلا يرى إلا النار وينظر بين يديه فلا
يرى إلا النار فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة.
الآية 42 - 46.
أَخْرَج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {قل من يكلؤكم} قال :
يحرسكم ، وفي قوله : {ولا هم منا يصحبون} قال : لا ينصرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولا هم منا يصحبون} قال : لا ينصرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {قل من يكلؤكم} قال : يحفظكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولا هم منا يصحبون} قال : لا يجارون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {ولا هم منا يصحبون} قال : لا يمنعون.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أم لهم آلهة تمنعهم من
دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم} يعني الآلهة {ولا هم منا يصحبون} يقول : لا
يصحبون من الله بخير ، وفي قوله : {أفلا يرون أنا
نأتي الأرض ننقصها
من أطرافها} قال : كان الحسن يقول : ظهور النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
على من قاتله أرضا أرضا وقوما وقوما وقوله : {أفهم الغالبون} أي ليسوا
بغالبين ولكن الرسول هو الغالب ، وفي قوله : {قل إنما أنذركم بالوحي} أي
بهذا القرآن {ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون} يقول : إن الكافر أصم
عن كتاب الله لا يسمعه ولا ينتفع به ولا يعقله كما يسمعه أهل الإيمان ،
وفي قوله : {ولئن مستهم نفحة} يقول : لئن أصابتهم عقوبة.
الآية 47.
أَخرَج
أحمد والترمذي ، وَابن جَرِير في تهذيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة أن رجلا قال : يا رسول
الله إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأشتمهم فكيف أنا
منهم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك
وعقابك إياهم فإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك وإن كان عقابك
إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك وإن عقابك إياك فوق ذنوبهم
اقتص لهم منك
الفضل ، فجعل الرجل يبكي ويهتف فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أما تقرأ كتاب الله {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا
تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة
من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} فقال الرجل : يا رسول الله ما أجد لي ولهم شيئا خيرا من مفارقتهم ، أشهدك أنهم أحرار.
وأخرج
الحكيم الترمذي ي نوادر الأصول ، وَابن أبي حاتم عن رفاعة بن رافع الزرقي
قال : قال رجل : يا رسول الله كيف ترى في رقيقنا نضربهم فقال : توزن
ذنوبهم وعقوبتكم إياهم فإن كانت عقوبتكم أكثر من ذنوبهم أخذوا منكم ، قال
: أفرأيت سبنا إياهم قال : توزن ذنوبهم وأذاكم إياهم فإن كان أذاكم إياهم
أكثر أعطوا منكم ، قال : أرأيت يا رسول الله ولدي أضربهم قال : إنك لا
تتهم في ولدك ولا تطيب نفسك تشبع ويجوعون وتكسى ويعرون.
وأخرج الحكيم
عن زيد بن أسلم قال : قال رجل : يا رسول الله ما تقول في ضرب المماليك قال
: إن كان ذلك في كنهه وإلا أقيد منكم يوم القيامة ، قيل : يا رسول الله ما
تقول في سبهم قال : مثل ذلك ، قال : يا رسول الله فإنا نعاقب أولادنا
ونسبهم قال : إنهم ليسوا أولادكم لأنكم لا تتهمون على أولادكم.
وأخرج
الحكيم عن زياد بن أبي زياد قال : قال رجل : يا رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن لي مالا وإن لي خدما وإني أغضب فأعرم وأشتم وأضرب ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : توزن ذنوبه بعقوبتك فإن كانت سواء فلا لك ولا
عليك وإن كانت العقوبة أكثر فإنما هو شيء يؤخذ من حسناتك يوم القيامة ،
فقال الرجل : أوه ، أوه ، يؤخذ من حسناتي أشهدك يا رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن مماليكي أحرار أنا لا أمسك شيئا يؤخذ من حسناتي له ، قال :
فحسبت ماذا ألم تسمع إلى قوله تعالى : {ونضع الموازين القسط} الآية.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : يجاء
بالناس يوم القيامة إلى الميزان فيتجادلون عنده أشد الجدال.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {ونضع الموازين القسط} الآية ، قال : هو كقوله : (والوزن يومئذ الحق) (الأعراف آية 8).
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
أنه كان يقرأ وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بها بمد الألف ، قال :
جازينا بها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن أبي النجود أنه كان يقرأ {وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها} على معنى جئنا بها لا يمد أتينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وإن كان مثقال حبة} قال : وزن حبة ، وفي قوله : {وكفى بنا حاسبين} قال : محصين.
الآية 48 - 50.
أَخرَج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ {ولقد آتينا موسى
وهارون الفرقان وضياء} ويقول : خذوا هذه الواو واجعلوها ههنا (والذين قال
لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولقد آتينا موسى وهارون
الفرقان وضياء} قال : انزعوا هذه الواو واجعلوها في (الذين يحملون العرش
من حوله) (غافر آية 7).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح {ولقد آتينا موسى
وهارون الفرقان} قال : التوراة.
وأخرج
ابن جرير عن قتادة في قوله : {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} قال :
الفرقان التوراة حلالها وحرامها مما فرق الله بين الحق والباطل.
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} قال :
الفرقان الحق آتاه الله موسى وهارون فرق بينهما وبين فرعون فصل بينهم
بالحق ، وقرأ (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان) (الأنفال آية 41) قال :
يوم بدر.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تبارك وتعالى : وعزتي لأجمع على عبدي
خوفين ولا أجمع له أمنين فمن خافني في الدنيا أمنته في الآخرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} أي هذا القرآن.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : خصلتان فيهما
البركة : القرآن والمطر ، وتلا (وأنزلنا من السماء ماء) {وهذا ذكر مبارك}
والله أعلم.
الآية 51 - 56.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
: {ولقد آتينا إبراهيم رشده} قال : هديناه صغيرا ، وفي قوله : {ما هذه
التماثيل} قال : الأصنام.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : {ولقد آتينا إبراهيم رشده} يقول : آتيناه هداه.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {التي أنتم لها عاكفون}
قال : عابدون ، وفي قوله : {قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين} أي على دين
وإنا متبعوهم على ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
أبي الدنيا في ذم الملاهي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في
الشعب عن علي بن أبي طالب أنه مر على قوم
يلعبون بالشطرنج فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها.
وأخرج ابن عساكر ، عَن عَلِي ، قال : لا يسلم على أصحاب النردشير والشطرنج.
الآية 57 - 67.
وَأخرَج
ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لما خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم مروا عليه
فقالوا : يا إبراهيم ألا تخرج معنا قال : إني سقيم وقد كان بالأمس قال :
{وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} فسمعه ناس منهم فلما خرجوا
انطلق إلى أهله فأخذ طعاما ثم انطلق إلى آلهتهم فقربه إليهم فقال : ألا
تأكلون فكسرها إلا كبيرهم ثم ربط في يده الذي كسر به آلهتهم فلما رجع
القوم من عيدهم دخلوا فإذا هم بآلهتهم قد كسرت وإذا كبيرهم في يده الذي
كسر به الأصنام قالوا : من فعل هذا بآلهتنا فقال الذين سمعوا إبراهيم قال
: {وتالله لأكيدن أصنامكم} سمعنا فتى يذكرهم ، فجادلهم عند ذاك إبراهيم.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد
في قوله : {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال : قول إبراهيم حين استتبعه قومه
إلى عيدهم فأبى وقال : إني سقيم فسمع منه وعيده أصنامهم رجل منهم استأخر
وهو الذي
قال : {سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم} وجعل إبراهيم الفأس التي أهلك بها أصنامهم مسندة إلى صدر كبيرهم الذي ترك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة أن أبا إبراهيم خليل الرحمن كان يعمل هذه الأصنام ثم يشكها في حبل ويحمل إبراهيم على
عنقه
ويدفع إليه المشكوك يدرو يبيعها فجاء رجل يشتري فقال له إبراهيم : ما تصنع
بهذا حين تشتريه قال : اسجد له ، قال له إبراهيم : أنت شيخ تسجد لهذا
الصغير إنما ينبغي للصغير أن يسجد للكبير فعندها {قالوا سمعنا فتى يذكرهم
يقال له إبراهيم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة في قوله : {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال : ترى أنه قال ذلك من حيث لا
يسمعون {فجعلهم جذاذا} قال : قطعا {إلا كبيرا لهم} يقول : إلا كبير آلهتهم
وأنفسها وأعظمها في أنفسهم ، {لعلهم إليه يرجعون} قال : كايدهم بذلك لعلهم
يتذكرون أو يبصرون ، وفي قوله : {قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم
يشهدون} قال : كرهوا أن يأخذوه بغير بينة ، وفي قوله : {أأنت فعلت هذا
بآلهتنا يا إبراهيم} إلى قوله : {أنتم الظالمون} قال : وهذه هي الخصلة
التي كايدهم بها {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال : أدركت القوم غيرة سوء فقالوا
: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {جذاذا} قال : حطاما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {جذاذا} قال : فتاتا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {بل فعله كبيرهم هذا} قال : عظيم آلهتهم.
وأخرج
أبو داود والترمذي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يكذب إبراهيم في شيء قط إلا في
ثلاث كلهن في الله : قوله إني سقيم ولم يكن سقيما وقوله لسارة أختي وقوله
: {بل فعله كبيرهم هذا}.
وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : يأتي الناس إبراهيم فيقولون له : اشفع لنا إلى ربك ،
فيقول : إني كذبت ثلاث كذبات ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : ما
منها كذبة إلا ما حل بها عن دين الله قوله : (إني سقيم) (الصافات آية 89)
وقوله : {بل فعله كبيرهم هذا} وقوله لسارة أنها أختي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {فرجعوا إلى أنفسهم} قال : نظر بعضهم إلى بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال : في الرأي.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : {أف} يعني الرديء من الكلام.
الآية 68 - 73.
أَخْرَج
ابن جرير عن مجاهد قال : تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر فقال : أتدري
يا مجاهد من الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار قلت : لا ، قال : رجل من
أعراب فارس يعني الأكراد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما
جمع لإبراهيم عليه السلام ما جمع وألقي في النار جعل خازن المطر يقول :
متى أومر بالمطر فأرسله فكان أمر الله أسرع قال الله : {كوني بردا وسلاما}
فلم يبق في الأرض نار إلا طفئت.
وأخرج أحمد والطبراني وأبو يعلى ،
وَابن أبي حاتم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن
إبراهيم حين ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا تطفئ عنه النار غير
الوزغ فإنه كان ينفخ على إبراهيم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله.
وأخرج ابن مردويه عن أم شريك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأوزاغ وقال : كانت تنفخ على إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف أخبرنا معمر عن قتادة عن بعضهم عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : كانت الضفدع تطفئ النار عن إبراهيم وكانت الوزغ تنفخ
عليه ونهى عن قتل هذا وأمر بقتل هذا ، وأخرجه ابن المنذر فقال : أخبرنا
أبو سعيد الشامي عن أبان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا تسبوا الضفدع فإنه صوته تسبيح وتقديس وتكبير إن البهائم استأذنت ربها
في أن تطفئ النار عن إبراهيم فأذن للضفادع فتراكبت عليه فأبدلها الله بحر
النار برد الماء.
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم ، وَابن مردويه والخطيب عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما ألقي إبراهيم في
النار قال : اللهم إنك في السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن المنذر عن ابن عمرو قال : أول كلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن كعب قال : ما أحرقت النار من إبراهيم إلا وثاقه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن المنهال بن عمرو قال : أخبرت أن إبراهيم
ألقي في النار فكان فيها إما خمسين وإما أربعين قال : ما كنت أياما وليالي
قط أطيب عيشا إذ كنت فيها وددت أن عيشي وحياتي كلها مثل عيشي إذ كنت فيها.
وأخرج
ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : لما ألقي إبراهيم خليل الرحمن في النار
قال الملك خازن المطر : يا رب إن خليلك إبراهيم رجا أن يؤذن له فيرسل
المطر فكان أمر الله أسرع من ذلك فقال : {يا نار كوني بردا وسلاما على
إبراهيم} فلم يبق في الأرض نار إلا طفئت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : الذي قال حرقوه هبون ، فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {قلنا يا نار}
قال : كان جبريل هو الذي قالها.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
قال : لو لم يتبع بردها {سلاما} لمات إبراهيم من بردها فلم يبق في الأرض
يومئذ نار إلا طفئت ظننت أنها هي تعنى.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي
شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن علي في قوله :
{قلنا يا نار كوني بردا وسلاما} قال : لولا أنه قال : {وسلاما} لقتله
بردها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شمر بن عطية قال : لما أرادوا أن يلقوا
إبراهيم في النار نادى الملك الذي يرسل المطر : رب خليلك رجا أن يؤذن له
فيرسل المطر فقال الله : {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} فلم يبق
في الأرض يومئذ نار إلا بردت.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد
من طريق أبي هلال عن بكر بن عبد الله المزني قال : لما أرادوا أن يلقوا
إبراهيم في النار جاءت عامة
الخليقة فقالت : يا رب خليلك يلقى في
النار فائذن لنا نطفئ عنه ، قال : هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره
وأنا آلهه ليس له إله غيري فإن استغاثكم فأغيثوه وإلا فدعوه قال : وجاء
ملك القطر قال : يا رب خليلك يلقى في النار فائذن لي أن أطفئ عنه بالقطر ،
قال : هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره وأنا آلهه ليس له إله غيري فإن
استعان بك فأعنه وإلا فدعه ، قال : فلما ألقي في النار دعا بدعاء نسيه أبو
هلال فقال الله عز وجل : {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} قال :
فبردت في المشرق والمغرب فما أنضجت يومئذ كراعا.
وأخرج عبد الرزاق ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : قال كعب : ما انتفع أحد من
أهل الأرض يومئذ بنار ولا أحرقت النار يومئذ شيئا إلا وثاق إبراهيم ، وقال
قتادة : لم تأت دابة يومئذ إلا أطفأت عنه النار إلا الوزغ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : يذكرون أن جبريل كان مع إبراهيم في النار يمسح عنه العرق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : لما ألقي إبراهيم في النار قعد فيها
فأرسلوا إلى ملكهم فجاء ينظر متعجبا ، فطارت منه شرارة فوقعت على إبهام رجله فاشتعل كما تشتعل الصوفة.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج قال : خرج إبراهيم من النار يعرق لم تحرق النار
إلا وثاقه فأخذوا شيخا منهم فجعلوه على نار كذلك فاحترق.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد عن سليمان بن صرد ، وكان قد أدرك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن
إبراهيم لما أرادوا أن يلقوه في النار جعلوا يجمعون له الحطب فجعلت المرأة
العجوز تحمل على ظهرها فيقال لها : أين تريدين فتقول : أذهب إلى هذا الذي
يذكر آلهتنا ، فلما ذهب به ليطرح في النار (قال : إني ذاهب إلى ربي
سيهدين) (الصافات آية 99) فلما طرح في النار قال : حسبي الله ونعم الوكيل
، فقال الله : {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} فقال أبو لوط - وكان
عمه - إن النار لم تحرقه من أجل قرابته مني ، فأرسل الله عنقا من النار
فأحرقته.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن علي بن
أبي طالب في قوله : {قلنا يا نار كوني بردا} قال : بردت عليه حتى كانت
تؤذيه حتى قيل : {وسلاما} قال : لا تؤذيه.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لو لم يقل : {وسلاما} لقتله البرد.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إن أحسن شيء قاله أبو
إبراهيم لما رفع عنه الطبق وهو في النار وجده يرشح جبينه فقال عند ذلك :
نعم الرب ربك يا إبراهيم.
وأخرج ابن جرير عن شعيب الجبائي قال : ألقي إبراهيم في النار وهو ابن ست عشرة سنة وذبح إسحاق وهو ابن سبع سنين.
وأخرج
ابن جرير عن معتمر بن سليمان التيمي عن بعض أصحابه قال : جاء جبريل إلى
إبراهيم وهو يوثق ليلقى في النار قال : يا إبراهيم ألك حاجة قال : أما
إليك فلا.
وأخرج ابن جرير عن أرقم أن إبراهيم عليه السلام قال : حين جعلوا يوثقونه
ليلقوه في النار : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك لك.
وأخرج
ابن جرير عن أبي العالية في قوله : {قلنا يا نار كوني بردا وسلاما} قال :
السلام لا يؤذيه بردها ولولا أنه قال : {سلاما} لكان البرد أشد عليه من
الحر.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : {وأرادوا به كيدا
فجعلناهم الأخسرين} قال : ألقوا شيخا في النار منهم لأن يصيبوا نجاته كما
نجا إبراهيم فاحترق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مالك في قوله : {إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} قال : الشام.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في قوله : {إلى الأرض التي باركنا فيها
للعالمين} قال : الشام ، وما من ماء عذب إلا يخرج من تلك الصخرة التي ببيت
المقدس يهبط من السماء إلى الصخرة ثم يتفرق في الأرض.
وأخرج ابن عساكر
عن عبد الله بن سلام قال : بالشام من قبور الأنبياء ألفا قبر وسبعمائة قبر
وإن دمشق معقل الناس في آخر الزمان من الملاحم.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال لوط : كان ابن أخي إبراهيم عليهما السلام.
وأخرج
ابن سعد عن ابن عباس قال : لما هرب إبراهيم من كوثي وخرج من النار ولسانه
يومئذ سرياني فلما عبر الفرات من حران غير الله لسانه فقلب عبرانيا حيث
عبر الفرات وبعث ثمرود في نحو أثره وقال : لا تدعوا أحدا يتكلم بالسريانية
إلا جئتموني به فلقوا إبراهيم يتكلم بالعبرانية فتركوه ولم يعرفوا لغته.
وأخرج
ابن عساكر عن حسان بن عطية قال : أغار ملك نبط على لوط عليه السلام فسباه
وأهله فبلغ ذلك إبراهيم فأقبل في طلبه في عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر
فالتقى هو وتلك النبط في صحراء معفور فعبى إبراهيم ميمنة وميسرة وقلبا
وكان أول من عبى الحرب هكذا فاقتتلوا فهزمهم إبراهيم واستنقذ لوطا وأهله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية {ونجيناه} يعني إبراهيم {ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين}
قال : هي الأرض المقدسة التي
بارك
الله فيها للعالمين لأن كل ماء عذب في الأرض منها يخرج يعني من أصل الصخرة
التي في بيت المقدس يهبط من السماء إلى الصخرة ثم يتفرق في الأرض.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن قتادة
رضي الله عنه {ونجيناه ولوطا} قال : كانا بأرض العراق فانجيا إلى أرض
الشام ، وكان يقال : الشام عماد دار الهجرة وما نقص من الأرض زيد في الشام
وما نقص من الشام زيد في فلسطين ، وكان يقال : هي أرض المحشر والمنشر
وفيها ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام وبها يهلك الله شيخ الضلالة الدجال.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {إلى الأرض التي باركنا فيها} قال : الشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه في قوله : {إلى الأرض التي باركنا فيها} قال : إلى حران.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {ووهبنا له إسحاق} قال : ولدا {ويعقوب نافلة} قال : ابن ابن.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ووهبنا له إسحاق} قال : أعطاه {ويعقوب
نافلة} قال : عطية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي في الآية قال : دعا بالحق فاستجيب له وزيد يعقوب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحكم قال : النافلة ابن الابن.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
: {وجعلناهم أئمة يهدون} الآية ، قال : جعلهم الله أئمة يقتدى بهم في أمر
الله.
الآية 74 – 77
أخرج ابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : كان في قوم لوط عشر خصال
يعرفون
بها : لعب الحمام ورمي البندق والمكاء والخذف في الأنداء وتسبيط الشعر
وفرقعة العلك وإسبال الإزار وحبس الأقبية وإتيان الرجال والمنادمة على
الشراب وستزيد هذه الأمة عليها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ،
وَابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ستة من أخلاق قوم لوط
في هذه الأمة : الجلاهق والصفر والبندق والخذف وحل إزار القباء ومضغ العلك.
وأخرج
إسحاق بن بشر والخطيب ، وَابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا وتزيدها
أمتي بخلة : إتيان الرجال بعضهم بعضا ورميهم بالجلاهق ولعبهم
الحمام وضرب الدفوف وشرب الخمور وقص اللحية وطول الشارب والصفر والتصفيق ولباس الحرير وتزيدها أمتي بخلة : إتيان النساء بعضهن بعضا.
وأخرج
ابن عساكر عن الزبير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: كل سنن قوم لوط قد فقدت إلا ثلاثا : جر نعال السيوف وقصف الأظفار وكشف
العورة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {وأدخلناه في رحمتنا} قال : في الإسلام.
الآية 78 - 82
أخرج الحاكم عن وهب قال : داود بن إيشا بن عويد بن عابر من ولد يهوذا بن يعقوب وكان قصيرا أزرق قليل الشعر طاهر القلب.
وأخرج ابن جرير عن مرة رضي الله عنه في قوله : {إذ يحكمان في الحرث} قال : كان
الحرث
نبتا فنفشت فيه ليلا فاختصموا فيه إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الحرث
فمروا على سليمان فذكروا ذلك له فقال : لا تدفع الغنم ، فيصيبون منها
ويقوم هؤلاء على حرثهم فإذا عاد كما كان ردوا عليهم فنزلت {ففهمناها
سليمان}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه"
عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث
إذ نفشت فيه غنم القوم} قال : كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته الغنم فقضى
داود بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان : أغير هذا يا نبي الله قال : وما
ذاك قال : تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان وتدفع
الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفعت الكرم
لصاحبه ودفعت الغنم إلى صاحبها ، فذلك قوله : {ففهمناها سليمان}.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق
قال : الحرث الذي {نفشت فيه غنم القوم} إنما كان كرما نفشت فيه غنم القوم
فلم تدع فيه ورقة ولا عنقودا من عنب إلا أكلته فأتوا داود فأعطاهم رقابها
فقال سليمان : إن صاحب الكرم قد بقي له أصل كرمه وأصل أرضه بل تؤخذ الغنم
فيعطاها أهل الكرم فيكون لهم لبنها وصوفها ونفعها ويعطى أهل الغنم
الكرم فيعمرونه ويصلحونه حتى يعود كالذي كان ليلة نفشت فيه الغنم ثم يعطى أهل الغنم غنمهم وأهل الكرم كرمهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وداود وسليمان} إلى
قوله
: {وكنا لحكمهم شاهدين} يقول : كنا لما حكما شاهدين وذلك أن رجلين دخلا
على داود : أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم فقال صاحب الحرث : إن هذا
أرسل غنمه في حرثي فلم تبق من حرثي شيئا ، فقال له داود : اذهب فإن الغنم
كلها لك ، فقضى بذلك داود ومر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بالذي قضى به
داود فدخل سليمان على داود فقال : يا نبي الله إن القضاء سوى الذي قضيت ،
فقال : كيف قال سليمان : إن الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه في كل
عام فله من صاحب الغنم أن ينتفع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتى يستوفي
ثمن الحرث فإن الغنم لها نسل كل عام ، فقال داود : قد أصبت القضاء كما
قضيت ، ففهمها الله سليمان.
وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد في
الآية قال : أعطاهم داود رقاب الغنم بالحرث وحكم سليمان بجزة الغنم
وألبانها لأهل الحرث وعليهم رعاؤها ويحرث لهم أهل الغنم حتى يكون الحرث
كهيئته يوم أكل
ثم يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم.
وأخرج ابن
جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : النفش بالليل والهمل بالنهار ،
ذكر لنا أن غنم القوم وقعت في زرع ليلا فرفع ذلك إلى داود فقضى بالغنم
لأصحاب الزرع فقال سليمان : ليس كذلك ولكن له نسلها ورسلها وعوارضها
وجزازها حتى إذا كان من العام المقبل كهيئته يوم أكل دفعت الغنم إلى
أربابها وقبض صاحب الزرع زرعه ، قال الله : {ففهمناها سليمان}.
وأخرج
ابن جرير عن قتادة والزهري في الآية قال : نفشت غنم في حرث قوم فقضى داود
أن يأخذوا الغنم ففهمها الله سليمان فلما أخبر بقضاء داود قال : لا ولكن
خذوا الغنم ولكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت امرأة عابدة من بني إسرائيل وكانت
تبتلت المرأة وكان لها جاريتان جميلتان وقد تبتلت المرأة لا تريد الرجال
فقالت
إحدى الجاريتين للأخرى : قد طال علينا هذا البلاء أما هذه فلا
تريد الرجال ولا نزال بشر ما كنا لها فلو أنا فضحناها فرجمت فصرنا إلى
الرجال ، فأتيا ماء البيض فأتياها وهي ساجدة فكشفتا عن ثوبها ونضحتا في
دبرها ماء البيض وصرختا : إنها قد
بغت ، وكان من زنى فيهم حده الرجم
فرفعت إلى داود وماء البيض في ثيابها فأراد رجمها فقال سليمان : ائتوا
بنار فإنه إن كان ماء الرجال تفرق وإن كان ماء البيض اجتمع ، فأتي بنار
فوضعها عليه فاجتمع فدرأ عنها الرجم فعطف داود على سليمان فأحبه ، ثم كان
بعد ذلك أصحاب الحرث وأصحاب الشياه فقضى داود عليه السلام بالغنم لأصحاب
الحرث فخرجوا وخرجت الرعاة معهم الكلاب فقال سليمان : كيف قضى بينكم
فأخبروه فقال : لو وليت أمرهم لقضيت بغير هذا القضاء ، فقيل لداود عليه
السلام : إن سليمان يقول كذا وكذا ، فدعاه فقال : كيف تقضي بينهم فقال :
أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون لهم أولادها وسلالها وألبانها
ومنافعها ويذر أصحاب الحرث الحرث هذا العام فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه
أخذ هؤلاء الحرث ودفعوا إلى هؤلاء الغنم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {نفشت} قال : رعت.
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : {نفشت}
قال : النفش الرعي بالليل ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت
قول لبيد : بدلن بعد النفش الوجيفا * وبعد ول الحزن الصريفا.
وَأخرَج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي شيبة وأحمد وسعيد بن منصور ، وعَبد
بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
مردويه عن حرام بن محيصة أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت فيه
فقضى فيه
رسول الله صلى الله عليه وسلم : على أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وإن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها.
وأخرج
ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن ناقة البراء بن عازب رضي الله عنه
دخلت حائطا لقوم فأفسدت عليهم فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال :
على أهل الحائط حفظ حائطهم بالنهار وعلى أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل
ثم تلا هذه الآية {وداود وسليمان} الآية ، ثم قال : نفشت ليلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ فأفهمناها سليمان.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال : كان الحكم بما قضى به سليمان ولم يعب داود في حكمه.
وأخرج
عبد الرزاق عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أهون
أهل النار عذابا رجل يطأ جمرة يغلي منها دماغه ، فقال أبو بكر الصديق رضي
الله عنه : وما جرمه يا رسول الله قال : كانت له ماشية يغشى بها الزرع
ويؤذيه وحرم الله الرزع وما حوله غلوة سهم فاحذروا أن لا يستحب الرجل ما
له في الدنيا
ويهلك نفسه في الآخرة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم
والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : بينما إمرأتان معهما ابنان لهما جاء الذئب فأخذ أحد الابنين
فتحاكما إلى داود فقضى له للكبرى فخرجتا فدعاهما سليمان فقال : هاتوا
السكين أشقه بينهما ، فقالت الصغرى : يرحمك الله هو ابنها لا تشقه ، فقضى
به للصغرى.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن امرأة
حسناء من بني إسرائيل راودها عن نفسها أربعة من رؤسائهم فامتنعت على كل
واحد منهم فاتفقوا فيما بينهم عليها فشهدوا عليها عند داود أنها مكنت من
نفسها كلبا لها قد عودته ذلك منها فأمر برجمها ، فلما كان عشية ذلك اليوم
جلس سليمان واجتمع معه ولدان مثله فانتصب حاكما وتزيا أربعة منهم بزي
أولئك وآخر بزي المرأة وشهدوا عليها بأنها مكنت من نفسها كلبها ، فقال
سليمان : فرقوا بينهم ، فسأل أولهم : ما كان لون الكلب فقال : أسود ،
فعزله واستدعى الآخر فسأله عن لونه فقال : أحمر وقال الآخر أغبش وقال الآخر
أبيض
، فأمر عند ذلك بقتلهم فحكي ذلك لداود فاستدعى من فوره أولئك الأربعة
فسألهم متفرقين عن لون ذلك الكلب فاختلفوا فيه فأمر بقتلهم.
وأخرج أحمد
في الزهد عن ابن أبي نجيح قال : قال سليمان عليه السلام : أوتينا ما أوتي
الناس ولم يؤتوا وعلمنا ما علم الناس ولم يعلموا ، فلم يجد شيئا أفضل من
ثلاث كلمات : الحلم في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وخشية الله في
السر والعلانية.
وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان عليه السلام لابنه : يا بني إياك وغضب الملك الظلوم فإن غضبه كغضب ملك الموت.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خيثمة قال : قال سليمان عليه السلام : جربنا العيش لينه وشديده فوجدناه يكفي منه أدناه.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني
لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك وإن كانت بريئة ، يا بني إن
من الحياء صمتا ومنه وقارا يا بني إن
أحببت أن تغيظ عدوك فلا ترفع
العصا عن ابنك ، يا بني كما يدخل الوتد بين الحجرين وكما تدخل الحية بين
الحجرين كذلك تدخل الخطيئة بين البيعين.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : بلغنا أن سليمان قال لابنه : امش وراء الأسد ولا تمش وراء امرأة.
وأخرج
أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني إن من سوء
العيش نقلا من بيت إلى بيت ، وقال لابنه : عليك بخشية الله فإنها غلبت كل
شيء.
وأخرج أحمد عن بكر بن عبد الله أن داود عليه السلام قال لابنه
سليمان : أي شيء أبرد وأي شيء أحلى وأي شيء أقرب وأي شيء أقل وأي شيء أكثر
وأي شيء آنس وأي شيء أوحش قال : أحلى شيء روح الله من عباده وأبرد شيء عفو
الله عن عباده وعفو العباد بعضهم عن بعض ، وآنس شيء الروح تكون في الجسد
وأوحش شيء الجسد تنزع منه الروح وأقل شيء اليقين وأكثر شيء الشك وأقرب شيء
الآخرة من الدنيا وأبعد شيء الدنيا من الآخرة.
وأخرج أحمد عن
يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : لا تقطعن أمرا حتى تؤامر مرشدا
فإذا فعلت ذلك فلا تحزن عليه ، وقال : يا بني ما أقبح الخطيئة مع المسكنة
وأقبح الضلالة بعد الهدى وأقبح من ذلك رجل كان عابدا فترك عبادة ربه.
وأخرج أحمد عن قتادة قال : قال سليمان عليه السلام : عجبا للتاجر : كيف يخلص يحلف بالنهار وينام بالليل
وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني إياك والنميمة فإنها كحد السيف.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر من طريق حماد بن سلمة عن حميد
الطويل : أن إياس بن معاوية لما استقضى آتاه الحسن فرآه حزينا فبكى إياس
فقال : ما يبكيك فقال : يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة : رجل اجتهد
فأخطأ فهو في النار ورجل مال به الهوى فهو في النار ورجل اجتهد فأصاب فهو
في الجنة ، فقال الحسن : إن فيما قص الله من نبأ داود ما يرد ذلك ، ثم قرأ
{وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} حتى بلغ {وكلا آتينا حكما وعلما}
فأثنى على سليمان ولم يذم داود ، ثم قال : أخذ الله على
الحكام
ثلاثة : أن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ولا يتبعوا الهوى ولا يخشوا الناس
، ثم تلا هذه الآية (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) (ص آية 26) الآية
وقال (فلا تخشوا الناس واخشون) (المائدة آية 44) وقال (ولا تشتروا بآياتي
ثمنا قليلا) (المائدة آية 44).
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
قتادة في قوله : {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير} قال : يصلين مع
داود إذا صلى {وعلمناه صنعة لبوس لكم} قال : كانت صفائح فأول من مدها
وحلقها داود عليه السلام.
وأخرج السدي في قوله : {وعلمناه صنعة لبوس لكم} قال : هي دروع الحديد {لتحصنكم من بأسكم} قال : من رتع السلاح فيكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ لنحصنكم بالنون.
وأخرج الفريابي عن سليمان بن حيان قال : كان داود إذا وجد فترة أمر الجبال فسبحت حتى يشتاق.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان عمر
آدم ألف سنة وكان عمر داود ستين سنة ، فقال آدم : أي رب زده من عمري
أربعين سنة ، فأكمل لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة سنة.
وأخرج ابن أبي
شيبة في المصنف ، وَابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحاكم وصححه عن ابن
عباس قال : مات داود عليه السلام يوم الست فجأة فعكفت الطير عليه تظله.
وأخرج
ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كان سليمان عليه السلام
يوضع له ستمائة ألف كرسي ثم يجيء أشراف الناس فيجلسون مما يليه ثم يجيء
أشراف الجن فيجلسون مما يلي أشراف الإنس ثم يدعو الطير
فتظلهم ثم يدعو الريح فتحملهم فيسير مسيرة شهر في الغداة الواحدة.
وأخرج
الحاكم عن محمد بن كعب قال : بلغنا أن سليمان عليه السلام كان عسكره مائة
فرسخ خمسة وعشرون منها للإنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة
وعشرون للطير وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلثمائة حرة
وسبعمائة سرية فأمر الريح العاصف فرفعته فأمر الريح فسارت به فأوحى الله
إليه أني أزيد في ملكك أن لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان سليمان يأمر الريح
فتجتمع كالطود العظيم ثم يأمر بفراشه فيوضع على أعلى مكان منها ثم يدعو
بفرس من ذوات الأجنحة فترتفع حتى تصعد على فراشه ثم يأمر الريح فترتفع به
كل شرف دون السماء فهو يطأطئ رأسه ما يلتفت يمينا ولا شمالا تعظيما لله
وشكرا لما يعلم من صغر ما هو فيه في ملك الله يضعه الريح حيث يشاء أن يضعه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان لسليمان مركب من خشب
وكان
فيه ألف ركن في كل ركن ألف بيت يركب معه فيه الجن والإنس تحت كل ركن ألف
شيطان يرفعون ذلك المركب فإذا ارتفع جاءت الريح الرخاء فسارت به وساروا
معه فلا يدري القوم إلا قد أظلهم من الجيوش والجنود.
وأخرج ابن عساكر
عن السدي في قوله : {ولسليمان الريح عاصفة} قال : الريح الشديدة {تجري
بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها} قال : أرض الشام.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولسليمان الريح} الآية
، قال : ورث الله لسليمان داود فورثه نبوته وملكه وزاده على ذلك أنه سخر
له الرياح والشياطين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قرأ {ولسليمان الريح} يقول : سخرنا له الريح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ومن الشياطين من يغوصون له} قال : يغوصون في الماء.
وأخرج
الطبراني والديلمي عن ابن مسعود قال : ذكر عند النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم رقية الحية فقال : اعرضها علي ، فعرضها عليه بسم الله
شجنية قرنية ملحة بحر قفطا ، فقال : هذه مواثيق أخذها سليمان على الهوام ولا أرى بها باسا.
وأخرج الحاكم عن الشعبي قال : أرخ بنو إسحاق من مبعث موسى إلى ملك سليمان.
الآية 83 - 86.
أَخرَج
الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان أيوب بن أموص نبي الله الصابر طويلا
جعد الشعر واسع العينين حسن الخلق وكان على جبينه مكتوب : المبتلى الصابر
وكان قصير العنق عريض الصدر غليظ الساقين والساعدين كان يعطي الأرامل
ويكسوهم جاهدا ناصحا لله.
وأخرج الحاكم عن وهب قال : أيوب بن أموص بن رزاح بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : أول نبي بعث إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم إسماعيل وإسحاق ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ثم
صالح ثم شعيب ثم موسى وهارون ثم إلياس ثم اليسع ثم يونس ثم أيوب.
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال : كان أيوب أعبد أهل زمانه وأكثرهم مالا
فكان لا يشبع حتى يشبع الجائع وكان لا يكتسي حتى يكسي العاري وكان إبليس قد أعياه أمر أيوب لقوته فلا يقدر عليه وكان عبدا معصوما.
وأخرج
أحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن وهب أنه سئل : ما كانت شريعة قوم أيوب قال
: التوحيد وإصلاح ذات البين ، وإذا كانت لأحد منهم حاجة خر لله ساجدا ثم
طلب حاجته ، قيل : فما كان ماله قال : كان له ثلاثة آلاف فدان مع كل فدان
عبد مع كل عبد وليدة ومع كل وليد أتان وأربعة عشرة ألف شاة ولم يبت ليلة
له إلا وضيف وراء بابه ولم يأكل طعامه إلا ومعه مسكين.
وأخرج البيهقي في الشعب عن سفيان الثوري قال : ما أصاب إبليس من أيوب في مرضه إلا الأنين.
وأخرج
ابن عساكر عن عقبة بن عامر قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، قال
الله لأيوب : تدري ما جرمك إلي حتى ابتليتك فقال : لا يا رب ، قال : لأنك
دخلت على فرعون فداهنت عنده في كلمتين.
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر
عن الضحاك عن ابن عباس قال : إنما كان ذنب أيوب أنه استعان به مسكين على
ظلم يدرؤه عنه فلم يعنه ولم يأمر بمعروف وينه الظالم عن ظلمه المسكين
فابتلاه الله.
وأخرج ابن عساكر عن الليث بن سعد قال : كان السبب الذي
ابتلي فيه أيوب أنه دخل أهل قريته على ملكهم - وهو جبار من الجبابرة -
وذكر بعض ما كان ظلمه الناس فكلموه فأبلغوا في كلامه ورفق أيوب في كلامه
له مخافة منه لزرعه فقال الله : اتقيت عبدا من عبادي من أجل زرعك فأنزل
الله به ما أنزل من البلاء.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني قال
: أجدب الشام فكتب فرعون إلى أيوب : أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعة ،
فأقبل بخيله وماشيته وبنيه
فأقطعهم فدخل شعيب فقال فرعون : أما تخاف
أن يغضب غضبة فيغضب لغضبه أهل السموات والأرض والجبال والبحار فسكت أيوب
فلما خرجا من عنده أوحى الله إلى أيوب : أوسكت عن فرعون لذهابك إلى أرضه
استعد للبلاء ، قال : فديني قال : أسلمه لك ، قال : لا أبالي.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم ، وَابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال : لما
ابتلى
الله أيوب بذهاب المال والأهل والولد فلم يبق له شيء أحسن الذكر والحمد
لله رب العالمين ، ثم قال : أحمدك رب الذي أحسنت إلي ، ، قد أعطيتني المال
والولد لم يبق من قلبي شعبة إلا قد دخلها ذلك فأخذت ذلك كله مني وفزعت
قلبي فليس يحول بيني وبينك شيء لا يعلم عدوي إبليس الذي وصفت إلا حسدني
فلقي إبليس من ذها شيئا منكرا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
نعيم في الحلية عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان لأيوب أخوان فجاءا
يوما فلم يستطيعا أن يدنوا منه من
ريحه فقاما من بعيد فقال أحدهما
للآخر : لو كان الله علم من أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا فجزع أيوب من قولهما
جزعا لم يجزع من شيء قط مثله قال : اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط
شبعا وأنا أعلم مكان جائع فصدقني ، فصدق من في السماء وهما يسمعان ثم خر
ساجدا وقال : اللهم بعزتك لا أرفع رأسي حتى تكشف عني ، فما رفع رأسه حتى
كشف الله عنه ، وأخرح ابن عساكر عن الحسن قال : ضرب أيوب بالبلاء ثم
بالبلاء بعد البلاء بذهاب الأهل والمال ثم ابتلي في بدنه ثم ابتلي حتى قذف
في بعض مزابل بني إسرائيل فما يعلم أيوب دعا الله يوما أن يكشف ما به ليس
إلا صبرا وإحتسابا حتى مر به رجلان فقال أحدهما لصاحبه : لو كان لله في
هذا حاجة ما بلغ به هذا كله ، فسمع أيوب فشق عليه فقال : رب {مسني الضر}
ثم رد ذلك إلى ربه فقال : {وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به
من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : {وآتيناه أهله} في الدنيا {ومثلهم
معهم} في الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في
قوله : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : قيل له : يا أيوب إن أهلك لك في
الجنة فإن شئت آتيناك بهم وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم ،
قال : لا بل اتركهم لي في الجنة فتركوا له في الجنة وعوض مثلهم في الدنيا.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن نوف البكالي في قوله : {وآتيناه أهله
ومثلهم معهم} قال : إني أدخرهم في الآخرة وأعطي مثلهم في الدنيا ، فحدث
بذلك مطرف فقال : ما عرفت وجهها قبل اليوم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن الضحاك قال : بلغ
ابن
مسعود أن مروان قال في هذه الآية : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : أوتي
بأهل غير أهله فقال ابن مسعود : بل أوتي بأعيانهم ومثلهم معهم.
وأخرج
ابن المنذر عن الحسن في قوله : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : لم
يكونوا ماتوا ولكنعم غيبوا عنه فأتاه أهله {ومثلهم معهم} في الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : {وآتيناه
أهله ومثلهم معهم} قال : أحياهم بأعيانهم وزاد إليهم مثلهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن وقتادة في قوله : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : أحيا الله له أهله بأعيانهم وزاده الله مثلهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {ومثلهم معهم} قال : من نسلهم.
وأخرج
أحمد في الزهد عن الحسن قال : ما كان بقي من أيوب عليه السلام إلا عيناه
وقلبه ولسانه فكانت الدواب تختلف في جسده ومكث في الكناسة سبع سنين وأياما.
وأخرج
أحمد عن نوف البكالي قال : مر نفر من بني إسرائيل بأيوب فقالوا : ما أصابه
ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه ، فسمعها أيوب فعند ذلك قال : {مسني الضر
وأنت أرحم الراحمين} وكان قبل ذلك لا يدعو.
وأخرج ابن جرير عن الحسن
قال : لقد مكث أيوب مطروحا على كناسة سبع سنين وأشهرا ما يسأل الله أن
يكشف ما به وما على وجه الأرض خلق أكرم من أيوب فيزعمون أن بعض الناس قال
: لو كان لرب هذا فيه حاجة ما صنع به هذا ، فعند ذلك دعا.
وأخرج ابن جريرعن وهب بن منبه قال : لم يكن بأيوب الأكلة إنما
يخرج منه مثل ثدي النساء ثم يتفقأ.
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} قال :
إنه لما مسه الضر أنساه الله الدعاء أن يدعوه فيكشف ما به من ضر غير أنه
كان يذكر الله كثيرا ولا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيقان فلما
انتهى الأجل وقضى الله أنه كاشف ما به من ضر أذن له في الدعاء ويسره له
كان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى : لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني ثم لا
أستجيب له ، فلما دعا
استجاب له وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين رد أهله ومثلهم معهم وأثنى عليه فقال : (إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب).
وأخرج
ابن جرير عن ليث قال : أرسل مجاهد رجلا يقال له قاسم إلى عكرمة يسأله عن
قول الله لأيوب {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} فقال : قيل له : إن أهلك لك في
الآخرة فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك
مثلهم في الدنيا ، فقال : يكونون في الآخرة وأوتى مثلهم في الدنيا ، فرجع
إلى مجاهد فقال : أصاب.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله : {رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} وقوله : (رحمة منا وذكرى لأولي الألباب) (ص آية 43)
قال : إنما هو من أصابه بلاء فذكر ما أصاب أيوب فليقل : إنه قد أصاب من هو خير مني نبي من الأنبياء.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بقي أيوب على كناسة لنبي إسرائيل سبع سنين وأشهرا تختلف فيه الدواب.
وأخرج
ابن جرير عن الحسن قال : إن أيوب آتاه الله تعالى مالا وولدا وأوسع عليه
فله من الشياه والبقر والغنم والإبل ، وإن عدو الله إبليس قيل له : هل
تقدر أن تفتن أيوب قال : رب إن أيوب أصبح في دنيا من مال وولد فلا يستطيع
إلا شكرك فسلطني على ماله وولده فسترى كيف يطيعني ويعصيك ، فسلط على ماله
وولده فكان يأتي الماشية من ماله من الغنم فيحرقها بالنيران ثم يأتي أيوب
وهو يصلي متشبها براعي الغنم فيقول : يا أيوب تصلي لرب ما ترك الله لك من
ماشيتك شيئا من الغنم إلا أحرقها بالنيران ، وكنت ناحية فجئت لأخبرك ،
فيقول أيوب : اللهم أنت أعطيت وأنت أخذت مهما يبق شيء أحمدك على حسن بلائك
، فلا يقدر منه على شيء مما يريد ثم يأتي ماشيته من البقر فيحرقها
بالنيران ، ثم يأتي أيوب فيقول له ذلك
ويرد عليه أيوب مثل ذلك ،
وكذلك فعل بالإبل حتى ما ترك له ماشية حتى هدم البيت على ولده فقال : يا
أيوب أرسل الله على ولدك من هدم عليهم البيوت حتى يهلكوا فيقول أيوب مثل
ذلك ، وقال : رب هذا حين أحسنت إلي الإحسان كله قد كنت قبل اليوم يشغلني
حب المال بالنهار ويشغلني حب الولد بالليل
شفقة عليهم فالآن أفرغ سمعي
لك وبصري وليلي ونهاري بالذكر والحمد والتقديس والتهليل ، فينصرف عدو الله
من عنده ولم يصب منه شيئا مما يريد ، ثم إن الله تعالى قال : كيف رأيت
أيوب قال إبليس : إن أيوب قد علم أنك سترد عليه ماله وولده ولكن سلطني على
جسده فإن أصابه الضر فيه أطاعني وعصاك ، فسلط على جسده فأتاه فنفخ فيه
نفخة أقرح من لدن قرنه إلى قدمه فأصابه البلاء بعد البلاء حتى حمل فوضع
على مزبلة كناسة لبني إسرائيل فلم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد
يقربه غير رحمة صبرت عليه تصدق عليه وتأتيه بطعام وتحمد الله معه إذا حمده
وأيوب على ذلك لا يفر من ذكر الله والتحميد والثناء على الله والصبر على
ما ابتلاه الله ، فصرخ إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطاء الأرضين جزعا
من صبر أيوب فاجتمعوا إليه وقالوا له : اجتمعنا إليك ما أحزنك ما أعياك
قال :
أعياني هذا العبد الذي سألت ربي أن يسلطني على ماله وولده فلم أدع له مالا ولا ولدا فلم يزدد بذلك إلا صبرا وثناء على الله تعالى وتحميدا له ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل لا تقربه إلا امرأته فقد أفتضحت بربي فاستعنت بكم لتعينوني عليه ، فقالوا له : أين مكرك أين علمك الذي أهلكت به من مضى قال : بطل ذلك كله في أيوب فأشيروا علي ، قالوا : نشير عليك أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة من أتيته قال : من قبل امرأته ، قالوا : فشأنك بأيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها ، قال : أصبتم ، فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق فتمثل لها في صورة رجل فقال : أين بعلك يا أمة الله قالت : ها هو ذاك يحك قروه ويتردد الدود في جسده ، فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع فوضع في صدرها فوسوس إليها فذكرها ما كانت فيه من النعم والمال والدواب وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر وأن ذلك لا ينقطع عنهم أبدا ، فصرخت فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاه بسخلة فقال : ليذبح هذا إلى أيوب ويبرأ ، فجاءت تصرخ : يا أيوب يا أيوب ، ، حتى متى يعذبك ربك ألا يرحمك أين المال أين الشباب أين الولد أين الصديق أين لونك الحسن الذي بلي وتلدد
فيه
الدواب ، اذبح هذه السخلة واسترح ، قال : أيوب : أتاك عدو الله فنفخ فيك
فوجد فيك رفقا فأجبته ويلك أرأيت ما تبكين عليه مما تذكرين مما كنا فيه من
المال
والولد والصحة والشباب من أعطانيه قال [ قالت ] : الله ، ، قال : فكم
متعنا قال [ قالت ] : ثمانين سنة ، قال : فمذ كم ابتلانا الله بهذا البلاء
الذي ابتلانا به قالت : سبع سنين وأشهرا ، قال : ويلك ، والله ما عدلت ولا
أنصفت ربك ألا صبرت حتى نكون في هذا البلاء الذي ابتلانا ربنا ثمانين سنة
كما كنا في الرخاء ثمانين سنة والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة حيت
أمرتني أن أذبح لغير الله ، طعامك وشرابك الذي أتيتني به علي حرام أن أذوق
شيئا مما تأتي به بعد إذ قلت لي هذا فاغربي عني فلا أراك ، فطردت فذهبت
فقال الشيطان : هذا قد وطن نفسه ثمانين سنة على هذا البلاء الذي هو فيه
فباء بالغلبة ورفضه ، ونظر إلى أيوب قد طرد امرأته وليس عنده طعام ولا
شراب ولا صديق ومر به رجلان وهو على تلك الحال ولا والله ما على ظهر الأرض
يومئذ أكرم على الله من أيوب فقال أحد الرجلين لصاحبه : لو كان لله في هذا
حاجة ما بلغ به هذا ، فلم يسمع أيوب شيئا كان أشد عليه من هذه الكلمة فقال
: رب {مسني الضر} ثم رد ذلك إلى الله فقال : {وأنت أرحم الراحمين} فقيل له
: (اركض برجلك هذا مغتسل بارد) (ص آية 42) فركض برجله فنبعت عين ماء
فاغتسل منها فلم يبق من دائه شيء ظاهر إلا سقط فأذهب الله عنه كل ألم
وكل
سقم وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى فشرب
منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج ، فقام صحيحا وكسي حلة فجعل يلتفت فلا
يرى شيئا مما كان له من أهل ومال إلا وقد أضعفه الله له حتى ذكر لنا أن
الماء الذي اغتسل به تطاير على صدره جراد من ذهب فجعل يضمه بيده فأوحى
الله إليه : يا أيوب ألم أغنك عن هذا قال : بلى ولكنها بركتك فمن يشبع
منها ، فخرج حتى جلس على مكان مشرف ثم إن امرأته قالت : أرأيت إن كان طردي
إلى من أكله أدعه يموت جوعا أو يضيع فتأكله السباع لأرجعن إليه ، فرجعت
فلا كناسة ترى ولا تلك الحال التي كانت وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف
حيث الكناسة وتبكي وذلك بعين أيوب وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأل عنه ،
فأرسل إليها أيوب فدعاها فقال : ما تريدين يا أمة الله فبكت وقالت : أريد
ذلك المبتلى الذي كان ملقى على الكناسة لا أدري أضاع أم ما فعل قال له [
لها ] أيوب : ما كان منك فبكت وقال : بعلي فهل
رأيته فقال : وهل
تعرفيته إذا رأيته قالت : وهل يخفى على أحد رآه ثم جعلت تنظر إليه ويعرفها
به ثم قالت : أما إنه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحا ، قال : فإني
أيوب الذي
أمرتني أن أذبح للشيطان وإني أطعت الله وعصيت الشيطان
ودعوت الله فرد علي ما ترين ، ثم إن الله رحمها لصبرها معه على البلاء
فأمره تخفيفا عنها أن يأخذ جماعة من الشجر فيضربها ضربة واحدة تخفيفا عنها
بصبرها معه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن وهب قال : لم يكن الذي أصاب أيوب الجذام
ولكنه أصابه أشد من ذلك كان يخرج في جسده مثل ثدي المرأة ثم يتفقأ.
وأخرج أبو نعيم ، وَابن عساكر عن الحسن قال : إن كانت الدودة لتقع من جسد أيوب فيأخذها إلى مكانها ويقول : كلي من رزق الله.
وأخرج
الحلكم والبيهقي في الشعب ، وَابن عساكر عن ابن عباس أن امرأة أيوب قالت
له : والله قد نزل بي من الجهد والفاقة ما إن بعت قرني برغيف فأطعمتك وإنك
رجل مجاب الدعوة فادع الله أن يشفيك ، فقال : ويحك ، كنا في النعماء سبعين
سنة فنحن في البلاء سبع
سنين.
وأخرج ابن أبي الدنيا وعبد الله بن
أحمد في زوائد الزهد ، وَابن عساكر عن طلحة بن مطرف قال : قال إبليس : ما
أصبت من أيوب شيئا قط أفرح به إلا أني كنت إذا سمعت أنينه علمت أني أوجعته.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن مجاهد قال : أن أول من أصابه الجدري أيوب عليه السلام.
وأخرج
ابن أبي الدنيا وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: إن أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من
إخوانه كانا من أخص إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه
ذات يوم : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد ، قال : وما ذاك
قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف عنه ما به ، فلما جاء إلى
أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك فقال أيوب : لا أدري ما تقول غير أن
الله يعلم أني
كنت أمر بالرجلين يتباعدان يذكران الله فأرجع إلى بيتي فأولف بينهما كراهة أن يذكر الله
إلا
في حق ، وكان يخرج لحاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ فلما
كان ذات يوم أبطأ عليها فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن (اركض برجلك هذا
مغتسل بارد وشراب) (ص آية 42) فاستبطأته فأتته فأقبل عليها قد أذهب الله
ما به من البلاء وهو أحسن ما كان فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك هل
رأيت نبي الله المبتلى والله على ذاك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان
صحيحا ، قال : فإني أنا هو ، قال : وكان له أندران [ الأندر هو البيدر كما
في النهاية ] أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين فلما كانت
إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى في أندر
الشعير الورق حتى فاض.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر من طريق جويبر
عن الضحاك عن ابن عباس قال : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله :
{ووهبنا له أهله ومثلهم معهم} قال : رد الله امرأته وزاد في شبابها حتى
ولدت له ستة وعشرين ذكرا وأهبط الله إليه ملكا فقال : يا أيوب ربك يقرئك
السلام بصبرك على البلاء فاخرج إلى أندرك [ الأندر هو البيدر كما في
النهاية ] ، فبعث الله سحابة حمراء فهبطت عليه بجراد الذهب والملك قائم
يجمعه فكانت الجراد تذهب فيتبعها حتى يردها في أندره ، قال
الملك : يا أيوب أو ما تشبع من الداخل حتى تتبع الخارج فقال : إن هذه بركة من بركات ربي ولست أشبع منها.
وأخرج
أحمد والبخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : بينا ايوب يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل
أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه : يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال : بلى
وعزتك ولكن لا غنى لي عن بركتك.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه ،
وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما
عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب فجعل يأخذه بيده ويجعله في ثوبه
فقيل له : يا أيوب أما تشبع قال : ومن يشبع من فضلك ورحمتك.
وأخرج
إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أيوب
عاش بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية وعلى ذلك مات وتغيروا
بعد ذلك وغيروا دين إبراهيم كما غيره من كان قبلهم.
وأخرج
الحاكم عن وهب قال : عاش أيوب ثلاثا وتسعين سنة وأوصى عند موته إلى ابنه
حرمل وقد بعث الله بعده بشر بن أيوب نبيا وسماه ذا الكفل وكان مقيما
بالشام عمره حتى مات ابن خمس وسبعين سنة وأن بشرا أوصى إلى ابنه عبدان ثم
بعث الله بعدهم شعيبا.
وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الله الجدلي قال :
كان أيوب عليه السلام يقول : اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه
يرعاني إن رأى حسنة أطفأها وإن رأى سيئة أذاعها.
وأخرج أحمد في الزهد
والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : يؤتى بثلاثة يوم القيامة : بالغني
والمريض والعبد المملوك فيقال للغني : ما منعك من عبادتي فيقول : يا رب
أكثرت لي من المال فطغيت ، فيؤتى بسليمان عليه السلام في ملكه فيقول : أنت
كنت أشد شغلا من هذا فيقول : لا بل هذا ، قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن
عبدني ، ثم يؤتى بالمريض فيقول : ما منعك من عبادتي فيقول : شغلت على جسدي
فيؤتى بأيوب في ضره فيقول : أنت
كنت أشدا ضرا من هذا قال : لا بل
هذا ، قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني ، ثم يؤتى بالمملوك فيقول : ما
منعك من عبادتي فيقول : يا رب جعلت علي أربابا يملكونني ، فيؤتى بيوسف في
عبوديته فيقول : أنت كنت أشد عبودية أم هذا قال : لا بل هذا قال : فإن هذا
لم يمنعه أن عبدني ، والله أعلم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد
، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وذا
الكفل} قال : رجل صالح غير نبي تكفل لنبي قومه أن يكفيه أمر قومه ويقيمهم
له ويقضي بينهم بالعدل ففعل ذلك فسمي {وذا الكفل}.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما كبر اليسع قال : لو أني استخلفت رجلا
على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل فجمع
الناس فقال : من
يتكفل لي بثلاث : أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب قال : فقام
رجل تزدريه العين فقال : أنا ، فقال : أنت تصوم النهار وتقوم الليل ولا
تغضب قال : نعم ، قال : فرده من ذلك اليوم وقال مثلها في اليوم الآخر فسكت
الناس وقام ذلك الرجل فقال : أنا ، فاستخلفه ، قال : فجعل إبليس يقول
للشياطين : عليكم بفلان فأعياهم ذلك فقال : دعوني وإياه ، فأتاه في صورة
شيخ كبير فقير فأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة - وكان لا ينام من الليل
والنهار إلا تلك النومة - فدق الباب فقال : من
هذا قال : شيخ كبير مظلزم ، قال : فقام ففتح الباب فجعل يكثر عليه فقال : إن بيني وبين قومي خصومة وإنهم ظلموني وفعلوا بي وفعلوا ، وجعل يطول عليه حتى حضره وقت الرواح وذهبت القائلة وقال : إذا رحت فائتني آخذ لك بحقك ، فانطلق وراح وكان في مجلسه فجعل ينظر هل يرى الشيخ الكبير المظلوم فلم يره فقام يبغيه فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس فينتظره فلا يراه فلما راح إلى بيته جاء فدق عليه الباب فقال : من هذا قال : الشيخ الكبير المظلوم ففتح له فقال : ألم أقل لك إذا قعدت فائتني قال : إنهم أخبث قوم ، قال : إذا رحت فائتني ففاتته القائلة فراح فجعل ينظر ولا يراه وشق عليه النعاس فلما كان تلك الساعة جاء فقال له الرجل : ما وراءك قال : إني قد أتيته أمس فذكرت له أمري ، فقال : لا والله لقد أمرنا أن لا يدع أحدا يقربه ، فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها فإذا هو في البيت فإذا هو يدق الباب من داخل
فاستيقظ
الرجل فقال : يا فلان ألم آمرك قال : من قبلي والله لم تؤت فانظر من أين
أتيت ، فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا برجل معه في البيت
فعرفه فقال له : عدو الله قال : نعم أعييتني في كل شيء ففعلت ما ترى
لأغضبك ، فسماه الله {وذا الكفل} لأنه تكفل بأمر فوفى به.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان قاض في بني إسرائيل فحضره الموت فقال : من
يقوم مقامي على أن لا يغضب فقال رجل : أنا ، فسمي {وذا الكفل} فكان ليله
جميعا يصلي ثم يصبح صائما فيقضي بين الناس وله ساعة يقيلها فكان بذلك
فأتاه الشيطان عند نومته فقال له أصحابه : ما لك قال : إنسان مسكين له على
رجل حق قد غلبني عليه ، فقالوا : كما أنت حتى يستيقظ.
قال وهو فوق نائم
: فجعل يصيح عمدا حتى يغضبه ، فسمع فقال : ما لك قال : إنسان مسكين لي على
رجل حق ، قال : اذهب فقل له يعطيك ، قال : قد أبى ، قال : اذهب أنت إليه ،
فذهب ثم جاء من الغد فقال : ما لك قال : ذهبت إليه فلم يرفع بكلامك رأسا ،
قال : اذهب أنت إليه ، فذهب ثم جاء من الغد حين قال فقال له أصحابه : اخرج
فعل الله بك تجيء كل يوم حين ينام لا تدعه ينام فجعل يصيح : من أجل أني
إنسان مسكين لو
كنت غنيا ، فسمع أيضا قال : ما لك قال : ذهبت إليه
فضربني ، قال : امش حتى أجيء معك فهو ممسك بيده فلما رآه ذهب معه نثر يده
منه فذهب ففر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغضب ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث قال
: قال نبي من الأنبياء لمن معه : أيكم يكفل لي أن يصوم النهار ويقوم الليل
ولا يغضب ويكون معي في درجتي ويكون بعدي في مقامي قال شاب من القوم : أنا
، ثم أعاد فقال الشاب : أنا ثم أعاد فقال الشاب أنا ثم أعاد فقال الشاب
أنا فلما مات قام بعده في مقامه فأتاه إبليس بعدما قال ليغضبه يستعديه
فقال لرجل : اذهب معه ، فجاء فأخبره أنه لم ير شيئا ثم أتاه فأرسل معه آخر
فجاءه فأخبره أنه لم ير شيئا ثم أتاه فقام معه فأخذ بيده فانفلت منه فسمي
{وذا الكفل} لأنه كفل أن لا يغضب.
وأخرج ابن سعيد النقاش في كتاب
القضاة عن ابن عباس قال : كان نبي جمع أمته فقال : أيكم يتكفل لي بالقضاء
بين أمتي على أن لا يغضب فقام فتى فقال : أنا يا رسول الله ثم عاد فقال
الفتى أنا ثم قال لهم الثالثة أيكم يتكفل لي بالقضاء بين الناس على أن لا
يغضب فقال الفتى
أنا فاستخلفه فأتاه الشيطان بعد حين وكان يقضي حتى
إذا انتصف النهار ثم رجع ثم راح الناس فأتاه الشيطان نصف النهار وهو نائم
فناداه حتى أيقظه فاستعداه فقال : إن كتابك رده ولم يرفع به رأسا ثنتين
وثلاثا فأخذ الرجل بيده ثم مشى معه ساعة فلما رأى الشيطان ذلك نزع يده من
يده ثم فر فسمي {وذا الكفل}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن حجيرة الأكبر
أنه بلغه أنه كان ملك من ملوك بني إسرائيل عتى في ملكه فلما حضرته الوفاة
أتاه رؤوسهم فقالوا : استخلف علينا ملكا نفزع إليه ، فجمع إليه رؤوسهم
فقال : من رجل تكفل لي بثلاث وأوليه
ملكي فلم يتكلم إلا فتى من القوم
قال أنا ، قال : اجلس ، ثم قالها ثانية فلم يتكلم أحد إلا الفتى قال :
تكفل لي بثلاث وأوليك ملكي قال : نعم ، قال : تقوم الليل فلا ترقد وتصوم
النهار فلا تفطر وتحكم فلا تغضب ، قال : نعم ، قال : قد وليتك ملكي فلما
أن كان مكانه قام الليل وصام النهار وحكم فلا يعجل ولا يغضب يغدو فيجلس
لهم فتمثل له الشيطان في صورة رجل فأتاه وقد تحين مقيله فقال : اعدني على
رجل ظلمني ، فأرسل معه رسولا فجعل يطوف به وذو الكفل ينظره حتى فاتته
رقدته ثم انسل
من وسط الناس فأتاه رسول فأخبره فراح للناس فجلس لهم
فقال الشيطان : لعله يرقد الليل ولم يصم النهار فلما أمسى صلى صلاته التي
كان يصلي ثم أتاه الغد وقد تحين مقيله فقال : اعدني على صاحبي ، فأرسل معه
وانتظره وتبطأ حتى فات ذو الكفل رقدته ثم أتاه الرسول فأخبره فراح ولم ينم
فقال الشيطان : الليلة يرقد ، فأمسى يصلي صلاته كما كان يصلي ، ثم أتاه
فقال : قد صنعت به ما صنعت لعله يغضب ، قال : اعدني على صاحبي ، فقال :
ألم أرسل معك رسولا قال : بلى ، ولكن لم أجده ، فقال له ذو الكفل : انطلق
فأنا ذاهب معك ، فانطلق فطاف به ثم قال له : أتدري من أنا قال : لا ، قال
: أنا الشيطان كنت تكفلت لصاحبك بأمر فأردت أن تدع بعضه وإن الله قد عصمك.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ما كان ذو الكفل بنبي ولكن
كان في بني إسرائيل رجل صالح يصلي كل يوم مائة صلاة فتوفي فتكل له ذو
الكفل من بعده ، فكان يصلي كل يوم مائة صلاة فسمي ذا الكفل.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من
طريق
سعيد مولى طلحة عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان ذو
الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين
دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت ،
فقال : ما يبكيك أكرهتك ، قالت : لا ولكنه عمل ما عملته قط وما حملني عليه
إلا الحاجة ، فقال : تفعلين أنت هذا وما فعلته اذهبي فهي لك ، وقال :
والله لا أعصي الله بعدها أبدا ، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه :
إن الله قد غفر لذي الكفل.
وأخرجه ابن مردويه من طريق نافع عن ابن عمرو : قال فيه ذو الكفل.
الآية 87 - 88.
أَخْرَج
ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {وذا النون
إذ ذهب مغاضبا} يقول : غضب على قومه {فظن أن لن نقدر عليه} يقول : أن لن
نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه عليهم وفراره ، قال :
وعقوبته أخذ النون إياه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {وذا النون إذ ذهب
مغاضبا} قال : مغاضبا لقومه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس قال :
كانت تكون أنبياء جميعا يكون عليهم واحد فكان يوحى إلى ذلك النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم : أرسل فلان إلى بني فلان فقال الله : {إذ ذهب مغاضبا} قال
: مغاضبا لذلك النبي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فظن
أن لن نقدر عليه} قال : ظن أن لن يأخذه العذاب الذي أصابه.
وأخرج أحمد
في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله
: {إذ ذهب مغاضبا} قال : انطلق آبقا {فظن أن لن نقدر عليه} فكان له سلف من
عمل صالح فلم يدعه الله فبه أدركه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فظن أن لن نقدر عليه} قال : ظن أن لن
نعاقبه بذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله : {فظن أن لن نقدر عليه} قال : أن لن نقضي عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {فظن أن لن نقدر عليه}
يقول : ظن أن الله لن يقضي عليه عقوبة ولا بلاء في غضبه الذي غضب على قومه فراقه إياهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن الحارث قال : لما التقم الحوت يونس نبذ به
إلى قرار الأرض فسمع تسبيح الأرض فذاك الذي حاجه فناداه.
وأخرج البيهقي
في الأسماء والصفات عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {فظن أن لن نقدر
عليه} قال : ظن أن لن نعاقبه {فنادى في الظلمات} قال : ظلمة الليل وظلمة
البحر وظلمة بطن الحوت {أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}
قال الملائكة : صوت معروف في أرض غريبة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والكلبي {فظن أن لن نقدر عليه} قالا : ظن أن لن نقضي عليه العقوبة.
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما !
{فنادى في الظلمات} قال : ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب وعمرو بن ميمون وقتادة مثله.
وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج
أحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة ، وَابن أبي
حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه {فنادى في الظلمات} قال :
ظلمة الليل وظلمة بطن الحوت وظلمة البحر.
وأخرج ابن جرير عن سالم بن
أبي الجعد قال : أوحى الله تعالى إلى الحوت أن : لا تضر له لحما ولا عظما
ثم ابتلع الحوت حوت آخر قال : {فنادى في الظلمات} قال : ظلمة الحوت ثم حوت
ثم ظلمة البحر.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كل تسبيح في القرآن صلاة إلا قوله : {سبحانك إني كنت من الظالمين}.
وأخرج
الزبير بن بكار في الموفقيات من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي
الله عنهما أن معاوية قال له يوما : إني قد ضربتني أمواج القرآن البارحة
في آيتين لم أعرف تأويلهما ففزعت إليك ، قال : وما هما قال : قول الله :
{وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه} وأنه يفوته إن أراده وقول
الله :
(حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) (يوسف آية 110) كيف
هذا يظنون أنه قد كذبهم ما وعدهم فقال ابن عباس : أما يونس فظن أن لن تبلغ
خطيئته أن يقدر الله عليه فيها العقاب ولم يشك أن الله إن أراده قدر عليه.
وَأَمَّا
الآية الأخرى فإن الرسل استيأسوا من إيمان قومهم وظنوا أن من عصاهم لرضا
في العلانية قد كذبهم في السر وذلك لطول البلاء ولم تستيئس الرسل من نصر
الله ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم ، فقال معاوية : فرجت عني با ابن عباس
فرج الله عنك.
وأخرج ابن أبي حاتم ن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما
دعا يونس قومه أوحى الله إليه أن العذاب يصبحهم فقال لهم فقالوا : ما كذب
يونس وليصبحنا العذاب فتعالوا حتى نخرج سخال كل شيء فنجعلها من أولادنا
لعل الله أن يرحمهم ، فأخرجوا النساء مع الولدان وأخرجوا الإبل مع فصلانها
وأخرجوا البقر مع عجاجيلها وأخرجوا الغنم مع سخالها فجعلوه أمامهم وأقبل
العذاب ، فلما رأوه جأروا إلى الله ودعوا وبكى النساء والولدان ورغت الإبل
وفصلانها
وخارت البقر وعجاجيلها وثغت الغنم وسخالها فرحمهم الله فصرف ذلك العذاب
عنهم وغضب يونس فقال : كذبت فهو قوله : {إذ ذهب مغاضبا} فمضى إلى البحر
وقوم رست سفينتهم فقال : احملوني معكم فحملوه فأخرج الجعل فأبوا أن يقبلوه
منه فقال : إذا أخرج عنكم ، فقبلوه فلما لجت السفينة في البحر أخذهم البحر
والأمواج فقال لهم يونس : اطرحوني تنجوا ، قالوا : بل نمسكك ننجو ، قال :
فساهموني - يعني قارعوني - فساهموه ثلاثا فوقعت عليه القرعة فأوحى إلى
سمكة يقال لها النجم من البحر الأخضر أن شقي البحار حتى تأخذي يونس فليس
يونس لك رزقا ولكن بطنك له سجن فلا تخدشي له جلدا ولا تكسري له عظما فجاءت
حتى استقبلت السفينة فقارعوه الثالثة فوقعت عليه فاقتحم الماء فالتقمته
السمكة فشقت به البحار حتى انتهت به إلى البحر الأخضر.
وأخرج ابن أبي
شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما التقم الحوت
يونس ذهب به حتى أوقفه بالأرض السابعة فسمع تسبيح الأرض
فهيجه على التسبيح فقال : {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} فأخرجته حتى ألقته على الأرض بلا شعر ولا ظفر مثل الصبي
المنفوس
فأنبتت عليه شجرة تظله ويأكل من تحتها من حشرات الأرض فبينا هو نائم تحتها
إذ تساقط ورقها قد يبست ، فشكا ذلك إلى ربه فقال : تحزن على شجرة يبست ولا
تحزن على مائة ألف أو يزيدون يعذبون.
وَأخرَج ابن أبي حاتم ، وَابن أبي
الدنيا في الفرج ، وَابن مردويه عن أنس رفعه : أن يونس حين بدا له أن يدعو
الله بالكلمات حين ناداه في بطن الحوت قال : اللهم {لا إله إلا أنت سبحانك
إني كنت من الظالمين} فأقبلت الدعوة تحف بالعرش فقالت الملائكة : هذا صوت
ضعيف معروف في بلاد غريبة فقال : أما تعرفون ذلك قال : يا رب وما هو قال :
ذاك عبدي يونس ، قالوا : عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة
مجابة قال : نعم ، قالوا : يا رب أفلا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه
من البلاء قال : بلى ، فأمر الحوت فطرحه بالعراء فأنبت الله عليه اليقطينة.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر
عن علي رضي الله عنه مرفوعا : ليس لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى
سبح الله في الظلمات.
وأخرج
أحمد والترمذي والنسائي والحكيم في نوادر الأصول والحاكم وصححه ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سعد بن أبي
وقاص رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : دعوة ذي النون
إذ هو في بطن الحوت {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} لم يدع
بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له.
وأخرج ابن جرير عن سعد رضي الله
عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اسم الله الذي دعي به
أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى ، قلت : يا رسول الله هي ليونس
خاصة أم لجماعة المسلمين قال : هي ليونس خاصة وللمؤمنين إذا دعوا بها ألم
تسمع قول الله : {وكذلك ننجي المؤمنين} فهو شرط من الله لمن دعاه.
وأخرج ابن مردويه والدبلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : هذه الآية مفزع للأنبياء {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} نادى بها يونس في ظلمة بطن الحوت.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : اسم الله الأعظم الذي إذا دعي
به أجاب وإذا سئل به أعطى {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}.
وأخرج
الحاكم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : هل أدلكم على اسم الله الأعظم دعاء يونس {لا إله إلا أنت سبحانك إني
كنت من الظالمين} فأيما مسلم دعا ربه به في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه
ذلك أعطي أجر شهيد ، وإن برأ برأ مغفورا له.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب.
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم مر على ثنية فقال : ما هذه قالوا : ثنية كذا وكذا ، قال : كأني أنظر
إلى يونس على ناقة خطامها ليف وعليه جبة من صوف وهو يقول : لبيك اللهم
لبيك ،.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود
، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : لا ينبغي لأحد أن
يقول أنا خير من يونس بن متى - نسبة إلى أبيه - أصاب ذنبا ثم اجتباه ربه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يقولن أحدكم أنا خير من
يونس بن متى.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لأحد أن يقول
أنا خير من يونس بن متى ، والله أعلم.
الآية 89 – 90
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كان في لسان امرأة زكريا طول فأصلحه الله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخرائطي
في مساوئ الأخلاق ، وَابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح في قوله : {وأصلحنا
له زوجه} قال : كان في خلقها سوء وفي لسانها طول - وهو البذاء - فأصلح
الله ذلك منها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن محمد بن كعب
القرظي في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كان في خلقها شيء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كانت لا تلد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كانت لا تلد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : وهبنا له ولدا منها.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وأصلحنا له
زوجه} قال : كانت عاقرا فجعلها الله ولودا ووهب له منها يحيى ، وفي قوله :
{وكانوا لنا خاشعين} قال : أذلاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : {ويدعوننا رغبا ورهبا} قال : {رغبا}
طمعا وخوفا وليس ينبغي لأحدهما أن
يفارق الآخر.
وأخرج ابن المبارك عن الحسن في قوله : {ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} قال : الخوف الدائم في القلب.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن الحسن في قوله : {ويدعوننا رغبا ورهبا} قال : ما دام
خوفهم ربهم فلم يفارق خوفه قلوبهم إن نزلت بهم رغبة خافوا أن يكون ذلك
استدراجا من الله لهم وإن نزلت بهم رهبة خافوا أن يكون الله عز وجل قد أمر
بأخذهم لبعض ما سلف منهم.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول
الله عز وجل : {ويدعوننا رغبا ورهبا} قال : {ورهبا} هكذا وبسط كفيه.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية
والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن حكيم قال : خطبنا
أبو بكر الصديق رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإني
أوصيكم بتقوى الله وأن تثنوا عليه بما هو له أهل وأن تخلطوا الرغبة
بالرهبة فإن الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال : {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وكانوا لنا خاشعين} قال : متواضعين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك {وكانوا لنا خاشعين} قال : الذلة لله.
الآية 91.
أَخْرَج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كتب قيصر إلى معاوية : سلام عليك أما بعد
، فأنبئني بأكرم عباد الله عليه وأكرم إمائه عليه ، فكتب إليه : أما بعد ،
كتبت إلي تسألني فقلت : أما أكرم عباده عليه فآدم خلقه بيده وعلمه الأسماء
كلها.
وَأَمَّا أكرم إمائه عليه فمريم بنت عمران {التي أحصنت فرجها}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فنفخنا فيها من روحنا} قال : نفخ في جيبها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : نفخ في فرجها.
الآية 92 - 95
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إن هذه أمتكم أمة واحدة} قال : إن هذا دينكم دينا واحدا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {إن هذه أمتكم
أمة واحدة} أي دينكم دين واحد وربكم واحد والشريعة مختلفة.
وأخرج عبد بن حميدعن الكلبي {إن هذه أمتكم أمة واحدة} قال : لسانكم لسان واحد.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {وتقطعوا أمرهم بينهم} قال : {وتقطعوا} اختلفوا في الدين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه قرأ وحرام على قرية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن الزبير قال : إن صبيانا ههنا يقرؤون وحرم على قرية وإنما هي {وحرام على قرية}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن أنه كان يقرأ {وحرام على قرية} بالألف.
وأخرج
الفريابي ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :
{وحرام على قرية أهلكناها} قال : وجب إهلاكها ، قال : دمرناها {أنهم لا
يرجعون} قال : إلى الدنيا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ
وحرم على قرية قال : وجب على قرية {أهلكناها أنهم لا يرجعون} كما قال :
(ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون) (يس آية 31).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وسعيد بن جبير مثله.
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف وحرم على قرية فقيل لسعيد : أي شيء حرم قال : يحرم.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة وحرم قال : وجب {على قرية أهلكناها} قال : كتبنا عليها الهلاك في دينها {أنهم لا يرجعون} عما هم عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة وحرم قال : وجب بالحبشية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وحرام على قرية} أي وجب عليها أنها إذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها.
الآية 96 - 97.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {حتى إذا فتحت} خفيفة {يأجوج ومأجوج} مهموزة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله : {وهم من كل حدب ينسلون}
قال : جميع الناس من كان مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {من كل حدب ينسلون} قال : من كل أكمة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {من كل حدب} قال : شرف {ينسلون} قال : يقبلون.
وأخرج
الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله قال له : أخبرني عن قوله : {من
كل حدب ينسلون} قال : ينشرون من جوف الأرض من كل ناحية ، قال : وهل تعرف
العرب ذلك قال : نعم أما سمعت طرفة وهو يقول : فأما يومهم فيوم سوء *
تخطفهن بالحدب الصقور.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج} قال : هذا مبتدأ يوم القيامة.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أنه قرأ من كل جدث بالجيم
والثاء مثل قوله : {فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} (يس آية 51) وهي القبور.
وأخرج
أحمد وأبو يعلى ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى
عليه وسلم يقول :
يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال الله :
{من كل حدب ينسلون} فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم
وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ويشربون مياه الأرض حتى يتركوه يبسا حتى أن
بعضهم ليمر بذلك النهر فيقول : قد كان ههنا مرة ماء ، حتى إذا لم يبق من
الناس أحد إلا أخذ في حصن أو مدينة قال قائلهم : هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا
منهم وبقي أهل السماء ، قال : يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء
فترجع إليه مخضبة دما للبلاء والفتنة فبينما هم على ذلك إذ بعث الله دودا
في أعناقهم كنغف الجراد يخرج في أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس فيقول
المسلمون : ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما
فعل هذا العدو فيتجرد
رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم
على بعض فينادي معشر المسلمين أبشروا إن الله قد كفاكم عدوكم ، فيخرجون من
مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فما يكون لها مرعى إلا لحومهم فتشكر عنه
أحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ،
وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه
والبيهقي في البعث عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال :
لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم
إلى إبراهيم فقال : لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى موسى فقال : لا علم لي
بها فردوا أمرهم إلى عيسى فقال : أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله
وفيما عهد إلي ربي أن الدجال خارج ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب
الرصاص فيهلكه الله إذا رآني حتى أن الحجر والشجر يقول : يا مسلم إن تحتي
كافرا فتعال فاقتله ، فيهلكهم الله ثم يرجع الناس إلى
بلادهم لا
يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ثم يرجع الناس
يشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم ويميتهم حتى تجري الأرض من نتن ريحهم
وينزل الله المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر ، وفيما عهد إلي ربي
إذا كان ذلك أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم بولادتها
ليلا أو نهارا ، قال ابن مسعود : فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله : {حتى إذا
فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق} الآية ، قال :
جميع الناس من مكان كانوا جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب.
وأخرج
أحمد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق خالد بن عبد الله بن حرملة
عن حذيفة قال : خطب رسول الله صلى عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب
فقال : إنكم تقولون لا عدو لكم وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي
يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون صهب الشفار من
كل حدب ينسلون ، كأن وجوههم المجان المطرقة.
وأخرج
ابن جرير عن عبد الله بن أبي يزيد قال : رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم
على بعض يلعبون فقال ابن عباس : هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
وأخرج أحمد
ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر والبيهقي في البعث عن النواس بن سمعان قال : ذكر رسول الله صلى
عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه رفع حتى ظننا أنه في ناحية النخل فقال
: غير الدجال أخوفني عليكم فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج
ولست فيكم فكل إمرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم ، إنه شاب جعد قطط
عينه
طافئة وإنه تخرج خيله بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا يا عباد الله اثبتوا : قلنا : يا رسول الله ما لبثه في الأرض قال : أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر الأيام كأيامكم ، قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة قال : لا ، أقدروا له قدره ، قلنا : يا رسول الله ما أسرعه في الأرض قال : كالغيث يشتد به الريح فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كان درا وأمده خواصر وأشبعه ضروعا ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله فتتبعه
أموالهم فيصبحون ممحلين
ليس لهم من أموالهم شيء ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه
كنوزها كيعاسيب النحل ويأمر برجل فيقتل فيضربه ضربة بالسيف فيقطعه جزلتين
رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل إليه ، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح
ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا يده على
أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لد الشرقي فبينما هم كذلك أوحى
الله إلى عيسى ابن مريم : أني قد أخرجت عبادا
من عبادي لا يدان لك
بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ، فيبعث الله يأجوج ومأجوج كما قال الله :
{وهم من كل حدب ينسلون} فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل عليهم نغفا في
رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة فيهبط عيسى وأصحابه إلى الأرض فيجدون
نتن ريحهم فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق
البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ويرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر
ولا بر أربعين يوما فتغسل الأرض
حتى تتركها زلفة ويقال للأرض :
أنبتي ثمرتك فيومئذ يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في
الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر
تكفي الفخذ والشاة من الغنم تكفي البيت فبينما هم على ذلك إذ بعث الله
ريحا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج
الحمر وعليهم تقوم الساعة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : ذكر لنا
أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو نتجت فرس عند خروجهم ما ركب
فلوها حتى تقوم الساعة.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول
الآيات
: الدجال ونزول عيسى ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تقيل
معهم إذا قالوا وتبيت معهم إذا باتوا والدخان والدابة ويأجوج ومأجوج ، قال
حذيفة : قلت : يا رسول الله ما يأجوج ومأجوج قال : يأجوج ومأجوج أمم كل
أمة أربعمائة ألف أمة ، لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطوف بين يديه
من صلبه وهم ولد آدم فيسيرون إلى خراب الدنيا ويكون مقدمتهم بالشام
وساقتهم بالعراق فيمرون بأنهار الدنيا فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية
حتى يأتون بيت المقدس فيقولون : قد قتلنا أهل الدنيا فقاتلوا من في السماء
فيرمون بالنشاب إلى السماء فترجع نشابتهم مخضبة بالدم فيقولون : قد قتلنا
من في السماء ، وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين فيوحي الله إلى عيسى : أن
أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة ثم إن عيسى يرفع يديه إلى السماء ويؤمن
المسلمون فيبعث الله عليهم دابة يقال لها النغف ، تدخل في مناخرهم فيصبحون
موتى من حاق الشام إلى حاق المشرق حتى تنتن الأرض من جيفهم ويأمر الله
السماء فتمطر كأفواه القرب فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم فعند ذلك طلوع
الشمس من مغربها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : يخرج يأجوج ومأجوج فيموجون
في
الأرض فيفسدون فيها ، ثم قرأ ابن مسعود {وهم من كل حدب ينسلون} قال : ثم
يبعث الله عليهم دابة مثل النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها
فتنتن الأرض منهم فيرسل الله ماء فيطهر الأرض منهم.
وأخرج ابن جرير من
طريق عطية قال : قال أبو سعيد : يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا
قتلوه إلا أهل الحصون فيمرون على البحيرة فيشربونها فيمر المار فيقول :
كأنه كان ههنا ماء فيبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا
فيقول أهل الحصون : لقد هلك أعداء الله ، فيرسلون رجلا لينظر ويشرط عليهم
إن وجدهم أحياء أن يرفعوه فيجدهم قد هلكوا ، فينزل الله ماء من السماء
فيقذف بهم في البحر فتطهر الأرض منهم ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل
وتخرج الأرض ثمرها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج.
وأخرج ابن جرير
عن كعب قال : إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذي يلونهم
قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا : نجي غدا نخرج ، فيعيده الله كما كان
فيجيئون غدا فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل
قالوا : نجي فنخرج فيجيئون من الغد
فيجدونه قد أعاده الله تعالى كما
كان فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل ألقى الله
على لسان رجل منهم يقول : نجيء غدا فنخرج إن شاء الله ، فيجيئون من الغد
فيجدونه كما تركوه فيخرقون ثم يخرجون فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون
ماءها ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون
: كان ههنا مرة ماء ، ويفر الناس منهم ولا يقوم لهم شيء ويرمون بسهامهم
إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : غلبنا أهل الأرض وأهل السماء
فيدعو عليهم عيسى عليه السلام فيقول : اللهم لا طاقة ولا يد لنا بهم
فاكفناهم بما شئت ، فيرسل الله عليهم دودا يقال له : النغف فتقرس رقابهم
ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر ويبعث الله
تعالى عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم وينبتها حتى أن الرمانة ليشبع
منها السكن قيل : وما السكن يا كعب قال : أهل البيت ، قال : فبينا الناس
كذلك إذ أتاهم الصراخ أن ذا السويقتين أتى البيت يريده ، فيبعث عيسى طليعة
سبعمائة أو بين السبعمائة والثمانمائة حتى إذا كانوا ببعض الطريق
يبعث الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن ثم يبقى محاح من الناس فيتسافدون كما
تتسافد البهائم فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينظرها متى تضع.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ما كان منذ كانت الدنيا
رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة أمر ، قال : فتحت يأجوج ومأجوج ، وهم
كما قال الله : {من كل حدب ينسلون} فيأتي أولهم على نهر عجاج فيشربونه كله
حتى ما يبقى منه قطرة ويأتي آخرهم فيمر فيقول : قد كان ههنا مرة ماء
فيفسدون في الأرض ويحاصرون المؤمنين في مدينة إليا فيقولن : لم يبق في
الأرض أحد إلا قد ذبحناه ، هلموا نرمي من في السماء ، فيرمون في السماء
فترجع إليهم سهامهم في نصلها الدم فيقولون : ما بقي في الأرض ولا في
السماء أحد إلا وقد قتلناه ، فيقول المؤمنون : يا روح الله ادع الله عليهم
، فيدعو عليهم فيبعث الله في آذانهم النغف فيقتلهم جميعا في ليلة واحدة
حتى تنتن الأرض من جيقهم فيقول المؤمنون : يا روح الله ادع الله فإنا نخشى
أن نموت من نتن جيفهم ، فيدعو الله فيرسل عليهم وابلا من السماء فيجعلهم
سيلا فيقذفهم في البحر.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة رضي الله عنه قال : لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو يعلى ، وَابن المنذر عن أبي سعيد رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليحجن هذا البيت
وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {واقترب الوعد الحق} قال : اقترب يوم القيامة.
وأخرج عن الربيع {واقترب الوعد الحق} قال : قامت عليهم الساعة.
الآية 98 - 104
أخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ،
وَابن مردويه وأبو داود في ناسخه والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : لما نزلت {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم
لها واردون} قال المشركون : فالملائكة وعيسى وعزير يعبدون من دون الله ،
فنزلت {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} عيسى وعزير
والملائكة.
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فقال : تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية {إنكم وما تعبدون من
دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} قال ابن الزبعرى : قد عبدت الشمس
والقمر والملائكة وعزير وعيسى ابن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا فنزلت
(ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) وقالوا أالهتنا خير أم هو ما
ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) (الزخرف آية 57) ثم نزلت {إن الذين
سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.
وأخرج أبو داود في ناسخه ،
وَابن المنذر ، وَابن مردويه والطبراني من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : لما نزلت {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها
واردون} شق ذلك على أهل مكة ، وقالوا : شتم الآلهة ، فقال ابن الزبعرى :
أنا أخصم لكم محمدا ادعوه لي فدعي ، فقال : يا محمد هذا شيء لآلهتنا خاصة
أم لكل عبد من دون الله قال : بل لكل من عبد من دون الله ، فقال ابن
الزبعرى : خصمت ، ورب هذه البنية يعني الكعبة ألست تزعم يا محمد أن عيسى
عبد صالح وأن عزيرا عبد صالح وأن الملائكة صالحون
قال : بلى ، قال : فهذه النصارى تعبد عيسى ، وهذه اليهود ، تعبد عزيرا وهذه بنو مليح تعبد الملائكة فضج
أهل
مكة وفرحوا فنزلت {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} عزير وعيسى والملائكة
{أولئك عنها مبعدون} ونزلت (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون)
(الزخرف آية 57) قال : هو الصحيح.
وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت هذه الآية {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم
لها واردون} ثم نسختها {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}
يعني عيسى ومن كان معه.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {إنكم وما تعبدون من دون الله} يعني الآلهة ومن يعبدها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {حصب جهنم} قال : وقودها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {حصب جهنم} قال : شجر جهنم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {حصب
جهنم} قال : حطب جهنم بالزنجية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {حصب جهنم} قال : حطب جهنم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {حصب جهنم} قال : يقذفون فيها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {حصب جهنم} قال : حطبها ، قال بعض القراء حطب جهنم من قراءة عائشة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {حصب جهنم} يقول : إن جهنم تحصب بهم وهو الرمي : يقول : يرمي بهم فيها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : حضب جهنم بالضاد.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدنيا في
صفة النار والطبراني البيهقي في البعث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
إذا بقي في النار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من حديد النار فيها مسامير
من حديد نار ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت من حديد ثم قذفوا في أسف
الجحيم فما يرى أحدهم أنه يعذب في النار غيره ، ثم قرأ ابن مسعود رضي الله
عنه {لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {إن الذين
سبقت لهم منا الحسنى} قال : عيسى والملائكة وعزير.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أولئك عنها مبعدون} قال : عيسى وعزير والملائكة.
وأخرج
ابن أبي حاتم من طريق أصبغ عن علي في قوله : {إن الذين سبقت لهم منا
الحسنى} الآية ، قال : كل شيء يعبد من دون الله في النار إلا الشمس والقمر
وعيسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن الذين سبقت
لهم منا الحسنى} قال : أولئك أولياء الله يمرون على الصراط مرا هو أسرع من
البرق فلا تصيبهم و{يسمعون حسيسها} ويبقى الكفار فيها حبيسا.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عدي ، وَابن مردويه عن النعمان بن بشير : أن عليا قرأ {إن الذين سبقت لهم منا
الحسنى أولئك عنها مبعدون} فقال : أنا منهم وعمر منهم وعثمان منهم والزبير منهم وطلحة منهم وسعد وعبد الرحمن منهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي عثمان النهدي في
قوله : {لا يسمعون حسيسها} قال : حيات على الصراط تلسعهم فإذا لسعتهم
قالوا : حس ، حس.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {لا يسمعون حسيسها} قال : حيات على الصراط تقول : حس حس.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} قال : السعادة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن محمد بن حاطب قال :
سئل علي عن هذه الآية {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى}
قال : هو عثمان وأصحابه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا يسمعون حسيسها} يقول
: لا يسمع أهل الجنة حسيس أهل النار إذا نزلوا منازلهم من الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان {لا يسمعون حسيسها} قال : صوتها.
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا : قال في سورة الأنبياء {إنكم وما
تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} إلى قوله : {وهم فيها لا
يسمعون} ثم استثنى فقال : {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها
مبعدون} فقد عبدت الملائكة من دون الله وعزير وعيسى.
وأخرج ابن جرير عن
الضحاك قال : يقول ناس من الناس : إن الله قال : {إن الذين سبقت لهم منا
الحسنى أولئك عنها مبعدون} يعني من الناس أجمعين وليس كذلك إنما يعني من
يعبد الله تعالى وهو لله مطيع مثل عيسى وأمه
وعزير والملائكة ، واستثنى الله تعالى هؤلاء من الآلهة المعبودة التي هي مع من يعبدها في النار.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن ابن عباس في قوله : {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : أذا أطبقت جهنم على أهلها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا يحزنهم الفزع الأكبر} يعني النفخة الآخرة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد
بن جبير في قوله : {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : النار إذا أطبقت على
أهلها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الحسن {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : إذا أطبقت النار عليهم يعني على الكفار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : إنصراف العبد حين يؤمر به إلى النار.
وأخرج ابن جرير في قوله : {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : حين تطبق جهنم ، وقال : حين ذبح الموت.
وأخرج
البزار ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إن للمهاجرين منابر من ذهب يجلسون عليها يوم القيامة قد أمنوا
من الفزع.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال
: بشر المدلجين في الظلم بمنابر من نور يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزعون.
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى عليه وسلم
يقول : المتحابون في الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله على منابر من نور
يفزع الناس ولا يفزعون.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عمر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة على كثبان المسك لا
يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة : رجل أم قوما وهم به راضون ورجل كان
يؤذن في كل يوم وليلة وعبد أدى حق الله وحق مواليه.
وأخرج ابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله : {وتتلقاهم الملائكة} قال : تتلقاهم الملائكة الذين
كانوا قرناءهم في الدنيا يوم القيامة فيقولون : نحن أولياؤكم في الحياة
الدنيا وفي الآخرة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {هذا يومكم الذي كنتم توعدون} قال : هذا قبل أن يدخلوا الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن علي في قوله : {كطي السجل} قال : ملك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطية قال : السجل اسم ملك.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله : {يوم نطوي السماء كطي
السجل} قال : السجل ملك فإذا صد بالاستغفار قال : اكتبوها نورا.
وأخرج
ابن ابي حاتم ، وَابن عساكر عن أبي جعفر الباقر قال : السجل ملك وكان
هاروت وماروت من أعوانه وكان له كل يوم ثلاث لمحات ينظرهن في أم الكتاب
فنظر نظرة لم تكن له فأبصر فيها خلق آدم وما فيه من الأمور فأسر ذلك إلى
هاروت وماروت فلما قال تعالى : (إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها
من يفسد فيها) (البقرة آية 30) قال : ذلك استطالة على الملائكة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : السجل ملك موكل بالصحف فإذا مات دفع كتابه إلى السجل فطواه ورفعه إلى يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : السجل الصحيفة.
وأخرج
أبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والطبراني ، وَابن منده في المعرفة ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه"
وصححه عن ابن عباس قال : السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن عدي ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : كان لرسول الله
صلى عليه وسلم كاتب يسمى السجل وهو قوله : {يوم نطوي السماء كطي السجل
للكتب}.
وأخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : السجل هو الرجل زاد ابن مردويه
بلغة الحبشة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {كطي السجل للكتب} قال : كطي الصحيفة على الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {كما بدأنا أول خلق نعيده} يقول : نهلك كل شيء كما كان أول مرة.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله : {كما بدأنا أول خلق نعيده} قال : عراة حفاة غرلا.
وأخرج
ابن جرير عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى عليه وسلم وعندي عجوز من
بني عامر فقال : من هذه العجوز يا عائشة فقلت : إحدى خالاتي ، فقالت : ادع
الله أن يدخلني الجنة ، فقال : إن الجنة لا يدخلها العجوز ، فأخذ العجوز
ما أخذها فقال : إن الله تعالى ينشهنه خلقا غير خلقهن ثم قال : تحشرون
حفاة عراة غلفا ، فقالت : حاشا لله من ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : بلى ، إن الله تعالى قال : {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا
إنا كنا فاعلين} فأول من يكسى إبراهيم خليل الرحمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : يبعثهم الله يوم القيامة على قامة آدم وجسمه ولسانه السريانية عراة حفاة غرلا كما ولدوا.
الآية 105 - 108
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} القرآن {إن الأرض} قال : أرض الجنة.
وأخرج
ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر}
قال : يعني بالذكر كتبنا في القرآن من بعد التوراة و{الأرض} أرض الجنة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} يعني بالذكر التوراة ويعني بالزبور الكتب من بعد التوراة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ولقد كتبنا في الزبور} قال : الكتب ، {من بعد الذكر} قال : التوراة.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : الزبور التوراة
والإنجيل والقرآن والذكر الأصل الذي نسخت منه هذه الكتب الذي في السماء
والأرض أرض الجنة.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جريرعن سعيد
بن جبير في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور} قال : الزبور التوراة والإنجيل
والقرآن {من بعد الذكر} قال : الذكر الذي في السماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : الزبور الكتب والذكر أم الكتاب عند الله والأرض الجنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : الزبور الكتب التي أنزلت على الأنبياء والذكر أم الكتاب الذي يكتب فيه الأشياء قبل ذلك.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال : أرض الجنة.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولقد
كتبنا في الزبور} الآية ، قال : أخبر الله سبحانه في التوراة والزبور
وسابق علمه قبل أن تكون السموات والأرض أن يورث أمة محمد الأرض ويدخلهم
الجنة وهم {الصالحون} وفي قوله : {لبلاغا لقوم عابدين} قال : عالمين.
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من
بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال : أرض الجنة يرثها الذين
يصلون الصلوات الخمس في الجماعات.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم
والحاكم عن الشعبي في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} قال :
في زبور داود {من بعد} ذكر موسى التوراة {أن الأرض يرثها} قال : الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : كتب الله في زبور داود بعد التوراة.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله : {أن الأرض يرثها} قال : الجنة.
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال :
الجنة وقرأ (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من
الجنة حيث نشاء) (الزمر آية 74) قال : فالجنة مبتدؤها في الأرض ثم تذهب
درجا علوا ، والنار مبتدؤها في الأرض وبينهما حجاب سور ما يدري أحد ما ذاك
السور ، وقرأ (باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) (الحديد آية
13) قال : ودرجها تذهب سفالا في الأرض ودرج الجنة تذهب علوا في السماء.
وأخرج ابن جرير عن صفوان قال : سألت عامر بن عبد الله أبا اليمان هل
لأنفس
المؤمنين مجتمع فقال : يقول الله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن
الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال : هي الأرض التي تجمع إليها أرواح
المؤمنين حتى يكون البعث.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن أبي حاتم عن
أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى :
{أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} فنحن الصالحون.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {إن في هذا لبلاغا} قال : كل ذلك يقال
: إن في هذه السورة وفي هذا القرآن لبلاغا.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} قال : إن في هذا لمنفعة وعلما {لقوم عابدين} ذلك البلاغ.
وأخرج ابن جرير عن كعب الأحبار {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} قال : لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن كعب في قوله : {إن في هذا لبلاغا لقوم
عابدين} قال : صوم شهر رمضان والصلوات الخمس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن أبي هريرة {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} قال : في الصلوات الخمس شغلا للعبادة.
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية
{لبلاغا لقوم عابدين} قال : هي الصلوات الخمس في المسجد الحرام جماعة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن محمد بن كعب {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} قال : الصلوات الخمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه {لقوم عابدين} قال : الذين يحافظون على الصلوات الخمس في الجماعة.
وأخرج عن قتادة رضي الله عنه {لقوم عابدين} قال : عاملين.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
قال : من آمن تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يؤمن عوفي مما كان
يصيب الأمم في عاجل الدنيا من العذاب من المسخ والخسف والقذف.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ادع على المشركين ، قال : إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة.
وأخرج
أبو نعيم في الدلائل عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين.
وأخرج
أحمد وأبو داود والطبراني عن سلمان : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أيما رجل من أمتي سببته سبة في غضبي أو لعنته لعنة فإنما أنا رجل من ولد
آدم أغضب كما تغضبون وإنما بعثني رحمة للعالمين وأجعلها عليه صلاة
يوم القيامة.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما أنا رحمة مهداة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ألا تلعن
قريشا بما أتوا إليك فقال : لم أبعث لعانا إنما بعثت رحمة يقول الله :
{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
الآية 109 - 110.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {على سواء} قال : على مهل.
الآية 111 - 112.
أَخْرَج
ابن أبي شيبة ، وَابن عساكر عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : لما أسري
بالنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى
حين} يقول : هذا الملك.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة
والبيهقي في الدلائل عن الشعبي قال : لما سلم الحسن بن علي - رضي الله عنه
- الأمر إلى معاوية قال له معاوية : قم فتكلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
: إن هذا الأمر تركته لمعاوية ، إرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم {وإن
أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} ثم استغفر ونزل.
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : خطب الحسن رضي الله عنه فقال : أما بعد :
أيها
الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا وإن لهذا الأمر مدة
والدنيا دول وإن الله تعالى قال لنبيه : {وإن أدري أقريب أم بعيد ما
توعدون} إلى قوله : {ومتاع إلى حين} الدهر كله ، وقوله : (هل أتى على
الإنسان حين من الدهر) (الإنسان آية 1) الدهر : الدهر كله ، وقوله : (تؤتي
أكلها كل حين بإذن ربها) (إبراهيم آية 25) قال : هي النخلة من حين تثمر
إلى أن تصرم ، وقوله : (ليسجننه حتى حين) (يوسف آية 35).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وإن أدري لعله فتنة لكم} يقول : ما أخبركم به من العذاب والساعة أن يؤخر عنكم لمدتكم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {قال رب احكم بالحق} قال :
لا يحكم الله إلا بالحق ولكن إنما يستعجل بذلك في الدنيا يسأل ربه على
قومه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر عن قتادة : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا شهد قتالا
قال : {رب احكم بالحق}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت
الأنبياء تقول : (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين)
(الأعراف آية 89) فأمر الله نبيه أن يقول : {رب احكم بالحق} أي اقض بالحق
، وكان رسول الله - صلى عليه وسلم - يعلم أنه على الحق وأن عدوه على
الباطل وكان إذا لقي العدو قال : {رب احكم بالحق} والله أعلم ، | 6
*
بسم الله الرحمن الرحيم * (22)- سورة الحج.
مدينة وآياتها ثمان وسبعون.
مقدمة سورة الحج.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نزلت سورة الحج بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة الحج.
وأخرج
ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة من القرآن الحج غير أربع آيات
مكيات {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} الحج من الآية 52 - 55 إلى
{عذاب يوم عقيم} الحج من الآية 52 - 55.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي
والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قلت
يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين قال : نعم ، فمن لم
يسجدهما فلا يقرأهما.
وأخرج أبو داود في المراسيل والبيهقي عن خالد بن
معدان : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (فضلت سورة الحج على
القرآن بسجدتين).
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والإسماعيلي ، وَابن مردوية والبيهقي عن عمر أنه : كان يسجد سجدتين في الحج ، قال : أن هذه
السورة فضلت على سائر السور بسجدتين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي وأبي الدرداء : انهما سجدا في الحج سجدتين.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال : في سورة الحج سجدتان.
وأخرج ابن شيبة من طريق أبي العريان المجاشعي عن ابن عباس قال : في الحج سجدة واحدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : ليس في الحج إلا سجدة واحدة وهي الأولى والله أعلم.
-
ياأيها الناس إتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل
مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى
ولكن عذاب الله شديد.
أخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن
حُمَيد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه من طرق عن الحسن وغيره عن عمران بن
حصين قال : لما نزلت {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم}
إلى قوله : {ولكن عذاب الله شديد} أنزلت عليه هذه وهو في سفر فقال :
أتدرون أي يوم ذلك قالوا الله ورسوله أعلم قال : ذلك يوم يقول الله لآدم :
ابعث بعث النار ، قال : يا رب وما بعث النار قال : من كل ألف تسعمائة
وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة) فانشأ المسلمون يبكون ، فقال
رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - قاربوا وسددوا فإنها لم تكن نبوة قط
إلا كان بين يديها جاهلية فتؤخذ العدة من الجاهلية فان تمت والا أكملت من
المنافقين وما مثلكم : إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة أو كالشامة في جنب
البعير ثم قال : اني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا ثم قال : اني
لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا ثم قال : اني لأرجوا أن تكونوا نصف
أهل الجنة فكبروا قال : فلا أدري قال الثلثين أم لا.
وأخرج
الترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عمران بن حصين قال : كنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فتفاوت بين اصحابه في السير فرفع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته بهاتين الآيتين {يا أيها الناس
اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم}
إلى قوله {ولكن عذاب الله شديد}
فلما سمع ذلك اصحابه حثوا المطي وعرفوا أنه عند قول يقوله فقال : هل تدرون
أي يوم ذلك قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذلك يوم ينادي الله تعالى
فيه آدم عليه السلام فيقول : يا آدم ابعث بعث النار فيقول أي رب وما بعث
النار فيقول من كل ألف تسعمائه وتسعة وتسعون إلى النار وواحد في الجنة
فتعبس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- الذي بأصحابه قال : اعملوا وابشروا فو الذي نفس محمد بيده أنكم لمع
خليقتين ما كانتا مع شيء إلا أكثرتاه يأجوج ومأجوج ومن مات من بني آدم ومن
بني إبليس فسري عن القوم بعض الذي يجدون قال اعملوا وابشروا فوالذي نفس
محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو
كالرقمة في ذراع الدابة.
وأخرج
ابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل
عن غزوة العسرة ومعه أصحابه بعد ما شارف المدينة قرأ {يا أيها الناس اتقوا
ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} فذكر نحوه إلا أنه زاد فيه : لم يكن
رسولان إلا أن كان بينهما فترة من الجاهلية فهم أهل النار وإنكم بين
ظهراني خليقتين لا يعادهما أحد من أهل الأرض إلا كثرتاه وهم يأجوج ومأجوج
وهم أهل النار وتكمل العدة من المنافقين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد
الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أنس قال : نزلت {يا أيها الناس اتقوا
ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} إلى قوله (ولكن عذاب الله شديد) على
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو في مسير له فرفع بها صوته حتى ثاب إليه
أصحابه فقال : أتدرون أي يوم هذا هذا يوم يقول الله لآدم : يا آدم قم
فابعث بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فكبر ذلك على المسلمين
فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربوا وابشروا فوالذي نفس محمد
بيده ما أنتم في النار إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في
ذراع الدابة وإن معكم لخليقتين ما كانتا في شيء قط إلا أكثرتاه : يأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الإنس والجن.
وأخرج
البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه
الآية – وأصحابه
عنده - {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء
عظيم} فقال : هل تدرون أي يوم ذاك قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذاك
يوم يقول الله يا آدم قم فابعث بعث النار ، فيقول : يارب من كم فيقول : من
كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة ، فشق ذلك على
القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل
الجنة ثم قال : اعملوا وأبشروا فإنكم بين خليقتين لم تكونا مع أحد إلا
أكثرتاه : يأجوج ومأجوج وانما أنتم في الأمم كالشامة في جنب البعير أو
كالرقمة في ذراع الدابة وإنما أمتي جزء من ألف جزء.
وأخرج ابن مردويه
من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : بينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم في مسيرة في غزوة بني المصطلق إذ أنزل الله {يا أيها الناس
اتقوا
ربكم} إلى قوله {ولكن عذاب الله شديد} فلما أنزلت عليه وقف على ناقته ثم
رفع بها صوته فتلاها على أصحابه ثم قال لهم : أتدرون أي يوم ذاك قالوا :
الله ورسوله أعلم ، قال : ذاك يوم يقول الله لآدم : يا آدم ابعث بعث النار
من ولدك ، فيقول : يارب من كل كم فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين
إلى النار وواحدا إلى الجنة ، فبكى المسلمون بكاء شديدا ودخل عليهم أمر
شديد ، فقال : والذي نفس محمد بيده ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة البيضاء
في الشاة السوداء واني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة بل أرجو أن تكونوا
ثلثي أهل الجنة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي موسى قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له ، فذكر نحوه.
وأخرج
أحمد والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد الخدري قال : قال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يقول الله يوم القيامة : يا آدم ابعث بعث النار ، فيقول :
يا رب وما بعث النار فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون
فعند
ذلك يشيب الوليد {وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى
ولكن عذاب الله شديد} قال : فشق ذلك على الناس فقالوا : يا رسول الله من
كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ويبقى الواحد فأينا ذلك الواحد فقال : من
يأجوج ومأجوج ألف ومنكم
واحد ، وهل أنتم في الأمم كالشعرة السوداء في الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن علقمة في قوله {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} قال : الزلزلة قبل
الساعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي أنه قرأ {يا أيها
الناس اتقوا ربكم} إلى قوله {ولكن عذاب الله شديد} قال : هذا في الدنيا من
آيات الساعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عبيد بن عمير في الآية ، قال : هذه الأشياء تكون في الدنيا قبل يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : زلزلتها شرطها.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {إن زلزلة الساعة شيء
عظيم} قال : هذا بدء يوم القيامة ، وفي قوله {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت} قال : تترك ولدها للكرب الذي نزل بها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {يوم ترونها تذهل} قال : تغفل.
وأخرج
ابن جرير عن الحسن في قوله {تذهل كل مرضعة عما أرضعت} قال : ذهلت عن
أولادها لغير فطام {وتضع كل ذات حمل حملها} قال : ألقت الحوامل ما في
بطونها لغير تمام {وترى الناس سكارى} قال : من الخوف {وما هم بسكارى} قال
: من الشراب.
وأخرج الطبراني والحاكم ، وَابن مردويه وأبو الحسن أحمد
بن يزيد الحلواني في كتاب الحروب عن عمران بن حصين أنه سمع النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يقرأ {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى}.
وأخرج ابن مردويه وأبو الحسن الحلواني والحافظ
عبد
الغني بن سعيد في إيضاح الاشكال عن أبي سعيد قال : قرأ رسول الله صلى الله
عليه وسلم {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى} قال الاعمش : وهي قراءتنا.
وأخرج سعيد بن منصور عن حذيفة أنه كان يقرأ {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى}.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه كان يقرأ كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ {وترى الناس} يعني تحسب الناس ، قال : لو كانت منصوبة كانوا سكارى ولكنها {ترى} تحسب.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الربيع {وترى الناس
سكارى} قال : ذلك عند الساعة يسكر الكبير ويشيب الصغير وتضع الحوامل ما في
بطونها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {وما هم بسكارى} قال : من الشراب ، والله أعلم بالصواب.
- قوله تعالى : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد * كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {ومن الناس من يجادل في الله
بغير علم} قال : نزلت في النضر بن الحارث.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جرير مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ويتبع كل شيطان مريد} قال : تمرد على معاصي الله.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة في قوله {كتب عليه} قال : كتب على الشيطان.
وأخرج ابن
أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله {كتب عليه} قال : على الشيطان {أنه من تولاه} قال :
اتبعه.
- قوله تعالى : ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا
خلقناكم من تراب ثم من نطفه ثم من علقه ثم من مضغه مخلقة وغير مخلقة لنبين
لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا
ثم لتبلغوا
أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم
شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل
زوج بهيج.
أَخْرَج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ،
وَابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن
عبد الله بن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق
المصدوق : ان أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة
مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل اليه الملك فينفح فينفح الروح ويؤمر
بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ، فوالذي لا إله إلا
غيره
إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق
عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار
حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة
فيدخلها.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان النطفة تكون في الرحم أربعين يوم على حالها لا
تتغير فإذا مضت الأربعون صارت علقة ثم مضغة كذلك ثم عظاما كذلك فإذا أراد
أن يسوي خلقه بعث إليه ملكا فيقول : يا رب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد
أقصير أم طويل أناقص أم زائد قوته أجله أصحيح أم سقيم فيكتب ذلك كله.
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الاصول ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال :
النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك من الأرحام بكفه فقال : يا رب مخلقة
أم غير مخلقة فان قيل غير مخلقة لم تكن نسمة وقذفتها الرحم دما وإن قيل
مخلقة قال : يارب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد ما الأجل وما الأثر وما الرزق
وبأي أرض تموت فيقال
للنطفة : من ربك فتقول : الله ، فيقال : من
رازقك فتقول : الله ، فيقال له : اذهب إلى أم الكتاب فإنك ستجد فيه قصة
هذه النطفة ، قال : فتخلق فتعيش في أجلها وتأكل في رزقها وتطأ في أثرها
حتى إذا جاء أجلها ماتت فدفنت في ذلك المكان.
وأخرج ابن جرير عن ابن
مسعود قال : إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال : يا رب مخلقة
أو غير مخلقه فان قال غير مخلقة مجها الرحم دما وإن قال مخلقة قال : يا رب
فما صفة هذه النطفة ، أذكر أم أنثى وما رزقها وما أجلها أشقي أم سعيد
فيقال له : انطلق إلى أم الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة ، فينطلق
فينسخها فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفتها.
وأخرج أحمد والبخاري
ومسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : ان الله تبارك وتعالى وكل بالرحم ملكا قال : أي رب نطفة أي رب
علقة أي رب مضغة فإذا قضى الله تعالى خلقها قال : أي رب شقى أو سعيد ذكر
أو أنثى فما الرزق فما الاجل فيكتب كذلك في بطن أمه.
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن حذيفة
بن
أسيد الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول :
ان النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة وفي لفظ : إذا مر بالنطفة إثنتان
وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها
وعظمها ثم قال : يا رب أذكر أم أنثى فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم
يقول : يا رب أجله فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول : يا رب رزقه
ويقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد
على أمره ولا ينقص ، وفي لفظ : يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في
الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة فيقول : يا رب أشقي أو سعيد فيكتبان
فيقول : أي رب أذكر أو أنثى فيكتبان ، فيكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم
تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص.
وأخرج ابن أبي حاتم وصححه عن ابن عباس في قوله {مخلقة وغير مخلقة} قال : المخلقة ما كان حيا {وغير مخلقة} ما كان من سقط.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : العلقة
الدم والمضغة اللحم والمخلقة التي تم خلقها {وغير مخلقة}
السقط.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {مخلقة وغير مخلقة} قال : تامة وغير تامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي العالية قال {وغير مخلقة} السقط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الشعبي قال : إذا دخل في الخلق الرابع كانت نسمة مخلقة وإذا قدم فيها قبل ذلك فهي غير مخلقة.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {مخلقة وغير مخلقة} قال : السقط مخلوق
وغير مخلوق {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال : التمام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال : إقامته في الرحم حتى يخرج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال : هذا ما كان من ولد يولد تاما ليس بسقط.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لنبين لكم} قال : إنكم كنتم في بطون أمهاتكم كذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {وترى الأرض هامدة} قال : لا نبات فيها.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن قتادة في قوله {وترى الأرض هامدة} أي غبراء متهشمة {فإذا أنزلنا
عليها الماء اهتزت وربت} يقول : نفرق الغيث في سبختها وربوها {وأنبتت من
كل زوج بهيج} أي حسن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زوج بهيج} قال : حسن.
-
قوله تعالى : ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير
* وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
أخرج
عَبد بن حُمَيد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن معاذ بن جبل قال : من
علم أن الله عز وجل حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في
القبور دخل الجنة.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن عائشة عن أبي بكر :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اذا صلى الصبح مرحبا بالنهار
الجديد والكاتب والشهيد اكتبا : بسم الله الرحمن الرحيم ، أشهد أن لا إله
إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن الدين كما وصف والكتاب كما
أنزل وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
وأخرج
الحاكم في تاريخه عن أنس رفعه : من قال في كل يوم أربع مرات : أشهد أن
الله هو الحق المبين وأنه يحيي ويميت وأنه على كل شيء قدير وان الساعة
آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور صرف الله عنه السوء.
-
قوله تعالى : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير
* ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامه عذاب
الحريق * ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} قال : يضاعف الشيء وهو واحد.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} قال : هو المعرض من العظمة إنما ينظر في
جانب واحد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه
في قوله {ثاني عطفه} قال : لاوي رأسه معرضا موليا لا يريد أن يسمع ما قيل
له.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} قال : لاوي عنقه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} قال : يعرض عن الحق {له في الدنيا خزي} قال : قتل يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} أنزلت في النضر بن الحارث.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثاني عطفه} قال : هو رجل من بني عبد الدار ، قلت : شيبة قال : لا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ثاني عطفه} يقول : يعرض عن ذكري.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {ثاني عطفه} قال : متكبرا في نفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : بلغني أن أحدهم يحرق في اليوم سبعين ألف مرة.
-
قوله تعالى : ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن
أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخره ذلك هو الخسران المبين *
يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد * يدعو
لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير * إن الله يدخل الذين
آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد.
أخرج
البخاري ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ومن
الناس من يعبد الله على حرف} قال : كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت
امرأته غلاما ونتجت خيله قال : هذا دين صالح وان لم تلد امرأته ولم
تنتج خيله قال : هذا دين سوء.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
كان ناس من الأعراب يأتون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسلمون فإذا
رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن قالوا : إن
ديننا هذا صالح فتمسكوا به وان وجدوا عام جدب وعام ولاد سوء وعام قحط
قالوا : ما في ديننا هذا خير ، فأنزل الله {ومن الناس من يعبد الله على
حرف}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما في الآية قال : كان أحدهم إذا قدم المدينة - وهي أرض وبيئة -
فإن صح بها
جسمه ونتجبت فرسه مهرا حسنا وولدت امرأته غلاما رضي به
واطمأن اليه وقال : ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيرا وإن رجع
المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة أتاه الشيطان فقال : والله
ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا ، وذلك الفتنة.
وأخرج ابن مردويه
من طريق عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : أسلم رجل من اليهود فذهب
بصره وماله وولده فتشاءم بالإسلام فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال
: أقلني ، فقال : إن الإسلام لا يقال ، فقال : لم أصب في ديني هذا خيرا.
ذهب
بصري ومالي ومات ولدي ، فقال : يا يهودي الإسلام يسبك الرجال كما تسبك
النار خبث الحديد والذهب والفضة ، ونزلت : {ومن الناس من يعبد الله على
حرف}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
{ومن الناس من يعبد الله على حرف} قال : على شك ، وفي قوله {فإن أصابه
خير} قال : رخاء وعافية {اطمأن به} قال : استقر {وإن أصابته فتنة} قال :
عذاب ومصيبة {انقلب على وجهه} قال : ارتد على وجهه كافرا.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يعبد الله على
حرف} قال : كان الرجل يأتي المدينة مهاجرا فإن صح جسمه وتتابعت عليه
الصدقة وولدت امرأته غلاما وأنتجت فرسه مهرا قال : والله لنعم الدين وجدت
دين محمد صلى الله عليه وسلم هذا ما زلت أعرف الزيادة في جسدي وولدي وإن
سقم بها جسمه واحتبست عليه الصدقة وأزلقت فرسه وأصابته الحاجة وولدت
امرأته الجارية قال : والله لبئس الدين دين محمد هذا والله ما زلت أعرف
النقصان في جسدي وأهلي وولدي ومالي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة
رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يعبد الله على حرف} قال : على شك {فإن
أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه} يقول : إن أصاب خصبا
وسلوة من عيش وما يشتهي اطمأن اليه وقال : أنا على حق وأنا أعرف الذي أنا
عليه {وإن أصابته فتنة} أي بلاء {انقلب على وجهه} يقول : ترك ما كان عليه
من الحق
فأنكر معرفته خسر الدنيا والآخرة ، يقول : خسر دنياه التي كان
لها يحزن وبها يفرح ولها يسخط ولها يرضى وهي همه وسدمه وطلبته ونيته ثم
أفضى إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها خيرا {ذلك هو الخسران المبين}.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يدعو من دون الله ما لا يضره} إن عصاه في
الدنيا {وما لا ينفعه} ان أطاعه وهو الصنم {يدعو لمن ضره أقرب من نفعه}
يقول : ضره في الآخرة من أجل عبادته إياه في الدنيا {لبئس المولى} يقول :
الصنم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {لبئس المولى ولبئس العشير} قال : الصاحب.
-
قوله تعالى : من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخره فليمدد بسبب
إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده مايغيظ * وكذلك أنزلناه آيات
بينات وأن الله يهدي من يريد.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من كان يظن أن لن ينصره الله} قال : من
كان يظن أن لن ينصر الله محمدا {في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب} قال :
فليربط حبلا {إلى السماء} قال : إلى سماء بيته السقف {ثم ليقطع} قال : ثم
يختنق به حتى يموت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله {من كان يظن أن لن ينصره الله} يقول : أن لن يرزقه
الله {فليمدد بسبب إلى السماء} فليأخذ حبلا فليربطه في سماء بيته فليختنق
به {فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ} قال : فلينظر هل ينفعه ذلك أو يأتيه
برزق.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد
رضي الله عنه {من كان يظن أن لن ينصره الله} قال : ان لن يرزقه الله
{فليمدد بسبب إلى السماء} قال : بحبل بيته {ثم ليقطع} ثم ليختنق {فلينظر
هل يذهبن كيده} ذلك {ما يغيظ} قال : ذلك خيفة أن لا
يرزق.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : من كان يظن أن لن
ينصر الله نبيه ويكابد هذا الأمر ليقطعه عنه فليقطع ذلك من أصله من حيث
يأتيه فان أصله في السماء {ثم ليقطع} أي عن النَّبِيّ الوحي الذي يأتيه من
الله إن قدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله
عنه في الآية قال : من كان يظن ان لن ينصر الله محمدا فليجعل حبلا في سماء
بيته فليختنق به فلينظر هل يغيظ ذلك إلا نفسه ،.
وَأخرَج عبد الرزاق ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {من
كان يظن أن لن ينصره الله} يقول : من كان يظن أن الله غير ناصر دينه
{فليمدد بسبب إلى السماء} سماء البيت فليختنق {فلينظر} ما يرد ذلك في يده.
-
قوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس
والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامه إن الله على كل شيء شهيد.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة
رضي الله عنه في قوله {إن الذين آمنوا} الآية ، قال : الصائبون قوم يعبدون
الملائكة ويصلون القبلة ويقرأون الزبور {والمجوس} عبدة الشمس والقمر
والنيران وأما {الذين أشركوا} فهم عبدة الأوثان {إن الله يفصل بينهم يوم
القيامة} قال : الأديان ستة : فخمسة للشيطان ودين لله عز وجل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {إن الله يفصل بينهم} قال : فصل قضاءه بينهم فجعل الجنة مشتركة وجعل هذه الأمة واحدة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : قالت اليهود : عزير ابن الله
وقالت النصارى : المسيح ابن الله ، وقالت الصابئه : نحن نعبد الملائكة من
دون الله ، وقالت المجوس : نحن نعبد الشمس والقمر من دون الله ، وقالت
المشركون : نحن نعبد الأوثان من دون الله ، فأوحى الله إلى نبيه ليكذب
قولهم : (قل
هو الله أحد) (سورة الصمد الآية 1) إلى آخرها (وقل الحمد
لله الذي لم يتخذ ولدا) (الإسراء آية 111) وأنزل الله {إن الذين آمنوا
والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : {الذين هادوا} اليهود والصائبون ليس لهم كتاب المجوس أصحاب الأصنام
والمشركون نصارى العرب.
-
قوله تعالى : ألم ترى أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس
والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه
العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء * هذان خصمان
اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم
الحميم * يصهر به مافي بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا
أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق * أن الله يدخل
الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من
أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ألم تر أن الله
يسجد له من في السماوات} الآية ، قال : سجود ظل هذا كله {وكثير من الناس}
قال : المؤمنون {وكثير حق عليه العذاب} قال : هذا الكافر سجود ظله وهو
كاره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : سجود كل شيء فيئه وسجود الجبال فيئها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الثوب يسجد.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي العالية رضي الله
عنه قال : ما في السماء من شمس ولا قمر ولا نجم إلا يقع ساجدا حتى يغيب ثم
لا ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى معلمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : إذا فاء الفيء لم يبق شيء من دابة ولا طائر إلا خر لله ساجدا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال : سمعت رجلا يطوف بالبيت
ويبكي فإذا هو طاووس فقال : عجبت من بكائي قلت : نعم ، قال : ورب هذه
البنية إن هذا القمر ليبكي من خشية الله ولا ذنب له.
وأخرج أحمد في
الزهد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال : مر رجل على عبد الله بن عمرو
وهو ساجد في الحجر وهو يبكي فقال : أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر
يبكي من خشية الله ،.
وَأخرَج ابن أبي حاتم ، عَن طاووس رضي الله عنه
في الآية قال : لم يستثن من هؤلاء أحدا حتى إذا جاء ابن آدم استثناه فقال
{وكثير من الناس} قال : والذي أحق بالشكر هو أكثرهم.
وأخرج ابن أبي
حاتم واللالكائي في السنة والخلعي في فوائده عن علي أنه قيل له : ان ههنا
رجلا يتكلم في المشيئة ، فقال له علي : يا عبد الله خلقك الله لما يشاء أو
لما شئت قال : بل لما يشاء ، قال : فيمرضك إذا شاء أو اذا شئت قال : بل
إذا شاء ، قال : فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت قال : بل إذا شاء ، قال :
فيدخلك الجنة حيث شاء أو حيث شئت قال : بل حيث شاء ، قال : والله لو قلت
غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف.
وأخرج سعيد بن منصور ،
وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن ماجة ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقسم قسما إن هذه الآية {هذان
خصمان اختصموا في ربهم} إلى قوله {إن الله يفعل ما يريد} نزلت في الثلاثة
والثلاثة الذين تبارزوا يوم بدر وهم : حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث
وعلي
بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة ، قال علي رضي الله
عنه : أنا أول من يجثو في الخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة.
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير والبيهقي من طريق قيس بن
عبادة عن علي رضي الله عنه قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة
يوم القيامة ، قال قيس : فيهم نزلت {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال : هم
الذين بارزوا يوم بدر : علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة
والوليد ابن عتبة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما بارز علي
وحمزة وعبيدة وعتبة وشيبة والوليد قالوا لهم : تكلموا نعرفكم ، قال : أنا
علي وهذا حمزة وهذا عبيدة ، فقالوا : أكفاء كرام فقال علي : أدعوكم إلى
الله وإلى رسوله ، فقال عتبة : هلم للمبارزة ، فبارز علي شيبة فلم يلبث أن
قتله وبارز حمزة عتبة فقتله وبارز عبيدة الوليد فصعب عليه فأتى علي فقتله
، فأنزل الله {هذان خصمان}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال :
لما التقوا يوم بدر قال لهم عتبة بن ربيعة : لا تقتلوا هذا الرجل فانه إن
يكن صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقة وان يكن كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه ،
فقا أبو جهل بن هشام : لقد امتلأت
رعبا ، فقال عتبة : ستعلم أينا
الجبان المفسد لقومه ، قال : فبرز عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد
بن عتبة فنادوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا : ابعث الينا
أكفاءنا نقاتلهم ، فوثب غلمة من الأنصار من بني الخزرج فقال لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم اجلسوا ، قوموا يا بني هاشم ، فقام حمزة بن عبد المطلب
وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرزوا لهم فقال عتبة : تكلموا نعرفكم
ان تكونوا أكفاءنا قاتلناكم ، قال حمزة : أنا حمزة بن عبد المطلب ، أنا
أسد الله وأسد رسوله ، فقال عتبة : كفء كريم فقال علي : أنا علي بن أبي
كالب ، فقال : كفء كريم فقال عبيدة ، أنا عبيدة بن الحارث ، فقال عتبة :
كفء كريم فأخذ حمزة شيبة بن ربيعة وأخذ علي بن أبي طالب عتبة بن ربيعة
وأخذ عبيدة الوليد ، فأما حمزة فأجاز على شيبة وأما علي فاختلفا ضربتين
فأقام فأجاز على عتبة وأما عبيدة فأصيبت رجله ، قال : فرجع هؤلاء وقتل
هؤلاء فنادى أبو
جهل وأصحابه : لنا العزى ولا عزى لكم فنادى منادي
للنبي صلى الله عليه وسلم قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ، فأنزل الله
{هذان خصمان اختصموا في ربهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن لاحق بن حميد
قال : نزلت هذه الآية يوم بدر {هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا
قطعت لهم ثياب من نار} في عتبة ابن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة
، ونزلت {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات} إلى قوله (وهدوا إلى
صراط