كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير
وأخرج تمام في فوائده ، وَابن عساكر عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال : خيار أمتي خمسمائة والأبدال أربعون فلا الخمسمائة ينقصون
ولا الأربعون ينقصون وكلما مات بدل أدخل الله عز وجل من الخمسمائة مكانه
وأدخل في الأربعين مكانهم فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون ينقصون
فقالوا : يا رسول الله دلنا على أعمال هؤلاء فقال : هؤلاء يعفون عمن ظلمهم
ويحسنون إلى من أساء إليهم ويواسون مما آتاهم الله ، قال : وتصديق ذلك في
كتاب الله {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.
وأخرج
ابن لال والديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت
ليلة أسري بي قصورا مستوية على الجنة فقلت : يا جبريل لمن هذا فقال
{والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.
الآيتان 135 - 136
أخرج
ابن جرير عن الحسن أنه قرأ (الذين ينفقون في السراء والضراء) (آل عمران
الآية 134) الآية ، ثم قرأ {والذين إذا فعلوا فاحشة} الآية فقال : إن هذين
النعتين لنعت رجل واحد
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : هذان ذنبان ، فعلوا فاحشة ذنب وظلموا أنفسهم ذنب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن زيد في قوله {والذين إذا فعلوا فاحشة} قال : زنا القوم ورب الكعبة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فعلوا فاحشة} قال : الزنا.
وأخرج
ابن المنذر عن ابن مسعود أنه ذكر عنده بنو إسرائيل وما فضلهم الله به فقال
: كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح وقد كتبت كفارته على أسكفة
بابه وجعلت كفارة ذنوبكم قولا تقولونه تستغفرون الله فيغفر لكم ، والذي
نفسي بيده لقد أعطانا الله آية لهي أحب إلي من الدنيا وما فيها {والذين
إذا فعلوا فاحشة} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني
وابن
أبي الدنيا ، وَابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال : إن في كتاب الله
لآيتين ما أذنب عبد ذنبا فقرأهما فاستغفر الله إلا غفر له {والذين إذا
فعلوا فاحشة} الآية ، وقوله (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) (النساء الآية
110) الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
ثابت البناني قال : بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية بكى {والذين إذا
فعلوا فاحشة} الآية.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عطاف بن خالد قال : بلغني
أنه لما نزل قوله {ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا} صاح
إبليس بجنوده وحثا على رأسه التراب ودعا بالويل والثبور حتى جاءته جنوده
من كل بر وبحر ، فقالوا : ما لك يا سيدنا قال : آية نزلت في كتاب الله لا
يضر بعدها أحدا من بني آدم ذنب قالوا : وما هي فأخبرهم قالوا : نفتح لهم
باب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون ولا يرون إلا أنهم على الحق فرضي
منهم ذلك.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي والنسائي
وابن
ماجة ، وَابن حبان والدار قطني والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي بكر الصديق : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيذكر ذنبه فيتطهر ثم
يصلي ركعتين ثم يستغفر الله من ذنبه ذلك إلا غفر الله له ، ثم قرأ هذه
الآية {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله} إلى آخر الآية.
وأخرج
البيهقي في الشعب عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما
أذنب عبد ذنبا ثم توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى براز من الأرض فصلى فيه
ركعتين واستغفر الله من ذلك الذنب إلا غفر الله له.
وأخرج البيهقي عن
أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل شيء يتكلم به ابن
آدم فإنه مكتوب عليه فإذا أخطأ خطيئة وأحب أن يتوب إلى الله فليأت بقعة
رفيعة فليمدد يديه إلى الله ثم ليقل : إني أتوب إليك فيها لا أرجع إليها
أبدا فإنه يغفر له ما لم يرجع في عمله ذلك
وأخرج البيهقي في الشعب
عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اجعلني من
الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا استغفروا.
وأخرج البيهقي عن أبي
هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أربعة في حديقة قدس في الجنة
: المعتصم بلا إله إلا اله لا يشك فيها ومن إذا عمل حسنة سرته وحمد الله
عليها ومن إذا عمل سيئة ساءته واستغفر الله منها ومن إذا أصابته مصيبة قال
: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن
أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن رجلا أذنب ذنبا فقال
: رب إني أذنبت ذنبا فاغفره فقال الله : عبدي عمل ذنبا فعلم أن له ربا
يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب إني عملت
ذنبا فاغفره فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به
قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب إني عملت ذنبا فاغفره فقال الله
: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني غفرت لعبدي فليعمل
ما شاء.
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو لم
تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم.
وأخرج
أحمد عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : قال إبليس
: يا رب - وعزتك - لا أزال أغوي بني آدم ما كانت أرواحهم في أجسادهم ،
فقال الله : وعزتي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني.
وأخرج أبو يعلى عن
أبي بكر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : عليكم بلا إله إلا الله
والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني
بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون
أنهم مهتدون.
وأخرج البزار والبيهقي في الشعب عن أنس قال : جاء رجل
فقال : يا رسول الله إني أذنبت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا
أذنبت فاستغفر ربك قال : فإني أستغفر ثم أعود فأذنب ، فقال : إذا أذنبت
فاستغفر ربك ثم عاد فقال في الرابعة : استغفر ربك حتى يكون الشيطان هو
المحسور.
وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر الجهني أن رجلا قال : يا رسول
الله أحدنا يذنب قال : يكتب عليه قال : ثم يستغفر منه ويتوب قال : يغفر له
ويتاب عليه قال : فيعود ويذنب قال : يكتب عليه قال : ثم يستغفر
منه
ويتوب قال : يغفر له ويتاب عليه قال : فيعود ويذنب قال : يكتب عليه قال :
ثم يستغفر منه ويتوب قال : يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {ولم يصروا على ما فعلوا} قال : لم يقيموا على ذنب وهم يعلمون أنه
يغفر لمن استغفر ويتوب على من تاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير عن قتادة قال : إياكم والإصرار فإنما هلك المصرون الماضون قدما لا
ينهاهم مخافة الله عن حرام حرمه الله عليهم ولا يتوبون من ذنب أصابوه حتى
أتاهم الموت وهم على ذلك.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في
الأدب المفرد ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمرو عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ارحموا ترحموا واغفروا يغفر لكم ويل
لأقماع القول - يعني الآذان - ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم
يعلمون.
وأخرج ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي عن ابن عباس قال : كل
ذنب أصر عليه العبد كبر وليس بكبير ما تاب منه العبد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : إتيان الذنب عمدا إصرار حتى يتوب.
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي قال : الإصرار أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ولم يصروا على ما فعلوا} فينكبوا ولا
يستغفروا وهم يعلمون أنهم قد أذنبوا ثم أقاموا ولم يستغفروا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {ونعم أجر العاملين} بطاعة الله الجنة
الآية 137.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {قد خلت} يعني مضت.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {قد خلت من قبلكم سنن} يعني تداول من الكفار والمؤمنين في الخير
والشر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين} قال : عاقبة الأولين والأمم
قبلكم كان سوء عاقبتهم متعهم الله قليلا ثم صاروا إلى النار.
الآية 138.
أخرج
ابن أبي شيبة في كتاب المصاحف عن سعيد بن جبير قال : أول ما نزل من آل
عمران {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين} ثم أنزل بقيتها يوم أحد.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {هذا بيان للناس} قال : هذا القرآن
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {هذا بيان} الآية.
قال : هو هذا القرآن جعله الله بيانا للناس عامة {وهدى وموعظة للمتقين} خصوصا.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن الشعبي في الآية قال {بيان} من العمى {وهدى} من الضلالة
{وموعظة} من الجهل.
الآية 139.
أخرج ابن جرير عن الزهري قال : كثر
في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم القتل والجراح حتى خلص إلى كل امرى ء
منهم الباس ، فأنزل الله القرآن فآسى فيه بين المؤمنين بأحسن ما آسى به
قوما كانوا قبلهم من الأمم الماضية فقال {ولا تهنوا ولا تحزنوا} إلى قوله
{لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}.
وأخرج ابن جرير من طريق
العوفي عن ابن عباس قال : أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلو عليهم الجبل ،
فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اللهم لا يعلون علينا ، فأنزل الله
{ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}
وأخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن ابن جريج قال : انهزم أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم في الشعب يوم أحد فسألوا ما فعل النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم وما فعل فلان فنعى بعضهم لبعض وتحدثوا أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قتل فكانوا في هم وحزن ، فبينما هم كذلك علا خالد بن
الوليد بخيل المشركين فوقهم على الجبل وكان على أحد مجنبتي المشركين وهم
أسفل من الشعب فلما رأوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرحوا فقال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اللهم لا قوة لنا إلا بك وليس أحد يعبدك
بهذا البلد غير هؤلاء النفر فلا تهلكهم ، وثاب نفر من المسلمين رماة
فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله وعلا المسلمون الجبل ، فذلك
قوله {وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ولا تهنوا} قال : لا تضعفوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وأنتم الأعلون} قال : وأنتم الغالبون.
الآيات 140 - 142.
أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {إن يمسسكم} قال : إن يصبكم
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} برفع القاف فيهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إن يمسسكم قرح} قال : جراح وقتل.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم
قرح مثله} قال : إن يقتل منكم يوم أحد فقد قتلتم منهم يوم بدر.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : نام المسلمون
وبهم الكلوم - يعني يوم أحد - قال عكرمة : وفيهم أنزلت {إن يمسسكم قرح فقد
مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس} وفيهم أنزلت (إن تكونوا
تألمون فإنهم يألمون كما تألمون) (النساء الآية 104).
وأخرج ابن جرير ،
وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {وتلك الأيام نداولها بين
الناس} فإنه كان يوم أحد بيوم بدر ، قتل المؤمنون يوم أحد اتخذ الله منهم
شهداء وغلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم
بدر فجعل له الدولة عليهم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وتلك الأيام
نداولها بين الناس} قال : فإنه أدال المشركين على النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم يوم أحد وبلغني أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد بضعة وسبعين
رجلا عدد الأسارى الذين أسروا يوم بدر من المشركين وكان عدد الأسارى ثلاثة
وسبعين رجلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {وتلك الأيام
نداولها بين الناس} قال : جعل الله الأيام دولا ، مرة لهؤلاء ومرة لهؤلاء
، أدال الكفار يوم أحد من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
ابن جرير عن قتادة في الآية قال : والله لولا الدول ما أودى المؤمنون ولكن
قد يدال للكافر من المؤمن ويبتلى المؤمن بالكافر ليعلم الله من يطيعه ممن
يعصيه ويعلم الصادق من الكاذب.
وأخرج عن السدي {وتلك الأيام نداولها بين الناس} يوما لكم ويوما عليكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي حاتم عن ابن سيرين {وتلك
الأيام نداولها بين الناس} يعني الأمراء.
وأخرج
ابن المنذر عن أبي جعفر قال : إن للحق دولة وإن للباطل دولة من دولة الحق
، إن إبليس أمر بالسجود لآدم فأديل آدم على إبليس وابتلي آدم بالشجرة فأكل
منها فأديل إبليس على آدم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن
جريج عن ابن عباس {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} قال : إن
المسلمين كانوا يسألون ربهم : اللهم ربنا أرنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه
المشركين ونبليك فيه خيرا ونلتمس فيه الشهادة ، فلقوا المشركين يوم أحد
فاتخذ منهم شهداء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك في الآية
قال : كان المسلمون يسألون ربهم أن يريهم يوما كيوم بدر يبلون فيه خيرا
ويرزقون فيه الشهادة ويرزقون الجنة والحياة والرزق ، فلقوا يوم أحد فاتخذ
الله منهم شهداء وهم الذين ذكرهم الله تعالى فقال (ولا تقولوا لمن يقتل في
سبيل الله أمواتا) (البقرة الآية 154) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} قال : يكرم الله أولياءه
بالشهادة بأيدي عدوهم ثم تصير حواصل الأمور وعواقبها لأهل طاعة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} يقول : أن لا تقتلوا لا تكونوا شهداء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الضحى قال : نزلت {ويتخذ منكم شهداء}
فقتل
منهم يومئذ سبعون منهم أربعة من المهاجرين : منهم حمزة بن عبد المطلب
ومصعب بن عمير أخو بني عبد الدار والشماس بن عثمان المخزومي وعبد الله بن
جحش الأسدي وسائرهم من الأنصار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما
أبطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فإذا رجلان مقتولان على دابة أوعلى
بعير فقالت امرأة من الأنصار : من هذان قالوا : فلان وفلان ، أخوها وزوجها
، أو زوجها وابنها فقالت : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا :
حي ، قالت : فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء ، ونزل القرآن على ما
قالت {ويتخذ منكم شهداء}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وليمحص الله الذين آمنوا} قال :
يبتليهم {ويمحق الكافرين} قال : ينقصهم
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين ، أنه كان إذا تلا هذه الآية قال : اللهم محصنا ولا تجعلنا كافرين.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {أم حسبتم أن
تدخلوا الجنة} وتصيبوا من ثوابي الكرامة {ولما يعلم الله الذين جاهدوا
منكم} يقول : ولم أختبركم بالشدة وأبتليكم بالمكاره حتى أعلم صدق ذلك منكم
، الإيمان بي والصبر على ما أصابكم في.
الآية 143.
أخرج ابن أبي
حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس أن رجالا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم كانوا يقولون : ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر ونستشهد ، أو ليت
لنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلي فيه خيرا ونلتمس الشهادة
والجنة والحياة والرزق ، فأشهدهم الله أحدا فلم يلبثوا إلا من شاء الله
منهم فقال الله {ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم
تنظرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : غاب
رجال عن بدر فكانوا يتمنون مثل بدر أن يلقوه فيصيبوا من الأجر والخير ما أصاب أهل بدر فلما كان يوم أحد ولى من ولى فعاتبهم الله على
ذلك.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الربيع وقتادة قالا : إن أناسا من
المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطاهم الله من الفضل فكانوا يتمنون أن
يروا قتالا فيقاتلوا فسيق إليهم القتال حتى إذا كان بناحية المدينة يوم
أحد فأنزل الله {ولقد كنتم تمنون الموت} الآية.
وأخرج ابن جرير عن
الحسن قال : بلغني أن رجالا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانوا
يقولون : لئن لقينا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لنفعلن ولنفعلن ، ،
فابتلوا بذلك فلا والله ما كلهم صدق الله ، فأنزل الله {ولقد كنتم تمنون
الموت} الآية.
وأخرج عن السدي قال : كان ناس من الصحابة لم يشهدوا بدرا
فلما رأوا فضيلة أهل بدر قالوا : اللهم إنا نسألك أن ترينا يوما كيوم بدر
نبليك فيه خيرا ، فرأوا أحدا فقال لهم {ولقد كنتم تمنون الموت} الآية ،
والله أعلم.
الآيتان 144 - 145 ، أخرح ابن المنذر عن كليب قال : خطبنا
عمر فكان يقرأ على المنبر آل عمران ويقول : إنها أحدية ثم قال : تفرقنا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فصعدت الجبل فسمعت يهوديا يقول :
قتل محمد فقلت لا أسمع أحدا
يقول : قتل محمد إلا ضربت عنقه فنظرت
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتراجعون إليه فنزلت هذه الآية
{وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل}.
وأخرج ابن جرير من طريق
العوفي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتزل هو وعصابة معه
يومئذ على أكمة والناس يفرون ورجل قائم على الطريق يسألهم : ما فعل رسول
الله صلى الله عليه وسلم وجعل كلما مروا عليه يسألهم فيقولون : والله ما
ندري ما فعل فقال : والذي نفسي بيده لئن كان قتل النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم لنعطينهم بأيدينا إنهم لعشائرنا واخواننا وقالوا : لو أن محمدا كان
حيا لم يهزم ولكنه قد قتل فترخصوا في الفرار حينئذ ، فأنزل الله {وما محمد
إلا رسول} الآية كلها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع في
الآية قال : ذلك يوم أحد حين أصابهم ما أصابهم من القتل والقرح وتداعوا
نبي الله ، قالوا : قد قتل ، وقال أناس منهم : لو كان نبيا ما قتل ، وقال
أناس من علية أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : قاتلوا على ما قتل
عليه نبيكم حتى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به وذكر لنا أن رجلا من
المهاجرين مر على رجل من الأنصار وهو يتخبط في دمه فقال : يا فلان أشعرت
أن محمدا قد قتل فقال الأنصاري : إن كان محمدا
قد قتل فقد بلغ
فقاتلوا عن دينكم ، فأنزل الله {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل
أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} يقول : ارتددتم كفارا بعد إيمانكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة نحوه.
وأخرج
ابن جرير عن الضحاك قال : نادى مناد يوم أحد حين هزم أصحاب محمد : إن
محمدا قد قتل فارجعوا إلى دينكم الأول فأنزل الله {وما محمد إلا رسول}
الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قال أهل المرض والارتياب
والنفاق حين فر الناس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : قد قتل محمد
فالحقوا بدينكم الأول ، فنزلت هذه الآية {وما محمد إلا رسول} الآية.
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال : فشا في الناس يوم أحد أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد قتل فقال بعض أصحاب الصخرة : ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي
فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان ، يا قوم إن محمدا قد قتل فارجعوا إلى قومكم
قبل
أن يأتوكم فيقتلونكم ، قال أنس بن النضر : يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن
رب محمد لم يقتل فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد صلى الله عليه وسلم اللهم
إني أعتذر إليك مما يقول
هؤلاء وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ، فشد بسيفه فقاتل حتى قتل ، فأنزل الله {وما محمد إلا رسول} الآية.
وأخرج
أبن جرير عن القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخي بني عدي بن النجار قال :
انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر وطلحة بن عبيد الله في رجال من
المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال : ما يجلسكم قالوا : قتل محمد
رسول الله قال : فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه
رسول الله ، واستقبل القوم فقاتل حتى قتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر عن عطية العوفي قال : لما كان يوم أحد وانهزموا قال بعض
الناس : إن كان محمد قد أصيب فأعطوهم بأيديكم إنما هم إخوانكم ، وقال
بعضهم : إن كان محمد قد أصيب ألا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا
به ، فأنزل الله {وما محمد إلا رسول} إلى قوله {فآتاهم الله ثواب الدنيا}.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن محمد بن شرحبيل العبدري قال : حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فقطعت يده اليمنى فأخذ اللواء بيده
اليسرى
وهو يقول {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل
انقلبتم على أعقابكم} ثم قطعت يده اليسرى فجثا على اللواء وضمه بعضديه إلى
صدره وهو يقول {وما محمد إلا رسول} الآية ، وما نزلت هذه الآية {وما محمد
إلا رسول} يومئذ حتى نزلت بعد ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ومن ينقلب على عقبيه} قال : يرتد.
وأخرج
البخاري والنسائي من طريق الزهري عن أبي سلمة عن عائشة أن أبا بكر أقبل
على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على
عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوب حبرة فكشف عن
وجهه ثم أكب عليه وقبله وبكى ثم قال : بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله
عليك موتتين وأما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ، قال الزهري : وحدثني
أبو سلمة عن ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال : اجلس يا عمر
، وقال أبو بكر : أما بعد من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد
مات ومن كان يعبد الله فإن الله
حي
لا يموت ، قال الله {وما محمد إلا رسول} إلى قوله {الشاكرين} فقال :
فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر
فتلاها الناس منه كلهم ، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها.
وأخرج ابن
المنذر عن أبي هريرة قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر
بن الخطاب فقال : إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول اله صلى الله عليه
وسلم توفي وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم - والله - ما مات ولكن ذهب
إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم
بعد أن قيل قد مات ، والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع
موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مات ، فخرج أبو بكر فقال : على رسلك يا عمر أنصت ، فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال : أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد
الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا هذه الآية {وما محمد إلا رسول} الآية ،
فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ
وأخذ الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم ، قال عمر : فوالله ما هو إلا
أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى
الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.
وأخرج
البيهقي في الدلائل عن عروة قال : لما توفي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قام عمر بن الخطاب فتوعد من قال قد مات بالقتل والقطع فجاء أبو بكر فقام
إلى جانب المنبر وقال : إن الله نعى نبيكم إلى نفسه وهو حي بين أظهركم
ونعاكم إلى أنفسكم فهو الموت حتى لا يبقى أحد إلا الله ، قال الله {وما
محمد إلا رسول} إلى قوله {الشاكرين} فقال عمر : هذه الآية في القرآن والله
ما علمت أن هذه الآية أنزلت قبل اليوم وقال : قال الله لمحمد صلى الله
عليه وسلم (إنك ميت وإنهم ميتون) (الزمر الآية 30).
وأخرج ابن المنذر
والبيهقي من طريق ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال : كنت أتأول هذه الآية
(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم
شهيدا) (البقرة الآية 143) فوالله إن كنت لأظن أنه سيبقى في أمته حتى يشهد
عليها بآخر أعمالها وأنه هو الذي حملني على أن قلت ما قلت.
وأخرح ابن
جرير عن علي بن أبي طالب في قوله {وسيجزي الله الشاكرين} قال : الثابتين
على دينهم ، أبا بكر وأصحابه فكان علي يقول : كان أبو بكر أمين الشاكرين
وأخرح
الحاكم والبيهقي في الدلائل عن الحسن بن محمد قال : قال عمر : دعني يا
رسول الله أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيبا في قومه أبدا فقال :
دعها فلعلها أن تسرك يوما ، فلما مات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نفر
أهل مكة فقام سهيل عند الكعبة فقال : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات
والله حي لا يموت.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم عن ابن عباس أن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه
وسلم : إن الله يقول {أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} والله لا
ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما
قاتل عليه حتى أموت.
وأخرج ابن المنذر عن الزهري قال : لما نزلت هذه
الآية (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) (الفتح الآية 4) قالوا : يا رسول الله
قد علمنا أن الإيمان يزداد فهل ينقص قال : إي والذي بعثني بالحق إنه لينقص
قالوا : يا رسول الله فهل لذلك دلالة في كتاب الله قال : نعم ، ثم تلا
رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {وما محمد إلا رسول قد خلت من
قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} فالإنقلاب نقصان ولا كفر
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {وما كان لنفس}
الآية أي لمحمد صلى الله عليه وسلم أجل هو بالغه فإذا أذن الله في ذلك كان
{ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها} أي من كان منكم يريد الدنيا ليست له رغبة
في الآخرة نؤته ما قسم له فيها من رزق ولا حظ له في الآخرة {ومن يرد ثواب
الآخرة} منكم {نؤته منها} ما وعده مع ما يجري عليه من رزقه في دنياه وذلك
جزاء الشاكرين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز في الآية قال : لا تموت نفس ولها في الدنيا عمر ساعة إلا بلغته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وسنجزي الشاكرين} قال : يعطي الله العبد بنيته الدنيا والآخرة.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : قال أبو بكر : لومنعوني ولو عقالا أعطوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم ، ثم تلا {وما محمد إلا رسول قد
خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم}.
وأخرج البغوي
في معجمه عن إبراهيم بن حنظلة عن أبيه أن سالما مولى أبي حذيفة كان معه
اللواء يوم اليمامة فقطعت يمينه فأخذ اللواء بيساره
فقطعت يساره فاعتنق اللواء وهو يقول {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} الآيتين.
الآيات 146 - 148.
أخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد من طريق أبي عبيدة عن ابن مسعود أنه قرأ
{وكأين من نبي قاتل معه ربيون} ويقول ألا ترى أنه يقول {فما وهنوا لما
أصابهم في سبيل الله}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه كان يقول : ما سمعنا قط أن نبيا قتل في القتال.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن وإبراهيم أنهما كانا يقرآن {قاتل معه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك أنه قرأ {وكأين من نبي قاتل معه ربيون} بغير ألف.
وأخرج عن عطية ، مثله.
وأخرج من طريق زر عن ابن مسعود مثله ، أنه كان يقرأها بغير ألف
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطية أنه قرأ وكأين من نبي قتل معه ربيون بغير ألف.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والطبراني عن ابن مسعود في قوله {ربيون} قال : ألوف.
وأخرج سعيد بن منصور عن الضحاك في قوله {ربيون} قال : الربة الواحدة ألف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس {ربيون} يقول : جموع.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن في قوله {ربيون} قال : فقهاء علماء قال : وقال ابن عباس : هي الجموع الكثيرة.
وأخرج
ابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع
بن الأزرق سأله عن قوله {ربيون} قال : جموع قال : وهل يعرف العرب ذلك قال
: نعم ، أما سمعت قول حسان :
وإذا معشر تجافوا القصد أملنا عليهم ريبا.
وَأخرَج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {ربيون كثير} قال : علماء كثير.
وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {ربيون كثير} قال الربيون هم الجموع الكثيرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {ربيون} قال : علماء كثير.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال الربيون الأتباع والربانيون الولاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكأين من نبي قاتل} الآية ، قال : هم قوم قتل نبيهم فلم يضعفوا ولم يستكينوا لقتل نبيهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} لقتل أنبيائهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} يعني
فما عجزوا عن عدوهم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فما
وهنوا} الآية ، يقول : فما عجزوا وما تضعضعوا لقتل نبيهم {وما استكانوا}
يقول : ما ارتدوا عن بصيرتهم ولا عن دينهم أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي
الله حتى لحقوا بالله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وما استكانوا} قال {وما استكانوا} قال : تخشعوا.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وما استكانوا} يقول : ما ذلوا.
وأخرج عن ابن زيد {وما استكانوا} قال : ما استكانوا لعدوهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق عن ابن عباس في قوله {وإسرافنا في أمرنا} قال : خطايانا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله !
{وإسرافنا في أمرنا} قال : خطايانا وظلمنا أنفسنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {وإسرافنا في أمرنا} يعني الخطايا الكبار.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فآتاهم الله ثواب الدنيا}
قال : النصر والغنيمة {وحسن ثواب الآخرة} قال : رضوان الله ورحمته.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فآتاهم الله
ثواب الدنيا} الفلاح والظهور والتمكن والنصر على عدوهم في الدنيا {وحسن
ثواب الآخرة} هي الجنة.
الآيتان 149 - 150.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا}
الآية ، لا تنتصحوا اليهود والنصارى عن دينكم ولا تصدقوهم بشيء في
دينكم.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يا أيها الذين آمنوا إن
تطيعوا الذين كفروا} الآية ، يقول : إن تطيعوا أبا سفيان بن حرب يردوكم
كفارا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن هذه الآية
{يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم} التعرب
فقال علي : بل هو الزرع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال : ألا
أخبركم بالمرتد على عقبيه الذي يأخذ العطاء ويغزو في سبيل الله ثم يدع ذلك
ويأخذ الأرض بالجزية والرزق فذلك الذي يرتد على عقبيه.
الآية 151.
أخرج
ابن جرير عن السدي قال : لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين
نحو مكة انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق ، ثم إنهم ندموا فقالوا :
بئسما صنعتم أنكم قتلتموهم حتى لم يبق إلا الشريد تركتموهم.
ارجعوا
فاستأصلوا ، فقذف الله في قلوبهم الرعب فانهزموا فلقوا أعرابيا فجعلوا له
عجلا فقالوا له : إن لقيت محمدا فأخبرهم بما قد جمعنا لهم ، فأخبر الله
رسوله صلى الله عليه وسلم فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد ، فأنزل الله في ذلك
فذكر أبا سفيان حين أراد أن يرجع إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وما
قذف في قلبه من الرعب فقال {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب} الآية.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية قال قذف الله في قلب أبي سفيان
الرعب فرجع إلى مكة فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن أبا سفيان قد
أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نصرت بالرعب على العدو.
وأخرج
أحمد والترمذي وصححه ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه"
عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فضلت على الأنبياء
بأربع : أرسلت إلى الناس كافة وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجدا وطهورا
فأينما رجل أدركه من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره ونصرت بالرعب
مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي وأحل لنا
الغنائم.
الآية 152.
أخرج
البيهقي في الدلائل عن عروة قال : كان الله وعدهم على الصبر والتقوى أن
يمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وكان قد فعل فلما عصوا أمر الرسول
وتركوا مصافهم وتركت الرماة عهد الرسول إليهم أن لا يبرحوا منازلهم
وأرادوا الدنيا رفع عنهم مدد الملائكة وأنزل الله {ولقد صدقكم الله وعده
إذ تحسونهم بإذنه} فصدق الله وعده وأراهم الفتح فلما عصوا أعقبهم البلاء.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولقد صدقكم الله وعده}
الآية ، قال إن أبا سفيان أقبل في ثلاث ليال خلون من شوال حتى نزل أحدا
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن في الناس فاجتمعوا وأمر على الخيل
الزبير بن العوام ومعه يومئذ المقداد بن الأسود الكندي وأعطى رسول الله
صلى الله عليه وسلم اللواء رجلا من قريش يقال له مصعب بن عمير وخرج حمزة
بن عبد المطلب بالجيش وبعث حمزة بين يديه وأقبل خالد بن الوليد على خيل
المشركين ومعه عكرمة بن أبي جهل فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير
وقال : استقبل خالد بن الوليد
فكن بإزائه حتى أوذنك وأمر بخيل أخرى فكانوا
من
جانب آخر فقال : لا تبرحوا حتى أوذنكم وأقبل أبو سفيان يحمل اللات والعزى
فأرسل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى الزبير أن يحمل فحمل على خالد بن
الوليد فهزمه ومن معه فقال {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه} ، وأن
الله وعدالمؤمنين أن ينصرهم وأنه معهم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعث بعضا من الناس فكانوا من ورائهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
كونوا ههنا فردوا وجه من ند منا وكونوا حرسا لنا من قبل ظهورنا ، وأن رسول
الله صلى الله عليه وسلم لما هزم القوم هو وأصحابه الذين كانوا جعلوا من
ورائهم فقال بعضهم لبعض لما رأوا النساء مصعدات في الجبل ورأوا الغنائم :
انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوا الغنيمة قبل أن تستبقوا
إليها وقالت طائفة أخرى : بل نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنثبت
مكاننا ، فذلك قوله {منكم من يريد الدنيا} للذين أرادوا الغنيمة {ومنكم من
يريد الآخرة} للذين قالوا : نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونثبت
مكاننا ، فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فكان فشلا حين تنازعوا بينهم
يقول {وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون} كانوا قد رأوا الفتح والغنيمة.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم
وصححه
والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه قال ما نصر الله نبيه في موطن كما
نصر يوم أحد فأنكروا ، فقال ابن عباس : بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله
أن الله يقول في يوم أحد {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه} يقول
ابن عباس : والحس : القتل ، {حتى إذا فشلتم} إلى قوله {ولقد عفا عنكم
والله ذو فضل على المؤمنين} وإنما عنى هذا الرماة وذلك أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم أقامهم في موضع ثم قال : احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل
فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا ، فلما غنم النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم وأباحوا عسكر المشركين انكفأت الرماة جميعا فدخلوا في
العسكر ينتهبون والتفت صفوف المسلمين فهم هكذا - وشبك بين يديه - والتبسوا
فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخل الخيل من ذلك الموضع على
الصحابة فضرب بعضهم بعضا والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير وقد كان
لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء
المشركين سبعة أو تسعة وجال
المسلمون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث
يقول الناس : الغاب ، إنما كانوا تحت المهراس وصاح الشيطان قتل محمد فلم
يشك فيه أنه حق ، فما زلنا
كذلك ما نشك أنه قتل حتى طلع بين السعدين
نعرفه بتكفؤه إذا مشى ففرحنا حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا فرقي نحونا وهو
يقول : اشتد غضب الله على قوم دموا وجه نبيهم ويقول مرة أخرى : اللهم إنه
ليس لهم أن يعلونا حتى انتهى إلينا فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل
الجبل : أعل هبل أعل هبل ، أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن
الخطاب فقال عمر : ألا أجيبه يا رسول الله قل : بلى ، فلما قال : أعل هبل
، قال عمر : الله أعلى وأجل ، فعاد فقال : أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي
قحافة فقال عمر : هذا رسول الله وهذا أبو بكر وها أنا عمر ، فقال : يوم
بيوم بدر الأيام دول والحرب سجال فقال عمر : لا سواء ، قتلانا في الجنة
وقتلاكم في النار قال : إنكم لتزعمون ذلك لقد خبنا إذن وخسرنا ، ثم أدركته
حمية الجاهلية فقال : أما إنه كان ذلك ولم نكرهه.
وأخرج ابن أبي شيبة
وأحمد ، وَابن المنذر عن ابن مسعود قال إن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين
يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر أنه ليس أحد منا يريد
الدنيا حتى أنزل الله {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة} فلما
خالف أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا به أفرد رسول
الله صلى الله عليه وسلم في تسعة ، سبعة من الأنصار
ورجلين من قريش
، وهو عاشر فلما رهقوه قال : رحم الله رجلا ردهم عنا فقام رجل من الأنصار
فقاتل ساعة حتى قتل فلما رهقوه أيضا قال : رحم الله رجلا ردهم عنا فلم يزل
يقول ذا حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه : ما
أنصفنا أصحابنا ، فجاء أبوسفيان فقال : أعل هبل فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : قولوا الله أعلى وأجل ، فقالوا : الله أعلى وأجل ، فقال أبو
سفيان : لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قولوا اللهم مولانا والكافرون لا مولى لهم ، ثم قال أبو سفيان : يوم بيوم
بدر يوم لنا ويوم علينا ويوم نساء ويوم نسر حنظلة بحنظلة وفلان بفلان ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا سواء ، أما قتلانا فأحياء يرزقون
وقتلاكم في النار يعذبون ، قال أبو سفيان : قد كان في القوم مثلة وإن كانت
على غير توجيه منا ما
أمرت ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت ولا ساءني ولا
سرني ، قال : فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم
تستطع أن تأكلها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكلت شيئا قالوا :
لا ، قال : ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار ، فوضع رسول الله صلى
الله عليه وسلم حمزة فصلى عليه وجيء برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى
عليه فرفع الأنصاري وترك حمزة ثم جيء بآخر فوضعه إلى جنب حمزة فصلى عليه
ثم رفع وترك حمزة حتى
صلى عليه يومئذ سبعون صلاة.
وأخرج أحمد
والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في
الدلائل عن البراء بن عازب قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على
الرماة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير ووضعهم موضعا وقال
: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم فهزموهم قال : فأنا
- والله - رأيت النساء يشتددن على الجبل وقد بدت أسوقهن وخلاخلهن رافعات
ثيابهن ، فقال أصحاب عبد الله : الغنيمة أي قوم الغنيمة ، ظهر أصحابكم فما
تنتظرون قال عبد الله بن جبير : أفنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالوا : إنا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة ، فلما
أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين فذلك الذي يدعوهم الرسول في أخراهم فلم
يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا ، فأصابوا منا
سبعين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصاب من المشركين يوم
بدر أربعين ومائة ، سبعين أسيرا وسبعين قتيلا ، قال ابو سفيان : أفي القوم
محمد ثلاثا فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه ثم قال : أفي
القوم ابن أبي قحافة مرتين أفي القوم ابن الخطاب مرتين ثم أقبل على أصحابه
فقال : أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم ، فما ملك عمر نفسه أن قال :
كذبت - والله - يا عدو الله إن الذين عددت أحياء كلهم وقد بقي لك ما يسوءك
، قال : يوم بيوم بدر والحرب
سجال إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر
بها ولم تسؤني ، ثم أخذ يرتجز : أعل هبل فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ألا تجيبونه قالوا : يا رسول الله ما نقول قال قولوا : الله أعلى
وأجل ، قال : إن لنا العزى ولا عزى لكم ، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ألا تجيبونه قالوا : يا رسول الله وما نقول قال : قولوا : الله
مولانا ولا مولى لكم.
وأخرج البيهقي في الدلائل ، عَن جَابر قال انهزم
الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من
الأنصار وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد في الجبل فلحقهم المشركون فقال : ألا
أحد لهؤلاء فقال طلحة : أنا يا رسول الله فقال : كما أنت يا طلحة فقال رجل
من الأنصار : فأنا يا رسول الله فقاتل عنه وصعد رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومن بقي معه ثم قتل الأنصاري فلحقوه فقال : ألا رجل لهؤلاء فقال طلحة
مثل قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قوله فقال رجل من الأنصار
: فأنا يا رسول الله وأصحابه يصعدون ثم قتل ، فلحقوه فلم يزل يقول مثل
قوله الأول ويقول طلحة أنا يا رسول الله فيحبسه فيستأذنه رجل من الأنصار
للقتال فيأذن له فيقاتل مثل من كان قبله حتى لم يبق معه إلا طلحة فغشوهما
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لهؤلاء فقال طلحة : أنا ، فقاتل
مثل قتال جميع من كان قبله وأصيبت أنامله فقال : حس ، فقال : لو قلت بسم
الله أو
ذكرت اسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك في جو السماء ثم صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم مجتمعون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عبد الرحمن بن عوف في قوله {إذ تحسونهم بإذنه} قال : الحس القتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس ، مثله.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس {إذ تحسونهم} قال : تقتلونهم.
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {إذ
تحسونهم} قال : تقتلونهم قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت
قول الشاعر : ومنا الذي لاقى بسيف محمد * فحس به الأعداء عرض العساكر.
وَأخرَج
الطبراني عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله {إذ
تحسونهم بإذنه} قال : تقتلونهم قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل
الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال : نعم ، أما سمعت قول عتبة الليثي
:
نحسهم بالبيض حتى كأننا * نفلق منهم بالجماجم حنظلا.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {حتى إذا فشلتم} قال : الفشل الجبن.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع {حتى إذا فشلتم} يقول : جبنتم عن
عدوكم {وتنازعتم في الأمر} يقول : اختلفتم وعصيتم {من بعد ما أراكم ما
تحبون} وذلك يوم أحد قال لهم : إنكم ستظهرون فلا أعرفن ما أصبتم من
غنائمهم شيئا حتى تفرغوا ، فتركوا أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعصوا
ووقعوا في الغنائم ونسوا عهده الذي عهده إليهم وخالفوا إلى غير ما أمرهم
به فنصر عليهم عدوهم من بعد ما أراهم فيهم ما يحبون.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى في قوله {حتى إذا
فشلتم} قال : كان وضع خمسين رجلا من أصحابه عليهم عبيد الله بن خوات
فجعلهم بإزاء خالد بن الوليد على خيل المشركين فلما هزم رسول الله صلى
الله عليه وسلم الناس قال نصف أولئك : نذهب حتى
نلحق بالناس ولا
تفوتنا الغنائم وقال بعضهم : قد عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن لا نريم حتى يحدث إلينا ، فلما رأى خالد بن الوليد رقتهم حمل عليهم
فقاتلوا خالدا حتى ماتوا ربضة فأنزل الله فيهم {ولقد صدقكم الله وعده} إلى
قوله {وعصيتم} فجعل أولئك الذين انصرفوا عصاة.
وأخرج ابن المنذر عن البراء بن عازب {من بعد ما أراكم ما تحبون} الغنائم وهزيمة القوم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {من بعد ما أراكم ما تحبون} قال
: نصر الله المؤمنين على المشركين حتى ركب نساء المشركين على كل صعب وذلول
ثم أديل عليهم المشركون بعصيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن
جرير عن الضحاك قال : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحد طائفة
من المسلمين فقال : كونوا مسلحة للناس بمنزلة أمرهم أن يثبتوا بها وأمرهم
أن لا يبرحوا مكانهم حتى يأذن لهم ، فلما لقي نبي الله صلى الله عليه وسلم
يوم أحد أبا سفيان ومن معه من المشركين هزمهم نبي الله صلى الله عليه وسلم
فلما رأى المسلحة أن الله هزم المشركين انطلق بعضهم يتنادون الغنيمة
الغنيمة ، ، لا تفتكم وثبت
بعضهم مكانهم وقالوا لا نريم موضعنا حتى
يأذن لنا نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ففي ذلك نزل {منكم من يريد الدنيا
ومنكم من يريد الآخرة} فكان ابن مسعود يقول : ما شعرت أن أحدا من أصحاب
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يوم أحد.
وأخرج
ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال : لما هزم الله المشركين يوم
أحد قال الرماة : أدركوا الناس ونبي الله صلى الله عليه وسلم لا يسبقونا
إلى الغنائم فتكون لهم دونكم ، وقال بعضهم : لا نريم حتى يأذن لنا
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد
الآخرة} قال ابن جريج : قال ابن مسعود : ما علمنا أن أحدا من أصحاب
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يومئذ.
وأخرج
أحمد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني في
الأوسط والبيهقي بسند صحيح عن ابن مسعود قال : ما كنت أرى أن أحدا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نزلت فينا يوم أحد
{منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {ثم صرفكم عنهم} قال : صرف القوم عنهم فقتل من المسلمين بعدة من أسروا يوم بدر وقتل عم
رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وشج في وجهه فقالوا : أليس كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدنا النصر فأنزل الله {ولقد صدقكم الله
وعده} إلى قوله {ولقد عفا عنكم}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله
{ولقد عفا عنكم} قال : يقول الله : قد عفوت عنكم إذ عصيتموني أن لا أكون
استأصلتكم ثم يقول الحسن : هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي
سبيل الله غضاب لله يقاتلون أعداء الله نهوا عن شيء فضيعوه فوالله ما
تركوا حتى غموا بهذا الغم قتل منهم سبعون وقتل عم رسول الله صلى الله عليه
وسلم وكسرت رباعيته وشج في وجهه فأفسق الفاسقين اليوم يتجرأ على كل كبيرة
ويركب كل داهية ويسحب عليها ثيابه ويزعم أن لا بأس عليه فسوف يعلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ولقد عفا عنكم} قال : إذ لم يستأصلكم
وأخرج
البخاري عن عثمان بن موهب قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : إني سائلك عن
شيء فحدثني أنشدك بحرمة هذا البيت ، أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد
قال : نعم ، قال : فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها قال : نعم ، قال : فتعلم
أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال : نعم ، فكبر فقال ابن عمر :
تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه ، أما فراره يوم أحد فاشهد أن الله عفا عنه.
وَأَمَّا
تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لك أجر رجل وسهمه.
وَأَمَّا
تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه
فبعث عثمان فكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة فقال النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى فضرب بها على يده فقال هذه يد عثمان اذهب
بها الآن معك.
الآية 153.
أخرج ابن جرير عن الحسن البصري أنه قرأ {تصعدون} بفتح التاء والعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {تصعدون} برفع التاء وكسر العين
وأخرج ابن جرير عن هرون قال : في قراءة ابي كعب إذ تصعدون في الوادي.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {إذ تصعدون} قال :
صعدوا في أحد فرارا يدعوهم في أخراهم : إلي عباد الله ارجعوا إلي عباد
الله ارجعوا.
وأخرج ابن المنذر عن عطية العوفي قال : لما كان يوم أحد
وانهزم الناس صعدوا الجبل والرسول يدعوهم في أخراهم فقال الله {إذ تصعدون
ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن
الحسن أنه سئل عن قوله {إذ تصعدون} الآية ، قال : فروا منهزمين في شعب
شديد لا يلوون على أحد والرسول يدعوهم في أخراهم : إلي عباد الله إلي عباد
الله ، ولا يلوي عليه أحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله !
{إذ
تصعدون} الآية ، قال : ذاكم يوم أحد صعدوا في الوادي فرارا ونبي الله صلى
الله عليه وسلم يدعوهم في أخراهم : إلي عباد الله إلي عباد الله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {إذ تصعدون ولا
تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم} فرجعوا وقالوا : والله لنأتينهم
ثم لنقتلهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلا فإنما أصابكم الذي
أصابكم من أجل أنكم عصيتموني فبينما هم كذلك إذ أتاهم القوم وقد أيسوا وقد
اخترطوا سيوفهم {فأثابكم غما بغم} فكان غم الهزيمة وغمهم حين أتوهم {لكيلا
تحزنوا على ما فاتكم} من الغنيمة {وما أصابكم} من القتل والجراحة.
وأخرج
ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف {فأثابكم غما بغم} قال : الغم الأول بسبب
الهزيمة والثاني حين قيل قتل محمد ، وكان ذلك عندهم أعظم من الهزيمة
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {فأثابكم غما بغم} قال : فرة بعد الفرة الأولى حين سمعوا الصوت أن
محمدا قد قتل فرجع الكفار فضربوهم مدبرين حتى قتلوا منهم سبعين رجلا ثم
انحازوا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجعلوا يصعدون في الجبل والرسول
يدعوهم في أخراهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة {فأثابكم غما بغم} قال : الغم الأول الجراح والقتل والغم الآخر حين
سمعوا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فأنساهم الغم الآخر ما
أصابهم من الجراح والقتل وما كانوا يرجون من الغنيمة ، وذلك قوله {لكيلا
تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم}.
وأخرج ابن جرير عن الربيع ، مثله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : انطلق النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم يومئذ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة فلما رأوه وضع رجل سهما
في قوسه فأراد أن يرميه فقال : أنا رسول الله ، ففرحوا بذلك حين وجدوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا وفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
رأى أن في أصحابه من يمتنع ، فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين ذهب عنهم الحزن فأقبلوا
يذكرون الفتح وما فاتهم منه
ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا فأقبل أبو سفيان حتى أشرف عليهم فلما نظروا
إليه نسوا ذلك الذي كانوا عليه وهمهم أبو سفيان فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليس لهم أن يعلونا اللهم إن تقتل هذه العصابة لا تعبد ، ثم ندب
أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم فذلك قوله {فأثابكم غما بغم} الغم
الأول ما فاتهم من الغنيمة
والفتح والغم الثاني إشراف العدو عليهم
{لكيلا تحزنوا على ما فاتكم} من الغنيمة {ولا ما أصابكم} من القتل حين
تذكرون فشغلهم أبو سفيان.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : أصاب الناس
حزن وغم على ما أصابهم في أصحابهم الذين قتلوا فلما تولجوا في الشعب وقف
أبو سفيان وأصحابه بباب الشعب فظن المؤمنون أنهم سوف يميلون عليهم
فيقتلونهم أيضا فأصابهم حزن من ذلك أنساهم حزنهم في أصحابهم ، فذلك قوله
سبحانه {فأثابكم غما بغم}.
الآية 154.
أخرج ابن جرير عن السدي ، أن
المشركين انصرفوا يوم أحد بعد الذي كان من أمرهم وأمر المسلمين فواعدوا
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بدرا من قابل فقال لهم : نعم ، فتخوف
المسلمون أن ينزلوا المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا
فقال
: انظر فإن رأيتهم قد قعدوا على أثقالهم وجنبوا خيولهم فإن القوم ذاهبون ،
وإن رأيتهم قد قعدوا على خيولهم وجنبوا على أثقالهم فإن القوم ينزلون
المدينة ، فاتقوا الله واصبروا ووطنهم على القتال ، فلما أبصرهم الرسول
قعدوا على الأثقال سراعا عجالا نادى بأعلى صوته بذهابهم فلما رأى المؤمنون
ذلك صدقوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فناموا وبقي أناس من المنافقين
يظنون أن القوم يأتونهم فقال الله يذكر حين أخبرهم النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة
قد أهمتهم أنفسهم}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : أمنهم الله يومئذ بنعاس غشاهم وإنما ينعس من يأمن.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل
عن المسور بن مخرمة قال : سألت عبد الرحمن بن عوف عن قول الله {ثم أنزل
عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا} قال : ألقي علينا النوم يوم أحد
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي والنسائي ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني وأبو
الشيخ ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن أنس أن أبا
طلحة قال : غشينا ونحن في مصافنا يوم أحد حدث أنه كان ممن غشيه النعاس
يومئذ قال : فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ويسقط وآخذه ، فذلك قوله {ثم
أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم} والطائفة الآخرى
المنافقون ليس لهم هم إلا أنفسهم أجبن قوم وأرعبه ، وأخذله للحق يظنون
بالله غير الحق ظن الجاهلية كذبهم إنما هم أهل شك وريبة في الله.
وأخرج
ابن سعد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه والحاكم وصححه
، وَابن مردويه ، وَابن جَرِير والطبراني وأبو نعيم والبيهقي معا في
الدلائل عن الزبير ابن العوام قال : رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما
منهم من أحد إلا وهو مميد تحت حجفته من النعاس ، فذلك قوله {ثم أنزل عليكم
من بعد الغم أمنة نعاسا} وتلا هذه الآية {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة
نعاسا}
وأخرج الترمذي وصححه ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ والبيهقي في
الدلائل عن الزبير ابن العوام قال : رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما
منهم أحد إلا وهو مميد تحت حجفته من النعاس ، وتلا هذه الآية {ثم أنزل
عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا} الآية.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن راهويه
، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في الدلائل عن الزبير قال : لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم حين اشتد الخوف علينا أرسل الله علينا النوم فما منا من رجل إلا
ذقنه في صدره فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم {لو
كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا}
فحفظتها منه وفي ذلك أنزل الله {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا} إلى قوله {ما قتلنا ها هنا} لقول معتب بن قشير.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم أنه قرأ في آل عمران ((أمنة نعاسا تغشى))
بالتاء ، وأخرح عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والطبراني عن ابن مسعود قال النعاس عند القتال أمنة من الله والنعاس
في الصلاة من الشيطان
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج
قال : إن المنافقين قالوا لعبد الله بن أبي - وكان سيد المنافقين - في
أنفسهم قتل اليوم بنو الخزرج ، فقال : وهل لنا من الأمر شيء أما والله
(لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) (المنافقون الآية 8)
وقال {لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع في قوله {ظن الجاهلية} قالا : ظن أهل الشرك.
وأخرج
ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال معتب : الذي قال يوم أحد {لو
كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا} فأنزل الله في ذلك من قوله {وطائفة
قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله} إلى آخر القصة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن
الربيع في قوله {يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك} كان مما أخفوا في أنفسهم
أن قالوا {لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا}
وأخرج ابن أبي
حاتم عن الحسن أنه سئل عن هذه الآية فقال : لما قتل من قتل من أصحاب محمد
أتو عبد الله بن أبي فقالوا له : ما ترى فقال : إنا - والله - ما نؤامر
{لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن
أنه سئل عن قوله {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى
مضاجعهم} قال : كتب الله على المؤمنين أن يقاتلوا في سبيله وليس كل من
يقاتل يقتل ولكن يقتل من كتب الله عليه القتل.
الآية 155
أخرج ابن
جرير عن كليب قال : خطب عمر يوم الجمعة فقرأ آل عمران وكان يعجبه إذا خطب
أن يقرأها فلما انتهى إلى قوله {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان}
قال : لما كان يوم أحد هزمنا ففررت حتى صعدت الجبل فلقد رأيتني أنزو كأنني
أروى (أروى : ضأن الجبل ضد الماعز) والناس يقولون : قتل محمد فقلت : لا
أجد أحد يقول قتل محمد إلا قتلته حتى اجتمعنا على الجبل ، فنزلت {إن الذين
تولوا منكم يوم التقى الجمعان} الآية ، كلها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن عبد الرحمن بن عوف {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان}
قال : هم ثلاثة ، واحد من المهاجرين واثنان من الأنصار ، وأخرح ابن منده
في معرفة الصحابة عن ابن عباس في
قوله {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان} الآية ، نزلت في عثمان ورافع بن المعلى وحارثة بن زيد.
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة في قوله {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان} قال :
نزلت في رافع بن المعلى وغيره من الأنصار وأبي حذيفة بن عتبة ورجل آخر.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة {إن الذين تولوا منكم يوم التقى
الجمعان} قال : عثمان والوليد بن عقبة وخارجة بن زيد ورفاعة بن معلى.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : كان الذين ولوا الدبر يومئذ : عثمان بن
عفان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان أخوان من الأنصار من بني زريق.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن إسحاق {إن الذين تولوا منكم يوم التقى
الجمعان} فلان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان الأنصاريان ثم الزرقيان ، وقد
كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم إلى
المنقى دون الأغوص وفر عقبة بن عفان وسعد بن عثمان حتى بلغوا الجلعب - جبل
بناحية
المدينة مما يلي الأغوص - فأقاموا به ثلاثا ثم رجعوا إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد ذهبتم
فيها عريضة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {إن الذين
تولوا منكم يوم التقى الجمعان} ذلك يوم أحد ناس من أصحاب النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم تولوا عن القتال وعن نبي الله يومئذ وكان ذلك من أمر
الشيطان وتخويفه فأنزل الله ما تسمعون أنه قد تجاوز لهم عن ذلك وعفا عنهم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {إن الذين تولوا منكم} يعني انصرفوا عن
القتال منهزمين {يوم التقى الجمعان} يوم أحد حين التقى الجمعان : جمع
المسلمين وجمع المشركين فانهزم المسلمون عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
وبقي في ثمانية عشر رجلا {إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا} يعني حين
تركوا المركز وعصوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال للرماة يوم أحد
لا تبرحوا مكانكم فترك بعضهم المركز {ولقد عفا الله عنهم} حين لم يعاقبهم
فيستأصلهم جميعا {أن الله غفور حليم} فلم يجعل لمن انهزم يوم أحد بعد قتال
بدر النار كما جعل يوم بدر ، فهذه رخصة بعد التشديد
وأخرج أحمد ،
وَابن المنذر عن شقيق قال : لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له
الوليد : ما لي أراك جفوت أمير المؤمنين عثمان فقال له عبد الرحمن : أخبره
أني لم أفر يوم عينين يقول يوم أحد ولم أتخلف عن بدر ولم أترك سنة عمر
فانطلق فخبر بذلك عثمان فقال : أما قوله إني لم أفر يوم عينين فكيف يعيرني
بذلك وقد عفا الله عني فقال {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما
استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم}.
وَأَمَّا قوله :
إني تخلفت يوم بدر فإني كنت أمرض رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى ماتت وقد ضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم ومن ضرب له رسول
الله صلى الله عليه وسلم بسهم فقد شهد.
وَأَمَّا قوله : إني لم أترك سنة عمر فإني لا أطيقها ولا هو فأتاه فحدثه بذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن رجاء بن أبي سلمة قال : الحلم أرفع من العقل لأن الله عز وجل تسمى به.
الآيات 156 - 158.
أخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض} الآية
قال : هذا قول عبد الله بن أبي بن سلول والمنافقين.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لا تكونوا كالذين كفروا
وقالوا لإخوانهم} الآية ، قال : هؤلاء المنافقون أصحاب عبد الله بن أبي
{إذا ضربوا في الأرض} وهي التجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في
قوله {لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} قال : هذا قول الكفار إذا مات
الرجل يقولون : لو كان عندنا ما مات فلا تقولوا كما قال الكفار.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ليجعل
الله ذلك حسرة في قلوبهم} قال : يحزنهم قولهم لا ينفعهم شيئا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {ليجعل الله ذلك
حسرة في قلوبهم} لقلة اليقين بربهم {والله يحيي ويميت} أي يعجل ما يشاء
ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته {ولئن قتلتم في سبيل الله} الآية ، أي إن
الموت كائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل {خير} لو علموا واتقوا
{مما يجمعون} من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما
جمعوا من زهيد الدنيا زهادة في الآخرة !
{ولئن متم أو قتلتم لإلى
الله تحشرون} أي ذلك كائن إذ إلى الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا
ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن العمش أنه قرأ {متم} و(إذا متنا) ، كل شيء في القرآن بكسر الميم.
الآية 159.
أخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {فبما رحمة من الله} يقول : فبرحمة من الله {لنت لهم ولو كنت فظا
غليظ القلب لانفضوا من حولك} أي والله طهره من الفظاظة والغلظة وجعله
قريبا رحيما رؤوفا بالمؤمنين ، وذكر لنا أن نعت محمد صلى الله عليه وسلم
في التوراة ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب في الأسواق ولا يجزى ء بالسيئة
مثلها ولكن يعفو ويصفح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن هذه الآية فقال : هذا خلق محمد صلى الله عليه وسلم نعته الله
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله {لانفضوا من حولك} قال : لانصرفوا عنك.
وأخرج
الحكيم الترمذي ، وَابن عدي بسند فيه متروك عن عائشة قالت : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة
الفرائض.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في "سُنَنِه" عن الحسن في قوله {وشاورهم في الأمر} قال : قد علم
الله أنه ما به إليهم من حاجة ولكن أراد أن يستن به من بعده.
وأخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وشاورهم في
الأمر} قال : أمر الله نبيه أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي
السماء لأنه أطيب لأنفس القوم وإن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرادوا بذلك
وجه الله عزم لهم على رشده.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن
أبي حاتم عن الضحاك قال : ما أمر الله نبيه بالمشاورة إلا لما علم ما فيها
من الفضل والبركة
قال سفيان : وبلغني أنها نصف العقل ، وكان عمربن الخطاب يشاور حتى المرأة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : ما شاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم.
وأخرج
ابن عدي والبيهقي في الشعب بسند حسن عن ابن عباس قال لما نزلت {وشاورهم في
الأمر} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إن الله ورسوله لغنيان
عنها ولكن جعلها الله رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم رشدا ومن تركها
لم يعدم غيا.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما خاب من استخار ولا ندم من استشار.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {وشاورهم في الأمر} قال : أبو بكر وعمر.
وأخرج من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في أبي بكر وعمر.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر
وعمر : لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : ما رأيت أحدا من الناس أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
الطبراني بسند جيد عن ابن عمرو قال : كتب أبو بكر الصديق إلى عمرو : أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشاور في الحرب فعليك به.
وأخرج الحاكم ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم كنت مستخلفا أحدا عن غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب ، وَابن المنذر بسند حسن عن ابن عباس أنه قرأ وشاورهم في بعض الأمر.
وَأخرَج ابن أبي حاتم من طريق ابن سيرين عن عبيدة : (وشاورهم في الأمر) . قال : في الحرب .
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فإذا عزمت فتوكل على الله} قال
: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويستقيم
على أمر الله ويتوكل على الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن جَابر بن زيد وأبي نهيك أنهما قرآ فإذا عزمت يا محمد على أمر فتوكل على الله.
وأخرج ابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزم فقال : مشاورة أهل الرأي ثم أتباعهم.
وأخرج
الحاكم عن الحباب بن المنذر قال أشرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم بدر بخصلتين فقبلهما مني ، خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعسكر خلف الماء فقلت يا رسول الله أبوحي فعلت أو برأي قال : برأي يا حباب
، قلت : فإن الرأي أن تجعل الماء خلفك فإن لجأت لجأت إليه فقبل ذلك مني ،
قال : ونزل جبريل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أي الأمرين أحب
إليك تكون في دنياك مع أصحابك أو ترد على ربك فيما وعدك من جنات النعيم
فاستشار أصحابه فقالوا : يا رسول الله تكون معنا أحب إلينا وتخبرنا بعورات
عدونا وتدعو الله لينصرنا عليهم وتخبرنا من خبر السماء فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ما لك لا تتكلم يا حباب فقلت : يا رسول الله اختر حيث
اختار لك ربك ، فقبل ذلك مني قال الذهبي : حديث منكر
وأخرج ابن سعد
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل منزلا يوم بدر فقال
الحباب بن المنذر : ليس هذا بمنزل انطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم ثم
نبني عليه حوضا ونقذف فيه الآنية فنشرب ونقاتل ونغور ما سواها من القلب ،
فنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : الرأي ما أشار به
الحباب بن المنذر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حباب أشرت
بالرأي فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك.
وأخرج ابن سعد بن
يحيى بن سعيد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استشار الناس يوم بدر فقام
الحباب بن المنذر فقال : نحن أهل الحرب أرى أن تغور المياه إلا ماء واحدا
نلقاهم عليه ، قال : واستشارهم يوم قريظة والنضير فقام الحباب بن المنذر
فقال : أرى أن ننزل بين القصور فنقطع خبر هؤلاء عن هؤلاء وخبر هؤلاء عن
هؤلاء فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله.
الآية 160
أخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن إسحاق في الآية قال : أي إن
ينصرك الله فلا غالب لك من الناس لن يضرك خذلان من خذلك وإن يخذلك فلن
يضرك الناس {فمن ذا الذي ينصركم من بعده} أي لا تترك أمري للناس وارفض
الناس لأمري {وعلى الله} لا
على الناس {فليتوكل المؤمنون}.
الآيات 161 - 163.
أخرج
أبو داود ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم من طريق مقسم عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية {وما كان لنبي أن
يغل} في قطيفة حمراء افتقدت يوم بدر فقال بعض الناس : لعل رسول الله صلى
الله عليه وسلم أخذها ، فأنزل الله {وما كان لنبي أن يغل}.
وأخرج ابن
جرير عن الأعمش قال : كان ابن مسعود يقرأ {وما كان لنبي أن يغل} فقال ابن
عباس : بلى ، ويقتل إنما كانت في قطيفة قالوا : إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم غلها يوم بدر ، فأنزل الله {وما كان لنبي أن يغل}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير قال : نزلت هذه الآية {وما كان لنبي أن يغل} في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من
الغنيمة.
وأخرج
الطبراني بسند جيد عن ابن عباس قال بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جيشا
فردت رايته ثم بعث فردت بغلول رأس غزالة من ذهب ، فنزلت {وما كان لنبي أن
يغل}.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس {وما كان لنبي أن يغل} قال : ما كان للنبي أن يتهمه أصحابه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن ابن عباس قال
: فقدت قطيفة حمراء يوم بدر مما أصيب من المشركين فقال بعض الناس : لعل
النبي
صلى الله عليه وسلم أخذها ، فأنزل الله {وما كان لنبي أن يغل}
قال : خصيف فقلت لسعيد بن جبير {وما كان لنبي أن يغل} يقول : ليخان قال :
بل يغل فقد كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والله يغل ويقتل أيضا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ {وما كان لنبي أن يغل} بنصب الياء ورفع الغين
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي عبد الرحمن السلمي وأبي رجاء ومجاهد وعكرمة ، مثله.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {وما كان لنبي أن يغل} بفتح الياء.
وأخرج
ابن منيع في مسنده عن أبي عبد الرحمن قال : قلت لابن عباس إن ابن مسعود
يقرأ {وما كان لنبي أن يغل} يعني بفتح الغين فقال لي : قد كان له أن يغل
وأن يقتل إنما هي {أن يغل} يعني بضم الغين ، ما كان الله ليجعل نبيا غالا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وما كان لنبي أن يغل} قال : أن
يقسم لطائفة من المسلمين ويترك طائفة ويجور في القسمة ولكن يقسم بالعدل
ويأخذ فيه بأمر الله ويحكم فيه بما أنزل الله يقول : ما كان الله ليجعل
نبيا يغل من أصحابه فإذا فعل ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استسنوا به.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير من طريق سلمة بن نبيط عن الضحاك قال بعث
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طلائع فغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقسم بين الناس ولم يقسم للطلائع شيئا فلما قدمت الطلائع فقالوا : قسم
الفيء ولم
يقسم لنا فأنزل الله {وما كان لنبي أن يغل}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {وما كان لنبي أن يغل} قال : أن يقسم لطائفة ولا يقسم لطائفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {وما كان لنبي أن يغل} قال أن يخون.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن
أنه قرأ {وما كان لنبي أن يغل} بنصب الغين قال : أن يخان.
وأخرج عَبد
بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة والربيع {وما كان لنبي أن يغل} يقول :
ما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه ، وذكر لنا أن هذه الآية نزلت على
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم بدر وقد غل طوائف من أصحابه.
وأخرج
الطبراني والخطيب في تاريخه عن مجاهد قال : كان ابن عباس ينكر على من يقرأ
{وما كان لنبي أن يغل} ويقول : كيف لا يكون له أن يغل وقد كان له أن يقتل
قال الله (و يقتلون الأنبياء بغير حق) (البقرة الآية 61) ولكن المنافقين
اتهموا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في شيء من الغنيمة فأنزل الله {وما
كان لنبي أن يغل}
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن أبي شيبة
والحاكم وصححه عن زيد بن خالد الجهني أن رجلا توفي يوم حنين فذكروا لرسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : صلوا عليه ، فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال
: إن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز اليهود لا
يساوي درهمين.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في النار فيجيئون
بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجاء رجل بعد ذلك بزمام شعر فقال : يا رسول الله
هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة فقال : أسمعت بلالا ثلاثا قال : نعم ، قال
: فا منعك أن تجيء به قال : يا رسول الله أعتذر ، قال : كن أنت تجيء به
يوم القيامة فلن أقبله عنك.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن صالح
بن محمد بن زائدة قال : دخل مسلمة أرض الروم فأتي برجل قد غل فسأل سالما
عنه فقال : سمعت أبي يحدث عن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إذا
وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه ، قال : فوجدنا في متاعه مصحفا
فسئل سالم عنه فقال : بعه وتصدق بثمنه
وأخرج عبد الرزاق في المصنف
عن عبد الله بن شقيق قال أخبرني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
بوادي القرى وجاءه رجل فقال : استشهد مولاك فلان ، قال : بل هو الآن يجر
إلى النار في عباءة غل بها الله ورسوله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر
قال كان على ثقل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة فمات
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو في النار ، فذهبوا ينظرون فوجدوا
عليه عباءة قد غلها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس بن مالك قال قيل يا رسول الله استشهد مولاك فلان قال : كلا ، إني رأيت عليه عباءة قد غلها.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال أهدى رفاعة إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم غلاما فخرج به معه إلى خيبر فنزل بين العصر والمغرب فأتى الغلام سهم
غائر فقتله ، فقلنا هنيئا لك الجنة فقال : والذي نفسي بيده إن شملته لتحرق
عليه الآن في النار غلها من المسلمين ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول
الله أصبت يومئذ شراكين فقال : يقدمنك مثلهما من نار جهنم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن سالم قال : كان أصحابنا يقولون : عقوبة
صاحب الغلول أن يحرق فسطاطه ومتاعه.
وأخرج
الطبراني عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده ، أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال لا إسلال ولا غلول {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}.
وأخرج
الترمذي وحسنه عن معاذ بن جبل قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
اليمن فلما سرت أرسل في أثري فرددت فقال : أتدري لم بعثت إليك لا تصيبن
شيئا بغير إذني فإنه غلول {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} لهذا دعوتك
فامض لذلك.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
عن قتادة قال ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غنم مغنما
بعث مناديه يقول : ألا لا يغلن رجل مخيطا فما فوقه ألا لا أعرفن رجلا يغل
بعيرا يأتي به يوم القيامة حامله على عنقه له رغاء ألا لا أعرفن رجلا يغل
فرسا يأتي به يوم القيامة حامله على عنقه له حمحمة ألا لا أعرفن رجلا يغل
شاة يأتي بها يوم القيامة حاملها على عنقه لها ثغاء يتتبع من ذلك ما شاء
الله أن يتتبع ، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :
اجتنبوا الغلول فإنه عار وشنار ونار.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير والبيهقي
في
الشعب عن أبي هريرة قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فذكر
الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال : ألا لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على
رقبته بعير له رغاء يقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك
من
الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها
حمحمة فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد
أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول : يا
رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك ، لا ألفين
أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول
: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك.
وأخرج هناد ، وَابن أبي حاتم عن
أبي هريرة أن رجلا قال له : أرأيت قول الله {ومن يغلل يأت بما غل يوم
القيامة} هذا يغل ألف درهم وألفي درهم يأتي بها أرأيت من يغل مائة بعير
ومائتي بعير كيف يصنع بها قال : أرأيت من كان ضرسه مثل أحد وفخذه مثل
ورقان وساقه
مثل بيضاء ومجلسه ما بين الربذة إلى المدينة ألا يحمل هذا.
وأخرج
ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن بريدة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : إن الحجر ليزن سبع خلفات ليلقى في جهنم فيهوي
فيها سبعين خريفا ويؤتى بالغلول فيلقى معه ثم يكلف صاحبه أن يأتي به وهو
قول الله {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد
ومسلم وأبو داود عن عدي بن عميرة الكندي قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : يا أيها الناس من عمل منكم لنا في عمل فكتمنا منه مخيطا فما
فوقه فهو غل - وفي لفظ - فإنه غلول يأتي به يوم القيامة.
وأخرج ابن
جرير عن عبد الله بن أنيس ، أنه تذاكر هو وعمر يوما الصدقة فقال : ألم
تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر غلول الصدقة من غل منها بعيرا
أو شاة فانه يحمله يوم القيامة قال عبد الله بن أنيس : بلى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ومن يغلل
يأت بما غل يوم القيامة} يعني يأت بما غل يوم القيامة يحمله على عنقه.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال : لو كنت مستحلا من الغلول القليل لاستحللت
منه الكثير ما من أحد يغل غلولا إلا كلف أن يأتي به من أسفل درك جهنم.
وأخرج
أحمد ، وَابن أبي داود في المصاحف عن خمير بن مالك قال : لما أمر بالمصاحف
أن تغير فقال ابن مسعود : من استطاع منكم أن يغل مصحفه فليغله فإنه من غل
شيئا جاء به يوم القيامة ونعم الغل المصحف يأتي به أحدكم يوم القيامة.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أفمن اتبع رضوان الله} يعني رضا
الله فلم يغلل من الغنيمة {كمن باء بسخط من الله} يعني كمن استجوب سخطا من
الله في الغلول فليس هو بسواء ثم بين مستقرهما فقال للذي يغل {ومأواه جهنم
وبئس المصير} يعني مصير أهل الغلول ثم ذكر مستقر من لا يغل فقال {هم
درجات} يعني فضائل {عند الله والله بصير بما يعملون} يعني بصير بمن غل منكم
ومن لم يغل.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في
قوله {أفمن اتبع رضوان الله} قال : من لم يغل {كمن باء بسخط من الله} كمن
غل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج {أفمن اتبع رضوان
الله} قال : أمر الله في أداء الخمس {كمن باء بسخط من الله} فاستوجب سخطا
من الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {أفمن اتبع رضوان الله} قال : من أدى الخمس.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {أفمن اتبع رضوان الله} يقول : من أخذ
الحلال خير له ممن أخذ الحرام وهذا في الغلول وفي المظالم كلها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {هم درجات عند الله} يقول : بأعمالهم
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {هم درجات
عند الله} قال : هي كقوله (لهم درجات عند الله) (الأنفال الآية 4).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {هم درجات} يقول : لهم درجات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن قوله {هم درجات} قال : للناس درجات بأعمالهم في الخير والشر.
وأخرج
ابن المنذر عن الضحاك {هم درجات عند الله} قال : أهل الجنة بعضهم فوق بعض
فيرى الذي فاق فضله على الذي أسفل منه ولا يرى الذي أسفل منه أنه فضل عليه
أحد.
الآية 164.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب
الإيمان عن عائشة في هذه الآية {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم
رسولا من أنفسهم} قالت : هذه للعرب خاصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : من من
الله عظيم من غير دعوة ولا رغبة من هذه الأمة جعله الله
رحمة لهم يخرجهم من الظلمات الى النور ويهديهم إلى صراط مستقيم بعثه الله إلى قوم لا يعلمون فعلمهم وإلى قوم لا أدب لهم فأدبهم.
الآيات 165 - 168.
أخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أو لما أصابتكم مصيبة}
الآية ، يقول : انكم قد أصبتم من المشركين يوم بدر مثلي ما أصابوا منكم
يوم أحد.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : قتل المسلمون من المشركين يوم
بدر سبعين وأسروا سبعين وقتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين ، فذلك
قوله {قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا} ونحن مسلمون نقاتل غضبا لله وهؤلاء
مشركون {قل هو من عند أنفسكم} عقوبة لكم بمعصيتكم النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم حين قال ما قال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : لما
رأوا من قتل منهم يوم أحد قالوا : من أين هذا ما كان للكفار أن يقتلوا منا
فلما رأى الله ما قالوا من ذلك قال الله : هم بالأسرى الذين أخذتم يوم بدر
فردهم الله بذلك وعجل لهم عقوبة ذلك في الدنيا ليسلموا منها في الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير وابن
مردويه
، عَن عَلِي ، قال : جاء جبريل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال :
يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم
بين أمرين ، إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على أن
يقتل منهم عدتهم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر ذلك لهم
فقالوا : يا رسول الله عشائرنا وإخواننا نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال
عدونا ويستشهد منا بعدتهم فليس في ذلك ما نكره ، فقتل منهم يوم أحد سبعون
رجلا عدة أسارى أهل بدر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن ،
وَابن جريج {قل هو من عند أنفسكم} عقوبة لكم بمعصيتكم النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم حين قال : لا تتبعوهم يوم أحد فاتبعوهم.
وأخرج ابن المنذر من
طريق ابن جريج عن ابن عباس {قلتم أنى هذا} ونحن مسلمون نقاتل غضبا لله
وهؤلاء مشركون ، فقال {قل هو من عند أنفسكم} عقوبة بمعصيتكم النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم حين قال : لا تتبعوهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير عن قتادة في قوله {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها} قال :
أصيبوا يوم أحد قتل منهم سبعون يومئذ وأصابوا مثليها يوم بدر قتلوا من
المشركين سبعين وأسروا سبعين !
{قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم}
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم أحد حين قدم أبو
سفيان والمشركون : أنا في جنة حصينة - يعني بذلك المدينة - فدعوا القوم
يدخلوا علينا نقاتلهم فقال له أناس من الأنصار : إنا نكره أن نقتل في طرق
المدينة وقد كنا نمنع
من الغزو في الجاهلية فبالإسلام أحق أن يمتنع منه
فابرز بنا إلى القوم ، فانطلق فلبس لأمته فتلاوم القوم فقالوا : عرض نبي
الله صلى الله عليه وسلم بأمر وعرضتم بغيره اذهب يا حمزة فقل له أمرنا
لأمرك تبع ، فأتى حمزة فقال له ، فقال : إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن
يضعها حتى يناجز وإنه ستكون فيكم مصيبة ، قالوا : يا نبي الله خاصة أو
عامة قال : سترونها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن إسحاق في
قوله {وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا} فقال : ليميز بين المؤمنين
والمنافقين {وقيل لهم تعالوا قاتلوا} يعني عبد الله بن أبي وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {أو ادفعوا} قال : كثروا بأنفسكم وإن لم تقاتلوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي حازم قال : سمعت سهل بن
سعيد
يقول : لو بعت داري فلحقت بثغر من ثغور المسلمين فكنت بين المسلمين وبين
عدوهم ، فقلت : كيف وقد ذهب بصرك قال : ألم تسمع إلى قول الله {تعالوا
قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا} أسود مع الناس ففعل.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {أو ادفعوا} قال : كونوا سوادا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي عون الأنصاري في قوله {أو ادفعوا} قال : رابطوا.
وأخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذرعن ابن شهاب وغيره قال خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا
بالشرط بين أحد والمدينة انخذل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال :
أطاعهم وعصاني والله ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا فرجع بمن اتبعه من أهل
النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام من بني سلمة يقول :
يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضرهم عدوهم ، قالوا :
لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكن لا نرى أن يكون
قتال.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لو نعلم
قتالا لاتبعناكم} قال : لو نعلم أنا واجدون معكم مكان قتال لاتبعناكم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قالوا : {لو نعلم قتالا لاتبعناكم} قال : نزلت في عبد الله بن أبي.
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في ألف
رجل وقد وعدهم الفتح إن صبروا فلما خرجوا رجع عبد الله بن أبي في ثلاثمائة
فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم فلما غلبوه وقالوا له : ما نعلم قتالا ولئن
أطعتنا لترجعن معنا ، فذكر الله ، فهو قولهم : ولئن أطعتنا لترجعن {الذين
قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا} الآية.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر عن قتادة في قوله {الذين قالوا لإخوانهم} الآية ، قال : ذكر
لنا أنها نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع {الذين قالوا لإخوانهم
وقعدوا} قال : نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي.
وأخرج ابن جرير ، عَن جَابر بن عبد الله في قوله {الذين قالوا لإخوانهم} قال : هو عبد الله بن أبي.
وأخرج عن السدي في الآية قال : هم عبد الله بن أبي وأصحابه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في الآية قال : هو عبد الله بن أبي
الذين قعدوا وقالوا لإخوانهم الذين خرجوا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
يوم أحد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {قل فادرؤوا عن
أنفسكم الموت} أي أنه لا بد من الموت فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم
فافعلوا وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله حرصا على
البقاء في الدنيا وفرارا من الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال : إن الله أنزل على نبيه في القدرية {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا}
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : هم الكفار يقولون لإخوانهم لو كانوا
عندنا ما قتلوا يحسبون أن حضورهم للقتال هو يقدمهم إلى الأجل.
الآيتان 169 - 170.
أخرج
الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه {ولا
تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي الضحى في قوله
{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} قال : نزلت في قتلى أحد
استشهد منهم سبعون رجلا : أربعة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب من بني
هاشم ومصعب بن عمير من بني عبد الدار وعثمان بن شماس من بني مخزوم وعبد
الله بن جحش من بني أسد ، وسائرهم من الأنصار
وأخرج أحمد وهناد ،
وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه
والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار
الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، فلما
وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقبلهم ، قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما
صنع الله لنا - وفي لفظ - قالوا : إنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في
الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله
هؤلاء الآيات {ولا تحسبن الذين قتلوا} الآية ، وما بعدها.
وأخرج
الترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن أبي عاصم في السنة ، وَابن خزيمة
والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عَن جَابر
بن عبد الله قال لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا جابر ما لي
أراك منكسرا قلت : يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالا ودينا فقال : ألا
أبشرك بما لقي الله به أباك قال : بلى ، قال : ما كلم الله أحدا قط إلا من
وراء حجاب وأحيا أباك فكلمه كفاحا وقال : يا عبدي تمن علي أعطك قال : يا
رب تحييني فأقتل فيك ثانية قال الرب تعالى : قد
سبق مني أنهم لا يرجعون ، قال : أي رب فأبلغ من ورائي ، فأنزل الله هذه الآية {ولا
تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} الآية.
وأخرج
الحاكم عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر : ألا أبشرك
، قال : بلى ، قال : شعرت أن الله أحيا أباك فأقعده بين يديه فقال : تمن
علي ما شئت أعطيكه قال : يا رب ما عبدتك حق عبادتك أتمنى أن تردني إلى
الدنيا فأقتل مع نبيك مرة أخرى ، قال : سبق مني أنك إليها لا ترجع.
وأخرج
ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم قالوا : يا ليتنا نعلم ما فعل إخواننا الذين قتلوا يوم أحد
فأنزل الله {ولا تحسبن الذين قتلوا} الآية.
وأخرج ابن جرير عن الربيع
قال : ذكر لنا عن بعضهم في قوله {ولا تحسبن الذين قتلوا} الآية ، قال : هم
قتلى بدر وأحد زعموا أن الله تعالى لما قبض أرواحهم وأدخلهم الجنة جعلت
أرواحهم في طير خضر ترعى في الجنة وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش فلما
رأوا ما أعطاهم الله من الكرامة قالوا : ليت إخواننا الذين بعدنا يعلمون
ما
نحن فيه فإذا شهدوا قتالا تعجلوا إلى ما نحن فيه فقال الله : إني منزل على
نبيكم ومخبر إخوانكم بالذي أنتم فيه ، ففرحوا واستبشروا وقالوا : يخبر
الله إخوانكم ونبيكم بالذي أنتم فيه ، فإذا شهدوا قتالا أتوكم ، فذلك قوله
{فرحين} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن محمد بن قيس بن مخرمة
قال : قالوا يا رب ألا رسول لنا يخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عنا
بما أعطيتنا فقال الله تعالى : أنا رسولكم فأمر جبريل أن يأتي بهذه الآية
{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله} الآيتين.
وأخرج ابن جرير عن
الضحاك قال : لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد لقوا ربهم فأكرمهم فأصابوا
الحياة والشهادة والرزق الطيب قالوا : يا ليت بيننا وبين إخواننا من
يبلغهم أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا فقال الله : أنا رسولكم إلى نبيكم
وإخوانكم فأنزل الله {ولا تحسبن الذين قتلوا} إلى قوله {ولا هم يحزنون}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن إسحاق بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك في أصحاب
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم إلى بئر معونة قال : لا أدري
أربعين أو سبعين وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل فخرج أولئك النفر حتى أتوا
غارا مشرفا
على الماء قعدوا فيه ثم قال بعضهم لبعض : أيكم
يبلغ
رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء فقال أبو ملحان
الأنصاري : أنا ، فخرج حتى أتى خواءهم فاختبأ أمام البيوت ثم قال : يا أهل
بئر معونة إني رسول رسول الله إليكم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا عبده ورسوله فآمنوا بالله ورسوله ، فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح
فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر ، فقال : الله أكبر فزت ورب الكعبة
فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار فقتلهم عامر بن الطفيل ، فحدثني
أنس أن الله أنزل فيهم قرآنا : بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي
عنا ورضينا عنه ، ثم نسخت فرفعت بعدما قرأناه زمانا وأنزل الله {ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء} الآية.
وأخرج ابن المنذر من
طريق طلحة بن نافع عن أنس قال : لما قتل حمزة وأصحابه يوم أحد قالوا : يا
ليت لنا مخبرا يخبر إخواننا بالذي صرنا إليه من الكرامة لنا ، فأوحى إليهم
ربهم أنا رسولكم إلى إخوانكم ، فأنزل الله {ولا تحسبن الذين قتلوا} إلى
قوله {لا يضيع أجر المؤمنين}
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن سعيد
بن جبير قال : لما أصيب حمزة وأصحابه بأحد قالوا : ليت من خلفنا علموا ما
أعطانا الله من الثواب ليكون أحرى لهم فقال الله : أنا أعلمهم فأنزل الله
{ولا تحسبن الذين قتلوا} الآية.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والفريابي
وسعيد بن منصور وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن مسروق
قال : سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية {ولا تحسبن الذين قتلوا في
سبيل الله أمواتا} فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك أرواحهم في جوف طير خضر
- ولفظ عبد الرزاق - أرواح الشهداء عند الله كطير خضر لها قناديل معلقة
بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم
إطلاعة فقال : هل تشتهون شيئا قالوا : أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة
حيث شئنا ، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لم يتركوا من أن يسألوا
قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى
، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا
وأخرج عبد الرزاق عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه قال في الثالثة حين قال لهم :
هل تشتهون من شيء قالوا : تقرى ء نبينا السلام وتبلغه أنا قد رضينا ورضي عنا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {بل أحياء عند
ربهم يرزقون} قال : يرزقون من ثمر الجنة ويجدون ريحها وليسوا فيها.
وأخرج
ابن جرير عن قتادة في الآية قال : كنا نحدث أن أرواح الشهداء تعارف في طير
بيض تأكل من ثمار الجنة وأن مساكنهم سدرة المنتهى وأن للمجاهد في سبيل
الله ثلاث خصال : من قتل في سبيل الله منهم صار حيا مرزوقا ومن غلب آتاه
الله أجرا عظيما ومن مات رزقه الله رزقا حسنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {بل أحياء} قال : في صور طير خضر يطيرون في الجنة حيث شاؤوا منها يأكلون من حيث شاؤوا.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : أرواح الشهداء في طير بيض في الجنة
وأخرج
ابن جرير من طريق الإفريقي عن ابن بشار الأسلمي أو أبي بشار قال : أرواح
الشهداء في قباب بيض من قباب الجنة في كل قبة زوجتان رزقهم في كل يوم ثور
وحوت ، فأما الثور ففيه طعم كل ثمرة في الجنة وأما الحوت ففيه طعم كل شراب
في الجنة.
وأخرج ابن جرير عن السدي أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر
في قناديل من ذهب معلقة بالعرش فهي ترعى بكرة وعشية في الجنة وتبيت في
القناديل.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن ابن عباس قال : أرواح الشهداء تجول في أجواف طير خضر تعلق في ثمر الجنة.
وأخرج
هناد بن السري في كتاب الزهد ، وَابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن أرواح الشهداء في طير خضر ترعى في
رياض الجنة ثم يكون مأواها إلى قناديل معلقة بالعرش فيقول الرب : هل
تعلمون كرامة أكرم من كرامة أكرمتكموها فيقولون : لا ، إلا أنا وددنا أنك
أعدت أرواحنا في أجسادنا حتى نقاتل فنقتل مرة أخرى في سبيلك.
وأخرج
هناد في الزهد ، وَابن أبي شيبة في المصنف عن أبي بن كعب قال : الشهداء في
قباب من رياض بفناء الجنة يبعث إليهم ثور وحوت فيعتركان فيلهون بهما فإذا
احتاجوا إلى شيء عقر أحدهما صاحبه فيأكلون منه فيجدون فيه طعم كل شيء في
الجنة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن حبان والحاكم وصححه
والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج إليهم رزقهم من الجنة
غدوة وعشية.
وأخرج هناد في الزهد من طريق ابن إسحاق عن إسحاق بن عبد
الله بن أبي فروة قال : حدثنا بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : إن الشهداء ثلاثة فأدنى الشهداء عند الله منزلة رجل خرج منبوذا
بنفسه وماله لا يريد أن يقتل ولا يقتل أتاه سهم غرب فأصابه فأول قطرة تقطر
من دمه يغفر له ما
تقدم من ذنبه ثم يهبط الله جسدا من السماء يجعل
فيه روحه ثم يصعد به إلى الله فما يمر بسماء من السموات إلا شيعته
الملائكة حتى ينتهي إلى الله فإذا انتهى الى الله وقع ساجدا ثم يؤمر به
فيكسى سبعين حلة من الاستبرق ثم يقال : اذهبوا به إلى إخوانه من الشهداء
فاجعلوه معهم فيؤتى به إليهم وهم في قبة خضراء عند باب الجنة يخرج عليهم
غداؤهم من الجنة.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : ما زال ابن آدم يتحمد حتى صار حيا ما يموت ثم تلا هذه الآية {أحياء عند ربهم يرزقون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {فرحين بما آتاهم الله من فضله} قال : بما هم فيه من الخير والكرامة والرزق.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم}
قال : لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا : يا ليت
إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما صرنا فيه من الكرامة فإذا شهدوا القتال
باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبون ما أصابنا من الخير فأخبر النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة وأخبرهم أني قد أنزلت
على نبيكم
وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه من الكرامة فاستبشروا بذلك ،
فذلك قوله {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم} يعني إخوانهم من أهل
الدنيا أنهم سيحرصون على الجهاد ويلحقون بهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم عن السدي في قوله {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم} قال
: إن الشهيد يؤتى بكتاب فيه من يقدم عليه من إخوانه
وأهله يقال : يقدم
عليك فلان يوم كذا وكذا يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، فيستبشر حين يقدم
عليه كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا.
الآية 171.
أخرج ابن
أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {يستبشرون بنعمة من الله وفضل} الآية ، قال :
هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم سوى الشهداء وقلما ذكر الله فضلا ذكر به
الأنبياء وثوابا أعطاهم إلا ذكر ما أعطى المؤمنين من بعدهم.
وأخرج
الحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم يقول إذا ذكر أصحاب أحد : والله لوددت أني غودرت مع أصحابي
بنحص الجبل نحص الجبل : أصله.
وأخرج
الحاكم وصححه ، عَن جَابر قال فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين
فاء الناس من القتال فقال رجل : رأيته عند تلك الشجيرات وهو يقول : أنا
أسد الله وأسد رسوله اللهم أبرأ مما جاء به هؤلاء ، أبو سفيان وأصحابه
وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء بانهزامهم ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
نحوه فلما رأى جثته بكى ولما رأى ما مثل به شهق ثم قال : ألا كفن فقام رجل
من الأنصار فرمى بثوب عليه ثم قام آخر فرمى بثوب عليه ثم قال جابر : هذا
الثوب لأبيك وهذا لعمي ثم جيء بحمزة فصلى عليه ثم يجاء بالشهداء فتوضع إلى
جانب حمزة فيصلى عليهم يرفع ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم قال :
فرجعت وأنا مثقل قد ترك أبي علي دينا وعيالا فلما كان عند الليل أرسل إلي
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا جابر إن الله أحيا أباك وكلمه قلت
: وكلمه كلاما قال : قال له : تمن ، ، فقال : أتمنى أن ترد روحي وتنشى ء
خلقي كما كان وترجعني إلى نبيك فأقاتل في سبيلك فأقتل مرة أخرى ، قال :
إني قضيت أنهم لا يرجعون وقال : قال صلى الله عليه وسلم : سيد
الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة.
وأخرج
ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن أنس قال كفن حمزة في نمرة كانوا إذا مدوها
على رأسه خرجت رجلاه فأمرهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يمدوها على
رأسه
ويجعلوا على رجليه من الأذخر وقال : لولا أن تجزع صفية لتركنا حمزة فلم ندفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد
: من رأى مقتل حمزة فقال رجل : أنا ، ، قال : فانطلق فأرناه ، فخرج حتى
وقف على حمزة فرآه قد بقر بطنه وقد مثل به فكره رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن ينظر إليه ووقف بين ظهراني القتلى وقال : أنا شهيد على هؤلاء
القوم لفوهم في دمائهم فإنه ليس جريح يجرح إلا جرحه يوم القيامة يدمى لونه
لون الدم وريحه ريح المسك قدموا أكثر القوم قرآنا فاجعلوه في اللحد.
وأخرج
النسائي والحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص أن رجلا جاء إلى الصلاة والنبي
صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فقال حين انتهى إلى الصف : اللهم آتني أفضل
ما تؤتي عبادك الصالحين فلما قضى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الصلاة قال
: من المتكلم آنفا فقال : أنا ، ، فقال : إذن يعقر جوادك وتستشهد في سبيل
الله
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والحاكم عن أنس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله له : يا ابن
آدم كيف وجدت منزلك فيقول : أي رب خير منزل فيقول : سل وتمن فيقول : أسألك
أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مرات لما رأى من فضل الشهادة ،
قال : ويؤتى بالرجل من أهل النار فيقول الله : يا ابن آدم كيف وجدت منزلك
فيقول : أي رب شر منزل فيقول : فتفتدي منه بطلاع الأرض ذهبا فيقول : نعم ،
فيقول : كذبت قد سألتك دون ذلك فلم تفعل.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي
، وَابن ماجة ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة
يدخلون النار فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة
ربه ونصح لسيده وعفيف متعفف ذو عيال.
وَأَمَّا أول ثلاثة يدخلون النار فأمير مسلط وذو ثروة من مال لا يؤدي حق الله في ماله وفقير فخور.
وأخرج
الحاكم عن سهل بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : إن أول ما يهراق من دم الشهيد يغفر له ذنوبه
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صبر حتى يقتل أو يغلب لم يفتن في قبره.
وأخرج
ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري عن أنس ، أن حارثة بن سراقة خرج
نظارا فأتاه سهم فقتله فقالت أمه : يا رسول الله قد عرفت موضع حارثة مني
فإن كان في الجنة صبرت وإلا رأيت ما أصنع قال : يا أم حارثة إنها ليست
بجنة ولكنها جنان كثيرة وإن حارثة لفي أفضلها ، أو قال : في أعلى الفردوس.
وأخرج
أحمد والنسائي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما
على الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم إلا القتيل في
سبيل الله فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن
حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والبيهقي في الشعب عن أنس عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال ما من أهل الجنة أحد يسره أن يرجع إلى الدنيا وله
عشر أمثالها إلا الشهيد فإنه ود أنه لو رد إلى الدنيا عشر مرات فاستشهد
لما يرى من فضل الشهادة
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي عن قيس
الجذامي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للقتيل عند الله ست
خصال : تغفر له خطيئته في أول دفعة من دمه ويجار من عذاب القبر ويحلى حلة
الكرامة ويرى مقعده من الجنة ويؤمن من الفزع الأكبر ويزوج من الحور العين.
وأخرج
الترمذي وصححه ، وَابن ماجة والبيهقي عن المقدام بن معديكرب عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال إن للشهيد عند الله خصالا ، يغفر له في أول دفعة
من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلى عليه حلية الإيمان ويجار من عذاب القبر
ويأمن يوم الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من
الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين
إنسانا من أقاربه.
وأخرج أحمد والطبراني من حديث عبادة بن الصامت ، مثله.
وأخرج
البزار والبيهقي والأصبهاني في ترغيبه بسند ضعيف عن أنس بن مالك قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : الشهداء ثلاثة : رجل خرج بنفسه وماله محتسبا في
سبيل الله
يريد أن لا يقتل ولا يقتل ولا يقاتل يكثر سواد المؤمنين فإن
مات وقتل غفرت له ذنوبه كلها وأجير من عذاب القبر وأومن من الفزع الأكبر
وزوج من الحور العين وحلت عليه حلة الكرامة
ووضع على رأسه تاج
الوقار والخلد ، والثاني رجل خرج بنفسه وماله محتسبا يريد أن يقتل ولا
يقتل فإن مات أو قتل كانت ركبته مع ركبة خليل الرحمن بين يدي الله في مقعد
صدق عند مليك مقتدر ، والثالث رجل خرج بنفسه وماله محتسبا يريد أن يقتل
ويقتل فإن مات أو قتل جاء يوم القيامة شاهرا سيفه واضعه على عاتقه والناس
جاثون على الركب يقول : ألا أفسحوا لنا مرتين ، فإنا قد بذلنا دماءنا
وأموالنا لله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو قال
ذلك لإبراهيم خليل الرحمن أو لنبي من الأنبياء لتنحى لهم عن الطريق لما
يرى من واجب حقهم حتى يأتوا منابر من نور عن يمين العرش فيجلسون فينظرون
كيف يقضى بين الناس لا يجدون غم الموت ولا يغتمون في البرزخ ولا تفزعهم
الصيحة ولا يهمهم الحساب ولا الميزان ولا الصراط ينظرون كيف يقضي بين
الناس ولا يسألون شيئا إلا أعطوا ولا يشفعون في شيء إلا شفعوا ويعطون من
الجنة ما أحبوا وينزلون من الجنة حيث أحبوا.
وأخرج أحمد والطبراني ،
وَابن حبان والبيهقي عن عتبة بن عبد السلمي قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : القتلى ثلاثة : رجل مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى
إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل فذاك الشهيد
الممتحن في خيمة الله
تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة ، ورجل مؤمن قرف على نفسه من
الذنوب والخطايا جاهد بماله ونفسه في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتل
حتى يقتل فتلك ممصمصة تحط ذنوبه وخطاياه ، إن السيف محاء للخطايا وأدخل من
أي أبواب الجنة شاء فإن لها ثمانية أبواب ولجهنم سبعة أبواب وبعضها أفضل
من بعض ، ورجل منافق جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العد قاتل في سبيل الله
حتى يقتل فإن ذلك في النار إن السيف لا يمحو النفاق.
وأخرج أحمد والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين.
وأخرج
أحمد عن عبد الله بن جحش أن رجلا قال : يا رسول الله ما لي إن قتلت في
سبيل الله قال : الجنة ، فلما ولى قال : إلا الدين سارني به
جبريل آنفا.
وأخرج
أحمد والنسائي عن ابن أبي عميرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
ما من نفس مسلمة يقبضها ربها تحب أن ترجع إليكم وإن لها الدنيا وما فيها
غير الشهيد ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن أقتل في سبيل الله
أحب إلي من أن يكون لي أهل الوبر والمدر.
وأخرج الترمذي وصححه والنسائي
، وَابن ماجة ، وَابن حبان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة.
وأخرج
الطبراني عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا وقف العباد
للحساب جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما فازدحموا على باب الجنة
فقيل : من هؤلاء قيل : الشهداء كانوا مرزوقين.
وأخرج أحمد وأبو يعلى
والبيهقي في الأسماء والصفات عن نعيم بن همار أن رجلا سأل رسول الله صلى
الله عليه وسلم أي الشهداء أفضل قال : الذين ان
يلقوا في الصف لا
يلفتوا وجوههم حتى يقتلوا أولئك ينطلقون في العرف العالي من الجنة ويضحك
إليهم ربهم ، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه.
وأخرج
الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أفضل الجهاد عند الله يوم القيامة الذين يلتقون في الصف الأول فلا يلفتون
وجوههم حتى يقتلوا أولئك يتلبطون في الغرف من الجنة يضحك إليهم ربك وإذا
ضحك إلى قوم فلا حساب عليهم.
وأخرج ابن ماجة عن أبي هريرة قال : ذكر
الشهيد عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : لا تجف الأرض من دم
الشهيد حتى تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أضلتا فصيلهما في براح من الأرض
وفي يد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها.
وأخرج النسائي عن
راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال :
يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد قال : كفى
ببارقة السيوف على رأسه فتنة
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس أن رجلا
أسود أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني رجل أسود
منتن الريح قبيح الوجه لا مال لي فإن أنا قاتلت هؤلاء حتى أقتل فأين أنا
قال : في الجنة ، فقاتل حتى قتل ، فأتاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقال
: قد بيض الله وجهك وطيب ريحك وأكثر مالك ، وقال لهذا أو لغيره : لقد رأيت
زوجته من الحور العين نازعته جبة له صوفا تدخل بينه وبين جبته.
وأخرج
البيهقي عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مر بخباء أعرابي وهو
في أصحابه يريدون الغزو فرفع الأعرابي ناحية من الخباء فقال : من القوم
فقيل : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يريدون الغزو فسار معهم فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنه لمن ملوك الجنة ،
فلقوا العدو فاستشهدوا خبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فقعد
عند رأسه مستبشرا يضحك ثم أعرض عنه ، فقلنا : يا رسول الله رأيناك مستبشرا
تضحك ثم أعرضت عنه فقال : أما ما رأيتم من استبشاري فلما رأيت من كرامة
روحه على الله وأما إعراضي عنه فإن زوجته من الحور العين الآن عند رأسه.
وأخرج
عناد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال أن
أول قطرة تقطر من دم الشهيد يغفر له بها ما تقدم من ذنبه ثم
يبعث
الله ملكين بريحان من الجنة وريطة من الجنة وعلى أرجاء السماء ملائكة
يقولون : سبحان الله قد جاء من الأرض اليوم ريح طيبة ونسمة طيبة ، فلا يمر
بباب إلا فتح له ولا يمر بملك إلا صلى عليه وشيعه حتى يؤتى به إلى الرحمن
فيسجد له قبل الملائكة وتسجد الملائكة بعده ثم يأمر به إلى الشهداء فيجدهم
في رياض خضر وقباب من حرير عند ثور وحوت يلعبان لهم كل يوم لعبة لم يلعبا
بالأمس مثلها فيظل الحوت في أنهار الجنة فإذا أمسى وكزه الثور بقرنه فذكاه
لهم فأكلوا من لحمه فوجدوا من لحمه طعم كل رائحة من أنهار الجنة ويبيت
الثور نافشا في الجنة فإذا أصبح غدا عليه الحوت فوكزه بذنبه فأكلوا من
لحمه فوجدوا في لحمه طعم كل ثمرة من ثمار الجنة ينظرون إلى منازلهم بكرة
وعشية يدعون الله أن تقوم الساعة ، وإذا توفى المؤمن بعث الله ملكين
بريحان من ريحان الجنة وخرقة من الجنة تقبض فيها نفسه ويقال : اخرجي أيتها
النفس المطمئنة إلى روح وريحان ورب عليك غير غضبان ، فتخرج كأطيب رائحة
وجدها أحد قط بأنفه وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون : سبحان الله قد جاء
اليوم من الأرض ريح طيبة ونسمة طيبة ، فلا يمر بباب إلا فتح له ولا بملك
إلا صلى عليه وشيعه حتى يؤتى به إلى
الرحمن ، فتسجد الملائكة قبله
ويسجد بعدهم ثم يدعى بميكائيل فيقول : اذهب بهذه النفس فاجعلها مع أنفس
المؤمنين حتى أسألك عنهم يوم القيامة ويؤمر به إلى قبر ويوسع سبعين طوله
وسبعين عرضه وينبذ له فيه ريحان ويشيد بالحرير فإن كان معه
شيء من
القرأن كسى نوره وإن لم يكن معه شيء من القرآن جعل له نور مثل الشمس فمثله
كمثل العروس لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، وإن الكافرإذا توفي بعث الله
إليه ملكين بخرقة من بجاد أنتن من كل نتن وأخشن من كل خشن فيقال : أخرجي
أيتها النفس الخبيثة ولبئس ما قدمت لنفسك ، فتخرج كأنتن رائحة وجدها أحد
قط ثم يؤمر به في قبره فيضيق عليه حتى تختلف فيه أضلاعه ويرسل عليه حيات
كأعناق البخت يأكلن لحمه وتقبض له ملائكة صم بكم عمي لا يسمعون له صوتا
ولا يرونه فيرحمونه ولا يملون إذا ضربوا يدعون الله أن يديم ذلك عليه حتى
يخلص إلى النار.
وأخرج الطيالسي والترمذي وحسنه والبيهقي في الشعب عن
عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الشهداء أربعة :
فمؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله فقاتل حتى يقتل فذلك الذي يرفع
الناس إليه أعينهم ورفع رأسه حتى وقعت قلنسوة كانت على رأسه أو رأس عمر
فهذا في الدرجة الأولى ورجل مؤمن جيد الإيمان إذا لقي العدو فكأنما يضرب
جلده بشوك الطلح من الجبن أتاه سهم غرب فقتله فهذا في
الدرجة
الثانية ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله فقتل
فهذا في الدرجة الثالثة ورجل أسرف على نفسه فلقي العدو فقاتل حتى يقتل
فهذا في الدرجة الرابعة.
وأخرج أبو داود ، وَابن حبان عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته.
وأخرج
الطبراني والبيهقي في البعث والنشور عن يزيد بن شجرة أنه كان يقول : إذا
صف الناس للصلاة وصفوا للقتال فتحت أبواب السماء وأبواب الجنة وأبواب
النار وزين الحور العين وأطلقن فإذا أقبل الرجل قلن اللهم انصره وإذا أدبر
احتجبن عنه وقلن اللهم اغفر له ، فأنهكوا وجوه القوم ولا تخزوا الحور
العين فإن أول قطرة تقطر من دم أحدكم يكفر عنه كل شيء عمله وينزل إليه
زوجتان من الحور العين يمسحان التراب عن وجهه ويقولان : قد أنالك ويقول :
قد أنالكما.
ثم يكسى مائة حلة ليس من
نسج بني آدم ولكن من نبت الجنة لو وضعن بين أصبعين لوسعن ، وكان يقول : إن السيوف مفاتيح الجنة.
وأخرج
البيهقي في الشعب عن أبي بكر محمد بن أحمد التميمي قال : سمعت قاسم بن
عثمان الجوعي يقول : رأيت في الطواف حول البيت رجلا لا يزيد على قوله :
اللهم قضيت حاجة المحتاجين وحاجتي لم تقض فقلت له : ما لك لا تزيد على هذا
الكلام فقال : أحدثك ، كنا سبعة رفقاء من بلدان شتى غزونا أرض العدو
فاستؤسرنا كلنا فاعتزل بنا لتضرب أعناقنا فنظرت إلى السماء فإذا سبعة
أبواب مفتحة عليها سبع جوار من الحور العين على كل باب جارية فقدم رجل منا
فضربت عنقه فرأيت الجارية في يدها منديل قد هبطت إلى الأرض حتى ضربت أعناق
ستة وبقيت أنا وبقي باب وجارية ، فلما قدمت لتضرب عنقي استوهبني بعض رجاله
فوهبني له فسمعتها تقول : أي شيء فاتك يا محروم وأغلقت الباب وأنا يا أخي
متحسر على ما فاتني ، قال قاسم بن عثمان : أراه أفضلهم لأنه رأى ما لم
يروا وترك يعمل على الشوق.
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي في
الأسماء والصفات واللفظ له عن ابن مسعود : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين حبه وأهله
إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة
مما عندي ورجل غزا في سبيل الله
فانهزم أصحابه فعلم ما عليه في الإنهزام وما له في الرجوع فرجع حتى أهريق
دمه ، فيقول الله لملائكته : انظروا الى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقة
مما عندي حتى أهريق دمه.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي
الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة يحبهم الله ويضحك
إليهم ويستبشر بهم : الذي إذا انكشف فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل
فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله تعالى ويكفيه فيقول : انظروا إلى عبدي
كيف صبر لي نفسه ، والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن فيقوم من الليل
فيذر شهوته فيذكرني ويناجيني ولو شاء رقد والذي إذا كان في سفر وكان معه
ركب فسهروا ونصبوا ثم هجعوا فقام من السحر في سراء أو ضراء.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من سأل الله القتل في سبيل الله صادقا ثم مات أعطاه الله أجر شهيد.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة والحاكم عن سهل ابن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.
وأخرج أحمد ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه.
الآيات 172 - 175.
أخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمراء الأسد
وقد أجمع أبو سفيان بالرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
وقالوا : رجعنا قبل أن نستأصلهم لنكرن على بقيتهم ، فبلغه أن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم خرج في أصحابه يطلبهم فثنى ذلك أبا سفيان وأصحابه ومر
ركب من عبد القيس فقال لهم أبو سفيان : بلغوا محمدا أنا قد أجمعنا الرجعة
الى أصحابه لنستأصلهم ، فلما مر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم
بحمراء الأسد أخبروه بالذي قال أبو سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم والمؤمنون معه {حسبنا الله ونعم الوكيل} فأنزل الله في ذلك {الذين
استجابوا لله والرسول} الآيات
وأخرج موسى بن عقبة في مغازيه
والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
استنفر المسلمين لموعد أبي سفيان بدرا فاحتمل الشيطان أولياءه من الناس
فمشوا في الناس يخوفونهم وقالوا : قد أخبرنا أن قد جمعوا لكم من الناس
مثل
الليل يرجون أن يواقعوكم فينتهبوكم فالحذر الحذر ، ، فعصم الله المسلمين
من تخويف الشيطان فاستجابوا لله ورسوله وخرجوا ببضائع لهم وقالوا : إن
لقينا أبا سفيان فهو الذي خرجنا له وإن لم نلقه ابتعنا بضائعنا ، فكان
بدرا متحجرا يوافي كل عام فانطلقوا حتى أتوا موسم بدر فقضوا منه حاجتهم
وأخلف أبو سفيان الموعد فلم يخرج هو ولا أصحابه ومر عليهم ابن حمام فقال :
من هؤلاء قالوا : رسول الله وأصحابه ينتظرون أبا سفيان ومن معه من قريش ،
فقدم على قريش فأخبرهم فأرعب أبو سفيان ورجع إلى مكة وانصرف رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى المدينة بنعمة من الله وفضل فكانت تلك الغزوة تدعى
غزوة جيش السويق وكانت في شعبان سنة ثلاث.
وأخرج ابن جرير من طريق
العوفي عن ابن عباس قال إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب يوم أحد بعد
الذي كان منه فرجع إلى مكة فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن أبا
سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب وكانت وقعة أحد
في شوال وكان التجار يقدمون المدينة في ذي
القعدة فينزلون ببدر
الصغرى في كل سنة مرة وإنهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المؤمنين القرح
واشتكوا ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم واشتد عليهم الذي أصابهم
وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس لينطلقوا معه وقال : إنما
ترتحلون الآن فتأتون الحج ولا تقدرون على مثلها حتى عام مقبل ، فجاء
الشيطان فخوف أولياءه فقال {إن الناس قد جمعوا لكم} فأبى الناس أن يتبعوه
فقال : إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد ، فانتدب معه أبو بكر وعمر وعلي وعثمان
والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن
اليمان وأبو عبيدة بن الجراح ، في سبعين رجلا فساروا في طلب أبي سفيان
فطلبوه حتى بلغوا الصفراء فأنزل الله {الذين استجابوا لله والرسول} الآية.
وأخرج
النسائي ، وَابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح من طريق عكرمة عن ابن عباس
قال : لما رجع المشركون عن أحد قالوا : لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم
، بئسما صنعتم ارجعوا ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فندب
المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد ، أو بئر أبي عنبة
شك سفيان فقال المشركون : نرجع قابل ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت تعد غزوة ، فأنزل الله {الذين استجابوا لله والرسول}
الآية
، وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه وسلم : موعدكم موسم بدر حيث
قتلتم أصحابنا فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة ،
فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا ، فأنزل الله {فانقلبوا بنعمة من الله
وفضل} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال :
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر الصغرى وبهم الكلوم خرجوا لموعد
أبي سفيان فمر بهم أعرابي ثم مر بأبي سفيان وأصحابه وهو يقول : ونفرت من
رفقتي محمد * وعجوة منثورة كالعنجد فتلقاه أبو سفيان فقال : ويلك ما تقول
، ، فقال : محمد وأصحابه تركتهم ببدر الصغرى فقال أبو سفيان : يقولون
ويصدقون ونقول ولا نصدق وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من
الأعراب وانقلبوا قال عكرمة : ففيهم أنزلت هذه الأية {الذين استجابوا لله
والرسول} إلى قوله {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من
المسلمين
ما أصابوا ورجعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أبا سفيان قد
رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب فمن ينتدب في طلبه فقام النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأناس من أصحاب النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم ، فتبعوهم فبلغ أبا سفيان أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
يطلبه فلقي عيرا من التجار فقال : ردوا محمدا ولكم من الجعل كذا وكذا ،
وأخبروهم أني قد جمعت لهم جموعا وأني راجع إليهم ، فجاء التجار فأخبروا
بذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم :
حسبنا الله ، فأنزل الله {الذين استجابوا لله والرسول} الآية.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال أخبرت أن أبا سفيان لما راح هو
وأصحابه يوم أحد منقلبين قال المسلمون للنبي صلى الله عليه وسلم : إنهم
عامدون إلى المدينة يا رسول الله ، فقال : إن ركبوا الخيل وتركوا الأثقال
فهم عامدوها وإن جلسوا على الأثقال وتركوا الخيل فقد أرعبهم الله فليسوا
بعامديها ، فركبوا الأثقال ، ثم ندب أناسا يتبعونهم ليروا أن بهم قوة
فاتبعوهم ليلتين أو ثلاثا فنزلت {الذين استجابوا لله والرسول} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن ماجة وابن
جرير
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عائشة في قوله
{الذين استجابوا لله والرسول} الآية ، قالت لعروة : يا ابن أختي كان أبواك
منهم : الزبير وأبو بكر لما أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم
ما
أصاب يوم أحد انصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال : من يرجع في أثرهم
فانتدب منهم سبعون رجلا ، فيهم أبو بكر والزبير فخرجوا في آثار القوم
فسمعوا بهم فانصرفوا بنعمة من الله وفضل ، قال : لم يلقوا عدوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : نزلت هذه الآية فينا ثمانية عشر رجلا {الذين استجابوا لله والرسول} الأية.
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة قال : كان يوم أحد السبت للنصف من شوال فلما كان الغد
من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه
وسلم في الناس بطلب العدو وأذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحدا إلا من حضر
يومنا بالأمس فكلمه جابر عن عبد الله فقال : يا رسول الله إن أبي كان
خلفني على أخوات لي سبع وقال : يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك
هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم على نفسي فتخلف على أخواتك فتخلفت عليهن ، فأذن له
رسول
الله صلى الله عليه وسلم فخرج معه ، وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم ترعيبا للعدو ليبلغهم أنه خرج في طلبهم ليظنوا به قوة وأن الذي
أصابهم لم يوهنهم من عدوهم.
وأخرج ابن إسحاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان أن رجلا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الأشهل كان شهد أحدا قال :
شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا أنا وأخ لي فرجعنا جريحين فلما
أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي أو قال
لي : تفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا من دابة نركبها
وما منا إلا جريح ثقيل ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت
أيسر جرحا منه فكنت إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما
انتهى إليه المسلمون فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى
حمراء الأسد ، وهي من المدينة على ثمانية أميال فأقام بها ثلاثا ، الإثنين
والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة ، فنزل {الذين استجابوا لله
والرسول} الآية.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم قال : كان عبد الله من {الذين استجابوا لله والرسول}.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {من بعد ما أصابهم
القرح} قال : الجراحات.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه كان يقرأ {من بعد ما أصابهم القرح}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : افصلوا بينهما قوله {للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس}.
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال : لما ندم أبو سفيان وأصحابه على الرجوع عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا : ارجعوا فاستأصلوهم ، فقذف الله
في قلوبهم الرعب فهزموا فلقوا أعرابيا فجعلوا له جعلا فقالوا له : إن لقيت
محمدا وأصحابه فأخبرهم أنا قد جمعنا لهم ، فأخبر الله رسوله صلى الله عليه
وسلم فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد فلقوا الأعرابي في الطريق فأخبرهم الخبر
فقالوا : {حسبنا الله ونعم الوكيل} ثم رجعوا من حمراء الأسد ، فأنزل الله
فيهم وفي الأعرابي الذي لقيهم {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم
فاخشوهم} الآية.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبزى {الذين قال لهم الناس} قال : أبو سفيان ، قال لقوم : إن لقيتم أصحاب محمد فأخبروهم أنا قد جمعنا لهم
جموعا ، فأخبروهم فقالوا {حسبنا الله ونعم الوكيل}.
وأخرج
ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : استقبل أبو سفيان في منصرفه من
أحد عيرا واردة المدينة ببضاعة لهم وبينهم وبين النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم جبال فقال : إن لكم علي رضاكم إن أنتم رددتم عني محمدا ومن معه إن
أنتم وجدتموه في طلبي أخبرتموه أني قد جمعت له جموعا كثيرة فاستقبلت العير
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : يا محمد إنا نخبرك أن أبا سفيان
قد جمع لك جموعا كثيرة وأنه مقبل إلى المدينة وإن شئت أن ترجع فافعل ، فلم
يزده ذلك ومن معه إلا يقينا {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} فأنزل الله
{الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصابة
من
أصحابه بعدما انصرف أبو سفيان وأصحابه من أحد خلفهم حتى إذا كانوا بذي
الحليفة فجعل الأعراب والناس يأتون عليهم فيقولون لهم : هذا أبو سفيان
مائل عليكم بالناس فقالوا {حسبنا الله ونعم
الوكيل} فأنزل الله {الذين قال لهم الناس} الآية.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {الذين قال لهم
الناس} الآية ، قال : إن أبا سفيان كان أرسل يوم أحد أو يوم الأحزاب إلى
قريش وغطفان وهوازن يستجيشهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه فقيل : لو ذهب نفر من المسلمين
فأتوكم بالخبر فذهب نفر حتى إذا كانوا بالمكان الذي ذكر لهم أنهم فيه لم
يروا أحدا فرجعوا.
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أنس أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم أتى يوم أحد فقيل له : يا رسول الله {إن الناس قد جمعوا
لكم فاخشوهم} فقال {حسبنا الله ونعم الوكيل} فأنزل الله {الذين قال لهم
الناس} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة
فقال : إن القوم قد جمعوا لكم {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} فنزلت فيهم
هذه الآية ،.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا
لكم} قال : هذا أبو سفيان قال لمحمد يوم أحد : موعدكم بدر حيث قتلتم
أصحابنا
فقال محمد صلى الله عليه وسلم : عسى ، فانطلق رسول الله صلى
الله عليه وسلم لموعده حتى نزل بدرا فوافوا السوق فابتاعوا فذلك قوله
{فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء} وهي غزوة بدر الصغرى.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة
قال : كانت بدرا متجرا في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
واعد أبا سفيان أن يلقاه بها فلقيهم رجل فقال له : إن بهما جمعا عظيما من
المشركين ، فأما الجبان فرجع.
وَأَمَّا الشجاع فأخذ أهبة التجارة وأهبة
القتال ، {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} ثم خرجوا حتى جاؤوها فتسوقوا
بها ولم يلقوا أحدا فنزلت {الذين قال لهم الناس} إلى قوله {بنعمة من الله
وفضل}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فزادهم إيمانا} قال : الإيمان يزيد وينقص.
وأخرج البخاري والنسائي ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال {حسبنا الله ونعم الوكيل} قالها إبراهيم حين ألقي
في النار وقالها محمد حين قالوا {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}.
وأخرج
البخاري ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس
قال : كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار {حسبنا الله ونعم الوكيل}
وقال نبيكم مثلها {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}.
وأخرج عبد الرزاق ،
وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عمرو قال : هي
الكلمة التي قالها إبراهيم حين ألقي في النار {حسبنا الله ونعم الوكيل}
وهي الكلمة التي قالها نبيكم وأصحابه إذ قيل لهم {إن الناس قد جمعوا لكم
فاخشوهم}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا {حسبنا الله ونعم الوكيل}.
وأخرج
ابن أبي الدنيا في الذكر عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان
إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه ولحيته ثم تنفس الصعداء وقال : حسبي الله
ونعم الوكيل.
وأخرج أبو نعيم عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف.
وأخرج
الحكيم الترمذي عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال
عشر كلمات عند كل صلاة غداة وجد الله عندهن مكفيا مجزيا : خمس للدنيا وخمس
للآخرة : حسبي الله لديني حسبي الله لما أهمني حسبي الله لمن بغى علي حسبي
الله لمن حسدني حسبي الله لمن كادني بسوء حسبي الله عند الموت حسبي الله
عند المسألة في القبر حسبي الله عند الميزان حسبي الله عند الصراط حسبي
الله لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب.
وأخرج البيهقي في الدلائل
عن ابن عباس في قوله {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل} قال {النعمة} أنهم
سلموا و{الفضل} أن عيرا مرت وكان في أيام الموسم فاشتراها رسول الله صلى
الله عليه وسلم فربح مالا فقسمه بين أصحابه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال الفضل ما أصابوا من التجارة والأجر
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى
غزوة بدر الصغرى ببدر دراهم ابتاعوا بها من موسم بدر فأصابوا تجارة فذلك
قول الله {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء} قال : أما النعمة
فهي العافية وأما الفضل فالتجارة والسوء القتل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {لم يمسسهم سوء} قال : لم
يؤذهم أحد {واتبعوا رضوان الله} قال : أطاعوا الله ورسوله.
وأخرج
الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف
من طريق عطاء عن ابن عباس أنه كان يقرأ إنما ذلكم الشيطان يخوفكم أولياءه.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} يقول : الشيطان يخوف المؤمنين بأوليائه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال : يخوف المؤمنين بالكفار
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك {يخوف أولياءه} قال : يعظم أولياءه في أعينكم.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : تفسيرها يخوفكم بأوليائه.
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم في الآية قال : يخوف الناس أولياءه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : إنما كان ذلك تخويف الشيطان ولا يخاف الشيطان إلا ولي الشيطان.
الآيتان 176 – 177
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} قال : هم المنافقون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} قال : هم الكفار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إن الذين اشتروا الكفر
بالإيمان} قال : هم المنافقون ، والله أعلم.
الآية 178.
أخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو بكر المروزي في
الجنائز ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير
لها من الحياة إن كان برا فقد قال الله {وما عند الله خير للأبرار} وإن
كان فاجرا فقد قال الله {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم
إنما نملي لهم ليزدادوا إثما} ، واخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي الدرداء قال : ما من مؤمن إلا الموت
خير له وما من كافر إلا الموت خير له ، فمن لم يصدقني فإن الله يقول (و ما
عند الله خير للأبرار) (آل عمران الآية 198) {ولا يحسبن الذين كفروا أنما
نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب قال : الموت خير للكافر
والمؤمن ثم تلا هذه الآية ثم قال : إن الكافر ما عاش كان أشد
لعذابه يوم القيامة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن أبي برزة قال : ما أحد إلا والموت خير له من الحياة
فالمؤمن يموت فيستريح وأما الكافر فقد قال الله {ولا يحسبن الذين كفروا
أنما نملي لهم خير} الآية.
الآية 179
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي
حاتم عن السدي قال : قالوا إن كان محمد صادقا فليخبرنا بمن يؤمن به منا
ومن يكفر فأنزل الله {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه} الآية.
وأخرج
ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : يقول للكفار {ما كان الله
ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه} من الكفر {حتى يميز الخبيث من الطيب}
فيميز أهل السعادة من أهل الشقاوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : يقول
للكفار لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة حتى يميز الخبيث
من الطيب فميز بينهم في الجهاد والهجرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
مجاهد في الآية قال : ميز بينهم يوم أحد ، المنافق من المؤمن.
وأخرج سعيد بن منصور عن مالك بن دينار أنه قرأ {حتى يميز الخبيث من الطيب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {حتى يميز الخبيث من الطيب} مخففة منصوبة الياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وما كان الله ليطلعكم على الغيب} قال : ولا يطلع على الغيب إلا رسول.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء} قال : يختصهم لنفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك {يجتبي} قال : يستخلص.
الآية 180
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} يعني بذلك أهل الكتاب أنهم
بخلوا
بالكتاب أن يبينوه للناس {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} ألم تسمع أنه
قال (يبخلون ويأمرون الناس بالبخل) (النساء الآية 37) يعني أهل الكتاب
يقول : يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} قال : هم يهود.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم
الله من فضله} قال : بخلوا أن ينفقوها في سبيل الله ولم يؤدوا زكاتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : هم كافر ومؤمن بخل أن ينفق في سبيل الله.
وأخرج
البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من آتاه
الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاع أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة
فيأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - فيقول : أنا مالك ، أنا كنزك ، ثم تلا هذه
الآية {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية
وأخرج
أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن ماجة والنسائي ، وَابن
جَرِير ، وَابن خزيمة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن
ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من رجل لا يؤدي زكاة
ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاع أقرع يفر منه وهو يتبعه فيقول : أنا
كنزك حتى يطوق في عنقه ، ثم قرأ علينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
مصداقه من كتاب الله {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله}
الآية.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد وعبد الله بن
أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه عن ابن
مسعود في قوله {سيطوقون ما بخلوا به
يوم القيامة} قال : من كان له مال لم يؤد زكاته طوقه الله يوم القيامة
شجاعا أقرع بفيه زبيبتان ينقر رأسه حتى يخلص إلى دماغه ، ولفظ الحاكم
ينهسه في قبره فيقول : ما لي ولك فيقول : أنا مالك الذي بخلت بي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : يكون المال على صاحبه يوم القيامة شجاعا أقرع إذا لم يعط حق الله منه فيتبعه وهو يلوذ منه
وأخرج
ابن أبي شيبة في مسنده ، وَابن جَرِير عن حجر بن بيان عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه
الله إياه فيبخل عليه إلا خرج له يوم القيامة من جهنم شجاع يتلمظ حتى
يطوقه ، ثم قرأ {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن جَرِير
والبيهقي في الشعب عن معاوية بن حيدة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال
لا يأتي الرجل مولاه فيسأله من فضل مال عنده فيمنعه إياه إلا دعى له يوم
القيامة شجاع يتلمظ فضله الذي منع.
وأخرج الطبراني عن جرير بن عبد الله
البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من ذي رحم يأتي ذا
رحمه فيسأله فضلا أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا أخرج الله له حية من
جهنم يقال لها شجاع يتلمظ فيطوق به.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في
الشعب عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يؤتى
بصاحب المال الذي أطاع الله فيه وماله
بين يديه كلما تكفأ به الصراط
قال له ماله : امض فقد أديت حق الله في ، ثم يجاء بصاحب المال الذي لم يطع
الله فيه وماله بين كتفيه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله : ويلك ألا
أديت حق الله في فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور.
وأخرج سعيد بن
منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مسروق في الآية قال : هو الرجل
يرزقه الله المال فيمنع قرابته الحق الذي جعله الله لهم في ماله فيجعل حية
فيطوقها فيقول للحية : ما لي ولك فتقول : أنا مالك.
وأخرج عبد الرزاق
وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة}
قال : طوقا من نار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {سيطوقون ما بخلوا به} قال : سيكلفون أن
يأتوا بمثل ما بخلوا به من أموالهم يوم القيامة.
الآيتان 181 - 182
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم فقال أبو بكر : ويلك يا فنحاص ، اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة فقال فنخاص : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء ولو كان غنيا عنا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطينا ولو كان غنيا عنا ما أعطانا الربا ، فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال : والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله ، فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد انظر ما صنع صاحبك بي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ما حملك على ما صنعت قال : يا رسول الله قال قولا عظيما : يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء ، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال فضربت وجهه ، فجحد فنحاص فقال : ما قلت ذلك ، فأنزل الله فيما قال فنحاص تصديقا لأبي بكر {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير} الآية ، ونزل في أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا) (آل عمران الآية 186) الآية
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من وجه آخر عن عكرمة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعث أبا
بكر
إلى فنحاص اليهودي يستمده وكتب إليه وقال لأبي بكر : لا تفتت علي بشيء حتى
ترجع إلي ، فلما قرأ فنحاص الكتاب قال : قد احتاج ربكم ، قال أبو بكر
فهممت أن أمده بالسيف ثم ذكرت قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا تفتت
علي بشيء ، فنزلت {لقد سمع الله قول الذين قالوا} الآية ، وقوله (ولتسمعن
من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) (آل عمران الآية 186) وما بين ذلك في
يهود بني قينقاع.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {لقد سمع الله قول
الذين قالوا إن الله فقير} قالها فنحاص اليهودي من بني مرثد لقيه أبو بكر
فكلمه فقال له : يا فنحاص اتق الله وآمن وصدق وأقرض الله قرضا حسنا ، فقال
فنحاص : يا أبا بكر تزعم أن ربنا غني وتستقرضنا لأموالنا وما يستقرض إلا
الفقير من الغني إن كان ما تقول حقا فإن الله إذن لفقير ، فأنزل الله هذا
فقال أبو بكر : فلولا هدنة كانت بين بني مرثد وبين النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم لقتلته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
عن مجاهد قال : صك أبو بكر رجلا منهم {الذين قالوا إن الله فقير ونحن
أغنياء} لم يستقرضنا وهو غني ، وهم يهود
وأخرج ابن جرير عن شبل في
الآية قال : بلغني أنه فنحاص اليهودي وهو الذي قال (إن الله ثالث ثلاثة)
(المائدة الآية 73) و(يد الله مغلولة) (المائدة الآية 64).
وأخرج ابن
أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أتت اليهود محمدا صلى
الله عليه وسلم حين أنزل الله (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) (البقرة
الآية 245) فقالوا : يا محمد أفقير ربنا يسأل عباده القرض فأنزل الله {لقد
سمع الله قول الذين قالوا} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن
قتادة في قوله {لقد سمع الله} الآية ، قال : ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن
أخطب لما نزلت (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة)
(البقرة الآية 245) قال : يستقرضنا ربنا إنما يستقرض الفقير الغني.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر أنه سئل عن قوله {وقتلهم
الأنبياء بغير حق} وهم لم يدركوا ذلك قال : بموالاتهم من قتل أنبياء الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ونقول ذوقوا عذاب الحريق} قال : بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وأن الله ليس بظلام للعبيد} قال : ما أنا بمعذب من لم يجترم.
الآيات 183 - 185.
أخرج
ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {حتى يأتينا بقربان
تأكله النار} قال : يتصدق الرجل منا فإذا تقبل منه أنزلت عليه نار من
السماء فأكلته.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : كان من قبلنا من
الأمم يقرب أحدهم القربان فتخرج الناس فينظرون أيتقبل منهم أم لا فإن تقبل
منهم جاءت نار بيضاء من السماء فأكلت ما قرب وإن لم يتقبل لم تأت النار
فعرف الناس أن لم يقبل منهم فلما بعث الله محمدا سأله أهل الكتاب أن
يأتيهم بقربان {قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم} القربان
{فلم قتلتموهم} يعيرهم بكفرهم قبل اليوم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن الضحاك في قوله {الذين قالوا إن الله عهد} الآية ، قال هم اليهود
قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم : إن أتيتنا بقربان تأكله النار صدقناك
وإلا فلست بنبي
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي قال : إن الرجل يشترك في
دم
الرجل وقد قتل قبل أن يولد ، ثم قرأ الشعبي {قل قد جاءكم رسل من قبلي
بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم} فجعلهم هم الذين قتلوهم ولقد قتلوا
قبل أن يولدوا بسبعمائة عام ، ولكن قالوا قتلوا بحق وسنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {الذين قالوا إن الله عهد إلينا} الآية ، قال : كذبوا على الله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر قال : كانت رسل تجيء بالبينات ورسل علامة
نبوتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده فتجيء نار من السماء فتأكله ،
فأنزل الله {قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإن كذبوك} قال : اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فقد كذبت رسل من قبلك} قال : يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله {بالبينات}
قال : الحرام والحلال {والزبر} قال : كتب الأنبياء {والكتاب المنير} قال : هو القرآن.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والزبر والكتاب المنير} قال : يضاعف الشيء
وهو واحد ، قوله تعالى : {كل نفس ذائقة الموت} الآية.
أخرج ابن أبي
حاتم عن علي بن علي بن أبي طالب قال : لما توفي النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم وجاءت التعزية ، جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال : السلام
عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون
أجوركم يوم القيامة} إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا
من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب ، فقال
علي : هذا الخضر.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي
والحاكم وصححاه ، وَابن حبان ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موضع سوط في الجنة خير
من الدنيا وما فيها واقرؤوا إن شئتم {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد
فاز وما الحياة الدنيا
إلا متاع الغرور}.
وأخرج ابن مردويه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لموضع سوط
أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ثم تلا هذه الآية {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لغدوة أو
روحة في سبيل الله خير من الدنيا بما عليها ولقاب قوس أحدهم في الجنة خير
من الدنيا بما عليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : إن آخر من
يدخل الجنة يعطى من النور بقدر ما دام يحبو فهو في النور حتى تجاوز الصراط
، فذلك قوله {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}.
وأخرج أحمد عن
ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يزحزح عن
النار وأن يدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت
إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {فقد فاز} قال سعد : ونجا ، قال : وهل
تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة : وعسى أن
أفوز ثمت ألقى * حجة اتقى بها الفتانا.
وَأخرَج ابن جرير عن عبد الرحمن
بن سابط في قوله {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} قال : كزاد الراعي
يزوده الكف من التمر أو الشيء من الدقيق يشرب عليه اللبن.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن قتادة {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} قال : هي متاع
متروك أوشكت والله أن تضمحل عن أهلها فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن
استطعتم ، ولا قوة إلا بالله.
الآية 186
أخرج ابن جرير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {لتبلون} الآية قال : أعلم
الله المؤمنين أنه سيبتليهم فينظر كيف صبرهم على دينهم
وأخرج ابن
جرير ، وَابن أبي حاتم عن الزهري في قوله {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب
من قبلكم} قال : هو كعب بن الأشرف وكان يحرض المشركين على النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم وأصحابه في شعره ويهجو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، مثله.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج {ولتسمعن من الذين
أوتوا الكتاب} يعني اليهود والنصارى فكان المسلمون يسمعون من اليهود قولهم
: عزير ابن الله ، ومن النصارى قولهم : المسيح ابن الله ، وكان المسلمون
ينصبون لهم الحرب ويسمعون إشراكهم بالله {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من
عزم الأمور} قال : من القوة مما عزم الله عليه وأمركم به.
وأخرج ابن
أبي حاتم عن الحسن في قوله {وإن تصبروا وتتقوا} الآية ، قال : أمر الله
المؤمنين أن يصبروا على من آذاهم رغم أنهم كانوا يقولون : يا أصحاب محمد
لستم على شيء نحن أولى منكم أنتم ضلال ، فأمروا أن يمضوا ويصبروا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {إن ذلك من عزم
الأمور} يعني هذا الصبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {من عزم الأمور} يعني من حق الأمور التي أمر الله تعالى.
الآية 187.
أخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير من طريق عكرمة عن ابن عباس {وإذ أخذ الله ميثاق
الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس} إلى قوله {عذاب أليم} يعني فنحاص وأشيع
وأشباههما من الأحبار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي
عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه
للناس} قال : كان أمرهم أن يتبعوا النَّبِيّ الأمي الذي يؤمن بالله
وكلماته وقال : واتبعوه لعلكم تهتدون ، فلما بعث الله محمدا قال (وأوفوا
بعهدي أوف بعهدكم) (البقرة الآية 40) عاهدهم على ذلك فقال حين بعث محمدا :
صدقوه وتلقون عندي الذي أحببتم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علقمة بن وقاص عن ابن
عباس
في الآية قال : في التوراة والإنجيل أن الإسلام دين الله الذي افترضه على
عباده وأن محمدا رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل
فينبذونه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن
جبير في الآية {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب} قال : اليهود
{لتبيننه للناس} قال : محمدا صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : إن الله أخذ ميثاق اليهود لتبينن للناس محمدا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في الآية قال : هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم فمن علم علما فليعلمه
للناس وإياكم وكتمان العلم فإن كتمان العلم هلكة ولا يتكلفن رجل ما لا علم
له به فيخرج من دين الله فيكون من المتكلفين ، كان يقول مثل علم لا يقال
به كمثل كنز لا ينتفع به ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم قائم لا يأكل ولا
يشرب ، وكان يقال في الحكمة : طوبى لعالم ناطق وطوبى لمستمع واع ، هذا رجل
علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع به
وأخرج
ابن جرير عن أبي عبيدة قال : جاء رجل إلى قوم في المسجد وفيه عبد الله بن
مسعود فقال : إن أخاكم كعبا يقرؤكم السلام ويبشركم أن هذه الآية ليست فيكم
{وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} فقال
له عبد الله : وأنت فأقرئه السلام أنها نزلت وهو يهودي.
وأخرج ابن جرير
، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن أصحاب عبد
الله يقرؤون وإذ أخذ ربك من الذين أوتوا الكتاب ميثاقهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه كان يفسر قوله {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} ليتكلمن بالحق وليصدقنه بالعمل.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله {فنبذوه وراء
ظهورهم} قال إنهم قد كانوا يقرؤونه ولكنهم نبذوا العمل به
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {فنبذوه} قال : نبذوا الميثاق.
وأخرج
ابن جرير عن السدي {واشتروا به ثمنا قليلا} أخذوا طعما وكتموا اسم محمد
صلى الله عليه وسلم قال : كتموا وباعوا فلم يبدوا شيئا إلا بثمن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فبئس ما يشترون} قال : تبديل يهود التوراة.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة قال : لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما
حدثتكم ، وتلا {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا
تكتمونه}.
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه.
الآيتان 188 - 189
أخرج
البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب من طريق حميد بن عبد
الرحمن بن عوف أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له :
لئن كان كل امرى ء منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن
أجمعين ، فقال ابن عباس ما لكم ولهذه الآية إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب
ثم تلا ابن عباس {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس}
آل عمران الآية 187 الآية وتلا {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} الآية
فقال ابن عباس : سألهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه
وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك
إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه.
وأخرج البخاري ومسلم ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن
أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله
عليه وسلم فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغزو اعتذروا إليه
وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فنزلت {لا
تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} الآية.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم أن رافع بن خديج وزيد بن ثابت كانا عند
مروان وهو أمير بالمدينة فقال مروان : يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية
{لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} قال رافع : أنزلت في ناس من المنافقين
كانوا إذا خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اعتذروا وقالوا : ما حبسنا
عنكم إلا الشغل فلوددنا أنا كنا معكم فأنزل الله فيهم هذه الأية فكأن
مروان أنكر ذلك فجزع رافع من ذلك فقال لزيد ين ثابت : أنشدك بالله هل تعلم
ما أقول قال : نعم ، فلما خرجا من عند مروان قال له زيد : ألا تحمدني شهدت
لك قال : أحمدك أن تشهد بالحق قال : نعم ، قد حمد الله على الحق أهله.
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المنافقون يقولون للنبي صلى
الله عليه وسلم لو قد خرجت لخرجنا معك فإذا خرج النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم تخلفوا وكذبوا ويفرحون بذلك ويرون أنها حيلة احتالوا بها.
وأخرج
ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في
الآية قال : يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما
يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة {ويحبون أن يحمدوا بما لم
يفعلوا} أن يقول لهم الناس علماء وليسوا بأهل علم لم
يحملوهم على هدى ولا خير ويحبون أن يقول لهم الناس قد فعلوا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : هم
أهل الكتاب أنزل الله عليهم الكتاب فحكموا بغير الحق وحرفوا الكلم عن
مواضعه وفرحوا بذلك وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فرحوا أنهم كفروا
بمحمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل الله إليه وهم يزعمون أنهم يعبدون الله
ويصومون ويصلون
ويطيعون الله فقال الله لمحمد {لا تحسبن الذين يفرحون
بما أتوا} كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وكفروا بالله ويحبون أن يحمدوا
بما لم يفعلوا من الصلاة والصوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
عن الضحاك في الآية قال : إن اليهود كتب بعضهم إلى بعض : إن محمدا ليس
بنبي فأجمعوا كلمتكم وتمسكوا بدينكم وكتابكم الذي معكم ففعلوا ففرحوا بذلك
وفرحوا باجتماعهم على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير
عن السدي في الآية قال : كتموا اسم محمد ففرحوا بذلك حين اجتمعوا عليه
وكانوا يزكون أنفسهم فيقولون : نحن أهل الصيام وأهل الصلاة وأهل الزكاة
ونحن على دين إبراهيم ، فأنزل الله
فيهم {لا تحسبن الذين يفرحون بما
أتوا} من كتمان محمد {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} أحبوا أن تحمدهم
العرب بما يزكون به أنفسهم وليسوا كذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي
حاتم عن سعيد بن جبير {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} قال : بكتمانهم
محمدا {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} قال : هو قولهم نحن على دين
إبراهيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : يهود فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم
الكتاب وحمدهم إياهم عليه ، ولا تملك يهود ذلك ولن تفعله.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال : هم اليهود يفرحون بما آتى الله إبراهيم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : ذكر لنا أن يهود خيبر أتوا
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فزعموا أنهم راضون بالذي جاء به وأنهم
متابعوه وهم متمسكون بضلالتهم وأرادوا أن يحمدهم النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم بما لم يفعلوا ، فأنزل الله {لا تحسبن الذين يفرحون} الآية.
وأخرج عبد الزراق ، وَابن جَرِير من وجه آخر عن قتادة في الآية قال : إن
أهل خيبر أتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا : إنا على رأيكم وإنا لكم ردء ، فأكذبهم الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : إن اليهود من أهل خيبر قدموا
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : قد قبلنا الدين ورضينا به فأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا.
وأخرج مالك ، وَابن سعد والبيهقي في الدلائل عن محمد بن ثابت أن ثابت بن قيس قال : يا رسول الله لقد خشيت أن أكون قد
هلكت
قال : لم ، قال : نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل وأجدني أحب الحمد
، ونهانا عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال ، ونهانا أن نرفع صوتنا فوق صوتك
وأنا رجل جهير الصوت ، فقال : يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا
وتدخل الجنة ، فعاش حميدا وقتل شهيدا يوم مسليمة الكذاب.
وأخرج الطبراني عن محمد بن ثابت قال : حدثني ثابت بن قيس بن شماس قال قلت : يا رسول الله لقد خشيت فذكره.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : كان في بني إسرائيل رجال عباد
فقهاء فأدخلتهم الملوك فرخصوا لهم وأعطواهم فخرجوا وهم فرحون بما أخذت
الملوك من قولهم وما أعطوا ، فأنزل الله {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم في قوله {لا تحسبن الذين
يفرحون بما أتوا} قال : ناس من اليهود جهزوا جيشا لرسول الله صلى الله
عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحنف بن قيس أن رجلا قال له : ألا
تميل فنحملك على ظهر قال : لعلك من العراضين قال : وما العراضون قال :
الذين {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} إذا عرض لك الحق فاقصد له واله
عما سواه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر فلا يحسبنهم يعني أنفسهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد أنه قرأ فلا يحسبنهم على الجماع
بكسر السين ورفع الباء.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {بمفازة} قال بمنجاة.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن زيد مثله.
الآية 190
أخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال :
أتت قريش اليهود فقالوا : ما جاءكم موسى من الآيات قالوا : عصاه ويده
بيضاء للناظرين ، وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى فيكم قالوا : كان
يبرى ء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ، فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا ، فدعا ربه فنزلت {إن في خلق
السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} فليتفكروا
فيها.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي
عن ابن عباس قال : بت عند خالتي ميمونة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم استيقظ فجعل يمسح النوم
عن وجهه بيده ، ثم قرأ العشر آيات الأواخر من سورة آل عمران حتى ختم
وأخرج
عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والطبراني والحاكم في الكنى والبغوي في
معجم الصحابة عن صفوان بن المعطل السلمي قال : كنت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم في سفر فرهقت صلاته ليلة فصلى العشاء الآخرة ثم نام فلما كان
نصف الليل استيقظ فتلا الآيات العشر ، آخر سورة آل عمران ثم تسوك ثم توضأ
فصلى إحدى عشرة ركعة.
الآية 191.
أخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينادي مناد يوم القيامة
أين أولوا الألباب قالوا : أي أولوا الألباب تريد قال {الذين يذكرون الله
قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت
هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} عقد لهم لواء فاتبع القوم لواءهم وقال
لهم : ادخلوها خالدين.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم والطبراني من
طريق جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود في قوله {الذين يذكرون الله قياما
وقعودا وعلى جنوبهم} قال : إنما هذا في الصلاة إذا لم يستطع قائما فقاعدا
وإن لم يستطع قاعدا فعلى جنبه.
وأخرج الحاكم عن عمران بن حصين ، أنه كان به البواسير فأمره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يصلي على جنب
وأخرج
البخاري عن عمران بن حصين قال : كانت بي بواسير فسألت النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى
جنب.
وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال : سألت رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى
قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة وقراءة القرآن.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
{الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} قال : هذه حالاتك كلها يا
ابن آدم ، اذكر الله وأنت قائم فإن لم تستطع فاذكره جالسا فإن لم تستطع
فاذكره وأنت على جنبك ، يسر من الله وتخفيف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد قال : لا يكون عبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر
الله قائما وقاعدا ومضطجعا ، قوله تعالى {ويتفكرون} الآية
أخرج ابن
أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والأصبهاني في الترغيب عن عبد الله ابن
سلام قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يتفكرون فقال :
لا تفكروا في الله ولكن تفكروا فيما خلق.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب
التفكر والأصبهاني في الترغيب عن عمرو بن مرة قال مر النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم على قوم يتفكرون فقال : تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق.
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن عثمان بن أبي دهرين قال بلغني أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم انتهى إلى أصحابه وهم سكوت لا يتكلمون فقال : ما لكم لا تتكلمون
قالوا : نتفكر في خلق الله قال : كذلك فافعلوا تفكروا في خلقه ولا تفكروا
فيه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والطبراني ، وَابن مردويه والأصبهاني في
الترغيب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تفكروا في
آلاء الله ولا تفكروا في الله.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في التفكر ، وَابن المنذر ، وَابن حبان
في صحيحه ، وَابن مردويه والأصبهاني في الترغيب ، وَابن عساكر عن عطاء قال
قلت لعائشة أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت :
وأي شأنه لم يكن عجبا إنه أتاني ليلة فدخل معي في لحافي ثم قال : ذريني
أتعبد لربي ، فقام فتوضأ ثم قام يصلي فبكى حتى سالت دموعه على صدره ثم ركع
فبكى ثم سجد فبكى ثم رفع رأسه فبكى ، فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فآذنه
بالصلاة فقلت : يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك
وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا ولم لا أفعل وقد أنزل علي هذه الليلة
{إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}
إلى قوله {سبحانك فقنا عذاب النار} ثم قال : ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في التفكر عن سفيان رفعة قال من قرأ
سورة آل عمران فلم يتفكر فيها ويله ، فعد بأصابعه عشرا ، قيل للأوزاعي : ما غاية التفكر فيهن قال : يقرؤهن وهو يعقلهن.
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن عامر بن عبد قيس قال : سمعت غير واحد ولا اثنين ولا
ثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون : إن ضياء الإيمان أو نور
الإيمان التفكر.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ،
وَابن المنذر عن ابن عون قال : سألت أم الدرداء ما كان أفضل عبادة أبي
الدرداء قالت : التفكر والإعتبار.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء ، مثله.
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا ، مثله.
وأخرج الديلمي من وجه آخر مرفوعا عن أنس تفكر ساعة في اختلاف
الليل والنهار خير من عبادة ثمانين سنة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكرة ساعة خير من عبادة ستين.
وأخرج
أبو الشيخ والديلمي عن أبي هريرة مرفوعا بينما رجل مستلق ينظر إلى السماء
وإلى النجوم فقال : والله إني لأعلم أن لك خالقا وربا ، اللهم اغفر لي ،
فنظر الله إليه فغفر له.
الآيات 192 - 194.
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن أبي الدرداء ، وَابن عباس أنهما كانا يقولان : اسم الله الأكبر رب رب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أنس في قوله {من تدخل النار فقد أخزيته} قال : من تخلد.
وأخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن
المسيب في قوله {ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته} قال : هذه خاصة لمن
لا يخرج منها
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عمرو بن دينار قال : قدم
علينا جابر بن عبد الله في عمرة فانتهيت إليه أنا وعطاء فقلت (وما هم
بخارجين من النار) (البقرة الآية 167) قال : أخبرني رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنهم الكفار ، قلت لجابر : فقوله {إنك من تدخل النار فقد
أخزيته} قال : وما أخزاه حين أحرقه بالنار وإن دون ذلك خزيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {مناديا ينادي للإيمان} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ، مثله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخطيب
في المتفق والمفترق عن محمد بن كعب القرظي {سمعنا مناديا ينادي للإيمان}
قال : هوالقرآن ليس كل الناس يسمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في الآية قال : سمعوا دعوة من الله فأجابوها وأحسنوا فيها : وصبروا عليها
، ينبئكم الله عن مؤمن الأنس كيف قال وعن مؤمن الجن كيف قال ، فأما مؤمن
الجن فقال (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك
بربنا أحدا) (الجن الآية 1).
وَأَمَّا
مؤمن الأنس فقال {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم
فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} قال : ستنجزون موعد الله على رسله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تخزنا
يوم القيامة} قال : لا تفضحنا {إنك لا تخلف الميعاد} قال : ميعاد من قال
لا إله إلا الله {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم} قال : أهل
لا إله إلا الله أهل التوحيد والإخلاص لا أخزيهم يوم القيامة.
وأخرج
أبو يعلى ، عَن جَابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : العار
والتخزية يبلغ من ابن آدم يوم القيامة في المقام بين يدي الله ما يتمنى
العبد أن يؤمر به إلى النار.
وأخرج أبو بكر الشافعي في رباعيته عن أبي
قرصافة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم لا تخزنا يوم
القيامة ولا تفضحنا يوم اللقاء
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه
قال : إذا فرغ أحدكم من التشهد في الصلاة فليقل : اللهم إني أسألك من
الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما
لم أعلم اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون وأعوذ بك من شر ما
عاذ منه عبادك الصالحون (ربنا آتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة
وقنا عذاب النار) (البقرة الآية 201) ربنا إننا آمنا {فاغفر لنا ذنوبنا
وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار} إلى قوله {إنك لا تخلف الميعاد}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال : كان يستحب أن يدعو في المكتوبة بدعاء القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الدعاء في الصلاة فقال : كان أحب دعائهم ما وافق القرآن.
وأخرج
أحمد ، وَابن أبي حاتم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عسقلان أحد العروسين يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفا لا حساب عليهم
ويبعث منها خمسون ألفا شهداء وفودا إلى الله وبها صفوف
الشهداء
رؤوسهم تقطر في أيديهم تثج أوداجهم دما يقولون {ربنا وآتنا ما وعدتنا على
رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد} فيقول : صدق عبيدي ،
اغسلوهم بنهر البيضة فيخرجون منه بيضا فيسرحون في الجنة حيث شاؤوا.
الآية 195.
أخرج
سعيد بن منصور وعبد الرزاق والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن أم سلمة قالت يا رسول الله لا
أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله {فاستجاب لهم ربهم أني لا
أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} إلى آخر الآية قالت الأنصار : هي أول
ظعينة قدمت علينا.
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت : آخر آية نزلت هذه الآية {فاستجاب لهم ربهم} إلى آخرها.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عطاء قال : ما من عبد يقول : يا رب يا رب يا رب ثلاث مرات
إلا نظر الله إليه ، فذكر للحسن فقال : أما تقرأ القرآن
(ربنا إننا سمعنا مناديا) (آل عمران الآية 193) إلى قوله {فاستجاب لهم ربهم} ، قوله تعالى : {فالذين هاجروا} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الأية قال : هم المهاجرون أخرجوا من كل وجه.
وأخرج
ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن
عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول ثلة الجنة الفقراء
المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره ، إذا أمروا سمعوا وأطاعوا وإن كانت
لرجل منهم حاجة إلى السلطان لم تقض حتى يموت وهي في صدره وأن الله يدعو
يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها فيقول : أين عبادي الذين قاتلوا
في سبيلي وقتلوا وأوذوا في سبيلي وجاهدوا في سبيلي أدخلوا الجنة فيدخلونه
بغير عذاب ولا حساب ويأتي الملائكة فيسجدون ويقولون : ربنا نحن نسبح لك
الليل والنهار ونقدس لك من هؤلاء الذين آثرتهم علينا فيقول : هؤلاء عبادي
الذين قاتلوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي ، فتدخل الملائكة عليهم من كل باب
(سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) (الرعد الآية 24).
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال قال لي
رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي قلت : الله
ورسوله أعلم قال : المهاجرون يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون
فتقول لهم الخزنة : أوقد حوسبتم قالوا : بأي شيء نحاسب وإنما كانت أسيافنا
على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك قال : فيفتح لهم فيقيلون فيه
أربعين عاما قبل أن يدخل الناس.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال : دخلت الجنة فسمعت فيها حشفة بين يدي فقلت : ما
هذا قال : بلال فمضيت فإذا أكثر أهل الجنة فقراء المهاجرين وذراري
المسلمين ولم أر أحدا أقل من الأغنياء والنساء ، قيل لي : أما الأغنياء
فهم بالباب يحاسبون ويمحصون وأما النساء فألهاهن الأحمران : الذهب والحرير.
وأخرج
أحمد عن أبي الصديق عن أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم بأربعمائة
عام حتى يقول المؤمن الغني : يا ليتني كنت نحيلا ، قيل : يا رسول الله
صفهم لنا قال : هم
الذين إذا كان مكروه بعثوا له وإذا كان مغنم بعث إليه سواهم وهم الذين يحجبون عن الأبواب.
وأخرج
الحكيم الترمذي عن سعيد بن عامر بن حزم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : يدخل فقراء المسلمين قبل الأغنياء الجنة بخمسين سنة حتى إن
الرجل من الأغنياء ليدخل في غمارهم فيؤخذ بيده فيستخرج.
وأخرج ابن أبي
شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : يجمعون فيقول أين فقراء هذه الأمة
ومساكينها فيبرزون ، فيقال : ما عندكم فيقولون : يا رب ابتلينا فصبرنا
وأنت أعلم ووليت الأموال والسلطان غيرنا ، فيقال : صدقتم ، فيدخلون الجنة
قبل سائر الناس بزمن وتبقى شدة الحساب على ذوي الأموال والسلطان ، قيل :
فأين المؤمنون يومئذ قال : يوضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام
ويكون ذلك اليوم أقصر عليهم من ساعة من نهار ، والله أعلم ، قوله تعالى :
{والله عنده حسن الثواب}.
أخرج ابن أبي حاتم عن شداد بن أوس قال : يا
أيها الناس لا تتهموا الله في قضائه فإن الله لا يبغي على مؤمن فإذا نزل
بأحدكم شيء مما يحب فليحمد الله وإذا نزل به شيء يكره فليصبر وليحتسب فإن
الله عنده حسن الثواب.
الآيات 196 - 198
أخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر عن عكرمة {لا يغرنك تقلب الذين كفروا} تقلب ليلهم ونهارهم
وما يجري عليهم من النعم {متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد} قال
عكرمة : قال ابن عباس : أي بئس المنزل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد} يقول ضربهم في البلاد.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : والله ما غروا نبي
الله ولا وكل إليهم شيئا من أمر الله حتى قبضه الله على ذلك ، قوله تعالى
: {وما عند الله خير للأبرار}.
أخرج البخاري في الأدب المفرد ، وعَبد
بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : إنما سماهم الله أبرارا
لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق ،
وأخرجه ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعا ، والأول أصح
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال {الأبرار} الذين لا يؤذون الذر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {وما عند الله خير للأبرار} قال : لمن يطيع الله عز وجل.
الآية 199.
أخرج
النسائي والبزار ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أنس
قال : لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا عليه قالوا
يا رسول الله نصلي على عبد حبشي ، فأنزل الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن
بالله وما أنزل إليكم} الآية.
وأخرج ابن جرير ، عَن جَابر أن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال اخرجوا فصلوا على أخ لكم فصلى بنا فكبر أربع
تكبيرات فقال : هذا النجاشي أصحمة فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي
على علج نصراني لم نره قط ، فأنزل الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن
بالله} الآية
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال ذكر
لنا أن هذه الآية نزلت في النجاشي وفي ناس من أصحابه آمنوا بنبي الله
وصدقوا به ، وذكر لنا : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استغفر للنجاشي
وصلى عليه حين بلغه موته قال لأصحابه : صلوا على أخ لكم
قد مات بغير
بلادكم ، فقال أناس من أهل النفاق : يصلي على رجل مات ليس من أهل دينه
فأنزل الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد عن الحسن قال : لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
استغفروا لأخيكم فقالوا : يا رسول الله أنستغفر لذلك العلج فأنزل الله
{وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم} الآية
وأخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال لما صلى النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم على النجاشي طعن في ذلك المنافقون فقالوا : صلى عليه وما كان على
دينه فنزلت هذه الآية {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية ، قالوا :
ما كان يستقبل قبلته وإن بينهما البحار ، فنزلت (فأينما تولوا فثم وجه
الله) (البقرة الآية 115) قال ابن جريج : وقال آخرون : نزلت في النفر
الذين كانوا من يهود فأسلموا ، عبد الله بن سلام ومن معه.
وأخرج
الطبراني عن وحشي بن حرب قال : لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لأصحابه إن أخاكم النجاشي قد مات قوموا فصلوا عليه ، فقال رجل :
يا رسول الله كيف نصلي عليه وقد مات في كفره قال : ألا تسمعون قول الله
{وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية ، قال :
هم مسلمة أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء يهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : هم أهل الكتاب الذين كانوا
قبل محمد صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم.
الآية 200.
أخرج
ابن المبارك ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب
الإيمان من طريق داود بن صالح قال : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : تدري في
أي شيء نزلت هذه الآية {اصبروا وصابروا ورابطوا} قلت : لا ، قال ، سمعت
أبا هريرة يقول : لم يكن في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غزو يرابط
فيه ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن
أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : أقبل علي أبو هريرة يوما فقال : أتدري يا
ابن أخي فيم أنزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا
ورابطوا} قلت : لا ، قال : أما إنه لم يكن في زمان النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم غزو يرابطون فيه ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد يصلون
الصلاة في مواقيتها ثم يذكرون الله فيها فعليهم أنزلت {اصبروا} أي على
الصلوات الخمس {وصابروا} أنفسكم وهواكم {ورابطوا} في مساجدكم {واتقوا
الله} فيما علمكم {لعلكم تفلحون}
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال
: وقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل لكم إلى ما يمحو الله
تعالى به الذنوب ويعظم الأجر فقلنا : نعم يا رسول الله قال : إسباغ الوضوء
على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، قال :
وهو قول الله {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا} فذلكم هو
الرباط في المساجد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن حبان ، عَن جَابر بن عبد
الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أدلكم على ما يمحو
الله به الذنوب قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره
وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط.
وأخرج ابن جرير من حديث علي ، مثله.
وأخرج
مالك والشافعي وعبد الرزاق وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن أبي
حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبركم بما
يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة
الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط
، فذلكم الرباط
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غسان قال : إن هذه الآية إنما أنزلت في لزوم المساجد {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم في الآية قال : أمرهم أن يصبروا على دينهم ولا
يدعوه لشدة ولا رخاء ولا سراء ولا ضراء ، وأمرهم أن يصابروا الكفار وأن
يرابطوا المشركين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في الآية
قال
: اصبروا على دينكم وصابروا الوعد الذي وعدتكم ورابطوا عدوي وعدوكم حتى
يترك دينه لدينكم واتقوا الله فيما بيني وبينكم لعلكم تفلحون غدا إذا
لقيتموني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : اصبروا على طاعة الله وصابروا أهل الضلالة ورابطوا في سبيل الله.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن زيد
بن أسلم في الآية قال : اصبروا على الجهاد وصابروا عدوكم ورابطوا على
دينكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
الحسن في الآية قال : اصبروا عند المصيبة وصابروا على الصلوات ورابطوا :
جاهدوا في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال
: اصبروا على الفرائض وصابروا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الموطن
ورابطوا فيما أمركم ونهاكم.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في الآية قال : اصبروا على طاعة الله وصابروا أعداء الله ورابطوا في سبيل الله.
وأخرج
أبو النعيم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {يا
أيها الذين آمنوا اصبروا} على الصلوات الخمس وصابروا على قتال عدوكم
بالسيف ورابطوا في سبيل الله لعلكم تفلحون.
وأخرج مالك ، وَابن أبي
شيبة ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه والبيهقي في شعب
الإيمان عن زيد بن أسلم قال : كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب يذكر له
جموعا من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر : أما بعد فإنه مهما ينزل
بعبد مؤمن من شدة يجعل الله بعدها فرجا
وإنه لن يغلب عسر يسرين وإن الله يقول في كتابه {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}.
وأخرج
البخاري ومسلم والترمذي والبيهقي في الشعب عن سهل بن سعد ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها.
وأخرج
أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في
الشعب عن فضالة بن عبيد : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول كل ميت
يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى
يوم القيامة ويأمن فتنة القبر.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي والطبراني والبيهقي عن سلمان : سمعت رسول
الله
صلى الله عليه وسلم : يقول رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات
فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه فأمن الفتان ، زاد
الطبراني : وبعث يوم القيامة شهيدا.
وأخرج الطبراني بسند جيد عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال
رباط
شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطا في سبيل الله أمنه من الفزع الأكبر
وغدى عليه برزقه وريح من الجنة ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله عز
وجل.
وأخرج الطبراني بسند جيد عن العرباض بن سارية قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل
الله فإنه ينمي له عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة.
وأخرج أحمد بسند جيد عن أبي الدرداء يرفع الحديث قال : من رابط في شيء من سواحل المسلمين ثلاثة أيام أجزأت عنه رباط سنة.
وأخرج
ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
من مات مرابطا في سبيل الله أجرى عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل
وأجرى عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة مرفوعا مثله ، وزاد :
والمرابط
إذا مات في رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة وغدي عليه وريح برزقه
ويزوج سبعين حوراء وقيل له قف اشفع إلى أن يفرغ من الحساب.
وأخرج
الطبراني بسند لا بأس به عن واثلة بن الأسقع عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : من سن سنة حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى
تترك ومن سن سنة سيئة فعليه إثمها حتى تترك ومن مات مرابطا في سبيل الله
جرى عليه عمل المرابط حتى يبعث يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط
بسند جيد عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر المرابط
فقال : من رابط ليلة حارسا من وراء المسلمين كان له أجر من خلفه ممن صام
وصلى.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به ، عَن جَابر سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رابط يوما في سبيل الله جعل الله بينه
وبين النار سبع خنادق كل خندق كسبع سموات وسبع أرضين.
وأخرج ابن ماجة
بسند واه عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لرباط يوم
في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من غير شهر
رمضان أفضل
عند الله وأعظم أجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها ورباط يوم في سبيل
الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا
من عبادة ألفي سنة صيامها وقيامها فإن رده الله الى أهله سالما لم تكتب له
سيئة وتكتب له الحسنات ويجري له أجر الرباط إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن
حبان والبيهقي عن مجاهد عن أبي هريرة ، أنه كان في المرابطة ففزعوا وخرجوا
إلى الساحل ثم قيل لا بأس فانصرف الناس وأبو هريرة واقف فمر به إنسان فقال
: ما يوقفك يا أبا هريرة فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود.
وأخرج
الترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم وصححه عن عثمان
بن عفان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : رباط يوم في سبيل الله
خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل ، ولفظ ابن ماجة : من رابط ليلة في
سبيل الله كانت كألف ليلة صيامها وقيامها.
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاة
ونفقة الدينار والدرهم منه أفضل من
سبعمائة دينار ينفقه في غيره.
وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن أنس مرفوعا الصلاة بأرض الرباط بألفي ألف صلاة.
وأخرج
ابن حبان عن عتبة بن الندر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا
انتاط غزوكم وكثرت الغرائم واستحلت الغنائم فخير جهادكم الرباط.
وأخرج
البخاري والبيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : تعس
عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة وعبد القطيفة ، إن أعطي رضي وإن لم
يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل
الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في
الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع.
وأخرج مسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال
من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه
كلما سمع هيعة أو قزعة طار على متنه يبتغي القتل والموت من مظانه ، ورجل
في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة
ويؤتي الزكاة
ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير.
وأخرج البيهقي عن أم مبشر تبلغ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال خير الناس منزلة رجل على متن فرسه يخيف العدو ويخيفونه.
وأخرج
البيهقي عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن أحرس
ثلاث ليال مرابطا من وراء بيضة المسلمين أحب إلي من أن تصيبني ليلة القدر
في أحد المسجدين : المدينة أو بيت المقدس ، وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : من مات مرابطا في سبيل الله آمنه الله من فتنة القبر ، وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : إن المرابط في سبيل الله أعظم أجرا من رجل جمع
كعبيه رياد شهر صيامه وقيامه.
وأخرج البيهقي عن ابن عابد قال خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطاب : لا
تصل عليه يا رسول الله فإنه رجل
فاجر ، فالتفت رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى الناس قال : هل رآه أحد منكم على الإسلام فقال رجل : نعم يا
رسول الله حرس ليلة في سبيل الله ، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم وحثى عليه التراب وقال : أصحابك يظنون أنك من أهل النار وأنا أشهد
أنك من أهل الجنة ، وقال : يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال الناس ولكن تسأل
عن الفطرة.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر ، أن عمر كان يقول : إن الله
بدأ هذا الأمر حين بدأ بنبوة ورحمة ثم يعود إلى ملك ورحمة ثم يعود جبرية
يتكادمون تكادم الحمير ، أيها الناس عليكم بالغزو والجهاد ما كان حلوا
خضرا قبل أن يكون مرا عسرا ويكون عاما قبل أن يكون حطاما فإذا انتاطت
المغازي وأكلت الغنائم واستحل الحرام فعليكم بالرباط فإنه خير جهادكم.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أربعة تجري
عليهم
أجورهم بعد الموت : رجل مات مرابطا في سبيل الله ورجل علم علما فأجره يجري
عليه ماعمل به ورجل أجرى صدقة فأجرها يجري عليه ما جرت عليهم ورجل ترك
ولدا صالحا يدعو له.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة ، وَابن مردويه
وأبو نعيم ، وَابن عساكر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة آل عمران كل ليلة.
وأخرج الدرامي عن عثمان بن عفان قال : من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة
* مقدمة سورة النساء.
أخرج
ابن الضريس في فضائله والنحاس في ناسخه ، وَابن مردويه والبيهقي في
الدلائل من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة النساء بالمدينة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة النساء.
وأخرج البخاري عن عائشة قالت : ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده.
وأخرج
أحمد ، وَابن الضريس في فضائل القرآن ومحمد بن نصر في الصلاة والحاكم
وصححه والبيهقي في الشعب عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من
أخذ السبع فهو حبر.
وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت مكان التوراة السبع الطول والمئين
كل سورة بلغت مائة فصاعدا ، والمثاني كل سورة دون المئين وفوق المفصل
وأخرج
أبو يعلى ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن
أنس قال : وجد رسول الله ذات ليلة شيئا فلما أصبح قيل : يا رسول الله إن
أثر الوجع عليك لبين : قال : أما إني على ما ترون بحمد الله قد قرأت السبع
الطوال.
وأخرج أحمد عن حذيفة قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات.
وأخرج
عبد الرزاق عن بعض أهل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه بات معه فقام
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الليل فقضى حاجته ثم جاء القربة فاستكب
ماء فغسل كفيه ثلاثا ثم توضأ وقرأ بالطوال السبع في ركعة واحدة.
وأخرج الحاكم عن أبي مليكة سمع ابن عباس يقول : سلوني عن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال : من قرأ سورة النساء فعلم ما يحجب مما لا يحجب علم الفرائض ، والله أعلم.
*- سورة النساء.
مدنية وآياتها ست وسبعون ومائة.
الآية 1
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {خلقكم من نفس واحدة} قال : من أدم {وخلق منها زوجها} قال : خلق حواء من قصيراء أضلاعه.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد في قوله {خلقكم من نفس واحدة} قال : آدم {وخلق منها
زوجها} قال : حواء من قصيراء آدم وهو نائم فاستيقظ فقال : أأنا ، بالنبطية
امرأة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عمرو قال خلقت حواء من خلف آدم الأيسر وخلقت امرأة إبليس من خلفه الأيسر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وخلق منها زوجها} قال : خلق حواء من آدم من ضلع الخلف وهو أسفل الأضلاع.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : خلقت
المرأة من الرجل فجعلت نهمتها في الرجال فاحبسوا نساءكم ، وخلق الرجل من
الأرض فجعل نهمته في الأرض ، قوله تعالى : {وبث منهما رجالا} الآية.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : ولد لآدم
أربعون ولدا : عشرون غلاما وعشرون جارية.
وأخرج
ابن عساكر عن أرطاة بن المنذر قال : بلغني أن حواء حملت بشيث حتى نبتت
أسنانه وكانت تنظر إلى وجهه من صفاء في بطنها وهو الثالث من ولد آدم وإنه
لما حضرها الطلق أخذها عليه شدة شديدة فلما وضعته أخذته الملائكة فمكث
معها أربعين يوما فعلموه الرمز ثم رد إليها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {واتقوا الله الذي تساءلون به} قال : تعاطون به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع في الآية يقول : اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {تساءلون به والأرحام} قال : يقول : أسألك بالله وبالرحم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الأية قال : هو قول الرجل : أنشدك بالله والرحم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم {تساءلون به والأرحام} خفض ، قال : هو قول الرجل : أسألك بالله وبالرحم
وأخرج جعفر قال : هو قول الرجل :أسألك بالله والرحم.
وَأخرَج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : هو قول الرجل : أنشدك بالله وبالرحم ..
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه تلا هذه الآية قال : إذا سئلت بالله فأعطه وإذا سئلت بالرحم فأعطه.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واتقوا الله الذي تساءلون
به والأرحام} يقول : اتقوا الله الذي تساءلون به واتقوا الأرحام وصلوها.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {الذي تساءلون به والأرحام} قال : قال
ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى : صلوا
أرحامكم فإنه أبقى لكم في الحياة الدنيا وخير لكم في آخرتكم.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم كان يقول : اتقوا الله وصلوا الأرحام ، فإنه أبقى لكم في
الدنيا وخير لكم في الآخرة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الله وصلوا الأرحام.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك إن ابن عباس كان يقرأ {والأرحام} يقول : اتقوا الله لا تقطعوها.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال : قال ابن عباس : اتقوا الأرحام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {الذي تساءلون به والأرحام} قال : اتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها نصب الأرحام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {والأرحام} قال : اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إن الله كان عليكم
رقيبا} قال : حفيظا.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : رقيبا على أعمالكم يعلمها ويعرفها.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة عن ابن
مسعود قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الصلاة وخطبة الحاجة
، فأما خطبة الصلاة فالتشهد.
وَأَمَّا خطبة الحاجة فإن الحمد لله نحمده
ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله
فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله ، ثم يقرأ ثلاث آيات من كتاب الله (اتقوا الله حق تقاته ولا
تموتن إلا وأنتم مسلمون) (آل عمران الآية 102) {واتقوا الله الذي تساءلون
به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} {اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح
لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم} الأحزاب الآية 70 ثم تعمد حاجتك.
الآية 2.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن رجلا من غطفان كان معه مال كثير
لابن أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب ماله فمنعه عنه فخاصمه إلى النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم ، فنزلت {وآتوا اليتامى أموالهم} يعني الأوصياء يقول :
أعطوا
اليتامى أموالهم {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} يقول : لا تتبدلوا الحرام من
أموال الناس بالحلال من أموالكم ، يقول : لا تبذروا أموالكم الحلال
وتأكلوا أموالهم الحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد {ولا تتبدلوا
الخبيث بالطيب} قال : الحرام بالحلال ، لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن
يأتيك الحلال الذي قدر لك {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} قال : لا
تأكلوا أموالهم مع أموالكم تخلطونها فتأكلونها جميعا {إنه كان حوبا كبيرا}
قال : إثما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} قال : لا تعط مهزولا وتأخذ سمينا.
وأخرج ابن جرير عن الزهري ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم في الآية قال : لا تعط زائفا وتأخذ جيدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان أحدهم
يأخذ
الشاة السمينة من غنم اليتيم ويجعل فيها مكانها الشاة المهزولة ويقول :
شاة بشاة ، ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف ويقول : درهم بدرهم.
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء
ولا يورثون الصغار ، يأخذه الأكبر فنصيبه من الخيرات طيب وهذا الذي يأخذه
خبيث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} قال : مع أموالكم.
وأخرج
ابن جرير عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية في اموال اليتامى كرهوا أن
يخالطوهم وجعل ولي اليتيم يعزل مال اليتيم عن ماله ، فشكوا ذلك إلى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح
لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} قال : فخالطوهم واتقوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {حوبا كبيرا} قال : إثما عظيما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس حوبا قال : ظلما
وأخرج
الطستي في مسائله ، وَابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطبراني عن ابن
عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {حوبا} قال : إثما بلغه الحبشة قال :
وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الأعشى الشاعر : فإني وما
كلفتموني من أمركم * ليعلم من أمسي أعق وأحوبا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أنه كان يقرأ حوبا برفع الحاء.
وأخرج عن الحسن أنه كان يقرؤها {حوبا} بنصب الحاء.
الآية 3
أخرج
عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عروة بن الزبير أنه سال عائشة عن
قول الله {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} قالت : يا ابن أختي هذه
اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في مالها ويعجبه مالها وجمالها فيريد
وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ،
فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق
وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن وإن الناس استفتوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية ، فأنزل الله (ويستفتونك في النساء)
(البقرة الآية 220) قالت عائشة : وقول الله في الآية الأخرى
(وترغبون
أن تنكحوهن) (النساء الآية 127) رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة
المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من باقي النساء
إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال.
وأخرج
البخاري عن عائشة أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق فكان يمسكها
عليه ولم يكن لها من نفسه شيء ، فنزلت فيه {وإن خفتم ألا تقسطوا في
اليتامى} أحسبه قال كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله.
وأخرج ابن جرير
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية في
اليتيمة تكون عند الرجل وهي ذات مال فلعله ينكحها لمالها وهي لا تعجبه ثم
يضربها ويسيء صحبتها ، فوعظ في ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : كان الرجل من قريش يكون عند
النسوة ويكون عند الأيتام فيذهب ماله فيميل على مال الأيتام ، فنزلت هذه
الآية {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} الآية
وأخرج ابن جرير عن
عكرمة في الآية قال : كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والست والعشر فيقول
الرجل : ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان فيأخذ مال يتيمة فيتزوج به
فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان الرجل يتزوج بمال اليتيم ما شاء الله تعالى فنهى الله عن ذلك.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قصر الرجال على أربع نسوة من أجل أموال اليتامى.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم والناس
على أمر جاهليتهم إلا أن يؤمروا بشيء وينهوا عنه فكانوا يسألون عن اليتامى
ولم يكن للنساء عدد ولا ذكر فأنزل الله {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى
فانكحوا ما طاب لكم} الآية ، وكان الرجل يتزوج ما شاء فقال : كما تخافون
أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا في النساء أن لا تعدلوا
فيهن ، فقصرهم على الأربع.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : كانوا في الجاهلية
ينكحون عشرا من النساء الأيامى وكانوا يعظمون شأن اليتيم فتفقدوا من دينهم
شأن اليتامى وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد
، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال : كما
خفتم أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا أن لا تعدلوا في النساء إذا جمعتموهن
عندكم.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : كانوا في الجاهلية لا
يرزؤن من مال اليتيم شيئا وهم ينكحون عشرا من النساء وينكحون نساء آبائهم
فتفقدوا من دينهم شأن النساء.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن أبي
موسى الأشعري عن ابن عباس في الآية يقول : فإن خفتم الزنا فانكحوهن يقول :
كما خفتم في أموال اليتامى أن لا تقسطوا فيها كذلك فخافوا على أنفسكم ما
لم تنكحوا
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية يقول : إن تحرجتم في ولاية اليتامى وأكل
أموالهم إيمانا وتصديقا فكذلك فتحرجوا من الزنا وانكحوا النساء نكاحا طيبا
مثنى وثلاث ورباع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن إدريس قال أعطاني
الأسود بن عبد الرحمن بن الأسود مصحف علقمة فقرأت {فانكحوا ما طاب لكم من
النساء} بالألف فحدثت به الأعمش فأعجبه وكان الأعمش لا يكسرها ، لا يقرأ
طيب بمال وهي في بعض المصاحف بالياء / {طيب لكم > /.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك {ما طاب لكم} قال : ما أحل لكم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن وسعيد بن جبير {ما طاب لكم} قال : ما حل لكم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عائشة {ما طاب لكم} يقول :
ما أحللت لكم ، قوله تعالى : {مثنى وثلاث ورباع}.
أخرج
الشافعي ، وَابن أبي شيبة وأحمد والترمذي ، وَابن ماجة والنحاس في ناسخه
والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر
نسوة فال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اختر منهن - وفي لفظ - أمسك
أربعا وفارق سائرهن.
وأخرج ابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن قيس بن
الحارث قال : أسلمت وكان تحتي ثمان نسوة فأتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخبرته فقال : اختر منهن أربعا وخل سائرهن ففعلت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : قال عمر : من يعلم ما يحل للمملوك من النساء قال رجل : أنا ، امرأتين فسكت.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في "سُنَنِه" عن الحكم قال :
أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المملوك لا يجمع من النساء فوق اثنتين.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في {فإن خفتم
ألا تعدلوا} الآية يقول إن خفت أن لا تعدل في أربع فثلاث وإلا فاثنتين
وإلا فواحدة فإن خفت أن لا تعدل في واحدة فما ملكت يمينك.
وأخرج ابن جرير عن الربيع ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {فإن خفتم ألا تعدلوا} قال : في المجامعة والحب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {أو ما ملكت أيمانكم} قال : السراري.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {أو ما ملكت أيمانكم} فكانوا في حلال مما
ملكت
أيمانكم من الإماء كلهن ، ثم أنزل الله بعد هذا تحريم نكاح المرأة وأمها
ونكاح ما نكح الآباء والأبناء وأن يجمع بين الأخت والأخت من الرضاعة والأم
من الرضاعة والمرأة لها زوج حرم
الله ذلك حر من حرة أو أمة.
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان في صحيحه عن عائشة عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم {ذلك أدنى ألا تعولوا} قال : أن لا تجوروا قال ابن ابي
حاتم : قال أبي : هذا حديث خطأ والصحيح عن عائشة موقوف.
وأخرج سعيد بن
منصور ، وَابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {ألا تعولوا}
قال : أن لا تميلوا.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن
الأزرق سأله عن قوله {ذلك أدنى ألا تعولوا} قال : أجدر أن لا تميلوا ، قال
: وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : إنا تبعنا رسول
الله واطرحوا * قول النَّبِيّ وعالوا في الموازين.
وَأخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والمنذر
وابن
أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ألا تعولوا} قال : أن لا تميلوا ، ثم قال :
أما سمعت قول أبي طالب : بميزان قسط لا تخيس سعيرة * ووازن صدق وزنه غير
عائل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي
إسحاق الكوفي قال : كتب عثمان بن عفان إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه فيه :
إني لست بميزان لا أعول.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرحمن ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {ألا تعولوا} قال : أن لا تميلوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي رزين وأبي مالك والضحاك ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في الآية قال : {ذلك أدنى} أن لا يكثر من تعولوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : ذلك أقل لنفقتك ، الواحدة أقل
من عدد وجاريتك أهون نفقة من حرة أهون عليك في العيال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة {ألا تعولوا} قال : أن لا تفتقروا ، والله تعالى أعلم.
الآية 4.
أخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن أبي صالح قال : كان الرجل إذا زوج أيمه أخذ صداقها دونها
فنهاهم الله عن ذلك ونزلت {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}.
وأخرج ابن جرير
عن حضرمي أن ناسا كانوا يعطي هذا الرجل أخته ويأخذ أخت الرجل ولا يأخذون
كبير مهر ، فقال الله {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {وآتوا النساء} يقول : أعطوا النساء {صدقاتهن} يقول : مهورهن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {نحلة}
قال : يعني بالنحلة المهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة {نحلة} قالت واجبة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} قال : فريضة مسماة.
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال النحلة في كلام الواجب يقول : لا تنكحها
إلا بشيء واجب لها وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة بعد النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم إلا بصداق واجب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {نحلة} قال : فريضة.
وأخرج
أحمد ، عَن جَابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو
أن رجلا أعطى امرأة صداقها ملء يديه طعاما كانت له حلالا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبي لبيبة عن جده قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من استحل بدرهم فقد استحل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن ربيعة أن رجلا تزوج على نعلين فأجاز النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نكاحه.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من
نكح امرأة وهو يريد أن يذهب بمهرها فهو عند الله زان يوم القيامة.
وأخرج ابن ابي شيبة عن عائشة وأم سلمة قالتا : ليس شيء أشد من مهر امرأة وأجر أجير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جيبر {فإن طبن لكم} قال : هي للأزواج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة {فإن طبن لكم عن شيء منه} قال : من الصداق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} يقول :
إذا كان من غير إضرار ولا خديعة فهو هنيء مريء كما قال الله.
وأخرج
ابن جرير عن حضرمي أن ناسا كانوا يتأثمون أن يراجع أحدهم في شيء مما ساق
إلى امرأته فقال الله {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال :
إذا اشتكى أحدكم فليسأل امرأته ثلاثة دراهم أو نحوها فليشتر بها عسلا
وليأخذ من ماء السماء فيجمع هنيئا مريئا وشفاء ومباركا.
وأخرج ابن سعد عن علقمة أنه كان يقول لامرأته : أطعمينا من ذلك الهنيء المريء يتأول هذه الآية.
الآية 5.
أخرج ابن جرير عن حضرمي ، أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحق فقال الله {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في
قوله {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} الآية ، يقول : لا تعمد إلى مالك وما
خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم تضطر إلى ما في أيديهم
ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم
، قال : وقوله {قياما} يعني قوامكم من معائشكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية يقول : لا تسلط السفيه من
ولدك على مالك وأمره أن يرزقه منه ويكسوه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس {ولا تؤتوا السفهاء} قال : هم بنوك والنساء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن النساء السفهاء إلا التي أطاعت قيمها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة {ولا تؤتوا السفهاء} قال :
الخدم وهم شياطين الأنس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عنابن مسعد {ولا تؤتوا السفهاء} قال : النساء والصبيان.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن في الآية قال : الصغار والنساء هم السفهاء.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال :
نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم وهن سفهاء من كن أزواجا أو بنات أو
أمهات وأمروا أن يرزقوهن فيه ويقولوا لهن قولا معروفا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير {ولا تؤتوا السفهاء} قال : اليتامى والنساء.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} قال
: هو مال اليتيم يكون عندك يقول : لا تؤته إياه وأنفق عليه حتى يبلغ
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ولا تؤتوا السفهاء}
قال : هم اليتامى {أموالكم} قال : أموالهم بمنزلة قوله (ولا تقتلوا
أنفسكم) (النساء الآية 127).
وأخرج ابن جرير عن مورق قال : مرت امرأة
بعبد الله بن عمر لها شارة وهيئة فقال لها ابن عمر {ولا تؤتوا السفهاء
أموالكم التي جعل الله لكم قياما}.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في
الشعب عن أبي موسى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة يدعون
الله فلا يستجيب لهم : رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم
يطلقها ورجل
كان له على رجل مال فلم يشهد ورجل أتى سفيها ماله وقد قال الله {ولا تؤتوا
السفهاء أموالكم} وأخرجه ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن
أبي موسى موقوفا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : أمر الله بهذا المال أن يخزن فتحسن
خزانته ولا تملكه المرأة السفيهة والغلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله {قياما} قال : قيام عيشك.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ، أنه قرأ {التي جعل الله لكم قياما} بالألف يقول : قيام عيشك.
وأخرج ابن أبي حام عن الضحاك {جعل الله لكم قياما} قال : عصمة لدينكم وقياما لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {وارزقوهم} يقول : أنفقوا عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {وقولوا لهم قولا معروفا} قال : أمروا أن يقولوا لهم قولا معروفا في البر والصلة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {وقولوا لهم قولا معروفا} قال : عدة تعدونهم
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد {وقولوا لهم قولا معروفا} قال : إن كان ليس من ولدك
ولا ممن يجب عليك أن تنفق عليه فقل له قولا معروفا قل له عافانا الله
وإياك وبارك الله فيك.
الآية 6
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {وابتلوا اليتامى} يعني
اختبروا اليتامى عند الحلم {فإن آنستم} عرفتم {منهم رشدا} في حالهم
والإصلاح في أموالهم {فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا}
يعني تأكل مال اليتيم مبادرة قبل أن يبلغ فتحول بينه وبين ماله.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد {وابتلوا اليتامى} قال : عقولهم {حتى إذا بلغوا النكاح}
يقول : الحلم {فإن آنستم} قال : أحسستم {منهم رشدا} قال : العقل.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وابتلوا اليتامى} قال : جربوا عقولهم !
{فإن آنستم منهم رشدا} قال : عقولا وصلاحا.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن مقاتل {وابتلوا اليتامى} يعني الأولياء والأوصياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس {حتى إذا بلغوا النكاح} قال : خمس عشرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي عن الحسن {فإن آنستم منهم رشدا} قال : صلاحا في دينه وحفظا لماله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فإن آنستم منهم رشدا} قال : صلاحا في دينهم
وحفظا لأموالهم ، وخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
ابن عباس قال : إذا أدرك اليتيم بحلم وعقل ووقار دفع إليه ماله.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد
قال : لا تدفع إلى اليتيم ماله وإن شمط ما لم يؤنس منه رشد
وأخرج ابن جرير عن الحسن {ولا تأكلوها إسرافا وبدارا} ويقول : لا تسرف فيها ولا تبادر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ولا تأكلوها إسرافا} يعني في غير حق {وبدارا أن يكبروا} قال : خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله.
وأخرج
البخاري ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة قالت : أنزلت هذه الآية في ولي
اليتيم {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} بقدر قيامه
عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والنحاس
في ناسخه والحاكم وصححه من طريق مقسم عن ابن عباس {ومن كان غنيا فليستعفف}
قال : بغناه من ماله حتى يستغني عن مال اليتيم لا يصيب منه شيئا {ومن كان
فقيرا فليأكل بالمعروف} قال : يأكل من ماله يقوت على نفسه حتى لا يحتاج
إلى مال اليتيم
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي يحيى عن ابن عباس {ومن كان غنيا فليستعفف} قال : يستعف بماله حتى لا يفضي إلى مال اليتيم.
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال : هو القرض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} يعني القرض.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال :
ولي اليتيم إن كان غنيا فليستعفف وإن كان فقيرا أخذ من فضل اللبن وأخذ
بالقوت لا يجاوزه وما يستر عورته من الثياب فإن أيسر قضاه وإن أعسر فهو في
حل.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول : إن كان غنيا فلا يحل
له أن يأكل من مال اليتيم شيئا وإن كان فقيرا فليستقرض منه فإذا وجد ميسرة
فليعطه ما استقرض منه فذلك أكله بالمعروف.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وعبد
بن
حميد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير والنحاس في ناسخه ، وَابن المنذر
والبيهقي في "سُنَنِه" من طرق عن عمر بن الخطاب قال : إني أنزلت نفسي من
مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن استغنيت استعففت وإن احتجت أخذت منه
بالمعروف ، فإذا أيسرت قضيت.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن
المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال
: إذا احتاج ولي اليتيم وضع يده فأكل من طعامهم ولا يلبس منه ثوبا ولا
عمامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس {فليأكل بالمعروف} قال :
بأطراف أصابعه الثلاث.
وأخرج
ابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في الآية قال : يأكل الفقير إذا ولي مال
اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته له وما لم يسرف أو يبذر.
وأخرج
مالك وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
والنحاس في ناسخه عن القاسم بن محمد قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إن
في حجري أيتاما وإن لهم إبلا فماذا يحل لي من ألبانها
فقال : إن كنت تبغي ضالتها وتهنا جرباها وتلوط حوضها وتسعى عليها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب.
وأخرج
أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه
عن ابن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ليس لي مال
ولي يتيم فقال كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ومن غير
أن تقي مالك بماله.
وأخرج ابن حبان ، عَن جَابر أن رجلا قال يا رسول
الله مم أضرب يتيمي قال : مما كنت ضاربا منه ولدك غير واق مالك بماله ولا
متأثل منه مالا.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن الحسن العرني أن رجلا
قال : يا رسول الله مم أضرب يتيمي قال : مما كنت ضاربا منه ولدك قال :
فأصيب من ماله قال : بالمعروف غير متأثل مالا ولا واق مالك بماله
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن عم
ثابت بن وداعة - وثابت يومئذ يتيم في حجره من الأنصار - أتى نبي الله صلى
الله عليه وسلم فقال إن ابن أخي يتيم في حجري فماذا يحل لي من ماله قال :
أن تأكل من ماله بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله ولا تأخذ من ماله وفرا
، قال : وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل فيقوم وليه على صلاحه وسقيه
فيصيب من ثمره ويكون له الماشية فيقوم وليه على صلاحها ومؤنتها وعلاجها
فيصيب من جزارها ورسلها وعوارضها فأما رقاب المال فليس لهم أن يأكلوا ولا
يستهلكوه.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال : خمس في كتاب الله رخصة وليست
بعزيمة قوله {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل.
وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ ، وَابن المنذر من طريق عطاء عن ابن
عباس {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قال :
نسختها (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) (النساء الآية 10) الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن الضحاك ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي الزناد في الآية قال : كان أبو الزناد يقول : إنما كان ذلك في أهل البدو وأشباههم.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نعيم القاري قال : سألت يحيى بن سعيد وربيعة
عن قوله {فليأكل بالمعروف} قالا : ذلك في اليتيم إن كان فقيرا أنفق عليه
بقدر فقره ولم يكن للولي منه شيء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من
طريق العوفي عن ابن عباس {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم} يقول :
إذا دفع إلى اليتيم ماله فليدفعه إليه بالشهود كما أمره الله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية يقول للأوصياء : إذا دفعتم إلى
اليتامى أموالهم إذا بلغوا الحلم فأشهدوا عليهم بالدفع إليهم أموالهم
{وكفى بالله حسيبا} يعني لا شاهد أفضل من الله فيما بينكم وبينهم
وأخرج ابن جرير عن السدي {وكفى بالله حسيبا} يقول : شهيدا.
الآية 7.
أخرج
أبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا
الصغار الذكور حتى يدركوا ، فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت وترك
ابنتين وابنا صغيرا فجاء ابنا عمه وهما عصبته فأخذا ميراثه كله فقالت
امرأته لهما : تزوجا بهما وكان بهما دمامة فأبيا ، فأتت رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله توفي أوس وترك ابنا صغيرا وابنتين
فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه فقلت لهما : تزوجا ابنتيه فأبيا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري ما أقول فنزلت {للرجال نصيب
مما ترك الوالدان والأقربون} الآية ، فأرسل إلى خالد وعرفطة
فقال : لا
تحركا من الميراث شيئا فإنه قد أنزل علي فيه شيء أخبرت فيه أن للذكر
والأنثى نصيبا ثم نزل بعد ذلك (ويستفتونك في النساء) (النساء الآية 127)
إلى قوله (عليما) ثم نزل (يوصيكم الله في أولادكم) (النساء الآية 11) إلى
قوله (والله عليم حليم) فدعا بالميراث فأعطى المرأة الثمن وقسم ما بقي
للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال :
نزلت
في أم كلثوم وابنة أم كحلة أو أم كحة وثعلبة بن أوس وسويد وهم من الأنصار
، كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها فقالت : يا رسول الله توفي زوجي وتركني
وابنته فلم نورث من ماله فقال عم ولدها : يا رسول الله لا تركب فرسا ولا
تنكأ عدوا ويكسب عليها ولا تكتسب ، فنزلت {للرجال نصيب} الآية.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء ولا
الولدان الصغار شيئا يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرجال
فنزلت
{للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} إلى قوله {مما قل منه أو كثر}
يعني من الميراث {نصيبا} يعني حظا {مفروضا} يعني معلوما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {نصيبا مفروضا} قال : وقفا معلوما.
الآية 8.
أخرج
ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس {وإذا حضر القسمة أولوا القربى
واليتامى والمساكين} قال : هي محكمة وليست بمنسوخة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس {وإذا حضر القسمة} الآية ، قال : هي قائمة يعمل بها.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن حطان بن عبد الله في هذه الآية قال : قضى بها أبو موسى
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن يحيى بن يعمر قال : ثلاث
آيات مدنيات محكمات ضيعهن كثير من الناس {وإذا حضر القسمة} الآية وآية
الاستئذان (والذين لم يبلغوا الحلم منكم) (النور الآية 58) وقوله (إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى) (الحجرات الآية 13) الآية.
وأخرج سعيد بن منصور
، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن
ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت {وإذا حضر القسمة} الآية ، ولا والله ما
نسخت ولكنه مما تهاون به الناس هما واليان : وال يرث فذاك الذي يرزق ويكسو
ووال ليس بوارث فذاك الذي يقول قولا معروفا ، يقول : إنه مال يتيم وماله
فيه شيء
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه من
طريق من عكرمة عن ابن عباس {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} قال : يرضخ لهم
فإن كان في المال تقصير اعتذر إليهم فهو قولا معروفا.
وأخرج ابن المنذر
عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر حين قسم
ميراث أبيه أمر بشاة فاشتريت من المال وبطعام فصنع ، فذكرت ذلك لعائشة
فقالت : عمل بالكتاب هي لم تنسخ.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم
والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن عباس في هذه الآية قال : أمر الله
المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم وأيتامهم ومساكينهم من
الوصية إن كان أوصى لهم فإن لم يكن لهم وصية وصل إليهم من مواريثهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في
الآية قال : ذلك قبل أن تنزل الفرائض فأنزل الله بعد ذلك الفرائض فأعطى كل ذي حق حقه فجعلت الصدقة فيما سمى المتوفى.
وأخرج
أبو داود في ناسخه ، وَابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس {وإذا حضر
القسمة} الآية ، قال : نسختها آية الميراث فجعل لكل إنسان نصيبه مما ترك
مما قل منه أو كثر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود في
ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي ، وَابن أبي مليكة أن
أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والقاسم بن محمد بن أبي بكر
أخبراه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه عبد الرحمن
وعائشة حية ، قالا : فلم يدع في الدار مسكينا ولا ذا قرابة إلا أعطاه من
ميراث أبيه ، وتلا {وإذا حضر القسمة} الآية ، قال القاسم : فذكرت ذلك لابن
عباس فقال : ما أصاب ليس ذلك له إنما ذلك للوصية وإنما هذه الآية في
الوصية يريد الميت أن يوصي لهم.
وأخرج النحاس في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله {وإذا حضر القسمة} الآية ، قال : نسختها (يوصيكم الله في
أولادكم) (النساء الآية 11) الآية.
وأخرج
عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والنحاس والبيهقي عن سعيد بن المسيب في هذه الآية قال : هي منسوخة
كانت قبل الفرائض كان ما ترك الرجل من مال أعطى منه اليتيم والفقير
والمسكين وذوو القربى إذا حضروا القسمة ثم نسخ بعد ذلك نسختها المواريث
فالحق الله بكل ذي حق حقه وصارت الوصية من ماله يوصي بها لذوي قرابته حيث
يشاء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير في الآية قال
: إن كانوا كبارا يرضخوا وإن كانوا صغارا اعتذروا إليهم ، فذلك قوله {قولا
معروفا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح في الآية قال : كانوا يرضخون لذوي القرابة حتى نزلت الفرائض.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مالك قال : نسختها آية الميراث
الآية 9.
أخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن
عباس في قوله {وليخش الذين لو تركوا} الآية ، قال : هذا في الرجل يحضر
الرجل عند موته فيسمعه يوصي وصية يضر بورثته فأمر الله الذي يسمعه أن يتقي
الله ويوفقه ويسدده للصواب ولينظر لورثته كما يحب أن يصنع بورثته إذا خشي
عليهم الضيعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس
في الآية قال : يعني الرجل يحضره الموت فيقال له : تصدق من مالك وأعتق
وأعط منه في سبيل الله فنهوا أن يأمروا بذلك ، يعني أن من حضر منكم مريضا
عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق أو في الصدقة أو في سبيل الله
ولكن يأمره أن يبين ما له وما عليه من دين ويوصي من ماله لذوي قرابته
الذين لا يرثون يوصي لهم بالخمس أو الربع ، يقول : ليس لأحدكم إذا مات وله
ولد ضعاف - يعني صغارا - أن يتركهم بغير مال فيكونون عيالا على الناس ولا
ينبغي لكم أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولأولادكم ولكن قولوا الحق
في ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يعني بذلك الرجل يموت وله أولاد
صغار
ضعاف يخاف عليهم العيلة والضيعة ويخاف بعده أن لا يحسن إليهم من يليهم
يقول : فإن ولي مثل ذريته ضعافا يتامى فليحسن إليهم ولا يأكل أموالهم
إسرافا وبدارا أن يكبروا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال
: إذا حضر الرجل عند الوصية فليس ينبغي أن يقال : أوص بمالك فإن الله رازق
ولدك ولكن يقال له : قدم لنفسك واترك لولدك ، فذلك القول السديد فإن الذي
يأمر بهذا يخاف على نفسه العيلة.
وأخرج سعيد بن منصور وآدم والبيهقي عن
مجاهد في الآية قال : كان الرجل إذا حضر يقال له : أوص لفلان أوص لفلان
وافعل كذا وافعل كذا حتى يضر ذلك بورثته ، فقال الله {وليخش الذين لو
تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم} قال : لينظروا لورثة هذا كما ينظر
هذا لورثة نفسه فليتقوا الله وليأمروه بالعدل والحق.
وأخرج ابن أبي
حاتم عن سعيد بن جبير {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم} يعني من بعد موتهم
{ذرية ضعافا} يعني عجزة لا حيلة لهم {خافوا عليهم} يعني على ولد الميت
الضيعة كما يخافون على
ولد أنفسهم {فليتقوا الله وليقولوا} للميت إذا جلسوا إليه {قولا سديدا} يعني عدلا في وصيته فلا يجور.
وأخرج
ابن جرير عن الشيباني قال : كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك
وفينا ابن محيريز ، وَابن الديلمي وهانى ء بن كلثوم فجعلنا نتذاكر ما يكون
في
آخر الزمان فضقت ذرعا بما سمعت فقلت لابن الديلمي : يا أبا بشر يودني أنه
لا يولد لي ولد أبدا ، فضرب بيده على منكبي وقال : يا ابن أخي لا تفعل
فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن تخرج من صلب رجل وهي خارجة إن شاء وإن
أبى ، قال : ألا أدلك على أمر إن أنت أدركته نجاك الله منه وإن تركت ولدك
من بعدك حفظهم الله فيك قلت : بلى ، فتلا علي هذه الآية {وليخش الذين لو
تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال
: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الله في الضعيفين :
اليتيم والمرأة أيتمه ثم أوصى به وابتلاه وابتلى به.
الآية 10.
أخرج
ابن أبي شيبة في مسنده وأبو يعلى والطبراني ، وَابن حبان في صحيحه ، وَابن
أبي حاتم عن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يبعث يوم
القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم نارا ، فقيل : يا رسول الله من هم
قال : ألم تر أن الله يقول {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال حدثنا النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم عن ليلة أسري به قال : نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر
كمشافر الإبل وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من
نار فتقذف في في أحدهم حتى تخرج من أسافلهم ولهم خوار وصراخ فقلت : يا
جبريل من هؤلاء قال : هؤلاء {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون
في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن
السدي في الآية قال : إذا قام الرجل يأكل مال اليتيم ظلما يبعث يوم
القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه يعرفه
من رآه بآكل مال اليتيم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن أبي جعفر قال : من أكل مال اليتيم فإنه
يؤخذ بمشفره يوم القيامة فيملأ فوه جمرا فيقال له : كل كما أكلته في الدنيا ثم يدخل السعير الكبرى.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في الآية قال : هذه لأهل الشرك حين كانوا لا يورثونهم ويأكلون أموالهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {سعيرا} يعني وقودا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال السعير واد من فيح في جهنم.
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيما : مدمن
الخمر وآكل ربا وآكل مال اليتيم بغير حق والعاق لوالديه.
الآية 11.
أخرج
عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة
، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من
طرق ، عَن جَابر بن عبد الله قال عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو
بكر في بني سلمة ماشيين فوجدني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا أعقل شيئا
فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش علي فأفقت فقلت : ما تأمرني أن أصنع في مالي يا
رسول الله فنزلت {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم ، عَن جَابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا
مريض فقلت : كيف أقسم مالي بين ولدي فلم يرد علي شيئا ونزلت {يوصيكم الله في أولادكم}.
وأخرج
ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي ، وَابن ماجة ومسدد
والطيالسي ، وَابن أبي عمر ، وَابن منيع ، وَابن أبي أسامة وأبو يعلى ،
وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" ، عَن جَابر
قال جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :
يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا وإن
عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال فقال : يقضي
الله في ذلك ، فنزلت آية الميراث {يوصيكم الله في أولادكم} الآية ، فأرسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال : أعط ابنتي سعد الثلثين
وأمهما الثمن وما بقي فهو لك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن
عباس قال : كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ الله من
ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس
مع الولد وجعل للزوجة
الثمن والربع وللزوج الشطر والربع.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الفرائض التي
فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين كرهها الناس أو بعضهم
وقالوا : نعطي المرأة الربع أو الثمن ونعطي الإبنة النصف ونعطي الغلام
الصغير وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة وكانوا يفعلون ذلك
في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم ويعطونه الأكبر فالأكبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {للذكر مثل حظ الأنثيين} قال : صغيرا أو كبيرا.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون
الجواري ولا الضعفاء من الغلمان لا يرث الرجل من والده إلا من أطاق القتال
، فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر وترك امرأة له يقال لها أم كحة ، وترك
خمس جوار فجاءت الورثة فأخذوا ماله فشكت أم
كحة ذلك إلى النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن
ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف}
ثم قال : في أم كحة (ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن) (النساء الآية 12).
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {فإن كن نساء} يعني بنات {فوق
اثنتين} يعني أكثر من اثنتين أو كن اثنتين ليس معهن ذكر {فلهن ثلثا ما
ترك} الميت والبقية للعصبة {وإن كانت واحدة} يعني ابنة واحدة فلها النصف
{ولأبويه} يعني أبوي الميت {لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد}
يعني ذكرا كان أوكانتا اثنتين فوق ذلك ولم يكن معهن ذكر فإن كان الولد
ابنة واحدة فلها نصف المال ثلاثة أسداس وللأب سدس ويبقى سدس واحد فيرد ذلك
على الأب لأنه هو العصبة {فإن لم يكن له ولد} قال : ذكر ولا أنثى {وورثه
أبواه فلأمه الثلث} وبقية المال للأب {فإن كان له} يعني للميت {إخوة} قال
: أخوان فصاعدا أو أختان أو أخ أو أخت {فلأمه السدس} وما بقي فللأب وليس
للإخوة مع الأب شيء ولكنهم حجبوا الأم عن الثلث {من بعد وصية يوصي بها}
فيما بينه وبين الثلث لغير الورثة ولا تجوز وصية لوارث {أو دين} يعني يحم
الميراث للورثة
من بعد دين على الميت {فريضة من الله} يعني ما ذكر من قسمة الميراث {إن الله كان عليما حكيما} حكم قسمه.
وأخرج
الحاكم عن زيد بن ثابت قال : توفي الرجل أو المرأة وترك بنتا فلها النصف
فإن كانتا اثنتين فأكثر فلهن الثلثان وإن كان معهن ذكر فلا فريضة لأحد
منهم ويبدأ بأحد إن شركهن بفريضة فيعطى فريضته.
وأخرج سعيد بن منصور
والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : كان عمر بن الخطاب إذا سلك بنا طريقا
فاتبعناه وجدناه سهلا وإنه سئل عن امرأة وأبوين فقال : للمرأة الربع وللأم
ثلث ما بقي وما بقي فللأب.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن عكرمة قال :
أرسلني ابن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله عن زوج وأبوين فقال زيد : للزوج
النصف وللأم ثلث ما بقي وللأب بقية المال ، فأرسل إليه ابن عباس : أفي
كتاب الله تجد هذا قال : لا ، ولكن أكره أن أفضل أما على أب ، قال : وكان
ابن عباس يعطي الأم الثلث من جميع المال.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث
قال
الله {فإن كان له إخوة} فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة فقال عثمان : لا
أستطيع أن أرد ما كان قبلي ومضى في الأمصار وتوارث به الناس.
وأخرج
الحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن زيد بن ثابت أنه كان يحجب الأم بالأخوين
فقالوا له : يا أبا سعيد إن الله يقول {فإن كان له إخوة} وأنت تحجبها
بأخوين فقال : إن العرب تسمي الأخوين إخوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإن كان له إخوة فلأمه
السدس} قال : أضروا بالأم ولا يرثون ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث
ويحجبها ما فوق ذلك وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من الثلث
لأن أباهم يلي نكاحهم والنفقة عليهم دون أمهم.
وأخرج عبد الرزاق ،
وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : السدس الذي حجبته
الإخوة الأم لهم إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أمهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن ماجة
وابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" ،
عَن عَلِي ، قال : إنكم تقرؤون هذه الآية {من بعد وصية يوصي بها أو دين}
وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية وإن أعيان بني
الأم يتوارثون دون بني العلات.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {من بعد وصية يوصي بها أو دين} قال : يبدأ بالدين قبل الوصية.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {آباؤكم
وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا} يقول : أطوعكم لله من الآباء
والأبناء أرفعكم درجة عند الله يوم القيامة لأن الله شفع المؤمنين بعضهم
في بعض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {أيهم أقرب لكم نفعا} قال : في الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {أيهم أقرب لكم
نفعا} قال بعضهم : في نفع الآخرة ، وقال بعضهم : في نفع الدنيا.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : الميراث للولد فانتزع الله منه للزوج والوالد.
الآية 12.
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} الآية ،
يقول : للرجل نصف ما تركت امرأته إذا ماتت إن لم يكن لها ولد من زوجها
الذي ماتت عنه أو من غيره فإن كان لها ولد ذكر أو أنثى فللزوج الربع مما
تركت من المال من بعد وصية يوصي بها النساء أو دين عليهن - والدين قبل
الوصية فيها تقديم - {ولهن الربع} الآية ، يعني للمرأة الربع مما ترك
زوجها من الميراث إن لم يكن لزوجها الذي مات عنها ولد منها ولا من غيرها
فإن كان للرجل ولد ذكر أو أنثى فلها الثمن مما ترك الزوج من المال وإن كان
رجل أو امرأة يورث كلالة - والكلالة الميت الذي ليس له ولد ولا والد -
{فإن كانوا أكثر من ذلك} يعني أكثر من واحد إثنين إلى عشرة فصاعدا
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والدرامي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقرأ
/ {وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت من أم > /.
وأخرج البيهقي عن الشعبي قال : ما ورث أحد من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الأخوة من الأم مع الجد شيئا قط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {وله أخ أو أخت} قال :
هؤلاء الإخوة من الأم فهم شركاء في الثلث قال : ذكرهم وأنثاهم فيه سواء.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال : قضى عمر بن الخطاب أن ميراث الإخوة من
الأم بينهم الذكر فيه مثل الأنثى ، قال : ولا أرى عمر بن الخطاب قضى بذلك
حتى علمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذه الآية التي قال الله {فإن
كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث}
وأخرج الحاكم عن عمر وعلي ،
وَابن مسعود وزيد في أم وزوج وإخوة لأب وأم وإخوة لأم إن الإخوة من الأب
والأم شركاء الإخوة من الأم في ثلثهم وذلك أنهم قالوا : هم بنو أم كلهم
ولم تزدهم الأم إلا قربا فهم شركاء في الثلث.
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت في المشركة قال : هبوا أن أباهم كان حمارا ما زادهم الأب إلا قربا وأشرك بينهم في الثلث.
ذكر الأحاديث الواردة في الفرائض.
أَخرَج
الحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف العلم وإنه ينسى وهو
أول ما ينزع من أمتي.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ
مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الإثنان في الفرائض لا يجدان
من يقضي بها
وأخرج الحاكم عن ابن المسيب قال : كتب عمر إلى أبي موسى : إذا لهوتم فالهوا بالرمي وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : تعلموا الفرائض واللحن والسنة كما تعلمون القرآن.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : تعلموا الفرائض فإنها من دينكم.
وأخرج
الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : من قرأ منكم القرآن فليتعلم الفرائض
فإن لقيه أعرابي قال : يا مهاجر أتقرأ القرآن فيقول : نعم ، فيقول : وأنا
أقرأ ، فيقول الأعرابي : أتفرض يا مهاجر فإن قال : نعم ، قال : زيادة خير
، وإن قال : لا ، قال : فما فضلك علي يا مهاجر.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : تعلموا الفرائض والحج والطلاق فإنه من دينكم.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرض أمتي زيد بن ثابت
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس.
وأخرج
سعيد بن منصور وأبو داود في المراسيل والبيهقي عن عطاء بن يسار أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء يستخير في ميراث العمة والخالة ،
فأنزل الله عليه لا ميراث لهما ، وأخرجه الحاكم موصولا من طريق عطاء عن
أبي سعيد الخدري.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول : عجبا للعمة تورث ولا ترث.
وأخرج
الحاكم عن قبيصة بن ذؤيب قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر فقالت : إن لي حقا
في ابن ابن ، أو ابن ابنة لي مات ، قال : ما علمت لك حقا في كتاب الله ولا
سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا وسأسأل ، فشهد المغيرة بن
شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس قال : من شهد ذلك معك
فشهد محمد بن مسلمة فأعطاها أبو بكر السدس.
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت أن عمر لما استشارهم في ميراث الجد
والإخوة
قال زيد : كان رأيي أن الإخوة أولى بالميراث وكان عمر يرى يومئذ أن الجد
أولى من الإخوة فحاورته وضربت له مثلا وضرب علي ، وَابن عباس له مثلا
يومئذ ، السيل يضربانه ويصرفانه على نحو تصريف زيد.
وأخرج الحاكم عن عبادة بن الصامت قال : إن من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للجدتين من الميراث السدس بينهما بالسوية.
وأخرج
الحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : أول من أعال الفرائض عمر تدافعت عليه
وركب بعضها بعضا قال : والله ما أدري كيف أصنع بكم والله ما أدري أيكم قدم
الله ولا أيكم أخر وما أجد في هذا المال شيئا أحسن من أن أقسمه عليكم
بالحصص ، ثم قال ابن عباس : وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر
الله ما عالت فريضته ، فقيل له : وأيها قدم الله قال : كل فريضة لم يهبطها
الله من
فريضة إلا إلى فريضة : فهذا ما قدم الله وكل فريضة إذا زالت عن
فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي أخر الله فالذي قدم كالزوجين والأم
والذي أخر كالأخوات والبنات ، فإذا اجتمع من قدم الله وأخر بدى ء بمن قدم
فأعطى حقه كاملا فإن بقي شيء كان لهن
وإن لم يبق شيء فلا شيء لهن.
وأخرج
سعيد بن منصور عن ابن عباس قال : أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في
المال نصفا وثلثا وربعا إنما هو نصفان وثلاثة أثلاث وأربعة أرباع.
وأخرج
سعيد بن منصور عن عطاء قال : قلت لابن عباس : إن الناس لا يأخذون بقولي
ولا بقولك ولو مت أنا وأنت ما اقتسموا ميراثا على ما تقول : قال :
فليجتمعوا فلنضع أيدينا على الركن ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
، ما حكم الله بما قالوا.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في "سُنَنِه" عن زيد بن ثابت ، أنه أول من أعال الفرائض وأكثر ما بلغ العول مثل ثلثي رأس الفريضة.
وأخرج
سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقول : من شاء لاعنته عند الحجر الأسود
إن الله لم يذكر في القرآن جدا ولا جدة إن هم إلا الآباء ثم تلا (واتبعت
ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) (يوسف الآية 38).
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أجرؤكم على قسم الجد أجرؤكم على النار.
وأخرج عبد الرزاق عن عمر قال : أجرؤكم على جراثيم جهنم أجرؤكم على الجد.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، عَن عَلِي ، قال : من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والإخوة.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر.
وأخرج
سعيد بن منصور عن عبد الله بن مغفل قال : ما أحدث في الإسلام قضاء بعد
قضاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعجب إلي من قضاء معاوية أنا
نرثهم ولا يرثونا كما أن النكاح يحل لنا فيهم ولا يحل لهم فينا.
وأخرج
أبو داود والبيهقي عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ليس للقاتل من الميراث شيء ، قوله تعالى : {غير مضار} الآية
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {من بعد وصية يوصى بها أو دين غير
مضار} يعني من غير ضرار لا يقر بحق ليس عليه ولا يوصي بأكثر من الثلث مضار
للورثة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {غير مضار} قال : في الميراث لأهله.
وأخرج
النسائي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال : الضرار في
الوصية من الكبائر ثم قرأ {غير مضار}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الإضرار في الوصية من الكبائر.
وأخرج
مالك والطيالسي ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي ، وَابن خزيمة ، وَابن الجارود ، وَابن حبان عن سعد بن أبي وقاص
أنه مرض مرضا أشفي منه فأتاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
يعوده
فقال : يا رسول الله إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا ابنة أفأتصدق
بالثلثين قال : لا ، قال : فالشطر ، قال : لا ، قال : فالثلث ، قال :
الثلث والثلث إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة في حياتكم يعني الوصية.
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال : وددت أن الناس غضوا من
الثلث إلى الربع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الثلث كثير.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : ذكر عند عمر الثلث في الوصية قال : الثلث وسط لا بخس ولا شطط.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال : لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث
ومن أوصى بالثلث لم يترك.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يقولون : الذي يوصي بالخمس أفضل من
الذي يوصي بالربع والذي يوصي بالربع أفضل من الذي يوصي بالثلث.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كان يقال : السدس خير من الثلث في الوصية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال : من أوصى بوصية لم يحف فيها ولم يضار أحدا كان له من الأجر ما لو تصدق في حياته في صحته.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون أن يموت الرجل قبل أن يوصي قبل أن تنزل المواريث.
آية 13 - 14.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {تلك حدود الله} يعني طاعة الله يعني المواريث التي سمى
وقوله {ويتعد حدوده} يعني من لم يرض بقسم الله وتعدى ما قال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي {تلك حدود الله} بقول : شروط الله.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {تلك حدود الله} يعني سنة الله وأمره في
قسمة الميراث {ومن يطع الله ورسوله} فيقسم الميراث كما أمره الله {ومن يعص
الله ورسوله} قال : يخالف أمره في قسمة المواريث {يدخله نارا خالدا فيها}
يعني من يكفر بقسمة المواريث وهم المنافقون كانوا لا يعدون أن للنساء والصبيان الصغار من الميراث نصيبا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {ومن يطع الله ورسوله} قال : في شأن المواريث التي ذكر قبل.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {تلك حدود الله} التي حد لخلقه
وفرائضه بينهم في الميراث والقسمة فانتهوا إليها ولا تعدوها إلى غيرها
وأخرج
ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {ومن يطع الله ورسوله}
قال : من يؤمن بهذه الفرائض ، وفي قوله {ومن يعص الله ورسوله} قال من لا
يؤمن بها.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه ،
وَابن ماجه واللفظ له والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى حاف في
وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين
سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة ، ثم يقول أبو هريرة :
اقرأوا إن شئتم {تلك حدود الله} إلى قوله {عذاب مهين}.
وأخرج ابن أبي
شيبة في المصنف وسعيد بن منصور عن سليمان بن موسى قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : من قطع ميراثا فرضه الله قطع الله ميراثه من الجنة.
وأخرج
ابن ماجه من وجه آخر عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من
قطع ميراث وارثه قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة
وأخرج
البيهقي في البعث من وجه ثالث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : من قطع ميراثا فرضه الله ورسوله قطع الله به ميراثه من الجنة.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال : إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة عدو.
الآية 15
أخرج
الفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبزار
والطبراني من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله {واللاتي يأتين الفاحشة}
الآية ، قال : كانت المرأة إذا فجرت حبست في البيوت فإن ماتت ماتت وإن
عاشت عاشت حتى نزلت الآية في سورة النور (الزانية والزاني) (النور الآية
2) فجعل الله لهن سبيلا فمن عمل شيئا جلد وأرسل.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر والنحاس في ناسخه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق علي عن ابن
عباس في الآية قال : كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت ثم أنزل
الله بعد ذلك (الزانية والزاني فاجلدوا كل
واحد منهما مائة جلدة) (النور الآية 2) فإن كانا محصنين رجما ، فهذا السبيل الذي جعله الله لهما.
وأخرج
أبو داود في ناسخه ، وَابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله
{واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} وقوله {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} الطلاق الآية 1 وقوله {ولا تعضلوهن لتذهبوا
ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} النساء الآية 19 قال : كان
ذكر الفاحشة في هؤلاء الآيات قبل أن تنزل سورة النور بالجلد والرجم فإن
جاءت اليوم بفاحشة مبينة فإنها تخرج فترجم فنسختها هذه الآية {الزانية
والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} النور الآية 2 والسبيل الذي جعل
الله لهن الجلد والرجم.
وأخرج أبو داود في "سُنَنِه" والبيهقي من طريق
عكرمة عن ابن عباس {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} إلى قوله {سبيلا}
وذكر الرجل بعد المرأة ثم جمعهما جميعا فقال (واللذان يأتيانهما منكم
فآذوهما) (النساء الآية 16) الآية ، ثم نسخ ذلك بآية الجلد فقال :
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) (النور الآية 2).
وأخرج آدم البيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد في قوله {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم}
يعني الزنا كان أمر أن يحبس ثم
نسختها (الزانية والزاني فاجلدوا) (النور الآية 2).
وأخرج آدم وأبو داود في "سُنَنِه" والبيهقي عن مجاهد قال السبيل الحد.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن
قتادة في قوله {واللاتي يأتين الفاحشة} الآية ، قال : كان هذا بدء عقوبة
الزنا كانت المرأة تحبس ويؤذيان جميعا ويعيران بالقول وبالسب ، ثم إن الله
أنزل بعد ذلك في سورة النور جعل الله لهن سبيلا فصارت السنة فيمن أحصن
بالرجم بالحجارة وفيمن لم يحصن جلد مائة ونفي سنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والنحاس عن قتادة في الآية قال : نسختها الحدود.
وأخرج
البيهقي في "سُنَنِه" عن الحسن في قوله {واللاتي يأتين الفاحشة} الآية ،
قال : كان أول حدود النساء أن يحبسن في بيوت لهن حتى نزلت الآية التي في
النور
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {واللاتي يأتين
الفاحشة} يعني الزنا {من نسائكم} يعني المرأة الثيب من المسلمين
{فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} يعني من المسلمين الأحرار {فإن شهدوا} يعني
بالزنا {فأمسكوهن} يعني احبسوهن {في البيوت} يعني في السجون ، وكان هذا في
أول الإسلام كانت المرأة إذا شهد عليها أربعة من المسلمين عدول بالزنا
حبست في السجن فإن كان لها زوج أخذ المهر منها ولكنه ينفق عليها من غير
طلاق وليس عليها حد ولا يجامعها ولكن يحبسها في السجن {حتى يتوفاهن الموت}
يعني حتى تموت المرأة وهي على تلك الحال {أو يجعل الله لهن سبيلا} يعني
مخرجا من الحبس والمخرج الحد.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال :
هؤلاء اللاتي قد أنكحن وأحصن إذا زنت المرأة كانت تحبس في البيوت ويأخذ
زوجها مهرها فهو له ، وذلك قوله (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن
شيئا) (البقرة الآية 229) (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) الزنا حتى جاءت
الحدود فنسختها فجلدت ورجمت وكان مهرها ميراثا فكان السبيل هو الحد.
وأخرج عبد الرزاق والشافعي والطيالسي ، وَابن أبي شيبة وأحمد
وعبد
بن حميد والدرامي ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن
الجارود والطحاوي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس ، وَابن حبان
عن عبادة بن الصامت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه
الوحي كرب لذلك وتربد وجهه ، وفي لفظ لابن جرير : يأخذه كهيئة الغشي لما
يجد من ثقل ذلك ، فأنزل الله عليه ذات يوم فلما سري عنه قال : خذوا عني قد
جعل الله لهن سبيلا الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي
سنة.
وأخرج أحمد عن سلمة بن المحبق قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة
ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.
وأخرج الطبراني والبيهقي في
"سُنَنِه" عن ابن عباس قال لما نزلت الفرائض في سورة النساء قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : لا حبس بعد سورة النساء
الآية 16.
أخرج ابن
جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله
{واللذان يأتيانها منكم} الآية ، قال : كان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير
وضرب بالنعال ، فأنزل الله بعد هذه الآية (الزانية والزاني فاجلدوا كل
واحد منهما مائة جلدة) (النور الآية 2) وإن كانا غير محصنين رجما في سنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {واللذان يأتيانها منكم} قال : الرجلان الفاعلان.
وأخرج آدم والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد في قوله {فآذوهما} يعني سبا.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {واللذان} يعني البكرين اللذين لم يحصنا
{يأتيانها} يعني الفاحشة وهي الزنا {منكم} يعني من المسلمين {فآذوهما}
يعني باللسان بالتعيير والكلام القبيح لهما بما عملا وليس عليهما
حبس لأنهما بكران ولكن يعيران ليتوبا ويندما {فإن تابا} يعني من الفاحشة {وأصلحا} يعني العمل {فأعرضوا عنهما} يعني لا
تسمعوهما
الأذى بعد التوبة {إن الله كان توابا رحيما} فكان هذا يفعل بالبكر والثيب
في أول الإسلام ثم نزل حد الزاني فصار الحبس والأذى منسوخا نسخته الآية
التي في السورة التي يذكر فيها النور (الزانية والزاني) (النور الآية 2).
وأخرج ابن جرير عن عطاء {واللذان يأتيانها منكم} قال : الرجل والمرأة.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : ثم ذكر الجواري والفتيان الذين
لم ينكحوا فقال {واللذان يأتيانها منكم} الآية ، فكانت الجارية والفتى إذا
زنيا يعنفان ويعيران حتى يتركا ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} قال : عن تعييرهما.
الآية 17 - 18.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {إنما التوبة على الله} الآية ، قال : هذه للمؤمنين
وفي قوله {وليست التوبة للذين يعملون السيئات} قال : هذه لأهل النفاق {ولا الذين يموتون وهم كفار} قال : هذه لأهل الشرك.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : نزلت الأولى في المؤمنين ونزلت الوسطى في المنافقين والأخرى في الكفار.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من وجه آخر عن أبي العالية
أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون : كل ذنب أصابه عبد
فهو جهالة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : اجتمع
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فرأوا أن كل شيء عصي به فهو جهالة عمدا كان
أو غيره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن مجاهد في قوله جهالة قال : كل من عصى ربه
فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته
وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي
صالح عن ابن عباس في قوله {إنما التوبة على الله} الآية ، قال : من عمل
السوء فهو جاهل من جهالته عمل السوء {ثم يتوبون من قريب} قال : في الحياة
والصحة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في
قوله {ثم يتوبون من قريب} قال القريب ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت.
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز قال : لا يزال الرجل في توبة حتى يعاين الملائكة.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال القريب ما لم تنزل به آية من آيات الله أو ينزل به الموت.
وأخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الشعب عن
الضحاك في الآية قال : كل شيء قبل الموت فهو قريب له التوبة ما بينه وبين
أن يعاين ملك الموت فإذا تاب حين ينظر إلى ملك الموت فليس له ذاك.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة
في الآية قال : الدنيا كلها قريب والمعاصي كلها جهالة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ثم يتوبون من قريب} قال : ما لم يغرغر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عمر في الآية قال : لو غرغر بها - يعني المشرك بالإسلام - لرجوت له خيرا كثيرا.
وأخرج
ابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن
إبليس لما رأى آدم أجوف قال : وعزتك لا أخرج من جوفه ما دام فيه الروح ،
فقال الله تبارك وتعالى : وعزتي لا أحول بينه وبين التوبة ما دام الروح
فيه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والبيهقي في البعث عن قتادة
قال : كنا عند أنس بن مالك وثم أبو قلابة فحدث أبو قلابة قال : إن الله
تعالى لما لعن إبليس سأله النظرة ، فأنظره إلى يوم الدين فقال : وعزتك لا
أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح ، قال : وعزتي لا أحجب عنه التوبة
ما دام فيه الروح.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو يعلى ، وَابن حبان عن أبي
سعيد
الخدري قال : لا أخبركم إلا ما سمعت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم
سمعته أذناي ووعاه قلبي أن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم عرضت له التوبة
فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل فأتاه فقال : إني قتلت تسعة وتسعين
نفسا فهل لي من توبة قال بعد قتل تسعة وتسعين نفسا ، قال : فانتضى سيفه
فقتله فأكمل به مائة ، ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على
رجل فأتاه فقال : إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة فقال : ومن يحول بينك
وبين التوبة أخرج من القرية الخبيثة التي أنت فيها إلى القرية الصالحة
قرية كذا وكذا ، فاعبد ربك فيها ، فخرج يريد القرية الصالحة فعرض له أجله
في الطريق فاختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقال إبليس أنا أولى
به إنه لم يعصيني ساعة قط ، فقالت الملائكة : إنه خرج تائبا ، فبعث الله
ملكا فاختصموا إليه فقال : انظروا أي القريتين كانت أقرب إليه فألحقوه بها
، فقرب الله منه القرية الصالحة وباعد منه القرية الخبيثة فألحقه بأهل
القرية الصالحة.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ابن ماجه والحاكم وصححه
والبيهقي في الشعب عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن
الله يقبل توبة
العبد ما لم يغرغر.
وأخرج البيهقي في الشعب عن
رجل من الصحابة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما ما إنسان
يتوب إلى الله عز وجل قبل أن تغرغر نفسه في شدقه إلا قبل الله توبته.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن
ابن عمر قال : التوبة مبسوطة للعبد ما لم يسق ، ثم قرأ {وليست التوبة
للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} ثم قال :
وهل الحضور إلا السوق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} قال : لا يقبل ذلك منه.
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {وليست التوبة للذين يعملون السيئات} الآية ، قال هم أهل الشرك
وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {وليست التوبة للذين يعملون السيئات} الآية ، قال هم أهل الشرك.
وأخرج
ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {وليست التوبة للذين
يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} فليس لهذا عند
الله توبة {ولا الذين يموتون وهم كفار} أولئك أبعد من التوبة.
وأخرج
أبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من
طريق علي عن ابن عباس في قوله {وليست التوبة} الآية ، قال : فأنزل الله
بعد ذلك (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء
الآية 48) فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر وأرجأ أهل التوحيد إلى
مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمرو قال : ما من ذنب مما يعمل بين السماء والأرض يتوب منه العبد قبل أن يموت إلا تاب الله عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كان يقال : التوبة مبسوطة ما لم يؤخذ بكظمه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو قال : من تاب قبل موته بفواق تيب عليه ، قيل : ألم يقل الله !
{وليست
التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن}
فقال : إنما أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
أحمد والبخاري في التاريخ والحاكم ، وَابن مردويه عن أبي ذر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يقبل توبة عبده ، أو يغفر لعبده ما لم
يقع الحجاب ، قيل : وما وقوع الحجاب قال : تخرج النفس وهي مشركة.
الآية 19.
أخرج
البخاري وأبو داود والنسائي والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {يا أيها
الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} قال : كانوا إذا مات الرجل
كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاؤوا زوجوها وإن شاؤوا
لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها ، فنزلت هذه الآية في ذلك
وأخرج
أبو داود من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال : كان الرجل
يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها فأحكم الله عن
ذلك ، أي نهى عن ذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن
ابن عباس في هذه الآية قال : كان الرجل إذا مات وترك جارية ألقى عليها
حميمه ثوبه فمنعها من الناس فإن كانت جميلة تزوجها وإن كانت دميمة حبسها
حتى تموت فيرثها ، وهي قوله {ولا تعضلوهن} يعني لا تقهروهن {لتذهبوا ببعض
ما آتيتموهن} يعني الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر
فيضر بها لتفتدي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق عطاء عن ابن
عباس قال : كان الرجل إذا مات أبوه أو حميمه كان أحق بامرأة الميت إن شاء
أمسكها أو يحبسها حتى تفتدي منه بصداقها أو تموت فيذهب بمالها ، قال عطاء
بن أبي رباح : وكان أهل الجاهلية إذا هلك الرجل فترك امرأة يحبسها أهله
على الصبي تكون فيهم فنزلت {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}
وأخرج
النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال
: لما توفي أبو قيس بن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته - وكان لهم ذلك
في الجاهلية - فأنزل الله {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في كبشة ابنة معن
بن عاصم أبي الأوس كانت عند أبي قيس بن الأسلت فتوفي عنها فجنح عليها ابنه
فجاءت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : لا أنا ورثت زوجي ولا أنا
تركت فأنكح ، فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن
عباس أن رجالا من أهل المدينة كان إذا مات حميم أحدهم ألقى ثوبه على
امرأته فورث نكاحها فلم ينكحها أحد غيره وحبسها عنده لتفتدي منه بفدية ،
فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كانت المرأة في
الجاهلية إذا مات زوجها جاء وليه فألقى عليها ثوبا فإن كان له ابن صغير أو
أخ
حبسها عليه حتى يشب أو تموت فيرثها فإن هي انفلتت فأتت أهلها ولم يلق
عليها ثوبا نجت ، فأنزل الله {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن سعد ، وَابن جَرِير عن الزهري في الآية قال : نزلت في
ناس من الأنصار كانوا إذا مات الرجل منهم فأملك الناس بامرأته وليه
فيمسكها حتى تموت فيرثها ، فنزلت فيهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن
أسلم في الآية قال : كان أهل يثرب إذا مات الرجل منهم في الجاهلية ورث
امرأته من يرث ماله فكان يعضلها حتى يتزوجها أو يزوجها من أراد وكان أهل
تهامة يسيء الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها ويشترط عليها أن لا تنكح إلا من
أراد حتى تفتدي منه ببعض ما أعطاها ، فنهى الله المؤمنين عن ذلك.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عبد الرحمن بن السلماني في
قوله {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن} قال : نزلت هاتان
الآيتان إحداهما في أمر الجاهلية والأخرى في أمر الإسلام قال ابن المبارك
{أن ترثوا النساء كرها} في الجاهلية {ولا تعضلوهن} في
الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {ولا تعضلوهن} قال : لا تضر بامرأتك لتفتدي منك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {ولا تعضلوهن} يعني أن ينكحن أزواجهن كالعضل في سورة البقرة.
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد قال : كان العضل في قريش بمكة ينكح الرجل المرأة
الشريفة فلعلها لا توافقه فيفارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه فيأتي
بالشهود فيكتب ذلك عليها ويشهد فإذا خطبها خاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها
وإلا عضلها.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس في قوله {إلا أن
يأتين بفاحشة مبينة} قال : البغض والنشوز ، فإذا فعلت ذلك فقد حل له منها
الفدية.
وأخرج ابن جرير عن مقسم ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن
إلا أن يفحشن في قراءة ابن مسعود وقال : إذا آذتك فقد حل لك أخذ ما أخذت
منك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}
يقول : إلا أن ينشزن ، وفي قراءة ابن مسعود وأبي بن كعب إلا أن يفحشن.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الفاحشة هنا النشوز.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عطاء الخراساني في الرجل إذا
أصابت امرأته فاحشة أخذ ما ساق إليها وأخرجها فنسخ ذلك الحدود.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {إلا أن يأتين بفاحشة} قال : الزنا ، فإذا فعلت حل لزوجها أن يكون هو يسألها الخلع.
وأخرج
ابن المنذر عن أبي أمامة قلابة ، وَابن سيرين قالا : لا يحل الخلع حتى
يوجد رجل على بطنها لأن الله يقول {إلا أن يأتين بفاحشة}.
وأخرج ابن
جرير ، عَن جَابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الله في
النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم
عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير
مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أيها الناس إن النساء عندكم عوان
أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله
ولكم عليهن حق ومن حقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا ولا يعصينكم في معروف وإذا فعلن ذلك فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وعاشروهن} قال : خالطوهن ، قال ابن جرير : صحفه بعض الرواة ، وإنما هو خالقوهن.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : حقها عليك الصحبة الحسنة والكسوة والرزق المعروف.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل {وعاشروهن بالمعروف} يعني صحبتهن بالمعروف {فإن
كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا} فيطلقها فتتزوج من بعده رجلا فيجعل الله له
منها ولدا ويجعل الله في تزويجها خيرا كثيرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن
أبي حاتم عن ابن عباس {ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} قال : الخير الكثير ،
أن يعطف عليها فيرزق الرجل ولدها ويجعل الله في ولدها خيرا كثيرا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في الآية قال : فعسى الله أن يجعل في الكراهية خيرا كثيرا
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} قال : الولد.
وأخرج
ابن المنذر عن الضحاك قال : إذا وقع بين الرجل وبين امرأته كلام فلا يعجل
بطلاقها وليتأن بها وليصبر فلعل الله سيريه منها ما يحب.
وأخرج عَبد بن
حُمَيد عن قتادة في الآية قال : عسى أن يمسكها وهو لها كاره فيجعل الله
فيها خيرا كثيرا قال : وكان الحسن يقول : عسى أن يطلقها فتتزوج غيره فيجعل
الله له فيها خيرا كثيرا.
الآية 20 - 21.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج}
قال : إن كرهت امرأتك وأعجبك غيرها فطلقت هذه وتزوجت تلك فأعط هذه مهرها وإن كان قنطارا.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {وإن أردتم
استبدال زوج مكان زوج} قال : طلاق امرأة ونكاح أخرى فلا يحل له من مال
المطلقة شيء وإن كثر.
وأخرج ابن جرير عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {وآتيتم إحداهن
قنطارا} قال : ألفا ومائتين يعني ألفين.
وأخرج
سعيد بن منصور وأبو يعلى بسند جيد عن مسروق قال : ركب عمر بن الخطاب
المنبر ثم قال : أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإنما الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما
دون ذلك ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها
فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم ، ثم نزل فاعترضه
امرأة من قريش فقالت له : يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا النساء
في صدقاتهن على أربعمائة درهم قال : نعم ، فقالت أما سمعت ما أنزل الله
يقول {وآتيتم إحداهن قنطارا} فقال : اللهم غفرانك ، كل الناس أفقه من عمر
، ثم رجع فركب المنبر فقال : يا أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا
النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : قال عمر بن
الخطاب : لا تغالوا في مهور النساء ، فقالت امرأة ليس ذلك لك يا
عمر إن يقول {وآتيتم إحداهن قنطارا} من ذهب ، قال : وكذلك هي في قراءة ابن مسعود فقال عمر : إن امرأة خاصمت عمر فخصمته.
وأخرج
الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن مصعب قال : قال عمر : لا
تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت
المال ، فقالت امرأة : ما ذاك لك ، قال : ولم ، قالت : لأن الله يقول
{وآتيتم إحداهن قنطارا} الآية ، فقال عمر : امرأة أصابت ورجل أخطأ.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن بكر بن عبد الله المزني قال : قال
عمر : خرجت وأنا أريد أن أنهاكم عن كثرة الصداق فعرضت لي آية من كتاب الله {وآتيتم إحداهن قنطارا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {بهتانا} قال : إثما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {مبينا} قال : البين
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الإفضاء الجماع ولكن الله يكني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} قال : مجامعة النساء.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وأخذن منكم ميثاقا
غليظا} قال : الميثاق الغليظ (إمساك بمعروف أوتسريح بإحسان) (البقرة الآية
229).
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في
قوله {ميثاقا غليظا} قال : هو ما أخذ الله تعالى للنساء على الرجال فإمساك
بمعروف أو تسريح بإحسان قال : وقد كان ذلك يؤخذ عند عقد النكاح آلله عليك
لتمسكن بمعروف أو لتسرحن بإحسان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن
ابن أبي ملكية أن ابن عمر كان إذا أنكح قال : أنكحك على ما أمر الله به
(إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
وأخرج ابن أبي شيبة عن عوف قال : كان أنس بن مالك إذا زوج امرأة من
بناته أو امرأة من بعض أهله قال لزوجها : أزوجك تمسك بمعروف أو تسرح بإحسان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت أن ابن عباس كان إذا زوج اشترط (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك {وأخذن منكم ميثاقا غليظا} قال (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن أبي كثير ، مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد {وأخذن منكم ميثاقا غليظا} قال : عقدة النكاح ، قال : قد أنكحتك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة ومجاهد {وأخذن منكم ميثاقا غليظا} قال : أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {وأخذن منكم ميثاقا غليظا} قال : هو قول الرجل ملكت
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ميثاقا غليظا} قال : كلمة النكاح التي تستحل بها فروجهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك {ميثاقا غليظا} يعني شديدا.
وأخرج ابن جرير عن بكير أنه سئل عن المختلعة أنأخذ منها شيئا قال : لا {وأخذن منكم ميثاقا غليظا}.
وأخرج
عن ابن زيد في الآية قال : ثم رخص بعد (فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله
فلا جناح عليهما فيما افتدت به) (البقرة الآية 229) قال : فنسخت هذه تلك.
الآية 22.
أخرج
الفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في
"سُنَنِه" عن عدي بن ثابت الأنصاري قال توفي أبو قيس بن الأسلت وكان من
صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس امرأته فقالت : إنما أعدك ولدا وأنت من صالحي
قومك ولكن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمره ، فأتت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فقالت : إن أبا قيس توفي فقال لها : خيرا ، قالت
وإن ابنه قيسا خطبني وهو من صالحي قومه وإنما كنت أعده ولدا فما ترى قال :
ارجعي إلى بيتك ، فنزلت هذه الآية {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}
قال : البيهقي مرسل ، قلت : فمن رواية ابن أبي حاتم عن عدي بن ثابت عن رجل
من الأنصار.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {ولا تنكحوا ما نكح
آباؤكم من النساء} قال : نزلت في أبي قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد بنت
ضمرة كانت تحت الأسلت أبيه وفي الأسود بن خلف وكان خلف على بنت أبي طلحة
بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكانت عند أبيه خلف وفي فاختة ابنة
الأسود بن المطلب بن أسد كانت عند أمية بن خلف فخلف عليها صفوان بن أمية
وفي منظور بن رباب وكان خلف على مليكة ابنة خارجة وكانت عند أبيه رباب بن
سيار.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن مقاتل بن حيان قال : كان إذا توفي الرجل
في
الجاهلية عمد حميم الميت إلى امرأته فألقى عليها ثوبا فيرث نكاحها فلما
توفي أبو قيس بن الأسلت عمد ابنه قيس إلى امرأته فتزوجها ولم يدخل بها ،
فأتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأنزل الله في قيس {ولا
تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف} قبل التحريم حتى ذكر تحريم
الأمهات والبنات حتى ذكر {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} قبل
التحريم (إن الله كان غفورا رحيما) (النساء الآية 23) فيما مضى قبل
التحريم.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : كان الرجل إذا
توفي عن امرأته كان ابنه أحق بها أن ينكحها إن شاء إن لم تكن أمه أو
ينكحها من شاء ، فلما مات أبو قيس بن الأسلت قام ابنه محصن فورث نكاح
امرأته ولم ينفق عليها ولم يورثها من المال شيئا ، فأتت النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : ارجعي لعل الله ينزل فيك شيئا ، فنزلت
{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} الآية ، ونزلت (لا يحل لكم أن ترثوا
النساء كرها) (النساء الآية 19).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن
عباس قل : كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله إلا امرأة الأب والجمع بين
الأختين ، فأنزل الله {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} ، {وأن تجمعوا
بين الأختين} النساء الآية 23
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق علي عن ابن عباس في قوله
{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} يقول : كل امرأة تزوجها أبوك أو
ابنك دخل أو لم يدخل بها فهي عليك حرام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن
جَرِير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء بن أبي رباح : الرجل ينكح المرأة ثم
لا يراها حتى يطلقها أتحل لابنه قال : لا ، هي مرسلة قال الله {ولا تنكحوا
ما نكح آباؤكم من النساء} قلت لعطاء : ما قوله {إلا ما قد سلف} قال : كان
الأبناء ينكحون نساء آبائهم في الجاهلية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} قال : هو أن يملك عقدة النكاح وليس بالدخول.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي مريم عن مشيخة قال : لا ينكح الرجل امرأة
جده أبي أمه لأنه من الآباء يقول الله {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من
النساء}
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {إلا ما قد سلف} إلا ما كان في الجاهلية.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله {إلا ما قد سلف} قال : كان الرجل في الجاهلية ينكح امرأة أبيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إلا من مات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح {إنه كان فاحشة ومقتا} قال : يمقت الله عليه {وساء سبيلا} قال : طريقا لمن عمل به.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه"
عن البراء قال : لقيت خالي ومعه الراية قلت : أين تريد قال : بعثني رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده فأمرني أن أضرب
عنقه وآخذ ماله.
الآية 23
أخرج عبد الرزاق والفريابي والبخاري ،
وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم
والبيهقي في "سُنَنِه" من طرق عن ابن عباس قال : حرم من النسب سبع ومن
الصهر سبع ثم قرأ {حرمت عليكم أمهاتكم} إلى قوله {وبنات الأخت} هذا من
النسب وباقي الآية من الصهر ، والسابعة (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من
النساء).
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس
قال : سبع صهر وسبع نسب ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، أما قوله
تعالى {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة.
وأخرج
مالك وعبد الرزاق عن عائشة قالت : كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات
معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما
يقرأ من القرآن
وأخرج عبد الرزاق عن عائشة قالت : لقد كانت في كتاب
الله عشر رضعات ثم رد ذلك إلى خمس ولكن من كتاب الله ما قبض مع النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن ماجه ، وَابن الضريس عن عائشة قالت : كان مما نزل من القرآن سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات.
وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت : لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير
عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.
وأخرج
عبد الرزاق عن ابن عمر أنه بلغه عن ابن الزبير أنه يأثر عن عائشة في
الرضاعة لا يحرم منها دون سبع رضعات ، قال : الله خير من عائشة إنما قال
الله تعالى {وأخواتكم من الرضاعة} ولم يقل رضعة ولا رضعتين.
وأخرج عبد الرزاق ، عَن طاووس أنه قيل له : إنهم يزعمون أنه لا يحرم من
الرضاعة دون سبع رضعات ثم صار ذلك إلى خمس ، قال : قد كان ذلك فحدث بعد ذلك أمر جاء التحريم المرة الواحدة تحرم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : المرة الواحدة تحرم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : المصة الواحدة تحرم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم أنه سئل عن الرضاع فقال : إن عليا وعبد الله بن مسعود كانا يقولان : قليله وكثيره حرام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن طاووس قال : اشترط عشر رضعات ، ثم قيل : إن الرضعة الواحدة تحرم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود ، وَابن عباس ، وَابن عمر وأبي هريرة مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عائشة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما الرضاعة من المجاعة ، أما قوله تعالى {وأمهات نسائكم}.
أخرج
عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في
"سُنَنِه" من طريقين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها دخل
بالإبنة أم لم يدخل وإذا تزوج الأم فلم يدخل بها ثم طلقها فإن شاء تزوج
الإبنة.
وأخرج مالك عن زيد بن ثابت أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ففارقها
قبل أن يمسها هل تحل له أمها فقال : لا ، الأم مبهمة ليس فيها شرط إنما
الشرط في الربائب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير
عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : الرجل ينكح المرأة ولم يجامعها حتى يطلقها
أتحل له أمها قال : لا هي مرسلة قلت : أكان ابن عباس يقرأ وأمهات نسائكم
اللاتي دخلتم بهن قال : لا
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {وأمهات
نسائكم} قال : هي مبهمة إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها أو ماتت لم
تحل له أمها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي عن عمران بن حصين في ((أمهات نسائكم)) قال : هي مبهمة.
وأخرج
عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في
"سُنَنِه" عن أبي عمرو الشيباني أن رجلا من بني شمخ تزوج امرأة ولم يدخل
بها ثم رأى أمها فأعجبته فاستفتى ابن مسعود فأمره أن يفارقها ثم يتزوج
أمها ففعل وولدت له أولادا ثم أتى ابن مسعود المدينة فسأل عمر وفي لفظ
فسأل أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : لا تصلح ، فلما رجع إلى
الكوفة قال للرجل : إنها عليك حرام ففارقها.
وأخرج مالك عن ابن مسعود
أنه استفتي وهو بالكوفة عن نكاح الأم بعد البنت إذا لم تكن البنت مست
فأرخص ابن مسعود في ذلك ثم إن ابن مسعود قدم المدينة فسأل عن ذلك فأخبر
أنه ليس كما قال وأن الشرط في الربائب فرجع ابن مسعود إلى الكوفة قلم يصل
إلى بيته حتى أتى الرجل الذي أفتاه
بذلك فأمره أن يفارقها.
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي
عن مسروق أنه سئل عن أمهات نسائكم قال هي مبهمة فأرسلوا ما أرسل الله
واتبعوا ما بين ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في الرجل
يتزوج المرأة ثم يطلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها هل تحل له أمها قال هي
بمنزلة الربيبة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن زيد بن ثابت
أنه كان يقول : إذا ماتت عنده فأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها وإذا طلقها قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أمها.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد ،
أنه قال : في قوله {وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم} أريد بهما
الدخول جميعا
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن
مسلم بن عويمر الأجدع قال : نكحت امرأة فلم أدخل بها حتى توفي عمي عن أمها
فسألت ابن عباس فقال : انكح أمها ، فسألت ابن عمر فقال : لا تنكحها ، فكتب
أبي إلى معاوية فلم يمنعي ولم يأذن لي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير فقال : الربيبة والأم سواء
لا بأس بهما إذا لم يدخل بالمرأة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هانى ء
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له
أمها ولا ابنتها ، قوله تعالى : {وربائبكم} :.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن داود أنه قرأ في مصحف ابن مسعود وربائبكم اللاتي دخلتن بأمهاتهم.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم بسند صحيح عن مالك بن أوس بن الحدثان قال :
قال كانت عندي امرأة فتوفيت وقد ولدت لي فوجدت عليها فلقيني علي بن أبي
طالب فقال : ما لك ، فقلت توفيت المرأة فقال علي : لها
ابنة قلت نعم
وهي بالطائف ، قال : كانت في حجرك قلت : لا ، قال : فانكحها ، قلت : فأين
قول الله {وربائبكم اللاتي في حجوركم} قال : إنها لم تكن في حجرك إنما ذلك
إذا كانت في حجرك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : الدخول : الجماع.
وأخرج عبد لرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، عَن طاووس قال : الدخول : الجماع.
وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية قال : بنت الربيبة وبنت ابنتها لا تصلح وإن كانت أسفل لسبعين بطنا.
قوله تعالى {وحلائل أبنائكم} :.
أَخرَج
عبد الرزاق في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
عطاء في قوله {وحلائل أبنائكم} قال : كنا نتحدث أن محمدا صلى الله عليه
وسلم لما نكح امرأة زيد قال المشركون بمكة في ذلك فأنزل الله {وحلائل
أبنائكم الذين من أصلابكم} ونزلت (وما مجعل أدعياءكم أبناءكم) (الأحزاب
الآية 4) ونزلت (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) (الأحزاب الآية 40)
وأخرج
ابن المنذر من وجه آخر عن ابن جريج قال : لما نكح النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم امرأة زيد قالت قريش : نكح امرأة ابنه فنزلت {وحلائل أبنائكم الذين
من أصلابكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ئبي حاتم عن الحسن ومحمد قالا
: إن هؤلاء الآيات مبهمات {وحلائل أبنائكم} و(ما نكح آباؤكم) (النساء
الآية 22) {وأمهات نسائكم}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن
جريج قال : قلت لعطاء : الرجل ينكح المرأة لا يراها حتى يطلقها تحل لأبيه
قال : هي مرسلة {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم}.
أَمَّا قوله تعالى : {وأن تجمعوا بين الأختين}.
أخرج
أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه عن فيروز الديلمي أنه أدركه
الإسلام وتحته أختان فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طلق أيتهما شئت.
وأخرج عن قيس قال : قلت لابن عباس : أيقع الرجل على المرأة
وابنتها مملوكتين له فقال : أحلتهما آية وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله.
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس {وأن تجمعوا بين الأختين} قال : يعني في النكاح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يجمع بين الأختين المملوكتين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس {وأن تجمعوا بين الأختين} قال : ذلك في الحرائر فأما في المماليك فلا بأس.
وأخرج
مالك والشافعي ، وعَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن
أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن
رجلا سال عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين هل يجمع بينهما فقال :
أحلتهما آية وحرمتهما آية وما كنت لأصنع ذلك ، فخرج من عنده فلقي رجلا من
أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أراه علي بن أبي طالب فسأله عن ذلك
فقال : لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا.
وأخرج ابن عبد البر في الاستذكار عن أياس بن عامر قال : سألت
علي
بن أبي طالب فقلت : إن لي أختين مما ملكت يميني اتخذت إحداهما سرية وولدت
لي أولادا ثم رغبت في الأخرى فما أصنع قال : تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ
الأخرى ثم قال : إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله
من الحرائر إلا العدد ، أو قال إلا الأربع ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم
عليك في كتاب الله من النسب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر
والبيهقي عن علي أنه سئل عن رجل له أمتان أختان وطى ء إحداهما ثم أراد أن
يطأ الأخرى ، قال : لا ، حتى يخرجها من ملكه قيل فإن زوجها عبده قال : لا
، حتى يخرجها من ملكه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن الرجل يجمع
بين الأختين الأمتين فكرهه ، فقيل : يقول الله (إلا ما ملكت أيمانكم)
(النساء الآية 24) فقال : وبعيرك ايضا مما ملكت يمينك.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود قال يحرم من
الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن عمار بن ياسر قال : ما حرم الله من الحرائر شيئا إلا قد حرمه من الإماء إلا العدد.
وأخرج
ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق أبي صالح عن علي بن أبي طالب قال في
الأختين المملوكتين : أحلتهما آية وحرمتهما آية ولا آمر ولا أنهى ولا أحل
ولا أحرم ولا أفعله أنا ولا أهل بيتي.
واخرج عبد الرزاق والبيهقي عن
عكرمة قال : ذكر عند ابن عباس قول علي في الأختين من ملك اليمين فقالوا :
إن عليا قال : أحلتهما آية وحرمتهما آية ، قال ابن عباس عند ذلك : أحلتهما
آية وحرمتهما آية إنما يحرمهن علي قرابتي منهن ولا يحرمهن علي قرابة بعضهن
من بعض لقول الله (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) (النساء
الآية 24).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي عن ابن عمر قال : إذا كان للرجل جاريتان أختان فغشي إحداهما فلا يقرب الأخرى حتى يخرج
الذي غشي عن ملكه.
وأخرج
ابن المنذر عن القاسم بن محمد أن حيا سالوا معاوية عن الأختين مما ملكت
اليمين يكونان عند الرجل يطؤهما قال : ليس بذلك بأس ، فسمع بذلك النعمان
بن بشير فقال : أفتيت بكذا وكذا ، قال : نعم ، قال : أرأيت لو كان عند
الرجل أخته مملوكة يجوز له أن يطأها قال : أما والله لربما وددتني أدرك
فقل لهم اجتنبوا ذلك فإنه لا ينبغي لهم فقال : إنما هي الرحم من العتاقة
وغيرها.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين
المرأة وخالتها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده :
أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة : لا تنكح المرأة على
عمتها ولا على خالتها.
وأخرج البيهقي عن مقاتل بن سليمان قال : إنما
قال الله في نساء الآباء {إلا ما قد سلف} لأن العرب كانوا ينكحون نساء
الآباء ثم حرم النسب
والصهر فلم يقل {إلا ما قد سلف} لأن العرب كانت
لا تنكح النسب والصهر ، وقال في الأختين {إلا ما قد سلف} لأنهم كانوا
يجمعون بينهما فحرم جمعهما جميعا إلا ما قد سلف قبل التحريم {إن الله كان
غفورا رحيما} لما كان من جماع الأختين قبل التحريم.
وأخرج ابن أبي شيبة
، وَابن المنذر عن وهب بن منبه أنه سئل عن وطء الأختين الأمتين فقال :
أشهد أنه فيما أنزل الله على موسى عليه السلام أنه ملعون من جمع بين
الأختين.
وأخرج مالك وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد
عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين هل توطأ
إحداهما بعد الأخرى فقال عمر : ما أحب أن أجيزهما جميعا ونهاه.
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه سئل عن الرجل يقع على الجارية وابنتها
يكونان عنده مملوكتين فقال : حرمتهما آية وأحلتهما آية ولم أكن لأفعله
وأخرج
ابن أبي شيبة عن علي أنه سئل عن ذلك فقال : إذا أحلت لك آية وحرمت عليك
أخرى فإن أملكهما آية الحرام ما فصل لنا حرتين ولا مملوكتين.
وأخرج عبد
الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن الضريس عن وهب بن منبه قال : في التوراة
ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها ما فصل لنا حرة ولا مملوكة.
وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي قال : من نظر إلى فرج امرأة وابنتها لم ينظر الله إليه يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها.
الآية 24.
أخرج
الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد
ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والطحاوي ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن
أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين جيشا إلى
أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكان ناس من
أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل
أزواجهن
من المشركين فأنزل الله في ذلك {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}
يقول : إلا ما أفاء الله عليكم فاستحللنا بذلك فروجهن.
وأخرج الطبراني
عن ابن عباس في الآية قال : نزلت يوم حنين لما فتح الله حنينا أصاب
المسلمون نساء لهن أزواج وكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة قالت : إن لي
زوجا فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأنزلت هذه الآية
{والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} يعني السبية من المشركين تصاب
لا بأس في ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد بن جبير في الآية
قال : نزلت في نساء أهل حنين لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم
حنينا أصاب المسلمون سبايا فكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن قالت
: إن لي زوجا ، فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فأنزل
الله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت
أيمانكم} قال : السبايا من ذوات الأزواج.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم
وصححه والبيهقي عن ابن عباس في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت
أيمانكم} قال : كل ذات زوج إتيانها زنا إلا ما سبيت.
وأخرج ابن جرير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية يقول : كل امرأة لها
زوج فهي عليك حرام إلا أمة ملكتها ولها زوج بأرض الحرب فهي لك حلال إذا
استبرأتها.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة والطبراني عن علي ، وَابن
مسعود في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال علي :
المشركات إذا سبين حلت له وقال ابن مسعود : المشركات والمسلمات.
وأخرج
ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن
مسعود في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال : كل ذات
زوج عليك حرام إلا ما اشتريت بمالك وكان يقول بيع الأمة طلاقها .
أخرج ابن جرير عن قتادة أن أبي بن كعب وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك قالوا: بيع الأمة طلاقها.
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس قال طلاق الأمة ست بيعها طلاقها وعتقها طلاقها
وهبتها طلاقها وبراءتها طلاقها وطلاق زوجها طلاقها ، واخرج ابن جرير عن
ابن مسعود قال : إذا بيعت الأمة ولها زوج فسيدها أحق ببضعها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {والمحصنات من النساء} قال : ذوات الأزواج.
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن المنذر عن أنس بن مالك {والمحصنات من
النساء} قال : ذوات الأزواج الحرائر حرام إلا ما ملكت أيمانكم
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود {والمحصنات من النساء} قال : ذوات الأزواج.
وأخرج
مالك وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر
والبيهقي عن سعيد بن المسيب {والمحصنات من النساء} قال : هن ذوات الأزواج
ومرجع ذلك إلى أن حرم الله الزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد {والمحصنات من النساء} قال : نهين عن الزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي في الآية قال : نزلت يوم أوطاس.
وأخرج ابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال : كان النساء يأتيننا ثم يهاجر أزواجهن فمنعناهن بقوله {والمحصنات من النساء}.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {والمحصنات من النساء} يعني بذلك
ذوات الأزواج من النساء لا يحل نكاحهن يقول : لا تحلب ولا تعد فتنشز على
بعلها وكل امرأة لا تنكح إلا ببينة ومهر
فهي من المحصنات التي حرم {إلا ما ملكت أيمانكم} يعني التي أحل الله من النساء وهو ما أحل من حرائر النساء مثنى وثلاث ورباع.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس {والمحصنات من النساء} قال :
لا يحل له أن يتزوج فوق أربع فما زاد فهو عليه حرام كأمه وأخته.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي العالية قال : يقول (فانكحوا ما طاب
لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) (النساء الآية 3) ثم حرم ما حرم من النسب
والصهر ثم قال {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} فرجع إلى أول
السورة إلى أربع فقال : هن حرام أيضا إلا لمن نكح بصداق وسنة وشهود.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عبيدة قال : أحل الله لك
أربعا في أول السورة وحرم نكاح كل محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك.
وأخرج ابن جرير عن عطاء أنه سئل عن قوله {والمحصنات من النساء} فقال : حرم ما فرق الأربع منهن
وأخرج
سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله
{والمحصنات} قال : العفيفة العاقلة من مسلمة أو من أهل الكتاب.
وأخرج
ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله {إلا ما ملكت
أيمانكم} قال : إلا الأربع اللاتي ينكحن بالبينة والمهر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس {إلا ما ملكت أيمانكم} قال : ينزع الرجل وليدته امرأة عبده.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت
أيمانكم} قال هي حل للرجل إلا ما أنكح مما ملكت يمينه فإنها لا تحل له.
وأخرج
ابن جرير عن عمرو بن مرة قال : قال رجل لسعيد بن جبير : أما رأيت ابن عباس
حين سئل عن هذه الآية {والمحصنات من النساء} فلم يقل فيها شيئا فقال : كان
لا يعلمها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لو أعلم من يفسر لي هذه الآية لضربت
إليه أكباد الإبل قوله {والمحصنات من النساء} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي السوداء قال : سالت عكرمة عن هذه الآية {والمحصنات من النساء} فقال : لا أدري ،.
وَأخرَج
ابن أبي حاتم من طريق الأزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال : قال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الإحصان إحصانان إحصان نكاح وإحصان عفاف قال
ابن أبي حاتم : قال أبي : هذا حديث منكر.
وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب
أنه سئل عن قوله {والمحصنات من النساء} قال : نرى أنه حرم في هذه الآية
{والمحصنات من النساء} ذوات الأزواج أن ينكحن مع أزواجهن والمحصنات
العفائف ولا يحللن إلا بنكاح أوملك يمين والإحصان إحصانان : إحصان تزويج
وإحصان عفاف في الحرائر والمملوكات كل ذلك حرم الله إلا بنكاح أوملك يمين.
واخرج
سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد أنه كان يقرا كل شيء في القرآن
(والمحصنات) (المائدة الآية 5) بكسر الصاد إلا التي في النساء {والمحصنات}
من النساء بالنصب
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود أنه قرأ {والمحصنات من النساء} بنصب الصاد وكان يحيى بن وثاب يقرأ {والمحصنات} بكسر الصاد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأسود أنه كان ربما قرأ {والمحصنات} والمحصنات.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد عن عكرمة أن هذه الآية التي في سورة النساء {والمحصنات من
النساء إلا ما ملكت أيمانكم} نزلت في امرأة يقال لها : معاذة وكانت تحت
شيخ من بني سدوس يقال له : شجاع بن الحرث ، وكان معها ضرة لها قد ولدت
لشجاع أولادا رجالا وإن شجاعا انطلق يميز أهله من هجر فمر بمعاذة ابن عم
لها فقالت له : احملني إلى أهلي فإنه ليس عند هذا الشيخ خير ، فاحتملها
فانطلق بها فوافق ذلك جيئة الشيخ فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله وأفضل العرب * إني خرجت أبغيها الطعام في رجب فتولت
والطت بالذنب * وهي شر غالب لمن غلب رأت غلاما واركا على * قتب لها وله
أرب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي علي فإن كان الرجل كشف بها
ثوبا فارجموها وإلا فردوا على الشيخ امرأته فانطلق مالك بن شجاع ، وَابن
ضرتها فطلبها فجاء بها ونزلت بيتها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق
عبيدة السلماني في قوله {كتاب الله عليكم} قال : الأربع.
وأخرج ابن جرير من طريق عبيدة عن عمر بن الخطاب ، مثله.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {كتاب الله عليكم} قال : واحدة إلى أربع في النكاح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم {كتاب الله عليكم} قال : ما حرم عليكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه قرأ {وأحل لكم} بضم الألف وكسر الحاء.
وأخرج عن عاصم ، أنه قرأ {وأحل لكم} بالنصب.
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال {وراء} أمام في القرآن كله غير حرفين {وأحل
لكم ما وراء ذلكم} يعني سوى ذلكم (فمن ابتغى وراء ذلك) يعني سوى ذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال : ما دون الأربع
وأخرج
ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال {كتاب الله عليكم} قال : هذا
النسب {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال : ما وراء هذا النسب.
وأخرج ابن جرير عن عطاء {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال : ما وراء ذات القرابة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال : ما ملكت أيمانكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال : من الإماء يعني السراري.
وأخرج
عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله {محصنين} قال : متناكحين {غير مسافحين} قال : غير زانين بكل زانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن السفاح قال : الزنا
وأخرج
ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس
في قوله {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} يقول : إذا تزوج
الرجل منكم المرأة ثم نكحها مرة واحدة فقد وجب صداقها كله والاستمتاع هو
النكاح ، وهو قوله (وآتو النساء صدقاتهن نحلة) (النساء الآية 4).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان متعة النساء في أول الإسلام
كان
الرجل يقدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته ولا يحفظ متاعه فيتزوج المرأة
إلى قدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته فتنظر له متاعه وتصلح له ضيعته وكان
يقرأ / {فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى > / نسختها {محصنين غير
مسافحين} وكان الإحصان بيد الرجل يمسك متى شاء ويطلق متى شاء.
وأخرج
الطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : كانت المتعة في أول
الإسلام وكانوا يقرأون هذه الآية ((فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى))
الآية ، فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج بقدر ما يرى أنه
يفرغ من حاجته لتحفظ متاعه وتصلح له شأنه حتى نزلت هذه الآية (حرمت عليكم
أمهاتكم) (النساء الآية 23) إلى آخر الآية فنسخ الأولى فحرمت المتعة
وتصديقها من القرآن (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) (المؤمنون الآية
6)
وما سوى هذا الفرج فهو حرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه من طرق عن أبي نضرة قال
: قرأت على ابن عباس {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} قال ابن
عباس : (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) ، فقلت ما نقرؤها كذلك فقال
ابن عباس : والله لأنزلها الله كذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : في قراءة أبي بن كعب ((فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)).
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير قال : في قراءة أبي بن كعب ((فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)).
وأخرج
عبد الرزاق عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرؤها فما استمتعتم به منهن إلى أجل
مسمى فآتوهن أجورهن وقال ابن عباس : في حرف أبي ((إلى أجل مسمى)).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {فما استمتعتم به منهن} قال : يعني نكاح المتعة
وأخرج
ابن جرير عن السدي في الآية قال : هذه المتعة الرجل ينكح المرأة بشرط إلى
أجل مسمى فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل وهي منه بريئة
وعليها أن تستبرى ء ما في رحمها وليس بينهما ميراث ، ليس يرث واحد منهما صاحبه.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : كنا نغزو
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساؤنا فقلنا ألا نستخصي
فنهانا عن ذلك ورخص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد الله
(يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) (المائدة الآية
87).
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ومسلم عن سبرة الجهني قال : أذن لنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة في متعة النساء فخرجت أنا ورجل من
قومي - ولي عليه فضل في الجمال وهو قريب من الدمامة - مع كل واحد منا برد
أما بردي فخلق وأما برد ابن عمي فبرد جديد غض حتى إذا كنا بأعلى مكة
تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فقلنا : هل لك أن يستمتع منك أحدنا قالت
وما تبذلان فنشر كل واحد منا برده فجعلت تنظر إلى الرجلين فإذا رآها صاحبي
قال
: إن برد هذا خلق وبردي جديد غض ، فتقول : وبرد هذا لا بأس به ، ثم
استمتعت منها فلم تخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن سبرة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قائما بين الركن والباب وهو يقول : يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في
الاستمتاع ألا وإن الله حرمها إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء
فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد
ومسلم عن سلمة بن الأكوع قال : رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في
متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها بعدها.
وأخرج أبو داود
في ناسخه ، وَابن المنذر والنحاس من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله {فما
استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} قال : نسختها (يا أيها النَّبِيّ
إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) (الطلاق الآية 1) ، (والمطلقات يتربصن
بأنفسهن ثلاثة قروء) (البقرة الآية 228) ، (واللائي يئسن من المحيض من
نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر) (الطلاق الآية 4).
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر والنحاس والبيهقي عن
سعيد بن المسيب قال : نسخت آية الميراث المتعة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال : المتعة منسوخة نسخها الطلاق والصدقة والعدة والميراث.
وأخرج
عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، عَن عَلِي ، قال : نسخ رمضان كل صوم ونسخت
الزكاة كل صدقة ونسخ المتعة الطلاق والعدة والميراث ونسخت الضحية كل ذبيحة.
وأخرج
عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير عن الحكم أنه سئل عن هذه
الآية أمنسوخة قال : لا ، وقال علي : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنا
إلا شقي.
وأخرج البخاري عن أبي جمرة قال : سئل ابن عباس عن متعة النساء
فرخص فيها ، فقال له مولى له : إنما كان ذلك وفي النساء قلة والحال شديد
فقال ابن عباس : نعم.
وأخرج البيهقي ، عَن عَلِي ، قال : نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن المتعة وإنما كانت لمن لم يجد ، فلما نزل النكاح
والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة
نسخت.
وأخرج النحاس عن علي بن أبي طالب أنه قال لابن عباس : إنك رجل تائه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة.
وأخرج
البيهقي عن أبي ذر قال : إنما أحلت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
متعة النساء ثلاثة أيام نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج
البيهقي عن عمر أنه خطب فقال : ما بال رجال ينكحون هذه المتعة وقد نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها لا أوتي بأحد نكحها إلا رجمته.
وأخرج
مالك وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ،
وَابن ماجه عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن
متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
وأخرج مالك وعبد
الرزاق عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت
: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه ، فخرج عمر بن الخطاب
يجر رداءه فزعا فقال : هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت