كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي
الرامينى ثم الصالحي
يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ : إنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَعِتْقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ بِذَكَرِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَالرُّوحِ وَبِذَلِكَ أَقُولُ فَصَرَّحَ بِأَنَّ اخْتِيَارَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ ، وَنَقْلَهُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَلَكِنْ حَكَى فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَدَمُ الْوُقُوعِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي عَلَى نَقْلِ أَبِي بَكْرٍ وَاخْتِيَارِهِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِيهَا ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
وَإِنْ قَالَ : بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ فُلَانٌ زَوْجَتَهُ ، وَجَهِلَ عَدَدَهُ فَطَلْقَةٌ ، وَقِيلَ بِعَدَدِهِ .
وَجُزْءُ طَلْقَةٍ كَهِيَ ، فَإِذَا قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَيْهَا فَطَلْقَةٌ وَكَذَا نِصْفُ وَثُلُثُ وَسُدُسُ طَلْقَةٍ ، وَكُلُّ مَا لَا يَزِيدُ إذَا جُمِعَ عَلَى وَاحِدَةٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ : ثَلَاثٌ .
وَلَوْ قَالَ : نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ .
وَلَوْ كَرَّرَ الْوَاوَ فَثَلَاثٌ .
وَإِنْ قَالَ : ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ خَمْسَةَ أَرْبَاعِ [ طَلْقَةٍ ] أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثٍ وَنَحْوَهُ فَثِنْتَانِ ، وَقِيلَ : وَاحِدَةً ، كَنِصْفَيْ ثِنْتَيْنِ أَوْ نِصْفِ ثِنْتَيْنِ وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي نِصْفِ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَحَدِهِمَا ، لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ ، وَالْأَوَّلُ مُطْلَقٌ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ .
وَإِنْ قَالَ : ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ ثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : ثِنْتَانِ ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ثِنْتَيْنِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : يَقَعُ ثِنْتَانِ .
وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ : أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ نَصَّ عَلَيْهِ طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا ، وَقَعَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ ، وَعَنْهُ : ثِنْتَانِ ، فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ، وَثَلَاثٌ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ ، كَقَوْلِهِ طَلْقَتكُنَّ ثَلَاثًا ، وَإِنْ قَالَ : خَمْسًا فَعَلَى الْأُولَى ثِنْتَانِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الثَّمَانِ ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ ، وَإِنْ قَالَ : بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ وَطَلْقَةٌ وَطَلْقَةٌ فَثَلَاثٌ ، وَقِيلَ : وَاحِدَةٌ عَلَى الْأُولَى .
وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا مُعَيَّنًا أَوْ مَشَاعًا أَوْ مُبْهَمًا أَوْ عُضْوًا طَلُقَتْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، لِصِحَّتِهِ فِي الْبَعْضِ ، بِخِلَافِ زَوَّجْتُك بَعْضَ وَلِيَّتِي ، وَعَنْهُ وَكَذَا الرُّوحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَكَذَا الْحَيَاةُ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ : إنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَعِتْقٌ وَظَاهِرٌ وَحَرَامٌ بِذِكْرِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَالرُّوحِ ، فَبِذَلِكَ أَقُولُ ، وَقِيلَ : تَطْلُقُ بِسِنٍّ وَظُفْرٍ وَشَعْرٍ ، وَقِيلَ وَسَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَلَبَنٍ وَمَنِيٍّ ، كَدَمٍ .
وَفِيهِ وَجْهٌ ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ، وَلَا تَطْلُقُ بِدَمْعٍ أَوْ عِرْقٍ أَوْ حَمْلٍ وَنَحْوَهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : هَلْ يَقَعُ وَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِإِضَافَتِهِ إلَى صِفَةٍ كَسَمْعٍ وَبَصَرٍ إنْ قُلْنَا : تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ صَحَّ ، وَإِنْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ فَلَا ، وَالْعِتْقُ كَطَلَاقٍ ، وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا أَوْ بِهَذَا الْبَلَدِ ، صَحَّ ، وَتُكْمِلُ ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ .
وَإِنْ قَالَ : يَدُك طَالِقٌ وَلَا يَدَ [ لَهَا ] أَوْ إنْ قُمْت فَهِيَ طَالِقٌ فَقَامَتْ وَقَدْ قُطِعَتْ فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ ( م 6 ، 7 ) .
( مَسْأَلَةٌ 6 و 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ يَدُك طَالِقٌ وَلَا يَدَ أَوْ إنْ قُمْت فَهِيَ طَالِقٌ فَقَامَتْ وَقَدْ قُطِعَتْ فَوَجْهَانِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ ، انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى عُضْوٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهَا جُمْلَةُ تَسْمِيَةٍ لِلْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، قَالَهُ الْقَاضِي ، أَوْ عَلَى الْعُضْوِ ، لِحَقِيقَةِ اللَّفْظِ ثُمَّ يُسَرِّي تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَبَنَى عَلَيْهِمَا الْمَسْأَلَةَ ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ : وَفِي الِانْتِصَارِ هَلْ يَقَعُ وَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِإِضَافَتِهِ إلَى صِفَةٍ كَسَمْعٍ وَبَصَرٍ ؟ إنْ قُلْنَا تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، صَحَّ ، وَإِنْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ فَلَا ، انْتَهَى .
فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 ) وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالسِّرَايَةِ أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ ، وَهِيَ أَصْلٌ لِلْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَبَنَاهَا عَلَيْهَا ، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِالسِّرَايَةِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 ) الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرَحَهُ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، بِنَاءً عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَطْلُقُ ، بِنَاءً عَلَى السِّرَايَةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْأُولَى ، وَلَا تَطْلُقُ فِي الثَّانِيَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ " فَهِيَ طَالِقٌ " فِيهِ الْتِفَاتٌ .
وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : " فَأَنْتِ طَالِقٌ " لِأَنَّهُ قَدْ خَاطَبَهَا بِقَوْلِهِ يَدُك أَوْ إنْ قُمْتِ ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الضَّمِيرَ إنَّمَا يَعُودُ إلَى الْيَدِ ،
وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَإِذَا قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ لَزِمَهُ الْعَدَدُ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَأْكِيدًا مُتَّصِلًا أَوْ إفْهَامًا ، وَيَتَوَجَّهُ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَجْهٌ كَإِقْرَارٍ .
وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي قَوْلِهِ : اعْتَدِّي اعْتَدِّي فَأَرَادَ الطَّلَاقَ هِيَ تَطْلِيقُهُ ، وَلَوْ نَوَى بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدَ الْأَوِّلَةِ لَمْ يُقْبَلْ ، وَإِنْ أَتَى بِشَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ صِفَةٍ عَقِبَ جُمْلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا ، بِخِلَافِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَا يَنْفَعُهُ ، وَإِنْ كَرَّرَهُ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ بِبَلْ فَثِنْتَانِ .
وَعَنْهُ فِي طَلْقَةٍ بَلْ طَلْقَةٌ أَوْ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ : وَاحِدَةٌ ، وَأَوْقَعَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي طَلْقَةٍ بَلْ ثِنْتَيْنِ ثَلَاثًا ، وَنَصُّهُ : ثِنْتَانِ .
وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَانَتْ بِأَوَّلِ طَلْقَةٍ وَلَغَا الزَّائِدَ .
وَإِنْ قَالَ : طَلْقَةً قَبْلَهَا أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ فَقِيلَ : وَاحِدَةٌ ، قُطِعَ بِهِ فِي : قَبْلَ طَلْقَةٍ ، فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَزَادَ بَعْدَ طَلْقَةٍ : وَالْأَصَحُّ ثِنْتَانِ ، قِيلَ : مَعًا ، كَمَعَهُمَا أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ وَضِدَّهُمَا ، وَقِيلَ : مُتَعَاقِبَتَيْنِ ، فَتَبِينُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُولَى ، وَهُوَ أَشْهَرُ ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ ( م 8 ) وَإِنْ أَرَادَ فِي بَعْدَهَا طَلْقَةً سَأُوقِعُهَا ، فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ( م 9 ) وَفِي الرَّوْضَةِ : لَا يُقْبَلُ حُكْمًا ، وَفِي بَاطِنٍ رِوَايَتَانِ .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ ، فَقِيلَ : وَاحِدَةٌ ، وَالْأَصَحُّ ثِنْتَانِ ، قِيلَ : مَعًا ، وَقِيلَ : مُتَعَاقِبَتَيْنِ ، فَتَبِينُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُولَى ، وَهُوَ أَشْهَرُ ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ ، انْتَهَى .
مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقَدْ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي قَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي أَنَّهَا تَبِينُ بِطَلْقَةٍ فِي قَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَعِنْدَ أَبِي خَطَّابٍ تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ مَعًا فِي قَوْلِهِ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، زَادَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ تَطْلُقُ : ثِنْتَيْنِ مَعًا فِي قَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ ، وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَرَادَ فِي بَعْدَهَا طَلْقَةً سَأُوقِعُهَا فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ ( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ فِي رِوَايَةٍ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ يُقْبَلُ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُقْبَلُ .
.
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ فَثَلَاثٌ مَعًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : تَبِينُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُولَى ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ : وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ : كَمَا أَخَذْنَا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهَا لِلْجَمْعِ تَجِيءُ مِنْ تَقْدِيمِ الْفُقَرَاءِ فِي { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ } أَنَّهَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ ، وَهَذَا سَهْوٌ .
وَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ ، أَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ فَفِي قَبُولِهِ فِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ( م 10 ) وَكَذَا الْوَاوُ وَثُمَّ ( م 11 ) وَإِنْ غَايَرَ الْحُرُوفَ لَمْ يُقْبَلْ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ ، وَإِنْ أَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ فَفِي قَبُولِهِ فِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : قُبِلَ مِنْهُ ، لِمُطَابَقَتِهَا لَهَا فِي لَفْظِهَا ، وَقَطَعَ بِهِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَاوُ وَثُمَّ ، انْتَهَى .
قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ يَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَكَذَا الْوَاوُ " كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَصَوَابُهُ " الْفَاءُ " بَدَلَ " الْوَاوِ " لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا حُكْمَ الْوَاوِ ، ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الْفَاءِ وَثُمَّ ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ .
وَتُقْبَلُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ فِي أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ ، وَمَعَ الْوَاوِ احْتِمَالَانِ ( م 12 ) .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَيُقْبَلُ نِيَّةُ التَّوْكِيدِ فِي أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ ، وَمَعَ الْوَاوِ احْتَمَلَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَ : أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُقْبَلُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ .
( وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي ) يُقْبَلُ ، كَقَوْلِهِ كَذِبًا وَمَيْنًا ، وَأَقْوَى وَأَقْفَرَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ .
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ فَوَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ، وَظَاهِرُ جَزْمِهِ فِي التَّرْغِيبِ إنْ أَطْلَقَ تَكَرَّرَ ، وَالْمُعَلَّقُ كَالْمُنَجَّزِ فِي ذَلِكَ ، فَلَوْ قَالَ : إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ ، أَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ ، أَوْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا بِالْجَزَاءِ ، أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَتَانِ أَوْ مَعَ طَلْقَتَيْنِ : فَقَامَتْ ، فَثَلَاثٌ .
وَلَوْ أَتَى بَدَلَ الْوَاوِ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَقُومَ ، فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَإِلَّا فَثَلَاثٌ .
وَفِي الْمُغْنِي عَنْ الْقَاضِي تَطْلُقُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا طَلْقَةً مُنْجَزَةً ، كَذَا قَالَ ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ أَنَّ " ثُمَّ " كَسَكْتَةٍ لِتَرَاخِيهَا ، فَيَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ مَعَهَا طَلْقَةٌ فَقَطْ ، فَيَقَعُ بِالْمَدْخُولِ بِهَا ثِنْتَانِ إذَنْ ، وَطَلْقَةٌ بِالشَّرْطِ ، وَيَقَعُ بِغَيْرِهَا إنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ الثَّانِيَةَ ، وَالثَّالِثَةُ لَغْوٌ ، وَالْأُولَى مُعَلَّقَةٌ ، وَإِنْ أَخَّرَهُ فَطَلْقَةٌ مُنْجَزَةٌ وَالْبَاقِي لَغْوٌ .
وَفِي الْمُذْهَبِ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَوْقَعَ وَاحِدَةً فَقَطْ فِي الْحَالِ ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنْجَزِ ، لِأَنَّ اللُّغَةَ لَمْ تُفَرِّقْ ، وَأَنَّهُ إنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ فَطَلْقَةٌ مُنْجَزَةٌ ، وَإِنْ قَدَّمَهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا طَلْقَةٌ بِالشَّرْطِ .
يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ فِي طَلَاقِهِ ، خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ ، وَمُطْلَقَاتِهِ وَإِقْرَارِهِ ، وَقِيلَ : وَالْأَكْثَرُ .
وَفِي النِّصْفِ وَجْهَانِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ رِوَايَتَيْنِ ( م 1 ) وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ الصِّحَّةَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَجَازَ الْأَكْثَرُ ، إنْ سَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { إلَّا مَنْ اتَّبَعَك مِنْ الْغَاوِينَ } ، لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْعَدَدِ ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِيهَا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ بِالصِّفَةِ ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَخْصِيصٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْكُلُّ ، نَحْوَ : اُقْتُلْ مَنْ فِي الدَّارِ إلَّا بَنِي تَمِيمٍ ، أَوْ إلَّا الْبِيضَ ، فَيَكُونُونَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ بِيضًا ، فَيَحْرُمُ قَتْلُهُمْ ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ اثْنَتَانِ ، وَإِنْ قَالَ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ اسْتَثْنَى ثَلَاثَةً مِنْ خَمْسَةٍ فَثَلَاثٌ ، كَإِلَّا ثَلَاثًا ، وَإِنْ صَحَّ الْأَكْثَرُ فَثِنْتَانِ ، وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ أَوْ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً ، أَوْ إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا .
أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً فَقِيلَ : يَقَعُ ثَلَاثٌ ، كَعَطْفِهِ بِغَيْرِ وَاوٍ لِلتَّرْتِيبِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَسِوَى شَيْخِنَا ، وَقِيلَ : ثِنْتَانِ .
بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ فِي طَلَاقِهِ .
خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَمُطْلَقَاتِهِ وَإِقْرَارِهِ ، وَقِيلَ : وَالْأَكْثَرُ ، وَفِي النِّصْفِ وَجْهَانِ ، وَذَكَرَهُمَا أَبُو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ رِوَايَتَيْنِ ، انْتَهَى وَذَكَرَهُمَا أَيْضًا رِوَايَتَيْنِ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ : الصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْإِرْشَادِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِمَا : لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مِنْك عَلَى الْأَظْهَرِ ، قَالَ النَّاظِمُ : الْفَسَادُ أَجْوَدُ .
وَنَقَلَهُ أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، قَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا ، وَنَصَرَهُ شَارِحُهُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَسْقَلَانِيُّ وَمُخْتَصَرِ مُخْتَصَرِ الطُّوفِيِّ ، وَهُوَ شَيْخُنَا صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ الْقَاضِي عِزُّ الدِّينِ ، لَكِنْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي فُصُولِ الْإِقْرَارِ : وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْ النِّصْفَ وَالثُّلُثَ ، وَبِهِ أَقُولُ ، انْتَهَى ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثُّلُثِ لَا يَصِحُّ ، وَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَلَا نَسَبُوهُ إلَيْهِ ،
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( م 2 - 11 ) وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً ، وَإِلَّا وَاحِدَةً فَثِنْتَانِ وَقِيلَ : وَاحِدَةٌ ، وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يُدَيَّنْ ، خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ فِي صَرِيحِ النُّطْقِ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ .
مَسْأَلَةٌ 2 - 11 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ أَوْ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إلَّا وَاحِدَةً [ إلَّا وَاحِدَةً ] أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً فَقِيلَ : يَقَعُ ثَلَاثٌ ، كَعَطْفِهِ بِغَيْرِ وَاوٍ لِلتَّرْتِيبِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَسِوَى شَيْخِنَا ، وَقِيلَ ثِنْتَانِ ، انْتَهَى .
اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ فَهَلْ يَقَعُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّارِحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ .
وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْفُصُولِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ ، وَقَدَّمَ فِي الْكَافِي أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ وَشَبَهَهُ لَا
يَصِحُّ ، فَعَلَيْهِ يَقَعُ ثَلَاثًا ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ أَيْضًا فِيمَا قَرَّرَهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ أَوَّلَ الْبَابِ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : فَإِنْ اسْتَثْنَى مِنْ اسْتِثْنَاءٍ بَاطِلٍ شَيْئًا بَطَلَا ، وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : لَا يَرْجِعُ مَا بَعْدَ الْبَاطِلِ إلَى مَا قَبْلَهُ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي الرِّعَايَةِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 ) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً ، فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ ، وَاسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ صَحِيحٌ ، عَلَى الصَّحِيحِ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَوَّلَ الْبَابِ ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا : لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا أَجَزْنَا صِحَّةَ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ ، انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 5 ) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : ( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ، لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْوَاحِدَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَاحِدَةً ، فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي وَيَصِحُّ الْأَوَّلُ ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي : تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِي مَعْنَاهُ إثْبَاتُ طَلْقَةٍ فِي حَقِّهَا ،
لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا فَيُقْبَلُ ذَلِكَ فِي إيقَاعِ طَلَاقِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فِي نَفْيِهِ ( الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 6 ) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ الشَّارِحُ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْفُصُولِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ يَعُودُ إلَى الْكُلِّ ، وَقَطَعَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ لَا يَعُودُ إلَّا إلَى الْأَخِيرَةِ ، فَعَلَى قَوْلِهِمَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي .
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : وَمَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي لَيْسَ بِجَارٍ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ ، انْتَهَى .
وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ الْقَاضِيَ اخْتَارَهُ أَيْضًا .
( الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ 7 ) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَالِقًا فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَلَمْ أَرَهَا فِي غَيْرِهِمَا ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ؛ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَحِيحٌ ، وَيُقَدَّرُ لَهُ تَقْدِيرٌ يَصِحُّ بِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ 8 وَالثَّامِنَةُ 9 ) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً ، فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْأُولَى ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي
الْأُولَى ثَلَاثًا ، وَقَطَعَ فِي الْجَامِعِ أَيْضًا أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ ، بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتِهِ ، وَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ ، وَأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، وَأَبْدَى الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ احْتِمَالَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ : ( أَحَدُهُمَا ) مَا قَالَهُ الْقَاضِي .
( وَالثَّانِي ) لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ ، وَقَدَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وُقُوعَ الثَّلَاثَةِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِيهَا ، لَكِنْ قَالَ : وُقُوعُ اثْنَتَيْنِ أَقْيَسُ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الثَّلَاثِ ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْأُولَى ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ قَوِيًّا .
( الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ 10 ) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً ، فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَقَدَّمَهُ أَيْضًا فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، لِكَوْنِهِ جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ عَائِدًا إلَى الْكُلِّ .
( الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ 11 ) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْقَاعِدَةِ
الَّتِي ذَكَرَاهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ فِي الْفُصُولِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي .
وَكَذَا نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعُ فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ( م 12 ) وَفِي التَّرْغِيبِ : أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ ، لَمْ يَصِحَّ ، عَلَى الْأَشْبَهِ ، لِأَنَّهُ صَرَّحَ وَأَوْقَعَ ، وَيَصِحُّ أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعُ فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ، فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّارِحُ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ وَالْمُنَوِّرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ .
وَإِنْ اسْتَثْنَى مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا دُيِّنَ ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَنِسَائِي الْأَرْبَعِ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ ، لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَيُحْتَمَلُ قَبُولُهُ ، قَالَ الْقَاضِي بِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ .
وَإِنْ قَالَتْ : طَلِّقْ نِسَاءَك فَقَالَ : نِسَائِي طَوَالِقُ طَلُقَتْ أَيْضًا ، لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُقْصَرُ عَلَى سَبَبِهِ ، وَلَنَا فِيهِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ ، وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ ، لِأَنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى نِيَّتِهِ ، وَيُعْتَبَرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوَ اتِّصَالٍ مُعْتَادٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَغَيْرُهُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَكْمِيلِ مَا أَلْحَقَهُ بِهِ ، وَقِيلَ : وَبَعْدَهُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي .
وَفِي التَّرْغِيبِ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( م 13 ) وَقَالَ : دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ ، وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بِالنِّيَّةِ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ ، وَاحْتَجَّ بِالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَيْمَانِ ، وَقَالَ : فِي الْقُرْآنِ جُمَلٌ قَدْ فُصِلَ بَيْنَ أَبْعَاضِهَا بِكَلَامٍ آخَرَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا } إلَى قَوْلِهِ { هُدَى اللَّهِ } ، فُصِلَ بَيْنَ أَبْعَاضِ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَلَهُ نَظَائِرُ .
وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقِيلَ لَهُ : أَلَك امْرَأَةٌ سِوَى هَذِهِ ؟ فَقَالَ : كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ فَسَكَتَ ، فَقِيلَ : إلَّا فُلَانَةَ ، قَالَ : إلَّا فُلَانَةَ فَإِنِّي لَمْ أَعْنِهَا .
فَأَبَى أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَيُعْتَبَرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَكْمِيلِ مَا أَلْحَقَهُ بِهِ ، وَقِيلَ : وَبَعْدَهُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي .
وَفِي التَّرْغِيبِ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، انْتَهَى ، مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : وَهَذَا الْمَذْهَبُ ، انْتَهَى ، مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي .
وَقَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ : إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ : دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ ، وَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بِالنِّيَّةِ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ وَجَزَمَ بِمَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَقَالَا فِي آخِرِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ ، وَقَالَا فِي الْإِقْرَارِ : وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ ، فَإِنْ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فِيهِ وَفَصَلَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ ، لِأَنَّهُ إذَا سَكَتَ أَوْ عَدَلَ عَنْ إقْرَارِهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ اسْتَقَرَّ حُكْمُ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلَمْ يَرْتَفِعْ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ وَيَنْتَظِرُ مَا يَتِمُّ بِهِ حُكِمَ بِهِ كَلَامُهُ ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَالْعَطْفِ الْبَدَلِ وَنَحْوَهُ ، انْتَهَى ، فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .
إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك وَنَوَى وُقُوعَهُ إذَنْ وَقَعَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى مَا ذَكَرَ وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَحَفِيدُهُ وَغَيْرُهُمَا كَإِطْلَاقِهِ فِيهِ الْخِلَافَ وَعَنْهُ : يَقَعُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي ، وَعَنْهُ : يَقَعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمْسِ ، وَأَوْقَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الثَّانِيَةِ خَاصَّةً ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا فَيَبِينُ وُقُوعُهُ الْآنَ ؛ وَإِنْ أَرَادَ بِطَلَاقٍ سَبَقَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمْكَنَ فَقَدْ تَقَدَّمَ .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ ، فَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّهِ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَقَعْ ، وَقِيلَ يَقَعُ كَقَوْلِهِ : أَمْسِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ تَطْلُقُ فِيهِ نَتَبَيَّنُ وُقُوعَهُ ، وَإِنَّ وَطْأَهُ مُحَرَّمٌ ، وَلَهَا الْمَهْرُ فَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمٍ فَأَكْثَرَ وَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَيَوْمَيْنِ صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ ، وَعَكْسُهُمَا بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْخُلْعُ رَجَعَتْ بِالْعِوَضِ ، إلَّا الرَّجْعِيَّةَ يَصِحُّ خُلْعُهَا ، وَكَذَا حُكْمُ : قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ، وَلَا إرْثَ لِبَائِنٍ ، لِعَدَمِ التُّهْمَةِ .
وَإِنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ بَعْدَهُ ، فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ لِمُضِيِّهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِشَهْرٍ وَقَعَ إذَنْ وَفِي التَّبْصِرَةِ : فِي جُزْءٍ يَلِيهِ مَوْتُهُ ، كَقَبْلِ مَوْتِي ، وَلَا يَقَعُ مَعَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَهُ ، وَفِي يَوْمِ مَوْتِي وَجْهَانِ ( م 1 ) لِأَنَّ فُرْقَةَ الْمَوْتِ أَعْظَمُ ، وَالْبِضْعُ لَا يُوَرَّثُ ، بِخِلَافِ الرَّقِيقِ ، قَالَ تَعَالَى { لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا } .
بَابُ الطَّلَاقِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَلَا يَقَعُ مَعَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَهُ ، وَفِي يَوْمِ مَوْتِي وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ فِي أَوَّلِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَطْلُقُ .
وَإِنْ قَالَ : أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ فَبِمَوْتِ إحْدَاهُمَا يَقَعُ بِالْأُخْرَى إذَنْ ، وَقِيلَ : وَقْتُ يَمِينِهِ .
، وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ وَقَالَ : إذَا مَاتَ أَبِي أَوْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوُجِدَ أَحَدُهُمَا طَلُقَتْ ، اخْتَارَهُ فِي الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ وَقِيلَ : لَا ؛ كَقَوْلِهِ : إذَا مَلَكْتُك ، فِي الْأَصَحِّ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ احْتِمَالٌ : يَقَعُ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ ، بِنَاءً عَلَى الْمِلْكِ هَلْ يَنْتَقِلُ زَمَنُ الْخِيَارِ .
وَفِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَلَوْ دَبَّرَهَا أَبُوهُ وَخَرَجَتْ مِنْ ثَلَاثَةٍ طَلُقَتْ وَعَتَقَتْ مَعًا .
وَإِذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ عَادَةً أَوْ لِذَاتِهِ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ لَا طِرْت ، أَوْ صَعِدْت السَّمَاءَ ، أَوْ شَاءَ الْمَيِّتُ ، أَوْ قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا ، أَوْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ ، أَوْ رَدَدْت أَمْسِ ، أَوْ شَرِبْت مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ ، فَلَغْوٌ ، كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : تَطْلُقُ ، وَقِيلَ : فِي الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِهِ كَقَوْلِهِ : لَأَصْعَدَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَصْعَدْ السَّمَاءَ [ وَنَحْوَهُ ] أَوْ لَأَشْرَبَنَّ أَوْ إنْ لَمْ [ أَشْرَبْ ] فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ ، أَوْ لَأَقْتُلَنَّهُ ، فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ عَلِمَهُ أَوْ لَا ، وَقَعَ إذَنْ ، وَقِيلَ : لَا يَقَعُ ، وَقِيلَ : فِي الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ ، وَفِي الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً فِي آخِرِ حَيَاتِهِ ، وَقِيلَ : إنْ وَقَّتَهُ فَفِي آخِرِ وَقْتِهِ ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ لَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ ، كَقَوْلِهِ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ ، وَقِيلَ : إنْ عَلِمَ مَوْتَهُ حَنِثَ ، وَإِلَّا فَلَا ، لِتَوَهُّمِ عَوْدِ الْحَيَاةِ الْفَائِتَةِ ، وَالْعِتْقُ وَالظِّهَارُ وَالْحَرَامُ وَالنَّذْرُ كَالطَّلَاقِ .
وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ قِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : لَا كَفَّارَةَ ( م 2 ) وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ لَا فَعَلْت نَحْوَ لَأَقُومَنَّ أَوْ لَا قُمْت ، يَصِحُّ بِنِيَّةِ جَاهِلٍ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَإِنْ نَوَاهُ عَالِمٌ فَرِوَايَتَا أَنْتِ طَالِقٌ ، ثُمَّ يُرِيدُ إنْ قُمْت وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفِ شَرْطٍ ، وَتَطْلُقُ ، كَقَوْلِهِ : لَقَدْ فَعَلْت كَذَا ، وَتَبِعَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ الْقَدِيمِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ .
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَلَغْوٌ ، وَقِيلَ : يَقَعُ إذَنْ ، وَقِيلَ : يَقَعُ فِي غَدٍ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ قِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : لَا كَفَّارَةَ ، انْتَهَى .
يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى إذَا عَلَّقَهَا عَلَى مُسْتَحِيلٍ هَلْ تَكُونُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحَرَامِ وَالظِّهَارِ وَالنَّذْرِ أَمْ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) هِيَ كَذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هُنَا .
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، فَفِي الدَّعَاوَى مِنْ الْحَوَاشِي تَعْلِيقُ الْقَاضِي : طَلُقَتْ ثَلَاثًا ، لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ ، لِأَنَّهُ لَا مَذْهَبَ لَهُمْ ، وَلِقَصْدِهِ التَّأْكِيدَ ( م 3 ) .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَفِي الدَّعَاوَى مِنْ حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي طَلُقَتْ [ ثَلَاثًا ] لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَذْهَبَ لَهُمْ ، وَلِقَصْدِهِ التَّأْكِيدَ ، انْتَهَى .
لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا يُخَالِفُ هَذَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَ فِيهَا نَقْلٌ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ .
فَصْلٌ إذَا قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ وَقَعَ إذَنْ .
وَإِنْ قَالَ فِي رَجَبٍ أَوْ فِي غَدٍ فَفِي أَوَّلِهِ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيَطَأُ قَبْلَ وُقُوعِهِ ، وَعَنْهُ : إنْ قَالَ فِي الْحَوْلِ ، فَفِي رَأْسِهِ ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَهِيَ أَظْهَرُ .
وَإِنْ أَرَادَ آخِرَ الْكُلِّ دُيِّنَ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ( م 4 ) .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَرَادَ آخِرَ الْكُلِّ دُيِّنَ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ أَبِي الْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ ، صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُنَوِّرِ ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ : دُيِّنَ فِيهِ .
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ .
وَإِنْ قَالَ غَدًا أَوْ يَوْمَ كَذَا وَأَرَادَ آخِرَهُ فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَالْمَنْصُوصُ : لَا يُدَيَّنُ ( م 5 ) .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ غَدًا أَوْ يَوْمَ كَذَا وَأَرَادَ آخِرَهُ فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَالْمَنْصُوصُ لَا يُدَيَّنُ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ .
قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَالُوا : يُدَيَّنُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالْمَنْصُوصُ هُنَا أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَمَالَ إلَيْهِ النَّاظِمُ ( قُلْت ) : وَهَذَا الْمَذْهَبُ ، لِلنَّصِّ عَنْ صَاحِبِ الْمُذْهَبِ .
وَإِنْ قَالَ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَفِي أَسْبَقِهِمَا .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ وَقَعَ بِآخِرِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ : لَا يَقَعُ .
وَكَذَا إنْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ .
وَإِنْ أَسْقَطَ الْأَوَّلَ وَقَعَ قَبْلَ آخِرِهِ ، وَقِيلَ : بَعْدَ خُرُوجِهِ ( م 6 ) وَيَأْتِي إنْ أَسْقَطَهُمَا ، وَاحْتَجَّ بِهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَى ضَعْفِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ، فَدَلَّ أَنَّهَا مِثْلُهَا وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَسْقَطَ الْأَوَّلَ وَقَعَ ، قِيلَ : آخِرُهُ ، وَقِيلَ : بَعْدَ خُرُوجِهِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ فِي آخِرِهِ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ بَعْدَ خُرُوجِهِ .
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةٌ فَإِنْ نَوَى فِي كُلِّ يَوْمٍ فَثِنْتَانِ ، وَإِنْ نَوَى نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَقِيَّتَهَا غَدًا فَوَاحِدَةٌ وَقِيلَ اثْنَتَانِ : وَإِنْ قَالَ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ أَوْ كَرَّرَ " فِي " ثَلَاثًا فَقِيلَ : وَاحِدَةٌ ، كَقَوْلِهِ : كُلَّ يَوْمٍ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ ، بِأَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ الْيَوْمَ فَهِيَ طَالِقٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ : ثَلَاثٌ ، كَقَوْلِهِ : فِي كُلِّ يَوْمٍ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ بِأَنَّ تَعَدُّدَ وَقْتِ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى تَعَدُّدِهِ كَانَ عَدِيمَ الْفَائِدَةِ ، وَقِيلَ : تَطْلُقُ ثَلَاثًا مَعَ " فِي " لِتَكَرُّرِهَا ( م 7 ) وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُخَرَّجَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ [ أَنْتِ طَالِقٌ ] الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ أَوْ كَرَّرَ " فِي " ثَلَاثًا ، فَقِيلَ : وَاحِدَةٌ ، كَقَوْلِهِ : كُلَّ يَوْمٍ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَقِيلَ : ثَلَاثٌ ، كَقَوْلِهِ : فِي كُلِّ يَوْمٍ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ .
وَقِيلَ : تَطْلُقُ ثَلَاثًا مَعَ " فِي " لِتَكَرُّرِهَا ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا .
( وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ ) تَطْلُقُ فِي الْأُولَى وَاحِدَةً وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، جَزَمَ بِهِ فِيهِمَا فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْأُولَى فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمُوهُ فِي الثَّانِيَةِ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
وَإِنْ قَالَ : فِي غَدٍ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ فِيهِ ، وَقِيلَ : وَالزَّوْجَانِ حَيَّانِ ، فَقِيلَ : يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ ، وَقِيلَ : مِنْ أَوَّلِهِ ( م 8 ) .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ فِي غَدٍ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ فِيهِ ، وَقِيلَ : الزَّوْجَانِ حَيَّانِ ، فَقِيلَ : يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ ، وَقِيلَ : مِنْ أَوَّلِهِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَقَعُ مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) : ظَاهِرُ قَوْلِهِ : " وَقِيلَ وَالزَّوْجَانِ حَيَّانِ " أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّ حَيَاتَهُمَا وَمَوْتَهُمَا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ ، وَفِيهِ إشْكَالٌ عَلَى التَّفْرِيعِ ، فَإِنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ ، فَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَاتَتْ فِي الْيَوْمِ قَبْلَ قُدُومِهِ فَظَاهِرُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا ، وَهُوَ مُشْكِلٌ .
وَإِنْ قَالَ : يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ ، فَقَدِمَ نَهَارًا ، وَقَعَ : عَقِبَهُ ، وَقَبْلَ : مِنْ أَوَّلِهِ ( م 9 ) وَعَلَيْهِمَا يَنْبَنِي الْإِرْثُ ، وَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا وَنَوَى الْوَقْتَ وَقِيلَ : أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ .
وَإِنْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَقَعْ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ .
" مَسْأَلَةٌ 9 " قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ ، فَقَدِمَ نَهَارًا ، وَقَعَ ، قِيلَ : عَقِبَهُ ، وَقِيلَ : مِنْ أَوَّلِهِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَقَعُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
فَصْلٌ وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ إلَى الْحَوْلِ أَوْ الشَّهْرِ ، وَقَعَ بِمُضِيِّهِ ، وَعَنْهُ : إذَنْ ، كَنِيَّتِهِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ النِّيَّةِ ، وَكَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى مَكَّةَ وَلَمْ يَنْوِ بُلُوغَهَا مَكَّةَ .
وَإِنْ قَالَ : بَعْدَ مَكَّةَ وَقَعَ إذَنْ ، وَإِنْ قَالَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَبِدُخُولِهِ .
وَفِي آخِرِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ ، وَقِيلَ آخِرُهُ كَأَوَّلِ آخِرِهِ ، فَيَقَعُ بِفَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ ، فَيَحْرُمُ وَطْؤُهُ فِي تَاسِعِ عِشْرِينَ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ .
وَقِيلَ : بِأَوَّلِ لَيْلَةِ سَادِسَ عَشْرَةَ ، وَفِي آخِرِ أَوَّلِهِ بِفَجْرٍ لَا بِآخِرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ فِي آخِرِ يَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَفِي الرِّعَايَةِ : إنْ نَوَى فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ آخِرَهُمَا دُيِّنَ فِي الْأَظْهَرِ ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، وَفِي الْمُغْنِي : الثَّلَاثُ الْأُوَلُ تُسَمَّى غُرَرًا .
وَإِنْ قَالَ : إذَا مَضَى يَوْمٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَإِنْ كَانَ نَهَارًا وَقَعَ إذَا عَادَ النَّهَارُ إلَى مِثْلِ وَقْتِهِ ، وَإِنْ كَانَ لَيْلًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِ الْغَدِ .
وَإِنْ قَالَ : كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ ، وَكَانَ تَلَفُّظُهُ نَهَارًا ، وَقَعَ إذَنْ ، وَالثَّانِيَةُ بِفَجْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ ، وَإِنْ قَالَ فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَفِي أَوَّلِ الثَّالِثِ .
وَإِنْ قَالَ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ وَقَعَ بِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ، وَفِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ بِعَدَدِهِ ، وَعَنْهُ : الْكُلُّ بِهِ .
وَإِنْ عَرَّفَ السَّنَةَ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَوْ أَشَارَ وَقَعَ بِانْسِلَاخِ الْحُجَّةِ .
وَإِنْ قَالَ : فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ فَالْأُولَى إذَنْ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ ، فَإِنْ نَوَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَقَبُولُهُ فِي هَذِهِ بِنِيَّةِ ابْتِدَاءِ السِّنِينَ الْمُحَرَّمَ الْمُقْبِلَ رِوَايَتَانِ ( م 10 و 11 ) وَلَوْ بَانَتْ وَدَامَتْ حَتَّى مَضَى الْعَامُ الثَّالِثُ لَمْ يَقَعْ بَعْدَهُ ، وَلَوْ نَكَحَهَا فِيهِ أَوْ فِي الثَّانِي وَقْتَ الطَّلْقَةِ عَقِبَ الْعَقْدِ .
مَسْأَلَةٌ 10 ، 11 " قَوْلُهُ : فَإِنْ نَوَى اثْنَيْ عَشَرَ [ شَهْرًا ] قُبِلَ فِي الْحُكْمِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَقَبُولُهُ فِي هَذِهِ بِنِيَّةِ ابْتِدَاءِ السِّنِينَ الْمُحَرَّمِ الْمُقْبِلِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10 ) وَهِيَ الَّتِي عَنَاهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ : وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مَضَتْ السَّنَةُ ، بِالتَّعْرِيفِ ، وَأَرَادَ بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ، فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمُذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 11 ) إذَا قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ نَوَيْت ابْتِدَاءَ السِّنِينَ الْمُحَرَّمِ فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَالْأَوْلَى أَنْ يُخَرَّجَ فِيهَا الرِّوَايَتَانِ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُقْنِعِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ .
فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .
( بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ ) يَصِحُّ مَعَ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ ( و ) كَعِتْقٍ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ ( ع ) أَوْ لَا ، وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَ ، وَعَنْهُ يَتَنَجَّزُ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ فِي الْعِتْقِ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَتَأَخَّرَ الْقَسَمُ ، كَأَنْتِ طَالِقٌ لَأَفْعَلَنَّ ، كَالشَّرْطِ ، وَأَوْلَى بِأَنْ لَا يَلْحَقَ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا ثُمَّ قَالَ عَقِبَ الرَّابِعَةِ : إنْ قُمْت طَلُقْت ثَلَاثًا ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ مَا لَمْ يَمْلِكْ بِشَرْطٍ ، وَيَصِحُّ بِصَرِيحِهِ وَبِكِنَايَةٍ مَعَ قَصْدِهِ مِنْ زَوْجٍ ، وَتَعْلِيقِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَتَعْلِيقِهِ عِتْقًا بِمِلْكٍ ، وَالْمَذْهَبُ : لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَعَنْهُ صِحَّةُ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ : مَنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ ، أَوْ لِعَتِيقَتِهِ : إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ قَالَ لِرَجْعِيَّتِهِ إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ، وَأَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا .
وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْأُولَيَيْنِ ، قَالَ أَحْمَدُ فِي الْعَتِيقَةِ قَدْ وَطِئَهَا وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الْمِلْكِ لَمْ يَطَأْ .
وَظَاهِرُ أَكْثَرِ كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَصْحَابِهِ التَّسْوِيَةُ ، وَيَقَعُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ : الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَيْسَا مِنْ الْأَيْمَانِ وَاحْتَجَّ بِابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَأَنَّ حَدِيثَ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجَمِيِّ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ لَمْ يَقُلْ فِيهِ : وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ ، وَأَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ ، إلَّا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، انْفَرَدَ بِهِ .
وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ بِهَذَا الْأَثَرِ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ وَهُوَ يُهْدِي وَمَالُهُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ : يُكَفِّرُ وَاحِدَةً وَأَنَّ فِيهِ : أَعْتِقِي جَارِيَتَك ؛ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهِ يُجْزِئُ عَنْهُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، وَرَوَاهُ أَيْضًا الْأَثْرَمُ مِنْ حَدِيثِ أَشْعَثَ الْحُمْرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ
صَحِيحٍ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُمَا تَفَرَّدَا بِهِ ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ فِيهِ ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمَا فِيهِ : { أَمَّا الْجَارِيَةُ فَتُعْتَقُ } .
فَكَأَنَّ الرَّاوِيَ اخْتَصَرَهُ .
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا إنْ أَرَادَ الْجَزَاءَ بِتَعْلِيقِهِ كَرِهَ الشَّرْطَ أَوْ لَا ، وَكَذَا عِنْدَهُ الْحَلِفُ بِهِ وَبِعِتْقٍ وَظِهَارٍ وَتَحْرِيمٍ ، وَأَنَّ عَلَيْهِ دَلَّ كَلَامُ أَحْمَدَ .
وَقَالَ : نَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَنْ وُقُوعِ الْعِتْقِ .
وَمَا تَوَقَّفَ فِيهِ يُخَرِّجُهُ أَصْحَابُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ ، قَالَ : وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ رِوَايَةً ، قَالَ شَيْخُنَا : كَمَا سَلَّمَ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْحَالِفَ بِالنَّذْرِ لَيْسَ نَاذِرًا ، وَلِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ إسْلَامَهُ أَوْ كُفْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ، وَإِنْ قَصَدَ الْكُفْرَ تُنْجَزُ وَمَا لَزِمَ مُنْجَزًا مَعَ تَعْلِيقِهِ أَبْلَغُ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا إذَا قَصَدَ الْيَمِينَ بِهِ مُعَلَّقًا لَا يَلْزَمُ فَذَاكَ أَوْلَى ، فَعَلَى هَذَا إذَا حَنِثَ فَإِنَّهُ فِي الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَخْتَرْهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، وَفِي غَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى نَذْرِهِ ، فَيُكَفِّرُ وَإِلَّا الْتَزَمَ ذَلِكَ بِمَا يُحْدِثُهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَكُونُ مُوفِيًا لِمُوجَبِ عَقْدِهِ ، وَلَا يَجِيءُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ مَنْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ عَيْنًا فِي الْحَلِفِ بِنَذْرِ الطَّاعَةِ ، وَأَمَّا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا تَطْلُقُ قَبْلَهُ ذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ : أَنْتَ حُرٌّ إلَى الْحَوْلِ .
وَعَنْهُ : بَلَى مَعَ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ ، وَخَصَّهَا شَيْخُنَا بِالثَّلَاثِ ، لِأَنَّهُ الَّذِي يُصَيِّرُهُ كَمُتْعَةٍ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ : تَطْلُقُ إذَنْ ، قِيلَ لَهُ : فَتَتَزَوَّجُ فِي : قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ يُمْسِكُ عَنْ الْوَطْءِ حَتَّى يَمُوتَ ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ تَحْرِيمَهُ وَجْهًا ، فَإِنْ قَالَ : عَجَّلْت مَا عَلَّقْتُهُ ، لَمْ يَتَعَجَّلْ ، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ فَلَمْ يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ ، وَقِيلَ : بَلَى ،
وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ دَيْنٌ ، وَإِنْ قَالَ : سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَأَرَدْت التَّنْجِيزَ وَقَعَ إذَنْ .
فَإِنْ فَصَلَ بَيْنَ الشَّرْطِ وَحُكْمِهِ بِمُنْتَظِمٍ ، نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةٌ إنْ قُمْت لَمْ يَضُرَّ ، وَقِيلَ : يَقْطَعُهُ ، كَسَكْتَةٍ وَتَسْبِيحَةٍ ، وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً نَصْبًا وَرَفْعًا وَقَعَ بِمَرَضِهَا .
فَصْلٌ وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ الْمُسْتَعْمَلَةُ غَالِبًا : إنْ وَإِذَا وَمَتَى وَمَنْ وَأَيُّ ، وَكُلَّمَا ، وَهِيَ وَحْدَهَا لِلتَّكْرَارِ ، وَقِيلَ : وَمَتَى ، وَتَعُمُّ مَنْ وَأَيُّ الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ ضَمِيرَهُمَا ، وَكُلُّهَا بِلَا " لَمْ " وَنِيَّةُ الْفَوْرِ أَوْ قَرِينَتُهُ لِلتَّرَاخِي ، وَمَعَ " لَمْ " لِلْفَوْرِ ، إلَّا أَنَّ مَعَ عَدَمِ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ ، وَفِي أَيِّ الْمُضَافَةِ إلَى الشَّخْصِ وَمَنْ وَإِذَا وَجْهَانِ ( م 1 - 3 ) وَيَتَوَجَّهَانِ فِي " مَهْمَا " ، فَإِنْ اقْتَضَتْ فَوْرًا فَهِيَ فِي التَّكْرَارِ كَمَتَى وَعَنْهُ : يَحْنَثُ بِعَزْمِهِ عَلَى التَّرْكِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَصْدِ ، وَالْقَصْدُ هُوَ النِّيَّةُ ، وَلِهَذَا لَوْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ ، لِعَدَمِ الْقَصْدِ ، فَأَثَّرَ فِيهِ تَعْيِينُ النِّيَّةِ ، كَالْعِبَادَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إذَا نَوَى قَطْعَهَا ، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ .
نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ قَالَ : مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ حَرَامٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةِ ظِهَارٍ ، قِيلَ : مَتَى يَحْنَثُ ؟ قَالَ : إذَا عَقَدَ عَلَى خِلَافِهِ .
وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ : أَوْ تَرَدُّدِهِ ، فَإِذَا قَالَ إنْ قُمْت أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَنْ قَامَتْ أَوْ كُلَّمَا قَامَتْ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَمَتَى قَامَتْ طَلُقَتْ .
مَسْأَلَةٌ 1 - 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي أَيِّ الْمُضَافَةِ إلَى الشَّخْصِ ، مَنْ وَإِذَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي ، أَنَّ هَذِهِ الْأَدَوَاتِ الثَّلَاثَ هَلْ هِيَ عَلَى الْفَوْرِ إذَا اتَّصَلَتْ بِلَمْ ، أَمْ لَا يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَفِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 ) إذَا اتَّصَلَتْ لَمْ بِإِذَا فَهَلْ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) هِيَ عَلَى الْفَوْرِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هِيَ عَلَى التَّرَاخِي ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ فِي التَّمْثِيلِ : إذَا قَالَ : إذَا لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ أَوَّلًا ثُمَّ صَحَّحَ ثَانِيًا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 وَالثَّالِثَةُ 3 ) مَنْ وَأَيُّ الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ ، إذَا اتَّصَلَ بِهِمَا " لَمْ " فَهَلْ يَكُونَانِ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) هُمَا عَلَى الْفَوْرِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُمَا عَلَى التَّرَاخِي ، نَصَرَهُ النَّاظِمُ ، وَقَالَ الشَّارِحُ : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ " مَنْ " عَلَى التَّرَاخِي إذَا اتَّصَلَ بِهَا " لَمْ " .
وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ إلَّا فِي " كُلَّمَا " ، وَفِي " مَتَى " الْوَجْهَانِ وَلَوْ قُمْنَ الْأَرْبَعُ فِيمَنْ قَامَتْ وَأَيَّتُكُنَّ قَامَتْ أَوْ مَنْ أَقَمْتهَا وَأَيَّتُكُنَّ أَقَمْتهَا طُلِّقْنَ ، وَإِنْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ فَقُلْنَ : حِضْنَ ، أَوْ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا الْيَوْمَ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ ، وَلَمْ يَطَأْ ، طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ بِعَدَمِ وَطْءِ ضَرَّاتِهَا ، وَهُنَّ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ، وَإِنْ وَطِئَ ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ ثِنْتَانِ وَهُمَا وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَإِنْ وَطِئَ ثَلَاثًا وَقَعَ بِمَنْ وَطِئَ فَقَطْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً ، وَإِنْ أَطْلَقَ ، تَقَيَّدَ بِالْعُمْرِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ إلَّا فِي كُلَّمَا وَفِي مَتَى الْوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ حُكْمًا فِي ذَلِكَ ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ .
وَعَنْهُ فِيمَنْ قَالَ لِعَبِيدِهِ أَيُّكُمْ أَتَانِي بِخَبَرِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَجَاءَهُ بِهِ جَمَاعَةٌ عَتَقُوا ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ ، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي نَظَائِرِهَا ، ذَكَرَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ وَلَمْ أَجِدْ الْأُولَى عَنْ أَحْمَدَ ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ صَالِحٌ فِيمَنْ أَتَانِي ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْهَا : أَرَادَ الْكُلَّ وَعَمَّا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ : أَرَادَ الْبَعْضَ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً ، فَثِنْتَانِ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَاحِدَةً وَلَوْ أَتَى بَدَلَ " إنْ " بِكُلَّمَا فَثَلَاثٌ ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِصِفَاتٍ كَالرُّجُولِيَّةِ وَالشَّرَفِ وَالْفِقْهِ فَاجْتَمَعْنَ فِي شَخْصٍ وَقَعَ بِكُلِّ صِفَةٍ مَا عَلَّقَهُ بِهَا ، وَإِنْ قَالَ : إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ أَوْ فَضَرَّتُك طَلَّقَ ، فَمَاتَ أَحَدُهُمْ ، وَقَعَ إذَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ الْمَيِّتِ مَا لَا يَتَّسِعُ لِإِيقَاعِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الْإِرْشَادِ رِوَايَةٌ : بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَلَا يَرِثُ بَائِنًا وَتَرِثُهُ ، وَيَتَخَرَّجُ : لَا تَرِثُهُ ، مِنْ تَعْلِيقِهِ فِي صِحَّتِهِ عَلَى فِعْلِهَا ، فَيُوجَدُ فِي مَرَضِهِ ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ : فِي إرْثِهِمَا رِوَايَتَانِ ، لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي الصِّحَّةِ ، وَالطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَلَوْ أَتَى بَدَلَ " إنْ " بِمَتَى لَمْ ، أَوْ أَيُّ وَقْتٍ ، فَمَضَى مَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ وَقَعَ ، وَفِي " كُلَّمَا " ثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ بِهَا وَمَضَى مَا يُمْكِنُ إيقَاعُهَا مُتَرَتِّبَةً ، وَإِلَّا بَانَتْ بِالْأُولَى ، وَأَيَّتُكُنَّ لَمْ أُطَلِّقْهَا وَمَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا وَإِذَا لَمْ أُطَلِّقْك ، قِيلَ : كَمَتَى ، وَقِيلَ : كَإِنْ ( م 4 ) .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَأَيَّتُكُنَّ لَمْ أُطَلِّقْهَا ، وَمَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا وَإِذَا لَمْ أُطَلِّقْك ، قِيلَ : كَمَتَى ، وَقِيلَ : كَإِنْ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) هُنَّ كَمَتَى ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ مُضِيِّ مَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِيهِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُنَّ كَإِنْ ، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ فِي مَنْ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيِّ الْمُضَافَةِ إلَى الشَّخْصِ وَ " إذَا " ، إذَا اتَّصَلَ بِهِنَّ " لَمْ " عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا ، بَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ [ إنْ قُمْت ] بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَشَرْطٌ مِنْ عَامِّيٍّ كَنِيَّتِهِ ، وَقِيلَ : يَقَعُ إذَنْ إنْ كَانَ وُجِدَ كَنَحْوِيٍّ ، وَقِيلَ فِيهِ لَمْ يَنْوِ مُقْتَضَاهُ [ وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ : يَقَعُ إذَنْ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ ، كَتَطْلِيقِهَا لِرِضَاءِ أَبِيهَا يَقَعُ ، كَانَ فِيهِ رِضَاؤُهُ ] أَوْ سَخَطُهُ ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمَا : يَقَعُ إذَنْ ، وَلَوْ بَدَّلَ إنْ كَهِيَ .
وَفِي الْكَافِي : يَقَعُ إذَنْ ، كَإِذْ ، وَفِيهَا احْتِمَالٌ كَأَمْسِ وَالْوَاوِ يَقَعُ إذَنْ ، لَيْسَتْ جَوَابًا ، وَفِي الْفُرُوعِ كَالْفَاءِ .
وَإِنْ أَرَادَ مَعَ الْوَاوِ الشَّرْطَ أَوْ جَوَابًا لِلَوْ فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ( م 5 و 6 ) .
( مَسْأَلَةٌ 5 و 6 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ أَرَادَ مَعَ الْوَاوِ الشَّرْطَ أَوْ جَوَابًا لِلَوْ ، وَ " مَنْ " فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5 ) إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ قُمْت ، بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ ، وَأَرَادَ الشَّرْطَ دُيِّنَ ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 ) إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْت ، كَانَ شَرْطًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقِيلَ : تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ أَجْعَلَ لَهَا جَوَابًا دُيِّنَ ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ " أَوْ جَوَابًا لِلَوْ " وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ : لَوْ قُمْت وَأَنْتِ طَالِقٌ ، لِأَنَّهُ أَرَادَ مَعَ الْوَاوِ جَوَابًا لِلَوْ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْكَافِي : وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ ، طَلُقَتْ ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَلَوْ دَخَلْت ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ { مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى } وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت طَلُقَتْ ، لِأَنَّ لَوْ تُسْتَعْمَلُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ لِغَيْرِ الْمَنْعِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الشَّرْطَ قُبِلَ ، لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ قُمْت ، طَلُقَتْ ، وَكَذَا إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْت ، فَإِنْ أَرَادَ الشَّرْطَ قُبِلَ ، وَكَذَا قِيلَ فِي : وَلَوْ قُمْت ، انْتَهَى .
وَإِنْ قَالَ : إنْ قُمْت فَقَعَدْت ، أَوْ ثُمَّ أَوْ إنْ قُمْت إذَا قَعَدْت أَوْ إنْ قُمْت إنْ قَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقْعُدَ ثُمَّ تَقُومَ لِأَنَّ الْقُعُودَ شَرْطٌ يَتَقَدَّمُ مَشْرُوطَهُ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي إنْ كَالْوَاوِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِيهِ عُرْفًا ، وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي الْفَاءِ وَثُمَّ رِوَايَةً كَالْوَاوِ ، وَبِالْوَاوِ كَإِنْ قُمْت وَقَعَدْت أَوْ لَا قُمْت وَقَعَدْت تَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا ، وَعَنْهُ : أَوْ أَحَدُهُمَا ، كَإِنْ قُمْت وَإِنْ قَعَدْت ، وَكَالْأَصَحِّ ، فِي لَا قُمْت وَلَا قَعَدْت ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا ، وَأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ حِنْثُهُ ، وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا أَجْنَبْت مِنْك جَنَابَةً فَإِنْ اغْتَسَلْت مِنْ حَمَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ ثَلَاثًا وَاغْتَسَلَ مَرَّةً فِيهِ فَوَاحِدَةٌ ، وَقِيلَ : ثَلَاثًا ، كَفِعْلٍ لَمْ يَتَرَدَّدْ مَعَ كُلِّ جَنَابَةٍ ، كَمَوْتِ زَيْدٍ وَقُدُومِهِ ، وَإِنْ أَسْقَطَ الْفَاءَ مِنْ جَزَاءٍ مُتَأَخِّرٍ فَشَرْطٌ ، وَقِيلَ : بِنِيَّتِهِ ، وَإِلَّا وَقَعَ إذَنْ ، كَالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ ، فَإِنْ أَرَادَ الشَّرْطَ فَالرِّوَايَتَانِ .
تَنْبِيهَانِ .
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ " وَإِنْ قَالَ إنْ قُمْت فَقَعَدْت أَوْ ثُمَّ أَوْ إنْ قُمْت إذَا قَعَدْت أَوْ إنْ قُمْت إنْ قَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقْعُدَ ثُمَّ تَقُومَ ، انْتَهَى .
هَذَا الْحُكْمُ صَحِيحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ ، وَغَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ، بَلْ الصَّوَابُ فِيهِمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ ، عَلَى التَّرْتِيبِ ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ ، وَلَقَدْ تَتَبَّعْت كَلَامَهُمْ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا قَالَ ذَلِكَ ، بَلْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ .
فَصْلٌ إذَا قَالَ إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ بِأَوَّلِهِ .
نَقَلَ مُهَنَّا تَطْلُقُ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ ، لِتَحْرِيمِ مُبَاشَرَتِهَا ظَاهِرًا فِيهِ ، وَفِي : قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ، وَكُلُّ زَمَنٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَتَبَيَّنَ أَنَّهُ زَمَنُ الطَّلَاقِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَلِمَنْعِ الْمُعْتَادَةِ مِنْ الْعِبَادَةِ ( ع ) وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْفُنُونِ وَ التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ بِتَبَيُّنِهِ بِمُضِيِّ أَقَلِّهِ ، وَمَتَى بَانَ غَيْرَ حَيْضٍ لَمْ يَقَعْ ، وَيَقَعُ فِي إذَا حِضْت حَيْضَةً بِانْقِطَاعِهِ ، وَقِيلَ : وَغُسْلُهَا ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً مِنْ أَوَّلِ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ .
وَلَوْ كَانَ قَالَ : كُلَّمَا فَرَغَتْ عِدَّتُهَا فِيهَا بِأَوَّلِ حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ ، وَطَلَاقُهُ فِي الثَّانِيَةِ مُبَاحٌ ، وَيَقَعُ فِي إذَا طَهُرَتْ بِأَوَّلِ طُهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي التَّنْبِيهِ قَوْلٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ ، وَإِنْ قَالَ : إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَمَضَتْ حَيْضَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَقَعَ لِنِصْفِهَا ، وَفِي وُقُوعِهِ ظَاهِرًا بِمُضِيِّ دَمِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفٍ أَوْ لِنِصْفِ الْعَادَةِ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 7 ) وَقِيلَ فِيهَا كَالْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ : إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَحَاضَتْ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً وَقَعَ لِنِصْفِهَا ، وَفِي وُقُوعِهَا ظَاهِرًا بِمُضِيِّ دَمِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفٍ أَوْ لِنِصْفِ الْعَادَةِ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ هُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ بِمُضِيِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفٍ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ بِمُضِيِّ نِصْفِ الْعَادَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَادَّعَاهُ طَلُقَتَا بِإِقْرَارِهِ .
وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ طَلُقَتْ كَقَوْلِهِ : إنْ أَضْمَرْت بُغْضِي ، فَادَّعَتْهُ ، بِخِلَافِ دُخُولِ الدَّارَ ، وَفِي يَمِينِهَا وَجْهَانِ ( م 8 ) وَعَنْهُ : تَطْلُقُ بِبَيِّنَةٍ ، كَالضَّرَّةِ ، فَيَخْتَبِرْنَهَا بِإِدْخَالِ قُطْنَةٍ فِي الْفَرْجِ زَمَنَ دَعْوَاهَا الْحَيْضَ ، فَإِنْ ظَهَرَ دَمٌ فَهِيَ حَائِضٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَعَنْهُ : إنْ أَخْرَجَتْ عَلَى خِرْقَةٍ دَمًا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ ، اخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَحَكَاهُ عَنْ الْقَاضِي .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ إنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَادَّعَاهُ طَلُقَتَا بِإِقْرَارِهِ ، وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ طَلُقَتْ ، وَفِي يَمِينِهَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
( أَحَدُهُمَا ) تَحْلِفُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ الْخِرَقِيُّ ، فَإِنَّهُ قَالَ : لَا تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ إذَا أَنْكَرَتْ النِّكَاحَ ، وَتَحْلِفُ إذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ، انْتَهَى .
وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَحْلِفُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي .
وَإِنْ قَالَ : إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَادَّعَتَاهُ طَلُقَتَا إنْ صَدَّقَهُمَا ، وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ وَحْدَهَا [ وَإِنْ قَالَهُ لِأَرْبَعٍ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ ، وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ وَحْدَهَا ] .
وَلَوْ قَالَ : كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ أَوْ أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ ، وَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً لَمْ تَطْلُقْ بَلْ ضَرَّاتُهَا طَلْقَةً طَلْقَةً ، وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَالْمُكَذِّبَتَانِ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ، وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقْنَ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَالْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا ، وَإِنْ قَالَ : إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً طَلُقَتَا بِحَيْضَتَيْنِ مِنْهُمَا ، وَقِيلَ : بِحَيْضَةٍ مِنْ وَاحِدَةٍ ، وَالْأَشْهَرُ بِشُرُوعِهِمَا ، وَقِيلَ : لَا طَلَاقَ كَمُسْتَحِيلٍ .
إذَا عَلَّقَهُ بِالْحَمْلِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ لَمْ يَقَعْ ، وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَقَعُ مُنْذُ حَلَفَ ، وَكَذَا بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَطَأْ ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لَهَا فَأَكْثَرَ مُنْذُ وَطِئَ لَمْ يَقَعْ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَنَصُّهُ : يَقَعُ إنْ ظَهَرَ لِلنِّسَاءِ أَوْ خَفِيَ فَوَلَدَتْهُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا .
وَقَالَ الْقَاضِي : وَلَوْ رَجْعِيَّةً مُبَاحَةً مُنْذُ حَلَفَ ، وَعَنْهُ : بِظُهُورِ حَمْلٍ ، وَيَكْفِي الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ مَوْجُودَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَصْحَابِنَا ، وَعَنْهُ : يُعْتَبَرُ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ ، وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَعَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا .
وَيُحَرَّمُ الْوَطْءُ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى يَظْهَرَ حَمْلٌ أَوْ تَسْتَبْرِئَ أَوْ تَزُولَ الرِّيبَةُ ، وَإِنْ قَالَ : إذَا حَمَلْت لَمْ يَقَعْ إلَّا بِحَمْلٍ مُتَجَدِّدٍ ، وَلَا يَطَأُ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ يَطَأُ كُلَّ طُهْرٍ مَرَّةً ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ أَكْثَرَ .
وَإِنْ عَلَّقَ طَلْقَةً إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِذَكَرٍ وَطَلْقَتَيْنِ بِأُنْثَى فَوَلَدَتْهُمَا [ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَاسْتَحَقَّا مِنْ وَصِيَّةٍ ] وَإِنْ قَالَ : إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ تَطْلُقْ ، وَلَا وَصِيَّةَ ، وَلَوْ أَسْقَطَ " مَا " طَلُقَتْ ثَلَاثًا ، وَإِذَا عَلَّقَهُ عَلَى الْوِلَادَةِ فَأَلْقَتْ مَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَعَ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِهَا ، قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ : إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ ، وَإِنْ شَهِدَ بِهَا النِّسَاءُ وَقَعَ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، قِيلَ : لَا ، كَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ مَا غَضِبَ أَوْ لَا غَضِبَ فَثَبَتَ بِبَيِّنَةِ مَالٍ لَمْ تَطْلُقْ ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَإِنْ قَالَ : إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَوَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ [ فَثَلَاثٌ بِمَعِيَّةٍ ] فَسَبَقَ أَحَدُهُمَا بِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ طَلُقَتْ بِهِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالثَّانِي .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ : وَتَطْلُقُ بِهِ ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ ، وَنَقَلَ بَكْرٌ هِيَ وِلَادَةٌ وَاحِدَةٌ ، قَالَ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ : وَفِيهَا نَظَرٌ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : هَذَا عَلَى نِيَّةِ الرَّجُلِ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَطْلِيقَةً ، وَإِنْ كَانَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالثَّانِي مِنْ حَمْلٍ مُسْتَأْنَفٍ ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ ، فَلَا يُمْكِنُ ادِّعَاءُ أَنْ تَحْبَلَ بِوَلَدٍ بَعْدَ وَلَدٍ ، قَالَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي الْحَامِلِ لَا تَحِيضُ وَفِي الطَّلَاقِ بِهِ الْوَجْهَانِ إلَّا أَنْ نَقُولَ : لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةٌ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ ، وَكَذَا فِي الْأَصَحِّ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ ، لِثُبُوتِ وَطْئِهِ بِهِ ، فَتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهَا ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوَطْءِ الْمُحَصِّلِ لِلرَّجْعَةِ ، وَمَتَى أَشْكَلَ السَّابِقُ فَطَلْقَةٌ ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَعْيِينُهُ بِقُرْعَةٍ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَوْمَأَ إلَيْهِ ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَهُوَ
أَظْهَرُ .
وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثًا مَعًا فَثَلَاثٌ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَلَدًا فَوَجْهَانِ ( م 9 ) ، وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَتَيْنِ وَزَادَ : لِلسَّنَةِ ، فَطَلْقَةٌ بِطُهْرِهَا ثُمَّ أُخْرَى بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حَيْضَةٍ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثًا مَعًا فَثَلَاثٌ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَلَدًا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ ثَلَاثًا ، كَالْأَوَّلِ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ وَاحِدَةً ، اخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
فَصْلٌ إذَا قَالَ : إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، ثُمَّ أَوْقَعَهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِالْقِيَامِ ثُمَّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَقَامَتْ وَقَعَ ثِنْتَانِ فِيهِمَا ، وَإِنْ زَادَ : ثُمَّ إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ، ثُمَّ نَجَّزَهُ فَوَاحِدَةٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَاثْنَتَانِ بِالْوُقُوعِ وَالْإِيقَاعِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : التَّعْلِيقُ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَيْسَ تَطْلِيقًا ، وَإِنْ نَوَى إذَا طَلَّقْتُك طَلُقْت وَلَمْ أُرِدْ عَقْدَ صِفَةٍ ، دُيِّنَ ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ( م 10 ) .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : إذَا قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَوْقَعَهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِالْقِيَامِ ثُمَّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَقَامَتْ وَقَعَتْ ثِنْتَانِ فِيهِمَا ، وَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ : إذَا طَلَّقْتُك طَلُقَتْ وَلَمْ أُرِدْ عَقْدَ صِفَةٍ دُيِّنَ ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَإِرَادَةُ مَا قَالَهُ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُقْبَلُ ، لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِمَا قَالَ .
وَالطَّلَاقُ الْوَاقِعُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ يُوقِعْهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَقَعَ ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِقِيَامٍ ثُمَّ بِطَلَاقِهِ لَهَا فَقَامَتْ فَوَاحِدَةٌ ، وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَ رَجْعِيًّا وَقَعَ ثَلَاثٌ ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَهُ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَثِنْتَانِ ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ لَا تَقَعُ الْمُعَلَّقَةُ ، وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا طَلَّقْت ضَرَّتَك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ لِلضَّرَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأَوِّلَةَ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ طَلْقَةً بِالصِّفَةِ وَالْأَوِّلَةُ ثِنْتَيْنِ بِالْمُبَاشَرَةِ ، وَوُقُوعُهُ بِالضَّرَّةِ تَطْلِيقٌ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهَا طَلَاقًا بِتَعْلِيقِهِ طَلَاقَهَا ثَانِيًا ، وَإِنْ طَلَّقَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً ، وَمِثْلُ الْمَسْأَلَةِ : إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ كَالضَّرَّةِ ، وَعَكْسُهَا قَوْلُهُ لِعَمْرَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَحَفْصَةُ طَالِقٌ ثُمَّ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ، فَحَفْصَةُ هُنَا كَعَمْرَةَ هُنَاكَ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى : أَرَى مَتَى طَلُقَتْ عَمْرَةُ طَلْقَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَطَلْقَةً بِالصِّفَةِ أَنْ يَقَعَ عَلَى حَفْصَةَ أُخْرَى بِالصِّفَةِ فِي حَقِّ عَمْرَةَ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَيْهِمَا .
وَإِنَّ قَوْلَ أَصْحَابِنَا فِي : كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَ رَجْعِيًّا يَقَعُ ثَلَاثٌ ، يُعْطِي اسْتِيفَاءَ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ عَمْرَةَ ، لِأَنَّهَا طَلُقَتْ طَلْقَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَطَلْقَةً بِالصِّفَةِ وَالثَّالِثَةَ بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي طَلَاقِ عَمْرَةَ الْمُعَلَّقِ بِطَلَاقِ حَفْصَةَ ، وَإِنْ عَلَّقَ ثَلَاثًا بِتَطْلِيقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فِي الْأَصَحِّ ثَلَاثًا .
وَإِنْ قَالَ : إنْ طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ، قِيلَ : مَعًا ، وَقِيلَ : يَقَعُ الْمُعَلَّقُ ، وَقِيلَ : الْمُنْجَزُ ، ثُمَّ تَتِمَّتُهَا مِنْ الْمُعَلَّقِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : اخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَنْ أَصْحَابِنَا ( م 11 ) وَأَوْقَعَ ابْنُ عَقِيلٍ الْمُنَجَّزَ ، وَأَلْغَى غَيْرَهُ ، وَقِيلَ : لَا تَطْلُقُ .
مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ، قِيلَ : مَعًا ، وَقِيلَ : يَقَعُ الْمُعَلَّقُ ، وَقِيلَ : الْمُنْجَزُ ثُمَّ تَتِمَّتُهَا مِنْ الْمُعَلَّقِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَنْ أَصْحَابِنَا ، انْتَهَى .
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى بِالسُّرَيْجِيَّةِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْقَوْلُ الثَّالِثُ ، وَهُوَ أَنَّهُ يَقَعُ الْمُنْجَزُ ثُمَّ يُتَمَّمُ مِنْ الْمُعَلَّقِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِير وَالْمُنَوِّرِ ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْمُصَنِّفِ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً ، وَقِيلَ : تَقَعُ الثَّلَاثُ مَعًا ، فَيَقَعُ بِالْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا ثَلَاثٌ ، وَقِيلَ : يَقَعُ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقَةُ ، فَيَقَعُ أَيْضًا بِالْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا ثَلَاثٌ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا أَوْ أَبَنْتُك أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك أَوْ إنْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ، فَفِي التَّرْغِيبِ : تَلْغُو صِفَةُ الْقَبْلِيَّةِ ، وَفِي إلْغَاءِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ الْوَجْهَانِ ، وَيَتَوَجَّهُ الْأَوْجَهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالٌ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ : يَقَعَانِ مَعًا ( م 12 ) .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا : وَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا أَوْ إنْ أَبَنْتُك أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك أَوْ إنْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ، فَفِي التَّرْغِيبِ تَلْغُو صِفَةُ الْقَبْلِيَّةِ وَفِي إلْغَاءِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ الْوَجْهَانِ ، وَيَتَوَجَّهُ الْأَوْجَهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالٌ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَنَّهُمَا يَقَعَانِ مَعًا انْتَهَى .
قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَقَوْلُهُ " وَفِي إلْغَاءِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ الْوَجْهَانِ " الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَعَدَمَهُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ ، وَهُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ ، وَقَوْلُهُ : " وَيَتَوَجَّهُ الْأَوْجَهُ " يَعْنِي الَّتِي تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا فِي صِفَةِ الْوُقُوعِ ، وَقَدْ عُلِمَ الصَّحِيحُ مِنْهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ قَالَ : كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ وَاثْنَتَيْنِ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ وَثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةً فَأَرْبَعَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ مَعًا أَوَّلًا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَقِيلَ : سَبْعَةَ عَشَرَ ، وَقِيلَ : عِشْرُونَ ، وَقِيلَ : أَرْبَعَةٌ ، وَقِيلَ : عَشْرَةٌ ، " كَإِنْ " بَدَّلَ " كُلَّمَا " لِعَدَمِ تَكْرَارِهَا ، وَأَرْبَعَةٌ هُنَا أَظْهَرُ ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ طُلِّقْنَ مَعًا ، وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا فِي تَدَاخُلِ الصِّفَاتِ .
وَإِنْ قَالَ : إذَا أَتَاك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا إذَا أَتَاك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا وَقِيلَ أَوْ أَتَى مَوْضِعُ الطَّلَاقِ مِنْهُ وَلَمْ يَنْمَحِ ذِكْرُهُ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ ، وَإِنْ أَرَادَ بِالثَّانِي الْأَوَّلَ فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ( م 13 ) .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ إذَا أَتَاك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ كَتَبَ إذَا أَتَاك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا ، طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ ، وَإِنْ أَرَادَ بِالثَّانِي الْأَوَّلَ فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ ، قَالَ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ : دُيِّنَ بَاطِنًا ، وَقَالَ فِي مُنَوَّرِهِ : دُيِّنَ .
وَلَوْ كَتَبَ : إذَا قَرَأْت كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقُرِئَ عَلَيْهَا وَقَعَ إنْ كَانَتْ أُمِّيَّةً وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ( م 14 ) ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهَا شُهُودٌ عُدُولٌ شَاهِدَانِ لَا حَامِلُ الْكِتَابِ وَحْدَهُ .
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَقُرِئَ عَلَيْهَا ، وَقَعَ إنْ كَانَتْ أُمِّيَّةً ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَقَعُ ، لِأَنَّهَا لَمْ تَقْرَأْهُ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَقَعُ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ الرُّجُوعُ إلَى نِيَّتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَقَعْ ، لِأَنَّهَا لَمْ تَقْرَأْهُ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَبَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ ، فَلَا تُزَالُ بِالِاحْتِمَالِ
فَصْلٌ إذَا قَالَ : إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ فِيهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ ، وَالْأَصَحُّ أَوْ تَصْدِيقُ خَبَرٍ أَوْ تَكْذِيبُهُ وَقِيلَ : وَغَيْرُهُ ، كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ سِوَى تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَتِهَا أَوْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ ، وَمِنَّا مَنْ لَمْ يَسْتَثْنِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَاخْتَارَ الْعَمَلَ بِعُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ وَقَصْدِهِ فِي مُسَمَّى الْيَمِينِ ، وَأَنَّهُ مُوجَبُ أُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ وَأَنَّ مِثْلَهُ : وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ يَمِينًا ، طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً فِي مَرَّةٍ ، وَإِنْ قَصَدَ بِإِعَادَتِهِ إفْهَامَهَا لَمْ يَقَعْ ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَهُ مَنْ عَلَّقَهُ بِالْكَلَامِ ، وَأَخْطَأَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ فِيهَا كَالْأُولَى ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ ، وَإِنْ أَعَادَهُ ثَلَاثًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ أَعَادَهُ أَرْبَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا .
وَإِنْ قَالَ إنْ طَلَّقْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً ، وَتَبِينُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مِنْهُمَا ، فَلَا يُطَلَّقَانِ بِقَوْلِهِ ثَالِثًا ، فَإِنْ نَكَحَ الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا فَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا تَطْلُقُ ، وَهُوَ مَعْنَى جَزْمِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهَا ، لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ ، لِأَنَّهَا بَائِنٌ ، وَكَذَا جَزَمَ فِي التَّرْغِيبِ فِيمَا تُخَالِفُ الْمَدْخُولَ بِهَا غَيْرُهَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا يَصِحُّ ، وَإِنَّمَا عَلَّلُوا بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ مَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ الصِّفَةُ ، كَمَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ ، فِي الْأَشْهَرِ ، وَالتَّعْلِيلِ عَلَى الْمَذْهَبِ ، مَعَ أَنَّهُ يَتَّجِهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ مَعَ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ، لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِتَأْثِيرِ الصِّفَةِ وُجُودُ الزَّوْجِيَّةِ ، وَالْأَشْهَرُ : بَلَى ، كَالْأُخْرَى طَلْقَةً طَلْقَةً ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ ، كَمَا سَبَقَ ، وَبِكُلَّمَا بَدَلَ " إنْ " ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، طَلْقَةً عَقِبَ حَلِفِهِ ثَانِيًا وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا ، لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ ، وَفَرَضَ فِي الْمُغْنِي الْمَسْأَلَةَ فِي كُلَّمَا وَقَالَ مَا سَبَقَ .
وَإِنْ قَالَ : كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَأَعَادَهُ لَمْ يَقَعْ ، وَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهِمَا : كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا ، أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ، وَأَعَادَهُ ، طَلُقَتَا ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ، وَإِنْ قَالَ فَهِيَ أَوْ فَضَرَّتُهَا طَالِقٌ فَطَلْقَةٌ طَلْقَةٌ ، وَإِنْ قَالَ : فَإِحْدَاكُمَا طَلَّقَ فَطَلْقَةٌ بِإِحْدَاهُمَا تُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ ، وَإِنْ قَالَ : إذَا حَلَفْت بِطَلَاقِ ضَرَّتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَهُ لِلْأُخْرَى طَلُقَتْ الْأُولَى ، فَإِنْ أَعَادَهُ لِلْأُولَى وَقَعَ بِالْأُخْرَى .
إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ اُسْكُتِي أَوْ تَحَقَّقِي أَوْ مُرِّي وَنَحْوَهُ طَلُقَتْ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِبُدَاءَتِهِ إيَّاهَا بِهِ فَقَالَتْ إنْ بَدَأْتُك بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، ثُمَّ إنْ بَدَأَتْهُ حَنِثَ ، إنْ بَدَأَهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهَا .
وَإِنْ عَلَّقَهُ بِكَلَامِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِشُغْلٍ أَوْ غَفْلَةٍ وَنَحْوَهُ حَنِثَ ، وَإِنْ كَلَّمَتْهُ مَجْنُونًا أَوْ سَكْرَانَ أَوْ أَصَمَّ يَسْمَعُ لَوْلَا الْمَانِعُ حَنِثَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيَّرَ لَا ، وَقِيلَ : لَا السَّكْرَانَ ، كَتَكْلِيمِهِ غَائِبًا أَوْ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَيِّتًا ، خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً ، وَإِنْ كَاتَبَتْهُ أَوْ رَاسَلَتْهُ حَنِثَ ، كَتَكْلِيمِهَا غَيْرَهُ وَهُوَ يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ بِهِ ، وَعَنْهُ : لَا ، كَنِيَّةِ غَيْرِهِ وَإِنْ أَشَارَتْ إلَيْهِ فَوَجْهَانِ ( م 15 ) .
مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَلَّقَهُ بِكَلَامِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَلَمْ يَسْمَعْ لِشُغْلٍ أَوْ غَفْلَةٍ وَنَحْوَهُ حَنِثَ ، إنْ أَشَارَتْ إلَيْهِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَحْنَثُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرِهِمَا ، قَالَ فِي الشَّارِحِ : وَهَذَا أَوْلَى ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَإِنْ قَالَ : إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَهُ ثَانِيًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً ، وَإِنْ قَالَهُ ثَالِثًا فَثَانِيَةٌ ، رَابِعًا فَثَالِثَةٌ ، وَتَبِينُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا بِطَلْقَةٍ ، وَلَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَةُ وَلَا الثَّالِثَةُ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ثُمَّ قَالَ : وَعِنْدِي تَنْعَقِدُ الثَّانِيَةُ بِحَيْثُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَكَلَّمَهَا طَلُقَتْ ، إلَّا عَلَى قَوْلِ التَّمِيمِيِّ بِحَلِّ الصِّفَةِ مَعَ الْبَيْنُونَةِ فَإِنَّهَا قَدْ انْحَلَّتْ بِالثَّانِيَةِ ، لِأَنَّهُ قَدْ كَلَّمَهَا ، وَلَا يَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ ، لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ ، لِعَدَمِ إمْكَانِ إيقَاعِهِ ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ السَّابِقَةِ ، فَإِمَّا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِمَا وَهُوَ أَظْهَرُ ، كَالْأَجْنَبِيَّةِ ، وَإِمَّا أَنْ تَصِحَّ فِيهِمَا كَمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِ الْعَتِيقَةِ قَدْ وَطِئَهَا ، وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الْمِلْكِ لَمْ يَطَأْ ، مَعَ أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الْعَتِيقَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ ، أَمَّا بُطْلَانُهُ فِي الْعَتِيقَةِ وَصِحَّتُهُ هُنَا فِيهِمَا أَوْ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ وَمَسْأَلَةِ الْكَلَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ فَلَا وَجْهَ لَهُ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَلَا مَعْنَى يَقْتَضِيهِ ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِالتَّفْرِقَةِ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ : قَدْ كَلَّمَهَا بِشُرُوعِهِ فِي كَلَامِهَا ، وَلَا يَكُونُ حَالِفًا إلَّا بِالشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ ، وَقَدْ يُقَالُ : حَقِيقَةُ الْكَلَامِ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ ، فَتُعْتَبَرُ حَقِيقَتُهُ كَالْحَلِفِ وَهَذَا حَقِيقَةُ الْيَمِينِ وَحَقِيقَةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَيَعْمَلُ بِهِ ، وَلِهَذَا سَوَّوْا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ، وَإِلَّا فَكَانَ يَتَعَيَّنُ بَيَانُ خِلَافِ الْحَقِيقَةِ وَالتَّفْرِقَةُ ، وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَقَطْ ، مَعَ أَنِّي لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِمْ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَلَمْ نُحْنِثْهُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا فَقِيلَ : تَطْلُقَانِ ، وَقِيلَ : حَتَّى يُكَلِّمَا كُلًّا مِنْهُمَا ( م 16 ) كَقَوْلِهِ : إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أَوْ كَلَّمْتُمَا عَمْرًا .
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ : إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَلَمْ نُحْنِثْهُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا ، فَقِيلَ : تَطْلُقَانِ ، وَقِيلَ : حَتَّى يُكَلِّمَا كُلًّا مِنْهُمَا ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقَانِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : طَلُقَتَا فِي الْأَظْهَرِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَا جَمِيعًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ ، وَاحْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ ، قَالَ الشَّارِحُ : وَهُوَ أَوْلَى ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : الْأَقْوَى لَا يَقَعُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : ( الْأَوَّلُ ) كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَوَّلَ ، لِأَنَّ مُعْظَمَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ ، أَوْ كَانَ يَحْكِي اخْتِيَارَهُمْ فَيَقُولُ : اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، كَمَا هُوَ عَادَتُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الثَّانِي ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ قَاعِدَةٍ ، وَهِيَ إذَا وَجَدْنَا جُمْلَةً ، ذَاتَ أَعْدَادٍ مُوَزَّعَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ أُخْرَى فَهَلْ يَتَوَزَّعُ أَفْرَادُ الْجُمْلَةِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَى أَفْرَادِ الْأُخْرَى أَوْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهَا عَلَى مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى ؟ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ : ( الْأَوَّلُ ) أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ ، فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ ، فَمِثَالُ مَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى فَيُقَابَلُ كُلُّ فَرْدٍ كَامِلٍ بِفَرْدٍ يُقَابِلُهُ ، إمَّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ أَوْ دَلَالَةِ الشَّرْعِ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا
لِاسْتِحَالَةِ مَا سِوَاهُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ، فَإِذَا أَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا طَلُقَتْ لِاسْتِحَالَةِ أَكْلِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الرَّغِيفَيْنِ .
أَوْ يَقُولُ لِعَبْدَيْهِ إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا أَوْ لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا أَوْ تَقَلَّدْتُمَا سَيْفَيْكُمَا أَوْ دَخَلْتُمَا بِزَوْجَتَيْكُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ ، فَمَتَى وَجَدَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُكُوبَ دَابَّتِهِ أَوْ لُبْسَ ثَوْبِهِ أَوْ تَقَلُّدَ سَيْفِهِ أَوْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ ، لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَذَا عُرْفِيٌّ ، وَفِي بَعْضِهِ شَرْعِيٌّ ، فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، وَمِثَالُ مَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتَيْهِ : إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ، فَلَا تَطْلُقَانِ حَتَّى تُكَلِّمَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا .
( الْقِسْمُ الثَّانِي ) أَنْ لَا يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِ التَّوْزِيعَيْنِ ، فَهَلْ يُحْمَلُ التَّوْزِيعُ عِنْدَ هَذَا الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي ؟ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُوَزَّعُ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى إذَا أَمْكَنَ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ .
( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَهَاهَا فَخَالَفَتْهُ وَلَا نِيَّةَ لَمْ يَحْنَثْ ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَقِيلَ إنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، انْتَهَى .
صَوَابُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ : وَقِيلَ يَحْنَثُ إنْ جَهِلَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، لَا أَنَّهُ يَحْنَثُ إنْ عَرَفَ ذَلِكَ ، كَمَا فِي
الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَوِيٌّ جِدًّا ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ : وَلَعَلَّ هَذَا الْقَوْلَ أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ وَالتَّحْقِيقِ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَهَاهَا فَخَالَفَتْهُ وَلَا نِيَّةَ لَمْ يَحْنَثْ ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَقِيلَ : إنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ خَرَجْت قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : أَوْ إنْ خَرَجْت مَرَّةً بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ حَتَّى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَأَذِنَ مَرَّةً فَخَرَجَتْ عَالِمَةً بِإِذْنِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : أَوْ لَا ، لَمْ يَحْنَثْ .
ثُمَّ إنْ خَرَجْت بِلَا إذْنٍ وَلَا نِيَّةٍ حَنِثَ ، وَعَنْهُ : لَا ، كَإِذْنِهِ فِي الْخُرُوجِ كُلَّمَا شَاءَتْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي الرَّوْضَةِ : إنْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ مَرَّةً أَوْ مُطْلَقًا أَوْ أَذِنَ بِالْخُرُوجِ لِكُلِّ مَرَّةٍ فَقَالَ : اُخْرُجِي مَتَى شِئْت لَمْ يَكُنْ إذْنًا إلَّا لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ ، وَإِنْ أَذِنَ فَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى نَهَاهَا وَخَرَجَتْ فَوَجْهَانِ ( م 17 ) فَإِنْ قَالَ إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ ، وَحَنَّثَهُ الْقَاضِي وَجَعَلَ الْمُسْتَثْنَى مَحْلُوفًا عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَذِنَ فَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى نَهَى وَخَرَجَتْ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَ إذَا خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي وَنَحْوَهُ مِمَّا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى نَهَاهَا .
ثُمَّ خَرَجَتْ ، فَهَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَطْلُقُ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَطْلُقُ ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : لَا يَقَعُ إذَا أَذِنَ لَهَا ثُمَّ نَهَى وَجَهِلَتْهُ ، انْتَهَى .
وَلَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ : .
وَإِنْ قَالَ : إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ ، أَوْ لَهُ ثُمَّ بَدَا لَهَا غَيْرُهُ ، حَنِثَ ، وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : فِي الثَّانِيَةِ ، وَمَتَى قَالَ : كُنْت أَذِنْت قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ ، وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِعِلْمِهِ لِلْبَيِّنَةِ .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْت الْهِلَالَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَعَ بِإِكْمَالِ الْعِدَّةِ أَوْ رُؤْيَتِهِ ، وَقِيلَ : وَلَوْ رُئِيَ قَبْلَ الْغُرُوبِ ، وَلَوْ نَوَى الْعِيَانَ أَوْ رُؤْيَتَهَا لَهُ قَبِلَ حُكْمًا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : بِقَرِينَةٍ ، وَهَلْ يُقْمِرُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ أَوْ بِاسْتِدَارَتِهِ أَوْ بِبَهْرِ ضَوْئِهِ ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ ( م 18 ) .
مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُقْمِرُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ أَوْ بِاسْتِدَارَتِهِ أَوْ بِبَهْرِ ضَوْئِهِ ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْمِرُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالصَّرْصَرِيُّ فِي زَوَائِدِ الْكَافِي عَلَى الْخِرَقِيِّ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : لَا يُقْمِرُ إلَّا بِاسْتِدَارَتِهِ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : لَا يُقْمِرُ حَتَّى يَبْهَرَ ضَوْءُهُ ، قَالَ الْقَاضِي : لَا يَبْهَرُ ضَوْءُهُ إلَّا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ ، حَكَاهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ رَأَيْت فُلَانًا ، وَأَطْلَقَ ، فَرَأَتْهُ وَلَوْ مَيِّتًا ، وَقِيلَ : وَمُكْرَهَةً ، لَا خَيَالَهُ فِي مَاءٍ أَوْ مِرْآةٍ ، وَقِيلَ : أَوْ جَالَسَتْهُ عَمْيَاءَ ، وَقَعَ .
وَإِنْ قَالَ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَهُ نِسَاؤُهُ مَعًا طُلِّقْنَ ، وَإِنْ تَفَرَّقَ طَلُقَتْ الْأُولَى الصَّادِقَةُ ، وَإِلَّا فَأَوَّلُ صَادِقَةٍ بَعْدَهَا ، وَكَذَا مَنْ أَخْبَرَتْنِي عِنْدَ الْقَاضِي ، وَقِيلَ : يُطَلَّقْنَ ، وَقِيلَ : مَعَ الصِّدْقِ ( م 19 ) .
( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا مَنْ أَخْبَرَتْنِي عِنْدَ الْقَاضِي ، وَقِيلَ : يُطَلَّقْنَ ، وَقِيلَ : مَعَ الصِّدْقِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِهِ فَهِيَ طَالِقٌ ؟ أَمْ يُطَلَّقْنَ هُنَا بِالْإِخْبَارِ مُطْلَقًا أَمْ بِالصِّدْقِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ .
قَوْلُ الْقَاضِي قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، فَيُطَلَّقْنَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ ، لِأَنَّ الْخَبَرَ يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ ، وَيُسَمَّى خَبَرًا وَإِنْ تَكَرَّرَ ، وَالْبِشَارَةُ الْقَصْدُ بِهَا السُّرُورُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ الصِّدْقِ وَيَكُونُ فِي الْأَوْلَى لَا غَيْرُ .
( وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ ) اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ لَبِسْت ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ ، خِلَافًا لِابْنِ الْبَنَّاءِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَخَرَّجَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَيُقْبَلُ حُكْمًا عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : لَا يُقْبَلُ حُكْمًا ( م 20 ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَإِنْ حَلَفَ لَا لَبِسْت ثَوْبًا وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، سَوَاءٌ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
( مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ إنْ لَبِسْت ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ وَيُقْبَلُ حُكْمًا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : لَا يُقْبَلُ حُكْمًا ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ ، هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ ، وَقَدَّمَهُ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ هُنَا ، وَإِنْ قَبِلْنَاهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الْحِيَلِ ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ قَرِبْت دَارَ أَبِيك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، بِكَسْرِ الرَّاءِ ، لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَدْخُلَهَا ، وَإِنْ : قَالَ إنْ قَرِبْت وَقَعَ بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا وَلُصُوقِهَا بِجِدَارِهَا ، لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا ذَلِكَ ، ذَكَرَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ .
فَصْلٌ إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا بِإِنْ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَنَّى أَوْ أَيْنَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَشَاءَ وَلَوْ كَارِهَةً مُتَرَاخِيًا ، وَكَذَا حَيْثُ شِئْت ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَيْفَ ، وَقِيلَ : يَقَعُ وَإِنْ لَمْ تَشَأْ ، وَقِيلَ : يَخْتَصُّ " إنْ " بِالْمَجْلِسِ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ مَشِيئَتِهَا لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، كَبَقِيَّةِ التَّعْلِيقِ ، فَإِنْ قَالَتْ : قَدْ شِئْتُ إنْ شِئْتَ فَشَاءَ أَوْ إنْ شَاءَ أَبِي فَشَاءَ ، لَمْ تَطْلُقْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ عَلَّقَ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ تَشَاءَ ثَلَاثًا ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَاحِدَةً ، فَشَاءَتْ الثَّلَاثَ أَوْ الْوَاحِدَةَ وَقَعَتْ ، وَقِيلَ : لَا تَطْلُقُ ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ .
وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ اثْنَيْنِ فَشَاءَا ، وَقِيلَ : أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَقَعَ ، وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ ، وَلَا نِيَّةَ ، فَشَاءَهُمَا وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ أَوْ تَعَذَّرَتْ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَحَكَى عَنْهُ أَوْ غَابَ وَحَكَاهُ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَقَعَا ، كَقَوْلِهِ : إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَيَمُوتُ فَيَقَعُ إذَنْ ، وَقِيلَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ ، وَقِيلَ : مِنْ حَلِفِهِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ زَيْدٌ : يَقَعُ ، وَلَيْسَ اسْتِثْنَاءً ، وَإِنْ شَاءَ مُمَيِّزَ وَسَكْرَانَ فَكَطَلَاقِهِمَا ، وَإِشَارَةَ أَخْرَسَ تُفْهَمُ كَنُطْقِهِ ، وَقِيلَ : إنْ خَرِسَ بَعْدَ يَمِينِهِ فَلَا ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَلَيْسَ اسْتِثْنَاءً يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ بِمَشِيئَتِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَقَطْ ، وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَاءِ زَيْدٍ أَوْ مَشِيئَتِهِ أَوْ لِدُخُولِ الدَّارِ وَقَعَ إذَنْ ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ : لِقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ لِغَدٍ وَنَحْوِهِ .
وَإِنْ أَرَادَ الشَّرْطَ فِيمَا ظَاهِرُهُ التَّعْلِيلُ قُبِلَ حُكْمًا ، عَلَى الْأَصَحِّ .
وَلَوْ قَالَ : إنْ رَضِيَ أَبُوك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَقَالَ : مَا رَضِيت ، ثُمَّ قَالَ : رَضِيت ، وَقَعَ ، لِأَنَّهُ مُطَلِّقٌ فَكَانَ مُتَرَاخِيًا ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَأَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَنْقَطِعُ بِالْأَوَّلِ .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَعَا ، لِقَصْدِهِ بِهِ تَأْكِيدَ الْإِيقَاعِ ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ قَوْلَ قَتَادَةَ قَدْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ حِينَ أَذِنَ فِيهِ ، وَكَالْمَنْصُوصِ فِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ، وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، قَالَ شَيْخُنَا وَيَكُونُ مَعْنَاهُ هِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ بَعْدَ هَذَا ، وَاَللَّهُ لَا يَشَاؤُهُ إلَّا بِتَكَلُّمِهِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَحُكِيَ عَنْهُ : يَقَعُ الْعِتْقُ ، وَعَكْسُهَا فِي التَّرْغِيبِ .
وَقَالَ : يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهَانِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : الْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ إنَّمَا تَنْصَرِفُ إلَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ ، قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ : وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا حَلَفْت فَعَلَّقَ طَلَاقًا بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ لَمْ يَحْنَثْ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : إنْ قَصَدَ الْيَمِينَ حَنِثَ ، بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ ، قَالَ : وَكَذَا مَا عَلَّقَ لِقَصْدِ الْيَمِينِ : وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ يَشَأْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَعَ ، فِي الْأَصَحِّ ، لِتَضَادِّ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ، فَلَغَا تَعْلِيقَهُ ، بِخِلَافِ الْمُسْتَحِيلِ .
وَإِنْ قَالَ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ ( م 21 و 22 ) وَكَذَا إنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ لَا يَحْنَثُ .
مَسْأَلَةٌ 21 و 22 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ قَامَتْ ، فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ ، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ ، كَذَا إنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا ، يَعْنِي مِثْلَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي الْيَوْمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ لَا يَحْنَثُ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 21 ) تَعْلِيقُ الْمَشِيئَةِ بِالشَّرْطِ الْمُثْبَتِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 22 ) تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ الْمَنْفِيِّ .
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الشَّرْطِ الْمُثْبَتِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا تَطْلُقُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، فَقَالَ : لَا تَطْلُقُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ ، قَالَ : وَهُوَ قَوْلُ مُحَقِّقِي الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : تَطْلُقُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ فِيهَا ، وَكَذَا إنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ : إنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا لَمْ تَطْلُقْ ، وَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا طَلُقَتْ ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ أَيْضًا .
( تَنْبِيهٌ ) حَرَّرَ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْمَسْأَلَةَ وَفِي صِيغَةِ الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا تَدْخُلِينَ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَنَحْوَهُ لِلْأَصْحَابِ سَبْعُ طُرُقٍ ذَكَرَهَا عَنْهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ .
( أَحَدُهَا ) الرِّوَايَتَانِ وَرَدَتَا مُطْلَقًا ، أَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ أَوْ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُقْتَضَى كَلَامِ
أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ وَنَحْوَهُ قَدْ تَضَمَّنَ شَيْئَيْنِ : طَلَاقًا مُلْتَزَمًا عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ ، وَفِعْلًا مُلْتَزَمًا بِقَصْدِ الْحَضِّ عَلَيْهِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ ، فَإِنْ غَلَّبْنَا جِهَةَ الطَّلَاقِ قُلْنَا : هُوَ خِطَابٌ مُلْتَزَمٌ بِشَرْطِهِ ، فَإِذَا وُجِدَ شَرْطُهُ صَارَ كَالطَّلَاقِ الْمُنْجَزِ فِي حِينِهِ فَلَا يَقَعُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ ، وَإِنْ غَلَّبْنَا عَلَيْهِ جِهَةَ الْيَمِينِ قُلْنَا : هُوَ يَمِينٌ مِنْ الْأَيْمَانِ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْحِصْنُ عَلَى فِعْلٍ أَوْ الْمَنْعُ مِنْهُ دُونَ الطَّلَاقِ ، وَإِذَا كَانَ عَيْنًا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَقَدْ ذَكَرَ مَضْمُونَ هَذَا الْمَأْخَذِ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِمَا ، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَغَيْرُهُمْ ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي تَعْلِيقِهِ وَذَكَرَهُ .
( الطَّرِيقُ الثَّانِي ) الرِّوَايَتَانِ وَرَدَتَا فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ ، وَفِي التَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ الْحَضُّ أَوْ الْمَنْعُ دُونَ التَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَتَّةً ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ، وَهِيَ مُقْتَضَى كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَذَكَرَ مَا عَلَّلُوهُ بِهِ ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ الْوُقُوعُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُهُ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ فِيهِ .
( الطَّرِيقُ الثَّالِثُ ) الرِّوَايَتَانِ وَرَدَتَا فِي صِيغَةِ التَّعْلِيقِ إذَا قَصَدَ رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الطَّلَاقِ أَوْ أَطْلَقَ ، وَأَمَّا إنْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، وَهَذِهِ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ ، فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ،
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ ، وَكَذَا هِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ ، وَالْمُصَنِّفُ تَابَعَ فِيهَا صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ ، وَرَدَّهَا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَذَكَرَ ابْنُ رَجَبٍ تَوْجِيهَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَمَأْخَذَهَا .
( الطَّرِيقُ الرَّابِعُ ) طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَمَنْ تَابَعَهُ ، وَهِيَ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ إذَا لَمْ يَرُدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الطَّلَاقِ ، فَإِنْ رَدَّهَا إلَى الطَّلَاقِ فَهُوَ كَمَا لَوْ نَجَزَ الطَّلَاقَ ، وَاسْتَثْنَى فِيهِ ، وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الْفِعْلِ دُونَ الطَّلَاقِ ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الطَّلَاقِ ، وَإِنْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ نَفَعَهُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، كَمَا يَنْفَعُهُ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ ، وَهَذِهِ تُوَافِقُ طَرِيقَةَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ ، إلَّا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لَهَا فِي أَنَّهُ إذَا عَادَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الطَّلَاقِ لَمْ يَنْفَعْ ، كَمَا لَمْ يَنْفَعْ فِي الْمُنْجَزِ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَيْضًا ، وَهُوَ وَاضِحٌ .
( الطَّرِيقُ الْخَامِسُ ) طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ ، وَهُوَ حَمْلُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا لَمْ تَطْلُقْ ، نَحْوَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَلَمْ يَفْعَلْهُ ، فَلَا يَحْنَثُ ، وَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا حَنِثَ ، نَحْوَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تُخَالِفُ الْمَذْهَبَ الْمَنْصُوصَ ، لِأَنَّ نَصَّ أَحْمَدَ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ الشَّرْطِ الثُّبُوتِيِّ ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، فَكَيْفَ يَصِحُّ تَنْزِيلُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ ؟ وَذَكَرَ شُبْهَتَهُ .
( الطَّرِيقُ السَّادِسُ ) طَرِيقَةُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ : عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ مَا مَضْمُونُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ الَّتِي هِيَ الشَّرْطُ
الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ انْبَنَى الْحُكْمُ عَلَى عِلَّةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُنْجَزِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ، فَإِنْ قُلْنَا : الْعِلَّةُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةٍ لَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ ، رِوَايَةً وَاحِدَةً ، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا دُخُولُ الدَّارِ مَثَلًا ، وَالْأُخْرَى بِالْمَشِيئَةِ ، وَمَا وُجِدَتَا ، فَلَا يَحْنَثُ ، وَإِنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ عَلِمْنَا بِوُجُودِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَفْظُ الطَّلَاقِ ، انْبَنَى عَلَى أَصْلٍ آخَرَ ، وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَتَيْنِ فَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَشَاءَ زَيْدٌ ، فَدَخَلَتْ وَلَمْ يَشَأْ زَيْدٌ ، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، كَذَا هُنَا يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَأَمَّا إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهِيَ دُخُولُ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ أَيْضًا ، فَإِنْ قُلْنَا قَدْ عَلِمْنَا مَشِيئَةَ الطَّلَاقِ وَقَعَ ، رِوَايَةً وَاحِدَةً ، لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَإِنْ قُلْنَا لَمْ نَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ انْبَنَى عَلَى مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى صِفَتَيْنِ فَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا ، وَيُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، انْتَهَى ( الطَّرِيقُ السَّابِعُ ) طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِدُونِ وُجُودِ الصِّفَةِ ، فَأَمَّا مَعَ وُجُودِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، وَجَعَلَ مَأْخَذَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي وُقُوعِهِ قَبْلَ الصِّفَةِ أَنَّ الْمَشِيئَةَ إنْ عَادَتْ إلَى الطَّلَاقِ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ كَمَا شَاءَ وُقُوعَ الْمُنْجَزِ ، وَإِنْ عَادَتْ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ حَتَّى تُوجَدَ ، وَهَذِهِ أَضْعَفُ الطُّرُقِ ، وَفَسَادُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ ، وَذَكَرَهُمَا ، انْتَهَى .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَتَقُومِينَ أَوْ لَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَقِيلَ : كَالَّتِي قَبْلَهَا ، وَقِيلَ : لَا يَقَعُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ : مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ( م 23 ) .
( مَسْأَلَةٌ 23 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَتَقُومِينَ أَوْ لَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقِيلَ : كَالَّتِي قَبْلَهَا ، وَقِيلَ : لَا يَقَعُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ : مَنْ حَلَفَ فَقَالَ : إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ، انْتَهَى .
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا هَذِهِ الطُّرُقَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِحَالٍ .
وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَحَبَّتِهَا تَعْذِيبَهَا بِالنَّارِ أَوْ بِبُغْضِهَا الْجَنَّةَ وَنَحْوَهُ فَقَالَتْ أُحِبُّ أَوْ أَبْغُضُ لَمْ تَطْلُقْ ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَقُلْ بِقَلْبِك ، وَقِيلَ تَطْلُقُ ، وَذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، ثُمَّ اخْتَارَ قَوْلَهُ : إنَّهَا لَا تَطْلُقُ ، لِاسْتِحَالَتِهِ عَادَةً ، كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ فِي خَرْمِ الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَقَالَتْ : أَعْتَقِدُهُ ، فَإِنَّ عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ ، ثُمَّ إنْ قَالَتْ : كَذَبْت ، لَمْ تَطْلُقْ ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ نُطْقُهَا أَوْ تَطْلُقُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ ( م 24 ) .
( مَسْأَلَةٌ 24 ) قَوْلُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَحَبَّتِهَا تَعْذِيبَهَا بِالنَّارِ أَوْ بِبُغْضِهَا الْجَنَّةَ وَنَحْوَهُ ، ثُمَّ إنْ قَالَتْ كَذَبْت لَمْ تَطْلُقْ ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ نُطْقُهَا أَوْ تَطْلُقُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُعْتَبَرُ نُطْقُهَا وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي ) تَطْلُقُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ .
فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .
وَلَوْ قَالَتْ أُرِيدُ أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ : إنْ كُنْت تُرِيدِينَ أَوْ إذَا أَرَدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَظَاهِرُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي إنَّمَا تَطْلُقُ بِإِرَادَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ، وَدَلَالَةُ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إيقَاعَهُ لِلْإِرَادَةِ الَّتِي أَخْبَرَتْهُ بِهَا ، قَالَهُ فِي الْفُنُونِ ، وَأَنَّ قَوْمًا أَوْقَعُوهُ وَقَوْمًا لَا ، قَالَ : وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَبُوك يَرْضَى بِمَا فَعَلْتِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَقَالَ : مَا رَضِيت ، ثُمَّ قَالَ : رَضِيت ، طَلُقَتْ ، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى رِضًا مُسْتَقْبَلٍ ، وَقَدْ وُجِدَ ، بِخِلَافِ إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا بِهِ ، لِأَنَّهُ مَاضٍ .
وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ كَالطَّلَاقِ ، وَيَصِحُّ بِالْمَوْتِ .
بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ أَوْ شَرْطِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ .
وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ مَعَ شَرْطٍ عَدَمِيٍّ ، نَحْوُ لَقَدْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ الْيَوْمَ ، فَمَضَى وَشَكَّ فِي فِعْلِهِ .
وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ فَطَلْقَةٌ ، وَلَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ ، وَعَنْهُ : يَحْرُمُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ .
كَشَكِّهِ فِي حِلِّهِ بَعْدَ حُرْمَتِهِ
وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ : إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ، طَلَّقَ الْمَنْوِيَّةَ ثُمَّ مَنْ قُرِعَتْ : وَعَنْهُ : يُعَيِّنُهَا ، وَذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ فِي الْعِتْقِ .
وَلَا يَطَأُ قَبْلَ ذَلِكَ .
وَلَيْسَ هُوَ تَعْيِينًا لِغَيْرِهَا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَفِيهِ وَجْهٌ وَالْعِتْقُ كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي [ أَيْ إنْ وَطِئَ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ لَا يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ ] وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهُ ، وَلَا يَقَعُ بِالتَّعْيِينِ بَلْ بِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَإِنْ مَاتَ أَقْرَعَ وَرَثَتُهُ .
وَإِنْ أَبَانَ إحْدَاهُمَا مُعَيَّنَةً وَأُنْسِيهَا أَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَهَذِهِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهَذِهِ ، وَجَهِلَ ، فَعَنْهُ : يَجْتَنِبُهُمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ هِيَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا ( م 1 ) وَيُنْفِقُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يُقْرِعَ .
فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ غَيْرُ مَنْ قُرِعَتْ طَلُقَتْ وَرُدَّتْ مَنْ قُرِعَتْ ، وَلَمْ يَزِدْ ابْنُ رَزِينٍ .
وَالْمُذْهَبِ : مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ، لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلَهُ فِي رَفْعِ النِّكَاحِ الثَّانِي أَوْ تَكُنْ الْقُرْعَةُ بِحَاكِمٍ ، قِيلَ لِأَنَّهَا كَحُكْمِهِ .
وَقَالَ أَحْمَدُ : لِأَنَّ الْحَاكِمَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْهُ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ : تَطْلُقُ أَيْضًا .
بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَبَانَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا وَأُنْسِيهَا ، أَوْ قَالَ : إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَهَذِهِ طَالِقٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهَذِهِ ، وَجَهِلَ ، فَعَنْهُ يَجْتَنِبُهُمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَنَقَلَ عَنْهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ هِيَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا ، انْتَهَى .
اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ .
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ : هَذَا الْمَشْهُورُ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ .
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ : هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا ، يَعْنُونَ أَنَّهُ يُقْرِعُ ، وَمَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ مَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ
وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ غَدًا ، فَمَاتَتْ زَوْجَةٌ أَوْ بَاعَ أَمَةً ، فَقِيلَ : يَقَعُ بِالْبَاقِيَةِ ، وَقِيلَ : يُقْرِعُ ، كَمَوْتِهِمَا ( م 2 ) .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) .
قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ : إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ غَدًا ، فَمَاتَتْ زَوْجَةٌ أَوْ بَاعَ أَمَةً ، فَقِيلَ : يَقَعُ بِالْبَاقِيَةِ ، وَقِيلَ : يُقْرِعُ كَمَوْتِهِمَا ، انْتَهَى .
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَتَيْنِ
وَإِنْ زَوَّجَ بِنْتًا مِنْ ثَلَاثٍ ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَتْ حَرُمْنَ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَحَنْبَلٌ وَغَيْرُهُمَا : تُخْرَجُ بِقُرْعَةٍ ، قَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ : فَكَذَا يَجِيءُ إنْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ مَا لَوْ اخْتَلَطَ مِلْكُهُ بِمِلْكٍ لِأَجْنَبِيٍّ بِمَا لَوْ اخْتَلَطَ مِلْكُهُ بِمِلْكِهِ ، لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَ عَبْدُهُ بِعَبْدِ غَيْرِهِ لَمْ يُقْرِعْ ، وَلَوْ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَقْرَعَ ، عَلَى أَنَّهُ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ الرِّوَايَةَ ، ثُمَّ كَلَامَ الْقَاضِي ، وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَبَهَ وَلَدُهُ بِوَلَدِ غَيْرِهِ فَلَا قُرْعَةَ وَلَا تَعْيِينَ ، قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ وَلِيَّانِ : الْمَنْقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا رِوَايَةُ حَنْبَلٍ ، وَذَكَرَهَا قَالَ : أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ مَا ذَكَرَهُ النَّجَّادُ .
وَإِنْ قَالَ : إنْ كَانَ الطَّائِرُ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجَهِلَ أَقْرَعَ .
وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ اسْمُهُمَا هِنْدٌ : إحْدَاكُمَا أَوْ هِنْدٌ طَالِقٌ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ .
فَإِنْ نَوَى الْأَجْنَبِيَّةَ دُيِّنَ وَيَقْبَلُ حُكْمًا بِقَرِينَةٍ ، وَعَنْهُ : مُطْلَقًا ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ اسْمُهُمَا وَاحِدٌ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَقَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ يَنْوِي الْمَيِّتَةَ ؟ فَقَالَ : الْمَيِّتَةُ تَطْلُقُ ؟ كَأَنَّ أَحْمَدَ أَرَادَ لَا يَصْدُقُ حُكْمًا .
وَفِي الِانْتِصَارِ فِي قَوْلِهِ لَهَا وَلِرَجُلٍ : إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ، هَلْ يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ ؟ .
وَإِنْ نَادَى هِنْدًا فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ أَوْ لَمْ تُجِبْهُ وَهِيَ الْحَاضِرَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ طَلُقَتْ ، وَعَنْهُ : وَتَطْلُقُ عَمْرَةُ فِي الْحُكْمِ ، وَإِنْ عَلِمَهَا غَيْرَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتَا إنْ أَرَادَ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ ، وَإِلَّا طَلُقَتْ عَمْرَةُ فَقَطْ .
وَإِنْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَقِيلَ وَسَمَّى زَوْجَتَهُ طَلُقَتْ ، وَفِي الْعَكْسِ رِوَايَتَانِ هُمَا أَصْلُ الْمَسَائِلِ ( م 3 ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : الْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ ، وَكَذَا الْعِتْقُ ( م 4 ) وَقِيلَ : لَا يَقَعُ قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ يَا غُلَامُ أَنْتَ حُرٌّ : يَعْتِقُ عَبْدُهُ [ الَّذِي نَوَى ] وَفِي الْمُنْتَخَبِ أَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً فَبَانَ لَهُ .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ، وَقِيلَ : وَسَمَّى زَوْجَتَهُ ، طَلُقَتْ ، وَفِي الْعَكْسِ رِوَايَتَانِ هُمَا أَصْلُ الْمَسَائِلِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً : أَنْتِ طَالِقٌ ، فَظَهَرَتْ امْرَأَتُهُ ، هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَبَنَاهُمَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى أَنَّ الصَّرِيحَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَمْ لَا ؟ قَالَ الْقَاضِي : إنَّمَا هَذَا الْخِلَافُ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ بِأَهْلِيَّةِ الْمَحَلِّ وَلَا يَطْرُدُ مَعَ الْعِلْمِ ، انْتَهَى .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَقَعُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : الْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَقَعُ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : دُيِّنَ وَلَمْ يَقْبَلْ حُكْمًا .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا الْعِتْقُ يَعْنِي أَنَّهُ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحُكْمِ وَقَالَهُ أَيْضًا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ ، فَكَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ فِي الْمَقِيسِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقِيلَ : لَا يَعْتِقُ وَإِنْ طَلُقَتْ فِي الْأُولَى ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَإِنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَجَهِلَهَا وَشَكَّ هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ فَقِيلَ : يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا ، قَالَ فِي الْفُنُونِ : لِأَنَّهَا تُخْرِجُ الْمُطَلَّقَةَ فَتُخْرِجُ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ ، وَقِيلَ : لَغْوٌ ، قَدَّمَهُ فِي الْفُنُونِ ، كَمَنِيٍّ فِي ثَوْبٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ؟ ( م 5 ) وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ جَهِلَهَا ، يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَغْوٌ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَبَّارِ ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ حَلَفْت بِيَمِينٍ لَا أَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ هِيَ ، قَالَ : لَيْتَ أَنَّك إذَا دَرَيْتَ دَرَيْتُ أَنَا .
وَحَكَى عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ ذَكَرَ رِوَايَةً : يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، وَرِوَايَةً أَنَّهُ لَغْوٌ ، يُؤَيِّدُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ الرِّوَايَةُ فِي : أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ، وَلَا نِيَّةَ ، لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحْتَمِلٌ ، فَثَبَتَ الْيَقِينُ ( م 6 ) .
.
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَجَهِلَهَا وَشَكَّ هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ ؟ فَقِيلَ : يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا .
قَالَ فِي الْفُنُونِ : لِأَنَّهَا تُخْرِجُ الْمُطَلَّقَةُ فَتُخْرِجُ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ ، وَقِيلَ : لَغْوٌ ، قَدَّمَهُ فِي الْفُنُونِ ، كَمَنِيٍّ فِي ثَوْبٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ، بَلْ هِيَ لَغْوٌ ، قَدَّمَهُ فِي الْفُنُونِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فَقَالَ : وَالْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .
قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ : فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِيَمِينٍ لَا يَدْرِي مَا هِيَ طَلَاقٌ أَوْ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يَعْلَمَ أَوْ يَسْتَيْقِنَ ، وَتَوَقَّفَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ، وَقَالَ : فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْرِعُ ، فَمَا خَرَجَ بِالْقُرْعَةِ لَزِمَهُ ، قَالَ : وَهُوَ بَعِيدٌ .
( وَالثَّانِي ) يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ كُلِّ يَمِينٍ شَكَّ فِيهَا وَجَهِلَهَا .
ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ أَنَّهُ اُسْتُفْتِيَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَوَقَّفَ فِيهَا ، ثُمَّ نَظَرَ فَإِذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ ، فَأَيُّ يَمِينٍ وَقَفَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا .
قَالَ : ثُمَّ وَجَدْت عَنْ أَحْمَدَ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ هَذِهِ الْيَمِينِ ، وَذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى الْقُرْعَةِ ، لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ اشْتَغَلَتْ قَطْعًا إمَّا بِطَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ جَهِلَهَا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَغْوٌ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَبَّارِ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : حَلَفْت بِيَمِينٍ لَا أَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ هِيَ ، فَقَالَ : لَيْتَ أَنَّك إذَا دَرَيْت دَرَيْت أَنَا ، وَحَكَى عَنْ ابْنِ
عَقِيلٍ أَنَّهُ ذَكَرَ رِوَايَةً : يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، وَرِوَايَةً أَنَّهُ لَغْوٌ ، يُؤَيِّدُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ الرِّوَايَةُ فِي أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ، وَلَا نِيَّةَ ، لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحْتَمَلٌ فَثَبَتَ الْيَقِينُ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَدْنَى الْكَفَّارَاتِ : لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَالْأَحْوَطُ أَعْلَاهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ
بَابُ الرَّجْعَةِ مَنْ طَلَّقَ بِلَا عِوَضٍ مَنْ دَخَلَ بِهَا ، وَالْمَنْصُوصُ أَوْ خَلَا دُونَ مَا لَهُ مِنْ الْعَدَدِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهَا ، وَإِنْ كَرِهَتْ بِلَا إذْنِ سَيِّدٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا مُسَافِرًا ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : لَا يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا مَنْ أَرَادَ إصْلَاحًا وَأَمْسَكَ بِمَعْرُوفٍ ، فَلَوْ طَلَّقَ إذَنْ فَفِي تَحْرِيمِهِ الرِّوَايَاتُ ، وَقَالَ : الْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ ، وَأَنَّهُ لَوْ أَوْقَعَهُ لَمْ يَقَعْ ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْبَائِنُ .
وَمَنْ قَالَ إنَّ الشَّارِعَ مَلَّكَ الْإِنْسَانَ مَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ تَنَاقَضَ .
وَلِحُرٍّ رَجْعَةُ أَمَةٍ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ قَبُولُهُ النِّكَاحَ بِلَفْظِ رَاجَعْتهَا [ وَرَجَعْتهَا ] وَارْتَجَعْتهَا وَأَمْسَكْتهَا وَرَدَدْتهَا وَنَحْوِهِ ، وَلَوْ قَالَ لِلْمَحَبَّةِ أَوْ الْأَمَانَةِ وَلَا نِيَّةَ ، وَقِيلَ : الصَّرِيحُ لَفْظُهَا
وَفِي نَكَحْتهَا وَتَزَوَّجْتهَا .
وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُغْنِي : بِنِيَّةٍ وَجْهَانِ .
وَفِي الْإِيضَاحِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَفِي التَّرْغِيبِ هَلْ تَحْصُلُ بِكِنَايَةٍ نَحْوِ أَعَدْتُك وَاسْتَدَمْتُكِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَيَمْلِكُهَا وَلِيُّ مَجْنُونٍ ، وَقِيلَ : لَا .
بَابُ الرَّجْعَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي نَكَحْتهَا أَوْ تَزَوَّجْتهَا ، وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُغْنِي بِنِيَّةٍ وَجْهَانِ .
وَفِي الْإِيضَاحِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ، قَالَهُ فِي الْمُبْهِجِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ ، أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ : وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ .
وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ : تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ مَعَ نِيَّتِهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ : وَنَكَحْتهَا وَتَزَوَّجْتهَا كِنَايَةٌ .
وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ : هَلْ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِكِنَايَةٍ ، نَحْوَ أَعَدْتُك أَوْ اسْتَدَمْتُكِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ : إنْ اشْتَرَطْنَا الْإِشْهَادَ فِي الرَّجْعَةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا بِالْكِنَايَةِ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ .
وَأَطْلَقَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُ الْوَجْهَيْنِ ، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَا .
انْتَهَى
، وَلَا يَصِحُّ بِشَرْطٍ ، نَحْوُ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَقَدْ رَاجَعْتُك ، وَلَوْ عَكَسَهُ صَحَّ وَطَلُقَتْ .
وَفِيهَا مَعَ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا إنْ لَمْ تَتَعَجَّلْ الْفُرْقَةُ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَهِيَ وَجْهٌ فِيمَا لَهَا وَعَلَيْهَا وَعَنْهُ : لَا إيلَاءَ مِنْهَا .
فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ ، فَيُرَاجِعُ بِالْقَوْلِ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) .
قَوْلُهُ : وَفِيهَا مَعَ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا إنْ لَمْ تَتَعَجَّلْ الْفُرْقَةَ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
إنْ قُلْنَا تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةَ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ لَمْ يَصِحَّ الِارْتِجَاعُ ، لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ ، وَإِنْ قُلْنَا لَا تَتَعَجَّلُ فَهَلْ يَصِحُّ الِارْتِجَاعُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَكَأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا ، ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي : الرَّجْعَةُ مَوْقُوفَةٌ .
قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا رَاجَعَهَا بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا ، انْتَهَى
وَفِي اعْتِبَارِ الْإِشْهَادِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) وَأَلْزَمَ شَيْخُنَا بِإِعْلَانِ الرَّجْعَةِ وَالتَّسْرِيحِ أَوْ الْإِشْهَادِ كَالنِّكَاحِ وَالْخَلْعِ عِنْدَهُ ، لَا عَلَى ابْتِدَاءِ الْفُرْقَةِ ، لِقَوْلِهِ { وَأَشْهِدُوا } وَلِئَلَّا يَكْتُمَ طَلَاقَهَا ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إذَا طَلَّقَ فَأَشْهَدَ ثُمَّ رَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ حَتَّى فَرَغَتْ الْعِدَّةُ فَإِذَا رَاجَعَ فَهِيَ رَجْعَةٌ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : إذَا طَلَّقَ وَاسْتَكْتَمَ الشُّهُودَ حَتَّى فَرَغَتْ الْعِدَّةُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ ، وَفِي التَّرْغِيبِ فِي خَلْعِهَا رِوَايَتَانِ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي اعْتِبَارِ الْإِشْهَادِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَغَيْرِهِمْ .
إحْدَاهُمَا : لَا يُشْتَرَطُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيِّ وَالشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ وَابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يُشْتَرَطُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا ، وَعُزِيَتْ إلَى اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا فِي تَعَالِيقِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( تَنْبِيهَانِ ) : الْأَوَّلُ : مَحَلُّ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُبَاحَةً حَتَّى يُرَاجِعَهَا بِالْقَوْلِ وَأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَلَا الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا السَّفَرُ ، وَبَنَاهُمَا عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَهُوَ وَاضِحٌ ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا : تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ فَكَلَامُ الْمَجْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الْإِشْهَادَ ، رِوَايَةً وَاحِدَةً .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ يُطْلِقُونَ الْخِلَافَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ ، انْتَهَى .
قُلْت : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ .
( الثَّانِي ) : قَوْلُهُ : وَمَتَى وَطِئَ وَلَمْ تَحْصُلْ بِهِ رَجْعَةٌ اسْتَأْنَفَ لِوَطْئِهِ .
صَوَابُهُ " اسْتَأْنَفَتْ " أَيْ عِدَّةً
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ، وَلَا مَهْرَ بِوَطْئِهَا مُكْرَهَةً ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : إنْ لَمْ يُرَاجِعْ ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْصُلُ بِوَطْئِهَا ، وَقِيلَ : بِنِيَّةٍ .
وَلَا تَحْصُلُ بِمَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ سِوَى الْوَطْءِ فِي الْمَنْصُوصِ ، لَا بِإِنْكَارِ الطَّلَاقِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، وَمَتَى وَطِئَ وَلَمْ تَحْصُلْ بِهِ رَجْعَةٌ اسْتَأْنَفَ لِوَطْئِهِ وَدَخَلَ فِيهَا بَقِيَّةَ عِدَّةِ طَلَاقٍ ، وَيُرَاجِعُ فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ طَلَاقٍ فَقَطْ .
وَقِيلَ فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ وَطْئِهِ وَجْهَانِ ، وَلَوْ أَحَبَلَهَا فَرَغَتَا فِي الْأَصَحِّ بِالْوَضْعِ ، وَلَهُ فِي الْأَصَحِّ الرَّجْعَةُ مُدَّةَ الْحَمْلِ ، وَإِنْ رَاجَعَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا مَلَكَ تَتِمَّةَ عَدَدِهِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يَسْتَأْنِفُ الْعَدَدَ إنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ .
وَإِنْ ادَّعَى رَجْعَتَهَا فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ قَوْلِهِ لَا بَعْدَهَا ، وَإِنْ سَبَقَتْهُ فَقَالَتْ : انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ قَدْ كُنْتُ رَاجَعْتُكِ أُخِذَ بِقَوْلِهَا ، وَلَوْ صَدَّقَهُ مَوْلَى الْأَمَةِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا إنْ سَبَقَهَا ، قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ .
وَفِي الْوَاضِحِ فِي الدَّعَاوَى ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالْأَصَحُّ قَوْلُهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ، وَلَوْ سَبَقَهَا أُخِذَ بِقَوْلِهِ فِي الْأَصَحَّ فَلَوْ تَدَاعَيَا مَعًا فَقِيلَ : يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا ، وَقِيلَ : بِقَوْلِهِ ، وَقِيلَ : يُقْرَعُ ( م 4 ) وَمَتَى رَجَعَتْ قُبِلَ كَجَحْدِ أَحَدِهِمَا النِّكَاحَ ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ ( م 5 ) .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ سَبَقَهَا أَخَذَ بِقَوْلِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَلَوْ تَدَاعَيَا مَعًا فَقِيلَ : يُؤْخَذُ بِقَوْلِهَا ، وَقِيلَ : بِقَوْلِهِ ، وَقِيلَ : يُقْرَعُ .
انْتَهَى .
أَحَدُهَا : يُؤْخَذُ بِقَوْلِهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى : هَذَا الْمَذْهَبُ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مُطْلَقًا ، اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ ، إذْ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمُحَرَّرَ ، وَلَكِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيهِ مَا اشْتَرَطَهُ الْمُصَنِّفُ ( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ : وَمَتَى رَجَعَتْ قِيلَ كَجَحْدِ أَحَدِهِمَا النِّكَاحَ ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ ، انْتَهَى .
إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ هَذَا الْقَوْلَ ، وَلَكِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُنَافِيهِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا " قُبِلَ " بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ تَحْتُ مِنْ " الْقَبُولِ " ، لَا أَنَّهُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ مِنْ " الْقَوْلِ " ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى ، فَانْتَفَى مَا يَرِدُ عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ نَحْتَاجُ إلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ حَتَّى اعْتَدَّتْ وَنَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا رُدَّتْ إلَيْهِ وَلَمْ يَطَأْ حَتَّى تَعْتَدَّ ، وَعَنْهُ : هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ، وَكَذَا إنْ صَدَّقَاهُ .
وَفِي الْوَاضِحِ الرِّوَايَتَانِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِرَجْعَتِهَا وَأَنْكَرَاهُ رُدَّ قَوْلُهُ ، وَإِنْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا قُبِلَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ ، وَالْأَصَحُّ لَا يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْأَوَّلِ لَهُ إنْ صَدَّقَتْهُ وَمَتَى بَانَتْ مِنْ الثَّانِي بِمَوْتِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ .
فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ عَدَدَ طَلَاقِهِ حَرُمَتْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ مَنْ يَطَؤُهَا مَعَ انْتِشَارٍ فِي الْفَرْجِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ، وَقِيلَ : وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ ، وَقِيلَ : ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا وَلَوْ ذِمِّيًّا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ ، وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مَعَ جَبٍّ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ : بَقِيَّتُهُ ، وَالْأَصَحُّ : وَنَوْمٌ وَإِغْمَاءٌ وَجُنُونٌ وَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً وَخِصَاءٌ وَعَنْهُ فِيهِ : إذَا كَانَ يُنْزِلُ ، وَإِنْ مَلَكَ أَمَةً طَلَّقَهَا أَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ لَمْ يُحِلَّهَا ، فِي الْمَنْصُوصِ فِي الْكُلِّ ، كَوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ نِكَاحٍ بَاطِلٍ أَوْ فِي رِدَّةٍ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : إنْ نَوَيَا الْإِحْلَالَ فَرِوَايَتَانِ ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ .
وَتَحِلُّ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ لِمَرَضٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَمَسْجِدٍ وَلِقَبْضِ مَهْرٍ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا لِمَعْنًى فِيهَا [ بَلْ ] لِحَقِّ اللَّهِ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُفْرَدَاتِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ ، وَقَالَ [ قَالَ ] بَعْضُ أَصْحَابِنَا : لَا نُسَلِّمُ ، لِأَنَّ أَحْمَدَ عَلَّلَهُ بِالتَّحْرِيمِ فَنَطْرُدُهُ ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ كَالصَّلَاةِ فِي دَارِ غَصْبٍ وَثَوْبٍ حَرِيرٍ .
وَلَوْ عَتَقَ عَبْدٌ بَعْدَ طَلْقَةٍ ، وَعَنْهُ : وَطَلْقَتَيْنِ ، مَلَكَ تَتِمَّةَ ثَلَاثٍ ، كَكَافِرٍ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ، وَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي عِتْقِهِمَا مَعًا ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ مَلَكَ التَّتِمَّةَ ، وَإِنْ عَلَّقَ ثَلَاثًا بِشَرْطٍ فَوُجِدَ بَعْدَ عِتْقِهِ لَزِمَتْهُ ، وَقِيلَ : تَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ ، كَتَعْلِيقِهَا بِعِتْقِهِ ، فِي الْأَصَحِّ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَتَحِلُّ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ لِمَرَضٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَمَسْجِدٍ ، انْتَهَى .
صَرَّحَ وَقَطَعَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الْمَسْجِدِ مُحَرَّمٌ ، وَقَطَعَ ابْنُ تَمِيمٍ بِكَرَاهَةِ الْوَطْءِ فَوْقَ الْمَسْجِدِ .
وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ ، وَقَطَعَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِجَوَازِ الْوَطْءِ فِي الْمَسْجِدِ وَفَوْقَ سَطْحِهِ ، فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ
وَإِنْ ادَّعَتْ مُطَلَّقَتُهُ الْمُحَرَّمَةُ الْغَائِبَةُ نِكَاحَ مَنْ أَحَلَّهَا لَهُ وَانْقِضَاءَ عِدَّتِهَا مِنْهُ وَلَمْ تَرْجِعْ قَبْلَ الْعَقْدِ نَكَحَهَا إنْ أَمْكَنَ وَظَنَّ صِدْقَهَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ : إنْ كَانَتْ ثِقَةً .
وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَهُوَ مَعَهَا ، قَالَ : تَعِظُهُ وَتَأْمُرُهُ وَتَفْتَدِي مِنْهُ وَتَفِرُّ مِنْهُ ، وَلَا تَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ ، وَلَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تُعْلِنَهُ ، هَذِهِ دَعْوَى ، وَلَا تَرِثُهُ .
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنْ قَدَرَتْ أَنْ تَقْتُلَهُ ، وَلَمْ يُعْجِبْهُ ، قُلْت : فَإِنْ قَالَ اسْتَحَلَّتْ وَتَزَوَّجَهَا قَالَ : يُقْبَلُ مِنْهُ ، وَالْمَرْأَةُ إذَا عُرِفَتْ بِصِدْقٍ يُقْبَلُ مِنْهَا ، وَلَوْ كَذَّبَهَا الثَّانِي صُدِّقَتْ فِي حِلِّهَا لِلْأَوَّلِ ، وَكَذَا دَعْوَى نِكَاحٍ حَاضِرٍ مُنْكَرٌ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَمِثْلُ الْأَوِّلَةِ مَنْ جَاءَتْ إلَى حَاكِمٍ فَادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ [ عِدَّتُهَا ] فَلَهُ تَزْوِيجُهَا إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا ، كَمُعَامَلَةِ عَبْدٍ لَمْ يَثْبُتْ عِتْقُهُ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يَعْرِفُ ، وَظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ : لَوْ اتَّفَقَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ زُوِّجَتْ ، وَقَدْ ذَكَرُوا مَنْ بَلَّغَهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ وَمَنْ قَالَ فِي الْعِدَّةِ رَاجَعْتهَا مِنْ شَهْرٍ ، وَظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ الْمَذْكُورَةِ لَوْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ ثَلَاثًا وَوُجِدَ مَعَهَا بَعْدُ وَادَّعَى الْعَقْدَ ثَانِيًا بِشُرُوطِهِ يُقْبَلُ مِنْهُ ، وَسُئِلَ عَنْهَا الشَّيْخُ فَلَمْ يُجِبْ : وَيَأْتِي إذَا لَمْ يَقْبَلْ إقْرَارَهَا بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا لَا يُنْكَرُ عَلَيْهَا بِبَلَدِ غُرْبَةٍ ، فَيُتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ تَخْرِيجًا ، وَلَوْ وَطِئَ مَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا حُدَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ جَحَدَ طَلَاقَهَا وَوَطِئَهَا فَشَهِدَ بِطَلَاقِهِ لَمْ يُحَدَّ ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مَعْرِفَتَهُ بِهِ وَقْتَ وَطْئِهِ إلَّا بِإِقْرَارِهِ بِهِ
بَابُ الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ زَوْجٌ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَيَتَخَرَّجُ : وَأَجْنَبِيٌّ ، كَلُزُومِهِ لِكَفَّارَةٍ ، وَيَتَخَرَّجُ : إنْ أَضَافَهُ إلَى النِّكَاحِ ، وَمِثْلُهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا كَافِرًا خَصِيًّا جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ ، أَوْ مُمَيِّزًا مَعَ عَارِضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ ، كَحَبْسٍ وَمَرَضٍ ، وَعَنْهُ : أَوْ لَا كَجَبٍّ وَرَتْقٍ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ جُبَّ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) لَا طِفْلَةٌ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، بِاَللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ، لِاخْتِصَاصِ سُقُوطِ الدَّعْوَى بِهَا وَاخْتِصَاصِهَا بِاللِّعَانِ ، وَعَنْهُ : وَبِيَمِينٍ مُكَفِّرَةٍ ، كَنَذْرٍ وَظِهَارٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَعَنْهُ : وَبِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ بِأَنْ يَحْلِفَ بِهِمَا ، لِنَفْعِهَا ، أَوْ عَلَى رِوَايَةِ تَرْكِهِ ضِرَارًا ، لَيْسَ كَمُولٍ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَلْزَمَ عَلَيْهِ كَوْنَهُ يَمِينًا مُكَفِّرَةً يَدْخُلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ ، وَخَرَّجَ عَلَى الْأُولَى أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَصِفَتِهِ لَغْوٌ ، عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي الْفَرْجِ لَا الدُّبُرِ أَبَدًا ، أَوْ يُطْلِقُ أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، أَوْ يَنْوِيهَا ، وَعَنْهُ : أَوْ هِيَ ، أَوْ يَجْعَلُ غَايَتَهُ مَا لَا يُوجَدُ فِيهَا غَالِبًا ، وَعَنْهُ : أَوْ مَا لَا يَظُنُّ خُلُوَّ الْمُدَّةِ مِنْهُ فَتَخْلُو ، كَمَطَرٍ وَقُدُومِ زَيْدٍ .
بَابُ الْإِيلَاءِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ جُبَّ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
أَحَدُهُمَا : يَبْطُلُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ : لَا يَصِحُّ إيلَاءُ الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ بِجَبٍّ أَوْ شَبٍّ أَوْ شَلَلٍ وَنَحْوِهِمَا ، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ يَصِحُّ ، فَيَصِحُّ هُنَا وَلَا يَبْطُلُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَبْطُلُ ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا ، فَعَلَى هَذَا نِيَّتُهُ إذَا قَدَرْت جَامَعْتُك ، وَجَعَلَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ هُنَاكَ ، وَهُوَ وَاضِحٌ
نَقَلَ عَنْهُ مُهَنَّا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ حَتَّى يَأْذَنَ فُلَانٌ أَوْ مَا دَامَ حَيًّا فَمُولٍ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ [ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ] فِي حَتَّى تُرْضِعَ صَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ ، قَالَ : لِأَنَّ كُلَّ يَمِينٍ مَنَعَتْ جِمَاعًا حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ فَمُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ عَضَلَ امْرَأَتِهِ
وَإِنْ قَالَ : حَتَّى تَحْبَلِي ، وَنِيَّتُهُ حَبَلًا مُتَجَدِّدًا وَلَمْ يَطَأْ فَمُولٍ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَمُولٍ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ : يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِي قَوْلِهِ كَمَطَرٍ وَقُدُومِ زَيْدٍ ، وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فِي ذَلِكَ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : إنْ آلَى مِمَّنْ تَظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ عَكَسَهُ لَمْ يَصِحَّ الثَّانِي مِنْهُمَا فِي رِوَايَةٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ .
وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ صَارَ مُولِيًا بِوُجُودِهِ وَقِيلَ : تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا فِي الْحَالِ ، نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إنْ شِئْتِ أَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ .
وَإِنْ قَالَ : إلَّا بِرِضَاك ، أَوْ إلَّا أَنْ تَشَائِي ، فَلَا إيلَاءَ .
وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ إنْ لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ مُولِيًا .
وَإِنْ قَالَ : إنْ وَطِئْتُك ، أَوْ قُمْت ، أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا ، فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك ، لَمْ يَصِرْ مُولِيًا إذَنْ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَمَتَى أَوْلَجَ الْحَشَفَةَ فِي الصُّورَةِ الْأَوِّلَةِ وَلَا نِيَّةَ حَنِثَ بِزِيَادَتِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَمَتَى أَتَى بِصَرِيحِهِ ، أَوْ لَا أَدْخَلْت ، وَمَعْنَاهُ حَشَفَتِي أَوْ ذَكَرِي ، لَا جَمِيعَهُ ، فِي فَرْجِك وَتَزِيدُ الْبِكْرُ بِقَوْلِهِ : لَا افْتَضَضْتُك .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ : وَلَا أَبْتَنِي بِك ، فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، فِيهِمَا ، مِنْ عَرَبِيٍّ ، لَمْ يُدَيَّنْ ، وَيُدَيَّنُ مَعَ عَدَمِ قَرِينَةٍ ، وَلَا كَفَّارَةَ بَاطِنًا فِي لَا جَامَعْتُك ، لَا وَطِئْتُك ، لَا بَاشَرْتُك ، لَا بَاضَعْتُكِ ، لَا بَاعَلْتُك ، لَا قَرَبْتُك ، لَا أَتَيْتُك ، لَا أَصَبْتُك ، لَا مَسِسْتُك ، أَوْ لَمَسْتُك ، لَا اغْتَسَلْت مِنْك ، وَزَادَ جَمَاعَةٌ : لَا افْتَرَشْتُكِ ، وَالْمَنْصُوصُ : وَلَا غَشَيْتُكِ ، وَالْأَصَحُّ : وَلَا أَفْضَيْت إلَيْك .
وَفِي الْوَاضِحِ : الْإِبْضَاعُ الْمَنَافِعُ الْمُسْتَبَاحَةُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَ عُضْوٍ مَخْصُوصٍ مِنْ فَرْجٍ أَوْ غَيْرِهِ ، عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْمُتَفَقِّهَةُ وَالْمُبَاضَعَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْمُتْعَةِ بِهِ ، وَالْمُتَفَقِّهَةُ تَقُولُ : مَنَافِعُ الْبُضْعِ فِي الْخِلَافِ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ اسْمٌ لِالْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ ، قِيلَ لَهُ : إذَا أُضِيفَ اللَّمْسُ إلَى النِّسَاءِ اقْتَضَى ظَاهِرَ الْجِمَاعِ ، كَمَا إذَا أُضِيفَ الْوَطْءُ إلَى النِّسَاءِ اقْتَضَى الْجِمَاعَ ، فَقَالَ : الْوَطْءُ قَدْ اُقْتُرِنَ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ فِي الْجِمَاعِ ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَسُّ وَاللَّمْسُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْإِفْضَاءُ ، وَمَا أَشْبَهَهَا ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهَا فِي الْجِمَاعِ ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا .
وَفِي الِانْتِصَارِ : ( لَمَسْتُمْ ) ظَاهِرٌ فِي الْجَسِّ بِالْيَدِ ، وَ ( لَامَسْتُمْ ) ظَاهِرٌ فِي الْجِمَاعِ ، فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا ، لِأَنَّ الْقِرَاءَتَيْنِ كَالْآيَتَيْنِ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ فِي ،
لَا اغْتَسَلْت مِنْك ، أَنَّهُ كِنَايَةٌ ، وَهُوَ فِي الْحِيَلِ فِي الْيَمِينِ ، وَالْكِنَايَةُ تَقِفُ عَلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ ، نَحْوِ لَا ضَاجَعْتُك ، لَا دَخَلْت عَلَيْك ، لَا دَخَلْت عَلَيَّ ، لَا قَرِبْت فِرَاشَك ، لَا بِتُّ عِنْدَك .
وَلَا إيلَاءَ فِي إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ ، أَوْ هَذَا الشَّهْرِ ، أَوْ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ ، أَوْ لَا وَطِئْتُك فِي هَذَا الْبَلَدِ ، أَوْ مَخْطُوبَةً ، نَصَّ عَلَيْهِ ، أَوْ حَتَّى تَصُومِي نَفْلًا ، أَوْ تَقُومِي ، أَوْ يَأْذَنَ زَيْدٌ فَيَمُوتُ زَيْدٌ ، وَعَكْسُهُ : حَتَّى تَشْرَبِي خَمْرًا ، أَوْ تُسْقِطِي مَهْرَك ، وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ، وَكَانَ ظَاهَرَ فَوَطِئَ عَتَقَ عَنْ الظِّهَارِ ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمُولٍ ، فَلَوْ وَطِئَ لَمْ يَعْتِقْ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَهُوَ حُرٌّ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ فَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ بَعْدَ مُضِيِّهِ .
فَلَوْ وَطِئَ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَعْتِقْ ، وَالْمُطَالَبَةُ فِي شَهْرٍ سَادِسٍ .
وَإِنْ قَالَ لَا وَطِئْتُك فِي السَّنَةِ إلَّا يَوْمًا أَوْ مَرَّةً فَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ ، وَيَبْقَى فَوْقَ ثُلُثِهَا ، وَكَذَا لَا وَطِئْتُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا ، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ : مُولٍ فِي الْحَالِ .
وَإِنْ قَالَ : لَا وَطِئْتُك زَمَنًا مُعَيَّنًا ، فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك زَمَنًا مُعَيَّنًا وَهُمَا فَوْقَ ثُلُثِ سَنَةٍ ، فَفِي إيلَائِهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ لَا وَطِئْتُك زَمَنًا مُعَيَّنًا فَإِذَا مَضَى فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك زَمَنًا مُعَيَّنًا وَهُمَا فَوْقَ ثُلُثِ سَنَةٍ فَفِي إيلَائِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا : لَا يَصِيرُ مُولِيًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ مُولِيًا ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ
وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ : لَا وَطِئْتُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ ، فَيَحْنَثُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ ، وَقِيلَ : يَبْقَى لَهُنَّ ، كَمَوْتِهَا وَطَلَاقِهَا ، وَقِيلَ : لَا حِنْثَ وَإِنْ بَقِيَ وَكَذَا لَا أَطَؤُكُنَّ إنْ حَنِثَ بِوَطْءِ بَعْضِهِنَّ ، فَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ صَارَ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ إذَا وَطِئَ ثَلَاثًا ، وَقِيلَ هُوَ مُولٍ مِنْهُنَّ ، فَلَوْ طَلَّقَ أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً بَقِيَ فِي الْبَاقِيَاتِ ، وَعَكْسُهُ مَوْتُهَا لِعَدَمِ وَطْئِهَا ، وَإِنْ قَالَ : لَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ ، فَكَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، إلَّا أَنَّهُ لَا حِنْثَ بِوَطْءِ ثَانِيَةٍ ، وَتُقْبَلُ فِيهَا نِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ أَوْ مُبْهَمَةٌ ، وَيُقْرِعُ ، وَقِيلَ : يُعَيِّنُ ، وَقِيلَ : يُقْرِعُ مَعَ الْإِطْلَاقِ .
.
فَصْلٌ وَتُضْرَبُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الْيَمِينِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، وَفِي الْمُوجَزِ : لِكَافِرٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ ، وَعَنْهُ : الْعَبْدُ كَنِصْفِ حُرٍّ ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ قَوْلُ التَّابِعِينَ كُلِّهِمْ إلَّا الزُّهْرِيَّ وَحْدَهُ ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إنَّهَا تَخْتَلِفُ مَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا يَكُونُ عَلَى النِّصْفِ فِيمَا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ ، وَتُحْسَبُ عَلَيْهِ مُدَّةُ عُذْرِهِ ، وَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ حُدُوثُهُ ، وَعُذْرُهَا كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَإِحْرَامٍ ، قِيلَ : يُحْسَبُ عَلَيْهِ كَحَيْضٍ ، وَقِيلَ لَا ( م 3 ) فَإِنْ حَدَثَ بِهَا اسْتَوْفَتْ الْمُدَّةَ عِنْدَ زَوَالِهِ ، وَقِيلَ : تَبْنِي كَحَيْضٍ ، وَهَلْ النِّفَاسُ مِثْلُهُ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 4 ) وَقِيلَ مَجْنُونَةٌ لَهَا شَهْوَةٌ كَعَاقِلَةٍ ، وَإِنْ طَلَّقَ ، وَقِيلَ : وَلَوْ رَجْعِيَّةً ، كَفَرَاغِ الْعِدَّةِ قَبْلَ الْمُدَّةِ ، انْقَطَعَتْ ، وَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ وَلَوْ بِعَقْدٍ اُسْتُؤْنِفَتْ ، وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَلَوْ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ فَهَلْ تَسْتَأْنِفُ أَوْ تَبْنِي لِدَوَامِ نِكَاحِهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 5 ) فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ تَنْحَلَّ يَمِينُهُ بِفَرَاغِ مُدَّةٍ أَوْ بِحِنْثٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَ الْقَادِرُ الْوَطْءَ بِطَلَبِ زَوْجَةٍ تَحِلُّ وَطْؤُهَا وَلَوْ أَمَةً ، وَلَا مُطَالَبَةَ لِوَلِيٍّ وَسَيِّدٍ .
مَسْأَلَةٌ 3 ) : وَعُذْرُهَا كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَإِحْرَامٍ ، قِيلَ : يُحْسَبُ عَلَيْهِ كَحَيْضٍ ، وَقِيلَ : لَا ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ .
أَحَدُهُمَا : لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْقَوْلُ : الْآخَرُ يُحْسَبُ ، قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّاءِ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ : تَقْرُبُ مُدَّتُهُ مِنْ الْيَمِينِ ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمُدَّةِ مَانِعٌ مِنْ قِبَلِهَا أَوْ مِنْ قِبَلِهِ ( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ النِّفَاسُ مِثْلُهُ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ فِي الْبُلْغَةِ ، وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ : إحْدَاهُمَا : لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يُحْسَبُ عَلَيْهِ كَالْحَيْضِ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ أَوْ يَبْنِي لِدَوَامِ نِكَاحِهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : يَسْتَأْنِفُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : تَبْنِي .
وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا ثَلَاثًا بِوَطْئِهَا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ وَحُرِّمَ الْوَطْءُ ، وَعَنْهُ : لَا ، وَمَتَى أَوْلَجَ وَتَمَّمَ أَوْ لَبِثَ لَحِقَهُ نَسَبُهُ ، وَفِي الْمَهْرِ وَجْهَانِ ، ( م 6 ) وَقِيلَ : وَيَجِبُ الْحَدُّ ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ، وَقِيلَ وَيُعَزَّرُ جَاهِلٌ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : فَلَا مَهْرَ وَلَا نَسَبَ ، وَإِنْ نَزَعَ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ ، لِأَنَّهُ تَارِكٌ .
وَإِنْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ فَإِنْ جَهِلَا بِالتَّحْرِيمِ فَالْمَهْرُ وَالنَّسَبُ وَلَا حَدَّ وَالْعَكْسُ بِعَكْسِهِ وَإِنْ عَلِمَهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَالْحَدُّ وَلَا نَسَبَ ، وَإِنْ عَلِمَتْهُ فَالْحَدُّ وَالنَّسَبُ وَلَا مَهْرَ ، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : لَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَ مِنْهَا وَيُؤَدَّبَانِ ، وَقِيلَ : لَا حَدَّ فِي الَّتِي قَبَّلَهَا .
وَيُتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِي الثَّانِيَةِ ، وَيُعَزَّرَ جَاهِلٌ فِي نَظَائِرِهِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِي جَاهِلَيْنِ وَطِئَا أَمَتَهُمَا : يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدَّبَا .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَمَتَى أَوْلَجَ وَتَمَّمَ أَوْ لَبِثَ لَحِقَهُ نَسَبُهُ ، وَفِي الْمَهْرِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : يَجِبُ الْمَهْرُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يَجِبُ مَهْرٌ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ : لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْإِيلَاجِ
وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا بِوَطْئِهَا فَفِي إيلَائِهِ الرِّوَايَتَانِ ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا .
وَالرِّوَايَتَانِ فِي : إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ ، فَإِنْ صَحَّ فَأَبَانَ الضَّرَّةَ انْقَطَعَ ، فَإِنْ نَكَحَهَا وَقُلْنَا تَعُودُ الصِّفَةُ عَادَ الْإِيلَاءُ ، وَتَبْنِي عَلَى الْمُدَّةِ ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي : إنْ وَطِئْتُ وَاحِدَةً فَالْأُخْرَى طَالِقٌ وَمَتَى طَلَّقَ الْحَاكِمُ هُنَا طَلَّقَ عَلَى الْإِبْهَامِ وَلَا مُطَالَبَةَ ، فَإِنْ عُيِّنَتْ بِقُرْعَةٍ سَمِعَ دَعْوَى الْأُخْرَى ، وَتُمْهَلُ لِصَلَاةِ فَرْضٍ وَتَحَلُّلٍ مِنْ إحْرَامٍ وَأَكْلٍ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَنَوْمٍ عَنْ نُعَاسٍ وَنَحْوِهِ ، وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ حَاكِمٍ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَمُظَاهِرٌ لِطَلَبِ رَقَبَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، لَا لِصَوْمِهِ .
بَلْ يُطَلِّقُ .
وَقِيلَ بِصَوْمِهِ ، فَيَفِي كَمَعْذُورٍ .
وَقِيلَ : هَلْ تُمَكِّنُهُ أَوْ مُحَرَّمًا ، وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهَا ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَيْهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا بِوَطْئِهَا فَفِي إيلَائِهِ الرِّوَايَتَانِ ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ ، فَإِنْ صَحَّ فَأَبَانَ الضَّرَّةَ انْقَطَعَ ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي إنْ وَطِئْت وَاحِدَةً فَالْأُخْرَى طَالِقٌ ، انْتَهَى .
لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِمَا قَوْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ " وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا ثَلَاثًا بِوَطْئِهَا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ وَحُرِّمَ الْوَطْءُ وَعَنْهُ لَا " انْتَهَى .
وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ هُمَا اللَّتَانِ فِي صِحَّةِ الْإِيلَاءِ بِطَلَاقٍ ، وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ، وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ
فَإِنْ فَاءَ وَلَوْ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَكَفَّرَ .
وَقِيلَ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَطْئًا مُبَاحًا لَا فِي حَيْضٍ وَنَحْوِهِ ، وَإِنْ حَنِثَ بِهِ كَدُبُرٍ وَدُونَ الْفَرْجِ ، وَإِنْ حَنِثَ بِهِمَا فِي وَجْهٍ .
وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ وَطِئَهَا نَائِمًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا [ بِهَا ] أَوْ مَجْنُونًا وَلَمْ نُحَنِّثْ الثَّلَاثَةَ أَوْ كَفَّرَ يَمِينَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَفِي خُرُوجِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَجْهَانِ ( م 7 ) وَفِي الْمُذْهَبِ يَفِيءُ بِمَا يُبِيحُهَا لِزَوْجٍ أَوَّلٍ ، وَإِنْ أَعْفَتْهُ الْمَرْأَةُ سَقَطَ حَقُّهَا ، كَعَفْوِهَا بَعْدَ مُدَّةِ الْعُنَّةِ ، وَقِيلَ : لَا ، كَسُكُوتِهَا .
وَإِنْ لَمْ يَفِ وَلَمْ تُعْفِهِ أُمِرَ بِالطَّلَاقِ ، فَإِنْ أَبَى فَعَنْهُ : يُحْبَسُ حَتَّى يُطَلِّقَ [ أَوْ يَطَأَ ] وَعَنْهُ وَهُوَ أَظْهَرُ : يُفَرِّقُ حَاكِمٌ بِطَلْقَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ فَسْخٍ ( م 8 ) وَقَدَّمَ فِي التَّبْصِرَةِ : لَا يَمْلِكُ ثَلَاثًا ، وَعَنْهُ : يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ ، وَعَنْهُ : الْفَسْخُ .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ وَطِئَهَا نَائِمًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِهَا أَوْ مَجْنُونًا وَلَمْ نُحَنِّثْ الثَّلَاثَةَ أَوْ كَفَّرَ يَمِينَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَفِي خُرُوجِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ سِتَّ مَسَائِلَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، قَالَ فِي الْكَافِي : وَإِنْ وَطِئَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ لَمْ يَحْنَثْ وَيَسْقُطُ الْإِيلَاءُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ ، وَإِنْ وَطِئَهَا نَاسِيًا فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَحْنَثُ ، فَعَلَيْهَا هَلْ تَسْقُطُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، كَالْمَجْنُونِ .
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ ، أَوْ وَطِئَهَا نَاسِيًا ، أَوْ فِي حَالِ جُنُونِهِ ، وَقُلْنَا لَا يَحْنَثُ خَرَجَ مِنْ الْفَيْئَةِ ، وَقِيلَ : لَا يَخْرُجُ ، وَقَدَّمَ فِيمَا إذَا كَفَّرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْفَيْئَةِ .
وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ : وَيَخْرُجُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي قُبُلٍ مُطْلَقًا .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : وَيُكَفِّرُ بِوَطْءٍ وَلَوْ مَعَ إكْرَاهٍ وَنِسْيَانٍ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : وَإِنْ كَفَّرَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ : الْوَقْفُ صَارَ كَالْحَالِفِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا إذَا مَضَتْ يَمِينُهُ قَبْلَ وَقْفِهَا ، انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ثُمَّ كَفَّرَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَمْ يَصِرْ مُولِيًا ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ أَيْضًا : وَيَخْرُجُ الْمَجْنُونُ بِوَطْئِهِ مِنْ الْإِيلَاءِ وَلَا يَحْنَثُ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ، وَإِنْ وَطِئَ نَاسِيًا وَقُلْنَا : يَحْنَثُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ، بِنَاءً عَلَى الْمَجْنُونِ ، وَالْجَاهِلُ كَالنَّاسِي ، فَإِنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ لَمْ يَحْنَثْ وَيَخْرُجُ مِنْ الْإِيلَاءِ ، وَقِيلَ : لَا يَخْرُجُ ، انْتَهَى .
فَتَلَخَّصَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَابْنَ رَزِينٍ وَغَيْرَهُمْ قَدَّمُوا فِيمَا إذَا وَطِئَهَا نَاسِيًا
أَوْ مَجْنُونًا أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْفَيْئَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ أَيْضًا فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِيمَا إذَا اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ ، وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَيْئَةِ إذَا كَفَّرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ ، وَقَطَعَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ وَلَمْ يَصِرْ مُولِيًا وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَفِ وَلَمْ تُعِفُّهِ أُمِرَ بِالطَّلَاقِ ، فَإِنْ أَبَى فَعَنْهُ : يُحْبَسُ حَتَّى يُطَلِّقَ ، وَعَنْهُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ : يُفَرِّقُ الْحَاكِمُ بِطَلْقَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ فَسْخٍ ، انْتَهَى .
مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَظْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ .
وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى وَهُوَ الْقَوْلُ بِالْحَبْسِ جَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : وَأَيُّهُمَا يُحْبَسُ ثُمَّ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ بِالْحَبْسِ
وَإِنْ قَالَ : فَرَّقْت بَيْنَكُمَا ، فَهُوَ فَسْخٌ ، وَعَنْهُ : طَلَاقٌ ، وَالطَّلْقَةُ مِنْهُمَا رَجْعِيَّةٌ ، وَعَنْهُ : بَائِنَةٌ ، وَعَنْهُ : مِنْ حَاكِمٍ ، وَعَنْهُ : فُرْقَةُ حَاكِمٍ كَلِعَانٍ .
وَالْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا يَفِيءُ نُطْقًا بِلَا مُهْلَةٍ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ : فَيْئَتُهُ حَكُّهُ يَبْلُغُ بِهِ الْجَهْدَ مِنْ تَفْتِيرِ الشَّهْوَةِ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ ، الْمَجْبُوبُ : لَوْ قَدَرْت جَامَعْتهَا ، وَالْمَرِيضُ : مَتَى قَدَرْت .
وَمَتَى قَدَرَ فَالْمَذْهَبُ يَلْزَمُهُ أَوْ يُطَلِّقُ ، وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْنِ ، وَعَنْهُ : فَيْئَتُهُ : قَدْ فِئْت إلَيْك ، وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْحَلْوَانِيُّ ، وَإِنْ كَانَ بِهَا عُذْرٌ كَمَرَضٍ وَإِحْرَامٍ طُولِبَ عِنْدَ زَوَالِهِ ، وَقِيلَ : لِمَنْ بِهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ طَلَبُهُ بِفَيْئَةِ قَوْلٍ
.
وَإِنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْمُدَّةِ أَوْ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ قُبِلَ قَوْلُهُ ، فَلَوْ طَلَّقَهَا فَهَلْ لَهُ رَجْعَةٌ أَمْ لَا ؟ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ ، فِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالَانِ ( م 9 ) وَفِيهِ احْتِمَالُ قَوْلِهَا بِنَاءً عَلَى رِوَايَةٍ فِي الْعُنَّةِ .
وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَشَهِدَ بِهَا امْرَأَةٌ قُبِلَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي يَمِينِهَا وَجْهَانِ ( م 10 ) وَفِي يَمِينِ الْمُصَدَّقِ رِوَايَتَانِ ( م 11 ) .
مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ ) : وَإِنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْمُدَّةِ أَوْ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ قُبِلَ قَوْلُهُ ، فَلَوْ طَلَّقَهَا فَهَلْ لَهُ رَجْعَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ ؟ فِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ رَجْعَتُهَا ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي : لَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ شَهِدَتْ بِهِ امْرَأَةٌ قُبِلَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي يَمِينِهَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَمِينَ هُنَا ، لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْعِنِّينِ : فَإِنْ شَهِدْنَ بِمَا قَالَتْ أُجِّلَ سَنَةً .
وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينًا ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَشْهَدُ ، فَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ مَعَهَا ، انْتَهَى .
وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَحْلِفُ ضَعِيفٌ جِدًّا ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَدَّمَ عَدَمَ الْيَمِينِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَفِي يَمِينِ الْمُصَدَّقِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي مَنْ قُلْنَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَجِبُ الْيَمِينُ ، قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) الْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَهُوَ أَصَحُّ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ .
فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ
وَالْإِيلَاءُ مُحَرَّمٌ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ ، وَكَانَ هُوَ وَالظِّهَارُ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَذَكَرَهُ آخَرُونَ فِي ظِهَارِ الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي الظِّهَارِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَقَتَادَةَ .
.
بَابُ الظِّهَارِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ ، فَمَنْ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ ، بِبَعْضِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا ، بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ ، وَقِيلَ : مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، فَهُوَ مُظَاهِرٌ ، وَلَوْ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ ، وَاعْتَقَدَ الْحِلَّ كَمَجُوسِيٍّ ، نَحْوُ أَنْتِ أَوْ يَدُك أَوْ وَجْهُك [ عَلَيَّ ] كَظَهْرِ أَوْ يَدِ أَوْ بَطْنِ أُمِّي أَوْ عَمَّتِي [ أَوْ خَالَتِي ] أَوْ حَمَاتِي ، وَلَا يُدَيَّنُ .
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ [ عَلَيَّ ] كَظَهْرِ أُمِّي [ طَالِقٌ ] أَوْ عَكْسُهُ لَزِمَا :
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي ، وَأَطْلَقَ ، فَظِهَارٌ ، وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُغْنِي ، وَإِنْ نَوَى : [ فِي ] الْكَرَامَةِ وَنَحْوِهَا دُيِّنَ ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) .
بَابُ الظِّهَارِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ ، أَوْ عِنْدِي ، أَوْ مِنِّي ، أَوْ مَعِي ، كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي ، أَوْ أَطْلَقَ ، فَظِهَارٌ ، وَإِنْ نَوَى : فِي الْكَرَامَةِ وَنَحْوِهَا دُيِّنَ ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ .
قَالَ فِي الْإِرْشَادِ : أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ حَتَّى يَنْوِيَهُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُقْبَلُ
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ أُمِّي أَوْ كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا ، وَأَطْلَقَ ، فَلَا ظِهَارَ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، اخْتَارَهُ [ أَبُو بَكْرٍ ] .
وَفِي التَّرْغِيبِ : هُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَإِنْ قَالَ : كَظَهْرِ رَجُلٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ ، فَظِهَارٌ وَعَنْهُ : فِي الرَّجُلِ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَعَكَسَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَعَنْهُ فِيهِمَا : يَمِينٌ .
وَعَنْهُ : لَغْوٌ .
وَفِي ظَهْرِ بَهِيمَةٍ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَالشَّعْرُ وَنَحْوُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالرِّيقُ وَالدَّمُ وَالرُّوحُ لَغْوٌ ، كَوَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأُمِّي امْرَأَتِي أَوْ مِثْلُهَا ، وَفِي الْمُبْهِجِ أَنَّهُ كَطَلَاقٍ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : مَنْ قَالَ : أُمُّهُ امْرَأَتُهُ ، أَوْ أُخْتُهُ زَوْجَتُهُ ، لَا فَعَلْت كَذَا ، وَفَعَلَهُ ، لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي ظَهْرِ بَهِيمَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا بِذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ .
وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ مُظَاهِرًا
وَأَنَا مُظَاهِرٌ ، أَوْ عَلَيَّ ، أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ ، أَوْ الْحَرَامُ ، لَغْوٌ وَفِيهِ مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَجْهَانِ ، كَأَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ ( م 3 - 5 ) وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا ، وَأَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ ( م 6 و 7 ) وَنَقَلَ بَكْرٌ فِي أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ كَفَّارَةُ يَمِينٍ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْخَبَرَ { لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ } ضَعِيفٌ ، عَلَى أَنَّهُ قِيلَ : أَرَادَ بِهِ النَّظَرَ ، أَوْ نَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ : الْحَرَامُ يَلْزَمُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 3 - 5 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ : أَنَا مُظَاهِرٌ ، أَوْ عَلَيَّ ، أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ ، أَوْ الْحَرَامُ ، فَلَغْوٌ ، وَمَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَجْهَانِ كَأَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ ، انْتَهَى .
اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ ، أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ ، الْمَقِيسُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ ، فَالْمَقِيسُ هِيَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3 ) وَهِيَ مَا إذَا قَالَ : أَنَا مُظَاهِرٌ ، أَوْ عَلَيَّ الظِّهَارُ ، أَوْ الْحَرَامُ ، أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ ، أَوْ الْحَرَامُ ، مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ ، هَلْ هُوَ لَغْوٌ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ مَعَ النِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ يَكُونُ فِي الظِّهَارِ ظِهَارًا ، أَوْ فِي الْحَرَامِ حَرَامًا ، كَقَوْلِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ، لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ ، فَصَحَّ بِالْكِنَايَةِ كَالطَّلَاقِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ لَغْوٌ مُطْلَقًا ، لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا وَرَدَ بِهِ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِيهِ ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حُكْمُهُ بِغَيْرِ الصَّرِيحِ ، كَالْيَمِينِ ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4 وَالثَّالِثَةُ 5 ) لَوْ قَالَ : أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ ، أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ فَهَلْ هُوَ ظِهَارٌ أَوْ لَغْوٌ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ ، وَنَقَلَ بَكْرٌ فِي أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، انْتَهَى : ( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ بِظِهَارٍ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ : فَلَيْسَ مُظَاهِرًا ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ .
قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ : فَلَغْوٌ ، وَفِيهِمَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ ظِهَارٌ مَعَ النِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( مَسْأَلَةٌ 6 و 7 ) قَوْلُهُ : وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا وَأَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ ، انْتَهَى ، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 ) إذَا نَوَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطَّلَاقَ هَلْ
يَكُونُ طَلَاقًا أَمْ لَا ؟ قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ كِنَايَةً مِنْ قَوْلِهِ اُخْرُجِي وَنَحْوُهُ .
( وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 ) هَلْ يَقُومُ الْعُرْفُ مَقَامَ الْقَرِينَةِ وَيَكُونُ قَرِينَةً أَمْ لَا ؟ وَجَّهَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَا ظِهَارَ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ ، وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : كَفَّارَةُ ظِهَارٍ ، وَيَتَخَرَّجُ : لَغْوٌ ، كَاَلَّتِي بَعْدَهَا .
وَفِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ : يَصِحُّ ، قَالَ أَحْمَدُ : وَإِنْ أَعْتَقَهَا فَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ ، وَيَتَزَوَّجُهَا إنْ شَاءَ .
وَإِنْ قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا فَعَنْهُ : ظِهَارٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى ، فَتُكَفِّرُ إنْ طَاوَعَتْهُ وَإِنْ اسْتَمْتَعَتْ بِهِ أَوْ عَزَمَتْ فَكَمُظَاهِرٍ ، وَالْمَذْهَبُ : لَا ظِهَارَ ، وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ قَبْلَ التَّمْكِينِ ( م 8 ) وَقِيلَ : بَعْدَهُ وَالتَّمْكِينُ قَبْلَهَا ، وَقِيلَ : لَا ، نَقَلَ صَالِحٌ : لَهُ أَنْ يَطَأَ قَبْلَ أَنْ تُكَفِّرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ ، قَالَ أَحْمَدُ : الظِّهَارُ يَمِينٌ فَتُكَفِّرُ كَالرَّجُلِ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ : " الظِّهَارُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَوَاءٌ " وَفِي الْمُحَرَّرِ : وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا ابْتِدَاءُ قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا ، يَعْنِي كَمُظَاهَرٍ ، وَعَنْهُ : كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، وَعَنْهُ : لَغْوٌ ، وَإِنْ عَلَّقَتْهُ بِتَزَوُّجِهَا فَكَذَلِكَ ، ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ ، إنَّمَا سُئِلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : ظِهَارٌ .
وَقَطَعَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ ، وَقِيلَ لَهُ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ : هَذَا ظِهَارٌ قَبْلَ النِّكَاحِ وَعِنْدَكُمْ لَا يَصِحُّ ، قُلْنَا : يَصِحُّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَإِنْ قُلْنَا : لَا فَالْخَبَرُ أَفَادَ الْكَفَّارَةَ ، وَصِحَّتُهُ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْلَهُ ، بَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ .
كَرَدِّ ابْنِ عَقِيلٍ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ قِيَاسَهُ قَوْلُهَا أَنَا عَلَيْك كَظَهْرِ أُمِّك ، فَإِنَّ التَّحْرِيمَ عَلَيْهِ تَحْرِيمٌ عَلَيْهَا .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا ، فَعَنْهُ : ظِهَارٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَتُكَفِّرُ إنْ طَاوَعَتْهُ ، وَإِنْ اسْتَمْتَعَتْ بِهِ ، فَكَمُظَاهِرٍ ، وَالْمَذْهَبُ : لَا ظِهَارَ ، وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ قَبْلَ التَّمْكِينِ ، انْتَهَى .
الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ بِلَا رَيْبٍ ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِقُوَّةِ دَلِيلِ الرِّوَايَةِ عِنْدَهُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ ، فَلِقُوَّتِهِ أَتَى بِذَلِكَ ، لِمُقَاوَمَتِهِ الْمَذْهَبَ
وَإِنْ نَجَزَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَنَصُّهُ يَصِحُّ وَلَمْ يَطَأْ إنْ تَزَوَّجَ حَتَّى يُكَفِّرَ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، كَطَلَاقٍ .
وَذَكَرَهُ ، شَيْخُنَا رِوَايَةً ( م 9 ) وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَمِينٌ ، وَالطَّلَاقُ حَلُّ عَقْدٍ ، وَلَمْ يُوجَدْ ، وَكَذَا إنْ عَلَّقَهُ بِتَزَوُّجِهَا ( م 10 ) .
احْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ قَوْلُ عُمَرَ .
فَإِنْ نَوَى إذَنْ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ( م 11 ) وَكَذَا قَوْلُهُ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى [ بِهِ ] أَبَدًا .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجَّهَ : أَوْ أَطْلَقَ ( م 12 ) .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ نَجَزَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَنَصُّهُ : يَصِحُّ وَلَمْ يَطَأْ إنْ تَزَوَّجَ حَتَّى يُكَفِّرَ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، كَطَلَاقٍ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً ، انْتَهَى .
الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : صَحَّ فِي الْأَشْهَرِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ ، وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ .
وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْقَوْلُ الْآخَرُ ) اخْتَارَهُ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا إنْ عَلَّقَهُ بِتَزَوُّجِهَا بِأَنْ قَالَ إذَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَحْوُهُ انْتَهَى .
وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ ، فَكَذَا يَكُونُ فِي هَذِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ نَوَى إذَنْ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَحْوُهُ مُنْجَزًا وَادَّعَى أَنَّهَا عَلَيْهِ مُحَرَّمَةٌ إذَنْ فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ كَنَظَائِرِهِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ ادَّعَى مُمْكِنًا ظَاهِرًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى أَبَدًا .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجَّهَ : أَوْ أَطْلَقَ ، انْتَهَى .
جَعَلَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ عَلَّقَهُ بِتَزَوُّجِهَا صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْ حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا إنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى أَبَدًا ، وَإِنْ
نَوَى فِي الْحَالِ تَلْغُو ، وَإِنْ أَطْلَقَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
فَقَطَعَ بِمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ
فَصْلٌ وَيَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : فَإِنَّ أَحْمَدَ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ ، وَفِي الْمُوجَزِ : مُكَلَّفٌ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ : وَلَوْ كَافِرًا كَجَزَاءِ صَيْدٍ ، وَيُكَفِّرُ بِمَالٍ فَقَطْ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَيَعْتِقُ ، بِلَا نِيَّةٍ ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ الْعِتْقُ مِنْ مُرْتَدٍّ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : وَيَعْتِقُ ، لِأَنَّهُ مِنْ فَرْعِ النِّكَاحِ أَوْ قَوْلٌ مُنْكَرٌ وَزُورٌ ، وَالذِّمِّيُّ أَهْلٌ لِذَلِكَ ، وَيَصِحُّ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ ، فَصَحَّ مِنْهُ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الِانْتِصَارِ مِنْ وَكِيلٍ فِيهِ .
وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ظِهَارُ صَبِيٍّ وَلَا إيلَاؤُهُ وَلَوْ صَحَّ طَلَاقُهُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ .
وَفِي الْمُذْهَبِ : فِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ ظِهَارُهُ ، لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الزُّورِ ، وَحُصُولِ التَّكْفِيرِ وَالْمَأْثَمِ ، وَإِيجَابِ مَالٍ أَوْ صَوْمٍ ، قَالَ : وَأَمَّا الْإِيلَاءُ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَصِحُّ رِدَّتُهُ وَإِسْلَامُهُ ، وَذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِذِكْرِ اللَّهِ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ لِرَفْعِ الدَّعْوَى .
وَفِي التَّرْغِيبِ : يَصِحُّ مِنْ مُرْتَدَّةٍ ، وَيَصِحُّ مُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا .
فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ كَفَّرَ ، وَإِنْ فَرَغَ الْوَقْتُ فَلَا ، وَمُعَلَّقًا بِشَرْطٍ ، فَإِذَا وُجِدَ فَمُظَاهِرٌ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ .
فَإِنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ بِحَرَامٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَحَنِثَ لَزِمَهُ وَخَرَّجَ شَيْخُنَا عَلَى أُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ عَدَمَهُ فِي غَيْرِ ظِهَارٍ ، وَمُطْلَقًا إنْ قَصَدَ الْيَمِينَ ، وَاخْتَارَهُ ، وَمَثَّلَ بِالْحِلِّ عَلَيَّ حَرَامٌ لَأَفْعَلَنَّ ، أَوْ إنْ فَعَلْته فَالْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ ، أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ ، أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي ، وَإِنَّ صِيغَةَ الْقَسَمِ وَالتَّعَلُّقِ يَمِينٌ اتِّفَاقًا ، وَإِنَّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ وُقُوعَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ بِكَثِيرٍ ، لِأَنَّهَا يَمِينٌ اتِّفَاقًا ، لِأَنَّ قَصْدَهُ الْحَضُّ أَوْ الْمَنْعُ أَوْ التَّصْدِيقُ أَوْ التَّكْذِيبُ ، وَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِذَلِكَ ، فَالْجَزَاءُ أَكْرَهُ إلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ بِكَثِيرٍ ، وَإِنَّهُ إنْ قَصَدَهُ وَقَعَ طَلَاقًا أَوْ غَيْرَهُ ، وَلَا يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ اتِّفَاقًا ، وَلَيْسَ بِيَمِينٍ ، وَلَا حَالِفًا شَرْعًا وَلُغَةً ، بَلْ عُرْفًا حَادِثًا كَالْعُرْفِ الْحَادِثِ فِي الْمُنْجَزِ .
، وَقَالَ : إذَا حَلَفَ بِالْحَرَامِ وَأَطْلَقَ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ ( هـ و ش ) وَأَحْمَدَ ، وَعِنْدَ ( م ) طَلَاقٌ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : مَنْ قَالَ : أُمُّهُ زَوْجَتُهُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ، يَمِينٌ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ : أَنَّ حَاصِلَهُ تَحْرِيمُ الْحَلَالِ وَتَحْلِيلُ الْحَرَامِ ، وَهُوَ كُفْرٌ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ : هُوَ كَافِرٌ .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ حَرَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا ظِهَارَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، خِلَافًا لِابْنِ شَاقِلَا وَابْنِ بَطَّةَ وَابْنِ عَقِيلٍ .
، وَإِنْ كَرَّرَ ظِهَارَهَا قَبْلَ تَكْفِيرِهِ فَكَفَّارَةٌ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ : بِعَدَدِهِ إنْ أَرَادَ اسْتِئْنَافًا ، وَعَنْهُ : بِعَدَدِهِ ، وَعَنْهُ : فِي مَجَالِسَ .
وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ فَعَنْهُ : كَفَّارَةٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ ، وَعَنْهُ : كَفَّارَاتٌ ، وَعَنْهُ : بِكَلِمَاتٍ وَهُوَ الْمُذْهَبُ ، وَعَنْهُ : فِي مَجَالِسَ ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي كَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ ، يَعْنِي بِفِعْلٍ أَوْ أَفْعَالٍ .
وَيَحْرُمُ وَطْءٌ مِنْ مُظَاهِرٍ مِنْهَا قَبْلَ تَكْفِيرِهِ ، وَعَنْهُ : لَا إنْ كَفَّرَ بِإِطْعَامٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ ، وَيَحْرُمُ دَوَاعِيهِ عَلَيْهِمَا ، كَمُرْتَدَّةٍ ، وَعَنْهُ : لَا ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : هِيَ أَظْهَرُهُمَا ، وَتَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِالْعَوْدِ وَهُوَ الْوَطْءُ ، ثُمَّ لَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ ، وَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا بِعَزْمِهِ عَلَى وَطْءٍ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَيَجُوزُ قَبْلَهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : إنْ عَزَمَ فَيَقِفُ مُرَاعًا ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ .
قَالَ فِي الْخِلَافِ فِي الصَّوْمِ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُكْرَهَةِ : وَلَا يَلْزَمُ الْمُظَاهِرَ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْوَطْءِ ، لِأَنَّ تِلْكَ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْعَزْمِ ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ ، فَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ : الْعَوْدُ الْعَزْمُ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً ، فَتَثْبُتُ بِهِ وَلَوْ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ ، وَعَنْ الْقَاضِي : لَا .
، وَإِنْ بَانَتْ قَبْلَ الْعَوْدِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مُطْلَقًا ارْتَدَّ أَوْ لَا فَظِهَارُهُ بِحَالِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهَا ، وَقِيلَ : تَسْقُطُ وَيَطَأُ مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ ، وَيَتَخَرَّجُ : بِلَا كَفَّارَةٍ ، كَظِهَارِهِ مِنْ أَمَتِهِ ، وَنَصُّهُ : تَلْزَمُ مَجْنُونًا بِوَطْئِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ : لَا ، وَأَنَّهُ كَالْيَمِينِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَكَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ ، كَإِيلَاءٍ ، فَدَلَّ أَنَّهُ إنْ حَنِثَ فَقَدْ عَادَ ، وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ : إنْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ نَائِمًا وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَا عَوْدَ وَلَا كَفَّارَةَ .
وَدُعَاءُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِمَا يَخْتَصُّ بِذِي رَحِمٍ كَأَبِي وَأُمِّي وَأَخِي وَأُخْتِي كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ : لَا يُعْجِبُنِي
فَصْلٌ فِي كَفَّارَتِهِ وَنَحْوِهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عِتْقُ رَقَبَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ .
وَفِي الْكَافِي : غَيْرُ مَرْجُوٍّ زَوَالُهُ ، أَوْ يَخَافُ زِيَادَتَهُ أَوْ بُطْأَهُ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَوْ لِشَبَقٍ ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ : أَوْ لِضَعْفِهِ عَنْ مَعِيشَةٍ تَلْزَمُهُ ، وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : لِضَعْفٍ عَنْهُ أَوْ كَثْرَةِ شُغْلٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ شَبَقٍ ، فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، وَكَذَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ إلَّا فِي إطْعَامٍ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، اخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِمَا ، وَكَفَّارَةُ وَطْءٍ فِي رَمَضَانَ وَالْيَمِينُ فِي مَكَانِهِمَا ، وَيَعْتَبِرُ وَقْتَ وُجُوبِهَا كَحَدٍّ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَقَوَدٍ وَإِمْكَانِ الْأَدَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى زَكَاةٍ ، فَلَوْ أَعْسَرَ مُوسِرٌ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ صَوْمٌ ، قَالَ أَحْمَدُ : قَدْ وَجَبَ الْإِطْعَامُ ، وَإِنْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ ، وَعَنْهُ : بَلَى إنْ أَيْسَرَ قَبْلَ صَوْمِهِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْتَبِرُ أَغْلَظَ حَالِهِ ، وَقِيلَ : وَفِيهِ ، وَيُجْزِئُهُ الْعِتْقُ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : هُوَ وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ أَوْلَى .
وَفِي الْمُذْهَبِ : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ : لَا يُجْزِئُهُ عِتْقٌ ، وَعَنْهُ : إنْ حَنِثَ عَبْدٌ وَعَتَقَ وَأَيْسَرَ فَلَا ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَخَرَّجَ مِثْلَهُ فِي حُرٍّ مُعْسِرٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ ، وَكَذَا فِي الِانْتِصَارِ ، وَاحْتَجَّ بِنَقْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ عَدِمَ الْهَدْيَ ثُمَّ وَجَدَهُ يَصُومُ ، قَالَ : فَأَوْجَبَهُ ، وَذَكَرَ الْمُبْهِجِ وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً : يَعْتَبِرُ وَقْتَ الْأَدَاءِ ، وَلَا تَلْزَمُ الرَّقَبَةُ إلَّا لِمَالِكِهَا ، فَلَوْ اشْتَبَهَ عَبْدُهُ بِعَبِيدِ غَيْرِهِ أَمْكَنَهُ الْعِتْقُ ، بِأَنْ يُعْتِقَ الرَّقَبَةَ الَّتِي فِي مِلْكِهِ ، ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَ الرِّقَابِ ، فَيُعْتِقُ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ ، هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي ، أَوْ مَنْ يُمْكِنُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهَا ، لَا هِبَةً ، وَفِي زِيَادَةٍ غَيْرِ مُجْحِفَةٍ وَجْهَانِ ، كَالْمَاءِ ( م 13 ) ، فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُ مِنْ أَدْنَى مَسْكَنٍ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ ، وَخَادِمٍ ، لِكَوْنِ مِثْلِهِ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ أَوْ عَجْزِهِ ، وَمَرْكُوبٍ ، وَعَرَضٍ بَذَلَهُ ، وَكُتُبِ عِلْمٍ ، وَثِيَابِ تَجَمُّلٍ ، وَكِفَايَتِهِ دَائِمًا ، وَمَنْ يَمُونُهُ ، وَرَأْسِ مَالِهِ كَذَلِكَ ، وَوَفَاءِ دَيْنٍ ( و هـ م ) وَفِيهِ رِوَايَةٌ ( و ش ) لَا مَالَ يَحْتَاجُهُ لِأَكْلِ الطَّيِّبِ وَلُبْسِ نَاعِمٍ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ ، لِعَدَمِ عِظَمِ الْمَشَقَّةِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الشِّرَاءُ بِنَسِيئَةٍ لِغَيْبَةِ مَالِهِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : أَوْ لِكَوْنِهِ دَيْنًا ، لَزِمَهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَإِنْ لَمْ تُبَعْ جَازَ الصَّوْمُ ، وَقِيلَ : لَا ، وَقِيلَ : فِي غَيْرِ ظِهَارٍ ، لِلْحَاجَةِ ، لِتَحْرِيمِهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ .
مَسْأَلَةٌ 13 ) [ قَوْلُهُ ] وَفِي زِيَادَةٍ غَيْرِ مُجْحِفَةٍ وَجْهَانِ ، كَالْمَاءِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ : لَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ تُجْحِفُ بِمَالِهِ .
فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُجْحِفْ بِمَالِهِ يَلْزَمُهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَلْزَمُهُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُطْلِقْ الْخِلَافَ هُنَا لِكَوْنِهِ قَالَ " كَالْمَاءِ " وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا ، وَهُوَ اللُّزُومُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا وَأَحَالَهَا عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَاتِ وَجْهَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَيَّنَ فِيهَا الْمَذْهَبَ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ الْمَذْهَبُ هُنَا كَالْمَذْهَبِ هُنَاكَ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ الْعَادِمُ لِلْمَاءِ إذَا وَجَدَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ
وَلَا يُجْزِئُ فِيهِنَّ ، وَفِي نَذْر الْعِتْقِ الْمُطْلَقِ إلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ ، وَعَنْهُ تُجْزِئُ فِي غَيْرِ قَتْلِ رَقَبَةٍ ، قِيلَ : كَافِرَةٌ ، وَقِيلَ : كِتَابِيَّةٌ ، وَقِيلَ : ذِمِّيَّةٌ ( م 14 ) وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ : مَنْعَ حَرْبِيَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ اتِّفَاقًا ، وَيُتَوَجَّهُ فِي نَذْرِ عِتْقٍ مُطْلَقٍ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ فِعْلِ مَنْذُورٍ وَقْتَ نَهْيٍ ، وَمِنْ مَنْعِهِ زَوْجَةً مِنْ حَجَّةِ نَذْرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَالْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ .
مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَعَنْهُ : يُجْزِئُهُ فِي غَيْرِ قَتْلِ رَقَبَةٍ ، قِيلَ : كَافِرَةٌ ، وَقِيلَ : كِتَابِيَّةٌ ، وَقِيلَ : ذِمِّيَّةٌ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : وَعَنْهُ : يُجْزِئُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ ذِمِّيَّةٍ ، انْتَهَى .
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ : تُجْزِئُ الْكَافِرَةُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهَا ذِمِّيَّةً ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ : إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ تُجْزِئُ الْكَافِرَةُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ
وَيَشْتَرِطُ السَّلَامَةَ مِنْ عَيْبٍ مُضِرٍّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًّا ، كَعَمًى ، وَشَلَلِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ قَطْعِ أُصْبُعِ سَبَّابَةٍ أَوْ وُسْطَى ، أَوْ أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ أَوْ هُوَ ، وَقِيلَ فِيهِنَّ : مِنْ يَدٍ ، أَوْ قَطْعِ خِنْصَرٍ وَبِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ ، وَعَنْهُ : إنْ كَانَتْ أُصْبُعُهُ مَقْطُوعَةً فَأَرْجُو ، هُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ .
فَإِنْ أَعْتَقَ مَرِيضًا مَأْيُوسًا ، وَقِيلَ : أَوْ لَا ، ثُمَّ مَاتَ ، أَوْ نَحِيفًا عَاجِزًا عَنْ الْعَمَلِ ، أَوْ زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا ، وَفِيهِمَا رِوَايَةٌ ، أَوْ مَغْصُوبًا ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُمْ النَّحِيفُ ، أَوْ جَنِينًا ، أَوْ مَجْنُونًا مُطْبَقًا ، وَقِيلَ : أَوْ أَكْثَرَ وَقْتِهِ ، وَهُوَ أَوْلَى ، أَوْ أَخْرَسَ [ وَفِيهِ ] وَجْهٌ ، وَأَطْلَقَ جَوَازَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَنْهُ : وَمَعَ فَهْمِ إشَارَتِهِ وَفَهْمِهِ لَهَا ، أَوْ بِهِ صَمَمٌ ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ مَعَ فَقْدِ فَهْمِ الْإِشَارَةِ .
أَوْ مَنْ جَهِلَ خَبَرَهُ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِ ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ ، وَإِنْ عَتَقَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِعِتْقِهِ ( م 15 ) أَوْ أُمَّ وَلَدٍ [ أَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ عِتْقِهِ ، وَفِيهِمَا رِوَايَةٌ أَوْ عَتَقَ بِصِفَةٍ وَنَوَاهُ عِنْدَ وُجُودِهَا بَلْ مُنْجَزًا ، أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِرَحِمٍ ، أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً أَوْ مَالًا ، لَمْ يُجْزِئْهُ ، وَجَزَمَ بِهِ ] فِي الْخِلَافِ فِيمَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ أَنَّهُ يُجْزِئُ مَنْ جَهِلَ خَبَرَهُ [ أَنَّهُ ] يُجْزِئُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ .
مَسْأَلَةٌ 15 ) [ قَوْلُهُ ] لَوْ أَعْتَقَ مَنْ جَهِلَ خَبَرَهُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ [ لَمْ يُجْزِئْهُ ] وَإِنْ عَتَقَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِعِتْقِهِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ مَنْ جَهِلَ خَبَرَهُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهُ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ فِي كَفَّارَةٍ ، وَإِنْ صَحَحْنَا عِتْقَهُ مَجَّانًا ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ صِحَّةُ عِتْقِهِ مَجَّانًا ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ ، لِأَنَّ حَيَاتَهُ مَشْكُوكٌ فِيهَا ، وَالْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ ، فَلَا يُزَالُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ مَجَّانًا ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ حَيًّا فَقَدْ صَادَفَ مَحَلًّا ، وَإِلَّا فَلَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ
وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِتَظَهُّرِهِ وَتَظَاهَرَ [ فَوَجْهَانِ ] ( م 16 ) وَلَوْ نَجَزَهُ عَنْ ظِهَارِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِتَظَهُّرِهِ فَتَظَاهَرَ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
أَتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِصِيغَتَيْنِ ، الْأُولَى تَظَهُّرُهُ ، مِنْ التَّظَهُّرِ ، التَّفَعُّلِ ، وَالثَّانِيَةُ التَّظَاهُرُ : وَهُوَ التَّفَاعُلُ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ ، وَقَدْ وَرَدَ الْقُرْآنُ بِهِمَا ، وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدٍ عَلَى ظِهَارِهِ ، فَإِذَا ظَاهَرَ عَتَقَ ، وَإِذَا عَتَقَ فَهَلْ يُجْزِئُ عَنْ هَذَا الظِّهَارِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ بَعْدَ ظِهَارِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ الْإِجْزَاءَ فَقَالَ : أَجْزَأَهُ عَنْهَا ، لِأَنَّهُ نَوَى عِتْقَهُ بَعْدَ السَّبَبِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ : وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ تَظَهَّرْت فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ ، لِوُجُودِ الشَّرْطِ ، وَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْ الظِّهَارِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ : الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ عَتَقَ بَعْدَ الظِّهَارِ وَقَدْ نَوَى إعْتَاقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ ، وَعَدَمُهُ ، لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ لِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ الشَّرْطُ ، لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُوجَدْ عِنْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ ، وَالنِّيَّةُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَا تُجْزِئُ ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لَهَا عَلَى سَبَبِهَا .
زَادَ فِي الْمُغْنِي : وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ تَظَاهَرْت فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَالْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ ، لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِعِتْقِهِ عَلَى الْمُظَاهَرَةِ ، انْتَهَى
وَإِنْ تَظَاهَرَ أَوْ عَلَّقَ ظِهَارَهُ بِشَرْطٍ فَأَعْتَقَهُ قَبْلَهُ عَتَقَ وَلَمْ يُجْزِئْهُ .
وَإِنْ أَعْتَقَ مَنْ قَطَعَ أَنْفُهُ وَأُذُنَاهُ وَمَجْبُوبًا وَخَصِيًّا وَأَحْمَقَ وَأَعْرَجَ يَسِيرًا أَوْ أَعْوَرَ يُبْصِرُ بِعَيْنٍ ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ قَدَّمَهَا فِي التَّبْصِرَةِ ، أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ جَانِيًا إنْ جَازَ بَيْعُهُمَا ، أَوْ أَمَةً حَامِلًا ، أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : أَوْ أَدَّى ، وَعَنْهُ : عَكْسُهُ ، أَوْ وَلَدَ زِنًا مَعَ كَمَالِ أَجْرِهِ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، ( م ) وَأَنَّهُ يَشْفَعُ مَعَ صِغَرِهِ فِي أُمِّهِ لَا أَبِيهِ ، أَوْ أَصَمَّ ، خِلَافًا لِلْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ فِيهِ ، أَوْ صَغِيرًا ، وَعَنْهُ : لَهُ سَبْعٌ إنْ اشْتَرَطَ الْإِيمَانَ .
وَقَالَ الْخِرَقِيُّ : إنْ صَامَ وَصَلَّى ، وَقِيلَ : وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعًا ، أَجْزَأَ .
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ : يُعْتِقُ الصَّغِيرُ ، إلَّا فِي قَتْلِ الْخَطَإِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا مُؤْمِنَةٌ ، وَأَرَادَ الَّتِي قَدْ صَلَّتْ ، وَيُجْزِئُ مُؤَجَّرٌ مَرْهُونٌ .
وَفِي مُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ فِي الِانْتِصَارِ ، وَفِي مَغْصُوبٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ( م 17 و 18 ) .
( مَسْأَلَةٌ 17 و 18 ) قَوْلُهُ : وَفِي مُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ ، وَفِي مَغْصُوبٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ .
انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 17 ) هَلْ يُجْزِئُ عِتْقُ مَنْ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا عَنْ الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا ؟ ذَكَرَ فِيهِ مَنْعًا وَتَسْلِيمًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ ، وَالْقَوْلُ بِالْإِجْزَاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ : الْمَنْعُ أَظْهَرُ ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 18 ) هَلْ يُجْزِئُ عِتْقُ الْمَغْصُوبِ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُجْزِئُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ ثُمَّ قَالَ : وَفِيهِ وَجْهٌ ، انْتَهَى .
وَصَحَّحَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : أَظْهَرُهُمَا : لَا يُجْزِئُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِنَفْسِهِ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُجْزِئُ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) كَوْنُهُ قَدَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمًا ، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ ، قَبْلَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ .
( وَالثَّانِي ) كَوْنُهُ لَمْ يَعْزِ الْوَجْهَيْنِ هُنَا إلَّا إلَى صَاحِبِ التَّرْغِيبِ ، وَهُنَاكَ ذَكَرَ الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ ، فَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ عَنْ التَّرْغِيبِ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ النَّقْلَ إلَّا فِيهِ ، وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْخِلَافَ مَنْقُولٌ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ ، وَذَاكَرَنِي بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَقَالَ : الْأَوْلَى إنَّمَا هِيَ " الْمَعْضُوبُ " بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ، بِدَلِيلِ السِّيَاقِ ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، فَعَلَى هَذَا يَزُولُ التَّكْرَارُ وَالتَّنَاقُضُ ، لَكِنْ لَمْ نَرَ مَنْ اسْتَعْمَلَ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ هُنَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ
وَإِنْ أَعْتَقَ مُعْسِرٌ نَصِيبَهُ ثُمَّ مَلَكَ بَقِيَّتَهُ فَأَعْتَقَهُ وَلَمْ نَقُلْ بِالِاسْتِسْعَاءِ أَجْزَأَهُ ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَنَوَاهُ فِي الْمُبَاشَرِ ، وَالسَّارِي لَمْ يُجْزِئْهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ : يُجْزِئُهُ ، كَعِتْقِهِ بَعْضَ عَبْدِهِ ثُمَّ بَقِيَّتَهُ ، أَوْ يُسَرَّى .
وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أَجْزَآ ، عِنْدَ الْخِرَقِيِّ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ : لَا ( م 19 ) وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ رِوَايَتَيْنِ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي : إنْ كَانَ بَاقِيهِمَا حُرًّا أَجْزَأَهُ ، وَذَكَرَهُنَّ فِي الْهَدْيِ رِوَايَاتٍ .
.
( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أَجْزَآ ، عِنْدَ الْخِرَقِيِّ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ : لَا ، انْتَهَى .
مَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ ، كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَابْنُ الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : أَجْزَأَهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، فِيمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْهُ فِي رِوَايَتَيْهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي : إنْ كَانَ بَاقِيهمَا حُرًّا أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ ، قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ : وَلَا يُجْزِئُ نِصْفَا عَبْدَيْنِ بَاقِيهمَا رَقِيقٌ ، انْتَهَى .
وَقِيلَ : إنْ كَانَ بَاقِيهمَا حُرًّا أَوْ أَعْتَقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ أَجْزَأَهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي : وَهَذَا أَصَحُّ ، وَجَزَمَ بِالثَّانِي نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِي الْهَدْيِ رِوَايَاتٍ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ ؛ وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لَوْ أَخْرَجَ فِي الزَّكَاةِ نِصْفَيْ شَاتَيْنِ ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ : وَكَذَا لَوْ أَهْدَى نِصْفَيْ شَاتَيْنِ .
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْهَدْيِ اللَّحْمُ ، وَلِهَذَا أَجْزَأَ فِيهِ شِقْصٌ مِنْ بَدَنَةٍ ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِجْزَاءِ هُنَا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَقَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ ، وَهُمَا
بِالْهَدْيِ أَقْرَبُ ، لِيُجْزِئَ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَصْلٌ يَلْزَمُهُ تَتَابُعُ الصَّوْمِ ، وَقِيلَ : وَنِيَّتُهُ ، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ الْأَوِّلَةِ وَالتَّجْدِيدِ كُلِّ لَيْلَةٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ( م 20 و 21 ) وَيُبَيِّتُ النِّيَّةَ ، وَفِي تَعْيِينِهَا جِهَةَ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ( م 22 ) .
مَسْأَلَةٌ 20 و 21 ) قَوْلُهُ : يَلْزَمُهُ تَتَابَعَ الصَّوْمُ ، وَقِيلَ ، وَنِيَّتُهُ ، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالتَّجْدِيدِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ، انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 20 ) الِاكْتِفَاءُ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ فِي نِيَّةِ التَّتَابُعِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 21 ) التَّجْدِيدُ كُلَّ لَيْلَةٍ ( قُلْت ) : قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَكْتَفِي بِاللَّيْلَةِ الْأَوِّلَةِ فِي نِيَّةِ التَّتَابُعِ ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِكُلِّ يَوْمٍ ، قِيَاسًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، بَلْ هُنَا أَوْلَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ : أَصَحُّهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ أَنْ يَنْوِيَ التَّتَابُعَ ، وَأَمَّا صَوْمُ كُلِّ يَوْمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدٍ يَخُصُّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ، انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ : وَيُبَيِّتُ النِّيَّةَ ، وَفِي تَعْيِينِهَا جِهَةَ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ ، فَإِنَّ الْأَصْحَابَ قَاطِبَةً قَالُوا : لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ النِّيَّةِ ، وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنْ يَصُومَ عَنْ نَذْرِهِ ، أَوْ قَضَائِهِ ، أَوْ كَفَّارَتِهِ ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الصِّيَامِ فِيمَا يُشَابِهُهَا : اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ
وَيَنْقَطِعُ بِصَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَفِطْرِهِ بِلَا عُذْرٍ ، وَيَقَعُ صَوْمُهُ عَمَّا نَوَاهُ ، لِأَنَّهُ زَمَانٌ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْكَفَّارَةِ وَفِي التَّرْغِيبِ : هَلْ يَفْسُدُ ذَلِكَ أَوْ يَنْقَلِبُ نَفْلًا ؟ فِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ وَجْهَانِ لَا بِرَمَضَانَ وَفِطْرِ وَاجِبٍ ، كَعِيدٍ وَحَيْضٍ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَجُنُونٍ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَمَرَضٍ مَخُوفٍ ، وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي صَوْمِ الْعِيدِ يُقْطَعُ التَّتَابُعُ ، لِأَنَّهُ خَلَّلَهُ بِإِفْطَارٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْهُ ، ثُمَّ سَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ ، كَاللَّيْلِ .
وَقِيلَ : يَنْقَطِعُ بِفِطْرِهِ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا ، كَجَاهِلٍ بِهِ ، وَقِيلَ : وَبِفِطْرِهِ لِسَفَرٍ مُبِيحٍ ، وَمَرَضٍ غَيْرِ مَخُوفٍ ، وَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لِضَرَرِ وَلَدِهِمَا .
وَفِي النِّفَاسِ وَجْهَانِ ( م 23 ) وَفِي الرَّوْضَةِ : إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَعِيدٍ بَنَى وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ ، قِيلَ لِأَحْمَدَ : مُظَاهِرٌ أَفْطَرَ مِنْ مَرَضٍ ، يُعِيدُ ؟ قَالَ أَرْجُو ، إنَّهُ فِي عُذْرٍ .
وَسُئِلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَمَّنْ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَصَامَهُمَا إلَّا يَوْمًا أَفْطَرَهُ : أَيُعِيدُ الصَّوْمَ ؟ قَالَ : بَلْ يَصُومُ يَوْمًا .
.
مَسْأَلَةٌ 23 ) قَوْلُهُ : وَفِي النِّفَاسِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا ؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَنْقَطِعُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَقْطَعُ التَّتَابُعَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ ، فَإِنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَاهُ فِيمَا لَا يَقْطَعُ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا اكْتَفَيَا بِذِكْرِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ أَنَّهُ كَالْحَيْضِ ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ أَوَّلًا تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي ، وَلَمْ يُرَاجِعْ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ ، وَلَوْ بَيَّضَهُ لَقَدَّمَ مَا قُلْنَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَيَنْقَطِعُ بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا ، وَعَنْهُ : لَا نَهَارًا نَاسِيًا أَوْ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ ، أَوْ لَيْلًا ، كَغَيْرِهَا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ ، وَإِلَّا انْقَطَعَ ، لَا بِوَطْئِهِ فِي أَثْنَاءِ طَعَامٍ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَعَتَقَ ، وَمَنَعَهُمَا فِي الِانْتِصَارِ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِطْعَامَ ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ ، وَالصَّوْمُ مُبْدَلٌ ، كَوَطْءِ مَنْ لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ فِي الْإِطْعَامِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَفِي اسْتِمْتَاعِهِ بِغَيْرِهِ رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَنْقَطِعُ إنْ أَفْطَرَ .
وَمَنْ أُعْطِي مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَتِهِ جَازَ إعْطَاؤُهُ مِنْ طَعَامِهَا ، وَعَنْهُ : إلَّا مُكَاتَبًا وَطِفْلًا لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي فِي طِفْلٍ ، وَهِيَ أَشْهَرُ [ عَنْهُ ] قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَزَكَاةٍ فِي رِوَايَةٍ ( خ ) نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ فِي ذِمِّيٍّ تَخْرِيجٌ مِنْ عِتْقِهِ ، وَخَرَّجَ الْخَلَّالُ دَفْعَهَا لِكَافِرٍ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَعَلَّهُ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ .
وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْهَدْيِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ
وَيُعْطِي مَا يُجْزِئُ فِطْرَةً مِنْ الْبُرِّ مُدٌّ وَمِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ لَا أَقَلُّ مُطْلَقًا وَلَا مُدٌّ مُدٌّ ( م ) وَذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ رِوَايَةً ، وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ ، وَعَنْهُ : وَرِطْلَا خُبْزِ بُرٍّ عِرَاقِيَّةٍ أَوْ مَا عَلِمَ مُدًّا أَوْ ضِعْفَهُ مِنْ شَعِيرٍ ، وَيُسْتَحَبُّ أَدَمُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ : بِأَدَمِهِ .
وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ كَالْوَصِيَّةِ لَهُمْ ، وَعَنْهُ : وَقُوتُ بَلَدِهِ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا ، وَعَنْهُ : وَالْقِيمَةُ ، وَغَدَاؤُهُمْ وَعَشَاؤُهُمْ بِالْوَاجِبِ ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْخُنَا : " بِالْوَاجِبِ " وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : أَشْبِعْهُمْ ، قَالَ : مَا أُطْعِمُهُمْ ؟ قَالَ : خُبْزٌ وَلَحْمٌ إنْ قَدَرْت أَوْ مِنْ أَوْسَطِ طَعَامِكُمْ ( و هـ م ) .
فَلَوْ نَذَرَ إطْعَامَهُمْ ؟ فَقِيلَ : مِثْلُهُ ، وَقِيلَ : يُجْزِئُ [ أَيْ طَعَامُ الْغَدَاءِ أَوْ الْعَشَاءِ ] قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ وَجِنْسَهُ إلَيْهِ ، فَكَذَا صِفَةُ إخْرَاجِهِ ( م 24 ) فَعَلَى الْمَذْهَبِ : لَوْ قَدَّمَ ، إلَيْهِمْ سِتِّينَ مُدًّا وَقَالَ هَذَا بَيْنَكُمْ فَقَبِلُوهُ ( 3 ) فَإِنْ قَالَ : بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 25 ) وَعِنْدَ الْقَاضِي : إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ أَجْزَأَ ، وَاعْتُبِرَ فِي الْوَاضِحِ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ .
وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا وَسَطَهُ قَدْرًا وَنَوْعًا مُطْلَقًا بِلَا تَقْدِيرٍ وَلَا تَمْلِيكٍ ، وَأَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، كَزَوْجَةٍ ، وَأَنَّ الْأَدَمَ يَجِبُ إنْ كَانَ يُطْعِمُهُ أَهْلَهُ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : التَّمْرُ وَالدَّقِيقُ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا سِوَاهُمَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ : التَّمْرُ أَعْجَبُ إلَى أَحْمَدَ .
مَسْأَلَةٌ 24 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ نَذَرَ إطْعَامَهُمْ فَقِيلَ : مِثْلُهُ ، وَقِيلَ : يُجْزِئُ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ ، لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ وَجِنْسَهُ إلَيْهِ ، فَكَذَا صِفَةُ إخْرَاجِهِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا نَذَرَ إطْعَامَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ مَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، كَمَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ( مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ : فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَدَّمَ إلَيْهِمْ مُدًّا وَقَالَ : هَذَا بَيْنَكُمْ فَقَبِلُوهُ ، فَإِنْ قَالَ بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ أَجْزَأَ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ قَدْرَ مَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، فَحَصَلَ الشَّكُّ فِي الْمُسَاوَاةِ فِي ذَلِكَ ، وَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِيَقِينٍ ، فَلَا يُزَالُ بِهَذَا ، هَذَا مَا يَظْهَرُ ، وَيَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءَ ، لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
تَنْبِيهَانِ : الْأَوَّلُ قَوْلُهُ : لَوْ قَدَّمَ إلَيْهِمْ مُدًّا ، لَعَلَّهُ " سِتِّينَ مُدًّا " فَسَقَطَ لَفْظُ " سِتِّينَ " لِأَنَّهُ قَدْرُ الْإِطْعَامِ فِي الظِّهَارِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ، فَإِنْ قَالَ بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَ ، وَالْمُدُّ قَدْرُ اسْتِحْقَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، وَكَلَامُ الْقَاضِي الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِمْ قَدْرَ حَقِّهِمْ ، وَلَكِنَّهُ مُشَاعٌ
فَإِنْ رَدَّدَهَا عَلَى مِسْكِينٍ سِتِّينَ يَوْمًا فَالْمَذْهَبُ يُجْزِئُ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَعَنْهُ : مُطْلَقًا ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ .
وَعَنْهُ عَكْسُهُ ، اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَ لِمَنْ احْتَجَّ لِعَدَمٍ بِزَكَاةٍ وَوَصِيَّةٍ لِلْفُقَرَاءِ وَخُمُسِ الْخُمُسِ بِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا ، وَصَحَّحَهَا أَيْضًا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَقَالَ : اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ ، وَاحْتَجَّ ابْنُ شِهَابٍ بِأَنَّهُ مَالٌ أُضِيفَ إلَى عَدَدٍ مَحْصُورٍ ، فَلَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ إلَى وَاحِدٍ ، كَمَا لَوْ قَالَ : لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، أَوْ أَوْصَى لَهُمْ .
وَإِنْ أَعْطَى مِسْكِينًا فِي يَوْمَيْنِ مِنْ كَفَّارَاتٍ أَجْزَأَ وَعَنْهُ : عَنْ وَاحِدَةٍ .
.
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَعْطَى مِسْكِينًا فِي يَوْمَيْنِ مِنْ كَفَّارَاتٍ " " صَوَابُهُ " فِي يَوْمٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ
وَلَا يُجْزِئُ التَّكْفِيرُ بِلَا نِيَّةٍ ، لَا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ .
فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْيِينُ سَبَبِهَا .
فَإِنْ عَيَّنَهُ فَغَلِطَ أَجْزَأَهُ عَمَّا يَتَدَاخَلُ ، وَهِيَ الْكَفَّارَاتُ مِنْ جِنْسٍ وَإِلَّا فَلَا .
وَإِنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَاتٌ أَسْبَابُهَا مِنْ أَجْنَاسٍ كَظِهَارٍ وَيَمِينٍ وَقَتْلٍ لَمْ يَشْتَرِطْ تَعْيِينَ سَبَبِهَا ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَاتِ كُلَّهَا مِنْ جِنْسٍ ، قَالَ : وَلِأَنَّ آحَادَهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى تَعْيِينِ النِّيَّةِ ، بِخِلَافِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا ، وَكَكَفَّارَاتٍ مِنْ جِنْسٍ ، فِي الْأَصَحِّ .
وَاشْتَرَطَهُ الْقَاضِي ، كَتَيَمُّمِهِ لِأَجْنَاسٍ ، وَكَوَجْهٍ فِي دَمِ نُسُكٍ وَدَمِ مَحْظُورٍ ، وَكَعِتْقِ نَذْرٍ وَعِتْقِ كَفَّارَةٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ .
فَعَلَى هَذَا يُكَفِّرُ عَنْ وَاحِدَةٍ نَسِيَ سَبَبَهَا بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ ، وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ إنْ اتَّحَدَ السَّبَبُ فَنَوْعٌ وَإِلَّا فَجِنْسٌ .
وَلَوْ كَفَّرَ مُرْتَدٌّ بِغَيْرِ صَوْمٍ فَنَصُّهُ : لَا يَصِحُّ ، وَقَالَ الْقَاضِي : الْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ .
مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِزِنًا وَلَوْ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ فَكَذَّبَتْهُ لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ ، وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِلِعَانٍ ، وَلَوْ بَقِيَ سَوْطٌ وَاحِدٌ ، وَلَوْ زَنَتْ قَبْلَ الْحَدِّ .
وَيَسْقُطُ بِلِعَانِهِ وَحَدِّهِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ ، وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَيَثْبُتُ مُوجِبُهُمَا .
وَصِفَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ ، قِيلَ : لَقَدْ زَنَتْ زَوْجَتِي هَذِهِ ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ ، وَقِيلَ : إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ .
وَقِيلَ : بِزِيَادَةٍ : فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا ( م 1 ) وَيُشِيرُ إلَيْهَا ، فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْمِيَةٍ وَنَسَبٍ وَمَعَ الْغِيبَةِ يُسَمِّيهَا وَيَنْسُبُهَا ، وَفِي الْخَامِسَةِ : أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ .
ثُمَّ تَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ كَذَبَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا .
وَفِي الْخَامِسَةِ : وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ وَقِيلَ : فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا .
وَأَخَذَ ابْنُ هُبَيْرَةَ بِالْآيَةِ فِي ذَلِكَ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ [ مِنْ الزِّنَا ] لَمِنْ الصَّادِقِينَ .
ثُمَّ يُوقَفُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَيَقُولُ : لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ .
وَالْمَرْأَةُ مِثْلُ ذَلِكَ .
وَإِنْ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ سَقَطَ حَقُّهُمَا بِلِعَانِهِ ( هـ م ) وَلَوْ أَعْقَلَهُ فِيهِ ( ق ) وَقِيلَ لَا حَقَّ لِغَيْرِهَا .
فَإِذَا نَقَصَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ شَيْئًا وَلَوْ آتَيَا بِأَكْثَرِهِ ، وَحَكَمَ حَاكِمٌ ، أَوْ بَدَأَتْ قَبْلَهُ ، أَوْ قَدَّمَتْ الْغَضَبَ ، أَوْ بَدَّلَتْهُ بِاللَّعْنَةِ ، أَوْ قَدَّمَ اللَّعْنَةَ أَوْ أَتَى بِهِ قَبْلَ إلْقَائِهِ عَلَيْهِ ، أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَةِ حَاكِمٍ أَوْ نَائِبِهِ ، أَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَنْ يُحْسِنُهَا ، وَقِيلَ : أَوْ قَدْرٌ يَتَعَلَّمُهَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : أَوْ
عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ ، وَالْأَصَحُّ : أَوْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ أَوْ أَحْلِفُ ، أَوْ اللَّعْنَةُ بِالْإِبْعَادِ ، أَوْ الْغَضَبُ بِالسُّخْطِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : أَوْ عُدِمَتْ مُوَالَاةُ الْكَلِمَاتِ ، لَمْ يَصِحَّ .
وَأَوْمَأَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ الْخَامِسَةَ لَا تُشْتَرَطُ ، فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ ، لَا عَلَى الْأُولَى ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَيَصِحُّ مِنْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ مَفْهُومَةٍ وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ .
وَإِنْ نَطَقَ وَأَنْكَرَ لِعَانَهُ قُبِلَ فِيمَا عَلَيْهِ ، وَكَذَا إقْرَارُهُ بِزِنًا .
وَفِي مُعْتَقَلٍ لِسَانُهُ مَأْيُوسٌ مِنْ نُطْقِهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) .
وَلَوْ قَالَ : لَمْ أُرِدْ قَذْفًا وَلِعَانًا قُبِلَ فِي لِعَانٍ فِي حَدٍّ وَنَسَبٍ فَقَطْ ، وَيُلَاعَنُ لَهُمَا ، وَمَنْ رَجَا نُطْقَهُ انْتَظَرَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ .
وَفَائِدَةُ مَسْأَلَةِ صِحَّةِ قَذْفِ الْأَخْرَسِ وَلِعَانِهِ أَنَّ عِنْدَنَا نَأْمُرُهُ بِاللِّعَانِ وَنَحْبِسُهُ إذَا نَكَلَ حَتَّى يُلَاعِنَ ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُحَدُّ وَيُسَنُّ قِيَامُهُمَا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ ، وَقِيلَ : أَرْبَعَةٌ ، وَأَنْ يَضَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ عَلَى فِيهِ ، وَامْرَأَةٌ يَدَهَا عَلَى فِيهَا ، وَيَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ .
وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ ، وَهَلْ يُسَنُّ تَغْلِيظُهُ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) ، وَخَصَّهُمَا فِي التَّرْغِيبِ بِذِمَّةٍ وَيَبْعَثُ حَاكِمٌ إلَى الْخَفْرَةِ مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ [ فِي مَسْأَلَةِ فَسْخِ الْخِيَارِ بِلَا حُضُورِ الْآخَرِ ] لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ مَعَ غَيْبَتِهَا وَتُلَاعِنُ مَعَ غَيْبَتِهِ .
وَمَنْ قَذَفَ نِسَاءَهُ يُفْرِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ ، وَعَنْهُ : يُجْزِئُهُ وَاحِدٌ ، وَعَنْهُ : إنْ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَةٍ فَيَقُولُ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُكُنَّ بِهِ [ مِنْ الزِّنَا ] وَتُجِيبُ كُلُّ وَاحِدَةٍ [ مِنْهُنَّ ]
بَابُ اللِّعَان ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَصِفَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ .
قِيلَ لَقَدْ زَنَتْ زَوْجَتِي هَذِهِ ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ ، وَقِيلَ : إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ ، وَقِيلَ : بِزِيَادَةٍ : فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا ، انْتَهَى .
الْوَجْهُ الْأَخِيرُ هُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ ، لِذِكْرِ صَاحِبِ الْمُذْهَبِ لَهُ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ ، وَقِيلَ : إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ ، كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَصَوَابُهُ : " وَإِنِّي " .
بِزِيَادَةِ وَاوٍ فِي أَوَّلِهِ مَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ : وَفِي مُعْتَقَلٍ لِسَانُهُ مَأْيُوسٌ مِنْ نُطْقِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ، قَالَ فِي الْكَافِي : هُوَ كَالْأَخْرَسِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَإِنْ قَذَفَهَا وَهُوَ نَاطِقٌ ثُمَّ خَرِسَ أَوْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ مِنْهُ صَارَ كَالْأَصْلِيِّ ، وَإِنْ رَجَا زَوَالُهُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ انْتَظَرْتُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ ، وَقِيلَ فِي صِحَّةِ لِعَانِ مَنْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ مِنْهُ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ : وَهَلْ يُسَنُّ تَغْلِيظُهُ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ( أَحَدُهُمَا ) يُسَنُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالشَّرْحِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُسَنُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَيْضًا ، فَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ الْأَصَحُّ دَلِيلًا
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَعَنْهُ : مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَمُحْصَنَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مَنْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا ثُمَّ طَلَبَتْ حُدَّ ، إنْ لَمْ يُلَاعِنْ إذَنْ ، فَلَا لِعَانَ لِتَعْزِيرٍ .
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ : يُلَاعِنُ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ لِتَعْزِيرٍ ، وَفِي الْمُوجَزِ : وَيَتَأَخَّرُ لِعَانُهَا حَتَّى تَبْلُغَ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : إذَا قَذَفَ زَوْجَةً مُحْصَنَةً بِزِنًا حُدَّ بِطَلَبٍ ، وَعُزِّرَ بِتَرْكٍ ، وَيَسْقُطَانِ بِلِعَانٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَعَنْهُ : يُلَاعِنُ يَقْذِفُ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ لِنَفْيِ وَلَدٍ فَقَطْ .
وَفِي الْمُذْهَبِ : كُلُّ زَوْجٍ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ لِعَانُهُ ، فِي رِوَايَةٍ ، وَعَنْهُ : مِنْ مُسْلِمٍ عَدْلٍ .
وَالْمُلَاعَنَةُ كُلُّ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ بَالِغَةٍ ، وَعَنْهُ : مُسْلِمَةٌ حُرَّةٌ عَفِيفَةٌ ، وَإِنْ قَذَفَهَا بِزِنًا قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُلَاعِنْ ، كَقَذْفِهِ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَعَنْهُ : لِنَفْيِ وَلَدٍ .
وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ ثَلَاثًا لَاعَنَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، لَا بِانْتِهَاءٍ بَعْدَ قَذْفِهَا ، وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا : يَا زَانِيَةُ أَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي الزَّوْجِيَّةِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ تَزَوَّجَهَا فَاسِدًا لَاعَنَ ، لِنَفْيِ وَلَدٍ ، وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَإِلَّا فَلَا ، كَمَنْ أَنْكَرَ قَذْفَهَا وَلَهَا بَيِّنَةٌ أَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ عَنْ أَصْحَابِنَا : إنْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي الزَّوْجِيَّةِ لَاعَنَ ، وَفِيهِ : لَا يَنْتَفِي وَلَدٌ بِلِعَانٍ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَوَلَدِ أَمَتِهِ .
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا لَاعَنَهَا لِنَفْيِ وَلَدٍ ، وَإِنْ قَذَفَهَا بِلَا وَلَدٍ يُلَاعِنُهَا .
وَمَنْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يُمْكِنُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَفِي الْمُغْنِي : يَلْحَقُ بِالنِّكَاحِ مَا أَمْكَنَ ، وَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ .
وَإِنْ قَالَ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي وَقُلْنَا لَا قَذْفَ أَوْ زَادَ مَعَهُ وَلَا أَقْذِفُك أَوْ لَمْ تَزْنِي أَوْ وَطِئَتْ مَعَ إكْرَاهٍ وَنَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ وَجُنُونٍ لَزِمَهُ الْوَلَدُ وَلَا لِعَانَ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ .
وَعَنْهُ : بَلَى لِنَفْيِ وَلَدٍ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، فَيَنْتَفِي بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ ، وَكَذَا وَطِئَتْ بِشُبْهَةٍ .
وَعَنْهُ : لَا لِعَانَ ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ مَرَّةً فَأَكْثَرَ أَوْ عَفَتْ أَوْ سَكَتَتْ أَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِأَرْبَعَةٍ سِوَاهُ أَوْ قَذَفَ مَجْنُونَةً بِزِنًا قَبْلَهُ أَوْ مُحْصَنَةً فَجُنَّتْ أَوْ خَرْسَاءَ أَوْ ثُمَّ خَرِسَتْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَوْ صَمَّاءُ فَلَا لِعَانَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : بَلَى وَحْدَهُ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَهُوَ يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا .
نَقَلَ ابْنُ أَصْرَمَ فِيمَنْ رُمِيَتْ فَأَقَرَّتْ ثُمَّ وَلَدَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ حَتَّى يُلَاعِنَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَوْ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي جُنُونِهَا أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يُحَدَّ ، وَفِي لِعَانِهِ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَجْهَانِ ، وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبَ فِيمَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَقَالَ : أَنَا أَجِيءُ بِثَلَاثَةِ شُهُودٍ مَعِي أَيَكُونُ شَاهِدًا أَمْ قَاذِفًا ؟ فَقَالَ : إنْ جَاءَ بِهِمْ قَرِيبًا لَمْ يَتَبَاعَدْ فَهُوَ شَاهِدٌ رَابِعٌ ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَ تَتِمَّتِهِ تَوَارَثَا ، وَنَصُّهُ : يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ، وَقِيلَ : يَنْتَفِي بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ مُطْلَقًا ، كَدَرْءِ حَدٍّ ، وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَهُ لِعَانُهَا وَنَفْيُهُ ، لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ ، وَإِنْ الْتَعَنَ وَنَكَلَتْ فَعَنْهُ تُخْلَى ، وَعَنْهُ : تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَرْبَعًا ، وَقِيلَ : ثَلَاثًا ، أَوْ تُلَاعِنُ ( م 4 ) وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ وَشَيْخُنَا : تُحَدُّ ، وَهُوَ قَوِيٌّ .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ الْتَعَنَ وَنَكَلَتْ ، فَعَنْهُ : تُخْلَى ، وَعَنْهُ : تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنَ ، انْتَهَى .
( إحْدَاهُمَا ) يُخْلَى سَبِيلُهَا ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنَ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ وَغَيْرِهِمَا ( قُلْت ) : وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَيْهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
فَصْلٌ وَتَحْصُلُ الْفُرْقَةُ وَانْتِفَاءُ الْوَلَدِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ أَوْ تُوجَدْ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ بِتَمَامِ تَلَاعُنِهِمَا ، فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ ، وَعَنْهُ : بِحُكْمِ حَاكِمٍ ، وَعَنْهُ : بِالْفُرْقَةِ ، اخْتَارَهُ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، فَيَنْتَفِي الْوَلَدُ ، وَخَرَجَ انْتِفَاؤُهُ بِلِعَانِهِ ، وَقَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَيَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْفُرْقَةُ بِلَا طَلَبٍ ، وَيُعْتَبَرُ لِنَفْيِهِ ذِكْرُهُ فِي كُلِّ لَفْظَةٍ وَلَوْ تَضَمُّنًا ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ نَفَاهُ بِلِعَانٍ ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَبُو بَكْرٍ ذِكْرَهُ ، وَقِيلَ : مِنْهَا ، وَإِنْ نَفَى حَمْلًا أَوْ اسْتَلْحَقَهُ أَوْ لَاعَنَ عَلَيْهِ مَعَ ذِكْرِهِ ، وَقِيلَ أَوْ دُونَهُ لَمْ يَصِحَّ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَيُلَاعِنُ لِدَرْءِ حَدٍّ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي لِعَانِهِ .
وَهِيَ فِي الْمُوجَزِ فِي نَفْيِهِ أَيْضًا .
وَفِي الِانْتِصَارِ نَفْيُهُ لَيْسَ قَذْفًا ، بِدَلِيلِ نَفْيِهِ حَمْلَ أَجْنَبِيَّةٍ لَا يُحَدُّ ، كَتَعْلِيقِهِ قَذْفًا بِشَرْطٍ ، إلَّا أَنْتِ زَانِيَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا زَنَيْت ، وَإِنْ صَحَّ خَبَرٌ بِلِعَانٍ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ عِلْمُ وُجُودِهِ بِوَحْيٍ ، ضَعَّفَ أَحْمَدُ الْخَبَرَ فِيهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَدٍ أَوْ بِتَوْأَمِهِ أَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْأَمِهِ أَوْ هُنِّيَ بِهِ فَسَكَتَ أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ بِهِ أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ بِلَا عُذْرٍ ، وَقِيلَ بَعْدَ مَجْلِسِ عِلْمِهِ أَوْ رَجَاءِ مَوْتِهِ ، لَحِقَهُ وَسَقَطَ نَفْيُهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ فِي لُحُوقِ وَلَدٍ بِوَاحِدٍ فَأَكْثَرَ أَنَّهُ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ تَوْأَمَيْهِ وَنَفَى الْآخَرَ وَلَاعَنَ لَهُ لَا يَعْرِفُ فِيهِ رِوَايَةً ، وَعِلَّةُ مَذْهَبِهِ جَوَازُهُ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَكِبَهُ .
وَإِنْ قَالَ : لَمْ أَعْلَمْ بِهِ وَكَذَا لَمْ أَعْلَمْ بِأَنَّ لِي نَفْيَهُ أَوْ بِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ بَادٍ أَوْ حَدِيثِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَعَامِّيٌّ وَقِيلَ : وَفَقِيهٌ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ مِمَّنْ يَجْهَلُهُ ، وَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ كَغَيْبَةٍ وَحَبْسٍ وَمَرَضٍ وَحِفْظِ مَالٍ
وَذَهَابِ لَيْلٍ لَمْ يَسْقُطْ .
وَفِي الْمُغْنِي : مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ يَنْفُذُ إلَى حَاكِمٍ إنْ أَمْكَنَهُ ، أَوْ يَشْهَدُ بِنَفْيِهِ ، وَإِلَّا سَقَطَ .
وَإِنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ حُدَّ لِمُحْصَنَةٍ ، وَعُزِّرَ لِغَيْرِهَا ، وَلَحِقَهُ ، وَانْجَرَّ النَّسَبُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إلَى جِهَةِ الْأَبِ ، كَالْوَلَاءِ ، وَتَوَارَثَا ، فَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ ، كَمَا لَا يَرِثُهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلَا يَلْحَقُهُ بِاسْتِلْحَاقِ وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ : لَا يُحَدُّ ، وَسَأَلَهُ مُهَنَّا : إنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ ؟ قَالَ : لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ ، لِأَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ عَنْهُ الْقَذْفَ ، وَإِنْ نَفَى مَنْ لَا يَنْتَفِي وَأَنَّهُ مِنْ زِنًا فَعَنْهُ : يُحَدُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَعَنْهُ : إنْ لَمْ يُلَاعِنْ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا .
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ : وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ حُدَّ لِمُحْصَنَةٍ ، وَعُزِّرَ لِغَيْرِهَا وَلَحِقَهُ ، وَانْجَرَّ النَّسَبُ ، وَتَوَارَثَا ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ [ وَجْهٌ ] كَمَا لَا يَرِثُهُ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : هَذَا تَوْجِيهٌ لَمْ يَظْهَرْ مَعْنَاهُ ، وَقَدْ تَوَقَّفَ مَوْلَانَا وَسَيِّدُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ مَغْلِي فَلَمْ يَتَّضِحْ لَهُ مَعْنَاهُ .
وَلَعَلَّ لَفْظَةَ " كَمَا " زَائِدَةٌ ، وَأَنَّ صَوَابَهُ وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ لَا يَرِثُهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ أَشْبَهَ زَوَالَ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ ، انْتَهَى ، وَهُوَ كَمَا قَالَ
( م 5 ) وَمَنْ نَفَى أَوْلَادًا فَلِعَانٌ وَاحِدٌ ، وَالتَّوْأَمَانِ الْمَنْفِيَّانِ أَخَوَانِ لِأُمٍّ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ : يَتَوَارَثَانِ بِأُخُوَّةِ أُبُوَّةٍ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) [ قَوْلُهُ ] وَإِنْ نَفَى مَنْ لَا يَنْتَفِي وَأَنَّهُ مِنْ زِنًا فَعَنْهُ : يُحَدُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَعَنْهُ : وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُحَدُّ مُطْلَقًا ، أَعْنِي سَوَاءً لَاعَنَ أَوْ لَا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُحَدُّ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ .
فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .
بَابُ مَا يُلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ : مَنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ مَنْ أَمْكَنَ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَوْ مَعَ غَيْبَتِهِ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَهُ فِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْقَافَةِ ، وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ : وَلَعَلَّ الْمُرَادَ وَيُخْفِي سَيْرَهُ ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَنْقَطِعُ الْإِمْكَانُ عَنْهُ بِالْحَيْضِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ لَحِقَهُ ، بِأَنْ تَلِدَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ أَمْكَنَ وَطْؤُهُ ، وَدُونَ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ مُنْذُ أَبَانَهَا وَهُوَ مِمَّنْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ .
وَقِيلَ : وَتِسْعٌ وَقِيلَ : اثْنَتَا عَشْرَةَ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ ، بَلْ بَالَغَ ، كَمَا لَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ حَتَّى يَعْلَمَ بُلُوغَهُ ، لِلشَّكِّ فِي صِحَّةِ يَمِينِهِ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِيرُ بَالِغًا ، وَلَا يَتَقَرَّرُ بِهِ مَهْرٌ ، وَلَا تَلْزَمُ عِدَّةٌ وَلَا رَجْعَةٌ ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ قَوْلٌ ، كَثُبُوتِ الْأَحْكَامِ بِصَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَهُ : يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ ، وَأَخَذَ شَيْخُنَا مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالدُّخُولِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : لَا يُلْحَقُ بِمُطَلَّقٍ إنْ اتَّفَقَا أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا .
وَنَقَلَ مُهَنَّا : لَا يُلْحَقُ الْوَلَدُ حَتَّى يُوجَدَ الدُّخُولُ ، وَفِي الْإِرْشَادِ ، فِي مُسْلِمٍ صَائِمٍ فِي رَمَضَانَ خَلَا بِزَوْجَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ ثُمَّ طَلَّقَ وَلَمْ يَطَأْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُمْكِنٍ ، لَحِقَهُ ، فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ .
وَإِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا ، وَمُرَادُهُمْ : وَعَاشَ ، وَإِلَّا لَحِقَهُ بِالْإِمْكَانِ ، كَمَا بَعْدَهَا ، قَالَ الْأَصْحَابُ أَوْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ مُنْذُ أَبَانَهَا أَوْ أَبَانَ حَامِلًا فَوَلَدَتْهُ ثُمَّ أَتَتْ بِآخَرَ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ ، أَوْ تَزَوَّجَ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ وَطَلَّقَ فِي الْمَجْلِسِ ، أَوْ مَاتَ ،
أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتَ الْعَقْدِ مَسَافَةٌ لَا يَصِلُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ فِيهَا .
وَقَالَ فِي التَّعْلِيقِ وَالْوَسِيلَةِ وَالِانْتِصَارِ : وَلَوْ أَمْكَنَ وَلَا يَخْفَى السَّيْرُ كَأَمِيرٍ وَتَاجِرٍ كَبِيرٍ ، وَمَثَّلَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِالسُّلْطَانِ وَالْحَاكِمِ ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ مِثْلُهُ لَمْ نَقْضِ بِالْفِرَاشِ ، وَهِيَ مِثْلُهُ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِي وَالٍ وَقَاضٍ : لَا يُمْكِنُ يَدَّعِ عَمَلَهُ ، فَلَا يَلْزَمُهُ ، فَإِنْ أَمْكَنَ لَحِقَهُ .
أَوْ كَانَ خَصِيًّا ، خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ فِيهَا ، وَقِيلَ : أَوْ مَجْبُوبًا ، قَالَ أَصْحَابُنَا : أَوْ اجْتَمَعَا .
وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ : أَوْ عِنِّينًا ، لَمْ يَلْحَقْهُ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ قَالَ إنْ دَفَقَ فَقَدْ يَكُونُ الْوَلَدُ مِنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ ، فَإِنْ شَكَّ فِي وَلَدِهِ فَالْقَافَةُ ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ خَصِيٍّ ، قَالَ : إنْ كَانَ مَجْبُوبًا لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ ، فَإِنْ أَنْزَلَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ ، وَإِلَّا فَالْقَافَةُ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ ، وَلَا يَلْحَقُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِ ، قَالَهُ فِي الْخِلَافِ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا : إنْ أَقَرَّتْ بِفَرَاغِ عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءِ عِتْقٍ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَهُ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ ، وَلَا يُقَالُ الْحُكْمُ فِي حَقِّهِمَا فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا بِنَقْضِ الْحُكْمِ فِي حَقِّهِ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَوَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ حَمْلٍ مُنْذُ طَلَّقَ ، وَقِيلَ : نِصْفُ سَنَةٍ مُنْذُ أَخْبَرَتْ بِفَرَاغِ الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تُخْبِرْ ، لَحِقَهُ ، وَعَنْهُ .
لَا ، وَإِنْ أَخْبَرَتْ بِمَوْتِ زَوْجٍ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ لَحِقَ بِالثَّانِي مَا وَلَدَتْهُ لِنِصْفِ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ .
بَابُ مَا يُلْحَقُ بِهِ مِنْ النَّسَبِ تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : وَلَا يُقَالُ الْحُكْمُ فِي حَقِّهَا فَقَطْ ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ مَغْلِي : صَوَابُهُ فِي حَقِّهَا يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ قِيلَ يَكُونُ خَاصًّا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهَا دُونَ حَقِّ الزَّوْجِ ، فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ كَانَ يَمْنَعُ هُوَ مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا ، فَبِإِقْرَارِهَا أُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَتَتْ بِالْوَلَدِ بَعْدَ إقْرَارِهَا وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا تَبَيَّنَّا فَسَادَ نِكَاحِهِ لَهَا ، وَنَقَضْنَا ذَلِكَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا ، انْتَهَى .
نَقَلَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ .
الثَّانِي [ قَوْلُهُ ] كُلُّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَيَاضٍ مِنْ قَوْلِهِ { وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ } حَدِيثٌ صَحِيحٌ إلَى قَوْلِهِ { عَلَى امْرَأَةٍ ادَّعَتْهُ } فَإِنَّهُ مَكَانُ حَبْرٍ وَقَعَ عَنْ الْأَصْلِ ، وَقَدْ حَرَّرَ بَعْضَهُ فَكَتَبَ عَلَى الْهَامِشِ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ .
فَصْلٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ فَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ وَلَحِقَهُ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ ، وَأَنَّهُ يُقَوِّيهِ قِصَّةُ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ فَلَا يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً ، وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ : أَوْ يَرَى الْقَافِلَةَ ، نَقَلَهُ الْفَضْلُ ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْ زَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : يَنْتَفِي بِالْقَافَةِ لَا بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ ، وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ الْفَضْلِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إذَا نَفَاهُ وَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ .
وَفِي الْفُصُولِ : إنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً ثُمَّ وَلَدَتْ انْتَفَى عَنْهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ الْوَلَدِ ثُمَّ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً لَمْ يَنْتَفِ ، لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ ، كَمَا لَوْ أَرَادَ نَفْيَ وَلَدِ زَوْجَةٍ بِلِعَانٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ ، كَذَا قَالَ ، وَكَذَا دُونَ الْفَرْجِ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ : أَوْ يَدَّعِي الْعَزْلَ أَوْ عَدَمَ إنْزَالِهِ ، قَالَ أَحْمَدُ : لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَهَذَا مِنْهُ يَدُلُّ أَنَّهُ أَرَادَ وَلَمْ يُنْزِلْ فِي الْفَرْجِ ، لِأَنَّهُ لَا رِيحَ يُشِيرُ إلَيْهَا إلَّا رَائِحَةُ الْمَنِيِّ ، وَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ إنْزَالِهِ فَتَتَعَدَّى رَائِحَتُهُ إلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ فَيَعْلَقُ بِهَا كَرِيحِ الْكُشِّ الْمُلَقَّحِ لِإِنَاثِ النَّخْلِ ، قَالَ : وَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ عِلْمٌ عَظِيمٌ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي أَمَةٍ تُرَادُ لِلتَّسَرِّي عَادَةً أَنَّهَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِالْمِلْكِ ، وِفَاقًا لِبَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ لِظَاهِرِ قِصَّةِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ ، وَاحْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَرَّةً ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ حَمْلٍ فَوَجْهَانِ ( م 2 ) وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا فَفِي لُحُوقِ مَا بَعْدَهُ بِدُونِ إقْرَارٍ آخَرَ فَوَجْهَانِ ، وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَلْحَقُهُ لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ ( م
3 ) وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ فَوَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ ، وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ ، وَكَذَا لِأَكْثَرَ ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي ، فَقِيلَ : يَلْحَقُهُ ، وَقِيلَ : يَرَى الْقَافَةَ ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ : هُوَ لَهُ ، قُلْت : فِي نَفْسِهِ مِنْهُ ، قَالَ : فَالْقَافَةُ ( م 4 ) وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ ، وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ ، فَقِيلَ : لِلْبَائِعِ وَقِيلَ : يَرَى الْقَافَةَ ( م 5 ) أَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي اسْتِبْرَاءً وَتَلِدُهُ مِنْ بَعْدِهِ بِنِصْفِ سَنَةٍ فَيَكُونُ عَبْدَهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ ، وَإِنْ بَاعَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَوَلَدَتْهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ ، لَا بَعْدَهَا ، وَلَوْ بَاعَ وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْءٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِيهَا أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا لَحِقَهُ ، وَقِيلَ : أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُشْتَرِي ، وَكَذَا مَعَ كَوْنِهِ عَبْدًا لَهُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَ حَتَّى اسْتَبْرَأَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا فَقَالَ : إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ : لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَقِيلَ : يَنْتَفِي النَّسَبُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ مَذْهَبٌ ( م ش ) فَعَلَى هَذَا هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ ، وَالِاسْتِحْلَافُ قَوْلٌ ( ش ) وَالْمَشْهُورُ : لَا يَحْلِفُ ( م 6 و 7 ) .
مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ فَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ وَلَحِقَهُ .
فَلَا يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَحْلِفُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ .
وَفِيمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ نَظَرٌ ، لِأَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجِبُ فِيهِ يَمِينٌ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَحْلِفُ .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَحْلِفُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ : يَعْنِي هَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَ أَمْ لَا ؟ هَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ فَفِي نَفْيِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَجْهَانِ ( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَرَّةً ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرَ مُدَّةِ حَمْلٍ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
أَيْ مِنْ حِينِ وَطْئِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْحَقُهُ إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَطْئِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْحَقُهُ .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ ( قُلْت ) : بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا فَفِي لُحُوقِ مَا بَعْدَهُ بِدُونِ إقْرَارٍ آخَرَ وَجْهَانِ : وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَلْحَقُهُ لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْحَقُهُ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ
وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، فَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارٍ ثَانٍ مِنْهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْحَقُهُ ، وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَيْهِ ، لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ فَوَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ ، وَكَذَا الْأَكْثَرُ ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي ، فَقِيلَ : يَلْحَقُهُ ، وَقِيلَ : يَرَى الْقَافَةَ ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ : هُوَ لَهُ ، قُلْت : فِي نَفْسِهِ مِنْهُ ؟ قَالَ فَالْقَافَةُ ، انْتَهَى .
( الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ ، ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ فَقِيلَ : لِلْبَائِعِ ، وَقِيلَ : يَرَى الْقَافَةَ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) هُوَ الْبَائِعُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يَرَى الْقَافَةَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي ، ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْخِرَقِيُّ : وَتَجْتَنِبُ الزَّوْجَةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الطِّيبَ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ( مَسْأَلَةٌ 6 و 7 ) قَوْلُهُ : وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَ حَتَّى اسْتَبْرَأَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا فَقَالَ : إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ : لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَقِيلَ : يَنْتَفِي النَّسَبُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ .
فَعَلَى هَذَا هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، وَالْمَشْهُورُ لَا يَحْلِفُ .
انْتَهَى كَلَامُ تَقِيِّ الدِّينِ ، فَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الِاسْتِبْرَاءَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْوَطْءِ .
وَالصَّوَابُ انْتِفَاءُ النَّسَبِ عَنْهُ وَوُجُوبُ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ .
وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ : لَعَلَّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَقْطَعُ الْفِرَاشَ ، فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ : ( مَسْأَلَةٌ 6 ) انْتِفَاءُ النَّسَبِ .
( وَمَسْأَلَةٌ 7 ) وُجُوبُ الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا مَسْأَلَةُ وُجُوبِ الْيَمِينِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَعَدَمِهِ ، فَلْيُعَاوَدْ