كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي
الرامينى ثم الصالحي
لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فِي طَلَاقِهَا بِتَقْبِيلِهَا ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ " وَعِتْقِ عَبْدٍ بِتَدْبِيرِهِ " إلَى آخِرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ " وَتَبْطُلُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِوَطْئِهِ عَلَى الْأَصَحِّ " لَا عَلَى قَوْلِهِ " كَرَجْعَةٍ " إذْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الْوَكَالَةِ فِي الْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ ، وَكَذَلِكَ دَلَالَةُ الْحَالِ عَلَى رُجُوعِهِ ، وَتَقْدِيرُهُ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِوَطْئِهِ وَعِتْقِ عَبْدِهِ بِتَدْبِيرِهِ ، يَعْنِي تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ بِتَدْبِيرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، كَالْوَطْءِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِي ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا : وَلَهُ التَّوْكِيلُ إنْ جَعَلَهُ لَهُ ، وَعَنْهُ : مُطْلَقًا ، ثُمَّ قَوْلُهُ " وَكَذَا حَاكِمٌ وَوَصِيٌّ وَمُضَارِبٌ وَوَلِيٌّ فِي نِكَاحٍ فِي غَيْرِ مُجْبَرٍ " انْتَهَى ، ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ أَنَّ الْوَلِيَّ غَيْرُ الْمُجْبَرِ لَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ ، وَقَدْ قَالَ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ : وَوَكِيلُهُ كَهُوَ وَقِيلَ : لَا يُوَكِّلُ غَيْرُ مُجْبَرٍ بِلَا إذْنٍ إلَّا حَاكِمٌ ، انْتَهَى .
فَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّ لَهُ الْوَكَالَةَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُجْبَرٍ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ، فَحَصَلَ التَّنَاقُضُ ، وَالْمُعْتَمَدُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَقَدْ حَرَّرْتُ ذَلِكَ فِي الْإِنْصَافِ .
( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : " وَوَلِيٌّ فِي نِكَاحٍ غَيْرَ مُجْبَرٍ " الْأَحْسَنُ فِي الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ : وَوَلِيٌّ غَيْرُ مُجْبَرٍ فِي نِكَاحٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَزِيَادَةً
، وَقِيلَ يَجُوزُ : وَوَكِّلْ عَنْك وَكِيلَ وَكِيلِهِ ، وَقِيلَ : وَوَكِّلْ عَنِّي ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ ( م 16 ) وَالْأَصَحُّ : لَهُ عَزْلُ وَكِيلِ وَكِيلِهِ ، وَكَذَا : أَوْصِ إلَى مَنْ يَكُونُ وَصِيًّا لِي ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا : لَا يَصِحُّ ، لِعَدَمِ إذْنِ الْمُوصِي حِينَ إمْضَاءِ الْوَصِيَّةِ ، وَلَا يُوصِي الْوَكِيلُ مُطْلَقًا ، وَعَلَى مَا فِي التَّعْلِيقِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا ، وَإِنْ اسْتَنَابَ حَاكِمٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ لِكَوْنِهِ أَرْجَحَ فَقَدْ أَحْسَنَ ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الِاسْتِنَابَةُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ إذَا لَمْ يُمْنَعْ إنْ جَازَ لَهُ الْحُكْمُ ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْلِيدِ غَيْرِ إمَامِهِ ، وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى أَنَّهُ هَلْ [ لَهُ ] أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ، كَتَوْكِيلِ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا فِي شِرَاءِ خَمْرٍ ، وَأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ الْأَوَّلُ .
وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْخُصُومَةِ ، يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ ، نَقَلَهُ حَرْبٌ .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَوَكِّلْ عَنْك وَكِيلَ وَكِيلِهِ .
وَقِيلَ : وَوَكِّلْ عَنِّي وَإِنْ أُطْلِقَ ذَلِكَ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قَالَ : وَكِّلْ ، وَلَمْ يَقُلْ : عَنْك ، وَلَا : عَنِّي ، فَهَلْ يَكُونُ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ أَوْ وَكِيلُ الْوَكِيلِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ وَكِيلًا لِلْمُوَكِّلِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَقَوَاعِدِ ابْنِ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسِّتِّينَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ وَكِيلًا لِلْوَكِيلِ ( قُلْت ) : وَهُوَ بَعِيدٌ .
وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي خُصُومَةٍ قَبْضٌ وَلَا إقْرَارٌ عَلَى مُوَكِّلِهِ ، مُطْلَقًا نَصَّ عَلَيْهِ ، كَإِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِقَوَدٍ وَقَذْفٍ ، وَكَالْوَلِيِّ ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا يَمِينٌ .
وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَفِيهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ ( م 17 ) وَلَهُ إثْبَاتُ وَكَالَتِهِ مَعَ غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ ، فِي الْأَصَحِّ .
.
مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي خُصُومَةٍ قَبْضٌ وَلَا إقْرَارٌ عَلَى مُوَكِّلِهِ ، مُطْلَقًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، كَإِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِقَوَدٍ وَقَذْفٍ ، وَكَالْوَلِيِّ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ فِيهِمَا يَمِينٌ ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَفِيهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ انْتَهَى ، لَيْسَ هَذَا الْمَنْعُ وَالتَّسْلِيمُ عَائِدًا إلَى الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا أَذِنَ لَهُ ، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا ، عَلَى مَا يَأْتِي .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْيَمِينَ إذَا أَذِنَ لَهُ فِيهَا ، وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْيَمِينِ ، وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَإِنْ قَالَ : أَجِبْ خَصْمِي عَنِّي ، اُحْتُمِلَ كَخُصُومَةٍ ، وَاحْتُمِلَ بُطْلَانُهَا ( م 18 ) وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ عَلِمَ ظُلْمَ مُوَكِّلِهِ فِي الْخُصُومَةِ ، قَالَهُ فِي الْفُنُونِ ، فَظَاهِرُهُ : يَصِحُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ، فَلَوْ ظَنَّ ظُلْمَهُ جَازَ ، وَيَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ ، وَمَعَ الشَّكِّ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ ، وَلَعَلَّ الْجَوَازَ أَوْلَى ، كَالظَّنِّ ، فَإِنَّ الْجَوَازَ فِيهِ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ مَعَ الرِّيبَةِ فِي الْبَيِّنَةِ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ غَيْرِهِ فِي إثْبَاتِ حَقٍّ أَوْ نَفْيِهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِ ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي فِي الصُّلْحِ عَنْ الْمُنْكِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلَمَ صِدْقُ الْمُدَّعِي ، فَلَا يَحِلُّ دَعْوَى مَا لَمْ يُعْلَمْ ثُبُوتُهُ .
وَجَزَمَ ابْنُ الْبَنَّا فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْقَبْضِ ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَطْعِ الْخُصُومَةِ ، وَلَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِهِ .
مَسْأَلَةٌ 18 ) [ قَوْلُهُ ] : وَإِنْ قَالَ : أَجِبْ خَصْمِي عَنِّي ، احْتَمَلَ أَنَّهَا كَخُصُومَةٍ ، وَاحْتَمَلَ بُطْلَانَهَا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْقَرَائِنِ ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ كَانَ ، وَإِلَّا فَهِيَ إلَى الْخُصُومَةِ أَقْرَبُ .
وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْقَبْضِ فَفِي خُصُومَةٍ وَجْهَانِ ( م 19 ) وَفِي الْوَسِيلَةِ : لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِحَالٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِعَيْبٍ فِيمَا بَاعَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ : لَا ، فَلَا يَرُدُّهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ، .
( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْقَبْضِ فَفِي خُصُومَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَإِلَيْهِ مِيلُ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : وَيَحْتَمِلُ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عَالِمًا بِجَحْدِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ أَوْ مَطْلِهِ كَانَ تَوْكِيلًا فِي تَثْبِيتِهِ وَالْخُصُومَةُ فِيهِ ، لِعِلْمِهِ بِوُقُوفِ الْقَبْضِ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى .
وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا ، بَلْ هُوَ الصَّوَابُ ، وَيُزَادُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْقَرَائِنِ وَالْعُرْفِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ رُدَّ بِنُكُولِهِ فَفِي رَدِّهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَجْهَانِ ( م 20 ) وَإِنْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ بِلَا إذْنٍ ، وَقِيلَ : إنْ وَكَّلَهُمَا فِي خُصُومَةٍ انْفَرَدَ ، لِلْعُرْفِ .
.
( مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ رُدَّ بِنُكُولِهِ فَفِي رَدِّهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا بَاعَ شَيْئًا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَقُلْنَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَنَكَلَ عَنْهَا وَرُدَّ عَلَيْهِ لِنُكُولِهِ فَهَلْ يُرَدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يُرَدُّ عَلَى مُوَكِّلِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْمُوَكِّلِ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَقَطْ تَسْمِيَةُ مُوَكِّلٍ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي ، انْتَهَى .
سَيَأْتِي فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَعَزَاهُ إلَى التَّرْغِيبِ ، وَيَأْتِي تَحْرِيرُهَا هُنَاكَ
فَصْلٌ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِكُلِّ تَصَرُّفٍ وُكِّلَ فِيهِ ، وَعَنْهُ : قَوْلُ مُوَكِّلِهِ فِي النِّكَاحِ ، لِاعْتِبَارِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَصْحَابِنَا كَأَصْلِ الْوَكَالَةِ ، وَيَحْلِفُ مَعَ تَصَرُّفِهِ لَوْ بَاشَرَهُ شُرِعَتْ الْيَمِينُ فِيهِ ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَى غَيْرِ رَبِّهِ ، وَإِطْلَاقُهُمْ : وَلَا فِي صَرْفِهِ فِي وُجُوهٍ عُيِّنَتْ لَهُ مِنْ أُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ ، وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ الْبَغْدَادِيُّ ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يَلْزَمُ وَكِيلَهُ نِصْفُ مَهْرٍ إلَّا بِشَرْطٍ ، لِتَعَلُّقِ حُقُوقِ الْعَقْدِ بِالْمُوَكِّلِ ، وَعَنْهُ : يَلْزَمُهُ ، كَضَمَانِ [ وَكِيلٍ ] فِي الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ وَفَرَّقَ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْبَائِعِ ، وَالْعَادَةُ تَعْجِيلُهُ وَأَخْذُهُ مِمَّنْ تَوَلَّى الشِّرَاءَ ، وَمِثْلُهُ إنْكَارُ مُوَكِّلِهِ وَكَالَتَهُ ، فَلَا يَحْلِفُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ فِي الِاقْتِرَاضِ وَيَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ طَلَاقُهَا ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَقِيلَ : إنْ قَالَ : بِعْته ، أَوْ قَالَ : وَقَبَضْت ثَمَنَهُ قُبِلَ قَوْلِ مُوَكِّلِهِ ، وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَقَطْ تَسْمِيَةُ مُوَكِّلٍ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي .
وَلَوْ أَنْكَرَ مُوَكِّلُهُ وَكَالَتَهُ فِي بَيْعٍ وَصَدَّقَ بَائِعٌ بِهَا لَزِمَ وَكِيلَهُ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخِ ، وَظَاهِرِ كَلَامِ غَيْرِهِ كَمَهْرٍ ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ هُنَا بِتَرْكِ الْبَيِّنَةِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ( م 21 ) وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي بَيْعٍ تَقْلِيبُهُ عَلَى مُشْتَرٍ إلَّا بِحَضْرَتِهِ ، وَإِلَّا ضَمِنَ ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ ، وَيَتَوَجَّهُ الْعُرْفُ ، وَلَا بَيْعُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ ، فِي الْأَصَحِّ فَيَضْمَنُ ، وَيَصِحُّ [ وَمَعَ ] مُؤْنَةِ نَقْلٍ : لَا ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَلَا قَبْضُ ثَمَنِهِ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ قَبْضُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ، كَظُهُورِ مَبِيعِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا كَحَاكِمٍ وَأَمِينَةٍ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ : يَمْلِكُهُ بِقَرِينَةٍ ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، فَلَا يُسَلِّمُهُ قَبْلَهُ ، وَكَذَا وَكِيلٌ فِي شِرَاءٍ فِي قَبْضِ مَبِيعٍ ، وَإِنْ أَخَّرَ تَسْلِيمَ ثَمَنِهِ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَهُ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَحُقُوقُ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُوَكِّلٍ ، لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ قَرِيبُ وَكِيلٍ عَلَيْهِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ : إنْ اشْتَرَى وَكِيلٌ فِي شِرَاءٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَضَامِنٍ .
.
( مَسْأَلَةٌ 21 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ أَنْكَرَ مُوَكِّلُهُ وَكَالَتَهُ فِي بَيْعٍ وَصَدَّقَ بَائِعٌ بِهَا لَزِمَ وَكِيلَهُ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخِ ، وَظَاهِرِ كَلَامِ غَيْرِهِ كَمَهْرٍ ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ، لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ هُنَا بِتَرْكِ الْبَيِّنَةِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
انْتَهَى ( قُلْت ) : الصَّوَابُ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَظْهَرُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعٍ [ أَوْ شِرَاءٍ ] أَوْ اسْتِئْجَارٍ ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مُوَكِّلَهُ فِي الْعَقْدِ فَضَامِنٌ ، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ ، وَأَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ يُضَمِّنُهُ ، ( وَ هـ ش ) قَالَ : وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ فِي الْإِقْرَاضِ ، وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَيَجُوزُ بِإِذْنِهِ وَتَوْلِيَةُ طَرَفَيْهِ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، كَأَبِ الصَّغِيرِ ، وَكَذَا تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِهِ وَآخَرَ فِي شِرَائِهِ ، وَمِثْلُهُ نِكَاحٌ وَدَعْوَى .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فِي الدَّعْوَى : الَّذِي يَقَعُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ : لَا يَصِحُّ ، لِلتَّضَادِّ ، وَفِي وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ .
وَمُكَاتَبِهِ وَجْهَانِ ( م 22 ) وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ الْخِلَافَ فِي الْأُخُوَّةِ وَالْأَقَارِبِ ، وَعَنْهُ : يَبِيعُ مِنْ نَفْسِهِ إذَا زَادَ ثَمَنُهُ فِي النِّدَاءِ ، وَقِيلَ : أَوْ وَكَّلَ بَائِعًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ، وَقِيلَ : هُمَا ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا : لَا يُعْتَبَرَانِ ، لِأَنَّ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ تَحْمِلُهُ عَلَى الْحَقِّ ، وَرُبَّمَا زَادَ ، وَكَذَا شِرَاؤُهُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَكَذَا حَاكِمٌ وَأَمِينُهُ وَنَاظِرٌ وَوَصِيٌّ وَمُضَارِبٌ ، وَلِعَبْدِهِ وَغَرِيمِهِ عِتْقُ نَفْسِهِ وَإِبْرَائِهَا بِوَكَالَتِهِ الْخَاصَّةِ لَا بِالْعَامَّةِ .
وَفِيهِ قَوْلٌ ، وَهُوَ مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ ، كَبَيْعِ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ ، وَفَرَّقَ الْأَزَجِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَصَدَّقْ بِهِ ، بِأَنَّ .
إطْلَاقَهُ يَنْصَرِفُ إلَى إعْطَاءِ الْغَيْرِ ، لِأَنَّهُ مِنْ التَّفَعُّلِ ، وَتَوْكِيلُ زَوْجَةٍ فِي طَلَاقٍ كَعَبْدِهِ فِي عِتْقٍ .
مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ : وَفِي وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، فَهُوَ كَشِرَاءِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمَا .
قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ .
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ ، نَقَلَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْوَكِيلِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ .
وَقَالَ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هُنَا الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَصْلٍ .
الْمَسْأَلَةِ وَحَكَاهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عَنْ الْأَصْحَابِ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ .
أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَهُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ هُنَا ، هَذَا مَا يَظْهَرُ ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ .
وَلَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ مَعِيبٍ ، فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا لَزِمَهُ مَا لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ وَلَا يَرُدُّهُ مُوَكِّلُهُ ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ الْمَالِ فَفُضُولِيٌّ ، وَإِنْ جَهِلَ عَيْبَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ ، وَلَهُ رَدُّهُ قَبْلَ إعْلَامِ مُوَكِّلِهِ ، وَأَخْذُ سَلِيمٍ إلَّا فِي شِرَاءٍ مُعَيَّنٍ ، فَفِي رَدِّهِ وَجْهَانِ ( م 23 ) فَإِنْ مَلَكَهُ فَلَهُ شِرَاؤُهُ إنْ عَلِمَ عَيْبَهُ قَبْلَهُ ، وَإِنْ أَسْقَطَ خِيَارَهُ فَحَضَرَ مُوَكِّلُهُ وَرَضِيَ بِهِ لَزِمَهُ ، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهُ .
وَفِي الْمُغْنِي : عَلَى وَجْهٍ ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهُ لَزِمَ الْوَكِيلَ ، وَقِيلَ : الْمُوَكِّلَ ، وَلَهُ أَرْشُهُ [ فِيهِ ] وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : إنْ جَهِلَ عَيْبَهُ وَقَدْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ فَهَلْ يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ ؟ فِيهِ خِلَافٌ ، وَقَالَ : إذَا اشْتَرَاهُ .
مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَهَلْ يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ ؟ لِأَنَّ الْعَيْبَ إنَّمَا يُخَافُ مِنْهُ نَقْصُ الْمَالِيَّةِ ، فَإِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلثَّمَنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْضَى بِهِ ، أَمْ لَا يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، فَإِنْ ادَّعَى بَائِعُهُ عِلْمَ مُوَكِّلِهِ الْغَائِبِ بِعَيْبِهِ وَرِضَاهُ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَرَدَّهُ وَأَخَذَ حَقَّهُ فِي الْحَالِ ، وَقِيلَ : يَقِفُ عَلَى حَلِفِ مُوَكِّلِهِ ، وَكَذَا قَوْلُ غَرِيمٍ لِوَكِيلٍ غَائِبٍ فِي قَبْضِ حَقِّهِ : أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك ، أَوْ : قَبَضَهُ .
وَيُحْكَمُ بِبَيِّنَةٍ إنْ حُكِمَ عَلَى غَائِبٍ .
.
مَسْأَلَةٌ 23 ) قَوْلُهُ : وَأَمَّا إنْ جَهِلَ عَيْبَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ ، وَلَهُ رَدُّهُ قَبْلَ إعْلَامِ مُوَكِّلِهِ ، وَأَخْذُ سَلِيمٍ إلَّا فِي شِرَاءٍ مُعَيَّنٍ ، فَفِي رَدِّهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ الرَّدُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : هَذَا أَوْلَى ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : لَا يَرُدُّهُ ، فِي الْأَظْهَرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَإِنْ حَضَرَ [ الْغَائِبُ ] الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ فَهَلْ يَصِحُّ الرَّدُّ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 24 ) وَفِي النِّهَايَةِ : يَطَّرِدُ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ ، وَفِي اسْتِيفَاءِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَسَائِرِ حَقٍّ مَعَ غَيْبَةِ مُوَكِّلٍ وَحُضُورِ وَكِيلِهِ ، وَحَكَاهُمَا غَيْرُهُ فِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ ، اخْتَارَهَا ابْنُ بَطَّةَ ، وَرِضَاءُ مُوَكِّلٍ غَائِبٍ بِمَعِيبٍ عَزْلٌ لَهُ عَنْ رَدِّهِ ، وَلَا يَصِحُّ .
بَيْعُهُ نَسَاءً وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ غَالِبِهِ ، كَنَفْعٍ وَعَرَضٍ .
وَفِيهِ احْتِمَالٌ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُوجَزِ ، وَكَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ ثَلْجٍ فِي الصَّيْفِ ، وَفَحْمٍ فِي الشِّتَاءِ فَخَالَفَ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، كَقَوْلِهِ : كَيْفَ شِئْت ، كَمُضَارِبٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ يَبِيعُ وَكِيلٌ حَالًا بِنَقْدِ مِصْرِهِ وَغَيْرِهِ لَا نَسَاءً وَفِي الِانْتِصَارِ [ يُحْتَمَلُ ] يَلْزَمُهُ النَّقْدُ أَوْ مَا نَقَصَ .
.
مَسْأَلَةٌ 24 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ فَهَلْ يَصِحُّ الرَّدُّ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ الرَّدُّ ، وَهُوَ بَاقٍ لِلْمُوَكِّلِ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، فَيُجَدِّدُ الْمُوَكِّلُ الْعَقْدَ ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ .
قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : يَصِحُّ الرَّدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ ، انْتَهَى ( قُلْت ) : الصَّوَابُ إنْ كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْإِخْبَارِ انْبَنَى عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِخْبَارِ لَمْ يَصِحَّ الرَّدُّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ ادَّعَيَا إذْنًا فِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِمَا أَوْ فِي الشِّرَاءِ بِكَذَا قُبِلَ قَوْلُهُمَا ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُضَارِبِ ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِيهِ ، وَقِيلَ : لَا ، فِيهِمَا ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ حَلَّ وَإِلَّا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ بَاطِنًا لِيَحِلَّ ، فَإِنْ قَالَ : بِعْتُكَهُ إنْ كَانَ لِي ، أَوْ : إنْ كُنْت أَذِنْت فِي شِرَائِهِ بِكَذَا ، فَقِيلَ : يَصِحُّ ، لِعِلْمِهِمَا وُجُودَ الشَّرْطِ ، كَبِعْتُك هَذِهِ الْأَمَةَ إنْ كَانَتْ أَمَةً ، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ عَلِمَا وُجُودَهُ لَا يُوجِبُ وُقُوفَ الْبَيْعِ وَلَا شَكًّا فِيهِ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، لِتَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ ( م 25 ) وَفِي الْفُصُولِ : أَصْلُ هَذَا إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَفَرْضٌ .
وَإِلَّا فَنَفْلٌ .
وَإِنْ لَمْ يَبِعْ أَذِنَ حَاكِمٌ لَهُ فِي بَيْعِهِ أَوْ بَاعَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ، قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ : وَلَا يَسْتَوْفِيهِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : وَقِيلَ : يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ مَا غَرِمَهُ مِنْ ثَمَنِهِ ، [ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بَاعَ حَاكِمٌ ] وَفِي التَّرْغِيبِ : الصَّحِيحُ لَا يَحِلُّ ، وَهَلْ يَقِرُّ بِيَدِهِ أَوْ يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ .
وَإِنْ كَذَّبَ الْبَائِعُ الْوَكِيلَ فِي أَنَّ الشِّرَاءَ لِغَيْرِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ صُدِّقَ ، فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ عِلْمَهُ حَلَفَ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : إنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ وَادَّعَى أَنَّهُ يَبْتَاعُ بِمَالِ الْوَكَالَةِ فَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ فَقِيلَ : يَبْطُلُ ، كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا ، وَكَقَوْلِهِ : قَبِلْت النِّكَاحَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَيُنْكِرُ الْوَكَالَةَ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ ، فَإِذَا حَلَفَ الْمُوَكِّلُ : مَا أَذِنَ لَهُ ، لَزِمَ الْوَكِيلَ ، وَفِي التَّبْصِرَةِ : كُلُّ التَّصَرُّفَاتِ كَالْبَيْعِ نَسَاءً .
.
مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ فِي أَنَّهُ أَذِنَ لَهُمَا فِي الْبَيْعِ نَسَاءً : لَوْ قَالَ : بِعْتُكَهُ إنْ كَانَ لِي ، أَوْ [ إنْ ] كُنْت أَذِنْت فِي شِرَائِهِ بِكَذَا ، فَقِيلَ : يَصِحُّ ، لِعِلْمِهِمَا وُجُودَ الشَّرْطِ ، كَبِعْتُك هَذِهِ الْأَمَةَ إنْ كَانَتْ أَمَةً ، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ عَلِمَا وُجُودَهُ لَا يُوجِبُ وُقُوفَ الْبَيْعِ فَلَا يُؤَثِّرُ شَكًّا فِيهِ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، لِتَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ .
انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ ، وَظَاهِرُ الْكَافِي إطْلَاقُ الْخِلَافِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي ، وَمَالَ إلَيْهِ هُوَ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ فِي الْفُصُولِ .
وَبَيْعُهُمَا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَقْصًا وَشِرَاؤُهُمَا بِأَكْثَرَ قِيلَ : كَفُضُولِيُّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ تَلِفَ .
فَضَمِنَ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى مُشْتَرٍ لِتَلَفِهِ عِنْدَهُ وَقِيلَ : يَصِحُّ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ مَعَ ضَمَانِهِ زِيَادَةً وَنَقْصًا ، قِيلَ : لَا يُغْبَنُ بِهِ ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ( م 26 و 27 ) وَعَلَى الصِّحَّةِ لَا يَضْمَنُ عَبْدٌ لِسَيِّدِهِ وَصَبِيٌّ لِنَفْسِهِ ، وَيُحْتَمَلُ فِيهِ : يَبْطُلُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
وَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ ، وَقِيلَ : مِنْ جِنْسِ الْمُعَيَّنِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْفَسْخُ ، لِزِيَادَةِ مُدَّةِ خِيَارٍ ، وَفِيهِ وَجْهٌ .
.
مَسْأَلَةٌ 26 وَ 27 ) قَوْلُهُ : وَبَيْعُهُمَا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَقْصًا وَشِرَاؤُهُمَا بِأَكْثَرَ قِيلَ : كَفُضُولِيٍّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ تَلِفَ فَضَمَّنَهُ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي ، كَتَلَفِهِ عِنْدَهُ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ مَعَ ضَمَانِهِ زِيَادَةً وَنَقْصًا ، وَقِيلَ : لَا يُغْبَنُ عَادَةً ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 26 ) إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَقْصًا أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ زِيَادَةً فَهَلْ هُوَ كَفُضُولِيٍّ أَوْ يَصِحُّ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ ، وَالْقَاضِي فِي الْخِلَافِ ، وَغَيْرِهِمَا .
قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَالَ : قَالَهُ الْأَكْثَرُ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى .
( وَالْقَوْلُ الْآخَرُ ) هُوَ كَفُضُولِيٍّ .
وَالصَّحِيحُ فِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ .
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ : وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ ، انْتَهَى .
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ، نَصَّ عَلَيْهَا ، وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَقَالَ : إنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ أُصُولُ الْمَذْهَبِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ( قُلْت ) وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَنْزِعُ إلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي .
( تَنْبِيهٌ ) سَوَّى الْمُصَنِّفُ بَيْنَ مَا إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَقْصًا
وَبَيْنَ مَا إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ زِيَادَةً ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ حَيْثُ قَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الصِّحَّةَ ، وَقَطَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِعَدَمِهَا .
وَقَدْ ذَكَرَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ : ( الثَّالِثُ ) الْفَرْقُ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 27 ) إذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ ، وَأَطْلَقَ فِي قَدْرِهِ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) هُوَ قَدْرُ مَا بَيْنَ مَا بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ : هَذَا أَقْيَسُ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ قَدْرُ مَا بَيْنَ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ وَمَا لَا يَتَغَابَنُونَ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا إذَا لَمْ يُفَرِّطْ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
.
وَهَلْ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ بِشَرْطِ خِيَارٍ لَهُ ؟ وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، وَتَزْكِيَةُ بَيِّنَةِ خَصْمِهِ ، وَالْمُخَاصَمَةُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَانَ مُسْتَحَقًّا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 28 - 30 ) وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ فَلِمُوَكِّلِهِ .
وَإِنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ فَلَهُمَا ، وَلَا يَصِحُّ لَهُ فَقَطْ ، وَيَخْتَصُّ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ ، وَيَخْتَصُّ بِهِ مُوَكِّلُهُ إنْ حَضَرَهُ وَحَجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَصِحَّةِ تَوْكِيلٍ فِي إقْرَارٍ وَصُلْحٍ وَبَيْعِ مَا اسْتَعْمَلَهُ ، مَعَ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ وَلُزُومُ فَسْخِهِ لِزِيَادَةٍ فِي الْمَجْلِسِ وَبَيْعُهُ ثَانِيًا إنْ فَسَخَ وَبَيْعُ بَدَلِهِ وَجْهَانِ .
وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ وَذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ : تَوْكِيلُهُ فِي إقْرَارٍ إقْرَارٌ ( م 31 - 36 ) وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ : يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ مَا يُقِرُّ بِهِ وَإِلَّا رَجَعَ فِي تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ .
قَالَ : وَلَا خِلَافَ أَنَّ وَكِيلَ الْخُصُومَةِ يَمْلِكُ الطَّعْنَ فِي الشُّهُودِ وَمُدَافَعَتَهُمْ وَسَمَاعَ الْبَيِّنَةِ لِضَرُورَةِ الْمُخَاصَمَةِ ، وَيَلْزَمُهُ طَلَبُ الْحَظِّ لِمُوَكِّلِهِ ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ : دَلِيلُ الْعُرْفِ فِي إبْطَالِ بَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ ضَعِيفٌ ، لِأَنَّهُ بِالطَّبْعِ يَرْغَبُ فِي بَيْعِهِ بِفَوْقِ ثَمَنِ الْمِثْلِ ، وَمَعَ هَذَا لَوْ قَدَرَ الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِهِ بِزِيَادَةٍ فَبَاعَ بِالْمِثْلِ لَزِمَ الْبَيْعُ الْمُوَكِّلَ بِلَا خِلَافٍ ، فَبَطَلَتْ قَرِينَةُ الْعُرْفِ إذًا ، كَذَا قَالَ ، وَيُشْبِهُ هَذَا مَنْ وَكَّلَ فِي الصَّدَقَةِ بِمَالٍ هَلْ لَهُ دَفْعُهُ إلَى مُسْتَحِقٍّ غَيْرُهُ أَحَقُّ ؟ وَيَتَوَجَّهُ الْفَرْقُ ، لِأَنَّ الْقَصْدَ غَالِبًا مَعَ الْإِطْلَاقِ الصَّدَقَةُ عَلَى مُسْتَحِقٍّ لَا طَلَبُ الْأَحَقِّ ، هُنَا بِالْعَكْسِ ، وَنَصْرُ هَذَا فِي طَرِيقَتِهِ إبْطَالُ الْبَيْعِ فِي بَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ تَثْبُتُ بِمَا هُوَ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ بِالْبَيْعِ ، وَهَذَا سَهْوٌ .
وَفِي النَّوَادِرِ تَنَازَعَا فِي كِتَابٍ
وَبَيْنَهُمَا عَارِفٌ فَحَكَّمَاهُ فَوَكَالَةٌ بِإِقْرَارٍ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ فَتَصِحُّ ، لَا حُكْمٌ .
( مَسْأَلَةٌ 28 - 30 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ؟ وَقِيلَ : مُطْلَقًا وَتَزْكِيَةُ بَيِّنَةِ خَصْمِهِ وَالْمُخَاصَمَةُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَانَ مُسْتَحَقًّا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
شَمَلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 28 ) هَلْ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعٍ لَمْ يَشْتَرِطْ لِلْمُشْتَرِي خِيَارًا ، وَإِنْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ ، وَهَلْ لَهُ شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : فِي خِيَارِ الشَّرْطِ صِحَّةُ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ : وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ أَوْ شَرَطَهُ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا : إنْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ وَأَطْلَقَ فَهُوَ لِمُوَكِّلِهِ ، كَمَا لَوْ قَالَ : لَهُ ، وَإِنْ قَالَ : لِي ، فَهُوَ لَهُمَا ، وَإِنْ قَالَ : لِي وَحْدِي ، أَوْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِمَا ؟ لَمْ يَصِحَّ ، وَقِيلَ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ شَرْطُهُ لِغَيْرِهِمَا إنْ قُلْنَا لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ .
وَفِيهِ نَظَرٌ ، انْتَهَى .
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ رَأَى فِي شَرْطِهِ الْخِيَارَ مَصْلَحَةً كَانَ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 29 ) هَلْ يُسَوَّغُ لِلْوَكِيلِ تَزْكِيَةُ بَيِّنَةِ خَصْمِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
أَحَدُهُمَا ) يَسُوغُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ تَعْدِيلِ الْخَصْمِ لِبَيِّنَةِ خَصْمِهِ ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَوَصْفِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 30 ) هَلْ يُسَوَّغُ لِلْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ
الْمُخَاصَمَةُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَانَ مُسْتَحَقًّا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُسَوَّغُ لَهُ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُسَوَّغُ ( قُلْت ) : وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ ، وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْقَرَائِنِ ، فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَبُعْدِهِ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَنَحْوِهِ سَاغَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلِلشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ تَعَالِيلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 31 - 36 ) قَوْلُهُ وَفِي صِحَّةِ تَوْكِيلٍ فِي إقْرَارٍ وَصُلْحٍ وَبَيْعٍ مَا اسْتَعْمَلَهُ مَعَ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ [ إنْ تَلِفَ ] وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ ، وَلُزُومُ فَسْخِهِ لِزِيَادَةٍ فِي الْمَجْلِسِ وَبَيْعِهِ ثَانِيًا إنْ فُسِخَ وَبِيعَ بَدَلَهُ وَجْهَانِ .
وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ وَذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ تَوْكِيلُهُ فِي إقْرَارِ إقْرَارٍ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 31 ) هَلْ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
قَالَ فِي الْإِرْشَادِ .
وَلَوْ جَعَلَ إلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ عَلَيْهِ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَنَصَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ .
لِأَنَّهُ إثْبَاتُ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ بِالْقَوْلِ ، فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِيهِ ، كَالْبَيْعِ .
انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَأْتِي ذِكْرُهُمْ فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 32 ) هَلْ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الصُّلْحِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَظَاهِرُ الْإِرْشَادِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ ، وَتَبِعَهُ فِي التَّلْخِيصِ ( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا .
قَالَ ابْنُ رَزِينٍ .
يَصِحُّ إجْمَاعًا ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ فِي الْحَاجَةِ إلَى التَّوْكِيلِ فِيهِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) بَلْ هُوَ أَوْلَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 33 ) هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ مَا اسْتَعْمَلَهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَتَعَدَّى فِيهِ بِاسْتِعْمَالِهِ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ ( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ الِاسْتِئْمَانِ ، فَإِذَا زَالَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَزُلْ الْآخَرُ .
وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ إذَا تَعَدَّى وَجْهَيْنِ ، وَذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْعَزْلِ ، وَذَكَرْنَا مَنْ اخْتَارَ كُلَّ قَوْلٍ ، فَلْيُعَاوِدْ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 34 ) هَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ فَسْخُ الْعَقْدِ لِزِيَادَةٍ حَصَلَتْ فِي الْمَجْلِسِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَقَالُوا : لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا ، فَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا ، وَلِأَنَّ الْمُزَايِدَ قَدْ لَا يَثْبُتُ عَلَى الزِّيَادَةِ ، فَلَا يَلْزَمُ الْفَسْخُ بِالشَّكِّ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : قُلْت : وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهُ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهَا ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَاءَتْهُ قَبْلَ الْبَيْعِ ، وَالنَّهْيُ يُتَوَجَّهُ إلَى الَّذِي زَادَ لَا إلَى الْوَكِيلِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 35 ) هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ الْوَكِيلِ لَهُ ثَانِيًا
إنْ فَسَخَ الْعَقْدَ مِثْلَ أَنْ يَظْهَرَ فِيمَا بَاعَهُ مَا يُوجِبُ الرَّدَّ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَوْ يَفْسَخُ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا ؟ أَوْ يَفْسَخُ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَنَحْوِهِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ ( الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ 36 ) هَلْ لِلْوَكِيلِ بَيْعُ بَدَلِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ لَوْ أَتْلَفَ مُتْلِفٌ مَا وُكِّلَ فِيهِ وَأَخَذَ بَدَلَهُ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ ذَلِكَ وَيَصِحُّ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، وَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ فِيمَا إذَا جَنَى عَلَى الرَّهْنِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ هَلْ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ الْمَأْذُونِ لَهُ بَيْعُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ وَذَكَرْنَا أَنَّ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحَ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ : قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَهُ بَيْعُهُ ، وَاقْتَصَرَا عَلَيْهِ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ .
تَنْبِيهَاتٌ : ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : " وَفِي صِحَّةِ تَوْكِيلٍ " الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ " وَصِحَّةُ تَوْكِيلٍ " بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ " فِي " وَوُجِدَ عَلَى الْهَامِشِ " الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا لَفْظَةَ فِي " وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهُ قَالَ : وَفِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ : " وَلَا يَضْمَنُ " الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ " لَا يَضْمَنُ " بِإِسْقَاطِ " الْوَاوِ " وَمَكَانُهَا بَيَاضٌ ، وَكَتَبَ عَلَى الْهَامِشِ : الظَّاهِرُ أَنَّ فِي هَذَا الْبَيَاضِ وَاوًا وَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ .
( الثَّانِي ) فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ
الْخِلَافَ فِي الْإِقْرَارِ ` وَالصُّلْحِ نَظَرٌ ، مَعَ قَطْعِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ بِالصِّحَّةِ ، لَا سِيَّمَا فِي الصُّلْحِ .
وَقَدْ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ : لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا .
وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ : يَصِحُّ فِيهِ إجْمَاعًا ( الثَّالِثُ ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ : " وَبَيْعُ مَا اسْتَعْمَلَهُ " إذَا تَعَدَّى بِاسْتِعْمَالِهِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادُهُ فَقَدْ قَالَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ : وَفِي تَعَدِّي وَكِيلٍ كَلُبْسِ ثَوْبٍ وَجْهَانِ ، فَحَصَلَ مِنْهُ تَكْرَارٌ فِيمَا يَظْهَرُ .
( الرَّابِعُ ) قَوْلُهُ : " وَلُزُومُ فَسْخِهِ لِزِيَادَةٍ فِي الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ " مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ " وَلَا يَلْزَمُهُ الْفَسْخُ لِزِيَادَةِ مُدَّةِ خِيَارٍ .
وَفِيهِ وَجْهٌ " فَقَدَّمَ عَدَمَ اللُّزُومِ ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ خِيَارِ الشَّرْطِ ، وَبِتِلْكَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ ، لَكِنَّ ظَاهِرَ تَعْلِيلِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ شُمُولُ الْخِيَارَيْنِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَلَمْ نَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ : وَإِنْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَحَضَرَ مَنْ يُزِيدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ .
وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَلَمْ نَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْكُتُبِ ( الْخَامِسُ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيهِ ، وَقَدْ قَاسُوهُ عَلَى الْبَيْعِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهُ قَالَ : وَفِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الْإِقْرَارِ وَجْهَانِ ، وَقِيلَ : التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ إقْرَارٌ ، انْتَهَى .
وَلَنَا قَوْلُ إنَّ التَّوْكِيلَ فِيهِ إقْرَارٌ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْفَخْرُ فِي طَرِيقَتِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى : وَالتَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ إقْرَارٌ ، فِي الْأَصَحِّ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا
الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيهِ .
أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَلَا يَكُونُ التَّوْكِيلُ فِيهِ إقْرَارًا ، قَوْلًا وَاحِدًا ، أَوْ يُقَالُ : الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ هُنَاكَ إذَا قُلْنَا : يَصِحُّ التَّوْكِيلُ ، لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا ، وَإِنْ قُلْنَا : لَا يَصِحُّ ، كَانَ إقْرَارًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ زَادَ الْأَزَجِيُّ : بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَأَنَّ مِثْلَهُ وَكَّلْتُكَ فِي شِرَاءِ مَا شِئْتَ مِنْ الْمَتَاعِ الْفُلَانِيِّ ، وَأَنَّهُ إنْ قَالَ : وَكَّلْتُكَ بِمَا إلَيَّ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ اُحْتُمِلَ الْبُطْلَانُ ، وَاحْتُمِلَ الصِّحَّةُ .
كَمَا لَوْ نَصَّ عَلَى الْإِفْرَادِ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ ، كَبَيْعِ مَالِهِ أَوْ الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : بَعَثَ .
بِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي حَاجَةٍ ، وَقَالَ : كُلُّ شَيْءٍ تَقُولُهُ عَلَى لِسَانِي فَأَنَا قُلْتُهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي بِعْ مِنْ مَالِي مَا شِئْتَ ، لَهُ بَيْعُ كُلِّ مَالِهِ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي بِعْ مِنْ عَبِيدِي مَنْ شِئْتَ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ ، فَلَا يَبِيعُهُمْ إلَّا وَاحِدًا وَلَا الْكُلَّ ، لِاسْتِعْمَالِ هَذَا فِي الْأَقَلِّ غَالِبًا ، وَقَالَ : وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ ، كَذَا قَالَ ، وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْمُوصَى إلَيْهِ : تَصَدَّقْ مِنْ مَالِي ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ إنْ وَكَّلَهُ فِي أَحَدِ شَيْئَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ كَطَلَاقِ وَعِتْقِ إحْدَاهُمَا لَمْ يَصِحَّ ، لِجَهَالَةِ الْوَكَالَةِ .
وَإِنْ قَالَ : اشْتَرِ عَبْدًا أَوْ مَا شِئْتَ ، فَعَنْهُ : يَصِحُّ ، وَقِيلَ : إنْ ذَكَرَ نَوْعَهُ ، وَعَنْهُ : وَقَدْرَ ثَمَنِهِ ، وَقِيلَ : أَقَلَّهُ وَأَكْثَرَهُ ( م 37 ) وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي شِرَاءَ عَبْدٍ .
مُسْلِمٍ ، عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ ، لِجَعْلِهِ الْكُفْرَ عَيْبًا .
( مَسْأَلَةٌ 37 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدًا أَوْ مَا شِئْتَ ، فَعَنْهُ : يَصِحُّ ، وَقِيلَ : إنْ ذَكَرَ نَوْعَهُ ، وَعَنْهُ : وَقَدْرَ ثَمَنِهِ ، وَقِيلَ : أَقَلُّهُ وَأَكْثَرُهُ ، انْتَهَى .
الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ حَتَّى يَذْكُرَ النَّوْعَ وَقَدْرَ الثَّمَنِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَعَنْهُ يَصِحُّ ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ : وَعَنْهُ : مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ .
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ ، بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رَجُلَيْنِ ، قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ : مَا اشْتَرَيْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ : إنَّهُ جَائِزٌ ، وَأَعْجَبَهُ ، وَقَالَ : هَذَا تَوْكِيلٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : إذَا أَطْلَقَ وَكَالَتَهُ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي سَائِرِ حُقُوقِهِ ، وَجَازَ بَيْعُهُ عَلَيْهِ وَابْتِيَاعُهُ لَهُ ، وَكَانَ خَصْمًا فِيمَا يَدَّعِيهِ لِمُوَكِّلِهِ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ ثُبُوتَ وَكَالَتِهِ عَنْهُ ، انْتَهَى .
وَقِيلَ : يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَقِيلَ : يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ أَوْ قَدْرُ الثَّمَنِ ، انْتَهَى .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ : وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي شِرَاءَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ ، لِجَعْلِهِ الْكُفْرَ عَيْبًا .
ظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ ابْنِ عَقِيلٍ يُجَوِّزُ شِرَاءَ الْكَافِرِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِعَيْبٍ عِنْدَهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، إلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ فَيَتَعَيَّنُ شِرَاءُ مُسْلِمٍ
وَإِنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَنْقُدُ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِعَكْسِهِ فَخَالَفَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ، وَإِنْ أَطْلَقَ جَازَ ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَقْدُ مَعَ فَقِيرٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ ، وَيَتَعَيَّنُ مَكَانَ عَيْنِهِ لِغَرَضٍ وَمُشْتَرٍ ، وَقَالَ الشَّيْخُ .
إلَّا مَعَ قَرِينَةٍ .
وَإِنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ بِكَذَا حَالًا أَوْ [ لَا ] يَبِيعُ بِكَذَا نَسَاءً فَخَالَفَ فِي حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ .
وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ بِدِرْهَمٍ فَبَاعَ بِدِينَارٍ فَوَجْهَانِ ( م 38 ) وَبِدِرْهَمٍ وَعَرَضٍ فَالْأَصَحُّ لَا يَبْطُلُ فِي زَائِدٍ بِحِصَّتِهِ ، وَإِنْ اخْتَلَطَ الدِّرْهَمُ بِآخَرَ ، لَهُ عَمَلٌ بِظَنِّهِ .
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ حُكْمًا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، .
مَسْأَلَةٌ 38 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ بِدِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِدِينَارٍ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ
وَإِنْ قَالَ : اشْتَرِ هَذَا بِمِائَةٍ ، صَحَّ بِأَقَلَّ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، بِخِلَافِ لَا تَشْتَرِهِ إلَّا بِهَا ، لِأَنَّهُ صَرِيحٌ ، وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لَا بِخَمْسِينَ فَفِيمَا دُونَ الْخَمْسِينَ وَجْهَانِ ( م 39 ) .
( مَسْأَلَةٌ 39 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لَا بِخَمْسِينَ فَفِيمَا دُونَ الْخَمْسِينَ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ قَالَ اشْتَرِهِ بِمِائَةٍ وَلَا تَشْتَرِهِ بِخَمْسِينَ فَلَهُ شِرَاؤُهُ بِمَا فَوْقَ الْخَمْسِينَ ، لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى دَلَالَةِ الْعُرْفِ ، انْتَهَى .
فَدَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِيهِ بِدُونِ الْخَمْسِينَ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِمَا دُونَ الْخَمْسِينَ جَازَ ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ، انْتَهَى .
وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ الصِّحَّةَ .
، وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدًا بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِيهِ بِأَقَلَّ أَوْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا يُسَاوِيهِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا ، .
صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَفِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ : فُضُولِيٌّ وَإِنْ بَقِيَ مَا يُسَاوِيهِ فَفِي بَيْعِ الْآخَرِ وَجْهَانِ ( م 40 ) وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ .
إنْ سَاوَى كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ دِينَارٍ صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ لَا لِلْوَكِيلِ ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا يُسَاوِي نِصْفَ دِينَارٍ فَرِوَايَتَانِ : إحْدَاهُمَا يَصِحُّ ، وَيَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ ، لِخَبَرِ عُرْوَةَ .
وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ كَشَرْطِهِ عَلَى وَكِيلٍ فِي بَيْعٍ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ لَمْ تَصِحَّ الْوَكَالَةُ ، وَوَكِيلُهُ فِي خُلْعٍ بِمُحَرَّمٍ كَهُوَ ، فَلَوْ خَالَعَ بِمُبَاحٍ صَحَّ بِقِيمَتِهِ ، وَإِنْ أَمَرَ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ بَعْضَهُ بِثَمَنِ كُلِّهِ صَحَّ ، وَلَهُ بَيْعُ بَقِيَّتِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ، إنْ لَمْ يَبِعْ بَقِيَّتَهُ وَقِيلَ : يَصِحُّ ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَيَصِحُّ بَيْعُ أَحَدِ عَبْدَيْنِ وَبَعْضُ صُبْرَةٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْبَيْعِ صَفْقَةً ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ لَمْ يَصِحَّ شِرَاءُ اثْنَيْنِ مَعًا ، وَيَصِحُّ شِرَاءُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أُمِرَ بِهِمَا ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ .
( مَسْأَلَةٌ 40 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدًا بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِيهِ بِأَقَلَّ أَوْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا يُسَاوِيهِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا ، صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَفِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ ، كَفُضُولِيٍّ وَإِنْ بَقِيَ مَا يُسَاوِيهِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ بَيْعُهُ إنْ كَانَتْ الْبَاقِيَةُ تُسَاوِي الدِّينَارَ .
قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِحَدِيثِ عُرْوَةَ .
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ : وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا ، لِأَنَّهُ بَاعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ مُطْلَقًا ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ ( قُلْت ) ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ حَدِيثِ عُرْوَةَ لَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي أَتَى بِهَا عُرْوَةَ تُسَاوِي دِينَارًا ، وَإِنَّمَا أَتَى بِدِينَارٍ وَشَاةٍ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَلَكِنْ يَرُدُّهُ كَوْنُهُ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي وَكَذَلِكَ ابْنُ حَمْدَانَ .
وَقَالَ فِي الْفَائِدَةِ الْعِشْرِينَ مِنْ الْقَوَاعِدِ : لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بِدُونِ إذْنِهِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) يَخْرُجُ عَلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ ( وَالثَّانِي ) أَنَّهُ صَحِيحٌ ، وَجْهًا وَاحِدًا ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ، انْتَهَى .
وَإِنْ وَكَّلَ فِي قَبْضِ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ لَمْ يُصَارَفْ ، وَإِنْ أَخَذَ رَهْنًا أَسَاءَ وَلَمْ يَضْمَنْهُ ، قَالَهُ أَحْمَدُ ، وَإِنْ عَيَّنَ قَبْضَهُ مِنْ زَيْدٍ تَعَيَّنَ أَوْ وَكِيلُهُ ، وَإِنْ قَالَ حَقِّي الَّذِي قِبَلَهُ أَوْ عَلَيْهِ فَمِنْهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ ، وَإِنْ قَالَ اقْبِضْهُ الْيَوْمَ لَمْ يَقْبِضْهُ غَدًا ، وَلِوَكِيلِهِ فِي شِرَاءِ حِنْطَةٍ أَوْ طَعَامٍ شِرَاءُ بُرٍّ فَقَطْ ، لِلْعَادَةِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، لَا دَقِيقُهُ وَفِي الْمُنْتَخَبِ : يَشْتَرِي خُبْزَ بُرٍّ مَعَ وُجُودِهِ ، لِلْعَادَةِ ، وَمَنْ أَمَرَ بِدَفْعِ ثَوْبٍ إلَى قَصَّارٍ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهُ وَنَسِيَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْمَالِكُ فَدَفَعَهُ إلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهُ وَلَا اسْمَهُ وَلَا دُكَّانَهُ ضَمِنَهُ ، لِتَفْرِيطِهِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ وَكَّلَ مُودَعًا أَوْ غَيْرَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِإِشْهَادٍ وَقِيلَ : وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فَقَضَاهُ بِدُونِهِ ضَمِنَ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إنْ كَذَّبَهُ ، وَعَنْهُ : لَا ، مُطْلَقًا ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، كَقَضَائِهِ بِحَضْرَتِهِ وَوَكِيلٍ فِي إيدَاعٍ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الثَّانِيَةِ رِوَايَةً ، وَإِنْ قَالَ : أَشْهَدْت فَمَاتُوا ، أَوْ أَذِنْت فِيهِ بِلَا بَيِّنَةٍ ، أَوْ قَضَيْت بِحَضْرَتِك ، صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ ، لِلْأَصْلِ ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْأُولَى لَا ، وَأَنَّ فِي الثَّانِيَةِ الْخِلَافَ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ .
وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ بِجُعْلٍ مَعْلُومٍ أَيَّامًا مَعْلُومَةً ، أَوْ يُعْطِيهِ مِنْ الْأَلْفِ شَيْئًا مَعْلُومًا ، لَا مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ كَذَا لَمْ يَصِفْهُ وَلَمْ يُقَدِّرْ ثَمَنَهُ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَإِنْ عَيَّنَ الثِّيَابَ الْمُعَيَّنَةَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ مُعَيَّنٍ فَفِي الصِّحَّةِ خِلَافٌ ( م 41 ) وَبِعْهُ بِكَذَا فَمَا زَادَ لَك ، قَالَ أَحْمَدُ : هَلْ هَذَا إلَّا كَالْمُضَارَبَةِ ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ] وَيَسْتَحِقُّهُ بِبَيْعِهِ نَسِيئَةً إنْ صَحَّ ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ ؟ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ .
وَفِي الْمُغْنِي : يَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَيْهِ ( م 42 ) وَيَفْسُدُ بِجُعْلٍ مَجْهُولٍ ، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِالْإِذْنِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ .
مَسْأَلَةٌ 41 ) قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِجَعْلٍ مَعْلُومٍ أَيَّامًا مَعْلُومَةً أَوْ يُعْطِيهِ مِنْ الْأَلْفِ شَيْئًا مَعْلُومًا ، لَا مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ كَذَا لَمْ يَصِفْهُ ، وَلَمْ يُقَدِّرْ ثَمَنَهُ ، وَإِنْ عَيَّنَ الثِّيَابَ الْمُعَيَّنَةَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ مُعَيَّنٍ فَفِي الصِّحَّةِ خِلَافٌ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ( وَالْقَوْلُ الْآخَرُ ) لَا يَصِحُّ .
مَسْأَلَةٌ 42 ) قَوْلُهُ : وَبِعْهُ بِكَذَا فَمَا زَادَ فَلَكَ صَحِيحٌ وَيَسْتَحِقُّهُ بِبَيْعِهِ نَسِيئَةً إنْ صَحَّ ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ ؟ يُتَوَجَّهُ الْخِلَافُ .
وَفِي الْمُغْنِي : يَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَلَهُ الْجُعْلُ بِالْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ ، انْتَهَى ، وَقَالَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ( قُلْت ) الصَّوَابُ الِاسْتِحْقَاقُ إلَّا إذَا قُلْنَا لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ بِقَوْلِ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِقَرِينَةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ حَتَّى يُسَلِّمَ الثَّمَنَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْخِلَافِ الْخِلَافُ فِي وَقْتِ مِلْكِ الْمُضَارِبِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ هَلْ هُوَ بِالظُّهُورِ ؟ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، أَوْ بِالْقِسْمَةِ ؟ وَقَالَ شَيْخُنَا : يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ هَلْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ ؟ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .
وَفِي قَبْضِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَ عَدَمَ الْجَوَازِ .
وَإِنْ ادَّعَى وَكَالَةً فِي قَبْضِ حَقٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ تَقْبِيضُهُ مَعَ تَصْدِيقِهِ ، وَلَا الْحَلِفُ مَعَ تَكْذِيبِهِ ، كَدَعْوَى وَصِيَّةٍ ، وَعَكْسُهُ دَعْوَاهُ مَوْتَ رَبِّ الْحَقِّ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ وَحْدَهُ وَصَدَّقَهُ .
وَإِنْ ادَّعَى .
أَنَّهُ مُحْتَالٌ فَأُولَى الْوَجْهَيْنِ كَالْوَكَالَةِ ( م 43 ) وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ ، فَلَا يُطَالِبُهُ وَتُعَادُ لِغَائِبٍ مُحْتَالٍ بَعْدَ دَعْوَاهُ ، فَيُقْضَى بِهَا لَهُ إذَنْ وَمَتَى أَنْكَرَ رَبُّ الْحَقِّ الْوَكَالَةَ حَلَفَ وَرَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ إنْ كَانَ دَيْنًا ، وَهُوَ عَلَى الْوَكِيلِ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَخَذَهَا .
وَلَا يَرْجِعُ مَنْ ضَمَّنَهُ بِهَا عَلَى الْآخَرِ ، وَمَتَى لَمْ يُصَدِّقْ الدَّافِعُ الْوَكِيلَ رَجَعَ عَلَيْهِ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ( و ) قَالَ : وَمُجَرَّدُ التَّسْلِيمِ لَيْسَ تَصْدِيقًا قَالَ : وَإِنْ صَدَّقَهُ ضَمِنَ أَيْضًا ، وَفِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، بَلْ نَصُّهُ ( و م ) لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ فَقَدْ غَرَّهُ ، نَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ بَعَثَ رَجُلًا إلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ أَوْ ثِيَابٌ يَأْخُذُ دِرْهَمًا أَوْ ثَوْبًا فَأَخَذَ أَكْثَرَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَاعِثِ ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ .
مَسْأَلَةٌ 43 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ مُحْتَالٌ فَأَوْلَى الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ كَالْوَكَالَةِ انْتَهَى ، هَذَا الْوَجْهُ الَّذِي قَالَ إنَّهُ أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ .
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ : هَذَا الْوَجْهُ أَشْبَهُ وَأَوْلَى ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ ابْنُ مُصَنِّفِ الْمُحَرَّرِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِوَالِدِهِ : أَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الدَّفْعِ اخْتِيَارُ الْقَاضِي ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَوَلَدَ الْمَجْدُ لَهُ زَوَائِدَ عَلَى شَرْحِ الْهِدَايَةِ الَّتِي لِوَالِدِهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْهَا .
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي : لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي جَوَازِ مَنْعِ الْوَكِيلِ كَوْنُ الدَّافِعِ لَا يَبْرَأُ .
وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا ، وَالْعِلَّةُ فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ إلَى الْوَارِثِ كَوْنُهُ مُسْتَحِقًّا ، وَالدَّفْعُ إلَيْهِ يُبْرِئُ ، وَهُوَ مُخْتَلِفٌ هُنَا ، فَإِلْحَاقُهُ بِالْوَكِيلِ أَوْلَى ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ مَعَ التَّصْدِيقِ وَالْيَمِينُ مَعَ الْإِنْكَارِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ .
قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : لَزِمَهُ ذَلِكَ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً الْخِلَافُ فِيهَا مُطْلَقٌ .
.
وَمَنْ أُخْبِرَ بِتَوْكِيلٍ وَظَنَّ صِدْقَهُ تَصَرَّفَ وَضَمِنَ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : إذَا تَصَرَّفَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْخَبَرِ فَهَلْ يَضْمَنُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَعَدَمِهَا ، وَإِسْقَاطِ التُّهْمَةِ فِي شَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ إذَا ظَنَّ صِدْقَهُ وَأَذِنَ الْغُلَامُ فِي دُخُولِهِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ .
.
وَلَوْ شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ اثْنَانِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَدْ عَزَلَهُ لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ ، وَيَتَوَجَّهُ : بَلَى ، كَقَوْلِهِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِصِحَّتِهَا ، وَكَقَوْلِ وَاحِدٍ غَيْرِهِمَا ، وَلَوْ أَقَامَا الشَّهَادَةَ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى الْوَكِيلِ فَشَهِدَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَ هَذَا .
الرَّجُلَ فِي كَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَ أَوْ قَالَ مَا عَلِمْتُ هَذَا وَأَنَا أَتَصَرَّفُ عَنْهُ ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ ، وَعَكْسُهُ مَا أَعْلَمُ صِدْقَهَا ، وَإِنْ أَطْلَقَ قِيلَ فَسِّرْ ، وَمَنْ قَصَدَ بَيَانَ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ رَتَّبَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِجَمِيعِ شُرُوطِهِ وَمَوَاثِقِهِ ، لِأَنَّهُ عَسِرٌ إذْ الْقَصْدُ بَيَانُ اقْتِضَاءِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ .
فَلَوْ قَالَ : أَعْطِ هَذَا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ نَحْوِهِمْ اسْتَأْذَنَهُ فِي عَدُوِّهِ وَفَاسِقٍ .
وَلَوْ قَالَ : إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ كَذَا وَكَذَا عُدَّ لُكْنَةً وَعِيًّا ، وَلَوْ قَالَ : مَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ فَاقْطَعْهُ حَسُنَ أَنْ يُرَاجِعَهُ فِيمَنْ سَعَى لَهُ فِي مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ التَّقْيِيدُ مِنْهُ ، وَكَذَا قَوْلُ الطَّبِيبِ : اشْرَبْهُ لِلْإِسْهَالِ فَعَرَضَ ضَعْفٌ شَدِيدٌ أَوْ إسْهَالٌ ، ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا .
لَا تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ كِتَابِيٍّ إنْ وَلِيَ الْمُسْلِمُ التَّصَرُّفَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : ذِمِّيٍّ ، وَكَرِهَهُ الْأَزَجِيُّ ، كَمَجُوسِيٍّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَتُكْرَهُ مُعَامَلَةٌ مِنْ مَالِهِ حَلَالٍ وَحَرَامٍ يُجْهَلُ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَعَنْهُ : يَحْرُمُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ ، وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ ، وَقِيلَ : أَوْ جَاوَزَ ثُلُثَهُ ، وَإِنْ خُلِطَ زَيْتٌ حَرَامٌ بِمُبَاحٍ تَصَدَّقَ بِهِ ، هَذَا مُسْتَهْلَكٌ ، وَالنَّقْدُ يُتَحَرَّى ، قَالَهُ أَحْمَدُ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النَّوَادِرِ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي الزَّيْتِ : أَعْجَبُ إلَيَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ ، هَذَا غَيْرُ الدَّرَاهِمِ ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ فِي الدَّرَاهِمِ تَحْرُمُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْحَلَالُ ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَدِيٍّ فِي الصَّيْدِ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : إنَّمَا قُلْتُهُ فِي دِرْهَمٍ حَرَامٍ مَعَ آخَرَ ، وَعَنْهُ : فِي عَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لَا تَجْحَفُ بِهِ ، وَاخْتَارَ الْأَصْحَابُ لَا يُخَرَّجُ قَدْرُ الْحَرَامِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : ثُمَّ لَا يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّ مِنْ الْوَرَعِ تَرْكُهُ ، وَفِي الْخِلَافِ فِي اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ بِالنَّجِسَةِ ظَاهِرُ مَقَالَةِ أَصْحَابِنَا يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَأَبَا عَلِيٍّ النَّجَّادَ وَأَبَا إِسْحَاقَ : يُتَحَرَّى فِي عَشَرَةٍ طَاهِرَةٍ فِيهَا إنَاءٌ نَجَسٌ ، لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الدَّرَاهِمِ فِيهَا دِرْهَمٌ حَرَامٌ ، فَإِنْ كَانَتْ عَشْرَةً أُخْرِجَ قَدْرُ .
الْحَرَامِ مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ امْتَنَعَ مِنْ جَمِيعِهَا ، قَالَ : وَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا حَدًّا ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاعْتِبَارُ بِمَا كَثُرَ عَادَةً ، وَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : قَدْ قُلْتُمْ إذَا اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَرَامٌ بِدَرَاهِمَ يُعْزَلُ قَدْرُ الْحَرَامِ وَيُتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي ؛ فَقَالَ : إنْ كَانَ لِلدِّرْهَمِ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مُنْفَرِدًا وَإِلَّا عُزِلَ قَدْرُ الْحَرَامِ وَتُصُرِّفَ فِي الْبَاقِي ، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا فَهُوَ شَرِيكٌ
مَعَهُ ، فَهُوَ يَتَوَصَّلُ إلَى مُقَاسَمَتِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ مَالٌ لِلْفُقَرَاءِ فَيَجُوزُ [ لَهُ ] أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : قِيَاسُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُتَحَرَّى فِي الْمَسْلُوخَتَيْنِ ، لِأَنَّهُ قَالَ [ فِي ] دِرْهَمٍ غَصْبٍ اخْتَلَطَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ : يُعْزَلُ قَدْرُ الْحَرَامِ وَيَتَصَرَّفْ فِيمَا بَقِيَ ، وَلَمْ يُتَحَرَّ فِي الدَّرَاهِمِ ، وَمَتَى جُهِلَ قَدْرُهُ تَصَدَّقَ بِمَا يَرَاهُ حَرَامًا ، قَالَهُ أَحْمَدُ ، فَدَلَّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ الظَّنُّ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : قَالَ أَحْمَدُ : لَا تَبْحَثْ عَنْ شَيْءٍ مَا لَمْ تَعْلَمْ فَهُوَ خَيْرٌ ، وَبِأَكْلِ الْحَلَالِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وَتَلِينُ .
.
وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّرِكَةِ الْعَاقِدَانِ كَوَكَالَةٍ وَأَقْسَامُهَا الصَّحِيحَةُ أَرْبَعَةٌ .
أَحَدُهَا ( الْمُضَارَبَةُ ) وَهِيَ دَفْعُ مَالِهِ الْمَعْلُومِ ، لَا صُبْرَةِ نَقْدٍ وَلَا أَحَدِ كِيسَيْنِ سَوَاءٌ إلَى مَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لَهُ أَوْ لِعَبْدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ مَعَ عَمَلٍ مِنْهُ كَنِصْفِ رِبْحِهِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا عَمَلُ بَدَنٍ وَمِنْ الْآخَرِ مَالٌ هُوَ أَعْيَانٌ تَتَمَيَّزُ بِالْعَمَلِ عَلَيْهَا ، وَيَكُونُ الْعَمَلُ عَلَيْهَا بِبَعْضِ نَمَائِهَا ، فَظَاهِرُهُ لَا يُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ ، فَإِنْ قَالَ : وَرِبْحُهُ بَيْنَنَا ، فَنِصْفَانِ ، وَإِنْ قَالَ : لَك وَالْأَصَحُّ : أَوْ لِي ثُلُثُهُ صَحَّ ، وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ ، وَإِنْ أُتِيَ مَعَهُ بِرُبُعِ عُشْرِ الْبَاقِي وَنَحْوِهِ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَلَوْ اخْتَلَفَا لِمَنْ الْمَشْرُوطُ فَلِلْعَامِلِ ، وَإِنْ قَالَ : خُذْهُ فَاتَّجِرْ بِهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي ، فَإِبْضَاعٌ ، وَإِنْ قَالَ : لَك ، فَقَرْضٌ ، وَإِنْ قَالَ : خُذْهُ مُضَارَبَةً وَرِبْحُهُ لِي أَوْ قَالَ : لَك ، فَسَدَتْ وَلَا تَصِحُّ هِيَ .
وَشَرِكَةُ عِنَانٍ بِعَرَضٍ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَفِي الصِّحَّةِ بِمَغْشُوشَةٍ وَفُلُوسٍ نَافِقَتَيْنِ وَقِيلَ : أَوْ لَا وَجْهَانِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي فُلُوسٍ نَافِقَةٍ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَلَا أَثَرَ هُنَا ، وَفِي الرِّبَا وَغَيْرِهِمَا لِغِشٍّ يَسِيرٍ لِمَصْلَحَتِهِ ، كَحَبَّةِ فِضَّةٍ وَنَحْوِهَا فِي دِينَارٍ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ : الصِّحَّةُ بِقِيمَةِ عَرَضٍ وَقْتَ الْعَقْدِ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : يَصِحُّ ، وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ يَصِحُّ بِمِثْلِيٍّ ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا ، وَالْمَنْصُوصُ : وَبِعْ هَذَا وَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَقَدْ ضَارَبْتُك بِهِ ، لِأُضَارِبَ بِدَيْنِي عَلَى زَيْدٍ فَأَقْبِضُهُ ، وَيَصِحُّ : اقْبِضْهُ وَضَارِبِ بِهِ ، وَبِوَدِيعَتِي عِنْدَك وَاقْبِضْهَا مِنْ فُلَانٍ وَضَارِبِ بِهَا ، وَضَارِبِ بِعَيْنِ مَالِي الَّذِي غَصَبْته مِنِّي ، وَقِيلَ : لَا يَزُولُ ضَمَانُهُ إلَّا بِدَفْعِهِ ثَمَنًا ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ ، وَيَكْفِي مُبَاشَرَتُهُ ، وَقِيلَ : يُعْتَبَرُ نُطْقُهُ .
مَسْأَلَةٌ 1 ) كِتَابُ الشَّرِكَةِ [ قَوْلُهُ ] وَفِي الصِّحَّةِ بِمَغْشُوشَةٍ وَفُلُوسٍ نَافِقَتَيْنِ وَقِيلَ : أَوْ لَا وَجْهَانِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي فُلُوسٍ نَافِقَةٍ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ ، ذَكَرُوهُ فِي الْمُضَارَبَةِ ، وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ فِي الْمَغْشُوشَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي الْفُلُوسِ وَقَالَا : حُكْمُ الْمَغْشُوشِ حُكْمُ الْمَعْرُوضِ ، وَقَدْ قَالَا : لَا يَصِحُّ بِالْعُرُوضِ ، فِي ظَاهِرِ الْمُذْهَبِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ : قُلْت : إنْ عُلِمَ قَدْرُ الْغِشِّ وَجَازَتْ الْمُعَامَلَةُ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ قُلْنَا الْفُلُوسُ مَوْزُونَةٌ كَأَصْلِهَا أَوْ أَثْمَانٌ صَحَّتْ ، وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ الصِّحَّةُ فِيهَا ، وَفِي الْمَغْشُوشَةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ الْفُلُوسِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ ، " نَافِقَتَيْنِ وَقِيلَ : أَوْ لَا " يَعْنِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا نَافِقَتَيْنِ ، أَمَّا الْمَغْشُوشَةُ فَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِيهَا صَرِيحًا إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَمْدَانَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَعَامِلًا بِهَا ، وَأَمَّا الْفُلُوسُ فَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّفَاقِ فِيهَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرُهُ ، وَحَكَاهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ قَوْلًا
كَالْمُصَنِّفِ .
.
وَتَصِحُّ مِنْ مَرِيضٍ وَلَوْ سَمَّى لِعَامِلِهِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ ، وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ ، وَمُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ ، قِيلَ : مِثْلُهَا ، وَقِيلَ : مِنْ ثُلُثِهِ ، كَأَجِيرٍ ( م 2 ) وَيَصِحُّ فِيهِنَّ شَرْطُ الْعَامِلِ عَمَلَ الْمَالِكِ مَعَهُ أَوْ عَبْدِهِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ : مَعَ عِلْمِ عَمَلِهِ وَدُونَ النِّصْفِ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ فِي عَبْدِهِ ، كَبَهِيمَتِهِ ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ أَعْطَى رَجُلًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمَوْصِلِ فَيُوَجَّهُ إلَيْهِ بِطَعَامٍ فَيَبِيعُهُ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ وَيُوَجَّهُ إلَيْهِ إلَى الْمَوْصِلِ قَالَ : لَا بَأْسَ إذَا كَانُوا تَرَاضَوْا عَلَى الرِّبْحِ ، وَلَا يَضُرُّ عَمَلُ الْمَالِكِ بِلَا شَرْطٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
.
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَتَصِحُّ مِنْ مَرِيضٍ وَلَوْ سَمَّى لِعَامِلِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ ، وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ ، وَمُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ ، قِيلَ : مِثْلُهَا ، وَقِيلَ : مِنْ ثُلُثِهِ ، كَأَجِيرٍ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) تُحْسَبُ الْمُحَابَاةُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ مِنْ الثُّلُثِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ كَالْمُضَارَبَةِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِرَجُلٍ : اعْمَلْ مَعِي ، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَبَيْنَنَا ، صَحَّ ، نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد .
وَيَصِحُّ تَوْقِيتُهَا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، فَلَوْ قَالَ : فَإِذَا مَضَى [ شَهْرٌ ] فَهُوَ قَرْضٌ فَمَضَى وَهُوَ مَتَاعٌ فَلَا بَأْسَ إذَا بَاعَهُ كَانَ قَرْضًا ، نَقَلَهُ مُهَنَّا ، وَيَصِحُّ : إذَا انْقَضَتْ السَّنَةُ فَلَا تَشْتَرِ ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ .
.
وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ وَيَقْبِضَ وَيُحِيلَ وَيُؤَجِّرَ وَعَكْسُ ذَلِكَ ، وَيَرُدُّ بِعَيْبٍ لِلْحَظِّ ، وَلَوْ رَضِيَ بِهِ شَرِيكُهُ وَيُقِرُّ بِهِ ، وَفِي التَّبْصِرَةِ : وَلَوْ بَعْدَ فَسْخِهَا ، وَيُسَافِرُ بِهِ .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ صَحَّحَهَا الْأَزَجِيُّ : وَيَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ وَيُقَابِلُ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِنَّ ، بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ ، وَعَنْهُ : بِإِذْنٍ ، وَإِنْ سَافَرَ وَالْغَالِبُ الْعَطَبُ ضَمِنَ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ : وَفِيمَا لَيْسَ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وَيَأْتِي فِي الْمُودَعِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي وَلِيِّ يَتِيمٍ يَتَّجِرُ مَوْضِعَ أَمْنٍ ، وَيَتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ ، وَمَتَى لَمْ يَعْلَمَا بِخَوْفِهِ أَوْ بِفَلَسِ مُشْتَرٍ لَمْ يَضْمَنَا ، ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي شِرَائِهِ مَنْ يَعْتِقُ ، وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ ، وَلَهُ شِرَاءُ مَعِيبٍ ، بِخِلَافِ وَكِيلٍ ، وَلَا يُبْضِعُ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
وَفِي الْإِيدَاعِ وَفِي الْمُبْهِجِ وَالرِّعَايَةِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي الْإِيدَاعِ .
وَفِي الْمُبْهِجِ وَالرِّعَايَةِ رِوَايَتَانِ ، يَعْنِي هَلْ لَهُ أَنْ يُودِعَ أَمْ لَا ؟ وَحَكَاهُمَا جَمَاعَةٌ وَجْهَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِيدَاعَ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ .
قَالَ النَّاظِمِيُّ : وَهُوَ أَوْلَى ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ : وَلَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ مَعَ الْحَاجَةِ .
وَلَوْ اشْتَرَى خَمْرًا جَاهِلًا ضَمِنَ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَلَا يَمْلِكُ دَفْعَهُ مُضَارَبَةً ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ تَوْكِيلِهِ ، وَلَا أُجْرَةَ لِلثَّانِي عَلَى رَبِّهِ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَقِيلَ : عَلَى الْأَوَّلِ مَعَ جَهْلِهِ ، كَدَفْعِ غَاصِبٍ وَإِنْ مَعَ عِلْمِهِ لَا شَيْءَ لَهُ ، وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ ، إنْ كَانَ شِرَاؤُهُ بِعَيْنِ الْمَالِ ، وَذَكَرُوا وَجْهًا : إنْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ أَنَّهُ لِلثَّانِي ، وَلَا خُلْطَةَ بِغَيْرِهِ ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ بِمَالِ نَفْسِهِ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَمُهَنَّا ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ ، فَيَدْخُلُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَلَا الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ ، وَكَذَا بِثَمَنٍ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ جِنْسِهِ ، وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ ، كَشِرَائِهِ بِفِضَّةٍ وَمَعَهُ ذَهَبٌ أَوْ عَكْسُهُ ، وَلَا أَخْذُ سَفْتَجَةٍ بِهِ وَلَا دَفْعُهَا ، فَإِنْ قَالَ : اعْمَلْ بِرَأْيِك ، وَرَأَى مَصْلَحَةً ، جَازَ الْكُلُّ ، فَلَوْ كَانَ مُضَارِبًا بِالنِّصْفِ فَدَفَعَهُ لِآخَرَ بِالرُّبُعِ عَمِلَ بِذَلِكَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالْأَصَحُّ : وَيَجُوزُ أَخْذُ سَفْتَجَةٍ .
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَالِاسْتِدَانَةُ وَعَلَى الْأَصَحِّ : وَالزِّرَاعَةُ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَقَرْضُهُ [ وَقِيلَ ] وَكَذَا مُكَاتَبَةُ رَقِيقٍ وَعِتْقُهُ بِمَالٍ وَتَزْوِيجُهُ ، وَالْمُذْهَبُ : لَا ، إلَّا بِإِذْنٍ ، كَتَبَرُّعٍ وَنَحْوِهِ ، نَقَلَ حَنْبَلٌ : يَتَبَرَّعُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ لِمَصْلَحَةٍ .
.
وَلَهُ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْأَوَّلِ حُرِّمَ ، فَإِنْ خَالَفَ وَرَبِحَ رَدَّ نَصِيبَهُ مِنْهُ فِي شَرِكَةِ الْأَوَّلِ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا يَرُدُّ كَعَمَلِهِ فِي مَالِهِ أَوْ إيجَارِ نَفْسِهِ .
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ : إذَا اشْتَرَطَ النَّفَقَةَ فَقَدْ صَارَ أَجِيرًا لَهُ وَلَا يُضَارِبُ لِغَيْرِهِ ، قِيلَ : فَإِنْ كَانَتْ لَا تَشْغَلُهُ ؟ قَالَ : لَا يُعْجِبُنِي ، لَا بُدَّ مِنْ شُغْلٍ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَلَّى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ ، فَإِنْ فَعَلَهُ بِأُجْرَةٍ غَرِمَهَا ، وَلَهُ الِاسْتِئْجَارُ لِلنِّدَاءِ عَلَى الْمَتَاعِ وَمَا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ بِلَا شَرْطٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَبَذْلُهُ خِفَارَةً وَعُشْرًا عَلَى الْمَالِ .
قَالَ أَحْمَدُ : مَا أُنْفِقُ عَلَى الْمَالِ فَعَلَى الْمَالِ ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْبَذْلِ لِمُحَارِبٍ وَنَحْوِهِ .
وَإِنْ عَيَّنَ لِمُضَارَبَةٍ بَلَدًا أَوْ مَتَاعًا .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ : عَامَ الْوُجُودِ ، أَوْ نَقْدًا ، أَوْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي مِنْهُ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ : أَوْ جَمَعَهُمَا .
وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي : لَا جَمَعَهُمَا ، تَعَيَّنَ .
وَلِلْمُضَارِبِ النَّفَقَةُ بِشَرْطٍ فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، كَوَكِيلٍ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : أَوْ عَادَةً فَإِنْ شَرَطَهَا مُطْلَقَةً فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ وَالْكِسْوَةُ ، وَنَصُّهُ مِنْ الْمَأْكُولِ فَقَطْ ، وَظَاهِرُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ سَفَرُهُ وَيَحْتَاجَ تَجْدِيدُهَا فَلَهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يُنْفِقُ عَلَى مَعْنَى مَا كَانَ يُنْفِقُ لِنَفْسِهِ غَيْرَ مُتَعَدٍّ وَلَا مُضِرٍّ بِالْمَالِ ، وَلَوْ لَقِيَهُ بِبَلَدٍ أَذِنَ فِي سَفَرِهِ إلَيْهِ وَقَدْ نَضَّ فَأَخَذَهُ فَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ ، فِي وَجْهٍ وَلَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِهِ ، فِي رِوَايَةٍ فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُذْهَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَيَصِيرُ ثَمَنُهَا قَرْضًا ، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ اعْتِبَارَ تَسْمِيَةِ ثَمَنِهَا وَيُعَزَّرُ بِوَطْئِهِ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ .
وَقِيلَ يُحَدُّ قَبْلَ الرِّبْحِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ
: إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ عُزِّرَ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَقِيمَتُهَا إنْ أَوْلَدَهَا ، وَإِلَّا حُدَّ عَالِمًا ، وَنَصُّهُ : يُعَزَّرُ ، وَلَا يَطَأُ رَبُّهُ الْأَمَةَ وَلَوْ عَدِمَ الرِّبْحَ .
وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سُئِلَ : يَشْتَرِي جَارِيَةً أَوْ يَكْتَسِي وَيَأْكُلُ ؟ قَالَ : لَا يَجُوزُ هَذَا إلَّا أَنْ يَقُولَ : كُلُّ شَيْءٍ تَأْخُذُ مِنْ مُضَارَبَتِك .
وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ : إنْ ضَارَبَ لِآخَرَ لَمْ يَجُزْ ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي طَرِيقِهِ فَعَلَيْهِمَا بِالْحِصَصِ ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فَبَاقِيهِ رَأْسُ الْمَالِ ، وَإِنْ تَلِفَ أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ خَسِرَ أَوْ نَزَلَ سِعْرُهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : وَقَبْلَهُ جَبْرُ الْوَضِيعَةِ مِنْ رِبْحِ بَاقِيهِ قَبْلَ قِسْمَتِهِ نَاضًّا أَوْ تَنْضِيضَه مَعَ مُحَاسَبَتِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا .
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ : إذَا احْتَسَبَا وَعَلِمَا مَا لَهُمَا ، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَحِقَّ رِبْحَ رِبْحِهِ .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : إذَا حَالَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ احْتَسَبَا زَكَاةَ الْمُضَارِبِ ، لِأَنَّهُ عَلِمَ مَالَهُ فِي الْمَالِ ، وَالْوَضِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَأُحِبُّ أَنْ لَا يُحَاسِبَ نَفْسَهُ ، يَكُونُ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْمَالِ ، كَالْوَصِيِّ لَا يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ يَكُونُ مَعَهُ غَيْرُهُ .
قَالَ الْأَزَجِيُّ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ رَبُّ الْمَالِ بِحِسَابِ الْمَالِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ ، لِلتُّهْمَةِ ، وَلَا تَخْتَصُّ الْمُفَاضَلَةُ بِمَكَانِ الْعَقْدِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : هَلْ تَسْتَقِرُّ بِمُحَاسَبَةٍ دُونَ قِسْمَةٍ وَقَبْضٍ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَفِيهِ [ فِي مُضَارَبَةٍ ] فَيَخْرُجُ مِثْلُهُ إذَا نَضَّ ، فَلَوْ كَانَ مِائَةً فَخَسِرَ عَشَرَةً ثُمَّ أَخَذَ رَبُّهُ عَشَرَةً نَقَصَ بِهَا وَقِسْطُهَا مِمَّا خَسِرَ دِرْهَمٌ وَتِسْعٌ ، وَلَوْ رَبِحَ فِي الْمِائَةِ عِشْرِينَ فَأَخَذَهَا فَقَدْ أَخَذَ سُدُسَهُ ، فَنَقَصَ رَأْسُ الْمَالِ [ سُدُسَهُ ] سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ ، وَقِسْطُهَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ، وَمِنْ
الرِّبْحِ مَهْرٌ وَثَمَرَةٌ وَأُجْرَةٌ وَأَرْشٌ وَكَذَا نِتَاجٌ ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ ، وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ لَمْ يَخْلِطْهُمَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ ، وَإِنْ أَذِنَ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ نَضَّ جَازَ ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ فَكَفُضُولِيٍّ ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهَا أَوْ تَلِفَ هُوَ وَالسِّلْعَةُ فَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ، وَلِرَبِّ السِّلْعَةِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْعَامِلُ ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَرْجِعْ رَبُّ الْمَالِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، وَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ .
لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ ، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ قَالَ : وَإِنْ أَتْلَفَهُ انْفَسَخَتْ ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ ، وَمَنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ الرِّبْحَ لِلْآخَرِ ، ثُمَّ إنْ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا [ وَإِلَّا فَهِيَ فِي قَدْرِ ثَمَنِهَا ، وَلَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ فَالْأَمْرُ لِرَبِّ الْمَالِ ، فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا ] كَبَذْلِ الْبَيْعِ ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى قِيمَتِهِ رِبْحٌ ، وَيُحْتَمَلُ لِرَبِّ الْمَالِ ، لِعَدَمِ عَمَلٍ مِنْ الْعَامِلِ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، كَبَيْعِهِ بَعْضَ السِّلَعِ وَمَعَ رِبْحِ الْقَوَدِ إلَيْهِمَا .
تَنْبِيهَانِ ) : ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : وَلَوْ لَقِيَهُ بِمَوْضِعٍ أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ إلَيْهِ وَقَدْ نَضَّ الثَّمَنُ كُلُّهُ فَقَبَضَهُ مِنْهُ فَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ فِي وَجْهٍ ، انْتَهَى .
ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُقَدَّمَ : لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي رُجُوعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَلَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِهِ ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُذْهَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَيَصِيرُ ثَمَنُهَا قَرْضًا ، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ اعْتِبَارَ تَسْمِيَةِ ثَمَنِهَا ، انْتَهَى .
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمُذْهَبِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسَرِّي فَاشْتَرَى جَارِيَةً صَحَّ التَّسَرِّي وَمَلَكَهَا وَصَارَ ثَمَنُهَا قَرْضًا ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَة يَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ، وَقَطَعُوا بِهِ .
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ .
فَإِنْ شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَتَسَرَّى مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ .
يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُضَارِبُ جَارِيَةً مِنْ الْمَالِ إذَا أَذِنَ لَهُ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ : يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ ، فَأَجَازَ لَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : اخْتِيَارِي مَا نَقَلَهُ يَعْقُوبُ ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَاخْتَارَ هَذِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَعِنْدِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ ، وَعَلَى هَذَا كَمُلَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَاسْتَبَاحَ الْبُضْعَ بِغَيْرِ مِلْكِ يَمِينٍ وَلَا عَقْدِ نِكَاحٍ ، انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفُصُولِ ، فَنَقْلُ صَاحِبِ الْفُصُولِ لَا يُنَافِي الْمُذْهَبِ ، أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ أَطْلَقَ الرِّوَايَةَ
بِالْجَوَازِ إذَا أَذِنَ لَهُ .
وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ يَجُوزُ وَيَكُونُ ثَمَنُهَا دَيْنًا عَلَيْهِ ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ كَرِوَايَةِ يَعْقُوبَ مُبَيِّنَةً لِرِوَايَتِهِمَا ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ اخْتَارَ الْحَمْلَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَكَلَامُ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، فَابْنُ عَقِيلٍ لَمْ يُثْبِتْ رِوَايَةً مُخَالِفَةً لِلْحُكْمِ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ، بَلْ قَالَ : كَأَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَالْمُصَنِّفُ أَثْبَتَ رِوَايَةً فِي الْفُصُولِ بِأَنَّ لَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا بِرِوَايَةٍ ، بَلْ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ لِكَلَامِ أَبِي بَكْرٍ ، وَرِوَايَةُ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَيَعْقُوبَ مَنْقُولَاتٌ فِي غَيْرِ الْفُصُولِ ، فَكَوْنُ الْمُصَنِّفِ يَخُصُّ الرِّوَايَةَ بِالْفُصُولِ إمَّا مِنْ نَقْلِ الرِّوَايَةِ أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِيهِ نَظَرٌ فِيمَا يَظْهَرُ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةٍ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَلُّكِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا يَشْتَرِي بِهِ جَارِيَةً لَهُ ، فَلَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ الثَّمَنُ ، وَيَصِيرُ الثَّمَنُ كَالْهِبَةِ ، وَلَيْسَ دُخُولُ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ مَوْقُوفًا عَلَى كَوْنِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ ، انْتَهَى .
وَيَحْرُمُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ وَالْعَقْدُ بَاقٍ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا ، وَأَنْ يَأْخُذَ الْمُضَارِبُ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالْمَذْهَبُ : يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْهُ بِظُهُورِهِ ، كَالْمَالِكِ ، وَكَمُسَاقَاةٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَعَنْهُ : بِالْقِسْمَةِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِالْمَالِ [ عَبْدَيْنِ ] كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِيهِ فَأَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ عِتْقًا وَلَمْ يَضْمَنْ لِلْعَامِلِ شَيْئًا ، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ فَعَتَقَ لَزِمَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ ، وَعَنْهُ : بِالْمُحَاسَبَةِ وَالتَّنْضِيضِ وَالْفَسْخِ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَسْتَقِرُّ كَشَرْطِهِ وَرِضَاهُ بِضَمَانِهِ .
؟ وَفِي عِتْقِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ : وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَإِتْلَافُ الْمَال كَقَسْمِهِ ، فَيَغْرَمُ نَصِيبَهُ ، وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَفِي عِتْقِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ : وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فَهَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمِلْكِ بِالظُّهُورِ وَعَدَمِهِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ ، مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ، وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ ، وَأَبُو الْفُتُوحِ الْحَلْوَانِيُّ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ مُنَجَّى ، فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمُذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ .
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ : وَهُوَ أَصَحُّ ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ لَمْ يَعْتِقْ ، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إلَّا مَا مَلَكَ ، انْتَهَى .
وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ .
( وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ) لَا يَعْتِقُ مُطْلَقًا ، أَعْنِي سَوَاءٌ ظَهَرَ رِبْحٌ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ أَمْ لَا ؟ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ ، فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهِ غَيْرُ تَامٍّ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصْحَابَ مُتَّفِقُونَ إذَا ظَهَرَ رِبْحٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُضَارِبَ هَلْ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ أَمْ لَا ؟ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ،
أَوْ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مُطْلَقًا ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ مَعَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي عِتْقِهِ ، فَإِنْ قُلْنَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مِلْكِ الْعَامِلِ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ وَعَدَمِهِ كَانَ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ، إذْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمُذْهَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ : الْمُذْهَبُ يَمْلِكُهَا بِالظُّهُورِ ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ عَائِدٌ إلَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ وَقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، لِأَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي فِيمَا يَظْهَرُ ، فَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ لَا يُقَاوِمُ قَوْلَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ حَتَّى يُطْلِقَ الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ ، لَكِنَّ الشَّيْخَ قَالَ : إنْ ظَهَرَ فِيهِ رِبْحٌ فَوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْعَامِلِ مَتَى يَمْلِكُ الرِّبْحَ ، فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالْقِسْمَةِ لَمْ يَعْتِقْ ، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ فَوَجْهَانِ ، عَدَمُ الْعِتْقِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ ، وَالْعِتْقُ قَوْلُ الْقَاضِي ، انْتَهَى .
وَالْأَصْحَابُ تَابَعُوا الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُضَارِبٍ فِي أَنَّهُ رَبِحَ أَمْ لَا ، وَكَذَا قَدْرُهُ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ فِيهِ رِوَايَاتٍ كَعِوَضِ كِتَابَةٍ ، الثَّالِثَةُ يَتَحَالَفَانِ ، وَجَزَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ بِقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفًا أَوْ خَسَارَةً قُبِلَ قَوْلُهُ ، وَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا أَوْ كَذِبًا أَوْ نِسْيَانًا لَمْ يُقْبَلْ ، كَدَعْوَاهُ اقْتِرَاضًا تَمَّمَ بِهِ رَأْسَ الْمَالِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ لِرَبِّ الْمَالِ ، وَعَنْهُ : يُقْبَلُ ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد وَمُهَنَّا : إذَا أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ قَالَ : إنَّمَا كُنْتُ أُعْطِيكَ مِنْ رَأْسِ مَالِكِ ، يُصَدَّقُ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ ، وَخَرَجَ بِبَيِّنَةٍ .
وَيَضْمَنُ ثَمَنًا مُؤَجَّلًا [ مَجْحُودًا ] لَا بَيِّنَةَ بِهِ [ لَا حَالًا ] ، وَلَوْ قَضَى بِالْمُضَارَبَةِ دَيْنَهُ ثُمَّ اتَّجَرَ بِوَجْهِهِ وَأَعْطَى رَبَّ الْمَالِ نِصْفَ الرِّبْحِ فَنَقَلَ صَالِحٌ ، أَمَّا الرِّبْحُ فَأَرْجُو إذَا كَانَ هَذَا مُتَفَضِّلًا عَلَيْهِ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمَالِكِ بَعْدَ الرِّبْحِ فِيمَا شَرَطَ لِلْمُضَارِبِ ، كَقَبُولِهِ فِي صِفَةِ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ قَوْلَ مُضَارَبَةٍ وَأَنَّهُ [ إنْ ] جَاوَزَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ رَجَعَ إلَيْهَا .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : إلَّا مَا يُتَغَابَنُ بِهِ ، وَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ خَارِجٌ ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ قَالَ : دَفَعْته مُضَارَبَةً ، قَالَ : قَرْضًا ، وَلَهُمَا بَيِّنَتَانِ ، فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْأَزَجِيِّ .
وَقَالَ : وَعَنْ أَحْمَدَ فِي مِثْلِ هَذَا فِيمَنْ ادَّعَى مَا فِي كِيسٍ وَادَّعَى آخَرُ نِصْفَهُ رِوَايَتَانِ ، إحْدَاهُمَا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَالثَّانِيَةُ لِأَحَدِهِمَا رُبُعُهُ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ .
.
وَلَوْ طَلَبَ مُضَارِبٌ بَيْعًا مَعَ بَقَاءِ قِرَاضِهِ وَفَسَخَهُ فَأَبَى رَبُّ الْمَالِ أُجْبِرَ مَعَ رِبْحٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : أَوَّلًا ، فَعَلَى تَقْدِيرِ الْخَسَارَةِ يُتَّجَهُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ [ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ ] ، وَلَوْ انْفَسَخَ مُطْلَقًا وَالْمَالُ عَرَضٌ فَاخْتَارَ الْمَالِكُ تَقْوِيمَهُ وَدَفَعَ حِصَّتَهُ مَلَكَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، ثُمَّ إنْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ لَمْ يُطَالِبْهُ بِقِسْطِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَإِنْ قَصَدَ رَبُّ الْمَالِ الْحِيلَةَ لِيَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بِأَنْ كَانَ الْعَامِلُ اشْتَرَى خَزًّا فِي الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ فِي الشِّتَاءِ أَوْ يَرْجُوَ دُخُولَ مَوْسِمٍ أَوْ قَفَلٍ وَأَنَّ حَقَّهُ يَبْقَى فِي الرِّبْحِ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : أَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَلَ لَا أَثَرَ لَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ لَزِمَ الْمُضَارِبَ بَيْعُهُ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ يَكُنْ رَبِحَ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ فَلَا ، فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَفِي اسْتِقْرَارِهِ بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ م 5 ) وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ .
.
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ انْفَسَخَ مُطْلَقًا وَالْمَالُ عَرَضٌ فَاخْتَارَ الْمَالِكُ تَقْوِيمَهُ وَدَفَعَ حِصَّتَهُ مَلَكَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ لَزِمَ الْمُضَارِبَ بَيْعُهُ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ [ مِنْهُ ] فَلَا ، فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَفِي اسْتِقْرَارِهِ بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَسْتَقِرُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَسْتَقِرُّ بِالْفَسْخِ .
.
وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَصَارَ دَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَكَعَرَضٍ ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ .
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ : إنْ قُلْنَا هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قِيمَةُ الْأَشْيَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ ، وَلَا فَرْقَ ، لِقِيَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مَقَامَ الْآخَرِ ، فَعَلَى هَذَا يَدُورُ الْكَلَامُ ، قَالَ : وَلَوْ كَانَ صِحَاحًا فَنَضَّ قِرَاضُهُ أَوْ مُكَسَّرَةً لَزِمَ الْعَامِلَ رَدُّهُ إلَى الصِّحَاحِ ، فَيَبِيعُهَا بِصِحَاحٍ أَوْ بِعَرَضٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِهِ ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَزِمَهُ تَقَاضِيهِ مُطْلَقًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : فِي قَدْرِهِ ، وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلًا ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ : يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى حَالِهِ إنْ فَسَخَ بِلَا إذْنِهِ ، قَالَ : وَكَذَا شَرِيكٌ ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ شِرَاءُ الْمَالِ لِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، صَحَّحَهَا الْأَزَجِيُّ ، كَمُكَاتَبِهِ ، فَعَلَيْهَا يَأْخُذُ بِشُفْعَةٍ ، وَكَذَا مُضَارِبٌ مَعَ رِبْحٍ ، وَالْأَصَحُّ فِي الْمَنْصُوصِ : وَلَهُ الشِّرَاءُ مِنْ غَيْرِ الْمُضَارَبَةِ ، قَالَ أَحْمَدُ : إنْ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً فَهُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ ، وَمَنْ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ صَحَّ ، إلَّا أَنَّ مَنْ عَلِمَ مَبْلَغَ شَيْءٍ لَمْ يَبِعْهُ صُبْرَةً ، وَإِلَّا جَازَ بِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ الْمَنْعَ فِي غَيْرِ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ ، وَعَلَّلَهُ فِي النِّهَايَةِ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ فِيهِمَا وَإِنْ مَاتَ مُضَارِبٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، [ وَعَنْهُ : غَيْرَ فَجْأَةٍ وَجَهِلَ بَقَاءَ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ فِي تَرِكَتِهِ ، عَمَلًا بِالْأَصْلِ ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَخْفَاهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ ] فَكَأَنَّهُ غَاصِبٌ ، فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ ، وَقِيلَ : كَوَدِيعَةٍ وَهِيَ فِي تَرِكَتِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَفِيهَا فِي التَّرْغِيبِ : إلَّا أَنْ يَمُوتَ فَجْأَةً ، وَزَادَ فِي التَّلْخِيصِ : أَوْ بِوَصِيٍّ إلَى عَدْلٍ وَيَذْكُرُ جِنْسَهَا ، كَقَوْلِهِ قَمِيصٌ فَلَمْ يُوجَدْ ، وَإِنْ مَاتَ وَصِيٌّ وَجَهِلَ بَقَاءَ مَالِ مُوَلِّيهِ فَيَتَوَجَّهُ كَذَلِكَ ، قَالَ شَيْخُنَا : هُوَ فِي تَرِكَتِهِ .
وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ تَقْرِيرَ وَارِثِهِ فَمُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ ، وَلَا يَبِيعُ عَرَضًا بِلَا إذْنِهِ ، فَيَبِيعُهُ حَاكِمٌ وَيَقْسِمُ الرِّبْحَ وَوَارِثُ الْمَالِكِ كَهُوَ فَيَتَقَرَّرُ مَا لِمُضَارِبٍ وَيُقَدَّمُ عَلَى غَرِيمٍ وَلَا يَشْتَرِي وَهُوَ فِي بَيْعٍ ، وَاقْتِضَاءُ دَيْنٍ كَفَسْخِهَا وَالْمَالِكُ حَيٌّ ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُضَارَبَةَ وَالْمَالُ عِوَضٌ فَمُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ : يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ الْمُضَارِبُ ، إلَّا أَنَّهُ صَرَفَ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ فَارْتَفَعَ الصَّرْفُ اسْتَحَقَّ لَمَّا صَرَفَهَا ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ .
وَلَوْ دَفَعَ عَبْدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ إلَى مَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا بِجُزْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ ثَوْبًا يَخِيطُهُ أَوْ غَزْلًا يَنْسِجُهُ وَنَحْوَهُ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْهُ جَازَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَمِثْلُهُ حَصَادُ زَرْعِهِ وَطَحْنُ قَمْحِهِ وَرَضَاعُ رَقِيقِهِ ، وَكَذَا بَيْعُ مَتَاعِهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ .
وَاسْتِيفَاءُ مَالٍ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ [ وَنَحْوَهُ ] وَكَذَا غَزْوُهُ بِدَابَّةٍ بِجُزْءِ السَّهْمِ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ ، وَأَبُو دَاوُد : يَجُوزُ ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى مَعْلُومَةٍ ، كَأَرْضٍ بِبَعْضِ الْخَارِجِ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ قَفِيزِ الطَّحَّانِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : مَسْأَلَةُ الدَّابَّةِ ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى رِوَايَةِ الْمُضَارَبَةِ بِالْعُرُوضِ وَأَنَّهُ لَيْسَ شَرِكَةً نَصَّ عَلَيْهِ ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَرْبٍ ، وَأَنَّ مِثْلَهُ الْفَرَسُ بِجُزْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي الْحَصَادِ هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ [ مِنْ ] الْمُقَاطَعَةِ ، وَعَنْهُ : وَلَهُ مَعَهُ جُعْلُ نَقْدٍ مَعْلُومٍ لِعَامِلٍ .
.
قَالَ أَبُو دَاوُد : بَابُ الرَّجُلِ يُكْرِي دَابَّتَهُ عَلَى النِّصْفِ وَبِالسَّهْمِ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو النَّضْرِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ : { نَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ، فَخَرَجْت إلَى أَهْلِي فَقُلْت وَقَدْ خَرَجَ أَوَّلُ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَفِقْت فِي الْمَدِينَةِ أُنَادِي مَنْ يَحْمِلُ رَجُلًا لَهُ سَهْمُهُ ؟ فَنَادَى شَيْخٌ مِنْ الْأَنْصَارِ : لَنَا سَهْمُهُ عَلَى أَنْ نَحْمِلَهُ عَقَبَةً وَطَعَامُهُ مَعَنَا .
قُلْت : نَعَمْ .
قَالَ : فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ .
قَالَ : فَخَرَجْت مَعَ خَيْرِ صَاحِبٍ ، حَتَّى أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَأَصَابَنِي قَلَائِصُ فَسُقْتُهُنَّ حَتَّى أَتَيْته .
إلَى أَنْ .
قَالَ : إنَّمَا هِيَ غَنِيمَتُك الَّتِي شَرَطْت .
قَالَ : خُذْ قَلَائِصَك يَا ابْنَ أَخِي فَغَيْرَ سَهْمِك أَرَدْنَا } .
عَمْرٌو تَفَرَّدَ عَنْهُ أَبُو زُرْعَةَ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ ، وَقَوْلُهُ { غَيْرَ سَهْمِك أَرَدْنَا } قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُشْبِهُ أَنَّ مَعْنَاهُ إنَّمَا أَرَدْت مُشَارَكَتَك فِي الْأَجْرِ .
وَعَنْهُ : وَلَهُ دَفْعُ دَابَّتِهِ أَوْ نَخْلِهِ لِمَنْ يَقُومُ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهِ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَالْمَذْهَبُ لَا ، لِحُصُولِ نَمَائِهِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ ، وَبِجُزْءٍ مِنْهُ يَجُوزُ مُدَّةً مَعْلُومَةً ، وَنَمَاؤُهُ مِلْكٌ لَهُمَا .
الثَّانِي شَرِكَةُ الْعِنَانِ وَهِيَ : أَنْ يَشْتَرِكَا بِمَالَيْهِمَا الْمَعْلُومَيْنِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُمَا بِمَصِيرِ كُلِّ [ وَاحِدٍ ] مِنْهُمَا لَهُمَا ، وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي مُخْتَلَطٍ بَيْنَهُمَا شَائِعًا صَحَّ إنْ عَلِمَا قَدْرَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا ، وَيُغْنِي لَفْظُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عَنْ إذْنٍ صَرِيحٍ بِالتَّصَرُّفِ ، وَهُوَ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا قَالَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَيُعْتَبَرُ حُضُورُ مَالَيْهِمَا لِتَقْرِيرِ الْعَمَلِ .
وَتَحْقِيقُ الشَّرِكَةِ إذَنْ كَمُضَارَبَةٍ ، قَالَ أَحْمَدُ : إنَّمَا تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ عَلَى شَيْءٍ حَاضِرٍ ، وَقِيلَ : أَوْ أَحَدِهِمَا ، وَلَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً لِيَعْمَلَا [ فِيهِ ] وَالْأَصَحُّ أَوْ أَحَدُهُمَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ رِبْحِ مَالِهِ ، وَبِقَدْرِهِ إبْضَاعٌ وَبِدُونِهِ لَا يَصِحُّ ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَلَا يُعْتَبَرُ خَلْطُهُمَا ، لِأَنَّ مَوْرِدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَمَحَلِّهِ الْعَمَلُ ، وَالْمَالُ تَابِعٌ ، لَا الْعَكْسُ ، وَالرِّبْحُ نَتِيجَةُ مَوْرِدِ الْعَقْدِ قَالَ وَالْعَمَلُ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِإِعْلَامِ الرِّبْحِ ، وَيَتَوَجَّهُ لَا ، أَوْ كَجَعَالَةٍ ، وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْخَلْطِ فَمِنْهُمَا كَنَمَائِهِ لِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ بِالْكَلَامِ ، كَخَرْصِ ثِمَارٍ ، فَكَذَا الشَّرِكَةُ ، احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ ، قَالَ شَيْخُنَا ، وَعَنْهُ : مِنْ رَبِّهِ .
، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِعَيْنٍ وَدَيْنٍ عَلَى الْمَالِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا ، فِي وَجْهٍ .
وَفِي آخَرَ .
فِي نَصِيبِهِ ( م 6 ) وَكَذَا مُضَارِبٌ ( م 7 ) وَفِي حَبْسِ غَرِيمٍ مَعَ مَنْعِ الْآخَرِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ ( م 8 ) وَلَهُ تَأْخِيرُ حَقِّهِ مِنْ الدَّيْنِ ، وَقِيلَ : وَحَقُّ الْآخَرِ ، وَيَضْمَنُهُ ، وَفِي تَقَاسُمِ دَيْنٍ فِي ذِمَمٍ لَا ذِمَّةٍ رِوَايَتَانِ ( م 9 ) فَإِنْ تَكَافَّتْ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ مِنْ الْحَوَالَةِ عَلَى مِلْءِ وُجُوبِهِ ، قَالَهُ شَيْخُنَا .
وَالشَّرِيكُ كَمُضَارِبٍ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ ، وَيُمْنَعُ مِنْهُ ، وَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ فِي حِصَّتِهِ وَفِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ ، وَيَتَخَرَّجُ الصِّحَّةُ مِنْ شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ : وَيُقْبَلُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِعَيْنٍ وَدَيْنٍ عَلَى الْمَالِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا ، فِي وَجْهِهِ ، وَفِي آخَرَ فِي نَصِيبِهِ ، انْتَهَى .
( الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي خِصَالِهِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهَلْ هُوَ إلَّا وَكِيلٌ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ : يُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ وُكِّلَ فِيهِ ، وَهَذَا كَذَلِكَ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا وَغَيْرِهِ : وَإِنْ أَقَرَّ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِ الْبَيْعِ أَوْ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِأَجْرِ الْمُنَادِي أَوْ الْحَمَّالِ وَأَشْبَاهِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ فَكَانَ لَهُ ذَلِكَ ، كَتَسْلِيمِ الْبَيْعِ وَأَدَاءِ ثَمَنِهِ ، انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا مُضَارِبُ ، يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ إقْرَارِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَالصَّوَابُ هُنَا أَيْضًا الْقَبُولُ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمُذْهَبِ عَدَمُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَفِي حَبْسِ غَرِيمٍ مَعَ مَنْعِ الْآخَرِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَهُ ذَلِكَ ( قُلْتُ ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي تَرْكِهِ هَلَاكُ مَالِ مَنْ أَرَادَ حَبْسَهُ ، وَهُوَ وَاضِحٌ جِدًّا ، وَأَيْضًا فَاَلَّذِي يُرِيدُ حَبْسَهُ لَهُ عِنْدَهُ حَقٌّ قَطْعًا فَمَا الْمَانِعُ مِنْ حَبْسِهِ ؟ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ مَثَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِالْقَاتِلِ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ قَتْلَهُ
وَمَنَعَ مِنْهُ الْآخَرَ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ حَتَّى يَتَّفِقَ عَلَيْهِ انْتَهَى ( قُلْتُ ) : لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْقَتْلِ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَقَاسُمِ دَيْنٍ فِي ذِمَمٍ لَا ذِمَّةٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : هَذَا الصَّحِيحُ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : لَا يَصِحُّ ، فِي الْأَظْهَرِ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : لَا يُقْسَمُ ، عَلَى الْأَشْهَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
.
وَإِنْ عَزَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ تَصَرَّفَ الْمَعْزُولُ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ ، وَلَوْ قَالَ : فَسَخْت الشَّرِكَةَ ، انْعَزِلَا ، وَعَنْهُ : إنْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا لَمْ يَنْعَزِلْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَتَّى يَنِضَّ ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ، لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ ، وَالرِّبْحُ يَدْخُلُ ضِمْنًا ، وَحَقُّ الْمُضَارِبِ أَصْلِيٌّ وَهَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَجِيرٌ مَعَ صَاحِبِهِ ؟ فِيهِ خِلَافٌ ، فَإِنْ كَانَ فَمَا اُدُّعِيَ تَلَفُهُ بِسَبَبٍ [ خَفِيٍّ ] خُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَإِلَّا قُبِلَ ( م 10 و 11 ) وَيُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ الْيَدِ أَنَّ مَا بِيَدِهِ لَهُ ، وَقَوْلُ مُنْكِرِ الْقِسْمَةِ ، وَإِنْ عَلِمَ عُقُوبَةَ سُلْطَانٍ بِبَلَدٍ بِأَخْذِ مَالٍ فَسَافَرَ فَأَخَذَهُ ضَمِنَهُ ، لِتَعْرِيضِهِ لِلْأَخْذِ ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي مَا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ إلَّا بِعَمَلٍ فِيهِ ، كَنَقْلِ طَعَامٍ بِنَفْسِهِ أَوْ غُلَامِهِ أَوْ دَابَّتِهِ ، جَازَ ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ ، كَدَارِهِ ، وَعَنْهُ : لَا ، لِعَدَمِ إمْكَانِ إيقَاعِ الْعَمَلِ فِيهِ ، لِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَصِيبِهِمَا ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَيَحْرُمُ عَلَى شَرِيكٍ فِي زَرْعٍ فَرْكُ شَيْءٍ مِنْ سُنْبُلِهِ يَأْكُلُهُ بِلَا إذْنٍ ، وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ ، وَلَوْ كَتَبَ رَبُّ الْمَالِ لِلْجَابِي وَالسِّمْسَارِ وَرَقَةً لِيُسَلِّمَهَا إلَى الصَّيْرَفِيِّ الْمُتَسَلِّمِ مَالَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ فَخَالَفَ ، ضَمِنَ ، لِتَفْرِيطِهِ ، وَيُصَدَّقُ الصَّيْرَفِيُّ مَعَ يَمِينِهِ ، وَالْوَرَقَةُ شَاهِدَةٌ [ لَهُ ] لِأَنَّهُ الْعَادَةُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا .
.
مَسْأَلَةٌ 10 وَ 11 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَجِيرٌ مَعَ صَاحِبِهِ ؟ فِيهِ خِلَافٌ ، فَإِنْ كَانَ فَمَا اُدُّعِيَ تَلَفُهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ خُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَإِلَّا قُبِلَ ، انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10 ) وَمَسْأَلَةُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَمِينُ الْآخَرِ وَوَكِيلُهُ ، فَإِنْ ادَّعَى هَلَاكَهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ صُدِّقَ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ ادَّعَى هَلَاكَهُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً وَحَلَفَ مَعَهَا أَنَّهُ هَلَكَ بِهِ ، انْتَهَى ، فَصَحَّحَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ هَلَكَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا : وَتَصَرُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ وَالْوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ ، انْتَهَى ، وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ .
وَقَالَ أَيْضًا : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمِينٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَلَا تَعَدٍّ ، وَمَا يُدْعَى هَلَاكُهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ يُخَرَّجُ عَلَى تَرَدُّدِ الْأَصْحَابِ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجِيرًا مَعَ صَاحِبِهِ أَمْ لَا ؟ فَمَنْ قَالَ : هُوَ أَجِيرٌ ، خُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ سَبَقَتَا ، وَمَنْ قَالَ : لَيْسَ بِأَجِيرٍ ، قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ خَفَاءِ السَّبَبِ ، لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ عَسِيرٌ ، وَمَا يَدَّعِيهِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَيُكَلَّفُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ بِذَلِكَ السَّبَبِ مَعَ يَمِينِهِ ، انْتَهَى ، فَكَلَامُهُ فِي التَّلْخِيصِ كَكَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ ، كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي التَّلْخِيصِ .
( الثَّالِثُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ ) وَهِيَ : أَنْ يَشْتَرِيَا فِي ذِمَمِهِمَا بِجَاهِهِمَا شَيْئًا يَشْتَرِكَانِ فِي رِبْحِهِ ، عَيَّنَا جِنْسَهُ أَوْ قَدْرَهُ أَوْ وَقْتَهُ أَوْ لَا ، فَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ : مَا اشْتَرَيْت مِنْ شَيْءٍ فَبَيْنَنَا ، صَحَّ ، وَالْمِلْكُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا ، وَهُمَا كَشَرِيكَيْ عِنَانٍ .
وَهَلْ مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا بَيْنَهُمَا أَمْ بِالنِّيَّةِ كَوَكِيلٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَيَتَوَجَّهُ فِي عِنَانٍ مِثْلِهِ ، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِالنِّيَّةِ ( م 12 ) .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ : وَهَلْ مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا بَيْنَهُمَا أَمْ بِالنِّيَّةِ كَوَكِيلٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي عِنَانٍ مِثْلِهِ ، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِالنِّيَّةِ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَهُمَا فِي كُلِّ التَّصَرُّفِ وَمَا لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا كَشَرِيكَيْ الْعِنَانِ ، وَقَالَ فِي شَرِيكَيْ الْعِنَانِ : وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمِينُ الْآخَرِ وَوَكِيلُهُ ، وَإِنْ قَالَ لِمَا بِيَدِهِ هَذَا لِي أَوْ لَنَا أَوْ اشْتَرَيْته مِنْهَا لِي أَوْ لَنَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ ، سَوَاءٌ رَبِحَ أَوْ خَسِرَ ، انْتَهَى .
فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَكَذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الرَّابِعُ شَرِكَةُ الْأَبَدَانِ ) وَهِيَ : أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَقَبَّلَانِ فِي ذِمَمِهِمَا مِنْ عَمَلٍ قَالَ أَحْمَدُ : الشَّرِكَةُ عِنْدَنَا بِالْكَلَامِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَعَمَّارًا وَسَعْدًا اشْتَرَكُوا قَالُوا مَا أَصَبْنَا مِنْ شَيْءٍ فَبَيْنَنَا .
وَمَا تَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا فَفِي ضَمَانِهِمَا وَيَلْزَمُهُمَا عَمَلُهُ ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ احْتِمَالًا وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِهِ عَلَيْهِمَا ، وَيَصِحُّ مَعَ اخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَالشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ فِي تَمَلُّكٍ مُبَاحٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ ، وَلَوْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَالْأَصَحُّ أَوْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا ، وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ ، وَإِنْ اشْتَرَكَا بِدَابَّتَيْهِمَا لِيَحْمِلَا عَلَيْهِمَا مَا تَقَبَّلَا حَمْلَهُ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أُجْرَةِ عَيْنِ الدَّابَّتَيْنِ أَوْ أَنْفُسِهِمَا إجَارَةً خَاصَّةً لَمْ يَصِحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَتَصِحُّ شَرِكَةُ شُهُودٍ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، قَالَ : وَلِلشَّاهِدِ أَنْ يُقِيمَ .
مَقَامَهُ إنْ كَانَ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ ، وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ عَلَى شَهَادَتِهِ بِعَيْنِهِ فَالْوَجْهَانِ ، وَصَحَّ جَوَازُهُ ، وَلِلْحَاكِمِ إكْرَاهُهُمْ ، لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا لِلْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقَالَ أَيْضًا : إنْ اشْتَرَكُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا حَصَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمْ ، بِحَيْثُ إذَا كَتَبَ أَحَدُهُمْ وَشَهِدَ شَارَكَهُ الْآخَرُ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبَدَانِ ، تَجُوزُ حَيْثُ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ ، وَأَمَّا حَيْثُ لَا تَجُوزُ فَفِيهِ وَجْهَانِ ، كَشَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ ، وَمُوجَبُ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَالْأَجْرِ ، وَإِنْ عَمِلَ وَاحِدٌ أَكْثَرَ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ طَالَبَ بِالزِّيَادَةِ .
وَلَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَلِآخَرَ دَابَّةٌ وَثَالِثٌ يَعْمَلُ صَحَّ فِي قِيَاسٍ نَصَّهُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ عَلَى شَرْطِهِمْ ، وَكَذَا أَرْبَعَةٌ ، لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَآخَرَ رَحًى وَلِثَالِثٍ دُكَّانٌ وَرَابِعٍ
يَعْمَلُ ، وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ فَاسِدَتَانِ وَلِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ ، وَعَلَيْهِ لِرُفْقَتِهِ أُجْرَةُ آلَتِهِمْ ، وَقِيلَ : إنْ قَصَدَ السَّقَّاءُ أَخْذَ الْمَاءِ فَلَهُمْ ، وَمَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ مَا ذَكَرَ صَحَّ ، وَالْأُجْرَةُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ أَوْ أَرْبَاعًا ، كَتَوْزِيعِ الْمَهْرِ ، وَإِنْ تَقَبَّلَ الْأَرْبَعَةُ الطَّحْنَ فِي ذِمَمِهِمْ صَحَّ ، وَالْأُجْرَةُ أَرْبَاعًا ، وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى رُفْقَتِهِ لِتَفَاوُتِ قَدْرِ الْعَمَلِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَجْرِ الْمِثْلِ ، وَإِنْ قَالَ آجِرْ عَبْدِي وَأُجْرَتُهُ بَيْنَنَا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي شَرِكَةِ الْأَبَدَانِ " وَذَكَرَ الشَّيْخُ احْتِمَالًا " انْتَهَى ، الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّيْخِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي لَا عَنْ نَفْسِهِ ، فَالِاحْتِمَالُ لِلْقَاضِي لَا لِلشَّيْخِ .
.
وَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ وَكَالَةٍ ، وَهِيَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تَصِحُّ ، كَآجِرْ دَابَّتَك وَالْأُجْرَةُ بَيْنَنَا ، وَفِي الْمُوجَزِ : تَصِحُّ .
وَقَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ قِيلَ : لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ ، وَهُوَ مَعْنَى الْمُجَرَّدِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : وَتَسْلِيمُ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ مَعَ الْعِلْمِ بِالشَّرِكَةِ إذْنٌ لَهُمْ ، قَالَ : وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخَذَ وَلَمْ يُعْطِ غَيْرَهُ وَاشْتَرَكَا فِي الْكَسْبِ جَازَ ، فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ ، كَالْمُبَاحِ ، وَلِئَلَّا تَقَعَ مُنَازَعَةٌ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي رَجُلٍ يَأْخُذُ ثَوْبًا يَبِيعُهُ فَيُعْطِيهِ آخَرَ يَبِيعُهُ وَيُنَاصِفُهُ الْكِرَاءَ : [ الْكِرَاءُ ] لِبَائِعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَا اشْتَرَكَا فِيمَا أَصَابَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ فِي الْإِجَارَةِ جَوَازُهُ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ : إذَا قَالَ : أَنَا أَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ وَتَعْمَلُهُ أَنْتَ وَالْأُجْرَةُ بَيْنَنَا ، جَازَ ، جَعْلًا لِضَمَانِ الْمُتَقَبِّلِ كَالْمَالِ ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ الْمَنْعُ بِمُقْتَضَى مَذْهَبٍ فِي شَرِكَةِ الْأَبَدَانِ وَالْوُجُوهِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ ، قَالَهُ شَيْخُنَا .
فَائِدَةٌ ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد هَذَا نَصٌّ مِنْهُ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاكِ الدَّلَّالِينَ ، فَإِنَّ بَيْعَ الدَّلَّالِ وَشِرَاءَهُ بِمَنْزِلَةِ خِيَاطَةِ الْخَيَّاطِ وَنِجَارَةِ النَّجَّارِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ الْمُشْتَرِكِينَ ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ ، وَإِنَّمَا مَأْخَذُ الْمَانِعِينَ كَالْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الدَّلَالَةَ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ ، وَسَائِرَ الصِّنَاعَاتِ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ .
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا : مَحَلُّ الْخِلَافِ الِاشْتِرَاكُ فِي الدَّلَالَةِ الَّتِي فِيهَا عَقْدٌ ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ النِّدَاءِ وَالْعَرْضِ وَإِحْضَارِ الدُّيُونِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ الْمَتْنِ لَا مِنْ التَّصْحِيحِ .
فَصْلٌ وَرِبْحُ كُلِّ شَرِكَةٍ عَلَى مَا شَرَطَا وَلَوْ تَفَاضَلَا وَمَا لَهُمَا سَوَاءٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ : عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا ، لِئَلَّا يَأْخُذَ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ ، نُصَّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ شَرَطَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا رِبْحًا مَجْهُولًا أَوْ مِثْلَ مَا شَرَطَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ أَوْ مَعْلُومًا وَزِيَادَةَ دِرْهَمٍ أَوْ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ رِبْحَ نِصْفِهِ أَوْ قَدْرَ مَعْلُومٍ أَوْ سُفْرَةٍ أَوْ عَامٍ أَوْ أَهْمَلَاهُ فَسَدَ الْعَقْدُ ، وَإِنْ شَرَطَ فَاسِدًا لَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ رِبْحٍ ، كَوَضِيعَةِ مَالِهِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى صَاحِبِهِ ، أَوْ لُزُومِ الْعَقْدِ أَوْ خِدْمَةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أُخْرَى أَوْ شَرْطِهِ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ إنْ أَعْجَبَهُ أَخَذَهُ بِثَمَنِهِ أَوْ الِارْتِفَاقِ بِالسِّلَعِ فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْعَقْدِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَعَنْهُ : لَا [ وَلَا ] ضَمَانَ فِي مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي كُلِّ مَا ثَبَتَ لَهُمَا أَوْ عَلَيْهِمَا [ أَوْ وَعَلَيْهِمَا ] ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا كَسْبٌ نَادِرٌ وَغَرَامَةٌ [ كَلُقَطَةٍ ] وَضَمَانِ مَالٍ صَحَّ ، وَإِنْ دَخَلَ فَشَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ فَاسِدَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ شَرَطَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي كُلِّ مَا ثَبَتَ لَهُمَا أَوْ عَلَيْهِمَا كَشَرْطٍ فَاسِدٍ ، كَمَا سَبَقَ ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا : شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَقُولَ : أَنْتَ شَرِيكٌ لِي فِي كُلِّ مَا يَحْصُلُ لِي بِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ ، لَنَا فِيهَا رِوَايَتَانِ ، الْمَنْصُورُ لَا يَصِحُّ [ وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ كَشَرْطٍ فَاسِدٍ ] ، وَإِذَا فَسَدَ فَرِبْحُ الْمُضَارَبَةِ لِلْمَالِكِ ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ، وَلَوْ خَسِرَ .
وَرِبْحُ شَرِكَةِ عِنَانٍ وَوُجُوهٍ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا ، وَأُجْرَةُ مَا تَقَبَّلَاهُ فِي الْأَبَدَانِ بِالسَّوِيَّةِ ، وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ فِي الثَّلَاثَةِ بِنِصْفِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَعَنْهُ : إنْ فَسَدَ لَا بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ وَجَبَ الْمُسَمَّى ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ ، وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا [ فِي الْفَاسِدَةِ ] نَصِيبَ الْمِثْلِ ، فَيَجِبُ مِنْ الرِّبْحِ جُزْءٌ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِثْلِهِ ، وَأَنَّهُ قِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مُشَارَكَةٌ لَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ ، وَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عُرْوَةَ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِمَا ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ فَفُضُولِيٌّ ، وَنَقَلَهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ : إنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ ثُمَّ نَقَدَهُ وَرَبِحَ ثُمَّ أَجَازَهُ فَلَهُ الْأُجْرَةُ ، فِي رِوَايَةٍ ، وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ [ لَهُ ] فَلَا ، وَعَنْهُ : لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ .
وَفِي الْمُغْنِي : مَا
لَمْ يَحُطَّ بِالرِّبْحِ ، وَنَقَلَهُ صَالِحٌ ، وَأَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّ الْمَالِ ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ هَذَا بَعْدُ ، وَعَنْهُ : لَهُ الْأَقَلُّ أَوْ مَا شَرَطَهُ ، وَعَنْهُ : يَتَصَدَّقَانِ بِهِ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا ، وَفِي بَعْضِ كَلَامِهِ : إنْ أَجَازَهُ بِقَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ ، وَجَعَلَ مِثْلَهُ مَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ الْغَيْرِ أَوْ قَامَ بِعَيْنٍ فَسَخَتْ أَوْ زَرَعَ أَرْضًا فَتَبَيَّنَ هِيَ أَوْ بَعْضُهَا لِغَيْرِهِ أَوْ الْفَلَاحُ الْأَوَّلُ حَرَثَهَا ، وَقَالَ : كَذَا جَعَلَهُ عُمَرُ لَمَّا أَقْرَضَ أَبُو مُوسَى لِابْنِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ .
وَفِي الْمُوجَزِ فِيمَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ مَعَ الرِّبْحِ : وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ، وَعَنْهُ : يَتَصَدَّقُ بِهِ .
وَإِنْ قَالَ : اتَّجِرْ بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، ضَمِنَ النَّقْدَ ، لِأَنَّهُ قَرْضٌ ، وَفِي الْمَنْفَعَةِ احْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ ، وَفِي الْفُصُولِ : لَوْ قَالَ : اشْتَرِ بِهِ كَذَا ، وَلَمْ يَقُلْ : وَبِعْهُ ، فَعِنْدَ شَيْخِنَا مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ ، وَالْأَصَحُّ تَوْكِيلٌ ( م 13 ) .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ : اتَّجِرْ بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، ضَمِنَ النَّقْدَ ، لِأَنَّهُ قَرْضٌ ، وَفِي الْمَنْفَعَةِ احْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ .
وَفِي الْفُصُولِ لَوْ قَالَ : اشْتَرِ بِهِ كَذَا ، وَلَمْ يَقُلْ : وَبِعْهُ ، فَعِنْدَ شَيْخِنَا مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ ، وَالْأَصَحُّ تَوْكِيلٌ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا [ خَالَفَ وَ ] تَعَدَّى هَلْ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ أَيْضًا ، كَالنَّقْدِ ، لِتَعَدِّيهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ تَعَدَّى الْمُضَارِبُ الشَّرْطَ أَوْ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ أَوْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ ضَمِنَ الْمَالَ ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ ، وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ ، وَعَنْهُ : لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ، انْتَهَى .
فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ
يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْعَاقِدِ جَائِزَ التَّصَرُّفِ ، وَتَصِحُّ بِلَفْظِهِمَا ، وَمَعْنَاهُ عَلَى كُلِّ شَجَرٍ مَعْلُومٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ .
وَقَالَ الشَّيْخُ : مَقْصُودٌ لَا كَصَنَوْبَرٍ ، وَقَالَ : أَوْ يُقْصَدُ وَرَقُهُ أَوْ زَهْرُهُ ، بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ ، وَعَنْهُ : عَلَى نَخْلٍ وَكَرْمٍ فَقَطْ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ : وَعَلَى ثَمَرٍ بَدَا وَلَمْ يَكْمُلْ بِجُزْءٍ مِنْهُ .
وَمِثْلُهُ مُزَارَعَةٌ ، وَالْمَنْصُوصُ وَعَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرِهِ ، وَظَاهِرُ نَصِّهِ : وَبِجُزْءٍ مِنْهُ وَمِنْهُمَا ، كَالْمُزَارَعَةِ وَهِيَ الْمُغَارَسَةُ وَالْمُنَاصَبَة ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ، وَشَيْخُنَا ، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ : وَلَوْ كَانَ مَغْرُوسًا وَلَوْ كَانَ نَاظِرَ وَقْفٍ ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَاظِرٍ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ ، وَأَنَّ لِحَاكِمٍ الْحُكْمَ بِلُزُومِهَا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ فَقَطْ ، وَالْحُكْمُ بِهِ مِنْ جِهَةِ عِوَضِ الْمِثْلِ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ ، وَيَتَوَجَّهُ اعْتِبَارُ بَيِّنَةٍ ، وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ : يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا بِيَدِهِ بِالْوَقْفِ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَقُومَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ ، لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِالْوَقْفِ ، حَتَّى يَثْبُتَ الْمِلْكُ .
وَلَوْ عَمِلَا فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ صَحَّ ، وَقِيلَ : لَا ، كَمُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِنِصْفِهِ فَفِي أُجْرَتِهِ احْتِمَالَانِ ( م 1 ) .
بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ عَمِلَا فِي شَجَرِهِمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ صَحَّ ، وَقِيلَ : لَا ، كَمُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِنِصْفِهِ فَفِي أُجْرَتِهِ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( أَحَدُهُمَا ) لَهُ الْأُجْرَةُ قِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ وَغَيْرِهَا ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ فَإِنَّهُمَا قَالَا : وَلَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ وَجَعَلَ الثَّمَرَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ الْمُسَاقَاةُ فَاسِدَةٌ ، فَإِذَا عَمِلَ فِي الشَّجَرِ بِنَاءً عَلَى هَذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِعَمَلِهِ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِرِضَاهُ بِالْعَمَلِ بِغَيْرِ عِوَضٍ .
وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا وَجْهًا لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ ، وَرَدَّاهُ .
( قُلْت ) مَا قَدَّمَاهُ وَنَصَرَاهُ هُوَ الصَّوَابُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَا : فَأَمَّا إنْ سَاقَى شَرِيكَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعًا فَفَاسِدَةٌ وَالثَّمَرَةُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَضْلٌ ، فَإِنْ كَانَ قَدْ شُرِطَ فَضْلٌ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ اسْتَحَقَّ مَا فَضَلَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا ، انْتَهَى .
وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ لَفْظًا ، وَيُعْتَبَرُ ضَرْبُ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ تَكْمُلُ فِي مِثْلِهَا الثَّمَرَةُ ، فَإِنْ جَعَلَاهَا [ إلَى ] الْجُذَاذِ أَوْ إدْرَاكِهَا فَوَجْهَانِ ( م 2 ) وَكَذَا مُدَّةٌ مُحْتَمِلَةٌ الْكَمَالَ ( م 3 ) فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فَفِي أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَتَنْفَسِخُ كَوَكَالَةٍ ، فَمَتَى انْفَسَخَتْ بَعْدَ ظُهُورِهَا فَلِلْعَامِلِ حَقُّهُ وَعَلَيْهِ بَقِيَّةُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ ، وَإِنْ فَسَخَهَا هُوَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ فَسَخَهَا غَيْرُهُ فَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ ، كَجَعَالَةٍ ، لَا كَمُضَارَبَةٍ ، وَفِيهَا فِي الِانْتِصَارِ ، كَمُسَاقَاةٍ ، وَقِيلَ : لَازِمٌ ، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ ، فَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ أَوْ هَرَبَ فَوَارِثُهُ كَهُوَ ، فَإِنْ أَبَى اسْتَأْجَرَ حَاكِمٌ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ إنْ هَرَبَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ ، فَإِنْ فَسَخَ وَقَدْ صَلُحَتْ فَلَهُ الشِّرَاءُ ، وَلَهُ الْبَيْعُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ ، وَحَاكِمٌ عَنْ عَامِلٍ ، وَبَقِيَّةُ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بَاعَ حَاكِمٌ نَصِيبَ عَامِلٍ وَمَا يَلْزَمُهُ يُسْتَأْجَرُ عَنْهُ ، وَالْبَاقِي لِوَارِثِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ ، فَفِي أُجْرَتِهِ لِمَيِّتٍ وَقِيلَ وَهَارِبٍ وَجْهَانِ ( م 5 ) .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَيُعْتَبَرُ ضَرْبُ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ تَكْمُلُ فِي مِثْلِهَا الثَّمَرَةُ ، فَإِنْ جَعَلَاهَا إلَى الْجُذَاذِ أَوْ إدْرَاكِهَا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ هُنَا ، بَلْ الصِّحَّةُ هُنَا أَوْلَى مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ جَعَلَهَا مِثْلَهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا مُدَّةٌ مُحْتَمِلَةٌ الْكَمَالَ ، انْتَهَى ، يَعْنِي لَوْ جَعَلَا مُدَّةً قَدْ تَكْمُلُ فِيهَا وَقَدْ لَا تَكْمُلُ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، قَالَ النَّاظِمُ : هَذَا أَقْوَى ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) [ قَوْله ] : فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَفِي أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ الْأُجْرَةُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا أُجْرَةَ لَهُ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ .
( تَنْبِيهَانِ ) : ( الْأَوَّلُ ) عَكَسَ الْمُصَنِّفُ فَوَائِدَ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا عَقْدٌ
جَائِزٌ وَلَازِمٌ ، فَجَعَلَ فَوَائِدَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا جَائِزَةٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَازِمَةٌ ، وَفَوَائِدَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا جَائِزَةٌ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْكَاتِبِ حِينَ التَّبْيِيضِ ، لِأَجْلِ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ أَوْ شَيْءٍ كَانَ عَلَى الْحَاشِيَةِ أَوْ سَبَقَهُ [ قَلَمٌ ] مِنْ الْمُصَنِّفِ ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) ( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : فِيمَا إذَا مَاتَ الْعَامِلُ أَوْ هَرَبَ ، فَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ فَفِي أُجْرَتِهِ لِمَيِّتٍ وَقِيلَ : وَهَارِبٍ ، وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
فَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ ، يَعْنِي إذَا مَاتَ الْعَامِلُ وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْعَمَلَ وَتَعَذَّرَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَفَسَخَ رَبُّ الْمَالِ الْعَقْدَ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ .
وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ لَا فِيمَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ نَبَّهَ عَلَى مَا قُلْنَا ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤَوَّلَ عَدَمُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ الظُّهُورِ ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَنَقُولُ : إذَا فُسِخَ قَبْلَ الظُّهُورِ فَهَلْ لِلْعَامِلِ الَّذِي مَاتَ أُجْرَةٌ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ الْأُجْرَةُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزْم بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
وَهَذِهِ ( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَدْ صُحِّحَتْ .
وَلَا يَبِيعُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ، وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ عَامِلٍ وَحْدَهُ ، وَفِي شِرَاءِ الْمَالِكِ لَهُ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَإِنْ عَمِلَ الْمَالِكُ أَوْ اسْتَأْجَرَ أَوْ اقْتَرَضَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا وَنَوَى الرُّجُوعَ رَجَعَ ، وَإِنْ قَدَرَ فَالْخِلَافُ ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ عَامِلٍ إنْ كَانَتْ عَلَى الْعَيْنِ وَلَوْ بَانَ الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ عَلَى غَاصِبِهِ ، وَاخْتَارَ فِي التَّبْصِرَةِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ عَامِلٍ ، لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ ، مَأْخُوذٌ مِنْ إجَارَةٍ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ الْعَامِلِ وَحْدَهُ ، وَفِي شِرَاءِ الْمَالِكِ لَهُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ ، وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هُنَاكَ : يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِصَاحِبِ الشَّجَرِ ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمَا هُنَاكَ عَدَمُ الصِّحَّةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ هُنَاكَ ، فَلْيُعَاوَدْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الزَّرْعِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ أَنَّهُ الْعَامِلُ وَيُقِرُّ الْعَمَلَ مِنْ الْآخَرِ ، وَفِي مَنْعِ الْمُزَارَعَةِ رِوَايَةٌ حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاقَاةِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : هِيَ أَحَلُّ مِنْ الْإِجَارَةِ ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَغْرَمِ وَالْمَغْنَمِ ، وَلَا تَصِحُّ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْأَرْضُ لَهُمَا أَوْ مِنْهُمَا ، وَعَنْهُ : تَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَشَيْخُنَا وَغَيْرُهُمْ ، فَإِنْ رَدَّ عَلَى عَامِلٍ كَبَذْرِهِ فَرِوَايَتَانِ ، فِي الْوَاضِحِ ( م 7 ) وَإِنْ كَانَ مِنْ ثَالِثٍ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ أَوْ الْبَقَرُ مِنْ رَابِعٍ فَفِي الصِّحَّةِ تَخْرِيجٌ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ ، وَفِي الْأَرْبَعَةِ خَبَرُ مُجَاهِدٍ ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ ، لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْبَذْرِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ ، بِهَذَا ضَعَّفَهُ ، وَقِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِي : لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، فَقَالَ : أَحْسَنَ ، مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُحَدَّثُ بِهِ .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ : فَإِنْ رَدَّ عَلَى عَامِلٍ كَبَذْرَةِ فَرِوَايَتَانِ ، فِي الْوَاضِحِ ، انْتَهَى .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَيْثُ اشْتَرَطُوا ذَلِكَ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ
وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْمَاءُ فَقَطْ فَرِوَايَتَانِ ( م 8 ) ، وَاحْتَجَّ لِلْمَنْعِ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَوَّزَهُ جَازَ بَيْعُهُ ، وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ الْجَوَازَ ، مِنْهُمْ حَرْبٌ ، وَسَأَلَهُ : مَنْ لَهُ شُرْبٌ فِي قَنَاةٍ هَلْ يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَاءَ ؟ فَلَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ ، وَقَالَ : لَا يُعْجِبُنِي ، وَاحْتَجَّ { بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ } ، وَهِيَ كَمُسَاقَاةٍ .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْمَاءُ فَرِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيح الْمُحَرَّرِ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ : هَذَا أَصَحُّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
وَفِي صِحَّتِهِمَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ وَجْهَانِ ( م 9 ) .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَفِي صِحَّتِهِمَا يَعْنِي الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالُوا : هَذَا أَقْيَسُ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقِيلَ : إنْ صَحَّتْ بِلَفْظِهِمَا كَانَتْ إجَارَةً .
وَعَلَى الْعَامِلِ مَا فِيهِ صَلَاحُ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ ، كَسَقْيٍ وَطَرِيفَةٍ وَتَلْقِيحٍ وَتَشْمِيسٍ وَإِصْلَاحِ مَكَانِهِ وَآلَةِ حَرْثٍ وَبَقَرِهِ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشَّيْخُ : وَبَقَرُ دُولَابٍ ، قَالَ فِي الْفُنُونِ : وَالْفَأْسُ النُّحَاسُ تَقْطَعُ الدَّغَلَ فَلَا يَنْبُتُ ، وَهُوَ مَعْنًى فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَقَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ ، وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ مَا يَحْفَظُهُ كَسَدِّ حَائِطِهِ وَحَفْرِ نَهْرٍ وَبِئْرٍ وَدُولَابٍ وَشِرَاءِ مَا يُلَقِّحُ بِهِ وَمَاءٍ ، وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَتَيْنِ فِي بَقَرِ حَرْثٍ وَسِنَايَةٍ وَمَا يُلَقِّحُ بِهِ .
وَالْحَصَادُ عَلَى الْعَامِلِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : عَلَيْهِمَا ، وَفِي الْمُوجَزِ فِيهِ وَفِي دِيَاسٍ وَتَذْرِيَةٍ وَحِفْظِهِ بِبَيْدَرِهِ رِوَايَتَا جُذَاذٍ ، وَهُوَ عَلَيْهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ بِحِصَّتِهِمَا ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْعَامِلِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَخَذَ مِنْهُ صِحَّةَ شَرْطِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ بَعْضَهُ ، لَكِنْ يُعْتَبَرُ مَا يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْلُومًا .
وَفِي الْمُغْنِي : وَأَنْ يَعْمَلَ الْعَامِلُ أَكْثَرَ الْعَمَلِ ، وَالْأَشْهَرُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ ، فَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ ( م 10 ) وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ تَفْسُدُ بِشَرْطِ خَرَاجٍ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى عَامِلٍ ، وَيُكْرَهَانِ لَيْلًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاللِّقَاطُ كَحَصَادٍ .
وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ ، وَهُوَ كَمُضَارِبٍ فِي قَبُولٍ وَرَدٍّ وَمُبْطِلٍ لِلْعَقْدِ وَجُزْءٍ مَشْرُوطٍ ، وَفِي الْمُوجَزِ : إنْ اخْتَلَفَا فِيمَا شَرَطَهُ لَهُ صُدِّقَ عَامِلٌ .
وَفِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَإِنْ خَانَ فَمُشْرِفٌ يَمْنَعُهُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَامِلٌ مَكَانَهُ ، وَأُجْرَتُهُمَا مِنْ الْعَامِلِ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ : وَالْأَشْهَرُ يُفْسِدُ الشَّرْطَ ، فَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُفْسِدُ الْعَقْدَ أَيْضًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُفْسِدُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا إذَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ شَرْطٌ فَاسِدٌ .
وَإِنْ اُتُّهِمَ فَفِي الْمُغْنِي : يَحْلِفُ ، وَفِي غَيْرِهِ : لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ نَفْسِهِ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةُ ( م 11 ) قَالَ : وَإِنْ لَمْ يَقَعْ النَّفْعُ بِهِ لِعَدَمِ بَطْشِهِ أُقِيمَ مُقَامَهُ أَوْ ضُمَّ إلَيْهِ ، وَشَرْطُ أَخْذِ مِثْلِ بَذْرِهِ وَاقْتِسَامِ الْبَاقِي فَاسِدٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( و ) وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ الْمُضَارَبَةِ ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا أَخْذَهُ أَوْ بَعْضَهُ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ ، قَالَ : يَلْزَمُ مَنْ اعْتَبَرَ الْبَذْرَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ فَاسِدٌ .
وَقَالَ [ أَيْضًا ] : يَجُوزُ ، كَالْمُضَارَبَةِ ، وَكَاقْتِسَامِهِمَا مَا يَبْقَى بَعْدَ الْكَلَفِ ، وَيُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ جِنْسِ الْبَذْرِ وَلَوْ تَعَدَّدَ ، وَقَدْرُهُ .
وَفِي الْمُغْنِي : أَوْ تَقْدِيرُ الْمَكَانِ وَتَعْيِينُهُ ، وَإِنْ شَرَطَ إنْ سَقَى سَيْحًا أَوْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالرُّبْعُ ، وَبِكُلْفَةٍ وَحِنْطَةٍ فَالنِّصْفُ ، لَمْ يَصِحَّ ، كَمَا زَرَعْت مِنْ شَعِيرٍ فَلِي رُبْعُهُ ، وَمِنْ حِنْطَةٍ فَنِصْفُهُ ، أَوْ زَارِعَتُك أَوْ سَاقِيَتُك هَذَا بِالنِّصْفِ عَلَى أَنَّ الْآخَرَ بِالرُّبْعِ ، وَكَنِصْفِ هَذَا النَّوْعِ وَرُبْعِ الْآخَرِ وَيَجْهَلُ الْعَامِلُ قَدْرَهُمَا ، وَلَك الْخُمُسَانِ إنْ لَزِمَتْك خَسَارَةٌ وَإِلَّا الرُّبْعُ ، فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا ، وَقِيلَ : يَصِحُّ ، كَمَا زَرَعْت مِنْ شَيْءٍ فَلِي نِصْفُهُ ، .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اُتُّهِمَ يَعْنِي الْعَامِلَ فَفِي الْمُغْنِي : يَحْلِفُ ، وَفِي غَيْرِهِ : لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ نَفْسِهِ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةُ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَبَيْنَ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ ، فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى مَا إذَا اُتُّهِمَ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَادُّعِيَ عَلَيْهِ ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَغَيْرُهُ لَا يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ ، بَلْ يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا اُتُّهِمَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ ، فَلِذَلِكَ قَالَ : لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ ، وَلَا فِي كَلَامِهِمْ مَا يَنْفِي الْيَمِينَ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ ، هَذَا مَا يَظْهَرُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : حُكْمُ الْعَامِلِ حُكْمُ الْمُضَارِبِ فِيمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَفِيمَا يُرَدُّ ، لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ ائْتَمَنَهُ ، فَأَشْبَهَ الْمُضَارِبَ ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ ، وَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ ضُمَّ إلَيْهِ مَنْ يُشَارِفُهُ ، كَالْوَصِيِّ ، انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّنَافِي الْقَوْلُ الثَّانِي أَصْوَبُ مَعَ يَمِينِ الْعَامِلِ إنْ اتَّهَمَهُ فِيمَا عَمِلَهُ بِغَيْرِ أَمِينٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ آجَرَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ فَكَجَمْعِ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ ، وَإِنْ كَانَ حِيلَةً فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ جَوَازَهُ ، وَالْمَذْهَبُ لَا .
ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي عَقْدٍ ثَانٍ فَهَلْ تَفْسُدُ أَوْ هُمَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 12 ) وَإِنْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ فَتَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : سَوَاءٌ صَحَّتْ أَوْ لَا ، فَمَا ذَهَبَ مِنْ الشَّجَرِ ذَهَبَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْعِوَضِ ، وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ أَرْضٍ وَشَجَرٍ فِيهَا ، قَالَ أَحْمَدُ : أَخَافُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لَمْ يُثْمِرْ ، وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ تَحْرِيمَهُ ( عِ ) وَجَوَّزَهُ ابْنُ عَقِيلٍ تَبَعًا وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ أَكْثَرَ ، لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ضَمِنَ حَدِيقَةَ أُسَيْدَ بْنِ حُضَيْرٍ لَمَّا مَاتَ ثَلَاثَ سِنِينَ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ .
رَوَاهُ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ ، وَلِأَنَّهُ وَضَعَ الْخَرَاجَ عَلَى أَرْضِ [ الْخَرَاجِ ] ، وَهُوَ أُجْرَةٌ ، وَقَالَهُ مَالِكٌ بِقَدْرِ الثُّلُثِ ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا إجَارَةَ الشَّجَرِ مُفْرَدًا وَيَقُومُ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَأَرْضٍ لِزَرْعٍ [ وَإِنْ مَا اسْتَوْفَاهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَعِيرُ بِلَا عِوَضٍ يَسْتَوْفِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْعِوَضِ ] بِخِلَافِ بَيْعِ السِّنِينَ ، فَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ فَلَا أُجْرَةَ ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْعَادَةِ فَالْفَسْخُ أَوْ الْأَرْشُ ، لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ ، وَهُوَ كَجَائِحَةٍ [ وَاشْتِرَاطِ عَمَلِ الْآخَرِ حَتَّى يُثْمِرَ بِبَعْضِهِ ] قَالَ شَيْخُنَا : وَالسِّيَاجُ عَلَى الْمَالِكِ ، وَيَتْبَعُ فِي الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ الْعُرْفَ مَا لَمْ يَكُنْ شَرَطَ ، قَالَ : وَمَا طُلِبَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ وَظَائِفَ سُلْطَانِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَعَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ ، وَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى الزَّرْعِ فَعَلَى رَبِّهِ ، وَعَلَى الْعَقَارِ عَلَى رَبِّهِ مَا لَمْ يَشْرِطْهُ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ ، وَإِنْ وُضِعَ مُطْلَقًا فَالْعَادَةُ ، وَمَتَى فَسَدَ الْعَقْدُ فَالثَّمَرَةُ وَالْبَذْرُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ ، وَكَذَا الْعُشْرُ ، وَإِنْ
صَحَّتْ لَزِمَ الْمُقْطِعَ عُشْرُ نَصِيبِهِ ، وَمَنْ قَالَ الْعُشْرُ كُلُّهُ عَلَى الْفَلَّاحِ فَخِلَافُ الْإِجْمَاعِ قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَإِنْ أَلْزَمُوا الْفَلَّاحَ بِهِ فَمَسْأَلَةُ الظَّفَرِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : الْحَقُّ ظَاهِرٌ ، فَيَأْخُذُهُ ، وَقِيلَ : إنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا الثَّمَرَةُ فَفِي الْأُجْرَةِ وَجْهَانِ ، وَحُكْمُ بَذْرَيْنِ مِنْهُمَا كَمَالَيْ عِنَانٍ .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ آجَرَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ فَكَجَمْعٍ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ ، وَإِنْ كَانَ حِيلَةً فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ جَوَازَهُ ، وَالْمَذْهَبُ لَا ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي عَقْدٍ ثَانٍ فَهَلْ تَفْسُدُ أَوْ هُمَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ وَحْدَهَا ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَفْسُدَانِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، إذَا فَعَلَا ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى شِرَاءِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَلَا يَصِحُّ ، سَوَاءٌ جَمَعَا بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ أَوْ عَقَدَا أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ
وَفِي إيجَارِ أَرْضِهِ بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسٍ خَارِجٍ مِنْهَا رِوَايَتَانِ ( م 13 ) وَعَنْهُ : يُكْرَهُ ، وَحَمَلَ الْقَاضِي الْجَوَازَ عَلَى الذِّمَّةِ ، وَالْمَنْعَ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، وَعَنْهُ : رُبَّمَا تَهَيَّبَتْهُ وَلَا يُكْرَهُ بِنَقْدٍ وَعَرَضٍ ، وَيَجُوزُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْ الْخَارِجِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ ، فَإِنْ صَحَّ إجَارَةً أَوْ مُزَارَعَةً فَلَمْ يُزْرَعْ نُظِرَ إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ ، فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى فِيهِ ، وَإِنْ فَسَدَتْ وَسُمِّيَتْ إجَارَةً فَأَجْرُ الْمِثْلِ ، وَقِيلَ : قِسْطُ الْمِثْلِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ : يَشْرِطُ عَلَى الْأَكَّارِ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي غَيْرِ الْحَرْثِ ؟ قَالَ : لَا يَجُوزُ .
وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ : يُشَارِطُهُ عَلَى كِرَاءِ الْبُيُوتِ وَمَا أُحْدِثَ مِنْ عِمَارَةٍ فِيهَا وَفِي الْأَرْضِ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ الْأَكَّارُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ هَلْ يَطِيبُ لِرَبِّ الْأَرْضِ مَا عَمِلَهُ ؟ قَالَ : إذَا شَرَطَ فَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ ، قَالَ شَيْخُنَا : لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ شَيْئًا مَأْكُولًا وَلَا غَيْرَهُ .
وَقَالَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ نَصِيبِ الْفَلَّاحِ لِلْمُقْطِعِ : وَالْعُشْرُ وَالدِّيَاسَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ لَوْ دُفِعَتْ مُقَاسَمَةً قُسِمَتْ أَوْ جَرَتْ بِمِقْدَارٍ فَأَخَذَ قَدْرَهُ فَلَا بَأْسَ ، قَالَ : وَهَدِيَّتُهُ لَهُ إنَّمَا هِيَ بِسَبَبِ الْإِقْطَاعِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْسِبَهَا مِمَّا لَهُ عِنْدَهُ أَوْ لَا يَأْخُذُهَا ، وَمَا سَقَطَ مِنْ حَبٍّ وَقْتَ حَصَادٍ فَنَبَتَ عَامًا آخَرَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الْمُبْهِجِ وَجْهٌ : لَهُمَا ، وَفِي الرِّعَايَةِ : لِرَبِّ الْأَرْضِ مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا ، وَقِيلَ : لَهُ حُكْمُ عَارِيَّةٍ ، وَقِيلَ حُكْمُ غَصْبٍ ، وَكَذَا نَصَّ فِيمَنْ بَاعَ قَصِيلًا فَحَصَدَ وَبَقِيَ يَسِيرٌ فَصَارَ سُنْبُلًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ : لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ
لِيَجْعَلَ بِهَا شَوْكًا أَوْ دَوَابَّ فَتَنَاثَرَ بِهَا حَبٌّ أَوْ نَوًى فَلِمُسْتَعِيرٍ ، وَلِلْمُعِيرِ إجْبَارُهُ عَلَى قَلْعِهِ [ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ ] لِنَصِّ أَحْمَدَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ .
وَاللِّقَاطُ مُبَاحٌ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَاحِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ حَصَدَ زَرْعَهُ فَسَقَطَ سُنْبُلٌ فَلَقَطَهُ قَوْمٌ ، يُقَاسِمُهُمْ ؟ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ لَا ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا أَخَذَ السُّلْطَانُ حَقَّهُ فَعَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يُعْطِيَ الْمَسَاكِينَ مِمَّا يَصِيرُ لَهُ لِقَوْلِهِ { وَآتُوا حَقَّهُ } وَالْحَصَادُ أَنْ لَا يَمْنَعَ الرَّجُلَ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِعِلْمِ صَاحِبِ الزَّرْعِ ، وَنَقَلَ أَيْضًا : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ مَزْرَعَةَ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِهِ ، وَقَالَ : لَمْ يَرَ بَأْسًا بِدُخُولِهِ يَأْخُذُ كَلَأً وَشَوْكًا ، لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرًا وَعُرْفًا وَعَادَةً [ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ]
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَفِي إيجَارِ أَرْضِهِ بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسٍ خَارِجٍ مِنْهَا رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ اخْتَارَهُ ، وَقَطَعَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَقَالَ : بِنِيَّتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : لَا يَصِحُّ .
وَفِي الْأَظْهَرِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي نِهَايَتِهِ ، وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ
وَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، عَلَى النَّفْعِ ، يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا ، وَانْتِفَاعُهُ تَابِعٌ لَهُ ، وَقَدْ قِيلَ : هِيَ خِلَافُ الْقِيَاسِ ، وَالْأَصَحُّ لَا ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالِفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ ، وَمَنْ خَصَّصَهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ خِلَافَ الْقِيَاسِ إذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فِيهِ وَيَخْلُفُ الْحُكْمُ عَنْهُ .
تَنْعَقِدُ بِلَفْظِهَا وَمَعْنَاهُ إنْ أَضَافَهُ إلَى الْعَيْن ، وَكَذَا إلَى النَّفْعِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَفِي لَفْظِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ ( م 1 ) قَالَ شَيْخُنَا : بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةَ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ شَبِيهٌ بِهِ .
وَفِي التَّلْخِيصِ مُضَافًا إلَى النَّفْعِ ، نَحْوَ بِعْتُك نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ، نَحْوَ بِعْتُكهَا شَهْرًا [ وَمُضَافًا إلَى النَّفْعِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ] وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ نَفْعٍ كَمَبِيعٍ بِعُرْفٍ ، كَسُكْنَى ، فَلَا يُعْمَلُ فِيهَا حِدَادَةً وَلَا قِصَارَةً وَلَا دَابَّةً ، وَالْأَشْهَرُ : وَلَا مَخْزَنًا لِلطَّعَامِ ، قِيلَ لِأَحْمَدَ : يَجِيءُ إلَيْهِ زُوَّارٌ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ صَاحِبَ الْبَيْتِ بِذَلِكَ ؟ قَالَ : رُبَّمَا كَثُرُوا وَأَرَى أَنْ يُخْبِرَ ، وَقَالَ : إذَا كَانَ يَجِيئُهُ الْفَرْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ ، وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ : لَهُ إسْكَانُ ضَيْفٍ وَزَائِرٍ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ : يَجِبُ ذِكْرُ السُّكْنَى وَصِفَتِهَا وَعَدَدِ مَنْ يَسْكُنُهَا وَصِفَتِهِمْ إنْ اخْتَلَفَتْ الْأُجْرَةُ ، وَخِدْمَةُ آدَمِيٍّ شَهْرًا أَوْ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ .
وَفِي النَّوَادِرِ وَالرِّعَايَةِ : يَخْدُمُ لَيْلًا وَنَهَارًا ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ اسْتَحَقَّهُ لَيْلًا وَحَمْلٌ مَعْلُومٌ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ ، فَلَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ كِتَابًا فَوَجَدَ الْمَحْمُولَ إلَيْهِ غَائِبًا فَلَهُ الْأَجْرُ لِذَهَابِهِ وَرَدِّهِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَالْمُسَمَّى فَقَطْ وَيَرُدُّهُ ، نَقَلَ حَرْبٌ : إنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ وَكِيلًا لِيَحْمِلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ
الْكُوفَةِ فَلَمَّا وَصَّلَهَا لَمْ يَبْعَثْ لَهُ وَكِيلُهُ بِمَا أَرَادَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ مِنْ هُنَا إلَى ثَمَّ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذَا جَوَابٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ، وَالْآخَرُ : لَهُ الْأُجْرَةُ فِي ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ ، فَإِنْ جَاءَ الْوَقْتُ لَمْ يَبْلُغْهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ ، وَيَسْتَخْدِمُهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ .
بَابُ الْإِجَارَةِ ) ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي لَفْظِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ لِلطُّوفِيِّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ : وَأَمَّا لَفْظُ الْبَيْعِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الدَّارِ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْمَنْفَعَةِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَالشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ فَقَالَ فِي قَاعِدَةٍ لَهُ فِي تَقْرِيرِ الْقِيَاسِ بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ : وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي عَرَفَ بِهَا الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا ، وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ ، فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَحُدَّ حَدًّا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ ، بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً ، انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ ، وَاخْتَارَهُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ : لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ ، وَفِي وَجْهٍ تَدُلُّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ الصِّحَّةُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ .
.
وَمَعْرِفَةُ مَرْكُوبٍ كَمَبِيعٍ ، وَمَا يَرْكَبُ بِهِ ، وَكَيْفِيَّةُ سَيْرِهِ ، وَقَدَّمَ [ فِيهِ ] فِي التَّرْغِيبِ : لَا ، وَفِي ذُكُورِيَّتِهِ وَأُنُوثِيَّتِهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَفِي الْمُوجَزِ يُعْتَبَرُ نَوْعُهُ ، وَرَاكِبٌ كَمَبِيعٍ ، وَقِيلَ : بِرُؤْيَةٍ ، وَقِيلَ : لَا يَلْزَمُ ذِكْرُ تَوَابِعِهِ الْعُرْفِيَّةِ ، كَزَادٍ وَأَثَاثٍ وَنَحْوِهِ ، وَلَهُ حَمْلُ مَا نَقَصَ عَنْ مَعْلُومِهِ ، وَقِيلَ : لَا بِأَكْلٍ مُعْتَادٍ ( وَقِ ) [ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا ] وَمَعْرِفَةُ حَامِلِ خَزَفٍ أَوْ زُجَاجٍ وَنَحْوِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَا يُدِيرُ دُولَابًا وَرَحًى ، وَاعْتَبَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَمَعْرِفَةِ مَحْمُولٍ ، وَاكْتَفَى ابْنُ عَقِيلٍ وَالتَّرْغِيبُ وَغَيْرُهُمَا بِذِكْرِ وَزْنِهِ مِمَّا شِئْت ، وَمَعْرِفَةُ أَرْضٍ لِحَرْثٍ ، وَمَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ ، فَهِيَ فِي الذِّمَّةِ كَثَمَنٍ ، وَالْمُعَيَّنَةُ كَمَبِيعٍ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : مَعْرِفَةُ مَرْكُوبٌ كَمَبِيعٍ وَفِي ذُكُورِيَّتِهِ وَأُنُوثِيَّتِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُشْتَرَطُ ، وَهُوَ الصَّحِيح ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِصَالِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
[ وَتَصِحُّ بِمَنْفَعَةٍ ] وَتَصِحُّ فِي أَجِيرٍ وَظِئْرٍ بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا ، وَهُمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ كَزَوْجَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : كَمِسْكِينٍ فِي كَفَّارَةٍ ، وَعَنْهُ : الْمَنْعُ ، وَعَنْهُ : فِي أَجِيرٍ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ فِي دَابَّةٍ بِعَلَفِهَا ، وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ فِطَامٍ إعْطَاؤُهَا عَبْدًا أَوْ أَمَةً مَعَ الْقُدْرَةِ ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَوْ اكْتَرَى لِمُدَّةِ غَزَاتِهِ أَوْ غَيْرِهَا كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا جَازَ ، وَعَنْهُ : لَا .
، وَلَوْ اكْتَرَى دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَقِيلَ بَعْدَ الْأَوَّلِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) فَإِنْ صَحَّ فَفَسَخَ بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِي وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُحَرَّرُ : إلَى تَمَامِ يَوْمٍ .
وَقَالَ الشَّيْخُ : أَوْ قَبْلَهُ وَقَالَ أَيْضًا وَأَبُو الْخَطَّابِ وَشَيْخُنَا : بَلْ قَبْلَهُ ، وَقَالَ [ أَيْ الشَّيْخُ ] أَوْ تَرَكَ التَّلَبُّسَ بِهِ فَلَا أُجْرَةَ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : إنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى دَخَلَ الشَّهْرُ الثَّانِي فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَلَوْ قَالَ شَهْرًا بِكَذَا وَمَا زَادَ بِكَذَا صَحَّ فِي الْأَوَّلِ ، وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ ( م 4 ) .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ اكْتَرَى دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ ، وَقِيلَ بَعْدَ الْأَوَّلِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ .
( إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَالشَّيْخَانِ ، انْتَهَى ، قَالَ النَّاظِمُ : يَجُوزُ فِي الْأُولَى ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ فِي الْكَافِي : وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِالْبُطْلَانِ ، قَالَ الشَّارِحُ : وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ ، لِأَنَّ الْعَقْدَ تَنَاوَلَ جَمِيعَ الْأَشْهَرِ ، وَذَلِكَ مَجْهُولٌ ، انْتَهَى .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ شَهْرًا بِكَذَا وَمَا زَادَ بِكَذَا صَحَّ فِي الْأَوَّلِ ، وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، الظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا فِي قَوْلِهِ " وَمَا زَادَ بِكَذَا " فَإِنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ آجَرْتُك هَذَا الشَّهْرَ بِكَذَا وَمَا بَعْدَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ، كَمَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، فَعَلَى هَذَا يُقَدَّرُ " وَمَا زَادَ فَلَهُ كُلُّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ كَذَا " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي
الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا : وَإِنْ اكْتَرَى شَهْرًا مُعَيَّنًا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ فِيمَا زَادَ مِنْ الشُّهُورِ ، وَإِنْ قَالَ آجَرْتُك هَذَا الشَّهْرَ بِدِرْهَمٍ وَمَا بَعْدُ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمَيْنِ فَوَجْهَانِ ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَتَأَوَّلَ قَوْلَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ هُوَ جَائِزٌ عَلَى الزَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ : وَالظَّاهِرُ عَنْ أَمْرِ ذَلِكَ .
قَالَ فِي الْبِدَايَةِ : الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي رَجَعَ إلَى مَا فِيهِ الْإِشْكَالُ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : وَعِنْدِي أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ مَا إذَا آجَرَهُ عَيْنًا لِكُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا ، يَعْنِي الَّتِي تَقَدَّمَتْ
وَلَوْ قَالَ : إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ أَوْ رُومِيًّا فَبِكَذَا ، أَوْ إنْ خِطْتَهُ غَدًا أَوْ فَارِسِيًّا فَبِكَذَا ، لَمْ يَصِحَّ ، عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا إنْ زَرَعْتهَا فَبِخَمْسَةٍ وَذُرَةٍ بِعَشْرَةٍ وَنَحْوِهِ .
وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ ، وَلَهُ الْوَطْءُ ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ رِوَايَةً ، وَتُسْتَحَقُّ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ أَوْ بِفَرَاغِ عَمَلٍ لِمَا بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ بَدَلِهَا وَعَنْهُ : قَدْرُ مَا سَكَنَ ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ ، وَمِثْلُهُ تَرْكُهُ تَتِمَّةَ عَمَلِهِ ، وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ كَقَوْلِ الْقَاضِي ، وَلَهُ الطَّلَبُ بِالتَّسْلِيمِ ، وَلَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ، بِلَا نِزَاعٍ ، فَإِنْ بَذَلَ تَسْلِيمَ عَيْنٍ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَوَجْهَانِ ( م 5 ) وَيَجُوزُ تَأْجِيلُهَا ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ نَفْعًا فِي الذِّمَّةِ وَقِيلَ : وَيَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَا تَحِلُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ مُؤَجَّلَةً بِمَوْتٍ وَإِنْ حَلَّ دَيْنٌ لِأَنَّ حِلَّهَا مَعَ تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ ظُلْمٌ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، قَالَ : وَلَيْسَ لِنَاظِرِ وَقْفٍ وَنَحْوِهِ تَعْجِيلُهَا كُلِّهَا إلَّا لِحَاجَةٍ ، وَلَوْ شَرَطَهُ لَمْ يَجُزْ ، لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ الْآنَ ، كَمَا يُفَرِّقُونَ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ إذَا بِيعَتْ وَوُرِثَتْ ، فَإِنَّ الْحَكْرَ مِنْ الِانْتِقَالِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْوَارِثَ ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ بَائِعٍ وَتَرْكُهُ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِمْ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَلَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ ، فَإِنْ بَذَلَ تَسْلِيمَ عَيْنٍ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي .
وَإِنْ بَذَلَ تَسْلِيمَ عَيْنٍ وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ فَقَالَ أَصْحَابُنَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا أَجْرَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي ، انْتَهَى ، وَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ ، وَلَمْ يَخْتَرْ مَا اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَجَزَمَ فِي الْكَافِي بِمَا اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ بِبَذْلِ التَّسْلِيمِ ، وَقَطَعَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يُفْصِحَ بِاخْتِيَارِ الْأَصْحَابِ إنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَا أُجْرَةَ بِبَذْلِ عَيْنٍ فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ ، فَإِنْ تَسَلَّمَهَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ، لِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ بِيَدِهِ ، وَعَنْهُ : إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ فَلَا أُجْرَةَ ، وَفِي التَّعْلِيقِ : يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ، فَيَجِبُ أَنْ نَقُولَ مِثْلَهُ فِي الْإِجَارَةِ ، وَعَلَى أَنَّ الْقَصْدَ فِيهَا الْعِوَضُ ، فَاعْتِبَارُهَا بِالْأَعْيَانِ أَوْلَى .
وَفِي الرَّوْضَةِ : هَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ أَمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَلَوْ أَعْطَى ثَوْبَهُ قَصَّارًا أَوْ خَيَّاطًا بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ أَوْ اسْتَعْمَلَ حَمَّالًا أَوْ شَاهِدًا وَنَحْوَهُ جَازَ ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِمُنْتَصِبٍ ، كَتَعْرِيضِهِ بِهَا ، وَكَدُخُولِ حَمَّامٍ وَرُكُوبِ سَفِينَةِ مَلَّاحٍ .
مَا حُرِّمَ بَيْعُهُ فَإِجَارَتُهُ مِثْلُهُ ، إلَّا الْحُرَّ وَالْحُرَّةَ ، وَيَصْرِفُ بَصَرَهُ فِي النَّظَرِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالْوَقْفُ وَأُمُّ الْوَلَدِ ، وَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا عَلَى نَفْعٍ مُبَاحٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ يُسْتَوْفَى دُونَ الْأَجْزَاءِ ، كَإِجَارَةِ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا أَوْ كِتَابٍ لِلنَّظَرِ ، وَفِي الْمُصْحَفِ الْخِلَافُ ، وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ ( م 6 ) [ وَحُلِيٍّ ] وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِ : يُكْرَهُ بِجِنْسِهِ ، وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ ، وَقِيلَ لَهُ : فَثَوْبٍ يَلْبَسُهُ ؟ قَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ ، وَحَيَوَانٍ ، وَقِيلَ : حَتَّى كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَحِرَاسَةٍ ، وَشَجَرٍ لِنَشْرِ ثِيَابٍ وَقُعُودٍ بِظِلِّهِ ، وَبَقَرٍ لِحَمْلٍ وَرُكُوبٍ وَغَنَمٍ لِدِيَاسِ زَرْعٍ ، وَبَيْتٍ فِي دَارٍ وَلَوْ أَهْمَلَ اسْتِطْرَاقَهُ ، وَآدَمِيٍّ لِقَوَدٍ أَوْ إرَاقَةِ خَمْرٍ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ فِيهَا ، وَيَحْرُمُ حَمْلُهَا لِشُرْبٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَمِثْلُهَا مَيْتَةٌ لِطَرْحٍ أَوْ أَكْلٍ .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَفِي الْمُصْحَفِ الْخِلَافُ .
وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي بَيْعِهِ ، وَقَدْ أَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ ، وَتَقَدَّمَ تَحْرِيرُ ذَلِكَ ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ لَا يَصِحُّ ، هَكَذَا هُنَا ، فَلْيُرَاجِعْ ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ : وَإِجَارَتُهُ كَبَيْعِهِ ، فَحَصَلَ التَّكْرَارُ ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ " إحْدَاهُمَا كَبَيْعِهِ وَالثَّانِيَةُ لَيْسَ كَبَيْعِهِ ، فَيَجُوزُ ، وَإِنْ مَنَعْنَا الْبَيْعَ لِعَدَمِ رَغْبَتِهِ عَنْهُ مُطْلَقًا .
وَتَحْرُمُ إجَارَةُ دَارٍ لِبَيْعِهِ وَنَحْوِهِ ، شَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا ، وَغِنَاءٍ وَفَحْلٍ لِنَزْوٍ ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ ( و م ) وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ لَهُمَا ، زَادَ حَرْبٌ : جِدًّا ، قِيلَ : فَاَلَّذِي يُعْطَى وَلَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا ؟ فَكَرِهَهُ .
وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَقِيلَ لَهُ : أَلَا يَكُونُ مِثْلَ الْحَجَّامِ يُعْطَى وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ ؟ فَقَالَ : لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى فِي مِثْلِ هَذَا شَيْئًا كَمَا بَلَغَنَا فِي الْحَجَّامِ ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ هَذَا مُقْتَضَى النَّظَرِ تُرِكَ فِي الْحَجَّامِ ، وَحَمَلَ فِي الْمُغْنِي كَلَامَ أَحْمَدَ [ هَذَا ] عَلَى الْوَرَعِ لَا التَّحْرِيمِ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَلَوْ أَنَزَاهُ عَلَى فَرَسِهِ فَنَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَهُ ، وَنَفْعٍ مَغْصُوبٍ وَأَرْضٍ سَبِخَةٍ لِزَرْعٍ ، قَالَ فِي الْمُوجَزِ : وَحَمَامٍ لِحَمْلِ الْكُتُبِ لِتَعَدِّيهِ ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ : وَهُوَ أَوْلَى ، وَأَنَّهُ تَصِحُّ إجَارَةُ هِرٍّ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ مُعَلَّمٍ لِلصَّيْدِ ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَيْعِهَا الْخِلَافَ ، وَشَمْعٍ لِيُشْعِلَهُ وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا مِثْلَ كُلِّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ ، فَمِثْلُهُ فِي الْأَعْيَانِ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَنَافِعِ ، وَمِثْلُهُ كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِك فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَدَدَ وَالثَّمَنَ ، وَهُوَ إذْنٌ فِي الِانْتِفَاعِ بِعِوَضٍ ، وَاخْتَارَ جَوَازَهُ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ حَائِزٌ ، كَالْجَعَالَةِ ، وَكَقَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ ، أَوْ مَنْ أَلْقَى كَذَا فَلَهُ كَذَا وَمَنْ أَلْقَى كَذَا فَلَهُ كَذَا ، وَجَوَازُ إجَارَةِ مَاءِ قَنَاةٍ مُدَّةً ، وَمَاءِ فَائِضِ بِرْكَةٍ رَأَيَاهُ وَإِجَارَةِ حَيَوَانٍ لِأَخْذِ لَبَنِهِ قَامَ بِهِ هُوَ أَوْ رَبُّهُ ، فَإِنْ قَامَ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَعَلَفهَا فَكَاسْتِئْجَارِ الشَّجَرِ ، وَإِنْ عَلَفَهَا رَبُّهَا وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي لَبَنًا مُقَدَّرًا فَبَيْعٌ مَحْضٌ ، وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ
اللَّبَنَ مُطْلَقًا فَبَيْعٌ أَيْضًا ، وَلَيْسَ هَذَا بِغَرَرٍ ، لِأَنَّ الْغَرَرَ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ ، فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْقِمَارِ الَّذِي هُوَ الْمَيْسِرُ ، وَهُوَ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ ، كَبَيْعِ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ .
قَالَ : وَالْمَنَافِعُ وَالْفَوَائِدُ تَدْخُلُ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ سَوَاءً كَانَ الْأَصْلُ مُحْتَبَسًا بِالْوَقْفِ أَوْ غَيْرَ مُحْتَبَسٍ ، كَالْعَارِيَّةِ وَنَحْوِهَا ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ فِي مَنِيحَةِ الشَّاةِ ، وَهُوَ عَارِيَّتُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِلَبَنِهَا ، كَمَا يُعِيرُهُ الدَّابَّةَ لِرُكُوبِهَا ، وَلِأَنَّ هَذَا يَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا ، فَهُوَ بِالْمَنَافِعِ أَشْبَهُ ، فَإِلْحَاقُهُ بِهَا أَوْلَى ، وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارِةِ عَلَى زَرْعِ الْأَرْضِ هُوَ عَيْنٌ مِنْ الْأَعْيَانِ ، وَهُوَ وَمَا يُحْدِثُهُ مِنْ الْحَبِّ بِسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ ، وَكَذَا مُسْتَأْجِرُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا مَقْصُودُهُ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ مِنْ لَبَنِهَا بِعَلَفِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ، وَالْآفَاتُ وَالْمَوَانِعُ الَّتِي تَعْرِضُ لِلزَّرْعِ أَكْثَرُ مِنْ آفَاتِ اللَّبَنِ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ .
قَالَ : وَكَظِئْرٍ ، وَمِثْلُهَا نَفْعُ بِئْرٍ وَفِي الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ مَاءُ بِئْرٍ .
وَفِي الْفُصُولِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِجَارَةِ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِحِيَازَتِهِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ قَالَ أَصْحَابُنَا : لَوْ غَارَ مَاءُ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ ، لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْإِجَارَةِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : لَا يَمْلِكُ عَيْنًا وَلَا يَسْتَحِقُّهَا بِإِجَارَةٍ إلَّا نَفْعَ بِئْرٍ فِي مَوْضِعٍ مُسْتَأْجَرٍ ، وَلَبَنَ ظِئْرٍ فِيهِ خِلَافٌ تَبَعًا ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ : إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ [ مَجْهُولًا ] وَإِلَّا جَازَ .
وَيَكُونُ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ ، وَهَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ أَوْ يَلْزَمُهُ أَحَدُهُمَا بِعَقْدِهِ عَلَى الْآخَرِ وَاعْتِبَارِ رُؤْيَةِ مُرْتَضِعٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 7 - 10 ) وَقِيلَ : الْحَضَانَةُ تَتْبَعُ
لِلْعُرْفِ ، وَقِيلَ عَكْسُهُ .
وَيُعْتَبَرُ مَحَلُّ رَضَاعٍ ، وَرَخَّصَ أَحْمَدُ فِي مُسْلِمَةٍ تُرْضِعُ طِفْلًا لِنَصَارَى بِأُجْرَةٍ ، لَا لِمَجُوسِيٍّ ، وَسَوَّى أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا ، لِاسْتِوَاءِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ .
مَسْأَلَةٌ ( 7 - 10 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ أَوْ يَلْزَمُهُ أَحَدُهُمَا بِعَقْدِهِ عَلَى الْآخَر وَاعْتِبَارِ رُؤْيَةِ مُرْتَضِعٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَجْهَانِ ، وَفِيهِ مَسَائِلُ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الرَّضَاعَةِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْفَائِقِ .
( أَحَدُهُمَا ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحَضَانَةُ ، وَهِيَ خِدْمَةُ الْوَلَدِ ، وَحَمْلُهُ ، وَوَضْعُ الثَّدْيِ فِي فِيهِ ، وَأَمَّا اللَّبَنُ فَيَدْخُلُ تَبَعًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالرَّضَاعَةِ ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ : الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ ، وَيَكُونُ اللَّبَنُ تَبَعًا .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِصَالِ : لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ ، وَإِنْ كَانَ يُمْلَكُ بِالِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُقْنِعِ ، وَغَيْرِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ، حَيْثُ قَالَ : وَلَا تُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ عَيْنٌ إلَّا فِي مَوْضِعِ لَبَنِ الظِّئْرِ وَبُقَعِ السَّرِّ ، فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ تَبَعًا ، وَكَذَا قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى اللَّبَنِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَهُوَ الْأَشْبَهُ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَهُوَ الْأَصَحُّ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، قَالَ فِي الْهَدْيِ : وَالْمَقْصُودُ إنَّمَا هُوَ اللَّبَنُ ، قَوَّى ذَلِكَ بِعَشْرَةِ وُجُوهٍ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْهَدْيِ ، قَالَ النَّاظِمُ : وَفِي الْأُجُورِ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ رَدُّهَا وَالْإِرْضَاعُ لَا حَضْنٌ وَمَبْدَأٌ يَقْصِدُهُ انْتَهَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا
قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي فَإِنَّهُ قَالَ : وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى مَا يَذْهَبُ إجْرَاؤُهُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ لَا فِي الطَّيْرِ يَجُوزُ الرَّضَاعُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُوهُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ ، إلَّا فِي الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا يَعُودُ قَوْلُهُ تَبَعًا إلَى نَقْعِ الْبِئْرِ لَا إلَى الظِّئْرِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرَحَ الْمُقْنِعِ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ لِجَوَازِ هَلَاكِ الْعَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ فِي الظِّئْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) إذَا عَقَدَ عَلَى أَحَدِهِمَا هَلْ يَلْزَمُهَا الْآخَرُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ .
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8 ) لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ .
( أَحَدُهُمَا ) تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ أَيْضًا ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَلْزَمُهَا سِوَى الرَّضَاعِ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( قُلْت ) : الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ ، فَيُعْمَلُ بِهِمَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9 ) وَهِيَ ( الثَّالِثَةُ ) لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْحَضَّانَةِ فَهَلْ يَدْخُلُ الرَّضَاعُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهَا الرَّضَاعُ أَيْضًا ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهَا ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ لَمْ يَلْزَمْهَا وَجْهًا وَاحِدًا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَهُوَ أَقْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ ، وَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَمِلَ بِهَا .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 10 ) هَلْ تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ الْمُرْتَضِعِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَمْ تَكْفِي
صِفَتُهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ .
( أَحَدُهُمَا ) تَكْفِي صِفَتُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَنْ أَعْطَى صَيَّادًا أُجْرَةً لِيَصِيدَ لَهُ سَمَكًا لِيَخْتَبِرَ بَخْتَهُ فَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ لَهُ بِشَبْكَتِهِ ، قَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ ، وَمَنَعَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ إجَارَةَ نَقْدٍ أَوْ شَمْعٍ لِلتَّجَمُّلِ ، وَثَوْبٍ لِتَغْطِيَةِ نَعْشٍ ، وَمَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ ، كَرَيَاحِينَ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : وَتُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ ، بَلْ عَنْبَرٍ ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُهُ ، وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِحِجَامَةٍ ، كَفَصْدٍ ، وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ أَكْلُهُ ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ ، وَاخْتَارَ فِي التَّعْلِيقِ : عَلَى سَيِّدِهِ ، وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ ، وَكَذَا أَخْذُهُ بِلَا شَرْطٍ ، وَجَوَّزَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِغَيْرِ حُرٍّ .
وَتَجُوزُ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ فِي الذِّمَّةِ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : عَلَى الْمَنْصُوصِ ، وَفِي مُدَّةٍ رِوَايَتَانِ ( م 11 ) لَا لِخِدْمَةٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَكَذَا إعَارَتُهُ .
مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَتَجُوزُ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ فِي الذِّمَّةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : عَلَى الْمَنْصُوص ، وَفِي مُدَّةٍ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي فِي جَوَازِ إيجَارِ تَدَاخُلِ غَيْرِ الْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ، وَأَطْلَقَهُمَا النَّاظِمُ .
( إحْدَاهُمَا ) يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا الْمُعَرَّاةُ هَذَا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ : لَا لِخِدْمَةٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَكَذَا إعَارَتُهُ ، انْتَهَى .
فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ لِلْخِدْمَةِ ، عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقِيلَ فِي الْعَارِيَّةِ : إعَارَةُ كُلِّ ذِي نَفْعٍ جَائِزٌ مُنْتَفِعٌ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ إلَّا الْبُضْعَ وَمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ لِمُحْرِمٍ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : وَعَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ ، وَيَتَوَجَّهُ كَإِجَارَةٍ ، انْتَهَى .
فَقَطَعَ هُنَا : أَنَّ إعَارَتَهُ كَإِجَارَتِهِ ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْعَارِيَّةِ الْجَوَازُ ، وَمَا مَنَعَ إلَّا صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ ، ثُمَّ وَجَّهَ مِنْ عِنْدِهِ أَنَّهُ كَالْإِجَارَةِ ، فَحَصَلَ الْخَلَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَا إجَارَةُ مُشَاعٍ مُفْرَدًا ، وَعَنْهُ : بَلَى ، اخْتَارَهُ الْعُكْبَرِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، كَشَرِيكِهِ ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِنْ [ عَدَمِ ] إجَارَةِ الْمُشَاعِ أَنْ لَا يَصِحَّ رَهْنُهُ ، وَكَذَلِكَ هِبَتُهُ ، وَيَتَوَجَّهُ : وَوَقْفُهُ ، قَالَ : وَالصَّحِيحُ صِحَّةُ رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ وَهِبَتِهِ ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ ، وَالْمُرَادُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَإِلَّا فَفِي بَيْعِهِ خِلَافٌ ذَكَره ابْنُ حَزْمٍ ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ فِي مُشَاعٍ مِنْ غَرْسٍ ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ خِلَافُ نَصِّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ سِنْدِيٍّ : يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشَاعِ وَرَهْنُهُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجَّرَ ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لِلْمَنَافِعِ ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ ، وَهَلْ مِثْلُهُ إيجَارُ حَيَوَانٍ وَدَارٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ أَوْ يَصِحُّ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 12 ) وَكَذَا وَصِيَّةٌ بِمُنْفَعِهِ ، وَلَا امْرَأَةٍ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ أَوْ إنَّهَا مُؤَجَّرَةٌ قَبْلَ نِكَاحٍ .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ إجَارَةِ الْمُشَاعِ : وَهَلْ مِثْلُهُ إيجَارُ حَيَوَانٍ وَدَارٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ أَوْ يَصِحُّ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) هُوَ كَإِجَارَةِ الْمُشَاعِ ، جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ ، وَفَرَضَهَا فِي الْحَيَوَانِ وَالدَّارِ ، وَفَرَضَهَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي الدَّارِ فَقَطْ ، يَعْنِي إذَا كَانَتْ لِوَاحِدٍ وَآجَرَهَا لِاثْنَيْنِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيجَارُ الْحَيَوَانِ وَالدَّارِ لِاثْنَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا الصِّحَّةَ فِي الْمُشَاعِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَيَحْرُم عَلَى أَذَانٍ وَإِمَامَةِ صَلَاةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَنِيَابَةِ حَجٍّ ، وَفِي حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَجْهَانِ ( م 13 ) وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا : يَجُوزُ لِحَاجَةٍ ، وَاخْتَارَهُ ، وَعَنْهُ : مُطْلَقًا كَأَخْذِهِ بِلَا شَرْطٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( و ش ) وَمَنَعَ فِي إمَامَةٍ وَكَذَا مَالِكٌ إلَّا فِي إمَامَةٍ تَبَعًا لِأَذَانٍ [ وَكَجَعَالَةٍ ] وَقَالَ الشَّيْخُ : فِيهَا وَجْهَانِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : الْجُعْلُ فِي حَجٍّ كَأُجْرَةٍ ، وَنَصُّهُ : الْجَوَازُ عَلَى الرُّقْيَةِ ( و ) لِأَنَّهَا مُدَاوَاةٌ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يُكْرَهُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا ، قَالَ شَيْخُنَا : وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ ، مَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ لَمْ يُجَوِّزْ إيقَاعَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ ، كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقِرَاءَةٍ ، وَالِاسْتِئْجَارُ يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ ، وَمَنْ جَوَّزَهُ فَلِأَنَّهُ نَفْعٌ يَصِلُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَسَائِرِ النَّفْعِ ، وَجُوِّزَ إيقَاعُهَا غَيْرَ عِبَادَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالِ ، لِمَا فِيهَا مِنْ النَّفْعِ ، قَالَ : وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ عِوَضًا وَأُجْرَةً ، بَلْ رِزْقٌ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ لِلَّهِ أُثِيبَ ، وَمَا يَأْخُذُهُ رِزْقٌ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ فِي آخِرِ الْجِهَادِ ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي : لَوْ خَرَجَ الْأَذَانُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً لَمْ يَقَعْ صَحِيحًا ، وَقَدْ قُلْتُمْ يَقَعُ بِهِ الْإِجْزَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ ، فَقَالَ : الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ قُرْبَةً ، كَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ يَصِحُّ ، وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ بِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ ، وَالْأَذَانُ شَرْطُهُ أَنْ يَقَعَ قُرْبَةً ، كَالصَّلَاةِ ، وَيَجُوزُ عَلَى حِسَابٍ وَخَطٍّ ، وَفِي الْمُبْهِجِ : لَا مُشَاهَرَةٍ .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى أَذَانٍ وَإِمَامَةِ صَلَاةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَنِيَابَةِ حَجٍّ ، وَفِي حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) هُمَا مُلْحَقَانِ بِمَا قَبْلَهُمَا ، فَتَحْرُمُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ هُنَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَتَحْرُمُ أُجْرَةٌ وَجَعَالَةٌ عَلَى مَا لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ ، كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ خَلْفَهُ وَيَجُوزُ الرِّزْقُ عَلَى مُتَعَدٍّ .
وَفِي التَّذْكِرَةِ : فِي غَزْوٍ لَا ، كَأَخْذِ الرِّزْقِ فِي بِنَاءٍ وَنَحْوِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الْخِصَالِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ ، نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ : لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَحُجُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ لِيَحُجَّ ، لَا أَنْ يَحُجَّ لِيَأْخُذَ ، فَمَنْ يُحِبُّ إبْرَاءَ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَوْ رُؤْيَةَ الْمَشَاعِرِ يَأْخُذُ لِيَحُجَّ ، وَمِثْلُهُ كُلُّ رِزْقٍ أُخِذَ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يَقْصِدُ الدِّينَ ، وَالدُّنْيَا وَسِيلَتُهُ ، وَعَكْسِهِ ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَكْسَهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ، قَالَ : وَحَجُّهُ عَنْ غَيْرٍ لِيَتَفَضَّلَ مَا يُوفِي دَيْنَهُ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ ، لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ ، وَيَتَوَجَّهُ فِعْلُهُ لِحَاجَةٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَاهَانَ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ أَيَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَفِي الْغُنْيَةِ : إنْ فَرَّطَ فِيهِ حَتَّى افْتَقَرَ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِبَدَنِهِ مُفْلِسًا ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَكَسَّبَ ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَسْأَلْ النَّاسَ ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ : أَخْذُ الْأُجْرَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْقُرْبَةِ ، بِدَلِيلِ الرِّزْقِ ، فَقَالُوا : الرِّزْقُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّهُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ [ وَلَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ] وَفِي الْفُنُونِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ : عِبَادَاتٌ ، فَاعْتَبَرَ لَهَا الْإِخْلَاصَ ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ قَادِحَةً فِي الْإِخْلَاصِ مَا اُسْتُحِقَّتْ الْغَنَائِمُ وَسُلِبَ الْقَاتِلُ ، وَكَذَا أَخْذُ مُؤَذِّنِينَ وَقُضَاةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ .
وَقَالَ : تَجُوزُ الْأُجْرَةُ عَلَى ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ بِلَا خِلَافٍ ، كَتَفْرِقَةِ الصَّدَقَةِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ ، وَاَلَّذِي هُوَ مَحْضُ الْقُرْبَةِ مَا كَانَ بِالْإِهْدَاءِ ، فَأَمَّا الذَّبْحُ فَهُوَ تَقْرِيبٌ لَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ .
وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ مُدَّةً ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً لَا يُظَنُّ عَدَمُهَا فِيهَا ، وَإِنْ طَالَتْ ، وَقِيلَ : إلَى سَنَةٍ ، وَقِيلَ : ثَلَاثٌ ، وَقِيلَ : ثَلَاثِينَ ، وَظَاهِرُهُ : وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْعَاقِدِ وَلَوْ مُدَّةً لَا يُظَنُّ فِنَاءُ الدُّنْيَا فِيهَا ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا : فِي السَّلَمِ الشَّرْعُ يُرَاعِي الظَّاهِرَ ، أَلَا تَرَى لَوْ اشْتَرَطَ أَجَلًا تَفِي بِهِ مُدَّتُهُ صَحَّ ، وَلَوْ اشْتَرَطَ مِائَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ ، وَسَوَاءٌ وَلِيَتْ الْعَقْدَ أَوْ لَا ، أَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، وَظَنَّ التَّسْلِيمَ فِي وَقْتِهِ الْمُسْتَحِقِّ ، أَوْ لَمْ تَكُنْ ، فَإِنْ كَانَتْ مَرْهُونَةً وَقْتَ الْعَقْدِ فَوَجْهَانِ ( م 14 ) وَقَوْلُنَا : وَظَنَّ التَّسْلِيمَ ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ ، وَفِي الرِّعَايَةِ : إنْ أَمْكَنَ التَّسْلِيمُ .
وَقَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِمَنْ عَلَّلَ فِي مَنْعِ إجَارَةِ الْمُضَافِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ ، كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ ، قَالُوا : إنَّمَا تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ عِنْدَ وُجُوبِهِ ، كَالسَّلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ ، قَالُوا : وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ لَا ، لِمَا ذَكَرْنَا ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ أَوْ فِي الْفُصُولِ : لَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ فِي الْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ وَلَا إعَارَةٍ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ ، لِأَنَّهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ لَهُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ ، فَلَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الْمَالِكِ فِي مَحْبُوسٍ بِحَقٍّ ، لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ ، فَمُرَادُ الْأَصْحَابِ مُتَّفِقٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُؤَجِّرِ ، وَيُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ وَقْتَ وُجُوبِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيجَارُهُ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ ، وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّ
هَذَا لَا يَصِحُّ ، وَهَذَا وَاضِحٌ ، وَلَمْ أَجِدْ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُ هَذَا ، وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ [ إنَّ ] الَّذِي يَخْطُرُ بِبَالِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ تَصِحُّ ، كَذَا قَالَ ، وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ جُنْدِيٍّ وَغَرَسَهَا قَصَبًا ثُمَّ انْتَقَلَ الْإِقْطَاعُ عَنْ الْجُنْدِيِّ : إنَّ الْجُنْدِيَّ الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَإِنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ لَهُ فِيهَا الْقَصَبُ أَوْ لِغَيْرِهِ ، وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ مُطْلَقُ الْإِيجَارِ مُدَّةً طَوِيلَةً ، بَلْ الْعُرْفُ ، كَسَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَلَوْ قَالَ : آجَرْتُك شَهْرًا ، لَمْ يَصِحَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : صِحَّتُهُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ ، وَلَوْ آجَرَهُ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ سَنَةً فَشَهْرٌ بِالْعَدَدِ ثَلَاثِينَ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي نَذْرٍ وَصَوْمٍ ، وَبَاقِيهَا بِالْأَهِلَّةِ ، وَعَنْهُ : الْجَمِيعُ بِالْعَدَدِ ، وَكَذَا مَا اُعْتُبِرَتْ الْأَشْهُرُ فِيهِ ، كَعِدَّةٍ ، وَنَصَّ عَلَيْهِمَا فِي نَذْرٍ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا : إلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ .
مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ مُدَّةً وَسَوَاءٌ وَلِيَتْ الْعَقْدَ أَوْ لَا أَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَظَنَّ التَّسْلِيمَ فِي وَقْتِهِ الْمُسْتَحَقِّ ، أَوْ لَمْ تَكُنْ ، فَإِنْ كَانَتْ مَرْهُونَةً وَقْتَ الْعَقْدِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ أَجَّرَهُ شَيْئًا مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدَ صَحَّ إنْ أَمْكَنَ تَسْلِيمُهُ فِي أَوَّلِهَا ، سَوَاءٌ كَانَ فَارِغًا وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ مُؤَجَّرًا ، قُلْت : فَإِنْ كَانَ مَا آجَرَهُ مَرْهُونًا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا وَقْتَ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْأُجْرَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ تَسْلِيمَهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ صَحَّتْ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَدَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِهِمْ ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَالِ الرَّاهِنِ ، بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا أَوْ بَاذِلًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ وَقْتَ الْحُلُولِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ ابْنَ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِمَا ، بَلْ هُوَ اسْتَنْبَطَهُمَا وَخَرَّجَهُمَا ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِ ، فَإِذَنْ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي التَّرْجِيحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى يُطْلَقَ الْخِلَافُ فِيهَا ، بَلْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ كَلَامٌ فِيهَا ، وَلَمْ نَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ إلَّا لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَالَ : الْمَقِيسُ عَلَيْهِ وَالْمُشَابِهُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي التَّرْجِيحِ فِيهَا ، لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا خَرَّجَ مَسْأَلَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيجِهَا عَلَى أَصْلٍ مَشْهُورٍ فِي الْمَذْهَبِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ اطَّلَعَ عَلَى خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ،
وَاخْتَلَفُوا فِي التَّرْجِيحِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ .
وَالْإِجَارَةُ أَقْسَامٌ : عَيْنٌ مَوْصُوفَةٌ فِي الذِّمَّةِ ، فَيُشْتَرَطُ صِفَاتُ سَلْمٍ ، وَمَتَى غُصِبَتْ أَوْ تَلِفَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ لَزِمَهُ بَدَلُهَا ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِلْمُكْتَرِي الْفَسْخُ ، وَتَنْفَسِخُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ إنْ كَانَتْ إلَى مُدَّةٍ .
وَعَيْنٌ مُعَيَّنَةٌ ، فَهِيَ كَمَبِيعٍ ، وَتَنْفَسِخُ بِتَعْطِيلِ نَفْعِهَا ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فِيمَا بَقِيَ وَقِيلَ : وَمَا مَضَى ، وَيَسْقُطُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ ، فَيَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ اكْتَرَى بَعِيرًا بِعَيْنِهِ فَمَاتَ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ : فَهُوَ عُذْرٌ يُعْطِيهِ بِحِسَابِ مَا رَكِبَ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى ، وَعَنْهُ : لَا فَسْخَ بِمَوْتِ مُرْضِعٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَقِيلَ : لَا فَسْخَ بِهَدْمِ دَارٍ ، فَيُخَيَّرُ ، وَلَهُ الْفَسْخُ بِعَيْبٍ أَوْ بَانَتْ مَعِيبَةً ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ يَزُلْ بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ : أَوْ الْأَرْشُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : وَإِلَّا وَرَدَ ضَعْفُهُ عَلَى أَصْلِ أَحْمَدَ بَيِّنٌ .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَلَوْ احْتَاجَتْ الدَّارُ تَجْدِيدًا فَإِنْ جَدَّدَ وَإِلَّا فَسَخَ ، وَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى التَّجْدِيدِ ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا ، أَوْ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِهَا الْمُدَّةَ ، أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ ، أَوْ جَعَلَهَا أُجْرَةً ، لَمْ يَصِحَّ وَمَتَى أَنْفَقَ بِإِذْنٍ عَلَى الشَّرْطِ أَوْ بِنَاءً رَجَعَ بِمَا قَالَ مُؤَجِّرٌ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ فِي الْإِذْنِ مُسْتَأْجِرٌ كَإِذْنِ حَاكِمٍ فِي نَفَقَتِهِ عَلَى جِمَالٍ هَرَبَ مُؤَجِّرُهَا ، وَلَوْ غُصِبَتْ وَإِجَارَتُهَا لِعَمَلٍ فَالْفَسْخُ أَوْ الصَّبْرُ وَمُدَّةٌ فَالْفَسْخُ أَوْ الْإِمْضَاءُ وَأَخْذُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا مِنْ صَاحِبِهَا إنْ ضُمِنَتْ مَنَافِعُ غَصْبٍ ، وَإِلَّا نَفْسَخُ ، وَفِي الِانْتِصَارِ : تَنْفَسِخُ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَالْأُجْرَةُ لِلْمُؤَجِّرِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مِلْكِهِ ، وَأَنَّ مِثْلَهُ وَطْءُ مُزَوَّجَةٍ وَحُدُوثُ خَوْفٍ عَامٍّ ،
كَغَصْبٍ ، لَا خَاصٍّ ، وَلَوْ غَصَبَهَا الْمُكْرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ مُطْلَقًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : كَغَصْبِ غَيْرِهِ .
الثَّالِثُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ ، كَخِيَاطَةٍ ، وَيُشْتَرَطُ ضَبْطُهُ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ ، وَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ عَقِيبَ الْعَقْدِ ، وَإِنْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ قَالَ شَيْخُنَا : بِلَا عُذْرٍ فَتَلِفَ بِسَبَبِهِ ضَمِنَ ، وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ ، فَإِنْ مَرِضَ أَوْ هَرَبَ اكْتَرَى مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَهُ فَإِنْ شَرَطَ مُبَاشَرَتَهُ فَلَا وَلَا اسْتِنَابَةَ إذَنْ نَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى الْخَيَّاطِ ثَوْبًا لَيَخِيطَهُ فَقَطَعَهُ وَدَفَعَهُ إلَى خَيَّاطٍ آخَرَ قَالَ : لَا ، إنْ فَعَلَ ضَمِنَ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : فَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَصْدُ فِيهِ كَنَسْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ، وَلَا الْمُكْتَرِيَ قَبُولُهُ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ ، وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِ مَحَلِّ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ ، وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ نَفْعٍ بِعَمَلٍ أَوْ مُدَّةٍ ، فَإِنْ جَمَعَهُمَا مِثْلُ اسْتَأْجَرْتُك لِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ الْيَوْمَ لَمْ يَصِحَّ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، كَجَعَالَةٍ ، وَفِيهَا وَجْهٌ ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ : وَإِنْ اشْتَرَطَ تَعْجِيلَ الْعَمَلِ فِي اقْتِضَاءٍ مُمْكِنٍ فَلَهُ شَرْطُهُ ، وَلَا فَسْخَ بِمَوْتٍ ، وَعَنْهُ : بَلَى بِمَوْتِ مُكْتِرٍ لَا قَائِمَ مَقَامَهُ ، كَبُرْءِ ضِرْسٍ اكْتَرَى لِقَلْعِهِ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَلَا بِعُذْرٍ لِمُكْتَرٍ كَمُكْرٍ وَيَصِحُّ بَيْعُ عَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَلِمُشْتَرٍ يَجْهَلُهُ الْفَسْخُ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : أَوْ الْأَرْشِ ، قَالَ أَحْمَدُ : هُوَ عَيْبٌ .
وَفِي الِانْفِسَاخِ بِشِرَاءِ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ إرْثِهِ [ لَهَا ] رِوَايَتَانِ ( م 15 ) وَلَوْ آجَرَهَا لِمُؤَجِّرِهَا فَإِنْ قُلْنَا لَمْ تَنْفَسِخْ صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ آجَرَ وَلِيٌّ مُوَلِّيَهُ أَوْ مَالَهُ ، وَقِيلَ : وَلَوْ مُدَّةً يَعْلَمُ فِيهَا بُلُوغَهُ ، أَوْ سَيِّدٌ عَبْدًا ثُمَّ بَلَغَ وَعَتَقَ ، أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفُ ثُمَّ مَاتَ ، لَمْ تَنْفَسِخْ ، وَلِلْبَطْنِ الثَّانِي حِصَّتُهُ ،
كَعَزْلِ الْوَلِيِّ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ ، وَكَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَقِيلَ : يَنْفَسِخُ فَيَرْجِعُ فِي الْأُجْرَةِ مُسْتَأْجِرٌ عَلَى مُؤَجِّرٍ قَابِضٍ أَوْ وَرَثَتِهِ ، وَقِيلَ فِيهَا : تَبْطُلُ ، وَقِيلَ : يَرْجِعُ الْعَتِيقُ عَلَى مُعْتِقِهِ بِحَقِّ مَا بَقِيَ ، كَمَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا عَلَى مُسْتَأْجِرٍ ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَا آجَرَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ ، وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ كَمَوْقُوفٍ ، قَالَهُ شَيْخُنَا [ قَالَ ] وَلَمْ يَزَلْ يُؤَجَّرُ مِنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ ، وَلَمْ أَعْلَمْ عَالِمًا مَنَعَ .
مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ فِي شِرَاءِ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ : وَفِي الِانْفِسَاخِ بِشِرَاءِ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ إرْثِهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا ) لَا تَنْفَسِخُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تَنْفَسِخُ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : انْفَسَخَتْ ، فِي الْأَصَحِّ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَلَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَنْفَسِخْ .
.
.
وَقِيلَ تَنْفَسِخُ انْتَهَى قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ إذَا آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ : هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ : ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَنْفَسِخُ ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ أَيْضًا ، وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ ، قَالَ الْقَاضِي : هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ : وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ تَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ بِمَكَانِهَا تَلَقِّيًا عَنْ الْوَاقِفِ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى ، انْتَهَى .
وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ أَيْضًا فِي قَوَاعِدِهِ : وَاعْلَمْ أَنَّ فِي ثُبُوتِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ نَظَرًا ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا فَرَضَهُ فِيمَا إذَا آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَكُونُ النَّظَرُ لَهُ مَشْرُوطًا ، وَهَذَا مَحَلُّ تَرَدُّدٍ ، أَعْنِي إذَا آجَرَ بِمُقْتَضَى النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ هَلْ يَلْحَقُ بِالنَّظَرِ الْعَامِّ فَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ أَمْ لَا ؟ فَإِنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَلْحَقهُ بِالنَّظَرِ الْعَامِّ ، انْتَهَى ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ الْوَجْهُ الثَّانِي ، وَهُوَ الِانْفِسَاخُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَالدَّلِيلِ وَكَثْرَةِ الْأَصْحَابِ وَتَحْقِيقِهِمْ ، وَأَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ هُوَ الْمَذْهَبَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ ، فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ ، فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبِ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ ، وَلَهُ الْإِعَارَةُ لِقَائِمٍ مَقَامَهُ ، وَفِي ضَمَانِ مُسْتَعِيرٍ وَجْهَانِ ( م 16 ) وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ [ كَرَاكِبٍ ] فِي طُولٍ وَقِصَرٍ ، وَقِيلَ : لَا ، كَمَعْرِفَةٍ بِالرُّكُوبِ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَإِنْ شَرَطَ اسْتِيفَاءَهَا بِنَفْسِهِ صَحَّ الْعَقْدُ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : وَالشَّرْطُ ، وَمِثْلُهُ شَرْطُ زَرْعِ بُرٍّ فَقَطْ ، وَلَهُ إجَارَتُهَا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَعَنْهُ : بِإِذْنِهِ وَلَوْ بِزِيَادَةٍ ، وَعَنْهُ : إنْ جَدَّدَ عِمَارَةً وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا .
وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَقِيلَ فِيهِ مَنْ مُؤَجِّرٍ وَإِذَا اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ مَا شَاءَ أَوْ غَرْسِهِ أَوْ وَغَرْسِهِ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، كَازْرَعْ مَا شِئْت ، وَإِنْ قَالَ : لِزَرْعٍ ، فَوَجْهَانِ ، وَكَذَا الْغِرَاسُ ( م 17 ) وَإِنْ أَطْلَقَ وَتَصْلُحُ لِزَرْعٍ وَغَيْرِهِ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : إنْ أَطْلَقَ ، أَوْ إنْ قَالَ : انْتَفِعْ بِهَا بِمَا شِئْت ، فَلَهُ زَرْعٌ وَغَرْسٌ وَبِنَاءٌ ، وَإِذَا اكْتَرَى لِزَرْعِ بُرٍّ فَلَهُ زَرْعُ [ مَا ] دُونَهُ ضَرَرًا مِنْ جِنْسِهِ ، كَشَعِيرٍ وَبَاقِلَّا ، لَا فَوْقَهُ كَقُطْنٍ وَدَخَنٍ ، فَإِنْ فَعَلَ فَنَصُّهُ لُزُومُ الْمُسَمَّى ، مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي أَجْرِ الْمِثْلِ ، وَأَوْجَبَ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ أَجْرَ الْمِثْلِ خَاصَّةً ، وَمِثْلُهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ أَشَقَّ ، وَيَجُوزُ مِثْلُهَا ، وَمَنَعَهُ الشَّيْخُ ، وَلَوْ جَازَ الْمَكَانُ أَوْ زَادَ عَلَى الْمَحْمُولِ فَالْمُسَمَّى مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِمَا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ ، وَتَلْزَمُهُ قِيمَةُ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ ، وَقِيلَ : نِصْفُهَا ، كَسَوْطٍ فِي حَدٍّ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَهُوَ بِيَدِ رَبِّهَا بِلَا سَبَبٍ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَلَهُ الْإِعَارَةُ لِقَائِمٍ مَقَامَهُ ، وَفِي ضَمَانِ مُسْتَعِيرٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَضْمَنُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : وَلَا ضَمَانَ لِمُسْتَعِيرٍ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْعَارِيَّة ، ( قُلْت ) : فِيهَا بَابُهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَضْمَنُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْعَيْنَ الْمَأْجُورَةَ : وَلَهُ إجَارَتُهَا ، عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا .
وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَقِيلَ فِيهِ مِنْ مُؤَجِّرٍ ، انْتَهَى .
فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةَ الْمَأْجُورِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا ، وَذَكَرَ وَجْهًا بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا ، وَهَذَا الْوَجْهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقِيلَ بِالْجَوَازِ لِلْمُؤَجِّرِ دُونَ غَيْرِهِ ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، قَالَا : أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَلْ يَصِحُّ مِنْ بَائِعِهِ أَمْ لَا ؟ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَذْهَبُ عَدَمَ الْجَوَازِ عِنْدَ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ ، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْبِنَاءِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهُوَ الصَّوَابُ ، إلَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ الْمَأْجُورُ عَلَى تَمَيُّزٍ ، فَالصَّوَابُ عَدَمُ الْجَوَازِ ، كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ مَا شَاءَ أَوْ غَرْسِهِ أَوْ وَغَرْسِهِ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، كَازْرَعْ مَا شِئْت
وَإِنْ قَالَ : لِزَرْعٍ ، فَوَجْهَانِ ، وَكَذَا الْغِرَاسُ ، انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الْخِلَافُ فِيهِمَا مُطْلَقٌ ، مَسْأَلَةُ الزَّرْعِ وَمَسْأَلَةُ الْغَرْسِ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ اكْتَرَى لِزَرْعٍ وَأَطْلَقَ زَرْعَ مَا شَاءَ ، انْتَهَى : ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ قَوِيٌّ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ .
وَمَنْ اكْتَرَى زَوْرَقًا فَزَوَاهُ مَعَ زَوْرَقٍ لَهُ فَغَرِقَا ضَمِنَ ، لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ ، لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْمُسَاوَاةِ كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ ، كَمَا لَوْ اكْتَرَى ثَوْرًا لِاسْتِقَاءِ مَاءٍ فَجَعَلَهُ فَدَّانًا لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ فَتَفِلَتْ ضَمِنَ ، وَإِنْ آجَرَ أَرْضًا بِلَا مَاءٍ صَحَّ ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَاخْتَارَ الشَّيْخُ الصِّحَّةَ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا ، وَقِيلَ : لَا ، كَظَنِّهِ إمْكَانَ تَحْصِيلِهِ ( م 18 ) وَإِنْ ظَنَّ وُجُودَهُ بِالْأَمْطَارِ وَزِيَادَةِ الْأَنْهَارِ صَحَّ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، كَالْعِلْمِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ ، وَمَتَى زَرَعَ فَغَرِقَ أَوْ تَلِفَ أَوْ لَمْ يُنْبِتْ فَلَا خِيَارَ ، وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ زَرْعُهَا لِغَرَقِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ ، وَكَذَا لِقِلَّةِ مَاءٍ قَبْلَ زَرْعِهَا أَوْ بَعْدَهُ ، أَوْ عَابَتْ بِعَزْقٍ يَعِيبُ بِهِ بَعْضُ الزَّرْعِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَوْ بَرْدٍ أَوْ فَأْرٍ أَوْ عُذْرٍ ، قَالَ : فَإِنْ أَمْضَى فَلَهُ الْأَرْشُ ، كَعَيْبِ الْأَعْيَانِ ، وَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ الْقِسْطُ قَبْلَ الْقَبْضِ ، ثُمَّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَى كَمَالِهِ ، قَالَ : وَمَا لَمْ يَرْوِ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ ، اتِّفَاقًا ، وَإِنْ قَالَ فِي الْأُجْرَةِ مَقِيلًا وَمَرَاعًا أَوْ أَطْلَقَ ، لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ عَقْدٌ ، كَأَرْضِ الْبَرِّيَّةِ وَمَنْ اكْتَرَى لِنَسْجٍ أَوْ خِيَاطَةٍ أَوْ كُحْلٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ حِبْرٌ وَخُيُوطٌ وَكُحْلٌ ، كَأَرْضٍ لِزَرْعٍ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ، وَقِيلَ يَتْبَعُ الْعُرْفَ ، وَالْمَشْيُ الْمُعْتَادُ قُرْبَ الْمَنْزِلِ لَا يَلْزَمُ رَاكِبًا ضَعِيفًا أَوْ امْرَأَةً ، وَفِي غَيْرِهِمَا وَجْهَانِ ( م 19 ) وَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّابَّةِ مَا يَتَوَقَّفُ النَّفْعُ عَلَيْهِ ، كَتَوْطِئَةِ مَرْكُوبٍ عَادَةً ، وَزِمَامِهِ وَرَحْلِهِ وَشَدِّ مَحْمَلٍ وَرَفْعٍ وَحَطٍّ وَقَائِدٍ وَسَائِقٍ ، لَا مَحْمَلٍ وَمَظَلَّةٍ وَوِطَاءٍ فَوْقَ الرَّحْلِ وَحَبْلِ قِرَانٍ بَيْنَ الْمَحْمَلَيْنِ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَعِدْلٍ لِقُمَاشٍ عَلَى مُكْرٍ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ .
وَفِي الْمُغْنِي
: إنْ كَانَتْ عَلَى تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ الْبَهِيمَةَ لِيَرْكَبَهَا لِنَفْسِهِ فَالْكُلُّ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ الدَّلِيلَ لَا يَلْزَمُ مُكْرٍ ، وَقِيلَ : بَلَى ، فِي الذِّمَّةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يُوَصِّلَهُ ، وَيَلْزَمُهُ حَبْسُهَا لَهُ لِنُزُولِهِ لِحَاجَةٍ ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : وَسَنَةٌ رَاتِبَةٌ ، وَتَبْرِيكُ بَعِيرٍ لِشَيْخٍ وَامْرَأَةٍ ، وَفِيهِ لِمَرَضٍ طَارِئٍ وَجْهَانِ ( م 20 ) وَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ تَفْرِيغُ الدَّارِ مِنْ فِعْلِهِ ، كَبَالُوعَةٍ وَقُمَامَةٍ ، وَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ تَسْلِيمُهَا مُنَظَّفَةً ، وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ ، وَهُوَ أَمَانَةٌ مَعَ مُكْتَرٍ .
مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ آجَرَ أَرْضًا بِلَا مَاءٍ [ صَحَّ ] فَإِنْ أَطْلَقَ فَاخْتَارَ الشَّيْخُ الصِّحَّةَ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا ، وَقِيلَ : لَا ، كَظَنِّهِ إمْكَانَ تَحْصِيلِهِ ، انْتَهَى .
الصَّحِيحُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ : وَالْمَشْيُ الْمُعْتَادُ قُرْبَ الْمَنْزِلِ لَا يَلْزَمُ رَاكِبًا ضَعِيفًا أَوْ امْرَأَةً ، وَفِي غَيْرِهَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالنُّزُولِ فِيهِ لَزِمَ الرَّاكِبَ الْقَوِيَّ الْأَقْيَسُ ( قُلْت ) : وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا ، لِغَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ ، كَالْفَلَّاحِينَ وَالْعَرَبِ وَالتُّرْكُمَانِ وَنَحْوِهِمْ .
مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُهُ حَبْسُهَا لِنُزُولِهِ لِحَاجَةٍ ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : وَسَنَةٌ رَاتِبَةٌ ، وَتَبْرِيكُ بَعِيرٍ لِشَيْخٍ وَامْرَأَةٍ ، وَفِيهِ لِمَرَضٍ طَارِئٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ .
مَنْ اُسْتُؤْجِرَ مُدَّةً فَأَجِيرٌ خَاصٌّ لَا تُضْمَنُ جِنَايَتُهُ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : أَوْ يَفْرُطَ وَلَا يَسْتَنِيبَ ، وَلَهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا [ بِسُنَنِهَا ] وَالْعِيدِ ، وَإِنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ فَأَضَرَّ مُسْتَأْجِرَهُ فَلَهُ قِيمَةُ مَا فَوَّتَهُ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا عَمِلَهُ لِغَيْرِهِ وَقَالَ الْقَاضِي : بِالْأَجْرِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ وَمِنْ قَدْرِ نَفْعِهِ بِعَمَلٍ فَأَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ كَزَلَقِ حَمَّالٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ دَابَّتِهِ ، وَطَبَّاخٍ وَخَبَّازٍ وَحَائِكٍ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ إنْ عَمِلَهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ أَوْ يَدُهُ عَلَيْهِ فَلَا ، وَمَا تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا تَعَدِّيهِ لَا يَضْمَنُهُ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ .
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : إلَّا مَا عَمِلَهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ ، وَعَنْهُ : لَهُ أُجْرَةُ بِنَاءٍ ، وَعَنْهُ : وَمَنْقُولُ عَمَلِهِ فِي بَيْتِ رَبِّهِ .
وَفِي الْفُنُونِ : لَهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا ، لِأَنَّ وَضْعَهُ النَّفْعَ فِيمَا عَيْنُهُ لَهُ كَالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ ، كَدَفْعِهِ إلَى الْبَائِعِ غِرَارَةً وَقَالَ : ضَعْ الطَّعَامَ فِيهَا ، فَكَالَهُ فِيهَا ، كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا ، لِأَنَّهَا كَيَدِهِ ، وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَيَا طَعَامًا فِي غِرَارَةِ أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُشْتَرَكٌ خَاصًّا فَلِكُلٍّ حُكْمُ نَفْسِهِ ، وَإِنْ اسْتَعَانَ وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَهُ الْأَجْرُ لِأَجَلِ ضَمَانِهِ ، لَا لِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَوْ حَبَسَهُ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ ، وَلَا أُجْرَةَ وَقِيمَتُهُ مَعْمُولًا ، وَيَلْزَمهُ أُجْرَتُهُ ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي صِفَةِ عَمَلِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ ، وَمِثْلُهُ تَلَفُ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ مَوْضِعَ تَلَفِهِ وَلَهُ أُجْرَتُهُ إلَيْهِ ، وَكَذَا عَمَلُهُ غَيْرَ صِفَةِ شَرْطِهِ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ : لَهُ الْمُسَمَّى إنْ زَادَ الطُّولُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَضُرَّ الْأَصْلَ ، وَإِلَّا
فَوَجْهَانِ ، وَإِنْ نَقَصَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَقَبِلَ : بِحِصَّتِهِ مِنْهُ ، وَقِيلَ لَا أُجْرَةَ [ لَهُ ] وَيَضْمَنُ كَنَقْصِ الْأَصْلِ ، وَقِيلَ : إنْ كَانَ صَبْغُهُ مِنْهُ فَلَهُ حَبْسُهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّهِ أَوْ قَصَّرَهُ فَوَجْهَانِ وَفِي الْمَنْثُورِ : إنْ خَاطَهُ أَوْ قَصَّرَهُ وَغَزَلَهُ فَتَلِفَ بِسَرِقَةٍ أَوْ نَارٍ فَمِنْ مَالِكِهِ وَلَا أُجْرَةَ ، لِأَنَّ الصَّنْعَةَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ ، كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ ، فَإِنْ أَفْلَسَ مُسْتَأْجِرُهُ ثُمَّ جَاءَ بَائِعُهُ يَطْلُبُهُ فَلِلصَّانِعِ حَبْسُهُ ، وَإِنْ أَخْطَأَ قَصَّارٌ وَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِ رَبِّهِ ضَمِنَهُ ، فَإِنْ قَطَعَ قَابِضَهُ بِلَا عِلْمٍ غَرِمَ أَرْشَ قَطْعِهِ ، كَدَرَاهِمَ أَنْفَقَهَا ، وَعَنْهُ : لَا ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْقَصَّارِ بِثَوْبِهِ ، فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ ، وَعَنْهُ : لَا ، لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ .
وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ وَلَا خَتَّانٍ وَلَا طَبِيبٍ وَلَا بَيْطَارٍ عُرِفَ حِذْقُهُمْ وَلَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ ، خَاصًّا كَانَ أَوْ مُشْتَرَكًا ، لِأَنَّ مَا أُذِنَ فِيهِ لَا تُضْمَنُ سِرَايَتُهُ ، كَحَدٍّ وَقَوْدٍ ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ اقْطَعْ قَطْعًا لَا يَسْرِي ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ دُقَّ دَقًّا لَا يَخْرِقُهُ ، وَلِأَنَّ الْفَصْدَ وَنَحْوَهُ فَسَادٌ فِي نَفْسِهِ ، لِأَنَّهُ جُرْحٌ فَقَدْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ ، ثُمَّ مَا يَطْرَأُ مِنْ فَسَادِ عَاقِبَتِهِ وَصَلَاحِهَا لَا يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ بَلْ إلَى الْآمِرِ ، وَالْآمِرُ أَذِنَ فِي قِصَارَةٍ سَلِيمَةٍ فَأَتَاهُ بِمُخْرِقَةٍ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ ، وَاخْتَارَ فِي الْفُنُونِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُشْتَرَكِ ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي هَؤُلَاءِ ، وَأَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَلْقِ رُءُوسِ يَوْمًا فَجَنَى عَلَيْهَا بِجِرَاحَةٍ لَا يَضْمَنُ ، كَجِنَايَتِهِ فِي قِصَارَةٍ وَخِيَاطَةٍ ، وَنِجَارَةٍ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ كَانَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ خَاصًّا أَوْ مُشْتَرَكًا فَلَهُ حُكْمُهُ ، وَيُعْتَبَرُ لِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ وَفِي قَطْعِ سِلْعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ إذْنُ مُكَلِّفٍ أَوْ وَلِيٍّ ، وَإِلَّا ضَمِنَ ، لِعَدَمِ الْإِذْنِ .
وَاخْتَارَ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ : لَا يَضْمَنُ ، لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ ، وَقَالَ : هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ ، وَلَا رَاعٍ لَمْ يَتَعَدَّ بِنَوْمٍ وَغَيْبَتِهَا عَنْهُ وَغَيْرِهِ .
وَإِنْ عَقَدَ فِي الرَّعْيِ عَلَى مُعَيَّنَةٍ تَعَيَّنَتْ .
وَفِي الْأَصَحِّ ، فَلَا يُبْدِلُهَا ، وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيمَا تَلِفَ ، وَإِنْ عَقَدَ عَلَى مَوْصُوفٍ ذَكَرَ نَوْعَهُ وَكِبَرَهُ وَصِغَرَهُ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي : لَا عَدَدَهُ ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَادَةِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ سِخَالِهَا ، وَإِنْ ضَرَبَ سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهُ قَدْرَ الْعَادَةِ ، أَوْ مُعَلِّمٌ صَبِيًّا أَوْ وَالِدٌ وَلَدَهُ ، أَوْ زَوْجٌ امْرَأَتَهُ ، أَوْ مُكْتَرٍ دَابَّةً ، لَمْ يَضْمَنْ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ ، وَأَبُو بِكْرٍ فِي الزَّوْجِ ، وَسُقُوطُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ( م 21 ) لَا أَبِيهِ ، وَقِيلَ : إنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ فَقَلَعَ عَيْنَهُ فَفِيهَا وَجْهَانِ ، وَإِنْ ادَّعَى إبَاقَ الْعَبْدِ أَوْ مَرَضَهُ أَوْ شُرُودَ الدَّابَّةِ أَوْ مَوْتَهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ أَوْ فِيهَا أَوْ تَلِفَ الْمَحْمُولُ قَبْلَ قَوْلِهِ ، وَعَنْهُ : قَوْلُ رَبِّهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِي صُورَةِ الْمَرَضِ إنْ جَاءَ بِهِ صَحِيحًا ، وَخَرَّجَ فِي التَّرْغِيبِ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ فِي الْمُدَّةِ رِوَايَتَيْنِ مِنْ دَعْوَى رَاعٍ تَلَفَ شَاةٍ ، وَاخْتَارَ فِي الْمُبْهِجِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى هَرَبِهِ أَوَّلَ الْمُدَّةِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : يُقْبَلُ وَأَنَّ فِيهِ بَعْدَهَا رِوَايَتَيْنِ ، وَلَهُ فِي تَلَفِ الْمَحْمُولِ أُجْرَةُ مَا حَمَلَهُ ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ كَالْبَيْعِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا الْمُدَّةُ وَعَلَى التَّخَالُفِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْمَنْفَعَةِ ، وَفِي أَثْنَائِهَا بِالْقِسْطِ ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى صَانِعٍ أَنَّهُ فَعَلَ خِلَافَ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَاخْتَارَ الشَّيْخُ قَبُولَ قَوْلِهِ وَلَا أُجْرَةَ ، وَنَصَّ أَحْمَدُ : قَوْلُ صَانِعِهِ ، لِئَلَّا يَغْرَمَ نَقْصَهُ مَجَّانًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ رَبِّهِ بِخِلَافِ وَكِيلٍ ( م 22 ) وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ، وَعَنْهُ : يَعْمَلُ بِظَاهِرِ الْحَالِ ، وَقِيلَ : بِالتَّخَالُفِ .
مَسْأَلَةٌ 21 ) قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَبَ سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهُ قَدْرَ الْعَادَةِ أَوْ مُعَلَّمٌ صَبِيًّا أَوْ وَالِدٌ وَلَدَهُ أَوْ زَوْجٌ امْرَأَتَهُ أَوْ مُكْتَرٍ دَابَّةً لَمْ يَضْمَنْ ، فِي الْمَنْصُوصِ وَسُقُوطُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَسْقُطُ ، ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ شَرْعًا ، وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ حَقُّ مَنْعِهِ فِي الْمَالِيَّةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَسْقُطُ ، وَهُوَ قَوِيٌّ ، لِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، لَكِنَّهُ مَأْثُورٌ قَطْعًا ، مَعَ عَدَمِ الْجَهْلِ .
مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَى عَلَى صَانِعٍ أَنَّهُ فَعَلَ خِلَافَ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَاخْتَارَ الشَّيْخُ قَبُولَ قَوْلِهِ ، وَلَا أُجْرَةَ ، وَنَصُّ أَحْمَدَ : قَوْلُ صَانِعِهِ ، لِئَلَّا يَغْرَمَ نَقْصَهُ مَجَّانًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ رَبِّهِ ، بِخِلَافِ وَكِيلٍ ، انْتَهَى .
الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ : فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَقَطَعَ بِهِ ، وَكَذَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَمَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ، فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .
وَفِي الْمُحَرَّرِ : إنْ ادَّعَى عَلَى خَيَّاطٍ أَنَّهُ فَصَّلَ خِلَافَ مَا أَمَرَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الِانْتِفَاعِ فَلِلْمُؤَجِّرِ الِاعْتِرَاضُ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ ، وَإِذَا انْقَضَتْ رَفَعَ يَدَهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ ، وَمُؤْنَتُهُ فِي الْأَصَحِّ كَمُودَعٍ .
وَفِي التَّعْلِيقِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ : بَلَى ، بِالطَّلَبِ كَعَارِيَّةٍ ، لَا مُؤْنَةِ الْعَيْنِ ، فَعَلَى الْأَصَحِّ لَا يَضْمَنُ تَالِفًا أَمْكَنَهُ رَدُّهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : يَلْزَمُهُ رَدُّهُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِطَلَبِهِ ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، وَيَضْمَنُهُ مَعَ إمْكَانِهِ ، قَالَ : وَمُؤْنَتُهُ عَلَى رَبِّهِ وَقِيلَ : عَلَيْهِ ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ : يَلْزَمُهُ رَدُّهُ بِالشَّرْطِ ، وَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ مُؤْنَةُ الْبَهِيمَةِ عَادَةً مُدَّةَ كَوْنِهَا بِيَدِهِ .
الْجَعَالَةِ وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ مَعْلُومًا كَأُجْرَةٍ ، كَمَنْ رَدَّ عَبْدِي أَوْ بَنَى لِي هَذَا فَلَهُ كَذَا أَوْ مِائَةٌ ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ ، لَا تَعْلِيقًا مَحْضًا ، أَوْ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمِائَةِ ، لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِسْقَاطِ أَقْوَى ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَوْ مَجْهُولًا لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ ، كَرُبْعِ الضَّالَّةِ لِمَنْ يَعْمَلْ لَهُ .
وَفِي التَّلْخِيصِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ : أَوْ يُخْبِرُهُ أَنَّ رَبَّهُ جَعَلَهُ ، وَيُصَدِّقُهُ رَبُّهُ ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ ، وَقِيلَ : وَلَوْ لِلْعَامِلِ ، حَتَّى مَعَ جَهَالَةِ عَمَلٍ ، وَمُدَّةٍ ، كَرَدِّ عَبْدٍ وَلَوْ إلَى وَارِثِهِ وَلُقَطَةٍ : وَبِنَاءِ حَائِطٍ وَإِصَابَتِهِ بِهَذَا السَّهْمِ ، أَوْ إنْ كَانَ صَوَابُهُ أَكْثَرَ لَا ، وَإِنْ أَخْطَأَ لَزِمَهُ كَذَا ، وَفِي شَرْحِ الْحَارِثِيِّ : إنْ كَانَ لِلْعَامِلِ اسْتَحَقَّ الْجَعْلَ لِلْوَعْدِ ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ سَهْوٌ [ عَلَى الْمَذْهَبِ ] وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَّارَةِ وَقْتَ [ الْوُجُوبِ ] لِوُجُوبِ الْعِتْقِ أَوْ لَا ، لِلتَّرْتِيبِ ، وَمَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ : إذَا دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا ، فَإِذَا دَخَلَ الدَّارَ ثَبَتَ لَهُ الدِّرْهَمُ فِي ذِمَّتِهِ ، فَلَا يَسْقُطُ ، وَقَوْلُهُ : مَنْ وَجَدَ لُقَطَتِي كَمَنْ رَدَّهَا ، فَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِقَوْلِهِ اسْتَحَقَّهُ ، كَدَيْنٍ ، وَإِلَّا حُرِّمَ ، نَقَلَ حَرْبٌ فِي اللُّقَطَةِ : إنْ وَجَدَ بَعْدَ مَا سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ ، وَإِلَّا رَدَّهَا وَلَا جَعْلَ لَهُ ، وَفِي أَثْنَائِهِ يَسْتَحِقُّ حِصَّةَ تَمَامِهِ ، وَالْجَمَاعَةُ تَقْتَسِمُهُ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : إنْ عَيَّنَ عِوَضًا مَلَكَهُ بِنَفْسِ الْعَمَلِ ، فَلَوْ تَلِفَ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ، وَإِنْ رَدَّهُ مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ ، أَوْ قَالَ : مَنْ رَدَّ عَبْدِي ، فَرَدَّ أَحَدَهُمَا فَنِصْفُهُ ، وَإِنْ رَدَّهُ مَنْ أَبْعَدَ فَالْمُسَمَّى ، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ جَاعِلِهِ فِي
رَدِّهِ وَالْمَسَافَةِ [ كَأَصْلِهِ ] وَقِيلَ بِالتَّحَالُفِ ، وَمَعَ جَهَالَتِهِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ، وَقِيلَ فِي آبِقٍ : الْمُقَدَّرُ شَرْعًا ، وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِلَا شَرْطٍ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَنَصَّهُ فِيمَنْ خَلَّصَ مَتَاعًا : يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِهِ ، بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ .
وَيَسْتَحِقُّ بِرَدِّ آبِقٍ مُطْلَقًا لِئَلَّا يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ يَشْتَغِلَ بِالْفَسَادِ دِينَارًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا ، وَعَنْهُ : أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ ، وَعَنْهُ : عَشَرَةٌ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ ، قَالَهُ الْخَلَّالُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ دِينَارًا ، وَعَشَرَةً ، وَنَقَلَ حَرْبٌ : لَا يَسْتَحِقُّهُ إمَامٌ ، لِأَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ رَدُّهُ عَلَى رَبِّهِ ، وَعَنْهُ : وَلَا غَيْرُهُ ، اخْتَارَ الشَّيْخُ ، وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ جَعْلًا ، كَرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ بَابٍ سَمَّاهُ أَوْ هَرَبِهِ مِنْهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ ، وَفِي جَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ بِهَا رِوَايَتَانِ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ ( م 1 ) ، وَمَنْ وَجَدَ آبِقًا أَخَذَهُ ، وَهُوَ أَمَانَةٌ ، وَمَنْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ أَخَذَهُ ، وَلِنَائِبِ إمَامٍ بَيْعُهُ لِمَصْلَحَةٍ ، فَلَوْ قَالَ : كُنْت أَعْتَقْته ، فَوَجْهَانِ ( م 2 ) .
بَابُ الْجَعَالَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ فِي رَدِّ الْآبِقِ : وَفِي جَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ بِهَا رِوَايَتَانِ فِي الْمُوجَزِ ، وَالتَّبْصِرَةِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) وَحَكَاهُمَا أَبُو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ فِي الْكِفَايَةِ أَيْضًا ، كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ ، فَكَذَا فِي هَذَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، يَعْنِي فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرِهِمَا ، وَصَحَّحَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ ، فِيمَا إذَا وَجَدَ آبِقًا : وَلِنَائِبِ الْإِمَامِ بَيْعُهُ لِمَصْلَحَةٍ ، فَلَوْ قَالَ يَعْنِي سَيِّدَهُ كُنْت أَعْتَقْته ، فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى الْقَدِيمَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ فَعَلَيْهِ يَكُونُ ثَمَنُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتَا .
يَجُوزُ بِلَا عِوَضٍ ، مُطْلَقًا .
وَقَالَ الْآمِدِيُّ : بِغَيْرِ حَمَامٍ ، وَقِيلَ : وَطَيْرٍ ، وَكَرِهَ أَبُو بَكْرٍ الرَّمْيَ عَنْ قَوْسٍ فَارِسِيَّةٍ يُقَالُ : رَمَى عَنْ الْقَوْسِ وَعَلَى الْقَوْسِ وَبِهَا لُغَةٌ .
وَفِي كَرَاهَةِ اللَّعِبِ غَيْرَ مُعِينٍ عَلَى عَدُوٍّ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَفِي الْوَسِيلَةِ : يُكْرَهُ الرَّقْصُ وَاللَّعِبُ كُلُّهُ وَمَجَالِسُ الشِّعْرِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : يُكْرَهُ لَعِبُهُ بِأُرْجُوحَةٍ وَنَحْوِهَا .
وَقَالَ أَيْضًا : لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ اللَّعِبِ ، وَفِي النَّصِيحَةِ لِلْآجُرِّيِّ : مَنْ وَثَبَ وَثْبَةً مَرَحًا وَلَعِبًا بِلَا نَفْعٍ فَانْقَلَبَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ عَصَى وَقَضَى الصَّلَاةَ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا : يَجُوزُ مَا قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِلَا مَضَرَّةٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ الْمَعْرُوفُ بِالطَّابِ وَالنَّقِيلَةِ ، وَقَالَ : كُلُّ فِعْلٍ أَفْضَى إلَى الْمُحَرَّمِ كَثِيرًا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ ، لِأَنَّهُ يَكُونُ سَبَبًا لِلشَّرِّ وَالْفَسَادِ ، وَقَالَ : وَمَا أَلْهَى وَشَغَلَ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ جِنْسُهُ ، كَبَيْعٍ وَتِجَارَةٍ وَغَيْرِهِمَا .
وَيُسْتَحَبُّ بِآلَةِ حَرْبٍ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَالثِّقَافُ ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد : لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَعَلَّمَ بِسَيْفٍ حَدِيدٍ بَلْ بِسَيْفٍ خَشَبٍ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا يُشِرْ أَحَدُكُمْ بِحَدِيدٍ } وَإِذَا أَرَادَ بِهِ غَيْظَ الْعَدُوِّ لَا التَّطَرُّفَ فَلَا بَأْسَ ، وَلَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ تَأْدِيبُ فَرَسِهِ وَمُلَاعَبَةِ أَهْلِهِ وَرَمْيِهِ ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ ابْنُ آدَمَ بَاطِلٌ } ثُمَّ اسْتَثْنَى هَذِهِ الثَّلَاثَ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ، مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ ، وَالْمُرَادُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ ، وَمِنْهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ لَعِبِ الْحَبَشَةِ بِدَرَقِهِمْ وَحِرَابِهِمْ وَتَوَثُّبِهِمْ بِذَلِكَ عَلَى هَيْئَةِ الرَّقْصِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي
مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَتَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ وَهِيَ تَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، { وَدَخَلَ عُمَرُ فَأَهْوَى إلَى الْحَصْبَاءِ يَحْصِبُهُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمْ يَا عُمَرُ } وَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ { جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ وَنَظَرَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ حَجَلَ يَعْنِي مَشَى عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إعْظَامًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ الرَّقْصَ ، وَلَا يَنْفِي الْكَرَاهَةَ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ ، وَفِي إسْنَادِهِ إلَى الثَّوْرِيِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ .
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْهَدْيِ : لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لِمَنْ جَعَلَهُ أَصْلًا لَهُ فِي الرَّقْصِ ، فَإِنَّ هَذَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْحَبَشَةِ تَعْظِيمًا لِكُبَرَائِهَا ، كَضَرْبِ الجوك عَنْ التُّرْكِ ، فَجَرَى جَعْفَرٌ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ ، وَفَعَلَهَا مَرَّةً ثُمَّ تَرَكَهَا بِسَنَةِ الْإِسْلَامِ .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ الْمَذْكُورِ : فِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ مَحْظُورَةٌ ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْخِلَالَ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ مِنْهَا ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا إذَا تَأَمَّلْتهَا وَجَدْتهَا مُعِينَةً عَلَى حَقٍّ أَوْ ذَرِيعَةً إلَيْهِ ، وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا مَا كَانَ مِنْ الْمُثَاقَفَةِ بِالسِّلَاحِ وَالشَّدِّ عَلَى الْأَقْدَامِ وَنَحْوِهِمَا ، مِمَّا يَرْتَاضُ بِهِ الْإِنْسَانُ فَيَقْوَى بِذَلِكَ بَدَنُهُ ، وَيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى مُجَالَدَةِ الْعَدُوِّ .
فَأَمَّا سَائِرُ مَا يَتَلَهَّى بِهِ الْبَاطِلُونَ مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ وَسَائِرِ ضُرُوبِ اللَّعِبِ ، مِمَّا لَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي حَقٍّ ، فَمَحْظُورٌ كُلُّهُ ، { وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَجَوَارٍ مَعَهَا
يَلْعَبْنَ بِالْبَنَاتِ ، وَهِيَ اللَّعِبُ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَاهُنَّ } ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، { وَكَانَتْ لَهَا أُرْجُوحَةٌ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ } ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، وَأَظُنُّهُ فِي الصَّحِيحِ ، فَيُرَخَّصُ فِيهِ لِلصِّغَارِ مَا لَا يُرَخَّصُ فِيهِ لِلْكِبَارِ ، قَالَهُ شَيْخُنَا .
وَفِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ فِي زَمَّارَةِ الرَّاعِي ، وَيَتَوَجَّهُ : وَكَذَا فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّ { أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى يُدَفِّفَانِ وَيَضْرِبَانِ وَيُغَنِّيَانِ مَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ : أَبِمِزْمَارِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمَا فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ } .
وَرَوَى أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ { أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ : هَذِهِ قَيْنَةُ بَنِي فُلَانٍ ، تُحِبِّينَ أَنْ تَغَنِّيَك ؟ قَالَتْ : نَعَمْ فَأَعْطَاهَا طَبَقًا فَغَنَّتْهَا ، فَقَالَ قَدْ نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي مَنْخَرَيْهَا } إسْنَادُهُ صَحِيحٌ ، فَيُحْمَلُ عَلَى غِنَاءٍ مُبَاحٍ .
بَابُ السَّبْقِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي كَرَاهَةِ لَعِبٍ غَيْرِ مُعِينٍ عَلَى عَدُوٍّ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُكْرَهُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ قَصْدٌ حَسَنٌ ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَشْيَاءَ تَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : وَكُلُّ مَا سُمِّيَ لَعِبًا مَكْرُوهٌ إلَّا مَا كَانَ مُعِينًا عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُكْرَهُ .
وَيَحْرُمُ بِعِوَضٍ إلَّا فِي إبِلٍ وَخَيْلٍ وَسِهَامٍ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا وَجْهًا ، وَطَيْرٍ مُعَدَّةٍ لِأَخْبَارِ الْأَعْدَاءِ ، وَقَدْ { صَارَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكَانَةَ عَلَى شَاةٍ فَصَرَعَهُ ، فَأَخَذَهَا ، ثُمَّ عَادَ مِرَارًا ، فَأَسْلَمَ ، فَرَدَّ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ غَنَمَهُ } ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : مُرْسَلٌ جَيِّدٌ ، وَأَنَّهُ مُتَّصِلٌ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ : حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُقْرِي ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ شَيْخُنَا : إسْنَادٌ جَيِّدٌ ، وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ السَّبْقَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إظْهَارَ الْحَقِّ ، وَهَذَا وَغَيْرُهُ مَعَ الْكُفَّارِ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ ، فَهُوَ فِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ وَجِنْسُهَا جِهَادٌ .
وَهِيَ مَذْمُومَةٌ إذَا أُرِيدَ بِهَا الْفَخْرُ وَالظُّلْمُ .
وَالصِّرَاعُ وَالسَّبْقُ بِالْأَقْدَامِ وَنَحْوُهُمَا طَاعَةٌ إذَا قُصِدَ بِهِ نَصْرُ الْإِسْلَامِ وَأَخَذَ السَّبْقَ عَلَيْهِ أَخَذَ بِالْحَقِّ ، فَالْمُغَالَبَةُ الْجَائِزَةُ تَحِلُّ بِالْعِوَضِ إذَا كَانَتْ مِمَّا يَنْفَعُ فِي الدِّينِ ، كَمَا فِي مُرَاهَنَةِ أَبِي بَكْرٍ ، اخْتَارَ ذَلِكَ شَيْخُنَا .
وَقَالَ : إنَّهُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ ، مُعْتَمِدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الرِّهَانِ فِي الْعِلْمِ ، وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ ، لِقِيَامِ الدِّينِ بِالْجِهَادِ وَالْعِلْمِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ السَّبْقَ فِي الرِّيشِ الْحَمَامِ : مَا سَمِعْنَا ، وَكَرِهَهُ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : يَخْتَصُّ جَوَازُ السَّبْقِ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ : الْحَافِرُ ، فَيَعُمُّ كُلَّ ذِي حَافِرٍ ، وَالْخُفُّ فَيَعُمُّ كُلَّ ذِي خُفٍّ ، وَالنَّصْلُ ، فَيَخْتَصُّ النُّشَّابَ وَالنَّبْلَ وَلَا يَصِحُّ السَّبْقُ وَالرَّمْيُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَعَ الْجَعْلِ وَعَدَمِهِ ، كَذَا قَالَ ، وَلِتَعْمِيمِهِ وَجْهٌ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ تَعْمِيمُ النَّصْلِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَحْرِيمَ الرَّهْنِ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ ( عِ ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا مُبَاحًا ، وَهُوَ تَمْلِيكٌ بِشَرْطِ سَبْقِهِ ، فَلِهَذَا [ قَالَ ] فِي الِانْتِصَارِ الْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ ، وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِأَصْحَابِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ ، أَوْ قَالَ : إنْ سَبَقْتنِي فَلَكَ كَذَا وَلَا أَرْمِي أَبَدًا ، أَوْ شَهْرًا ، بَطَلَ الشَّرْطُ ، وَقِيلَ : وَالْعَقْدُ ، فَلِغَيْرِ مُخْرِجِهِ بِسَبْقِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا : يَصِحُّ شَرْطُهُ لِلْإِسْنَادِ وَشِرَاءُ قَوْسٍ وَكِرَاءُ الْحَانُوتِ وَإِطْعَامُ الْجَمَاعَةِ ، لِأَنَّهُ مِمَّا يُعِينُ عَلَى الرَّمْيِ ، وَتَعْيِينِ الْمَرْكُوبِينَ بِالرُّؤْيَةِ ، وَتَسَاوِيهِمَا فِي ابْتِدَاءِ عَدْوٍ ، وَانْتِهَائِهِ ، وَاتِّحَادِهِمَا نَوْعًا ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْغَنِيمَةِ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَتَسَاوِيهِمَا فِي النَّجَابَةِ وَالْبُطْءِ وَتَكَافُئِهِمَا وَتَعْيِينِ رُمَاةٍ يُحْسِنُونَهُ ، وَإِنْ عَقَدُوا قَبْلَ التَّعْيِينِ عَلَى أَنْ يَقْتَسِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ
بِالتَّرَاضِي جَازَ ، لَا بِقُرْعَةٍ ، وَإِنْ بَانَ بَعْضُ الْحِزْبِ كَثِيرَ الْإِصَابَةِ أَوْ عَكْسَهُ ، فَادَّعَى ظَنَّ خِلَافِهِ ، لَمْ يُقْبَلْ ، وَيُعْتَبَرُ تَسَاوِيهِمَا فِي عَدَدِ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ وَصِفَتِهَا وَأَحْوَالِ الرَّمْيِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي عَدَدِ الرُّمَاةِ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَفِي الْمُوجَزِ : وَالرَّمْيِ مُتَسَاوِيَانِ ، لَا يَكُونُ بَعْضُهُمْ صُلْبًا ، وَالْآخَرُ رَخْوًا ، وَمَسَافَةً بِقَدْرٍ مُعْتَادٍ ، وَالْمَرْكُوبِينَ دُونَ الرَّاكِبِينَ وَكَذَا الْقَوْسَيْنِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمَا بَلْ جِنْسُهُمَا .
وَفِي النَّوْعِ وَصِحَّةِ شَرْطِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ وَجْهَانِ ( م 3 و 4 ) وَيُبْدَلُ مُنْكَسِرٌ مُطْلَقًا ، وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ تَنَاضُلُهُمَا عَلَى أَنَّ السَّبْقَ لِأَبْعَدِهِمَا رَمْيًا زَادَ فِي التَّرْغِيبِ : مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ ، وَيَبْدَأُ بِالرَّمْيِ مِنْ قَرْعٍ ، وَقَدَّمَ الْقَاضِي : مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ بِبَذْلِ السَّبْقِ ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْمُبْتَدِئِ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا فَسَبَقَ مُخْرِجُهُ أَوْ جَاءَا مَعًا أَخَذَهُ فَقَطْ ، وَهُوَ كَبَقِيَّةِ مَالِهِ ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ ، وَإِنْ سَبَقَ مَنْ لَمْ يُخْرِجْ أَخَذَهُ ، وَيَحْرُمُ الْعِوَضُ مِنْهُمَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا ، يُكَافِئُهُمَا مَرْكُوبًا وَرَمْيًا بَيْنَهُمَا ، فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَحْرَزَهُمَا وَإِنْ سَبَقَاهُ فَلَا شَيْءَ [ لَهُ ] وَأَحَدُهُمَا يُحْرِزُهُمَا ، وَمَعَ الْمُحَلِّلِ سَبْقُ الْآخَرِ فَقَطْ لَهُمَا ، نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ [ بِالْعَدْلِ ] وَيَكْفِي مُحَلِّلٌ وَاحِدٌ ، قَالَ الْآمِدِيُّ : لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ ، لِدَفْعِ الْحَاجَةِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَقِيلَ : بَلْ أَكْثَرُ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا مُحَلِّلَ ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِالْعَدْلِ مِنْ كَوْنِ السَّبْقِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَبْلَغُ فِي تَحْصِيلِ مَقْصُودِ كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَهُوَ بَيَانُ عَجْزِ الْآخَرِ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَيُعْتَبَرُ تَسَاوِيهِمَا فِي عَدَدِ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ وَصِفَتِهَا وَأَحْوَالِ الرَّمْيِ ، وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ فِي عَدَدِ الرُّمَاةِ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ فِي الْبُلْغَةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ عَدَدِ الرُّمَاةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُشْتَرَطُ ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَاحْتِمَالُ وَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
مَسْأَلَةٌ 3 و 4 ) قَوْلُهُ : وَلَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمَا يَعْنِي الْقَوْسَيْنِ بَلْ جِنْسُهُمَا ، وَفِي النَّوْعِ وَصِحَّةِ شَرْطِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3 ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْقَوْسَيْنِ أَنْ يَكُونَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا مِنْ نَوْعَيْنِ كَقَوْسٍ عَرَبِيٍّ وَفَارِسِيٍّ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُشْتَرَطُ ، فَلَا يَصِحُّ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وَفَارِسِيٍّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ : هَذَا قَوْلُ غَيْرِ الْقَاضِي .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُشْتَرَطُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4 ) لَوْ اشْتَرَطُوا شَرْطًا لَا يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ لَوْ شَرَطَا تَعْيِينَ قَوْسَيْنِ وَنَحْوَهُ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ لَوْ شَرَطَا شَرْطًا لَا يَصِحُّ ، مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَا أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبْقَ
أَصْحَابَهُ أَوْ غَيْرَهُمْ ، لَكِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ فِيهَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ ، وَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافَ فِيهَا ، وَالصَّوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، لَكِنْ لَمْ أَرَهَا ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ : لَوْ عَقَدَ النِّضَالَ جَمَاعَةٌ لِيَتَنَاضَلُوا حِزْبَيْنِ جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي ، وَذَكَرَ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْجَوَازِ .
وَأَنَّ الْمَيْسِرَ وَالْقِمَارَ مِنْهُ لَمْ يَحْرُمْ لِمُجَرَّدِ الْمُخَاطَرَةِ ، بَلْ لِأَنَّهُ أَكْلٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ أَوْ لِلْمُخَاطَرَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لَهُ ، وَضَعَّفَ جَمَاعَةٌ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمُحَلِّلِ ، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَسَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ فِيهِ ، وَرَوَاهُ أَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، مِنْ قَوْلِهِ .
وَقَالَ أَيْضًا : إنْ سَمَحَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِالْإِعْطَاءِ فَلَا إثْمَ ، قَالَ : وَلَوْ جَعَلَهُ الْأَجْنَبِيُّ لِأَحَدِهِمَا إنْ غَلَبَ دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ ، لِأَنَّهُ ظُلْمٌ ، وَلَوْ قَالَ الْمُخْرِجُ : مَنْ سَبَقَ أَوْ صَلَّى فَلَهُ عَشَرَةٌ لَمْ يَصِحَّ إذَا كَانَا اثْنَيْنِ ، فَإِنْ زَادَا ، أَوْ قَالَ : وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ ، صَحَّ ، وَكَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ لِلْأَقْرَبِ إلَى السَّابِقِ ، وَهِيَ جَعَالَةٌ ، فَإِنْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ الْفَسْخُ فَقَطْ .
وَفِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ : يَجُوزُ عَلَى هَذَا فَسْخُهُ وَامْتِنَاعُهُ مِنْهُ وَزِيَادَةُ عِوَضِهِ ، زَادَ غَيْرُهُ : وَأَخْذُهُ بِهِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا ، وَقِيلَ : لَازِمٌ ، فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ ، لَكِنْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُعَيَّنِينَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ : لَا يَلْزَمُ فِي حَقِّ الْمُحَلِّلِ ، لِأَنَّهُ مَغْبُوطٌ ، كَمُرْتَهِنٍ ، وَوَارِثٍ رَاكِبٍ كَهُوَ ، ثُمَّ مَنْ أَقَامَهُ حَاكِمٌ ، وَإِنْ قُلْنَا جَائِزَةٌ فَوَجْهَانِ ( م 5 ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ عِوَضِهِ فِي الْحَالِ وَإِنْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، بِخِلَافِ أَجْرِهِ ، بَلْ يَبْدَأُ بِتَسْلِيمِ عَمَلٍ .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَوَارِثُ رَاكِبٍ كَهُوَ ثُمَّ مَنْ أَقَامَهُ حَاكِمٌ ، وَإِنْ قُلْنَا جَائِزَةٌ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ الْوَارِثُ كَالْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، لِقَطْعِهِمْ بِفَسْخِهِمَا بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ ، كَمَا قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) وَارِثُهُ كَهُوَ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ الْحَاكِمُ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْبُلْغَةِ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي ، وَقَطَعَ بِهِ ، لَكِنْ جَعَلَ الْوَارِثَ بِالْخِيرَةِ فِي ذَلِكَ .
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ ، فَإِنْ عُدِمَ الْوَارِثُ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ ، انْتَهَى ، فَأَطْلَقَ الْعِبَارَةَ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَالْوَارِثِ عَلَى الْقَوْلِ بِاللُّزُومِ وَالْجَوَازِ ، وَلَعَلَّ هَذَا الْمَذْهَبُ .
تَنْبِيهٌ ) جَعَلَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مَحَلَّ الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ ، وَهُوَ مُشْكِلٌ ، إذْ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، وَلَعَلَّ الْمَيِّتَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ لَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ
وَالسَّبْقُ بِالرَّأْسِ فِي مُتَمَاثِلِ عُنُقِهِ ، وَفِي مُخْتَلِفِهِ وَإِبِلٍ بِكَتِفٍ .
وَفِي الْمُحَرَّرِ الْكُلُّ بِالْكَتِفِ وَقِيلَ : بِالْقَدَمِ ، قَالَ الشَّيْخُ : وَلَا تَصِحُّ بِأَقْدَامٍ مَعْلُومَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : الْأَوَّلُ ، وَزَادَ بِالرَّأْسِ فِي الْخَيْلِ ، قَالَ : وَكَذَا ابْتِدَاءُ الْمَوْقِفِ .
وَيَحْرُمُ جَنْبُهُ مَعَ فَرَسِهِ أَوْ وَرَاءَهُ فَرَسًا يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْوِ ، وَجَلَبُهُ ، وَهُوَ أَنْ يَصِيحَ بِهِ فِي وَقْتِ سِبَاقِهِ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يُكْرَهَانِ .
.
وَالسَّبْقُ فِي الرَّمْيِ بِالْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ ، وَهِيَ إمَّا مُبَادَرَةٌ : بِأَنْ يَجْعَلَا السَّبْقَ لِمَنْ سَبَقَ إصَابَتَيْنِ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً ، مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرَّمْيِ ، أَوْ مُفَاضَلَةً : بِأَنْ يَجْعَلَاهُ لِمَنْ فَضَلَ الْآخَرَ بِإِصَابَتَيْنِ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً ، وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ إصَابَةٍ نَادِرَةٍ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : يُعْتَبَرُ إصَابَةٌ مُمْكِنَةٌ ، وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْغَرَضِ قَدْرًا وَصِفَةً وَلَوْ وَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ بَعْدَ أَنْ أَطَارَتْهُ الرِّيحُ اُحْتُسِبَ بِهِ ، فَإِنْ شَرَطَ إصَابَةً مُقَيَّدَةً وَشَكَّ فِيمَا لَوْ بَقِيَ مَوْضِعَهُ فَلَا ، وَإِنْ عَرَضَ مَا يَمْنَعُ كَكَسْرِ قَوْسٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ ، وَحُكِيَ وَجْهٌ ، وَالْأَشْهَرُ : وَلَا لَهُ ، وَيُكْرَهُ مَدْحُ الْمُصِيبِ مِنْهُمَا وَعَيْبُ الْمُخْطِئِ ، وَحَرَّمَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَيَتَوَجَّهُ : يَجُوزُ مَدْحُ الْمُصِيبِ وَيُكْرَهُ عَيْبُ غَيْرِهِ ، وَيَتَوَجَّهُ فِي شَيْخ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ مَدْحُ الْمُصِيبِ مِنْ الطَّلَبَةِ وَعَيْبُ غَيْرِهِ لِذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُعِيرِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ شَرْعًا ، وَأَهْلِيَّةُ مُسْتَعِيرٍ لِلتَّبَرُّعِ لَهُ ، وَيَتَوَجَّهُ فِي مَالِ صَغِيرٍ كَقَرْضِهِ ، وَتَجُوزُ إعَارَةُ ذِي نَفْعٍ جَائِزٍ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ إلَّا الْبُضْعَ وَمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ لِمَحْرَمٍ ، وَقِيلَ : وَكَلْبًا لِصَيْدٍ وَفَحْلًا لِضِرَابٍ ، وَقِيلَ : وَأَمَةً شَابَّةً لِغَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةً ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَالْكَافِي ، وَالْأَشْهَرُ : يُكْرَهُ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ خَلَا أَوْ نَظَرَ ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِشَوْهَاءَ أَوْ كَبِيرَةٍ ، وَيَجُوزُ لَهُمَا ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : إلَّا الْبَرْزَةَ وَفِي التَّبْصِرَةِ : وَعَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ ، وَيَتَوَجَّهُ كَإِجَارَةٍ ، وَقِيلَ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا ، وَقِيلَ : تَجِبُ [ أَيْ الْعَارِيَّة ] مَعَ غِنَى رَبِّهِ ، اخْتَارَ شَيْخنَا ، وَيُكْرَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لِخِدْمَةٍ .
وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ ، وَعَنْهُ : إنْ عَيَّنَ مُدَّةً تَعَيَّنَتْ ، وَعَنْهُ : وَمَعَ إطْلَاقِهِ لَا يَرْجِعُ قَبْلَ انْتِفَاعِهِ ، قَالَ الْقَاضِي : الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا ، وَقَالَ : يَحْصُلُ بِهَا الْمِلْكُ مَعَ عَدَمِ قَبْضِهَا .
وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ فِي ضَمَانِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَيِّنِ بِالْعَقْدِ : الْمِلْكُ أَبْطَأُ حُصُولًا وَأَكْثَرُ شُرُوطًا مِنْ الضَّمَانِ ، لِسُقُوطِ الضَّمَانِ بِإِبَاحَةِ الطَّعَامِ بِتَقْدِيمِهِ ، وَضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ بِعَارِيَّةِ الْعَيْنِ وَلَا مِلْكَ ، فَإِذَا حَصَلَ بِالتَّعْيِينِ هُنَا الْإِبْطَاءُ فَأَوْلَى حُصُولُ الْأَسْرَعِ ، وَهُوَ الضَّمَانُ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : لَا يَمْلِكُ مَكِيلًا وَمَوْزُونًا بِلَفْظِهَا ، وَلَوْ سَلَّمَ وَيَكُونُ قَرْضًا فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ وَبِالْقَبْضِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ لَفْظُ الْعَارِيَّةِ فِي الْأَثْمَانِ قَرْضٌ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ اسْتَعَارَهَا لِلنَّفَقَةِ فَقَرْضٌ ، وَقِيلَ .
لَا يَجُوزُ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ مِنْحَةُ لَبَنٍ هُوَ الْعَارِيَّةُ ، وَمِنْحَةُ وَرِقٍ هُوَ الْقَرْضُ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ خِلَافًا فِي صِحَّةِ إعَارَةِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ .
وَلَا رُجُوعَ لِمُعِيرِ سَفِينَةٍ لِمَتَاعٍ فِي اللُّجَّةِ حَتَّى تَرْسُوَ ، وَحَائِطِ الْخَشَبِ حَتَّى يَسْقُطَ فَلَا يُرَدَّانِ بِلَا إذْنِهِ ، وَفِي الْحَائِطِ احْتِمَالٌ : يَرْجِعُ إنْ ضَمِنَ النَّقْصَ ، وَكَذَا أَرْضٌ لِدَفْنِ مَيِّتٍ حَتَّى يَبْلَى ، وَقِيلَ : وَيَصِيرُ رَمِيمًا .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : يُخْرِجُ عِظَامَهُ وَيَأْخُذُ أَرْضَهُ ، وَلَا أُجْرَةَ فِي الْكُلِّ ، وَإِنْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِزَرْعٍ لَا يَقْصِلُ وَيَتْرُكُ حَتَّى يُحْصَدَ وَلِغَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ وَشَرْطِ قَلْعِهِ عِنْدَ رُجُوعِهِ أَوْ فِي وَقْتِ قَلْعِهِ فِيهِ مَجَّانًا ، وَإِلَّا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ قَلْعُهُ ، وَيَضْمَنُ نَقْصَهُ ، خِلَافًا لِلْحَلْوَانِيِّ فِيهِ ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ تَسْوِيَةَ الْحَفْرِ ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ : إلَّا مَعَ شَرْطِ الْقَلْعِ ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ : إلَّا مَعَ إطْلَاقِهِ ، وَيَلْزَمُهُ بِشَرْطِهَا ، وَمِثْلُهُ غَرْسُ مُشْتَرٍ وَبِنَاؤُهُ لِفَسْخٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ ، وَفِيهِ وَجْهٌ : لَا يَأْخُذُهُ وَلَا يَقْلَعُهُ ، وَقِيلَ : إنْ أَبَى الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ وَمُشَارَكَتَهُ بِالنَّقْصِ أَوْ أَبَى دَفْعَ قِيمَتِهِ رَجَعَ أَيْضًا ، وَالْمَبِيعُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمُسْتَعِيرٍ فَقَطْ ( وَ ش ) ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي فِي الشُّرُوطِ فِي الرَّهْنِ ، لِتَضَمُّنِهِ إذْنًا ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، وَلَا أُجْرَةَ .
وَفِي الْمُجَرَّدِ : لَوْ غَارَسَهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَالْغَرْسَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَيْضًا تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْفَاسِدِ وَجْهٌ كَغَصْبٍ ، لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِهِ فِي الضَّمَانِ ، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ، وَلَا يُقَالُ لِرَبِّ الْأَرْضِ قِيمَتُهَا فَقَطْ ، ( هـ م ) ، وَمُسْتَأْجِرٌ كَمُسْتَعِيرٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ فِيهِ أَخْذَهُ بِقِيمَتِهِ ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ : كَمَا فِي عَارِيَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَفَ مَا بَنَاهُ أَوْ لَا ، مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْتِئْجَارَ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ
بِالْأُجْرَةِ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَبْطُلَ بِالْوُقُوفِ مُطْلَقًا ، وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ كَلَامُهُ فِي الْفُنُونِ .
وَهُوَ هُنَا أَوْلَى ، وَقَالَ مَعْنَاهُ شَيْخُنَا ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَنْ احْتَكَرَ أَرْضًا بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ بَنَى وَقْفَهُ عَلَيْهِ : مَتَى فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ زَالَ حُكْمُ الْوَقْفِ وَأَخَذُوا أَرْضَهُمْ فَانْتَفَعُوا بِهَا ، وَمَا دَامَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فِيهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ، كَوَقْفِ عُلُوِّ [ رَبْعٍ ] أَوْ دَارٍ مَسْجِدًا ، فَإِنَّ وَقْفَ عُلُوِّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ السُّفْلِ ، كَذَا وَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ الْأَرْضِ ، وَإِنْ شَرَطَ فِي إجَارَةٍ بَقَاءَ غَرْسٍ فَكَإِطْلَاقِهِ ، وَقِيلَ : تَبْطُلُ .
بَابُ الْعَارِيَّةِ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لِمُعِيرِ حَائِطِ الْخَشَبِ حَتَّى يَسْقُطَ فَلَا يُرَدَّانِ .
انْتَهَى .
الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْخَشَبِ مَكَانَهَا إذَا سَقَطَ ، كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ الْحَارِثِيُّ : قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالْقَاضِيَ وَابْنَ عَقِيلٍ ، فِي آخَرِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ يَعْنِي بِهِ صَاحِبَ الْمُغْنِي فِي الصُّلْحِ لَهُ إعَادَتُهُ إلَى الْحَائِطِ ، قَالَ : وَهُوَ الصَّحِيحُ اللَّائِقُ بِالْمَذْهَبِ ، لِأَنَّ السَّبَبَ مُسْتَمِرٌّ ، فَكَانَ الِاسْتِحْقَاقُ مُسْتَمِرًّا ، انْتَهَى .
وَلَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ ، فَلِذَلِكَ جَزَمَ بِالْحُكْمِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَوْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ فِيهَا وَشَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ ، وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيُتِمَّ أَوْ سَكَتَ فَسَدَ ، فَإِنْ زَرَعَ فَأُجْرَةُ مِثْلِهِ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ إنْ سَكَتَ فَإِذَا تَمَّتْ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَقِيلَ كَفَرَاغِهَا وَفِيهَا زَرْعٌ [ بَقَاؤُهُ ] بِتَفْرِيطِ مُكْتِرٍ فَهُوَ كَغَاصِبٍ ، وَلِرَبِّهِ نَقْلُهُ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ، وَقِيلَ : كَمُبَقًّى بِلَا تَفْرِيطٍ يَتْرُكُهُ بِالْأُجْرَةِ ( م 1 ) وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي إجَارَةٍ ، وَهُنَا قَالَ الْأَكْثَرُ : لَهُ أُجْرَةٌ فِي زَرْعٍ مِنْ رُجُوعِهِ ، فَخَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ فِي غَرْسٍ وَبِنَاءٍ ، وَقِيلَ : وَغَيْرُهُمَا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ فِي مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ فِيمَا سِوَى أَرْضٍ لِلدَّفْنِ ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ التَّصَرُّفُ بِمَا لَا يَضُرُّهُمَا ، وَلِرَبِّهَا دُخُولُهَا لِمَصْلَحَتِهَا خَاصَّةً ، وَأَيُّهُمَا طَلَبَ الْبَيْعَ فَفِي إجْبَارِ الْآخَرِ مَعَهُ وَجْهَانِ ( م 2 ) .
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ فِيهَا وَشَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ ، وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيُتِمَّ أَوْ سَكَتَ فَسَدَ ، وَإِنْ زَرَعَ فَأُجْرَةُ مِثْلِهِ ، وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ سَكَتَ ، فَإِذَا تَمَّتْ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَقِيلَ كَفَرَاغِهَا وَفِيهَا زَرْعٌ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ مُكْتَرٍ فَهُوَ كَغَاصِبٍ ، وَلِرَبِّهِ نَقْلُهُ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ، وَقِيلَ : كَمُبْقًى بِلَا تَفْرِيطٍ تَرَكَهُ بِالْأُجْرَةِ ، انْتَهَى ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ فِي الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا سَكَتَ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ( أَحَدُهُمَا ) حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ الْمُبْقَى بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ : فَإِذَا فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَهُوَ كَمُفَرِّطٍ ، وَقِيلَ : لَا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ كَالْمُبْقَى بِلَا تَفْرِيطٍ ، فَيُتْرَكُ بِالْأُجْرَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ " قَالَ شَيْخُنَا كَذَا فِي النُّسَخ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَا لَا يَتِمُّ ، بِزِيَادَةٍ " لَا " بَعْدَ " مَا " دَلِيلُ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيَتِمَّ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِزَرْعٍ مُنَوَّنٌ ، و " مَا " نَافِيَةٌ ، وَقَوْلُهُ " تَرَكَهُ بِالْأُجْرَةِ " هُنَا نَقْصٌ ، وَتَقْدِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " يَلْزَمُ تَرْكُهُ " " فَيَلْزَمُ " هُوَ النَّقْصُ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَلِرَبِّ الْأَرْضِ التَّصَرُّفُ بِمَا لَا يَضُرُّهُمَا ، وَلِرَبِّهَا دُخُولُهَا لِمَصْلَحَتِهَا خَاصَّةً ، وَأَيُّهُمَا طَلَبَ الْبَيْعَ فَفِي إجْبَارِ الْآخَرِ مَعَهُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُجْبَرُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أُجْبِرَ ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْبَرُ ، صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .
وَلَوْ حَمَلَ سَيْلٌ بَذْرًا فَنَبَتَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَحَمَلَهُ غَرْسًا كَغَرْسِ شَفِيعٍ ، وَقِيلَ : فِيهِ ، وَقِيلَ : وَفِي زَرْعٍ كَغَاصِبٍ .
فَصْلٌ الْعَارِيَّةُ الْمَقْبُوضَةُ مَضْمُونَةٌ ، نُصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّفْعَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ .
بِخِلَافِ عَبْدٍ مُوصًى بِنَفْعِهِ ، وَقَاسَهَا جَمَاعَةٌ عَلَى الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ ، فَدَلَّ عَلَى رِوَايَةٍ مُخَرَّجَةٍ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ خِلَافًا : لَا يَضْمَنُ ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهَدْيِ فِيهِ وَعَنْهُ : بَلَى إنْ شَرَطَهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ وَشَيْخُنَا ، وَعَنْهُ : إنْ لَمْ يَشْرِطْ نَفْيَهُ جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ ، وَلَا يُضْمَنُ وَقْفٌ بِلَا تَفْرِيطٍ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ جُزْؤُهَا بِانْتِفَاعٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ الْوَلَدِ أَوْ الزِّيَادَةِ لَمْ يَضْمَنْ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَفِي وَلَدِ مُؤَجَّرَةٍ الْوَدِيعَةٍ الْوَجْهَانِ ، وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَعَدِّيهِ ، وَلَا يَضْمَنُ رَائِضٌ وَوَكِيلٌ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعِيرٍ ، وَيَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ كَمُسْتَأْجِرٍ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ إلَّا بِمَنْفَعَةٍ مَعْهُودَةٍ ، وَيُؤَجِّرُ بِإِذْنٍ ، وَقِيلَ : وَبِدُونِهِ إنْ عَيَّنَ مُدَّةً ، وَلَا يَضْمَنُ مُسْتَأْجِرٌ مِنْهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهَا .