كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي
الرامينى ثم الصالحي
بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي الثُّيُوبَةِ وَمَعْرِفَةِ الْغِنَاءِ وَالْكُفْرِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ الثُّيُوبَةُ عَيْبٌ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ بِعَيْبٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هِيَ عَيْبٌ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : إنْ ظَهَرَتْ ثَيِّبًا مَعَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ فَهُوَ عَيْبٌ ( قُلْت ) : وَهَذَا ضَعِيفٌ ( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) هَلْ مَعْرِفَةُ الْغِنَاءِ وَظُهُورُ الرَّقِيقِ كَافِرًا عَيْبٌ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ بِعَيْبٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ عَيْبٌ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : الْغِنَاءُ الْأَمَةُ عَيْبٌ ، وَكَذَا الْكُفْرُ .
وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ عَقِيمٌ [ فِيهِ ] وَلِهَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي فِي الْحَامِلِ : هَلْ يَخْتَصُّ الْعُقُمُ بِمَنْعِ الْحَمْلِ وَلَا يَمْنَعُ الْحَيْضَ ؟ فَقَالَ : لَا نُسَلِّمُ هَذَا ، وَمَتَى حَكَمْنَا أَنَّهَا عَقِيمٌ لَمْ يَصِحَّ الْحَيْضُ مِنْهَا : وَفِي الِانْتِصَارِ : لَيْسَ عَيْبًا مَعَ بَقَاءِ الْقِيمَةِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : كَوْنُ الدَّارِ يَنْزِلُهَا الْجُنْدُ عَيْبٌ ، وَعِبَارَةُ الْقَاضِي : وَجَدَهَا بِمَنْزِلَةٍ قَدْ نَزَلَهَا الْجُنْدُ ، قَالَا : أَوْ اشْتَرَى قَرْيَةً فَوَجَدَ فِيهَا سَبُعًا أَوْ حَيَّةً عَظِيمَةً تُنْقِصُ الثَّمَنَ .
وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ : وَجَدَهَا كَانَ السُّلْطَانُ نَزَلَهَا لَيْسَ عَيْبًا ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ ظُلْمٌ يَمْنَعُ مِنْهُ الدِّينُ وَتَحْسِمُ مَادَّتَهُ سِيَاسَةُ الْعَدْلِ ، وَتَجْوِيزُ عَوْدِهِ مُتَوَهِّمٌ ، وَنَقْصُ الْقِيمَةِ بِهِ عَادَةً إنْ غَبِنَ لِذَلِكَ الثُّلُثَ وَكَانَ مُسْتَسْلِمًا فَلَهُ الْفَسْخُ لِلْغَبْنِ لَا لِلْعَيْبِ ، وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ : لَا يَجُوزُ الْفَسْخُ لِهَذَا الْأَمْرِ الْمُتَرَدِّدِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : وَبَقٌّ وَنَحْوُهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ بِالدَّارِ ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ فِي زَمَنِنَا ، وَقَرَعٌ شَدِيدٌ مِنْ كَبِيرٍ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، وَكَوْنُهُ أَعْسَرَ ، وَالْمُرَادُ لَا يَعْمَلُ بِالْيَمِينِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ .
وَإِلَّا فَزِيَادَةُ خَيْرٍ .
وَفِي الْمُغْنِي : لَيْسَ بِعَيْبٍ ، لِعَمَلِهِ بِإِحْدَى يَدَيْهِ ، خِلَافًا لِشُرَيْحٍ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَالْجَارُ السُّوءُ عَيْبٌ .
فَمَتَى اشْتَرَى شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ [ أَوْ ] عَالِمًا عَيْبَهُ وَلَمْ يَرْضَ أَمْسَكَهُ ، وَالْمَذْهَبُ : لَهُ أَرْشُهُ ، وَعَنْهُ : إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ فَلَا يَلْزَمُ ، قَالَ : وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ كَالصَّفْقَةِ إذَا تَفَرَّقَتْ ، وَهَلْ يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ أَوْ حَيْثُ شَاءَ الْبَائِعُ ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ ( م 3 )
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : فَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا ، .
وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَمْسَكَهُ ، وَالْمَذْهَبُ لَهُ أَرْشُهُ ، وَهَلْ يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ أَوْ حَيْثُ شَاءَ الْبَائِعُ ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ ، لِأَنَّهُ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ الْبَائِعُ ، وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ ، فَقَالَ : لَا يَجِبُ كَوْنُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ فِي الْأَصَحِّ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ : اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي أَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : هُوَ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي مِقْدَارِ الْعَيْبِ وَالرُّجُوعُ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هُوَ إسْقَاطُ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ الَّذِي تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَرْشَ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ لِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مُعَاوَضَةُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَسْخًا أَوْ إسْقَاطًا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَيَسْتَحِقُّ جُزْءًا مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ مُعَاوَضَةٌ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْأَرْشَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ ، وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ : إذَا قُلْنَا : هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ ، فَهَلْ هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ قِيمَتِهِ ؟ ذَهَبَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ
إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْقِيمَةِ ، وَذَهَبَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ وَابْنُ الْبَنَّا إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْعَيْنِ الْفَائِتَةِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ جَوَازُ الْمُصَالَحَةِ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ قُلْنَا : الْمَضْمُونُ الْعَيْنُ ، فَلَهُ الْمُصَالَحَةُ عَنْهَا بِمَا شَاءَ ، وَإِنْ قُلْنَا : الْقِيمَةُ ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِأَكْثَرَ مِنْ جِنْسِهَا ، انْتَهَى
وَفِي الِانْتِصَارِ وَمُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ : لَا فَسْخَ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ ، كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَةٍ ، وَآيَاتٍ فِي الْمُصْحَفِ ، لِلْعَادَةِ ، كَغَبْنٍ يَسِيرٍ ، وَلَوْ مِنْ وَلِيٍّ ، قَالَ أَبُو يَعْلَى : وَوَكِيلٌ ، وَقَالَ فِي وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ : لَوْ كَثُرَ الْغَبْنُ بَطَلَ .
وَقَالَ أَيْضًا : يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمَا ، وَذَكَرَ أَيْضًا الْفَسْخَ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ ، وَأَنَّ الْمَهْرَ مِثْلُهُ ، فِي وَجْهٍ ، وَأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ ، كَدِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ بِالشَّرْطِ .
وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا : لَا فَسْخَ بِعَيْبٍ أَوْ غَبْنٍ [ يَسِيرٍ ] وَأَنَّ الْكَثِيرَ يَمْنَعُ الرُّشْدَ وَيُوجِبُ السَّفَهَ وَالرُّجُوعَ عَلَى وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ ، وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ الْفَسْخُ غَبِنَ أَمْ لَمْ يَغْبِنْ قَالَ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ : مَنْ اشْتَرَى مُصْحَفًا فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ لَيْسَ هَذَا عَيْبًا ، لَا يَخْلُو الْمُصْحَفُ مِنْ هَذَا .
وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي بَعْدَ هَذَا النَّصِّ [ قَالَ ] لِأَنَّهُ كَغَبْنٍ يَسِيرٍ ، قَالَ : وَأَجْوَدُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ عَادَةً مِنْ ذَلِكَ ، كَيَسِيرِ التُّرَابِ وَالْعَقْدِ فِي الْبُرِّ .
وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ : لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ النَّاسِخِ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ ، وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ لِمَا وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ ، وَعَلَيْهِ نَسْخُهُ فِي مَكَانِهِ ، وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ بِذَلِكَ مِنْ الْكَاغَدِ ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ : لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ ، بَلْ يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ وَغَرَامَةُ الْكَاغَدِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا : يَسِيرُ عَيْبٍ مَبِيعٍ كَالْكَثِيرِ ، وَهُوَ نِسْبَةُ قَدْرِ النَّقْصِ إلَى قِيمَتِهِ صَحِيحًا ، فَيَرْجِعُ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَتِهِ ، وَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِلَا رِضًا وَحُضُورِ الْآخَرِ ، وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ .
وَلَا يَرُدُّ نَمَاءً مُنْفَصِلًا إلَّا لِعُذْرٍ ، كَوَلَدِ أَمَةٍ ، وَقِيلَ : يَجُوزُ ، كَبَيْعِهَا دُونَ وَلَدِ حُرٍّ ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ : أَوْ دُونَ حَمْلِ حُرٍّ ، وَعَنْهُ : يَرُدُّ النَّمَاءَ مِنْ عَيْنِهِ ، وَعَنْهُ : مُطْلَقًا ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَمِثْلُهُ الْمُتَّصِلُ .
وَفِي الْمُغْنِي فِيهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ وَنَسْجِهِ : لَهُ أَرْشُهُ إنْ رَدَّهُ ، وَعَنْهُ لَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ لِمُشْتَرٍ وَهَبَهُ بَائِعٌ ثَمَنًا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ ، كَمَهْرٍ ، فِي رِوَايَةٍ ، وَخِيَارُ الْعَيْبِ كَخُلْفٍ فِي الصِّفَةِ .
قَالَ شَيْخُنَا : وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَدِّهِ أَوْ أَرْشِهِ ، لِتَضَرُّرِ الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : فِي النَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ : وَفِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ وَنَسْجِهِ لَهُ أَرْشُهُ إنْ رَدَّهُ ، كَذَا فِي النُّسْخَةِ .
وَصَوَابُهُ " لَهُ أَرْشُهُ لَا رَدُّهُ " صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ، وَهُوَ وَاضِحٌ ، وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ .
وَإِنْ عَابَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ ، كَقَطْعِ ثَوْبٍ وَوَطْءِ بِكْرٍ ، فَعَنْهُ : لَهُ الْأَرْشُ ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَرَدَّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ ( م 4 ) وَلَوْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ : كَزَوَالِهِ قَبْلَ رَدِّهِ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَابَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ كَقَطْعِ ثَوْبٍ وَوَطْءِ بِكْرٍ ، فَعَنْهُ : لَهُ الْأَرْشُ ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَرَدَّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَرْشُ ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : هَذِهِ الصَّحِيحَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ وَغَيْرُهُمْ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْأَرْشِ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ : عَلَيْهَا الْأَصْحَابُ ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ : وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هِيَ أَشْهَرُهُمَا ، وَاخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ ، وَنَصَرَهَا الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، وَمَالَ إلَيْهَا الشَّارِحُ وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يُدَلَّسْ الْعَيْبُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَقَالَ : هَذَا الْمَذْهَبُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ
وَإِنْ زَالَ بَعْدَهُ فَفِي رُجُوعِ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ احْتِمَالَانِ ( م 5 ) وَنَصُّهُ : لَهُ رَدُّهُ بِلَا أَرْشٍ إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ ، وَلَهُ رَدُّ ثَيِّبٍ وَطِئَهَا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، مَجَّانًا ، وَلِهَذَا لَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً بِلَا إخْبَارٍ ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَعَنْهُ : بِمَهْرِ مِثْلِهَا ، وَالْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي كَالْعَيْبِ قَبْلَهُ فِيمَا ضَمَانُهُ عَلَى الْبَائِعِ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : لَا أَرْشَ إلَّا أَنْ يُتْلِفَهُ آدَمِيٌّ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ ، وَالْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ مُشْتَرٍ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ زَالَ بَعْدَهُ يَعْنِي بَعْدَ رَدِّهِ فَفِي رُجُوعِ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ زَادَ الْبَيْعُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي لَهُ الرُّجُوعُ .
وَعَنْهُ : عُهْدَةُ الْحَيَوَانِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَعَنْهُ : سِتَّةٌ .
وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ : وَبَعْدَهَا ، وَالْمَذْهَبُ لَا عُهْدَةَ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا يَصِحُّ فِيهِ حَدِيثٌ .
وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ فَلَهُ الْأَرْشُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ .
وَعَنْهُ ، إنْ أَعْتَقَهُ فِي وَاجِبٍ وَحُكِيَ مُطْلَقًا ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَلَمْ يَمْنَعْ عَيْبَهُ الْإِجْزَاءُ صَرَفَهُ فِي الرِّقَابِ ، وَيُحْتَمَلُ لَا أَرْشَ ، كَقَرِيبٍ عَتَقَ ، لِأَنَّ الْقَصْدَ عِتْقُهُ ، وَيَتَخَرَّجُ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَنْ يَفْسَخَ وَيَغْرَمَ الْقِيمَةَ ، وَعَنْهُ : لَا أَرْشَ لَهُ لِمَا بَاعَهُ ، فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ فَلَهُ رَدُّهُ أَوْ أَرْشُهُ ، أَوْ إنْ أَخَذَ مِنْهُ أَرْشَهُ فَلَهُ الْأَرْشُ ، وَلَوْ بَاعَهُ مُشْتَرٍ لِبَائِعِهِ لَهُ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي ، ثُمَّ لِلثَّانِي رَدُّهُ عَلَيْهِ ، وَفَائِدَتُهُ اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ ، وَيُحْتَمَلُ هُنَا لَا رَدَّ ، وَإِنْ فَعَلَهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ أَوْ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَوْ عَرَضَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ اسْتَغَلَّهُ فَلَا ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ ، وَعَنْهُ : لَهُ الْأَرْشُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، لِأَنَّهُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى الرِّضَا فَمَعَ الْأَرْشِ كَإِمْسَاكِهِ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ .
قَالَ : وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، قَالَ : وَذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : وَالِاسْتِخْدَامُ وَالرُّكُوبُ لَا يَمْنَعُ أَرْشَ الْعَيْبِ إذَا ظَهَرَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ إنَّمَا نَصَّ أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ [ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْأَرْشَ وَإِنْ اُحْتُلِبَ الْمَبِيعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ الرَّدُّ ] لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : أَوْ رَكِبَهَا لِسَقْيِهَا أَوْ عَلْفِهَا .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي : إنْ اسْتَخْدَمَ لِلْبَيْعِ ] لَا لِلِاخْتِبَارِ بَطَلَ رَدُّهُ بِالْكَثِيرِ ، وَإِلَّا فَلَا .
قِيلَ لِأَحْمَدَ : إنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ : إذَا اشْتَرَى عَبْدًا فَبَانَ مَعِيبًا فَاسْتَخْدَمَهُ بِأَنْ يَقُولَ : نَاوِلْنِي الثَّوْبَ ، بَطَلَ خِيَارُهُ .
فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ : مَنْ يَقُولُ هَذَا ؟ أَوْ : مِنْ أَيْنَ أَخَذُوا هَذَا ؟ لَيْسَ هَذَا بِرِضًا حَتَّى يَكُونَ شَيْءٌ يُبَيِّنُ وَيُطَوِّلُ .
قَالَ : وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ فِي
بُطْلَانِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالِاسْتِخْدَامِ رِوَايَتَانِ ، فَكَذَا يَخْرُجُ هُنَا ، وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ فَلَهُ أَرْشُ الْبَاقِي ، وَعَنْهُ : وَرَدَّهُ بِقِسْطِهِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَفِي أَرْشِ الْمَبِيعِ الرِّوَايَتَانِ ، وَنَصُّ أَحْمَدَ : لَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مَعَ تَدْلِيسِهِ ، وَلَهُ الْفَسْخُ فِي رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ مُطْلَقًا ، لِلضَّرُورَةِ .
وَعَنْهُ : لَهُ الْأَرْشُ ، وَقِيلَ : مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى مُدِّ عَجْوَةٍ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : يُفْسَخُ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَيَأْخُذُ الْجَيِّدَ رَبُّهُ وَيَدْفَعُ الرَّدِيءَ .
وَإِنْ صَبَغَهُ أَوْ نَسَجَهُ فَالْأَرْشُ ، وَعَنْهُ : وَالرَّدُّ ، وَيَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الزِّيَادَةِ ، وَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى بَذْلِ عِوَضِهَا عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَا الْمُشْتَرِي عَلَى قَبُولِهِ ، فِي الْأَصَحِّ .
وَإِنْ اشْتَرَى مَا لَا يُعْلَمُ عَيْبُهُ إلَّا بِكَسْرِهِ وَلِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ كَجَوْزِ الْهِنْدِ ، فَعَنْهُ : لَهُ الْأَرْشُ ، وَعَنْهُ : لَهُ رَدُّهُ : وَخَيَّرَهُ الْخِرَقِيُّ بَيْنَهُمَا ( م 6 )
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ إلَّا بِكَسْرِهِ ، وَلِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ كَجَوْزِ الْهِنْدِ ، فَعَنْهُ : لَهُ الْأَرْشُ ، وَعَنْهُ : لَهُ رَدَّهُ ، وَخَيَّرَهُ الْخِرَقِيُّ بَيْنَهُمَا ، انْتَهَى .
( إحْدَاهُنَّ ) هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّهِ وَرَدِّ مَا نَقَصَ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْأَرْشِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَرْشُ قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَهِيَ وَجْهٌ فِي الْمُذْهَبِ ، وَتَخْرِيجٌ فِي الْهِدَايَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَهُ رَدُّهُ ، وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَقِيلَ : يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَرْشُ إذَا زَادَ فِي الْكَسْرِ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِعْلَامِ ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ خُيِّرَ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ ، وَعَنْهُ لَيْسَ لَهُ رَدٌّ وَلَا أَرْشٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ سَلَامَتَهُ ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُذْهَبِ .
وَفِي رَدِّ أَرْشِ الْكَسْرِ الْمُسْتَعْلَمِ بِهِ وَالرَّدِّ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِعْلَامِ وَجْهَانِ ( م 7 و 8 )
( مَسْأَلَةٌ 7 وَ 8 ) قَوْلُهُ : وَفِي رَدِّ أَرْشِ الْكَسْرِ الْمُسْتَعْلَمِ بِهِ وَالرَّدِّ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِعْلَامِ وَجْهَانِ [ انْتَهَى ] فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا كَسَرَهُ كَسْرًا لَا يُمْكِنُ اسْتِعْلَامُهُ بِدُونِهِ فَهَلْ يُرَدُّ أَرْشُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُرَدُّ أَرْشُ الْكَسْرِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ ، وَالشَّيْخُ فِي مُقْنِعِهِ وَغَيْرُهُمَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ الرَّدُّ بِلَا أَرْشٍ عَلَيْهِ لِكَسْرِهِ ، لِأَنَّهُ حَصَلَ بِطَرِيقِ اسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ ، وَالْبَائِعُ سَلَّطَ عَلَيْهِ ، انْتَهَى .
وَقِيلَ : يَخْرُجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا غَابَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) إذَا كَسَرَهُ كَسْرًا يُمْكِنُ اسْتِعْلَامُهُ بِدُونِهِ فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هَذَا كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا غَابَ عِنْدَهُ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ ، وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَكَذَا فِي هَذِهِ .
قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ : حُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي قَبْلَهُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي ، وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّهِ وَأَرْشِ الْكَسْرِ ، وَأَخْذِ الثَّمَنِ ، وَبَيْنَ أَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ ، وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا أَرْشُ الْعَيْبِ .
عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، انْتَهَى .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا غَابَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، نَعَمْ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي فِي
الَّذِي قَبْلَهُ هَلْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْكَسْرِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الزَّائِدُ عَلَى اسْتِعْلَامِ الْمَبِيعِ ؟ عَلَى تَرَدُّدٍ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : يُشْبِهُ مَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ وَقُلْنَا يَصِحُّ وَيَضْمَنُ النَّقْصَ ، فَإِنَّ فِي قَدْرِهِ وَجْهَيْنِ : هَلْ هُوَ بَيْنَ مَا بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ ؟ أَوْ بَيْنَ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ وَمَا لَا يَتَغَابَنُونَ ؟ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَكَالَةِ ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ فِيمَا إذَا ادَّعَى غَلَطَ الْخَارِصِ وَفَحَشَ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ ، كَبَيْضِ دَجَاجٍ ، رَجَعَ بِالثَّمَنِ ، وَعَنْهُ : لَا شَيْءَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ شَرْطِ سَلَامَتِهِ .
وَإِنْ اشْتَرَيَا شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ رَدُّ نَصِيبِهِ ، كَشَرْطِهِمَا الْخِيَارَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَكَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَعَنْهُ : لَا ، كَمَا لَوْ وَرِثَاهُ ، وَقِيَاسُ الْأَوَّلِ لِلْحَاضِرِ مِنْهُمَا نَقْدُ نِصْفِ ثَمَنِهِ وَقَبْضُ نِصْفِهِ ، وَإِنْ نَقَدَ كُلَّهُ قَبَضَ نِصْفَهُ ، وَفِي رُجُوعِهِ الرِّوَايَتَانِ ، ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيلَةِ وَغَيْرِهَا ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ : بِعْتُكُمَا ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : قَبِلْت ، جَازَ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِمُلَاقَاةِ فِعْلِهِ مِلْكُ غَيْرِهِ ، وَهُنَا لَاقَى فِعْلُهُ مِلْكَ نَفْسِهِ ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ وَقَالَ : لَيْسَتْ الشَّرِكَةُ عَيْبًا ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَشَرِكَةُ الْمُشْتَرِيَيْنِ زَالَتْ بِالرَّدِّ وَشَرِكَةُ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي حُكْمُ الرَّدِّ ، وَحُكْمُ الشَّيْءِ لَا يَسْبِقُهُ ، كَالْمَعْلُولِ لَا يَسْبِقُ عِلَّتَهُ ، وَالرَّدُّ وُضِعَ سَبَبًا لِنَقْلِ الْمِلْكِ ، فَلَا عِبْرَةَ بِحُصُولِ الشَّرِكَةِ بِهِ ضَرُورَةً ، كَفَوَاتِ الزَّوْجِيَّةِ بِقَتْلِ مَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ .
وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ أَوْ طَعَامًا فِي وِعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ صَفْقَةً ، فَوَجَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَبَى الْأَرْشَ ، فَعَنْهُ : يَرُدُّهُمَا ، وَعَنْهُ : وَأَحَدُهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنِهِ ، وَعَنْهُ : يَتَعَيَّنُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعِيبَيْنِ : وَلَا يَمْلِكُ رَدَّ صَحِيحٍ مُفْرَدًا وَلَا يَرُدُّ بَعْضَ شَيْءٍ ( م 9 وَ 10 ) وَإِنْ حَرُمَ التَّفْرِيقُ كَأَخَوَيْنِ ، أَوْ نَقَصَ كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ تَعَيَّنَ رَدُّهُمَا ، وَمِثْلُهُ بَيْعُ جَانٍ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ يُبَاعَانِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهُ ، وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي فِي قِيمَتِهِ ، فِي الْأَصَحِّ .
مَسْأَلَةٌ 9 وَ 10 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَطَعَامًا فِي وِعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ صَفْقَةً فَوَجَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَبَى الْأَرْشَ فَعَنْهُ : يَرُدُّهُمَا وَعَنْهُ : وَأَحَدُهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنِهِ ، وَعَنْهُ : يَتَعَيَّنُ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعِيبَيْنِ وَلَا يَمْلِكُ رَدَّ صَحِيحٍ مُفْرَدًا وَلَا رَدَّ بَعْضِ شَيْءٍ ، انْتَهَى اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا اشْتَرَى شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَوَجَدَهُمَا مَعِيبَيْنِ وَأَبَى الْأَرْشَ فَهَلْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَأَخْذُ أَرْشَ الْآخَرِ [ أَوْ ] أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ .
إحْدَاهُمَا لَيْسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) إذَا وَجَدَ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا فَهَلْ لَهُ رَدُّهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا أَمْ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْعَيْبِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
إحْدَاهُنَّ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا .
وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْعَيْبِ وَحْدَهُ ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوقِ الزِّرْيَرانِيَّةِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَهُ رَدُّ الْعَيْبِ وَحْدَهُ وَرَدُّهُمَا مَعًا ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَهُوَ الْأَصَحُّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْعَيْبِ فَقَطْ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ،
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي عَنَاهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ : " وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ " ، وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ فِي الْمُغْنِي وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبُ ، فَعَنْهُ : يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ ، وَعَنْهُ : الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ بِحَسَبِ جَوَابِهِ ( م 11 ) وَعَنْهُ : عَلَى الْعِلْمِ .
وَفِي الْإِيضَاحِ : يَتَحَالَفَانِ ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا قَوْلَ أَحَدِهِمَا قَبْلُ ، وَقِيلَ : بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ إلَى [ يَدِ ] غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرُدَّهُ ، نَقَلَهُ مُهَنَّا ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ إنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ الْمَرْدُودَ [ قَالَ فِي الْأَضْحَى هُنَا إنْ جَاءَ لِيَرُدَّ السِّلْعَةَ بِخِيَارٍ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا سِلْعَتَهُ فَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ فَسْخِ الْعَقْدِ وَالرَّدُّ فِي الْعَيْبِ بِخِلَافِهِ ]
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبُ ، فَعَنْهُ : يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ ، وَعَنْهُ : الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ بِحَسَبِ جَوَابِهِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ : يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، فِي الْأَظْهَرِ ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ، وَهِيَ أَنْصَفَهُمَا ، وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ .
وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ ، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ ، وَجْهًا وَاحِدًا ، لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِغَالُ ذِمَّةِ الْبَائِعِ ، وَلَمْ يَثْبُتْ بَرَاءَتُهَا ، انْتَهَى
وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الشَّرْطِ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنٍ [ مُعَيَّنٍ ] بِالْعَقْدِ ، وَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ ( م 12 )
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِالْعَقْدِ ، وَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثَابِتٍ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِنَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مُعَيَّنٍ حَالَ الْعَقْدِ ، وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ ، ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَبِهِ عَيْبٌ ، وَادَّعَى أَنَّهُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ ، وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى هَذَا الْعَيْبِ ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا .
وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ الْمُشْتَرِي ، أَوْ قَبَضَهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، مِمَّا هُوَ فِي ذِمَّتِهِ ، ثُمَّ اخْتَلَفَا كَذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ ، فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ أَوْ الْقَابِضِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخِرِ بَابِ الْقَرْضِ .
( أَحَدُهُمَا ) الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ، وَهُوَ الْقَابِضُ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ ، مَعَ يَمِينِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى قَوْلٌ مِنْ الظَّاهِرِ مَعَهُ ، وَالظَّاهِرُ مَعَ الْبَائِعِ ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مَعِيبٌ ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ ، جَزَمَ بِهِ السَّامِرِيُّ وَالزَّرِيرَانِيُّ فِي فَرُوقَيْهِمَا ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي بَابِ أَحْكَامِ الْقَبْضِ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي بَابِ السَّلَمِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : قَبْلَ الْقَرْضِ بِفَصْلٍ : وَلَوْ قَالَ الْمُسَلِّمُ : هَذَا الَّذِي أَقَبَضْتنِي وَهُوَ مَعِيبٌ ، فَأَنْكَرَ أَنَّهُ هَذَا ، قُدِّمَ قَوْلُ الْقَابِضِ ، انْتَهَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ ، وَهُوَ الدَّافِعُ ، لِأَنَّهُ قَدْ أَقْبَضَ فِي الظَّاهِرِ مَا عَلَيْهِ .
( تَنْبِيهٌ ) هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ .
وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ طَرِيقَةُ السَّامِرِيِّ وَالزَّرِيرَانِيِّ فِي فَرُوقَيْهِمَا ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ .
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْفَائِدَةِ السَّادِسَةِ : لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ : هَذَا الثَّمَنُ وَقَدْ خَرَجَ مَعِيبًا ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ، فَفِيهِ طَرِيقَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) إنْ قُلْنَا النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، وَهُوَ الدَّافِعُ ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ، وَإِنْ قُلْنَا لَا تَتَعَيَّنُ فَوَجْهَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا ، لِأَنَّهُ أَقْبَضَ فِي الظَّاهِرِ مَا عَلَيْهِ .
( وَالثَّانِي ) قَوْلُ الْقَابِضِ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ ، وَالْأَصْلُ اشْتِغَالُهَا بِهِ ، إلَّا أَنْ تَثْبُتَ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ ، وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ .
( وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ) إنْ قُلْنَا النُّقُودُ لَا تَتَعَيَّنُ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَجْهًا وَاحِدًا ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ اشْتِغَالُ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ ، وَلَمْ تَثْبُتْ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ ، وَإِنْ قُلْنَا تَتَعَيَّنُ فَوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِمَّا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ فِي السِّلْعَةِ : ( أَحَدُهُمَا ) الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلَامَةَ الْعَقْدِ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ، وَيَدَّعِي عَلَيْهِ ثُبُوتَ الْفَسْخِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ( وَالثَّانِي ) الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ ، لِأَنَّهُ مُنْكِرُ التَّسْلِيمَ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي تَعَالِيقِهِ ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا ، نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ .
وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ
الصَّرْفِ .
وَفَرَّقَ السَّامِرِيُّ فِي فُرُوقِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ وَقَعَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي ، لِمَا تَقَدَّمَ ، وَهَذَا فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْبَ أَنَّ مَالَهُ كَانَ مَعِيبًا .
أَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بِالْعَيْبِ ، فَقَدْ فَسَخَ صَاحِبُهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ، صَرَّحَ بِهِ فِي التَّفْلِيسِ ، فِي الْمُغْنِي ، مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْآخَرُ ، وَالْأَصْلُ مَعَهُ ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي يَدِهِ الْخِيَارُ إذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَبِيعُ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ ، وَقَدْ يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ هَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ؟ فِيهِ خِلَافٌ ، وَقَدْ يَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ .
وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْبَائِعِ مِمَّا يُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ ثُمَّ أَحْضَرَهَا فَأَنْكَرَ الْمُعْتَزِلَةُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُقَرَّ بِهَا ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفَوَائِدِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَتْ
وَلِبَائِعِ عَبْدٍ بِأَمَةٍ رَدُّهَا بِعَيْبٍ وَأَخْذُهُ عَبْدَهُ أَوْ قِيمَتَهُ لِعِتْقِ مُشْتَرٍ
يَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ ، كَوَلَّيْتُكَهُ أَوْ بِعْتُكَهُ ، بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ بِرَقْمِهِ الْمَعْلُومِ .
وَالشَّرِكَةُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ ، نَحْوَ أَشْرَكْتُك فِي ثُلُثِهِ وَنَحْوِهِ .
وَأَشْرَكْتُك يَنْصَرِفُ إلَى نِصْفِهِ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ .
فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قَالَهُ الْآخَرُ عَالِمًا بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ الرُّبْعُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْأَصَحُّ يَصِحُّ ، فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ ، وَقِيلَ : نِصْفَهُ ، وَقِيلَ : وَنِصْفَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ إنْ أُجِيزَ ، وَلَوْ قَالَ أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا فَفِي أَخْذِهِ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ احْتِمَالَانِ ( م 1 ) فَلَوْ شَرِكَهُ أَحَدُهُمَا فَنِصْفُ نَصِيبِهِ أَوْ ثُلُثُهُ .
بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قَالَهُ الْآخَرُ عَالِمًا " كَذَا فِي النُّسَخِ " وَصَوَابُهُ إنْ قَالَهُ لِآخَرَ عَالِمٌ ، أَوْ " قَالَهُ آخَرُ " وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ [ قَالَ ] أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا فَفِي أَخْذِهِ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ الثُّلُثُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ .
( وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي ) لَهُ النِّصْفُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
وَالْمُرَابَحَةُ بَيْعُهُ بِثَمَنِهِ وَرِبْحٍ مَعْلُومٍ ، وَإِنْ قَالَ : عَلَى أَنْ أَرْبَحَ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا ، كُرِهَ ، فِي الْمَنْصُوصِ .
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَاحْتَجَّ بِكَرَاهَةِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَنَقَلَ أَبُو النَّضْرِ : هُوَ الرِّبَا ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ ، وَنَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ .
كَأَنَّهُ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ لَا يَصِحُّ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : إنْ جَهِلَ مُشْتَرٍ ثَمَنَهُ عِنْدَ عَقْدِ لَمْ يَصِحَّ .
وَالْمُوَاضَعَةُ عَكْسُهَا ، وَيُكْرَهُ فِيهَا مَا يُكْرَهُ فِيهَا ، وَلَوْ قَالَ : الثَّمَنُ مِائَةٌ ، بِعْتُك بِهِ ، وَوَضِيعَةُ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ حَطَّ مِنْ الثَّمَنِ عَشَرَةً فَيَلْزَمُهُ تِسْعُونَ ، وَقِيلَ : مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ، كَعَنْ كُلٍّ ، وَلِكُلٍّ .
وَقِيلَ : تِسْعُونَ وَتِسْعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ ، وَحَكَاهُ الْأَزَجِيُّ رِوَايَةً ، وَيُعْتَبَرُ لِلْأَرْبَعَةِ عِلْمُهُمَا بِرَأْسِ الْمَالِ ، وَمَتَى بَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ حَطَّ الزِّيَادَةَ ، وَيَحُطُّ فِي الْمُرَابَحَةِ قِسْطَهَا ، وَيُنْقِصُهُ فِي الْمُوَاضَعَةِ ، أَوْ بَانَ مُؤَجَّلًا أَخَذَ بِهِ مُؤَجَّلًا ، وَلَا خِيَارَ فِيهِنَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَعَنْهُ : فِي مُؤَجَّلٍ يَأْخُذُ بِهِ حَالًّا أَوْ يَفْسَخُ .
وَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْغَلَطَ وَأَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرُ مِمَّا أَخْبَرَ ، فَعَنْهُ : يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، فَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ ، وَلَهُ يَمِينُ بَائِعٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الْبَيْعِ أَنَّ شِرَاءَهَا أَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : قَوْلٌ مَعْرُوفٌ يَصْدُقُ ، وَعَنْهُ : بِبَيِّنَةٍ ، وَعَنْهُ : لَا ( م 2 ) وَلَا يَحْلِفُ مُشْتَرٍ بِدَعْوَى بَائِعٍ عَلَيْهِ عَلِمَ الْغَلَطَ ، وَخَالَفَ الشَّيْخُ ، وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِهَا عَالِمًا [ بِهِ ] لَزِمَهُ ، وَخَرَّجَهُ الْأَزَجِيُّ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْغَلَطَ ، وَأَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرُ مِمَّا أَخْبَرَ ، فَعَنْهُ : يَقْبَلُ قَوْلَهُ ، اخْتَارَهُ ، الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي .
وَعَنْهُ : قَوْلٌ مَعْرُوفٌ بِصِدْقٍ ، وَعَنْهُ : بِبَيِّنَةٍ ، وَعَنْهُ : لَا ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيّ .
( إحْدَاهُنَّ ) يُقْبَلُ قَوْلَ الْبَائِعِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَهُوَ الْقِيَاسُ .
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُقْبَلُ قَوْلُ مَعْرُوفٍ بِالصِّدْقِ ، وَإِلَّا فَلَا ( قُلْت ) : وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ ) لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَقَدَّمَاهُ وَنَصَرَاهُ وَحَمَلَ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَيْهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ ) لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ قَامَ بِبَيِّنَةٍ حَتَّى يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي ، وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّمَنِ ، وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ ، فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَإِنْ أَقَامَ بِبَيِّنَةٍ لِإِقْرَارِهَا بِكَذِبِهَا .
وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ أَوْ مِمَّنْ حَابَاهُ أَوْ أَرَادَ بَيْعَ الصَّفْقَةِ بِقِسْطِهَا مِنْ الثَّمَنِ [ قِيمَةٌ ] بَيَّنَ فِي تَخْيِيرِ الثَّمَنِ ، فَإِنْ كَتَمَ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ مِمَّا اشْتَرَيَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ مُرَابَحَةً مُطْلَقًا ، وَعَنْهُ عَكْسُهُ .
وَهَلْ يُخْبِرُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ يَحُطُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) ، وَكَذَا [ أَرْشُ ] جِنَايَةٍ عَلَيْهِ ( م 4 ) ، وَقِيلَ : لَا يَحُطُّهَا .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُخْبِرُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ يَحُطُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا الشَّارِحُ : أَحَدُهُمَا ) يُخْبِرُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ ، يَعْنِي يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَقَالَ : هُوَ أَوْلَى ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْفُصُولِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحُطُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي .
وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ ( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَكَذَا أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ يَعْنِي فِيهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهُ ، يَعْنِي فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى الْمُصْطَلَحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَقَالَ هُوَ أَوْلَى وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَانْتَصَرَ لَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ الْمُنَوِّرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحُطُّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، قَالَهُ الشَّارِحُ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ .
وَإِنْ أَخَذَ نَمَاءً أَوْ اسْتَخْدَمَ أَوْ وَطِئَ [ لَمْ ] يَجِبْ بَيَانُهُ ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ كَنَقْصِهِ ، وَفِي رُخْصِهِ احْتِمَالٌ : يُبَيِّنُهُ ؛
وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَقَصَّرَهُ لَا بِنَفْسِهِ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِهِ .
وَلَا يَجُوزُ : تَحَصُّلٌ بِعِشْرِينَ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَمِثْلُهُ أُجْرَةُ مَتَاعِهِ وَكِيلِهِ وَوَزْنِهِ ، قَالَ الْأَزَجِيُّ : وَعَلَفُ الدَّابَّةِ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ : لَا ، قَالَ أَحْمَدُ : إذَا بَيَّنَ فَلَا بَأْسَ ، وَلَا يُقَوِّمُهُ ثُمَّ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً ، وَبَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَسْهَلُ مِنْهُ ، لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ .
وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِعَشَرَةٍ أَوْ بِالْحَالِّ ، وَنَصُّهُ : يَحُطُّ الرِّبْحَ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي وَيُخْبِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَخْبَرَ بِالْحَالِّ .
وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ بَيَّنَ وَلَمْ يَضُمَّ خَسَارَةً إلَى ثَمَنٍ ثَانٍ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِعَشْرَةٍ أَوْ بِالْحَالِّ ، وَنَصُّهُ : يَحُطُّ الرِّبْحَ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي وَيُخْبِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ .
انْتَهَى .
مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ .
قَالَ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ : اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا .
وَلَوْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ لِرَغْبَةٍ تَخُصُّهُ كَحَاجَةٍ إلَى إرْضَاعٍ لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِالْحَالِّ ، وَيَصِيرُ كَالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ غَالٍ لِأَجْلِ الْمَوْسِمِ الَّذِي كَانَ حَالَ الشِّرَاءِ ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ .
وَلَوْ اشْتَرَى ثِيَابًا وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى قَصَّارٍ وَأَنْ يَرْقُمَ ثَمَنَهَا عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يَرْقُمَهَا بِنَفْسِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا صَنَعَ الْقَصَّارُ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ ، وَزِيَادَةُ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ وَنَقْصُهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ : وَأَجَلٍ أَوْ خِيَارٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ يَلْحَقُ ، وَقِيلَ : لَا ، وَبَعْدَهُمَا لَا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ .
وَهِبَةُ مُشْتَرٍ لِوَكِيلٍ بَاعَهُ كَزِيَادَةٍ ، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ ، وَإِنْ بَاعَا شَيْئًا مُرَابَحَةً فَثَمَنُهُ بِحَسَبِ مِلْكِهِمَا ، كَمُسَاوَمَةٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ وَحَنْبَلٌ : عَلَى رَأْسِ مَالَيْهِمَا وَخَرَّجَ أَبُو بَكْرٍ مِثْلَهُ فِي مُسَاوَمَةٍ كَشَرِكَةِ اخْتِلَاطٍ ، وَعَنْهُ : لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسُ مَالِهِ وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ .
وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ ، فَتَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَلَا اسْتِبْرَاءَ قَبْلَهُ وَبَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ ، لَا مِنْ وَارِثِهِ ، وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ كَيْلٍ وَوَزْنٍ ، وَلَا شُفْعَةَ ، وَيُعْتَبَرُ مِثْلُ الثَّمَنِ ، وَعَنْهُ : بَيْعٌ ، اخْتَارَهُ [ أَبُو بَكْرٍ ] فِي التَّنْبِيهِ فَيَنْعَكِسُ ذَلِكَ إلَّا مِثْلَ الثَّمَنِ فِي وَجْهٍ وَفِي الِانْتِصَارِ : وَقَبْلَ قَبْضِهِ ، لِعَدَمِ تَعَلُّقِ غَيْرِهِ بِهِ ، وَفِيهِ : يَصِحُّ فِي احْتِمَالٍ بِإِضَافَتِهَا إلَى جُزْءٍ كَالْيَدِ إنْ قِيلَ فَسْخٌ ، وَيَصِحُّ مَعَ تَلَفِ الثَّمَنِ .
( الثَّانِي ) فِي قَوْلِهِ : وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ فَتَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ قَبْلَهُ .
أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ ، نَظَرًا لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ أَمَتَهُ أَوْ وَهَبَهَا وَنَحْوَهُ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا ، حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ ، وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ : وَلَا اسْتِبْرَاءَ بِفَسْخٍ وَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ ، وَإِلَّا لَزِمَ ، وَعَنْهُ : إنْ قَبَضَتْ مِنْهُ ، انْتَهَى .
فَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْمَذْهَبُ ، بَلْ الْمَذْهَبُ كَمَا قُلْنَا ، وَحَمَلَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ بَعْدُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ ، بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهَا فَسْخٌ : وَعَنْهُ : بَيْعٌ ، اخْتَارَهُ فِي التَّنْبِيهِ ، فَيَنْعَكِسُ ذَلِكَ إلَّا مِثْلَ الثَّمَنِ فِي وَجْهٍ ، انْتَهَى .
ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُقَدَّمَ إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ تَجُوزُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مِثْلِ الثَّمَنِ ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ إلَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ .
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ .
وَفِي تَلَفِ الْمُثَمَّنِ إنْ قِيلَ فَسْخٌ وَجْهَانِ ( م 5 ) وَفَارَقَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ مَرْدُودًا .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخُ النَّمَاءِ لِلْبَائِعِ مَعَ ذِكْرِهِمَا أَنَّ نَمَاءَ الْمَعِيبِ لِلْمُشْتَرِي ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ حِينِهِ ، وَهَذَا أَظْهَرُ ، وَإِنْ قَالَ : أَقِلْنِي .
ثُمَّ غَابَ فَأَقَالَهُ ، لَمْ يَصِحَّ ، لِاعْتِبَارِ رِضَاهُ ، وَقَدَّمَ فِي الِانْتِصَارِ : يَصِحُّ عَلَى الْفَوْرِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي غَزْلٍ وَكِيلٍ : الْإِقَالَةُ لَمَّا افْتَقَرَتْ إلَى الرِّضَا وَقَفَتْ عَلَى الْعِلْمِ ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي الِانْتِصَارِ لَا تَلْزَمُ مُشْتَرِيًا ، وَتَبْقَى بِيَدِهِ أَمَانَةً ، كَوَدِيعَةٍ .
وَفِي التَّعْلِيقِ : يَضْمَنُهُ ، فَيَتَوَجَّهُ : تَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَعِيبٍ ، وَفِي ضَمَانِهِ النَّقْصَ خِلَافٌ فِي الْمَعْنَى ، وَإِنْ قِيلَ الْإِقَالَةُ بَيْعٌ يَتَوَجَّهُ عَلَى مُشْتَرٍ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ]
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ فِي الْإِقَالَةِ : وَيَصِحُّ مَعَ تَلَفِ الثَّمَنِ ، وَفِي تَلَفِ الْمُثَمَّنِ إنْ قِيلَ فَسْخٌ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : إذَا كَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا فَفِي جَوَازِ الْإِقَالَةِ مَعَ كَوْنِهَا فَسْخًا وَجْهَانِ ، أَصْلُهُمَا الرِّوَايَتَانِ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ الْخِيَارُ ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يَبْطُلُ الْخِيَارُ أَمْ لَا ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالتَّلَفِ ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْفَوَائِدِ : لَوْ تَلِفَتْ السِّلْعَةُ فَقِيلَ : لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، وَقِيلَ إنْ قِيلَ هِيَ فَسْخٌ صَحَّتْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ .
قَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ : هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ .
وَفِي التَّلْخِيصِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا بَعْدَ التَّلَفِ إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ .
وَتَابَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى : قُلْت : وَتَصِحُّ مَعَ تَلَفِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَاءِ الْمُثَمَّنِ .
فَتُلَخَّصُ أَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ تَلَفِ الْمُثَمَّنِ إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ : إنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ .
وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي : لَا تَصِحُّ .
وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ .
فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .
إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٍ صُورَةً ، وَكَذَا حُكْمًا ، لِسَمَاعِ بَيِّنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : وَلَا تُسْمَعُ إلَّا بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي ، بِاتِّفَاقِنَا ، فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَهُ إلَّا بِكَذَا ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا بِكَذَا ، وَالْأَشْهَرُ يَذْكُرُ كُلٌّ مِنْهُمَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا ، يَبْدَأُ بِالنَّفْيِ ، وَعَنْهُ : الْإِثْبَاتُ ، ثُمَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ ، وَقِيلَ : يَفْسَخُهُ حَاكِمٌ مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ .
وَمَنْ نَكَلَ قَالَ بَعْضُهُمْ : أَوْ نَكَلَ مُشْتَرٍ عَنْ إثْبَاتٍ قُضِيَ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : يُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ مَعَ يَمِينِهِ ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ الْمَنْصُوصِ ، كَاخْتِلَافِهِمَا بَعْدَ قَبْضِهِ ، وَفَسْخِ الْعَقْدِ ، فِي الْمَنْصُوصِ وَعَنْهُ مُشْتَرٍ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : قَوْلَ الْبَائِعِ أَوْ يَتَرَادَّانِ ، قِيلَ : فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً ؟ قَالَ : كَذَلِكَ ، وَإِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، وَقِيلَ : مَعَ ظُلْمِ الْبَائِعِ ظَاهِرًا ، وَقِيلَ : وَبَاطِنًا فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ .
وَمَنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ بِمَنْزِلَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا فَعَنْهُ : يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، وَعَنْهُ : يَتَحَالَفَانِ ( م 1 ) وَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا نَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَفِي قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ ، وَإِنْ تَعَيَّبَ ضَمَّ أَرْشَهُ إلَيْهِ ، وَكَذَا كُلُّ غَارِمٍ ، وَقِيلَ : وَلَوْ وَصَفَهُ بِعَيْبٍ ، كَمَا لَوْ ثَبَتَ الْعَيْبُ فَادَّعَى غَاصِبُهُ تَقَدُّمَهُ عَلَى غَصْبِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي كِتَابِهِ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ : يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي صِفَتِهِ وَفِي رَدِّهِ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : يُقَدَّمُ قَوْلُ مُعِيرٍ فِيهِمَا ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ : يُصَدَّقُ غَاصِبٌ فِي قِيمَةٍ وَصِفَةٍ وَتَلَفٍ ، وَعَمِلَ شَيْخُنَا بِالِاجْتِهَادِ فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفِ ،
فَتُخْرَصُ الصُّبْرَةُ ، وَاعْتُبِرَ فِي مُزَارِعٍ أَتْلَفَ مُغَلِّ سَنَتَيْنِ بِالسِّنِينَ الْمُعْتَدِلَةِ ، وَفِي رِبْحِ مُضَارِبٍ بِشِرَاءِ رُفْقَتِهِ مِنْ نَوْعِ مَتَاعِهِ وَبَيْعِهِمْ فِي مِثْلِ سِعْرِهِ .
بَابُ الْخِيَارِ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا فَعَنْهُ : يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، وَعَنْهُ : يَتَحَالَفَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَتَحَالَفَانِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ التَّحَالُفُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هُوَ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا أَوْلَى ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَتَحَالَفَانِ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هِيَ أَتَقْنُهُمَا .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَمِنْ تَابَعَهُمَا : يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْرَعَ التَّحَالُفُ وَلَا الْفَسْخُ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ ، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِهِ الرُّجُوعُ إلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَلَا فَائِدَةَ لِلْبَائِعِ فِي الْفَسْخِ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُشْرَعَ لَهُ الْيَمِينُ وَلَا الْفَسْخُ ، لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشْرَعَ لِتَحْصِيلِ الْفَائِدَةِ لِلْمُشْتَرِي ، انْتَهَى .
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ ثُمَّ غَالَبُهُ ، وَعَنْهُ : الْوَسَطُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَعَنْهُ : الْأَقَلُّ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَيَتَحَالَفَانِ
( تَنْبِيهَانِ ) : ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ ثُمَّ غَالَبَهُ ، وَعَنْهُ : الْوَسَطُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَعَنْهُ : الْأَقَلُّ ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : فِي حِكَايَتِهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ نَظَرَ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ النُّقُودُ وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا ، بَلْ مَتَى كَانَ بَعْضُهَا أَغْلَبَ رَوَاجًا تَعَيَّنَ إذَا لَمْ نَقُلْ بِالتَّحَالُفِ ، وَإِنْ اسْتَوَتْ فِي الرَّوَاجِ أُخِذَ الْوَسَطُ ، أَيْ فِي الْقِيمَةِ ، وَعَنْهُ : الْأَقَلُّ ، أَيْ قِيمَةً ، انْتَهَى .
مَا قَالَهُ الْمُحَشِّي مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ، لَكِنْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقُودُ مُخْتَلِفَةٌ رُجِعَ إلَى أَوْسَطِهَا ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ : نَصَّ عَلَيْهِ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَى الرِّوَايَةَ مِنْ هُنَا ، لَكِنْ قَالَ فِي الْمُغْنِي لَمَّا ذَكَرَ النَّصَّ : يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا كَانَ هُوَ الْأَغْلَبُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ أَكْثَرُ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَدَّهُمَا إلَيْهِ مَعَ التَّسَاوِي ، انْتَهَى .
إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ مَا قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ : إجْرَاءٌ عَلَى ظَاهِرِهِ ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَقْدٌ غَالِبٌ ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَتَحَالَفَانِ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَحَالُفُهُمَا مَعَ الرُّجُوعِ إلَى الْغَالِبِ أَوْ الْوَسَطِ أَوْ الْأَقَلِّ ، وَلَمْ أَجِدْ بِذَلِكَ قَائِلًا ، وَلَا هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَقُولُ بِالرُّجُوعِ إلَى شَيْءٍ مِنْ النُّقُودِ لَا يَرَى التَّحَالُفَ ، بَلْ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِقَوْلِهِ ، انْتَهَى .
وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَقْصًا وَزِيَادَةً ،
وَتَقْدِيرُهُ : " وَقَالَ الْقَاضِي : يَتَحَالَفَانِ " فَقَالُوا : وَفِي قَوْلِهِ : " وَيَتَحَالَفَانِ " [ الْوَاوُ ] زَائِدَةٌ وَنَقْصٌ قَبْلَ " قَالَ " الْوَاوُ ، وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ .
وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَبِهَذَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ قَدْرِ ذَلِكَ فَعَنْهُ : التَّحَالُفُ ، وَعَنْهُ : قَوْلُ مُنْكِرِهِ ، كَمُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ ( م 2 - 4 ) نَصَّ عَلَيْهِ ، فِي دَعْوَى عَبْدٍ عُدِمَ الْإِذْنُ وَدَعْوَى الصِّغَرِ .
وَفِيهِ وَجْهٌ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : فِي مُدِّ عَجْوَةٍ لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْبَائِعِ مُدَّعِي فَسَادَهُ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ قَدْرِ ذَلِكَ فَعَنْهُ : التَّحَالُفُ ، وَعَنْهُ : قَوْلُ مُنْكَرِهِ كَمُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ ، انْتَهَى ذَكَرَ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ أَوْ يَتَحَالَفَانِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) يَتَحَالَفَانِ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : يُقَدَّمُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِي أَجَلًا وَشَرْطًا ، عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْهَادِي ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ فَاسِدٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ لِلْعَقْدِ فَهَلْ يَتَحَالَفَانِ أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيه ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ ( أَحَدُهُمَا ) الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَجَزَمَ بِهِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّارِحُ أَوْ قَدَّمَهُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَتَحَالَفَانِ ( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ) قَوْلُهُ : أَوْ قَدْرُ ذَلِكَ ، لَعَلَّ مُرَادَهُ قَدْرُ الْأَجَلِ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى هَذَا ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ لَفْظَ " أَوْ أَجَلُ " سَقَطَ مِنْ الْكَاتِبِ بَعْدَ قَوْلِهِ " أَوْ فَاسِدٍ " وَيَدُلُّ
عَلَيْهِ قَوْلُهُ " أَوْ قَدْرُ ذَلِكَ " وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ ذَلِكَ عَقِيبَهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ أَوْ قَدْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِشَارَةُ رَاجِعَةً إلَى الشَّرْطِ الصَّحِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ .
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ فَنَصُّهُ : قَوْلُ بَائِعٍ ، وَقِيلَ : بِتَحَالُفِهِمَا ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا ، كَثَمَنِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا ، وَفِي عَيْنِهِ قِيلَ كَذَلِكَ ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : قَوْلُ الْبَائِعِ ، وَقِيلَ : بِالتَّحَالُفِ ( م 5 و 6 )
( مَسْأَلَةٌ 5 و 6 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ فَنَصُّهُ : قَوْلُ الْبَائِعِ ، وَقِيلَ : يَتَحَالَفَانِ ، وَفِي عَيْنِهِ قِيلَ كَذَلِكَ ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ قَوْلُ الْبَائِعِ ، وَقِيلَ بِالتَّحَالُفِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ يَتَحَالَفَانِ ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ ( أَحَدُهُمَا ) الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ ، مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يَتَحَالَفَانِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا .
قَالَ الشَّارِحُ : هَذَا أَقْيَسُ وَأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ هَذَا أَقْيَسُ ، قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ فِي بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَفِي بَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ : إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ الْبَيْعِ تَحَالَفَا ، ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي التَّلْخِيصِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) إذَا اخْتَلَفَا فِي عَيْنِهِ بِأَنْ قَالَ : بِعْتنِي هَذَا ؟ قَالَ : بَلْ هَذَا ، فَهَلْ هِيَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ يَتَحَالَفَانِ ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِيهِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَتَحَالَفَانِ هُنَا وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) وَهُوَ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا هُوَ
الطَّرِيقُ الثَّانِي ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
ثُمَّ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مَبِيعًا إنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي الْمُنْتَخَبِ : لَا يُرَدُّ إلَيْهِ .
وَفِي الْمُغْنِي : يُرَدُّ ، كَمَا لَوْ لَمْ يَدَّعِهِ ، قَالَ : وَلَا يَطْلُبُهُ الْبَائِعُ إنْ بَذَلَ ثَمَنَهُ ( م 7 ) وَإِلَّا فُسِخَ ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي بَيْعَ الْأَمَةِ لَمْ يَطَأْهَا الْبَائِعُ هِيَ مِلْكٌ لِذَلِكَ ، نَقَلَهُ جَعْفَرٌ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِجُحُودِهِ ، وَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ خِلَافٌ خَرَّجَهُ فِي النِّهَايَةِ مِنْ الطَّلَاقِ ، وَلَوْ ادَّعَى الْبَيْعَ وَدَفَعَ ثَمَنَهَا قَالَ بَلْ زَوَّجْتُك وَقَبَضْت الْمَهْرَ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى إبَاحَةِ الْفَرْجِ لَهُ ، وَيَقْبَلُ دَعْوَى النِّكَاحِ بِيَمِينِهِ ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلًا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْبَيْعَ بِيَمِينِهِ ، وَيَأْتِي عَكْسُهَا فِي أَوَائِلِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ ، وَذَكَرَهَا الشَّيْخُ أَوَاخِرَ إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : ثُمَّ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مَبِيعًا يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِالتَّحَالُفِ وَتَحَالَفَا فَمَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مَبِيعًا إنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي الْمُنْتَخَبِ لَا يُرَدُّ .
وَفِي الْمُغْنِي يُرَدُّ كَمَا لَوْ لَمْ يَدَّعِهِ ، قَالَ : وَلَا يَطْلُبُهُ إنْ بَذَلَ ثَمَنَهُ ، انْتَهَى ، مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي هُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ ( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي : لَا بَلْ هَذَا الثَّوْبُ ، وَتَحَالَفَا ، وَالْعَبْدُ بِيَدِ بَائِعِهِ ، لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ ثَمَنَهُ فَيَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَهُ وَيُقِرَّ الثَّوْبَ بِيَدِهِ وَيَرُدَّ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ ( قُلْت ) وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَخْذُ الْعَبْدِ بِهِ ، انْتَهَى .
وَإِنْ تَشَاحَّا فِي التَّسْلِيمِ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ جُعِلَ بَيْنَهُمَا عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ ثُمَّ الثَّمَنَ ، وَقِيلَ : مَعًا ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَقِيلَ : أَيُّهُمَا تَلْزَمُهُ الْبُدَاءَةَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، وَعَنْهُ : الْبَائِعُ ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَنَصُّهُ : لَا يَحْبِسُ الْمَبِيعَ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا ، وَخَالَفَ الشَّيْخُ ، وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ ( م 8 ) وَإِنْ [ كَانَ ] عَرَضًا بِعَرَضٍ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْبَائِعِ ، بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : يَثْبُتُ شَرْعًا لَا شَرْطًا ، وَفِيهِ : يَضْمَنُ نَفْعَهُ ، وَمَنْ سَلَّمَهُ قَالَ .
إنْ دَخَلَ فِي ضَمَانِ مُشْتَرٍ ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَنَصُّهُ : لَا يَحْبِسُ الْمَبِيعَ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَخَالَفَ الشَّيْخُ ، وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، [ انْتَهَى ] الْمَنْصُوصُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَتَابَعَ الشَّيْخُ جَمَاعَةٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ .
وَإِذَا ظَهَرَ عُسْرُ مُشْتَرٍ قَالَ شَيْخُنَا : أَوْ مَطْلُهُ فَلَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ ، كَمُفْلِسٍ وَكَمَبِيعٍ نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ : لَا يَكُونُ مُفْلِسًا إلَّا أَنْ يُفَلِّسَهُ الْقَاضِي أَوْ يَبِينُ أَمْرُهُ فِي النَّاسِ ، وَطَلَبَ الْبَائِعُ مَا بَاعَ فَلَهُ ذَلِكَ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ : إنْ قَبَضَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَلَهُ الْفَسْخُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ شُرُوطَ الْمُفْلِسِ ، قَالَ : وَإِنْ قَارَنَ الْإِفْلَاسَ الْعَقْدُ وَلَمْ يُعْلَمْ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنْ سَلَّمَ فَهُوَ كَالْكِتَابَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا ، وَلَهُ الْفَسْخُ دَوَامًا ، فَلَوْ اشْتَرَى حَالَ الْحَجْرِ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنْ سَلَّمَ فَرُبَّمَا حَدَثَ بِهِ قُدْرَةٌ وَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْحَجْرِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهَا ، وَإِنْ غَيَّبَ مَالَهُ مَسَافَةَ قَصْرٍ ، وَقِيلَ : وَدُونَهَا ، وَقِيلَ : فِيهَا ، يُحْجَرُ عَلَيْهِ ، فَلَهُ الْفَسْخُ ، وَإِنْ أَحْضَرَ نِصْفَ ثَمَنِهِ فَقِيلَ : يَأْخُذُ الْمَبِيعَ ، وَقِيلَ : نِصْفَهُ ( م 9 ) وَقِيلَ : لَا يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَةً بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ مَعَ خِيَارِ شَرْطٍ ، وَمِثْلُهُ الْمُؤَجَّرُ بِالنَّقْدِ فِي الْحَالِّ ، وَلَهُ الْفَسْخُ لِلْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَحْضَرَ نِصْفَ ثَمَنِهِ فَقِيلَ : يَأْخُذُ الْمَبِيعُ ، وَقِيلَ : نِصْفَهُ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : لَوْ أَحْضَرَ نِصْفَ الثَّمَنِ فَهَلْ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ كُلَّهُ ؟ أَوْ نِصْفَهُ ؟ أَوْ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا حَتَّى يَزِنَ الْبَاقِي ؟ أَوْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا ، انْتَهَى ( قُلْت ) : أَخْذُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ ، وَأَخْذُ النِّصْفِ فِيهِ أَيْضًا ضَرَرٌ بِالتَّشْقِيصِ ، فَالْأَظْهَرُ إذَنْ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَكْمُلَ الثَّمَنُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ بِالْخِيرَةِ فِي دَفْعِ نِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي مَعَهُ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ حَتَّى يُكَمِّلَهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْأَخْذِ أَخْذُ النِّصْفِ أَصَحُّ مِنْ أَخْذِ الْكُلِّ ، لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) إطْلَاقُ الْخِلَافِ ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ مِنْ ابْنِ حَمْدَانَ ، فَلَيْسَ هُنَا اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ حَتَّى يُطْلَقَ الْخِلَافُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ .
( الثَّانِي ) أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ ، بَلْ تَرَكَ مَا هُوَ أَصَحُّ مِمَّا ذَكَرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ
مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ ، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ : الْمَطْعُومُ مِنْهُمَا وَعَنْهُ : الْمَطْعُومُ ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ : أَوْ عَدَدٌ ، وَالْمَشْهُورُ : أَوْ ذَرْعٌ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ ( و ) وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ( عِ ) وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ لَا فِي مَسْأَلَةِ نَقْلِ الْمِلْكِ زَمَنَ الْخِيَارِ ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : مِلْكُ الْبَائِعِ فِيهِ قَائِمٌ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الْمُشْتَرِي ، وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ ابْنُ مُشَيْشٍ وَغَيْرُهُ ، وَيَلْزَمُ بِالْعَقْدِ ، وَقِيلَ : فِي قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةٍ يَقْبِضهُ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ ، وَلِهَذَا نَقُولُ : لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكِيلَا أَوْ يَزِنَا ، كَذَا قَالَ .
فَيُتَّجَهُ إذًا فِي نَقْلِ الْمِلْكِ رِوَايَتَا الْخِيَارِ ، قَالَ : وَلَا يُحِيلُ بِهِ قَبْلَهُ .
وَإِنْ غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ كَهُمَا ، فِي رِوَايَةٍ ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا بِإِجَارَةٍ قَبْلَ قَبْضِهِ ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ مِنْ بَائِعِهِ ، وَفِي رَهْنِهِ وَهِبَتِهِ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَيَصِحُّ عِتْقُهُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا [ ( عِ ) ] قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ : وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَالْخُلْعُ عَلَيْهِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ : وَتَزْوِيجِهِ ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا التَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ ، وَخَرَّجَهُ مِنْ بَيْعِ دَيْنٍ ، وَجَوَّزَ التَّصَرُّفَ بِغَيْرِ بَيْعٍ وَبَيْعِهِ لِبَائِعِهِ ، وَيَجْعَلُ عِلَّةَ النَّهْيِ تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ ، بَلْ عَجْزُهُ عَنْ تَسْلِيمِهِ ، لِسَعْيِ بَائِعه فِي فَسْخِهِ مَعَ الرِّبْحِ أَوْ أَدَّاهُ إنْ لَمْ يَسْعَ لِدَيْنِهِ .
بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الْبَيْعِ وَتَلَفِهِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي رَهْنِهِ وَهِبَتِهِ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَهَلْ يَصِحُّ رَهْنُهُ وَهِبَتُهُ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ أَمْ لَا ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ : أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَ فِي الْكَافِي فِي الْهِبَةِ : وَلَا يَجُوزُ هِبَةُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ فِي الرَّهْنِ حَيْثُ قَالَ : وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمَبِيعِ غَيْرُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : ذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ .
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ : قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ : لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا إجَارَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ ، وَقَطَعَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ فِيهِمَا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ .
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ أَيْضًا وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ قُبِضَ صَحَّ رَهْنُهُ .
وَنُقِلَ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْقَاضِيَ وَابْنَ عَقِيلٍ ذَكَرَا فِي الرَّهْنِ : أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا : يَصِحُّ رَهْنُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ، انْتَهَى .
وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ صِحَّةُ رَهْنِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَذَكَرُوا ذَلِكَ فِي بَابِ الرَّهْنِ ، وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهٌ آخَرُ بِجَوَازِ رَهْنِهِ عَلَى غَيْرِ ثَمَنِهِ ، نَقَلَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ :
وَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا قَدْرَهُ جَازَ ، وَفِي الْمَكِيلِ رِوَايَتَانِ ( م 2 ) ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ شَاهَدَ كَيْلَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي شِرَائِهِ بِلَا كَيْلٍ ثَانٍ ، وَخَصَّهُمَا فِي التَّلْخِيصِ [ بِالْمَجْلِسِ ] وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ .
و [ أَنَّ ] الْمَوْزُونَ مِثْلُهُ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ : إنْ لَمْ يَحْضُرْ هَذَا الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ فَلَا إلَّا بِكَيْلٍ .
وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ : وَيُفَرِّغُهُ مِنْ الْمِكْيَالِ ثُمَّ يَكِيلُهُ ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ بِكَيْلِهِ ثُمَّ بَاعَهُ بِهِ لَمْ يَجُزْ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَكَذَا جُزَافًا ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَالْمَبِيعُ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ كَذَلِكَ ، وَمَا عَدَاهُ كَعَبْدٍ وَصُبْرَةٍ وَشَبَهِهَا فَالْمَذْهَبُ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ ، كَأَخْذِهِ شُفْعَةً ، وَعَنْهُ : إنْ لَمْ يَكُنْ صُبْرَةَ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ ، وَعَنْهُ : إنْ لَمْ يَكُنْ مَطْعُومًا ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رِوَايَةٌ يَجُوزُ فِي الْعَقَارِ فَقَطْ ، وَعَنْهُ : لَا ، مُطْلَقًا ، وَلَوْ ضَمِنَهُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا وَجَعَلَهَا طَرِيقَةَ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَأَنَّ عَلَيْهِ تَدُلُّ أُصُولُ أَحْمَدَ ، لِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَرَةِ وَالْمُسْتَأْجَرِ فِي الْعَيْنِ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُمَا وَعَكْسُهُ كَالصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا [ لَوْ ] شَرَطَ قَبْضَهُ ، لِصِحَّتِهِ كَسَلَمٍ وَصَرْفٍ ، وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ : إنْ تَمَيَّزَ لَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ وَيَأْمُرُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : الْمُتَعَيِّنَانِ بِالصَّرْفِ قِيلَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ ، وَقِيلَ : لَا ، لِقَوْلِهِ : إلَّا هَاءٌ وَهَاءٌ ، وَمَا لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إذَا تَلِفَ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ ، وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ ، وَهَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي بَاقِيهِ أَوْ يَنْفَسِخُ ؟ فِيهِ رِوَايَتَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا قَدْرَهُ جَازَ ، وَفِي الْمَكِيلِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ شَاهَدَ كَيْلَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي شِرَائِهِ بِلَا كَيْلٍ ثَانٍ ، وَخَصَّهُمَا فِي التَّلْخِيصِ بِالْمَجْلِسِ ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ ، وَأَنَّ الْمَوْزُونَ مِثْلُهُ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ كَمَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَزَادَ : وَقِيلَ : إنْ رَأَى كَيْلَهُ فِي الْمَجْلِسِ .
انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَإِنْ تَقَابَضَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا قَدْرَهُ جَازَ .
وَعَنْهُ فِي الْمَكِيلِ لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ جُزَافًا ، انْتَهَى .
فَقُدِّمَ الْجَوَازُ فِي الْمَكِيلِ أَيْضًا .
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : وَإِنْ اشْتَرَى طَعَامًا مُكَايَلَةً لَا صُبْرَةً وَكَانَ قَدْ شَهِدَ كَيْلَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَصِحُّ قَبْضُهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا شَاهَدَ كَيْلَهُ فَهَلْ يَصِحُّ قَبْضُهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ وَيَكْفِي ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَعَنْهُ : إنْ رَأَى كَيْلَهُ فِي الْمَجْلِسِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَيْلٍ ثَانٍ ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ : لَوْ قَالَ أَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُهُ فَهَلْ يَجُوزُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ فِي الرَّهْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ بِالصِّحَّةِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَصَحَّحَ النَّاظِمُ عَدَمَ الصِّحَّةِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي ، وَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ
السَّلَمِ إذَا قَبَضَهُ جُزَافًا هَلْ تَكُونُ يَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ أَوْ يَضْمَنُهُ ؟ وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ .
وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَائِعُهُ أَوْ غَيْرُهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ ، وَلَهُ الْإِمْضَاءُ وَمُطَالَبَةُ الْمُتْلِفِ بِبَدَلِهِ ، فَفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِمِثْلِهِ ، نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ : بِقِيمَتِهِ ، وَمُرَادُهُمْ إلَّا الْمُحَرَّرُ بِبَدَلِهِ ، وَقِيلَ : إنْ أَتْلَفَهُ بَائِعُهُ انْفَسَخَ .
وَلَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ بِطَعَامٍ أَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ غَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَأَخَذَ مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ ، وَمَا جَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مِنْ ضَمَانِهِ إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْبَائِعُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَظَاهِرُهُ تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ أَوَّلًا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ .
وَقَالَ : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِهِ ، كَذَا قَالَ وَلَمْ أَجِدْ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوهُ ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ : إنَّهَا دَيْنٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهِ اسْتِهْلَاكُ الْمَالِ ، فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ ، كَبَعْدِ التَّمَكُّنِ ، وَكَدَيْنِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ ، وَعَكْسُهُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْهَالِكِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَفَقَةُ الْأَقَارِبِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ فِيهَا : مَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي ضَمَانِهِ إمْكَانَ الْأَدَاءِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي تَصَرُّفِهِ فِي صُبْرَةِ الْمَكِيلِ مَعَ ضَمَانِهِ لَهَا رِوَايَتَيْنِ ، وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكَيْلٍ وَقَبَضَهُ بِلَا كَيْلٍ ضَمِنَهُ مَعَ مَنْعِ تَصَرُّفِهِ ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ نَصَرَ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِي الْمُتَعَيِّنِ ، قَالَ : وَلَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ ، تَسْلِيمٌ بِإِزَاءِ تَسْلِيمٍ ، وَلَوْ أَفْلَسَ بِالثَّمَنِ ثَبَتَ الْفَسْخُ ، قَالَ : وَالزَّوَائِدُ الْحَادِثَةُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَبِقَدْرِ حُدُوثِهَا قُبَيْلَ الْعَقْدِ
قَالَ : وَلَا نُسَلِّمُ رَدَّهُ بِتَعَيُّبِهِ بِعَيْبٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ مُقَابَلَةُ تَسْلِيمٍ بِتَسْلِيمٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي بَقِيَّتِهِ وَلَوْ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ ، لِاسْتِقْرَارِهِ ، وَالثَّمَنُ الَّذِي لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ كَالْمُثَمَّنِ ، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ ، لِاسْتِقْرَارِهِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوَاهُ : اشْتَرَى شَاةً بِدِينَارٍ فَبَلَعَتْهُ إنْ قُلْنَا يَتَعَيَّنُ الدِّينَارُ بِالتَّعْيِينِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ هُنَا ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَنْفَسِخْ ، وَكُلُّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ ، كَبَيْعٍ ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ ، لِعَدَمِ قَصْدِ الرِّبْحِ ، وَمَا لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَعِتْقٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ قِيلَ : كَبَيْعٍ ، لَكِنْ يَجِبُ بِتَلَفِهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَلَا فَسْخَ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَهُمَا فَسْخَ نِكَاحٍ ، لِفَوْتِ بَعْضِ الْمَقْصُودِ ، كَعَيْبِ مَبِيعٍ ، وَقِيلَ : لَهُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ ( م 3 ) فَيَضْمَنُهُ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ : بَلْ ضَمَانُهُ كَبَيْعٍ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَمَا لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَعِتْقٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ قِيلَ : كَبَيْعٍ ، وَقِيلَ : لَهُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ ، انْتَهَى .
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَهْرِ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ ، وَرَدَّهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ .
وَإِنْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ قَبْضُهُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، بِلَا خَوْفٍ ، لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ ، كَمَبِيعٍ مَقْبُوضٍ ، وَكَوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا ، وَقِيلَ : وَصِيَّةٍ ، وَقِيلَ : وَإِرْثٍ كَبَيْعٍ .
وَفِي الْإِفْصَاحِ عَنْ أَحْمَدَ : مَنَعَ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي إرْثٍ وَغَيْرِهِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ مَنَعَ تَصَرُّفَهُ فِي غَنِيمَةٍ قَبْلَ قَبْضِهَا ( عِ ) وَيَأْتِي حُكْمُ قَرْضٍ وَعَارِيَّةٍ كَوَدِيعَةٍ ، وَيَضْمَنُهَا مُسْتَعِيرٌ .
وَقَبْضُ مَا يُنْقَلُ بِنَقْلِهِ ، وَمَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلِهِ ، وَالْعَقَارُ وَنَحْوُهُ بِتَخْلِيَتِهِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا : مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ ، وَمَا قُدِّرَ بِكَيْلٍ وَغَيْرِهِ بِتَوْفِيَتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ ، بِحُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ نَائِبِهِ ، وَنَصُّهُ : زَلْزَلَةُ الْمَكِيلِ مَكْرُوهَةٌ وَيَصِحُّ اسْتِنَابَةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقِيلَ : لَا قَبْضُهُ ، قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ظَرْفُهُ كَيَدِهِ ، بِدَلِيلِ تَنَازُعِهِمَا مَا فِيهِ ، وَقِيلَ : لَا ( وَ ش ) وَنَصُّ أَحْمَدَ : صِحَّةُ قَبْضِ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ ، وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ :
وَمَتَى قَبَضَهُ مُشْتَرٍ فَوَجَدَهُ زَائِدًا مَا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ أَعْلَمَهُ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : بِرَدِّهِ ، وَإِنْ قَبَضَهُ مُصَدِّقًا لِبَائِعِهِ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ بَرِئَ عَنْ عُهْدَتِهِ ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ ، لِفَسَادِهِ ، وَفِيهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ فَأَقَلَّ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَبَضَهُ مُصَدِّقًا لِبَائِعِهِ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ بَرِئَ عَنْ عُهْدَتِهِ ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِفَسَادِهِ ، وَفِيهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ فَأَقَلَّ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَمَا انْفَرَدَ بَائِعُهُ فِيهِ بِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ فَحَضَرَ الْمُشْتَرِي وَنَقَلَهُ مُصَدِّقًا لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ بِهَذَا الْقَبْضِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ نَقْصِهِ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَكَالَهَا لَهُ وَأَفْرَدَهَا بِغَيْرِ حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ خُذْ هَذَا حَقُّك فَقَبَضَهَا بِذَلِكَ مُصَدِّقًا لَهُ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ جُزَافٌ مَا اسْتَحَقَّ قَبْضَهُ كَيْلًا ، وَلَسْنَا نُرِيدُ بِقَوْلِنَا الْقَبْضُ فَاسِدٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الدَّافِعِ عَمَّا دَفَعَهُ ، وَإِنَّمَا نُرِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ نُقْصَانِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِذَلِكَ الْقَبْضِ ، انْتَهَى .
وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ عِنْدَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الصُّبْرَةِ .
وَمُؤْنَةُ تَوْفِيَةِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى بَاذِلِهِ .
وَفِي النِّهَايَةِ : أُجْرَةُ نَقْلِهِ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ عَلَيْهِ وَمُؤْنَةُ الْمُتَعَيَّنِ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ قُلْنَا كَمَقْبُوضٍ ، وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، قَالَ : لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَا يَضْمَنُ النَّقَّادُ خَطَأً ، فِي الْمَنْصُوصِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَفِي النِّهَايَةِ أُجْرَةُ نَقْلِهِ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ عَلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : لَعَلَّهُ : بَعْدَ بَذْلِ الْبَائِعِ لَهُ ، وَمَا قَالَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ نَقْلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا بَذَلَهُ الْبَائِعُ لَهُ ، وَلَكِنْ الْمَنْقُولُ فِي النِّهَايَةِ وَتَعْلِيقِ الْقَاضِي : أُجْرَةُ نَقْدِهِ " بِالدَّالِ " فَاخْتَلَطَتْ مَعَ الْهَاءِ ، فَظَنَّ النَّاسِخُ أَنَّهَا لَامٌ ، وَالصَّوَابُ نَقْدُهُ .
فَإِنَّ عِنْدَ الْقَاضِي وَصَاحِبِ النِّهَايَةِ أَنَّ أُجْرَةَ النَّقْدِ إنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْبَائِعِ فَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ وَعَلَّلَهُ ، وَبِذَلِكَ يَصِحُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَنْتَظِمُ .
وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ : عَمْدًا قَبْضٌ ، لَا غَصْبُهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ إنْ قَبِلَهُ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا أَمْ يَنْفَسِخُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ ؟ وَكَذَا مُتَّهَبٌ بِإِذْنِهِ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا ؟ وَفِيهِ فِي غَصْبِ عَقَارٍ : وَلَوْ اسْتَوْلَى وَأَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِهِ صَارَ قَابِضًا ، وَيَصِحُّ قَبْضُهُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ ، وَحَرَّمَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي غَيْرِ مُتَعَيِّنٍ ، وَغَصْبُ بَائِعٍ ثَمَنًا أَوْ بِلَا إذْنِهِ لَيْسَ قَبْضًا إلَّا مَعَ الْمُقَاصَّةِ ، وَعَنْهُ : قَبْضُ الْكُلِّ بِتَخْلِيَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَيَحْرُمُ تَعَاطِيهِمَا بَيْعًا فَاسِدًا ، فَلَا يَمْلِكُ بِهِ ، لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ ، وَخَرَّجَ فِيهِ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ طَلَاقٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ، وَهُوَ كَمَغْصُوبٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : كَمَقْبُوضٍ لِلسَّوْمِ ، وَمِنْهُ خَرَّجَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ : لَا يَضْمَنُهُ ، وَذَكَرُوا فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَحَرْبٌ وَغَيْرُهُمَا عَدَمَهُ ، فَإِنْ قَبَضَهُ بِثَمَنٍ مُسْتَقِرٍّ ضَمِنَهُ بِهِ إنْ صَحَّ بَيْعُ مُعَاطَاةٍ .
وَقَدْ نَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ قَالَ بِعْنِي هَذَا فَقَالَ خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ قَالَ : هُوَ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ ، لِأَنَّهُ مِلْكُهُ حَتَّى يَقْطَعَ ثَمَنَهُ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : إذَا ضَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْطَعْ ثَمَنَهُ أَوْ قَطَعَ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ ، فِيمَنْ قَالَ بِعَيْنِهِ فَقَالَ خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ : يَضْمَنُهُ رَبُّهُ هَذَا بَعْدُ لَمْ يَمْلِكْهُ ( م 5 ) قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمَانَةٌ وَأَنَّهُ يُخَرَّجُ مِثْلُهُ فِي بَيْعِ خِيَارٍ عَلَى قَوْلِنَا لَا يَمْلِكُهُ .
وَقَالَ تَضْمِينُهُ مَنَافِعَهُ كَزِيَادَةٍ وَأَوْلَى ، وَسَوْمُ إجَارَةٍ كَبَيْعٍ فِي الِانْتِصَارِ ( م 6 )
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَذَكَرُوا فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ يَعْنِي فِي ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ نَقَلَ حَرْبٌ وَأَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُمَا عَدَمَهُ ، فَإِنْ قَبَضَهُ بِثَمَنٍ مُسْتَقِرٍّ ضَمِنَهُ بِهِ ، إنْ صَحَّ بَيْعُ مُعَاطَاةٍ ، وَقَدْ نَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ قَالَ بِعَنِّي هَذَا فَقَالَ خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ قَالَ : هُوَ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ ، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ حَتَّى يَقْطَعَ ثَمَنَهُ .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : إذَا ضَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْطَعْ ثَمَنَهُ أَوْ قَطَعَ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ .
وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ فِيمَنْ قَالَ بِعْنِي هَذَا فَقَالَ خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ : يَضْمَنُهُ رَبُّهُ هَذَا بَعْدُ لَمْ يَمْلِكْهُ .
انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ .
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَكَى فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ ، سَوَاءٌ أَخَذَ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ أَوْ بِدُونِهِ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ ، وَصُحِّحَ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْعِوَضِ ، فَهُوَ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ ثَلَاثَ صُوَرٍ : ( الْأُولَى ) أَنْ يُسَاوِمَ إنْسَانًا فِي ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَقْطَعَ ثَمَنَهُ ثُمَّ يَقْبِضَهُ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ فَإِنْ رَضُوهُ وَإِلَّا رَدَّهُ فَيَتْلَفَ ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَضْمَنُ إنْ صَحَّ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ ، وَقَطَعَ بِالضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا .
قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : يَضْمَنُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ .
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ بِذَلِكَ .
وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ إيمَاءٌ إلَى ذَلِكَ .
( الثَّانِيَةُ ) لَوْ سَاوَمَهُ وَأَخَذَهُ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضُوهُ وَإِلَّا رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ
ثَمَنِهِ فَيَتْلَفُ فَفِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ : ( إحْدَاهُمَا ) يَضْمَنُهُ الْقَابِضُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ فِي بَابِ الضَّمَانِ .
قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : فَهُوَ مَضْمُونٌ ، بِغَيْرِ خِلَافٍ ، نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ : هُوَ مِنْ ضَمَانِ قَابِضِهِ كَالْعَارِيَّةِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَضْمَنُهُ .
قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ : نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ : هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ كَالرَّهْنِ وَمَا يَقْبِضُهُ الْأَجِيرُ .
( الثَّالِثَةُ ) لَوْ أَخَذَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضُوهُ اشْتَرَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ فَتَلِفَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : هَذَا أَظْهَرُ عَنْهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فَقَالَ : لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ ، انْتَهَى .
وَعَنْهُ : يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَسَوْمُ إجَارَةٍ كَبَيْعٍ فِي الِانْتِصَارِ ، انْتَهَى .
قَدْ عَلِمْت حُكْمَ الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ فِي الْبَيْعِ ، فَكَذَا يَكُونُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ الْمُصَنِّفُ ، وَلَا نَقَلَ غَيْرَهُ عَنْ غَيْرِهِ .
وَوَلَدُهُ كَهُوَ ، لَا وَلَدُ جَانِيَةٍ وَضَامِنَةٍ وَشَاهِدَةٍ وَمُوصًى بِهَا وَحَقٍّ جَائِزٍ وَضَامِنِهِ .
وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ إنْ أَذِنَ لِأَمَتِهِ فِيهِ سَرَّى ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَوَلَدِ مُوصًى بِعِتْقِهَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا ، وَإِنَّمَا الْمُخَاطَبُ الْمُوصَى إلَيْهِ ، وَيَضْمَنُهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِقِيمَتِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : قَدْ تَرَاضَوْا بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ الْقِيمَةُ ، كَمَا تَرَاضَوْا فِي مَهْرِ الْمِثْلِ ، أَوْ حَيْثُ [ يَجِبُ ] الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى ، فَيَجِبُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا ، فَالْفَسَادُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْحِلِّ وَعَدَمِهِ فَقَطْ ، كَمَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ ، فَإِذَا اسْتَوَيَا فِيهِ فَكَذَا فِي قَدْرِهِ ، وَهَذِهِ نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ يَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى لَا الْقِيمَةِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ ، حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الْكِفَايَةِ وَفِي الْفُصُولِ : يَضْمَنُهُ بِالثَّمَنِ ، وَالْأَصَحُّ بِقِيمَتِهِ ، كَمَغْصُوبٍ ، وَفِيهِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ أَنَّهَا كَبَيْعٍ فَاسِدٍ إذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ فِيهِ الْمُسَمَّى اسْتَحَقَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ وَهُوَ الْقِيمَةُ ، كَذَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِ لِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ .
وَفِي الْمُغْنِي فِي تَصَرُّفِ الْعَبْدِ وَالْمُسْتَوْعِبِ [ أَوْ ] مِثْلُهُ يَوْمَ تَلَفِهِ ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِيهِ وَفِي عَارِيَّةٍ كَمَغْصُوبٍ .
وَقَالَهُ فِي الْوَسِيلَةِ ، وَقِيلَ : لَهُ حَبْسُهُ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ ، وَفِي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وَجْهَانِ ( م 7 ) وَفِي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا : إنْ سَقَطَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَهَدَرٌ .
وَقَالَهُ الْقَاضِي ، وَعِنْدَ أَبِي الْوَفَاءِ يَضْمَنُهُ ، وَيَضْمَنُهُ ضَارِبُهُ ، وَمَتَى ضَرَبَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلِلْبَائِعِ مِنْ الْغُرَّةِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْبَقِيَّةُ لِوَرَثَتِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ فِي الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ : وَفِي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ .
وَأُجْرَتُهُ مُدَّةَ قَبْضِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرْشُ نَقْصِهِ ، وَقِيلَ : هُوَ أُجْرَتُهُ ، وَزِيَادَةٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ أَمَانَةٌ عَلَى وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى وَقَالَ فِي الصُّغْرَى وَنَمَاؤُهُ وَأُجْرَتُهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ لِمَالِكِهِ .
وَقِيلَ : عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ، لِنَفْعِهِ ، وَضَمَانِهِ إنْ تَلِفَ بِقِيمَتِهِ ، وَزِيَادَتُهُ أَمَانَةٌ ، انْتَهَى .
وَقَدَّمَ فِي الزُّبْدَةِ الضَّمَانَ أَيْضًا ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُهَا .
فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ .
الرِّبَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، كَدَارِ الْبَغْيِ ، لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِمَا ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : وَالْبَاغِي مَعَ الْعَادِلِ كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْحَرْبِيِّ ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُ مَالَ صَاحِبِهِ بِالْإِتْلَافِ ، فَهِيَ كَدَارِ حَرْبٍ ، كَذَا قَالَ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي الْجِهَادِ وَالْمُحَرَّرِ : إلَّا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ بَيْنَهُمَا ، وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي دَارِ حَرْبٍ ، وَلَمْ يُقَيِّدْهَا فِي التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا بِعَدَمِ الْأَمَانِ وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ : لَا يَحْرُمُ فِي دَارِ حَرْبٍ ، وَأَقَرَّهَا شَيْخُنَا عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَعَنْهُ : لَا رِبَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُكَاتَبِهِ ، كَعَبْدِهِ ، فَعَلَى الْمَنْعِ فَلَوْ زَادَ الْأَجَلُ وَالدَّيْنُ جَازَ ، فِي احْتِمَالٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ فِي حَدِيثِ الرَّقَبَةِ : مَالُ كَافِرٍ مُصَالَحٍ مُبَاحٌ بِطِيبِ نَفْسِهِ ، وَالْحَرْبِيُّ يُبَاحُ أَخْذُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ ، وَقَالَ : كُلُّ شَرْطٍ يُعْتَبَرُ فِي مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ يُعْتَبَرُ فِي مُعَامَلَةِ ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ ، وَالْمَذْهَبُ : لَا يَحْرُمُ رِبَا الْفَضْلِ إلَّا فِي بَيْعِ [ كُلِّ ] مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ ، قَالَ أَحْمَدُ : قِيَاسًا عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنْ قَلَّا ، كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ أَوْ بِتَمْرَتَيْنِ ، لِأَنَّهُ مَالٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ مَكِيلًا بِهِ فَيُكَالُ ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَةً ، كَمَوْزُونٍ ، فَالْعِلَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَوْنُهُ مَكِيلَ جِنْسٍ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْكَيْلُ بِمُجَرَّدِهِ عِلَّةٌ ، وَالْجِنْسُ شَرْطٌ [ فِيهِ ] وَقَالَ : أَوْ اتِّصَافُهُ بِكَوْنِهِ مَكِيلَ جِنْسٍ هُوَ الْعِلَّةُ ، وَفِعْلُ الْكَيَّالِ شَرْطٌ ، أَوْ نَقُولُ : الْكَيْلُ أَمَارَةٌ ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْمَذْهَبِ إيجَابُ الْمُمَاثَلَةِ ، مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إبَاحَةُ بَيْعِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُطْلَقًا وَالتَّحْرِيمُ لِعَارِضٍ ، وَعَلَى رِوَايَةِ الطَّعْمِ الْحُكْمُ تَحْرِيمُ بَيْعِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ
بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ وُجُودِ التَّسَاوِي ، لِلْحَاجَةِ ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ : يَجُوزُ اسْتِلَامُ النَّقْدَيْنِ فِي الْمَوْزُونِ ، وَبِهِ أُبْطِلَتْ الْعِلَّةُ ، لِأَنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ شَمَلَهُمَا إحْدَى عِلَّتَيْ رِبَا الْفَضْلِ يَحْرُمُ النَّسَاءُ فِيهِمَا ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا : يَحْرُمُ سَلَمُهُمَا فِيهِ ، فَلَا يَصِحُّ ، وَإِنْ صَحَّ فَلِلْحَاجَةِ ، وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَنْعُ ، وَإِنَّمَا جَازَ لِلْمَشَقَّةِ ، وَلَهَا تَأْثِيرٌ ، وَلِاخْتِلَافِ مَعَانِيهَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا ثَمَنٌ وَالْآخَرَ مُثَمَّنٌ ، وَلِاخْتِلَافِهِمَا فِي صِفَةِ الْوَزْنِ ، لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهَذَا دُونَ هَذَا ، فَحَصَلَا فِي حُكْمِ الْجِنْسَيْنِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .
وَعَنْهُ : فِي النَّقْدَيْنِ وَالْمَطْعُومِ لِلْآدَمِيِّ ، وَعَنْهُ : فِيهِمَا وَمَطْعُومٌ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَشَيْخُنَا ، فَعَلَيْهِمَا الْعِلَّةُ فِي النَّقْدَيْنِ الثَّمَنِيَّةُ ، وَهِيَ عِلَّةٌ قَاصِرَةٌ لَا يَصْلُحُ التَّعْلِيلُ بِهَا فِي اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ ، وَنُقِضَتْ طَرْدًا بِالْفُلُوسِ ، لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ ، وَعَكْسًا بِالْحُلِيِّ ، وَأُجِيبُ لِعَدَمِ النَّقْدِيَّةِ الْغَالِبَةِ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : ثُمَّ يَجِبُ أَنْ يَقُولُوا إذَا اتَّفَقَتْ حَتَّى لَا يُتَعَامَلَ إلَّا بِهَا أَنَّ فِيهَا الرِّبَا ، لِكَوْنِهَا ثَمَنًا غَالِبًا .
وَقَالَ فِي التَّمْهِيدِ : إنَّ مِنْ فَوَائِدِهَا أَنَّهُ رُبَّمَا حَدَثَ جِنْسٌ آخَرُ يُجْعَلُ ثَمَنًا ، فَتَكُونُ تِلْكَ عِلَّتَهُ ، فَتُبَاعُ بَيْضَةٌ بِبَيْضَةٍ وَبِبَيْضَتَيْنِ ، وَخِيَارَةٌ وَبِطِّيخَةٌ وَرُمَّانَةٌ بِمِثْلِهَا ، وَنَحْوُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ : لِأَنَّهُ لَيْسَ مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونًا ، وَنَقَلَ مُهَنَّا وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْضَةً بِبَيْضَةٍ وَقَالَ : لَا يَصْلُحُ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ ، لِأَنَّهُ طَعَامٌ ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا بَيْعَ الْمَصُوغِ الْمُبَاحِ بِقِيمَتِهِ حَالًّا ، وَكَذَا نِسَاءٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ كَوْنَهَا ثَمَنًا .
وَمَا خَرَجَ عَنْ الْقُوتِ بِالصَّنْعَةِ كَنَشًا فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ ، وَإِلَّا فَجِنْسٌ بِنَفْسِهِ ،
فَيُبَاعُ خُبْزٌ بِهَرِيسَةٍ ، وَجَوَّزَ بَيْعَ مَوْزُونٍ رِبَوِيٍّ بِالتَّحَرِّي ، لِلْحَاجَةِ ( و م ) وَرَجَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ أَخِيرًا قَصْرَهُ عَلَى الْأَعْيَانِ السِّتَّةِ ، لِخَفَاءِ الْعِلَّةِ .
بَابُ الرِّبَا ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ عَنْ كَلَامِ شَيْخِهِ : " وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْ الْقُوتِ " صَوَابُهُ " وَمَا خَرَجَ عَنْ الْقُوتِ " وَهُوَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ كَذَلِكَ .
وَلَا رِبَا فِي مَاءٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، لِإِبَاحَتِهِ أَصْلًا ، وَعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَةً ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ فِيمَا لَا يُوزَنُ لِصِنَاعَةٍ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَقَالَ الْقَاضِي : يَحْرُمُ مَعَ ] قَصْدِ وَزْنِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَعَلَى الْمَذْهَبِ فِيمَا لَا يُوزَنُ لِصِنَاعَتِهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ فِيمَا لَا يُقْصَدُ وَزْنُهُ ، انْتَهَى .
وَذَلِكَ مِثْلُ الْمَعْمُولِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَالْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ كَالْخَوَاتِمِ وَالْأَصْطَالِ وَالْإِبَرِ وَالسَّكَاكِينِ وَالثِّيَابِ وَالْأَكْسِيَةِ وَنَحْوِهَا .
( إحْدَاهُمَا ) يَجُوزُ التَّفَاضُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَجُوزُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ( قُلْت ) : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ : مَا قُصِدَ وَزْنُهُ كَالْأَسْطَالِ وَنَحْوِهَا لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ ، وَهُوَ أَوْجَهُ ، وَقَالَهُ فِي الْكَافِي فِي الْمَوْزُونِ .
وَعَلَيْهَا يَخْرُجُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ ( م 2 و 3 ) وَإِنْ جَازَ وَكَانَتْ نَافِقَةً فَوَجْهَانِ ، وَكَذَا الزَّكَاةُ م 4 ) وَلَمْ يُوجِبْهَا ( م ) وَوَافَقَهُ ( هـ ) فِي كَاسِدَةٍ ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي السَّلَمِ فِيهَا ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ الْجَوَازَ ، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنْعَ ، وَحَنْبَلٌ يَكْرَهُ ( م 5 ) وَنَقَلَ يَعْقُوبُ وَابْنُ أَبِي حَرْبٍ : الْفُلُوسُ بِالدَّرَاهِمِ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةٌ إنْ أَرَادَ بِهِ فَضْلًا لَا يَجُوزُ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ : وَعَلَيْهَا يَخْرُجُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَجُوزُ ، وَهَذِهِ هِيَ الصَّحِيحَةُ عَلَى تَخْرِيجِ الْمُصَنِّفِ ، فَإِنَّهُ خَرَّجَهَا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا : وَقَدْ صَحَّحْنَا هُنَا الصِّحَّةَ ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إذَا كَانَتْ نَافِقَةً فَوَجْهَانِ .
وَهِيَ : ( مَسْأَلَةٌ أُخْرَى 3 ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجُوزُ ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجُوزُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ : سَوَاءٌ كَانَتْ نَافِقَةً أَوْ كَاسِدَةً ، بِيعَتْ بِأَعْيَانِهَا أَوْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا ، انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا الزَّكَاةُ .
يَعْنِي إذَا كَانَتْ نَافِقَةً هَلْ تَلْحَقُ بِالْأَثْمَانِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا أَمْ لَا ؟ قَالَ الْمَجْدُ : فِيهَا الزَّكَاةُ إذَا كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً ، أَوْ لِلتِّجَارَةِ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : وَالْفُلُوسُ عَرَضٌ فَتُزَكَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَهِيَ نَافِقَةٌ .
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَالْفُلُوسُ ثَمَنٌ فِي وَجْهٍ فَلَا تُزَكَّى ، وَقِيلَ : سِلْعَةٌ فَتُزَكَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَهِيَ رَائِجَةٌ .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَلَا زَكَاةَ فِي فُلُوسٍ ، وَفِيهِ وَجْهٌ يَجِبُ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَكَانَتْ رَائِجَةً .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى : وَالْفُلُوسُ ثَمَنٌ فَلَا تُزَكَّى .
وَقِيلَ : بَلْ سِلْعَةٌ فَتُزَكَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَهِيَ رَائِجَةٌ .
وَكَذَا قَالَ فِي
الْكُبْرَى ثُمَّ قَالَ : وَقِيلَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْفُلُوسِ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا عَدَمُهُ لِأَنَّهُمَا أَثْمَانٌ ( قُلْت ) : وَيُحْتَمَلُ الْوُجُوبُ أَيْضًا ، وَإِنْ قُلْنَا هِيَ عَرُوضٌ فَلَا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَلَا تُزَكَّى ، انْتَهَى ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَالرِّوَايَتَانِ فِي السَّلَمِ فِيهَا ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ الْجَوَازَ ، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنْعَ ، وَحَنْبَلٌ يَكْرَهُ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ثُمَّ قَالَ : قُلْت : هَذَا إنْ قُلْنَا هِيَ سِلْعَةٌ .
انْتَهَى .
اخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْفُلُوسَ عَرُوضٌ بِكُلِّ حَالٍ ، وَاخْتَارَهُ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الطَّالِبَانِيُّ مِنْ الْأَصْحَابِ ، ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَتِهِ ، وَهِيَ قَبْلَ تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ بِيَسِيرٍ ، فَعَلَيْهِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الطَّالِبَانِيِّ ، وَاخْتَارَهُ وَتَأَوَّلَ رِوَايَةَ الْمَنْعِ ( قُلْت ) : جَزَمَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ أَنَّهَا عَرَضٌ أَيْضًا .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ : الْفُلُوسُ النَّافِقَةُ أَثْمَانٌ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ ، وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُبْهِجِ أَنَّهَا أَثْمَانٌ بِكُلِّ حَالٍ ، فَعَلَى هَذَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَثْمَانِ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا وَعَدَمِهِ ، وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا فَقَالَ : أَنَا مُتَوَقِّفٌ عَنْ الْفُتْيَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، نَقَلَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي طَبَقَاتِهِ ( قُلْت ) : الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ السَّلَمِ فِيهَا ، لِأَنَّهَا إمَّا عَرَضٌ وَإِمَّا ثَمَنٌ ، لَا تَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ .
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْأَثْمَانِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيَحْرُمُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِجِنْسِهِ إلَّا كَيْلًا حَالَةَ الْعَقْدِ ، وَمَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ إلَّا وَزْنًا ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَيَجُوزُ فِي وَجْهٍ جُزَافًا بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ كَمَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ جُزَافًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَنَصُّهُ : لَا ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( م 6 ) وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ فَضَالَةَ وَبِمَا لَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ { بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي خَبَرِ جَابِرٍ عَنْ بَيْعِ الصُّبَرِ بِالصُّبَرِ مِنْ الطَّعَامِ لَا يَدْرِي مَا كَيْلُ هَذَا وَمَا كَيْلُ هَذَا } ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا وَجْهَ لِلتَّعْلِيقِ بِالتَّفَاضُلِ ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّ الْمُجَازَفَةَ فِي الطَّعَامِ جُعِلَ طَرِيقًا بِالْخَبَرِ ، كَالنَّسِيئَةِ وَالْمُصَارَفَةِ وَالْمُسَاوَاةِ ، فَتَصِيرُ طُرُقُ الرِّبَا عِنْدَنَا أَرْبَعَةً .
وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً بِجِنْسِهَا وَعَلِمَا كَيْلَهُمَا وَتَسَاوِيهِمَا صَحَّ ، وَإِنْ تَبَايَعَاهَا بِهَا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، فَكِيلَتَا فَكَانَتَا سَوَاءً ، صَحَّ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِي الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَوْزُونَاتِ الرِّبَوِيَّةِ بِالتَّحَرِّي ، لِلْحَاجَةِ ، وَمَرَدُّ الْكَيْلِ عُرْفُ الْمَدِينَةِ ، وَالْوَزْنِ عُرْفُ مَكَّةَ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعُرْفُهُ بِمَوْضِعِهِ ، وَقِيلَ : إلَى شَبَهِهِ هُنَاكَ ، وَقِيلَ : الْوَزْنُ ، وَالْمَائِعُ مَكِيلٌ ، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ : وَفِي اللَّبَنِ وَجْهَانِ ، وَأَنَّ الزُّبْدَ مَكِيلٌ ، وَأَنَّ فِي السَّمْنِ وَجْهَيْنِ ، وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ الْعَسَلَ مَوْزُونًا ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا : وَيَجُوزُ التَّعَامُلُ بِكَيْلٍ لَمْ يُعْهَدْ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) [ قَوْلُهُ : ] وَيَحْرُمُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِجِنْسِهِ إلَّا كَيْلًا حَالَةَ الْعَقْدِ وَمَوْزُونٌ بِجِنْسِهِ إلَّا وَزْنًا ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَيَجُوزُ فِي وَجْهٍ جُزَافًا بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، كَمَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ جُزَافًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَنَصُّهُ : لَا ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا بَاعَ مَكِيلًا بِمَكِيلٍ ، أَوْ مَوْزُونًا بِمَوْزُونٍ ، جُزَافًا ، وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ ، فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ وَجْهًا وَنَصًّا .
فَالْوَجْهُ الَّذِي قَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ إنَّهُ أَظْهَرُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوَابٍ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ جُزَافًا ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمْ .
قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : لَا خَيْرَ فِيمَا يُكَالُ بِمَا يُكَالُ جُزَافًا ، وَلَا فِيمَا يُوزَنُ بِمَا يُوزَنُ جُزَافًا ، اتَّفَقَتْ الْأَجْنَاسُ أَوْ اخْتَلَفَتْ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَقِيلَ : يَحْرُمُ وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ( قُلْت ) : الْمَنْصُوصُ هُوَ الْمَذْهَبُ ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُذْهَبِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْجَوَازَ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْجِنْسُ : مَا شَمِلَ أَنْوَاعًا ، كَتَمْرٍ وَبُرٍّ وَشَعِيرٍ وَمِلْحٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ : وَالْأَبَازِيرُ جِنْسٌ ، وَفُرُوعُ الْأَجْنَاسِ أَجْنَاسٌ ، كَأَدِقَّةٍ وَأَدْهَانٍ وَخُلُولٍ وَأَلْبَانٍ وَلُحْمَانٍ ، وَعَنْهُ : اللَّبَنُ ، وَخَلِّ تَمْرٍ ، وَخَلِّ عِنَبٍ ، وَاللَّحْمُ ، جِنْسٌ وَخَرَجَ مِنْهَا فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْأَدْهَانَ الْمَائِعَةَ جِنْسٌ ، وَأَنَّ الْفَاكِهَةَ كَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ جِنْسٌ .
وَعَنْهُ : اللَّحْمُ ثَلَاثَةٌ ، لَحْمُ أَنْعَامٍ وَطَيْرٍ وَدَوَابِّ الْمَاءِ .
وَعَنْهُ : وَرَابِعٌ لَحْمٌ وَحْشٍ ، وَاللَّحْمُ وَالْكَبِدُ وَالْقَلْبُ وَنَحْوُهَا أَجْنَاسٌ ، وَقِيلَ : الرُّءُوسُ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمٍ بِشَحْمٍ مُتَفَاضِلًا ، لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ ، وَلِهَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمًا حَنِثَ ، كَذَا قَالَ ، وَفِي الشَّحْمِ وَالْأَلْيَةِ وَجْهَانِ ( م 7 )
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَفِي الشَّحْمِ وَالْأَلْيَةِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي هَلْ هُمَا جِنْسَانِ أَوْ جِنْسٌ وَاحِدٌ .
( أَحَدُهُمَا ) هُمَا جِنْسَانِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ النَّاظِمُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَقَالَ : ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ أَبْيَضُ فِي الْحَيَوَانِ يَذُوبُ بِالْإِذَابَةِ وَيَصِيرُ دُهْنًا فَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ ، قَالَ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ عَنْ الْأَوَّلِ : لَيْسَ بِشَيْءٍ .
وَيَحْرُمُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : مَقْصُودُ اللَّحْمِ مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَأْكُولٌ ، وَقِيلَ : وَغَيْرُهُ وَجْهَانِ ( م 8 ) قَالَ شَيْخُنَا : يَحْرُمُ بِهِ نَسِيئَةً عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ ، مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَأْكُولٍ ، وَقِيلَ : وَغَيْرُهُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجُوزُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى ، وَالْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ ، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ ، وَغَيْرِهِمْ ، انْتَهَى وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَقَالَ : هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجُوزُ ، قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ : اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، انْتَهَى .
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ : صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ .
تَنْبِيهَانِ : ( الْأَوَّلُ ) قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ : بَنَى الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اللَّحْمِ هَلْ هُوَ جِنْسٌ أَوْ أَجْنَاسٌ ، وَصَرَّحَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الصَّوَابُ ، انْتَهَى .
قُلْت : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا : وَفِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، وَلَكِنْ قَالَ فِي الْكَافِي : وَإِنْ بَاعَ الْحَيَوَانَ بِلَحْمٍ مَأْكُولٍ غَيْرِ أَصْلِهِ وَقُلْنَا هُمَا أَصْلٌ وَاحِدٌ لَمْ يَجُزْ ، وَإِلَّا جَازَ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي : احْتَجَّ مَنْ مَنَعَهُ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَبِأَنَّ اللَّحْمَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ ، وَمَنْ أَجَازَهُ قَالَ : مَالُ الرِّبَا بَيْعٌ بِغَيْرِ أَصْلِهِ وَلَا جِنْسِهِ فَجَازَ ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِالْأَثْمَانِ ، انْتَهَى
.
وَقَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ : وَعَنْهُ : اللَّحْمُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِ ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ ، وَفِي غَيْرِهِ وَجْهٌ ، فَبُنِيَ الْخِلَافُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّحْمَ أَجْنَاسٌ .
وَقَالَ الشَّارِحُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اللَّحْمِ ، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ أَجْنَاسٌ جَازَ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، انْتَهَى .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : " وَقِيلَ وَغَيْرُ مَأْكُولٍ " .
هَذَا الْقَوْلُ جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمَا
وَيَجُوزُ بَيْعُ رُطَبٍ وَعِنَبٍ بِمِثْلِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، خِلَافًا لِأَبِي حَفْصٍ وَابْنِ شِهَابٍ ، كَمَا لَوْ لَمْ يَصِرْ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا ، وَدَقِيقُهُ بِدَقِيقِهِ إنْ اسْتَوَيَا فِي النُّعُومَةِ ، خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَيُبَاعُ كَيْلًا كَسَوِيقٍ بِمِثْلِهِ ، وَقِيلَ : وَزْنًا ، وَخُبْزٌ بِمِثْلِهِ ، قَالَ فِي الْمُبْهِجِ : لَا فَطَيْرٌ بِخَمِيرٍ ، وَلَحْمٌ بِمِثْلِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَمَنَعَ مِنْهُ الْخِرَقِيُّ رُطَبًا ، وَيُعْتَبَرُ نَزْعُ عَظْمِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، كَتَصْفِيَةِ عَسَلٍ ، لِأَنَّ الشَّمْعَ مَقْصُودٌ ، وَإِلَّا فَمُدُّ عَجْوَةٍ ، وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ غَيْرُ مَقْصُودٍ ، فَهُوَ كَخُبْزٍ بِخُبْزٍ وَخَلٍّ بِخَلٍّ ، وَإِنْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِلْحٌ وَمَاءٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ .
وَفِي زُبْدٍ بِسَمْنٍ وَجْهَانِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ ( م 9 ) وَيَجُوزَانِ بِمَخِيضٍ .
فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَفِي الْأَصَحِّ عَصِيرُهُ بِجِنْسِهِ وَلَوْ مَطْبُوخَيْنِ ، وَقِيلَ : إنْ اسْتَوَيَا فِي عَمَلِ نَارٍ وَبِتُفْلِهِ الْخَالِي مِنْهُ وَإِلَّا فَمُدُّ عَجْوَةٍ ، وَنَحْوُ خَلٍّ وَدِبْسٍ بِمِثْلِهِمَا ، لَا نَوْعٌ بِآخَرَ ، وَلَا خَلُّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ ، لِأَنَّ فِي أَحَدِهِمَا مَاءٌ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَفِي زُبْدٍ بِسَمْنٍ وَجْهَانِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَالَ : ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ خِلَافَ مَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ ذَكَرَهُمَا تَارَةً وَجْهَيْنِ وَتَارَةً رِوَايَتَيْنِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَرَدَّهُ فِي الْمُغْنِي .
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَعِنْدِي أَنَّهُ جَائِزٌ .
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ .
وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَبٍّ جَيِّدٍ بِمُسَوَّسٍ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، لِنَقْصِ الْكَيْلِ بِخُلُوِّهِ مِنْ طَعَامٍ ، بَلْ يَصِحُّ بِخَفِيفٍ مَعَ نَقْصِ الطَّعْمِ ، لِكَوْنِهِ مَلَأَ الْكَيْلَ ، قَالَ : وَعَفَنُهُ بِسَلِيمِهِ يَحْتَمِلُ كَذَلِكَ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَالْعَفِنَةُ فِي نُقْصَانِ الْأَكْلِ طَرَأَ عَلَيْهَا ، وَيَحْرُمُ حَبٌّ بِدَقِيقِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِسَوِيقِهِ ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ وَزْنًا ، وَعَلَّلَ أَحْمَدُ الْمَنْعَ بِأَنَّ أَصْلَهُ كَيْلٌ فَيَتَوَجَّهُ مِنْ الْجَوَازِ بَيْعُ مَكِيلٍ وَزْنًا وَمَوْزُونٍ كَيْلًا ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَكَذَا نُصُوصُهُ فِي خُبْزٍ بِحَبِّهِ وَدَقِيقِهِ ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ الْمَنْعَ ، لِأَنَّ فِيهِ مَاءً ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ شِهَابٍ بِأَنَّهُمَا إذَا صَارَا خُبْزًا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ، وَجَزَمَ بِالْجَوَازِ فِي الْأَوَّلِ ، وَأَنَّهُ لَا يُنَاقِضُ أَصْلَنَا ، لِأَنَّ الدَّقِيقَ مَوْزُونٌ ، كَالْحَيَوَانِ عَدَدًا ، فَإِذَا ذُبِحَ صَارَ وَزْنًا ، وَيَحْرُمُ نِيئُهُ بِمَطْبُوخِهِ وَأَصْلُهُ بِعَصِيرِهِ ، كَزَيْتُونٍ بِزَبِيبٍ ، وَفِيهِ نَقَلَ مُهَنَّا : يُكْرَهُ ، وَخَالِصُهُ أَوْ مَشُوبُهُ بِمَشُوبِهِ عَلَى مُدِّ عَجْوَةٍ ، وَرُطَبُهُ بِيَابِسِهِ ، وَمُزَابَنَةٌ إلَّا فِي الْعَرَايَا وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ ، وَعَنْهُ الْمَوْهُوبُ لِبَائِعِهِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ فِي نَخْلِهِ بِمَآلِهِ يَابِسًا بِتَمْرٍ مِثْلِهِ ، وَعَنْهُ : بِتَمْرٍ مِثْلِ رُطَبِهِ كَيْلًا يَقْضِيهِ بِهِ بَائِعُهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا وَقَبْضِ مُشْتَرٍ بِالتَّخْلِيَةِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ، وَعَنْهُ : وَفِيهَا لِفَقِيرٍ مُحْتَاجٍ إلَى [ أَكْلِ ] الرُّطَبِ .
وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمُحَرَّرِ : أَوْ أَكْلِ التَّمْرِ ، وَقِيلَ : وَتُعْتَبَرُ حَاجَةُ بَائِعٍ إلَى بَيْعِهَا ، وَجَوَّزَ ابْنُ عَقِيلٍ بَيْعَهَا لِوَاهِبِهَا ، لِئَلَّا يُدْخِلَ رَبُّ الْعَرِيَّةِ حَائِطَهُ ، وَلِغَيْرِهِ لِحَاجَةٍ غَيْرِ أَكْلٍ ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ .
وَفِي جَوَازِهَا فِي بَقِيَّةِ التَّمْرِ وَجْهَانِ ( م 10 ) وَقِيلَ : يَجُوزُ فِي عِنَبٍ ، وَجَوَّزَهَا شَيْخُنَا فِي الزَّرْعِ .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ فِي الْعَرِيَّةِ : وَفِي جَوَازِهَا فِي بَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبِ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
وَالْوَجْهُ ( الثَّانِي ) يَصِحُّ وَيَجُوزُ : قَالَهُ الْقَاضِي ، وَهُوَ مُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ مَنْ اعْتَادَهُ .
وَتَحْرُمُ الْمُحَاقَلَةُ ، وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ جَمَاعَةٌ بِمُشْتَدٍّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ .
وَفِي بَيْعِهِ بِمَكِيلٍ غَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ ( م 11 ) وَيَصِحُّ بِغَيْرِ مَكِيلٍ ، وَخَصَّ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ الْخِلَافَ بِالْحَبِّ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ الْمُحَاقَلَةُ وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ ، فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ ، وَفِي بَيْعِهِ بِمَكِيلٍ غَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا فِي الْمُغْنِي فِي بَابِ الرِّبَا عِنْدَ مَسْأَلَةِ : وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ جِنْسَانِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ .
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ .
وَبَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ ، وَمَعَهُ أَوْ مَعَهُمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا ، كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بِمُدَّيْنِ ، فَإِنْ عُلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَسَاوِي الْقِيمَةِ أَوْ مَعَهُ لِكَوْنِهِمَا مِنْ شَجَرَةٍ وَنَقْدٍ وَاحِدٍ فَاحْتِمَالَانِ ( م 12 ) وَعَنْهُ : يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُفْرَدُ مِثْلَ الَّذِي مَعَهُ غَيْرُهُ فَأَقَلَّ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي مَوْضِعٍ ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي مَعَهُ مَقْصُودًا ، كَالسَّيْفِ الْمُحَلَّى ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِضَّةٌ لَا يَقْصِدُ غِشَّهَا بِخَالِصَةٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، فَإِنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ جَازَ ، وَعَنْهُ : لَا .
وَفِي الْإِرْشَادِ : هِيَ أَظْهَرُهُمَا ، لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ وَتَلِفَ لَمْ يَدْرِ بِمَ يَرْجِعُ ، وَلَوْ بَاعَ بُرًّا بِشَعِيرٍ فِيهِ مِنْ جِنْسِهِ بِقَصْدِ تَحْصِيلِهِ مُنِعَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَكَذَا تُرَابٌ يَظْهَرُ أَثَرُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) [ قَوْلُهُ ] وَبَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ ، وَمَعَهُ أَوْ مَعَهُمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا ، كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بِمُدَّيْنِ ، فَإِنْ عُلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ تُسَاوِي الْقِيمَةِ أَوْ مَعَهُ لِكَوْنِهِمَا مِنْ شَجَرَةٍ وَنَقْدٍ وَاحِدٍ فَاحْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
هَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ، لِإِطْلَاقِهِمْ الْمَنْعَ ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَعَنْهُ : يَجُوزُ إنْ زَادَ الْمُفْرَدُ أَوْ اسْتَوَيَا قَدْرًا وَمَعَهُمَا .
غَيْرُهُمَا مِنْ رِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ وَأَهْمَلَ بَعْضُهُمْ التَّسَاوِي .
وَفِيهِ نَظَرٌ ، انْتَهَى .
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَصِحُّ ، وَذَكَرَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ وَجْهَيْنِ وَقَالَ : ( أَحَدُهُمَا ) الْجَوَازُ لِتَحَقُّقِ التَّسَاوِي .
الثَّانِي ) الْمَنْعُ ، لِجَوَازِ أَنْ يَعِيبَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ وَحْدَهُ ، انْتَهَى وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْجَوَازَ أَقْيَسُ وَتَعْلِيلَ الثَّانِي ضَعِيفٌ .
وَفِي بَيْعِ شَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ بِمِثْلِهَا ، أَوْ لَبَنِ شَاةٍ فِيهَا لَبَنٌ ، أَوْ دِرْهَمِ فِيهِ نُحَاسٌ بِنُحَاسٍ ، أَوْ بِمِثْلِهِ .
أَوْ نَوًى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوَاهُ ، وَنَحْوِهِ ، رِوَايَتَانِ ( م 13 )
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَفِي بَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ بِمِثْلِهَا ، أَوْ لَبَنٍ بِشَاةٍ فِيهَا لَبَنٌ أَوْ دِرْهَمٍ فِيهِ نُحَاسٌ بِنُحَاسٍ ، أَوْ بِمِثْلِهِ أَوْ نَوًى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى ، وَنَحْوِهِ ، رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّوَى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى ، وَاللَّبَنِ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ ، وَالصُّوفِ بِنَعْجَةٍ عَلَيْهَا صُوفٌ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَجُوزُ وَيَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ ، فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، قَالَ فِي الْكَافِي : وَيَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ ذَاتِ صُوفٍ بِمِثْلِهَا وَجْهًا وَاحِدًا ( قُلْت ) : وَهَذَا مِمَّا شَكَّ فِيهِ ، وَكَذَا بَيْعُ شَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا وَالرِّوَايَةُ ( الثَّانِيَةُ ) لَا يَجُوزُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهَادِي .
وَقَالَ ، ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَوًى بِتَمْرٍ بِنَوَاهُ ، قَالَ الشَّارِحُ عَلَى رِوَايَةِ الْجَوَازِ : يَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ مُتَفَاضِلًا أَوْ مُتَسَاوِيًا انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : وَلَعَلَّ الْمَنْعَ يَتَنَزَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الرِّبَوِيُّ مَقْصُودًا ، وَالْجَوَازُ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الْقَصْدِ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَيَشْهَدُ لَهُ تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ كُلِّهِمْ الْجَوَازَ بِأَنَّهُ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي بَيْعِ ذَاتِ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ بِمِثْلِهِمَا نَظَرٌ ، إذْ الْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ فِي ذَلِكَ ، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي فِي
الثَّانِيَةِ ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا ضَعِيفٌ جِدًّا ، فِيمَا يَظْهَرُ ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ تَبَعًا ، وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِمْ : يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ
وَإِنْ بَاعَ نَوْعَيْ جِنْسٍ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ بِنَوْعٍ مِنْهُ أَوْ نَوْعَيْنِ ، فَقِيلَ : كَمُدِّ عَجْوَةٍ ، وَعَنْهُ : فِي النَّقْدِ ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ ( م 14 )
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ بَاعَ نَوْعَيْ جِنْسٍ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ بِنَوْعٍ مِنْهُ أَوْ نَوْعَيْنِ ، فَقِيلَ : كَمُدِّ عَجْوَةٍ ، وَعَنْهُ : فِي النَّقْدِ ، وَعَنْهُ : يَجُوزُ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ .
( رِوَايَةُ ) الْجَوَازِ هِيَ الصَّحِيحَةُ ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : وَهُوَ الْأَقْوَى عِنْدِي ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ .
وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ .
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَجْهَانِ ، وَقِيلَ : رِوَايَتَانِ .
وَرِوَايَةُ أَنَّهَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ فِي النُّقُودِ لَا فِي غَيْرِهَا ، لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا .
وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ كُلِّ جِنْسَيْنِ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا الْحُلُولُ وَالْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَيَحْرُمُ مُدَبَّرٌ بِمِثْلِهِ بِجِنْسِهِ أَوْ شَعِيرٌ وَنَحْوُهُ نَسِيئَةً ، وَكَذَا إنْ صَرَفَ الْفُلُوسَ النَّافِقَةَ بِنَقْدٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : لَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً .
وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي النَّسَاءِ رِوَايَتَانِ ( م 15 ) وَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعِلَّةِ ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ رِبَوِيٍّ .
مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي النِّسَاءِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَجُوزُ ، قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ .
وَمَا جَازَ تَفَاضُلُهُ كَثِيَابٍ وَحَيَوَانٍ يَجُوزُ النَّسَاءُ فِيهِ { لِأَمْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ابْنَ الْعَاصِ بِابْتِيَاعِ بَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ وَثَلَاثَةٍ نَسِيئَةً لِيُنْفِذَ جَيْشًا } ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : فَإِنْ قِيلَ : لَعَلَّهُ ابْتَاعَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لَا فِي ذِمَّتِهِ ، لِأَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ الصَّدَقَةِ ، قُلْنَا : إنَّمَا ابْتَاعَ فِي ذِمَّتِهِ ، وَلِلْإِمَامِ ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ ، وَيَقْضِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَكَذَا أَجَابَ ابْنُ عَقِيلٍ : الْمَالُ لَا يَثْبُتُ فِي مَالٍ ، وَالدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الذِّمَمِ ، وَمَتَى أُطْلِقَتْ الْأَعْوَاضُ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَمِ ، وَلَوْ عُيِّنَتْ الدُّيُونُ فِي أَعْيَانِ أَمْوَالٍ لَمْ يَصِحَّ ، فَكَيْفَ إذَا أُطْلِقَتْ ؟ فَعَلَى هَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : الْجِنْسُ شَرْطٌ مَحْضٌ ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ شَرْطٍ ، كَالْإِحْصَانِ مَعَ الزِّنَا ، وَعَنْهُ : يَحْرُمُ .
فِعْلَةُ النَّسَاءِ الْمَالِيَّةِ ، وَعَنْهُ : يَحْرُمُ إنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ ، فَالْجِنْسُ أَحَدُ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ ، فَأَثَّرَ ، وَعَنْهُ : مُتَفَاضِلًا ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَمَتَى حَرُمَ ، فَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا نَقْدٌ ، فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ نَسِيئَةً جَازَ ، وَإِنْ كَانَ نَقْدًا وَالْعِوَضَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةٌ لَمْ يَجُزْ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ يَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ ، لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً
وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَلَوْ بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ خَبَّرَ صَاحِبَهُ فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَطَلَ ، قَالَ الشَّيْخُ .
كَقَوْلِهِ : بِعْتُك هَذَا الْبَغْلَ فَإِذَا هُوَ حِمَارٌ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ لَازِمًا ، وَعَنْهُ : لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ الْبَدَلِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ فَفِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ : بَطَلَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ جَعْفَرٌ وَابْنُ الْحَكَمِ ، وَالْأَشْهَرُ : لَهُ قَبُولُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ فِي الْمَجْلِسِ ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ جَعَلَا أَرْشَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ ، لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ ، كَبَيْعِ بُرٍّ بِشَعِيرٍ فَيَجِدُ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ دِرْهَمًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ ، وَلَهُ رَدُّهُ وَلَا بَدَلَ لَهُ ، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ ، إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ : لَا تَتَعَيَّنُ النُّقُودُ .
وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ : لَهُ رَدُّهُ وَبَدَلُهُ ، وَلَمْ يُفَرَّقْ فِي الْعَيْبِ ، وَإِنْ تَصَارَفَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ صَحَّ ، لِأَنَّ الْمَجْلِسَ كَحَالَةِ الْعَقْدِ ، فَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَلَهُ بَدَلُهُ ، وَلَهُ الرِّضَا بِعَيْبٍ مِنْ جِنْسِهِ ، فَإِنْ تَفَرَّقَا وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : أَوْ غَيْرُهُ فَعَنْهُ : لَهُ بَدَلُهُ ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْأَوَّلِ ، كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ ، فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ إنْ بُذِلَ لَهُ ، وَلَهُ أَخْذُ أَرْشٍ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَعَنْهُ : لَيْسَ لَهُ بَدَلُهُ ، فَيَفْسَخَ أَوْ يَمْسِكَ فِي الْجَمِيعِ ، وَلَا أَرْشَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ ( م 16 ) وَيُعْتَبَرُ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ .
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ فِي الصَّرْفِ : وَإِنْ تَصَارَفَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ صَحَّ .
فَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَلَهُ بَدَلُهُ ، وَلَهُ الرِّضَا بِعَيْبٍ مِنْ جِنْسِهِ ، فَإِنْ تَفَرَّقَا وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : أَوْ غَيْرُهُ فَعَنْهُ : لَهُ بَدَلُهُ ، .
وَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ ، وَعَنْهُ : لَيْسَ لَهُ بَدَلُهُ ، فَيَفْسَخُ أَوْ يُمْسِكُ فِي الْجَمِيعِ ، وَلَا أَرْشَ بَعْدَ التَّفْرِقَةِ ، انْتَهَى .
( إحْدَاهُمَا ) لَيْسَ لَهُ بَدَلُهُ ، فَيَفْسَخَ أَوْ يُمْسِكَ فِي الْجَمِيعِ وَلَا أَرْشَ بَعْدَ التَّفْرِقَةِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَهُ بَدَلُهُ ، وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ ، وَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ فِي الذِّمَّةِ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ مَعِيبًا مِنْ جِنْسِهِ فَالصَّرْفُ صَحِيحٌ ، ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ ، فَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ فَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَمْ لَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَبْطُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْخَلَّالُ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، فَعَلَى هَذِهِ الرَّاوِيَةِ لَهُ الْبَدَلُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَبْطُلُ الْعَقْدُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا رَيْبٍ ، لَكِنْ إنْ طَلَبَ مَعَهُ الْأَرْشَ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْجِنْسَيْنِ ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا هُوَ الْمُحَقَّقُ .
وَقَالَ أَيْضًا : وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : لَهُ الْأَرْشُ ، عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى ، انْتَهَى .
وَإِنْ تَصَارَفَا مَا يَجِبُ فِيهِ التَّمَاثُلُ فَكَذَلِكَ ، وَقِيلَ : وَفِي الْأَرْشِ ، وَهُوَ سَهْوٌ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ كُلُّ عَقْدِ صَرْفٍ إنْ تَخَايَرَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ .
وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَحْصُلَ التَّعْيِينُ قَبْضًا فِي الصَّرْفِ ، وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ غَيْرُ التَّسْلِيطِ بِالْقَوْلِ مَعَ تَعْيِينِ الثَّمَنَيْنِ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ اُخْتُصَّ بِشُرُوطٍ .
وَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي قَبْضٍ فِي صَرْفٍ وَنَحْوِهِ مَا دَامَ مُوَكِّلُهُ بِالْمَجْلِسِ ، لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِهِ .
وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ : إنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ بِالْمَجْلِسِ هَلْ يَقُومُ وَارِثُهُ فِي قَبْضٍ حَتَّى يَبْقَى الْعَقْدُ ؟ الصَّحِيحُ لَا يَبْقَى ، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَخْرِيجُ فِي الْوَكِيلِ .
وَيَجُوزُ اقْتِضَاءُ نَقْدٍ مِنْ آخَرَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، إنْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا ، وَالْآخَرُ فِي الذِّمَّةِ مُسْتَقِرٌّ بِسِعْرِ يَوْمِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ فِي بَيْعِ الْإِبِلِ بِالْبَقِيعِ ، وَلِأَنَّهُ قَضَاءٌ ، فَكَانَ بِالْمِثْلِ ، لَكِنْ هُنَا بِالْقِيمَةِ ، لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ( م 17 ) وَإِنْ كَانَا فِي ذِمَّتَيْهِمَا فَاصْطَرَفَا ، فَنَصُّهُ : لَا يَصِحُّ ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا .
وَمَنْ وَكَّلَ غَرِيمَهُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ وَأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ ، فَنَصُّهُ : لَا يَأْخُذُ ، وَيُتَوَجَّهُ كَشِرَاءِ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ .
وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَبَعَثَ إلَى غَرِيمِهِ دِينَارًا وَتَتِمَّتُهُ دَرَاهِمُ .
أَوْ أَرْسَلَ إلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ : خُذْ حَقَّك مِنْهُ دَنَانِيرَ ، فَقَالَ الَّذِي أَرْسَلَ إلَيْهِ : خُذْ صِحَاحًا بِالدَّنَانِيرِ ، لَمْ يَجُزْ ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ فِي الصَّرْفِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا لَوْ بَعَثَ الْمُدَّيْنِ مَعَ الرَّسُولِ بِغَيْرِ نَقْدٍ عَلَيْهِ رَهْنًا أَوْ قَضَاءً ، فَذَهَبَ ، فَمَنْ الْبَاعِثُ .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ فِي الْمُقَاصَّةِ : وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَالزَّرْكَشِيُّ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ : تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ .
أَحَدُهُمَا لَا يُشْتَرَطُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ .
وَالْوَجْهُ ( الثَّانِي ) يُشْتَرَطُ ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ : حَالًّا .
فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً .
وَمَتَى صَارَفَهُ فَلَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ مِنْ جِنْسِ مَا أَخَذَ مِنْهُ بِلَا مُوَاطَأَةٍ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ فِي الْمَجْلِسِ ، وَمَنَعَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى إلَّا أَنْ يَمْضِيَ لِيُصَارَفَ غَيْرَهُ فَلَمْ يَسْتَقِمْ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ : مَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يَمْضِيَ فَلَمْ يَجِدْ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ : مِنْ غَيْرِهِ أَعْجَبُ إلَيَّ .
وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا فِي صَرْفٍ ، نَحْوَ إنْ خَرَجَ رَدِيئًا رَدَدْته ، فَقَالَ أَحْمَدُ : لَا يَجُوزُ ، وَقَالَ : مَكْرُوهٌ .
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَأَبُو الْحَارِثِ : إنْ تَصَارَفَا فَخَرَجَ فِي الدَّرَاهِمِ رَدِيءٌ لَهُ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ
وَالدَّرَاهِمُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ ، فَلَا تُبَدَّلُ ، وَإِنْ بَانَتْ مَغْصُوبَةً بَطَلَ ، وَمَعِيبَةً مِنْ جِنْسِهَا لَهُ الرَّدُّ ، وَمِنْ غَيْرِهِ يَبْطُلُ ، وَعَنْهُ : لَا يَتَعَيَّنُ ، فَتُبَدَّلُ مَعَ غَصْبٍ وَعَيْبٍ ، وَإِنْ نَذَرَ صَدَقَةً بِدِرْهَمٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَحَفِيدُهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : يَتَعَيَّنُ ، فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ بِلَا أَمْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ ، وَيَضْمَنُهُ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَسَلَّمَ الْحَنَفِيَّةُ التَّعْيِينَ فِي هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَنَذْرٍ ، قَالُوا : لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْقَبْضِ ، وَفِي غَيْرِهِ الثَّمَنُ حُكْمُ الْعَقْدِ يَأْتِي عَقِبَهُ .
وَتَجُوزُ مُعَامَلَةٌ بِمَغْشُوشِ جِنْسِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ ، وَكَرِهَهُ أَبُو الْمَعَالِي لِغَيْرِهِ ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَهُمَا فِي ضَرْبِهِ ، وَجَوَّزَ أَبُو الْمَعَالِي الْمُعَامَلَةَ إنْ اشْتَهَرَ قَدْرُهُ ، وَإِنْ جُهِلَ وَغِشُّهُ مَقْصُودٌ يَجُوزُ مُعَيَّنًا إنْ مَازَجَ لَا فِي الذِّمَّةِ ، وَغَيْرُ الْمَقْصُودِ بَاطِنًا يَجُوزُ مُعَيَّنًا إنْ لَمْ يُمَازِجْ ، قَالَ شَيْخُنَا : الْكِيمْيَاءُ غِشٌّ ، وَهِيَ تَشْبِيهُ الْمَصْنُوعِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ بِالْمَخْلُوقِ ، بَاطِلَةٌ فِي الْعَقْلِ ، مُحَرَّمَةٌ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، ثَبَتَ عَلَى الرُّوبَاصِ أَوْ لَا ، وَيَقْتَرِنُ بِهَا كَثِيرًا السِّيمِيَاءُ ، الَّتِي هِيَ مِنْ السِّحْرِ وَالزُّجَاجُ مَصْنُوعٌ لَا مَخْلُوقٌ .
وَمَنْ طَلَبَ [ زِيَادَةَ ] الْمَالِ بِمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عُوقِبَ بِنَقِيضِهِ ، كَالْمُرَابِي ، وَهِيَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْهُ ، وَلَوْ كَانَتْ حَقًّا مُبَاحًا لَوَجَبَ فِيهَا خُمُسٌ أَوْ زَكَاةٌ ، وَلَمْ يُوجِبْ عَالِمٌ فِيهَا شَيْئًا .
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ قَارُونَ عَلِمَهَا بَاطِلٌ ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا وَيَعْمَلْهَا إلَّا فَيْلَسُوفٌ أَوْ اتِّحَادِيٌّ أَوْ مَلِكٌ ظَالِمٌ .
وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا نَسِيئَةً أَوْ بِثَمَنٍ لَمْ يَقْبِضْهُ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْأَكْثَرُ ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ : نَقْدًا ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ ، وَلَوْ بَعْدَ حِلِّ أَجَلِهِ ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِي ، بَطَلَ الثَّانِي [ نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ ، لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا ، وَكَذَا فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ الْقِيَاسُ صِحَّةُ الْبَيْعِ ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ لِدَلِيلٍ ] إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ ثَمَنِهِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَجْهٌ : بِعَرَضٍ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، أَوْ يَشْتَرِيه بِمِثْلِ ثَمَنِهِ ، أَوْ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهِ ، لَا مِنْ وَكِيلِهِ ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ : إنْ وَجَدَهُ مَعَ آخَرَ يَبِيعُهُ بِالسُّوقِ أَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ ؟ قَالَ : لَا ، لَعَلَّهُ دَفَعَهُ ذَاكَ إلَيْهِ يَبِيعُهُ .
وَتُوُقِّفَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَا إذَا نَقَصَ فِي نَفْسِهِ ، وَحَمَلَهُ فِي الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ نَقْصَهُ أَقَلُّ مِنْ النَّقْصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ ، فَتَكُونُ عِلَّةُ الْمَنْعِ بَاقِيَةً ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْعَيِّنَةِ ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ : يَجُوزُ قِيَاسًا ، وَكَذَا فِي التَّرْغِيبِ : لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا ، وَكَذَا فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ : الْقِيَاسُ صِحَّةُ الْبَيْعِ ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ لِدَلِيلٍ رَاجِحٍ ، فَلَا خِلَافَ إذًا فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْأَوَّلُ إذَا كَانَ بَتَاتًا وَلَا مُوَاطَأَةَ ، وَإِلَّا بَطَلَا ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ ( و هـ م ) وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ مَنْ أَطْلَقَ هَذَا ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ [ فِي الِانْتِصَارِ ] إذَا قَصَدَ بِالْأَوَّلِ الثَّانِيَ يَحْرُمُ ، وَرُبَّمَا قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ .
وَقَالَ أَيْضًا يَحْرُمُ إذَا قَصَدَا أَنْ لَا يَصِحَّا ، وَإِنْ سَلَّمَ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ خَلَا عَنْ ذَرِيعَةِ الرِّبَا .
وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : بِئْسَ مَا شَرَيْت وَبِئْسَ
مَا اشْتَرَيْت .
أَنَّهُ لِلتَّأْكِيدِ .
قَالَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ فَعَلَهَا : لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ الْحَدِيثُ .
وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْوَرَعِ ، لِأَنَّهُ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ ، مَعَ أَنَّهُ ذُكِرَ عَنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : إنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَبْطَلَ جِهَادَهُ ، أَنَّهَا أَوْعَدَتْ عَلَيْهِ .
وَمَسَائِلُ الْخِلَافِ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَعِيدُ ، وَعَكْسُ الْعَيِّنَةِ مِثْلُهَا ، نَقَلَهُ حَرْبٌ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : يَجُوزُ بِلَا حِيلَةٍ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يَبِيعُ الشَّيْءَ بِمَ يَجِدُهُ يُبَاعُ أَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِالنَّقْدِ قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ بِأَكْثَرَ لَا بَأْسَ ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى نَقْدٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهِيَ التَّوَرُّقُ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ ، وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا .
نَقَلَ أَبُو دَاوُد : إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ بَيْعَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ مِنْك هُوَ أَهْوَنُ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ بَيْعَهُ فَهُوَ الْعَيِّنَةُ ، وَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ ، وَهِيَ الْعَيِّنَةُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ لَا يَبِيعَ الرَّجُلُ إلَّا نَسِيئَةً ، مَعَ جَوَازِهِ ، وَمَنْ بَاعَ غَرِيمَهُ بِزِيَادَةٍ لِيَصْبِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ بَاعَ رِبَوِيًّا نَسِيئَةً حَرُمَ أَخْذُهُ عَنْ ثَمَنِهِ مَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً ، لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ، قَالَهُ أَحْمَدُ ، وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا لِحَاجَةٍ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ مُطْلَقًا ، وَقَالَ : قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْعَيِّنَةِ أَخْذُ غَيْرِ جِنْسِهِ .
وَيَحْرُمُ قَطْعُ دِرْهَمٍ وَقِطْعَةٍ وَدِينَارٍ وَكَسْرُهُ وَلَوْ بِصِيَاغَةٍ ، وَإِعْطَاءُ سَائِلٍ إلَّا الرَّدِيءَ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَاحْتَجَّ { بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ إلَّا مِنْ بَأْسٍ } ، وَهُوَ خَبَرٌ ضَعِيفٌ ، وَبِأَنَّهُ فَسَادٌ فِي الْأَرْضِ ، وَعَنْهُ : كَرَاهَةُ التَّنْزِيَةِ ، قَالَهُ الْقَاضِي ، وَعَنْهُ : لَا يُعْجِبُنِي ، قَالَ : وَالْبَأْسُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي دِرْهَمٍ [ أَوْ دِينَارٍ ] هَلْ هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ فَيُكْسَرُ لِهَذَا الْمَعْنَى ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَكْسِرُ الزُّيُوفَ وَهُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الدَّرَاهِمِ عِنْدَ الضَّرْبِ .
وَقَدْ { نَهَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ الْكَسْرِ ، لِمَا عَلَيْهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى } ، فَيَتَنَاثَرُ عِنْدَ الْكَسْرِ ، قَالَ : وَيُكْرَهُ نَثْرُهَا عَلَى الرَّاكِبِ ، لِوُقُوعِهَا تَحْتَ أَرْجُلِ الدَّوَابِّ ، كَذَلِكَ قَالَ : وَلَمْ يَضْرِبْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ الدَّرَاهِمَ [ وَإِنَّمَا ] ضُرِبَتْ عَلَى عَهْدِ الْحَجَّاجِ ، قَالَهُ أَحْمَدُ .
قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ مَعَهُ دِينَارٌ ، فَقِيلَ لَهُ : هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ ، فَجَاءَ بِهِ رَجُلًا فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ رَدِيءٌ : لَا بَأْسَ [ بِهِ ] وَقَالَ فِي الْوَزْنِ بِحَبِّ الشَّعِيرِ ، قَدْ يَتَفَاضَلُ : يُعَيَّرُ ثُمَّ يُوزَنُ بِهِ .
بَابُ السَّلَمِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ يَصِحُّ بِلَفْظِهِ وَلَفْظِ السَّلَفِ وَالْبَيْعِ بِشُرُوطٍ : أَحَدُهَا ضَبْطُ صِفَاتِهِ ، كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ ، وَالْمَذْهَبُ : وَمَزْرُوعٍ ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ وَعَلَى الْأَصَحِّ : وَحَيَوَانٍ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ ، وَفِي مَعْدُودٍ كَفَوَاكِهَ وَبُقُولٍ وَجُلُودٍ وَرُءُوسٍ وَبَيْضٍ رِوَايَتَانِ ( م 1 - 3 )
بَابُ السَّلَمِ [ وَالتَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ ] ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي مَعْدُودٍ كَفَوَاكِهَ وَبِقَوْلٍ وَجُلُودٍ وَرُءُوسٍ وَبَيْضٍ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَلَا يَصِحُّ فِي مَعْدُودٍ مُخْتَلِفٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : لَا أَرَى السَّلَمَ فِي الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْبَيْضِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3 ) هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْجُلُودِ وَالرُّءُوسِ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا يَصِحُّ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، قَالَ النَّاظِمُ :
وَهُوَ أَوْلَى ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ فِي مَكَان آخَرَ ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي يَعْقُوبُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ .
السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ نَوْعَيْنِ وَفِيمَا خَلْطُهُ مَقْصُودٌ مُتَمَيِّزٌ كَثِيَابٍ مَنْسُوجَةٍ مِنْ نَوْعَيْنِ وَخِفَافٍ وَنُشَّابٍ وَنَبْلٍ وَرِمَاحٍ ، وَقِيلَ : وَقِسِيٍّ وَجْهَانِ ( م 4 و 5 ) لَا جَوْهَرَ وَنَحْوَهُ
( مَسْأَلَةٌ 4 ، 5 ) قَوْلُهُ : وَفِيمَا خَلْطُهُ مَقْصُودٌ مُتَمَيِّزٌ كَثِيَابٍ مَنْسُوجَةٍ مِنْ نَوْعَيْنِ وَخِفَافٍ وَنُشَّابٍ وَنَبْلٍ وَرِمَاحٍ ، وَقِيلَ : وَقِسِيٍّ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ نَوْعَيْنِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا .
وَالْوَجْهُ ( الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 5 ) هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْخِفَافِ وَالنُّشَّابِ وَالنَّبْلِ الْمُرَيَّشِ وَالرِّمَاحِ أَمْ لَا يَصِحُّ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ نَوْعَيْنِ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ .
وَقَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَمَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ الصِّحَّةُ هُنَا أَيْضًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا .
وَيَصِحُّ فِي جُبْنٍ وَخَلٍّ وَتَمْرٍ وَلَبَنٍ وَخُبْزٍ وَلَحْمٍ وَلَوْ مَعَ عَظْمِهِ ، وَيُعْتَبَرُ مَوْضِعُ لَحْمٍ مِنْ الْحَيَوَانِ كَلَحْمِ فَخْذٍ أَوْ جَنْبٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : السَّلَمُ فِيهِ لَا بَأْسَ بِهِ ، وَيُسَمَّى مَاعِزٌ غَثٌّ أَوْ سَمِينٌ .
وَيَصِحُّ فِي شَحْمٍ ، قِيلَ لِأَحْمَدَ : إنَّهُ يَخْتَلِفُ ، قَالَ : كُلُّ سَلَفٍ يَخْتَلِفُ ، وَسَكَنْجَبِينٍ وَنَحْوِهَا ، لِأَنَّ خَلْطَهُ لِمَصْلَحَتِهِ ، وَلَبَنٍ فِيهِ مَاءٌ يَسِيرٌ وَدُهْنِ بَنَفْسَجٍ وَوَرْدٍ وَنَحْوِهَا .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : لَا فِي لَبَنٍ حَامِضٍ ، لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَلَا يَنْضَبِطُ ، لَا مَا خَلْطُهُ لَا يَنْفَعُهُ كَمَا فِي لَبَنٍ وَمِشٍّ فِي ذَهَبٍ ، أَوْ لَا يَتَمَيَّزُ كَنَقْدٍ مَغْشُوشٍ وَمَعَاجِينَ وَنَدٍّ وَغَالِيَةٍ ، وَفِيهَا فِي الِانْتِصَارِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ ، وَحَيَوَانٍ حَامِلٍ وَأَمَةٍ وَوَلَدِهَا ، لِنُدْرَةِ جَمْعِهِمَا الصِّفَةَ ، وَقِيلَ : وَلَحْمٍ مَطْبُوخٍ وَمَشْوِيٍّ .
وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي لُؤْلُؤٍ وَنَحْوِهِ وَخَلِفَاتٍ وَمَعَاجِينَ مَنْعٌ فِي الْكُلِّ ، ثُمَّ تَسْلِيمٌ فِي اللُّؤْلُؤِ ، ثُمَّ تَسْلِيمٌ فِي الْكُلِّ .
وَفِي شَهْدٍ وَعَقِيقٍ وَآنِيَةٍ مُخْتَلِفَةِ الرَّأْسِ وَالْوَسَطِ وَجْهَانِ ( م 6 - 8 )
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَفِي شَهْدٍ وَعَقِيقٍ وَآنِيَةٍ مُخْتَلِفَةِ الرَّأْسِ وَالْوَسَطِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ذَكَرَ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الشَّهْدِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 ) هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْعَقِيقِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِمَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 8 ) هَلْ يَصِحُّ فِي الْآنِيَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الرُّءُوسِ وَالْأَوْسَاطِ أَمْ لَا يَصِحُّ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِير وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُضْبَطُ بِارْتِفَاعِ حَائِطِهِ وَدُورٍ أَسْفَلَهُ وَأَعْلَاهُ
الثَّانِي ) ذِكْرُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ ثَمَنُهُ غَالِبًا ، كَقَدْرِهِ وَنَوْعِهِ وَبَلَدِهِ وَحَدَاثَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَضِدِّهِمَا ، وَيَذْكُرُ فِي الْأَصَحِّ مَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَ النَّوْعِ ، وَسِنَّ الْحَيَوَانِ وَذُكُورَتَهُ وَأُنُوثَتَهُ وَسِمَنَهُ وَهُزَالَهُ ، وَرَاعِيًا أَوْ مَعْلُوفًا ، وَهَلْ الْآلَةُ أُحْبُولَةٌ أَوْ كَلْبٌ أَوْ فَهْدٌ أَوْ صَقْرٌ .
وَعِنْدَ الشَّيْخِ : لَا يُشْتَرَطُ هَذَا ، لِأَنَّهُ يَسِيرٌ ، قَالَ : وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الرَّقِيقِ ذِكْرُ سِمَنٍ وَهُزَالٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَتَبَايَنُ بِهِ الثَّمَنُ فَهَذَا أَوْلَى ، وَالطُّولُ بِالشِّبْرِ مُعْتَبَرٌ فِي الرَّقِيقِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فَإِنْ كَانَ رَجُلًا ذَكَرَ طَوِيلًا أَوْ رَبْعًا أَوْ قَصِيرًا .
وَفِي ذِكْرِ الْكُحْلِ وَالدَّعَجِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ ( م 9 )
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَفِي ذِكْرِ الْكُحْلِ وَالدَّعَجِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ [ انْتَهَى ] وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْكُحْلِ وَالدَّعَجِ وَثِقَلِ الْأَرْدَافِ وَوَضَاءَةِ الْوَجْهِ ، وَكَوْنِ الْحَاجِبَيْنِ مَقْرُونَيْنِ وَالشَّعْرِ سَبْطًا أَوْ جَعْدًا أَوْ أَشْقَرَ ، أَوْ أَسْوَدَ ، وَالْعَيْنِ زَرْقَاءَ ، وَالْأَنْفِ أَقْنَى ، فِي صِحَّةِ السَّلَمِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُعْتَبَرُ ذِكْرُ ذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : قَالَهُ غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِنَا ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَمَنْ تَبِعَهُمَا ، وَيَذْكُرُ الثُّيُوبَةَ وَالْبَكَارَةَ ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجُعُودَةِ وَالسُّبُوطَةِ ، انْتَهَى .
وَاخْتَارَ الِاشْتِرَاطَ فِي الْجَمِيعِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ ذَلِكَ ، وَيَصِحُّ السَّلَمُ بِدُونِ ذِكْرِهِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْخِصَالِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الطَّيْرِ ، كَالْكُرْكِيِّ وَالْبَطِّ ، لِأَنَّ الْقَصْدَ لَحْمُهُ وَيَنْزِلُ الْوَصْفُ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَةٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ بِلُغَةٍ يَفْهَمُهَا غَيْرُهَا لِيَرْجِعَ إلَيْهِمْ عِنْدَ التَّنَازُعِ .
قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : وَيَذْكُرُ فِي الْعَسَلِ الْمَكَانَ بَلَدِيٌّ جَبَلِيٌّ ، وَالزَّمَانَ رَبِيعِيٌّ خَرِيفِيٌّ ، وَاللَّوْنَ ، لَا قِدَمَهُ وَحَدَاثَتَهُ .
وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْأَجْوَدِ ، وَفِي الْأَرْدَأِ وَجْهَانِ ( م 10 ) وَلَهُ أَخْذُ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِهِ ، كَدُونِ شَرْطِهِ مِنْ نَوْعِهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : يَلْزَمُهُ .
وَعَنْهُ : يَحْرُمُ ، كَغَيْرِ جِنْسِهِ ، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ .
وَنَقَلَ فِيهِ جَمَاعَةٌ : يَأْخُذُ أَدْنَى ، كَشَعِيرٍ عَنْ بُرٍّ بِقَدْرِ كَيْلِهِ ، وَلَا يَرْبَحُ مَرَّتَيْنِ ، وَاحْتَجَّ بِابْنِ عَبَّاسٍ ، وَبِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ حَقِّهِ ، وَيَلْزَمُهُ أَخْذُ أَجْوَدَ مِنْ نَوْعِهِ ، فِي الْأَصَحِّ كَشَرْطِهِ وَلَوْ تَضَرَّرَ ، وَقِيلَ : يَحْرُمُ .
وَحَكَى رِوَايَةً ، نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ : لَا يَأْخُذُ فَوْقَ صِفَتِهِ بَلْ دُونَهَا ، وَيَجُوزُ دَفْعُ عِوَضِ زِيَادَةِ الْقَدْرِ لَا الْجُودَةِ وَلَا الرَّدَاءَةِ .
وَإِنْ وَجَدَ عَيْبًا فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ رَدُّهُ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْأَجْوَدِ ، وَفِي الْأَرْدَأِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ .
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : لِأَنَّ طَلَبَ الْأَرْدَأِ مِنْ الْأَرْدَأِ عِنَادٌ فَلَا يَثُورُ فِيهِ نِزَاعٌ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الثَّالِثُ ) ذِكْرُ قَدْرِهِ بِالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ أَسْلَفَ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ عَلَى غَلَّةٍ بِحُكْمِ أَنَّهُ إذَا حَلَّ دَفَعَ الْغَلَّةَ بِأَنْقَصَ مِمَّا تُسَاوِي بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ : هَذَا سَلَفٌ بِنَاقِصٍ عَنْ السِّعْرِ بِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَبِيعَهُ بِسِعْرِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ أَوْ بِزِيَادَةٍ دِرْهَمٍ فِي الْغَرَارَةِ أَوْ نَقْصِ دِرْهَمٍ فِيهَا وَفِي الْبَيْعِ بِالسِّعْرِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، الْأَظْهَرُ جَوَازُهُ ، لِأَنَّهُ لَا خَطَرَ وَلَا غَرَرَ ، وَلِأَنَّ قِيمَةَ الْمِثْلِ الَّتِي تَرَاضَيَا بِهَا أَوْلَى مِنْ قِيمَةِ مِثْلٍ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِهَا ، وَمَنْ قَالَ إنَّ [ مِثْلَ ] ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فَإِذَا تَرَاضَيَا بِهِ جَازَ
.
وَفِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِي مَكِيلٍ وَزْنًا وَ [ فِي ] مَوْزُونٍ كَيْلًا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ ( م 11 )
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَفِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِي مَكِيلٍ وَزْنًا وَمَوْزُونٍ كَيْلًا رِوَايَتَانِ ، مَنْصُوصَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْعَامَّةِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْخُلَاصَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْبُلْغَةِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ ، زَادَهَا الشَّارِحُ فِي مَتْنِ الْمُقْنِعِ ، وَاخْتَارَهَا هُوَ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ .
فَإِنْ شَرَطَ مِكْيَالَ رَجُلٍ أَوْ مِيزَانَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ وَلَيْسَ لَهَا عُرْفٌ لَمْ يَصِحَّ ، كَقَوْلِهِ : فِي مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ ، وَإِلَّا صَحَّ ، وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْأَصَحِّ وَفِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ ( م 12 ) وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَتَيْنِ فِي صِحَّةِ عَقْدٍ بِتَعْيِينِ مِكْيَالٍ ، وَيُسَلَّمُ فِي مَعْدُودٍ غَيْرِ حَيَوَانٍ يَتَقَارَبُ عَدَدًا .
وَعَنْهُ : وَزْنًا ، مُطْلَقًا ، وَعَنْهُ عَكْسُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ شَرَطَ مِكْيَالَ رَجُلٍ أَوْ مِيزَانَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ وَلَيْسَ لَهَا عُرْفٌ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِلَّا صَحَّ .
وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْأَصَحِّ ، وَفِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالزَّرْكَشِيِّ .
أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ وَابْنِ رَزِينٍ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ .
( الرَّابِعُ ) ذِكْرُ أَجَلٍ مَعْلُومٍ .
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لَهُ وَقَعَ فِي الثَّمَنِ عَادَةً ، قَالَهُ أَصْحَابُنَا كَشَهْرٍ ، وَلَيْسَ هَذَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ ، لِأَنَّهُ بَاعَ مَجْهُولًا لَا يَمْلِكُهُ يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ ، فَرَخَّصَ فِيهِ لِحَاجَةِ الْمُفْلِسِ ، وَلَا حَاجَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ ، وَهَذَا إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَجَلِ فِي الْجُمْلَةِ ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : هُوَ مُعْتَمَدُ الْمَسْأَلَةِ وَسِرُّهَا .
وَفِي الْوَاضِحِ : قَدَّرَهُ أَصْحَابُنَا بِشَهْرٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ : يَصِحُّ حَالًّا ، مِنْ نَقْلِ أَبِي طَالِبٍ : أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ : لَا يَحْتَاجُ إلَى أَجَلٍ ، وَهُوَ قِيَاسٌ ، وَلَكِنْ إلَى أَجَلٍ أَحَبُّ إلَيَّ ، وَهِيَ مَعَ بَقِيَّةِ النُّصُوصِ تَدُلُّ عَلَى الْأَجَلِ الْقَرِيبِ .
وَحَمَلَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ ، كَذَا قَالَ .
وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْأَجَلِ .
وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ فِي شَهْرِ كَذَا وَتَأْجِيلُهُ بِشَهْرٍ رُومِيٍّ وَنَيْرُوزَ وَنَحْوِهِ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ بِجُمَادَى ، وَيَنْزِلُ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَلَوْ قَالَ : إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ ، حَلَّ بِأَوَّلِهِ .
وَإِنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا مَعْلُومًا صَحَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : إنْ بَيَّنَ قِسْطَ كُلِّ أَجَلٍ وَثَمَنَهُ .
وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا فِي جِنْسَيْنِ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ ، وَمِثْلُهُ ثَمَنَيْنِ فِي جِنْسٍ ، نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد ، وَقِيلَ : يَجُوزُ ، فَيَرْجِعُ إنْ تَعَذَّرَ بِقِسْطِهِمَا .
وَإِنْ أَتَاهُ بِالسَّلَمِ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ لَزِمَهُ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَنَقَلَ بَكْرٌ وَحَنْبَلٌ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ : لَا يَلْزَمُهُ ، وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ فَيَرِقُّ ، وَلِأَنَّ بَقَاءً فِي مِلْكِهِ حَقٌّ لَهُ لَمْ يَرْضَ بِزَوَالِهِ .
وَذَكَرَ فِي الْمَذْهَبِ فِيهِ يَلْزَمُهُ مَعَ ضَرَرٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَأَطْلَقَهُ فِيهِ أَحْمَدُ وَالْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ .
وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ إنْ كَانَ مِمَّا يَتْلَفُ أَوْ يَتَغَيَّرُ قَدِيمُهُ أَوْ حَدِيثُهُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ وَإِلَّا فَلَا ، وَجَزَمَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَتْلَفُ أَوْ يَتَغَيَّرُ قَدِيمُهُ أَوْ حَدِيثُهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ ، لِلضَّرَرِ ، وَيَتَوَجَّهُ تَخَرُّجُ رِوَايَةِ : لَا يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ أَوْ أَوْلَى ، وَلِهَذَا فِي لُزُومِهِ فِيهِ مَعَ ضَرَرٍ خِلَافٌ ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ قَاسُوا اللُّزُومَ عَلَى لُزُومِهِ أَخْذَ زِيَادَةٍ فِي الصِّفَةِ ، وَسَبَقَ فِيهِ خِلَافٌ ، وَإِنْ أَبَى بَرِئَ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ ، وَالْمَشْهُورُ : يَرْفَعُهُ إلَى حَاكِمٍ فَيَنُوبُ عَنْهُ فِي قَبْضِهِ وَيْحُكُمْ بِعِتْقِهِ ، نَقَلَ حَرْبٌ : إنْ أَبَى مَوْلَاهُ الْأَخْذَ مَا أَعْلَمُ زَادَهُ إلَّا خَيْرًا .
وَقَالَ فِيهِ حَدِيثٌ يُرْوَى ، قُلْت : حَدِيثُ عُثْمَانَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ لَهُ : ضَعْهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَخَلَّى سَبِيلَهُ .
وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فِي مَكَانِ تَسْلِيمِهِ ، نَقَلَهُ حَرْبٌ ، وَقَدَّرَ أَجَلَهُ ، وَالْأَصَحُّ : وَحُلُولُهُ .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : نَقَلَ حَرْبٌ : إذَا اخْتَلَفَا فِي أَجَلِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ .
( الْخَامِسُ ) غَلَبَةُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مَحِلِّهِ ، وَإِنْ عُدِمَ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ عَيَّنَ نَاحِيَةً تَبْعُدُ فِيهَا آفَةٌ ، فَإِنْ أَسْلَمَ فِي نِتَاجٍ مِنْ فَحْلِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ غَنِيِّهِ وَنَحْوِهِ أَوْ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ أَوْ زَرْعِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَحَنْبَلٌ : يَصِحُّ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ اُسْتُحْصِدَ ، وَاحْتَجَّ بِابْنِ عُمَرَ ، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ : إنْ أَمِنَ عَلَيْهَا الْجَائِحَةَ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً ، فَعَنْهُ : يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا ، وَعَنْهُ : لَا ، وَأَنَّ عَلَيْهَا يَشْتَرِطُ عَدَمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ بَعْضُهُ وَقِيلَ : أَوْ انْقَطَعَ وَتَحَقَّقَ بَقَاؤُهُ فَلَهُ الصَّبْرُ أَوْ فَسْخُ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ ، وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ الْمَوْجُودَ أَوْ بَدَلَهُ ، وَقِيلَ : يَنْفَسِخُ بِالتَّعَذُّرِ ، وَقِيلَ : إنْ تَعَذَّرَ بَعْضُهُ فَسَخَ الْكُلَّ أَوْ صَبَرَ .
( السَّادِسُ ) قَبْضُ الثَّمَنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ( م 13 ) وَيَقَعُ الْعَقْدُ بِقِيمَةِ مِثْلِيٍّ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَضْمَنُهُ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَهُوَ رِبًا ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ و [ هُوَ ] ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ بِمِثْلِهِ ، وَكَذَا الْأُجْرَةُ .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ : وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُشْتَرَطُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ، وَتَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي شُرُوطِ السَّلَمِ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
وَيَصِحُّ إسْلَامُ عَرَضٍ فِي عَرَضٍ أَوْ فِي ثَمَنٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : وَبِالْمَنَافِعِ كَمَسْأَلَتِنَا وَيُسَلَّمُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَصِحُّ فِي عَيْنِ كَذَا أَوْ شَجَرَةٍ نَابِتَةٍ .
وَفِي الْوَاضِحِ : إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً فَبِيعَ بِلَفْظِ سَلَمٍ فَيَقْبِضُ ثَمَنَهُ فِيهِ ، وَذَكَرَ فِي التَّبْصِرَةِ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مِنْ الشَّرْطِ .
وَيَجِبُ الْوَفَاءُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَهُ أَخْذُهُ فِي غَيْرِهِ إنْ رَضِيَا لَا مَعَ أُجْرَةِ حَمْلِهِ إلَيْهِ ، قَالَ الْقَاضِي : كَأَخْذِ بَدَلِ السَّلَمِ ، وَيَصِحُّ شَرْطُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ ، وَعَنْهُ : لَا ، وَعَنْهُ : لَا فِي غَيْرِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْوَفَاءِ كَبَرٍّ أَوْ بَحْرٍ اُشْتُرِطَ ذِكْرُهُ .
وَقَالَ الْقَاضِي : لَا .
وَيُوَفِّي بِأَقْرَبِهِ [ لَهُ ]
وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ [ لَا لَهُ ] مَعَ الْغَرِيمِ لَا الضَّامِنِ ، وَعَنْهُ : لَا ، ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ ، وَفِي بَعْضِهِ رِوَايَتَانِ ( م 14 ) وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّمَنِ أَوْ بَدَلِهِ إنْ تَعَذَّرَ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ ، خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ .
وَفِي الْمُغْنِي : لَا يُشْتَرَطُ فِي ثَمَنٍ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِوَضٍ وَيَلْزَمُ رَدُّ الثَّمَنِ الْمَوْجُودِ فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَهُ ثَمَنًا وَهُوَ ثَمَنٌ فَصَرْفٌ ، وَإِلَّا فَبَيْعٌ ، يَجُوزُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ .
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ .
وَفِي بَعْضِهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى .
وَالرِّوَايَةُ ( الثَّانِيَةُ ) لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ .
فَصْلٌ يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَفِي رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ يَحِقُّ لَهُ رِوَايَتَانِ فِي الِانْتِصَارِ ( م 15 ) وَعَنْهُ : يَصِحُّ مِنْهُمَا .
قَالَهُ شَيْخُنَا ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ ، وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ، وَذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَنْ صَاحِبِهِ ، كَدَيْنِ السَّلَمِ .
وَفِي الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةٌ : يَصِحُّ فِيهِ ، اخْتَارَهَا شَيْخُنَا وَأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، لَكِنْ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ فَقَطْ لِئَلَّا يَرْبَحَ فِيمَا لَمْ يَضْمَنْ ، قَالَ : وَكَذَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي بَدَلِ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ ، وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ ، وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ لَيْسَ مُلَازِمًا لِلضَّمَانِ ، فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، وَكَالثَّمَنِ ، لَكِنْ مَنَعَهُ أَحْمَدُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ ، وَلَمْ يُفَرِّقْ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَأَحْمَدُ تَبِعَهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى التَّنْزِيهِ أَوْ إذَا أَخَّرَ قَبَضَ مَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ فِي رِبَا النَّسِيئَةِ ، وَهَذَا الثَّانِي أَشْبَهُ بِنُصُوصِهِ وَأُصُولِهِ ، وَهُوَ مُوجَبُ الدَّلِيلِ ، لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ ، وَلِأَنَّ بَيْعَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَائِعِهِ ، فَلَا قَبْضَ ، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَبْضِهِ مِنْهُ ثُمَّ رَدِّهِ إلَيْهِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ : أَنَّهُ كَرِهَ لِمُقْرِضِ بُرٍّ أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنِهِ شَعِيرًا إلَّا مِثْلَ كَيْلِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَفِي رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ بِحَقٍّ لَهُ رِوَايَتَانِ فِي الِانْتِصَارِ ، ذَكَرَهُمَا فِي الْمُشَاعِ ، ( قُلْت ) : الصَّوَابُ صِحَّةُ رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا : يَجُوزُ رَهْنُ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي أَثْنَاءِ بَابِ الرَّهْنِ : فَصْلٌ ، وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ دَيْنٍ بِحَالٍّ .
وَفِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَجْهَانِ ( م 16 ) لَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ بَعْدَ فَسْخِهِ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَإِنْ بَاعَهُ بِدَيْنٍ لَمْ يَجُزْ ، وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ إنْ بَاعَهُ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً أَوْ بِمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَقِيلَ : بَلَى .
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَفِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَجْهَانِ ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ مِنْ الْبُيُوعِ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ : جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِهَا ، وَلَمْ يَزِدْ ، انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ ( الثَّانِي ) يَصِحُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ .
وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ دَيْنٍ لِغَيْرِ غَرِيمٍ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ يَصِحُّ ( و م ) وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا رِوَايَتَيْنِ فِيهِ وَفِي بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ .
وَمَنْ قَبَضَ دَيْنًا جُزَافًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ ، وَيَدُهُ قِيلَ : يَدُ أَمَانَةٍ ، وَقِيلَ : يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ ، لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا لَهُ ( م 17 )
مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ قَبَضَ دَيْنًا جُزَافًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ ، وَيَدُهُ قِيلَ : يَدُ أَمَانَةٍ ، وَقِيلَ : يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ ، لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا لَهُ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَضْمَنُهُ ، وَقَدْ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي طَرِيقَتِهِ كَمَا حَكَاهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَضْمَنُهُ ، لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْكَافِي فِي تَعْلِيلِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِيسِ وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَلَوْ قَالَ خُذْ مِنْ هَذَا الْكِيسِ قَدْرَ حَقِّك فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا حَقَّهُ قَبْلَ وَزْنِهِ ، وَبَعْدَهُ وَجْهَانِ ، وَمَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ يَكُونُ كَالْمَقْبُوضِ لِلسَّوْمِ ، وَالْكِيسُ وَبَقِيَّتُهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ ، كَالْوَكِيلِ ، انْتَهَى .
فَحُكِمَ بِأَنَّ قَدْرَ حَقِّهِ مَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ ، وَأَنَّ الزَّائِدَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ ، وَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ .
تَنْبِيهٌ ) مَحَلُّ الْخِلَافِ قَبْلَ أَنْ يَزِنَهُ أَوْ بَعْدَهُ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ : وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ أَيْضًا .
وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَيْنًا وَقَالَ خُذْ حَقَّك مِنْهَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهَا وَلَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهَا .
قَالَ : وَمَنْ قَبَضَ دَيْنَهُ ثُمَّ بَانَ لَا دَيْنَ لَهُ ضَمِنَهُ ش ) قَالَ : وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ عَيْنًا ثُمَّ بَانَ [ أَنْ ] لَا دَيْنَ لَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ ( هـ )
قَالَ : وَلَوْ أَقَرَّ بِأَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ لَمْ يُبَادِرْ إلَى إيجَابِ ضَمَانِهِ حَتَّى يُفَسِّرَ صِفَتَهُ أَعُدْوَانًا أَمْ مُبَاحًا ، وَإِنْ بَادَرْنَا فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ [ عَدَمُ ] صِفَةِ الْعُدْوَانِيَّةِ ، كَالْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ إلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ عَدَمِهِ ، وَفِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ وَجْهَانِ ( م 18 ) وَإِنْ قَبَضَهُ بِمَا قَدَّرَهُ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُغْلَظُ بِمِثْلِهِ فَوَجْهَانِ ( م 19 ) قَالَ جَمَاعَةٌ : وَإِنْ وَجَدَ زِيَادَةً فَمَضْمُونَةٌ فِي يَدِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ .
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَفِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي التَّلْخِيصِ وَمَنْ تَبِعَهُ ( أَحَدُهُمَا ) يَجُوزُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ مِنْهُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ عِنْدَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الصُّبَرِ .
وَالْوَجْهُ ( الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَلَكِنْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِيمَا إذَا ذَكَرَ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ أَنَّهُ كَالَهُ فِي غَيْبَتِهِ ، وَهِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُ الْقَاضِي وَابْنِ حَمْدَانَ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْبَيْعِ ، وَاقْتَصَرَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ هُنَاكَ ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَوْعَ تَكْرَارٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 19 ) [ قَوْلُهُ ] وَإِنْ قَبَضَهُ بِمَا قَدَّرَهُ ثُمَّ ادَّعَى بِمَا يُغْلَظُ بِمِثْلِهِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى غَلَطًا مُمْكِنًا عُرْفًا ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيح الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ
الْغَايَةِ وَغَيْرِهِ ( قُلْت ) : وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ مَعَ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالْمَذْهَبُ مَنْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ أَوْ صَرْفِهِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَبْرَأْ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ ، بَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى شِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَبَنَاهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ ، وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ ( م 20 ) وَكَذَا : اعْزِلْهُ وَضَارِبِ بِهِ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : لَا يَجْعَلُهُ مُضَارَبَةً ، إلَّا أَنْ يَقُولَ ادْفَعْهُ إلَى زَيْدٍ ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَيْك .
( مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ : وَالْمَذْهَبُ مِنْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ أَوْ صَرْفِهِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَبْرَأْ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ ، بَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى شِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَبَنَاهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ ، وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ شِرَاءَهُ لِلْغَيْرِ مِنْ نَفْسِهِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَاشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ ، وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ : يَصِحُّ ، فَبَنَاهُ الْقَاضِي عَلَيْهَا ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ اسْتِنَابَةِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْقَبْضِ .
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : صَحَّ ، فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ ، وَلَكِنْ لَمْ يَحْكِ فِيهَا هُوَ وَغَيْرُهُ إلَّا قَوْلَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ ، فَبَنَاهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَيْهَا أَوْ أَعْلَمُ ذَلِكَ ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي إلْحَاقِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَلَى رِوَايَةِ الصِّحَّةِ بِالشِّرَاءِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ يَقْبِضُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكَّلِهِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْحَقُ بِقَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الْأَظْهَرُ .
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَلْحَقُ بِشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي
وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ : أَسْلِفْ أَلْفًا فِي ذِمَّتِك فِي طَعَامٍ ، فَفَعَلَ ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي قَضَائِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ ، فَقَدْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ ، وَوَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ ، وَإِنْ قَالَ : أَعْطِ فُلَانًا كَذَا ، صَحَّ وَكَانَ قَرْضًا ، وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْوَسِيلَةِ فِيهِ رِوَايَتَيْ قَضَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَظَاهِرِ التَّبْصِرَةِ : يَلْزَمُهُ إنْ قَالَ : عَنِّي فَقَطْ ، وَإِنْ قَالَهُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ صَحَّ إنْ قَالَ : عَنِّي ، وَإِلَّا فَلَا ، وَنَصَرَ الشَّرِيفُ : يَصِحُّ ، وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ .
وَإِنْ دَفَعَ نَقْدًا لِغَرِيمِهِ وَقَالَ : اشْتَرِ لَك بِهِ مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ ، لَمْ يَصِحَّ ، لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ ، وَيَتَوَجَّهُ فِي صِحَّتِهِ الرِّوَايَتَانِ بَعْدَهَا ، وَإِنْ قَالَ : لِي ، صَحَّ ، ثُمَّ إنْ قَالَ : اقْبِضْهُ لِنَفْسِك ، لَمْ يَصِحَّ لِنَفْسِهِ ، وَلَهُ رِوَايَتَانِ ( م 21 ) وَإِنْ قَالَ : لِي ، ثُمَّ : لَك ، صَحَّ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
( مَسْأَلَةٌ 21 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ دَفَعَ نَقْدًا لِغَرِيمِهِ وَقَالَ : اشْتَرِ لَك مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ صَحَّ .
ثُمَّ إنْ قَالَ : اقْبِضْهُ لِنَفْسِك ، لَمْ يَصِحَّ لِنَفْسِهِ ، وَلَهُ ، رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَإِنْ قَالَ : اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ قَدْرَ حَقِّك وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك ، صَارَ لِلْأَمْرِ ، وَفِي قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ الْوَجْهَانِ ، وَالنَّصُّ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْضُ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ ، وَهُوَ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ ، انْتَهَى .
ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ .
وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ السَّلَمِ : وَإِنْ قَالَ : اشْتَرِ لِي بِهَذَا الْمَالِ مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الطَّعَامِ ، ثُمَّ قَالَ : خُذْهُ لِنَفْسِك ، صَحَّ الشِّرَاءُ دُونَ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ ، انْتَهَى .
فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ ، وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ الْقَبْضِ لِلْمُوَكِّلِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ .
وَالرِّوَايَةُ ( الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ ، مَعَ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ ، أَوْ يَكُونُ أَوَّلًا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ ، فَإِذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : اقْبِضْهُ لِنَفْسِك ، لَمْ يَصِحَّ ، وَهَلْ يَمْلِكُ قَبْضَهُ لِمُوَكِّلِهِ ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ ، وَهُوَ أَوْلَى ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ قَدْرًا وَصِفَةً وَحَالًّا وَمُؤَجَّلًا [ لَا حَالًّا وَمُؤَجَّلًا ] ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي فِي وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ الظُّفْرِ تَسَاقَطَا ، أَوْ قُدِّرَ الْأَقَلُّ ، وَعَنْهُ : بِرِضَاهُمَا ، وَعَنْهُ : أَوْ أَحَدِهِمَا ، وَعَنْهُ : لَا ، كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنُ سَلَمٍ .
وَفِي الْفُرُوعِ : أَوْ كَانَا مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ وَفِي الْمُغْنِي : مَنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ وَاجِبِ نَفَقَتِهَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مَعَ عُسْرَتِهَا ، لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ فِيمَا فَضَلَ .
وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ رَبُّهُ أَوْ أُعْسِرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُجْبَرَا وَفِيهِ احْتِمَالٌ : كَوَكِيلِهِ وَكَتَمْلِيكِهِ الزَّوْجَ وَالْمَدْيُونَ ، وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ وَفَاءَ دَيْنِهِ ، وَإِلَّا فَمُتَبَرِّعٌ .
وَإِنْ وَفَّاهُ حَاكِمٌ قَهْرًا كَفَتْ نِيَّتُهُ إنْ قَضَاهُ مِنْ مَدْيُونٍ ، وَفِي لُزُومِ رَبِّ دَيْنٍ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ وَجْهَانِ ( م 22 ) وَإِنْ رَدَّ بَدَلَ عَيْنٍ نَوَى ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ ، وَإِنْ أَبْرَأَ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ أَجَّلَهُ أَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ مَلَكَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَفَا عَنْهُ بَرِئَ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ ( م ) فِي الْمَنْصُوصِ ، وَلَوْ رَدَّهُ الْمُبْرَأُ ( هـ ) وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ ، كَالْقَوَدِ وَالشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْخِيَارِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ ، لَا تَمْلِيكٍ كَهِبَةِ الْعَيْنِ ، وَيَأْتِي مِنْ الْمُغْنِي فِي إبْرَائِهَا [ لَهُ ] مِنْ الْمَهْرِ ، هَلْ هُوَ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ ؟ فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالٌ : لَا يَصِحُّ بِهِ ، وَإِنْ صَحَّ اُعْتُبِرَ قَبُولُهُ ، وَفِي الْمُوجَزِ وَالْإِيضَاحِ : لَا تَصِحُّ هِبَةٌ إلَّا فِي عَيْنٍ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَبْرَأَهُ لَمْ يَحْنَثْ ، لِأَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ ، قَالَ الْحَارِثِيُّ : تَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ مَعَ اقْتِضَائِهِمَا وُجُودَ مُعَيَّنٍ ، وَهُوَ مُنْتَفٍ لِإِفَادَتِهِمَا لِمَعْنَى الْإِسْقَاطِ هُنَا ، قَالَ : وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ هِبَةً حَقِيقَةً لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَانْتِفَاءِ شَرْطِ الْهِبَةِ ، وَمِنْ هُنَا امْتَنَعَ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ ، وَامْتَنَعَ إجْزَاؤُهُ عَنْ الزَّكَاةِ لِانْتِفَاءِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : إنْ أَبْرَأَ مَرِيضٌ مِنْ دَيْنِهِ وَهُوَ كُلُّ مِلْكِهِ فَفِي بَرَاءَتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ قَبْلَ دَفْعِ ثُلُثَيْهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ ، وَتَصِحُّ مَعَ جَهْلِ الْمُبْرِئِ ، وَعَنْهُ : إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُبْرَأُ ، زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَظَنَّ الْمُبْرِئُ جَهْلَهُ بِهِ ، وَعَنْهُ : إنْ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ [ بِهِ ] صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ جَهِلَاهُ ، وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ ، كَبَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ ، ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ كَمَا لَوْ كَتَمَهُ رَبُّهُ خَوْفًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يُبْرِئْهُ ،
وَمِنْ صُوَرِ الْمَجْهُولِ الْإِبْرَاءُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَبْرَأَ أَحَدَهُمَا ، قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ ، وَيُؤْخَذُ بِالْبَيَانِ ، كَطَلَاقِهِ وَعِتْقِهِ إحْدَاهُمَا ، يَعْنِي ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَى الْمَذْهَبِ
مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ : وَفِي لُزُومِ رَبِّ دَيْنٍ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى يَعْنِي إذَا قَضَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ الْحَاكِمُ إذَا قَضَى عَنْهُ قَهْرًا ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، كَمَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْ الْأَصِيلِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ هَذَا الْوَجْهِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ
أَبْرَأَهُ مِنْ مِائَةٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةٌ ، وَفِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ شَيْءٍ لَا يَعْتَقِدُهُ وَجْهَانِ ( م 23 )
مَسْأَلَةٌ 23 ) قَوْلُهُ : وَفِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ شَيْءٍ لَا يَعْتَقِدُهُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ : قَالَ أَصْحَابُنَا : لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ مِائَةٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةٌ فَفِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، وَهُوَ قِيَاسُ الْأَصْلِ الَّذِي بَنَاهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ : أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ لَوْ بَاعَ مَالًا لِمُوَرِّثِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَيٌّ وَكَانَ قَدْ مَاتَ وَانْتَقَلَ مِلْكُهُ إلَيْهِ ، فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَدْخَلَهَا فِي الْقَوَاعِدِ فِي جُمْلَةِ مَنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهُ ( قُلْت ) : الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صِحَّةُ الْبَيْعِ ، صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي فِي بَابِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ ، وَتَقَدَّمَ تَصْحِيحُ ذَلِكَ هُنَاكَ .
وَقَالَ الْقَاضِي : أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ مَنْ بَاشَرَ امْرَأَةً بِالطَّلَاقِ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ ، أَوْ وَاجَهَ بِالْعِتْقِ مَنْ يَعْتَقِدُهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَتُهُ ، انْتَهَى ، وَقَدْ أَطْلَقَ أَيْضًا الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ
وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ قَالَ : إنْ مِتُّ فَأَنْتِ فِي حِلٍّ ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَمْلِيكًا فَكَتَعْلِيقِ الْهِبَةِ ، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ : هُوَ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَالتَّعْلِيقُ مَشْرُوعٌ فِي الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ فَقَطْ ( و هـ ) وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ وَزَادَ : وَتُنَافِيهِ الْجَهَالَةُ ، فَإِنْ ضَمَّ التَّاءَ فَوَصِيَّةٌ ، وَجَعَلَ أَحْمَدُ رَجُلًا فِي حِلٍّ مِنْ غَيْبَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعُودَ ، وَقَالَ : مَا أَحْسَنَ الشَّرْطَ ، فَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ ، وَأَخَذَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَعُودَ رِوَايَةً فِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ ، وَاحْتَجَّ بِنَصِّهِ الْمَذْكُورِ هُنَا أَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ وَالْقَاضِيَ قَالَا : لَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مَوْتِ الْمُبْرِئِ ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ ، لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ ، فَقِيلَ : التَّعْلِيقُ كَقَوَدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَخِيَارِ شَرْطٍ ، قَالَ : وَحَدِّ قَذْفٍ كَذَا قَالَ :
قَالَ وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ ، قَبْلَ وُجُوبِهِ ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ، لِقَوْلِهِ : لَا طَلَاقَ وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يُمْلَكُ .
وَالْإِبْرَاءُ فِي مَعْنَاهُمَا ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الشَّرْعَ نَزَّلَ الدَّيْنَ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَبَرِ بِدَلِيلٍ ، وَبِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيقِ .
وَلَا يَصِحُّ مَعَ إبْهَامِ الْمَحِلِّ كَأَبْرَأْت أَحَدَ غَرِيمَيَّ ، وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إسْقَاطٌ .
وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِسْقَاطِ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ ثُمَّ سَقَطَ ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ ، وَصَارَ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ : مَلَّكْتُك نَفْسَك ، وَمَنَعَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : الْعَفْوُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ تَمْلِيكٌ أَيْضًا .
وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا الْيُسْرِ الصَّحَابِيَّ قَالَ لِغَرِيمِهِ : إنْ وَجَدْت قَضَاءً فَاقْضِ وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حِلٍّ ، وَأَعْلَمَ بِهِ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَابْنَهُ عُبَادَةَ وَهُمَا تَابِعِيَّانِ فَلَمْ يُنْكِرَاهُ وَهَذَا مُتَّجِهٌ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا .
وَمَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافٍ قَالَ شَيْخُنَا : أَوْ ضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ ، وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ ، جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : لَا ، كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ قَابِضِهِ تَعَيَّنَ حَقُّهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَرِيمِ ، لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ ، لِأَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ ، وَإِنَّمَا شَارَكَهُ لِثُبُوتِهِ مُشْتَرَكًا ، مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا لَوْ أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ بِرَهْنٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ يَدِهِ ، كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَعَدِّيهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَيَضْمَنُهُ ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي النَّظَرِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ عَدَمِ تَعَدِّيهِ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ ، وَفِي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ، وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ ، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ ، فَوَجْهَانِ ، وَنَصُّهُ فِي شَرِيكَيْنِ وَلِيَا عَقْدَ مُدَايَنَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ نَصِيبِهِ ( م 24 - 26 ) وَ [ فِي التَّرْغِيبِ ] فِي دَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ ( م 27 ) فَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَيُشَارِكُهُ ، لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ أَصْلُهُ ، وَلَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ صَحَّ فِي نَصِيبِهِ ، وَلَوْ صَالَحَ بِعَرَضٍ أَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ دَيْنِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَلِلْغَرِيمِ التَّخْصِيصُ مَعَ تَعَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ [ قَالَ شَيْخُنَا ] لَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إكْرَاهُهُ عَلَى تَقْدِيمِهِ .
قَالَ أَحْمَدُ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] الدَّيْنُ أَوَّلُهُ هَمٌّ وَآخِرُهُ حُزْنٌ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : كَانَ يُقَالُ : الدَّيْنُ هَمٌّ بِاللَّيْلِ وَذُلٌّ بِالنَّهَارِ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُذِلَّ عَبْدًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ دَيْنًا ، وَكَانَ يُقَالُ : الْأَذِلَّاءُ أَرْبَعَةٌ : النَّمَّامُ وَالْكَذَّابُ وَالْفَقِيرُ وَالْمِدْيَانُ ، وَكَانَ يُقَالُ : لَا هَمَّ إلَّا هَمُّ الدَّيْنِ ، وَلَا وَجَعَ إلَّا وَجَعُ الْعَيْنِ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ .
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : الْمُسْتَدِينُ تَاجِرُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ .
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : الدَّيْنُ وِقْرٌ طَالَمَا حَمَلَهُ الْكِرَامُ .
مَسْأَلَةٌ 24 - 26 ) قَوْلُهُ : وَمَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافٍ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ ، وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ ، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ ، فَوَجْهَانِ ، وَنَصُّهُ فِي شَرِيكَيْنِ وَلِيَا عَقْدَ مُدَايَنَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ نَصِيبِهِ ، انْتَهَى .
ثَلَاثُ مَسَائِلَ يُشْبِهُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ ، هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمِيرَاثِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا يُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ : وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا يُخَاضُ فِي الْأَصَحِّ ، وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُشَارِكُهُ كَالْمِيرَاثِ .
( مَسْأَلَةٌ 27 ) [ قَوْلُهُ ] وَفِي دَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَالدَّيْنِ الَّذِي بِعَقْدٍ ، بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ ، فَإِنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ عَقْدٍ ، وَكَذَا الْقَرْضُ ، فَفِي كَلَامِهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ رَأَيْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ ، فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ ، وَغَالِبُهَا لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ ، وَالصَّوَابُ جَعْلُهُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ فَكَذَا ، أَيْ هَذِهِ ، فَهَذِهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَتْ فِي هَذَا الْبَابِ .
وَلَوْ تَبَارَآ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ بِمَكْتُوبٍ فَادَّعَى اسْتِثْنَاءَهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ قُبِلَ وَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَتَتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِي مُخَالَفَةِ النِّيَّةِ لِلْعَامِّ بِأَيِّهِمَا يَعْمَلُ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .
وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، يَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَرَقِيقٍ [ وَجْهَانِ ] ( م 1 و 2 ) وَقِيلَ : عَبْدٍ لَا جَارِيَةٍ ، وَقِيلَ فِي غَيْرِ مُبَاحَةٍ لِلْمُقْتَرِضِ وَجْهَانِ
بَابُ الْقَرْضِ ( مَسْأَلَةٌ 1 وَ 2 ) قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَرَقِيقٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي فِي غَيْرِ مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْجَوَاهِرِ وَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهِمَا ، فَشَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ يَصِحُّ قَرْضُ كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا كَالْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ قَرْضُهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَرُدُّ الْمُقْتَرِضُ الْقِيمَةَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ هَلْ يَرُدُّ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ يَأْتِيَانِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي : وَيُمْكِنُ بِنَاءُ الْخِلَافِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْوَاجِبِ فِي بَدَلِ غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ، فَإِنْ قُلْنَا : الْوَاجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ ، لَمْ يَجُزْ قَرْضُ الْجَوَاهِرِ وَمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ سَلَمًا ، لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهَا ، وَإِنْ قُلْنَا : الْوَاجِبُ رَدُّ الْقِيمَةِ ، جَازَ قَرْضُهُ ، لِإِمْكَانِ رَدِّ الْقِيمَةِ ، انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) هَلْ يَصِحُّ قَرْضُ الرَّقِيقِ إذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ
وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : لَا يَصِحُّ قَرْضُ آدَمِيٍّ فِي الْأَظْهَرِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ : يَصِحُّ فِي عَبْدٍ لَا جَارِيَةٍ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ فِي الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُبَاحَةٍ لِلْمُقْتَرِضِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَقِيلَ : يَصِحُّ قَرْضُ الْأَمَةِ لِمَحْرَمِهَا ، وَجَزَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِغَيْرِ مَحْرَمِهَا .
وَمَعْرِفَةُ قَدْرِهِ بِمُقَدَّرٍ مَعْرُوفٍ وَوَصْفُهُ شَرْطٌ ، وَسَأَلَهُ أَبُو الصَّقْرِ : عَيْنٌ بَيْنَ أَقْوَامٍ لَهُمْ نَوَائِبُ فِي أَيَّامٍ يُقْتَرَضُ الْمَاءُ مِنْ نَوْبَةِ صَاحِبِ الْخَمِيسِ لِيُسْقَى بِهِ لِيُرَدَّ عَلَيْهِ يَوْمَ السَّبْتِ ؟ قَالَ : إذَا كَانَ مَحْدُودًا يُعْرَفُ كَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ لَا بَأْسَ وَإِلَّا أَكْرَهُهُ .
وَيَتِمُّ بِقَبُولِهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَيَمْلِكُ ، وَقِيلَ : وَيَثْبُتُ مِلْكُهُ بِقَبْضِهِ ، كَهِبَةٍ ، وَلَهُ الشِّرَاءُ بِهِ مِنْ مُقْرِضِهِ ، نَقَلَهُ مُهَنَّا .
وَيَلْزَمُ مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ بِقَبْضِهِ ، وَفِي غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً لَا عَلَى مَا يَحْدُثُ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُ مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ بِقَبْضِهِ ، وَفِي غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : حُكْمُ الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ حُكْمُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ، حَيْثُ صَحَّحْنَا قَرْضَهُ ، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ كَوْنُهُ لَمْ يَذْكُرْهَا .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَلْزَمُ إلَّا بِقَبْضِهِ أَيْضًا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ( قُلْت ) : وَهُوَ قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي فِي الْهِبَةِ ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفِ وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَدَّمُوا فِي الْهِبَةِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ فَكَذَا يَكُونُ هُنَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ : إنَّ الْمُقْتَرِضَ يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَأَنَّهُ يَكُونُ جَائِزًا لَازِمًا ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَشْتَرِطُ فِي لُزُومِهِ قَبْضُهُ ، بَلْ حَيْثُ تَمَيَّزَ لَزِمَ ، وَهُوَ قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْهِبَةِ الْأَكْثَرِ ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ .
وَقَالَ الْحَارِثِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ : اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، فَكَذَا يَكُونُ فِي الْقَرْضِ ، وَقَدْ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ : يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ إذَا كَانَ يَقِينًا ، فَظَاهِرُهُ اللُّزُومُ فِي الْمُتَمَيِّزِ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالرِّوَايَتَيْنِ فِي الْقَرْضِ غَيْرَ الْمُصَنِّفِ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ : الْقَرْضُ وَالصَّدَقَةُ وَالزَّكَاةُ وَغَيْرُهُمَا فِيهِ طَرِيقَانِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُجَرَّدِ وَالْمُبْهِجِ ،
وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ .
( وَالثَّانِيَةُ ) لَا يَمْلِكُ الْمُبْهَمَ بِدُونِ الْقَبْضِ ، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ فِيهِ بِالْعَقْدِ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ ، إلَّا أَنَّهُمَا حَكَيَا فِي الْمُعِينِ رِوَايَتَيْنِ كَالْهِبَةِ ، انْتَهَى .
فَظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ يَقُولُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ ، وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ اللُّزُومَ وَعَدَمَهُ .
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ ذَلِكَ : وَاعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَصْحَابِ يَجْعَلُ الْقَبْضَ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ مُعْتَبَرًا لِلُزُومِهَا وَاسْتِمْرَارِهَا ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَغَيْرِهِمْ ، فَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَا .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ ، وَفِي الْمُوجَزِ : يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ عَيْنِهِ ، بَلْ يَثْبُتُ بَدَلُهُ فِي ذِمَّتِهِ حَالًّا وَلَوْ أَجَّلَهُ ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ وَجْهًا ، وَيَحْرُمُ تَأْجِيلُهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، قَطَعَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : الْقَرْضُ مَالٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ ، وَإِنْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ قَبُولُ الْمِثْلِيِّ وَقِيلَ : وَغَيْرِهِ ، فَإِنْ [ كَانَ ] فُلُوسًا أَوْ مُكَسَّرَةً فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ وَقِيلَ و [ لَوْ ] لَمْ يَتَعَامَلُوا بِهَا فَلَهُ الْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : وَقْتَ فَسَدَتْ ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَنًا ، وَقِيلَ : يَوْمَ الْخُصُومَةِ ، وَقِيلَ : إنْ رَخُصَتْ فَلَهُ الْقِيمَةُ ، كَاخْتِلَافِ الْمَكَانِ ، وَنَصُّهُ : يَرُدُّ مِثْلَهُ ، وَإِنْ شَرَطَ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ أَوْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ هُوَ دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ [ قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِيمَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ ، لِأَنَّهُ يُفْضِي أَنْ يَجِدَ الْبَائِعُ وَالْمُقْرِضُ عَيْبًا بِالدِّرْهَمِ فَيُطَالِبَانِ الْمُشْتَرِيَ وَالْمُسْتَقْرِضَ فَيُطَالِبَا بِهَا ، فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا مُطَالِبًا وَمُطَالَبًا ، وَلَا يَجُوزُ ]
وَيَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ مُطْلَقًا فَإِنْ أَعْوَزَهُ فَقِيمَتُهُ إذَنْ وَيَرُدُّ قِيمَةَ جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا وَجْهَانِ ( م 4 )
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَيَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ مُطْلَقًا ، فَإِنْ أَعْوَزَهُ فَقِيمَتُهُ أَدَاءٌ وَيَرُدُّ قِيمَةَ جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ يَوْمَ قَبَضَهُ وَفِيمَا عَدَاهُمَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي مِنْ الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَرُدُّ الْقِيمَةَ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَسْهِيلِ الْبَعْلِيِّ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ بِصِفَاتِهِ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْعُمْدَةِ ( قُلْت ) : وَيُعَضِّدُهُ { كَوْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ الْقِيمَةَ } ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ اقْتَرَضَ خُبْزًا أَوْ خَمِيرًا عَدَدًا وَرَدَّ عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ جَازَ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَعَنْهُ : لَا .
وَيَحْرُمُ شَرْطٌ وَقَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا ، كَتَعْجِيلِ نَقْدٍ لِيُرَخِّصَ عَلَيْهِ فِي السِّعْرِ ، وَكَاسْتِخْدَامِهِ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْهُ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَفِي فَسَادِ الْقَرْضِ رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَإِنْ فَعَلَهُ بِلَا شَرْطٍ وَلَا مُوَاطَأَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ أَعْطَى أَجْوَدَ أَوْ هَدِيَّةً بَعْدَ الْوَفَاءِ جَازَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَحَرَّمَ الْحَلْوَانِيُّ أَخْذَ أَجْوَدَ مَعَ الْعَادَةِ ، وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَهُ بِلَا عَادَةٍ سَابِقَةٍ حَرُمَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ مُكَافَأَتَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا غَرِيمُهُ ، فَلَوْ اسْتَضَافَهُ حَسَبَ لَهُ مَا أَكَلَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيَتَوَجَّهُ : لَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ ، وَقِيلَ [ عِلْمُهُ ] أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَزِيدُهُ شَيْئًا كَشَرْطِهِ ، وَقِيلَ : لَا ( م 6 )
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَيَحْرُمُ شَرْطٌ وَقَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا ، كَتَعْجِيلِ نَقْدٍ لِيُرَخِّصَ عَلَيْهِ فِي السِّعْرِ ، وَكَاسْتِخْدَامِهِ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْهُ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَفِي فَسَادِ الْقَرْضِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ .
( إحْدَاهُمَا ) يَفْسُدُ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَفْسُدُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَارَنَهَا شَرْطٌ فَاسِدٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، بَلْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا : يَحْرُمُ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِفَسَادِ الْعَقْدِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَيَحْرُمُ شَرْطٌ وَقَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا انْتَهَى ، قَالَ شَيْخُنَا : كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ " شَرْطُ قَرْضٍ " بِالْإِضَافَةِ وَحَذْفِ الْوَاوِ ، انْتَهَى .
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الدَّيْنَ فِي الْأَصْلِ أَوْلَى ، وَأَنَّ مُرَادَهُ بِالشَّرْطِ غَيْرُ الَّذِي جَرّ نَفْعًا كَمَا إذَا نَافَاهُ وَنَحْوَهُ ، وَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا لَا تَفِي الْعِبَارَةُ بِمَا قَالَ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَقِيلَ عِلْمُهُ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَزِيدُهُ شَيْئًا كَشَرْطِهِ وَقِيلَ : لَا ، انْتَهَى إنْ كَانَتْ النُّسَخُ بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ ، وَقِيلَ عِلْمُهُ ، فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ خِلَافُ ذَلِكَ ، إذْ الْإِتْيَانُ بِوَاوٍ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ شَيْءٍ ، وَلَكِنْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ ، وَقِيلَ : لَا .
فَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ نَوْعُ خَفَاءٍ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ طَرِيقَةً ، وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَلِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ عِبَارَاتٌ كَثِيرَةٌ تُشْبِهُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ ، وَإِنْ كَانَتْ النُّسَخُ بِالْفَاءِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ مُطْلَقًا ، وَيَكُونُ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ مَخْصُوصًا بِغَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ الْوَاوُ زَائِدَةً ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ نَذْكُرُ الصَّحِيحَ مِنْ
الْقَوْلَيْنِ فَنَقُولُ : ( الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَقَالُوا : لِأَنَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كَانَ مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْوَفَاءِ ، فَهَلْ يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ إقْرَاضَهُ مَكْرُوهٌ ؟ وَعَلَّلُوهُ بِتَعَالِيلَ جَيِّدَةٍ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ ، وَقِيلَ : إنْ زَادَهُ مَرَّةً فِي الْوَفَاءِ فَزِيَادَةُ مَرَّةٍ ثَانِيَةٍ مُحَرَّمَةٌ ذَكَرَهُ فِي النَّظْمِ ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : إنْ زَادَ مَرَّةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، انْتَهَى .
وَإِنْ قَضَاهُ صِحَاحًا عَنْ مُكَسَّرَةٍ أَقَلَّ لِعِلَّةِ الْفَضْلِ لَمْ يَجُزْ ، وَإِلَّا جَازَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَشَرْطُ نَقْصٍ كَشَرْطِ زِيَادَةٍ ، وَقِيلَ : لَا ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ فِيمَا لَا رِبَا فِيهِ .
وَفِي قَرْضِ غَرِيمِهِ لِيَرْهَنَهُ بِهِمَا رِوَايَتَانِ ( م 7 ) .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَفِي قَرْضِ غَرِيمِهِ لِيَرْهَنَهُ بِهِمَا رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَعْطِنِي رَهْنًا وَأُعْطِيك مَالًا تَعْمَلُ فِيهِ وَتَقْضِينِي ، جَازَ ، وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .
إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَرِوَايَةُ الْبُطْلَانِ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ ، وَرِوَايَةُ الْجَوَازِ نَقَلَهَا مُهَنَّا ، وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ عَدَمَ الصِّحَّةِ ، لِأَنَّهُ يَجُرُّ نَفْعًا ( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى حَقِّهِ إلَّا بِذَلِكَ سَاغَ وَإِلَّا فَلَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَكَذَا شَرْطُ الْقَضَاءِ فِي بَلَدٍ آخَرَ ( م 8 ) وَفِي الْمُغْنِي : إنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَإِلَّا حَرُمَ .
وَعَنْهُ : أَكْرَهُهُ إنْ كَانَ لِبَيْعٍ وَعَنْهُ : لَا بَأْسَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، وَإِنْ كَانَ لِيَنْتَفِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيُؤَخِّرُ دَفْعَهَا لَمْ يَصِحَّ ، أَوْ قَالَ : أَقْرِضْنِي أَلْفًا أَوْ ادْفَعْ إلَيَّ أَرْضَك أَزْرَعْهَا بِالثُّلُثِ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ وَكَذَا شَرْطُ الْقَضَاءِ فِي بَلَدٍ آخَرَ ، يَعْنِي هَلْ يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ أَمْ لَا ؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ ، هُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَالْفَائِقِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى ، قُلْت : وَفِيهِ قُوَّةٌ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ ، وَعَدَمُهُ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ .
فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَلَوْ أَقْرَضَ غَرِيمَهُ لِيُوَفِّيَهُ كُلَّ وَقْتٍ شَيْئًا جَازَ ، نَقَلَهُ مُهَنَّا ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يُكْرَهُ .
وَإِنْ أَقْرَضَ أَكَّارَهُ فِي شِرَاءِ بَقَرٍ أَوْ بَذْرٍ ، أَوْ قَالَ : أَقْرِضْنِي أَلْفًا أَوْ ادْفَعْ إلَيَّ أَرْضَك أَزْرَعْهَا بِالثُّلُثِ بِلَا شَرْطٍ ، حَرُمَ عِنْدَ أَحْمَدَ ، وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ ، وَكَرِهَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْأَوِّلَةِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَذْرِهِ وَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُعْتَادِ فَفَاسِدٌ ، لَهُ تَسْمِيَةُ الْمِثْلِ ، وَلَوْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ ، لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا .
وَلَوْ أَقْرَضَ مَنْ [ لَهُ ] عَلَيْهِ بُرٌّ مَا يَشْتَرِيه بِهِ يُوَفِّيهِ إيَّاهُ فَقَالَ سُفْيَانُ : مَكْرُوهٌ ، أَمْرٌ بَيِّنٌ ، قَالَ أَحْمَدُ : جَوَّدَ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ : يُكْرَهُ ، وَفِي الْمُغْنِي : يَجُوزُ .
وَلَوْ جَعَلَ جُعَلًا عَلَى اقْتِرَاضِهِ لَهُ بِجَاهِهِ صَحَّ ، لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ جَاهِهِ فَقَطْ لَا كَفَالَتِهِ عَنْهُ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، لِأَنَّهُ ضَامِنٌ ، فَيَكُونُ قَرْضًا جَرَّ نَفْعًا وَمَنَعَ الْأَزَجِيُّ .
وَلَوْ اقْتَرَضَ بِبَلَدٍ فَطَلَبَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ بَدَلَهُ لَزِمَهُ ، إلَّا مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ أَنْقَصُ فَيَلْزَمُهُ إذًا قِيمَتُهُ فِيهِ فَقَطْ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَطُلِبَ بِبَلَدٍ آخَرَ لَا يَلْزَمُهُ ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إلَيْهِ ، وَذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي الْأَثْمَانِ : يَلْزَمُهُ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ : الْأَثْمَانُ مِمَّا لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ فَيَلْزَمُهُ ، فَإِنْ بَذَلَهُ [ لَهُ ] الْمُقْتَرِضُ وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ لَزِمَ قَبُولُهُ مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ ، وَبَدَلُ الْمَغْصُوبِ التَّالِفُ [ ذَكَرَ ] مِثْلَهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَقْرِضَ وَلَا يَعْلَمَهُ بِحَالِهِ إلَّا مَا يَقْدِرُ [ أَنْ ] يُؤَدِّيَهُ .
وَكُرِهَ الشِّرَاءُ بِدَيْنٍ وَلَا وَفَاءَ عِنْدَهُ إلَّا الْيَسِيرَ ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ بِجَاهِهِ لِإِخْوَانِهِ .
بَابُ الرَّهْنِ يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : وَصَحَّ تَبَرُّعُهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ : لِوَلِيٍّ رَهْنُهُ عِنْدَ أَمِينٍ لِمَصْلَحَةٍ ، كَحَلِّ دَيْنٍ عَلَيْهِ مَعَ الْحَقِّ وَبَعْدَهُ ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ : وَقَبْلَهُ ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ [ قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ ] لَا مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ ، بِكُلِّ دَيْنٍ وَاجِبٍ أَوْ مَآلُهُ إلَيْهِ ، وَنَفْعُ إجَارَةٍ فِي الذِّمَّةِ .
وَلَا يَصِحُّ بِمُسَلَّمٍ فِيهِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يَصِحُّ ، وَفِيهِ بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ رِوَايَتَانِ فِي التَّرْغِيبِ ( م 1 ) [ وَغَيْرِهِ ]
بَابُ الرَّهْنِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَلَا يَصِحُّ بِمُسَلَّمٍ فِيهِ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : يَصِحُّ ، وَفِيهِ بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ رِوَايَتَانِ فِي التَّرْغِيبِ ، انْتَهَى .
وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَزَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ إلَى اخْتِيَارِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي الرَّهْنِ ، نَقَلَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ .
وَالرِّوَايَةُ ( الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ ، وَقَالَ فِي بَابِ الرَّهْنِ : وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ : وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالضَّمَانِ فِي السَّلَمِ وَالْقَرْضِ ( قُلْت ) وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ .
الرَّهْنُ عَلَى الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ وَفِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَعَارِيَّةٍ ، وَقِيلَ : وَجُعْلٌ قَبْلَ الْعَمَلِ وَدِيَةً قَبْلَ الْحَوْلِ وَجْهَانِ ، كَدَيْنِ كِتَابَةٍ ، وَفِيهِ فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ ، ( م 2 - 4 )
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَعَارِيَّةٍ ، وَقِيلَ : وَجُعْلٌ قَبْلَ الْعَمَلِ ، وَدِيَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ ، وَجْهَانِ كَدَيْنِ كِتَابَةٍ وَفِيهِ فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ يَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَى الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ كَالْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، قَالَ فِي الْكَافِي : هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ الرَّهْنُ عَلَى عَوَارِي الْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَى ذَلِكَ ، قَالَ الْقَاضِي : هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ( قُلْت ) : وَهُوَ أَوْلَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) الرَّهْنُ عَلَى الدِّيَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ ، يَعْنِي الَّتِي عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيَحْتَمِلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدِيَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ ، أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " كَعَارِيَّةٍ " فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا أَيْضًا ، وَيَرُدُّهُ كَوْنُهُ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا مَسْأَلَةً قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ " وَجُعِلَ " وَهُوَ الصَّوَابُ ، فَيَكُونُ قَدْ قَدَّمَ فِيهِمَا حُكْمًا مِثْلَ حُكْمِ الْجُعَلِ قَبْلَ الْعَمَلِ ، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ ، وَلَكِنْ لِأَجْلِ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ نَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهَا فَنَقُولُ : ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِيهَا قَوْلَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " وَجُعِلَ "
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحَ جَعَلَا حُكْمَ الْجُعَلِ وَالدِّيَةِ وَاحِدٌ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ صَحَّ الرَّهْنُ بِدَيْنٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ ، انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 ) دَيْنُ الْكِتَابَةِ هَلْ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ ، وَحَكَاهُمَا فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا ، فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ ، وَالشِّيرَازِيُّ فِي الْإِيضَاحِ ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالشَّارِحُ ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ ، وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ ( قُلْت ) : فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافَ نَظَرٌ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ فِي مُحَرَّرِهِ ، أَوْ نَقُولُ : قَوْلُهُ " كَدَيْنِ كِتَابَةٍ " لَا يَقْتَضِي إطْلَاقَ الْخِلَافِ ، وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةُ خِلَافٍ مِنْ غَيْرِ إطْلَاقِهِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَقِيلَ : جَازَ أَنْ يُعَجِّزَ الْكَاتِبُ نَفْسَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ .
وَلَا يَصِحُّ بِعُهْدَةِ مَبِيعٍ وَعَيْنٍ وَمَنْفَعَتِهَا .
وَيَصِحُّ فِي عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا ، وَقِيلَ : غَيْرُ مُكَاتَبٍ ، فَإِنْ صَحَّ مُكِّنَ مِنْ الْكَسْبِ كَمَا كَانَ ، وَمَا أَدَّاهُ رَهْنٌ مَعَهُ
وَإِنْ رَهَنَ ذِمِّيٌّ عِنْدَ مُسْلِمٍ خَمْرًا بِيَدِ ذِمِّيٍّ لَمْ يَصِحَّ ، فَإِنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ حَلَّ وَيَقْبِضُهُ أَوْ يُبْرِئُ ، أَوْمَأَ إلَيْهِ .
وَيَحْرُمُ رَهْنُ مَالِ يَتِيمٍ لِفَاسِقٍ ، وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، وَيَتَوَجَّهُ : إنْ خَرَجَ بِفِسْقِهِ عَنْ الْأَمَانَةِ وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ ، وَأَنَّ الْكَافِرَ فِي رَهْنِهِ مِنْهُ وَتَوْكِيلِهِ فِيهِ مِثْلُهُ وَأَوْلَى ، بِدَلِيلِ عَامِلِ الزَّكَاةِ ، وَاللُّقَطَةِ .
وَفِي ثَمَرٍ وَزَرْعٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَعَبْدٍ مُسْلِمٍ وَمُصْحَفٍ لِكَافِرٍ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَجْهَانِ ( م 5 و 7 )
مَسْأَلَةٌ 5 - 7 ) قَوْلُهُ : وَفِي ثَمَرٍ وَزَرْعٍ قَبْلَ [ بُدُوِّ ] صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَعَبْدٌ مُسْلِمٌ وَمُصْحَفٌ لِكَافِرٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، فِي ذَلِكَ مَسَائِلُ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5 ) هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ رَهَنَهَا قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهَا بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، إنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَا التَّرْكَ ، وَكَذَا الْخِلَافُ إنْ أَطْلَقَا ، فَتُبَاعُ إذَنْ عَلَى الْمُقْطِعِ ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا ، وَإِنْ رَهْنًا بِدَيْنٍ حَالٍّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ ، وَتُبَاعُ لِذَلِكَ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَيَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ عِنْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ .
وَلَمْ أَرَهُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 ) هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ مُسْلِمٍ عَدْلٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ : اخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا ، وَكَذَا
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
( الْمَسْأَلَةُ 7 الثَّالِثَة ) هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْمُصْحَفِ لِكَافِرٍ أَمْ لَا ؛ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَيَكُونُ بِيَدِ عَدْلٍ مُسْلِمٍ إنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْفَائِقِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ ، فَإِنَّهُمَا قَدَّمَا عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي رَهْنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ ثُمَّ قَالَا : وَكَذَا الْمُصْحَفُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ .
وَمَا يَفْسُدُ قَبْلَ الْأَجَلِ إنْ صَحَّ رَهْنُهُ فِي الْمَنْصُوصِ بِيعَ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ رَهَنَ وَغَابَ وَخَافَ الْمُرْتَهِنُ فَسَادَهُ أَوْ ذَهَابَهُ فَلِيَأْتِ السُّلْطَانَ حَتَّى يَبِيعَهُ ، كَمَا أَرْسَلَ ابْنُ سِيرِينَ إلَى إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ يَأْذَنُ لَهُ فِي بَيْعِهِ ، فَإِذَا بَاعَهُ حَفِظَهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ بِأَسْرِهِ ، حَتَّى يَكُونَ صَاحِبُهُ يَقْضِيهِ مَا عَلَيْهِ .
وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ وَالشَّرِيكُ فِي الْمُشَاعِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا ، عَدَّلَهُ الْحَاكِمُ ، وَهَلْ يُؤَجِّرُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 8 )
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ وَالشَّرِيكُ فِي الْمُشَاعِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا .
أَوْ غَيْرِهِمَا عَدَّلَهُ الْحَاكِمُ ، وَهُوَ يُؤَجِّرُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ لِلْحَاكِمِ إجَارَتُهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ إجَارَتُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوِيٌّ ، لِأَنَّا إنَّمَا أَجَزْنَا لِلْحَاكِمِ التَّعْدِيلَ لِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ حَقٌّ فِيهِ ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُمَا التَّنَازُعُ ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَمَحْضُ حَقِّ الرَّاهِنِ ، لَكِنْ يُقَالُ فِي الْأَوَّلِ : زَادَهُ الْحَاكِمُ خَيْرًا ، لِأَنَّهُ عَدَّلَهُ بِإِجَارَةٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَوَجْهَانِ كَبَيْعِهِ ( م 9 - 10 ) وَفِي الِانْتِصَارِ : لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ يُمْكِنُ ، قِسْمَتُهُ فَوَجْهَانِ كَبَيْعِهِ ، انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ دَارٍ مَثَلًا مُشَاعًا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بُيُوتٍ وَتَنْقَسِمُ فَرَهَنَ نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا ، فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّخْلِيصِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ ، وَحَكَى فِي الشَّرِيكِ احْتِمَالَيْنِ عَنْ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ حَقِّهِ مِنْ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ تَنْقَسِمُ .
وَفِيهِ احْتِمَالٌ ، وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَاحْتِمَالَانِ ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ صَحَّ ، وَقِيلَ : إنْ لَزِمَ الرَّهْنُ بِالْعَقْدِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ لَعَلَّهُ " فِي مُشَاعٍ " قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدْ مَثَّلْنَا صُورَتَهُ ، وَكَلَامُهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، وَقَوْلُ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ : قَوْلُهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
أَيْ الْمُشَاعُ لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بَيْعُ هَذِهِ الْحِصَّةِ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10 ) بَيْعُ نَصِيبِهِ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا وَالْحَالَةُ مَا تَقَدَّمَ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ : ( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : لَعَلَّ الْخِلَافَ فِي الرَّهْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ
بَيْعِهِ وَعَدَمِهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
وَإِنْ اقْتَسَمَا فَوَقَعَ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 11 )
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ اقْتَسَمَا يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَقُلْنَا يَصِحُّ فَوَقَعَ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا وَقَعَ الْمَرْهُون لِشَرِيكِ الرَّاهِنِ فِي الْقِسْمَةِ فَهَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ بَذْلُهُ لِيَكُونَ رَهْنًا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ يَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ ، لِكَوْنِهِ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ .
( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَرْهَنُ مَا صَارَ لَهُ عِنْدَ الشَّرِيكِ عَلَى مَا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ عَلَى حَالِهِ .
تَنْبِيهَاتٌ ( الْأَوَّلُ ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ " رَهْنَ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْقِسْمَةِ عِنْدَ شَرِيكِهِ ، وَيَبْقَى مَا كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى ، وَلَمْ أَجِدْهُ مَذْكُورًا ، وَالْعِبَارَةُ لَا تُسَاعِدُهُ ، وَقَدْ قَطَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ بِأَنَّ الرَّاهِنَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْقِسْمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : أَيْ هَلْ يَلْزَمُ الْغَيْرَ الَّذِي وَقَعَ لَهُ الْمُعَيَّنُ الْمَرْهُونُ أَنْ يَبْذُلَهُ لِشَرِيكِهِ لِيَرْهَنَهُ كَمَا كَانَ أَوْ يَرْهَنَهُ هُوَ لِشَرِيكِهِ ، انْتَهَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ ، وَقَوْلُهُ : " يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ " بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ : فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ اللُّزُومِ ، وَقَدْ وَافَقَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَوَافَقْنَا عَلَى الْأَوَّلِ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ شَيْءٍ لِيَرْهَنَهُ وَرَهْنُ الْمُعَارَ بِإِذْنِ رَبِّهِ .
فَإِنْ بِيعَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ
أَوْ بِمِثْلِهِ لَا بِمَا بِيعَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ بِأَكْثَرِهَا ، انْتَهَى .
هَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ : وَهُوَ الصَّوَابُ قَطْعًا ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَسْتَحِقُّ الرَّاهِنُ الزَّائِدَ وَهُوَ مِلْكُ غَيْرِهِ ؟ ( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : وَلَا يَزُولُ بِرَدِّهِ مِنْ سَفَرٍ ، انْتَهَى .
لَا مَعْنَى لِلسَّفَرِ هُنَا ، وَصَوَابُهُ بِرَدِّهِ مِنْ نَفْسِهِ ، أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ فَتَعَدَّى فِيهِ ثُمَّ زَالَ تَعَدِّيهِ لَا يَزُولُ ضَمَانُهُ بِذَلِكَ ، صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ .
وَيَصِحُّ رَهْنُ أَمَةٍ دُونَ وَلَدِهَا ، وَعَكْسُهُ ، وَيُبَاعَانِ .
وَشَرْطُ خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَاسِدٌ وَحْدَهُ
وَاسْتِئْجَارُ شَيْءٍ لِيَرْهَنَهُ وَرَهْنُ الْمُعَارَ بِإِذْنِ رَبِّهِ بَيَّنَ الدَّيْنَ أَوْ لَا ، وَلَهُ الرَّجْوُ قَبْلَ إقْبَاضِهِ ، كَقَبْلِ الْعَقْدِ ، وَقَدَّمَ فِي التَّلْخِيصِ : لَا ، كَبَعْدِهِ ، خِلَافًا لِلِانْتِصَارِ فِيهِ ، فَإِنْ بِيعَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ لَا بِمَا بِيعَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ بِأَكْثَرِهِمَا ، وَيَضْمَنُهُ مُسْتَعِيرٌ فَقَطْ ، وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ فِي مُسْتَأْجِرٍ مِنْ مُسْتَعِيرٍ ، وَلَا يَلْزَمُ إلَّا فِي حَقِّ الرَّاهِنِ إذَا قَبَضَهُ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ : الْمَذْهَبُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ مَنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ .
وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ عَنْهُ مَعَ بَقَاءِ حَالِهِ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا ، وَيَضْمَنُهُ مُرْتَهِنٌ بِغَصْبِهِ فِي الْأَصَحِّ يَزُولُ بِرَدِّهِ ، وَأَنَّ نِيَابَتَهُ بَاقِيَةٌ وَلَا يَزُولُ بِرَدِّهِ مِنْ سَفَرٍ ، وَصِفَةُ قَبْضِهِ كَمَبِيعٍ ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُ وَلِيِّ أَمْرٍ ، وَعَنْهُ : لِوَرَثَتِهِ إقْبَاضُهُ مِنْهُ وَثَمَّ غَرِيمٌ لَمْ يَأْذَنْ .
وَيَبْطُلُ إذْنُهُ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ وَخَرَسٍ ، فَإِنْ رَهَنَهُ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ غَصْبًا فَكَهِبَتِهِ إيَّاهُ ، وَيَزُولُ ضَمَانُهُ ، فَإِنْ أَخَذَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ نِيَابَةً لَهُ وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ : وَلَوْ غَصْبًا زَالَ لُزُومُهُ ، فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ عَادَ ، وَإِنْ أَجَّرَهُ أَوْ أَعَارَهُ مِنْ الْمُرْتَهِن أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلُزُومُهُ بَاقٍ ، اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَفِي الِانْتِصَارِ هُوَ الْمَذْهَبُ ، كَالْمُرْتَهِنِ ، وَعَنْهُ : لَا ، نَصَرَهُ الْقَاضِي ، وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُرْتَهِنُ عَادَ بِمُضِيِّهَا ، وَلَوْ سَكَنَهُ بِأُجْرَتِهِ بِلَا إذْنِهِ فَلَا رَهْنَ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا .
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ إنْ أَكْرَاهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ لَهُ فَإِذَا رَجَعَ صَارَ رَهْنًا وَالْكِرَاءُ لِلرَّاهِنِ ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ : الْبَسْهُ ، لَمْ يَجُزْ إذَا كَانَ يَأْخُذُ الْقَضَاءَ ، وَعَنْهُ .
رَهْنُ الْمُعَيَّنِ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ ، وَفِي التَّعْلِيقِ : هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا ، فَمَتَى أَبَى الرَّاهِنُ تَقْبِيضَهُ أُجْبِرَ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا .
وَإِنْ وَهَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ وَنَحْوَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ وَبَطَلَ الرَّهْنُ ، وَإِنْ زَادَ دَيْنُ الرَّهْنِ لَمْ يَجُزْ ، لِأَنَّهُ رَهْنٌ مَرْهُونٌ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : كَالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ .
وَتَجُوزُ زِيَادَةُ الرَّهْنِ تَوْثِقَةً ، وَفِي الرَّوْضَةِ : لَا تَجُوزُ تَقْوِيَةُ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ آخَرَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ ، وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ فِي الدَّيْنِ عَلَى الرَّهْنِ الْأَوَّلِ ، كَذَا قَالَ .
وَإِنْ بَاعَهُ بِإِذْنٍ بَعْدَ حِلِّ الدَّيْنِ أَوْ بِشَرْطِ رَهْنِ ثَمَنِهِ مَكَانَهُ صَحَّ وَصَارَ رَهْنًا ، فِي الْأَصَحِّ [ وَبِدُونِهِمَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ ، وَقِيلَ : لَا ، وَيُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ دَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ ثَمَنِهِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَهُوَ رَهْنٌ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا فِي الْأَصَحِّ ] وَذَكَرَ الشَّيْخُ صِحَّةَ الشَّرْطِ ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَأَنَّ الثَّوَابَ فِي الْهِبَةِ كَذَلِكَ .
وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ فَوَجْهَانِ ( م 12 - 13 )
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا إذَا أَذِنَ فِيهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ جَازَ ، لَكِنْ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ ، ثُمَّ وَجَدْت الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ اخْتَارَ مِثْلَ ذَلِكَ ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي الْوَكَالَةِ فَقَالَ : قَالَ شَيْخُنَا : لَوْ بَاعَ أَوْ تَصَرَّفَ فَادَّعَى أَنَّهُ عَزَلَهُ قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ ، انْتَهَى .
ثُمَّ وَجَدْته فِي الْفُصُولِ ، قَطَعَ بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13 ) إذَا ثَبَتَ رُجُوعُهُ وَتَصَرُّفُ الرَّاهِنِ جَاهِلًا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا : بِنَاءً عَلَى تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ ، انْتَهَى .
وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ ، فَكَذَا هُنَا ، فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ مَنْ بَنَاهُ ، وَالْمُصَنِّفِ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا ، لَكِنْ قَالَ : اخْتَارَ الْأَكْثَرُ الِانْعِزَالَ ، عَلَى مَا يَأْتِي هُنَاكَ ، وَيَكْفِينَا تَصْحِيحُ مَنْ بَنَاهُ عَلَى الْوَكَالَةِ ، لَكِنْ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلَّةٍ .
وَكُلُّ شَرْطٍ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لَمْ يُؤَثِّرْ ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ ، نَحْوَ كَوْنِ مَنَافِعِهِ لَهُ ، أَوْ إنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ أَوْ لَا يَقْبِضُهُ ، فَهُوَ فَاسِدٌ ، وَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَا بَيْعٍ وَقِيلَ : إنْ نَقَصَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ [ وَقِيلَ إنْ سَقَطَ [ بِهِ ] دَيْنُ الرَّهْنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرَّوِيَّتَانِ ] إلَّا جَعْلَ الْأَمَةِ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ عَزَبٍ ، لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ .
وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ : يَبْطُلُ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَكُلُّ شَرْطٍ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لَمْ يُؤَثِّرْ ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ ، نَحْوَ كَوْنِ مَنَافِعِهِ لَهُ ، وَإِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ أَوْ لَا يَقْبِضُهُ ، فَهُوَ فَاسِدٌ .
وَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَا بَيْعٍ ، انْتَهَى .
أَحَالَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ ، يَعْنِي فِيمَا إذَا شَرَطَ فِيهِ مَا لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ ، وَقَدْ قَدَّمَ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ الصِّحَّةَ فَقَالَ : صَحَّ الْعَقْدُ فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَعَنْهُ لَا ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، انْتَهَى ، فَيَكُونُ الْمَذْهَبُ هُنَا الصِّحَّةُ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ .
إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ ، عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَنَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ فِيمَا إذَا شَرَطَ مَا يُنَافِيه ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : فَقَالَ الْقَاضِي : يَحْتَمِلُ أَنْ يَفْسُدَ الرَّهْنُ .
وَقِيلَ : إنْ شَرَطَا الرَّهْنَ مُؤَقَّتًا ، أَوْ رَهْنَهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا ، فَسَدَ الرَّهْنُ ، وَهَلْ يَفْسُدُ بِسَائِرِهَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ ، وَنَصَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ صِحَّتَهُ ، انْتَهَى ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ " وَقِيلَ : إنْ نَقَصَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ ، وَقِيلَ : إنْ سَقَطَ بِهِ دَيْنُ الرَّهْنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ " .
انْتَهَى .
مُرَادُهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ الرَّاوِيَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ اللَّتَانِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ .
وَأَحَالَهُمَا عَلَى الْبَيْعِ فَذَكَرَ فِي مَحَلِّ الرِّوَايَتَيْنِ ثَلَاثَ طُرُقٍ
ثُمَّ إذَا بَطَلَ وَكَانَ فِي بَيْعٍ فَفِي بُطْلَانِهِ لِأَخْذِهِ حَظًّا مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا ، لِانْفِرَادِهِ عَنْهُ ، كَمَهْرٍ فِي نِكَاحٍ ، احْتِمَالَانِ ( م 14 )
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْخِلَافِ كُلِّهِ ثُمَّ إذَا بَطَلَ وَكَانَ فِي بَيْعٍ فَفِي بُطْلَانِهِ لِأَخْذِهِ حَظًّا مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا ، لِانْفِرَادِهِ عَنْهُ ، كَمَهْرٍ فِي نِكَاحٍ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي إذَا بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ رَهْنٍ ، وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ مَا لَمْ يَقْتَصَّهُ أَوْ نَافَاهُ ، وَقُلْنَا يَبْطُلُ ، فَهَلْ [ يَبْطُلُ ] الْبَيْعُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ احْتِمَالَيْنِ ، هَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَبْطُلُ ( قُلْت ) : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ .
( وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي ) يَبْطُلُ ، لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْفُصُولِ ذَكَرَ الِاحْتِمَالَيْنِ ، فَظَهَرَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْفُصُولِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا الرَّهْنُ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ بِحَقٍّ مُسْتَقِرٍّ بَطَلَ الرَّهْنُ وَأُلْحِقَ بِحَالِهِ ، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِي بَيْعٍ فَإِذَا بَطَلَ الرَّهْنُ فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ ؟ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَبْطُلَ ، لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ يَنْفَرِدُ عَنْ الْبَيْعِ .
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَبْطُلَ الْبَيْعُ ، لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ حَظًّا مِنْ الثَّمَنِ ، وَذَلِكَ الْقَدْرُ النَّاقِصُ مَجْهُولٌ ، وَالْمَجْهُولُ إذَا أُضِيفَ إلَى مَعْلُومٍ أَوْ حُطَّ مِنْهُ جُهِلَ الْكُلُّ ، وَجَهَالَةُ الثَّمَنِ تُفْسِدُ الْبَيْعَ ، انْتَهَى .
وَيَحْرُمُ عِتْقُهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ فَكَذَّبَهُ وَقِيلَ : أَوْ وَافَقَهُ ، وَقِيلَ : أَوْ أَقَرَّ بِبَيْعِهِ أَوْ غَصْبِهِ أَوْ جِنَايَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ ، كَإِقْرَارِهِ بِنَسَبٍ مُطْلَقًا ، أَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي وَطْئِهِ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَوْلُ وَارِثِهِ فِي إذْنِهِ [ فِيهِ ] أَوْ ضَرَبَهُ بِلَا إذْنِهِ فِيهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ رَهْنًا ، وَقِيلَ إنْ أَقَرَّ بَطَلَ مَجَّانًا ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا : يَصِحُّ بَيْعُ الرَّاهِنِ لَهُ ( و هـ ) وَيَلْزَمُهُ ، وَيَقِفُ لُزُومُهُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ كَبَيْعِ الْخِيَارِ .
وَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ وَأَمْكَنَ ، وَأَقَرَّ مُرْتَهِنٌ بِإِذْنِهِ وَبِوَطْئِهِ وَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ عِتْقُ مُعْسِرٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ ، وَقِيلَ : وَغَيْرُهُ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةً .
وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا : إنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ تُجْعَلُ رَهْنًا ، وَقِيلَ : إنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ لَمْ يُقْبَلْ كَعَبْدِ بَيْعٍ ، وَكَإِقْرَارِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّهُ كَانَ جَنَى [ بِيعَ ] أَوْ [ أَنَّهُ ] بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَيُعْتَقُ كَإِبْرَائِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ ، وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ فَأَرْشُ الْبِكْرِ فَقَطْ .
كَجِنَايَتِهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ بَعْدَ لُزُومِهِ قُبِلَ فِي حَقِّهِ [ وَيَحْتَمِلُ ] وَحَقِّ مُرْتَهِنٍ ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ عِتْقِهِ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ .
وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِلَا إذْنٍ ، قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ : أَلَهُ أَنْ يَطَأَ ؟ قَالَ : لَا ، وَاَللَّهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : لَهُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ دُونَ تَسْلِيمِهَا ، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَذَكَرَهُ عَنْ أَحْمَدَ .
وَفِي غَرْسِهِ الْأَرْضَ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ احْتِمَالَانِ ( م 15 )
مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَفِي غَرْسِهِ الْأَرْضَ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ احْتِمَالَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يَسُوغُ لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ ( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ وَالِاحْتِمَالُ ( الثَّانِي ) لَهُ مَنْعُهُ ، لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْجُمْلَةِ .
وَلَا يَمْنَعُ مِنْ سَقْيِ شَجَرَةٍ وَتَلْقِيحٍ وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ عَلَى إنَاثٍ [ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ] مَرْهُونَةٍ وَمُدَاوَاةٍ وَفَصْدٍ وَنَحْوِهِ ، بَلْ مَنْ قَطَعَ سِلْعَةً فِيهَا خَطَرٌ .
وَيَمْنَعُ مِنْ خِتَانِهِ إلَّا مَعَ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ يَبْرَأُ قَبْلَ أَجَلِهِ .
قَالَ الشَّيْخُ : وَلِلْمُرْتَهِنِ مُدَاوَاةُ مَاشِيَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ [ فَيَتَوَجَّهُ ] : وَكَذَا غَيْرُهَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُ : يَمْنَعُ كُلَّ تَصَرُّفٍ قَوْلًا وَفِعْلًا .
وَنَمَاؤُهُ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ صُوفًا وَلَبَنًا وَكَسْبُهُ وَمَهْرُهُ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ رَهْنٌ
، فَإِنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا أَوْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَاقْتَصَّ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَزِمَ سَيِّدَهُ أَوْ وَارِثَهُ أَرْشُهَا فِي الْمَنْصُوصِ ، رَهْنًا ، وَهَلْ لِوَارِثِهِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ كَأَجْنَبِيٍّ [ مَجْنِيٍّ ] عَلَيْهِ أَمْ لَا كَمَوْرُوثِهِ ؟ فِي الْأَصَحِّ ، فِيهِ وَجْهَانِ ( م 16 ) وَقِيلَ : يُقْتَصُّ بِإِذْنٍ ، وَحَكَاهُ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً .
وَإِنْ عَفَا سَيِّدٌ عَنْ مَالٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ : لَا يَصِحُّ ، وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ فَيَرْهَنُ الْجَانِي بَدَلَهُ ، فَإِذَا انْفَكَّ اسْتَرَدَّهُ ، وَإِنْ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ الْبَدَلِ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى عَافٍ احْتِمَالَانِ ( م 17 )
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ لِوَارِثِهِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ كَأَجْنَبِيٍّ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ ، أَمْ لَا ، كَمَوْرُوثِهِ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ وَكَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ هُوَ السَّيِّدُ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُمْ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ ، لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ لَهُمْ ، وَهُمْ مُهْتَمُّونَ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُمْ ذَلِكَ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِمْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِمْ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ جُنِيَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ عَفَوْا عَنْهُ عَلَى مَالٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ ، وَبَقِيَ رَهْنًا ، انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَفَا سَيِّدٌ عَنْ مَالٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ : لَا يَصِحُّ ، وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ فَيَرْهَنُ الْجَانِي بَدَلَهُ ، فَإِذَا انْفَكَّ اسْتَرَدَّهُ ، وَإِنْ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ الْبَدَلِ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى عَافٍ احْتَمَلَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ .
( أَحَدُهُمَا ) يَرْجِعُ الْجَانِي وَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ عَلَى الْعَافِي وَهُوَ الرَّاهِنُ ، لِأَنَّ مَالَهُ ذَهَبَ فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْعَافِي ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِي حَقِّ الْجَانِي مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الضَّمَانِ ، وَإِنْ اسْتَوْفَى بِسَبَبٍ كَانَ مِنْهُ حَالَ مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَنَى إنْسَانٌ عَلَى عَبْدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ لِغَيْرِهِ فَتَلِفَ بِالْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ .
وَإِنْ أَسْقَطَ مُرْتَهِنٌ أَرْشًا أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ لَمْ يَسْقُطْ ، وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 18 )
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ أَسْقَطَ مُرْتَهِنٌ أَرْشًا أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ لَمْ يَسْقُطْ ، وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ ( أَحَدُهُمَا ) يَسْقُطُ حَقُّهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَسْقُطُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ أَسْقَطَ وَأَبْرَأَ مِنْ شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ .