كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي
الرامينى ثم الصالحي
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ } لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مَقَالٌ ، و لَا أَعْلَمُ أَحَدًا حَرَّمَهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يَصِحُّ .
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فَلَيْسَ النَّهْيُ لِمَعْنًى يَرْجِعُ إلَى الصَّلَاةِ ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْآمِدِيِّ وَأَبِي الْوَفَاءِ فِيهَا لَا يَصِحُّ ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوَّاهُ ، السَّبَخَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَاحِدَةُ السِّبَاخِ ، وَأَرْضٌ سَبِخَةٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ ذَاتُ سِبَاخٍ وَيَأْتِي حُكْمُ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ .
وَحُكْمُ بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ تَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ ، وَيُكْرَهُ فِي مَقْصُورَةٍ تُحْمَى ، وَقِيلَ : أَوْ لَا إنْ قُطِعَتْ الصُّفُوفُ ، كَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ وَأَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْصُورَةِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : إنَّمَا كَرِهَهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَصُّ بِالظَّلَمَةِ ، وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، فَكَرِهَ الِاجْتِمَاعَ بِهِمْ ، قَالَ : وَقِيلَ كَرِهَهَا لِقَصْرِهَا عَلَى أَتْبَاعِ السُّلْطَانِ وَمَنْعِ غَيْرِهِمْ ، فَيَصِيرُ الْمَوْضِعُ كَالْمَغْصُوبِ ، وَمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ سَقْفُهُ قَصِيرٌ وَتَعَذَّرَ الْقِيَامُ أَوْ الْخُرُوجُ ، أَوْ خَافَ عَدُوًّا إنْ انْتَصَبَ صَلَّى جَالِسًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : قَائِمًا مَا أَمْكَنَهُ كَحَدَبٍ ، وَكِبَرٍ وَمَرَضٍ ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَلَسَ انْحَنَى ، ثُمَّ إذَا رَكَعَ فَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ قَلِيلًا ، فَإِنْ عَجَزَ حَنَى رَقَبَتَهُ ، فَظَاهِرُهُ يَجِبُ ( م 8 ) .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ سَقْفُهُ قَصِيرٌ وَتَعَذَّرَ الْقِيَامُ أَوْ الْخُرُوجُ أَوْ خَافَ عَدُوًّا إنْ انْتَصَبَ صَلَّى جَالِسًا نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ قَائِمًا مَا أَمْكَنَهُ ، كَحَدَبٍ وَكِبَرٍ ، وَمَرَضٍ ، ثُمَّ إذَا رَكَعَ فَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ قَلِيلًا ، وَقِيلَ يَزِيدُ ، فَإِنْ عَجَزَ حَتَّى رَقَبَتِهِ فَظَاهِرُهُ يَجِبُ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ ، قُلْت وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجِبُ ، قُلْت وَهُوَ الظَّاهِرُ ، لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ : فَإِنْ رَكَعَ زَادَ فِي انْحِنَائِهِ قَلِيلًا زَادَ فِي الرِّعَايَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ انْحِنَاؤُهُ حَنَى رَقَبَتَهُ نَحْوَ قِبْلَتِهِ ، انْتَهَى ، فَالْوُجُوبُ فِي كَلَامِهِ ظَاهِرٌ وَهُوَ الصَّوَابُ فَهَذِهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى .
بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ الشَّرْطُ الْخَامِسُ يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ ، وَيَسْقُطُ بِالْعُذْرِ فَلَا يُعِيدُ وَلَوْ نَادِرًا ، نَحْوُ مَرِيضٍ عَاجِزٍ وَمَرْبُوطٍ ( هـ ش ) قَالَ الْأَصْحَابُ كَمَنْعِ الْمُشْرِكِينَ حَالَ الْمُسَايَفَةِ وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَةٌ مِنْ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ ، وَجَزَمَ ابْنُ شِهَابٍ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ لَا يَسْقُطُ حَالَ سَيْرِ السَّفِينَةِ مَعَ أَنَّهَا حَالَةُ عُذْرٍ لِأَنَّ التَّوَجُّهَ إنَّمَا يُوَجَّهُ حَالَ الْمُسَايَفَةِ لِمَعْنًى مُتَعَدٍّ إلَى غَيْرِ الْمُصَلَّى وَهُوَ الْخِذْلَانُ عِنْدَ ظُهُورِ الْكُفَّارِ ، كَذَا قَالَ .
وَيَدُورُ فِي سَفِينَتِهِ فِي فَرْضٍ وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَنَفْلٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( م 1 ) ( م ش ) وَأَطْلَقَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَدُورُ ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمَلَّاحِ لِحَاجَتِهِ ( و ) وَيَسْقُطُ فِي النَّفْلِ فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ قَصِيرٍ ( م ) نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ فَرْسَخٍ كَطَوِيلٍ ( و ) رَاكِبًا ، وَعَنْهُ وَحَضَرَ ، فَعَلَهُ أَنَسٌ ( و هـ ) خَارِجَ الْمِصْرِ ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَفِي الْمِصْرِ .
وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ ، وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ ، لِكَثْرَةِ الْغَلَطِ فِيهِ ، فَرُبَّمَا غَلِطَ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ
بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَيَدُورُ فِي سَفِينَةٍ فِي فَرْضٍ ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ ، كَنَفْلٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ انْحَرَفُوا عَنْ الْقِبْلَةِ انْحَرَفُوا إلَيْهَا فِي الْفَرْضِ ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَالنَّفْلِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، فَقَالَ : مَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فِيهَا ، وَكُلَّمَا دَارَتْ انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْفَرْضَ ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي النَّفْلِ ، انْتَهَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ تَمِيمٍ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ السَّفِينَةِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمُسَافِرُ كَالْمُقِيمِ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ : لِلْمُسَافِرِ التَّنَفُّلُ فِيهَا وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا كَالرَّاحِلَةِ ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَدُورَ كُلَّمَا دَارَتْ إلَى الْقِبْلَةِ ، انْتَهَى ، فَجَعَلَ هَذَا طَرِيقَةً أُخْرَى بَعْدَمَا صَحَّحَ عَدَمَ الْوُجُوبِ .
وَمَاشِيًا سَفَرًا ( و ش ) لَا رَاكِبَ التَّعَاسِيفِ [ السَّائِرُ فِي الصَّحْرَاءِ عَلَى غَيْرِ هُدًى ] وَيُعْتَبَرُ فِي رَاكِبٍ طَهَارَةُ مَحِلِّهِ ، نَحْوُ سَرْجٍ وَرِكَابٍ ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يُعْتَبَرُ ، قَالُوا : لِأَنَّ بَاطِنَ الدَّابَّةِ لَا يَخْلُو عَنْ نَجَاسَةٍ ، قَالَ بَعْضُهُمْ لَا اعْتِبَارَ بِنَجَاسَتِهِ ، لِأَنَّهُ لَوْ حَمَلَ حَيَوَانًا طَاهِرًا فَصَلَّى بِهِ صَحَّتْ ، بَلْ الْعِلَّةُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَعَ إمْكَانِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ ، وَالرُّكْنُ أَقْوَى مِنْ الشَّرْطِ ، وَيَلْزَمُ الرَّاكِبَ الْإِحْرَامُ إلَى الْقِبْلَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي .
وَغَيْرُ الْمَذْهَبِ ، وَعَنْهُ لَا ( و هـ م ) نَقَلَ صَالِحٌ وَأَبُو دَاوُد يُعْجِبُنِي ذَلِكَ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِعْلُهَا رَاكِعًا وَسَاجِدًا بِلَا مَشَقَّةٍ لَزِمَهُ نَصَّ عَلَيْهِ ( و ش ) لِأَنَّهُ كَسَفِينَةٍ ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ ، فَدَلَّ أَنَّهَا وِفَاقٌ ، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةً ، لِلتَّسَاوِي فِي الرُّخَصِ الْعَامَّةِ ، فَدَلَّ أَنَّ السَّفِينَةَ كَذَلِكَ كَالْعِمَارِيَّةِ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ : نَفْلٌ أَفْسَدَهُ وَنَذْرٌ ، وَسَجْدَةٌ تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ كَنَفْلٍ ، وَيُتَوَجَّهُ لَنَا مِثْلُهُ فِي النَّذْرِ ، وَلَهُ نَظَائِرُ وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا جَازَ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي قَوْلًا وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ ، وَإِنْ عُذِرَ مَنْ عَدَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ ، أَوْ هَوَى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَطَالَ بَطَلَتْ ، وَقِيلَ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ، لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ ، كَسَاهٍ ، وَقِيلَ يَسْجُدُ بِعُدُولِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِأَنْ عَدَلَتْ دَابَّتُهُ وَأَمْكَنَهُ رَدُّهَا أَوْ عَدَلَ إلَى غَيْرِهَا مَعَ عِلْمِهِ بَطَلَتْ ، وَإِنْ انْحَرَفَتْ عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ فَصَارَ قَفَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ عَمْدًا بَطَلَتْ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا انْحَرَفَ إلَيْهِ جِهَةَ الْقِبْلَةِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الِالْتِفَاتِ الْمُبْطِلِ ، وَقَدْ سَبَقَ ، وَمَتَى لَمْ يَدُمْ
سَيْرُهُ فَوَقَفَ لِتَعَبِ دَابَّتِهِ ، أَوْ مُنْتَظِرًا لِلرُّفْقَةِ ، أَوْ لَمْ يَسِرْ كَسَيْرِهِمْ أَوْ نَوَى النُّزُولَ بِبَلَدٍ دَخَلَتْهُ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، وَإِنْ نَزَلَ فِي أَثْنَائِهَا نَزَلَ مُسْتَقْبِلًا وَأَتَمَّهَا نَصَّ عَلَيْهِ .
وَإِنْ رَكِبَ فِي نَفْلٍ بَطَلَ ، وَقِيلَ يُتِمُّهُ كَرُكُوبِ مَاشٍ فِيهِ ، وَالْمَاشِي يُحْرِمُ إلَى الْقِبْلَةِ ، وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إلَيْهَا ( و ش ) وَقِيلَ يُومِئُ بِهِمَا إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ ، وَقِيلَ مَا سِوَى الْقِيَامِ يَفْعَلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ غَيْرَ مَاشٍ ، وَيَلْزَمُ قَادِرًا أَوْمَأَ جَعْلُ سُجُودِهِ أَخْفَضَ ( و ) وَالطُّمَأْنِينَةُ وَفَرْضُ الْمُشَاهَدِ لِمَكَّةَ ، أَوْ لِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( و ) أَوْ الْقَرِيبِ مِنْهُمَا .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : وَمَسْجِدُ الْكُوفَةِ ، لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ إصَابَةُ الْعَيْنِ بِبَدَنِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ أَوْ بِبَعْضِهِ وَإِنْ تَعَذَّرَ اجْتَهَدَ إلَى عَيْنِهَا ، وَعَنْهُ أَوْ إلَى جِهَتِهَا ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ تَعَذَّرَ فَكَبَعِيدٍ .
وَفِي الْوَاضِحِ إنْ قَدَرَ عَلَى الرُّؤْيَةِ إلَّا أَنَّهُ مُسْتَتِرٌ بِمَنْزِلٍ وَغَيْرِهِ كَمُشَاهِدٍ .
وَفِي رِوَايَةٍ كَبَعِيدٍ ، وَلَا يَضُرُّ الْعُلُوُّ وَالنُّزُولُ ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ لَا يَصِحُّ إلَى الْحَجَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النُّسَخِ ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْمَكِّيِّ ، وَنَصَّ أَحْمَدُ : الْحِجْرُ مِنْ الْبَيْتِ ، وَفَرْضُ مَنْ بَعُدَ عَنْهَا الِاجْتِهَادُ إلَى جِهَتِهَا ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلْحَنَفِيَّةِ ، فَيُعْفَى عَنْ الِانْحِرَافِ قَلِيلًا ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ [ لَا يَضُرُّ ] التَّيَامُنُ وَالتَّيَاسُرُ فِي الْجِهَةِ ، وَعَنْهُ إلَى عَيْنِهَا ، فَيُمْنَعُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ الْمَشْهُورُ ( و م ر ق ) وَفِي الرِّعَايَةِ عَلَيْهَا : إنْ رَفَعَ وَجْهَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ فَخَرَجَ بِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ مُنِعَ .
وَنَقَلَ مُهَنَّا وَغَيْرُهُ إذَا تَجَشَّأَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ وَجْهَهُ إلَى فَوْقٍ ، لِئَلَّا يُؤْذِيَ مَنْ حَوْلَهُ بِالرَّائِحَةِ ، وَمَا سَبَقَ أَوَّلَا عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابُ ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ : الرِّوَايَةُ الْأُولَى مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ ، فَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ
قَلِيلًا لَمْ يُعِدْ ، وَلَا يَتَبَالَى مَغْرِبُ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ ، وَمَشْرِقُ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ إذَا صَلَّى بَيْنَهُمَا ، وَبَيَّنَ الْقَاضِي أَنَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَشْرِقٍ وَمَغْرِبٍ فَالْقِبْلَةُ مَا بَيْنَهُمَا ، قَالَ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَحَرَّى الْوَسَطَ ، وَلَمْ أَجِدْ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةً .
وَفِي ظُهُورِهَا نَظَرٌ ، فَإِنَّهُ قَالَ : مَشَارِقُ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ سَوَاءٌ ، إنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى أَوْسَطَ ذَلِكَ ، لَا يَتَيَامَنُ ، وَلَا يَتَيَاسَرُ ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَيَسْتَدِيرُ الصَّفُّ الطَّوِيلُ .
وَفِيهِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَانِ ، إحْدَاهُمَا لَا ، لِخَفَائِهِ وَعُسْرِ اعْتِبَارِهِ ، وَالثَّانِيَةُ يَنْحَرِفُ طَرَفُ الصَّفِّ يَسِيرًا ، يَجْمَعُ بِهِ تَوَجُّهَ الْكُلِّ إلَى الْعَيْنِ ، وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّفِّ يَجْتَهِدُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى عَيْنِهَا مِنْ أَيِّ النَّوَاحِي كَانَ ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِصِحَّةِ صَلَاةِ صَفٍّ طَوِيلٍ عَلَى خَطٍّ مُسْتَوٍ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُصِيبُ عَيْنَهَا إلَّا مَنْ كَانَ بِقَدْرِهَا ، وَإِنَّمَا يَتَّسِعُ الْمُحَاذِي مَعَ الْبُعْدِ مَعَ التَّقَوُّسِ ، لَا مَعَ عَدَمِهِ ، وَلَوْ وَجَبَ التَّوَجُّهُ إلَى الْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ مَنْ خَرَجَ عَنْهَا كَالْمَكِّيِّ ، وَلَمْ أَجِدْهُمْ ذَكَرُوا هُنَا أَنَّ الْبُعْدَ مَسَافَةُ قَصْرٍ ، بَلْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُعَايَنَةِ ، وَلَا عَلَى مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ .
.
فَصْلٌ وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ ، وَقِيلَ : أَوْ مَسْتُورٌ ، وَقِيلَ : أَوْ مُمَيِّزٌ ، عَنْ عِلْمٍ لَزِمَهُ تَقْلِيدُهُ فِي الْأَصَحِّ ( ش ) وَفِي التَّلْخِيصِ لَيْسَ لِلْعَالِمِ تَقْلِيدُهُ ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَنْ اجْتِهَادِهِ لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهُ فِي الْأَصَحِّ ( و ) وَقِيلَ : إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَقِيلَ : أَوْ كَانَ أَعْلَمَ قَلَّدَهُ ، وَفِي آخِرِ التَّمْهِيدِ يُصَلِّيهَا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ ثُمَّ يُعِيدُ إذَا قَدَرَ ، فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ يُصَلِّي وَيُعِيدُ ، وَيَلْزَمُهُ السُّؤَالُ ، فَظَاهِرُهُ يَقْصِدُ الْمَنْزِلَ فِي اللَّيْلِ لِيَسْتَخْبِرَ ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ مِثْلِهِ ، وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ غَيْرُ مُرَادٍ ، كَمَا لَا يَخْرُجُ مَنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا لَيْلًا ، وَلَا يُسَلِّمُ الْوَدِيعَةَ لَيْلًا ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِمَحَارِيبَ يَعْلَمُهَا لِلْمُسْلِمِينَ عُدُولًا أَوْ فُسَّاقًا ، وَعَنْهُ يَجْتَهِدُ ، وَعَنْهُ وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ ، وَفِي الْمُغْنِي أَوْ يَعْلَمُهَا لِلنَّصَارَى .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : لَا يَجْتَهِدُ فِي مِحْرَابٍ لَمْ يُعْرَفْ بِمُظْعِنٍ بِقَرْيَةٍ مَطْرُوقَةٍ ، قَالَ : وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا يَنْحَرِفُ ، لِأَنَّ دَوَامَ التَّوَجُّهِ إلَيْهِ كَالْقَطْعِ ، كَالْحَرَمَيْنِ وَبِالنُّجُومِ ، وَأَصَحُّهَا الْقُطْبُ ، ثُمَّ الْجَدْيُ ، وَهُمَا مِنْ الشِّمَالِ ، وَحَوْلَ الْقُطْبِ أَنْجُمٌ دَائِرَةٌ وَعَلَيْهِ تَدُورُ بَنَاتُ نَعْشٍ ، وَلَا يَقْرَبُ مِنْهُ غَيْرُ الْفَرْقَدَيْنِ وَبِالشَّمْسِ ، وَهِيَ تُقَارِبُ الْجَنُوبَ شِتَاءً ، وَالشِّمَالَ صَيْفًا وَبِالْقَمَرِ ، وَمَنَازِلُهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ ، كُلُّ لَيْلَةٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ قُرْبِهِ ، وَكُلُّهَا تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ ، وَتَغْرُبُ فِي الْمَغْرِبِ ، فَظِلُّك يَسَارُك وَبِالرِّيَاحِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : الِاسْتِدْلَال بِهَا ضَعِيفٌ ، فَالْجَنُوبُ تَهُبُّ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمَشْرِقِ ، وَالشِّمَالُ تَهُبُّ مُقَابِلُهَا ، وَالدَّبُورُ تَهُبُّ بَيْنَ الْقِبْلَةِ
وَالْمَغْرِبِ ، وَالصَّبَا تُقَابِلُهَا ، وَتُسَمَّى الْقَبُولُ ، لِأَنَّ بَابَ الْكَعْبَةِ وَعَادَةَ أَبْوَابِ الْعَرَبِ إلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ ، فَتُقَابِلُهُمْ ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْقِبْلَةُ ، وَبَقِيَّةُ الرِّيَاحِ عَنْ جَنُوبِهِمْ ، وَشَمَائِلِهِمْ ، وَمِنْ وَرَائِهِمْ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : وَبِالْأَنْهَارِ الْكِبَارِ غَيْرِ الْمُحَدَّدَةِ ، فَكُلُّهَا بِخِلْقَةِ الْأَصْلِ تَجْرِي مِنْ مَهَبِّ الشِّمَالِ مِنْ يَمْنَةِ الْمُصَلِّي إلَى يَسْرَتِهِ ، عَلَى انْحِرَافٍ قَلِيلٍ ، إلَّا نَهْرًا بِخُرَاسَانَ ، وَنَهْرًا بِالشَّامِ ، عَكْسُ ذَلِكَ ، فَلِهَذَا سُمِّيَ الْأَوَّلُ الْمَقْلُوبَ ، وَالثَّانِي الْعَاصِيَ ، قَالُوا : وَبِالْجِبَالِ ، فَكُلُّ جَبَلٍ لَهُ وَجْهٌ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ يَعْرِفُهُ أَهْلُهُ وَمَنْ مَرَّ بِهِ ، وَذَلِكَ ضَعِيفٌ ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْمَجَرَّةَ فِي السَّمَاءِ ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الصَّيْفِ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : يَتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ عَكْسُهُ لِنُدْرَتِهِ ، قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ .
: فَإِنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَخَفِيَتْ الْقِبْلَةُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ قَوْلًا وَاحِدًا ، أَيْ تَعَلُّمُ الْقِبْلَةِ أَوْ الِاجْتِهَادُ لِقِصَرِ زَمَنِهِ ، وَيُقَلِّدُ لِضِيقِ الْوَقْتِ ، لِأَنَّ الْقِبْلَةَ يَجُوزُ تَرْكُهَا لِلضَّرُورَةِ ، وَهِيَ شِدَّةُ الْخَوْفِ ، وَلَا يُعِيدُ ، بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ ، وَلِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ هُنَاكَ نَصَّا خَفِيَ عَلَيْهِ ؛ هُوَ عَيْنُ الْقِبْلَةِ ، بِخِلَافِ الْحَاكِمِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَلْزَمُ جَاهِلًا التَّعَلُّمُ .
وَإِنْ اخْتَلَفَ مُجْتَهِدَانِ فِي جِهَتَيْنِ وَقِيلَ أَوْ جِهَةٍ لَمْ يَتَّبِعْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( و ) لِظَنِّهِ خَطَأَهُ بِإِجْمَاعٍ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ قِيَاسَ الْمُذْهَبِ يَصِحُّ ، وَقِيلَ صَلَاةُ الْإِمَامِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَصِحُّ ائْتِمَامُهُ بِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ صِحَّتُهُ فِي الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ ، لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَهَا ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ ، وَمَنْ اتَّفَقَ اجْتِهَادُهُمَا فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَمَنْ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ انْحَرَفَ وَأَتَمَّ ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ لِلْعُذْرِ ، وَيُتِمُّ وَيَتَّبِعُهُ مَنْ قَلَّدَهُ فِي الْأَصَحِّ ، وَيَجِبُ عَلَى جَاهِلٍ وَأَعْمَى تَقْلِيدُ الْأَوْثَقِ ، وَيُتَخَرَّجُ لَا ، قَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ( و ) لِعَامِّيٍّ فِي الْفُتْيَا عَلَى الْأَصَحِّ ( و ) وَلَوْ تَسَاوَيَا فَمَنْ شَاءَ .
وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ : إنْ اخْتَلَفَا فَإِلَى الْجِهَتَيْنِ .
.
وَلَوْ سَأَلَ مُفْتِيَيْنِ فَاخْتَلَفَا فَهَلْ يَأْخُذُ الْأَرْجَحَ ، أَوْ بِالْأَخَفِّ ، أَوْ بِالْأَشَدِّ ، أَوْ يُخَيَّرُ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ ( 2 - 3 ) وَإِنْ سَأَلَ فَلَمْ تَسْكُنْ نَفْسُهُ فَفِي تَكْرَارِهِ وَجْهَانِ ( م 4 ) .
( مَسْأَلَةٌ 2 - 3 ) وَلَوْ سَأَلَ مُفْتِيَيْنِ وَاخْتَلَفَا فَهَلْ يَأْخُذُ بِالْأَرْجَحِ ، أَوْ الْأَخَفِّ ، أَوْ الْأَشَدِّ ، أَوْ يُخَيِّرُهُ فِيهِ أَوْجُهٌ ، انْتَهَى ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي عِدَّةِ أَقْوَالِ ، أَحَدُهَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ ، نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ ، وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا وَقَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُسَوَّدَةِ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَأْخُذُ بِالْأَرْجَحِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ ، وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ ، قَالَ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى ، وَيَبْحَثَ عَنْ الرَّاجِحِ بِحَسْبِهِ وَهُوَ أَرْجَحُ الْمَذَاهِبِ السَّبْعَةِ ، انْتَهَى ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الرَّوْضَةِ : إذَا سَأَلَهُمَا فَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ ، فَقَدَّمَ هَذَا .
وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا : فِيهِ خِلَافٌ ، وَالظَّاهِرُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ ، وَقَدَّمَ الشَّيْخُ فِي الرَّوْضَةِ ، وَالطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَالشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ اللَّحَّامِ فِي أُصُولِهِ ، وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُمَا إذَا اسْتَوَيَا عِنْدَهُ لَهُ اتِّبَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ .
وَقَالَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي أُصُولِهِ الْمُخْتَلِفَةِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَالصَّوَابُ ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَأْخُذُ بِالْأَخَفِّ ، وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ يَأْخُذُ بِالْأَشَدِّ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا أَيْضًا ، وَقِيلَ يَأْخُذُ بِأَرْجَحِهَا دَلِيلًا ، وَقِيلَ سَأَلَ مُفْتِيًا آخَرَ ، قَالَ الطُّوفِيُّ وَغَيْرُهُ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَسْقُطَا ، وَيُرْجَعُ إلَى غَيْرِهِمَا إنْ وُجِدَ ، وَإِلَّا فَإِلَى مَا قَبْلَ السَّمْعِ .
( تَنْبِيهٌ ) ذَكَرَ ذَلِكَ
مَسْأَلَةً وَاحِدَةً ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) إذَا سَأَلَهُمَا وَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَسَاوَيَا فَهُنَا الصَّحِيحُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) إذَا تَسَاوَيَا عِنْدَهُ فَهُنَا الصَّحِيحُ الْخِيَرَةُ كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ سَأَلَ فَلَمْ تَسْكُنُ نَفْسُهُ فَفِي تَكْرَارِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : يَلْزَمُ الْمُفْتِي تَكْرِيرَ النَّظَرِ عِنْدَ تَكْرِيرِ الْوَاقِعَةِ ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَلْزَمُ ، ثُمَّ قَالَ : وَلُزُومُ السُّؤَالِ ثَانِيًا فِيهِ الْخِلَافُ ، انْتَهَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ ، قُلْت : الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ الِاحْتِيَاطُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَلَا يَكْفِيه مَنْ لَمْ تَسْكُنْ نَفْسُهُ إلَيْهِ ، نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي أُصُولِهِ ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى .
وَمَنْ صَلَّى بِلَا اجْتِهَادٍ وَلَا تَقْلِيدٍ أَوْ ظَنَّ جِهَةً بِاجْتِهَادِهِ فَخَالَفَهَا أَعَادَ ( و م ش ) وَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَمْرَانِ تَحَرَّى ، وَقِيلَ : وَيُعِيدُ ( و ش ) وَإِنْ صَلَّى بِلَا تَحَرٍّ أَعَادَ ، وَعَنْهُ وَيُعِيدُ إنْ تَعَذَّرَ التَّحَرِّي ( ش ) وَقِيلَ : وَيُعِيدُ فِي الْكُلِّ إنْ أَخْطَأَ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَلَا إعَادَةَ عَلَى مُخْطِئٍ مَعَ اجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ سَفَرًا ( ش ) وَخَرَّجَ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَةَ مَا لَوْ بَانَ الْفَقِيرُ غَنِيًّا يُعِيدُ ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْيَقِينِ بِأَخْذِ إمَامٍ ، وَعَنْهُ لَا يُعِيدُ حَضَرًا ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَضِيَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ ، وَعَنْهُ مَا لَمْ يُخْطِئْ حَرُمَا وَفِي التَّعْلِيقِ : وَمَكِّيٌّ كَغَيْرِهِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ يَجْزِيه ، قَدْ تَحَرَّى ، فَجَعَلَ الْعِلَّةَ فِي الْإِجْزَاء وُجُودَ التَّحَرِّي ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمَكِّيِّ ، وَعَلَى أَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا عَلِمَ الْخَطَأَ فَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ اجْتِهَادِهِ إلَى يَقِينٍ ، فَيَنْتَقِلُ اجْتِهَادُهُ كَحَاكِمٍ اجْتَهَدَ ثُمَّ وَجَدَ النَّصَّ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : لَا نُسَلِّمُهُ ، وَالْأَصَحُّ تَسْلِيمُهُ ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، كَالْحَادِثِ فِي الْأَصَحِّ ، فِيهَا لِمُفْتٍ وَمُسْتَفْتٍ ، وَأَلْزَمَهُ فِيهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ إنْ لَمْ يَذْكُرْ طَرِيقَ الِاجْتِهَادِ ، وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْمُصَلِّي عَمِلَ بِالْآخِرِ ، وَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ بَنَى ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( و هـ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِقِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ ، وَالصَّلَاةُ تَتَّسِعُ لِاجْتِهَادَيْنِ لِطُولِهَا ، بِخِلَافِ حُكْمِ الْحَاكِمِ ، فَنَظِيرُهُ يَتَبَيَّنُ الْخَطَأَ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُكْمِلُهَا بِاجْتِهَادَيْنِ كَالْحُكْمِ سَوَاءٌ ، ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ ، وَكَشَكِّهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ ( و م ش ) وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ جُمُعَتُهُ الْأَوِّلَةُ ، وَإِنْ ظَنَّ الْخَطَأَ فَقَطْ بَطَلَتْ .
وَقَالَ أَبُو
الْمَعَالِي : إنْ بَانَ لَهُ صِحَّةُ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ اسْتَمَرَّ ، وَصَحَّتْ ، وَإِنْ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا بَنَى ، وَقِيلَ : إنْ أَبْصَرَ فِيهَا وَفَرْضُهُ الِاجْتِهَادُ وَلَمْ يَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى صَوَابِهِ بَطَلَتْ ، وَمَنْ أُخْبِرَ وَهُوَ فِيهَا بِالْخَطَأِ يَقِينًا لَزِمَهُ قَبُولُهُ ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّانِي يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُهُ ، فَكَمَنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ ، وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْصُوصِهِ فِي الثِّيَابِ الْمُشْتَبِهَةِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ ، وَهُوَ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : الْأَمْرُ بِذَلِكَ أَمْرٌ بِالْخَطَأِ ، فَلِهَذَا أَمَرَ بِالِاجْتِهَادِ ، فَعَلَى الْأَوْلَى لَوْ فَعَلَهُ لَمْ يُجِزْهُ إلَّا أَنْ يَتَحَرَّى فَيَجْزِيَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ ( و ) وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا ، وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ لِخَصْمِهِ الْحَنَفِيِّ ، يُمْكِنُهُ أَدَاءُ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْمَدِينَةِ ، قِيلَ : سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ، وَقِيلَ : ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا ، وَقِيلَ : سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ، وَقِيلَ : بِسَنَةٍ ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ .
وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِصَلَاتِهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَسُئِلَ عَنْهَا ابْنُ عَقِيلٍ فَقَالَ : الْجَوَابُ : ذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ أَنَّهُ قِيلَ : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إلَى الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَصَلَّى إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْمَدِينَةِ .
بَابُ النِّيَّةِ .
وَهِيَ الشَّرْطُ السَّادِسُ تُعْتَبَرُ لِلصَّلَاةِ إجْمَاعًا ، وَلَا تَسْقُطُ بِوَجْهٍ ، وَلَا يَضُرُّ مَعَهَا قَصْدُ تَعْلِيمِهَا لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَغَيْرِهِ ، أَوْ خَلَاصًا مِنْ خَصْمٍ ، أَوْ إدْمَانِ سَهَرٍ ، كَذَا وَجَدْت ابْنَ الصَّيْرَفِيِّ نَقَلَهُ ، وَالْمُرَادُ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالنِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ ، لَا أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَا يَنْقُصُ الْأَجْرَ ، وَمِثْلُهُ قَصْدُهُ مَعَ نِيَّةِ الصَّوْمِ هَضْمَ الطَّعَامِ ، أَوْ قَصْدُهُ مَعَ نِيَّةِ الْحَجِّ رُؤْيَةَ الْبِلَادِ النَّائِيَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ ، وَيَأْتِي فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَوْلُهُ فِي الْعَمَلِ الْمُمْتَزِجِ بِشَوْبٍ مِنْ الرِّيَاءِ وَحَظِّ النَّفْسِ ، كَذَا قَالَ ، وَهُوَ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَمَلِ مَعَ شَوْبٍ مِنْ الرِّيَاءِ وَحَظِّ النَّفْسِ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ ، وَلِهَذَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَأْثَمُ ، وَإِلَّا فَكَلَامُ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَوْبِ الرِّيَاءِ مُبْطِلٌ ، وَأَنَّ حَظَّ النَّفْسِ كَقَصْدِهِ مَعَ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ الْخَلَاصَ مِنْ خَصْمٍ ، أَوْ هَضْمِ الطَّعَامِ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ ، لِأَنَّهُ قَصْدُ مَا يَلْزَمُ ضَرُورَةً كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ ، أَوْ النَّظَافَةِ مَعَ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ ، وَسَبَقَ فِيهِ احْتِمَالٌ ، وَقَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّة وَابْنُ حَزْمٍ ، فَيُتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ ، وَيَأْتِي فِيمَا إذَا قَصَدَ فِي طَوَافِهِ غَرِيمًا أَوْ صَيْدًا .
وَهِيَ الشَّرْطُ السَّادِسُ ، وَقِيلَ : فَرْضٌ .
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ : هِيَ قَبْلَ الصَّلَاةِ شَرْطٌ ، وَفِيهَا رُكْنٌ .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : فَيَلْزَمُهُمْ مِثْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ ، وَيَجِبُ تَعْيِينُهَا لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( و م ش ) وَفِي التَّرْغِيبِ فِي نَفْلٍ مُعَيَّنٍ ، لَا ، كَمُطْلَقٍ ( و ) وَأَبْطَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَدَمَ التَّعْيِينِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَصَلَّى أَرْبَعًا يَنْوِيهَا مِمَّا عَلَيْهِ لَمْ يُجِزْهُ ( ع ) فَلَوْلَا اشْتِرَاطُ
التَّعْيِينِ أَجْزَاهُ ، كَالزَّكَاةِ لَوْ أَخْرَجَ شَاةً أَوْ صَاعًا مَنْ عَلَيْهِ شِيَاهٌ : مِنْ إبِلٍ ، أَوْ غَنَمٍ ، أَوْ عُشْرٍ ، أَوْ فِطْرَةٍ يَنْوِيهَا مِمَّا عَلَيْهِ ، كَذَا قَالَ : وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا فَرْقَ ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ ، وَتَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِلْفَرْضِ ، وَالْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ ، وَالْقَضَاءِ لِلْفَائِتَةِ عَلَى الْأَصَحِّ : لَا إضَافَةُ الْفِعْلِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ فِي النِّيَّةِ فِي الْأَصَحِّ .
بَابُ النِّيَّةِ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَيَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِلْفَرْضِ ، وَالْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ ، وَالْقَضَاءِ لِلْفَائِتَةِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الثَّلَاثَةِ ، انْتَهَى ، قُلْت وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا يَسَّرَ اللَّهُ بِهِ ، أَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْفَرْضِ ، فَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَيَنْوِي الصَّلَاةَ الْحَاضِرَةَ فَرْضًا ، انْتَهَى ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، قَالَ فِي الْكَافِي قَالَهُ غَيْرُ ابْنِ حَامِدٍ ، قَالَ الْمَجْدُ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَصَاحِبِ الْحَاوِي الْكَبِيرِ : لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْفَرْضِ لِلْمَكْتُوبَةِ إذَا أَتَى بِنِيَّةِ التَّعْيِينِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا ، قَالُوا : وَهُوَ أَوْلَى ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالْفَائِقِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُذْهَبِ ، وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْقَضَاءِ فِي الْفَائِتَةِ فَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَط ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ ، وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي ، وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ
الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْبِدَايَةِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي ، وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِلْفَرْضِ ، قُلْت : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ ، وَتَقْدِيرُهُ وَلَا يَجِبُ بِزِيَادَةِ ( لَا ) فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قُلْنَاهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ ، وَحَكَاهُ أَكْثَرُهُمْ وَجْهَيْنِ .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهَانِ ، وَقِيلَ رِوَايَتَانِ .
وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسِهِ إذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ، قَالُوا : وَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسِهِ أَيْ مَعَ الْعِلْمِ .
وَقَالَ الْأَصْحَابُ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ : إنَّ نِيَّةَ التَّقَرُّبِ بِالصَّلَاةِ شَرْطٌ ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أُلْجِئَ إلَى النِّيَّةِ كَمَا سَبَقَ بِيَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَنْوِ الْقُرْبَةَ لَمْ يَصِحَّ .
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُكْرَهَ إذَا كَانَ إقْدَامُهُ عَلَى الْعِبَادَةِ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْإِكْرَاهِ لَمْ يَكُنْ طَاعَةً ، وَلَا مُجِيبًا دَاعِيَ الشَّرْعِ ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ لَا يَصِحُّ ظَاهِرًا ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَاطِنًا ، وَقَدْ ذَكَرُوا لَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ كُرْهًا أَجْزَأَتْ الْمُكْرَهَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا كَالْمُصَلِّي كُرْهًا ، وَقِيلَ مَنْ ظَنَّ فَائِتَةً فَنَوَاهَا وَقْتَ حَاضِرَةٍ مِثْلَهَا فَبَانَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَاضِرَةِ ، وَأَنَّ مَنْ نَوَى حَاضِرَةً وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا فَائِتَةً أَجْزَأَهُ عَنْهَا ، وَنَظِيرُهُ تَعْيِينُهُ زَكَاةَ مَالٍ حَاضِرٍ ، فَتَبَيَّنَ تَالِفًا أَوْ عَكْسَهُ .
وَلَوْ نَوَى مَنْ عَلَيْهِ ظُهْرَانِ فَائِتَتَانِ ظُهْرًا مِنْهُمَا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ أَحَدَيْهِمَا حَتَّى تُعَيَّنَ السَّابِقَةُ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ ، وَقِيلَ بَلَى ، كَصَلَاتَيْ نَذْرٍ ، لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ هُنَا فِي التَّرْتِيبِ كَإِخْرَاجِ نِصْفِ دِينَارٍ عَنْ أَحَدِ نِصَابَيْنِ ، أَوْ كَفَّارَةٍ عَنْ إحْدَى أَيْمَانٍ حَنِثَ فِيهَا ، وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ ، وَاحْتِمَالٌ يُعَيِّنُ السَّابِقَةَ .
وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّكْبِيرِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ ( م ش ) خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ كَالصَّوْمِ ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي فَيَجُوزُ بِزَمَنٍ كَثِيرٍ كَصَوْمٍ ؟ فَقَالَ : الْإِقَامَةُ تَتَقَدَّمُ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ كَتَقْدِيمِ نِيَّةِ الصَّوْمِ لَهُ ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِزَمَنٍ كَثِيرٍ ، قَالَ : وَرَأَيْت مَنْ قَالَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْإِقَامَةِ بِزَمَنٍ كَثِيرٍ وَلَا يُعِيدُهَا ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِمَنْ سَلَّمَ عَنْ نَقْصٍ ، أَوْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ وَطَالَ عُرْفًا أَعَادَ ، وَكَذَا هُنَا .
وَفِي الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ ، وَتُعْتَبَرُ مَا لَمْ يَفْسَخْهَا .
وَفِي التَّعْلِيقِ وَالْوَسِيلَةِ وَغَيْرِهِمَا أَوْ يَشْتَغِلُ بِعَمَلٍ وَنَحْوِهِ ، كَعَمَلِ مَنْ سَلَّمَ عَنْ نَقْصٍ ، أَوْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ ، كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ أَوْ يَتَعَمَّدُ حَدَثًا ، وَقِيلَ : أَوْ يَتَكَلَّمُ .
وَفِي التَّلْخِيصِ لَا نِيَّةَ فَرْضٍ مِنْ قَاعِدٍ ، وَأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ نَفْلًا ، وَقِيلَ بِزَمَنٍ كَثِيرٍ .
نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَهُوَ نِيَّةٌ ، أَتُرَاهُ كَبَّرَ وَهُوَ لَا يَنْوِي الصَّلَاةَ ؟ وَاحْتَجَّ بِهِ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ ، فَمَنْ عَلِمَ مَا يُرِيدُ فِعْلَهُ قَصَدَهُ ضَرُورَةً ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَهُ تَقْدِيمُهَا ، مَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْطَعُهَا ، وَهُوَ عَمَلٌ لَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهِ ، فَكَذَا النِّيَّةُ ، وَإِنْ فَسَخَهَا بَطَلَتْ ( هـ ) وَقِيلَ وَلَمْ يَنْوِ قَرِيبًا ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ ثُمَّ افْتَتَحَهَا لَغَتْ نِيَّتُهُ وَبَنَى ، إلَّا أَنَّ الْمَسْبُوقَ إنْ كَبَّرَ نَاوِيًا الِاسْتِئْنَافَ خَرَجَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا ، لِأَنَّهُ بَانٍ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ فَأَفَادَ الِانْفِرَادَ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ .
وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْفَسْخِ أَوْ تَرَدَّدَ فَوَجْهَانِ ( م 1 - 2 ) لَا بِعَزْمِهِ عَلَى مَحْظُورٍ ( و ) وَالْوَجْهَانِ إنْ شَكَّ : هَلْ نَوَى فَعَمِلَ مَعَهُ عَمَلًا ثُمَّ ذَكَرَ ( م 3 ) قَالَ ابْنُ حَامِدٍ : يَبْنِي ، لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يُزِيلُ حُكْمَ النِّيَّةِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : تَبْطُلُ لِخُلُوِّهِ عَنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : إنْ كَانَ الْعَمَلُ قَوْلًا لَمْ تَبْطُلْ كَتَعَمُّدِ زِيَادَتِهِ ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِعْلًا بَطَلَتْ ، لِعَدَمِ جَوَازِهِ ، كَتَعَمُّدِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : إنَّمَا قَالَ الْأَصْحَابُ عَمَلًا ، وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَتْ عَمَلًا عَلَى أَصْلِنَا ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَرْجُو الثَّوَابَ لِمَنْ تَلَا مُطْلَقًا ، وَلِهَذَا لَوْ نَوَى قَطْعَ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا لَمْ تَبْطُلْ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، قَالَ الْآمِدِيُّ : وَإِنْ قَطَعَهَا بَطَلَتْ بِقَطْعِهِ ، لَا بِنِيَّتِهِ ، قَالَ : لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : لَوْ كَانَتْ عَمَلًا لَاحْتَاجَتْ إلَى نِيَّةٍ كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْعِبَادَاتِ ، قَالَ الْآمِدِيُّ كَانَ فِي دِيَارِ بَكْرٍ رَجُلٌ مُبْتَدِعٌ ، يَقُولُ .
يَحْتَاجُ أَنْ يَنْوِيَ حَالَ ابْتِدَاءِ الْقِرَاءَةِ مَنْ يُرِيدُ يَقْرَأُ : مِنْ أَجَلِهِ ، يُمَوَّهُ عَلَى الْعَوَامّ ، وَيَجْعَلُ الْقِرَاءَةَ فِعْلًا لِلْقَارِئِ فَيَقْرِنُ بِهَا النِّيَّةَ ، قَالَ : وَنَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ ، كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ ، وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَالْقِرَاءَةُ عِبَادَةٌ تُعْتَبَرُ لَهَا النِّيَّةُ ، وَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ : مَنْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فَقَالَ قَوْلًا هَلْ يَحْنَثُ ؟ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ فِي إهْدَاءِ الْقُرْبِ قَالَ الْأَصْحَابُ : وَكَذَا شَكُّهُ ؛ هَلْ أَحْرَمَ بِظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ وَذَكَرَ فِيهَا ؟ ( م 4 ) وَقِيلَ يُتِمُّهَا نَفْلًا ، كَشَكِّهِ : هَلْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ ، أَوْ نَفْلٍ ؟ فَإِنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ الْعَصْرَ ، فَظَنَّهَا الظُّهْرَ ، فَطَوَّلَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ ذَكَرَ .
فَقَالَ : يُعِيدُ .
وَإِعَادَتُهُمْ عَلَى اقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُنْتَفِلٍ .
وَأَمَّا إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ رَبَاعِيَةٍ ، ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَظُنُّهَا جُمُعَةً أَوْ فَجْرًا ، أَوْ التَّرَاوِيحَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَطَلَ فَرْضُهُ ، وَلَمْ يَبْنِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمَّا نَافَى الْأَوْلَى قَطَعَ نِيَّتَهَا ، كَمَا لَوْ كَانَ عَالِمًا ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ، وَتَخْرِيجٌ يَبْنِي ( و هـ ) وَكَظَنِّهِ تَمَامَ مَا أَحْرَمَ بِهِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : يَحْرُمُ خُرُوجُهُ لِشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَا دَخَلَ إلَّا بِالنِّيَّةِ ، وَكَشَكِّهِ هَلْ أَحْدَثَ ؟ وَإِنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فَبَانَ عَدَمُهُ كَمَنْ أَحْرَمَ بِفَائِتَةٍ فَلَمْ تَكُنْ ، أَوْ بَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ انْقَلَبَتْ نَفْلًا ( و هـ ق ) لِبَقَاءِ أَصْلِ النِّيَّةِ ، وَعَنْهُ لَا يَنْعَقِدُ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ كَعَالِمٍ فِي الْأَصَحِّ .
مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْفَسْخِ ، أَوْ تَرَدَّدَ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) : إذَا تَرَدَّدَ فِي قَطْعِ النِّيَّةِ فَهَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْكَافِي ، وَالْمُغْنِي ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَالْفَائِقِ ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَنَصَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ ، وَالْمَجْدُ فِي شَرَحَهُ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَالْوَجِيزِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) : إذَا عَزَمَ عَلَى فَسْخِهَا فَهَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَقَدْ حَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ التَّرَدُّدِ فِي الْقَطْعِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، فَيُعْطَى حُكْمُهُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، وَقِيلَ : تَبْطُلُ بِالْعَزْمِ عَلَى فَسْخِهَا ، وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِالتَّرَدُّدِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِيَيْنِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيمٍ : إنْ عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا فَأَوْجُهٌ : الثَّالِثُ تَبْطُلُ مَعَ الْعَزْمِ دُونَ التَّرَدُّدِ .
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ : وَإِنْ قَطَعَهَا أَوْ عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا عَاجِلًا بَطَلَتْ ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ ، أَوْ تَوَقَّفَ ، أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيَقْطَعُهَا ، أَوْ عَلَّقَ قَطَعَهَا ، عَلَى شَرْطٍ
فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ أَيْضًا : وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ ، أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيَقْطَعُهَا لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ ، انْتَهَى .
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ : إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَيَقْطَعُهَا ، أَوْ تَوَقَّفَ يَرْتَابُ فِي قَطْعِهَا فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، الْبُطْلَانُ اخْتَارَهُ الْوَالِدُ ، وَعَدَمُهُ ، وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ : اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ، فَقَالَ شَيْخُنَا : تَبْطُلُ ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ : لَا تَبْطُلُ ، وَاسْتَدَلَّ لِقَوْلِ شَيْخِهِ فَقَطْ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَالْوَجْهَانِ إنْ شَكَّ هَلْ نَوَى فَعَمِلَ مَعَهُ أَيْ مَعَ الشَّكِّ عَمَلًا ثُمَّ ذَكَرَ ، انْتَهَى ، قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ ، فَكَذَا هُنَا ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ : يَبْنِي ، لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يُزِيلُ حُكْمَ النِّيَّةِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ .
وَقَالَ الْقَاضِي : تَبْطُلُ لِخُلُوِّهِ عَنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ حَيْثُ طَالَ يَسْتَأْنِفُهَا ، وَذِكْرُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ طَرِيقَةٌ .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالْأَقْوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعَمَلُ قَوْلًا لَمْ تَبْطُلْ ، كَتَعَمُّدِ زِيَادَتِهِ ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِعْلًا بَطَلَتْ ، لِعَدَمِ جَوَازِهِ كَتَعَمُّدِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَهَذَا أَحْسَنُ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : إنَّمَا قَالَ الْأَصْحَابُ عَمَلًا ، وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَتْ عَمَلًا عَلَى أَصْلِنَا وَلِهَذَا لَوْ نَوَى قَطْعَ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا لَمْ تَبْطُلْ ، قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ الْآمِدِيُّ : وَإِنْ قَطَعَهَا بَطَلَتْ بِقَطْعِهِ لَا بِنِيَّتِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ ، وَكَذَا شَكُّهُ : هَلْ أَحْرَمَ بِظُهْرٍ ، أَوْ عَصْرٍ وَذَكَرَ فِيهَا ؟ انْتَهَى .
وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ، وَهَذِهِ كَذَلِكَ ، قَالَ ابْنُ
تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ ، فَهُوَ كَشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ ، وَقِيلَ يُتِمُّهَا نَفْلًا ، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فَبَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ كَشَكِّهِ هَلْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ سُئِلَ عَلَى إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ الْعَصْرَ فَظَنَّهَا الظُّهْرَ فَطَوَّلَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ ذَكَرَ ، فَقَالَ : يُعِيدُ ، وَإِعَادَتُهُمْ عَلَى اقْتِدَاءٍ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ .
لَوْ شَكَّ هَلْ نَوَى فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَتَمَّهَا نَفْلًا ، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ نَوَى الْفَرْضَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ عَمَلًا فَيُتِمَّهَا فَرْضًا ، وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ عَمَلًا خَرَجَ فِيهَا الْوَجْهَانِ ، قَالَ الْمَجْدُ وَالصَّحِيحُ بُطْلَانُ فَرْضِهِ ، انْتَهَى ، وَكَلَامُهُمْ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ لِمَسْأَلَتِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ صَحَّ ، عَلَى الْأَصَحِّ ( و ) لِأَنَّهُ إكْمَالٌ فِي الْمَعْنَى كَنَقْصِ الْمَسْجِدِ لِلْإِصْلَاحِ ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ ، وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ : إكْمَالُ مَعْنًى كَهَدْمِ الْمَسْجِدِ لِلْبِنَاءِ وَالْعِمَارَةِ ، وَالتَّوْسِعَةِ ، وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثَةً مِنْ أَرْبَعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ ( هـ م ) قَالُوا : لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ نِيَّةٌ ، وَفِي أَفْضَلِيَّتِهِ وَتَحْرِيمِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلَا يَصِحُّ ، أَمْ يُكْرَهُ فَيَصِحُّ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م هـ ) وَلَا يَقْطَعُهُ ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِسَجْدَتَيْ الْأُولَى ( هـ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِيمَنْ صَلَّى مِنْ فَرْضٍ رَكْعَةً مُنْفَرِدًا ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ ، أَعْجَبُ إلَيَّ يَقْطَعُهُ ، وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ ( و ش ) فَقَطْعُ نَفْلٍ أَوْلَى ، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُمْ قَبْلَ قَطْعِهِ فَسَيَأْتِي .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ ، وَفِي أَفْضَلِيَّتِهِ وَتَحْرِيمِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلَا يَصِحُّ أَمْ يُكْرَهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِيهِمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَقُلْنَا يَصِحُّ فَهَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، إحْدَاهُمَا لَا فَضِيلَةَ فِي فِعْلِهِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْأَفْضَلُ فِعْلُهُ ، قُلْت : وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْغَرَضُ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ لَكَانَ حَسَنًا ، وَإِلَّا فَلَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 ) : إذَا قَلَبَهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَهَلْ يَحْرُمُ فَلَا يَصِحُّ ، أَوْ يَكْرَهُ فَيَصِحُّ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ وَيَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ : ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ ، هَذَا الْمَذْهَبُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ فِعْلُ ذَلِكَ ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ ، قَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ : لَا تَصِحُّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ .
وَقَالَ فِي الْجَامِعِ : يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .
وَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ وَالْمُرَادُ لَمْ يَنْوِ الثَّانِي مِنْ أَوَّلِهِ بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ ، وَإِلَّا صَحَّ الثَّانِي ( وَ ) بَطَل فَرْضُهُ ( و ) وَفِي نَفْلِهِ الْخِلَافُ ، وَكَذَا مَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ ، إذَا وُجِدَ فِيهِ ، كَتَرْكِ قِيَامٍ ، وَالصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ ، وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ ، وَبِصَبِيٍّ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ صَحَّ نَفْلًا فِي الْمَذْهَبِ .
وَإِلَّا فَالْخِلَافُ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : وَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ بَطَلَ فَرْضُهُ ، وَفِي نَفْلِهِ الْخِلَافُ يَعْنِي بِهِ الَّذِي أَحْرَمَ بِفَرْضٍ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَكَذَا حُكْمُ مَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ ، إذَا وُجِدَ فِيهِ كَتَرْكِ قِيَامٍ ، وَالصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ ، وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ ، وَبِصَبِيٍّ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ صَحَّ نَفْلًا فِي الْمَذْهَبِ ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ ، وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ ، الثَّانِي : قَوْلُهُ : قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ عَيَّنَ جِنَازَةً فَأَخْطَأَ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، مُرَادُهُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْجَنَائِزِ : فَإِنْ عَيَّنَ مَيِّتًا فَبَانَ غَيْرُهُ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي أَنَّهُ قَالَ : لَا تَصِحُّ ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فَلَا نُعِيدُهُ ، وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا ذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ ضِمْنًا ، لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عَيَّنَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا فَأَخْطَأَ .
فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْمَأْمُومِ لِحَالِهِ ( و ) وَكَذَا نِيَّةُ الْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ ( خ ) كَالْجُمُعَةِ ( و ) وَعَنْهُ فِي الْفَرْضِ ، وَقِيلَ : إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ امْرَأَةً لَمْ يَصِحَّ ائْتِمَامُهَا بِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ ( و هـ ) لِأَنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ إذَا وَقَفَتْ بِجَنْبِهِ ، وَنَحْنُ نَمْنَعُهُ ، وَلَوْ سَلَّمَ فَالْمَأْمُومُ مِثْلُهُ ، وَلَا يَنْوِي كَوْنَهَا مَعَهُ فِي الْجَمَاعَةِ ، فَلَا عِبْرَةَ بِالْفَرْقِ ، وَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِرَجُلٍ صَحَّ ائْتِمَامُ الْمَرْأَةِ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا ( هـ ) كَالْعَكْسِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تُصَحِّحُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لِلْإِمَامَةِ يَصِحُّ الِائْتِمَامُ بِمُنْفَرِدٍ ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ ، فَلَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ صَلَاتِهِ ، كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْمَأْمُومِ ، تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَحْدَهُ فَيُعَايَا بِهَا [ فَيُقَالُ : " مُقْتَدٍ ، وَمُقْتَدَى بِهِ ، حَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِلْمُقْتَدِي ، دُونَ الْمُقْتَدَى بِهِ " ] وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ يَنْوِي الْمُنْفَرِدُ ، وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ أَوْ مَأْمُومُهُ لَمْ يَصِحَّ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَقِيلَ يَصِحُّ فُرَادَى ( خ ) جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ صَحَّتْ فِي الْأُولَى فُرَادَى ، ( و ) وَكَذَا إنْ نَوَى إمَامَةَ مَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُ كَامْرَأَةٍ تَؤُمُّ رَجُلًا لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي الْأَشْهَرِ ( خ ) وَكَذَا أُمِّيٌّ قَارِئًا ، وَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا لَمْ تَصِحَّ ، لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ .
وَفِي الْمُجَرَّدِ : وَلَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ ، وَإِنْ انْتَقَلَ مَأْمُومٌ أَوْ إمَامٌ مُنْفَرِدًا جَازَ ، لِعُذْرٍ ( هـ م ) يُبِيحُ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ ، وَعَنْهُ وَغَيْرُ عُذْرٍ ، كَزَوَالِهِ فِيهَا لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَهُ ، وَكَمَسْبُوقٍ مُسْتَخْلِفٍ أَثِمَ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ .
وَفِي الْفُصُولِ إنْ زَالَ عُذْرُهُ فِيهَا لَزِمَهُ الِاتِّبَاعُ ، لِزَوَالِ الرُّخْصَةِ ،
كَقَادِرٍ عَلَى قِيَامٍ بَعْدَ الْعَجْزِ .
.
قَالَ : وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ تَعَجَّلَ وَلَا يَتَمَيَّزُ انْفِرَادُهُ عَنْهُ بِنَوْعِ تَعْجِيلٍ لَمْ يَجُزْ انْفِرَادُهُ عَنْهُ ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِانْفِرَادَ إذَا اسْتَفَادَ بِهِ تَعْجِيلَ لُحُوقِهِ لِحَاجَتِهِ ، وَلَمْ أَجِدْ خِلَافَهُ ، وَيُعَايَا بِهَا ، وَإِنْ فَارَقَهُ بِقِيَامٍ أَتَى بِبَقِيَّةِ الْقِرَاءَةِ ، وَإِنْ ظَنَّ فِي صَلَاةِ سِرٍّ أَنَّ الْإِمَامَ قَرَأَ لَمْ يَقْرَأْ ، وَعَنْهُ يَقْرَأُ ، لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الرُّكُوعَ ، وَلَوْ سَلَّمَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يَجُوزُ ، فَيُحْمَلُ فِعْلُ مَنْ فَارَقَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ عَلَى ظَنِّ الْجَوَازِ ، لَكِنْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَإِنْ فَارَقَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ لِعُذْرٍ أَتَمَّ جُمُعَةً كَمَسْبُوقٍ ، وَإِنْ فَارَقَهُ فِي الْأُولَى فَكَمَزْحُومٍ فِيهَا حَتَّى تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الظُّهْرُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَتَمَّ نَفْلًا فَقَطْ ، وَلَا يَنْتَفِلُ مُنْفَرِدٌ مَأْمُومًا عَلَى الْأَصَحِّ ( و هـ م ر ) وَلَا إمَامًا ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَشَيْخُنَا ، وَأَصْحَابُنَا ( و ) وَعَنْهُ نَفْلًا فَقَطْ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ ظَانًّا حُضُورَ مَأْمُومٍ صَحَّ ، لَا مَعَ الشَّكِّ ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَاضِرٍ فَانْصَرَفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ ، أَوْ عَيَّنَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَقِيلَ : أَوْ ظَنَّهُمَا ، وَقُلْنَا : لَا يَجِبُ تَعْيِينَهُمَا فِي الْأَصَحِّ فَأَخْطَأَ ، لَمْ يَصِحَّ ، وَقِيلَ بَلَى ، مُنْفَرِدًا ، كَانْصِرَافِ الْحَاضِرِ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَهُ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : وَإِنْ عَيَّنَ جِنَازَةً فَأَخْطَأَ فَوَجْهَانِ ، قَالَ شَيْخُنَا : إنْ عَيَّنَهُ وَقَصَدَهُ خَلْفَ مَنْ حَضَرَ ، وَعَلَى مَنْ حَضَرَ صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَإِذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ أَتَمَّهَا إمَامُهُ مُنْفَرِدًا ، قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ ، لِأَنَّهَا لَا ضِمْنَهَا وَلَا مُتَعَلِّقَةً بِهَا ، بِدَلِيلِ سَهْوِهِ وَعِلْمِهِ بِحَدَثِ نَفْسِهِ ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي قِيَاسَ الْمُذْهَبِ ، وَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( و هـ ) وَعَنْهُ لَا ( و ش ) وَيُتِمُّونَهَا فُرَادَى وَالْأَشْهُرُ أَوْ جَمَاعَةً ، وَكَذَا جَمَاعَتَيْنِ .
وَقِيلَ : هَلْ تَبْطُلُ بِتَرْكِ فَرْضٍ ، وَبِمَنْهِيٍّ عَنْهُ كَحَدَثٍ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقِيلَ : تَبْطُلُ بِتَرْكِ شَرْطٍ ، أَوْ رُكْنٍ ، أَوْ تَعَمُّدِ الْمُفْسِدِ ، وَإِلَّا فَلَا ، عَلَى الْأَصَحِّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وِفَاقًا لِمَالِكٍ .
وَإِنْ سَبَقَ الْإِمَامَ الْحَدَثُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ( و ق ) كَتَعَمُّدِهِ ، وَعَنْهُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ ، وَعَنْهُ يَبْنِي وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٍ ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رِوَايَةً تُجْبَرُ ، وَهُوَ فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالُوا : وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ لِبُعْدِهِ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ ، وَعِنْدَنَا فِي الْبِنَاءِ مَعَ حَاجَتِهِ عَمَلًا كَثِيرًا وَجْهَانِ ( م 7 ) وَالْأَشْهَرُ بُطْلَانُهَا نَقَلَهُ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ هَانِئٍ ، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُذْهَبِ ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، وَبَقَاءُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ سَبَقَ الْإِمَامُ الْحَدَثَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعَنْهُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَعَنْهُ يَبْنِي ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ ، وَعِنْدَنَا فِي الْبِنَاءِ مَعَ حَاجَتِهِ عَمَلًا كَثِيرًا وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا لَهُ الْبِنَاءُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَإِنْ تَطَهَّرَ قَرِيبًا ثُمَّ عَادَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهِمْ جَازَ ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ : وَإِنْ احْتَاجَ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ فَوَجْهَانِ ، أَصَحُّهُمَا لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ : لَوْ تَطَهَّرَ الْإِمَامُ وَأَتَمَّ بِهِمْ قَرِيبًا وَبَنَى صَحَّ ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ وَعَنْهُ بَلْ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي إنْ قَرُبَ زَمَنُهُ لِقُرْبِ الْمَاءِ مِنْهُ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُحْدِثْ عَمَلًا وَلَا فَعَلَ شَيْئًا آخَرَ مَنْهِيًّا عَنْهُ ، وَقِيلَ كَثِيرًا ، انْتَهَى .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَكَذَا فِي الْمَنْصُوصِ يَسْتَخْلِفُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ فَيَقْرَأُ الْحَمْدَ ، انْتَهَى ، قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ يَقْرَأُ الْحَمْدَ ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ الْأَوَّلُ ، قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ .
وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ : لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ مَا فَاتَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ سِرًّا ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَقْرَأُ مَا فَاتَهُ مِنْ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْأَوَّلِ جَهْرًا إنْ كَانَتْ صَلَاةَ جَهْرٍ .
وَقَالَ عَنْ الْمَنْصُوصِ : لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي إلَّا أَنْ نَقُولَ بِأَنَّ هَذِهِ الرَّكْعَةَ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهَا ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَأْمُومًا بِحَالٍ .
أَوْ نَقُولُ : إنَّ الْفَاتِحَةَ لَا تَتَعَيَّنُ فَيَسْقُطُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ بِمَا يَقْرَأْهُ ، انْتَهَى ، وَمَا قَالَهُ
هُوَ الصَّوَابُ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَوِيَ عِنْدَهُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ قَطَعَ بِهِ ، وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ : وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ، وَلَا يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ ، لِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ الْقِرَاءَةَ هُنَا ، انْتَهَى ، وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْكِيَ الْخِلَافَ وَلَوْ كَانَ ضَعِيفًا ، أَوْ يَذْكُرَ تَأْوِيلَ الْمَنْصُوصِ ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُ مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْ هَذَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الْأَصَحِّ ( و هـ م ) وَلِفِعْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ .
وَالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ أَوْ لِلْجَوَازِ ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ حُكْمَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْمَأْمُومِ بِأَنْ يُحْدِثَ وَيَجِيءَ مَأْمُومٌ آخَرُ ، فَكَذَا هُنَا وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ مَسْبُوقًا ، وَأَنَّهُ يَسْتَحْلِفُ الْمَسْبُوقُ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ ، قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ يَسْتَخْلِفُونَ هُمْ ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ سَلَامُهُمْ قَبْلَهُ ، وَكَذَا فِي الْمَنْصُوصِ يَسْتَخْلِفُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ ( هـ م ) فَيَقْرَأُ الْحَمْدَ ، لَا مَنْ ذَكَرَ الْحَدَثَ ( م ) وَمَنْ اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ اعْتَدَّ بِهِ الْمَأْمُومُ ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ : وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا فِي الرُّكُوعِ لَغَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ : إنْ اسْتَخْلَفَهُ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ قَرَأَ لِنَفْسِهِ وَانْتَظَرَ الْمَأْمُومُ ثُمَّ رَكَعَ وَلَحِقَ الْمَأْمُومُ ، وَلَوْ أَدَّى إمَامٌ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ بِأَنْ أَحْدَثَ رَاكِعًا فَرَفَعَ وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، أَوْ سَاجِدًا فَرَفَعَ وَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ إنْ قُلْنَا يَبْنِي ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَبْطُلُ ، وَلَوْ لَمْ يُرِدْ أَدَاءَ رُكْنٍ ( هـ ر ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَصَلَّوْا وُحْدَانًا صَحَّ ( م ) وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا طُعِنَ صَلَّى النَّاسُ وُحْدَانًا ، وَإِنْ اسْتَخْلَفُوا لِأَنْفُسِهِمْ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ) إنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ، لِأَنَّ خُلُوَّ مَكَانِ الْإِمَامِ عَنْ الْإِمَامِ يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي ، وَلِهَذَا مَذْهَبُهُ لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا لَصَارَ إمَامَ نَفْسِهِ بِلَا نِيَّةٍ ، وَلَا اسْتِخْلَافٍ ، لِئَلَّا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ ، وَإِذَا تَوَضَّأَ الْإِمَامُ دَخَلَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ لِتَحَوُّلِ الْإِمَامَةِ إلَيْهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ الْوَاحِدُ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً فَالْأَصَحُّ فِي مَذْهَبِهِ تَفْسُدُ
صَلَاتُهُ فَقَطْ ، لِبَقَائِهِ بِلَا إمَامٍ ، وَيَبْنِي الْخَلِيفَةُ عَلَى فِعْلِ الْأَوَّلِ ، وَعَنْهُ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ ، وَلَوْ قَامَ مَوْضِعَ جُلُوسِهِمْ فَظَاهِرُ الِانْتِصَارِ وَغَيْرُهُ يَسْتَخْلِفُ أُمِّيًّا فِي تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ ، وَكَذَا الِاسْتِخْلَافُ لِمَرَضٍ ، أَوْ خَوْفٍ ، أَوْ حَصْرٍ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ ، أَوْ قَصْرٍ وَنَحْوِهِ ، وَظَاهِرُهُ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَاحْتِلَامٍ ، وَوَافَقْنَا ( هـ ) عَلَى الْحَصْرِ ، وَخَالَفَ صَاحِبَاهُ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي إغْمَاءٍ ، وَمَوْتٍ ، وَمُتَيَمِّمٍ رَأَى مَاءً .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِلَا عُذْرٍ وَيُقَالُ : حَصِرَ يَحْصَرُ حَصْرًا ، مِثْلُ تَعِبَ يَتْعَبُ تَعَبًا ، وَهُوَ الْعِيُّ ، وَالْحَصَرُ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْضًا ضِيقُ الصَّدْرِ ، وَحَصُرَ أَيْضًا بِمَعْنَى بَخِلَ ، وَكُلُّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ حُصِرَ عَنْهُ ، وَلِهَذَا قِيلَ حُصِرَ فِي الْقِرَاءَةِ وَحُصِرَ عَنْ أَهْلِهِ وَيَأْتِي الِاسْتِخْلَافُ فِي جُمُعَةٍ .
وَلَوْ خَرَجَ يَظُنُّ مَا خَرَجَ مِنْهُ حَدَثًا فَلَمْ يَكُنْ فَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يَبْنِي ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ، وَتَخْرُجُ لِخُرُوجِهِ لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ ، لَا لِرَفْضِهَا ، كَمُتَيَمِّمٍ رَأَى سَرَابًا ظَنَّهُ مَاءً ، وَهَلْ خَوْفُ حَدَثٍ كَسَبْقِهِ فِي الْبِنَاءِ ؟ يُتَوَجَّهُ خِلَافٌ ( م 8 ) .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ وَهَلْ خَوْفُ سَبْقِ حَدَثٍ كَسَبْقِهِ فِي الْبِنَاءِ ، يُتَوَجَّهُ خِلَافٌ ، يَعْنِي إذَا لَمْ يُحْدِثْ وَلَكِنْ خَافَ سَبَقَهُ هَلْ يَكُونُ فِي الْبِنَاءِ كَمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ أَمْ لَا ؟ ؟ وَجَّهَ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا ؟ قُلْت : جَوَازُ الْبِنَاءِ هُنَا أَقْرَبُ مِمَّنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي صِحَّةِ إمَامَةِ مَسْبُوقٍ لِآخَرَ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا ، أَوْ مُقِيمٍ بِمِثْلِهِ إذَا سَلَّمَ إمَامٌ مُسَافِرٌ وَجْهَانِ ( م 9 ) بِنَاءً عَلَى الِاسْتِخْلَافِ ، وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ هُنَا ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( و هـ ق ) وَبِلَا عُذْرِ السَّبَقِ كَاسْتِخْلَافِ إمَامِ بِلَا عُذْرٍ ، وَلَيْسَ لِأَحَدِ مَسْبُوقَيْنِ بِرَكْعَةٍ فِي جُمُعَةٍ صَلَاةُ الْأُخْرَى جَمَاعَةً ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، لِأَنَّهَا إذَا أُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّةً لَمْ تُقَمْ فِيهِ ثَانِيَةً .
.
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَفِي صِحَّةِ إمَامَةِ مَسْبُوقٍ لِآخَرَ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا ، وَمُقِيمٍ بِمِثْلِهِ إذَا سَلَّمَ إمَامٌ مُسَافِرٌ وَجْهَانِ ، بِنَاءً عَلَى الِاسْتِخْلَافِ ، انْتَهَى ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إمَامَةُ مَسْبُوقٍ بِمِثْلِهِ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَكْثَرُهُمْ حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَتَيْنِ ، مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ ، أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقَدْ عُلِمَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَالشَّيْخِ ، وَالشَّارِحِ ، وَابْنِ حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ لِبِنَائِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الِاسْتِخْلَافِ ، فَكَذَا هُنَا ، وَجَزَمَ هُنَا بِالْجَوَازِ صَاحِبُ الْوَجِيزِ ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَغَيْرِهِمْ : قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، هَذَا ظَاهِرُ رِوَايَةِ مَهَنَّا ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ ، وَلَا يَصِحُّ ، قَالَ الْمَجْدُ : هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ ، وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ هُنَا ، وَإِنْ جَوَّزَنَا الِاسْتِخْلَافَ ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ وَجْهَيْنِ ، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10 ) لَوْ أَمَّ مُقِيمٌ مِثْلَهُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ جَعَلَهَا الْمُصَنِّفُ كَاَلَّتِي قَبْلهَا حُكْمًا ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَكَذَا فِي هَذِهِ ، وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ .
فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ قَدْ صَحَّحْت وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ يُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ إلَيْهَا بِسَكِينَةٍ ، وَوَقَارٍ ، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ زَادَ مُسْلِمٌ { فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ } وَيُقَارِبُ خُطَاهُ ، وَيَقُولُ مَا وَرَدَ ، وَلَا يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ ، وَإِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ لَمْ يَسْعَ إلَيْهَا ، ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ بِهِ يَسِيرًا إنْ رَجَا التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ ، وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك ، وَيَقُولُهُ إذَا خَرَجَ ، إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ أَبْوَابَ فَضْلِك ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيُتَوَجَّهُ يَتَعَوَّذُ إذَا خَرَجَ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَجُنُودِهِ لِلْخَبَرِ ، ثُمَّ يُسَوِّي الْإِمَامُ الصُّفُوفَ بِالْمَنَاكِبِ وَالْأَكْعُبِ ، وَيُكْمِلُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ، فَيَتَرَاصُّونَ ، وَيَمِينُهُ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ لِلرِّجَالِ أَفْضَلُ ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ : وَلَهُ ثَوَابُ مَنْ وَرَاءَهُ مَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ لِاقْتِدَائِهِمْ بِهِ ، قَالَ الْأَصْحَابُ : وَكُلَّمَا قَرَّبَ مِنْهُ أَفْضَلُ ، وَقَرَّبَ الْأَفْضَلَ وَالصَّفَّ مِنْهُ .
وَلِلْأَفْضَلِ تَأْخِيرُ الْمَفْضُولِ ، وَالصَّلَاةُ مَكَانَهُ ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ، لِأَنَّ أُبَيًّا نَحَّى قَيْسَ بْنَ عُبَادَةَ ، وَقَامَ مَكَانَهُ ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ : يَا بُنَيَّ لَا يَسُؤْك اللَّهُ ، فَإِنِّي لَمْ آتِك الَّذِي أَتَيْت بِجَهَالَةٍ ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا : { كُونُوا فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِينِي } وَإِنِّي نَظَرْت فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَعَرَفْتُهُمْ غَيْرَك ، إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُنَحِّيه مِنْ مَكَانِهِ فَهُوَ رَأْيُ صَحَابِيٍّ ، مَعَ أَنَّهُ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ التَّابِعِينَ ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : فِي الْإِيثَارِ بِمَكَانِهِ ، وَفِيمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ
غَيْرُ وَاحِدٍ ( م 1 ) وَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ .
.
بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ الْمَفْضُولِ وَالصَّلَاةِ مَكَانَهُ ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : فِي الْإِيثَارِ بِمَكَانِهِ ، وَفِيمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ، انْتَهَى ، ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَقْوِيَةُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الْجَوَازِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : يُؤَخِّرُ الصِّبْيَانَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ .
وَقَالَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ فِعْلَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَعَ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ ، انْتَهَى ، قُلْت : وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَقَالَ فِي النُّكَتِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ هَلْ يُؤَخَّرُ الْمَفْضُولُ بِحُضُورِ الْفَاضِلِ ، أَوْ لَا يُؤَخَّرُ ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجِنْسِ وَالْأَجْنَاسِ ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَنَائِزِ ، وَمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ ، فِيهِ أَقْوَالٌ ، انْتَهَى .
وَخَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ، وَشَرُّهَا آخِرُهَا ، وَالنِّسَاءُ بِالْعَكْسِ ، وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَأْخِيرِهِنَّ ، فَلِهَذَا تُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي ، وَإِلَّا فَلَا ، نَصَّ عَلَيْهِ وَكَرِهَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَحْرَمًا لَهُ ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي صَلَاةِ مَنْ يَلِيَهَا ، وَظَاهِرُ مَا حَكَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّ تَقَدُّمَهُ أَفْضَلُ .
وَفِي وَصِيَّةٍ ابْنِ الْجَوْزِيِّ لِوَلَدِهِ أَقْصِدُ وَرَاءَ الْإِمَامِ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ بَعْدَ يَمِينِهِ لَيْسَ أَفْضَلَ مِنْ قُرْبِ يَسَارِهِ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ .
وَفِي كَرَاهَةِ تَرْكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِقَادِرٍ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَهُوَ مَا يَقْطَعُهُ الْمِنْبَرُ ( و ) وَعَنْهُ مَا يَلِيه ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُحَافِظُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ نَصِّهِ يُسْرِعُ إلَى الْأَوَّلِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا ، وَالْمُرَادُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ إذَا لَمْ تَفُتْهُ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا ، وَإِلَّا حَافَظَ عَلَيْهَا فَيُسْرِعُ لَهَا .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي كَرَاهَةِ تَرْكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِقَادِرٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ ، هَذَا الْمَشْهُورُ ، وَهُوَ أَوْلَى ، انْتَهَى ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، فَإِنَّهُ قَالَ لَا يُكْرَهُ تَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعِ الْمَكْتُوبَةِ ، وَقَاسَهُ عَلَى تَرْكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِلْمَأْمُومِينَ ، قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا .
وَيَتَوَجَّهُ لِخَبَرِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، رَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرُهُ فَقَالَ : { لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ } : فَيُحْتَمَل أَنَّهُ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ ، وَيُحْتَمَلُ لَا ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا ، وَتَمَامُ الشَّيْءِ يَكُونُ وَاجِبًا ، وَمُسْتَحَبًّا ( م 3 ) ، لَكِنْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ ، وَكَالْجَمَاعَةِ ، لَكِنْ رَوَى الْبُخَارِيُّ : أَنَّ أَنَسًا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ : مَا أَنْكَرْت شَيْئًا إلَّا أَنَّكُمْ لَا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ ، وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ : إثْمَ مَنْ لَمْ يُقِمْ الصُّفُوفَ ، وَمَنْ ذَكَرَ الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فَمُرَادُهُ ثُبُوتُ اسْتِحْبَابِهِ ، لَا نَفْيُ وُجُوبِهِ .
.
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : ثُمَّ يُسَوِّي الْإِمَامُ الصُّفُوفَ ، وَيَتَوَجَّهُ يَجِبُ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْنَعَ الصِّحَّةَ ، وَيُحْتَمَلُ لَا ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : { سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ } وَتَمَامُ الشَّيْءِ يَكُونُ وَاجِبًا وَمُسْتَحَبًّا ، انْتَهَى ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ وَعَلَى هَذَا فَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ مَحَلُّ نَظَرٍ ، انْتَهَى ، قُلْت : الصَّوَابُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا التَّفْرِيعَ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ .
وَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِقَوْلِهِ قَائِمًا فِي فَرْضٍ : اللَّهُ أَكْبَرُ .
مُرَتِّبًا ( و م ) لَا اللَّهُ الْأَكْبَرُ ( ش ) أَوْ اللَّهُ جَلِيلٌ ، وَنَحْوُهُ ( هـ ) وَلَوْ زَادَ أَكْبَرُ ( ش ) وَاَللَّهُ أَقْبُرُ بِالْقَافِ ( هـ ) قَالُوا : لِأَنَّ الْعَرَبَ تُبَدِّلُ الْكَافَ بِهَا ، وَلَا اللَّهُ ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، وَسَلَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الْأَذَانَ لِيَحْصُلَ الْإِعْلَامُ ، وَقَوْلُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، لِأَنَّهُ سُؤَالٌ ، وَكَذَا اللَّهُمَّ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ ، لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ يَا اللَّهُ أَمِّنَّا بِخَيْرٍ ، وَتَصِحُّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ يَا اللَّهُ ، وَالْمِيمُ الْمُشَدَّدَةُ بَدَلٌ عَنْ حَرْفِ النِّدَاءِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ فِي اللَّهُ أَكْبَرُ وَالْكَبِيرُ ، أَوْ التَّنْكِيسُ ، وَفِي التَّعْلِيقِ أَكْبَرُ كَالْكَبِيرِ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ أَبْلُغَ إذَا قِيلَ : أَكْبَرُ مِنْ كَذَا ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ كَذَا قَالَ ، وَإِنْ تَمَّمَهُ رَاكِعًا أَوْ أَتَى بِهِ فِيهِ ، أَوْ كَبَّرَ قَاعِدًا ، أَوْ أَتَمَّهُ قَائِمًا انْعَقَدَتْ فِي الْأَصَحِّ نَفْلًا ، وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي نَفْلٍ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَلَا تَنْعَقِدُ إنْ مَدَّ هَمْزَةَ اللَّهِ ، أَوْ أَكْبَرَ ، أَوْ قَالَ " أَكِبَارُ " ( و ) وَلَا يَضُرُّ لَوْ خَلَّلَ الْأَلِفَ بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ ، لِأَنَّهُ إشْبَاعٌ ، وَحَذْفُهَا أَوْلَى ، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَمْطِيطُهُ وَالزِّيَادَةُ عَلَى التَّكْبِيرِ .
قِيلَ يَجُوزُ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ( م 4 ) وَيَتَعَلَّمُهُ مَنْ جَهِلَهُ ، فَقِيلَ فِيمَا قَرُبَ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُ الْبَادِيَ قَصْدُ الْبَلَدِ ( م هـ ) وَإِنْ عَلِمَ بَعْضَهُ أَتَى بِهِ وَإِنْ عَجَزَ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ كَبَّرَ بِلُغَتِهِ ، وَعَنْهُ لَا ( و م ) كَقَادِرٍ ( هـ ) فَيُحْرِمُ بِقَلْبِهِ ، وَقِيلَ : يَجِبُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ ( و ش ) وَمِثْلُهُ أَخْرَسُ وَنَحْوُهُ ، وَيُسْتَحَبُّ جَهْرُ إمَامٍ بِهِ ، بِحَيْثُ يُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ ، وَأَدْنَاهُ سَمَاعُ غَيْرِهِ ، وَيُكْرَهُ جَهْرُ غَيْرِهِ بِهِ ، وَلَا يُكْرَهُ لِحَاجَةٍ ، وَلَوْ بِلَا إذْنِ إمَامٍ ( و ) بَلْ
يُسْتَحَبُّ بِهِ وَبِالتَّحْمِيدِ ، لَا بِالتَّسْمِيعِ ، وَجَعَلَهُ الْقَاضِي دَلِيلًا لِعُلُوِّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ لِلتَّعْلِيمِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ ، كَإِسْمَاعِ أَبِي بَكْرٍ تَكْبِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي ذَلِكَ الرِّوَايَةُ فِي خِطَابِ آدَمِيٍّ بِهِ ، لِأَنَّ أَحْمَدَ عَلَّلَ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ خَاطَبَ آدَمِيًّا ، وَفِي التَّعْلِيقِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الْإِسْرَارِ ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ رُكْنٌ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ ، وَمَعَ عُذْرٍ بِحَيْثُ يَحْصُلُ السَّمَاعُ مَعَ عَدَمِهِ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الِاكْتِفَاءَ بِالْحُرُوفِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْهَا ، وَذَكَرَهُ وَجْهًا ( و م ) وَكَذَا ذُكِرَ وَاجِبٌ ، وَالْمُرَادُ إلَّا أَنَّ الْأَمَامَ يُسِرُّ التَّحْمِيدَ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي .
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِ شَيْخِنَا ، وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا سَمَاعَ مَنْ بِقُرْبِهِ ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ ، كُلَّمَا تَعَلَّقَ بِالنُّطْقِ ، كَطَلَاقٍ وَغَيْرِهِ ، وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَسَبَقَ فِي قِرَاءَةِ الْجُنُبِ ، وَمَنْ تَرْجَمَ عَنْ مُسْتَحِبٍّ بَطَلَتْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( و م ) وَقِيلَ : إنْ لَمْ يُحْسِنْهُ أَتَى بِهِ ، ( و ش ) .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَالزِّيَادَةُ عَلَى التَّكْبِيرِ قِيلَ تَجُوزُ ، وَقِيلَ تُكْرَهُ ، انْتَهَى وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ، أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ ، أَوْ وَأَعْظَمُ وَنَحْوُهُ ، أَحَدُهُمَا يُكْرَهُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجُوزُ ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ جَازَ ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : لَمْ يُسْتَحَبَّ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ : لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يُسْتَحَبَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ فَكَلَامُهُمْ مُحْتَمِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : لَوْ قَالَ ذَلِكَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَرَاهَةً وَلَا غَيْرَهَا .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَيَتَعَلَّمُهُ مَنْ جَهِلَهُ قِيلَ فِيمَا قَرُبَ ، وَقِيلَ : يَلْزَمُ الْبَادِيَ قَصْدُ الْبَلَدِ ، انْتَهَى ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ جَهِلَهُ تَعَلَّمَهُ فِي مَكَانِهِ ، أَوْ فِيمَا قَرُبَ مِنْهُ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَادِيَةِ لَزِمَهُ قَصْدُ الْبَلَدِ لِتَعَلُّمِهِ ، انْتَهَى ، فَظَاهِرُ هَذَا لُزُومُ التَّعَلُّمِ مُطْلَقًا ، قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهُ قَصَدَ الْبَلَدَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ( و ) نَدْبًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، أَوْ إحْدَاهُمَا عَجْزًا مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ ، ( و ش ) وَيُنْهِيَهُ مَعَهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ يَرْفَعُهُمَا قَبْلَهُ ، ثُمَّ يَحُطُّهُمَا بَعْدَهُ ، وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا حَطَّهُمَا بَعْدَهُ ، لِأَنَّهُ يَنْفِي الْكِبْرِيَاءَ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ ، وَبِالتَّكْبِيرِ يُثْبِتُهَا لِلَّهِ ، وَالنَّفْيُ مُقَدَّمٌ ، كَكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَلَا يَرْفَعُهُمَا مَعَهُ ، ثُمَّ يَحُطُّهُمَا بَعْدَهُ ( ش ) وَيَجْعَلُ أَصَابِعَهُمَا مَضْمُومَةً ، وَعَنْهُ مُفَرَّقَةً ( و ش ) مُسْتَقْبِلًا بِبُطُونِهِمَا الْقِبْلَةَ ( و ش ) وَقِيلَ : قَائِمَةً حَالَ الرَّفْعِ وَالْحَطِّ ( و م ر ) وَيَجْعَلُ رُءُوسَهُمَا إلَى مَنْكِبَيْهِ ( و م ش ) وَعَنْهُ إلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ( و هـ ) وَعَنْهُ يُخَيَّرُ ، وَهِيَ أَشْهُرُ ، وَعَنْهُ إلَى صَدْرِهِ ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ يُجَاوِزُ بِهَا أُذُنَيْهِ ، وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَهُ .
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ : يَجْعَلُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ، وَإِبْهَامَيْهِ عِنْدَ شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ ، وَقَالَهُ فِي التَّعْلِيقِ ، وَأَنَّ الْيَدَ إذَا أُطْلِقَتْ اقْتَضَتْ الْكَفَّ ، وَأَنَّ أَحْمَدَ أَوْمَأَ إلَى هَذَا الْجَمْعِ ، وَهُوَ تَحْقِيقُ مَذْهَبِ ( ش ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَكْشُوفَتَانِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ هُنَا وَفِي الدُّعَاءِ ، وَرَفْعُهُمَا إشَارَةٌ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، كَمَا أَنَّ السَّبَّابَةَ إشَارَةٌ إلَى الْوَحْدَانِيَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ .
وَيَرْفَعُ لِعُذْرٍ أَقَلَّ ، أَوْ أَكْثَرَ ، وَيُسْقِطُ بِفَرَاغِ التَّكْبِيرِ كُلِّهِ ، ثُمَّ يَجْمَعُ الْيُمْنَى عَلَى كُوعِ الْيُسْرَى ( م ) نَصَّ عَلَيْهِ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ بَعْضُهَا عَلَى الْكَفِّ ، وَبَعْضُهَا عَلَى الذِّرَاعِ ، لَا بَطْنُهَا عَلَى ظَاهِرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى ( هـ ) وَجَزَمَ بِمِثْلِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ ، وَزَادَ الرُّسْغَ وَالسَّاعِدَ ، وَقَالَ : وَيَقْبِضُ بِأَصَابِعِهِ عَلَى الرُّسْغِ ، وَفَعَلَهُ أَحْمَدُ ، وَمَعْنَاهُ ذُلٌّ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ عَزَّ ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الرَّقِّيُّ .
تَحْت سُرَّتِهِ ( و هـ ) قِيلَ لِلْقَاضِي : هُوَ عَوْرَةٌ فَلَا يَضَعُهَا عَلَيْهِ كَالْعَانَةِ وَالْفَخِذِ ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَوْرَةَ أَوْلَى وَأَبْلَغُ بِالْوَضْعِ عَلَيْهِ ، لِحِفْظِهِ ، ثُمَّ يُقَابِلُهُ بِقِيَاسٍ سَبَقَ ، وَعَنْهُ تَحْتَ صَدْرِهِ ( و م ش ) وَعَنْهُ يُخَيَّرُ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَوْ يُرْسِلُهُمَا ، وَعَنْهُ نَقْلًا وَيُكْرَهُ وَضْعُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ .
.
وَيَنْظُرُ مَحَلَّ سُجُودِهِ لَا أَمَامَهُ ( م ) أَطْلَقَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ ، قَالَ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ : إلَّا حَالَ إشَارَتِهِ بِالتَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى سَبَّابَتِهِ ، لِخَبَرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَفِي الْغُنْيَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ إلْصَاقُ الْحَنَكِ بِالصَّدْرِ ، وَعَلَى الثَّوْبِ ، وَأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ مِنْ الصَّحَابَةِ كَرِهَتْهُ .
ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ ( م ) سِرًّا ( و ) " بِسُبْحَانِك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك ، وَتَبَارَكَ اسْمُك ، وَتَعَالَى جَدُّك ، وَلَا إلَهَ غَيْرُك " ( و هـ ) نَصَّ عَلَيْهِ ، وَصَحَّحَ قَوْلَ عُمَرَ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ ، وَبِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ لَيْسَتْ بِذَاكَ ، وَقَالَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ إنَّمَا هِيَ عِنْدِي فِي التَّطَوُّعِ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك حِينَ تَقُومُ } يَعْنِي إلَى الصَّلَاةِ ، فَمَنَعَ غَيْرُهُ مِنْ الْإِذْكَارِ وَمَعْنَى الْوَاوِ وَبِحَمْدِك سَبَّحْتُك .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : تَنْوِينُ إلَهٍ أَفْضَلُ لِزِيَادَةِ حَرْفٍ وَلَيْسَ ( وَجَّهْت وَجْهِي ، وَالْآيَةُ بَعْدَهَا أَفْضَلُ ) ( ش ) لِخَبَرِ عَلِيٍّ كُلِّهِ ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ قَوْلَ مَا فِي خَبَرِ عَلِيٍّ ، وَاخْتَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَشَيْخُنَا جَمَعَهُمَا .
وَيَجُوزُ بِمَا وَرَدَ نَصٌّ عَلَيْهِ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَقُولُ ( وَجَّهْت وَجْهِي ) إلَى آخِرِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لِخَبَرِ عَلِيٍّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي غَيْرِهِ ، وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ : تَقُولُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ شَيْئًا ؟ ؟ قَالَ لَا .
وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا : الْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ نَوْعٍ أَحْيَانَا ، وَكَذَا قَالَهُ فِي أَنْوَاعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ لِمَنْ انْتِفَاعُهُ بِهِ أَتَمُّ ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ ( م ) سِرًّا ( و ) أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ( و ) وَكَيْفُ تَعَوَّذَ فَحَسَنٌ ، وَلَيْسَا وَاجِبَيْنِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( و ) وَعَنْهُ بَلَى ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ ، وَعَنْهُ التَّعَوُّذُ ، وَيَسْقُطَانِ بِفَوَاتِ مَحِلِّهِمَا ، وَاسْتَحَبَّ شَيْخُنَا التَّعَوُّذَ أَوَّلَ كُلِّ قُرْبَةٍ .
ثُمَّ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( م ) سِرًّا ( و هـ ) وَعَنْهُ جَهْرًا ( و ش ) وَعَنْهُ بِالْمَدِينَةِ ، وَعَنْهُ يَجْهَرُ فِي نَفْلٍ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا يَجْهَرُ بِهَا وَبِالتَّعَوُّذِ وَبِالْفَاتِحَةِ فِي الْجِنَازَةِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ أَحْيَانًا ، فَإِنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ تَعْلِيمًا لِلسُّنَّةِ ، وَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِلتَّأْلِيفِ ، كَمَا اسْتَحَبَّ أَحْمَدُ تَرْكَ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ تَأْلِيفًا لِلْمَأْمُومِ ، وَيُخَيَّرُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فِي الْجَهْرِ بِهَا ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، قَالَ الْقَاضِي : كَالْقِرَاءَةِ وَالتَّعَوُّذِ ، وَعَنْهُ يَجْهَرُ ، وَعَنْهُ لَا .
وَلَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْأَصَحِّ ( و هـ م ) كَغَيْرِهَا ( ق ) وَذَكَرَهُ الْقَاضِي ( ع ) سَابِقًا وَهِيَ قُرْآنٌ عَلَى الْأَصَحِّ ( م ) آيَةٌ مِنْهُ ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا الْمُصْحَفِ .
وَهِيَ بَعْضُ آيَةٍ فِي النَّمْلِ ( عِ ) فَلِهَذَا نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ لَا تُكْتَبُ أَمَامَ الشِّعْرِ ، وَلَا مَعَهُ ، وَذَكَرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ إنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ ، قَالَ الْقَاضِي وَلِأَنَّهُ يَشُوبُهُ الْكَذِبُ ، وَالْهَجْوُ غَالِبًا ، وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ أَنَّهُ كَرِهَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيُّ ، وَأَجَازَهُ النَّخَعِيُّ ، وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَتُكْتَبُ أَوَائِلَ الْكُتُبِ كَمَا كَتَبَهَا سُلَيْمَانُ ، وَكَتَبَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَإِلَى قَيْصَرَ ، وَغَيْرِهِ ، فَتُذْكَرُ فِي ابْتِدَاءِ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ ، وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَنْزِلِ ، وَالْخُرُوجِ ، لِلْبَرَكَةِ ، وَهِيَ تَطْرُدُ الشَّيْطَانَ ، وَإِنَّمَا اسْتَحَبَّ إذَا ابْتَدَأَ فِعْلًا تَبَعًا لِغَيْرِهَا لَا مُسْتَقِلَّةً ، فَلَمْ تُجْعَلْ كَالْحَمْدَلَةِ ، وَالْهَيْلَلَةِ وَنَحْوِهِمَا .
فَصْلٌ ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ، وَهِيَ رُكْنٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ( و م ش ) وَعَنْهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ ، وَعَنْهُ تَكْفِي آيَةٌ مِنْ غَيْرِهَا ( و هـ ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصُرَتْ ( و هـ ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ كَلِمَةً ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ ، لَا بَعْضَ آيَةٍ طَوِيلَةٍ ( هـ ) وَعِنْدَ صَاحِبِيهِ يَكْفِي آيَةٌ طَوِيلَةٌ ، أَوْ ثَلَاثٌ قِصَارٌ ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةَ سَبْعٍ ، وَعَنْهُ مَا تَيَسَّرَ ، وَعَنْهُ لَا تَجِبُ قِرَاءَةٌ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَالْفَجْرِ ( و هـ ) فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ شَاءَ سَبَّحَ ، وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ مَعَ أَنَّ مَذْهَبَ ( هـ ) لَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ ، قَالَ أَصْحَابُهُ كَأَنَّ قِرَاءَةَ الْأَوَّلِيَّيْنِ مَوْجُودَةً فِي الْأُخْرَيَيْنِ تَقْدِيرًا ، وَالشَّيْءُ إنَّمَا يَثْبُتُ تَقْدِيرًا لَوْ أَمْكَنَ تَحْقِيقًا ، وَالْأُمِّيُّ لِعَجْزِهِ لَا تَقْدِيرَ فِي حَقِّهِ ، وَكَذَا لَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَهُ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ، وَعَنْهُ إنْ نَسِيَهَا فِيهِمَا قَرَأَهَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ، رَوَاهُ النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ، زَادَ عَبْدُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الثَّلَاثِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الرَّابِعَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ، وَاسْتَأْنَفَهَا ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَقْضِي الْفَاتِحَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ، وَعِنْدَ أَكْثَرِهِمْ يَقْضِي السُّورَةَ فِيهِمَا ، قِيلَ نَدْبًا ، وَقِيلَ وُجُوبًا ، ثُمَّ هَلْ يَجْهَرُ بِهَا أَمْ بِالسُّورَةِ أَمْ لَا ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ عَنْ ( هـ ) وَهِيَ أَفْضَلُ سُورَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَذَكَرَ مَعْنَاهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهَا : { أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيته } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى ، وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ أَعْظَمُ آيَةً ، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَرَوَى أَحْمَدُ ذَلِكَ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ
بِهِ ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ ، وَقَالَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ شَيْخُنَا ، قَالَ : كَمَا نَطَقَتْ بِهِ النُّصُوصُ ، وَلَكِنْ عَنْ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّتِهِ ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْعِدَّةِ فِي النُّسَخِ ، فِي قَوْله تَعَالَى : { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا } ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِهَا مِنْ الْإِعْجَازِ أَكْثَرُ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { فِي { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ثُلُثُ الْقُرْآنِ ، وَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ } وَرَوَاهُ أَحْمَدُ ، قَالَ شَيْخُنَا : مَعَانِي الْقُرْآنِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ .
تَوْحِيدٌ ، وَقَصَصٌ ، وَأَمْرٌ وَنَهْيٌ ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مُضَمَّنَةٌ ثُلُثَ التَّوْحِيدِ ، وَإِذَا قِيلَ ثَوَابُهَا يَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَمُعَادِلَةُ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ تَقْتَضِي تَسَاوِيهُمَا فِي الْقَدْرِ ، لَا تَمَاثُلِهِمَا فِي الْوَصْفِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ { أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا } وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَغْنَى بِقِرَاءَتِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَنْ قِرَاءَةِ سَائِرِ الْقُرْآنِ ، لِحَاجَتِهِ إلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، وَالْقَصَصِ ، كَمَا لَا يُسْتَغْنَى مَنْ مَلَكَ نَوْعًا مِنْ الْمَالِ شَرِيفًا عَنْ غَيْرِهِ ، وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ قَرَأَ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ } فَلَمْ يَقُمْ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ ، وَأَنَّ ثَوَابَ قَارِئَهَا ثَوَابُ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَفَاضَلَ ، وَالْجَمِيعُ صِفَةٌ لِلَّهِ ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَالتَّرْغِيبِ فِي قِرَاءَتِهِ ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ إِسْحَاقُ ، وَكَذَا قَالَ : وَلَا تَحْتَمِلُ الرِّوَايَةُ مَا قَالَهُ ، فَأَيْنَ ظَاهِرُهَا ؟ وَلَا يُعْرَفُ فِي الْمَذْهَبِ قَبْلَ الْقَاضِي كَمَا لَا يُعْرَفُ قَبْلَ الْأَشْعَرِيِّ .
وَفِي الْفَاتِحَةِ إحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً فَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً ابْتَدَأَ ( و
ش ) وَقِيلَ : لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ ، لِأَنَّهُ صِفَةٌ فِي الْكَلِمَةِ يَبْقَى مَعْنَاهَا بِدُونِهِ كَالْحَرَكَةِ ، وَيُقَالُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ، وَقِيلَ بِلِينِهِ ، وَإِنْ قَطَعَهَا بِذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ سُكُوتٍ وَكَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ طَوِيلًا ، وَقِيلَ أَوْ قَصِيرًا عَمْدًا ، وَقِيلَ أَوْ لَا أَوْ تَرَكَ تَرْتِيبَهَا وَقِيلَ عَمْدًا ابْتَدَأَ ، لَا بِنِيَّةِ قَطْعِهَا ، وَقِيلَ وَلَمْ يَسْكُتْ ، و ( مَالِكِ ) أَحَبُّ إلَى أَحْمَدَ مِنْ ( مَلِكِ ) وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ : قَالَ ثَعْلَبٌ : " مَالِكِ " أَمْدَحُ مِنْ مَلِكِ ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الِاسْمِ وَالصِّفَةِ .
وَإِذَا فَرَغَ قَالَ آمِينَ ( و ) يَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ ، وَالْمَأْمُومُ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ ( و ش ) قِيلَ بَعْدَهُ ، وَقِيلَ مَعَهُ ( م 6 ) ( و ش ) وَعَنْهُ تَرْكُ الْجَهْرِ ( و هـ م ) وَالْأَوْلَى الْمَدُّ ، وَيَحْرُمُ تَشْدِيدُ الْمِيمِ ، وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ أَتَى بِهِ الْمَأْمُومُ كَالتَّعَوُّذِ ، وَيَجْهَرُ بِالتَّأْمِينِ لِيُذَكِّرَهُ ، وَلَوْ أَسَرَّهُ الْإِمَامُ جَهَرَ بِهِ الْمَأْمُومُ ، وَمَنْ قَرَأَ غَيْرُهُ لَمْ يُعِدْهُ ، وَإِنْ قَالَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ لَا يُسْتَحَبُّ ، ( ش ) لِأَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا قَالَ مَا سَمِعْت ذِكْرَهُ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : فَإِذَا فَرَغَ قَالَ آمِينَ يَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ ، وَالْمَأْمُومُ فِيهَا يَجْهَرُ بِهِ قِيلَ بَعْدَهُ ، وَقِيلَ مَعَهُ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يَقُولُهُ مَعَ الْإِمَامِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُهُ بَعْدَ الْإِمَامِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ ، عَلَى الْمُقْنِعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَيُسْتَحَبُّ سُكُوتُهُ بَعْدَهَا قَدْرَ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ ( و ش ) وَعَنْهُ يَسْكُتُ قَبْلَهَا ، وَعَنْهُ لَا يَسْكُتُ لِقِرَاءَةِ مَأْمُومٍ مُطْلَقًا ( و هـ م ) حَتَّى فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ يَحْرُمُ سُكُوتُهُ ، لِأَنَّ السُّكُوتَ بِلَا قِرَاءَةٍ حَرَامٌ ، حَتَّى لَوْ سَكَتَ طَوِيلًا سَاهِيًا لَزِمَهُ سُجُودُ السَّهْوِ .
وَيَلْزَمُ الْجَاهِلَ تَعَلُّمُهَا ، وَيَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ ، وَقِيلَ لَا ، إلَّا أَنْ يُطَوِّلَ .
قَالَ فِي الْفُنُونِ : وَيَحْرُمُ بَذْلُ الْأُجْرَةِ وَأَخْذُهَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِنَا فِي الْأُجْرَةِ عَلَى الْقُرَبِ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ { إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا } الْآيَةُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ إظْهَارِ عُلُومِ الدِّينِ مَنْصُوصَةً أَوْ مُسْتَنْبَطَةً ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِوُجُوبِ فِعْلِهِ .
.
وَيَقْرَأُ قَدْرَهَا فِي الْحُرُوفِ وَالْآيَاتِ ، وَقِيلَ أَوْ أَحَدَهُمَا ، وَقِيلَ الْآيَاتِ ، وَعَنْهُ يُجْزِئُ آيَةٌ ، وَيُكَرِّرُ مَنْ عَرَفَ آيَةً بِقَدْرِهَا ، وَعَنْهُ لَا يَجِبُ ، وَقِيلَ يَقْرَأُ الْآيَةَ وَشَيْئًا مِنْ غَيْرِهَا ، وَمَنْ جَهِلَهُ حَرُمَ تَرْجَمَتُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْمَنْصُوصِ ( و م ش ) كَعَالِمِ ( هـ ) وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ ، مَعَ أَنَّ عِنْدَهُمْ يُمْنَعُ مِنْ اعْتِيَادِ الْقِرَاءَةِ ، وَكِتَابَةِ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا ، لَا مَنْ فَعَلَهُ فِي آيَتَيْنِ قَالَ : أَصْحَابُنَا : تَرْجَمَتُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تُسَمَّى قُرْآنًا ، فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ ، وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ .
قَالَ أَحْمَدُ : الْقُرْآنُ مُعْجِزٌ بِنَفْسِهِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى ، وَفِي بَعْضِ آيِهِ إعْجَازٌ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَفِي كَلَامِهِ فِي التَّمْهِيدِ فِي النُّسَخِ وَكَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي لَا .
وَهُوَ فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَالْآيَةُ ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ فِي أُصُولِهِ : الْأَظْهَرُ فِي جَوَابِ أَحْمَدَ بَقَاءُ الْإِعْجَازِ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ بَلْ فِي الْمَعْنَى ، فَقَالَ : الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ وَالنَّظْمِ دُونَ الْمَعْنَى أَشْيَاءُ : مِنْهَا أَنَّ الْمَعْنَى يُقَدَّرُ عَلَى مِثْلِهِ كُلُّ أَحَدٍ ، يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا قَوْلُهُ { قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّحَدِّيَ بِأَلْفَاظِهَا وَلِأَنَّهُ قَالَ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ، وَالْكَذِبُ لَا يَكُونُ مِثْلَ الصِّدْقِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِثْلُهُ فِي اللَّفْظِ وَالنَّظْمِ .
قَالَ شَيْخُنَا : يَحْسُنُ لِلْحَاجَةِ تَرْجَمَتُهُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَفَهُّمِهِ إيَّاهُ بِالتَّرْجَمَةِ ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ هَذَا الْمَعْنَى ، وَحَصَلَ الْإِنْذَارُ بِالْقُرْآنِ دُونَ تِلْكَ اللُّغَةِ كَتَرْجَمَةِ الشَّهَادَةِ .
وَتَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ خَلْفَ قَارِئٍ فِي وَجْهٍ ( و م ) وَقَالَهُ ( هـ ) إنْ صَادَفَهُ حَاضِرًا مُطَاوِعًا ، وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْأَشْهَرِ يَلْزَمُ غَيْرَ حَافِظٍ يَقْرَأُ مِنْ مُصْحَفٍ ( و ش ) وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ، وَيَلْزَمُهُ ( و ش ) قَوْلُ " سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ " وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ، لِخَبَرِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى وَلَمْ يَأْمُرْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ قَارِئٍ ، وَعَنْهُ يُكَرِّرُهُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ .
وَقَالَ الْقَاضِي يَأْتِي بِالذِّكْرِ الْمَذْكُورِ ، وَيَزِيدُ كَلِمَتَيْنِ مِنْ أَيِّ ذِكْرٍ شَاءَ ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ يَحْمَدُ وَيُكَبِّرُ ، وَذَكَرَ ابْنُهُ فِي التَّبْصِرَةِ يُسَبِّحُ ، وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَيَعْقُوبُ وَيُكَبِّرُ ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ وَيُهَلِّلُ ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ يَحْمَدُ وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ رِفَاعَةَ ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ الْكُلَّ رِوَايَةً وَاحِدَةً ، وَلَا شَيْءَ مُعَيَّنٍ وَإِنْ عَرَفَ بَعْضَهُ كَرَّرَهُ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا وَقَفَ بِقَدْرِ الْقِرَاءَةِ ( و ) وَمَنْ صَلَّى وَتَلَقَّفَ الْقِرَاءَةَ مِنْ غَيْرِهِ صَحَّتْ ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُهُ ، يَعْنِي مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ الصَّلَاةُ خَلْفَ قَارِئٍ فِي وَجْهٍ ، انْتَهَى ، ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ اللُّزُومِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْإِمَامَةِ وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ .
فَصْلٌ ثُمَّ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ ( هـ و م ) فِي غَيْرِ رَمَضَانَ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ لَا يَدَعُهَا ، قِيلَ لَهُ : يَقْرَؤُهَا فِي بَعْضِ سُورَةٍ ؟ قَالَ : لَا بَأْسَ ، وَسُورَةٌ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ فِي الْفَجْرِ ، وَهُوَ مِنْ قَافٍ .
وَفِي الْفُنُونِ مِنْ الْحُجُرَاتِ .
وَفِي الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ الْوَسَطِ ، وَعَنْهُ يَجِبُ بَعْدَهَا قِرَاءَةٌ ( خ ) فَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ ، وَعَلَى الْمُذْهَبِ تُكْرَهُ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ ، وَيُسْتَحَبُّ سُورَةٌ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ .
قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : يَجُوزُ آيَةٌ ، إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ اسْتَحَبَّ كَوْنَهَا طَوِيلَةً .
فَإِنَّهُ قَالَ : تُجْزِئُ مَعَ الْحَمْدِ آيَةٌ ، مِثْلُ آيَةِ الدَّيْنِ ، وَالْكُرْسِيِّ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ وَسُورَةٌ بَعْدَهَا ، أَوْ ثَلَاثُ آيَاتٍ ، عَمَلًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، حَتَّى تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِمَا .
وَلَا تَفْسُدُ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَفِي الظُّهْرِ أَزْيَدُ مِنْ الْعَصْرِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِي الْعَصْرِ نِصْفَ الظُّهْرِ ، لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ ، وَإِنْ عَكَسَ بِلَا عُذْرٍ فَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَقِيلَ لَا ، كَمَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ وَنَحْوِهِمَا ، وَاسْتَحَبَّهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ لِذَلِكَ ، وَنَصُّهُ تُكْرَهُ الْقِصَارُ فِي الْفَجْرِ ، لَا الطِّوَالُ فِي الْمَغْرِبِ ( م 7 ) وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ كَصَحِيحٍ وَحَاضِرٍ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْكَرَاهَةِ ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي اسْتِحْبَابِ الْقِصَارِ لِضَرُورَةٍ ، وَإِلَّا تَوَسَّطَ ، وَالْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ الظُّهْرُ كَالْفَجْرِ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَلَا يُعْتَدُّ بِالسُّورَةِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ ، وَلَهُ قِرَاءَةُ أَوَاخِرِ السُّوَرِ ( م ) وَأَوْسَاطِهَا .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ عَكَسَ بِلَا عُذْرٍ ، يَعْنِي أَوْ قَرَأَ فِي الْفَجْرِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِطِوَالِهِ فَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَقِيلَ لَا ، وَنَصُّهُ تُكْرَهُ الْقِصَارُ فِي الْفَجْرِ ، لَا الطِّوَالُ فِي الْمَغْرِبِ ، انْتَهَى الْمَنْصُوصُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي الْفَجْرِ وَجَزَمُوا بِهِ فِي الْمَغْرِبِ ، وَصَرَّحَ فِي الْوَاضِحِ بِالْكَرَاهَةِ فِي الْمَغْرِبِ .
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ : الْكَرَاهَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ ، مِنْ أَعْيَانِ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيُّ ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاسِعٌ ، انْتَهَى ، قُلْت الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ أَحْيَانًا لَمْ يُكْرَهْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَجَمْعُ سُورَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي الْفَرْضِ ( و م ش ) كَتَكْرَارِ سُورَةٍ فِي رَكْعَتَيْنِ ، وَتَفَرُّقِ سُورَةٍ فِي رَكْعَتَيْنِ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، مَعَ أَنَّهُ لَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى سُورَةٍ فِي رَكْعَةٍ ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَدَلَّ أَنَّ فِي سُورَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى كَسُورَتَيْنِ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ ( و هـ ) وَعَنْهُ الْمُدَاوَمَةُ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ جَمْعُ سُورَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي فَرْضٍ ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي جَمْعِ سُوَرٍ فِي فَرْضٍ : الْعَمَلُ عَلَى مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ : لَا بَأْسَ .
وَكَذَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَأَنَّهُ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ ، وَأَنَّ عَكْسَهُ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَتَجُوزُ قِرَاءَةُ أَوَائِلِهَا ( م ) وَقِيلَ أَوَاخِرِهَا أَوْلَى ، وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ كُلِّ الْقُرْآنِ فِي فَرْضٍ لِعَدَمِ نَقْلِهِ وَلِلْإِطَالَةِ ، وَعَنْهُ لَا .
.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا تُكْرَهُ مُلَازَمَةُ سُورَةٍ مَعَ اعْتِقَادِ جَوَازِ غَيْرِهَا ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ لِعَدَمِ نَقْلِهِ ، وَتُكْرَهُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلَ بَدْئِهِ ، وَالْفَصْلُ بِهَا بَيْنَ أَبْعَاضِ السُّوَرِ ، وَيَحْرُمُ إنْ اعْتَقَدَهُ قُرْبَةً ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ يَقْرَأُ الْعَشْرَ أَوْ السَّبْعَ يُبَسْمِلُ ؟ قَالَ : لَا بَأْسَ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ كَمَا فِي الْمُصْحَفِ .
وَيُكْرَهُ تَنْكِيسُ السُّوَرِ ( و ش ) فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ كَالْآيَاتِ ( و ) وَعَنْهُ لَا .
اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لِلْأَخْبَارِ ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ ( و م ) فِي رَكْعَتَيْنِ ، وَكَرِهَهُ فِي رَكْعَةٍ ، وَفِي غَيْرِ صَلَاةٍ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا تَرْتِيبُ الْآيَاتِ وَاجِبٌ ، لِأَنَّ تَرْتِيبَهَا بِالنَّصِّ ( ع ) ، وَتَرْتِيبُ السُّوَرِ بِالِاجْتِهَادِ ، لَا بِالنَّصِّ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ، مِنْهُمْ الْمَالِكِيَّةُ ، وَالشَّافِعِيَّةُ ، قَالَ شَيْخُنَا : فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ ، وَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ ، وَلِهَذَا تَنَوَّعَتْ مَصَاحِفُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي كِتَابَتِهَا ، لَكِنْ لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى الْمُصْحَفِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ صَارَ هَذَا مِمَّا سَنَّهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ ، وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ لَهُمْ سُنَّةً يَجِبُ اتِّبَاعُهَا ، وَسَأَلَهُ حَرْبٌ عَمَّنْ يَقْرَأُ أَوْ يَكْتُبُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ إلَى أَوَّلِهَا فَكَرِهَهُ شَدِيدًا .
وَفِي التَّعْلِيقِ فِي أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ : مَوَاضِعُ الْآيِ كَالْآيِ أَنْفُسِهَا ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ رَامَ إزَالَةَ تَرْتِيبِهَا كَمَنْ رَامَ إسْقَاطِهَا ، وَإِثْبَاتَ الْآي لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ ، كَذَلِكَ مَوَاضِعُهَا .
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ تَنْكِيسَ الْآيَاتِ يُكْرَهُ ( ع ) لِأَنَّهُ مُظِنَّةُ تَغْيِيرِ الْمَعْنَى ، بِخِلَافِ السُّورَتَيْنِ ، كَذَا قَالَ ، فَيُقَالُ فَيَحْرُمُ لِلْمَظِنَّةِ ، وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِخَوْفِ تَغْيِيرِ الْمَعْنَى ، قَالَ : إلَّا مَا ارْتَبَطَتْ وَتَعَلَّقَتْ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ كَسُورَةِ الْفِيلِ مَعَ سُورَةِ قُرَيْشٍ عَلَى رَأْيٍ .
فَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ ، وَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهُ عَمْدًا ، لِأَنَّهُ تَغْيِيرُ لِمَوْضِعِ السُّورَةِ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ " أَنَّ رَجُلًا عِرَاقِيًّا جَاءَ عَائِشَةَ فَقَالَ : أَيُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ ؟ ؟ فَقَالَتْ : وَيْحَكَ ، وَمَا يَضُرُّك ؟ قَالَ : أَرِينِي مُصْحَفَك ؛ قَالَتْ : لِمَ ؟ قَالَ : لَعَلِّي أُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ ، قَالَتْ : وَمَا يَضُرُّك أَيُّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ ، إلَى أَنْ قَالَتْ : فَأَخْرَجْتُ لَهُ الْمُصْحَفَ فَأَمْلَيْت عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ .
.
وَتَنْكِيسُ الْكَلِمَاتِ مُحَرَّمٌ مُبْطِلٌ ( و ) وَتَصِحُّ بِمَا وَافَقَ مُصْحَفَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( و ) زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَشَرَةِ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ إلَّا بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ ، وَعَنْهُ وَالْكِسَائِيِّ ، وَلَمْ يَكْرَهْ أَحْمَدُ غَيْرَهُمَا ، وَعَنْهُ وَإِدْغَامُ أَبِي عَمْرٍو الْكَبِيرِ ، وَحُكِيَ عَنْهُ يَحْرُمُ ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ قِرَاءَةَ حَمْزَةَ لِلْإِدْغَامِ الشَّدِيدِ ، فَيَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَرْفٍ بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ ، وَالْإِمَالَةُ الشَّدِيدَةُ .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنَادِي عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا { أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِالتَّفْخِيمِ } وَلِكَرَاهَةِ السَّلَفِ ، وَالْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ ، فَعَلَى هَذَا إنْ أَظْهَرَ وَلَمْ يُدْغِمْ وَفَتَحَ وَلَمْ يُمِلْ فَلَا كَرَاهَةَ ، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْكَرَاهَةِ .
وَاخْتَارَ قِرَاءَةَ نَافِعٍ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْهُ ، لِأَنَّ إسْمَاعِيلَ قَرَأَ عَلَى شَيْبَةَ شَيْخِ نَافِعٍ .
وَعَنْهُ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَوَاءٌ ، قَالَ : لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَدٌّ وَلَا هَمْزٌ كَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ ، وَشَيْبَةَ ، وَمُسْلِمٍ ، وَقَرَأَ نَافِعٌ عَلَيْهِمْ ، وَظَاهِرُ تَعْلِيلِهِ السَّابِقِ إلَّا قِرَاءَةَ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ الْمَدَنِيِّ لِأَنَّهُ يَهْمِزُ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ثُمَّ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَزَيْدٍ ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ اخْتَارَهَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْهُ ، لِأَنَّهُ أَضْبَطُ مَنْ أَخَذَهَا عَنْهُ مَعَ عِلْمٍ وَعَمَلٍ وَزُهْدٍ ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ اخْتَارَ قِرَاءَةَ أَهْلِ الْحِجَازِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا يَعُمُّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ ، وَقَالَ لَهُ الْمَيْمُونِيُّ : أَيُّ
الْقِرَاءَاتِ تَخْتَارُ لِي فَأَقْرَأُ بِهَا ؟ قَالَ : قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ لُغَةُ قُرَيْشٍ وَالْفُصَحَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ .
وَفِي الْمُذْهَبِ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ مَا خَالَفَ عُرْفَ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ فِي قِرَاءَةٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ مِثْلَ ( فَازَ لَهُمَا فَازَا لَهُمَا وَوَصَّى وَأَوْصَى ) فَهِيَ أَوْلَى لِأَجَلِ الْعَشْرِ حَسَنَاتٍ ، نَقَلَهُ حَرْبٌ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ الْحَرْفَ الْكَلِمَةُ .
وَتُكْرَهُ بِمَا خَالَفَ الْمُصْحَفَ وَصَحَّ سَنَدُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَتَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ ، لِصَلَاةِ الصَّحَابَةِ بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهَا أَنَصُّهُمَا ، وَأَنَّ قَوْلَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ إنَّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ أَحَدُ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ ، وَعَنْهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ ( و ) وَأَنَّهُ يَحْرُمُ لِعَدَمِ تَوَاتُرِهِ ( م 8 ) وَفِي تَعْلِيقِ الْأَحْكَامِ بِهِ الرِّوَايَتَانِ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا تَبْطُلُ وَلَا تُجْزِئُ عَنْ رُكْنِ الْقِرَاءَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) وَيُكْرَهُ بِمَا خَالَفَ الْمُصْحَفَ ، وَصَحَّ سَنَدُهُ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ لِصَلَاةِ الصَّحَابَةِ بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهَا أَنَصُّهُمَا ، وَأَنَّ قَوْلَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ إنَّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ أَحَدُ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ ، وَعَنْهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ لِعَدَمِ تَوَاتُرِهِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَالنَّظْمِ ، وَظَاهِرُ شَرْحِ الْمَجْدِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ ، وَيَصِحُّ إذَا صَحَّ سَنَدُهُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، قُلْت : وَهُوَ الصَّوَابُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْمَجْدِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَفِي تَعْلِيقِ الْأَحْكَامِ بِهِ الرِّوَايَتَانِ ، يَعْنِي بِهِمَا هَاتَيْنِ ، وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا .
وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ فِي الْفَجْرِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ الْعِشَاءَيْنِ ( ع ) وَيُخَيَّرُ الْمُنْفَرِدُ ( و هـ ) وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ ( هـ ) وَعَنْهُ يُسَنُّ ( و م ش ) وَقِيلَ : يُكْرَهُ كَالْمَأْمُومِ ( و ) وَحُكِيَ فِيهِ قَوْلٌ .
.
وَالْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا أَجْنَبِيٌّ قِيلَ : تَجْهَرُ كَرَجُلٍ ، وَقِيلَ : يَحْرُمُ ( م 9 ) قَالَ أَحْمَدُ : لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا ، قَالَ الْقَاضِي : أَطْلَقَ الْمَنْعَ ، وَإِنْ أَسَرَّ بَنِي جَهَرَا ، وَعَنْهُ يَبْدَأُ ، فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ أَمْ لَا ( و م ش ) وَعَكْسُهُ يَبْنِي سِرًّا ( و ) .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) وَالْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا أَجْنَبِيٌّ قِيلَ تَجْهَرُ كَرَجُلٍ ، وَقِيلَ يَحْرُمُ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ ، أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا ، قَالَ الْقَاضِي أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمَنْعَ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَجْهَرُ كَالرَّجُلِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا أَجْنَبِيٌّ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، فَقَالَ وَتَجْهَرُ الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ ، كَالرَّجُلِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي أَوَاخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ، فَقَالَ وَتَجْهَرُ الْمَرْأَةُ فِي الْجَهْرِ مَعَ الْمَحَارِمِ وَالنِّسَاءِ ، انْتَهَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ ، فَقَالَ : وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَ هُنَاكَ رِجَالٌ أَجَانِبُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهَا انْتَهَى ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، فَقَالَ عَنْ جَهْرِ الْمُنْفَرِدِ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ كَالْمَرْأَةِ إذَا سَمِعَهَا أَجْنَبِيٌّ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَتَجْهَرُ فِي الصُّبْحِ ، وَأُولَى الْعِشَاءَيْنِ ، وَعَنْهُ وَالْمُنْفَرِدُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ ، وَقِيلَ الذَّكَرُ ، قُلْت الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا أَجْنَبِيٌّ بَعِيدٌ جِدًّا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّمَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَجْهَرُ إنْ صَلَّتْ بِنِسَاءٍ ، وَلَا تَجْهَرُ إنْ صَلَّتْ وَحْدَهَا انْتَهَى ، قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِ صَوْتِهَا عَوْرَةً أَمْ لَا ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ ، إذْ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ عَدَمَ التَّحْرِيمِ .
وَإِنْ قَضَى صَلَاةً جَهَرَ نَهَارًا فَقِيلَ يُسِرُّ ( و ش ) كَصَلَاةِ سِرٍّ وَقِيلَ يَجْهَرُ ( و هـ م ) كَاللَّيْلِ ( م 10 ) ( و ) فِي جَمَاعَةٍ وَفِي الْمُنْفَرِدِ الْخِلَافُ ( م 11 ) .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ قَضَى صَلَاةَ جَهْرٍ نَهَارًا فَقِيلَ يُسِرُّ كَصَلَاةِ سِرٍّ ، وَقِيلَ يَجْهَرُ كَاللَّيْلِ انْتَهَى ، الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْإِسْرَارُ ، هُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ إذَا صَلَّاهَا جَمَاعَةً ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجْهَرُ ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ وَفِي الْمُنْفَرِدِ الْخِلَافُ انْتَهَى ، يَعْنِي بِهِ الَّذِي فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَصَحَّحَ النَّاظِمُ الْإِسْرَارَ هُنَا أَيْضًا ، وَقَطَعَ هُنَا بِالْخِبْرَةِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْكَافِي وَإِنْ جَهَرَ فَلَا بَأْسَ .
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَيُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ لِلْإِمَامِ فَقَطْ ، دُونَ الْمُنْفَرِدِ ، وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَيَجُوزُ الْجَهْرُ لِلْمُنْفَرِدِ ، وَعَنْهُ يُسَنُّ لَهُ أَيْضًا ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ ، انْتَهَى .
قَالَ شَيْخُنَا : وَلَوْ قَالَ مَعَ إمَامِهِ { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وَنَحْوُهُ كُرِهَ ، وَإِنْ قَالَهُ وَهُوَ يَسْمَعُ بَطَلَتْ فِي وَجْهٍ ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ وَأَبُو الْحَارِثِ إذَا قَرَأَ آيَةً فِيهَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَهَا مَنْ خَلْفَهُ ، وَيُسِرُّونَ ، وَكَذَا نَقَلَ الْكَحَّالُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ السِّرَّ ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ ، قِيلَ لِلْقَاضِي : كَانَ يَجِبُ أَنْ تَكْرَهُوا ذَلِكَ كَالْقِرَاءَةِ ، فَقَالَ : هَذَا قَدْرٌ يَسِيرٌ لَا يَمْنَعُ الْإِنْصَاتَ ، وَقَدْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي الْحَثُّ عَلَيْهِ ، فَهُوَ كَالتَّأْمِينِ ، ثُمَّ احْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } قَالَ : سُبْحَانَك فَبَلَى .
وَبِأَنَّ عَلِيًّا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى } فَقَالَ : سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ، وَقَدْ نَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ وَحَنْبَلٌ إذَا قَرَأَ { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } هَلْ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ، كَذَا وَجَدْته فِي الْجَامِعِ فَقَالَ : إنْ شَاءَ فِي نَفْسِهِ وَلَا يَجْهَرُ بِهَا فِي الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا ، وَتُفَارِقُ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْإِنْصَاتُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِقِرَاءَةٍ يَسِيرَةٍ لَا تَمْنَعُ الْإِنْصَاتَ جَازَ .
قَالَ الْقَاضِي : إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَكْرَهُ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ يَعْنِي بِالتَّهْلِيلِ ، قِيلَ لَهُ فَيَنْهَاهُمْ الْإِمَامُ ؟ ؟ قَالَ لَا يَنْهَاهُمْ ، قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا قَالَ لَا يَنْهَاهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَهْرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسْمِعُهُمْ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَةِ أَحْيَانًا فِي الظُّهْرِ ، وَالْجَهْرُ هُنَاكَ كَالْجَهْرِ هُنَا ، لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ مَوْضِعَ الْجَهْرِ وَقَدْ جَهَرَ بِالْيَسِيرِ ، فَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، كَذَا قَالَ ، وَجَهْرُهُ عَلَيْهِ
السَّلَامُ يَجُوزُ أَنَّهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَسْرَارُ ، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا تَشْوِيشَ فِيهِ ، وَلَا مَحْذُورَ ، بِخِلَافِ جَهْرِ الْمَأْمُومِينَ ، وَلِهَذَا كَرِهَ أَحْمَدُ جَهْرَهُمْ ، وَجَهَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُكْرَهُ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَسْتَمِعَ ، وَيُنْصِتَ ، حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ عِنْدَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ بِسُؤَالِ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ ، وَكَذَا عِنْدَهُمْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إلَّا أَنْ يَقْرَأَ الْخَطِيبُ الْآيَةَ فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَ سِرًّا لِلْأَمْرِ .
وَالْجَهْرُ وَالْإِخْفَاتُ سُنَّةٌ .
وَقِيلَ وَاجِبٌ ، وَقِيلَ الْإِخْفَاتُ .
وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد إذَا خَافَتَ فِيمَا يُجْهَرُ بِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ ذَكَرَ يَبْتَدِئُ الْفَاتِحَةَ فَيَجْهَرُ ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ .
وَلَا قِرَاءَةَ عَلَى مَأْمُومٍ ( و هـ م ) أَيْ يَحْمِلُهَا الْإِمَامُ عَنْهُ ، وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ .
هَذَا الْمَعْنَى فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ ، وَعَنْهُ يَجِبُ ، ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ نَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا بُدَّ لِلْمَأْمُومِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ ، وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَعْرِفُ وُجُوبَهُ ، حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ( و ش ) وَقِيلَ فِي صَلَاةِ السِّرِّ ، وَذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد يَقْرَأُ خَلْفَهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ إذَا جَهَرَ ، قَالَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى تُجْزِئُ ، وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ بِالْحَمْدِ وَغَيْرِهَا فِي صَلَاةِ السِّرِّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي السَّكَتَاتِ لَا تُكْرَهْ ( هـ ) وَلَوْ لِنَفَسٍ ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ .
وَقَالَ شَيْخُنَا لَا ( ع ) كَذَا قَالَ ، وَقَالَ هَلْ الْأَفْضَلُ قِرَاءَتُهُ الْفَاتِحَةَ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا أَمْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ اسْتَمَعَهَا ؟ ؟ وَمُقْتَضَى نُصُوصِ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِغَيْرِهَا أَفْضَلُ ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ قَرَأَ خَلْفَ إمَامِهِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ يُؤَمِّنُ ، قَالَ لَا أَدْرِي ، مَا سَمِعْت ، وَلَا أَرَى بَأْسًا ، وَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ سُنَّةٌ ، وَلَعَلَّ تَوَقُّفَهُ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ فِي تَعْلِيقِ التَّأْمِينِ بِتَأْمِينِ الْإِمَامِ وَقِرَاءَتِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَتُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ فِي جَهْرِهِ ( و م ) وَاسْتَحَبَّهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْحَمْدِ ، وَسَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ قَالَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ، وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَدْ ظَنَنْت أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا أَيْ نَازَعَنِيهَا ، قَالَ وَهَذَا أَرَاهُ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةَ ، وَقِيلَ يَحْرُمُ ، قَالَ أَحْمَدُ لَا يَقْرَأُ .
وَقَالَ أَيْضًا لَا يُعْجِبُنِي ، وَقِيلَ وَتَبْطُلُ .
وَإِنْ سَمِعَ هَمْهَمَةً وَلَمْ يَفْهَمْ لَمْ يَقْرَأْ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ بَلَى ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَهِيَ أَظْهَرُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْدٍ قَرَأَ فِي الْمَنْصُوصِ ( م )
وَلِطَرَشٍ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 12 )
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَلِطَرَشٍ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، يَعْنِي هَلْ يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ إذَا كَانَ لَا يَسْمَعُهُ لِطَرَشٍ أَمْ لَا ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ، وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَابْنِ مُنَجَّى ، وَالنَّظْمِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَغَيْرِهِمْ ، أَحَدُهُمَا يَقْرَأُ إذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَشْغَلُ مَنْ إلَى جَنْبِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قَرَأَ فِي الْأَقْيَسِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقْرَأُ فَيُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى .
( تَنْبِيهٌ ) مَنْشَأُ الْخِلَافِ كَوْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أَدْرِي ، فَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فَبَعْضُ الْأَصْحَابِ حَكَى الْخِلَافَ فِي الْكَرَاهَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا ، مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَبَعْضُهُمْ خَصَّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا شَوَّشَ عَلَى غَيْرِهِ ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ وَغَيْرُهُمَا ، قُلْت : وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الْوَجْهَانِ إذَا كَانَ قَرِيبًا لَا يَمْنَعُهُ إلَّا الطَّرَشُ ، فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَ الطَّرَشِ الْبُعْدُ قَرَأَ بِطَرِيقٍ أَوْلَى ، أَمَّا إنْ قُلْنَا لَا يَقْرَأُ الْبَعِيدُ الَّذِي لَا يَسْمَعُ فَهَذَا لَا يَقْرَأُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، انْتَهَى .
وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِفْتَاحُ ، وَالتَّعَوُّذُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ كَالسِّرِّ أَمْ يُكْرَهَانِ ؟ ؟ أَوْ إنْ سَمِعَهُ كُرِهَا ، أَمْ يُكْرَهُ التَّعَوُّذُ ( و هـ ) فِيهِ رِوَايَاتٌ ( م 13 ) وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ قِرَاءَتَهُ وَقْتَ مُخَافَتَتِهِ أَفْضَلُ مِنْ اسْتِفْتَاحِهِ ، وَغَلَّطَهُ شَيْخُنَا ، وَقَالَ : قَوْلَ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ : الِاسْتِفْتَاحُ أَوْلَى ، لِأَنَّ اسْتِمَاعَهُ بَدَلٌ عَنْ قِرَاءَتِهِ .
وَقَالَ الْآجُرِّيُّ : أَخْتَارُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ أَوَّلَهَا بَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ ، وَتَرْكَ الِافْتِتَاحِ ، لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ أَدْرَكَهُ فِي رُكُوعِ صَلَاةِ الْعِيدِ : لَوْ أَدْرَكَ الْقِيَامَ رَتَّبَ الْأَذْكَارَ ، فَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ جَمِيعِهَا بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ ؛ لِأَنَّهَا فَرْضٌ .
.
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِفْتَاحُ وَالتَّعَوُّذُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ كَالسِّرِّ أَمْ يُكْرَهَانِ ، أَوْ إنْ سَمِعَهُ كُرِهَا ، أَمْ يُكْرَهُ التَّعَوُّذُ ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ ، انْتَهَى ، إحْدَاهُنَّ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِفْتَاحُ ، وَالِاسْتِعَاذَةُ مُطْلَقًا ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهَانِ مُطْلَقًا ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ سَمِعَ الْإِمَامَ كُرِهَا ، وَإِلَّا فَلَا ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ هَذَا أَصَحُّ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ ، وَلَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَسْتَعِيذُ مَعَ جَهْرِ إمَامِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ فِي النُّكَتِ هَذَا الْمَشْهُورُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِفْتَاحُ وَيُكْرَهُ التَّعَوُّذُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، فِي الْجَامِعِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ ، وَهُوَ الْأَقْوَى .
( تَنْبِيهٌ ) فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ ثَلَاثُ طُرُقٍ : ( الطَّرِيقَةُ الْأُولَى ) الْخِلَافُ جَارٍ فِي حَالِ جَهْرِ الْإِمَامِ وَسُكُوتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ لِكَوْنِهِمْ حَكَوْا الرِّوَايَتَيْنِ ، وَأَطْلَقُوا ثُمَّ حَكَوْا رِوَايَةً بِالتَّفْرِقَةِ قُلْت ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ .
( الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ ) مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي سُكُوتِ الْإِمَامِ ، فَأَمَّا فِي حَالَةِ قِرَاءَتِهِ فَلَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَسْتَعِيذُ ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَالْفَائِقِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ قَالَ الشَّيْخُ
تَقِيُّ الدِّينِ : مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ .
( الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ ) مَحَلُّ الْخِلَافِ يُخْتَصُّ حَالُ جَهْرِ الْإِمَامِ ، وَسَمَاعِ الْمَأْمُومِ ، دُونَ حَالَةِ سَكَتَاتِهِ ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَالْخِلَافِ ، قَالَ الْمَجْدُ : ذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّ النِّزَاعَ فِي حَالَةِ الْجَهْرِ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِمَاعِ يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَمَنْ جَهِلَ مَا قَرَأَ بِهِ إمَامُهُ لَمْ يَضُرَّ ، وَقِيلَ يُتِمُّهَا وَحْدَهُ ، وَقِيلَ تَبْطُلُ ، نَقَلَ ابْنُ أَصْرَمَ يُعِيدُ ، فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : لِأَنَّهُ لَمْ يَدْرِ هَلْ قَرَأَ الْحَمْدَ أَمْ لَا ؟ وَلَا مَانِعَ مِنْ السَّمَاعِ ، وَقَالَ شَيْخُنَا : بَلْ لِتَرْكِهِ الْإِنْصَاتِ الْوَاجِبِ .
فَصْلٌ ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ ( و ش ) مَعَ ابْتِدَاءِ الرُّكُوعِ مُكَبِّرًا ( و ) وَعَنْهُ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا بَعْدَ سَكْتَةٍ يَسِيرَةٍ ، وَيَرْكَعُ فَيَجْعَلُ يَدَيْهِ مُفَرَّجَةً أَصَابِعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ( و ) وَرَأْسَهُ بِإِزَاءِ ظَهْرِهِ ( و ) وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ ( و ) وَيُجْزِئُهُ [ الِانْحِنَاءُ ] بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ مَسُّ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ ( و م ) مِنْ الْوَسَطِ [ أَوْسَطِ النَّاسِ ] أَوْ قَدْرِهِ [ مِنْ غَيْرِ الْأَوْسَطِ ] وَقِيلَ فِي أَقَلَّ مِنْهُ احْتِمَالَانِ ، وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ يَكْفِيه .
وَفِي الْوَسِيلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ ( و ش ) وَيَتَعَيَّنُ ( سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ) ( م ) مَرَّةً ، وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ وَبِحَمْدِهِ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ ، وَالْكَمَالُ لِلْمُنْفَرِدِ قِيلَ : الْعُرْفُ ، وَقِيلَ مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا ، وَقِيلَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ ( م 14 ) وَلِلْإِمَامِ إلَى عَشْرٍ ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ ، مَا لَمْ يُؤْثِرْ مَأْمُومٌ [ أَكْثَرَ ] وَقِيلَ ، مَا لَمْ يَشُقَّ ، وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ قَدْرُ قِرَاءَتِهِ .
وَقَالَ الْآجُرِّيُّ خَمْسٌ ، لِيُدْرِكَ الْمَأْمُومُ ثَلَاثًا .
وَلَوْ انْحَنَى لِتُنَاوِل شَيْءٍ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الرُّكُوعُ لَمْ يُجِزْهُ ، جَعَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا إذَا قَصَدَ بِغَسْلِ عُضْوٍ غَيْرَ الطَّهَارَةِ مَعَ بَقَاءِ نِيَّتِهِ حُكْمًا ( و م ) وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيِّينَ وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ نَوَى التَّبَرُّدَ وَلَمْ يَقْطَعْ نِيَّةَ الْوُضُوءِ صَحَّ ، وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا طَافَ يَقْصِدُ غَرِيمًا .
.
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَالْكَمَالُ فِي الْمُنْفَرِدِ يَعْنِي فِي قَوْلِهِ سُبْحَانُ رَبِّي الْعَظِيمِ ، قِيلَ الْعُرْفُ ، وَقِيلَ مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا ، وَقِيلَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا الْكَمَالُ فِي حَقِّهِ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى ، قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ الصَّلَاةِ ، فَإِنْ أَطَالَ فِي الْقِيَامِ أَطَالَ فِي الرُّكُوعِ بِحَسَبِهِ ، وَإِنْ قَصَّرَ قَصَّرَ فِيهِ بِحَسَبِهِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا حَدَّ لِغَايَتِهِ مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ يَكُونُ بِقَدْرِ قِيَامِهِ ، وَنَسَبَهُ الْمَجْدُ إلَى غَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَقِيلَ الْكَمَالُ فِي حَقِّهِ سَبْعٌ ، قَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ ، وَقِيلَ عَشْرٌ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَائِلًا : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مُرَتِّبًا وُجُوبًا ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ( و ش ) فَعَنْهُ مَعَ رَأْسِهِ ( و ش ) وَعَنْهُ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ ، وَقَالَ الْقَاضِي مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ رَفْعِهِ شَيْئًا ( م 15 ) وَمَعْنَى سَمِعَ هُنَا أَجَابَ ، فَإِذَا قَامَ قَالَ : " رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ ، وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ " ( و ش ) أَيْ حَمْدًا لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ ذَلِكَ ، وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ " وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا " وَالْأَوَّلُ أَشْهُرُ فِي الْأَخْبَارِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْأَخْبَارِ " السَّمَوَاتِ " هُوَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَبَعْضِ الْأَصْحَابِ " السَّمَاءِ " وَفَعَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ .
لَا أَنَّهُ يَسْمَعُ فَقَطْ ( هـ م ) وَكَذَا الْمُنْفَرِدُ ( و ش ) وَعَنْهُ يَسْمَعُ وَيَحْمَدُ ( و هـ م ) وَعَنْهُ يَسْمَعُ فَقَطْ ، وَعَنْهُ عَكْسُهُ ، وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ مَذْهَبِ ( هـ ) وَالْمَأْمُومُ يَحْمَدُ فَقَطْ ( و هـ م ) ، وَعَنْهُ وَيَزِيدُ مِلْءَ السَّمَاءِ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّصِيحَةِ ، وَالْهِدَايَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَشَيْخُنَا ، وَعَنْهُ وَيَسْمَعُ ( و ش ) وَلَهُ قَوْلُ " رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ " بِلَا وَاوٍ ، وَبِهَا أَفْضَلُ عَلَى الْأَصَحِّ ( و م ) وَعَنْهُ لَا يَتَخَيَّرُ فِي تَرْكِهَا ، وَلَهُ قَوْلُ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَبِلَا وَاوٍ أَفْضَلُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( م ر ) وَعَنْ أَحْمَدَ يَقُولُ : رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ، وَلَا يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ، وَهُوَ مُرَادُ الرِّعَايَةِ ، وَإِنْ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك جَازَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَالْجَمِيعُ فِي الْأَخْبَارِ ، وَأَكْثَرُ فِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ } وَأَمْرَ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ زِيَادَةُ الْوَاوِ ، وَفِيهِ مِنْ
حَدِيثِهِ " رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ " ، وَفِيهِ مِنْ حَدِيثِهِ زِيَادَةُ الْوَاوِ وَهُوَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَهُوَ فِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ، وَمَتَى ثَبَتَتْ الْوَاوُ كَانَ قَوْلُهُ : رَبَّنَا مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ أَيْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَا رَبَّنَا فَاسْتَجِبْ ، وَلَك الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ .
نَقَلَ صَالِحٌ فِيمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَعَطَسَ فِي رُكُوعِهِ فَلَمَّا رَفَعَ مِنْهُ قَالَ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ، يَنْوِي بِذَلِكَ لِمَا عَطَسَ وَلِلرُّكُوعِ لَا يُجْزِئُهُ .
وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا طَافَ يَقْصِدُ غَرِيمًا .
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ ثُمَّ يَرْفَعُ قَائِلًا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، مُرَتِّبًا وُجُوبًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَعَنْهُ مَعَ رَأْسِهِ ، وَعَنْهُ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ رَفْعِهِ شَيْئًا ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ ، إحْدَاهُمَا يَرْفَعُهُمَا مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمَجْدُ وَهِيَ أَصَحُّ ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ ، وَالشَّارِحِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يَرْفَعُهَا بَعْدَ اعْتِدَالِهِ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
قَالَ أَحْمَدُ : إنْ شَاءَ أَرْسَلَ يَدَيْهِ ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَمَا سَبَقَ .
وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ يُرْسِلُهُمَا ( و هـ ) وَقَالَهُ فِي التَّعْلِيقِ فِي افْتِرَاشِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ بَعِيدٌ ، لِأَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا ذِكْرٌ ( هـ ) كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ ( هـ ) ثُمَّ يُكَبِّرُ ( و ) وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ ( و ) وَعَنْهُ بَلَى ، وَعَنْهُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ ، وَحَيْثُ اُسْتُحِبَّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فَقَالَ أَحْمَدُ : هُوَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ ، مَنْ رَفَعَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ ، وَعَنْهُ لَا أَدْرِي ، قَالَ الْقَاضِي : إنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى نَحْوِ مَا يَقُولُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ الرَّفْعَ مِنْ تَمَامِ صِحَّتِهَا ، لِأَنَّهُ قَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ يُعِيدُ ، وَلَمْ يَتَوَقَّفْ أَحْمَدُ عَنْ التَّمَامِ الَّذِي هُوَ تَمَامُ فَضِيلَةٍ وَسُنَّةٍ ، قَالَ أَحْمَدُ : وَمَنْ تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ السُّنَّةَ ، وَقَالَ لَهُ الْمَرُّوذِيُّ : مَنْ تَرَكَ الرَّفْعَ يَكُونُ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ ؟ ؟ قَالَ : لَا نَقُولُ هَكَذَا ، وَلَكِنْ نَقُولُ رَاغِبٌ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ الْقَاضِي : إنَّمَا هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْإِخْبَارِ فِي الْعِبَادَةِ ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَمَّى تَارِكَ السُّنَّةِ رَاغِبًا عَنْهَا ، فَأَحَبَّ اتِّبَاعَ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِلَّا فَالرَّاغِبُ فِي التَّحْقِيقِ هُوَ التَّارِكُ ، قَالَ أَحْمَدُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى لَا يَنْهَاك عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إلَّا مُبْتَدِعٌ ، فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ الْقَاضِي : لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا رَأَى مُصَلِّيًا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَصَبَهُ ، قَالَ : وَهَذَا مُبَالَغَةٌ ، وَلِأَنَّهُ يَرْفَعُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ( ع ) فَمُنْكِرُهُ مُبْتَدِعٌ لِمُخَالِفَةِ ، ( ع ) وَيَرْفَعُ مَنْ صَلَّى قَائِمًا وَجَالِسًا ، فَرْضًا وَنَفْلًا .
وَيَخِرُّ سَاجِدًا ، فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ ، ثُمَّ يَدَيْهِ ( و هـ ش ) وَعَنْهُ عَكْسُهُ ( و م ) ثُمَّ جَبْهَتَهُ ، وَأَنْفَهُ ، وَسُجُودُهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى قَدَمَيْهِ ، رُكْنٌ مَعَ الْقُدْرَةِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ إلَّا الْأَنْفَ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَعَنْهُ رُكْنٌ بِجِهَتِهِ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ ( و هـ م ق ) وَمَذْهَبُ الْحَنِيفِيَّةِ أَنَّ وَضْعَ الْقَدَمَيْنِ فَرْضٌ فِي السُّجُودِ ، لِيَتَحَقَّقَ السُّجُودُ ، وَإِنْ عَجَزَ بِالْجَبْهَةِ أَوْمَأَ مَا أَمْكَنَهُ ( و م ) وَقِيلَ : يَلْزَمُ السُّجُودُ بِالْأَنْفِ ( و هـ ش ) وَلَا يُجْزِئُ بَدَلُ الْجَبْهَةِ مُطْلَقًا ( هـ ) وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ ، وَإِنْ قَدَرَ بِالْوَجْهِ تَبِعَهُ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ ، وَإِنْ عَجَزَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ بِغَيْرِهِ ، خِلَافًا لِتَعْلِيقِ الْقَاضِي ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وَضْعُهُ بِدُونِ بَعْضِهَا ، وَيُمْكِنُ رَفْعُهُ بِدُونِ شَيْءٍ مِنْهَا .
وَيُجْزِئُ بَعْضُ الْعُضْوِ ، وَقِيلَ وَبَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ إذَا وَضَعَ مِنْ يَدَيْهِ بِقَدْرِ الْجَبْهَةِ أَجْزَأَهُ ، وَمُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِشَيْءٍ مِنْهَا لَيْسَ رُكْنًا فِي ظَاهِرِ الْمُذْهَبِ ( و هـ م ) فَفِي كَرَاهَةِ حَائِلٍ مُتَّصِلٍ حَتَّى طِينٌ كَثِيرٌ وَحُكِيَ حَتَّى لِرُكْبَتَيْهِ رِوَايَتَانِ ( م 16 ) وَعَنْهُ بَلَى بِجَبْهَتِهِ ( و ش ) وَعَنْهُ وَيَدَيْهِ ، وَلَا يُكْرَهُ لِعُذْرٍ .
نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا لَا فَرْقَ .
وَكَذَا قَالَ ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَمُبَاشَرَةٌ لِمُصَلٍّ بِشَيْءٍ مِنْهَا لَيْسَ رُكْنًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَفِي كَرَاهَةِ حَائِلٍ مُتَّصِلٍ حَتَّى طِينٌ كَثِيرٌ وَحُكِيَ حَتَّى لِرُكْبَتَيْهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ حَكَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْقَاضِي : وَالْأَوْلَى مُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِالْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ ، وَيَأْتِي بِالْعَزِيمَةِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ : وَالْمُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِالْجِهَةِ وَالْيَدَيْنِ ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ وَيَأْخُذَ بِالْعَزِيمَةِ قَالَ أَحْمَدُ : لَا يُعْجِبُنِي إلَّا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ ، انْتَهَى ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ .
وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ : تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِمَكَانٍ شَدِيدِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : لِتَرْكِ الْخُشُوعِ كَمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ .
.
وَمَنْ سَقَطَ مِنْ قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ عَادَ وَإِنْ اطْمَأَنَّ انْتَصَبَ قَائِمًا وَسَجَدَ فَإِنْ اعْتَلَّ عَنْ السُّجُودِ سَقَطَ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ سَقَطَ مِنْ قِيَامِهِ سَاجِدًا عَلَى جَبْهَتِهِ أَجْزَأَهُ بِاسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ الْأُولَى ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي إنْ سَقَطَ مِنْ قِيَامٍ لَمَّا أَرَادَ الِانْحِنَاءَ قَامَ رَاكِعًا ، فَلَوْ أَكْمَلَ قِيَامَهُ ثُمَّ رَكَعَ لَمْ يُجْزِهِ كَرُكُوعَيْنِ ، .
وَيُسْتَحَبُّ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ [ أَصَابِع قَدَمَيْهِ ] مُفَرَّقَةً مُوَجَّهَةً إلَى الْقِبْلَةِ ، وَقِيلَ يَجْعَلُ بُطُونَهَا عَلَى الْأَرْضِ ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ .
وَفِي التَّلْخِيصِ يَجِبُ جَعْلُ بَاطِنِ أَطْرَافِهَا إلَى الْقِبْلَةِ ، إلَّا مَعَ نَعْلٍ أَوْ خُفٍّ .
وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ يَجِبُ فَتْحُهَا إنْ أَمْكَنَ ، وَيُسْتَحَبُّ ضَمُّ أَصَابِعِ يَدَيْهِ ، قَالَ أَحْمَدُ وَيُوَجِّهُهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ ، وَمُجَافَاةُ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ ، وَبَطْنِهِ عَنْ فَخِذَيْهِ ، وَفَخِذَيْهِ عَنْ سَاقَيْهِ ، وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يُؤْذِ جَارَهُ .
وَعَدَّ صَاحِبُ النَّظْمِ السُّجُودَ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَمُبَاشَرَتَهَا بِالْمُصَلَّى مِنْ الْوَاجِبَاتِ تُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ بِمُتَّجَهٍ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ أَنْ يَلْصَقَ كَعْبَيْهِ ، وَهَلْ يَضَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ، أَوْ أُذُنَيْهِ ؟ ( و هـ ) عَلَى مَا سَبَقَ ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : قَرِيبًا مِنْ أُذُنَيْهِ نَحْوَ مَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ ، وَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ بِمِرْفَقَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ إنْ طَالَ ، وَلَمْ يُقَيِّدْ جَمَاعَةٌ ، وَقِيلَ فِي نَفْلٍ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ ، وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهَا يُجْزِيهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ ، وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَمْكِينِ الْجَبْهَةِ مِنْ الْأَرْضِ ، وَبِفِعْلِهِ ، وَوُجُوبِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ ، فَهَذَانِ وَجْهَانِ .
وَقَدْ ذَكَرُوا لَوْ سَجَدَ عَلَى حَشِيشٍ ، أَوْ قُطْنٍ ، أَوْ ثَلْجٍ ، أَوْ بَرَدٍ وَلَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْمَكَانِ الْمُسْتَقَرِّ عَلَيْهِ ، وَسُجُودُهُ بِبَعْضِ بَاطِنِ كَفِّهِ سُنَّةٌ ، وَقِيلَ رُكْنٌ .
وَإِنْ عَلَا مَوْضِعُ رَأْسِهِ عَلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ فَلَمْ تَسْتَعْلِ الْأَسَافِلُ بِلَا حَاجَةٍ فَقِيلَ يَجُوزُ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَقِيلَ تَبْطُلُ ، وَقِيلَ إنْ كَثُرَ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ : إنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ صِفَةِ السُّجُودِ لَمْ يُجْزِئْهُ ( م 17 ) .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَلَا مَوْضِعُ رَأْسِهِ عَلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ ، فَلَمْ تَسْتَعْلِ الْأَسَافِلُ بِلَا حَاجَةٍ فَقِيلَ يَجُوزُ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَقِيلَ تَبْطُلُ ، وَقِيلَ إنْ كَثُرَ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : إنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ صِفَةِ السُّجُودِ لَمْ تُجِزْهُ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَقَالَ : قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، وَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ دُونَ الْكَثِيرِ ، قَالَهُ شَيْخُنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ أَبِي الْفَهْمِ ، انْتَهَى ، وَقَدَّمَ هَذَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ لَمْ يُكْرَهُ الْيَسِيرُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكْرَهُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ أَعْلَى مِنْ مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ تَبْطُلُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ اسْتِعْلَاءُ الْأَسَافِلِ وَاجِبٌ ، وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ تَبْطُلُ إنْ كَثُرَ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ إنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ صِفَةِ السُّجُودِ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَلَوْ سَقَطَ لِجَنْبِهِ ثُمَّ انْقَلَبَ سَاجِدًا وَنَوَاهُ أَجْزَأَهُ ثُمَّ يَقُولُ : سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ( م ) وَحُكْمُهُ كَتَسْبِيحِ الرُّكُوعِ .
فَصْلٌ ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا ( و ) وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا ، يَفْرِشُ يُسْرَاهُ ، وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا ، وَيَنْصِبُ يُمْنَاهُ وَفِي الْوَاضِحِ أَوْ يُضْجِعُهَا بِجَنْبِ يُسْرَاهُ ، وَلَا يَفْتَرِشُ فِي كُلِّ جُلُوسٍ ( هـ ) وَلَا يَتَوَرَّكُ فِي الْكُلِّ ( م ) وَلَوْ تَعَقَّبَهُ السَّلَامُ ( ش ) وَيَفْتَحُ أَصَابِعَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ ، وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ، مَضْمُومَةَ الْأَصَابِعِ ، وَيَذْكُرُ ( هـ ) فَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِي ( م ) ثَلَاثًا .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى مَرَّتَيْنِ ، وَفِي الْوَاضِحِ كَالتَّسْبِيحِ ، وَلَا يُكْرَهُ .
وَفِي الْأَصَحِّ مَا وَرَدَ ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ فِي نَفْلٍ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَفَرْضٍ ( و ش ) ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى .
ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا ( و ) قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ ، مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ( و هـ ) نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، لَا عَلَى يَدَيْهِ ( م ش ) وَإِنْ شَقَّ اعْتَمَدَ بِالْأَرْضِ .
وَفِي ( الْغُنْيَةِ ) يُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ ، وَأَنَّهُ قِيلَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ ، وَكَذَا فِي رِسَالَةِ أَحْمَدَ يُكْرَهُ ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ : تَقْدِيمُ إحْدَاهُمَا إذَا نَهَضَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ .
وَعَنْهُ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ ( و ش ) كَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ( و ش ) وَعَنْهُ عَلَى قَدَمَيْهِ ، وَعَنْهُ وَأَلْيَتَيْهِ ، ثُمَّ يَنْهَضُ كَمَا سَبَقَ ، وَقِيلَ مُكَبِّرًا ( خ ) وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ جِلْسَتَهُ عَلَى قَدَمَيْهِ ، ثُمَّ اعْتَمَدَ بِالْأَرْضِ ، وَقَامَ ، وَقِيلَ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ مَنْ كَانَ ضَعِيفًا ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَأَجَابَ عَنْ خَبَرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي التَّوَرُّكِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَقَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ بَدُنَ ، وَضَعُفَ ، وَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى ، إلَّا فِي تَجْدِيدِ النِّيَّةِ ، وَالتَّحْرِيمَةِ وَالِاسْتِفْتَاحِ ، ( و ) وَلَا يَتَعَوَّذُ مِنْ تَعَوَّذَ فِي الْأُولَى ( و هـ ) وَعَنْهُ بَلَى ( و ش ) ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا ، وَيَجْعَلُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ، لِأَنَّهُ أَشْهَرُ فِي الْأَخْبَارِ ، وَلَا يُلْقِمُهُمَا رُكْبَتَيْهِ ( هـ ) وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ كَمَذْهَبِنَا .
وَفِي الْكَافِي ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ : التَّخْيِيرَ ، كَذَا فِي الْأَخْبَارِ يَدَيْهِ ، وَفِيهَا كَفَّيْهِ .
وَفِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ ذِرَاعَيْهِ .
وَفِي حَدِيثِ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيِّ وَضَعَ ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى رَافِعًا أُصْبُعَهَا السَّبَّابَةَ قَدْ حَنَاهَا وَهُوَ يَدْعُو ، وَرَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَلَمْ يَقُولَا وَهُوَ يَدْعُو ، وَيَبْسُطُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ مَضْمُومَةً ، لِلْإِخْبَارِ ، مُسْتَقْبِلًا بِهَا الْقِبْلَةَ لَا مُفَرَّجَةً ( خ ) وَمَذْهَبُ ( هـ ) مَا سِوَى حَالَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَادَةُ ، وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ ، وَيَحْلِقُ الْإِبْهَامَ مَعَ الْوُسْطَى ، وَعَنْهُ يَقْبِضُ الثَّلَاثَ وَيَعْقِدُ إبْهَامَهُ كَخَمْسِينَ ( و م ق ) وَعَنْهُ هِيَ كَيُسْرَاهُ ( و هـ ) .
وَيَتَشَهَّدُ سِرًّا ( و ) بِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ { التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ } قِيلَ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ ، وَقِيلَ مَتَى أَخَلَّ بِلَفْظَةٍ سَاقِطَةٍ فِي غَيْرِهِ أَجْزَأَ ( م 18 ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ، أَنَّهُ إذَا قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ : يَنْوِي النِّسَاءَ فِي زَمَنِنَا وَمَنْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ ، خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ } وَالْأَوْلَى تَخْفِيفُهُ ، وَكَذَا عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ ( و م هـ ) وَنَصُّهُ فِيهَا أَنَّهُ إذَا زَادَ أَسَاءَ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ وَكَرِهَ الْقَاضِي التَّسْمِيَةَ أَوَّلَهُ ، وَاخْتَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( و ش ) وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ، وَزَادَ وَعَلَى آلِهِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا بَأْسَ بِزِيَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَقِيلَ : قَوْلُهَا أَوْلَى .
وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ تَشَهُّدُ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَتَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ سَوَاءٌ وَلَيْسَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَفْضَلَ ( ش ) وَتَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ { التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ } إلَى آخِرِهِ ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ " وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " وَلَا تَشَهُّدِ عُمَرَ ( م ) وَهُوَ { التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ الطَّيِّبَاتُ .
الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ ، سَلَامٌ عَلَيْك } إلَى آخِرِهِ وَيُكَرِّرُهُ مَسْبُوقٌ ، فَإِنْ سَلَّمَ إمَامَهُ قَامَ وَلَمْ يُتِمَّهُ .
مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَيَتَشَهَّدُ سِرًّا كَخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَذَكَرَ تَشَهُّدَهُ ، ثُمَّ قَالَ قِيلَ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ ، وَقِيلَ مَتَى أَخَلَّ بِلَفْظَةٍ سَاقِطَةٍ فِي غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ انْتَهَى .
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُجْزِئَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مِنْ { التَّحِيَّاتِ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ } جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخَانِ انْتَهَى ، قُلْت اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَالصَّلَوَاتُ زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَبَرَكَاتُهُ وَرَأَيْتهَا فِي الْمُغْنِي فِي نُسْخَةٍ جَيِّدَةٍ ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَالطَّيِّبَاتُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ السَّلَامَ مُعَرَّفًا ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ فِي السَّلَامِ الْأَوَّلِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : لَوْ أَسْقَطَ " أَشْهَدُ " الثَّانِيَةَ فَفِي الْإِجْزَاءِ وَجْهَانِ ، وَالْمَنْصُوصُ الْإِجْزَاءُ .
وَقَالَ أَيْضًا : لَوْ تَرَكَ مِنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا لَا يَسْقُطُ الْمَعْنَى بِتَرْكِهِ صَحَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ .
وَقَالَ أَيْضًا : وَمَا سَقَطَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ لَفْظٍ أَجْزَأَ غَيْرُهُ ، وَقِيلَ إنْ تَرَكَ حَرْفًا مِنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ عَمْدًا حَتَّى سَلَّمَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ ، وَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا وَأَتَى بِهِ صَحَّتْ انْتَهَى .
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي التَّمَامِ : إذَا خَالَفَ التَّرْتِيبَ فِي أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُجْزِيه ، عَلَى وَجْهَيْنِ انْتَهَى ، وَقِيلَ الْوَاجِبُ جَمِيعُ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى ذِكْرِهِ كَامِلًا ، وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ وَاجِبٌ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ : رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ : لَوْ تَرَكَ وَاوًا أَوْ حَرْفًا أَعَادَ الصَّلَاةَ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ ، انْتَهَى .
وَقَالَ الشَّارِحُ لَمَّا نَقَلَ كَلَامَ الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ إنْ أَسْقَطَ لَفْظَةً سَاقِطَةً فِي بَعْضِ التَّشَهُّدَاتِ الْمَرْوِيَّةِ صَحَّ : فِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجْزِئَ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ كَقَوْلِنَا فِي الْقُرْآنِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْقِطَ مَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى ، قُلْت وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ : قِيلَ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ ، لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا ، إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِتَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَوْ أَبِي مُوسَى أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ التَّشَهُّدَاتِ الْمَرْوِيَّةِ كَامِلًا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا ، بَلْ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَأَنَّهُ إذَا أَتَى بِتَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ كُلِّهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، لَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فَهُوَ مَا إذَا أَتَى بِالْأَلْفَاظِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فَيُجْزِئُ وَإِنْ كَانَ السَّاقِطُ ثَابِتًا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ النَّظَرِ فِيهِ قُوَّةٌ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَيُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ فِي تَشَهُّدِهِ ( هـ ) مِرَارًا لِتَكْرَارِ التَّوْحِيدِ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ ( و م ش ) وَعَنْهُ كُلُّ تَشَهُّدِهِ ، وَلَا يُحَرِّكُهَا فِي الْأَصَحِّ ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ لَا يُحَرِّكُهَا ، وَقِيلَ هَلْ يُشِيرُ بِهَا عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَطْ أَمْ كُلَّ تَشَهُّدِهِ ؟ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا ، وَلَمْ يَقُولُوا مِرَارًا ، وَظَاهِرُهُ مَرَّةً وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَالْأَخْبَارِ ، وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ ، وَالْمُرَادُ سَبَّابَةُ الْيُمْنَى ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَظَاهِرُهُ لَا بِغَيْرِهَا وَلَوْ عُدِمَتْ ( و ش ) وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ، لِأَنَّ عِلَّتَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى التَّوْحِيدِ ، وَيُشِيرُ بِهَا إذَا دَعَا فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ الْآجُرِّيُّ : لَا بِغَيْرِ سَبَّابَتِهِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَدْعُو بِأُصْبُعَيْنِ فَقَالَ أَحِّدْ يَا سَعْدُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ ، وَحَسَّنَهُ ، مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ .
وَفِي الْغُنْيَةِ يُدِيمُ نَظَرَهُ إلَيْهَا كُلَّ تَشَهُّدِهِ ، لِخَبَرٍ لَا يَصِحُّ ، لَكِنْ فِيهِ خَبَرُ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، وَعَزَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إلَى مُسْلِمٍ ، كَذَا قَالَ .
ثُمَّ يَنْهَضُ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ مُكَبِّرًا ( و ) لَا بَعْدَ قِيَامِهِ ( م ) وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ ( و ) وَعَنْهُ بَلَى .
اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدُهُ ، وَشَيْخُنَا ، وَهِيَ أَظْهَرُ ، فَيُصَلِّي الْبَاقِي كَذَلِكَ ، لَكِنَّهُ يُسِرُّ ( و ) وَلَا يَزِيدُ عَلَى الْفَاتِحَةِ ( و ) وَعَنْهُ بَلَى ، وَعَنْهُ يَجُوزُ ، وَالْفَرْضُ وَالنَّفَلُ سَوَاءٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كُلُّ شَفْعِ صَلَاةٍ عَلَى حِدَةٍ ، وَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ كَتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فَيَسْتَفْتِحُ ، وَيَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ فَصَاعِدًا ، وَلَا يُؤَثِّرُ فَسَادُ الشَّفْعِ الثَّانِي فِي الْأَوَّلِ ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى ، وَالْقِيَاسُ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ الْأُولَى ، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ ، وَقَالَ ( هـ ) وَأَبُو يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ ، لِأَنَّهَا فَرْضٌ لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ ، فَإِذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ لَمْ يَكُنْ أَوَانُ الْخُرُوجِ ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ هَذَا عَنْ إمَامِنَا وَالشَّافِعِيِّ ، وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَرَأَ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ وَقَعَدَ ثُمَّ أَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ بَعْدَ قِيَامِهِ إلَى الثَّالِثَةِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ ، عَلَى وَجْهٍ لَهُمْ لِأَنَّهَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَالظُّهْرِ ، وَلِهَذَا لَا يُصَلِّي فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى ، وَلَا يَسْتَفْتِحُ فِي الثَّالِثَةِ ، وَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ وَالْخِيَارُ بِالِانْتِقَالِ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي ، وَلَا يَصِيرُ خَالِيًا بِالزَّوْجَةِ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِبُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ عِنْدَهُمَا ، فَلَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ، وَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي إحْدَاهُمَا ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِي تَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَيَأْتِي ( إذَا أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ هَلْ
يَجْلِسُ عَقِيبَ الثَّانِيَةِ ) .
فَصْلٌ ثُمَّ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا ، يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى ، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى ، وَيُخْرِجُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ ، وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ " وَلَا يَجِبُ هَذَا ، بَلْ تُجْزِئُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَصَحِّ ( و ش ) وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ : وَعَنْهُ وَآلِ إبْرَاهِيمَ ، وَكَذَا بَارَكْت .
وَفِي جَوَازِ إبْدَالِ آلٍ بِأَهْلِ وَجْهَانِ ( م 19 ) وَآلُهُ قِيلَ أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ ، وَقِيلَ أَزْوَاجُهُ وَعَشِيرَتُهُ ، وَقِيلَ بَنُو هَاشِمٍ ( م 20 ) وَقَالَ شَيْخُنَا : أَهْلُ بَيْتِهِ ، وَإِنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ ، وَاخْتِيَارُ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ ، وَغَيْرِهِ فَمِنْهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَفِي بَنِي الْمُطَّلِبِ رِوَايَتَا زَكَاةٍ ، قَالَ : وَأَفْضَلُ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلِيٌّ ، وَفَاطِمَةُ ، وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ ، الَّذِينَ أَدَارَ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِسَاءَ ، وَخَصَّصَهُمْ بِالدُّعَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ حَمْزَةَ أَفْضَلُ مِنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ .
وَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِهِ ، مُنْفَرِدًا نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَرِهَهَا جَمَاعَةٌ ( و م ش ) وَحَرَّمَهَا أَبُو الْمَعَالِي وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا مَعَ الشِّعَارِ .
ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } وَالتَّعَوُّذُ نَدْبٌ ( و ) وَعَنْهُ وَاجِبٌ .
( مَسْأَلَةٌ 19 ) : قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ إبْدَالِ آلِ بِأَهْلِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَابْنُ أَبِي الْفَتْحِ فِي مُطْلِعِهِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ ، أَحَدُهُمَا يَجُوزُ ، وَيَجْزِيه اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَالَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ ، وَلِذَلِكَ لَوْ صَغَّرَ قِيلَ أُهَيْلٌ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِيهِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِيه ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَأَبُو حَفْصٍ ، لِأَنَّ الْأَهْلَ الْقَرَابَةُ وَالْآلَ الْأَتْبَاعُ فِي الدِّينِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، فَإِنَّهُمَا قَالَا آلُهُ أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ ، وَقِيلَ آلُهُ الْهَاءُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْهَمْزَةِ ، فَلَوْ قَالَ وَعَلَى أَهْلِ مُحَمَّدٍ مَكَانَ آلِ مُحَمَّدٍ أَجْزَأَهُ عِنْدَ الْقَاضِي ، وَقَالَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ ، وَلِذَلِكَ لَوْ صَغَّرَهَا قَالَ أُهَيْلٌ ، قَالَ : وَمَعْنَاهُمَا جَمِيعًا أَهْلُ دِينِهِ .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو حَفْصٍ لَا يُجْزِئُ كَمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ لَفْظِ الْأَثَرِ ، وَتَغْيِيرِ الْمَعْنَى ، فَإِنَّ الْأَهْلَ الْقَرَابَةُ وَالْآلَ الْأَتْبَاعُ فِي الدِّينِ ، انْتَهَى ، قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ جَوَازِ إبْدَالِ آلِ بِأَهْلِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ : وَآلُهُ قِيلَ أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ ، وَقِيلَ أَزْوَاجُهُ وَعَشِيرَتُهُ ، وَقِيلَ بَنُو هَاشِمٍ ، انْتَهَى ، أَحَدُهَا أَنَّ آلَهُ أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ ، قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ ، وَالْمَجْدُ وَابْنُ مُنَجَّى وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شُرُوحِهِمْ ، وَابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَصَاحِبُ الْمُطْلِعِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُمْ أَزْوَاجُهُ وَعَشِيرَتُهُ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ ،
قَيَّدَهُ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِمْ ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ الْمُؤْمِنُونَ ، وَقِيلَ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُطْلِعِ ، وَقِيلَ هُمْ أَهْلُهُ وَقَالَ فِي الْفَائِقِ آلُهُ أَهْلُ بَيْتِهِ فِي الْمَذْهَبِ ، اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ ، وَهَلْ أَزْوَاجُهُ مِنْ آلِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، انْتَهَى ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ .
وَعَنْهُ يُعِيدُ تَارِكُ الدُّعَاءِ عَمْدًا ، وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ مِمَّا وَرَدَ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ أَوْ يَخَفْ سَهْوًا ، وَكَذَا فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ ، وَالْمُرَادُ وَغَيْرُهُمَا ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَنْهُ فِي فَرْضٍ ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِهِ ، وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ مَا وَرَدَ ( و هـ ) فَسَّرَهُ أَصْحَابُهُ بِمَا لَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ ، نَحْوُ أَعْطِنِي كَذَا وَزَوِّجْنِي امْرَأَةً ، وَارْزُقْنِي فُلَانَةَ ، فَيَبْطُلُ عِنْدَهُمْ بِهِ ، وَعَنْهُ حَوَائِجُ دُنْيَاهُ ، وَعَنْهُ وَمَلَاذُّ الدُّنْيَا ، ( و م ش ) وَعَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا ، وَيَجُوزُ لِمُعَيَّنٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( و م ش ) وَقِيلَ فِي نَفْلٍ وَعَنْهُ يُكْرَهُ ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ كَافِ الْخِطَابِ ، كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ ( م ) لِخَبَرِ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ { فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِإِبْلِيسِ أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ } قَبْلَ التَّحْرِيمِ ، أَوْ مُؤَوَّلٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا تَبْطُلُ بِقَوْلِ : لَعَنَهُ اللَّهُ عِنْدَ اسْمِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ر ) .
وَلَا صَلَاةُ مَنْ عَوَّذَ نَفْسَهُ بِقُرْآنٍ لِحُمَّى ، وَنَحْوِهَا ، وَلَا مَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَقَالَ : بِسْمِ اللَّهِ ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ صِحَابِهِ ، وَلَا بِالْحَوْقَلَةِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا ، وَوَافَقَ أَكْثَرُهُمْ عَلَى قَوْلِ بِسْمِ اللَّهِ لِوَجَعِ مَرِيضٍ عِنْدَ قِيَامٍ وَانْحِطَاطٍ
ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ جَهْرًا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَكَذَا عَنْ يَسَارِهِ سِرًّا ، وَقِيلَ فِيهِمَا الْعَكْسُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَجْهَرُ ، وَالْأُولَى أَكْثَرُ ، وَقِيلَ يُسِرُّهُمَا كَمَأْمُومٍ ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمُنْفَرِدٍ ، لَا تَسْلِيمَةٌ يَتَيَامَن فِيهَا قَلِيلًا ( م ) وَلَا الْمَأْمُومُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَسَارِهِ ( م ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِالسَّلَامِ عَلَيْكُمْ ، وَحَذْفُ السَّلَامِ سُنَّةٌ ، [ يَعْنِي السُّرْعَةُ فِيهِ ] ، فَعَنْهُ الْجَهْرُ بِالْأُولَى ، وَعَنْهُ أَلَّا يُطَوِّلَهُ ، وَيَمُدَّهُ فِي الصَّلَاةِ [ يَعْنِي فِي أَثْنَائِهَا ] ، وَعَلَى النَّاسِ ( م 21 ) وَيُتَوَجَّهُ إرَادَتُهُمَا ، وَيَجْزِمُهُ ، وَلَا يُعْرِبْهُ ، وَيُسْتَحَبُّ الْتِفَاتُهُ عَنْ يَسَارِهِ أَكْثَرَ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَرَحْمَةُ اللَّهِ رُكْنٌ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْهُ سُنَّةٌ ( م 22 ) ( و ) وَنَصُّهُ فِي الْجِنَازَةِ .
وَفِي التَّلْخِيصِ فِي وُجُوبِهَا رِوَايَتَانِ ، وَعَدَّهَا الْآمِدِيُّ مِنْ الْوَاجِبَاتِ ، وَإِنْ نَكَّسَهُ ، أَوْ السَّلَامُ فِي التَّشَهُّدِ لَمْ يُجِزْهُ فِي الْأَصَحِّ ( و م ) وَكَذَا إنْ نَكَّرَهُ ، ( م ) وَقِيلَ تَنْكِيرُهُ أَوْلَى ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَزِيدَ وَبَرَكَاتُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 21 ) قَوْلُهُ : وَحَذْفُ السَّلَامِ سُنَّةٌ فَعَنْهُ الْجَهْرُ بِالْأُولَى وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُهُ وَيَمُدُّهُ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى النَّاسِ ، انْتَهَى ، هَذَا الْخِلَافُ فِي مَعْنَى حَذْفِ السَّلَامِ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ أَيْضًا إحْدَاهُمَا حَذْفُ السَّلَامِ هُوَ أَلَا يُطَوِّلَهُ ، وَيَمُدَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى النَّاسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ حَذْفُ السَّلَامِ هُوَ الْجَهْرُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى ، وَإِخْفَاءُ الثَّانِيَةِ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ أَخْفَى ، وَهُوَ حَذْفُ السَّلَامِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ ، انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ رُكْنٌ فِي رِوَايَةٍ ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا فِي رُكْنٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْمَذْهَبِ ، قَالَ النَّاظِمُ : وَهُوَ الْأَقْوَى ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ هَذَا الْمَذْهَبَ ، انْتَهَى ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَابْنُ الْبَنَّاءِ فِي عُقُودِهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهَا سُنَّةٌ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ .
وَيُسْتَحَبُّ نِيَّتُهُ بِسَلَامِهِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَعَنْهُ رُكْنٌ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ( ش م ر ) وَقِيلَ : إنْ سَهَا عَنْهَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ ، وَإِنْ نَوَاهُ مَعَ الْحَفَظَةِ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَنَصُّهُ يَجُوزُ ، وَقِيلَ تَبْطُلُ ، لِلتَّشْرِيكِ ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ ( و هـ ش ) وَقِيلَ بِالثَّانِيَةِ ( م 23 ) وَنِيَّتُهُ دُونَ نِيَّةِ الْخُرُوجِ قِيلَ تَبْطُلُ ، لِتَمَحُّضِهِ خِطَابَ آدَمِيٍّ ( م 24 ) وَالْأَشْهَرُ يَجُوزُ ، وَعَنْهُ لَا يَتْرُكُ السَّلَامَ عَلَى إمَامِهِ ، وَقِيلَ تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ ، وَقِيلَ يَنْوِي الْخُرُوجَ بِالْأُولَةِ ، وَبِالثَّانِيَةِ الْحَفَظَةُ ، وَمَنْ صَلَّى مَعَهُ ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَإِنْ وَجَبَتْ الثَّانِيَةُ اعْتَبَرَ نِيَّةَ الْخُرُوجِ فِيهَا .
( مَسْأَلَةٌ 23 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ نَوَاهُ مَعَ الْحَفَظَةِ ، وَالْإِمَامِ ، وَالْمَأْمُومِ فَنَصُّهُ يَجُوزُ ، وَقِيلَ تَبْطُلُ لِلتَّشْرِيكِ ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ ، وَقِيلَ بِالثَّانِيَةِ ، انْتَهَى ، الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ الْجَوَازُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ ، وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ ، وَالْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَنَصَرَهُ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ هَذَا الصَّحِيحُ ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ ، أَمَّا إذَا نَوَى الْخُرُوجَ مَعَ الْحَفَظَةِ وَالْمَأْمُومِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ ، قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ هَؤُلَاءِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِ ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ إذَا لَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ .
وَقَالَ الْآمِدِيُّ : إنْ نَوَى الْخُرُوجَ مَعَ السَّلَامِ عَلَى الْحَفَظَةِ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ جَازَ ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِيهِ وَجْهٌ يُسْتَحَبُّ .
وَقَالَ أَيْضًا لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَنْوِي بِالْأُولَى الْخُرُوجَ فَقَطْ ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ ، أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ ، وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إلَى ذَلِكَ نِيَّةَ الْحَفَظَةِ ، وَمَنْ مَعَهُ ، انْتَهَى .
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ : السُّنَّةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَةِ الْخُرُوجَ ، وَبِالثَّانِيَةِ الْحَفَظَةَ وَمَنْ مَعَهُ ، إنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ ، انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 24 ) وَنِيَّتُهُ دُونَ نِيَّةِ الْخُرُوجِ قِيلَ تَبْطُلُ ، لِتَمَحُّضِهِ خِطَابَ آدَمِيٍّ ، وَالْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ ، كَمَنْصُوصِ أَحْمَدَ فِي الَّتِي قَبْلِهَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ،
وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقِيلَ تَبْطُلُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : وَكَانَ ابْنُ حَامِدٍ يَقُولُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ هُنَا ، وَجْهًا وَاحِدًا ، لِأَنَّهُ تَمَحُّضُ خِطَابِ آدَمِيٍّ ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْخُرُوجَ مَعَ الْحَفَظَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ خِطَابَ آدَمِيٍّ ، وَرَدَّهُ الْمَجْدُ .
وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ رَكْعَتَيْنِ جَلَسَ مُفْتَرِشًا بَعْدَهُمَا وَأَتَى بِمَا سَبَقَ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِيمَا سَبَقَ ، لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسهَا ، وَتَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً ، أَوْ تَسْدُلُ رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا ، وَنَصُّهُ سَدْلُهَا أَفْضَلُ ، وَلَا تَجْلِسُ كَالرَّجُلِ " م ش " وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ يَدَيْهَا " و م ش " وَعَنْهُ قَلِيلًا وَعَنْهُ يَجُوزُ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ .
.
فَصْلٌ وَيَنْحَرِفُ الْإِمَامُ إلَى الْمَأْمُومِ جِهَةَ قَصْدِهِ ، وَإِلَّا فَعَنْ يَمِينِهِ ، فَإِنْ مَكَثَ كَثِيرًا وَعَنْهُ قَلِيلًا وَلَيْسَ ثَمَّ نِسَاءٌ وَلَا حَاجَةَ كُرِهَ ، فَيَنْصَرِفُ الْمَأْمُومُ إذَنْ ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ أَلَا يَنْصَرِفَ قَبْلَهُ ، وَيَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا ، وَيَذْكُرُ بَعْدَهُمَا كَمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } وَعَنْ ثَوْبَانَ : { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَلَّمَ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا ، وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ { أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّيْنَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ قَالَ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ } رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ .
{ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ ، كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
وَفِي رِوَايَةٍ { مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ } .
وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ { سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ ،
اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ ، ثُمَّ وَفَدْت عَلَى مُعَاوِيَةَ فَوَجَدْته يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ } مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ ، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً ، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً ، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { تُسَبِّحُونَ ، وَتَحْمَدُونَ ، وَتُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ } وَلِلْبُخَارِيِّ فِي رِوَايَةٍ { تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا ، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا } .
وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا " إحْدَى عَشْرَةَ إحْدَى عَشْرَةَ " وَلَهُ أَيْضًا { مَنْ سَبَّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ ، ثُمَّ قَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ } .
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ { تُسَبِّحُ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَتُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَتَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ } .
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : { جَاءَ الْفُقَرَاءُ ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْأَغْنِيَاءَ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي ، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَلَهُمْ أَمْوَالٌ يُعْتِقُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ، ؟ ؟ قَالَ : فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونَ مَنْ سَبَقَكُمْ ، وَلَا يَسْبِقُكُمْ
مَنْ بَعْدَكُمْ } وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ { وَأَدْبَارَ السُّجُودِ } قَالَ أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ { أُمِرْنَا أَنْ نُسَبِّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَنَحْمَدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ ، فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ : أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَبِّحُوا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ كَذَا وَكَذَا ؟ ؟ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ : نَعَمْ ، قَالَ فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ ، وَاجْعَلُوا فِيهَا لِلتَّهْلِيلِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَافْعَلُوا } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ ، وَعِنْدَهُ أُمِرُوا بَدَلَ أُمِرْنَا وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { خَلَّتَانِ وَفِي رِوَايَةٍ خَصْلَتَانِ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِمَا أَدْخَلَتَاهُ الْجَنَّةَ وَهُمَا يَسِيرٌ ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ قَالُوا وَمَا هُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : أَنْ تَحْمَدَ اللَّهَ وَتُكَبِّرَهُ وَتُسَبِّحَهُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ عَشْرًا عَشْرًا ، وَإِذَا أَوَيْت إلَى مَضْجَعِك تُسَبِّحُ اللَّهَ وَتُكَبِّرُهُ وَتَحْمَدُهُ مِائَةً ، فَتِلْكَ خَمْسُونَ وَمِائَتَانِ بِاللِّسَانِ ، وَأَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ سَيِّئَةٍ ؟ ؟ قَالُوا : كَيْفَ مَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ ؟ قَالَ : يَجِيءُ أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ فَيُذَكِّرَهُ حَاجَةَ كَذَا وَكَذَا ، فَلَا يَقُولُهَا ، وَيَأْتِيه عِنْدَ مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ فَلَا يَقُولُهَا قَالَ فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُهُنَّ بِيَدِهِ } ، وَذَكَرَ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يُسَبِّحُ ثَلَاثًا
وَثَلَاثِينَ ، وَيَحْمَدُ كَذَلِكَ ، وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ قَالَ وَيَقُولُ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ كَذَا قَالُوا ، وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلَى وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا { مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانِي رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ ، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ ، وَكَانَ يَوْمُهُ ذَلِكَ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ ، وَحُرِسَ مِنْ الشَّيْطَانِ ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا الشِّرْكُ بِاَللَّهِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ : يُسْتَحَبُّ هَذَا فِي الْفَجْرِ فَقَطْ ، بِنَاءً عَلَى مَا رَوَاهُ مِنْ الْخَبَرِ ( وَشَهْرٌ ) مُتَكَلَّمٌ فِيهِ جِدًّا وَاخْتُلِفَ عَنْهُ ، فَرُوِيَ كَمَا سَبَقَ ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ كَذَلِكَ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ مَرْفُوعًا ، وَقَالَ فِيهِ { صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ } وَلِهَذَا مُنَاسَبَةٌ وَيَكُونُ الشَّارِعُ شَرَعَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ ، وَأَوَّلَ اللَّيْلِ ، لِتُحْرَسَ بِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فِيهِمَا ، وَلَهُ شَاهِدٌ يَأْتِي وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَيْ بِالْكَلَامِ الَّذِي كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ ، أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي التَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ : وَيَقْرَأُ آيَةَ
الْكُرْسِيِّ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ وَلَوْ جَهْرًا ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِعَدَمِ نَقْلِهِ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا سِرًّا ، لِخَبَرِ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ { مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ دُبُرَ كُلَّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إلَّا الْمَوْتُ } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَكَذَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَارَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَيَقْرَأُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : { أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ } لَهُ طُرُقٌ ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَصَحِيحٌ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ غَرِيبٌ ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَفِي هَذَا سِرٌّ عَظِيمٌ فِي دَفْعِ الشَّرِّ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى الصَّلَاةِ وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْهُ مَرْفُوعًا { مَا سَأَلَ سَائِلٌ بِمِثْلِهِمَا وَلَا اسْتَعَاذَ مُسْتَعِيذٌ بِمِثْلِهِمَا } حَدِيثٌ حَسَنٌ وَعَنْهُ مَرْفُوعًا { يَا عُقْبَةُ تَعَوَّذْ بِهِمَا ، فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا } حَدِيثٌ حَسَنٌ مُخْتَصَرٌ لِأَبِي دَاوُد ، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ .
، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ ، فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا } رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيِّ عَنْ أَبِيهِ ، وَقِيلَ الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِيهِ ، { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَرَّ إلَيْهِ فَقَالَ : إذَا انْصَرَفْت مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ : اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ سَبْعَ
مَرَّاتٍ } وَفِي رِوَايَةٍ { قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا ، فَإِنَّك إذَا قُلْت ذَلِكَ ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِك كُتِبَ لَك جِوَارٌ مِنْهَا ، وَإِذَا صَلَّيْت الصُّبْحَ فَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنَّك إذَا مِتَّ مِنْ يَوْمِك كُتِبَ لَك جِوَارٌ مِنْهَا قَالَ الْحَارِثُ أَسَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَخُصُّ بِهَا إخْوَانَنَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ تَفَرَّدَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ ، فَلِهَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَا يُعْرَفُ ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ .
وَفِي لَفْظٍ { قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ } وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ شَبِيبٍ مَرْفُوعًا : { مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ عَلَى إثْرِ الْمَغْرِبِ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَسْلَحَةً يَحْفَظُونَهُ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَتَبَ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ مُوجِبَاتٍ ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ مُوبِقَاتٍ ، وَكَانَتْ لَهُ بِعَدْلِ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤْمِنَاتٍ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، وَرَوَاهُ أَيْضًا فَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ شَبِيبٍ إنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ، وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ ، وَقِيلَ ابْنُ شَبِيبٍ لَا صُحْبَةَ لَهُ ، وَتَفَرَّدَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَبَلِيُّ ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدُونِ خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ ، وَيُتَوَجَّهُ لَهُ ، حَيْثُ ذَكَرَ الْعَدَدَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّمَا قَصَدَ أَنْ لَا يَنْقُصَ مِنْهُ ، أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا تَضُرُّ ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ غَيْرِ قَصْدٍ ، لِأَنَّ الذِّكْرَ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ ، فَهُوَ يُشْبِهُ الْمُقَدَّرَ فِي الزَّكَاةِ إذْ زَادَا عَلَيْهِ .
وَيَفْرُغُ مِنْ عَدَدِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ مَعًا ، لِقَوْلِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ رَاوِي الْخَبَرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ إفْرَادِ كُلِّ جُمْلَةٍ ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي الْإِفْرَادَ لِمَا سَبَقَ ، وَيَعْقِدُهُ
وَالِاسْتِغْفَارُ بِيَدِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَهَلْ يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِذَلِكَ كَقَوْلِ بَعْضِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا أَمْ لَا ، كَمَا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ وَغَيْرِهِمْ .
ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا مُخْتَلِفٌ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ يَجْهَرُ لِقَصْدِ التَّعْلِيمِ فَقَطْ ( م 25 ) ثُمَّ يَتْرُكُهُ ( و ش ) وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى هَذَا ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يَسْتَحِبُّ بَعْدَهَا ذِكْرًا ، وَلَا دُعَاءً ، وَيَدْعُو الْإِمَامُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لِحُضُورِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمَا فَيُؤَمِّنُونَ عَلَى الدُّعَاءِ وَالْأَصَحُّ وَغَيْرُهُمَا ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ ، وَلَمْ يَسْتَحِبَّهُ شَيْخُنَا بَعْدَ الْكُلِّ ، لِغَيْرِ أَمْرٍ عَارِضٍ كَاسْتِسْقَاءٍ ، وَاسْتِنْصَارٍ ، قَالَ : وَلَا الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ : وَيَسْتَقْبِلُ الْمَأْمُومَ ، وَفِي كَرَاهَةِ جَهْرِهِ بِهِ رِوَايَتَانِ ، وَقِيلَ : إنْ قَصَدَ التَّعْلِيمَ وَإِلَّا خَفَضَ ، كَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ ( م 26 ) وَلَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ لَهُ ، خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ .
مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِذَلِكَ يَعْنِي بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ ، كَقَوْلِ بَعْضِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ " قَالَهُ شَيْخُنَا أَمْ لَا " كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ وَغَيْرِهِمْ ، ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا مُخْتَلِفٌ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ ، وَاحْتِمَالٌ يَجْهَرُ لِقَصْدِ التَّعْلِيمِ فَقَطْ ، انْتَهَى ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَ لِلْأَصْحَابِ فِيهَا كَلَامٌ ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، قُلْت الصَّوَابُ الْإِخْفَاتُ فِي ذَلِكَ ، وَكَذَا كُلُّ ذِكْرٍ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كُنْت أَعْلَمُ إذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إذَا سَمِعْته .
( مَسْأَلَةٌ 26 ) وَيَدْعُو الْإِمَامُ ، بَعْدَ الذِّكْرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ ، وَفِي كَرَاهَةِ جَهْرِهِ بِهِ رِوَايَتَانِ ، وَقِيلَ : إنْ قَصَدَ التَّعْلِيمَ ، وَإِلَّا خَفَضَ ، كَمَأْمُومِ وَمُنْفَرِدٌ ، انْتَهَى ، إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، فَقَالَ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْمَأْمُومُ ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَجْهَرُ بِهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْلِيمَ الْمَأْمُومِ ، وَفِيهِ آخَرُ يُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهِ مُطْلَقًا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَيَدْعُو كُلُّ مُصَلٍّ عَقِيبِ كُلِّ صَلَاةٍ سِرًّا ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ : وَيَدْعُو وَيَسْمَعُهُ الْمَأْمُومُ ، وَقِيلَ إنْ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ وَإِلَّا خَفَضَ صَوْتَهُ كَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ الْجَهْرِيَّةُ مُطْلَقًا .
وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا ، كَمَا سَبَقَ دُونَ الْإِلْحَاحِ فِيهِ ، انْتَهَى ، قُلْت وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ .
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ آخِرَ الْجُمُعَةِ الْإِسْرَارُ بِالدُّعَاءِ عَقِيبَ
الصَّلَاةِ أَفْضَلُ ، انْتَهَى .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْفِيَ الدُّعَاءَ عَقِيبَ الصَّلَاةِ لِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ ، وَذَكَرَهُ ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : { اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } وقَوْله تَعَالَى : { وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً } وَإِنْ جَهَرَ بِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ أَحْيَانًا لَيَعْلَمُهُ مَنْ يَسْمَعُهُ ، أَوْ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ سِوَى ذَلِكَ فَحَسَنٌ ، انْتَهَى .
وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ .
وَفِي الْغُنْيَةِ خَانَهُمْ ، لِخَبَرِ ثَوْبَانَ : { ثَلَاثَةٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ : لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ ، وَلَا يَنْظُرُ فِي قَعْرِ بَيْتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ دَخَلَ .
وَلَا يُصَلِّي وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَحَسَّنَهُ ، مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ الْحِمْصِيِّ .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فَضْلَ الدُّعَاءِ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ عَنْ حَبِيبٍ وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفِيهِ { وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إلَّا بِإِذْنِهِمْ } وَالْمُرَادُ وَقْتَ الدُّعَاءِ عَقِيبَ الصَّلَاةِ بِهِمْ ، ذَكَرَهُ فِي الْغُنْيَةِ ، قَالَ شَيْخُنَا : الْمُرَادُ الدُّعَاءُ الَّذِي يُؤَمَّنُ عَلَيْهِ ، كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ إذَا أَمَّنَ كَانَ دَاعِيًا قَالَ تَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَدْعُو وَالْآخَرُ يُؤَمِّنُ ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا أَمَّنَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَدْعُو لَهُمَا ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ خَانَ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ .
وَمِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ بَسْطُ يَدَيْهِ ، وَرَفْعُهُمَا إلَى صَدْرِهِ ، وَمُرَادُهُمْ وَكَشْفُهُمَا أَوْلَى ، وَمِثْلُهُ رَفْعُهُمَا فِي التَّكْبِيرِ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ بَشَّارٍ مَرْفُوعًا : { إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا } وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِمَسْحِ الْوَجْهِ ، وَفِيهِ الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْك حَذْوَ مَنْكِبَيْك أَوْ نَحْوِهِمَا وَالِاسْتِغْفَارُ أَنْ نُشِيرَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ ، وَالِابْتِهَالُ أَنْ تَمُدَّ يَدَيْك جَمِيعًا ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، وَجَعَلَ ظُهُورَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَلِأَحْمَدَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ : { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إذَا دَعَا جَعَلَ ظَاهِرَ كَفَّيْهِ مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ ، وَبَاطِنَهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ } حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَمُرَادُهُ أَحْيَانًا ، لِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد ، وَعَنْهُ { رَأَيْته عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدْعُو هَكَذَا بِبَاطِنِ كَفَّيْهِ وَظَاهِرُهُمَا } وَفِي الِاسْتِسْقَاءِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا ، أَوْ مُرَادُهُ دُعَاءُ الرَّهْبَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّ دُعَاءَ الرَّهْبَةِ بِظَهْرِ الْكَفِّ ، كَدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ ، مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ فِيهِ وَجْهًا ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الرَّفْعَ فِيهِ ، فَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَقَالَ صَارَ كَفُّهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ لِشِدَّةِ الرَّفْعِ لَا قَصْدًا لَهُ وَإِنَّمَا كَانَ بِوَجْهِ بَطْنِهِمَا مَعَ الْقَصْدِ ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَصَدَهُ فَغَيْرُهُ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ ، قَالَ : وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ يَرَى رَفْعَهُمَا فِي الْقُنُوتِ أَنْ يَرْفَعَ ظُهُورَهُمَا ، بَلْ بُطُونَهُمَا وَلِأَحْمَدَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إذَا سَأَلَ اللَّهَ جَعَلَ بَاطِنَ كَفَّيْهِ إلَيْهِ ، وَإِذَا اسْتَعَاذَ جَعَلَ ظَاهِرَهُمَا إلَيْهِ } ،
وَالْبَدْأَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ ، وَخَتْمِهِ بِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ، قَالَ الْآجُرِّيُّ وَوَسَطَهُ لِخَبَرِ جَابِرٍ وَسُؤَالِهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ بِدُعَاءٍ جَامِعٍ مَأْثُورٍ ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَدْعُ مَا سِوَى ذَلِكَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ بِتَأَدُّبٍ وَخُشُوعٍ وَخُضُوعٍ بِعَزْمٍ وَرَغْبَةٍ وَحُضُورِ قَلْبٍ وَرَجَاءٍ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : لَا يُسْتَجَابُ مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَفِيهِمَا { اُدْعُوَا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ } وَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، وَيُلِحُّ ، وَيُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَرَّكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسًا } وَلَا يَسْأَمُ مِنْ تَكْرَارِهَا فِي أَوْقَاتٍ ، وَلَا يَعْجَلُ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ قَالُوا : وَكَيْفَ يَعْجَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ بَلْ يَنْتَظِرُ الْفَرَجَ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَهُوَ عِبَادَةٌ أَيْضًا } .
رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا { سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ، فَإِنَّ اللَّه يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ } قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْمَسْأَلَةِ إلَّا لِيُعْطِيَ ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ { مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إلَّا آتَاهُ اللَّهُ إيَّاهَا ، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا ، مَا لَمْ يَدْعُ بِأَثِمٍ ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : إذًا
نُكْثِرُ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ } .
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ ، وَفِيهِ { إمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا ، أَوْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، أَوْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا } وَيَجْتَنِبُ السَّجْعَ ، أَيْ قَصْدَهُ ، وَسُئِلَ ابْنُ عَقِيلٍ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْقُرْآنِ سَجْعٌ ؟ فَأَجَابَ بِالْجَوَازِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } { ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } { ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ } وَكَمَا فِي الشَّمْسِ ، وَالذَّارِيَاتِ ، وَ " ص " ، قَالَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ : لَوْ سَكَتَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ هَذَا كَانَ أَحْسَنَ ، وَأَجَابَ قَبْلَهُ بِمِثْلِهِ الْغَزَالِيُّ ، وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عَنْ الِاعْتِدَاءِ فَقَالَ : يَدْعُو بِدُعَاءٍ مَعْرُوفٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ يُكْرَهُ الِاعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ ، وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } وَبِالْأَخْبَارِ فِيهِ ، قَالَ : وَيَكُونُ [ الِاعْتِدَاءُ ] فِي نَفْسِ الطَّلَبِ ، وَفِي نَفْسِ الْمَطْلُوبِ وَفِي الْفُصُولِ فِي آخِرِ الْجُمُعَةِ الْإِسْرَارُ بِالدُّعَاءِ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْإِفْرَاطِ فِي الدُّعَاءِ ، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى ارْتِفَاعِ الصَّوْتِ ، وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ ، كَذَا قَالَ ، وَيَبْدَأُ بِنَفْسِهِ ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعَمِّمُ ( م 27 ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى ؛ لَوْ صَبَرَ لَرَأَى الْعَجَبَ } قَالَ : { وَكَانَ إذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ : رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي } وَفِي التِّرْمِذِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ .
وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ { إذَا ذَكَرَ أَحَدًا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ } ، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا { دَعْوَةُ
الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ ، كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ : وَلَك بِمِثْلِ ذَلِكَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَلِأَبِي دَاوُد { قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ آمِينَ ، وَلَك بِمِثْلِ ذَلِكَ } ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { أَسْرَعُ الدُّعَاءِ إجَابَةً دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ } إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَسَبَقَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَفِي السُّنَنِ { أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدْعُو فَقَالَ يَا عَلِيُّ ، عُمَّ ، فَإِنَّ فَضْلَ الْعُمُومِ عَلَى الْخُصُوصِ كَفَضْلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ } وَيُؤَمِّنُ الْمُسْتَمِعُ ، وَتَأْمِينُهُ فِي أَثْنَاءِ دُعَائِهِ وَخَتْمِهِ بِهِ مُتَّجَهٌ ، لِلْأَخْبَارِ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَيْضًا خَتَمَهُ بِهِ وَيُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الْغُنْيَةِ مِنْ الْأَدَبِ ، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَآخَرِينَ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي الْأَجْوِبَةِ الْمِصْرِيَّةِ الْأُصُولِيَّةِ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ( و م ش ) قَالَ : وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا خِلَافًا بَيْنَنَا فِي كَرَاهَتِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا وَمَا عَلِمْت أَحَدًا اسْتَحَبَّهُ ، كَذَا قَالَ ، وَصَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَنَّهُ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ رَفَعَ نَظَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَدَعَا بِالتَّعَوُّذِ الْمَشْهُورِ } وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي رِوَايَةُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ رَفْعُ وَجْهِهِ إلَى السَّمَاءِ ، وَكَذَا الْإِشَارَةُ بِأُصْبُعِهِ فِي التَّشَهُّدِ ، قَالَ وَكَذَا يُسْتَحَبُّ الْإِشَارَةُ إلَى نَحْوِ السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي ، وَاسْقِ مَنْ سَقَانِي } وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَهَمَّهُ الْأَمْرُ رَفَعَ طَرْفَهُ إلَى السَّمَاءِ ، وَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ
الْعَظِيمِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَيَأْتِي فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَى السَّمَاءِ .
وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِيهِ وَفِي الِاعْتِدَاءِ فِي الْجَهْرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ مُنْكَرٌ ، لَا يَجُوزُ ، وَشَرْطُهُ الْإِخْلَاصُ ، قَالَ الْآجُرِّيُّ وَاجْتِنَابُ الْحَرَامِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مِنْ الْأَدَبِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا تَبْعُدُ إجَابَتُهُ ، إلَّا مُضْطَرًّا أَوْ مَظْلُومًا ، قَالَ وَذِكْرُ الْقَلْبِ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ اللِّسَانِ وَحْدَهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ عَكْسُهُ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ يَأْتِي فِي آخِرِ الْجُمُعَةِ ، وَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ سُؤَالُ الْغَيْرِ الدُّعَاءَ .
.
تَنْبِيهٌ : قَوْلُهُ : وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عَنْ الِاعْتِدَاءِ قَالَ يَدْعُو بِدُعَاءٍ مَعْرُوفٍ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَوُجِدَ فِي بَعْضِهَا يَدْعُو بِدُعَاءٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ طِبْقُ السُّؤَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ وَمُرَادُهُ يَدْعُو بِدُعَاءٍ مَعْرُوفٍ لَا غَيْرِ مَعْرُوفٍ .
( مَسْأَلَةٌ 27 ) قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ بِنَفْسِهِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُعَمِّمُ انْتَهَى ، قُلْت الثَّانِي أَوْلَى ، وَلَوْ قِيلَ هُوَ مُخَيَّرٌ كَانَ مُتَّجَهًا .
فَصْلٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ الْوَقْتُ ثُمَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ ثُمَّ طَهَارَةُ الْحَدَثِ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَصْلِهِمْ هِيَ أَهَمُّ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِعُذْرٍ مَا ثُمَّ طَهَارَةُ الْخَبَثِ ثُمَّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ ثُمَّ النِّيَّةُ ، وَسَبَقَ ذَلِكَ وَالشَّرْطُ : مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ ، وَلَا يَكُونُ مِنْهُ ، وَالْمُرَادُ وَلَا عُذْرٌ .
وَمَعَ الْعُذْرِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ وَهَلْ يَقْضِي ؟ وَسَبَقَ ذَلِكَ مُتَفَرِّقًا وَتُسَمَّى صَلَاةً ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ عَدِمَ الطَّهُورَ ، وَاحْتَجَّ بِعَدَمِ بَقِيَّةِ الشَّرَائِطِ ، وَبِأَنَّ اللَّهَ سَمَّاهَا صَلَاةً ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ لَهَا فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي قَوْلًا يُقِيمُهَا تَشْبِيهًا بِالْمُصَلِّي ، كَإِمْسَاكِهِ فِي رَمَضَانَ ، وَسَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَوَّلَ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ ، فَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ حُصُولَ الشَّرْطِ كَمَنْ بَنَى عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ ظَاهِرًا ، وَكَانَ فِي الْبَاطِنِ مُحْدِثًا ، أَوْ مَا تَطَهَّرَ بِهِ نَجِسًا ؛ فَهَلْ يُقَالُ : تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَقْضِيَ إلَى فَوَاتِ الثَّوَابِ كَثِيرًا ، لَا سِيَّمَا فِيمَنْ احْتَاجَ إلَى كَثْرَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَصْلِ ، أَمْ لَا إعَادَةَ فَقَطْ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ الْمَشْرُوطِ عَدَمُهُ لِعَدَمِ شَرْطِهِ ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ ( م 28 ) وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْجَحَ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ : الْجَهَالَةُ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِ الْخَصْمِ عَلَى سَبِيلِ التَّهَزِّي ذَلِكَ مِمَّا لَا يُضَافُ إلَى الْحَاكِمِ بِهِ خَطَأً ، وَلِهَذَا مَنْ جَهِلَ نَجَاسَةَ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ بِنَاءً عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ ، أَوْ أَخْطَأَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مَعَ اجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ ، لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ وَلَا أَجْرُ عَمَلِهِ لِحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمِيزَابِ ، كَذَا قَالَ ، وَحَدِيثُ عُمَرَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ وَلَا الْإِجَابَةُ دَفْعًا
لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ الْمُتَكَرِّرَةِ ، وَأَيْنَ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ وَكَمَالُ أَجْرِهَا مَعَ عَدَمِ شَرْطِهَا ؟ ثُمَّ ابْنُ عَقِيلٍ بَنَاهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ هُنَاكَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الطَّهَارَةِ .
.
مَسْأَلَةٌ 28 ) قَوْلُهُ فَأَمَّا أَنْ اعْتَقَدَ حُصُولَ الشَّرْطِ كَمَنْ بَنَى عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنُ مُحْدِثًا أَوْ مَا تَطَهَّرَ مِنْهُ نَجِسًا فَهَلْ يُقَالُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا أَمْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فَقَطْ ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ انْتَهَى ، قُلْت الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ ، وَالْعِبَادَةُ صَحِيحَةٌ فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ ، وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْجَحَ : مَا قُلْنَاهُ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُثَابُ قَوْلٌ سَاقِطٌ ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ قَالَ ارْجَحْهُمَا الصِّحَّةُ .
وَأَرْكَانُ الصَّلَاةِ مَا كَانَ فِيهَا ، وَلَا يَسْقُطُ عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَهِيَ : 1 - الْقِيَامُ ( و ) وَفِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ ، وَقَدْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ فَرْضَ الْقِيَامِ وَلَا يَضُرُّهُ مَيْلُ رَأْسِهِ ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ : حَدُّ الْقِيَامِ مَا لَمْ يَصِرْ رَاكِعًا ، وَلَوْ قَامَ عَلَى رِجْلٍ لَمْ يُجِزْهُ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ يَجْزِيه ، وَنَقَلَ خَطَّابُ بْنُ بَشِيرٍ لَا أَدْرِي 2 - وَالْإِحْرَامُ بِلَفْظِهِ ، وَسَبَقَ تَعْيِينُهُ ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مِنْ الصَّلَاةِ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ شَرْطٌ ، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ لَهُ شُرُوطُهَا ، فَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ بِنَاءُ النَّفْلِ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْفَرْضِ ، حَتَّى لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ صَحَّ [ صَرْفُهُ ] إلَى النَّفْلِ بِلَا إحْرَامٍ جَدِيدٍ ، وَلَوْ قَهْقَهَ فِيهَا أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهُ ، وَلَا صَلَاتُهُ ، وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ } وَلَا يُضَافُ الشَّيْءُ إلَى نَفْسِهِ .
3 - وَالْفَاتِحَةُ عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ) .
4 - وَرُكُوعُهُ ( ع ) .
5 - وَرَفْعُهُ مِنْهُ ( هـ ) .
6 - وَاعْتِدَالُهُ ( و ش ) فَلَوْ طَوَّلَهُ لَمْ تَبْطُلْ ( ش ) وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْمَاطِيُّ : رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُطِيلُهُ ، وَيُطِيلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ، لِأَنَّ الْبَرَاءَ أَخْبَرَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَوَّلَهُ قَرِيبَ قِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي اللَّيْلِ قَالَ { ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ } .
7 - وَالسَّجْدَتَانِ .
8 - وَجَلَسْته بَيْنَهُمَا كَرَفْعِهِ وَاعْتِدَالِهِ ( و ) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ رَفْعُ الرَّأْسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِتَحَقُّقِ الِانْتِقَالِ ، حَتَّى لَوْ تَحَقَّقَ الِانْتِقَالُ بِدُونِهِ بِأَنْ سَجَدَ عَلَى
وِسَادَةٍ فَنُزِعَتْ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ جَازَ وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى مَكَان ثُمَّ أَزَالَهَا إلَى مَكَان فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفِعْلَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَكَانَيْنِ ، وَمَعَ هَذَا لَا يُجْزِيهِ .
9 - وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ ( هـ م ر ) وَهِيَ السُّكُونُ ، وَقِيلَ بِقَدْرِ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ وَقِيلَ ، بِقَدْرِ ظَنِّهِ أَنَّ مَأْمُومَهُ أَتَى بِمَا يَلْزَمُهُ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الطُّمَأْنِينَةُ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِيهِمَا قِيلَ سُنَّةٌ ، وَقِيلَ وَاجِبَةٌ ، يَجِبُ بِتَرْكِهَا سَاهِيًا سُجُودُ السَّهْوِ وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ ( م ر ) .
11 - وَجِلْسَتُهُ ( و هـ م ش ) لَا بِقَدْرِ التَّسْلِيمِ ( م ) وَعَنْهُ وَاجِبَانِ ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ ، وَعَنْهُ التَّشَهُّدُ ، وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ ، فَيُسِيءُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا ، وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ ، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الْوَاجِبِ .
12 - وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَشْهَرِ عَنْهُ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( و ش ) وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ .
وَفِي الْمُغْنِي هِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ( و هـ م ) كَخَارِجِ الصَّلَاةِ ( و ) إلَّا أَنَّ مَالِكًا أَوْجَبَهَا فِي الْجُمْلَةِ ، وَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَةَ خَارِجَهَا ، فَقِيلَ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ ، وَقِيلَ كُلَّمَا ذَكَرَ .
13 - وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى ( هـ ) فَعِنْدَهُ يَخْرُجُ بِمَا يُنَافِيهَا ، فَيُعْتَبَرُ قَصْدُهُ وَفِعْلُهُ لَهُ ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ وَيُعْتَبَرُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ الْمَذْكُورُ ، فَلَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْك لَمْ يَصِحَّ ( و ش ) وَغَيْرُهُ ، وَالسَّلَامُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ ، وَظَاهِرُهُ وَالثَّانِيَةُ ، وَفِيهَا فِي التَّعْلِيقِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا مِنْهَا ، وَالثَّانِيَةُ لَا ، لِأَنَّهَا لَا تُصَادِفُ جُزْءًا مِنْهَا إذَا قَالَهَا ، وَهَلْ الثَّانِيَةُ رُكْنٌ أَوْ وَاجِبَةٌ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ
، وَعَنْهُ سُنَّةٌ ( و ) وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَعَنْهُ فِي النَّفْلِ ( م 29 ) .
وَالتَّرْتِيبُ ( و ) .
( مَسْأَلَةٌ 29 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ الثَّانِيَةُ يَعْنِي التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ رُكْنٌ أَوْ وَاجِبَةٌ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ سُنَّةٌ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ فِي النَّفْلِ ، انْتَهَى ، إحْدَاهُنَّ هِيَ رُكْنٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ فِي عَدَّ الْأَرْكَانِ ، وَالْمُنَوِّرِ ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ رُكْنٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَصَحَّحَهَا الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالنَّظْمِ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ ، وَقَالَ : اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَالْقَاضِي ، وَالْأَكْثَرُونَ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ وَاجِبَةٌ ، قَالَ الْقَاضِي وَهِيَ أَصَحُّ ، وَصَحَّحَهَا نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَالتَّسْهِيلِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَهُمَا وَاجِبَانِ ، لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِمَا ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ ضِدُّ الرُّكْنِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَعَنْهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ ، وَالْوَجِيزِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي ، وَقَالَ إنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْوَاجِبَاتِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَالَ إجْمَاعًا ، وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْمُنْذِرِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزَةٌ ، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ ، وَهَذِهِ عَادَةُ ابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ إذَا رَأَى قَوْلَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ حَكَاهُ إجْمَاعًا ، قُلْت وَحِكَايَةُ ابْنِ رَزِينٍ الْإِجْمَاعَ فِيهِ نَظَرٌ ، مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافِ عَنْ أَحْمَدَ بَلْ هُوَ مُتَنَاقِضٌ .
وَوَاجِبَاتُهَا الَّتِي تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا وَتَسْقُطُ سَهْوًا .
وَفِي الرِّعَايَةِ أَوْ جَهْلًا نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيَجْبُرُهُ بِالسُّجُودِ ( هـ ش ) فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ( م ) فِيهِ وَفِي الْأَخِيرِ .
1 - التَّكْبِيرُ لِغَيْرِ الْإِحْرَامِ .
فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ انْتِقَالِهِ ، أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَ انْتِهَائِهِ ، فَقِيلَ يُجْزِيه لِلْمَشَقَّةِ لِتَكَرُّرِهِ ، وَقِيلَ لَا ، كَمَنْ كَمَّلَ قِرَاءَتَهُ رَاكِعًا ، أَوْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ قَبْلَ قُعُودِهِ ( م 30 ) وَكَمَا لَا يَأْتِي بِتَكْبِيرِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فِيهِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مَوْقُوفًا ( و ) وَيَجْزِيه فِيمَا بَيْنَ الِانْتِقَالِ وَالِانْتِهَاءِ ، لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ .
2 و 3 - وَالتَّسْمِيعُ وَالتَّحْمِيدُ ، وَفِيهِمَا مَا فِي التَّكْبِيرِ .
4 و 5 - وَالتَّسْبِيحُ رَاكِعًا وَسَاجِدًا وَعَنْهُ : الْكُلُّ رُكْنٌ ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ ( و ) .
6 - وَكَذَا قَوْلُ : رَبِّ اغْفِرْ لِي مَرَّةً ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ ( و ش ) وَقَالَ جَمَاعَةٌ : يُجْزِئُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي .
7 - وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ .
8 - وَجِلْسَتُهُ كَالتَّكْبِيرِ ( و ) .
وَأَوْجَبَ الْحَنَفِيَّةُ جِلْسَتَهُ ، وَبَعْضُهُمْ هُوَ أَيْضًا عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الْوَاجِبِ ، وَكَذَا عِنْدَهُمْ فِي تَعْيِينِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَتَيْنِ .
9 - وَرِعَايَةُ التَّرْتِيبِ فِي فِعْلٍ مُتَكَرِّرٍ فِي رَكْعَةٍ ، كَالسَّجْدَةِ ، حَتَّى لَوْ تَرَكَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ ، وَقَامَ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ .
10 - وَتَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ .
11 - وَإِصَابَةُ لَفْظِ السَّلَامِ .
12 - وَقُنُوتُ الْوَتْرِ .
13 - وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ .
14 - وَالْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالْخُشُوعُ سُنَّةٌ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَمَعْنَاهُ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وُجُوبَهُ ، وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي بَعْضِهَا ، وَإِنْ أَرَادَ فِي كُلِّهَا فَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ كَمَا يَأْتِي مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا فَخِلَافُ قَاعِدَةِ تَرْكِ الْوَاجِبِ ، وَإِنْ أَبْطَلَ بِهِ فَخِلَافٌ ( ع ) وَكِلَاهُمَا خِلَافُ
الْأَخْبَارِ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ سُنَّةٌ ، لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ ، وَفِي بَعْضِهِ خِلَافٌ سَبَقَ .
( مَسْأَلَةٌ 30 ) قَوْلُهُ : فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ يَعْنِي التَّكْبِيرَ لِغَيْرِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ انْتِقَالِهِ ، أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَ انْتِهَائِهِ ، فَقِيلَ : يُجْزِيه ، لِلْمَشَقَّةِ لِتَكَرُّرِهِ ، وَقِيلَ : كَمَنْ كَمَّلَ قِرَاءَتَهُ رَاكِعًا ، أَوْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ قَبْلَ قُعُودِهِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا هُوَ كَمَنْ كَمَّلَ قِرَاءَتَهُ رَاكِعًا ، أَوْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ قَبْلَ قُعُودِهِ فَلَا يَصِحُّ ، قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَقَالَ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ ، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُجْزِيه لِلْمَشَقَّةِ لِتَكَرُّرِهِ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ ، لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ يَعْسَرُ ، وَالسَّهْوَ بِهِ يَكْثُرُ ، فَفِي الْإِبْطَالِ بِهِ ، أَوْ السُّجُودِ لَهُ مَشَقَّةٌ ، وَمَالَ إلَيْهِ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ فِيمَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ تُجْزِئُ فِي حَالِ الْقِيَامِ ، خِلَافَ مَا يَقُولُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِيهِ وَجْهَانِ ، أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ لَا يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهَا ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَسْجُدُ فَسَجَدَ فَلَا بَأْسَ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَفِي اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ لِسَهْوِهِ رِوَايَاتٌ : الثَّالِثَةُ يُسَنُّ لِسُنَنِ الْأَقْوَالِ ، لَا لِسُنَنِ الْأَفْعَالِ ( م 31 ) ( و م ) فِيمَا هُوَ سُنَّةٌ عِنْدَهُ ، وَهُوَ التَّسْمِيعُ ، وَالتَّكْبِيرُ ، وَالتَّشَهُّدَانِ ، وَجُلُوسُهُمَا ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْجَهْرُ ، وَالْإِخْفَاتُ ، وَالسُّورَةُ ( و هـ ) فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ ، وَتَكْبِيرُ الْعِيدِ ، وَالْقُنُوتُ ، ( و ش ) فِي الْقُنُوتِ ، وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ عِنْدَهُ ، وَسَمَّى أَبُو الْفَرَجِ الْوَاجِبَ سُنَّةً اصْطِلَاحًا ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ، كَمَا سَمَّى الْمَبِيتَ ، وَرَمْيَ الْجِمَارِ ، وَطَوَافَ الصَّدْرِ سُنَّةً وَهُوَ وَاجِبٌ .
مَسْأَلَةٌ 31 ) قَوْلُهُ وَفِي اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ لِسَهْوِهِ يَعْنِي لِسَهْوِ سُنَنِ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ رِوَايَاتٌ الثَّالِثَةُ يُسَنُّ لِسُنَنِ الْأَقْوَالِ لَا لِسُنَنِ الْأَفْعَالِ انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) سُنَنُ الْأَقْوَالِ ، وَقَدْ حَكَى الْأَصْحَابُ أَنَّ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ هَلْ يَسْجُدُ لِسَهْوِهَا أَمْ لَا ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَالْمُذْهَبِ لِأَحْمَدَ ، وَالْفَائِقِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ، إحْدَاهُمَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لَهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْرَعُ ، قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ : لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ النَّظْمُ ، وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ ، وَتَجْرِيدُ الْعِنَايَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يُسَنُّ فِي رِوَايَةٍ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، فِي آخَرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ .
( الْمَسْأَلَةُ 32 الثَّانِيَةُ ) سُنَنُ الْأَفْعَالِ وَقَدْ أَجْرَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِيهَا كَسُنَنِ الْأَقْوَالِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَغَيْرُهُ ، وَطَرِيقَةُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا ، إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَالصَّوَابُ أَنَّ فِيهَا أَيْضًا رِوَايَتَيْنِ ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَغَيْرُهُ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ،
وَالْهَادِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ ، وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ قَالَ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ تَرْكُهُ أَوْلَى .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُشْرَعُ السُّجُودُ لَهَا ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا ، فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِتَصْحِيحِهَا .
وَمَنْ أَتَى بِالصَّلَاةِ عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ ( و ) .
وَإِنْ تَرَكَ وَاجِبًا فَسَبَقَ الْكَلَامُ فِيهِ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا كَامِلَةً .
وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ يَجِبُ الشَّيْءُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ كَالْكَفَّارَةِ ، وَكَالطَّهَارَةِ لِلنَّفْلِ ، فَلَا يَمْتَنِعُ مِثْلُهُ هُنَا ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَيَأْتِي بِهِ ، وَيَكْفِيه .
وَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا وَلَمْ يَدْرِ أَفَرْضٌ أَمْ سُنَّةٌ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهُ لِلشَّكِّ فِي صِحَّتِهِ ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْفَرْضَ سُنَّةً أَوْ عَكْسَهُ فَأَدَّاهَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ ، لِأَنَّهُ بَنَاهَا عَلَى اعْتِقَادٍ فَاسِدٍ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ لَا يَضُرُّهُ ، إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الرُّكْنَ مِنْ الشَّرْطِ وَالْفَرْضَ مِنْ السُّنَّةِ ، وَرَدَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ الِائْتِمَامَ بِمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ نَفْلٌ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ ، مَعَ شِدَّةِ اخْتِلَافِهِمْ ، فِيمَا هُوَ الْفَرْضُ وَالسُّنَّةُ ، وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ الْفَرْضِيَّةِ وَالنَّفْلِيَّةِ يُؤَثِّرُ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ ، لَا تَفَاصِيلِهَا ، لِأَنَّ مَنْ صَلَّى يَعْتَقِدُ الصَّلَاةَ فَرِيضَةً ، فَأَتَى بِأَفْعَالٍ يَصِحُّ مَعَهَا الصَّلَاةُ بَعْضُهَا فَرْضٌ وَبَعْضُهَا نَفْلٌ وَهُوَ يَجْهَلُ الْفَرْضَ مِنْ السُّنَّةِ أَوْ يَعْتَقِدُ الْجَمِيعَ فَرْضًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ ( ع ) وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي حَنَفِيٍّ اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى الْوَتْرَ سُنَّةً يَجُوزُ لِضَعْفِ دَلِيلِ وُجُوبِهِ ، ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ ، وَكَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَتَى أَتَى بِالشَّرَائِطِ جَازَ الِائْتِمَامُ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فَالشَّافِعِيُّ يَمْسَحُ جَمِيعَ رَأْسِهِ سُنَّةً لَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَّ فِي الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ يَمْسَحُ رِجْلَيْهِ ، قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِيمَا عُلِمَ خَطْؤُهُ ، كَنَقْضِ الْقَضَاءِ .
وَفِي النَّصِيحَةِ لِلْآجُرِّيِّ يَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ حَتَّى يَعْلَمَ فَرْضَ الطَّهَارَةِ مِنْ السُّنَّةِ ؛ وَأَنَّ الْوَاجِبَاتِ الْمَذْكُورَاتِ سُنَنٌ ، مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ غَيْرَهَا مِنْ السُّنَنِ ؛ كَالْأَذَانِ ، وَالْإِقَامَةِ ، وَالِافْتِتَاحِ ، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ مَعَ التَّكْبِيرِ ، وَالتَّوَرُّكِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَعَادَ ، لِأَنَّ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ عَصَى ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ يُشْبِهُ
كَلَامَ الْمَالِكِيَّةِ ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ ، وَأَنَّ صَلَاةَ الْجَاهِلِ وَإِمَامَتَهُ لَا تَصِحُّ ، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ : { ارْجِعْ فَصْلِ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ }
بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُبَاحُ ، أَوْ يُكْرَهُ ، أَوْ يُبْطِلُهَا يُسْتَحَبُّ إلَى سُتْرَةٍ ( وَ ) وَلَوْ لَمْ يَخْشَ مَارًّا ( م ر ) وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا بَأْسَ إذًا ، وَأَطْلَقَ فِي الْوَاضِحِ يَجِبُ مِنْ جِدَارٍ ، أَوْ شَيْءٍ شَاخِصٍ ، وَعُرْضُهُ أَعْجَبُ إلَى أَحْمَدَ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { وَلَوْ بِسَهْمٍ يُقَارِبُ طُولَ ذِرَاعٍ } ( وَ ) نَصَّ عَلَيْهِ يَقْرُبُ مِنْهَا ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، يَنْحَرِفُ عَنْهَا ، وَإِنْ تَعَذَّرَ غَرَزَ عَصًا وَوَضَعَهَا ، خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ خَطًّا كَالْهِلَالِ ، لَا طُولًا ( ش ) قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَيَكْفِي ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْخَطُّ ( و هـ م ) وَيَحْرُمُ ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ .
وَفِي الْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا وَيُكْرَهُ ( و هـ ) الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ كُلِّ مُصَلٍّ وَسُتْرَتِهِ وَلَوْ بَعُدَ مِنْهَا ( و ش ) وَكَذَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَرِيبًا فِي الْأَصَحِّ ش ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ ، وَقِيلَ الْعُرْفُ ، لَا مَوْضِعُ سُجُودِهِ وَمَسْجِدٍ صَغِيرٍ مُطْلَقًا ( هـ ) وَيُتَوَجَّهُ مِنْ قَوْلِنَا وَلَوْ صَلَّى عَلَى دُكَّانٍ بِقَدْرِ قَامَةِ الْمَارِّ لَا بَأْسَ ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ .
وَيُسْتَحَبُّ رَدُّ الْمَارِّ ( و ) وَيُنْقِصُ صَلَاتَهُ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي إنْ تَرَكَهُ قَادِرًا ، وَعَنْهُ يَجِبُ رَدُّهُ ، وَإِنْ غَلَبَهُ لَمْ يَرُدَّهُ ( و ) وَإِنْ احْتَاجَ إلَى الْمُرُورِ لَمْ يَرُدَّهُ ، وَقِيلَ بَلَى ، وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ هُنَاكَ وَلَا تَحْرُمُ ( هـ ) وَهَلْ مَكَّةُ كَغَيْرِهَا هَاهُنَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَفِي الْمُغْنِي وَالْحَرَمِ كَمَكَّةَ ، وَنَقَلَ بَكْرٌ يُكْرَهُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا بِمَكَّةَ لَا بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ أَبَى دَفَعَهُ ( هـ ) فَإِنْ أَصَرَّ فَلَهُ قِتَالُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَوْ مَشَى ( م ) فَإِنْ خَافَ فَسَادَ صَلَاتِهِ لَمْ يُكَرِّرْ دَفْعَهُ .
وَيَضْمَنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا .
وَإِنْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ أَوْ يَدَيْهِ قَرِيبًا وَعَنْهُ فِي غَيْرِ
نَفْلٍ ، وَعَنْهُ وَجِنَازَةٍ كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِيمٌ ، وَعَنْهُ أَوْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ بَطَلَتْ ( خ )
بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُبَاحُ أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يُبْطِلُهَا ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ مَكَّةُ كَغَيْرِهَا : يَعْنِي فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ ، فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، إحْدَاهُمَا لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا ، بَلْ يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فِيهَا مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ ، وَلَا كَرَاهَةَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَالشَّارِحُ ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالنَّظْمِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ كَغَيْرِهَا ( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ قَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَقَدَّمَهُ هُوَ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : لَوْ مَرَّ دُونَ سُتْرَتِهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَمَكَّةَ ، وَقِيلَ وَالْحَرَمُ كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِيمٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِفَصْلَيْنِ : وَلَهُ رَدُّ الْمَارِّ أَمَامَهُ دُونَ سُتْرَتِهِ ، وَعَنْهُ فِي الْفَرْضِ فَقَطْ ، وَقِيلَ يَرُدُّهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَكَّةَ ، وَقِيلَ وَالْحَرَمُ ، وَعَنْهُ وَفِيهِمَا ، انْتَهَى .
وَفِي امْرَأَةٍ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ وَشَيْطَانٍ رِوَايَتَانِ ، وَكَلَامُهُمْ فِي الصَّغِيرَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ( م 2 - 4 ) وَلَيْسَ وُقُوفُهُ كَمُرُورِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، كَمَا لَا يُكْرَهُ بَعِيرٌ ، وَظَهْرُ رَجُلٍ ، وَنَحْوُهُ ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي امْرَأَةٍ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ رِوَايَتَانِ ، وَكَلَامُهُمْ فِي الصَّغِيرَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى ، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) إذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي امْرَأَةٌ أَوْ حِمَارٌ أَهْلِيٌّ فَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّاءِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ فِي الشَّرْحِ ، وَالنَّظْمِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا لَا تَبْطُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ ، وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ ، وَالْوَجِيزِ ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هِيَ الْمَشْهُورَةُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ هِيَ أَشْهَرُهَا ، وَاخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَحَوَاشِي ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ لَا تَبْطُلُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَبْطُلُ ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ ، وَرَجَّحَهُ الشَّارِحُ ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي الْمُغْنِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَقَالَ هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَحِمَارٌ أَهْلِيٌّ هُوَ فِي نُسَخٍ صَحِيحَةٍ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَذْكُرُ أَهْلِيٌّ ، وَالصَّوَابُ ذِكْرُهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَذَكَرَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَجْهًا بِأَنَّ حِمَارَ الْوَحْشِ كَالْأَهْلِيِّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
وَقَالَ فِي النُّكَتِ
اسْمُ الْحِمَارِ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودِ الْمَأْلُوفِ فِي الِاسْتِعْمَالِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَمَنْ صَرَّحَ بِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَرَّحَ بِمُرَادٍ غَيْرِهِ ، فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ ، كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ ، انْتَهَى ، ( قُلْت ) لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ، فَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ وَجْهًا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَاعِدَةِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعُرْفِ ، قَالَ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ ، مِثْلُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ فَهَلْ ، يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ بَقَرِ الْوَحْشِ ؟ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي التَّرْغِيبِ ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حِمَارًا فَرَكِبَ حِمَارًا وَحْشِيًّا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَكَذَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي بَقَرِ الْوَحْشِ وَمَا أَشْبَهَهُ ، انْتَهَى ، كَلَامُهُ فِي الْقَوَاعِدِ ، وَرَأَيْت بِخَطِّهِ عَلَى شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ يَقُولُ : وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا ، وَحَكَى أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ عَنْ الشَّرِيفِ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُجَرَّدِ وَيَقْطَعُ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَحْشِيَّ يُخَالِفُهُ مِنْ طَهَارَتِهِ وَإِبَاحَةِ أَكْلِهِ ، فَافْتَرَقَا ، انْتَهَى ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا تَقْوِيَةُ دُخُولِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) مُرُورُ الشَّيْطَانِ هَلْ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ ، وَجَعَلَهُ كَمُرُورِ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، ذَكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ، مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّ مُرُورَ الشَّيْطَانِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ ، وَأَطْلَقَ فِي الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ ، وَإِنْ قُلْنَا يَقْطَعُهَا مُرُورُ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَهَلْ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مُرُورُ الشَّيْطَانِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا يَقْطَعُ ، وَهُوَ
قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، وَالثَّانِي لَا يَقْطَعُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، انْتَهَى .
( قُلْتُ ) عَدَمُ الْقَطْعِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الثَّلَاثَةِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 ) مُرُورُ الصَّغِيرَةِ هَلْ هُوَ كَمُرُورِ الْمَرْأَةِ أَمْ لَا ؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ : كَلَامُ الْأَصْحَابِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، قَالَ فِي النُّكَتِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّغِيرَة لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا امْرَأَةٌ ، فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ ، قَالَ وَقَدْ يُقَالُ يُشْبِهُ خَلْوَةَ الصَّغِيرَةِ بِالْمَاءِ ، هَلْ يَلْحَقُ بِخَلْوَةِ الْمَرْأَةِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ( قُلْتُ ) الصَّوَابُ أَنَّ مُرُورَهَا لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ ، وَإِنْ قُلْنَا تَقْطَعُهَا الْمَرْأَةُ ، وَكَلَامُهُ فِي النُّكَتِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ خَلَوْتَهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ مَنْعًا ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَطْعَ الصَّلَاةِ بِالْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ ، بَلْ هُوَ تَعَبُّدِيٌّ ، فَيَقْوَى عَدَمُ قَطْعِهَا لِلصَّلَاةِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ أَيْضًا فِي حَوَاشِيهِ .
وَفِي سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ وَنَجِسَةٍ وَجْهَانِ ( م 5 - 6 ) فَالصَّلَاةُ إلَيْهَا كَالْمَقْبَرَةِ ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ وَعَلَى قِيَاسِهِ سُتْرَةُ الذَّهَبِ ، وَيُتَوَجَّهُ مِنْهَا لَوْ وَضَعَ الْمَارُّ سُتْرَةً وَمَرَّ ، أَوْ تَسَتَّرَ بِدَابَّةٍ جَازَ .
وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ ( و ) وَلَا عَكْسَ ( و ) فَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ سُتْرَةٌ ، وَلَيْسَتْ سُتْرَةً لَهُ ، وَذَكَرُوا أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إذَا مَرَّ مَا يُبْطِلُهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا يُبْطِلُهَا خَاصَّةً ، وَأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي نَهْيِ الْآدَمِيِّ عَنْ الْمُرُورِ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَكَذَلِكَ الْمُصَلِّي لَا يَدَعُ شَيْئًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدِهِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { كَانَ يُصَلِّي إلَى سُتْرَةٍ دُونَ أَصْحَابِهِ } لَكِنْ قَدْ احْتَجُّوا بِمُرُورِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْأَتَانِ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ ، وَهَذَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ يَحْتَمِلُ الْبَعْدُ ، مَعَ أَنَّهُ فِي الْحَرَمِ ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمُ الْإِمْكَانِ ، وَحُضُورُ شَاغِلٍ عَنْهُ ، وَلَوْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ ، بَلْ كَانَ يُضِيفُ عَدَمَ الْإِنْكَارِ إلَيْهِ ، وَغَايَتُهُ إقْرَارُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ، وَاحْتَجُّوا { بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَرَأَهَا حَتَّى الْتَصَقَ بِالْجِدَارِ فَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ إلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَلَمْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِهِ ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا إنْ صَحَّ فَقَضِيَّةُ عَيْنٍ تَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ تَمُرَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ، مَعَ احْتِمَالِ الْبُعْدِ ، أَوْ تَرَكُوهَا لِظَنِّهِمْ عَدَمَ الْإِمْكَانِ ، مَعَ أَنَّهُ مَقَامُ كَرَاهَةٍ ، وَهَذَا مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ ، فَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً فِي الصَّفِّ قَامَ فِيهَا إذَا كَانَتْ بِحِذَائِهِ ،
فَإِنْ مَشَى إلَيْهَا عَرْضًا كُرِهَ ، وَعَنْهُ لَا ، وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : لَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِجَوَازِ مُرُورِ الْإِنْسَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَأْمُومِينَ ، فَيَحْتَمِلُ جَوَازُهُ اعْتِبَارًا بِسُتْرَةِ الْإِمَامِ لَهُمْ حُكْمًا ، وَيَحْتَمِلُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِعَدَمِ الْإِبْطَالِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْجَمِيعِ ، وَمُرَادُهُ عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِهِ ، وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ : اخْتَلَفُوا هَلْ سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ أَمْ هِيَ سُتْرَةٌ لَهُ خَاصَّةً وَهُوَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ مَعَ الِاتِّفَاقِ أَنَّهُمْ مُصَلُّونَ إلَى سُتْرَةٍ " وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { إنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ } أَيْ التُّرْسُ ، يَمْنَعُ مِنْ نَقْصِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ ، لَا أَنَّهُ يُجَوِّزُ الْمُرُورَ قُدَّامَ الْمَأْمُومِ كَمَا سَبَقَ ، وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ " حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الرُّصَافِيُّ ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي ، فَمَرَّتْ شَاةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَسَاعَاهَا إلَى الْقِبْلَةِ ، حَتَّى أَلْصَقَ بَطْنَهُ بِالْقِبْلَةِ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ ، عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ الشِّيرَازِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَكَّامٍ ، عَنْ جَرِيرٍ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ فِي الْمُخْتَارَةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَلَا يُجِيبُ الْوَالِدُ فِي نَفْلٍ أَنْ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْهَا ، فَقَالَ : يُرْوَى عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ إذَا دَعَتْك أُمُّك فِيهَا فَأَجِبْهَا ، وَأَبُوك لَا تُجِبْهُ ، وَكَذَا الصَّوْمُ ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ يَرْوِي عَنْ الْحَسَنِ لَهُ أَجْرُ الْبِرِّ ، وَأَجْرُ الصَّوْمِ إذَا أَفْطَرَ .
وَيَجِبُ أَنْ يُجِيبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْلٍ وَفَرْضٍ ( و ) وَإِنْ قَرَأَ آيَةً فِيهَا ذِكْرُهُ صَلَّى عَلَيْهِ فِي نَفْلٍ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَطْلَقَهُ
بَعْضُهُمْ وَمَذْهَبُ ( هـ ) تَبْطُلُ مُطْلَقًا ، إنْ سَمِعَ اسْمَهُ ، أَوْ كَانَ عَادَةً لَهُ ، وَيَجِبُ رَدُّ كَافِرٍ مَعْصُومٍ دَمُهُ عَنْ بِئْرٍ فِي الْأَصَحِّ ، كَمُسْلِمٍ ، فَيَقْطَعُ ، وَقِيلَ يُتِمُّ ، وَكَذَا إنْ فَرَّ مِنْهُ غَرِيمُهُ ، نَقَلَ حُبَيْشٌ يَخْرُجُ فِي طَلَبِهِ ، وَكَذَا إنْقَاذُ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ ، وَقِيلَ نَفْلًا ، وَإِنْ أَبَى صَحَّتْ ، ذَكَرُوهُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَفِي سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ وَنَجِسَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) لَوْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ فَمَرَّ مِنْ وَرَائِهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ ، فَهَلْ يَقْطَعُهَا أَمْ لَا ؟ أَوْ مَرَّ مِنْ وَرَائِهَا مَنْ يُكْرَهُ مُرُورُهُ ، فَهَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ ، إحْدَاهُمَا كَغَيْرِهَا ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، لِإِطْلَاقِهِمْ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَعْتَدُّ بِهَا ، فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا ، جَزَمَ بِهَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( قُلْتُ ) وَهَذَا الصَّوَابُ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ وَعَلَّلَهُمَا ، وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ الصَّلَاةُ فِي الْبُقْعَةِ وَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ ، انْتَهَى ، وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ ، فَكَذَا يَكُونُ هُنَا ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) إذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ نَجِسَةٍ فَهَلْ هِيَ كَالطَّاهِرَةِ أَمْ لَا يَعْتَدُّ بِهَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، إحْدَاهُمَا هِيَ كَالطَّاهِرَةِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا ( قُلْتُ ) وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ ، وَالصَّحِيحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَغْصُوبَةِ وَالنَّجِسَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي سُتْرَةِ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَمَا فِيهِمَا مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ قَالَ فَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ ، وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، صَوَابُهُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ أَعْنِي عُمُومَ
سُتْرَةٍ لِمَا يُبْطِلُهَا وَلِغَيْرِهِ ، كَمُرُورِ الْآدَمِيِّ ، وَمَنْعِ الْمُصَلِّي الْمَارَّ ، انْتَهَى .
فَصْلٌ لَا بَأْسَ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ لِلْحَاجَةِ ( و ) وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا ( و ) وَقِيلَ يُسَنُّ لِسَهْوِهِ سُجُودٌ ، وَلَهُ قَتْلُ الْحَيَّةِ ( م ر ) وَالْعَقْرَبِ ( م ر ) وَالْقَمْلَةِ ، وَعَنْهُ فِيهَا يُكْرَهُ ( و م ) وَعِنْدَ الْقَاضِي : التَّغَافُلُ عَنْهَا أَوْلَى ، وَفِي جَوَازِ دَفْنِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَجْهَانِ ، وَنَصُّهُ يُبَاحُ قَتْلُهَا فِيهِ ( م 7 ) وَالْمُرَادُ وَيُخْرِجُهَا أَوْ يَدْفِنُهَا ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي : يُكْرَهُ قَتْلُهَا وَدَفْنُهَا فِيهِ كَالنُّخَامَةِ ؟ ؟ فَقَالَ : دَفْنُ النُّخَامَةِ كَفَّارَةٌ لَهَا ، فَإِذَا دَفَنَهَا كَأَنَّهُ لَمْ يَتَنَخَّمْ ، كَذَا إذَا دَفَنَ الْقَمْلَةَ كَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا ، وَقَدْ رَوَى إِسْحَاقُ قَالَ : رَأَيْت أَحْمَدَ فِي الْجَامِعِ يَبْزُقُ فِي التُّرَابِ وَيَدْفِنُهُ ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : وَكَيْفَ يَجُوزُ فِعْلُ الْخَطِيئَةِ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ يُكَفِّرُهَا ؟ ؟ ثُمَّ احْتَجَّ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا ، وَقِيلَ يُعَالِجُ أَوْ يَنْسَى ، كَذَا قَالَ ، وَمَنْ يُجَوِّزُ هَذَا يَقُولُ : إنَّمَا يَكُونُ خَطِيئَةً إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَكْفِيرَهَا ، فَلَا تَعَارُضَ ، وَلِأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ " قَتْلُ الْقَمْلَةِ وَدَفْنُهَا فِي الْمَسْجِدِ " رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : أَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ : أَعْمَاقُ الْمَسْجِدِ كَظَاهِرِهِ فِي وُجُوبِ صِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَلَهُ قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْقَمْلَةِ ، وَعَنْهُ فِيهَا يُكْرَهُ ، وَفِي جَوَازِ دَفْنِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَجْهَانِ ، وَنَصُّهُ يُبَاحُ قَتْلُهَا فِيهِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى ، إحْدَاهُمَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَالْبُصَاقِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ : أَعْمَاقُ الْمَسْجِدِ كَظَاهِرِهِ فِي وُجُوبِ صِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ ، انْتَهَى ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ دَمِهَا مُنِعَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَقِيلَ يُكْرَهُ .
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي جَوَازِ دَفْنِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَجْهَيْنِ ، وَلَعَلَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي طَهَارَةِ دَمِهَا وَنَجَاسَتِهِ ، انْتَهَى ، قُلْتُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ طَهَارَةُ دَمِ الْقَمْلِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ .
وَلُبْسُ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَعَدُّ الْآيِ بِأَصَابِعِهِ ( هـ ش ) كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَفِي كَرَاهَةِ عَدِّ التَّسْبِيحِ رِوَايَتَانِ ( م 8 )
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَفِي كَرَاهَةِ عَدِّ التَّسْبِيحِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ ، تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي كَرَاهَةِ عَدِّ التَّسْبِيحِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، أَحَدُهُمَا لَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ فِي مَعْنَى عَدِّ الْآيِ ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لَا يُكْرَهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَلَهُ عَدُّ التَّسْبِيحِ فِي الْأَصَحِّ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، انْتَهَى ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْإِفَادَاتِ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالنَّظْمِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ ، قَالَ النَّاظِمُ وَهُوَ الْأَجْوَدُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْمُبَاحِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَقَالَا نَصَّ عَلَيْهِ ، صَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، قُلْتُ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنَّهُمَا قَالَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَا أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ ، وَإِنَّمَا كَرِهَ أَحْمَدُ عَدَّ التَّسْبِيحِ دُونَ الْآيِ لِأَنَّ ، الْمَنْقُولَ عَنْ السَّلَفِ إنَّمَا هُوَ عَدُّ الْآيِ انْتَهَى
وَالْقِرَاءَةُ فِي الْمُصْحَفِ ( و ش ) وَعَنْهُ نَفْلًا ( و م ) وَعَنْهُ لِغَيْرِ حَافِظٍ ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ فَرْضًا ، وَقِيلَ وَنَفْلًا ( و هـ ) لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي فَرْضِ الْقِرَاءَةِ عَلَى غَيْرٍ كَاعْتِمَادِهِ بِحَبْلٍ فِي قِيَامِهِ وَحَمَلَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى غَيْرِ الْحَافِظِ ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ هَلْ أَرَادَ آيَةً أَمْ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ ؟ ؟ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُكْرَهُ فَقَطْ ، قَالَ فِي الْخِلَافِ لِمَنْ قَاسَهُ عَلَى الْمُتَلَقِّنِ لَا نُسَلِّمُ هَذَا ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُصْغِي إلَى قِرَاءَةِ غَيْرِهِ وَيَحْفَظُهُ وَيَقْرَؤُهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ( هـ ) .
وَرَدُّ السَّلَامِ إشَارَةً ( و م ش ) وَعَنْهُ يُكْرَهُ ( و هـ ) وَعَنْهُ فِي فَرْضٍ ، وَعَنْهُ يَجِبُ ، وَلَا يَرُدُّهُ فِي نَفْسِهِ ( هـ ) بَلْ يُسْتَحَبُّ بَعْدَهَا ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ وَلَوْ صَافَحَ إنْسَانًا يُرِيدُ السَّلَامَ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ .
وَلَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي ( و هـ ) وَعَنْهُ يُكْرَهُ ( و ش ) وَقَاسَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْمَشْغُولِ بِمَعَاشٍ أَوْ حِسَابٍ ، كَذَا قَالَ .
وَيُتَوَجَّهُ إنْ تَأَذَّى بِهِ ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِي فَرْضٍ ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ إنْ عَرَفَ كَيْفِيَّةَ الرَّدِّ ، وَإِنْ كَثُرَ عُرْفًا بِلَا ضَرُورَةٍ ، وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ عِنْدَ الْفَاعِلِ ، وَقِيلَ ثَلَاثًا ( و ش ) وَقِيلَ مَا ظُنَّ فَاعِلُهُ لَا فِي صَلَاةٍ ( و هـ م ) مُتَوَالِيًا ( و هـ ) وَالشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَكَانَ إذَا قَامَ حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ ، وَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ ، وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { صَلَّى عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَتَكَرَّرَ صُعُودُهُ وَنُزُولُهُ عَنْهُ } ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ أَوْ مُتَفَرِّقًا ( و م ) أَبْطَلَ ، وَعَنْهُ عَمْدًا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( و ق ) لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ ، فَإِنَّهُ مَشَى ، وَتَكَلَّمَ ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ .
وَفِي رِوَايَةٍ الْحُجْرَةَ وَبَنَى .
وَكَجَاهِلِ تَحْرِيمِهِ فِي وَجْهٍ .
وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ مَفْهُومَةٌ أَوْ لَا كَالْعَمَلِ ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَمَعْنَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ .
وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ الْمَفْهُومَةُ كَالْكَلَامِ تُبْطِلُ ، إلَّا بِرَدِّ سَلَامٍ ، وَلَا أَثَرَ لِعَمَلِ غَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، كَمَنْ مَصَّ ثَدْيَ أُمِّهِ ثَلَاثًا فَتَرَكَ لَبَنَهَا لَمْ تَبْطُلْ ( هـ )
وَلَهُ الْفَتْحُ عَلَى إمَامِهِ ، ( و ) وَعَنْهُ إنْ طَالَ ، وَعَنْهُ يَجُوزُ فِي نَفْلٍ ، وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ لَا تَبْطُلُ وَلَوْ فَتَحَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي قِرَاءَةٍ غَيْرِهَا ( هـ ) وَلِغَيْرِ مُصَلٍّ الْفَتْحُ وَلَا تَبْطُلُ ( هـ ) وَيَجِبُ الْفَتْحُ فِي الْأَصَحِّ فِي الْفَاتِحَةِ كَنِسْيَانِ سَجْدَةٍ ، وَلَا يَفْتَحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ بِهِ ، ( و هـ ) وَقِيلَ بِتَجَرُّدِهِ لِلتَّفْهِيمِ ( و م ر )
وَكَذَا إنْ عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ عِنْدَنَا ، وَلَا تَبْطُلُ عِنْدَ ( هـ م ش ) وَكَذَا عِنْدَنَا ، وَعِنْدَهُمْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا إنْ خَاطَبَ آدَمِيًّا بِقُرْآنٍ أَوْ تَسْبِيحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، إلَّا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِتَنْبِيهِ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ ، ( و هـ ) وَفِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ الْخِلَافُ فِي تَحْذِيرِ ضَرِيرٍ ، وَيُكْرَهُ لِعَاطِسٍ الْحَمْدُ ، وَقِيلَ تَرْكُهُ أَوْلَى ، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو دَاوُد وَيَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَمَذْهَبُ ( هـ ) كَهَذَا ، وَالْقَوْلِ قَبْلَهُ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا يُعْجِبُنِي رَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا وَاسْتَحَبَّهُ ( م ش ) سِرًّا .
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَجَهْرًا ، وَقِيلَ عَنْ ( م ) تَرْكُهُ أَوْلَى .
وَإِذَا نَابَهُ أَمْرٌ سَبَّحَ ( و ) وَلَوْ كَثُرَ ، وَصَفَّقْت بِبَطْنِ كَفٍّ عَلَى ظَهْرِ آخَرَ ( و هـ ش ) مَا لَمْ يَطُلْ ، وَلَا تُسَبِّحْ ( م ) وَنَصُّهُ يُكْرَهُ كَتَصْفِيقِهِ لِتَنْبِيهِهِ أَوْ لَا وَصَفِيرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ } الْآيَةَ ، وَقِيلَ يَجُوزُ كَتَنْبِيهِهِ بِقِرَاءَةٍ ، وَتَكْبِيرٍ ، وَتَهْلِيلٍ ( و )
وَفِي كَرَاهَةِ التَّنْبِيهِ بِنَحْنَحَةٍ رِوَايَتَانِ ( م 9 ) ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ لَا تَبْطُلُ بِتَصْفِيقِهَا عَلَى جِهَةِ اللَّعِبِ ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ ، وَتَبْطُلُ بِهِ لِمُنَافَاتِهِ الصَّلَاةَ ( و ش )
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ " وَفِي كَرَاهَةِ التَّنْبِيهِ بِنَحْنَحَةٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ قَالَ فِي حَوَاشِيهِ أَظْهَرُهُمَا يُكْرَهُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَالَ هَذَا أَظْهَرُ قُلْتُ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَلَهُ السُّؤَالُ عِنْدَ آيَةِ رَحْمَةٍ ، وَالتَّعَوُّذُ عِنْدَ آيَةِ عَذَابٍ ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ ( و ش ) وَظَاهِرُهُ لِكُلِّ مُصَلٍّ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِي فَرْضٍ ( و هـ م ) وَذَكَرَ أَبُو الْوَفَاءِ فِي جَوَازِهِ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ ، وَعَنْهُ يَفْعَلُهُ وَحْدَهُ ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَهُ مَأْمُومٌ ، وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مَعْنَى ذَلِكَ تَكْرَارُ الْآيَةِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، قَالَ أَحْمَدُ : إذَا قَرَأَ { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا قَالَ " سُبْحَانَك فَبَلَى " فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا يَقُولُهُ فِيهِمَا .
وَقَالَ أَيْضًا مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ فِي نَفْلٍ ، قَالَ وَكَذَا إنْ قَرَأَ فِي نَفْلٍ { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } قَالَ بَلَى لَا يَفْعَلُ ، وَفِي هَذَا خَبَرٌ فِيهِ نَظَرٌ ، بِخِلَافِ الْآيَةِ الْأُولَى ، وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ إذَا قَرَأَ { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } هَلْ يَقُولُ : سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ؟ ؟ قَالَ إنْ شَاءَ فِي نَفْسِهِ ، وَلَا يَجْهَرُ بِهِ ، وَسُئِلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِمَا فِيهِ دُعَاءٌ هَلْ يَحْصُلَانِ لَهُ ؟ ؟ فَيُتَوَقَّفُ ، وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إنَّ اللَّهَ خَتَمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ بِآيَتَيْنِ أَعْطَانِيهِمَا مِنْ كَنْزِهِ الَّذِي تَحْتَ الْعَرْشِ ، فَتَعَلَّمُوهُنَّ ، وَعَلِّمُوهُنَّ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ ، فَإِنَّهَا صَلَاةٌ ، وَقُرْآنٌ ، وَدُعَاءٌ } فَيُتَوَجَّهُ الْحُصُولُ بِهَذَا الْخَبَرِ ، وَلِتَضَمُّنِ مَا أَتَى بِهِ ذَلِكَ .
وَإِنْ بَدَرَهُ بُصَاقٌ وَهُوَ الْبُزَاقُ وَالْبُسَاقُ مِنْ الْفَمِ ، أَوْ مُخَاطٌ مِنْ الْأَنْفِ ، أَوْ نُخَامَةٌ وَهِيَ النُّخَاعَةُ مِنْ الصَّدْرِ ، أَزَالَهُ فِي ثَوْبِهِ ، وَعَطَفَ أَحْمَدُ بِوَجْهِهِ فَبَزَقَ خَارِجَهُ ، وَفِي غَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ ، زَادَ جَمَاعَةٌ الْيُسْرَى ، لِلْخَبَرِ ، وَيُكْرَهُ أَمَامَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ ، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ { وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَدْفِنْهَا } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَلِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا { مَنْ تَفَلَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَفْلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ } وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَجُوزُ فِيهِ فِي بُقْعَةٍ يَنْدَفِنُ فِيهَا ، وَعِنْدَ ( م ) إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مُحَصَّبًا جَازَ فِيهِ وَلَوْ أَمَامَهُ ، وَعَنْ يَمِينِهِ ، وَيَدْفِنُهُ فِيهِ فِي بُقْعَةٍ يَنْدَفِنُ فِيهَا لَا تَحْتَ حَصِيرٍ ( و م ) قَالَ أَحْمَدُ الْبُزَاقُ فِيهِ خَطِيئَةٌ ، وَكَفَّارَتُهُ دَفْنُهُ ، لِلْخَبَرِ ( و هـ ش ) قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ : لِأَنَّ بِدَفْنِهِ تَزُولُ الْقَذَارَةُ ، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي أَوَّلَ الْفَصْلِ ، وَإِنْ لَمْ يُزِلْهَا لَزِمَ غَيْرَهُ إزَالَتُهَا لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ { وَوَجَدْت فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَيُسْتَحَبُّ تَخْلِيقُ مَوْضِعِهَا ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
فَصْلٌ يُكْرَهُ الْتِفَاتُهُ بِلَا حَاجَةٍ ( و ) وَتَبْطُلُ إنْ اسْتَدْبَرَهَا ( ع ) أَوْ اسْتَدَارَ بِجُمْلَتِهِ ( م ) فَقَطْ ، لَا بِصَدْرِهِ مَعَ وَجْهِهِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَوْ بِصَدْرِهِ ( و هـ ش ) قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مَا لَمْ يُحَوِّلْ رِجْلَيْهِ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ
وَيُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ ( و ) وَتَغْمِيضُهُ ( م ) نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ ، وَمَظِنَّةُ النَّوْمِ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد إنْ نَظَرَ أَمَتَهُ عُرْيَانَةَ غَمَّضَهُ .
وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ ( و ) وَتَشْبِيكُهَا ( و ) وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ ( و ) وَتَرَوُّحُهُ ( و ) إلَّا لِحَاجَةٍ كَغَمٍّ شَدِيدٍ ( خ ) نَصَّ عَلَيْهِ ، وَمُرَاوَحَتُهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ مُسْتَحَبَّةٌ ، وَيُكْرَهُ كَثْرَتُهُ ، لِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ .
وَمَسُّ لِحْيَتِهِ .
وَعَقْصُ شَعْرِهِ ، أَوْ كَفُّ ثَوْبِهِ وَنَحْوُهُ ( و ) وَلَوْ فَعَلَهُمَا لِعَمَلٍ قَبْلَ صَلَاتِهِ ( م ) وَأَوْمَى إلَى مِثْلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ ، وَنَهَى أَحْمَدُ رَجُلًا كَانَ إذَا سَجَدَ جَمَعَ ثَوْبَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ ثِيَابَهُ ، وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُكْرَهُ أَنْ يُشَمِّرَ ثِيَابَهُ ، لِقَوْلِهِ " تَرِّبْ تَرِّبْ " وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حِكْمَةَ النَّهْيِ أَنَّ الشَّعْرَ يَسْجُدُ مَعَهُ ، وَلِهَذَا رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَامَ فَجَعَلَ يَحِلُّهُ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ مَا لَكَ وَلِرَأْسِي ؟ ؟ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { إنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَيُكْرَهُ افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدًا ( و ) وَإِقْعَاؤُهُ ( و ) وَهُوَ فَرْشُ قَدَمَيْهِ وَجُلُوسُهُ عَلَى عَقِبَيْهِ ، وَهُوَ جَائِزٌ ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ ، وَاعْتِمَادُهُ عَلَى يَدِهِ ، وَاسْتِنَادُهُ بِلَا حَاجَةٍ ( و ) فَإِنْ سَقَطَ لَوْ أُزِيلَ لَمْ يَصِحَّ ( و ) وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِنَادِ إلَيْهِ ، وَحُمِلَ عَلَى الْحَاجَةِ ، وَيُكْرَهُ عَبَثُهُ ( و ) وَزَادَ فِي الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ ، وَلِأَنَّ الْعَبَثَ حَرَامٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، فَمَا ظَنُّك بِهِ فِيهَا ؟ ؟ وَخَالَفَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ
وَيُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ جَبْهَتَهُ بِمَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ شِعَارُ الرَّافِضَةِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَالتَّمَطِّي ، وَفَتْحُ فَمِهِ ، وَوَضْعُهُ شَيْئًا ، لَا بِيَدِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ غَلَبَهُ تَثَاؤُبٌ كَظَمَ نَدْبًا ، فَإِنْ أَبَى اُسْتُحِبَّ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، لِلْخَبَرِ ، وَلَا يُقَالُ تَثَاوَبَ بَلْ تَثَاءَبَ ، وَمَسْحُ أَثَرِ سُجُودِهِ ( و ) وَفِي الْمُغْنِي إكْثَارُهُ مِنْهُ ، وَلَوْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ ( هـ ) وَعَنْهُ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ ( خ ) وَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا يُلْهِيهِ ( و ) أَوْ نَارٌ ( و هـ ش ) حَتَّى سِرَاجٌ ( هـ ) وَقِنْدِيلٌ ( هـ ) وَشَمْعَةٌ ( هـ ) وَحَمْلُهُ مَا يَشْغَلُهُ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُعَلِّقَ فِي قِبْلَتِهِ شَيْئًا ، لَا وَضْعُهُ بِالْأَرْضِ ، قَالَ أَحْمَدُ : كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَجْعَلُوا فِي الْقِبْلَةِ شَيْئًا حَتَّى الْمُصْحَفَ ، وَلَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ ، قَالَ بَعْضُهُمْ ؛ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ
وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ ، وَقِيلَ تَبْطُلُ ( خ ) وَمَا يَمْنَعُ كَمَالَهَا كَحَرٍّ ، وَبَرْدٍ ، وَنَحْوِهِ
وَصَلَاتُهُ إلَى مُتَحَدِّثٍ ، ( هـ ) وَعَنْهُ يُعِيدُ ( خ ) وَعَنْهُ الْفَرْضُ ، وَكَذَا نَائِمٌ ، وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ ( و هـ ) وَعَنْهُ النَّفَلُ ، وَإِلَى كَافِرٍ ( و م ) وَصُورَةٍ مَنْصُوبَةٍ نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ صُورَةٌ مُمَثَّلَةٌ ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ سُجُودَ الْكُفَّارِ لَهَا ، فَدَلَّ أَنَّ الْمُرَادَ صُورَةُ حَيَوَانٍ مُحَرَّمَةٍ ، لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْبَدُ ، وَفِيهِ نَظَرٌ .
وَفِي الْفُصُولِ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى جِدَارٍ فِيهِ صُورَةٌ وَتَمَاثِيلُ ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ ، وَالْأَوْثَانِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ إلَيْهَا ( هـ ) وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَى غَيْرِ مَنْصُوبَةٍ ( هـ ) وَلَا سُجُودُهُ عَلَى صُورَةٍ ( هـ ) وَلَا صُورَةٍ خَلْفَهُ فِي الْبَيْتِ ( هـ ر ) وَلَا فَوْقَ رَأْسِهِ فِي سَقْفٍ ، وَعَنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ ( و ) وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ إبَاحَةُ دُخُولِ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَكَرَاهَتُهُ وَتَحْرِيمُهُ ، وَكَرِهَ شَيْخُنَا السُّجُودَ عَلَيْهَا ، وَسَبَقَ فِي اللِّبَاسِ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ
وَيُكْرَهُ حَمْلُ فَصٍّ أَوْ ثَوْبٍ فِيهِ صُورَةٌ ( و ) وَمَسُّ الْحَصَى ، وَتَسْوِيَةُ التُّرَابِ ( و ) بِلَا عُذْرٍ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَكْرَهْهُ ، وَإِلَى وَجْهِ آدَمِيٍّ ( و ) نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ ، أَوْ حَيَوَانٍ غَيْرِهِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ، وَقَدْ { كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا } .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَإِلَى جَالِسٍ .
وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَاحْتَجَّ بِتَعْزِيرِ عُمَرَ فَاعِلَهُ ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْلِسَ قُدَّامَهُ ، فَإِنْ انْتَهَى وَإِلَّا أُدِّبَ ، كَذَا قَالَ ، وَتَعْزِيرُ عُمَرَ لَهُ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ صَلَّى إلَى وَجْهِ آدَمِيٍّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي إلَى الْقَاعِدِ ، وَكَالصَّفِّ الثَّانِي رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا } فَقُلْت أَفَرَأَيْت إذْ ذَهَبَتْ الرِّكَابُ قَالَ كَانَ يَأْخُذُ الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ ، فَيُصَلِّي إلَى آخِرِهِ ، أَوْ قَالَ مُؤَخَّرِهِ ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ ، وَكَرِهَهَا ( م ) إلَى مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ ، وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ [ الصَّلَاةُ ] إلَى امْرَأَةٍ
، تَنْبِيهَانِ : الْأَوَّلُ قَوْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ إنَّهُ { كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا فَقَالَ نَافِعٌ لِابْنِ عُمَرَ أَفَرَأَيْت إذْ ذَهَبَتْ الرِّكَابُ } كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ إذَا هَبَّتْ بِإِسْقَاطِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ ( * ) الثَّانِي : قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ إلَى امْرَأَةٍ كَذَا فِي النُّسَخِ صَوَابُهُ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ يَعْنِي سَبَقَ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ إلَى امْرَأَةٍ وَبِهَذَا يَنْتَظِمُ الْكَلَامُ .
وَابْتِدَاؤُهَا تَائِقًا إلَى طَعَامٍ ( و ) وَلَوْ كَثُرَ ( م ر ) كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ ، وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ ، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ " مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ إقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ " رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْمَسْأَلَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : بِحَضْرَةِ فُلَانٍ أَيْ بِمَشْهَدٍ مِنْهُ ، وَهُوَ مُثَلَّثُ الْحَاءِ .