كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي
الرامينى ثم الصالحي
مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَفَضِّلِ عَلَى خَلْقِهِ بِكَثْرَةِ الْأَفْضَالِ وَالنِّعَمِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، الْمُنْفَرِدِ بِالْبَقَاءِ وَالْقِدَمِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ اللِّوَاءِ وَالْعَطَاءِ الْخِضَمِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ أُولِي الْفَضَائِلِ وَالْحِكَمِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
( أَمَّا بَعْدُ ) فَهَذَا كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اجْتَهَدْت فِي اخْتِصَارِهِ وَتَحْرِيرِهِ ، لِيَكُونَ نَافِعًا وَكَافِيًا لِلطَّالِبِ ، وَجَرَّدْته عَنْ دَلِيلِهِ وَتَعْلِيلِهِ : غَالِبًا ، لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ وَفَهْمُهُ عَلَى الرَّاغِبِ ، وَأُقَدِّمُ غَالِبًا الرَّاجِحَ فِي الْمَذْهَبِ ، فَإِنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ أَطْلَقْت الْخِلَافَ ، " وَعَلَى الْأَصَحِّ " أَيْ أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَ " فِي الْأَصَحِّ " أَيْ أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَإِذَا قُلْت : وَعَنْهُ كَذَا ، أَوْ وَقِيلَ : كَذَا فَالْمُقَدَّمُ خِلَافُهُ .
وَإِذَا قُلْت : وَيُتَوَجَّهُ ، أَوْ يُقَوَّى ، أَوْ عَنْ قَوْلٍ ، أَوْ رِوَايَةٍ : وَهُوَ ، أَوْ هِيَ أَظْهَرُ ، أَوْ أَشْهَرُ ، أَوْ مُتَّجَهٌ ، أَوْ غَرِيبٌ ، أَوْ بَعْدَ حُكْمِ مَسْأَلَةِ : فَدَلَّ ، أَوْ هَذَا يَدُلُّ ، أَوْ ظَاهِرُهُ ، أَوْ يُؤَيِّدُهُ ، أَوْ الْمُرَادُ كَذَا ، فَهُوَ مِنْ عِنْدِي .
وَإِذَا قُلْت : الْمَنْصُوصُ ، أَوْ الْأَصَحُّ ، أَوْ الْأَشْهَرُ ، أَوْ الْمَذْهَبُ كَذَا ، فَثَمَّ قَوْلٌ .
وَأُشِيرُ إلَى ذِكْرِ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ ، فَعَلَامَةُ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ ( ع ) وَمَا وَافَقَنَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ [ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ] أَوْ كَانَ الْأَصَحُّ فِي مَذْهَبِهِمْ ( وَ ) وَخِلَافِهِمْ ( خ ) وَعَلَامَةُ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ ( هـ ) وَمَالِكٍ ( م ) فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا رِوَايَتَانِ فَبَعْدَ عَلَامَتِهِ ( ر ) وَلِلشَّافِعِيِّ ( ش ) وَلِقَوْلَيْهِ ( ق ) وَعَلَامَةُ وِفَاقِ أَحَدِهِمْ ذَلِكَ ، وَقَبْلَهُ ( وَ ) .
وَإِذَا أَحَلْتُ حُكْمَ مَسْأَلَةٍ عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى فَالْمُرَادُ عِنْدَنَا ، وَإِذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلَانِ ؛ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَفِي الْأَصَحِّ وَلَوْ بِحَمْلِ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ ، وَمُطْلَقٍ عَلَى مُقَيَّدٍ فَهُمَا مَذْهَبُهُ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ وَعُلِمَ التَّارِيخُ فَقِيلَ : الثَّانِي مَذْهَبُهُ ، وَقِيلَ : الْأَوَّلُ ( م 1 ) وَقِيلَ وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ .
وَإِنْ جُهِلَ ؛ فَمَذْهَبُهُ أَقْرَبُهُمَا مِنْ الْأَدِلَّةِ ، أَوْ قَوَاعِدِهِ .
وَيَخُصُّ عَامَّ كَلَامِهِ بِخَاصَّةٍ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْأَصَحِّ ؛ وَالْمَقِيسُ عَلَى كَلَامِهِ مَذْهَبُهُ فِي الْأَشْهَرِ .
فَإِنْ أَفْتَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ : وَبَعُدَ الزَّمَنِ ؛ فَفِي جَوَازِ النَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ وَلَا مَانِعَ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَقَوْلُهُ : لَا يَنْبَغِي ، أَوْ لَا يَصْلُحُ .
أَوْ اسْتَقْبَحَهُ ، أَوْ هُوَ قَبِيحٌ ، أَوْ لَا أَرَاهُ لِلتَّحْرِيمِ .
وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِرَاقُ غَيْرِ الْعَفِيفَةِ ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ أَحْمَدَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَهَا .
وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ : يُصَلَّى إلَى الْقَبْرِ ، وَالْحَمَّامِ ، وَالْحَشِّ ، قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ، لَا يُصَلَّى إلَيْهِ قُلْت فَإِنْ كَانَ ؟ قَالَ : يُجْزِئُهُ .
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ قَرَأَ فِي الْأَرْبَعِ كُلِّهَا بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ فِي الْإِمَامِ يُقَصِّرُ فِي الْأُوَلِ ، وَيُطَوِّلُ فِي الْأَخِيرَةِ : لَا يَنْبَغِي هَذَا قَالَ الْقَاضِي : كُرِهَ ذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ ، فَدَلَّ عَلَى خِلَافٍ .
وَفِي " أَكْرَهُ " أَوْ لَا " يُعْجِبُنِي " أَوْ " لَا أُحِبُّهُ " أَوْ " لَا أَسْتَحْسِنُهُ " أَوْ " يَفْعَلُ السَّائِلُ كَذَا احْتِيَاطًا " وَجْهَانِ ( م 3 ) وَ " أُحِبُّ كَذَا " أَوْ " يُعْجِبُنِي " أَوْ " أَعْجَبُ إلَيَّ " لِلنَّدْبِ ، وَقِيلَ لِلْوُجُوبِ ، وَقِيلَ : وَكَذَا " هَذَا أَحْسَنُ أَوْ حَسَنٌ " .
وَقَوْلُهُ : أَخْشَى ، أَوْ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ، أَوْ أَلَّا : كَيَجُوزُ ، أَوْ
لَا يَجُوزُ ، وَقِيلَ : وَقَفَ .
وَإِنْ أَجَابَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ عَنْ غَيْرِهِ : هَذَا أَهْوَنُ ، أَوْ أَشَدُّ ، أَوْ أَشْنَعُ فَقِيلَ : هُمَا سَوَاءٌ ؛ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ وَأَجَبْنَ عَنْهُ ( م 4 ) وَأَجَبْنَا عَنْهُ : مَذْهَبُهُ كَقُوَّةِ كَلَامٍ لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى .
وَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَقَوْلُ أَحَدِ صَحْبِهِ فِي تَفْسِيرِ مَذْهَبِهِ ، وَإِخْبَارِهِ عَنْ رَأْيِهِ ، وَمَفْهُومِ كَلَامِهِ ، وَفِعْلِهِ : مَذْهَبُهُ فِي الْأَصَحِّ كَإِجَابَتِهِ فِي شَيْءٍ بِدَلِيلٍ ، وَالْأَشْهَرُ : أَوْ قَوْلُ صَحَابِيٍّ .
وَفِي إجَابَتِهِ بِقَوْلٍ : فَفِيهِ وَجْهَانِ ( م 5 ) وَمَا انْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ وَقَوَّى دَلِيلَهُ ، أَوْ صَحَّحَ الْإِمَامُ خَبَرًا ، أَوْ حَسَّنَهُ ، أَوْ دَوَّنَهُ وَلَمْ يُرِدْهُ : فَفِي كَوْنِهِ مَذْهَبَهُ وَجْهَانِ ( م 6 ، 7 ) فَلِهَذَا أَذْكُرُ رِوَايَتَهُ لِلْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ .
وَإِنْ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ وَفَرَّعَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقِيلَ : هُوَ مَذْهَبُهُ ، كَتَحْسِينِهِ إيَّاهُ ، أَوْ تَعْلِيلِهِ ، وَقِيلَ : لَا ( م 8 ) وَإِلَّا فَمَذْهَبُهُ أَقْرَبُهُمَا مِنْ الدَّلِيلِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ جَوَابِهِ : وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ ، أَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ يُرِيدُ خِلَافَهُ ؛ فَلَيْسَ مَذْهَبًا .
وَفِيهِ احْتِمَالٌ كَقَوْلِهِ : يَحْتَمِلُ قَوْلَيْنِ .
وَقَدْ أَجَابَ أَحْمَدُ فِيمَا إذَا سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ : هَلْ يَقْصُرُ ؟ وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِمِثْلِ هَذَا ، وَأَثْبَتَهُ الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ .
وَفِي كَوْنِ سُكُوتِهِ رُجُوعًا وَجْهَانِ ( م 9 ) وَمَا عَلَّلَهُ بِعِلَّةٍ تُوجَدُ فِي مَسَائِلَ فَمَذْهَبُهُ فِيهَا كَالْمُعَلَّلَةِ ، وَقِيلَ : لَا .
وَيُلْحَقُ مَا تُوُقِّفَ فِيهِ بِمَا يُشْبِهُهُ ، هَلْ هُوَ بِالْأَخَفِّ ، أَوْ الْأَثْقَلِ ، أَوْ التَّخْيِيرِ ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا ( م 10 ) وَاَللَّهَ أَسْأَلُ النَّفْعَ بِهِ ، وَإِصْلَاحَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ، إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ ، وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْخُطْبَةِ " وَإِذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلَانِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَفِي الْأَصَحِّ وَلَوْ بِحَمْلِ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ وَمُطْلَقٍ عَلَى مُقَيَّدٍ فَهُمَا مَذْهَبُهُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَعُلِمَ التَّارِيخُ فَقِيلَ الثَّانِي مَذْهَبُهُ وَقِيلَ : الْأَوَّلُ " انْتَهَى .
( اعْلَمْ ) أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَخْلُو : إمَّا أَنْ يُعْلَمَ التَّارِيخُ ، أَوْ لَا ، فَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَأَطْلَقَ فِي كَوْنِ الْأَوَّلِ مَذْهَبَهُ أَيْضًا كَالثَّانِي الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ مَذْهَبُهُ ، بَلْ الثَّانِي لَا غَيْرُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَآدَابِ الْمُفْتِي ، وَنَصَرَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ : فَإِنْ عُلِمَ أَسْبَقُهُمَا فَالثَّانِي مَذْهَبُهُ وَهُوَ نَاسِخٌ ، اخْتَارَهُ فِي التَّمْهِيدِ ، وَالرَّوْضَةِ ، وَالْعِدَّةِ ، وَذَكَرَ كَلَامَ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ ، لِقَوْلِهِ : هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ ، وَجَزَمَ بِهِ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَنَصَرَهُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ اللَّحَّامِ فِي أُصُولِهِ وَغَيْرِهِ .
وَالْقَوْلُ ( الثَّانِي ) يَكُونُ الْأَوَّلُ أَيْضًا مَذْهَبَهُ كَالثَّانِي ، وَكَمَا إذَا جُهِلَ رُجُوعُهُ عَنْهُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَغَيْرُهُ ، كَمَنْ صَلَّى صَلَاتَيْنِ بِاجْتِهَادَيْنِ إلَى جِهَتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَخْطَأَ ، وَرَدَّهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَشَرْحِهِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَفِيهِ نَظَرٌ .
وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ : قُلْت ؛ وَقَدْ تَدَبَّرْت كَلَامَهُمْ فَرَأَيْته يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ بِكَوْنِهِمَا مَذْهَبًا لَهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ ، انْتَهَى وَأَمَّا إذَا جُهِلَ التَّارِيخَ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدْ حَكَمَا .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : " فَإِنْ أَفْتَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ بِحُكْمَيْنِ
مُخْتَلِفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ : وَبَعُدَ الزَّمَنُ ، فَفِي جَوَازِ النَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ وَلَا مَانِعَ وَجْهَانِ انْتَهَى " .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي آدَابِ الْمُفْتِي : ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، كَقَوْلِ الشَّارِعِ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ وَغَيْرِهِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَجْدُ ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ ، وَالطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَشَرْحِهِ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ ، وَ ( الْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجُوزُ ذَلِكَ ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُطْلِعِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَقَالَ : إذَا كَانَ بَعْدَ الْجِدِّ وَالْبَحْثِ ( قُلْت ) وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَدْ عَمِلَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ وَجْهًا لِمَنْ خَرَّجَهُ ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ رِوَايَةً مُخَرَّجَةً ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ ، وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ أَيْضًا : قُلْت : إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَلَمْ يَجْعَلْ أَوَّلَ قَوْلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مَذْهَبًا لَهُ جَازَ نَقْلُ حُكْمِ الثَّانِيَةِ إلَى الْأُولَى فِي الْأَقْيَسِ ، وَلَا عَكْسَ ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ أَوَّلَ قَوْلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مَذْهَبًا لَهُ مَعَ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ ، وَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ جَازَ نَقْلُ حُكْمِ أَقْرَبِهِمَا مِنْ كِتَابٍ ، أَوْ سُنَّةٍ ، أَوْ إجْمَاعٍ ، أَوْ أَثَرٍ ، أَوْ قَوَاعِدِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ إلَى الْأُخْرَى فِي الْأَقْيَسِ ، وَلَا عَكْسَ ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ أَوَّلَ قَوْلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مَذْهَبًا لَهُ مَعَ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ ، وَأَوْلَى ، لِجَوَازِ كَوْنِهَا الْأَخِيرَةَ دُونَ الرَّاجِحَةِ .
انْتَهَى .
تَنْبِيهَاتٌ : ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " قَالَ بَعْضُهُمْ وَبَعُدَ الزَّمَنُ " مِنْ الْبَعْضِ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَآدَابِ الْمُفْتِي فَإِنَّهُ قَطَعَ بِذَلِكَ
.
( التَّنْبِيهُ الثَّانِي ) قَوْلُهُ " وَلَا مَانِعَ " يَعْنِي إذَا أَفْضَى النَّقْلُ وَالتَّخْرِيجُ إلَى خَرْقِ الْإِجْمَاعِ أَوْ رَفْعِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ ، أَوْ عَارَضَهُ نَصُّ كِتَابٍ ، أَوْ سُنَّةٍ امْتَنَعَ النَّقْلُ وَالتَّخْرِيجُ ، قَالَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي .
( التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ ) الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا قِيسَ عَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَذْهَبٌ لَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُ ( وَاعْلَمْ ) أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا قِيسَ عَلَى كَلَامِهِ مَذْهَبٌ لَهُ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا : " وَالْمَقِيسُ عَلَى كَلَامِهِ مَذْهَبُهُ فِي الْأَشْهَرِ " انْتَهَى ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَثْرَمِ ، وَالْخِرَقِيِّ ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَقَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَآدَابِ الْمُفْتِي ، وَالْحَاوِي ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقِيلَ : لَيْسَ بِمَذْهَبٍ لَهُ ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ : عَامَّةُ مَشَايِخِنَا مِثْلُ الْخَلَّالِ ، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَأَبِي عَلِيٍّ ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَسَائِرِ مَنْ شَاهَدْنَاهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ نِسْبَتَهُ إلَيْهِ ، وَأَنْكَرُوا عَلَى الْخِرَقِيِّ مَا رَسَمَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ انْتَهَى ، وَنَصَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُسَوَّدَةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسَوَّدَةِ وَالْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ ، وَقِيلَ : إنْ جَازَ تَخْصِيصُ الْعِلَّةِ فَهُوَ مَذْهَبُهُ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَآدَابِ الْمُفْتِي : وَقُلْتُ : إنْ نَصَّ الْإِمَامُ عَلَى عِلَّتِهِ ، أَوْ أَوْمَأَ إلَيْهَا ، كَانَ مَذْهَبًا ، وَإِلَّا فَلَا ، إلَّا أَنْ تَشْهَدَ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ أَوْ أَحْوَالُهُ لِلْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ بِالصِّحَّةِ ، وَالتَّعْيِينِ انْتَهَى .
قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ ، وَالطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا ، وَغَيْرُهُمَا : إنْ بَيَّنَ الْعِلَّةَ فَمَذْهَبُهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وُجِدَتْ فِيهَا تِلْكَ الْعِلَّةُ ،
كَمَذْهَبِهِ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعِلَّةَ فَلَا وَإِنْ أَشْبَهَتْهَا ، إذْ هُوَ إثْبَاتُ مَذْهَبٍ بِالْقِيَاسِ ، وَلِجَوَازِ ظُهُورِ الْفَرْقِ لَهُ لَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَفِي " أَكْرَهُ ، وَلَا يُعْجِبُنِي ، أَوْ لَا أُحِبُّهُ ، أَوْ لَا أَسْتَحْسِنُهُ ، أَوْ يَفْعَلُ السَّائِلُ كَذَا احْتِيَاطًا : وَجْهَانِ " انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي آدَابِ الْمُفْتِي ، فِي أَكْرَهُ أَوْ لَا يُعْجِبُنِي ( أَحَدُهُمَا ) هُوَ لِلنَّدْبِ وَالتَّنْزِيهِ إنْ لَمْ يُحَرِّمْهُ قَبْلُ ، ذَلِكَ كَقَوْلِهِ : أَكْرَهُ النَّفْخَ فِي الطَّعَامِ ، وَإِدْمَانَ اللَّحْمِ ، وَالْخُبْزَ الْكُبَارِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى : فِي أَكْرَهُ ، أَوْ لَا يُعْجِبُنِي ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي ذَلِكَ لِلتَّحْرِيمِ ، كَقَوْلِ أَحْمَدَ : أَكْرَهُ الْمُتْعَةَ ، وَالصَّلَاةَ فِي الْمَقَابِرِ ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ، وَصَاحِبُهُ ، وَابْنُ حَامِدٍ فِي قَوْلِهِ : أَكْرَهُ كَذَا ، أَوْ لَا يُعْجِبُنِي ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فِيمَا إذَا قَالَ لِلسَّائِلِ : يَفْعَلُ كَذَا احْتِيَاطًا ، أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَآدَابِ الْمُفْتِي : الْأَوْلَى النَّظَرُ إلَى الْقَرَائِنِ فِي الْكُلِّ ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ ، أَوْ تَحْرِيمٍ ، أَوْ كَرَاهَةٍ ، أَوْ إبَاحَةٍ حُمِلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ ، أَوْ تَأَخَّرَتْ ، أَوْ تَوَسَّطَتْ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ " وَإِنْ أَجَابَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ عَنْ غَيْرِهِ : هَذَا أَهْوَنُ ، أَوْ أَشَدُّ ، أَوْ أَشْنَعُ ، فَقِيلَ : هُمَا سَوَاءٌ ، وَقِيلَ بِالْفَرْقِ " انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( أَحَدُهُمَا ) هُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ ، وَالْقَاضِي ، وَالْقَوْلُ ( الثَّانِي ) بِالْفَرْقِ ( قُلْت ) وَهُوَ الظَّاهِرُ ،
وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ فِي تَهْذِيبِ الْأَجْوِبَةِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ : قُلْت إنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى وَكَثُرَ التَّشَابُهُ فَالتَّسْوِيَةُ أَوْلَى ، وَإِلَّا فَلَا ، وَقِيلَ : قَوْلُهُ هَذَا أَشْنَعُ عِنْدَ النَّاسِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ ، وَقِيلَ : لَا انْتَهَى .
وَقَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي : وَالْأَوْلَى النَّظَرُ إلَى الْقَرَائِنِ فِي الْكُلِّ ، وَمَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ ، وَحَمْلِهِ عَلَى أَصَحِّ الْمَحَامِلِ وَأَرْجَحِهَا وَأَنْجَحِهَا وَأَرْبَحِهَا انْتَهَى .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَفِي إجَابَتِهِ بِقَوْلٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَآدَابِ الْمُفْتِي ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ مَذْهَبَهُ ، اخْتَارَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ مَذْهَبَهُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ( قُلْت ) وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ ، وَيُعَضِّدُهُ مَنْعُ الْإِمَامِ مِنْ اتِّبَاعِ آرَاءِ الرِّجَالِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ وَقَوِيَ دَلِيلُهُ ، أَوْ صَحَّحَ الْإِمَامُ خَبَرًا أَوْ حَسَّنَهُ ، أَوْ دَوَّنَهُ ، وَلَمْ يَرُدُّهُ فَفِي كَوْنِهِ مَذْهَبَهُ وَجْهَانِ ، فَلِهَذَا أَذْكُرُ رِوَايَتَهُ لِلْخَبَرِ ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ انْتَهَى .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) مَا انْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ مِنْ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَقَوِيَ دَلِيلُهُ : فَهَلْ يَكُونُ مَذْهَبَهُ ، أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ مَذْهَبَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَآدَابِ الْمُفْتِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَقَالَ : يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى سَائِرِ الرِّوَايَاتِ ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، فَكَيْفَ وَالرَّاوِي عَنْهُ ثِقَةٌ خَبِيرٌ بِمَا رَوَاهُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَكُونُ مَذْهَبَهُ ، بَلْ مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ بِخِلَافِهِ أَوْلَى ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ، وَصَاحِبُهُ ، لِأَنَّ
نِسْبَةَ الْخَطَأِ إلَى الْوَاحِدِ أَوْلَى مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى جَمَاعَةٍ ، وَالْأَصْلُ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ ( قُلْت ) وَهَذَا ضَعِيفٌ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيمِ ذَلِكَ خَطَأُ الْجَمَاعَةِ ، وَانْفِرَادُهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ ، وَكَوْنُهُمَا فِي مَجْلِسَيْنِ أَوْلَى ، لِلْجَمْعِ ، وَعَدَمِ الْخَطَأِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَّحِدَ الْمَجْلِسُ ، وَيَحْصُلُ ذُهُولٌ ، أَوْ غَفْلَةٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 ) إذَا صَحَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ خَبَرًا أَوْ حَسَّنَهُ أَوْ دَوَّنَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ أَوْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ مَذْهَبَهُ ، اخْتَارَهُ وَلَدَاهُ : عَبْدُ اللَّهِ ، وَصَالِحٌ ، وَالْمَرُّوذِيُّ ، وَالْأَثْرَمُ ، قَالَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي ، وَغَيْرِهِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَتَهْذِيبِ الْأَجْوِبَةِ وَنَصَرَهُ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يَكُونُ مَذْهَبَهُ ، كَمَا لَوْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ قَبْلُ ، أَوْ بَعْدُ ( قُلْت ) وَهُوَ قَوِيٌّ ، لَا سِيَّمَا فِيمَا إذَا دَوَّنَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحٍ ، وَلَا تَحْسِينٍ ، وَلَا رَدٍّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ " وَإِنْ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ وَفَرَّعَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقِيلَ : هُوَ مَذْهَبُهُ ، كَتَحْسِينِهِ إيَّاهُ ، أَوْ تَعْلِيلِهِ ، وَقِيلَ لَا " انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ مَذْهَبَهُ : إلَّا أَنْ يُرَجِّحَهُ أَوْ يُفْتِيَ بِهِ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ مَذْهَبَهُ ، قَدَّمَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ ( قُلْت ) وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَالْمَذْهَبُ لَا يَكُونُ بِالِاحْتِمَالِ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ " وَفِي كَوْنِ سُكُوتِهِ رُجُوعًا وَجْهَانِ " انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي آدَابِ الْمُفْتِي ، يَعْنِي : إذَا أَفْتَى بِحُكْمٍ ، فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فَسَكَتَ وَنَحْوُهُ فَهَلْ يَكُونُ سُكُوتُهُ رُجُوعًا أَمْ لَا ؟ (
أَحَدُهُمَا ) لَا يَكُونُ رُجُوعًا ، قَدَّمَهُ فِي تَهْذِيبِ الْأَجْوِبَةِ ، وَنَصَرَهُ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَتَابَعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ ، قَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي : اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ( قُلْت ) وَهُوَ أَوْلَى ، أَوْ يَرْجِعُ إلَى حَالِ السَّاكِتِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ رُجُوعًا ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : " وَيَلْحَقُ مَا تَوَقَّفَ فِيهِ بِمَا يُشْبِهُهُ هَلْ هُوَ بِالْأَخَفِّ ، أَوْ الْأَثْقَلِ ، أَوْ التَّخْيِيرِ ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا " انْتَهَى ، تَابَعَ الْمُصَنِّفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى ، وَآدَابِ الْمُفْتِي ، فَقَالَ فِيهِمَا : وَإِذَا تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي مَسْأَلَةٍ تُشْبِهُ مَسْأَلَتَيْنِ ، أَوْ أَكْثَرَ أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ ، فَهَلْ تَلْحَقُ بِالْأَخَفِّ ، أَوْ الْأَثْقَلِ ، أَوْ يُخَيَّرُ الْمُقَلِّدُ بَيْنَهُمَا ؟ قُلْت أَوْجُهًا انْتَهَى ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ : قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ مِنْ عِنْدِهِ : يَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَوْجُهًا ثَلَاثَةً ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ، بَلْ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ إذَا تَوَقَّفَ فِي مَسْأَلَةٍ : فَإِنْ أَشْبَهَتْ مَسْأَلَةً حُكْمُهَا أَرْجَحُ مِنْ غَيْرِهِ فَهُنَا يَجُوزُ إلْحَاقُهَا بِمَا يُشْبِهُهَا ، وَإِنْ أَشْبَهَتْ مَسْأَلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مُخْتَلِفَةً بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ فَهَذِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ ، فَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : وَالْأَوْلَى الْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِمَنْ هُوَ أَصْلَحُ لَهُ ، وَالْأَظْهَرُ عَنْهُ هُنَا التَّخْيِيرُ ، وَمَعَ تَعَادُلِ الْأَمَارَاتِ فَلَا وَقْفَ ، وَلَا تَخْيِيرَ ، وَلَا تَسَاقُطَ انْتَهَى .
وَقَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ : أَظْهَرُهَا عَنْهُ التَّخْيِيرُ .
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : لَا تَتَعَادَلُ الْأَمَارَاتُ ، قُلْت : فَلَا تَخَيُّرَ ، وَلَا وَقْفَ ، وَلَا تَسَاقُطَ ، وَالْأَوْلَى الْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِمَنْ هُوَ أَصْلَحُ لَهُ انْتَهَى .
( قُلْت ) الْأَوْلَى إلْحَاقُهَا بِالْأَخَفِّ .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُصْطَلَحِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ قَدْ مَنَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِتَصْحِيحِهَا .
( أَقْسَامُ الْمَاءِ ثَلَاثَةٌ ) طَهُورٌ : يَرْفَعُ وَحْدَهُ الْحَدَثَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ مُطْلَقًا ، وَلَا يُكْرَهُ مُتَغَيِّرٌ بِنَجِسٍ مُجَاوِرٍ ( ش ) أَوْ مُسَخَّنٌ بِطَاهِرٍ لِذَلِكَ ، بَلْ لِشِدَّةِ حَرِّهِ ( وَ ) فِي الْكُلِّ .
وَيَأْتِي فِي نَجَاسَةِ الرِّيحِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ .
وَعَنْ ( هـ ) رِوَايَةٌ فِي نَبِيذٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فِي سَفَرٍ لِعَدَمٍ ، فَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ عِنْدَهُ ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ يَتَيَمَّمُ مَعَهُ .
وَنَصُّ أَحْمَدَ لَا يُسَوَّغُ الِاجْتِهَادُ فِي حِلِّ الْمُسْكِرِ ، فَكَيْفَ الطَّهَارَةُ بِهِ ؟ قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَسَلَّمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُسَوَّغُ .
قَالَ ثَعْلَبٌ : طَهُورٌ بِفَتْحِ الطَّاءِ الطَّاهِرُ فِي ذَاتِهِ ، الْمُطَهِّرُ لِغَيْرِهِ .
قَالَ أَصْحَابُنَا : فَهُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَعَدِّيَةِ بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ ، وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ ، وَالشَّافِعِيَّةِ .
وَقَالَ فِي الْفُنُونِ : الطَّهَارَةُ النَّزَاهَةُ ، فَطَاهِرٌ : نَزِهٌ ، وَطَهُورٌ : غَايَةٌ فِي النَّزَاهَةِ ، لَا لِلتَّعَدِّي ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا ، لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } فَفَسَّرَ كَوْنَهُ طَهُورًا بِالنَّزَاهَةِ ، لَا يُنَجَّسُ بِغَيْرِهِ لَا بِأَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ .
فَمَنْ تَعَاطَى فِي طَهُورٍ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِعُ فَقَدْ أَبْعَدَ .
فَحَصَلَ عَلَى كَلَامِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهَا بِغَيْرِ التَّعَدِّي .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ : إنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ اللَّازِمَةِ بِمَعْنَى الطَّاهِرِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ ، كَالطَّهَارَةِ ، وَإِنَّمَا الشَّرْعُ جَعَلَ الْمَاءَ مُطَهِّرًا ، وَرَدَّ الْمُطَرِّزِيُّ قَوْلَ ثَعْلَبٍ ، وَقَالَ : لَيْسَ فَعُولٌ مِنْ التَّفْعِيلِ فِي شَيْءٍ ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ كَالْقَطُوعِ غَيْرُ سَدِيدٍ .
وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ : الطُّهُورُ بِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ ، وَحُكِيَ فِيهِمَا الضَّمُّ وَالْفَتْحُ .
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ : الطَّهُورُ اسْمٌ لِمَا تَطَهَّرْت بِهِ .
وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا :
التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْدُولًا عَنْ طَاهِرٍ حَتَّى يُشَارِكَهُ فِي اللُّزُومِ وَالتَّعَدِّي بِحَسَبِ اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ ، كَضَارِبٍ وَضَرُوبٍ ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْآلَاتِ الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا كَوَجُورٍ ، وَفَطُورٍ ، وَسَحُورٍ ، وَنَحْوِهِ ، وَيَقُولُونَ ذَلِكَ بِالضَّمِّ لِلْمَصْدَرِ نَفْسُ الْفِعْلِ ، فَأَمَّا طَاهِرٌ فَصِفَةٌ مَحْضَةٌ لَازِمَةٌ ، لَا تَدُلُّ عَلَى مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ ، وَفَائِدَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَائِعَاتِ لَا تُزِيلُ النَّجَاسَةَ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ .
قَالَ شَيْخُنَا : وَفَائِدَةٌ ثَانِيَةٌ ، وَلَا تَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهَا ، وَالْمَاءُ يُدْفَعُ بِكَوْنِهِ مُطَهِّرًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ ، فَلَا يُدْفَعُ .
وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْمَالِكِيَّةَ عَنْ قَوْلِهِمْ فِي طَهُورِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلِ الطَّهُورِ مَا تَكَرَّرَ مِنْهُ التَّطْهِيرُ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْمَاءِ وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ إذَا ضُمَّ إلَى غَيْرِهِ وَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ ، أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ يَفْعَلُ التَّطْهِيرَ ، وَلَوْ أُرِيدَ مَا ذَكَرُوهُ لَمْ يَصِحَّ وَصْفُهُ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْفِعْلِ .
وَلَا يُكْرَهُ مُشَمَّسٌ قَصْدًا ( ش ) وَمُتَغَيِّرٌ بِمُكْثِهِ ( وَ ) وَقِيلَ : يُكْرَهَانِ ، وَقِيلَ ، أَوْ غَيْرُ قَصْدٍ مِنْ مَاءِ آنِيَةٍ فِي جَسَدِهِ ، وَلَوْ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ ، فَإِنْ بَرَدَ مُشَمَّسٌ فَاحْتِمَالَانِ ( م 1 ) وَفِي النَّصِيحَةِ لِلْآجُرِّيِّ : يُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ ، يُقَالُ : يُورِثُ الْبَرَصَ .
وَإِنْ غَيَّرَهُ غَيْرُ مُمَازِجٍ ، كَدُهْنٍ وَقِطَعِ كَافُورٍ ، فَطَهُورٌ ، فِي الْأَصَحِّ ( م ) وَكَذَا مِلْحٌ مَائِيٌّ ( وَ ) .
كِتَابُ الطَّهَارَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : " وَلَا يُكْرَهُ مُشَمَّسٌ قَصْدًا وَقِيلَ : يُكْرَهُ ، وَقِيلَ : أَوْ غَيْرَ قَصْدٍ مِنْ مَاءِ آنِيَةٍ ، وَلَوْ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ ، فَإِنْ بَرَدَ فَاحْتِمَالَانِ " انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَزُولُ ، قُلْت : يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ ، فَإِنْ قَالُوا حُكْمُهُ إذَا بَرَدَ : حُكْمُهُ حَالَ التَّشْمِيسِ كَانَ كَذَلِكَ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَهَلْ يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِنَجَسٍ أَمْ لَا ( وَ م ) فِيهِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا مُسَخَّنٌ بِمَغْصُوبٍ ، وَكَذَا رَفْعُ حَدَثٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ، وَقِيلَ يَحْرُمُ كَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( م 2 - 6 ) وَحَرَّمَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ حَيْثُ تَنَجَّسَ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ تَعْظِيمُهُ ، وَقَدْ زَالَ بِنَجَاسَتِهِ ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ : لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ ، هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ ، أَمْ يَحْرُمُ " عَلَى وَجْهَيْنِ ( م 6 ) وَقِيلَ يُكْرَهُ الْغُسْلُ ( خ ) لَا الْوُضُوءُ ( وَ ) وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا .
وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ : يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ وَقِيلَ : إنْ ظَنَّ وُصُولَ النَّجَاسَةِ كُرِهَ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَلَا ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فَرِوَايَتَانِ ، وَإِنْ وَصَلَ دُخَانُهَا فَهَلْ هُوَ كَوُصُولِ نَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ ؟ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ مَاءُ الْحَمَّامِ لِعَدَمِ تَحَرِّي مَنْ يُدْخِلُهُ .
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ : أُحِبُّ أَنْ يُجَدِّدَ مَاءً غَيْرَهُ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ مَاءٌ جَرَى عَلَى الْكَعْبَةِ ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ ، وَإِنْ غَيَّرَهُ مَا شَقَّ صَوْنُهُ عَنْهُ لَمْ يُكْرَهْ فِي الْأَصَحِّ ، فَإِنْ وُضِعَ قَصْدًا أَوْ خَالَطَهُ مَا لَمْ يَشُقُّ وَقِيلَ حَتَّى التُّرَابُ وَغَيَّرَ كَثِيرًا وَقِيلَ أَوْ قَلِيلًا صِفَةً ، وَقِيلَ أَوْ أَكْثَرَ فَطَاهِرٌ .
اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( وَ م .
ش ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ ، لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَاءٍ فَاشْتَرَاهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ : بِأَنَّ تَنَاوُلَ الِاسْمِ لِمُسَمَّاهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَغَيُّرٍ أَصْلِيٍّ وَطَارِئٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ ، أَوْ لَا ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ ، لِحَاجَةِ الِاسْتِعْمَالِ ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً ، أَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَاءٍ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ هَذَا
وَهَذَا .
وَقَالَ أَيْضًا : لَا يَتَنَاوَلُ مَاءَ الْبَحْرِ ، فَكَذَا مَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ .
وَعَنْهُ : طَهُورٌ ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ ، قَالَهُ فِي الْكَافِي ( وَ .
هـ ) وَهُوَ كَمَا قَالَ ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ ، وَالثَّانِي نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ كَمَا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَشَيْخُنَا .
وَعَنْهُ : مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ .
وَخَصَّ الْخِرَقِيُّ الْعَفْوَ بِقَلِيلِ الرَّائِحَةِ ، وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مَاءِ الْحَوْضِ { أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ } دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ مَا يَقُولُهُ قَوْمٌ : إنَّ الْمَاءَ لَا لَوْنَ لَهُ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ .
وَلَا تَزُولُ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ يَكْفِي طُهْرُهُ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ فِي الْأَصَحِّ ( وَ ) فَإِنْ لَمْ يَكْفِ فَرِوَايَتَانِ ( م 7 ) وَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ حُكْمُ آبَارِ الْحَجَرِ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : " وَهَلْ يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِنَجِسٍ أَمْ لَا " فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَكَذَا مُسَخَّنٌ بِمَغْصُوبٍ ، وَكَذَا رَفْعُ حَدَثٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ، وَقِيلَ : يَحْرُمُ ، كَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ بِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ وَأَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ .
" الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى " الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِنَجِسٍ هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا " أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالْمِحْوَرِ ، وَالنَّظْمِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالزَّرْكَشِيُّ ، وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِأَبِي الْخَطَّابِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَيُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : وَإِنْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ كُرِهَ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ : هَذَا الْأَشْهَرُ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُكْرَهُ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَلَوْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ لَا تَصِلُ إلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : وَفِي كَرَاهَةِ مُسَخَّنٍ بِنَجَاسَةٍ رِوَايَةٌ ، فَدَلَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عِنْدَهُ لَا يُكْرَهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ .
( تَنْبِيهٌ ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ طَرِيقَتَيْنِ ، وَقَدْ ذَكَرْت فِي الْإِنْصَافِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ طَرِيقَةً ، وَذَكَرْت مَنْ اخْتَارَ كُلَّ طَرِيقَةٍ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) حَكَى فِي كَرَاهَةِ الْمُسَخَّنِ بِالْمَغْصُوبِ رِوَايَتَيْنِ ،
وَأَطْلَقَهُمَا ، وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْحَاوِيَيْنِ ، أَحَدُهُمَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى كُرِهَ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي مُذَكِّرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَالْآمِدِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُكْرَهُ .
قُلْت وَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ ، وَلَمْ أَرَهُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 ) رَفْعُ الْحَدَثِ بِمَاءِ زَمْزَمَ : هَلْ يُكْرَهُ ، أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ ، إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْن عُبَيْدَانَ ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَقَالَا : هَذَا أَوْلَى ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ : قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هَذَا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَصَحَّحَهُ فِي نَظْمِهِ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ فِي الْمُنْتَقَى ( وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ ) يُكْرَهُ ، جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ، وَقَدْ قَالَ : بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ .
وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ .
وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَابْنُ رَزِينٍ .
وَقَوْلُهُ : وَقِيلَ يُكْرَهُ الْغُسْلُ ، لَا الْوُضُوءُ ، هُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّلْخِيصِ .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 5 ) لَوْ أَزَالَ بِهِ نَجَاسَةً : هَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ( أَحَدُهُمَا ) يُكْرَهُ فَقَطْ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ ، وَالْمُغْنِي وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَغَيْرِهِ ،
وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَغَيْرِهِ ( وَالْوَجْهُ ) الثَّانِي يَحْرُمُ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ اخْتَارَهُ .
( وَإِطْلَاقُ ) الْخِلَافِ مِنْ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ فِي كَلَامِهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ الْمُقَدَّمَ التَّحْرِيمُ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ : فَإِنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ ، أَوْ يَكُونَ اطَّلَعَ عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِمَّا لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ ، وَالْمُصَنِّفُ لَهُ مِنْ الِاطِّلَاعِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ ، وَهَذَا أَوْلَى .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ : وَمَاءُ زَمْزَمَ كَغَيْرِهِ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْغُسْلُ مِنْهَا ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ كَالطَّهَارَةِ بِهِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قَوْلٌ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِهِ ، بَلْ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، وَيَحْتَمِلُهُ الْقَوْلُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي النَّظْمِ قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ : وَيُكْرَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ فِي الْأَصَحِّ ، فَظَاهِرٌ ضِدُّ الْأَصَحِّ دُخُولُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فِيهِ ( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ : لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ : هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَمْ يَحْرُمُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْوَقْفِ التَّحْرِيمُ ، لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ قَطَعَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشْبِهُ تِلْكَ ، بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّهَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا لَكَانَ قَوِيًّا ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِيَّتِهَا هُنَاكَ ، فَقَالَ : وَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهَا ، وَقِيلَ : إنْ
سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ جَازَ الْوُضُوءُ مِنْهُ ، فَظَاهِرُ مَا قُدِّمَ عَدَمُ الْجَوَازِ .
وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ بِتَحْرِيمِ الْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمُنْفَصِلِ وَاضِحٌ ( وَقِيلَ ) لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ، وَأَنَّهُ لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ فَفِي كَرَاهَةِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَتَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهَا انْتَهَى ، فَحَكَى ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ .
فَإِنْ قِيلَ : لَيْسَ هَذَا بِوَقْفٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ إبَاحَةُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ ، قُلْت يَشْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صُوَرًا ( مِنْهَا ) أَنْ يُوقَفَ شَيْئًا لِظُهُورِ الْمَاءِ ، فَإِذَا ظَهَرَ جَعَلَهُ لِلشُّرْبِ ، فَهَذَا مِثْلُ نَمَاءِ الْوَقْفِ ، فَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُهُ ( وَمِنْهَا ) أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ فَيُوقَفُ عَلَيْهِ ( وَمِنْهَا ) أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ ، وَيَجْعَلُهُ لِلشُّرْبِ ، فَهَذَا شَبِيهٌ بِالْوَقْفِ ، بَلْ قَدْ قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَيَجُوزُ وَقْفُ الْمَاءِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَقْفِ وَفِي الْجَامِعِ : يَصِحُّ وَقْفُ الْمَاءِ ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا النُّقُولَ فِي ذَلِكَ فِي الْإِنْصَافِ .
مَسْأَلَةٌ 7 ) : قَوْلُهُ " وَلَا تَزُولُ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ يَكْفِي طُهْرُهُ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ فِي الْأَصَحِّ ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِ فَرِوَايَتَانِ " انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ( إحْدَاهُمَا ) لَا تَزُولُ طَهُورِيَّتُهُ ، وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : هَذَا أَوْلَى ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ تَابَعُوا الْمَجْدَ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ ، وَقَالَ : هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَحَمَلَ ابْنُ عَقِيلٍ كَلَامَ الْقَاضِي عَلَى
أَنَّ الْمَائِعَ لَمْ يُسْتَهْلَكْ .
( تَنْبِيهٌ ) تَابَعَ الْمُصَنِّفُ فِي عِبَارَاتِهِ ابْنَ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ ، فَفَرَضَا الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي زَوَالِ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ ، وَفَرَضَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِي مَنْعِ الطَّهَارَةِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَالشَّارِحُ ، وَابْنُ رَزِينٍ ، وَابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ، وَنَصَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ ، وَرَدَّ الْأَوَّلَ بِأَدِلَّةٍ جَيِّدَةٍ وَوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ كَلَامَ الْأَكْثَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّاهِرَ هَلْ يَصِيرُ طَهُورًا تَبَعًا أَمْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ ؟ وَأَمَّا الطَّهُورُ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِزَوَالِ طَهُورِيَّتِهِ ، وَالْمُصَنِّفُ حَكَى الْخِلَافَ فِي زَوَالِ طَهُورِيَّتِهِ فَخَالَفَ الْأَكْثَرَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَصْلٌ " الثَّانِي طَاهِرٌ " كَمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ ، وَطَهُورٍ طُبِخَ فِيهِ ، أَوْ غَلَبَ مُخَالِطُهُ .
وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ قَلِيلٌ فِي رَفْعِ حَدَثٍ فَطَاهِرٌ ( و .
م .
ر .
ق ) نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ .
وَعَنْهُ طَهُورٌ ( وَ .
هـ .
ر ) وَ ( م .
ر .
ق ) وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَأَبُو الْبَقَاءِ وَشَيْخُنَا .
وَعَنْهُ نَجِسٌ ( وَ .
هـ .
ر ) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي ثَوْبِ الْمُتَطَهِّرِ .
وَقَطَعَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ بِالْعَفْوِ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ .
وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ .
وَفِي رِوَايَةٍ لَا ( م 8 ) صَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ وَشَيْخُنَا .
وَلَوْ اشْتَرَى مَاءً لِيَشْرَبَهُ فَبَانَ قَدْ تُوُضِّئَ بِهِ فَعَيْبٌ ، لِاسْتِقْذَارِهِ عُرْفًا ، وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ .
وَإِنْ غَمَسَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ يَدَهُ ، وَقِيلَ : أَوْ بَعْضَهَا قَائِمٌ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ ، وَعَنْهُ وَالنَّهَارِ ، وَقِيلَ غَسَلَهَا ثَلَاثًا ، وَقِيلَ بَعْدَ النِّيَّةِ ، وَقِيلَ نِيَّةُ الْوُضُوءِ : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { فَأَرَادَ الطَّهُورَ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فَطَاهِرٌ .
وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ اسْتَعْمَلَهُ ، وَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي شُرْبٍ وَغَيْرِهِ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَقِيلَ يَحْرُمُ ، صَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ لِلْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ مِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ وَفِيهِ ضَعْفٌ عَنْ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ، رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ ، لَكِنَّهُ صَحَّ عَنْ الْحَسَنِ ، وَعَنْهُ طَهُورٌ ( وَ ) وَعَنْهُ نَجِسٌ .
وَإِنْ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ غَمْسٍ فَعَنْهُ كَغَمْسِهِ ، وَعَنْهُ طَهُورٌ ( م 9 ) وَفِي تَأْثِيرِ غَمْسِ كَافِرٍ وَمَجْنُونٍ وَطِفْلٍ وَجْهَانِ ( م 10 ) وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي طُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ فَفِي بَقَاءِ طَهُورِيَّتِهِ رِوَايَتَانِ ( م 11 ) وَلَا أَثَرَ لِغَمْسِهَا فِي مَائِعٍ طَاهِرٍ فِي الْأَصَحِّ .
وَإِنْ نَوَى جُنُبٌ بِانْغِمَاسِهِ أَوْ بَعْضِهِ فِي قَلِيلٍ رَاكِدٍ رَفْعَ حَدَثِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ ( ش .
هـ .
ر ) وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : بِأَوَّلِ جُزْءٍ لَاقَى ، كَمَحَلِّ نَجَسٍ لَاقَاهُ ( وَ ) قَالَ
الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَذَلِكَ الْجُزْءُ لَا يُعْلَمُ ، لِاخْتِلَافِ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الرَّأْسِ ، وَقِيلَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ ، كَالْمُتَرَدِّدِ عَلَى الْمَحَلِّ ( م 12 ) وَقِيلَ لَيْسَ مُسْتَعْمَلًا ، وَقِيلَ يَرْتَفِعُ ، وَقِيلَ : إنْ كَانَ الْمُنْفَصِلُ عَنْ الْعُضْوِ لَوْ غُسِلَ بِمَائِعٍ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ أَثَرٌ : أَثَّرَ هُنَا ، وَكَذَا نِيَّتُهُ بَعْدَ غَمْسِهِ ، وَقِيلَ يَرْتَفِعُ ، وَلَا أَثَرَ لَهُ بِلَا نِيَّةٍ لِطَهَارَةِ بَدَنِهِ ( وَ ) وَعَنْهُ يُكْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كُرِهَ أَنْ يَغْتَسِلَ فِيهِ ( وَ ش ) قَالَ أَحْمَدُ : لَا يُعْجِبُنِي وَعَنْهُ لَا يَنْبَغِي ، وَهَلْ يَرْتَفِعُ بِاتِّصَالِهِ أَوْ انْفِصَالِهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 13 ) وَإِنْ اغْتَرَفَ بِيَدِهِ مِنْ الْقَلِيلِ بَعْدَ نِيَّةِ غَسْلِهِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ لِصَرْفِ النِّيَّةِ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ خَارِجَهُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
وَهَلْ رِجْلٌ أَوْ فَمٌ وَنَحْوُهُ كَيَدٍ ، أَمْ يُؤَثِّرُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 14 ) .
وَقِيلَ : اغْتِرَافُ مُتَوَضِّئٍ بِيَدِهِ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ لَمْ يَنْوِ غَسْلَهَا فِيهِ كَجُنُبٍ ، وَالْمَذْهَبُ طَهُورٌ لِمَشَقَّةِ تَكَرُّرِهِ ، وَيَصِيرُ الْمَاءُ بِانْتِقَالِهِ إلَى عُضْوٍ آخَرَ مُسْتَعْمَلًا ( وَ .
ر .
ش ) وَعَنْهُ لَا ( وَ .
هـ ) وَعَنْهُ لَا فِي الْجُنُبِ ، وَعَنْهُ يَكْفِيهِمَا مَسْحُ اللُّمْعَةِ بِلَا غَسْلٍ لِلْخَبَرِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ .
وَإِنْ خُلِطَ طَهُورٌ بِمُسْتَعْمَلٍ : فَإِنْ كَانَ لَوْ خَالَفَهُ فِي الصِّفَةِ غَيْرُهُ أَثَّرَ ، وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ الْحُكْمُ لِلْأَكْثَرِ قَدْرًا ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ : إنْ غَيَّرَهُ لَوْ كَانَ خَلًّا أَثَّرَ ، وَنَصُّهُ فِيمَنْ انْتَضَحَ مِنْ وُضُوئِهِ فِي إنَائِهِ لَا بَأْسَ ، وَإِنْ بَلَغَ بَعْدَ خَلْطِهِ قُلَّتَيْنِ ، أَوْ كَانَا مُسْتَعْمَلَيْنِ فَطَاهِرٌ ، وَقِيلَ : طَهُورٌ .
وَإِنْ خَلَتْ بِهِ وَقِيلَ : وَبِكَثِيرٍ امْرَأَةٌ ، وَقِيلَ : أَوْ مُمَيِّزَةٌ فِي غَسْلِ أَعْضَائِهَا ، وَقِيلَ : أَوْ بَعْضِهَا عَنْ حَدَثٍ ، وَقِيلَ : أَوْ خَبَثَ
وَطُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ فَطَهُورٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَرْفَعُ حَدَثَ رَجُلٍ ، وَقِيلَ : " وَلَا صَبِيٍّ ، وَعَنْهُ يَرْفَعُ ( وَ ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَاسْتِعْمَالِهِمَا مَعًا ، وَكَإِزَالَتِهِ بِهِ نَجَاسَةً ، وَكَامْرَأَةٍ أُخْرَى ، وَكَتَطْهِيرِهَا بِمَاءٍ خَلَا بِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِنَّ ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ فِي الْأَخِيرَةِ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ ( ع ) وَرِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ ، وَيُكْرَهُ ، وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ الْآجُرِّيِّ ، كَرِوَايَةِ فِي خَلْوَةٍ لِشُرْبٍ ، وَالْخُنْثَى كَرَجُلٍ ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ كَامْرَأَةٍ ، وَتَزُولُ الْخَلْوَةُ بِمُشَارَكَتِهِ لَهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ : وَبِالْمُشَاهَدَةِ فَقِيلَ : مُشَاهَدَةُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ، وَقِيلَ : كَخَلْوَةِ النِّكَاحِ ( م 15 ) .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ قَلِيلٌ فِي رَفْعِ حَدَثٍ فَطَاهِرٌ ، وَعَنْهُ طَهُورٌ ، وَعَنْهُ نَجِسٌ ، وَقَطَعَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ بِالْعَفْوِ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ ، وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا " انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّحِيحُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ صَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَقَطَعَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ بِالْعَفْوِ ( قُلْت ) مِنْهُمْ الْمَجْدُ ، وَابْنُ حَمْدَانَ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ غَمْسٍ فَعَنْهُ كَغَمْسِهِ ، وَعَنْهُ طَهُورٌ " انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ( إحْدَاهُمَا ) هُوَ كَغَمْسِ يَدِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْإِفَادَاتِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ طَهُورٌ ( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَوْلَى أَنَّهُ طَهُورٌ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : " وَفِي تَأْثِيرِ غَمْسِ كَافِرٍ وَمَجْنُونٍ وَطِفْلٍ وَجْهَانِ " انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ( إحْدَاهُمَا ) لَا تَأْثِيرَ لِغَمْسِهِمْ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّارِحِ ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : لَا يُؤَثِّرُ غَمْسُهُمْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُؤَثِّرُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ
اُسْتُعْمِلَ فِي طُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ فَفِي بَقَاءِ طَهُورِيَّتِهِ رِوَايَتَانِ " يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِزَوَالِ طَهُورِيَّتِهِ إذَا رُفِعَ بِهِ حَدَثٌ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ وَفُصُولِهِ ، وَالْمُبْهِجِ ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا ، وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَالْفَائِقِ ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) هُوَ بَاقٍ عَلَى طُهُورِيَّتِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ الشَّارِحُ : أَظْهَرُهُمَا طُهُورِيَّتُهُ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : طَهُورٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ ، وَالْعُمْدَةِ ، وَالْوَجِيزِ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُسْلِبُهُ الطَّهُورِيَّةَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ التَّسْهِيلِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ صَاحِبُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ نَوَى جُنُبٌ بِانْغِمَاسِهِ أَوْ بَعْضِهِ فِي قَلِيلٍ رَاكِدٍ رَفْعَ حَدَثِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ وَصَارَ - مُسْتَعْمَلًا ، نَصَّ عَلَيْهِ قِيلَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ لَاقَى كَمَحَلٍّ نَجِسٍ لَاقَاهُ وَقِيلَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ كَالْمُتَرَدِّدِ عَلَى الْمَحَلِّ انْتَهَى .
( الْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ كَوْنُهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ
الْكُبْرَى وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَأَشْهَرُ قَالَ فِي الصُّغْرَى : وَهُوَ أَظْهَرُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ أَشْهَرُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَقَالَ : هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ ، وَنَصَرَاهُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ ( وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) وَهُوَ كَوْنُهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِأَوَّلِ جُزْءٍ لَاقَى قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَقَالَ : عَلَى الْمَنْصُوصِ ، وَحَكَى الْأَوَّلَ احْتِمَالًا ( قُلْت ) فَيَتَقَوَّى بِالنَّصِّ ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَكَذَا نِيَّتُهُ بَعْدَ غَمْسِهِ انْتَهَى ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي مَحَلِّ كَوْنِهِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَإِنْ انْغَمَسَ فِي قَلِيلٍ رَاكِدٍ بِنِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِهِ ، أَوْ نَوَاهُ بَعْدَ انْغِمَاسِهِ فَمُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ لُقِيِّهِ وَنِيَّتِهِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْكُبْرَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِثْلُ الَّتِي قَبْلَهَا فِي كَوْنِ الْمَاءِ يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا ، لَا فِي وَقْتِ مَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الطَّهَارَةَ حَتَّى انْغَمَسَ فِيهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ أَوَّلِ جُزْءٍ يَرْتَفِعُ مِنْهُ ، فَيَحْصُلُ غَسْلُ مَا سِوَاهُ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ ، انْتَهَى ، فَقَطَعَ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ ، وَعَزَاهُ إلَى الْأَصْحَابِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا ، فَقَوْلُهُ وَكَذَا نِيَّتُهُ بَعْدَ غَمْسِهِ : يَعْنِي يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ الصَّوَابُ مَا نَقَلَهُ فِي الْحَاوِي عَنْ الْأَصْحَابِ .
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كُرِهَ أَنْ يَغْتَسِلَ فِيهِ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا يُعْجِبُنِي ، وَعَنْهُ لَا يَنْبَغِي ، وَهَلْ يَرْتَفِعُ بِاتِّصَالِهِ أَوْ انْفِصَالِهِ ، فِيهِ
وَجْهَانِ " انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ ( أَحَدُهُمَا ) يَرْتَفِعُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَهُوَ أَقْيَسُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ ( قَالَ ) فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ .
فَإِنْ كَانَ قُلَّتَيْنِ فَصَاعِدًا ارْتَفَعَ الْحَدَثُ ، وَالْمَاءُ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ ( وَالثَّانِي ) يَرْتَفِعُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ ، فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ اغْتَرَفَ بِيَدِهِ مِنْ الْقَلِيلِ بَعْدَ نِيَّةِ غَسْلِهِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا وَعَنْهُ لَا ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَهَلْ رِجْلٌ وَفَمٌ وَنَحْوُهُ كَيَدٍ ، أَمْ يُؤَثِّرُ فِيهِ وَجْهَانِ " انْتَهَى ( أَحَدُهُمَا ) يُؤَثِّرُ مَنْعًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَلَوْ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْمَاءِ لَا لِغَسْلِهَا ، وَقَدْ نَوَى أَثَّرَ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ نَوَاهُ ثُمَّ وَضَعَ رِجْلَهُ فِيهِ لَا لِغَسْلِهَا بِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا فَظَاهِرٌ فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ غَمَسَ فِيهِ فَمَه احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ الْيَدِ .
مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَصَحِّ وَبِالْمُشَاهَدَةِ ، فَقِيلَ : مُشَاهَدَةُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ وَقِيلَ : كَخَلْوَةِ النِّكَاحِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَالزَّرْكَشِيُّ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ ( أَحَدُهُمَا ) هِيَ كَخَلْوَةِ النِّكَاحِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، فَتَزُولُ الْخَلْوَةُ بِمُشَاهَدَةِ مُمَيِّزٍ ، وَكَافِرٍ ، وَامْرَأَةٍ ، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالشِّيرَازِيُّ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، وَنَظْمِهِ ، وَالشَّرْحِ ، وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تَزُولُ إلَّا بِمُشَاهَدَةِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَقِيلَ : لَا تَزُولُ إلَّا
بِمُشَاهَدَةِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ حُرٍّ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، فَقَالَ : وَلَمْ يَرَهَا ذَكَرٌ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ ، وَقِيلَ أَوْ عَبْدٌ ، وَقِيلَ أَوْ مُمَيِّزٌ ، وَقِيلَ أَوْ مَجْنُونٌ ، وَهُوَ خَطَأٌ ، وَقِيلَ إنْ شَاهَدَ طَهَارَتَهَا أُنْثَى أَوْ كَافِرٌ فَوَجْهَانِ انْتَهَى .
فَصْلٌ ( الثَّالِثُ ) نَجِسٌ ، وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ ( وَ ) وَكَذَا قَلِيلٌ لَاقَى نَجَاسَةً .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُدْرِكُهَا طَرَفٌ ( وَ ش ) .
وَقِيلَ : إنْ مَضَى زَمَنٌ تَسْرِي فِيهِ ، وَعَنْهُ لَا يُنَجَّسُ ( وَ م ) وَعَنْهُ إنْ كَانَ جَارِيًا ( وَ هـ ) اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ ، وَحَكَى عَنْهُ أَبُو الْوَقْتِ الدِّينَوَرِيُّ طَهَارَةَ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ الطَّرَفُ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ .
وَعَنْهُ تُعْتَبَرُ كُلُّ جَرِيَّةٍ بِنَفْسِهَا ، وَهِيَ أَشْهَرُ ، فَيُفْضِي إلَى تَنَجُّسِ نَهْرٍ كَبِيرٍ بِنَجَاسَةٍ قَلِيلَةٍ لَا كَثِيرَةٍ ، لِقِلَّةِ مَا يُحَاذِي الْقَلِيلَةَ ، وَالْجَرِيَّةُ مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ فَوْقَهَا وَتَحْتَهَا وَيَمْنَةً وَيَسَرَةً .
وَقَالَ الشَّيْخُ : وَمَا انْتَشَرَتْ إلَيْهِ عَادَةً أَمَامَهَا وَوَرَاءَهَا ، وَإِنْ امْتَدَّتْ النَّجَاسَةُ فَقِيلَ : وَاحِدَةٌ ، وَقِيلَ : كُلُّ جَرِيَّةٍ نَجَاسَةٌ مُنْفَرِدَةٌ ( م 16 ) وَلَا يُؤَثِّرُ تَغَيُّرُهُ فِي مَحَلِّ التَّطْهِيرِ ، وَفِيهِ قَوْلٌ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، قَالَ : وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِوَصْفٍ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لُغَةً وَشَرْعًا .
وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْكَثِيرُ لَمْ يَنْجُسْ ، إلَّا بِبَوْلٍ أَوْ عَذِرَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ يَابِسَةٍ ذَابَتْ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : أَوَّلًا مِنْ آدَمِيٍّ ، فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 17 ) وَقِيلَ بَلْ عَذِرَةٌ مَائِعَةٌ ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي التَّلْخِيصِ إلَّا بَوْلَ آدَمِيٍّ ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ .
وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي بِئْرٍ وَقَعَ فِيهِ ثَوْبٌ تَنَجَّسَ بِبَوْلِ آدَمِيٍّ : يُنْزَحُ ، وَيُتَوَجَّهُ مِنْ تَقْيِيدِ الْعَذِرَةِ بِالْمَائِعَةِ لَا يُنْزَحُ ، اخْتَارَ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَنْجُسُ ( وَ .
ش ) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ شُيُوخُ أَصْحَابِنَا : يَنْجُسُ ، إلَّا أَنْ تَعْظُمَ مَشَقَّةُ نَزْحِهِ كَمَصَانِعَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ .
وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْضُ الْكَثِيرِ فَفِي نَجَاسَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَ كَثْرَتِهِ وَجْهَانِ ( م 18 ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ؛ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ النَّجِسِ عَيْنِيَّةٌ .
وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ
الْعُمْدَةِ لَا ، لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ ، فَنَفْسُهُ أَوْلَى ، وَأَنَّهُ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ : أَنَّ نَجَاسَتَهُ مُجَاوِرَةٌ سَرِيعَةُ الْإِزَالَةِ ، لَا عَيْنِيَّةٌ ، فَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَحَرَّمَ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ اسْتِعْمَالَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ .
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ سَقْيَهُ لِلْبَهَائِمِ كَالطَّعَامِ النَّجِسِ .
وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ : لَا يَجُوزُ قُرْبَانُهُ بِحَالٍ ، بَلْ يُرَاقُ ، وَقَالَهُ فِي التَّعْلِيقِ فِي الْمُتَغَيِّرِ ، وَأَنَّهُ فِي حُكْمِ عَيْنٍ نَجِسَةٍ ، بِخِلَافِ قَلِيلٍ نَجِسٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ ، فَيَجُوزُ بَلُّ الطِّينِ بِهِ ، وَسَقْيُ الدَّوَابِّ ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْأَزَجِيِّ فِي الِاسْتِحَالَةِ .
وَالْكَثِيرُ قُلَّتَانِ ، وَالْقَلِيلُ دُونَهُمَا ( هـ ) وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ ، وَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ ، فَهُوَ سُبْعُ الدِّمَشْقِيِّ وَنِصْفُ سُبْعِهِ ، فَالْقُلَّتَانِ بِالدِّمَشْقِيِّ مِائَةُ رِطْلٍ ، وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وَسُبْعٍ ( وَ ش ) وَعَنْهُ أَرْبَعُمِائَةٍ عِرَاقِيَّةٌ ، وَالتَّقْدِيرُ تَقْرِيبٌ عَلَى الْأَصَحِّ ( وَ ش ) وَيَطْهُرُ الْكَثِيرُ النَّجِسُ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، أَوْ إضَافَةِ قُلَّتَيْنِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لِلْمَشَقَّةِ ، وَاعْتَبَرَ الْأَزَجِيُّ وَالْمُسْتَوْعِبُ الِاتِّصَالَ فِي صَبِّ الْمَاءِ ، أَوْ بِنَزْحٍ يَبْقَى بَعْدَهُ قُلَّتَانِ .
وَهُوَ طَهُورٌ ، وَقِيلَ : طَاهِرٌ لِزَوَالِ النَّجَاسَةِ بِهِ ، وَلَا يَطْهُرُ الْقَلِيلُ النَّجِسُ إلَّا بِقُلَّتَيْنِ ، فَإِنْ أُضِيفَ إلَى ذَلِكَ قَلِيلُ طَهُورٍ ، أَوْ مَائِعٍ وَبَلَغَ الْقَلِيلُ قُلَّتَيْنِ أَوْ تُرَابٍ وَنَحْوِهِ غَيْرَ مِسْكٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَطْهُرْ ، لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى ، وَقِيلَ بَلَى لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ ، وَلِزَوَالِ التَّغَيُّرِ ، وَقِيلَ : بِالْمَاءِ ، لِأَنَّ غَيْرَهُ يَسْتُرُ النَّجَاسَةَ ، وَقِيلَ بِهِ فِي النَّجِسِ الْكَثِيرِ فَقَطْ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ، وَأَطْلَقَ فِي
الْإِيضَاحِ رِوَايَتَيْنِ فِي التُّرَابِ ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ .
وَإِنْ أُضِيفَ إلَى الْقَلِيلِ قَلِيلٌ وَلَمْ يَبْلُغَا قُلَّتَيْنِ ، أَوْ تُرَابٌ وَنَحْوُهُ ، لَمْ يَطْهُرْ ، لِبَقَاءِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ ، وَهِيَ الْمُلَاقَاةُ وَيَطْهُرُ مَا لَا يَشُقُّ ، نَزْحُهُ بِمَا يَشُقُّ ، وَقِيلَ : أَوْ هُمَا يَشُقَّانِ ، وَقِيلَ : وَبِقُلَّتَيْنِ ، وَيُعْتَبَرُ زَوَالُ التَّغَيُّرِ فِي الْكُلِّ .
وَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْ نَجِسٍ وَطَهُورٍ وَطَاهِرٍ قُلَّتَانِ بِلَا تَغَيُّرٍ فَكُلُّهُ نَجِسٌ ، وَقِيلَ : طَاهِرٌ ، وَقِيلَ : طَهُورٌ ، وَإِنْ أُضِيفَ قُلَّةٌ نَجِسَةٌ إلَى مِثْلِهَا وَلَا تَغَيُّرَ لَمْ يَطْهُرْ فِي الْمَنْصُوصِ ( ش ) كَكَمَالِهَا بِبَوْلٍ أَوْ نَجَاسَةٍ أُخْرَى ، ( وَ ) وَفِي غَسْلِ جَوَانِبِ بِئْرٍ نُزِحَتْ أَرْضُهَا رِوَايَتَانِ ( م 19 ) وَلَهُ اسْتِعْمَالُ كَثِيرٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ ، وَلَوْ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَلِيلٌ ، وَمَا اُنْتُضِحَ مِنْ قَلِيلٍ لِسُقُوطِهَا فِيهِ نَجِسٌ .
وَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ ، أَوْ نَجَاسَةِ عَظْمٍ ، أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ جَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ وَغَيْرِهِ ، أَوْ وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ وُجِدَ بِفِيهِ رُطُوبَةٌ فَوَجْهَانِ ( م 20 - 24 ) وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ وَطِئَ رَوْثَةً فَرَخَّصَ فِيهِ : إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَا هِيَ ؟ وَإِنْ احْتَمَلَ تَغَيُّرَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ نَجَسٍ أَوْ غَيْرِهِ عُمِلَ بِهِ ، وَإِنْ احْتَمَلَهُمَا فَوَجْهَانِ ( م 25 ) وَإِنْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ شَيْءٍ ، أَوْ نَجَاسَتِهِ بَنَى عَلَى أَصْلِهِ ( وَ ) وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَتِهِ ، قِيلَ : إنْ عَيَّنَ سَبَبَهَا ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، وَفِي الْمَسْتُورِ ، وَالْمُمَيِّزِ ، وَلُزُومِ السُّؤَالِ عَنْ السَّبَبِ وَجْهَانِ ( م 26 ) وَإِنْ أَصَابَهُ مَاءُ مِيزَابٍ وَلَا أَمَارَةَ كُرِهَ سُؤَالُهُ عَنْهُ ، نَقَلَهُ صَالِحٌ ، لِقَوْلِ عُمَرَ لِصَاحِبِ الْحَوْضِ : لَا تُخْبِرْنَا ، فَلَا يَلْزَمُ الْجَوَابُ ، وَقِيلَ : بَلَى ، كَمَا لَوْ سُئِلَ عَنْ الْقِبْلَةِ ، وَقِيلَ : الْأَوْلَى السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ ، وَقِيلَ بِلُزُومِهَا ، وَأَوْجَبَ الْأَزَجِيُّ
إجَابَتَهُ إنْ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَيُنَجَّسُ كُلُّ مَائِعٍ ، كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ بِنَجَاسَةٍ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( وَ م ش ) وَذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ ( ع ) فِي سَمْنٍ ، كَذَا قَالَ ، وَعَنْهُ حُكْمُهُ كَالْمَاءِ ( و هـ ) وَعَنْهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ أَصْلًا لَهُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : وَلَبَنٌ كَزَيْتٍ .
وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِنَجِسٍ لَمْ يَتَحَرَّ ( ش ) كَمَيْتَةٍ بِمُذَكَّاةٍ ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِتَيَمُّمِهِ إرَاقَتُهُمَا ، أَوْ خَلْطُهُمَا أَمْ لَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 29 ) وَإِنْ عَلِمَ النَّجِسَ وَقَدْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فَلَا إعَادَةَ فِي الْأَصَحِّ ، وَعَنْهُ لَهُ التَّحَرِّي إذَا زَادَ عَدَدُ الطَّهُورِ ( و هـ ) وَقِيلَ : عُرْفًا .
وَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ النَّجِسَ إعْلَامُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ ؟ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ ، الثَّالِثُ يَلْزَمُ إنْ شُرِطَتْ إزَالَتُهَا لِصَلَاةٍ ( م 30 ) وَهَلْ يَلْزَمُ التَّحَرِّي لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 31 ) ثُمَّ فِي غَسْلٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 32 ) وَلَا يَتَحَرَّى أَحَدٌ مَعَ وُجُودِ غَيْرِ مُشْتَبَهٍ ( ش ) وَمُحَرَّمٍ كَنَجِسٍ فِيمَا تَقَدَّمَ ، وَقِيلَ : يَتَحَرَّى مُطْلَقًا .
وَإِنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ ثُمَّ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ أَعَادَ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ( و ) خِلَافًا لِلرِّعَايَةِ ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ : إزَالَةُ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ ، كَذَا قَالَ ، وَنَصُّهُ : حَتَّى يَتَيَقَّنَ بَرَاءَتَهُ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بَعْدَ ظَنِّهِ نَجَاسَتَهُ ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ وَالْأَزَجِيُّ : إنْ شَكَّ ، هَلْ كَانَ وُضُوءُهُ قَبْلَ نَجَاسَةِ الْمَاءِ ، أَوْ بَعْدَهُ ، لَمْ يُعِدْ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ ، وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا ، لِعَدَمِ الْعِلْمِ أَنَّهُ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ ، لَكِنْ يُقَالُ : شَكُّهُ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ كَشَكِّهِ مُطْلَقًا ، فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَ إلَّا مَا تَيَقَّنَهُ بِمَاءٍ نَجِسٍ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ، كَشَكِّهِ فِي شَرْطِ الْعِبَادَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا ، فَهُوَ كَشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ ، وَعَلَى
هَذَا لَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ ، وَآنِيَتَهُ ، وَنَصُّ أَحْمَدَ يَلْزَمُهُ ( و ) وَيَأْتِي أَنَّ مَنْ صَلَّى وَوَجَدَ عَلَيْهِ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ : هَلْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ ؟ أَنَّهَا تَصِحُّ فِي الْأَشْهَرِ ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ، قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ : وَلِهَذَا لَوْ رَأَى نَجَاسَةً فِي مَاءٍ يَسِيرٍ ، أَوْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ زَمَنَ ابْتِدَائِهِمَا لَكَانَا فِي وَقْتِ الشَّكِّ كَالْمَعْدُومَيْنِ يَقِينًا ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ، كَذَا قَالَ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ شَكَّ : هَلْ صَلَّى مَعَ الْمَانِعِ أَصْلًا ، أَمْ لَا ؟ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِتَأَكُّدِ رَفْعِ الْحَدَثِ ، بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا وُضُوءًا وَاحِدًا ، وَقِيلَ : مِنْ كُلٍّ وَاحِدٌ ، وَلَا يَتَحَرَّى فِي مُطْلَقٍ وَمُسْتَعْمَلٍ ( ش ) وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً ، وَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا مَعَ طَهُورٍ بِيَقِينٍ وُضُوءًا وَاحِدًا صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَإِنْ اشْتَبَهَتْ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بِنَجِسَةٍ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ ، وَزَادَ صَلَاةً ، وَنَوَى بِكُلِّ صَلَاةٍ الْفَرْضَ ، احْتِيَاطًا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ ، وَقَدْ فَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي بِأَنَّ الْمَاءَ يَلْصَقُ بِالْبَدَنِ ، قَالَ الْأَصْحَابُ : وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا أَمَارَةٌ ، وَلَا لَهَا بَدَلٌ يَرْجِعُ إلَيْهِ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ سَوَاءٌ ، وَقِيلَ : يَتَحَرَّى مَعَ كَثْرَةِ الثِّيَابِ النَّجِسَةِ لِلْمَشَقَّةِ ( و .
هـ .
ش م ر ) لَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْفُنُونِ .
وَقَالَهُ أَيْضًا فِي مُنَاظَرَاتِهِ ، وَقِيلَ : يُصَلِّي فِي وَاحِدٍ بِلَا تَحَرٍّ ، وَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا بَانَ طَاهِرًا كَنَظِيرِهِ فِي مَاءٍ مُشْتَبَهٍ فِي وَجْهٍ ، وَلَا تَصِحُّ فِي الثِّيَابِ الْمُشْتَبِهَةِ مَعَ طَاهِرٍ يَقِينًا ( ش ) وَكَذَا الْأَمْكِنَةُ .
وَيُصَلِّي فِي فَضَاءٍ وَاسِعٍ حَيْثُ شَاءَ بِلَا تَحَرٍّ .
وَإِنْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَتَحَرَّ ، وَقِيلَ : بَلَى فِي عَشْرٍ ، وَفِي قَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ لَهُ النِّكَاحُ ، وَفِي
لُزُومِ التَّحَرِّي وَجْهَانِ ( م 33 ) وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي الْمَيْتَةِ بِالْمُذَكَّاةِ ( م 34 ) قَالَ أَحْمَدُ : أَمَّا شَاتَانِ : فَلَا يَجُوزُ التَّحَرِّي ، فَأَمَّا إذَا كَثُرَتْ فَهَذَا غَيْرُ هَذَا ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فَثَلَاثَةٌ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي .
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ وَالْجَرِيَّةُ مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ فَوْقَهَا ، وَتَحْتَهَا ، وَيَمْنَةً ، وَيَسْرَةً وَقَالَ الشَّيْخُ : وَمَا انْتَشَرَتْ إلَيْهِ عَادَةً أَمَامَهَا وَوَرَاءَهَا ، وَإِنْ امْتَدَّتْ النَّجَاسَةُ فَقِيلَ وَاحِدَةٌ ، وَقِيلَ : كُلُّ جَرِيَّةٍ نَجَاسَةٌ مُنْفَرِدَةٌ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ ( أَحَدُهُمَا ) كُلُّ جَرِيَّةٍ نَجَاسَةٌ مُنْفَرِدَةٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَا بِهِ ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) الْكُلُّ نَجَاسَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَعَلَى هَذَا يَنْجُسُ نَهْرٌ كَبِيرٌ بِنَجَاسَةٍ قَلِيلَةٍ لَا كَثِيرَةٍ لِقِلَّةِ مَا يُحَاذِي الْقَلِيلَةَ ، إذْ لَوْ فَرَضْنَا كَلْبًا فِي جَانِبِ نَهْرٍ وَشَعْرَةً مِنْهُ فِي جَانِبِهِ الْآخَرَ لَكَانَ مَا يُحَاذِيهَا لَا يَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ لِقِلَّتِهِ ، وَالْمُحَاذِي لِلْكَلْبِ يَبْلُغُ قِلَالًا ، وَهَذَا الْوَجْهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ ، حَيْثُ اخْتَارَا اعْتِبَارَ كُلِّ جَرِيَّةٍ بِنَفْسِهَا .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْكَثِيرُ لَمْ يَنْجُسْ ، إلَّا بِبَوْلٍ ، أَوْ عَذِرَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ يَابِسَةٍ ذَابَتْ مِنْ آدَمِيٍّ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ " وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) لَا يَنْجُسُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِيضَاحِ وَالْعُمْدَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لَهُمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ ، اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ ، قَالَ نَاظِمُ
الْمُفْرَدَاتِ : هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، قَالَ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّفْرِيعُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُذْهَبِ : لَمْ يَنْجُسْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : عَدَمُ النَّجَاسَةِ أَصَحُّ ، انْتَهَى ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَالْمَجْدُ ، وَالنَّاظِمُ فِي شَرْحِهِ وَنَظْمِهِ وَغَيْرُهُمْ ( قُلْت ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَنْجُسُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ لِكَثْرَتِهِ فَلَا يَنْجُسُ ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ ، قَالَ فِي الْكَافِي : أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ يُنَجِّسُ الْمَاءَ الْكَثِيرَ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ : الْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُنَجِّسُ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَقَالَ : اخْتَارَهَا الشَّرِيفَانِ وَالْقَاضِي ، وَقَالَ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ ، وَشُيُوخُ أَصْحَابِنَا ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .
هَذَا أَظْهَرُ عَنْهُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ نَقْلًا ، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُونَ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : اخْتَارَهَا أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَأَكْثَرُ الْمُتَوَسِّطِينَ كَالْقَاضِي ، وَالشَّرِيفِ ، وَابْنِ الْبَنَّا ، وَابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ .
مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْضُ الْكَثِيرِ فَفِي نَجَاسَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَ كَثْرَتِهِ وَجْهَانِ " انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ طَهُورًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْكَافِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، أَوْ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَنَصَرَاهُ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ نَجِسًا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقِيلَ : الْبَاقِي طَهُورٌ
وَإِنْ قَلَّ ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ .
تَنْبِيهَاتٌ ( أَحَدُهَا ) قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ النَّجِسِ عَيْنِيَّةٌ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لَا ، لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ فَنَفْسُهُ أَوْلَى ، وَأَنَّهُ كَثَوْبٍ نَجِسٍ ، انْتَهَى .
مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هُوَ الصَّوَابُ ، وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّهَا عَيْنِيَّةٌ نَظَرٌ ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا ، وَهَذَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا حُكْمِيَّةٌ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ .
( الثَّانِي ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ النَّجِسِ ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ بِحَالٍ : إلَّا لِضَرُورَةٍ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَزَادَ جَوَازَ سَقْيِهِ لِلْبَهَائِمِ ، قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الطَّعَامِ النَّجِسِ وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ فِي تَطْهِيرِ مَا لَا يَشُقُّ نَزْحُهُ ، وَقِيلَ وَبِقُلَّتَيْنِ ، قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ سَهْوٌ ، إذْ لَا وَجْهَ لَهُ ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي بَوْلِ الْآدَمِيِّ ، وَلَا يَدْفَعُ الْمَجْمُوعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ ، فَمِنْ أَيْنَ يَحْصُلُ التَّطْهِيرُ ؟ ؟ انْتَهَى .
مَسْأَلَةٌ 19 ) وَفِي غَسْلِ جَوَانِبِ بِئْرٍ نُزِحَتْ وَأَرْضِهَا رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) لَا يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : هَذَا الصَّحِيحُ ، دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَجِبُ غَسْلُهُ ، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ : يَجِبُ غَسْلُ الْبِئْرِ
الضَّيِّقَةِ وَجَوَانِبِهَا وَحِيطَانِهَا ، وَعَنْهُ وَالْوَاسِعَةُ أَيْضًا ، انْتَهَى ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ : الرِّوَايَتَانِ فِي الْوَاسِعَةِ ، وَالضَّيِّقَةِ يَجِبُ غَسْلُهَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَإِنْ تَنَجَّسَتْ جَوَانِبُ بِئْرٍ وَجَبَ غَسْلُهَا ، كَرَأْسِ الْبِئْرِ ، وَعَنْهُ لَا يَجِبُ ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ .
انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 20 - 24 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ أَوْ نَجَاسَةِ عَظْمٍ ، أَوْ رَوْثَةٍ ، أَوْ جَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ وَغَيْرِهِ ، أَوْ وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ بِفِيهِ رُطُوبَةٌ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 20 ) : إذَا شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ ، يَعْنِي : إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ قُلَّتَانِ أَوْ دُونَهُمَا ، فَفِي نَجَاسَتِهِ وَجْهَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ ، وَغَيْرُهُمْ ( أَحَدُهُمَا ) هُوَ نَجِسٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، فَقَالَ : هَذَا الصَّحِيحُ ، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَارَضَ الْأَصْلَانِ ، فَيَتَعَيَّنُ الْأَحْوَطُ نَقَلَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : هَذَا الْمُرَجَّحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ ، انْتَهَى ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ نَجِسٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ طَاهِرٌ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ .
وَهُوَ أَظْهَرُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 21 ) لَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ عَظْمٍ وَقَعَ فِي مَاءٍ ، فَهَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الْمَاءِ ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ فِي تَنْجِيسِهِ ، وَأَيْضًا قَدْ يُقَالُ : إنَّهُ كَالرَّوْثَةِ الْمَشْكُوكِ فِي طَهَارَتِهَا وَنَجَاسَتِهَا الْآتِيَةِ ، وَهُوَ
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَمَالَ إلَيْهِ صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ نَجِسٌ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 22 ) لَوْ شَكَّ فِي رَوْثَةٍ وَقَعَتْ فِي مَاءٍ : هَلْ هِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ ؟ فَأَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) هُوَ طَاهِرٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ : هَذَا الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَقَدْ نَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ وَطِئَ رَوْثَةً فَرَخَّصَ فِيهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَا هِيَ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ نَجِسٌ ، قَالَ الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ : الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ الطَّهَارَةُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، أَوْ النَّجَاسَةُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 23 ) لَوْ شَكَّ فِي جَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ وَغَيْرِهِ وَعَدَمِهِ ، فَأَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( أَحَدُهُمَا ) الْحُكْمُ بِعَدَمِ الْجَفَافِ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ، وَالْفَرْضُ مَعَ الشَّكِّ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) الْحُكْمُ بِأَنَّهَا جَفَّتْ .
( الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 24 ) إذَا شَكَّ فِي وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ وُجِدَ بِفِيهِ رُطُوبَةٌ .
فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ وَعَدَمِهَا ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ ، وَنَقَلَهُمَا عَنْ الْأَزَجِيِّ ( أَحَدُهُمَا ) هُوَ طَاهِرٌ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُلُوغِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ نَجِسٌ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّ الْقَرَائِنَ الْمُحْتَفَّةَ
بِذَلِكَ تَقْتَضِي مَا قُلْنَا ، وَتُوجِبُ ضَعْفَ الْأَصْلِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ .
( مَسْأَلَةٌ 25 ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ اُحْتُمِلَ تَغَيُّرُهُ مِنْ نَجِسٍ أَوْ غَيْرِهِ عُمِلَ بِهِ ، وَإِنْ احْتَمَلَهُمَا فَوَجْهَانِ " وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي فُصُولِ ابْنِ عَقِيلٍ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ، فَقَالَ : وَمَتَى وَجَدَ مَاءً مُتَغَيِّرًا وَشَكَّ فِيمَا تَغَيَّرَ بِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يُغَيِّرَهُ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أُضِيفَ التَّغَيُّرُ إلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَمْ يُضَفْ ، وَإِنْ احْتَمَلَهُمَا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ : إذَا وَقَعَ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ ، وَشَكَّ : هَلْ هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا ؟ كَانَ هُنَاكَ بِئْرٌ ، وَحُشٌّ : فَإِنْ كَانَ إلَى الْبِئْرِ أَقْرَبَ ، أَوْ هُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ إلَى الْحُشِّ أَقْرَبَ فَوَجْهَانِ ( أَحَدُهُمَا ) نَجِسٌ ، وَالْآخَرُ طَاهِرٌ ، مَا لَمْ يُعَايِنْ خُرُوجَهُ مِنْ الْحُشِّ ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُهِمِّ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ تَمِيمٍ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ أَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ وَجَدْت شَيْخَنَا فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ نَقَلَ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ قَطَعَ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ .
مَسْأَلَةٌ 26 - 28 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَتِهِ قِيلَ : إنْ عَيَّنَ السَّبَبَ ، وَقِيلَ مُطْلَقًا وَفِي الْمَسْتُورِ وَالْمُمَيِّزِ وَلُزُومِ السُّؤَالِ عَنْ السَّبَبِ وَجْهَانِ انْتَهَى .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 26 ) لَوْ أَخْبَرَهُ مَسْتُورُ الْحَالِ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ ، فَهَلْ يُقْبَلُ كَالْعَدْلِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَابْنِ عُبَيْدَانَ
وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَيَكْفِي خَبَرُ مَسْتُورِ الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ ( قُلْت ) وَهُوَ ضَعِيفٌ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 27 ) لَوْ أَخْبَرَهُ مُمَيِّزٌ فَهَلْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي ، وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ : يُقْبَلُ ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ فِي الْفُصُولِ ، قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ : وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ بِالْقَبُولِ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ فِي الْجِرَاحِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الْقَوْلُ بِالْقَبُولِ مُطْلَقًا قَوِيٌّ ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ ، وَقَدْ قَبِلَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ قَوْلَ مَسْتُورِ الْحَالِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، مَعَ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 28 ) هَلْ يَلْزَمُ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْزَمُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ ، وَضَعَّفَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ .
مَسْأَلَةٌ 29 ) قَوْلُهُ : " وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِتَيَمُّمِهِ إرَاقَتُهُمَا أَوْ خَلْطُهُمَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ " انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَالزَّرْكَشِيُّ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) لَا يُشْتَرَطُ ، بَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ مَعَ بَقَائِهِمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ : هَذَا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ
النَّاظِمُ : هَذَا أَوْلَى ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَاحِبِ التَّسْهِيلِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالنُّورِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَصَاحِبُ إدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُشْتَرَطُ الْإِعْدَامُ بِخَلْطٍ أَوْ إرَاقَةٍ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الطَّلَبُ .
وَقَالَ فِي الصُّغْرَى أَرَاقَهُمَا ، وَعَنْهُ أَوْ خَلَطَهُمَا .
وَقَالَ فِي الْكُبْرَى : خَلَطَهُمَا ، أَوْ أَرَاقَهُمَا ، وَعَنْهُ تَعْيِينُ الْإِرَاقَةِ .
انْتَهَى ، وَقَطَعَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّ حُكْمَ الْخَلْطِ حُكْمُ الْإِرَاقَةِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ ، وَتَقْدِيرُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِتَيَمُّمِهِ إرَاقَتُهُمَا أَوْ خَلْطُهُمَا أَمْ لَا ؟ وَهُوَ وَاضِحٌ ، وَكَذَلِكَ مِنْ عِبَارَتِهِ كَذَلِكَ .
مَسْأَلَةٌ 30 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ النَّجِسَ إعْلَامُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ ؟ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ ، وَالثَّالِثُ يَلْزَمُ إنْ شُرِطَتْ إزَالَتُهَا لِصَلَاةٍ ، انْتَهَى ، أَحَدُهَا يَلْزَمُ إعْلَامُهُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي هَذَا الْبَابِ .
وَفِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ، وَفَرَضَهُ فِي إرَادَةِ التَّطَهُّرِ بِهِ ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ( قُلْت ) وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَالثَّالِثُ يَلْزَمُهُ إنْ قِيلَ إنَّ إزَالَتَهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَفِيهِ ضَعْفٌ .
( مَسْأَلَةٌ 31 ) قَوْلُهُ هَلْ يَلْزَمُ التَّحَرِّي لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ ؟ فِيهِ
رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ ، إحْدَاهُمَا يَلْزَمُ التَّحَرِّي ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 32 ) قَوْلُهُ ثُمَّ فِي غَسْلٍ ، فِيهِ وَجْهَانِ .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجِبُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجِبُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
مَسْأَلَةٌ 33 ) وَإِنْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَتَحَرَّ ، وَقِيلَ بَلَى فِي عَشْرٍ ، وَفِي قَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ لَهُ النِّكَاحُ ، وَفِي لُزُومِ التَّحَرِّي وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ، وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْزَمُ التَّحَرِّي ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ : لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِنِسَاءِ أَهْلِ مِصْرٍ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَحَرٍّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي .
قَالَ فِي الْفَائِقِ : لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِنِسَاءِ أَهْلِ بَلَدٍ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ نِكَاحِهِنَّ ، وَيُمْنَعُ فِي عَشْرٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَجْهَانِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَقِيلَ يَتَحَرَّى فِي مِائَةٍ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ : لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ مُنِعَ مِنْ التَّزَوُّجِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ
مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْلَمَ أُخْتَهُ مِنْ غَيْرِهَا .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : فَإِنْ كُنَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ عَشْرَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
مَسْأَلَةٌ 34 ) قَوْلُهُ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ الْمَيْتَةُ بِالْمُذَكَّاةِ انْتَهَى .
قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَقَدْ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ : لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِنِسَاءِ أَهْلِ مِصْرٍ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّحَرِّي عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِلَحْمِ أَهْلِ مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ انْتَهَى ، فَنَقَلَ أَنَّهَا مِثْلُهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا .
يُبَاحُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ مُبَاحٍ حَتَّى الثَّمِينِ ( و ) وَيَحْرُمُ فِي الْمَنْصُوصِ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ( و ) حَتَّى الْمِيلُ وَنَحْوُهُ وَيَأْتِي كَلَامُ شَيْخِنَا فِي اللِّبَاسِ وَكَذَا اتِّخَاذُهَا عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ) وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ التَّمِيمِيَّ قَالَ : إذَا اتَّخَذَ مِسْعَطًا ، أَوْ قِنْدِيلًا ، أَوْ نَعْلَيْنِ ، أَوْ مِجْمَرَةً ، أَوْ مِدْخَنَةً ، ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ ، وَيَحْرُمُ سَرِيرٌ وَكُرْسِيٌّ ، وَيُكْرَهُ عَمَلُ خُفَّيْنِ مِنْ فِضَّةٍ ، وَلَا يَحْرُمُ كَالنَّعْلَيْنِ .
قَالَ : وَمُنِعَ مِنْ الشُّرْبَةِ وَالْمِلْعَقَةِ ، كَذَا حَكَاهُ وَهُوَ غَرِيبٌ .
وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ مِنْهَا ، وَفِيهَا ( و ) لِأَنَّ الْإِنَاءَ لَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَلَا رُكْنٍ فِي الْعِبَادَةِ ، بَلْ أَجْنَبِيٌّ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا ، وَعَنْهُ : لَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي ، وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ كَمَاءٍ مَغْصُوبٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( خ ) وَلَوْ جَعَلَهَا مَصَبًّا صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ ، وَكَذَا إنَاءٌ مَغْصُوبٌ ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ ، وَثَمِينٌ ، كَبِلَّوْرٍ ، وَيَاقُوتٍ ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْوَقْتِ الدِّينَوَرِيُّ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ .
وَيَحْرُمُ الْمُضَبَّبُ بِذَهَبٍ ( و ش ) وَقِيلَ : كَبِيرٌ ، وَقِيلَ : لِحَاجَةٍ ، وَيَحْرُمُ بِفِضَّةٍ ( و ش ) وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ أَبْوَابٌ ذَهَبٌ ، وَفِضَّةٌ ، وَرُفُوفٌ ، وَإِنْ كَانَ تَابِعًا بِمَا يَقْضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ ، فَإِنْ كَثُرَتْ الضَّبَّةُ لِحَاجَةٍ ، أَوْ قَلَّتْ لِغَيْرِهَا فَوَجْهَانِ ( م 1 - 2 ) فَإِنْ قَلَّتْ لِحَاجَةٍ أُبِيحَ ( و ) وَقِيلَ : يُكْرَهُ وَتُبَاحُ مُبَاشَرَتُهَا لِحَاجَةٍ ، وَبِدُونِهَا قِيلَ : تَحْرُمُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، وَقِيلَ تُكْرَهُ ، وَقِيلَ تُبَاحُ ( م 3 ) وَالْكَثِيرُ مَا كَثُرَ عُرْفًا ، وَقِيلَ : مَا اُسْتُوْعِبَ أَحَدُ جَوَانِبِهِ ، وَقِيلَ : مَا لَاحَ عَلَى بُعْدٍ ، وَالْحَاجَةُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ غَيْرُ الزِّينَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ
قَالَ شَيْخُنَا : مُرَادُهُمْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى تِلْكَ الصُّورَةِ ، لَا إلَى كَوْنِهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، فَإِنَّ هَذِهِ ضَرُورَةٌ ، وَهِيَ تُبِيحُ الْمُفْرَدَ وَقِيلَ : عَجْزُهُ مِنْ إنَاءٍ آخَرَ ، وَاضْطِرَارُهُ إلَيْهِ ، وَقِيلَ : عَجْزُهُ عَنْ ضَبَّةٍ غَيْرِهَا ( م 4 ) وَالْمُمَوَّهُ ، وَالْمَطْلِيُّ ، وَالْمُطَعَّمُ ، وَالْمُكَفَّتُ وَنَحْوُهُ بِأَحَدِهِمَا كَالْمُصْمَتِ ( هـ ) وَقِيلَ : لَا ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا تُعْجِبُنِي الْحَلْقَةُ ، وَعَنْهُ هِيَ مِنْ الْآنِيَةِ ، وَعَنْهُ أَكْرَهُهَا ، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ كَضَبَّةٍ .
بَابُ الْآنِيَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي ضَبَّةِ الذَّهَبِ ، وَقِيلَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَلَعَلَّهُ لَا لِحَاجَةٍ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ كَثِيرٌ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَحْرُمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَعَ الْحَاجَةِ ، وَعَدَمِهَا ، فَذَكَرَ قَوْلًا لَا يَحْرُمُ لِحَاجَةٍ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : وَيَحْرُمُ الْقَلِيلُ ، وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ ، وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ لِحَاجَةٍ ، فَهُوَ عَائِدٌ إلَى الْقَلِيلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْكَبِيرِ ، انْتَهَى ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ .
مَسْأَلَةٌ 1 - 2 ) قَوْلُهُ فَإِنْ كَثُرَتْ الضَّبَّةُ لِحَاجَةٍ أَوْ قَلَّتْ لِغَيْرِهَا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا كَثُرَتْ الضَّبَّةُ لِحَاجَةٍ فَهَلْ تَحْرُمُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ : أَحَدُهُمَا تَحْرُمُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا الْمَذْهَبُ .
انْتَهَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالْوَجِيزِ ، وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى إبَاحَةِ الْيَسِيرَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَفُرُوعِ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا ، وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَابْنِ رَزِينٍ ، وَالنَّظْمِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَغَيْرِهِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ مُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) إذَا كَانَتْ الضَّبَّةُ يَسِيرَةً لِغَيْرِ حَاجَةٍ : فَهَلْ يُبَاحُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي ،
وَالْكَافِي ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَشَرْحِ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِمْ ، أَحَدُهُمَا لَا تُبَاحُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَفُرُوعِ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ النَّاظِمُ : وَهُوَ الْأَقْوَى ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، لَا تُبَاحُ الْيَسِيرَةُ لِزِينَةٍ فِي الْأَظْهَرِ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ : وَإِذَا كَانَ التَّضْبِيبُ بِالْفِضَّةِ وَكَانَ يَسِيرًا عَلَى قَدْرِ حَاجَةِ الْكَسْرِ فَمُبَاحٌ ، انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ ( قُلْت ) مِنْهُمْ الْقَاضِي ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَتُبَاحُ الْيَسِيرَةُ لِغَيْرِهَا فِي الْمَنْصُوصِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ .
( تَنْبِيهٌ ) عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ تُبَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، مِنْهُمْ الْقَاضِي ، وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالشَّيْخُ فِي الْكَافِي ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( قُلْت ) وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لِحَاجَةٍ ، فَإِنَّهُ قَدَّمَ الْإِبَاحَةَ وَإِذَا انْتَفَى التَّحْرِيمُ هُنَا كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ مَا إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَتُبَاحُ مُبَاشَرَتُهَا لِحَاجَةٍ ، وَبِدُونِهَا
قِيلَ : تَحْرُمُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، وَقِيلَ : تُكْرَهُ ، وَقِيلَ : تُبَاحُ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ : أَحَدُهُمَا تَحْرُمُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ : فَلَا بَأْسَ بِهَا إذَا لَمْ يُبَاشِرْهَا بِالِاسْتِعْمَالِ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : حَرَامٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَالْمُصَنِّفُ ، انْتَهَى .
وَلَعَلَّهُ أَرَادَ فِي الْمُقْنِعِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ صَاحِبُ الْقَاضِي .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا ، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالشَّرْحِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَحَمَلَ ابْنُ مُنَجَّى كَلَامَهُ فِي الْمُقْنِعِ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يُبَاحُ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ غَيْرُ الزِّينَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَقِيلَ : عَجْزُهُ عَنْ إنَاءٍ آخَرَ ، وَاضْطِرَارُهُ إلَيْهِ ، وَقِيلَ عَجْزُهُ عَنْ ضَبَّةٍ غَيْرِهَا ، انْتَهَى .
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ النِّهَايَةِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ
وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ مُبَاحَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا ( و هـ ) وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ ( و م ش ) وَعَنْهُ الْمَنْعُ ، وَعَنْهُ فِيمَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ فِي الْكُلِّ مِمَّنْ تَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ ؟ وَكَذَا حُكْمُ مَا صَبَغُوهُ ، وَآنِيَةٌ مِنْ لَابِسِ النَّجَاسَةِ كَثِيرًا وَثِيَابُهُ ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ عَنْ صَبْغِ الْيَهُودِ بِالْبَوْلِ فَقَالَ : الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِي هَذَا سَوَاءٌ ، وَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا ، وَلَا تَبْحَثْ عَنْهُ ، فَإِنْ عَلِمْت فَلَا تُصَلِّ فِيهِ حَتَّى تَغْسِلَهُ .
وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ بِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ " نَهَانَا اللَّهُ عَنْ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ " ، وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ : " نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَمُّقِ " وَسَأَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ : اللَّحْمُ يُشْتَرَى مِنْ الْقَصَّابِ ؟ قَالَ : يُغْسَلُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا بِدْعَةٌ .
وَبَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ كَثِيَابِهِ ، وَقِيلَ وَكَذَا طَعَامُهُ وَمَاؤُهُ .
وَلَا يَطْهُرُ جِلْدٌ نَجِسٌ بِمَوْتِهِ بِدَبْغِهِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي يَابِسٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، قِيلَ بَعْدَ دَبْغِهِ ( و م ) وَقِيلَ : وَقَبْلَهُ ( م 5 ) ( و ش ) فَإِنْ جَازَ أُبِيحَ الدَّبْغُ ، وَإِلَّا احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ ، وَاحْتَمَلَ الْإِبَاحَةَ ، كَغَسْلِ نَجَاسَةٍ بِمَائِعٍ ، وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ ، كَذَا قَالَ الْقَاضِي ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ ( م 6 ) وَيَأْتِي آخِرَ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ .
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَخِيرًا طَهَارَتَهُ ( و 5 ش م ر ) وَعَنْهُ مَأْكُولُ اللَّحْمِ ، اخْتَارَهُمَا جَمَاعَةٌ ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ، لِعَدَمِ رَفْعِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ ، وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ الْجَمَاعَةِ لَا يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ إلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ ، وَنَقَلَ خَطَّابُ بْنُ بَشِيرٍ كُنْت أَذْهَبُ إلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت السَّنَةَ كُلَّهَا ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : وَعِنْدِي أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ خَطَّابِ بْنِ بَشِيرٍ ، وَفِي اعْتِبَارِ غَسْلِهِ وَجَعْلِ تَشْمِيسِهِ دِبَاغًا وَجْهَانِ ( م 7 - 9 ) وَيُتَوَجَّهَانِ فِي تَتْرِيبِهِ ، أَوْ رِيحٍ ، وَلَا يَحْصُلُ بِنَجِسٍ .
وَفِي الرِّعَايَةِ بَلَى وَيُغْسَلُ بَعْدَهُ ( و هـ ش ) وَيُنْتَفَعُ بِمَا طَهُرَ ( و ) وَقِيلَ : وَيَأْكُلُ الْمَأْكُولَ ( و ق ) وَيَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَعَنْهُ لَا ( و م ) كَمَا لَوْ لَمْ يَطْهُرْ ( و ) أَوْ بَاعَ قَبْلَ الدَّبْغِ ( و ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَأَطْلَقَ فِيهِ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ نَجَاسَتِهِ ، كَثَوْبٍ نَجِسٍ ، فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ بَيْعُ نَجَاسَةٍ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا ، وَلَا فَرْقَ وَلَا إجْمَاعَ كَمَا قِيلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَالِكِيُّ : لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الزِّبْلِ ، قَالَ اللَّخْمِيُّ : هَذَا مِنْ قَوْلِهِ يَدُلُّ عَلَى بَيْعِ الْعَذِرَةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَذِرَةِ ، لِأَنَّهُ مِنْ مَنَافِعِ النَّاسِ ، وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ
أَوَّلَ الْبَيْعِ ، فَعَلَى الْمَنْعِ يُتَوَجَّهُ أَنَّهُمَا فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الرِّبَا : { الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ } وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَسْهَلُ ، لِلْحَاجَةِ ، كَرِوَايَةٍ فِي أَرْضِ الشَّامِ وَنَحْوِهَا ، قَالَ أَشْهَبُ الْمَالِكِيُّ فِي شِرَاءِ الزِّبْلِ : الْمُشْتَرِي أَعْذَرُ فِيهِ مِنْ الْبَائِعِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ : هُمَا سِيَّانِ فِي الْإِثْمِ لَمْ يَعْذُرْ اللَّهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا .
وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ آدَمِيٍّ ( ع ) قَالَ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ : وَلَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ ، وَجَعَلَ الْمُصْرَانَ وَتَرَا دِبَاغٍ ، وَكَذَا الْكِرْشُ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، وَيُتَوَجَّهُ لَا .
وَفِي الْخَرْزِ بِشَعْرِ خِنْزِيرٍ رِوَايَاتٌ الْجَوَازُ ( و هـ م ) وَالْكَرَاهَةُ ، وَالتَّحْرِيمُ ( م 10 ) ( و ش ) وَيَجِبُ غَسْلُ مَا خَرِزَ بِهِ رَطْبًا لِتَنْجِيسِهِ ، وَعَنْهُ لَا ، لِإِفْسَادِ الْمَغْسُولِ .
وَفِي لُبْسِ جِلْدِ ثَعْلَبٍ وَافْتِرَاشِ جِلْدِ سَبُعٍ رِوَايَتَانِ ( م 11 - 12 ) وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالنَّجَاسَاتِ فِي رِوَايَةٍ ( و هـ م ر ) لَكِنْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ ، وَجَمَاعَةٌ ، وَعَنْهُ : وَشَحْمُ الْمَيْتَةِ ( و ش ) أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ، وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ ( م 13 ) ( و م ر ) وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَنْجُسَ ، وَقِيلَ مَائِعًا .
وَصَرَّحَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِالرِّوَايَتَيْنِ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ ، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِكَوْنِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ قَرَنَهُ بِنَجَسِ الْعَيْنِ .
وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِتَجْوِيزِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ الِانْتِفَاعَ بِالنَّجَاسَةِ لِعِمَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ مَعَ الْمُلَابَسَةِ لِذَلِكَ عَادَةً .
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ : { إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا } ، قَالَ فِيهِ إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَوْ بَالَ فِي سُبَاطَةِ غَيْرِهِ يَجُوزُ ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ : أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ ، وَمَا يُذْكَرُ أَنَّهُ
اسْتَأْذَنَهُمْ .
كَذَا قَالَ ، وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التُّرَابَ الْمُلْقَى إذَا خَالَطَهُ زِبْلٌ أَوْ نَجَاسَةٌ لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهُ تَحْتَ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ وَالْمَزَارِعِ وَسَأَلَهُ الْفَضْلُ عَنْ غَسْلِ الصَّائِغِ الْفِضَّةَ بِالْخَمْرِ ، هَلْ يَجُوزُ ؟ قَالَ : هَذَا غِشٌّ ، لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِهِ ، وَلَا يَطْهُرُ جِلْدٌ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَلَوْ آدَمِيًّا ، قُلْنَا : يَنْجُسُ بِمَوْتِهِ ( و .
ر ) قَالَهُ الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ بِذَبْحِهِ ( هـ ) كَلَحْمِهِ ( و ) فَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ لِذَلِكَ ( هـ ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ فِي النَّزْعِ .
وَلَبَنُ الْمَيْتَةِ وَإِنْفَحَتهَا وَجِلْدَتُهَا نَجِسٌ ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي الْجِلْدَةِ ، وَذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ اتِّفَاقًا ، وَعَنْهُ طَاهِرٌ مُبَاحٌ ( و هـ ) وَصُوفُهَا وَشَعْرُهَا وَرِيشُهَا طَاهِرٌ مُبَاحٌ ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ صُوفُ الْمَيْتَةِ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَهُ ، وَعَنْهُ نَجِسٌ ( و ش ) اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ ، قَالَ : لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ ، وَكَذَا مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ لَا يُؤْكَلُ ، وَعَنْهُ مِنْ طَاهِرٍ طَاهِرٌ وَافَقَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَيْهِ ، كَجَزِّهِ ( ع ) وَكَشَعْرِ آدَمِيٍّ ( ق ) وَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا لِحُرْمَتِهِ ، وَقِيلَ : يَنْجُسُ شَعْرُ هِرٍّ وَمَا دُونَهَا بِمَوْتِهِ لِزَوَالِ عِلَّةِ الطَّوْفِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْجُسْ شَعْرُ غَيْرِ آدَمِيٍّ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ ، وَإِلَّا فَفِي اسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ وَلُبْسِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ ( م 14 ) وَاسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ شَعْرَ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَجِلْدَهُمَا .
وَفِي طَهَارَةِ رُطُوبَةِ أَصْلِهِ بِغَسْلِهِ ، وَجْهَانِ ( م 15 ) وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ : لَا بَأْسَ بِهِ إذَا غُسِلَ .
وَكَذَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يُنْتَفَعُ بِصُوفِهِمَا إذَا غُسِلَ ، قِيلَ : فَرِيشُ الطَّيْرِ ؟ قَالَ : هَذَا أَبْعَدُ .
وَحَرَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ نَتْفَ ذَلِكَ مِنْ حَيٍّ لِإِيلَامِهِ ، وَكَرِهَهُ فِي النِّهَايَةِ .
وَعَظْمُهَا وَقَرْنُهَا وَظُفْرُهَا وَعَصَبُهَا نَجِسٌ ، وَعَنْهُ طَاهِرٌ ( و
هـ ) قَالَ بَعْضُهُمْ : فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ وَهْبٍ الْمَالِكِيُّ ، فَقِيلَ : لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ ( و هـ ) وَقِيلَ : وَهُوَ أَصَحُّ ، لِانْتِفَاءِ سَبَبِ التَّجْنِيسِ ، وَهِيَ الرُّطُوبَةُ ، وَعَلَى نَجَاسَةِ ذَلِكَ لَا يُبَاعُ كَمَا سَبَقَ ( و م ) وَجَوَّزَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيَّانِ بَيْعَ أَنْيَابِ الْفِيلِ ، وَأَجَازَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَصْبَغُ إذَا دُبِغَتْ بِأَنْ يُغْلَى وَيُسْلَقَ ، وَإِنْ صَلُبَ قِشْرُ بَيْضَةِ دَجَاجَةٍ مَيِّتَةٍ فَبَاطِنُهَا طَاهِرٌ ( م ) وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 16 ) وَلَا يَحْرُمُ بِسَلْقِهِ فِي نَجَاسَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ ، يَعْنِي الْجِلْدَ النَّجِسَ إذَا قُلْنَا لَا يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ فِي يَابِسٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، قِيلَ بَعْدَ دَبْغِهِ وَقِيلَ وَقَبْلَهُ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُبَاحُ إلَّا بَعْدَ الدَّبْغِ لَا غَيْرُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ ، وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ مُنَجَّى ، وَابْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْمُقْنِعِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ : لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْيَابِسَاتِ ، مَعَ الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُبَاحُ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالنَّظْمِ ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، لَكِنَّ تَدْلِيلَهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَيُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي الْيَابِسَاتِ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، انْتَهَى فَخَالَفَ هُنَا مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَقَالَ : عَلَى الْأَظْهَرِ .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ فَإِنْ جَازَ يَعْنِي الِاسْتِعْمَالَ أُبِيحَ الدَّبْغُ ، وَإِلَّا احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ ، وَاحْتَمَلَ الْإِبَاحَةَ ، كَغَسْلِ نَجَاسَةٍ بِمَائِعٍ وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ ، وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ ، كَذَا قَالَ الْقَاضِي وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : وَيُبَاحُ فِعْلُ الدِّبَاغِ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ أَنَّهُ مُطَهِّرٌ ، إذَا قُلْنَا : يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْيَابِسِ ، وَإِلَّا فَفِيهِ وَجْهَانِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : فَإِنْ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِي يَابِسٍ جَازَ دَبْغُهُ ، وَإِنْ حُرِّمَ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، ( قُلْت ) الصَّوَابُ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّحْرِيمِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ عَبَثٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ
الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ لَا يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ : وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَخِيرًا طَهَارَتَهُ وَعَنْهُ مَأْكُولُ اللَّحْمِ ، اخْتَارَهُمَا جَمَاعَةٌ ، انْتَهَى ، قَدْ يُقَالُ : لَمْ يُقَدِّمْ الْمُصَنِّفُ حُكْمًا فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ مَا إذَا قُلْنَا يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ : هَلْ يَشْمَلُ كُلَّ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ ، أَوْ لَا يَطْهُرُ إلَّا مَا كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ ؟ فَالْمُصَنِّفُ حَكَى رِوَايَتَيْنِ ، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَكَى وَجْهَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ، وَالزَّرْكَشِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) يَطْهُرُ كُلُّ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ ، وَالشَّارِحُ ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى ، وَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لِابْتِدَائِهِ بِهَا ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَطْهُرُ إلَّا مَا كَانَ مَأْكُولًا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ : اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ( قُلْت ) مِنْهُمْ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ .
مَسْأَلَةٌ 7 - 9 ) قَوْلُهُ : وَفِي اعْتِبَارِ غَسْلِهِ وَجَعْلِ تَشْمِيسِهِ دِبَاغًا وَجْهَانِ ، وَيَتَوَجَّهَانِ فِي تَتْرِيبِهِ ، أَوْ رِيحٍ ، انْتَهَى ، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 ) هَلْ يُعْتَبَرُ غَسْلُ الْمَدْبُوغِ بَعْدَ الدَّبْغِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالشَّرْحِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَالْحَاوِي
الْكَبِيرِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) يُشْتَرَطُ غَسْلُهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ، وَالْمَجْدُ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : يُشْتَرَطُ غَسْلُهُ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ ، قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ : اشْتِرَاطُ الْغَسْلِ أَظْهَرُ ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُشْتَرَطُ ( قُلْت ) وَهُوَ أَوْلَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ فِي الْفُصُولِ : قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَذَلِكَ يُخَرَّجُ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْأَثَرِ بَعْدَ الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ ، هَلْ طَاهِرٌ أَمْ لَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى ، ( قُلْت ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَغَيْرِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8 ) هَلْ يَحْصُلُ الدِّبَاغُ بِتَشْمِيسِهِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَحْصُل الدِّبَاغُ بِذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَحَوَاشِي الْمُحَرَّرِ ، وَغَيْرِهِمْ ( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، لِاشْتِرَاطِهِمْ الدَّبْغَ ، وَأَنْ يَكُونَ يَابِسًا ، وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذَا مِنْهَا ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحْصُلُ الدَّبْغُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 9 ) قَوْلُهُ : وَيَتَوَجَّهَانِ فِي تَتْرِيبِهِ أَوْ رِيحٍ ( قُلْت ) قَدْ صَرَّحَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ بِإِجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي التَّتْرِيبِ ، وَكَذَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ ، وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِيهِمَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ وَفِي الْخَرْزِ بِشَعْرِ خِنْزِيرٍ رِوَايَاتٌ ، الْجَوَازُ ، وَالْكَرَاهَةُ ، وَالتَّحْرِيمُ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ ( إحْدَاهَا ) يَحْرُمُ ، وَصَحَّحَهُ فِي
مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ ) يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ( قُلْت ) وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ ، وَأَطْلَقَ الْجَوَازَ وَالْكَرَاهَةَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَآدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ .
( مَسْأَلَةٌ 11 - 12 ) قَوْلُهُ : وَفِي لُبْسِ جِلْدِ ثَعْلَبٍ وَافْتِرَاشِ جِلْدِ سَبُعٍ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 11 ) أَطْلَقَ فِي لُبْسِ جِلْدِ الثَّعْلَبِ رِوَايَتَيْنِ ( وَاعْلَمْ ) أَنَّ فِيهِ رِوَايَاتٌ ( إحْدَاهُنَّ ) الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ ، وَقَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَأَمَّا الثَّعْلَبُ فَفِيهِ نِزَاعٌ ، وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِيهِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) الْإِبَاحَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ نَصَّ عَلَيْهَا ، وَقَدَّمَهَا فِي الْفَائِقِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ ) الْكَرَاهَةُ فِي الصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا ( وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ ) التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ ، وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَقِيلَ يُبَاحُ لُبْسُهُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، وَفِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى .
( وَقَالَ ) الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ : الْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي حِلِّهَا ، انْتَهَى وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْحِلِّ فَيَكُونُ الْمَذْهَبُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ تَحْرِيمَ لُبْسِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الدَّبْغَ لَا يُطَهِّرُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 12 ) أَطْلَقَ فِي افْتِرَاشِ جِلْدِ سَبُعٍ رِوَايَتَيْنِ .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ ( إحْدَاهُمَا ) عَدَمُ الْجَوَازِ ،
وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) الْجَوَازُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَبَالَغَ حَتَّى بِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْكِلَابِ فِي الْيَابِسِ وَشَدِّ الْبُنُوقِ وَنَحْوِهِ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ دِبَاغًا .
( تَنْبِيهٌ ) قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ كَابْنِ حَمْدَانَ صَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ كَرَاهَةَ لُبْسِ وَافْتِرَاشِ جِلْدٍ مُخْتَلَفٍ فِي نَجَاسَتِهِ ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامِ اللِّبَاسِ : وَيُكْرَهُ لُبْسُهُ وَافْتِرَاشُهُ جِلْدًا مُخْتَلَفًا فِي نَجَاسَتِهِ ، وَقِيلَ لَا ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا إنْ طَهُرَ بِدَبْغِهِ لَبِسَهُ بَعْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ ، انْتَهَى .
( فَمَسْأَلَةُ ) الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْبَابِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( قُلْت ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ وَبِالْخِلَافِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ ، لَا إلَى كَوْنِهِ نَجِسًا ، فَعَلَى هَذَا يَنْتَفِي التَّكْرَارُ وَالِاعْتِرَاضُ ، وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى تَصْرِيحٍ بِالْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ خَارِجٍ ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 13 ) " وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالنَّجَاسَاتِ فِي رِوَايَةٍ ، لَكِنْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ وَعَنْهُ الْمَنْعُ " انْتَهَى ( إحْدَاهُمَا ) الْجَوَازُ قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ، فَقَالَ : وَيَجُوزُ إيقَادُ السَّرْجَيْنِ النَّجِسِ ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأَقْيَسِ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ )
الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ الْقَاضِي : لَا يَجُوزُ إيقَادُ النَّجِسِ أَشْبَهَ دُهْنَ الْمَيْتَةِ انْتَهَى .
( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ .
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ " وَصُوفُهَا وَشَعْرُهَا وَرِيشُهَا طَاهِرٌ مُبَاحٌ ، وَعَنْهُ نَجِسٌ ، وَكَذَا مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ لَا يُؤْكَلُ ، وَعَنْهُ مِنْ طَاهِرٍ طَاهِرٌ " انْتَهَى ، فِي كَلَامِهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ .
أَحَدُهَا ) أَنَّ كَلَامَهُ شَمِلَ الطَّاهِرَ وَالنَّجِسَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ شَعْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ قَطْعًا ( الثَّانِي ) أَنَّ ظَاهِرَ مَا قَدَّمَهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ الْمُنْفَصِلَةَ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ طَاهِرَةٌ ، وَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، بَلْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ طَاهِرَةٌ وَمِنْ النَّجِسِ نَجِسَةٌ عَلَى مَا بَيَّنْتُهُ فِي الْإِنْصَافِ ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ ( وَالثَّالِثُ ) أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ " كَجَزِّهِ إجْمَاعًا " أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَائِدٌ إلَى شَعْرِ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا الْإِجْمَاعُ عَائِدٌ إلَى شَعْرِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ ( الرَّابِعُ ) قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ " وَكَشَعَرِ آدَمِيٍّ " فِيهِ عُمُومٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ شَعْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قُلْت ) وَكَذَا شَعْرُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَمْ أَرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَنْجُسْ شَعْرُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا فَفِي اسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ وَلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَهَلْ يُبَاحُ ثَوْبٌ مِنْ شَعْرِ مَا لَا يُؤْكَلُ مَعَ نَجَاسَتِهِ غَيْرَ جِلْدِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَقِيلَ : هُمَا بِنَاءٌ عَلَى طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ ، وَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ أَوْ لُبْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ هُوَ مُبَاحٌ مِنْ
حَيَوَانٍ طَاهِرٍ نَجِسَ بِمَوْتِهِ ، لَا مِنْ حَيَوَانٍ نَجِسٍ حَيًّا ، انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الثَّوْبِ مِنْ شَعْرِ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَعَنْهُ هُوَ طَاهِرٌ مُبَاحٌ ، وَعَنْهُ هُوَ نَجِسٌ ، وَفِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسِ ، وَلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ مَا كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ فَمُبَاحٌ ، وَمَا كَانَ مِنْ نَجِسٍ فَلَا ، انْتَهَى ، فَأَطْلَقَا الْخِلَافَ أَيْضًا كَالْمُصَنِّفِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ الْمَنْعُ ( قُلْت ) الصَّوَابُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ وَلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي الْيَابِسَاتِ إذَا قُلْنَا لَا يَطْهُرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَكَذَا قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى قَوْلٍ ، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ وَاسْتِعْمَالِ الْمُنْخُلِ مِنْ شَعْرٍ نَجِسٍ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَابْنُ حَمْدَانَ وَلَكِنْ اخْتَارَ الْكَرَاهَةَ وَغَيْرُهُمْ .
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَفِي طَهَارَةِ رُطُوبَةِ أَصْلِهِ بِغَسْلِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ، وَأَحَدُهُمَا يَطْهُرُ ، نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا غُسِلَ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يُنْتَفَعُ بِصُوفِهِمَا إذَا غُسِلَ ، قِيلَ : فَرِيشُ الطَّيْرِ ؟ قَالَ : هَذَا أَبْعَدُ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَطْهُرُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَحَرَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ نَتْفَ صُوفٍ وَشَعْرٍ وَرِيشٍ مِنْ حَيٍّ لِإِيلَامِهِ وَكَرِهَهُ فِي النِّهَايَةِ ، انْتَهَى ، ظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ حَصَلَ إيلَامٌ ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
مَسْأَلَةٌ 16 ) : قَوْلُهُ وَإِنْ صَلُبَ قِشْرُ بَيْضَةِ دَجَاجَةٍ مَيِّتَةٍ فَبَاطِنُهَا طَاهِرٌ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) هِيَ نَجِسَةٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْن فِي فُرُوعِهِ وَغَيْرُهُ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ : قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنُ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هِيَ طَاهِرَةٌ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ( قُلْت ) وَهُوَ قَوِيٌّ وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ فِي الْمُغْنِي فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِتَصْحِيحِهَا .
بَابُ الِاسْتِطَابَةِ قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ : قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ : اسْتَطَابَ ، وَأَطَابَ إذَا اسْتَنْجَى .
اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا حَالَ التَّخَلِّي : فِيهِ رِوَايَاتٌ ، الثَّالِثَةُ جَوَازُهُمَا فِي بِنَاءٍ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، ( و م ش ) الرَّابِعَةُ جَوَازُ الِاسْتِدْبَارِ فِيهِمَا ، الْخَامِسَةُ جَوَازُهُ فِي بِنَاءٍ ( م 1 ) وَيَكْفِي انْحِرَافُهُ عَنْ الْجِهَةِ ، نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد ، وَمَعْنَاهُ فِي الْخِلَافِ وَفِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ ، احْتَجَّ لِوُجُوبِ تَوَجُّهِ الْمُصَلِّي إلَى الْعَيْنِ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ ثَبَتَ لِلْكَعْبَةِ لِلتَّعْظِيمِ ، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُوَاجَهَةُ ، وَالْغَيْبَةُ ، كَالْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ بِالْبَوْلِ .
قَالَ : وَمَنْ ذَهَبَ إلَى تَوَجُّهِ الْمُصَلِّي إلَى الْجِهَةِ يَقُولُ : الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ بِالْبَوْلِ يَحْصُلُ إلَى الْجِهَةِ فِي حَالِ الْغَيْبَةِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدِهِ لَا يَكْفِي .
وَيَكْفِي الِاسْتِتَارُ فِي الْأَشْهَرِ بِدَابَّةٍ ، وَجِدَارٍ ، وَجَبَلٍ وَنَحْوِهِ ، وَفِي إرْخَاءِ ذَيْلِهِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُعْتَبَرُ قُرْبُهُ مِنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ فِي بَيْتٍ ، وَيُتَوَجَّهُ كَسُتْرَةِ صَلَاةٍ ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ نَحْوُ آخِرَةِ الرَّجُلِ ، لِتَسَتُّرِ أَسَافِلِهِ ، وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا فِي فَضَاءٍ بِاسْتِنْجَاءٍ
بَابُ الِاسْتِطَابَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا حَالَ التَّخَلِّي فِيهِ رِوَايَاتٌ : الثَّالِثَةُ جَوَازُهُمَا فِي بِنَاءٍ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، الرَّابِعَةُ جَوَازُ الِاسْتِدْبَارِ فِيهِمَا ، الْخَامِسَةُ جَوَازُهُ فِي بِنَاءٍ انْتَهَى ( إحْدَاهُنَّ ) جَوَازُ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ فِي الْبُنَيَّانِ دُونَ الْفَضَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( قَالَ ) الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : هَذَا الْمَنْصُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ، انْتَهَى ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْعُمْدَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : هَذَا تَفْصِيلُ الْمَذْهَبِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ( الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ وَالْبُنْيَانِ جَزَمَ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْهَدْيِ وَالْفَائِقِ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ ) يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِيهِمَا ( قُلْت ) وَهِيَ بَعِيدَةٌ جِدًّا وَإِدْخَالُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ، وَإِنْ كَانَ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْبُنْيَانِ أَوْ مُسْتَتِرًا بِشَيْءٍ فَلَا يُقَاوِمُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ ( وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ ) يَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ وَالْبُنْيَانِ ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهِمَا ( وَالرِّوَايَةُ الْخَامِسَةُ ) يَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ فِي الْبُنْيَانِ فَقَطْ ، وَحَكَاهَا ابْنُ الْبَنَّا فِي كَامِلِهِ وَجْهًا وَهُوَ
ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ ، وَيَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ إذَا كَانَ رِيحٌ فِي غَيْرِ جِهَتِهَا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) مَتَى حَصَلَ ضَرَرٌ بِعَدَمِ اسْتِقْبَالِهَا سَاغَ اسْتِقْبَالُهَا ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ : يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الصَّحَارَى وَلَا يُمْنَعُ فِي الْبُنْيَانِ .
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ : لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارُهَا فِي الْفَضَاءِ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبُنْيَانِ جَازَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَالْأُخْرَى لَا يَجُوزُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ .
وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ : يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ إذَا كَانَ فِي الْفَضَاءِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَفِي الِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ ، فَإِنْ كَانَ فِي الْبُنْيَانِ فَفِي جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ .
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ : لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ ، وَفِي الِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبُنْيَانِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ .
وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ : وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي الْفَضَاءِ وَفِي اسْتِدْبَارِهَا فِيهِ وَاسْتِقْبَالِهَا فِي الْبُنْيَانِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، فَتَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَيَكْفِي الِاسْتِتَارُ فِي الْأَشْهَرِ بِدَابَّةٍ وَجِدَارٍ وَجَبَلٍ وَنَحْوِهِ وَفِي إرْخَاءِ ذَيْلِهِ يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) الصَّوَابُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ حَيْثُ أُمِنَ التَّنْجِيسُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي تَعْلِيلِهِمْ .
وَاسْتِقْبَالُ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ ، كَالرِّيحِ ، وَقِيلَ : لَا كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي ظَاهِرِ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْخِلَافِ ، وَحُمِلَ النَّهْيُ حِينَ كَانَ قِبْلَةً ، وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ النَّسْخِ قِبْلَةً ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النَّسْخِ بَقَاءَ حُرْمَتِهِ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٍ فِيهِ يُكْرَهُ ( و ش ) وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ : حُكْمُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ كَالْقِبْلَةِ ، وَهُوَ سَهْوٌ .
تَنْبِيهَانِ ( أَحَدُهُمَا ) قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ كَالرِّيحِ وَقِيلَ لَا كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي ظَاهِرِ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْخِلَافِ وَحَمَلَ النَّهْيَ حِينَ كَانَ قِبْلَةً ، وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ النَّسْخِ قِبْلَةً ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النَّسْخِ بَقَاءَ حُرْمَتِهِ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٍ فِيهِ يُكْرَهُ ، انْتَهَى .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ ( قُلْت ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ ، كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى دَاخِلًا ، وَقَوْلُ : بِسْمِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ ، رَوَى الْبُخَارِيُّ إذَا أَرَادَ دُخُولَهُ .
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ { أَعُوذ بِاَللَّهِ } .
وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ ، وَالْأَمْرُ بِهِ ، وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ بِمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا حَاجَةٍ ، وَعَنْهُ لَا .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ تَرْكُهُ أَوْلَى وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِتَحْرِيمِهِ ، كَمُصْحَفٍ ، وَيُجْعَلُ فَصُّ خَاتَمٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فِي بَاطِنِ كَفِّهِ وَلَا بَأْسَ بِدَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَيُتَوَجَّهُ فِي حِرْزٍ مِثْلُهَا .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِدَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا نَصَّ عَلَيْهِمَا انْتَهَى ، فَجَزَمَ بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْخَلَاءِ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ دُخُولِ الْخَلَاءِ بِمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا حَاجَةٍ ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ ( قُلْت ) ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ حَمْلَ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا فِي الْخَلَاءِ كَغَيْرِهَا فِي الْكَرَاهَةِ ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ رَجَبٍ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْخَوَاتِمِ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ هَانِئٍ ، فَقَالَ فِي الدَّرَاهِمِ : إذَا كَانَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ أَوْ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } يُكْرَهُ أَنْ يُدْخَلَ اسْمُ اللَّهِ الْخَلَاءَ ، انْتَهَى .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ وَأَوْلَى ، وَيَنْتَعِلُ ، وَيَعْتَمِدُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَلَوْ رَدُّ سَلَامٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّمَ ، وَكَرِهَهُ الْأَصْحَابُ ، وَإِنْ عَطَسَ حَمِدَ بِقَلْبِهِ ، وَعَنْهُ وَبِلَفْظِهِ ، وَكَذَا إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ صَاحِبُ النَّظْمِ بِتَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ فِي الْحُشِّ وَسَطْحِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ عَلَى حَاجَتِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ تُكْرَهُ ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْحَمَّامِ لِمَظِنَّةِ نَجَاسَتِهِ ، وَكَرَاهَةِ ذِكْرِ اللَّهِ فِيهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، وَفِي الْغُنْيَةِ لَا يَتَكَلَّمُ ، وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالتَّعَوُّذِ .
وَلُبْثُهُ فَوْقَ حَاجَتِهِ مُضِرٌّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ ، وَهُوَ كَشْفٌ لِعَوْرَتِهِ خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ ، وَفِي تَحْرِيمِهِ وَكَرَاهَتِهِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْكَرَاهَةَ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ التَّحْرِيمَ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ سَتْرِهَا عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي ، وَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الْجِنِّ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ، وَمَعْنَاهُ فِي الرِّعَايَةِ ، وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُجَرَّدِ فِي ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ ، فَإِنَّهُ احْتَجَّ لِلتَّحْرِيمِ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { إيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّي ، فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى أَهْلِهِ ، فَاسْتَحْيُوهُمْ ، وَأَكْرِمُوهُمْ } .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ " وَلُبْثُهُ فَوْقَ حَاجَتِهِ مُضِرٌّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ وَهُوَ كَشْفٌ لِعَوْرَتِهِ خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ ، وَفِي تَحْرِيمِهِ وَكَرَاهَتِهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ( إحْدَاهُمَا ) يَحْرُمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، فَقَالَ : وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ ، وَقَدَّمَ فِي النَّظْمِ أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ ، وَعَنْهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ، ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ وَهُوَ وَجْهٌ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ .
تَنْبِيهَانِ ( الْأَوَّلُ ) عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ الْكَرَاهَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي ظُلَّةٍ أَوْ حَمَّامٍ ، أَوْ بِحَضْرَةِ مَلَكٍ ، أَوْ جِنِّيٍّ ، أَوْ حَيَوَانٍ يَهِيمُ أَوْ لَا ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هِيَ مَسْأَلَةُ سَتْرِهَا عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي .
( الثَّانِي ) فِي لُبْثِهِ فَوْقَ حَاجَتِهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا الْكَرَاهَةُ لَا غَيْرُ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَالْكَافِي وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَحَوَاشِي الْمُصَنَّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) التَّحْرِيمُ ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ .
إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ تِلْكَ ، لِقَطْعِهِمْ هُنَا بِالْكَرَاهَةِ ، وَذِكْرِهِمْ الْخِلَافَ هُنَاكَ فِي
التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ ، فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عِنْدَ هَؤُلَاءِ هِيَ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي خَلْوَةٍ بِلَا حَاجَةٍ .
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ زِيَادَةُ لُبْثِهِ فَوْقَ حَاجَتِهِ ، وَالْفَرْقُ قَدْ يُتَّجَهُ بِأَنْ يُقَالَ زِيَادَةُ لُبْثِهِ فِي الْخَلَاءِ تَبَعٌ لِمُبَاحٍ ، بِخِلَافِ فِعْلِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ اسْتِقْلَالًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَكَذَا رَفْعُ ثَوْبِهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ ( م 4 ) بِلَا حَاجَةٍ .
وَحَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ ( ش ) كُرِهَ ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ جَازَ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ ، كَذَا قَالَ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : " وَكَذَا رَفْعُ ثَوْبِهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ " يَعْنِي هَلْ يُحَرَّمُ أَمْ يُكْرَهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( إحْدَاهُمَا ) يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ، وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَحْرُمُ .
وَيُكْرَهُ بَوْلُهُ فِي شِقٍّ وَسِرْبٍ وَمَاءٍ رَاكِدٍ وَقَلِيلٍ جَارٍ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَفِي إنَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ ، وَمُسْتَحَمٍّ غَيْرِ مُبَلَّطٍ ، وَعَنْهُ وَمُبَلَّطٍ ، وَفِي مُقَيَّرٍ رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَنَارٍ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَزَعٍ ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَجَرِّدُ مِنْ النَّبْتِ بَيْنَ بَقَايَا مِنْهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ وَرَمَادٍ ، وَفِي تَحْرِيمِهِ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ ، وَمَوْرِدِ مَاءٍ ، وَظِلٍّ نَافِعٍ ، وَتَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ ، وَتَغَوُّطِهِ فِي جَارٍ وَجْهَانِ ( م 6 - 10 ) ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ النَّهْيَ عَنْ بَوْلِهِ فِي رَاكِدٍ ، وَأَطْلَقَ الْآمِدِيُّ الْبَغْدَادِيُّ تَحْرِيمَهُ فِيهِ .
وَفِي النِّهَايَةِ يُكْرَهُ تَغَوُّطُهُ فِيهِ ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَا نُهِيَ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِهِ لِحُرْمَتِهِ .
وَفِي النِّهَايَةِ يُكْرَهُ عَلَى الطَّعَامِ كَعَلَفِ دَابَّةٍ ، وَهُوَ سَهْوٌ ، وَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى خَارِجًا ، وَيَقُولُ : غُفْرَانَك ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : " وَيُكْرَهُ بَوْلُهُ فِي شِقٍّ وَكَذَا وَكَذَا ثُمَّ قَالَ فِي مُقَيَّرٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، وَهُوَ عَمَلَ الْمُقَيَّرَ مَكَانَ الْبَلَاطِ فِي الْمُسْتَحَمِّ ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ ( إحْدَاهُمَا ) لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُكْرَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَبُولُ فِي مُغْتَسَلِهِ وَأَطْلَقُوا .
( مَسْأَلَةٌ 6 - 10 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَحْرِيمِهِ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ وَمَوْرِدِ مَاءٍ وَظِلٍّ نَافِعٍ وَتَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ وَتَغَوُّطُهُ فِي جَارٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6 ) هَلْ يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ أَمْ يُكْرَهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْرُمُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7 ) هَلْ يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي مَوْرِدِ الْمَاءِ أَمْ يُكْرَهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْرُمُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ( قُلْت ) هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 8 ) هَلْ يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي الظِّلِّ النَّافِعِ ، أَمْ يُكْرَهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ
فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
وَفِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحْرُمُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 9 ) هَلْ يَحْرُمُ الْبَوْلُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ أَمْ يُكْرَهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَالْمُنَوِّرِ ، وَالْمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحْرُمُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ( قُلْت ) التَّحْرِيمُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ قَوِيٌّ .
وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لَهُ كُرِهَ ، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ حُرِّمَ ، انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 10 ) هَلْ يَحْرُمُ تَغَوُّطُهُ فِي الْمَاءِ الْجَارِي أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) يَحْرُمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَنَصَرَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَتَغَوَّطُ فِي مَاءٍ جَارٍ ( قُلْت ) إنْ نَجِسَ بِهِ انْتَهَى ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسِيرًا وَعَلَيْهِ مُتَوَضِّئٌ حُرِّمَ ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا ، وَكُلُّ جَرِيَّةٍ مِنْهُ لَا تَتَغَيَّرُ بِبَوْلِهِ لَمْ يَحْرُمْ ، انْتَهَى .
وَلَا يُكْرَهُ الْبَوْلُ قَائِمًا ( و م ) بِلَا حَاجَةٍ إنْ أَمِنَ تَلَوُّثًا وَنَاظِرًا ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ .
وَفِي النَّصِيحَةِ لِلْآجُرِّيِّ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ ، وَقَدْ عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنْ الْأَدَبِ فِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : أَبُولُ وَلَا يَقُولُ أُرِيقُ الْمَاءَ .
وَفِي الْفُصُولِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ .
وَفِي النَّهْيِ خَبَرٌ ضَعِيفٌ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي إسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ : " أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لَهُ : إنْ رَأَيْت شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْك ، قُمْت كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ " .
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ ، وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ قَالَ : وَكِلَاهُمَا لَهُ مَعْنًى ، وَيَبْعُدُ فِي الْفَضَاءِ ؛ وَيَسْتَتِرُ ، وَيَقْصِدُ مَكَانًا رَخْوًا ، وَفِي التَّبْصِرَةِ عُلُوًّا .
فَصْلٌ فَإِذَا فَرَغَ مَسَحَ بِيَسَارِهِ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْلِهِ ، وَهُوَ الدُّبُرُ أَيْ مِنْ حَلْقَةِ الدُّبُرِ إلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ يَنْتُرُهُ ثَلَاثًا ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَظَاهِرُهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ كُلُّهُ ، ثَلَاثًا ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَيَتَنَحْنَحُ ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَيَمْشِي خُطُوَاتٍ ، وَعَنْ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوُ ذَلِكَ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : ذَلِكَ كُلُّهُ بِدْعَةٌ ، وَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَوْلًا يُكْرَهُ نَحْنَحَةٌ وَمَشْيٌ وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ وَسْوَاسٌ .
وَقَالَ الشَّيْخُ : يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْكُثَ بَعْدَ بَوْلِهِ قَلِيلًا ، وَيُكْرَهُ بَصْقُهُ عَلَى بَوْلِهِ لِلْوَسْوَاسِ ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ لِلِاسْتِنْجَاءِ مَعَ خَوْفِ التَّلَوُّثِ وَهُوَ وَاجِبٌ ( م ر ) وَلَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى دِرْهَمٍ ( هـ ) لِكُلِّ خَارِجٍ ، وَقِيلَ نَجِسٌ مُلَوِّثٌ وَهُوَ أَظْهَرُ ( و ش ) لَا مِنْ رِيحٍ ( و ) قَالَ فِي الْمُبْهِجِ لِأَنَّهَا عَرَضٌ بِإِجْمَاعِ الْأُصُولِيِّينَ ، كَذَا قَالَ .
وَفِي الِانْتِصَارِ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهُ ، وَهِيَ
طَاهِرَةٌ .
وَفِي النِّهَايَةِ نَجِسَةٌ ، فَتُنَجِّسُ مَاءً يَسِيرًا ، وَالْمُرَادُ عَلَى الْمَذْهَبِ ، أَوْ إنْ تَغَيَّرَ بِهَا .
وَفِي الِانْتِصَارِ طَاهِرَةٌ لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِنَفْسِهَا ، بَلْ بِمَا يَتْبَعُهَا مِنْ النَّجَاسَةِ فَتُنَجِّسُ مَاءً يَسِيرًا .
وَيُعْفَى عَنْ خَلْعِ السَّرَاوِيلِ لِلْمَشَقَّةِ ، كَذَا قَالَ ، وَقِيلَ : لَا اسْتِنْجَاءَ مِنْ نَوْمٍ وَرِيحٍ وَأَنَّ أَصْحَابَنَا بِالشَّامِ قَالَتْ : الْفَرْجُ تُرْمَصُ كَمَا تُرْمَصُ الْعَيْنُ ، وَأَوْجَبَتْ غَسْلَهُ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْوَقْتِ الدِّينَوَرِيُّ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ .
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ : وَقِيلَ لَا اسْتِنْجَاءَ مِنْ نَوْمٍ وَرِيحٍ ، انْتَهَى ، قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَلَعَلَّهُ وَقِيلَ بِالِاسْتِنْجَاءِ مِنْ نَوْمٍ وَرِيحٍ ، أَوْ وَقِيلَ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ نَوْمٍ وَرِيحٍ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَلَا يَجِبُ مِنْ نَوْمٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَأَوْجَبَهُ حَنَابِلَةُ الشَّامِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ ، انْتَهَى .
وَيَبْدَأُ رَجُلٌ وَبِكْرٌ بِقُبُلٍ : وَقِيلَ : بِالتَّخْيِيرِ كَثَيِّبٍ ، وَقِيلَ فِيهَا يُبْدَأُ بِالدُّبُرِ ، وَيُبْدَأُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَاءِ فَقَالَ أَحْمَدُ يُكْرَهُ .
وَيُجْزِئُهُ أَحَدُهُمَا وَجَمْعُهُمَا أَوْلَى ( و ) وَالْمَاءُ أَفْضَلُ ، وَعَنْهُ الْحَجَرُ ، فَإِنْ تَعَدَّى الْخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ وَجَبَ الْمَاءُ كَتَنْجِيسِهِ بِغَيْرِ الْخَارِجِ ، وَقِيلَ : عَلَى الرَّجُلِ ، وَنَصُّ أَحْمَدَ لَا يَسْتَجْمِرُ فِي غَيْرِ الْمَخْرَجِ ، وَقِيلَ : يَسْتَجْمِرُ فِي الصَّفْحَتَيْنِ وَالْحَشَفَةِ ( و ش ) وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ ذَلِكَ ، لِلْعُمُومِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَمْنَعُ الْقِيَامُ الِاسْتِجْمَارَ مَا لَمْ يَتَعَدَّ الْخَارِجَ ( ش ) وَلَا يَجِبُ الْمَاءُ لِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ بَلَى ، وَيُتَوَجَّهُ مَعَ اتِّصَالِهِ ، وَلَا لِلنَّادِرِ ( م ) وَيَجِبُ ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ ( هـ م ) مَعَ الْإِنْقَاءِ ( و ) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا اُسْتُحِبَّ الْقَطْعُ عَلَى وِتْرٍ .
وَالْإِنْقَاءُ بِالْحَجَرِ بَقَاءُ أَثَرٍ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ ، وَقَالَ الشَّيْخُ : خُرُوجُ الْحَجَرِ الْأَخِيرِ لَا أَثَرَ بِهِ إلَّا يَسِيرًا ، وَلَوْ بَقِيَ مَا يَزُولُ بِالْخِرَقِ أَوْ الْخَزَفِ لَا بِالْحَجَرِ ؛ أُزِيلَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَوَّلِ ، لَا الثَّانِي ، وَالْإِنْقَاءُ بِالْمَاءِ خُشُونَةُ الْمَحَلِّ كَمَا كَانَ ، وَاكْتَفَى فِي الْمَذْهَبِ بِالظَّنِّ ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ .
وَفِي النِّهَايَةِ بِالْعِلْمِ ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ طَهَارَةُ الْحَدَثِ .
وَذَكَرَ أَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُ يَكْفِي ، لِخَبَرِ عَائِشَةَ { حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ } وَيَأْتِي فِي الشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ .
وَفِي تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ رِوَايَتَانِ ( م 11 ) ، وَفِي وُجُوبِ غَسْلِ مَا أَمْكَنَ مِنْ دَاخِلِ فَرْجِ ثَيِّبٍ فِي نَجَاسَةٍ وَجَنَابَةٍ وَجْهَانِ ، وَالنَّصُّ عَدَمُهُ ( م 12 - 13 ) فَلَا تُدْخِلُ يَدَهَا وَإِصْبَعَهَا بَلْ مَا ظَهَرَ ( و ش ) نَقَلَ جَعْفَرٌ إذَا اغْتَسَلَتْ فَلَا تُدْخِلُ يَدَهَا فِي فَرْجِهَا ، قَالَ فِي الْخِلَافِ : أَرَادَ مَا غَمُضَ مِنْ الْفَرْجِ ،
لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَلْحَقُ فِيهِ .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : هُوَ بَاطِنٌ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةُ وَغَيْرُهُمَا : هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَعِ عَنْ أَصْحَابِنَا ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي .
وَعَلَى ذَلِكَ يُخَرَّجُ إذَا خَرَجَ مَا احْتَشَّتْهُ بِبَلَلٍ : هَلْ يُنْقَضُ ؟ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : لَا ، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي : إنْ ابْتَلَّ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَكَانِهِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ نُقِضَ ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا لَمْ يُنْقَضْ ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ ، قَالُوا : وَإِنْ أَدْخَلَتْ إصْبَعَهَا فِيهِ انْتَقَضَ ، لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ بَلَّةٍ ، وَيُتَوَجَّهُ عِنْدَنَا الْخِلَافُ ، وَيَخْرُجُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَسَادُ الصَّوْمِ بِوُصُولِ إصْبَعِهَا أَوْ حَيْضٍ إلَيْهِ ، وَالْوَجْهَانِ فِي حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُكْمَ طَرَفِ الْقُلْفَةِ كَرَأْسِ الذَّكَرِ ( م 14 ) وَأَوْجَبَ الْحَنَفِيَّةُ مَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ مِنْ الْفَرْجِ ، دُونَ الْأَقْلَفِ ، وَالدُّبُرُ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِنَحْوِ الْحُقْنَةِ ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ نَجَاسَتِهِ .
وَأَثَرُ الِاسْتِجْمَارِ نَجِسٌ ( و ) وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ ( و ) وَعَنْهُ طَاهِرٌ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَمَنْ اسْتَنْجَى نَضَحَ فَرْجَهُ وَسَرَاوِيلَهُ ، وَعَنْهُ لَا ، كَمَنْ اسْتَجْمَرَ .
وَمَنْ ظَنَّ خُرُوجَ شَيْءٍ فَقَالَ أَحْمَدُ : لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ زَوَالَهُ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَمْ يَرَ أَحْمَدُ حَشْوَ الذَّكَرِ فِي ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فَصَلَّى ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَوَجَدَ بَلَلًا فَلَا بَأْسَ ، مَا لَمْ يَظْهَرْ خَارِجًا ، وَكُرِهَ الصَّلَاةُ فِيمَا أَصَابَهُ الِاسْتِجْمَارُ حَتَّى يَغْسِلَهُ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ أَوْ يَمْسَحَهُ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ .
وَيَجُوزُ بِكُلِّ طَاهِرٍ مُنَقٍّ مُبَاحٍ ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ ، وَيَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ بِجِلْدِ سَمَكٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُذَكًّى ،
وَقِيلَ : مَدْبُوغٍ ، وَحَشِيشٍ رَطْبٍ ، وَلَا يَجُوزُ بِمَطْعُومٍ وَلَوْ بِطَعَامِ بَهِيمَةٍ ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ ، مِنْهُمْ أَبُو الْفَرَجِ وَرَوْثٍ ( هـ م ) وَعَظْمٍ ( هـ م ) وَمُحْتَرَمٍ كَمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ وَكُتُبِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَفِي الرِّعَايَةِ وَكِتَابَةٍ مُبَاحَةٍ وَمُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ ( و ش ) خِلَافًا لِلْأَزَجِيِّ ، وَفِي النِّهَايَةِ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ( و ش ) وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ لِتَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهِ وَفِيهَا أَيْضًا وَحِجَارَةِ الْحَرَمِ ( و ش ) وَهُوَ سَهْوٌ ، وَانْفَرَدَ شَيْخُنَا بِإِجْزَائِهِ بِرَوْثٍ وَعَظْمٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَبِمَا نَهَى عَنْهُ ، قَالَ : لِأَنَّهُ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ ، لِأَنَّهُ لَا يُنَقِّي بَلْ لِإِفْسَادِهِ ، فَإِذَا قِيلَ : يَزُولُ بِطَعَامِنَا مَعَ التَّحْرِيمِ ، فَهَذَا أَوْلَى ، وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَهُ فَقِيلَ : لَا يُجْزِئُ ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَقِيلَ إنْ أَزَالَ شَيْئًا ( م 15 ) وَعَنْهُ يَخْتَصُّ الِاسْتِجْمَارُ بِالْحَجَرِ ( خ ) فَيَكْفِي وَاحِدٌ ، وَعَنْهُ ثَلَاثَةٌ .
وَيُكْرَهُ بِيَمِينِهِ ( و ش ) وَقِيلَ بِتَحْرِيمِهِ ، وَإِجْزَائِهِ فِي الْأَصَحِّ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ أَكْرَهُ أَنْ يَمَسَّ فَرْجَهُ بِيَمِينِهِ ، فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ ، وَحَمَلَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابْنُ مُنَجَّا عَلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ لِسِيَاقِهِ فِيهَا ، وَتَرْجَمَ الْخَلَّالُ رِوَايَةَ صَالِحٍ كَذَلِكَ
مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَعْمِيمِ الْمَحِلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى وَحَكَاهُمَا الزَّرْكَشِيّ وَجْهَيْنِ ، وَأَطْلَقَهُمَا هُوَ وَابْنُ تَمِيمٍ ( إحْدَاهُمَا ) يَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحِلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ ( قُلْت ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحِلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ ، ذَكَرَهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ لِكُلِّ جِهَةٍ مَسْحَةٌ ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : يُسَنُّ أَنْ يَعُمَّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ بِحَجَرٍ مَرَّةً ، وَعَنْهُ بَلْ كُلُّ جَانِبٍ مِنْهُ بِحَجَرٍ مَرَّةً ، وَالْوَسَطُ بِحَجَرٍ مَرَّةً ، وَقِيلَ : يَكْفِي كُلَّ جِهَةٍ مَسْحُهَا ثَلَاثًا بِحَجَرٍ ، وَالْوَسَطَ مَسْحُهُ ثَلَاثًا بِحَجَرٍ انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَفِي وُجُوبِ غَسْلِ مَا أَمْكَنَ مِنْ دَاخِلِ فَرْجِ ثَيِّبٍ فِي نَجَاسَةٍ وَجَنَابَةٍ وَجْهَانِ ، وَالنَّصُّ عَدَمُهُ انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجِبُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَحَفِيدُهُ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجِبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ الثَّيِّبُ نَجَاسَةَ بَاطِنِ فَرْجِهَا إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ رُطُوبَتِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ ، فَإِنْ نَجِسَ أَوْ مَخْرَجُ الْحَيْضِ بِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ غَسْلُهُ فِي رِوَايَةٍ ، وَقِيلَ يُسَنُّ غَسْلُهُ : ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَا نَجَاسَةٍ ، انْتَهَى ، وَقَدْ نَقَلَ
الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ ، وَأَنَّ صَاحِبَ الْمُطْلِعِ ذَكَرَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا .
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ ، إلَى حَيْثُ يَصِلُ الذَّكَرُ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ، انْتَهَى ، وَقِيلَ : إنْ كَانَ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ ، وَلَا يَجِبُ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ .
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ : " قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ هُوَ بَاطِنٌ ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةُ وَغَيْرُهُمَا : هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُطْلِعِ عَنْ أَصْحَابِنَا ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي " أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ فِي ذَلِكَ ، أَعْنِي هَلْ مَا أَمْكَنَ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ أَوْ الْبَاطِنِ ، وَيَكُونُ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ مُوَافَقَةً لِلنَّصِّ وَهَذِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 13 ) أُخْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ هُنَاكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ لِلْمَشَقَّةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَالْوَجْهَانِ فِي حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُكْمَ طَرَفِ الْقُلْفَةِ كَرَأْسِ الذَّكَرِ ، انْتَهَى ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي ذَلِكَ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ جَعَلَ حُكْمَهُمَا وَاحِدًا ، وَقِيلَ وُجُوبُ غَسْلِ حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ الْمَفْتُوقِ أَظْهَرُ ، انْتَهَى .
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى ( قُلْت ) وَهَذَا الصَّوَابُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْحَشَفَةُ مُسْتَتِرَةً بِالْقُلْفَةِ ، وَعَلَى الْحَشَفَةِ نَجَاسَةٌ وَأَمْكَنَ كَشْفُهَا .
مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَهُ يَعْنِي لَوْ اسْتَجْمَرَ أَوَّلًا بِمَنْهِيٍّ
عَنْهُ ثُمَّ اسْتَجْمَرَ بَعْدَهُ بِمُبَاحٍ فَقِيلَ لَا يُجْزِئُ ، وَقِيلَ بَلَى ، وَقِيلَ إنْ أَزَالَ شَيْئًا ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَ الْإِجْزَاءَ وَعَدَمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ ، أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِطْلَاقُهُ الْوَجْهَيْنِ إنَّمَا حَكَاهُ طَرِيقَةً وَالْقَوْلُ ( الثَّانِي ) يُجْزِئُ مُطْلَقًا وَالْقَوْلُ ( الثَّالِثُ ) إنْ أَزَالَ شَيْئًا أَجْزَأَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَهُوَ لِابْنِ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي إدْخَالِهِ الْقَوْلَ الثَّالِثَ فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ شَيْءٌ .
وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ يَصِحُّ ( و ) وَكَذَا التَّيَمُّمُ ، وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ( و ش ) فَلَوْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْمَحَلِّ فَوَجْهَانِ ( م 16 ) قَالَ شَيْخُنَا : وَيَحْرُمُ مَنْعُ الْمُحْتَاجِ إلَى الطَّهَارَةِ وَلَوْ وَقَفَتْ عَلَى طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ ، كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ ، وَلَوْ فِي مِلْكِهِ ، لِأَنَّهَا بِمُوجَبِ الشَّرْعِ وَالْعُرْفِ مَبْذُولَةٌ لِلْمُحْتَاجِ ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ فَإِنَّمَا يُسَوَّغُ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ ، وَإِلَّا فَيَجِبُ بَذْلُ الْمَنَافِعِ الْمُخْتَصَّةِ لِلْمُحْتَاجِ كَسِكِّينِ دَارِهِ ، وَالِانْتِفَاعِ بِمَاعُونِهِ ، وَلَا أُجْرَةَ فِي الْأَصَحِّ .
قَالَ : وَإِنْ كَانَ فِي دُخُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَطْهَرَةَ الْمُسْلِمِينَ تَضْيِيقٌ أَوْ تَنْجِيسٌ ، أَوْ إفْسَادُ مَاءٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ مَنْعُهُمْ .
قَالَ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ وَلَهُمْ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ عَنْ مَطْهَرَةِ الْمُسْلِمِينَ ، فَلَيْسَ لَهُمْ مُزَاحَمَتُهُمْ
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَنْهُ يَصِحُّ وَكَذَا التَّيَمُّمُ ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ ، فَلَوْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْمَحَلِّ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( أَحَدُهُمَا ) يَصِحُّ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ عَلَى غَسْلِهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَالْأَشْبَهُ الْجَوَازُ ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى قَالَ فِي الْمُذْهَبِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا ، انْتَهَى ، وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَتَبِعَهُمَا الزَّرْكَشِيّ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ قَالَ : حُكْمُ النَّجَاسَةِ عَلَى غَيْرِ الْفَرْجِ حُكْمُهَا عَلَى الْفَرْجِ .
وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْفُصُولِ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَإِطْلَاقِهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّذْكِرَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ : وَإِلَّا فَيَجِبُ بَذْلُ الْمَنَافِعِ الْمُخْتَصَّةِ لِلْمُحْتَاجِ كَسُكْنَى ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَشَيْخُنَا لَعَلَّهُ كَسِكِّينٍ ، فَإِنَّ السُّكْنَى لَا تُبْذَلُ بِلَا عِوَضٍ ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ بَذْلُ السُّكْنَى لِمُحْتَاجٍ .
فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِتَصْحِيحِهَا .
( بَابُ السِّوَاكِ ) يُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ ( وَ ) وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ ( و ش ) وَعَنْهُ يُبَاحُ ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَهِيَ أَظْهَرُ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ بِعُودٍ رَطْبٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ ( و م ) وَعَنْهُ فِيهِ لَا ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِهِ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَكَالْمَضْمَضَةِ الْمَسْنُونَةِ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ : لَا يُعْجِبُنِي ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَاكَ بِالْعَشِيِّ وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ صَلَاةٍ وَانْتِبَاهٍ وَتَغَيُّرِ فَمٍ وَوُضُوءٍ وَقِرَاءَةٍ ، وَيَسْتَاكُ عَرْضًا ، وَقِيلَ : طُولًا ، بِعُودٍ لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَتَفَتَّتُ ، وَظَاهِرُهُ التَّسَاوِي ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْأَرَاكَ أَوْلَى ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَقَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ، وَبَعْضُ الْأَطِبَّاءِ ، وَإِنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ فِي اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ عَلَى التَّمْرِ ، وَأَنَّهُ أَوْلَى فِي الْفِطْرَةِ ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَنْهُ ، وَعَنْ الزَّيْتُونِ وَالْعُرْجُونِ إلَّا لِتَعَذُّرِهِ .
تَنْبِيهَانِ ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ بِعُودٍ رَطْبٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَعَنْهُ فِيهِ لَا ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ ، انْتَهَى ، فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ نَوْعُ خَفَاءٍ لِأَنَّهَا لَمْ يُفْهَمْ مِنْهَا إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَلَا تَقَدُّمُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ : وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ وَبِعُودٍ بِزِيَادَةِ وَاوٍ أَوَّلًا وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُزِيلُ الْإِشْكَالَ بَلْ يَبْقَى ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لَنَا رِوَايَةً بِكَرَاهَةِ السِّوَاكِ قَبْلَ الزَّوَالِ مُطْلَقًا لِلصَّائِمِ وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ ، وَإِنْ جَعَلْنَا الْبَاءَ مُتَعَلِّقَةً بِيُسْتَحَبُّ أَوَّلَ الْبَابِ فَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ قَائِلًا .
قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَفَظَّةَ عَنْهُ الْأُولَى زَائِدَةٌ ، فَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ قَدْ قَدَّمَ الْكَرَاهَةَ ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فِي كَرَاهَةِ السِّوَاكِ بِعُودٍ رَطْبٍ قَبْلَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ رِوَايَتَانِ ، أَوْ ثَلَاثٌ ، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْفُصُولِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ فِي الصَّوْمِ وَالتَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) لَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ وَابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ .
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ، انْتَهَى ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَلَمْ يَطَّلِعْ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى مَحَلِّ اخْتِيَارِ الْمَجْدِ ، فَلِهَذَا قَالَ : لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ وَلَا هُوَ فِي الْمُحَرَّرِ انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ يُبَاحُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : يُكْرَهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَغَيْرُهُ ، وَقَطَعَ بِهِ
الْحَلْوَانِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ لَا يَجُوزُ ، نَقَلَهَا سُلَيْمٌ الرَّازِيّ قَالَهُ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةَ الْأَثْرَمِ وَحَنْبَلٍ وَقِيلَ يُبَاحُ فِي صَوْمِ النَّفْلِ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ لَا بَأْسَ أَنْ لَا يُخْتَنَ كَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ، انْتَهَى .
قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا بَأْسَ أَنْ يُخْتَنَ بِإِسْقَاطٍ لَا ، قَالَ : وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ لِقَوْلِهِ كَذَا قَالَ أَحْمَدُ ، وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ .
وَقَالَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ : زَعَمُوا أَنَّ التَّسَوُّكَ مِنْ أُصُولِ الْجَوْزِ فِي كُلِّ خَامِسٍ مِنْ الْأَيَّامِ يُنَقِّي الرَّأْسَ ، وَيُصَفِّي الْحَوَاسَّ ، وَيَحُدُّ الذِّهْنَ .
وَالسِّوَاكُ بِاعْتِدَالٍ يُطَيِّبُ الْفَمَ ، وَالنَّكْهَةَ ، وَيَجْلُو الْأَسْنَانَ ، وَيُقَوِّيهَا ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَيُسَمِّنُهَا ، وَيَقْطَعُ الْبَلْغَمَ ، وَيَجْلُو الْبَصَرَ ، وَيَمْنَعُ الْحَفَرَ وَيَذْهَبُ بِهِ ، وَيُصِحُّ الْمَعِدَةَ ، وَيُعِينُ عَلَى الْهَضْمِ ، وَيُشَهِّي الطَّعَامَ ، وَيُصَفِّي الصَّوْتَ ، وَيُسَهِّلُ مَجَارِيَ الْكَلَامِ ، وَيُنَشِّطُ ، وَيَطْرُدُ النَّوْمَ ، وَيُخَفِّفُ عَنْ الرَّأْسِ ، وَفَمِ الْمَعِدَةِ .
قَالَ الْأَطِبَّاءُ : وَأَكْلُ السُّعْدِ وَالْأُشْنَانِ يُنَقِّي رَأْسَ الْمَعِدَةِ ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ ، وَمَضْغُ السُّعْدِ دَائِمًا لَهُ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ فِي تَطْيِيبِ النَّكْهَةِ .
وَمَنْ اسْتَفَّ مِنْ الزَّنْجَبِيلِ الْيَابِسِ وَاللِّبَانِ الْخَالِصِ أَذْهَبَا عَنْهُ رَائِحَةَ خُلُوفِ الْفَمِ وَمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ الْخَلُوفِ .
وَاللَّوْزُ أَكْلُهُ قَوِيٌّ فِي مَنْعِ ارْتِقَاءِ الْبُخَارِ إلَى فَوْقٍ ، وَيُرَطِّبُ الْبَدَنَ ، وَلَا يُكْثَرُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُرْخِي الْمَعِدَةَ .
وَالرُّمَّانُ الْحَامِضُ يَمْنَعُ الْبُخَارَ ، وَلَكِنَّهُ يَضُرُّ بِالْحَشَا ، وَالْمَعِدَةِ ، وَتُصْلِحُهُ الْحَلْوَى السُّكَّرِيَّةُ وَالْكُسْفُرَةُ تَمْنَعُهُ ، لَكِنَّهَا تُظْلِمُ الْبَصَرَ ، وَتُجَفِّفُ الْمَنِيَّ ، وَالْكُمَّثْرَى تَمْنَعُهُ لِخَاصِّيَّةٍ فِيهِ ، وَالسَّفَرْجَلُ يَمْنَعُهُ لِشِدَّةِ قَبْضِهِ وَكَثْرَةِ أَرْضِيَّتِهِ ، وَلَا يُكْثِرُ لِأَنَّهُمَا يُحْدِثَانِ الْقُولَنْجَ .
وَإِنْ أَكْثَرَ أَكْلَ مَعْجُونًا حَارًّا أَوْ عَسَلًا .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَوَّلِ الْجَنَائِزِ يَكُونُ الْخِلَالُ مِنْ شَجَرٍ لَيِّنٍ ، وَلِهَذَا مَنَعْنَا مِنْ السِّوَاكِ بِالْعُودِ الَّذِي يَجْرَحُ الْحَيَّ ، وَالْمَيِّتَ مَنْهِيٌّ عَنْ أَذِيَّةِ جِسْمِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا } قَالَ : وَالْمَيِّتُ كَالْحَيِّ فِي الْحُرْمَةِ ، بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ قَصَدَ جُثَّةَ مَيِّتٍ لِيَأْخُذَهَا مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَيَنَالَهَا بِسُوءٍ مِنْ حَرْقٍ وَإِتْلَافٍ جَازَ أَنْ يُحَامُوا عَنْهَا بِالسِّلَاحِ وَلَوْ آلَ ذَلِكَ إلَى قَتْلِ الطَّالِبِ لَهَا كَمَا يُحَامُونَ عَنْ وَلِيِّهِمْ الْحَيِّ .
وَيُكْرَهُ بِقَصَبٍ كَرَيْحَانٍ وَرُمَّانٍ وَآسٍ وَنَحْوِهَا ، وَقِيلَ : يَحْرُمُ ، وَكَذَا تَخَلُّلُهُ بِهِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَلَا يَتَسَوَّكُ بِمَا يَجْهَلُهُ لِئَلَّا يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ .
وَيَسْتَاكُ بِيَسَارِهِ نَقَلَهُ حَرْبٌ قَالَ شَيْخُنَا : مَا عَلِمْت إمَامًا خَالَفَ فِيهِ كَانْتِثَارِهِ .
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِيَمِينِهِ : يَسْتَاكُ بِيَمِينِهِ ، وَيَبْدَأُ بِجَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ، وَيَتَيَامَنُ فِي انْتِعَالِهِ وَتَرَجُّلِهِ ، وَلَا يُصِيبُ السُّنَّةَ بِأُصْبُعِهِ ، أَوْ خِرْقَةٍ ، وَقِيلَ بَلَى ( و هـ ) وَقِيلَ بِقَدْرِ إزَالَتِهِ .
وَيَدَّهِنُ غِبًّا ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ التَّرَجُّلِ إلَّا غِبًّا ، وَنَهَى أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ ، فَدَلَّ أَنَّهُ يُكْرَهُ غَيْرَ الْغِبِّ .
وَالتَّرْجِيلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَدَهْنُهُ ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ اللِّحْيَةَ كَالرَّأْسِ ، وَفِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَدَهْنُ الْبَدَنِ .
وَالْغِبُّ يَوْمًا وَيَوْمًا ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ ، وَفِي الرِّعَايَةِ مَا لَمْ يَجِفَّ الْأَوَّلُ ، لَا مُطْلَقًا لِلنِّسَاءِ ( ش ) وَيَفْعَلُهُ لِلْحَاجَةِ لِلْخَبَرِ .
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِعْلَ الْأَصْلَحِ بِالْبَلَدِ كَالْغَسْلِ بِمَاءٍ حَارٍّ بِبَلَدٍ رَطْبٍ ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَرْجِيلُ الشَّعْرِ ، وَلِأَنَّهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَأَنَّ مِثْلَهُ نَوْعُ اللُّبْسِ وَالْمَأْكَلِ ، وَأَنَّهُمْ لَمَّا فَتَحُوا الْأَمْصَارَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ
يَأْكُلُ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ ، وَيَلْبَسُ مِنْ لِبَاسِ بَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدُوا قُوتَ الْمَدِينَةِ وَلِبَاسَهَا ، قَالَ وَمِنْ هَذَا أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْإِزَارُ وَالرِّدَاءُ ، فَهَلْ هُمَا أَفْضَلُ لِكُلِّ أَحَدٍ وَلَوْ مَعَ الْقَمِيصِ ، أَوْ الْأَفْضَلُ مَعَ الْقَمِيصِ السَّرَاوِيلُ فَقَطْ ؟ هَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ ، فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ : تَارَةً يَكُونُ فِي نَوْعِ الْفِعْلِ وَتَارَةً فِي جِنْسِهِ ، فَإِنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ الْفِعْلَ لِمَعْنًى يَعُمُّ ذَلِكَ النَّوْعَ وَغَيْرَهُ ، لَا لِمَعْنًى يَخُصُّهُ ، فَيَكُونُ الْمَشْرُوعُ هُوَ الْأَمْرُ الْعَامُّ قَالَ : وَهَذَا لَيْسَ مَخْصُوصًا بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ ، بَلْ وَبِكَثِيرٍ مِمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ إيَاسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مَرْفُوعًا أَنَّ { الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَانِ } يَعْنِي التَّقَحُّلَ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ ، وَفِي لَفْظٍ يَعْنِي التَّقَشُّفَ .
وَقَالَ أَحْمَدُ الْبَذَاذَةُ التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ ، وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ : { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْإِرْفَاهِ ، وَيَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ صَحَابِيٍّ عَامِلٍ بِمِصْرَ قَالَ : { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنْ الْإِرْفَاهِ وَالتَّرْجِيلِ كُلَّ يَوْمٍ } .
وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ هَذَا الْمَعْنَى وَيَأْتِي فِي آخِرِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ .
وَيَكْتَحِلُ ثَلَاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ ، وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ فِي يُسْرَاهُ .
وَيُرَجِّلُ الشَّعْرَ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ : لَا إنْ شَقَّ إكْرَامُهُ ( و ش ) وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ : هُوَ سُنَّةٌ لَوْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ اتَّخَذْنَاهُ ، وَلَكِنْ لَهُ كُلْفَةٌ وَمُؤْنَةٌ .
وَيُسَرِّحُهُ ، وَيُفَرِّقُهُ ، وَيَكُونُ إلَى أُذُنَيْهِ ، وَيَنْتَهِي إلَى مَنْكِبَيْهِ ، كَشَعْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَلَا بَأْسَ بِزِيَادَتِهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَجَعْلِهِ ذُؤَابَةً .
قَالَ أَحْمَدُ : أَبُو عُبَيْدَةَ كَانَتْ لَهُ عَقِيصَتَانِ ، وَكَذَا عُثْمَانُ .
وَيُعْفِي لِحْيَتَهُ ، وَفِي الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يُسْتَهْجَنْ طُولُهَا ( و م ) وَيَحْرُمُ حَلْقُهَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا .
وَلَا يُكْرَهُ أَخْذُ مَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ ، وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَمَا تَحْتَ حَلْقِهِ لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ ، لَكِنْ إنَّمَا فَعَلَهُ إذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَتَرْكُهُ أَوْلَى .
وَقِيلَ يُكْرَهُ .
وَأَخَذَ أَحْمَدُ مِنْ حَاجِبَيْهِ وَعَارِضَيْهِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ وَيَحُفُّ شَارِبَهُ ( م ) أَوْ يَقُصُّ طَرَفَهُ ، وَحَفُّهُ أَوْلَى فِي الْمَنْصُوصِ ( و هـ ش ) وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ ( م ) وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ أَنَّ قَصَّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ فَرْضٌ ، وَأَطْلَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ الِاسْتِحْبَابَ ، وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ وَقَالَ { خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَلِمُسْلِمٍ { خَالِفُوا الْمَجُوسَ } .
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا { وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَارِبَهُ فَلَيْسَ مِنَّا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي عِنْدَ أَصْحَابِنَا التَّحْرِيمَ ، وَيَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ هَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ ؟ وَيَأْتِي فِي آخِرِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْوَلِيمَةِ حُكْمُ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ .
وَلَمْ يَذْكُرُوا شَعْرَ الْأَنْفِ وَظَاهِرُ هَذَا إبْقَاؤُهُ ، وَيَتَوَجَّهُ أَخْذُهُ إذَا فَحُشَ ، وَأَنَّهُ كَالْحَاجِبَيْنِ وَأَوْلَى مِنْ الْعَارِضَيْنِ ، قَالَ مُجَاهِدٌ : الشَّعْرُ فِي الْأَنْفِ أَمَانٌ مِنْ
الْجُذَامِ ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا ، وَهُوَ بَاطِلٌ .
وَيُقَلِّمُ ظُفْرَهُ مُخَالِفًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ ، وَقِيلَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَحِيفَ عَلَيْهَا فِي الْغَزْوِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى حَلِّ حَبْلٍ أَوْ شَيْءٍ نَصَّ عَلَيْهِ .
وَيَنْتِفُ إبِطَهُ ، وَيَحْلِقُ عَانَتَهُ ، وَلَهُ قَصُّهُ وَإِزَالَتُهُ بِمَا شَاءَ ، وَالتَّنْوِيرُ فِي الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا ، فَعَلَهُ أَحْمَدُ ، وَكَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ ، وَقَدْ أُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ .
وَقَالَ أَحْمَدُ : لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، لِأَنَّ قَتَادَةَ قَالَ : { مَا اطَّلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } كَذَا قَالَهُ أَحْمَدُ .
وَفِي الْغُنْيَةِ وَيَجُوزُ حَلْقُهُ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إزَالَتُهُ كَالنُّورَةِ وَإِنْ ذُكِرَ خَبَرٌ بِالْمَنْعِ حُمِلَ عَلَى التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ ، وَكَرِهَ الْآمِدِيُّ كَثْرَةَ التَّنْوِيرِ وَيُدْفَنُ ذَلِكَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيَفْعَلُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ ، وَلَا يَتْرُكُهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عِنْدَ أَحْمَدَ .
وَفِي الْغُنْيَةِ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ احْتَجَّ بِالْخَبَرِ فِيهِ .
وَصَحَّحَهُ ، وَرُوِيَ عَنْهُ إنْكَارُهُ ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ سِنْدِيٍّ : حَلْقُ الْعَانَةِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ كَمْ يُتْرَكُ ؟ قَالَ أَرْبَعِينَ لِلْحَدِيثِ .
فَأَمَّا الشَّارِبُ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَحِشًا ، وَقِيلَ عِشْرِينَ ، وَقِيلَ لِلْمُقِيمِ .
وَيُكْرَهُ نَتْفُ الشَّيْبِ ( وَ ) وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يَحْرُمُ ، لِلنَّهْيِ ، لَكِنَّهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَيَخْتَضِبُ وَنَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ عَنْهُ كَأَنَّهُ فَرْضٌ ، وَقَالَ : اخْتَضِبْ وَلَوْ مَرَّةً .
وَقَالَ : مَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ الشَّيْبَ ، وَلَا يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ ، وَيُسْتَحَبُّ بِحِنَّاءٍ وَكَتَمٍ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ : وَلَا بَأْسَ بِوَرْسٍ ، وَزَعْفَرَانٍ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ : خِضَابُهُ بِغَيْرِ سَوَادٍ مِنْ حُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ سُنَّةٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ( و ش ) وَيُكْرَهُ بِسَوَادٍ ( وَ ) نَصَّ عَلَيْهِ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْغُنْيَةِ فِي غَيْرِ حَرْبٍ ، وَلَا يَحْرُمُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي فِي مَسْأَلَةِ لُبْسِ الْحَرِيرِ يَحْرُمُ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ خِلَافٌ ، وَاسْتَحَبَّهُ فِي الْفُنُونِ بِهِ فِيهِ بِالسَّوَادِ فِي الْحَرْبِ وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي ذَمِّهِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ فَإِنَّهُ فِي بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ كَسَائِرِ التَّدْلِيسِ مِنْ التَّصْرِيَةِ .
وَيَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ وَيَقُولُ : { اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَزَادَ { وَحَرِّمْ وَجْهِي عَلَى النَّارِ } وَيَتَطَيَّبُ الرَّجُلُ بِمَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ ، وَالْمَرْأَةُ عَكْسُهُ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِمَّا يَنُمُّ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ } الْآيَةَ ، وَإِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ قَالَ : يُقَاسُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الصَّرِيرِ فِي النَّعْلِ ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ لِلزِّينَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى .
وَإِذَا أَمْسَى خَمَّرَ الْإِنَاءَ ، وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَأَطْفَأَ الْمِصْبَاحَ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ .
وَلَا يُكْرَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ كَقَصِّهِ ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ نُسُكٍ وَحَاجَةٍ ( و م ) كَالْقَزَعِ وَحَلْقِ الْقَفَا زَادَ فِيهِ جَمَاعَةٌ لِمَنْ لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِحِجَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ أَيْضًا : هُوَ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَلْقُ الْقَفَا يَزِيدُ فِي الْحِفْظِ ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ الْحِجَامَةِ فِي نُقْرَةِ الْقَفَا ، وَكَرِهَهُ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ لِلنِّسْيَانِ ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ ، وَكَحَلْقِهِ قَصُّهُ لِامْرَأَةٍ ، وَقِيلَ : يَحْرُمَانِ عَلَيْهَا ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ ، أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ لِضَرُورَةٍ ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ : دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ وَأَنَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ ، فَسَأَلْتهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجَنَابَةِ إلَى أَنْ قَالَتْ " وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْوَفْرَةِ " فَفِيهِ جَوَازُ تَخْفِيفِ الشُّعُورِ لِلنِّسَاءِ ، لَا مَعَ إسْقَاطِ حَقِّ الزَّوْجِ ، وَكَلَامُهُمْ فِي تَقْصِيرِهِنَّ فِي الْحَجِّ يُخَالِفُهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَحْرُمُ حَلْقُ
رَأْسِ رَجُلٍ ، وَحَرَّمَ بَعْضُهُمْ حَلْقَهُ عَلَى مُرِيدٍ لِشَيْخِهِ ، لِأَنَّهُ ذُلٌّ وَخُضُوعٌ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَيَجِبُ الْخِتَانُ ( هـ ) وَعَنْهُ عَلَى غَيْرِ امْرَأَةٍ ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ ، قَالَ شَيْخُنَا : يَجِبُ إذَا وَجَبَتْ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ .
وَيُعْتَبَرُ أَخْذُ جِلْدَةِ الْحَشَفَةِ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ( و ش ) وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَوْ أَكْثَرِهَا ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ، وَيُؤْخَذُ فِي خِتَانِ الْأُنْثَى جِلْدَةٌ فَوْقَ مَحَلِّ الْإِيلَاجِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُؤْخَذَ كُلُّهَا نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ .
وَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ ، لَا بَأْسَ أَنْ لَا يُخْتَنَ ، كَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ، مَعَ أَنَّ الْأَصْحَابَ اعْتَبَرُوهُ بِفَرْضِ طَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى .
وَفِي الْفُصُولِ يَجِبُ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ التَّلَفَ ، فَإِنْ خِيفَ فَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُخْتَنُ فَظَاهِرُهُ يَجِبُ ، لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ يَتْلَفُ مِنْهُ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَالْعَمَلُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَأَنَّهُ مَتَى خَشِيَ عَلَيْهِ لَمْ يُخْتَنْ وَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ( و ش ) وَإِنْ أَمَرَ بِهِ وَلِيُّ الْأَمْرِ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَتَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَإِنْ أَمَرَ بِهِ وَزَعَمَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّهُ يَتْلَفُ أَوْ ظَنَّ تَلَفَهُ ضَمِنَ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ .
وَفِي الْفُصُولِ إنْ فَعَلَ بِهِ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ فِي مَرَضٍ يُخَافُ مِنْ مِثْلِهِ الْمَوْتُ مِنْ الْخِتَانِ فَحُكْمُهُ كَالْحَدِّ فِي ذَلِكَ يَضْمَنُ ، وَهُوَ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ .
وَفِعْلُهُ زَمَنَ الصِّغَرِ أَفْضَلُ ( هـ ) وَقِيلَ التَّأْخِيرُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ إلَى التَّمْيِيزِ ، قَالَ شَيْخُنَا : هَذَا الْمَشْهُورُ .
وَفِي التَّلْخِيصِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ عَشْرٍ وَفِي الرِّعَايَةِ بَيْنَ سَبْعٍ وَعَشْرٍ وَعَنْ أَحْمَدَ لَمْ أَسْمَعْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا .
وَيُكْرَهُ يَوْمُ السَّابِعِ لِلتَّشْبِيهِ بِالْيَهُودِ ( ش ) وَعَنْهُ قَالَ الْخَلَّالُ الْعَمَلُ عَلَيْهِ وَكَذَا مِنْ الْوِلَادَةِ إلَيْهِ ( ش ) وَلَمْ يَذْكُرْ كَرَاهَتَهُ الْأَكْثَرُ .
وَلَا تُقْطَعُ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ ، نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ .
مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ فِي الْخِتَانِ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ وَلِيُّ الْأَمْرِ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَتَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَضْمَنُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ فِي الْفُصُولِ : إنْ فَعَلَ بِهِ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ ، أَوْ مَرَضٍ يَخَافُ مِنْ مِثْلِهِ الْمَوْتَ مِنْ الْخِتَانِ فَحُكْمُهُ كَالْحَدِّ فِي ذَلِكَ يَضْمَنُ ، وَهُوَ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ انْتَهَى .
( قُلْتُ ) قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَيْنِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ فِيهِمَا إذَا أَمَرَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ بِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِّ فَزَادَ عَالِمًا بِذَلِكَ هَلْ يَضْمَنُ الْآمِرُ أَوْ الْفَاعِلُ ؟ وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ الْآمِرَ يَضْمَنُ ، وَقَالَ : الْأَوْلَى أَنَّ الضَّارِبَ هُوَ الَّذِي يَضْمَنُ ، انْتَهَى ، وَهَذَا الصَّوَابُ .
وَقَالَ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ : وَإِنْ جَلَدَهُ الْإِمَامُ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ وَتَلِفَ فَهَدَرٌ فِي الْأَصَحِّ ، انْتَهَى لَكِنْ قَدَّمَ أَنَّ الْجَلْدَ لَا يُؤَخَّرُ لِذَلِكَ ، فَحَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ بَعِيدٌ .
وَيُكْرَهُ ثَقْبُ أُذُنِ صَبِيٍّ لَا جَارِيَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ يَحْرُمُ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَقِيلَ عَلَى الذَّكَرِ .
وَفِي الْفُصُولِ يُفَسَّقُ بِهِ فِي الذَّكَرِ ، وَفِي النِّسَاءِ يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ .
وَيَحْرُمُ نَمْصٌ .
وَوَشْرٌ ، وَوَشْمٌ فِي الْأَصَحِّ ( وَ ) وَكَذَا وَصْلُ شَعْرٍ بِشَعْرٍ ( وَ هـ ) وَقِيلَ يَجُوزُ بِإِذْنِ زَوْجٍ ( و ش ) وَفِي تَحْرِيمِهِ بِشَعْرِ بَهِيمَةٍ وَتَحْرِيمِ نَظَرٍ لِشَعْرِ أَجْنَبِيَّةٍ وَزَادَ فِي التَّلْخِيصِ وَلَوْ كَانَ بَائِنًا وَجْهَانِ ( م 2 - 3 ) وَمَتَى حَرُمَ وَقِيلَ أَوْ كَانَ نَجِسًا فَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَعَنْهُ وَبِغَيْرِ شَعْرٍ بِلَا حَاجَةٍ ( وَ م ) إنْ أَشْبَهَهُ كَصُوفٍ وَأَبَاحَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ النَّمْصَ وَحْدَهُ ، وَحَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّدْلِيسِ ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ شِعَارَ الْفَاجِرَاتِ .
وَفِي الْغُنْيَةِ يَجُوزُ بِطَلَبِ زَوْجٍ .
وَلَهَا حَلْقُهُ وَحَفُّهُ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا وَتَحْسِينُهُ بِتَحْمِيرٍ وَنَحْوِهِ ، وَكَرِهَ ابْنُ عَقِيلٍ حَفَّهُ كَالرَّجُلِ ، كَرِهَهُ أَحْمَدُ لَهُ ، وَالنَّتْفَ وَلَوْ بِمِنْقَاشٍ لَهَا .
وَيُكْرَهُ لَهُ التَّحْذِيفُ وَهُوَ إرْسَالُ الشَّعْرِ الَّذِي بَيْنَ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ ، لَا لَهَا ، لِأَنَّ عَلِيًّا كَرِهَهُ رَوَاهُ الْخَلَّالُ .
وَيُكْرَهُ لَهُ النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُمَرَ وَبِمَعْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ ، وَأَنَسٍ وَغَيْرِهِمَا ، قَالَ فِي الْإِفْصَاحِ : كَرِهَ الْعُلَمَاءُ أَنْ تُسَوِّدَ شَيْبًا بَلْ تَخْضِبُ بِأَحْمَرَ ، وَكَرِهُوا النَّقْشَ فَقَالَ أَحْمَدُ لِتَغْمِسْ يَدَهَا غَمْسًا ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهُ إبَاحَةِ تَحْمِيرٍ وَنَقْشٍ وَتَطْرِيفٍ بِإِذْنِ زَوْجٍ فَقَطْ .
مَسْأَلَةٌ 2 ، 3 ) قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ وَصْلُ شَعْرٍ بِشَعْرٍ وَقِيلَ يَجُوزُ بِإِذْنِ زَوْجٍ وَفِي تَحْرِيمِهِ بِشَعْرِ بَهِيمَةٍ وَتَحْرِيمِ نَظَرِ شَعْرِ أَجْنَبِيَّةٍ زَادَ فِي التَّلْخِيصِ وَلَوْ كَانَ بَايِنًا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) هَلْ يَحْرُمُ وَصْلُ شَعْرِهَا بِشَعْرِ بَهِيمَةٍ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ( أَحَدُهُمَا ) يَحْرُمُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ ثُمَّ وَجَدْت الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ قَالَ : لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصِلَ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ آخَرَ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بِشَعْرِ الْبَهِيمَةِ لَا الْآدَمِيِّ لِحُرْمَتِهِ ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِلْأَوَّلِ وَنَصَرَهُ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَحْرُمُ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَيُكْرَهُ وَصْلُ شَعْرِهَا بِشَعْرٍ آخَرَ ، وَقِيلَ يَحْرُمُ ، فَظَاهِرُهُ إدْخَالُ شَعْرِ الْبَهِيمَةِ .
( تَنْبِيهٌ ) الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ مِنْ جِنْسِهِ قَوْلٌ قَوِيٌّ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَغَيْرِهِمْ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) هَلْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى شَعْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ أَمْ لَا ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ ( أَحَدُهُمَا ) يَحْرُمُ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ فِي غَيْرِ الْبَائِنِ ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِهِ ، فَإِنَّهُ كَمَا قِيلَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَحْرُمُ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ : ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ الْجَوَازُ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَمَتَى حَرُمَ وَقِيلَ أَوْ كَانَ نَجِسًا فَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ
تَمِيمٍ إنْ كَانَ الشَّعْرُ نَجِسًا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ مَعَهُ ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا وَقُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ فَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَإِنْ كَانَ الشَّعْرُ نَجِسًا أَوْ طَاهِرًا ، وَقُلْنَا : يَحْرُمُ ، فَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَهُ وَجْهَانِ : ( الْأَوَّلُ ) : الْبُطْلَانُ مَعَ نَجَاسَتِهِ وَإِنْ قَلَّ ، انْتَهَى فَأَطْلَقَا الْخِلَافَ أَيْضًا ( قُلْتُ ) الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ الشَّعْرُ نَجِسًا وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُحَرَّمًا مَعَ طَهَارَتِهِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ ، أَحَدُهُمَا تَصِحُّ ( قُلْتُ ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى شَرْطِ الْعِبَادَةِ ، فَهُوَ كَالْوُضُوءِ مِنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَكَلُبْسِ عِمَامَةِ حَرِيرٍ فِي الصَّلَاةِ وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا وَصَلَتْهُ بِشَعْرِ ذِمِّيَّةٍ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ ( قُلْت ) وَهُوَ ضَعِيفٌ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ وَالنَّتْفُ أَوْ بِمِنْقَاشٍ لَهَا يَعْنِي كَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ لَهَا وَالصَّوَابُ وَلَوْ بِمِنْقَاشٍ ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْتَفُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ تَصْحِيحَهَا .
وَيُكْرَهُ كَسْبُ الْمَاشِطَةِ ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ أَنَّ مَاشِطَةً قَالَتْ لَهُ : إنِّي أُحِلُّ رَأْسَ الْمَرْأَةِ بِغَرَامِلَ وَأُمَشِّطُهَا أَفَأَحُجُّ مِنْهُ ؟ قَالَ : لَا وَكَرِهَ كَسْبَهُ ، لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ : يَكُونُ مِنْ أَطْيَبَ مِنْهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَيَحْرُمُ التَّدْلِيسُ ، وَالتَّشَبُّهُ بِالْمُرْدَانِ ، وَكَذَا عِنْدَهُ تَحْمِيرُ الْوَجْهِ وَنَحْوِهِ .
وَفِي الْفُنُونِ يُكْرَهُ كَسْبُهَا .
وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْحِجَامَةَ يَوْمَ سَبْتٍ ، وَأَرْبِعَاءٍ ، نَقَلَهُ حَرْبٌ ، وَأَبُو طَالِبٍ ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِي الْجُمُعَةِ ، وَفِيهِ خَبَرٌ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ فِيهِ : الْمُرَادُ بِلَا حَاجَةٍ ، قَالَ حَنْبَلٌ : كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَحْتَجِمُ أَيْ وَقْتَ هَاجَ بِهِ الدَّمُ ، وَأَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ ، وَالْفَصْدُ فِي مَعْنَاهَا ، وَهِيَ أَنْفَعُ مِنْهُ فِي بَلَدٍ حَارٍّ ، وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ ، وَهُوَ بِالْعَكْسِ ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يُكْرَهُ كُلَّ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ ، وَلَعَلَّهُ اخْتِيَارُ أَبِي دَاوُد لِاقْتِصَارِهِ عَلَى رِوَايَتِهِ ، وَيَتَوَجَّهُ تَرْكُهَا فِيهِ أَوْلَى ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مِثْلَهُ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ ، لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْحِجَامَةِ لِيَوْمِ الثُّلَاثَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
بَابُ الْوُضُوءِ سُمِّيَ وُضُوءًا لِتَنْظِيفِهِ الْمُتَوَضِّئَ وَتَحْسِينِهِ النِّيَّةُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ ( هـ ) لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ وَهُوَ النِّيَّةُ ، مَأْمُورٌ بِهِ وَلِخَبَرِ : { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ } أَيْ لَا عَمَلٌ جَائِزٌ وَلَا فَاضِلٌ .
وَلِأَنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى الثَّوَابِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ ، وَلَا ثَوَابَ فِي غَيْرِ مَنْوِيٍّ إجْمَاعًا ، وَلِأَنَّ النِّيَّةَ لِلتَّمْيِيزِ ، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ ، لِأَنَّ مَا لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ فَهُوَ عِبَادَةٌ كَصَلَاةٍ وَغَيْرِهَا ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْفَخْرِ إسْمَاعِيلَ وَأَبِي الْبَقَاءِ وَغَيْرِهِمَا ، الْعِبَادَةُ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ اطِّرَادٍ عُرْفِيٍّ وَلَا اقْتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ .
قِيلَ لِأَبِي الْبَقَاءِ : الْإِسْلَامُ وَالنِّيَّةُ عِبَادَتَانِ وَلَا يَفْتَقِرَانِ إلَى النِّيَّةِ ؟ فَقَالَ : الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ لِصُدُورِهِ مِنْ الْكَافِرِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ، سَلَّمْنَا ، لَكِنْ لِلضَّرُورَةِ ، لِأَنَّهُ لَا يَصْدُرُ إلَّا مِنْ كَافِرٍ ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلِقَطْعِ التَّسَلْسُلِ ، وَفِي الْخِلَافِ لِأَنَّ مَا كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ فَعِبَادَةٌ ، قِيلَ لَهُ : فَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَرَدُّ الْوَدِيعَةِ عِبَادَةٌ ؟ فَقَالَ : كَذَا نَقُولُ .
فَقِيلَ لَهُ الْعِبَادَةُ مَا كَانَ مِنْ شَرْطِهِ النِّيَّةُ ؟ فَقَالَ : إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ فِي الطَّاعَةِ لِلَّهِ وَالْمَأْمُورِ بِهِ هُوَ الَّذِي مِنْ شَرْطِهِ النِّيَّةُ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ ، وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْعِبَادَةِ النِّيَّةُ ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ ، وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ تَضَمَّنَتْ السُّتْرَةَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ لِوُجُودِهِمَا فِيهَا حَقِيقَةً ، وَلِهَذَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ .
وَيَأْتِي غُسْلُ كَافِرَةٍ فِي الْحَيْضِ ، وَالنِّيَّةُ قَصْدُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ اسْتِبَاحَةُ مَا تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ ، وَقِيلَ : إنْ نَوَى مَعَ الْحَدَثِ النَّجَاسَةَ
وَيَحْتَمِلُ أَوْ التَّنْظِيفَ أَوْ التَّبَرُّدَ لَمْ يُجْزِهِ .
وَيَنْوِي مِنْ حَدَثِهِ دَائِمَ الِاسْتِبَاحَةِ ، وَقِيلَ : أَوْ رَفَعَهُ وَقِيلَ : هُمَا .
وَمَحِلُّهَا الْقَلْبُ ( وَ ) وَيُسَنُّ نُطْقُهُ بِهَا سِرًّا وَقِيلَ لَا ( وَ م ) قَالَ أَبُو دَاوُد لِأَحْمَدَ : أَنَقُولُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ شَيْئًا ؟ قَالَ : لَا ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ ، قَالَ : وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الْجَهْرُ بِهَا وَلَا تَكْرِيرِهَا ، بَلْ مَنْ اعْتَادَهُ يَنْبَغِي تَأْدِيبُهُ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْعِبَادَاتِ ، وَقَالَ الْجَاهِرُ بِهَا مُسْتَحِقٌّ لِلتَّعْزِيرِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ ، لَا سِيَّمَا إذَا آذَى بِهِ أَوْ كَرَّرَهُ .
وَقَالَ الْجَهْرُ بِلَفْظِ النِّيَّةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَفَاعِلُهُ مُسِيءٌ ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ دِينًا خَرَجَ عَنْ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَجِبُ نَهْيُهُ ، وَيُعْزَلُ عَنْ الْإِمَامَةِ إنْ لَمْ يَنْتَهِ ، قَالَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد : { إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِعَزْلِ الْإِمَامِ لِأَجْلِ بُصَاقِهِ فِي الْقِبْلَةِ } فَإِنَّ الْإِمَامَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي .
وَلَا يَضُرُّ سَبْقُ لِسَانِهِ بِخِلَافِ قَصْدِهِ وَالْأَصَحُّ وَلَا إبْطَالُهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ ، وَشَكُّهُ فِيهَا بَعْدُ كَوَسْوَاسٍ .
وَإِنْ نَوَى صَلَاةً مُعَيَّنَةً لَا غَيْرَهَا .
ارْتَفَعَ مُطْلَقًا ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَجْهَيْنِ كَمُتَيَمِّمٍ نَوَى إقَامَةَ فَرْضَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ ، وَإِنْ نَوَى طَهَارَةً مُطْلَقَةً أَوْ وُضُوءًا مُطْلَقًا فَفِي رَفْعِهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) وَإِنْ نَوَى جُنُبٌ الْغُسْلَ وَحْدَهُ أَوْ لِمُرُورِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ ، وَقِيلَ بَلَى وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ .
بَابُ الْوُضُوءِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى طَهَارَةً أَوْ وُضُوءًا مُطْلَقًا فَفِي رَفْعِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهَا فِي الشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا لَا يَرْتَفِعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ .
وَقَالَ أَيْضًا إنْ قَالَ هَذَا الْغُسْلُ لِطَهَارَتِي انْصَرَفَ إلَى مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَدَثِ وَكَذَا يَخْرُجُ وَجْهَانِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا نَوَى الْغُسْلَ وَحْدَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ عِبَادَةً ، وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَ عِبَادَةٍ فَلَا يَرْتَفِعُ حُكْمُ الْجَنَابَةِ انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَرْتَفِعُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ مُصَحَّحًا فِي الْمُغْنِي وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ( قُلْتُ ) وَهُوَ قَوِيٌّ ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا نَوَى وُضُوءًا مُطْلَقًا ، دُونَ مَا إذَا نَوَى طَهَارَةً مُطْلَقَةً وَلَمْ أَرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ الطَّهَارَةُ لَهُ كَغَضَبٍ وَرَفْعِ شَكٍّ ، وَنَوْمٍ ، وَذِكْرٍ ، وَجُلُوسِهِ بِمَسْجِدٍ ، وَقِيلَ : وَدُخُولِهِ ، وَقِيلَ وَحَدِيثٍ وَتَدْرِيسِ عِلْمٍ وَكِتَابَتِهِ وَفِي النِّهَايَةِ وَزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْمُغْنِي وَأَكْلٍ فَعَنْهُ يَرْتَفِعُ ، وَعَنْهُ لَا ( م 2 ) ( و م ش ) وَكَذَا قِيلَ فِي التَّجْدِيدِ إنْ سُنَّ ، وَقِيلَ لَا ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ فَفِي حُصُولِ التَّجْدِيدِ احْتِمَالَانِ ( م 3 ) وَكَذَا نِيَّتُهُ غُسْلًا مَسْنُونًا وَعَلَيْهِ وَاجِبٌ م 4 ) فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ حَصَلَ الْمَسْنُونُ ، وَقِيلَ لَا .
وَكَذَا وَاجِبٌ عَنْ مَسْنُونٍ ( م هـ ) وَقِيلَ يُجْزِئُهُ ، لِأَنَّهُ أَعْلَى ، وَإِنْ نَوَاهُمَا حَصَلَا ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقِيلَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ وَعَدَّدَ ذَلِكَ فَعَنْهُ يَرْتَفِعُ وَعَنْهُ لَا ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) : يَرْتَفِعُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هَذَا أَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ فِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا يَرْتَفِعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالسَّامِرِيُّ فِي الْوُضُوءِ هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ( تَنْبِيهٌ ) حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ وَكَذَا صَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقُ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَاهُ وَجْهَيْنِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ .
وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي الْكُلّ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ وَجْهَانِ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) ( قَوْلُهُ " وَكَذَا قِيلَ فِي التَّجْدِيدِ إنْ سَنَّ وَقِيلَ لَا ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ فِي التَّجْدِيدِ وَإِنْ ارْتَفَعَ فِيمَا قَبْلَهُ ، ( وَقِيلَ إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ فَفِي حُصُولِ التَّجْدِيدِ احْتِمَالَانِ " ) انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا نَوَى التَّجْدِيدَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا قَبْلَهُ ثَلَاثُ طُرُقٍ ( أَحَدُهَا ) أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا إذَا نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ
وَالْمُسْتَوْعِبِ فِي الْغُسْلِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُقَدَّمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ فِي تِلْكَ فَكَذَا فِي هَذِهِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هُنَا وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ " أَوْ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ " لَا يَرْتَفِعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَالَ عَلَى الْأَقْيَسِ وَالْأَشْهَرِ وَقَالَ فِي الصُّغْرَى هَذَا أَصَحُّ وَكَذَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَابْنُ مُنَجَّى وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِمَا وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ ( وَمَحِلُّ ) الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِ التَّجْدِيدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ( الطَّرِيقُ الثَّانِي ) لَا يَرْتَفِعُ هُنَا وَإِنْ ارْتَفَعَ فِيمَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ الْخِلَافَ فِيمَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ .
وَصَحَّحَ هُنَا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ وَقَالَ إنَّهُ الْأَقْيَسُ وَالْأَشْهَرُ وَالْأَصَحُّ .
( الطَّرِيقُ الثَّالِثُ ) إذَا قُلْنَا لَا يَرْتَفِعُ فَفِي حُصُولِ التَّجْدِيدِ احْتِمَالَانِ وَهُمَا لِابْنِ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ وَإِنْ جَدَّدَ مُحْدِثٌ وُضُوءَهُ نَاسِيًا حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ وَفِي حُصُولِ التَّجْدِيدِ إذَنْ احْتِمَالَانِ انْتَهَى .
( قُلْتُ ) حُصُولُ التَّجْدِيدِ مَعَ قِيَامِ الْحَدَثِ بَعِيدٌ جِدًّا لَا يُعْلَمُ لَهُ نَظِيرٌ ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ التَّجْدِيدَ لَا يَحْصُلُ لَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ لَيْسَ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ ( قُلْت ) وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ
الْمُسْتَوْعِبِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ فِيمَا إذَا نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِي التَّجْدِيدِ رِوَايَتَانِ مُطْلَقَتَانِ فَقَالَ : وَإِنْ نَوَى تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، فَإِنْ نَوَى فِعْلَ مَا لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْوُضُوءُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْآخَرِ يَرْتَفِعُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِيمَا إذَا نَوَى غُسْلَ الْجُمُعَةِ هَلْ يُجْزِئُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَمْ لَا ؟ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ وَكَذَا نِيَّتُهُ غُسْلًا مَسْنُونًا وَعَلَيْهِ وَاجِبٌ انْتَهَى .
( وَاعْلَمْ ) أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى خِلَافًا وَمَذْهَبًا صَرَّحَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ مُخَالِفٌ لِهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ لَفْظُهُ قَرِيبًا وَعِنْدَ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ وَيَرْتَفِعُ بِالْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ كَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ " وَكَذَا وَاجِبٌ عَنْ مَسْنُونٍ " يَعْنِي هَلْ يَحْصُلُ بِغُسْلِهِ الْوَاجِبِ غُسْلُهُ الْمَسْنُونُ ؟ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدْ عَلِمْتَ الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا لَا يُجْزِئُهُ هُنَاكَ لِأَنَّهُ أَعْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مُوجِبَاتٌ لِلْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ مُتَنَوِّعَةٌ قِيلَ مَعًا وَقِيلَ أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ ( م 6 ) فَنَوَى أَحَدَهَا ، وَقِيلَ : وَعَلَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ غَيْرُهُ ارْتَفَعَ غَيْرُهُ فِي الْأَصَحِّ ( و م ش ) وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْمَفْرُوضِ ، وَيُسْتَحَبُّ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ ، وَاسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا ، وَيُجْزِئُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا ، وَهُوَ أَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَالصَّلَاةِ .
ثُمَّ يُسَمِّي وَهَلْ هِيَ فَرْضٌ أَوْ وَاجِبَةٌ تَسْقُطُ سَهْوًا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 7 ) وَإِنْ ذَكَرَ فِي بَعْضِهِ ابْتَدَأَ وَقِيلَ بَنَى وَعَنْهُ تُسْتَحَبُّ ( وَ ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشَّيْخُ وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ ، وَيُسَنُّ غَسْلُ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُمَا .
وَيَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ ( خ ) مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ وَقِيلَ زَائِدٍ عَلَى النِّصْفِ وَقِيلَ وَنَهَارٍ .
وَغَسْلُهُمَا تَعَبُّدٌ كَغَسْلِ الْمَيِّتِ فَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ فِي الْأَصَحِّ .
وَالْأَصَحُّ لَا يُجْزِئُ عَنْ نِيَّةِ غَسْلِهِمَا نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَأَيُّهُمَا طَهَارَةٌ مُفْرَدَةٌ لَا مِنْ الْوُضُوءِ وَقِيلَ مُعَلَّلٌ بِوَهَمِ النَّجَاسَةِ كَجَعْلِ الْعِلَّةِ فِي النَّوْمِ اسْتِطْلَاقَ الْوِكَاءِ بِالْحَدَثِ وَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَقِيلَ لِمَبِيتِ يَدِهِ مُلَابِسَةً لِلشَّيْطَانِ وَهُوَ لِمَعْنًى فِيهِمَا فَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ وَفَسَدَ الْمَاءُ وَقِيلَ وَذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ رِوَايَةً لِإِدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ فَيَصِحُّ .
ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَهُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إلَى النَّازِلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ طُولًا وَمَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْأُذُنِ ( م ) فِي حَقِّ الْمُلْتَحِي .
وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ مِنْهُ فَتَجِبُ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَعَنْهُ فِي الْكُبْرَى ( وَ هـ ) وَعَنْهُ عَكْسُهَا نَقَلَهَا الْمَيْمُونِيُّ وَعَنْهُ يَجِبُ الِاسْتِنْشَاقُ وَحْدَهُ
وَعَنْهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ عَكْسُهَا ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَفِي تَسْمِيَتِهَا فَرْضًا وَسُقُوطِهَا سَهْوًا رِوَايَتَانِ ( م 8 - 9 ) وَعَنْهُ هُمَا سُنَّةٌ ( و م ش ) كَانْتِثَارِهِ وَعَنْهُ تَجِبُ فِي الصُّغْرَى ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَبِي : رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا } قَالَ أَبِي وَأَنَا أَذْهَبُ إلَى هَذَا لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّثْرَةِ وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ ، وَهُمَا فِي تَرْتِيبٍ وَمُوَالَاةٍ كَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ لَا وَعَنْهُ : لَا فِي تَرْتِيبٍ .
وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ تَجِبُ وَيَتَوَجَّهُ لَنَا مِثْلُهُ عَلَى قَوْلِنَا لَمْ يَدُلَّ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ وَكَذَا تَقْدِيمُهَا عَلَى بَقِيَّةِ الْوَجْهِ وَقِيلَ يَجِبُ ( و ش ) وَتُسَنُّ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا إلَى أَقَاصِيهِمَا وَفِي الرِّعَايَةِ أَوْ أَكْثَرِهِ لَا فِي اسْتِنْشَاقٍ فَقَطْ ، خِلَافًا لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَعَنْهُ تَجِبُ ، وَقِيلَ فِي اسْتِنْشَاقٍ ، وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ ، وَحَرَّمَهُ أَبُو الْفَرَجِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مُوجِبَاتٌ لِلْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ مُتَنَوِّعَةٌ قِيلَ مَعًا وَقِيلَ أَوْ مُتَفَرِّقَةً انْتَهَى .
( قُلْتُ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ يَشْمَلُ الْمُتَفَرِّقَةَ وَالْمُجْتَمِعَةَ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَإِنْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ يَقْتَضِيَانِ الْغُسْلَ أَوْ الْوُضُوءَ فَتَطَهَّرَ لَهَا صَحَّ انْتَهَى .
( قُلْت ) وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) يُشْتَرَطُ أَنْ تُوجَدَ مَعًا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى أَحْدَاثَهُ الَّتِي نَقَضَتْ وُضُوءَهُ مَعًا انْتَهَى ( قُلْتُ ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ وُجُودَ الثَّانِي لَا يُسَمَّى وَالْحَالَةُ هَذِهِ حَدَثًا لِأَنَّ الْحَدَثَ هُوَ النَّاقِضُ لِلطَّهَارَةِ وَلَيْسَ هُنَا طَهَارَةٌ يَنْقُضُهَا لَكِنْ عَلَى هَذَا يَضْعُفُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ كَوْنُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لَمْ يُقَيِّدُوا بِذَلِكَ وَقَدْ قَالُوا يَرْتَفِعُ فَكَانَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْتَفِعَ الْحَدَثُ إلَّا إذَا نَوَى الْأَوَّلَ لَا غَيْرُ وَقَدْ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَقَالَ إنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهَا ارْتَفَعَتْ كُلُّهَا ، وَقِيلَ مَا نَوَاهُ وَحْدَهُ ، وَقِيلَ وَغَيْرُهُ إنْ سَبَقَ أَحَدُهَا وَنَوَاهُ انْتَهَى .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ ثُمَّ يُسَمِّي وَهَلْ هِيَ فَرْضٌ أَوْ وَاجِبَةٌ تَسْقُطُ سَهْوًا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيّ ( أَحَدُهُمَا ) هِيَ وَاجِبَةٌ تَسْقُطُ سَهْوًا ؟ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : هِيَ فَرْضٌ لَا تَسْقُطُ سَهْوًا اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ
عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّم وَالْمَجْدُ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 8 و 9 ) ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَالْفَمَ وَالْأَنْفَ مِنْهُ وَفِي تَسْمِيَتِهَا فَرْضًا وَسُقُوطِهِمَا سَهْوًا رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8 ) إذَا قُلْنَا : بِوُجُوبِهَا هَلْ يُسَمَّيَانِ فَرْضًا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ .
( الْمَسْأَلَةُ 9 ) هَلْ يَسْقُطَانِ سَهْوًا يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِيمَا يَظْهَرُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ ، وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ : هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْوَاجِبِ هَلْ يُسَمَّى فَرْضًا أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسَمَّى فَرْضًا فَيُسَمَّيَانِ فَرْضًا انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ هُمَا وَاجِبَانِ لَا فَرْضًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ حَيْثُ قِيلَ بِالْوُجُوبِ فَتَرْكُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لَا يَسْقُطَانِ سَهْوًا عَلَى الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمُعْتَمَدُ وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ إنْ قِيلَ وُجُوبُهُمَا بِالسُّنَّةِ صَحَّ مَعَ السَّهْوِ وَحُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ ( إحْدَاهُمَا ) : وُجُوبُهُمَا بِالْكِتَابِ ( وَالثَّانِيَةُ ) : بِالسُّنَّةِ انْتَهَى ( قُلْتُ ) نَصَّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا لَا يُسَمَّيَانِ فَرْضًا وَإِنَّمَا يُسَمَّيَانِ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً أَوْ وَاجِبًا وَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : إنْ تَرَكَهُمَا يُعِيدُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَسْمِيَتِهَا فَرْضًا .
وَهَلْ يَكْفِي وَضْعُ الْمَاءِ فِيهِ بِدُونِ إدَارَتِهِ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 10 ) ثُمَّ لَهُ بَلْعُهُ ، وَلَفْظُهُ ، وَلَا يَجْعَلُ الْمَضْمَضَةَ أَوَّلًا وَجَوْرًا ، وَلَا الِاسْتِنْشَاقَ سُعُوطًا .
وَيَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ) غَسْلُ اللِّحْيَةِ وَمُسْتَرْسِلِهَا وَيُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُ السَّاتِرِ لِلْبَشَرَةِ وَقِيلَ لَا ( وَ م ) كَتَيَمُّمٍ وَقِيلَ : يَجِبُ كَمَا لَوْ وَصَفَهَا ( هـ ) وَشَعْرُ غَيْرِ اللِّحْيَةِ مِثْلُهَا وَقِيلَ : يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِ ( و ش ) .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يَكْفِي وَضْعُ الْمَاءِ بِدُونِ إدَارَتِهِ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَكْفِي مِنْ غَيْرِ إدَارَتِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكْفِي قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا تَجِبُ الْإِدَارَةُ فِي جَمِيعِ الْفَمِ وَلَا الْإِيصَالُ إلَى جَمِيعِ بَاطِنِ الْأَنْفِ وَهَذَا أَيْضًا أَيْضًا مُوَافِقٌ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِ وَقَدْرُ الْمُجْزِئِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى دَاخِلٍ قَالَ فِي الْمُطْلِعِ الْمَضْمَضَةُ فِي الشَّرْعِ وَضْعُ الْمَاءِ فِي فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ .
وَفِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ مَعَ أَمْنِ الضَّرَرِ وَجْهَانِ ( م 11 ) وَعَنْهُ يَجِبُ ( خ ) وَعَنْهُ فِي الْكُبْرَى وَلَا يَجِبُ لِنَجَاسَةٍ فِي الْأَصَحِّ ( هـ ش ) فَصْلٌ ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ، وَهُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا ، وَيَجِبُ إدْخَالُهَا عَلَى الْأَصَحِّ ( وَ ) وَغَسْلُ أَظْفَارِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ ( ع ) وَقَاسَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالنِّهَايَةِ عَلَى الْمُسْتَرْسِلِ مِنْ اللِّحْيَةِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ نَادٌّ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِهِ .
وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَمَعْنَاهُ فِي الْفُصُولِ أَنَّ حَدَّ الْيَدَيْنِ مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ .
مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَفِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ مَعَ أَمْنِ الضَّرَرِ وَجْهَانِ انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُسْتَحَبُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، بَلْ يُكْرَهُ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالصَّحِيحُ : أَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْنُونٍ ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالشَّرْحِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَالشَّيْخَانِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُسْتَحَبُّ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْفُصُولِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا ، وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الْمُذْهَبِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالنَّظْمِ ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقِيلَ : يُسْتَحَبُّ فِي الْجَنَابَةِ دُونَ الْوُضُوءِ .
ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ ، وَهُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا ، وَيَجِبُ مَسْحُ ظَاهِرِهِ ( ش ) كُلِّهِ ( وَ م ) وَعَفَا فِي الْمُتَرْجِمِ وَالْمُبْهِجِ عَنْ يَسِيرٍ لِلْمَشَقَّةِ ، وَعَنْهُ يُجْزِئُ أَكْثَرُهُ ، وَعَنْهُ قَدْرُ النَّاصِيَةِ ( و هـ م ) فَفِي تَعْيِينِهَا وَجْهَانِ ( م 12 ) وَهِيَ مُقَدَّمُهُ وَقِيلَ : قِصَاصُ الشَّعْرِ ، وَعَنْهُ وَبَعْضُهُ ( و ش ) وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ فِي التَّجْدِيدِ .
وَفِي التَّعْلِيقِ لِلْعُذْرِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَأَنَّهُ يَمْسَحُ مَعَهُ الْعِمَامَةَ وَيَكُونُ كَالْجَبِيرَةِ فَلَا تَوْقِيتَ .
وَلَا يَكْفِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَشْهَرِ .
وَعَنْهُ بَعْضُهُ لِلْمَرْأَةِ ، وَهِيَ الظَّاهِرَةُ عَنْهُ عِنْدَ الْخَلَّالِ ، وَالشَّيْخِ : بِيَدَيْهِ ، وَيُجْزِئُ بَعْضُ يَدِهِ ، وَعَنْهُ أَكْثَرُهَا ، وَيُجْزِئُ بِحَائِلٍ فِي الْأَصَحِّ ( و هـ ش ) وَيُسْتَحَبُّ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ ، ثُمَّ يَمُرُّهُمَا إلَى قَفَاهُ ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا ، وَعَنْهُ بِمَاءٍ جَدِيدٍ إلَى مُقَدَّمِهِ ، وَعَنْهُ لَا يَرُدُّهُمَا مَنْ انْتَشَرَ شَعْرُهُ ، وَيَرُدُّهُمَا مَنْ لَا شَعْرَ لَهُ أَوْ كَانَ مَضْفُورًا ( ش ) وَعَنْهُ تَبْدَأُ الْمَرْأَةُ بِمُؤَخَّرِهِ ، وَتَخْتِمُ بِهِ ، وَعَنْهُ فِيهَا كُلُّ نَاحِيَةٍ لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ ، وَقِيلَ يُجْزِئُ بَلُّ الرَّأْسِ بِلَا مَسْحٍ ( و هـ ش ) وَإِنْ غَسَلَهُ أَجْزَأَ فِي الْأَصَحِّ إنْ أَمَرَّ يَدَهُ ، وَعَنْهُ أَوْ لَا ( و هـ ش ) وَإِنْ أَصَابَهُ مَاءٌ أَجْزَأَهُ إنْ أَمَرَّ يَدَهُ ، وَعَنْهُ وَقَصَدَهُ .
وَإِنْ لَمْ يَمُرَّهَا وَلَمْ يَقْصِدْهُ فَكَغَسْلِهِ .
وَالنَّزْعَتَانِ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ ، وَفِي صُدْغٍ وَتَحْذِيفٍ وَجْهَانِ ( م 13 - 14 ) .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَعَنْهُ يُجْزِئُ قَدْرُ النَّاصِيَةِ فَفِي تَعْيِينِهَا وَجْهَانِ .
وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ ، أَحَدُهُمَا لَا تَتَعَيَّنُ النَّاصِيَةُ لِلْمَسْحِ ، بَلْ لَوْ مَسَحَ قَدْرَهَا مِنْ وَسَطِهِ أَوْ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ( قَالَ ) الزَّرْكَشِيّ : لَا تَتَعَيَّنُ النَّاصِيَةُ عَلَى الْمَعْرُوفِ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : وَإِيجَازُ ابْنِ حَمْدَان هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ ) الثَّانِي تَتَعَيَّنُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : يَحْتَمِلُ أَنْ تَتَعَيَّنَ النَّاصِيَةُ لِلْمَسْحِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ شَيْءٌ .
( مَسْأَلَةٌ 13 و 14 ) قَوْلُهُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ " وَالنَّزْعَتَانِ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِي صُدْغٍ وَتَحْذِيفٍ وَجْهَانِ " انْتَهَى ، وَيَعْنِي هَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْفُصُولِ ، وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْمُصَنَّفِ فِي مَحْظُورَات الْإِحْرَام أَيْضًا وَغَيْرِهِمْ ( أَحَدُهُمَا ) هُمَا مِنْ الرَّأْسِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي ، الْمَجْدُ ، وَقَالَ : هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ ، فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : الْأَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ الرَّأْسِ .
وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي الصُّدْغِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُمَا مِنْ الْوَجْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، قَالَهُ الْقَاضِي ، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الصُّدْغِ
رِوَايَتَيْنِ ، وَقِيلَ التَّحْذِيفُ مِنْ الْوَجْهِ ، وَالصُّدْغُ مِنْ الرَّأْسِ ، اخْتَارَهُ أَبُو حَامِدٍ ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الصُّدْغُ مِنْ الْوَجْهِ قَالَهُ الشَّارِحُ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رَزِينٍ فِي التَّحْذِيفِ .
( تَنْبِيهٌ ) يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الصُّدْغِ وَتَفْسِيرُ التَّحْذِيفِ ، وَهَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ ، أَوْ مِنْ الْوَجْهِ أَيْضًا ، فَحَصَلَ التَّكْرَارُ .
وَالْأُذُنَانِ مِنْهُ ( و هـ م ) فَفِي وُجُوبِ مَسْحِهِمَا وَأَخْذِ مَاءٍ جَدِيدٍ لَهُمَا ( و هـ ش ) كَمَا لَوْ لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ بَلَلٌ رِوَايَتَانِ ( م 15 - 16 ) وَيُسْتَحَبُّ مَسْحُهُمَا بَعْدُ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَيَتَوَجَّهُ ، تَخْرِيجٌ ، وَاحْتِمَالٌ ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ يَمْسَحُ الْأُذُنَيْنِ مَعًا ( و ش ) وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهِ وَعَنْهُ هُمَا عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ ( و ش ) فَيَجِبُ مَاءٌ جَدِيدٌ فِي وَجْهٍ ( خ ) وَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ .
وَلَا يَأْخُذُ لِصِمَاخَيْهِ مَاءً غَيْرَ ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ ( ش ) وَالْبَيَاضُ فَوْقَهُمَا دُونَ الشَّعْرِ مِنْ الرَّأْسِ كَبَقِيَّتِهِ ، بِدَلِيلِ الْمُوضِحَةِ ، وَلَمْ يُجَوِّزْ شَيْخُنَا الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ ، وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْمَسْحِ ، وَعَنْهُ بَلَى ، بِمَاءٍ جَدِيدٍ .
نَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ ( و ش ) وَكَذَا أُذُنَيْهِ ( وَ ) ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ ، وَلَا مَسْحُ الْعُنُقِ ، وَعَنْهُ بَلَى ، اخْتَارَهُ فِي الْغَنِيمَةِ ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ .
وَأَبُو الْبَقَاءِ وَابْنُ الصَّيْرَفِيِّ وَابْنُ رَزِينٍ ( و هـ ) وَالرِّجْلَانِ كَالْيَدَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ ( وَ ) وَالْكَعْبَانِ : الْعَظْمَاتُ النَّاتِئَانِ ( وَ ) وَيُسْتَحَبُّ تَخَلُّلُ أَصَابِعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ ( ش ) كَرِجْلَيْهِ ( وَ ) زَادَ جَمَاعَةٌ ، فَيُخَلِّلُ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ لِخَبَرِ الْمُسْتَوْرَدِ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ .
وَيَبْدَأُ مِنْ الْيُمْنَى بِخِنْصَرِهَا ، وَالْيُسْرَى بِالْعَكْسِ ، لِلتَّيَامُنِ ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ ، وَيُخَلِّلُ بِالْيُسْرَى مِنْ أَسْفَلِ الرِّجْلِ .
وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُمْنَى ، وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ ( وَ ) وَقِيلَ يُكْرَهُ تَرْكُهُ ( و ش ) وَالْغَسِيلُ ثَلَاثًا ( وَ ) حَتَّى طَهَارَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ ، ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ ، وَيَعْمَلُ فِي عَدَدِهَا بِالْأَقَلِّ ( و هـ ش ) وَفِي النِّهَايَةِ بِالْأَكْثَرِ ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ ( و ) وَقِيلَ تَحْرُمُ ، قَالَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ الْكَلَامُ ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْعُلَمَاءِ ،
وَالْمُرَادُ : بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ ، وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ تَرْكُ الْأَوْلَى ( وَ ) لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ، مَعَ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرَهُ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِيمَا يُكْرَهُ وَيُسَنُّ .
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : يَقُولُ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ مَا وَرَدَ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، لِضَعْفِهِ جِدًّا ، مَعَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْهُ ، وَلَوْ شَرَعَ لَتَكَرَّرَ مِنْهُ ، وَلَنُقِلَ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ : وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَفِي الرِّعَايَةِ : وَرَدُّهُ ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَا يُكْرَهُ رَدُّ مُتَخَلٍّ ، وَهُوَ سَهْوٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يُكْرَهُ السَّلَامُ ، وَلَا الرَّدُّ ، وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى طُهْرٍ أَكْمَلَ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قُلْتُ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ } فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ .
وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ ، وَلَا تَصْرِيحَ بِخِلَافِهِ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِي كُلِّ طَاعَةٍ إلَّا لِدَلِيلٍ ، وَالْأَقْطَعُ يَغْسِلُ الْبَاقِيَ أَصْلًا ، وَكَذَا تَبَعًا فِي الْمَنْصُوصِ ( م ) وَمَنْ تَبَرَّعَ بِتَطْهِيرِهِ لَزِمَهُ ، وَيَتَوَجَّهُ لَا ، وَيَتَيَمَّمُ ( و هـ م ) وَيَأْتِي فِي اسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ وَيَلْزَمُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ، وَقِيلَ لَا ( و هـ ) لِتَكْرَارِ الضَّرَرِ دَوَامًا ، وَإِنْ عَجَزَ صَلَّى وَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ كَعَادِمِ مَاءٍ وَتُرَابٍ ( م 17 ) وَيَتَوَجَّهُ فِي اسْتِنْجَاءٍ مِثْلُهُ وَفِي الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةٍ لَا تُجْحِفُ بِمَالٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ مَنَعَ يَسِيرُ وَسَخِ ظُفْرٍ وَنَحْوُهُ وُصُولَ الْمَاءِ فَفِي صِحَّةِ طَهَارَتِهِ وَجْهَانِ ( م 18 ) ( و ش ) وَقِيلَ يَصِحُّ مِمَّنْ يَشُقُّ تَحَرُّزُهُ مِنْهُ ، وَجَعَلَ شَيْخُنَا مِثْلَهُ كُلَّ
يَسِيرٍ مَنَعَ حَيْثُ كَانَ كَدَمٍ ، وَعَجِينٍ ، وَاخْتَارَ الْعَفْوَ ، وَإِذَا فَرَغَ اُسْتُحِبَّ رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ ، وَقَوْلِ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَمَا وَرَدَ ، وَيَتَوَجَّهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْغَسْلِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَالتَّرْتِيبَ ( هـ م ) كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَالْمُوَالَاةُ ( هـ ش ) فَرْضَانِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : يَسْقُطُ تَرْتِيبٌ ، وَقِيلَ : وَمُوَالَاةٌ سَهْوًا ( و م ر ) وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ لَا تَرْتِيبَ فِي نَفْلِ وُضُوءٍ ، وَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُسْتَعْمَلِ مَعَ كَوْنِهِ طَاهِرًا ، وَمَعْنَاهُ فِي الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَتَوَضَّأَ عَلِيٌّ فَمَسَحَ وَجْهَهُ ، وَيَدَيْهِ ، وَرَأْسَهُ ، وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ : هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَهُ ، قَالَ شَيْخُنَا : إذَا كَانَ مُسْتَحَبًّا لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْبَعْضِ ، كَوُضُوءِ ابْنِ عُمَرَ لِنَوْمِهِ جُنُبًا ، إلَّا رِجْلَيْهِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَأَتَى حَاجَتَهُ يَعْنِي الْحَدَثَ ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، ثُمَّ نَامَ } وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الْغَسْلَ لِلتَّنْظِيفِ ، وَالتَّنْشِيطِ لِلذِّكْرِ وَغَيْرِهِ ، وَإِنْ انْغَمَسَ فِي رَاكِدٍ كَثِيرٍ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مُرَتِّبًا نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : أَوْ مَكَثَ بِقَدْرِهِ أَجْزَأَ ، كَجَارٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ لَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ تَحَرَّكَ فِي رَاكِدٍ يَصِيرُ كَجَارٍ ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةُ : أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ الْعُضْوُ قَبْلَهُ ، وَقِيلَ أَيَّ عُضْوٍ كَانَ ، وَقِيلَ : بَلْ الْكُلُّ ، وَيُعْتَبَرُ زَمَنٌ مُعْتَدِلٌ ، وَقَدْرُهُ مِنْ غَيْرِهِ ، وَلَوْ جَفَّ لِاشْتِغَالِهِ فِي الْآخَرِ بِسُنَّةٍ كَتَخْلِيلٍ ، أَوْ إسْبَاغٍ ، أَوْ إزَالَةِ شَكٍّ لَمْ يَضُرَّ ، وَلِوَسْوَسَةٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ وَجْهَانِ ( م 19 - 21 ) وَلِتَحْصِيلِ
الْمَاءِ رِوَايَتَانِ ، وَيَضُرُّ إسْرَافٌ ؛ وَإِزَالَةُ وَسَخٍ ، وَنَحْوِهِ ، وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ طُولُ الْفَصْلِ عُرْفًا ، قَالَ الْخَلَّالُ : هُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ .
وَيُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِلْأَخْبَارِ ، وَعَنْهُ لَا ، كَمَا لَوْ لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ، كَمَا لَوْ لَمْ يَفْعَلْ بَيْنَهُمَا مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ ، وَكَتَيَمُّمٍ ، وَكَغُسْلٍ ، خِلَافًا لِشَرْحِ الْعُمْدَةِ فِيهِ ، وَحُكِيَ عَنْهُ يُكْرَهُ الْوُضُوءُ ، وَقِيلَ لَا يُدَاوِمُ عَلَيْهِ ، وَيَأْتِي فِعْلُ الْوَارِثِ لَهَا وَنَذْرُهَا ، وَهَلْ هِيَ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُهُ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا ، كَقَوْلِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ، وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ اسْتِحْبَابَهُ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يُشْتَرَطُ لَهَا النِّيَّةُ ، فَكَانَ لَهُ نَفْلٌ مَشْرُوعٌ كَالصَّلَاةِ .
وَتُبَاحُ مَعُونَتُهُ ( و ) وَتَنْشِيفُ أَعْضَائِهِ ( وَ ) وَعَنْهُ يُكْرَهَانِ كَنَفْضِ يَدِهِ ، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ { إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَلَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ } رَوَاهُ الْمَعْمَرِيُّ ، وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا لَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ( و ) وَقِيلَ لِأَحْمَدَ عَنْ مَسْحِ بَلَلِ الْكَفِّ فَكَرِهَهُ ، وَقَالَ : لَا أَدْرِي ، لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ ، وَإِنْ وَضَّأَهُ غَيْرُهُ وَنَوَاهُ ، وَقِيلَ : وَمُوَضِّئُهُ الْمُسْلِمُ صَحَّ ( و ) وَعَنْهُ لَا ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ ، وَيَقِفُ عَنْ يَسَارِهِ ، وَقِيلَ عَنْ يَمِينِهِ ، وَتُسَنُّ الزِّيَادَةُ عَلَى مَوْضِعِ الْفَرْضِ ، وَعَنْهُ لَا ( و م ) وَيُبَاحُ هُوَ وَغُسْلٌ فِي مَسْجِدٍ إنْ لَمْ يُؤْذِ بِهِ أَحَدًا ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ ( و هـ م ) وَإِنْ نَجِسٌ حَرُمَ ، كَاسْتِنْجَاءٍ ، وَرِيحٍ ، وَهَلْ يُكْرَهُ إرَاقَتُهُ فِيمَا يُدَاسُ فِيهِ ؟ رِوَايَتَانِ ( م 22 ) .
( مَسْأَلَةٌ 15 و 16 ) قَوْلُهُ : وَالْأُذُنَانِ مِنْهُ ، فَفِي وُجُوبِ مَسْحِهِمَا وَاسْتِحْبَابِ أَخْذِ مَاءٍ جَدِيدٍ لَهُمَا كَمَا لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ بَلَلٌ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 15 ) هَلْ يَجِبُ مَسْحُهُمَا إذَا قُلْنَا : هُمَا مِنْ الرَّأْسِ ، قُلْنَا بِوُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِهِ أَمْ لَا يَجِبُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) : لَا يَجِبُ مَسْحُهُمَا بَلْ يُسْتَحَبُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهِيَ الْأَشْهَرُ نَقْلًا ( قَالَ الشَّارِحُ ) هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ .
قَالَ فِي الْفَائِقِ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ : قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، هَذَا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالشَّيْخُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي : وَالظَّاهِرُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُهُمَا وَإِنْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ ، قَالَ الشَّارِحُ ، وَالنَّاظِمُ ، وَالْأَوْلَى مَسْحُهُمَا ، يَعْنِيَانِ لِأَجْلِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجِبُ مَسْحُهُمَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، انْتَهَى ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ .
( تَنْبِيهٌ ) حَكَى الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَابْنُ تَمِيمٍ ، وَصَاحِبِ الْفَائِقِ ، وَالزَّرْكَشِيُّ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَحَكَاهُمَا ، وَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 16 ) هَلْ يُسْتَحَبُّ أَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لَهُمَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ وَالْمُحَرَّرِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) : يُسْتَحَبُّ مَسْحُهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي ، فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : يُسْتَحَبُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ ، وَالْفُصُولِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ ، وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْبُلْغَةِ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى ، وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) : لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يَمْسَحَانِ بِمَاءِ الرَّأْسِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ ( قُلْتُ ) وَهُوَ أَوْلَى وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الطَّبَقَاتِ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ أَنَّ أَبَا الْفَتْحِ بْنَ جَلَبَةَ قَاضِي حَرَّانَ كَانَ يَخْتَارُ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ انْتَهَى ، وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ إنَّهُ قَالَ : ذَكَرَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ حَامِدٍ أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بَعْدَ أَنْ يَمْسَحَهُمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ ، قَالَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى ، فَزَادَ ابْنُ حَامِدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ هَذَا هُوَ ابْنُ جَلَبَةَ قَاضِي حَرَّانَ .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : " وَيَلْزَمُ الْعَاجِزُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ لِتَكَرُّرِ الضَّرَرِ دَوَامًا ، وَإِنْ عَجَزَ صَلَّى ، وَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ كَعَادِمِ مَاءٍ وَتُرَابٍ " انْتَهَى ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُعِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : صَلَّى وَلَمْ يُعِدْ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمَا : صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا إعَادَةً وَلَا عَدَمَهَا ( قُلْتُ ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ .
وَقَالَ النَّاظِمُ : إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَنَصَرَاهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَغَيْرُهُ ، إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِيمَا إذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ ، وَقَدْ قَاسَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ هُنَا عَلَى مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ ، وَكَانَ الْأَلْيَقُ بِالْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُهُ هُنَا ، وَلَكِنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ .
( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ مَنَعَ يَسِيرُ وَسَخِ ظُفْرٍ وَنَحْوِهِ وُصُولَ الْمَاءِ فَفِي صِحَّةِ طَهَارَتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) لَا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ : اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ، يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ ، وَمَالَ إلَيْهِ هُوَ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَقِيلَ تَصِحُّ
مِمَّنْ يَشُقُّ تَحَرُّزُهُ مِنْهُ كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ ، وَالْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا وَاخْتَارَهُ فِي التَّلْخِيصِ .
( مَسْأَلَةٌ 19 - 21 ) قَوْلُهُ : " وَلِوَسْوَسَةٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ وَجْهَانِ " وَلِتَحْصِيلِ الْمَاءِ رِوَايَتَانِ ، يَعْنِي إذَا أَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا ؟ إذَا قُلْنَا هِيَ فَرْضٌ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 19 ) هَلْ تَضُرُّ وَتَقْطَعُ الْمُوَالَاةُ الْإِطَالَةَ بِسَبَبِ الْوَسْوَسَةِ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَضُرُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَضُرُّ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 20 ) هَلْ تَضُرُّ الْإِطَالَةُ بِسَبَبِ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ أَمْ لَا تَضُرُّ ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيِّ ( أَحَدُهُمَا ) يَضُرُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضُرُّ ( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 21 ) هَلْ تَضُرُّ الْإِطَالَةُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْمَاءِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ( أَحَدُهُمَا ) يَضُرُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَضُرُّ ، وَلَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ مَسْأَلَةٌ 22 ) قَوْلُهُ وَهَلْ يُكْرَهُ إرَاقَتُهُ يَعْنِي الْمَاءَ الْمُتَوَضَّأَ بِهِ فِيمَا يُدَاسُ فِيهِ ؟ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) : يُكْرَهُ فِيمَا يُدَاسُ فِيهِ كَالطَّرِيقِ
وَنَحْوِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الْإِيجَازِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْجَامِعِ خِلَافَهُ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ ( تَنْبِيهٌ ) عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ تَكُونُ تَنْزِيهًا لِلْمَاءِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقِيلَ لِلطَّرِيقِ ، لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي نَجَاسَتِهِ ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَهَلْ ذَلِكَ تَنْزِيهٌ لِلْمَاءِ أَوْ لِلطَّرِيقِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا فِي الْفُصُولِ فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِتَصْحِيحِهَا .
وَيُكْرَهُ فِي مَسْجِدٍ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَلَا يُغَسَّلُ فِيهِ مَيِّتٌ ، قَالَ : وَيَجُوزُ عَمَلُ مَكَان فِيهِ لِلْوُضُوءِ لِلْمَصْلَحَةِ بِلَا مَحْظُورٍ ، وَمَحِلُّ الْحَدَثِ جَمِيعُ الْبَدَنِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ ، وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ كَالْجَنَابَةِ ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ : أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ ، وَيَجِبُ الْوُضُوءُ بِالْحَدَثِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ .
وَفِي الِانْتِصَارِ بِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : لَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ عَنْ حَدَثٍ وَنَجَسٍ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ ، بَلْ يُسْتَحَبُّ ، وَيَتَوَجَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ إذَنْ ، وَوُجُوبُ الشَّرْطِ بِوُجُوبِ الْمَشْرُوطِ ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي غُسْلٍ ، قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ لَفْظِيٌّ ، وَلَا يُكْرَهُ طُهْرُهُ مِنْ إنَاءِ نُحَاسٍ وَنَحْوِهِ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَلَا مِنْ إنَاءٍ بَعْضُهُ نَجِسٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ .
وَفِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ ، وَلَا مِمَّا بَاتَ مَكْشُوفًا ، قَالَ فِي الْفُصُولِ : وَمِنْ مُغَطًّى أَفْضَلُ ، وَاحْتَجَّ بِنُزُولِ الْوَبَاءِ فِيهِ ، وَأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ يَخْتَصُّ الشُّرْبَ ، أَوْ يَعُمُّ ؟ وَيَأْتِي فَرْضُ الْوُضُوءِ ، وَمَتَى فُرِضَ ؟ وَهَلْ يَخْتَصُّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَوَّلُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ
بَابُ مَسْحِ الْحَائِلِ وَهُوَ أَفْضَلُ ، وَعَنْهُ الْغُسْلُ ( و ) وَعَنْهُ هُمَا سَوَاءٌ ، وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْبَسَ لِيَمْسَحَ ، كَالسَّفَرِ لِيَتَرَخَّصَ ، وَيَأْتِي فِي الْقَصْرِ ، وَالْمَسْحُ رُخْصَةٌ ، وَعَنْهُ عَزِيمَةٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ فَوَائِدِهَا الْمَسْحُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ ، وَيَتَعَيَّنُ الْمَسْحُ عَلَى لَابِسِهِ ، وَيُكْرَهُ فِي الْمَنْصُوصِ لُبْسُهُ مَعَ مُدَافَعَةٍ [ أَحَدٍ ] الْأَخْبَثِينَ ( و م ) وَيَجُوزُ الْمَسْحُ حَتَّى لِزَمِنٍ ، وَامْرَأَةٍ ، وَفِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَبْقَ مِنْ فَرْضِ الْأُخْرَى شَيْءٌ : فِي حَدَثٍ أَصْغَرَ عَلَى سَائِرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ ، ثَابِتٌ بِنَفْسِهِ لَا بِشَدِّهِ : فِي الْمَنْصُوصِ ، وَقِيلَ : وَلَا يَبْدُو بَعْضُهُ لَوْلَا شَدُّهُ ( هـ ش ) مُبَاحٌ عَلَى الْأَصَحِّ ( م ش ) لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَخْتَصُّ اللُّبْسَ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَزُلْ إثْمُ الْغَصْبِ ، بِخِلَافِ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ خَرَجَ مِنْهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَفِي الْفُصُولِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ إلَّا لِضَرُورَةِ بَرْدٍ لَا يَصِفُ الْقَدَمَ بِصِفَاتِهِ فِي الْأَصَحِّ ( هـ ) يُمْكِنُ الْمَشْيُ فِيهِ ، وَقِيلَ : يُعْتَادُ ( و هـ ) وَقِيلَ : وَيَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ ( و ش ) وَفِي رِوَايَةٍ اعْتِبَارُ طَهَارَةِ عَيْنِهِ فِي الضَّرُورَةِ وَجْهَانِ ( م 1 ) مِنْ خُفٍّ ( و ) وَمُوقٍ ، وَهُوَ الْجُرْمُوقُ : خُفٌّ قَصِيرٌ ، وَلَوْ فَوْقَ خُفٍّ ( ش م ر ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُهَا كَخُفِّ الْخَشَبِ ، وَجَوْرَبِ صَفِيقٍ ( م ) كَمُجَلَّدٍ ، وَمُنَعَّلٍ ، وَنَحْوِهِ ( وَ ) فَإِنْ ثُبِّتَ بِنَعْلٍ فَقِيلَ : يَجِبُ مَسْحُهُمَا ، وَعَنْهُ ، أَوْ أَحَدُهُمَا ( م 2 ) وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَرْقٌ يَنْضَمُّ بِلُبْسِهِ جَازَ ، وَإِلَّا فَلَا ( و ش ) فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ مُخَرَّقٍ جَوْرَبٌ أَوْ خُفٌّ جَازَ الْمَسْحُ ، لَا لِفَافَةٌ فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا ، وَعَنْهُ فِي الْأُولَى هُمَا كَنَعْلٍ مَعَ جَوْرَبٍ .
بَابُ مَسْحِ الْحَائِلِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : " وَفِي اعْتِبَارِ طَهَارَةِ عَيْنِهِ فِي الضَّرُورَةِ وَجْهَانِ " وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَفِي النَّجَسِ الْعَيْنِ ، وَقِيلَ : لِضَرُورَةِ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ عَيْنِهِ ، فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى جِلْدِ الْكَلْبِ .
وَالْخِنْزِيرِ ، وَالْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ فِي بِلَادِ الثُّلُوجِ إذَا خَشِيَ سُقُوطَ أَصَابِعِهِ وَنَحْوَهُ ، بَلْ يَتَيَمَّمُ لِلرِّجْلَيْنِ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ هَذَا الْأَظْهَرُ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ : لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْأَصَحِّ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ عَيْنِهِ ، فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ لَأَنْ فِيهِ إذْنًا ، وَنَجَاسَةُ الْمَاءِ حَالَ الْمَسْحِ لَا يَضُرُّ ، انْتَهَى ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّيْخِ اخْتِيَارُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ إبَاحَتِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) فَإِنْ ثَبَتَ بِنَعْلِهِ فَقِيلَ يَجِبُ مَسْحُهُمَا وَعَنْهُ أَحَدُهُمَا ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( أَحَدُهُمَا ) يَجِبُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَسُيُورِ النَّعْلَيْنِ قَدْرَ الْوَاجِبِ ، قَالَهُ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ مَسْحَهُمَا ، فَجَزَمَا بِمَسْحِهِمَا قَالَ فِي الْكُبْرَى : وَقِيلَ يُجْزِئُ مَسْحُ الْجَوْرَبِ وَحْدَهُ ، وَقِيلَ أَوْ النَّعْلِ وَحْدَهُ ، انْتَهَى ، وَعَنْهُ يَجِبُ مَسْحُ أَحَدِهِمَا قَالَ الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ
أَحْمَدَ إجْزَاءُ الْمَسْحِ عَلَى أَحَدِهِمَا قَدْرَ الْوَاجِبِ وَقَدَّمُوهُ ( قُلْت ) وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، لَكِنْ يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ السُّيُورُ قَدْرَ الْوَاجِبِ .
وَفِي مُخَرَّقٍ عَلَى مُخَرَّقٍ يَسْتَتِرُ بِهِمَا الْقَدَمُ وَجْهَانِ ( م 3 ) وَيَمْسَحُ صَحِيحًا عَلَى مُخَرَّقٍ ، أَوْ لِفَافَةٍ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا مَسْحَ الْقَدَمِ وَنَعْلِهَا الَّتِي يَشُقُّ نَزْعُهَا إلَّا بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ ، قَالَ : وَالِاكْتِفَاءُ هَاهُنَا بِأَكْثَرِ الْقَدَمِ نَفْسِهَا أَوْ الظَّاهِرِ مِنْهَا غُسْلًا أَوْ مَسْحًا أَوْلَى مِنْ مَسْحِ بَعْضِ الْخُفِّ ، وَلِهَذَا لَا يَتَوَقَّتُ ، وَكَمَسْحِ عِمَامَةٍ ، وَأَنَّهُ يَمْسَحُ خُفًّا مُخَرَّقًا إلَّا إنْ تَخَرَّقَ أَكْثَرُهُ فَكَالنَّعْلِ ، وَكَذَا مَلْبُوسٌ دُونَ كَعْبٍ ، وَلَا يَمْسَحُ لَفَائِفَ فِي الْمَنْصُوصِ ( و ) وَتَحْتَهَا نَعْلٌ ، أَوْ لَا ، وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ فِي الْأَصَحِّ ، وَلَا خُفَّيْنِ لُبِسَا عَلَى مَمْسُوحَيْنِ ؛ لِأَنَّ اللُّبْسُ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ ، وَيَسْتَأْنِفُهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَسَحَ ثُمَّ خَلَعَهُمَا ثُمَّ لَبِسَ اسْتَأْنَفَ الْمُدَّةَ ، وَيَتَوَجَّهُ الْجَوَازُ ( و م ) وَلَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ لَبِسَهُ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً لَمْ يَمْسَحْ ( وَ ) لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ ، وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ ، وَنَقَلَ مَنْ قَالَ لَا يَنْقُضُهَا إلَّا وُجُودُ الْمَاءِ : يَمْسَحُ ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ الْمَالِكِيُّ وَابْنُ سُرَيْجٍ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ : وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً أَوْ عَكْسُهُ فَوَجْهَانِ ، وَكَذَا إنْ شَدَّ جَبِيرَةً مَسَحَ فِيهَا عَلَيْهِمَا ، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا ، وَقِيلَ : يَجُوزُ ، لِأَنَّ مَسْحَهُمَا عَزِيمَةٌ ( م 4 - 6 ) .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي مُخَرَّقٍ عَلَى مُخَرَّقٍ يَسْتُرُ الْقَدَمَ بِهِمَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالشَّرْحِ ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَبَنَاهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ مَسْحِ الْمُخَرَّقِ فَوْقَ الصَّحِيحِ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ : فَلَا مَسْحَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُجْزِئُ قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا جَبِيرَةً مَسَحَ ، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ فِي رِجْلِهِ وَمَسَحَ عَلَيْهَا ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ لَمْ يَمْسَحْ ، وَيَمْسَحُ عِمَامَةً مُحَنَّكَةً ( ح ) سَاتِرَةً مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةَ .
( مَسْأَلَةٌ 4 - 6 ) قَوْلُهُ وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً أَوْ عَكْسُهُ فَوَجْهَانِ وَكَذَا ، وَإِنْ شَدَّ جَبِيرَةً مَسَحَ عَلَيْهِمَا ، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا ، وَقِيلَ يَجُوزُ ، لِأَنَّ مَسْحَهَا عَزِيمَةٌ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 4 ) لَوْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 5 ) عَكْسُهَا لَبِسَ عِمَامَةً عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا خُفًّا ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ وَعَدَمِهِ فِيهِمَا ، وَأَطْلَقَهُ فِيهِمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ : قَالَ أَصْحَابُنَا : ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ ، انْتَهَى ، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ عُبَيْدَانَ تَابَعَهُمْ ، وَسَقَطَتْ لَفْظَةُ بَعْضٍ فِي الْكِتَابَةِ وَقَالَ الْقَاضِي يُحْتَمَلُ جَوَازُ الْمَسْحِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَصَحُّهُمَا ، عِنْدَ أَبِي الْبَرَكَاتِ الْجَوَازُ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ ، مِنْ أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ انْتَهَى ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ أَيْضًا فِي مَكَان آخَرَ ( قُلْتُ ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْمَسْحِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ وَلَا يُجْزِئُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَمَا تَقَدَّمَ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 6 ) لَوْ شَدَّ جَبِيرَةً عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عَلَى خُفٍّ وَعِمَامَةٍ أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، وَقَدَّمَهُ الْمُسْتَحَبُّ ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ هُنَا
بِالْجَوَازِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ فَتَأَكَّدَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ هُنَا ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَضَعَّفَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هَذَا ، وَصَحَّحَ الْمَنْعَ وَأُطَلَّق الْوَجْهَيْنِ هُنَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَجُوزُ الْمَسْحُ هُنَا ، وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فِي الْأُولَى لِأَنَّ مَسْحَهَا عَزِيمَةٌ ، وَجَزَمَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَصَحَّحَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْمَنْعَ هُنَا وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ فَتَلَخَّصَ ثَلَاثُ طُرُقٍ ( أَحَدُهُمَا ) هِيَ مِثْلُ الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ ( وَالثَّانِي ) جَوَازُ الْمَسْحِ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ هُنَاكَ ( وَالثَّالِثُ ) مَنْعُهُ هُنَا وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ هُنَاكَ وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْكُبْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي ذَاتِ ذُؤَابَةِ وَجْهَانِ ( م 7 ) وَذَكَرَهَا ابْنُ شِهَابٍ ، وَجَمَاعَةٌ فِي صَمَّاءَ وَقَالُوا : لَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ .
وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ هُوَ مَذْهَبُهُ ، وَالظَّاهِرُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَقِينًا قَدْ اطَّلَعُوا عَلَى كَرَاهَةِ أَحْمَدَ لِلُبْسِهَا ، وَإِنَّمَا رَأَوْا أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَمْنَعُ الرُّخْصَةَ ، وَيَأْتِي قَرِيبًا النَّهْيُ عَنْ الْكَيِّ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ الْمَسْحَ ، وَقَالَ : هِيَ كَالْقَلَانِسِ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ لُبْسَ الْمُحَنَّكَةِ ، وَنَقَلَ الْحَسَنُ أَبُو ثَوَّابٍ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الْأَصْحَابُ بِإِبَاحَةِ لُبْسِهَا ، بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ كَرَاهَةَ أَحْمَدَ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا تُبَاحُ مَعَ النَّهْيِ ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا رُخْصَةٌ ، وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ ، كَالْكِلَّةِ ، وَبِأَنَّهَا تُشْبِهُ عَمَائِمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَقَدْ نَهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ ، وَيَأْتِي فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : الْمَحْكِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الْكَرَاهَةُ ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ لَا تَرْتَقِي إلَى التَّحْرِيمِ ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ كَسَفَرِ النُّزْهَةِ ، كَذَا قَالَ ، وَيَأْتِي فِي الْقَصْرِ ، وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَنْ جَوَّزَ الْمَسْحَ إبَاحَةُ لُبْسِهَا ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، لِأَنَّهُ فِعْلُ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَتُحْمَلُ كَرَاهَةُ السَّلَفِ عَلَى الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ ، لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، أَوْ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى ، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ عَلَى غَيْرِ ذَاتِ ذُؤَابَةٍ ، مَعَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا هِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَابْنِهِ ، وَالْحَسَنِ ، وَطَاوُسٍ ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَفِي الصِّحَّةِ نَظَرٌ ، وَلَا يَمْسَحُ مَعَهَا مَا الْعَادَةُ كَشْفُهُ ، وَعَنْهُ يَجِبُ ، وَعَنْهُ حَتَّى الْأُذُنَيْنِ ، وَلَا يَمْسَحُ قَلَنْسُوَةً ، وَعَنْهُ بَلَى ، وَقِيلَ الْمَحْبُوسَةُ تَحْتَ حَلْقِهِ ، وَلَا سَاتِرًا كَخِضَابٍ نَصَّ عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَفِي ذَاتِ ذُؤَابَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ أَبِي الْبَقَاءِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ لِلطُّوفِيِّ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالتَّسْهِيلِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَهُوَ مُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بِطَرِيقِ أَوْلَى ، فَإِنَّهُ اخْتَارَ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ .
وَفِي الْفَائِقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اخْتَارَهُ صَرِيحًا ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ قَالَهُ فِي الْفُصُولِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا مُحَنَّكَةٌ ، وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ أَظْهَرُ ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ ، قَالَ فِي الْفَائِقِ : وَفِي اشْتِرَاطِ التَّحْنِيكِ وَجْهَانِ ، اشْتَرَطَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَأَلْغَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَشَيْخُنَا ، وَخَرَجَ مِنْ الْقَلَانِسِ ، وَقِيلَ الذُّؤَابَةُ كَافِيَةٌ ، وَقِيلَ بِعَدَمِهِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، انْتَهَى ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْعُمْدَةِ ، وَلَمْ أَرَ فِي كُتُبِهِ مَا يُخَالِفُهُ ، بَلْ صَرَّحَ الشَّارِحُ
أَنَّ الْجَوَازَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَا تَمْسَحُ امْرَأَةٌ عِمَامَةً ، وَلِحَاجَةِ بَرْدٍ وَغَيْرِهِ وَجْهَانِ ( م 8 ) وَإِنْ قِيلَ : يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ ، فَوَجْهُ الْخِلَافِ ، كَصَمَّاءَ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَلَا تَمْسَحُ امْرَأَةٌ عِمَامَةً وَلِحَاجَةِ بَرْدٍ وَغَيْرِهِ وَجْهَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْعُمْدَةِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَصَحَّحَهُ ، وَغَيْرُهُمْ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجُوزُ وَيَصِحُّ ( قُلْتُ ) وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا لَبِسَ نَجَسَ الْعَيْنِ فِي الضَّرُورَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
وَمِثْلُ الْحَاجَةِ لَوْ لَبِسَ مُحْرِمٌ خُفَّيْنِ لِحَاجَةٍ هَلْ يَمْسَحُ ( م 9 ) وَتَمْسَحُ قِنَاعَهَا وَهُوَ الْخِمَارُ الْمُدَارُ تَحْتَ الْحَلْقِ ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ وَيَجِبُ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ كُلِّهَا فِي الطَّهَارَتَيْنِ إلَى حِلِّهَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِشَدِّهَا مَحَلَّ الْحَاجَةِ ، وَعَنْهُ الْإِعَادَةُ ، وَعَنْهُ يَتَيَمَّمُ ( و ش ) مَعَ الْمَسْحِ فَلَا يَمْسَحُهَا بِتُرَابٍ ، وَإِنْ عَمَّمَتْ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ سَقَطَ ، وَقِيلَ يُعِيدُ إذَنْ ، وَقِيلَ هَلْ يَقَعُ التَّيَمُّمُ عَلَى حَائِلٍ فِي مَحِلِّهِ كَمَسْحِهِ بِالْمَاءِ أَمْ لَا لِضَعْفِ التُّرَابِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَتَقَيَّدُ الْجَبِيرَةُ بِالْوَقْتِ ، وَعَنْهُ بَلِيَ كَالتَّيَمُّمِ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْحَاجَةِ لَوْ لَبِسَ مُحْرِمٌ خُفَّيْنِ لِحَاجَةٍ هَلْ يَمْسَحُ ، انْتَهَى ، وَقَدْ عَلِمْتَ الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ( قُلْتُ ) الصَّوَابُ جَوَازُ الْمَسْحِ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بَلْ تَتَبَّعْتُ كَلَامَ أَكْثَرِهِمْ فَلَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا ذَكَرَهَا غَيْرَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ عُمْدَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَرَّجَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِلْمَسْحِ اللُّبْسُ عَلَى طَهَارَةٍ ، وَيُعْتَبَرُ كَمَا لَهَا ، وَعَنْهُ لَا ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( و هـ ) فَلَوْ غَسَلَ رِجْلًا ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْخُفَّ خَلَعَ ، ثُمَّ لَبِسَ ، ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى ، ثُمَّ لَبِسَ ، وَإِنْ لَبِسَ الْأُولَى طَاهِرَةً ثُمَّ الثَّانِيَةَ خَلَعَ الْأُولَى ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ وَالثَّانِيَةُ ، أَوْ لَبِسَهُ مُحْدِثًا وَغَسَلَهُمَا فِيهِ خَلْعٌ عَلَى الْأُولَى ، ثُمَّ لَبِسَهُ قَبْلَ الْحَدَثِ وَإِلَّا لَمْ يَمْسَحْ ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَخْلَعُهُ ، وَيَمْسَحُ ، وَجَزَمَ الْأَكْثَرُ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ الطَّهَارَةُ لِابْتِدَاءِ اللُّبْسِ ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا ، وَهِيَ كَمَالُ الطَّهَارَةِ ، فَذَكَرُوا فِيهَا الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ نَوَى جُنُبٌ رَفْعَ حَدَثَيْهِ ، وَغَسْلَ رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهُمَا فِي خُفِّهِ ، ثُمَّ تَمَّمَ طَهَارَتَهُ ، أَوْ فَعَلَهُ كَمُحْدِثٍ وَلَمْ يَعْتَبِرْ التَّرْتِيبَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ ، وَعَلَى الْأُولَى لَا .
وَكَذَا لُبْسُ عِمَامَةٍ قَبْلَ طُهْرٍ كَامِلٍ ، فَلَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ لَبِسَهَا ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ مَسَحَ عَلَى الثَّانِيَةِ ، وَعَلَى الْأُولَى يَخْلَعُ ثُمَّ يَلْبَسُ .
وَإِنْ لَبِسَهَا مُحْدِثًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَرَفَعَهَا رَفْعًا فَاحِشًا فَكَذَلِكَ ، قَالَ شَيْخُنَا : كَمَا لَوْ لَبِسَ الْخُفَّ مُحْدِثًا ، فَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ رَفَعَهَا إلَى السَّاقِ ، ثُمَّ أَعَادَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهَا فَاحِشًا احْتَمَلَ أَنَّهُ كَمَا لَوْ غَسَلَ رِجْلَهُ فِي الْخُفِّ ، لِأَنَّ الرَّفْعَ الْيَسِيرَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ اللُّبْسِ ، وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ الطَّهَارَةُ بِهِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَابْتِدَاءِ اللُّبْسِ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا عُفِيَ عَنْهُ هُنَاكَ لِلْمَشَقَّةِ ، قَالَ : وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْعِمَامَةَ لَا يَشْتَرِطُ فِيهَا ابْتِدَاءُ اللُّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ ، وَيَكْفِي فِيهَا الطَّهَارَةُ الْمُسْتَدَامَةُ ، لِأَنَّ الْعَادَةَ إنَّ مَنْ تَوَضَّأَ رَفَعَ الْعِمَامَةَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ أَعَادَهَا .
فَلَا يَبْقَى