كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي
الرامينى ثم الصالحي
وَيُسْتَحَبُّ نِكَاحُ دَيِّنَةٍ وَلُودٍ بِكْرٍ حَسِيبَةٍ جَمِيلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ، قِيلَ : وَاحِدَةٌ ، وَقِيلَ : عَكْسُهُ ، كَمَا لَوْ لَمْ تُعِفُّهْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ ( م 5 ) فَإِنَّهُ قَالَ : يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ ، لَيْتَهُ إذَا تَزَوَّجَ ثِنْتَيْنِ يُفْلِتُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَصَدَ بِهِ النَّسْلَ ؛ لِقَوْلِهِ { تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا } ؛ وَأَرَادَ أَحْمَدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى فَقَالَ : يَكُونُ لَهُمَا لَحْمٌ ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : كَانَ يُقَالُ : لَوْ قِيلَ لِلشَّحْمِ أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ لَقَالَ : أُقَوِّمُ الْعِوَجَ ، وَكَانَ يُقَالُ : مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلْيَسْتَجِدْ شَعْرَهَا ، فَإِنَّ الشَّعْرَ وَجْهٌ ، فَتَخَيَّرُوا أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ ، وَكَانَ يُقَالُ : النِّسَاءُ لَعِبٌ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ مَا يَلِيقُ بِمَقْصُودِهِ ، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُذْكَرَ لَهُ مَا يُصْلَحُ لِلْمَحَبَّةِ ، فَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ : حَسَنٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَا تَوَدُّ .
إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي فِي الْجُمْلَةِ أَنْ يَتَخَيَّرَ الْبِكْرَ مِنْ بَيْتٍ مَعْرُوفٍ بِالدِّينِ وَالْقَنَاعَةِ .
وَأَحْسَنُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ بِنْتَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً إلَى الْعِشْرِينَ ، وَيَتِمُّ نُسُوُّ الْمَرْأَةِ إلَى الثَّلَاثِينَ ، ثُمَّ تَقِفُ إلَى الْأَرْبَعِينَ ، ثُمَّ تَنْزِلُ .
وَلَا يَصْلُحُ مِنْ الثَّيِّبِ مَنْ قَدْ طَالَ لُبْثُهَا مَعَ رَجُلٍ ، وَأَحْسَنُ النِّسَاءِ التُّرْكِيَّاتُ ، وَأَصْلَحُهُنَّ الْجَلَبُ الَّتِي لَمْ تَعْرِفْ أَحَدًا ، وَلْيَعْزِلْ عَنْ الْمَمْلُوكَةِ إلَى أَنْ يَتَيَقَّنَ جَوْدَةَ دِينِهَا وَقُوَّةَ مَيْلِهَا إلَيْهِ ، وَلْيَحْذَرْ الْعَاقِلُ إطْلَاقَ الْبَصَرِ ، فَإِنَّ الْعَيْنَ تَرَى غَيْرَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ ، وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ الْعِشْقُ فَيُهْلِكُ الْبَدَنَ وَالدِّينَ ، فَمَنْ اُبْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَلْيَتَفَكَّرْ فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ .
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : إذَا أَعْجَبَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَةٌ فَلْيَذْكُرْ مَثَانَتَهَا ، وَمَا عِيبَ
نِسَاءُ الدُّنْيَا بِأَعْجَبَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } وَإِيَّاكَ وَالِاسْتِكْثَارَ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنَّهُ يُشَتِّتُ الشَّمْلَ ، وَيُكْثِرُ الْهَمَّ .
وَمِنْ التَّغْفِيلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الشَّيْخُ صَبِيَّةً ، وَأَصْلَحُ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ أَنْ يَمْنَعَ الْمَرْأَةَ مِنْ الْمُخَالَطَةِ لِلنِّسَاءِ ، فَإِنَّهُنَّ يُفْسِدْنَهَا عَلَيْهِ ، وَأَنْ لَا يُدْخِلَ بَيْتَهُ مُرَاهِقُ وَلَا يَأْذَنُ لَهَا فِي الْخُرُوجِ ، لَا حَمْقَاءَ وَلَهُ .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَيُسْتَحَبُّ نِكَاحُ دَيِّنَةٍ وَلُودٍ بِكْرٍ حَسِيبَةٍ جَمِيلَةٍ ، قِيلَ : وَاحِدَةٌ ، وَقِيلَ : عَكْسُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ .
انْتَهَى .
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، قَالَ ابْنُ خُطَيْبٍ السُّلَامِيَّةُ : جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ اسْتَحَبُّوا أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى وَاحِدَةٍ .
انْتَهَى .
وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ : وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نِكَاحِ وَاحِدَةٍ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : هَذَا أَشْهَرُ .
انْتَهَى .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، فَإِنَّهُ قَالَ : يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ ، لَيْتَهُ إذَا تَزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ يُفْلِتُ .
قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ : يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى وَاحِدَةٍ .
انْتَهَى .
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ .
قُلْت : وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى كُلْفَةِ ذَلِكَ مَعَ تَوَقَانِ النَّفْسُ إلَيْهِ ، وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ أَعْظَمُ مِنْ فِعْلِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ - قَبْلَ الْخِطْبَةِ نَظَرُ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا ، كَرَقَبَةٍ وَقَدَمٍ ، وَقِيلَ : وَرَأْسٍ وَسَاقٍ ، وَعَنْهُ : وَجْهٌ فَقَطْ ، وَعَنْهُ : وَكَفٍّ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : حَاسِرَةً ، وَلَهُ تَكْرَارُهُ وَتَأَمُّلُ الْمَحَاسِنِ بِلَا إذْنٍ .
وَيَنْظُرُ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ رَأْسًا وَسَاقًا ، وَعَنْهُ : سِوَى عَوْرَةِ الصَّلَاةِ وَقِيلَ : كَمَخْطُوبَةٍ ، نَقَلَ حَنْبَلٌ : لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ ، مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ ؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا .
قَالَ الْقَاضِي : جَازَ تَقْلِيبُ الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ بِمَعْنَى لَمْسِهِ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ ، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ ، وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهَا ، وَكَذَا ذَاتُ مَحْرَمٍ ، وَهِيَ إلَيْهِ ، وَكَذَا عَبْدُهَا .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : وَجْهًا وَكَفًّا ، وَمِثْلُهُ غَيْرُ ذِي إرْبَةٍ .
وَعَنْهُ : الْمَنْعُ فِيهِمَا ، نَقَلَهُ فِي الْعَبْدِ ابْنُ هَانِئٍ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : لَا يَنْظُرُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ وَلَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ مُشْتَرَكَةً ؛ لِعُمُومِ مَنْع النَّظَرِ إلَّا مِنْ عَبْدِهَا وَأَمَتِهِ ، وَقَدْ عَلَّلُوا مَنْعَ النِّكَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحِلُّ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ .
وَقَالُوا أَيْضًا : مَا حَرَّمَ الْوَطْءَ حَرَّمَ دَوَاعِيَهُ ، يُؤَيِّدُهُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا .
وَقِيلَ : مَمْسُوحٌ وَخَصِيٌّ كَمَحْرَمٍ ، وَنَصُّهُ : لَا .
وَفِي الِانْتِصَارِ الْخَصْيُ يَكْسِرُ النَّشَاطَ ، وَلِهَذَا يُؤْتَمَنُ عَلَى الْحَرِيمِ .
.
وَلِلشَّاهِدِ نَظَرُ وَجْهِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا ، وَكَذَا لِمَنْ يُعَامِلُهَا ، وَنَصُّهُ : وَكَفَّيْهَا .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُمَا يَنْظُرَانِ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ فِي الْبَائِعِ يَنْظُرُ كَفَّيْهَا وَوَجْهَهَا : إنْ كَانَتْ عَجُوزًا رَجَوْت ، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً تُشْتَهَى أَكْرَهُ ذَلِكَ .
.
وَلِلطَّبِيبِ النَّظَرُ لِلْحَاجَةِ وَلَمْسُهُ .
وَفِي الْفُرُوعِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَطِبَّ ذِمِّيًّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ ، عَلَى احْتِمَالٍ .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : لَا يَجُوزُ ذَلِكَ ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ ، وَنَهَى عَنْ أَخْذِ دَوَاءٍ مِنْ كَافِرٍ لَا يَعْرِفُ مُفْرَدَاتِهِ ، قَالَ الْقَاضِي : لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَخْلِطُوهُ سُمًّا أَوْ نَجِسًا ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي دَوَاءٍ مُبَاحٍ ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِقْ فَلَا حَرَجَ ، وَكَرِهَهُ فِي الرِّعَايَةِ ، وَأَنْ يَسْتَطِبَّهُ بِلَا ضَرُورَةٍ .
وَقَدْ سَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ الْكَحَّالِ يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ وَقَدْ انْصَرَفَ مَنْ عِنْدَهُ : هَلْ هِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا ؟ قَالَ : أَلَيْسَ هِيَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ ، قَالَ : إنَّمَا الْخَلْوَةُ فِي الْبُيُوتِ .
وَمَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ وَمَرِيضَةٍ فِي وُضُوءٍ وَاسْتِنْجَاءٍ وَغَيْرِهِمَا كَطَبِيبٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ أَحْمَدُ فِي الشَّكِّ فِي بُلُوغِهَا : يَنْظُرُ إلَيْهَا مَنْ يَنْظُرُ إلَى الرَّجُلِ : قَدْ تَسَاهَلُوا فِي أَكْثَرَ مِنْ ذَا ، أَرَأَيْت إنْ كَانَ بِهَا شَيْءٌ يُرِيدُ عِلَاجًا ؟ وَلِحَالِقٍ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ حَلْقَ عَانَتِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ .
وَلِمُمَيَّزٍ بِلَا شَهْوَةٍ نَظَرُ غَيْرِ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ ، وَذُو الشَّهْوَةِ كَمَحْرَمٍ ، وَعَنْهُ : كَأَجْنَبِيٍّ ، وَمِثْلُهُ ابْنَةُ تِسْعٍ ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ رِوَايَةً عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا بَلَغَتْ الْحَيْضَ فَلَا تَكْشِفْ إلَّا وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا } وَنَقَلَ جَعْفَرٌ فِي الرَّجُلِ عِنْدَهُ الْأَرْمَلَةُ وَالْيَتِيمَةُ : لَا يَنْظُرُ ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِنَظَرِ الْوَجْهِ بِلَا شَهْوَةٍ .
.
وَلِلْمَرْأَةِ مَعَ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ مَعَ رَجُلٍ وَلَوْ أَمْرَدَ نَظَرُ غَيْرِ الْعَوْرَةِ ، وَعَنْهُ : مَنْعُ كَافِرَةٍ مِنْ مُسْلِمَةِ مِمَّا لَا يَظْهَرُ غَالِبًا ، وَعَنْهُ : كَأَجْنَبِيٍّ ، وَتَقَبَّلَهَا لِضَرُورَةِ ، وَكَذَا امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ ، أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ : يَحْرُمُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ فِي الْفُنُونِ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ لَمْ يُجِبْ بِالتَّخْصِيصِ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ : يَجُوزُ لَهُنَّ ، رِوَايَةً وَاحِدَةً ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي حُكْمِ الْأُمَّهَاتِ فِي الْحُرْمَةِ وَالتَّحْرِيمِ ، فَجَازَ مُفَارَقَتُهُنَّ بَقِيَّةِ النِّسَاءِ فِي هَذَا الْقَدْرِ .
وَفِي مَسَائِلَ الْأَثْرَمِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : حَدِيثُ نَبْهَانَ عِنْدَك لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ لِسَائِرِ النَّاسِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، أَوْ أَظْهَرَ اسْتِحْسَانَهُ وَلَمْ يَقُلْ نَعَمْ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ : فَرْضُ الْحِجَابِ مُخْتَصٌّ بِهِنَّ ، فُرِضَ عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَافٍ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ، لَا يَجُوزُ كَشْفُهُمَا لِشَهَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا ، وَلَا يَجُوزُ إظْهَارُ شُخُوصِهِنَّ وَلَوْ مُسْتَتِرَاتٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ الْبِرَازِ .
وَجَوَّزَ جَمَاعَةٌ - وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً - نَظَرَ رَجُلٍ مِنْ حُرَّةٍ مَا لَيْسَ بِعَوْرَةِ صَلَاةٍ ، وَالْمَذْهَبُ : لَا ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : ظُفُرُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ ، فَإِذَا خَرَجَتْ فَلَا يَبِينُ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا خُفُّهَا ، فَإِنَّ الْخُفَّ يَصِفُ الْقَدَمَ ، وَأَحَبُّ إلَى أَنْ تَجْعَلَ لِكُمِّهَا زِرًّا عِنْدَ يَدِهَا لَا يَبِينُ مِنْهَا شَيْءٌ .
وَيَجُوزُ غَيْرُ عَوْرَةِ صَلَاةٍ مِنْ أَمَةٍ وَمَنْ لَا تُشْتَهَى .
وَفِي تَحْرِيمِ تَكْرَارِ نَظَرِ وَجْهٍ مُسْتَحْسَنٍ وَجْهَانِ ( م 6 ) وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَنْظُرُ مِنْ أَمَةٍ وَمَنْ لَا تُشْتَهَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : إنْ لَمْ تَخْتَمِرْ الْأَمَةُ فَلَا بَأْسَ ، وَقِيلَ : الْأَمَةُ وَالْقَبِيحَةُ كَالْحُرَّةِ وَالْجَمِيلَةِ ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : لَا يَنْظُرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ ، كَمْ مِنْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَابِلَ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : لَا تَنْتَقِبُ الْأَمَةُ ، وَنَقَلَ أَيْضًا : تَنْتَقِبُ الْجَمِيلَةُ ، وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ حَامِدٍ الْخِفَافَ ، قَالَ الْقَاضِي : يُمْكِنُ حَمْلُ مَا أَطْلَقَهُ عَلَى مَا قَيَّدَهُ .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَحْرِيمِ تَكْرَارِ نَظَرِ وَجْهٍ مُسْتَحْسَنٍ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَتَكْرَارُ النَّظَرِ يَدُلُّ عَلَى أَمْرٍ زَائِدٍ ، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ، لَا يَحْرُمُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَهُوَ بَعِيدٌ .
وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ ، وَمَنْ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ ( ع ) قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَصُّهُ : [ وَخَوْفُهَا ] وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَذَكَرَ قَوْلَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَمْرَدِ إلَى الْكُلِّ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي كَرَاهَتِهِ إلَى أَمْرَدَ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ( م 7 ) وَحَرَّمَ ابْنُ عَقِيلٍ - وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ - النَّظَرَ مَعَ شَهْوَةِ تَخْنِيثٍ وَسِحَاقٍ وَدَابَّةٍ يَشْتَهِيهَا وَلَا يَعِفُّ عَنْهَا ، وَكَذَا الْخَلْوَةُ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ ، وَنَصُّهُ : مَعَ خَوْفِهَا ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي كَرَاهَتِهِ إلَى أَمْرَدَ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ .
انْتَهَى .
وَمُرَادُهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ .
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ عَلَى قِسْمَيْنِ .
الْأَوَّلُ : أَنْ يَأْمَنَ ثَوْرَانِ الشَّهْوَةِ ، فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ، عَلَى الصَّحِيحِ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَالَ أَبُو حَكِيمٍ وَغَيْرُهُ : وَلَكِنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ ، قُلْت : وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَأَمَّا تَكْرَارُ النَّظَرِ فَمَكْرُوهٌ .
وَقَالَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ : تَكْرَارُ النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ مُحَرَّمٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَمَنْ كَرَّرَ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ أَوْ دَاوَمَهُ ، وَقَالَ لَا أَنْظُرُ لِشَهْوَةٍ فَقَدْ كَذَبَ فِي ذَلِكَ .
وَقَالَ الْقَاضِي : نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى وَجْهِ الْأَمْرَدِ مَكْرُوهٌ .
وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ : النَّظَرُ إلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ مَكْرُوهٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ .
( الْقِسْمُ الثَّانِي ) أَنْ يَخَافَ مِنْ النَّظَرِ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ ، فَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ : يُكْرَهُ ، وَهَلْ يُحَرَّمُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، وَحَكَى صَاحِبُ التَّرْغِيبِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ : أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : يَجُوزُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ إذَا أَمِنَ ثَوَرَانَهَا ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَقَالَ : أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا يَجُوزُ ، كَمَا أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ النَّظَرَ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ مُنْتَفِيَةً لَكِنْ يَخَافُ ثَوَرَانَهَا .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ : إذَا كَانَ الْأَمْرَدُ
جَمِيلًا يَخَافُ الْفِتْنَةَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلَيْهِ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا : وَنَصُّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ خَوْفَ الشَّهْوَةِ .
انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : الْكَرَاهَةُ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : الْإِبَاحَةُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، قُلْت : وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَكَذَلِكَ الَّذِي قَبْلَهُ ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَرَاهَةُ مُجَالَسَةِ الْغُلَامِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَيَحْرُمُ نَظَرُ الْأَمْرَدِ لِشَهْوَةٍ ، وَيَجُوزُ بِدُونِهَا مَعَ أَمْنِهَا ، وَقِيلَ : وَخَوْفِهَا .
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَإِنْ خَافَ ثَوَرَانَهَا فَوَجْهَانِ .
وَلِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ نَظَرُ كُلِّ صَاحِبِهِ وَلَمْسُهُ ، كَدُونِ سَبْعٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِ الشَّهْوَةَ عَادَةً .
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِي الرَّجُلِ يَضَعُ الصَّغِيرَةَ فِي حِجْرِهِ وَيُقَبِّلُهَا : إنْ لَمْ يَجِدْ شَهْوَةً فَلَا بَأْسَ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ تَغْسِيلُ غَيْرِ بَالِغٍ .
وَقِيلَ : يُكْرَهُ لِلزَّوْجَيْنِ نَظَرُ فَرْجٍ ( و ش ) وَقِيلَ : عِنْدَ وَطْءٍ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَلِهَذَا يَنْفَرِدُ الْأَكَابِرُ بِالنَّوْمِ لِتَجَدُّدِ مَا لَا يَصْلُحُ فِيهِ ، وَيَتَوَجَّهُ خِلَافُهُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُخَالِفُهُ { فِرَاشٌ لِلزَّوْجِ وَفِرَاشٌ لِلْمَرْأَةِ وَثَالِثٌ لِلضَّيْفِ وَرَابِعٌ لِلشَّيْطَانِ } وَكَذَا سَيِّدٌ مَعَ سُرِّيَّتِهِ ، وَيَحْرُمُ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِمَحْرَمٍ غَيْرِهِمَا ، وَيَتَوَجَّهُ : يُكْرَهُ ، فَإِنْ زَوَّجَهَا نَظَرَ غَيْرَ عَوْرَةٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : كَمَحْرَمٍ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : كَأَمَةِ غَيْرِهِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : يُكْرَهُ نَظَرُ عَوْرَتِهِ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ : يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُدِيمَهُ وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ : يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهَا ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الدِّيَانَةِ وَلَيْسَ صَوْتُ الْأَجْنَبِيَّةِ عَوْرَةً ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَيَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِسَمَاعِهِ وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ وَاللَّمْسُ قِيلَ : كَالنَّظَرِ ، وَقِيلَ : أَوْلَى ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( م 8 ) .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَاللَّمْسُ ، قِيلَ : كَالنَّظَرِ ، وَقِيلَ : أَوْلَى ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا .
انْتَهَى .
( الْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي التَّحْرِيمِ بِالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ ؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ الَّذِي هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ لَا يُؤَثِّرُ .
انْتَهَى .
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا أَعْلَمُ مَنْ اخْتَارَهُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَّلِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ، وَيَحْتَمِلُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى النَّاظِرِ وَاللَّامِسِ ، إنْ كَانَ التَّأْثِيرُ بِهِمَا عِنْدَهُ سَوَاءً فَهُمَا كَذَلِكَ ، وَإِلَّا فَاللَّمْسُ .
وَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِلْكُلِّ مُطْلَقًا ، وَلَوْ بِحَيَوَانٍ يَشْتَهِي الْمَرْأَةَ أَوْ تَشْتَهِيهِ ، كَالْقِرْدِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَشَيْخُنَا وَقَالَ : الْخَلْوَةُ بِأَمْرَدَ حَسَنٍ وَمُضَاجَعَتُهُ كَامْرَأَةٍ وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ تَعْلِيمٍ وَتَأْدِيبٍ ، وَالْمُقِرُّ مُوَلِّيهِ عِنْدَ مَنْ يُعَاشِرُهُ كَذَلِكَ .
وَمَلْعُونٌ دَيُّوثٌ ، وَمَنْ عُرِفَ بِمَحَبَّتِهِمْ أَوْ مُعَاشَرَةٍ بَيْنَهُمْ مُنِعَ مِنْ تَعْلِيمِهِمْ ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : كَانَ السَّلَفُ يَقُولُونَ فِي الْأَمْرَدِ : هُوَ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنْ الْعَذَارَى ، فَإِطْلَاقُ الْبَصَرِ مِنْ أَعْظَمِ الْفِتَنِ .
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، وَكَانَ عَاقِلًا ، وَعَنْ أَشْيَاخِ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ : مَنْ أَعْطَى أَسْبَابَ الْفِتْنَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَوَّلًا لَمْ يَنْجُ مِنْهَا آخِرًا ، وَإِنْ كَانَ جَاهِدًا .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : الْأَمْرَدُ يَنْفُقُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، فَهُوَ شَبَكَةُ الشَّيْطَانِ فِي حَقِّ النَّوْعَيْنِ .
.
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُصَافَحَةَ النِّسَاءِ ، وَشَدَّدَ أَيْضًا حَتَّى لِمَحْرَمٍ ، وَجَوَّزَهُ لِوَالِدٍ ، وَيَتَوَجَّهُ : وَلِمَحْرَمٍ ، وَجَوَّزَ أَخْذَ يَدِ عَجُوزٍ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَشَوْهَاءَ ، وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ : يُقَبِّلُ ذَوَاتَ الْمَحَارِمِ مِنْهُ ؟ قَالَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ ، وَذَكَرَ حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مِنْ غَزْوٍ فَقَبَّلَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا } .
لَكِنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ عَلَى الْفَمِ أَبَدًا ، الْجَبْهَةِ وَالرَّأْسِ ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ تَضَعُ يَدَهَا عَلَى بَطْنِ رَجُلٍ لَا تَحِلُّ لَهُ قَالَ : لَا يَنْبَغِي إلَّا لِضَرُورَةٍ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : تَضَعُ يَدَهَا عَلَى صَدْرِهِ ؟ قَالَ : ضَرُورَةٌ .
.
يَحْرُمْ تَصْرِيحُ أَجْنَبِيٍّ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ ؛ وَلَهُ التَّعْرِيضُ لِغَيْرِ مُبَاحَةٍ بِرَجْعَةٍ .
وَالْمُبَاحَةُ بِعَقْدٍ إنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ فَرِوَايَتَانِ وَإِلَّا حَلَّا ( م 9 ) وَإِجَابَتُهَا كَهُوَ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُفْرَدَاتِ : إنْ دَلَّتْ حَالٌ عَلَى اقْتِرَانِهَا كَمُتَحَابَّيْنِ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ مَنَعْنَا مِنْ تَعْرِيضِهِ فِي الْعِدَّةِ .
وَالتَّعْرِيضُ : إنِّي فِي مِثْلِك رَاغِبٌ ، وَتُجِيبُهُ : مَا يُرْغَبُ عَنْك ، وَنَحْوُهُمَا .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ فِي التَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ : وَالْمُبَاحَةُ بِعَقْدٍ إنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ فَرِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ : ( إحْدَاهُمَا ) يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ .
وَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ : لَا يَجُوزُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ .
وَيَحْرُمُ - وَقِيلَ : يُكْرَهُ - خِطْبَتُهُ عَلَى خِطْبَةِ مُسْلِمٍ لَا كَافِرٍ ، كَمَا لَا يَنْصَحُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، إنْ أُجِيبَ صَرِيحًا ، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ كَالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ تَخْرِيجٌ ، وَفِي تَعْرِيضٍ رِوَايَتَانِ ( م 10 ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أُجِيبَ أَمْ لَا فَوَجْهَانِ ( م 11 ) وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ جَوَازُهُ ، فَإِنْ رُدَّ أَوْ أُذِنَ جَازَ ، وَأَشَدُّ تَحْرِيمًا مَنْ فَرَضَ لَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى الصَّدَقَاتِ أَوْ غَيْرِهَا مَا يَسْتَحِقُّهُ فَنَحَّى مَنْ يُزَاحِمُهُ ، أَوْ يَنْزِعُهُ مِنْهُ ، قَالَهُ شَيْخُنَا .
وَالتَّعْوِيلُ فِي رَدِّهِ وَإِجَابَتِهِ إلَى وَلِيِّ الْمُجْبَرَةِ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ لَمْ تُكْرَهْ وَإِلَّا فَإِلَيْهَا .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ : " فَلَقِيتُ عُثْمَانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّعْيَ مِنْ الْأَبِ لِلْأَيِّمِ فِي التَّزْوِيجِ وَاخْتِيَارِ الْأَكْفَاءِ جَائِزٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ ، وَيَتَوَجَّهُ : بَلْ يُسْتَحَبُّ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَتَحْرِيمُ خِطْبَتِهِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إنْ أُجِيبَ صَرِيحًا ، وَفِي تَعْرِيضٍ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ : أَحَدُهُمَا ) حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ أُجِيبَ صَرِيحًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجُوزُ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ، قَالَ الْقَاضِي : ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إبَاحَةُ خِطْبَتِهَا .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أُجِيبَ أَمْ لَا فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي هَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَجُوزُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْعُمْدَةِ .
وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَسَاءً بِخُطْبَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا انْصَرَفَ ، وَيُجْزِئُ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : خُطْبَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِالْآيَاتِ الثَّلَاثِ الْمَشْهُورَةِ ، ثُمَّ قَالَ : إنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالنِّكَاحِ ، وَنَهَى عَنْ السِّفَاحِ ، فَقَالَ مُخْبِرًا وَآمِرًا : { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ } الْآيَةَ .
وَفِي الْغُنْيَةِ : يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ الْخَمِيسِ وَالْمَسَاءُ بِهِ أَوْلَى ، وَالْخُطْبَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ ، فَإِنْ أُخِّرَتْ جَازَ ، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهَا { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ } الْآيَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا : يُجْزِئُ التَّشَهُّدُ ، وَقَوْلُ : بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا وَعَلَيْكُمَا ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ .
وَعِنْدَ زَفِّهَا : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ .
.
كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ ، فَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك } الْآيَةَ .
نَاسِخَةً .
وَفِي الرِّعَايَةِ : إلَى أَنْ نَزَلَ { لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } فَتَكُونُ نَاسِخَةً .
وَقَالَ الْقَاضِي : ظَاهِرُ قَوْلِهِ { إنَّا أَحْلَلْنَا لَك } الْآيَةَ .
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تُهَاجِرْ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ .
وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ أَنَّهُ شَرَطَ فِي قَرَابَاتِهِ فِي الْآيَةِ لَا الْأَجْنَبِيَّاتِ ، فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ نَسْخَهُ ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ .
وَكَذَا بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَزَمَنَ إحْرَامٍ ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ وَجْهَيْنِ ، وَمِثْلُهُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ ، وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بِجَوَازِهِ لَهُ ، وَعَنْهُ : الْوَقْفُ .
وَلَهُ بِلَا مَهْرٍ ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَفِي وَلِيٍّ وَشُهُودٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ : لَا .
وَهَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ السِّوَاكُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْوِتْرُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 12 ) وَفِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ : وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَجَبَ عَلَيْهِ الضُّحَى .
قَالَ شَيْخُنَا : هَذَا غَلَطٌ ، وَالْخَبَرُ { ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ } مَوْضُوعٌ ، وَلَمْ يَكُنْ يُدَاوِمُ عَلَى الضُّحَى بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ بِسُنَّتِهِ .
وَوَجَبَ عَلَيْهِ قِيَامُ اللَّيْلِ ، وَقِيلَ : نُسِخَ ، وَتَخْيِيرُ نِسَائِهِ بَيْنَ فِرَاقِهِ وَالْإِقَامَةِ مَعَهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ فِي الْقَسْمِ ، كَغَيْرِهِ .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ } الْآيَةَ نَزَلَتْ مُبِيحَةٌ تَرْكَ ذَلِكَ .
وَفِي الْمُنْتَقَى احْتِمَالَانِ .
وَفِي الْفُنُونِ وَالْفُصُولِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَإِنْكَارُ الْمُنْكَرِ إذَا رَآهُ وَغَيَّرَهُ فِي حَالٍ ، وَمَنَعَ مِنْ الْغَمْزِ بِالْعَيْنِ وَالْإِشَارَةِ بِهَا ، وَإِذَا لَبِسَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ أَنْ يَنْزِعَهَا
حَتَّى يَلْقَى الْعَدُوَّ .
وَوَجَدْت فِي كِتَابِ الْهَدْيِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّ مَنْ لَبِسَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وَيَلْزَمُهُ ، وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ { قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ لَمَّا أُشِيرَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْحَرْبِ بَعْدَ أَنْ لَبِسَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ ثُمَّ يَنْزِعَهَا حَتَّى يُنْجِزَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ } وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ عَامًّا لَمْ يُخَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ، وَهَذَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي تَعْيِينِ الْجِهَادِ فِي الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً .
وَكَذَا الْخَطُّ وَالشِّعْرُ وَتَعَلُّمُهُمَا .
وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ صُرِفَ عَنْ الشِّعْرِ كَمَا أُعْجِزَ عَنْ الْكِتَابَةِ ، قَالَ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْتَمِعَ الصَّرْفُ وَالْمَنْعُ ، وَقَوْلُهُ { أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ } وَغَيْرُ هَذَا لَيْسَ بِشِعْرٍ ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مَوْزُونٌ بِلَا قَصْدٍ .
وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعَرُوضِ وَالْأَدَبِ عَلَى أَنَّ الشِّعْر لَا يَكُونُ شِعْرًا إلَّا بِالْقَصْدِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجَزِ هَلْ هُوَ شَعْرٌ أَمْ لَا ؟ .
وَمُنِعَ مِنْ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ ، كَالْأَمَةِ مُطْلَقًا .
وَعَنْهُ : لَا ، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : تُبَاحُ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ مُشْرِكَةً ، وَسَبَقَ فِي الزَّكَاةِ حُكْمُ الصَّدَقَةِ .
وَقَدْ أُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ .
وَخُمُسُ الْخُمُسِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ، وَصَفِيُّ الْمَغْنَمِ ، وَدُخُولُ مَكَّةَ مُحِلًّا سَاعَةً .
وَجَعَلَ تَرِكَتَهُ صَدَقَةً ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : لَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِرْثِ ، وَفِي رَدِّ شَيْخِنَا عَلَى الرَّافِضِيِّ أَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ لَمْ تَشْمَلْهُ ، وَاحْتَجَّ بِالسِّيَاقِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا ، فَقِيلَ لَهُ : فَلَوْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِثَهُ كَمَا مَاتَتْ بَنَاتُهُ الثَّلَاثُ فِي حَيَاتِهِ وَمَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ ؟ فَقَالَ : الْخِطَابُ فِي الْآيَةِ لِلْمَوْرُوثِ دُونَ الْوَارِثِ ، فَلَا يَلْزَمُ إذَا دَخَلَ أَوْلَادُهُ فِي كَافِ الْخِطَابِ ؛ لِكَوْنِهِمْ مُوَرَّثِينَ أَنْ يَدْخُلُوا إذَا كَانُوا وَارِثِينَ ، فَقِيلَ لَهُ : فَفِي آيَةِ الزَّوْجَيْنِ قَالَ ( وَلَكُمْ ، وَلَهُنَّ ) فَقَالَ : لَمْ تَمُتْ إلَّا خَدِيجَةُ بِمَكَّةَ قَبْلَ نُزُولِهَا وَزَيْنَبُ الْهِلَالِيَّةُ بِالْمَدِينَةِ ، وَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتْ نَزَلَتْ ، وَأَنَّهَا خَلَّفَتْ مَالًا ؟ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ شُمُولِ أَحَدِ الْكَافَيْنِ لَهُ شُمُولُ الْأُخْرَى .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي وَصِيَّةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِمَالِهِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ } قَالَ : الْخَبَرُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ وَلَا يَعْقِلُ بِالْإِجْمَاعِ ، فَثَبَتَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَالَ أَخْذَ الْوَارِثِ إذَا خَلَا الْمَالُ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَالْمُوصَى لَهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَالِ ، وَأَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْعَطْشَانِ .
وَيَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ أَنْ يَقِيَهُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَهُ طَلَبُ ذَلِكَ ، وَحَرَّمَ عَلَى غَيْرِهِ نِكَاحَ زَوْجَاتِهِ فَقَطْ .
وَجَوَّزَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ نِكَاحَ مَنْ فَارَقَهَا فِي حَيَاتِهِ .
وَهُنَّ أَزْوَاجُهُ دُنْيَا وَأُخْرَى ، وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - بِمَعْنَى فِي حُكْمِ الْأُمَّهَاتِ - فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ ، وَلَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى قَرَابَتِهِنَّ ( ع ) .
وَالنَّجِسُ مِنَّا طَاهِرٌ مِنْهُ ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَغَيْرِهِ .
وَفِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا : لَا .
وَسَاوَى الْأَنْبِيَاءَ فِي مُعْجِزَاتِهِمْ ، وَانْفَرَدَ بِالْقُرْآنِ وَالْغَنَائِمِ ، وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا ، وَالنَّصْرُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَبُعِثَ إلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَكُلُّ نَبِيٍّ إلَى قَوْمِهِ ، وَمُعْجِزَتُهُ بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ،
وَانْقَطَعَتْ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ بِمَوْتِهِمْ .
وَتَنَامُ عَيْنَاهُ لَا قَلْبُهُ ، فَلَا نَقَضَ بِالنَّوْمِ مُضْطَجِعًا ، وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَأَمَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ : هَذِهِ الرُّؤْيَةُ رُؤْيَةٌ بِالْعَيْنِ حَقِيقَةٌ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ .
وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { فَوَاَللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا خُشُوعُكُمْ } قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ : مَا كَانَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمْ يَكُنْ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ .
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ .
رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَنَّ رَجُلًا أَغْضَبَ أَبَا بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَرْزَةَ : أَلَا أَقْتُلُهُ ؟ فَأَذْهَبَتْ كَلِمَتِي غَضَبَهُ ، فَقَالَ : أَتَفْعَلُ لَوْ أَمَرْتُك ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : لَا وَاَللَّهِ ، مَا كَانَ لِبَشَرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
إسْنَادُهُ جَيِّدٌ .
وَالدَّفْنُ فِي الْبُنْيَانِ مُخْتَصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : لِوَجْهَيْنِ : أَحَدِهِمَا قَوْلُهُ { يُدْفَنُ الْأَنْبِيَاءُ حَيْثُ يَمُوتُونَ } .
رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مَرْفُوعًا { لَمْ يُقْبَرْ إلَّا حَيْثُ قُبِضَ } .
وَالثَّانِي لِئَلَّا تَمَسَّهُ أَيْدِي الْعُصَاةِ وَالْمُنَافِقِينَ .
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ .
وَزِيَارَةُ قَبْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ : وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى ( وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) لَا تُهْدِ لِتُعْطَى أَكْثَرَ : هَذَا الْأَدَبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ ، قَالَ أَحْمَدُ :
خُصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَاجِبَاتٍ وَمَحْظُورَاتٍ وَمُبَاحَاتٍ وَكَرَامَاتٍ ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَيَنْهَى عَنْهَا } ، فَلِذَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي النَّاسِخِ ، وَلِأَحْمَدَ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَرَوَى ابْنُ عَطِيَّةَ الْخَبَرَيْنِ ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ كَانَ خَاصًّا بِهِ ، وَكَذَا أَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ أَيْضًا : وَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَخْصُوصًا بِوُجُوبِ الرَّكْعَتَيْنِ ، وَجَائِزٌ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ بَعْدَ الْعَصْرِ .
وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو { أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي جَالِسًا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ ، فَقَالَ : مَا لَك يَا عَبْدَ اللَّهِ ؟ قُلْت حُدِّثْتُ أَنَّك قُلْتَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ قَالَ : أَجَلْ وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ } فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ ( و ش ) ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْعُذْرِ لَا يَصِحُّ ؛ لِعَدَمِ الْفَرْقِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنْ كَانَ لِنَبِيٍّ مَالٌ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي : الزَّكَاةُ طُهْرَةٌ وَالنَّبِيُّ مُطَهَّرٌ ، فَقَالَ : بَاطِلٌ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ ، ثُمَّ بِالْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ مُطَهَّرُونَ ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ لَزِمَتْهُمْ الزَّكَاةُ .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ فِي الْخَصَائِصِ : وَهَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ السِّوَاكُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْوِتْرُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ .
( أَحَدُهُمَا ) كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْعُدَّةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ كُتَيْلَهَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وُجُوبُ السِّوَاكِ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْفُصُولِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي السِّوَاكِ فِي بَابِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي الْخَصَائِصِ : رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مَرْفُوعًا { : لَمْ يُقْبَرْ إلَّا حَيْثُ قُبِضَ } ، انْتَهَى .
صَوَابُهُ { لَمْ يُقْبَرْ نَبِيٌّ } بِزِيَادَةِ " نَبِيٌّ " فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِتَصْحِيحِهَا .
لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِلَفْظِ زَوَّجْتُ أَوْ أَنْكَحْتُ ، وَتَزَوَّجْتُهَا ، أَوْ قَبِلْتُ هَذَا النِّكَاحَ ، أَوْ رَضِيتُهُ ، وَلَوْ هَازِلًا وَتَلْجِئَةً وَقِيلَ وَبِكِنَايَةٍ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خَرَّجَ صِحَّتَهُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفِيدُ التَّمْلِيكَ ، وَخَرَّجَهُ هُوَ فِي ( عُمَدِ الْأَدِلَّةِ ) مِنْ جَعْلِهِ عِتْقَ أَمَتِهِ مَهْرَهَا .
وَقَالَ شَيْخُنَا : يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ وَفِعْلٍ كَانَ .
وَأَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ عَقْدٍ ، وَأَنَّ الشَّرْطَ بَيْنَ النَّاسِ مَا عَدُّوهُ شَرْطًا ، فَالْأَسْمَاءُ تُعْرَفُ حُدُودُهَا تَارَةً بِالشَّرْعِ ، وَتَارَةً بِاللُّغَةِ ، وَتَارَةً بِالْعُرْفِ ، وَكَذَلِكَ الْعُقُودُ .
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ - وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ - انْعِقَادَهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، كَعَاجِزٍ ، وَلَا يَلْزَمُ عَاجِزًا تَعَلُّمُهَا ، فِي الْأَصَحِّ .
فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَبِلْتُ أَوْ تَزَوَّجْتُ ، أَوْ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ : أَزَوَّجْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلِلْمُتَزَوِّجِ أَقَبِلْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، صَحَّ فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا ، فِي الثَّانِيَةِ .
.
وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، أَوْ كِتَابَةٍ .
.
وَإِنْ أَوْجَبَ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ ، كَمَوْتِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي إغْمَائِهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) .
( بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ ) ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَوْجَبَ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ ، كَمَوْتِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي إغْمَائِهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الْإِغْمَاءِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) : لَا يَبْطُلُ .
قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ : هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ .
قُلْت : وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَبْطُلَ إذَا أَفَاقَ سَرِيعًا .
وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ ، فَإِنْ أَشَارَ الْوَلِيُّ إلَى الزَّوْجَةِ أَوْ سَمَّاهَا أَوْ وَصَفَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ ، أَوْ قَالَ : زَوَّجْتُك بِنْتِي ، وَلَهُ وَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرُ وَلَوْ سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ، صَحَّ ، وَعَكْسُهُ الْحَمْلُ وَزَوَّجْتُك فُلَانَةَ ، وَلَمْ يَقُلْ بِنْتِي .
وَمَنْ خَطَبَ امْرَأَةً فَأَوْجَبَ لَهُ النِّكَاحَ فِي غَيْرِهَا فَقَبِلَ يَظُنُّهَا مَخْطُوبَتَهُ لَمْ يَصِحَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَيُشْتَرَطُ رِضَاءُ الزَّوْجَيْنِ .
وَيُزَوِّجُ الْأَبُ خَاصَّةً صَغِيرًا أَذِنَ أَوْ كَرِهَ - وَذَكَرَ الْقَاضِي : فِي إجْبَارِهِ مُرَاهِقًا نَظَرٌ ، وَيَتَوَجَّهُ كَأُنْثَى أَوْ كَعَبْدٍ مُمَيِّزٍ .
وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ قُبِلَ ، ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ، وَكَذَا بَالِغًا مَجْنُونًا فِي الْمَنْصُوصِ ، وَقِيلَ مَعَ شَهْوَةٍ وَقِيلَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ - امْرَأَةٌ ، وَفِي أَرْبَعٍ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَيُزَوِّجُهَا حَاكِمٌ لِحَاجَةٍ وَظَاهِرُ الْإِيضَاحِ لَا ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 3 ) وَفِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِ حَاجَةَ نِكَاحٍ فَقَطْ ، وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ : وَكَذَا وَلِيٌّ غَيْرُ أَبٍ فِي تَزْوِيجِ مَجْنُونٍ .
وَفِي الْمُذْهَبِ : يُزَوِّجُونَ مُطْبَقًا لِشَهْوَةٍ ، وَيَقْبَلُ النِّكَاحَ لِلصَّغِيرِ كَمَجْنُونٍ : وَلَهُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ وَطَلَاقُهُ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَيُزَوِّجُ الْأَبُ خَاصَّةً صَغِيرًا أَذِنَ أَوْ كَرِهَ امْرَأَةً ، وَفِي أَرْبَعٍ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا .
أَحَدُهُمَا ، لَا يُزَوِّجْهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ .
قَالَ الْقَاضِي : قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجْهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَهُ تَزْوِيجُهُ بِأَرْبَعٍ .
قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ : لَهُ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِأَرْبَعٍ .
قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَلَهُ تَزْوِيجُهُمَا - يَعْنِي الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ - بِوَاحِدَةٍ وَبِأَرْبَعٍ إذَا رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً .
انْتَهَى قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : وَهُوَ أَظْهَرُ ، قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ ، بَلْ مَفْسَدَةٌ ، وَالرَّقِيقُ يَقُومُ بِذَلِكَ ، وَهُوَ أَقَلُّ كُلْفَةً فِي الْغَالِبِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَيُزَوِّجُهَا حَاكِمٌ لِحَاجَةٍ .
وَإِلَّا فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ فِي الْمَجْنُونِ .
أَحَدُهُمَا : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْتَاجَا إلَيْهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ عَنْ الْمَجْنُونِ : وَهُوَ أَظْهَرُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَهُ تَزْوِيجُهُمَا مُطْلَقًا .
قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ : لَهُ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهُ ، قُلْت : وَهَذَا ضَعِيفٌ ، وَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ نَظَرٌ ، إذْ الْأَوْلَى التَّقْدِيمُ فِيهِمَا ، كَمَا قُلْنَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيُزَوِّجُ وَيُجْبِرُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ لَا الْكَبِيرَ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، وَالْمَنْعُ فِي الصَّغِيرِ رِوَايَةٌ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ .
وَإِنَّمَا مَلَكَهُ نِيَابَةً ، كَتَزْوِيجِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ .
وَمِنْ الْفَرْقِ أَنَّ أَمَتَهُ لَوْ تَزَوَّجَتْ بِلَا إذْنِهِ ثُمَّ بَاعَهَا انْفَسَخَ ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنِهِ ثُمَّ بَاعَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ عَقْدُ النِّكَاحِ عِنْدَهُمْ ، وَعَلَى رِوَايَةٍ لَنَا كَذَا قَالَ ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي : لَا فَرْقَ .
وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ مُطْلَقًا .
وَابْنَتَهُ قَبْلَ كَمَالِ تِسْعِ سِنِينَ ، وَكَذَا مَجْنُونَةً بَالِغَةً أَوْ ثَيِّبًا فِي الْأَصَحِّ لَا ثَيِّبًا مُكَلَّفَةً ، وَيُجْبِرُ فِي اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ بِكْرًا بَالِغَةً لَا ثَيِّبًا بَعْدَ تِسْعٍ ، وَقِيلَ : وَقَبْلَهَا ، وَعَنْهُ : يُجْبِرُ الثَّيِّبَ ، وَعَنْهُ : الْبِكْرَ ، وَقِيلَ : لَا يُجْبِرُهُمَا وَحُكِيَ رِوَايَةٌ .
وَلِلصَّغِيرَةِ بَعْدَ التِّسْعِ إذْنٌ صَحِيحٌ .
نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، فَفِي إجْبَارِهَا وَتَزْوِيجِ وَلِيِّهَا بِإِذْنِهَا الرِّوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ : لَا إذْنَ لَهَا ، كَمَالٍ .
وَيَحْتَمِلُ فِي ابْنِ تِسْعٍ يُزَوَّجُ بِإِذْنِهِ ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ .
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ : يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَبِنْتٍ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلَا مَصْلَحَةَ لَهُ ، وَإِذْنُهُ نُطْقٌ لَا يَكْفِي صَمْتُهُ .
وَلَا وِلَايَةَ بَعْدَ بُلُوغِهِ ، وَقِيلَ لَا يُجْبِرُ وَلِيٌّ مُجْبِرٌ مَجْنُونَةً لَا يُجْبِرُهَا لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةً .
فَإِنْ أُجْبِرَتْ امْرَأَةٌ فَهَلْ يُؤْخَذُ بِتَعْيِينِهَا كُفُوًا ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ( و ش ) أَوْ تَعْيِينِهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 4 ) .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ مُطْلَقًا ، وَبِنْتَهُ قَبْلَ كَمَالِ تِسْعِ سِنِينَ ، وَكَذَا مَجْنُونَةٌ بَالِغَةً أَوْ ثَيِّبًا فِي الْأَصَحِّ .
صَوَابُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : وَكَذَا مَجْنُونَةٌ بِكْرًا لَا بَالِغَةً ، فَإِنَّهُ قَابَلَهَا بِالثَّيِّبِ ، وَأَيْضًا الْبِكْرُ أَعَمُّ ، فَيَشْمَلُ الْبَالِغَةَ وَغَيْرَهَا ، أَوْ يُقَالُ : فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ : أَوْ بِكْرًا بَالِغَةً ، وَيَكُونُ دُونَ الْبُلُوغِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ أُجْبِرَتْ امْرَأَةٌ فَهَلْ يُؤْخَذُ بِتَعْيِينِهَا كُفُوًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، أَوْ تَعْيِينِهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا ، يُؤْخَذُ بِتَعْيِينِهَا كُفُوًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ الْوَلِيِّ ( قُلْت ) : وَيَتَوَجَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ ، فَيُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ الْأَبِ دُونَ غَيْرِهِ ، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُجْبَرَةِ ، وَلَا يَكُونُ إلَّا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : إنْ أَرَادَتْ الْجَارِيَةُ رَجُلًا وَأَرَادَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ اتَّبَعَ هَوَاهَا .
وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ : أَنَّ الْجَدَّ يُجْبِرُ كَالْأَبِ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا .
وَلَا يُجْبِرُ بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ حُرَّةً ، وَالْأَصَحُّ إلَّا الْمَجْنُونَةَ مَعَ شَهْوَةِ الرِّجَالِ كَحَاكِمٍ فِي الْأَصَحِّ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجْهًا : حَاكِمٌ ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ : وَلِيُّهَا ، وَفِي الْمُغْنِي : يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَ الْأَطِبَّاءِ تَزُولُ عِلَّتُهَا بِالتَّزْوِيجِ كَالشَّهْوَةِ ، وَعَنْهُ : لَهُمْ تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ كَالْحَاكِمِ وَيُفِيدُ الْحِلُّ وَبَقِيَّةُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ، وَكَذَا الْإِرْثُ ، وَفِي الْفُصُولِ : لَا .
نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي يَتِيمَةٍ زُوِّجَتْ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا هَلْ يَتَوَارَثَانِ ؟ قَالَ : فِيهِ اخْتِلَافٌ ، قَالَ قَتَادَةُ : لَا يَتَوَارَثَانِ ، وَمِثْلُهُ كُلُّ نِكَاحٍ لُزُومُهُ مَوْقُوفٌ ، وَلَفْظُ الْقَاضِي : فَسْخُهُ مَوْقُوفٌ .
وَكُلُّ نِكَاحٍ صِحَّتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ ، فَالْأَحْكَامُ مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ ، وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ : فِي صَغِيرٍ مِثْلِهَا ، وَأَخَذَ فِي الْخِلَافِ الْمَنْعَ مِنْ الطَّلَاقِ فِيهَا مِنْ نَصِّهِ فِيهِ ، وَإِذَا نَصَّ فِي ابْنِ الِابْنِ ، وَهُوَ يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ فَبِنْتُ الِابْنِ أَوْلَى ، وَقَاسَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهَا ، فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ .
وَنَقَلَ عَنْهُ صَالِحٌ فِي صَغِيرٍ زَوَّجَهُ عَمُّهُ قَالَ : إنْ رَضِيَ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فُسِخَ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَلَا يُجْبِرْ بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ حُرَّةً وَعَنْهُ لَهُمْ تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ كَالْحَاكِمِ .
انْتَهَى .
ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجَ الصَّغِيرَةِ وَإِنْ مَنَعْنَا غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ ، وَأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ ، بَلْ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ ، وَكَذَا صَاحِبُ الْفُصُولِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ وَجْهٌ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَصَالِحِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ ، لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى مُوَافِقٍ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَعَلَّهُ : وَعَنْهُ : لَهُمْ تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ كَالْأَبِ .
فَسَبَقَ الْقَلَمُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ وَشَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِمَا ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ : لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُ الْغُلَامِ ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهُ فَقَالَ : هَذَا التَّعْلِيلُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَالْمُرَجَّحُ الْأَوَّلُ .
وَإِذْنُ الثَّيِّبِ - بِوَطْءٍ فِي قُبُلٍ ، وَالْأَصَحُّ وَلَوْ بِزِنًا ، قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِثَيِّبٍ دَخَلَا ، وَعَنْهُ : زَوَالُ عُذْرَتِهَا مُطْلَقًا وَلَوْ بِوَطْءِ دُبُرٍ - النُّطْقِ ، وَلَوْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
وَالْبِكْرُ الصِّمَاتُ ، وَلَوْ بَكَتْ ، وَنُطْقُهَا أَبْلَغُ ، وَقِيلَ : يُعْتَبَرُ مَعَ غَيْرِ أَبٍ .
.
وَيُشْتَرَطُ الْوَلِيُّ ، فَلَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَلَا غَيْرَهَا ، فَتُزَوِّجُ بِإِذْنِهَا نُطْقًا أَمَتَهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا ، وَعَنْهُ : أَيُّ رَجُلٍ أَذِنَتْ لَهُ ، وَعَنْهُ : هِيَ ، تَعْقِدُهُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ صِحَّةُ تَزْوِيجِهَا لِنَفْسِهَا وَلِغَيْرِهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا ، وَبِدُونِهِ كَفُضُولِيٍّ ، فَيُطَلِّقُ ، فَإِنْ أَبَى ، فَسَخَهُ حَاكِمٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَهَلْ ثَبَتَ بِنَصٍّ فَيَنْقُضُ حُكْمَ مَنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَعَنْهُ : لَهَا أَنْ تَأْمُرَ رَجُلًا يُزَوِّجُهَا .
وَعَنْهُ : وَتُزَوِّجُ نَفْسَهَا ، ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ } لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَصِيرِ إلَى الْبُطْلَانِ ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ مِنْ الْقَوْلِ لَا يَجُوزُ تَأْكِيدُهُ قَالُوا : كَذَا ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ : ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ .
وَعَتِيقَتُهَا كَأَمَتِهَا ( م 6 ) [ اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي الْحَجَرِ وَشَيْخُنَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ ] إنْ طَلَبَتْ وَأَذِنَتْ وَقُلْنَا تَلِي عَلَيْهَا ، فِي رِوَايَةٍ ، فَلَوْ عَضَلَتْ الْمُوَلَّاةُ زَوْجَ وَلِيِّهَا فَفِي إذْنِ سُلْطَانٍ وَجْهَانِ ( م 7 ) فِي التَّرْغِيبِ .
وَفِي أُخْرَى : لَا تَلِي ، فَيُزَوِّجُ بِدُونِ إذْنِهَا أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا ثُمَّ السُّلْطَانُ ، وَيُجْبِرُ مَنْ يُجْبِرُ الْمُوَلَّاةَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : الْمُعْتَقَةُ فِي الْمَرَضِ هَلْ يُزَوِّجُهَا قَرِيبُهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ : لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِدُونِ إذْنِ وَلِيٍّ فَكَفُضُولِيٍّ فَيُطَلِّقْ فَإِنْ أَبَى فَسَخَهُ الْحَاكِمُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهَلْ ثَبَتَ بِنَصٍّ فَيَنْقُضُ حُكْمَ مَنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَنْقُضُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَنَصَرُوهُ ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَنْقُضُ ، خَرَّجَهُ الْقَاضِي ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّة .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَعَتِيقَتُهَا كَأَمَةٍ فِي رِوَايَةٍ ، وَفِي أُخْرَى : لَا تَلِي .
انْتَهَى .
إحْدَاهُمَا ، هِيَ كَالْأَمَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ : هَذَا أَصَحُّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي الْحَجَرِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، لَا تَلِي نِكَاحَهَا وَإِنْ وَلِيَتْ نِكَاحَ أَمَتِهَا .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَعَتِيقَتُهَا كَأَمَتِهَا إنْ طَلَبَتْ وَأَذِنَتْ وَقُلْنَا تَلِي عَلَيْهَا فِي رِوَايَةٍ ، فَلَوْ عَضَلَتْ الْمَوْلَاةُ زَوَّجَ وَلِيُّهَا فَفِي إذْنِ سُلْطَانٍ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : لَا يَسْتَأْذِنُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَشَرْطُ الْوَلِيِّ كَوْنُهُ عَاقِلًا ذَكَرًا مُوَافِقًا فِي دِينِهَا حُرًّا ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ : يَلِي عَلَى ابْنَتِهِ ، ثُمَّ جَوَّزَهُ بِإِذْنِ سَيِّدٍ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي شَهَادَتِهِ ، أَمَّا الْقَضَاءُ وَوِلَايَتُهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : لَا يُعْرَفُ فِيهِ رِوَايَةٌ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّا ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَالْقَضَاءُ مَنْصِبٌ شَرِيفٌ وَالْوِلَايَةُ تَسْتَدْعِي نَظَرًا دَائِمًا لَيْلًا وَنَهَارًا فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ ، هَلْ لِلْعَبْدِ وِلَايَةٌ عَلَى الْحُرَّةِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، قَالَ : وَلَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى ابْنَتِهِ وَلَا غَيْرِهَا .
قِيلَ : عَدْلًا ، وَقِيلَ : مَسْتُورَ الْحَالِ ( م 8 ) وَعَنْهُ : وَفَاسِقًا كَسُلْطَانٍ ، وَخَالَفَ فِيهِ أَبُو الْخَطَّابِ ، وَعَنْهُ : وَصَبِيًّا ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ : رَشِيدًا .
وَفِي الْوَاضِحِ : عَارِفًا بِالْمَصَالِحِ لَا شَيْخًا كَبِيرًا جَاهِلًا بِالْمَصْلَحَةِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَفِي الرِّعَايَةِ : أَوْ مُفَرِّطًا فِيهَا أَوْ مُقَصِّرًا ، وَمَعْنَاهُ فِي الْفُصُولِ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْعَضْلَ مَانِعًا وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ بِهِ ؛ لِعَدَمِ الشَّفَقَةِ ، وَشَرْطُ الْوَلِيِّ الْإِشْفَاقُ ، وَفِي زَوَالِهَا بِإِغْمَاءٍ وَعَمًى وَجْهٌ ، لَا بِسَفَهٍ ، وَإِنْ جُنَّ أَحْيَانَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَقْلُهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ أَحْرَمَ اُنْتُظِرَ ، نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ فِي مَجْنُونٍ وَيَبْقَى وَكِيلُهُ ، وَقِيلَ : هَلْ هِيَ لِأَبْعَدَ أَوْ حَاكِمٍ ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ وَكِيلٌ ثُمَّ حَلَّ .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ فِي شُرُوطِ الْوَلِيِّ : قِيلَ : عَدْلًا ، وَقِيلَ مَسْتُورَ الْحَالِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا يَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
وَأَحَقُّ وَلِيٍّ بِنِكَاحِ حُرَّةٍ أَبُوهَا ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ، ثُمَّ ابْنُهَا ، ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَأَخَذَهُ فِي الِانْتِصَارِ مِنْ نَقْلِ حَنْبَلٍ : الْعَصَبَةُ فِيهِ مَنْ أَحْرَزَ الْمَالَ .
ثُمَّ أَخُوهَا لِأَبَوَيْهَا ، ثُمَّ لِأَبِيهَا ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ ، وَعَنْهُ : هُمَا سَوَاءٌ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَمِثْلُهُ تَحَمُّلُ الْعَقْلِ وَصَلَاةُ الْمَيِّتِ ، وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٍ لِأُمٍّ ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ : الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ أَوْلَى ، فَإِنْ زَوَّجَ الْأَخُ لِلْأَبِ كَانَ جَائِزًا ، ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَةِ نَسَبٍ [ كَالْإِرْثِ ] .
وَعَنْهُ : يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْجَدِّ ، وَعَنْهُ : عَلَيْهَا يُقَدَّمُ الْأَخُ عَلَى الْجَدِّ ، وَعَنْهُ : سَوَاءٌ ، ثُمَّ الْوَلِيُّ الْمُعْتِقُ ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ ، وَقِيلَ : يُقَدَّمُ أَبُو الْمُعْتَقَةِ عَلَى ابْنِهَا ، ثُمَّ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ .
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالْقَاضِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْأَمِيرِ فِي هَذَا .
وَعَنْهُ : أَوْ وَالِي الْبَلَدِ وَكَبِيرُهُ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَعَنْهُ : أَوْ مَنْ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : تَزْوِيجُ الْأَيَامَى فَرْضُ كِفَايَةٍ ( ع ) ، فَإِنْ أَبَاهُ حَاكِمٌ إلَّا بِظُلْمٍ كَطَلَبِهِ جُعْلًا لَا يَسْتَحِقُّهُ صَارَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ ، فَقِيلَ : تُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهَا ، وَقِيلَ : لَا تَتَزَوَّجُ ، كِلَاهُمَا لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ، وَالصَّحِيحُ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ : يُزَوِّجُهَا ذُو السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ ، كَالْعَضْلِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ وَكَّلَتْ .
وَعَنْهُ : ثَمَّ عَدْلٌ .
.
وَوَلِيُّ الْأَمَةِ حَتَّى الْآبِقَةِ سَيِّدُهَا وَلَوْ مُكَاتَبًا فَاسِقًا ، وَتُجْبَرُ غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ ، وَفِيهَا فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ وَجْهٌ ، وَيُعْتَبَرُ فِي مُعْتَقٍ بَعْضُهَا إذْنُهَا وَإِذْنُ مَالِكِ الْبَقِيَّةِ ، كَأَمَةٍ لِاثْنَيْنِ .
وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا زَوَّجْتُكَهَا ، وَلَا يُبَعِّضُهَا ، قَالَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ .
.
وَلَا يَلِي مُسْلِمٌ نِكَاحَ كَافِرَةٍ غَيْرِ أَمَتِهِ وَأَمَةِ مُوَلِّيهِ إلَّا سُلْطَانٌ ، وَلَا كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ غَيْرِ [ نَحْوِ ] أُمِّ وَلَدِهِ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَبِنْتِهِ فِي وِلَايَةِ فَاسِقٍ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ ، وَيَلِي كَافِرٌ بِشُرُوطٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي مُسْلِمٍ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ الْكَافِرَةِ مِنْ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ ، وَهَلْ يُبَاشِرُ تَزْوِيجَ مُسْلِمٍ حَيْثُ زَوَّجَهُ أَوْ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ أَوْ حَاكِمٌ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ ( م 9 ) وَقِيلَ : لَا يَلِيهِ مِنْ مُسْلِمٍ ، وَعَلَى قِيَاسِهِ : لَا يَلِي مَالَهَا ، قَالَهُ الْقَاضِي .
وَفِي الِانْتِصَارِ فِي شَهَادَتِهِمْ : يَلِيهِ ، وَفِي تَعْلِيقِ ابْنِ الْمُنَى فِي وِلَايَةِ الْفَاسِقِ : لَا يَلِيهِ كَافِرٌ إلَّا عَدْلٌ فِي دِينِهِ ، وَلَوْ سَلَّمْنَا فَلِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْقَدْحِ فِي نَسَبِ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وِلَايَةُ الْمَالِ .
تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ غَيْرَ نَحْوِ أُمِّ وَلَدِهِ .
انْتَهَى .
قَطَعَ بِذَلِكَ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ ، وَابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ ، وَقِيلَ : لَا يَلِي نِكَاحَ ذَلِكَ أَيْضًا ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ ، فَإِنَّهُمَا قَالَا : يَلِيهِ ، فِي وَجْهٍ ، فَدَلَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ قُوَّتِهِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَيَلِي كَافِرٌ بِشُرُوطٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي مُسْلِمٍ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ الْكَافِرَةِ مِنْ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ ، وَهَلْ يُبَاشِرُ تَزْوِيجَ مُسْلِمٍ حَيْثُ زَوَّجَهُ أَوْ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ أَوْ حَاكِمٌ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
أَحَدُهَا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ ، وَقَالَهُ الْأَزَجِيُّ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَعْقِدُهُ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ ) يَعْقِدُهُ حَاكِمٌ بِإِذْنِهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَهُوَ أَوْلَى ، ( قُلْت ) : وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ .
فَإِنْ عَضَلَ أَقْرَبُ أَوْلِيَاءِ حُرَّةٍ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا بِكُفْءٍ رَضِيَتْهُ بِمَا صَحَّ مَهْرًا ، وَيَفْسُقُ بِهِ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إنْ تَكَرَّرَ ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً ، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ ، وَعَنْهُ : الْحَاكِمُ ، وَعَنْهُ : فِي الْعَضْلِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَجْهٌ : لَا تَنْتَقِلُ وِلَايَةُ مَالٍ إلَيْهِ بِالْغَيْبَةِ ، وَالْغَيْبَةُ مَا لَا تُقْطَعُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : مَسَافَةُ قَصْرٍ ، وَعَنْهُ : مَا تَصِلُ الْقَافِلَةُ مَرَّةً فِي سَنَةٍ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ مَا لَا يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابٌ أَوْ لَا يَصِلُ جَوَابُهُ .
وَقِيلَ : مَا تَسْتَضِرُّ بِهِ الزَّوْجَةُ ، وَقِيلَ : فَوْتُ كُفْءٍ رَاغِبٍ .
وَمَنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ كَمَحْبُوسٍ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ كَبَعِيدٍ .
فَإِنْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ بِدُونِ ذَلِكَ فَكَفُضُولِيٍّ ، وَإِنْ تَزَوَّجَ لِغَيْرِهِ فَقِيلَ : لَا يَصِحُّ ، كَذِمِّيَّةٍ وَقِيلَ : كَفُضُولِيٍّ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا طَلَاقٌ كَفُضُولِيٍّ ( م 10 ) .
مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْغَيْبَةِ : فَإِنْ زَوَّجَ الْأَبْعَدَ بِدُونِ ذَلِكَ فَكَفُضُولِيٍّ ، وَإِنْ تَزَوَّجَ لِغَيْرِهِ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ ، كَذِمِّيَّةٍ ، وَقِيلَ : كَفُضُولِيٍّ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا طَلَاقٌ كَفُضُولِيٍّ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ .
وَصُورَةُ الْمُسْلِمَةِ لَوْ تَزَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ ( قُلْت ) : هِيَ إلَى مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ أَقْرَبُ ، فَتُعْطَى حُكْمَهَا ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا يَصِحُّ ، وَإِنْ صَحَّ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ .
وَمَنْ زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ فَمَلَكَهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ فَوَجْهَانِ ( م 11 ) ، وَوَكِيلُهُ كَهُوَ ، فَإِنْ زَوَّجَ نَفْسَهُ فَفُضُولِيٌّ .
وَلَا يَكْفِي إذْنُهَا لِمُوَكِّلِهِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ : لَا يُوَكِّلُ غَيْرَ مُجْبَرٍ بِلَا إذْنٍ إلَّا حَاكِمٌ وَقِيلَ : وَلَا مُجْبِرٍ ، وَقِيلَ : يُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ لِغَيْرِ مُجْبَرٍ ، وَقِيلَ : وَلَهُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَوْ مَنَعَتْ الْوَلِيَّ مِنْ التَّوْكِيلِ امْتَنَعَ .
وَيَتَقَيَّدُ وَكِيلٌ أَوْ وَلِيٌّ مُطْلَقٌ بِالْكُفْءِ إنْ اشْتَرَطَ ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ .
وَإِنْ قَالَ زَوِّجْ أَوْ اقْبَلْ مِنْ وَكِيلِهِ زَيْدٍ أَوْ أَحَدِ وَكِيلَيْهِ فَزَوَّجَ أَوْ قَبِلَ مِنْ وَكِيلِهِ عَمْرٍو لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ فَمَلَكَهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا زَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ أَمَةَ غَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ ، كَأَخِيهَا وَعَمِّهَا وَنَحْوِهِمَا ، فَأَجَازَهُ ، فَهَلْ يَصِحُّ كَالْفُضُولِيِّ أَوْ لَا يَصِحُّ هُنَا ، وَإِنْ صَحَّ فِي الْفُضُولِيِّ ؟ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ .
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النِّكَاحَ هُنَا لَا يَصِحُّ ، وَإِنْ صَحَّ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ إذَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ ؛ لِأَنَّ حَالَةَ التَّزْوِيجِ هُنَا كَانَ مَنْ مَلَكَهَا غَيْرَ وَلِيٍّ أَلْبَتَّةَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي الْمُغْنِي قَدَّمَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَوَكِيلُهُ كَهُوَ .
.
.
وَقِيلَ لَا يُوَكِّلُ غَيْرَ مُجْبِرٍ بِلَا إذْنٍ إلَّا حَاكِمٌ .
انْتَهَى .
ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُزَوِّجَهَا ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوِكَالَةِ أَنَّ ظَاهِرَ مَا قَدَّمَ هُنَاكَ عَدَمُ الصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ، وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ هُنَاكَ .
وَيَقُولُ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ : زَوَّجْتُ بِنْتِي أَوْ مَوْلَاتِي فُلَانَةَ لِفُلَانٍ ، أَوْ زَوَّجْتُ مُوَكِّلَك فُلَانًا [ فُلَانَةَ ] وَلَا يَقُولُ : مِنْك ، فَيَقُولُ : قَبِلْتُ تَزْوِيجَهَا أَوْ نِكَاحَهَا لِفُلَانٍ ، فَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ فَوَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ( م 12 ) .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَيَقُولُ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ زَوَّجْت بِنْتِي أَوْ مَوْلَاتِي فُلَانَةَ لِفُلَانٍ أَوْ زَوَّجْت مُوَكَّلَك فُلَانًا فُلَانَةَ ، وَلَا يَقُولُ : مِنْك ، فَيَقُولُ : قَبِلْت تَزْوِيجَهَا أَوْ نِكَاحَهَا لِفُلَانٍ ، فَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ فَوَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : إنْ قَالَ قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ وَنَوَى أَنَّهُ قَبِلَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ صَحَّ ( قُلْت ) : يَحْتَمِلُ ضِدَّهُ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ .
انْتَهَى .
وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ .
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْوِكَالَةِ : وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَقَطْ تَسْمِيَةُ مُوَكَّلٍ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُنْتَخَبِ ، وَالْمُغْنِي وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ مَعَ اقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ .
وَقَالَ فِي آخِرِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ : وَلَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْإِضَافَةِ .
انْتَهَى .
وَالصَّوَابُ مَا قُلْنَاهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَطَعَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ بِحُكْمٍ فِي بَابِ الْوِكَالَةِ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنَّ ذَلِكَ لِمُوَكِّلِهِ ، كَمَا قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي التَّرْغِيبِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَبُولِ .
وَقِيلَ : يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ وَنَحْوِهِ فِي إيجَابِهِ ، كَقَبُولِهِ ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ( م 13 ) وَوَصِيَّهُ فِيهِ كَهُوَ ، وَقِيلَ : لَا يُجْبِرُ وَلَا يُزَوِّجُ مَنْ لَا إذْنَ لَهَا ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَعَنْهُ : لَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ بِهِ ، وَعَنْهُ : لَا تَصِحُّ مَعَ عَصَبَةٍ ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ .
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَقِيلَ يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ [ وَنَحْوِهِ ] فِي إيجَابِهِ ، كَقَبُولِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا لَا تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْوَكِيلِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ ، كَمُوَكِّلِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا : هَذَا أَوْلَى ، وَهُوَ الْقِيَاسُ .
انْتَهَى .
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ فِي الْقَبُولِ كَالْإِيجَابِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا إلَّا ابْنَ عَقِيلٍ .
انْتَهَى .
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوِكَالَةِ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا أَيْضًا ، فَحَصَلَ التَّكْرَارُ .
وَهَلْ لِلْوَصِيِّ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَوْ يُوَكِّلُ ؟ فِي التَّرْغِيبِ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ .
وَفِي النَّوَادِرِ : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ ، وَإِنْ تَزَوَّجَ صَغِيرٌ بِوَصِيَّةٍ كَأُنْثَى ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ فِي تَزْوِيجِ صَغِيرٍ بِوَصِيَّةٍ فِيهِ .
وَفِي الْخِرَقِيِّ : أَوْ وَصِيٌّ نَاظِرٌ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُحَرَّرِ : الْوَصِيُّ مُطْلَقًا ، وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا ، وَأَنَّهُ قَوْلُهُمَا إنَّ وَصِيَّ الْمَالِ يُزَوِّجُ الصَّغِيرَ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، كَمَا لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : يُزَوِّجُهُ بَعْدَ أَبِيهِ ، وَقِيلَ : حَاكِمٌ .
وَإِنْ اسْتَوَى وَلِيَّا حُرَّةٍ فَأَيُّهُمَا زَوَّجَ صَحَّ ، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ أَفْضَلَ ثُمَّ أَسَنَّ ثُمَّ الْقُرْعَةِ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : يُقَدِّمُ أَعْلَمَ ثُمَّ أَسَنَّ ثُمَّ أَفْضَلَ ثُمَّ يُقْرِعُ ، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُ مَنْ قُرِعَ فَزَوَّجَ صَحَّ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَاحِدٍ تَعَيَّنَ ، وَإِنْ زَوَّجَ وَلِيَّانِ لِاثْنَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَ فَسَخَهُمَا الْحَاكِمُ ، وَنَصُّهُ : لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَعَنْهُ : النِّكَاحُ مَفْسُوخٌ ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ، وَعَنْهُ : يُقْرَعُ ، فَمَنْ قُرِعَ فَعَنْهُ : هِيَ لَهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَعَنْهُ : يُجَدِّدُ الْقَارِعُ عَقْدَهُ بِإِذْنِهَا ( م 14 ) وَعَلَى الْأَصَحِّ : وَيَعْتَبِرُ طَلَاقُ صَاحِبِهِ ، فَإِنْ أَبَى فَحَاكِمٌ ، وَقِيلَ : إنْ جَهِلَ وُقُوعَهُمَا مَعًا بَطَلَا ، كَالْعِلْمِ بِهِ .
وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَهُ وَنَسِيَ فَقِيلَ كَجَهْلِهِ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ : يَقِفُ لِيُعْلِمَهُ ( م 15 ) وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا بِالسَّبْقِ لَمْ يُقْبَلْ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَيُقَدَّمُ أَصْلَحَ الْخَاطِبِينَ مُطْلَقًا ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ .
وَفِي النَّوَادِرِ : يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ لِوَلِيَّتِهِ شَابًّا حَسَنَ الصُّورَةِ .
مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا زَوَّجَ وَلِيَّانِ وَجُهِلَ السَّابِقُ : وَعَنْهُ يُقْرَعُ ، فَمَنْ قُرِعَ فَعَنْهُ : هِيَ لَهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَعَنْهُ يُجَدِّدُ الْقَارِعُ عَقْدَهُ بِإِذْنِهَا .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ : إحْدَاهُمَا يُجَدِّدُ الْقَارِعُ عَقْدَهُ بِإِذْنِهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّجَّادُ : مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ جَدَّدَ نِكَاحَهُ .
انْتَهَى .
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى هِيَ لِلْقَارِعِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ : ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ ، وَمَالَ إلَيْهِ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ .
( تَنْبِيهٌ ) .
اخْتَلَفَ الْمُصَنِّفُ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي النَّقْلِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّجَّادِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا قَوْلَيْنِ لَهُ ، أَوْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ غَلَطٌ ، أَوْ يَكُونَا اثْنَيْنِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَهُ وَنَسِيَ فَقِيلَ كَجَهْلِهِ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ يَقِفُ لِيُعْلِمَهُ ، انْتَهَى .
( الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) هُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : لَا إشْكَالَ فِي جَرَيَانِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ، وَكَذَا أَجْرَاهُمَا فِيهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ اخْتَارَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
وَلِوَلِيٍّ مُجْبِرٍ فِي طَرَفَيْ الْعَقْدِ تَوَلِّيهِمَا ، كَتَزْوِيجِ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ بِأَمَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ ، وَكَذَلِكَ لِغَيْرِهِ ، فَيَكْفِي : زَوَّجْتُ فُلَانًا فُلَانَةَ ، أَوْ تَزَوَّجْتُهَا إنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجَ ، وَقِيلَ : يُعْتَبَرُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ ، وَعَنْهُ : بَلْ يُوَكِّلُ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَقِيلَ : لَا [ ثُمَّ قَالَ : وَقِيلَ : يُوَلِّيهِ طَرَفَيْهِ ] إمَامٌ أَعْظَمُ ، كَوَالِدٍ ، وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ فِي تَوْلِيَةِ طَرَفَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَقِيلَ : تَوْلِيَةُ طَرَفَيْهِ يَخْتَصُّ بِمُجْبِرٍ .
وَمَنْ قَالَ : قَدْ جَعَلْت عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا ، أَوْ عَكَسَ ، أَوْ جَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ ، أَوْ قَدْ أَعْتَقَهَا وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا ، أَوْ عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا ، أَوْ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَك وَعِتْقِي صَدَاقُك ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، مُتَّصِلًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، صَحَّ بِشَهَادَةٍ ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ ، مَعَ قَوْلِهِ : وَتَزَوَّجْتهَا ، فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ عِتْقِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَهَلْ يَنْتَظِرُ الْقُدْرَةَ أَوْ تُسْتَسْعَى ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 16 ) نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَتَسْتَأْنِفُ نِكَاحًا بِإِذْنِهَا ، فَإِنْ أَبَتْ لَزِمَهَا قِيمَتُهَا ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ .
وَإِنْ أَعْتَقَتْ عَبْدَهَا عَلَى تَزَوُّجِهِ بِهَا بِسُؤَالِهِ أَوْ لَا ، عَتَقَ مَجَّانًا .
وَإِنْ قَالَ : اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا بِالشَّرْطِ ، كَقَوْلِهِ : أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَبِيعَك عَبْدِي ؛ وَلِأَنَّهُ غَرَّهُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَضْمَنُ كُلُّ غَارٍّ فِي مَالٍ حَتَّى أَتْلَفَ الْمَغْرُورُ مَالَهُ ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَلَى بَدَلٍ لَمْ يَسْلَمْ .
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا جَعَلَ عِتْقَ أَمَتِهِ صَدَاقَهَا : فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ عِتْقِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَهَلْ يَنْتَظِرُ الْقُدْرَةَ أَوْ تُسْتَسْعَى ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، قَالَ الْقَاضِي : أَصْلُهُمَا الْمُفْلِسُ إذَا كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الِاكْتِسَابِ ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ .
انْتَهَى .
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْبَرُ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً فَهَلْ تُنْظَرُ إلَى الْمَيْسَرَةِ أَوْ تُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، أَصْلُهُمَا فِي الْمُفْلِسِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .
انْتَهَى .
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ الْقَاضِي ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةَ قَالُوا : أَصْلُهَا الْمُفْلِسُ ، وَالصَّحِيحُ فِي الْمُفْلِسِ الْإِجْبَارُ ، فَكَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ الْإِجْبَارَ هُنَا ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الشَّرْطُ الرَّابِعُ ) بَيِّنَةٌ ، احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ ، خَوْفَ الْإِنْكَارِ ، وَتَكْفِي مَسْتُورَةٌ ، وَقِيلَ : إنْ ثَبَتَ بِهَا .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ يَثْبُتُ بِهَا مَعَ اعْتِرَافٍ مُتَقَدِّمٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَوْ تَابَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَكَمَسْتُورٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : وَإِعْلَانُهُ أَيْضًا ، وَعَنْهُ إعْلَانُهُ فَقَطْ ، وَعَنْهُ : أَحَدُهُمَا ، ذَكَرَهُنَّ شَيْخُنَا ، وَفِي شَهَادَةِ عَدُوَّيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْوَلِيِّ وَجْهَانِ ( م 17 ) .
مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ فِي الشَّهَادَةِ : وَفِي شَهَادَةِ عَدُوَّيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْوَلِيِّ وَجْهَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنُ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَنْعَقِدُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : لَا يَنْعَقِدُ ، فِي رِوَايَةٍ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُقَدَّمَ يَنْعَقِدُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَنْعَقِدُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
وَفِي مُتَّهَمٍ لِرَحِمٍ رِوَايَتَانِ ( م 18 ) وَعَنْهُ : وَفَاسِقَةٌ ، وَأَسْقَطَهَا أَكْثَرُهُمْ ، وَذَكَرَهَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : هِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَأَخَذَهَا فِي الِانْتِصَارِ مِنْ رِوَايَةِ مُثَنَّى .
مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَفِي مُتَّهِمٍ لِرَحِمٍ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَنْعَقِدُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ فِي بَابِ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي مَوَاضِعِ الشَّهَادَةِ .
( وَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ ) يَنْعَقِدُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ لِلْآدَمِيِّ ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : لَا يَنْعَقِدُ ، فِي رِوَايَةٍ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُقَدَّمَ يَنْعَقِدُ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا : وَفِي ابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ ابْنَيْ أَحَدِهِمَا أَوْ أَبَوَيْهِمَا أَوْ أَبَوَيْ أَحَدِهِمَا وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ مِنْ الْوَلِيِّ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا هُنَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، لَكِنْ ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ فِي ابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ، وَبَعْضُهُمْ عَمَّمَ الرَّحِمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَهَذِهِ ثَمَانِ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
سُئِلَ أَحْمَدُ : إذَا تَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ غَيْرِ عُدُولٍ هَلْ يَفْسُدُ مِنْ النِّكَاحِ شَيْءٌ ؟ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَفْسُدُ مِنْ النِّكَاحِ شَيْءٌ .
وَأَخَذَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنْهَا عَدَمَ اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ فِي الْوَلِيِّ ، وَقِيلَ : وَكَافِرَةٌ مَعَ كُفْرِ الزَّوْجَةِ ، وَقَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَعَنْهُ : تُسَنُّ فِيهِ ، كَعَقْدِ غَيْرِهِ ، فَتَصِحُّ بِدُونِهَا ، قَالَ جَمَاعَةٌ : مَا لَمْ يَكْتُمُوهُ ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ، ذَكَرَ بَعْضُهُمْ ( ع ) وَعَلَى الْأَوَّلِ : لَا يُبْطِلُهُ التَّوَاصِي بِكِتْمَانِهِ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ .
وَلَا تُشْتَرَطُ الْكَفَاءَةُ ، فَلَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهُمْ صَحَّ ، وَكَذَا بِرِضَى بَعْضِهِمْ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخُ مُتَرَاخِيًا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي [ وَغَيْرُهُ ] ، وَعَنْهُ : لَا فَسْخَ لِأَبْعَدَ .
وَعَنْهُ : هِيَ شَرْطٌ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِبَيْعِهِ مَالَهَا بِدُونِ ثَمَنِهِ ، مَعَ أَنَّ الْمَالَ أَخَفُّ مِنْ النِّكَاحِ ؛ لِدُخُولِ الْبَدَلِ فِيهِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْمُحَابَاةِ ، وَيُحْكَمُ بِالنُّكُولِ فِيهِ ، وَبِأَنَّ مَنْعَهَا تَزْوِيجِ نَفْسِهَا لِئَلَّا يَضَعَهَا فِي غَيْرِ كُفْءٍ ، فَبَطَلَ الْعَقْدُ ؛ لِتَوَهُّمِ الْعَارِ ، فَهُنَا أَوْلَى ؛ وَلِأَنَّ لِلَّهِ فِيهَا نَظَرًا ؛ وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا زَوَّجَهَا بِلَا كُفْءٍ يَكُونُ فَاسِقًا .
.
وَلَوْ زَالَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهَا الْفَسْخُ ، كَعِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ ، وَقِيلَ : لَا ، كَطَوْلِ حُرَّةٍ مَنْ نَكَحَ أَمَةً ، وَكَوَلِيِّهَا ، وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ ، وَقَدَّمَ أَنَّ مِثْلَهُ وَلِيُّ وَلَدٍ ، وَأَنَّهُ إنْ طَرَأَ نَسَبٌ فَاسْتَلْحَقَ شَرِيفٌ مَجْهُولَةً أَوْ طَرَأَ صَلَاحٌ فَاحْتِمَالَانِ ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ ؟ فَقَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : إذَا شَرِبَ الْمُسْكِرَ تُخْلَعُ مِنْهُ لَيْسَ لَهَا بِكُفُوٍ .
.
وَالْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالنَّسَبُ ، وَهُوَ الْمَنْصِبُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْيَسَارُ ، حَسَبُ مَا يَجِبُ لَهَا ، وَقِيلَ : تَسَاوِيهِمَا فِيهِ ، وَالصِّنَاعَةِ ، فِي الْأَشْهَرِ عَنْهُ ( و ش ) وَلِأَصْحَابِهِ فِي الْيَسَارِ أَوْجُهٌ ، ثَالِثُهَا يُعْتَبَرُ فِي أَهْلِ الْمُدُنِ ، فَلَا تُزَوَّجُ عَفِيفَةٌ بِفَاجِرٍ ، وَلَا حُرَّةٌ بِعَبْدٍ ، وَعَنْهُ : وَلَا عَتِيقٌ وَابْنُهُ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ ، وَلَا مُوسِرَةٌ بِمُعْسِرٍ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُتَوَلِّيًا ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا ، وَلَا بِنْتُ تَانِئٍ وَهُوَ رَبُّ الْعَقَارِ بِحَائِكٍ ، وَلَا بِنْتُ بَزَّازٍ بِحَجَّامٍ ، وَلَا عَرَبِيَّةٌ بِعَجَمِيٍّ ( و ش ) فِي الْكُلِّ ، وَعَنْهُ : وَلَا قُرَشِيَّةٌ بِغَيْرِ قُرَشِيٍّ ، وَلَا هَاشِمِيَّةٌ بِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ ( و ش ) وَقِيلَ : نَسَّاجٌ كَحَائِكٍ ، وَعَنْهُ : لَيْسَ وَلَدُ الزِّنَا كُفُوًا لِذَاتِ نَسَبٍ كَعَرَبِيَّةٍ ، وَإِنَّ الْمَوْلَى كُفُوٌ لِمَوْلَاةٍ لَا لِمَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهَا .
وَمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ : { مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } فِي الصَّدَقَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هَذَا هَكَذَا فِي التَّزْوِيجِ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا : إنَّهُ كُفُوٌ لَهُمْ ، ذَكَرَهُمَا فِي الْخِلَافِ ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ غَيْرَ الْمُنْتَسِبِ إلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ الْمَشْهُورِينَ لَيْسَ كُفُوًا لِلْمُنْتَسِبِ إلَيْهِمَا ، وَأَنَّ مَنْ بِهِ عَيْبٌ مُثَبِّتٌ لِلْفَسْخِ لَيْسَ كُفُوًا لِلسَّلِيمَةِ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْفَسْخُ ، فَلَهُمْ فِيهِ وَفِي تَأْثِيرِ رِقِّ الْأُمَّهَاتِ وَجْهَانِ ، وَأَنَّ الْحَائِكَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ كُفُوًا لِبِنْتِ الْخَيَّاطِ وَنَحْوِهِ ، وَلَا الْمُحْتَرِفَ لِبِنْتِ الْعَالِمِ ، وَلَا الْمُبْتَدِعَ لِلسُّنِّيَّةِ .
وَعَنْهُ الْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالنَّسَبُ ( و هـ ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ ، وَقِيلَ : النَّسَبُ ( و م ) .
وَقَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا : إذَا قُلْنَا هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ اُعْتُبِرَ الدِّينُ فَقَطْ ، قَالَ : وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيهِ تَسَاهُلٌ وَعَدَمُ تَحْقِيقٍ ، كَذَا قَالَ ، وَلَا
يُعْتَبَرُ فِي امْرَأَةٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ : يُخَيَّرُ مُعْتَقٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ ، وَذَكَرَهُ عَنْ ( ش ) .
وَفِي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ : يَبْطُلُ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ : إذَا اسْتَغْنَى عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ بِحُرَّةٍ بَطَلَ ، قَالَ الْكِسَائِيُّ : قَوْلُهُمْ : لَا أَصْلَ ، أَيْ لَا حَسَبَ .
وَلَا فَضْلَ ، أَيْ لَا مَالَ .
.
وَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ بِخُلُوِّهَا عَنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ ( ش ) ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَى إذْنِهَا ، وَكَذَا فِي تَعْلِيقِ ابْنِ الْمُنَى فِي شَهَادَةِ الْفَاسِقِ فِي النِّكَاحِ : لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ عَلَى رِضَى الْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّ رِضَى الْوَلِيِّ أُقِيمَ مَقَامَ رِضَاهَا ، وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي الْعَدَالَةِ بَاطِنًا ، وَكَلَامُ شَيْخِنَا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ ، قَالَ : وَفِي الْمُذْهَبِ خِلَافٌ شَاذٌّ : يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى إذْنِهَا .
وَقَالَ : وَلَا يُزَوِّجُهَا الْعَاقِدُ نَائِبُ الْحَاكِمِ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ لَا بِوَكَالَةِ الْوَلِيِّ حَتَّى يَعْلَمَ إذْنَهَا ، وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ إذْنَهَا صُدِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ ؛ لِتَمْكِينِهَا لَهُ .
وَأَطْلَقَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ تُصَدَّقُ الثَّيِّبُ ؛ لِأَنَّهَا تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا ظَاهِرًا ، بِخِلَافِ الْبِكْرِ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِلَا إذْنِهَا ، كَذَا قَالَ ، وَهُوَ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِبِكْرٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَقُلْنَا يُجْبِرُهَا ، وَيَتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الْوَلِيِّ إذْنُهَا كَذَلِكَ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا قَوْلَهَا ، وَإِنْ ادَّعَتْ الْإِذْنَ فَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ صُدِّقَتْ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : إنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ إذْنَهَا فَزَوَّجَهَا فَإِنْ أَجَازَتْ مَا ذَكَرَهُ صَحَّ ، وَإِلَّا حَلَفَتْ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ ، قَالَ : وَاَلَّذِي أَرَاهُ لِلْوَلِيِّ الْإِشْهَادَ ، لِئَلَّا تُنْكِرَ فَيَحْتَاجَ إلَى بَيِّنَةٍ .
يَحْرُمُ أَبَدًا بِالنَّسَبِ سَبْعٌ : الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَإِنْ عَلَتْ ، وَبِنْتُهُ وَلَوْ مَنْفِيَّةً بِلِعَانٍ ، وَبِنْتُ ابْنِهِ وَبَنَاتُهُمَا مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَإِنْ نَزَلْنَ .
وَأُخْتُهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ ، وَبِنْتُهَا .
وَبِنْتُ ابْنِهَا .
وَبِنْتُ كُلِّ أَخٍ وَبِنْتُهَا .
وَبِنْتُ ابْنِهِ وَبِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلْنَ .
وَعَمَّتُهُ وَخَالَتُهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ ، وَإِنْ عَلَتَا لَا بَنَاتُهُمَا .
وَتَلْخِيصُهُ يَحْرُمُ كُلُّ نَسِيبَةٍ سِوَى بِنْتِ عَمَّةٍ وَعَمٍّ وَبِنْتِ خَالَةٍ وَخَالٍ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْأَحْزَابِ .
وَتَحْرُمُ عَمَّةُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ لِدُخُولِهِمَا فِي عَمَّاتِهِ ، وَعَمَّةُ الْعَمِّ لِأَبٍ ؛ لِأَنَّهَا عَمَّةُ أَبِيهِ ، لَا لِأُمٍّ ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ [ وَتَحْرُمُ خَالَةُ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ لَا خَالَةُ الْعَمِّ لِأَبٍ ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ ، وَعَمَّةُ الْخَالَةِ لِأُمٍّ أَجْنَبِيَّةٍ ] لَا لِأَبٍ ؛ لِأَنَّهَا عَمَّةُ الْأُمِّ .
وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي طَاعَةِ الرَّسُولِ : وَيَرْجِعُ فِي حَلِيلَةِ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ إلَى قَوْلِهِ { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : نِكَاحُ ابْنِ الرَّجُلِ مِنْ لَبَنِهِ بِمَنْزِلِهِ نِكَاحِ ابْنِهِ مِنْ صُلْبِهِ ، تَأَوَّلْت فِيهِ : { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُم مِنْ النَّسَبِ } وَحَدِيثُ أَبِي الْقُعَيْسِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : وَلَمْ يَقُلْ الشَّارِعُ : مَا يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ ، فَأُمُّ امْرَأَتِهِ بِرَضَاعٍ أَوْ امْرَأَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ الَّتِي لَمْ تُرْضِعْهُ وَبِنْتُ امْرَأَتِهِ بِلَبَنِ غَيْرِهِ حُرِّمْنَ بِالْمُصَاهَرَةِ لَا بِالنَّسَبِ ، وَلَا نَسَبَ وَلَا مُصَاهَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ فَلَا تَحْرِيمَ .
وَيَحْرُمُ بِالصِّهْرِ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَلَوْ بِوَطْءِ دُبُرٍ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَنَقَلَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى : لَا يُعْجِبُنِي .
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ : إنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْحَلَالَ عَلَى ظَاهِرِ
الْآيَةِ ، وَالْحَرَامُ مُبَايِنٌ لِلْحَلَالِ ، بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا يُوسُفَ سُئِلَ عَمَّنْ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ : هَلْ لِأَبِيهِ نَظَرُ شَعْرِهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : مَا أَعْجَبَ هَذَا بِشَبَهِهِ الْحَلَالِ ، وَقَاسُوهُ عَلَيْهِ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي بِنْتِهِ مِنْ الزِّنَا : عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلْحَقَ أَوْلَادَ الزِّنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِآبَائِهِمْ ، يُرْوَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ ، { وَقَدْ قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَقَالَ احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ } ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ فِعْلٌ يُوجِبُ تَحْرِيمًا ، كَالرَّضَاعِ إذَا غَصَبَ لَبَنَهَا وَأَرْضَعَ طِفْلًا نَشَرَ الْحُرْمَةَ ، وَكَالْوَطْءِ فِي دُبُرٍ وَحَيْضٍ ، وَكَالْمُتَغَذِّيَةِ بِلَبَنٍ ثَارَ بِوَطْئِهِ ، وَهُوَ لَبَنُ الْفَحْلِ ، فَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَائِهِ أَوْلَى .
وَكَمَا تَحْرُمُ بِنْتُ مُلَاعَنَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا مَعَ عَدَمِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ .
وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ : لَا يَنْشُرُ فِي وَجْهٍ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا : يَنْشُرُ وَاعْتُبِرَ فِي مَوْضِعِ التَّوْبَةِ حَتَّى فِي اللِّوَاطِ .
وَحَرَّمَ بِنْتَهُ مِنْ زِنًا وَأَنَّ وَطْأَهُ بِنْتَهُ غَلَطًا لَا يَنْشُرُ ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَّخِذْهَا زَوْجَةً .
وَلَمْ يُعْلِنْ نِكَاحًا أَرْبَعٌ زَوْجَةُ أَبِيهِ وَكُلُّ جَدٍّ وَلَوْ بِرَضَاعٍ ، وَزَوْجَةُ ابْنِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ نَزَلَ بِالْعَقْدِ ، وَلَوْ كَانَ نِكَاحُ الْأَبِ الْكَافِرِ فَاسِدًا ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ( ع ) دُونَ بَنَاتِهِنَّ وَأُمَّهَاتِهِنَّ .
وَفِي عَقْدٍ فَاسِدٍ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ .
وَتَحْرُمُ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَجَدَّاتُهَا كَذَلِكَ بِالْعَقْدِ ، وَبِنْتُ زَوْجَتِهِ وَبِنْتُ ابْنِهَا كَذَلِكَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ وَإِنْ نَزَلْنَ ، بِالدُّخُولِ ، وَقِيلَ : فِي حِجْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَهُنَّ الرَّبَائِبُ .
لَا زَوْجَةَ رَبِيبِهِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُنُونِ .
فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ بَانَتْ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ أُبِحْنَ .
وَعَنْهُ يَحْرُمْنَ بِالْمَوْتِ وَالْخَلْوَةِ .
فَإِنْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَوَجْهَانِ ( م 1 ) .
وَفِي الْمُذْهَبِ هُوَ كَنِكَاحٍ .
وَفِيهِ بِشُبْهَةٍ وَجْهَانِ .
وَالزِّنَا كَغَيْرِهِ ، وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ بِأَنَّ الْحَرَامَ قَدْ عُمِلَ حِينَ أَمَرَ سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ .
بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَحَوَاشِي ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي وَطْءِ الصَّغِيرَةِ ، وَقَالَ : هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَصَحَّحَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الصَّغِيرَةِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ فِيهِمَا .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَفِي الْمُذْهَبِ هُوَ كَنِكَاحٍ ، وَفِيهِ بِشُبْهَةٍ وَجْهَانِ ، وَالزِّنَا كَغَيْرِهِ ، انْتَهَى .
هَذَا كُلُّهُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ ، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ ؛ لِكَوْنِهِ جَعَلَ وَطْءِ الزِّنَا كَوَطْءِ الْحَلَالِ ، وَحَكَى فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَجْهَيْنِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ يَثْبُتُ بِهِ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ كَالْوَطْءِ الْحَلَالِ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ .
وَفِي تَحْرِيمِهِنَّ بِمُبَاشَرَةٍ وَلَمْسٍ وَخَلْوَةٍ وَنَظَرِ فَرْجٍ وَعَنْهُ : وَغَيْرِهِ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ ، وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَابْنُ هَانِئٍ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ إذَا كُنَّ لِشَهْوَةٍ ، رِوَايَتَانِ ( م 2 و 3 ) .
( مَسْأَلَةٌ 2 و 3 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَحْرِيمِهِنَّ بِمُبَاشَرَةٍ وَلَمْسٍ وَخَلْوَةٍ وَنَظَرِ فَرْجٍ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ إذَا كُنَّ لِشَهْوَةٍ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) إذَا بَاشَرَ امْرَأَةً أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا أَوْ خَلَا بِهَا أَوْ فَعَلَتْهُ هِيَ لِشَهْوَةٍ فَهَلْ يَنْشُرُ ذَلِكَ الْحُرْمَةَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِيمَا إذَا بَاشَرَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا لِشَهْوَةٍ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَنْشُرُ ذَلِكَ الْحُرْمَةَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَحَوَاشِي ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالْمَرْأَةِ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَمَنْ بَاشَرَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا لَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةٌ ، فِي الْأَظْهَرِ ، وَقَالَ : وَلَا يَثْبُتُ بِالْخَلْوَةِ شَيْءٌ ، وَالثُّبُوتُ بِهَا مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : إذَا طَلَّقَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ فَرِوَايَتَانِ ، أَنَصُّهُمَا وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي مَوْضِعٍ ، وَفِي الْخِصَالِ وَابْنُ الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ ثُبُوتُ تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَفِي الْجَامِعِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَثْبُتُ .
انْتَهَى .
وَقَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ بِالْمُبَاشَرَةِ مِنْ الْحُرَّةِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْأَمَةِ وَالْخَلْوَةِ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَقَالَا : وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ،
وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ .
انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) إذَا لَمَسَهَا أَوْ لَمَسَتْهُ لِشَهْوَةٍ هَلْ يَنْشُرُ ذَلِكَ الْحُرْمَةَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَنْشُرُ ، بَلْ هِيَ أَوْلَى بِعَدَمِ النَّشْرِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ لِشَهْوَةٍ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ .
وَيَحْرُمُ بِوَطْءِ غُلَامٍ مَا يَحْرُمُ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ كَمُبَاشَرَةٍ ، قَالَ ابْنُ الْبَنَّا وَابْنُ عَقِيلٍ : وَكَذَا دَوَاعِيهِ .
وَتَحْرُمُ الْمُلَاعَنَةُ أَبَدًا عَلَى الْمَلَاعِنِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ : حِلَّهَا بِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ الْأَظْهَرُ ، وَعَنْهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ أَوْ مِلْكِ [ يَمِينٍ ] .
وَمَتَى لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ كَبَعْدِ إبَانَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا حَدَّ ، وَفِي التَّحْرِيمِ السَّابِقِ وَجْهَانِ ( م 4 ) .
مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَمَتَى لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ كَبَعْدِ إبَانَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا حَدَّ ، وَفِي التَّحْرِيمِ السَّابِقِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ فِي بَابِ اللِّعَانِ : وَإِنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى الزَّوْجَةِ ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ ، فَمَتَى لَاعَنَهَا لِنَفْيِ وَلَدِهَا انْتَفَى وَسَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ ، وَفِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَجْهَانِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ لِعَانُهَا بَعْدَ الْوَضْعِ كَانَ لَهُ لِعَانُهَا قَبْلَهُ ، كَالزَّوْجَةِ .
( وَالثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ عِنْدَهُ لَا يَنْتَفِي فِي حَالِ الْحَمْلِ ، ثُمَّ قَالَا : وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي نَفْيِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ .
انْتَهَى .
وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَتَأَبَّدُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي ، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِيهِ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ ، كَمَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْإِبَانَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
يَحْرُمُ جَمْعُهُ بِنِكَاحٍ بَيْنَ أُخْتَيْنِ .
وَبَيْنَ امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَإِنْ عَلَتَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ .
وَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ ، بِأَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً وَابْنُهُ أُمَّهَا فَيُولَدُ لِكُلِّ مِنْهُمَا بِنْتٌ .
وَبَيْنَ عَمَّتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ أُمَّ رَجُلٍ وَالْآخَرُ أُمُّهُ فَيُولَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِنْتٌ .
وَبَيْنَ خَالَتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ كُلٌّ مِنْهُمَا ابْنَةَ الْآخَرِ .
وَبَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ نِكَاحُهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : خَالُ أَبِيهَا بِمَنْزِلَةِ خَالِهَا وَلَوْ رَضِيَتَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ ، وَخَالَفَ فِيهِ شَيْخُنَا ؛ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الْمِلْكِ يَجْمَعُ النِّكَاحَ ، وَلَمْ يَعْرِفْ هُوَ قَوْلَهُ هُنَا ، وَفِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِرَضَاعٍ ، عَنْ أَحَدٍ ، لَكِنْ قَالَ : مَنْ لَمْ يُحَرِّمْ بِنْتَ امْرَأَتِهِ مِنْ النَّسَبِ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ فَكَيْفَ يُحَرِّمْ ابْنَتَهَا مِنْ الرَّضَاعِ ؟ قَالَ : وَمَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ كَذَبَ .
فَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ [ مَعًا ] بَطَلَا .
وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا أَوْ وَقَعَ فِي عِدَّةِ الْأُخْرَى بَطَلَ .
فَإِنْ جَهِلَ فَسَخَا ، وَعَنْهُ : الْأَوْلَى الْقَارِعَةُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ تَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً : لَا ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ : وَالْمَذْهَبُ تَحْرِيمُ جَمْعِهِ بَيْنَهُمَا فِي وَطْءِ مِلْكِ الْيَمِينِ ، وَعَنْهُ : يُكْرَهُ .
وَهَلْ يُكْرَهُ جَمْعُهُ بَيْنَ بِنْتَيْ عَمَّيْهِ وَعَمَّتَيْهِ أَوْ بِنْتَيْ خَالَيْهِ أَوْ خَالَتَيْهِ أَمْ لَا ؟ كَجَمْعِهِ بَيْنَ مَنْ كَانَتْ زَوْجَةَ رَجُلٍ وَبِنْتَهُ مِنْ غَيْرِهَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَحَرَّمَهُ فِي الرَّوْضَةِ ، قَالَ : لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ قِيَاسًا ، يَعْنِي عَلَى الْأُخْتَيْنِ .
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ بِنْتًا وَوَطِئَ أَمَةً فَأَلْحَقَ وَلَدَهَا بِهِمَا فَتَزَوَّجَ رَجُلٌ بِالْأَمَةِ وَبِالْبِنْتَيْنِ فَقَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ رَجُلٍ وَأُخْتَيْهِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يُكْرَهُ جَمْعُهُ بَيْنَ بِنْتَيْ عَمَّيْهِ وَعَمَّتَيْهِ أَوْ بِنْتَيْ خَالَيْهِ أَوْ خَالَتَيْهِ أَمْ لَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يُكْرَهُ ، وَهُوَ قَوِيٌّ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يُكْرَهُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ .
وَإِنْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَمَنَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ وَطْءِ إحْدَاهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى ، وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ ، فَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا حُرِّمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْطُوءَةَ بِتَزْوِيجٍ أَوْ إزَالَةِ مِلْكِهِ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ ، لَا بِتَحْرِيمٍ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَحْرِيمِهَا بِكِتَابَةٍ وَرَهْنٍ وَبَيْعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَجْهَانِ ( م 6 ) فَإِنْ عَادَتْ إلَى مِلْكِهِ تَرَكَهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ أَحَدَهُمَا ، فِي ظَاهِرِ نُصُوصِهِ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ عَادَتْ قَبْلَ وَطْءِ أُخْتِهَا فَهِيَ الْمُبَاحَةُ ، وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ بَلْ أَيَّتُهُمَا شَاءَ .
وَأَنَّهَا إنْ عَادَتْ بَعْدَ وَطْءِ أُخْتِهَا فَأُخْتُهَا الْمُبَاحَةُ ، وَلَوْ خَالَفَ أَوَّلًا فَوَطِئَهُمَا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ تَرَكَهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا ، وَأَبَاحَ الْقَاضِي وَطْءَ الْأُولَى بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الثَّانِيَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا مَلَكَ أُخْتَيْنِ : وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَحْرِيمِهَا بِكِتَابَةٍ وَرَهْنٍ وَبَيْعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي الْكِتَابَةِ ، قَطَعَ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّ الْأُخْتَ لَا تُبَاحُ إذَا رَهَنَهَا أَوْ كَاتَبَهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : فَإِنْ رَهَنَهَا أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ دَبَّرَهَا لَمْ تَحِلَّ أُخْتُهَا ، وَقَطَعَ بِهِ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا الْأَشْهَرُ فِي الرَّهْنِ ، وَقَالَ : ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِرْجَاعُ ، كَهِبَتِهَا لِوَلَدِهَا وَبَيْعِهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ .
انْتَهَى .
وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّ كِتَابَتَهَا تَكْفِي ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ فِي الْجَمِيعِ حِينَ قَالَا : فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَمْ تَحِلَّ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْفَعَهُ وَحْدَهُ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : وَبَيْعٌ بِشَرْطِ خِيَارٍ .
انْتَهَى .
قَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ هَذَا مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ ، عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَبْلَ الْبُلُوغِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نِزَاعٌ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ هُنَا لِلْحَاجَةِ ، وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فِي غَيْرِهِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتَبِعَهُ ابْنُ رَجَبٍ : وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ تَحْرِيمَ الثَّانِيَةِ حَتَّى تَخْرُجَ الْأُولَى عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَإِنْ بُنِيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي التَّفْرِيقِ لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ التَّفْرِيقُ بِغَيْرِ الْعِتْقِ فِيمَا دُونَ
الْبُلُوغِ ، وَبَعْدَهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَعَلَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْ التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ لِلْحَاجَةِ ، وَإِلَّا لَزِمَ تَحْرِيمُ هَذِهِ الْأَمَةِ بِلَا مُوجِبٍ .
انْتَهَيَا .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : فَإِنْ عَادَتْ إلَى مِلْكِهِ تَرَكَهَا حَتَّى تَحْرُمَ إحْدَاهُمَا ، فِي ظَاهِرِ نُصُوصِهِ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ عَادَتْ قَبْلَ وَطْءِ أُخْتِهَا فَهِيَ الْمُبَاحَةُ ، وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ بَلْ أَيَّتُهُمَا شَاءَ .
انْتَهَى .
ظَاهِرُ نُصُوصِهِ هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَرْبَعِينَ : هَذَا الْأَشْهَرُ ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ .
انْتَهَى .
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي .
وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ : إذَا عَادَتْ بَعْدَ وَطْءِ الْأُخْرَى فَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ اجْتِنَابُهَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا وَإِنْ عَادَتْ قَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَى ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ .
انْتَهَى .
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي الْمُغْنِي ، وَكَذَا ذَكَرَ مَا اخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : هَذَا إذَا عَادَتْ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجِبُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ ، أَمَّا إنْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَرْكُ أُخْتِهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا .
انْتَهَى .
وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ .
وَلَوْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً فَلَهُ وَطْءُ الْمُسْلِمَةِ ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ .
وَإِنْ اشْتَرَى أُخْتَ زَوْجَتِهِ صَحَّ ، وَلَا يَطَؤُهَا فِي عِدَّةِ الزَّوْجَةِ فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَجْهَانِ قَبْلَهَا وَهَلْ دَوَاعِي الْوَطْءِ كَهُوَ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 7 ) .
( الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اشْتَرَى أُخْتَ زَوْجَتِهِ صَحَّ وَلَا يَطَأْهَا فِي عِدَّةِ الزَّوْجَةِ ، فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَجْهَانِ قَبْلَهَا .
انْتَهَى .
مُرَادُهُ بِالْوَجْهَيْنِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ قَبْلَهَا فِيمَا إذَا حَرَّمَهَا بِكِتَابَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ بَيْعٍ ، فِيمَا يَظْهَرُ ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ ( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ دَوَاعِي الْوَطْءِ كَهُوَ ، فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ ، الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَمْلُوكَتَيْنِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : يُكْرَهُ وَلَا يُحَرَّمُ ، وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُحَرَّمَ ، أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ الْمُبَاشَرَةَ لِشَهْوَةٍ كَالْوَطْءِ فِي تَحْرِيمِ الْأُخْتَيْنِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى فَلَا إشْكَالَ .
انْتَهَى .
وَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّ حُكْمَ الْمُبَاشَرَةِ مِنْ الْإِمَاءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى تَحْرِيمِ أُخْتِهَا كَحُكْمِهِ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ ، وَقَالَا : الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ ثَابِتٌ ، فَلَا تَحْرُمُ إلَّا بِالْوَطْءِ فَقَطْ ، وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ إبَاحَةَ الْمُبَاشَرَةِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ لِشَهْوَةٍ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ .
وَفِي صِحَّةِ نِكَاحِ أُخْتِ سُرِّيَّتِهِ رِوَايَتَانِ ( م 8 ) فَإِنْ صَحَّ لَمْ يَطَأْ الزَّوْجَةَ حَتَّى يُحَرِّمَ السُّرِّيَّةَ ، وَعَنْهُ : تَحْرِيمُهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَحْرِيمِ سُرِّيَّتِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ السُّرِّيَّةِ إلَيْهِ ، لَكِنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ بِحَالِهِ ، وَإِنْ أَعْتَقَ سُرِّيَّتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتُهَا فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ الرِّوَايَتَانِ ( م 9 ) وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا ، فِي الْأَصَحِّ .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَفِي صِحَّةِ نِكَاحِ أُخْتِ سُرِّيَّتِهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ ، نَقَلَهَا حَنْبَلٌ ، وَلَا يَطَأْ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأَمَةَ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ أَعْتَقَ سُرِّيَّتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ الرِّوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَالنِّكَاحُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ كَالنِّكَاحِ قَبْلَهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَنْ جَمَعَ مُحَلَّلَةً وَمُحَرَّمَةً فِي عَقْدٍ فَفِي صِحَّتِهِ فِي الْمُحَلَّلَةِ رِوَايَتَانِ ( م 10 ) .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ جَمَعَ مُحَلَّلَةً وَمُحَرَّمَةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَفِي صِحَّتِهِ فِي الْمُحَلَّلَةِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ فِيمَنْ تَحِلُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : وَالْمَنْصُوصُ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَجْنَبِيَّةِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .
وَبِهِ قَطَعَ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ .
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ .
وَمَنْ تَزَوَّجَ أُمًّا وَبِنْتًا فِي عَقْدٍ ، فَسَدَ فِي الْأُمِّ ، وَقِيلَ : وَالْبِنْتِ .
.
وَيَحْرُمُ جَمْعُ حُرٍّ فَوْقَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَعَبْدٌ فَوْقَ ثِنْتَيْنِ .
وَلِمَنْ نِصْفُهُ فَأَقَلُّ غَيْرُ حُرِّ جَمْعُ ثَلَاثٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ ثِنْتَيْنِ .
وَفِي الْفُنُونِ : قَالَ فَقِيهٌ : شَهْوَةُ الْمَرْأَةِ فَوْقَ شَهْوَةِ الرَّجُلِ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ ، فَقَالَ حَنْبَلِيٌّ : لَوْ كَانَ هَذَا مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَرْبَعٍ وَيَنْكِحُ مَا شَاءَ مِنْ الْإِمَاءِ ، وَلَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ ، وَلَهَا مِنْ الْقَسْمِ الرُّبُعُ ، وَحَاشَا حِكْمَتُهُ أَنْ يُضَيِّقَ عَلَى الْأَحْوَجِ .
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ { فُضِّلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ جُزْءًا مِنْ اللَّذَّةِ ، أَوْ قَالَ : مِنْ الشَّهْوَةِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلْقَى عَلَيْهِنَّ الْحَيَاءَ } وَمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِهَايَةِ جَمْعِهِ حَرُمَ تَزْوِيجُهُ بَدَلَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، بِخِلَافِ مَوْتِهَا ، نَصَّ عَلَيْهِمَا .
فَإِنْ قَالَ : أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، فَكَذَّبَتْهُ ، فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا ، وَبَدَلُهَا ، فِي الْأَصَحِّ .
وَلَا تَسْقُطُ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَنَسَبُ الْوَلَدِ ، بَلْ الرَّجْعَةُ .
وَإِنْ وَطِئَ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا حَرُمَ فِي الْعِدَّةِ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَلَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي وَطْءِ أَرْبَعٍ غَيْرِهَا أَوْ الْعَقْدِ عَلَيْهِنَّ وَجْهَانِ ( م 11 ) وَمَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ حَرُمَ نِكَاحُهَا فِي الْعِدَّةِ .
وَهَلْ لِلْوَاطِئِ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهِ ؟ فَعَنْهُ : لَهُ ذَلِكَ ، ذَكَرَهَا شَيْخُنَا ، وَاخْتَارَهَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ : لَا ، ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي قِيَاسَ الْمَذْهَبِ ، وَمُرَادُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ مَنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ ، فَإِنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا مَسْأَلَةَ الْقِيَامِ بِالْمَنْعِ ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ، وَفِي الْقِيَاسِ نَظَرٌ ، وَعَنْهُ : إنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ حَرُمَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَهِيَ أَشْهَرُ ( م 12 ) وَعَنْهُ : إنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً مِنْ زَوْجٍ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَطِئَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا .
وَالزَّانِيَةُ مُحَرَّمَةٌ حَتَّى تَعْتَدَّ وَتَتُوبَ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا .
وَفِي الِانْتِصَارِ : ظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٍ فِي التَّوْبَةِ : لَا ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ نَكَحَهَا غَيْرُهُ ، ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ ، وَعَنْهُ : وَيَتُوبُ الزَّانِي إنْ نَكَحَهَا ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَصْحَابِنَا ، وَالتَّوْبَةُ كَغَيْرِهَا ، وَنَصُّهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّنَا بَعْدَ الدِّعَايَةِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ .
مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ وَطِئَ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا حَرُمَ فِي الْعِدَّةِ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَلَوْ أَنَّهَا زَوَّجَتْهُ ، وَفِي [ وَطْءِ ] أَرْبَعٍ غَيْرِهَا أَوْ الْعَقْدِ عَلَيْهِنَّ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخِلَافِ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَجُوزُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ : يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَرْبَعِ حَتَّى يَسْتَظْهِرَ بِالزَّانِيَةِ حَمْلًا ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْمَجْدُ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ : وَهُوَ كَمَا قَالَ الْمَجْدُ ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ هَلْ لِأَجْلِ الْجَمْعِ بَيْنَ خَمْسٍ ، فَيَكْفِي فِيهِ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ .
انْتَهَى .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ حُرِّمَ نِكَاحُهَا فِي الْعِدَّةِ ، وَهَلْ لِلْوَاطِئِ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهِ ؟ فَعَنْهُ : لَهُ ذَلِكَ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، وَاخْتَارَهَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ ، وَعَنْهُ : لَا .
ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي قِيَاسَ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا ، وَهِيَ أَشْهَرُ .
انْتَهَى .
الَّذِي قَالَ الْمُصَنِّفُ : إنَّهُ أَشْهَرُ هُوَ الْمَذْهَبُ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَهِيَ أَصَحُّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْعُدَّةِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْحَابُ ، كَأَنَّهُ مَا عَدَا أَبَا مُحَمَّدٍ .
انْتَهَى .
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى الَّتِي اخْتَارَهَا الشَّيْخُ
تَقِيُّ الدِّينِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ صَحَّحَهَا النَّاظِمُ ، فَتَتَقَوَّى هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِاخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ الْمُحَقِّقِينَ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ قَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، قَالَ فِي الْكَافِي : ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَذَكَرَهَا فِي الْمُغْنِي قِيَاسَ الْمَذْهَبِ ، وَالرِّوَايَةُ الَّتِي قَبْلَهَا أَقْوَى وَأَوْلَى .
وَيَحْرُمُ نِكَاحُ كَافِرٍ مُسْلِمَةً وَلَوْ وَكِيلًا ، وَنِكَاحُ مُسْلِمٍ وَلَوْ عَبْدًا كَافِرَةً ، إلَّا حُرَّةً كِتَابِيَّةً ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ ، وَكَرِهَهُ الْقَاضِي وَشَيْخُنَا ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، كَذَبَائِحِهِمْ بِلَا حَاجَةٍ ، وَقِيلَ : تَحْرُمُ حَرْبِيَّةٌ ، وَعَنْهُ : وَتُبَاحُ أَمَةٌ .
وَتَحِلُّ مُنَاكَحَةُ وَذَبِيحَةُ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، قِيلَ : هُمَا فِي بَقِيَّةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الْعَرَبِ ، وَفِيمَنْ دَانَ بِصُحُفِ شِيثٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالزَّبُورِ وَجْهٌ ، فَيُقَرُّ بِجِزْيَةٍ وَيَتَوَجَّهُ : وَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ هُنَا .
وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ فَاخْتَارَ دِينَهُ فَالْأَشْهَرُ تَحْرِيمُ مُنَاكَحَتِهِ وَذَبِيحَتِهِ ، وَعَنْهُ : لَا فِي الْأَوِّلَةِ ، وَيُحَرِّمَانِ مِمَّنْ شَكَّ فِيهِ مَعَ أَخْذِ الْجِزْيَةِ ، وَفِيهَا خِلَافٌ يَأْتِي ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ كِتَابِيَّيْنِ فَالتَّحْرِيمُ ، وَقِيلَ عَنْهُ : لَا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا اعْتِبَارًا بِنَفْسِهِ ، وَأَنَّهُ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ فِي عَامَّةِ أَجْوِبَتِهِ ، وَأَنَّهُ مَذْهَبٌ ( هـ م ) ، وَالْجُمْهُورُ أَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ النَّسَبِ ، بَلْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا إلَّا فِيمَا يُشْتَهَرُ مِنْ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ .
وَلَا يَنْكِحُ مَجُوسِيٌّ كِتَابِيَّةً ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَقِيلَ : وَلَا كِتَابِيٌّ مَجُوسِيَّةً .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَفِيمَنْ دَانَ بِصُحُفِ شِيثٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالزَّبُورِ وَجْهٌ ، فَيُقَرُّ بِجِزْيَةٍ ، يَعْنِي فِيهَا وَجْهٌ بِإِبَاحَةِ مُنَاكَحَتِهِمَا .
وَحِلِّ ذَبَائِحِهِمَا ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُقَرُّ بِجِزْيَةٍ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ .
وَتَحْرُمُ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ إلَّا لِخَوْفِهِ عَنَتَ الْعُزُوبَةِ لِحَاجَةِ الْمُتْعَةِ أَوْ مَرَضًا ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، أَوْ الْخِدْمَةِ ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ ، وَيَعْجِزُ عَنْ طَوْلِ حُرَّةٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالُ مُؤْمِنَةٍ ؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَثَمَنُ أَمَةٍ ، وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ : وَحُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ وَجْهَانِ ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ الْحُرَّةَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَ أَمَةٍ وَلَا غَيْرَ خَوْفِ الْعَنَتِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : لَا تَحْرُمُ إذَا عُدِمَ الشَّرْطَانِ أَوْ أَحَدَهُمَا ، وَالطَّوْلُ بِمِلْكِهِ مَالًا حَاضِرًا ، وَقِيلَ : إنْ رَضِيَتْ دُونَ مَهْرِهَا أَوْ بِتَأْجِيلِهِ لَزِمَهُ ، وَقِيلَ : فِي الْأَوِّلَةِ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي ، مَا لَمْ يُجْحَفْ بِهِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : مَا لَمْ يُعَدَّ سَرَفًا .
وَحُرَّةٌ لَا تُوطَأُ لِصِغَرٍ أَوْ غَيْبَةٍ كَعَدَمٍ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَكَذَا مَرِيضَةٌ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ .
وَفِيهِ : مَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ أَوْلَى مِنْ أَمَةٍ ؛ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَوْلَى مِنْ جَمِيعِهِ ، فَإِنْ لَمْ تُعِفُّهْ فَثَانِيَةٌ ثُمَّ ثَالِثَةٌ ثُمَّ رَابِعَةٌ ، وَعَنْهُ : وَاحِدَةٌ فَقَطْ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ .
وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِشَرْطِهِ فَفِي انْفِسَاخِ نِكَاحِهَا بِيَسَارِهِ أَوْ نِكَاحِهِ حُرَّةً وَفِي التَّرْغِيبِ : أَوْ زَالَ خَوْفُ عَنَتٍ رِوَايَتَانِ ( م 13 و 14 ) وَفِي الْمُنْتَخَبِ : يَكُونُ طَلَاقًا لَا فَسْخًا ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً عَلَى أَمَةٍ يَكُونُ طَلَاقًا لِلْأَمَةِ ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَسْأَلَةُ إِسْحَاقَ مُفْرَدَةٌ .
مَسْأَلَةٌ 13 و 14 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِشَرْطِهِ فَفِي انْفِسَاخِ نِكَاحِهَا بِيَسَارِهِ أَوْ نِكَاحِهِ حُرَّةً وَفِي التَّرْغِيبِ أَوْ زَوَالِ خَوْفِ عَنَتٍ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِيهَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِيمَا إذَا نَكَحَ حُرَّةً ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 13 ) إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً وَفِيهِ الشَّرْطَانِ قَائِمَانِ ثُمَّ أَيْسَرَ .
فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُهَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَبْطُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا الْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ .
انْتَهَى .
وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا : هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَبْطُلُ ، خَرَّجَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ صِحَّةِ نِكَاحِ حُرَّةٍ عَلَى أَمَةٍ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَلَا يُطْلِقُ الْخِلَافَ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 14 ) إذَا نَكَحَ حُرَّةً عَلَى أَمَةٍ فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَيُفْسَخُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( إحْدَاهَا ) لَا يَبْطُلُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَبْطُلُ ، قَطَعَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَقَدْ قَالَ : بَنَيْتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ .
وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَتْ فِي هَذَا الْبَابِ .
وَلِعَبْدٍ نِكَاحُ إمَاءٍ مُطْلَقًا ، وَمِثْلُهُ مُكَاتَبٌ وَمُعْتَقٌ بَعْضُهُ ، مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ وَغَيْرَهُ عَلَّلُوا مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ بِالْمُسَاوَاةِ ، فَيَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيهِمَا أَوْ فِي الْمُعْتَقِ بَعْضِهِ .
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُرَّةٍ حُرٌّ بِشَرْطِهِ أَوْ عَبْدٌ جَازَ ، وَعَنْهُ : لَا ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ صَحَّ عَلَى الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : يَصِحُّ فِي الْحُرَّةِ .
وَفِي الْمُوجَزِ فِي عَبْدٍ رِوَايَةٌ عَكْسُهَا ، وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ ، لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ صَحَّ فِيهِمَا ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُذْهَبِ وَكِتَابِيٌّ وَفِي الْوَسِيلَةِ : وَمَجُوسِيٌّ .
وَفِي الْمَجْمُوعِ : وَكُلُّ كَافِرٍ كَمُسْلِمٍ فِي نِكَاحِ أَمَةٍ ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : فَإِنْ اُعْتُبِرَ فِيهَا الْإِسْلَامُ اُعْتُبِرَ فِي الْكِتَابِيِّ كَوْنُهَا كِتَابِيَّةً .
لَا يَنْكِحُ عَبْدٌ سَيِّدَتَهُ ، وَلَا سَيِّدٌ أَمَتِهِ ، وَلِحُرٍّ نِكَاحُ أَمَةِ وَالِدِهِ ، دُونَ أَمَةِ وَلَدِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، وَمِثْلُهُ حُرَّةٌ نَكَحَتْ عَبْدَ وَلَدِهَا ، وَقِيلَ : يَجُوزُ ، وَيَحِلَّانِ لَهُمَا مَعَ رِقٍّ ، وَيَصِحُّ نِكَاحُ أَمَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، مَعَ أَنَّ فِيهِ شُبْهَةً تُسْقِطُ الْحَدَّ ، لَكِنْ لَا تَجْعَلُ الْأَمَةَ أُمَّ وَلَدٍ ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ ، وَإِنْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَعَلَى الْأَصَحِّ : أَوْ وَلَدُهُ الْحُرُّ .
وَفِي الْأَصَحِّ : أَوْ مُكَاتَبُهُ الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ .
فَلَوْ بَعَثَتْ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ : حُرِّمْتُ عَلَيْك وَنَكَحْتُ غَيْرَك وَعَلَيْك نَفَقَتِي وَنَفَقَةُ زَوْجِي ، فَقَدْ مَلَكَتْ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ ابْنَ عَمِّهَا .
وَمَنْ حَرَّمَ نِكَاحَهَا حَرَّمَ وَطْأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ ، وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا ، كَأَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ .
.
وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ خُنْثَى مُشْكِلٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ الْخِرَقِيُّ : إذَا قَالَ : أَنَا رَجُلٌ ، لَمْ يَنْكِحْ إلَّا النِّسَاءَ ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ .
فَلَوْ عَادَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِكَاحُ مَا عَادَ إلَيْهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَلَوْ كَانَ نَكَحَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ مِنْ امْرَأَةٍ خَاصَّةٍ .
وَلَا يَحْرُمُ فِي الْجَنَّةِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرُهُ [ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ] .
بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ .
إذَا شُرِطَتْ فِي الْعَقْدِ قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَقَالَ حَفِيدُهُ : أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ( م 1 ) وَأَنَّ عَلَى هَذَا جَوَابَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسَائِلِ الْحِيَلِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا ، أَوْ لَا يَتَسَرَّى ، قَالَ شَيْخُنَا : أَوْ إنْ تَزَوَّجَ [ عَلَيْهَا ] فَلَهَا تَطْلِيقُهَا ، صَحَّ ، فَإِنْ خَالَفَهُ فَلَهَا الْفَسْخُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، كَزِيَادَةِ مَهْرٍ أَوْ نَقْدٍ مُعَيَّنٍ ، وَشَرْطِ تَرْكِ سَفَرِهِ بِعَبْدٍ مُسْتَأْجَرٍ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ طَرِيقَةً : لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ ، كَهَذِهِ الصُّورَةِ .
قَالَ شَيْخُنَا : وَلَوْ خَدَعَهَا فَسَافَرَ بِهَا ثُمَّ كَرِهَتْهُ لَمْ يُكْرِهَا .
بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : إذَا شَرَطْت فِي الْعَقْدِ قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَقَالَ حَفِيدُهُ : أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، انْتَهَى ، الَّذِي قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ ، وَاَلَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيّ : هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ : وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَمَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَقَوْلُ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَمُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَعَلَى هَذَا جَوَابُ أَحْمَدَ فِي مَسَائِلِ الْحِيَلِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَ الْمَجْدُ : إذَا شَرَطَ لَهَا فِي الْعَقْدِ ، قَالَ : وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ الِاحْتِرَازُ عَمَّا شَرَطَ بَعْدَ الْعَقْدِ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ .
انْتَهَى .
فَنَقَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ ، كَمَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ، فَلِذَلِكَ عَزَاهُ إلَى صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ .
، وَيَصِحُّ شَرْطُ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا ، فِي رِوَايَةٍ ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَقِيلَ : بَاطِلٌ ( م 2 ) وَالْأَشْهَرُ : وَمِثْلُهُ بَيْعُ أَمَتِهِ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ طَلَاقُ ضَرَّتِهَا ، فِي رِوَايَةٍ ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَقِيلَ بَاطِلٌ .
انْتَهَى .
( الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ ، وَالْفَخْرُ بْنُ تَيْمِيَّةَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَالْقَوْلُ بِبُطْلَانِهِ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ : وَلَمْ أَرَ مَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ كَغَيْرِهِ .
انْتَهَى .
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ ، وَالصَّوَابُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا : وَإِنْ شَرَطَتْ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إذَا أَرَادَتْ انْتِقَالًا لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ تَصَرُّفٍ فِي الزَّوْجِ بِحُكْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ أَنْ تَسْتَدْعِيَهُ إلَى النِّكَاحِ ، وَقْتَ حَاجَتِهَا وَإِرَادَتِهَا ، وَهُنَا شَرَطَتْ التَّسْلِيمَ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَكَان مَخْصُوصٍ ، وَاقْتَصَرَتْ بِالشَّرْطِ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهَا عَلَى بَعْضِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنَعٍ ، كَمَا بَيَّنَّا أَنَّ الشَّرْعَ قَصَرَ تَصَرُّفَهُ عَلَى مَكَان وَعَدَدٍ ، فَلَا يَخُصُّ الشَّرْعُ الزَّوْجَةَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الزَّوْجِ بِحَالٍ ، كَذَا قَالَ ، وَيُتَوَجَّهُ : لَا تَبْعُدُ صِحَّةُ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ شَرْطِهَا طَلَاقَ ضَرَّتِهَا ، وَأَنَّ ظَاهِرَ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَعَانِي يَدُلُّ عَلَيْهِ .
قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ شَرَطَ لَهَا أَنْ يُسْكِنَهَا بِمَنْزِلِ أَبِيهِ فَسَكَنَتْ ثُمَّ طَلَبَتْ سُكْنَى مُنْفَرِدَةً وَهُوَ عَاجِزٌ : لَا يَلْزَمُهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ ، بَلْ لَوْ كَانَ قَادِرًا فَلَيْسَ لَهَا عِنْدَ ( م ) وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا غَيْرُ مَا شَرَطَتْ لَهَا ، كَذَا قَالَ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ صِحَّةُ الشَّرْطِ فِي الْجُمْلَةِ ، بِمَعْنَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا بِعَدَمِهِ ، لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِحَقِّهَا لِمَصْلَحَتِهَا لَا لِحَقِّهِ لِمَصْلَحَتِهِ حَتَّى يَلْزَمَ فِي حَقِّهَا ، وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مَنْ شَرَطَتْ دَارَهَا فِيهَا أَوْ فِي دَارِهِ لَزِمَ ، وَسَيَأْتِي .
وَقَالَ فِي الْهَدْيِ فِي قِصَّةِ { بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ لَمَّا اسْتَأْذَنُوا أَنْ يُزَوِّجُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ قَالَ فِيهِ : إنَّهُ تَضَمَّنَ هَذَا مَسْأَلَةَ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُؤْذِي فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَيَرِيبُهَا ، وَيُؤْذِيهِ وَيَرِيبُهُ } وَأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ [ إنَّمَا ] زَوَّجَهُ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ فِي الْعَقْدِ ، وَفِي ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِهْرَهُ الْآخَرَ بِأَنَّهُ حَدَّثَهُ فَصَدَّقَهُ ، وَوَعَدَهُ فَوَفَّى لَهُ ، تَعْرِيضٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ قَدْ جَرَى مِنْهُ وَعْدٌ لَهُ بِذَلِكَ ، فَحَثَّهُ عَلَيْهِ ، قَالَ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا ، وَإِنْ عَدِمَهُ يَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ ، فَقَوْمٌ لَا يُخْرِجُونَ نِسَاءَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ أَوْ الْمَرْأَةَ مِنْ بَيْتٍ لَا يُزَوَّجُ الرَّجُلُ عَلَى نِسَائِهِمْ ضَرَّةً ، وَيَمْنَعُونَ الْأَزْوَاجَ مِنْهُ ، أَوْ يُعْلَمُ عَادَةً أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُمَكِّنُ مِنْ إدْخَالِ الضَّرَّةِ عَلَيْهَا ، كَانَ ذَلِكَ كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا ، وَهَذَا مُطَّرِدٌ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَحْمَدَ أَنَّ الشَّرْطَ الْعُرْفِيَّ كَاللَّفْظِيِّ ، وَلِهَذَا أَوْجَبُوا الْأُجْرَةَ عَلَى مَنْ
دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ ، الْمَسْأَلَةَ الْمَشْهُورَةَ .
وَقَالَ أَيْضًا : وَقَالَ ( م ) ، أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ : إذَا لَمْ يُنْفِقْ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، فَقِيلَ لَهُ : قَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُعْسِرُونَ وَيَحْتَاجُونَ ، فَقَالَ : لَيْسَ النَّاسُ الْيَوْمَ كَذَلِكَ .
إنَّمَا تَزَوَّجَتْهُ رَجَاءَ [ الدُّنْيَا ] يَعْنِي أَنَّ نِسَاءَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كُنَّ يُرِدْنَ الدَّارَ الْآخِرَةَ ، وَالنِّسَاءُ الْيَوْمَ رَجَاءَ الدُّنْيَا ، فَصَارَ هَذَا الْعُرْفُ كَالْمَشْرُوطِ ، وَالشَّرْطُ الْعُرْفِيُّ فِي أَصْلِ مَذْهَبِهِ كَاللَّفْظِيِّ .
وَمَتَى بَانَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الشَّرْطِ .
نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَالًا وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا يُرَدُّ عَلَيْهَا الْمَالُ إذَا تَزَوَّجَ ، وَأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ تَرُدُّ الْمَالَ إلَى وَرَثَتِهِ .
وَإِنْ زَوَّجَ وَلِيَّتَهُ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلِيَّتَهُ فَأَجَابَهُ وَلَا مَهْرَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدَ ، كَشَرْطِهِ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَهُوَ شِغَارٌ ، وَيَصِحُّ مَعَ مَهْرٍ مُسْتَقِلٍّ غَيْرِ قَلِيلٍ حِيلَةً بِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : بِمَهْرِ الْمِثْلِ .
وَفِي الْخِرَقِيِّ وَالِانْتِصَارِ : لَا يَصِحُّ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً : وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ مَعَ قَوْلِهِ : وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرُ الْأُخْرَى فَقَطْ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ بِتَسْمِيَتِهِ ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا وَاخْتَارَهُ أَنَّ بُطْلَانَهُ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ .
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى أَحَلَّهَا لِلْأَوَّلِ طَلَّقَهَا ، أَوْ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا ، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ ، كَشَرْطِهِ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَكَذَا نِيَّتُهُ أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَهَا إلَى مُدَّةٍ ، وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ ، وَقَطَعَ الشَّيْخُ فِيهَا بِصِحَّتِهِ مَعَ النِّيَّةِ ، وَنَصُّهُ : وَالْأَصْحَابُ خِلَافُهُ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيهَا : هُوَ شَبِيهٌ بِالْمُتْعَةِ ، لَا ، حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ مَا حَيِيَتْ .
وَفِي النَّوَادِرِ : دَلَالَةُ الْحَالِ فِيهَا الرِّوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ : النَّهْيُ عَنْهَا تَنْزِيهٌ ، وَيُكْرَهُ تَقْلِيدُ مُفْتٍ بِهَا ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ ، أَنَّهَا كَغَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ ، وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ خِلَافًا ، بَلْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ ، وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ بَطَّةَ أَنَّهَا كَالزِّنَا .
.
وَتَزْوِيجُهَا الْمُطَلِّقُ ثَلَاثًا لِعَبْدِهِ بِنِيَّةِ هِبَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ مِنْهَا لِيَفْسَخَ النِّكَاحَ كَنِيَّةِ الزَّوْجِ .
وَمَنْ لَا فُرْقَةَ بِيَدِهِ لَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ .
وَفِي الْفُنُونِ فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَتَأَسُّفِهِ عَلَى طَلَاقِهَا : حِلُّهَا بَعِيدٌ فِي مَذْهَبِنَا ؛ لِأَنَّهُ يَقِفُ عَلَى زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ ، وَمَتَى زَوَّجَهَا مَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ تَأَسُّفِهِ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ بِالنِّكَاحِ إلَّا التَّحْلِيلُ ، وَالْقَصْدُ عِنْدَنَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا : إذَا تَزَوَّجَ الْغَرِيبُ بِنِيَّةِ طَلَاقِهَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ لَمْ يَصِحَّ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ بَاطِلٌ إذَا اتَّفَقَا فَإِنْ اعْتَقَدَتْ ذَلِكَ بَاطِنًا وَلَمْ تُظْهِرْهُ صَحَّ فِي الْحُكْمِ وَبَطَلَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ إلَى الْمَمَاتِ .
وَفِي الْوَاضِحِ : نِيَّتُهَا كَنِيَّتِهِ ، وَمَنْ عَزَمَ عَلَى تَزْوِيجِهِ بِالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَوَعَدَهَا سِرًّا كَانَ أَشَدَّ تَحْرِيمًا مِنْ التَّصْرِيحِ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ ( ع ) لَا سِيَّمَا وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا مَا تَحَلَّلُ بِهِ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا .
وَمَتَى شَرَطَ نَفْيَ الْحِلِّ فِي نِكَاحٍ أَوْ عَلَّقَ ابْتِدَاءَهُ عَلَى شَرْطٍ فَسَدَ الْعَقْدُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، كَالشَّرْطِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ فِي تَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ ، وَالْأَنَصُّ مِنْ كَلَامِهِ جَوَازُهُ ، كَالطَّلَاقِ ، قَالَ : وَالْفَرْقُ بِأَنَّ هَذَا مُعَاوَضَةٌ أَوْ إيجَابٌ ، وَذَاكَ إسْقَاطٌ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ ، وَبِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِنَذْرِ التَّبَرُّرِ وَبِالْجَعَالَةِ .
وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ مَهْرٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ قِسْمَةٍ لَهَا أَقَلِّ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَدَمَ وَطْءٍ وَنَحْوَهُ فَسَدَ الشَّرْطُ لَا الْعَقْدُ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، وَقِيلَ : يَفْسُدُ ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : إذَا تَزَوَّجَ النَّهَارِيَّاتِ أَوْ اللَّيْلِيَّاتِ لَيْسَ مِنْ نِكَاحِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ .
.
وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَحَنْبَلٌ : إذَا تَزَوَّجَ عَلَى شَرْطٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُقِيمَ جَدَّدَ النِّكَاحَ .
وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ : ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ وَلَا يُنْفِقَ أَوْ إنْ فَارَقَ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ رِوَايَتَيْنِ ، يَعْنِي فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ ، كَمَا فِي مَذْهَبِ ( م ) وَغَيْرِهِ ، لِحَدِيثِ الشِّغَارِ .
وَقِيلَ بِعَدَمِ وَطْئِهِ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ تَوَقُّفَهُ فِي الشَّرْطِ ، قَالَ شَيْخُنَا : فَيَخْرُجُ عَلَى وَجْهَيْنِ ، وَاخْتَارَ صِحَّتَهُ ، كَشَرْطِهِ تَرْكَ مَا يَسْتَحِقُّهُ ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بِأَنَّ لَهُ مُخَلِّصًا ، لِمِلْكِهِ طَلَاقَهَا ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا : بِأَنَّ عَلَيْهِ الْمَهْرَ ، وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ سَوَّى بَيْنَهُمَا ، فَإِنْ صَحَّ وَطَلَبَتْهُ فَارَقَهَا وَأَخَذَ الْمَهْرَ ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْخُلْعِ ، فَإِنْ وَجَبَتْ الْفُرْقَةُ ثُمَّ وَجَبَتْ هُنَا ، وَأَنَّ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْفَائِتِ غَرَضُهُ الْجَاهِلِ بِفَسَادِهِ الْفَسْخَ بِلَا شَيْءٍ ، كَالْبَيْعِ وَأَوْلَى .
.
وَإِنْ شَرَطَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ خِيَارًا أَوْ إنْ جَاءَهَا بِالْمَهْرِ فِي وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ ( م 3 ) وَعَنْهُ : صِحَّتُهُمَا ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا صِحَّتَهُمَا فِي شَرْطِ الْخِيَارِ ، قَالَ : وَإِنْ بَطَلَ الشَّرْطُ لَمْ يَلْزَمْ الْعَقْدُ بِدُونِهِ ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الشُّرُوطِ الْوَفَاءُ ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ لَهُ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : وَكَذَا تَعْلِيقُ النِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الثَّانِيَةِ رِوَايَةً : يَفْسُدُ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ قِسْطًا ، فَبِتَأْخِيرِهِ عَنْ أَجَلِهِ يَحْصُلُ مَجْهُولًا ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ قِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ ( م 4 ) وَإِنْ طَلَّقَ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَقَعَ .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : [ وَإِنْ ] شَرَطَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ خِيَارًا ، أَوْ إنْ جَاءَ بِالْمَهْرِ وَقْتَ كَذَا وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا ، فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ ، وَالْمُغْنِي فِي الثَّانِيَة ، وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي فِي الْأُولَى .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَشَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ قِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) قَطَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي الصَّدَاقِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : صِحَّةُ الصَّدَاقِ مَعَ بُطْلَانِ الْخِيَارِ ، وَصِحَّتُهُ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهِ ، وَبُطْلَانُ الصَّدَاقِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ أَيْضًا .
وَإِنْ شَرَطَهَا مُسْلِمَةً ، أَوْ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْمُسْلِمَةَ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً ، فَلَهُ الْفَسْخُ ، فَإِنْ عُكِسَ أَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً وَلَمْ تُعْرَفْ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ وَقِيلَ : أَوْ ظَنَّهَا بِكْرًا فَبَانَتْ بِخِلَافَةِ فَوَجْهَانِ ( م 5 ، 6 ) .
مَسْأَلَةُ 5 و 6 ) قَالَهُ : فَإِنْ عُكِسَ يَعْنِي لَوْ شَرَطَهَا كَافِرَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً ، أَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْكَافِرَةَ فَبَانَتْ مُسْلِمَةً ، أَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً وَلَمْ تُعْرَفُ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5 ) لَوْ شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً ، أَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْكَافِرَةَ فَبَانَتْ مُسْلِمَةً ، فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا خِيَارَ لَهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ الْخِيَارُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَقَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، قَالَ النَّاظِمُ : وَهُوَ بَعِيدٌ .
( تَنْبِيهٌ ) .
كَانَ الْأَوْلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ يُقَدِّمُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ ، لَا أَنَّهُ يُطْلِقُ الْخِلَافَ ، كَمَا قَالَهُ فِي الْبَيْعِ ، فَإِنَّهُ قَدَّمَ هُنَاكَ عَدَمَ الْفَسْخِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 ) لَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً وَلَمْ تُعْرَفْ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ فَبَانَتْ كَافِرَةً ، فَالْحُكْمُ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَطَعَ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ، فَيَكُونُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحَ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى هَذَا .
وَإِنْ شَرَطَ بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً أَوْ نَسِيبَةً أَوْ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ ، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ ، فَعَنْهُ : لَهُ الْفَسْخُ ، اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَشَيْخُنَا ( و م ق ) وَعَنْهُ : لَا ( و هـ ق ) ( م 7 ) وَفِي الْإِيضَاحِ ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفُصُولِ فِي شَرْطِ بِكْرٍ ، إنْ لَمْ يَمْلِكْهُ رَجَعَ بِمَا بَيْنَ الْمَهْرَيْنِ ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ بَقِيَّةَ الشُّرُوطِ .
وَفِي الْفُنُونِ فِي شَرْطِ بِكْرٍ يَحْتَمِلُ فَسَادُ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى صِفَةٍ فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا بَطَل الْعَقْدُ ، قَالَ شَيْخُنَا : وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ ، وَإِنْ غَرَّتْهُ وَقَبَضَتْهُ وَإِلَّا سَقَطَ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَهْرٍ ( م ) .
مَسْأَلَةُ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ شَرَطَ بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً أَوْ نَسِيبَةً أَوْ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ ، فَعَنْهُ : لَهُ الْفَسْخُ ، اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَشَيْخِنَا ، وَعَنْهُ : لَا .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْسَاكِ ، اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّاظِمُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي الْبِكْرِ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : فَإِنْ غَرَّتْهُ بِنَسَبٍ أَوْ صِفَةٍ ، مِثْلُ أَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ أَوْ هَاشِمِيَّةٌ فَتَبَيَّنَ دُونَ ذَلِكَ ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا بَيْضَاءُ فَتَبِينُ سَوْدَاءَ ، أَوْ أَنَّهَا طَوِيلَةٌ فَتَبِينُ قَصِيرَةً ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ .
انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ : وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا فَبَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا خِيَارَ لَهُ ، وَقِيلَ : لَهُ الْخِيَارُ .
فَإِنْ شَرَطَهَا نَسِيبَةً أَوْ جَمِيلَةً أَوْ طَوِيلَةً أَوْ شَرَطَ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَنَحْوُهُ فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَإِنْ شَرَطَ أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً ، أَوْ صِفَةً فَبَانَتْ أَعْلَى ، فَلَا فَسْخَ ، فِي الْأَصَحِّ وَفِي التَّرْغِيبِ : يَفْسَخُ إنْ شَرَطَ مُسْلِمَةً فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً ، أَوْ ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِكْرًا ، وَإِنْ شَرَطَهَا وَاعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ مُقَارَنَتَهُ أَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً ، فَبَانَتْ أَمَةً ، فَإِنْ لَمْ تُبَحْ لَهُ فَبَاطِلٌ ، كَعِلْمِهِ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ يَصِحُّ ، فَلَهُ الْخِيَارُ وَبَنَاهُ فِي الْوَاضِحِ عَلَى الْكَفَاءَةِ ، وَلِمَنْ يُبَاحُ لَهُ الْخِيَارُ إلَّا أَنْ يَظُنَّهَا عَتِيقَةً ، وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ : أَوْ يَظُنُّهَا حُرَّةً ، وَقِيلَ : لَا فَسْخَ كَعَبْدٍ وَيَنْعَقِدُ الْوَلَدُ حُرًّا ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : كَمَا يَنْعَقِدُ وَلَدُ الْقُرَشِيِّ قُرَشِيًّا بِاعْتِقَادِهِ ، وَيَفْدِيهِ ، وَعَنْهُ : لَا ، وَعَنْهُ : هُوَ بِدُونِهِ رَقِيقٌ ، وَهُوَ كَوَلَدِ مَغْصُوبَةٍ ، وَيَفْدِيهِ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَقِيلَ : بِرَقَبَتِهِ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ ، وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْغَارِّ ، كَأَمْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ [ غَرَّهُ ] بِأَنَّهُ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ ، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ مَعَ شَرْطٍ ، وَقِيلَ : مُقَارِنٌ .
وَفِي الْمُغْنِي : وَمَعَ إبْهَامِهِ بِقَرِينَةِ حُرِّيَّتِهَا ، وَفِيهِ : وَلَوْ أَجْنَبِيًّا ، كَوَكِيلِهَا ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ إطْلَاقُ نُصُوصِهِ ، وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَقَالَهُ فِيمَا إذَا دَلَّسَ غَيْرُ الْبَائِعِ ، وَلِمُسْتَحِقِّهِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ ابْتِدَاءً ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَوَلَدُهُمَا بَعْدُ عَبْدٌ ، وَفِي لُزُومِ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَرُجُوعِهِ بِهِ الرِّوَايَتَانِ ( م 8 و 9 ) .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ شَرَطَهَا أَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً فَإِنْ لَمْ تُبَحْ لَهُ فَبَاطِلٌ ، كَعِلْمِهِ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ يَصِحُّ ، فَلَهُ الْخِيَارُ .
انْتَهَى .
فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَهَا أَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ مُشْكَلٌ جِدًّا ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ إنَّمَا هُوَ إذَا شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً .
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ : قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ إذَا شَرَطَهَا أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً ، فَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ ، وَالْمَقِيسُ عَلَى كَلَامِهِ ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً أَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ : إنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ ، وَلَهُ الْخِيَارُ : فَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا ، بَلْ هُوَ سَاقِطٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَقْطًا ، أَوْ حَصَلَ سَهْوًا وَأَنَّا لَمْ نَفْهَمْ كَلَامَهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَقْصًا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ : وَبَنَاهُ فِي الْوَاضِحِ عَلَى الْكَفَاءَةِ .
وَهَذَا لَا يُلَائِمُ الْمَسْأَلَةَ .
( مَسْأَلَةٌ 8 و 9 ) قَوْلُهُ : وَفِي لُزُومِ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَرُجُوعِهِ بِهِ الرِّوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي بِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى اللَّتَيْنِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هُنَا ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8 ) هَلْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ لُزُومُ الْمُسَمَّى ، بِنَاءً عَلَى الْوُجُوبِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ ، كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَيْضًا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9 ) هَلْ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ أَمْ لَا ؟ فِيهِ
رِوَايَتَانِ .
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ : اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمَا .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَرْجِعُ بِهِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ : كُنْتُ أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عَلِيٍّ ثُمَّ هِبْتُهُ ، وَكَأَنِّي أَمِيلُ إلَى حَدِيثِ عُمَرَ ، فَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِيهِ الرُّجُوعُ بِالْمَهْرِ ، وَحَدِيثُ عُمَرَ بِعَدَمِهِ .
تَنْبِيهَانِ .
( الْأَوَّلُ ) الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِيسَتَاهُمَا اللَّتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، فَحِينَئِذٍ فِي قَوْلِهِ " الرِّوَايَتَانِ " نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْأُولَيَيْنِ هُمَا اللَّتَانِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ، وَاللَّتَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ هُمَا مُسْتَقِلَّتَانِ ، وَهُمَا كَالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ صَحَّحَ الرُّجُوعَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَإِنْ شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً فَإِنْ لَمْ تُبَحْ لَهُ فَبَاطِلٌ كَعِلْمِهِ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ يَصِحُّ فَلَهُ الْخِيَارُ .
انْتَهَى .
النَّقْلُ هُنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِالصِّحَّةِ فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ ، وَكَيْفَ يَصِحُّ نِكَاحُ مَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ ؟ وَإِنَّمَا الْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا إذَا شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا أَوْ حَصَلَ سَهْوٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ كَانَتْ الْغَارَّةُ ، فَفِي تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهَا أَوْ رَقَبَتِهَا وَجْهَانِ ( م 10 ) وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ : لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ أَحَدٌ .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةُ فَفِي تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهَا أَوْ رَقَبَتِهَا وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ : يَخْرُجُ فِيهَا وَجْهَانِ ، بِنَاءً عَلَى دَيْنِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ ؟ وَكَذَا قَالَ ابْنُ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيُّ .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ، يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ أَوْ يُسَلِّمُهُ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي أَحْكَامِ الرَّقِيقِ آخِرِ الْحَجْرِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهَا ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَمَةِ : إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا يَتْبَعُهَا بِهِ إذَا عَتَقَتْ ، كَذَا هُنَا .
وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ : وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ هِيَ الْغَارَّةَ تَعَلَّقَتْ الْعُهْدَةُ بِذِمَّتِهَا أَوْ بِرَقَبَتِهَا .
( تَنْبِيهٌ ) .
إذَا قُلْنَا : إنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَيْنِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّف الْخِلَافَ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ، وَهُنَا أَطْلَقَ ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْبِنَاءِ .
وَلَا مَهْرَ فِي الْأَصَحِّ لِمُكَاتَبَةٍ غَارَّةٍ ؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ، وَوَلَدُهَا مُكَاتَبٌ ، فَيَغْرَمُ أَبُوهُ قِيمَتَهُ لَهَا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا يَجِبُ لَهَا الْبَعْضُ فَيَسْقُطُ ، وَوَلَدُهَا يَغْرَمُ أَبُوهُ قَدْرَ رِقِّهِ ، نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَنْ ادَّعَتْ أَنَّ مَوْلَاهَا أَعْتَقَهَا أَيَقْبَلُ قَوْلَهَا وَيَنْكِحُهَا ؟ قَالَ : لَا ، حَتَّى يَسْأَلَهُ أَوْ تَقُومَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ ، وَلَوْ أَوْهَمَتْهُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ سُرِّيَّتُهُ فَظَنَّهُ فَوَطْؤُهُ شُبْهَةٌ ، أَوْ أَوْهَمَهُ سَيِّدُهَا بِهِ فَلَا مَهْرَ ، وَإِنْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَهُ ، وَتُعَزَّرُ عَالِمَةٌ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا .
قَالَ [ شَيْخُنَا ] : وَإِنْ جَهِلَ فَسَادُ نِكَاحٍ لِتَغْرِيرِ غَارٍّ كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ فَالْمَهْرُ عَلَى الْغَارِّ ، وَإِنْ ظَنَّتْهُ حُرًّا فَلَمْ يَكُنْ خُيِّرَتْ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَإِنْ شَرَطَتْ صِفَةً فَبَانَتْ أَقَلَّ فَلَا فَسْخَ إلَّا شَرْطَ حُرِّيَّةٍ ، وَقِيلَ : وَنَسَبٍ لِمَنْ تَحِلُّ بِكَفَاءَةٍ ، وَقِيلَ فِيهِ : وَلَوْ مُمَاثِلًا .
وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ : وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( و م ) كَشَرْطِهِ ، وَأَوْلَى ؛ لِمِلْكِهِ طَلَاقَهَا .
وَمَنْ عَتَقَتْ ، وَعَنْهُ : أَوْ بَعْضُهَا تَحْتَ عَبْدٍ ، وَعَنْهُ : أَوْ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ ، وَعَنْهُ : وَلَيْسَ فِيهِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهَا ، وَعَنْهُ : أَوْ تَحْتَ حُرٍّ ، وَجَزَمَ فِي التَّرْغِيبِ : أَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ مُعْتَقٍ بَعْضِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ ، وَلَوْ ارْتَدَّ بِلَا حَاكِمٍ مَا لَمْ تَرْضَاهُ أَوْ تُعْتَقُ أَوْ يَطَأُ طَوْعًا وَلَيْسَ طَلَاقًا ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فَتَقُولُ فَسَخْتُهُ أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي وَطَلْقَتُهَا كِنَايَةٌ عَنْ الْفَسْخِ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ لَهَا الْفَسْخَ تَحْتَ حُرٍّ ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ رَقَبَتَهَا وَبُضْعَهَا ، فَلَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا بِاخْتِيَارِهَا ، وَتَمْلِيكُ الْعَتِيقِ رَقَبَتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ أَقْوَى مِنْ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ فِيمَا لَمْ يُعْتِقْهُ وَيَسْرِي فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، وَقَدْ اسْتَوْفَى الزَّوْجُ الْمَنْفَعَةَ بِالْوَطْءِ ، فَلَمْ يَسْقُطْ لَهُ حَقٌّ ، كَمَا لَوْ طَرَأَ رَضَاعٌ أَوْ حُدُوثُ عَيْبٍ مِمَّا يُزِيلُ النِّكَاحَ أَوْ يَفْسَخُهُ .
وَأَنَّهُ إنْ شَرَطَ عَلَيْهَا دَوَامَ النِّكَاحِ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَرَضِيَتْ لَزِمَهَا ، وَأَنَّهُ يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ أَحْمَدَ ، فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ الْعِتْقَ بِشَرْطٍ .
وَإِنْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِعِتْقِهِ ، قِيلَ : يَجُوزُ جَهْلُهُ ، وَقِيلَ : لَا يُخَالِفُهَا ظَاهِرٌ ( م 11 ) فَلَا فَسْخَ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَكَذَا لَا فَسْخَ إنْ ادَّعَتْ جَهْلَ مِلْكِ الْفَسْخِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ فِيهِمَا : بَلَى ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَعَلَيْهِمَا وَطْءُ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ ، وَقِيلَ : لَا يَسْقُطُ ، وَلَا خِيَارَ بِعِتْقِهِمَا مَعًا ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَعَنْهُ : يَنْفَسِخُ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، كَاحْتِمَالٍ فِي الْوَاضِحِ فِي عِتْقِهِ وَحْدَهُ ، بِنَاءً عَلَى غِنَاهُ عَنْ أَمَةٍ بِحُرَّةٍ ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَجْهًا إنْ وَجَدَ طَوْلًا ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ : لَا خِيَارَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فِيهِ لَا فِيهَا ، قَالَ : فَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً مُطْلَقًا فَبَانَتْ أَمَةً فَلَا خِيَارَ لَهُ ، وَلَوْ نَكَحَتْ رَجُلًا مُطْلَقًا فَبَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ ، وَكَذَا فِي الِاسْتِدَامَةِ ، كَذَا قَالَ .
مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَتْ جَهْلًا بِعِتْقِهِ قِيلَ : يَجُوزُ جَهْلُهُ ، وَقِيلَ : لَا يُخَالِفُهَا ظَاهِرًا انْتَهَى .
( الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَمِثْلُهَا يَجْهَلُهُ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّوَابُ ، فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .
وَمَنْ زَوَّجَ مُدَبَّرَةً لَهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا ، قِيمَتُهَا مِائَةٌ بِعَبْدٍ عَلَى مِائَتَيْنِ مَهْرًا ثُمَّ مَاتَ عَتَقَتْ ، وَلَا فَسْخَ قَبْلَ الدُّخُولِ ؛ لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ أَوْ يَتَنَصَّفَ ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَرِقُّ بَعْضَهَا ، فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ .
وَمَنْ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ وَلَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ فَلَا حُكْمَ لِوَلِيِّهَا فِيهِ ، وَتُخَيَّرُ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ بَلَغَتْ سِنًّا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا وَعَقَلَتْ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ بِنْتَ سَبْعٍ .
وَيَقَعُ طَلَاقُهُ الْبَائِنُ قَبْلَ الْفَسْخِ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ تَفْسَخُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ .
وَإِنْ عَتَقَتْ مُعْتَدَّةٌ رَجْعِيَّةٌ أَوْ عَتَقَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَلَهَا الْفَسْخُ ، وَقِيلَ : وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ ، وَمَتَى فَسَخَتْ الْمُعْتَقَةُ بَعْدَ دُخُولِهَا فَالْمُسَمَّى ، ثُمَّ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلسَّيِّدِ ، وَلَا مَهْرَ قَبْلَهُ ، وَنَقَلَ مِنْهَا : بَلْ نِصْفُهُ لَهُ وَإِلَّا الْمُتْعَةُ ، حَيْثُ تَجِبُ لِوُجُوبِهِ لَهُ ، فَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ .
إذَا بَانَ مَجْبُوبًا أَوْ لَمْ يَبْقَ مَا يَطَأُ بِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ دَعْوَاهُ الْوَطْءَ بِبَقِيَّتِهِ قُبِلَ قَوْلُهَا ، فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ بَانَ عِنِّينًا لَا يُمْكِنُهُ [ الْوَطْءُ ] بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ لَهَا الْفَسْخَ ، وَالْمَذْهَبُ تَأْجِيلُهُ سَنَةً مُنْذُ تَرَافُعِهِ ، وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا مَا اعْتَزَلَتْهُ فَقَطْ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهَا فَسَخَتْ ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ عُنَّتَهُ فَقِيلَ : يُؤَجَّلُ ، وَعَنْهُ : لِلْبِكْرِ ، وَالْأَصَحُّ : لَا ، وَيَحْلِفُ ، فِي الْأَصَحِّ ، فَإِنْ أَبَى أُجِّلَ ، وَقِيلَ : تُرَدُّ الْيَمِينُ .
وَإِنْ ادَّعَى وَطْأَهَا مَعَ إنْكَارِ عُنَّتِهِ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِمَرَّةٍ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَفِي قَدْرِهَا وَجْهَانِ ( م 1 ) وَالْأَصَحُّ وَلَوْ فِي حَيْضٍ وَإِحْرَامٍ وَنَحْوِهِ ، فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ وَقَالَتْ : أَنَا بِكْرٌ وَلَهَا بَيْنَهُ أَجَلٌ ، وَتَحْلِفُ لِدَعْوَاهُ عَوْدُ بَكَارَتِهَا .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ ، وَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِزَوَالِهَا لَمْ يُؤَجَّلْ ، وَيَحْلِفُ لِدَعْوَاهَا زَوَالَ عُذْرَتِهَا بِغَيْرِ مَا ادَّعَاهُ .
بَابُ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ .
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَقَرَّتْ بِمَرَّةٍ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَفِي قَدْرِهَا وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَذَكَرَهُمَا احْتِمَالَيْنِ فِي الْمُجَرَّدِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَكْفِي تَغْيِيبُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ الْمَقْطُوعِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ ( قُلْت ) : قَدْ حَكَمَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ كَالْحَشَفَةِ ، فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ ، فَلْيَكُنْ هَذَا مِثْلَهَا .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُشْتَرَطُ إيلَاجُ بَقِيَّتِهِ ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( قُلْت ) : وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَأَوْلَى .
وَكَذَا إنْ أَقَرَّ بِعُنَّتِهِ وَأَجَّلَ وَادَّعَى وَطْأَهَا فِي الْمُدَّةِ ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَاهُ ابْتِدَاءً ، وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ وَتَأْجِيلِهِ قُبِلَ قَوْلُهَا ، وَعَنْهُ : قَوْلُهُ ، وَعَنْهُ : تُخَلَّى مَعَهُ وَيُخْرِجُ مَاءَهُ عَلَى شَيْءٍ ، فَإِنْ قَالَتْ لَيْسَ مَنِيًّا فَإِنْ ذَابَ بِنَارٍ فَمَنِيٌّ ، وَبَطَلَ قَوْلُهَا ، وَإِلَّا قَوْلُهُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ .
: وَفِي الْوَاضِحِ إنْ ادَّعَتْ عُنَّتَهُ فَأَنْكَرَ أُجِّلَ ، فَإِنْ تَمَّتْ سَنَةٌ فَادَّعَى وَطْأَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالرِّوَايَاتُ ، وَفِي زَوَالِ عُنَّتِهِ بِوَطْئِهِ غَيْرَهَا أَوْ وَطْئِهَا فِي نِكَاحِ مُتَقَدِّمٍ أَوْ فِي دُبُرٍ وَجْهَانِ ( م 2 ) لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي إمْكَانِ طَرَيَانِهَا ، عَلَى مَا فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، وَعَلَى مَا فِي الْمُغْنِي ، وَلَوْ أَمْكَنَ ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ ، فَلِهَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ لَوْ عَجَزَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي زَوَالِ عُنَّتِهِ بِوَطْئِهِ غَيْرَهَا أَوْ وَطْئِهَا فِي نِكَاحِ مُتَقَدِّمٍ أَوْ فِي دُبُرٍ وَجْهَانِ ؛ لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي إمْكَانِ طَرَيَانِهَا ، عَلَى مَا فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى مَا فِي الْمُغْنِي ، وَلَوْ أَمْكَنَ ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ .
انْتَهَى .
قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ وَطِئَ غَيْرَهَا أَنَّ الْعُنَّةَ لَا تَزُولُ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) أَنَّ الْعُنَّةَ تَزُولُ بِذَلِكَ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : وَيَخْرُجُ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهَا تَزُولُ بِفِعْلِ ذَلِكَ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَتَزُولُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي فَرْجٍ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ : اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُمْكِنُ طَرَيَانُهَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ تَعَذَّرَ الْوَطْءُ فِي إحْدَى الزَّوْجَيْنِ أَوْ يُمْكِنُ فِي الدُّبُرِ دُونَ غَيْرِهِ .
انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَإِنْ وَطِئَ غَيْرَهَا أَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ فِي نِكَاحٍ آخَرَ لَمْ تَزُلْ عُنَّتُهُ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَطْرَأُ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : تَزُولُ .
انْتَهَى .
قَالَ الزَّرْكَشِيّ : وَلَعَلَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَصَوُّرِ طَرَيَانِ الْعُنَّةِ ، وَقَدْ وَقَعَ لِلْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهَا لَا تَطْرَأُ ، وَكَلَامُهُمَا هُنَا يَدُلُّ عَلَى طَرَيَانِهَا .
انْتَهَى .
وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةٌ ، عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا الْقَاضِي ( م 3 ) وَهَلْ يَبْطُلُ بِحُدُوثِهِ فَلَا يَفْسَخُ لِوَلِيٍّ ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ ضَرَبَتْ لَهُ الْمُدَّةَ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا الْقَاضِي .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الْوَطْءِ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَهُنَا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ ، فَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ : وَهَلْ يَبْطُلُ بِحُدُوثِهِ فَلَا يَفْسَخُ الْوَلِيُّ ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
لَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا حَدَثَ بِهَا جُنُونٌ فَهَلْ يَبْطُلُ ضَرْبُ الْمُدَّةِ بِذَلِكَ فَلَا يَفْسَخُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا يَبْطُلُ فَيَفْسَخُ ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِمَا فِيمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ ، عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا .
وَإِنْ بَانَتْ مَسْدُودَةَ الْفَرْجِ بِحَيْثُ لَا يَسْلُكُهُ الذَّكَرُ لِرَتْقٍ أَوْ قَرَنٍ أَوْ عَفَلٍ أَوْ فَتْقًا بِانْخِرَاقِ السَّبِيلَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ : أَوْ وُجِدَ اخْتِلَاطُهُمَا لِعِلَّةٍ ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ أَكْثَرُ أَوْ بَانَ بِأَحَدِهِمَا جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ أَوْ جُنُونٌ وَلَوْ أَفَاقَ .
وَفِي الْوَاضِحِ : جُنُونٌ غَالِبٌ ، وَفِي الْمُغْنِي .
أَوْ إغْمَاءٌ ، لَا أَغِمَاءَ مَرِيضٍ لَمْ يَدُمْ ، يَثْبُتُ الْخِيَارُ .
.
وَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالْبَخَرِ ، وَهُوَ نَتْنُ الْفَمِ وَنَتْنٌ يَثُورُ فِي الْفَرْجِ عِنْدَ الْوَطْءِ وَانْخِرَاقِ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ ، وَرَغْوَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ ، وَاسْتِطْلَاقِ بَوْلٍ وَنَجْوٍ وَقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ فِيهِ وَبَاسُورٍ وَنَاصُورٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَخِصَاءٍ وَسُلٍّ وَوِجَاءٍ وَوِجْدَانِ أَحَدِهِمَا خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ لَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ .
وَخَصَّهُ فِي الْمُغْنِي بِالْمُشْكِلِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ عَكْسُهُ ، وَوِجْدَانِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ وَحُدُوثُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ .
وَفِي الْمُوجَزِ : وَبَوْلِ كَبِيرَةٍ فِي الْفِرَاشِ ، وَالْقَرَعِ فِي الرَّأْسِ وَلَهُ رِيحٌ مُنْكَرَةٌ ، وَجْهَانِ ( م 4 - 20 ) وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي بَخَرٍ رِوَايَتَيْنِ وَذَكَرَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ فِي وُجُودِ عَيْبٍ بِهِ مِثْلُهُ .
وَكَذَا إنْ تَغَايَرَتْ ، وَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهُ .
مَسْأَلَةٌ 4 - 20 ) قَوْلُهُ : فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالْبَخَرِ ، وَانْخِرَاقِ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ ، وَرَغْوَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ ، وَاسْتِطْلَاقِ بَوْلٍ ، وَنَجْوٍ ، وَقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ فِيهِ ، وَبَاسُورٍ ، وَنَاصُورٍ ، وَاسْتِحَاضَةٍ ، وَخِصَاءٍ ، وَسُلٍّ ، وَوِجَاءٍ ، وَوِجْدَانِ أَحَدُهُمَا خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ لَا ، وَوِجْدَانِ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ ، وَحُدُوثُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَالْقَرَعِ فِي الرَّأْسِ وَلَهُ رِيحٌ مُنْكَرَةٌ وَجْهَانِ ، ذَكَرَ هُنَا سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً ، أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي أَكْثَرِهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي فِي كَوْنِهِ خُنْثَى ، وَوِجْدَانِ أَحَدِهِمَا بِصَاحِبِهِ مِثْلَ عَيْبِهِ وَالْبَخَرِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِيمَا سِوَى الْخِصَاءِ وَالسُّلِّ وَالْوِجَاءِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبُلْغَةِ إلَّا فِيمَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِيمَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا مِثْلَهُ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ فِي الْخِصَاءِ وَالسُّلِّ وَالْوِجَاءِ ، وَإِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ .
أَحَدُهُمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ كُلِّهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ إلَّا فِي الْبَخَرِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالْقَرَعِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ إلَّا فِي انْخِرَاقِ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فِي غَيْرِ مَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ ، أَوْ حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَقَطَعَ فِي الْكَافِي بِثُبُوتِهِ بِالْخَرْقِ بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ : يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِانْخِرَاقِ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي
الْكَافِي .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو حَفْصٍ : يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ وَلَا نَجْوَهُ ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ : فَيَخْرُجُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ بِهِ بَاسُورٌ وَنَاصُورٌ وَقُرُوحٌ سَيَّالَةٌ فِي الْفَرْجِ ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ : وَالْخِصَاءُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ .
وَقَالَ أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ : يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْبَخَرِ .
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : إذَا وُجِدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى فَلَهُ الْخِيَارُ ، فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِالِاسْتِحَاضَةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقَةِ الْجَدِيدِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَالْمُجَرَّدِ ، قَالَهُ النَّاظِمُ ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ، وَالشِّيرَازِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ فِيهِ ، وَصَحَّحَ فِي الْمُذْهَبِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِي الْبَخَرِ وَاسْتِطْلَاقِ الْبَوْلِ وَالنَّجْوِ ، وَالْبَاسُورِ وَالنَّاسُورِ وَالْقُرُوحِ السَّيَالَةِ فِي الْفَرْجِ ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ ، وَحُدُوثِ هَذِهِ الْعُيُوبِ بَعْدَ الْعَقْدِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ كُلِّهِ ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعُيُوبَ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي غَيْرِ مَا أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافُ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي غَيْرِ حُدُوثِ الْعَيْبِ وَغَيْرِ مَا أَطْلَقَا فِيهِ الْخِلَافُ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْبَخَرِ مَعَ كَوْنِهِ عَيْبًا ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ : لَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ النَّاظِمِ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْقَاضِي فِي
التَّعْلِيقِ الْقَدِيمِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخِلَافِ ، وَابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ الْبَنَّا ، وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ ، وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ ، أَعْنِي بِاخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ فِيمَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِانْخِرَاقِ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْمَنِيِّ وَالْبَوْلِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ وَالشَّارِحِ وَالزَّرْكَشِيِّ عَدَمُ الثُّبُوتِ بِالِاسْتِحَاضَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
تَنْبِيهَانِ .
( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : وَوِجْدَانِ أَحَدُهُمَا خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ لَا ، يَعْنِي إذَا كَانَ مُشْكِلًا وَقُلْنَا بِجَوَازِ نِكَاحِهِ أَوْ غَيْرَ مُشْكِلٍ ، فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمُشْكِلَ وَغَيْرَ الْمُشْكِلِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَخَصَّهُ فِي الْمُغْنِي بِالْمُشْكِلِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ عَكْسُهُ ( قُلْت ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالْمُغْنِي يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُمَا ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَفِي الْبَخَرِ وَكَوْنِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
فَأَطْلَقَ الْخُنْثَى .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُشْكِلٍ أَوْ مُشْكِلًا ، وَصَحَّ نِكَاحُهُ فِي وَجْهٍ .
انْتَهَى .
فَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا فِيهِمَا ، كَمَا تَرَى ، وَخَصَّهُ فِي الْمُذْهَبِ بِكَوْنِهِ مُشْكِلًا .
قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ : يُسْتَعْمَلُ لِلْبَخَرِ السِّوَاكُ ، فَيَأْخُذُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَرَقَ آسٍ مَعَ زَبِيبٍ مَنْزُوعِ الْعَجَمِ بِقَدْرِ الْجَوْزَةِ ، وَاسْتِعْمَالُ الْكَرَفْسِ ، وَمَضْغُ النَّعْنَاعِ جَيِّدٌ فِيهِ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : وَالدَّوَاءُ الْقَوِيُّ لِعِلَاجِهِ أَنْ يَتَغَرْغَرَ بِالصَّبْرِ كُلَّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى الرِّيقِ وَوَسَطَ النَّهَارِ وَعِنْدَ النَّوْمِ ، وَيَتَمَضْمَضُ بِالْخَرْدَلِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أُخَرُ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يَتَغَيَّرُ فَمُهُ ، إلَى أَنْ يَبْرَأَ .
وَإِمْسَاكُ الذَّهَبِ فِي الْفَمِ يُزِيلُ الْبَخَرَ .
.
وَفِي الرَّوْضَةِ إنْ انْتَشَرَ ذَكَرُ خَصِيٍّ فَتَأَتَّى الْوَطْءُ بِهِ لَمْ يَكُنْ عِنِّينًا وَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ ، كَفَقْدِ مَاءِ امْرَأَةٍ ، وَإِلَّا فَعَيْبٌ كَجَبٍّ .
وَلَا فَسْخَ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ ، كَعَوَرٍ وَعَرَجٍ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ : وَهَلْ يُحَطُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِقَدْرِ النَّقْصِ ؟ فِيهِ نَظَرٌ .
وَقِيلَ لِشَيْخِنَا : لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ عُيُوبِ الْفَرْجِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا ؟ قِيلَ : قَدْ عُلِمَ أَنَّ عُيُوبَ الْفَرْجِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْوَطْءِ لَا يُرْضَى بِهَا فِي الْعَادَةِ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ ، بِخِلَافِ اللَّوْنِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تُرَدُّ بِهِ الْأَمَةُ ، فَإِنَّ الْحُرَّةَ لَا تُقَلَّبُ كَمَا تُقَلَّبُ الْأَمَةُ ، وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَ رِضًا مُطْلَقًا ، وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً ، فَبَانَتْ بِدُونِهَا ، فَإِنْ شَرَطَ فَقَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ، وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ ، وَكَذَا بِالْعَكْسِ ، وَهُوَ مَذْهَبٌ ( م ) ، وَالشَّرْطُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَفْظًا أَوْ عُرْفًا ، فَفِي الْبَيْعِ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِسَلِيمٍ مِنْ الْعُيُوبِ ، وَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ لَمْ يَرْضَ بِمَنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا ، وَالْعَيْبُ الَّذِي يَمْنَعُ كَمَالَ الْوَطْءِ لَا أَصْلَهُ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ .
وَأَمَّا مَا أَمْكَنَ مَعَهُ الْوَطْءُ وَكَمَالُهُ فَلَا تَنْضَبِطُ فِيهِ أَغْرَاضُ النَّاسِ ، وَالشَّارِعُ قَدْ أَبَاحَ النَّظَرَ بَلْ أَحَبَّهُ إلَى الْمَخْطُوبَةِ ، وَقَالَ : { فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا } وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَرَهَا ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعَلِّلْ الرُّؤْيَةَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَهَا النِّكَاحُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَجِبُ ، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِدُونِهَا .
وَلَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ أَنْ يَصِفُوا الْمَرْأَةَ الْمَنْكُوحَةَ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهَا بِلَا رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ ، وَيَلْزَمُ النِّكَاحُ ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، قَالَ : وَهَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالْأَمْوَالِ أَنَّ النِّسَاءُ يَرْضَى بِهِنَّ فِي الْعَادَةِ فِي الصِّفَاتِ
الْمُخْتَلِفَةِ ، [ وَالْأَمْوَالَ لَا يَرْضَى بِهَا عَلَى الصِّفَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ ] إذْ الْمَقْصُودُ بِهَا التَّمَوُّلُ ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ الْمُصَاهَرَةُ وَالِاسْتِمْتَاعُ ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ ، فَهَذَا فَرْقٌ شَرْعِيٌّ مَعْقُولٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ ، أَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ لِاشْتِرَاطِهِ صِفَةً فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا وَبِالْعَكْسِ فَإِلْزَامُهُ بِمَا لَمْ يَرْضَ بِهِ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ ، وَلَوْ قَالَ ظَنَنْتُهَا أَحْسَنَ مِمَّا هِيَ أَوْ مَا ظَنَنْت فِيهَا هَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ كَانَ هُوَ الْمُفَرِّطُ ، حَيْثُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَرَهَا ، وَلَا أَرْسَلَ مَنْ رَآهَا ، وَلَيْسَ مِنْ الشَّرْعِ وَالْعَادَةِ أَنْ تُوصَفَ لَهُ فِي الْعَقْدِ كَمَا تُوصَفُ الْإِمَاءُ [ فِي السَّلَمِ ] فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صَانَ الْحَرَائِرَ عَنْ ذَلِكَ ، وَأَحَبَّ سِتْرَهُنَّ ، وَلِهَذَا نُهِيَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَعْقِدَ نِكَاحَهَا ، فَإِذَا كُنَّ لَا يُبَاشِرْنَ الْعَقْدَ فَكَيْفَ يُوصَفْنَ ، أَمَّا الرَّجُلُ فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ ، يَرَاهُ مَنْ شَاءَ ، فَلَيْسَ فِيهِ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ ، وَالْمَرْأَةُ إذَا فَرَّطَ الزَّوْجُ فَالطَّلَاقُ بِيَدِهِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْهَدْيِ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا فِي قَطْع يَدٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ عَمًى أَوْ خَرَسٍ أَوْ طَرَشٍ وَكُلِّ عَيْبٍ يَفِرُّ الزَّوْجُ الْآخَرُ مِنْهُ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ : يُوجِبُ الْخِيَارَ ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ ، وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَى السَّلَامَةِ ، فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ عُرْفًا ، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ هُشَيْمٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى بَعْضِ السِّعَايَةِ ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَانَ عَقِيمًا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَعْلَمْتهَا أَنَّك عَقِيمٌ ؟ قَالَ : لَا .
قَالَ : فَانْطَلِقْ فَأَعْلِمْهَا ثُمَّ خَيِّرْهَا .
وَقَالَ وَكِيعٌ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ
الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إذَا تَزَوَّجَهَا بَرْصَاءَ أَوْ عَمْيَاءَ فَدَخَلَ بِهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ [ قَالَ ] خَاصَمَ رَجُلٌ إلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ : إنَّ هَؤُلَاءِ قَالُوا إنَّا نُزَوِّجُك أَحْسَنَ النَّاسِ ، فَجَاءُونِي بِامْرَأَةٍ عَمْيَاءَ ، فَقَالَ شُرَيْحٌ : إنْ كَانَ دَلَّسَ لَك بِعَيْبٍ لَمْ يَجُزْ .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : يُرَدُّ النِّكَاحُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ عُضَالٍ .
وَاخْتَارَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ رَدَّ الْمَرْأَةَ بِمَا تُرَدُّ بِهِ الْأَمَةُ فِي الْبَيْعِ ، حَكَاهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ وَجَدَهَا مَجْبُوبٌ رَتْقَاءَ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا ؛ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ بِعَيْبٍ نَفْسِهِ ، وَاخْتَارَ فِي الْفُصُولِ إنْ لَمْ يَطَأْ لِنَضْوَتِهَا فَكَرَتْقَاءَ .
وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ : وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ الشَّيْخُوخَةَ فِي أَحَدِهِمَا عَيْبٌ يُفْسَخُ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ ، وَلَوْ بَانَ عَقِيمًا فَلَا خِيَارَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُبَيِّنَ لَهَا ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : إذَا كَانَ بِهِ جُنُونٌ أَوْ وَسْوَاسٌ أَوْ تَغَيُّرٌ فِي عَقْلٍ وَكَانَ يَعْبَثُ وَيُؤْذِي رَأَيْتُ أَنْ أُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَلَا يُقِيمُ عَلَى هَذَا ، [ وَلَا خِيَارَ بِغَيْرِ ذَلِكَ ] وَخِيَارُ شَرْطٍ وَعَيْبٍ وَفِيهِ وَجْهٌ مُتَرَاخٍ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ وَلَوْ زَادَ أَوْ ظَنَّهُ يَسِيرًا أَوْ وُجِدَتْ مِنْهُ دَلَالَةُ الرِّضَا مَعَ عِلْمِهِ سَقَطَ خِيَارُهُ .
وَلَا يَسْقُطُ فِي عُنَّةٍ بِلَا قَوْلٍ ، فَيَسْقُطُ بِهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا .
الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَلَا يَسْقُطُ خِيَارٌ فِي عُنَّةٍ بِلَا قَوْلٍ ، فَيَسْقُطُ بِهِ .
انْتَهَى .
تَابَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ ، وَتَابَعَهُ أَيْضًا صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ ، فَقَطَعُوا بِذَلِكَ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ بُطْلَانُ الْخِيَارِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى وَطْءٍ أَوْ تَمْكِينٍ أَوْ يَأْتِي بِصَرِيحِ الرِّضَى ، وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : لَمْ نَجِدْ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِ الْجَدِّ .
انْتَهَى .
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْقَوْلَ ، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ .
وَلَا فَسْخَ إلَّا بِحُكْمٍ فَيُفْسَخُ أَوْ يَرُدُّهُ إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ .
وَفِي الْمُوجَزِ : يَتَوَلَّاهُ هُوَ ، وَإِنْ فَسَخَ مَعَ غَيْبَتِهِ أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَلَاعِنِينَ بَعْدَ غَيْبَتِهِمَا فَفِي الِانْتِصَارِ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا ( م 21 ) وَفِي التَّرْغِيبِ : لَا يُطْلَقُ عَلَى عِنِّينٍ ، كَمُولٍ ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا ، وَعَنْهُ : بَلَى ، كَلِعَانٍ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : الْحَاكِمُ لَيْسَ هُوَ الْفَاسِخَ ، وَإِنَّمَا [ هُوَ ] يَأْذَنُ وَيْحُكُمْ بِهِ ، فَمَتَى أَذِنَ أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ [ فَعَقَدَ أَوْ فَسَخَ ] لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ ، لَكِنْ لَوْ عَقَدَ هُوَ أَوْ فَسَخَ فَهُوَ فِعْلُهُ ، وَفِيهِ الْخِلَافُ ، لَكِنْ إنْ عَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ فَسَخَ بِلَا حُكْمٍ فَأَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، فَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ .
وَخَرَّجَ شَيْخُنَا بِلَا حُكْمٍ فِي الرِّضَا بِعَاجِزٍ عَنْ الْوَطْءِ كَعَاجِزٍ عَنْ النَّفَقَةِ ، وَمَتَى زَالَ الْعَيْبُ فَلَا [ فَسْخَ ، وَكَذَا إنْ عُلِمَ حَالَةَ الْعَقْدِ ، وَمَنَعَهُ فِي الْمُغْنِي فِي عِنِّينٍ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُصْرَاةِ ، وَيُتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهِ مِثْلُهُ ] .
" مَسْأَلَةُ 21 " قَوْلُهُ : وَلَا فَسْخَ إلَّا بِحُكْمٍ ، فَيُفْسَخُ أَوْ يُرَدُّ إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ .
وَفِي الْمُوجَزِ يَتَوَلَّاهُ هُوَ ، وَإِنْ فَسَخَ مَعَ غَيْبَتِهِ أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَلَاعِنِينَ بَعْدَ غَيْبَتِهِمَا فَفِي الِانْتِصَارِ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ ( قُلْت ) : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ .
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ : لَا يَصِحُّ .
[ وَلَا مَهْرَ بِفَسْخٍ فِيهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَلَهَا بَعْدَهُ الْمُسَمَّى ، كَمَا لَوْ ظَهَرَ الْعَيْبُ ، قَالَ ] فِي التَّرْغِيبِ : عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَقِيلَ عَنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي فَسْخِ الزَّوْجِ لِشَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ قَدِيمٍ ، وَقِيلَ فِيهِ : يُنْسَبُ قَدْرُ نَقْصِ مَهْرِ الْمِثْلِ ؛ لِأَجْلِ ذَلِكَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَامِلًا ، فَيَسْقُطُ مِنْ الْمُسَمَّى بِنِسْبَتِهِ ، فَسَخَ أَوْ أَمْضَى ، وَقَاسَهُ فِي الْخِلَافِ عَلَى الْبَيْعِ الْمَعِيبِ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : مُسَمًّى بِلَا حَقٍّ ، وَمِثْلٌ لِسَابِقٍ ، وَالْخَلْوَةُ كَهِيَ فِيمَا لَا خِيَارَ فِيهِ .
وَيَرْجِعُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، عَلَى الْغَارِّ ، وَالْمَذْهَبُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ فِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رُؤْيَتُهَا فَوَجْهَانِ ( م 22 ) وَمِثْلُهَا فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْغَارِّ لَوْ زَوَّجَ امْرَأَةً فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ غَيْرَهَا ، وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ .
وَتُجَهَّزُ زَوْجَتُهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ .
نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا رُجُوعَ ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْفَسْخُ .
مَسْأَلَةٌ 22 " قَوْلُهُ : وَيَرْجِعُ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، عَلَى الْغَارِّ ، وَالْمَذْهَبُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ عَدَمُ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رُؤْيَتُهَا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ، إذَا أَنْكَرَ الْوَلِيُّ عَدَمَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ وَلَا بَيِّنَةَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ مُطْلَقًا ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : فَإِنْ أَنْكَرَ الْغَارِمُ عِلْمَهُ بِهِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَحَلَفَ بَرِئَ ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَيْبُ جُنُونًا ، وَقِيلَ : الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إلَّا فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ ، وَقِيلَ : إنْ كَانَ الْوَلِيُّ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا كَأَبَاعِدِ الْعَصَبَاتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ ، إلَّا أَنَّهُ فَصَّلَ بَيْنَ عُيُوبِ الْفَرْجِ وَغَيْرِهَا ، فَيُسَوِّي بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا .
انْتَهَى .
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ لِلْمُصَنِّفِ ، وَأَطْلَقَهَا الزَّرْكَشِيّ .
وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيُّ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مَعِيبًا يُرَدُّ بِهِ إلَّا بِاخْتِيَارِ مَنْ هِيَ أَهْلٌ لَهُ ، فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ مَعَ جَهْلِهِ بِهِ ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، وَعَكْسُهُ وَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ إذَنْ أَوْ يَنْتَظِرُهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 23 ) وَفِي الرِّعَايَةِ الْخِلَافُ إنْ أَجْبَرَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْإِيضَاحِ مَعَ جَهْلِهِ ، وَتُخَيَّرُ .
وَمِثْلُهُ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ بِمَعِيبَةٍ ، وَ [ فِي التَّرْغِيبِ ] فِي تَزْوِيجِ مَجْنُونٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ بِمِثْلِهِ وَمَلَكَ الْوَلِيُّ الْفَسْخَ إنْ صَحَّ وَجْهَانِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ يَلْزَمُهَا الْمَنْعُ مِنْ مَجْبُوبٍ ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْكَبِيرَةُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا لَمْ تُمْنَعْ ، وَقِيلَ : بَلَى ، كَمَجْنُونٍ وَمَجْذُومٍ وَأَبْرَصَ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : وَلِبَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ الْمَنْعُ ، كَغَيْرِ الْكُفْءِ ، وَإِنْ عَلِمَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ ، أَوْ حَدَثَ بِهِ ، لَمْ يُجْبِرْهَا ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَلِيِّ فِي ابْتِدَائِهِ لَا [ فِي ] دَوَامِهِ .
.
" مَسْأَلَةٌ 23 " قَوْلُهُ : وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مَعِيبًا يُرَدُّ بِهِ إلَّا بِاخْتِيَارِ مَنْ هِيَ أَهْلٌ لَهُ ، فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ [ مَعَ ] جَهْلِهِ بِهِ ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ إذًا أَوْ يَنْتَظِرُهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا ، لَهُ الْفَسْخُ إذَا عَلِمَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَنْتَظِرُهَا ، فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ ، بِتَعْدَادِ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ .
بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ .
وَهُوَ صَحِيحٌ حُكْمُهُ كَنِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَنُقِرُّهُمْ عَلَى فَاسِدِهِ إذَا اعْتَقَدُوا حِلَّهُ وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا ، وَعَنْهُ : إلَّا عَلَى مَا لَا مَسَاغَ لَهُ عِنْدَنَا ، كَنِكَاحِ ذَاتِ مَحْرَمٍ ، وَمَجُوسِيٍّ كِتَابِيَّةً ، فَإِنْ أَتَوْنَا قَبْلَ عَقْدِهِ عَقَدْنَاهُ عَلَى حُكْمِنَا ، وَإِنْ أَتَوْنَا بَعْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُبَاحُ أُذِنَ ، كَعَقْدِهِ فِي عِدَّةٍ فَرَغَتْ أَوْ بِلَا شُهُودٍ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، أَوْ بِلَا وَلِيٍّ ، أَوْ عَلَى أُخْتٍ مَاتَتْ أُقِرَّا .
نَقَلَ مُهَنَّا : مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ عَلَيْهِ .
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ : قُلْت لِعَطَاءٍ : أَبَلَغَك { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ } ؟ قَالَ : مَا بَلَغَنَا إلَّا ذَاكَ .
وَابْنُ جُرَيْجٍ أَيْضًا يَرْوِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قِصَّةً أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَحْرُمُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَعَنْهُ : مَعَ تَأْيِيدِ مَفْسَدَةٍ أَوْ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ .
فَلَوْ نَكَحَ بِنْتَهُ أَوْ مَنْ هِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَمِنْ كَافِرٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) .
بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ " مَسْأَلَةٌ 1 " قَوْلُهُ : فَلَوْ نَكَحَ بِنْتَهُ أَوْ مَنْ هِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَمِنْ كَافِرٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةٍ كَافِرٌ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
إحْدَاهُمَا : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، نَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
وَفِي حُبْلَى مِنْ زِنًا ، وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ إلَى مُدَّةٍ هُمَا فِيهَا وَجْهَانِ ( م 2 و 3 ) وَفِي التَّرْغِيبِ : لَوْ طَرَأَ الْمُفْسِدُ كَعِدَّةِ مَنْ وَطِئَ شُبْهَةً لَمْ يُؤَثِّرْ .
.
" مَسْأَلَةٌ 2 و 3 " قَوْلُهُ : وَفِي حُبْلَى مِنْ زِنًا ، وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ إلَى مُدَّةٍ هُمَا فِيهَا وَجْهَانِ انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ .
" الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 " إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُبْلَى مِنْ زِنًا فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا .
" الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 " إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ أَوْ إلَى مُدَّةٍ هُمْ فِيهَا ، فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا .
وَلَوْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَحْرَمَ وَأَسْلَمَ الْآخَرَانِ لَمْ تَتَنَجَّزْ الْفُرْقَةُ ، وَفِيهِ : لَوْ تَحَاكَمُوا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ إلَّا إذَا عَقَدَ كَمُسْلِمٍ ، إلَّا فِي الْوَلِيِّ لَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الشُّهُودِ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
وَإِنْ اسْتَدَامَ نِكَاحَ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا مُعْتَقِدًا حِلَّهُ لَمْ يُقِرَّا عَلَى الْأَصَحِّ .
وَإِنْ وَطِئَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا ، وَإِلَّا فَلَا ، وَكَذَا أَهْلُ ذِمَّةٍ ، فِي ظَاهِرِ الْمُغْنِي .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَا يُقَرُّونَ .
وَمَتَى كَانَ الْمَهْرُ صَحِيحًا أَخَذَتْهُ ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَقَبَضَتْهُ اسْتَقَرَّ ، فَلَوْ أَسْلَمَا فَانْقَلَبَتْ خَمْرٌ خَلًّا وَطَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِهِ أَمْ لَا وَجْهَانِ ( م 4 ) وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ مِثْلِهِ احْتِمَالَانِ ( م 5 ) وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ وَجَبَ حِصَّةُ ( م 6 ) مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ .
وَتُعْتَبَرُ الْحِصَّةُ فِيمَا يَدْخُلُ كَيْلٌ وَوَزْنٌ بِهِ ، وَفِي مَعْدُودٍ قِيلَ بِعَدِّهِ ، وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ عِنْدَهُمْ ، فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَعَنْهُ : لَا شَيْءَ لَهَا فِي خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ مُعَيَّنٍ ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مِنْ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ مَهْرًا قَبَضَتْهُ ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَمَتَى كَانَ الْمَهْرُ صَحِيحًا أُخِذَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَقَبَضَهُ اسْتَقَرَّ فَلَوْ أَسْلَمَا فَانْقَلَبَتْ خَمْرٌ خَلًّا وَطَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِهِ أَمْ لَا وَجْهَانِ [ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ ] ( قُلْت ) : الصَّوَابُ رُجُوعُهُ بِنِصْفِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فِي الْحَالَيْنِ أَعْنِي حَالَةَ الْعَقْدِ عِنْدَهُمْ وَحَالَةَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْجَمِيعِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) : قَوْلُهُ : وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ مِثْلِهِ احْتِمَالَانِ .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ مِثْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ ، وَتَقَدَّمَ لَهُ نَظِيرُهَا فِي الْغَصْبِ وَغَيْرِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) : قَوْلُهُ : وَلَوْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ وَجَبَ حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتُعْتَبَرُ الْحِصَّةُ فِيمَا يَدْخُلُ كَيْلٌ وَوَزْنٌ بِهِ ، وَفِي مَعْدُودِ قِيلَ بِعَدِّهِ ، وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ عِنْدَهُمْ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْحِصَّةِ فِيمَا يَدْخُلُهُ الْعَدُّ بِعَدِّهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يُعْتَبَرُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ : وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَشْرَ زِقَاقِ خَمْرٍ مُتَسَاوِيَةً فَقَبَضَتْ بَعْضَهَا وَجَبَ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالْكَيْلِ ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَالثَّانِي يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهَا ، فَإِنْ أَصْدَقَهَا عَشْرَ خَنَازِيرَ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ ، أَحَدُهُمَا يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهَا ، وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ بِقِيمَتِهَا ، وَإِنْ أَصْدَقَهَا كَلْبًا وَخِنْزِيرَيْنِ وَثَلَاثَ زِقَاقٍ خَمْرٍ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ، أَحَدُهَا يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَتِهَا عِنْدَهُمْ ، وَالثَّانِي يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْأَجْنَاسِ فَيُجْعَلُ لِكُلِّ جُزْءٍ ثُلُثُ الْمَهْرِ ، وَالثَّالِثُ
يُقَسَّمُ عَلَى الْعَدَدِ كُلِّهِ فَيُجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ الْمَهْرِ .
انْتَهَى .
وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا ، وَقِيلَ : أَوْ فِي الْمَجْلِسِ ، أَوْ زَوْجُ كِتَابِيَّةٍ ، بَقِيَ نِكَاحُهُمَا ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ غَيْرُ الْكِتَابِيَّيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ ، وَلَا مَهْرَ ، وَعَنْهُ : لَهَا نِصْفُهُ ، وَعَنْهُ : إنْ سَبَقَهَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، فَلَوْ ادَّعَتْ سَبَقَهُ فَعَكْسُهُ قُبِلَ قَوْلُهَا .
وَإِنْ قَالَ : أَسْلَمْنَا مَعًا فَلَا فَسْخَ فَعَكَسْتُهُ فَوَجْهَانِ ( م 7 ) وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَ فَلَهَا نِصْفُهُ ، وَقَالَ الْقَاضِي : إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ لَمْ تُطَالِبْهُ ، وَمَعَ قَبْضِهَا لَا يَرْجِعُ بِهِ .
فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى فَرَاغِ الْعِدَّةِ .
فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِيهَا بَقِيَ النِّكَاحُ ، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسْخَهُ مُنْذُ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ ، وَعَنْهُ : يَنْفَسِخُ فِي الْحَالِ ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ .
تَنْبِيهٌ ) قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا لَا مَهْرَ لَهَا فِيمَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا : اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : هُوَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ : الْخِرَقِيُّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَذْهَبُ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : تَفَرُّعًا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ : فَلَوْ ادَّعَتْ سَبْقَهُ فَعَكْسُهُ قُبِلَ قَوْلُهَا ، وَإِنْ قَالَ أَسْلَمْنَا مَعًا فَلَا فَسْخَ فَعَكَسْته فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، فَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا .
أَحَدُهُمَا : الْقَوْلُ قَوْلُهَا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْجَامِعِ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ، عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) الْقَوْلُ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ بَقَاءَ نِكَاحِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ ، وَالْأَمْرُ إلَيْهَا ، وَلَا حُكْمَ لَهُ عَلَيْهَا ، وَلَا حَقَّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَسْتَفْصِلْ ، وَهُوَ مَصْلَحَةٌ مَحْضَةٌ ، وَكَذَا عِنْدَهُ إنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا ، وَأَنَّهَا مَتَى أَسْلَمَتْ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ اخْتَارَ ، وَقَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا : إنَّمَا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْكَافِرِ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَلَمَّا نَزَلَ التَّحْرِيمُ أَسْلَمَ أَبُو الْعَاصِ فَرُدَّتْ عَلَيْهِ زَيْنَبُ ، وَلَا ذِكْرَ لِلْعِدَّةِ فِي حَدِيثٍ ، وَلَا أَثَرَ لَهَا فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ ، وَكَذَا أَيْضًا لَمْ يُنَجِّزْ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْفُرْقَةَ فِي حَدِيثٍ ، وَلَا جَدَّدَ نِكَاحًا وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي يَهُودِيٍّ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، قِيلَ لَهُ : لَمْ يَكُنْ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَاعْتَزَلَتْهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ أَتُزَوَّجُ ؟ قَالَ : فِيهِ اخْتِلَافٌ .
فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَطِئَ وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِيهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا .
وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَقِيلَ : بَلَى إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ فِيهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي السَّابِقِ ، وَقِيلَ : قَوْلُهُ ، كَاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهَا بَعْدَهُ فَقَالَتْ فِيهَا فَقَالَ بَعْدَهَا .
وَلَوْ لَاعَنَ ثُمَّ أَسْلَمَ صَحَّ لِعَانُهُ ، وَإِلَّا فَسَدَ ، فَفِي الْحَدِّ إذًا وَجْهَانِ ( م 8 و 9 ) فِي التَّرْغِيبِ ، كَهُمَا فِيمَنْ ظَنَّ صِحَّةَ نِكَاحٍ فَلَاعَنَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ .
وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا .
مَسْأَلَةٌ 8 ، 9 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ لَاعَنَ ثُمَّ أَسْلَمَ صَحَّ لِعَانُهُ ، وَإِلَّا فَسَدَ ، فَفِي الْحَدِّ إذًا وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ، كَهُمَا فِيمَنْ ظَنَّ صِحَّةَ نِكَاحٍ ، فَلَاعَنَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8 ) إذَا لَاعَنَ وَلَمْ يُسْلِمْ فَسَدَ ، وَهَلْ يُحَدُّ إذًا أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ .
أَحَدُهُمَا : لَا يُحَدُّ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلِّعَانِ ، وَلَكِنْ مَنَعَ مَانِعٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يُحَدُّ .
( تَنْبِيهٌ ) .
الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ صُورَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَا كَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ ثُمَّ لَاعَنَ وَلَمْ يُسْلِمْ ، وَأَمَّا إذَا لَاعَنَ وَهُمَا كَافِرَانِ فَإِنَّ اللِّعَانَ يَصِحُّ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ وَقَالَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9 ) إذَا ظَنَّ صِحَّةَ النِّكَاحِ فَلَاعَنَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ ، فَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُهُ فَلَا يُحَدُّ ؟ أَمْ لَا يَصِحُّ فَيُحَدُّ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَحَدُهُمَا ) لَا يُحَدُّ ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ بِصِحَّةِ اللِّعَانِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَعَلَى هَذَا لَا يُحَدُّ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُحَدُّ ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يُحَدُّ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَسَادَ النِّكَاحِ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ اللِّعَانِ ، وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ أَعَمُّ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ بِالْفَسَادِ قَبْلَ اللِّعَانِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ ، وَالْمَهْرُ يَسْقُطُ بِرِدَّتِهَا ، وَيَتَنَصَّفُ بِرِدَّتِهِ ، وَفِيهِ بِرِدَّتِهِمَا مَعًا وَجْهَانِ ( م 10 ) .
وَهَلْ تَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ تَقِفُ عَلَى فَرَاغِ الْعِدَّةِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 11 ) وَاخْتَارَ شَيْخُنَا كَمَا تَقَدَّمَ .
فَإِنْ وَقَفَتْ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ بِرِدَّتِهَا .
( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ فِي الِارْتِدَادِ وَالْمَهْرُ يَسْقُطُ بِرِدَّتِهَا وَيَتَنَصَّفُ بِرِدَّتِهِ ، وَفِيهِ بِرِدَّتِهِمَا مَعًا وَجْهَانِ [ انْتَهَى ] ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ .
( أَحَدُهُمَا ) يَسْقُطُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَسْقُطُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ : الْأَظْهَرُ التَّنْصِيفُ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ تَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ تَقِفُ عَلَى فَرَاغِ الْعِدَّةِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ [ انْتَهَى ] وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا ، تَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَشَارِحِ الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ : هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّبْدَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَإِنْ وَطِئَهَا أَوْ طَلَّقَ وَلَمْ تَتَعَجَّلْ الْفُرْقَةَ ، فَفِي الْمَهْرِ وَوُقُوعِ طَلَاقِهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ ( م 12 ) .
( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَهَا أَوْ طَلَّقَ وَلَمْ تَتَعَجَّلْ الْفُرْقَةَ فَفِي الْمَهْرِ وَوُقُوعِ طَلَاقِهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ .
انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ وُجُوبُ الْمَهْرِ ، وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ، وَقَدْ قَطَعَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا بِوُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يُسْلِمَا حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ .
وَإِنْ انْتَقَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ ، أَوْ تَمَجَّسَ كِتَابِيٌّ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ ، فَكَالرِّدَّةِ .
وَإِنْ تَمَجَّسَتْ دُونَهُ فَوَجْهَانِ ( م 13 ) .
" ( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ انْتَقَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ ، أَوْ تَمَجَّسَ كِتَابِيٌّ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ ، فَكَالرِّدَّةُ ، وَإِنْ تَمَجَّسَتْ دُونَهُ فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا ، هُوَ كَالرِّدَّةِ أَيْضًا ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) النِّكَاحُ بِحَالِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ ( قُلْت ) : وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ نِكَاحِ الْمَجُوسِيَّةِ لِلْكِتَابِيِّ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النِّكَاحُ بِحَالِهِ ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ إذَا تَمَجَّسَتْ لَا تُقَرُّ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَالرِّدَّةِ ، وَهُوَ الصَّوَابِ .
وَمَنْ هَاجَرَ إلَيْنَا بِذِمَّةٍ مُؤَبَّدَةٍ أَوْ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً وَالْآخَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَنْفَسِخْ .
وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ امْرَأَةٌ وَأُخْتُهَا وَنَحْوُهَا فَأَسْلَمَتَا مَعَهُ اخْتَارَ وَاحِدَةً : وَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا حُرِّمَتْ الْأُمُّ أَبَدًا ، وَالْبِنْتُ إنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا ، وَالْمَهْرُ لِلْأُمِّ .
.
وَإِنْ أَسْلَمَ وَقَدْ نَكَحَ فَوْقَ أَرْبَعٍ مُطْلَقًا فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَمْسَكَ أَرْبَعًا وَفَارَقَ بَقِيَّتَهُنَّ ، وَلَوْ مُتْنَ أَوْ الْبَعْضُ ، وَفِي حَالِ إحْرَامِهِ وَجْهَانِ ( م 14 ) لِلْخَبَرِ { أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ } وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ قَدْ تَقَعُ عَلَى مَنْ يُحِبُّهَا فَيُفْضِي إلَى تَنْفِيرِهِ ، وَيَكْفِي نَحْوُ أَمْسَكْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ تَرَكْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ اخْتَرْتُ هَذِهِ لِلْفَسْخِ ، وَلَوْ أَسْقَطَ " اخْتَرْتُ " فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ يَلْزَمُهُ فِرَاقُ بَقِيَّتِهِنَّ ( و م ) وَالْمَهْرُ لِمَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِالِاخْتِيَارِ ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ ، وَعِدَّةُ الْمَتْرُوكَاتِ مُنْذُ اخْتَارَ ، وَقِيلَ : مُنْذُ أَسْلَمَ ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ أُجْبِرَ بِحَبْسٍ ثُمَّ تَعْزِيرٍ ، قَالَ الشَّيْخُ : كَإِيفَاءِ الدَّيْنِ ، وَلَهُنَّ النَّفَقَةُ حَتَّى يَخْتَارَ .
فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَقَدْ اخْتَارَهَا ، فِي الْأَصَحِّ ، كَوَطْئِهَا ، وَفِيهِ وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ كَرَجْعَةٍ ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ هُنَا لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا اخْتِيَارًا ، لِلْخَبَرِ ، فَإِنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا كَانَ طَلَاقًا وَاخْتِيَارًا .
( مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفِي حَالِ إحْرَامِهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يَجُوزُ الِاخْتِيَارُ حَالَ الْإِحْرَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي .
وَإِنْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى فَوَجْهَانِ ( م 15 ) فَإِنْ طَلَّقَ الْكُلَّ ثَلَاثًا تَعَيَّنَ أَرْبَعٌ بِالْقُرْعَةِ ، وَلَهُ نِكَاحُ الْبَقِيَّةِ ، وَقِيلَ : لَا قُرْعَةَ ، وَيُحَرَّمْنَ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ ، وَإِنْ وَطِئَ الْكُلَّ تَعَيَّنَ الْأُوَلُ .
مَسْأَلَةٌ 15 " قَوْلُهُ : وَإِنْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى فَوَجْهَانِ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا ، لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ : لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا ، عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هَذَا أَشْهُرُ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي التَّذْكِرَةِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْجَامِعِ وَابْنُ عَقِيلٍ .
انْتَهَى ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَكُونُ اخْتِيَارًا ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي ، قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ : وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَمُخْتَارَةٌ .
وَقَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَطَلَاقُهُ وَوَطْؤُهُ اخْتِيَارٌ لِإِظْهَارِهِ وَإِيلَاؤُهُ ، فِي وَجْهِ .
وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ فَقِيلَ : يَلْزَمُ الْكُلَّ عِدَّةُ وَفَاةٍ ، وَقِيلَ : الْأَطْوَلُ مِنْهَا أَوْ عِدَّةُ طَلَاقٍ ( م 16 ) وَتَرِثُهُ أَرْبَعٌ بِقُرْعَةٍ ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ وَلَسْنَ كِتَابِيَّاتٍ مَلَكَ إمْسَاكًا وَفَسْخًا فِي مُسْلِمَةٍ خَاصَّةٍ .
وَلَهُ تَعْجِيلُ الْإِمْسَاكِ مُطْلَقًا ، وَتَأْخِيرُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْبَقِيَّةِ أَوْ يُسْلِمْنَ ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ وَقَدْ اخْتَارَ أَرْبَعًا فَعِدَّتُهُنَّ مُنْذُ أَسْلَمَ ، وَإِنْ أَسْلَمْنَ فَقِيلَ كَذَلِكَ .
وَقِيلَ : مُنْذُ اخْتَارَ ( م 17 ) وَيَلْزَمُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ فَأَقَلَّ مُسْلِمَاتٍ بِفَرَاغِ عِدَّةِ الْبَقِيَّةِ ، وَلَا يَصِحُّ فَسْخُ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا إسْلَامُ أَرْبَعٍ ، وَقِيلَ : يُوقَفُ .
مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ فَقِيلَ يَلْزَمُ الْكُلَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ ، وَقِيلَ الْأَطْوَلُ مِنْهَا أَوْ عِدَّةُ طَلَاقٍ انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ .
أَحَدُهُمَا ، عَلَى الْجَمِيعِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهُنَّ الْأَطْوَلُ مِنْهَا أَوْ عِدَّةُ طَلَاقٍ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْفُصُولِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ، وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قَالَ الشَّارِحُ : هَذَا الصَّحِيحُ وَالْأَوْلَى وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ جِدًّا ، بَلْ لَوْ قِيلَ : إنَّهُ خَطَأٌ ، لَاتَّجَهَ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ .
( مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ وَلَسْنَ كِتَابِيَّاتٍ مَلَكَ إمْسَاكًا وَفَسْخًا فِي مُسْلِمَةٍ خَاصَّةً وَلَهُ تَعْجِيلُ الْإِمْسَاكِ مُطْلَقًا وَتَأْخِيرُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْبَقِيَّةِ أَوْ يُسْلِمْنَ ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ وَقَدْ اخْتَارَ أَرْبَعًا فَعِدَّتُهُنَّ مُنْذُ أَسْلَمَ ، وَإِنْ أَسْلَمْنَ فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : مُنْذُ اخْتَارَ .
انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
أَحَدُهُمَا ، حُكْمُهُنَّ حُكْمُ مَنْ لَمْ يُسْلِمْنَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّبْدَةِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يَعْتَدِدْنَ مُنْذُ اخْتَارَ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَهُوَ أَوْلَى .
وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ مُطْلَقًا اخْتَارَ إنْ جَازَ لَهُ نِكَاحُهُنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ بِإِسْلَامِهِنَّ ، وَإِلَّا فَسَدَ ، وَإِنْ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ اُعْتُبِرَ عَدَمُ الطَّوْلِ ، وَخَوْفُ الْعَنَتِ وَقْتَ إسْلَامِهِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُنَّ بَعْدَهُ ثُمَّ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَ الْبَقِيَّةُ اخْتَارَ مِنْ الْكُلِّ ، وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَلَوْ بَعْدَهُنَّ وَقِيلَ : بَلْ قَبْلَهُنَّ ، وَهِيَ تُعِفُّهُ تَعَيَّنَتْ ، كَحُرَّةٍ تَحْتَهُ تُعِفُّهُ وَإِمَاءٌ فَأَسْلَمَتْ مُطْلَقًا فَسَدَ نِكَاحُ غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُعْتَقْنَ ثُمَّ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَكَالْحَرَائِرِ .
وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ تَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ ثِنْتَيْنِ ، وَكَذَا إنْ عَتَقَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ ، وَإِنْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ ، أَوْ أَسْلَمْنَ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ ، لَزِمَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ ؛ لِثُبُوتِ خِيَارِهِ حُرًّا ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ فَأَسْلَمَتْ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ فَأَسْلَمَتَا فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَيَانِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 18 ) .
مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ يَعْنِي الْعَبْدَ فَأَسْلَمَتْ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ فَأَسْلَمَتَا فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَيَانِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : لَا تَتَعَيَّنُ الْأُولَيَانِ ، بَلْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ الْأَرْبَعِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنَّهُمَا قَالَا : اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : تَتَعَيَّنَانِ ، فَهَذِهِ ثَمَانِ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .
تُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ ، وَكَرِهَ فِي التَّبْصِرَةِ تَرْكَهَا ، وَيُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُهُ وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مُهُورِ أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَنَاتِهِ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ ، وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ لَا يُزَادُ عَلَى مَهْرِ بَنَاتِهِ أَرْبَعِمِائَةٍ ، وَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً صَحَّ مَهْرًا وَإِنْ قَلَّ .
قَالَ جَمَاعَةٌ : وَلِنِصْفِهِ قِيمَةٌ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : لَهُ أَوْسَطُ النُّقُودِ ثُمَّ أَدْنَاهَا ، وَفِي مَنْفَعَتِهِ الْمَعْلُومَةِ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ ، وَقِيلَ : وَمَنْفَعَةُ حُرٍّ رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ الرِّوَايَتَانِ فِي مَنْفَعَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ، ثُمَّ ذَكَرُوا عَنْ أَبِي بَكْرٍ يَصِحُّ فِي خِدْمَةٍ مَعْلُومَةٍ كَبِنَاءِ الْحَائِطِ لَا خِدْمَتِهَا فِيمَا شَاءَتْ شَهْرًا .
وَلَا يَضُرُّ جَهْلٌ يَسِيرٌ أَوْ غَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ فِي الْأَصَحِّ .
بَابُ الصَّدَاقِ " مَسْأَلَةٌ 1 " قَوْلُهُ : وَفِي مَنْفَعَتِهِ الْمَعْلُومَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً رِوَايَتَانِ انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
إحْدَاهُمَا : يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَفُصُولِهِ ، وَصَاحِبُ الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يَصِحُّ ، وَقَدْ لَاحَ لَك بِهَذَا أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ شَيْئًا ، وَأَنَّ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ الصِّحَّةَ ( تَنْبِيهٌ ) .
ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرُهُمْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَنَافِعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ، وَأَطْلَقُوا الْمَنْفَعَةَ وَلَمْ يُقَيِّدُوهَا بِالْعِلْمِ ، وَإِنَّمَا قَيَّدُوهَا بِالْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ ، ثُمَّ قَالُوا : وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَصِحُّ فِي خِدْمَةٍ مَعْلُومَةٍ كَبِنَاءِ حَائِطٍ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَلَا يَصِحُّ إنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً ، كَرَدِّ عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ خِدْمَتِهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَتْ سَنَةً .
فَقَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ بِالْعِلْمِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّةَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَفِي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَقِيلَ الْمُقَدَّرَةُ ، رِوَايَتَانِ وَقِيلَ : إنْ عَيَّنَّا الْعَمَلَ صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا .
انْتَهَى .
فَتُلَخَّصُ ثَلَاثُ طُرُقٍ ، وَالْمُخْتَارُ مِنْهَا طَرِيقَةُ أَبِي بَكْرٍ .
فَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شِرَائِهِ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ صَحَّ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَهَا قِيمَتُهُ ، وَكَذَا عَلَى دَيْنٍ سُلِّمَ وَغَيْرِهِ ، وَمَعْدُومٍ لَهُ كَآبِقٍ وَمَبِيعٍ لَمْ يَقْبِضْهُ ، وَقَصِيدَةٍ لَا يُحْسِنُهَا يَتَعَلَّمُهَا ثُمَّ يُعَلِّمُهَا ، وَقِيلَ : لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ ، كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ وَرَدِّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ وَخِدْمَتِهَا سَنَةً فِيمَا شَاءَتْ وَمَا يُثْمِرُ شَجَرُهُ وَنَحْوِهِ وَمَتَاعِ بَيْتِهِ .
وَحُكْمِ أَحَدِهِمَا أَوْ زَيْدٍ وَهُمَا تَفْوِيضُ الْمَهْرِ ، وَتَفْوِيضُ الْبُضْعِ تَزْوِيجُهُ مَنْ يُجْبِرُهَا أَوْ تَأْذَنُ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا بِلَا مَهْرٍ أَوْ مُطْلَقًا بِلَا شَرْطٍ .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا فَاشْتَطَّتْ عَلَيْهِ : لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إذَا أَكْثَرَتْ .
.
وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا أَوْ مِنْ عَبِيدِهِ لَمْ يَصِحَّ ، عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّيْخِ ، كَدَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ ، وَأَطْلَقَ ، وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ ، كَمَوْصُوفٍ ، وَكَمَا لَوْ عَيَّنَ ثُمَّ نَسِيَ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ( م 2 و 3 ) فَلَهَا فِي الْمُطْلَقِ وَسَطُ رَقِيقِ الْبَلَدِ نَوْعًا وَقِيمَةً ، كَالسِّنْدِيِّ بِالْعِرَاقِ ؛ لِأَنَّ أَعْلَى الْعَبِيدِ التُّرْكِيُّ وَالرُّومِيُّ ، وَالْأَدْنَى الزِّنْجِيُّ وَالْحَبَشِيُّ ، وَالْأَوْسَطُ السِّنْدِيُّ وَالْمَنْصُورِيُّ ، وَلَهَا [ وَاحِدٌ ] مِنْ عَبِيدِهِ بِالْقُرْعَةِ [ نَقَلَهُ مُهَنَّا ] وَعَنْهُ : وَسَطُهُمْ ، وَقِيلَ : مَا اخْتَارَتْ ، وَقِيلَ : هُوَ كَنَذْرِهِ عِتْقَ أَحَدِهِمْ ، ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ الْخِلَافُ ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ الصِّحَّةَ فِي عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ ، وَفِي لُزُومِهَا قِيمَةَ الْوَسَطِ إنْ صَحَّ أَوْ الْمَوْصُوفَ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَثَوْبٌ مَرْوِيٌّ وَنَحْوُهُ كَعَبْدٍ مُطْلَقٍ ، لَا ثَوْبَ مُطْلَقٍ ؛ لِأَنَّ أَعْلَى الْأَجْنَاسِ وَأَدْنَاهَا مِنْ الثِّيَابِ غَيْرُ مَعْلُومٍ ، وَثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَنَحْوُهُ ، كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ ( م 5 و 6 ) وَمَنَعَ فِي الْوَاضِحِ فِي غَيْرِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ ، وَمَنَعَ فِي الِانْتِصَارِ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي فَرَسٍ أَوْ ثَوْبٍ .
مَسْأَلَةٌ 2 و 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا أَوْ مِنْ عَبِيدِهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّيْخِ ، وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
انْتَهَى .
شَمَلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ .
" الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 " إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا .
أَحَدُهُمَا : لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : هَذَا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْجَامِعِ ، وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ .
وَنَصَرَهُ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
" الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 " إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي ، وَنَصَرَهُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يَصِحُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ
الْمِائَةِ : إذَا أَصْدَقَهَا بِهِمَا مِنْ أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ .
انْتَهَى .
فَتَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ جَمَاعَةً قَالُوا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهَا ، وَجَمَاعَةً قَالُوا بِالصِّحَّةِ فِيهَا ، وَجَمَاعَةً وَهُمْ الْأَكْثَرُ فَرَّقُوا فَقَالُوا : لَا يَصِحُّ فِي الْأُولَى وَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ إيهَامًا وَجَهَالَةً ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
" مَسْأَلَةٌ 4 " قَوْلُهُ : وَفِي لُزُومِهَا قِيمَةُ الْوَسَطِ أَوْ أَصْدَقَهَا مَوْصُوفًا وَجَاءَ بِقِيمَتِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ قِيمَةِ الْوَسَطِ أَمْ لَا ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ " قَبُولِ " سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا : لَا يَلْزَمُهَا أَخْذُ الْقِيمَةِ فِيهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالنَّظْمِ ، وَبِهِ قَطَعَ الشِّيرَازِيُّ ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ هَذَا الْمَذْهَبُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
" مَسْأَلَةٌ 5 و 6 " قَوْلُهُ وَثَوْبٌ مَرُّوذِيٌّ وَنَحْوُهُ كَعَبْدٍ مُطْلَقٍ ، وَثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَنَحْوُهُ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ .
انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : " مَسْأَلَةُ " ثَوْبٍ مَرُّوذِيٍّ .
" وَمَسْأَلَةُ " ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِهِ .
قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ، فَكَذَا يَكُونُ فِي الْمَقِيسِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ : كُلُّ مَا جَهِلَ دُونَ جَهَالَةِ مَهْرَ الْمِثْلِ صَحَّ .
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ [ أَحْمَدَ ] إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْسِ إبِلٍ أَوْ عَشْرٍ صَحَّ ، وَإِنْ أَصْدَقَهَا عِتْقَ أَمَتِهِ صَحَّ ، لَا طَلَاقَ ضَرَّتِهَا ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ ، فَإِنْ فَاتَ فَمَهْرُهَا ، وَقِيلَ : مَهْرُ مِثْلِهَا ، وَكَذَا جَعْلُهُ إلَيْهَا سَنَةً ، وَقِيلَ : يَسْقُطُ بِفَوْتِهِ .
نَقَلَ مُهَنَّا : إنْ قَالَ أَتَزَوَّجُ بِك وَأُطَلِّقُ امْرَأَتِي فَطَلَّقَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ أَوْ قَالَ أَتَزَوَّجُك عَلَى طَلَاقِهَا وَهُوَ مَهْرُك : لَا يَجُوزُ هَذَا .
وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَلْفًا إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا وَأَلْفَيْنِ مَعَ مَوْتِهِ ، أَوْ أَلْفًا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَلْفَيْنِ مَعَهَا ، فَعَنْهُ : يَصِحُّ ، وَعَنْهُ : لَا ، وَنَصُّهُ : يَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى ، وَكَذَا أَلْفًا إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا وَأَلْفَيْنِ بِهِ وَنَحْوِهِ ( م 7 - 9 ) .
مَسْأَلَةٌ 7 - 9 ) قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَلْفًا إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا ، وَأَلْفَيْنِ مَعَ مَوْتِهِ ، أَوْ أَلْفًا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَلْفَيْنِ مَعَهَا ، فَعَنْهُ : يَصِحُّ وَعَنْهُ : لَا ، وَنَصُّهُ يَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى ، وَكَذَا أَلْفًا إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا ، وَأَلْفَيْنِ بِهِ وَنَحْوُهُ .
انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7 ) إذَا أَصْدَقَهَا أَلْفًا إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا وَأَلْفَيْنِ مَعَ مَوْتِهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ هَذَا أَوْلَى ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ : بَطَلَ فِي الْمَشْهُورِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَصِحُّ ، خَرَّجَهَا الْأَصْحَابُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8 ) إذَا أَصْدَقَهَا أَلْفًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَلْفَيْنِ مَعَهَا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ .
( إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ : هَذَا الْمَشْهُورُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ : هِيَ قِيَاسُ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : لَمْ تَصِحَّ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا : نَصَّ أَحْمَدُ فِي الْأُولَى عَلَى وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ
، فَيَخْرُجُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رِوَايَتَانِ .
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ قَالَ أَصْحَابُنَا : تَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَقَدَّمَ فِي الْبُلْغَةِ عَدَمَ التَّخْرِيجِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْبُلْغَةِ وَحَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأُخْرَى ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ التَّخْرِيجِ فِي الْخِطْبَةِ ، وَتَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ الْفَرْقُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَهُوَ الصَّوَابُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 9 ) إذَا أَصْدَقَهَا أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا وَأَلْفًا إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا .
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ .
وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ لَمْ يَصِحَّ ، كَالْمَنْصُوصِ فِي كِتَابِيَّةٍ ، وَفِيهَا فِي الْمُذْهَبِ يَصِحُّ بِقَصْدِهَا [ الِاهْتِدَاءَ ] بِهَا ، وَعَنْهُ : بَلَى ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ الْأَظْهَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، فَتَعَيَّنَ ، [ وَقِيلَ ] وَالْقِرَاءَةُ ، فَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ ، وَإِنْ عَلَّمَهَا ثُمَّ سَقَطَ رَجَعَ بِالْأُجْرَةِ ، مَعَ تَنْصِيفِهِ بِنِصْفِهَا ، وَإِنْ طَلَّقَهَا وَلَمْ يُعَلِّمْهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ مَا يَلْزَمُهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ ، [ جَزَمَ ] بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ سَمَاعُهُ بِلَا حَاجَةٍ .
وَفِي الْمُذْهَبِ أَصْلُهُ هَلْ صَوْتُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ : يُعَلِّمُهَا مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَلَّمَهَا وَقَالَتْ غَيْرَهُ قُبِلَ قَوْلُهَا ، وَقِيلَ : قَوْلُهُ .
وَفِي الْوَاضِحِ بَقِيَّةُ الْقُرَبِ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ تَخْرُجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ .
وَلَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا [ مِنْ ] التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ لَمْ يَصِحَّ ، وَلَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ مُبَدَّلٌ مُحَرَّمٌ .
وَإِنْ تَزَوَّجَ نِسَاءً بِأَلْفٍ صَحَّ ، وَقَسَّمَ بِقَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِنَّ ، وَقِيلَ : بِعَدَدِهِنَّ .
وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً ، كَقَوْلِهِ : بَيْنَهُنَّ ، وَكَذَا الْخُلْعُ ، وَقِيلَ : بِمُهُورِهِنَّ الْمُسَمَّاةِ ، وَمَعَ فَسَادِ عَقْدِ بَعْضِهِنَّ فِيهِ الْخِلَافُ ، وَقِيلَ : مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي التَّرْغِيبِ مَعَ صِحَّةِ الْعُقُودِ .
وَإِنْ شَرَطَهُ مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلَهُ ، صَحَّ ، وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ ، وَعَنْهُ : حَالًّا ، وَعَنْهُ : لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ خَلَا الْعَقْدُ عَنْ ذِكْرِهِ حَتَّى بِتَفْوِيضِهَا بُضْعَهَا أَوْ مَهْرَهَا أَوْ فَسَدَتْ تَسْمِيَتُهُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : وَعَنْهُ : يَجِبُ بِالْعَقْدِ بِشَرْطِ الدُّخُولِ ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى مِثْلُ مَغْصُوبٍ أَوْ قِيمَتِهِ .
وَفِي الْوَاضِحِ : إنْ بَاعَهُ رَبُّهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ ، وَعَنْهُ : مِثْلُ خَمْرٍ خَلًّا ، وَعَنْهُ : يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِتَسْمِيَةٍ مُحَرَّمَةٍ ، كَخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ وَحُرٍّ يُعَلِّمَانِهِ ، وَتَعَلُّمِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ ، وَخَرَّجَ عَلَيْهَا فِي الْوَاضِحِ فَسَادَهُ بِتَفْوِيضٍ ، كَبَيْعٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْإِيضَاحِ ، وَقِيلَ : { زَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوْهُوبَةَ بِلَا مَهْرٍ إكْرَامًا لِلْقَارِئِ } ، كَتَزْوِيجِهِ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إسْلَامِهِ ، قَالَ الشَّيْخُ : وَنُقِلَ عَنْهُ جَوَازُهُ ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ أَكْرَهُهُ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُونَ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا ، يَضَعُونَهُ عَلَى هَذَا ، وَلَيْسَ هَذَا فِي الْحَدِيثِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بِمَا رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ أَقُولُ : وَإِنْ بَانَ حُرًّا صَحَّ ، وَلَهَا قِيمَتُهُ .
وَكَذَا إنْ بَانَ أَحَدُهُمَا ، وَعَنْهُ : قِيمَتُهُمَا ، وَإِنْ بَانَ نِصْفُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ أَصْدَقَهَا أَلْفَ ذِرَاعٍ فَبَانَ تِسْعُمِائَةٍ خُيِّرَتْ بَيْنَ أَخْذِهِ وَقِيمَةِ الْفَائِتِ وَبَيْنَ قِيمَةِ الْكُلِّ .
وَإِنْ بَانَ خَمْرًا فَمِثْلُهُ ، وَقِيلَ : قِيمَتُهُ ، وَقَدَّمَ فِي الْإِيضَاحِ : مَهْرَ مِثْلِهَا ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا : لَا يَلْزَمُهُ فِيهِنَّ ، وَكَذَا قَالَ فِي مَهْرٍ مُعَيَّنٍ تَعَذَّرَ ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ مِنْ جِهَتِهِ ، وَأَنَّ الْكُلَّ قَالُوا : لَهَا بَدَلُهُ ، وَقَالَ : إنْ لَمْ يَحْصُلُ لَهَا مَا أَصَدَقَتْهُ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ لَازِمًا ، وَإِنْ أُعْطِيت بَدَلَهُ ، كَالْبَيْعِ ، وَأَوْلَى ،
وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مَا أَلْزَمَ بِهِ الشَّارِعُ أَوْ الْتَزَمَهُ ، وَقَالَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ : هَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ ، فَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِامْتِنَاعِ الْعَقْدِ بِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَمْلِكَ الْمَرْأَةُ الْفَسْخَ ، فَإِنَّهَا لَمْ تَرْضَ وَلَمْ تُبِحْ فَرْجَهَا إلَّا بِهَذَا ، وَهُمْ يَقُولُونَ : الْمَهْرُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ أَصْلِيٍّ فَيُقَالُ : كُلُّ شَرْطٍ فَهُوَ مَقْصُودٌ ، وَالْمَهْرُ أَوْكَدُ مِنْ الثَّمَنِ ، لَكِنْ الزَّوْجَانِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِمَا ، وَهُمَا عَاقِدَانِ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، فَإِنَّهُمَا عَاقِدَانِ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِمَا ، وَهَذَا يَقْتَضِي إذَا فَاتَ فَالْمَرْأَةُ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْمُطَالَبَةِ بِالْبَدَلِ ، كَالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ ، لَكِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهُمَا الزَّوْجَانِ بَاقِيَانِ ، فَالْفَائِتُ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ، فَهُوَ كَالْعَيْبِ فِي السِّلْعَةِ ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِطُ بُطْلَانَهُ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ لَازِمًا إنْ رَضِيَ بِدُونِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ ، وَأَمَّا إلْزَامُهُ بِعَقْدٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَا أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ أَنْ يَعْقِدَهُ فَمُخَالِفٌ لِأُصُولِ الشَّرْعِ وَالْعَدْلِ .
وَإِنْ بَانَ الْمَهْرُ الْمُعَيَّنُ بِالْعَقْدِ أَوْ عِوَضُ الْخُلْعِ الْمُنَجَّزُ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا صِفَةً شُرِطَتْ فِيهِ فَكَمَبِيعٍ ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ الْوَاجِبُ إبْدَالُهُ .
وَإِنْ أَصْدَقَهَا مِائَةً لَهَا وَمِائَةً لِأَبٍ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ أَوْ شَرَطَ لَهُ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ ، فَإِنْ تَنَصَّفَ بَعْدَ قَبْضِهِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ ، وَقِيلَ : إلَّا فِي شَرْطِ جَمِيعِهِ لَهُ ، وَكَذَا بَيْعُهُ سِلْعَتَهَا بِمِائَةٍ وَلَهُ مِائَةٌ ، وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ فَكُلُّ الْمُسَمَّى لَهَا ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي الْأَبِ رِوَايَةٌ كَذَلِكَ .
وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتَهُ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ يُتَمَّمُ ، كَبَيْعِهِ بَعْضَ مَالِهَا بِدُونِ ثَمَنِهِ لِسُلْطَانٍ يَظُنُّ بِهِ حِفْظَ الْبَاقِي ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَقِيلَ : لِثَيِّبٍ كَبِيرَةٍ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : إلَّا أَنْ تَرْضَى بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ .
وَإِنْ زَوَّجَهَا بِهِ وَلِيُّ غَيْرِهِ بِإِذْنِهَا صَحَّ ، وَلَا يَنْقُضُهُ أَحَدٌ ، وَبِدُونِ إذْنِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ تَتِمَّتُهُ ، وَنَصُّهُ : الْوَلِيُّ ، وَعَنْهُ : تَتِمَّتُهُ عَلَيْهِ كَمَنْ زَوَّجَ بِدُونِ مَا عَيَّنَتْهُ لَهُ ، وَيُتَوَجَّهُ كَخُلْعٍ .
وَفِي الْكَافِي : لِلْأَبِ تَفْوِيضُهَا .
تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرُ الْأَبِ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَبِدُونِ إذْنِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ تَتِمَّتُهُ ، وَنَصُّهُ : الْوَلِيُّ وَعَنْهُ : تَتِمَّتُهُ عَلَيْهِ .
انْتَهَى .
ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ النَّصَّ هُوَ عَنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهُ ، فَيَحْصُلُ التَّكْرَارُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ قَوْلَهُ " وَنَصُّهُ الْوَلِيُّ " إنَّمَا هُوَ : وَيَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ ، وَحَصَلَ فِيهِ تَصْحِيفٌ ، وَهُوَ وَاضِحٌ ، وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَيَنْتَفِي التَّكْرَارُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ التَّتِمَّةُ وَيَكُونُ الْوَلِيُّ ضَامِنًا لَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَصْرٍ اللَّهِ : لَوْ قَالَ : " وَيَضْمَنُهَا " " زَالَ الْإِيهَامُ انْتَهَى .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ التَّتِمَّةُ وَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْهَا شَيْءٌ .
وَمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَزْيَدَ صَحَّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : مَعَ رِضَاهُ ، وَمَعَ عُسْرَتِهِ لَا يَضْمَنُهُ أَبُوهُ عَنْهُ ، كَثَمَنِ مَبِيعِهِ ، وَعَنْهُ : بَلَى ؛ لِلْعُرْفِ ، وَقِيلَ : الزِّيَادَةُ .
وَفِي النَّوَادِرِ نَقَلَ صَالِحٌ كَالنَّفَقَةِ ، فَلَا شَيْءَ عَلَى ابْنٍ ، كَذَا قَالَ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : النَّفَقَةُ عَلَى الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ ، قُلْت : فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُوطَأُ ؟ قَالَ : إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهُ ، وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ مَعَ الْمَنْعِ مِنْ قِبَلِهِ لَا مِنْ قِبَلِهِمْ ، وَإِنْ قِيلَ لِلْأَبِ : ابْنُك فَقِيرٌ مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ الصَّدَاقُ ؟ فَقَالَ الْأَبُ : عِنْدِي ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ ؟ يُتَوَجَّهُ خِلَافٌ سَبَقَ ، كَقَوْلِهِ أَعْطِ هَذَا ، وَلَمْ يَقُلْ : عَنِّي ، وَلِلْأَبِ قَبْضُ مَهْرِ ابْنَتِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا ، وَعَنْهُ : وَالْبِكْرُ الرَّشِيدَةُ ، زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ : مَا لَمْ تَمْنَعْهُ ، فَعَلَيْهَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ بِقَبْضِهِ ، وَتَرْجِعُ عَلَى أَبِيهَا بِمَا بَقِيَ لَا بِمَا أَنْفَقَ .
.
مَنْ تَزَوَّجَ سِرًّا بِمَهْرٍ وَعَلَانِيَةً بِغَيْرِهِ أَخَذَ بِأَزْيَدِهِمَا ، وَقِيلَ : بِأَوَّلِهِمَا .
وَفِي الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ : يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ نَصَّ أَحْمَدُ مُطْلَقًا ، نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ : يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِهِ ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ فِي بَيْعِ مِثْلِهِ ، فَإِنْ قَالَ : عَقْدٌ وَاحِدٌ تَكَرَّرَ ، وَقَالَتْ : عَقْدَانِ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ ، أُخِذَ بِقَوْلِهَا وَلَهَا الْمَهْرَانِ .
: وَإِنْ اتَّفَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَهْرٍ أُخِذَ بِمَا عَقَدَ بِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، كَعَقْدِهِ هَزْلًا وَتَلْجِئَةً ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي الْبَيْعِ وَجْهَانِ ( م 10 ) وَتُلْحَقُ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالْمَهْرِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُنَصِّفُهُ ، وَخَرَجَ سُقُوطُهُ بِمَا يُنَصِّفُهُ مِنْ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ لِمُفَوِّضَةِ مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ فَرْضِهِ ، وَتَمْلِكُ الزِّيَادَةَ مِنْ حِينِهَا ، نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي أَمَةٍ عَتَقَتْ فَزِيدَ فِي مَهْرِهَا ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي لِمَنْ الْأَصْلُ لَهُ .
مَسْأَلَةٌ 10 " قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَهْرٍ أَخَذَ بِمَا عَقَدَ بِهِ فِي الْأَصَحِّ ، كَعَقْدِهِ هَزْلًا وَتَلْجِئَةً ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي الْبَيْعِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا اتَّفَقَا قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَى ثَمَنٍ ثُمَّ عَقَدَاهُ عَلَى بَيْعِهِ ، فَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِمَا عَقَدَ بِهِ أَوْ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( أَحَدُهُمَا ) الثَّمَنُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ قَطَعَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ، وَقَدْ قَالَ : بَنَيْتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ عَنْ الْقَاضِي ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ ، قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ كَالنِّكَاحِ ، لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي النِّكَاحِ أَنَّهَا تَفِي بِمَا وَعَدَتْ بِهِ وَشَرَطَتْهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ إلَّا مَهْرَ السِّرِّ ، حَتَّى قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ : يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ ، قُلْت : فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ : وَهَلْ زِيَادَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي رَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ ؛ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
يَعْنِي بِهِمَا اللَّتَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْعَبْدِ فِي آخِرِ الْحِجَّةِ فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، وَقَدْ حَرَّرَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْهَبَ هُنَاكَ ، فَلْيُعَاوَدْ ، وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : هُمَا اللَّتَانِ فِي أَرْشِ جِنَايَتِهِ ، وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ وَمَا قُلْنَاهُ أَوْلَى .
وَلَيْسَتْ هَدِيَّتُهُ مِنْ الْمَهْرِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَدْ وَعَدَ بِهِ فَزَوَّجُوا غَيْرَهُ رَجَعَ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَقَالَ : مَا قُبِضَ بِسَبَبِ نِكَاحٍ فَكَمَهْرٍ ، وَقَالَ فِيمَا كُتِبَ فِيهِ الْمَهْرُ : لَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِطَلَاقِهَا .
وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ ، وَلَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ حُرَّةٍ جَازَ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَمَتَى أَذِنَ لَهُ وَأَطْلَقَ نَكَحَ وَاحِدَةً فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهَلْ زِيَادَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي رَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ وَفِي تَنَاوُلِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ احْتِمَالَانِ ( م 11 ) وَيَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِسَيِّدِهِ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَعَنْهُ : بِرَقَبَتِهِ ، وَعَنْهُ : بِهِمَا ، وَعَنْهُ : بِذِمَّتَيْهِمَا ، وَعَنْهُ : بِكَسْبِهِ ، وَمِثْلُهُ النَّفَقَةُ ، وَبِدُونِ إذْنِهِ بَاطِلٌ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَقَالَ الْأَصْحَابُ : كَفُضُولِيٍّ ، وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ ، وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ فَكَنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَفِي رَقَبَتِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : فِي ذِمَّتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَقِيلَ : خُمُسَاهُ ، وَعَنْهُ : الْمُسَمَّى ، وَعَنْهُ : خُمُسَاهُ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُثْمَانَ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ : تُعْطَى شَيْئًا ، قُلْت : تَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُثْمَانَ ؟ قَالَ : أَذْهَبُ إلَى أَنْ تُعْطَى شَيْئًا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هُوَ الْقِيَاسُ ، وَيَفْدِيهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَهْرٍ وَاجِبٍ .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : لَا مَهْرَ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَاهِرِ ، يُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ عَلِمَا : التَّحْرِيمَ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ : أَوْ عَلِمَتْهُ هِيَ ، وَالْإِخْلَالُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ سَهْوٌ .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَنَاوُلِ نِكَاحِ الْفَاسِدِ احْتِمَالَانِ انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ زَوَّجَهُ بِأَمَتِهِ فَنَقَلَ سِنْدِيٌّ يَتْبَعُهُ بِالْمَهْرِ بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : لَا يَجِبُ ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَيَسْقُطُ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ ( م 12 ) .
مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ زَوَّجَهُ بِأَمَتِهِ فَنَقَلَ سِنْدِيٌّ يَتْبَعُهُ بِالْمَهْرِ بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا يَجِبُ ، وَقِيلَ [ بَلَى ] وَيَسْقُطُ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ .
انْتَهَى .
مَا نَقَلَهُ سِنْدِيٌّ هُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ : وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : لَا يَجِبُ ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقِيلَ : يَجِبُ وَيَسْقُطُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَإِنْ زَوَّجَهُ بِحُرَّةٍ ثُمَّ بَاعَهُ لَهَا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهَا فَعَلَى حُكْمِ مُقَاصَّةِ الدَّيْنَيْنِ ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ تَحَوَّلَ مَهْرُهَا إلَى ثَمَنِهِ ، كَشِرَاءِ غَرِيمٍ عَبْدًا مَدِينًا ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتَيْهِمَا سَقَطَ الْمَهْرُ : لِمِلْكِهَا الْعَبْدَ ، وَالسَّيِّدُ تَبَعٌ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنُهُ ، وَيَبْقَى الثَّمَنُ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا ، وَقِيلَ : لَا يَسْقُطُ ، بِنَاءً عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ فَفِي سُقُوطِهِ وَجْهَانِ ( م 13 ) وَالنِّصْفُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْجَمِيعِ إنْ لَمْ يَسْقُطْ ، فِي رِوَايَةٍ ، وَإِنْ بَاعَهُ لَهَا بِمَهْرِهَا صَحَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ ؛ لِجَوَازِ كَوْنِهِ ثَمَنًا لِغَيْرِ هَذَا الْعَبْدِ ، وَفِي رُجُوعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنِصْفِهِ أَوْ بِجَمِيعِهِ الرِّوَايَتَانِ وَعَنْهُ : لَا يَصِحُّ قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ ، وَمِنْ سُقُوطِ الْمَهْرِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُهُ ، وَاخْتَارَ وَلَدُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ : إنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ وَسَقَطَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمِلْكٍ طَارِئٍ بَرِئَتْ ذِمَّةُ سَيِّدٍ ، فَيُلْزَمُ الدُّورَ ، فَيَكُونُ فِي الصِّحَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ الرِّوَايَتَانِ قَبْلَهُ ، وَإِنْ جَعَلَهُ مَهْرَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ ، كَمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ عَلَى رَقَبَةِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الِابْنِ لَوْ مَلَكَهُ ، إذْ نُقَدِّرُهُ لَهُ قَبْلَهَا ، بِخِلَافِ إصْدَاقِ الْخَمْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَمْ يَنْفَسِخْ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، نَقَلَ مُهَنَّا : إذَا قَالَ لَهُ تَزَوَّجْ عَلَى رَقَبَتِك فَهَذَا لَا يَكُونُ أَنْ يُزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ ، وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَخَرَجَ بِالْعَبْدِ عَيْبٌ قَالَ : تَرُدُّهُ وَالْمَهْرُ عَلَى مَوْلَاهُ .
مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ فِيمَا إذَا زَوَّجَهُ بِحُرَّةٍ ثُمَّ بَاعَهُ لَهَا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهَا : وَإِنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ تَحَوَّلَ مَهْرُهَا إلَى ثَمَنِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتَيْهِمَا سَقَطَ الْمَهْرُ وَقِيلَ : لَا يَسْقُطُ ، بِنَاءً عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ ، فَفِي سُقُوطِهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهُ يَسْقُطُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ ؛ لِثُبُوتِهِ قَبْلَ أَنْ تَمْلِكَهُ ، وَأَصْلُهُمَا مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ مَلَّكَهُ هَلْ يَسْقُطُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ .
انْتَهَى .
فَأَفْصَحَ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَهْرِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْعَبْدِ ، وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ فِيهِمَا السُّقُوطُ وَقَدَّمَ السُّقُوطَ أَيْضًا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَسْقُطُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) .
( أَحَدُهُمَا ) قَوْلُهُ : إنْ بَاعَهُ لَهَا بِمَهْرِهَا صَحَّ .
وَفِي رُجُوعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنِصْفِهِ أَوْ بِجَمِيعِهِ الرِّوَايَتَانِ .
انْتَهَى .
مُرَادُهُ بِهِمَا اللَّتَانِ يَأْتِيَانِ قَرِيبًا فِيمَا إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا وَقَدْ أَطْلَقَهُمَا أَيْضًا ، وَيَأْتِي تَصْحِيحُهُمَا هُنَاكَ
وَتَمْلِكُ الْمَهْرَ بِالْعَقْدِ ، وَعَنْهُ : نِصْفَهُ .
وَتَقَدَّمَ الضَّمَانُ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْبَيْعِ ، وَيَتَقَرَّرُ الْمُسَمَّى حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبِقَتْلِهِ .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ .
وَفِي الْوَجِيزِ يَتَقَرَّرُ إنْ قَتَلَ نَفْسَهُ أَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا ، فَظَاهِرُهُ لَا يَتَقَرَّرُ إنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إنْ قَتَلَتْهُ ، وَبِوَطْئِهِ فِي فَرْجٍ ، وَالْأَصَحُّ أَوْ دُبُرٍ ، لَا فَرْجَ مَيِّتَةٍ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ ، وَبِالْخَلْوَةِ ، وَعَنْهُ : أَوْ لَا اخْتَارَهُ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَقَرَّرُ إنْ لَمْ تَمْنَعْهُ وَعَلِمَ بِهَا ، وَعَنْهُ : أَوْ لَا ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمَا مُمَيِّزٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ : سَلِمَ ، وَهُوَ مِمَّنْ يَطَأُ مِثْلُهُ ، بِمَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا .
الثَّانِي ) قَوْلُهُ فِيمَا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ وَبِالْخَلْوَةِ ، وَعَنْهُ أَوْ لَا .
انْتَهَى .
صَوَابُهُ وَعَنْهُ لَا ، وَزِيَادَةُ " أَوْ قَبْلَ " لَا " خَطَأٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا ، وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ أَنَّهُ أَعْمَى ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَقَدْ قَدَّمَ أَصْحَابُنَا هُنَا الْعَادَةَ عَلَى الْأَصْلِ ، فَكَذَا دَعْوَى إنْفَاقِهِ ، فَإِنَّ الْعَادَةَ هُنَاكَ أَقْوَى ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَيُتَوَجَّهُ مِنْ نَصِّهِ هُنَا تَخْرِيجُ رِوَايَةٍ : لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إذَا ادَّعَى مَهْرًا تُخَالِفُهُ الْعَادَةُ ، وَتَخْرُجُ رِوَايَةٌ هُنَا مِنْ قَبُولِهِ هُنَاكَ مُطْلَقًا .
وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَطْءِ .
وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ : قَوْلُ مُنْكِرِهِ ، كَعَدَمِهَا ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ ، فَلَا يَرْجِعُ هُوَ بِمَهْرٍ لَا يَدَّعِيهِ وَلَا لَهَا مَا لَا تَدَّعِيهِ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : وَالتَّسْلِيمُ بِالتَّسْلِيمِ ، وَلِهَذَا لَوْ دَخَلَتْ الْبَيْتَ فَخَرَجَ لَمْ يَكْمُلْ ، قَالَهُ قُبَيْلَ الْمَسْأَلَةِ ، وَفِيهَا يَسْتَقِرُّ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَسَلَّمْ ، كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ ، وَفِي الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ الْخِلَافُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بَقِيَّةُ حُكْمِ وَطْءٍ ، وَقِيلَ كَمَدْخُولٍ بِهَا إلَّا فِي حِلِّهَا لِمُطَلِّقِهَا وَإِحْصَانٍ .
وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ : هِيَ كَمَدْخُولٍ بِهَا ، وَيُجْلَدَانِ إذَا زَنَيَا وَلَوْ اتَّفَقْنَا أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ لَزِمَ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقِرُّ بِمَا يَلْزَمُهُ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي تَنْصِيفِهِ هُنَا رِوَايَتَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا مَانِعٌ ، كَإِحْرَامٍ وَحَيْضٍ وَجَبٍّ وَرَتَقٍ وَنَظَاوَةٍ تَقَرَّرَ ، وَعَنْهُ : إنْ كَانَ بِهِ ، وَعَنْهُ لَا .
الثَّالِثُ ) قَوْلُهُ : وَفِي الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ الْخِلَافُ .
انْتَهَى .
الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْخَلْوَةِ ، هَلْ يُقَرَّرُ الْمَهْرُ كَامِلًا أَمْ لَا ؟ وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّهَا تُقَرِّرُهُ كَامِلًا .
إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالْخِلَافُ الَّذِي فِي الْعِدَّةِ بِالْخَلْوَةِ يَأْتِي فِي أَوَّلِ بَابِ الْعِدَّةِ ، وَقَدَّمَ أَنَّهَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَالْخِلَافُ الَّذِي فِي جَوَازِ الرَّجْعَةِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ إذَا طَلَّقَهَا يَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ ، وَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ رَجْعَتَهَا ، فِي الْمَنْصُوصِ ، وَالْخِلَافُ الَّذِي فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ إذَا خَلَا بِأُمِّهَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا وَتَقَدَّمَ تَصْحِيحُ ذَلِكَ فَلْيُعَاوَدْ .
وَيُقَرِّرُهُ [ لَمْسٌ ] وَنَحْوُهُ لِشَهْوَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَخَرَّجَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْمُصَاهَرَةِ ، قَالَهُ الْقَاضِي مَعَ خَلْوَةٍ ، وَقَالَ إنْ كَانَ عَادَتُهُ تَقَرَّرَ ، وَعَنْهُ : وَنَظَرَ ، فَإِنْ تَحَمَّلَتْ مَاءَ زَوْجٍ فَوَجْهَانِ ( م 14 ) وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ .
مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ فِيمَا يُقَرِّرُ الصَّدَاقَ كَامِلًا وَيُقَرِّرُهُ لَمْسٌ وَنَحْوُهُ لِشَهْوَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ : وَنَظَرٌ فَإِنْ تَحَمَّلَتْ مَاءَ زَوْجٍ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا ، لَا يُقَرِّرُهُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِشَهْوَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ وَالْمُصَاهَرَةُ ، وَلَا تَثْبُتُ رَجْعَةٌ وَلَا مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَلَا يُقَرَّرُ الْمُسَمَّى .
انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقَرِّرُهُ ، وَيَأْتِي نَظِيرَتُهَا فِي أَوَّلِ الْعَدَدِ .
وَيَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ بِكُلِّ فُرْقَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْهُ ، كَخُلْعِهِ وَتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا عَلَى فِعْلِهَا وَتَوْكِيلِهَا فِيهِ ، وَيَسْقُطُ بِفَسْخِهِ لِعَيْبٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ حُرْمَةِ جَمْعٍ ، وَبِكُلِّ فُرْقَةٍ مِنْهَا مُطْلَقًا ، وَعَنْهُ : يَتَنَصَّفُ بِفَسْخِهَا لِشَرْطٍ ، فَيُتَوَجَّهُ فِي فَسْخِهَا لِعَيْبِهِ ، وَفِي فُرْقَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهَا وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ كَلِعَانِهِمَا ؛ وَتَخْيِيرِهَا بِسُؤَالِهَا وَشِرَائِهَا لَهُ رِوَايَتَانِ ( م 15 - 17 ) وَخَرَّجَ الْقَاضِي إنْ لَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ فَمِنْهُ .
مَسْأَلَةٌ 15 - 17 ) قَوْلُهُ : وَفِي فُرْقَةِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهَا وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ كَلِعَانِهَا وَتَخْيِيرِهَا بِسُؤَالِهَا وَشِرَائِهَا لَهُ رِوَايَتَانِ انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 15 ) إذَا تَلَاعَنَا فَهَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ كَامِلًا أَوْ نِصْفُهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ : وَفُرْقَةُ اللِّعَانِ تَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يَتَنَصَّفُ بِهَا الْمَهْرُ ، وَهُوَ قَوِيٌّ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 16 ) تَخْيِيرُهَا بِسُؤَالِهَا ، كَمَا لَوْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ فِي الطَّلَاقِ ، بِأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ الطَّلَاقَ ، فَهَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ أَوْ يَتَنَصَّفُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( إحْدَاهُمَا ) لَا مَهْرَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا انْتَهَى .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَتَنَصَّفُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 17 ) إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا ، وَهَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ أَوْ نِصْفُهُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي مَوْضِعٍ ، وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَتَنَصَّفُ بِهِ الْمَهْرُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ فِي أَحْكَامِ زَوَاجِ الْعَبْدِ
، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ هُنَاكَ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِد : هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ انْتَهَى .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ ، وَهُوَ قَوِيٌّ .
وَفِي شِرَائِهِ لَهَا .
وَفِي الْمُحَرَّرِ [ مِنْ ] مُسْتَحِقِّ مَهْرِهَا وَتَخَالُعِهِمَا وَجْهَانِ ( م 18 و 19 ) .
( مَسْأَلَةٌ 18 ، 19 ) قَوْلُهُ : وَفِي شِرَائِهِ لَهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ مِنْ مُسْتَحِقِّ مَهْرِهَا وَتَخَالُعُهُمَا وَجْهَانِ انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 18 ) إذَا اشْتَرَى الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ أَوْ يَسْقُطُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَتَنَصَّفُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَسْقُطُ كُلُّهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ إنْ طَلَبَ الزَّوْجُ الشِّرَاءَ فَلَهَا الْمُتْعَةُ ، وَإِنْ طَلَبَهُ سَيِّدُهَا فَلَا .
( تَنْبِيهٌ ) .
قَوْلُهُ " وَفِي الْمُحَرَّرِ مِنْ مُسْتَحِقِّ مَهْرِهَا " مِثَالُ غَيْرِ مُسْتَحَقِّهِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِمَّنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ ، فَإِنَّ الْمُبَايِعَ هُنَا لَا يَقُومُ مَقَامَهَا ، فَلَا تَكُونُ الْفُرْقَةُ قَدْ جَاءَتْ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْمَهْرِ ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 19 ) إذَا تَخَالَعَا فَهَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ أَوْ يَتَنَصَّفُ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا يَتَنَصَّفُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمَا وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ : الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ .
انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يَسْقُطُ كُلُّهُ .