كتاب : شرح منتهى الإرادات
المؤلف : منصور بن يونس بن إدريس البهوتي
تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ فَعَلَى نِكَاحِهِمَا ( أَوْ تَمَجَّسَتْ ) الْكِتَابِيَّةُ ( دُونَهُ ) أَيْ دُونَ زَوْجِهَا الْكِتَابِيِّ أَوْ تَمَجَّسَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ ( فَكَرِدَّةٍ ) إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَفَ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ أَشْبَهَ الرِّدَّةَ .
بِفَتْحِ الصَّادِ ، وَكَسْرِهَا يُقَالُ : أَصْدَقْت الْمَرْأَةَ ، وَمَهَرْتُهَا ، وَأَمْهَرْتُهَا حَكَاهَا الزَّجَّاجُ ، وَغَيْرُهُ .
وَفِي الْمُغْنِي ، وَغَيْرِهِ لَا يُقَالُ : أَمْهَرْتُهَا ( وَهُوَ الْعِوَضُ الْمُسَمَّى فِي عَقْدِ نِكَاحٍ ، وَ ) الْمُسَمَّى ( بَعْدَهُ ) أَيْ : النِّكَاحُ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا فِيهِ وَكَمَا يُسَمَّى صَدَاقًا يُسَمَّى مَهْرًا ، وَصَدَقَةً ، وَنِحْلَةً ، وَفَرِيضَةً ، وَأَجْرًا وَعَلَائِقَ ، وَعُقْرًا وَجِبَاءً ( وَهُوَ ) أَيْ : الصَّدَاقُ ( مَشْرُوعٌ فِي نِكَاحٍ ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } .
قَالَ عُبَيْدٌ : يَعْنِي : عَنْ طِيبِ نَفْسٍ بِهِ كَمَا تَطِيبُ النَّفْسُ بِالْهِبَةِ ، وَقِيلَ : نِحْلَةٌ مِنْ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ ، ؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ ، وَزَوَّجَ بَنَاتِهِ عَلَى صَدَاقَاتٍ ، وَلَمْ يَتْرُكْهُ فِي النِّكَاحِ ( وَتُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ ) أَيْ : الصَّدَاقِ ( فِيهِ ) أَيْ : النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } ، وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ وَلِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ وَلَيْسَتْ شَرْطًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا } ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( تَخْفِيفُهُ ) أَيْ : الصَّدَاقِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا { أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مُؤْنَةً } رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ ، ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا ؟ فَقَالَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرُوقِ هَذَا الْجَبَلِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
( وَ ) يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصْنَ عَنْ عَشَرَةِ
دَرَاهِمَ ( وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ ) فِضَّةٍ ( وَهُوَ ) أَيْ : الْمَذْكُورُ مِنْ الْأَرْبَعِمِائَةِ ( صَدَاقُ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى خَمْسِمِائَةٍ ) دِرْهَمٍ فِضَّةٍ ( وَهِيَ ) أَيْ : الْخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ ( صَدَاقُ أَزْوَاجِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَوَى أَبُو الْعَجْفَاءِ قَالَ : " سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ : لَا تُغَالُوا فِي صَدُقَاتِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى فِي الْآخِرَةِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : { سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً ، وَنَشًّا .
} قَالَتْ : أَتَدْرِي مَا النَّشُّ ؟ قُلْت لَا : قَالَتْ : نِصْفُ أُوقِيَّةٍ فَتِلْكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيُّ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، ، وَالْأُوقِيَّةُ كَانَتْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ( وَإِنْ زَادَ ) الصَّدَاقُ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ( فَلَا بَأْسَ ) لِحَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا ، وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ زَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ ، وَأَمْهَرَهَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، وَجَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ ، وَبَعَثَ بِهَا مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ فَلَمْ يَبْعَثْ إلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَلَوْ كُرِهَ لَأَنْكَرَهُ ( وَكَانَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } الْآيَةَ
( وَلَا يَتَقَدَّرُ ) الصَّدَاقُ ( فَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا ) فِي بَيْعٍ ( أَوْ أُجْرَةٍ ) فِي إجَارَةٍ ( صَحَّ مَهْرًا ، وَإِنْ قَلَّ ) لِحَدِيثِ { الْتَمِسْ ، وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ } وَحَدِيثِ { لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْطَى امْرَأَةً صَدَاقًا مِلْءَ يَدِهِ طَعَامًا كَانَتْ لَهُ حَلَالًا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ ، وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ { أَنَّ امْرَأَةً مِنْ فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَضِيَتْ مِنْ مَالِكِ ، وَنَفْسِكِ بِنَعْلَيْنِ قَالَتْ : نَعَمْ فَأَجَازَهُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَصَحَّحَهُ .
وَاشْتَرَطَ الْخِرَقِيِّ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفٌ يُتَمَوَّلُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى فَلْسٍ وَنَحْوِهِ ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ ، وَصَاحِبُ الْإِقْنَاعِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ عَلَى عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ ( ، وَلَوْ عَلَى مَنْفَعَةِ زَوْجٍ أَوْ ) مَنْفَعَةِ ( حُرٍّ غَيْرِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( مَعْلُومَةٍ ) أَيْ : الْمَنْفَعَةِ ( مُدَّةً مَعْلُومَةً كَرِعَايَةِ غَنَمِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً ) ( أَوْ ) عَلَى ( عَمَلٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( أَوْ ) مِنْ ( غَيْرِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبِهَا ، وَرَدِّ قِنِّهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( مِنْ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ ) ، وَمَنَافِعُ الْحُرِّ ، وَالْعَبْدِ سَوَاءٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ شُعَيْبٍ لِمُوسَى { إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحُكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ } ؛ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ يَجُوزُ الْعِوَضُ عَنْهَا فِي الْإِجَارَةِ فَجَازَتْ صَدَاقًا كَمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا مَمْنُوعٌ بِأَنَّهُ يَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَنْهَا وَبِهَا .
ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَالًا فَقَدْ أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْمَالِ ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَجْهُولَةً كَرَدِّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ أَوْ خِدْمَتِهَا فِيمَا شَاءَتْ لَمْ يَصِحَّ الْإِصْدَاقُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ ، وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ .
( وَ ) كَأَنْ يُصْدِقَهَا ( تَعْلِيمَهَا ) أَيْ : الْمَنْكُوحَةَ ( مُعَيَّنًا مِنْ فِقْهٍ أَوْ
حَدِيثٍ ) إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً فَيُعَيِّنُ الَّذِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كُلُّهُ أَوْ بَابٌ مِنْهُ أَوْ مَسَائِلُ مِنْ بَابٍ ، وَفِقْهُ أَيِّ مَذْهَبٍ وَأَيِّ كِتَابٍ مِنْهُ ، وَأَنَّ التَّعْلِيمَ تَفْهِيمُهُ إيَّاهَا أَوْ تَحْفِيظُهُ ( أَوْ شِعْرٍ مُبَاحٍ أَوْ أَدَبٍ ) مِنْ نَحْوٍ ، وَصَرْفٍ ، وَمَعَانٍ ، وَبَيَانٍ وَبَدِيعٍ وَنَحْوِهِ ( أَوْ ) يُصْدِقَهَا تَعْلِيمَهَا ( صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ ) أَيْ : الْعَمَلَ الَّذِي أَصْدَقَهُ إيَّاهَا ( ، وَيَتَعَلَّمُهُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا ) إيَّاهُ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا مَالًا فِي ذِمَّتِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَالَ الْإِصْدَاقِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ لَهَا مَنْ يُعَلِّمُهَا ( وَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ أَيْ : مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ مِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( لَزِمَهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا ) وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهَا أَوْ أَصْدَقَهَا خِيَاطَةَ ثَوْبٍ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ وَنَحْوُهُ ، وَإِنَّ مَرِضَ أُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَخِيطُهُ ، وَإِنْ جَاءَتْهُ بِغَيْرِهَا لِيُعَلِّمَهُ مَا أَصْدَقهَا لَمْ يَلْزَمْهُ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي عَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إيقَاعُهُ فِي غَيْرِهَا ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ فَأَتَتْهُ بِغَيْرِهِ لِيَخِيطَهُ لَهَا ؛ وَلِأَنَّ الْمُتَعَلِّمِينَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّعْلِيمِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْلِيمِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ غَيْرِهَا .
وَإِنْ أَتَاهَا بِغَيْرِهِ لِيُعَلِّمَهَا لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ لِاخْتِلَافِ الْمُعَلِّمِينَ فِي التَّعْلِيمِ وَقَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّعَلُّمِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ زَوْجَهَا ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ : مَنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً تَعْلِيمَ شَيْءٍ ( بِطَلَاقِهَا قَبْلَ تَعْلِيمٍ ، وَدُخُولٍ ) بِهَا ( نِصْفُ الْأُجْرَةِ ) لِلتَّعْلِيمِ ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلَا تُؤْمَنُ فِي تَعْلِيمِهَا الْفِتْنَةُ .
( وَ ) إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَعْلِيمٍ ( بَعْدَ دُخُولٍ فَ ) عَلَيْهِ ( كُلُّهَا )
أَيْ : الْأُجْرَةِ لِاسْتِقْرَارِ مَا أَصْدَقَهَا بِالدُّخُولِ ( وَإِنْ عَلَّمَهَا ) مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ ( ثُمَّ سَقَطَ ) الصَّدَاقُ لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا ( رَجَعَ ) الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ ( بِالْأُجْرَةِ ) لِتَعْلِيمِهَا لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ بِالتَّعْلِيمِ .
( وَ ) يَرْجِعُ ( مَعَ تَنَصُّفِهِ ) أَيْ : الصَّدَاقِ لِنَحْوِ طَلَاقِهِ إيَّاهَا بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهَا ( بِنِصْفِهَا ) أَيْ : أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ ( وَلَوْ طَلَّقَهَا فَوُجِدَتْ حَافِظَةً لِمَا أَصْدَقَهَا ) تَعْلِيمَهُ ( ، وَادَّعَى تَعْلِيمَهَا ) إيَّاهُ ( فَأَنْكَرَتْهُ حَلَفَتْ ) ؛ لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ، وَإِنْ عَلَّمَهَا مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ ثُمَّ نَسِيَتْهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ ، وَفَّى لَهَا بِهِ ، وَإِنَّمَا تَلِفَ الصَّدَاقُ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَإِنْ كَانَتْ كُلَّمَا لَقَّنَهَا شَيْئًا نَسِيَتْهُ لَمْ يُعَدَّ تَعْلِيمًا عُرْفًا
( وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ ، وَلَوْ ) كَانَ مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ مِنْ الْقُرْآنِ ( مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ ) ؛ لِأَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْأَمْوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } - ، وَقَوْلِهِ - { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ } ، وَالطَّوْلُ الْمَالُ وَمَا رُوِيَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ رَجُلًا عَلَى سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ قَالَ : لَا تَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَكَ مَهْرًا } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ؛ وَلِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ لَا يَقَعُ إلَّا قُرْبَةً لِفَاعِلِهِ فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَقَعَ صَدَاقًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ، وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَوْهُوبَةِ ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ { زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ : زَوَّجْتُكهَا ؛ لِأَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ كَمَا زَوَّجَ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إسْلَامِهِ ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ذِكْرُ التَّعْلِيمِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِذَلِكَ الرَّجُلِ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ .
( وَمَنْ تَزَوَّجَ ) نِسَاءً ( أَوْ خَالَعَ نِسَاءً ) ، وَكَانَ تَزَوُّجُهُ لَهُنَّ ( بِمَهْرٍ ) وَاحِدٍ ( أَوْ ) كَانَ خُلْعُهُ لَهُنَّ ( عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ ) ، وَلَمْ يَقُلْ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ ( صَحَّ ) فِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عُلِمَ الْعِوَضُ فِيهِ إجْمَالًا فَلَمْ تُؤَثِّرْ جَهَالَةُ تَفْصِيلِهِ فَصَحَّ ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ( ، وَقَسْمُ ) الْمَهْرِ فِي التَّزْوِيجِ ، وَالْعِوَضِ فِي الْخُلْعِ ( بَيْنَهُنَّ ) أَيْ : الزَّوْجَاتِ أَوْ الْمُخْتَلِعَاتِ ( عَلَى قَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِنَّ ) ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ فَوَجَبَ تَقْسِيمُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا
( وَلَوْ قَالَ ) مُتَزَوِّجٌ تَزَوَّجْتهنَّ عَلَى أَلْفٍ ( بَيْنَهُنَّ ) أَوْ قَالَ مُخَالِعٌ خَالِعَتهنَّ عَلَى أَلْفٍ بَيْنَهُنَّ ( فَ ) قَبِلْنَ فَالْأَلْفُ يُقْسَمُ ( عَلَى عَدَدِهِنَّ ) أَيْ : الزَّوْجَاتِ ، وَالْمُخْتَلِعَاتِ بِالسَّوِيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَيْهِنَّ إضَافَةً وَاحِدَةً قَالَ فِي شَرْحِهِ بِلَا خِلَافٍ : وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي ، ، وَاشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ مَثَلًا صَحَّ .
وَقَسَّطَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ ، وَمَهْرِ مِثْلِهَا ، ، وَزَوَّجْتُكَهَا ، وَلَك هَذَا الْأَلْفُ بِأَلْفَيْنِ ، لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ كَمُدِّ عَجْوَةٍ .
( فَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا ) مُطْلَقَةً ( أَوْ دَابَّةً ) مُطْلَقَةً ( أَوْ ثَوْبًا ) مُطْلَقًا ( أَوْ عَبْدًا مُطْلَقًا أَوْ ) أَصْدَقَهَا ( رَدَّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ ، أَوْ ) أَصْدَقَهَا ( خِدْمَتَهَا ) أَيْ : أَنْ يَخْدُمَهَا ( مُدَّةً فِيمَا شَاءَتْ ، أَوْ ) أَصْدَقَهَا مَعْدُومًا نَحْوَ ( مَا يُثْمِرُ شَجَرُهُ ) فِي هَذَا الْعَامِ ( أَوْ ) مُطْلَقًا ، وَ ( نَحْوَهُ ) كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا حَمْلَ أَمَتِهِ ( أَوْ ) أَصْدَقَهَا ( مَتَاعَ بَيْتِهِ ) أَوْ مَا فِي بَيْتِهِ مِنْ مَتَاعٍ وَلَا تَعْلَمُهُ ( وَنَحْوَهُ ) كَمَا لَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا أَوْ عَلَى طَيْرِهِ فِي هَوَاءٍ أَوْ سَمَكٍ فِي مَاءٍ أَوْ حَشَرَاتٍ أَوْ مَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَقِشْرَةِ جَوْزَةٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْإِصْدَاقُ أَيْ : التَّسْمِيَةُ لِجَهَالَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَدْرًا ، وَصِفَةً ، ، وَالْغَرَرُ ، وَالْجَهَالَةُ فِيهَا كَثِيرٌ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُحْتَمَلُ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَدْرِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَكَذَا كُلُّ مَا هُوَ مَجْهُولُ الْقَدْرِ أَوْ الْحُصُولِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ .
( وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ التَّسْمِيَةُ أَوْ خَلَا الْعَقْدُ ) أَيْ : عَقْدُ النِّكَاحِ ( عَنْ ذِكْرِهِ ) أَيْ : الصَّدَاقِ وَهُوَ تَفْوِيضُ الْبُضْعِ ( يَجِبُ ) لِلْمَرْأَةِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا إلَّا بِبَدَلٍ ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الْبَدَلَ ، وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْعِوَضِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ كَبَيْعِهِ سِلْعَةً بِخَمْرٍ فَتَتْلَفُ عِنْدَ مُشْتَرٍ
( وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ يَسِيرٍ ) فِي صَدَاقٍ ( فَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ ) صَحَّ ( أَوْ ) أَصْدَقَهَا ( دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ ) بِشَرْطِ تَعْيِينِ نَوْعِهَا كَفَرَسٍ مِنْ خَيْلِهِ أَوْ جَمَلٍ مِنْ جِمَالِهِ أَوْ بَغْلٍ مِنْ بِغَالِهِ أَوْ حِمَارٍ مِنْ حَمِيرِهِ أَوْ بَقَرَةٍ مِنْ بَقَرِهِ وَنَحْوِهِ صَحَّ ( أَوْ ) أَصْدَقَهَا ( قَمِيصًا مِنْ قُمْصَانِهِ وَنَحْوَهُ ) كَخَاتَمٍ مِنْ خَوَاتِمِهِ ( صَحَّ ، وَلَهَا أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ يَسِيرَةٌ ، وَيُمْكِنُ التَّعْيِينُ فِيهِ بِالْقُرْعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا ، وَأَطْلَقَ .
( وَ ) لَوْ أَصْدَقَهَا ( قِنْطَارًا مِنْ زَيْتٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهِمَا ) كَقِنْطَارٍ مِنْ سَمْنٍ أَوْ قَفِيزٍ مِنْ ذُرَةٍ ( صَحَّ ) لِمَا تَقَدَّمَ ( وَلَهَا الْوَسَطُ ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ
( وَلَا يَضُرُّ غَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ ) فِي صَدَاقٍ ( فَيَصِحُّ ) أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ( عَلَى ) رَقِيقٍ ( مُعَيَّنٍ آبِقٍ ) يُحَصِّلُهُ ( أَوْ ) عَلَى ( مُغْتَصَبٍ يُحَصِّلُهُ ) لَهَا .
( وَ ) عَلَى ( دَيْنِ سَلَمٍ ، وَ ) عَلَى ( مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ ) وَلَوْ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ زَرْعٍ ( وَلَمْ يَقْبِضْهُ ، وَ ) عَلَى ( عَبْدٍ ) وَنَحْوِهِ ( مَوْصُوفٍ ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ يَزُولُ بِتَحْصِيلِ الْآبِقِ وَالْمُغْتَصَبِ ، وَاسْتِيفَاءُ مُسَلَّمٍ فِيهِ ، وَتَسْلِيمُ مَبِيعٍ وَتَحْصِيلِ مَوْصُوفٍ وَاحْتِمَالُ الْغَرَرِ فِيمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ احْتِمَالِ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ ، وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، وَالْإِجَارَةِ ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِيهِمَا أَحَدُ رُكْنَيْ الْعَقْدِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ ( فَلَوْ جَاءَهَا ) الزَّوْجُ ( بِقِيمَتِهِ ) أَيْ : الْمَوْصُوفِ لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهَا ( أَوْ خَالَعَتْهُ ) الزَّوْجَةُ ( عَلَى ذَلِكَ ) أَيْ : نَحْوِ عَبْدٍ مَوْصُوفٍ ( فَجَاءَتْهُ بِهَا ) أَيْ : بِقِيمَةِ الْمَوْصُوفِ الَّذِي خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ ( لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهَا ) أَيْ : الْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ عَمَّا لَمْ يَتَعَذَّرْ تَسْلِيمُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مِنْ أَبِيهَا .
( وَ ) يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى شِرَائِهِ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ يَسِيرٌ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَهَا قِيمَتُهُ ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ فَاسْتَحَقَّ .
( وَ ) إنْ تَزَوَّجَهَا ( عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ ) تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ ( إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ ) مِنْ ( بَلَدِهَا ، وَ ) عَلَى ( أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَخْرَجَهَا ) مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا ( وَنَحْوِهَا ) أَيْ : هَذِهِ الصُّورَةُ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سُرِّيَّةٌ ، وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ ( صَحَّ ) ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ خُلُوَّ الْمَرْأَةِ مِنْ ضَرَّةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ تُغَايِرُهَا وَتَضِيقُ عَلَيْهَا مِنْ أَكْبَرِ أَغْرَاضِهَا الْمَقْصُودَةِ وَكَذَا بَقَاؤُهَا بِدَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا بَيْنَ أَهْلِهَا ، وَفِي ،
وَطَنِهَا ، وَلِذَلِكَ تُخَفِّفُ صَدَاقَهَا لِتَحْصِيلِ غَرَضِهَا ، وَتُغَلِّيهِ عِنْدَ فَوَاتِهِ ، وَ ( لَا ) يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ( عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا ، وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَ ) أَبُوهَا ( مَيِّتًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي مَوْتِ أَبِيهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ وَرُبَّمَا كَانَ حَالُ الْأَبِ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَيَكُونُ الصَّدَاقُ مَجْهُولًا
( وَإِنْ أَصْدَقَهَا عِتْقَ قِنٍّ لَهُ ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ( صَحَّ ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ ، وَ ( لَا ) يَصِحُّ أَنْ يُصْدِقَهَا ( طَلَاقَ زَوْجَةٍ لَهُ أَوْ ) أَنْ يُصْدِقَهَا ( جَعْلَهُ ) أَيْ : طَلَاقِ ضَرَّتِهَا ( إلَيْهَا إلَى مُدَّةٍ ) وَلَوْ مَعْلُومَةً لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً بِطَلَاقِ أُخْرَى } ؛ وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ الزَّوْجِ لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا نَحْوَ خَمْرٍ ( وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ) لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ
( وَمَنْ قَالَ لِسَيِّدَتِهِ : اعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ فَأَعْتَقَتْهُ ) عَلَى ذَلِكَ عَتَقَ مَجَّانًا ( أَوْ قَالَتْ ) لَهُ سَيِّدَتُهُ ( ابْتِدَاءً أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي عَتَقَ مَجَّانًا ) فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا ؛ لِأَنَّ مَا اشْتَرَطَتْهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ ، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ تَهَبَهُ دَنَانِيرَ فَيَقْبَلَهَا ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الرَّجُلِ لَا عِوَضَ لَهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ ( وَمَنْ قَالَ ) لِآخَرَ : ( اعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي ) فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عَلَى ذَلِكَ ( لَزِمَتْهُ ) أَيْ : الْقَائِلَ ( قِيمَتُهُ ) لِمُعْتِقِهِ ( بِعِتْقِهِ ) ، وَلَمْ يَلْزَمْ الْقَائِلَ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ لِمُعْتِقِ عَبْدِهِ ( كَ ) قَوْلِهِ لِآخَرَ ( اعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ عَبْدِي ) فَفَعَلَ فَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ بِعِتْقِهِ لَا أَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ أَبَاهَا صَحَّ نَصًّا ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ فَلَهَا قِيمَتُهُ وَإِنْ جَاءَهَا بِهَا مَعَ إمْكَانِ شِرَائِهِ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهَا ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ عَلَيْهَا الْغَرَضُ فِي عِتْقِ أَبِيهَا
( وَمَا سُمِّيَ ) فِي الْعَقْدِ مِنْ صَدَاقٍ مُؤَجَّلٍ ( أَوْ فُرِضَ ) بَعْدَ الْعَقْدِ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا ( مُؤَجَّلًا ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَحِلَّهُ ) بِأَنْ قِيلَ : عَلَى كَذَا مُؤَجَّلًا ( صَحَّ ) نَصًّا ( وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ ) الْبَائِنَةُ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ ، وَالْعُرْفُ فِي الصَّدَاقِ الْمُؤَجَّلِ تَرْكُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ إلَى الْمَوْتِ أَوْ الْبَيْنُونَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مَعْلُومًا بِذَلِكَ ، ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُ بَعْضِهِ حَالًّا ، وَبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ الْآنَ بِخِلَافِ الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ فَلَا يَصِحُّ لِجَهَالَتِهِ ، وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَإِنَّ أَجَلَهُ الْفُرْقَةُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَقَدْ صَرَفَهُ هُنَا عَنْ الْعَادَةِ ذِكْرُ الْأَجَلِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَبَقِيَ مَجْهُولًا .
قَالَ فِي الشَّرْحِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ التَّسْمِيَةُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ التَّأْجِيلُ ، وَيَحِلَّ انْتَهَى .
قُلْت : وَالثَّانِي هُوَ مُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ فَهُنَا أَوْلَى .
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَالٍ مَغْصُوبٍ صَحَّ النِّكَاحُ نَصًّا وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَفْسُدُ بِجَهَالَةِ الْعِوَضِ فَلَا يَفْسُدُ بِتَحْرِيمِهِ كَالْخُلْعِ ؛ وَلِأَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ لَا يَزِيدُ عَلَى عَدَمِهِ وَلَوْ عُدِمَ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَكَذَا إذَا فَسَدَ ( وَوَجَبَ ) لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِاقْتِضَاءِ فَسَادِ الْعِوَضِ رَدَّ عِوَضِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ وَهِيَ مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَكَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا بِيَدِ مُشْتَرِيهِ
( وَ ) إنْ يَتَزَوَّجَهَا ( عَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا أَوْ ) خَرَجَ ( مَغْصُوبًا فَلَهَا قِيمَتُهُ ) ، وَيُقَدَّرُ حُرٌّ عَبْدًا ( يَوْمَ عَقْدٍ ) لِرِضَاهَا بِقِيمَتِهِ إذْ ظَنَّتْهُ مَمْلُوكًا لَهُ وَكَمَا لَوْ وَجَدَتْهُ مَعِيبًا فَرَدَّتْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ : أَصْدَقْتُك هَذَا الْحُرَّ أَوْ الْمَغْصُوبَ فَإِنَّهُ كَرِضَاهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ إذَا رَضِيَتْ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ أَوْ بِمَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمْلِيكِهِ لَهَا فَوُجُودُ التَّسْمِيَةِ كَعَدَمِهَا فَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ سَلَّمَهُ لَهَا أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهُ فَهُوَ كَعَدَمِهِ
( وَلَهَا فِي اثْنَيْنِ ) أَصْدَقَهَا إيَّاهُمَا إمَّا مِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ( فَبَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا ) الرَّقِيقُ ( الْآخَرُ ، وَقِيمَةُ الْحُرِّ ) أَيْ : الَّذِي خَرَجَ حُرًّا نَصًّا وَكَذَا لَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مَغْصُوبًا ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ ، وَالْأَوَّلُ لَا مَانِعَ مِنْهُ .
( وَتُخَيَّرُ ) زَوْجَةٌ ( فِي عَيْنٍ ) جُعِلَتْ لَهَا صَدَاقًا كَدَارٍ ، وَعَبْدٍ ( بَانَ جُزْءٌ مِنْهَا ) أَيْ : الْعَيْنِ ( مُسْتَحَقًّا ) بَيْنَ أَخْذِ قِيمَةِ الْعَيْنِ كُلِّهَا أَوْ أَخْذِ جُزْءٍ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ ، وَقِيمَةِ الْجُزْءِ الْمُسْتَحَقِّ ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَيْبٌ فَكَانَ لَهَا الْفَسْخُ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْعُيُوبِ ( أَوْ ) أَيْ : ، وَلِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ فِي ( عَيْنٍ ذَرَعَهَا فَبَانَتْ أَقَلَّ ) مِمَّا عَيَّنَ كَأَنْ عَيَّنَهَا عَشْرَةً فَبَانَتْ تِسْعَةً ( بَيْنَ أَخْذِهِ ) أَيْ : الْمَذْرُوعِ ( وَ ) أَخْذِ ( قِيمَةِ مَا نَقَصَ ) مِنْهُ مِنْ ذَرْعِهِ ( وَبَيْنَ ) الرَّدِّ ، وَ ( أَخْذِ قِيمَةِ الْجَمِيعِ ) أَيْ : جَمِيعِ الْمَذْرُوعِ لِعَيْبِهِ بِالنَّقْصِ ( وَمَا وَجَدَتْ بِهِ ) الْمَرْأَةُ ( عَيْبًا ) مِنْ صَدَاقٍ مُعَيَّنٍ ( أَوْ ) وَجَدَتْهُ ( نَاقِصًا صِفَةً شَرَطَتْهَا فَكَمَبِيعٍ ) يَجِدُهُ مُشْتَرٍ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا صِفَةً شَرَطَهَا فِيهِ فَلَهَا رَدُّهُ ، وَطَلَبُ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ ، وَلَهَا إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ فَقْدِ الصِّفَةِ ، وَالْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ إنْ نَقَصَ بَعْضُ الصِّفَاتِ لَهَا إمْسَاكُهُ أَوْ رَدُّهُ ، وَطَلَبُ بَدَلِهِ فَقَطْ
( وَلِمُتَزَوِّجَةٍ عَلَى عَصِيرٍ بَانَ خَمْرًا مِثْلَ الْعَصِيرِ ) ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَالْمِثْلُ إلَيْهِ أَقْرَبُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ فِي الْإِتْلَافِ ، وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا خَلًّا فَبَانَ خَمْرًا وَإِنْ قَالَ أَصْدَقْتهَا هَذَا الْخَمْرَ ، وَأَشَارَ إلَى خَلٍّ أَوْ عَبْدِ فُلَانٍ هَذَا ، وَأَشَارَ إلَى عَبْدِهِ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ ، وَلَهَا الْمُشَارُ إلَيْهِ كَبِعْتُكَ هَذَا الْأَسْوَدَ أَوْ الطَّوِيلَ مُشِيرًا إلَى أَبْيَضَ أَوْ قَصِيرٍ
( وَيَصِحُّ ) أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ ( عَلَى أَلْفٍ لَهَا ، وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا أَوْ ) عَلَى ( أَنَّ الْكُلَّ ) أَيْ : كُلَّ الصَّدَاقِ ( لَهُ ) أَيْ : لِأَبِيهَا ( إنْ صَحَّ تَمَلُّكُهُ ) مِنْ مَالِ وَلَدِهِ ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ شُرُوطِهِ فِي الْهِبَةِ فَيَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْأَبِ الصَّدَاقَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لَهُ ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ { إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ } فَجَعَلَ الصَّدَاقَ الْإِجَارَةَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمِهِ وَهُوَ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ ، ؛ وَلِأَنَّ لِلْوَالِدِ أَخْذُ مَا شَاءَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ بِدَلِيلِهِ فِي الْهِبَةِ ، فَإِذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ الصَّدَاقَ أَوْ بَعْضَهُ كَانَ أَخْذًا مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ .
، وَعَنْ مَسْرُوقٍ " أَنَّهُ لَمَّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ آلَافٍ فَجَعَلَهَا فِي الْحَجِّ ، وَالْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ : جَهِّزْ امْرَأَتَكَ " وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ الْحُسَيْنِ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ الْأَبُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ كَكَوْنِهِ بِمَرَضِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفِ أَوْ لِيُعْطِيَهُ لِوَلَدٍ آخَرَ ( فَالْكُلُّ ) أَيْ : كُلُّ الصَّدَاقِ ( لَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( كَشَرْطِ ذَلِكَ ) أَيْ : الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ ( لِغَيْرِ الْأَبِ ) كَجَدِّهَا ، وَأَخِيهَا فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ نَصًّا وَلَهَا الْمُسَمَّى جَمِيعُهُ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ ؛ لِأَنَّ مَا اُشْتُرِطَ عُوِّضَ فِي تَزْوِيجِهَا فَكَانَ صَدَاقًا لَهَا كَمَا لَوْ جَعَلَهُ لَهَا فَتَنْتَفِي الْجَهَالَةُ ( وَيَرْجِعُ ) زَوْجٌ ( إنْ فَارَقَ ) أَيْ : طَلَّقَ ، وَنَحْوَهُ ( قَبْلَ دُخُولٍ فِي ) الْمَسْأَلَةِ ( الْأُولَى ) وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا ، وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا ( بِأَلْفٍ ) عَلَيْهَا دُونَ أَبِيهَا ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ أَلْفًا فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ .
( وَ ) يَرْجِعُ إنْ فَارَقَ قَبْلَ دُخُولٍ ( فِي ) الْمَسْأَلَةِ ( الثَّانِيَةِ ) وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ كُلَّهُ لِأَبِيهَا ( بِقَدْرِ نِصْفِهِ ) عَلَيْهَا (
وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ إنْ قَبَضَتْهُ مَعَ النِّيَّةِ ) أَيْ : نِيَّةِ تَمَلُّكِهِ ؛ لِأَنَّا قَدَّرْنَا أَنَّ الْجَمِيعَ صَارَ لَهَا ثُمَّ أَخَذَهُ الْأَبُ مِنْهَا فَصَارَ كَأَنَّهَا قَبَضَتْهُ ثُمَّ أُخِذَ مِنْهَا .
( وَ ) إنْ فَارَقَ الزَّوْجُ ( قَبْلَ قَبْضِهِ ) أَيْ : الصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجِ فَالْأَبُ ( يَأْخُذُ ) مِمَّا تَقْبِضُهُ ( مِنْ الْبَاقِي مَا شَاءَ بِشَرْطِهِ ) السَّابِقِ كَسَائِرِ مَالِهَا ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُهُ بِالشَّرْطِ بَلْ بِالْقَبْضِ مَعَ النِّيَّةِ .
وَلِأَبٍ تَزْوِيجُ بِكْرٍ ، وَثَيِّبٍ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَوْ كَبِيرَةً ( وَإِنْ كَرِهَتْ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ { أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدُقَاتِ النِّسَاءِ فَمَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أَحَدًا مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً } وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ ، وَزَوَّجَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَهُوَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ نَسَبًا ، وَعِلْمًا ، وَدِينًا ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَهْرَ مِثْلِهَا ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ السَّكَنُ وَالِازْدِوَاجُ ، وَوَضْعُ الْمَرْأَةِ فِي مَنْصِبٍ عِنْدَ مَنْ يَكْفِيهَا ، وَيَصُونُهَا ، وَيُحْسِنُ عِشْرَتَهَا دُونَ الْعِوَضِ ( وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا ) إذَا زَوَّجَ الْأَبُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ ( تَتِمَّتُهُ ) لَا الزَّوْجَ وَلَا الْأَبَ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ ( وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ ) بِأَنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا ( بِإِذْنِهَا صَحَّ ) مَعَ رُشْدِهَا وَلَا اعْتِرَاضَ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقَدْ أَسْقَطَتْهُ كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي بَيْعِ سِلْعَتِهَا بِدُونِ قِيمَتِهَا .
( وَ ) إنْ زَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ غَيْرُ الْأَبِ ( بِدُونِهِ ) أَيْ : إذْنِهَا ( يَلْزَمُ زَوْجًا تَتِمَّتُهُ ) أَيْ : مَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ إذَنْ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا فَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِمُحَرَّمٍ ، وَعَلَى الْوَلِيِّ ضَمَانُهُ ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَا لَهَا بِدُونِ قِيمَتِهِ ( وَنَصُّهُ ) أَيْ : الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ، وَيَلْزَمُ ( الْوَلِيَّ ) تَتِمَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَقْدِهِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ ( كَ ) مَا يَلْزَمُ ( تَتِمَّتِهِ ) مُقَدَّرٌ ( مَنْ ) أَيْ : وَلِيِّ ( زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِدُونِ مَا قَدَّرَتْهُ ) مِنْ صَدَاقٍ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ صِيغَةٌ
بِتَزْوِيجِهَا بِدُونِهِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ
( وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ ) الْمَهْرِ ( الْمُسَمَّى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى زَوْجَةٍ ) كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ عَمِّهَا ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا إذْ لَوْ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ لَمَلَكَتْهُ وَلَوْ مَلَكَتْهُ لَعَتَقَ عَلَيْهَا ( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ ( بِإِذْنِ ) زَوْجَةٍ ( رَشِيدَةٍ ) فَيَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقَدْ رَضِيَتْ
( وَإِنْ زَوَّجَ أَبٌ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ ) وَلَزِمَ الْمُسَمَّى الِابْنَ ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَرْضَ بِدُونِهِ فَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ وَقَدْ يَكُونُ لِلِابْنِ غِبْطَةٌ ، وَمَصْلَحَةٌ فِي بَذْلِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَالْأَبُ أَعْلَمُ بِمَصْلَحَتِهِ فِي ذَلِكَ ( وَلَا يَضْمَنُهُ ) أَيْ : الْمَهْرَ ( أَبٌ مَعَ عُسْرَةِ ابْنٍ ) لِنِيَابَةِ الْأَبِ عَنْهُ فِي التَّزْوِيجِ أَشْبَهَ الْوَكِيلَ فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ ( وَلَوْ قِيلَ : لَهُ ) أَيْ : لِلْأَبِ ( ابْنُك فَقِيرٌ مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ الصَّدَاقُ ؟ فَقَالَ : عِنْدِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ ) الْمَهْرُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا بِذَلِكَ ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ غَيْرُ الْأَبِ أَوْ ضَمِنَ لَهُ نَفَقَتَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَيَصِحُّ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا ( وَلَوْ قَضَاهُ ) أَيْ : قَضَى الْأَبُ الصَّدَاقَ ( عَنْ ابْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَ ) الِابْنُ الزَّوْجَةَ ( وَلَمْ يَدْخُلْ ) أَيْ : قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ( وَلَوْ ) كَانَ طَلَاقُهُ ( قَبْلَ بُلُوغِ ) الزَّوْجِ ( فَنِصْفُهُ ) أَيْ : الصَّدَاقِ الرَّاجِعِ بِالطَّلَاقِ ( لِلِابْنِ ) دُونَ الْأَبِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ الِابْنِ وَهُوَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فَكَانَ لِمُتَعَاطِي سَبَبِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّتْ وَنَحْوُهُ فَرَجَعَ كُلُّهُ وَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الِابْنَ لَمْ يَمْلِكْهُ مِنْ قِبَلِهِ وَكَذَا لَوْ قَضَاهُ عَنْهُ غَيْرُ الْأَبِ ثُمَّ تَنَصَّفَ أَوْ سَقَطَ ، وَيَأْتِي
( وَلِأَبٍ قَبْضُ صَدَاقِ ) بِنْتٍ ( مَحْجُورٍ عَلَيْهَا ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهَا فَكَانَ لَهُ قَبْضُهُ كَثَمَنِ مَبِيعِهَا ، وَ ( لَا ) يَقْبِضُ أَبُ فَقِيرَةٍ أَوْلَى مِنْ صَدَاقِ مُكَلَّفَةٍ ( رَشِيدَةٍ وَلَوْ بِكْرًا إلَّا بِإِذْنِهَا ) ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَصَرِّفَةُ فِي مَالِهَا فَاعْتُبِرَ إذْنُهَا فِي قَبْضِهِ كَثَمَنِ مَبِيعِهَا .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَبْضَ الصَّدَاقِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ مُكَلَّفَةً رَشِيدَةً وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهَا فِي مَالِهَا .
وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ قَالَ فِي الشَّرْحِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ( وَلَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ ) نِكَاحُ ( حُرَّةٍ ) ؛ لِأَنَّهَا تُسَاوِيهِ ( وَمَتَى أَذِنَ لَهُ ) سَيِّدُهُ فِي نِكَاحٍ ( وَأَطْلَقَ نَكَحَ وَاحِدَةً فَقَطْ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْإِطْلَاقِ ( ، وَيَتَعَلَّقُ صَدَاقٌ ، وَنَفَقَةٌ ، وَكِسْوَةٌ ، وَمَسْكَنٌ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ ) سَوَاءٌ ضَمِنَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا نَصًّا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَقْدٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَتَعَلَّقَ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ كَثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِهِ فَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَسْقُطْ الصَّدَاقُ عَنْهُ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ .
( وَ ) يَتَعَلَّقُ ( زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ لَمْ يُؤْذَنْ ) لِلْعَبْدِ ( فِيهِ ) مِنْ قِبَلِ سَيِّدِهِ بِرَقَبَتِهِ ( أَوْ ) أَيْ : وَيَتَعَلَّقُ زَائِدٌ ( عَلَى مَا سَمَّى لَهُ بِرَقَبَتِهِ ) أَيْ : الْعَبْدِ كَأَرْشِ جِنَايَتِهِ
( وَ ) إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ ( بِلَا إذْنِهِ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( لَا يَصِحُّ ) النِّكَاحُ فَهُوَ بَاطِلٌ نَصًّا وَكَذَا لَوْ أَذِنَ فِي مُعَيَّنَةٍ أَوْ مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جِنْسٍ مُعَيَّنٍ فَخَالَفَهُ لِمَا رَوَى جَابِرٌ مَرْفُوعًا { أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَأَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَحَسَّنَهُ وَالْعِهْرُ دَلِيلُ بُطْلَانِ النِّكَاحِ إذْ لَا يَكُونُ عَاهِرًا مَعَ صِحَّتِهِ ( ، وَيَجِبُ فِي رَقَبَتِهِ بِوَطْئِهِ ) أَيْ : الْعَبْدِ فِي نِكَاحٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ سَيِّدُهُ ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْبُضْعِ الَّذِي أَتْلَفَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَشْبَهَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ
( وَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ لَزِمَهُ ) أَيْ : الْعَبْدَ ( مَهْرُ الْمِثْلِ يُتْبَعُ ) أَيْ : يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ ( بِهِ بَعْدَ عِتْقٍ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ إتْلَافُ بُضْعٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْعَبْدُ فَلَزِمَهُ عِوَضُهُ فِي ذِمَّتِهِ ( وَإِنْ زَوَّجَهُ ) أَيْ : الْعَبْدَ سَيِّدُهُ ( حُرَّةً ، وَصَحَّ ) .
النِّكَاحُ بِأَنْ قُلْنَا الْكَفَاءَةُ شَرْطٌ لِلُّزُومِ دُونَ الصِّحَّةِ ( ثُمَّ بَاعَهُ ) أَيْ : بَاعَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ ( لَهَا ) أَيْ : لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ ( بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ ) أَيْ : ذِمَّةِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ ( مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ ) الَّذِي أَصْدَقَهُ إيَّاهَا ( تَقَاصًّا بِشَرْطِهِ ) بِأَنْ يَتَّحِدَ الدَّيْنَانِ جِنْسًا ، وَصِفَةً ، وَحُلُولًا أَوْ تَأَجَّلَا أَجَلًا وَاحِدًا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا الثَّمَنُ ، وَثَبَتَ لَهَا عَلَى السَّيِّدِ الْمَهْرُ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ فَإِنْ اتَّحَدَ قَدْرُهُمَا سَقَطَا وَإِلَّا سَقَطَ بِقَدْرِ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَكْثَرِ وَلِرَبِّ الزَّائِدِ الطَّلَبُ بِالزِّيَادَةِ ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ الْمَهْرِ ، وَبَاعَهَا الْعَبْدُ بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِمِلْكِهَا زَوْجَهَا وَلَوْ جَعَلَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ بَطَلَ الْعَقْدُ ( وَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ : الْعَبْدَ ( لَهَا ) أَيْ : لِزَوْجَةِ الْعَبْدِ الْحُرَّةِ ( بِمَهْرِهَا صَحَّ ) الْبَيْعُ ( قَبْلَ دُخُولٍ ، وَبَعْدَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مَالٌ يَصِحُّ جَعْلُهُ ثَمَنًا لِغَيْرِ هَذَا الْعَبْدِ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ ( وَيَرْجِعُ سَيِّدٌ ) بَاعَ الْعَبْدَ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ ( فِي فُرْقَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ بِنِصْفِهِ ) أَيْ : الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا تَمَّ بِالسَّيِّدِ الْقَائِمِ مَقَامَ الزَّوْجِ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ سَبَبُ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ دُخُولٍ وَكَانَتْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ رَجَعَ عَلَيْهَا سَيِّدٌ بِنِصْفِهِ .
، وَتَمْلِكُ زَوْجَةٌ حُرَّةً ، وَسَيِّدٌ أَمَةً بِعَقْدِ جَمِيعِ مَهْرِهَا ( الْمُسَمَّى ) لِحَدِيثِ { إنْ أَعْطَيْتَهَا إزَارَكَ جَلَسْتَ وَلَا إزَارَ لَكَ } ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ يَمْلِكُ فِيهِ الْمُعَوِّضُ بِالْعَقْدِ فَمَلَكَ بِهِ الْعِوَضَ كَامِلًا كَالْبَيْعِ ، وَسُقُوطُ نِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ جَمِيعِهِ بِالْعَقْدِ إذْ لَوْ ارْتَدَّتْ سَقَطَ جَمِيعُهُ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ مَلَكَتْ نِصْفَهُ
( وَلَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( نَمَاءُ ) مَهْرٍ ( مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ ) مُعَيَّنٍ ( ، وَدَارٍ ) مُعَيَّنَةٍ مِنْ حِينِ عَقْدٍ فَكَسْبُ الْعَبْدِ ، وَمَنْفَعَةُ الدَّارِ لَهَا ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهَا وَلِحَدِيثِ { الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } ( وَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ ) أَيْ : الْمَهْرِ الْمُعَيَّنِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا إلَّا نَحْوَ مَكِيلٍ قَبْلَ قَبْضِهِ ( ، وَضَمَانُهُ ) أَيْ : الْمَهْرِ إنْ تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهَا ( ، وَنَقْصُهُ ) إنْ تَعَيَّبَ كَذَلِكَ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( إنْ مَنَعَهَا قَبْضَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ بِالْمَنْعِ ( وَإِلَّا ) يَمْنَعُهَا الزَّوْجُ قَبْضَ صَدَاقِهَا الْمُعَيَّنِ ( فَ ) ضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ ، وَنَقْصُهُ إنْ تَعَيَّبَ ( عَلَيْهَا ) لِتَمَامِ مِلْكِهَا عَلَيْهِ إلَّا نَحْوَ مَكِيلٍ ( كَزَكَاتِهِ ) فَهِيَ عَلَيْهَا ، وَتَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ إنْ مَنَعَهَا قَبْضَهُ ، وَحَوَّلَهَا فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ عَقْدٍ ، وَفِي مُبْهَمٍ مِنْ تَعْيِينٍ .
( وَ ) الصَّدَاقُ ( غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ ) ، وَكَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةِ حَدِيدٍ أَوْ دَنِّ زَيْتٍ وَنَحْوِهِ ( لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهَا ) إلَّا بِقَبْضِهِ كَمَبِيعٍ ( وَلَا تَمْلِكُ تَصَرُّفًا فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ كَمَبِيعٍ ) أَيْ : كَمَا لَوْ بَاعَ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرٍ وَلَا يَمْلِكُ تَصَرُّفًا فِيهِ إلَّا بِقَبْضَةِ
( وَمَنْ أَقْبَضَهُ ) أَيْ : الصَّدَاقَ الَّذِي تَزَوَّجَ عَلَيْهِ ( ثُمَّ طَلَّقَ ) الزَّوْجَةَ ( قَبْلَ دُخُولٍ ) بِهَا ( مَلَكَ نِصْفَهُ ) الصَّدَاقِ ( قَهْرًا ) كَمِيرَاثٍ وَلَوْ صَيْدًا وَهُوَ مُحَرَّمٌ فَمَا يَحْدُثُ مِنْ نَمَائِهِ بَعْدَ طَلَاقِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } أَيْ : لَكُمْ أَوَّلُهُنَّ فَاقْتَضَى أَنَّ النِّصْفَ لَهَا ، وَالنِّصْفَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ ( إنْ بَقِيَ ) فِي مِلْكِهَا ( بِصِفَتِهِ ) حِينَ عَقَدَ بِأَنْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ .
( وَلَوْ ) كَانَ الْبَاقِي بِصِفَتِهِ ( النِّصْفُ ) مِنْ الصَّدَاقِ ( فَقَطْ مَشَاعًا ) بِأَنْ أَصْدَقَهَا نَحْوَ عَبْدٍ فَبَاعَتْ نِصْفَهُ ، وَبَقِيَ نِصْفُهُ بِصِفَتِهِ فَطَلَّقَهَا فَيَمْلِكُهُ مَشَاعًا ( أَوْ ) كَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي ( مُعَيَّنًا مِنْ مُتَنَصِّفٍ ) كَأَنْ أَصْدَقَهَا صُبْرَةً فَأَكَلَتْ أَوْ بَاعَتْ ، وَنَحْوَهُ نِصْفَهَا ، وَبَقِيَ بِمِلْكِهَا نِصْفُهَا فَيَمْلِكُهُ الزَّوْجُ بِطَلَاقِهَا وَيَأْخُذُهُ كَمَا لَوْ قَاسَمَتْهُ عَلَيْهِ ( وَيَمْنَعُ ذَلِكَ ) أَيْ : الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ نِصْفِ الصَّدَاقِ إنْ طَلَّقَ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دُخُولٍ وَكَذَا الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِهِ إذَا سَقَطَ ( بَيْعٌ ) بِأَنْ بَاعَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ ( وَلَوْ مَعَ خِيَارِهَا ) فِي الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ الْمِلْكَ .
( وَ ) يَمْنَعُهُ ( هِبَةٌ أُقْبِضَتْ ) فَإِنْ وَهَبَتْهُ وَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى طَلَّقَ وَنَحْوَهُ رَجَعَ بِنِصْفِهِ .
( وَ ) يَمْنَعُهُ ( عِتْقٌ ) بِأَنْ كَانَ رَقِيقًا فَأَعْتَقَتْهُ لِزَوَالِ مِلْكِهَا عَنْهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ .
( وَ ) يَمْنَعُهُ ( رَهْنٌ ) قُبِضَ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَيْعِ الْمُزِيلِ لِلْمِلْكِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ رَهْنُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ( وَ ) يَمْنَعُهُ ( كِتَابَةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلْعِتْقِ الْمُزِيلِ لِلْمِلِكِ وَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ فَجَرَى مَجْرَى الرَّهْنِ ، وَ ( لَا ) يَمْنَعُهُ ( إجَارَةٌ ، وَتَدْبِيرٌ ، وَتَزْوِيجٌ ) لِأَنَّهَا لَا تَنْقِلُ الْمِلْكَ وَلَا تَمْنَعُ الْمَالِكَ مِنْ
التَّصَرُّفِ فَلَا يَمْنَعُ الزَّوْجُ الرُّجُوعَ لَكِنْ بِتَخَيُّرِ الزَّوْجِ لِلنَّقْصِ الْحَاصِلِ فِيهِ وَكَذَا لَا يَمْنَعُهُ ، وَصِيَّةٌ بِهِ وَلَا إعَارَتُهُ أَوْ إيدَاعُهُ أَوْ دَفْعُهُ مُضَارَبَةً ( فَإِنْ كَانَ ) الصَّدَاقُ ( قَدْ زَادَ ) بِيَدِهَا ( زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً ) كَحَمْلِ بَهَائِمَ عِنْدَهَا ، وَوِلَادَتِهَا ( رَجَعَ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ ) وَهُوَ الْأُمَّاتُ لِعَدَمِ مَا يَمْنَعُهُ ( وَالزِّيَادَةُ ) الْمُنْفَصِلَةُ ( لَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهَا ( وَلَوْ كَانَتْ ) الزِّيَادَةُ ( وَلَدَ أَمَةٍ ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ وَلَا تَفْرِيقَ هُنَا لِبَقَاءِ مِلْكِ الزَّوْجَةِ فِي النِّصْفِ .
( وَإِنْ كَانَتْ ) الزِّيَادَةُ فِي الصَّدَاقِ ( مُتَّصِلَةً ) كَسِمَنٍ ، وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ
( وَهِيَ ) أَيْ : الزَّوْجَةُ ( غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ دَفْعِ نِصْفِهِ زَائِدًا ) ، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ؛ لِأَنَّهَا دَفَعَتْ إلَيْهِ حَقَّهُ وَزِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ وَلَا تَضُرُّهُ ( وَبَيْنَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ إنْ كَانَ ) الصَّدَاقُ ( مُتَمَيِّزًا ) كَعَبْدٍ ، وَبِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ لِدُخُولِ الْمُتَمَيِّزِ فِي ضَمَانِهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَتُعْتَبَرُ صِفَتُهُ وَقْتَهُ ، وَإِنَّمَا صِيرَ إلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهَا وَلَا يَلْزَمُهَا بَذْلُهَا وَلَا يُمْكِنُهَا دَفْعُ الْأَصْلِ بِدُونِ زِيَادَتِهِ ( وَغَيْرِهِ ) أَيْ : الْمُتَمَيِّزِ بِأَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ فَرَسًا مِنْ خَيْلِهِ إذَا زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً ، وَتَنَصَّفَ الصَّدَاقُ ( لَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ فُرْقَةٍ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ ) وَقْتِ ( عَقْدٍ إلَى ) وَقْتِ ( قَبْضٍ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الزَّوْجِ إلَى قَبْضِهِ ( وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهَا ) إذَا تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ ، وَقَدْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً ( لَا يُعْطِيهِ ) أَيْ : وَلِيَّهَا ( إلَّا نِصْفَ الْقِيمَةِ ) حَالَ الْعَقْدِ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا وَإِلَّا فَيَوْمُ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ قَبْضٍ إلَى عَقْدٍ ( وَإِنْ نَقَصَ ) الصَّدَاقُ ( بِغَيْرِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ ) كَعَبْدٍ عَمِيَ أَوْ عَرَجَ أَوْ اعْوَرَّ أَوْ نَسِيَ صَنْعَةً أَوْ جَنَى أَوْ نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ ، وَكَانَ أَمْرَدَ ( خُيِّرَ زَوْجٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَيْنَ أَخْذِهِ ) أَيْ : النِّصْفِ ( نَاقِصًا ) ، وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ ( وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ ) أَيْ : النِّصْفِ فِي نَظِيرِ نَقْصِهِ نَصًّا لِرِضَاهُ بِأَخْذِهِ كَذَلِكَ وَلَوْ وَجَبَ لَهُ أَرْشٌ مَعَ النِّصْفِ لَوَجَبَ لِلزَّوْجَةِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ فَيُخَالِفُ النَّصَّ ( وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ عَقْدٍ إنْ كَانَ ) الْمَهْرُ ( مُتَمَيِّزًا ) ؛ لِأَنَّ نَقْصَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ نِصْفِهِ نَاقِصًا ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ ( وَغَيْرِهِ ) أَيْ : الْمُتَمَيِّزِ إذَا تَنَصَّفَ وَقَدْ نَقَصَ لِلزَّوْجِ نِصْفُ قِيمَتِهِ (
يَوْمَ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ عَقْدٍ إلَى قَبْضٍ ) ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ إلَى قَبْضِ الزَّوْجَةِ إيَّاهُ وَلَهُ أَخْذُ نِصْفِهِ نَاقِصًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِتَرْكِهِ ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا يَأْخُذُ وَلِيُّهُ إلَّا نِصْفَ الْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُ ( وَإِنْ اخْتَارَهُ ) أَيْ : اخْتَارَ الزَّوْجُ أَخْذَ نِصْفِ الْمَهْرِ ( نَاقِصًا بِجِنَايَةٍ ) عَلَيْهِ كَأَنْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ أَوْ كُسِرَتْ رِجْلُهُ بِجِنَايَةٍ ( فَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( مَعَهُ ) أَيْ : مَعَ أَخْذِ نِصْفِهِ نَاقِصًا بِالْجِنَايَةِ ( نِصْفُ أَرْشِهَا ) أَيْ : الْجِنَايَةِ ؛ لِأَنَّهُ فِي نَظِيرِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِهَا ( وَإِنْ زَادَ ) الصَّدَاقُ ( مِنْ وَجْهٍ ، وَنَقَصَ مِنْ ) وَجْهٍ ( آخَرَ ) كَعَبْدٍ سَمِنَ ، وَنَسِيَ صَنْعَةً ( فَلِكُلٍّ ) مِنْ الزَّوْجِ ، وَالزَّوْجَةِ ( الْخِيَارُ ) فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَخَذَ نِصْفَهُ نَاقِصًا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَإِنْ شَاءَتْ الزَّوْجَةُ دَفَعَتْ نِصْفَهُ زَائِدًا بِالسِّمَنِ أَوْ نِصْفَ قِيمَتِهِ ( وَيَثْبُتُ ) لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ بَيْنَ دَفْعِ النِّصْفِ ، وَنِصْفِ الْقِيمَةِ ( بِمَا فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ ) كَشَفَقَةِ الرَّقِيقِ عَلَى أَطْفَالِ مَالِكِهِ ( وَإِنْ لَمْ تُرَدَّ قِيمَتُهُ ) بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ ( وَحَمَلَ ) حَدَثَ ( فِي أَمَةٍ نَقْصٌ ، وَ ) حَمَلَ ( فِي بَهِيمَةٍ زِيَادَةٌ ) ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَةِ الْبَهَائِمِ ، وَيَنْقُصُ قِيمَةُ الْإِمَاءِ ( مَا لَمْ يَفْسُدْ اللَّحْمُ ) فَيَكُونُ نَقْصًا أَيْضًا فِي الْبَهِيمَةِ ( وَزَرْعٌ ) نَقْصٌ لِأَرْضٍ ( ، وَغَرْسٌ نَقْصٌ لِأَرْضٍ ) وَحَرْثُهَا زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ ( لَا وَلَا أَثَرَ لِكَسْرٍ مَصُوغٍ ، وَإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ ) فَإِنْ عَادَ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةٍ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ ( وَلَا لِسِمَنٍ فَزَالَ ثُمَّ عَادَ وَلَا لِارْتِفَاعِ سُوقٍ ) وَلَا لِنَقْلِهَا الْمِلْكَ فِيهِ إذَا أَطْلَقَتْ بَعْدَ أَنْ عَادَ مِلْكُهَا
( وَإِنْ تَلِفَ ) الصَّدَاقُ بَعْدَ قَبْضِهِ كَمَوْتِهِ وَاحْتِرَاقِهِ ( أَوْ اُسْتُحِقَّ بِدَيْنٍ ) كَمَا لَوْ أَفْلَسَتْ ، وَحَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ دُخُولٍ إنْ لَمْ يَبْقَ الصَّدَاقُ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ رُجُوعَ الزَّوْجَةِ بِنِصْفِهِ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَجْرِ ( رَجَعَ ) الزَّوْجُ ( فِي ) صَدَاقٍ ( مِثْلِيٍّ بِنِصْفٍ مِثْلِهِ ، وَ ) رَجَعَ ( فِي غَيْرِهِ ) أَيْ : الْمِثْلِيِّ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ ( بِنِصْفِ قِيمَةِ مُتَمَيِّزٍ يَوْمَ عَقْدٍ ، وَ ) رَجَعَ فِي ( غَيْرِهِ ) أَيْ : الْمُتَمَيِّزِ إذَا كَانَ مُتَقَوِّمًا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ ( يَوْمَ فُرْقَةٍ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ عَقْدٍ إلَى قَبْضٍ ) ، وَيُشَارِكُ بِمَا يَرْجِعُ بِهِ الْغُرَمَاءُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ .
( وَلَوْ كَانَ ) الصَّدَاقُ ( ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ ) الزَّوْجَةُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ ثُمَّ تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ ( أَوْ ) كَانَ الصَّدَاقُ ( أَرْضًا فَبَنَتْهَا ) ثُمَّ تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ ( فَبَذَلَ الزَّوْجُ ) لَهَا ( قِيمَةً زَائِدَةً ) أَيْ : قِيمَةَ زِيَادَةِ نِصْفِ الثَّوْبِ بِالصَّبْغِ أَوْ قِيمَةَ زِيَادَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ بِالْبِنَاءِ ( لِيَمْلِكَهُ ) أَيْ : النِّصْفَ مِنْ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا أَوْ مِنْ الْأَرْضِ مَبْنِيًّا ( فَلَهُ ذَلِكَ ) كَالشَّفِيعِ إذَا أَخَذَ بَعْدَ بِنَاءِ مُشْتَرٍ شِقْصًا مَشْفُوعًا ، وَكَالْمُعِيرِ يَرْجِعُ فِي أَرْضِهِ ، وَفِيهَا بِنَاءُ مُسْتَعِيرٍ وَكَذَا لَوْ غُرِسَتْ الْأَرْضُ .
وَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ النِّصْفَ بِزِيَادَتِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ ؛ لِأَنَّهَا زَادَتْهُ خَيْرًا ( وَإِنْ نَقَصَ ) الْمَهْرُ ( فِي يَدِهَا بَعْدَ تَنَصُّفِهِ ضَمِنَتْ نَقْصَهُ مُطْلَقًا ) أَيْ : سَوَاءٌ طَلَبَهُ ، وَمَنَعَتْهُ أَوَّلًا مُتَمَيِّزًا أَوْ لَا إذْ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِقَبْضِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهَا فَنَقَصَهُ عَلَيْهَا ( وَمَا قَبَضَ مِنْ ) مَهْرٍ ( مُسَمًّى بِذِمَّةٍ ) كَعَبْدٍ مَوْصُوفٍ فِي ذِمَّتِهِ ( كَ ) صَدَاقٍ ( مُعَيَّنٍ ) بِعَقْدٍ ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ بِالْقَرْضِ عَيْنًا فَصَارَ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ بِالْعَقْدِ ( إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِهِ ) أَيْ : مَا قَبَضَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ ( صِفَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ مِلْكِهَا لَهُ وَمَتَى بَقِيَ مَا قَبَضَتْهُ إلَى حِينِ تَنَصُّفِهِ وَجَبَ رَدُّ نِصْفِهِ بِعَيْنِهِ .
( وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) فِي قَوْله تَعَالَى { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ } ( الزَّوْجُ ) لَا وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا { وَلِيُّ الْعَقْدِ الزَّوْجُ } ؛ وَلِأَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ بَعْدَ الْعَقْدِ هُوَ الزَّوْجُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَطْعِهِ ، وَإِمْسَاكِهِ وَلَيْسَ إلَى الْوَلِيِّ مِنْهُ شَيْءٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } ، وَالْعَفْوُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى هُوَ عَفْوُ الزَّوْجِ عَنْ حَقِّهِ ، وَأَمَّا عَفْوُ الْوَلِيِّ عَنْ مَالِ الْمَرْأَةِ فَلَيْسَ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ؛ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ مَالٌ لِلزَّوْجَةِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ هِبَتُهُ وَلَا إسْقَاطُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهَا ، وَحُقُوقِهَا وَلَا تَمْنَعُهُ الْعُدُولُ عَنْ خِطَابِ الْحَاضِرِ إلَى خِطَابِ الْغَائِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { حَتَّى إذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا } ( فَإِنْ طَلَّقَ ) الزَّوْجُ ( قَبْلَ دُخُولٍ ) بِهَا ( فَأَيُّهُمَا ) أَيْ : الزَّوْجَيْنِ ( عَفَا لِصَاحِبِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ الْآخَرِ ( عَمَّا وَجَبَ ) أَيْ : اسْتَقَرَّ ( لَهُ ) بِالطَّلَاقِ ( مِنْ ) نِصْفِ ( مَهْرٍ ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا ( وَهُوَ ) أَيْ : الْعَافِي ( جَائِزُ التَّصَرُّفِ ) بِأَنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا ( بَرِئَ مِنْهُ صَاحِبُهُ ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا }
( وَمَتَى أَسْقَطَتْهُ ) أَيْ : الْمَهْرَ ( عَنْهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( ثُمَّ طَلَقَتْ ) قَبْلَ دُخُولٍ ( أَوْ ارْتَدَّتْ ) وَنَحْوُهُ ( قَبْلَ دُخُولٍ رَجَعَ ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا ( فِي ) الْمَسْأَلَةِ ( الْأُولَى ) وَهِيَ مَا إذَا طَلَقَتْ بَعْدَ أَنْ أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ ( بِبَدَلِ نِصْفِهِ ) أَيْ : الصَّدَاقِ .
( وَ ) يَرْجِعُ عَلَيْهَا ( فِي ) الْمَسْأَلَةِ ( الثَّانِيَةِ ) وَهِيَ مَا إذَا ارْتَدَّتْ بَعْدَ أَنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ صَدَاقَهَا ( بِبَدَلِ جَمِيعِهِ ) ؛ لِأَنَّ عَوْدَ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ كُلِّهِ إلَى الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الرِّدَّةِ ، وَهُمَا غَيْرُ الْجِهَةِ الْمُسْتَحَقِّ بِهَا الصَّدَاقُ أَوَّلًا فَأَشْبَهَا مَا لَوْ أَبْرَأَ إنْسَانٌ آخَرَ مِنْ دَيْنٍ ثُمَّ ثَبَتَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ( كَعَوْدِهِ ) أَيْ : الصَّدَاقِ ( إلَيْهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ مِنْ زَوْجَتِهِ ( بِبَيْعٍ ) ثُمَّ يُطَلِّقُهَا أَوْ تَرْتَدُّ فَلْيَرْجِعْ عَلَيْهَا بِبَدَلِ نِصْفِهِ أَوْ كُلِّهِ ( أَوْ هِبَتِهَا الْعَيْنَ ) الَّتِي أَصْدَقَهَا إيَّاهَا ( لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ وَهَبَهَا ) الْأَجْنَبِيُّ ( لَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ ارْتَدَّتْ ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بَدَلَ نِصْفِهَا أَوْ كُلِّهَا ( وَلَوْ وَهَبَتْهُ ) أَيْ : الزَّوْجَ ( نِصْفَهُ ) أَيْ : الْمَهْرِ ( ثُمَّ تَنَصَّفَ ) بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ ( رَجَعَ ) الزَّوْجُ ( فِي النِّصْفِ الْبَاقِي ) كُلِّهِ لِوُجُوبِهِ لَهُ بِالطَّلَاقِ ، كَمَا لَوْ وَهَبَتْهُ غَيْرَهُ
( وَلَوْ تَبَرَّعَ ) قَرِيبٌ أَوْ ( أَجْنَبِيٌّ بِأَدَاءِ مَهْرٍ ) عَنْ زَوْجٍ ؛ ثُمَّ تَنَصَّفَ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ سَقَطَ بِنَحْوِ رِدَّةٍ قَبْلَ دُخُولٍ ( فَالرَّاجِعُ ) مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ كُلِّهِ ( لِلزَّوْجِ ) ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقُهُ بِغَيْرِ الْجِهَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ أَوَّلًا كَمَا لَوْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِهِ ( وَمِثْلُهُ ) أَيْ : الصَّدَاقِ فِيمَا ذُكِرَ ( أَدَاءُ ثَمَنٍ ) عَنْ مُشْتَرٍ تَبَرُّعًا ( ثُمَّ يَفْسَخُ ) الْبَيْعَ ( بِعَيْبٍ ) أَوْ تَقَايُلٍ وَنَحْوِهِ ( فَالرَّاجِعُ ) مِنْ ثَمَنٍ لِمُشْتَرٍ لِمَا تَقَدَّمَ .
، وَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ كُلُّهُ إلَى غَيْرِ مُتْعَةٍ أَيْ : يَسْقُطُ وَلَا تَجِبُ مُتْعَةٌ بَدَلًا عَنْهُ ( بِفُرْقَةِ لِعَانٍ ) قَبْلَ دُخُولٍ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَمَّ لِعَانُهَا .
( وَ ) يَسْقُطُ ( بِفَسْخِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ النِّكَاحَ ( لِعَيْبِهَا ) كَكَوْنِهَا رَتْقَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ قَبْلَ تَسَلُّمِهِ ، فَسَقَطَ الْعِوَضُ كُلُّهُ كَمُتْلِفِ مَبِيعٍ بِنَحْوِ كَيْلٍ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ ( أَوْ ) فُرْقَةٍ ( مِنْ قِبَلِهَا كَإِسْلَامِهَا تَحْتَ كَافِرٍ ) قَبْلَ دُخُولٍ .
( وَ ) كَ ( رِدَّتِهَا ، وَرَضَاعِهَا مَنْ يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا ) كَزَوْجَةٍ لَهُ صُغْرَى قَبْلَ دُخُولٍ ( وَ ) كَ ( فَسْخِهَا لِعَيْبِهِ أَوْ إعْسَارِهِ أَوْ عَدَمِ وَفَائِهِ بِشَرْطٍ ) شُرِطَ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ قَبْلَ دُخُولٍ ( وَ ) كَ ( اخْتِيَارِهَا لِنَفْسِهَا بِجَعْلِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( لَهَا ) ذَلِكَ ( بِسُؤَالِهَا ) جَعْلَهُ إلَيْهَا ( قَبْلَ دُخُولٍ ) أَيْ : مَا يُقَرِّرُ الْمَهْرُ مِنْ وَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ أَوْ لَمْسٍ وَنَحْوِهَا لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِفِعْلِهَا ، وَهِيَ الْمُسْتَحِقَّةُ لِلصَّدَاقِ ، فَسَقَطَ وَإِنْ جَعَلَ الْخِيَارَ إلَيْهَا بِلَا سُؤَالِهَا ، وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ دُخُولٍ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ .
( وَيَتَنَصَّفُ ) صَدَاقُهَا ( بِشِرَائِهَا زَوْجَهَا ) قَبْلَ دُخُولٍ لِتَمَامِ الْبَيْعِ بِالسَّيِّدِ وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الزَّوْجِ .
فَلَمْ تَتَمَحَّضْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا ( وَ ) يَتَنَصَّفُ بِكُلِّ ( فُرْقَةٍ مِنْ قِبَلِهِ أَيْ : الزَّوْجِ كَطَلَاقِهِ ) الزَّوْجَةَ قَبْلَ دُخُولٍ وَلَوْ بِسُؤَالِهَا .
( وَ ) كَ ( خُلْفِهِ ) إيَّاهَا ( وَلَوْ بِسُؤَالِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ بِجَوَابِ الزَّوْجِ وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا فَفَعَلَتْهُ .
( وَ ) كَ ( إسْلَامِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ إنْ لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً ( مَا عَدَا مُخْتَارَاتِ مَنْ أَسْلَمَ ) لِلْفِرَاقِ مِمَّا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ أَوْ مِنْ نَحْوِ أُخْتَيْنِ أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا ، وَأَسْلَمْنَا ( وَ ) كَ ( رِدَّتِهِ ، وَشِرَائِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( إيَّاهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةَ قَبْلَ دُخُولٍ ( وَلَوْ ) كَانَ شِرَاؤُهُ إيَّاهَا ( مِنْ مُسْتَحِقٍّ مَهْرَهَا ) وَهُوَ سَيِّدُهَا الَّذِي زَوَّجَهَا لَهُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِقَبُولِ الزَّوْجِ وَلَا فِعْلَ لِلزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ ( أَوْ ) أَيْ : وَيَتَنَصَّفُ بِكُلِّ فُرْقَةٍ ( مِنْ قِبَلِ أَجْنَبِيٍّ كَرَضَاعٍ ) أُمًّا أَوْ أُخْتَهُ أَوْ زَوْجَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنَةَ زَوْجَةٍ لَهُ صُغْرَى رَضَاعًا مُحَرَّمًا ( وَنَحْوِهِ ) كَوَطْءِ أَبِي الزَّوْجِ أَوْ ابْنَةِ الزَّوْجَةِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ وَنَحْوُهُ حَاكِمٌ عَلَى مُوَلٍّ وَنَحْوِهِ ( قَبْلَ دُخُولٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لِلزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ فَيَسْقُطُ بِهِ صَدَاقُهَا ، وَيَأْتِي فِي الرَّضَاعِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُفْسِدٍ بِمَا لَزِمَهُ
( وَيُقَرِّرُهُ ) أَيْ : الْمَهْرَ ( كَامِلًا مَوْتُ ) أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ( وَلَوْ بِقَتْلِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ أَوْ ) قَتْلِ أَحَدِهِمَا ( نَفْسَهُ ) لِبُلُوغِ النِّكَاحِ نِهَايَتَهُ فَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ الِاسْتِيفَاءِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ ؛ وَلِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْعِدَّةَ فَأَوْجَبَ كَمَالَ الْمَهْرِ لَهَا كَالدُّخُولِ ( أَوْ ) كَانَ ( مَوْتُهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( بَعْدَ طَلَاقٍ ) امْرَأَتَهُ ( فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ) الْمَخُوفِ ( قَبْلَ دُخُولٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ إذَنْ ، وَمُعَامَلَةٌ لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ كَالْفَارِّ بِالطَّلَاقِ مِنْ الْإِرْثِ ، وَالْقَاتِلِ ( مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ) قَبْلَ مَوْتِهِ ( أَوْ تَرْتَدَّ ) عَنْ الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرِثُهُ إذَنْ ( ، وَ ) يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَامِلًا ( وَطْؤُهَا ) أَيْ : وَطْءُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ ( حَيَّةً فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا ) أَوْ بِلَا خَلْوَةٍ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَقْصُودَ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عِوَضُهُ فَإِنْ وَطِئَهَا مَيِّتَةً فَقَدْ تَقَرَّرَ بِالْمَوْتِ أَوْ دُونَ فَرْجٍ فَيَأْتِي أَنَّ اللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ يُقَرِّرُهُ .
( وَ ) يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَامِلًا ( خَلْوَةٌ ) زَوْجٍ ( بِهَا ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا رُوِيَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَزَيْدٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَرَوَى أَحْمَدُ ، وَالْأَثْرَمُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ " قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ أَوْجَبَ الْمَهْرَ ، وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ " ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ الْأَحْنَفِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ وَهَذِهِ قَضَايَا اشْتَهَرَتْ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ فِي عَصْرِهِمْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ ؛ وَلِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْمُسْتَحَقَّ قَدْ وُجِدَ مِنْ جِهَتِهَا فَيَسْتَقِرُّ بِهِ الْبَدَلُ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : { مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَنَّى بِالْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ الْخَلْوَةُ عَنْ السَّبَبِ بِدَلِيلِ مَا سَبَقَ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : { وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ } فَعَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ :
الْإِفْضَاءُ الْخَلْوَةُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ ؛ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَضَاءِ وَهُوَ الْخَالِي فَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَدْ خَلَا بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ ( عَنْ مُمَيِّزٍ ، وَبَالِغٍ مُطْلَقًا ) أَيْ : مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا ( مَعَ عِلْمِهِ ) بِالزَّوْجَةِ ( وَلَمْ تَمْنَعْهُ ) الزَّوْجَةُ مِنْ وَطْئِهَا فَإِنْ مَنَعَتْهُ لَمْ يَتَقَرَّرْ الْمَهْرُ لِعَدَمِ التَّمْكِينِ التَّامِّ ( إنْ كَانَ ) الزَّوْجُ ( يَطَأُ مِثْلُهُ ) كَابْنِ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ .
( وَ ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ ( يُوطَأُ مِثْلُهَا ) كَبِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَتَقَرَّرْ الْمَهْرُ ( وَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ لِنَحْوِ نَوْمٍ ( وَلَوْ ) كَانَ ( نَائِمًا أَوْ بِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( عَمًى ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ خَفَاءِ ذَلِكَ ( أَوْ ) كَانَ ( بِهِمَا ) أَيْ : الزَّوْجَيْنِ مَانِعٌ ( أَوْ ) كَانَ بِ ( أَحَدِهِمَا مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَجَبٍّ ) بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ ( وَرَتْقٍ ) بِأَنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَتْقَاءَ أَيْ : مَسْدُودَةَ الْفَرْجِ ( أَوْ ) كَانَ بِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مَانِعٌ ( شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ ، وَإِحْرَامٍ ، وَصَوْمٍ وَاجِبٍ ) فَإِذَا خَلَا بِهَا وَلَوْ فِي حَالٍ مِنْ هَذِهِ تَقَرَّرَ الصَّدَاقُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ نَفْسَهَا مُقَرِّرَةٌ لَهُ لِلْمَهْرِ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ وَلِوُجُودِ التَّسْلِيمِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ التَّمْكِينُ التَّامُّ ، وَالْمَنْعُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَيْسَ مِنْ فِعْلِهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّمْكِينِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ النَّفَقَةِ .
( وَ ) يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَامِلًا ( لَمْسُ ) الزَّوْجِ الزَّوْجَةَ بِشَهْوَةٍ ( وَنَظَرٌ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ ) وَلَوْ بِلَا خَلْوَةٍ فِيهِمَا نَصًّا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } الْآيَةَ ، وَحَقِيقَةُ اللَّمْسِ الْتِقَاءُ الْبَشَرَتَيْنِ .
( وَ ) يُقَرِّرُهُ كَامِلًا ( تَقْبِيلُهَا
بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ اسْتِمْتَاعٍ أَشْبَهَ الْوَطْءَ .
وَ ( لَا ) يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ كَامِلًا ( إنْ تَحَمَّلَتْ بِمَائِهِ ) أَيْ : مَنِيِّ الزَّوْجِ بِلَا خَلْوَةٍ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِمْتَاعَ مِنْهُ بِهَا ( وَيَثْبُتُ بِهِ ) أَيْ : بِتَحَمُّلِ الْمَرْأَةِ مَاءَ رَجُلٍ ( نَسَبُ ) وَلَدٍ حَمَلَتْ بِهِ مِنْهُ .
( وَ ) يَثْبُتُ بِهِ ( عِدَّةٌ ) فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ .
( وَ ) يَثْبُتُ بِهِ ( مُصَاهَرَةٌ ) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَتَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ ، وَابْنِهِ كَمَوْطُوءَتِهِمَا ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْمَنِيُّ ( مِنْ أَجْنَبِيٍّ ) غَيْرِ زَوْجِهَا ، وَ ( لَا ) يَتَثَبَّتُ بِهِ ( رَجْعَةٌ ) فَلَوْ تَحَمَّلَتْ رَجْعِيَّةٌ بِمَنِيِّ مُطَلَّقِهَا لَمْ يَكُنْ رَجْعِيَّةً وَإِذَا تَحَمَّلَتْ بِمَاءِ أَجْنَبِيٍّ فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ ( وَلَوْ اتَّفَقَا ) أَيْ : الزَّوْجُ ، وَالزَّوْجَةُ الْمَخْلُوُّ بِهَا ( عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا فِي الْخَلْوَةِ لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ وَلَا ) وُجُوبُ ( الْعِدَّةُ ) نَصًّا لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الصَّحَابَةِ ( وَلَا تَثْبُتُ ) بِخَلْوَةٍ ( أَحْكَامُ الْوَطْءِ مِنْ إحْصَانٍ ) فَلَا يَصِيرَانِ مُحْصَنَيْنِ بِالْخَلْوَةِ بِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الزِّنَا ، وَحِلِّهَا ( لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا ) فَلَا تَحِلُّ بِالْخَلْوَةِ بَلْ بِالْوَطْءِ لِحَدِيثِ " { حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ } ) ( وَنَحْوَهُمَا ) كَتَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَحُصُولِ الرَّجْعَةِ لِمَا تَقَدَّمَ ، وَيَأْتِي .
وَإِذَا اخْتَلَفَا أَيْ : الزَّوْجَانِ ( أَوْ ) اخْتَلَفَ ( وَرَثَتُهُمَا ) أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَوَرَثَةُ الْآخَرِ ( أَوْ ) اخْتَلَفَ ( زَوْجٌ ، وَوَلِيُّ ) نَحْوِ ( صَغِيرَةٍ ) أَوْ وَلِيٍّ زَوْجٍ نَحْوَ صَغِيرٍ مَعَ زَوْجَةٍ رَشِيدَةٍ أَوْ مَعَ وَلِيٍّ غَيْرِهَا أَوْ مَعَ وَارِثِهَا ( فِي قَدْرِ صَدَاقٍ ) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى عِشْرِينَ فَتَقُولُ بَلْ عَلَى ثَلَاثِينَ ( أَوْ ) فِي ( عَيْنِهِ ) بِأَنْ قَالَ : عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَتَقُولُ : بَلْ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ ( أَوْ ) فِي ( صِفَتِهِ ) بِأَنْ قَالَ : عَلَى عَبْدٍ زِنْجِيٍّ فَقَالَتْ بَلْ أَبْيَضَ ( أَوْ ) فِي ( جِنْسِهِ ) بِأَنْ قَالَ : عَلَى فِضَّةٍ فَتَقُولُ : عَلَى ذَهَبٍ ( أَوْ ) فِي ( مَا يَسْتَقِرُّ بِهِ ) الصَّدَاقُ بِأَنْ ادَّعَتْ وَطْئًا أَوْ خَلْوَةً فَأَنْكَرَ ( فَقَوْلُ زَوْجٍ ) بِيَمِينِهِ ( أَوْ وَارِثِهِ ) أَوْ وَلِيِّهِ ( بِيَمِينِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِحَدِيثِ { الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ } ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا يُدَّعَى عَلَيْهِ ( ، وَ ) إذَا اخْتَلَفَا أَوْ وَرَثَتُهُمَا أَوْ وَلِيَّاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَوَلِيُّ الْآخَرِ أَوْ وَارِثُهُ ( فِي قَبْضٍ ) صَدَاقٍ فَقَوْلُهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ ( أَوْ ) فِي ( تَسْمِيَةِ مَهْرِ مِثْلٍ ) بِأَنْ قَالَ : لَمْ أُسَمِّ لَك مَهْرًا ، ، وَقَالَتْ : بَلْ سَمَّيْت لِي قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ ( فَقَوْلُهَا ) إنْ وُجِدَتْ بِيَمِينِهَا ( أَوْ ) قَوْلُ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا أَوْ قَوْلُ ( وَرَثَتُهَا ) إنْ كَانَتْ مَاتَتْ ( بِيَمِينٍ ) ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ فَقَوْلُهَا قَبْلَ دُخُولٍ ، وَبَعْدَهُ فِيمَا يُوَافِقُ مَهْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ قَالَ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى شَيْءٍ أَوْ ، وَفَّيْتهَا أَوْ أَبْرَأَتْنِي أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهَا أَلْفًا أَوْ عَرَضًا ، وَقَالَ : دَفَعْتُهُ صَدَاقًا ، وَقَالَتْ : بَلْ هِبَةً فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَلَهَا رَدُّ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ صَدَاقِهَا ، وَطَلَبُهُ بِصَدَاقِهَا
( وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقَيْنِ سِرًّا ، وَعَلَانِيَةً ) بِأَنْ عَقَدَاهُ سِرًّا بِصَدَاقٍ ، وَعَلَانِيَةً بِآخَرَ ( أَخَذَ ) الزَّوْجُ ( بِ ) الصَّدَاقِ ( الزَّائِدِ مُطْلَقًا ) أَيْ : سَوَاءٌ كَانَ الزَّائِدُ صَدَاقَ السِّرِّ أَوْ الْعَلَانِيَةِ ، وَالْغَالِبُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقَ الْعَلَانِيَةِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ السِّرُّ أَكْثَرَ فَقَدْ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ الْعَلَانِيَةُ وَإِنْ كَانَ الْعَلَانِيَةُ أَكْثَرَ فَقَدْ بَذَلَ لَهَا الزَّائِدَ فَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ زَادَهَا فِي صَدَاقِهَا ( وَتَلْحَقُ بِهِ ) أَيْ : الْمَهْرِ ( زِيَادَةٌ بَعْدَ عَقْدِ ) النِّكَاحِ مَا دَامَتْ فِي حِبَالِهِ ( فِيمَا يُقَرِّرُهُ ) أَيْ : الْمَهْرَ كَامِلًا كَمَوْتٍ ، وَدُخُولٍ ، وَخَلْوَةٍ .
( وَ ) فِيمَا ( يُنَصِّفُهُ ) كَطَلَاقٍ ، وَخُلْعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ } ؛ وَلِأَنَّ مَا بَعْدَ الْعَقْدِ زَمَنٌ لِفَرْضِ الْمَهْرِ فَكَانَ حَالَةُ الزِّيَادَةِ كَحَالَةِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، وَالْإِجَارَةِ فَيَثْبُتُ لِلزِّيَادَةِ حُكْمُ الْمُسَمَّى وَلَا يُغْتَفَرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ ( وَتَمْلِكُ ) الزِّيَادَةَ ( بِهِ ) أَيْ : بِجَعْلِهَا ( مِنْ حِينِهَا ) أَيْ : الزِّيَادَةِ لَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ عَلَى سَبَبِهِ وَلَا وُجُودُهُ فِي حَالِ عَدَمِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ عَقِبَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْإِعْطَاءُ ( فَمَا ) زَادَهُ زَوْجٌ ( بَعْدَ عِتْقِ زَوْجَةٍ لَهَا ) دُونَ سَيِّدِهَا وَكَذَا لَوْ بِيعَتْ ثُمَّ زِيدَتْ فِي صَدَاقِهَا فَالزِّيَادَةُ لِمُشْتَرٍ دُونَ بَائِعٍ ( وَلَوْ قَالَ ) زَوْجٌ وَقَدْ عَقَدَاهُ سِرًّا بِمَهْرٍ ، وَعَلَانِيَةً بِمَهْرٍ ( وَهُوَ عَقْدٌ ) وَاحِدٌ ( أُسِرَّ ثُمَّ أُظْهِرَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ : فَالْوَاجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ ( ، وَقَالَتْ ) الزَّوْجَةُ هُمَا ( عَقْدَانِ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ فَ ) الْقَوْلُ ( قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الثَّانِي عَقْدٌ صَحِيحٌ يُفِيدُ حُكْمًا كَالْأَوَّلِ وَلَهَا الْمَهْرُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي إنْ دَخَلَ بِهَا وَنَحْوُهُ ،
وَنِصْفُ الْمَهْرِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ إنْ ادَّعَى سُقُوطَ نِصْفِهِ بِنَحْوِ طَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ ، وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ سُئِلَتْ فَإِنْ ادَّعَتْ دُخُولًا فِيهِ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا ثَانِيًا حَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ ، وَاسْتَحَقَّتْ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِمَا يُسْقِطُ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ جَمِيعَهُ لَزِمَهَا مَا أَقَرَّتْ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ
( وَإِنْ اتَّفَقَا قَبْلَ عَقْدٍ عَلَى مَهْرٍ ) كَمِائَةٍ ( ، وَعَقَدَاهُ بِأَكْثَرَ ) كَمِائَتَيْنِ ( تَحَمُّلًا فَالْمَهْرُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهَا تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا اتِّفَاقٌ عَلَى خِلَافِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ السِّرُّ مِنْ جِنْسِ الْعَلَانِيَةِ أَوْ لَا ( وَنَصَّ أَحْمَدُ ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ( أَنَّهَا تَفِي لِزَوْجِهَا بِمَا ، وَعَدَتْ بِهِ شَرَطَتْهُ ) اسْتِحْبَابًا لِئَلَّا تَكُونَ غَارَّةً لَهُ وَلِحَدِيثِ { الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ } ( وَهَدِيَّةُ زَوْجٍ لَيْسَتْ مِنْ الْمَهْرِ ) نَصًّا ( فَمَا ) أَهْدَاهُ زَوْجٌ ( قَبْلَ عَقْدٍ إنْ وَعَدُوهُ ) بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ ( وَلَمْ يَفُوا ) بِأَنْ يُزَوِّجُوهَا غَيْرَهُ ( رَجَعَ بِهَا ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَإِنْ كَانَ الْإِعْرَاضُ مِنْهُ أَوْ مَاتَتْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ ( وَمَا قُبِضَ بِسَبَبِ نِكَاحٍ ) أَيْ : قَبَضَهُ بَعْضُ أَقَارِبِهَا كَاَلَّذِي يُسَمُّونَهُ مُشْكِلَةً ( فَ ) حُكْمُهُ ( كَمَهْرٍ فِيمَا يُقَرِّرُ ، وَيُنَصِّفُهُ ، وَيُسْقِطُهُ وَمَا كَتَبَ فِيهِ الْمَهْرَ لَهَا وَلَوْ طَلُقَتْ ) عَمَلًا بِالْعَادَةِ ( ، وَتُرَدُّ هَدِيَّةٌ ) عَلَى زَوْجٍ ( فِي كُلِّ فُرْقَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ مُسْقِطَةٍ لِلْمَهْرِ ) كَفَسْخٍ لِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ ، وَفِي فُرْقَةٍ قَهْرِيَّةٍ ( كَفَسْخٍ ) مِنْ قِبَلِهَا ( لِفَقْدِ كَفَاءَةٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ ) لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ وَهَبَ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ فَإِذَا زَالَ مَلَكَ الرُّجُوعَ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ ( وَتَثْبُتُ ) الْهَدِيَّةُ ( مَعَ ) أَمْرٍ مُقَرَّرٍ لَهُ الْمَهْرُ كَوَطْءٍ ، وَخَلْوَةٍ ( أَوْ مُقَرَّرٍ لِنِصْفِهِ كَطَلَاقِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَمَنْ أَخَذَ ) شَيْئًا ( بِسَبَبِ عَقْدِ ) بَيْعٍ وَنَحْوِهِ ( كَدَلَّالٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ فَسَخَ بَيْعَ بَاقِلَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقِفُ عَلَى تَرَاضٍ ) كَشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا ثُمَّ يَفْسَخَا الْبَيْعَ ( لَمْ يَرُدَّهُ ) أَيْ : الْمَأْخُوذَ لِلُزُومِ الْبَيْعِ ( وَإِلَّا ) يَقِفُ الْفَسْخُ عَلَى تَرَاضٍ كَفَسْخٍ لِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ ( رَدَّهُ )
الْمَأْخُوذَ بِسَبَبِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ ( ، وَقِيَاسُهُ نِكَاحٌ فُسِخَ لِعَقْدِ كَفَاءَةٍ أَوْ عَيْبٍ فَيَرُدُّهُ ) أَيْ : الْمَأْخُوذَ آخِذُهُ ( لَا ) إنْ فُسِخَ ( لِرِدَّةٍ ، وَرَضَاعٍ ، وَمُخَالَعَةٍ ) فَلَا يَرُدُّهُ .
هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي النَّظَرِيَّاتِ .
بِكَسْرِ الْوَاوِ ، وَفَتْحِهَا ، فَالْكَسْرُ عَلَى إضَافَةِ الْفِعْلِ لِلْمَرْأَةِ عَلَى أَنَّهَا فَاعِلَةٌ ، ، وَالْفَتْحُ عَلَى إضَافَتِهِ لِوَلِيِّهَا .
وَالتَّفْوِيضُ : الْإِهْمَالُ كَأَنَّ الْمَهْرَ أُهْمِلَ حَيْثُ لَمْ يُسَمَّ .
قَالَ الشَّاعِرُ : لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ وَلَا سَرَاةَ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا أَيْ : مُهْمِلِينَ .
( وَ ) التَّفْوِيضُ ( نَوْعَانِ تَفْوِيضُ بُضْعٍ بِأَنْ يُزَوِّجَ أَبٌ ابْنَتَهُ الْمُجْبَرَةَ ) بِلَا مَهْرٍ ( أَوْ ) يُزَوِّجَ الْأَبُ ( غَيْرَهَا بِإِذْنِهَا ) بِلَا مَهْرٍ ( أَوْ ) يُزَوِّجَ ( غَيْرُ الْأَبِ ) كَالْأَخِ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ ( بِإِذْنِهَا بِلَا مَهْرٍ ) فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ ، وَيَجِبُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } وَلِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ : { قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ امْرَأَةٍ مِنَّا مِثْلَ مَا قَضَيْتَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الْوَاصِلَةُ ، وَالِاسْتِمْتَاعُ دُونَ الصَّدَاقِ ، وَسَوَاءٌ قَالَ : زَوَّجْتُكِ بِلَا مَهْرٍ أَوْ زَادَ لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ .
( وَ ) الثَّانِي ( تَفْوِيضُ مَهْرٍ ) بِأَنْ يَجْعَلَ الْمَهْرَ إلَى رَأْيِ : أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا ( كَ ) قَوْلِهِ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي وَنَحْوَهَا ( عَلَى مَا شَاءَتْ ) الزَّوْجَةُ ( أَوْ ) عَلَى مَا ( شَاءَ ) الزَّوْجُ ( أَوْ ) عَلَى مَا شَاءَ ( فُلَانٌ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ يَقْرُبُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ( وَنَحْوُهُ ) كَعَلَى حُكْمِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِك أَوْ حُكْمِ فُلَانٍ (
فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ ، وَيَجِبُ بِهِ ) أَيْ : الْعَقْدِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِمَا تَقَدَّمَ ؛ وَلِأَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ فِي تَزْوِيجِهَا إلَّا عَلَى صَدَاقٍ لَكِنَّهُ مَجْهُولٌ فَسَقَطَ لِجَهَالَتِهِ فَوَجَبَ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ ، فَلَوْ فَرَضَ مَهْرَ أَمَةٍ ثُمَّ بِيعَتْ أَوْ عَتَقَتْ ثُمَّ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ فَهُوَ لِسَيِّدِهَا حَالَ الْعَقْدِ ( وَلَهَا مَعَ ذَلِكَ ) أَيْ : التَّفْوِيضِ طَلَبُ فَرْضِهِ .
( وَ ) لَهَا ( مَعَ فَسَادِ تَسْمِيَةٍ ) كَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ ، وَخِنْزِيرٍ ( طَلَبُ فَرْضِهِ ) قَبْلَ دُخُولٍ ، وَبَعْدَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَخْلُو مِنْ مَهْرٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا ( ، وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( مِنْهُ ) أَيْ : مَهْرِ الْمِثْلِ ( قَبْلَ فَرْضِهِ ) لِانْعِقَادِ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَهُوَ النِّكَاحُ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ بَعْدَ الْجُرْحِ ( فَإِنْ تَرَاضَيَا ) أَيْ : الزَّوْجَانِ الْجَائِزَا التَّصَرُّفِ ( وَلَوْ عَلَى ) شَيْءٍ ( قَلِيلٍ صَحَّ ) فَرْضُهُ وَلَهَا مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا عَالِمَيْنِ كَانَا أَوْ جَاهِلَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَرَضَ لَهَا كَثِيرًا فَقَدْ بَذَلَ لَهَا مِنْ مَالٍ فَوْقَ مَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ فَرَضَ لَهَا يَسِيرًا فَقَدْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَا وَجَبَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَحْظَةً فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ بَذْلُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الرِّضَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ( وَإِلَّا ) يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ ( فَرَضَهُ حَاكِمٌ بِقَدْرِهِ ) أَيْ : مَهْرِ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ مَيْلٌ عَلَى الزَّوْجِ ، وَالنَّقْصُ عَنْهُ مَيْلٌ عَلَى الزَّوْجَةِ ، وَالْمَيْلُ حَرَامٌ ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْرَضُ بَدَلُ الْبُضْعِ فَيُقَدَّرُهُ بِقَدْرِهِ كَقِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ أُتْلِفَ ، وَيُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيُتَوَصَّلَ إلَى فَرْضِهِ ( ، وَيَلْزَمُهُمَا ) أَيْ : الزَّوْجَيْنِ ( فَرْضُهُ ) لِمَهْرِ الْمِثْلِ ( كَ ) مَا يَلْزَمُهُمَا ( حُكْمِهِ ) رَضِيَا بِهِ أَوْ لَا إذَا فَرَضَهُ حَكَمٌ ( فَدَلَّ ) ذَلِكَ عَلَى ( أَنَّ ثُبُوتَ سَبَبِ الْمُطَالَبَةِ ) وَهُوَ هُنَا فَرْضُ الْحَاكِمِ ( كَتَقْدِيرِهِ ) أَيْ : الْحَاكِمِ ( أُجْرَةَ مِثْلٍ أَوْ نَفَقَةً وَنَحْوَهُ ) كَتَقْدِيرِ جَعْلِ ( حُكْمٌ ) أَيْ : يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَلَيْسَ بِحُكْمٍ صَرِيحٍ ( فَلَا يُغَيِّرُهُ ) أَيْ : التَّقْدِيرُ لِنَحْوِ نَفَقَةٍ وَأُجْرَةِ ( حَاكِمٌ آخَرُ ) ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ
لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ ( مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ ) كَيَسْرَةٍ ، وَعُسْرَةٍ فِي نَفَقَةٍ ، وَكِسْوَةٍ ، وَغَلَاءٍ ، وَرُخْصٍ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ تَغَيَّرَ غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي وَلَيْسَ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ .
( وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ : الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ ( قَبْلَ دُخُولٍ ) بِمُفَوَّضَةٍ ( وَ ) قَبْلَ ( فَرْضِ ) حَاكِمٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( وَرِثَهُ صَاحِبُهُ ) سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ .
؛ وَلِأَنَّ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ ( وَلَهَا ) مَعَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَكَذَا سَائِرُ مَا يُقَرِّرُ الْمَهْرُ ( مَهْرُ نِسَائِهَا ) أَيْ : مَهْرُ مِثْلِهَا مُعْتَبَرًا بِمَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ أَقَارِبِهَا كَمَا يَأْتِي لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ .
( وَإِنْ طَلُقَتْ ) مُفَوَّضَةٌ ( قَبْلَهُمَا ) أَيْ : قَبْلَ دُخُولٍ ، وَفَرْضِ مَهْرٍ ( لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ) أَيْ : الْمُطَلِّقِ ( إلَّا الْمُتْعَةُ ) نَصًّا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ } يَقْتَضِي الْوُجُوبَ ، وَأَدَاءُ الْوَاجِبِ مِنْ الْإِحْسَانِ فَلَا تَعَارُضَ .
، وَكُلُّ فُرْقَةٍ يَنْتَصِفُ بِهَا الْمُسَمَّى تُوجِبُ الْمُتْعَةَ إذَا كَانَتْ مُفَوَّضَةً ، وَكُلُّ فُرْقَةٍ تُسْقِطُ الْمُسَمَّى كَاخْتِلَافِ دِينٍ ، وَفَسْخٍ لِرَضَاعٍ مِنْ قِبَلِهَا لَا تَجِبُ بِهِ مُتْعَةٌ لِقِيَامِهَا مَقَامَ نِصْفِ الْمُسَمَّى فَتَسْقُطُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَسْقُطُ فِيهِ ( وَهِيَ ) أَيْ : الْمُتْعَةُ ( مَا يَجِبُ لِحُرَّةٍ أَوْ سَيِّدِ أَمَةٍ عَلَى زَوْجٍ بِطَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرٌ ) صَحِيحٌ ( مُطْلَقًا ) أَيْ : سَوَاءٌ كَانَتْ مُفَوَّضَةَ بُضْعٍ أَوْ مُفَوَّضَةَ مَهْرٍ أَوْ مُسَمًّى لَهَا مَهْرٌ فَاسِدٌ كَخَمْرٍ ، وَخِنْزِيرٍ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُسْلِمًا ، وَذِمِّيَّةً لِعُمُومِ النَّصِّ ؛ وَلِأَنَّ مَا يَجِبُ مِنْ الْفَرْضِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْلِمُ ، وَالْكَافِرُ ، وَالْحُرُّ ، وَالرَّقِيقُ كَالْمَهْرِ ( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ ) أَيْ : الْمُعْسِرِ ( قَدَرُهُ ) نَصًّا اعْتِبَارًا بِحَالِ الزَّوْجِ لِلْآيَةِ ( فَأَعْلَاهَا ) أَيْ : الْمُتْعَةِ ( خَادِمٌ ) إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا ، وَالْخَادِمُ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( وَأَدْنَاهَا ) إذَا كَانَ الزَّوْجُ فَقِيرًا ( كِسْوَةٌ تُجْزِيهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةَ ( فِي صَلَاتِهَا ) وَهِيَ دِرْعٌ ، وَخِمَارٌ أَوْ ثَوْبٌ تُصَلِّي فِيهِ بِحَيْثُ يَسْتُرُ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ ( وَلَا تَسْقُطُ ) الْمُتْعَةُ ( إنْ وَهَبَتْهُ ) الْمَرْأَةُ ( مَهْرَ الْمِثْلِ ) أَيْ : أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ ( قَبْلَ الْفُرْقَةِ ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ ؛ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا وَهَبَتْهُ مَهْرَ الْمِثْلِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْمُتْعَةُ وَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ .
وَإِنْ وَهَبَ الزَّوْجُ لِلْمُفَوَّضَةِ شَيْئًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولٍ ، وَفَرَضَ لَهَا الْمُتْعَةَ نَصًّا ؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهَا قَبْلَهُ ، وَكَنِصْفِ الْمُسَمَّى ( وَإِنْ دَخَلَ ) الزَّوْجُ ( بِهَا ) أَيْ : الْمُفَوَّضَةِ ( اسْتَقَرَّ مَهْرُ
الْمِثْلِ ) كَالْمُسَمَّى وَكَذَا لَوْ خَلَا بِهَا وَنَحْوُهُ .
( وَلَا مُتْعَةَ ) لِمُفَوَّضَةٍ ( إنْ طَلُقَتْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِنَحْوِ ) دُخُولٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ } ثُمَّ قَالَ { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } فَخَصَّ الْأُولَى بِالْمُتْعَةِ وَالثَّانِيَةَ بِنِصْفِ الْمَفْرُوضِ مَعَ تَقْسِيمِهِ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ فَدَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِ كُلِّ قِسْمٍ بِحُكْمِهِ وَإِنْ فَرَضَ لَهَا مَا يَصِحُّ فَرْضُهُ فَكَالْمُسَمَّى يَنْتَصِفُ بِنَحْوِ طَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ وَلَا مُتْعَةَ مَعَهُ وَكَذَا لَا مُتْعَةَ لِمُطَلَّقَةٍ بَعْدَ دُخُولٍ مُطْلَقًا وَحَيْثُ لَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ .
( ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ جَمِيعِ أَقَارِبِهَا ) أَيْ : الْمُفَوَّضَةِ ( كَأُمٍّ ، وَخَالَةٍ ، وَعَمَّةٍ ، وَغَيْرِهِنَّ ) كَأُخْتٍ ، وَبِنْتِ أَخٍ أَوْ عَمٍّ ( الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى ) لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ { وَلَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ لِحَسَبِهَا } لِلْأَثَرِ ، وَحَسَبُهَا يَخْتَصُّ بِهِ أَقَارِبُهَا ، وَيُزَادُ الْمَهْرُ لِذَلِكَ ، وَيَقِلُّ لِعَدَمِهِ ، وَيُعْتَبَرُ التَّسَاوِي ( فِي مَالٍ ، وَجَمَالٍ ، وَعَقْلٍ ، وَأَدَبٍ ، وَسِنٍّ ، وَبَكَارَةٍ أَوْ ثُيُوبَةٍ وَبَلَدٍ ) ، وَصَرَاحَةِ نَسَبٍ ، وَكُلِّ مَا يَخْتَلِفُ لِأَجْلِهِ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ بَدَلُ مُتْلَفٍ وَهَذِهِ الصِّفَاتُ مَقْصُودَةٌ فِيهِ فَاعْتُبِرَتْ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) فِي نِسَائِهَا ( إلَّا دُونَهَا زِيدَتْ بِقَدْرِ فَضِيلَتِهَا ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ فَضِيلَتِهَا تَقْتَضِي زِيَادَةَ مَهْرِهَا ) فَتُقَدَّرُ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ الْفَضِيلَةِ ( أَوْ ) لَمْ يُوجَدْ فِي نِسَائِهَا ( إلَّا فَوْقَهَا نَقَصَتْ بِقَدْرِ نَقْصِهَا ) كَأَرْشِ عَيْبٍ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ نَقْصِ الْمَبِيعِ ( وَتُعْتَبَرُ عَادَةُ ) نِسَائِهَا ( فِي تَأْجِيلٍ ) مَهْرٍ أَوْ بَعْضِهِ ( وَغَيْرِهِ ) كَالتَّخْفِيفِ عَنْ عَشِيرَتِهِنَّ دُونَ غَيْرِهِمْ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَادَتُهُمْ التَّخْفِيفَ لِنَحْوِ شَرَفِ زَوْجٍ أَوْ يَسَارِهِ إجْرَاءً لَهَا عَلَى عَادَتِهِنَّ ( فَإِنْ اخْتَلَفَتْ ) عَادَتُهُنَّ ( أَوْ ) اخْتَلَفَتْ ( الْمُهُورُ أُخِذَ ) بِمَهْرِ ( وَسَطِ حَالٍ ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَمِنْ غَالِبِهِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَقَارِبُ ) مِنْ النِّسَاءِ ( اُعْتُبِرَ شَبَهُهَا بِنِسَاءِ بَلَدِهَا فَإِنْ عُدِمْنَ أَيْ : نِسَاءُ بَلَدِهَا ( فَ ) الِاعْتِبَارُ ( بِأَقْرَبِ النِّسَاءِ شَبَهًا بِهَا مِنْ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهَا ) ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ وَلَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ فَلَمَّا تَعَذَّرَ أَقَارِبُهَا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ النِّسَاءِ شَبَهًا بِهَا مِنْ غَيْرِهِنَّ كَمَا تُعْتَبَرُ الْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ .
وَلَا مَهْرَ بِفُرْقَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ خَلْوَةٍ .
( فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَلَمْ يَسْتَوْفِ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَشْبَهَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ ، وَالْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْ .
( وَإِنْ دَخَلَ ) أَيْ : وَطِئَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ( أَوْ خَلَا بِهَا ) فِيهِ ( اسْتَقَرَّ ) عَلَيْهِ الْمَهْرُ ( الْمُسَمَّى ) نَصًّا لِمَا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهِ " وَلَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا " .
قَالَ الْقَاضِي حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِمَا وَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ الْمَهْرُ وَاسْتِقْرَارُهُ بِالْخَلْوَةِ بِقِيَاسِهِ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ .
( وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِوَطْءٍ وَلَوْ ) كَانَ الْوَطْءُ ( مِنْ مَجْنُونٍ فِي ) نِكَاحٍ ( بَاطِلٍ إجْمَاعًا ) كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ ( أَوْ ) وَطْءٍ ( بِشُبْهَةٍ ) إنْ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً عَالِمَةً مُطَاوِعَةً فِيهِمَا ( أَوْ ) وَطْءِ ( مُكْرَهَةٍ عَلَى الزِّنَا ) إنْ كَانَ الْوَطْءُ ( فِي قُبُلٍ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا } أَيْ : نَالَ مِنْهُ وَهُوَ الْوَطْءُ ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِحْلَالِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحِلِّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ وَهُوَ الْوَطْءُ ؛ وَلِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِبُضْعٍ بِغَيْرِ رِضَا مَالِكِهِ ، فَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ وَهِيَ الْمَهْرُ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ .
وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ دُخُولٍ ، وَظَنَّ أَنَّهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ بِهِ فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ ( دُونَ أَرْشِ بَكَارَةٍ ) فَلَا يَجِبُ مَعَ الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ يَدْخُلُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِبِكْرٍ مِثْلِهَا فَلَا يَجِبُ مَرَّةً أُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَجْنَبِيَّةً أَوْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ ؛ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ضُمِنَ لِلْقَرِيبِ كَالْمَالِ بِخِلَافِ اللِّوَاطِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى أَحَدٍ لِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِبَدَلِهِ وَلَا هُوَ إتْلَافٌ لِشَيْءٍ فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ ، وَالْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ .
( وَيَتَعَدَّدُ ) مَهْرٌ فِي وَطْءِ شُبْهَةٍ ( بِتَعَدُّدِ شُبْهَةٍ ) كَانَ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ ثُمَّ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ زَيْنَبُ ثُمَّ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا سُرِّيَّتُهُ فَيَجِبُ لَهَا ثَلَاثَةُ مُهُورٍ فَإِنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ ، وَتَعَدَّدَ الْوَطْءُ فَمَهْرٌ وَاحِدٌ ( وَ ) يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ ( إكْرَاهٍ ) عَلَى زِنًا وَإِنْ اتَّحَدَ الْإِكْرَاهُ ، وَتَعَدَّدَ الْوَطْءُ فَمَهْرٌ وَاحِدٌ ( ، وَيَجِبُ ) مَهْرٌ ( بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ ) كَالْحَيَّةِ ، وَقَالَ الْقَاضِي وَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ و ( لَا ) يَجِبُ مَهْرٌ بِوَطْءِ ( مُطَاوِعَةٍ ) عَلَى زِنًا ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ بُضْعٍ بِرِضَا مَالِكِهِ فَلَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ ( غَيْرَ أَمَةٍ ) فَيَجِبُ لِسَيِّدِهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى زَانٍ بِهَا وَلَوْ مُطَاوِعَةً ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بُضْعَهَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِهَا بِطَوَاعِيَتِهَا ( أَوْ ) غَيْرَ ( مُبَعَّضَةٍ ) طَاوَعَتْ عَلَى الزِّنَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِهَا بِمُطَاوَعَتِهَا بَلْ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا ( بِقَدْرِ رِقٍّ ) ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ غَيْرِهَا مِنْ مَهْرِهَا .
( وَعَلَى مَنْ أَذْهَبَ عُذْرَةَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ : بَكَارَةَ ( أَجْنَبِيَّةٍ ) أَيْ : غَيْرِ زَوْجَتِهِ ( بِلَا وَطْءٍ أَرْشُ بَكَارَتِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ عِوَضِهِ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى أَرْشِهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَهُوَ مَا بَيْنَ مَهْرِهَا بِكْرًا ، وَثَيِّبًا ذَكَرَهُ فِي الْإِقْنَاعِ ، وَغَيْرِهِ ، وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ أَرْشَهُ حُكُومَةٌ ( وَإِنْ فَعَلَهُ ) أَيْ : إذْهَابَ الْعُذْرَةِ ( زَوْجٌ ) بِلَا وَطْءٍ ( ثُمَّ طَلَّقَ ) الَّتِي أَذْهَبَ عُذْرَتَهَا بِلَا وَطْءٍ ( قَبْلَ دُخُولٍ ) بِهَا أَوْ خَلْوَةٍ وَنَحْوِ قُبْلَةٍ ( لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } الْآيَةَ وَهَذِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ ، وَالْخَلْوَةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى ؛ وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَضْمَنُهُ لِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عُذْرَةَ أَمَتِهِ .
( وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجٌ مِنْ نِكَاحِهَا فَاسِدٌ ) كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ ( قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ ) ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ يُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فَاحْتَاجَ إلَى إيقَاعِ فُرْقَةٍ كَالصَّحِيحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ ؛ وَلِأَنَّ تَزْوِيجَهَا بِلَا فُرْقَةٍ يُفْضِي إلَى تَسْلِيطِ زَوْجَيْنِ عَلَيْهَا كُلُّ وَاحِدٍ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ نِكَاحِهِ ، وَفَسَادَ نِكَاحِ الْآخَرِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ الْبَاطِلِ ( فَإِنْ أَبَاهُمَا ) أَيْ : الطَّلَاقَ ، وَالْفَسْخَ ( زَوْجٌ فَسَخَهُ حَاكِمٌ ) نَصًّا لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ الثَّانِي وَلَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا لِثَالِثٍ حَتَّى يُطَلِّقَ الْأَوَّلَانِ أَوْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُمَا .
( وَلِزَوْجَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ مَنْعُ نَفْسِهَا ) مِنْ زَوْجٍ ( حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرًا حَالًّا ) مُسَمًّى لَهَا كَانَتْ أَوْ مُفَوَّضَةً حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا ؛ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا تَتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا اسْتِيفَاءُ الْمَهْرِ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِرْجَاعُ بَدَلٍ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ و ( لَا ) بِمَنْعِ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ ( مُؤَجَّلًا ) وَلَوْ ( حَلَّ ) ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِهِ ( وَلَهَا زَمَنُهُ ) أَيْ : لِلزَّوْجَةِ زَمَنُ مَنْعِ نَفْسِهَا لَقَبْض مَهْرٍ حَالَ ( النَّفَقَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ نَصًّا .
( وَ ) لِزَوْجَةٍ زَمَنَ مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ مَهْرٍ حَالٍّ ( السَّفَرِ بِلَا إذْنِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهَا حَقُّ الْحَبْسِ فَصَارَتْ كَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَبَقَاءُ دِرْهَمٍ مِنْهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَمَتَى سَافَرَتْ بِلَا إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَمَا بَعْدَ الدُّخُولِ ( وَلَوْ قَبَضَتْهُ ) أَيْ : الْمَهْرَ الْحَالَّ ( ، وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ بَانَ ) الْمَقْبُوضُ ( مَعِيبًا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا ) حَتَّى تَقْبِضَ بَدَلَهُ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا ظَنًّا مِنْهَا أَنَّهَا قَبَضَتْهُ فَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ .
( وَلَوْ أَبَى كُلٌّ ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ ( تَسْلِيمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ ) بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ : لَا أُسَلِّمُ الْمَهْرَ حَتَّى أَتَسَلَّمَهَا ، وَقَالَتْ : لَا أُسَلِّمُ نَفْسِي حَتَّى أَقْبِضَ حَالَّ مَهْرِي ( أُجْبِرَ زَوْجٌ ) أَوَّلًا عَلَى تَسْلِيمِ صَدَاقٍ ( ثُمَّ ) أُجْبِرَتْ ( زَوْجَةٌ ) عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا ؛ لِأَنَّ فِي إجْبَارِهَا عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا أَوَّلًا خَطَرُ إتْلَافِ الْبُضْعِ ، وَالِامْتِنَاعِ مِنْ بَذْلِ الصَّدَاقِ وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي الْبُضْعِ .
( وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ : أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ ( بِهِ ) أَيْ : بِبَذْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ ( أُجْبِرَ الْآخَرُ ) لِانْتِفَاءِ عُذْرِهِ فِي التَّأْخِيرِ ( وَلَوْ أَبَتْ ) زَوْجَةٌ ( التَّسْلِيمَ ) أَيْ : تَسْلِيمَ نَفْسِهَا ( بِلَا عُذْرٍ ) لَهَا ( فَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( اسْتِرْجَاعُ مَهْرٍ قُبِضَ ) مِنْهُ ( وَإِنْ دَخَلَ ) الزَّوْجُ بِهَا مُطَاوَعَة ( أَوْ خَلَا بِهَا ) الزَّوْجُ ( مُطَاوِعَةً لَمْ تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا ) مِنْهُ ( بَعْدَ ) ذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِ الْعِوَضِ بِالتَّسْلِيمِ بِرِضَاهَا فَإِنْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا مِنْ الِامْتِنَاعِ بَعْدُ لِحُصُولِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا كَالْمَبِيعِ إذْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ كُرْهًا .
( وَإِنْ أَعْسَرَ ) زَوْجٌ ( بِمَهْرٍ حَالٍّ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولٍ فَلِ ) زَوْجَةٍ ( حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ الْفَسْخُ ) لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى الْعِوَضِ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ مُشْتَرٍ بِثَمَنِ ( مَا لَمْ تَكُنْ ) الزَّوْجَةُ تَزَوَّجَتْهُ ( عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ حِينَ الْعَقْدِ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ ( ، وَالْخِيَرَةُ ) فِي الْفَسْخِ ( لِ ) زَوْجَةٍ ( حُرَّةٍ ) مُكَلَّفَةٍ ( وَسَيِّدِ أَمَةٍ ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمَهْرِ لَهُمَا ، وَ ( لَا ) خِيَرَةَ لِ ( وَلِيِّ صَغِيرَةٍ ، وَمَجْنُونَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ ( وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ ) لِذَلِكَ ( إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَشْبَهَ الْفَسْخَ لِلْعُنَّةِ ، وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ ، وَمَنْ اعْتَرَفَ لِامْرَأَةٍ بِأَنَّ هَذَا ابْنُهُ مِنْهَا لَزِمَهُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ .
( وَهِيَ اجْتِمَاعٌ لِطَعَامِ عُرْسٍ خَاصَّةً ) يَعْنِي : وَهِيَ طَعَامُ عُرْسٍ لِاجْتِمَاعِ الرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةِ كَمَا .
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : سُمِّيَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَلِيمَةً لِاجْتِمَاعِ الرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةِ انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : يُقَالُ : أَوْلَمَ الرَّجُلُ إذَا اجْتَمَعَ عَقْلُهُ وَخُلُقُهُ ، وَأَصْلُ الْوَلِيمَةِ تَمَامُ الشَّيْءِ وَاجْتِمَاعُهُ ، وَيُقَالُ : لِلْقَيْدِ وَلْمٌ ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ إلَى الْأُخْرَى ( وَحِذَاقٌ ) اسْمٌ ( لِطَعَامٍ عِنْدَ حِذَاقِ صَبِيٍّ ) ، وَيَوْمُ حِذَاقِهِ يَوْمُ خَتْمِهِ الْقُرْآنَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ ( ، وَعَذِيرَةٌ ، وَأَعْذَارٌ ) اسْمٌ ( لِطَعَامِ خِتَانٍ ، وَخُرْسَةٌ ، وَخُرْسٌ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ اسْمٌ ( لِطَعَامِ وِلَادَةٍ ، وَكِيرَةٌ ) اسْمٌ ( لِدَعْوَةِ بِنَاءٍ ) .
قَالَ النَّوَوِيُّ : أَيْ : مَسْكَنٍ مُتَجَدِّدٍ انْتَهَى مِنْ الْوُكُورِ وَهُوَ الْمَأْوَى ( ، وَنَقِيعَةٌ ) اسْمٌ لِطَعَامٍ ( لِقُدُومِ غَائِبٍ ، وَعَقِيقَةٌ ) اسْمٌ ( لِذَبْحٍ لِمَوْلُودٍ ، وَمَأْدُبَةٌ ) بِضَمِّ الدَّالِ اسْمٌ ( لِكُلِّ دَعْوَةٍ لِسَبَبٍ ، وَغَيْرِهِ ، وَوَضِيمَةٌ ) اسْمٌ ( لِطَعَامِ مَأْتَمٍ ) بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَأَصْلُهُ اجْتِمَاعُ الرِّجَالِ ، وَالنِّسَاءِ ( وَتُحْفَةٌ ) اسْمٌ ( لِطَعَامِ قَادِمٍ ) فَالتُّحْفَةُ مِنْ الْقَادِمِ ، وَالنَّقِيعَةُ لَهُ ( وَشُنْدُخُيَةٌ ) اسْمٌ ( لِطَعَامِ إمْلَاكٍ ) أَيْ : عَقْدٍ ( عَلَى زَوْجَةٍ وَمِشْدَاخٌ ) اسْمٌ ( لِ ) طَعَامٍ ( مَأْكُولٍ فِي خَتْمَةِ الْقَارِئِ وَلَمْ يَخُصُّوهَا ) أَيْ : الدَّعْوَةَ ( لِإِخَاءٍ ، وَتَسَرٍّ بِاسْمٍ ) بَلْ الْمَأْدُبَةُ تَشْمَلُهَا ، وَقِيلَ : تُطْلَقُ الْوَلِيمَةُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي طَعَامِ الْعُرْسِ أَكْثَرُ ( وَتُسَمَّى الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ الْجَفَلَى ) بِفَتْحِ الْفَاءِ ، وَاللَّامِ ، وَالْقَصْرِ .
( وَ ) تُسَمَّى الدَّعْوَةَ ( الْخَاصَّةَ النَّقَرَى ) بِالتَّحْرِيكِ .
قَالَ الشَّاعِرُ : نَحْنُ فِي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى لَا تَرَى الْآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرُ أَيْ : يَخُصُّ قَوْمًا دُونَ آخَرِينَ ، وَالْآدِبُ
بِالْمَدِّ صَاحِبُ الْمَأْدُبَةِ ( ، وَتُسَنُّ الْوَلِيمَةُ بِعَقْدِ نِكَاحٍ ) ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهَا ، وَأَمَرَ بِهَا فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حِينَ قَالَ لَهُ : تَزَوَّجْتَ " أَوْلِمْ " وَلَوْ بِشَاةٍ ، وَقَالَ أَنَسٌ { : مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ جَعَلَ يَبْعَثُنِي فَأَدْعُو لَهُ النَّاسَ فَأُطْعِمُهُمْ لَحْمًا ، وَخُبْزًا حَتَّى شَبِعُوا } " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ بِعَقْدٍ قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : تُسْتَحَبُّ بِالدُّخُولِ .
وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْت : الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : وَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ مُوَسَّعٌ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ إلَى انْتِهَاءِ الْعُرْسِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا وَهَذَا ، وَكَمَالُ السُّرُورِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَكِنْ قَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِيَسِيرٍ .
ا هـ .
قَالَ جَمْعٌ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ شَاةٍ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَكَانَتْ وَلِيمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ حَيْسًا كَمَا فِي خَبَرِ أَنَسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ .
، وَإِنْ نَكَحَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ أَجْزَأَتْهُ وَلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ نَوَاهَا لِلْكُلِّ ( ، وَتَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَهُ ) بِالدَّعْوَةِ وَلَوْ عَبْدًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ تَضُرَّ بِكَسْبِهِ ( دَاعٍ مُسْلِمٌ يَحْرُمُ هَجْرُهُ وَمَكْسَبُهُ طَيِّبٌ إلَيْهَا ) أَيْ : إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ ( أَوَّلَ مَرَّةٍ بِأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةِ مَرْفُوعًا { شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا ، وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا ، وَمَنْ لَا يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إذَا دُعِيتُمْ إلَيْهَا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي لَفْظٍ لَهُ { مِنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ .
فَإِن كَانَ الْمَدْعُوُّ مَرِيضًا أَوْ مُمَرِّضًا أَوْ مَشْغُولًا بِحِفْظِ مَالٍ أَوْ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابَ أَوْ وَحْلٍ أَوْ كَانَ أَجِيرًا لَمْ يَأْذَنْهُ مُسْتَأْجِرُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ فَقَالَ ( وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ فِي مَالِهِ شَيْءٌ حَرَامٌ كَ ) كَرَاهَةِ ( أَكْلِهِ مِنْهُ ، وَمُعَامَلَتِهِ ، وَقَبُولِ هَدِيَّتِهِ ، وَ ) قَبُولِ ( هِبَتِهِ وَنَحْوِهِ ) كَقَبُولِ صَدَقَتِهِ قَلَّ الْحَرَامُ أَوْ كَثُرَ ، وَتَقْوَى الْكَرَاهَةُ ، وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ ، وَقِلَّتِهِ ( فَإِنْ ) لَمْ يُعَيِّنْهُ بِالدَّعْوَةِ بَلْ ( دُعَاءِ الْجَفَلَى ) ، وَيُقَال الْأَجْفَلِيُّ ( كَ ) قَوْلِهِ ( أَيُّهَا النَّاسُ تَعَالَوْا إلَى الطَّعَامِ ) ، وَكَقَوْلِ رَسُولِ رَبِّ الْوَلِيمَةِ : أُمِرْتُ أَنْ أَدْعُوَ كُلَّ مَنْ لَقِيتُ أَوْ مَنْ شِئْتُ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ ( أَوْ ) دَعَاهُ رَبُّ الْوَلِيمَةِ أَوْ رَسُولُهُ بِعَيْنِهِ ( فِي ) الْمَرَّةِ ( الثَّالِثَةِ ) بِأَنْ دَعَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ .
لِحَدِيثِ { الْوَلِيمَةُ أَوَّلُ يَوْمٍ حَقٌّ ، وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ ، وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ ، وَسُمْعَةٌ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَغَيْرُهُمَا .
( أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ ) ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إذْلَالُهُ وَهُوَ يُنَافِي إجَابَتَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِكْرَامِ ؛ وَلِأَنَّ اخْتِلَاطَ طَعَامِهِ بِالْحَرَامِ ، وَالنَّجَسِ غَيْرُ مَأْمُونٍ ، وَكَذَا مَنْ لَا يَحْرُمُ هَجْرُهُ كَمُبْتَدِعٍ ، وَمُجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ .
( وَتُسَنُّ ) إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَهُ دَاعٍ لِلْوَلِيمَةِ ( فِي ثَانِي مَرَّةٍ ) كَأَنْ دُعِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِلْخَبَرِ ، وَتَقَدَّمَ .
( وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ ) غَيْرَ الْوَلِيمَةِ ( مُبَاحَةٌ ) فَلَا تُكْرَهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ نَصًّا .
أَمَّا عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَلِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا { إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَمُسْلِمٌ ، وَغَيْرُهُمَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ ، وَغَيْرِ الْعُرْسِ ، وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَلَوْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً لَمْ يَأْمُرْ بِإِجَابَتِهَا وَلَبَيَّنَهَا .
وَأَمَّا عَدَمُ اسْتِحْبَابِهَا فَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُفْعَلُ فِي عَهْدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَعَهْدِ أَصْحَابِهِ .
فَرَوَى الْحَسَنُ قَالَ : " دُعِيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ إلَى خِتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ ، وَقَالَ : كُنَّا لَا نَأْتِي خِتَانًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نُدْعَى إلَيْهِ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ ( غَيْرَ عَقِيقَةٍ فَتُسَنُّ ) ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا ( وَ ) غَيْرُ دَعْوَةِ ( مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ ) ، وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ .
( وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا ) أَيْ : الدَّعَوَاتِ غَيْرِ الْوَلِيمَةِ ( مُسْتَحَبَّةٌ ) لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ مَرْفُوعًا { أَمَرَ بِإِجَابَةِ الدَّاعِي } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَدْنَى أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَلِمَا فِيهَا مِنْ جَبْرِ قَلْبِ الدَّاعِي ، وَتَطْيِيبِ خَاطِرِهِ ، وَدُعِيَ أَحْمَدُ إلَى خِتَانٍ فَأَجَابَ ، وَأَكَلَ ( غَيْرُ مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ ) إجَابَةُ دَاعِيهِ لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ .
( وَيُسْتَحَبُّ ) لِمَنْ حَضَرَ طَعَامًا دُعِيَ إلَيْهِ ( أَكْلُهُ ) مِنْهُ ( وَلَوْ ) كَانَ ( صَائِمًا ) تَطَوُّعًا .
، .
وَرُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي دَعْوَةٍ ، وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ عَنْ الْقَوْمِ نَاحِيَةً .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ ، وَتَكَلَّفَ لَكُمْ .
كُلْ يَوْمًا ثُمَّ صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إنْ شِئْتَ } وَلِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَ ( لَا ) يَأْكُلُ إنْ كَانَ صَوْمُهُ ( صَوْمًا وَاجِبًا ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ قَطْعُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } ؛ وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد .
وَفِي رِوَايَةٍ : فَلْيُصَلِّ يَعْنِي : يَدْعُو ، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ أَجَابَ عَبْدَ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ : إنِّي صَائِمٌ وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُجِيبَ الدَّاعِيَ فَأَدْعُوَ بِالْبَرَكَةِ .
وَيُسَنُّ الْإِخْبَارُ بِصَوْمِهِ لِذَلِكَ وَلِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ لِيُعْلَمَ عُذْرُهُ ( وَإِنْ أَحَبَّ ) الْمُجِيبُ ( دَعَا ، وَانْصَرَفَ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ ، فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ } قَالَ فِي الشَّرْحِ : حَدِيثٌ صَحِيحٌ .
( فَإِنْ دَعَاهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ ) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ( أَجَابَ الْأَسْبَقَ قَوْلًا ) لِوُجُوبِ إجَابَتِهِ بِدُعَائِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِدُعَاءِ مَنْ بَعْدَهُ وَلَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ مَعَ إجَابَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَضْهُ بِأَنْ اخْتَلَفَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ أَجَابَ الْكُلَّ بِشَرْطِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ ( فَالْأَدْيَنُ ) مِنْ الدَّاعِيَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدِّينِ ( فَالْأَقْرَبُ رَحِمًا ) لِمَا فِي تَقْدِيمِهِ مِنْ صِلَتِهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ أَوْ عَدَمِهَا ( فَ ) الْأَقْرَبُ ( جِوَارًا ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا { إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ أَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا } ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبِرِّ فَقُدِّمَ لِهَذِهِ الْمَعَانِي ( ثُمَّ ) إنْ اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ ( أَقْرَعَ ) فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ ؛ لِأَنَّهَا تُمَيِّزُ الْمُسْتَحِقَّ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْحُقُوقِ .
( وَإِنْ عَلِمَ ) الْمَدْعُوُّ ( أَنَّ فِي الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا كَزَمْرٍ ، وَخَمْرٍ ) ، وَآلَةِ لَهْوٍ ( ، وَأَمْكَنَهُ الْإِنْكَارُ حَضَرَ ، وَأَنْكَرَ ) لِأَدَائِهِ بِذَلِكَ فَرْضَيْنِ إجَابَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ، وَإِزَالَةَ الْمُنْكَرِ ( وَإِلَّا ) يُمْكِنْهُ الْإِنْكَارُ ( لَمْ يَحْضُرْ ) ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ؛ وَلِأَنَّهُ يَكُونُ قَاصِدًا لِرُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ أَوْ سَمَاعِهِ بِلَا حَاجَةٍ ( وَلَوْ حَضَرَ ) بِلَا عِلْمٍ بِالْمُنْكَرِ ( فَشَاهَدَهُ ) أَيْ : الْمُنْكَرَ ( أَزَالَهُ ) وُجُوبًا لِلْخَبَرِ ( ، وَجَلَسَ ) بَعْدَ زَوَالِهِ إجَابَةً لِلدَّاعِي ( فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهِ ( انْصَرَفَ ) لِئَلَّا يَكُونَ قَاصِدًا لِرُؤْيَتِهِ أَوْ سَمَاعِهِ ، وَرَوَى { نَافِعٌ قَالَ كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ زَمَّارَةَ رَاعٍ فَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ : يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ ؟ حَتَّى قُلْت : لَا .
فَأَخْرَجَ إصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَالْخَلَّالُ .
وَخَرَجَ أَحْمَدُ مِنْ وَلِيمَةٍ فِيهَا آنِيَةُ فِضَّةٍ فَقَالَ الدَّاعِي : نُحَوِّلُهَا فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ .
نَقَلَهُ حَنْبَلٌ ( وَإِنْ عَلِمَ بِهِ ) أَيْ : الْمُنْكَرِ ( وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ أُبِيحَ الْجُلُوسُ ) ، وَالْأَكْلُ نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ إذَنْ وَلَهُ الِانْصِرَافُ فَيُخْبِرُ ( وَإِنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فِيهَا صُورَةُ حَيَوَانٍ كُرِهَ ) جُلُوسُهُ مَا دَامَتْ مُعَلَّقَةً .
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ : ، وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْرُمُ .
انْتَهَى ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إبْرَاهِيمَ ،
وَإِسْمَاعِيلَ يَسْتَقْسِمَانِ بِالْأَزْلَامِ فَقَالَ : قَاتَلَهُمْ اللَّهُ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَ ( لَا ) يُكْرَهُ جُلُوسُهُ ( إنْ كَانَتْ ) الصُّوَرُ الْمُصَوَّرَةُ ( مَبْسُوطَةً ) عَلَى الْأَرْضِ ( أَوْ ) كَانَتْ ( عَلَى وِسَادَةٍ ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ : { قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ ، وَقَدْ سَتَرْتُ لَهُ سَهْوَةً بِنَمَطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : أَتَسْتُرِينَ الْجُدُرَ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ ؟ فَهَتَكَهُ قَالَتْ : فَجَعَلْتُ مِنْهُ مِنْبَذَتَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى إحْدَاهُمَا } رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَالسَّهْوَةُ الصِّفَةُ أَوْ الْمِخْدَعُ بَيْنَ بَيْتَيْنِ أَوْ شِبْهُ الرَّفِّ ، وَالطَّاقِ يُوضَعُ فِيهِ الشَّيْءُ أَوْ بَيْتٌ صَغِيرٌ شِبْهُ الْخِزَانَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَعْوَادٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ يَعْرِضُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَمْتِعَةِ .
قَالَ فِي الْقَامُوسِ : وَالْمِنْبَذَتَانِ تَثْنِيَةُ مِنْبَذَةٍ كَمِكْنَسَةٍ وَهِيَ الْوِسَادَةُ ؛ وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَبْسُوطَةً تُدَاسُ ، وَتُمْتَهَنُ .
فَلَمْ تَكُنْ مَعْزُوزَةً مُعَظَّمَةً فَلَا تُشْبِهُ الْأَصْنَامَ الَّتِي تُعْبَدُ ، وَمَتَى قُطِعَ مِنْ الصُّورَةِ الرَّأْسُ أَوْ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ ذَهَابِهِ حَيَاةٌ ، فَلَا كَرَاهَةَ .
وَكَذَا لَوْ صُوِّرَتْ ابْتِدَاءً بِلَا رَأْسٍ وَنَحْوِهِ .
، وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ يَحْرُمُ التَّصْوِيرُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( وَكُرِهَ سَتْرُ حِيطَانٍ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا أَوْ ) بِسُتُورٍ ( فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ حَيَوَانٍ ) كَشَجَرٍ ( بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ ) وَهُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ لِمَا رَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : .
أَعْرَسْتُ فِي عَهْدِ أَبِي فَأَذِنَ إلَى النَّاسِ فِيمَنْ أَذِنَ أَبُو أَيُّوبَ وَقَدْ سُتِرَ بَيْتِي بِحُبَارَى أَخْضَرَ فَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُسْرِعًا فَاطَّلَعَ فَرَأَى الْبَيْتَ مُسْتَتِرًا بِحُبَارَى أَخْضَرَ فَقَالَ : يَا
عَبْدَ اللَّهِ أَسَتَرْتَ الْجُدُرَ فَقَالَ أَبِي ، وَاسْتَحْيَا : غَلَبَتْنَا النِّسَاءُ يَا أَبَا أَيُّوبَ فَقَالَ : مَنْ خَشِيت أَنْ يَغْلِبْنَهُ لَمْ أَخْشَ أَنْ يَغْلِبْنَكَ ثُمَّ قَالَ لَا أَطْعَمُ لَكَ طَعَامًا وَلَا أَدْخُلُ لَكَ بَيْتًا ثُمَّ خَرَجَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ ، وَفُعِلَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ تَغْطِيَةٌ لِلْحِيطَانِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّجْصِيصِ وَالْحَدِيثُ السَّابِقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ ( إنْ لَمْ تَكُنْ ) السُّتُورُ ( أَوْ يَحْرُمُ بِهِ ) أَيْ : يَحْرُمُ سَتْرُ الْحِيطَانِ بِالْحَرِيرِ ، وَتَعْلِيقُهُ ، وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ ( وَ ) يَحْرُمُ ( جُلُوسٌ مَعَهُ ) أَيْ : مَعَ سَتْرِ الْحِيطَانِ بِالْحَرِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُنْكَرِ .
( وَ ) يَحْرُمُ ( أَكْلٌ ) بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ رَبِّ الطَّعَامِ ( أَوْ قَرِينَةٍ ) تَدُلُّ عَلَى إذْنٍ كَتَقْدِيمِ طَعَامٍ ، وَدُعَاءٍ إلَيْهِ ( وَلَوْ ) كَانَ أَكْلُهُ ( مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ ، وَ ) لَوْ ( لَمْ يُحْرِزْهُ عَنْهُ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { مَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا ، وَخَرَجَ مُغِيرًا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ؛ وَلِأَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ فَلَا يُبَاحُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ ، وَغَيْرِهِ يَجُوزُ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ أَظْهَرُ ( وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ ، وَتَقْدِيمُ الطَّعَامِ ) إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِالْأَكْلِ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْغُنْيَةِ ( أُذِنَ فِيهِ ) أَيْ : الْأَكْلِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَذَلِكَ إذْنٌ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَأَبُو دَاوُد ، وَقَالَ عَلِيٌّ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ " إذَا دُعِيتَ فَقَدْ أُذِنَ لَكَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ ( لَا فِي الدُّخُولِ ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَلَيْسَ الدُّعَاءُ إذْنًا فِي الدُّخُولِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِلْمُغْنِي .
( وَلَا يَمْلِكُهُ ) أَيْ : الطَّعَامَ ( مَنْ قُدِّمَ إلَيْهِ ) بِتَقْدِيمِهِ لَهُ ( بَلْ يَمْلِكُ ) الطَّعَامَ بِالْأَكْلِ ( عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ لِلْأَكْلِ فَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامٍ فَإِنْ عَلِمَ بِقَرِينَةِ رِضَا مَالِكِهِ فَفِي التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ ، وَيَتَوَجَّهُ يُبَاحُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ ظَنِّهِ رِضَاهُ .
( وَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ جَهْرًا عَلَى أَكْلٍ ، وَشُرْبٍ ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا { إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ ، وَآخِرَهُ } ، وَقِيسَ عَلَيْهِ الشَّرَابُ .
( وَ ) يُسَنُّ ( الْحَمْدُ ) أَيْ : أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى ( إذَا فَرَغَ ) مِنْ أَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ لِحَدِيثِ { إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى مِنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ ، وَيَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ مَرْفُوعًا { مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ( وَ ) يُسَنُّ ( أَكْلُهُ مِمَّا يَلِيهِ بِيَمِينِهِ ) لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ { كُنْت يَتِيمًا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ } ، وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَنْوَاعًا أَوْ فَاكِهَةً ( وَ ) يُسَنُّ أَكْلُهُ ( بِثَلَاثِ أَصَابِعَ ) وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا } وَلَمْ يُصَحِّحْ أَحْمَدُ حَدِيثَ أَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا .
( وَ ) يُسَنُّ ( تَخْلِيلُ مَا عَلِقَ بِأَسْنَانِهِ ) مِنْ طَعَامٍ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " تَرْكُ الْخِلَالِ يُوهِنُ الْأَسْنَانَ " ، وَذَكَره بَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا ، .
وَرُوِيَ { تَخَلَّلُوا مِنْ
الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَى الْمَلَكِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجِدَ مِنْ أَحَدِكُمْ رِيحَ الطَّعَامِ } قَالَ النَّاظِمُ وَيُلْقِي مَا أَخْرَجَهُ الْخِلَالُ وَلَا يَبْتَلِعُهُ لِلْخَبَرِ .
( وَ ) يُسَنُّ ( مَسْحُ الصَّحْفَةِ ) الَّتِي أَكَلَ فِيهَا لِلْخَبَرِ .
( وَ ) يُسَنُّ ( أَكْلُ مَا تَنَاثَرَ ) مِنْهُ ، وَأَكَلَهُ عِنْدَ حُضُورِ رَبِّ الطَّعَامِ ، وَإِذْنِهِ .
( وَ ) يُسَنُّ لِمَنْ أَكَلَ مَعَ غَيْرِهِ ( غَضُّ بَصَرِهِ عَنْ جَلِيسِهِ ) لِئَلَّا يَسْتَحِيَ .
( وَ ) يُسَنُّ ( إيثَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ } الْآيَةَ قَالَ أَحْمَدُ يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الْإِخْوَانِ ، وَبِالْإِيثَارِ مَعَ الْفُقَرَاءِ ، وَبِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا .
زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَالْآدَابِ وَمَعَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّعَلُّمِ ( وَشُرْبُهُ ثَلَاثًا ) نَصًّا لِلْخَبَرِ .
( وَ ) يُسَنُّ ( غَسْلُ يَدَيْهِ ) إذَا أَرَادَ الْأَكْلَ ( قَبْلَ طَعَامٍ ) وَإِنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ ( مُتَقَدِّمًا بِهِ ) أَيْ : الْغَسْلِ ( رَبُّهُ ) أَيْ : الطَّعَامِ عَلَى الضَّيْفِ إنْ كَانَ ( و ) غَسْلُ يَدَيْهِ أَيْضًا ( بَعْدَهُ ) أَيْ : الطَّعَامِ ( مُتَأَخِّرًا بِهِ ) أَيْ : الْغُسْلِ ( رَبُّهُ ) أَيْ : الطَّعَامِ عَنْ الضَّيْفِ إنْ كَانَ لِحَدِيثِ { مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْثُرُ خَيْرُ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إذَا حَضَرَ غِذَاؤُهُ ، وَإِذَا رُفِعَ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ .
؛ وَلِأَبِي بَكْرٍ عَنْ الْحَسَنِ مَرْفُوعًا { الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الْفَقْرَ ، وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ } يَعْنِي بِهِ : غَسْلَ الْيَدَيْنِ ، ، وَيُكْرَهُ الْغَسْلُ بِطَعَامٍ وَلَا بَأْسَ بِنُخَالَةٍ ، وَغَسْلُهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ نَصًّا ، وَيَعْرِضُ الْمَاءُ لِغَسْلِهِمَا ، وَيُقَدِّمُهُ بِقُرْبِ طَعَامِهِ وَلَا يَعْرِضُهُ ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ ( وَكُرِهَ تَنَفُّسُهُ فِي الْإِنَاءِ ) لِئَلَّا يَعُودَ إلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُقَذِّرُهُ .
( وَ ) كُرِهَ ( رَدُّ شَيْءٍ ) مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ ( مِنْ فِيهِ إلَيْهِ ) أَيْ : الْإِنَاءِ ؛ لِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ
بِالْخُبْزِ وَلَا يَسْتَبْذِلُهُ وَلَا يَخْلِطُ طَعَامًا بِطَعَامٍ .
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ : .
( وَ ) كُرِهَ ( نَفْخُ الطَّعَامِ ) لِيَبْرُدَ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ ، وَالْآدَابِ ، وَغَيْرِهِمَا ، وَالشَّرَابِ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ ، وَالشَّرَابِ ، وَالْكِتَابِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ( وَ ) كُرِهَ ( أَكْلُهُ ) أَيْ : الطَّعَامِ ( حَارًّا ) .
وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْت : عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ انْتَهَى .
لِأَنَّهُ لَا بَرَكَةَ فِيهِ ( أَوْ ) أَيْ : ، وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ ( مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ أَوْ وَسَطِهَا ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا { إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا } .
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ { كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا ، وَدَعُوا ذَرْوَتَهَا يُبَارَكُ فِيهَا } رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ .
( وَ ) كُرِهَ لِحَاضِرِ مَائِدَةٍ ( فِعْلُ مَا يَسْتَقْذِرُهُ مِنْ غَيْرِهِ ) كَتَمَخُّطٍ وَكَذَا الْكَلَامُ بِمَا يُضْحِكُهُمْ أَوْ يُحْزِنُهُمْ قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ .
( وَ ) كُرِهَ لِرَبِّ طَعَامٍ ( مَدْحُ طَعَامِهِ ، وَتَقْوِيمُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنَّ بِهِ ، وَحَرَّمَهُمَا فِي الْغُنْيَةِ .
( وَ ) كُرِهَ ( عَيْبُ الطَّعَامِ ) لِلْخَبَرِ ، وَحَرَّمَهُ فِي الْغُنْيَةِ .
( وَ ) كُرِهَ ( قِرَانُهُ فِي تَمْرٍ مُطْلَقًا ) سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ شَرِيكٌ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّرَهِ .
قَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَمِثْلُهُ قِرَانُ مَا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَنَاوُلِهِ أَفْرَادًا ( وَ ) كُرِهَ ( أَنْ يَفْجَأَ قَوْمًا عِنْدَ ) ، وَفِي نُسْخَةٍ حِينَ ( وَضْعِ طَعَامِهِمْ تَعَمُّدًا ) نَصًّا فَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدُهُ أَكَلَ نَصًّا ( وَ ) كُرِهَ ( أَكْلٌ بِشِمَالِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالشَّيْطَانِ .
وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الشُّرْبِ إجْمَاعًا .
وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ ( وَ ) كُرِهَ ( أَكْلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُؤْذِيهِ ) فَإِنْ لَمْ يُؤْذِهِ جَازَ ، وَكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَكْلَهُ حَتَّى يُتْخَمَ ،
وَحَرَّمَهُ أَيْضًا ، وَحَرَّمَ الْإِسْرَافَ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ ( أَوْ ) أَيْ : وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ ( قَلِيلَا بِحَيْثُ يَضُرُّهُ ) لِحَدِيثِ { لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ } .
( وَ ) كُرِهَ ( شُرْبُهُ مِنْ فَمِ سِقَاءٍ ) ، وَاخْتِنَاثُ الْأَسْقِيَةِ نَصًّا أَيْ : قَلْبُهَا إلَى خَارِجٍ لِيَشْرَبَ مِنْهُ فَإِنْ كَسَرَهُ إلَى دَاخِلٍ فَقَدْ قَبَعَهُ ، وَيُكْرَهُ الشُّرْبُ مِنْ ثُلْمَةِ الْإِنَاءِ وَإِذَا شَرِبَ نَاوَلَهُ الْأَيْمَنَ لِلْخَبَرِ وَكَذَا فِي غَسْلِ يَدَيْهِ .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ : وَكَذَا فِي رَشِّ الْمَاءِ ، وَرَدَ قُلْتُ : .
وَكَذَا الْبَخُورُ وَنَحْوُهُ ( وَ ) كُرِهَ شُرْبٌ ( فِي أَثْنَاءِ طَعَامٍ بِلَا عَادَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ وَلَا يُكْرَهُ شُرْبُهُ قَائِمًا نَصًّا ، وَعَنْهُ بَلَى ، ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ قَائِمًا ، وَيَتَوَجَّهُ كَشُرْبٍ .
قَالَ شَيْخُنَا ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ .
( وَ ) كُرِهَ ( تَعْلِيَةُ قَصْعَةٍ ) بِفَتْحِ الْقَافِ ( وَنَحْوِهَا ) كَطَبَقٍ ( بِخُبْزٍ ) نَصًّا لِاسْتِعْمَالِهِ لَهُ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَيْضًا الْخُبْزَ الْكِبَارَ ، وَقَالَ لَيْسَ فِيهِ بَرَكَةٌ ، وَذَكَرَهُ مَعْمَرٌ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ قَدَّمَ لَهُمْ طَعَامًا فَكَسَّرَ الْخُبْزَ .
قَالَ أَحْمَدُ لِئَلَّا يَعْرِفُوا كَمْ يَأْكُلُونَ ، وَيَجُوزُ قَطْعُ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ لَا يَصِحُّ قَالَهُ أَحْمَدُ .
( فَائِدَةٌ ) قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى .
اللَّحْمُ سَيِّدُ الْأُدْمِ ، وَالْخُبْزُ أَفْضَلُ الْقُوتِ ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ اللَّحْمَ أَفْضَلُ ؛ لِأَنَّهُ طَعَامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِجَوْهَرِ الْبَدْرِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ } .
( وَ ) كُرِهَ ( نِثَارٌ ، وَالْتِقَاطُهُ ) فِي عُرْسٍ ، وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ النُّهْبَةِ ، وَالتَّزَاحُمِ وَهُوَ يُورِثُ الْخِصَامَ وَالْحِقْدَ وَلِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ { سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ النُّهْبَةِ ، وَالْخِلْسَةِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُثْلَةِ ، وَالنُّهْبَى } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَالْبُخَارِيُّ ( وَمَنْ حَصَلَ فِي حَجْرِهِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ ، وَكَسْرِهَا ( مِنْهُ ) شَيْءٌ فَلَهُ ( أَوْ أَخْذُهُ ) أَيْ : شَيْءٍ مِنْ النِّثَارِ ( فَ ) هُوَ ( لَهُ مُطْلَقًا ) أَيْ : سَوَاءٌ قَصَدَ تَمَلُّكَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَقْصِدُ مَالِكُهُ تَمْلِيكَهُ لِمَنْ حَصَلَ فِي حَيِّزِهِ وَقَدْ حَازَهُ مَنْ حَصَلَ فِي حَجْرِهِ أَوْ أَخَذَهُ فَمَلَكَهُ كَالصَّيْدِ إذَا أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارِهِ أَوْ خَيْمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ مِنْهُ ( ، وَتُبَاحُ الْمُنَاهَدَةُ ) ، وَيُقَالُ : النَّهْدُ ( وَهِيَ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رُفْقَةٍ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ ) إنْ لَمْ يَتَسَاوَوْا ( وَيَدْفَعُونَهُ إلَى مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ ، وَيَأْكُلُونَ جَمِيعًا فَلَوْ أَكَلَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ ) مِنْ رَفِيقِهِ ( أَوْ تَصَدَّقَ ) بَعْضُهُمْ ( مِنْهُ فَلَا بَأْسَ ) لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ نَصًّا .
قَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ كَإِطْعَامِ سَائِلٍ ، وَسِنَّوْرٍ وَتَلْقِيمٍ ، وَتَقْدِيمٍ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُمْ وَجْهَيْنِ قَالَ : وَجَوَازُهُ أَظْهَرُ انْتَهَى ، أَيْ : عَمَلًا بِالْعَادَةِ ، وَالْعُرْفِ فِيهِ لَكِنَّ الْأَدَبَ ، وَالْأَوْلَى الْكَفُّ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ
إسَاءَةِ الْأَدَبِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى طَعَامِهِ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ .
( ، وَيُسَنُّ إعْلَانُ نِكَاحٍ وَ ) يُسَنُّ ( ضَرْبٌ عَلَيْهِ بِدُفٍّ مُبَاحٍ ) وَهُوَ مَا لَا حَذَقَ فِيهِ وَلَا صُنُوجَ ( فِيهِ ) أَيْ : النِّكَاحِ لِحَدِيثِ { أَعْلِنُوا النِّكَاحَ } .
وَفِي لَفْظٍ { أَظْهِرُوا النِّكَاحَ } وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِ بِالدُّفِّ .
وَفِي لَفْظٍ { وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الضَّارِبُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ ، وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَقَالَ الْمُوَفَّقُ : ضَرْبُ الدُّفِّ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ مُطْلَقًا ، وَقَالَ أَحْمَدُ لَا بَأْسَ بِالْغَزْلِ فِي الْعُرْسِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ : { أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ لَوْلَا الذَّهَبُ الْأَحْمَرُ لَمَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ مَا سُرَّتْ عَذَارِيكُمْ } لَا عَلَى مَا يَصْنَعُ النَّاسُ الْيَوْمَ ، وَفِي غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَلَوْلَا الْحِنْطَةُ الْحَمْرَا لِمَا سُرَّتْ عَذَارِيكُمْ ، وَتَحْرُمُ كُلُّ مَلْهَاةٍ سِوَى الدُّفِّ كَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ ، وَرَبَابٍ وَجِنْكٍ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ : ، وَالتَّرْغِيبِ سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَ لِحُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ .
( وَ ) يُسَنُّ ضَرْبٌ بِدُفٍّ مُبَاحٍ ( فِي خِتَانٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ وَنَحْوِهَا ) كَوِلَادَةٍ ، وَإِمْلَاكٍ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ .
، وَالْعِشْرَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَصْلُهَا الِاجْتِمَاعُ ، وَيُقَالُ : لِكُلِّ جَمَاعَةٍ عِشْرَةٌ وَمَعْشَرٌ ( وَهِيَ ) هُنَا ( مَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْأُلْفَةِ وَالِانْضِمَامِ يَلْزَمُ كُلًّا ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ ( مُعَاشَرَةُ الْآخَرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَأَنْ لَا يَمْطُلَهُ بِحَقِّهِ وَلَا يُنْكِرَهُ لِبَذْلِهِ ) أَيْ : مَا عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } ، وقَوْله تَعَالَى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } .
قَالَ أَبُو زَيْدٍ : تَتَّقُونَ اللَّهَ فِيهِنَّ كَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَتَّقِينَ اللَّهَ فِيكُمْ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } ، وَيُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْسِينُ الْخُلُقِ لِصَاحِبِهِ ، وَالرِّفْقُ بِهِ وَاحْتِمَالُ أَذَاهُ .
وَفِي حَدِيثِ { اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
، وَحَقُّ الزَّوْجِ أَعْظَمُ مِنْ حَقِّهَا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } ، وَحَدِيثِ { لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد .
وَيَنْبَغِي إمْسَاكُهَا مَعَ كَرَاهَتِهِ لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رُبَّمَا رُزِقَ مِنْهَا وَلَدًا فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا .
( وَيَجِبُ بِعَقْدِ تَسْلِيمِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( بِبَيْتِ زَوْجٍ إنْ طَلَبَهَا ) كَمَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا الصَّدَاقَ إنْ طَلَبَتْهُ ( وَهِيَ حُرَّةٌ ) ، وَتَأْتِي الْأَمَةُ ( وَلَمْ تَشْتَرِطْ دَارَهَا ) فَإِنْ شَرَطَتْهَا فَلَهَا الْفَسْخُ إذَا نَقَلَهَا عَنْهَا لِلُزُومِ الشَّرْطِ ، وَتَقَدَّمَ ( وَأَمْكَنَ اسْتِمْتَاعٌ بِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ وَإِنْ قَالَ : أَحْضُنُهَا وَأُرَبِّيهَا ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُوَاقِعَهَا فَيُفْضِيَهَا ( وَنَصُّهُ ) أَيْ : أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ أَنَّ الَّتِي يَجِبُ تَسْلِيمُهَا ( بِنْتُ تِسْعٍ ) قَالَ : فَإِنْ أَتَى عَلَيْهَا تِسْعُ سِنِينَ دُفِعَتْ إلَيْهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْبِسُوهَا بَعْدَ التِّسْعِ ، وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَى بِعَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ فَيَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا ( وَلَوْ ) كَانَتْ ( نِضْوَةَ الْخِلْقَةِ ) أَيْ : مَهْزُولَةَ الْجِسْمِ ( ، وَيُسْتَمْتَعُ بِمَنْ يُخْشَى عَلَيْهَا كَحَائِضٍ ) أَيْ : بِمَا دُونَ الْفَرْجِ ، وَقَالَ الْقَاضِي : هَذَا عِنْدِي لَيْسَ عَلَى طَرِيقَةِ التَّحْدِيدِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ يُتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا ( ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ ) امْرَأَةٍ ( ثِقَةٍ فِي ضِيقِ فَرْجِهَا ، وَعَبَالَةِ ذَكَرِهِ وَنَحْوِهِمَا ) كَقُرُوحٍ بِفَرْجٍ كَسَائِرِ عُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ ( وَ ) لِلثِّقَةِ أَنْ ( تَنْظُرَهُمَا ) أَيْ : الزَّوْجَيْنِ ( لِحَاجَةٍ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا ) لِتَشْهَدَ بِمَا تُشَاهِدُ ( ، وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ : الزَّوْجَ ( تَسَلُّمُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( إنْ بَذَلَتْهُ ) فَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ تُسَلَّمُهَا أَوَّلًا .
( وَلَا يَلْزَمُ ) زَوْجَةً أَوْ وَلِيُّهَا ( ابْتِدَاءُ تَسْلِيمِ مُحْرِمَةٍ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( أَوْ مَرِيضَةٍ ) لَا يُمْكِنُ اسْتِمْتَاعٌ بِهَا ، وَصَغِيرَةٍ ، وَحَائِضٍ ، وَلَوْ قَالَ : لَا أَطَأُ ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْذَارَ تَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَيُرْجَى زَوَالُهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَبَ تَسْلِيمَهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ ، وَقَوْلُهُ ابْتِدَاءُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ طَرَأَ الْإِحْرَامُ أَوْ الْمَرَضُ أَوْ الْحَيْضُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ زَوْجِهَا مِمَّا يُبَاحُ لَهُ مِنْهَا وَلَوْ بَذَلَتْ نَفْسَهَا وَهِيَ كَذَلِكَ لَزِمَهُ تَسَلُّمُ مَا عَدَا الصَّغِيرَةَ .
( وَمَتَى امْتَنَعَتْ ) الزَّوْجَةُ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا ( قَبْلَ مَرَضٍ ثُمَّ حَدَثَ ) الْمَرَضُ ( فَلَا نَفَقَةَ لَهَا ) وَلَوْ بَذَلَتْ نَفْسَهَا عُقُوبَةً لَهَا .
( وَلَوْ أَنْكَرَ ) مَنْ ادَّعَتْ زَوْجَتُهُ ( أَنَّ وَطْأَهُ يُؤْذِيهَا فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ أَشْبَهَ سَائِرَ الدَّعَاوَى .
( وَمَنْ اسْتَمْهَلَ مِنْهُمَا ) أَيْ : الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ ( لَزِمَ إمْهَالُهُ مَا ) أَيْ : زَمَنًا ( جَرَتْ عَادَةٌ بِإِصْلَاحِ أَمْرِهِ ) أَيْ : الْمُسْتَمْهَلِ ( فِيهِ ) كَالْيَوْمَيْنِ ، وَالثَّلَاثَةِ طَلَبًا لِلْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ ، وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ وَ ( لَا ) يُمْهَلُ مِنْ طَلَبِ الْمُهْلَةِ مِنْهُمَا ( لِعَمَلِ جِهَازٍ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ ، وَكَسْرِهَا .
وَفِي الْغُنْيَةِ إنْ اسْتَمْهَلَتْ هِيَ أَوْ أَهْلُهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ إجَابَتُهُمْ مَا يُعْلَمُ بِهِ التَّهَيُّؤُ مِنْ شِرَاءِ جِهَازٍ ، وَتَزَيُّنٍ .
( وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أَمَةٍ مَعَ الْإِطْلَاقِ إلَّا لَيْلًا ) نَصًّا وَلِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامُهَا نَهَارًا ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مِنْ أَمَتِهِ مَنْفَعَتَيْنِ الِاسْتِخْدَامَ ، وَالِاسْتِمْتَاعَ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى إحْدَاهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهَا إلَّا فِي زَمَنِ اسْتِيفَائِهَا كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهَا إلَّا فِي زَمَنِهَا وَهُوَ النَّهَارُ ( فَلَوْ شَرَطَ ) تَسْلِيمَهَا ( نَهَارًا ) وَجَبَ لِحَدِيثِ { الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ } ( أَوْ بَذَلَهُ ) أَيْ : تَسْلِيمَهَا نَهَارًا ( سَيِّدٌ وَقَدْ شَرَطَ كَوْنَهَا ) أَيْ : الْأَمَةِ ( فِيهِ ) أَيْ : النَّهَارِ ( عِنْدَهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( أَوَّلًا ) أَيْ : أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ ( وَجَبَ تَسْلِيمُهَا ) عَلَى الزَّوْجِ نَهَارًا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَقْتَضِي وُجُوبَ التَّسْلِيمِ مَعَ الْبَذْلِ لَيْلًا ، وَنَهَارًا وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الْأَمَةِ نَهَارًا لِحَقِّ السَّيِّدِ فَإِذَا بَذَلَهُ فَقَدْ تَرَكَ حَقَّهُ فَعَادَ إلَى الْأَصْلِ .
( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( الِاسْتِمْتَاعُ ) بِزَوْجَتِهِ أَيْنَ شَاءَ ( وَلَوْ ) كَانَ ( مِنْ جِهَةِ الْعَجِيزَةِ فِي قُبُلٍ ) لِاخْتِصَاصِ التَّحْرِيمِ بِالدُّبُرِ دُونَ مَا سِوَاهُ وَلَا يُكْرَهُ الْوَطْءُ فِي يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ وَلَا لَيْلَةٍ مِنْ اللَّيَالِي وَكَذَا الْخِيَاطَةُ ، وَسَائِرُ الصِّنَاعَاتِ ( مَا لَمْ يَضُرَّ ) اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا ( أَوْ يَشْغَلْهَا ) اسْتِمْتَاعُهُ ( عَنْ فَرْضٍ ) وَلَوْ عَلَى تَنُّورٍ أَوْ ظَهْرِ قَتَبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَغَيْرُهُ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ بِشَيْءٍ سِوَى ذَلِكَ وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا ، وَتَنَازَعَا .
( وَ ) لِزَوْجٍ ( السَّفَرُ ) حَيْثُ شَاءَ ( بِلَا إذْنِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ وَلَوْ عَبْدًا مَعَ سَيِّدِهِ ، وَبِدُونِهِ بِخِلَافِ سَفَرِهَا بِلَا إذْنِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَيْهِ ( ، وَ ) لَهُ السَّفَرُ ( بِهَا ) ( إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ بَلَدَهَا ) ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ بِنِسَائِهِمْ فَإِنْ شَرَطَتْ بَلَدَهَا فَلَهَا شَرْطُهَا لِحَدِيثِ { إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ } ( أَوْ ) إلَّا أَنْ تَكُونَ ( أَمَةً فَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ سَفَرٌ بِهَا بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَنْفَعَتِهَا نَهَارًا عَلَى سَيِّدِهَا ( وَلَا لِسَيِّدٍ سَفَرٌ بِهَا ) أَيْ : بِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ ( بِلَا إذْنِ الْآخَرِ ) أَيْ : الزَّوْجِ صَحِبَهُ الزَّوْجُ أَمْ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ اسْتِمْتَاعِ زَوْجِهَا بِهَا لَيْلًا ( وَلَا يَلْزَمُ ) زَوْجَ أَمَةٍ ( وَلَوْ بَوَّأَهَا ) أَيْ : هَيَّأَ لَهَا ( سَيِّدُهَا مَسْكَنًا أَنْ يَأْتِيَهَا الزَّوْجُ فِيهِ ) ؛ لِأَنَّ السَّكَنَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ لَهُ لَا لِسَيِّدِهَا كَالْحُرَّةِ ( وَلَهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( السَّفَرُ بِعَبْدِهِ الْمُزَوَّجِ ، وَاسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا ) ، وَمَنْعُهُ مِنْ التَّكَسُّبِ لِتَعَلُّقِ الْمَهْرِ ، وَالنَّفَقَةِ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وَلَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ تَطَوُّعٌ بِصَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنُ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ .
( وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ ) أَمَةٍ لِمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا ( بِعْتُكَهَا فَقَالَ ) مُدَّعًى عَلَيْهِ ( بَلْ زَوَّجَتْنِيهَا وَجَبَ تَسْلِيمُهَا ) لِمُدَّعِي تَزَوُّجِهَا ( وَتَحِلُّ لَهُ ) ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ ( ، وَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ مَهْرِهَا ) لِاعْتِرَافِهِ بِهِ لِسَيِّدِهَا ( وَيَحْلِفُ ) مُدَّعًى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا ( لِ ) ثَمَنٍ ( زَائِدٍ ) عَمَّا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لَهُ ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ ( وَمَا أَوْلَدَهَا ) مَنْ سُلِّمَتْ إلَيْهِ بِدَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ ( فَ ) هُوَ ( حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ ) لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ بِأَنَّهَا مِلْكُ الْوَاطِئِ ( وَنَفَقَتُهُ ) أَيْ : الْوَلَدِ ( عَلَى أَبِيهِ ) كَسَائِرِ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ ( وَنَفَقَتُهَا ) أَيْ : الْأَمَةِ ( عَلَى زَوْجِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا زَوْجٌ أَوْ مَالِكٌ ( وَلَا ) يَمْلِكُ أَنْ ( يَرُدَّهَا ) مَنْ سُلِّمَتْ لَهُ ( بِعَيْبٍ ) لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِهِ ( وَلَا غَيْرِهِ ) كَغَبْنٍ أَوْ تَدْلِيسٍ ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشِّرَاءَ أَوْ يَدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ ( وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ ) مَوْتِ ( وَاطِئٍ وَقَدْ كَسَبَتْ ) شَيْئًا ( فَلِسَيِّدٍ مِنْهُ ) أَيْ : كَسْبِهَا ( قَدْرُ ) بَاقِي ( ثَمَنِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي غَيْرَهُ ، وَالزَّوْجُ يَعْتَرِفُ لَهُ بِالْجَمِيعِ ( وَبَقِيَّتُهُ ) أَيْ : كَسْبِهَا ( مَوْقُوفٌ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) أَيْ : الزَّوْجُ ، وَالسَّيِّدُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَا يَعُدُّهُمَا .
( وَ ) إنْ مَاتَتْ ( بَعْدَهُ ) أَيْ : الْوَاطِئِ ( ، وَقَدْ أَوْلَدَهَا ) أَيْ : الْوَاطِئُ ( فَ ) هِيَ ( حُرَّةٌ ) لِاعْتِرَافِ السَّيِّدِ أَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْوَاطِئِ ( وَيَرِثُهَا وَلَدُهَا إنْ كَانَ ) حَيًّا كَسَائِرِ الْحَرَائِرِ وَكَذَا إنْ كَانَ لَهَا أَخٌ حُرٌّ أَوْ نَحْوُهُ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَلَا وَارِثٌ حُرٌّ ( وُقِفَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَا تَرَكَتْهُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهَا وَارِثُ وَلَيْسَ لِسَيِّدٍ أَخْذُ قَدْرِ ثَمَنِهَا مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ ، وَمِلْكُ الْوَاطِئِ
زَالَ عَنْهُ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ مَوْتِهَا فِي حَيَاةِ الْوَاطِئِ فَإِنَّ سَيِّدَهَا يَدَّعِي أَنَّ كَسْبَهَا انْتَقَلَ إلَى الْوَاطِئِ وَهُوَ يُقِرُّ أَنَّهُ لِسَيِّدِهَا فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرَ مَا يَدَّعِيهِ وَهُوَ بَقِيَّةُ ثَمَنِهَا ( وَلَوْ رَجَعَ سَيِّدٌ ) عَنْ دَعْوَى بَيْعِهَا ( فَصَدَّقَهُ الزَّوْجُ لَمْ يُقْبَلْ ) رُجُوعُ سَيِّدٍ وَلَا تَصْدِيقُ زَوْجٍ ( فِي إسْقَاطِ حُرِّيَّةِ وَلَدٍ ) أَتَتْ بِهِ مِنْ وَاطِئٍ ( وَلَا ) فِي ( اسْتِرْجَاعِهَا ) إلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ ( إنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ) لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ ( ، وَيُقْبَلُ ) رُجُوعُ سَيِّدٍ ، وَتَصْدِيقُ زَوْجٍ ( فِي غَيْرِهِمَا ) أَيْ : غَيْرِ إسْقَاطِ حُرِّيَّةِ وَلَدٍ ، وَاسْتِرْجَاعُهَا إلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ كَمِلْكِهِ تَزْوِيجَهَا عِنْدَ حِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا إنْ قُتِلَتْ وَنَحْوِهِمَا ( وَلَوْ رَجَعَ الزَّوْجُ ) عَنْ دَعْوَى التَّزَوُّجِ ( ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ ) لِلْوَلَدِ ( وَلَزِمَهُ ) أَيْ : الزَّوْجَ بَقِيَّةُ ( الثَّمَنِ ) لِسَيِّدِهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ .
، وَيَحْرُمُ وَطْءُ زَوْجٍ امْرَأَتَهُ ، وَسَيِّدٍ أَمَتَهُ ( فِي حَيْضٍ ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَاعْتَزَلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } الْآيَةَ ، وَنِفَاسٌ مِثْلُهُ ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ اسْتِحَاضَةٍ .
( أَوْ ) وَطْء فِي ( دُبُرٍ ) فَيَحْرُمُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِحَدِيثِ " { إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ } وَحَدِيثِ " { إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا } رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : { فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ الْيَهُودُ يَقُولُونَ إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي فَرْجِهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا ، وَمِنْ خَلْفِهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَأْتِيَهَا إلَّا فِي الْمَأْتَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ عَالِمُ تَحْرِيمِهِ وَإِنْ تَطَاوَعَا عَلَى الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَيْهِ نُهِيَ عَنْهُ فَإِنْ أَبَى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَغَيْرُهُ .
( وَكَذَا ) يَحْرُمُ ( عَزْلٌ ) عَنْ زَوْجَةٍ ( بِلَا إذْنِ ) زَوْجَةٍ ( حُرَّةٍ أَوْ ) بِلَا إذْنِ ( سَيِّدِ أَمَةٍ ) نَصًّا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْزَلَ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَابْنُ مَاجَهْ ؛ وَلِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي الْوَلَدِ ، وَعَلَيْهَا ضَرَرٌ فِي الْعَزْلِ ، وَقِيسَ عَلَيْهَا سَيِّدُ الْأَمَةِ ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجَةِ ، وَالْأَمَةِ ( إلَّا بِدَارِ حَرْبٍ فَيُسَنُّ ) عَزْلُهُ ( مُطْلَقًا ) حُرَّةً كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ أَمَةً أَوْ سُرِّيَّةً لَهُ خَشْيَةَ اسْتِرْقَاقِ الْعَدُوِّ وَلَدَهُمَا وَهَذَا إنْ جَازَ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ وَ إلَّا وَجَبَ الْعَزْلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ عَنْ الْفُصُولِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْإِقْنَاعِ وُجُوبَهُ .
( وَلَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( تَقْبِيلُهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( وَلَمْسُهُ لِشَهْوَةٍ وَلَوْ ) كَانَ ( نَائِمًا لِاسْتِدْخَالِ ذَكَرِهِ ) فِي فَرْجِهَا ( بِلَا إذْنِهِ ) نَائِمًا كَانَ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الْعَقْدَ ، وَحَبْسَهَا .
( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( إلْزَامُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( بِغَسْلِ نَجَاسَةٍ ، وَغُسْلٍ مِنْ حَيْضٍ ، وَنِفَاسٍ ، وَجَنَابَةٍ ) إنْ كَانَتْ ( مُكَلَّفَةً ) ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيَّةً خِلَافًا لِلْإِقْنَاعِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَكَذَا إزَالَةُ وَسَخٌ ، وَدَرَنٍ ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمَةُ ، وَالذِّمِّيَّةُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي حُصُولِ النُّفْرَةِ مِمَّنْ ذَلِكَ حَالُهَا ( وَ ) لَهُ إلْزَامُهَا ( بِأَخْذِ مَا يُعَافَ مِنْ شَعْرِ ) عَانَةٍ ( وَ ) مِنْ ( ظُفُرٍ ) ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَا قَلِيلًا بِحَيْثُ تَعَافُهُ النَّفْسُ ، وَفِي مَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٍ كَثُومٍ ، وَبَصَلٍ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَهُ الْمَنْعُ ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْقُبْلَةَ ، وَكَمَالَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ ، وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَتَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْإِقْنَاعِ .
وَ ( لَا ) يَمْلِكُ إلْزَامَهَا ( بِعَجْنٍ أَوْ خَبْزٍ أَوْ طَبْخٍ ، وَنَحْوِهِمَا ) كَكَنْسِ دَارٍ ، وَمِلْءِ مَاءٍ مِنْ بِئْرٍ ، وَطَحْنٍ ، وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَعْرُوفَ مِنْ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ .
( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ ( مَنْعُ ) زَوْجَةٍ ( ذِمِّيَّةٍ دُخُولَ بِيعَةٍ ، وَكَنِيسَةٍ ، وَشُرْبَ مَا يُسْكِرُهَا ) مِنْ خَمْرٍ أَوْ نَبِيذٍ لِاتِّفَاقِ الْأَدْيَانِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَ ( لَا ) يَمْنَعُ زَوْجَةً ذِمِّيَّةً مِنْ شُرْبِ مَا ( دُونَهُ ) لِاعْتِقَادِهَا حِلَّهُ ( وَلَا تُكْرَهُ ) ذِمِّيَّةٌ ( عَلَى إفْسَادِ صَوْمِهَا أَوْ صَلَاتِهَا ) بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِهَا ( أَوْ ) أَيْ : وَلَا تُكْرَهُ عَلَى إفْسَادِ ( سَبْتِهَا ) بِشَيْءٍ مِمَّا يُفْسِدُهُ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ .
( وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ : الزَّوْجَ ( وَطْءُ ) زَوْجَتَهُ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِطَلَبِهَا ( فِي كُلِّ ثُلُثِ سَنَةٍ ) أَيْ : أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ( مَرَّةً إنْ قَدَرَ ) عَلَى الْوَطْءِ نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدَّرَهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي حَقِّ الْمُولِي فَكَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُوجِبُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ وَاجِبٌ بِدُونِهَا ( وَ ) يَلْزَمُهُ ( مَبِيتٌ ) فِي الْمَضْجَعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي نَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ ، وَالْإِقْنَاعِ ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِمَوَاضِعَ مِنْ كَلَامِهِمْ ، وَذَكَرَ فِي الْفُرُوعِ نُصُوصًا تَقْتَضِيهِ ( بِطَلَبٍ عِنْدَ ) زَوْجَةٍ ( حُرَّةٍ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعِ ) لَيَالٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ " { يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ ؟ قُلْت بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا } .
" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا حَقًّا .
وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّ كَعْبَ بْنَ سَوَّارٍ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَفْضَلَ مِنْ زَوْجِي ، وَاَللَّهِ إنَّهُ لَيَبِيتُ لَيْلَهُ قَائِمًا ، وَيَظَلُّ نَهَارَهُ صَائِمًا فَاسْتَغْفَرَ لَهَا ، وَأَثْنَى عَلَيْهَا وَاسْتَحْيَتْ الْمَرْأَةُ ، وَقَامَتْ رَاجِعَةً ، فَقَالَ كَعْبٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَّا أَعْدَيْتَ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا .
فَقَالَ : وَمَا ذَاكَ ، فَقَالَ : إنَّهَا تَشْكُوهُ ، إذَا كَانَ هَذَا حَالُهُ فِي الْعِبَادَةِ مَتَى يَتَفَرَّغُ لَهَا ؟ فَبَعَثَ عُمَرُ إلَى زَوْجِهَا .
فَقَالَ لِكَعْبٍ : اقْضِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّكَ فَهِمْتَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا لَمْ أَفْهَمْ قَالَ : فَإِنِّي أَرَى كَأَنَّهَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا ثَلَاثُ نِسْوَةٍ هِيَ رَابِعَتُهُنَّ فَأَقْضِي
بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ يَتَعَبَّدُ فِيهِنَّ وَلَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَاَللَّهِ مَا رَأْيُكَ الْأَوَّلُ بِأَعْجَبَ إلَيَّ مِنْ الْآخِرِ اذْهَبْ فَأَنْتَ قَاضٍ عَلَى الْبَصْرَةِ " وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ اُشْتُهِرَتْ فَلَمْ تُنْكَرْ فَكَانَتْ إجْمَاعًا ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ لَمَلَكَ الزَّوْجُ تَخْصِيصَ إحْدَى زَوْجَاتِهِ بِهِ كَالزِّيَادَةِ فِي النَّفَقَةِ .
( وَ ) يَلْزَمُهُ بِطَلَبِ زَوْجَةٍ ( أَمَةٍ ) أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً ( مِنْ ) كُلِّ ( سَبْعٍ ) ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُمْكِنُ جَمْعُهَا مَعَ ثَلَاثِ حَرَائِرَ فَلَهَا السَّابِعَةُ ( وَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ ) بِنَفْسِهِ ( فِي الْبَقِيَّةِ ) إذَا لَمْ تَسْتَغْرِقْ زَوْجَاتُهُ جَمِيعَ اللَّيَالِي فَمَنْ مَعَهُ حُرَّةٌ فَقَطْ فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ ، وَحُرَّتَانِ فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي لَيْلَتَيْنِ ، وَثَلَاثُ حَرَائِرَ فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي لَيْلَةٍ ، وَمَنْ تَحْتَهُ أَمَةٌ لَهُ الِانْفِرَادُ فِي سِتِّ لَيَالٍ ، وَحُرَّةٌ ، وَأَمَةٌ لَهُ الِانْفِرَادُ فِي أَرْبَعٍ وَهَكَذَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَبِيتِ ، لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ لَا يَبِيتُ وَحْدَهُ مَا أَحَبَّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ ، وَقَالَهُ فِي سَفَرِهِ وَحْدَهُ ، وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي .
( وَإِنْ سَافَرَ ) الزَّوْجُ ( فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ فِي غَيْرِ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ وَاجِبَيْنِ أَوْ ) فِي غَيْرِ ( طَلَبِ رِزْقٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَطَلَبَتْ ) زَوْجَتُهُ ( قُدُومَهُ لَزِمَهُ ) الْقُدُومُ ( فَإِنْ أَبَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ) الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَبِيتِ ، وَالْوَطْءِ وَالْقُدُومِ مِنْ سَفَرِهِ ( بِلَا عُذْرٍ ) لِأَحَدِهِمَا فِي الْجَمِيعِ ( فَرَّقَ ) الْحَاكِمُ ( بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ ) نَصًّا قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَقُولُ : غَدًا أَدْخُلُ بِهَا غَدًا أَدْخُلُ بِهَا إلَى شَهْرٍ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ قَالَ : أَذْهَبُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَجَعَلَهُ كَالْمَوْلَى وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ هُنَا إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
( ، وَسُنَّ عِنْدَ وَطْءٍ قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ ، وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ ) مَا رَزَقْتَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } قَالَ عَطَاءٌ هِيَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْجِمَاعِ .
وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا " { لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ حِينَ يَأْتِي أَهْلَهُ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ ، وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا } " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
( وَكُرِهَ ) الْوَطْءُ ( مُتَجَرِّدَيْنِ ) لِحَدِيثِ " { إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ } " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ، وَالْعَيْرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ .
الْحِمَارُ ، وَحْشِيًّا كَانَ أَوْ أَهْلِيًّا .
( وَ ) كُرِهَ ( إكْثَارُ كَلَامٍ حَالَتَهُ ) أَيْ : الْوَطْءِ لِحَدِيثِ " { لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ عِنْدَ مُجَامَعَةِ النِّسَاءِ فَإِنَّ مِنْهُ يَكُونُ الْخَرَسُ ، وَالْفَأْفَأَةُ } " .
( وَ ) كُرِهَ ( نَزْعُهُ ) أَيْ : نَزْعُ ذَكَرِهِ مِنْهَا ( قَبْلَ فَرَاغِهَا ) أَيْ : إنْزَالِهَا لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا " { إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ فَلْيُصْدِقْهَا ثُمَّ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ فَلَا يُعَجِّلْهَا حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا } " ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَيْهَا ، وَمَنْعًا لَهَا مِنْ قَضَاءِ شَهْوَتِهَا ، وَيُسْتَحَبُّ مُلَاعَبَةُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِتَنْهَضَ شَهْوَتُهَا فَتَنَالَ مِنْ لَذَّةِ الْجِمَاعِ كَمَا يَنَالُهُ .
( وَ ) كُرِهَ ( وَطْؤُهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ أَوْ يَسْمَعُهُ ) مِنْ النَّاسِ ( غَيْرُ طِفْلٍ لَا يَعْقِلُ وَلَوْ رَضِيَا ) أَيْ : الزَّوْجَانِ .
قَالَ أَحْمَدُ : كَانُوا يَكْرَهُونَ الْوَحْسَ وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ .
( وَ ) كُرِهَ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ ( أَنْ يُحَدِّثَا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا ) لِحَدِيثِ الْحَسَنِ : " { جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الرِّجَالِ ، وَالنِّسَاءِ فَأَقْبَلَ عَلَى الرِّجَالِ فَقَالَ : لَعَلَّ أَحَدَكُمْ يُحَدِّثُ بِمَا يَصْنَعُ بِأَهْلِهِ إذَا خَلَا ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ : لَعَلَّ إحْدَاكُنَّ تُحَدِّثُ النِّسَاءَ بِمَا يَصْنَعُ بِهَا زَوْجُهَا .
قَالَ : فَقَالَتْ امْرَأَةٌ : إنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ ، وَإِنَّا لَنَفْعَلُ .
فَقَالَ : لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً فَجَامَعَهَا ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ } ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ .
( وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ وَطْءِ نِسَائِهِ ) بِغُسْلٍ وَاحِدٍ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ : " { سَكَبْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ غُسْلًا وَاحِدًا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ } " ؛ وَلِأَنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ بِدَلِيلِ إتْمَامِ الْجِمَاعِ ( أَوْ ) أَيْ : وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ وَطْءِ نِسَائِهِ ( مَعَ ) وَطْءِ ( إمَائِهِ بِغُسْلٍ ) وَاحِدٍ لِمَا مَرَّ .
، وَ ( لَا ) يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ أَوْ بَيْنَهُنَّ ، وَبَيْنَ إمَائِهِ ( فِي مَسْكَنٍ ) وَاحِدٍ ( إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَاتِ ) كُلِّهِنَّ ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِنَّ لِمَا بَيْنَهُنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ وَاجْتِمَاعُهُنَّ يُثِيرُ الْخُصُومَةَ ، فَإِنْ رَضِينَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُنَّ فَلَهُنَّ الْمُسَامَحَةُ بِهِ ، وَكَذَا إنْ رَضِينَ بِنَوْمِهِ بَيْنَهُنَّ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ أَسْكَنَ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتٍ مِنْهَا جَازَ إذَا كَانَ مَسْكَنَ مِثْلِهَا ، وَيَجُوزُ نَوْمُ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ بِلَا جِمَاعٍ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ لَهَا كَنَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَيْمُونَةَ فِي طُولِ الْوِسَادَةِ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي عَرْضِهَا لَمَّا بَاتَ عِنْدَهَا .
( وَ ) لِلزَّوْجِ ( مَنْعُ كُلٍّ مِنْهُنَّ ) أَيْ : مِنْ زَوْجَاتِهِ ( مِنْ الْخُرُوجِ ) مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ وَلَوْ لِزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا أَوْ عِيَادَتِهِمَا ، أَوْ شُهُودِ جِنَازَةِ أَحَدِهِمَا قَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ : طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا ( وَيَحْرُمُ ) خُرُوجُ زَوْجَةٍ ( بِلَا إذْنٍ أَوْ ) بِلَا ( ضَرُورَةٍ ) كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ : " { أَنَّ رَجُلًا سَافَرَ ، وَمَنَعَ زَوْجَتَهُ الْخُرُوجَ فَمَرِضَ أَبُوهَا فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُضُورِ جِنَازَتِهِ فَقَالَ لَهَا : اتَّقِي اللَّهَ وَلَا تُخَالِفِي زَوْجَكِ .
فَأَوْحَى اللَّهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي قَدْ غَفَرْت لَهُ بِطَاعَتِهَا زَوْجَهَا } " رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ ، وَحَيْثُ خَرَجَتْ بِلَا إذْنِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ ( فَلَا نَفَقَةَ ) لَهَا مَا دَامَتْ خَارِجَةً عَنْ مَنْزِلِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا لِنُشُوزِهَا ( ، وَسُنَّ إذْنُهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي خُرُوجٍ ( إذَا مَرِضَ مَحْرَمٌ لَهَا ) لِتَعُودَهُ ( أَوْ مَاتَ ) مَحْرَمُهَا لِتَشْهَدَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ وَعَدَمِ إذْنِهِ يَحْمِلُ الزَّوْجَةَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا ( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( إنْ خَافَهُ ) أَيْ : خُرُوجَهَا بِلَا إذْنِهِ ( لِحَبْسٍ ) أَيْ : لِكَوْنِهِ مَحْبُوسًا ظُلْمًا أَوْ بِحَقٍّ ( أَوْ نَحْوِهِ ) كَسَفَرٍ ( إسْكَانُهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا ) الْخُرُوجُ تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ ( فَإِنْ لَمْ تُحْفَظْ ) أَيْ : يُمْكِنُ حِفْظُهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَحْفَظُهَا غَيْرَهُ ( حُبِسَتْ مَعَهُ حَيْثُ ) لَا مَحْذُورَ ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقُ حِفْظِهَا ( فَإِنْ خِيفَ مَحْذُورٌ ) بِحَبْسِهَا مَعَهُ لِوُجُودِ الْأَجَانِبِ بِالْحَبْسِ ( فَ ) تَسْكُنُ ( فِي رِبَاطٍ وَنَحْوِهِ ) وَمَتَى كَانَ خُرُوجُهَا مَظِنَّةَ الْفَاحِشَةِ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى يَجِبُ
عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ رِعَايَتُهُ .
( وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( مَنْعُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( مِنْ كَلَامِ أَبَوَيْهَا وَلَا مَنْعِهِمَا ) أَيْ : أَبَوَيْهَا ( مِنْ زِيَارَتِهَا ) لِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ .
لَكِنْ إنْ عُرِفَ بِقَرَائِنِ الْحَالِ حُدُوثَ ضَرَرٍ بِزِيَارَتِهِمَا أَوْ زِيَارَةِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ الْمَنْعُ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ ( وَلَا يَلْزَمُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةَ ( طَاعَتُهُمَا ) أَيْ : أَبَوَيْهَا ( فِي فِرَاقِ ) زَوْجِهَا ( وَ ) لَا طَاعَتَهُمَا فِي ( زِيَارَةٍ ) لَهُمَا لِوُجُوبِ طَاعَةِ الزَّوْجِ ( وَنَحْوِهِمَا ) كَأَمْرِهِمَا بِعِصْيَانِ زَوْجِهَا ، فَلَا يَلْزَمُهَا طَاعَتُهُمَا ، بَلْ زَوْجُهَا أَحَقُّ .
( وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( لِرَضَاعٍ ، وَخِدْمَةٍ ) ، وَصَنْعَةٍ ( بَعْدَ نِكَاحٍ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا سَوَاءٌ آجَرَتْ نَفْسَهَا أَوْ أَجَّرَهَا ) وَلِيُّهَا لِتَفْوِيتِ حَقِّ الزَّوْجِ مَعَ سَبْقِهِ كَإِجَارَةِ الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ أَذِنَ زَوْجٌ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَلَزِمَتْ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا ( وَتَصِحُّ ) إجَارَتُهَا ( قَبْلَهُ ) أَيْ : قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ ( وَتَلْزَمُ ) الْإِجَارَةُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ رَضَاعَةٍ وَنَحْوِهِ لِمِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ مَنَافِعَهَا بِعَقْدٍ سَابِقٍ عَلَى نِكَاحِ الزَّوْجِ أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُسْتَأْجَرَةً ( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( الْوَطْءُ ) لِزَوْجَتِهِ الْمُؤَجَّرَةِ لِنَحْوِ خِدْمَةٍ أَوْ رَضَاعٍ ( مُطْلَقًا ) أَيْ : سَوَاءٌ أَضَرَّ الْوَطْءُ بِالْمُرْتَضِعِ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِعَقْدِ التَّزْوِيجِ فَلَا يَسْقُطُ بِأَمْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ ، لَيْسَ لِزَوْجٍ فَسْخُ النِّكَاحِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُؤَجَّرَةٌ .
( ، وَ ) يَجِبُ ( عَلَى ) زَوْجٍ ( غَيْرِ طِفْلٍ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي قَسْمٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وَزِيَادَةُ إحْدَاهُنَّ فِي الْقَسْمِ مَيْلٌ ، وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ } الْآيَة ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ أَنْ لَا يَقَعَ مَيْلٌ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ .
، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " { مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَشِقُّهُ مَائِلٌ } " ، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ " { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بَيْنَنَا فَيَعْدِلُ ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ } " .
رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد ( وَعِمَادُهُ ) أَيْ : الْقَسْمِ ( اللَّيْلُ ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الْإِنْسَانِ إلَى مَنْزِلِهِ ، وَفِيهِ يَسْكُنُ إلَى أَهْلِهِ ، وَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ ، وَالنَّهَارُ لِلْمَعَاشِ وَالِاشْتِغَالِ .
قَالَ تَعَالَى : { وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ ، وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ } ( وَالنَّهَارُ يَتْبَعُهُ ) أَيْ : اللَّيْلَ فَيَدْخُلُ فِي الْقَسْمِ تَبَعًا ، لِمَا رُوِيَ " أَنَّ { سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ : قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، وَفِي يَوْمِي وَإِنَّمَا قُبِضَ نَهَارًا ، وَيَتْبَعُ الْيَوْمُ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ إلَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى عَكْسِهِ ( وَعَكْسُهُ مِنْ مَعِيشَتِهِ بِلَيْلٍ كَحَارِسٍ ) فَعِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ ، وَيَتْبَعُهُ اللَّيْلُ ( وَيَكُونُ ) الْقَسْمُ ( لَيْلَةً وَلَيْلَةً ) ؛ لِأَنَّ فِي قَسْمِهِ لَيْلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ تَأْخِيرًا لِحَقِّ مَنْ لَهَا اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةِ لَا الَّتِي قَبْلَهَا ( إلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ بِ ) الْقَسْمِ ( أَكْثَرَ ) مِنْ لَيْلَةٍ وَلَيْلَةٍ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُنَّ .
وَإِنْ كَانَتْ نِسَاؤُهُ بِمَحَالٍّ مُتَبَاعِدَةٍ قَسَمَ بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ مَعَ التَّسَاوِي بَيْنَهُنَّ إلَّا بِرِضَاهُنَّ .
( وَلِزَوْجَةِ أَمَةٍ مَعَ ) زَوْجَةٍ ( حُرَّةٍ وَلَوْ ) كَانَتْ الْحُرَّةُ ( كِتَابِيَّةً لَيْلَةٌ مِنْ ثَلَاثِ ) لَيَالٍ .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ ؛ وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لَيْلًا ، وَنَهَارًا فَحَقُّهَا أَكْثَرُ فِي الْإِيوَاءِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ ، وَالْكِسْوَةِ بِالْحَاجَةِ ، وَحَاجَةُ الْأَمَةِ فِي ذَلِكَ كَحَاجَةِ الْحُرَّةِ ، وَبِخِلَافِ قَسْمِ الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهُ لِزَوَالِ الِاحْتِشَامِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِحُرِّيَّةٍ ، وَرِقٍّ .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ بَيْن الْمُسْلِمَةِ ، وَالذِّمِّيَّةِ سَوَاءٌ ( ، وَ ) يَقْسِمُ ( لِمُبَعَّضَةٍ بِالْحِسَابِ ) فَلِلْمُنَصَّفَةِ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَلِلْحُرَّةِ أَرْبَعٌ ( وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ فِي نَوْبَتِهَا ) فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ ( أَوْ ) عَتَقَتْ فِي ( نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ ) عَلَى نَوْبَةِ أَمَةٍ ( فَلَهَا ) أَيْ : الْعَتِيقَةِ ( قَسْمُ حُرَّةٍ ) ؛ لِأَنَّ النَّوْبَةَ أَدْرَكَتْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فَاسْتَحَقَّتْ قَسْمَ حُرَّةٍ ، وَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ ( فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ ) بِأَنْ بَدَأَ بِالْأَمَةِ فَوَفَّاهَا لَيْلَتَهَا ثُمَّ انْتَقَلَ لِلْحُرَّةِ فَعَتَقَتْ الْأَمَةُ ( يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا ) بَعْدَ أَنْ يَقْسِمَ لِلْحُرَّةِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ فِي ضَرَّتِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَمَّا اسْتَوْفَتْ مُدَّتَهَا حَالَ الرِّقِّ لَمْ تَزِدْ شَيْئًا وَكَانَ لِلْحُرَّةِ ضِعْفُ مُدَّةِ الْأَمَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ مَجِيءِ نَوْبَتِهَا أَوْ قَبْلَ تَمَامِهَا وَمَعْنَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَنَّ وَلِيَّهُ يَطُوفُ بِهِ عَلَيْهِنَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ( ، وَيَطُوفُ بِمَجْنُونٍ مَأْمُونٍ وَلِيُّهُ ) عَلَى زَوْجَتَيْهِ فَأَكْثَرَ لِلتَّعْدِيلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَلَا قَسْمَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ .
( وَيَحْرُمُ تَخْصِيصُ ) بَعْضِ زَوْجَاتِهِ ( بِإِفَاقَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ مَيْلٌ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ ( فَلَوْ أَفَاقَ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ قَضَى يَوْمَ جُنُونِهِ لِلْأُخْرَى ) تَعْدِيلًا بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ الْوَلِيُّ فِي الْقَسْمِ ، وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ قَضَى لِلْمَظْلُومَةِ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمَالِ .
( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( أَنْ يَأْتِيَهُنَّ ) أَيْ : زَوْجَاتِهِ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي مَسْكَنِهَا ، ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ كَذَلِكَ ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُنَّ وَأَصْوَنُ .
( وَ ) لَهُ ( أَنْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَحَلِّهِ ) بِأَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ مَنْزِلًا يَدْعُو إلَيْهِ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي لَيْلَتِهَا ، وَيَوْمِهَا ؛ لِأَنَّ لَهُ نَقْلَهَا حَيْثُ شَاءَ بِلَائِقٍ بِهَا .
( وَ ) لَهُ ( أَنْ يَأْتِيَ بَعْضًا ) مِنْ زَوْجَاتِهِ إلَى مَسْكَنِهَا ( وَ ) أَنْ ( يَدْعُوَ بَعْضًا ) مِنْهُنَّ إلَى مَنْزِلِهِ ؛ لِأَنَّ السَّكَنَ لَهُ حَيْثُ لَاقَ الْمَسْكَنُ ، وَإِنْ حُبِسَ زَوْجٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَسْتَدْعِيَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي لَيْلَتِهَا فَلَهُ ذَلِكَ ، وَعَلَيْهِنَّ طَاعَتُهُ ( وَلَا يَلْزَمُ مَنْ دُعِيَتْ إتْيَانَ مَا لَمْ يَكُنْ سَكَنَ مِثْلِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهَا .
( ، وَيَقْسِمُ ) مَرِيضٌ ، وَمَجْبُوبٌ ، وَخَصِيٌّ ، وَعِنِّينٌ وَنَحْوُهُ ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ لِلْأُنْسِ وَهُوَ حَاصِلٌ مِمَّنْ لَا يَطَأُ { ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي مَرَضِهِ ، وَيَقُولُ : : أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ اسْتَأْذَنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث عَائِشَةَ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَقَامَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ بِالْقُرْعَةِ أَوْ اعْتَزَلَهُنَّ جَمِيعًا إنْ أَحَبَّ ، وَيَجِبُ الْقَسْمُ ( لِحَائِضٍ ، وَنُفَسَاءَ ، وَمَرِيضَةٍ ، وَمَعِيبَةٍ ) كَجَذْمَاءَ ، وَرَتْقَاء وَكِتَابِيَّةٍ وَمُحَرَّمَةٍ وَزَمِنَةٍ ، وَمُمَيِّزَةٍ ، وَمَجْنُونَةٍ مَأْمُونَةٍ ، وَمَنْ آلَى مِنْهَا ( أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ) زَمَنَ عِدَّتِهَا ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْقَسْمِ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ ( أَوْ سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ ) فَيَقْسِمُ لَهَا ( إذَا قَدِمَ ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْمُسْتَقْبَلِ .
( وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( بُدَاءَةٌ ) فِي قَسْمٍ ( وَلَا سَفَرٍ بِإِحْدَاهُنَّ ) طَالَ السَّفَرُ أَوْ قَصُرَ ( بِلَا قُرْعَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ تَفْضِيلٌ لَهَا ، وَالتَّسْوِيَةُ وَاجِبَةٌ { ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ خَرَجَ بِهَا مَعَهُ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَإِذَا سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ إلَى مَحِلٍّ ثُمَّ بَدَا لَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَصْحَبَهَا مَعَهُ ( إلَّا بِرِضَاهُنَّ ، وَرِضَاهُ ) فَإِذَا رَضِيَ الزَّوْجَاتُ ، وَالزَّوْجُ بِالْبُدَاءَةِ بِإِحْدَاهُنَّ أَوْ السَّفَرِ بِهَا جَازَ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ ( وَيَقْضِي ) زَوْجٌ لِبَقِيَّةِ زَوْجَاتِهِ ( مَعَ قُرْعَةٍ ) فِي سَفَرٍ بِإِحْدَاهُنَّ ( أَوْ ) مَعَ ( رِضَاهُنَّ ) بِسَفَرٍ بِمُعَيَّنَةٍ مِنْهُنَّ ( مَا تَعَقَّبَهُ سَفَرٌ ) أَيْ : مَا أَقَامَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ ( أَوْ تَخَلَّلَهُ ) سَفَرٌ ( مِنْ إقَامَةٍ ) أَيْ : مُدَّةَ إقَامَتِهِ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ لِتَسَاكُنِهِمَا إذَنْ لَا زَمَنِ مَسِيرِهِ ، وَحِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَكَنًا .
( وَ ) يَقْضِي مَنْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ( بِدُونِهَا ) أَيْ : الْقُرْعَةِ ، وَرِضَاهُنَّ ( جَمِيعَ غَيْبَتِهِ ) حَتَّى زَمَنِ سَيْرِهِ ، وَحِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ سَوَاءٌ طَالَ السَّفَرُ أَوْ قَصُرَ ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ بَعْضَهُنَّ عَلَى وَجْهِ مَا يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا ، وَإِنْ سَافَرَ بِاثْنَيْنِ بِقُرْعَةٍ أَوَى إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً فِي رَحْلِهَا كَخَيْمَتِهَا وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَتَا فِي رَحْلِهِ فَلَا قَسْمَ إلَّا فِي الْفِرَاشِ ( وَمَتَى بَدَأَ ) فِي الْقَسْمِ ( بِوَاحِدَةٍ ) مِنْ نِسَائِهِ ( بِقُرْعَةٍ أَوْ لَا ) أَيْ : بِدُونِ قُرْعَةٍ ( لَزِمَهُ مَبِيتُ ) لَيْلَةٍ ( آتِيَةٍ عِنْدَ ) زَوْجَةٍ ( ثَانِيَةٍ ) لِيَحْصُلَ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمَا فِي الْأُولَى ، وَيَتَدَارَكَ الظُّلْمَ فِي الثَّانِيَةِ .
( ، وَيَحْرُمُ ) عَلَى زَوْجٍ ( أَنْ يَدْخُلَ إلَى غَيْرِ ذَاتِ لَيْلَةٍ فِيهَا ) أَيْ : اللَّيْلَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا ( إلَّا لِضَرُورَةٍ ) كَأَنْ تَكُونَ مَنْزُولًا بِهَا فَيُرِيدُ أَنْ يَحْضُرَهَا أَوْ تُوصِيَ إلَيْهِ ( وَ ) يَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ إلَيْهَا ( فِي نَهَارِهَا ) أَيْ : نَهَارِ لَيْلَةِ غَيْرِهَا ( إلَّا لِحَاجَةٍ كَعِيَادَةٍ ) أَوْ سُؤَالٍ عَنْ أَمْرٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَوْ دَفْعِ نَفَقَةٍ أَوْ زِيَادَةٍ لِبُعْدِ عَهْدِهِ بِهَا .
( فَإِنْ ) دَخَلَ إلَيْهَا وَ ( لَمْ يَلْبَثْ ) مَعَ ضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ أَوْ عَدَمِهِمَا ( لَمْ يَقْضِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَضَاءِ الزَّمَنِ الْيَسِيرِ ( وَإِنْ لَبِثَ أَوْ جَامَعَ لَزِمَهُ قَضَاءُ لُبْثٍ ، وَجِمَاعٍ ) بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْمَظْلُومَةِ فِي لَيْلَةِ الْأُخْرَى فَيَمْكُثُ عِنْدَهَا بِقَدْرِ مَا مَكَثَ عِنْدَ تِلْكَ أَوْ يُجَامِعُهَا لِيَعْدِلَ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مَعَ الْجِمَاعِ يَحْصُلُ بِهِ السَّكَنُ أَشْبَهَ الزَّمَنَ الْكَثِيرَ وَ ( لَا ) يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ( قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ حَقِّ الْأُخْرَى ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ " { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَيَّ فِي يَوْمِ غَيْرِي فَيَنَالُ مِنِّي كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الْجِمَاعَ } " .
( وَلَهُ قَضَاءُ أَوَّلِ لَيْلٍ عَنْ آخِرِهِ ) اكْتِفَاءً بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الْقَدْرِ .
( وَ ) لَهُ قَضَاءُ ( لَيْلِ صَيْفٍ عَنْ ) لَيْلِ ( شِتَاءٍ ) ؛ لِأَنَّهُ قَضَى لَيْلَةً عَنْ لَيْلَةٍ ( وَعَكْسِهِمَا ) أَيْ : لَهُ قَضَاءُ آخِرِ لَيْلٍ عَنْ أَوَّلِهِ وَلَهُ قَضَاءُ لَيْلِ شِتَاءٍ عَنْ لَيْلِ صَيْفٍ .
( وَمَنْ انْتَقَلَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ ) وَلَهُ زَوْجَاتٌ ( لَمْ يَجُزْ ) لَهُ ( أَنْ يَصْحَبَ إحْدَاهُنَّ ، وَ ) أَنْ يَصْحَبَ ( الْبَوَاقِي غَيْرَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ مَيْلٌ ( إلَّا بِقُرْعَةٍ ) فَإِن فَعَلَهُ بِقُرْعَةٍ فَأَقَامَتْ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ مُدَّةَ إقَامَتِهِ مَعَهَا خَاصَّةً ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا ، وَبِدُونِ قُرْعَةٍ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ كُلَّ الْمُدَّةِ كَالْحَاضِرِ .
( وَمَنْ امْتَنَعَتْ ) مِنْ زَوْجَاتِهِ ( مِنْ سَفَرٍ ) مَعَهُ ( أَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ مَبِيتٍ مَعَهُ ) أَوْ أَغْلَقَتْ الْبَابَ دُونَهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ : لَا تَبِتْ عِنْدِي ( أَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا وَلَوْ بِإِذْنِهِ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ قَسْمٍ ، وَنَفَقَةٍ ) لِعِصْيَانِهَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَلِعَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِي الْأَخِيرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ ، وَ ( لَا ) يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ قَسْمٍ ، وَنَفَقَةٍ إنْ سَافَرَتْ ( لِحَاجَتِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( بِبَعْثِهِ ) لَهَا ، وَانْتِقَالُهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ بِإِذْنِهِ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تَعَذُّرِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ جِهَتِهِ فَيَقْضِي لَهَا مَا أَقَامَهُ عِنْدَ الْأُخْرَى .
( وَلَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( هِبَةُ نَوْبَتِهَا ) مِنْ الْقَسْمِ ( بِلَا مَالٍ لِزَوْجٍ يَجْعَلُهُ لِمَنْ شَاءَ ) مِنْ ضَرَّاتِهَا ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَاهِبَةِ ، وَالزَّوْجِ ( وَ ) لِلزَّوْجَةِ هِبَةُ نَوْبَتَهَا بِلَا مَالٍ ( لِضَرَّةٍ ) مُعَيَّنَةٍ ( بِإِذْنِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( وَلَوْ أَبَتْ ) ذَلِكَ ( مَوْهُوبٌ لَهَا ) لِثُبُوتِ حَقِّ الزَّوْجِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا كُلَّ وَقْتٍ وَإِنَّمَا مَنَعَتْهُ الْمُزَاحِمَةُ فِي حَقِّ صَاحِبَتِهَا فَإِذَا أَزَالَتْ الْمُزَاحِمَةُ بِهِبَتِهَا ثَبَتَ حَقُّهُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً { ، وَوَهَبَتْ سَوْدَةُ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَهَا ، وَيَوْمَ سَوْدَةَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
فَإِنْ كَانَ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا كَوْنُ الزَّوْجِ عِنْدَهَا وَهُوَ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ فَإِنْ أَخَذَتْ الْوَاهِبَةُ عَلَيْهِ مَالًا وَجَبَ رَدُّهُ ، وَقَضَى لَهَا زَمَنَ هِبَتِهَا وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ غَيْرَ مَالٍ كَإِرْضَاءِ زَوْجِهَا عَنْهَا جَازَ لِقِصَّةِ عَائِشَةَ ، وَصَفِيَّةَ لَهُ ( وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( نَقْلُهُ ) أَيْ : زَمَنِ قَسْمِ الْوَاهِبَةِ ( لِيَلِيَ لَيْلَتَهَا ) أَيْ : الْمَوْهُوبِ لَهَا إلَّا بِرِضَا الْبَاقِيَاتِ فَإِنْ رَضِينَ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُنَّ ، وَإِلَّا جَعَلَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهَا فِي وَقْتِ الْوَاهِبَةِ لِقِيَامِ الْمَوْهُوبِ لَهَا مَقَامَ الْوَاهِبَةِ فِي لَيْلَتِهَا فَلَمْ تُغَيَّرْ عَنْ مَوْضِعِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لِلْوَاهِبَةِ ( وَمَتَى رَجَعَتْ ) وَاهِبَةٌ لِلَيْلَتِهَا ( وَلَوْ فِي بَعْضِ لَيْلَةٍ ) عَادَ حَقُّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ ، وَ ( قَسَمَ ) لَهَا وُجُوبًا فَيَرْجِعُ إلَيْهَا ( وَلَا يَقْضِي بَعْضًا ) مِنْ لَيْلَةٍ ( لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ) أَيْ : لِرُجُوعِهَا فِيهِ ( إلَى فَرَاغِهَا ) أَيْ : اللَّيْلَةِ لِتَفْرِيطِهَا .
( وَلَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( بَذْلُ قَسْمٍ ، وَنَفَقَةٍ ، وَغَيْرِهِمَا ) لِزَوْجٍ ( لِيُمْسِكَهَا ) لِقِصَّةِ سَوْدَةَ ( يَعُودُ ) حَقُّهَا فِيمَا وَهَبَتْهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ( بِرُجُوعِهَا ) كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَأَمَّا مَا مَضَى فَكَالْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ .
( وَيُسَنُّ تَسْوِيَةُ ) زَوْجٍ ( فِي وَطْءٍ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ ، ، .
وَرُوِيَ " { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي الْقُبْلَةِ ، وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ } " وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْجِمَاعِ ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الشَّهْوَةُ ، وَالْمَيْلُ وَلَا سَبِيلَ إلَى التَّسْوِيَةِ فِيهِ وَكَذَا لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الشَّهَوَاتِ ، وَالنَّفَقَةِ ، وَالْكِسْوَةِ إذَا قَامَ بِالْوَاهِبِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَهُوَ أَوْلَى .
( وَ ) يُسَنُّ لِسَيِّدٍ تَسْوِيَةٌ ( فِي قَسْمٍ بَيْنَ إمَائِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِقُلُوبِهِنَّ وَلَا قَسْمَ عَلَيْهِ لَهُنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } ؛ وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْأَمَةِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلِهَذَا لَا خِيَارَ لَهَا بِعُنَّةِ السَّيِّدِ أَوْ جَبِّهِ وَلَا يَضْرِبُ لَهَا مُدَّةَ الْإِيلَاءِ بِحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا ( ، وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْضُلهُنَّ ) إذَا طَلَبْنَ النِّكَاحَ ( إنْ لَمْ يُرِدْ اسْتِمْتَاعًا بِهِنَّ ) فَيُزَوِّجهُنَّ أَوْ يَبِيعهُنَّ دَفْعًا لِضَرَرِهِنَّ .
فَصْلٌ ، وَمَنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا ، وَمَعَهُ غَيْرُهَا ( أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَلَوْ ) كَانَتْ ( أَمَةً ) ، وَضَرَائِرُهَا حَرَائِرُ ( ثُمَّ دَارَ ) الْقَسْمُ .
( وَ ) إنْ تَزَوَّجَ ( ثَيِّبًا ) ، وَمَعَهُ غَيْرُهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ( ثَلَاثًا ) وَلَوْ أَمَةً ثُمَّ دَارَ ( وَتَصِيرُ الْجَدِيدَةُ آخِرَهُنَّ نَوْبَةً ) لِحَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ " { مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعَةً ، وَقَسَمَ ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ } .
قَالَ أَبُو قِلَابَةَ لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ : إنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَإِنْ شَاءَتْ ) الثَّيِّبُ ( لَا ) إنْ شَاءَ ( هُوَ ) أَيْ : الزَّوْجُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا ( سَبْعًا فَعَلَ ) أَيْ : أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ( وَقَضَى ) السَّبْعَ ( الْكُلَّ ) لِضَرَائِرِهَا لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَقَالَ لَهَا : إنَّهُ لَيْسَ بِك هَوَانٌ عَلَى أَهْلِكِ فَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي } .
" رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَمُسْلِمٌ ، وَغَيْرُهُمَا وَلَفْظُ الدَّارَقُطْنِيِّ " { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا حِينَ دَخَلَ بِهَا : لَيْسَ بِك هَوَانٌ عَلَى أَهْلِكِ إنْ شِئْتِ قُمْتُ عِنْدَكِ ثَلَاثًا خَالِصَةً لَكِ ، وَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَلِنِسَائِي قَالَتْ : تُقِيمُ مَعِي ثَلَاثًا خَالِصَةً } .
( وَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( امْرَأَتَانِ ) بِكْرَانِ أَوْ ثَيِّبَانِ أَوْ بِكْرٌ ، وَثَيِّبٌ ( كُرِهَ ) لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي إيفَاءِ حَقِّ الْعَقْدِ وَتَضَرُّرِ الْمُؤَخَّرَةِ ، وَوَحْشَتِهَا وَكَذَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ ثَانِيَةٌ قَبْلَ إيفَائِهِ حَقَّ الَّتِي قَبْلَهَا ( وَبَدَا بِالدَّاخِلَةِ ) عَلَيْهِ ( أَوَّلًا ) مِنْهُمَا لِتَقَدُّمِ حَقِّهَا ( ، وَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا ) أَيْ : الْمَرْأَتَيْنِ ( لِلتَّسَاوِي ) أَيْ : عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَقِّ فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ فَيُوَفِّيهَا حَقَّ عَقْدِهَا ثُمَّ يُوَفِّي الْأُخْرَى ذَلِكَ ثُمَّ يَدُورُ .
( وَإِنْ سَافَرَ ) أَوْ أَرَادَ السَّفَرَ ( مَنْ قَرَعَ ) بَيْنَ مَنْ دَخَلَتَا عَلَيْهِ مَعًا صَحِبَ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ مِنْهُمَا وَ ( دَخَلَ ) حَقُّ ( عَقْدٍ فِي قَسْمِ سَفَرٍ ) إنْ ، وَفَّى بِهِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ ( فَيَقْضِيه لِلْأُخْرَى بَعْدَ قُدُومِهِ ) مِنْ سَفَرِهِ كَمَا لَوْ يُسَافِرُ بِالْأُخْرَى مَعَهُ وَإِنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ وَقَدْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عَقْدِ الْأُولَى ، وَفَّاهُ لَهَا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ وَفَّى الْحَاضِرَةَ حَقَّ عَقْدِهَا ، وَمَنْ لَهُ امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أُخْرَى ، وَسَافَرَ بِهِمَا مَعًا وَفَّى لِلْجَدِيدَةِ عَقْدَهَا ثُمَّ قَسَمَ فِي السَّفَرِ ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ قَسْمٍ ، وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِإِحْدَاهُمَا قَرَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَقَعَتْ لِلْجَدِيدَةِ فَكَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ وَقَعَتْ لِلْقَدِيمَةِ قَضَى لِلْجَدِيدَةِ حَقَّ عَقْدِهَا إذَا قَدِمَ .
( وَإِنْ طَلَّقَ ) زَوْجُ اثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ ( وَاحِدَةً وَقْتَ قَسْمِهَا ) أَيْ : نَوْبَتِهَا ( أَثِمَ ) ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى إبْطَالِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَلَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسُؤَالِهَا ( وَيَقْضِيهِ ) لَهَا ( مَتَى نَكَحَهَا ) وُجُوبًا لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ كَالْمُعْسِرِ يُوسِرَ بِالدَّيْنِ .
( وَمَنْ قَسَمَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ ثُمَّ تَجَدَّدَ ) عَلَيْهِ ( حَقُّ رَابِعَةٍ ) قَبْلَ قَسْمِهِ لِلثَّالِثَةِ ( بِرُجُوعِهَا ) أَيْ : الرَّابِعَةِ ( فِي هِبَةِ ) حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ ( أَوْ ) بِرُجُوعِهَا ( عَنْ نُشُوزٍ ) فَرُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ وَبَقِيَّتُهُ لِلثَّالِثَةِ ( أَوْ ) قَسَمَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ ثَلَاثِ زَوْجَاتِ ثُمَّ تَجَدَّدَ حَقُّ رَابِعَةٍ بِ ( نِكَاحٍ ) مُتَجَدِّدٍ ( وَفَّاهَا ) أَيْ : الرَّابِعَةَ ( حَقَّ عَقْدِهِ ) وَهُوَ سَبْعٌ إنْ كَانَتْ بِكْرًا ، وَثَلَاثٌ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ( ثُمَّ ) يَقْسِمُ ( فَرُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ .
( وَبَقِيَّتُهُ ) أَيْ : الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ ( لِلثَّالِثَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ اسْتَوْفَتَا مُدَّتَهُمَا مِثَالُهُ فِيمَا يُخْرِجُهُ الْحِسَابُ بِلَا كَسْرٍ لَوْ قَسَمَ لِلْأَوَّلَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَيَقْسِمُ لِلثَّالِثَةِ مِثْلَهُمَا وَلِلرَّابِعَةِ لَيْلَةً فَقَدْ أَخَذَتْ الرَّابِعَةُ رُبْعَ مُدَّةِ الزَّمَنِ الْآتِي عَلَيْهَا ( فَإِنْ أَكْمَلَ الْحَقَّ ابْتَدَأَ التَّسْوِيَةَ ) لِلْأَرْبَعِ ( وَلَوْ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ نَكَحَ ) ثَالِثَةً ( وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ ثُمَّ ) وَفَّى ( لَيْلَةَ الْمَظْلُومَةِ ) كَضَرَّتِهَا ( ثُمَّ ) وَفَّى ( نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلثَّالِثَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ اثْنَتَيْنِ ، وَأَمَّا الْأُولَى فَقَدْ اسْتَوْفَتْ حَقَّهَا ( ثُمَّ يَبْتَدِئُ ) الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا .
قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ فِي نِصْفِ لَيْلَةٍ ، وَفِيهِ حَرَجٌ .
( وَلَهُ ) أَيْ : زَوْجِ ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ ( نَهَارُ ) لَيْلٍ ( قُسِمَ ) ، وَحَقُّ عَقْدٍ ( أَنْ يَخْرُجَ لِمَعَاشِهِ ، وَقَضَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا } وَكَذَا لَهُ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ ، وَمَتَى تَرَكَ قَسْمَ بَعْضِ نِسَائِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَضَاهُ لَهَا .
فَصْلٌ فِي النُّشُوزِ مِنْ النَّشَزِ وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ ، فَكَأَنَّهَا ارْتَفَعَتْ ، وَتَعَالَتْ عَمَّا فُرِضَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَيُقَالُ : نَشَزَتْ بِالشِّينِ وَالزَّايِ ، وَنَشِصَتْ بِالشِّينِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ( وَهُوَ مَعْصِيَتُهَا إيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا ) طَاعَتُهُ فِيهِ .
( وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا أَمَارَتُهُ ) أَيْ : النُّشُوزِ ( بِأَنْ مَنَعَتْهُ ) أَيْ : الزَّوْجَ ( الِاسْتِمْتَاعَ ) بِهَا ( أَوْ أَجَابَتْهُ مُتَبَرِّمَةً ) كَأَنْ تَتَثَاقَلَ إذَا دَعَاهَا أَوْ لَا تُجِيبُهُ إلَّا بِكُرْهٍ ( وَعَظَهَا ) أَيْ : خَوَّفَهَا اللَّهَ ، وَذَكَرَ لَهَا مَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا مِنْ الْحَقِّ ، وَالطَّاعَةِ وَمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْإِثْمِ بِالْمُخَالَفَةِ ، وَمَا يَسْقُطُ بِهِ مِنْ النَّفَقَةِ ، وَالْكِسْوَةِ ، وَمَا يُبَاحُ بِهِ مِنْ هَجْرِهَا ، وَضَرْبِهَا .
لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ } .
وَفِي الْحَدِيثِ " { إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ إلَى أَنْ تَرْجِعَ } " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( فَإِنْ أَصَرَّتْ ) نَاشِزَةً بَعْدَ وَعْظِهَا ( هَجَرَهَا فِي مَضْجَعٍ ) أَيْ : تَرَكَ مُضَاجَعَتَهَا ( مَا شَاءَ ) مَا دَامَتْ كَذَلِكَ ( وَ ) هَجَرَهَا ( فِي الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا فَوْقَهَا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ } .
وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " { لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ } " .
( فَإِنْ أَصَرَّتْ ) مَعَ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ ، وَالْكَلَامِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ ( ضَرَبَهَا ) ضَرْبًا ( غَيْرَ شَدِيدٍ ) لِحَدِيثِ " { لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ } " ( عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ لَا فَوْقَهَا ) لِحَدِيثِ " { لَا يَجْلِدْ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى } " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَيَجْتَنِبُ الْوَجْهَ وَالْمَوَاضِعَ الْمَخُوفَةَ .
وَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا إلَّا بَعْدَ هَجْرِهَا فِي الْفِرَاشِ ، وَالْكَلَامِ ؛ لِأَنَّ
الْقَصْدَ التَّأْدِيبُ ، وَالزَّجْرُ فَيُبْدَأُ فِيهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ " لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَهُ وَلَا أَبُوهَا لِمَ ضَرَبَهَا لِلْخَبَرِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ( وَيُمْنَعُ مِنْهَا ) أَيْ : هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ( مِنْ ) أَيْ : زَوْجٍ ( عَلِمَ بِمَنْعِهِ ) زَوْجَتَهُ ( حَقَّهَا حَتَّى يُوَفِّيَهُ ) لَهَا لِظُلْمِهِ بِطَلَبِهِ حَقَّهُ مَعَ مَنْعِ حَقِّهَا .
وَيَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تُغْضِبَ زَوْجَهَا لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ الْحُصَيْنِ بْنِ الْمُحَيْصِنِ " { أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ .
قَالَ : اُنْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ ، وَنَارُكِ } " قَالَ فِي الْفُرُوعِ : إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ مُدَارَاتُهَا ، وَحَدَّثَ رَجُلٌ لِأَحْمَدَ مَا قِيلَ : " الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ .
تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ " فَقَالَ أَحْمَدُ " عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ كُلِّهَا فِي التَّغَافُلِ " .
( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ الْفَرَائِضِ ) كَوَاجِبِ صَلَاةٍ ، وَصَوْمٍ ( لَا تَعْزِيرُهَا فِي حَادِثٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ) ، وَسِحَاقٍ ؛ لِأَنَّهُ ، وَظِيفَةُ الْحَاكِمِ ، وَيَنْبَغِي تَعْلِيقُ السَّوْطِ بِالْبَيْتِ لِلْخَبَرِ .
رَوَاهُ الْخَلَّالُ .
فَإِنْ لَمْ تُصَلِّ فَقَالَ أَحْمَدُ أَخْشَى أَنْ لَا يَحِلَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقِيمَ مَعَ امْرَأَةٍ لَا تُصَلِّي وَلَا تَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَا تَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ .
( فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ ( ظُلْمَ صَاحِبِهِ ) لَهُ ( أَسْكَنَهُمَا حَاكِمٌ قُرْبَ ) رَجُلٍ ( ثِقَةٍ يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا ، وَيَكْشِفُ حَالَهُمَا كَعَدَالَةٍ ، وَإِفْلَاسٍ مِنْ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ ) لِيَعْلَمَ الظَّالِمُ مِنْهُمَا ( وَيُلْزِمُهُمَا ) الثِّقَةُ ( الْحَقَّ ) ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقُ الْإِنْصَافِ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) إسْكَانَهُمَا قُرْبَ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا أَوْ تَعَذَّرَ إلْزَامَهُمَا بِالْحَقِّ ( وَتَشَاقَّا ) أَيْ : خَرَجَا إلَى الشِّقَاقِ ، وَالْعَدَاوَةِ ( بَعَثَ ) الْحَاكِمُ إلَيْهِمَا ( حَكَمَيْنِ ذَكَرَيْنِ حُرَّيْنِ مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِ ) حُكْمَ ( الْجَمْعِ ، وَالتَّفْرِيقِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِي ذَلِكَ فَاعْتُبِرَ عِلْمُهُمَا بِهِ ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِمَا هَذِهِ الشُّرُوطُ مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ فَكَأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْهُ .
( وَالْأَوْلَى ) أَنْ يَكُونَ الْحَكَمَانِ ( مِنْ أَهْلِهِمَا ) أَيْ : الزَّوْجَيْنِ ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يُفْضِي إلَى قَرَابَتِهِ ، وَأَهْلِهِ بِلَا احْتِشَامٍ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْإِصْلَاحِ فَيَخْلُو كُلٌّ بِصَاحِبِهِ ، وَيَسْتَعْلِمُ رَأْيَهُ فِي الْفِرَاقِ وَالْوَصْلَةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ( يُوَكِّلَانِهِمَا ) بِرِضَاهُمَا وَ ( لَا ) يَبْعَثُهُمَا الْحَاكِمُ ( جَبْرًا ) عَلَى الزَّوْجَيْنِ ( فِي فِعْلِ الْأَصْلَحِ مِنْ جَمْعٍ أَوْ تَفْرِيقٍ بِعِوَضٍ أَوْ دُونَهُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا } الْآيَةُ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( إبْرَاءُ غَيْرِ وَكِيلِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( فِي خُلْعٍ فَقَطْ ) فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ وَكِيلِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا وَلَا مِنْ وَكِيلِ الزَّوْجَةِ إلَّا فِي الْخُلْعِ خَاصَّةً .
( وَإِنْ شَرَطَا ) أَيْ : الْحَكَمَانِ عَلَى الزَّوْجَيْنِ ( مَا ) أَيْ : شَرَطًا ( لَا يُنَافِي نِكَاحًا ) كَإِسْكَانِهَا بِمَحَلِّ كَذَا أَوْ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا وَنَحْوَهُ ( لَزِمَ ) الشَّرْطُ وَلَعَلَّهُمْ نَزَّلُوا هَذِهِ الْحَالَةَ مَنْزِلَةَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ
لِحَاجَةِ الْإِصْلَاحِ وَإِلَّا فَمَحَلُّ الْمُعْتَبَرِ مِنْ الشُّرُوطِ صُلْبُ الْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ شَرَطَا مَا يُنَافِي نِكَاحًا ( فَلَا ) يَلْزَمُ ، وَذَلِكَ ( كَتَرْكِ قَسْمٍ أَوْ ) تَرْكِ ( نَفَقَةٍ ) أَوْ وَطْءٍ أَوْ سَفَرٍ إلَّا بِإِذْنِهَا وَنَحْوِهِ .
( وَلِمَنْ رَضِيَ ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِشَرْطِ مَا يُنَافِي نِكَاحًا ( الْعَوْدَ ) أَيْ : الرُّجُوعَ عَنْ الرِّضَا بِهِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ ( وَلَا يَنْقَطِعُ نَظَرُهُمَا ) أَيْ : الْحَكَمَيْنِ ( بِغَيْبَةِ الزَّوْجَيْنِ ) أَوْ غَيْبَةِ ( أَحَدِهِمَا ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَنْقَطِعُ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ ( ، وَيَنْقَطِعُ ) نَظَرُهُمَا ( بِجُنُونِهِمَا ) أَيْ : الزَّوْجَيْنِ ( أَوْ ) جُنُونِ ( أَحَدِهِمَا وَنَحْوِهِ ) أَيْ : الْجُنُونِ ( مِمَّا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ ) كَحُرٍّ لِسَفَهٍ كَسَائِرِ الْوُكَلَاءِ .
كِتَابُ الْخُلْعِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ ( وَهُوَ فِرَاقُ ) زَوْجٍ ( زَوْجَتَهُ بِعِوَضٍ ) يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ( بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ ) سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْلَعُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ كَمَا تَخْلَعُ اللِّبَاسَ مِنْ بَدَنِهَا قَالَ تَعَالَى : { هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ } ( وَيُبَاحُ ) الْخُلْعُ ( لِسُوءِ عِشْرَةٍ ) بَيْنَ زَوْجَيْنِ بِأَنْ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَارِهًا لِلْآخَرِ لَا يُحْسِنُ صُحْبَتَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } .
( وَ ) يُبَاحُ الْخُلْعُ ( لِمُبْغِضَةِ ) زَوْجِهَا ( تَخْشَى أَنْ لَا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ فِي حَقِّهِ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ " { جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعِيبُ عَلَيْهِ مِنْ خُلُقٍ وَلَا دِينٍ ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً } " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ فَأَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ دَلِيلُ إبَاحَتِهِ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ، وَعَلِيٌّ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ .
( وَتُسَنُّ إجَابَتُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ إذَا سَأَلَتْهُ الْخُلْعَ عَلَى عِوَضٍ ( حَيْثُ أُبِيحَ ) الْخُلْعُ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ بِقَوْلِهِ " اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " ( إلَّا مَعَ مَحَبَّتِهِ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( لَهَا فَيُسَنُّ صَبْرُهَا ) عَلَيْهِ ( وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا ) مِنْهُ دَفْعًا لِضَرَرِهِ وَلَا تَفْتَقِرُ صِحَّةُ الْخُلْعِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ نَصًّا .
( وَيُكْرَهُ ) الْخُلْعُ مَعَ اسْتِقَامَةٍ ( وَيَصِحُّ ) الْخُلْعُ ( مَعَ اسْتِقَامَةِ ) حَالَ الزَّوْجَيْنِ أَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلِحَدِيثِ " { أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ } " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ ؛ وَلِأَنَّهُ عَبَثٌ ، وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } .
( وَيَحْرُمُ ) الْخُلْعُ إنْ عَضَلَهَا لِتَخْتَلِعَ ( وَلَا يَصِحُّ ) الْخُلْعُ ( إنْ عَضَلَهَا ) أَيْ : ضَرَبَهَا أَوْ ضَيَّقَ عَلَيْهَا أَوْ مَنَعَهَا حَقَّهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ قَسْمٍ وَنَحْوِهِ ( لِتَخْتَلِعَ ) مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا أَتَيْتُمُوهُنَّ } الْآيَةُ ؛ وَلِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ إذَنْ عَلَى بَذْلِ الْعِوَضِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَخْذَهُ مِنْهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ .
( وَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا ) إنْ أَجَابَهَا ( بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ ) لَفْظِ خُلْعٍ مَعَ ( نِيَّتِهِ ) أَيْ : الطَّلَاقَ وَلَا تَبِينُ مِنْهُ لِفَسَادِ الْعِوَضِ .
( وَيُبَاحُ ذَلِكَ ) أَيْ : عَضْلُ الزَّوْجِ لَهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ ( مَعَ زِنَاهَا ) نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّهْيِ إبَاحَةٌ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تُلْحِقَ بِهِ وَلَدًا مِنْ غَيْرِهِ .
( وَإِنْ أَدَّبَهَا لِنُشُوزِهَا أَوْ تَرْكِهَا فَرْضًا ) كَصَلَاةٍ ، وَصَوْمٍ ( فَخَالَعَتْهُ لِذَلِكَ صَحَّ ) الْخُلْعُ وَأُبِيحَ لَهُ عِوَضَهُ ؛ لِأَنَّهُ بِحَقٍّ ( وَيَصِحُّ ) الْخُلْعُ .
( ، وَيَلْزَمُ مِمَّنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا يَعْقِلُهُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الطَّلَاقَ وَهُوَ مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ لَا تَحْصِيلَ فِيهِ فَلَأَنْ يَمْلِكَهُ مُحَصِّلًا لَعِوَضٍ أَوْلَى ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْحَاكِمَ فِي الْإِيلَاءِ وَنَحْوِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارَاتِ .
( وَ ) يَصِحُّ ( بَذْلُ عِوَضِهِ ) أَيْ : الْخُلْعِ ( مِنْ ) كُلِّ ( مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ ) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ أَشْبَهَ التَّبَرُّعَ .
وَسَوَاءٌ كَانَ بَذْلٌ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( وَلَوْ مِمَّنْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( وَرُدَّا ) أَيْ : رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِمَانِعٍ كَالْمَبْذُولِ ( فِي افْتِدَاءِ أَسِيرٍ ) ، وَكَشِرَاءِ الشَّاهِدَيْنِ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا بِعِتْقِهِ ( فَيَصِحُّ ) قَوْلُ رَشِيدٍ لِزَوْجِ امْرَأَةٍ ( اخْلَعْهَا عَلَى كَذَا عَلَى أَوْ ) قَوْلُهُ اخْلَعْهَا عَلَى كَذَا ( عَلَيْهَا ، وَأَنَا ضَامِنٌ ) فَإِنْ أَجَابَهُ الزَّوْجُ صَحَّ وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ لِالْتِزَامِهِ لَهُ ( وَلَا يَلْزَمُهَا ) أَيْ : الْمَرْأَةَ الْعِوَضُ ( إنْ لَمْ تَأْذَنْ ) لِلسَّائِلِ فِي ذَلِكَ إنْ أَذِنَتْهُ فِي ذَلِكَ لَزِمَهَا ؛ لِأَنَّهُ ، وَكِيلٌ عَنْهَا .
( وَيَصِحُّ سُؤَالُهَا ) أَيْ : الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا الْخُلْعَ ( عَلَى مَالِ أَجْنَبِيٍّ ) أَيْ : غَيْرِ زَوْجِهَا وَلَوْ قَرِيبًا لِأَحَدِهِمَا ( بِإِذْنِهِ ) لَهَا فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا وَكِيلَةٌ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي مُخَالَعَةِ الزَّوْجِ بِمَالِ الْأَجْنَبِيِّ .
( وَ ) إنْ سَأَلَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا أَنْ يَخْلَعَهَا عَلَى مَالِ أَجْنَبِيٍّ ( بِدُونِهِ ) أَيْ : دُونِ إذْنِ الْأَجْنَبِيِّ ( إنْ ضَمِنَتْهُ ) بِأَنْ قَالَتْ : اخْلَعْنِي عَلَى عَبْدِ زَيْدٍ ، وَأَنَا ضَامِنَةٌ لَهُ صَحَّ ؛ لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ لِلْبَدَلِ ، وَمَالُهُ أَيْ : الْغَيْرِ لَاغٍ ، وَإِنْ لَمْ تَضْمَنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ لِتَصَرُّفِهَا فِي مَالِ غَيْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَبَذْلِ الْأَجْنَبِيِّ مَالَهَا بِدُونِ إذْنِهَا .
( ، وَيَقْبِضُهُ ) أَيْ : عِوَضَ الْخُلْعِ ( زَوْجٌ وَلَوْ ) كَانَ ( صَغِيرًا ) يَعْقِلُ الْخُلْعَ ( أَوْ ) كَانَ ( سَفِيهًا أَوْ قِنًّا ) قَالَ الْقَاضِي وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالتَّنْقِيحِ ( كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ ، وَمُكَاتَبٍ ) ثُمَّ قَالَ ( الْمُنَقِّحُ ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ ) يَقْبِضُهُ ( وَلِيُّ ) صَغِيرٍ ، وَسَفِيهٍ ( وَسَيِّدُ ) عَبْدٍ ( وَهُوَ أَصَحُّ انْتَهَى ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي الْإِنْصَافِ .
( وَإِنْ قَالَ ) أَبُو امْرَأَةٍ لِزَوْجِهَا ( طَلِّقْ بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَهْرِهَا فَفَعَلَ ) أَيْ : طَلَّقَهَا ( فَ ) لِطَلَاقٍ ( رَجْعِيٍّ ) لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ ( وَلَمْ يَبْرَأْ ) الزَّوْجُ مِنْ مَهْرِهَا بِإِبْرَاءِ أَبِيهَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ( وَلَمْ يَرْجِعْ ) الزَّوْجُ ( عَلَى الْأَبِ ) بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأهُ مِمَّا لَيْسَ لَهُ أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ ( وَلَا تَطْلُقُ ) الزَّوْجَةُ ( إنْ قَالَ ) الزَّوْجُ بَعْدَ بَرَاءَةِ أَبِيهَا لَهُ : ( طَلَّقْتُهَا إنْ بَرِئْتُ ) أَنَا ( مِنْهُ ) أَيْ : مِنْ مَهْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ بِذَلِكَ .
( وَلَوْ قَالَ زَوْجٌ ) لِأَبِي زَوْجَتِهِ ( إنْ أَبْرَأْتَنِي أَنْتَ مِنْهُ ) أَيْ : مَهْرِ ابْنَتِك ( فَهِيَ طَالِقٌ فَأَبْرَأهُ ) أَبُوهَا مِنْهُ ( لَمْ تَطْلُقْ ) رَشِيدَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ مَهْرِهَا وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ بِإِبْرَاءِ أَبِيهَا .
وَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَبْرَأَتْنِي مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ ، وَمِنْ الْعِدَّةِ أَيْ : نَفَقَتِهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ فَأَفْتَى ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ فَلِقَصْدِهَا بِهَا الْمُعَاوَضَةَ فِي الطَّلَاقِ وَلَمْ يَقَعْ ، وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهَا ، وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ إلَّا بِالطَّلَاقِ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى مَا هُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ فَيَدُورُ .
( وَلَيْسَ لِأَبِ صَغِيرَةٍ أَنْ يُخَالِعَ ) زَوْجَهَا ( مِنْ مَالِهَا ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهَا فِيهِ ( وَلَا لِأَبِ ) زَوْجٍ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ ( سَيِّدِهِمَا ) أَيْ : الصَّغِيرِ ، وَالْمَجْنُونِ ( أَنْ يُخَالِعَا أَوْ يُطَلِّقَا عَنْهُمَا ) أَيْ : الصَّغِيرِ ، وَالْمَجْنُونِ لِحَدِيثِ " { الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ } .
( وَإِنْ خَالَعَتْ عَلَى شَيْءٍ أَمَةٌ ) زَوْجَهَا وَلَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً ( بِلَا إذْنِ سَيِّدِ ) هَا لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ صَحَّ إذْ الْعِوَضُ مِنْهُ لَا مِنْهَا ، وَتُسَلِّمُهُ مُكَاتَبَةٌ مَأْذُونَةٌ مِمَّا بِيَدِهَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهَا شَيْءٌ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ سَيِّدِهَا .
ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ ، وَالْإِقْنَاعِ .
( أَوْ خَالَعَتْ ) زَوْجَهَا ( مَحْجُورَةٌ لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ لَمْ يَصِحَّ ) الْخُلْعُ ( وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ وَلِيٌّ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهُ فِي التَّبَرُّعِ .
( ، وَيَقَعُ ) الْخُلْعُ إذَنْ ( بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ رَجْعِيًّا ) لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ .
( وَلَا يَبْطُلُ إبْرَاءُ مَنْ ادَّعَتْ سَفَهًا حَالَتَهُ ) أَيْ : الْخُلْعِ ( بِلَا بَيِّنَةٍ ) تَشْهَدُ بِسَفَهِهَا حَالِهِ كَمَنْ بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى سَفَهًا وَنَحْوَهُ .
( وَيَصِحُّ ) الْخُلْعُ ( مِنْ ) زَوْجَةٍ ( مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لِفَلَسٍ ) عَلَى مَالٍ ( فِي ذِمَّتِهَا ) لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهَا فِيهَا كَاقْتِرَاضِهَا ، وَتُطَالِبُ بِهِ إذَا انْفَكَّ حَجْرُهَا ، وَأَيْسَرَتْ لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهَا وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ .
فَصْلٌ وَهُوَ أَيْ : الْخُلْعُ طَلَاقٌ بَائِنِ مَا لَمْ يَقَعْ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ فِي خُلْعٍ كَفَسَخْتُ ، وَخَلَعْتُ ، وَفَادَيْتُ ، وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا فَيَكُونُ فَسْخًا لَا يُنْقَصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ .
( وَ ) لَوْ ( لَمْ يَنْوِ ) بِهِ ( خُلْعًا ) ، وَرُوِيَ كَوْنُهُ فَسْخًا لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، .
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ ضَعَّفَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ عَنْهُمْ فِيهِ ، وَقَالَ : لَيْسَ فِي الْبَابِ لَنَا شَيْءٌ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسْخٌ .
وَاحْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } ثُمَّ قَالَ { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } ثُمَّ قَالَ : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } فَذَكَرَ تَطْلِيقَتَيْنِ ، وَالْخُلْعَ ، وَتَطْلِيقَةً بَعْدَهُمَا فَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا لَكَانَ رَابِعًا ؛ وَلِأَنَّ الْخُلْعَ فُرْقَةٌ خَلَتْ عَنْ صَرِيحِ الطَّلَاقِ ، وَنِيَّتِهِ فَكَانَتْ فَسْخًا كَسَائِرِ الْفُسُوخِ ، وَأَمَّا كَوْنُ فَسَخْتُ صَرِيحًا فِيهِ فَلِأَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِيهِ ، وَأَمَّا خَلَعْت فَلِثُبُوتِ الْعُرْفِ ، بِهِ ، وَأَمَّا فَادَيْتُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } .
( وَكِنَايَاتُهُ ) أَيْ : الْخُلْعِ ( بَارَيْتُكَ ، وَأَبْرَأْتُكِ ، وَأَبَنْتُكِ ) ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُهُ ، وَغَيْرَهُ .
( فَمَعَ سُؤَالِ ) الْخُلْعِ ( وَبَذْلِ ) عِوَضِهِ ( يَصِحُّ ) الْخُلْعُ بِصَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ ( بِلَا نِيَّةٍ ) ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا ، وَقَرِينَةُ الْحَالِ مِنْ السُّؤَالِ وَالْبَذْلِ تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ مَعَ الْكِنَايَةِ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ سُؤَالٌ وَلَا بَذْلُ عِوَضٍ ( فَلَا بُدَّ مِنْهَا ) أَيْ : النِّيَّةِ ( مِمَّنْ أَتَى بِكِنَايَةِ ) خُلْعٍ كَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ .
( ، وَتُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ مِنْهُمَا ) أَيْ : الْمُتَخَالِعَيْنِ فَلَا خُلْعَ بِمُجَرَّدِ بَذْلِ مَالٍ ، وَقَبُولِهِ بِلَا لَفْظٍ مِنْ زَوْجٍ ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْفُرْقَةِ فَلَمْ يَصِحَّ بِدُونِ لَفْظٍ كَالطَّلَاقِ بِعِوَضٍ ؛ وَلِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ قَبْضٌ لِعِوَضٍ فَلَمْ يَقُمْ بِمُجَرَّدِهِ مَقَامَ الْإِيجَابِ كَقَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الْبَيْعِ ، وَحَدِيثُ جَمِيلَةَ امْرَأَةِ ثَابِتٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَفِيهِ " { اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً } .
" وَفِي رِوَايَةٍ " فَفَارِقْهَا " ، وَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْفُرْقَةَ فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِصَّةِ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ أَحْمَدَ ، وَغَيْرِهِ ( فَ ) الصِّيغَةُ ( مِنْهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( خَلَعْتُكِ أَوْ نَحْوُهُ ) كَ فَسَخْتُ نِكَاحَكِ ( عَلَى كَذَا وَ ) الصِّيغَةُ ( مِنْهَا رَضِيتُ أَوْ نَحْوُهُ ) سَوَاءٌ قُلْنَا الْخُلْعُ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ .
( وَيَصِحُّ ) الْخُلْعُ ( بِكُلِّ لُغَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ) أَيْ : تِلْكَ اللُّغَةِ كَالطَّلَاقِ .
وَ ( لَا ) يَصِحُّ الْخُلْعُ ( مُعَلَّقًا ) عَلَى شَرْطٍ ( كَ ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ ( إنْ بَذَلْتِ لِي كَذَا فَقَدْ خَالَعْتكِ ) إلْحَاقًا لَهُ بِعُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ لِاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فِيهِ ، وَإِنْ تَخَالَعَا هَازِلَيْنِ فَلَغْوٌ مَا لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ .
( وَيَلْغُو شَرْطُ رَجْعَةٍ ) فِي خُلْعٍ كَقَوْلِهِ خَالَعْتكِ عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ لِي رَجْعَتَكِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ مَا شِئْتِ ( أَوْ ) أَيْ : وَيَلْغُو شَرْطُ ( خِيَارٍ فِي خُلْعٍ ) كَخَلَعْتُكِ عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ لِي الْخِيَارَ أَوْ عَلَى أَنَّ لِي الْخِيَارَ إلَى كَذَا أَوْ يُطَلِّقُ ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ ( دُونَهُ ) أَيْ : الْخُلْعِ فَلَا يَلْغُو بِذَلِكَ كَالْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ ( ، وَيَسْتَحِقُّ ) الزَّوْجُ الْعِوَضَ ( الْمُسَمَّى فِيهِ ) أَيْ : الْخُلْعِ بِشَرْطِ الرَّجْعَةِ أَوْ الْخِيَارِ لِصِحَّةِ الْخُلْعِ ، وَتَرَاضِيهِمَا عَلَى عِوَضِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ خَلَا عَنْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ .
( وَلَا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ طَلَاقٌ وَلَوْ وَجَّهَتْ بِهِ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمَا ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بُضْعَهَا فَلَمْ يَلْحَقْهَا طَلَاقُهُ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَحَدِيثُ { الْمُخْتَلِعَةِ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ } لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ وَلَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ .
( وَمَنْ خُولِعَ جُزْءٌ مِنْهَا ) مُشَاعًا كَانَ ( كَنِصْفِهَا أَوْ ) مُعَيَّنًا كَ ( يَدِهَا لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ .
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا بِعِوَضٍ ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فَسْخَ النِّكَاحِ بِلَا مُقْتَضٍ بِخِلَافِهِ عَلَى عِوَضٍ فَيَصِيرُ مُعَاوَضَةً فَلَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْعِوَضُ ، وَالْمُعَوَّضُ ، وَلَوْ قَالَتْ : بِعْنِي عَبْدَكَ فُلَانًا ، وَاخْلَعْنِي بِكَذَا فَفَعَلَ صَحَّ وَكَانَ بَيْعًا ، وَخُلْعًا بِعِوَضٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَصِحُّ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِعِوَضٍ فَصَحَّ جَمْعُهُمَا كَبَيْعِ ثَوْبَيْنِ .
( وَكُرِهَ ) خُلْعُ زَوْجَتِهِ ( بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا ) رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث جَمِيلَةَ " وَلَا تَزْدَدْ " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ، ، وَعَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُخْتَلِعَةِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا } رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } ، وَقَالَتْ الرُّبَيِّعِ بِنْتُ مُعَوِّذٍ " اخْتَلَعْت مِنْ زَوْجِي بِمَا دُونَ عِقَاصِ رَأْسِي فَأَجَازَ ذَلِكَ عَلِيَّ " .
( وَهُوَ ) أَيْ : الْخُلْعُ ( عَلَى مُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ كَخَمْرٍ ، وَخِنْزِيرٍ كَ ) خُلْعٍ ( بِلَا عِوَضٍ ) فَلَا شَيْءَ لَهُ ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَإِذَا رَضِيَ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ نَجَّزَ طَلَاقَهَا أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا فَفَعَلَتْهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّ دُخُولَ الْبُضْعِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ ، وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا عَلَى عَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا فَلَمْ يَرْضَ بِغَيْرِ عِوَضٍ مُتَقَوِّمٍ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ بِحُكْمِ الْغَرَرِ ( فَيَقَعُ ) خُلْعٌ عَلَى مُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ ( رَجْعِيًّا بِنِيَّةِ طَلَاقٍ ) ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ فَإِذَا نَوَاهُ بِهِ وَقَعَ وَقَدْ خَلَا عَنْ الْعِوَضِ فَكَانَ رَجْعِيًّا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا فَلَغْوٌ ( وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ ) أَيْ : الْعِوَضَ مُحَرَّمًا ( ك ) إنْ خَالَعَهَا عَلَى ( عَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا ) أَوْ عَلَى خَلٍّ فَبَانَ خَمْرًا أَوْ مُسْتَحَقًّا ( صَحَّ ) الْخُلْعُ ( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( بَدَلُهُ ) أَيْ : قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ مِثْلِ الْخَلِّ ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ بِالْبُضْعِ فَلَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَالنِّكَاحِ ( وَإِنْ بَانَ ) نَحْوُ الْعَبْدِ الْمُخَالَعِ عَلَيْهِ ( مَعِيبًا فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ ، وَيَرُدُّهُ ) كَالْمَبِيعِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا .
( وَإِنْ تَخَالَعَ كَافِرَانِ بِمُحَرَّمٍ ) كَخَمْرٍ ، وَخِنْزِيرٍ ( ثُمَّ أَسْلَمَا ) قَبْلَ قَبْضِهِ ( أَوْ ) أَسْلَمَ ( أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ ) أَيْ : الْمُحَرَّمِ ( فَلَا شَيْءَ لَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهَا بِالْخُلْعِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ .
( وَيَصِحُّ ) الْخُلْعُ ( عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مُطْلَقًا ) أَيْ : بِلَا تَقْدِيرِ مُدَّةٍ ( ، وَيَنْصَرِفُ ) الرَّضَاعُ ( إلَى حَوْلَيْنِ ) إنْ كَانَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ ( أَوْ ) إلَى ( تَتِمَّتِهِمَا ) أَيْ : الْحَوْلَيْنِ إنْ مَضَى مِنْهُمَا شَيْءٌ نَصًّا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } وَحَدِيثِ " { لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ } " أَيْ : الْعَامَيْنِ فَحُمِلَ الْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ شَرْعًا .
( وَ ) لَوْ خَالَعَتْهُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ( أَوْ ) خَالَعَتْهُ ( عَلَى كَفَالَتِهِ ) مُدَّةً مُعَيَّنَةٍ ( أَوْ ) خَالَعَتْهُ عَلَى ( نَفَقَتِهِ ) أَيْ : الْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ( أَوْ ) خَالَعَتْهُ عَلَى ( سُكْنَى دَارِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً ) صَحَّ الْخُلْعُ ( فَلَوْ لَمْ تَنْتَهِ ) الْمُدَّةُ ( حَتَّى انْهَدَمَتْ ) الدَّارُ الْمُخَالَعُ عَلَى سُكْنَاهَا ( أَوْ جَفَّ لَبَنُهَا ) أَيْ : الْمُخَالِعَةِ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهِ ( أَوْ مَاتَتْ ) مَنْ خَالَعَتْهُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهِ أَوْ كَفَالَتِهِ أَوْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ ( أَوْ ) مَاتَ ( الْوَلَدُ رَجَعَ ) الزَّوْجُ ( بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ ) ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مُعَيَّنٌ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى قَفِيزٍ فَتَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ ( يَوْمًا فَيَوْمًا ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ كَذَلِكَ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ مُعَجَّلًا كَمَنْ أَسْلَمَ فِي نَحْوِ خُبْزٍ يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْطَالًا مَعْلُومَةً ؛ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَا يُتَعَجَّلُ بِمَوْتِ الْمُسْتَوْفِي كَمَوْتِ وَكِيلِ صَاحِبِ الْحَقِّ .
( وَلَا يَلْزَمُهَا ) وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ ( كَفَالَةُ بَدَلِهِ أَوْ لِرَضَاعَةٍ ) أَيْ : بَدَلَهُ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى فِعْلٍ فِي عَيْنٍ فَيَنْفَسِخُ بِنِكَاحِهَا كَالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلِاخْتِلَافِ الْأَوْلَادِ فِي الرَّضَاعِ ، وَالتَّرْبِيَةِ ( وَلَا يُعْتَبَرُ ) لِصِحَّةِ خُلْعٍ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ( تَقْدِيرُ نَفَقَةٍ ، وَوَصْفِهَا ) فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ قَدْرِ الطَّعَامِ ، وَجِنْسِهِ وَلَا قَدْرِ الْأُدْمِ ، وَجِنْسِهِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَضْبِطُهَا عِنْدَ النِّزَاعِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ ، وَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مُؤْنَةَ الْوَلَدِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهَا فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِنَفْسِهِ ، وَبِغَيْرِهِ ( وَيَرْجِعُ ) إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ ، وَتَنَازَعَا فِيهَا ( لِعُرْفٍ ، وَعَادَةٍ ) كَالزَّوْجَةِ ، وَالْأَجِيرِ .
( وَيَصِحُّ ) الْخُلْعُ ( عَلَى نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ ) لَهَا بِذِمَّتِهِ كَسَائِرِ دُيُونِهَا عَلَيْهِ .
( وَ ) يَصِحُّ الْخُلْعُ ( مِنْ حَامِلٍ عَلَى نَفَقَةِ حَمْلِهَا ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مَوْجُودٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا كَمَسْأَلَةِ الْمَتَاعِ ( ، وَيَسْقُطَانِ ) أَيْ : النَّفَقَةُ الْمَاضِيَةُ ، وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ بِالْخُلْعِ عَلَيْهَا كَدَيْنٍ لَهَا خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ .
( وَلَوْ خَالَعَهَا ) أَيْ : الْحَامِلَ ( فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهَا بَرِئَ ) أَيْ : الزَّوْجُ مِنْهَا ( إلَى فِطَامِهِ ) أَيْ : الْحَمْلِ نَصًّا ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ فَإِذَا فَطَمَتْهُ كَانَتْ النَّفَقَةُ لَهُ لَا لَهَا ، وَقَالَ الْقَاضِي : إنَّمَا صَحَّتْ الْمُخَالَعَةُ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَهِيَ لِلْوَلَدِ دُونَهَا ؛ لِأَنَّهَا فِي التَّحْقِيقِ فِي حُكْمِ الْمَالِكَةِ لَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ ، وَبَعْدَ الْوَضْعِ تَأْخُذُ أُجْرَةَ رَضَاعِهَا ، فَأَمَّا النَّفَقَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى هَذَا مِنْ كِسْوَةِ الطِّفْلِ ، وَدُهْنِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تُعَاوِضَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهَا وَلَا فِي حُكْمِ مَا هُوَ لَهَا .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَكَأَنَّهُ مُخَصَّصُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ( وَيَصِحُّ ) الْخُلْعُ ( عَلَى مَا لَا يَصِحُّ مَهْرًا لِجَهَالَةٍ أَوْ غَرَرٍ ) ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ مِنْ الْبُضْعِ وَلَيْسَ تَمْلِيكَ شَيْءٍ ، وَالْإِسْقَاطُ يَدْخُلُهُ الْمُسَامَحَةُ ، وَلِهَذَا جَازَ بِلَا عِوَضٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ ، وَأُبِيحَ لَهَا افْتِدَاءُ نَفْسِهَا لِحَاجَتِهَا إلَيْهِ فَوَجَبَ مَا رَضِيَتْ بِبَذْلٍ دُونَ مَا لَمْ تَرْضَهُ ( فَ ) لِزَوْجٍ ( مُخَالِعٍ عَلَى مَا بِيَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مَتَاعٍ مَا بِهِمَا ) أَيْ : بِيَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا مِنْ ذَلِكَ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) بِيَدِهَا ( شَيْءٌ ) مِنْ الدَّرَاهِمِ ( فَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ) ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ فَهِيَ الْمُتَيَقِّنَةُ ( أَوْ ) لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَتَاعِ فَلَهُ ( مَا يُسَمَّى مَتَاعًا ) كَالْوَصِيَّةِ ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا دُونَ الثَّلَاثَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ .
.
( وَ ) إنْ خَالَعَهَا ( عَلَى مَا تَحْمِلُ ) شَجَرَةٌ أَوْ مَا تَحْمِلُ ( أَمَةٌ ) ، وَنَحْوُهَا ( أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا ) أَيْ : الْأَمَةِ ، وَنَحْوِهَا صَحَّ كَالْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ وَلَهُ ( مَا يَحْصُلُ ) مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ قِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ قِيمَةُ وَلَدِ الْأَمَةِ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ ( فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ) مِنْهُ ( شَيْءٌ وَجَبَ فِيهِ ) مُطْلَقُ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ .
( وَ ) يَجِبُ ( فِيمَا ) إذَا خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ ( يُجْهَلُ مُطْلَقًا كَثَوْبٍ وَنَحْوِهِ ) كَعَبْدٍ ، وَثَوْبٍ ، وَبَعِيرٍ وَشَاةٍ ( مُطْلَقُ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ ) لِصِدْقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ .
( وَ ) إنْ خَالَعَهَا ( عَلَى ذَلِكَ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ فَبَانَ مَرْوِيًّا ) أَوْ مَعِيبًا أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ السِّنْدِيِّ فَبَانَ هِنْدِيًّا أَوْ زِنْجِيًّا أَوْ مَعِيبًا ( لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ ) لِوُقُوعِ الْخُلْعِ عَلَى عَيْنِهِ .
( وَيَصِحُّ ) الْخُلْعُ ( عَلَى ) ثَوْبٍ ( هَرَوِيٌّ فِي الذِّمَّةِ ) ، وَعَلَيْهَا أَنْ تُعْطِيَهُ سَلِيمًا ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ ( وَيُخَيَّرُ إنْ أَتَتْهُ بِ ) ثَوْبٍ ( مَرْوِيٍّ بَيْنَ رَدِّهِ ، وَإِمْسَاكِهِ ) وَكَذَا يُخَيَّرُ إنْ أَتَتْهُ بِهَرَوِيٍّ مَعِيبٍ أَوْ نَاقِصٍ صِفَةً شَرَطَتْهَا ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِذِمَّتِهَا سَلِيمٌ تَامُّ الصِّفَاتِ .
فَصْلٌ ، وَطَلَاقٌ مُنَجَّزٌ بِعِوَضٍ أَوْ مُعَلَّقٌ بِعِوَضٍ يُدْفَعُ لَهُ ( كَخُلْعٍ فِي إبَانَةٍ ) لَبَدَلِ الْعِوَضِ فِي إبَانَتِهَا أَشْبَهَ الْخُلْعَ ( فَلَوْ قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( إنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَقَتْ ) مِنْهُ ( بَائِنًا بِأَيِّ عَبْدٍ ) يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ لَا نَحْوِ مَنْذُورٍ ( أَعْطَتْهُ ) لَهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُكَاتَبًا لِجَوَازِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْنَاعِ ، وَغَيْرِهِ ( وَمَلَكَهُ ) الزَّوْجُ أَيْ : الْعَبْدَ بِإِعْطَائِهَا إيَّاهُ نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ خُرُوجِ الْبُضْعِ عَنْ مِلْكِهِ .
( وَإِنْ ) قَالَ لَهَا ( إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْعَبْدَ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا : إنْ أَعْطَيْتِنِي ( هَذَا الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ .
فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ ) أَيْ : الْعَبْدَ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّوْبَ فِي الثَّانِيَةِ ( طَلَقَتْ ) بَائِنًا بِوُجُودِ الصِّفَةِ ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ بَانَ الْعَبْدُ أَوْ الثَّوْبُ مَعِيبًا ، أَوْ بَانَ الثَّوْبُ ( مَرْوِيًّا ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَلْتَزِمْ غَيْرَهُ وَتَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ ( وَإِنْ بَانَ ) الْعَبْدُ ( مُسْتَحَقَّ الدَّمِ فَقُتِلَ .
فَلَهُ أَرْشُ عَيْبِهِ ) وَلَا يَرْتَفِعُ الطَّلَاقُ ( وَإِنْ خَرَجَ ) الْعَبْدُ أَوْ بَعْضُهُ مَغْصُوبًا أَوْ خَرَجَ الثَّوْبُ ( أَوْ بَعْضُهُ مَغْصُوبًا ) لَمْ تَطْلُقْ ( أَوْ ) خَرَجَ الْعَبْدُ أَوْ بَعْضُهُ ( حُرًّا فِيهِمَا لَمْ تَطْلُقْ ) بَائِنَةً بِإِعْطَائِهِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْهَا ، وَالْمَغْصُوبُ ، وَالْحُرُّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ ، فَلَا يَصِحُّ إعْطَاؤُهَا إيَّاهُ فَلَا يَقَعُ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ .
( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ ( عَلَى خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ ) كَقَوْلِهِ : إنْ أَعْطَيْتِنِي خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَأَعْطَتْهُ ) إيَّاهُ ( فَ ) الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ ( رَجْعِيٌّ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِوَضٍ شَرْعِيٍّ ، وَإِنَّمَا وَقَعَ بِصُورَةِ الْإِعْطَاءِ لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَتِهِ .
( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا ( إنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ) ثَوْبًا ( مَرْوِيًّا أَوْ ) أَعْطَتْهُ ثَوْبًا ( هَرَوِيًّا مَغْصُوبًا لَمْ تَطْلُقْ ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا ( وَإِنْ أَعْطَتْهُ ) ثَوْبًا ( هَرَوِيًّا مَعِيبًا ، فَلَهُ مُطَالَبَتُهَا بِ ) هَرَوِيٌّ ( سَلِيمٍ ) لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ ، وَتَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لِلسَّلِيمِ ، وَالْمَعِيبِ ، وَالْأَعْلَى وَالْأَدْنَى .
( وَ ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : ( إنْ ) أَعْطَيْتِنِي أَوْ أَقْبَضْتِنِي أَلْفًا ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا : ( إذَا ) أَعْطَيْتِنِي أَوْ أَقْبَضْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ .
( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( مَتَى أَعْطَيْتنِي أَوْ ) مَتَى ( أَقْبَضْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَ ) التَّعْلِيقُ ( مِنْ جِهَتِهِ ) فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حُكْمُ التَّعْلِيقِ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِهِ عَلَى الشَّرْطِ .
( فَأَيَّ وَقْتٍ ) فَوْرًا كَانَ أَوْ مُتَرَاخِيًا ، كَمَا لَوْ خَلَا التَّعْلِيقُ عَنْ الْعِوَضِ ( أَعْطَتْهُ ) الزَّوْجَةُ ( عَلَى صِفَةٍ يُمْكِنُهُ ) أَيْ : الزَّوْجُ ( الْقَبْضُ ) فِيهَا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ ثَمَّ يَدٌ حَائِلَةٌ ظَالِمَةٌ ( أَلْفًا فَأَكْثَرَ وَازَنَهُ ) ، وَيَكُونُ الْإِعْطَاءُ ( بِإِحْضَارِهِ ) أَيْ : الْأَلْفِ لِلزَّوْجِ ( وَإِذْنُهَا ) لَهُ ( فِي قَبْضِهِ ) أَيْ : الْأَلْفِ ( وَلَوْ مَعَ نَقْصٍ فِي الْعَدَدِ ) اكْتِفَاءً بِتَمَامِ الْوَزْنِ ( بَانَتْ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( وَمَلَكَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ ) أَيْ : الزَّوْجُ الْأَلْفَ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ شَرْعِيٌّ يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يُعْطِي فُلَانًا شَيْئًا إذَا فَعَلَهُ مَعَهُ ، فَإِنْ هَرَبَ الزَّوْجُ قَبْلَ عَطِيَّتِهَا أَوْ قَالَتْ : يَضْمَنُهُ لَك زَيْدٌ أَوْ اجْعَلْهُ قِصَاصًا مِمَّا لِي عَلَيْكَ ، أَوْ أَعْطَتْهُ بِهِ رَهْنًا ، أَوْ أَحَالَتْهُ بِهِ ، أَوْ نَقَصَتْ الْأَلْفَ وَزْنًا ، أَوْ أَعْطَتْهُ سَبِيكَةً لَمْ يَقَعْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ .
( وَ ) مَنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا ( طَلِّقْنِي ) بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ .
أَوْ لَك أَلْفٌ ( أَوْ ) قَالَتْ لَهُ ( اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ ، أَوْ وَلَك أَلْفٌ ، أَوْ ) قَالَتْ لَهُ ( إنْ طَلَّقْتَنِي ) فَلَكَ أَلْفٌ ، أَوْ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ أَلْفٍ ( أَوْ ) قَالَتْ لَهُ : إنْ ( خَلَعْتَنِي فَلَكَ ) أَلْفٌ ( أَوْ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ ) أَيْ : الْأَلْفِ ( فَقَالَ لَهَا طَلَّقْتُكِ ) جَوَابًا لِقَوْلِهَا : طَلِّقْنِي .
أَوْ إنْ طَلَّقْتَنِي ( أَوْ قَالَ لَهَا خَلَعْتُكِ ) جَوَابًا لِقَوْلِهَا : اخْلَعْنِي ، أَوْ إنْ خَلَعْتَنِي ( وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَلْفَ ) مَعَ قَوْلِهِ : طَلَّقْتُكِ أَوْ خَلَعْتُكِ ( بَانَتْ ) مِنْهُ ( وَاسْتَحَقَّهُ ) أَيْ : الْأَلْفَ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْتُكِ أَوْ خَلَعْتُكِ جَوَابٌ لِمَا اسْتَدْعَتْهُ مِنْهُ ، وَالسُّؤَالُ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ : بِعْنِي عَبْدَكَ بِأَلْفٍ .
فَقَالَ : بِعْتُكَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَلْفَ ( مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ فَيَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ ( إنْ أَجَابَهَا عَلَى الْفَوْرِ ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا ( وَلَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( الرُّجُوعُ ) عَمَّا قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا ( قَبْلَ إجَابَتِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ ، فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ تَمَامِهِ بِالْجَوَابِ .
كَالْبَيْعِ ، وَكَذَا قَوْلُهَا إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ وَنَحْوُهُ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِوُجُوبِ الْعَرَضِ لَا لِلطَّلَاقِ إنْ تَوَاطَآ عَلَى أَنْ تَهَبَهُ الصَّدَاقَ أَوْ تُبْرِئَهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا .
كَانَ بَائِنًا ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : أَبْرِئِينِي ، وَأَنَا أُطَلِّقُكِ ، أَوْ إنْ أَبْرَأْتِينِي طَلَّقْتُكِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْهُ سُؤَالُ الْإِبْرَاءِ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا ، وَأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا .
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ .
أَيْ : أَنْ يَخْلَعَ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ( عَلَى شَيْءٍ فَطَلَّقَ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ ) أَيْ : الْمَسْئُولَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا اسْتَدْعَتْ مِنْهُ فَسْخًا فَلَمْ يُجِبْهَا إلَيْهِ ، وَأَوْقَعَ طَلَاقًا لَمْ تَطْلُبْهُ وَلَمْ تَبْذُلْ فِيهِ عِوَضًا ( ، وَوَقَعَ ) طَلَاقُهُ ( رَجْعِيًّا ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْذَلْ فِيهِ عِوَضٌ .
( وَمَنْ سُئِلَ الطَّلَاقَ ) عَلَى عِوَضٍ ( فَخَلَعَ ) وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ ( لَمْ يَصِحَّ ) خُلْعُهُ الَّذِي هُوَ فَسْخٌ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ ؛ لِأَنَّهُ مَبْذُولٌ فِي الطَّلَاقِ لَا فِيهِ .
( وَ ) إنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا : ( طَلِّقْنِي ) بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَّا بِطَلَاقِهَا بَعْدَهُ ( أَوْ ) قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ : ( طَلِّقْهَا ) أَيْ : امْرَأَتَكَ ( بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ ) أَيْ : الْأَلْفَ ( إلَّا بِطَلَاقِهَا بَعْدَهُ ) أَيْ : الشَّهْرِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَقَدْ اخْتَارَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِلَا عِوَضٍ ، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا .
أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ إلَى تَكُونُ بِمَعْنَى مِنْ الِابْتِدَائِيَّةِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا غَايَةَ لِانْتِهَائِهِ وَإِنَّمَا الْغَايَةُ لِابْتِدَائِهِ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَوَاضِحٌ .
وَإِنْ قَالَتْ لَهُ : طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ .
فَقَالَ لَهَا : إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ .
( وَ ) إنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا : طَلِّقْنِي ( مِنْ الْآنِ إلَى شَهْرٍ ) بِأَلْفٍ ( لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَّا بِطَلَاقِهَا قَبْلَهُ ) أَيْ : قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ ، وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ فِي وَقْتِ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ عَلَى الشَّرْطِ فَصَحَّ بَذْلُ الْعِوَضِ فِيهِ مَعَ جَهْلِ الْوَقْتِ كَالْجَهَالَةِ .
( وَ ) مَنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا ( طَلِّقْنِي بِهِ ) أَيْ : بِأَلْفٍ ( عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ ضَرَّتِي ) أَوْ قَالَتْ لَهُ : طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ ( عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّقَهَا ) أَيْ : الضَّرَّةَ ( صَحَّ الشَّرْطُ ، وَالْعِوَضُ ) ؛ لِأَنَّهَا بَذَلَتْهُ فِي طَلَاقِهِ ، وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي ، وَضَرَّتِي بِأَلْفٍ ( وَإِنْ لَمْ يَفِ ) لَهَا بِشَرْطِهَا مِنْ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا أَوْ عَدَمِهِ ( فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْهُ ) أَيْ : الْأَلْفِ ( ، وَمِنْ الْمُسَمَّى ) لِلسَّائِلَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بِعِوَضٍ فَإِنْ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ رَجَعَ إلَى مَا رَضِيَ بِكَوْنِهِ عِوَضًا وَهُوَ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَهُ الْأَلْفُ فَقَطْ ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِكَوْنِهِ عِوَضًا عَنْهَا ، وَعَنْ شَيْءٍ آخَرَ فَإِذَا جُعِلَ كُلُّهُ عَنْهَا كَانَ أَحَظَّ لَهُ .
( وَ ) مَنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا ( طَلِّقْنِي ) طَلْقَةً ( وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ ) طَلِّقْنِي وَاحِدَةً ( عَلَى أَلْفٍ أَوْ ) طَلِّقْنِي وَاحِدَةً ( وَلَك أَلْفٌ ، وَنَحْوَهُ ) كَطَلِّقْنِي وَاحِدَةً وَأُعْطِيكَ أَلْفًا ( فَطَلَّقَ ) هَا ( أَكْثَرَ ) بِأَنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ( اسْتَحَقَّهُ ) أَيْ : الْأَلْفَ لِإِيقَاعِهِ مَا اسْتَدْعَتْهُ وَزِيَادَةً لِوُجُودِ الْوَاحِدَةِ فِي ضِمْنِ الثِّنْتَيْنِ ، وَالثَّلَاثِ ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا : طَلِّقِي نَفْسَكَ ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً وَقَعَتْ فَيَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ بِالْوَاحِدَةِ ، وَالزِّيَادَةُ الَّتِي لَمْ تَبْذُلْ الْعِوَضَ فِيهَا لَا يَسْتَحِقُّ بِهَا شَيْئًا ( وَلَوْ أَجَابَ ) قَوْلَهَا طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَنَحْوِهِ ( بِ ) قَوْلِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ ، وَطَالِقٌ ، وَطَالِقٌ بَانَتْ ) مِنْهُ ( بِالْأُولَى ) لِوُقُوعِهَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ وَلَمْ يَقَعْ مَا بَعْدَهَا .
( وَإِنْ ذَكَرَ الْأَلْفَ عَقِبَ ) الطَّلْقَةِ ( الثَّانِيَةِ ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ، وَطَالِقٌ بِأَلْفٍ ، وَطَالِقٌ ( بَانَتْ بِهَا ) أَيْ : الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ ( وَ ) تَقَعُ الطَّلْقَةُ ( الْأُولَى رَجْعِيَّةً وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ ) ؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ ( وَإِنْ ذَكَرَهُ ) أَيْ : الْأَلْفَ ( عَقِبَهَا ) أَيْ : الثَّالِثَةِ بِأَنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ ، وَطَالِقٌ ، وَطَالِقٌ بِأَلْفٍ ( طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَلْفَ ، وَنَوَى أَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الْكُلِّ بَانَتْ بِالْأُولَى وَلَمْ يَلْحَقْهَا مَا بَعْدَهَا وَلَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِيقَاعِهَا بِذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ بِخَمْسِمِائَةٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ بِالْأُولَى ، وَبَانَتْ بِهَا .
( وَ ) مَنْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ ( طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ أَقَلَّ ) مِنْ ثَلَاثٍ كَوَاحِدَةٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ ( لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا ) مِنْ الْأَلْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْهَا إلَى مَا سَأَلَتْهُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي الْمُسَابَقَةِ : مَنْ سَبَقَ إلَى خَمْسِ إصَابَاتٍ فَلَهُ كَذَا فَسَبَقَ إلَى بَعْضِهَا ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثِ إلَّا مَا أَوْقَعَهُ وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ ) هِيَ بِذَلِكَ ( اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ ) ؛ لِأَنَّهَا حَصَّلَتْ مَا يَحْصُلُ بِالثَّلَاثِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ ، وَالتَّحْرِيمِ .
( وَلَوْ قَالَ ) لِزَوْجٍ ( امْرَأَتَاهُ طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً ) مِنْهُمَا ( بَانَتْ بِقِسْطِهِمَا ) مِنْ الْأَلْفِ فَيَسْقُطُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا ( وَلَوْ قَالَتْهُ ) أَيْ : طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ ( إحْدَاهُمَا ) فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ( فَرَجْعِيٌّ ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ السَّائِلَةَ أَوْ ضَرَّتَهَا ( وَلَا شَيْءَ لَهُ ) ؛ لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْأَلْفَ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقِهَا وَلَمْ يَحْصُلْ كَقَوْلِ بِعْنِي عَبْدَيْكَ بِأَلْفٍ فَيَقُولُ : بِعْتُكَ أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ .
( وَ ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ ابْتِدَاءً ( أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ ) مِنْهُمَا ( طَلَقَتْ بِقِسْطِهَا ) مِنْ الْأَلْفِ ( وَ ) إنْ قَالَ لَهُمَا : ( أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا فَقَالَتَا شِئْنَا ، وَإِحْدَاهُمَا ) أَيْ : الزَّوْجَتَانِ ( غَيْرُ رَشِيدَةٍ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( بِهَا ) أَيْ : غَيْرِ الرَّشِيدَةِ ( رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا ) مِنْ الْأَلْفِ أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهَا فَلِأَنَّ لَهَا مَشِيئَةً وَلِذَلِكَ رَجَعَ إلَى مَشِيئَتِهَا فِي النِّكَاحِ ، وَأَمَّا كَوْنُهُ رَجْعِيًّا فَلِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا ( وَ ) وَقَعَ الطَّلَاقُ ( بِالرَّشِيدَةِ ؛ بَائِنًا بِقِسْطِهَا مِنْ الْأَلْفِ ) لِصِحَّةِ مَشِيئَةِ الرَّشِيدَةِ ، وَنُفُوذِ تَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا وَيُقَسَّطُ عَلَى مَهْرِ مِثْلَيْهِمَا .
( وَ ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْتِ طَالِقٌ ، وَعَلَيْكِ أَلْفٌ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( عَلَى أَلْفٍ أَوْ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ ) ذَلِكَ مِنْهُ ( بِالْمَجْلِسِ بَانَتْ ) مِنْهُ ( ، وَاسْتَحَقَّهُ ) أَيْ : الْأَلْفَ ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عَلَى عِوَضٍ قَدْ الْتَزَمَ فِيهِ فَصَحَّ كَمَا لَوْ كَانَ بِسُؤَالِهَا ( وَإِلَّا ) تَقْبَلْ ذَلِكَ بِالْمَجْلِسِ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ الْعِوَضَ عَلَى مَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ فَلَنَا الشَّرْطُ ( وَلَا يَنْقَلِبُ الطَّلَاقُ بَائِنًا إنْ بَذَلَتْهُ ) أَيْ : الْأَلْفَ ( بِهِ ) أَيْ : الْمَجْلِسِ ( بَعْدَ رَدِّهَا ) كَمَا لَوْ بَذَلَتْهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ ( وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ ) أَيْ : الزَّوْجُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ أَوْ ، وَعَلَيْك أَلْفٌ أَوْ بِأَلْفٍ ( قَبْلَ قَبُولِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَا تَبِينُ كَرُجُوعِ مَنْ أَوْجَبَ الْبَيْعَ قَبْلَ قَبُولِهِ .
فَصْلٌ إذَا خَالَعَتْهُ أَيْ : الزَّوْجَةُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا الْمَخُوفِ فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَصَحَّ فِي الْمَرَضِ كَالْبَيْعِ وَمَتَى اخْتَلَفَ الْمُسَمَّى فِيهِ مِنْ الْعِوَضِ أَوْ إرْثِهِ مِنْهَا ( فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ ) الْعِوَضِ ( الْمُسَمَّى ) فِي الْخُلْعِ ( أَوْ إرْثِهِ مِنْهَا ) ؛ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ فِي قَصْدِ إيصَالِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا إلَيْهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى وَجْهٍ لَمْ تَكُنْ قَادِرَةً عَلَيْهِ وَهُوَ وَارِثٌ لَهَا فَبَطَلَ الزَّائِدُ كَمَا لَوْ أَوْصَتْ لَهُ بِهِ أَوْ أَقَرَّتْ ، وَأَمَّا قَدْرُ الْمِيرَاثِ فَلَا تُهْمَةَ فِيهِ فَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تُخَالِعْهُ لَوَرِثَهُ وَإِنْ صَحَّتْ مِنْ مَرَضِهَا فَلَهُ جَمِيعُ مَا خَالَعَهَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا فِي الصِّحَّةِ .
( وَإِنْ طَلَّقَهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةَ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ( فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ وَصَّى ) لَهَا بِزَائِدٍ عَنْ إرْثِهَا ( أَوْ أَقَرَّ لَهَا بِزَائِدٍ عَنْ إرْثِهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ الزَّائِدَ ) عَنْ إرْثِهَا إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ لِلتُّهْمَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إلَى إيصَالِ ذَلِكَ لَهَا وَهِيَ فِي حِبَالِهِ فَطَلَّقَهَا لِيُوَصِّلَهُ إلَيْهَا فَمُنِعَ مِنْهُ كَالْوَصِيَّةِ لَهَا .
( وَإِنْ خَالَعَهَا ) فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ ( ، وَحَابَاهَا ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهَا دُونَ مَا أَعْطَاهَا ( فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بِلَا عِوَضٍ صَحَّ فَمَعَهُ أَوْلَى .
( وَمَنْ وَكَّلَ ) وَكِيلًا ( فِي خُلْعِ امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا ) فَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ عِوَضًا ( فَخَالَعَ ) الْوَكِيلُ زَوْجَةَ مُوَكِّلِهِ ( بِ ) عَرْضٍ ( أَنْقَصَ مِنْ مَهْرِهَا ضَمِنَ ) الْوَكِيلُ ( النَّقْصَ ) مِنْ مَهْرِهَا ، وَصَحَّ الْخُلْعُ لِانْصِرَافِ الْإِذْنِ إلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْبُضْعِ بِالْعِوَضِ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا وَهُوَ مَهْرُهَا فَإِذَا أَزَالَهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ ضَمِنَ النَّقْصَ كَالْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ فِي الْبَيْعِ إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ ( وَإِنْ عَيَّنَ ) الزَّوْجُ ( لَهُ ) أَيْ : لِوَكِيلِهِ ( الْعِوَضَ ) كَأَنْ قَالَ : اخْلَعْهَا عَلَى عَشَرَةٍ ( فَنَقَصَ مِنْهُ ) كَأَنْ خَالَعَهَا عَلَى تِسْعَةٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْخُلْعُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَهُ فِيهِ بِشَرْطِ مَا قَدَّرَ مَا مِنْ الْعِوَضِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الْمُقَدَّرُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَيُشْبِهُ خُلْعَ الْفُضُولِيِّ .
( وَإِنْ زَادَ مَنْ وَكَّلَتْهُ ) الزَّوْجَةُ فِي خُلْعِهَا ( ، وَأَطْلَقَتْ ) بِأَنْ لَمْ تُقَدِّرْ لَهُ عِوَضًا ( عَلَى مَهْرِهَا أَوْ ) زَادَ ( مَنْ عَيَّنَتْ لَهُ الْعِوَضَ عَلَيْهِ ) أَيْ : عَلَى مَنْ عَيَّنَتْهُ لَهُ ( صَحَّ الْخُلْعُ ) فِيهِمَا ( وَلَزِمَتْهُ ) أَيْ : الْوَكِيلَ ( الزِّيَادَةُ ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ رَضِيَتْ بِدَفْعِ الْعِوَضِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْخُلْعُ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ بِالْقَدْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَعَ التَّقْدِيرِ ، وَالزِّيَادَةُ لَازِمَةٌ لِلْوَكِيلِ لِبَذْلِهِ لَهَا فِي الْخُلْعِ فَلَزِمَتْهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا وَإِنْ وَكَّلَ الزَّوْجَاتُ وَاحِدًا صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْخُلْعِ .
( وَإِنْ خَالَفَ ) وَكِيلٌ مَا أُمِرَ أَنْ يُخَالِعَ بِهِ ( جِنْسًا أَوْ حُلُولًا أَوْ نَقْدًا لِبَلَدٍ ) بِأَنْ وُكِّلَ فِي الْخُلْعِ بِبُرٍّ فَخَالَعَ بِشَعِيرٍ وَنَحْوِهِ أَوْ وُكِّلَ أَنْ يُخَالِعَ بِعِوَضٍ حَالٍ فَخَالَعَ بِهِ مُؤَجَّلًا أَوْ أَمَرَ أَنْ يُخَالِعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَخَالَعَ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْخُلْعُ ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ ، وَالْوَكِيلُ لَمْ يُوجِدْ السَّبَبَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ ( لَا ) إنْ خَالَفَ ( وَكِيلَهَا ) حُلُولًا بِأَنْ وَكَّلَتْهُ فِي خُلْعِهَا بِعِوَضٍ حَالٍّ فَخَالَعَ بِهِ مُؤَجَّلًا فَيَصِحُّ الْخُلْعُ ؛ لِأَنَّهُ زَادَهَا خَيْرًا ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ أَحَظُّ بِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ؛ لِأَنَّهُ مُهْلَةٌ ، وَتَوْسِعَةٌ ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ الزَّوْجُ فِي الْخُلْعِ بِعِوَضٍ مُؤَجَّلٍ فَخَلَعَ بِهِ حَالًّا .
( وَلَا يَسْقُطُ مَا بَيْنَ مُتَخَالِعَيْنِ مِنْ حُقُوقِ نِكَاحٍ ) كَمَهْرٍ ، وَنَفَقَةٍ ( أَوْ غَيْرِهِ ) كَقَرْضٍ ( بِسُكُوتٍ عَنْهَا ) حَالَ خُلْعٍ فَيَتَرَاجَعَانِ بِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْحُقُوقِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِلَفْظِ طَلَاقٍ فَلَا يَسْقُطُ بِالْخُلْعِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ( وَلَا ) يَسْقُطُ مَا بَيْنَ مُتَخَالِعَيْنِ مِنْ ( نَفَقَةِ عِدَّةِ حَامِلٍ وَلَا بَقِيَّةِ مَا خُولِعَ بِبَعْضِهِ ) كَسَائِرِ الْفُسُوخِ ، وَكَالْفُرْقَةِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ .
( وَيَحْرُمُ الْخُلْعُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ طَلَاقٍ ، وَلَا يَصِحُّ ) أَيْ : لَا يَقَعُ الْخُلْعُ حِيلَةً كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْحِيَلَ خِدَاعٌ لَا تُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ خُلْعُ الْحِيلَةِ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ ، كَمَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْفُرْقَةَ ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ بَقَاءُ الْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا ، كَمَا فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ ، وَالْعَقْدُ لَا يُقْصَدُ بِهِ نَقِيضُ مَقْصُودِهِ .
قَالَ الْمُنَقِّحُ فِي التَّنْقِيحِ ( وَغَالِبُ النَّاسِ وَاقِعٌ فِي ذَلِكَ ) انْتَهَى .
أَيْ : فِي الْخُلْعِ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ الطَّلَاقِ .
فَصْلٌ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ خَالَعْتكِ بِأَلْفٍ مَثَلًا فَأَنْكَرَتْهُ أَيْ : الْخُلْعَ بِأَلْفٍ بَانَتْ بِإِقْرَارِهِ ، وَتَحْلِفُ لِنَفْيِ الْعِوَضِ ( أَوْ ) لَمْ تُنْكِرْ الْخُلْعَ لَكِنْ ( قَالَتْ إنَّمَا خَالَعْتَ غَيْرِي بَانَتْ ) مِنْهُ لِإِقْرَارِهِ بِمَا يُوجِبُ ذَلِكَ ( وَتَحْلِفُ ) الزَّوْجَةُ ( لِنَفْيِ الْعِوَضِ ) ؛ لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا ( وَإِنْ أَقَرَّتْ ) بِأَنَّهَا خَالَعَتْهُ ( ، وَقَالَتْ ضَمِنَهُ ) أَيْ : عِوَضَ الْخُلْعِ ( غَيْرِي ) لَزِمَهَا أَوْ قَالَتْ : عِوَضُ الْخُلْعِ ( فِي ذِمَّتِهِ ) أَيْ : الْغَيْرِ ( قَالَ ) الزَّوْجُ : بَلْ ( فِي ذِمَّتِكَ لَزِمَهَا ) الْعِوَضُ ، لِإِقْرَارِهَا بِالْخُلْعِ ، وَدَعْوَاهَا أَنَّهُ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهَا أَوْ أَنَّهُ ضَمِنَهُ دَعْوَى غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ .
( وَإِنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ : الْمُتَخَالِعَانِ ( فِي قَدْرِ عِوَضِهِ ) أَيْ : الْخُلْعِ ، بِأَنْ قَالَ : خَالَعْتكِ بِأَلْفٍ فَقَالَتْ بَلْ سَبْعِمِائَةٍ فَقَوْلُهَا ( أَوْ ) اخْتَلَفَا فِي ( عَيْنِهِ ) أَيْ : الْعِوَضِ ، بِأَنْ قَالَ : خَالَعْتكِ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ فَقَالَتْ : بَلْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَقَرَّ لَهَا ( أَوْ ) اخْتَلَفَا فِي ( صِفَتِهِ ) أَيْ : الْعِوَضِ بِأَنْ قَالَ : خَالَعْتكِ عَلَى عَشَرَةٍ صِحَاحٍ فَقَالَتْ : بَلْ مُكَسَّرَةٍ فَقَوْلُهَا ( أَوْ ) اخْتَلَفَا فِي ( تَأْجِيلِهِ ) أَيْ : عِوَضِ الْخُلْعِ بِأَنْ قَالَ : خَالَعْتكِ عَلَى مِائَةٍ حَالَّةٍ .
فَقَالَتْ : بَلْ مُؤَجَّلَةٍ ( فَ ) الْقَوْلُ ( قَوْلُهَا ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهَا مُنْكَرَةٌ لِلزَّائِدِ فِي الْقَدْرِ ، وَالصِّفَةِ ، وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ فَقَوْلُهَا ؛ لِأَنَّهَا غَارِمَةٌ ، وَإِنْ قَالَ : سَأَلْتِينِي طَلْقَةً بِأَلْفٍ ، فَقَالَتْ : بَلْ سَأَلْتُكَ ثَلَاثًا فَطَلَّقْتَنِي وَاحِدَةً بَانَتْ بِإِقْرَارِهِ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي سُقُوطِ الْعِوَضِ ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى نَقْدٍ مُطْلَقٍ لَزِمَ مِنْ نَقْدِ غَالِبِ الْبَلَدِ ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا أَرَادَا دَرَاهِمَ رَابِحَةً لَزِمَهَا مَا اتَّفَقَتْ إرَادَتُهُمَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِرَادَةِ فَمِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ .
( وَإِنْ عَلَّقَ ) زَوْجٌ ( طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ ) كَقَوْلِهِ : إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مَثَلًا ( ثُمَّ أَبَانَهَا ) بِخُلْعٍ أَوْ طَلْقَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ ( ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَوُجِدَتْ ) الصِّفَةُ بِأَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ ( طَلَقَتْ ) نَصًّا ( وَلَوْ كَانَتْ ) الصِّفَةُ ( وُجِدَتْ حَالَ بَيْنُونَتِهَا ) ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الصِّفَةِ وَوُجُودَهَا وُجِدَا فِي النِّكَاحِ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ تَخَلَّلْهُ بَيْنُونَةٌ ، كَمَا لَوْ بَانَتْ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ عِنْدَ مَالِكٍ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ تَفْعَلْ الصِّفَةَ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : إنْ بِنْت مِنِّي ثُمَّ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا .
وَفِي التَّعْلِيقِ : احْتِمَالٌ لَا يَقَعُ كَتَعْلِيقِهِ بِالْمِلْكِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ : .
كِتَابُ الطَّلَاقِ ( وَهُوَ : لُغَةً ) التَّخْلِيَةُ .
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ : أُطْلِقَتْ النَّاقَةُ فَطُلِقَتْ إذَا كَانَتْ مَشْدُودَةً فَأَزَلْت الشَّدَّ عَنْهَا وَخَلَّيْتُهَا فَشُبِّهَ مَا يَقَعُ بِالْمَرْأَةِ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً الْأَسْبَابِ بِالزَّوْجِ ، ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ : طَلَّقْتُ الْمَرْأَةَ فَطَلَقَتْ ، وَأَطْلَقَتْ النَّاقَةَ مِنْ الْعِقَالِ فَانْطَلَقَتْ هَذَا الْكَلَامُ الْجَيِّدُ .
وَشَرْعًا ( حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ أَوْ ) حَلُّ ( بَعْضِهِ ) أَيْ : قَيْدِ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ ، وَالرُّجْعَى ، ، وَأَجْمَعُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ بِالْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ التَّنَافُرِ وَالتَّبَاغُضِ مَا يُوجِبُ الْخُصُومَةَ الدَّائِمَةَ ، فَلُزُومُ النِّكَاحِ إذَنْ ضَرَرٌ فِي حَقِّهَا وَمَفْسَدَةٌ مَحْضَةٌ بِلَا فَائِدَةٍ فَوَجَبَ إزَالَتُهَا بِالتَّرْكِ لِيَخْلُصَ كُلٌّ مِنْ الضَّرَرِ .
( وَيُكْرَهُ ) الطَّلَاقُ ( بِلَا حَاجَةٍ ) لِإِزَالَتِهِ النِّكَاحَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْمَصَالِحِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا ، وَلِحَدِيثِ " { أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ } " ( وَيُبَاحُ ) الطَّلَاقُ ( عِنْدَهَا ) أَيْ : الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَسُوءِ خُلُقِ الْمَرْأَةِ ، وَالتَّضَرُّرِ بِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا ( وَيُسَنُّ ) الطَّلَاقُ ( لِتَضَرُّرِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ بِاسْتِدَامَةِ ( نِكَاحٍ ) كَحَالِ الشِّقَاقِ وَمَا يُحْوِجُ الْمَرْأَةَ إلَى الْمُخَالَعَةِ لِيُزِيلَ ضَرَرَهَا .
( وَ ) يُسَنُّ الطَّلَاقُ أَيْضًا ( لِتَرْكِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( صَلَاةً ، وَعِفَّةً وَنَحْوَهُمَا ) لِتَفْرِيطِهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إجْبَارُهَا عَلَيْهَا ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا لِدِينِهِ وَلَا يَأْمَنُ مِنْ إفْسَادِ فِرَاشِهِ ، وَإِلْحَاقِهَا بِهِ وَلَدًا مِنْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً وَلَهُ عَضْلُهَا إذَنْ وَالتَّضْيِيقُ عَلَيْهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ .
لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } ( وَهِيَ ) أَيْ : الزَّوْجَةُ ( كَهُوَ ) أَيْ : الزَّوْجِ ( فَيُسَنُّ ) لَهَا ( أَنْ تَخْتَلِعَ ) مِنْهُ ( إنْ تَرَكَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ) كَصَلَاةٍ ، وَصَوْمٍ ، وَيَحْرُمُ الطَّلَاقُ فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ ، وَيَجِبُ عَلَى مُولٍ بَعْدَ التَّرَبُّصِ إنْ أَبَى الْفَيْئَةَ ، وَيَأْتِي فَيَنْقَسِمُ الطَّلَاقُ إلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ ( وَلَا يَجِبُ ) عَلَى ابْنٍ ( طَاعَةُ أَبَوَيْهِ ) وَلَوْ كَانَا ( عَدْلَيْنِ فِي طَلَاقِ ) زَوْجَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ ( أَوْ ) أَيْ : وَلَا يَجِبُ عَلَى وَلَدٍ طَاعَةُ أَبَوَيْهِ فِي ( مَنْعٍ مِنْ تَزْوِيجٍ ) نَصًّا لِمَا سَبَقَ .
( وَلَا يَصِحُّ ) الطَّلَاقُ ( إلَّا مِنْ زَوْجٍ ) لِحَدِيثِ " { إنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ } " ( وَلَوْ ) كَانَ الزَّوْجُ ( مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ فَيَصِحُّ ) طَلَاقُهُ كَالْبَالِغِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ .
وَلِحَدِيثِ " { كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ ، وَالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ } " ، وَعَنْ عَلِيٍّ " اُكْتُمُوا الصِّبْيَانَ النِّكَاحَ " فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ فَائِدَتَهُ أَنْ لَا يُطَلِّقُوا ، وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ عَاقِلٍ صَادَفَ مَحَلَّ الطَّلَاقِ أَشْبَهَ طَلَاقَ الْبَالِغِ ( وَ ) إلَّا مِنْ ( حَاكِمٍ عَلَى مُولٍ ) بَعْدَ التَّرَبُّصِ إنْ أَبَى الْفَيْئَةَ ، وَالطَّلَاقَ ، ، وَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ مُوَضَّحًا .
( ، وَيُعْتَبَرُ ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( إرَادَةُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ ) بِأَنْ لَا يُرِيدَ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ ( فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِفَقِيهٍ ) أَيْ : عَلَيْهِ ( يُكَرِّرُهُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ لِلتَّعْلِيمِ ( وَ ) لَا طَلَاقَ عَلَى ( حَاكٍ ) طَلَاقًا ( وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا ) طَلَاقَ عَلَى ( نَائِمٍ وَلَا زَائِلٍ عَقْلُهُ بِجُنُونٍ أَوْ بَرْسَامٍ أَوْ نَشَّافٍ وَلَوْ بِضَرْبِهِ نَفْسَهُ ) لِحَدِيثِ " { كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ ، وَالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ } " وَحَدِيثِ " { رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ ؛ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ } ؛ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ قَوْلٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ فَاعْتُبِرَ لَهُ الْعَقْلُ كَالْبَيْعِ .
( وَكَذَا ) لَا يَقَعُ طَلَاقُ ( آكِلِ بَنْجٍ وَنَحْوِهِ ) لِتَدَاوٍ أَوْ غَيْرِهِ نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ فِيهِ ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ السَّكْرَانِ فَأَلْحَقَهُ بِالْمَجْنُونِ .
( وَ ) كَذَا لَا يَقَعُ طَلَاقُ ( مَنْ غَضِبَ حَتَّى أُغْمِيَ ) عَلَيْهِ ( أَوْ ) غَضِبَ حَتَّى ( أُغْشِيَ عَلَيْهِ ) لِزَوَالِ عَقْلِهِ أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ .
( وَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( مِمَّنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ لَمْ يَكُنْ زَائِلَ الْعَقْلِ حِينَهُ .
قَالَ الْمُوَفَّقُ : وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَنْ جُنُونُهُ بِذَهَابِ مَعْرِفَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَبُطْلَانِ حَوَاسِّهِ .
فَأَمَّا مَنْ كَانَ جُنُونُهُ النَّشَّافَ أَوْ كَانَ مُبَرْسَمًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ حُكْمَ تَصَرُّفِهِ مَعَ أَنَّ مَعْرِفَتَهُ غَيْرُ ذَاهِبَةٍ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ لِلطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
( وَ ) يَقَعُ الطَّلَاقُ ( مِمَّنْ شَرِبَ طَوْعًا مُسْكِرًا أَوْ نَحْوَهُ ) أَيْ : الْمُسْكِرِ ( مِمَّا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا حَاجَةٍ ) إلَيْهِ كَالْحَشِيشَةِ الْمُسْكِرَةِ .
قَالَهُ فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ حَيْثُ أَلْحَقَهَا بِالشَّرَابِ الْمُسْكِرِ حَتَّى فِي الْحَدِّ ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا ، وَبَيْنَ الْبَنْجِ بِأَنَّهَا تُشْتَهَى ، وَتُطْلَبُ .
وَقَدَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْبَنْجِ ( وَلَوْ خَلَطَ فِي كَلَامِهِ أَوْ سَقَطَ تَمَيُّزُهُ بَيْنَ الْأَعْيَانِ ) كَأَنْ صَارَ لَا يَعْرِفُ ثَوْبَهُ مِنْ ثَوْبِ غَيْرِهِ ( وَيُؤَاخَذُ ) السَّكْرَانُ الَّذِي يَقَعُ طَلَاقُهُ ( بِسَائِرِ أَقْوَالِهِ وَ ) بِ ( كُلِّ فِعْلٍ ) صَدَرَ مِنْهُ ( يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَقْلُ كَإِقْرَارٍ ، وَقَذْفٍ ، وَظِهَارٍ ، وَإِيلَاءٍ ، وَقَتْلٍ ، وَسَرِقَةٍ ، وَزِنًا ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ) كَوَقْفٍ ، وَعَارِيَّةٍ ، وَغَصْبٍ ، وَتَسَلُّمِ مَبِيعٍ ، وَقَبْضِ أَمَانَةٍ ، وَغَيْرِهَا ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ جَعَلُوهُ كَالصَّاحِي فِي الْحَدِّ بِالْقَذْفِ ؛ وَلِأَنَّهُ فَرَّطَ بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فِيمَا يُدْخِلُ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى غَيْرِهِ فَأَلْزَمَ حُكْمُ تَفْرِيطِهِ عُقُوبَةً لَهُ .
وَ ( لَا ) يَقَعُ الطَّلَاقُ ( مِنْ مُكْرَهٍ ) عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ ، وَنَحْوَهُ ( لَمْ يَأْثَمْ ) بِسُكْرِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَجَاوَزْ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَإِنْ زَادَ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَلِيلٍ لَا يُسْكِرُهُ فَشَرِبَ مَا أَسْكَرَهُ وَقَعَ طَلَاقُهُ .
( وَلَا ) يَقَعُ الطَّلَاقُ ( مِمَّنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ ظُلْمًا ) لِلْخَبَرِ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ كَحَاكِمٍ يُكْرِهُ مُولِيًا بَعْدَ التَّرَبُّصِ ، وَأَبَى الْفَيْئَةَ وَنَحْوَهُ وَقَعَ ( بِعُقُوبَةٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِإِكْرَاهٍ كَضَرْبٍ ، وَخَنْقٍ ، وَعَصْرِ سَاقٍ ، وَنَحْوِهِ ، وَلَا يَرْفَعُ ذَلِكَ عَنْهُ حَتَّى يُطَلِّقَ فَمَا فَاتَ مِنْهُ لَا إكْرَاهَ بِهِ لِانْقِضَائِهِ ( أَوْ تَهْدِيدٍ لَهُ أَوْ وَلَدِهِ مِنْ قَادِرٍ ) عَلَى مَا هَدَّدَهُ بِهِ ( بِسَلْطَنَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ كَلِصٍّ وَنَحْوِهِ ) كَقَاطِعِ طَرِيقٍ ( بِقَتْلٍ ) مُتَعَلِّقٍ بِتَهْدِيدٍ ( أَوْ قَطْعِ طَرَفٍ أَوْ ضَرْبٍ ) كَثِيرٍ .
قَالَ الْمُوَفَّقُ : وَالشَّارِحُ : فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فِي حَقِّ مَنْ لَا يُبَالِي بِهِ فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ وَإِنْ كَانَ فِي ذَوِي الْمُرُوآتِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ إخْرَاقًا لِصَاحِبِهِ وَغَضَاضَةً ، وَشُهْرَةً فِي حَقِّهِ فَهُوَ كَالضَّرْبِ الْكَثِيرِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ( أَوْ حَبْسٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ يَضُرُّهُ ) أَخَذَهُ مِنْهُ ضَرَرًا ( كَثِيرًا ) فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ إكْرَاهًا ( وَظَنَّ ) الْمُكْرَهُ إيقَاعَهُ أَيْ : مَا هَدَّدَهُ بِهِ مِمَّا ذَكَرَ ( فَطَلَّقَ تَبَعًا لِقَوْلِهِ ) أَيْ : الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ .
لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا " { لَا طَلَاقَ وَلَا عِتْقَ فِي إغْلَاقٍ } " رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَأَبُو دَاوُد ، وَابْنُ مَاجَهْ .
، وَالْإِغْلَاقُ : الْإِكْرَاهُ ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ مُغْلَقٌ عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ مُضَيَّقٌ عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفِهِ كَمَنْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابٌ ؛ وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ حُمِلَ عَلَيْهِ بِلَا حَقٍّ أَشْبَهَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ ، وَتَجِبُ الْإِجَابَةُ مَعَ التَّهْدِيدِ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعِ طَرَفٍ مِنْ قَادِرٍ تَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إيقَاعًا بِهِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ لِئَلَّا يُلْقِيَ بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ .
وَرَوَى سَعِيدٌ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ " أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ تَدَلَّى فِي حَبْلٍ لِيَشْتَارَ عَسَلًا فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فَجَلَسَتْ عَلَى الْحَبْلِ فَقَالَتْ : لَتُطَلِّقُهَا ثَلَاثًا وَإِلَّا قَطَعْتُ الْحَبْلَ .
فَذَكَّرَهَا اللَّهَ
سُبْحَانَهُ ، وَالْإِسْلَامَ .
فَأَبَتْ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ خَرَجَ إلَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ : ارْجِعْ إلَى أَهْلِكَ فَلَيْسَ هَذَا طَلَاقًا " .
( وَكَمُكْرَهٍ ) ظُلْمًا فِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ ( مَنْ سُحِرَ لِيُطَلِّقَ ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ .
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ : قُلْت : بَلْ هُوَ أَعْظَمُ الْإِكْرَاهَاتِ .
( لَا مَنْ شُتِمَ ) لِيُطَلِّقَ ( أَوْ أُخْرِقَ بِهِ ) أَيْ : بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : أُهِينَ بِالشَّتْمِ لِيُطَلِّقَ .
فَلَيْسَ كَمُكْرَهٍ بَلْ يَقَعُ طَلَاقُهُ ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ يَسِيرٌ .
( وَمَنْ قَصَدَ إيقَاعَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقِ ، وَقَدْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ ( دُونَ دَفْعِ الْإِكْرَاهِ ) فَلَمْ يَقْصِدْهُ وَقَعَ طَلَاقُهُ .
وَكَذَا إنْ لَمْ يَظُنَّ إيقَاعَ مَا هُدِّدَ بِهِ أَوْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ مِنْ الْإِكْرَاهِ بِنَحْوِ هَرَبٍ أَوْ اخْتِفَاءٍ أَوْ دَفْعِ إكْرَاهٍ .
( أَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ مُعَيَّنَةٍ ) مِنْ نِسَائِهِ كَفَاطِمَةَ ( فَطَلَّقَ غَيْرَهَا ) كَخَدِيجَةَ وَقَعَ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ .
( أَوْ ) أُكْرِهَ عَلَى ( طَلْقَةٍ ) وَاحِدَةٍ ( فَطَلَّقَ أَكْثَرَ ) مِنْ طَلْقَةٍ ( وَقَعَ طَلَاقُهُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ وَلَا ) يَقَعُ طَلَاقُهُ ( إنْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ مُبْهَمَةٍ ) مِنْ نِسَائِهِ ( فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً ) مِنْهُنَّ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَيًّا كَانَتْ .
فَطَلَّقَ عَائِشَةَ مَثَلًا لِصَدْقِ الْوَاحِدَةِ الْمُبْهَمَةِ بِهَا .
( أَوْ تَرَكَ ) الْمُكْرَهُ ( التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ ) فِي تَرْكِهِ ، فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ .
وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ ، وَطَلَّقَ أَنْ يَتَأَوَّلَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ .
( ، وَإِكْرَاهٌ عَلَى عِتْقٍ وَ ) عَلَى ( يَمِينٍ ) بِاَللَّهِ ( ، وَنَحْوِهِمَا ) كَظِهَارٍ ( فَ ) إكْرَاهٌ ( عَلَى طَلَاقٍ ) فَلَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ مِنْهَا فِي حَالٍ لَا يُؤَاخَذُ فِيهَا بِالطَّلَاقِ وَلَا يُقَالُ : : لَوْ كَانَ الْوَعِيدُ إكْرَاهًا لَكُنَّا مُكْرَهِينَ عَلَى الْعِبَادَاتِ فَلَا ثَوَابَ ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا : يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إنَّنَا مُكْرَهُونَ عَلَيْهَا ، وَالثَّوَابُ مِنْ فَضْلِهِ لَا مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ عِنْدَنَا ثُمَّ الْعِبَادَاتُ تُفْعَلُ لِلرَّغْبَةِ .
ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ( وَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( بَائِنًا وَلَا يُسْتَحَقُّ عِوَضٌ سُئِلَ ) الْمُطَلَّقُ ( عَلَيْهِ ) الطَّلَاقَ ( فِي نِكَاحٍ قِيلَ : ) أَيْ : قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ ( بِصِحَّتِهِ ) أَيْ : كَبِلَا وَلِيٍّ ( وَلَا يَرَاهَا ) أَيْ : الصِّحَّةَ ( مُطَلِّقٌ ) نَصًّا كَمَا لَوْ حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَى صِحَّتَهُ ، وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكْشِفُ خَافِيًا أَوْ يُنَفِّذُ ، وَاقِعًا ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ مِلْكٍ بُنِيَ عَلَى التَّغْلِيبِ ، وَالسِّرَايَةِ فَجَازَ أَنْ يُنْفَذَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نُفُوذِهِ إسْقَاطُ حَقِّ الْغَيْرِ كَالْعِتْقِ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ بِالْأَدَاءِ ، وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ : قَدْ قَامَ مَقَامَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي أَحْكَامِهِ كُلِّهَا .
( وَلَا يَكُونُ ) الطَّلَاقُ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ ( بِدْعِيًّا فِي حَيْضٍ ) فَيَجُوزُ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا تَجُوزُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ وَلَا يُسَمَّى طَلَاقَ بِدْعَةٍ .
وَ ( لَا ) يَصِحُّ ( خُلْعٌ ) فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ( لِخُلُوِّهِ ) أَيْ : الْخُلْعِ ( عَنْ الْعِوَضِ ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِلَا عِوَضٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا بِبَذْلِهِ .
؛ لِأَنَّهُ لَا مُقَابِلَ لِلْعِوَضِ .
( وَلَا ) يَقَعُ طَلَاقٌ ( فِي ) نِكَاحٍ ( بَاطِلٍ إجْمَاعًا ) كَمُعْتَدَّةٍ وَخَامِسَةٍ ( وَلَا فِي نِكَاحِ فُضُولِيٍّ قَبْلَ إجَازَتِهِ وَلَوْ نَفَذَ بِهَا ) أَيْ : وَلَوْ قُلْنَا يَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ ( وَكَذَا عِتْقٌ فِي شِرَاءِ فَاسِدٍ ) أَيْ : مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَيُنَفَّذُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ .
فَصْلٌ ، وَمَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ مِنْ بَالِغٍ ، وَمُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ ( صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ وَ ) صَحَّ ( تَوَكُّلُهُ ) فِيهِ ؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فِي شَيْءٍ تَجُوزُ لَهُ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِنَفْسِهِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ ، وَتَوَكُّلُهُ فِيهِ .
؛ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ مِلْكٍ فَصَحَّ التَّوْكِيلُ ، وَالتَّوَكُّلُ فِيهِ كَالْعِتْقِ .
( وَلِوَكِيلٍ لَمْ يُحِدَّ لَهُ ) مُوَكِّلُهُ ( حَدًّا ) أَيْ : لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ وَقْتًا لِلطَّلَاقِ ( أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ ) كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ حَدَّ لَهُ حَدًّا فَعَلَى مَا أَذِنَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ إلَى الْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ وَ ( لَا ) يُطَلِّقُ وَكِيلٌ عَنْ مُوَكِّلِهِ ( وَقْتَ بِدْعَةٍ ) مِنْ حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ فَإِنْ فَعَلَ حَرُمَ وَلَمْ يَقَعْ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ .
وَقِيلَ : يَحْرُمُ ، وَيَقَعُ .
قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ ، وَجَزَمَ بِوُقُوعِهِ فِي الْإِقْنَاعِ .
( وَلَا ) لِوَكِيلٍ أَنْ يُطَلِّقَ ( أَكْثَرَ مِنْ ) طَلْقَةٍ ( وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ ) الْمُوَكِّلُ ( لَهُ ) أَيْ : الْوَكِيلِ .
فَإِنْ جَعَلَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ أَكْثَرَ مَلَكَهُ .
( وَلَا يَمْلِكُ ) وَكِيلٌ ( بِإِطْلَاقِ ) مُوَكِّلٍ فِي طَلَاقٍ ( تَعْلِيقًا ) أَيْ : أَنْ يُعَلِّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ صَرِيحًا وَلَا عُرْفًا .
( وَإِنْ وَكَّلَ ) زَوْجٌ فِي طَلَاقٍ وَكِيلَيْنِ ( اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا ) بِالطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا رَضِيَ بِتَصَرُّفِهِمَا جَمِيعًا ( إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ ) فَيَصِحُّ انْفِرَادُ مَنْ أُذِنَ لَهُ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ .
( وَإِنْ وُكِّلَا ) أَيْ : وَكَّلَ الزَّوْجُ اثْنَيْنِ ( فِي ) طَلَاقِ ( ثَلَاثٍ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ : الْوَكِيلَيْنِ ( أَكْثَرَ مِنْ ) الْوَكِيلِ ( الْآخَرِ ) بِأَنْ طَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ اثْنَتَيْنِ أَوْ طَلَّقَ أَحَدُهُمَا ثِنْتَيْنِ وَالْآخَرُ ثَلَاثًا ( وَقَعَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَصَحَّ دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنٍ .
( وَإِنْ قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( طَلِّقِي نَفْسَكِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ ) أَيْ : طَلَاقُ نَفْسِهَا ( مُتَرَاخِيًا كَوَكِيلِ ) غَيْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَالْإِطْلَاقِ .
( وَيَبْطُلُ ) تَوْكِيلُ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِي طَلَاقِهَا ( بِرُجُوعِ ) زَوْجٍ عَنْهُ وَبِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَوَطْءٍ ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ أَشْبَهَ عَزْلَ سَائِرِ الْوُكَلَاءِ .
( وَلَا تَمْلِكُ ) زَوْجَةٌ ( بِهِ ) أَيْ : بِقَوْلِ زَوْجِهَا لَهَا : طَلِّقِي نَفْسَكِ ( أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ ) ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ يَتَنَاوَلُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ ( إلَّا إنْ جَعَلَهُ ) أَيْ : الْأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ( لَهَا ) فَتَمْلِكُ مَا جَعَلَهُ لَهَا ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ .
وَإِنْ قَالَ لَهَا : طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ ؛ لِأَنَّهَا مَأْذُونَةٌ فِيهِ ، وَفِي غَيْرِهِ فَوَقَعَ الْمَأْذُونُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا : طَلِّقِي نَفْسَكِ ، وَضَرَّاتِكِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَطْ ، وَإِنْ قَالَ : طَلِّقِي نَفْسَكِ فَقَالَتْ : أَنَا طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ لَمْ تَطْلُقْ بِقُدُومِهِ ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ انْصَرَفَ إلَى الْمُنَجَّزِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْمُعَلَّقَ .
( وَتَمْلِكُ ) زَوْجَةٌ ( الثَّلَاثَ ) أَيْ : أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا ( فِي ) مَا إذَا قَالَ لَهَا زَوْجُهَا ( طَلَاقُكِ بِيَدِكِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ ( وَ ) تَمْلِكُ أَيْضًا الثَّلَاثَ ( فِي وَكَّلْتُكِ فِيهِ ) أَيْ : فِي طَلَاقِكِ أَوْ فِي الطَّلَاقِ لِمَا سَبَقَ فِي الْأُولَى وَلِاقْتِرَانِهِ بِأَلْ الِاسْتِغْرَاقِيَّة فِي الثَّانِيَةِ .
( وَإِنْ خَيَّرَ وَكِيلَهُ ) مِنْ ثَلَاثٍ بِأَنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ : اخْتَرْ أَوْ اخْتَارِي مِنْ ثَلَاثٍ ( أَوْ ) خَيَّرَ ( زَوْجَتَهُ مِنْ ثَلَاثٍ ) مَا شِئْت أَوْ شِئْت ( مَلَكَا ) أَيْ : أَنْ يُطَلِّقَا ( اثْنَتَيْنِ فَأَقَلَّ ) ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَلَا يَسْتَوْعِبُ أَحَدُهُمَا الثَّلَاثَ ( ، وَوَجَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْيِيرُ نِسَائِهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيِّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } فَخَيَّرَهُنَّ وَبَدَأَ بِعَائِشَةَ .
فَقَالَتْ : إنِّي أُرِيدُ اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ ، وَالدَّارَ الْآخِرَةَ .
قَالَتْ : ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مُخْتَصَرًا .
أَيْ : إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَى وَجْهٍ مَشْرُوعٍ وَإِيقَاعُهُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ ( السُّنَّةُ الْمُرِيدَةُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ ( إيقَاعَ ) طَلْقَةٍ ( وَاحِدَةٍ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ ( فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ ) أَيْ : الطُّهْرِ ( ثُمَّ يَدَعْهَا ) بِأَنْ لَا يُطَلِّقَهَا ثَانِيَةً ( حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ) مِنْ الْأُولَى إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الطَّلَاقِ فِرَاقُهَا وَقَدْ حَصَلَ بِالْأُولَى قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ طَاهِرَاتٍ مِنْ غَيْر جِمَاعٍ ( إلَّا ) طَلَاق ( فِي طُهْرٍ مُتَعَقِّبٍ لِرَجْعَةٍ مِنْ طَلَاقٍ فِي حَيْضٍ فَ ) هُوَ طَلَاقُ ( بِدْعَةٍ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " { أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ، وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ فَإِذَا بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ } " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيُّ .
( وَإِنْ طَلَّقَ ) زَوْجَةً ( مَدْخُولًا بِهَا فِي حَيْضٍ ) أَوْ نِفَاسٍ ( أَوْ طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَبِنْ ) أَيْ : يَنْضُجُ ( حَمْلُهَا ) فَبِدْعَةٌ مُحَرَّمٌ ، وَيَقَعُ .
( أَوْ عَلَّقَهُ ) أَيْ : الطَّلَاقَ ( عَلَى أَكْلِهَا ، وَنَحْوِهِ ) كَصَلَاتِهَا ( مِمَّا يُعْلَمُ وُقُوعَهُ حَالَتَهُمَا ) أَيْ : الْحَيْضِ ، وَالطُّهْرِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ ( فَ ) هُوَ طَلَاقُ ( بِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ ، وَيَقَعُ ) نَصًّا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ .
قَالَ نَافِعٌ .
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهِ وَرَاجَعَهَا كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ مُكَلَّفٍ فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ فَوَقَعَ كَطَلَاقِ الْحَامِلِ .
( وَتُسَنُّ رَجْعَتُهَا ) مِنْ طَلَاقِ الْبِدْعَةِ لِلْخَبَرِ وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَلِيَزُولَ الْمَعْنَى الَّذِي حُرِّمَ الطَّلَاقُ لِأَجْلِهِ ، فَإِنْ رَاجَعَهَا وَجَبَ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ لِحَدِيثِ " { لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ } " فَإِذَا طَهُرَتْ سُنَّ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَحِيضَ ، ثَانِيَةً ثُمَّ تَطْهُرَ ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوُجِدَ حَالَ حَيْضِهَا طَلَقَتْ لِلْبِدْعَةِ وَلَا إثْمَ .
( وَإِيقَاعُ ) طَلْقَاتٍ ( ثَلَاثٍ وَلَوْ بِكَلِمَاتٍ ) وَلَوْ ( فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا ) زَوْجُهَا ( فِيهِ فَأَكْثَرَ ) مِنْ طُهْرٍ ( لَا بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ ) بَعْدَ ( عَقْدٍ مُحَرَّمٍ ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ عُمَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } إلَى قَوْلِهِ : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا } - { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } ، وَمَنْ جَمَعَ الثَّلَاثَ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَمْرٌ يَحْدُثْ وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا وَلَا مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ، .
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : " { قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا كَانَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا ؟ قَالَ : إذَنْ عَصَيْتَ ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ } " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : { أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ حَتَّى قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَقْتُلُهُ } " ، وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَةً فَقَالَ : إنْ عَمَّكَ عَصَى اللَّهَ ، وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا وَسَوَاءٌ فِي الْوُقُوفِ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَبَعْدَهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا مَا بَعْدَ الْأُولَى بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا وَلَا بِدْعَةً بِحَالٍ وَمَا رَوَى طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : { كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبِي بَكْرٍ ، وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةٌ } فَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَمَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
خِلَافَهُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد ، وَأَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ بِخِلَافِ مَا رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُطَلِّقُونَ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ عُمَرُ مَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يَكُونُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يَرْوِيَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُفْتِيَ بِخِلَافِهِ .
وَإِنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ لَمْ يَأْثَمْ ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الرَّجْعَةَ لَكِنْ يُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ تَطْلِيقَةً بِلَا فَائِدَةٍ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ ، وَغَيْرِهِ .
( وَلَا سُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ مُطْلَقًا ) أَيْ : لَا فِي زَمَنٍ وَلَا عَدَدٍ ( لِ ) زَوْجَةٍ ( غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا ) ؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ لَهَا فَتَنْظُرُ بِتَطْوِيلِهَا ( وَ ) لَا لِزَوْجَةٍ ( تَبَيَّنَ حَمْلُهَا ، وَ ) لَا لِزَوْجَةٍ ( صَغِيرَةٍ ، وَآيِسَةٍ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فَلَا تَخْتَلِفُ الْعِدَّةُ ( فَلَوْ قَالَ ) الزَّوْجُ ( لِإِحْدَاهُنَّ ) أَيْ : الْمَذْكُورَاتِ ( أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ ) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ( أَوْ ) قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ : أَنْتِ طَالِقٌ ( لِلْبِدْعَةِ طَلَقَتْ فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَتَّصِفُ بِذَلِكَ فَتَلْغُو الصِّفَةُ وَيَبْقَى الطَّلَاقُ بِدُونِ الصِّفَةِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ ( وَ ) لَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ : أَنْتِ طَالِقٌ ( لِلسُّنَّةِ طَلْقَةً وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةً وَقَعَتَا ) فِي الْحَالِ لِمَا سَبَقَ ( وَيَدِينُ ) قَائِلُ ذَلِكَ ( فِي غَيْرِ آيِسَةٍ إذَا قَالَ : أَرَدْت إذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ ) أَيْ : السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ لِادِّعَائِهِ مُحْتَمَلًا ( وَيُقْبَلْ ) مِنْهُ ذَلِكَ ( حُكْمًا ) ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ .
( وَلِمَنْ ) أَيْ : وَلِزَوْجَةٍ ( لَهَا سُنَّةٌ ، وَبِدْعَةٌ ) وَهُوَ الْمَدْخُولُ بِهَا غَيْرُ الْحَامِلِ ذَاتُ الْحَيْضِ ( إنْ قَالَهُ ) أَيْ : قَالَ لَهَا زَوْجُهَا : أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ طَلْقَةً وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةً ( فَوَاحِدَةً تَقَعُ فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ فَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِهَا أَوْ زَمَنِ الْبِدْعَةِ فَتَقَعُ الْمُعَلَّقَةُ بِهَا ( وَ ) تَقَعُ الطَّلْقَةُ ( الْأُخْرَى فِي ضِدِّ حَالِهَا إذَنْ ) ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ عَلَى ضِدِّ تِلْكَ الْحَالِ فَإِنْ كَانَتْ حِينَ الْقَوْلِ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ إذَا أَصَابَهَا أَوْ حَاضَتْ وَإِنْ كَانَتْ حِينَ الْقَوْلِ حَائِضًا أَوْ فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ ، وَالْحَيْضَ بَعْدَهُ زَمَانَ بِدْعَةٍ .
( وَ ) إنْ قَالَ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ ، وَبِدْعَةٌ : أَنْتِ طَالِقٌ ( لِلسُّنَّةِ فَقَطْ ) ، وَهِيَ ( فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ يَقَعُ فِي الْحَالِ ) لِوَصْفِهِ الطَّلْقَةَ بِصِفَتِهَا فَوَقَعَتْ فِي الْحَالِ ( وَ ) إنْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ ( فِي حَيْضٍ طَلَقَتْ إذَا طَهُرَتْ مِنْ ) حَيْضِهَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ إذَنْ وَإِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ( فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ ) طَلَقَتْ ( إذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ ) لِمَا سَبَقَ فَإِنْ أَوْلَجَ فِي آخِرِ الْحَيْضَةِ ، وَاتَّصَلَ بِأَوَّلِ الطُّهْرِ أَوْ أَوْلَجَ مَعَ أَوَّلِ الطُّهْرِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ لَكِنْ مَتَى صَارَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ طَلَقَتْ فِي أَوَّلِهِ .
( وَ ) إنْ قَالَ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ ، وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ ( لِلْبِدْعَةِ ) فَقَطْ ، وَهِيَ ( فِي حَيْضٍ أَوْ ) فِي ( طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ يَقَعُ ) الطَّلَاقُ عَلَيْهِ ( فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلْقَةَ بِصِفَتِهَا .
( وَ ) إنْ كَانَتْ ( فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فَ ) الطَّلَاقُ يَقَعُ ( إذَا حَاضَتْ أَوْ وَطِئَهَا ) لِوُجُودِ شَرْطِهِ ( وَيَنْزِعُ فِي الْحَالِ ) بَعْدَ إيلَاجِ الْحَشَفَةِ ( إنْ كَانَ ) الطَّلَاقُ ( ثَلَاثًا ) أَوْ مُكَمِّلًا لِمَا يَمْلِكُهُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَقِبَ ذَلِكَ ( فَإِنْ بَقِيَ ) أَيْ : لَمْ يَنْزِعْ فِي الْحَالِ ( حُدَّ عَالِمٌ ) بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ ، وَتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ ( وَعُزِّرَ غَيْرُهُ ) وَهُوَ الْجَاهِلُ ، وَالنَّاسِي وَلَا حَدَّ ( وَلِلْعُذْرِ وَ ) .