كتاب : شرح منتهى الإرادات
المؤلف : منصور بن يونس بن إدريس البهوتي
فَاسِدٍ ) كَمَجْهُولٍ وَخَمْرٍ ( وَنَحْوِهِ ) كَشَرْطِ ضَمِينٍ أَوْ كَفِيلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ، أَوْ ( كَ ) شَرْطِ ( خِيَارٍ أَوْ أَجَلٍ ) فِي ثَمَنِ ( مَجْهُولَيْنِ .
أَوْ ) شَرْطِ ( تَأْخِيرِ تَسْلِيمِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( بِلَا انْتِفَاعِ ) بَائِعٍ بِهِ ( أَوْ ) شَرْطِ بَائِعٌ ( إنْ بَاعَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ مُشْتَرٍ ( فَهُوَ ) أَيْ الْبَائِعُ ( أَحَقُّ بِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( بِالثَّمَنِ ) أَيْ بِمِثْلِهِ ( أَوْ ) شَرَطَ ( أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَحْمِلُ ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ ، وَتَبْطُلُ هَذِهِ الشُّرُوطُ قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ لِبَائِعٍ ( وَلِمَنْ فَاتَ غَرَضُهُ ) بِفَسَادِ الشَّرْطِ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ( الْفَسْخُ ) عَلِمَ الْحُكْمَ أَوْ جَهِلَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الشَّرْطَ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ الشَّرْعِ بِفَسَادِهِ .
( أَوْ ) أَخَذَ بَائِعٌ ( أَرْشَ نَقْصِ ثَمَنٍ ) بِسَبَبِ إلْغَاءٍ ، كَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ يُسَاوِي عَشَرَةً فَيَبِيعَهُ بِثَمَانِيَةٍ لَأَجْلِ شَرْطِهِ الْفَاسِدِ فَإِنْ شَاءَ بَائِعٌ فَسَخَ ، أَوْ رَجَعَ بِالِاثْنَيْنِ ( أَوْ اسْتِرْجَاعُ ) مُشْتَرٍ ( زِيَادَةَ ) ثَمَنٍ ( بِسَبَبِ إلْغَاءِ ) شَرْطِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلشَّرْطِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخٍ وَرُجُوعٍ بِالِاثْنَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْمَحُ بِذَلِكَ لَهُ لِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْغَرَضِ بِالشَّرْطِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ رَجَعَ بِمَا سُمِحَ بِهِ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ مَعِيبًا
( وَمَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ : بِعْنِي هَذَا ) الشَّيْءَ ( عَلَى أَنْ أَقْضِيكَ مِنْهُ ) دَيْنَك ( فَبَاعَهُ ) إيَّاهُ ( صَحَّ الْبَيْعُ ) قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ ( لَا الشَّرْطُ ) ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ لِغَيْرِ الْقَضَاءِ وَمُقْتَضَى الْبَيْعِ أَنْ يَتَصَرَّفَ مُشْتَرٍ بِمَا يَخْتَارُ ، وَلِبَائِعٍ الْفَسْخُ أَوْ أَخْذُ أَرْشِ نَقْصِ ثَمَنٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
( وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْحَقِّ : اقْضِنِيهِ ) أَيْ الْحَقَّ ( عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ كَذَا بِكَذَا فَقَضَاهُ ) حَقَّهُ ( صَحَّ ) الْقَضَاءُ ؛ لِأَنَّهُ أَقَبْضَهُ حَقَّهُ ( دُونَ الْبَيْعِ ) الْمَشْرُوطِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَأْتِي أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ ( وَإِنْ قَالَ ) رَبُّ الْحَقِّ ( اقْضِنِي أَجْوَدَ مِمَّا لِي ) عَلَيْكَ ( عَلَى أَنْ أَبِيعُكَ كَذَا ، فَفَعَلَا ) أَيْ قَضَاهُ أَجْوَدَ وَبَاعَهُ مَا وَعَدَهُ بِهِ ( فَ ) الْبَيْعُ وَالْقَضَاءُ ( بَاطِلَانِ ) وَيَرُدُّ الْأَجْوَدَ قَابِضُهُ وَيُطَالِبُ بِمِثْلِ دَيْنِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأَجْوَدِ إلَّا طَمَعًا فِي حُصُولِ الْمَبِيعِ لَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لِمَا تَقَدَّمَ .
النَّوْعُ ( الثَّالِثُ : مَا ) أَيْ شَرْطٌ ( لَا يَنْعَقِدُ مَعَهُ بَيْعٌ ) وَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ ( كَبِعْتُكَ ) كَذَا إنْ جِئْتَنِي ، أَوْ رَضِيَ زَيْدٌ بِكَذَا ( أَوْ اشْتَرَيْتُ ) كَذَا ( إنْ جِئْتَنِي ، أَوْ ) إنْ ( رَضِيَ زَيْدٌ بِكَذَا ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَهُوَ يَقْتَضِي نَقْلَ الْمِلْكِ حَالَ الْعَقْدِ وَالشَّرْطُ يَمْنَعُهُ ( وَيَصِحُّ : بِعْتُ ) إنْ شَاءَ اللَّهُ ( وَقَبِلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّبَرُّكُ لَا التَّرَدُّدُ غَالِبًا
( وَ ) يَصِحُّ ( بَيْعُ الْعُرْبُونِ ) وَيُقَالُ أُرْبُونٌ ( وَ ) يَصِحُّ ( إجَارَتُهُ ) أَيْ الْعُرْبُونِ .
قَالَ أَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لَا بَأْسَ بِهِ وَفَعَلَهُ عُمَرُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ أَجَازَهُ ( وَهُوَ ) أَيْ بَيْعُ الْعُرْبُونِ ( دَفْعُ بَعْضِ ثَمَنٍ ) فِي بَيْعٍ عَقَدَاهُ ( أَوْ ) أَيْ وَإِجَارَةُ الْعُرْبُونِ دَفْعُ بَعْضِ ( أُجْرَةٍ ) بَعْدَ عَقْدِ إجَارَةٍ ( وَيَقُولُ ) مُشْتَرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٌ ( إنْ أَخَذْتَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ أَوْ الْمُؤَجَّرَ احْتَسَبْتُ بِمَا دَفَعْتُ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ لَكَ ( أَوْ ) يَقُولُ : إنْ ( جِئْتُك بِالْبَاقِي ) مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَقْتًا .
( وَإِلَّا فَهُوَ ) أَيْ مَا قَبَضْتُهُ ( لَكَ ) لِمَا رُوِيَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ " أَنَّهُ اشْتَرَى لِعُمَرَ دَارَ السَّجْنِ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، فَإِنْ رَضِيَ عُمَرُ وَإِلَّا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا " قَالَ الْأَثْرَمُ : قُلْتُ لِأَحْمَدَ : تَذْهَبُ إلَيْهِ ؟ قَالَ : أَيْ شَيْء أَقُولُ ؟ هَذَا عُمَرُ وَضَعَّفَ حَدِيثَ ابْنِ مَاجَهْ ، أَيْ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبُونِ } فَإِنْ دَفَعَ لِبَائِعٍ أَوْ مُؤَجِّرٍ قَبْلَ الْعَقْدِ دِرْهَمًا وَقَالَ : لَا تَعْقِدْ مَعَ غَيْرِي فَإِنْ لَمْ آخُذْهُ فَالدِّرْهَمُ لَك ، ثُمَّ عَقَدَ مَعَهُ وَاحْتَسَبَ الدِّرْهَمَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ صَحَّ ، لِخُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ شَرْطٍ ، وَإِلَّا رَجَعَ بِالدِّرْهَمِ ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ .
وَلَا يَصْلُحُ جَعْلُهُ عِوَضًا عَنْ انْتِظَارِهِ وَتَأْخِيرِهِ لِأَجَلِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَنْهُ وَلَوْ جَازَتْ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ كَالْإِجَارَةِ وَ ( لَا ) يَصِحُّ بَيْعٌ إنْ رَهَنَهُ شَيْئًا أَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ إنْ ( جَاءَ لِمُرْتَهِنٍ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ ) أَيْ حُلُولِ أَجَلِهِ ( وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ لِحَدِيثِ { لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ } رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَفَسَّرَهُ أَحْمَدُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقِلٍّ فَلَمْ يَصِحَّ
لِمَا تَقَدَّمَ ( وَمَا دُفِعَ فِي عُرْبُونٍ فَلِبَائِعٍ ) فِي بَيْعٍ ( وَ ) ل ( مُؤَجِّرٍ ) فِي إجَارَةٍ ( إنْ لَمْ يَتِمَّ ) الْعَقْدُ
( وَمَنْ قَالَ ) لِقِنِّهِ ( إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ ) أَيْ الْمَقُولَ لَهُ ذَلِكَ ( عَتَقَ ) عَلَيْهِ ( وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِلْكٌ ) فِيهِ لِمُشْتَرٍ نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ فِي حَالِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي حَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ فَيَتَدَافَعَانِ وَيَنْفُذُ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ وَسِرَايَتِهِ دُونَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَلَوْ قَالَ مَالِكُهُ : إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ، وَقَالَ آخَرُ : إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ : فَاشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَى بَائِعٍ دُونَ مُشْتَرٍ ( وَإِلَّا ) يَقُلْ مَالِكُهُ : إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ( وَقَالَ ) آخَرُ ( إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَتَقَ ) عَلَى مُشْتَرٍ نَصًّا ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُرَادُ لِلْعِتْقِ فَيَكُونُ مَقْصُودًا كَشِرَاءِ ذِي الرَّحِمِ وَغَيْرِهِ .
( وَمَنْ شَرَطَ ) عَلَى مُشْتَرٍ ( الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ) فِيمَا بَاعَهُ لَهُ لَمْ يَبْرَأْ ( أَوْ ) شَرَطَ بَائِعٌ الْبَرَاءَةَ ( مِنْ عَيْبِ كَذَا إنْ كَانَ ) فِي الْمَبِيعِ ( لَمْ يَبْرَأْ ) بَائِعٌ بِذَلِكَ فَلِمُشْتَرٍ الْفَسْخُ بِعَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ حَالَ الْعَقْدِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَبْدًا بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَصَابَ زَيْدٌ بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ ، فَتَرَافَعَا إلَى عُثْمَانَ ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِابْنِ عُمَرَ : تَحْلِفُ أَنَّكَ لَمْ تَعْلَمْ بِهَذَا الْعَيْبِ ؟ قَالَ : لَا فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَبَاعَهُ ابْنُ عُمَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ " وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ اُشْتُهِرَتْ وَلَمْ تُنْكَرْ ، فَكَانَتْ كَالْإِجْمَاعِ وَأَيْضًا خِيَارُ الْعَيْبِ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ قَبْلَهُ كَالشُّفْعَةِ ( وَإِنْ سَمَّاهُ ) أَيْ سَمَّى بَائِعٌ الْعَيْبَ لِمُشْتَرٍ بَرِئَ مِنْهُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ( أَوْ أَبْرَأَهُ ) أَيْ الْبَائِعُ مُشْتَرٍ مِنْ عَيْبِ كَذَا ، أَوْ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ( بَعْدَ الْعَقْدِ بَرِئَ مِنْهُ بَائِعٌ لِإِسْقَاطِهِ ) بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَهُ ، كَالشُّفْعَةِ
وَمَنْ بَاعَ مَا يُذْرَعُ أَيْ شَيْئًا يُذْرَعُ كَأَرْضٍ وَثَوْبٍ ( عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ ) أَذْرُعٍ أَوْ أَشْبَارٍ أَوْ أَجَّرَ بِهِ وَنَحْوِهَا ( فَبَانَ ) الْمَبِيعُ ( أَكْثَرَ ) مِمَّا عَيَّنَ ( صَحَّ ) الْبَيْعُ ، وَالزَّائِدُ لِبَائِعٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَالْعَيْبِ ( وَلِكُلٍّ ) مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ( الْفَسْخُ ) لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ ( مَا لَمْ يُعْطِ ) بَائِعٌ ( الزَّائِدَ ) لِمُشْتَرٍ ( مَجَّانًا ) بِلَا عِوَضٍ فَيَسْقُطُ خِيَارُ مُشْتَرٍ ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ زَادَهُ خَيْرًا .
( وَإِنْ بَانَ ) مَبِيعٌ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ ( أَقَلَّ ) مِنْهَا ( صَحَّ ) الْبَيْعُ ( وَالنَّقْصُ ) عَنْ الْعَشَرَةِ ( عَلَى بَائِعٍ ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ ( وَيُخَيَّرُ ) بَائِعٌ ( إنْ أَخَذَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ النَّاقِصَ ( مُشْتَرٍ بِقِسْطِهِ ) مِنْ ثَمَنٍ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ أَوْ فَسَخَ ، دَفْعًا لِضَرَرِهِ وَ ( لَا ) خِيَارَ لِبَائِعٍ ( إنْ أَخَذَهُ ) مُشْتَرٍ ( بِجَمِيعِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ لِزَوَالِ ضَرَرِهِ ( وَلَمْ يَفْسَخْ ) بِهِ مُشْتَرٍ الْبَيْعَ وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُعَاوَضَةِ ( وَيَصِحُّ ) بَيْعٌ ( فِي صُبْرَةٍ ) عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعٌ فِي ( نَحْوِهَا ) أَيْ الصُّبْرَةِ كَزُبَرَةِ حَدِيدٍ ، وَزِقِّ عَسَلٍ أَوْ زَيْتٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَتَبَيَّنَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ( وَلَا خِيَارَ لِمُشْتَرٍ ) كَبَائِعٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي رَدِّ الزَّائِدِ إنْ زَادَتْ وَلَا فِي أَخْذِ النَّاقِصِ بِقِسْطِهِ ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْقَدْرِ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَاقِي وَيَأْخُذُهُ مُشْتَرٍ نَاقِصًا بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنٍ
بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّصَرُّفِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَا يَحْصُلُ لَهُ قَبْضُهُ وَالْإِقَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ( الْخِيَارُ : اسْمُ مَصْدَرِ اخْتَارَ ) يَخْتَارُ اخْتِيَارًا ( وَهُوَ ) أَيْ الْخِيَارُ فِي بَيْعٍ وَغَيْرِهِ ( طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ ) مِنْ إمْضَاءِ عَقْدٍ وَفَسْخِهِ هُنَا ( وَأَقْسَامُهُ ) أَيْ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِحَسْبِ أَسْبَابِهِ ( ثَمَانِيَةٌ ) بِالِاسْتِقْرَاءِ أَحَدُهَا ( خِيَارُ الْمَجْلِسِ ) بِكَسْرِ اللَّامِ مَوْضِعُ الْجُلُوسِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَكَان التَّبَايُعِ ( وَيَثْبُتُ ) خِيَارُ مَجْلِسٍ ( فِي بَيْعٍ ) عِنْدَ أَكْثَر أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ لِحَدِيثِ { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ .
وَقَوْلُ عُمَرَ " الْبَيْعُ صَفْقَةٌ أَوْ خِيَارٌ " مَعْنَاهُ : تَقْسِيمُ الْبَيْعِ إلَى مَا شُرِطَ فِيهِ وَمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ سَمَّاهُ صَفْقَةَ الْقَصْرِ مُدَّةُ الْخِيَارِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ مِثْلَ مَذْهَبِنَا وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْبَيْعِ عَلَى النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهُ قَبْلَهُ غَالِبًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى خِيَارٍ بَعْدَهُ ( غَيْرَ كِتَابَةٍ ) فَلَا خِيَارَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلْعِتْقِ ( وَ ) غَيْرُ ( تَوَلِّي طُرُقِ عَقْدٍ ) فِي بَيْعٍ ، بِأَنْ انْفَرَدَ بِالْبَيْعِ وَاحِدٌ لِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَالشَّفِيعِ ( وَ ) غَيْرُ ( شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ) كَرَحِمِهِ الْمُحَرَّمِ ، لِعِتْقِهِ بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ بِالْعَقْدِ أَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ .
قَالَ ( الْمُنَقِّحُ : أَوْ يَعْتَرِفُ بِحُرِّيَّتِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِنْقَاذٌ لَا شِرَاءٌ حَقِيقَةً لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ ( وَكَبَيْعٍ ) فِي ثُبُوتِ خِيَارِ مَجْلِسٍ فِيهِ ( صُلْحٌ ) بِمَعْنَى بَيْعٍ ، بِأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ ثُمَّ صَالَحَهُ
عَنْهُ بِعِوَضٍ ( وَ ) كَبَيْعٍ ( قِسْمَةٌ ) بِمَعْنَى بَيْعٍ ، وَهِيَ قِسْمَةُ التَّرَاضِي .
( وَ ) كَبَيْعٍ ( هِبَةٌ بِمَعْنَاهُ ) وَهِيَ الَّتِي فِيهَا عِوَضٌ مَعْلُومٌ فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ ، كَالْبَيْعِ ( وَ ) كَبَيْعٍ ( إجَارَةٌ ) مُطْلَقًا .
( وَ ) كَبَيْعِ ( مَا ) أَيْ عَقَدَ ( قَبَضَهُ ) أَيْ الْعِوَضُ فِيهِ ( شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ ) أَيْ لِدَوَامِهَا ( كَصَرْفٍ وَسَلَمٍ وَ ) بَيْعٍ ( رِبَوِيٍّ ) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ ( بِجِنْسِهِ ) أَيْ بِرِبَوِيٍّ كَبَيْعِ بُرٍّ بِبُرٍّ مِثْلِهِ أَوْ بِشَعِيرٍ فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ مَوْضُوعُهُ النَّظَرُ فِي الْأَحَظِّ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا
وَ ( لَا ) يَثْبُتُ خِيَارُ مَجْلِسٍ ( فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ ) وَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ ، لِلِاسْتِغْنَاءِ بِجَوَازِهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْ فَسْخِهَا بِأَصْلِ وَضْعِهَا .
( وَ ) لَا فِي ( حَوَالَةٍ ) لِاسْتِقْلَالِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهَا ( وَ ) لَا فِي ( سَبْقٍ ) أَيْ مُسَابِقَةٍ ؛ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ .
( وَ ) لَا فِي ( نَحْوهَا ) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ ، كَوَقْفٍ وَضَمَانٍ وَرَهْنٍ
( وَيَبْقَى ) خِيَارُ مَجْلِسٍ حَيْثُ ثَبَتَ ( إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا ) لِلْخَبَرِ ، بِمَا يَعُدُّهُ النَّاسُ تَفَرُّقًا ( عُرْفًا ) لَا لِإِطْلَاقِ الشَّارِعِ التَّفَرُّقَ وَعَدَمَ بَيَانِهِ فَدَلَّ أَنَّهُ أَرَادَ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ كَالْقَبْضِ وَالْإِحْرَازِ فَإِنْ كَانَا فِي مَكَان وَاسِعٍ كَمَجْلِسٍ كَبِيرٍ وَصَحْرَاءَ فَبِمَشْيِ أَحَدِهِمَا مُسْتَدْبِرًا لِصَاحِبِهِ خَطَوَاتٍ ، وَلَوْ لَمْ يَبْعُدْ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ كَلَامَهُ فِي الْعَادَةِ خِلَافًا لِلْإِقْنَاعِ وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ ذَاتِ مَجَالِسَ وَبُيُوتٍ فَبِمُفَارَقَتِهِ إلَى بَيْتٍ آخَرَ أَوْ مَجْلِسٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ صَغِيرٍ فَبِصُعُودِ أَحَدِهِمَا السَّطْحَ أَيْ بِخُرُوجِهِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَا بِسَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ فَبِصُعُودِ أَحَدِهِمَا أَعْلَاهَا إنْ كَانَا أَسْفَلَ أَوْ نُزُولِهِ أَسْفَلَهَا إنْ كَانَا أَعْلَاهَا وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَبِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا مِنْهَا ( بِأَبْدَانِهِمَا ) فَإِنْ حَجَزَ مِنْهُمَا بِنَحْوِ حَائِطٍ أَوْ نَامَا لَمْ يُعَدَّ تَفَرُّقًا لِبَقَائِهِمَا بِأَبْدَانِهِمَا بِمَحَلِّ عَقْدٍ ، وَخِيَارُهُمَا بَاقٍ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ أَقَامَا كَرْهًا .
( وَ ) يَبْقَى خِيَارُهُمَا إنْ تَفَرَّقَا ( مَعَ إكْرَاهٍ ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا عَلَى التَّفَرُّقِ ( أَوْ ) تَفَرَّقَا مَعَ ( فَزَعٍ مِنْ مَخُوفٍ ) كَسَبُعٍ أَوْ ظَالِمٍ خَشَيَاهُ فَهَرَبَا مِنْهُ ( أَوْ ) تَفَرَّقَا مَعَ ( إلْجَاءٍ ) كَتَفَرُّقٍ ( بِسَيْلٍ ) أَوْ نَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( أَوْ ) تَفَرَّقَا مَعَ ( حَمْلٍ ) لَهُمَا ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ وَالْمُلْجَإِ كَعَدَمِهِ ، فَيَسْتَمِرُّ خِيَارُهُمَا ( إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسٍ زَالَ فِيهِ ) إكْرَاهٌ أَوْ إلْجَاءٌ وَإِنْ أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا وَنَحْوُهُ بَقِيَ خِيَارُهُ إلَى ذَلِكَ ، وَبَطَلَ خِيَارُ صَاحِبِهِ
( إلَّا إنْ تَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ ) بَيْنَهُمَا فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِهِ ( أَوْ يُسْقِطَاهُ ) أَيْ الْخِيَارَ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْبَيْعِ بَلْ التَّفَرُّقِ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمُسْقِطِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَسَقَطَ بِإِسْقَاطِهِ كَالشُّفْعَةِ
( وَإِنْ أَسْقَطَهُ ) أَيْ الْخِيَارَ ( أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ ( أَوْ قَالَ ) أَحَدُهُمَا ( لِصَاحِبِهِ : اخْتَرْ ) سَقَطَ خِيَارُ الْقَائِلِ و ( بَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ } أَيْ لَزِمَ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ ( وَتَحْرُمُ الْفُرْقَةُ خَشْيَةَ الِاسْتِقَالَةِ ) أَيْ خَشْيَةَ أَنْ يَفْسَخَ صَاحِبُهُ الْبَيْعَ فِي الْمَجْلِسِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا { الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا إلَّا أَنْ يَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ } رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْأَثْرَمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ يَمْشِي خَطَوَاتٍ لِيَلْزَمَ الْبَيْعُ " مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ
( وَيَنْقَطِعُ خِيَارُ ) مَجْلِسٍ ( بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ) أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ أَعْظَمُ الْفُرْقَتَيْنِ وَ ( لَا ) يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ ب ( جُنُونِهِ ) فِي الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ التَّفَرُّقِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْمَجْنُونُ ( عَلَى خِيَارِهِ إذَا أَفَاقَ ) مِنْ جُنُونِهِ ( وَلَا يَثْبُتُ ) الْخِيَارُ ( لِوَلِيِّهِ ) ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْمَبِيعِ وَعَدَمَهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ خَرِسَ قَامَتْ إشَارَتُهُ مَقَامَ نُطْقِهِ
الْقِسْمُ ( الثَّانِي ) مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ : خِيَارُ الشَّرْطِ ب ( أَنْ يَشْتَرِطَاهُ ) أَيْ يَشْتَرِطَ الْعَاقِدَانِ الْخِيَارَ ( فِي ) صُلْبِ ( الْعَقْدِ ، أَوْ ) يَشْتَرِطَاهُ بَعْدَهُ ( زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ) أَيْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حَالِ الْعَقْدِ ( إلَى أَمَدٍ مَعْلُومٍ فَيَصِحُّ ) وَلَوْ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِحَدِيثِ { الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ } وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَعْتَمِدُ الشَّرْطَ فَرَجَعَ فِي تَقْدِيرِهِ إلَى مُشْتَرِطِهِ كَالْأَجَلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ : وَلَمْ يَثْبُتْ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِثَلَاثٍ .
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ خِلَافُهُ وَعُلِمَ مِنْهُ : أَنَّهُ يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ بَعْدَ لُزُومِ بَيْعٍ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ .
( وَلَوْ ) كَانَ الْخِيَارُ الْمَشْرُوطُ ( فِيمَا ) أَيْ عَقْدِ بَيْعٍ ( يَفْسُدُ ) مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فِيهِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ انْتِهَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ ، كَأَنْ تَبَايَعَا بِطِّيخًا وَشُرِطَ الْخِيَارُ فِيهِ أَكْثَر مِنْ يَوْمَيْنِ فَيَصِحُّ ( وَيُبَاعُ ) الْبِطِّيخُ أَيْ يَبِيعُهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ الْحَاكِمِ ( وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى مُضِيِّ الْخِيَارِ فَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ مُضِيِّهِ أَخَذَهُ بَائِعٌ وَإِلَّا أَخَذَهُ مُشْتَرٍ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي فِي رَهْنِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ عَلَى مُؤَجَّلٍ
وَ ( لَا ) يَصِحُّ شَرْطُ خِيَارٍ ( فِي عَقْدِ ) بَيْعٍ مُؤَجَّلٍ جُعِلَ ( حِيلَةً لِيَرْبَحَ فِي قَرْضٍ فَيَحْرُمُ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمُحَرَّمٍ ( وَلَا خِيَارَ ، وَلَا يَحِلُّ تَصَرُّفُهُمَا ) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي ثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ قَالَ ( الْمُنَقِّحُ : فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ ) كَسَائِرِ الْحِيَلِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا لِمُحَرَّمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً عَلَى الرِّبْحِ فِي الْقَرْضِ بَلْ حِفْظًا لِلْمَالِ أَوْ الْمَبِيعِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِإِتْلَافِهِ أَوْ بِيَدِ بَائِعِهِ وَنَحْوِهِ صَحَّ
( وَيَثْبُتُ ) خِيَارٌ شَرَطَاهُ ( فِي بَيْعٍ وَصُلْحٍ ) بِمَعْنَاهُ ( وَقِسْمَةٍ بِمَعْنَاهُ ) وَهِبَةٍ بِمَعْنَاهُ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ .
( وَ ) يَثْبُتُ فِي ( إجَارَةٍ فِي ذِمَّةٍ ) كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ لِغَبْنٍ ، أَشْبَهَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ ( أَوْ ) أَيْ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ ( مُدَّةٍ لَا تَلِي الْعَقْدَ ) إنْ انْقَضَى قَبْلَ دُخُولِهَا ، كَمَا لَوْ أَجَّرَهُ دَارِهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ فِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ مُدَّةً مَعْلُومَةً تَنْقَضِي قَبْلَ دُخُولِ سَنَةِ ثَلَاثٍ ، فَإِنْ وَلِيَتْهُ أَوْ دَخَلَتْ فِي مُدَّة إجَارَةٍ فَلَا ؛ لِأَدَائِهِ إلَى فَوَاتِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا أَوْ اسْتِيفَائِهَا فِي مُدَّة الْخِيَارِ ، وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ ضَمَانٍ وَغَيْرِهِ
( لَا ) يَثْبُتُ خِيَارُ شَرْطٍ ( فِيمَا ) أَيْ بَيْعٍ ( قَبَضَهُ ) أَيْ قَبَضَ عِوَضَهُ ( شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ ) أَيْ الْعَقْدِ عَلَيْهِ مِنْ صَرْفٍ وَسَلَمٍ وَرِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ ، لِأَنَّ وَضْعَهَا عَلَى أَنْ لَا يَبْقَى بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَّقَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ لِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِيهَا يُنَافِي ذَلِكَ ، فَيَلْغُو الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ
( وَابْتِدَاءُ مُدَّةٍ ) أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ ( مِنْ ) حِينِ ( عَقْدٍ ) شُرِطَ فِيهِ كَأَجَلِ ثَمَنٍ فَإِنْ شُرِطَ بَعْدَ عَقْدٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ فَمِنْ حِينِ شُرِطَ مِنْ تَفَرُّقٍ لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَتِهِ وَإِنْ شُرِطَ ( وَيَسْقُطُ ) خِيَارُ شَرْطٍ ( بِأَوَّلِ الْغَايَةِ فَ ) إنْ شُرِطَ إلَى رَجَبٍ سَقَطَ بِأَوَّلِهِ وَ ( إلَى صَلَاةٍ ) مَكْتُوبَةٍ كَالظُّهْرِ سَقَطَ ( بِدُخُولِ وَقْتِهَا ، ك ) مَا إذَا شُرِطَ إلَى ( الْغَدِ ) فَيَسْقُطُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ ؛ لِأَنَّ " إلَى " لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فَلَا يَدْخُلُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا وَالْأَصْلُ لُزُومُ الْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا خُولِفَ فِيمَا اقْتَضَاهُ الشَّرْطُ فَيَثْبُتُ مَا تُيُقِّنَ مِنْهُ دُونَ الزَّائِدِ ( وَإِنْ شَرَطَاهُ ) أَيْ الْخِيَارَ شَهْرًا مَثَلًا ( يَوْمًا ) يَثْبُتُ ( وَيَوْمًا ) لَا يَثْبُتُ ( صَحَّ ) الْبَيْعُ ( فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ) لِإِمْكَانِهِ ( فَقَطْ ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَمْ يَعُدْ إلَى الْجَوَازِ
( وَيَصِحُّ شَرْطُهُ ) أَيْ الْخِيَارِ ( لَهُمَا ) أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ( وَلَوْ ) كَانَا ( وَكِيلَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي تَحْصِيلِ الْأَحَظِّ مُفَوَّضٌ إلَى الْوَكِيلِ ( كَ ) مَا يَصِحُّ شَرْطُهُ ل ( مُوَكِّلَيْهِمَا ) ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ لَهُمَا حَقِيقَةً ( وَإِنْ لَمْ يَأْمُرَاهُمَا ) أَيْ يَأْمُرْ الْمُوَكِّلَانِ الْوَكِيلَيْنِ ( بِهِ ) أَيْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ طَلَبَ الْحَظِّ مُفَوَّضٌ إلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ شَرَطَهُ وَكِيلٌ لِنَفْسِهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ
( وَ ) يَصِحُّ شَرْطُ خِيَارٍ ( فِي ) مَبِيعٍ ( مُعَيَّنٍ مِنْ مَبِيعَيْنِ بِعَقْدٍ ) وَاحِدٍ ، كَعَبْدَيْنِ بِيعَا صَفْقَةً وَشُرِطَ الْخِيَارُ فِي أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ ، كَبَيْعِ مَا فِيهِ شُفْعَةٌ مَعَ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَإِنْ شُرِطَ الْخِيَارُ فِي أَحَدِهِمَا مُبْهَمًا فَفَاسِدٌ
( وَمَتَى فُسِخَ ) الْبَيْعُ ( فِيهِ ) أَيْ فِيمَا فِيهِ الْخِيَارُ مِنْهُمَا ( رَجَعَ ) مُشْتَرٍ أَقْبَضَ ثَمَنَهُمَا ( بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ ) كَمَا لَوْ رَدَّ أَحَدَهُمَا لِعَيْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْبَضَهُ سَقَطَ عَنْهُ بِقِسْطِهِ وَدَفَعَ الْبَاقِيَ
( وَ ) يَصِحُّ شَرْطُ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ( مُتَفَاوِتًا ) بِأَنْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا شَهْرًا وَلِلْآخَرِ سَنَةً .
( وَ ) يَصِحُّ شَرْطٌ ( لِأَحَدِهِمَا ) دُونَ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا جُوِّزَ رِفْقًا بِهِمَا فَكَيْفَمَا تَرَاضَيَا بِهِ جَازَ .
( وَ ) يَصِحُّ شَرْطُ بَائِعَيْنِ غَيْرِ وَكِيلَيْنِ الْخِيَارُ ( لِغَيْرِهِمَا ) وَمِنْهُ عَلَى أَنْ اسْتَأْمَرَا فُلَانًا يَوْمًا وَلَهُ الْفَسْخُ قَبْلَهُ ( وَلَوْ ) كَانَ الْغَيْرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارُ ( الْمَبِيعَ ) بِأَنْ تَبَايَعَا قِنًّا وَشَرَطَا لَهُ الْخِيَارَ ( وَيَكُونُ ) جَعْلُ الْخِيَارِ لِلْغَيْرِ ( تَوْكِيلًا ) مِنْهُمَا ( لَهُ فِيهِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَقَامَاهُ مَقَامَهُمَا فَ ( لَا ) يَصِحُّ جَعْلُهُمَا الْخِيَارَ ( لَهُ ) أَيْ لِغَيْرِهِمَا ( دُونَهُمَا ) ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْأَحَظِّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، فَلَا يَكُونُ لِمَنْ لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ
( وَلَا يَفْتَقِرُ فَسْخُ مَنْ يَمْلِكُهُ ) مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ( إلَى حُضُورِ صَاحِبِهِ ) الْعَاقِدِ مَعَهُ ( وَلَا ) إلَى ( رِضَاهُ ) ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ حَلُّ عَقْدٍ جُعِلَ إلَيْهِ ، فَجَازَ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَمَعَ سَخَطِهِ كَالطَّلَاقِ
( وَإِنْ مَضَى زَمَنُهُ ) أَيْ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ ( وَلَمْ يَفْسَخْ ) الْبَيْعَ مَشْرُوطٌ لَهُ ( لَزِمَ ) الْبَيْعُ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى بَقَاءِ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّتِهِ الْمَشْرُوطَةِ ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ
( وَيَنْتَقِلُ مِلْكٌ ) فِي مَبِيعٍ إلَى مُشْتَرٍ وَفِي ثَمَنٍ إلَى بَائِعٍ ( بِعَقْدٍ ) سَوَاءٌ شُرِطَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا " أَيًّا كَانَ لِظَاهِرِ حَدِيثِ { مَنْ بَايَعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَجَعَلَ الْمَالَ لِلْمُبْتَاعِ بِاشْتِرَاطِهِ وَأَطْلَقَ الْبَيْعَ فَشَمَلَ بَيْعَ الْخِيَارِ ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ تَمْلِيكٌ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ بِقَوْلِ مَلَّكْتُكَ ، فَيَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ يُحَقِّقُهُ أَنَّ التَّمَلُّكَ يَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي وَيَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا يُنَافِيهِ
( وَلَوْ فَسَخَاهُ ) أَيْ الْبَيْعَ ( بَعْدُ ) بِخِيَارٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ تَقَايُلٍ وَنَحْوِهَا ( فَيَعْتِقُ بِشِرَاءٍ ) ( مَا ) أَيْ رَقِيقٌ ( يَعْتِقُ عَلَى مُشْتَرٍ ) لِرَحِمٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ اعْتِرَافٍ بِحُرِّيَّةٍ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحٌ بِشِرَاءِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ ( وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ نَفَقَةُ حَيَوَانٍ مَبِيعٍ وَ ( فِطْرَةُ ) قِنٍّ ( مَبِيعٍ ) بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ قَبْلَ فَسْخِهِ
( وَكَسْبُهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( وَنَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ ) مُدَّةَ خِيَارٍ ( لَهُ ) أَيْ لِمُشْتَرٍ لِحَدِيثِ { الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَيَتْبَعُ نَمَاءٌ مُتَّصِلَ الْمَبِيعِ لِتَعَذُّرِ انْفِصَالِهِ ( وَمَا أَوْلَدَ ) مُشْتَرٍ مِنْ أَمَةٍ مَبِيعَةٍ وَطِئَهَا زَمَنَ الْخِيَارِ ( فَأُمُّ وَلَدٍ ) لَهُ ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ مِلْكًا لَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْبَلَهَا بَعْدَ مُدَّة الْخِيَارِ ( وَوَلَدُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( حُرٌّ ) ثَابِتُ النَّسَبِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَمْلُوكَتِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ ( وَعَلَى بَائِعٍ بِوَطْءِ ) مَبِيعَةٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ( الْمَهْرُ ) لِمُشْتَرٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ جَهِلَ .
( وَ ) عَلَيْهِ ( مَعَ عِلْمِ تَحْرِيمِهِ ) أَيْ الْوَطْءِ ( وَ ) عِلْمِ ( زَوَالِ مِلْكِهِ ) عَنْ مَبِيعٍ بِعَقْدٍ ( وَأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِوَطْئِهِ ) الْمَبِيعَةَ ( الْحَدُّ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ وَطْئَهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكًا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ ( وَوَلَدُهُ ) أَيْ الْبَائِعِ مَعَ عِلْمِهِ بِمَا سَبَقَ ( قِنٌّ ) لِمُشْتَرٍ ، وَمَعَ جَهْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَلَدُ حُرٌّ ، وَيَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وِلَادَةٍ لِمُشْتَرٍ وَلَا حَدَّ ( وَالْحَمْلُ وَقْتَ عَقْدِ مَبِيعٍ لِإِنْمَاءٍ ) لِلْمَبِيعِ فَهُوَ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ ( فَتُرَدُّ الْأُمَّاتُ بِعَيْبٍ بِقِسْطِهَِا ) مِنْ الثَّمَنِ كَعَيْنٍ مَعِيبَةٍ بِيعَتْ مَعَ غَيْرِهَا وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ : قِيَاسُ الْمَذْهَبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِجْرَاءُ لَا الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ فَيُرَدُّ مَعَهَا قَالَ وَهُوَ أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ فِيمَا إذَا رُدَّتْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ قُلْت : فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً رُدَّتْ هِيَ وَوَلَدُهَا لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ
( وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُمَا ) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ ( مَعَ خِيَارِهِمَا ) أَيْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا زَمَنَهُ ( فِي ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ ) أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَبْضٍ ( وَمُثَمَّنٍ ) لِزَوَالِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَعَدَمِ انْقِطَاعِ عَلَقِ زَائِلِ الْمِلْكِ عَنْهُ ( وَيَنْفُذُ عِتْقُ مُشْتَرٍ ) أَعْتَقَ الْمَبِيعَ زَمَنَ خِيَارِ بَائِعٍ لِقُوَّتِهِ وَسِرَايَتِهِ ، وَمِلْكُ بَائِعٍ الْفَسْخَ لَا يَمْنَعُهُ وَيَسْقُطُ فَسْخُهُ إذَنْ ، كَمَا لَوْ وَهَبَ ابْنَهُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ بَائِعٍ لِمَبِيعٍ وَلَا شَيْءَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَ ( لَا ) يَنْفُذُ ( غَيْرُ عِتْقٍ ) كَوَقْفٍ وَإِجَارَةٍ مِنْ مُشْتَرٍ ( مَعَ خِيَارِ الْآخَرِ ) أَيْ الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ عُلَقُهُ عَنْ الْمَبِيعِ ( إلَّا ) إذَا انْصَرَفَ مُشْتَرٍ ( مَعَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ كَانَ أَجَّرَهُ أَوْ بَاعَهُ لَهُ ( أَوْ ) إلَّا إذَا انْصَرَفَ مُشْتَرٍ ( بِإِذْنِهِ ) أَيْ الْبَائِعِ فَيَنْفُذُ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا ( وَلَا يَتَصَرَّفُ بَائِعٌ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لَهُ أَوْ لِمُشْتَرٍ ( إلَّا بِتَوْكِيلِ مُشْتَرٍ ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا إنْ وَكَّلَهُ فِي نَحْو بَيْعٍ مِمَّا يَنْقُلُ الْمِلْكَ .
( وَلَيْسَ ) تَصَرُّفُ بَائِعٍ شُرِطَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ ( فَسْخًا ) لِبَيْعٍ نَصًّا ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفُهُ اسْتِرْجَاعًا ، كَوُجُودِ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ أَفْلَسَ ( وَتَصَرُّفُ مُشْتَرٍ ) فِي مَبِيعٍ شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ زَمَنَهُ ( بِيعَ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ لَمْسٍ ) لِأَمَةٍ مُبْتَاعَةٍ ( لِشَهْوَةٍ وَنَحْوِهِ ) كَتَقْبِيلِهَا ( وَسَوْمِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ ، بِأَنْ عَرَضَهُ لِلْبَيْعِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى تَصَرُّفُ ( إمْضَاءٌ ) لِلْبَيْعِ خَبَرُ تَصَرُّفُ ( وَإِسْقَاطُ الْخِيَارَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الرِّضَا بِالْبَيْعِ وَكَذَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَمُسَاقَاةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِقْنَاعِ فِي الْإِجَارَةِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَ ( لَا
) يَسْقُطُ خِيَارُ مُشْتَرٍ بِتَصَرُّفٍ فِي مَبِيعٍ ( لِتَجْرِبَةٍ ) كَرُكُوبِ دَابَّةٍ لِيَنْظُرَ سَيْرَهَا وَحَلْبِ شَاةٍ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ لَبَنِهَا ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْخِيَارِ فَلَمْ يَبْطُلْ بِهِ ( كَ ) مَا لَا يَسْقُطُ بِ ( اسْتِخْدَامٍ ) وَلَوْ لِغَيْرِ تَجْرِبَةٍ ( وَلَا ) يَسْقُطُ ( إنْ قَبَّلَتْهُ ) الْأَمَةُ ( الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَمْنَعْهَا ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى إبْطَالِهِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَا لَهَا
( وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا ) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ خِيَارَ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ ( بِتَلَفِ مَبِيعٍ بَعْدَ قَبْضٍ ) وَكَذَا قَبْلَهُ مِمَّا هُوَ مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ ، بِخِلَافِ نَحْو مَا اُشْتُرِيَ بِكَيْلٍ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ وَيَبْطُلُ مَعَهُ الْخِيَارُ ( وَ ) ب ( إتْلَافِ مُشْتَرٍ إيَّاهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ ( مُطْلَقًا ) أَيْ قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ ، اشْتَرَى بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ لَا ، لِاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَالْخِيَارُ يُسْقِطُهُ ، وَكَخِيَارِ الْعَيْبِ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ
( وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بِأَمَةٍ ) بِشَرْطِ الْخِيَارِ ( فَمَاتَ الْعَبْدُ ) قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ خِيَارٍ ( وَوَجَدَ بِهَا ) أَيْ الْأَمَةِ ( عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا ) عَلَى بَاذِلِهَا بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ لَمْ يَتْلَفْ الْعَبْدُ ( وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ) عَلَى مُشْتَرٍ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ
( وَيُوَرَّثُ خِيَارُ الشَّرْطِ إنْ طَالَبَ بِهِ ) مُسْتَحِقُّهُ ( قَبْلَ مَوْتِهِ ) كَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ فَسْخٍ ثَبَتَ لَا لِفَوَاتِ جُزْءٍ ، فَلَمْ يُوَرَّثْ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ ( وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ ) أَيْ الطَّلَبُ قَبْلَ الْمَوْتِ ( فِي إرْثِ خِيَارِ غَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ خِيَارِ الشَّرْطِ ، كَخِيَارِ عَيْبٍ وَتَدْلِيسٍ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِ ثَبَتَ لِمُوَرِّثٍ فَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ ، كَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ ، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَالِ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَقِيلٍ
الْقِسْمُ ( الثَّالِثُ ) مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ ( خِيَارُ غَبْنٍ يَخْرُجُ عَنْ عَادَةٍ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَحْدِيدِهِ فَرَجَعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَادَةٍ فَلَا فَسْخَ ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ ( وَيَثْبُتُ ) خِيَارُ غَبْنٍ وَلَوْ وَكِيلًا قَبْلَ إعْلَامِ مُوَكِّلِهِ فِي ثَلَاثَةِ صُوَرٍ إحْدَاهَا ( لِرُكْبَانٍ ) جَمْعُ رَاكِبٍ يَعْنِي الْقَادِمَ مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ مَاشِيًا ( تُلُقُّوا ) أَيْ تَلَقَّاهُمْ حَاضِرٌ عِنْدَ قُرْبِهِمْ مِنْ الْبَلَدِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْمُتَلَقِّي ( بِلَا قَصْدٍ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِإِزَالَةِ ضَرَرِهِمْ بِالْغَبَنِ .
وَلَا أَثَرَ لِلْقَصْدِ فِيهِ ( إذَا بَاعُوا ) أَيْ الرُّكْبَانُ ( أَوْ اشْتَرَوْا ) قَبْلَ الْعِلْمِ بِالسِّعْرِ ( وَغُبِنُوا ) لِحَدِيثِ { لَا تَلَقَّوْا الْجَلْبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِذَا أَتَى السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَصَحَّ الشِّرَاءُ مَعَ النَّهْيِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِمَعْنَى فِي الْبَيْعِ ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْخَدِيعَةِ وَيُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا بِالْخِيَارِ أَشْبَهَ الْمُصَرَّاةَ .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ ( وَالْمُسْتَرْسَلُ غَبْنٌ .
وَهُوَ ) مَنْ اسْتَرْسَلَ إذَا اطْمَأَنَّ وَاسْتَأْنَسَ وَشَرْعًا ( مَنْ جَهِلَ الْقِيمَةَ ) أَيْ قِيمَةَ الْمَبِيعِ ( وَلَا يُحْسِنُ يُمَاكِسُ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الْغَبْنُ لِجَهْلِهِ بِالْبَيْعِ أَشْبَهَ الْقَادِمَ مِنْ سَفَرٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي جَهْلِ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ قَرِينَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْإِقْنَاعِ ، وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : الْأَظْهَرُ : احْتِيَاجُهُ لِلْبَيِّنَةِ .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أُشِيرَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ ( وَفِي نَجْشٍ ، بِأَنْ يُزَايِدَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً ) لِيُغْرِهِ ، مِنْ نَجَشْتُ الصَّيْدَ إذَا أَثَرْتُهُ ، كَأَنَّ الْمُنَاجِشَ يُثِيرُ كَثْرَةَ الثَّمَنِ بِنَجْشِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ : وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُزَايِدُ عَالِمًا بِالْقِيمَةِ وَالْمُشْتَرِي جَاهِلًا
بِهَا ( وَلَوْ ) كَانَتْ الْمُزَايَدَةُ ( بِلَا مُوَاطَأَةٍ ) مَعَ بَائِعٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ( وَمِنْهُ ) أَيْ النَّجْشِ : قَوْلُ بَائِعٍ ( أُعْطِيتُ ) فِي السِّلْعَةِ .
( كَذَا ، وَهُوَ ) أَيْ الْبَائِعُ ( كَاذِبٌ ) وَيَحْرُمُ النَّجْشُ لِتَغْرِيرِهِ الْمُشْتَرِيَ وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَى بَائِعٍ سَوْمُ مُشْتَرٍ كَثِيرًا لِيَبْذُلَ قَرِيبًا مِنْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَإِذَا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا وَكَانَ زَائِدًا عَمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ ( وَلَا أَرْشَ ) لِمَغْبُونٍ ( مَعَ إمْسَاكِ ) مَبِيعٍ ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ وَلَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ مَبِيعٍ يَأْخُذُ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَتِهِ ( وَمَنْ قَالَ ) مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ( عِنْدَ الْعَقْدِ : لَا خِلَابَةَ ) أَيْ خَدِيعَةَ ( فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا خُلِبَ ) أَيْ خُدِعَ وَمِنْهُ : إذَا لَمْ تَغْلِبْ فَأَخْلِبْ لِمَا رُوِيَ { أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ : إذَا بَايَعَتْ فَقُلْ : لَا خِلَابَةَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْخَدِيعَةُ .
( وَالْغَبْنُ مُحَرَّمٌ ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِالْمُشْتَرِي ( وَخِيَارُهُ ) أَيْ الْغَبْنِ ( ك ) خِيَارِ ( عَيْبٍ فِي عَدَمِ فَوْرِيَّةٍ ) لِثُبُوتِهِ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا رِضًى كَالْقِصَاصِ ( وَلَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ ) لِغَبْنٍ ( تَعَيُّبُهُ ) أَيْ حُدُوثُ عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ عِنْدَ مُشْتَرٍ ( وَعَلَى مُشْتَرٍ الْأَرْشُ ) لِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ إذَا رَدَّهُ ، كَالْمَعِيبِ أَيْ قَدِيمًا إذَا تَعَيَّبَ عِنْدَهُ وَرَدَّهُ ( وَلَا ) يَمْنَعُ الْفَسْخَ ( تَلَفُهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( قِيمَتُهُ ) لِبَائِعِهِ ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا ( وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ عَلَامَةٍ تَنْفِي الْغَبْنَ عَمَّنْ يُغْبَنُ كَثِيرًا ) ؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ ( وَكَبَيْعٍ ) فِي غَبْنٍ ( إجَارَةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ ( لَا نِكَاحٌ
) فَلَا فَسْخَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إنْ غُبِنَ فِي الْمُسَمَّى ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ رُكْنًا فِي النِّكَاحِ .
وَإِذَا فَسَخَ ) مُؤَجِّرٌ غُرَّ فَأَجَّرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ ( فِي أَثْنَائِهَا ) أَيْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ( رَجَعَ ) عَلَى مُسْتَأْجِرٍ ( بِالْقِسْطِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ) لِمَا مَضَى وَ ( لَا ) يَرْجِعُ بِالْقِسْطِ ( مِنْ ) الْأَجْرِ ( الْمُسَمَّى ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَدْرِكُ بِهِ ظِلَامَةَ الْغَبْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ - أَيْ لِمُسَمًّى - لِمُدَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ بِمُؤَجَّرَةٍ فَفَسَخَ ، فَيَرْجِعُ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ بِذَلِكَ ظِلَامَتَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِسْطِهِ مِنْهَا مَعِيبًا فَيَرْتَفِعُ عَنْهُ الضَّرَرُ بِذَلِكَ نَقَلَهُ الْمَجْدُ عَنْ الْقَاضِي
الْقِسْمُ ( الرَّابِعُ : خِيَارُ التَّدْلِيسِ ) مِنْ الدَّلَسِ بِالتَّحْرِيكِ بِمَعْنَى الظُّلْمَةِ كَأَنَّ الْبَائِعَ بِفِعْلِهِ الْآتِيَ صَيَّرَ الْمُشْتَرِي فِي ظُلْمَةٍ ( بِمَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا ( كَتَصْرِيَةِ اللَّبَنِ ) أَيْ جَمْعِهِ ( فِي الضَّرْعِ ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( وَ ) ك ( تَحْمِيرِ وَجْهٍ وَتَسْوِيدِ شَعْرٍ ) رَقِيقٍ ( وَتَجْعِيدِهِ ) أَيْ الشَّعْرِ ( وَ ) ك ( جَمْعِ مَاءِ الرَّحَى ) الَّتِي تَدُورُ بِالْمَاءِ ( وَإِرْسَالِهِ ) أَيْ الْمَاءِ ( عِنْدَ عَرْضِ ) هَا لِبَيْعٍ لِيَشْتَدَّ دَوَرَانُ الرَّحَى إذَنْ ، فَيَظُنَّهُ الْمُشْتَرِي عَادَةً فَيَزِيدُ فِي الثَّمَنِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لِمُشْتَرٍ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ كَالْمُصَرَّاةِ ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ لِمُشْتَرٍ أَشْبَهَ النَّجْشَ .
وَكَذَا تَحْسِينُ وَجْهِ الصُّبْرَةِ أَوْ الثَّوْبِ وَصَقْلُ وَجَعِ الْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ ، بِخِلَافِ عَلَفِ الدَّابَّةِ حَتَّى تَمْتَلِئَ خَوَاصِرُهَا ، فَيَظُنُّ حَمْلَهَا ، وَتَسْوِيدِ أَنَامِلِ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبِهِ ، لِيُظَنَّ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ حَدَّادٌ ؛ وَكِبَرِ ضَرْعِ الشَّاةِ خِلْقَةً ، بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهَا كَثِيرَةُ اللَّبَنِ فَلَا خِيَارَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْجِهَةِ الَّتِي ظُنَّتْ ( وَيَحْرُمُ ) تَدْلِيسٌ ( كَ ) تَحْرِيمِ ( كَتْمِ عَيْبٍ ) لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا { الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إلَّا بَيَّنَهُ لَهُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَحَدِيثِ { مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } وَحَدِيثِ { مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتٍ مِنْ اللَّهِ وَلَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ( وَيَثْبُتُ لِمُشْتَرٍ ) بِتَدْلِيسٍ ( خِيَارُ الرَّدِّ .
وَلَوْ حَصَلَ ) التَّدْلِيسُ فِي مَبِيعٍ ( بِلَا قَصْدٍ ) كَحُمْرَةِ وَجْهِ الْجَارِيَةِ لِخَجَلٍ
أَوْ تَعَبٍ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إزَالَةِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَلِمَ مُشْتَرٍ بِتَدْلِيسٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَكَذَا لَوْ دَلَّسَهُ بِمَا لَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ كَتَسْبِيطِ الشَّعْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي ( وَمَتَى عَلِمَ ) مُشْتَرٍ ( التَّصْرِيَةَ خُيِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُنْذُ عَلِمَ ) بِهَا لِحَدِيثِ { مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( بَيْنَ إمْسَاكٍ بِلَا أَرْشٍ ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ ( وَ ) بَيْنَ ( رَدٍّ مَعَ صَاعِ تَمْرٍ سَلِيمٍ إنْ حَلَبَهَا ) لِلْخَبَرِ ( وَلَوْ زَادَ ) صَاعَ التَّمْرِ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْمُصَرَّاةِ ( قِيمَةً ) نَصًّا لِظَاهِرِ الْخَبَرِ .
( وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ ) مُصَرَّاةٌ ( بِغَيْرِهَا ) أَيْ التَّصْرِيَةِ ، كَعَيْبٍ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ وَلَهُ رَدُّهَا بَعْدَ رِضَاهُ بِالتَّصْرِيَةِ ، بِعَيْبٍ غَيْرِهَا وَإِذَا عَدِمَ ) التَّمْرَ بِمَحَلِّ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ ( فَ ) عَلَيْهِ ( قِيمَتُهُ ) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مِثْلِهِ عِنْدَ إعْوَازِهِ ( مَوْضِعُ عَقْدٍ ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْوُجُوبِ ( وَيُقْبَلُ رَدُّ اللَّبَنِ ) الْمَحْلُوبِ مِنْ مُصَرَّاةٍ إنْ كَانَ ( بِحَالِهِ ) لَمْ يَتَغَيَّرْ ( بَدَلَ التَّمْرِ ) كَرَدِّهَا بِهِ قَبْلَ الْحَلْبِ إنْ ثَبَتَتْ التَّصْرِيَةُ ( وَ ) خِيَارُ ( غَيْرِهَا ) أَيْ الْمُصَرَّاةِ ( عَلَى التَّرَاخِي ك ) خِيَارِ ( مَعِيبٍ ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَبْنِ .
( وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا ) أَيْ الْمُصَرَّاةِ ( عَادَةً سَقَطَ الرَّدُّ ) بِالتَّصْرِيَةِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ ( كَعَيْبٍ زَالَ ) مَعَ مَبِيعٍ قَبْلَ رَدٍّ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ ( وَ ) كَأَمَةٍ ( مُزَوَّجَةٍ ) اشْتَرَاهَا وَ ( بَانَتْ ) قَبْلَ رَدِّهَا فَيَسْقُطُ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَا ( وَإِنْ كَانَ ) وَقْتَ عَقْدٍ ( بِغَيْرِ مُصَرَّاةِ لَبَنٍ كَثِيرٍ فَحَلَبَهُ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ رَدَّهُ ) أَيْ اللَّبَنَ إنْ بَقِيَ ( أَوْ ) رَدَّ (
مِثْلَهُ إنْ عَدِمَ ) اللَّبَنَ ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ وَلَا بَدَلُهُ ، وَمَا حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَرُدُّهُ وَإِنْ كَثُرَ ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( رَدُّ مُصَرَّاةٍ مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) كَأَمَةٍ وَأَتَانٍ ( مَجَّانًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ عَادَةً قَالَ فِي الْفُرُوعِ : كَذَا قَالُوا وَلَيْسَ بِمَانِعٍ قَالَ ( الْمُنَقِّحُ : بَلْ قِيمَةُ مَا تَلِفَ مِنْ اللَّبَنِ ) إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ قُلْتُ : الْقِيَاسُ بِمِثْلِهِ ، كَبَاقِي الْمُتْلَفَاتِ
الْقِسْمُ ( الْخَامِسُ : خِيَارُ الْعَيْبِ وَمَا بِمَعْنَاهُ ) أَيْ الْعَيْبِ وَيَأْتِي ( وَهُوَ ) أَيْ الْعَيْبُ وَمَا بِمَعْنَاهُ ( نَقْصُ مَبِيعٍ ) وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهِ قِيمَتُهُ ، بَلْ زَادَتْ كَخِصَاءٍ ( أَوْ ) نَقْصُ ( قِيمَتِهِ عَادَةً ) فَمَا عَدَّهُ التُّجَّارُ مُنْقِصًا أُنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ نَصٌّ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُ فَرُجِعَ فِيهِ إلَى أَهْلِ الشَّأْنِ ( كَمَرَضٍ ) بِحَيَوَانٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى جَمِيعِ حَالَاتِهِ ( وَ ) ك ( بَخَرٍ ) فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ( وَحَوَلٍ وَخَرَسٍ وَكَلَفٍ وَطَرَشٍ وَقَرَعٍ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيحٌ مُنْكَرَةٌ ( وَتَحْرِيمٍ عَامٍّ ) بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ ( كَمَجُوسِيَّةٍ ) بِخِلَافِ نَحْوِ أُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ ( وَ ) ك ( عَفَلٍ وَقَرَنٍ وَفَتَقٍ وَرَتَقٍ ) وَتَأْتِي فِي النِّكَاحِ ( وَ ) ك ( اسْتِحَاضَةٍ وَجُنُونٍ وَسَعَالٍ وَبَحَّةٍ وَحَمْلِ أَمَةٍ ) لَا بَهِيمَةٍ فَهُوَ زِيَادَةٌ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِاللَّحْمِ ( وَ ) ك ( ذَهَابِ جَارِحَةٍ ) كَأُصْبُعِ مَبِيعٍ ( أَوْ ) ذَهَابِ ( سِنٍّ مِنْ كَبِيرٍ ) أَيْ مِمَّنْ ثُغِرَ وَلَوْ آخِرَ أَضْرَاسٍ ( وَ ) ك ( زِيَادَتِهَا ) أَيْ الْجَارِحَةِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ أَوْ السِّنُّ ( وَ ) ك ( زِنَا مَنْ بَلَغَ عَشْرًا ) نَصًّا مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ .
( وَ ) ك ( شُرْبِهِ مُسْكِرًا ، وَإِبَاقِهِ وَسَرِقَتِهِ ، وَبَوْلِهِ فِي فِرَاشِهِ ) فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ دُونَ عَشْرٍ فَلَيْسَ عَيْبًا ( وَحَمَقِ كَبِيرٍ ) أَيْ بَالِغٍ ( وَهُوَ ) أَيْ الْحَمَقُ ( ارْتِكَابُهُ الْخَطَأَ عَلَى بَصِيرَةٍ وَكَفَزَعِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ الْكَبِيرِ فَزَعًا ( شَدِيدًا ، وَكَوْنُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( أَعْسَرَ لَا يَعْمَلُ بِيَمِينِهِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ ) فَإِنْ عَمِلَ فَزِيَادَةُ خَيْرٍ وَكَثْرَةُ كَذِبٍ وَتَخْنِيثٍ ، وَكَوْنُهُ خُنْثَى وَإِهْمَالِ الْأَدَبِ وَالْوَقَارِ فِي مَحَالِّهِمَا نَصًّا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الْجَلَبِ وَالصَّغِيرِ ( وَعَدَمِ خِتَانِ ذَكَرٍ ) كَبِيرٍ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ لَا صَغِيرٍ وَلَا أُنْثَى ( وَعَثْرَةِ مَرْكُوبٍ وَكَدْمِهِ ) أَيْ عَضِّهِ ( وَرَفْسِهِ وَحَرَنِهِ وَكَوْنُهُ شَمُوسًا أَوْ بِعَيْنَيْهِ ظَفْرَةٌ ،
وَ ) مَا بِمَعْنَى الْعَيْنِ ك ( طُولِ مُدَّة نَقْلِ مَا فِي دَارٍ ) مَبِيعَةٍ ( عُرْفًا ) لِطُولِ تَأَخُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ بِلَا شَرْطٍ ، كَمَا لَوْ كَانَتْ مُؤَجَّرَةً فَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّة عُرْفًا فَلَا خِيَارَ ( وَلَا أُجْرَةَ ) عَلَى بَائِعٍ ( لِمُدَّةِ نَقْلٍ اتَّصَلَ عَادَةً ) وَلَوْ طَالَ حَيْثُ لَمْ يَفْسَخْ مُشْتَرٍ لِتَضَمُّنِ إمْسَاكِهِ الرِّضَا بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ زَمَنَ النَّقْلِ وَمَفْهُومُهُ : إنْ لَمْ يَتَّصِلْ عَادَةً وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ جَمْعُ الْحَمَّالِينَ وَلَا التَّحْوِيلُ لَيْلًا .
( وَتَثْبُتُ الْيَدُ ) أَيْ يَدُ مُشْتَرٍ عَلَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ ، فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِهَا أَمْتِعَةُ الْبَائِعِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهَا ( وَتُسَوَّى الْحُفَرُ ) الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِاسْتِخْرَاجِ دَفِينٍ ، فَيُعِيدُهَا كَمَا كَانَتْ حِينَ الشِّرَاءِ ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ لَحِقَ الْأَرْضَ لِاسْتِصْلَاحِ مَا لَهُ الْمَخْرَجُ فَكَانَ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ ( وَ ) ك ( بَقٍّ وَنَحْوِهِ ) كَدَلَمٍ ( غَيْرِ مُعْتَادٍ بِهَا ) أَيْ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لِحُصُولِ الْأَذَى بِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى قِرْبَةً فَوَجَدَ فِيهَا حَيَّةً عَظِيمَةً تَنْقُصُ بِهَا قِيمَتُهَا .
( وَكَوْنُهَا ) أَيْ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ ( يَنْزِلُهَا الْجُنْدُ ) بِأَنْ تَصِيرَ مُعَدَّةً لِنُزُولِهِمْ لِفَوَاتِ مَنْفَعَتِهَا زَمَنَهُ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَالْجَارُ السُّوءُ عَيْبٌ ( وَ ) كَوْنُ ( ثَوْبٍ غَيْرَ جَدِيدٍ مَا لَمْ يَبِنْ ) أَيْ يَظْهَرْ ( أَثَرُ اسْتِعْمَالِهِ ) لِنَقْصِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ فَإِنْ بَانَ فَلَا فَسْخَ لِمُشْتَرٍ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ .
( وَ ) كَوْنُ ( مَاءٍ ) مَبِيعٍ ( مُسْتَعْمَلًا فِي ) نَحْوِ ( رَفْعِ حَدَثٍ ) لِذَهَابِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ ( وَلَوْ اشْتَرَى الْمَاءَ لِشُرْبٍ ) ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ ( لَا مَعْرِفَةِ غَنَاءٍ ) فَلَيْسَتْ عَيْبًا ؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِي قِيمَةٍ وَلَا عَيْنٍ ( وَلَا ثُيُوبَةَ ) ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ عَلَى الْجَوَارِي وَالْإِطْلَاقُ لَا يَقْتَضِي خِلَافَهَا ( وَ ) لَا ( عَدَمِ حَيْضٍ ) ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ لَا
يَقْتَضِي الْحَيْضَ وَلَا عَدَمَهُ فَلَيْسَ فَوَاتُهُ عَيْبًا .
( وَ ) لَا ( كُفْرٍ ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الرَّقِيقِ ( وَ ) لَا ( فِسْقٍ بِاعْتِقَادٍ ) كَرَافِضِيٍّ ( أَوْ فِعْلِ ) غَيْرِ زِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ مُسْكِرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا سَبَقَ وَنَحْوُ اسْتِطَالَةٍ عَلَى النَّاسِ ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْكُفْرِ .
( وَ ) لَا ( تَغْفِيلٍ ) ؛ لِأَنَّ الْحِذْقَ لَيْسَ غَالِبًا فِي الرَّقِيقِ ( وَ ) لَا ( عُجْمَةٍ ) لِسَانٍ أَوْ كَوْنِهِ تَمْتَامًا أَوْ فَأْفَاءً أَوْ أَرَتَّ أَوْ أَلْثَغَ ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِيهِ ( وَ ) لَا ( قَرَابَةٍ ) وَرَضَاعٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَالِيَّةِ وَالتَّحْرِيمُ خَاصٌّ بِهِ .
( وَ ) لَا ( صُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَيْنِ ) وَ ( لَا ) سُقُوطِ آيَاتٍ ( يَسِيرَةٍ ) عُرْفًا ( بِمُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ ) كَسُقُوطِ بَعْضِ كَلِمَاتٍ بِالْكُتُبِ ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ كَيَسِيرِ تُرَابٍ وَنَحْوِهِ بِبُرٍّ ، كَغَبْنٍ يَسِيرٍ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ ( وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ فِي ) مَبِيعٍ ( مَعِيبٍ قَبْلَ عَقْدٍ ) مُطْلَقًا ( أَوْ ) قَبْلَ ( قَبْضِ مَا ) أَيْ مَبِيعٍ ( يَضْمَنُهُ بَائِعٌ قَبْلَهُ ) أَيْ الْقَبْضِ ( كَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ وَنَحْوِهِ ) كَمَوْصُوفٍ وَمَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ الْعَقْدَ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ ( وَمَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ ) ؛ لِأَنَّ تَعَيُّبَ الْمَبِيعِ كَتَلَفِ جُزْءٍ مِنْهُ ، فَإِنْ تَعَيَّبَ مَا لَا يَضْمَنُهُ بَائِعٌ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا خِيَارَ لِمُشْتَرٍ ( إذَا جَهِلَهُ ) أَيْ جَهِلَ مُشْتَرٍ الْعَيْبَ حِينَ عَقَدَ ( ثُمَّ بَانَ ) أَيْ ظَهَرَ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ( بَيْنَ رَدِّ ) الْمَعِيبِ ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ فَيَرُدُّ لِاسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَهُ .
( وَمُؤْنَتُهُ ) أَيْ الرَّدِّ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ الرَّدَّ فَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ التَّوْفِيَةِ .
( وَيَأْخُذُ ) مُشْتَرٍ رَدَّ الْمَبِيعَ ( مَا دَفَعَ ) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَنْهُ مِنْ ثَمَنٍ ( أَوْ ) بَدَلَ مَا ( أَبْرَأَ ) هـ بَائِعٌ
مِنْهُ ( أَوْ ) بَدَلَ مَا ( وَهَبَ ) لَهُ بَائِعٌ ( مِنْ ثَمَنِهِ ) كُلًّا كَانَ أَوْ بَعْضًا لِاسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ اسْتِرْجَاعَ جَمِيعِ الثَّمَنِ ، كَزَوْجٍ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ وَقَدْ أُبْرِئَ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ وُهِبَ لَهُ ( وَبَيْنَ إمْسَاكٍ مَعَ أَرْشِ ) عَيْبٍ لِرِضَا الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُعَوَّضِ فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْعِوَضِ يُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الْمُعَوَّضِ ، وَمَعَ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ جُزْءٌ فَيَرْجِعُ بِبَدَلِهِ وَهُوَ الْأَرْشُ ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمُصَرَّاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عَيْبٌ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لَهُ بِالتَّدْلِيسِ لَا لِفَوَاتِ جُزْءٍ ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَرْشًا ( وَهُوَ ) أَيْ الْأَرْشُ ( قِسْطُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ ) أَيْ الْمَعِيبِ ( صَحِيحًا وَمَعِيبًا مِنْ ثَمَنِهِ ) نَصًّا .
فَلَوْ قُوِّمَ مَبِيعٌ صَحِيحًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَمَعِيبًا بِاثْنَيْ عَشَرَ فَقَدْ نَقَصَ خُمْسَ قِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ بِخُمْسِ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى مُشْتَرٍ بِثَمَنِهِ فَإِذَا فَاتَهُ جُزْءٌ مِنْهُ سَقَطَ عَنْهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ نَقْصَ الْقِيمَةِ لَأَدَّى إلَى اجْتِمَاعِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ فِي نَحْوِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا يُنْقِصُهُ النِّصْفُ فَأَخَذَهَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ ( مَا لَمْ يُفْضِ ) أَخْذُ أَرْشٍ ( إلَى رِبًا ، كَشِرَاءِ حُلِيٍّ فِضَّةً بِزِنَتِهِ دَرَاهِمَ ) فِضَّةً وَيَجِدُهُ مَعِيبًا ( أَوْ ) شِرَاءِ ( قَفِيزٍ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ رِبًا ) كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ ( بِمِثْلِهِ ) جِنْسًا وَقَدْرًا ( وَيَجِدُهُ مَعِيبًا فَيَرُدُّ ) مُشْتَرٍ ( أَوْ يُمْسِكُ مَجَّانًا ) بِلَا أَرْشٍ ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ يُؤَدِّي إلَى رِبَا الْفَضْلِ ، أَوْ مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ .
( وَإِنْ تَعَيَّبَ ) الْحُلِيُّ أَوْ الْقَفِيزُ الْمَبِيعُ كَمَا سَبَقَ ( أَيْضًا عِنْدَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( فَسَخَهُ ) أَيْ الْعَقْدَ ( حَاكِمٌ ) لِتَعَذُّرِ فَسْخِ كُلٍّ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ أَحَدِهِمَا إنَّمَا هُوَ لِاسْتِدْرَاكِ ظِلَامَتِهِ
وَهُنَا إنْ فَسَخَ بَائِعٌ فَالْحَقُّ عَلَيْهِ ، لِكَوْنِهِ بَاعَ مَعِيبًا وَإِنْ فَسَخَ مُشْتَرٍ فَالْحَقُّ عَلَيْهِ لِتَعَيُّبِهِ عِنْدَهُ فَكُلٌّ إذَا فَسَخَ يَفِرُّ مِمَّا عَلَيْهِ وَالْعَيْبُ لَا يُهْمَلُ بِلَا رِضًا فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى الْحَقِّ إلَّا بِفَسْخِ الْحَاكِمِ هَذَا مَعْنَى تَعْلِيلِ الْمُنَقِّحِ فِي حَوَاشِي التَّنْقِيحِ ( وَرَدَّ بَائِعٌ الثَّمَنَ ) إنْ قَبَضَهُ ( وَطَالَبَ ) مُشْتَرِيًا ( بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ ) مَعِيبًا بِعَيْبِهِ الْأَوَّلِ ( ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يُهْمَلُ بِلَا رِضًا وَلَا أَخْذِ أَرْشٍ ) وَلَمْ يَرْضَ مُشْتَرٍ بِإِمْسَاكِهِ مَجَّانًا وَلَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ وَلَا رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ لِإِفْضَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الرِّبَا فَإِنْ اخْتَارَ مُشْتَرٍ إمْسَاكَهُ مَجَّانًا فَلَا فَسْخَ .
( وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ) مُشْتَرِي حُلِيٍّ بِدَرَاهِمَ أَوْ رِبَوِيٍّ بِمِثْلِهِ ( عَيْبَهُ حَتَّى تَلِفَ ) الْمَبِيعُ ( عِنْدَهُ ، وَلَمْ يَرْضَ بِعَيْبِهِ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ ) لِيَسْتَدْرِكَ ظِلَامَتَهُ .
( وَرَدَّ ) مُشْتَرٍ ( بَدَلَهُ ) أَيْ الْمَعِيبِ التَّالِفِ عِنْدَهُ ( وَاسْتَرْجَعَ الثَّمَنَ ) إنْ كَانَ أَقْبَضَهُ لِبَائِعٍ لِتَعَذُّرِ أَخْذِ الْأَرْشِ ، لِإِفْضَائِهِ لِلرِّبَا ، ( وَكَسْبُ مَبِيعٍ مَعِيبٍ ) مِنْ عَقْدٍ إلَى رَدٍّ ( لِمُشْتَرٍ ) لِحَدِيثِ { الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِهِ ( وَلَا يَرُدُّ ) مُشْتَرٍ رَدَّ مَبِيعًا ( لِعَيْبِهِ نَمَاءً مُنْفَصِلًا ) مِنْهُ كَثَمَرَةٍ وَوَلَدِ بَهِيمَةٍ ( إلَّا لِعُذْرٍ كَوَلَدِ أَمَةٍ ) فَيَرُدُّ مَعَهَا لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( قِيمَتُهُ ) أَيْ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعٍ ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ .
( وَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( رَدُّ ) أَمَةٍ ( ثَبَتَ ) لِعَيْبِهَا ( وَطِئَهَا ) الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهَا ( مَجَّانًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصُ جُزْءٍ وَلَا صِفَةٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ ( وَإِنْ وَطِئَ ) مُشْتَرٍ ( بِكْرًا ) ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهَا ( أَوْ تَعَيَّبَ ) الْمَبِيعُ
عِنْدَهُ كَثَوْبٍ قَطَعَهُ ( أَوْ نَسِيَ ) رَقِيقٌ ( صَنْعَةً عِنْدَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( الْأَرْشُ ) لِلْعَيْبِ الْأَوَّلِ ( أَوْ رَدُّهُ ) عَلَى بَائِعِهِ ( مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ ) الْحَادِثِ عِنْدَهُ لِقَوْلِ عُثْمَانَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَبِسَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ " يَرُدُّهُ وَمَا نَقَصَ " فَأَجَازَ الرَّدَّ مَعَ النُّقْصَانِ رَوَاهُ الْخَلَّالُ .
وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْإِمَامُ وَالْأَرْشُ هُنَا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْأَوَّلِ وَقِيمَتِهِ بِالْعَيْبَيْنِ ( وَلَا يَرْجِعُ ) مُشْتَرٍ رَدَّ مَعِيبًا مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ ( بِهِ ) أَيْ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ ( إنْ زَالَ ) عَيْبُهُ ، كَتَذَكُّرِهِ صَنْعَةً نَسِيَهَا لِصَيْرُورَةِ الْمَبِيعِ مَضْمُونًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ بِفَسْخِهِ بِالْعَيْبِ الْأَوَّلِ ، بِخِلَافِ مُشْتَرٍ أَخَذَ أَرْشَ عَيْبٍ مِنْ بَائِعٍ ثُمَّ زَالَ سَرِيعًا فَيَرُدُّهُ لِزَوَالِ النَّقْصِ الَّذِي لِأَجْلِهِ وَجَبَ الْأَرْشُ ( وَإِنْ دَلَّسَ بَائِعٌ ) عَيْبًا بِأَنْ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ ( فَلَا أَرْشَ عَلَى مُشْتَرٍ ) بِتَعَيُّبِهِ عِنْدَهُ بِمَرَضٍ أَوْ جِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ فِعْلِ مَبِيعٍ ، كَإِبَاقِهِ أَوْ فِعْلِ مُشْتَرٍ كَوَطْئِهِ بِكْرًا ، أَوْ خَتْنِ غَيْرِ مُخْتَتِنٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ ، بِخِلَافِ نَحْوِ قَلْعِ سِنٍّ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ ( وَذَهَبَ ) مَبِيعٌ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ ( إنْ تَلِفَ ) الْمَبِيعُ بِغَيْرِ فِعْلِ مُشْتَرٍ ، كَمَوْتِهِ ( أَوْ أَبَقَ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَيَتْبَعُ بَائِعٌ عَبْدَهُ حَيْثُ كَانَ .
( وَإِلَّا ) يَكُنْ الْبَائِعُ دَلَّسَ الْعَيْبَ ( فَتَلِفَ ) مَبِيعٌ مَعِيبٌ بِيَدِ مُشْتَرٍ ( أَوْ عَتَقَ ) تَعَيَّنَ أَرْشٌ ( أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرٍ عَيْبَهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( حَتَّى صَبَغَ ) نَحْوَ ثَوْبٍ ( أَوْ نَسَجَ ) غَزْلًا ( أَوْ وَهَبَ ) مَبِيعًا ( أَوْ بَاعَهُ أَوْ ) صَبَغَ أَوْ نَسَجَ أَوْ وَهَبَ أَوْ بَاعَ ( بَعْضَهُ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُوَفِّهِ مَا أَوْجَبَهُ لَهُ الْعَقْدُ وَلَمْ يُوجَدْ
مِنْهُ الرِّضَا بِهِ نَاقِصًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَالَمًا بِعَيْبِهِ فَلَا أَرْشَ لَهُ ، لِرِضَاهُ بِالْمَبِيعِ نَاقِصًا وَعُلِمَ مِنْهُ : أَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ تَصَرُّفِهِ فِي الْبَعْضِ ( وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي إنْ تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ عِلْمِ عَيْبِهِ ( فِي قِيمَتِهِ ) لِاتِّفَاقِ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَهُوَ مَا قَابَلَ الْأَرْشَ ، فَقُبِلَ قَوْلُ مُشْتَرٍ فِي قَدْرِهِ .
( لَكِنْ لَوْ ) بَاعَ مُشْتَرٍ الْمَعِيبِ قَبْلَ عِلْمِهِ ( وَرَدَّهُ عَلَيْهِ ) قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( أَرْشُهُ ) أَيْ الْعَيْبِ ( أَوْ رَدُّهُ ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا لَوْ لَمْ يَبِعْهُ ( وَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ الْمَعِيبَ مُشْتَرٍ قَبْلَ عِلْمِ عَيْبِهِ ( لِبَائِعِهِ ) لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْضًا عَيْبَهُ ثُمَّ عَلِمَهُ ( فَلَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لَهُ ثَانِيًا ( رَدُّهُ عَلَى ) الْبَائِعِ الثَّانِي ( ثُمَّ لِلْبَائِعِ الثَّانِي رَدُّهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ( وَفَائِدَتُهُ ) أَيْ الرَّدِّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ ) وَكَذَا إنْ اخْتَارَ الْأَرْشَ وَعَلِمَ مِنْهُ : أَنَّهُ لَا رَدَّ مَعَ اتِّفَاقِ الثَّمَنَيْنِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ .
( وَإِنْ كَسَرَ ) مُشْتَرٍ ( مَا ) أَيْ مَبِيعًا ( مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ ) كَرُمَّانٍ وَبِطِّيخٍ ( فَوَجَدَهُ ) أَيْ الْمَأْكُولَ ( فَاسِدًا وَلَيْسَ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ ، كَبَيْضِ الدَّجَاجِ رَجَعَ بِثَمَنِهِ ) لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَإِنْ وَجَدَ الْبَعْضَ فَاسِدًا رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّ فَاسِدِهِ إلَى بَائِعِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ .
( وَإِنْ كَانَ لَهُ ) أَيْ مَكْسُورِهِ ( قِيمَةٌ كَبَيْضِ النَّعَامِ وَجَوْزِ الْهِنْدِ ، خُيِّرَ ) مُشْتَرٍ ( بَيْنَ ) أَخْذِ ( أَرْشِهِ ) لِنَقْصِهِ بِكَسْرِهِ ( وَبَيْنَ رَدِّهِ مَعَ أَرْشِ كَسْرِهِ ) الَّذِي تَبْقَى لَهُ مَعَهُ قِيمَةٌ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ بَائِعٌ كَمَا مَرَّ ( وَأَخْذِ ثَمَنِهِ )
لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ السَّلَامَةَ ( وَ يَتَعَيَّنُ أَرْشٌ ) لِمُشْتَرٍ ( مَعَ كَسْرٍ لَا تَبْقَى مَعَهُ قِيمَةٌ ) كَنَحْوِ جَوْزِ هِنْدٍ ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ .
( وَخِيَارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ ، فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ كَالْقِصَاصِ ، فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ عَيْبٍ ( إلَّا إنْ وُجِدَ دَلِيلُ رِضَاهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( كَتَصَرُّفِهِ ) فِي مَبِيعٍ عَالِمًا بِعَيْبِهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ ( وَ ) ك ( اسْتِعْمَالِهِ ) الْمَبِيعَ ( لِغَيْرِ تَجْرِبَةٍ ) كَوَطْءٍ وَحَمْلٍ عَلَى دَابَّةٍ ( فَيَسْقُطُ أَرْشٌ كَرَدٍّ ) لِقِيَامِ دَلِيلِ الرِّضَا مَقَامَ التَّصْرِيحِ بِهِ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي بَعْضِهِ فَلَهُ أَرْشُ الْبَاقِي لَا رَدُّهُ ( وَلَا يَفْتَقِرُ رَدُّ ) مُشْتَرٍ مَبِيعًا لِنَحْوِ عَيْبٍ ( إلَى حُضُورِ بَائِعٍ وَلَا ) إلَى ( رِضَاهُ ، وَلَا ) إلَى ( قَضَاءِ ) حَاكِمٍ كَالطَّلَاقِ ( وَلِمُشْتَرٍ مَعَ غَيْرِهِ ) بِأَنْ اشْتَرَى شَخْصَانِ فَأَكْثَرَ ( مَعِيبًا ) صَفْقَةً وَاحِدَةً ( أَوْ ) اشْتَرَيَا مَبِيعًا ب ( شَرْطِ خِيَارٍ ) أَوْ غُبِنَا أَوْ دُلِّسَ عَلَيْهِمَا ( إذَا رَضِيَ الْآخَرُ ) بِالْبَيْعِ وَأَمْضَاهُ ( الْفَسْخُ فِي نَصِيبِهِ ) مِنْ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ فَجَازَ ( كَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ ) شَيْئًا ثُمَّ بَانَ عَيْبُهُ .
أَوْ ( بِشَرْطِ خِيَارٍ ) وَنَحْوِهِ فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا تَشْقِيصَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُشَقَّصًا قَبْلَ الْبَيْعِ وَ ( لَا ) يَرُدُّ وَاحِدٌ نَصِيبَهُ مِنْ مَعِيبٍ أَوْ مَبِيعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَنَحْوِهِ ( إذَا وَرِثَ ) الْمَعِيبَ أَوْ خِيَارَ الشَّرْطِ لِتَشَقُّصِ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَدْ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ غَيْرِ مُشَقَّصَةٍ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا لِوَاحِدٍ ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ ( وَلِلْحَاضِرِ مِنْ مُشْتَرِيَيْنِ نَقْدُ نِصْفِ ثَمَنِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ لَهُمَا صَفْقَةً ( وَقَبَضَ نِصْفَهُ ) لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ مُشَقَّصًا .
( وَإِنْ نَقَدَهُ ) أَيْ
الثَّمَنَ ( كُلَّهُ ) عَنْ نَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ ( لَمْ يَقْبِضْ إلَّا نِصْفَهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِالْعَقْدِ غَيْرَهُ وَهَذَا فِي مَكِيلٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَنَحْوَهُ فَلَيْسَ لِبَائِعٍ إقْبَاضُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ ( وَرَجَعَ ) مُقْبِضُ كُلِّ الثَّمَنِ ( عَلَى الْغَائِبِ ) بِنَظِيرِ مَا عَلَيْهِ مِنْهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ .
( وَلَوْ قَالَ ) وَاحِدٌ ( لِاثْنَيْنِ ) ( بِعْتُكُمَا ) كَذَا بِكَذَا ( فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَبِلْت ) وَسَكَتَ الْآخَرُ ( جَازَ ) أَيْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ وَبِنِصْفِ الثَّمَنِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ مَعَهُ ( وَمَنْ اشْتَرَى مَعِيبَيْنِ ) مِنْ وَاحِدٍ صَفْقَةً ( أَوْ ) اشْتَرَى ( مَعِيبًا فِي وِعَاءَيْنِ صَفْقَةً لَمْ يَمْلِكْ رَدَّ أَحَدِهِمَا ) أَيْ أَحَدِ الْمَعِيبَيْنِ أَوْ مَا فِي أَحَدِ الْوِعَاءَيْنِ ( بِقِسْطِهِ ) مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلصَّفْقَةِ مَعَ إمْكَانِ عَدَمِهِ أَشْبَهَ رَدَّ بَعْضَ الْمَعِيبِ لِوَاحِدٍ وَلَهُ مَعَ الْإِمْسَاكِ الْأَرْشُ ( إلَّا إنْ تَلِفَ الْآخَرُ ) فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِقِسْطِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ كَرَدِّ الْجَمِيعِ .
( وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( بِيَمِينِهِ فِي قِيمَتِهِ ) أَيْ التَّالِفِ لِيُوَزِّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ مِنْ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ ( وَمَعَ عَيْبِ أَحَدِهِمَا ) أَيْ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ أَوْ مَا فِي الْوِعَاءَيْنِ ( فَقَطْ ) دُون الْآخَر ( لَهُ رَدُّهُ ) أَيْ الْمَعِيبِ ( بِقِسْطِهِ ) مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ وَ ( لَا ) يَرُدُّ أَحَدَهُمَا ( إنْ نَقَصَ ) مَبِيعٌ ( بِتَفْرِيقٍ ، كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ ) بِيعَا وَوُجِدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَلَا يَرُدُّهُ وَحْدَهُ ، لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْبَائِعِ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ ( أَوْ حَرُمَ ) تَفْرِيقُ ( كَأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا ) بِيعَا صَفْقَةً وَبَانَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ .
( وَمِثْلُهُ ) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي
الْأَخَوَيْنِ فِي عَدَمِ التَّفْرِيقِ رَقِيقٌ ( جَانٍ لَهُ وَلَدٌ ) أَوْ أَخٌ وَنَحْوُهُ ، وَأُرِيدَ بَيْعُ جَانٍ فِي الْجِنَايَةِ ، فَلَا يُبَاعُ وَحْدَهُ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ ، بَلْ ( يُبَاعَانِ ) وَقِيمَةُ جَانٍ تُصْرَفُ فِي أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي ( وَقِيمَةُ الْوَلَدِ ) أَوْ نَحْوُهُ ( لِمَوْلَاهُ ) لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ ، وَإِنَّمَا بِيعَ ضَرُورَةَ تَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ ( وَالْمَبِيعُ بَعْدَ فَسْخِ ) بَيْعِ الْعَيْبِ أَوْ غَيْرِهِ ( أَمَانَةٌ بِيَدِ مُشْتَرٍ ) لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ ، لَكِنْ إنْ قَصَّرَ فِي رَدِّهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ لِتَفْرِيطِهِ ، كَثَوْبٍ أَطَارَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ
وَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ ( عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبَ ) فِي الْمَبِيعِ ( مَعَ الِاحْتِمَالِ ) لِحُصُولِهِ عِنْدَ بَائِعٍ وَحُدُوثِهِ عِنْدَ مُشْتَرٍ ، كَإِبَاقِ ( وَلَا بَيِّنَةَ ) لِأَحَدِهِمَا ( ف ) الْقَوْلُ ( قَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْقَبْضَ فِي الْجُزْءِ الْفَائِتِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ ( عَلَى الْبَتِّ ) فَيَحْلِفُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَبِهِ الْعَيْبُ ، أَوْ أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ ( إنْ لَمْ يَخْرُجْ ) مَبِيعٌ ( عَنْ يَدِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ غَابَ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ عِنْدَ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ .
وَكَذَا لَوْ وَطِئَ مُشْتَرٍ أَمَةً اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ ، وَقَالَ : لَمْ أُصِبْهَا بِكْرًا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ وَطْئِهِ أُرِيَتْ الثِّقَاتَ .
( وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا قَوْلُ أَحَدِهِمَا ) كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ أَوْ جُرْحٍ طَرِيٍّ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ عَقْدٍ ( قُبِلَ ) قَوْلُ مُشْتَرٍ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَبَائِعٍ فِي الثَّانِي ( بِلَا يَمِينٍ ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ( وَيُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ ) بِيَمِينِهِ ( أَنَّ الْمَبِيعَ ) الْمَعِيبَ الْمُعَيَّنَ بِعَقْدٍ ( لَيْسَ الْمَرْدُودَ ) نَصًّا لِإِنْكَارِ بَائِعٍ كَوْنَهُ سِلْعَتَهُ وَإِنْكَارِهِ اسْتِحْقَاقَ الْفَسْخِ فَإِنْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ مَعِيبًا أَوْ أَنْكَرَ أَنَّهُ الْمَبِيعُ ، فَقَوْلُ مُشْتَرٍ ، لِمَا يَأْتِي
( إلَّا فِي خِيَارِ شَرْطٍ ) إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ الْمَبِيعَ ( ف ) الْقَوْلُ ( قَوْلُ مُشْتَرٍ ) أَنَّهُ الْمَرْدُودُ بِيَمِينِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ ( وَ ) يُقْبَلُ ( قَوْلُ مُشْتَرٍ فِي عَيْنِ ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِعَقْدٍ ) أَنَّهُ لَيْسَ الْمَرْدُودَ إنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ لِمَا تَقَدَّمَ ، فَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ أَوْ شَرْطٍ ، فَقِيَاسُ الَّتِي قَبْلَهَا يُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ .
( وَ ) يُقْبَلُ قَوْلُ ( قَابِضٍ ) مِنْ بَائِعٍ وَغَيْرِهِ بِيَمِينِهِ ( فِي ثَابِتٍ فِي ذِمَّةٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ ، وَقَرْضٍ وَسَلَمٍ وَنَحْوِهِ ) كَأُجْرَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ ، إذَا أَرَادَ رَدَّهُ بِعَيْبٍ وَأَنْكَرَهُ مَقْبُوضٌ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ الذِّمَّةِ ( إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ ) أَيْ الْقَابِضِ أَيْ يَغِبْ عَنْهُ ، فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ لِمَا تَقَدَّمَ
( وَمَنْ بَاعَ قِنًّا ) عَبْدًا أَوْ أَمَةً وَلَوْ مُدَبَّرًا وَنَحْوَهُ ( تَلْزَمُهُ عُقُوبَةٌ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ ) كَحَدٍّ ( مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ ) أَيْ لُزُومَ الْعُقُوبَةِ لَهُ ( فَلَا شَيْءَ لَهُ ) لِرِضَاهُ بِهِ مَعِيبًا ( وَإِنْ عَلِمَ ) بِذَلِكَ ( بَعْدَ الْبَيْعِ ، خُيِّرَ بَيْنَ رَدِّ ) وَأَخْذِ مَا دَفَعَ مِنْ ثَمَنٍ .
( وَ ) بَيْنَ أَخْذِ ( أَرْشٍ ) مَعَ إمْسَاكٍ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ ( وَ ) إنْ عَلِمَ مُشْتَرٍ بِذَلِكَ ( بَعْدَ قَتْلٍ ) قِصَاصًا أَوْ حَدًّا ( يَتَعَيَّنَ أَرْشٌ ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ ، فَيُقَوَّمُ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ ثُمَّ وَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ وَيُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ مِنْ الثَّمَنِ قُلْتُ : إنْ دَلَّسَ بَائِعٌ فَاتَ عَلَيْهِ ، وَرَجَعَ مُشْتَرٍ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَمَا سَبَقَ .
( وَ ) إنْ عَلِمَ مُشْتَرٍ ( بَعْدَ قَطْعٍ ) قِصَاصًا أَوْ لِسَرِقَةٍ وَنَحْوِهِمَا ( فَكَمَا لَوْ عَابَ عِنْدَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَطْعِ دُونَ حَقِيقَتِهِ ( وَإِنْ لَزِمَهُ ) أَيْ الْقِنَّ الْمَبِيعَ ، أَيْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ ( مَالٌ ) أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ ، أَوْ كَانَتْ عَمْدًا وَاخْتِيرَ ( وَالْبَائِعُ مُعْسِرٌ ، قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ) لِسَبْقِهِ عَلَى حَقِّ مُشْتَرٍ ، فَيُبَاعُ فِيهَا ( وَلِمُشْتَرٍ ) جَهِلَ الْحَالَ ( الْخِيَارُ ) لِتَمَكُّنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ انْتِزَاعِهِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ .
فَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ ، وَاسْتَوْعَبَتْ الْجِنَايَةُ رَقَبَةَ الْمَبِيعِ ، وَأَخَذَ بِهَا رَجَعَ مُشْتَرٍ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ ؛ لِأَنَّ أَرْشَ مِثْلِ ذَلِكَ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَوْعِبْ فَبِقَدْرِ أَرْشِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) بَائِعٌ ( مُوسِرًا تَعَلَّقَ أَرْشٌ ) وَجَبَ بِجِنَايَةِ مَبِيعٍ قَبْلَ بَيْعٍ ( بِذِمَّتِهِ ) أَيْ الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَسْلِيمِهِ فِي الْجِنَايَةِ وَفِدَائِهِ فَإِذَا بَاعَهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِدَاؤُهُ وَلِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ أَرْشُهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ ( وَلَا خِيَارَ ) لِمُشْتَرٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ ، لِرُجُوعِ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ عَلَى بَائِعٍ .
وَمَنْ اشْتَرَى مَتَاعًا فَوَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا اشْتَرَى فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى بَائِعِهِ ، كَمَا لَوْ وَجَدَهُ أَرْدَأَ ، كَانَ لَهُ رَدُّهُ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ جَاهِلًا بِهِ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ .
الْقِسْمُ ( السَّادِسُ : خِيَارٌ فِي الْبَيْعِ بِتَخَيُّرِ الثَّمَنِ ) إذَا أَخْبَرَ بَائِعٌ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ ( وَيَثْبُتُ ) الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ عَلَى قَوْلٍ ( فِي صُوَرٍ ) أَرْبَعٍ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ وَاخْتُصَّتْ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ كَاخْتِصَاصِ السَّلَمِ بِاسْمِهِ ( فِي تَوْلِيَةٍ ك ) قَوْلِهِ ( وَلَّيْتُكَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ ( أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ ، أَوْ ) بِعْتُكَهُ ( بِمَا اشْتَرَيْتُهُ بِهِ ، أَوْ ) بِعْتُكَهُ ( بِرَقْمِهِ ) أَيْ بِثَمَنِهِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ ( وَ ) هُمَا ( يَعْلَمَانِهِ ) أَيْ الثَّمَنَ وَالرَّقْمَ ( وَ ) فِي ( شَرِكَةٍ وَهِيَ بَيْعُ بَعْضِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( بِقِسْطِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ مِنْ الثَّمَنِ ( كَ ) قَوْلِهِ ( أَشْرَكْتُك فِي ثُلُثِهِ أَوْ ) أَشْرَكْتُكَ ( فِي رُبْعِهِ وَنَحْوِهِمَا ) كَثُلُثِهِ أَوْ ثُمْنِهِ ( وَأَشْرَكْتُ ) فَقَطْ ف ( يَنْصَرِفُ إلَى نِصْفِهِ ) ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ .
وَإِذَا قَالَ ) لِوَاحِدٍ : أَشْرَكْتُكَ ثُمَّ قَالَهُ ( لِآخَرَ عَالِمٍ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ ) أَيْ لَهُ الرُّبْعُ ؛ لِأَنَّ إشْرَاكَهُ لَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَمْلِكُهُ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا ( وَإِلَّا ) يَعْلَمُ مَقُولٌ لَهُ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ ( أَخَذَ نَصِيبَهُ كُلَّهُ ) وَهُوَ النِّصْفُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ نِصْفَ الْمَبِيعِ وَأَجَابَهُ إلَيْهِ .
( وَإِنْ قَالَ ) ثَالِثٌ لَهُمَا ابْتِدَاءً ( أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا أَخَذَ ثُلُثَهُ ) لِاقْتِضَائِهَا التَّسْوِيَةَ وَإِنْ أَشْرَكَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ آخَرَ فَلَهُ النِّصْفُ ( وَمَنْ أَشْرَكَ آخَرَ فِي قَفِيزٍ ) اشْتَرَاهُ مِنْ نَحْوِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ ( أَوْ نَحْوِهِ ) كَرِطْلِ حَدِيدٍ أَوْ ذِرَاعٍ مِنْ نَحْوِ ثَوْبٍ ( قَبَضَ ) الَّذِي أَشْرَكَ ( بَعْضَهُ ) أَيْ الْقَفِيزَ وَنَحْوَهُ وَ ( أَخَذَ ) الْمُشَرِّكُ ( نِصْفَ الْمَقْبُوضِ ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بِنَحْوِ كَيْلٍ لَا يَصِحُّ إلَّا فِيمَا قُبِضَ مِنْهُ ( وَإِنْ بَاعَهُ ) مُشْتَرِي الْقَفِيزِ أَوْ نَحْوِهِ ( مِنْ ) الْقَفِيزِ أَوْ نَحْوِهِ ( كُلَّهُ جُزْءًا ) كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ (
يُسَاوِي مَا قَبَضَ ) قَدْرًا ( انْصَرَفَ ) الْمَبِيعُ ( إلَى الْمَقْبُوضِ ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ ( وَ ) فِي ( مُرَابَحَةً وَهِيَ بَيْعُهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( بِثَمَنِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( بِثَمَنِهِ ) أَيْ رَأْسِ مَالِهِ ( وَرِبْحٍ مَعْلُومٍ ) بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا : ثَمَنُهُ مِائَةٌ بِعْتُكَ بِهَا وَبِرِبْحِ خَمْسَةٍ وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ .
( وَإِنْ قَالَ ) بِعْتُك بِثَمَنِهِ كَذَا ( عَلَى أَنْ أَرْبَحَ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا كُرِهَ ) نَصًّا احْتَجَّ بِكَرَاهَةِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَ كَأَنَّهُ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَإِنْ قَالَ : " ده يَا زده أَوْ ده دوازده " كُرِهَ أَيْضًا نَصًّا قَالَ : لِأَنَّهُ بَيْعُ الْأَعَاجِمِ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ لَا يُعْلَمُ فِي الْحَالِ ، وَمَعْنَى : ده يازده " : الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ ، وَمَعْنَى " ده دوازده " : الْعَشَرَةُ اثْنَا عَشَرَ .
( وَ ) فِي ( مُوَاضَعَةٍ وَهِيَ بَيْعٌ بِخُسْرَانٍ ) كَبِعْتُكَ بِرَأْسِ مَالِهِ مِائَةٍ وَوَضِيعَةِ عَشَرَةٍ ( وَكُرِهَ فِيهَا ) أَيْ الْمُوَاضَعَةِ .
( مَا كُرِهَ فِي مُرَابَحَةٍ ) كَعَلَيَّ أَنْ أَضَعَ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا ( فَمَا ثَمَنُهُ ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ( مِائَةً وَبَاعَهُ بِهِ ) أَيْ بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ .
( وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ ، وَقَعَ ) الْبَيْعُ ( بِتِسْعِينَ ) لِسُقُوطِ عَشَرَةٍ مِنْ الْمِائَةِ ( وَ ) إنْ بَاعَهُ بِثَمَنِهِ الْمِائَةِ وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ ( لِكُلِّ ) عَشَرَةٍ ( أَوْ عَنْ كُلِّ عَشَرَةٍ يَقَعُ ) الْبَيْعُ ( بِتِسْعِينَ وَعَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ ) ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ فِي الصُّورَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْعَشَرَةِ فَيُحَطُّ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ فَيَسْقُطُ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ تِسْعَةٌ وَمِنْ دِرْهَمٍ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْهُ فَيَبْقَى مَا ذُكِرَ ( وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ حِينَئِذٍ ) وَقَعَ الْعَقْدُ ( لِزَوَالِهَا ) بَعْدُ ( بِالْحِسَابِ وَيُعْتَبَرُ لِلْأَرْبَعَةِ ) أَيْ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ ( عِلْمُهُمَا ) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ ( بِرَأْسِ الْمَالِ )
لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ الْعِلْمُ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ الْبَائِعُ تَبِعَ فِيهِ الْمُقْنِعَ وَهُوَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ .
( وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ .
( مَتَى بَانَ أَقَلَّ ) مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ بَائِعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ( أَوْ ) بَانَ ( مُؤَجَّلًا ) وَلَمْ يُبَيِّنْهُ ( حُطَّ الزَّائِدُ ) عَنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَرْبَعَةِ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَا قَدَّرَهُ مِنْ رِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَإِذَا بَانَ رَأْسُ مَالٍ دُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ كَانَ مَبِيعًا بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ ، وَلَا خِيَارَ ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِسْقَاطِ قَدْ زِيدَ خَيْرًا كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعِيبًا فَبَانَ سَلِيمًا ، وَكَمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ ( وَيُحَطُّ ) أَيْضًا ( قِسْطُهُ ) أَيْ الزَّائِدِ ( فِي مُرَابَحَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ ( وَيُنْقِصُهُ ) أَيْ الزَّائِدَ ( فِي مُوَاضَعَةٍ ) تَبَعًا لَهُ ( وَأَجَلِ ) ثَمَنٍ ( فِي مُؤَجَّلٍ ) لَمْ يُخْبِرْ بِهِ بَائِعٌ عَلَى وَجْهِهِ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ فَيَكُونُ عَلَى حُكْمِهِ وَأَجَلِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إلَيْهِ بَائِعُهُ ( وَلَا خِيَارَ ) لِمُشْتَرٍ لِمَا تَقَدَّمَ
( وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى بَائِعٍ غَلَطًا ) فِي إخْبَارٍ بِرَأْسِ مَالٍ ، كَأَنْ قَالَ : اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةٍ ، ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ بَلْ اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ( بِلَا بَيِّنَةٍ ) لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِغَلَطِهِ عَلَى غَيْرِهِ أَشْبَهَ الْمُضَارِبَ إذْ الْغَلَطُ فِي الرِّبْحِ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِهِ ( فَلَوْ ادَّعَى عِلْمَ مُشْتَرٍ ) بِغَلَطِهِ ( لَمْ يَحْلِفْ ) مُشْتَرٍ
( وَإِنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدُونِ ثَمَنِهَا ) الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ ( عَالِمًا ) بِالنَّقْصِ عَنْ ثَمَنِهَا ( لَزِمَهُ ) الْبَيْعُ فَلَا خِيَارَ لَهُ
( وَإِنْ اشْتَرَاهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ تَوْلِيَةً أَوْ شَرِكَةً أَوْ مُرَابَحَةً أَوْ مُوَاضَعَةً ( مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ ) كَأَحَدِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ ، لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ( أَوْ ) اشْتَرَاهُ ( مِمَّنْ حَابَاهُ ) أَيْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَكْثَر مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ( أَوْ ) اشْتَرَاهُ ( لِرَغْبَةٍ تَخُصُّهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ، كَدَارٍ بِجِوَارِ مَنْزِلِهِ ، أَوْ أَمَةٍ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ ، لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ( أَوْ ) اشْتَرَاهُ ( لِمَوْسِمٍ ذَهَبَ ) كَاَلَّذِي يُبَاعُ عَلَى الْعَبْدِ إذَا اشْتَرَاهُ قُرْبَةً وَبَقِيَ عِنْدَهُ ، لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ( أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( بِقِسْطِهِ ) مِنْ الثَّمَنِ ( وَلَيْسَ ) الْمَبِيعُ بَعْضَهُ ( مِنْ الْمُتَمَاثِلَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ كَزَيْتٍ وَنَحْوِهِ ) مِنْ كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا ( لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ) ذَلِكَ لِمُشْتَرٍ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْضَى بِهِ إذَا عَلِمَهُ .
كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَجَرَةً مُثْمِرَةً وَأَرَادَ بَيْعَهَا دُونَ ثَمَرَتِهَا مُرَابَحَةً وَنَحْوَهَا ، وَإِنْ كَانَ زَيْتًا وَنَحْوَهُ جَازَ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً وَنَحْوُهَا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحَالَ ( فَإِنْ كَتَمَ ) بَائِعٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ( خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ رَدٍّ وَإِمْسَاكٍ ) كَتَدْلِيسٍ وَكَذَا إنْ نَقَصَ الْمَبِيعُ بِمَرَضٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ تَلَفِ بَعْضِهِ أَوْ أَخَذَ مُشْتَرٍ صُوفًا أَوْ لَبَنًا وَنَحْوَهُ كَانَ حِينَ بِيعَ أُخْبِرَ بِالْحَالِ ( وَمَا يُزَادُ فِي ثَمَنٍ ) زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ( أَوْ ) يُزَادُ فِي ( مُثَمَّنٍ ) زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ( أَوْ ) يُزَادُ فِي ( أَجَلٍ ) زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ( أَوْ ) يُزَادُ فِي ( خِيَارِ ) شَرْطٍ فِي بَيْعٍ يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ فَيُخْبِرُ بِهِ كَأَصْلِهِ .
( أَوْ ) أَيْ وَمَا ( يُحَطُّ ) أَيْ يُوضَعُ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ خِيَارٍ ( زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ) خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ ( يُلْحَقُ بِهِ ) أَيْ الْعَقْدِ فَيَجِبُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ كَأَصْلِهِ تَنْزِيلًا لِحَالِ الْخِيَارِ مَنْزِلَةَ حَالِ
الْعَقْدِ وَإِنْ حَطَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ فَهِبَةٌ وَ ( لَا ) يُلْحَقُ بِعَقْدٍ مَا زِيدَ أَوْ حُطَّ فِيمَا ذُكِرَ ( بَعْدَ لُزُومِهِ ) أَيْ الْعَقْدِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ ( وَلَا إنْ جَنَى ) مَبِيعٌ ( فَفُدِيَ ) فَلَا يُلْحَقُ فِدَاؤُهُ بِالثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ بِهِ الْمَبِيعُ ذَاتًا وَلَا قِيمَةً ، وَإِنَّمَا هُوَ مُزِيلٌ لِنَقْصِهِ بِالْجِنَايَةِ وَكَذَا الْأَدْوِيَةُ وَالْمُؤْنَةُ وَالْكِسْوَةُ لَا تُلْحَقُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَخْبَرَ بِالْحَالِ فَحَسَنٌ ( وَهِبَةُ مُشْتَرٍ لِوَكِيلٍ بَاعَهُ ) شَيْئًا مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ ( كَزِيَادَةٍ ) فِي الثَّمَنِ ، فَتَكُونُ لِبَائِعٍ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ ، وَيُخْبِرُ بِهَا ( وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ ) فَهِبَةُ بَائِعٍ لِوَكِيلٍ اشْتَرَى مِنْهُ كَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَنِ فَتَكُونُ لِمُشْتَرٍ وَيُخْبِرُ بِهَا
( وَإِنْ أَخَذَ مُشْتَرٍ أَرْشًا لِعَيْبٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَخْبَرَ بِهِ ) إذَا بَاعَ مُرَابَحَةً وَنَحْوَهَا ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ قُلْتُ : فَيُرَدُّ لِبَائِعٍ إنْ رُدَّ الْمَبِيعُ لِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ وَ ( لَا ) يَلْزَمُهُ إخْبَارٌ ( بِأَخْذِ نَمَاءٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ لَمْ يُنْقِصْهُ ) الْوَطْءُ كَبِكْرٍ فَيَلْزَمُهُ الْإِخْبَارُ بِهِ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ
( وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَعَمِلَ فِيهِ ) بِنَفْسِهِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً ( أَوْ ) عَمِلَ ( غَيْرُهُ ) فِيهِ أَيْ الثَّوْبِ فَصَبَغَهُ أَوْ قَصَّرَهُ ( وَلَوْ بِأُجْرَةِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً أَخْبَرَ بِهِ ) عَلَى وَجْهِهِ فَإِنْ ضَمَّهُ إلَى الثَّمَنِ وَأَخْبَرَ بِهِ كَانَ كَذِبًا وَتَغْرِيرًا لِلْمُشْتَرِي ( وَلَا يَجُوزُ ) قَوْلُهُ ( تَحَصَّلَ ) عَلَيَّ ( بِعِشْرِينَ ) ؛ لِأَنَّهُ تَلْبِيسٌ ( وَمِثْلُهُ أُجْرَةُ مَكَانِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( وَ ) أُجْرَةُ ( كَيْلِهِ ) أَوْ أُجْرَةُ ( وَزْنِهِ ) وَسِمْسَارِهِ وَنَحْوِهِ ، فَيُخْبِرُ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ ، وَلَا يَضُمُّهُ إلَى الثَّمَنِ فَيُخْبِرُ بِهِ وَلَا يَقُولُ تَحَصَّلَ عَلَيَّ بِكَذَا .
وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِدَنَانِيرَ فَأَخْبَرَ بِدَرَاهِمَ وَعَكْسِهِ ، أَوْ بِنَقْدٍ وَأَخْبَرَ بِعَرْضٍ وَنَحْوَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ( وَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ الثَّوْبَ ( بِخَمْسَةَ عَشَرَ ) وَقَدْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ( ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِهِ ) عَلَى وَجْهِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الصِّدْقِ وَأَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ ( أَوْ حَطَّ ) الْخَمْسَةَ ( الرِّبْحَ مِنْ ) الْعَشَرَةِ ( الثَّمَنِ الثَّانِي وَأَخْبَرَ بِمَا بَقِيَ ) وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَقُولُ تَحَصَّلَ بِهَا لِأَنَّ الرِّبْحَ أَحَدُ نَوْعَيْ النَّمَاءِ فَوَجَبَ الْإِخْبَارُ بِهِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَنَحْوِهَا كَالنَّمَاءِ مِنْ نَفْسِ الْمَبِيعِ كَالثَّمَرَةِ وَنَحْوِهَا .
( فَلَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وَبَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ ( أَخْبَرَ بِالْحَالِ ) لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الِاسْتِحْبَابُ فِي ذَلِكَ ، لَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ ( وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ، اشْتَرَاهَا بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ بَيَّنَهُ ) أَيْ الثَّمَنَ الثَّانِي وَلَا يَضُمُّ مَا خَسِرَهُ إلَيْهِ وَلَوْ رَخُصَتْ السِّلْعَةُ عَمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْإِخْبَارُ بِهِ وَبَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَسْهَلُ نَصًّا ( وَمَا بَاعَهُ اثْنَانِ ) مِنْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا ( مُرَابَحَةً
فَثَمَنُهُ ) بَيْنَهُمَا ( بِحَسَبِ مِلْكَيْهِمَا ) كَمُسَاوَمَةٍ .
و ( لَا ) يَكُونُ ثَمَنُهُ ( عَلَى رَأْسِ مَالَيْهِمَا ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضُ الْمَبِيعِ ، فَهُوَ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا
الْقِسْمُ ( السَّابِعُ : خِيَارٌ ) يَثْبُتُ ( لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ) فِي الثَّمَنِ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ ( إذَا اخْتَلَفَا ، أَوْ ) اخْتَلَفَتْ ( وَرَثَتُهُمَا ) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ ( فِي قَدْرِ ثَمَنٍ ) بِأَنْ قَالَ بَائِعٌ أَوْ وَارِثُهُ : الثَّمَنُ أَلْفٌ وَقَالَ مُشْتَرٍ أَوْ وَارِثُهُ : الثَّمَنُ مِائَةٌ ( وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا ) تَحَالَفَا ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٌ صُورَةً ، وَكَذَا حُكْمًا لِسَمَاعِ بَيِّنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا ( أَوْ ) كَانَ ( لَهُمَا ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ تَحَالَفَا لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَسَاقُطِهِمَا ، فَيَصِيرَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَإِذَا أَرَادَ التَّحَالُفَ ( حَلَفَ بَائِعٌ ) أَوَّلًا ، لِقُوَّةِ جَنَبَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يُرَدُّ إلَيْهِ ( مَا بِعْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا ) فَيَجْمَعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَالنَّفْيُ لِمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ وَالْإِثْبَاتُ لِمَا ادَّعَاهُ .
وَيُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الْإِثْبَاتِ ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْيَمِينِ ( ثُمَّ ) يَحْلِفُ ( مُشْتَرٍ مَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا ) لِمَا تَقَدَّمَ وَيَحْلِفُ وَارِثٌ عَلَى الْبَتِّ إنْ عَلِمَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ تَحَالُفٍ ( إنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ ( بِقَوْلِ الْآخَرِ ) أُقِرَّ الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِقَوْلِهِ مِنْهُمَا حَصَلَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ ، فَلَا خِيَارَ لَهُ ( أَوْ نَكَلَ ) أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ ( وَحَلَفَ الْآخَرُ أُقِرَّ ) الْعَقْدُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْحَالِفُ مِنْهُمَا لِأَنَّ النُّكُولَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ نَكَلَ ( وَإِلَّا ) يَرْضَى أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ بَعْدَ التَّحَالُفِ ( فَلِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( الْفَسْخُ ) وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ لِأَنَّهُ اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ أَشْبَهَ رَدَّ الْمَعِيبِ .
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِاخْتِلَافِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا فِي الْحُجَّةِ ، كَمَا لَوْ أَقَامَ
كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً .
( وَيَنْفَسِخُ ) الْبَيْعُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا ( ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا ) ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ لِاسْتِدْرَاكِ الظِّلَامَةِ أَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ، أَوْ يُقَالُ فُسِخَ بِالتَّحَالُفِ فَوَقَعَ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا كَفُرْقَةِ اللِّعَانِ قَالَ ( الْمُنَقِّحُ : فَإِنْ نَكَلَا ) أَيْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْحَلِفِ ( صَرَفَهُمَا ) الْحَاكِمُ ( كَمَا لَوْ نَكَلَ مَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ ) عَلَى الْقَوْلِ بِرَدِّهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ ( وَكَذَا إجَارَةٌ ) فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ فَكَمَا تَقَدَّمَ ( فَإِذَا تَحَالَفَا ) أَيْ الْمُؤَجِّرَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا ( وَفُسِخَتْ ) الْإِجَارَةُ ( بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ ) إجَارَةٍ ( ف ) عَلَى مُسْتَأْجِرٍ ( أُجْرَةُ مِثْلِ ) الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مُدَّةَ إجَارَةٍ .
( وَ ) إنْ فُسِخَتْ بَعْدَ تَحَالُفٍ ( فِي أَثْنَائِهَا ) أَيْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَعَلَى مُسْتَأْجِرٍ ( بِالْقِسْطِ ) مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا تَلِفَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ( وَيَحْلِفُ بَائِعٌ فَقَطْ ) إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ ( بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنٍ وَفَسْخِ عَقْدٍ ) بِتَقَايُلٍ أَوْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيه الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ
( وَإِنْ تَلِفَ مَبِيعٌ ) وَاخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ ثَمَنِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( تَحَالَفَا ) كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيَا ( وَغَرِمَ مُشْتَرٍ قِيمَتَهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ إنْ فُسِخَ الْبَيْعُ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ بِالْعَقْدِ عَلَى ضَمَانِهِ بِالْمِثْلِ .
وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا { إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا تَحَالَفَا } .
قَالَ أَحْمَدُ : لَمْ يَقُلْ فِيهِ " وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ " إلَّا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَقَدْ أَخْطَأَ ، رَوَاهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ وَلَمْ يَقُولُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَلَكِنَّهَا فِي حَدِيثِ مَعْنٍ ( وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( فِيهَا ) أَيْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ التَّالِفِ نَصًّا لِأَنَّهُ غَارِمٌ .
( وَ ) يُقْبَلُ قَوْلُ مُشْتَرٍ ( فِي قَدْرِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ التَّالِفِ ( وَ ) فِي ( صِفَتِهِ ) بِأَنْ قَالَ : بَائِعٌ كَانَ الْعَبْدُ كَاتِبًا وَأَنْكَرَهُ مُشْتَرٍ فَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ
( وَإِنْ تَعَيَّبَ ) مَبِيعٌ عِنْدَ مُشْتَرٍ قَبْلَ تَلَفِهِ ( ضُمَّ أَرْشُهُ إلَيْهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ أَيْ بَدَلُهُ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ حِينَ التَّعَيُّبِ ( وَكَذَا كُلُّ غَارِمٍ ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَةِ مَا يَغْرَمُهُ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ كَمُشْتَرٍ و ( لَا ) يُقْبَلُ ( وَصْفُهُ ) أَيْ وَصْفُ مُشْتَرٍ الْمَبِيعَ التَّالِفَ ، أَوْ الْغَارِمِ لِمَا يَغْرَمُهُ ( بِعَيْبٍ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ ( وَإِنْ ثَبَتَ ) أَنَّهُ مَعِيبٌ ( قَبْلَ دُخُولِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْغَارِمِ ( فِي تَقَدُّمِهِ ) أَيْ الْعَيْبِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ التَّلَفِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا يَدَّعِي عَلَيْهِ .
الْقِسْمُ ( الثَّامِنُ خِيَارٌ يَثْبُتُ لِلْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ ) إذَا بَاعَهُ بِالْوَصْفِ ( وَلِتَغَيُّرِ مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ ) الْبَيْعَ وَتَقَدَّمَ فِي السَّادِسِ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ فَصْلٌ
وَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ الْبَائِعَانِ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ اتَّفَقَا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْبَيْعِ ( أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا لَا يَعْقِدَانِ إلَّا بِهِ ( ثُمَّ ) إنْ تَعَدَّدَ نَقْدُ الْبَلَدِ أُخِذَ ( غَالِبَهُ رَوَاجًا ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ بِهِ أَكْثَرُ وَإِذَا اسْتَوَتْ ) نُقُودُ الْبَلَدِ رَوَاجًا ( فَالْوَسَطُ ) مِنْهَا تَسْوِيَةً بَيْنَ حَقَّيْهِمَا وَدَفْعًا لِلْمَيْلِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَعَلَى مُدَّعِي الْمَأْخُوذِ الْيَمِينُ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ خَصْمُهُ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى مَا ذُكِرَ حَيْثُ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ ادَّعَيَا غَيْرَهُ تَعَيَّنَ التَّحَالُفُ ذَكَرَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ
( وَ ) إنْ اخْتَلَفَا ( فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ ) شَرْطٍ ( فَاسِدٍ أَوْ ) فِي ( أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ قَدْرِهِمَا ) أَيْ الْأَجَلِ فِي غَيْرِ سَلَمٍ وَالرَّهْنِ ( أَوْ ) فِي شَرْطِ ( ضَمِينٍ فَقَوْلُ مُنْكِرِهِ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ( كَ ) مَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُنْكِرٍ ( مُفْسِدٍ ) لِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ مِنْ سَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ عَبْدٍ عَدِمَ إذْنَ سَيِّدِهِ وَنَحْوِهِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَقَوْلُ الْمُنْكِرِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعٍ وَقِيلَ يَتَسَاقَطَانِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَتَأْتِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ فِي الْإِقْرَارِ
( وَ ) إنْ اخْتَلَفَا ( فِي قَدْرِ مَبِيعٍ ) بِأَنْ قَالَ بَائِعٌ : بِعْتُكَ قَفِيزَيْنِ ، فَقَالَ مُشْتَرٍ بَلْ ثَلَاثَةً ، فَقَوْلُ بَائِعٍ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ وَالْبَيْعِ بِتَعَدُّدِ الْمَبِيعِ فَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي عَقْدًا آخَرَ يُنْكِرُهُ الْبَائِعُ بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ ( أَوْ ) فِي ( عَيْنِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ كَبِعْتَنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَيَقُولُ بَلْ الْعَبْدَ ( فَقَوْلُ بَائِعٍ ) نَصًّا لِأَنَّهُ كَالْغَارِمِ وَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُوبِ الثَّمَنِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي التَّعْيِينِ
( وَإِنْ تَشَاحَّا فِي أَيِّهِمَا يُسَلِّمُ قَبْلَ ) الْآخَرِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أُسَلَّمَ الثَّمَنَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُ الثَّمَنَ حَتَّى أَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ( وَالثَّمَنُ عَيْنٌ ) أَيْ مُعَيَّنٌ فِي الْعَقْدِ ( نُصِّبَ عَدْلٌ ) أَيْ نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ لِيَقْطَعَ النِّزَاعَ ( يَقْبِضُ مِنْهُمَا ) الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ ( وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ ) لِمُشْتَرٍ ( ثُمَّ ) يُسَلِّمُ ( الثَّمَنَ ) لِبَائِعٍ ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ مِنْ تَتِمَّاتِ الْبَيْعِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَاسْتِحْقَاقُ الثَّمَنِ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَامِ الْبَيْعِ وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ ( وَإِنْ كَانَ ) الثَّمَنُ ( دَيْنًا ثُمَّ أُجْبِرَ بَائِعٌ ) عَلَى تَسْلِيمِ مَبِيعٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ مُشْتَرٍ بِعَيْنِهِ ( ثُمَّ ) أُجْبِرَ ( مُشْتَرٍ ) عَلَى تَسْلِيمِ ثَمَنٍ ( إنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا بِالْمَجْلِسِ ) لِوُجُوبِ دَفْعِهِ عَلَيْهِ فَوْرًا لِإِمْكَانِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) الثَّمَنُ حَالًّا ( دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ حُجِرَ عَلَى مُشْتَرٍ فِي مَالِهِ كُلِّهِ ) حَتَّى الْمَبِيعِ ( حَتَّى يُسَلِّمَهُ ) أَيْ الثَّمَنَ خَوْفًا مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ ، فَيَضُرُّ بِبَائِعٍ .
( وَإِنْ غَيَّبَهُ ) أَيْ غَيَّبَ مُشْتَرٍ مَالَهُ ( بِ ) بَلَدٍ ( بَعِيدٍ ) مَسَافَةَ قَصْرٍ ( أَوْ كَانَ ) مَالُهُ ( بِهِ ) أَيْ الْبَلَدِ الْبَعِيدِ ابْتِدَاءً ( أَوْ ظَهَرَ عُسْرُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( فَلِبَائِعٍ الْفَسْخُ ) لِتَعَذُّرِ قَبْضِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ ( كَمُفْلِسٍ ) أَيْ كَمَا لَوْ ظَهَرَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا ( وَكَذَا ) أَيْ كَبَائِعٍ فِيمَا ذُكِرَ ( مُؤَجِّرٌ بِنَقْدٍ حَالٍّ ) فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَمْ يُطَالَبْ بِهِ حَتَّى يَحِلَّ ( وَإِنْ أَحْضَرَ ) مُشْتَرٍ ( بَعْضَ الثَّمَنِ لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ مَا يُقَابِلُهُ ) مِنْ مَبِيعٍ ( إنْ نَقَصَ ) مَبِيعٌ ( بِتَشْقِيصٍ ) كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ ، وَقُلْنَا : لِبَائِعٍ حَبْسُ مَبِيعِهِ عَلَى ثَمَنِهِ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهِ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى بَاقِ الثَّمَنِ فَيَتَضَرَّرَ بَائِعٌ بِنَقْصِ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْ مَبِيعٍ (
وَلَا يَمْلِكُ بَائِعٌ مُطَالَبَةً بِثَمَنٍ بِذِمَّةٍ ) زَمَنَ خِيَارٍ ( وَلَا ) يَمْلِكُ ( أَحَدُهُمَا قَبْضَ مُعَيَّنٍ ) مِنْ ثَمَنِ مُثَمَّنٍ ( زَمَنَ خِيَارِ شَرْطٍ ) أَوْ مَجْلِسٍ ( بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ ) فِي قَبْضِهِ ( مِمَّنْ الْخِيَارُ لَهُ ) لِعَدَمِ انْقِطَاعِ تَعَلُّقِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَنْهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَى بَائِعٍ تَسْلِيمُ مَبِيعٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ
فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ ( وَمَا اُشْتُرِيَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ( بِكَيْلٍ ) كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ ( أَوْ ) اُشْتُرِيَ ب ( وَزْنٍ ) كَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةِ حَدِيدٍ ( أَوْ ) اُشْتُرِيَ ب ( عَدٍّ ) كَبَيْضٍ عَلَى أَنَّهُ مِائَةٌ ( أَوْ ) اُشْتُرِيَ ب ( ذَرْعٍ ) كَثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ ( مُلِكَ ) أَيْ الْمَبِيعُ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ فَنَمَاؤُهُ لِمُشْتَرٍ أَمَانَةٌ بِيَدِ بَائِعٍ ( وَلَزِمَ ) الْبَيْعُ فِيهِ ( بِعَقْدٍ ) لَا خِيَارَ فِيهِ ، كَسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ ( وَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَوْ لِبَائِعِهِ ، وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ ) أَيْ أَخَذَ بَدَلِهِ ( وَلَا إجَارَتُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ ، وَلَا رَهْنُهُ وَلَوْ قَبَضَ ثَمَنَهُ ) وَلَوْ لِبَائِعِهِ فَيُهَزُّ ( وَلَا حَوَالَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) لِحَدِيثِ { مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ يَشْمَلُ بَيْعَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَغَيْرِهِ وَقِيسَ عَلَى الْبَيْعِ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَالسَّلَمِ .
فَإِنْ بِيعَ مَكِيلٌ وَنَحْوُهُ جُزَافًا كَصُبْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَثَوْبٍ جَازَ تَصَرُّفٌ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ نَصًّا لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي " وَلِأَنَّ التَّعَيُّنَ كَالْقَبْضِ .
( تَنْبِيهٌ ) مَعْنَى الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ هُنَا : تَوْكِيلُ الْغَرِيمِ فِي قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ نَظِيرَ مِثْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ .
زَادَ فِي الْإِقْنَاعِ وَلَا حَوَالَةَ بِهِ .
وَفِيهِ نَظَرٌ ( وَيَصِحُّ ) قَبْضُ مَبِيعٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ ( جُزَافًا ، إنْ عَلِمَا ) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ ( قَدْرَهُ ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَلِأَنَّهُ مَعَ عِلْمِ قَدْرِهِ كَالصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ .
( وَ ) يَصِحُّ ( عِتْقُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بَعْدُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِقُوَّتِهِ وَسِرَايَتِهِ .
( وَ ) يَصِحُّ جَعْلُهُ أَيْ الْمَبِيعِ بِنَحْوِ كَيْلٍ ( مَهْرًا وَ ) يَصِحُّ ( خُلْعٌ عَلَيْهِ وَوَصِيَّةٌ بِهِ )
لِاغْتِفَارِ الْغَرَرِ فِيهِمَا ( وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ) أَيْ الْبَيْعُ ( فِيمَا ) أَيْ مَبِيعٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ ( تَلِفَ بِآفَةٍ ) قَبْلَ قَبْضِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ ( وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ إنْ بَقِيَ ) مِنْهُ ( شَيْءٌ ) بَيْنَ أَخْذِهِ بِقِسْطِهِ وَرَدِّهِ ( كَمَا ) يُخَيَّرُ ( لَوْ تَعَيَّبَ بِلَا فِعْلِ ) آدَمِيٍّ ( وَلَا أَرْشَ ) لَهُ إنْ أَخَذَهُ مَعِيبًا ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَخَذَهُ مِنْهُ مُعَيَّنًا فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مَعِيبًا .
ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِي شَرْحِهِ وَفِيهِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ .
( وَ ) إنْ تَلِفَ مَبِيعٌ بِنَحْوِ كَيْلٍ أَوْ عَيْبٍ قَبْلَ قَبْضِهِ ( بِإِتْلَافٍ وَمُشْتَرٍ تَعَيَّبَهُ ) لَهُ فَ ( لَا خِيَارَ ) لَهُ ؛ لِأَنَّ إتْلَافَهُ كَقَبْضِهِ وَإِذَا عَيَّبَهُ فَقَدْ عَيَّبَ مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِأَرْشِهِ عَلَى غَيْرِهِ .
( وَ ) إنْ تَلِفَ أَوْ تَعَيَّبَ ( بِفِعْلِ بَائِعٍ أَوْ ) بِفِعْلِ ( أَجْنَبِيٍّ ) غَيْرِ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ ( يُخَيَّرُ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخِ ) بَيْعٍ ، وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعٍ بِمَا أَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إلَى قَبْضِهِ .
( وَ ) بَيْنَ ( إمْضَاءِ ) بَيْعٍ ( وَطَلَبِ ) مُتْلِفٍ ( بِمِثْلِ مِثْلِيٍّ أَوْ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ مَعَ تَلَفٍ ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِتْلَافِ أ ( وَ ) إمْضَاءٍ وَمُطَالَبَةِ مَعِيبِهِ ( بِ ) أَرْشِ ( نَقْصٍ مَعَ تَعَيُّبٍ ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ التَّعَيُّبِ لِتَعَدِّيهِمَا عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ ، بِخِلَافِ تَلَفِهِ بِفِعْلِهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لِلضَّمَانِ سِوَى حُكْمِ الْعَقْدِ ، بِخِلَافِ إتْلَافِ الْآدَمِيِّ ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالْبَدَلِ إنْ أَمْضَى الْعَقْدَ وَحُكْمُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالثَّمَنِ إنْ فُسِخَ فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَهُمَا .
( وَالتَّالِفُ ) قَبْلَ قَبْضِهِ بِآفَةٍ مِمَّا ذُكِرَ كُلَّ الْمَبِيعِ كَانَ أَوْ بَعْضَهُ ( مِنْ مَالِ بَائِعٍ ) أَيْ ضَمَانُهُ لِحَدِيثِ " نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ " قَالَ الْأَثْرَمُ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ ؟ قَالَ هَذَا فِي الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ ، فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ ، لَكِنْ إنْ عَرَضَهُ بَائِعٌ عَلَى مُشْتَرٍ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ بَرِئَ مِنْهُ ، كَمَا فِي الْكَافِي فِي الْإِجَارَةِ .
( فَلَوْ بِيعَ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ مَا ) أَيْ مَبِيعٌ اُشْتُرِيَ بِكَيْلٍ ( وَنَحْوِهِ ) كَمَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَذْرُوعٍ بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ شِقْصًا مَشْفُوعًا بِنَحْوِ صُبْرَةِ بُرٍّ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ ، ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ أَخَذَ الشِّقْصَ بِشُفْعَةٍ ( ثُمَّ تَلِفَ
الثَّمَنُ ) وَهُوَ الصُّبْرَةُ بِآفَةٍ ( قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ ) الْوَاقِعُ بِالصُّبْرَةِ ، لِتَلَفِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا ، كَمَا لَوْ كَانَتْ مُثَمَّنًا ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الثَّانِي الْوَاقِعِ عَلَى الْعَبْدِ ثَانِيًا ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِتَمَامِهِ قَبْلَ فَسْخِ الْأَوَّلِ ( وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ ) لِلْعَبْدِ أَوْ الشِّقْصِ بِالصُّبْرَةِ ( لِلْبَائِعِ ) لَهُمَا ( قِيمَةَ الْمَبِيعِ ) أَيْ الْعَبْدِ أَوْ الشِّقْصِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَحْبَلَ أَمَةً اشْتَرَاهَا بِذَلِكَ ثُمَّ تَلِفَ ( وَأَخَذَ ) الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ ( مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ ) ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ الشِّقْصِ وَمِنْ مُشْتَرِي الْعَبْدِ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُهُ
( وَلَوْ خُلِطَ ) مَبِيعٌ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ قَبْلَ قَبْضٍ ( بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ ) كَبُرٍّ بِبُرٍّ ، وَزَيْتٍ بِمِثْلِهِ ( لَمْ يَنْفَسِخْ ) الْبَيْعُ بِالْخَلْطِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ ( وَهُمَا ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَمَالِكُ الْآخَرِ ( شَرِيكَانِ ) بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فِيهِ ( وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ ) لِعَيْبِ الشَّرِكَةِ ( وَمَا عَدَا ذَلِكَ ) أَيْ مَا اشْتَرَى بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ كَعَبْدٍ وَدَارٍ وَمَكِيلٍ وَنَحْوِهِ بِيعَ جُزَافًا ( يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { كُنَّا نَبِيعُ الْإِبِلَ بِالنَّقِيعِ بِالدَّرَاهِمِ فَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّنَانِيرَ وَبِالْعَكْسِ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَا بَأْسَ أَنْ تُؤْخَذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ } رَوَاهُ الْخَمْسَةُ ( إلَّا الْمَبِيعَ بِصِفَةٍ ) وَلَوْ مُعَيَّنًا ( أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ) فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ .
( وَ ) مَا عَدَا ذَلِكَ ( مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ ) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ لِحَدِيثِ { الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } .
وَهَذَا الْمَبِيعُ رِبْحُهُ لِلْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ ( إلَّا إنْ مَنَعَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ ( بَائِعٌ ) مِنْ قَبْضِهِ وَلَوْ لِقَبْضِ ثَمَنِهِ ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ ؛ لِأَنَّهُ كَغَاصِبٍ ( أَوْ كَانَ ) الْمَبِيعُ ( ثَمَرًا عَلَى شَجَرٍ ) عَلَى مَا يَأْتِي ( أَوْ ) كَانَ مَبِيعًا ( بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ف ) تَلَفُهُ ( مِنْ ) ضَمَانِ ( بَائِعٍ ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى بِنَحْوِ كَيْلٍ ( وَمَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ مُشْتَرٍ فِيهِ ) كَمَبِيعٍ بِنَحْوِ كَيْلٍ أَوْ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ( يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ ) بِآفَةٍ ( قَبْلَ قَبْضِهِ ) لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ تَلِفَ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ فَعَلَى مَا سَبَقَ ( وَثَمَنٌ لَيْسَ فِي ذِمَّتِهِ ) مِنْ ثَمَنٍ وَهُوَ الْمُعَيَّنُ ( كَمُثَمَّنٍ ) فِي حُكْمِهِ السَّابِقِ .
فَلَوْ اشْتَرَى شَاةً بِشَعِيرٍ فَأَكَلَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ
انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ بَائِعٍ فَكَقَبْضِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ مُشْتَرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ خُيِّرَ بَائِعٌ كَمَا مَرَّ ( وَمَا فِي الذِّمَّةِ ) مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ ( لَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ ) إنْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ غَيْرُ سَلَمٍ وَيَأْتِي ( لِاسْتِقْرَارِهِ ) فِي ذِمَّتِهِ ( وَحُكْمُ كُلِّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ ) مَوْصُوفٍ بِأَنَّهُ ( يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ ) أَيْ الْعِوَضِ ( قَبْلَ قَبْضِهِ كَأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ ) فِي إجَارَةٍ ( وَعِوَضٍ ) مُعَيَّنٍ ( فِي صُلْحٍ بِمَعْنَى بَيْعٍ ) وَتَقَدَّمَ ( وَنَحْوِهِمَا ) كَعِوَضٍ مُعَيَّنٍ شُرِطَ فِي هِبَةٍ ( حُكْمُ عِوَضٍ فِي بَيْعٍ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ وَلَمْ يَكُنْ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ( وَ ) فِي ( مَنْعِهِ ) أَيْ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ أَوْ كَانَ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ .
( وَكَذَا ) حُكْمُ ( مَا ) أَيْ عِوَضٍ ( لَا يَنْفَسِخُ ) عَقْدُهُ ( بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَعِوَضِ خُلْعٍ وَعِتْقٍ وَ ) ك ( مَهْرٍ وَمُصَالَحٍ بِهِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ ) كَعِوَضِ طَلَاقٍ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، وَمَنَعَهُ إلْحَاقًا لَهُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ ( لَكِنْ يَجِبُ ) عَلَى الْبَاذِلِ ، إنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ، وَإِلَّا فَعَلَى مُتْلِفِهِ ( بِتَلَفِهِ ) أَيْ الْعِوَضُ الَّذِي لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ ( مِثْلُهُ ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ( أَوْ قِيمَتُهُ ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا لِبَقَاءِ الْعَقْدِ وَتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ ( وَلَوْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ ) أَيْ الْجَائِزِ التَّصَرُّفِ ( فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ تَوَهُّمِ غَرَرِ الْفَسْخِ فِيهِ .
( وَكَذَا وَدِيعَةٌ وَمَالُ شَرِكَةٍ وَعَارِيَّةٍ ) فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا لِمَا تَقَدَّمَ ( وَمَا ) أَيْ مَبِيعٌ ( قَبَضَهُ ) بِمَجْلِسِ عَقْدِهِ ( شَرْطٌ ل ) بَقَاءِ ( صِحَّةِ عَقْدِهِ كَصَرْفٍ وَ ) رَأْسِ مَالِ (
سَلَمٍ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ تَامٍّ أَشْبَهَ مِلْكَ غَيْرِهِ .
( وَ ) يَحْرُمُ وَ ( لَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ فِي مَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ بِهِ ( وَيَضْمَنُ هُوَ ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمَغْصُوبٍ .
( وَ ) يَضْمَنُ ( زِيَادَتَهُ ) مِنْ وَلَدٍ وَثَمَرَةٍ وَكَسْبٍ وَغَيْرِهَا ( كَمَغْصُوبٍ لِحُصُولِهِ بِيَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرْعِ ) أَشْبَهَ الْمَغْصُوبَ ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مَا كَانَ بِيَدِهِ ، وَيَرُدُّ زَوَائِدَهُ الْمُنْفَصِلَةَ وَعَلَيْهِ بَدَلُ مَا تَلِفَ مِنْهُ أَوْ مِنْ زَوَائِدِهِ
فِي قَبْضِ الْبَيْعِ ( وَيَحْصُلُ قَبْضُ مَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ بِذَلِكَ ) أَيْ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا { إذَا بِعْتَ فَكِلْ وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَحَدِيثِ { إذَا سَمَّيْتَ الْكَيْلَ فَكِلْ } رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلَا يُعْتَبَرُ نَقْلُهُ بَعْدُ ( بِشَرْطِ حُضُورِ مُسْتَحِقٍّ ) لِمَكِيلٍ وَنَحْوِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ } ( أَوْ ) حُضُورِ ( نَائِبِهِ ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ ( وَوِعَائِهِ ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ ( كَيَدِهِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا مَا فِيهِ كَانَ لِرَبِّهِ ( وَتُكْرَهُ زَلْزَلَةُ الْكَيْلِ ) لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ وَحَمْلًا عَلَى الْعُرْفِ
( وَيَصِحُّ قَبْضُ ) مَبِيعٍ ( مُتَعَيَّنٍ ) وَظَاهِرُهُ : وَلَوْ احْتَاجَ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ ( بِغَيْرِ رِضَى بَائِعٍ ) وَقَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ وَلَيْسَ لِبَائِعٍ حَبْسُهُ عَلَى ثَمَنِهِ
( وَ ) يَصِحُّ قَبْضُ ( وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ ) بِأَنْ يَكُونَ لِمَدِينٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَبِّ الدَّيْنِ مِنْ جِنْسِهِ فَيُوَكِّلُهُ فِي أَخْذِ قَدْرِ حَقِّهِ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ نَفْسِهِ فَصَحَّ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْهَا ( إلَّا مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكَّلِ ، بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ دَنَانِيرَ الْوَدِيعَةُ دَرَاهِمَ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا عِوَضَ الدَّنَانِيرِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ ، وَلَمْ يُوجَدْ .
( وَ ) يَصِحُّ ( اسْتِنَابَةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ ) بِأَنْ يَقُولَ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ لِرَبِّهِ : اكْتَلْهُ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ ( وَمَتَى وَجَدَهُ ) أَيْ الْمَقْبُوضَ ( قَابِضٌ زَائِدَ مَا ) أَيْ قَدْرًا ( لَا يُتَغَابَنُ بِهِ ) عَادَةً ( أَعْلَمَهُ بِهِ ) أَيْ أَعْلَمَ الْقَابِضَ الْمُقْبِضَ بِالزِّيَادَةِ وُجُوبًا وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّدُّ بِلَا طَلَبٍ .
( وَإِنْ قَبَضَهُ ) أَيْ الْمَكِيلَ وَنَحْوَهُ جُزَافًا ( ثِقَةً بِقَوْلِ بَاذِلٍ إنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ وَلَمْ يَحْضُرْ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ ) ثُمَّ اخْتَبَرَهُ وَوَجَدَهُ نَاقِصًا ( قُبِلَ قَوْلُهُ ) أَيْ الْقَابِضِ ( فِي ) قَدْرِ ( نَقْصِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَتَلَفٌ ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي بَقَائِهِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى بَقَائِهِ بِحَالِهِ اُعْتُبِرَ بِالْكَيْلِ وَنَحْوِهِ ( وَإِنْ صَدَّقَهُ ) قَابِضٌ ( فِي قَدْرِهِ ) أَيْ الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ ( بَرِئَ ) مُقْبِضٌ ( مِنْ عُهْدَتِهِ ) فَتَلَفُهُ عَلَى قَابِضٍ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى نَقْصِهِ بَعْدَ تَصْدِيقِهِ ( وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ ) قَابِضٌ قَبْلَ اخْتِبَارِهِ ( لِفَسَادِ الْقَبْضِ ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ بِكَيْلِهِ وَنَحْوِهِ مَعَ حُضُورِ مُسْتَحِقِّهِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَمْ يُوجَدْ
( وَلَوْ أَذِنَ ) رَبُّ دَيْنٍ ( لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ ) أَيْ الْإِذْنِ ( أَوْ ) فِي ( صَرْفِهِ ) أَيْ الدَّيْنِ أَوْ الشِّرَاءِ بِهِ وَنَحْوِهِ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْإِذْنُ ( وَلَمْ يَبْرَأْ ) مَدِينٌ بِفِعْلِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْآذِنَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ غَرِيمِهِ إلَّا بِقَبْضِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فَإِذَا تَصَدَّقَ أَوْ صَرَفَ أَوْ اشْتَرَى بِمَا مَيَّزَهُ لِذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ بِغَيْرِ مَالِ الْآذِنِ فَلَمْ يَبْرَأْ بِهِ ( وَمَنْ قَالَ ) لِآخَرَ ( وَلَوْ لِغَرِيمِهِ تَصَدَّقْ عَنِّي بِكَذَا ) أَوْ اشْتَرِ لِي بِهِ وَنَحْوَهُ ( وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي صَحَّ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْهُ ( وَكَانَ ) قَوْلُهُ ذَلِكَ ( اقْتِرَاضًا ) مِنْ الْمَأْذُونِ لَهُ وَتَوْكِيلًا لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا بِهِ ( لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ غَرِيمٍ ) أَذِنَ فِي ذَلِكَ ( بِقَدْرِهِ ) أَيْ الْمَأْذُونِ فِيهِ ( بِالْمُقَاصَّةِ ) بِشَرْطِهَا
( وَإِتْلَافُ مُشْتَرٍ ) لِمَبِيعٍ وَلَوْ غَيْرَ عَمْدٍ قَبْضٌ ( وَ ) إتْلَافُ ( مُتَّهِبٍ ) لَعَيْنٍ مَوْهُوبَةٍ ( بِإِذْنِ وَاهِبٍ قَبْضٌ ) ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَقَدْ أَتْلَفَهُ ( لَا غَصْبُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي مَبِيعًا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِقَبْضِهِ وَلَا غَصْبُ مَوْهُوبٍ لَهُ عَيْنًا وُهِبَتْ لَهُ ، فَلَيْسَ قَبْضًا فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ ( وَيَأْتِي ) فِي الْهِبَةِ : يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى غَيْرِهِ ( وَغَصَبَ بَائِعٌ ) مِنْ مُشْتَرٍ ( ثَمَنًا ) لَيْسَ مُعَيَّنًا ( أَوْ أَخَذَهُ ) أَيْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ مُشْتَرٍ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ ( لَيْسَ قَبْضًا ) لِلثَّمَنِ بَلْ غَصْبٌ ( إلَّا مَعَ الْمُقَاصَّةِ ) بِأَنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ وَاتَّفَقَا وَكَذَا إنْ رَضِيَ مُشْتَرٍ بِجَعْلِهِ عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ ( وَأُجْرَةُ كَيَّالٍ ) لِمَكِيلٍ ( وَوَزَّانٍ ) لِمَوْزُونٍ ( وَعَدَّادٍ ) لِمَعْدُودٍ ( وَذَرَّاعٍ ) لِمَذْرُوعٍ ( وَنَقَّادٍ ) لِمَنْقُودٍ قَبْلَ قَبْضِهَا ( وَنَحْوِهِمْ ) كَتَصْفِيَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا ( عَلَى بَاذِلٍ ) بَائِعٍ أَوْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ .
أَشْبَهَ السَّقْيَ عَلَى بَائِعِ الثَّمَرَةِ ( وَ ) أُجْرَةُ ( نَقْلٍ ) لِمَبِيعٍ مَنْقُولٍ ( عَلَى مُشْتَرٍ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَوْ قَالَ " أَخَذَ " لَتَنَاوَلَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي ، وَأُجْرَةُ دَلَّالٍ عَلَى بَائِعٍ إلَّا مَعَ شَرْطٍ ( وَلَا يَضْمَنُ نَاقِدٌ حَاذِقٌ أَمِينٌ خَطَأً ) مُتَبَرِّعًا كَانَ أَوْ بِأُجْرَةٍ ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاذِقًا أَوْ أَمِينًا ضَمِنَ كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ .
( وَ ) يَحْصُلُ قَبْضٌ ( فِي صُبْرَةٍ ) بِيعَتْ جُزَافًا بِنَقْلٍ ( وَ ) فِي ( مَا يُنْقَلُ بِنَقْلٍ ) كَأَحْجَارِ طَوَاحِينَ وَفِي حَيَوَانٍ بِتَمْشِيَّتِهِ ( وَ ) فِي ( مَا يُتَنَاوَلُ ) كَدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَكُتُبٍ ( بِتَنَاوُلٍ ) بِالْيَدِ .
( وَ ) فِي ( غَيْرِهِ ) أَيْ الْمَذْكُورِ كَأَرْضٍ وَبِنَاءٍ وَشَجَرٍ (
بِتَخْلِيَةِ ) بَائِعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُشْتَرٍ بِلَا حَائِلٍ وَلَوْ كَانَ بِالدَّارِ مَتَاعُ بَائِعٍ ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ مُطْلَقٌ فِي الشَّرْعِ ، فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالتَّفَرُّقِ ، وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ مَا سَبَقَ
( لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي ) جَوَازِ ( قَبْضِ مُشَاعٍ ) كَثُلُثٍ وَنِصْفٍ مِمَّا ( يُنْقَلُ ) كَغَرْسٍ لَا عَقَارٍ ( إذْنُ شَرِيكِهِ ) أَيْ الْبَائِعِ ، إذْ لَا يُمْكِنُ قَبْضُ الْبَعْضِ إلَّا بِقَبْضِ الْكُلِّ ( فَلَوْ أَبَاهُ ) أَيْ أَبَى الشَّرِيكُ الْإِذْنَ فِي قَبْضِهِ ( وَكَّلَ فِيهِ ) أَيْ وَكَّلَ مُشْتَرٍ فِي قَبْضِهِ ( فَإِنْ أَبَى ) مُشْتَرٍ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِيهِ ، أَوْ أَبَى شَرِيكٌ التَّوَكُّلَ فِيهِ ( نَصَّبَ حَاكِمٌ مَنْ يَقْبِضُ ) الْعَيْنَ لَهُمَا أَمَانَةً أَوْ بِأُجْرَةٍ ، وَأَجْرُهَا عَلَيْهِمَا مُرَاعَاةً لِحَقِّهِمَا ( وَلَوْ سَلَّمَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ بَعْضُهُ بَائِعٌ ( بِلَا إذْنِهِ ) أَيْ الشَّرِيكِ ( فَالْبَائِعُ غَاصِبٌ ) لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ ( وَقَرَارُ الضَّمَانِ ) فِيهِ إنْ تَلِفَ ( عَلَى مُشْتَرٍ إنْ عَلِمَ ) أَنَّ لَهُ فِيهِ شَرِيكًا لَمْ يَأْذَنْ ( وَإِلَّا ) يَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ وُجُوبَ الْإِذْنِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ ( ف ) قَرَارُ الضَّمَانِ ( عَلَى بَائِعٍ ) لِتَغْرِيرِهِ الْمُشْتَرِي
وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ لَا بَيْعٌ يُقَالُ : أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَك ، أَيْ أَزَالَهَا ، وَلِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَعَ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ " وَيُسْتَحَبُّ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ عِنْدَ نَدَمِ الْآخَرِ لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ( تَصِحُّ ) الْإِقَالَةُ ( قَبْلَ قَبْضِ ) مَبِيعٍ حَتَّى فِيمَا بِيعَ بِكَيْلٍ وَنَحْوِهِ ، وَفِي مُسْلَمٍ قَبْلَ قَبْضِهِ ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ .
( وَ ) تَصِحُّ ( بَعْدَ نِدَاءِ جُمُعَةٍ ) كَسَائِرِ الْفُسُوخِ ( وَ ) تَصِحُّ ( مِنْ مُضَارِبٍ وَشَرِيكٍ وَلَوْ بِلَا إذْنِ ) رَبِّ مَالٍ أَوْ شَرِيكٍ لَا وَكِيلَ فِي شِرَاءٍ .
( وَ ) تَصِحُّ ( مِنْ مُفْلِسٍ بَعْدَ حَجْرٍ ) عَلَيْهِ ( لِمَصْلَحَةٍ ) فِيهِنَّ ( وَ ) تَصِحُّ ( بِلَا شُرُوطِ بَيْعٍ ) كَمَا لَوْ تَقَايَلَا فِي آبِقٍ أَوْ شَارِدٍ ، كَمَا لَوْ فَسَخَ فِيهِمَا بِخِيَارِ شَرْطٍ ، بِخِلَافِ بَيْعٍ وَتَصِحُّ بِلَفْظِهَا ( وَبِلَفْظِ صُلْحٍ وَ ) بِلَفْظِ ( بَيْعٍ وَبِمَا يَدُلُّ عَلَى مُعَاطَاةٍ ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَعْنَى فَيَكْتَفِي بِمَا أَدَّاهُ كَالْبَيْعِ ( وَلَا خِيَارَ فِيهَا ) أَيْ الْإِقَالَةِ لَا لِمَجْلِسٍ أَوْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ ( وَلَا شُفْعَةَ ) فِيهَا نَصًّا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ( وَلَا يَحْنَثُ بِهَا ) أَيْ الْإِقَالَةِ ( مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ) وَلَا يَبَرُّ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَيَبِيعَنَّ سَوَاءٌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ( وَمُؤْنَةُ رَدِّ ) مَبِيعٍ تَقَايَلَا فِيهِ ( عَلَى بَائِعٍ ) لِرِضَاهُ بِبَقَاءِ الْمَبِيعِ أَمَانَةً بِيَدِ مُشْتَرٍ بَعْدَ التَّقَايُلِ فَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ رَدِّهِ كَوَدِيعٍ ، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِاعْتِبَارِهِ مَرْدُودًا ( وَلَا تَصِحُّ مَعَ تَلَفِ مُثَمَّنٍ ) مُطْلَقًا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفَسْخِ وَتَصِحُّ مَعَ تَلَفِ ثَمَنٍ ( وَ ) لَا مَعَ ( مَوْتِ عَاقِدٍ ) بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا .
وَكَذَا لَا
تَصِحُّ مَعَ غَيْبَةِ أَحَدِهِمَا ( وَلَا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنٍ ) مَعْقُودٍ بِهِ ( أَوْ ) مَعَ ( نَقْصِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ) ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْإِقَالَةِ رَدُّ الْأَمْرِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَرُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى مَا كَانَ لَهُ فَلَوْ قَالَ مُشْتَرٍ لِبَائِعٍ : أَقِلْنِي وَلَك كَذَا فَفَعَلَ ، فَقَدْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ لِشَبَهِهِ بِمَسَائِلِ الْعِينَةِ ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا وَيَبْقَى لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَضْلُ دَرَاهِمَ .
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ : لَكِنَّ مَحْذُورَ الرِّبَا هُنَا بَعِيدٌ جِدًّا .
( وَالْفَسْخُ ) بِالْإِقَالَةِ أَوْ غَيْرِهَا ( رَفْعُ عَقْدٍ مِنْ حِينِ فُسِخَ ) لَا مِنْ أَصْلِهِ فَمَا حَصَلَ مِنْ كَسْبٍ وَنَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ فَلِمُشْتَرٍ لِحَدِيثِ { الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } وَلَوْ تَقَايَلَا بَيْعًا فَاسِدًا لَمْ يَنْفُذْ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لِارْتِفَاعِهِ
بَابُ الرِّبَا وَالصَّرْفِ الرِّبَا مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَحَرَّمَ الرِّبَا } وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ } وَهُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا ( تَفَاضُلٌ فِي أَشْيَاءَ ) وَهِيَ الْمَكِيلَاتُ بِجِنْسِهَا وَالْمَوْزُونَاتُ بِجِنْسِهَا ( وَنَسَاءٌ فِي أَشْيَاءَ ) هِيَ الْمَكِيلَاتُ بِالْمَكِيلَاتِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا ، وَالْمَوْزُونَاتُ بِالْمَوْزُونَاتِ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا نَقْدًا ( مُخْتَصٌّ بَأَشْيَاءَ ) وَهِيَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ ( وَرَدَ ) دَلِيلُ ( الشَّرْعِ بِتَحْرِيمِهَا ) أَيْ تَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا نَصًّا فِي الْبَعْضِ وَقِيَاسًا فِي الْبَاقِي مِنْهَا ، كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ ( فَيَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ فِي كُلِّ مَكِيلٍ ) مَطْعُومٍ ، كَبُرٍّ وَأُرْزٍ أَوْ لَا كَأُشْنَانٍ بِجِنْسِهِ ( أَوْ مَوْزُونٍ ) مِنْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مَطْعُومٍ كَسُكَّرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقُطْنٍ ( بِجِنْسِهِ ) لِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا { الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( وَإِنْ قَلَّ ) الْمَبِيعُ ( كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ مَكِيلًا فَيُكَالُ وَإِنْ خَالَفَ عَادَةً كَمَوْزُونٍ وَ ( لَا ) يَحْرُمُ الرِّبَا ( فِي مَاءٍ ) لِإِبَاحَتِهِ أَصْلًا وَعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَةً ( وَلَا ) رِبَا ( فِيمَا لَا يُوزَنُ عُرْفًا لِصِنَاعَةٍ ) لِارْتِفَاعِ سِعْرِهِ بِهَا ( مِنْ غَيْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ) فَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَيَحْرُمُ فِيهِمَا مُطْلَقًا ( كَمَعْمُولٍ مِنْ نُحَاسٍ ) كَأَسْطَالٍ وَدُسُوتٍ ( وَ ) مَعْمُولٍ مِنْ ( حَدِيدٍ ) كَنِعَالٍ أَوْ سَكَاكِينَ ( وَ ) مَعْمُولٍ مِنْ ( حَرِيرٍ وَقُطْنٍ ) كَثِيَابٍ ( وَ ) مَعْمُولٍ مِنْ ( نَحْوِ ذَلِكَ ) كَأَكْسِيَةٍ مِنْ صُوفٍ وَثِيَابٍ مِنْ كِتَّانٍ ( وَلَا فِي فُلُوسٍ )
يُتَعَامَلُ بِهَا ( عَدَدًا وَلَوْ ) كَانَتْ ( نَافِقَةً ) لِخُرُوجِهَا عَنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَعَدَمِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ ، فَعِلَّةُ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ : كَوْنُهُمَا مَوْزُونَيْ جِنْسٍ ، وَفِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ كَوْنُهُنَّ مَكِيلَاتِ جِنْسٍ نَصًّا وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلُّ مَوْزُونٍ وَمَكِيلٍ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ فَيَجِبُ اسْتِخْرَاجُ عِلَّةِ هَذَا الْحُكْمِ وَإِثْبَاتُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ثَبَتَتْ عِلَّتُهُ فِيهِ وَلَا يَجْرِي فِي مَطْعُومٍ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ كَجَوْزٍ وَبَيْضٍ وَحَيَوَانٍ
( وَيَصِحُّ بَيْعُ صُبْرَةٍ ) مِنْ مَكِيلٍ ( بِ ) صُبْرَةٍ مِنْ ( جِنْسِهَا ) كَصُبْرَةِ تَمْرٍ ( وَإِنْ عَلِمَا كَيْلَهُمَا ) أَيْ الصُّبْرَتَيْنِ .
( وَ ) عَلِمَا ( تَسَاوِيَهُمَا ) كَيْلًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ التَّمَاثُلُ ( أَوْ لَا ) أَيْ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا كَيْلَهُمَا وَلَا تَسَاوِيَهُمَا ( وَتَبَايَعَاهُمَا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَكِيلَتَا فَكَانَتَا سَوَاءً ) لِوُجُودِ التَّمَاثُلِ فَإِنْ نَقَصَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى بَطَلَ ، وَكَذَا زُبْرَةُ حَدِيدٍ بِزُبْرَةِ حَدِيدٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ لَمْ يَجِبْ التَّمَاثُلُ وَيَأْتِي لَكِنْ إنْ تَبَايَعَا صُبْرَةً مِنْ بُرٍّ بِصُبْرَةٍ مِنْ شَعِيرٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَكِيلَتَا فَزَادَتْ إحْدَاهُمَا فَالْخِيَارُ
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( حَبٍّ جَيِّدٍ ب ) حَبٍّ ( خَفِيفٍ ) مِنْ جِنْسِهِ إنْ تَسَاوَيَا كَيْلًا ؛ لِأَنَّهُ مِعْيَارُهُمَا الشَّرْعِيُّ وَلَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُ الْقِيمَةِ وَ ( لَا ) يَصِحُّ بَيْعُ حَبٍّ ( بِ ) حَبٍّ ( مُسَوَّسٍ ) مِنْ جِنْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلَى الْعِلْمِ بِالتَّمَاثُلِ ، وَالْجَهْلُ بِهِ كَالْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ
( وَلَا ) يَصِحُّ بَيْعُ ( مَكِيلٍ ) كَتَمْرٍ وَبُرٍّ وَشَعِيرٍ ( بِجِنْسِهِ وَزْنًا ) كَرَطْلِ تَمْرٍ بِرَطْلِ تَمْرٍ
( وَلَا ) بَيْعُ ( مَوْزُونٍ ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ ( بِجِنْسِهِ كَيْلًا ) لِحَدِيثِ { الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ كَيْلًا بِكَيْلٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ كَيْلًا بِكَيْلٍ } رَوَاهُ الْأَثْرَمُ مِنْ حَدِيث عُبَادَةَ .
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا } وَلِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالتَّسَاوِي مَعَ مُخَالَفَةِ الْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ ( إلَّا إذَا عُلِمَ مُسَاوَاتُهُ لَهُ ) أَيْ الْمَكِيلِ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ وَزْنًا أَوْ الْمَوْزُونِ الْمَبِيعِ مِنْ جِنْسِهِ كَيْلًا ( فِي مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ لِلْعِلْمِ بِالتَّمَاثُلِ
( وَيَصِحُّ ) الْبَيْعُ ( إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ ) كَتَمْرٍ بِبُرٍّ ( كَيْلًا ) وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْزُونًا ( وَوَزْنًا ) وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا ( وَجُزَافًا ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : { إذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد ، وَلِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا فَجَازَا جُزَافًا وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي { النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ بِالصُّبْرَةِ مِنْ الطَّعَامِ لَا يَدْرِي مَا كَيْلُ هَذِهِ أَوْ مَا كَيْلُ هَذَا } مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ الْوَاحِدِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ
( وَ ) يَصِحُّ ( بَيْعُ لَحْمٍ بِمِثْلِهِ ) وَزْنًا ( مِنْ جِنْسِهِ ) رَطْبًا وَيَابِسًا ( إذَا نَزَعَ عَظْمَهُ ) فَإِنْ بِيعَ يَابِسٌ مِنْهُ بِرَطْبِهِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ ، أَوْ لَمْ يَنْزَعْ عَظْمَهُ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ لَحْمٍ ( بِحَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ) كَقِطْعَةٍ مِنْ لَحْمِ إبِلٍ بِشَاةٍ ؛ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ بِيعَ بِغَيْرِ أَصْلِهِ وَلَا جِنْسِهِ فَجَازَ ( كَ ) بَيْعِهِ ( بِ ) حَيَوَانٍ ( غَيْرِ مَأْكُولٍ ) أَوْ بِأَثْمَانٍ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ لِحَدِيثِ { نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيِّ بِالْمَيِّتِ } ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ بِأَصْلِهِ الَّذِي فِيهِ مِنْهُ فَلَمْ يَجُزْ كَبَيْعِ الشَّيْرَجِ بِسِمْسِمٍ
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( عَسَلٍ بِمِثْلِهِ ) كَيْلًا ( إذَا صُفِّيَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ شَمْعِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِمَا سَبَقَ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَإِلَّا جَازَ التَّفَاضُلُ كَعَسَلِ قَصَبٍ بِعَسَلِ نَحْلٍ
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( فَرْعٍ ) مِنْ جِنْسٍ ( مَعَهُ ) أَيْ الْفَرْعِ ( غَيْرُهُ لِمَصْلَحَتِهِ ) كَجُبْنٍ فَإِنَّ فِيهِ مِلْحًا لِمَصْلَحَةٍ ( أَوْ مُنْفَرِدًا ) لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ كَسَمْنٍ ( بِنَوْعِهِ كَجُبْنٍ بِجُبْنٍ ) مُتَمَاثِلًا وَزْنًا ( وَ ) ك ( سَمْنٍ بِسَمْنٍ مُتَمَاثِلًا ) كَيْلًا إنْ كَانَ مَائِعًا وَإِلَّا فَوَزْنًا .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ فَرْعٍ مَعَهُ غَيْرُهُ لِمَصْلَحَتِهِ أَوْ لَا ( بِ ) فَرْعِ ( غَيْرِهِ كَزُبْدٍ بِمَخِيضٍ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا ) كَرَطْلِ زُبْدٍ بِرَطْلَيْ مَخِيضٍ لِاخْتِلَافِهِمَا جِنْسًا بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَإِنْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا مَا دَامَ الِاتِّصَالُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ كَالتَّمْرِ وَنَوَاهُ ( إلَّا مِثْلُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِهِ ( لِاسْتِخْرَاجِهِ ) أَيْ السَّمْنِ ( مِنْهُ ) الزُّبْدِ فَيُشْبِهُ بَيْعَ السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ وَ ( لَا ) يَصِحُّ بَيْعُ ( مَا ) أَيْ نَوْعٍ ( مَعَهُ مَا ) أَيْ شَيْءٌ ( لَيْسَ لِمَصْلَحَتِهِ كَكِشْكٍ بِنَوْعِهِ ) أَيْ كِشْكٍ ، لِأَنَّهُ كَمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ ( وَلَا ) بَيْعُ فَرْعٍ مَعَهُ غَيْرُهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهِ ( بِفَرْعِ غَيْرِهِ ) كَكِشْكٍ بِجُبْنٍ أَوْ بِهَرِيسَةٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّمَاثُلِ ( وَلَا ) بَيْعُ ( فَرْعٍ بِأَصْلِهِ كَأَقِطٍ ) أَوْ زُبْدٍ أَوْ سَمْنٍ أَوْ مَخِيضٍ ( بِلَبَنٍ ) لِاسْتِخْرَاجِهِ مِنْهُ أَشْبَهَ بَيْعَ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ ( وَلَا ) يَصِحُّ بَيْعُ ( نَوْعٍ مَسَّتْهُ النَّارُ ) كَخُبْزِ شَعِيرٍ ( بِنَوْعِهِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ ) النَّارُ كَعَجِينِ شَعِيرٍ ، لِذَهَابِ النَّارِ بِبَعْضِ رُطُوبَةِ أَحَدِهِمَا فَيُجْهَلُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمْ
( وَالْجِنْسُ مَا ) أَيْ شَيْءٌ خَاصٌّ ( شَمَلَ أَنْوَاعًا ) أَيْ أَشْيَاءً مُخْتَلِفَةً بِالْحَقِيقَةِ ، وَالنَّوْعُ مَا شَمَلَ أَشْيَاءً مُخْتَلِفَةً بِالشَّخْصِ وَقَدْ يَكُونُ النَّوْعُ جِنْسًا بِاعْتِبَارِ مَا تَحْتَهُ وَالْجِنْسُ نَوْعًا بِاعْتِبَارِ مَا فَوْقَهُ ( كَالذَّهَبِ ) يَشْمَلُ الْبُنْدُقِيَّ وَالتَّكْرُورِيَّ وَغَيْرِهِمَا ( وَالْفِضَّةُ وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ ) لِشُمُولِ كُلِّ اسْم مِنْ ذَلِكَ لِأَنْوَاعٍ ، ( وَفُرُوعُهَا ) أَيْ الْأَجْنَاسِ ( أَجْنَاسٌ ، كَالْأَدَقَّةِ وَالْأَخْبَازِ وَالْأَدْهَانِ ) وَالْخُلُولِ وَنَحْوِهَا فَدَقِيقُ الْبُرِّ جِنْسٌ وَخُبْزُهُ جِنْسٌ ، وَدَقِيقُ الشَّعِيرِ جِنْسٌ وَخُبْزُهُ جِنْسٌ ، وَالزَّيْتُ جِنْسٌ وَالشَّيْرَجُ جِنْسٌ ، وَالسَّمْنُ جِنْسٌ وَزَيْتُ الزَّيْتُونِ جِنْسٌ ، وَزَيْتُ الْقُرْطُمِ جِنْسٌ ، وَزَيْتُ السَّلْجَمِ جِنْسٌ ، وَزَيْتُ الْكَتَّانِ جِنْسٌ .
وَهَكَذَا وَدُهْنُ وَرْدٍ وَبَنَفْسِجٌ وَيَاسَمِينُ وَنَحْوُهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ إنْ كَانَتْ مِنْ دُهْنٍ وَاحِدٍ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَقَاصِدُهَا ( وَاللَّحْمُ ) أَجْنَاسٌ ( وَاللَّبَنُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِمَا ) فَلَحْمُ الْإِبِلِ جِنْسٌ وَلَبَنُهَا جِنْسٌ ، وَلَحْمُ الْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ جِنْسٌ وَلَبَنُهُمَا جِنْسٌ ، وَلَحْمُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ جِنْسٌ وَلَبَنُهُمَا جِنْسٌ وَهَكَذَا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ فَيَجُوزُ بَيْعُ رَطْلِ لَحْمِ ضَأْنٍ بِرَطْلَيْ لَحْمِ بَقَرٍ ( وَالشَّحْمُ وَالْمُخُّ وَالْأَلْيَةُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ( وَالْقَلْبُ وَالطِّحَالُ ) بِكَسْرِ الطَّاءِ ( وَالرِّئَةُ وَالْكُلْيَةُ وَالْكَبِدُ وَالْكَارِعُ أَجْنَاسٌ ) فَيَجُوزُ بَيْعُ رَطْلِ شَحْمٍ بِرَطْلَيْ مُخٍّ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْعِظَامِ أَوْ بِرَطْلَيْ أَلْيَةٍ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ .
( وَيَصِحُّ بَيْعُ دَقِيقٍ رِبَوِيٍّ ) كَدَقِيقِ ذُرَةٍ ( بِدَقِيقِهِ ) مِثْلًا بِمِثْلٍ ( إذَا اسْتَوَيَا ) أَيْ الدَّقِيقَانِ ( نُعُومَةً ) لِتَسَاوِيهِمَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْصِ فَجَازَ كَبَيْعِ التَّمْرِ .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( مَطْبُوخِهِ ) أَيْ الرِّبَوِيِّ ( بِمَطْبُوخِهِ ) مِنْ جِنْسِهِ كَرَطْلِ
سَمْنٍ بَقَرِيٍّ بِرَطْلٍ مِنْهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( خُبْزِهِ بِخُبْزِهِ ) كَخُبْزِ بُرٍّ بِخُبْزِ بُرٍّ مِثْلًا بِمِثْلٍ ( إذَا اسْتَوَيَا ) أَيْ الْخُبْزَانِ ( نِشَافًا أَوْ رُطُوبَةً ) لَا إنْ اخْتَلَفَا .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( عَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ ) كَمُدِّ مَاءِ عِنَبٍ بِمِثْلِهِ .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( رَطْبِهِ ) أَيْ الرِّبَوِيِّ ( بِرَطْبِهِ ) كَرُطَبٍ بِرُطَبٍ وَعِنَبٍ بِعِنَبٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( يَابِسِهِ بِيَابِسِهِ ) كَتَمْرٍ بِتَمْرٍ وَزَبِيبٍ بِزَبِيبٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( مَنْزُوعِ نَوَاهُ ) مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ ( بِمِثْلِهِ ) مَنْزُوعِ النَّوَى مِنْ جِنْسِهِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، كَمَا لَوْ كَانَا مَعَ نَوَاهُمَا وَ ( لَا ) يَصِحُّ بَيْعُ مَنْزُوعٍ ( مَعَ نَوَاهُ بِمَا ) أَيْ بِمَنْزُوعِ النَّوَى ( مَعَ نَوَاهُ ) لِزَوَالِ التَّبَعَةِ فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ ( وَلَا ) بَيْعُ ( مَنْزُوعِ نَوَاهُ بِمَا نَوَاهُ فِيهِ ) لِعَدَمِ التَّسَاوِي ( وَلَا ) بَيْعُ ( حَبٍّ ) مِنْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ وَذُرَةٍ وَنَحْوِهَا ( بِدَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ ) لِانْتِشَارِ أَجْزَاءِ الْحَبِّ بِالطَّحْنِ فَيَتَعَذَّرُ التَّسَاوِي ، وَلِأَخْذِ النَّارِ مِنْ السَّوِيقِ ( وَلَا ) بَيْعُ ( دَقِيقِ حَبٍّ ) كَبُرٍّ ( بِسَوِيقِهِ ) لِأَخْذِ النَّارِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكَحَبٍّ مَقْلِيٍّ بِنِيءٍ .
( وَ ) لَا بَيْعُ ( خُبْزٍ بِحَبِّهِ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ ) لِلْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي لِمَا فِي الْخُبْزِ مِنْ الْمَاءِ ( وَلَا ) بَيْعُ ( نِيئِهِ ) أَيْ الرِّبَوِيِّ ( بِمَطْبُوخِهِ ) كَلَحْمٍ نِيءٍ بِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ مِنْ جِنْسِهِ ، لِأَخْذِ النَّارِ مِنْ الْمَطْبُوخِ .
( وَلَا ) بَيْعُ ( أَصْلِهِ ) كَعِنَبٍ ( بِعَصِيرِهِ ) كَبَيْعِ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ ( وَلَا ) بَيْعُ ( خَالِصِهِ ) أَيْ الرِّبَوِيِّ كَلَبَنٍ بِمَشُوبِهِ ( أَوْ مَشُوبِهِ بِمَشُوبِهِ ) لِانْتِفَاءِ التَّسَاوِي أَوْ الْجَهْلِ بِهِ ( وَلَا ) بَيْعُ ( رَطْبِهِ ) أَيْ الْجِنْسِ الرِّبَوِيِّ ( بِيَابِسِهِ كَرُطَبٍ ) بِتَمْرٍ وَعِنَبٍ بِزَبِيبٍ لِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ ؟ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ ؟ قَالُوا نَعَمْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ } " رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد ( وَلَا ) بَيْعُ ( الْمُحَاقَلَةِ ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا { نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ( وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ ) كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ ( الْمُشْتَدِّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ ) لِلْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي وَكَذَا بَيْعُ قُطْنٍ فِي أُصُولٍ بِقُطْنٍ فَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْحَبُّ وَبِيعَ وَلَوْ بِجِنْسِهِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ إنْ انْتَفَعَ بِهِ
( وَيَصِحُّ ) بَيْعُ حَبٍّ مُشْتَدٍّ فِي سُنْبُلِهِ ( بِغَيْرِ جِنْسِهِ ) مِنْ حَبٍّ أَوْ غَيْرِهِ ، كَبَيْعِ بُرٍّ مُشْتَدٍّ فِي سُنْبُلِهِ بِشَعِيرٍ أَوْ فِضَّةٍ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّسَاوِي ( وَلَا ) بَيْعُ ( الْمُزَابَنَةِ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِالتَّمْرِ ) لِمَا تَقَدَّمَ ( إلَّا فِي الْعَرَايَا ) جَمْعُ عَرِيَّةٍ ( وَهِيَ بَيْعُهُ ) أَيْ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ ( خَرْصًا بِمِثْلِ مَا يَئُولَ إلَيْهِ ) الرُّطَبُ ( إذَا جَفَّ ) وَصَارَ تَمْرًا ( كَيْلًا ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الْكَيْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، فَسَقَطَ فِي أَحَدِهِمَا وَأُقِيمَ الْخَرْصُ مَكَانَهُ لِلْحَاجَةِ فَيَبْقَى الْآخَر عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ ( فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا بِأَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
فَلَا يَجُوزُ فِي الْخَمْسَةِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِيهَا وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ ( لِمُحْتَاجٍ لِرُطَبٍ وَلَا ثَمَنٍ ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ( مَعَهُ ) لِحَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ لَا تُعْتَبَرُ حَاجَةُ الْبَائِعِ إلَى التَّمْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ثَمَنٌ إلَّا الرُّطَبَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْمَجْدُ : يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ لِحَاجَةِ التَّفَكُّهِ فَلِحَاجَةِ الِاقْتِيَاتِ أَوْلَى وَالْقِيَاسُ عَلَى الرُّخْصَةِ جَائِزٌ إذَا فُهِمَتْ الْعِلَّةُ ( بِشَرْطِ الْحُلُولِ وَتَقَابُضِهِمَا ) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ ( بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ شُرُوطُهُ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِمَّا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهُ فِي الْعَرَايَا ( فَ ) الْقَبْضُ ( فِي ) مَا عَلَى ( نَخْلٍ بِتَخْلِيَةٍ فِي تَمْرٍ بِكَيْلٍ ) أَوْ نَقْلٍ لِمَا عُلِمَ كَيْلُهُ قَالَهُ فِي شَرْحِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ تَمْرٍ عِنْدَ نَخْلٍ .
( فَلَوْ ) تَبَايَعَا وَ ( سَلَّمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مَشَيَا فَسَلَّمَ الْآخَرُ ) قَبْلَ تَفَرُّقٍ ( صَحَّ ) لِحُصُولِ
الْقَبْضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الرُّطَبَ لَوْ كَانَ مَجْذُوذًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ ، وَالرُّخْصَةُ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ لِيَأْخُذَ شَيْئًا فَشَيْئًا لِحَاجَةِ التَّفَكُّهِ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا لِلرُّطَبِ أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ وَمَعَهُ نَقْدٌ لَمْ تَصِحَّ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَرِيَّةِ كَوْنُهَا مَوْهُوبَةً وَإِنْ تَرَكَ الْعَرِيَّةَ مُشْتَرِيهَا حَتَّى أَثْمَرَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ ( وَلَا تَصِحُّ فِي بَقِيَّةِ الثِّمَارِ ) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ سَهْلٍ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا { نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ ، وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ } وَلِأَنَّ الْعَرَايَا رُخْصَةٌ وَلَا يُسَاوِيهَا غَيْرُهَا فِي كَثْرَةِ الِاقْتِيَاتِ وَسُهُولَةِ الْخَرْصِ ( وَلَا ) تَصِحُّ ( زِيَادَةُ مُشْتَرٍ ) عَلَى الْقَدْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ( وَلَوْ ) اشْتَرَاهُ ( مِنْ عَدَدٍ فِي صَفَقَاتٍ ) بِأَنْ اشْتَرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي صَفْقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ لِبَقَاءِ مَا زَادَ عَلَى الْأَصْلِ فِي التَّحْرِيمِ وَإِنْ بَاعَ عَرِيَّتَيْنِ لِشَخْصَيْنِ وَفِيهِمَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَازِ حَاجَةُ الْمُشْتَرِي
( وَيَصِحُّ بَيْعُ نَوْعَيْ جِنْسٍ ) مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ بِنَوْعَيْهِ أَوْ نَوْعِهِ ( أَوْ ) أَيْ وَيَصِحُّ بَيْعُ ( نَوْعٍ بِنَوْعَيْهِ ) أَوْ نَوْعِهِ ( كَ ) بَيْعِ ( دِينَارٍ قِرَاضَةً ، وَهِيَ قِطَعُ ذَهَبٍ أَوْ ) قِطَعُ ( فِضَّةٍ وَ ) دِينَارٍ ( صَحِيحٍ ) مَعَهَا ( بِ ) دِينَارَيْنِ ( صَحِيحَيْنِ أَوْ قِرَاضَتَيْنِ ) إذَا تَسَاوَتْ وَزْنًا ( أَوْ ) بَيْعِ دِينَارٍ ( صَحِيحٍ ب ) دِينَارٍ ( صَحِيحٍ ) مِثْلِهِ وَزْنًا .
( وَ ) كَبَيْعِ ( حِنْطَةٍ حَمْرَاءَ وَسَمْرَاءَ بِ ) حِنْطَةٍ ( بَيْضَاءَ ) وَعَكْسِهِ ( وَ ) كَبَيْعِ ( تَمْرٍ مَعْقِلِيٍّ وَبَرْنِيِّ بِإِبْرَاهِيمِيِّ ) وَعَكْسِهِ وَكَبَرْنِيِّ وَصَيْحَانِيِّ بِمَعْقِلِيِّ وَإِبْرَاهِيمِيِّ مِثْلًا بِمِثْلٍ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمِثْلِيَّةُ فِي الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ لَا الْقِيمَةِ وَالْجَوْدَةِ .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( نَوَى ) تَمْرٍ ( بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى وَ ) بَيْعُ ( لَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ ) وَلَوْ مِنْ جِنْسِهِ .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( صُوفٍ بِمَا ) أَيْ بِحَيَوَانٍ ( عَلَيْهِ صُوفٌ ) مِنْ جِنْسِهِ .
( وَ ) بَيْعُ ( دِرْهَمٍ فِيهِ نُحَاسٌ بِنُحَاسٍ أَوْ ب ) دِرْهَمٍ ( مُسَاوِيهِ فِي غَشٍّ ) فَإِنْ زَادَ غِشُّ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَذَا إنْ جُهِلَ .
( وَ ) بَيْعُ ( ذَاتِ لَبَنٍ ) بِمِثْلِهَا ( أَوْ ) ذَاتِ ( صُوفٍ بِمِثْلِهَا ) ؛ لِأَنَّ النَّوَى بِالتَّمْرِ وَالصُّوفَ وَاللَّبَنَ بِالْحَيَوَانِ وَالنُّحَاسَ فِي الدِّرْهَمِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ وَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ أَشْبَهَ الْمِلْحَ فِي الشَّيْرَجِ وَحَبَّاتِ شَعِيرٍ بِحِنْطَةٍ
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( تُرَابِ مَعْدِنٍ ) بِغَيْرِ جِنْسِهِ ( وَ ) بَيْعُ تُرَابِ ( صَاغَةٍ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ إذَنْ فَإِنْ بِيعَ تُرَابُ مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ صَاغَةٍ بِفِضَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ اُعْتُبِرَ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ بِالْمَجْلِسِ وَلَا تَضُرُّ جَهَالَةُ الْمَقْصُودِ لِاسْتِتَارِهِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فِي الْمَعْدِن وَحُمِلَ عَلَيْهِ تُرَابُ الصَّاغَةِ وَلَا يَصِحُّ بِجِنْسِهِ لِلْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي .
( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( مَا مُوِّهَ بِنَقْدٍ مِنْ دَارٍ وَنَحْوِهَا ) كَبَابٍ وَشُبَّاكٍ ( بِجِنْسِهِ ) أَيْ النَّقْدِ الْمُمَوَّهِ بِهِ ( وَ ) بَيْعُ ( نَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ ) أَوْ رُطَبٌ ( بِمِثْلِهِ ) أَيْ بِنَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ أَوْ رُطَبٌ ( أَوْ ) بَيْعُ نَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ ب ( تَمْرٍ ) أَوْ رُطَبٍ ؛ لِأَنَّ الرِّبَوِيَّ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْبَيْعِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ ، وَكَذَا خَلُّ تَمْرٍ بِخَلِّ تَمْرٍ وَنَحْوِهِ ، وَكَذَا عَبْدٌ لَهُ مَالٌ إذَا اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ وَاشْتَرَطَهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ
وَ ( لَا ) يَصِحُّ بَيْعُ ( رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ وَمَعَهُمَا ) أَيْ الْعِوَضَيْنِ ( أَوْ ) مَعَ ( أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا ) أَيْ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّيْنِ وَالدِّرْهَمَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ ( أَوْ ) بَيْعُ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ ( بِمُدَّيْنِ ) مِنْ عَجْوَةٍ ( أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ ) وَكَبَيْعِ مُحَلًّى بِذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ ، وَتُسَمَّى مَسْأَلَةُ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّهَا مُثِّلَتْ بِذَلِكَ وَنُصَّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهَا لِحَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ { أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ سَبْعَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا قَالَ فَرَدَّهُ حَتَّى مَيَّزَ بَيْنَهُمَا } .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِمُسْلِمٍ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَزْنًا بِوَزْنٍ } وَمَأْخَذُ الْبُطْلَانِ سَدُّ ذَرِيعَةِ الرِّبَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَّخَذُ حِيلَةً عَلَى الرِّبَا الصَّرِيحِ ، كَبَيْعِ مِائَةٍ فِي كِيسٍ بِمِائَتَيْنِ جَعْلًا لِلْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْكَيْسِ ، وَقَدْ لَا يُسَاوِي دِرْهَمًا ، أَوْ أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ قُسِّطَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّوْزِيعِ عَلَى الْجَعْلِ ، وَهُوَ يُؤَدِّي إمَّا إلَى يَقِينِ التَّفَاضُلِ أَوْ إلَى الْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي وَكِلَاهُمَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ فِي بَابِ الرِّبَا ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) مَا مَعَ الرِّبَوِيِّ ( يَسِيرًا لَا يُقْصَدُ ) بِعَقْدٍ ( كَخُبْزٍ فِيهِ مِلْحٌ بِمِثْلِهِ ) أَيْ بِخُبْزٍ فِيهِ مِلْحٌ ( وَ ) كَخُبْزٍ ( بِمِلْحٍ ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْحَ فِي الْخُبْزِ لَا يُؤَثِّرُ فِي وَزْنٍ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ .
( وَيَصِحُّ ) قَوْلُهُ ( أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفًا ) مِنْ دِرْهَمٍ ( وَ ) بِالنِّصْفِ (
الْآخَرِ فُلُوسًا أَوْ حَاجَةً ) كَلَحْمٍ ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( أَعْطِنِي بِهِ ) أَيْ الدِّرْهَمِ ( نِصْفًا وَفُلُوسًا وَنَحْوِهِ ) كَدَفْعِ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ بِنِصْفِهِ نِصْفًا وَبِنِصْفِهِ فُلُوسًا أَوْ حَاجَةً لِوُجُودِ التَّسَاوِي ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ النِّصْفِ فِي الدَّرَاهِمِ كَقِيمَةِ النِّصْفِ مَعَ الْفُلُوسِ أَوْ الْحَاجَةِ ، وَقِيمَةَ الْفُلُوسِ أَوْ الْحَاجَةِ كَقِيمَةِ النِّصْفِ الْآخَرِ .
( وَ ) يَصِحُّ ( قَوْلُهُ لِصَائِغٍ صُغْ لِي خَاتَمًا ) مِنْ فِضَّةٍ ( وَزْنُهُ دِرْهَمٌ أُعْطِيَكَ مِثْلَ زِنَتِهِ وَ ) أُعْطِيك .
( أُجْرَتَك دِرْهَمًا .
وَلِلصَّائِغِ أَخْذُ الدِّرْهَمَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مُقَابَلَةِ ) فِضَّةِ ( الْخَاتَمِ وَ ) الدِّرْهَمُ ( الثَّانِي أُجْرَةٌ لَهُ ) وَلَيْسَ بَيْعَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ ، ( وَمَرْجِعُ كَيْلِ عُرْفِ الْمَدِينَةِ ) الْمُنَوَّرَةِ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَ ) مَرْجِعُ ( وَزْنِ عُرْفِ مَكَّةَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لِحَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ مَرْفُوعًا { الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ مَكَّةَ } ( وَمَا لَا عُرْفَ لَهُ هُنَاكَ ) أَيْ بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ ( يُعْتَبَرُ ) عُرْفُهُ ( فِي مَوْضِعِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ شَرْعًا أَشْبَهَ الْقَبْضَ وَالْحِرْزَ وَإِذَا اخْتَلَفَ ) عُرْفُهُ فِي بِلَادِهِ ( اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ ) مِنْهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ) لَهُ عُرْفٌ غَالِبٌ ( رُدَّ إلَى أَقْرَبِ مَا يُشْبِهُهُ بِالْحِجَازِ ) كَرَدِّ الْحَوَادِثِ إلَى أَشْبَهَ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بِهَا ( وَكُلُّ مَائِعٍ ) كَلَبَنٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ ( مَكِيلٌ ) لِحَدِيثِ { كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ } { وَيَغْتَسِلُ هُوَ وَبَعْضُ نِسَائِهِ مِنْ الْفَرْقِ } وَهِيَ مَكَايِيلُ قُدِّرَ بِهَا الْمَاءُ فَكَذَا سَائِرُ الْمَائِعَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ مَرْفُوعًا { نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا فِي ضُرُوعِ الْأَنْعَامِ إلَّا بِكَيْلٍ }
فَصْلٌ وَيَحْرُمُ رِبَا النَّسِيئَةِ مِنْ النَّسَاءِ بِالْمَدِّ وَهُوَ التَّأْخِيرُ ( بَيْنَ مَا ) أَيْ مَبِيعَيْنِ ( اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ ) وَهِيَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَأَمَّا الْجِنْسُ فَشَرْطٌ لِتَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ كَمَا أَنَّ الزِّنَا عِلَّةُ الْحَدِّ ، وَالْإِحْصَانُ شَرْطٌ لِلرَّجْمِ ( كَ ) بَيْعِ ( مُدَبَّرٍ بِمِثْلِهِ ) أَيْ مُدَبَّرٍ ( أَوْ ) ب ( شَعِيرٍ وك ) بَيْعِ دِرْهَمٍ مِنْ قَزٍّ ب ) رَطْلٍ مِنْ خُبْرٍ فَيُشْتَرَطُ ) لِذَلِكَ ( حُلُولٌ وَقَبْضٌ بِالْمَجْلِسِ ) مُطْلَقًا وَتَمَاثُلٌ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَتَقَدَّمَ وَلِأَنَّهُمَا مَالَانِ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا عِلَّتُهُمَا مُتَّفِقَةٌ ، فَحَرُمَ التَّفَرُّقُ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَالصَّرْفِ .
( تَنْبِيهٌ ) التَّقَابُضُ هُنَا وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ لَا لِصِحَّتِهِ إذْ الْمَشْرُوطُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَرْطِهِ
وَ ( لَا ) يُعْتَبَرُ شَرْطُ ذَلِكَ ( إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْعِوَضَيْنِ ( نَقْدًا ) أَيْ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كَسُكَّرٍ بِدِرْهَمٍ وَخَزٍّ بِدِينَارٍ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَرُمَ النَّسَاءُ فِي ذَلِكَ لَسُدَّ بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ الشَّرْعُ وَأَصْلُ رَأْسِ مَالِهِ النَّقْدَانِ ( إلَّا فِي صَرْفِهِ ) أَيْ النَّقْدِ ( بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ ) نَصًّا فَيُشْتَرَطُ الْحُلُولُ وَالْقَبْضُ إلْحَاقًا لَهَا بِالنَّقْدِ ، خِلَافًا لِجَمْعٍ وَتَبِعَهُمْ فِي الْإِقْنَاعِ
( وَيُحْمَلُ نَسَاءٌ ) أَيْ تَأْخِيرٌ ( فِي ) بَيْعِ ( مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ ) كَبُرٍّ بِسُكَّرٍ ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي رِبَا الْفَضْلِ أَشْبَهَ بَيْعَ غَيْرَ الرِّبَوِيِّ بِغَيْرِهِ
( وَ ) يَحِلُّ نَسَاءٌ ( فِي ) بَيْعِ ( مَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا فَضْلٍ كَثِيَابٍ ) بِثِيَابٍ أَوْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَحَيَوَانٍ ) بِحَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَتِبْنٍ ) بِتِبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو { أَنَّهُ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلَائِصِ الصَّدَقَةِ فَكَانَ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ
( وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كَالِئٍ بِكَالِئٍ ) بِالْهَمْزِ ( وَهُوَ ) بَيْعُ ( دَيْنٍ بِدَيْنٍ ) مُطْلَقًا لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ } رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ
( وَلَا ) بَيْعُ دَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَا بَيْعُهُ ( بِمُؤَجَّلٍ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ ( جَعْلُهُ ) أَيْ الدَّيْنِ ( رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ) لِمَا تَقَدَّمَ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( تَصَارُفُ الْمَدِينَيْنِ بِجِنْسَيْنِ فِي ذِمَّتَيْهِمَا ) بِأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو ذَهَبٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ فِضَّةٌ وَتَصَارَفَا ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ( وَلَا ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ ( نَحْوُهُ ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا بُرٌّ وَلِلْآخَرِ شَعِيرٌ دَيْنًا وَتَبَايَعَاهُمَا
( وَيَصِحُّ ) تَصَارُفُهُمَا وَنَحْوُهُ ( إنْ أُحْضِرَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ( أَحَدُهُمَا ) أَيْ الدَّيْنَيْنِ نَصًّا ( أَوْ كَانَ ) أَحَدُهُمَا ( أَمَانَةً ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ
( وَمَنْ ) عَلَيْهِ دَيْنٌ فَ ( وَكَّلَ غَرِيمُهُ ) رَبَّ الْحَقِّ ( فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ ) لِلْمَدِينِ ( وَ ) فِي ( أَخْذِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهَا ) أَيْ السِّلْعَةِ ( فَبَاعَ الْوَكِيلُ ) السِّلْعَةَ ( بِغَيْرِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ ( لَمْ يَصِحَّ أَخْذُهُ ) أَيْ الْوَكِيلِ دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْهُ فِي مُصَارَفَةِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ ( وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ ) دَيْنًا ( فَبَعَثَ إلَى غَرِيمِهِ ) صَاحِبِ الدِّينَارِ ( دِينَارًا ) نَاقِصًا ( وَتَتِمَّتُهُ دَرَاهِمُ ) لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ
( أَوْ أَرْسَلَ ) مَنْ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ رَسُولًا ( إلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَقَالَ ) الْمُرْسِلُ ( لِلرَّسُولِ خُذْ قَدْرَ حَقِّك مِنْهُ دَنَانِيرَ ، فَقَالَ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ ) لِلرَّسُولِ ( خُذْ ) دَرَاهِمَ ( صِحَاحًا بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يَجُزْ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ فِي الصَّرْفِ ، وَلَوْ أَخَذَ الرَّسُولُ رَهْنًا أَوْ عِوَضًا عَنْهُ بَعَثَهُ الْمَدِينُ فَذَهَبَ فَمِنْ مَالِ بَاعِثٍ
فَصْلٌ وَالصَّرْفُ بَيْعُ نَقْدٍ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الصَّرِيفِ وَهُوَ تَصْوِيتُ النَّقْدِ بِالْمِيزَانِ ( وَيَبْطُلُ ) صَرْفٌ ( كَ ) بُطْلَانِ ( سَلَمٍ بِتَفَرُّقٍ ) بِبَدَنٍ ( يَبْطُلُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ قَبْلَ تَقَابُضٍ ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي صَرْفٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَدًا بِيَدٍ } وَفِي سَلَمٍ قُبِضَ رَأْسُ مَالِهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ
( وَإِنْ تَأَخَّرَ ) تَقَابُضٌ فِي صَرْفٍ أَوْ فِي رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ ( فِي بَعْضٍ ) مِنْ ذَلِكَ ( بَطَلَا ) أَيْ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ ( فِيهِ ) أَيْ الْمُتَأَخِّرِ قَبْضُهُ ( فَقَطْ ) لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَصَحَّا فِيمَا قُبِضَ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَيَقُومُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَسُقُوطُهُ عَنْ ذِمَّةِ أَحَدِهِمَا مَقَامَ قَبْضِهِ
( وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ عَقْدٍ ( فِي قَبْضٍ فِي صَرْفٍ وَنَحْوِهِ ) كَرِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ وَيَقُومُ قَبْضُ وَكِيلٍ مَقَامَ قَبْضِ مُوَكِّلِهِ ( مَا دَامَ مُوَكِّلُهُ بِالْمَجْلِسِ ) أَيْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِتَعَلُّقِهِ بِهِ سَوَاءٌ بَقِيَ الْوَكِيلُ بِالْمَجْلِسِ إلَى قَبْضٍ أَوْ فَارَقَهُ ثُمَّ عَادَ وَقَبَضَ ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ فَإِنْ فَارَقَ مُوَكِّلٌ قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ ، وَإِنْ وَكَّلَ فِي الْعَقْدِ اُعْتُبِرَ حَالُ الْوَكِيلِ
( وَلَا يَبْطُلُ ) صَرْفٌ وَنَحْوُهُ ( بِتَخَايُرٍ ) أَيْ بِاشْتِرَاطِ خِيَارٍ ( فِيهِ ) كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْزَمُ بِالتَّفَرُّقِ
( وَإِنْ تَصَارَفَا عَلَى عَيْنَيْنِ ) أَيْ مُعَيَّنَيْنِ ( مِنْ جِنْسَيْنِ ) كَصَارَفْتُك هَذَا الدِّينَارَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَيُقْبَلُ ، ذُكِرَ وَزْنُهُمَا أَمْ لَا ( وَلَوْ ) كَانَ تَصَارُفُهُمَا ( بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ ) عَلَى مَجْلِسِ صَرْفٍ ( أَوْ ) ب ( خَبَرِ صَاحِبِهِ ) بِوَزْنِهِ وَتَقَابَضَا ( وَظَهَرَ غَصْبٌ ) فِي جَمِيعِهِ ( أَوْ ) ظَهَرَ ( عَيْبٌ فِي جَمِيعِهِ ) أَيْ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْعَيْبُ ( يَسِيرًا ) وَكَانَ عَيْبُهُ ( مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ) أَيْ الْمَعِيبِ بِأَنْ وَجَدَ الدَّنَانِيرَ رَصَاصًا أَوْ الدَّرَاهِمَ نُحَاسًا أَوْ فِيهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ( بَطَلَ الْعَقْدُ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ ، أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ ، أَشْبَهَ بِعْتُكَ هَذَا الْبَغْلَ فَبَانَ فَرَسًا
( وَإِنْ ظَهَرَ ) الْغَصْبُ أَوْ الْعَيْبُ ( فِي بَعْضِهِ ) بِأَنْ كَانَ بَعْضُ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ مَغْصُوبًا أَوْ نُحَاسًا أَوْ بِهِ نُحَاسٌ مَثَلًا ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْمَعِيبِ ( فَقَطْ ) بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ
( وَإِنْ كَانَ ) الْعَيْبُ ( مِنْ جِنْسِهِ ) أَيْ الْمَعِيبِ كَوُضُوحِ ذَهَبٍ وَسَوَادِ فِضَّةٍ ( فَلِآخِذِهِ ) الَّذِي صَارَ إلَيْهِ ( الْخِيَارُ ) بَيْنَ فَسْخٍ وَإِمْسَاكٍ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنْ أَخَذَ غَيْرَهُ أَخَذَ مَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهِ ( فَإِنْ رَدَّهُ ) أَيْ الْمَعِيبَ ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِمَا تَقَدَّمَ ( وَإِنْ أَمْسَكَ ) أَيْ مَضَى الْعَقْدُ ( فَلَهُ ) أَرْشُهُ أَيْ الْعَيْبِ كَسَائِرِ الْمَعِيبَاتِ الْمَبِيعَةِ ( بِالْمَجْلِسِ ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ مَعِيبٍ لِاعْتِبَارِ التَّقَابُضِ فِيهِ
وَ ( لَا ) يَأْخُذُ أَرْشَهُ ( مِنْ جِنْسِ ) النَّقْدِ ( السَّلِيمِ ) لِئَلَّا يَصِيرَ كَمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ ( وَكَذَا ) يَجُوزُ أَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْمَجْلِسِ ( إنْ جُعِلَ ) الْأَرْشُ ( مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا ) أَيْ النَّقْدَيْنِ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ إذَنْ ( وَكَذَا سَائِرُ أَمْوَالِ الرِّبَا إذَا بِيعَتْ ب ) رِبَوِيٍّ ( غَيْرِ جِنْسِهَا مِمَّا الْقَبْضُ شَرْطٌ فِيهِ ) كَمَكِيلٍ بِيعَ بِمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ بِيعَ بِمَوْزُونٍ غَيْرِ جِنْسِهِ ( فَبُرٌّ ) بِيعَ ( بِشَعِيرٍ ) وَ ( وُجِدَ بِأَحَدِهِمَا ) أَيْ الْبُرِّ أَوْ الشَّعِيرِ ( عَيْبٌ ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ( فَأَرْشٌ بِدِرْهَمٍ أَوْ نَحْوِهِ ) مِنْ الْمَوْزُونَاتِ ( مِمَّا لَا يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ ) وَهِيَ الْكَيْلُ فِي الْمِثَالِ ( جَازَ ) وَلَوْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ لِمَا سَبَقَ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ جَازَ فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ لَا مِنْ جِنْسِ السَّلِيمِ
( وَإِنْ تَصَارَفَا عَلَى جِنْسَيْنِ فِي الذِّمَّةِ ) كَدِينَارٍ بُنْدُقِيٍّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِضَّةً صَحَّ ( إنْ تَقَابَضَا قَبْلَ تَفَرُّقٍ ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْعِوَضَانِ مَعَهُمَا وَاقْتَرَضَاهُمَا أَوْ مَشَيَا مَعًا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَتَقَابَضَا وَحَدِيثُ { لَا تَبِيعُوا غَائِبًا مِنْهَا بِنَاجِزٍ } مَعْنَاهُ لَا يُبَاعُ عَاجِلٌ بِآجِلٍ أَوْ مَقْبُوضٌ بِغَيْرِ مَقْبُوضٍ وَالْقَبْضُ بِالْمَجْلِسِ كَالْقَبْضِ حَالَ الْعَقْدِ ، ثُمَّ إنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَبَضَهُ عَيْبًا ( وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَيْبٌ ، ثُمَّ تَارَةً يَعْلَمُ الْعَيْبَ قَبْلَ تَفَرُّقٍ وَتَارَةً يَعْلَمُهُ بَعْدَهُ
( فَ ) إنْ عَلِمَهُ ( قَبْلَ تَفَرُّقٍ ) عَنْ الْمَجْلِسِ فَ ( لَهُ إبْدَالُهُ ) أَيْ طَلَبُ سَلِيمٍ بَدَلَهُ كَالسَّلِيمِ ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ ( أَوْ أَرْشُهُ ) أَيْ وَلَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشِهِ لَا مِنْ جِنْسِ السَّلِيمِ ( وَ ) إنْ عَلِمَهُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ التَّفَرُّقِ فَ ( لَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ ) أَخْذِ ( أَرْشٍ ) لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَيَكُونُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ السَّلِيمِ أَوْ الْمَعِيبِ كَمَا تَقَدَّمَ
( وَ ) لَهُ رَدُّهُ وَ ( أَخَذَ بَدَلِهِ ) ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ إبْدَالُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ بَعْدَهُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ ( بِمَجْلِسِ رَدٍّ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ أَخْذِ بَدَلِهِ ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِحَدِيثِ { لَا تَبِيعُوا غَائِبًا مِنْهَا بِنَاجِزٍ }
( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) الْعَيْبُ ( مِنْ جِنْسِهِ فَتَفَرَّقَا ) أَيْ الْمُتَصَارِفَانِ مِنْ الْمَجْلِسِ ( قَبْلَ رَدِّ ) مَعِيبٍ ( وَأَخْذِ بَدَلِهِ بَطَلَ ) الصَّرْفُ لِلتَّفَرُّقِ قَبْلَ التَّقَابُضِ
( وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا ) أَيْ الْعِوَضَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ فِي صَرْفٍ ( دُونَ ) الْعِوَضِ ( الْآخَرِ ) بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ ظَهَرَ فِي أَحَدِهِمَا عَيْبٌ ( فَلِكُلٍّ ) مِنْ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ ( حُكْمُ نَفْسِهِ ) فِيمَا تَقَدَّمَ ( وَالْعَقْدُ عَلَى عَيْنَيْنِ رِبَوِيَّيْنِ مِنْ جِنْسٍ ك ) هَذَا الدِّينَارُ بِهَذَا الدِّينَارِ ( كَ ) الْعَقْدِ عَلَى رِبَوِيَّيْنِ ( مِنْ جِنْسَيْنِ ) فِيمَا تَقَدَّمَ ، وَكَذَا لَوْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الذِّمَّةِ ( إذْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَرْشٌ مُطْلَقًا ) لَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَلَا بَعْدَهُ وَلَا مِنْ الْجِنْسِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ وَإِلَى مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ
( وَإِنْ تَلِفَ عِوَضٌ قُبِضَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ( فِي ) عَقْدِ ( صَرْفِ ) ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ مِثْلًا ( ثُمَّ عُلِمَ عَيْبُهُ ) أَيْ التَّالِفِ ( وَقَدْ تَفَرَّقَا فُسِخَ ) صَرْفٌ أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ ( وَرُدَّ الْمَوْجُودُ ) لِبَاذِلِهِ ( وَتَبْقَى قِيمَةُ الْمَعِيبِ ) التَّالِفِ ( فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ ( فَيَرُدُّ ) مَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ ( مِثْلَهَا ) أَيْ الْقِيمَةِ ( أَوْ عِوَضَهَا إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ) أَيْ الْعِوَضِ قُلْتُ : هَذَا إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَرْشُ كَمَا سَبَقَ
( وَيَصِحُّ أَخْذُ أَرْشِهِ ) أَيْ الْعَيْبِ ( مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ) أَيْ الْمُتَصَارِفَانِ ( إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ ) فِي صَرْفٍ ( مِنْ جِنْسَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَرْش كَجُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَقَدْ حَصَلَ قَبْضُهُ بِالْمَجْلِسِ لَكِنْ لَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِ السَّلِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَصِحُّ أَخْذُهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ النَّقْدَيْنِ
فَصْلٌ وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَصَارِفَيْنِ ( الشِّرَاءُ مِنْ الْآخَرِ مِنْ جِنْسِ مَا صَرَفَ ) الْآخَرُ مِنْهُ ( بِلَا مُوَاطَأَةٍ ) كَأَنْ صَرَفَ مِنْهُ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ صَرَفَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ بِدِينَارٍ آخَرَ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ : أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَر هَكَذَا ؟ قَالَ لَا وَاَللَّهِ إنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَفْعَلْ بِعْ التَّمْرَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ
( وَصَارِفُ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ ) إنْ ( أَعْطَى ) فِضَّةً ( أَكْثَرَ ) مِمَّا بِالدِّينَارِ ( لِيَأْخُذَ ) رَبُّ الدِّينَارِ ( قَدْرَ حَقِّهِ مِنْهُ ) أَيْ مِمَّا أُعْطِيَهُ أَكْثَرَ ( فَفَعَلَ ) أَيْ أَخَذَ صَاحِبُ الدِّينَارِ قَدْرَ حَقِّهِ ( جَازَ ) هَذَا الْفِعْلُ مِنْهُمَا ( وَلَوْ ) كَانَ أَخْذُهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ ( بَعْدَ تَفَرُّقٍ ) لِوُجُودِ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ التَّمْيِيزُ ( وَالزَّائِدُ ) عَنْ حَقِّهِ ( أَمَانَةٌ ) بِيَدِهِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ
( وَ ) صَارِفُ ( خَمْسَةِ دَرَاهِمَ ) فِضَّةً ( بِنِصْفِ دِينَارٍ فَأَعْطَى ) صَارِفَ الْفِضَّةِ ( دِينَارًا صَحَّ ) الصَّرْفُ لِمَا تَقَدَّمَ ( وَلَهُ ) أَيْ قَابِضِ الدِّينَارِ ( مُصَارَفَتُهُ بَعْدَ ) ذَلِكَ ( بِالْبَاقِي ) مِنْ الدِّينَارِ ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ ( وَلَوْ اقْتَرَضَ ) صَارِفُ الْخَمْسَةِ دَرَاهِمَ ( الْخَمْسَةَ ) الَّتِي دَفَعَهَا لِصَاحِبِ الدِّينَارِ ( وَصَارَفَهُ بِهَا عَنْ ) النِّصْفِ ( الْبَاقِي ) مِنْ الدِّينَارِ صَحَّ بِلَا حِيلَةٍ
( أَوْ ) صَارَفَ ( دِينَارًا بِعَشَرَةِ ) دَرَاهِمَ صَفْقَةً ( فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ ) دَرَاهِمَ ( ثُمَّ اقْتَرَضَهَا ) أَيْ الْخَمْسَةَ الْمَدْفُوعَةَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثَانِيًا ( عَنْ الْبَاقِي ) مِنْ الْعَشَرَةِ ( صَحَّ ) ذَلِكَ ( بِلَا حِيلَةٍ ) لِوُجُودِ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ ( وَهِيَ ) أَيْ الْحِيلَةُ ( التَّوَسُّلُ إلَى مُحَرَّمٍ بِمَا ظَاهِرُهُ الْإِبَاحَةُ ، وَالْحِيَلُ كُلُّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ ) لِحَدِيثِ { مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقِيسَ عَلَيْهِ بَاقِي الْحِيَلِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى إنَّمَا حَرَّمَ الْمُحَرَّمَاتِ لِمَفْسَدَتِهَا وَضَرَرِهَا وَلَا يَزُولُ ذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ مَعْنَاهَا
( وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ ) فَأَكْثَرُ ( فَقَضَاهُ دَرَاهِمَ مُتَفَرِّقَةً كُلَّ نَقْدَةٍ ) مِنْ الدَّرَاهِمِ ( بِحِسَابِهَا ) أَيْ مَا يُقَابِلُهَا ( مِنْهُ ) أَيْ الدِّينَارِ ( صَحَّ ) نَصًّا لِعَدَمِ الْمَانِعِ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ كُلُّ نَقْدَةٍ بِحِسَابِهَا ، بِأَنْ صَارَ يَدْفَعُ الدَّرَاهِمَ شَيْئًا فَشَيْئًا ثُمَّ صَارَفَهُ بِهَا وَقْتَ الْمُحَاسَبَةِ ( فَلَا ) يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ
( وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ ) دَنَانِيرَ مَثَلًا ( وَزْنًا فَوَفَّاهَا ) أَيْ الْعَشَرَةَ ( عَدَدًا فَوُجِدَتْ ) أَيْ الْعَشَرَةُ ( وَزْنًا أَحَدَ عَشَرَ ) دِينَارًا ( ف ) الدِّينَارُ ( الزَّائِدُ مُشَاعٌ مَضْمُونٌ ) لِرَبِّهِ ، لِقَبْضِهِ عَلَى أَنَّهُ عِوَضُ مَالِهِ فَكَانَ مَضْمُونًا بِهَذَا الْقَبْضِ ( وَلِمَالِكِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ ) بِصَرْفٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ وَغَيْرِهِ ، لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ صَارَفَ بِوَدِيعَةٍ صَحَّ وَلَوْ شَكَّ فِي بَقَائِهَا إلَّا إنْ ظَنَّ عَدَمَهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمَهُ حَالَ عَقْدٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا
( وَمَنْ بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ بِإِخْبَارِ صَاحِبِهِ ) الْبَاذِلِ لَهُ ( بِوَزْنِهِ ) ثِقَةً بِهِ ( وَتَقَابَضَاهُ وَافْتَرَقَا فَوَجَدَهُ ) أَيْ الدِّينَارَ ( نَاقِصًا ) عَنْ وَزْنِهِ الْمَعْهُودِ ( بَطَلَ الْعَقْدُ ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مُتَفَاضِلًا ( وَ ) إنْ وَجَدَهُ ( زَائِدًا ) عَلَى وَزْنِ الدِّينَارِ الْمَعْهُودِ ( وَالْعَقْدُ عَلَى عَيْنَيْهِمَا ) أَيْ الدِّينَارَيْنِ ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ ( أَيْضًا ) لِلتَّفَاضُلِ
( وَ ) إنْ كَانَا ( فِي الذِّمَّةِ ) بِأَنْ قَالَ : بِعْتُكَ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَوَصَفَاهُمَا ( وَقَدْ تَقَابَضَا وَافْتَرَقَا ) ثُمَّ وَجَدَ أَحَدَهُمَا زَائِدًا ( فَالزَّائِدُ بِيَدِ قَابِضٍ ) لَهُ ( مُشَاعٌ مَضْمُونٌ ) لِرَبِّهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ دِينَارًا بِمِثْلِهِ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْقَبْضُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ( وَلَهُ ) أَيْ الْقَابِضِ ( دَفْعُ عِوَضِهِ ) أَيْ الزَّائِدِ لِرَبِّهِ ( مِنْ جِنْسِهِ ) أَيْ الزَّائِدِ ( وَ ) مِنْ ( غَيْرِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ
( وَلِكُلٍّ ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ ( فَسْخُ الْعَقْدِ ) ، أَمَّا الْقَابِضُ فَلِأَنَّهُ وَجَدَ الْمَبِيعَ مُخْتَلِطًا بِغَيْرِهِ وَالشَّرِكَةُ عَيْبٌ وَأَمَّا الدَّافِعُ فَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ عِوَضِ الزَّائِدِ ، وَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ اسْتَرْجَعَهُ رَبُّهُ وَدَفَعَ بَدَلَهُ
( وَيَجُوزُ الصَّرْفُ ) بِنَقْدٍ مَغْشُوشٍ ( وَ ) يَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ ( بِ ) نَقْدٍ ( مَغْشُوشٍ وَلَوْ ) كَانَ غِشُّهُ ( بِغَيْرِ جِنْسِهِ ) كَالدَّرَاهِمِ تُغَشُّ بِنُحَاسٍ ( لِمَنْ يَعْرِفُهُ ) أَيْ الْغِشَّ .
قَالَ أَحْمَدُ : إذَا كَانَ شَيْئًا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ ، مِثْلَ الْفُلُوسِ اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهَا بَأْسٌ وَلِأَنَّ غَايَتَهُ اشْتِمَالُهُ عَلَى جِنْسَيْنِ لَا غَرَرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ هَذَا مُسْتَفِيضٌ فِي الْأَعْصَارِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْآخَرُ غِشَّهُ لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ
( وَيَحْرُمُ كَسْرُ السِّكَّةِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ) لِلْخَبَرِ ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ ( إلَّا أَنْ يُخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَلْ هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ ) فَيَجُوزُ كَسْرُهُ لِلْحَاجَةِ وَتُسْبَكُ الدَّرَاهِمُ الزُّيُوفُ وَلَا تُبَاعُ وَلَا تُخْرَجُ فِي مُعَامَلَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِجَيِّدِهِ وَتَخْرُجُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ نَصًّا وَقَالَ لَا أَقُولُ : إنَّهُ حَرَامٌ ، قَالَ فِي الشَّرْحِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِالْمُسْلِمِينَ
( وَالْكِيمْيَاءُ غِشٌّ فَتُحَرَّمُ ) ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْمَصْنُوعَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِالْمَخْلُوقِ .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : هِيَ بَاطِلَةٌ فِي الْعَقْلِ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ثَبَتَتْ عَلَى الرُّوبَاصِ أَوْ لَا وَلَوْ كَانَتْ حَقًّا مُبَاحًا لَوَجَبَ فِيهَا خُمْسٌ أَوْ زَكَاةٌ وَلَمْ يُوجِبْ فِيهَا عَالِمٌ شَيْئًا وَالْقَوْلُ بِأَنَّ قَارُونَ عَمِلَهَا بَاطِلٌ
فَصْلٌ وَيَتَمَيَّزُ ثَمَنٌ عَنْ مُثَمَّنٍ بِبَاءِ الْبَدَلِيَّةِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَيْ الْعِوَضَيْنِ ( نَقْدٌ ) فَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ فَهُوَ الثَّمَنُ فَدِينَارٌ بِثَوْبٍ الثَّمَنُ الثَّوْبُ لِدُخُولِ الْبَاءِ عَلَيْهِ ( وَيَصِحُّ اقْتِضَاءُ ) نَقْدٍ ( مِنْ آخَرَ ) كَذَهَبٍ مِنْ فِضَّةٍ وَعَكْسُهُ
( إنْ أُحْضِرَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ النَّقْدَيْنِ ( أَوْ كَانَ ) أَحَدُهُمَا ( أَمَانَةً ) أَوْ عَارِيَّةً أَوْ غَصْبًا ( وَالْآخَرُ مُسْتَقِرٌّ فِي الذِّمَّةِ ) لَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ( بِسِعْرِ يَوْمِهِ ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَفِيهِ { فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ ، آخُذُ هَذِهِ عَنْ هَذِهِ ، وَأُعْطِي هَذِهِ عَنْ هَذِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ } وَلِأَنَّهُ صَرْفٌ بِعَيْنٍ وَذِمَّةٍ ، فَجَازَ كَمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْهُ اشْتِغَالُ ذِمَّةٍ وَاعْتُبِرَ سِعْرُ يَوْمِهَا لِلْخَبَرِ ، وَلِجَرَيَانِ ذَلِكَ مَجْرَى الْقَضَاءِ ، فَتَقَيَّدَ بِالْمِثْلِ وَهُوَ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ لِتَعَذُّرِهِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي
( وَلَا يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ ) أَيْ مَا فِي الذِّمَّةِ إذَا قَضَاهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ ، وَلِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَعْجِيلِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَضَاهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَإِنْ نَقَصَهُ عَنْ سِعْرِ الْمُؤَجَّلَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ لِلْخَبَرِ
( وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ) كِتَابًا أَوْ نَحْوَهُ ( بِنِصْفِ دِينَارٍ لَزِمَهُ شِقٌّ ) أَيْ نِصْفٌ مِنْ دِينَارٍ ( ثُمَّ إنْ اشْتَرَى ) شَيْئًا ( آخَرَ ) كَثَوْبٍ ( بِنِصْفٍ آخَرَ لَزِمَهُ شِقٌّ أَيْضًا ) لِدُخُولِهِ بِالْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ
( وَيَجُوزُ إعْطَاؤُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ ( عَنْهُمَا ) أَيْ الشِّقَّيْنِ دِينَارًا ( صَحِيحًا ) ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا فَإِنْ كَانَ نَاقِصًا أَيْ اشْتَرَى بِمُكَسَّرَةٍ وَأَعْطَى عَنْهَا صِحَاحًا أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ بِصِحَاحٍ وَأَعْطَى عَنْهَا مُكَسَّرَةً أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ لِلتَّفَاضُلِ ( لَكِنْ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ ) أَيْ أَعْطَى صَحِيحًا عَنْ الشِّقَّيْنِ ( فِي الْعَقْدِ الثَّانِي أَبْطَلَهُ ) لِتَضَمُّنِهِ اشْتِرَاطَ زِيَادَةٍ عَنْ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ ( وَ ) اشْتِرَاطُ ذَلِكَ ( قَبْلَ لُزُومِ ) الْعَقْدِ ( الْأَوَّلِ ) كَمَا لَوْ لَمْ يَتَفَرَّقَا ( يُبْطِلُهُمَا ) أَيْ الْعَقْدَيْنِ لِوُجُودِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ انْبِرَامِهِ
( وَتَتَعَيَّنُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ بِتَعْيِينٍ فِي جَمِيع عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالْغَصْبِ ، فَتَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ كَالْقَرْضِ ، وَلِأَنَّهَا أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فَأَشْبَهَتْ الْآخَرَ ( وَتُمْلَكُ ) دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ ( بِهِ ) أَيْ بِالتَّعْيِينِ فِي جَمِيع الْعُقُودِ ( فَلَا يَصِحُّ إبْدَالُهَا ) إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهَا لِتَعَيُّنِهَا ( وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ ) أَيْ مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ ( فِيهَا ) قَبْلَ قَبْضِهَا كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ .
قَالَ ( الْمُنَقِّحُ : إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَى وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ ) فَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا لِاحْتِيَاجِهَا لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ
( فَإِنْ تَلِفَتْ ) دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ مُعَيَّنَةٌ بِعَقْدٍ ( فَمِنْ ضَمَانِهِ ) أَيْ ضَمَانِ مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْتَجْ لِعَدٍّ أَوْ وَزْنٍ وَإِلَّا فَمِنْ ضَمَانٍ بَاذِلٍ
( وَيَبْطُلُ غَيْرُ نِكَاحٍ وَخُلْعٍ ) وَطَلَاقٍ ( وَعِتْقٍ ) عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ
( وَ ) غَيْرُ ( صُلْحٍ ) بِهَا ( عَنْ دَمٍ عَمْدٍ ) فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ ( بِكَوْنِهَا ) أَيْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمُعَيَّنَةُ ( مَغْصُوبَةً ) كَالْمَبِيعِ يَظْهَرُ مُسْتَحَقًّا ( أَوْ ) بِكَوْنِهَا ( مَعِيبَةً ) عَيْبًا ( مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا ) كَكَوْنِ الدَّرَاهِمِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ غَيْرَ مَا سُمِّيَ لَهُ ( وَ ) يَبْطُلُ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاؤُهُ ( فِي بَعْضٍ هُوَ كَذَلِكَ ) أَيْ مَغْصُوبٌ أَوْ مَعِيبٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا ( فَقَطْ ) وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
( وَ ) إنْ كَانَ الْعَيْبُ ( مِنْ جِنْسِهَا ) كَسَوَادِ دَرَاهِمَ وَوُضُوحِ دَنَانِيرَ ( يُخَيَّرُ ) مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ ( بَيْنَ فَسْخِ ) الْعَقْدِ لِلْعَيْبِ ( وَإِمْسَاكٍ بِلَا أَرْشٍ إنْ تَعَاقَدَا عَلَى مِثْلَيْنِ ) ، كَدِينَارٍ بِدِينَارٍ ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ يُفْضِي إلَى التَّفَاضُلِ ، أَوْ مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ الْعَقْدُ عَلَى مِثْلَيْنِ ( فَلَهُ ) أَيْ مَنْ صَارَتْ لَهُ الْمَعِيبَةُ ( أَخْذُهُ ) أَيْ الْأَرْشِ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا مِنْ جِنْسِ السَّلِيمِ فِي صَرْفٍ ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ حُصُولُ زِيَادَةٍ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَلَا تُمْنَعُ فِي الْجِنْسَيْنِ ، وَلَا يُمْنَعُ فِي الْجِنْسَيْنِ
وَ ( لَا ) يَأْخُذُ أَرْشًا ( بَعْدَ الْمَجْلِسِ إلَّا إنْ كَانَ ) الْأَرْش ( مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ) أَيْ جِنْسِ الْعِوَضَيْنِ فَيَجُوزُ أَخْذُهُ بَعْدَهُ مِمَّا لَا يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ النِّكَاحَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ لَا يَبْطُلُ بِكَوْنِ الْعِوَضِ مَغْصُوبًا أَوْ مَعِيبًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَيَأْتِي فِي أَبْوَابِهِ مُوَضَّحًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
( وَيَحْرُمُ الرِّبَا بِدَارِ حَرْبٍ وَلَوْ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ ) بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ زِيَادَةً مِنْ الْحَرْبِيِّ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى { وَحَرَّمَ الرِّبَا } وَعُمُومِ السُّنَّةِ وَلِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ كَدَارِ الْبَغْيِ فِي أَنَّهُ لَا يَدَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِمَا وَحَدِيثُ مَكْحُولٍ مَرْفُوعًا { لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَأَهْلِ الْحَرْبِ } رُدَّ بِأَنَّهُ خَبَرٌ مَجْهُولٌ لَا يُتْرَكُ لَهُ تَحْرِيمُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ
وَ ( لَا ) يَحْرُمُ الرِّبَا ( بَيْنَ سَيِّدٍ وَرَقِيقِهِ وَلَوْ ) كَانَ الرَّقِيقُ ( مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلسَّيِّدِ ( أَوْ مُكَاتَبًا فِي مَالِ كِتَابَةٍ ) فَقَطْ بِأَنْ عَوَّضَهُ عَنْ مُؤَجَّلِهَا دُونَهُ ، وَيَأْتِي وَلَا يَجُوزُ الرِّبَا بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ هَذِهِ
بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَبَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ( الْأُصُولُ ) جَمْعُ أَصْلٍ وَهُوَ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا ( أَرْضٌ وَدُورٌ وَبَسَاتِينُ وَنَحْوُهَا ) كَطَوَاحِينَ وَمَعَاصِرَ ( وَالثِّمَارُ ) جَمْعُ ثَمَرٍ كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ مَعْرُوفَةٍ وَهِيَ ( أَعَمُّ مِمَّا يُؤْكَلُ ) فَيَشْمَلُ الْقَرْظَ وَنَحْوَهُ ( وَمَنْ بَاعَ ) دَارًا ( أَوْ وَهَبَ ) دَارًا ( أَوْ رَهَنَ ) دَارًا ( أَوْ وَقَفَ ) دَارًا ( أَوْ أَقَرَّ ) بِدَارٍ ( أَوْ أَوْصَى بِدَارِ تَنَاوَلَ ) ذَلِكَ ( أَرْضَهَا ) إنْ لَمْ تَكُنْ مَوْقُوفَةً ، كَمِصْرٍ وَالشَّامِ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ .
ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَسَاكِنِ مِنْهَا دُخُولُهَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا هُنَا لِمَا يَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ ( بِمَعْدَنِهَا الْجَامِدِ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ بِخِلَافِ الْجَارِي ( وَ ) تَنَاوَلَ ( بِنَاءَهَا ) أَيْ الدَّارِ ؛ لِأَنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي مُسَمَّاهَا ( وَ ) تَنَاوَلَ ( فِنَاءَهَا ) بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ مَا اتَّسَعَ أَمَامَهَا ( إنْ كَانَ ) لَهَا فِنَاءٌ ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الدُّورِ لَا فِنَاءَ لَهَا ( وَ ) تَنَاوَلَ ( مُتَّصِلًا بِهَا ) أَيْ الدَّارِ ( لِمَصْلَحَتِهَا كَسَلَالِمَ ) مِنْ خَشَبٍ مُسَمَّرَةٍ ، جَمْعُ سُلَّمٍ بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ مَفْتُوحَةً ، وَهُوَ الْمُرَقَّاةُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ السَّلَامَةِ تَفَاؤُلًا ( وَ ) ك ( رُفُوفٍ مُسَمَّرَةٍ وَ ) ك ( أَبْوَابٍ مَنْصُوبَةٍ ) وَحِلَقِهَا ( وَ ) ك ( رَحًى مَنْصُوبَةٍ وَ ) ك ( خَوَابٍ مَدْفُونَةٍ ) وَأَجِرْنَةٍ مَبْنِيَّةٍ وَأَسَاسَاتِ حِيطَانٍ ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ بِمَصْلَحَتِهَا أَشْبَهَ الْحِيطَانَ .
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السَّلَالِمُ وَالرُّفُوفُ مُسَمَّرَةً ، أَوْ كَانَتْ الْأَبْوَابُ وَالرَّحَى غَيْرَ مَنْصُوبَةٍ ، أَوْ الْخَوَابِي غَيْرَ مَدْفُونَةٍ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ ؛ لِأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْهَا أَشْبَهَتْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ( وَ ) تَنَاوَلَ ( مَا فِيهَا ) أَيْ الدَّارِ ( مِنْ شَجَرٍ ) مَغْرُوسٍ ( وَ ) مِنْ ( عُرُشٍ ) جَمْعُ عَرِيشٍ وَهُوَ الظُّلَّةُ لِاتِّصَالِهَا
بِهَا وَ ( لَا ) يَتَنَاوَلُ مَا فِيهَا مِنْ ( كَنْزٍ وَحَجَرٍ مَدْفُونَيْنِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا مُودَعَانِ فِيهَا لِلنَّقْلِ عَنْهَا أَشْبَهَ السِّتْرَ وَالْفُرُشَ بِخِلَافِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَحْجَارِ الْمَخْلُوفَةِ فَإِنْ ضَرَّتْ بِالْأَرْضِ وَنَقَصَتْهَا فَعَيْبٌ ( وَلَا ) يَتَنَاوَلُ مَا فِيهَا مِنْ ( مُنْفَصِلٍ ) مِنْهَا ( كَحَبْلٍ وَدَلْوٍ وَبَكَرَةٍ وَقُفْلٍ وَفُرُشٍ ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَشْمَلُهُ وَلَا هُوَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا .
( وَ ) لَا ( مِفْتَاحٍ ) لِنَحْوِ دَارٍ ( وَحَجَرِ رَحًى فَوْقَانِيٍّ ) لِعَدَمِ اتِّصَالِهِ وَتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ ، وَإِنْ قَالَ بِعْتُكَ مَثَلًا هَذِهِ الطَّاحُونُ أَوْ الْمَعْصَرَةُ وَنَحْوُهَا ، شَمَلَ الْحَجَرَ الْفَوْقَانِيُّ كَالتَّحْتَانِيِّ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ ( وَلَا ) مَا فِيهَا مِنْ ( مَعْدِنٍ جَارٍ وَمَاءٍ نَبْعٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ إلَى مِلْكِهِ أَشْبَهَ مَا يَجْرِي مِنْ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ إلَى مِلْكِهِ ، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْحِيَازَةِ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بِالْأَرْضِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ بَائِعٌ فَلَهُ الْفَسْخُ
( وَ ) مَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ أَوْ وَقَفَ أَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى ( بِأَرْضٍ أَوْ بُسْتَانٍ ) أَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ وَنَحْوِهِ ( دَخَلَ غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ ) فِيهَا ( وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا ) لِاتِّصَالِهِمَا بِهَا وَكَوْنِهِمَا مِنْ حُقُوقِهَا ، وَالْبُسْتَانُ اسْمٌ لِلْأَرْضِ وَالشَّجَرِ وَالْحَائِطِ ، إذْ الْأَرْضُ الْمَكْشُوفَةُ لَا تُسَمَّى بِهِ ( وَلَا ) يَدْخُلُ فِي نَحْوِ بَيْعِ أَرْضٍ ( مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ لَا يُحْصَدُ إلَّا مَرَّةٌ ، كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ ) وَأُرْزٍ ( وَقِطْنِيَّاتٍ ) بِكَسْرِ الْقَافِ كَعَدَسٍ وَنَحْوِهِ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقُطُونِهَا أَيْ مُكْثِهَا بِالْبُيُوتِ .
( وَنَحْوِهَا كَجَزَرٍ وَفُجْلٍ وَثُومٍ وَنَحْوِهِ ) كَبَصَلٍ وَلِفْتٍ ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِي الْأَرْضِ يُرَادُ لِلنَّقْلِ أَشْبَهَ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ ( وَيَبْقَى ) فِي الْأَرْضِ ( لِبَائِعٍ ) وَنَحْوِهِ ( إلَى أَوَّلِ وَقْتِ أَخْذِهِ ) كَالثَّمَرَةِ ( بِلَا أُجْرَةٍ ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَثْنَاةٌ لَهُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَ أَوَّلِ وَقْتِ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ أَنْفَعَ لَهُ إلَّا بِرِضَا مُشْتَرٍ ( مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ ) أَيْ الزَّرْعَ ( مُشْتَرٍ ) أَوْ مُتَّهِبٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ شَرَطَهُ كَانَ لَهُ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهُ فِي بَيْعٍ وَلَا عَدَمُ كَمَالِهِ لِدُخُولِهِ تَبَعًا ( وَإِنْ كَانَ ) فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ ( يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَرَطْبَةٍ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهِيَ الْقُصَّةُ فَإِنْ يَبِسَتْ فَهِيَ قَتٌّ ( وَ ) ك ( بُقُولٍ ) كَثَمَرٍ وَنَعْنَاعٍ ( أَوْ ) كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ ( تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ كَقِثَّاءٍ وَبَاذِنْجَانٍ ) وَدُبَّاءٍ أَوْ يَتَكَرَّرُ زَهْرُهُ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينَ ( فَأُصُولُ ) جَمِيعِ هَذِهِ ( لِمُشْتَرٍ ) وَمُتَّهِبٍ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ أَشْبَهَ الشَّجَرَ .
( وَجْزَةٌ ظَاهِرَةٌ ) وَقْتَ عَقْدٍ لِبَائِعٍ وَنَحْوِهِ ( وَلَقْطَةٌ أُولَى ) وَزَهْرٍ تَفَتَّحَ وَقْتَ عَقْدٍ ( لِبَائِعٍ ) وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُجْنَى مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ أَشْبَهَ الثَّمَرَ الْمُؤَبَّرَ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الْبَائِعِ وَنَحْوِهِ ( قَطْعُهَا ) أَيْ الْجَزَّةِ الظَّاهِرَةِ وَاللَّقْطَةِ الْأُولَى وَنَحْوِهَا ( فِي الْحَالِ ) أَيْ فَوْرًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ ، وَرُبَّمَا ظَهَرَ غَيْرُ مَا كَانَ ظَاهِرًا فَيَعْسُرُ التَّمْيِيزُ ( مَا لَمْ يَشْتَرِطْ مُشْتَرٍ ) دُخُولَ مَا لِبَائِعٍ عَلَيْهِ فَإِنْ شَرَطَهُ كَانَ لَهُ لِحَدِيثِ { الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ }
( وَقَصَبُ سُكَّرٍ كَزَرْعٍ ) يَبْقَى لِبَائِعٍ إلَى أَوَانِ أَخْذِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ بَائِعٌ قَبْلَ أَوَانِهِ لِيَنْتَفِعَ بِالْأَرْضِ فِي غَيْرِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ ( وَ ) قَصَبٌ ( فَارِسِيٌّ كَثَمَرَةٍ ) فَمَا ظَهَرَ مِنْهُ فَلِبَائِعٍ وَيَقْطَعُهُ فَوْرًا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ .
وَفِي الْإِقْنَاعِ : يُقْطَعُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ الَّذِي يُؤْخَذُ فِيهِ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ ( وَعُرُوقُهُ ) أَيْ الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ ( لِمُشْتَرٍ ) ؛ لِأَنَّهَا تُتْرَكُ فِي الْأَرْضِ لِلْبَقَاءِ فِيهَا أَشْبَهَتْ الشَّجَرَ ( وَبَذْرٌ بَقِيَ أَصْلُهُ ) كَبَذْرِ بُقُولٍ وَقِثَّاءٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَرَطْبِهِ ( كَشَجَرٍ ) يَتْبَعُ الْأَرْضَ ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا ، فَأَوْلَى إذَا كَانَ مُسْتَتِرًا ، وَلِأَنَّهُ يُتْرَكُ فِيهَا لِلْبَقَاءِ ( وَإِلَّا ) يَبْقَى أَصْلُهُ كَبَذْرِ بُرٍّ وَقِطْنِيَّاتٍ ( فَ ) هُوَ ( كَزَرْعٍ ) لِبَائِعٍ وَنَحْوِهِ كَمَا لَوْ ظَهَرَ ( وَلِمُشْتَرٍ جَهِلَهُ ) أَيْ جَعْلَ بَذْرٍ لَا يَتْبَعُ الْأَرْضَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ( الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ ) الْبَيْعِ لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَامَ .
( وَ ) بَيْنَ ( إمْضَاءٍ مَجَّانًا ) بِلَا أَرْشٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ بِالْأَرْضِ
( وَيَسْقُطُ ) خِيَارُ مُشْتَرٍ ( إنْ حَوَّلَهُ ) أَيْ الْبَذْرَ ( بَائِعٌ ) مِنْ أَرْضٍ ( مُبَادِرًا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ ) لِزَوَالِ الْعَيْبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ الْأَرْضَ ( أَوْ وَهَبَهُ ) أَيْ وَهَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ ( مَا هُوَ مِنْ حَقِّهِ ) أَيْ الْبَذْرَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا وَإِنْ اشْتَرَى أَرْضًا بِبَذْرِهَا فِيهَا صَحَّ وَدَخَلَ تَبَعًا
( وَكَذَا مُشْتَرٍ نَخْلًا ) عَلَيْهَا طَلْعٌ ( ظَنَّ ) الْمُشْتَرِي ( طَلْعَهَا لَمْ يُؤَبَّرْ ) فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ ( فَبَانَ مُؤَبَّرًا ) يَعْنِي تَشَقَّقَ طَلْعُهُ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَيَسْقُطُ إنْ وَهَبَهُ بَائِعُ الطَّلْعِ ( لَكِنْ لَا يَسْقُطُ ) خِيَارُ مُشْتَرٍ ( بِقَطْعٍ ) لِطَلْعٍ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي إزَالَةِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي بِفَوَاتِ الثَّمَرَةِ ذَلِكَ الْعَامَ
( وَيَثْبُتُ ) خِيَارٌ ( لِمُشْتَرٍ ) أَرْضًا أَوْ شَجَرًا ( ظَنَّ دُخُولَ زَرْعٍ ) بِأَرْضٍ ( أَوْ ) دُخُولَ ( ثَمَرَةٍ ) عَلَى شَجَرٍ ( لِبَائِعٍ كَمَا لَوْ جَهِلَ وُجُودَهُمَا ) أَيْ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ لِبَائِعٍ لِتَضَرُّرِهِ بِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ ذَلِكَ الْعَامَ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ ( فِي جَهْلِهِ ذَلِكَ إنْ جَهِلَهُ مِثْلُهُ ) كَعَامِّيٍّ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ
( وَلَا يَدْخُلُ مَزَارِعُ قَرْيَةٍ ) بِيعَتْ بَلْ الدُّورُ وَالْحِصْنُ الدَّائِرُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ مُسَمَّى الْقَرْيَةِ ( بِلَا نَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ ) فَإِنْ قَالَ : بِعْتُكَ الْقَرْيَةَ بِمَزَارِعِهَا أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى دُخُولِهَا كَمُسَاوَمَةٍ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ بَذْلِ ثَمَنٍ لَا يَصْلُحُ إلَّا فِيهَا وَفِي مَزَارِعِهَا دَخَلَتْ عَمَلًا بِالنَّصِّ أَوْ الْقَرِينَةِ ( وَالشَّجَرُ بَيْنَ بُنْيَانِهَا ) أَيْ الْقَرْيَةِ وَأُصُولُ بُقُولِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ
فَصْلٌ وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا أَوْ رَهَنَ نَخْلًا أَوْ وَهَبَ نَخْلًا تَشَقَّقَ طَلْعُهُ أَيْ وِعَاءَ عُنْقُودِهِ ( وَلَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ ) أَيْ يُلَقَّحْ وَهُوَ وَضْعُ طَلْعِ الْفِحَالِ فِي طَلْعِ الثَّمَرِ ، أَوْ بَاعَ أَوْ رَهَنَ أَوْ وَهَبَ نَخْلًا بِهِ ( طَلْعُ فِحَالٍ يُرَادُ لِلتَّلْقِيحِ أَوْ صَالَحَ بِهِ ) أَيْ بِنَخْلٍ بِهِ ذَلِكَ ( أَوْ جَعَلَهُ أُجْرَةً أَوْ صَدَاقًا أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ ) أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ ( فَثَمَرٌ ) وَطَلْعُ فِحَالٍ ( لَمْ يَشْتَرِطْهُ ) كُلَّهُ ( أَوْ ) يَشْتَرِطْ ( بَعْضَهُ الْمَعْلُومَ ) كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ ( أَخَذَ لِمُعْطٍ مَتْرُوكًا إلَى جَذَّاذٍ ) لِحَدِيثِ { مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ لِمُشْتَرٍ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّأْبِيرَ حَدًّا لِمِلْكِ الْبَائِعِ لِلثَّمَرَةِ وَنَصَّ عَلَى التَّأْبِيرِ وَالْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالتَّشَقُّقِ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ غَالِبًا ، وَأُلْحِقَ بِالْبَيْعِ بَاقِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ .
وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ الْهِبَةُ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِيهَا بِغَيْرِ فَسْخٍ وَيَصْرِفُ المُتَّهِتُ بِمَا شَاءَ أَشْبَهَ الْمُشْتَرَى وَالرَّهْنَ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَيْعِ لِيَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ وَتُرِكَ إلَى الْجِذَاذِ ؛ لِأَنَّ تَفْرِيغَ الْمَبِيعِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَالْمَادَّةِ كَدَارٍ فِيهَا أَطْعِمَةٌ أَوْ مَتَاعٌ وَإِنْ اشْتَرَطَهُ كُلَّهُ مُشْتَرٍ أَوْ شَرَطَ بَعْضًا مَعْلُومًا فَلَهُ مَا شَرَطَهُ لِلْخَبَرِ ( مَا لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِأَخْذِهِ ) أَيْ الثَّمَرِ ( بُسْرًا أَوْ يَكُنْ ) بُسْرُهُ ( خَيْرًا مِنْ رُطَبِهِ ) فَيَجُزُّهُ بَائِعٌ إذَا اسْتَحْكَمَتْ حَلَاوَةُ بُسْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَادَةُ أَخْذِهِ
( إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ مُشْتَرٍ قَطْعَهُ ) عَلَى بَائِعٍ فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ قَطَعَ ( وَ ) مَا ( لَمْ يَتَضَرَّرْ النَّخْلُ بِبَقَائِهِ فَإِنْ تَضَرَّرَ قُطِعَ ) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ ( بِخِلَافِ وَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ تَدْخُلُ فِيهِمَا ) نَصًّا أُبِّرَتْ أَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ ( كَفَسْخِ ) بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ قَبْلَ دُخُولِهِ ( لِعَيْبٍ وَمُقَابَلَةٍ فِي بَيْعٍ وَرُجُوعِ أَبٍ فِي هِبَةٍ ) وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْهُ فَتَدْخُلُ الثَّمَرَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا ؛ لِأَنَّهَا نَمَاءٌ مُتَّصِلٌ أَشْبَهَتْ الثَّمَنَ .
( وَكَذَا ) أَيْ كَطَلْعٍ تَشَقَّقَ ( مَا بَدَا ) أَيْ ظَهَرَ مِنْ ثَمَرَةٍ لَا قِشْرَ عَلَيْهَا وَلَا نَوْرَ لَهَا ك ( عِنَبٍ ) فِيهِ نَظَرٌ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ ( وَتِينٍ وَتُوتٍ ) وَجُمَّيْزٍ ( وَ ) كَذَا مَا بَدَا فِي قِشْرِهِ وَبَقِيَ فِيهِ إلَى أَكْلِهِ ك ( رُمَّانٍ ) وَمَوْزٍ ( وَ ) مَا بَدَا فِي قِشْرَيْنِ ك ( جَوْزٍ أَوْ ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ كَمُشْمُشٍ وَتُفَاحٍ وَسَفَرْجَلٍ وَلَوْز ) وَخَوْخٍ وَإِجَّاصٍ ( أَوْ خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ ) جَمْعُ كِمٍّ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهُوَ الْغِلَافُ ( كَوَرْدٍ ) وَيَاسَمِينِ وَبَنَفْسَجٍ ( وَقُطْنٍ ) يُحْمَلُ كُلَّ عَامٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِمَثَابَةِ تَشَقُّقِ الطَّلْعِ ( وَمَا قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ الْبُدُوِّ فِي نَحْوِ عِنَبٍ وَالْخُرُوجُ مِنْ النَّوْرِ فِي نَحْوِ مُشْمُشٍ وَالظُّهُورِ مِنْ الْأَكْمَامِ فِي نَحْوِ الْوَرْدِ ( لِآخُذَ ) مِنْ نَحْوِ مُشْتَرٍ وَمُتَّهِبٍ ( كَوَرَقِ ) شَجَرٍ وَلَوْ مَقْصُودٍ أَوْ عَرَاجِينَ وَنَحْوِهَا ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا خُلِقَ لِمَصْلَحَتِهَا كَأَجْزَاءِ سَائِرِ الْمَبِيعِ ( وَكَزَرْعِ قُطْنٍ يُحْصَدُ كُلَّ عَامٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَشْبَهَ الْبُرَّ
( وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُعْطٍ ) مِنْ نَحْوِ بَائِعٍ وَوَاهِبٍ ( فِي بُدُوِّ ) ثَمَرَةٍ قَبْلَ عَقْدٍ لِتَكُونَ بَاقِيَةً لَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِهَا عَنْهُ وَيَحْلِفُ ( وَيَصِحُّ شَرْطُ بَائِعٍ ) وَنَحْوِهِ ( مَا لِمُشْتَرٍ ) وَنَحْوِهِ ( أَوْ ) شَرْطَهُ ( جُزْءًا مِنْهُ مَعْلُومًا ) مِنْ نَحْوِ رُبْعٍ أَوْ خُمُسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي طَلْعِ النَّخْلِ وَلَهُ تَبَعِيَّتُهُ إلَى جِذَاذِهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَطْعَ غَيْرِ الْمُشَاعِ
( وَإِنْ ظَهَرَ أَوْ تَشَقَّقَ بَعْضُ ثَمَرِهِ أَوْ ) بَعْضُ ( طَلْعٍ وَلَوْ مِنْ نَوْعٍ ف ) مَا ظَهَرَ أَوْ تَشَقَّقَ ( لِبَائِعٍ ) وَنَحْوِهِ لِمَا سَبَقَ ( وَغَيْرُهُ ) أَيْ غَيْرُ الَّذِي تَشَقَّقَ أَوْ ظَهَرَ ( لِمُشْتَرٍ ) وَنَحْوِهِ لِلْخَبَرِ ( إلَّا ) إنْ ظَهَرَ أَوْ تَشَقَّقَ بَعْضُ ثَمَرِهِ ( فِي شَجَرَةٍ فَالْكُلُّ ) أَيْ كُلُّ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ مَا ظَهَرَ وَتَشَقَّقَ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ وَيَتَشَقَّقْ ( لِبَائِعٍ وَنَحْوِهِ ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ يَتْبَعُ بَعْضَهُ ( وَلِكُلٍّ ) مِنْ مُعْطٍ وَآخِذٍ ( السَّقْيُ ) لِمَالِهِ ( لِمَصْلَحَةٍ ) وَيُرْجَعُ فِيهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ ( وَلَوْ تَضَرَّرَ الْآخَرُ ) بِالسَّقْيِ لِدُخُولِهِمَا فِي الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةٌ فِي السَّقْيِ مُنِعَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ السَّقْيَ يَتَضَمَّنُ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ ، وَالْأَصْلُ الْمَنْعُ وَإِبَاحَتُهُ لِلْمَصْلَحَةِ
( وَمَنْ اشْتَرَى شَجَرَةً ) أَوْ نَخْلَةً فَأَكْثَرَ لَمْ تَتْبَعْهَا أَرْضُهَا .
( وَ ) إنْ ( لَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعُهَا أَبْقَاهَا فِي أَرْضِ بَائِعٍ ) كَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ بِلَا أُجْرَةٍ ( وَلَا يَغْرِسُ مَكَانَهَا لَوْ نَادَتْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( الدُّخُولُ لِمَصْلَحَتِهَا ) لِثُبُوتِ حَقِّ الِاجْتِيَازِ لَهُ ، وَلَا يَدْخُلُ لِتَفَرُّجٍ وَنَحْوِهِ
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيثِ ( وَلَا ) يَصِحُّ بَيْعُ ( زَرْعٍ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ وَعَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَعْدِلُ عَنْ الْقَوْلِ بِهِ ( لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَصْلِ ) أَيْ الشَّجَرِ ( أَوْ ) لِغَيْرِ مَالِكِ ( الْأَرْضِ ) .
فَإِنْ بَاعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَالِكِ أَصْلِهَا ، أَوْ بَاعَ الزَّرْعَ قُبْلَ اشْتِدَادِهِ لِمَالِكِ أَرْضِهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْكَمَالِ لِمِلْكِهِ الْأَصْلَ وَالْقَرَارَ ، فَصَحَّ كَبَيْعِهَا مَعَهُمَا ( وَلَا يَلْزَمُهُمَا ) أَيْ مَالِكَ الْأَصْلِ وَمَالِكَ الْأَرْضِ ( قَطْعُ ) ثَمَرَةٍ أَوْ زَرْعٍ ( شُرِطَ ) فِي الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْأَرْضَ لَهُمَا ( إلَّا ) إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ ( مَعَهُمَا ) أَيْ مَعَ الْأَصْلِ وَالْأَرْضِ ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ لِحُصُولِهِ فِيهِمَا تَبَعًا فَلَمْ يَضُرَّ احْتِمَالُ الْغَرَرِ فِيهِ ، كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي لَبَنِ ذَاتِ اللَّبَنِ وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ ( أَوْ ) أَيْ إلَّا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ ( بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِخَوْفِ التَّلَفِ وَحُدُوثِ الْعَاهَةِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ { أَرَأَيْتَ إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهَذَا مَأْمُونٌ فِيمَا يُقْطَعُ فَصَحَّ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ
( إنْ انْتَفَعَ بِهِمَا ) أَيْ بِالثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ الْمَبِيعَيْنِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا كَثَمَرَةِ الْجَوْزِ وَزَرْعِ التُّرْمُسِ لَمْ يَصِحَّ لِمَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الْبَيْعِ
( وَلَيْسَا ) أَيْ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ ( مُشَاعَيْنِ ) فَإِنْ كَانَا كَذَلِكَ بِأَنْ بَاعَهُ النِّصْفَ وَنَحْوَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ قَطْعُهُ إلَّا بِقَطْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَصِحَّ اشْتِرَاطُهُ ( وَكَذَا رَطْبَةٌ وَبُقُولٌ ) لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مُفْرَدَةً لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مَسْتُورٌ مُغَيَّبٌ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ مَعْدُومٌ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَاَلَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرَةِ ، فَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهُ صَحَّ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ مَعْلُومٌ لَا جَهَالَةَ فِيهِ وَلَا غَرَرَ
( وَلَا ) يَصِحُّ بَيْعُ ( قِثَّاءٍ وَنَحْوَهُ ) كَبَاذِنْجَانٍ وَبَامْيَا ( إلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً ) مَوْجُودَةٍ ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يُخْلَقْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ( أَوْ ) إلَّا ( مَعَ أَصْلِهِ ) فَيَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ أَشْبَهَ الشَّجَرَ
( وَحَصَادُ ) زَرْعٍ بِيعَ حَيْثُ صَحَّ عَلَى مُشْتَرٍ ( وَلِقَاطُ ) مَا يُبَاعُ لَقْطَةً لَقْطَةً عَلَى مُشْتَرٍ ( وَجِذَاذُ ) ثَمَرٍ بِيعَ حَيْثُ يَصِحُّ ( عَلَى مُشْتَرٍ ) ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْمَبِيعِ وَتَفْرِيغَ مِلْكِ الْبَائِعِ مِنْهُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَنَقْلِ مَبِيعٍ مِنْ مَحَلِّ بَائِعٍ بِخِلَافِ كَيْلٍ وَوَزْنٍ فَعَلَى بَائِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ مُؤَنِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ ، وَهُنَا حَصَلَ التَّسْلِيمُ بِالتَّخْلِيَةِ بِدُونِ الْقَطْعِ لِجَوَازِ بَيْعِهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا
( وَإِنْ تَرَكَ ) مُشْتَرٍ ( مَا ) أَيْ ثَمَرًا أَوْ زَرْعًا ( شَرَطَ قَطْعَهُ ) حَيْثُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ ( بَطَلَ الْبَيْعُ بِزِيَادَتِهِ ) لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَتَرْكِهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَوَسَائِلُ الْحَرَامِ حَرَامٌ كَبَيْعِ الْعِينَةِ
( وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا ) أَيْ الزِّيَادَةِ ( عُرْفًا ) لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ ( وَكَذَا ) فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِالتَّرْكِ
( لَوْ اشْتَرَى رُطَبًا عَرِيَّةً ) لِيَأْكُلهَا ( فَ ) تَرَكَهَا وَلَوْ لِعُذْرٍ حَتَّى ( أَتْمَرَتْ ) أَيْ صَارَتْ تَمْرًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا } وَلِأَنَّ شِرَاءَهَا كَذَلِكَ إنَّمَا جَازَ لِحَاجَةِ أَكْلِ الرُّطَبِ ، فَإِذَا أَتَمْرَ تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْحَاجَةِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَحَيْثُ بَطَلَ الْبَيْعُ عَادَتْ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا
( وَإِنْ حَدَثَ مَعَ ثَمَرَةٍ ) لِبَائِعٍ ( انْتَقَلَ مِلْكُ أَصْلِهَا ) بِأَنْ بَاعَ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا مُشْتَرٍ ( ثَمَرَةٌ ) فَاعِلُ حَدَثَ ( أُخْرَى ) غَيْرُ الْأُولَى وَاخْتَلَطَا ( أَوْ اخْتَلَطَتْ ) ثَمَرَةٌ ( مُشْتَرَاةٌ ) بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ( بِغَيْرِهَا ) أَيْ بِثَمَرَةٍ حَدَثَتْ ( وَلَمْ تَتَمَيَّزْ ) الْحَادِثَةُ ( فَإِنْ عُلِمَ قَدْرُهَا ) أَيْ الْحَادِثَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى كَالثُّلُثِ ( فَالْآخِذُ ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَادِثَةِ ( شَرِيكٌ بِهِ ) أَيْ بِذَلِكَ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ ( وَإِلَّا ) يُعْلَمْ قَدْرُهَا ( اصْطَلَحَا ) عَلَى الثَّمَرَةِ .
( وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ ) لِعَدَمِ تَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً وَاخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ شِرَاءِ ثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ قَطْعٍ فَتَرَكَهَا حَتَّى بَدَا صَلَاحُهَا فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ كَمَا تَقَدَّمَ لِاخْتِلَاطِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ بِارْتِكَابِ النَّهْيِ ، وَكَوْنِهِ يَتَّخِذُ حِيلَةً عَلَى شِرَاءِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَيُفَارِقُ أَيْضًا مَسْأَلَةَ الْعَرِيَّةِ ؛ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ حِيلَةً عَلَى شِرَاءِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ بِلَا حَاجَةٍ إلَى أَكْلِهِ رُطَبًا وَحَيْثُ بَقِيَ الْبَيْعُ فَهُوَ ( كَتَأْخِيرِ قَطْعِ خَشَبٍ ) اشْتَرَاهُ ( مَعَ شَرْطِهِ ) أَيْ الْقَطْعِ فَزَادَ ، فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ
( وَيَشْتَرِكَانِ ) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي ( فِي زِيَادَتِهِ ) أَيْ الْخَشَبِ نَصًّا ( مَتَى بَدَا صَلَاحُ ثَمَرٍ ) جَازَ بَيْعُهُ
( أَوْ اشْتَدَّ حَبٌّ جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا ) أَيْ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ ( وَ ) جَازَ بَيْعُهُ ( بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ ) أَيْ تَبْقِيَةِ الثَّمَرِ إلَى الْجِذَاذِ وَالزَّرْعِ إلَى الْحَصَادِ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَأَمْنِ الْعَاهَةِ ( وَلِمُشْتَرٍ بَيْعُهُ ) أَيْ الثَّمَرِ الَّذِي بَدَا صَلَاحُهُ وَالزَّرْعِ الَّذِي اشْتَدَّ حَبُّهُ ( قَبْلَ جَذِّهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالتَّخْلِيَةِ فَجَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ ( وَ ) لِمُشْتَرٍ ( قَطْعُهُ ) فِي الْحَالِ ( وَ ) لَهُ ( تَبْقِيَةٌ ) إلَى جِذَاذٍ وَحَصَادٍ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ ( وَعَلَى بَائِعٍ سَقْيُهُ ) أَيْ الثَّمَرِ بِسَقْيِ شَجَرِهِ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ كَامِلًا بِخِلَافِ شَجَرٍ بِيعَ وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ لِبَائِعٍ فَلَمْ يَلْزَمْ مُشْتَرِيًا سَقْيُهُ ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَمْلِكْهُ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنَّمَا بَقِيَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ
( وَلَوْ تَضَرَّرَ أَصْلٌ ) أَيْ شَجَرٌ بِالسَّقْيِ ( وَيُجْبَرُ ) بَائِعٌ عَلَى سَقْيٍ ( إنْ أَبَى ) السَّقْيَ لِدُخُولِهِ عَلَيْهِ ( وَمَا تَلِفَ ) مِنْ ثَمَرٍ بِيعَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مُنْفَرِدًا عَلَى أُصُولِهِ قَبْلَ أَوَانِ أَخْذِهِ أَوْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ ( سِوَى يَسِيرٍ ) مِنْهُ ( لَا يَنْضَبِطُ ) لِقِلَّتِهِ ( بِجَائِحَةٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِتَلَفِ ( وَهِيَ ) أَيْ الْجَائِحَةُ ( مَا ) أَيْ آفَةٌ ( لَا صُنْعَ لِآدَمِيٍّ فِيهَا ) كَجَرَادٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَعَطَشٍ
( وَلَوْ ) كَانَ تَلَفُهُ ( بَعْدَ قَبْضٍ ) بِتَخْلِيَةٍ ( ف ) ضَمَانُهُ ( عَلَى بَائِعٍ ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا { أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ } وَحَدِيثِ { إنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَتَّخِذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ ؟ } رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَى تَتِمَّةِ صَلَاحِهِ فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ فِي قَدْرِ تَالِفٍ ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ( مَا لَمْ تُبَعْ ) الثَّمَرَةُ ( مَعَ أَصْلِهَا ) فَإِنْ بِيعَتْ مَعَهُ فَمِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ وَكَذَا لَوْ بِيعَتْ لِمَالِكِ أَصْلِهَا لِحُصُولِ الْقَبْضِ التَّامِّ وَانْقِطَاعِ عُلَقِ الْبَائِعِ عَنْهُ ( أَوْ يُؤَخِّرُ ) مُشْتَرٍ ( أَخْذَهَا عَنْ عَادَتِهِ ) فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ فَمِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لِتَلَفِهِ بِتَقْصِيرِهِ
( وَإِنْ تَعَيَّبَتْ ) الثَّمَرَةُ ( بِهَا ) أَيْ الْجَائِحَةِ قَبْلَ أَوَانِ جِذَاذِهَا ( خُيِّرَ ) مُشْتَرٍ ( بَيْنَ إمْضَاءِ ) بَيْعٍ ( وَ ) أَخْذِ ( أَرْشٍ أَوْ رَدِّ ) مَبِيعٍ ( وَأَخْذِ ثَمَنٍ كَامِلًا ) ؛ لِأَنَّ مَا ضَمِنَ تَلَفَهُ بِسَبَبِهِ فِي وَقْتٍ كَانَ ضَمَانُ تَعَيُّبِهِ فِيهِ بِذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى
( وَ ) إنْ تَلِفَ الثَّمَرُ ( بِصُنْعِ آدَمِيٍّ ) وَلَوْ بَائِعًا فَحَرَقَهُ وَنَحْوَهُ ( خُيِّرَ ) مُشْتَرٍ ( بَيْنَ فَسْخِ ) بَيْعٍ وَطَلَبِ بَائِعٍ بِمَا قَبَضَهُ وَنَحْوِهِ مِنْ ثَمَنٍ ( أَوْ إمْضَاءِ ) بَيْعٍ ( وَمُطَالَبَةِ مُتْلِفٍ ) بِبَدَلِهِ ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ مُشْتَرٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَبِيعٍ بِكَيْلٍ وَنَحْوِهِ ( وَأَصْلُ مَا ) أَيْ نَبَاتٍ ( يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ مِنْ قِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ ) كَخِيَارٍ وَبِطِّيخٍ ( كَشَجَرٍ وَثَمَرَتِهِ ) أَيْ مَا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ ( كَثَمَرِ ) شَجَرٍ ( فِي جَائِحَةٍ وَغَيْرِهَا ) مِمَّا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ زَرْعَ بُرٍّ وَنَحْوِهِ تَلِفَ بِجَائِحَةٍ مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ حَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ
( وَصَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ صَلَاحٌ لِجَمِيعِ نَوْعِهَا الَّذِي بِالْبُسْتَانِ ) ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الصَّلَاحِ فِي الْجَمِيعِ يَشُقُّ وَكَالشَّجَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَلِأَنَّهُ يَتَتَابَعُ غَالِبًا وَكَذَا اشْتِدَادُ بَعْضِ حَبٍّ فَيَصِحُّ بَيْعُ الْكُلِّ تَبَعًا لِأَفْرَادِهِ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِالْبَيْعِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ صَلَاحَ نَوْعٍ لَيْسَ صَلَاحًا لِغَيْرِهِ ( وَالصَّلَاحُ فِيمَا يَظْهَرُ ) مِنْ الثَّمَرَةِ ( فَمًا وَاحِدًا كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ طَيِّبٍ أَكْلُهُ وَظُهُورِ نُضْجِهِ ) لِحَدِيثِ { نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( وَ ) الصَّلَاحُ ( فِيمَا يَظْهَرُ فَمَا بَعْدَ فَمٍ كَقِثَّاءٍ أَنْ تُؤْكَلَ عَادَةً ) كَالثَّمَرِ ( وَ ) الصَّلَاحُ ( فِي حَبٍّ أَنْ يَشْتَدَّ أَوْ يَبْيَضَّ ) ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ اشْتِدَادَهُ غَايَةً لِصِحَّةِ بَيْعِهِ كَبُدُوِّ صَلَاحِ ثَمَرٍ ( وَشَمِلَ بَيْعَ دَابَّةٍ ) كَفَرَسٍ ( عِذَارًا ) أَيْ لِجَامًا ( وَمِقْوَدًا ) بِكَسْرِ الْمِيمِ ( وَنَعْلًا ) لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا عُرْفًا ( وَ ) يَشْمَلُ بَيْعُ ( قِنٍّ ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ( لِبَاسًا مُعْتَادًا ) عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَةُ الْمَبِيعِ وَمَصْلَحَتُهُ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِهِ مَعَهُ
( وَلَا يَأْخُذُ مُشْتَرٍ مَا لِجَمَالٍ ) مِنْ لِبَاسٍ وَحُلِيٍّ ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَةُ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا يُلْبِسُهُ إيَّاهُ لِيُنْفِقَهُ بِهِ ، وَهَذِهِ حَاجَةُ الْبَائِعِ لَا حَاجَةُ الْمَبِيعِ ( وَ ) لَا يَشْمَلُ الْبَيْعُ ( مَالًا مَعَهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( أَوْ بَعْضَ ذَلِكَ ) أَيْ بَعْضَ مَا لِجَمَالٍ وَبَعْضَ الْمَالِ ( إلَّا بِشَرْطٍ ) بِأَنْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ فِي الْعَقْدِ ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ ( ثُمَّ إنْ قَصَدَ ) مَا اشْتَرَطَ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ بَيْعٌ لَوْلَا الشَّرْطُ بِأَنْ لَمْ يُرِدْ تَرْكَهُ لِلْقِنِّ ( اشْتَرَطَ لَهُ شُرُوطَ الْبَيْعِ ) مِنْ الْعِلْمِ بِهِ وَإِنْ لَا يُشَارِكَ الثَّمَنَ فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ وَنَحْوِهِ ، كَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْعَيْنَيْنِ الْمَبِيعَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَقْصُودٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَمَّ إلَى الْقِنُّ عَيْنًا أُخْرَى وَبَاعَهُمَا ( وَإِلَّا ) يُقْصَدْ مَالُ الْقِنِّ أَوْ ثِيَابُ جَمَالِهِ أَوْ حُلِيُّهُ ( فَلَا ) يُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطُ بَيْعٍ لِدُخُولِهِ تَبَعًا غَيْرَ مَقْصُودٍ أَشْبَهَ أَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ وَتَمْوِيهَ سَقْفٍ بِذَهَبٍ وَسَوَاءٌ قُلْنَا الْقِنُّ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ أَوْ لَا ، وَمَتَى رُدَّ الْقِنُّ الْمَشْرُوطُ مَالُهُ لِنَحْوِ عَيْبٍ رُدَّ مَالُهُ مَعَهُ ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ تَكْثُرُ بِهِ وَتَنْقُصُ مَعَ أَخْذِهِ ، فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ حَتَّى يَدْفَعَ مَا يُزِيلُ نَقْصَهُ فَإِنْ تَلِفَ مَالُهُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ فَكَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ مُشْتَرٍ
بَابُ السَّلَمِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَالسَّلَفُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَهُمَا لُغَةً شَيْءٌ وَاحِدٌ ، سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ بِالْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ وَيُقَالُ السَّلَفُ لِلْقَرْضِ وَالسَّلَمُ شَرْعًا ( عَقْدٌ عَلَى ) مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ( مَوْصُوفٌ ) بِمَا يَضْبِطُهُ ( فِي ذِمَّةٍ ) وَهِيَ وَصْفٌ يَصِيرُ بِهِ الْمُكَلَّفُ أَهْلًا لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ ( مُؤَجَّلٌ ) أَيْ الْمَوْصُوفُ ( بِثَمَنٍ ) مُتَعَلِّقٍ بِ " عَقْدِ " ( مَقْبُوضِ ) ذَلِكَ الثَّمَنُ ( بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ ) .
وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى { إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ { أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَجَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَأَذِنَ فِيهِ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ } وَهَذَا اللَّفْظُ يَصْلُحُ لِلسَّلَمِ وَيَشْمَلُهُ بِعُمُومِهِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّ الْمُثَمَّنَ أَحَدُ عِوَضَيْ الْبَيْعِ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ وَلِحَاجَةِ النَّاس إلَيْهِ ( وَيَصِحُّ ) السَّلَمُ ( بِلَفْظِهِ ) كَ أَسْلَمْتُك هَذَا الدِّينَارَ فِي كَذَا مِنْ الْقَمْحِ .
( وَ ) يَصِحُّ ( بِلَفْظِ سَلَفٍ ) ك أَسْلَفْتُكَ كَذَا فِي كَذَا ؛ لِأَنَّهُمَا حَقِيقَةٌ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُمَا لِلْبَيْعِ الَّذِي عُجِّلَ ثَمَنُهُ وَأُجِّلَ مُثَمَّنُهُ .
( وَ ) يَصِحُّ بِلَفْظِ ( بَيْعٍ ) وَكُلُّ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ ( وَهُوَ ) أَيْ السَّلَمُ ( نَوْعٌ مِنْهُ ) أَيْ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إلَى أَجَلٍ فَشَمَلَهُ اسْمُهُ
( بِشُرُوطٍ ) - مُتَعَلِّقٌ ب " يَصِحُّ " - سَبْعَةٍ ( أَحَدُهَا ) كَوْنُ مُسْلَمٍ فِيهِ مِمَّا يُمْكِنُ ( انْضِبَاطُ صِفَاتِهِ ) ؛ لِأَنَّ مَا لَا تَنْضَبِطُ صِفَاتُهُ يَخْتَلِفُ كَثِيرًا فَيُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْمُشَاقَّةِ وَعَدَمُهَا مَطْلُوبٌ شَرْعًا ( كَمَوْزُونٍ ) مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَصُوفٍ وَإِبْرَيْسَمٍ وَشَهْدٍ وَقُنَّبٍ وَكِبْرِيتٍ وَنَحْوِهَا ( وَلَوْ ) كَانَ الْمَوْزُونُ ( شَحْمًا ) نِيئًا قِيلَ لِأَحْمَدَ : إنَّهُ يَخْتَلِفُ ؟ قَالَ كُلُّ سَلَفٍ يَخْتَلِفُ ( وَلَحْمًا نِيئًا وَلَوْ مَعَ عَظْمِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ ( إنْ عُيِّنَ مَحِلٌّ يُقْطَعُ مِنْهُ ) كَظَهْرٍ وَفَخِذٍ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي مَطْبُوخٍ وَمَشْوِيٍّ وَلَا فِي لَحْمٍ بِعَظْمِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَحِلَّ قَطْعٍ لِاخْتِلَافِهِ ( وَ ) ك ( مَكِيلٍ ) مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ وَدُهْنٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِهَا ( وَ ) ك ( مَذْرُوعٍ ) كَثِيَابٍ وَخُيُوطٍ ( وَ ) ك ( مَعْدُودٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَلَوْ آدَمِيًّا ) كَعَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا .
و ( لَا ) يَصِحُّ السَّلَمُ ( فِي أَمَةٍ وَوَلَدِهَا ) أَوْ أُخْتِهَا وَنَحْوِهِ لِنُدْرَةِ جَمْعِهِمَا فِي الصِّفَةِ .
( وَ ) فِي حَيَوَانٍ ( حَامِلٍ ) لِجَهْلِ الْوَلَدِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِهِ فَلَا تَأْتِي الصِّفَةُ عَلَيْهِ وَكَذَا شَاةٌ لَبُونٌ ( وَلَا ) يَصِحُّ السَّلَمُ ( فِي فَوَاكِهَ مَعْدُودَةٍ ) كَرُمَّانٍ وَكُمِّثْرَى وَخَوْخٍ وَإِجَّاصٍ لِاخْتِلَافِهَا وَلَوْ أَسْلَمَ فِيهَا وَزْنًا بِخِلَافِ نَحْوِ عِنَبٍ وَرُطَبٍ ( وَ ) لَا فِي ( بُقُولٍ ) لِاخْتِلَافِهَا وَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهَا بِالْحَزْرِ .
( وَ ) لَا فِي ( جُلُودٍ ) لِاخْتِلَافِهَا صِغَرًا وَكِبَرًا وَلَا يُمْكِنُ ذَرْعُهَا لِاخْتِلَافِ أَطْرَافِهَا .
( وَ ) لَا فِي ( رُءُوسٍ وَأَكَارِعَ ) أَكْثَرُهَا الْعِظَامُ وَالْمَشَافِرُ وَلَحْمُهَا قَلِيلٌ وَلَيْسَتْ مَوْزُونَةً .
( وَ ) لَا فِي ( بَيْضٍ وَنَحْوِهَا ) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ كَجَوْزٍ لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ كِبَرًا وَصِغَرًا ( وَ ) لَا فِي ( أَوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ رُءُوسًا وَأَوْسَاطًا كَقَمَاقِمَ ) جَمْعُ قُمْقُمٍ بِضَمَّتَيْنِ لِاخْتِلَافِهَا فَإِنْ لَمْ
تَخْتَلِفْ رُءُوسُهَا وَأَوْسَاطِهَا صَحَّ السَّلَمُ فِيهَا .
( وَلَا فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ كَجَوْهَرٍ ) وَلُؤْلُؤٍ وَمِرْجَانٍ وَعَقِيقٍ وَنَحْوِهَا لِاخْتِلَافِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا صِغَرًا وَكِبَرًا ، وَحُسْنَ تَدْوِيرٍ وَزِيَادَةَ ضَوْءٍ وَصَفَاءٍ .
وَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهَا بَيْضَ عُصْفُورٍ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ وَلَا شَيْءَ مُعَيَّنٍ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ .
( وَ ) لَا فِي ( مَغْشُوشِ أَثْمَانٍ ) ؛ لِأَنَّ غِشَّهُ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ مِنْهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ ( أَوْ يَجْمَعُ أَخْلَاطًا ) مَقْصُودَةً ( غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَمَعَاجِينَ ) مُبَاحَةٍ .
( وَ ) لَا فِي ( نِدٍّ وَغَالِيَةٍ ) لِعَدَمِ ضَبْطِهِمَا بِالصِّفَةِ ( وَ ) لَا فِي ( قِسِيٍّ وَنَحْوِهَا ) مِمَّا يَجْمَعُ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ قَدْرِ كُلٍّ مِنْهَا وَلَا تَمْيِيزُ مَا فِيهَا لِمَا تَقَدَّمَ .
( وَيَصِحُّ ) السَّلَمُ ( فِيمَا ) أَيْ شَيْءٍ ( فِيهِ لِمَصْلَحَتِهِ شَيْءٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَجُبْنٍ ) فِيهِ نَفْحَةٌ ( وَ ) ك ( خُبْزٍ ) وَعَجِينٍ فِيهِ مَاءٌ وَمِلْحٍ ( وَ ) ك ( خَلٍّ تَمْرٍ ) وَزَبِيبٍ فِيهِ مَاءٌ ( وَ ) ك ( سَكَنْجَبِينَ ) وَهُوَ مَا يُجْمَعُ مِنْ الْخَلِّ وَالْعَسَلِ فِيهِ خَلٌّ ( وَنَحْوِهَا ) كَشَيْرَجٍ فِيهِ مِلْحٌ ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ يَسِيرٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْمُعَارَضَةِ لِمَصْلَحَةِ الْمَخْلُوطِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ( وَ ) يَصِحُّ ( فِيمَا يَجْمَعُ أَخْلَاطًا مُتَمَيِّزَةً كَثَوْبٍ ) نُسِجَ ( مِنْ نَوْعَيْنِ ) كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ أَوْ إبْرَيْسَمٍ وَقُطْنٍ .
( وَ ) ك ( نُشَّابِ وَنَبْلِ مُرَيَّشَيْنِ وَخِفَافٍ وَرِمَاحِ وَنَحْوهَا ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِصِفَاتٍ لَا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهَا مَعَهَا غَالِبًا ( وَ ) يَصِحُّ السَّلَمُ ( فِي أَثْمَانٍ ) خَالِصَةٍ ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا فَتَثْبُتُ سَلَمًا كَعُرُوضٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَغْشُوشَةٍ ( وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَهَا ) أَيْ الْأَثْمَانِ كَثَوْبٍ وَفَرَسٍ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ ، وَلَا يَكُونُ رَأْسُ مَالِهَا فُلُوسًا لِمَا يَأْتِي .
( وَ ) يَصِحُّ السَّلَمُ ( فِي فُلُوسٍ ) وَلَوْ نَافِقَةً وَزْنًا وَعَدَدًا
عَلَى مَا فِي الْإِقْنَاعِ ( وَيَكُونُ رَأْسُ مَالِهَا عَرَضًا ) لَا نَقْدًا ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالنَّقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رِبَا النَّسِيئَةِ ( وَ ) يَصِحُّ ( فِي عَرَضٍ بِعِوَضٍ ) كَتَمْرٍ فِي فَرَسٍ وَحِمَارٍ فِي حِمَارٍ .
و ( لَا ) يَصِحُّ السَّلَمُ ( إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَرَأْسُ مَالِهِ ( رِبًا فِيهِمَا ) أَيْ فِي إسْلَامِ عَرْضٍ فِي فُلُوسٍ وَعَرْضٍ فِي عَرْضٍ فَلَوْ أَسْلَمَ فِي فُلُوسٍ وَزْنِيَّةٍ نُحَاسًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ فِي تَمْرٍ بُرًّا وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ مَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ أَوْ مَكِيلٍ بِمَكِيلٍ نَسِيئَةً ( وَإِنْ جَاءَهُ ) أَيْ جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلِمَ لِعَرْضٍ فِي عَرْضٍ ( بِعَيْنِهِ ) أَيْ عَيْنِ رَأْسِ الْمَالِ ( عِنْدَ مَحَلِّهِ ) أَيْ السَّلَمِ كَمَنْ أَسْلَمَ عَبْدًا صَغِيرًا فِي عَبْدٍ كَبِيرٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا ، فَجَاءَهُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ عِنْدَ الْحُلُولِ وَقَدْ كَبِرَ وَاتَّصَفَ بِصِفَاتِ السَّلَمِ ( لَزِمَ ) الْمُسْلِمَ ( قَبُولُهُ ) لِاتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ جَاءَهُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ اتِّحَادُ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا عِوَضٌ عَنْهُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةٌ كَمَنْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ إلَى أَمَدٍ تَكْبَرُ فِيهِ بِصِفَاتِ الصَّغِيرَةِ اسْتَمْتَعَ بِهَا وَيَرُدُّهَا عِنْدَ الْأَمَدِ بِلَا عِوَضِ وَطْءٍ فَلَا يَصِحُّ .
( تَتِمَّةٌ ) يَصِحُّ السَّلَمُ فِي السُّكَّرِ وَالْفَانِيذَ وَالدُّبْسِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَسَّتْهُ نَارٌ ؛ لِأَنَّ عَمَلَ النَّارِ فِيهِ مَعْلُومٌ عَادَةً يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالنُّشَافِ وَالرُّطُوبَةِ أَشَبَهَ الْمُجَفَّفَ بِالشَّمْسِ .
الشَّرْطُ ( الثَّانِي ذِكْرُ مَا يُخْتَلَفُ بِهِ ) مِنْ صِفَاتِ ( ثَمَنِهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( غَالِبًا ) ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهِ كَالثَّمَنِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ النَّادِرَ لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ الصِّفَاتِ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ ( كَنَوْعِهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِذِكْرِ جِنْسِهِ .
( وَ ) ذِكْرُ ( مَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَهُ ) أَيْ النَّوْعِ فَفِي نَحْوِ بُرْتُقَالٍ صَعِيدِيٍّ أَوْ بُحَيْرِيٍّ بِمِصْرَ وَحُورَانِيٍّ أَوْ شَمَالِيٍّ بِالشَّامِ ( وَ ) ذِكْرُ ( قَدْرِ حَبٍّ ) كَصِغَارِ حَبٍّ أَوْ كِبَارٍ ، مُتَطَاوَلِ الْحَبِّ أَوْ مُدَوَّرِهِ .
( وَ ) ذِكْرُ ( لَوْنٍ ) كَأَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ ( إنْ اخْتَلَفَ ) ثَمَنُهُ بِذَلِكَ لِيَتَمَيَّزَ بِالْوَصْفِ .
( وَ ) ذِكْرُ ( بَلَدِهِ ) أَيْ الْحَبِّ فَيَقُولُ مِنْ بَلَدِ كَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَبْعُدَ الْآفَةُ فِيهَا .
( وَ ) ذِكْرُ ( حَدَاثَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَضِدِّهِمَا ) فَيَقُولُ حَدِيثٌ أَوْ قَدِيمٌ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ وَيُبَيِّنُ قِدَمَ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِ وَيُبَيِّنُ كَوْنَهُ مُشْعِرًا أَيْ بِهِ شَعِيرٌ وَنَحْوُهُ أَوْ زَرْعِيٌّ .
( وَ ) ذِكْرُ ( سِنِّ حَيَوَانٍ ) وَيَرْجِعُ فِي سِنِّ رَقِيقٍ بَالِغٍ إلَيْهِ وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ فَإِنْ جَهِلَهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ تَقْرِيبًا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَيَذْكُرُ نَوْعَهُ كَضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ ثَنِيٍّ أَوْ جَذَعٍ ( وَ ) ذِكْرُ مَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَهُ فَيَقُولُ ( ذَكَرًا وَسَمِينًا وَمَعْلُوفًا وَكَبِيرًا أَوْ ضِدَّهَا ) كَالْأُنْثَى وَهَزِيلٍ وَرَاعٍ وَفِي إبِلٍ ، فَيَقُولُ : بُخْتِيَّةٌ أَوْ عِرَابِيَّةٌ أَوْ بِنْتُ مَخَاضٍ أَوْ لَبُونٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَبَيْضَاءُ أَوْ حَمْرَاءُ وَنَحْوُهُمَا وَمِنْ نِتَاجِ بَنِي فُلَانٍ وَكَذَا خَيْلٌ وَتُنْسَبُ بِغَالٌ وَحَمِيرٌ لِبَلَدِهَا .
( وَ ) فِي صَيْدٍ يَقُولُ بَعْدَ ذِكْرِ نَوْعِهِ وَمَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَهُ ( صَيْدَ أُحْبُولَةٍ أَوْ ) صَيْدَ ( كَلْبٍ أَوْ ) صَيْدَ ( صَقْرٍ ) أَوْ شَبَكَةٍ أَوْ فَخٍّ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّ صَيْدَ الْأُحْبُولَةِ سَلِيمٌ ، وَالْكَلْبِ أَطْيَبُ
نَكْهَةً مِنْ الْفَهْدِ وَيَذْكُرُ فِي تَمْرٍ النَّوْعَ ، كَصَيْحَانِيٍّ وَالْجَوْدَةَ وَالْكِبَرَ أَوْ ضِدَّهُمَا ، وَالْبَلَدَ نَحْوَ بَغْدَادِيٍّ ؛ لِأَنَّهُ أَحْلَى وَأَقَلُّ بَقَاءً لِعُذُوبَةِ مَائِهِ وَالْبَصْرِيُّ بِخِلَافِهِ وَالْحَدَاثَةَ فَإِنْ أَطْلَقَ الْعَتِيقُ أَجْزَأَ وَإِنْ شَرَطَ عَتِيقٌ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ فَلَهُ شَرْطُهُ وَكَذَا الرُّطَبُ إلَّا الْحَدَاثَةَ وَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا أَرْطَبَ كُلُّهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ مَشْدُوخٍ وَلَا مَا قَارَبَ أَنْ يُتْمِرَ وَيَذْكُرُ فِي عَسَلٍ جِنْسَهُ كَنَحْلٍ أَوْ قَصَبٍ وَبَلَدَهُ وَزَمَنَهُ ، كَرَبِيعِيٍّ أَوْ صَيْفِيٍّ وَلَوْنَهُ كَأَبْيَضَ أَوْ أَحْمَرَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مُصَفًّى مِنْ شَمْعَةٍ ، وَفِي سَمْنٍ نَوْعَهُ كَسَمْنِ بَقَرٍ أَوْ ضَأْنٍ ، وَلَوْنَهُ كَأَصْفَرَ أَوْ أَبْيَضَ ، وَمَرْعَاهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْحَدَاثَةِ ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِيهَا وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي عَتِيقِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَلَا يَنْتَهِي إلَى حَدٍّ وَيَذْكُرُ فِي اللَّبَنِ النَّوْعَ وَالْمَرْعَى وَفِي حِينِ النَّوْعِ وَالْمَرْعَى ، وَرَطْبٍ أَوْ يَابِسٍ جَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ ، وَفِي ثَوْبٍ النَّوْعَ وَالْبَلَدَ وَاللَّوْنَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْخُشُونَةَ وَالصَّفَاقَةَ وَضِدَّهَا .
فَإِنْ زَادَ الْوَزْنُ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ ، وَفِي غَزْلٍ اللَّوْنَ وَالنَّوْعَ وَالْبَلَدَ وَالْوَزْنَ وَالْغِلَظَ وَالرِّقَّةَ ، وَفِي صُوفٍ وَنَحْوِهِ ذِكْرُ بَلَدٍ وَلَوْنٍ وَطُولٍ أَوْ قِصَرٍ وَذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ وَزَمَانٍ ، وَفِي كَاغِدٍ يَذْكُرُ بَلَدًا وَطُولًا وَعَرْضًا وَغِلَظًا أَوْ رِقَّةً ، وَاسْتِوَاءُ الصِّفَةِ وَاللَّوْنِ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ وَهَكَذَا .
( وَ ) فِي رَقِيقٍ ذِكْرُ نَوْعٍ كَرُومِيٍّ أَوْ حَبَشِيٍّ أَوْ زِنْجِيٍّ ؛ و ( طُولِ رَقِيقٍ بِشِبْرٍ ) .
قَالَ أَحْمَدُ : يَقُولُ خُمَاسِيٌّ سُدَاسِيٌّ أَعْجَمِيٌّ أَوْ فَصِيحٌ ذَكَرٌ وَأُنْثَى ( وَكَحِلًا أَوْ دَعِجًا وَبَكَارَةً أَوْ ثُيُوبَةً وَنَحْوَهَا ) كَسِمَنٍ وَهُزَالٍ وَسَائِرِ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ ثَمَنُهُ وَالْكَحَلُ سَوَادُ الْعَيْنِ مَعَ سِعَتِهَا وَالدَّعَجُ أَنْ يَعْلُوَ الْأَجْفَانَ سَوَادٌ خِلْقَةً
مَوْضِعُ الْكُحْلِ ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ وَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ الْجُعُودَةِ وَالسُّبُوطَةِ وَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ الْحُسْنِ ، كَأَقْنَى الْأَنْفِ أَوْ أَزَجَّ الْحَاجِبَيْنِ لَزِمَهُ .
( وَ ) ذِكْرُ ( نَوْعِ طَيْرٍ ) كَحَمَامٍ وَكُرْكِيٍّ ( وَ ) ذِكْرُ ( لَوْنِهِ وَكِبَرِهِ ) إنْ اخْتَلَفَ بِهِ لَا ذُكُورِيَّةً وَأُنُوثِيَّةً إلَّا فِي نَحْوِ دَجَاجٍ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهَا وَلَا إلَى مَوْضِعِ اللَّحْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا يُؤْخَذُ بَعْضُهُ كَالنَّعَامِ وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ رَأْسٍ وَسَاقَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَا لَحْمَ عَلَيْهَا ( وَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ أَجْوَدَ ) لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ جَيِّدٍ إلَّا وَيُحْتَمَلُ وُجُودُ أَجْوَدَ مِنْهُ ( أَوْ أَرْدَأَ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ وَلَا يَطُولُ فِي الْأَوْصَافِ بِحَيْثُ يَنْتَهِي إلَى حَالٍ يَنْدُرُ وُجُودُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ ، فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُسْلَمُ ( أَخْذُ دُونَ مَا وَصَفَ ) مِنْ جِنْسِهِ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِدُونِهِ .
( وَ ) لَهُ أَخْذُ ( غَيْرِ نَوْعِهِ ) كَمَعْزٍ عَنْ ضَأْنٍ وَجَوَامِيسَ عَنْ بَقَرٍ ( مِنْ جِنْسِهِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا .
( وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُسْلِمَ ( أَخْذُ أَجْوَدَ مِنْهُ ) أَيْ مِمَّا أَسْلَمَ فِيهِ ( مِنْ نَوْعِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَاهُ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ وَزَادَهُ نَفْعًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ وَلَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ كَضَأْنٍ عَنْ مَعْزٍ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَنَاوَلَ مَا وَصَفَاهُ عَلَى شَرْطِهِمَا وَالنَّوْعُ صِفَةٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَاتَ غَيْرُهُ مِنْ الصِّفَاتِ فَإِنْ رَضِيَا جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَلَحْمِ بَقَرٍ عَنْ ضَأْنٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ رَضِيَا لِحَدِيثِ { مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهُ بِيعَ بِخِلَافِ غَيْرِ نَوْعِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ قَضَاءٌ لِلْحَقِّ ( وَيَجُوزُ ) لِمُسْلِمٍ ( رَدُّ ) سَلَمٍ ( مَعِيبٍ ) أَخَذَهُ غَيْرَ عَالِمٍ
بِعَيْبِهِ وَيَطْلُبُ بَدَلَهُ .
( وَ ) لَهُ ( أَخْذُ أَرْشِهِ ) مَعَ إمْسَاكِهِ كَمَبِيعٍ غَيْرِ سَلَمٍ .
( وَ ) لِمُسْلَمٍ إلَيْهِ أَخْذُ ( عِوَضِ زِيَادَةِ قَدْرٍ ) دَفَعَهُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي قَفِيزٍ فَجَاءَهُ بِقَفِيزَيْنِ لِجَوَازِ إفْرَادِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بِالْبَيْعِ وَ ( لَا ) يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ عِوَضٍ ( جَوْدَةً ) إنْ جَاءَهُ بِأَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ صِفَةٌ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهَا بِالْبَيْعِ ( وَلَا ) أَخْذُ عِوَضِ ( نَقْصِ رَدَاءَةٍ ) لَوْ جَاءَ بِأَرْدَأَ لِمَا سَبَقَ
الشَّرْطُ ( الثَّالِثُ ) ذِكْرُ ( قَدْرِ كَيْلٍ فِي مَكِيلٍ ، وَ ) قَدْرِ ( وَزْنٍ فِي مَوْزُونٍ ، وَ ) قَدْرِ ( ذَرْعٍ فِي مَذْرُوعٍ مُتَعَارَفٍ ) أَيْ الْمِكْيَالِ وَالرَّطْلِ مَثَلًا وَالذِّرَاعِ ( فِيهِنَّ ) عِنْدَ الْعَامَّةِ لِحَدِيثِ { مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ } وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الذِّمَّةِ ، فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ كَالثَّمَنِ .
( فَلَا يَصِحُّ ) سَلَمٌ .
( فِي مَكِيلٍ ) كَلَبَنٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَتَمْرٍ ( وَزْنًا ، وَلَا فِي مَوْزُونٍ كَيْلًا ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ فِي الْأَصْلِ كَبَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَلِأَنَّهُ قَدَّرَهُ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ فِي الْأَصْلِ فَلَمْ يَجُزْ ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي مَذْرُوعٍ وَزْنًا ( وَلَا ) يَصِحُّ ( شَرْطُ صِحَّةٍ ، أَوْ مِكْيَالٍ ، أَوْ ذِرَاعٍ لَا عُرْفَ لَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ فَاتَ الْعِلْمُ بِهِ وَلِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَقْدُ ( فَإِنْ عَيَّنَ فَرْدًا مِمَّا لَهُ عُرْفٌ ) بِأَنْ قَالَ : رِطْلُ فُلَانٍ ، أَوْ مِكْيَالِهِ ، أَوْ ذِرَاعُهُ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ ( صَحَّ الْعَقْدُ ) لِلْعِلْمِ بِهَا ( دُونَ التَّعْيِينِ ) فَلَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِمَا لَا يَلْزَمُ
الشَّرْطُ ( الرَّابِعُ : ذِكْرُ أَجَلٍ مَعْلُومٍ ) نَصًّا لِلْخَبَرِ فَأَمَرَ بِالْأَجَلِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ ، وَلِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ جَازَ لِلرِّفْقِ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْأَجَلِ فَإِنْ انْتَفَى الْأَجَلُ انْتَفَى الرِّفْقُ فَلَا يَصِحُّ ، كَالْكِتَابَةِ وَالْحُلُولُ يُخْرِجُهُ عَنْ اسْمِهِ وَمَعْنَاهُ بِخِلَافِ بُيُوعِ الْأَعْيَانِ ، فَإِنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِمَعْنَى التَّأْجِيلِ ( لَهُ ) أَيْ الْأَجَلِ ( وَقَعَ فِي الثَّمَنِ عَادَةً ) ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَجَلِ لِتَحْقِيقِ الرِّفْقِ ، وَلَا يَحْصُلُ بِمُدَّةٍ لَا وَقْعَ لَهَا فِي الثَّمَنِ ( كَشَهْرٍ وَنَحْوِهِ ) مِثَالٌ لِمَا لَهُ وَقْعٌ فِي الثَّمَنِ .
وَفِي الْكَافِي : كَنِصْفِهِ .
( وَيَصِحُّ ) أَنْ يُسْلِمَ ( فِي جِنْسَيْنِ ) كَأُرْزٍ ، وَعَسَلٍ ( إلَى أَجَلٍ ) وَاحِدٍ ( إنْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ ) مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَصِحَّ .
( وَ ) يَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ ( فِي جِنْسٍ ) وَاحِدٍ ( إلَى أَجَلَيْنِ ) كَسَمْنٍ يَأْخُذُ بَعْضَهُ فِي رَجَبٍ ، وَبَعْضَهُ فِي رَمَضَانَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيْعٍ جَازَ إلَى أَجَلٍ جَازَ إلَى أَجَلَيْنِ وَآجَالٍ ( إنْ بَيَّنَ قِسْطَ كُلِّ أَجَلٍ وَثَمَنَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ الْأَبْعَدَ لَهُ زِيَادَةُ وَقْعٍ عَلَى الْأَقْرَبِ ، فَمَا يُقَابِلُهُ أَقَلُّ فَاعْتُبِرَ مَعْرِفَةُ قِسْطِهِ وَثَمَنِهِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ جِنْسَيْنِ : كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فِي جِنْسٍ كَأُرْزٍ ، لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُبَيِّنَ حِصَّةَ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ .
( وَ ) يَصِحُّ ( أَنْ يُسْلَمَ فِي شَيْءٍ ) كَلَحْمٍ وَخُبْزٍ وَعَسَلٍ ( يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا مَعْلُومًا مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ قِسْطٍ أَوْ لَا لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ، وَمَتَى قَبَضَ الْبَعْضَ وَتَعَذَّرَ الْبَاقِي رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَجْعَلُ لِلْمَقْبُوضِ فَضْلًا عَلَى الْبَاقِي ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَاحِدٌ مُمَاثِلُ الْأَجْزَاءِ فَقَسَّطَ الثَّمَنَ عَلَى أَجْزَائِهِ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا لَوْ اتَّفَقَ أَجَلُهُ .
( وَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَ ) مُطْلَقًا أَوْ لِمَجْهُولٍ ( أَوْ
أَجَّرَ ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ مُطْلَقًا ) بِأَنْ لَمْ يَعِدْ بِغَايَةٍ ( أَوْ ) جَعَلَهَا ( ل ) أَجَلٍ ( مَجْهُولٍ كَحَصَادٍ وَجِذَاذٍ وَنَحْوِهِمَا ) كَنُزُولِ مَطَرٍ لَمْ يَصِحَّ غَيْرُ بَيْعٍ ، لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَلِأَنَّ الْحَصَادَ وَنَحْوَهُ يَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَكَذَا لَوْ أَبْهَمَ الْأَجَلَ كَإِلَى وَقْتٍ أَوْ زَمَنٍ ( أَوْ جَعَلَهَا إلَى عِيدٍ ، أَوْ رَبِيعٍ ، أَوْ جُمَادَى ، أَوْ النَّفْرِ لَمْ يَصِحَّ ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ سَلَمٍ وَإِجَارَةٍ وَخِيَارِ شَرْطٍ لِلْجَهَالَةِ ( غَيْرُ الْبَيْعِ ) فَيَصِحُّ حَالًّا وَتَقَدَّمَ فَإِنْ عَيَّنَ عِيدَ فِطْرٍ ، أَوْ أَضْحَى ، أَوْ رَبِيعَ أَوَّلٍ أَوْ ثَانٍ ، أَوْ جُمَادَى كَذَلِكَ ، أَوْ النَّفْرَ الْأَوَّلُ وَهُوَ ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ الثَّانِي وَهُوَ ثَالِثُهَا صَحَّتْ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ ( وَإِنْ قَالَا ) أَيْ عَاقِدَا سَلَمٍ : ( مَحَلُّهُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَسْرُ لُغَةً : مَوْضِعُ الْحُلُولِ ( رَجَبٌ أَوْ ) مَحَلُّهُ ( إلَيْهِ ) أَيْ رَجَبٍ ( أَوْ ) مَحَلُّهُ ( فِيهِ ) أَيْ رَجَبٍ .
( وَنَحْوُهُ ) كَشَعْبَانَ ( صَحَّ ) السَّلَمُ ( وَحَلَّ ) مُسْلَمٌ فِيهِ ( بِأَوَّلِهِ ) أَيْ رَجَبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقُ إلَى رَجَبٍ أَوْ فِيهِ وَلَيْسَ مَجْهُولًا لِتَعَلُّقِهِ بِأَوَّلِهِ ( وَ ) إنْ قَالَا : مَحِلُّهُ ( إلَى أَوَّلِهِ ) أَيْ شَهْرِ كَذَا ( أَوْ ) إلَى ( آخِرِهِ ، يَحِلُّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ كَتَعْلِيقِ طَلَاقٍ ( وَلَا يَصِحُّ ) إنْ قَالَا ( يُؤَدِّيهِ فِيهِ ) أَيْ فِي شَهْرِ كَذَا لِجَعْلِهِ ظَرْفًا فَيَشْمَلُ أَوَّلَهُ وَآخِرِهِ فَهُوَ مَجْهُولٌ ( وَيَصِحُّ ) تَأْجِيلُهُ ( لِشَهْرٍ وَعِيدٍ رُومِيَّيْنِ إنْ عُرِفَا ) كَشُبَاطِ وَالنَّيْرُوزِ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا مَعْلُومَانِ ، لَا يَخْتَلِفَانِ أَشْبَهَا أَشْهُرَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْيَادُهُمْ بِخِلَافِ الشَّعَانِينَ ، وَعِيدِ الْفَطِيرِ .
( وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَدِينٍ ) أَيْ مُسْلَمٍ إلَيْهِ ( فِي قَدْرِهِ ) أَيْ الْأَجَلِ .
( وَ ) فِي عَدَمِ ( مُضِيِّهِ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى الْأَجَلَ ، وَالْأَصْلُ
بَقَاؤُهُ ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ التَّسْلِيمِ ، وَهُوَ الْأَصْلُ .
( وَ ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي ( مَكَانِ تَسْلِيمٍ ) نَصًّا إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَقْلِهِ إلَى مَوْضِعٍ ادَّعَى الْمُسْلِمُ شَرْطَ التَّسْلِيمِ فِيهِ ( وَمَنْ أُتِيَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ( بِمَالِهِ ) أَيْ دَيْنِهِ ( مِنْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِ ، قَبْلَ مَحِلِّهِ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ : أَيْ حُلُولِهِ .
( وَلَا ضَرَرَ ) عَلَيْهِ ( فِي قَبْضِهِ ) كَخَوْفٍ ، وَتَحَمُّلِ مُؤْنَةٍ ، أَوْ اخْتِلَافِ قَدِيمِهِ وَحَدِيثِهِ ( لَزِمَهُ ) أَيْ رَبَّ الدَّيْنِ قَبْضُهُ نَصًّا لِحُصُولِ غَرَضِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ : كَالْأَطْعِمَةِ ، وَالْحُبُوبِ ، وَالْحَيَوَانِ أَوْ الزَّمَنِ مَخُوفًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْضُهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي مَحِلِّهِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ مُطْلَقًا كَمَبِيعٍ مُعَيَّنٍ .
( فَإِنْ أَبَى ) قَبْضَهُ حَيْثُ لَزِمَهُ ( قَالَ لَهُ حَاكِمٌ : إمَّا أَنْ تَقْبِضَ أَوْ تُبْرِئَ ) مِنْ الْحَقِّ .
( فَإِنْ أَبَاهُمَا ) أَيْ الْقَبْضَ وَالْإِبْرَاءَ ( قَبَضَهُ ) الْحَاكِمُ ( لَهُ ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ : لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّيِّدِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِ الْكِتَابَةِ ( وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ ) مَدِينِ ( غَيْرِهِ فَأَبَى رَبُّهُ ) أَيْ الدَّيْنِ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينِ ( أَوْ أَعْسَرَ ) زَوْجٌ ( بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ ) وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْسِرْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ( فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ ) أَيْ مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا ( فَأَبَتْ ) الزَّوْجَةُ قَبُولَ نَفَقَتِهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ( لَمْ يُجْبَرَا ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ وَالزَّوْجَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ عَلَيْهِمَا ( وَمَلَكَتْ ) الزَّوْجَةُ ( الْفَسْخَ ) لِإِعْسَارِ زَوْجِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَبْذُلْهَا أَحَدٌ فَإِنْ مَلَّكَهُ لِمَدِينٍ وَزَوْجٍ ، وَقَبَضَاهُ ، وَدَفَعَاهُ لَهُمَا أُجْبِرَا عَلَى قَبُولِهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ إلَّا أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الصِّفَةُ ، وَتُسَلَّمُ الْحُبُوبُ نَقِيَّةً مِنْ تِبْنٍ وَعُقَدٍ وَنَحْوِهَا ، وَتُرَابٍ إلَّا
يَسِيرًا لَا يُؤَثِّرُ فِي كَيْلٍ ، وَالتَّمْرُ جَافًّا
الشَّرْطُ ( الْخَامِسُ : غَلَبَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ فِي مَحِلِّهِ ) أَيْ عِنْدَ حُلُولِهِ ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ وُجُوبِ تَسْلِيمِهِ ، وَإِنْ عُدِمَ وَقْتَ عَقْدِ كَسَلَمٍ فِي رُطَبٍ ، وَعِنَبٍ فِي الشِّتَاءِ إلَى الصَّيْفِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ غَالِبًا عِنْدَ وُجُوبِهِ أَشْبَهَ بَيْعَ الْآبِقِ بَلْ أَوْلَى .
( وَيَصِحُّ ) سَلَمٌ ( إنْ عَيَّنَ ) مُسْلَمٌ فِيهِ مِنْ ( نَاحِيَةٍ تَبْعُدُ فِيهَا آفَةٌ ) كَتَمْرِ الْمَدِينَةِ ، و .
( لَا ) يَصِحُّ السَّلَمُ إنْ عَيَّنَ ( قَرْيَةً صَغِيرَةً أَوْ بُسْتَانًا وَلَا ) إنْ أَسْلَمَ فِي شَاةٍ ( مِنْ غَنَمِ زَيْدٍ ، أَوْ أَسْلَمَ ) فِي بَعِيرٍ مِنْ ( نِتَاجِ فَحْلِهِ ، أَوْ فِي ) ثَوْبٍ ( مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ ) كَفِي عَبْدٍ مِثْلِ هَذَا الْعَبْدِ لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ { أَنَّهُ أَسْلَفَ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ دَنَانِيرَ فِي تَمْرٍ مُسَمًّى فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : مِنْ تَمْرِ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ فَلَا وَلَكِنْ كَيْلٌ مُسَمًّى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ ، وَلَا تَلَفُ الْمُسْلَمِ فِي مِثْلِهِ ، أَشْبَهَ تَقْدِيرَهُ بِنَحْوِ مِكْيَالٍ لَا يُعْرَفُ ( وَإِنْ أَسْلَمَ إلَى مَحِلٍّ ) أَيْ وَقْتٍ ( يُوجَدُ فِيهِ ) مُسْلَمٌ فِيهِ ( عَامًّا ، فَانْقَطَعَ وَيُحَقَّقُ بَقَاؤُهُ لَزِمَهُ تَحْصِيلُهُ ) وَلَوْ شَقَّ كَبَقِيَّةِ الدُّيُونِ .
( وَإِنْ تَعَذَّرَ ) مُسْلَمٌ فِيهِ ( أَوْ ) تَعَذَّرَ ( بَعْضُهُ ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ ( خُيِّرَ ) مُسْلِمٌ ( بَيْنَ صَبْرٍ ) إلَى وُجُودِهِ ، فَيُطَالِبُ بِهِ .
( أَوْ فَسْخٍ فِيمَا تَعَذَّرَ ) مِنْهُ كَمَنْ اشْتَرَى قِنًّا فَأَبَقَ قَبْلَ قَبْضِهِ ( وَيَرْجِعُ ) إنْ فَسَخَ لِتَعَذُّرِهِ كُلِّهِ ( بِرَأْسِ مَالِهِ ) إنْ وُجِدَ ( أَوْ عِوَضِهِ ) إنْ عُدِمَ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ إلَى ذِمِّيٍّ فِي خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ، رَجَعَ مُسْلِمٌ بِرَأْسِ مَالِهِ ، أَوْ عِوَضِهِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ الْإِيفَاءِ .
الشَّرْطُ ( السَّادِسِ : قَبْضُ رَأْسِ مَالِهِ ) أَيْ السَّلَمِ ( قَبْلَ تَفَرُّقٍ ) مِنْ مَجْلِسِ عَقْدٍ تَفَرُّقًا يُبْطِلُ خِيَارَ مَجْلِسٍ ، لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَاسْتَنْبَطَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَلْيُسْلِفْ " أَيْ فَلْيُعْطِ قَالَ : لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ اسْمُ السَّلَفِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أَسْلَفَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ مَنْ أَسْلَفَهُ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّرْفَ لَوْ قَبَضَ بَعْضَهُ ( وَكَقَبْضٍ ) فِي الْحُكْمِ ( مَا بِيَدِهِ ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ ) وَنَحْوُهُ فَيَصِحُّ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَقَوْلُهُ " أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ " بَدَلٌ مِنْ " مَا " .
وَ ( لَا ) يَصِحُّ جَعْلُ ( مَا فِي ذِمَّتِهِ ) رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ دَيْنٌ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالٍ دَيْنًا كَانَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ بِخِلَافِ أَمَانَةٍ وَغَصْبٍ وَلَوْ عَقَدَا عَلَى نَحْوِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فِي نَحْوِ كُرِّ طَعَامٍ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ مِنْهَا خَمْسِينَ وَخَمْسِينَ إلَى أَجَلٍ ، لَمْ يَصِحَّ فِي الْكُلِّ ، وَلَوْ قُلْنَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ؛ لِأَنَّ لِلْمُعَجَّلِ فَضْلًا عَلَى الْمُؤَجَّلِ ، فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي مُقَابَلَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي مُقَابَلَةِ الْمُؤَجَّلِ وَالزِّيَادَةُ مَجْهُولَةٌ ( وَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ ) أَيْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ .
( وَ ) مَعْرِفَةُ ( صِفَتِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فَسْخُ السَّلَمِ لِتَأَخُّرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ مَعْرِفَةُ رَأْسِ مَالٍ لِيُرَدَّ بَدَلُهُ كَالْقَرْضِ ، وَاعْتُبِرَ التَّوَهُّمُ هُنَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَوَازِهِ وَإِنَّمَا جُوِّزَ مَعَ الْأَمْنِ مِنْ الْغَرَرِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا ( فَلَا تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ ) أَيْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ كَمَا لَوْ عَقَدَاهُ بِصُبْرَةٍ لَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهَا وَوَصْفَهَا .
( وَلَا يَصِحُّ ) السَّلَمُ ( فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ ) كَكُتُبٍ ( وَيُرَدُّ ) مَا قُبِضَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ رَأْسُ مَالِ سَلَمٍ لِفَسَادِ الْعَقْدِ (
إنْ وُجِدَ ، وَإِلَّا ) يُوجَدْ ( فَقِيمَتُهُ ) وَلَوْ مِثْلِيًّا ، قَالَ فِي شَرْحِهِ .
وَفِيهِ نَظَرٌ ( فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهَا ) أَيْ الْقِيمَةِ أَيْ قَدْرِهَا ( فَ ) الْقَوْلُ ( قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَإِذَا تَعَذَّرَ ) قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ قِيمَةَ مَا قَبَضْتُهُ ( فَ ) عَلَيْهِ ( قِيمَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ مُؤَجَّلَةً ) بِأَجَلِ السَّلَمِ إذْ الظَّاهِرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وُقُوعُهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ فِي قَبْضِ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَبَضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ فَقَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةَ ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ عِنْدَ التَّعَارُضِ ، وَإِنْ وَجَدَهُ مَغْصُوبًا أَوْ مَعِيبًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ ، إنْ عُيِّنَ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَخْذِ بَدَلِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ فَلَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشِهِ وَرَدُّهُ ، وَطَلَبُ بَدَلِ مَا فِي الذِّمَّةِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ .
الشَّرْطُ ( السَّابِعُ أَنْ يُسْلَمَ فِي ذِمَّةٍ ) وَلَمْ يَذْكُرْهُ بَعْضُهُمْ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِذِكْرِ الْأَجَلِ ، إذْ الْمُؤَجَّلُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي ذِمَّةٍ ( فَلَا يَصِحُّ ) السَّلَمُ ( فِي عَيْنٍ كَشَجَرَةٍ نَابِتَةٍ وَنَحْوِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ بَيْعُهَا فِي الْحَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى السَّلَمِ فِيهِ .
فَصْلٌ ( وَلَا يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ ) ( ذِكْرُ مَكَانِ الْوَفَاءِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ وَكَبَاقِي الْبُيُوعِ ( إنْ لَمْ يُعْقَدْ بِبَرِّيَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَنَحْوِهِمَا ) كَدَارِ حَرْبٍ وَجَبَلٍ غَيْرِ مَسْكُونٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَيَكُونُ مَحِلُّ التَّسْلِيمِ مَجْهُولًا فَاشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ بِالْقَوْلِ كَالزَّمَانِ ( وَيَجِبُ ) الْوَفَاءُ ( مَكَانَ عَقْدِ ) السَّلَمِ إذَا كَانَ مَحَلَّ إقَامَةٍ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ التَّسْلِيمُ فِي مَكَانِهِ
( وَشَرْطُهُ ) أَيْ الْوَفَاءِ ( فِيهِ ) أَيْ مَكَانِ الْعَقْدِ ( مُؤَكَّدٌ ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يُؤَثِّرُ
( وَإِنْ دَفَعَ مُسْلَمٌ ) إلَيْهِ السَّلَمَ ( فِي غَيْرِهِ ) أَيْ الْمَكَانِ الَّذِي شُرِطَ بِهِ إنْ عُقِدَ بِنَحْوِ بَرِّيَّةٍ أَوْ مَكَانِ الْعَقْدِ إنْ عُقِدَ بِغَيْرِ نَحْوِ بَرِّيَّةٍ ( إلَّا مَعَ أُجْرَةِ حَمْلِهِ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى مَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِيهِ ( صَحَّ ) أَيْ جَازَ الدَّفْعُ لِتَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ وَبَرِئَ دَافِعٌ ( كَ ) مَا يَصِحُّ ( شَرْطُهُ ) أَيْ الْوَفَاءِ ( فِيهِ ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ دَفَعَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ وَدَفَعَ مَعَهُ أُجْرَةَ حَمْلِهِ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ تَرَاضَيَا ؛ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ بَعْضِ السَّلَمِ
( وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ بِمُسْلَمٍ فِيهِ ) رُوِيَتْ كَرَاهَتُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ ، وَالضَّمَانُ يُقِيمُ مَا فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ مَقَامَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ وَالْبَدَلِ عَنْهُ وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ لِلْخَبَرِ ، وَرَدَّهُ الْمُوَفَّقُ
( وَلَا ) يَصِحُّ ( اعْتِيَاضٌ عَنْهُ ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( بَيْعُهُ أَوْ ) بَيْعُ ( رَأْسِ مَالِهِ ) الْمَوْجُودِ ( بَعْدَ فَسْخِ ) عَقْدٍ ( وَقَبْلَ قَبْضِ ) رَأْسِ مَالِهِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْبَيْعُ ( لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا حَوَالَةَ بِهِ وَلَا ) حَوَالَةَ ( عَلَيْهِ ) لِحَدِيثِ نَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ } عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضَمْنَ وَحَدِيثِ { مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ } وَلِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ أَشْبَهَ الْمَكِيلَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَيْضًا فَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ فَسْخِهِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِعَقْدِ السَّلَمِ أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ
( وَتَصِحُّ هِبَةُ كُلِّ دَيْنٍ ) سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِ ( لِمَدِينٍ ) ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ ، فَإِنْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ هِبَةً حَقِيقِيَّةً لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ ، وَاقْتِضَاءِ الْهِبَةِ وُجُودَ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَمِنْ هُنَا امْتَنَعَ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ
( وَ ) يَصِحُّ ( بَيْعُ ) دَيْنٍ ( مُسْتَقِرٍّ مِنْ ثَمَنٍ وَقَرْضٍ وَمَهْرٍ بَعْدَ دُخُولٍ ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُقَرِّرُهُ ( وَأُجْرَةٍ اسْتَوْفَى نَفْعَهَا وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ ) كَجُعْلٍ بَعْدَ عَمَلٍ وَعِوَضِ نَحْوِ خُلْعٍ ( لِمَدِينٍ ) فَقَطْ ( بِشَرْطِ قَبْضِ عِوَضِهِ قَبْلَ تَفَرُّقٍ ) لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ دَلَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ ، وَقِيسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ .
فَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ عِوَضٌ بِالْمَجْلِسِ لَمْ يَصِحَّ ( أَيْ بَيْعُ ) الدَّيْنِ ( بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً ) كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَبُرٍّ بِشَعِيرٍ لِمَا تَقَدَّمَ ( أَوْ ) بَيْعُ الدَّيْنِ ( بِمَوْصُوفٍ فِي ذِمَّةٍ ) وَلَمْ يُقْبَضْ بِالْمَجْلِسِ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَإِنْ بِيعَ مَكِيلٌ بِمَوْزُونٍ مُعَيَّنٍ وَعَكْسِهِ صَحَّ ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ عِوَضُهُ بِالْمَجْلِسِ .
وَ ( لَا ) يَصِحُّ بَيْعُ دَيْنٍ مُطْلَقًا ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَشْبَهَ الْآبِقَ
( وَلَا ) بَيْعُ دَيْنٍ ( غَيْرِ مُسْتَقِرٍّ كَدَيْنِ كِتَابَةٍ وَنَحْوِهِ ) كَأُجْرَةٍ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ نَفْعِهَا ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ غَيْرُ تَامٍّ
( وَتَصِحُّ إقَالَةُ فِي سَلَمٍ ) ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ ( وَ ) تَصِحُّ إقَالَةٌ فِي ( بَعْضِهِ ) ؛ لِأَنَّهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا وَكُلُّ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ صَحَّ فِي شَيْءٍ صَحَّ فِي بَعْضِهِ كَالْإِبْرَاءِ ( بِدُونِ ) مُتَعَلِّقٌ ب تَصِحُّ ( قَبْضِ رَأْسِ مَالِهِ ) أَيْ لِلسَّلَمِ إنْ وُجِدَ .
( وَ ) بِدُونِ قَبْضِ ( عِوَضِهِ ) أَيْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ
( إنْ تَعَذَّرَ ) رَأْسُ الْمَالِ لِتَلَفِهِ ( فِي مَجْلِسِهَا ) مُتَعَلِّقٌ بِقَبْضٍ ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ فَإِذَا حَصَلَتْ بَقِيَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ ذِمَّتِهِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْقَرْضِ ( وَيُفْسَخُ ) سَلَمٌ .
( يَجِبُ ) عَلَى مُسْلَمٍ إلَيْهِ ( رَدُّ مَا أَخَذَ ) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ بَقِيَ لِرُجُوعِهِ لِمُشْتَرٍ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ بَاقِيًا ( فَ ) عَلَيْهِ ( مِثْلُهُ ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ( ثُمَّ قِيمَتُهُ ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا ، أَوْ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ ؛ لِأَنَّ مَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ رُجِعَ بِبَدَلِهِ
( فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَهُ ثَمَنًا ) أَيْ نَقْدًا ( وَهُوَ ثَمَنٌ فَ ) هُوَ ( صَرْفٌ ) لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ ( وَفِي غَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ بِأَنْ كَانَ الْمُعَوَّضَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا عِوَضًا .
( يَجُوزُ تَفَرُّقٌ قَبْلَ قَبْضٍ ) إنْ لَمْ يَتَّفِقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا أَوْ يُعَوِّضْ عَنْهُ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ
( وَمَنْ لَهُ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ فَقَالَ : لِغَرِيمِهِ اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِك ) فَفَعَلَ ( لَمْ يَصِحَّ ) قَبْضُهُ ( لِنَفْسِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ حَوَالَةٌ بِهِ ( وَلَا ) قَبْضُهُ ( لِلْآمِرِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ فِي قَبْضِهِ فَلَمْ يَقَعْ لَهُ ، فَيُرَدُّ لِمُسْلَمٍ إلَيْهِ ( وَصَحَّ ) قَبْضُهُ لَهُمَا إنْ قَالَ اقْبِضْهُ ( لِي ثُمَّ ) اقْبِضْهُ ( لَكَ ) لِاسْتِنَابَتِهِ فِي قَبْضِهِ لَهُ ثُمَّ لِنَفْسِهِ ، فَإِذَا قَبَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ جَازَ أَنْ يَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةً وَتَقَدَّمَ يَصِحُّ قَبْضُ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ دَيْنِهِ
( وَ ) إنْ قَالَ رَبُّ سَلَمٍ لِغَرِيمِهِ ( أَنَا أَقْبِضُهُ ) أَيْ السَّلَمَ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ ( لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُ ) صَحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ لِوُجُودِ قَبْضِهِ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ ( أَوْ ) قَالَ رَبُّ سَلَمٍ لِغَرِيمِهِ ( أَحْضِرْ كُتَيِّبًا لِي مِنْهُ ) أَيْ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ ( لِأَقْبِضَهُ لَك ) فَفَعَلَ ( صَحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ ) لِمَا تَقَدَّمَ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ : لِأَقْبِضَهُ لَك ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ مَعَ نِيَّتِهِ لِغَرِيمِهِ كَمَعَ نِيَّتِهِ لِنَفْسِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَبْضًا لِغَرِيمِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ لَهُ بِالْكَيْلِ فَإِنْ قَبَضَهُ بِدُونِهِ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الدَّافِعِ
( وَإِنْ تَرَكَهُ ) أَيْ تَرَكَ الْقَابِضُ الْمَقْبُوضَ ( بِمِكْيَالِهِ وَأَقْبَضَهُ لِغَرِيمِهِ صَحَّ ) الْقَبْضُ ( لَهُمَا ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمَكِيلِ كَابْتِدَائِهِ ، وَقَبْضُ الْآخَرِ لَهُ فِي مِكْيَالِهِ جَرَى لِصَاعِهِ فِيهِ
( وَيُقْبَلُ قَوْلُ قَابِضِ ) السَّلَمِ أَوْ غَيْرِهِ ( جُزَافًا فِي قَدْرِهِ ) أَيْ الْمَقْبُوضِ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزَّائِدَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ( لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ ) مَنْ قَبَضَ مَكِيلًا وَنَحْوِهِ جُزَافًا ( فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ ) بِمِعْيَارِهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ وَ ( لَا ) يُقْبَلُ قَوْلُ ( قَابِضٍ ) وَلَا مُقْبِضٍ ( بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ ) وَنَحْوِهِ ( دَعْوَى غَلَطٍ وَنَحْوِهِ ) كَسَهْوٍ ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ
( وَمَا قَبَضَهُ ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَأَكْثَرُ ( مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافِ ) عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ ( أَوْ ) ب ( عَقْدٍ ) كَبَيْعِ مُشْتَرَكٍ أَوْ إجَارَتِهِ ( أَوْ ) ب ( ضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ ) كَوَقْفٍ عَلَى عَدَدٍ مَحْصُورٍ ( فَشَرِيكُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذٍ مِنْ غَرِيمٍ ) لِبَقَاءِ اشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ ( أَوْ ) أَخْذٍ مِنْ ( قَابِضٍ ) لِلِاسْتِوَاءِ فِي الْمِلْكِ وَعَدَمِ تَمْيِيزِ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ بِهِ ( وَلَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ الطَّالِبِ لِحَقِّهِ ) لِمَا سَبَقَ ( مَا لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ ) أَيْ الشَّرِيكَ فِي الْقَبْضِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلٍ فِي نَصِيبِهِ فَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يُحَاصِصْهُ ، كَمَا لَوْ قَالَ اقْبِضْ لَك ( أَوْ ) مَا لَمْ ( يُتْلَفْ ) مَقْبُوضٌ ( فَيُتَعَيَّنُ غَرِيمٌ ) وَالتَّالِفُ مِنْ حِصَّةِ قَابِضٍ ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا لِعَدَمِ تَعَدِّيه ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ وَإِنَّمَا شَارَكَهُ لِثُبُوتِهِ مُشْتَرَكًا مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا لَوْ أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ بِرَهْنٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ يَدِهِ ، كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ
( وَمَنْ اسْتَحَقَّ ) أَيْ تَجَدَّدَ لَهُ دَيْنٌ ( عَلَى غَرِيمِهِ مِثْلُ مَالِهِ عَلَيْهِ ) مِنْ دَيْنٍ جِنْسًا وَ ( قَدْرًا وَصِفَةً حَالَّيْنِ ) بِأَنْ اقْتَرَضَ زَيْدُ مِنْ عَمْرٍو دِينَارًا مِصْرِيًّا مَثَلًا ثُمَّ اشْتَرَى عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ شَيْئًا بِدِينَارٍ مِصْرِيٍّ حَالٍّ ( أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ أَجَلًا وَاحِدًا ) كَثَمَنَيْنِ اتَّحَدَ أَجَلُهُمَا ( تَسَاقَطَا ) إنْ اسْتَوَيَا ( أَوْ ) سَقَطَ مِنْ الْأَكْثَرِ ( بِقَدْرِ الْأَقَلِّ ) إنْ تَفَاوَتَا قَدْرًا بِدُونِ تَرَاضٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَقِرّ وَصَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا إذَا بَاعَ عَبْدَهُ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِثَمَنٍ مِنْ جِنْسِ مَا سُمِّيَ لَهَا وَ ( لَا ) يَتَسَاقَطَانِ ( إذَا كَانَا ) أَيْ الدَّيْنَانِ دَيْنَ سَلَمٍ ( أَوْ ) كَانَ ( أَحَدُهُمَا دَيْنَ سَلَمٍ ) وَلَوْ تَرَاضَيَا ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي دَيْنِ سَلَمٍ قَبْلَ قَبْضِهِ
( أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ ) أَيْ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ ( حَقٌّ ) بِأَنْ بِيعَ الرَّهْنُ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِهِ مِنْ مَدِينٍ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ عَيَّنَ الْمُفْلِسُ بَعْضَ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ فَلَا مُقَاصَّةَ لَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَمَنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ وَاجِبِ نَفَقَتِهَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مَعَ عُسْرَتِهَا ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ بِمَا فَضَلَ
( وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ وَفَاءً ) عَمَّا عَلَيْهِ ( بِدَفْعٍ بَرِئَ ) مِنْهُ ( وَإِلَّا ) يَنْوِ وَفَاءً ( فَتَبَرُّعٌ ) لِحَدِيثِ { وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى } وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأُصُولِ : أَنَّ رَدَّ الْأَمَانَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ لَا يَقِفُ عَلَى النِّيَّةِ أَيْ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ ( وَتَكْفِي نِيَّةُ حَاكِمٍ وَفَّاهُ قَهْرًا مِنْ ) مَالِ ( مَدْيُونٍ ) لِامْتِنَاعِهِ أَوْ مَعَ غَيْبَتِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ رَبُّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ .
بَابُ الْقَرْضِ بِفَتْحِ الْقَافِ ، وَحُكِيَ كَسْرُهَا ، مَصْدَرُ قَرَضَ الشَّيْءَ يَقْرِضُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ إذَا قَطَعَهُ وَمِنْهُ الْمِقْرَاضُ وَالْقَرْضُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الِاقْتِرَاضِ وَشَرْعًا ( دَفْعُ مَالٍ إرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ ) أَيْ الْمَالِ ( وَيَرُدُّ بَدَلَهُ لَهُ ) وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ لَفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَهُوَ ) أَيْ الْقَرْضُ ( مِنْ الْمَرَافِقِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا ) لِلْمُقْرِضِ ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا { مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيجًا وَقَضَاءً لِحَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَشْبَهَ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ .
( وَ ) هُوَ ( نَوْعٌ مِنْ السَّلَفِ ) لِشُمُولِهِ لَهُ وَلِلسَّلَمِ ، فَيَصِحُّ بِلَفْظِهِ وَبِكُلِّ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ ، كَمَلَّكْتُك هَذَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ بَدَلَهُ
( فَإِنْ قَالَ مُعْطٍ ) لِمَالٍ ( مَلَّكْتُك وَلَا قَرِينَةَ عَلَى رَدِّ بَدَلِهِ ) فَهِبَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ قَرْضٌ ( فَقَوْلُ آخِذٍ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ هِبَةٌ ) ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رَدِّ بَدَلِهِ فَقَوْلُ مُعْطٍ إنَّهُ قَرْضٌ وَلَا يَجِبُ عَلَى مُقْرِضٍ وَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّ مُقْتَرِضٍ نَصًّا وَقَالَ إذَا اقْتَرَضَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِحَالِهِ لَمْ يُعْجِبْنِي ، وَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ لِإِخْوَانِهِ بِجَاهِهِ ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مَنْ يَقْتَرِضُ لَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَفَاءِ .
وَلَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَفِّيَهُ إلَّا الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يُتَعَذَّرُ مِثْلُهُ ، وَكَذَا الْفَقِيرُ يَتَزَوَّجُ مُوسِرَةً يَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَهَا بِحَالِهِ لِئَلَّا يَغُرَّهَا وَلَهُ أَخْذُ جُعْلٍ عَلَى اقْتِرَاضِهِ لَهُ بِجَاهِهِ لَا عَلَى كَفَالَتِهِ
( وَشُرِطَ عِلْمُ قَدْرِهِ ) أَيْ الْقَرْضِ بِمُقَدَّرٍ مَعْرُوفٍ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا عَدَدًا إنْ لَمْ يَعْرِفْ وَزْنَهَا ، إلَّا إنْ كَانَتْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا فَيَجُوزُ وَيَرُدُّ بَدَلَهَا عَدَدًا
( وَ ) مَعْرِفَةُ ( وَصْفِهِ ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ بَدَلِهِ ( وَ ) شُرِطَ
( كَوْنُ مُقْرِضٍ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ ) فَلَا يُقْرِضُ نَحْوُ وَلِيِّ يَتِيمٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا مُكَاتَبٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ مِنْهُ كَمَا لَا يُحَابِي ( وَمِنْ شَأْنِهِ ) أَيْ الْقَرْضِ ( أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً ) لَا عَلَى مَا يَحْدُثُ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : الدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الذِّمَمِ انْتَهَى .
وَفِي الْمُوجَزِ يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَيَأْتِي فِي اللَّقِيطِ : الِاقْتِرَاضُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْوَقْفِ اقْتِرَاضُ النَّاظِرِ لَهُ وَشِرَاؤُهُ لَهُ نَسِيئَةً وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ مِنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ { أَنْ يَأْخُذَ عَلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ }
( وَيَصِحُّ ) الْقَرْضُ ( فِي كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا ) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَغَيْرِهِ وَجَوْهَرٍ وَحَيَوَانٍ ( إلَّا بَنِي آدَمَ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ قَرْضُهُمْ وَلَا هُوَ مِنْ الْمَرَافِقِ .
وَلَا يَصِحُّ قَرْضُ مَنْفَعَةٍ ( وَيَتِمُّ ) الْقَرْضُ ( بِقَبُولٍ ) كَبَيْعٍ ( وَيَمْلِكُ ) مَا اقْتَرَضَ بِقَبْضٍ ( وَيَلْزَمُ ) عَقْدُهُ ( بِقَبْضٍ ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقِفُ التَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى الْقَبْضِ فَوَقَفَ الْمِلْكُ عَلَيْهِ ( فَلَا يَمْلِكُ مُقْرِضٌ اسْتِرْجَاعَهُ ) أَيْ الْقَرْضَ مِنْ مُقْتَرِضٍ كَالْبَيْعِ لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَةٍ ( إلَّا إنْ حُجِرَ عَلَى مُقْتَرِضٍ لِفَلَسٍ ) فَيَمْلِكُ مُقْرِضٌ الرُّجُوعَ فِيهِ بِشَرْطِهِ لِحَدِيثِ { مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ }
وَيَأْتِي ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُقْرِضِ ( طَلَبُ بَدَلِهِ ) أَيْ الْمُقْرَضِ مِنْ مُقْتَرَضٍ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ فَأَوْجَبَهُ حَالًّا كَالْإِتْلَافِ ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ تَفَارِيقَ فَلَهُ طَلَبُهُ بِهَا جُمْلَةً كَمَا لَوْ بَاعَهُ بُيُوعًا مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ طَالَبَهُ بِثَمَنِهَا جُمْلَةً
( وَإِنْ شَرَطَ ) مُقْرِضٌ ( رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ ) الشَّرْطُ ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ التَّصَرُّفُ وَرَدُّهُ بِعَيْنِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ ( وَيَجِبُ ) عَلَى مُقْرِضٍ ( قَبُولُ ) قَرْضٍ ( مِثْلِيٍّ رُدَّ ) بِعَيْنِهِ وَفَاءً وَلَوْ تَغَيَّرَ سِعْرُهُ لِرَدِّهِ عَلَى صِفَةِ مَا عَلَيْهِ ، فَلَزِمَهُ قَبُولُهُ كَالسَّلَمِ بِخِلَافِ مُتَقَوِّمٍ رُدَّ ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ سِعْرُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَهُ قِيمَتُهُ ( مَا لَمْ يَتَعَيَّبْ ) مِثْلِيٌّ رُدَّ بِعَيْنِهِ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ ، فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ ( أَوْ ) مَا لَمْ ( يَكُنْ ) الْقَرْضُ ( فُلُوسًا أَوْ ) دَرَاهِمَ ( مُكَسَّرَةً فَيُحَرِّمَهَا السُّلْطَانُ ) أَيْ : يَمْنَعُ التَّعَامُلَ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ النَّاسُ عَلَى تَرْكِ التَّعَامُلِ بِهَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ .
( فَلَهُ ) أَيْ الْمُقْرِضِ ( قِيمَتُهُ ) أَيْ : الْقَرْضِ الْمَذْكُورِ ( وَقْتَ قَرْضٍ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّبَتْ فِي مِلْكِهِ ، وَسَوَاءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَتَكُونُ الْقِيمَةُ ( مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ) أَيْ : الْقَرْضِ ( إنَّ جَرَى فِيهِ ) أَيْ : أَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْ جِنْسِهِ ( رِبَا فَضْلٍ ) بِأَنْ اقْتَرَضَ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً وَحُرِّمَتْ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَرْضِ أَنْقَصُ مِنْ وَزْنِهَا فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ بِقِيمَتِهَا ذَهَبًا وَكَذَا لَوْ اقْتَرَضَ حُلِيًّا ( وَكَذَا ثَمَنٌ لَمْ يُقْبَضْ ) إذَا كَانَ فُلُوسًا أَوْ مُكَسَّرَةً وَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ ( أَوْ طَلَبُ ثَمَنٍ ) مِنْ بَائِعٍ ( بِرَدِّ مَبِيعٍ ) عَلَيْهِ وَصَدَاقٍ وَأُجْرَةٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً وَحُرِّمَتْ فَحُكْمُهُ كَقَرْضٍ
( وَيَجِبُ ) عَلَى مُقْتَرِضٍ ( رَدُّ مِثْلِ فُلُوسٍ ) اقْتَرَضَهَا وَلَمْ تَحْرُمْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا ( غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ أَوْ كَسَدَتْ ) ؛ لِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ .
( وَ ) يَجِبُ رَدُّ ( مِثْلِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ ) لَا صِنَاعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ يُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ بِمِثْلِهِ ، فَكَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ شَبَهًا بِهِ مِنْ الْقِيمَةِ ( فَإِنْ أَعْوَزَ الْمِثْلُ فَ ) عَلَيْهِ ( قِيمَتُهُ يَوْمَ إعْوَازِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ
( وَ ) يَجِبُ رَدُّ ( قِيمَةِ غَيْرِهِمَا ) أَيْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ الْمَذْكُورِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ فَضُمِنَ بِقِيمَتِهِ كَمَا فِي الْإِتْلَافِ وَالْغَصْبِ ( كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ ) مِمَّا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ كَثِيرًا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ( يَوْمَ قَبْضٍ ) لِاخْتِلَافِ قِيمَتِهِ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ بِكَثْرَةِ الرَّاغِبِ وَقِلَّتِهِ ، فَتَزِيدُ زِيَادَةً كَثِيرَةً فَيَنْظُرُ الْمُقْتَرِضُ أَوْ تَنْقُصُ فَيَنْظُرُ الْمُقْرِضُ ( وَغَيْرِهِ ) أَيْ : الْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ كَمَذْرُوعٍ وَمَعْدُودٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ( يَوْمَ قَرْضٍ ) ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ ( وَيُرَدُّ مِثْلُ كَيْلِ مَكِيلٍ دُفِعَ وَزْنًا ) ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ هُوَ مِعْيَارُهُ الشَّرْعِيُّ وَكَذَا يُرَدُّ مِثْلُ وَزْنِ مَوْزُونٍ دُفِعَ كَيْلًا .
( وَيَجُوزُ قَرْضُ مَاءٍ كَيْلًا ) كَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ ( وَ ) يَجُوزُ قَرْضُهُ ( لِسَقْيٍ مُقَدَّرًا بِأُنْبُوبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ) مِمَّا يُعْمَلُ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ فَخَّارٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ .
( وَ ) يَجُوزُ قَرْضُهُ مُنْدِرًا ( بِزَمَنٍ مِنْ نَوْبَةِ غَيْرِهِ لِيَرُدَّ ) مُقْتَرِضٌ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : الْمُقْرِضِ ( مِثْلَهُ ) فِي الزَّمَنِ ( مِنْ نَوْبَتِهِ ) نَصًّا قَالَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْدُودٍ كَرِهْتُهُ أَيْ : لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ
( وَ ) يَجُوزُ قَرْضُ ( خُبْزٍ وَخَمِيرٍ ) وَرَدُّهُ ( عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ { قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ الْجِيرَانُ يَسْتَقْرِضُونَ الْخُبْزَ وَالْخَمِيرَ وَيَرُدُّونَ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا ؟ فَقَالَ : لَا بَأْسَ إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ مَرَافِقِ النَّاسِ لَا يُرَادُ بِهِ الْفَضْلُ } رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَلِمَشَقَّةِ اعْتِبَارِهِ بِالْوَزْنِ مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ
( وَيَثْبُتُ الْبَدَلُ ) أَيْ بَدَلُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّةِ مُقْتَرِضٍ ( حَالًّا ) ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ الْبَدَلِ فَأَوْجَبَهُ حَالًّا كَالْإِتْلَافِ أَوْ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُنِعَ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَمُنِعَ فِيهِ الْأَجَلُ كَالصَّرْفِ ( وَلَوْ مَعَ تَأْجِيلِهِ ) أَيْ الْقَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَأَيْضًا شَرْطُ الْأَجَلِ زِيَادَةٌ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ ( وَكَذَا كُلُّ ) دَيْنٍ ( حَالٍّ أَوْ ) مُؤَجَّلٍ ( حَلَّ ) فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ لِمَا تَقَدَّمَ ( وَيَجُوزُ شَرْطُ رَهْنٍ فِيهِ ) أَيْ الْقَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اسْتَقْرَضَ مِنْ يَهُودِيٍّ شَعِيرًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَا جَازَ فِعْلُهُ جَازَ شَرْطُهُ ( وَ ) يَجُوزُ شَرْطُ ضَمِينٍ لِمَا تَقَدَّمَ
وَ ( لَا ) يَجُوزُ الْإِلْزَامُ بِشَرْطِ ( تَأْجِيلِ ) قَرْضٍ ( أَوْ ) شَرْطِ ( نَقْصٍ فِي وَفَاءٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ ( أَوْ ) شَرْطٍ ( جَرِّ نَفْعًا ) فَيَحْرُمُ ( كَ ) شَرْطِهِ ( أَنْ يُسْكِنَهُ ) أَيْ الْمُقْتَرِضُ ( دَارِهِ أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ ) أَيْ : مِمَّا أَقْرَضَهُ ( أَوْ ) أَنْ يَقْضِيَهُ ( بِبَلَدٍ آخَرَ ) وَلِحَمْلِهِ مُؤْنَةً ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَقُرْبَةٍ ، فَشَرْطُ النَّفْعِ فِيهِ يُخْرِجُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَقَالَ فِي الْمُغْنِي : الصَّحِيحُ جَوَازُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ إرْسَالَ نَفَقَةٍ إلَى أَهْلِهِ فَأَقْرَضَهَا لِيُوَفِّيَهَا الْمُقْتَرِضُ لَهُمْ جَازَ وَلَا يَفْسُدُ الْقَرْضُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ
( وَإِنْ فَعَلَهُ ) أَيْ مَا يَحْرُمُ اشْتِرَاطُهُ بِأَنْ أَسْكَنَهُ دَارِهِ أَوْ قَضَاهُ بِبَلَدِ آخَرَ ( بِلَا شَرْطٍ ) جَازَ ( أَوْ أَهْدَى ) مُقْتَرِضٌ ( لَهُ ) هَدِيَّةً ( بَعْدَ الْوَفَاءِ ) جَازَ ( أَوْ قَضَى مُقْتَرِضٌ خَيْرًا مِنْهُ ) أَيْ مِمَّا أَخَذَهُ جَازَ كَصِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ أَوْ أَجْوَدَ نَقْدًا أَوْ سِكَّةً مِمَّا اقْتَرَضَ ، وَكَذَا رَدُّ نَوْعٍ خَيْرًا مِمَّا أَخَذَهُ أَوْ أَرْجَحَ يَسِيرًا فِي قَضَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ .
وَفِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي : تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لِلْخَبَرِ ( بِلَا مُوَاطَأَةٍ ) فِي الْجَمِيع نَصًّا ( أَوْ عُلِمَتْ زِيَادَتُهُ ) أَيْ الْمُقْتَرِضِ عَلَى مِثْلِ الْقَرْضِ أَوْ قِيمَتِهِ ( لِشُهْرَةِ سَخَائِهِ جَازَ ) ذَلِكَ ( لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ وَقَالَ : خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً } ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ ، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تُجْعَلْ عِوَضًا فِي الْقَرْضِ وَلَا وَسِيلَةً إلَيْهِ وَلَا إلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ قَرْضٌ
( وَإِنْ فَعَلَ ) مُقْتَرِضٌ ذَلِكَ بِأَنْ أَسْكَنَهُ دَارِهِ أَوْ أَهْدَى لَهُ ( قَبْلَ الْوَفَاءِ وَلَمْ يَنْوِ ) مُقْتَرِضٌ ( احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ ) لَمْ يَنْوِ ( مُكَافَأَتَهُ ) عَلَيْهِ ( لَمْ يَجُزْ إلَّا إنَّ جَرَتْ عَادَةٌ بَيْنَهُمَا ) أَيْ : بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ ( بِهِ ) أَيْ : بِذَلِكَ الْفِعْلِ ( قَبْلَ قَرْضٍ ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا { إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى إلَيْهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَرْكَبْهَا وَلَا يَقْبَلْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ ( وَكَذَا كُلُّ غَرِيمٍ ) حُكْمُهُ كَالْمُقْتَرِضِ فِيمَا تَقَدَّمَ ( فَإِنْ اسْتَضَافَهُ ) مُقْتَرِضٌ ( حَسَبَ لَهُ ) مُقْرِضٌ ( مَا أَكَلَ ) نَصًّا وَيَتَوَجَّهُ لَا .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ
( وَمَنْ طُولِبَ ) مِنْ مُقْتَرِضٍ وَغَيْرِهِ أَيْ طَالَبَهُ رَبُّ دَيْنِهِ ( بِبَدَلِ قَرْضٍ ) قُلْتُ : وَمِثْلُهُ ثَمَنٌ فِي ذِمَّةٍ وَنَحْوِهِ ( أَوْ ) طُولِبَ بِبَدَلِ ( غَصْبٍ بِبَلَدٍ آخَرَ ) غَيْرِ بَلَدِ قَرْضٍ وَغَصْبٍ ( لَزِمَهُ ) أَيْ الْمَدِينَ وَالْغَاصِبَ أَدَاءُ الْبَدَلِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَضَاءِ الْحَقِّ بِلَا ضَرَرٍ ( إلَّا مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ ) كَحَدِيدٍ وَقُطْنٍ وَبُرٍّ ( وَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْقَرْضِ ) أَوْ الْغَصْبِ ( أَنْقَصُ ) مِنْ قِيمَتِهِ بِبَلَدِ الطَّلَبِ ( فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَتُهُ بِهَا ) أَيْ : بِبَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ الْغَصْبِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمْهُ حَمْلُهُ إلَى بَلَدِ الطَّلَبِ فَيَصِيرُ كَالْمُتَعَذَّرِ وَإِذَا تَعَذَّرَ الْمِثْلُ تَعَيَّنَتْ الْقِيمَةُ وَاعْتُبِرَتْ بِبَلَدِ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ الْغَصْبِ مُسَاوِيَةً لِبَلَدِ الطَّلَبِ أَوْ أَكْثَرَ لَزِمَهُ دَفْعُ الْمِثْلِ بِبَلَدِ الطَّلَبِ كَمَا سَبَقَ ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّ طُولِبَ بِعَيْنِ الْغَصْبِ بِغَيْرِ بَلَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَكَذَا لَوْ طُولِبَ بِأَمَانَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا بِغَيْرِ بَلَدِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهَا إلَيْهِ .
( وَلَوْ بَذَلَهُ ) أَيْ الْمِثْلَ ( الْمُقْتَرِضُ أَوْ الْغَاصِبُ ) بِغَيْرِ بَلَدِ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ ( وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ ) إلَيْهِ كَأَثْمَانٍ ( لَزِمَ ) مُقْرِضًا وَمَغْصُوبًا مِنْهُ ( قَبُولُهُ مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ ) لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ إذَنْ ، قُلْتُ : وَكَذَا ثَمَنٌ وَأُجْرَةٌ وَنَحْوُهُمَا فَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ الْبَلَدُ أَوْ الطَّرِيقُ غَيْرَ آمِنٍ لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهُ ، وَمَنْ اقْتَرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَابْتَاعَ مِنْهُ بِهَا شَيْئًا فَخَرَجَتْ زُيُوفًا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ نَصًّا ؛ لِأَنَّهَا دَرَاهِمُهُ فَعَيْبُهَا عَلَيْهِ ، وَلَهُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ بَدَلُ مَا أَقْرَضَهُ لَهُ بِصِفَتِهِ زُيُوفًا وَحَمَلَهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى مَا إذَا بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِهَا وَهُوَ يَعْلَمُ عَيْبَهَا فَأَمَّا إنْ
بَاعَهُ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ قَبَضَهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ لَهُ دَرَاهِمُ لَا عَيْبَ فِيهَا وَيَرُدَّ عَلَيْهِ هَذِهِ ، ثُمَّ لِمُقْتَرِضٍ رَدُّهَا عَنْ قَرْضِهِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ حَسَبَهَا عَلَى مُقْرِضٍ مِنْ قَرْضِهِ وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ جَيِّدًا جَازَ .
بَابُ الرَّهْنِ لُغَةً : الثُّبُوتُ وَالدَّوَامُ ، وَمِنْهُ { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } وَشَرْعًا : ( تَوْثِقَةُ دَيْنٍ ) غَيْرِ سَلَمٍ وَدَيْنِ كِتَابَةٍ ، وَلَوْ فِي الْمَآلِ ، كَعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ ( بِعَيْنٍ ) لَا دَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ ( يُمْكِنُ أَخْذُهُ ) أَيْ الدَّيْنِ كُلِّهِ ( وَ ) أَخَذَ ( بَعْضِهِ ) إنْ لَمْ يَفِ بِهِ ( مِنْهَا ) أَيْ الْعَيْنِ ، إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ وَنَحْوُهَا ، مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ( أَوْ ) يُمْكِنُ أَخْذُهُ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ ( ثَمَنِهَا ) إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } وَحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَيَجُوزُ حَضَرًا وَسَفَرًا ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ ، وَذِكْرُ السَّفَرِ فِي الْآيَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الْكَاتِبِ
( وَالْمَرْهُونُ عَيْنٌ مَعْلُومَةٌ ) قَدْرًا ، وَجِنْسًا ، وَصِفَةً ( جُعِلَتْ وَثِيقَةً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ ) أَيْ : الْحَقِّ ( أَوْ ) اسْتِيفَاءُ ( بَعْضِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ ثَمَنِهَا ) كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ نَحْوِ وَقْفٍ ، وَحُرٍّ ، وَأُمِّ وَلَدٍ وَدَيْنِ سَلَمٍ وَكِتَابَةٍ
( وَتَصِحُّ زِيَادَةُ رَهْنٍ ) بِأَنْ رَهَنَهُ شَيْئًا عَلَى دَيْنٍ ثُمَّ رَهَنَهُ شَيْئًا آخَرَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ تَوْثِقَةٌ وَ ( لَا ) يَصِحُّ زِيَادَةُ ( دَيْنِهِ ) بِأَنْ اسْتَدَانَ مِنْهُ دِينَارًا وَرَهَنَهُ عَلَيْهِ كِتَابًا وَأَقْبَضَهُ لَهُ ثُمَّ اقْتَرَضَ مِنْهُ دِينَارًا آخَرَ وَجَعَلَ الْكِتَابَ رَهْنًا عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ رَهْنُ مَرْهُونٍ وَالْمَشْغُولُ لَا يُشْغَلُ
( وَ ) يَصِحُّ ( رَهْنُ ) كُلِّ ( مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ) مِنْ الْأَعْيَانِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الِاسْتِيثَاقُ الْمُوَصِّلُ لِلدَّيْنِ ( وَلَوْ ) كَانَ الرَّهْنُ ( نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُعَارًا ) وَلَوْ لِرَبِّ دَيْنٍ ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ فَصَحَّ رَهْنُهُ
( وَيَسْقُطُ ضَمَانُ الْعَارِيَّةِ ) لِانْتِقَالِهَا لِلْأَمَانَةِ إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا الْمُرْتَهِنُ ( أَوْ ) كَانَ ( مَبِيعًا ) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ إذَنْ فَصَحَّ رَهْنُهُ كَمَا بَعْدَ الْقَبْضِ ( غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ ) وَمَا بِيعَ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ( قَبْلَ قَبْضِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إذَنْ فَلَمْ يَصِحَّ رَهْنُهُ
( وَلَوْ ) كَانَ رَهْنُ الْمَبِيعِ ( عَلَى ثَمَنِهِ ) نَصًّا ؛ لِأَنَّ ثَمَنَهُ فِي الذِّمَّةِ دَيْنٌ وَالْمَبِيعُ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي فَجَازَ رَهْنُهُ بِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ ( أَوْ ) كَانَ ( مُشَاعًا ) وَلَوْ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ فِي مُشَاعٍ يُقْسَمُ إجْبَارًا بِأَنْ رَهَنَ نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ دَارٍ يَمْلِكُ نِصْفَهَا ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ فَصَحَّ رَهْنُهُ وَاحْتِمَالُ حُصُولِهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي الْقِسْمَةِ مَمْنُوعٌ ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَتَصَرَّفُ بِمَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ وَإِذَا رَهَنَهُ الْمُشَاعَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُولًا لَمْ يَحْتَجْ فِي التَّخْلِيَةِ لِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ يُنْقَلُ وَرَضِيَ الشَّرِيكُ وَالْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا جَازَ ( وَإِنْ لَمْ يَرْضَ شَرِيكٌ وَمُرْتَهِنٌ بِكَوْنِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرَكِ ( بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ ) بِيَدِ ( غَيْرِهِمَا جَعَلَهُ حَاكِمٌ بِيَدِ أَمِينٍ أَمَانَةً أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ أَجَّرَهُ ) الْحَاكِمُ عَلَيْهِمَا فَيَجْتَهِدُ فِي الْأَصْلَحِ لَهُمَا ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ وَلَا يُمْكِنُ جَمْعُهُمَا فِيهِ فَتَعَيَّنَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِحِفْظِهِ عَلَيْهِمَا