كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد
بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي
الصالحي
والحاوي والمستوعب والفروع والزركشي وغيرهم.
وذكره ابن عقيل وغيره رواية.
فائدة: لو حلف لا شربت من لبن هذه المرأة فشرب من لبنها وهي ميتة حنث ذكره أبو الخطاب في الانتصار.
قوله: "واللبن المشوب".
يعني يحرم ذكره الخرقي وهو المذهب.
قال في الفروع فيحرم لبن شيب بغيره على الأصح.
واختاره القاضي والشريف والشيرازي والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والخرقي وغيرهما.
وقدمه في المذهب والمحرر والحاوي والنظم وغيرهم.
وعنه لا يحرم اختاره أبو بكر عبد العزيز.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين.
ويأتي بناء هاتين الروايتين على ماذا قريبا.
وقال ابن حامد إن غلب اللبن حرم وإلا فلا.
وذكر في عيون المسائل أنه الصحيح من المذهب.
واختاره أبو الخطاب في خلافه الصغير.
تنبيهات
أحدها محل الخلاف عند المصنف والشارح فيما إذا كانت صفات اللبن باقية.
فأما إن صب في ماء كثير لم يتغير به لم يثبت به التحريم.
وقدمه في الفروع فإنه قال وقيل بل وإن لم يغيره.
وعند القاضي يجري الخلاف فيه لكن بشرط شرب الماء كله ولو في دفعات وتكون رضعة واحدة ذكره في خلافه.
وأطلقهما في القواعد الفقهية في القاعدة الثانية والعشرين.
الثاني قول المصنف بعد أن ذكر اللبن المشوب ولبن الميتة وقال أبو بكر لا يثبت التحريم بهما ظاهر أنه قول أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال وأنه اختار عدم ثبوت التحريم بهما.
والحال أن الأصحاب إنما حكوا عدم تحريم لبن الميتة عن أبي بكر الخلال وعدم تحريم.
اللبن المشوب عن أبي بكر عبد العزيز فظاهره التعارض.
فيمكن أن يقال قد اطلع المصنف على نقل لأبي بكر عبد العزيز في المسألتين.
ويحتمل أن يكون قد حصل وهم في ذلك ولم أر من نبه على ذلك.
الثالث بنى القاضي في تعليقه وصاحب المحرر والفروع والزركشي وغيرهم الخلاف في التحريم في اللبن المشوب على القول بالتحريم بالسعوط والوجور.
قال الزركشي ومن ثم قال أبو بكر قياس قول الإمام أحمد رحمه الله هنا أنه لا يحرم لأنه وجور.
فائدة يحرم الجبن على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يحرم.
قوله: "والحقنة لا تنشر الحرمة نص عليه".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب لأن العلة إنشاز العظم وإنبات اللحم لحصوله في الجوف بخلاف الحقنة بالخمر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال ابن حامد تنشرها وحكاه رواية واختاره ابن أبي موسى.
فائدة لا أثر للواصل إلى الجوف الذي لا يغذى كالذكر والمثانة.
قوله: "وإذا تزوج كبيرة ولم يدخل بها وثلاث صغائر فأرضعت الكبيرة إحداهن في الحولين حرمت الكبيرة على التأبيد".
لأنها صارت من أمهات النساء وثبت نكاح الصغرى لأنها ربيبة ولم يدخل بأمها.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وابن عقيل.
قال في القواعد الفقهية هذه الرواية أصح.
قال الزركشي هذا أشهر الروايتين.
ونصره المصنف والشارح وغيرهما.
وجزم به في العمدة والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
"وعنه ينفسخ نكاحها".
يعني الصغرى لأنهما صارا أما وبنتا واجتمعا في نكاحه والجمع بينهما محرم فانفسخ نكاحهما كما لو كانا أختين وكما لو عقد عليهما بعد الرضاع عقدا واحدا.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة.
قوله: "وإن أرضعت اثنتين منفردتين انفسخ نكاحهما على الرواية الأولى".
وهو المذهب كإرضاعهما معا.
"وعلى الثانية ينفسخ نكاح الأولى ويثبت نكاح الثانية".
قوله: "وإن أرضعت الثلاث متفرقات انفسخ نكاح الأولتين وثبت نكاح الثالثة على الرواية الأولى وعلى الثانية ينفسخ نكاح الجميع".
فائدة: لو أرضعت الثلاثة أجنبية في حالة واحدة بأن حلبته في ثلاث أوان وأوجرتهن في حالة واحدة ولا يتصور في غير ذلك انفسخ نكاحهن.
وإن أرضعتهن واحدة بعد واحدة انفسخ نكاح الأولتين ولم ينفسخ نكاح الثالثة.
تنبيه: مراده بقوله: "وإن أفسدت نكاح نفسها سقط مهرها" إذا كان الإفساد قبل الدخول وهو واضح.
ومراده بقوله بعد ذلك: "ولو أفسدت نكاح نفسها لم يسقط مهرها بغير خلاف في المذهب".
إذا كان الإفساد بعد الدخول بدليل ما قبل ذلك وما بعده من كلام المصنف وهو واضح.
فائدتان
إحداهما قوله: "وكل من أفسد نكاح امرأة برضاع قبل الدخول فإن الزوج يرجع عليه بنصف مهرها الذي يلزمه لها" بلا نزاع.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة وله ثلاثة مآخذ.
أحدها أن خروج البضع من الزوج متقوم فيتقوم بنصف المسمى.
وقيل: بنصف مهر المثل.
والثاني: ليس بمتقوم لكن المفسد قرر على الزوج هذا النصف.
والثالث: أن المهر كله يسقط بالفرقة ويجب لها نصفه وجوبا مبتدأ بالفرقة التي استقل بها الأجنبي ذكره القاضي في خلافه وفيه بعد انتهى.
الثانية قال في أول القاعدة المذكورة خروج البضع من الزوج هل هو متقوم أم لا بمعنى أنه هل يلزم المخرج له قهرا ضمانه للزوج بالمهر فيه قولان في المذهب.
ويذكران روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله.
وأكثر الأصحاب كالقاضي ومن بعده يقولون ليس بمتقوم وخصوا هذا الخلاف بمن عدا الزوجة فقالوا لا يضمن الزوج شيئا بغير خلاف.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه متقوم عليها أيضا وحكاه قولا في المذهب.
ويتخرج على هذه المسألة جميع المسائل التي يحصل بها الفسخ.
قوله: "وإن أفسدت نكاح نفسها سقط مهرها" بلا نزاع "وإن كان بعد الدخول وجب لها مهرها" يعني إذا أفسده غيرها "ولم يرجع به على أحد".
هذا اختيار المصنف والمجد في محرره وصاحب الحاوي.
وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه ابن منجا في شرحه.
قال في القواعد واختاره طائفة من المتأخرين.
وذكر القاضي أنه يرجع به أيضا ورواه عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهو المذهب نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن القاسم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
واعتبر ابن أبي موسى للرجوع العمد والعلم بحكمه.
وقاس في الواضح النائمة على المكرهة.
قوله: "ولو أفسدت نكاح نفسها لم يسقط مهرها بغير خلاف في المذهب".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
قال المصنف لا نعلم فيه خلافا بينهم في ذلك.
قلت لو خرج السقوط من المنصوص في التي قبلها لكان متجها.
وحكى في الفروع عن القاضي أنها إذا أفسدت نكاح نفسها يلزم الزوج نصف المسمى وهو قول في الرعاية.
ثم رأيته في القواعد حكى أنه اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله: "وإن أرضعت امرأته الكبرى الصغرى فانفسخ نكاحها فعليه نصف مهر الصغرى يرجع به على الكبرى". بلا نزاع.
قوله: "ولا مهر للكبرى إن كان لم يدخل بها" بلا نزاع "وإن كان دخل بها فعليه صداقها".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
ويأتي هنا ما خرجناه في التي قبلها.
ويأتي في قول القاضي الذي ذكر قبل من وجوب نصف المسمى فقط هنا.
قوله: "وإن كانت الصغرى هي التي دبت إلى الكبرى وهي نائمة فارتضعت منها فلا مهر لها ويرجع عليها بنصف مهر الكبرى إن كان لم يدخل بها وبجميعه إن كان دخل بها على قول القاضي".
وهو المذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن القاسم كما تقدم.
وعلى ما اختاره المصنف والمجد وغيرهما لا يرجع بعد الدخول بشيء.
وتقدم أيضا قول ابن أبي موسى واشتراطه للرجوع العمد والعلم بحكمه.
وتقدم أن صاحب الواضح قاس النائمة على المكرهة فإن الحكم في هذا كله واحد.
فائدة حيث أفسد نكاح المرأة فلها الأخذ ممن أفسده على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: متى خرجت منه بغير اختياره بإفسادها أولا أو بيمينه لا تفعل شيئا ففعلته فله مهره.
وذكره رواية كالمفقود لأنها استحقت المهر بسبب هو تمكينها من وطئها وضمنته بسبب هو إفسادها.
واحتج بالمختلعة التي تسببت إلى الفرقة.
قوله: "ولو كان لرجل خمس أمهات أولاد لهن لبن منه فأرضعن امرأة له أخرى كل واحدة منهن رضعة حرمت عليه في أحد الوجهين ولم تحرم أمهات الأولاد" وهو المذهب.
قال الناظم هذا الأقوى.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والحاوي والفروع وصححه في الخلاصة واختاره ابن حامد.
والوجه الثاني لا تحرم عليه.
قال في الهداية هو قول غير ابن حامد.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والمذهب.
وأما أمهات الأولاد فلا يحرمن إلا إذا قلنا تثبت الحرمة برضعة.
قوله: "ولو كان له ثلاث نسوة لهن لبن منه فأرضعن امرأة له صغرى كل واحدة منهن رضعتين لم تحرم المرضعات وهل تحرم الصغرى على وجهين أصحهما تحرم". وتثبت الأبوة.
وهو المذهب صححه في المغني والشارح والناظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
والوجه الثاني: لا تحرم عليه فلا تثبت الأبوة كما لا تثبت الأمومة.
تنبيه: قوله: "وعليه نصف مهرها يرجع به عليهن على قدر رضاعهن يقسم بينهن أخماسا".
فيلزم الأولى خمس المهر لأنه وجد منها رضعتان والثانية كذلك وعلى الثالثة نصف الخمس لأن التحريم كمل بالرضعة الخامسة.
فوائد
الأولى لو أرضعت أمهات أولاده الخمس طفلا كل واحدة رضعة لم يصرن أمهات له وصار المولى أبا له على الصحيح من المذهب لأن الجميع لبنه وهن كالأوعية.
وقيل: لا تثبت الأبوة أيضا.
الثانية: لو كان له خمس بنات فأرضعن طفلا كل واحدة رضعة لم يصرن أمهات له وهل يصير الرجل جدا له وأولاده أخواله وخالاته على وجهين.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والرعاية الكبرى.
أحدهما: لا يصير كذلك لأن ذلك فرع الأمومة لأن اللبن ليس له والتحريم هنا بين المرضعة وابنها بخلاف الأولى لأن التحريم فيها بين المرتضع وصاحب اللبن.
قال المصنف في المغني والشارح وهذا الوجه يترجح في هذه المسألة لأن الفرعية متحققة بخلاف التي قبلها.
وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى.
والوجه الثاني يصير جدا له وأولاده أخواله وخالاته لوجود الرضاع منهن كبنت واحدة.
فعلى هذا الوجه وهو أنه يصير أخوهن خالا لا تثبت الخئولة في حق واحدة منهن لأنه لم يرتضع من بن أخواتها خمس رضعات ولكن يحتمل التحريم لأنه قد اجتمع من اللبن المحرم خمس رضعات قاله المصنف والشارح.
ولو كمل للطفلة خمس رضعات من أم رجل وأخته وابنته وزوجته وزوجة ابنه من كل واحدة رضعة خرج على الوجهين قاله المصنف والشارح.
وقال في الفروع لم يحرم على الرجل في الأصح لما سبق.
وهو ظاهر ما رجحه الشارح والمصنف وجزم به في الرعاية الصغرى فقال لم تحرم إن لم تحرم الرضعة.
وقيل تحرم وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
الثالثة: لو أرضع زوجته الصغيرة خمس بنات زوجته رضعة رضعة فلا أمومة وتصير أمهن جدة.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: لا تصير جدة ورجحه في المغني وأطلقهما في الفروع.
ولو كان لامرأة لبن من زوج فأرضعت به طفلا ثلاث رضعات وانقطع لبنها فتزوجت آخر فصار لها منه لبن فأرضعت منه الطفل رضعتين أخريين صارت أما له بلا خلاف عند القائلين بأن الخمس محرمات ولم يصر واحد من الزوجين أبا له لأنه لم يكمل عدد الرضاعات من لبنه ويحرم على الرجلين لكونه ربيبهما لا لكونه ولدهما.
قوله: "فإن كان لرجل ثلاث بنات امرأة لهن لبن فأرضعن ثلاث نسوة له صغارا حرمت الكبرى وإن كان دخل بها حرم الصغار أيضا" لا أعلم فيه خلافا.
قوله: "وإن لم يدخل بها فهل ينفسخ نكاح من كمل رضاعها أولا على روايتين".
بناء على الروايتين اللتين فيما إذا أرضعت زوجته الكبرى زوجته الصغرى فإن الكبرى تحرم وهل ينفسخ نكاح الصغرى على روايتين تقدمتا.
وتقدم أن المذهب لا ينفسخ نكاح الصغرى.
وقال في الرعايتين وإن لم يدخل بها بطل نكاحهن على الأصح.
وقيل نكاح من كمل رضاعها.
قوله: "وإن أرضعن واحدة كل واحدة منهن رضعتين فهل تحرم الكبرى
بذلك؟ على وجهين".
وأطلقهما في الفروع وشرح ابن منجا.
أحدهما لا تحرم وهو الصحيح.
قال المصنف في المغني والصحيح أن الكبيرة لا تحرم بهذا.
قال الشارح وهذا أولى.
والوجه الثاني تحرم.
قال الناظم وهو الأقوى.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي.
قوله: "وإذا طلق امرأته ولها منه لبن فتزوجت بصبي فأرضعته بلبنه انفسخ نكاحها منه وحرمت عليه وعلى الأول أبدا لأنها صارت من حلائل أبنائه ولو تزوجت الصبي أولا ثم فسخت نكاحه لعيب".
وكذا لو طلق وليه وقلنا يصح ثم تزوجت كبيرا فصار لها منه لبن فأرضعت به الصبي حرمت عليهما على الأبد بلا نزاع أعلمه.
أما الكبير فلأنها حليلة ابنه من الرضاع.
وأما الصغير فلأنها أمه من الرضاع ولأنها زوجة أبيه أيضا.
قال في المستوعب وهي مسألة عجيبة لأنه تحريم طرأ لرضاع أجنبي.
قال وكذلك لو زوج أمته بعبد له يرضع ثم أعتقها فاختارت فراقه ثم تزوجت بمن أولدها فأرضعت بلبن هذا الولد زوجها المعتوق حرمت عليهما جميعا لما ذكرنا.
قلت فيعايى بها.
تنبيه: حكى في الرعاية الصغرى مسألة المصنف ثم قال وكذا إن زوج أم ولده بعد استبرائها بحر رضيع فأرضعته ما حرمها.
وحكاه في الكبرى قولا.
والذي يظهر: أن ذلك خطأ لأن تزويج الأمة للحر لا يصح إلا بشرطين كما تقدم في باب المحرمات في النكاح وليسا موجودين في هذا الطفل والله أعلم.
قوله: "وإذا شك في الرضاع أو عدده بنى على اليقين" بلا نزاع.
وقوله: "وإن شهد به امرأة مرضية ثبت بشهادتها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
"وعنه أنها إن كانت مرضية استحلفت فإن كانت كاذبة لم يحل الحول حتى يبيض ثدياها.
وذهب في ذلك إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما".
وعنه لا يقبل إلا بشهادة امرأتين.
قوله: "وإذا تزوج امرأة ثم قال قبل الدخول هي أختي من الرضاع انفسخ النكاح فإن صدقته فلا مهر وإن كذبته فلها نصف المهر" بلا نزاع أعلمه.
قوله: "وإن قال ذلك بعد الدخول انفسخ النكاح ولها المهر بكل حال".
يعني إذا تزوج امرأة وقال بعد الدخول هي أختي من الرضاع فإن النكاح ينفسخ والصحيح من المذهب أن لها المهر سواء صدقته أو كذبته.
وهو معنى قول المصنف ولها المهر بكل حال.
وجزم به في المحرر والمغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل يسقط بتصديقها له.
قال في الفروع ولعل مراده يسقط المسمى فيجب مهر المثل.
لكن قال في الروضة لا مهر لها عليه.
تنبيه: محل هذا في الحكم.
أما فيما بينه وبين الله فينبني ذلك على علمه وتصديقه فإن علم أن الأمر كما قال فهي محرمة عليه وإن علم كذب نفسه فالنكاح بحاله وإن شك في ذلك لم يزل عن اليقين بالشك هذا المذهب.
وقيل في حلها له إذا علم كذب نفسه روايتان.
قاله المصنف والشارح وقالا والصحيح ما قلناه أولا.
قوله: "وإن كانت هي التي قالت هو أخي من الرضاع وأكذبها فهي زوجته في الحكم". بلا نزاع.
لكن إن كان قولها قبل الدخول فلا مهر لها.
وإن كان بعد الدخول فإن أقرت بأنها كانت عالمة بأنها أخته وبتحريمها عليه وطاوعته في الوطء فلا مهر لها أيضا.
وإن أنكرت شيئا من ذلك فلها المهر لأنه وطء بشبهة وهي زوجته في ظاهر الحكم وفيما بينه وبين الله.
فإن علمت صحة ما أقرت به لم يحل لها مساكنته ولا تمكينه من وطئها وعليها أن تفر.
منه وتفتدي نفسها كما قلنا في التي علمت أن زوجها طلقها ثلاثا وأنكر.
وينبغي أن يكون الواجب لها من المهر بعد الدخول أقل الأمرين من المسمى أو مهر المثل.
قوله: "ولو قال الزوج هي ابنتي من الرضاع وهي في سنه أو أكبر منه لم تحرم لتحققنا كذبه" بلا نزاع.
وإن احتمل أن تكون منه فكما لو قال هي أختي من الرضاعة على ما تقدم.
فائدة لو ادعى الأخوة أو البنوة وكذبته لم تقبل شهادة أمه ولا ابنته وتقبل شهادة أمها وابنتها على الصحيح من المذهب.
وعنه لا تقبل.
وإن ادعت ذلك المرأة وكذبها فشهدت به أمها أو ابنتها لم تقبل وإن شهدت أمه أو ابنته قبل على الصحيح من المذهب.
وعنه لا تقبل.
وفي الترغيب لو شهد بها أبوها لم يقبل بل أبوه يعني بلا دعوى.
فائدة أخرى لو ادعت أمة أخوة سيد بعد وطء لم تقبل وإلا احتمل وجهين قاله في الفروع.
قال ابن نصر الله في حواشيه أظهرهما القبول في تحريم الوطء وعدمه في ثبوت العتق.
وتشبه المسألة السابقة في الاستبراء إذا ادعت أمة موروثة تحريمها على وارث.
قوله: "ولو تزوج امرأة لها لبن من زوج قبله فحملت ولم يزد لبنها فهو للأول وإن زاد لبنها فأرضعت به طفلا صار ابنا لهما" بلا نزاع.
وعليه الأصحاب لكن إن كانت الزيادة في غير أوانها فهو للأول بلا نزاع وكذا لو لم تحمل وزاد بالوطء.
قوله: "وإن انقطع لبن الأول ثم ثاب بحملها من الثاني فكذلك عند أبي بكر".
يعني أنه يصير ابنا لهما وهو المذهب.
قدمه في الخلاصة والرعايتين والفروع.
وجزم به أبو الخطاب في رؤوس المسائل ونصره.
وعند أبي الخطاب في الهداية هو بن للثاني وحده وهو احتمال للقاضي.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في النظم وتجريد العناية وإدراك الغاية.
وأطلقهما في المغني والكافي والمحرر والشرح والمذهب والحاوي والمستوعب.
وتقدم استحباب إعطاء الظئر عند الفطام عبدا أو أمة إذا كان المسترضع موسرا في باب الإجارة في كلام المصنف.
فائدتان
إحداهما: متى ولدت فاللبن الثاني وحده إلا إذا لم يزد لبنها ولم ينقص من الأول حتى ولدت فإنه يكون لهما على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم ونص عليه.
وذكر المصنف أنه للثاني كما لو زاد.
جزم به في المغني والكافي والشرح وحكاه بن المنذر إجماعا.
الثانية: كره الإمام أحمد رحمه الله أن يسترضع الرجل لولده فاجرة أو مشركة وكذا حمقاء أو سيئة الخلق.
وفي المجرد وبهيمة وفي الترغيب وعمياء.
قال في المستوعب وحكى القاضي في المجرد أن من ارتضع من أمة حمقاء خرج الولد أحمق ومن ارتضع من سيئة الخلق تعدى إليه ومن ارتضع من بهيمة كان به بلادة البهيمة انتهى.
قال ابن نصر الله في حواشيه وينبغي أن يكره من جذماء أو برصاء انتهى.
قلت الصواب المنع من ذلك.
كتاب النفقات
باب النفقات...
كتاب النفقاتقوله: "يجب على الرجل نفقة امرأته ما لا غنى لها عنه وكسوتها بالمعروف ومسكنها بما يصلح لمثلها وليس ذلك مقدرا لكنه معتبر بحال الزوجين".
وقوله: "فإن تنازعا فيها رجع الأمر إلى الحاكم فيفرض للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من أرفع خبز البلد وأدمه الذي جرت عادة مثلها بأكله وما تحتاج إليه من الدهن".
فظاهره أنه يفرض لها لحما بما جرت عادة الموسرين بذلك الموضع وهو الصواب وبه قطع ابن عبدوس في تذكرته.
قال في الفروع وهو ظاهر كلامهم.
وذكره في الرعاية قولا وقال هو أظهر.
قال في تجريد العناية وهو الأظهر وجزم به في البلغة.
وقيل في كل جمعة مرتين.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وتجريد العناية.
وقال في الفروع ويتوجه العادة لكن يخالف في إدمانه قال ولعل هذا مرادهم.
تنبيه: وأدمه الذي جرت عادة أمثالها بأكله.
قال في البلغة والفروع وغيرهما ولو تبرمت بأدم نقلها إلى أدم غيره.
قوله: "وما يكتسى مثلها به من جيد الكتان والقطن والخز".
وهو الذي ينسج من الصوف أو الوبر مع الحرير.
"والإبريسم" على ما تقدم "في باب ستر العورة".
"وأقله قميص وسراويل ووقاية ومقنعة ومداس وجبة في الشتاء وللنوم الفراش واللحاف والمخدة".
بلا نزاع زاد في التبصرة والإزار نقله عنه في الفروع.
قلت وهو عجيب منه لكنه خصه بصاحب التبصرة فقد قطع بذلك في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
ومرادهم بالإزار الإزار للنوم.
ولهذا قال في الرعاية وغيره بعد ذلك ولا يجب لها إزار للخروج.
قوله: "وللفقيرة تحت الفقير قدر كفايتها من أدنى خبز البلد وأدمه ودهنه" بلا نزاع.
قال جماعة من الأصحاب لا يقطعها اللحم فوق أربعين يوما.
قيل للإمام أحمد رحمه الله كم يأكل الرجل اللحم قال في أربعين يوما.
وقيل كل شهر مرة.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
وقيل يرجع في ذلك إلى العادة.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام الأكثر.
قلت وهو الصواب.
قال في البلغة ويفرض للفقيرة تحت الفقير أدون خبز البلد ومن الأدم ما يناسبه وكذلك اللحم انتهى.
وأطلقهن في تجريد العناية.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر.
قال إبراهيم الحربي يعني إذا أكثر منه.
قوله: "وللمتوسطة تحت المتوسط أو إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا ما بين ذلك كل على حسب عادته".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وكون نفقة الزوجات معتبرة بحال الزوجين من مفردات المذهب.
وظاهر كلام الخرقي أن الواجب عليه أقل الكفاية وأن الاعتبار بحال الزوج.
وصرح به أبو بكر في التنبيه.
وأومأ إليه في رواية أحمد بن سعيد.
وأومأ في رواية صالح أن الاعتبار بحالها.
وقال في المغني والشرح والترغيب لا يلزمه خف ولا ملحفة.
وقال في الترغيب والبلغة عن القاضي لموسرة مع فقير أقل كفاية والبقية في ذمته وهو قول في الرعاية وغيرها.
فوائد
الأولى: لا بد من ماعون الدار ويكتفى بخزف وخشب والعدل ما يليق بهما قال الناظم:
ومن خير ماعون لحاجة مثلها ... لشرب وتطهير وأكل فعدد
الثانية من نصفه حر إن كان معسرا فهو معها كالمعسرين وإن كان موسرا فكالمتوسطين ذكره في الرعاية.
وقال قلت والموسر من يقدر على النفقة بماله أو كسبه والمعسر من لا يقدر عليها لا بماله ولا بكسبه.
وقيل بل من لا شيء له ولا يقدر عليه.
والمتوسط من يقدر على بعض النفقة بماله أو كسبه.
وقال قلت ومسكين الزكاة معسر ومن فوقه إن كلف أكثر من نفقة مسكين حتى صار مسكينا فهو متوسط وإلا فهو معسر انتهى.
الثالثة النفقة مقدرة بالكفاية وتختلف باختلاف من تجب عليه النفقة في مقدارها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي والرعاية الصغرى والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع وغيرهم.
وقال القاضي: الواجب مقدر بمقدار لا يختلف في الكثرة والقلة فيجب لكل يوم رطلان من الخبز يعني بالعراقي في حق الموسر والمعسر والمتوسط اعتبارا بالكفارات وإنما تختلفان في صفة جودته انتهى.
ورده المصنف وغيره.
ويجب الدهن بحسب البلد.
قوله: "وعليه ما يعود بنظافة المرأة من الدهن والسدر وثمن الماء".
وكذا المشط وأجرة القيمة ونحوه وهذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع هنا.
قال في المغني والشرح في باب عشرة النساء وإن احتاجت إلى شراء الماء فقيمته عليه.
قال في الرعاية والحاوي في باب الغسل وثمن ماء الغسل من الحيض والنفاس والجنابة على الزوج.
وقيل على المرأة.
وفي الواضح وجه لا يلزمه ذلك.
قال في عيون المسائل لأن ما كان من تنظيف على مكتر كرش وكنس وتنقية الآبار وما كان من حفظ البنية كبناء حائط وتغيير الجذع على مكر فالزوج كمكر والزوجة كمكتر وإنما يختلفان فيما يحفظ البنية دائما من الطعام فإنه يلزم الزوج انتهى.
وقال في الفروع في آخر باب الغسل وهل ثمن الماء على الزوج أو عليها أو ماء الجنابة فقط عليه أو عكسه فيه أوجه وماء الوضوء كالجنابة قاله أبو المعالي.
قال في الفروع ويتوجه شراء ذلك لرقيقه ولا يتيمم في الأصح.
قوله: "فأما الطيب والحناء والخضاب ونحوه فلا يلزمه".
أما الحناء والخضاب ونحوهما فلا يلزمه بلا خلاف أعلمه.
وأما الطيب فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم أنه لا يلزمه أيضا.
وفي الواضح وجه يلزمه.
تنبيه: قوله: "إلا أن يريد منها التزين".
يعني فيلزمه.
ومفهومه أنه لو أراد قطع رائحة كريهة منها لم يلزمه وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأكثر وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقال في المغني والترغيب يلزمه.
فائدة يلزمها ترك حناء وزينة نهاها عنه الزوج ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
قوله: "وإن احتاجت إلى من يخدمها لكون مثلها لا تخدم نفسها أو لمرضها لزمه ذلك".
إذا احتاجت إلى من يخدمها لكون مثلها لا تخدم نفسها لزمه ذلك بلا خلاف أعلمه.
قلت وينبغي أن يحمل ذلك على ما إذا كان قادرا على ذلك إذ لا يزال الضرر بالضرر.
وإن كان لمرضها لزمه ذلك أيضا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقال في الترغيب لا يلزمه.
وقال في الرعايتين وقيل لا يلزمه إخدام مريضة ولا أمة.
وقيل غير حميله انتهى.
فائدة لا يلزمه أجرة من يوضئ مريضه بخلاف رقيقه ذكره أبو المعالي واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه يجوز أن يكون الخادم كتابية وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام أكثرهم. وصححه في المغني والشرح.
قال في الفروع: ويجوز كتابية في الأصح إن جاز نظرها.
وقيل يشترط في الخادم الإسلام.
وأطلقهما في الكافي والرعاية الكبرى.
فعلى المذهب: هل يلزمها قبولها على وجهين كالوجهين فيما إذا قال أنا أخدمك وأطلقهما في الفروع.
والصواب اللزوم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قوله: "وتلزمه نفقته بقدر نفقة الفقيرين".
وكذا كسوته.
قال الأصحاب مع خف وملحفة للخروج.
قوله: "إلا في النظافة".
لا يلزم الزوج للخادم ما يعود بنظافتها على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع والأشهر سوى النظافة.
وقيل يلزمه أيضا.
فائدة إن كان الخادم له أو لها فنفقته عليه.
قال في الرعاية وكذا نفقة المؤجر والمعار في وجه.
قال في الفروع كذا قال وهو ظاهر كلامهم ولم أجده صريحا وليس بمراد في المؤجر فإن نفقته على مالكه.
وأما في المعار فيحتمل وسبقت المسألة في آخر الإجارة.
وقوله: "في وجه" يدل أن الأشهر خلافه ولهذا جزم به في المعار في بابه انتهى.
قوله: "ولا يلزمه أكثر من نفقة خادم واحد".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
واختار في الرعاية لا يكفي خادم مع الحاجة إلى أكثر منه انتهى.
وقيل يلزمه أكثر من خادم بقدر حالها.
فائدة: إن كان الخادم ملكها كان تعيينه إليهما وإن كان ملكه أو استأجره أو استعاره فتعيينه إليه قاله الأصحاب.
قوله: "وإن قال: "أنا أخدمك" فهل يلزمها قبول ذلك على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمحرر والفروع والحاوي الصغير.
أحدهما لا يلزمها قبول ذلك وهو المذهب.
جزم به في المنور وصححه في النظم.
وقدمه في الخلاصة والمغني والشرح.
والوجه الثاني يلزمها صححه في التصحيح.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين وتجريد العناية.
واختار في الرعاية له ذلك فيما يتولاه مثله لمن يكفيها خادم واحد.
قوله: "وعليه نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها ومسكنها كالزوجة سواء" بلا نزاع.
وقوله: "وأما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى".
وكذا الكسوة هذا المذهب بلا نزاع في الجملة وتستحق النفقة كل يوم تأخذها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وفيه وجه آخر أنها إذا وضعت استحقت ذلك لجميع مدة الحمل.
وهو احتمال في الهداية فقال ويحتمل أن لا يجب عليه تسليم النفقة حتى تضع الحمل لأن مذهبه أن الحمل لا يعلم ولهذا لا يصح اللعان عليه عنده انتهى.
قال في الفروع يلزمه لبائن حامل نفقة وكسوة وسكنى نص عليه.
وعند أبي الخطاب بوضعه.
قال في القواعد: وهو ضعيف مصادم لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:6].
وقال في الموجز والتبصرة رواية لا تلزمه.
قال في الفروع وهي سهو.
قال في القواعد الفقهية وحكى الحلواني وابنه رواية لا نفقة لها كالمتوفى عنها.
وخصها ابنه بالمبتوتة بالثلاث وبناها على أن النفقة للمرأة والمبتوتة لا تستحق النفقة وإنما تستحق النفقة إذا قلنا هي للحمل.
قال ابن رجب وهذا متوجه في القياس إلا أنه ضعيف مخالف للنص والإجماع فيما إذا ظن ووجوب النفقة للمبتوتة الحامل يرجح القول بأن النفقة للحامل انتهى.
وقال في الروضة تلزمه النفقة وفي السكنى روايتان.
قوله: "وإلا فلا شيء لها".
يعني وإن لم تكن حاملا فلا شيء لها وهذا المذهب.
جزم به في العمدة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المشهور المعروف.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لها السكنى خاصة اختارها أبو محمد الجوزي.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة.
وقال في الانتصار لا تسقط بتراضيهما كالعدة.
وعنه لها أيضا النفقة والكسوة ذكرها في الرعاية.
وعنه يجب لها النفقة والسكنى حكاها ابن الزاغوني وغيره.
والظاهر أنها الرواية التي في الرعاية.
وقيل هي كالزوجة يجوز لها الخروج والتحول بإذن الزوج مطلقا ذكره في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة.
فائدة لو نفى الحمل ولاعن فإن صح نفيه فلا نفقة عليه فإن استلحقه لزمه نفقة ما مضى وإن قلنا لا ينتفي بنفيه أو لم ينفه وقلنا يلحقه نسبه فلها السكنى والنفقة.
قوله: "فإن لم ينفق عليها يظنها حائلا ثم تبين أنها حامل فعليه نفقة ما مضى". هذا المذهب.
قال في الفروع والقواعد الأصولية رجعت عليه على الأصح.
قال في الرعاية الكبرى قضى على الأصح.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وعنه لا تلزمه نفقة ما مضى.
قوله: "وإن أنفق عليها يظنها حاملا ثم بانت حائلا فهل يرجع عليها بالنفقة على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
إحداهما يرجع عليها وهو المذهب.
قال في الفروع رجع عليها على الأصح.
قال في القواعد الأصولية المذهب الرجوع.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
والرواية الثانية لا يرجع عليها.
وقال في الوسيلة إن بقي الحمل ففي رجوعه روايتان.
فائدة لو ادعت أنها حامل أنفق عليها ثلاثة أشهر على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
وعنه ينفق ذلك إن شهد به النساء وإلا فلا.
وقيل لا ينفق عليها قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير فقالا إن ادعت حملا ولا أمارة لم تعط شيئا.
وقيل بلى ثلاثة أشهر.
وعنه لا تجب حتى تشهد النساء.
وجزم ابن عبدوس أنها لا تعطى بلا أمارة وتعطى معها.
فعلى الأولين: إن مضت المدة ولم يتبين حمل رجع عليها على الصحيح من المذهب.
جزم به ابن عبدوس في تذكرته والمنور وقدمه في الفروع.
وعنه لا يرجع كنكاح تبين فساده لتفريطه كنفقته على أجنبية.
قال في الفروع كذا قالوا قال ويتوجه فيه الخلاف.
وأطلق الروايتين في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الرعاية الكبرى وفي رجوعه بما أنفق وقيل بعد عدتها روايتان.
ثم قال قلت إن قلنا يجب تعجيل النفقة رجع وإلا فلا.
وقال المصنف والشارح وإن كتمت براءتها منه فينبغي أن يرجع قولا واحدا.
قلت وهذا عين الصواب الذي لا شك فيه ولعله مرادهم.
قوله: "وهل تجب النفقة لحملها أو لها من أجله على روايتين".
وهما وجهان في الكافي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغني والهادي والمحرر والشرح والفروع.
إحداهما هي للحمل وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية أصحهما أنها للحمل.
قال الزركشي هي أشهرهما.
واختارها الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية هي لها من أجله صححه في التصحيح واختاره ابن عقيل وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وأوجبهما الشيخ تقي الدين رحمه الله له ولها من أجله وجعلها كمرضعة له بأجرة.
تنبيه: لهذا الخلاف.
فوائد كثيرة
منها لو كان أحد الزوجين رقيقا.
فعلى المذهب لا تجب لأنه إن كان هو الرقيق فلا تجب عليه نفقة أقاربه وإن كانت هي الرقيقة فالولد مملوك لسيد الأمة فنفقته على مالكه.
وعلى الثانية تجب على العبد في كسبه أو تتعلق برقبته حكاه بن المنذر إجماعا.
وقال في الهداية على سيده وتابعه في المذهب.
ومنها لو نشزت المرأة.
فعلى المذهب تجب.
وعلى الثانية لا تجب.
ومنها لو كانت حاملا من وطء شبهة أو نكاح فاسد.
فعلى المذهب تجب.
وعلى الثانية لا تجب.
قال في القواعد: إلا أن يسكنها في منزل يليق بها تحصينا لمائة فيلزمها ذلك ذكره في المحرر وتقدم ذلك.
ويجب لها النفقة حينئذ ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
وقال في الترغيب والبلغة إذا حملت الموطوءة بشبهة فالنفقة على الواطئ إذا قلنا تجب لحمل المبتوتة.
وهل لها على الزوج نفقة ينظر فإن كانت مكرهة أو نائمة فنعم وإن طاوعته تظنه زوجها فلا نفقة.
فائدة: الفسخ لعيب كنكاح فاسد قدمه في الفروع وقاله القاضي وابن عقيل وقاله الزركشي.
وعند القاضي هو كصحيح واختاره المصنف.
قال في الفروع وهو أظهر.
قال في الرعاية الكبرى وإن دخل بها وانفسخ نكاحها برضاع أو عيب فلها السكنى والنفقة وإن كانت حاملا حتى تضع وإلا فلا انتهى.
ومنها: ما قاله في القواعد الأصولية وملخصه.
إذا وطئت الرجعية بشبهة أو نكاح فاسد ثم بان بها حمل يمكن أن يكون من الزوج والواطئ.
فعلى المذهب يلزمها النفقة حتى تضع ولا ترجع المرأة على الزوج.
وعلى الثانية لا نفقة لها على واحد منهما مدة الحمل حتى ينكشف الأب منهما وترجع المرأة على الزوج بعد الوضع بنفقة أقصر المدتين من مدة الحمل.
أو قدر ما بقي من العدة بعد الوطء الفاسد.
ثم إذا زال الإشكال أو ألحقته القافة بأحدهما بعينه فاعمل بمقتضى ذلك.
فإن كان معها وفق حقها من النفقة وإلا رجعت على الزوج بالفضل.
ولو كان الطلاق بائنا: فالحكم كما تقدم في جميع ما ذكرنا إلا في مسألة واحدة وهي أنها لا ترجع بعد الوضع بشيء على الزوج سواء قلنا النفقة للحمل أو لها من أجله ذكر ذلك كله في المجرد.
ومتى ثبت نسبه من أحدهما فقال القاضي في موضع من المجرد يرجع عليه الآخر بما أنفق لأنه لم ينفق متبرعا.
قال في القواعد وهو الصحيح.
وجعله في موضع آخر من المجرد كقضاء الدين على ما مضى في باب الضمان.
ومنها: لو كانت حاملا من سيدها فأعتقها.
فعلى المذهب يجب.
وعلى الثانية: لا يجب إلا حيث تجب نفقة الرقيق.
ونقل الكحال في أم الولد تنفق من مال حملها.
ونقل جعفر تنفق من جميع المال.
ومنها: لو غاب الزوج فهل تثبت النفقة في ذمته فيه طريقان.
أحدهما: البناء.
فعلى المذهب لا تثبت في ذمته وتسقط بمضي الزمان لأن نفقة الأقارب لا تثبت في الذمة.
وعلى الثانية تثبت في ذمته ولا تسقط بمضي الزمان.
قال في القواعد على المشهور من المذهب.
والطريق الثاني: لا تسقط بمضي الزمان على كلا الروايتين وهي طريقة المصنف في المغني.
ومنها لو مات الزوج وله حمل.
فعلى المذهب تلزم النفقة الورثة.
وعلى الثانية لا تلزمهم بحال.
ومنها: لو كان الزوج معسرا.
فعلى المذهب لا تجب لأن نفقة الأقارب مشروطة باليسار دون نفقة الزوجية.
وعلى الثانية تجب.
ومنها: لو اختلعت الزوجة بنفقتها فهل يصح جعل النفقة عوضا للخلع.
قال الشيرازي إن قلنا النفقة لها يصح.
وإن قلنا للحمل لم يصح لأنها لا تملكها.
وقال القاضي والأكثرون يصح على الروايتين.
ومنها: لو كان الحمل موسرا بأن يوصى له بشيء فيقبله الأب.
فإن قلنا النفقة له وهو المذهب سقطت نفقته عن أبيه.
وإن قلنا لأمة وهي الرواية الثانية لم تسقط ذكره القاضي في خلافه.
ومنها: لو دفع إليها النفقة فتلفت بغير تفريطه.
فعلى المذهب يجب بدلها لأن ذلك حكم نفقة الأقارب.
وعلى الثانية لا يلزمه بدلها.
ومنها: فطرة المطلقة.
فعلى المذهب فطرة الحمل على أبيه غير واجبة على الصحيح.
وعلى الثانية يجب لها الفطرة.
ومنها: هل تجب السكنى للمطلقة الحامل.
فعلى المذهب لا سكنى ذكره الحلواني في التبصرة.
وعلى الثانية لها السكنى أيضا.
ومنها: لو تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمة وهو ممن يباح له نكاح الإماء ففسخ بعد الدخول وهي حامل منه ففيه طريقان.
أحدهما وجوب النفقة عليه على كلا الروايتين.
وفي المحرر في كتاب النفقات ما يدل عليه.
قال ابن رجب وهو الصحيح.
والطريق الثاني: إن قلنا النفقة للحمل وجبت على الزوج.
وإن قلنا للحامل لم تجب ذكره في المحرر في كتاب النكاح.
ومنها: البائن في الحياة بفسخ أو طلاق إذا كانت حاملا.
وقد تقدمت المسألة في كلام المصنف في قوله وأما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى وإلا فلا شيء لها وأحكامها.
ومنها المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا.
وتأتي في كلام المصنف وهي.
قوله: "وأما المتوفى عنها زوجها فإن كانت حائلا فلا نفقة لها ولا سكنى".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به صاحب الشرح والمحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع وقال وعنه لها السكنى اختاره أبو محمد الجوزي فهي كغريم.
قال في المستوعب حكى شيخنا رواية أن لها السكنى بكل حال.
وقال المصنف أيضا والشارح إن مات وهي في مسكنه قدمت به.
قوله: "وإن كانت حاملا فهل لها ذلك على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والقواعد الفقهية.
إحداهما: لا نفقة لها ولا كسوة ولا سكنى وهو المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
قال القاضي هذه الرواية أصح.
والرواية الثانية: لها ذلك.
وبناهما ابن الزاغوني على أن النفقة هل هي للحمل أو لها من أجله.
فإن قلنا للحمل وجبت من التركة كما لو كان الأب حيا.
وإن قلنا لها لم تجب.
قال في القواعد وهذا لا يصح لأن نفقة الأقارب لا تجب بعد الموت.
قال والأظهر أن الأمر بالعكس وهو أنا إن قلنا النفقة للحمل لم تجب للمتوفى عنها لهذا المعنى.
وإن قلنا لها وجبت لأنها محبوسة على الميت لحقه فتجب نفقتها في ماله انتهى.
وعنه لها السكنى خاصة اختاره أبو محمد الجوزي فهي كغريم فهي عنده كالحائل.
قال في الرعاية وعنه لها السكنى بكل حال وتقدم بها على الورثة والغرماء إن كان قد أفلسه الحاكم قبل موته.
وقال المصنف في المغني أيضا إن مات وهي في مسكنه قدمت به فهي عنده والحالة هذه كالحائل كما تقدم قريبا.
فائدتان:
إحداهما: لو بيعت الدار التي هي ساكنتها وهي حامل لم يصح البيع عند المصنف لجهل المدة الباقية إلى الوضع وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى.
وقال المجد قياس المذهب الصحة وهو الصواب.
وتقدمت المسألة قريبا في باب الإجارة.
الثانية: نقل الكحال في أم الولد الحامل تنفق من مال حملها.
ونقل جعفر تنفق من جميع المال.
وتقدم ذلك أيضا قريبا في الفوائد.
قال في الرعايتين ومن أحبل أمته ومات فهل نفقتها من الكل أو من حق ولدها على روايتين.
وقال في القاعدة الرابعة والثمانين في نفقة أم الولد الحامل ثلاث روايات.
إحداها: لا نفقة لها نقلها حنبل وابن بختان.
والثانية: ينفق عليها من نصيب ما في بطنها نقلها الكحال.
والثالثة: إن لم تكن ولدت من سيدها قبل ذلك فنفقتها من جميع المال إذا كانت حاملا وإن كانت ولدت قبل ذلك فهي في عداد الأحرار ينفق عليها من نصيب ولدها نقلها جعفر بن محمد.
قال وهي مشكلة جدا وبين معناها.
واستشكل المجد الرواية الثانية فقال الحمل إنما يرث بشرط خروجه حيا ويوقف نصيبه فكيف يتصرف فيه قبل تحقق الشرط.
ويجاب بأن هذا النص يشهد لثبوت ملكه بالإرث من حين موت مورثه وإنما خروجه حيا يتبين به وجود ذلك.
فإذا حكمنا له بالملك ظاهرا جاز التصرف فيه بالنفقة الواجبة عليه وعلى من تلزمه نفقته لا سيما والنفقة على أمة يعود نفعها إليه كما يتصرف في مال المفقود.
قوله: "وعليه دفع النفقة إليها في صدر نهار كل يوم إلا أن يتفقا على تأخيرها أو تعجيلها مدة قليلة أو كثيرة فيجوز".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يلزمه تمليك بل ينفق ويكسو بحسب العادة فإن الإنفاق بالمعروف ليس هو التمليك.
وقال في الانتصار لا يسقط فرضه عمن زوجته صغيرة أو مجنونة إلا بتسليم ولي أو بإذنه.
قوله: "وإن طلب أحدهما دفع القيمة لم يلزم الآخر ذلك". بلا نزاع.
قال في الفروع وظاهر ما سبق أو صريحه أن الحاكم لا يملك فرض غير الواجب كدراهم مثلا إلا باتفاقهما فلا يجبر من امتنع.
قال ابن القيم رحمه الله في الهدى لا أصل لفرض الدراهم في كتاب ولا سنة ولا نص عليه أحد من الأئمة لأنها معاوضة بغير الرضى عن غير مستقر.
قال في الفروع وهذا متوجه مع عدم الشقاق وعدم الحاجة فأما مع الشقاق والحاجة كالغائب مثلا فيتوجه الفرض للحاجة إليه على ما لا يخفى ولا يقع الفرض بدون ذلك بغير الرضى انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى قلت ويجوز التعوض عن النفقة والكسوة بنقد وغيره عما يجب.
تنبيه: قوله: "وعليه كسوتها في كل عام".
يعني عليه كسوتها مرة بلا نزاع.
ومحلها أول كل عام من حين الوجوب على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وذكر الحلواني وابنه أول كل صيف وشتاء.
واختاره في الرعاية فقال قلت في أول الشتاء كسوته وفي أول الصيف كسوته.
وقال في الواضح وعليه كسوتها كل نصف سنة.
قوله: "وإذ قبضتها فسرقت أو تلفت لم يلزمه عوضها".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب لأنها تمليك.
قال في الفروع فإن سرقت أو بليت فلا بدل في الأصح.
وجزم به في الوجيز والنظم والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل يلزمه عوضها.
قال في الرعاية الكبرى وقيل هي إمتاع فيلزمه بدلها ككسوة القريب.
وقال في الكافي فإن بليت في الوقت الذي يبلى فيه مثلها لزمه بدلها لأن ذلك من تمام كسوتها وإن تلفت قبله لم يلزمه بدلها.
قوله: "وإذا انقضت السنة وهي صحيحة فعليه كسوة السنة الأخرى".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يلزمه وهو لأبي الخطاب في الهداية.
قلت وهو قوي جدا.
قال في الرعاية إن قلنا هي تمليك لزمه وإن قلنا إمتاع فلا كالمسكن وأوعية الطعام والماعون والمشط ونحو ذلك وأطلقهما في الشرح.
وقال في الكافي وإن مضى زمان تبلى فيه ولم تبل ففيه وجهان.
أحدهما: لا يلزمه بدلها لأنها غير محتاجة إلى الكسوة.
والثاني: يجب لأن الاعتبار بالمدة بدليل أنها لو تلفت قبل انقضاء المدة لم يلزمه بدلها.
فائدتان:
إحداهما: تملك المرأة الكسوة بقبضها على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تملكها.
والمسألتان المتقدمتان مبنيتان على هذا الخلاف.
الثانية حكم الغطاء والوطاء ونحوهما حكم الكسوة فيما تقدم خلافا ومذهبا.
واختار ابن نصر الله في حواشيه أن ذلك يكون إمتاعا لا تمليكا.
قوله: "وإن ماتت أو طلقها قبل مضي السنة فهل يرجع عليها بقسطه على وجهين".
وكذا الحكم لو تسلفت النفقة فماتت أو طلقها.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح.
أحدهما: يرجع وهو المذهب.
قال في الفروع رجع على الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: لا يرجع.
وقيل: يرجع بالنفقة دون الكسوة.
وقيل: عكسه.
وقيل ذلك كزكاة معجلة.
وجزم به ولد الشيرازي في المنتخب.
وجزم في عيون المسائل أنه لا يرجع بما وجب كيوم وكسوة سنة بل يرجع بما لم يجب إذا دفعه.
فائدة: لا يرجع ببقية اليوم الذي فارقها فيه ما لم تكن ناشزا على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر والحاوي لا يرجع قولا واحدا.
قال في الفروع ولا يرجع في الأصح.
قال في الوجيز والرعاية وغيرهما وكذا يوم السلف لا يرجع به.
وتقدم كلامه في عيون المسائل لا يرجع به.
وقيل يرجع به.
وأما إذا كانت ناشزا فالصحيح من المذهب أنه يرجع عليها بذلك.
وقيل لا يرجع أيضا.
تنبيه: في قول المصنف إذا قبضت النفقة فلها التصرف فيها.
إشعار بأنها تملكها وهو صحيح.
صرح به في الترغيب والوجيز والرعايتين وقطعوا به كالكسوة.
قوله: "وإن غاب مدة ولم ينفق فعليه نفقة ما مضى".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وصححه المصنف وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا نفقة لها إلا أن يكون الحاكم قد فرضها لها.
اختاره في الإرشاد وهو ضعيف.
وقال في الرعاية لا نفقة لها إلا أن يكون الحاكم قد فرضها لها أو فرضها الزوج برضاها.
وقال في الانتصار الإمام أحمد رحمه الله أسقطها بالموت.
وعلل في الفصول الرواية الثانية بأنه حق ثبت بقضاء القاضي.
قال في الفروع وهو ظاهر الكافي فإنه فرع عليها لا يثبت في ذمته ولا يصح ضمانها لأنه ليس مآلها إلى الوجوب.
فوائد:
الأولى: لو استدانت وأنفقت رجعت على زوجها مطلقا نقله أحمد بن هاشم.
وذكره في الإرشاد وقدمه في الفروع.
وقال ويتوجه الروايتان فيمن أدى عن غيره واجبا انتهى.
الثانية: لو أنفقت في غيبته من ماله فبان ميتا رجع عليها الوارث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويرجع بنفقتها من مال غائب بعد موته بظهوره على الأصح.
وقدمه في الرعايتين وجزم به في الوجيز.
وعنه لا يرجع عليها.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
الثالثة: لو أكلت مع زوجها عادة أو كساها بلا إذن ولم يتبرع سقطت عنه مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال في الرعاية وهو ظاهر كلامه في المغني إن نوى اعتد بها وإلا فلا.
قوله: "وإذا بذلت المرأة تسليم نفسها وهي ممن يوطأ مثلها أو يتعذر وطؤها لمرض أو حيض أو رتق ونحوه لزم زوجها نفقتها سواء كان الزوج كبيرا أو صغيرا يمكنه الوطء أو لا يمكنه كالعنين والمجبوب والمريض".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه: لا يلزمه إذا كان صغيرا.
وعنه: يلزمه بالعقد مع عدم منع لمن يلزمه تسلمها لو بذله.
وقيل: ولصغيرة وهو ظاهر كلام الخرقي قاله في الفروع.
فعليها: لو تساكنا بعد العقد مدة لزمه.
وقال: في الترغيب وغيره دفع النفقة لا يلزم إلا بالتمكين سواء قدر على الوطء أو عجز عنه.
فائدة: مثل القاضي والمجد وغيرهما من الأصحاب بابنة تسع سنين وهو مقتضى نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية عبد الله وصالح.
وأناط الخرقي وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي والمصنف وغيرهم الحكم بمن يوطأ مثلها وهو أقعد فإن تمثيلهم بالسن فيه نظر بل الاعتبار بالقدرة على ذلك أولى أو متعين وهذا مختلف فقد تكون ابنة تسع تقدر على الوطء وبنت عشر لا تقدر عليه باعتبار كبرها وصغرها من نحولها وسمنها وقوتها وضعفها.
لكن الذي يظهر أن مرادهم بذلك في الغالب.
وقال الزركشي: وقد يحمل إطلاق من أطلق من الأصحاب على ذلك انتهى.
قلت وفيه نظر.
قوله: "وإن كانت صغيرة لا يمكن وطؤها لم تجب نفقتها".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب،
والخلاصة والمغني والشرح والزركشي وغيرهم.
وقاله في الفروع.
وتقدم قول بلزوم النفقة للصغيرة بالعقد حكاه في الفروع فبعد الدخول بطريق أولى.
فائدة: لو زوج طفل بطفلة فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب لعدم الموجب.
وقيل لها النفقة.
قوله: "فإن بذلته والزوج غائب لم يفرض لها حتى يراسله الحاكم أو يمضي زمن يمكن أن يقدم في مثله".
وهذا بلا نزاع ويأتي عند النشوز ما يشابه هذا.
قوله: "وإن منعت تسليم نفسها أو منعها أهلها فلا نفقة لها".
إذا منعت نفسها فلا نفقة لها بلا نزاع.
وظاهر قوله أو منعها أهلها ولو كانت باذلة للتسليم ولكن أهلها يمنعونها وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره.
وذكره في الروضة وقال ذكره الخرقي قال وفيه نظر.
قلت وهو الصواب.
وقال في الفروع وظاهر كلام جماعة لها النفقة.
قوله: "إلا أن تمنع نفسها قبل الدخول حتى تقبض صداقها الحال فلها ذلك وتجب نفقتها".
هذا المذهب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والنظم والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وقال وظاهر كلام جماعة لا نفقة لها ذكره في كتاب الصداق.
قوله: "وإن كان بعده فعلى وجهين".
وأطلقهما المصنف في هذا الكتاب أيضا في آخر كتاب الصداق.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وغيرهم.
أحدهما: لا تملك المنع فلا نفقة لها إذا امتنعت وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع واختاره الأكثر.
قلت منهم بن بطة وابن شاقلا.
وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لها ذلك فيجب لها النفقة اختاره ابن حامد.
وتقدم نظير ذلك في آخر كتاب الصداق.
تنبيه: قوله: "بخلاف الآجل".
يعني أنها لا تملك منع نفسها إذا كان الصداق مؤجلا فلو فعلت لم يكن لها عليه نفقة.
وظاهره سواء حل الأجل أو لا.
واعلم أن المؤجل لا يخلو إما أن يحل قبل الدخول أو لا.
فإن لم يحل قبل الدخول فليس لها الامتناع فلو امتنعت لم يكن لها نفقة بلا نزاع.
وإن حل قبل الدخول: لم تملك ذلك على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وهو ظاهر كلام المصنف.
وقيل لها الامتناع ويجب لها النفقة ويحتمله كلام المصنف وأطلقهما الزركشي.
قوله: "وإن سلمت الأمة نفسها ليلا ونهارا فهي كالحرة".
يعني سواء رضي بذلك الزوج أو لم يرض وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قلت: يتوجه أنه إذا حصل للزوج بذلك ضرر لفقره لا يلزمه.
قوله: "وإن كانت تأوي إليه ليلا وعند السيد نهارا فعلى كل واحد منهما النفقة مدة مقامها عنده".
فيلزم الزوج نفقة الليل من العشاء وتوابعه كالوطء والغطاء ورهن المصباح ونحوه وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وقيل تجب عليهما نصفين وكذلك الكسوة قطعا للتنازع اختاره المصنف وأطلقهما الزركشي.
قال الشارح بعد أن ذكر الأول فعلى هذا على كل واحد منهما نصف النفقة ففسر الأول بالقول الثاني.
ووجوب نفقة الليل على الزوج والنهار على السيد من مفردات المذهب.
فائدة: لو سلمها سيدها نهارا فقط لم يكن له ذلك.
قوله: "وإذا نشزت المرأة". فلا نفقة لها.
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
قال في الفروع ولو بنكاح في عدة.
وقال في الترغيب من مكنته من الوطء دون بقية الاستمتاع فسقوط النفقة يحتمل وجهين.
فائدتان
إحداهما: تشطر النفقة لناشز ليلا فقط أو نهارا فقط لا بقدر الأزمنة.
وتشطر النفقة لناشز بعض يوم على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل تسقط كل نفقته.
الثانية: لو نشزت المرأة ثم غاب الزوج فأطاعت في غيبته فعلم بذلك ومضى زمن يقدم في مثله عادت لها النفقة.
قال في الرعاية وقيل تجب بعد مراسلة الحاكم له انتهى.
وكذا الحكم لو سافر قبل الزفاف.
وكذا لو أسلمت مرتدة أو متخلفة عن الإسلام في غيبته عند ابن عقيل.
والصحيح من المذهب أنها تعود بمجرد إسلامهما.
قوله: "أو سافرت بغير إذنه" فلا نفقة لها.
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا تسقط ذكره في الرعاية.
وقال ابن عقيل في الفنون سفر التغريب يحتمل أن تسقط فيه النفقة.
قلت ويتصور ذلك فيما إذا كانت بالغة عاقلة ولم يدخل بها وهي باذلة للتسليم والمنع من الدخول منه.
قوله: "أو تطوعت بصوم أو حج فلا نفقة لها".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا تسقط النفقة بصوم التطوع اختاره في الرعاية.
وقال إن جاز له إبطاله فتركه.
وفي الواضح: في حج نفل إن لم يملك منعها وتحليلها لم تسقط.
فائدتان
إحداهما: لو صامت لكفارة أو نذر أو لقضاء رمضان ووقته متسع بلا إذنه فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب.
وقيل لها النفقة في صوم قضاء رمضان.
ونقل أبو زرعة الدمشقي تصوم النذر بلا إذن.
وقال في الواضح في صلاة وصوم واعتكاف منذور وجهان.
الثانية: لو حبست بحق أو ظلما فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب جزم به أكثر الأصحاب.
وقيل لها النفقة وهو احتمال في الرعاية الكبرى.
وهل له البيتوتة معها فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية.
قلت الصواب أن له البيتوتة معها.
قوله: "وإن بعثها في حاجة يعني له أو أحرمت بحجة الإسلام فلها النفقة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب بشرط أن تحرم في الوقت من الميقات.
وقال في التبصرة في حج فرض احتمال كنفقة زائدة على الحضر.
فائدة: لو سافرت لنزهة أو تجارة أو زيارة أهلها فلا نفقة لها وفيه احتمال وهو وجه في المذهب وغيره.
قوله: "وإن أحرمت بمنذور معين في وقته فعلى وجهين".
وكذلك الصوم المنذور والمعين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة وشرح ابن منجا والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: لها النفقة ذكره القاضي مطلقا وصححه في التصحيح.
والوجه الثاني: لا نفقة لها مطلقا وهو الوجه الثاني في كلام المصنف ذكره ابن منجا.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور والوجيز.
وقيل إن كان نذرها بإذنه أو قبل النكاح لم تسقط النفقة وإلا سقطت.
وجعله الشارح الوجه الثاني من كلام المصنف.
قوله: "وإن سافرت لحاجتها بإذنه فلا نفقة لها".
ذكره الخرقي في بعض النسخ وعليها شرح المصنف.
واختاره القاضي والمصنف وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وهو المذهب.
"ويحتمل أن لها النفقة" وهو لأبي الخطاب في الهداية واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والنظم والفروع.
وتقدم نظير ذلك في باب عشرة النساء.
قوله: "وإن اختلفا في نشوزها أو تسليم النفقة إليها فالقول قولها مع يمينها".
هذا المذهب جزم به في المحرر والوجيز والشرح وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقال الآمدي: إن اختلفا في النشوز فإن وجبت بالتمكين صدق وعليها إثباته وإن وجبت بالعقد صدقت وعليه إثبات المنع وإن اختلفا بعد إثبات التمكين لم يقبل قوله.
وقال في التبصرة يقبل قوله قبل الدخول وقولها بعده.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله في النفقة أن القول قول من يشهد له العرف.
قوله: "وإن اختلفا في بذل التسليم فالقول قوله مع يمينه". بلا خلاف أعلمه.
قوله: "وإن أعسر الزوج بنفقتها أو ببعضها أو بالكسوة". وكذا ببعضها "خيرت بين فسخ النكاح والمقام وتكون النفقة دينا في ذمته".
يعني نفقة الفقير ومحله إذا لم تمنع نفسها.
الصحيح من المذهب أن لها الفسخ بذلك مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا المذهب.
وقدمه في الفروع والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وفسخها للإعسار بنفقتها من مفردات المذهب.
وعنه ما يدل على أنها لا تملك الفسخ بالإعسار بحال.
قال الزركشي: نقل ابن منصور ما يدل على أنها لا تملك الفسخ به ما لم يوجد منه غرور.
وذكر ابن البنا وجها أنه يؤجل ثلاثا.
وقيل إن أعسر بكسوة يسار فلا فسخ.
فعلى القول بعدم الفسخ يرفع يده عنها لتكتسب ما تقتات به.
فائدة: إذا ثبت إعساره فللحاكم الفسخ بطلبها قدمه في الفروع وقاله أبو الخطاب وابن عقيل وغيرهما وقالا في النفقة ولا تجد من يدينها عليه.
وذكره المصنف وغيره في الغائب ولم يذكروه في الحاضر الموسر المانع.
ورفع النكاح هنا فسخ بطلبها أو فسخت قدمه في الفروع.
وقال في الترغيب هو قول جمهور أصحابنا فيعتبر الرفع إلى الحاكم.
فإذا ثبت إعساره فسخ بطلبها أو فسخت بأمره ولا ينفذ بدونه على الصحيح من المذهب.
وقيل ظاهرا.
وفي الترغيب: ينفذ مع تعذره.
وقال في الرعاية وإن تعذر إذنه مطلقا.
وقيل هذه الفرقة طلاق.
فعلى هذا يأمره الحاكم بطلبها بطلاق أو نفقة فإن أبى طلق عليه الحاكم.
جزم به في التبصرة والرعاية والوجيز وغيرهم.
فإن راجع فقيل لا يصح مع عسرته.
قلت فيعايى بها.
وقيل يصح وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
فإن راجع طلق عليه ثانية فإن راجع طلق عليه ثالثة.
وأطلقهما في الفروع.
وقيل إن طلب المهلة ثلاثة أيام أجيب فلو لم يقدر فقيل ثلاثة أيام.
وقيل: إلى آخر اليوم المتخلفة نفقته.
وقال في المغني يفرق بينهما.
وأطلقهما في الفروع.
قوله: "فإن اختارت المقام ثم بدا لها الفسخ فلها ذلك".
وهو المذهب قال في الفروع لها ذلك في الأصح.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه ليس لها ذلك كما لو رضيت بعسرته في الصداق.
قال في المحرر فعلى هذا هل خيارها الأول على التراخي أو على الفور على روايتي خيار العيب على ما تقدم في بابه.
فوائد
الأولى: لو اختارت المقام جاز لها أن لا تمكنه من نفسها وليس له أن يحبسها.
الثانية: لو رضيت بعسرته أو تزوجته عالمة بها فلها الفسخ بعد ذلك على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لها ذلك على الأصح فيهما.
وقدمه في المحرر والنظم والمغني والشرح ونصراه.
وقيل ليس لها ذلك.
قال في الرعايتين ليس لها ذلك في الأصح فيهما.
وجزم به في الحاوي الصغير.
فعلى هذا القول خيارها على الفور وقدمه في الرعايتين.
وقيل: على التراخي وهو المذهب.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وأطلقهما في الحاوي.
وظاهر المحرر أنه كخيار العيب.
وقال في الرعاية الكبرى: بل بعد ثلاثة أيام وهو أولى فإن حصل في الرابع نفقة فلا فسخ بما مضى وإن حصلت في الثالث فهل يفسخ في الخامس أو السادس يحتمل وجهين.
قال: وإن مضى يومان ووجد نفقة الثالث ثم أعسر في الرابع فهل يستأنف المدة يحتمل وجهين انتهى.
واختار ابن القيم رحمه الله في الهدى أنها لو تزوجته عالمة بعسرته أو كان موسرا ثم افتقر أنه لا فسخ لها.
قال: ولم يزل الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار ولم يرفعهم أزواجهم إلى الحكام ليفرقوا بينهم.
قال: في الفروع كذا قال.
الثالثة: لو قدر على التكسب أجبر عليه على الصحيح من المذهب وقطع به كثير من الأصحاب.
وقال في الترغيب أجبر على الأصح.
وقال فيه أيضا الصانع الذي لا يرجو عملا أقل من ثلاثة أيام فإذا عمل دفع نفقة ثلاثة أيام لا فسخ ما لم يدم.
قال في الكافي إن كانت نفقته عن عمل فمرض فاقترض فلا فسخ وإن عجز عن الاقتراض وكان لعارض يزول لثلاثة أيام فما دون فلا فسخ انتهى.
وقال في المغني والشرح وإن تعذر عليه الكسب في بعض زمانه أو تعذر البيع لم يثبت الفسخ لأنه يمكن الاقتراض إلى زوال العارض وحصول الاكتساب.
وكذلك إن عجز عن الاقتراض أياما يسيرة لأن ذلك يزول عن قريب ولا يكاد يسلم منه كثير من الناس.
وقالا أيضا إن مرض مرضا يرجى زواله في أيام يسيرة لم يفسخ لما ذكرنا وإن كان ذلك يطول فلها الفسخ.
وكذلك إن كان لا يجد النفقة إلا يوما دون يوم انتهيا.
وتقدم كلامه في الرعاية.
قوله: "وإن أعسر بالنفقة الماضية أو نفقة الموسر أو المتوسط أو الأدم أو نفقة الخادم فلا فسخ لها".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال ابن عقيل في التذكرة إن كانت ممن جرت عادتها بأكل الطيب ولبس الناعم لزمه ذلك فإن كان معسرا ملكت الفسخ إذا عجز عن القيام به.
قال في الرعاية الكبرى وإن اعتادت الطيب والناعم فعجز عنهما فلها الفسخ.
قلت فالأدم أولى انتهى.
وقيل لها الفسخ إذا أعسر بالأدم.
وفي الانتصار احتمال لها الفسخ في ذلك كله مع ضررها.
قوله: "وتكون النفقة دينا في ذمته".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقال القاضي تسقط أي الزيادة عن نفقة المعسر أو المتوسط لأن كلام المصنف في ذلك وصرح به الأصحاب لا أنها تسقط مطلقا.
وقال في المحرر والنظم والفروع وقال القاضي تسقط زيادة اليسار والتوسط.
قال في الرعايتين وقيل تسقط زيادة اليسار والتوسط.
قلت: غير الأدم.
قوله: "وإن أعسر بالسكنى أو المهر فهل لها الفسخ على وجهين".
إذا أعسر بالسكنى فأطلق المصنف في جواز الفسخ لها وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: لها الفسخ وهو الصحيح صححه في التصحيح واختاره ابن عقيل.
وجزم به في الوجيز والمنور.
والثاني: لا فسخ لها ذكره القاضي.
وجزم به في منتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وهو ظاهر ما قدمه في المحرر.
وأطلق في جواز الفسخ إذا أعسر بالمهر وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما: لها الفسخ مطلقا اختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر.
والوجه الثاني: ليس لها ذلك اختاره ابن حامد وغيره.
قال المصنف وهو أصح ونصره.
وجزم به الآدمي في منتخبه وقدمه في الخلاصة.
قلت وهو الصواب.
وقيل إن أعسر قبل الدخول فلها الفسخ وإن كان بعده فلا.
قال الشارح وتبعه في التصحيح هذا المشهور في المذهب.
قال الناظم هذا أشهر.
ونقل ابن منصور إن تزوج مفلسا ولم تعلم المرأة لا يفرق بينهما إلا أن يكون قال عندي عرض ومال وغيره.
وتقدم ذلك محررا بأتم من هذا في آخر باب الصداق فليعاود.
قوله: "وإن أعسر زوج الأمة فرضيت أو زوج الصغيرة أو المجنونة لم يكن لوليهن الفسخ". وهو المذهب.
قال في الفروع لا فسخ في المنصوص لولي أمة راضية وصغيرة ومجنونة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال في الرعايتين والحاوي فلا فسخ لهم في الأصح.
وقدمه في الكافي والمحرر.
"ويحتمل أن له ذلك".
وقال في الكافي وحكى عن القاضي أن لسيد الأمة الفسخ لأن الضرر عليه.
قوله: "وإن منع النفقة أو بعضها مع اليسار وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف بغير إذنه".
للحديث الذي ذكره المصنف وهو في الصحيحين وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الروضة القياس منعها تركناه للخبر.
وذكر في الترغيب وجها أنها لا تأخذ لولدها.
ويأتي حكم الحديث في آخر باب طريق الحكم وصفته.
قوله: "فإن غيبه وصبر على الحبس فلها الفسخ".
هذا المذهب جزم به الخرقي والوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال في الرعايتين لها الفسخ في الأقيس.
قال في الحاوي الصغير فلها الفسخ في أصح الوجهين.
قال في تجريد العناية فإن أصر فارقته عند الأكثر.
وقدمه في المستوعب والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح.
قال الناظم:
فإن منع الإنفاق ذو اليسر أو يغب ... أو البعض أن يظفر بمال المقلد
فإن تعذر يلجئه حاكم فإن ... أبى يعطها عنه ولو قيمة أعبد
"وقال القاضي: ليس لها ذلك".
قال في الترغيب: اختاره الأكثر وقدمه في الخلاصة وأطلقهما في المذهب.
قوله: "وإن غاب ولم يترك لها نفقة ولم تقدر له على مال ولا الاستدانة عليه فلها الفسخ".
هذا المذهب جزم به في الوجيز والنظم ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقال القاضي ليس لها ذلك إذا لم يثبت إعساره.
قال في الترغيب اختاره الأكثر.
وتقدم أن لها أن تستدين وتنفق.
قوله: "ولا يجوز الفسخ في ذلك إلا بحكم حاكم".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وحكى المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم في كتاب الصداق لها أن تفسخ بغير حكم حاكم فيما إذا أعسر بالمهر.
وتقدم ذلك في آخر كتاب الصداق فليعاود.
باب نفقة الأقارب والمماليك
قوله: "يجب على الإنسان نفقة والديه وولده بالمعروف إذا كانوا فقراء وله ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته ورقيقه أيضا وكذلك يلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا".اعلم أن الصحيح من المذهب وجوب نفقة أبويه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا بالمعروف أو بعضها إن كان المنفق عليه قادرا على البعض.
وكذلك يلزمه لهم الكسوة والسكنى مع فقرهم إذا فضل عن نفسه وامرأته.
وكذا رقيقه يومه وليلته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويأتي حكم اختلاف الدين في كلام المصنف قريبا.
وعنه لا تلزمه نفقتهم إلا بشرط أن يرثهم بفرض أو تعصيب كبقية الأقارب وهو ظاهر ما قدمه في الرعايتين وظاهر ما جزم به الشرح فإنه قال يشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط.
الثالث: أن يكون المنفق وارثا فإن لم يكن وارثا لعدم القرابة لم تجب عليه النفقة.
والظاهر: أنه أراد أن يكون وارثا في الجملة بدليل قوله فإن لم يكن وارثا لعدم القرابة.
وعنه تختص العصبة مطلقا بالوجوب نقلها جماعة.
فيعتبر أن يرثهم بفرض أو تعصيب في الحال فلا تلزم بعيدا موسرا يحجبه قريب معسر.
وعنه بل إن ورثه وحده لزمته مع يساره ومع فقره تلزم بعيدا معسرا.
فلا تلزم جدا موسرا مع أب فقير على الأولى وتلزم على الثانية على ما يأتي.
ويأتي أيضا ذكر الرواية الثالثة وما يتفرع عليها في المسألة الآتية بعد هذه.
ويأتي تفاريع هذه الروايات وما ينبني عليها.
تنبيهان
أحدهما: شمل قوله وأولاده وإن سفلوا الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء إذا كانوا فقراء وهو صحيح.
وهو من مفردات المذهب ويأتي الخلاف في ذلك.
الثاني: قوله فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته ورقيقه يعني يومه وليلته كما تقدم صرح به الأصحاب.
من كسبه أو أجرة ملكه ونحوهما لا من أصل البضاعة وثمن الملك وآلة عمله.
قوله: "وتلزمه نفقة من يرثه بفرض أو تعصيب ممن سواهم سواء ورثه الآخر أو لا كعمته وعتيقه".
هذا المذهب قطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم وصححه في البلغة وغيره.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال ابن منجا هذا المذهب وصرحوا بالعتيق.
وعنه أنها تختص العصبة من عمودي النسب وغيرهم نقلها جماعة كما تقدم.
فلا تجب على العمة والخالة ونحوها.
فعليها: هل يشترط أن يرثهم بفرض أو تعصيب في الحال على روايتين.
وأطلقهما في المحرر والحاوي والزركشي.
إحداهما: يشترط وهو الصحيح فلا نفقة على بعيد موسر يحجبه قريب معسر.
قدمه في الفروع وغيره.
واختاره القاضي وأبو الخطاب والمصنف وغيرهم.
والأخرى: يشترط ذلك في الجملة.
لكن إن كان يرثه في الحال ألزم بها مع اليسار دون الأبعد.
وإن كان فقيرا جعل كالمعدوم ولزمت الأبعد الموسر.
فعلى هذا من له بن فقير وأخ موسر أو أب فقير وجد موسر لزمت الموسر منهما النفقة ولا تلزمهما على التي قبلها.
وعلى اشتراط الإرث في غير عمودي النسب خاصة تلزم الجد دون الأخ.
قال المصنف وهو الظاهر.
وقال في البلغة والترغيب لو كان بعضهم يسقط بعضا لكن الوارث معسر وغير الوارث موسر فهل تجب النفقة على البعيد الموسر فيه ثلاثة أوجه.
الثالث: إن كان من عمودي النسب وجب وإلا فلا انتهى.
وعنه يعتبر توارثهما اختاره أبو محمد الجوزي.
فلا تجب النفقة لعمته ولا لعتيقه وقدمه في الخلاصة.
وأطلق هذه الرواية والرواية الأولى في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
فائدة: وجوب الإنفاق على الأقارب غير عمودي النسب مقيد بالإرث لا بالرحم نص عليه.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
تنبيه: شمل قوله وعتيقه لو كان العتيق فقيرا وله معتق أو من يرثه بالولاء وهو صحيح.
وهو من مفردات المذهب.
وممن صرح بعتيقه مع عمته صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف والشارح والرعايتين وغيرهم.
قوله: "فأما ذووا الأرحام فلا نفقة له عليهم رواية واحدة ذكره القاضي".
وهو المذهب نقله جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هو المنصوص والمجزوم به عند الأكثرين.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ونقل جماعة تجب لكل وارث.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله لأنه من صلة الرحم وهو عام كعموم الميراث في ذوي الأرحام بل أولى.
وقال أبو الخطاب وابن أبي موسى يخرج في وجوبها عليهم روايتان.
قال في المحرر وخرج أبو الخطاب وجوبها على توريثهم.
قال الزركشي وهو قوي.
وقال في البلغة وأما ذوو الأرحام فهل يلزم بعضهم نفقة بعض عند عدم ذوي الفروض والعصبات على روايتين.
وقيل تلزم رواية واحدة انتهى.
ولعله وقيل لا تلزم بزيادة لا.
تنبيه: قد يقال عموم كلام المصنف هنا أن أولاد البنات ونحوهم لا نفقة عليهم لأنهم من ذوي الأرحام.
وعموم كلامه في أول الباب أن عليهم النفقة وهو قوله وكذلك تلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا أو العمل على هذا الثاني وأن النفقة واجبة عليهم.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والنظم والوجيز والزركشي والحاوي وغيرهم فإنهم قالوا ولا نفقة على ذوي الأرحام من غير عمودي النسب نص عليه.
فعموم كلام المصنف هنا مخصوص بغير من هو من عمودي النسب من ذوي الأرحام وأدخلهم في الفروع في الخلاف.
ثم قال بعد ذلك وأوجبها جماعة لعمودي نسبه فقط يعني من ذوي الأرحام.
فظاهر ما قدمه أنه لا نفقة لهم وقدمه في الرعايتين.
قوله: "وإن كان للفقير وارث فنفقته عليهم على قدر إرثهم منه فإذا كان أم وجد فعلى الأم الثلث والباقي على الجد".
وكذا ابن وبنت.
فإن كانت أم وبنت فالصحيح من المذهب أنها عليهم أرباعا وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتخرج وجوب ثلثي النفقة عليهم بإرثهما فرضا.
قوله: "وعلى هذا حساب النفقات إلا أن يكون له أب فتكون النفقة عليه وحده".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وقال في الواضح هذا ما دامت أمه أحق به.
وقال القاضي وأبو الخطاب القياس في أب وابن يلزم الأب السدس فقط لكن تركه أصحابنا لظاهر الآية.
وقال ابن عقيل في التذكرة الولد مثل الأب في ذلك.
وعنه الجد والجدة كالأب في ذلك ذكرهما ابن الزاغوني في الإقناع.
فائدة: لو كان أحد الورثة موسرا لزمه بقدر إرثه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال هذا المذهب.
قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية أصح الروايتين أنه لا يلزمه أكثر من مقدار إرثه منه وصححه في النظم.
وقدمه في الرعايتين وهو ظاهر كلام الخرقي.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه يلزمه كل النفقة.
وأطلقهما في البلغة والمحرر والحاوي الصغير والزركشي.
وقال ابن الزاغوني في الإقناع محل الخلاف في الجد والجدة خاصة وأما سائر الأقارب فلا تلزم الغني منهم النفقة إلا بالحصة بغير خلاف.
وقال ابن الزاغوني في الإقناع في الجد والجدة روايتان هل يكونان كالأب في وجوب النفقة كاملة على كل واحد منهما لو انفرد أو كسائر الأقارب.
قوله: "ومن له بن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما".
هذا المذهب جزم به القاضي في المجرد وأبو الخطاب في الهداية وصاحب المذهب والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع كما تقدم في التفريع على الرواية الثانية.
قال الشارح هذا الظاهر.
وعنه تجب النفقة على الأخ وهو تخريج وجه للمصنف.
واختاره في المستوعب وتقدم ذلك.
قوله: "ومن له أم فقيرة وجدة موسرة فالنفقة عليها".
يعني على الجدة وهذا إحدى الروايتين وذكره القاضي.
وذكره أيضا في أب معسر وجد موسر.
وجزم به في الوجيز والمنور.
قال في الشرح: هذا الظاهر.
وصرح به ابن عقيل في كفاية المفتي.
واختاره في المستوعب وقدمه في المحرر.
وعنه لا نفقة عليهما وهو المذهب وقدمه في الفروع.
وعلى رواية اشتراط الإرث في عمودي النسب: يلزم النفقة الجد دون الأخ.
وتقدم بناء هذه المسائل على روايات تقدمت فليعاود.
قوله: "ومن كان صحيحا مكلفا لا حرفة له سوى الوالدين فهل تجب نفقته على روايتين".
قال القاضي كلام الإمام أحمد رحمه الله يحتمل روايتين.
وهما وجهان في المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والبلغة والشرح والقواعد الفقهية.
إحداهما: تجب له لعجزه عن الكسب وهو المذهب.
قال الناظم: وهو أولى.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره القاضي والمصنف وغيرهما.
وجزم به ناظم المفردات في الأولاد وهو منها كما تقدم.
والرواية الثانية: لا تجب.
تنبيهان
أحدهما: ظاهر قوله سوى الوالدين أنهما إذا كانا صحيحين مكلفين لا حرفة لهما تجب نفقتهما من غير خلاف فيه وهو أحد الطرق.
وقطع به جماعة من الأصحاب منهم ابن منجا في شرحه والقاضي نقله عنه في القواعد.
قال الزركشي لا خلاف فيهما فيما علمت وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة وفرق القاضي في زكاة الفطر من المجرد بين الأب وغيره وأوجب النفقة للأب بكل حال وشرط في الابن وغيره الزمانة انتهى.
وهي الطريقة الثانية.
والطريقة الثالثة: فيهما روايتان كغيرهما وتقدم المذهب منهما.
الثاني: مفهوم كلامه أن غير المكلف كالصغير والمجنون وغير الصحيح يلزمه نفقتهما من غير خلاف وهو صحيح.
فائدتان
إحداهما: هل يلزم المعدم الكسب لنفقة قريبه على الروايتين في المسألة الأولى قاله في الترغيب.
وقال في الفروع وجزم جماعة يلزمه ذكروه في إجارة المفلس واستطاعة الحج.
قال في القواعد: وأما وجوب النفقة على أقاربه من الكسب فصرح القاضي في خلافه والمجرد وابن عقيل في مفرداته وابن الزاغوني والأكثرون بالوجوب.
قال القاضي في خلافه وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله لا فرق في ذلك بين الوالدين والأولاد وغيرهم من الأقارب.
وخرج صاحب الترغيب المسألة على روايتين انتهى.
الثانية: القدرة على الكسب بالحرفة تمنع وجوب نفقته على أقاربه.
صرح به القاضي في خلافه.
ذكره صاحب الكافي وغيره واقتصر عليه في القواعد.
قوله: "فإن لم يفضل عنده إلا نفقة واحد بدأ بالأقرب فالأقرب".
الصحيح من المذهب أنه يقدم الأقرب فالأقرب ثم العصبة ثم التساوي.
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقيل يقدم وارث مع التساوي.
قال في المحرر وغيره: وقيل يقدم من امتاز بفرض أو تعصيب فإن تعارضت المرتبتان أو فقدتا فهما سواء.
فائدة: لو فضل عنده نفقة لا تكفي واحدا لزمه دفعها.
قوله: "فإن كان له أبوان جعله بينهما".
هذا أحد الوجوه اختاره الشارح.
وقدمه في الهداية والخلاصة ومال إليه الناظم.
وقيل تقدم الأم وهو احتمال في الهداية.
وقيل يقدم الأب وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
وأطلقهن في المذهب والمستوعب.
قوله: "فإن كان معهما بن ففيه ثلاثة أوجه.
أحدها يقسمه بينهم.
والوجه الثاني يقدمه عليهما".
نقل أبو طالب الابن أحق بالنفقة وهي أحق بالبر.
قال في الوجيز فإن استوى اثنان بالقرب قدم العصبة.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل يقدم الأبوان على الابن.
وأطلقهن في المغني والشرح والفروع.
وأطلق الخلاف بين الأب والابن في الهداية والمذهب والمستوعب.
فائدة وكذا الحكم والخلاف فيما إذا اجتمع جد وابن ابن.
وقدم الشارح أنهما سواء.
قوله: "فإن كان أب وجد أو ابن وابن ابن فالأب والابن أحق".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل الأب والجد سواء وكذا الابن وابن الابن وهو احتمال للقاضي وهو قول أصحاب الشافعي لتساويهم في الولاية والتعصيب.
قال أبو الخطاب هذا سهو من القاضي لأن أحدهما غير وارث.
فوائد
الأولى: يقدم أبو الأب على أبي الأم.
ولو اجتمع أبو أبي الأب مع أبي الأم فالصحيح من المذهب أنهما يستويان.
قال القاضي القياس تساويهما لتعارض قرب الدرجة وميزة العصوبة وقدمه في الفروع.
وقيل يقدم أبو الأم لقربه واختاره في المحرر.
وفي الفصول احتمال تقديم أبي أبي الأب وجزم به المصنف.
الثانية: لو اجتمع ابن وجد أو أب وابن ابن قدم الابن على الجد وقدم الأب على ابن الابن على الصحيح من المذهب اختاره الشارح وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل التساوي.
الثالثة: لو اجتمع جد وأخ قدم الجد على الصحيح من المذهب.
اختاره المصنف والشارح وصححاه ويحتمل التسوية.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
الرابعة: قال في المستوعب يقدم الأحوج ممن تقدم في هذه المسائل على غيره.
واعتبر في الترغيب بإرث وأن مع الاجتماع يوزع لهم بقدر إرثهم.
ونقل المصنف ومن تابعه عن القاضي فيما إذا اجتمع الأبوان والابن إن كان الابن صغيرا أو مجنونا قدم وإن كان الابن كبيرا والأب زمنا فهو أحق ويحتمل تقديم الابن.
قوله: "ولا تجب نفقة الأقارب مع اختلاف الدين".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وهذا تخصيص كلام المصنف أول الباب.
وقيل في عمودي النسب روايتان.
قال في المحرر وغيره وعنه تجب في عمودي النسب خاصة.
قال القاضي في عمودي النسب روايتان.
وقيل تجب لهم مع اختلاف الدين ذكره الآمدي رواية.
وفي الموجز رواية تجب للوالد دون غيره.
وقال في الوجيز ولا تجب نفقة مع اختلاف الدين إلا أن يلحقه به قافة. وكذا قال في الرعاية وزاد ويرثه بالولاء.
قوله: "وإن ترك الإنفاق الواجب مدة لم يلزمه عوضه".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الفروع وقال أطلقه الأكثر وجزم به في الفصول.
وقال المصنف والشارح فإن كان الحاكم قد فرضها فينبغي أن تلزمه لأنها تأكدت بفرض الحاكم فلزمته كنفقة الزوجة.
قال في الرعايتين ومن ترك النفقة على قريبه مدة سقطت إلا إذا كان فرضها حاكم.
وقيل ومع فرضها إلا أن يأذن الحاكم في الاستدانة عليه أو القرض.
زاد في الكبرى أو الإنفاق من مالها لترجع به عليه لغيبته أو امتناعه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: من أنفق عليه بإذن حاكم رجع عليه وبلا إذن فيه خلاف.
وقال في المحرر: وأما نفقة أقاربه فلا تلزمه لما مضى وإن فرضت إلا أن تستدين عليه بإذن الحاكم.
قال في الفروع: وظاهر ما اختاره شيخنا وتستدين عليه فلا يرجع إن استغنى بكسب أو نفقة متبرع.
فائدة: قال في الفروع وظاهر كلام أصحابنا تأخذ بلا إذنه إذا امتنع كالزوجة إذا امتنع الزوج من النفقة عليها.
نقل صالح وعبد الله والجماعة يأخذ من مال والده بلا إذنه بالمعروف إذا احتاج ولا يتصدق.
قوله: "ومن لزمته نفقة رجل فهل تلزمه نفقة امرأته على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي.
إحداهما تلزمه وهو المذهب جزم به في المنور.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: لا تلزمه وتأولها المصنف والشارح.
وعنه تلزمه في عمودي النسب لا غير.
وعنه تلزمه لامرأة أبيه لا غير وهذه مسألة الإعفاف.
فائدة: يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وابنائهم وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم وهذا الصحيح من المذهب.
وهو من مفردات المذهب وما يتفرع عليها.
وعنه لا يجب عليه ذلك مطلقا.
وقيل لا يلزمه إعفاف غير عمودي النسب.
فحيث قلنا يجب عليه ذلك لزمه أن يزوجه بحرة تعفه أو بسرية.
وتقدم تعيين قريب إذا اتفقا على مقدار المهر هذا هو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وجزم في البلغة والترغيب أن التعيين للزوج لكن ليس له تعيين رقيقه ولا للابن تعيين عجوز قبيحة المنظر أو معيبة.
والصحيح من المذهب أنه لا يملك استرجاع أمة أعفه بها مع غناه.
جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل له ذلك.
قلت يحتمل أن يعايى بها.
ويصدق بأنه تأثق بلا يمين على الصحيح من المذهب.
ووجه أنه لا يصدق إلا بيمينه.
ويشترط أن يكون عاجزا عن مهر زوجة أو ثمن أمة.
ويكفي إعفافه بواحدة.
ويعف ثانيا إن ماتت على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل لا كمطلق لعذر في أصح الوجهين قاله في الفروع.
وجزم به في المغني والشرح.
ويلزمه إعفاف أمه كأبيه.
قال القاضي ولو سلم فالأب آكد ولأنه لا يتصور لأن الإعفاف لها بالتزويج ونفقتها على الزوج.
قال في الفروع: ويتوجه تلزمه نفقة إن تعذر تزويج بدونها وهو ظاهر القول الأول.
وهو ظاهر الوجيز فإنه قال ويلزمه إعفاف كل إنسان تلزمه نفقته.
قوله: "وليس للأب منع المرأة من رضاع ولدها إذا طلبت ذلك".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي في الخلاف الكبير وأصحابه قاله ابن رجب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل له ذلك إذا كانت في حباله بأجرة وبغيرها.
اختاره القاضي في المجرد نقله ابن رجب في مسألة مؤنة الرضاع له كخدمته نص عليه.
وتقدم ذلك أيضا في عشرة النساء عند قوله وله أن يمنعها من إرضاع ولدها وتقدم هناك ما يتعلق بهذا.
قوله: "وإن طلبت أجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه فهي أحق".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصحة عقد الإجارة على رضاع ولدها من أبيه من مفردات المذهب.
وتقدم صحة ذلك صريحا في كلام المصنف في باب الإجارة حيث قال ويجوز استئجار ولده لخدمته وامرأته لرضاع ولده وحضانته.
وقال في المنتخب للشيرازي إن استأجر من هي تحته لرضاع ولده لم يجز لأنه استحق نفعها كاستئجارها للخدمة شهرا ثم استأجرها في ذلك الشهر للبناء.
وقال القاضي لا يصح استئجارها كما تقدم.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله لا أجرة لها مطلقا فيحلفها أنها أنفقت عليه ما أخذت منه.
وقال في الاختيارات وإرضاع الطفل واجب على الأم بشرط أن تكون مع الزوج ولا تستحق أجرة المثل زيادة على نفقتها وكسوتها وهو اختيار القاضي في المجرد وتكون النفقة عليها واجبة بشيئين حتى لو سقط الوجوب بأحدهما ثبت بالآخر كما لو نشزت وأرضعت ولدها فلها النفقة للإرضاع لا للزوجية.
فوائد
الأولى: لو طلبت أكثر من أجرة مثلها ولو بيسير لم تكن أحق به على الصحيح من المذهب.
وقال في الواضح لها أخذ فوق أجرة المثل مما يتسامح به.
الثانية: لو طلبت أكثر من أجرة مثلها ولم يوجد من يرضعه إلا بمثل تلك الأجرة فقال المصنف وغيره الأم أحق لتساويهما في الأجرة وميزت الأم.
الثالثة: لو كانت مع زوج آخر وطلبت رضاعه بأجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه كانت أحق برضاعه إذا رضي الزوج الثاني بذلك.
الرابعة: للسيد إجبار أم ولده على رضاعه مجانا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال ابن رجب وعلى قول القاضي له منع زوجته من إرضاع ولدها فأمته أولى وصرح بذلك في المجرد أيضا.
الخامسة: لو عتقت أم الولد على السيد فحكم رضاع ولدها منه حكم المطلقة البائن ذكره ابن الزاغوني في الإقناع.
واقتصر عليه ابن رجب.
ولو باعها أو وهبها أو زوجها سقطت حضانتها على ظاهر ما ذكره ابن عقيل في فنونه.
وعلى هذا يسقط حقها من الرضاع أيضا قاله ابن رجب.
قوله: "وإذا تزوجت المرأة فلزوجها منعها من رضاع ولدها إلا أن يضطر إليها".
هذا المذهب مطلقا نص عليه.
وجزم به في المستوعب والمغني والبلغة والمحرر والشرح والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ونقل مهنا له منعها إلا أن يضطر إليها أو تكون قد شرطته عليه.
وتقدم هذا أيضا في كلام المصنف في باب عشرة النساء.
فوائد
إحداها: لا يفطم قبل الحولين إلا برضى أبويه ما لم ينضر.
وقال في الرعاية هنا يحرم رضاعه بعدهما ولو رضيا به.
وقال في الترغيب له فطام رقيقه قبلهما ما لم ينضر.
قال في الرعاية وبعدهما ما لم تنضر الأم.
الثانية: قال في الرعاية الكبرى في باب النجاسة اللبن طاهر مباح من رجل وامرأة.
وقال في الفروع وظاهر كلام بعضهم يباح من امرأة.
وقال في الانتصار وغيره القياس تحريمه ترك للضرورة ثم أبيح بعد زوالها وله نظائر.
وظاهر كلامه في عيون المسائل إباحته مطلقا.
الثالثة: تلزمه خدمة قريبة عند الحاجة كزوجة.
قوله: "وعلى السيد الإنفاق على رقيقه قدر كفايتهم وكسوتهم" بلا نزاع.
ولو كان آبقا أو كانت ناشزا ذكره جماعة من الأصحاب واقتصر عليه في الفروع.
واختلف كلام أبي يعلى في المكاتب.
فائدة: يلزمه نفقة ولد أمته دون زوجها.
ويلزم الحرة نفقة ولدها من عبد نص على ذلك.
ويلزم المكاتبة نفقة ولدها وكسبه لها.
وينفق على من بعضه حر بقدر رقه وبقيته على نفسه.
قوله: "وتزويجهم إذا طلبوا ذلك إلا الأمة إذا كان يستمتع بها". بلا نزاع فيهما.
لكن لو قالت "إنه ما يطأ" صدقت للأصل قاله في الفروع.
قال في الترغيب صدقت على الأصح.
ووجوب تزويج العبد إذا طلبه لأجل الإعفاف من مفردات المذهب.
وكذا وجوب بيعه إذا لم يعفه من المفردات.
فائدة: قال القاضي لو كان السيد غائبا غيبة منقطعة وطلبت أمته التزويج أو كان سيدها صبيا أو مجنونا احتمل أن يزوجها الحاكم.
قال ابن رجب وهذا المعنى لا فرق فيه بين أمهات الأولاد وغيرهن للاشتراك في وجوب الإعفاف.
وكذا ذكر القاضي في خلافه أن سيد الأمة إذا غاب غيبة منقطعة وطلبت أمته التزويج زوجها الحاكم.
وقال هذا قياس المذهب ولم يذكر فيه خلافا.
ونقله عنه المجد في شرحه ولم يعترض عليه بشيء.
وكذا ذكر أبو الخطاب في الانتصار أن السيد إذا غاب زوج أمته من يلي ماله.
وقال أومأ إليه في رواية بكر بن محمد انتهى ذكره ابن رجب.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لو شرط وطء المكاتبة وطلبت التزويج لا يلزم السيد إذا كان يطأ وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأصحاب.
قال في الفروع وهو أظهر لما فيه من إسقاط حق السيد وإلغاء الشرط.
وقال ابن البنا يلزمه تزويجها بطلبها ولو كان يطؤها وأبيح بالشرط ذكره في المستوعب واقتصر عليه.
قال في الفروع وكأن وجهه لما فيه من اكتساب المهر فملكته كأنواع التكسب.
قلت الذي يظهر أن وجهه أعم من ذلك فإن المترتب لها على الزوج أكثر من ذلك.
فعلى هذا الوجه يعايى بها.
فائدة: لو غاب عن أم ولده واحتاجت إلى النفقة زوجت على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع زوجت في الأصح.
وقيل لا تزوج.
ولو احتاجت إلى الوطء لم تزوج قدمه في الفروع.
وقال ويتوجه الجواز عند من جعله كنفقة.
قلت وهذا عين الصواب والضرر اللاحق بذلك أعظم من الضرر اللاحق بسبب النفقة.
واختاره ابن رجب في كتاب له سماه القول الصواب في تزويج أمهات أولاد الغياب ذكر فيه أحكام زواجها وزواج الإماء وامرأة المفقود وأطال في ذلك وأجاد واستدل لصحة نكاحها بكلام الأصحاب ونصوص الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الانتصار: إذا عجز السيد عن النفقة على أم الولد وعجزت هي أيضا لزمه عتقها لينفق عليها من بيت المال والله أعلم.
قوله: "ويداويهم إذا مرضوا".
يحتمل أن يكون مراده الوجوب وهو المذهب.
قال في الفروع ويداويه وجوبا قاله جماعة.
قال ابن شهاب في كفن زوجة العبد لا مال له فالسيد أحق بنفقته ومؤنته ولهذا النفقة المختصة بالمرض من الدواء وأجرة الطبيب تلزمه بخلاف الزوجة انتهى.
ويحتمل أن يكون مراده بذلك الاستحباب.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة يستحب وهو أظهر انتهى.
قلت المذهب أن ترك الدواء أفضل على ما تقدم في أول كتاب الجنائز.
ووجوب المداواة قول ضعيف.
قوله: "ولا يجبر العبد على المخارجة" بلا نزاع.
وإن اتفقا عليها جاز بلا خلاف لكن يشترط أن يكون بقدر كسبه فأقل بعد نفقته وإلا لم يجز.
وقال في الترغيب: إن قدر خراجا بقدر كسبه لم يعارض.
قلت ولعله أراد ما قاله الأولون.
فائدة: قال في الترغيب وغيره يؤخذ من المغني أنه يجوز للعبد المخارج هدية طعام وإعارة متاع وعمل دعوة.
قال في الفروع وظاهر هذا أنه كعبد مأذون له في التصرف.
قال وظاهر كلام جماعة لا يملك ذلك.
وإنما فائدة المخارجة ترك العمل بعد الضريبة.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى له التصرف فيما زاد على خراجه ولو منع منه كان كسبه كله خراجا ولم يكن لتقديره فائدة بل ما زاد تمليك من سيده له يتصرف فيه كما أراد.
قال في الفروع: كذا قال.
قوله: "ومتى امتنع السيد من الواجب عليه وطلب العبد البيع لزمه بيعه". نص عليه كفرقة الزوجة.
وقاله في عيون المسائل وغيره في أم الولد.
قال في الفروع هو ظاهر كلامهم يعني في أم الولد.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو لم تلائم أخلاق العبد أخلاق سيده لزمه إخراجه عن ملكه.
وكذا أطلق في الروضة يلزمه بيعه بطلبه.
قوله: "وله تأديب رقيقه بما يؤدب به ولده وامرأته".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع كذا قالوا.
قال والأولى ما رواه الإمام أحمد وأبو داود رحمهما الله وذكر أحاديث تدل على أن ضرب الرقيق أشد من ضرب المرأة.
ونقل حرب لا يضربه إلا في ذنب بعد عفوه مرة أو مرتين ولا يضربه ضربا شديدا.
ونقل حنبل لا يضربه إلا في ذنب عظيم ويقيده بقيد إذا خاف عليه ويضربه ضربا غير مبرح.
ونقل غيره لا يقيده ويباع أحب إلي.
ونقل أبو داود رحمه الله يؤدب على فرائضه.
فائدة: لا يشتم أبويه الكافرين لا يعود لسانه الخنا والردى.
وإن بعثه لحاجة فوجد مسجدا يصلي فيه قضى حاجته ثم صلى وإن صلى فلا بأس نقله صالح.
ونقل ابن هانئ إن علم أنه لا يجد مسجدا يصلي فيه صلى وإلا قضاها.
تنبيه: أفادنا المصنف جواز تأديب الولد والزوجة وهو صحيح وقاله الأصحاب.
قال في الفروع وظاهر كلامهم يؤدب الولد ولو كان كبيرا مزوجا منفردا في بيت كفعل أبي بكر الصديق بعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما.
قال ابن عقيل في الفنون الولد يضربه الوالد ويعزره وإن مثله عبد وزوجة.
قوله: "وللعبد أن يتسرى بإذن سيده".
هذا إحدى الطريقتين وهي الصحيحة من المذهب نص عليها في رواية الجماعة وهي طريقة الخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى وأبي إسحاق بن شاقلا ذكره عنه في الواضح.
ورجحها المصنف في المغني والشارح.
قال في القواعد الفقهية وهي أصح فإن نصوص الإمام أحمد رحمه الله لا تختلف في إباحة التسري له وصححه الناظم.
وقدمه الزركشي ونصره.
وقيل ينبني على الروايتين في ملك العبد بالتمليك وهي طريقة القاضي والأصحاب بعده قاله في القواعد.
قال القاضي يجب أن يكون في مذهب الإمام أحمد رحمه الله في تسري العبد وجهان مبنيان على الروايتين في ثبوت الملك بتمليك سيده.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
وهي المذهب على ما أسلفناه في الخطبة.
وتقدم ذلك في أوائل كتاب الزكاة.
فعلى الأولى لا يجوز تسريه بدون إذن سيده كما قاله المصنف.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية جماعة كنكاحه وقدمه في القواعد.
ونقل أبو طالب وابن هانئ يتسرى العبد في ماله كان بن عمر رضي الله عنهما يتسرى عبيده في ماله فلا يعيب عليهم.
قال القاضي ظاهر هذا أنه يجوز تسريه من غير إذن سيده لأنه مالك له.
قال في القواعد ويمكن أن يحمل نص اشتراطه على التسري من مال سيده إذا كان مأذونا له.
ونصه تقدم على اشتراط تسريه في مال نفسه الذي يملكه.
وقد أومأ إلى هذا في رواية جماعة قال وهو الأظهر.
وأطال الكلام في ذلك في فوائد القواعد فليعاود.
وتقدم في المحرمات في النكاح بعد قوله ولا يحل للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين هل يجوز له التسري بأكثر من اثنتين أم لا.
فوائد
إحداها: لو أذن له سيده في التسري مرة فتسرى لم يملك سيده الرجوع نص عليه في رواية الجماعة وهو المذهب.
وقاله المصنف والشارح والناظم والزركشي وغيرهم.
وقال القاضي يحتمل أنه أراد بالتسري هنا التزويج وسماه تسريا مجازا ويكون للسيد الرجوع فيما ملك عبده ورده المصنف وغيره.
الثانية: لو تزوج بإذن سيده وجبت نفقته ونفقة الزوجة على السيد.
وهو من مفردات المذهب.
وقد تقدم ذلك في كتاب الصداق.
الثالثة قوله: "وعليه إطعام بهائمه وسقيها" بلا نزاع.
لكن قال الشيخ عبد القادر في الغنية يكره إطعام الحيوان فوق طاقته وإكراهه على الأكل على ما اتخذه الناس عادة لأجل التسمين.
الرابعة قوله: "ولا يحملها ما لا تطيق".
قال أبو المعالي في سفر النزهة قال أهل العلم لا يحل أن يتعب دابة ولا أن يتعب نفسه بلا غرض صحيح.
الخامسة: يجوز الانتفاع بالبهائم في غير ما خلقت له كالبقر للحمل أو الركوب والإبل والحمير للحرث.
ذكره المصنف وغيره في الإجارة لأن مقتضى الملك جواز الانتفاع به فيما يمكن وهذا ممكن كالذي خلق له وجرت به عادة بعض الناس ولهذا يجوز أكل الخيل واستعمال اللؤلؤ وغيره في الأدوية وإن لم يكن المقصود منها ذلك.
واقتصر عليه في الفروع وغيره.
وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام عن البقرة لما ركبت إنها قالت لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث أي معظم النفع ولا يلزم منه نفي غيره.
قوله: "فإن عجز عن الإنفاق عليها أجبر على بيعها أو إجارتها أو ذبحها إن كان مما يباح أكله".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي عدم الإجبار احتمالان لابن عقيل.
فائدة: لو أبى ربها الواجب عليه فعلى الحاكم الأصلح أو اقترض عليه.
قال في القاعدة الثالثة والعشرين لو امتنع من الإنفاق على بهائمه أجبر على الإنفاق أو البيع أطلقه كثير من الأصحاب.
وقال ابن الزاغوني إن أبى باع الحاكم عليه.
باب الحضانة
فائدتانإحداهما: حضانة الطفل حفظه عما يضره وتربيته بغسل رأسه وبدنه وثيابه ودهنه وتكحيله وربطه في المهد وتحريكه لينام ونحو ذلك.
وقيل هي حفظ من لا يستقل بنفسه وتربيته حتى يستقل بنفسه.
الثانية: اعلم أن عقد الباب في الحضانة أنه لا حضانة إلا لرجل عصبة أو امرأة وارثة أو مدلية بوارث كالخالة وبنات الأخوات أو مدلية بعصبة كبنات الإخوة والأعمام والعمة وهذا الصحيح من المذهب.
فأما ذوو الأرحام غير من تقدم ذكره والحاكم فيأتي حكمهم والخلاف فيهم.
وقولنا إلا لرجل عصبة قاله الأصحاب.
لكن هل يدخل في ذلك المولى المعتق لأنه عصبة في الميراث أو لا يدخل لأنه غير نسيب.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع لم أجد من تعرض لذلك وقوة كلامهم تقتضي عدم دخوله.
وظاهر عبارتهم دخوله لأنه عصبة وارث ولو كان امرأة لأنها وارثة انتهى.
قوله: "وأحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه أمه" بلا نزاع.
ولو كان بأجرة المثل كالرضاع قاله في الواضح.
واقتصر عليه في الفروع وهو واضح.
قوله: "ثم أمهاتها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه تقدم أم الأب على أم الأم وهو ظاهر كلام الخرقي.
قاله الزركشي وغيره.
قال في المغني هو قياس قول الخرقي.
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي.
وعنه يقدم الأب والجد على غير الأم.
قال المصنف والشارح بعد ذكر رواية تقديم أم الأب على أم الأم فعلى هذه يكون الأب أولى بالتقديم لأنهن يدلين به.
فعلى المذهب لو امتنعت الأم لم تجبر وأمها أحق على الصحيح من المذهب.
وقيل الأب أحق.
ويأتي ذلك في كلام المصنف.
قوله: "ثم الأب ثم أمهاته" وكذا "ثم الجد ثم أمهاته" وهلم جرا.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي المشهور من الروايتين والمختار لعامة الأصحاب تقديم أم الأب على الخالة انتهى.
وعنه الأخت من الأم والخالة أحق من الأب.
فعليها تكون الأخت من الأبوين أحق ويكون هؤلاء أحق من الأخت للأب ومن جميع العصبات.
وقيل هؤلاء أحق من جميع العصبات إن لم يدلين به فإن أدلين به كان أحق منهن.
قال في المحرر وتبعه في الرعاية والفروع ويحتمل تقديم نساء الأم على الأب وأمهاته وجهته.
وقيل تقدم العصبة على الأنثى إن كان أقرب منها فإن تساويا فوجهان.
ويأتي ذلك عند ذكر العصبات.
قوله: "ثم الأخت للأبوين ثم للأب ثم الأخت للأم ثم الخالة ثم العمة في الصحيح عنه".
الصحيح من المذهب أن الأخوات والخالات والعمات بعد الأب والجد وأمهاتهما كما تقدم.
وتقدم رواية بتقديم الأخت من الأم والخالة على الأب وما يتفرع على ذلك.
إذا علمت ذلك فعلى المذهب تقدم الأخت من الأبوين على غيرها ممن ذكر بلا نزاع.
ثم إن المصنف هنا قدم الأخت للأب على الأخت للأم وقدم الخالة على العمة وقال إنه الصحيح عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهذا إحدى الروايات.
قال الشارح هذه المشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره القاضي وأصحابه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والنظم والوجيز وإدراك الغاية وغيرهم.
قال بعض الأصحاب فتناقضوا حيث قدموا الأخت للأب على الأخت للأم ثم قدموا الخالة على العمة.
وعنه: تقدم الأخت من الأم على الأخت من الأب والخالة على العمة وخالة الأم على خالة الأب وخالات الأب على عماته ومن يدلي من العمات والخالات بأب على من يدلي بأم وهو المذهب.
واختاره القاضي في كتاب الروايتين وابن عقيل في التذكرة فقال قرابة الأم مقدمة على قرابة الأب وقدمه في الفروع.
وعنه: تقدم الأخت من الأب على الأخت من الأم والعمة على الخالة وخالة الأب على خالة الأم وعمة الأب على خالاته ومن يدلي من العمات والخالات بأم على من يدلي بأب منهما.
عكس الرواية التي قبلها واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره.
قال الزركشي: وهو مقتضى قول القاضي في تعليقه وجامعه الصغير والشيرازي وابن البنا لتقديمهم الأخت للأب على الأخت للأم وهو مذهب الخرقي لأن الولاية للأب فكذا قرابته لقوته بها.
وإنما قدمت الأم لأنه لا يقوم مقامها هنا أحد في مصلحة الطفل.
وإنما قدم الشارع خالة ابنة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه على عمتها صفية رضي الله عنها لأن صفية لم تطلب وجعفر رضي الله عنه طلب نائبا عن خالتها فقضى الشارع بها لها في غيبتها انتهى.
وجزم في العمدة والمنور بتقديم الأخت للأب على الأخت من الأم وبتقديم العمة على الخالة.
"قال الخرقي وخالة الأب أحق من خالة الأم".
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير ولم يذكروا القول الأول.
فائدة: تستحق الحضانة بعد الأخوات والعمات والخالات عمات أبيه وخالات أبويه على التفصيل ثم بنات إخوته وأخواته ثم بنات أعمامه على التفصيل المتقدم وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل تقدم بنات إخوته وأخواته على العمات والخالات ومن بعدهن.
تنبيه: تحرير الصحيح من المذهب في ترتيب من يستحق الحضانة فيمن تقدم أن أحقهم بالحضانة الأم ثم أمهاتها الأقرب فالأقرب منهن ثم الجد وإن علا ثم أمهاته الأقرب.
فالأقرب ثم الأخت للأبوين ثم للأم ثم للأب ثم خالاته ثم عماته ثم خالات أبويه ثم عمات أبيه ثم بنات إخوته وأخواته ثم بنات أعمامه وعماته على ما تقدم من التفصيل ثم بنات أعمام أبيه وبنات عمات أبيه وهلم جرا.
قوله: "ثم تكون للعصبة".
يعني الأقرب فالأقرب غير الأب والجد وإن علا على ما تقدم.
إذا علمت ذلك فلا يستحق العصبة الحضانة إلا بعد من تقدم ذكره وهذا هو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل من تقدم ذكره أحق بالحضانة بشرط أن لا يدلين به فإن أدلين بالعصبة كان أحق منهن وهو احتمال في المحرر وغيره.
وقيل تقدم العصبة على الأنثى إن كان أقرب منهما فإن تساويا فوجهان.
وتقدم ذكر الخلاف وبناؤه.
فائدة: متى استحقت العصبة الحضانة فهي للأقرب فالأقرب من محارمها فإن كانت أنثى وكانت من غير محارمها كما مثل المصنف بقوله إلا أن الجارية ليس لابن عمها حضانتها لأنه ليس من محارمها فالصحيح من المذهب أنه ليس له حضانتها مطلقا.
جزم به في المحرر والمنور.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وجزم في المغني والشرح والنظم وغيرهم أنه لا حضانة لها إذا بلغت سبعا وقدمه في تجريد العناية.
وجزم في البلغة والترغيب أنه لا حضانة له إذا كانت تشتهى فإن لم تكن تشتهى فله الحضانة.
واختاره في الرعاية وجزم به في الوجيز.
قلت فلعله مراد المصنف ومن تابعه إلا أن صاحب الفروع وغيره حكاهما قولين.
واختار ابن القيم رحمه الله في الهدى أن له الحضانة مطلقا ويسلمها إلى ثقة يختارها هو أو إلى محرمه لأنه أولى من أجنبي وحاكم.
وكذا قال فيمن تزوجت وليس للولد غيرها.
قال في الفروع وهذا متوجه وليس بمخالف للخبر لعدم عمومه.
قوله: "وإذا امتنعت الأم من حضانتها انتقلت إلى أمها".
وكذلك إن لم تكن أهلا للحضانة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن تنتقل إلى الأب وهو لأبي الخطاب في الهداية ووجه في المغني والشرح.
فائدة: مثل ذلك خلافا ومذهبا كل ذي حضانة إذا امتنع من الحضانة أو كان غير أهل لها قاله في الرعاية وغيره.
تنبيه: قال ابن نصر الله في حواشي الفروع كلامهم يدل على سقوط حق الأم من الحضانة بإسقاطها وأن ذلك ليس محل خلاف.
وإنما محل النظر لو أرادت العود فيها هل لها ذلك يحتمل قولين.
أظهرهما لها ذلك لأن الحق لها ولم يتصل تبرعها به بالقبض فلها العود كما لو أسقطت حقها من القسم انتهى.
قوله: "فإن عدم هؤلاء فهل للرجال من ذوي الأرحام".
وكذا للنساء منهم غير من تقدم حضانة على وجهين.
وهما احتمالان للقاضي وبعده لأبي الخطاب في الهداية والمصنف في الكافي والهادي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والبلغة والشرح والفروع وغيرهم.
أحدهما: لهم الحضانة بعد عدم من تقدم وهو الصحيح.
قال في المغني وهو أولى.
وجزم به ابن رزين في نهايته وصاحب تجريد العناية.
وقدمه ابن رزين في شرحه وقال هو أقيس.
وقدمه في النظم في موضع وصححه في آخر.
وقدمه في الرعايتين في أثناء الباب.
والوجه الثاني: لا حق لهم في الحضانة وينتقل إلى الحاكم.
جزم به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في العمدة والمنور ومنتخب الآدمي فإنهم ذكروا مستحقي الحضانة ولم يذكروهم.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
وصححه في التصحيح.
وقدمه في الرعايتين والنظم في أول الباب ولعله تناقض منهم.
فعلى الأول يكون أبو الأم وأمهاته أحق من الخال بلا نزاع وفي تقديمهم على الأخ من الأم وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والهادي والمغني والشرح والنظم والفروع.
أحدهما: يقدمون عليه قدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: يقدم عليهم صححه في التصحيح.
قوله: "ولا حضانة لرقيق".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وأكثرهم قطع به.
وقال في الفنون لم يتعرضوا لأم الولد فلها حضانة ولدها من سيدها وعليه نفقتها لعدم المانع وهو الاشتغال بزوج أو سيد.
قلت فيعايى بها.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى لا دليل على اشتراط الحرية. وقد قال مالك رحمه الله في حر له ولد من أمة هي أحق به إلا أن تباع فتنتقل فالأب أحق.
قال في الهدى وهذا هو الصحيح لأحاديث منع التفريق.
قال ويقدم لحق حضانتها وقت حاجة الولد على السيد كما في البيع سواء انتهى.
فعلى المذهب لا حضانة لمن بعضه قن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال المصنف في المغني والشارح وغيرهما قياس قول الإمام أحمد رحمه الله يدخل في المهايأة.
فائدة: حضانة الرقيق لسيده فإن كان بعض الرقيق المحضون حرا تهايأ فيه سيده وقريبه ذكره أبو بكر وتبعه من بعده.
قوله: "ولا فاسق".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
واختار ابن القيم رحمه الله في الهدى أن له الحضانة.
وقال: لا يعرف أن الشارع فرق لذلك وأقر الناس ولم يبينه بيانا واضحا عاما ولاحتياط الفاسق وشفقته على ولده.
قوله: "ولا لامرأة مزوجة لأجنبي من الطفل".
هذا الصحيح من المذهب مطلقا ولو رضي الزوج وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال المصنف وغيره هذا الصحيح.
وقال ابن أبي موسى وغيره العمل عليه.
وأطلقه الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه لها حضانة الجارية.
وخص الناظم وغيره هذه الرواية بابنة دون سبع وهو المروي عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الرعاية الكبرى وعنه لها حضانة الجارية إلى سبع سنين.
وعنه حتى تبلغ بحيض أو غيره.
واختار ابن القيم رحمه الله في الهدى أن الحضانة لا تسقط إذا رضي الزوج بناء على أن سقوطها لمراعاة حق الزوج.
تنبيه: مفهوم قوله مزوجة لأجنبي أنها لو كانت مزوجة لغير أجنبي أن لها الحضانة وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع هذا الأشهر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا حضانة لها إلا إذا كانت مزوجة بجده.
وقال في الفروع ويتوجه احتمال إذا كان الزوج ذا رحم لا يسقط وما هو ببعيد.
فائدة: حيث أسقطنا حضانتها بالنكاح فالصحيح من المذهب أنه لا يعتبر الدخول بل يسقط حقها بمجرد العقد.
قال المصنف وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال الزركشي وهو مقتضى كلام الخرقي وعامة الأصحاب وهو كما قال.
قال في الفروع ولا يعتبر الدخول في الأصح.
قال المصنف والشارح هذا أولى وقدمه في النظم.
وقيل يعتبر الدخول وهو احتمال للمصنف.
تنبيه: قوله: "فإن زالت الموانع رجعوا إلى حقوقهم" بلا نزاع.
وقد يقال: شمل كلامه ما لو طلقت من الأجنبي طلاقا رجعيا ولم تنقض العدة فيرجع إليها حقها من الحضانة بمجرد الطلاق وهو الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وهو الذي نصه القاضي في تعليقه وقطع به جمهور أصحابه كالشريف وأبي الخطاب والشيرازي وابن البنا وابن عقيل في التذكرة وغيرهم.
وعنه لا يرجع إليها حقها حتى تنقضي عدتها.
وهي تخريج في المغني والشرح ووجه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقال في الرعاية الكبرى وجهان وقيل روايتان.
وصححها في الترغيب ومال إليه الناظم.
قال القاضي: هو قياس المذهب.
قلت وهو قوي.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد وتجريد العناية وغيرهم.
فائدتان
إحداهما: نظير هذه المسألة لو وقف على أولاده وشرط في وقفه أن من تزوج من البنات لا حق له فتزوجت ثم طلقت قاله القاضي واقتصر عليه في الفروع.
وقال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع وهل مثله إذا وقف على زوجته ما دامت عازبة فإن تزوجت فلا حق لها.
يحتمل وجهين لاحتمال أن يريد برها حيث ليس لها من تلزمه نفقتها كأولاده.
ويحتمل أن يريد صلتها ما دامت حافظة لحرمة فراشه عن غيره بخلاف الحضانة والوقف على الأولاد انتهى.
قلت يرجع في ذلك إلى حال الزوج عند الوقف فإن دلت قرينة على أحدهما عمل به وإلا فلا شيء لها.
الثانية: هل يسقط حقها بإسقاطها للحضانة فيه احتمالان ذكرهما في الانتصار في مسألة الخيار هل يورث أم لا.
قال في الفروع: ويتوجه أنه كإسقاط الأب الرجوع في الهبة.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى هل الحضانة حق للحاضن أو حق عليه فيه قولان في مذهب الإمامين أحمد ومالك رضي الله عنهما.
وينبني عليهما هل لمن له الحضانة أن يسقطها وينزل عنها على قولين.
وأنه لا تجب عليه خدمة الولد أيام حضانته إلا بأجرة إن قلنا الحق له وإلا وجبت عليه.
خدمته مجانا وللفقير الأجرة على القولين.
قال وإن وهبت الحضانة للأب وقلنا الحق لها لزمت الهبة ولم ترجع فيها وإن قلنا الحق عليها فلها العود إلى طلبها.
قال في الفروع كذا قال.
ثم قال في الهدى هذا كله كلام أصحاب الإمام مالك رحمه الله.
قال في الفروع كذا قال وتقدم كلام ابن نصر الله قريبا.
قوله: "ومتى أراد أحد الأبوين النقلة إلى بلد بعيد آمن ليسكنه فالأب أحق بالحضانة".
هذا المذهب سواء كان المسافر الأب أو الأم وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه الأم أحق.
وقيد هذه الرواية في المستوعب والترغيب بما إذا كانت هي المقيمة.
قال ابن منجا في شرحه ولا بد من هذا القيد وأكثر الأصحاب لم يقيدها.
وقيل المقيم منهما أحق.
وقال في الهدى إن أراد المنتقل مضارة الآخر وانتزاع الولد لم يجب إليه وإلا عمل ما فيه المصلحة للطفل.
قال في الفروع وهذا متوجه ولعله مراد الأصحاب فلا مخالفة لا سيما في صورة المضارة انتهى.
قلت أما صورة المضارة فلا شك فيها وأنه لا يوافق على ذلك.
تنبيه: قوله: "إلى بلد بعيد".
المراد بالبعيد هنا: مسافة القصر على الصحيح من المذهب وقاله القاضي.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم.
وقدمه في النظم والرعايتين والفروع.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه ما لا يمكنه العود منه في يومه واختاره المصنف.
وحكاهما في المحرر والحاوي روايتين وأطلقاهما.
قوله: "فإن اختل شرط من ذلك فالمقيم منهما أحق".
فعلى هذا: لو أراد أحد الأبوين سفرا قريبا لحاجة ثم يعود فالمقيم أولى بالحضانة وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح وشرح ابن منجا وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل: الأم أولى.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والوجيز والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الصغرى وأطلقهما في الفروع.
وإن أراد سفرا بعيدا لحاجة ثم يعود فالمقيم أولى أيضا على المذهب لاختلال الشرط وهو السكن.
جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح وابن منجا وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل الأم أولى.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الفروع.
ولو أراد سفرا قريبا للسكنى فجزم المصنف هنا أن المقيم أحق وهو أحد الوجهين.
جزم به ابن منجا في شرحه وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل الأم أحق وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قوله: "وإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه فكان مع من اختار منهما".
هذا المذهب بلا ريب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الأصولية وغيرهم هذا المذهب.
قال في القواعد الفقهية هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور في المذهب.
وجزم به الخرقي والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والهادي والعمدة والوجيز وإدراك الغاية والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والنظم.
وعنه أبوه أحق.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي لكن قالا المذهب الأول.
وعنه أمه أحق.
قال الزركشي وهي أضعفهما وأطلقهن في الفروع.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنه لا يخير لدون سبع سنين وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل أبو داود رحمه الله يخير بن ست أو سبع.
قلت الأولى في ذلك أن وقت الخيرة إذا حصل له التمييز والظاهر أنه مرادهم ولكن ضبطوه بالسن.
وأكثر الأصحاب يقول إن حد سن التمييز سبع سنين كما تقدم ذلك في كتاب الصلاة.
قوله: "وإن عاد فاختار الآخر نقل إليه ثم إن اختار الأول رد إليه".
هذا المذهب ولو فعل ذلك أبدا وعليه الأصحاب.
وقال في الترغيب والبلغة إن أسرف تبين قلة تمييزه فيقرع أو هو للأم قاله في الفروع.
وقال في الرعاية وقيل إن أسرف فيه فبان نقصه أخذته أمه.
وقيل من قرع بينهما.
قوله: "وإن لم يختر" أحدهما "أقرع بينهما".
هذا المذهب وعليه الأصحاب كما لو اختارهما معا.
قاله المصنف والشارح وصاحب الرعاية وغيرهم.
وفي الترغيب احتمال أنه لأمه كبلوغه غير رشيد.
قوله: "فإن استوى اثنان في الحضانة كالأختين والأخوين ونحوهما قدم أحدهما بالقرعة".
مراده إذا كان الطفل دون السبع.
فأما إن بلغ سبعا فإنه يخير بين الأختين والأخوين ونحوهما سواء كان غلاما أو جارية.
جزم به في المحرر والنظم والوجيز والفروع وغيرهم من الأصحاب.
قوله: "وإذا بلغت الجارية سبعا كانت عند أبيها".
هذا المذهب مطلقا قاله في الفروع وغيره ولو تبرعت بحضانتها.
قال الزركشي هذا المعروف في المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والعمدة والمحرر والوجيز وإدراك الغاية والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والنظم والرعاية والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه الأم أحق حتى تحيض ذكرها ابن أبي موسى.
قال ابن القيم رحمه الله في الهدى هي أشهر عن الإمام أحمد رحمه الله وأصح دليلا.
وقيل تخير ذكره في الهدى رواية وقال نص عليها.
وعنه تكون عند أبيها بعد تسع وعند أمها قبل ذلك.
فائدتان
إحداهما: إذا بلغت الجارية عاقلة وجب عليها أن تكون عند أبيها حتى يتسلمها زوجها.
وهذا الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه عند الأم.
وقيل عند الأم إن كانت أيما أو كان زوجها محرما للجارية وهو اختياره في الرعاية الكبرى.
وقيل تكون حيث شاءت إذا حكم برشدها كالغلام وقاله في الواضح وخرجه على عدم إجبارها.
قال في الفروع والمراد بشرط كونها مأمونة.
قال في الرعاية الكبرى قلت إن كانت ثيبا أيما مأمونة وإلا فلا.
فعلى المذهب للأب منعها من الانفراد.
فإن لم يكن أب فأولياؤها يقومون مقامه.
وأما إذا بلغ الغلام عاقلا رشيدا كان عند من شاء منهما.
الثانية: سائر العصبات الأقرب فالأقرب منهم كالأب في التخيير والأحقية والإقامة والنقلة.
بالطفل أو الطفلة إن كان محرما لها قاله الأصحاب.
زاد في الرعاية فقال وقيل ذوو الحضانة من عصبة وذي رحم في التخيير مع الأب كالأب وكذا سائر النساء المستحقات للحضانة كالأم فيما لها.
قوله: "ولا تمنع الأم من زيارتها وتمريضها".
هذا صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
لكن قال في الترغيب لا تجيء بيت مطلقها إلا مع أنوثية الولد.
فوائد
الأولى: قال في الواضح تمنع الأم من الخلوة بها إذا خيف منها أن تفسد قلبها واقتصر عليه في الفروع.
وقال ويتوجه في الغلام مثلها.
قلت وهو الصواب فيهما.
وكذا تمنع ولو كانت البنت مزوجة إذا خيف من ذلك مع أن كلام صاحب الواضح يحتمل ذلك.
الثانية: الأم أحق بتمريضها في بيتها ولها زيارة أمها إذا مرضت.
الثالثة: غير أبوي المحضون كأبويهما فيما تقدم ولو مع أحد الأبوين قاله في الفروع.
الرابعة: لا يقر الطفل بيد من لا يصونه ويصلحه والله أعلم.
كتاب الجنايات
باب الجنايات...
كتاب الجناياتفائدة: الجنايات جمع جناية والجناية لها معنيان معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح.
فمعناها في اللغة كل فعل وقع على وجه التعدي سواء كان في النفس أو في المال.
ومعناها في عرف الفقهاء التعدي على الأبدان.
فسموا ما كان على الأبدان جناية وسموا ما كان على الأموال غصبا وإتلافا ونهبا وسرقة وخيانة.
قوله: "القتل على أربعة أضرب عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطا".
اعلم أن المصنف رحمه الله قسم القتل إلى أربعة أقسام.
وكذا فعل أبو الخطاب في الهداية وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي والوجيز وإدراك الغاية وغيرهم فزادوا ما أجري مجرى الخطأ كالنائم ينقلب على إنسان فيقتله أو يقتل بالسبب مثل أن يحفر بئرا أو ينصب سكينا أو حجرا فيؤول إلى إتلاف إنسان وعمد الصبي والمجنون وما أشبه ذلك كما مثله المصنف في آخر الفصل من هذا الكتاب.
وقال المصنف والشارح وهذه الصور عند الأكثرين من قسم الخطأ أعطوه حكمه انتهيا.
قلت: كثير من الأصحاب قسموا القتل ثلاثة أقسام منهم الخرقي وصاحب العمدة والكافي والمحرر والفروع وغيرهم.
قال الزركشي: بعض المتأخرين كأبي الخطاب ومن تبعه زادوا قسما رابعا.
قال: ولا نزاع أنه باعتبار الحكم الشرعي لا يزيد على ثلاثة أوجه عمد وهو ما فيه القصاص أو الدية وشبه العمد وهو ما فيه دية مغلظة من غير قود وخطأ وهو ما فيه دية مخففة انتهى.
ويأتي تفاصيل ذلك في أول كتاب الديات.
قلت الذي نظر إلى الأحكام المترتبة على القتل جعل الأقسام ثلاثة.
والذي نظر إلى الصور فهي أربعة بلا شك وأما الأحكام فمتفق عليها.
تنبيه: ظاهر قوله: "أحدها أن يجرحه بما له مور". أي دخول وتردد "في البدن من حديد أو غيره مثل أن يجرحه بسكين أو يغرزه بمسلة".
ولو لم يداو المجروح القادر على الدواء جرحه حتى مات وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع والأصح ولو لم يداو مجروح قادر جرحه.
وقيل ليس بعمد.
نقل جعفر الشهادة على القتل أن يروه وجأه وأنه مات من ذلك.
وقال في القواعد الأصولية لو جرحه فترك مداواة الجرح أو فصده فترك شد فصاده لم يسقط الضمان ذكره في المغني محل وفاق.
وذكر بعض المتأخرين لا ضمان في ترك شد الفصاد ذكره محل وفاق.
وذكر في ترك مداواة لجرح من قادر على التداوي وجهين وصحح الضمان انتهى.
وأراد ببعض المتأخرين صاحب الفروع.
فائدة: وكذا الحكم لو طال به المرض ولا علة به غيره.
قال ابن عقيل في الواضح أو جرحه وتعقبه سراية بمرض ودام جرحه حتى مات فلا يعلق بفعل الله شيء.
قوله: "إلا أن يغرزه بإبرة أو شوكة ونحوهما في غير مقتل فيموت في الحال ففي كونه عمدا وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والمحرر والشرح والرعايتين والزركشي والفروع.
أحدهما: يكون عمدا وهو المذهب.
وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه لم يفرق بين الصغير والكبير وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والحاوي الصغير إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
قال في الهداية هو قول غير ابن حامد وصححه الناظم.
والوجه الثاني: لا يكون عمدا بل شبه عمد.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
واختاره ابن حامد وقدمه في تجريد العناية وشرح ابن رزين.
قوله: "وإن بقي من ذلك ضمنا حتى مات" فهو عمد محض.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال المصنف هذا قول أصحابنا.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وفيه وجه لا يكون عمدا.
قوله: "أو كان الغرز بها في مقتل كالفؤاد والخصيتين فهو عمد محض" بلا نزاع.
قوله: "وإن قطع سلعة من أجنبي بغير إذنه فمات فعليه القود" بلا نزاع.
وقوله: "فإن قطعها حاكم من صغير أو وليه فلا قود وكذا لو قطعها ولي المجنون منه فلا قود".
مقيد فيهما بما إذا كان ذلك لمصلحة.
والصحيح من المذهب: أنه لا قود عليهما إذا فعلا ذلك لمصلحة وقطع به أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع وقيل: الأولى لمصلحة.
قوله: "الثاني أن يضربه بمثقل كبير فوق عمود الفسطاط".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط أن يكون الذي ضرب به بما هو فوق عمود الفسطاط نص عليه وعليه الأصحاب.
ونقل ابن مشيش: يجب القود إذا ضربه بما هو فوق عمود الفسطاط.
قوله: "أو" يضربه "بما يغلب على الظن أنه يموت به كاللت والكوذين والسندان أو حجر كبير أو يلقي عليه حائطا أو سقفا أو يلقيه من شاهق".
فهذا كله عمد بلا نزاع.
قوله: "أو يعيد الضرب بصغير".
الصحيح من المذهب. أنه إذا أعاد الضرب بصغير ومات يكون عمدا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يكون عمدا ذكره في الواضح.
قال في الانتصار وهو ظاهر كلامه.
نقل حرب: شبه العمد أن يضربه بخشبة دون عمود الفسطاط ونحو ذلك حتى يقتله.
قوله: "أو يضربه به في مقتل".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا يكون عمدا إذا ضربه به مرة واحدة ذكره في الواضح.
فائدتان
إحداهما قوله: "أو" يضربه به "في حال ضعف قوة من مرض أو صغر أو كبر أو في حر" مفرط "أو برد" مفرط "ونحوه".
وهذا بلا نزاع.
قال ابن عقيل وغيره ومثله أو لكمه.
واقتصر عليه في الفروع.
لكن لو ادعى جهل المرض في ذلك كله لم يقبل على الصحيح من المذهب.
وقيل يقبل فيكون شبه عمد.
وقيل يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا.
الثانية قوله: "الثالث إلقاؤه في زبية أسد".
وكذا لو ألقاه في زبية نمر فيكون عمدا بلا نزاع.
وكذا لو ألقاه مكتوفا بفضاء بحضرة سبع فقتله أو ألقاه بمضيق بحضرة حية فقتلته على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقال القاضي لا يكون عمدا فيهما.
وقيل هو أن يكتفه كالممسك للقتل.
وهذا الذي جزم به المصنف في أواخر الباب على ما يأتي.
قوله: "أو أنهشه كلبا أو سبعا أو حية أو ألسعه عقربا من القواتل ونحو ذلك فقتله" فهو عمد محض.
اعلم أنه إذا أنهشه كلبا أو ألسعه شيئا من ذلك فلا يخلو إما أن يكون ذلك يقتل غالبا أو لا.
فإن كان يقتل غالبا: فهو عمد محض.
وإن كان لا يقتل غالبا كثعبان الحجاز أو سبع صغير وقتل به فظاهر كلام المصنف هنا أنه يكون قتلا عمدا وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر ما جزم في النظم وغيره.
والوجه الثاني: لا يكون عمدا قدمه في الرعايتين والحاوي.
وهو ظاهر كلامه في الهداية وغيره.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن رزين والفروع.
قوله: "الرابع: إلقاؤه في ماء يغرقه أو نار لا يمكنه التخلص منهما فمات به".
إذا ألقاه في ماء فلا يخلو أما أن يمكنه التخلص منه أولا.
فإن كان لا يمكنه التخلص منه وهو مراد المصنف هنا فهو عمد.
وإن أمكنه التخلص كالماء اليسير ولم يتخلص حتى مات فالصحيح من المذهب أن موته هدر فلا يضمن الدية ولا غيرها.
قال في الفروع: لا يضمن الدية في الأصح.
وجزم به في المغني والشرح.
وقيل يضمن الدية.
وإذا ألقاه في نار: فإن لم يمكنه التخلص منها فهو عمد محض بلا نزاع.
وإن أمكنه التخلص ولم يتخلص حتى مات فقيل دمه هدر لا شيء عليه وهو ظاهر كلامه في المحرر.
وقدمه في الرعايتين والحاوي وشرح ابن رزين.
وقيل يضمن الدية بإلقائه.
قال في الكافي وإن كان لا يقتل غالبا أو التخلص منه ممكن فلا قود فيه لأنه عمد خطأ وظاهره أن فيه الدية.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والقواعد الأصولية.
قوله: "الخامس خنقه بحبل أو غيره أو سد فمه وأنفه أو عصر خصيتيه حتى مات" فعمد.
ظاهره: أنه يشترط سد الفم والأنف جميعا وهو صحيح.
وظاهره: أنه لا فرق في السد والعصر بين طول المدة أو قصرها.
وقال المصنف والشارح إن فعل ذلك في مدة يموت في مثلها غالبا فمات فهو عمد فيه القصاص.
قالا ولا بد من ذلك لأن المدة إذا كانت يسيرة لا يغلب على الظن أن الموت حصل به.
قال الشارح وغيره وإذا مات في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو شبه عمد إلا أن يكون يسيرا إلى الغاية بحيث لا يتوهم الموت منه فلا يوجب ضمانا.
تنبيه: قوله: "السادس حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات جوعا وعطشا في مدة يموت في مثلها غالبا".
مراده: إذا تعذر على الجائع والعطشان الطلب لذلك.
فأما إذا لم يتعذر الطلب أو ترك الأكل والشرب قادرا على الطلب أو غيره فلا دية له كتركه شد موضع فصاده قاله في الفروع.
وتقدم النقل في ذلك أول الباب في كلام صاحب القواعد الأصولية.
قوله: "السابع إسقاؤه سما لا يعلم به أو خلط سما بطعام فأطعمه أو خلطه بطعامه فأكله ولا يعلم به فمات" فهو عمد محض.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به الأكثرون.
وأطلق ابن رزين فيما إذا ألقمه سما أو خلطه به: قولين.
تنبيه: مفهوم قوله: "فإن علم آكله به وهو بالغ عاقل أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه".
أن غير البالغ لو أكله كان ضامنا له إذا مات به وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن كان مميزا ففي ضمانه نظر.
قوله: "فإن ادعى القاتل بالسم أنني لم أعلم أنه سم قاتل لم يقبل في أحد الوجهين".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في التصحيح وغيره.
ويقبل في الآخر ويكون شبه عمد.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والمغني والشرح وغيرهم.
وقيل: يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا.
قوله: "الثامن أن يقتله بسحر يقتل غالبا".
إذا قتله بسحر يقتل غالبا فإن كان يعلم أنه يقتل فهو عمد محض وإن قال لم أعلمه قاتلا لم يقبل قوله على الصحيح من المذهب.
وقيل: يقبل ويكون شبه عمد.
وقيل: يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا كما تقدم في السم سواء.
فائدتان
إحداهما: إذا وجب قتله بالسحر وقتل كان قتله به حدا وتجب دية المقتول في تركته على الصحيح.
وقال المجد في شرحه وعندي في هذا نظر.
ويأتي بعض ذلك في آخر باب المرتد.
الثانية: قال ابن نصر الله في حواشي الفروع لم يذكر أصحابنا المعيان القاتل بعينه وينبغي أن يلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالبا فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ويفعله باختياره وجب به القصاص وإن وقع ذلك منه بغير قصد الجناية فيتوجه أنه خطأ يجب عليه ما يجب في قتل الخطأ.
وكذا ما أتلفه المعيان بعينه.
ويتوجه فيه القول بضمانه إلا أن يقع بغير قصده فيتوجه عدم الضمان انتهى.
قلت وهذا الذي قاله حسن لكن ظاهر كلامه في الرعاية الكبرى والترغيب عدم الضمان.
وكذلك قال القاضي على ما يأتي في آخر "باب التعزير".
قوله: "التاسع أن يشهدا على رجل بقتل عمد أو ردة أو زنا فيقتل بذلك ثم يرجعا ويقولا عمدنا قتله".
هكذا قال أكثر الأصحاب بهذه العبارة.
وقال في الكافي وقالا علمنا أنه يقتل.
وقال في المغني ولم يجز جهلهما به.
وقال في الترغيب والرعاية الكبرى وكذبتهما قرينة فالأصحاب متفقون على أن هذا عمد محض.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ذكر الأصحاب من صور القتل العمد الموجب للقود من شهدت عليه بينة بالردة فقتل بذلك ثم رجعوا وقالوا عمدنا قتله.
قال وفي هذا نظر لأن المرتد إنما يقتل إذا لم يتب فيمكن المشهود عليه التوبة كما يمكنه التخلص من النار إذا ألقي فيها انتهى.
قلت يتصور عدم قبول توبة المرتد في مسائل على رواية قوية كمن سب الله أو رسوله وكالزنديق ومن تكررت ردته والساحر وغير ذلك على ما يأتي في بابه فلو شهد عليه بذلك فإنه يقتل بكل حال ولا تقبل توبته على إحدى الروايتين.
فكلام الأصحاب محله حيث امتنعت التوبة.
ويكفي هذا في إطلاقهم في مسألة ولو واحدة.
لكن ظهر لي على كلام كثير من الأصحاب إشكال في قولهم لو شهدا على رجل بزنا فقتل بذلك فإن الشاهدين لا يقتل الزاني بشهادتهما فهذا فيه نظر ظاهر لهذا.
قال في الفروع ومن شهدت عليه بينة بما يوجب قتله فتخلص من الإشكال.
قوله: "أو يقول الحاكم علمت كذبهما وعمدت قتله".
فهذا عمد محض ويجب القصاص على الحاكم وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
ونصر ابن عقيل في مناظراته أن الحاكم والحالة هذه لا قصاص عليه.
وقيل في قتل الحاكم وجهان.
فوائد
الأولى: يقتل المزكي كالشاهد قاله أبو الخطاب وغيره.
وعند القاضي لا يقتل وإن قتل الشاهد.
الثانية: لا تقبل البينة مع مباشرة الولي القتل وإقراره أنه فعل ذلك عمدا عدوانا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي الترغيب وجه البينة والولي هنا كممسك مع مباشر فالبينة هنا كالممسك والولي هنا كالمباشر هناك على ما يأتي في كلام المصنف قريبا في هذا الباب والخلاف فيه.
وقال في التبصرة إن علم الولي والحاكم أنه لم يقتل أقيد الكل.
الثالثة: يختص المباشر العالم بالقود ثم الولي ثم البينة والحاكم على الصحيح من المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يختص القود بالحاكم إذا اشترك هو والبينة لأن سببه أخص من سببهم فإن حكمه واسطة بين شهادتهم وقتله فأشبه المباشر مع المتسبب.
الرابعة: لو لزمت الدية البينة والحاكم فقيل تلزمهم ثلاثا على الحاكم الثلث وعلى كل شاهد ثلث.
جزم به في المغني والشرح.
وقيل نصفين وأطلقهما في الفروع.
الخامسة: لو قال بعضهم عمدنا قتله وقال بعضهم أخطأنا فلا قود على المتعمد على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع فلا قود على المتعمد على الأصح.
وصححه المصنف في هذا الكتاب في آخر هذا الباب.
وعنه عليه القود.
فعلى المذهب على المتعمد بحصته من الدية المغلظة وعلى المخطئ بحصته من المخففة.
وتأتي هذه المسألة ونظائرها في آخر هذا الباب بأتم من هذا.
السادسة: لو قال كل واحد منهما تعمدت وأخطأ شريكي فوجهان في القود وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب الذي لا شك فيه وجوب القود عليهما لاعترافهما بالعمدية.
وقدم في الرعاية الصغرى والحاوي عدم القود.
وصححه في الكبرى وقال الدية عليهما حالة.
ولو قال واحد: عمدنا وقال الآخر أخطأنا لزم المقر بالعمد القود ولزم الآخر نصف الدية.
السابعة: لو رجع الوالي والبينة ضمنه الوالي وحده على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال القاضي وأصحابه يضمنه الوالي والبينة معا كمشترك.
وأطلقهما في الرعايتين.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن الوالي يلزمه القود إن تعمد وإلا الدية وأن الآمر لا يرث.
الثامنة: لو حفر في بيته بئرا أو ستره ليقع فيه أحد فوقع فمات فإن كان دخل بإذنه قتل به على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يقتل به كما لو دخل بلا إذنه أو كانت مكشوفة بحيث يراها الداخل.
ويأتي في أول كتاب الديات إذا حفر في فنائه بئرا فتلف به إنسان.
التاسعة: لو جعل في حلق زيد خراطة وشدها في شيء عال وترك تحته حجرا فأزاله آخر عمدا فمات قتل مزيله دون رابطه.
فإن جهل الخراطة فلا قود على قاتله وفي ماله الدية على الصحيح.
قدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير.
وقيل: الدية على عاقلته قدمه في الرعاية الصغرى.
وقيل: بل على الأول نصفها.
وقيل: بل على عاقلته.
قوله: "وشبه العمد أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا فيقتل".
قال في المحرر والوجيز والفروع وغيرهم ولم يجرحه بذلك وهذا المذهب سواء قصد قتله أو لم يقصده.
وهو ظاهر المحرر وغيره من الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال جماعة من الأصحاب لا يكون شبه عمد إلا إذا لم يقصد قتله بذلك.
قال في الرعاية وشبه العمد قتله قصدا بما لا يقتل غالبا.
وقيل قصد جناية لا قتله غالبا.
تنبيه: مفهوم قوله: "أو يصيح بصبي أو معتوه وهما على سطح فيسقطا".
أنه لو صاح برجل مكلف أو امرأة مكلفة وهما على سطح فسقطا أنه لا شيء عليه فيهما وهو صحيح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل المكلف كالصبي والمعتوه.
وألحق في الواضح المرأة بالصبي والمعتوه.
فائدة قوله: "أو يغتفل عاقلا فيصيح به فيسقط".
وهذا بلا نزاع وكذا لو فعل ذلك فذهب عقله.
تنبيه: يلزم في شبه العمد الدية.
لكن هل تكون على العاقلة أو على القاتل فيه خلاف على ما يأتي في أول كتاب الديات وباب العاقلة.
ويأتي في وجوب الكفارة عليه بذلك الخلاف الآتي في باب كفارة القتل.
قوله: "والخطأ على ضربين أحدهما أن يرمي الصيد أو يفعل ما له فعله فيقتل إنسانا فعليه الكفارة والدية على العاقلة". بلا نزاع.
تنبيه: مفهوم قوله أو بفعل ماله فعله أنه إذا فعل ما ليس له فعله كأن يقصد رمي آدمي معصوم أو بهيمة محترمة فيصيب غيره أن ذلك لا يكون خطأ بل عمد وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قاله القاضي في روايتيه وهو ظاهر كلام الخرقي.
وخرجه المصنف على قول أبي بكر فيمن رمى نصرانيا فلم يقع به السهم حتى أسلم أنه عمد يجب به القصاص.
وقدم في المغني أنه خطأ.
وهو مقتضى كلامه في المحرر وغيره حيث قال في الخطأ أن يرمي صيدا أو هدفا أو شخصا فيصيب إنسانا لم يقصده.
قوله: "الثاني أن يقتل في دار الحرب من يظنه حربيا ويكون مسلما أو يرمي إلى صف الكفار فيصيب مسلما أو يتترس الكفار بمسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرمهم فيرميهم فيقتل المسلم فهذا فيه الكفارة".
على ما يأتي في بابها وفي وجوب الدية على العاقلة روايتان.
إحداهما: لا تجب الدية وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الخرقي والمنور.
وقدمه في المغني والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال الشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي: هذا المشهور عن إمامنا ومختار عامة أصحابنا الخرقي والقاضي والشيرازي وابن البنا وأبي محمد وغيرهم.
والرواية الثانية: تجب عليهم جزم به في الوجيز.
تنبيه: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله محل هذا في المسلم الذي هو بين الكفار معذور كالأسير والمسلم الذي لا يمكنه الهجرة والخروج من صفهم.
فأما الذي يقف في صف قتالهم باختياره فلا يضمن بحال انتهى.
وتقدم معنى ذلك في أثناء كتاب الجهاد في قول المصنف "وإن تترسوا بمسلمين".
وعنه تجب الدية في الصورة الأخيرة.
وفي عيون المسائل عكس هذه الرواية لأنه فعل الواجب هنا.
قال وإنما وجبت الكفارة كما لو حلف لا يصلي فيصلي ويكفر كذا هنا.
تنبيه: قوله: "وعمد الصبي والمجنون".
يعني: أن عمدهما من الذي أجري مجرى الخطأ وهو كذلك لكن لو قال كنت حال الفعل صغيرا أو مجنونا صدق بيمينه.
ويأتي في آخر باب العاقلة: "هل تتحمل عمد الصبي أو تكون في ماله".
قوله: "وتقتل الجماعة بالواحد".
هذا المذهب كما قاله المصنف هنا بلا ريب.
وقاله في الفروع وغيره وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية عليه عامة شيوخنا.
وعنه لا يقتلون به نقله حنبل.
وحسنها ابن عقيل في الفصول.
ويأتي كلامه في الفنون فيما إذا اشترك في القتل اثنان لا يجب القصاص على أحدهما.
ونقل ابن منصور والفضل أنه إن قتله ثلاثة فله قتل أحدهم والعفو عن آخر وأخذ الدية كاملة من أحدهم.
فعلى المذهب من شرط قتل الجماعة بالواحد أن يكون فعل كل واحد منهم صالحا للقتل به قاله الأصحاب.
وعلى المذهب لو عفى الولي عنهم سقط القود ولم يلزمهم إلا دية واحدة على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يلزمهم ديات.
نقل ابن هانئ يلزمهم ديات.
واختارها أبو بكر وصححها الشيرازي.
وأطلقهما في المحرر والنظم.
وتقدم رواية ابن منصور والفضل.
وأما على الرواية الثانية فلا يلزم إلا دية واحدة قولا واحدا قاله الأصحاب.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو فعلوا ما يوجب قصاصا فيما دون النفس كالقطع ونحوه قاله الأصحاب.
ويأتي هذا في كلام المصنف في آخر "باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس".
قوله: "وإن جرحه أحدهما جرحا والآخر مائة فهما سواء في القصاص والدية".
هذا بلا نزاع بشرطه المتقدم.
قوله: "وإن قطع أحدهما من الكوع ثم قطعه الآخر من المرفق". يعني ومات "فهما قاتلان".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والنظم والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقيل القاتل هو الثاني فيقتل به ويقاد من الأول بأن تقطع يده من الكوع كقطعه.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان قطع الثاني قبل برء القطع الأول.
أما إن كان بعد برئه فالقاتل هو الثاني قولا واحدا قاله الأصحاب وهو واضح.
فوائد
إحداها: لو ادعى الأول أن جرحه اندمل فصدقه الولي سقط عنه القتل.
ولزمه القصاص في اليد أو نصف الدية.
وإن كذبه شريكه واختار الولي القصاص فلا فائدة له في تكذيبه لأن قتله واجب.
وإن عفا عنه إلى الدية فالقول قوله مع يمينه ولا يلزمه أكثر من نصف الدية.
وإن كذب الولي الأول حلف وكان له قتله.
وإن ادعى الثاني اندمال جرحه فالحكم فيه كالحكم في الأول إذا ادعى ذلك.
الثانية: لو اندمل القطعان أقيد الأول بأن يقطع من الكوع.
قال في الفروع وكذا من الثاني المقطوع يده من كوع وإلا فحكومة أو ثلث دية فيه الروايتان.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن اندملا فعلى الأول القود من الكوع وعلى الثاني حكومة.
وعنه ثلث دية اليد ولا قود عليه مع كمال يده.
الثالثة: لو قتلوه بأفعال لا يصلح واحد منها لقتله نحو أن يضربه كل واحد سوطا في حالة أو متواليا فلا قود.
وفيه عن تواطؤ وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب القود.
قوله: "وإن فعل أحدهما فعلا لا تبقى الحياة معه كقطع حشوته أو مريئه أو ودجيه ثم ضرب عنقه آخر فالقاتل هو الأول ويعزر الثاني".
هذا المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم وشرح ابن منجا والوجيز.
قال في الفروع قتل الأول وعزر الثاني.
وهو معنى كلامه في التبصرة كما لو جنى على ميت فلهذا لا يضمنه.
قال في الفروع ودل هذا على أن التصرف فيه كميت كما لو كان عبدا فلا يصح بيعه.
قال كذا جعلوا الضابط يعيش مثله أو لا يعيش.
وكذا علل الخرقي المسألتين مع أنه قال في الذي لا يعيش خرق بطنه وأخرج حشوته فقطعها فأبانها منه.
قال وهذا يقتضي أنه لو لم يبنها لم يكن حكمه كذلك مع أنه بقطعها لا يعيش.
فاعتبر الخرقي كونه لا يعيش في موضع خاص فتعميم الأصحاب لا سيما وقد احتج غير واحد منهم بكلام الخرقي فيه نظر.
قال وهذا معنى اختيار الشيخ وغيره في كلام الخرقي فإنه احتج به في مسألة الزكاة فدل على تساويهما عنده وعند الخرقي ولهذا احتج بوصية عمر رضي الله عنه ووجوب العبادة عليه في مسألة الذكاة كما احتج هنا ولا فرق.
وقد قال ابن أبي موسى وغيره في الذكاة كالقول هنا في أنه يعيش أو لا يعيش.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله أيضا.
قال فهؤلاء أيضا سووا بينهما وكلام الأكثر على التفرقة وفيه نظر انتهى.
فائدة: قال المصنف في المغني والشارح إن فعل ما يموت به يقينا وبقيت معه حياة مستقرة كما لو خرق حشوته ولم يبنها ثم ضرب آخر عنقه كان القاتل هو الثاني لأنه في حكم الحياة لصحة وصية عمر رضي الله عنه.
قال في الفروع: ويتوجه تخريج رواية من مسألة الذكاة أنهما قاتلان.
قلت وهو الصواب.
قال في الفروع ولهذا اعتبروا إحداهما بالأخرى.
قال ولو كان فعل الثاني كلا فعل لم يؤثر غرق حيوان في ماء بقتل مثله بعد ذبحه على إحدى الروايتين ولما صح القول بأن نفسه زهقت بهما كالمقارن ولا ينفع كون الأصل الحظر ثم الأصل هنا بقاء عصمة الإنسان على ما كان.
فإن قيل زال الأصل بالسبب.
قيل وفي مسألة الذكاة.
وقد ظهر أن الفعل الطارئ له تأثير في التحريم في المسألة المذكورة وتأثير في المحل في مسألة المنخنقة وأخواتها على ما فيها من الخلاف.
ولم أجد في كلامهم دليلا هنا إلا مجرد دعوى أنها كميت ولا فرقا مؤثرا بينه وبين الذكاة والله أعلم انتهى.
قوله: "وإن رماه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه فالقود على الرامي في أحد الوجهين".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الآخر لا قود عليه بل يكون شبه عمد وأطلقهما في الهداية.
وقيل عليه القود إن التقمه الحوت بعد حصوله فيه قبل غرقه.
فائدة: لو ألقاه في ماء يسير فإن علم به الحوت والتقمه فعليه القود وإن لم يعلم به فعليه الدية.
قوله: "وإن أكره إنسانا على القتل فقتل فالقصاص عليهما".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
قال في القاعدة السابعة والعشرين بعد المائة المذهب اشتراك المكره والمكره في القود والضمان.
وكذا قال القاضي وابن عقيل.
وقدمه في الفروع وقال قال في الموجز هذا إن قلنا بقتل الجماعة بالواحد.
وقال الطوفي في شرح مختصره في الأصول مذهب الإمام أحمد رحمه الله يجب القصاص على المكره بفتح الراء دون المكره بكسرها ولعله مراد صاحب الفروع بقوله وخصه بعضهم بمكره.
قال في القواعد: وذكر القاضي في المجرد وابن عقيل في باب الرهن أن أبا بكر ذكر أن القود على المكره المباشر ولم يذكر على المكره قودا.
قالا والمذهب وجوبه عليهما.
وذكر ابن الصيرفي: أن أبا بكر السمرقندي من أصحابنا خرج وجها أنه لا قود على واحد منهما من رواية قتل الجماعة بالواحد وأولى.
قال في الفروع ويتوجه عكسه ويعني أن القود يختص المكره بكسر الراء.
وقال في الانتصار: لو أكره على القتل بأخذ المال فالقود ولو أكره بقتل النفس فلا.
فائدة قوله: "وإن أمر من لا يميز أو مجنونا أو عبده الذي لا يعلم أن القتل محرم بالقتل فقتل فالقصاص على الآمر".
وكذا الحكم لو أمر كبيرا يجهل تحريمه.
وهذا المذهب في ذلك كله وعليه الأصحاب.
إلا أن أبا الخطاب قال في الانتصار لو أمر صبيا بالقتل فقتل هو وآخر وجب القصاص على آمره وشريكه في رواية وإن سلم فلعجزه غالبا.
تنبيه: مفهوم قوله وإن أمر من لا يميز بالقتل فقتل فالقصاص على الآمر أنه لو أمر من يميز بالقتل فقتل أن القصاص على القاتل.
ومفهوم قوله: "وإن أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل به فقتل فالقصاص على القاتل".
أنه لا قصاص على غير الكبير العاقل فشمل من يميز.
فقال ابن منجا في شرحه لا قصاص عليه ولا على الآمر.
أما الأول فلأنه غير مكلف.
وأما الثاني فلأن تمييزه يمنع أن يكون كالآلة فلا قود على واحد منهما.
وقال في الفروع ومن أمر صبيا بالقتل فقتل لزم الآمر.
فظاهره إدخال المميز في ذلك.
ويؤيده أنه بعد ذلك حكى ما قاله ابن منجا في شرحه.
قوله: "وإن أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل به فقتل فالقصاص على القاتل".
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وأما الآمر فالصحيح من المذهب أنه يعزر لا غير نص عليه.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وعنه يحبس كممسكه.
وفي المبهج رواية يقتل أيضا.
وعنه يقتل بأمره عبده ولو كان كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل.
نقل أبو طالب: من أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله قتل المولى وحبس العبد حتى يموت لأنه سوط المولى وسيفه.
كذا قال علي بن أبي طالب وأبو هريرة رضي الله عنهما.
وأنه لو جنى بإذنه لزم مولاه وإن كانت الجناية أكثر من ثمنه.
وحملها أبو بكر على جهالة العبد.
ونقل ابن منصور إن أمر عبدا بقتل سيده فقتل أثم وأن في ضمان قيمته روايتين ويحتمل إن خاف السلطان قتلا.
فوائد
لو قال لغيره اقتلني أو اجرحني ففعل فدمه وجرحه هدر على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه عليه الدية.
وقيل عليه ديتهما ذكره في الرعاية.
وعنه عليه الدية للنفس دون الجرح.
ويحتمل القود فيهما وهو لصاحب الرعاية.
ولو قاله عبد ضمن الفاعل لسيده بمال فقط نص عليه.
ولو قال اقتلني وإلا قتلتك قال في الفروع فخلاف كإذنه.
وقال في الانتصار لا إثم ولا كفارة.
وقال في الرعايتين والحاوي وإن قال اقتلني وإلا قتلتك فإكراه ولا قود إذن.
وعنه ولا دية.
ويحتمل أن يقتل أو يغرم الدية إن قلنا هي للورثة.
وإن قال له القادر عليه اقتل نفسك وإلا قتلتك أو اقطع يدك وإلا قطعتها فليس إكراها وفعله حرام.
واختار في الرعاية الكبرى أنه إكراه.
وإن قال اقتل زيدا أو عمرا فليس إكراها فإن قتل أحدهما قتل به على الصحيح من المذهب.
قال في الرعاية قلت ويحتمل الإكراه.
وإن أكره سعد زيدا على أن يكره عمرا على قتل بكر فقتله قتل الثلاثة جزم به في الرعاية الكبرى.
قوله: "وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله فقتله قتل القاتل وحبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين".
وهو المذهب جزم به الخرقي والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال الزركشي: هذا أشهر الروايتين.
واختيار القاضي والشريف وأبي الخطاب في خلافاتهم والشيرازي.
وهو من المفردات.
والأخرى يقتل أيضا الممسك اختاره أبو محمد الجوزي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال بن الصيرفي في عقوبة أصحاب الجرائم في الممسك القتل ذهب بعض أصحابنا المتأخرين إلى أنه تغل يد الممسك إلى عنقه حتى يموت.
وهذا لا بأس به.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا.
فعلى المذهب لو قتل الولي الممسك فقال القاضي يجب عليه القصاص مع أنه فعل مختلف.
قال المجاهد وهذا إن أراد به فيمن فعل ذلك معتقدا لجوازه ووجوب القصاص له فليس بصحيح قطعا.
وإن أراد: معتقدا للتحريم فيجب أن يكون على وجهين.
أصحهما: سقوط القصاص بشبهة الخلاف كما في الحدود.
تنبيه: شرط في المغني في الممسك أن يعلم أنه يقتله وتابعه الشارح.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال القاضي إذا أمسكه للعب أو الضرب وقتله القاتل فلا قود على الماسك وذكره محل وفاق.
وقال في منتخب الشيرازي لا مازحا متلاعبا انتهى.
وظاهر كلام جماعة الإطلاق.
فائدة: مثل هذه المسألة في الحكم لو أمسكه ليقطع طرفه ذكره في الانتصار.
وكذا إن فتح فمه وسقاه آخر سما.
وكذا لو اتبع رجلا ليقتله فهرب فأدركه آخر فقطع رجله ثم أدركه الثاني فقتله فإن كان الأول حبسه بالقطع فعليه القصاص في القطع وحكمه في القصاص في النفس حكم الممسك على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وفيه وجه ليس عليه إلا القطع بكل حال.
قوله: "وإن كتف إنسانا وطرحه في أرض مسبعة أو ذات حيات فقتلته فحكمه حكم الممسك".
ذكره القاضي وهذا إحدى الروايات.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة ومنتخب الآدمي.
وعنه يلزمه القود وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يلزمه الدية كغير الأرض المسبعة اختاره المصنف.
وتقدم التنبيه على ذلك عند قوله "الثالث إلقاؤه في زبية أسد".
قوله: "وإذا اشترك في القتل اثنان لا يجب القصاص على أحدهما كالأب والأجنبي في قتل الولد والحر والعبد في قتل العبد والخاطئ والعامد ففي وجوب القصاص على الشريك روايتان أظهرهما وجوبه على شريك الأب والعبد وسقوطه عن شريك الخاطئ".
وهو المذهب قاله في الفروع وغيره.
قال في المغني والشرح هذا ظاهر المذهب.
قال في الكافي هذا الأظهر.
وصححه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي.
قال الزركشي: المشهور من الروايتين والمقطوع به عند عامة الأصحاب قتل شريك الأب.
وقال في الخاطئ: لا قصاص على المشهور والمختار لجمهور الأصحاب وجزم به في المنور.
وعنه يقتص من الشريك مطلقا اختاره أبو محمد الجوزي.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا يقتص من الشريك مطلقا.
قال في الفنون أنا أختار رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أن شركة الأجانب تمنع القود.
لأنه لا اطلاع لنا بظن فضلا عن علم بجراحة أيهما مات به أو بهما.
تنبيه: قوله: "أظهرهما وجوبه على شريك الأب والعبد" تقديره أظهرهما وجوبه على شريك الأب ووجوبه على العبد ف"العبد معطوف على لفظة شريك" ولا يجوز عطفه على لفظة "الأب" لفساد المعنى وهو واضح.
فائدة: دية الشريك المخطئ في ماله دون عاقلته على الصحيح.
قال في الفروع قاله القاضي.
وعنه على عاقلته.
قوله: "وفي شريك السبع وشريك نفسه وجهان".
ذكرهما ابن حامد.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والكافي والشرح والنظم والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما: يجب القود اختاره أبو بكر.
وصححه في المذهب والتصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني: لا قود وهو المذهب قاله في الفروع وجزم به في المنور.
قال المصنف والشارح وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال إذا جرحه رجل ثم جرح الرجل نفسه فمات فعلى شريكه القصاص.
ثم قالا فأما إن جرح الرجل نفسه خطأ مثل إن أراد ضرب غيره فأصاب نفسه فلا قصاص على شريكه في أصح الوجهين.
وفي وجه آخر عليه القصاص بناء على الروايتين في شريك الخاطئ انتهى.
فائدة: حيث سقط القصاص عن الشريك وجب نصف الدية على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل تجب دية كاملة على شريك السبع.
وقيل تجب دية كاملة في شريك المقتص.
قلت: يتخرج وجوب الدية كاملة على شريك النفس من مسألة المنجنيق إذا قتل أحد الرماة به أن ديته على أصحابه كاملة على الصحيح من المذهب على ما يأتي في كتاب الديات.
فعلى هذا يكون هذا هو الصواب إلا أن يكون بينهما فرق مؤثر.
قوله: "ولو جرحه إنسان عمدا فداوى جرحه بسم".
ففي وجوب القصاص على الجارح وجهان.
وأطلقهما في الرعاية وشرح ابن منجا والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والهادي.
أحدهما يجب القصاص على الجارح.
صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني: لا قصاص عليه وهو المذهب.
قاله في الفروع وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
قال المصنف وتبعه الشارح لو جرحه إنسان فتداوى بسم وكان سم ساعة يقتل في الحال فقد قتل نفسه وقطع سراية الجرح وجرى مجرى من ذبح نفسه بعد أن جرح.
وينظر في الجرح فإن كان موجبا للقصاص فلوليه استيفاؤه وإلا فلوليه الأرش.
وإن كان السم لا يقتل غالبا وقد يقتل ففعل الرجل في نفسه عمد خطأ.
والحكم في شريكه كالحكم في شريك الخاطئ.
فإذا لم يجب القصاص فعلى الجارح نصف الدية.
وإن كان السم يقتل غالبا بعد مدة احتمل أن يكون عمد الخطأ أيضا.
واحتمل أن يكون في حكم العمد.
فيكون في شريكه الوجهان المذكوران في المسألة التي قبلها انتهيا.
قلت قال في الهداية وغيرها أو داواه بسم يقتل غالبا.
قوله: "أو خاطه في اللحم أو فعل ذلك وليه أو الإمام فمات ففي وجوب القصاص على الجارح وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والشرح والنظم وشرح ابن منجا وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما: يجب القصاص صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني: لا قصاص عليه وهو المذهب.
قاله في الفروع وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
باب شروط القصاص
قوله: "وهي أربعة أحدها أن يكون الجاني مكلفا فأما الصبي والمجنون فلا قصاص عليهما" بلا نزاع.قوله: "وفي السكران وشبهه روايتان أصحهما وجوبه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وهو المذهب.
صححه في النظم وغيره.
وقطع به القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
والثانية: لا يجب عليه وقدمه في الرعايتين هنا.
واختاره الناظم في كتاب الطلاق.
وذكر أبو الخطاب أن وجوب القصاص عليه مبني على طلاقه.
وقد تقدم ذلك محررا في أول كتاب الطلاق فليعاود.
قوله: "الثاني أن يكون المقتول معصوما فلا يجب القصاص بقتل حربي ولا مرتد ولا زان محصن وإن كان القاتل ذميا".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الرعاية وتبعه في الفروع ويحتمل قتل ذمي وأشار بعض أصحابنا إليه.
قاله في الترغيب لأن الحد لنا والإمام نائب نقله في الفروع.
فعلى المذهب لا دية عليه أيضا.
جزم به في المحرر والوجيز والفروع وغيرهم.
وعلى المذهب يعزر فاعل ذلك للافتيات على ولي الأمر كمن قتل حربيا.
وفي عيون المسائل له تعزيره.
فائدة: قال في الفروع فكل من قتل مرتدا أو زانيا محصنا ولو قبل توبته عند حاكم والمراد قبل التوبة قاله صاحب الرعاية فهدر.
وإن كان بعد التوبة إن قبلت ظاهرا فكإسلام طارئ.
فدل أن طرف زان محصن كمرتد لا سيما وقولهم "عضو من نفس وجب قتلها فهدر".
قال في الروضة: إن أسرع ولي قتيل أو أجنبي فقتل قاطع طريق قبل وصوله الإمام: فلا قود لأنه انهدر دمه.
قال في الفروع وظاهره ولا دية وليس كذلك.
وسيأتي في "باب قطاع الطريق".
قوله: "أو قطع مسلم أو ذمي يد مرتد أو حربي فأسلم ثم مات فلا شيء عليه".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به منهم صاحب الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع لأن الاعتبار في التضمين بحال ابتداء الجناية ولأنه لم يجن على معصوم.
وجعله في الترغيب كمن أسلم قبل أن يقع به السهم على الآتي بعده قريبا.
قوله: "أو رمى حربيا فأسلم قبل أن يقع به السهم فلا شيء عليه".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم قال في القواعد هذا أشهر.
وقيل: تجب الدية اختاره القاضي في خلافه والآمدي وأبو الخطاب في موضع من الهداية قاله في القواعد.
قوله: "وإن رمى مرتدا فأسلم قبل وقوع السهم به فلا قصاص".
وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقيل يقتل به.
قوله: "وفي الدية وجهان".
وأطلقهما في المغني والشرح.
أحدهما: لا تجب الدية أيضا وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في القواعد وهو أشهر.
وحكاه القاضي في روايتيه عن أبي بكر.
والوجه الثاني: تجب الدية اختاره القاضي في خلافه والآمدي وأبو الخطاب في موضع من الهداية.
وقيل: تجب الدية هنا وإن لم تجب الدية للحربي لتفريطه إذ قتله ليس إليه.
قال في القواعد وأصل هذا الوجه طريقة القاضي في المجرد وابن عقيل وأبو الخطاب في موضع من الهداية أنه لا يضمن الحربي بغير خلاف وفي المرتد وجهان.
قوله: "وإن قطع يد مسلم فارتد أي المقطوع يده ومات فلا شيء على القاطع في أحد الوجهين وفي الآخر يجب القصاص في الطرف أو نصف الدية".
إذا قطع يد مسلم ثم ارتد المقطوع ومات لم يجب القود في النفس بلا نزاع ولا يجب القود في الطرف أيضا على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح الصحيح لا قصاص.
قال في الفروع فلا قود في الأصح.
وصححه في التصحيح وغيره.
وجزم به الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
والوجه الثاني: عليه القود في الطرف.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قال في الفروع أصل الوجهين هل يفعل به كفعله أم في النفس فقط.
ويأتي بيان ذلك في آخر الباب الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
فعلى الوجه الثاني وهو وجوب القود في الطرف هل يستوفيه الإمام أو قريبه المسلم فيه وجهان.
قال في الفروع أصلهما هل ماله فيء أو لورثته.
وقد تقدم المذهب من ذلك في باب ميراث أهل الملل وأن الصحيح من المذهب أن ماله فيء فيستوفيه هنا الإمام على الصحيح من المذهب.
وعلى المذهب وهو عدم وجوب القود في الطرف يجب عليه الأقل من دية النفس أو الطرف فيستوفيه الإمام على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
وقيل لا يجب عليه إلا دية الطرف فقط.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
وقيل لا يجب عليه شيء سواء كان عمدا أو خطأ.
ويحتمل دخول هذا القول في كلام المصنف.
قوله: "وإن عاد إلى الإسلام ثم مات وجب القصاص في النفس في ظاهر كلامه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب وهو المذهب.
قال في المحرر وغيره نص عليه.
واختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والخلاصة وغيرهم.
وقال ابن أبي موسى يتوجه سقوط القود بالردة.
وقال القاضي إن كان زمن الردة مما تسرى فيه الجناية فلا قصاص فيه.
اختاره صاحب التبصرة.
فعلى هذا القول لا يجب إلا نصف الدية فقط على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر والنظم.
وقدمه في الرعايتين والفروع والحاوي الصغير.
وقيل تجب كلها.
فائدة: لو رمى ذمي سهما إلى صيد فأصاب آدميا وقد أسلم الرامي فقال الآمدي يجب ضمانه في ماله.
وبذلك جزم صاحب المحرر والكافي وغيرهما.
ومثله لو رمى بن معتقه فلم يصب حتى انجر ولاؤه إلى موالي أبيه.
ولو رمى مسلم سهما ثم ارتد ثم أصاب سهمه فقتل فهل تجب الدية في ماله اعتبارا بحال الإصابة أم على عاقلته اعتبارا بحال الرمي على وجهين ذكرهما في المستوعب.
قال في القواعد ويخرج منها في المسألتين الأولتين وجهان أيضا.
أحدهما: الضمان على أهل الذمة وموالي الأم.
والثاني: على المسلمين وموالي الأب.
قوله: "الثالث أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني وهو أن يساويه في الدين والحرية أو الرق فيقتل كل واحد من المسلم الحر أو العبد والذمي الحر أو العبد بمثله".
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة أن العبد يقتل بالعبد سواء كان مكاتبا أو لا وسواء كان يساوي قيمته أو لا.
وعنه لا يقتل به إلا أن تستوي قيمتهما ولا عمل عليه.
ويأتي في أول باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس مزيد بيان على ذلك.
تنبيه: عموم كلامه يشمل ما لو كان العبد القاتل والعبد المقتول لواحد وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وجزم به في الرعاية صريحا.
وقدمه في القواعد الأصولية.
ويؤيده ما قاله المصنف وغيره في المكاتبة.
وقيل لا يقتل به والحالة هذه.
وهما وجهان مطلقان في المذهب ومسبوك الذهب نقلهما في الفروع عنه.
قال في الرعاية فإن قتل عبد زيد عبده الآخر فله قتله دون العفو على مال.
قلت فيعايى بها.
وعموم كلامه أيضا يشمل ما لو قتل عبد مسلم عبدا مسلما لذمي وهو صحيح وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر كلام الأصحاب وهو الصواب.
وقيل لا يقتل به.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
فائدة: لا يقتل مكاتب بعبده.
فإن كان ذا رحم محرم منه كأخيه ونحوه فوجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما: لا يقتل به وهو المذهب.
جزم به في المنور وقدمه في النظم.
والثاني: يقتل به.
تنبيه: ظاهر قوله أن يساويه في الدين والحرية أو الرق أنه لو قتل من بعضه حر مثله أو أكثر منه حرية أنه يقتل به وهو صحيح وهو المذهب والصحيح من الوجهين.
صححه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقطع به الزركشي وغيره.
وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره.
وقيل لا يقتل به.
قوله: "ويقتل الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر في الصحيح عنه".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والفروع وغيرهم.
وعنه يعطي الذكر نصف الدية إذا قتل الأنثى.
قال في المحرر وهو بعيد جدا.
وخرج في الواضح من هذه الرواية فيما إذا قتل عبد عبدا وفي تفاضل مال في قود طرفه.
قوله: "ولا يقتل مسلم بكافر ولو ارتد ولا حر بعبد".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه يقتل حر بعبد ومسلم بكافر وأن الخبر في الحربي كما يقطع بسرقة ماله.
قال وفي كلام بعضهم حكم المال غير حكم النفس بدليل القطع بسرقة مال زان وقاتل في محاربة ولا يقتل قاتلهما.
والفرق أن مالهما باق على العصمة كمال غيرهما وعصمة دمهما زالت.
قوله: "ولا يقتل حر بعبد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس في العبد نصوص صريحة صحيحة تمنع قتل الحر به وقوى أنه يقتل به وقال هذا الراجح وأقوى على قول الإمام أحمد رحمه الله.
قوله: "ولا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد إلا أن يقتله وهو مثله أو يجرحه ثم يسلم القاتل أو الجارح أو يعتق ويموت المجروح فإنه يقتل به".
يعني: إذا قتل عبد عبدا أو ذمي أو مرتد ذميا أو جرحه ثم أسلم القاتل أو الجارح أو عتق ويموت المجروح فإنه يقتل به على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع قتل به في المنصوص.
قال المصنف والشارح ذكره أصحابنا.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقيل لا يقتل به وهو احتمال في المغني وغيره.
وهو ظاهر نقل بكر كإسلام حربي قاتل.
فائدة: لو قتل من هو مثله ثم جن وجب القود على الصحيح من المذهب.
وقيل لا قود.
قوله: "ولو جرح مسلم ذميا أو حر عبدا ثم أسلم المجروح وعتق ومات فلا قود وعليه دية حر مسلم في قول ابن حامد".
وهو المذهب اختاره المصنف والشارح.
وذكر ابن أبي موسى أنه نص عليه في وجوب دية المسلم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي قول أبي بكر عليه في الذمي دية ذمي وفي العبد قيمته لسيده.
واختاره القاضي وأصحابه.
وحكى القاضي عن ابن حامد أنه يجب أقل الأمرين من قيمة العبد أو الدية.
وحكى أبو الخطاب عن القاضي أن ابن حامد أوجب دية حر للمولى منهما أقل الأمرين من نصف الدية أو نصف القيمة والباقي لورثته.
وذكر القاضي في المجرد احتمالا بوجوب أكثر الأمرين من القيمة أو الدية.
فعلى المذهب يأخذ سيده قيمته نقله حنبل وقت جنايته وكذا ديته إلا أن تجاوز الدية أرش الجناية فالزيادة لورثة العبد.
وتقدم كلام ابن حامد.
وكون قيمته يوم الجناية للسيد من مفردات المذهب.
وعلى الثاني: جميع القيمة للسيد.
ذكره أبو بكر والقاضي والأصحاب.
ذكره في القاعدة الثامنة والعشرين بعد المائة.
فائدتان
إحداهما: لو وجب بهذه الجناية قود فطلب القود للورثة على هذه وعلى الأخرى للسيد قاله في الفروع.
الثانية: لو جرح عبد نفسه ثم أعتقه قبل موته ثم مات فلا قود عليه وفي ضمانه الخلاف المتقدم.
قوله: "وإن رمى مسلم ذميا عبدا فلم يقع به السهم حتى عتق وأسلم فلا قود عليه وعليه دية حر مسلم إذا مات من الرمية ذكره الخرقي".
وهو المذهب اختاره ابن حامد أيضا والقاضي.
واختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر عليه القصاص.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره ابن حامد أيضا حكاه عنه ابن عقيل في التذكرة.
فعلى المذهب تكون الدية للورثة لا للسيد.
قوله: "ولو قتل من يعرفه ذميا عبدا فبان أنه قد عتق وأسلم فعليه القصاص".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل لا قصاص عليه ذكره في القاعدة الأصولية.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو قتل من يظنه قاتل أبيه فلم يكن.
قوله: "وإن كان يعرفه مرتدا فكذلك قاله أبو بكر".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
قال أبو بكر ويحتمل أن لا يلزمه إلا الدية.
وهو وجه لبعض الأصحاب قاله ابن منجا.
وقال في المحرر: ولو قتل من يعرفه مرتدا فبان أنه قد أسلم ففي القود على قول أبي بكر وجهان.
يعني في مسألة أبي بكر والخرقي التي قبل هذه المسألة.
وقال في الروضة فيما إذا رمى مسلم ذميا هل يلزمه دية مسلم أو كافر فيه روايتان اعتبارا بحال الإصابة أو الرمية.
ثم بنى مسألة العبد على الروايتين في ضمانه بدية أو قيمة.
ثم بنى عليهما من رمى مرتدا أو حربيا فأسلم قبل وقوعه هل يلزمه دية مسلم أو هدر انتهى.
قوله: "الرابع أن لا يكون أبا للمقتول فلا يقتل الوالد" يعني وإن علا "بولده وإن سفل والأب والأم في ذلك سواء".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تقتل الأم حكاها أبو بكر والمصنف.
وردها القاضي وقال لا تقتل الأم رواية واحدة.
وعنه تقتل الأم والأب.
وعنه يقتل أبو الأم بولد بنته وعكسه.
وحكاهما الزركشي وجهين.
وقال في الروضة لا تقتل أم والأصح وجدة.
وقال في الانتصار لا يجوز للابن قتل أبيه بردة وكفر بدار الحرب ولا رجمه بزنا ولو قضى عليه برجم.
وعنه لا قود بقتل مطلقا في دار الحرب فتجب دية إلا لغير مهاجر.
تنبيهان
أحدهما: عموم كلامه أنه لا تأثير لاختلاف الدين والحرية كاتفاقهما وهو صحيح وقاله الأصحاب.
فلو قتل الكافر ولده المسلم أو قتل المسلم أباه الكافر أو قتل العبد ولده الحر أو قتل الحر والده العبد لم يجب القصاص لشرف الأبوة فيما إذا قتل ولده وانتفاء المكافأة فيما إذا قتل والده.
الثاني: مراده بقوله فلا يقتل الوالد بولده غير ولده من الزنى فإنه يقتل به على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل لا يقتل به وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب.
فائدة: يقتل الوالد بقتله ولده من الرضاع قاله في الفروع.
قوله: "ويقتل الولد بكل واحد منهما في أظهر الروايتين".
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
قال في الفروع يقتل على الأصح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وصححه المصنف وغيره.
والرواية الثانية لا يقتل بواحد منهما.
وتقدم قريبا قوله "يقتل بن بنته به".
قوله: "ومتى ورث ولده القصاص أو شيئا منه أو ورث القاتل شيئا من دمه: سقط القصاص".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يسقط بإرث الولد اختاره بعض الأصحاب.
قوله: "ولو قتل أحد الابنين أباه والآخر أمه وهي زوجة الأب سقط القصاص عن الأول لذلك".
والقصاص على القاتل الثاني لأن القتيل الثاني ورث جزءا من دم الأول فلما قتل ورثه فصار له جزءا من دم نفسه فسقط القصاص عن الأول وهو قاتل الأب لإرثه ثمن أمه وعليه سبعة أثمان ديته لأخيه.
"وله أن يقتص من أخيه ويرثه".
على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر ويرثه على الأصح.
قال في الفروع والرعاية وغيرهما وله قتله.
تنبيه: مفهوم قوله وهي زوجة الأب أنها لو كانت بائنا أن عليهما القتل وهو صحيح جزم به في الرعاية والفروع وغيرهما وكذا لو قتلاهما معا.
قوله: "وإن قتل من لا يعرف وادعى كفره أو رقه أو ضرب ملفوفا فقده وادعى أنه كان ميتا وأنكر وليه".
وجب القصاص والقول قول المنكر هذا المذهب.
قال في الفروع فالقود أو الدية في الأصح إن أنكر الولي.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا قصاص والقول قول الجاني وحكى عن أبي بكر.
وأطلق ابن عقيل في موته وجهين.
وسأل ابن عقيل القاضي فقال لا يعتبر بالدم وعدمه فقال لا لم يعتبره الفقهاء.
قال في الفروع ويتوجه يعتبر.
قلت وهو قوي عند أهل الخبرة بذلك.
قوله: "أو قتل رجلا في داره وادعى أنه دخل يكابره على أهله أو ماله فقتله دفعا عن نفسه وأنكر وليه".
وجب القصاص والقول قول المنكر وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع ويتوجه عدمه في معروف بالفساد.
قلت وهو الصواب ويعمل بالقرائن والأحوال.
فائدة: لو ادعى القاتل أن المقتول زنى وهو محصن بشاهدين نقله ابن منصور واختاره أبو بكر وغيره ونقل أبو طالب وغيره بأربعة اختاره الخلال وغيره قتل وإلا ففيه باطنا وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب قبول قوله في الباطن.
ولا تقبل دعواه ذلك من غير بينة في الظاهر على الصحيح من المذهب.
وقيل تقبل ظاهرا.
وقاله في رواية ابن منصور بعد كلامه الأول.
وقد روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام:
"منزل الرجل حريمه فمن دخل عليك حريمك فاقتله".
قال في الفروع فدل أنه لا يعزر.
ولهذا ذكر في المغني وغيره إن اعترف الولي بذلك فلا قود ولا دية واحتج بقول عمر رضي الله عنه.
قال في الفروع وكلامهم وكلام الإمام أحمد رحمه الله السابق يدل على أنه لا فرق بين كونه محصنا أو لا.
وكذا ما يروى عن عمر وعلي رضي الله عنهما.
وصرح به بعض المتأخرين كشيخنا وغيره لأنه ليس بحد وإنما هو عقوبة على فعله وإلا لاعتبرت شروط الحد.
والأول ذكره في المستوعب وغيره.
وسأله أبو الحارث وجده يفجر بها له قتله قال قد روى عن عمر وعثمان رضي الله عنهما.
قوله: "أو تجارح اثنان وادعى كل واحد منهما أنه جرحه دفعا عن نفسه: وجب القصاص والقول قول المنكر".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وفي المذهب لابن الجوزي والكافي تجب الدية فقط.
ونقل أبو الصقر وحنبل في قوم اجتمعوا بدار فجرح وقتل بعضهم بعضا وجهل الحال أن على عاقلة المجروحين دية القتلى يسقط منها أرش الجراح.
قال الإمام أحمد رحمه الله قضى به علي رضي الله عنه.
وهل على من ليس به جرح من دية القتلى شيء فيه وجهان قاله ابن حامد.
نقله في المنتخب واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب أنهم يشاركونهم في الدية.
فائدة: نقل حنبل فيمن أريد قتله قودا فقال رجل آخر أنا القاتل لا هذا أنه لا قود.
والدية على المقر لقول علي رضي الله عنه أحيا نفسا ذكره الشيرازي في المنتخب.
وحمله أيضا على أن الولي صدقه بعد قوله لا قاتل سوى الأول ولزمته الدية لصحة بذلها منه.
وذكر في المنتخب في القسامة لو شهدا عليه بقتل فأقر به غيره فذكر رواية حنبل. انتهى.
ولو أقر الثاني بعد إقرار الأول قتل الأول لعدم التهمة ومصادفته الدعوى.
وقال في المغني في القسامة لا يلزم المقر الثاني شيء.
فإن صدقه الولي بطلت دعواه الأولى ثم هل له طلبه فيه وجهان.
ثم ذكر المنصوص وهو رواية حنبل وأنه أصح لقوله عمن أحيا نفسا.
وذكر الخلال وصاحبه رواية حنبل ثم رواية مهنا ادعى على رجل أنه قتل أخاه فقدمه إلى السلطان فقال إنما قتله فلان فقال فلان صدق أنا الذي قتلته فإن هذا المقر بالقتل يؤخذ به.
قلت أليس قد ادعى على الأول قال إنما هذا بالظن فأعدت عليه فقال يؤخذ الذي أقر أنه قتله.
باب استيفاء القصاص
قوله: "ويشترط له ثلاثة شروط أحدها أن يكون مستحقه مكلفا فإن كان صبيا أو مجنونا لم يجز استيفاؤه ويحبس القاتل حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون". بلا نزاع في الجملة.قوله: "إلا أن يكون لهما أب فهل له استيفاؤه لهما على روايتين".
وحكاهما أبو الخطاب في بعض المواضع وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والبلغة.
إحداهما: ليس له استيفاؤه لهما وهو المذهب نصره المصنف والشارح.
قال ابن منجا في شرحه وهي أصح.
وصححهما في التصحيح والخلاصة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: له استيفاؤه.
فعلى هذه الرواية يجوز له العفو على الدية نص عليه.
وكذا الوصي والحاكم على الرواية الآتية.
تنبيه: ظاهر كلامه أن الوصي والحاكم ليس لواحد منهما استيفاؤه لهما وهو المذهب وقطع به كثير من الأصحاب.
وعنه يجوز لهما استيفاؤه أيضا كالأب.
قوله: "وإن كانا محتاجين إلى النفقة فهل لوليهما العفو على الدية يحتمل وجهين".
وكذا قال في الهداية والمذهب وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
إحداهما له العفو وهو الصواب جزم به الآدمي في منتخبه.
قال القاضي وهو الصحيح.
وصححه الشارح والناظم وصاحب تجريد العناية.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
والثاني: ليس له ذلك وقدمه في إدراك الغاية.
والمنصوص جواز عفو ولي المجنون دون الصبي وهو المذهب.
صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور وأطلقهن في المحرر.
وعنه للأب العفو خاصة.
قوله: "وإن قتلا قاتل أبيهما أو قطعا قاطعهما قهرا احتمل أن يسقط حقهما".
وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
واحتمل أن تجب لهما دية أبيهما في مال الجاني وتجب دية الجاني على عاقلتهما.
وجزم به في الترغيب وعيون المسائل.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الشرح الكبير.
قوله: "الثاني اتفاق جميع الأولياء على استيفائه وليس لبعضهم استيفاؤه دون بعض" بلا نزاع.
"فإن فعل فلا قصاص عليه وعليه لشركائه حقهم من الدية وتسقط عن الجاني في أحد الوجهين".
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وفي الآخر لهم ذلك من تركة الجاني ويرجع ورثة الجاني على قاتله.
يعني بما فوق حقه وهذا المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وأطلقهما في المغني والبلغة والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
وفي الواضح احتمال يسقط حقهم على رواية وجوب القود عينا.
ويأتي آخر الباب "إذا قتل جماعة فاستوفى بعضهم من غير إذن أولياء الباقين".
فائدة: "قوله وإن عفا بعضهم سقط القصاص وإن كان العافي زوجا أو زوجة".
ويسقط القصاص أيضا بشهادة بعضهم ولو مع فسقه لكونه أقر بأن نصيبه سقط من القود ذكره في المنتخب.
قلت فيعايى بها.
قوله: "وللباقين حقهم من الدية على الجاني".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في التبصرة إن عفا أحدهم فللبقية الدية وهل يلزمهم حقهم من الدية فيه روايتان. انتهى.
قوله: "فإن قتله الباقون عالمين بالعفو وسقوط القصاص فعليهم القود وإلا فلا قود عليهم وعليهم ديته" بلا نزاع.
قوله: "وسواء كان الجميع حاضرين أو بعضهم غائبا".
وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وحكى في الرعايتين ومن تابعه رواية بأن للحاضر مع عدم العفو القصاص كالرواية التي في الصغير والمجنون الآتية ولم نرها لغيره.
قوله: "وإن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا فليس للبالغ العاقل الاستيفاء حتى يصيرا مكلفين في المشهور".
وهو المذهب نص عليه.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وصححه في البلغة وغيره.
وجزم به في الخرقي وصاحب الكافي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه له ذلك.
فائدة: لو مات الصبي والمجنون قبل البلوغ والعقل قام وارثهما مقامهما في القصاص. على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وعند ابن أبي موسى يسقط القود وتتعين الدية.
قوله: "وكل من ورث المال ورث القصاص على قدر ميراثه من المال حتى الزوجين وذوي الأرحام".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه يختص العصبة ذكرها ابن البنا.
وخرجها الشيخ تقي الدين رحمه الله واختارها.
فائدة: هل يستحق الوارث القصاص ابتداء أم ينتقل عن موروثه فيه روايتان.
وأطلقهما في الفروع والقواعد الفقهية في القاعدة السادسة عشر بعد المائة.
إحداهما: يستحقونه ابتداء لأنه يجب بالموت.
قلت وهو الصواب.
والثانية: ينتقل عن موروثه لأن سببه وجد في حياته وهو الصواب قياسا على الدية.
وتقدم حكم الدية في "باب الموصى به".
قوله: "ومن لا وارث له وليه الإمام إن شاء اقتص".
هذا المذهب المشهور المقطوع به عند جماهير الأصحاب.
وقال في الانتصار وعيون المسائل في القود منع وتسليم لأن بنا حاجة إلى عصمة.
الدماء فلو لم يقتل لقتل كل من لا وارث له قالا ولا رواية فيه.
وفي الواضح وغيره كوالد لولده.
قوله: "وإن شاء عفا" عنه.
ظاهره شمل مسألتين.
إحداهما العفو إلى الدية كاملة والصحيح من المذهب جواز ذلك.
قال في الفروع: والأشهر له أخذ الدية.
قال في القواعد: قاله الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقيل ليس له العفو إلى الدية.
المسألة الثانية العفو مجانا وظاهر كلامه هنا جوازه وهو وجه لبعض الأصحاب.
والصحيح من المذهب أنه ليس له ذلك ويحتمله كلام المصنف.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
قال في القاعدة التاسعة والأربعين بعد المائة قاله الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره.
قوله: "الثالث أن يؤمن في الاستيفاء التعدي إلى غير القاتل فلو وجب القصاص على حامل أو حملت بعد وجوبه لم تقتل حتى تضع الولد وتسقيه اللبأ". بلا خلاف أعلمه.
"ثم إن وجد من يرضعه وإلا تركت حتى تفطمه".
وهذا المذهب مطلقا.
جزم به في الوجيز والمحرر والنظم والرعاية والحاوي والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وقدمه في الفروع.
وقال في المغني وتبعه الشارح له القود إن غذي بلبن شاة.
فائدة: مدة الرضاع حولان كاملان.
وذكر في الترغيب أنها تلزم بأجرة رضاعه.
قوله: "ولا يقتص منها في الطرف حال حملها" بلا نزاع.
والصحيح من المذهب أنه يقتص منها بعد الوضع وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر كلامه في المحرر والنظم والرعاية والحاوي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المغني لا يقتص منها في الطرف حتى تسقي اللبأ.
وزاد في المستوعب وغيره وتفرغ من نفاسها.
وقال في البلغة هي فيه كمريض وأنه إن تأثر لبنها بالجلد ولم يوجد مرضع أخر القصاص.
قوله: "وحكم الحد في ذلك حكم القصاص".
هذا المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
واستحب القاضي تأخير الرجم حتى تفطمه.
وقيل يجب التأخير حتى تفطمه.
نقل الجماعة تترك حتى تفطمه.
قال في البلغة والترغيب بعد ذكر القصاص في النفس من الحامل وهذا بخلاف المحدودة فإنها لا ترجم حتى تفطم مع وجود المرضعة وعدمها لأن حقوق الله أسهل ولذلك تحبس في القصاص ولا تحبس في الحد ولا يتبع الهارب فيه.
قوله: "وإن ادعت الحمل احتمل أن يقبل منها فتحبس حتى يتبين أمرها".
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والنظم والرعايتين والحاوي.
"واحتمل أن لا يقبل منها إلا ببينة".
ويقبل قول امرأة.
وعبارته في الهداية والمذهب كعبارة المصنف.
وأطلقهما في الشرح والخلاصة.
فعلى المذهب قال في الترغيب لا قود على منكوحة مخالطة لزوجها وفي حالة الظهار احتمالان.
قوله: "وإن اقتص من حامل وجب ضمان جنينها على قاتلها".
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال المصنف وتبعه في الشرح إن كان الإمام والولي عالمين بالحمل وتحريم الاستيفاء أو جاهلين بالأمرين أو بأحدهما أو كان الولي عالما بذلك دون الحاكم فالضمان عليه وحده لأنه مباشر والحاكم سبب.
وإن علم الحاكم دون الولي فالضمان على الحاكم وحده لأن المباشر معذور.
وقال القاضي إن كان أحدهما عالما وحده فالضمان عليه وحده.
وإن كانا عالمين فالضمان على الحاكم.
وإن كانا جاهلين ففيه وجهان.
أحدهما: الضمان على الإمام.
والثاني : على الولي.
وقال أبو الخطاب يجب على السلطان الذي مكنه من ذلك ولم يفرق.
وجزم به في المذهب والخلاصة وقدمه في الرعايتين.
وقال في الفروع ويتوجه مثله إن حدث قبل الوضع.
وقال في المذهب في ضمانها وجهان.
فعلى القول بأن السلطان يضمن هل تجب الغرة في مال الإمام أو في بيت المال فيه روايتان.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
إحداهما: تجب في بيت المال.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والنظم.
وهذا المذهب على ما يأتي في باب العاقلة.
والرواية الثانية: يضمنها في ماله قدمه في الرعايتين.
وإن ألقته حيا ثم مات وقلنا يضمنه السلطان فهل تجب ديته على عاقلة الإمام أو في بيت المال على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
إحداهما: تجب على عاقلة الإمام قدمه في الخلاصة والرعايتين.
والرواية الثانية: تجب في بيت المال لأنه من خطأ الإمام على ما يأتي.
قلت وهذا المذهب لأن الصحيح من المذهب أن خطأ الإمام والحاكم في بيت المال. على ما يأتي في كلام المصنف في أوائل "باب العاقلة".
قوله: "ولا يستوفى القصاص إلا بحضرة السلطان" أو نائبه.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والحاوي والرعاية الصغرى والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يجوز الاستيفاء بغير حضور السلطان إذا كان القصاص في النفس.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ويستحب أن يحضره شاهدين.
فائدتان
إحداهما: لو خالف واستوفى من غير حضوره وقع موقعه وللسلطان تعزيره.
وقال في المغني والشرح ويعزره الإمام لافتياته فظاهره الوجوب.
وقال في عيون المسائل لا يعزره لأنه حق له كالمال.
ونقل صالح وابن هانئ مثله.
الثانية: قال في النهاية يستحب للسلطان أن يحضر القصاص عدلين فطنين حتى لا يقع حيف ولا جحود وقاله في الرعاية وغيره.
قوله: "وإن احتاج إلى أجرة فمن مال الجاني".
هذا الصحيح من المذهب كالحد وعليه جماهير الأصحاب.
جزم به في المحرر والحاوي والمنور والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح والرعايتين والفروع وغيرهم.
وقيل من مستحقي الجناية.
وقال بعض الاصحاب يرزق من بيت المال رجل يستوفي الحدود والقصاص.
وقال أبو بكر يستأجر من مال الفيء فإن لم يكن فمن مال الجاني.
قوله: "والولي مخير بين الاستيفاء بنفسه إن كان يحسن وبين التوكيل".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل ليس له أن يستوفي في الطرف بنفسه بحال.
وهو تخريج للقاضي.
وقيل يتعين التوكيل في الطرف ذكره في الرعاية.
وقيل يوكل فيهما كما لو كان يجهله.
قوله: "وإن تشاح أولياء المقتول في الاستيفاء قدم أحدهم بالقرعة".
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في البلغة والمحرر والحاوي الصغير والنظم والفروع وغيرهم.
قال في القواعد الفقهية هذا المشهور.
وقيل يعين الإمام أحدهم واختاره ابن أبي موسى.
فعلى المذهب من وقعت له القرعة يوكله الباقون.
فائدتان
إحداهما: لو اقتص الجاني من نفسه ففي جوازه برضى الولي وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يجوز وهو الصحيح.
جزم به في المنور والوجيز.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
والثاني لا يجوز صححه في النظم.
وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح.
وصحح في الترغيب لا يقع ذلك قودا.
وقال في البلغة يقع ذلك قودا.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين.
قال ولو أقام حد زنا أو قذف على نفسه بإذن لم يسقط بخلاف قطع سرقة.
ويأتي إذا وجب عليه حد هل يسقط بإقامته على نفسه بإذن الإمام أم لا في كتاب الحدود.
الثانية: يجوز له أن يختن نفسه إن قوي عليه وأحسنه نص عليه لأنه يسير وتقدم ذلك في باب السواك.
وليس له القطع في السرقة لفوات الردع.
وقال القاضي على أنه لا يمتنع القطع بنفسه وإن منعناه فلأنه ربما اضطربت يده فجنى على نفسه ولم يعتبر القاضي على جوازه إذنا.
قال في الفروع ويتوجه اعتباره قال وهو مراد القاضي.
وهل يقع الموقع يتوجه على الوجهين في القود.
قال ويتوجه احتمال تخريج في حد زنا وقذف وشرب كحد سرقة وبينهما فرق لحصول المقصود في القطع في السرقة وهو قطع العضو الواجب قطعه وعدم حصول الردع والزجر بجلده نفسه وقد يقال بحصول الردع والزجر بحصول الألم والتأذي بذلك انتهى.
قوله: "ولا يستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف في إحدى الروايتين".
وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في الفروع وقال نص عليه واختاره الأصحاب.
قال الزركشي هو المشهور واختيار الأكثرين.
قال في الانتصار وغيره في قود وحق الله لا يجوز في النفس إلا بسيف لأنه أزجر لا بسكين ولا في طرف إلا بها لئلا يحيف وأن الرجم بحجر لا يجوز بسيف انتهى.
وفي الرواية الأخرى يفعل به كما فعل إلا ما استثنى أو يقتل بالسيف.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله فقال هذا أشبه بالكتاب والسنة والعدل.
قال الزركشي وهي أوضح دليلا.
فعليها ولو قطع يديه ثم قتله فعل به ذلك وإن قتله بحجر أو أغرقه أو غير ذلك فعل به مثل فعله.
قوله: "وإن قطع يده من مفصل أو غيره أو أوضحه فمات فعل به كفعله".
في هذه المسألة طريقان.
أحدهما: أن فيها الروايتين المتقدمتين.
قال المصنف والشارح وهو قول غير أبي بكر والقاضي وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
والطريق الثاني: أنه هنا يقتل ولا يزاد عليه رواية واحدة وهو قول أبي بكر والقاضي.
قال المصنف في المغني وتبعه الشارح وهو الصحيح من المذهب.
واعلم أن محل ذلك فيما لو انفرد لم يكن فيه قصاص كما لو أجافه أو أمه أو قطع يده من نصف ذراعه أو رجله من نصف ساقه أو يدا ناقصة أو شلاء أو زائدة ونحوه فسرى.
ومثل المصنف بما لا يجب فيه قصاص كالقطع من مفصل والموضحة.
ومثل لما يجب فيه القصاص كالقطع من المفصل.
واعلم أنه لو قطع يديه أو رجليه أو جرحه جرحا يوجب القصاص لو انفرد فسرى إلى النفس ففيه طريقان أيضا.
والصحيح منهما أنه على الروايتين.
اختاره القاضي والمصنف وغيرهما.
فيصح تمثيل المصنف بقطع اليد من المفصل.
والطريق الثاني: أنه لا يقتص من الطرف رواية واحدة وهي طريقة أبي الخطابي وجماعة. ففي كل من المسألتين طريقان ولكن الترجيح مختلف.
وحيث قلنا يفعل به مثل ما فعل وفعل فإن مات وإلا ضربت عنقه.
وفي الانتصار احتمال أو الدية بغير رضاه.
وقال في الفروع وأطلق جماعة رواية يفعل به كفعله غير المحرم واختاره أبو محمد الجوزي.
وعنه يفعل به كفعله إن كان موجبا وإلا فلا.
وعنه يفعل به كفعله إن كان موجبا أو موجبا لقود طرفه لو انفرد وإلا فلا.
فعلى المذهب في أصل المسألة لو فعل به مثل فعله فقد أساء ولم يضمن وأنه لو قطع.
طرفه ثم قتله قبل البرء ففي دخول قود طرفه في قود نفسه كدخوله في الدية روايتان.
وأطلقهما في الفروع والمحرر والحاوي.
إحداهما: يدخل قود الطرف في قود النفس ويكفي قتله.
صححه في النظم وقدمه في الرعايتين.
وهو ظاهر ما قطع به الخرقي.
والرواية الثانية: لا يدخل قود الطرف في قود النفس فله قطع طرفه ثم قتله.
قال في الترغيب فائدة الروايتين لو عفا عن النفس سقط القود في الطرف لأن قطع السراية كاندماله.
وعلى المذهب أيضا لو قطع طرفا ثم عفا إلى الدية كان له تمامها.
وإن قطع ما يوجب الدية ثم عفا لم يكن له شيء.
وإن قطع أكثر مما يوجب به دية ثم عفا فهل يلزمه ما زاد على الدية أم لا فيه احتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والزركشي.
قلت الصواب أنه لا يلزمه الزائد.
وعلى الرواية الثانية الاقتصار على ضرب عنقه أفضل.
وإن قطع ما قطع الجاني أو بعضه ثم عفا مجانا فله ذلك.
وإن عفا إلى الدية لم يجز بل له ما بقي من الدية فإن لم يبق شيء سقط.
قوله: "ولا تجوز الزيادة على ما أتى رواية واحدة ولا قطع شيء من أطرافه. فإن فعل فلا قصاص فيه" عليه بلا خلاف أعلمه.
"وتجب فيه ديته سواء عفا عنه أو قتله".
وهذا المذهب جزم به في المحرر والرعاية والحاوي والوجيز ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل تجب فيه ديته إن لم يسر القطع.
وجزموا به في كتب الخلاف وقالوا أومأ إليه في رواية ابن منصور أو يقتله.
فائدة: لو قطع يده فقطع المجني عليه رجل الجاني فقيل هو كقطع يده.
وقيل يلزمه دية رجله.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي والفروع.
قوله: "وإن قتل واحد جماعة فرضوا بقتله قتل لهم ولا شيء لهم سواه وإن تشاحوا فيمن يقتله منهم على الكمال أقيد للأول".
ولمن بقي الدية.
هذا أحد الوجوه والمذهب منهما.
وقدمه في الرعايتين.
وجزم به في الكافي والشرح وشرح ابن منجا والخرقي.
وقال في المغني يقدم الأول وإن قتلهم دفعة واحدة أقرع بينهم انتهى.
وقيل يقرع بينهم.
قال في الرعاية وهو أقيس.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وأطلقهما الزركشي.
وقيل يقاد للكل اكتفاء مع المعية.
وأطلقهن في الفروع.
وقال في الانتصار إذا طلبوا القود فقد رضي كل واحد بجزء منه وأنه قول الإمام أحمد رحمه الله.
قال: ويتوجه أن يجبر له باقي حقه بالدية.
ويتخرج يقتل بهم فقط على رواية وجوب القود بقتل العمد.
فوائد
الأولى: لو قتلهم دفعة واحدة وتشاحوا في المستوفى أقرع بينهم بلا نزاع.
فلو بادر غير من وقعت له القرعة فقتله استوفى حقه وسقط حق الباقين إلى الدية.
وإن قتلهم متفرقا وأشكل الأول وادعى ولي كل واحد منهم أنه الأول ولا بينة لهم فأقر القاتل لأحدهم قدم بإقراره وهذا على القول الأول وإن لم يقر أقرعنا بينهم بلا خلاف.
الثانية: لو عفا الأول عن القود فهل يقرع بين الباقين أو يقدم ولي المقتول الأول أو يقاد للكل مبني على ما تقدم من الخلاف.
الثالثة: قوله: "وإن قتل وقطع طرفا قطع طرفه ثم قتل لولي المقتول" بلا نزاع.
لكن لا قود حتى يندمل.
ولو قطع يد رجل وإصبع آخر قدم رب اليد إن كان أولا وللآخر دية إصبعه.
وإن كان آخرا قدم رب الإصبع ثم يقتص رب اليد وفي أخذه دية الإصبع الخلاف.
وقدم في الرعاية وغيرها أن له دية الإصبع.
قلت وهو الصواب.
فائدة قوله: "وإن قطع أيدي جماعة فحكمه حكم القتل".
فيما تقدم خلافا ومذهبا قاله الأصحاب.
وقال القاضي في الخلاف في تيمم من لم يجد إلا ماء لبعض بدنه ولو قطع يمنى رجليه فقطعت يمينه لهما أخذ منه نصف دية اليد لكل منهما فيجمع بين البدل وبعض المبدل.
فائدة: لو بادر بعضهم فاقتص بجنايته في النفس أو في الطرف فلمن بقي الدية على الجاني على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وفي كتاب الآدمي البغدادي ويرجع ورثته على المقتص.
وقدم الحلواني في التبصرة وابن رزين يرجع على قاتله.
وقال في الرعاية بعد أن قدم الأول وقيل بل على قاتل الجاني.
وقيل إن سقط القود لاختلاف العلماء في جواز استيفاء أحدهم فعلى الجاني وإن سقط للشركة فعلى المستوفي.
وتقدم إذا استوفى بعض الأولياء القصاص من غير إذن شركائه في كلام المصنف في الباب. حيث قال "وليس لبعضهم استيفاؤه".
تم بحمد الله وحسن توفيقه طبع الجزء التاسع من كتاب
الإنصاف في مطابع دار إحياء التراث العربي - بيروت الزاهرة.
أدامها الله لطبع المزيد من الكتب النافعة.
والحمد لله رب العالمين.
المجلد العاشر
كتاب الجنايات
باب العفو عن القصاص...
بسم الله الرحمن الرحيم
باب العفو عن القصاص
قوله : "والواجب بقتل العمد أحد شيئين القصاص أو الدية في ظاهر المذهب".
هذا المذهب المشهور المعمول به في المذهب وعليه الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه أن الواجب القصاص عينا.
فعلى المذهب الخيرة فيه إلى الولي فإن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا إلى غير شيء والعفو أفضل بلا نزاع في الجملة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله استيفاء الإنسان حقه من الدم عدل والعفو إحسان والإحسان هنا أفضل لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانا إلا بعد العدل وهو أن لا يحصل بالعفو ضرر فإذا حصل به ضرر كان ظلما من العافي إما لنفسه وإما لغيره فلا يشرع.
قلت وهذا عين الصواب.
ويأتي بعض ذلك في آخر المحاربين.
وقال في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله مطالبة المقتول بالقصاص توجب تحتمه فلا يمكن الورثة بعد ذلك من العفو.
وعلى المذهب إن اختار القصاص فله العفو على الدية على الصحيح من المذهب لأن القصاص أعلى فكان له الانتقال إلى الأدني ويكون بدلا عن القصاص وليست هذه الدية هي التي وجبت بالقتل وعلى هذا أكثر الأصحاب.
قال في الفروع فله ذلك في الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والكافي والمحرر والشرح والرعايتين والنظم والحاوي وغيرهم.
وهو قول القاضي وابن عقيل وغيرهما.
وقيل ليس له ذلك لأنه أسقطها باختياره القصاص فلم يعد إليها.
وهو احتمال في المغني والمحرر والشرح وغيرهم.
وهو وجه في الترغيب.
وعلى المذهب أيضا إن اختار الدية سقط القصاص ولم يملك طلبه كما قال المصنف.
وعلى المذهب أيضا لو اختار القصاص كان له الصلح على أكثر من الدية على الصحيح من المذهب لما تقدم وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل ليس له ذلك.
واختاره في الانتصار وبعض المتأخرين من الأصحاب.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في باب الصلح حيث قال ويصح الصلح عن القصاص بديات وبكل ما يثبت مهرا واستوفينا الكلام هناك فليعاود.
قوله : "وله العفو إلى الدية وإن سخط الجاني".
يعني إذا قلنا الواجب القصاص عينا.
وهذا هو الصحيح على هذه الرواية.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والنظم والفروع.
واختاره بن حامد وغيره.
قال في المحرر وعنه موجبه القود عينا مع التخيير بينهما.
وعنه أن موجبه القود عينا وأنه ليس له العفو على الدية بدون رضى الجاني فيكون قوده بحاله انتهى.
فعلى هذه الرواية إذا لم يرض الجاني فقوده باق ويجوز له الصلح بأكثر من الدية.
وقال الشيرازي لا شيء له ولو رضي وشذذه الزركشي.
قوله : "فإن عفا مطلقا وقلنا الواجب أحد شيئين فله الدية". هذا المذهب.
قال في الفروع وإن عفا مطلقا أو على غير مال أو عن القود مطلقا ولو عن يده فله الدية على الأصح على الرواية الأولى خاصة.
وقال في الرعايتين وإن عفا مطلقا وقلنا يجب بالعمد قود أو دية وجبت على الأصح وإن قلنا القود فقط سقطا.
وجزم به في المحرر والمغني والشرح والنظم والحاوي الصغير الوجيز وغيرهم.
وعنه ليس له شيء.
وقال في القاعدة السابعة والثلاثين بعد المائة لو عفا عن القصاص ولم يذكر مالا فإن قلنا موجبه القصاص عينا فلا شيء له وإن قلنا أحد شيئين ثبت المال.
وخرج ابن عقيل أنه إذا عفا عن القود سقط ولا شيء له بكل حال على كل قول.
قال صاحب القواعد وهذا ضعيف انتهى.
وقال في المحرر وغيره ومن قال لمن عليه قود في نفس أو طرف قد عفوت عنك أو عن جنايتك فقد بريء من قود ذلك وديته نص عليه.
وقيل لا يبرأ من الدية إلا أن يقر العافي أنه أرادها بلفظه.
وقيل يبرأ منها إلا أن يقول إنما أردت القود دون الدية فيقبل منه مع يمينه انتهى.
وقال في الترغيب: إن قلنا الواجب القود وحده سقط ولا دية وإن قلنا أحد شيئين انصرف العفو إلى القصاص في أصح الروايتين والأخرى يسقطان جميعا ذكره في القواعد.
فائدة : لو عفا عن القود إلى غير مال مصرحا بذلك فإن قلنا الواجب القصاص عينا فلا مال له في نفس الأمر وقوله هذا لغو وإن قلنا الواجب أحد شيئين سقط القصاص والمال جميعا.
فإن كان ممن لا تبرع له كالمحجور عليه لفلس والمكاتب والمريض فيما زاد على الثلث والورثة مع استغراق الديون للتركة فوجهان:
أحدهما: لا يسقط المال وهو المشهور قاله في القواعد.
والثاني : يسقط وفي المحرر أنه المنصوص.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن العفو لا يصح في قتل الغيلة لتعذر الاحتراز كالقتل مكابرة.
وذكر القاضي وجها في قاتل الأئمة يقتل حدا لأن فساده عام أعظم من المحارب.
قوله : "وإن مات القاتل وجبت الدية في تركته".
وكذا لو قتل وهذا هو الصحيح من المذهب نص عليه.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم وصححه في النظم.
وجزم به في المحرر والحاوي في الموت وقدماه في القتل.
وقيل تسقط بموته.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنها تسقط بموته وقتله وخرجه وجها وسواء كان معسرا أو موسرا وسواء قلنا الواجب القصاص عينا أو الواجب أحد شيئين.
وعنه ينتقل الحق إذا قتل إلى القاتل الثاني فيخير أولياء القتيل الأول بين قتله أو العفو عنه.
وقال في الرعاية وقيل إن قلنا الواجب أحد شيئين وجبت الدية في تركته وإن قلنا الواجب القصاص عينا احتمل وجهين.
وذكر في القواعد النص عن الإمام أحمد رحمه الله وقال وعلل بأن الواجب بقتل العمد أحد شيئين وقد فات أحدهما فتعين الآخر.
قال وهذا يدل على أنه لا يجب شيء إذا قلنا الواجب القود عينا.
وقال القاضي يجب مطلقا.
قوله : "وإذا قطع إصبعا عمدا فعفا عنه ثم سرت إلى الكف أو النفس وكان العفو على مال فله تمام الدية".
يعني تمام دية ما سرت إليه وهذا المذهب.
جزم به في الشرح وشرح ابن منجا والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة ومنتخب الآدمي.
وقال في الرعاية وإن قطع إصبعا عمدا فعفا عنها فسرت إلى الكف فقال لم أعف عن السراية ولا عن الدية صدق إن حلف وله دية كفه.
وقيل دون إصبع وقيل تهدر كفه بعفوه.
وإن سرت إلى نفسه وجبت الدية فقط.
وقيل إن كان العفو إلى مال وإلا فلا.
وقيل يجب نصفها.
وقيل الكل هدر.
قوله "وإن عفا على غير مال فلا شيء له في ظاهر كلامه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة.
ويحتمل أن له تمام الدية وهو المذهب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقيل يجب نصف الدية.
قال القاضي القياس أن يرجع الولي بنصف الدية لأن المجني عليه إنما عفا عن نصفها.
قوله : "وإن عفا مطلقا انبنى على الروايتين في موجب العمد".
فإن قلنا الواجب أحد شيئين فهو كما لو عفا على مال.
وإن قيل الواجب القصاص عينا فهو كما لو عفا إلى غير مال.
وقطع به ابن منجا في شرحه والهداية والمذهب والمستوعب.
وقال في الفروع فله الدية على الأصح على الأولى خاصة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل له نصف الدية.
وقيل تسقط الدية كلها كما ذكرهما في الرعاية.
قوله : "وإن قتل الجاني العافي عن القطع فلوليه القصاص أو الدية كاملة".
وهو المذهب اختاره أبو الخطاب في الهداية.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم.
وقال القاضي ليس له إلا القصاص أو تمام الدية.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة: إذا قال لمن عليه قود عفوت عنك أو عن جنايتك بريء من الدية كالقود على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل يبرأ من الدية إذا قصدها بقوله.
وقيل إن ادعى قصد القود فقط قبل وإلا بريء.
وقال في الترغيب إن قلنا موجبه أحد شيئين بقيت الدية في أصح الروايتين.
قوله : "وإذا وكل رجلا في القصاص ثم عفا ولم يعلم الوكيل حتى اقتص فلا شيء عليه".
يعني على الوكيل وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
واختاره أبو بكر وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويتخرج أن يضمن الوكيل وهو وجه.
قال في الشرح وغيره: وقال غير أبي بكر يخرج في صحة العفو وجهان بناء على الروايتين في الوكيل هل ينعزل بعزل الموكل قبل علمه أم لا.
قلت الصحيح من المذهب أنه ينعزل.
والصواب أنه لا ينعزل كما تقدم.
فعلى القول بأن الوكيل يضمن فيرجع به على الموكل في أحد الوجهين لأنه غره.
وهو الصحيح قدمه في الفروع.
والوجه الآخر: لا يرجع به, اختاره أبو بكر.
وقدمه في الهداية والمذهب والخلاصة.
وأطلقهما في المحرر وشرح ابن منجا .
فعلى هذا الوجه وهو أنه لا يرجع به يكون في ماله حالا على الصحيح من المذهب اختاره أبو بكر والقاضي.
وقدمه المصنف وصاحب الفروع والنظم.
وقال أبو الخطاب يكون على عاقلته اختاره في الهداية.
فعليهما إن كان عفا إلى الدية فهي للعافي على الجاني.
قوله : "وهل يضمن العافي يحتمل وجهين".
يعني إذا قلنا إن الوكيل لا شيء عليه ذكرها أبو بكر.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر.
أحدهما: لا يضمن وهو المذهب.
والوجه الثاني: يضمن.
جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
قوله : "وإن عفا عن قاتله بعد الجرح صح".
سواء كان بلفظ العفو أو الوصية وهو المذهب.
جزم به في الشرح وشرح ابن منجا .
وقدمه في الفروع والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والمحرر.
وعنه في القود إن كان الجرح لا قود فيه إذا بريء صح وإلا فلا.
فائدة : لو قال عفوت عن الجناية وما يحدث منها صح ولم يضمن السراية.
فإن كان عمدا لم يضمن شيئا وإن كان خطأ اعتبر خروجهما من الثلث قاله في
المغني والشرح.
وظاهر ما قدمه في الفروع السقوط مطلقا.
وهو ظاهر كلامه في النظم والمحرر.
وإن قال عفوت عن هذا الجرح أو هذه الضربة فعنه يضمن السراية بقسطها من الدية.
وعنه لا يضمن قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الفروع والمحرر.
وإن قال عفوت عن هذه الجناية وأطلق لم يضمن السراية.
وإن قصد بالجناية الجرح ففيه على المذهب في أصل المسألة وجهان وأطلقهما في الفروع.
قدم في النظم عدم الضمان.
وقدمه في المحرر على الرواية الأولى في التي قبلها.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله : "وإن أبرأه من الدية أو وصى له بها فهي وصية لقاتل هل تصح على روايتين".
وأطلقهما في الهداية.
إحداهما : تصح وهي المذهب وتعتبر من الثلث.
وكذا قال في الهداية والخلاصة.
قال الشارح هكذا ذكره في كتاب المقنع ولم يفرق بين العمد والخطأ.
والذي ذكره في المغني إن كان خطأ اعتبرت من الثلث وإلا فلا.
وقيل تصح من كل ماله ذكره في الرعايتين.
والرواية الثانية: لا تصح.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وتقدم ما يشابه ذلك في باب الموصى له عند قوله إذا جرحه ثم أوصى له فمات من الجرح.
ويحتمل أن لا يصح عفوه عن المال ولا وصيته به لقاتل ولا غيره إذا قلنا يحدث على ملك الورثة.
وقد تقدم أيضا في [باب الموصى به] فيما إذا قتل وأخذت الدية, هل يدخل في الوصية أم لا فليراجع.
وذكر في الترغيب وجها يصح بلفظ الإبراء لا الوصية.
وقال في الترغيب أيضا: تخرج في السراية في النفس روايات الصحة وعدمها.
والثالثة: يجب النصف, بناء على أن صحة العفو ليس بوصية ويبقى ما قابل السراية لا يصح الإبراء عنها.
قال: وذهب بن أبي موسى إلى صحته في العمد وفي الخطأ من ثلثه.
قلت: وذكر أيضا هذا المصنف في المغني والشارح.
قوله : "وإن أبرأ القاتل من الدية الواجبة على عاقلته أو العبد من جنايته التي يتعلق أرشها برقبته لم يصح".
في الأولى قولا واحد.
ولا يصح في الثانية على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع: ولم يصح في الأصح.
وجزم به في الوجيز والهداية والخلاصة وغيرهم.
وقيل يصح إبراء العبد من جنايته التي يتعلق أرشها برقبته.
قوله : "وإن أبرأ العاقلة أو السيد صح".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
ويتخرج أن لا يصح الإبراء منه بحال على الرواية التي تقول تجب الدية للورثة لا للمقتول قاله في الهداية قال وفيه بعد.
قوله : "وإن وجب لعبد قصاص أو تعزير قذف فله طلبه والعفو عنه وليس ذلك للسيد إلا أن يموت العبد".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال ابن عقيل في حد القذف ليس للسيد المطالبة به والعفو عنه لأن السيد إنما يملك ما كان مالا أو طلب بدل هو مال كالقصاص فأما ما لم يكن مالا ولا له بدل هو مال فلا يملك المطالبة به كالقسم وخيار العيب والعنة.
وقال بن عبد القوي إذا قلنا الواجب أحد شيئين يحتمل أن للسيد المطالبة بالدية ما لم يعف العبد.
والقول بأن للسيد المطالبة بالدية فيه إسقاط حق العبد مما جعله الشارع مخيرا فيه فيكون منفيا.
قال في القواعد الأصولية قلت ويتخرج لنا في عتق العبد مطلقا في جناية العمد وجهان من مسألة المفلس وهنا أولى بعدم السقوط إذ ذات العبد ملك للسيد بخلاف المفلس انتهى.
باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس
قوله : "كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها ومن لا فلا".يعني ومن لا يقاد بغيره في النفس لا يقاد به فيما دونها وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا قود بين العبيد مطلقا نقلها الأثرم ومهنا.
وعنه لا قود بينهم فيما دون النفس.
وعنه لا قود بينهم في النفس والطرف حتى تستوي القيمة ذكره في الانتصار.
قال حرب في الطرف: كأنه مال إذا استوت القيمة.
وتقدم بعض ذلك في باب شروط القصاص.
قوله : "ولا يجب إلا بمثل الموجب في النفس وهو العمد المحض".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
واختار أبو بكر وبن أبي موسى والشيرازي يجب القصاص أيضا في شبه العمد وذكره القاضي رواية.
قوله : "وهل يجري القصاص في الألية والشفر على وجهين".
أطلق في إجراء القصاص في الألية وجهين.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والحاوي الصغير والفروع.
إحداهما: يجري القصاص فيهما وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الكافي والوجيز.
والوجه الثاني: لا يجري القصاص فيهما.
قلت: وهو الصواب.
وصححه في النظم. وقدمه في الرعايتين. وأطلق المصنف في إجراء القصاص في الشفر وجهين.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والكافي والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما : يجري القصاص فيه وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز واختاره أبو الخطاب.
والوجه الثاني: لا يجري القصاص فيه.
قلت وهو الصواب.
وقال في الخلاصة: فلا قصاص فيه في الأظهر واختاره القاضي.
وصححه في النظم وقدمه في الرعايتين.
تنبيه: ظاهر قوله : "ويشترط للقصاص في الطرف ثلاثة شروط أحدها الأمن من الحيف".
أنه لا يجب القصاص في اللطمة ونحوها لإنه لا يؤمن في ذلك الحيف وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل حنبل والشالنجي القود في اللطمة ونحوها.
ونقل حنبل قال الإمام أحمد رحمه الله الشعبي والحكم وحماد رحمهم الله قالوا ما أصاب بسوط أو عصا وكان دون النفس ففيه القصاص.
قال الإمام أحمد رحمه الله: وكذلك أرى.
ونقل أبو طالب لا قصاص بين المرأة وزوجها في أدب يؤدبها به.
فإن اعتدى أو جرح أو كسر يقتص لها منه.
ونقل ابن منصور إذا قتله بعصا أو خنقه أو شدخ رأسه بحجر يقتل بمثل الذي قتل به لأن الجروح قصاص.
ونقل أيضا كل شيء من الجراح والكسر يقدر على الاقتصاص يقتص منه للأخبار.
واختار ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال ثبت ذلك عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم.
تنبيهان
أحدهما: تقدم في أثناء الغصب قبيل قوله فإن كان مصوغا أو تبرا هل يقتص في المال مثل شق ثوبه ونحوه؟
الثاني: قوله: "ويشترط للقصاص في الطرف الأمن من الحيف".
قال الزركشي واعلم أن ظاهر كلام بن حمدان تبعا لأبي محمد أن المشترط لوجوب القصاص أمن الحيف وهو أخص من إمكان الاستيفاء بلا حيف والخرقي إنما اشترط إمكان الاستيفاء بلا حيف وتبعه أبو محمد في المغني والمجد وجعل المجد أمن الحيف شرطا لجواز الاستيفاء وهو التحقيق.
وعليه لو أقدم واستوفى ولم يتعد وقع الموقع ولا شيء عليه.
وكذا صرح المجد.
وعلى مقتضى قول بن حمدان وما في المقنع تكون جناية مبتدأة يترتب عليها مقتضاها انتهى.
قلت الذي يظهر أنه لا يلزم ما قاله عن بن حمدان والمصنف إذا أقدم واستوفى.
أكثر ما فيه أنا إذا خفنا الحيف منعناه من الاستيفاء فلو أقدم وفعل ولم يحصل حيف فليس في كلامهما ما يقتضي الضمان بذلك.
قوله : "فإن قطع القصبة أو قطع من نصف الساعد أو الساق".
وكذا لو قطع من العضد أو الورك فلا قصاص في أحد الوجهين.
وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال في الهداية هو المنصوص واختيار أبي بكر والأصحاب.
وصححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب والهادي وغيرهم قال أصحابنا لا قصاص.
وفي الوجه الآخر: يقتص من حد المارن ومن الكوع والمرفق والركبة والكعب وهو احتمال في الهداية.
واختاره أبو بكر فيما قطعه من نصف الكف أو زاد قطع الأصابع ذكره المصنف والشارح.
فعلى المذهب لو قطع يده من الكوع ثم تأكلت إلى نصف الذراع فلا قود له أيضا اعتبارا بالاستقرار قاله القاضي وغيره.
وقدمه في الرعايتين وصححه الناظم.
وقال المجد يقتص هنا من الكوع أو الكعب.
قوله : "وهل يجب له أرش الباقي على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والشرح وشرح ابن منجا .
أحدهما: لا يجب له أرش صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هذا أشهر الوجهين.
والوجه الثاني: له الأرش اختاره بن حامد.
قدم في المغني في قصبة الأنف حكومة مع القصاص.
وقال فيمن قطع من نصف الذراع ليس له القطع من ذلك الموضع وله نصف الدية وحكومة في المقطوع من الذراع وهل له أن يقطع من الكوع فيه وجهان.
ومن جوز له القطع من الكوع فعنده في وجوب الحكومة لما قطع من الذراع وجهان.
تنبيه: الخلاف هنا يعود على كلا الوجهين يعني سواء قلنا يقتص أو لا يقتص.
قال في الفروع وعليهما في أرش الباقي ولو خطأ وجهان.
وصاحب الوجيز إنما حكى ذلك على القول بأنه لا قصاص مع أن ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة والمصنف هنا أن الخلاف على الوجه الثاني وهو القول بالقصاص.
وعلى كل حال الخلاف جار في المسألتين.
فائدتان :
إحداهما: قوله: "ويقتص من المنكب إذا لم يخف جائفة" بلا نزاع.
لكن إن خيف هل له أن يقتص من مرفقه فيه وجهان.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والفروع والحاوي.
أحدهما : له ذلك وهو الصحيح.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي وصححه في النظم.
والوجه الثاني: ليس له ذلك.
الثانية : لو خالف واقتص مع خشية الحيف أو من مأمومة أو جائفة أو نصف ذراع ونحوه أجزأه بلا نزاع.
قوله : "وإذا أوضح إنسانا فذهب ضوء عينيه أو سمعه أو شمه فإنه يوضحه فإن ذهب ذلك وإلا استعمل فيه ما يذهبه من غير أن يجري على حدقته أو أذنه أو أنفه".
هذا المذهب أعني استعمال ما يذهب ذلك وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب المنور.
قال في الفروع هذا الأشهر.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
وقيل يلزمه ديته من غير استعمال ما يذهبه.
وهل يلزمه في ماله أو على عاقلته على وجهين.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي.
قلت الصواب وجوبها عليه.
ولو أذهب ذلك عمدا بشجة لا قود فيها أو لطمة فهل يقتص منه بالدواء أو تتعين ديته من الابتداء على الوجهين المتقدمين.
فائدة : وكذا الحكم فيما إذا لطمه فأذهب ضوء عينيه أو غيرها.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "وإن لم يمكن إلا بالجناية على هذه الأعضاء سقط".
يعني القود وأخذت الدية.
الثاني: مفهوم قوله : "ولا تؤخذ أصلية بزائدة ولا زائدة بأصلية".
أن الزائدة تؤخذ بالزائدة وهو صحيح وهو المذهب بشرط أن يستويا محلا وخلقة ولو تفاوتا قدرا.
جزم به في المحرر والرعاية والحاوي وقدمه في الفروع.
وقيل لا يؤخذ بها أيضا.
فإن اختلفا لم تؤخذ بها قولا واحدا.
فائدة : تؤخذ كاملة الأصابع بزائدة إصبعا على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تؤخذ بها.
فإن ذهبت الإصبع الزائدة فله الأخذ.
قوله : "وإن تراضيا عليه لم يجز".
يعني إذا تراضيا على أن يأخذ الأصلية بالزائدة أو عكسه وهذا بلا نزاع فإن فعلا أو قطعها تعديا أو قال أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها أجزأت على كل حال وسقط القصاص.
هذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والشرح والفروع.
وقال بن حامد إن أخرجها عمدا لم يجز ويستوفي من يمينه بعد اندمال اليسار.
قوله : "وإن أخرجها دهشة أو ظنا أنها تجزئ فعلى القاطع ديتها".
هذا ظاهر كلام بن حامد واختياره.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
قال الشارح وغيره فعلى القاطع ديتها إن علم أنها يسار وأنها لا تجزئ ويعزر وجزم به.
واختار بن حامد أيضا أنه إن أخرجها عمدا وقطعها أنها تذهب هدرا انتهى.
وقول بن حامد ويستوفي من يمينه بعد اندمال اليسار يعني إذا لم يتراضيا فأما إن تراضيا ففي سقوطه إلى الدية وجهان.
وقال في الترغيب في أصل المسألة إذا ادعى كل منهما أنه دهش اقتص من يسار القاطع لأنه مأمور بالتثبت.
وقال إن قطعها عالما عمدا فالقود.
وقيل الدية ويقتص من يمناه بعد الاندمال.
قوله : "الثالث استواؤهما في الصحة والكمال فلا يؤخذ لسان ناطق بأخرس".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
منهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح وغيرهم.
قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا إلا عن داود بن علي وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب في لسان الناطق بأخرس وجهان.
قوله : "ولا ذكر فحل بذكر خصي ولا عنين".
وهو المذهب فيهما اختاره الشريف أبو جعفر وغيره.
قال الزركشي واختارها أبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وغيرهم.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يؤخذ بهما وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختارها أبو بكر وهو مقتضى كلام الخرقي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والرعايتين.
وعنه يؤخذ ذكر الفحل بذكر العنين خاصة اختاره بن حامد.
وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير.
قال القاضي وتبعه في الخلاصة ولا يؤخذ ذكر الفحل بالخصي وفي ذكر العنين وجهان.
قال القاضي في الجامع وتبعه في الهداية وأصل الوجهين هل في ذكر الخصي والعنين دية كاملة أو حكومة على روايتين.
قوله : "إلا مارن الأشم الصحيح يؤخذ بمارن الأخشم والمجذوم والمستحشف وأذن السميع بأذن الأصم الشلاء في أحد الوجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلق في المغني والكافي والهادي والشرح في أخذ الصحيح بالمستحشف الوجهين.
أحدهما: يؤخذ وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز.
وجزم في المغني والكافي والشرح وهو مقتضى كلام الخرقي.
واختار القاضي: أخذ الأذن الصحيحة والأنف الأشم بالأنف الأخشم وبالأذن الأصم.
واختار القاضي, والمصنف عدم أخذ الأذن الصحيحة والأنف الصحيحة بالأنف والأذن
المخزومتين.
واختار القاضي أخذ الأذن الصحيحة بالأذن الشلاء.
والوجه الثاني : لا يؤخذ به في الجميع.
قال الآدمي في منتخبه لا يؤخذ عضو صحيح بأشل.
قال في المحرر وقال القاضي يؤخذ في الجميع إلا في المخزوم خاصة.
تنبيه: ذكر المصنف أخذ أذن السميع بأذن الأصم الشلاء على أحد الوجهين ولم أر الأصحاب ذكروا إلا الصمم منفردا والشلل كذلك من غير جمع فلعله سقط من هنا واو.
ويكون تقديره بإذن الأصم والشلاء موافقة لكلام الأصحاب مع أنه لا يمتنع وجود الخلاف في صورة المصنف والله أعلم.
قوله : "ويؤخذ المعيب من ذلك كله بالصحيح وبمثله إذا أمن من قطع الشلاء التلف" بلا نزاع.
قوله : "ولا يجب مع القصاص أرش في أحد الوجهين".
وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره وصححه في التصحيح.
قال المصنف والشارح هذا أصح.
قال الزركشي هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وفي الوجه الآخر له دية الأصابع الناقصة.
واختاره بن حامد والقاضي.
قوله : "ولا شيء له من أجل الشلل".
هذا المذهب قال الزركشي هذا المذهب.
وجزم به الخرقي وغيره.
وقدمه في المغني والشرح وصححاه.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال ابن منجا في شرحه وهو قول القاضي وشيخه.
وقيل الشلل موت.
قال في الفنون سمعته من جماعة من البله المدعين للفقه قال وهو بعيد وإلا لأنتن واستحال كالحيوان.
وقال في الواضح إن ثبت فلا قود في ميت.
واختار أبو الخطاب أن له أرشه مطلقا قياسا على قوله في عين الأعور.
قال في المحرر والحاوي وهو أشبه بكلام الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في المنور.
قوله : "وإن اختلفا في شلل العضو وصحته فأيهما يقبل قوله فيه وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب.
أحدهما: القول قول ولي الجناية وهو المذهب نص عليه واختاره أبو بكر وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: القول قول الجاني اختاره بن حامد.
واختار في الترغيب عكس قول بن حامد في أعضاء باطنة لتعذر البينة.
وقيل القول قول ولي الجناية إن اتفقا على صحة العضو.
قوله : "وإن قطع بعض لسانه ومارنه أو شفته أو حشفته أو أذنه أخذ مثله يقدر بالأجزاء كالنصف والثلث والربع".
هذا المذهب وقطع به الأصحاب في غير قطع بعض اللسان.
والصحيح من المذهب أنه كذلك.
جزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والشرح والفروع والحاوي والرعايتين.
وقيل لا قود ببعض اللسان.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمنور.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو الأصح.
قوله : "ولا يقتص من السن حتى يؤيس من عودها بقول أهل الخبرة".
هذا المذهب المجزوم به عند الأصحاب.
إلا أن المصنف اختار في سن الكبير ونحوها القود في الحال.
قلت وهو الصواب ولعله مراد الأصحاب فإن سن الكبير إذا قلعت ييأس من عودها غالبا.
قوله : "فإن مات قبل اليأس من عودها فعليه ديتها ولا قصاص فيها".
يجب ديتها إذا مات قبل اليأس من عودها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وقيل لا شيء عليه بل تذهب هدرا كنبت شيء فيه قاله في المنتخب.
فائدة : الظفر كالسن في ذلك.
وله في غيرهما الدية وفي القود وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما : له القود حيث شرع وهو المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره.
والوجه الثاني: ليس له القود.
قوله : "وإن اقتص من سن فعادت غرم سن الجاني ثم إن عادت سن الجاني رد ما أخذ".
هذا المذهب المقطوع به عند جماهير الأصحاب.
ونقل ابن الجوزي في المذهب فيمن قلع سن كبير ثم نبتت أنه لا يرد ما أخذ.
قال ذكره أبو بكر.
ويأتي ذلك أيضا في باب ذكر ديات الأعضاء ومنافعها في أول الفصل الثاني.
فائدة : حيث قلنا يرد ما أخذ فإنه لا زكاة فيه كمال ضال ذكره أبو المعالي.
قوله : "النوع الثاني الجروح فيجب القصاص في كل جرح ينتهي إلى عظم كالموضحة وجرح العضد والساعد والفخذ والساق والقدم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقيل له في رواية أبي داود الموضحة يقتص منها قال الموضحة كيف يحيط بها.
قوله : "ولا يجب في غير ذلك من الشجاج والجروح كما دون الموضحة وأعظم منها إلا أن تكون أعظم من الموضحة كالهاشمة والمنقلة والمأمومة فله أن يقتص موضحة" بلا نزاع.
قوله : "ولا شيء له على قول أبي بكر".
وجزم به الآدمي في منتخبه وقدمه في الحاوي.
وقال بن حامد له ما بين دية الموضحة ودية تلك الشجة فيأخذ في الهاشمة خمسا من الإبل وفي المنقلة عشرا وفي المأمومة ثمانية وعشرين وثلثا.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمغني والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
قوله : "ويعتبر قدر الجرح بالمساحة فلو أوضح إنسانا في بعض رأسه مقدار ذلك البعض جميع رأس الشاج وزيادة كان له أن يوضحه في جميع رأسه" بلا نزاع أعلمه.
وفي "الأرش للزائد وجهان".
قال في الوجيز وفي بعض إصبع روايتان.
وأطلق الوجهين في الفروع والمحرر والحاوي الصغير.
أحدهما: لا يلزمه أرش الزائد صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
قال القاضي هذا ظاهر كلام أبي بكر.
قال في الهداية والمذهب وغيرهما لا يلزمه أرش الزائد على قول أبي بكر.
والوجه الثاني: له الأرش للزائد اختاره بن حامد وبعض الأصحاب قاله الشارح.
وصححه في الرعايتين.
وجزم به في المنور.
فائدة : لو كانت الصفة بالعكس بأن أوضح كل رأسه وكان رأس الجاني أكبر منه فله قدر شجته من أي الجانبين شاء فقط على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقيل ومن الجانبين أيضا.
وأما إذا كانت الشجة بقدر بعض الرأس منهما لم يعدل عن جانبها إلى غيره بلا نزاع.
قوله : "وإن اشترك جماعة في قطع طرف أو جرح موجب للقصاص وتساوت أفعالهم مثل أن يضعوا الحديدة على يده ويتحاملوا عليها جميعا حتى تبين فعلى جميعهم القصاص في إحدى الروايتين" وهو المذهب.
قال المصنف والشارح هذا أشهر الروايتين وهو الذي ذكره الخرقي.
قال الزركشي هذا المذهب.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا قصاص عليهم.
والحكم هنا كالحكم في قتل الجماعة بالواحد على ما تقدم في كتاب الجنايات وشرطه كما قال المصنف.
أما لو تفرقت أفعالهم أو قطع كل إنسان من جانب فلا قصاص رواية واحدة كما قال.
فائدة : قال ابن منجا في شرحه لو حلف كل واحد منهم أنه لا يقطع يد أحد حنث بهذا الفعل.
وكذا قال أبو البقاء إن كلا منهم قاطع.
وكذا قال أبو الخطاب في انتصاره.
وقال أبو البقاء إن كلا منهم قاطع لجميع اليد.
قوله : "وسراية الجناية مضمونة بالقصاص والدية فلو قطع إصبعا فتأكلت أخرى إلى جانبها وسقطت من مفصل أو تأكلت اليد وسقطت من الكوع وجب القصاص في ذلك" بلا نزاع أعلمه.
وهو من مفردات المذهب.
"وإن شل ففيه ديته دون القصاص".
على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح والوجيز وقدمه في الفروع.
وقال ابن أبي موسى لا قود بنقصه بعد برئه.
قوله : "وسراية القود غير مضمونة فلو قطع اليد قصاصا فسرى إلى النفس فلا شيء على القاطع" بلا نزاع.
لكن لو اقتص قهرا مع حر أو برد أو بآلة كالة أو مسمومة ونحوه لزمه بقية الدية على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع وصححه في الرعايتين.
وعند القاضي يلزمه نصف الدية.
وقال ابن عقيل من له قود في نفس وطرف فقطع طرفه فسرى أوصال من عليه الدية فدفعه دفعا جائرا فقتله هل يكون مستوفيا لحقه كما يجزئ إطعام مضطر عن كفارة قد وجب عليه بدله له وكذا من دخل مسجدا وصلى قضاء ونوى كفاه عن تحية المسجد فيه احتمالان.
قوله : "ولا يقتص من الطرف إلا بعد برئه".
الصحيح من المذهب أنه يحرم عليه أن يقتص من الطرف قبل برئه وهو ظاهر كلام المصنف هنا بل وظاهر كلام الأصحاب.
قال في الفروع ويحرم القود قبل برئه على الأصح.
وعنه لا يحرم.
وهو تخريج في المغني والشرح من قولنا إنه إذا سرى إلى السن يفعل به كما فعل.
فائدة: قوله: فإن اقتص قبل ذلك بطل حقه من سراية جرحه فلو سرى إلى نفسه كان هدرا.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لأنه قد دخله العفو بالقصاص.
وهو من المفردات.
كتاب الديات
مدخل...
كتاب الدياتقوله : "كل من أتلف إنسانا أو جزءا منه بمباشرة أو سبب فعليه ديته فإن كان عمدا محضا فهي من مال الجاني حالة".
بلا نزاع ويأتي ذلك فيما لا تحمله العاقلة في باب العاقلة.
تنبيه: قوله : "وإن كان شبه عمد أو خطإ أو ما جرى مجراه: فعلى عاقلته".
أما الخطأ وما جرى مجراه فتحمله العاقلة.
وأما شبه العمد فجزم المصنف هنا بأنها تحمله وهو المذهب.
وقال أبو بكر لا تحمله.
ويأتي ذكر الخلاف صريحا في كلام المصنف في باب العاقلة.
قوله : "ولو ألقى على إنسان أفعى أو ألقاه عليها فقتلته أو طلب إنسانا بسيف مجرد فهرب منه فوقع في شيء تلف به بصيرا كان أو ضريرا وجبت عليه ديته".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الترغيب والبلغة وعندي أنه كذلك إذا اندهش أو لم يعلم بالبئر.
أما إذا تعمد إلقاء نفسه مع القطع بالهلاك فلا خلاص من الهلاك فيكون كالمباشر من التسبب.
قال في الفروع ويتوجه أنه مراد غيره.
قلت الذي ينبغي أن يجزم به أنه مراد الأصحاب وكلامهم يدل عليه.
تنبيه: قوله : "أو حفر بئرا في فنائه فتلف به إنسان وجبت عليه ديته".
مراده إذا كان الحفر محرما وسواء كان في فنائه أو غيره فمراده ضرب مثال لا حصر المسألة في ذلك.
وتقدم في كتاب الجنايات قبيل قوله وشبه العمد في الفائدة: الثامنة إذا حفر في بيته بئرا وستره ليقع فيه أحد.
وتقدم في أواخر الغصب في كلام المصنف "إذا حفر في فنائه بئرا لنفسه أو حفرها في سابلة لنفع المسلمين ووقع فيها شيء ما حكمه؟" فليراجع.
قوله : "أو صب ماء في طريق فتلف به إنسان وجبت عليه ديته".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الترغيب إن رشه لذهاب الغبار فمصلحة عامة كحفر بئر في سابلة وفيه روايتان.
نقل ابن منصور إن ألقى كيسا فيه دراهم في الطريق فكإلقاء الحجر وأن كل من فعل فيها شيئا ليس منفعة ضمن.
وتقدم في أواخر الغصب لو ترك طينا في الطريق أو خشبة أو عمودا أو حجرا ونحو ذلك فتلف به شيء فليراجع.
قوله : "أو بالت فيها دابته ويده عليها فتلف به إنسان وجبت عليه ديته".
وهذا المذهب سواء كان راكبا أو قائدا أو سائقا وعليه الأصحاب.
وقال المصنف والشارح وصاحب الفروع وقياس المذهب لا يضمنه كمن سلم على غيره أو أمسك يده فمات ونحوه لعدم تأثيره.
قلت وهو الصواب.
قوله : "وإن حفر بئرا ووضع آخر حجرا فعثر به إنسان فوقع في البئر" فقد اجتمع سببان مختلفان.
"فالضمان على واضع الحجر".
وهذا المذهب المشهور.
وقال في الفروع: وهو أشهر.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه: الضمان عليهما.
قال في الفروع فيتخرج منه ضمان المتسبب اختاره ابن عقيل وغيره.
وجعله أبو بكر كقاتل وممسك.
تنبيه: محل الخلاف إذا تعديا بفعل ذلك.
أما إن تعدى أحدهما فالضمان عليه وحده قاله الأصحاب.
وتقدم أحكام البئر في أواخر الغصب.
قوله : "وإن غصب صغيرا فنهشته حية أو أصابته صاعقة ففيه الدية".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ولكن شرط ابن عقيل في ضمانه كون أرضه تعرف بذلك.
وحكى صاحب النظم في الغصب أن ابن عقيل قال لا يضمنه.
فائدة : قال الشيخ تقي الدين رحمه الله مثل الحية والصاعقة كل سبب يختص البقعة كالوباء وانهدام سقف عليه ونحوهما.
قوله : "وإن مات بمرض فعلى وجهين".
وكذا لو مات فجأة وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما : تجب عليه الدية صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
والوجه الثاني : لا تجب نقله أبو الصقر.
وجزم به في المنور وقدمه في المحرر.
قال الحارثي في الغصب وعن ابن عقيل لا يضمن ولم يفرق بين الصاعقة والمرض وهو الحق انتهى.
وتقدم في أوائل الغصب إذا غصب صغيرا هل يضمنه بذلك في كلام المصنف رحمه الله.
فائدة : لو قيد حرا مكلفا وغله فتلف بصاعقة أو حية ففيه الدية على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في النظم.
وقيل لا تجب.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قوله : "وإن اصطدم نفسان".
قال في الروضة: بصيران, أو ضريران, أو أحدهما.
قلت وكذا قال المصنف والشارح.
"فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر".
هذا المذهب جزم به في الخرقي والمحرر والمغني والشرح والزركشي والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يجب على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية وهو تخريج لبعضهم.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه سواء كان تصادمهما عمدا أو خطأ وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل إذا كان عمدا يضمنان دون عاقلتهما.
وقال في الرعاية وهو أظهر.
قوله : "وإن كانا راكبين فماتت الدابتان فعلى كل واحد منهما قيمة دابة الآخر".
وهذا المذهب جزم به في المغني والشرح والمحرر وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل على كل واحد منهما نصف قيمة دابة الآخر.
وقدم في الرعايتين إن غلبت الدابة راكبها بلا تفريط لم يضمن.
وجزم به في الترغيب والوجيز والحاوي الصغير.
قوله : "وإن كان أحدهما يسير والآخر واقفا فعلى السائر ضمان الواقف ودابته إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا فلا ضمان عليه وعليه ضمان ما تلف به".
ذكر المصنف هنا مسألتين.
إحداهما: ما يتلفه السائر إذا كان الآخر واقفا أو قاعدا فقطع بضمان الواقف ودابته على السائر إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا فلا ضمان عليه وهو أحد الوجهين وهو المذهب منهما ونص عليه.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز.
وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي.
وقيل يضمنه السائر سواء كان الواقف في طريق ضيق أو واسع.
وقدمه في المحرر والنظم والزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلقهما في الفروع.
المسألة الثانية: ما يتلفه الواقف أو القاعد للسائر في الطريق الضيق فجزم المصنف هنا أنه يضمنه.
وجزم به في الشرح وشرح ابن منجا واختاره المصنف.
والصحيح من المذهب أنه لا يضمن نص عليه.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وأما ما يتلف للسائر إذا كانت الطريق واسعا فلا ضمان على الواقف والقاعد على الصحيح من المذهب وقطع به كثير منهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل يضمنه ذكره الزركشي وغيره.
تنبيهان :
أحدهما: قوله: "فعلى السائر ضمان الواقف ودابته".
ضمان الواقف يكون على عاقلة السائر وضمان دابة الواقف على نفس السائر صرح به الأصحاب.
فظاهر كلام المصنف غير مراد.
الثاني: قوله: "إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا".
قال ابن منجا لا بد أن يلحظ أن الطريق الضيق غير مملوك للواقف.
أو القاعد لأنه إذا كان مملوكا لم يكن متعديا بوقوفه فيه بل السائر هو المتعدي بسلوكه بملك غيره بغير إذنه انتهى.
فائدة : لو اصطدم عبدان ماشيان فماتا فهدر.
وإن مات أحدهما فقيمته في رقبة الآخر كسائر جنايته.
وإن اصطدم حر وعبد فماتا ضمنت قيمة العبد في تركة الحر على الصحيح من المذهب.
وقيل نصفها.
وتجب دية الحر كاملة في تلك القيمة.
قال في الفروع: ويتوجه الوجه: أو نصفها. وما هو ببعيد.
قوله : "وإن أركب صبيين لا ولاية له عليهما فاصطدما فماتا فعلى عاقلته ديتهما".
هذا أحد الوجهين.
جزم به في الترغيب والنظم والوجيز ومنتخب الآدمي والشرح وشرح ابن منجا .
والصحيح من المذهب أن الضمان على الذي أركبهما اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والمنور.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
تنبيهان
أحدهما: محل الخلاف في نفس الدية على من تجب.
أما إن كان التالف مالا فإن الذي أركبهما يضمنه قولا واحدا.
الثاني: ظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أنه لو أركبهما من له ولاية عليهما أنه لا شيء عليه.
وتحرير ذلك أنه لو أركبهما لمصلحة فهما كما لو ركبا وكانا بالغين عاقلين على ما تقدم وهذا الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الكافي وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال ابن عقيل إنما ذلك إذا أركبهما ليمرنهما على الركوب إذا كانا يثبتان بأنفسهما فأما إن كانا لا يثبتان بأنفسهما فالضمان عليه.
وقال في الترغيب إن صلحا للركوب وأركبهما ما يصلح لركوب مثلهما لم يضمن وإلا ضمن.
قلت وهو الصواب ولعله مراد من أطلق.
فوائد
الأولى: لو ركب الصغيران من عند أنفسهما فهما كالبالغين فيما تقدم.
الثانية: لو اصطدم كبير وصغير فإن مات الصغير ضمنه الكبير وإن مات الكبير ضمنه الذي أركب الصغير.
الثالثة: لو تجاذب اثنان حبلا أو نحوه فانقطع فسقطا فماتا فهما كالمتصادمين سواء انكبا أو استلقيا أو انكب أحدهما واستلقى الآخر لكن نصف دية المنكب على عاقلة المستلقي مغلظة ونصف دية المستلقي على عاقلة المنكب مخففة قاله في الرعاية.
تنبيه: تقدم في أواخر باب الغصب أحكام ما إذا اصطدم سفينتان فليعاود.
قوله : "وإن رمى ثلاثة بمنجنيق فقتل الحجر إنسانا فعلى عاقلة كل واحد منهم ثلث ديته".
ولا قود لعدم إمكان القصد غالبا وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الرعاية وغيره وقيل تجب الدية في بيت المال فإن تعذر فعلى العاقلة.
وفي الفصول احتمال أنه كرميه عن قوس ومقلاع وحجر عن يد.
ونقل المروذي يفديه الإمام فإن لم يكن فعليهم.
واختار في الرعاية أن ذلك عمدا إذا كان الغالب الإصابة.
قلت إن قصدوا رميه كان عمدا وإلا فلا.
قوله : "وإن قتل أحدهم ففيه ثلاثة أوجه أحدها يلغى فعل نفسه وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية".
وهو المذهب جزم به القاضي في المجرد والمصنف في العمدة والأدمي البغدادي في منتخبه.
وقال في المغني هذا أحسن وأصح في النظر.
وقدمه في الخلاصة وإدراك الغاية.
والثاني: عليهما كمال الدية.
قال أبو الخطاب وتبعه صاحب الخلاصة هذا قياس المذهب.
وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الفروع والمذهب والمستوعب.
والثالث: على عاقلته ثلث الدية لورثته وثلثاها على عاقلة الآخرين.
ويحتمله كلام الخرقي.
وهذا الوجه مبني على إحدى الروايتين الآتيتين في أن جنايته على نفسه تجب على عاقلته وأطلقهن في الشرح.
وقال ابن عقيل في التذكرة تكون عليه يدفعها إلى ورثته.
تنبيه: قوله: "أحدهما يلغي فعل نفسه وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية".
يعني يلغي فعل نفسه وما يترتب عليه.
وقال ابن منجا في شرحه: وأما كون أحدهم -إذا قتله الحجر- يلغي فعل نفسه في وجه
فقياس على المتصادمين وقد تقدم.
فعلى هذا يجب كمال الدية على عاقلة صاحبيه.
صرح بذلك المصنف في المغني.
ولم يرتب المصنف هنا على إلغاء فعل نفسه كمال الدية بل رتب عليه وجوب ثلثي الدية على عاقلة صاحبيه قال ولا أعلم له وجها بل وجه إيجاب ثلثي الدية على عاقلة صاحبيه أن يجعل ما قابل فعل المقتول ساقطا لا يضمنه أحد لأنه شارك في إتلاف نفسه فلم يضمن ما قابل فعله كما لو شارك في قتل بهيمته أو عبده.
وهذا صرح به المصنف في المغني ونسبه إلى القاضي انتهى كلام ابن منجا .
وليس فيه كبير جدوى ولا يرد على المصنف ما قال فإن مراده بقوله يلغي فعل نفسه أنه يسقط فعل نفسه وما يترتب عليه بدليل قوله وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية.
ولا يلزم من إلغاء فعل نفسه وجوب كمال الدية.
وعلى تقدير أنه يلزمه ذلك فمحله إذا لم يكن يذكر الحكم والله أعلم.
فائدة : لو قتل الحجر الثلاثة فعلى قول القاضي على عاقلة كل واحد ثلثا الدية وثلثها هدر.
وعلى قول أبي الخطاب على عاقلة كل واحد كمال الدية للآخرين.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
قوله : "وإن كانوا أكثر من ثلاثة فالدية حالة في أموالهم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال الزركشي هذا هو المذهب المختار للأصحاب.
قال الشارح فإن كانوا أكثر من ثلاثة فالدية حالة في أموالهم في الصحيح من المذهب إلا على الوجه الذي اختاره أبو الخطاب فإنهم إذا كانوا أربعة فقتل الحجر أحدهم فإنه يجب على عاقلة كل واحد من الثلاثة الباقين ثلث الدية لأنهم تحملوها كلها انتهى.
قال في المحرر والنظم والفروع وإن زادوا على ثلاثة فالدية في أموالهم.
وعنه على العاقلة لاتحاد فعلهم.
قال في الرعايتين والحاوي وإن كانوا أربعة فالدية عليهم كالخمسة.
زاد في الكبرى في الأصح.
وعنه على عواقلهم انتهى.
فائدة : لا يضمن من وضع الحجر وأمسك الكفة كمن أوتر القوس وقرب سهم هذا المذهب.
وقال القاضي وابن عقيل يتوجه روايتا ممسك.
قوله : "وإن جنى إنسان على نفسه أو طرفه خطأ فلا دية له".
هذا المذهب.
قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب.
وصححه المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال أبو الخطاب في الهداية: وهو القياس.
وعنه على عاقلته ديته لورثته ودية طرفه لنفسه.
وقدمه في الهادي والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة ونظم المفردات وهو منها.
ونص عليه في رواية ابن منصور وأبي طالب.
قال في الفروع وعنه دية ذلك على عاقلته له أو لورثته.
اختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه انتهى.
قال المصنف والشارح والزركشي هو ظاهر كلام الخرقي ذكره فيما إذا رمى ثلاثة بمنجنيق فرجع الحجر فقتل أحدهم.
قال في الفروع ولا نحمله دون الثلث في الأصح قاله في الترغيب.
نقل حرب فيمن قتل نفسه لا يودى من بيت المال.
قوله : "وإن نزل رجل بئرا فخر عليه آخر فمات الأول من سقطته فعلى عاقلته ديته وإن سقط ثالث فمات الثاني فعلى عاقلته ديته وإن مات الأول من سقطتهما فديته على عاقلتهما".
ودم الثالث هدر لا أعلم في ذلك خلافا.
وجزم به في المحرر والنظم والوجيز والفروع وغيرهم.
وإن ماتوا كلهم فدية الأول على عاقلة الآخرين نصفين ودية الثاني على عاقلة الثالث والثالث هدر.
فائدة :
لو تعمد ذلك واحد منهم أو كلهم وكان ذلك يقتل غالبا وجب عليه القود وإلا فهو عمد خطأ فيه الدية المغلظة.
فإن كان الوقوع خطأ فعلى عاقلتهما الدية مخففة.
قوله : "وإن كان الأول جذب الثاني وجذب الثاني الثالث فلا شيء على الثالث وديته على الثاني في أحد الوجهين".
وهذا المذهب وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وفي الوجه الثاني: ديته على الأول والثاني نصفين صححه في التصحيح.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن منجا .
لكن إنما محل ذلك على العاقلة عندهم.
وقيل يسقط ثلثها.
وقيل يجب على عاقلته إرثا.
وقيل على عاقلة الثاني نصفها والباقي هدر.
وقيل دمه كله هدر.
ذكر هذه الأوجه الأخيرة في الرعايتين.
قال بعضهم وفيه نظر بل حكاية ذلك في هذه المسألة غلط.
وإنما هذه الأوجه فيما إذا جذب الثالث رابعا.
وقد أخذ هذه المسألة من المحرر وأسقط منها الرابع ففسدت الأوجه انتهى.
قوله : "ودية الثاني على الأول".
وهي أحد الوجوه وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: يجب على الأول نصف ديته ويهدر نصفها في مقابلة فعل نفسه وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا .
والوجه الثالث: وجوب نصف ديته على عاقلته لورثته كما قلنا إذا رمى ثلاثة بمنجنيق فقتل الحجر أحدهم وهو تخريج في الشرح.
وقيل دمه هدر وأطلقهن في الفروع.
تنبيه: قال ابن منجا في شرحه فإن قيل ظاهر كلام المصنف أن الدية. على من ذكر لا على عاقلتهم وصرح في المغني أن دية الثالث على عاقلة الثاني أو على عاقلته وعاقلة الأول نصفين وأن دية الثاني على عاقلة الأول.
قيل قال في النهاية بعد ذكر المسألة هذا عمد خطأ وهل يجب في مال الجاني أو على العاقلة فيه خلاف بين الأصحاب.
فلعل المصنف ذكر أحد الوجهين هنا والآخر في المغني انتهى.
وقد حكى الخلاف في الرعايتين.
فائدتان :
إحداهما: دية الأول قيل تجب كلها على عاقلة الثاني ويلغي فعل نفسه.
وقيل يجب نصفها على الثاني ويهدر نصف دية القاتل لفعل نفسه.
وقيل يجب نصفها على نفسه لورثته وأطلقهن في الشرح.
الثانية: لو كانوا أربعة فجذب الأول الثاني والثاني الثالث والثالث الرابع فدية الرابع على الثالث على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل على الثلاثة أثلاثا.
وأما دية الثالث فعلى الثاني على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وشرح بن رزين.
وقيل نصفها على الثاني.
وقيل على الأولين.
وقيل ثلثاها.
وقيل دمه هدر واختاره في المحرر وأطلقهن في الفروع.
وأما دية الثاني فعلى الأول والثالث على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وشرح بن رزين.
وقيل بل ثلثاها عليهما.
وقيل على الثالث.
قال المجد لا شيء على الأول بل على الثالث كلها أو نصفها.
وقيل نصفها.
قال في الفروع ويتوجه على الوجه الأول في دية الثالث أنها على الأول.
وأما دية الأول فعلى الثاني والثالث نصفان على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز. وقدمه في المحرر, والنظم, والحاوي الصغير.
وقيل ثلثاها عليهما.
تنبيه: تتمة الدية في جميع الصور فيه الروايتان فيما إذا جنى على نفسه.
قوله : "وإن كان الأول هلك من دفعة الثالث احتمل أن يكون ضمانه على الثاني".
وقدمه في الرعايتين.
واحتمل أن يكون نصفها على الثاني.
وأطلقهما ابن منجا في شرحه.
وفي نصفها الآخر وجهان مبنيان على الخلاف في جناية الإنسان على نفسه على ما تقدم مرارا.
قوله : "وإن خر رجل في زبية أسد فجذب آخر وجذب الثاني ثالثا وجذب الثالث رابعا فقتلهم الأسد فالقياس أن دم الأول هدر وعلى عاقلته دية الثاني وعلى عاقلة الثاني دية الثالث وعلى عاقلة الثالث دية الرابع".
وهذا المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وفيه وجه آخر أن دية الثالث على عاقلة الأول والثاني نصفان ودية الرابع على عاقلة الثلاثة أثلاثا.
وقيل دية الثالث على الثاني خاصة.
وقال في الهداية والمستوعب والخلاصة وإدراك الغاية مقتضى القياس أن يجب لكل واحد دية نفسه إلا أن دية الأول تجب على الثاني والثالث لأنه مات من جذبته وجذبة الثاني للثالث وجذبة الثالث للرابع فسقط فعل نفسه.
وأما دية الثاني فتجب على الثالث والأول نصفين.
وأما دية الثالث فتجب على الثاني خاصة.
وقيل بل على الأول والثاني.
وأما دية الرابع فهي على الثالث في أحد الوجهين وقدمه في الخلاصة.
وفي الآخر تجب على الثلاثة أثلاثا انتهوا.
قال في الرعاية هذا القياس.
قال في المذهب لما قدم ما قاله علي رضي الله تعالى عنه.
قال والقياس غير ذلك.
وروى عن علي رضي الله عنه أنه قضى للأول بربع الدية وللثاني بثلثها وللثالث بنصفها وللرابع بكمالها على من حضر ثم رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز قضاءه فذهب الإمام أحمد رحمه الله إليه توقيفا.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
وقدمه في الهداية والمذهب وإدراك الغاية وغيرهم.
قال في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم في خبر علي رضي الله عنه وجعله على قبائل الذين ازدحموا.
قال في المستوعب قضى للأول بربع الدية لأنه هلك فوقه ثلاثة وللثاني بثلثها لأنه هلك فوقه اثنان وللثالث بنصفها لأنه هلك فوقه واحد وللرابع بكمالها.
تنبيه: حكى المصنف هنا ما روى عن علي رضي الله عنه فيما إذا خر رجل في زبية أسد فجذب آخر إلى آخره.
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وجماعة.
وذكر في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم هذه المسألة ثم قالوا ولو تدافع وتزاحم عند الحفرة جماعة فسقط منهم أربعة فيها متجاذبين كما وصفنا فهي الصورة التي قضى فيها علي رضي الله عنه فصورة علي رضي الله عنه التي حكاها هؤلاء جزم بها وبحكمها في المحرر والحاوي الصغير مع حكايتهما الخلاف في مسألة المصنف.
وقدم ما جزما به في الرعايتين وغيره.
وأما صاحب الفروع فإنه ذكر المسألة الأولى وهي مسألة المصنف وذكر الخلاف فيها.
ثم قال وكذا إن ازدحم وتدافع جماعة عند الحفرة فوقع أربعة متجاذبين فظاهره إجراء الخلاف في المسألتين وأنهما في الخلاف سواء وهو أولى.
ويدل عليه كلام المصنف وصاحب الهداية وغيرهما لكونهم جعلوا ما روى عن علي رضي الله عنه في ذلك والله أعلم.
[فائدة : ونقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله أن ستة تغاطسوا في الفرات فمات واحد فرفع إلى علي رضي الله عنه فشهد رجلان على ثلاثة وثلاثة على اثنين فقضى بخمسي الدية على الثلاثة وبثلاثة أخماسها على الاثنين ذكره الخلال وصاحبه].
فائدة : ذكر ابن عقيل إن نام على سطحه فهوى سقفه من تحته على قوم لزمه المكث كما قاله المحققون فيمن ألقي في مركبه نار ولا يضمن ما تلف بسقوطه لأنه ملجأ لم يتسبب وإن تلف شيء بدوام مكثه أو بانتقاله ضمنه.
واختار ابن عقيل في التائب العاجز عن مفارقة المعصية في الحال أو العاجز عن إزالة أثرها كمتوسط المكان المغصوب ومتوسط الجرحى تصح توبته مع العزم والندم وأنه ليس عاصيا بخروجه من الغصب.
قال في الفروع ومنه توبته بعد رمي السهم أو الجرح وتخليصه صيد الحرم من الشبك وحمله المغصوب لربه ليرتفع الإثم بالتوبة والضمان باق بخلاف ما لو كان ابتداء الفعل غير محرم كخروج مستعير من دار انتقلت عن المعير وخروج من أجنب من مسجد ونزع مجامع طلع عليه الفجر فإنه غير آثم اتفاقا.
ونظير المسألة توبة مبتدع لم يتب من أصله تصح.
وعنه لا تصح اختاره بن شاقلا.
وكذا توبة القاتل قد تشبه هذا وتصح على أصح الروايتين وعليه الأصحاب.
وحق الآدمي لا يسقط إلا بالأداء إليه.
وكلام ابن عقيل يقتضي ذلك.
وأبو الخطاب منع أن حركات الغاصب للخروج طاعة بل معصية فعلها لدفع أكثر المعصيتين بأقلهما والكذب لدفع قتل إنسان.
قال في الفروع والقول الثالث هو الوسط.
وذكر المجد أن الخارج من الغصب ممتثل من كل وجه إن جاز الوطء. لمن قال إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا وفيها روايتان وإلا توجه لنا أنه عاص مطلقا أو عاص من وجه ممتثل من وجه انتهى.
قوله : "ومن اضطر إلى طعام إنسان أو شرابه وليس به مثل ضرورته فمنعه حتى مات ضمنه نص عليه" وهو المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ومنتخب الآدمي والمنور والفروع وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والشرح وشرح ابن منجا والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعند القاضي: على عاقلته.
ويأتي في أواخر الأطعمة إذا اضطر إلى طعام غيره.
فائدة : مثل المسألة في الحكم لو أخذ منه ترسا كان يدفع به عن نفسه ضربا ذكره في الانتصار.
قوله : "وخرج عليه أبو الخطاب كل من أمكنه إنجاء إنسان من هلكة فلم يفعل".
ووافق أبو الخطاب وجمهور الأصحاب على هذا التخريج.
قال في الفروع وخرج الأصحاب ضمانه على المسألة التي قبلها فدل على أنه مع الطلب انتهى.
قال في المحرر وألحق القاضي وأبو الخطاب كل من أمكنه إنجاء شخص من هلكة فلم يفعل وفرق غيرهما بينهما انتهى.
قال المصنف هنا وتبعه الشارح وغيره وليس ذلك مثله.
وفرقوا بأن الهلاك فيمن أمكنه إنجاء إنسان من هلكة فلم يفعل لم يكن بسبب منه فلم يضمنه كما لو لم يعلم بحاله.
وأما مسألة الطعام فإنه منعه منه منعا كان سببا في هلاكه فافترقا.
قال في الفروع فدل أن كلام الأصحاب عند المصنف لو لم يطلبه فإن كان ذلك مرادهم فالفرق ظاهر.
ونقل محمد بن يحيى فيمن مات فرسه في غزاة لم يلزم من معه فضل حمله.
ونقل أبو طالب يذكر الناس فإن حملوه وإلا مضى معهم.
فائدة : من أمكنه إنجاء شخص من هلكة فلم يفعل ففي ضمانه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والقواعد الأصولية.
أحدهما: يضمنه قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وجزم به في الخلاصة والمنور.
والوجه الثاني: لا يضمنه.
اختاره المصنف في المغني والشارح.
وقيل الوجهان أيضا في وجوب إنجائه.
قلت جزم بن الزاغوني في فتاويه باللزوم.
وتقدم ما يتعلق بذلك في كتاب الصيام.
تنبيه: قال في القواعد الأصولية لما حكى الخلاف هكذا ذكره فيمن وقفت على كلامه وخصوا الحكم بالإنسان ويحتمل أن يتعدى إلى كل مضمون إذا أمكنه تخليصه فلم يفعل حتى تلف.
ويحتمل أن يختص الخلاف بالإنسان دون غيره لأنه أعظم حرمة من غيره.
ويحتمل أن يتعدى إلى كل ذي روح كما اتفق الأصحاب على بذل فضل الماء للبهائم وحكوا في الزرع روايتين.
وذكر أبو محمد إذا اضطرت بهيمة الأجنبي إلى طعامه ولا ضرر يلحقه ببذله فلم يبذله حتى ماتت فإنه يضمنها وجعلها كالآدمي انتهى.
قوله : "ومن أفزع إنسانا فأحدث بغائط فعليه ثلث ديته".
هذا المذهب نص عليه.
قال ابن منجا هذا المذهب وهو أصح.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وجزم به الآدمي في منتخبه وناظم المفردات وهو منها.
وعنه لا شيء عليه وجزم به في الوجيز.
ومال إليه الشارح وصححه الناظم.
وقدمه في المحرر ذكره في آخر باب أرش الشجاج.
وأطلقهما في الفروع.
فائدة : وكذا الحكم لو أحدث ببول.
ونقل ابن منصور الإحداث بالريح كالإحداث بالبول والغائط وهذا المذهب ذكره القاضي وأصحابه.
وجزم به في الرعايتين والحاوي وناظم المفردات وهو منها.
وقال المصنف والشارح والأولى التفريق بين البول والريح لأن البول والغائط أفحش فلا يقاس الريح عليهما.
وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب.
واقتصر الناظم على الغائط وقال هذا الأقوى.
ووجوب ثلث الدية على العاقلة بالإحداث جزم به ناظم المفردات وهو منها.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يستمر.
قال في الرعايتين والحاوي فأحدث.
وقيل مرة.
أما إن استمر الإحداث بالبول أو الغائط فيأتي في كلام المصنف إذا لم يستمسك الغائط
أو البول" في باب ديات الأعضاء ومنافعها" في الفصل الأول.
فائدة : لو مات من الإفزاع فعلى الذي أفزعه الضمان تحمله العاقلة بشرطه.
وكذا لو جنى الفزعان على نفسه أو غيره.
جزم به ناظم المفردات وهو منها.
قوله : "ومن أدب ولده أو امرأته في النشوز أو المعلم صبيه أو السلطان رعيته ولم يسرف فأفضى إلى تلفه لم يضمنه".
هذا المذهب نص عليه.
قال في الفروع في أواخر باب الإجارة لم يضمنه في ذلك كله في المنصوص نقله أبو طالب وبكر.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وجزم به في المحرر في الأولى والأخيرة.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وإدراك الغاية والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
ويتخرج وجوب الضمان على ما قاله فيما إذا أرسل السلطان إلى امرأة ليحضرها فأجهضت جنينها أو ماتت فعلى عاقلته الدية.
وهذا التخريج لأبي الخطابي في الهداية.
وقيل إن أدب ولده فقلع عينه ففيه وجهان.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله تعالى أن السلطان إذا أرسل إلى امرأة ليحضرها فأجهضت جنينها أو ماتت أنه يضمن.
أما إذا أجهضت جنينها فإنه يضمنه بلا نزاع أعلمه.
قال في الفروع ومن أسقطت بطلب سلطان أو تهديده لحق الله تعالى أو غيره أو ماتت بوضعها أو ذهب عقلها أو استعدى السلطان ضمن السلطان والمستعدي في الأخيرة في المنصوص فيهما كإسقاطها بتأديب أو قطع يد لم يأذن سيد فيه أو شرب دواء لمرض.
وأما إذا ماتت فزعا من إرسال السلطان إليها فجزم المصنف هنا أنه يضمنها أيضا وهو أحد الوجهين والمذهب منهما.
جزم به في الهداية والخلاصة, والمغني, والشرح, ونصراه في موضع.
وقدمه في الرعايتين, والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: لا يضمنها جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والكافي.
وأطلقهما في الفروع والنظم.
وقال المصنف في المغني في مواضع إن أحضر الخصم ظالمة عند السلطان لم يضمنها بل جنينها.
وفي المنتخب وكذا رجل مستعدى عليه.
قال في الرعاية وإن أفزعها سلطان بطلبها وقيل إلى مجلس الحكم بحق الله تعالى أو غيره فوضعت جنينا ميتا أو ذهب عقلها أو ماتت فالدية على العاقلة.
وقيل بل عليه.
وقيل من بيت المال.
وقيل تهدر.
وإن هلكت برفعها ضمنها.
وإن أسقطت باستعداء أحد إلى السلطان ضمن المستعدي ذلك نص عليه.
وقيل لا.
وإن فزعت فماتت فوجهان.
فائدتان :
إحداهما: لو أذن السيد في ضرب عبده فضربه المأذون له ففي ضمانه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى وهل يسقط بإذن سيده يحتمل وجهين انتهى.
قلت الصواب أنه لا يسقط.
ولو أذن الوالد في ضرب ولده فضربه المأذون له ضمنه.
جزم به في الرعاية والفروع.
الثانية: قال في الفنون إن شمت حامل ريح طبيخ فاضطرب جنينها فماتت هي أو مات جنينها فقال حنبلي وشافعيان إذا لم يعلموا بها فلا إثم ولا ضمان وإن علموا وكانت عادة مستمرة أن الرائحة تقتل احتمل الضمان للإضرار واحتمل عدمه لعدم تضرر بعض النساء وكريح الدخان يتضرر بها صاحب السعال وضيق النفس لا ضمان ولا إثم.
قال في الفروع: كذا قال, والفرق واضح.
قوله : "وإن سلم ولده إلي السابح" يعني الحاذق "ليعلمه فغرق لم يضمنه" هذا المذهب.
قال في الفروع لم يضمنه في الأصح.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
واختاره القاضي وغيره.
ويحتمل أن تضمنه العاقلة وهو لأبي الخطاب في الهداية.
وأطلق وجهين في المذهب.
قال الشارح إذا سلم ولده الصغير إلى سابح ليعلمه فغرق فالضمان على عاقلة السابح.
وقال القاضي قياس المذهب أنه لا يضمنه انتهى.
فائدة : لو سلم البالغ العاقل نفسه إلى السابح ليعلمه فغرق لم يضمنه قولا واحدا.
قوله : "وإن أمر عاقلا ينزل بئرا أو يصعد شجرة فهلك بذلك لم يضمنه".
كما لو استأجره لذلك إلا أن يكون الآمر السلطان فهل يضمنه على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
أحدهما: لا يضمنه كما لو استأجره لذلك وهو المذهب.
وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
والوجه الثاني: يضمنه وهو من خطأ الإمام.
واختاره القاضي في المجرد.
فائدة : لو أمر من لا يميز بذلك قاله المصنف وغيره وذكر الأكثر وجزم به في الترغيب والرعاية لو أمر غير المكلف بذلك ضمنه.
قال في الفروع ولعل مراد الشيخ يعني به المصنف ما جرى به عرف وعادة كقرابة وصحبة وتعليم ونحوه فهذا متجه وإلا ضمنه.
قوله : "وإن وضع جرة على سطح فرمتها الريح على إنسان فتلف لم يضمنه".
هذا المذهب مطلقا.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب وشرح ابن منجا والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع والمغني والشرح وغيرهم.
وقيل يضمن إذا كانت متطرفة وهو احتمال للمصنف جزم به في الوجيز.
وقال الناظم إن لم يفرط لم يضمن وإن فرط ضمن في وجه كمن بنى حائطا ممالا أو ميزابا.
فائدتان :
إحداهما: لو دفع الجرة حال نزولها عن وصولها إليه لم يضمن.
وكذا لو تدحرج فدفعه ذكره في الانتصار.
وذكر في الترغيب فيها وجهان.
الثانية : لو حالت بهيمة بين المضطر وبين طعامه ولا تندفع إلا بقتلها فقتلها مع أنه يجوز فهل يضمنها على وجهين في الترغيب.
واقتصر عليه في الفروع.
قلت قد تقدم نظيرها في آخر باب الغضب فيما إذا حالت البهيمة بينه وبين ماله فقتلها.
فذكر الحارثي في الضمان احتمالين واخترنا هناك عدم الضمان.
وظهر لنا هناك أنها كالجراد إذا انفرش في طريق المحرم بحيث إنه لا يقدر على المرور إلا بقتله.
باب مقادير ديات النفس
قوله : "دية الحر المسلم مائة من الإبل أو مائتا بقرة أو ألفا شاة أو ألف مثقال أو اثنا عشر ألف درهم فهذه الخمس أصول في الدية إذا أحضر من عليه الدية شيئا منه لزمه قبوله".هذا المذهب.
قال القاضي لا يختلف المذهب أن أصول الدية هذه الخمس.
قال ابن منجا في شرحه هذه الرواية هي الصحيحة من المذهب.
قال الناظم هذا المشهور من نص الإمام أحمد رحمه الله.
وصححه في الهداية والمذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وكون البقر والغنم من أصول الدية من مفردات المذهب.
وعنه أن الإبل هي الأصل خاصة وهذه أبدال عنها فإن قدر على الإبل أخرجها وإلا انتقل إليها.
قال ابن منجا في شرحه وهذه الرواية هي الصحيحة من حيث الدليل قال الزركشي هي أظهر دليلا ونصره.
وهي ظاهر كلام الخرقي حيث لم يذكر غيرها.
وقال جماعة من الأصحاب على هذه الرواية إذا لم يقدر على الإبل انتقل إليها وكذا لو زاد ثمنها.
وقال في العمدة دية الحر المسلم ألف مثقال أو اثنا عشر ألف درهم أو مائة من الإبل ولم أره لغيره.
قوله : "وفي الحلل روايتان".
وأطلقهما ناظم المفردات.
إحداهما ليست أصلا في الدية.
وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
والرواية الثانية هي أصل أيضا نصرها القاضي وأصحابه.
قال الزركشي هي اختيار القاضي وكثير من أصحابه الشريف وأبي الخطاب والشيرازي وغيرهم.
وجزم في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وغيرهم أن الحلل كغير الإبل من الأصول.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وهو من مفردات المذهب.
قوله: "وقدرها مائتا حلة".
يعني على القول بأنها أصل.
كل حلة بردان, هكذا أطلق أكثر الأصحاب.
قال ابن الجوزي في المذهب كل حلة بردان جديدان من جنس.
وقال أيضا في كشف المشكل الحلة لا تكون إلا ثوبين.
قال الخطابي الحلة ثوبان إزار ورداء ولا تسمى حلة حتى تكون جديدة تحل عن طيها هذا كلامه ولم يقل من جنس.
قوله : "فإن كان القتل عمدا أو شبه عمد وجبت أرباعا خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي وبن البنا وغيرهم.
قال الزركشي: هذا أشهر الروايتين.
وجزم به الخرقي والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه أنها ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة.
رجحها أبو الخطاب في الانتصار.
وجزم به في العمدة واختاره الزركشي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب.
وذكر في الروضة رواية العمد أثلاثا وشبه العمد أرباعا على صفة ما تقدم.
قال في الفروع ويتوجه تخريج من حمل العاقلة أن العمد وشبهه كالخطأ في قدر الأعيان على ما يأتي.
قوله: -في صفة الخلفة "في بطونها أولادها وهل يعتبر كونها ثنايا على وجهين".
وأطلقهما في المغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا والزركشي.
أحدهما: لا يعتبر ذلك وهو المذهب وهو الذي ذكره القاضي.
وصححه في النظم وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني: يعتبر وهي ما لها خمس سنين ودخلت في السادسة على ما تقدم في الأضحية.
صححه في التصحيح وبه قطع القاضي في الجامع.
وقيل يعتبر كونها ثنايا إلى بازل عام وله سبع سنين.
قوله: "وإن كان خطأ وجبت أخماسا عشرون بنت مخاض وعشرون بن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة".
هذا المذهب بلا نزاع.
وكلام المصنف يشمل الرجل والمرأة والذمي والجنين وهو قول القاضي في الخلاف والجامع.
قوله : "ويؤخذ من البقر النصف مسنات والنصف أتبعة وفي الغنم النصف ثنايا والنصف أجذعة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
وقال في الوجيز ويؤخذ في العمد وشبهه من البقر النصف مسنات والنصف أتبعة ومن الغنم النصف ثنايا والنصف أجذعة وفي الخطأ يجب من البقر مسنات وتبعات وأتبعة أثلاثا ومن الغنم والمعز أثلاثا ثلث من المعز ثنيات وثلثان من الغنم ثلث أجذاع وثلث جذعات ذكره القاضي في خلافه واقتصر عليه وهو احتمال في جامعه ذكره الزركشي.
وقال في الفروع ويتوجه أنه يجزئ وإن كان أحدهما أكثر من الآخر وأنه كزكاة.
قوله : "ولا تعتبر القيمة في ذلك بعد أن يكون سليما من العيوب" هذا المذهب.
قال المصنف هنا وهذا أولى وصححه المصنف والشارح.
وقال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال في النظم هذا المنصور من نص الإمام أحمد رحمه الله. وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب يعتبر أن تكون قيمة كل بعير مائة وعشرين درهما.
قال المصنف هنا فظاهر هذا أنه يعتبر في الأصول كلها أن تبلغ دية من الأثمان.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ذكرها في الكافي وغيره وعليها الأصحاب منهم القاضي وأصحابه.
وجزم به في الهداية, والمذهب, وغيرهما.
واعتبروا جنس ماشيته في بلده.
قال في المغني والشرح وذكر أصحابنا أن مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن يؤخذ مائة من الإبل قيمة كل بعير مائة وعشرون درهما فإن لم يقدر على ذلك أو في اثني عشر ألف درهم أو ألف مثقال ورداه.
قال في الرعايتين والحاوي لا يجزئ معيب ولا دون دية الأثمان على الأصح من إبل وبقر وغنم وحلل.
وقال في الصغرى وقيل أدنى قيمة كل بعير مائة وعشرون درهما وكل بقرة أو حلة ستون درهما وكل شاة ستة دراهم وحكاه في الكبرى رواية.
قال في المحرر وغيره وعنه يعتبر أن لا تنقص قيمتها عن دية الأثمان.
قال الزركشي اختاره أبو بكر.
وهذه الرواية مخالفة للرواية التي ذكرها في الكافي وغيره.
قوله : "ويؤخذ من الحلل المتعارف أي باليمن فإن تنازعا جعلت قيمة كل حلة ستين درهما".
قال في المحرر والفروع فعلى الرواية التي اختارها القاضي وأصحابه يؤخذ من الحلل المتعارف باليمن فإن تنازعا فقيمة كل حلة ستون درهما.
وتقدم نقل الرواية التي ذكرها في الرعايتين.
قلت قد يستشكل ما قاله المصنف فإن صاحب المحرر والفروع بينا ذلك على الرواية الثانية وهو ظاهر.
وظاهر كلام المصنف والشارح والناظم أن هذا مبني على المذهب الذي اختاره.
فعلى هذا ينبغي أن يؤخذ المتعارف بشرط أن تكون صحيحة سليمة من العيوب من غير نظر إلى قيمة البتة كما في غيرها.
حكى الزركشي كلام المصنف هنا ثم قال وهو ذهول منه بل عند التنازع يقضى بالمتعارف على المختار.
قوله : "ودية المرأة نصف دية الرجل بلا نزاع ويساوي جراحها جراحه إلى ثلث الدية".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه المرأة في الجراح على النصف من جراح الرجل مطلقا كالزائد على الثلث.
تنبيه: يحتمل قوله إلى ثلث الدية عدم المساواة في الثلث فلا بد أن تكون أقل منه.
وهو ظاهر كلام المصنف وهو المذهب والصحيح من الروايتين.
وصححه في المغني والشرح وقدمه في الرعايتين.
ويحتمل المساواة وهو الرواية الأخرى وهو أولى كما لو كان دونه.
واختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
وقدمه في الهداية والمستوعب.
قال ابن منجا وهو ظاهر كلام المصنف لأنه قال فإذا زادت صارت على النصف.
وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع والزركشي.
فائدة: قوله: "ودية الخنثى المشكل نصف دية ذكر ونصف دية أنثى".
وهو صحيح بلا نزاع.
وهو من مفردات المذهب.
جزم به ناظمها في كتاب الفرائض.
قلت هذا بعيد أن يكون من مفردات المذهب فيما يظهر.
وكذلك أرش جراحه.
قوله : "ودية الكتابي نصف دية المسلم".
سواء كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدا.
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه ثلث ديته اختاره أبو محمد الجوزي.
وقال إن قتله عمدا فدية المسلم.
قلت خالف المذهب في صورة ووافقه في أخرى.
لكن الإمام أحمد رحمه الله رجع عن هذه الرواية في رواية أبي الحارث.
وكذلك قال أبو بكر المسألة رواية واحدة أنها على النصف.
تنبيه: قوله: "وكذلك جراحهم ونساؤهم على النصف من دياتهم".
يعني أنها مبنية على الخلاف الذي ذكره فيهما.
فائدتان :
إحداهما: قوله: "ودية المجوسي" الذمي والمعاهد والمستأمن منهم ثمانمائة درهم بلا نزاع.
وكذا الوثني وكذا من ليس له كتاب كالترك ومن عبد ما استحسن كالشمس والقمر والكواكب ونحوها.
وكذلك المعاهد منهم المستأمن بدارنا على الصحيح من المذهب في المعاهد.
قال في الترغيب في المستأمن لو قتل منهم من أمنوه بدارهم.
وقال في المغني دية المعاهد قدر دية أهل دينه.
الثانية: جراحهم تقدر بالنسبة إلى دياتهم.
قوله : "ومن لم تبلغه الدعوة فلا ضمان فيه".
هذا المذهب قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنتخب والمنور وغيرهم.
وقدمه الشارح وقال هذا أولى.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعند أبي الخطاب إن كان ذا دين ففيه دية أهل دينه وإلا فلا شيء فيه.
وأطلقهما في المذهب.
وذكر أبو الفرج أنها كدية المسلم لأنه ليس له من يتبعه.
تنبيه: فعلى المذهب قال ابن منجا في شرحه لا بد أن يلحظ أنه لا أمان له.
فإن كان له أمان فديته دية أهل دينه.
وإن لم يعرف له دين ففيه دية مجوسي لأنه اليقين انتهى.
وهذا بعينه ذكره المصنف والشارح.
قوله : "ودية العبد والأمة قيمتهما بالغة ما بلغت".
هذا المذهب بلا ريب.
قال المصنف والشارح هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع في كتاب الغصب في أول فصل هذا المذهب.
وكذا قال ابن منجا في شرحه هنا.
وجزم به في الوجيز, والمنور, ومنتخب الآدمي, وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والكافي والهادي والمحرر والبلغة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم بل عليه الأصحاب.
وعنه لا يبلغ بها دية الحر نقلها حنبل.
وقيل يضمنه بأكثرهما إذا كان غاصبا له.
قوله : "وفي جراحه إن لم يكن مقدرا من الحر ما نقصه وإن كان مقدرا من الحر فهو مقدر من العبد من قيمته ففي يده نصف قيمته وفي موضحته نصف عشر قيمته سواء نقصته الجناية أقل من ذلك أو أكثر".
هذا إحدى الروايتين.
وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقدمه في الفروع في أول كتاب الغصب.
وقدمه في الهداية والخلاصة وإدراك الغاية وغيرهم.
واختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه.
قال الزركشي هذا المذهب.
وعنه أنه يضمن بما نقص مطلقا اختاره الخلال والمصنف وصاحب الترغيب والشارح وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين رحمهم الله وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في الوجيز وقال إلا أن يكون مغصوبا.
وقد تقدم هناك.
وقدمه في المحرر وصححه في الغصب.
وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في المذهب.
وتقدم في أثناء الغصب شيء من ذلك.
وعنه إن كانت جراحة عن إتلاف ضمنت بالتقدير وإن كانت عن تلف تحت اليد العادية ضمنت بما نقص.
فعلى هذه متى قطع الغاصب يد العبد المغصوب لزمه أكثر الأمرين.
وإن قطعها أجنبي ضمن المالك من شاء منهما نصف قيمته والقرار على الجاني وما بقي من نقص ضمنه الغاصب خاصة.
وأطلقهن في المحرر في باب مقادير الديات والحاوي الصغير.
فعلى المذهب لو جنى عليه جناية لا مقدر فيها في الحر إلا أنها في شيء فيه مقدر كما لو جنى على رأسه أو وجهه دون الموضحة ضمن بما نقص على الصحيح وإليه ميل المصنف والشارح وبن رزين.
وقيل إن نقص أكثر من أرشها وجب نصف عشر قيمته.
وأطلقهما الزركشي.
قوله : "ومن نصفه حر ففيه نصف دية حر ونصف قيمته وهكذا في جراحه".
وهذا مبني على المذهب من أن العبد يضمن بالمقدر.
أما على الرواية الأخرى ففي لسانه نصف دية حر ونصف ما نقص.
وتقدم حكم القود بقتله في باب شروط القصاص.
قوله : "وإذا قطع خصيتي عبد أو أنفه أو أذنيه لزمته قيمته للسيد ولم يزل ملكه عنه".
هذا مبني على الرواية الأولى التي قدمها المصنف في جراح العبد.
وأما على الرواية الثانية فإنه يلزمه ما نقص.
قوله : "وإن قطع ذكره ثم خصاه لزمته قيمته لقطع الذكر وقيمته مقطوع الذكر وملك سيده باق عليه".
وهذا أيضا مبني على الرواية الأولى.
وعلى الثانية يلزمه ما نقص.
فائدة : الأمة كالعبد لكن إذا بلغت جراحها ثلث قيمتها فقال المصنف يحتمل أن ترد جنايتها إلى النصف فيكون في ثلاث أصابع ثلاثة أعشار قيمتها وفي الأربع خمس قيمتها كالحرة.
ويحتمل أن ترد إلى النصف لأن ذلك في الحرة على خلاف الأصل.
قال الزركشي قلت وهذا هو الصواب.
تنبيهات
الأول: قوله: "ودية الجنين الحر المسلم إذا سقط ميتا غرة عبد أو أمة" بلا نزاع.
ولو كان من فعل الأم أو كانت أمة وهو حر مسلم فتقدر حرة أو ذمية حاملة من مسلم أو ذمي ومات على أصلنا فتقدر مسلمة.
لكن يشترط فيه أن يكون مصورا على الصحيح من المذهب صححه في المغني والشرح.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي الولد الذي تجب فيه الغرة هو ما تصير به الأمة أم ولد وما لا فلا.
وقيل تجب الغرة ولو ألقت مضغة لم تتصور.
قال في النظم:
ووجهان في المبدا بإرشاد خرد
وقال في الرعايتين والحاوي فإن كان الحر مبدأ خلق آدمي بشهادة القوابل ضمن بغرة.
وقيل يهدر.
الثاني: ظاهر قوله : "قيمتها خمس من الإبل".
أن ذلك يعتبر سواء قلنا إن الإبل هي الأصل خاصة أم هي وغيرها من الأصول.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقال الزركشي والخرقي قال قيمتها خمس من الإبل بناء عنده على الأصل في الدية.
فجعل التقويم بها.
وغيره من الأصحاب مقتضى كلامه أن التقويم بواحد من الخمسة أو الستة وأن ذلك راجع إلى اختيار الجاني كما له الاختيار في دفع أي الأصول شاء إذا كان موجب جنايته دية كاملة انتهى.
قلت ليس الأمر كما قال فإن كثيرا من الأصحاب يحكي الخلاف في الأصول.
وتقدم أنها خمسة كما تقدم.
ويذكرون هنا في الغرة أن قيمتها خمس من الإبل.
الثالث: قوله : "موروثة عنه".
كأنه خرج حيا فيرث الغرة والدية من يرثه كأنه خرج حيا.
ولا يرث قاتل ولا رقيق ولا كافر.
وترث عصبة سيد قاتل جنين أمته.
الرابع: قوله: "ولا يقبل في الغرة خنثي ولا معيب".
مراده بالمعيب أن يكون عيبا يرد به في البيع.