كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد
بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي
الصالحي
تنبيه: قوله: "المجحود" يعنى سواء كان مجحودا باطنا أو ظاهرا أو ظاهرا وباطنا هذا المذهب وعليه الأكثر وقيده في المستوعب بالمجحود ظاهرا وباطنا وقال أبو المعالي ظاهرا.
فوائد:
منها: لو كان بالمجحود بينة وقلنا لا تجب في المجحود ففيه هنا وجهان وأطلقهما في الفروع [وابن تميم، وقال: ذكرهما القاضي].
أحدهما: تجب وهو الصحيح جزم به المجد في شرحه وقدمه في الفائق [والرعايتين، والحاويين].
الثاني: لا تجب.
ومنها: لو وجبت في نصاب بعضه دين على معسر أو غصب أو ضال ونحوه ففي وجوب إخراج زكاة ما بيده قبل قبض الدين والغصب والضال وجهان وأطلقهما في الفروع وبن تميم.
أحدهما: يجب إخراج زكاة ما بيده وهو المذهب قدمه في الرعايتين والحاويين وهو ظاهر ما قدمه المجد في شرحه فلو كانت إبلا خمسا وعشرين منها خمس مغصوبة أرضا أخرج أربعة أخماس بنت مخاض.
والثاني: لا يجب حتى يقبض ذلك فعلى هذا الوجه لو كان الدين على ملىء فوجهان وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين.
قلت: الصواب وجوب الإخراج.
ومنها: لو قبض شيئا من الدين أخرج زكاته ولو لم يبلغ نصابا على الصحيح من المذهب ونص عليه في رواية صالح وأبي طالب وبن منصور وقال يخرج زكاته بالحساب ولو أنه درهم وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والمجد في شرحه والفائق وغيرهم وقال القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول لا يلزمه ما لم يكن المقبوض نصابا أو يصير ما بيده ما يتمم به نصابا.
ومنها: يرجع المغصوب منه على الغاصب بالزكاة لنقصه بيده كتلفه.
ومنها: لو غصب رب المال بأسر أو حبس ومنع من التصرف في ماله لم تسقط زكاته على الصحيح من المذهب لنفوذ تصرفه فيه وقيل: تسقط.
قوله: "وقال الخرقي واللقطة إذا جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها".
اللقطة قبل أن يعلم بها ربها حكمها حكم المال الضائع على ما تقدم خلافا ومذهبا وعند الخرقي: أن الزكاة تجب فيها إذا وجدها ربها لحول التعريف.
وذكر المصنف "الخرقي" تأكيدا لوجوب الزكاة فيما ذكره.
فوائد:
إذا ملك الملتقط اللقطة بعد الحول استقبل بها حولا وزكاها على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به الخرقي وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: لا يلزمه لأنه مدين بها وحكى عن القاضي لا زكاة فيها نظرا إلى أنه ملكها مضمونة عليه بمثلها أو قيمتها فهي دين عليه في الحقيقة انتهى ولذلك قال ابن عقيل لكن نظرا إلى عدم استقرار الملك فيها انتهى.
فعلى القول الثاني: لو ملك قدر ما يقابل قدر عوضها زكى على الصحيح.
وقيل لا لعدم استقرار ملكه لها وتقدم كلام بن عقيل.
وإذا ملكها الملتقط وزكاها فلا زكاة إذن على ربها على الصحيح من المذهب وعنه بلى وهل يزكيها ربها حول التعريف أو بعده إذا لم يملكها الملتقط فيه الروايتان في المال الضال.
وإن لم يملك اللقطة وقلنا له أن يتصدق بها لم يضمن حتى يختار ربها الضمان فتثبت حينئذ في ذمته كدين تجدد فإن أخرج الملتقط زكاتها عليه منها ثم أخذها ربها رجع عليه بما أخرج على الصحيح من المذهب وقال القاضي لا يرجع عليه إن قلنا لا يلزم ربها زكاتها قال في الرعاية لوجوبها على الملتقط إذن.
قوله: "ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب".
هذا المذهب إلا ما استثنى وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا يمنع الدين الزكاة مطلقا وعنه يمنع الدين الحال خاصة جزم به في الإرشاد وغيره.
قوله: "إلا في الحبوب والمواشي".
في إحدى الروايتين وقدمه في الفائق.
والرواية الثانية : يمنع أيضا وهي المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي هذا اختيار أكثر الأصحاب قال بن أبي موسى هذا الصحيح من مذهب أحمد.
قلت: اختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه والحلواني وبن الجوزي وصاحب الفائق وغيرهم وجزم به في العمدة وقدمه في المستوعب والفروع وصححه في تصحيح المحرر وأطلقهما في الشرح والمحرر والرعايتين والحاويين.
وعنه يمنع ما استدانه للنفقة على ذلك أو كان ثمنه ولا يمنع ما استدانه لمؤنة نفسه أو أهله قال الزركشي فعلى رواية عدم المنع ما لزمه من مؤنة الزرع من أجرة حصاد وكراء أرض ونحوه يمنع نص عليه وذكره بن أبي موسى وقال رواية واحدة وتبعه صاحب
التلخيص وحكى أبو البركات رواية أن الدين لا يمنع في الظاهر مطلقا قال الشيخ تقي الدين لم أجد بها نصا عن أحمد انتهى.
وعنه يمنع خلا الماشية وهو ظاهر كلام الخرقي.
فوائد:
الأولى: في الأموال ظاهرة وباطنة فالظاهرة ما ذكره المصنف من الحبوب والمواشي وكذا الثمار والباطنة كالأثمان وقيمة عروض التجارة على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقال أبو الفرج الشيرازي الأموال الباطنة هي الذهب والفضة فقط انتهى.
وهل المعدن من الأموال الظاهرة أو الباطنة فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين.
أحدهما: هو من الأموال الظاهرة وهو ظاهر كلام الشيرازي على ما تقدم.
الثاني: هو من الأموال الباطنة.
قلت: وهو الصواب لأنه أشبه بالأثمان وقيمة عروض التجارة.
قال في المغني: الأموال الظاهرة السائمة والحبوب والثمار قال في الفائق والمنع في المعدن وقيل لا.
الثانية: لا يمنع الدين خمس الزكاة بلا نزاع.
الثالثة: لو تعلق بعبد تجارة أرش جناية منع الزكاة في قيمته لأنه وجب جبرا لا مواساة بخلاف الزكاة وجعله بعضهم كالدين منهم صاحب الفروع في حواشيه.
الرابعة: لو كان له عرض قنية يباع لو أفلس يفي بما عليه من الدين جعل في مقابلة ما عليه من الدين وزكى ما معه من المال على إحدى الروايتين قال القاضي هذا قياس المذهب ونصره أبو المعالي اعتبارا بما فيه الحظ للمساكين.
وعنه يفعل في مقابلة ما معه ولا يزكيه صححه ابن عقيل وقدمه بن تميم وصاحب الحواشي والرعايتين والحاويين وأطلقهما في الفروع وشرح المجد والفائق وينبني على هذا الخلاف ما إذا كان بيده ألف وله ألف دينار على ملىء وعليه مثلها فإنه يزكي ما معه على الأولى لا الثانية قاله في الفروع وقدمه في الفائق والرعايتين والحاويين هنا جعل الدين مقابلا لما في يده وقالوا نص عليه ثم قالوا أو قيل مقابلا للدين.
الخامسة: لو كان له عرض تجارة بقدر الدين الذي عليه ومعه عين بقدر الدين الذي عليه فالصحيح من المذهب أنه يجعل الدين في مقابلة العرض ويزكي ما معه من العين نص عليه في رواية المروذي وأبي الحارث وقدمه في الفروع والحواشي وبن تميم.
وقيل: إن كان فيما معه من المال الزكوي جنس الذي جعل في مقابلته وحكاه بن الزاغوني رواية وتابعه في الرعايتين والحاويين وغيرهم وإلا اعتبر الأحظ وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
وقيل يعتبر الأحظ للفقراء مطلقا فمن له مائتا درهم وعشرة دنانير قيمتها مائتا درهم جعل الدنانير قبالة دينه وزكى ما معه ومن له أربعون شاة وعشرة أبعرة ودينه قيمة أحدهما جعل قبالة دينه الغنم وزكى شاتين.
السادسة: دين المضمون عنه يمنع الزكاة بقدره في ماله دون الضامن على الصحيح من المذهب خلافا لأبي المعالي.
السابعة: لا تجب الزكاة في المال الذي حجر عليه القاضي للغرماء كالمال المغصوب تشبيها للمنع الشرعي بالمنع الحسي هذا الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح والقاضي وقدمه في الرعايتين وقال الأزجي في النهاية هذا بعيد بل إلحاقه بمال الديون أقرب اختاره أبو المعالي وظاهر الفروع إطلاق الخلاف.
وقيل: إن كان المال سائمة زكاها لحصول النماء والنتاج من غير تصرف بخلاف غيرها وقال أبو المعالي إن قضى الحاكم ديونه من ماله ولم يفضل شيء من ماله فهو الذي ملك نصابا وعليه دين قال وإن سمى لكل غريم بعض أعيان ماله فلا زكاة عليه مع بقاء ملكه لضعفه بتسليط الحاكم لغريمه على أخذ حقه انتهى وإن حجر عليه بعد وجوبها لم تسقط الزكاة على الصحيح من المذهب وقيل تسقط إن كان قبل تمكنه من الإخراج قال في الحواشي وبن تميم وهو بعيد ولا يملك إخراجها من المال لانقطاع تصرفه قاله المصنف والشارح وقال بن تميم والأولى أن يملك ذلك كالراهن وهما وجهان وأطلقهما في الفروع فإنه قال لا يقبل إقراره بها وجزم به بعضهم ولا يقبل إقرار المحجور عليه بالزكاة وتتعلق بذمته كدين الآدمي ذكره المصنف والشارح وأبو المعالي وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وعنه يقبل كما لو صدقه الغريم.
ويأتي زكاة المرهون في فوائد الخلاف الآتي آخر الباب.
قوله: "والكفارة كالدين في أحد الوجهين".
وحكاهما أكثرهم روايتين وأطلقهما في الهداية والمغني والشرح والحاويين والفائق والفروع والحواشي وبن تميم والمحرر إذا لم يمنع دين الآدمي الزكاة فدين الله من الكفارة والنذر المطلق ودين الحج ونحوه لا يمنع بطريق أولى وإن منع الزكاة فهل يمنع دين الله فيه الخلاف.
أحدهما: هو كالدين [الذي] للآدمي وهو الصحيح من المذهب صححه المجد وبن حمدان في رعايته وهو قول القاضي وأتباعه وجزم به بن البنا في خلافه في الكفارة والخراج.
وقال: نص عليه. وهو الذي احتج به القاضي في الكفارة.
والوجه الثاني: لا يمنع وجوب الزكاة.
فائدتان:
إحداهما: النذر المطلق ودين الحج ونحوه كالكفارة كما تقدم وقال في المحرر والخراج من دين الله وتابعه في الرعايتين والحاويين وغيرهم قاله القاضي وبن البنا وغيرهما ففيه الخلاف في إلحاقه بديون الآدميين.
وأما الإمام أحمد: فقدم الخراج على الزكاة وقال الشيخ تقي الدين الخراج ملحق بديون الآدميين.
والثاني: لو كان الدين زكاة هل يمنع عند قواعد الخلاف [في الزكاة هل تجب] في المعين أو في الذمة؟
الثانية: لو قال: لله علي أن أتصدق بهذا أو هو صدقة فحال الحول فلا زكاة فيه على الصحيح من المذهب وقال بن حامد فيه الزكاة فقال في قوله: "إن شفى الله مريضي تصدقت من هاتين المائتين بمائة" فشفي ثم حال الحول قبل أن يتصدق بها وجبت الزكاة وقال في الرعاية إن نذر التضحية بنصاب معين وقيل أو قال جعلته ضحايا فلا زكاة ويحتمل وجوبها إذا تم حوله قبلها انتهى.
ولو قال: "علي لله أن أتصدق بهذا النصاب إذا حال الحول" وجبت الزكاة على الصحيح من المذهب اختاره المجد في شرحه وقيل هي كالتي قبلها. اختاره ابن عقيل [وأطلقهما بن تميم والفروع].
فعلى الأول تجزئه الزكاة [منه] على أصح الوجهين ويبرأ بقدرها من الزكاة والنذر إن نواهما معا لكون الزكاة صدقة وكذا لو نذر الصدقة ببعض النصاب هل يخرجهما أو يدخل النذر في الزكاة وينويهما وقال بن تميم وجبت الزكاة ووجب إخراجهما معا وقيل يدخل النذر في الزكاة وينويهما معا. انتهى.
قوله: "الخامس مضي الحول شرط إلا في الخارج من الأرض".
فيشترط مضي الحول في الأثمان والماشية وعروض التجارة وظاهر كلام المصنف: اشتراط مضي الحول كاملا وهو أحد الوجوه وهو ظاهر كلام الخرقي والقاضي لكن ذكره إذا كان النقص في أثناء الحول.
والوجه الثاني: يعفى عن ساعتين وهو المذهب قال في الفروع وهو الأشهر.
قلت: عليه أكثر الأصحاب.
وقدمه بن تميم. واختاره أبو بكر وقدم المجد في شرحه أنه لا يؤثر أقل من معظم
اليوم وقال في المحرر والفائق ولا يؤثر نقص دون اليوم وقيل يعفى عن نصف يوم وقال أبو بكر يعفى عن يوم اختاره القاضي وصححه بن تميم قال في الفروع وجزم به في المحرر وغيره وليس كما قال وقد تقدم لفظه.
وقيل: يعفى عن يومين وقيل الخمسة والسبعة يحتمل وجهين.
وقال: في الروضة يعفى عن أيام قال في الفروع فإما أن مراده ثلاثة أيام لقلتها واعتبارها في مواضع أو ما لم يعد كثيرا عرفا.
وقيل: يعتبر طرفا الحول خاصة في العروض خاصة.
قوله: "فإذا استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول".
وهذا المذهب إلا ما استثنى وسواء كان المستفاد من جنس ما يملكه أو لا وعليه الأصحاب وحكى عنه رواية في الأجرة أنها تتبع المال الذي من جنسها.
فائدة: يضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه ويزكى كل مال إذا تم حوله وهذا الصحيح من المذهب.
وقيل: يعتبر النصاب في المستفاد أيضا.
قوله: "إلا نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصابا وإن لم يكن نصابا فحوله من حين كمل النصاب".
هذا المذهب. وعليه الأصحاب وعنه حوله من حين ملك الأمات نقلها حنبل.
وقيل: حول النتاج منذ كمل أمهاته نصابا وحول أمهاته منذ ملكهن ذكره في الرعاية ووجه في الفروع تخريجا واحتمالا في ربح التجارة أن حوله حول أصله.
قلت: قال الزركشي وقيل عنه إذا كمل النصاب بالربح فحوله من حين ملك الأصل كالماشية في رواية.
فعلى رواية حنبل: لو أبدل بعض نصاب بنصاب من جنسه كعشرين شاة بأربعين احتمل أن ينبني على حول الأولى ويحتمل أن يبتدئ الحول وأطلقهما في الفروع وهما وجهان مطلقان في مختصر بن تميم وروايتان مطلقتان في الرعاية الكبرى.
قلت: الصواب الثاني من الاحتمالين.
قوله: "وإن ملك نصابا صغارا انعقد عليه الحول من حين ملكه".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا ينعقد حتى يبلغ سنا يجزئ مثله في الواجب وحكى بن تميم أن القاضي قال في شرحه الصغير تجب الزكاة في الحقاق وفي بنات المخاض [واللبون بناء على أصل السخال ونقل حرب: لا زكاة في بنات المخاض] حتى تكون
فيها كبيرة قال في الفروع كذا قال فعلى المذهب لو تغذت باللبن فقط لم تجب لعدم السوم المعتبر اختاره المجد في شرحه وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل تجب لوجوبها فيه تبعا للأمات كما تتبعها في الحول وأطلقهما في الفروع والزركشي وبن تميم وهما احتمالان ذكرهما بن عقيل.
وعلى الرواية الثانية: ينقطع ما لم يبق واحدة من الأمات نص عليه وهو الصحيح عليها وقيل ينقطع ما لم يبق نصاب من الأمات.
قوله: "ومتى نقص النصاب في بعض الحول".
انقطع الحول. هذا المذهب وعليه الجمهور وتقدم قول بأنه لو انقطع في أثناء حول عروض التجارة وكان كاملا في أوله وآخره أنه لا يضر.
قوله: "أو باعه أو أبدله بغير جنسه انقطع الحول".
هذا المذهب بشرطه وعليه الأصحاب وقال بن تميم وإن أبدله لا بمثله مما فيه الزكاة انقطع على الأصح قال في القواعد وخرج أبو الخطاب في الانتصار رواية بالبناء في الإبدال من غير الجنس مطلقا.
فائدتان:
إحداهما: لا ينقطع الحول بإبدال نصاب ذهب بفضة أو بالعكس على الصحيح من المذهب فيكون ذلك مستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق وفيه رواية مخرجة من عدم ضم أحدهما إلى الآخر وإخراجه عنه قال بن تميم: إبدال أحد النقدين بالآخر ينبني على الضم قال في القواعد فيه روايتان قال الزركشي طريقة أبي محمد وطائفة وصححها أبو العباس مبنية على الضم وطريقة القاضي وجماعة منهم المجد أن الحول لا ينقطع مطلقا وإن لم نقل بالضم.
تنبيه: حيث قلنا "لا ينقطع الحول" فالصحيح أنه يخرج مما ملكه عند وجوب الزكاة قدمه في الفروع وقال القاضي وتبعه في شرح المذهب يخرج مما ملكه أكثر الحول قال بن تميم ونص أحمد على مثله.
الثانية: لا ينقطع الحول في أموال الصيارفة لئلا يفضي إلى سقوطها فيما ينمو أو وجوبها في غيره قال في الفروع والأصول تقتضي العكس وهذا أيضا يكون مستثنى من كلام المصنف وغيره.
قوله: "إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة".
الصحيح من المذهب: أنه إذا قصد بالبيع أو الهبة أو الإتلاف أو نحوه الفرار من الزكاة لم
تسقط. وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقال أبو يعلى الصغير في مفرداته عن بعض الأصحاب تسقط الزكاة بالتحيل وفاقا لأبي حنيفة والشافعي كما في بعد الحول الأول.
قلت: وقواعد المذهب وأصوله تأبى ذلك.
فعلى المذهب: اشترط المصنف أن يكون ذلك عند قرب وجوبها وجزم به جماعة من الأصحاب منهم أبو الخطاب في الهداية.
وقدم في الرعايتين، والحاويين والفائق وغيرهم عدم السقوط إذا فعله فارا قبل الحول بيومين أو يوم فأكثر وفي كلام القاضي بيومين أو يوم وقيل بشهرين حكاه في الرعاية وغيرها.
وقدم في الفروع أنه متى قصد بذلك الفرار من الزكاة مطلقا لم تسقط وسواء كان في أول الحول أو وسطه أو آخره قال وأطلقه الإمام أحمد فلهذا قال بن عقيل: هو ظاهر كلامه وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة وقدمه في المحرر وقال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي وهو الغالب على كلام كثير من المتقدمين واختيار طائفة من المتأخرين كابن عقيل والمجد وغيرهما وذكره بعضهم قولا وقال في الفائق نص أحمد على وجوبها فيمن باع قبل الحول بنصف عام.
قال بن تميم: والصحيح تأثير ذلك بعد مضي أكثر الحول وقال المجد في شرحه وغيره لا أول الحول لندرته وفي كلام القاضي في اول الحول نظر وقال أيضا في أوله ووسطه لم يوجد لرب المال الغرض وهو الترفه بأكثر الحول والنصاب وحصول النماء فيه.
فائدتان:
إحداهما: يزكى من جنس المبيع لذلك الحول فقط إذا قصد الفرار على الصحيح من المذهب.
وقيل: إن أبدله بعقار ونحوه وجبت زكاة كل حول وسأله بن هانئ فيمن ملك نصاب غنم ستة أشهر ثم باعها فمكثت عنده ستة أشهر قال إذا فر بها من الزكاة زكى ثمنها إذا حال عليها الحول وقيل يعتبر الأحظ للفقراء.
الثانية: لو ادعى أنه لم يقصد بما فعل الفرار من الزكاة قبل فيما بينه وبين الله تعالى وفي الحكم وجهان وأطلقهما في الفروع وبن تميم.
قلت: الأولى أنه إن عرف بقرائن أنه قصد الفرار لم يقبل قوله وإلا قبل.
قوله: "وإن أبدله بنصاب من جنسه بنى على حوله".
وهو المذهب. وعليه الأصحاب ويتخرج أن ينقطع وهو لأبي الخطاب كالجنسين.
قال بن تميم: لم ينقطع على الأصح وقاسه جماعة من الأصحاب منهم القاضي
وأصحابه والمصنف والمجد وغيرهم البناء على الحول الأول في هذه المسألة على عروض التجارة تباع بنقد أو تشترى به فإنه يبنى وحكى الخلاف.
تنبيه: اعلم أن بعض الأصحاب عبر في هذه المسألة بالبيع كما قاله المصنف هنا وعبر بعضهم بالإبدال قال في الفروع ودليلهم يقتضي التسوية وعبر القاضي بالإبدال ثم قال نص عليه في رواية أحمد بن سعيد في الرجل يكون عنده غنم سائمة فيبيعها بضعفها من الغنم هل يزكيها أم يزكي الأصل فقال بل يعطي زكاتها لأن نماءها منها.
وقال أبو المعالي: المبادلة هل هي بيع فيه روايتان ثم ذكر نصه بجواز إبدال المصحف لا بيعه وقول أحمد: المعاطاة بيع والمبادلة معاطاة وأن هذا أشبه قال فإن قلنا هي بيع انقطع الحول كلفظ المبيع لأنه ابتداء ملك.
نعم المبادلة تدل على وضع شيء مماثل له كالتيمم عن الوضوء فكل بيع مبادلة ولا عكس انتهى.
وقال أبو بكر في المبادلة: هل هي بيع أم لا على روايتين وأنكر القاضي ذلك وقال هي بيع بلا خلاف ذكره بن رجب في القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة ويأتي هذا في أوائل كتاب البيع عند حكم بيع المصحف.
فائدة: لو زاد بالاستبدال تبع الأصول في الحول أيضا نص عليه كنتاج فلو أبدل مائة شاة بمائتين لزمه زكاة مائتين إذا حال حول المائة نص عليه وقال أبو المعالي يستأنف للزائد حولا وقال في الانتصار إن أبدله بغير جنسه بنى أومأ إليه ثم سلمه وفرق وقال بن تميم وبن حمدان لا يبنى في الأصح.
فائدة: لو أبدله بغير جنسه ثم رد عليه بعيب ونحوه استأنف الحول على الصحيح من المذهب وذكر أبو بكر إذا أبدل نصابا بغير جنسه ثم رد عليه بعيب ونحوه ينبني على الحول الأول إذا لم تحصل المبادلة بيعا وفي نسخة إذا لم نقل المبادلة بيعا ولو أبدل نصاب سائمة بمثله ثم ظهر فيه على عيب بعد أن وجبت الزكاة فله الرد ولا تسقط الزكاة عنه على الصحيح من المذهب.
وقال بن حامد: إذا دلس البائع العيب فرد عليه فزكاته عليه فإن خرج من النصاب فله رد ما بقي في أحد الوجهين وفي الآخر يتعين له الأرش.
قلت: هذا المذهب على ما يأتي في خيار العيب.
وأطلقهما بن تميم. فعلى الأول: لو اختلفا في قيمة المخرج كان القول قول المخرج.
قلت: وهو الصواب.
وقيل: القول قول صاحبه وأطلقهما بن تميم والفروع على ما تقدم.
قوله: "وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه في رواية الجماعة قال في الفروع نقله واختاره الجماعة.
قال الجمهور: وهذا ظاهر المذهب حكاه أبو المعالي وغيره انتهى.
قال المصنف والشارح: هي الظاهرة عند أكثر أصحابنا وجزم به في الإرشاد والقاضي في المجرد والتعليق والجامع وصاحب الوجيز وغيرهم واختاره أبو الخطاب في خلافه الصغير وصححه المجد في شرحه وغيره وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه تجب في الذمة قال في المذهب ومسبوك الذهب يتعلق بالذمة في أصح الروايتين.
قال بن عقيل: هو الأشبه بمذهبنا وجزم به الخرقي وأبو الخطاب في الانتصار وقال رواية واحدة وقدمه في التلخيص والفائق وابن رزين في شرحه ونهايته ونظمها واختاره وأطلقهما في المبهج والإيضاح والمستوعب والبلغة والشرح والحاوي الكبير.
وقيل: تجب في الذمة وتتعلق بالنصاب قال في القواعد الفقهية: ووقع ذلك في كلام القاضي وأبي الخطاب وغيرهما وهي طريقة الشيخ تقي الدين.
قال في القواعد: وفي كلام أبي بكر إشعار بتنزيل الروايتين على اختلاف حالين وهما يسار المالك وإعساره فإن كان موسرا وجبت في ذمته وإن كان معسرا وجبت في عين المال قال وهو غريب.
تنبيه: لهذا الخلاف أعني أنها هل تجب في العين أو في الذمة.
فوائد جمة
منها: ما ذكره المصنف هنا وهو ما إذا مضى حولان على النصاب لم تؤد زكاتهما فعليه زكاة واحدة إن قلنا تجب في العين وزكاتان إن قلنا تجب في الذمة هكذا أطلق الإمام أحمد أن عليه زكاتين إذا قلنا تجب في الذمة وتبعه جماعة من الأصحاب منهم المصنف هنا فأطلقوا حتى قال ابن عقيل وصاحب التلخيص ولو قلنا إن الدين يمنع وجوب الزكاة لم تسقط هنا لأن الشيء لا يسقط نفسه وقد يسقط غيره وقدمه في الفروع.
وقال صاحب المستوعب والمحرر ومن تابعهما إن قلنا تجب في الذمة زكى لكل حول إلا إذا قلنا دين الله يمنع فيزكى عن حول واحد ولا زكاة للحول الثاني لأجل الدين لا للتعليق بالعين وجزم به في القواعد الفقهية.
قال الزركشي: هذا قول الأكثر وزاد في المستوعب: متى قلنا يمنع الدين فلا زكاة للعام الثاني تعلقت بالعين أو بالذمة. وقال: حيث لم يوجب أحمد زكاة العام الثاني، فإنه بنى على
رواية منع الدين. لأن زكاة العام الأول صارت دينا على رب المال والعكس بالعكس.
وجعل من فوائد الروايتين إخراج الراهن الموسر من الرهن بلا إذن إن عتقت بالعين واختار سقوطها بالتلف وتقديمها على الدين قاله في الفروع وقال غيره خلافه ويأتي أيضا.
وقال في القواعد قال في المستوعب تتكرر زكاته لكل حول على القولين وتأول كلام أحمد بتأويل فاسد.
تنبيه: محل هذه الفائدة في غير ما زكاته الغنم من الإبل كما قال المصنف فأما ما زكاته الغنم من الإبل فإن عليه لكل حول زكاة على كلا الروايتين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه قال في الفروع أما لو كان الواجب غير الجنس بل الإبل المزكاة بالغنم فنص أحمد أن الواجب فيه في الذمة وإن كانت الزكاة فيه تتكرر وفرق بينه وبين الواجب من الجنس وقال في الرعاية والشياه عن الإبل تتعلق بالذمة فتتعدد وتتكرر.
قلت: هذا إن قلنا لا تسقط بدين الله انتهى.
وقال أبو الفرج الشيرازي في المبهج حكمه حكم ما لو كان الواجب من جنس المخرج عنه قال في الفروع وظاهر كلام أبي الخطاب واختاره صاحب المستوعب والمحرر أنه كالواجب من الجنس على ما سبق من العين والذمة لأن تعلق الزكاة كتعلق الأرش بالجاني والدين بالرهن فلا فرق إذن.
فعلى المذهب لو لم يكن سوى خمس من الإبل ففي امتناع زكاة الحول الثاني لكونها دينا الخلاف وقال القاضي في الخلاف في هذه المسألة لا يلزمه.
وعلى المذهب أيضا في خمس وعشرين بعيرا في ثلاثة أحوال الأول حول بنت مخاض ثم ثمان شياه لكل حول أربع شياه.
وعلى كلام أبي الخطاب أنها تجب في العين مطلقا كذلك لأول حول ثم للثاني ثم إن نقص النصاب بذلك عن عشرين بعيرا إذا قومناه فللثالث ثلاث شياه والأربع.
فوائد:
إحداها: متى أفنت الزكاة المال سقطت بعد ذلك صرح به في التلخيص وجزم به في الفروع لكن نص أحمد في رواية منها على وجوبها في الدين بعد استغراقه بالزكاة قال في القواعد فإما أن يحمل ذلك على القول بالوجوب في الذمة وإما أن يفرق بين الدين والعين بأن الدين وصف حكمي لا وجود له في الخارج فتتعلق زكاته بالذمة رواية واحدة ولكن نص أحمد في رواية غير واحد على التسوية بين الدين والعين في امتناع الزكاة فيما بعد الحول الأول وصرح بذلك أبو بكر وغيره.
الثانية: تعلق الزكاة بالعين مانع من وجوب الزكاة في الحول الثاني وما بعده بلا نزاع. وليس
بمانع من انعقاد الحول الثاني ابتداء وهو قول القاضي في المجرد وابن عقيل ونقل المجد الاتفاق عليه وهو ظاهر ما ذكره الخلال في الجامع وأورد عن أحمد من رواية حنبل ما يشهد له.
وقيل: إنه مانع من انعقاد الحول الثاني ابتداء وهو قول القاضي في شرح المذهب والمصنف في المغني وأطلقهما في القواعد ويأتي معنى ذلك في الخلطة إذا باع بعض النصاب.
الثالثة: إذا قلنا تجب الزكاة في العين فقال في الرعايتين والحاوي الصغير يتعلق به كتعلق أرش جناية الرقيق برقبته فلزمه إخراج زكاته من غيره والتصرف فيه ببيع غيره بلا إذن الساعي وكل النماء له وإن أتلفه لزمه قيمة الزكاة دون جنسه حيوانا كان النصاب أو غيره ولو تصدق بكله بعد وجوب الزكاة ولم ينوها لم يجزه وإذا كان كله ملكا لربه لم ينقص بتعلق الزكاة بل يكون دينا يمنع الزكاة كدين آدمي أو لا يمنع لعدم رجحانها على زكاة غيرها بخلاف دين الآدمي.
وقيل: بل يتعلق به كتعلق الدين بالرهن وبمال من حجر عليه لفلسه فلا يصح تصرفه فيه قبل وفائه أو إذن ربه.
وقيل: بل كتعلقه بالتركة، قال: وهو أقيس قال في القاعدة الخامسة والثمانين تعلق الزكاة بالنصاب هل هو تعلق شركة أو ارتهان أو تعلق استيفاء كالجناية اضطرب كلام الأصحاب اضطرابا كثيرا ويحصل منه ثلاثة أوجه.
أحدها: أنه تعلق شركة وصرح به القاضي في موضع من شرح المذهب وظاهر كلام أبي بكر يدل عليه وقد بينه في موضع آخر.
والثاني: تعلق استيفاء وصرح به غير واحد منهم القاضي ثم منهم من يشبهه بتعلق الجناية ومنهم من يشبهه بتعلق الدين بالتركة.
والثالث: أنه تعلق رهن وينكشف هذا النزاع بتحرير مسائل.
منها: أن الحق هل يتعلق بجميع النصاب أو بمقدار الزكاة فيه غير معين ونقل القاضي وابن عقيل الاتفاق على الثاني.
ومنها: أنه مع التعلق بالمال هل يكون ثابتا في ذمة المالك أم لا ظاهر كلام الأكثر أنه على القول بالتعلق بالعين لا يثبت في الذمة منه شيء إلا أن يتلف المال أو يتصرف فيه المالك بعد الحول وظاهر كلام أبي الخطاب والمجد في شرحه إذا قلنا الزكاة في الذمة يتعلق بالعين تعلق استيفاء محض كتعلق الديون بالتركة واختاره الشيخ تقي الدين وهو حسن.
ومنها: منع التصرف والمذهب لا يمنع انتهى.
قوله: "ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء ولا تسقط بتلف المال".
هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنها تسقط إذا لم يفرط فيعتبر التمكن من الأداء مطلقا اختاره المصنف واختار الشيخ تقي الدين أن النصاب إذا تلف بغير تفريط من المالك لم يضمن الزكاة على الروايتين قال واختاره طائفة من أصحابنا وذكر القاضي وابن عقيل رواية باعتبار إمكان الأداء في غير المال الظاهر وذكر أبو الحسين رواية: لا يسقط بتلف النصاب غير الماشية وقال المجد على الرواية الثانية تسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة نص عليه في رواية أبي عبد الله النيسابوري وغيره قال في الفروع كذا قال.
وقال أبو حفص العكبري: روى أبو عبد الله النيسابوري الفرق بين الماشية والمال والعمل على ما روى الجماعة أنها كالمال ذكره القاضي وغيره.
وقال في القواعد الفقهية: وعنه رواية ثانية تسقط الزكاة إذا تلف النصاب أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة وبعد تمام الحول فمنهم من قال هي عامة في جميع الأموال ومنهم من خصها بالمال الباطن دون الظاهر ومنهم من عكس ذلك ومنهم من خصها بالمواشي.
تنبيه: يستثنى من عموم كلام المصنف وغيره زكاة الزروع إذا تلفت بجائحة قبل القطع فإن كاتها تسقط وقد صرح به المصنف في باب زكاة الخارج من الأرض عند قوله: "فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة" قال القواعد: اتفاقا قال وخرج ابن عقيل [وجها بوجوب زكاتها أيضا قال وهو ضعيف مخالف للإجماع الذي حكاه بن المنذر وغيره.
قلت: قد قاله ابن عقيل وذكره بن عقيل] في عمد الأدلة رواية ذكره بن تميم قال في الفروع وأظن في المغني أنه قال قياس من جعل وقت الوجوب بدو الصلاح واشتداد الحب أنه كنقص نصاب بعد الوجوب قبل التمكن انتهى ويأتي ذلك في باب زكاة الخارج من الأرض.
فعلى المذهب: لو تلف النصاب بعد الحول وقبل التمكن من الأداء ضمنها.
وعلى الرواية الثانية: لا يضمنها وجزم في الكافي ونهاية أبي المعالي بالضمان.
وعلى المذهب أيضا: لو تلف النصاب ضمنها وعلى الرواية الثانية لا يضمنها.
وظاهر كلام الخرقي: أنه لا يضمنها مطلقا واختاره في النصيحة وصاحب. المستوعب والمصنف في المغني والشيخ تقي الدين وذكره جماعة رواية عن الإمام أحمد.
ولو أمكنه إخراجها لكن خاف رجوع الساعي فهو كمن لم يمكنه إخراجها فلو نتجت السائمة لم تضم في حكم الحول الأول على المذهب وتضم على الثانية.
تنبيه: اختلف الأصحاب في مأخذ الخلاف في أصل المسألة. فقيل: الخلاف هنا مبني على
الخلاف في محل الزكاة فإن قيل في الذمة لم تسقط وإلا سقطت وهو قول الحلواني في التبصرة والسامري وقيل إنه ظاهر كلام الخرقي وفي كلام الإمام أحمد إيماء إليه أيضا فتكون من جملة فوائد الخلاف.
والصحيح من المذهب: أن هذه المسألة ليست مبنية على الخلاف في محل الزكاة هل هي في الذمة أو في العين قال في القواعد وهو قول القاضي والأكثرين وقدمه في الفروع.
ومن الفوائد قول المصنف "وإن كان أكثر من نصاب فعليه زكاة جميعه لكل حول إن قلنا تجب في الذمة وإن قلنا تجب في العين نقص من زكاته لكل حول بقدر نقصه منها".
قوله: "وإذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته".
هذا المذهب. أوصى بها أو لم يوص وعليه الأصحاب ونقل إسحاق بن هانئ فيمن عليه حج لم يوص به وزكاة وكفارة من الثلث ونقل عنه من رأس المال مع علم ورثته به ونقل عنه أيضا في زكاة من رأس ماله مع صدقة.
قال في الفروع: فهذه أربع روايات في المسألة ولفظ الرواية الثانية يحتمل تقييده بعدم وصيته كما قيد الحج يؤيده أن الزكاة مثله أو آكد ويحتمل أنه على إطلاقه ولم أجد في كلام الأصحاب سوى النص السابق انتهى.
قوله: "فإن كان عليه دين اقتسموا بالحصص".
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه أكثر الأصحاب ونقل عبد الله يبدأ بالدين. وذكره جماعة قولا منهم بن تميم والفائق وغيرهما كعدمه بالرهنية.
وقيل: تقدم الزكاة واختاره القاضي في المجرد وصاحب المستوعب وغيرهما قال المجد تقدم الزكاة كبقاء المال الزكوي فجعله أصلا وذكره بعضهم من تتمة القول وحكى بن تميم وجها تقدم الزكاة ولو علقت بالذمة وقال هو أولى وقاله المجد قبله وقيل إن تعلقت الزكاة بالعين قدمت وإلا فلا وقال في الرعاية الكبرى قلت إن تعلقت الزكاة بالذمة تحاصا وإلا فلا بل يقدم دين الآدمي ويأتي بعض ذلك في آخر كتاب الوصايا.
فائدتان:
إحداهما: لو كان المالك حيا وأفلس فصرح المجد في شرحه أن الزكاة تقدم حتى في حال الحجر وقال سواء قلنا تتعلق الزكاة بالعين أو بالذمة إذا كان النصاب باقيا قال في القواعد وهو ظاهر كلام القاضي والأكثرين وظاهر كلام الإمام أحمد في رواية بن القاسم تقديم الدين على الزكاة.
الثانية: ديون الله كلها سواء على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه تقدم الزكاة على الحج وقاله بعضهم وذكره بعضهم قولا وأما النذر بمتعين فإنه يقدم على الزكاة والدين قاله الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل تقديم الدين انتهى.
ومن الفوائد: إن كان النصاب مرهونا ووجبت فيه الزكاة فهل تؤدى زكاته منه هنا حالتان.
إحداهما أن لا يكون له مال غيره يؤدى منه الزكاة فهنا يؤدى الزكاة من عين الرهن صرح به الخرقي والأصحاب.
الحالة الثانية: أن يكون للمالك مال يؤدي منه الزكاة غير الرهن فهنا ليس له أداء الزكاة منه بدون إذن المرتهن على الصحيح من المذهب وذكره الخرقي أيضا وذكر في المستوعب أنه متى قلنا الزكاة تتعلق بالدين قبله أخرجها منه أيضا لأنه تعلق قهري وينحصر في العين فهو كحق الجناية وقال في الفروع ويزكى المرهون على الأصح ويخرجها الراهن منه بلا إذن إن عدم كجناية رهن على دينه وقيل منه مطلقا وقيل إن علقت بالعين وقيل يزكى راهن موسر وإن أيسر معسر جعل بدله رهنا وقيل لا انتهى.
ومن الفوائد: التصرف في النصاب أو بعضه ببيع أو غيره والصحيح من المذهب صحته ونص عليه الإمام أحمد قال الأصحاب وسواء قلنا الزكاة في العين أو في الذمة وذكر أبو بكر في الشافي إن قلنا الزكاة في الذمة صح التصرف مطلقا وإن قلنا في العين لم يصح التصرف في مقدار الزكاة قال بن رجب وهذا متوجه على قولنا إن تعلق الزكاة تعلق شركة أو رهن صرح به بعض المتأخرين.
قلت: تقدم ذلك في الفائدة الثالثة قريبا.
ونزل أبو بكر هذا على اختلاف الروايتين المنصوصتين عن أحمد في المرأة إذا وهبت زوجها مهرها الذي لها في ذمته فهل تجب زكاته عليه أو عليها قال فإن صححنا هبة المهر جميعه فعلى المرأة إخراج زكاته من مالها وإن صححنا الهبة فيما عدا مقدار الزكاة كان قدر الزكاة حقا للمساكين في ذمة الزوج فيلزمه أداؤه إليهم ويسقط عنه بالهبة ما عداه قال بن رجب وهذا بناء غريب جدا.
وعلى المذهب: لو باع النصاب كله تعلقت الزكاة بذمته حينئذ بغير خلاف كما لو تلف.
فإن عجز عن أدائها فقال المجد إن قلنا الزكاة في الذمة ابتداء لم يفسخ البيع وإن قلنا في العين فسخ البيع في قدرها تقديما لحق المساكين وجزم به في القاعدة الرابعة والعشرين.
وقال المصنف: تتعين في ذمته كسائر الديون بكل حال ثم ذكر احتمالا بالفسخ في مقدار الزكاة من غير بناء على محل التعلق.
ومن الفوائد: إذا كان النصاب غائبا عن مالكه لا يقدر على الإخراج منه لم يلزمه إخراج زكاته حتى يتمكن من الأداء منه نص عليه وصرح به المجد في موضع من شرحه ونص أحمد فيمن وجب عليه زكاة مال فأقرضه لا يلزمه أداء زكاته حتى يقبضه قال في القواعد ولعله يرجع إلى أن أداء الزكاة لا يجب على الفور.
وقال القاضي وابن عقيل يلزمه أداء زكاته قبل قبضه لأنه في يده حكما ولهذا يتلف من ضمانه بخلاف الدين في ذمة غريمه وكذا ذكره المجد في موضع من شرحه وأشار في موضع إلى بناء ذلك على محل الزكاة فإن قلنا الذمة لزمه الإخراج عنه من غيره لأن زكاته لا تسقط بتلفه بخلاف الدين وإن قلنا العين لم يلزمه الإخراج حتى يتمكن من قبضه.
وقال بن تميم وصاحب الفروع ومن كان له مال غائب وقلنا الزكاة في العين لم يلزمه الإخراج عنه وإن قلنا في الذمة فوجهان.
قال بن رجب: والصحيح الأول وقال ووجوب الزكاة على الغائب إذا تلف قبل قبضه مخالف لكلام أحمد.
ومن الفوائد: ما تقدم على قول وهو ما إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال المضاربة منه فالصحيح من المذهب أنه يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح كما تقدم وقيل يحسب من نصيبه من الربح خاصة اختاره المصنف في المغني وقال في الكافي هي من رأس المال.
فبعض الأصحاب بنى الخلاف على الخلاف في محل التعلق فإن قلنا الذمة فهي محسوبة من الأصل والربح كقضاء الديون وإن قلنا العين حسبت من الربح كالمؤنة.
قال ابن رجب في القواعد ويمكن أن يبنى على هذا الأصل أيضا الوجهان في جواز إخراج المضارب زكاة حصته من مال المضاربة فإن قلنا: الزكاة تتعلق بالعين فله الإخراج منه وإلا فلا قال وفي كلام بعضهم إيماء إلى ذلك.
فائدة: قال في الفروع النصاب الزكوي سبب لوجوب الزكاة وكما يدخل فيه إتمام الملك يدخل فيه من يجب عليه.
أو يقال: الإسلام والحرية شرطان للسبب فعدمهما مانع من صحة السبب وانعقاده وذكر غير واحد هذه الأربعة شروطا للوجوب كالحول فإنه شرط للوجوب بلا خلاف لا أثر له في السبب وأما إمكان الأداء فشرط للزوم الأداء وعنه للوجوب. انتهى.
باب زكاة بهيمة الأنعام
قوله: "ولا تجب إلا في السائمة منها".هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: تجب في المعلوفة
أيضا قال بن تميم ونصر ابن عقيل وجوب الزكاة في المعلوفة في غير موضع من فنونه انتهى وذكر ابن عقيل في عمد الأدلة والفنون تخريجا بوجوب الزكاة فيما أعد للإجارة من العقار والحيوان وغيره في القيمة [وقال في الرعاية فلو كان نتاج النصاب المباع له في الحول رضيعا غير سائم في بقية حول أمهاته فوجهان انتهى وأطلقهما بن تميم وأطلقهما بعضهم احتمالين] قال في الفروع وقيل تجب فيما أعد للعمل كالإبل التي تكرى وهو أظهر ونصه لا. انتهى.
قوله: "وهي التي ترعى في أكثر الحول".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه في رواية صالح وغيره.
وقيل: يعتبر أن ترعى الحول كله زاد بعض الأصحاب ولا أثر لعلف يوم أو يومين وظاهر كلام القاضي في أحكامه عدم اشتراط أكثر الحول قاله بن تميم.
تنبيه: يستثنى من ذلك العوامل ولو كانت سائمة نص عليه في رواية جماعة وقاله المجد وبن حمدان وصاحب الحاوي والزركشي وقدمه في الفروع وغيرهم قال في الرعاية الكبرى ولا زكاة في عوامل أكثر السنة بحال ولو بأجرة.
وقيل: تجب في المؤجرة السائمة قال في الفروع وهو أظهر وقال في الرعاية ولا تجب في الربائب في الأصح وإن كانت سائمة انتهى.
فوائد:
إحداها: لا يعتبر للسوم والعلف نية على الصحيح من المذهب نصره المصنف ورجحه أبو المعالي قال بن تميم وصاحب الفائق وحواشي بن مفلح لا يعتبر في السوم والعلف نية في أصح الوجهين.
وقيل: تعتبر النية لهما قال المجد في شرحه وهو أصح وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين والزركشي.
فلو اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب فلا زكاة على الأول لفقد السوم المشترط وعلى الثاني تجب كما لو غصب حبا وزرعه في أرض ربه فإن فيه الزكاة على مالكه كما لو نبت بلا زرع وفعل الغاصب محرم كما لو غصب أثمانا فضاعفها ولعدم المؤنة كما لو ضلت فأكلت المباح.
قال المجد: وطرده ما لو سلمها إلى راع يسيمها فعلفها وعكسهما لو تبرع حاكم أو وصى بعلف ماشية يتيم أو صديق بذلك بإذن صديقه لفقد قصد الإسامة ممن يعتبر وجوده منه.
وقيل: تجب إذا علفها غاصب اختاره غير واحد.
وفي مأخذه وجهان تحريم علف الغاصب أو لانتفاء المؤنة عن ربها وأطلقهما في الفروع وبن تميم وبن حمدان.
قلت: الصواب الثاني واختاره الأبهري والأول اختاره القاضي ورده المصنف وغيره.
ولو سامت بنفسها أو أسامها غاصب وجبت الزكاة على الأول لا الثاني لأن ربها لم يرض بإسامتها فقد فقد قصد الأسامة المشترط زاد صاحب المغني والمحرر كما لو سامت من غير أن يسيمها قال في الفروع فجعلاه أصلا وكذا قطع به أبو المعالي.
وقيل: يجب إن أسامها الغاصب لتحقق الشرط كما لو كمل النصاب بيد الغاصب.
وإن لم يعتد بسوم الغاصب ففي اعتبار كون سوم المالك أكثر السنة وجهان وأطلقهما في الفروع وبن تميم وبن حمدان في الكبرى.
أحدهما: عدم اعتبار ذلك وهو ظاهر كلام المصنف في المغني والشارح وابن رزين وقال الأصحاب يستوي غصب النصاب وضياعه كل الحول أو بعضه.
وقيل: إن كان السوم عند الغاصب أكثر فالروايتان وإن كان عند ربها أكثر وجبت وإن كانت سائمة عندهما وجبت الزكاة على رواية وجوب الزكاة في المغصوب وإلا فلا.
الثانية: يشترط في السوم أن ترعى المباح فلو اشترى ما ترعاه أو جمع لها ما تأكل فلا زكاة فيها قاله الأصحاب.
الثالثة: هل السوم شرط أو عدم السوم مانع فيه وجهان وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعاية الكبرى والفائق.
فعلى الأول: لا يصح التعجيل قبل الشروع ويصح على الثاني.
قلت: قطع المصنف في المغني والشارح وغيرهما بأن السوم شرط.
قلت: منع بن نصر الله في حواشي الفروع من تحقق هذا الخلاف وقال كل ما كان وجوده شرطا كان عدمه مانعا كما أن كل مانع فعدمه شرط. ولم يفرق أحد بينهما بل نصوا على أن المانع عكس الشرط وأطال الكلام على ذلك.
وقال في الفروع في الخلطة في أول الفصل الثاني التعلق بالعين لا يمنع انعقاد الحول اتفاقا.
الرابعة: لو غصب رب السائمة علفها فعلفها وقطع السوم ففي انقطاعه شرعا وجهان قطع في المغني بسقوط الزكاة.
قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وكذا لو قطع ماشيته عن السوم لقصد قطع الطريق بها ونحوه أو نوى قنية عبيد التجارة لذلك أو نوى بثياب الحرير التي للتجارة لبسها وأطلقهما في ذلك كله في الفروع والرعاية وبن تميم.
قلت: الصواب أنه لا ينقطع بذلك.
وقال في الروضة: إن أسامها بعض الحول ثم نواها لعمل أو حمل فلا زكاة كسقوط زكاة التجارة بنية القنية قال في الفروع كذا قال وهي محتملة وبينهما فرق وجزم جماعة بأن من نوى بسائمة عملا لم تصر له قنية انتهى.
الخامسة: تجب الزكاة فيما تولد بين سائمة ومعلوفة قاله الأصحاب وقطعوا به وقال في الرعاية وتجب على الأظهر فيما ولد بين سائمة ومعلوفة.
تنبيه: ظاهر قوله: "أحدها الإبل فلا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا فتجب فيها شاة".
أن القيمة لا تجزئ وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال أبو بكر تجزئه عشرة دراهم لأنها بدل شاة الجبران أطلقه بعض الأصحاب وذكر بعضهم لا تجزئه مع وجود الشاة وإلا فوجهان منهم بن تميم وبن حمدان.
فائدة: يشترط في الشاة المخرجة عن الإبل أن تكون بصفتها ففي كرام سمان كريمة سمينة والعكس بالعكس وإن كانت الإبل معيبة فقيل يخرج شاة كشاة الصحاح لأن الواجب من غير جنس المال فلم يؤثر فيها عيبه كشاة الفدية والأضحية.
وقيل: تجزئه شاة صحيحة قيمتها على قدر [قيمة] المال. تنقص قيمتها على قدر نقص الإبل كالمخرجة عن الغنم.
قلت: وهو الصواب للمواساة.
[ثم رأيت المصنف في المغني قدمه وكذلك الشارح وابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى].
وعليها لا يجزئه شاة معيبة لأن الواجب ليس من جنس المال.
وقيل: تجزئه شاة تجزئ في الأضحية ذكره القاضي وأطلقهن في الفروع والمجد في شرحه.
قوله: "فإن أخرج بعيرا لم يجزئه".
هذا المذهب المنصوص عن الإمام أحمد وعليه جمهور أصحابه.
وقيل: يجزئه إن كانت قيمته قيمة شاة وسط فأكثر بناء على إخراج القيمة.
وقيل: يجزئه إن أجزأ عن خمس وعشرين وإلا فلا.
فعلى القول بالإجزاء: هل الواجب كله أو خمسه حكى القاضي أبو يعلى الصغير وجهين فعلى الثاني يجزئ عن العشرين بعيرا وعلى الأول لا يجزئ عنها إلا أربعة أبعرة.
قلت: الأولى أن الواجب كله وأنه يجزئ عن العشرين [بعيرا] على الأول أيضا قال في القواعد الأصولية قلت وينبني عليها لو اقتضى الحال الرجوع فهل يرجع بكله أو خمسه؟ فإن
قلنا: الجميع واجب رجع وإن قلنا الواجب الخمس والزائد تطوع رجع بالواجب لا التطوع.
ومما ينبغي أن ينبني عليه أيضا النية فإن جعلنا الجميع فرضا نوى الجميع فرضا لزوما وإن قلنا الواجب الخمس كفاه الاقتصار عليه في النية انتهى.
ويأتي نظير ذلك في أواخر باب الفدية عند قوله: "وكل دم ذكرناه يجزئ فيه شاة أو سبع بدنة وفي الهدي والأضاحي عند قوله إذا نذر هديا مطلقا".
فوائد:
منها: لو أخرج بقرة لم تجزه قولا واحدا وإن أخرج نصفي شاتين لم يجزه أيضا على الصحيح من المذهب وقيل يجزئ.
ومنها: قوله في بنت المخاض "فإن عدمها أجزأه بن لبون" العدم أما لكونها ليست في ماله أو كانت في ماله ولكنها معيبة.
تنبيه: ظاهر قوله: "فإن عدمها أجزأه بن لبون".
أن خنثى بن لبون لا يجزئ وهو أحد القولين وهو ظاهر كلام جماعة والصحيح من المذهب الإجزاء جزم به في الفائق وغيره قال في الفروع وهو الأشهر قال في الرعاية ويجزئ الخنثى المشكل في الأقيس قال في تجريد العناية هذا الأظهر.
ومنها: يجوز إخراج الحقة والجذعة والثني عن بنت المخاض إذا عدمها على المذهب بل هي أولى لزيادة السن ولو وجد بن لبون.
وأما بنت اللبون: فجزم المجد في شرحه وبن تميم وبن حمدان بالجواز مع وجود بن لبون وله جبران وهو ظاهر كلام غيرهم على ما يأتي وقال في الفروع وفي بنت لبون وجهان لاستغنائه بابن اللبون عن الجبران وجزم صاحب المحرر بالجواز لأن الشارع لم يشترط لأحدهما عدم الإجزاء انتهى.
ومنها لو كان في ماله بنت مخاض أعلى من الواجب لم يجزئه بن لبون جزم به الأصحاب لكن لا يلزمه إخراجها على الصحيح من المذهب بل يخير بين إخراجها وبين شراء بنت مخاض لصفة الواجب قال في الفروع هذا الأشهر وجزم به المجد في شرحه وقيل يلزمه إخراجها وأطلقهما بن تميم.
ومنها: لا يجبر فقد الأنوثية بزيادة السن في ماله غير بنت مخاض على الصحيح من المذهب فلا يخرج عن بنت لبون حقا إذا لم تكن في ماله ولا عن الحق جذعا قاله القاضي وابن عقيل وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين ونصره المجد في شرحه وبن تميم قال في الفائق لا يجبر نقص الذكورية بزيادة سن في أصح الوجهين.
وقيل: يجبر. ذكر ابن عقيل في موضع من الفصول جواز الجذع عن الحقة وعن بنت
لبون [قال في المغني والشرح: اختاره القاضي وبن عقيل] وأطلقهما في الفروع والرعاية.
قوله: "فإن عدمه أيضا لزمه بنت مخاض".
هذا المذهب وعليه الأصحاب لقوله في خبر أبي بكر الصحيح "فمن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده بن لبون فإنه يقبل منه" ذكره بن حامد وتبعه الأصحاب قاله في الفروع وقيل يجزئه بن لبون إذا حصله اختاره أبو المعالي قال في تجريد العناية فإن عدم بن لبون حصل أصلا لا بدلا في الأظهر.
تنبيه: ظاهر قوله: "وفي ست وثلاثين بنت لبون".
عدم إجزاء بن لبون إذا عدمها ولو جبره وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقيل يجزئ وقيل يجزئ ويجبره.
فوائد:
الأولى: تجزئ الثنية عن الجذعة بلا جبران بلا نزاع قال أبو المعالي ولا تجزئ سن فوق الثنية وأطلق المصنف وغيره من الأصحاب الإجزاء في مسألة الجبران قال في الفروع وهو أظهر وقيل تجزئ حقتان أو ابنتا لبون عن الجذعة وابنتا لبون عن الحقة جزم به المصنف قال بعض الأصحاب وينتقض بنت مخاض عن عشرين وثلاث بنات مخاض عن الجذعة.
الثانية: الأسنان المذكورة في الإبل في كلام المصنف وغيره من الفقهاء هو قول أهل اللغة وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب وأكثرهم قطع به وذكر بن أبي موسى أن بنت المخاض عمرها سنتان وبنت اللبون لها ثلاث سنين والحقة أربع سنين والجذعة خمس سنين كاملة وحمله المجد في شرحه على بعض السنة قال في الفروع فكيف يحمله على بعض السنة مع قوله كاملة انتهى.
وقيل: لبنت المخاض نصف سنة ولبنت اللبون سنة وللحقة سنتان وللجذعة ثلاث سنين.
وقيل: للجذعة ست سنين وقيل سن بنت المخاض مدة الحمل وعن أحمد بنت المخاض التي تتمخض بغيرها.
الثالثة: سميت بنت مخاض لأن أمها قد حملت غالبا وليس بشرط والمخاض الحمل وسميت بنت لبون لأن أمها وضعت وهي ذات لبن وسميت حقة لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها ويطرقها الفحل وسميت جذعة لأنها تجذع إذا سقطت سنها والثنية يأتي مقدار سنها في باب الأضحية.
قوله: "إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون".
الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم أن الفرض يتغير بزيادة واحدة على عشرين ومائة.
وعنه لا يتغير الفرض حتى تبلغ ثلاثين ومائة فيكون فيها حق وبنتا لبون اختاره أبو بكر عبد العزيز في كتاب الخلاف وأبو بكر الآجري.
فعليها وجوب الحقتين إلى تسعة وعشرين ومائة.
وعنه في إحدى وعشرين ومائة حقتان وبنت مخاض إلى أربعين ومائة. قال القاضي وذلك سهو من ناقله ونقل حرب أنه رجع عن ذلك قاله بن تميم في بعض النسخ.
فعلى المذهب: هل الواحدة عفو وإن تغير الفرض بها يتعلق بها الوجوب فيه وجهان ذكرهما ابن عقيل في عمد الأدلة وتابعه بن تميم وصاحب الفروع وأطلقهما.
قلت: الصواب أن الوجوب يتعلق بها وكذا في غير هذه المسألة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
فائدة: لا يتغير الواجب بزيادة بعض بعير ولا بقرة ولا شاة بلا نزاع أعلمه في المذهب.
قوله: "فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان فإن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء أخرج خمس بنات لبون".
هذا عليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وبن حامد والقاضي قال في كتاب الروايتين هذا الأشبه واختاره المصنف قال الآمدي هذا ظاهر المذهب ويحتمله كلام أحمد في رواية صالح وبن منصور وهو ظاهر كلام الخرقي قال بن تميم اختاره الأكثر وقال وهو الأظهر قال في الفروع اختاره أبو بكر وبن حامد وجماعة قال المجد في شرحه وقد نص أحمد على نظيره في زكاة البقر وجزم به في الإفادات والمنور والوجيز وقدمه في الفروع ومختصر بن تميم وتجريد العناية.
والمنصوص: أنه يخرج الحقاق وقاله القاضي في شرحه ومقنعه واختاره ابن عقيل وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والهادي والرعايتين والحاويين واستثنى في الوجيز والزركشي وغيرهما مال اليتيم والمجنون فإنه يتعين إخراج الأدون المجزئ منهما وقدم القاضي في الأحكام السلطانية: أن الساعي يأخذ أفضلهما إذا وجدا في ماله وقال القاضي وابن عقيل وغيرهما يتعين ما وجد عنده منهما.
قال في الفروع: ومرادهم والله أعلم أن الساعي ليس له تكليف المالك سواه وفي كلام غير واحد ما يدل على هذا قال ولم أجد تصريحا بخلافه وإلا فالقول به مطلقا بعيد عند غير واحد لا وجه له.
تنبيه: منصوص أحمد على التعيين على الصحيح من المذهب فتجب الحقاق عينا مطلقا.
جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وأوله المصنف وغيره على صفة التخيير وتقدم قول القاضي وابن عقيل وغيرهما أنه يتعين ما وجد عنده منهما.
فائدتان:
إحداهما: لو كانت [إبل] أربعمائة فعلى المنصوص لا يجزئ غير الحقاق وعلى قول الأصحاب يخير بين إخراج ثمان حقاق أو عشر بنات لبون فإن أخرج أربع حقاق وخمس بنات لبون جاز قال في الفروع هذا المعروف وجزم به الأئمة ثم قال فإطلاق وجهين سهو.
قال في القاعدة الحادية بعد المائة جاز بغير خلاف.
قلت: ذكر الوجهين بن تميم.
أما لو أخرج مع التشقيص كحقتين وبنتي لبون ونصف عن مائتين لم يجز على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وابن رزين في شرحه قال بن تميم لم يجز على الأصح وفيه وجه لا يجوز مطلقا انتهى قال في الفروع وفيه تخريج من عتق نصفي عبد في الكفارة قال وهو ضعيف.
الثانية: أفادنا المصنف رحمه الله بقوله: "وليس فيما بين الفرضين شيء" أن الزكاة تتعلق بالنصاب لا بما زاد من الأوقاص وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور.
وقيل: تجب في وقصها أيضا اختاره الشيرازي وتقدم ذلك مستوفى بفوائده عند قول المصنف "وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا في السائمة".
قوله: "ومن وجبت عليه سن فعدمها أخرج سنا أسفل منها ومعها شاتان أو عشرون درهما وإن شاء أخرج سنا أعلى منها وأخذ مثل ذلك".
وهذا بلا نزاع بشرطه ويعتبر فيما عدل إليه أن يكون في ملكه فلو عدمها لزمه تحصيل الأصل على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به وقال أبو المعالي لا يعتبر كون ذلك في ملكه كما تقدم في بنت المخاض إذا عدمها وعدم بن اللبون.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وكلام كثير من الأصحاب [والمغني] أنه لو أخرج شاة أو عشرة دراهم أو أخذ شاة وعشرة دراهم أنه لا يجزئه وهو أحد الوجهين وهو احتمال في الكافي والمغني والشرح ومالا إليه وقدمه بن تميم.
وقيل: يجزئه وهو الصحيح اختاره القاضي وقال المجد في شرحه وهو أقيس بالمذهب قال بن أبي المجد في مصنفه أجزأه في الأظهر وجزم به في الإفادات وصححه في تصحيح المحرر وقدمه في الكافي وابن رزين في شرحه وأطلقهما في المذهب والتلخيص والمحرر وشرح الهداية له والرعايتين والحاويين والنظم والفروع والفائق والزركشي والقواعد الفقهية.
قوله: "فإن عدم السن التي تليها انتقل إلى الأخرى وجبرها بأربع شياه أو أربعين درهما".
وهو المذهب. اختاره القاضي في المجرد قال المجد في شرحه هو أقيس بالمذهب قال بن أبي المجد وأومأ إليه الإمام أحمد وقال الناظم هذا الأقوى وجزم به في الوجيز وبن عبدوس في تذكرته والمنور وابن رزين في شرحه، ومنتخب الأدمى وقدمه في الفائق والمحرر والشرح ومال إليه المصنف في المغني.
وقال أبو الخطاب: لا ينتقل إلا إلى سن تلي الواجب واختاره ابن عقيل قال في النهاية هو ظاهر المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة وقدمه في المستوعب والرعاية الصغرى والحاويين وأطلقهما في المذهب والكافي والتلخيص وبن تميم والرعاية الكبرى والفروع.
فعلى المذهب: يجوز الانتقال إلى جبران ثالث إذا عدم الثاني كما لو وجبت عليه جذعة وعدم الحقة وبنت اللبون فله الانتقال [إلى بنت مخاض، أو وجبت عليه بنت مخاض وعدم بنت لبون وبن لبون والحقة فله الانتقال] إلى الجذعة قاله المصنف والشارح والمجد في شرحه وغيرهم.
فوائد:
إحداها: حيث جوزنا الجبران فالخيرة فيه لرب المال مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المغني والكافي والشرح والمستوعب وابن رزين وقدمه في الفروع وبن تميم وغيرهما إلا ولي اليتيم والمجنون فإنه يتعين عليه إخراج الأدون المجزئ فيعايى بها.
وقال القاضي: الخيرة فيه لمن أعطى سواء كان رب المال أو الآخذ واختاره المجد في شرحه ووجه في الفروع تخريجا بتخيير الساعي.
الثانية: حيث تعدد الجبران جاز إخراج جبران غنما وجبران دراهم فيجوز إخراج شاتين أو عشرين درهما وهذا الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: لا يجوز قال المصنف والشارح وكذا الحكم في الجبران الذي يخرجه عن فرض المائتين من الإبل إذا أخرج عن خمس بنات لبون خمس بنات مخاض أو مكان أربع حقاق أربع بنات لبون وقاله غيرهما وهو داخل في كلام صاحب الفروع وغيره وأما الجبران الواحد ففيه الخلاف المتقدم.
الثالثة : إذا عدم السن الواجب عليه والنصاب معيب فله دفع السن السفلي مع الجبران. وليس له دفع ما فوقها مع أخذ الجبران لأن الجبران قدره الشارع وفق ما بين الصحيحين. وما
بين المعيبين أقل منه فإذا دفع المالك جاز التطوع بالزائد بخلاف الساعي وبخلاف ولي اليتيم والمجنون فإنه لا يجوز له إخراج إلا الأدون وهو أقل الواجب كما لا يجوز له أن يتبرع كما تقدم قريبا.
الرابعة: لو أخرج سنا أعلى من الواجب فهل كله فرض أو بعضه تطوع قال أبو الخطاب كله فرض وهو مخالف للقاعدة وقال القاضي: بعضه تطوع. قال أبو الخطاب [بعضه تطوع. قال ابن رجب] وهو الصواب. لأن الشارع أعطاه جبرانا عن الزيادة.
فائدتان:
إحداهما: قوله: "في زكاة البقر فيجب فيها تبيع أو تبيعة".
"التبيع" ما عمره سنة ودخل في الثانية على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع ذكره الأكثر وقال في الأحكام السلطانية هي التي لها نصف سنة وقال بن أبي موسى سنتان وقيل ما يتبع أمه إلى المرعى وقيل ما انعطف شعره وقيل ما حاذى قرنه أذنه نص عليه وقدمه بن تميم. "والتبيع" جذع البقر.
الثانية: يجزئ إخراج مسن عن تبيع وتبيعة قاله في الفروع وغيره.
قوله: "وفي أربعين مسنة وهي التي لها سنتان".
وهو الصحيح من المذهب أعني أن المسنة هي التي لها سنتان وعليه أكثر الأصحاب وقال القاضي في الأحكام السلطانية هي التي لها سنة وقيل هي التي لها ثلاث سنين وقيل هي التي لها أربع سنين وقيل هي التي يلد مثلها وقيل هي التي لها ثلاث سنين وقيل هي التي بلغت سن أمها حين وضعتها وقيل هي التي ألقت سنا نص عليه وجزم به في الفروع ولها سنتان.
فوائد:
منها: "المسنة" هي ثنية البقر.
ومنها: يجوز إخراج أعلى من المسنة منها عنها.
ومنها: لا يجزئ إخراج مسن عن مسنة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وقيل يجزئ وجزم به بعضهم.
فعليه يجزئ إخراج ثلاثة أتبعة عن مسنتين.
ومنها :قوله: "ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة" بلا نزاع. لكن لو اجتمع الفرضان كمائة وعشرين فحكمها حكم الإبل إذا اجتمع الفرضان على ما تقدم لك نص الإمام أحمد هنا على التخيير وقدمه في الرعاية وقال في مختصر ابن تميم، وتجريد
العناية: فإن اجتمع مائة وعشرون فهل يتعين فيها ثلاث مسنات أو يخير بينها وبين أربعة أتبعة؟ وجهان.
وقال القاضي في أحكامه: يأخذ العامل الأفضل وقيل: المسنات.
قوله: "ولا يجزئه الذكر في الزكاة في غير هذا إلا بن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمها".
كما تقدم وهذا الصحيح من المذهب إلا ما استثنى على ما يأتي قريبا وعليه أكثر الأصحاب وقيل يجزئ ذكر الغنم عن الإبل والغنم أيضا.
قوله: "إلا أن يكون النصاب كله ذكورا فيجزئ الذكر في الغنم وجها واحدا".
وهو الصحيح من المذهب وقطع به كثير من الأصحاب كالمصنف.
وقيل: لا يجزئ فعليه يجزئ أنثى بقيمة الذكر فيقوم النصاب من الأناثى وتقوم فريضته ويقوم نصاب الذكور وتؤخذ أنثى بقسطه.
قوله: "وفي الإبل والبقر في أحد الوجهين".
يعني يجزئ إخراج الذكر إذا كان النصاب كله ذكورا في الإبل والبقر في أحد الوجهين وهو الصحيح من المذهب صححه في النظم والمذهب والمغني والشرح والرعايتين وجزم به في الوجيز والعمدة وغيرهما وقدمه في الفروع والفائق وشرح ابن رزين وغيرهم.
والوجه الثاني: لا يجزئ فيها إلا أنثى فتقدم كما تقدم في نصاب ذكور الغنم على الوجه الثاني وأطلقهما في الهداية والمستوعب والتلخيص والحاويين.
وقيل: يجزئ عن البقر لا عن الإبل لئلا يجزئ بن لبون عن خمس وعشرين وعن ستة وثلاثين فيساوي الفرضان.
وقيل: يجزئ بن مخاض عن خمس وعشرين فيقوم الذكر مقام الأنثى التي في سنه كسائر النصب وحكاه بن تميم عن القاضي وأنه أصح وقال القاضي يخرج عن ست وثلاثين بن لبون زائد القيمة على بن مخاض بقدر ما بين النصابين وقال في المذهب فإن كانت كلها ذكورا أجزأ إخراج الذكر في البقر قولا واحدا وفي الإبل والغنم وجهان.
كذا وجدته في نسختين القطع بالإجزاء في البقر وإطلاق الخلاف في الإبل والغنم ولم أر هذه الطريقة لغيره فلعله تصحيف من الكاتب.
قوله: "ويؤخذ من الصغار صغيرة ومن المراض مريضة".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه في الصغيرة وقال أبو بكر لا يؤخذ إلا كبيرة صحيحة على قدر المال وحكاه عن أحمد قال القاضي أومأ إليه أحمد وفي رواية بن منصور وذكره في الانتصار والواضح رواية.
قال الحلواني: وهو ظاهر كلام الخرقي كشاة الإبل وفرق بينهما.
فعلى المذهب: يتصور أخذ الصغيرة إذا أبدل الكبار بصغار أو ماتت الأمات وبقيت الصغار وذلك على الرواية المشهورة أن الحول ينعقد على الصغار منفردا كما تقدم.
تنبيه: شمل كلام المصنف "ويؤخذ من الصغار صغيرة" الفصلان من الإبل والعجاجيل من البقر فيؤخذ منها كالسخال وهو أحد الوجوه وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه بن تميم والفائق والرعاية الكبرى والحاوي الكبير والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم فلا أثر للسن ويعتبر العدد فيؤخذ من خمس وعشرين إلى إحدى وستين واحدة منها ثم في ست وسبعين اثنتان وكذا في إحدى وتسعين ويؤخذ في ثلاثين عجلا إلى تسع وخمسين واحد ويؤخذ في ستين إلى تسع وثمانين اثنان وفي التسعين ثلاث منها فيعايى بذلك على هذا الوجه والتعديل على هذا الوجه بالقيمة وكان زيادة السن كما سبق في إخراج الذكور من الذكور فلا يؤدي إلى تسوية النصب التي غاير الشرع بالأحكام فيها باختلافها.
والوجه الثاني: لا يجوز إخراج الفصلان والعجاجيل وهو احتمال في المغني وقواه ومال إليه واختاره المجد في شرحه وهذا المذهب على ما اصطلحناه فيقوم النصاب من الكبار ويقوم فرضه ثم يقوم الصغار ويؤخذ عنها كبيرة بالقسط لئلا يؤدي إلى تسوية النصب في سن المخرج.
والوجه الثالث: وقاله أبو الخطاب في الانتصار بضعف سن المخرج في الإبل فيخرج عن خمس وعشرين واحدة منها ويخرج عن ست وثلاثين واحدة منها كسن واحدة منهن مرتين وفي ست وأربعين مثل واحدة ثلاث مرات وفي إحدى وستين مثلها أربع مرات والعجول على هذا وأطلقهن المجد في شرحه.
والوجه الرابع: واختاره أيضا أبو الخطاب في الانتصار يضعف ذلك في الإبل خاصة.
والوجه الخامس: وقاله السامري في المستوعب يخرج عن خمس وعشرين فصيلا واحدا منها [وعن ست وثلاثين فصيلا واحدا منها] ومعه شاتان أو عشرون درهما وعن ست وأربعين واحدا منها ومعه الجبران مضاعفا مرتين فيكون أربع شياه وأربعون درهما أو شاتان مع عشرين درهما وعن إحدى وستين واحدا منها ومعه الجبران مضاعفا مرتين فيكون ست شياه أو ستين درهما ويخرج عن ثلاثين عجلا واحدا منها وعن أربعين واحدا وثلث قيمة آخر انتهى.
وأطلقهن في الفروع.
وقيل: يؤخذ من الصغار من غير اعتبار سن.
وقيل: يعتبر بغنمه دون غنم غيره.
فائدة: لو كان عنده أقل من خمس وعشرين من الإبل صغارا وجبت عليه في كل خمس شاة كالكبار.
قوله: "فإن اجتمع صغار وكبار وصحاح ومراض وذكور وإناث لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
فعلى هذا: لو كان قيمة المال المخرج إذا كان المال المزكى كله كبارا صحاحا عشرين وقيمته بالعكس عشرة وجبت كبيرة صحيحة قيمتها خمسة عشر مع تساوي العددين ولو كان الثلث أعلى والثلثان أدنى فشاة قيمتها ثلاثة عشر وثلث وبالعكس فشاة قيمتها ستة عشر وثلثان.
وعند ابن عقيل من لزمه رأسان فيما نصفه صحيح ومعيب أخرج صحيحه ومعيبه كنصاب صحيح مفرد وهذا القول من المفردات.
فائدة: لو كان ماله مائة وإحدى وعشرين شاة والجميع معيب إلا واحدة أو كان عنده مائة وإحدى وعشرون شاة كبيرة أو الجميع سخال إلا واحدة كبيرة فإنه يجزئه على الأول صحيحه ومعيبه وعن الثاني شاة كبيرة وسخلة إن وجبت الزكاة في سخال مفردة وإلا وجبت كبيرة بالقسط وهو معنى قولهم وإن كان الصحيح غير واجب لزمه إخراج الواجب صحيحا بقدر المال.
قوله: "وإن كان نوعين كالبخاتى والعراب والبقر والجواميس والضأن والمعز أو كان فيه كرام ولئام وسمان ومهازيل أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين".
اعلم أنه إذا كان النصاب من نوعين كما مثل المصنف أولا فقطع بأنه تؤخذ الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يخير الساعي واختاره أبو بكر ونقل حنبل في ضأن ومعز يخير الساعي لاتحاد الواجب ولم يعتبر أبو بكر القيمة في النوعين.
قال المجد: وهو ظاهر ما نقل حنبل وقال في الفروع ويتوجه في حنث من حلف لا يأكل لحم بقر بأكله لحم جاموس الخلاف لنا هنا في تعارض الحقيقة اللغوية والعرفية أيهما يقدم؟
وأما إذا كان النصاب فيه كرام ولئام وسمان ومهازيل فجزم المصنف هنا بأنه تؤخذ الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين وهو اختياره وذكره أبو بكر في هزيلة بقيمة سمينة.
والصحيح من المذهب أنه يجب في ذلك الوسط نص عليه بقدر قيمة المالين جزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
فوائد:
إحداهما: لو أخرج عن النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله منه جاز إن لم تنقص قيمة المخرج عن النوع الواجب على الصحيح من المذهب وعلى قول أبي بكر يجوز ولو نقصت.
وقيل: لا يجزئ هنا مطلقا كغير الجنس وجاز من أحد نوعي ماله لتشقيص الفرض.
وقيل: يجزئ ثنية من الضأن عن المعز وجها واحدا.
الثانية: لا يضم الظباء إذا قلنا تجب الزكاة فيها إلى الغنم في تكميل النصاب على الصحيح من المذهب واختار في الرعاية الكبرى أنها تضم وحكى وجه وحكى رواية أيضا.
الثالثة: يضم ما تولد بين وحشي وأهلي إن وجبت.
قوله : "في زكاة الغنم إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه". هذا بلا نزاع.
قوله : "ثم في كل مائة شاه شاة".
فتكون في أربعمائة شاة أربع شياه وفي خمسمائة خمس شياه وعلى هذا فقس وهذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي اختاره القاضي وجمهور الأصحاب.
وعنه في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه ثم في كل مائة شاة شاة فيكون في خمسمائة شاة خمس شياه فالوقص من ثلاثمائة وواحدة إلى خمسمائة.
وعنه أن المائة زائدة ففي أربعمائة وواحدة خمس شياه وفي خمسمائة وواحدة ست شياه وعلى هذا أبدا.
فائدتان:
إحداهما: من الأصحاب من ذكر هذه الرواية الأخيرة وقال اختارها أبو بكر وأن التي قبلها سهو [منهم المجد في شرحه].
وذكر بعضهم الرواية الثانية وقال اختارها أبو بكر ولم يذكر الثالثة [وهو معنى ما في المغني] وذكرها بعض المتأخرين. منهم بن حمدان [وابن تميم].
الثانية: قوله: "ويؤخذ من المعز الثني ومن الضأن الجذع".
فالثني من المعز: ما له سنة والجذع من الضأن ما له نصف سنة على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر.
وقيل: الجذع [من الضأن] ما له ثمان شهور اختاره بن أبي موسى في الإرشاد ويأتي ذلك في أول باب الهدي والأضاحي.
قوله: "ولا يؤخذ تيس ولا هرمة".
أما التيس: فتارة يكون تيس الضراب وهو فحله وتارة يكون غيره.
فإن كان فحل الضراب فلا يؤخذ لخبره إلا أن يشاء ربه وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفرع وغيره قال المجد اختاره أبو بكر والقاضي وكذا ذكره ابن عقيل وغيره.
فلو بذله المالك لزم قبوله حيث يقبل الذكر وقيل لا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه.
وإن كان التيس غير فحل الضراب فلا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه.
قوله: "ولا ذات عوار وهي المعيبة".
لا يجزئ إخراج المعيبة وهي التي لا يضحى بها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه وقال الأزجي في نهايته وأومأ إليه المصنف لا بد أن يكون العيب يرد به في البيع ونقل عن الإمام أحمد لا تؤخذ عوراء ولا عرجاء ولا ناقصة الخلق.
واختار المجد الإجزاء إن رآه الساعي أنفع للفقراء لزيادة صفة فيه وأنه أقيس بالمذهب لأن من أصلنا إخراج المكسرة عن الصحاح وردىء الحب عن جيده إذا زاد قدر ما بينهما من الفضل على ما يأتي.
فائدة: قوله: "ولا الربى وهي التي تربى ولدها ولا الحامل".
وهذا بلا نزاع قال المجد ولو كان المال كذلك لما فيه من مجاوزة الأشياء المحدودة ومثل ذلك طروقه الفحل.
قلت: لو قيل بالجواز إذا كان النصاب كذلك لكان قويا في النظر وهو موافق لقواعد المذهب.
قوله: "ولا يجوز إخراج القيمة".
هذا المذهب مطلقا أعني سواء كان ثم حاجة أم لا لمصلحة أو لا لفطرة وغيرها وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وعنه تجزئ القيمة مطلقا وعنه يجزئ في غير الفطرة.
وعنه تجزئ للحاجة من تعذر الفرض ونحوه نقلها جماعة منهم القاضي في التعليق وصححها جماعة منهم بن تميم وبن حمدان واختاره الشيخ تقي الدين.
وقيل: ولمصلحة أيضا واختاره الشيخ تقي الدين أيضا وذكر بعضهم رواية تجزئ للحاجة.
وقال بن البنا في شرح المحرر: إذا كانت الزكاة جزءا لا يمكن قسمته جاز صرف ثمنه إلى الفقراء قال وكذا كل ما يحتاج إلى بيعه مثل أن يكون بعيرا لا يقدر على المشي وعنه تجزئ عما يضم دون غيره.
وعنه تجزئ القيمة وهي الثمن لمشتري ثمرته التي لا تصير تمرا أو زبيبا عن الساعي قبل جداده والمذهب لا يصح شراؤه فلا تجزئ القيمة على ما يأتي.
فائدة: قوله: "لو باع النصاب قبل إخراج زكاته".
وقلنا: بالصحة على ما تقدم في أواخر كتاب الزكاة فعنه له أن يخرج عشر ثمنه نص عليه وأن يخرج من جنس النصاب ونقل صالح وبن منصور وإن باع تمره أو زرعه وقد بلغ ففي ثمنه العشر أو نصفه.
ونقل أبو طالب: يتصدق بعشر الثمن قال القاضي أطلق القول هنا أن الزكاة في الثمن وخبره في رواية أبي داود انتهى وعنه رواية ثانية لا يجوز أن يخرج من الثمن.
قلت: وهو الصواب.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب [وصححه المجد في شرحه] وأطلقهما في الفروع والرعاية وبن تميم وقال القاضي الروايتان بناء على روايتي إخراج القيمة وقال هذا المعنى قبله أبو إسحاق وغيره وقاله بعده آخرون وقال أبو حفص البرمكي إذا باع فالزكاة في الثمن وإن لم يبع فالزكاة فيه وذكر بن أبي موسى الروايتين في إخراج ثمن الزكاة بعد البيع إذا تعذر المثل وعن أبي بكر إن لم يقدر على تمر وزبيب ووجده رطبا أخرجه وزاد بقدر ما بينهما ذكره الآمدي وصاحب الفروع وغيرهما عنه.
قوله: "وإن أخرج سنا أعلى من الفرض من جنسه جاز".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وتقدم جواز إخراج المسن عن التبيع والتبيعة وإخراج الثنية عن الجذعة وذكر ابن عقيل في عمد الأدلة وجها بعدم الجواز. قال
الحلواني في التبصرة إن شاء رب المال أخرج الأكولة وهي السمينة وللساعي قبولها وعنه لا لأنها قيمة قال في الفروع كذا قال وهو غريب بعيد.
قلت: ينزه الإمام أحمد أن يقول مثل ذلك.
فائدتان:
إحداهما: قوله: "وإذا اختلط نفسان أو أكثر من أهل الزكاة في نصاب من الماشية حولا لم يثبت لهما حكم الانفراد في بعضه فحكمهما في الزكاة حكم الواحد".
وهذا بلا نزاع سواء أثرت الخلطة في إيجاب الزكاة أو إسقاطها أو ثرت في تغيير الفرض أو عدمه فلو كان لأربعين من أهل الزكاة أربعون شاة مختلطة لزمهم شاة واحدة [ومع انفرادهم لا يلزمهم شيء ولو كان لثلاثة أنفس مائة وعشرون شاة لزمهم واحدة] ومع انفرادهم ثلاث شياه ويوزع الواجب على قدر المال مع الوقص فستة أبعرة مختلطة مع تسعة يلزم رب الستة شاة وخمس شاة ويلزم رب التسعة شاة وأربعة أخماس شاة.
الثانية: قوله: "سواء كانت خلطة أعيان بأن تكون مشاعا بينهما".
تتصور الإشاعة بالإرث والهبة والشراء أو غيره.
قوله: "أو خلطة أوصاف بأن يكون مال كل واحد متميزا".
فلو استأجره ليرعى غنمه بشاة منها فحال الحول ولم يفردها فهما خليطان وإن أفردها فنقص النصاب فلا زكاة.
قوله: "فخلطاه واشتركا في المراح والمسرج والمشرب والمحلب والراعي والفحل".
وهكذا جزم به في الهداية والكافي والنظم والتسهيل وإدراك الغاية.
واعلم أن للأصحاب في ضبط ما يشترط في صحة الخلط طرقا أحدها هذا.
الطريق الثاني: اشتراط المرعى والمسرح والمبيت وهو المراح والمحلب والفحل لا غير وهي المذهب قدمه في الفروع وجزم بها الخرقي والمجد في محرره. وبن عبدوس في تذكرته فزادوا على المصنف المرعى وأسقطوا الراعي والمشرب.
الطريق الثالث: اشتراط المراح وهو المأوى والمرعى والراعي والمشرب وهو موضع الشرب وآنيته والمحلب وهو موضع الحلب وآنيته والمسرح وهو مجتمعها لتذهب والفحل قدمه في الرعايتين والحاويين وبن تميم فزادوا على المصنف المرعى وآنية الشرب وآنية الحلب.
الطريق الرابع: اشتراط المسرح والمرعى والمشرب والمراح والمحلب والفحل وبه جزم في التلخيص والبلغة فأسقط الراعي.
الطريق الخامس: اشتراط الراعي والمرعى وموضع شربها وحلبها وآنيتها وفحلها ومسرحها وبه جزم في الوجيز فأسقط المراح وزاد الآنية والمرعى.
الطريق السادس: اشتراط الراعي والمسرح والمبيت والمحلب والفحل قدمها في الفائق فأسقط المشرب.
الطريق السابع: اشتراط الراعي والفحل والمسرح والمراح وجزم بها في الفصول وقدمها في المستوعب فأسقط المحلب والمشرب.
الطريق الثامن: اشتراط الفحل والراعي والمرعى والمأوى وهو المبيت والمحلب وبه جزم في المذهب ومسبوك الذهب فزاد المرعى وأسقط المشرب والمسرح.
الطريق التاسع: اشتراط المبيت والمسرح والمحلب وآنيته والمشرب والراعي والمرعى والفحل قدمها بن أبي المجد في مصنفه فزاد المرعى وآنية الحلب.
الطريق العاشر: اشتراط المراح والمسرح والمبيت والفحل وبه قطع في الإيضاح فجمع بين المراح والمبيت وأسقط الحلب والمشرب والراعي.
الطريق الحادي عشر: اشتراط المراح والمسرح والفحل والمرعى وهي طريقة الآمدي فزاد المرعى وأسقط المشرب والمحلب والراعي.
الطريق الثاني عشر: اشتراط الفحل والراعي والمحلب فقط وهي طريقة بن الزاغوني في الواضح فأسقط المشرب والمراح والمسرح.
الطريق الثالث عشر: اشتراط المرعى والمسرح والمشرب والراعي وبها قطع ابن عقيل في تذكرته.
الطريق الرابع عشر: اشتراط المراح والمسرح والمحلب والمبيت والفحل وبها قطع في المبهج فجمع بين المراح والمبيت كما فعل في الإيضاح، إلا أنه زاد عليه المحلب وأسقط المشرب والراعي.
الطريق الخامس عشر: اشتراط الراعي فقط وهي طريقة بعض الأصحاب ذكره القاضي في شرح المذهب عنه وعن أحمد نحوه.
الطريق السادس عشر: اشتراط المراح والمسرح والفحل والمشرب وبها قطع بن البنا في الخصال والعقود.
الطريق السابع عشر: اشتراط الراعي والمرعى والفحل والمشرب وبها قطع في الخلاصة فزاد المرعى وأسقط المسرح.
الطريق الثامن عشر: اشتراط المسرح والمرعى والمحلب والمشرب والمقيل والفحل.
وبها قطع في الإفادات فزاد المقيل والمرعى وأسقط الراعي والمراح.
الطريق التاسع عشر: اشتراط المرعى والفحل والمبيت والمحلب والمشرب وبها قطع في العمدة.
الطريق العشرون: اشتراط المرعى والمسرح والمشرب والمبيت والمحلب والفحل وبها جزم في المنور فزاد المرعى وأسقط الراعي.
الطريق الحادي والعشرون: اشتراط المراح والمسرح والمشرب والراعي والفحل وبها قطع في المنتخب فأسقط المحلب.
الطريق الثاني والعشرون: اشتراط الراعي والمبيت فقط وهو رواية عند الإمام أحمد ذكرها القاضي في شرحه.
الطريق الثالث والعشرون: اشتراط الحوض والراعي والمراح فقط وهو أيضا رواية عن الإمام أحمد.
فهذه ثلاثة وعشرون طريقة لكن قد ترجع إلى أقل منها باعتبار ما تفسر به الألفاظ على ما يأتي بيانه.
فائدة: المراح بضم الميم مكان مبيتها وهو المأوى فالمبيت هو المراح فسروا كل واحد منهما بالآخر وهذا الصحيح وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: المراح رواحها منه جملة إلى المبيت ذكره في الرعاية الكبرى وجمع في المبهج والإيضاح بين المراح والمبيت كما تقدم فعنده أنهما متغايران.
وأما المسرح: فهو المكان الذي ترعى فيه الماشية اختاره المصنف والمجد وبن حامد وقال إنما ذكر الإمام أحمد "المسرح" ليكون فيه راع واحد قدمه في المطلع فعليه يلزم من اتحاده اتحاد المرعى ولذلك قال المصنف والمجد وبن حامد المسرح والمرعى شيء واحد.
وقيل: المسرح مكان اجتماعها لتذهب إلى المراعي جزم به في الفصول والتلخيص والرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الفروع وبن تميم والرعاية الكبرى قال الزركشي وهو أولى دفعا للتكرار وهو الصحيح.
وفسره في المستوعب بموضع رعيها وشربها.
وفسره المجد في شرحه بموضع المرعى مع أنه جمع بينهما في المحرر متابعة للخرقي وقال يحتمل أن الخرقي أراد بالمرعى الرعي الذي هو المصدر لا المكان ويحتمل أنه أراد بالمسرح المصدر الذي هو السروح لا المكان لأنا قد بينا أنهما واحد بمعنى المكان فإذا حملنا أحدهما على المصدر زال التكرار وحصل به اتحاد الراعي والمشرب انتهى.
وقال المصنف في المغني: يحتمل أن الخرقي أراد بالمرعى الراعي ليكون موافقا لقول أحمد ولكون المرعى هو المسرح انتهى.
وأما المشرب: فهو مكان الشرب فقط وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: موضع الشرب وما يحتاج إليه من حوض ونحوه وبه قطع بن تميم والرعايتين والحاويين.
وأما المحلب فهو موضع الحلب على الصحيح وعليه الأكثر.
وقيل: موضع الحلب وآنيته وبه جزم بن تميم وصاحب الرعايتين والحاويين وغيرهم.
تنبيه: لا يشترط خلط اللبن على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم بل منعوا من خلطه وحرموه وقالوا هو ربا.
وقيل: يشترط خلطه وقاله القاضي في شرحه الصغير.
وأما الراعي: فمعروف ومعنى الاشتراك فيه أن لا يرعى أحد المالين دون الآخر وكذا لو كان راعيان فأكثر قال في الرعاية ولا يرعى غير مال الشركة.
وأما الفحل: فمعروف ومعنى الاشتراك فيه أن لا تكون فحولة أحد المالين تطرق المال الآخر قال في الرعاية ولا ينزو على غير مال الشركة.
وأما المرعى: فهو موضع الرعي ووقته قاله في الرعاية وتقدم كلام المصنف والمجد وغيرهما أن المرعى هو المسرح.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط نية الخلطة.
فإن كانت خلطة أعيان لم تشترط لها النية إجماعا وإن كانت خلطة أوصاف ففيها وجهان وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والمحرر وبن تميم والرعايتين والفائق والزركشي.
أحدهما: لا تشترط وهو ظاهر كلام المصنف هنا وهو الصحيح من المذهب وصححه في الكافي والخلاصة والنظم وشرح المجد وقدمه في الهداية والمستوعب والمغني والشرح ونصراه والحاويين وإدراك الغاية وشرح ابن رزين وقال عن القول الثاني ليس بشيء.
والوجه الثاني: تشترط النية اختاره القاضي في المجرد والمجد وجزم به في المبهج والإيضاح والحلواني وغيرهما.
وتظهر فائدة الخلاف لو وقعت الخلطة اتفاقا أو فعله الراعي وتأخرت النية عن الملك.
وقيل: لا يضر تأخيرها عنه بزمن يسير كتقديمها على الملك بل من يسير.
قوله : "فإن اختل شرط منها أو ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول زكيا زكاة المنفردين فيه".
فيضم من كان من أهل الزكاة ماله بعضه إلى بعض ويزكيه إن بلغ نصابا وإلا فلا وقال أبو الخطاب في الانتصار إن تصور بضم حول إلى آخر يقع كمسألتنا يعني مسألة الخلطة قال في الفروع كذا قال.
فائدة: قوله : "أو ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول زكيا زكاة المنفردين فيه".
مثال ذلك: لو خلطا في أثناء الحول نصابين ثمانين شاة زكى كل واحد إذا تم حوله الأول زكاة انفراد وفيما بعد الحول الأول زكاة خلطة فإن اتفق حولاهما أخرجا شاة عند تمام الحول على كل واحد نصفها وإن اختلف فعلى الأول نصف شاة عند تمام حوله فإن أخرجها من غير المال فعلى الثاني نصف شاة أيضا إذا تم حوله وإن أخرجها من المال فقد تم حول الثاني على تسعة وسبعين شاة ونصف شاة له منها أربعون شاة فيلزمه أربعون جزءا من تسعة وسبعين جزءا ونصف جزء من شاة فنضعفها فتكون ثمانين جزءا من مائة جزء وتسعة وخمسين جزءا من شاة ثم كلما تم حول أحدهما لزمه من زكاة الجميع بقدر ما له فيه.
فائدة : "قوله فإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده فعليه زكاة المنفرد وعلى الآخر زكاة الخلطة".
مثاله: إن ملكا نصابين فخلطاهما ثم يبيع أحدهما نصيبه أجنبيا فقد ملك المشتري أربعين لم يثبت لها حكم الانفراد فإذا تم حول الأول لزمه زكاة انفراد شاة فإذا تم حول الثاني لزمه زكاة خلطة نصف شاة إن كان الأول أخرج الشاة من غير المال وإن أخرجها منه لزم الثاني أربعون جزءا من تسعة وسبعين جزءا من شاة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: يزكي الثاني عن حوله الأول زكاة انفراد لأن خليطه لم ينتفع بالخلطة.
قوله : "ثم يزكيان فيما بعد ذلك الحول زكاة الخلطة كلما تم حول أحدهما فعليه بقدر ما له منها".
بلا نزاع أعلمه.
فائدة : لو كان بينهما نصاب خلطة ثمانون شاة فباع كل منهما غنمه بغنم صاحبه واستداما الخلطة لم ينقطع حولهما ولم تزل خلطتهما في ظاهر المذهب فإن إبدال النصاب بجنسه لا يقطع الحول وكذا لو تبايعا البعض بالبعض قل أو أكثر وتبقى الخلطة في غير المبيع إن كان نصابا فيزكى بشاة زكاة انفراد عليهما لتمام حوله.
وإذا حال حول المبيع وهو أربعون ففيه الزكاة على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين وبن تميم وصححه.
وقيل: لا زكاة فيه اختاره في المجرد وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في الفروع.
فعلى المذهب: هي زكاة خلطة على الصحيح قدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين وبن تميم وصححه.
وقيل: زكاة انفراد وأطلقهما في الفروع.
فأما إن أفرادها ثم تبايعاها ثم خلطاها فإن طال زمن الانفراد بطل حكم الخلطة وكذا إن لم يطل على الصحيح من المذهب وهو ظاهر ما صححه المجد والرعايتين والحاويين في مكان.
وقيل: لا أثر للانفراد اليسير وأطلقهما المجد في شرحه وبن تميم والرعاية الكبرى والفروع.
وإن زكى بعض النصاب وتبايعاه وكان الباقي على الخلطة نصابا بقي حكم الخلطة فيه وهو ينقطع في المبيع لأن الخلاف في ضم مال الرجل المنفرد إلى ماله المختلط وإن بقي دون نصاب بطلت.
وقال بن عقيل: تبطل الخلطة في هذه المسائل بناء على انقطاع الحول ببيع النصاب بجنسه وفي كلام القاضي كالأول والثاني.
قوله : "ولو ملك رجل نصابا شهرا ثم باع نصفه مشاعا أو أعلم على بعضه وباعه مختلطا فقال أبو بكر ينقطع الحول ويستأنفانه من حين البيع".
وجزم به في الوجيز والإفادات وصححه في تصحيح المحرر وقدمه في الرعايتين والنظم والحاوي الصغير وإدراك الغاية وقال بن حامد لا ينقطع حول البائع وعليه عند تمام حوله زكاة حصته قدمه في الخلاصة وجزم به بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب والمستوعب والمغني والكافي والتلخيص والبلغة وبن تميم والشرح والمحرر وشرح الهداية والفروع والفائق ومصنف بن أبي المجد والحاوي الكبير وبن منجا في شرحه.
قوله : "فإن أخرجها من المال انقطع حول المشترى لنقصان النصاب".
وهذا الصحيح على قول بن حامد وقاله الأئمة الأربعة ذكره المجد إجماعا وهو مقيد بما إذا لم يستدم الفقير الخلطة بنصفه فإن استدامها لم ينقطع حول المشتري.
وقيل: إن زكى البائع منه إلى فقير زكى المشتري.
وقيل: يسقط كأخذ الساعي منه قال في الفروع وهذا القول الثاني والله أعلم على قول أبي بكر.
قوله : "وإن أخرجها من غيره وقلنا الزكاة في العين فكذلك".
يعني ينقطع حول المشتري لنقصان النصاب وهذا اختيار المصنف هنا وفي المغني والكافي واختاره أبو المعالي والشارح وذكره المصنف والشارح عن أبي الخطاب قال المجد في شرحه هذا مخالف لما ذكره أبو الخطاب في كتابه الهداية ولا نعرف له مصنفا يخالفه انتهى.
والصحيح من المذهب: أن المشتري يزكي بنصف شاة إذا تم حوله قال المجد لأن التعلق بالعين لا يمنع الحول بالاتفاق قدمه في الفروع وقال جزم به الأكثر منهم أبو الخطاب في هدايته.
قلت: وهو الصواب بلا شك.
وذكر بن منجا في شرحه كلام المصنف وقال إنه خطأ في النقل والمعنى وبين ذلك.
فوائد :
منها: إذا لم يلزم المشتري زكاة الخلطة فإن كان له غنم سائمة ضمها إلى حصته في الخلطة وزكى الجميع زكاة انفراد وإلا فلا شيء عليه.
ومنها: حكم البائع بعد حوله الأول ما دام نصاب الخلطة ناقصا كذلك.
ومنها: إن كان البائع استدان ما أخرجه ولا مال له يجعل في مقابلة دينه إلا مال الخلطة أو لم يخرج البائع الزكاة حتى تم حول المشترى فإن قلنا الدين لا يمنع وجوب الزكاة أو قلنا يمنع لكن للبائع مال يجعله في مقابلة دين الزكاة زكى المشترى حصته زكاة الخلطة نصف شاة وإلا فلا زكاة عليه قاله في الفروع وقدمه.
وقال بن تميم في المسألة الأولى وإن أخرج من غيره فوجهان.
أحدهما : لا زكاة عليه ويستأنف الحول من حين الإخراج ذكره القاضي في شرح المذهب بناء على تعلق الزكاة بالعين.
والثاني : عليه الزكاة وبه قطع بعض أصحابنا.
ولا يمنع التعلق بالعين وجوبها ما لم يحل حولها قبل إخراجها ولا انعقاد الحول الثاني في حق البائع حتى يمضي قبل الإخراج فلا تجب الزكاة له.
وإن لم يكن أخرج حتى حال حول المشترى فهي من صور تكرار الحول قبل إخراج الزكاة انتهى.
واقتصر في مسألة تعلق الزكاة بالعين أنه لا يمنع التعلق بالعين انعقاد الحول الثاني قبل الإخراج وقال قطع به بعض أصحابنا كما تقدم والله أعلم.
قوله : "وإن أفرد بعضه وباعه ثم اختلطا انقطع الحول".
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال القاضي يحتمل أن لا ينقطع [إذا كان زمنا يسيرا].
قوله : "وإن ملك نصابين شهرا ثم باع أحدهما مشاعا فعلى قياس قول أبي بكر يثبت للبائع حكم الانفراد وعليه عند تمام حوله زكاة منفرد وعلى قياس قول بن حامد عليه زكاة خليط".
وقد علمت الصحيح منهما فيما تقدم لكن صاحب الفروع وغيره قطعوا بأن المسألة مفرعة على قول أبي بكر وبن حامد وقال في الفروع وذكر بن تميم أن الشيخ خرج المسألة على وجهين وأن الأولى وجوب شاة قال في الفروع كذا قال وهذا التخريج لا يختص بالشيخ انتهى.
فائدتان :
إحداهما : لو كان المال ستين في هذه المسألة والمبيع ثلثها زكى البائع ثلثي شاة عن الأربعين الباقية على قول بن حامد وزكى شاة على قول أبي بكر.
الثانية: لو ملك أحد الخليطين في نصاب فأكثر حصة الآخر منه بشراء أو إرث أو غيره فاستدام الخلطة فهي مثل مسألة أبي بكر وبن حامد في المعنى لا في الصورة لأن هناك كان خليط نفسه فصار هنا خليط أجنبي وهنا بالعكس فعلى قول أبي بكر لا زكاة حتى يتم حول المالين من كمال ملكيهما إلا أن يكون أحدهما نصابا فيزكيه زكاة انفراد وعلى قول بن حامد يزكى ملكه الأول لتمام حوله زكاة خلطة وذكر ابن عقيل فيما إذا كان بين رجل وابنه عشر من الإبل خلطة فمات الأب في بعض الحول وورثه الابن أنه يبنى على حول الأب فيما ورثه ويزكيه.
قوله : "وإذا ملك نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض مثل أن ملك أربعين شاة في المحرم وأربعين في صفر فعليه زكاة الأولى عند تمام حوله ولا شيء عليه في الثاني في أحد الوجهين".
صححه في التصحيح وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق وهذا الوجه وجه الضم.
وفي الآخر: عليه للثاني زكاة خلطة كالأجنبي في التي قبلها.
قال المجد في شرحه: وهو أصح على ما يأتي في التفريع وأطلقهما في الشرح.
وقيل: يلزمه شاة ذكره أبو الخطاب وأطلقهما في الفائق وضعفه المصنف والمجد والشارح وهو وجه الانفراد وأطلقهن في المستوعب والتلخيص والبلغة وبن تميم والفروع والقواعد الفقهية.
وقال: في أول الفائدة الثالثة إذا استفاد مالا زكويا من جنس النصاب في أثناء الحول فإنه ينفرد بحول عندنا ولكن هل يضمه إلى النصاب في العدد أو يخلطه به ويزكيه زكاة خلطة أو يفرده بالزكاة كما أفرده بالحول فيه ثلاثة أوجه وصحح المجد في شرحه الوجه الثالث وزعم المجد أن المصنف ضعفه وإنما ضعف الثالث.
فعلى الوجه الأول: هل الزيادة كنصاب منفرد وهو قول أبي الخطاب في انتصاره والمجد أو الكل نصاب واحد وهو ظاهر كلام القاضي وابن عقيل والمصنف في المغني والشارح قال في الفوائد وهو الأظهر فيه وجهان.
فعلى الثاني: إذا تم حول المستفاد وجب إخراج بقية المجموع بكل حال.
وعلى الأول: إذا تم حول المستفاد وجب فيه ما بقي من فرض الجميع بعد إسقاط ما أخرج عن الأول منه إلا أن يزيد بقية الفرض على فرض المستفاد بانفراده أو نقص عنه أو يكون من غير جنس الأول فإنه يتعذر هنا وجه الضم ويتعين وجه الخلطة ويلغو وجه الانفراد صرح بذلك المجد في شرحه والتفاريع الآتية بعد ذلك مبنية على هذه الأوجه الثلاثة.
فائدتان:
إحداهما : لو ملك أربعين شاة أخرى في ربيع الأول في مسألتنا فعلى الوجه الأول لا شيء عليه سوى الشاة الأولى وعلى الثاني عليه زكاة خلطة ثلث شاة [لأنها ثلث الجميع وعلى الثالث عليه شاة وفيها بعد الحول الأول في كل ثلث شاة] لتمام حولها على الثالث أيضا.
الثانية : لو ملك خمسة أبعرة بعد خمسة وعشرين فعلى الأول لا شيء عليه سوى بنت مخاض الأولى وعلى الثاني عليه سدس بنت مخاض وعلى الثالث عليه شاة وفيما بعد الحول الأول في الأولى خمسة أسداس بنت مخاض لتمام حولها وسدس على الخمس الباقية لتمام حولها ولو ملك مع ذلك ستا في ربيع الأول ففي الخمسة والعشرين الأولى بنت مخاض وفي الأخرى عشرة لتمام حولها ربع بنت لبون ونصف تسعها وعلى الثاني في الخمس لتمام حولها سدس بنت مخاض وفي الست لتمام حولها سدس بنت لبون وعلى الثالث لكل من الخمس والست شاة لتمام حولها.
قوله : "وإن كان الثاني يتغير به الفرض".
مثل أن يكون مائة شاة فعليه زكاته إذا تم حولها وجها واحدا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يلزمه للثاني شاة وثلاثة أسباع شاة لأن في الكل شاتين والمائة خمسة أسباع الكل.
وهذا القول مبني على القول الثاني في المسألة التي قبلها من أصل المصنف وهو أن عليه زكاة خلطة.
وقال ابن تميم: قال بعض أصحابنا إن كان الثاني يبلغ نصابا وجبت فيه زكاة انفراد في وجه وخلطة في وجه ولا يضم إلى الأول فيما يجب فيها وجها واحدا إذا كان الضم يوجب تغير الزكاة أو نوعها مثل أن ملك ثلاثين من البقر بعد خمسين فيجب إما تبيع أو ثلاثة أرباع مسنة ولا تجب المسنة على الوجه الأول في التي قبلها بل يجب ضم الثاني إلى الأول ويخرج إذا حال الحول الثاني ما بقي من زكاة الجميع فتجب هنا المسنة قال بن تميم وهذا أحسن.
فائدة : لو ملك مائة أخرى في ربيع ففيها شاة وعلى الوجه الثاني وهو وجه الخلطة عليه شاة وربع شاة لأن في الكل ثلاث شياه والمائة ربع الكل وسدسه فحصتها من فرضه ربعه وسدسه.
فوائد :
لو ملك إحدى وثمانين شاة بعد أربعين ففيها شاة على الصحيح من المذهب وعلى الوجه الثاني عليه شاة واحدة وأربعون جزءا من مائة وإحدى وعشرين جزءا من شاة كخليط وفي مائة وعشرين بعد مائة وعشرين شاتان أو شاة ونصف أو شاة على الأقوال الثلاثة وفي خمسة أبعرة بعد عشرين بعيرا شاة على [الصحيح] الثالث زاد المصنف وعلى الأول أيضا اثنين وعلى الثاني خمس بنات مخاض زاد بن تميم وعلى الأول أيضا في ثلاثين من البقر بعد خمسين تبيع على الثالث وثلاثة أرباع مسنة على الثاني.
قال في الفوائد: وهو الأظهر.
وعند المجد: لا يجيء الوجه الأول في هاتين المسألتين لأنه يفضي في الأولى إلى إيجاب ما يبقى من بنت مخاض بعد إسقاط أربع شياه وهي من غير الجنس.
ويفضي في الثانية إلى إيجاب فرض نصاب فما دونه فلهذا قال الوجه الثاني أصح لعدم اطراد الأول وضعف الثالث وضعفه في المغني أيضا.
قوله : "وإن كان الثاني يتغير به الفرض ولا يبلغ نصابا مثل أن يملك ثلاثين من البقر في المحرم وعشرا في صفر فعليه في العشر إذا تم حولها ربع مسنة".
هذا المذهب. وعليه الأصحاب قال المجد في شرحه وصاحب الفائق: قولا واحدا. قال
في القواعد: وعليه الأصحاب قال بن تميم قطع به بعض أصحابنا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: على الوجه الثالث لا شيء عليه هنا.
قوله : "وإن ملك مالا يغير الفرض كخمس فلا شيء فيها في أحد الوجهين".
وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وصححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قوله : "وفي الثاني عليه سبع تبيع إذا تم حولها".
فائدة: مثل ذلك لو ملك عشرين شاة بعد أربعين بقرة أو ملك عشرا من البقر بعد أربعين بقرة فعلى المذهب لا شيء عليه وعلى الثاني عليه ثلث شاة في الأولى أو خمس مسنة في الثانية وأطلقهما في المحرر في الأولى.
قوله : "وإذا كان لرجل ستون شاة كل عشرين منها مختلطة مع عشرين لرجل آخر فعلى الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على خلطائه على كل واحد سدس شاة".
اعلم أنه إذا كانت الستون مختلطة كل عشرين منها مع عشرين لآخر فإن كانت متفرقة وبينهم مسافة قصر فالواجب عليهم ثلاث شياه على رب الستين شاة ونصف وعلى كل خليط نصف شاة إذا قلنا إن البعد يؤثر في سائمة الإنسان على ما يأتي قريبا وإن قلنا لا يؤثر أو كانت قريبة وهو مراد المصنف هنا فالصحيح من المذهب كما قال المصنف على الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على خطائه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال هذا قول الأصحاب.
وقيل: على الجميع شاتان وربع على رب الستين ثلاثة أرباع شاة لأنها مخالطة لعشرين خلطة وصف ولأربعين بجهة الملك وحصة العشرين من زكاة الثمانين ربع شاة وعلى كل خليط نصف شاة لأنه مخالط لعشرين فقط. اختاره المجد في محرره وقال الآمدي بهذا الوجه إلا أنه قال يلزم كل خليط ربع شاة لأن المال الواحد يضم.
وعند ابن عقيل في الجميع ثلاث شياه على رب الستين شاة ونصف جعلا للخلطة قاطعة بعض ملكه عن بعض بحيث لو كان له ملك آخر منفرد اعتبر في تزكيته وحده وعلى كل خليط نصف شاة لأنه لم يخالط سوى عشرين والتفاريع الآتية مبنية على هذه الأوجه.
فائدتان :
إحداهما : لو لم يخالط رب الستين منها إلا بعشرين لآخر فعلى الأول في الجميع شاة على رب الستين ثلاثة أرباعها وعلى رب العشرين ربعها وعلى الثاني على رب الستين في الأربعين المنفردة ثلثا شاة ضما لها إلى بقية ملكه وفي العشرين ربع شاة ضما لها إلى بقية ماله وهو الأربعون المنفردة وإلى عشرين الآخر لمخالطتها بعضه وصفا وبعضه ملكا وعلى رب العشرين نصف شاة وذكره في التلخيص قال في الفروع ويتوجه على الثالث كالأول هنا وعلى الرابع في الأربعين المختلطة شاة بينهما نصفان وفي الأربعين المنفردة شاة على ربها.
الثانية : لو كان خمسة وعشرون بعيرا كل خمسة منها خلطة بخمسة لآخر فعلى الوجه الأول عليه نصف حقة وعلى كل خليط عشرها.
وعلى الوجه الثاني: عليه خمسة أسداس بنت مخاض وعلى كل خليط شاة.
وعلى الوجه الثالث: عليه خمسة أسداس بنت مخاض وعلى كل خليط سدس بنت مخاض.
وعلى الوجه الرابع: عليه خمس شياه وعلى كل خليط شاة.
قوله : "وإذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين لا تقصر بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة إجماعا وإن كان بينهما مسافة القصر فكذلك عند أبي الخطاب".
وهو رواية عن أحمد واختارها المصنف والشارح وصاحب الفائق والمنصوص في رواية الأثرم وغيره أن لكل مال حكم نفسه كما لو كانا لرجلين وهو الصحيح من المذهب والمشهور عن الإمام أحمد وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والفائق والرعايتين والحاويين وبن تميم وغيرهم وهو من المفردات.
فعلى ما اختاره أبو الخطاب والمصنف يكفي إخراج شاة ببلد أحد المالين لأنه حاجة وقيل يخرج من كل بلد بالقسط.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره أن سائر الأموال لا يؤثر فيها تفرق البلدان قولا واحدا وهو صحيح وعليه الأصحاب وحكاه في الفروع وغيره إجماعا وجعل أبو بكر في سائر الأموال روايتين كالماشية قاله بن تميم.
قوله : "ولا تؤثر الخلطة في غير السائمة".
هذا الصحيح والمشهور في المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه. وعنه أنها تؤثر خلطة الأعيان اختارها الآجري وصححها بن عقيل.
قال أبو الخطاب في خلافه الصغير هذا أقيس وخص القاضي في شرحه الصغير هذه الروايات بالذهب والفضة.
فعلى هذه الرواية تؤثر خلطة الأعيان بلا نزاع وكذا الأوصاف أيضا وهو تخريج وجه للقاضي وحكاه بن عبدوس المتقدم وجها قال الزركشي وهو ظاهر كلام الأكثرين لإطلاقهم الرواية.
وقيل: لا تؤثر خلطة الأوصاف على هذه الرواية وإن أثرت خلطة الأعيان وهو الصحيح اختاره المصنف والشارح وبن حمدان وغيرهم وأطلقهما الزركشي.
قال القاضي في الخلاف: نقل حنبل تضم كالمواشي فقال إذا كان رجلين لهما من المال ما تجب فيه الزكاة من الذهب والورق فعليهما الزكاة بالحصص.
فيعتبر على هذا الوجه اتحاد المؤن ومرافق الملك فيشترط اشتراكهما فيما يتعلق بإصلاح مال الشركة فإن كانت في الزرع والثمر فلا بد من الاشتراك في الماء والحرث والبيدر والعمال من الناطور والحصاد والدواب ونحوه.
وإن كانت في التجارة فلا بد من الاشتراك في الدكان والميزان والمخزن ونحوه مما يرتفق به.
قوله : "ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء مع الحاجة وعدمها".
يعني في خلطة الأوصاف والحاجة أن يكون مال أحدهما صغارا ومال الآخر كبارا أو يكون مال كل واحد منهما أربعين أو ستين ونحو ذلك وعدم الحاجة واضح وهذا مما لا نزاع فيه في المذهب ونص عليه لكن قال في الفروع وظاهره ولو بعد قسمة في خلطة أعيان مع بقاء نصيبين وقد وجبت الزكاة وقاله المجد في شرحه وقدمه بن تميم وبن حمدان.
وقال القاضي في المجرد: لا يأخذ إلا إذا كان نصيب أحدهما مفقودا فله أخذ الزكاة من النصيب الموجود ويرجع على صاحبه بالقسط.
قال في الفروع: ولا وجه لما قاله القاضي إلا عدم الحاجة.
فيتوجه منه: اعتبار الحاجة لأخذ الساعي.
قوله : "فإن اختلفا في القيمة فالقول قول المرجوع عليه".
يعني مع يمينه إذا احتمل صدقه لأنه منكر غارم وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال الشيخ تقي الدين يتوجه أن القول قول المعطي لأنه كالأمين.
قوله : "وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما لم يرجع بالزيادة على خليطه".
وهذا المذهب. وعليه الأصحاب: إلا أن الشيخ تقي الدين قال الأظهر أنه يرجع.
فعلى المذهب: لو أخذ عن أربعين مختلطة شاتين من مال أحدهما أو أخذ عن ثلاثين بعيرا جذعة رجع على خليطه في الأولى بقيمة نصف شاة وفي الثانية بقيمة نصف بنت مخاض.
قوله : "وإن أخذه بقول بعض العلماء رجع عليه".
كأخذه صحيحة عن مراض أو كبيرة عن صغار أو قيمة الواجب ونحوه وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال أبو المعالي: إن أخذ القيمة وجاز أخذها رجع بنصفها إن قلنا القيمة أصل وإن قلنا بدل فيرجع بنصف قيمة شاة وإن لم تجز القيمة فلا رجوع.
قال في الفروع: كذا قال وقال بن تميم إن أخذ الساعي فوق الواجب بتأويل أو أخذ القيمة أجزأت في الأظهر ورجع عليه بذلك.
فائدتان :
إحداهما : قال في الفروع وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء ولو اعتقد المأخوذ منه عدم الإجزاء وصوب فيه الشيخ تقي الدين الإجزاء وجعله في موضع آخر كالصلاة خلف تارك شرطا عند المأموم.
الثانية : يجزئ إخراج بعض الخلطاء بإذن باقيهم وبغير إذنهم غيبة وحضورا قاله بن حامد واقتصر عليه في الفائق وبن تميم وقدمه في الرعاية.
قال المجد في شرحه عقد الخلطة جعل كل واحد منهما كالآذن لخليطه في الإخراج عنه واختار صاحب الرعاية عدم الإجزاء لعدم نيته.
قلت: وهو الصواب.
وتقدم في زكاة حصة المضارب من الربح أنه لا يجوز إخراج الزكاة من مال المضاربة بلا إذن نص عليه لأنه وقاية.
قال في الفروع: فدل أنه يجوز لولا المانع.
وقال أيضا: ولعل كلامهم في إذن كل شريك للآخر في إخراج زكاته يوافق ما اختاره في الرعاية ويشبه هذا أن عقد الشركة يفيد التصرف بلا إذن صريح على الأصح. انتهى.
باب زكاة الخارج من الأرض
قوله : "تجب الزكاة في الحبوب كلها وفي كل ثمر يكال ويدخر".هذا المذهب عند جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشارح.
قال في الفروع: والمذهب عند جماعة تجب في كل مكيل مدخر من حب وثمر انتهى.
فيجب على هذا في كل مكيل يدخر من الحبوب والثمار مما يقتات به وغيره وهو من المفردات.
فدخل في كلامه البر والعلس والشعير والسلت والأرز والذرة والدخن والفول والعدس والحمص واللوبيا والجلبان والماش والترمس والسمسم والخشخاش ونحوه.
ويدخل في كلامه أيضا بذر البقول كبذر الهندبا والكرفس وغيرهما.
ويدخل بذر الرياحين بأسرها وأبازير القدور كالكسفرة والكمون والكراويا والشمر والأنسون والقنب وهو الشهدانخ والخردل.
ويدخل بذر الكتان والقرطم والقثاء والخيار والبطيخ وحب الرشاد والفجل.
ويخرج من قوله: "في الحبوب كلها وفي كل ثمر" الصعتر والأشنان الورق المقصود كورق السدر والخطمى والآس ونحوه.
ويأتي أيضا قريبا ما يخرج من كلامه.
ويدخل في قوله: "في كل ثمر يكال ويدخر ما هو مثله من التمر والزبيب واللوز والفستق والبندق وغيره".
وحكى بن المنذر رواية أنه لا زكاة إلا في التمر والزبيب والبر والشعير وقدمه ابن رزين في مختصره وناظمها والذي قدمه في الفروع وقال اختاره جماعة وجزم به آخرون أن الزكاة تجب في كل مكيل مدخر ونقله أبو طالب.
ونقل صالح، وعبد الله "ما كان يكال ويدخر وفيه نفع الفقير [...] العشر. وما كان مثل القثاء والخيار والبصل والرياحين والرمان فليس فيه زكاة إلا أن يباع ويحول الحول على ثمنه".
فهذا القول أعم من القول الذي قاله المصنف فيدخل فيه ما تقدم ذكره في القول الذي قاله المصنف ويدخل فيه ايضا الصعتر والأشنان وحبه ونحوه.
ويدخل أيضا: كل ورق مقصود كورق السدر والخطمى والآس والحناء والورس والنيل والغبيراء والعصفر ونحوه وهذا عليه أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز والإفادات وغيرهم.
قال الزركشي: وهو اختيار العامة وشمله كلام الخرقي وأطلق بن تميم وصاحب الرعاية والحاوي والفائق وغيرهم الخلاف في الأشنان والغبيراء والصعتر والكتان والحناء والورق المقصود.
قال في الفروع: في الحناء الخلاف ولم يوجب في المذهب والمستوعب وغيرهما في ورق السدر والخطمى الزكاة وزاد في المستوعب الحناء.
وقال بن حامد: لا زكاة في حب البقول كحب الرشاد والأبازير كالكسفرة والكمون وبذر القثاء والخيار ونحوه.
ويدخل في كلام بن حامد حب الفجل والقرطم وغيرهما وبذر الرياحين لأنها ليست بقوت ولا أدم.
قال في الفروع: ويدخل في هذا بذر اليقطين وذكره في المستوعب في المقتات قال والأول أولى ويأتي في كلام المصنف ما يجتنيه من المباح وما يكتسبه اللقاط ونحو ذلك.
تنبيه : دخل في عموم قوله: "ولا تجب في سائر الثمر".
التفاح والأجاص والمشمش والخوخ والكمثرى والسفرجل والرمان والنبق والزعرور والموز والتوت ونحوه.
ودخل في الخضر البطيخ والقثاء والخيار والباذنجان واللفت وهو السلجم والسلق والكرنيج وهو القنبيط والبصل والثوم والكرات والبت والجوز والفجل ونحوه.
ودخل في البقول الهندبا والكرفس والنعناع والرشاد والبقلة الحمقاء والقرظ والكسفرة الخضراء والجرجير ونحوه ويأتي حكم ما يجتنيه من المباح.
فائدة : لا تجب أيضا في الريحان والمسك والورد والبوم والبنفسج واللينوفر والياسمين والنرجس والمردكوش والمنثور ولا في طلع الفحال ولا في سعف النخل والخوص ولا في تين البر وغيره ولا في الورق ولا في لبن الماشية وصوفها ووبرها ولا في القصب الفارسي والحرير ودودة القز.
تنبيه: دخل في كلام المصنف الزيتون والقطن والزعفران.
أما الزيتون: فقد تقدم عدم الوجوب فيه وهو المذهب اختاره المصنف والشارح والخرقي وأبو بكر والقاضي في التعليق قاله الزركشي وقدمه ابن رزين في شرحه والكافي والهادي.
والرواية الثانية: تجب فيه صححه ابن عقيل في الفصول والشيرازي في المبهج وأبو المعالي في الخلاصة واختارها القاضي والمجد وقدمه بن تميم وجزم به في الإيضاح والتذكرة لابن عقيل وأطلقهما في الهداية ومسبوك الذهب والمذهب والمستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية والزركشي.
وأما القطن: فقدم المصنف أنها لا تجب فيه وهو إحدى الروايتين والمذهب منهما واختاره أبو بكر والقاضي في التعليق وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره المصنف والشارح.
وقدمه ابن رزين في شرحه والكافي والمغني والهادي.
والرواية الثانية: تجب فيه اختارها ابن عقيل وصححها في المبهج والخلاصة وقدمها بن تميم وجزم به في الإفادات وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية وحكاهما في الإيضاح وجهين وأطلقهما.
فعلى القول بأنها لا تجب: فإنها تجب في حبه على الصحيح جزم به جماعة منهم المصنف وقدم بن تميم عدم الوجوب وأطلق بعضهم وجهين.
فائدة : الكتان كالقطن فيما تقدم ذكره القاضي وكذا القنب ذكره في الفروع وذكر المصنف والشارح إن وجبت في القطن ففيهما احتمالان.
واما الزعفران: فقدم المصنف أنها لا تجب فيه وهو المذهب اختاره المصنف والمجد والشارح قال في الفروع ولعله اختيار الأكثر قال الزركشي اختاره أبو بكر والقاضي في التعليق وقدمه في المغني والهادي والشرح والكافي وشرح ابن رزين.
والرواية الثانية: تجب اختارها ابن عقيل وصححها في المبهج والخلاصة وقدمها بن تميم وجزم به في الإفادات وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية وغيرهم وتقدم حكم الحناء.
فوائد:
إحداها : قال القاضي الورس عندي بمنزلة الزعفران يخرج على روايتين.
قال في الهداية: ويخرج الورس والعصفر على وجهين قياسا على الزعفران قال في الفروع والمستوعب ويخرج على الزعفران العصفر والورس والنيل.
قال الحلواني: واللقوة وصحح في الخلاصة الوجوب في الزعفران وأطلق الوجهين في العصفر والورس وأطلق الخلاف في العصفر والورس والنيل في الرعايتين والحاويين.
الثانية : لا زكاة في الجوز على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع: لا تجب فيه في الأشهر وجزم به في الإرشاد والمبهج والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والإفادات والزركشي وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق وكذا لا تجب في التين والمشمش والتوت وقصب السكر على الصحيح من المذهب قال الآمدي وصاحب الفائق في ظاهر المذهب وجزم به في المبهج والإيضاح ومسبوك الذهب والإفادات والزركشي وغيرهم وقدمه في الفروع في الكل.
وقيل: تجب في ذلك كله واختاره الشيخ تقي الدين في التين.
وقال في الفروع: الأظهر الوجوب في العناب قال فالتين والمشمش والتوت مثله وأطلق في الحاويين والرعايتين في التين وقصب السكر والجوز الخلاف.
الثالثة: تجب الزكاة في العناب على الصحيح.
قال في الفروع: وهذا أظهر وجزم به القاضي في الأحكام السلطانية والمستوعب والكافي.
وقيل: لا زكاة فيه قدمه في الفروع وبن تميم وأطلقهما في الحاويين والرعايتين والفائق.
ويأتي بعد الكلام على العسل هل تجب الزكاة فيما ينزل من السماء من المن ونحوه أم لا؟.
قوله : "ويعتبر لوجوبها شرطان أحدهما أن تبلغ نصابا بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار".
هذا الصحيح من المذهب قال الزركشي هذا المذهب عند أبي محمد وصاحب التلخيص وابن عقيل وجزم به في الوجيز والمستوعب وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والفائق وبن تميم والخلاصة.
قال القاضي في التعليق وأبو الخطاب في الهداية وبن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب هذا أصح الروايتين.
قال القاضي في الروايتين: هذا الأشبه بالمذهب.
وعنه أنه يعتبر نصاب ثمر النخل والكرم رطبا اختاره أبو بكر الخلال وأبو بكر عبد العزيز في خلافه والقاضي وأصحابه.
قال الزركشي: هذه الرواية أنص عنه وهي من المفردات.
وقوله : "ثم يؤخذ عشره يابسا".
يعني على الرواية الثانية وقوله عشره يعني عشر الرطب فظاهره أنه يأخذ منه إذا يبس بمقدار عشر رطبه وهو إحدى الروايتين وقدمه بن تميم وقال نص عليه واختاره أبو بكر نقل الأثرم أنه قيل لأحمد خرص عليه مائة وسق رطبا يعطيه عشرة أوسق تمرا قال نعم على ظاهر الحديث.
والرواية الثانية: أنه لا يأخذ إلا عشر يابسه وهو الصحيح من المذهب صححه المصنف والشارح ورد الأول وقدمه في الفروع.
قوله : "إلا الأرز والعلس نوع من الحنطة يدخر في قشره فإن نصاب كل واحد منهما مع قشره عشرة أوسق".
مراد المصنف وغيره من الأصحاب ممن أطلق أن نصاب كل واحد من الأرز والعلس عشرة أوسق في قشره إذا كان ببلد قد خبره أهله وعرفوا أنه يخرج منه مصفى النصف فأما ما يخرج دون النصف كغالب أرز حران أو يخرج فوق النصف كجيد الأرز الشمالي فإن نصابه يكون بقشره ما يكون قدر الخارج منه خمسة أوسق فيرجع في ذلك إلى أهل الخبرة قاله المجد في شرحه وجزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
قال في الفروع: فنصابهما في قشرهما: عشرة أوسق وإن صفيا فخمسة أوسق ويختلف ذلك بخفة وثقل وهو واضح.
فلو شك في بلوغ النصاب خير بين أن يحتاط ويخرج عشرة قبل قشره وبين قشره واعتباره بنفسه كمغشوش النقدين على ما يأتي.
وقيل: يرجع في نصاب الأرز إلى أهل الخبرة ذكره في الفروع وغيره.
فائدتان :
إحداهما : لو صفى الأرز والعلس فنصابهما خمسة أوسق بلا نزاع.
الثانية : قال المجد في شرحه وتبعه في الفروع وغيرهما الوسق والصاع كيلان لا صنجتان نقل إلى الوزن ليحفظ وينقل وكذا المد.
واعلم أن المكيل يختلف في الوزن فمنه الثقيل كالأرز والتمر الصيحاني والمتوسط كالحنطة والعدس والخفيف كالشعير والذرة وأكثر التمر أخف من الحنطة على الوجه الذي يكال شرعا لأن ذلك على هيئته غير مكبوس ونص الإمام أحمد وغيره من الأئمة على أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالحنطة أي بالرزين منها لأنه الذي يساوي العدس في وزنه.
فتجب الزكاة في الخفيف إذا قارب هذا الوزن وإن لم يبلغه لأنه في الكيل كالرزين.
ومن اتخذ مكيلا يسع خمسة أرطال وثلثا من جيد الحنطة ثم كال به ما شاء عرف ما بلغ حد الوجوب من غيره نص أحمد على ذلك وقاله القاضي وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين وبن تميم وقال إنه الأصح.
وحكى القاضي عن بن حامد يعتبر أبعد الأمرين في الكيل أو الوزن.
وذكر ابن عقيل وغيره: أن الاعتبار بالوزن قال في الفائق وهو ضعيف وقال في الرعايتين والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالعراقي برا وقيل بل عدسا وقلت بل ماء انتهى.
وكذا قال في الفائق لكن حكى القول في العدس رواية وقال في الإفادات من بر أو عدس أو ماء وقال في الحاويين برا ثم مثل كيله من غيره نص عليه وقيل بل وزنه ومثل بن تميم بالحنطة فقط.
قال في التلخيص: ولا تعويل على هذا الوزن إلا في البر ثم مثل مكيل ذلك من جميع الحبوب.
وتقدم: هل نصاب الزروع والثمار تقريب أو تحديد في كتاب الزكاة عند قوله: "الثالث ملك نصاب".
فوائد :
الأولى : ظاهر كلام المصنف أن نصاب الزيتون كغيره وهو خمسة أوسق وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونقله صالح.
وقال بن الزاغوني نصابه ستون صاعا قال بن تميم ونقله صالح عن أبيه ولعله سهو قال في الرعاية وهو سهو وقال أبو الخطاب في الهداية وتبعه في المذهب لا نص فيها عن أحمد ثم ذكر عن القاضي يتوجه أن يجعل نصابه ما يبلغ قيمته قيمة خمسة أوسق من أدنى ما تخرج الأرض مما تجب فيه الزكاة.
قال المجد في شرحه: والظاهر أن أبا الخطاب سها على شيخه بذكر الزيتون مع القطن والزعفران كما سها على أحمد بأنه لم ينص فيه بشيء وإنما ذكر القاضي اعتبار النصاب بالقيمة في القطن والزعفران وليس الزيتون في ذلك هكذا ذكره في خلافه ولم نجد في شيء من كتبه اعتبار نصابه بالقيمة وقد ذكر في المجرد اعتباره بالأوسق كما قدمنا انتهى كلام المجد.
وقال الشيرازي في الإيضاح وتبعه في الفائق وغيره هل يعتبر بالزيت أو بالزيتون فيه روايتان فإن اعتبر بالزيت فنصابه خمسة أفراق قال في الفروع كذا قال وهو غريب.
الثانية : يجوز له أن يخرج من الزيتون وإن أخرج من الزيت كان أفضل ولا يتعين هذا الصحيح من المذهب قال في الفروع هذا المشهور وجزم به في الفائق وغيره وقيل يخرج زيتونا حتما كالزيتون الذي لا زيت فيه لوجوبها فيه وكدبس عن تمر.
وقيل: يخرج زيتا قاله بن تميم وغيره قال أبو المعالي عن الأول ويخرج عشر كسبه.
قال في الفروع: ولعله مراد غيره لأنه منه بخلاف التين.
وقال في المستوعب: هل يخرج من الزيتون أو من دهنه فيه وجهان قال في الفروع فيحتمل أن مراده أن الخلاف في الوجوب ويدل عليه سياق كلامه ويحتمل في الأفضلية وظاهره لا يلزم إخراج غير الدهن وإلا فلو أخرجه والكسب لم يكن للوجه الآخر وجه لأن الكسب يصير وقودا كالتبن وقد ينبذ ويرمى رغبة عنه انتهى كلامه.
الثالثة : يخرج زكاة السمسم منه كغيره قاله الأصحاب قال في الفروع: وظاهره لا يجزئ
شيرج وكسب لعيبهما لفسادهما بالادخار كإخراج الدقيق والنخالة بخلاف الزيت وكسبه وهو واضح انتهى.
قال بن تميم: ولا يخرج من دهن السمسم وجها واحدا.
قال في الرعاية: ولا يجزئ شيرج عن سمسم.
قال في الفروع: وظاهره كما سبق من قول أبي المعالي وأنه لو أخرج الشيرج والكسب أجزأ.
الرابعة : ظاهر كلام المصنف أيضا أن نصاب القطن والزعفران وغيرهما مما يكال كالورس ونحوه ألف وستمائة رطل وهو أحد الوجهين اختاره القاضي في المجرد والمصنف وجزم به في الإفادات وقدمه بن تميم والشارح والرعايتين والفائق وشرح ابن رزين وغيره وهو الصحيح من المذهب.
والوجه الثاني: نصاب ذلك أن تبلغ قيمته قيمة أدنى نبات يزكى وهو احتمال للقاضي في التعليق واختاره أبو الخطاب في الهداية والمجد والقاضي في الخلاف وقدمه في الحاويين وجزم به في الخلاصة وظاهر الفروع الإطلاق وأطلقهما في المذهب.
زاد القاضي في الخلاف: إلا العصفر فإنه تبع للقرطم لأنه أصله فاعتبر به فإن بلغ القرطم خمسة أوسق زكى وتبعه العصفر وإلا فلا.
وقيل: يزكى قليل ما لا يكال وكثيره ومن الأصحاب من خص ذلك بالزعفران قال في الفروع ولا فرق وقيل نصاب الزعفران والورس والعصفر خمسة أمناء جمع من وهو رطلان وهو المن وجمعه أمناء.
قوله : "وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب".
وكذا زرع العام الواحد وهذا المذهب في ذلك كله وعليه الأصحاب.
وحكى عن بن حامد لا يضم صيفي إلى شتوي إذا زرع مرتين في عام وقال القاضي في المجرد والنخل التهامي يتقدم لشدة الحر فلو اطلع وجد ثم اطلع النجدي ثم لم يجد حتى اطلع التهامي ضم النجدي إلى التهامي الأول لا إلى الثاني لأن عادة النخل يحمل كل عام مرة فيكون التهامي الثاني ثمرة عام ثان.
قال: وليس المراد بالعام هنا اثني عشر شهرا بل وقت استغلال المغل عن العام عرفا وأكثره عادة نحو ستة أشهر بقدر فصلين ولهذا أجمعنا أن من استغل حنطة أو رطبا آخر تموز من عام ثم عاد فاستغل مثله في العام المقبل أول تموز أو حزيران لم يضما مع أن بينهما دون اثني عشر شهرا انتهى ومعناه كلام ابن تميم.
قوله : "فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقدمه في الفروع وقال قاله الأصحاب وقال القاضي لا يضم لندرته مع تنافي أصله فهو كثمرة عام آخر بخلاف الزرع.
فعلى هذا: لو كان له نخل يحمل بعضه في السنة حملا وبعضه حملين ضم ما يحمل حملا إلى أيهما بلغ معه وإن كان بينهما فإلى أقربهما إليه وأطلقهما ابن تميم.
وقال أيضا: وفي ضم حمل نخل إلى حمل نخل آخر في عام واحد قال في الفروع كذا قال.
قوله : "ولا يضم جنس إلى آخر في تكميل النصاب".
هذا إحدى الروايات اختارها المصنف والشارح وصاحب الفائق [وصححه في إدراك الغاية] وقدمه في النظم ومختصر بن تميم وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
وعنه أن الحبوب يضم بعضها إلى بعض رواها صالح وأبو الحارث والميموني وصححها القاضي وغيره واختارها أبو بكر قاله المصنف.
قال إسحاق بن هانئ: رجع أبو عبد الله عن عدم الضم وقال يضم وهو أحوط.
قال القاضي: وظاهره الرجوع عن منع الضم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين [ونهايته] وجزم به في المنور.
وعنه تضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض اختارها الخرقي وأبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
قال في المبهج: يضم ذلك في أصح الروايتين قال القاضي وهو الأظهر نقله ابن رزين عنه وجزم به في الإيضاح والإفادات والوجيز وهي من المفردات وظاهر الفروع إطلاق الخلاف وأطلقهن في الهداية والمستوعب والمذهب ومسبوك الذهب وشرح المجد وتجريد العناية.
فعليها تضم الأبازير بعضها إلى بعض وحبوب البقول بعضها إلى بعض لتقارب المقصود وكذا يضم كل ما تقارب ومع الشك لا يضم.
قال بن تميم: وعنه يضم ما تقارب في المنبت والمحصد.
وحكى بن تميم أيضا: رواية تضم الحنطة إلى الشعير قال في الفروع ولعله على رواية أنه جنس.
وخرج بن عقيل: ضم التمر إلى الزبيب على الخلاف في الحبوب قال المجد ولا يصح لتصريح أحد بالتفرقة بينهما وبين الحبوب على قوله بالضم في رواية صالح وحنبل وقال بن تميم بعد كلام ابن عقيل وقاله أبو الخطاب وتوقف عنه في رواية صالح.
فائدة : القطنيات حبوب كثيرة منها الحمص والعدس والماش والجلبان واللوبيا والدخن والأرز والباقلا ونحوها مما يطلق عليه هذا الاسم.
تنبيه : ظاهر قوله: "ولا يضم جنس إلى آخر" أنه يضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض لتكميل النصاب وهو صحيح فالسلت نوع من الشعير جزم به جماعة من الأصحاب منهم المصنف والمجد وقدمه بن تميم وبن حمدان لأنه أشبه الحبوب بالشعير في صورته وقال في المستوعب السلت لونه لون الحنطة وطبعه طبع الشعير في البرودة قال في الفروع فظاهره أنه مستقل بنفسه وهل يعمل بلونه أو بطبعه يحتمل وجهين انتهى.
وقال في الترغيب: السلت يكمل بالشعير وقيل لا يعني أنه أصل بنفسه قاله بعض الأصحاب قال بن تميم وفيه وجه أنه أصل بنفسه.
وأطلق في النظم والفائق في ضم السلت إلى الشعير وجهين.
وتقدم أن العلس نوع من الحنطة يضم إليها وهو صحيح وهو المذهب وقيل لا يضم وأطلقهما في الفائق.
وقال في الرعاية: وقيل في ضم العلس إلى البر وجهان.
وقال أيضا: والحاروس نوع من الدخن يضم وقال أيضا وفي ضم الدخن إلى الذرة وجهان ويأتي ضم الذهب إلى الفضة في باب زكاة الأثمان.
فائدة: قوله : "ولا تجب فيما يكتسبه اللقاط أو يأخذه أجرة بحصاده".
بلا نزاع وكذا ما يملكه بعد صلاحه بشراء أو إرث أو غيره على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال بن أبي موسى تجب الزكاة يوم الحصاد والجداد فتجب الزكاة على المشتري لتعلق الوجوب به وهو في ملكه ويأتي ذلك أيضا عند قول المصنف "وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمرة".
قوله : "ولا فيما يجتنيه من المباح أي لا تجب كالبطم والرعبل وهو شعير الجبل وبزر قطونا ونحوه".
كالعفص والأشنان والسماق والكلأ سواء أخذه من موات أو نبت في أرضه وقلنا لا يملكه إلا بأخذه فأخذه وهذا المذهب اختاره بن حامد والمصنف والشارح والمجد في شرحه وقالوا هذا الصحيح وردوا غيره وقدمه ابن رزين في شرحه واختاره وجزم به في الإفادات فيما يجتنيه من المباح.
وقيل: تجب فيه جزم به في الهداية ومسبوك الذهب والخلاصة وغيرهم وقال في المذهب تجب في ذلك قال القاضي في الخلاف والأحكام السلطانية قياس قول أحمد وجوب الزكاة فيه لأنه أوجبها في العسل فيكتفى بملكه وقت الأخذ كالعسل انتهى وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال في الرعاية: أشهر الوجهين الوجوب وقدمه في المستوعب والتلخيص والفائق والزركشي وجزم به في الإفادات فيما ينبت في أرضه وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين.
فائدة : لو نبت ما يزرعه الآدمي كمن سقط له حب حنطة في أرضه أو أرض مباحة وجب عليه زكاته لأنه ملكه وقت الوجوب وكذا إن قلنا يملك ما ينبت في أرضه من المتقدم ذكره قاله في الرعاية وهو ظاهر كلام غيره.
قوله : "ويجب العشر فيما سقى بغير مؤنة كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه ونصف العشر فيما سقى بكلفة كالدوالي والنواضح".
وكذا ما سقى بالناعورة أو الساقية وما يحتاج في ترقة الماء إلى الأرض إلى آلة من عرق أو غيره وقال جماعة من الأصحاب منهم المصنف والمجد والشارح لا يؤثر حفر الأنهار والسواقي لقلة المؤنة لأنه من جملة إحياء الأرض ولا يتكرر كل عام وكذا من يحول الماء في السواقي لأنه كحرث الأرض وقال الشيخ تقي الدين وما يدير الماء من النواعير ونحوها مما يصلح من العام إلى العام أو في أثناء العام ولا يحتاج إلى دولاب تديره الدواب يجب فيه العشر لأن مؤنته خفيفة فهي كحرث الأرض وإصلاح طرق الماء.
فائدتان :
إحداهما : لو اشترى ماء بركة أو حفيرة وسقى به سيحا وجب عليه العشر في ظاهر كلام الأصحاب قاله المجد وقال ويحتمل وجوب نصف العشر لأنه سقى بمؤنة وأطلق بن تميم فيه وجهين.
الثانية : لو جمع الماء وسقى به وجب العشر قال في الفروع ويتوجه تخريج منه في الصورتين وإطلاق غير واحد يقتضيه كعمل العين ذكره غير واحد وذكر بن تميم وغيره إن كانت العين أو القناة يكثر تصوب الماء عنها ويحتاج إلى حفر متوال فذلك مؤنة فيجب نصف العشر فقط.
قوله : "وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر أكثرهما نص عليه".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قوله : "وقال بن حامد يؤخذ بالقسط فإن جهل المقدار وجب العشر".
يعني إذا جهل مقدار السقي فلم يعلم هل سقى سيحا أكثر أو الذي بمؤنة أكثر وهذا المذهب نص عليه في رواية عبد الله وعليه أكثر الأصحاب وقال بن حامد يخرج حتى يعلم براءة ذمته.
تنبيه: قوله : "وإن سقى بأحدهما أكثر" الاعتبار بالأكثر النفع للزرع والنمو على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل: الاعتبار بأكثر السقيات وقيل الاعتبار بالأكثر مدة وأطلقهن بن تميم والرعايتين والحاويين والفائق وتجريد العناية.
فائدتان :
إحداهما : من له بستان أو أرض يسقى أحد البساتين بكلفة والآخر بغيرها أو بعض الأرض بمؤنة وبعضها بغيرها ضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب وأخذ من كل واحد بحسبه.
الثانية : لو اختلف الساعي ورب الأرض فيما سقى به فالقول قول رب الأرض من غير يمين على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر وقال القاضي في الأحكام السلطانية للساعي استحلافه لكن إن ظهر لم يلزمه إلا ما اعترف به وقال بعض الأصحاب تعتبر البينة فيما يظهر قال في الفروع وهو مراد غيره وذكر بن تميم هذا وجها قال في الفروع كذا قال.
قوله : "وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمرة وجبت الزكاة".
وهذا المذهب. وعليه أكثر الأصحاب وأكثرهم قطع به وقال بن أبي موسى تجب الزكاة يوم الحصاد والجذاذ للآية فيزكيه المشتري لتعلق الوجوب به في ملكه وتقدم ذلك قريبا.
فائدة : لو باعه ربه وشرط الزكاة على المشتري قال في الفروع فإطلاق كلامهم خصوصا الشيخ يعني به المصنف لا يصح وقاله المجد وقطع به بن تميم وبن حمدان أن قياس المذهب يصح للعلم بها فكأنه استثنى قدرها ووكله في إخراجه حتى لو لم يخرجها المشتري وتعذر الرجوع عليه ألزم بها البائع.
قوله : "فإن قطعها قبله فلا زكاة فيها".
إلا أن يقطعها فرارا من الزكاة فيلزمه تقدم الكلام على ذلك والخلاف فيه أواخر كتاب الزكاة فليعاود.
فائدة قال في الفروع ظاهر كلامهم أو صريح بعضهم أن صلاح الثمرة هنا حكمه حكم صلاح الثمرة المذكورة في باب بيع الأصول والثمار على ما يأتي قال بن تميم صلاح الفستق والبندق ونحوه إذا انعقد لبه وصلاح الزيتون إذا كان له زيت يجري في دهنه وإن كان مما لا زيت فيه فبأن يصلح للكبس وقال في الرعاية ويجب إذا اشتد الحب وبدا اشتداده وبدا صلاح الثمرة بحمرة أو صفرة وانعقد لب اللوز والبندق والفستق والجوز إن قلنا يزكى وجرى دهن الزيتون فيه أو بدا صلاحه وطاب أكله أو صلح للكبس إن لم يكن له زيت وقيل صلاح الحنطة إذا أفركت والعنب إذا انعقد وحمض وقيل وتموه وطاب أكله انتهى.
قوله : "ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يستقر الوجوب إلا بتمكنه من الأداء كما سبق في أثناء كتاب الزكاة للزوم الإخراج إذن.
فائدة : "الجرين" يكون بمصر والعراق. "والبيدر والأيدر" يكون بالشرق والشام. "والمربد" يكون بالحجاز وهو الموضع الذي تجمع فيه الثمرة ليتكامل جفافها "والجوجان" يكون بالبصرة وهو موضع تشميسها وتيبيسها ذكره في الرعاية وسمي بلغة آخرين "السطاح" وبلغة آخرين "الطبابة".
قوله : "فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة سواء كانت قد خرصت او لم تخرص".
إذا تلفت بغير تعد في عبارة جماعة من الأصحاب منهم المجد ونص عليه أحمد قبل الحصاد والجداد وقدمه في الفروع وذكره بن المنذر إجماعا.
وفي عبارة جماعة أيضا قبل أن تصير في الجرين والبيدر كالمصنف وبن تميم وغيرهما سقطت الزكاة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال بن تميم: قطع به أكثر أصحابنا قال في القواعد الفقهية سقطت اتفاقا.
وقيل: لا تسقط قال بن تميم وذكر ابن عقيل في عمد الأدلة رواية أن الزكاة لا تسقط عنه وقاله غيره انتهى قال في القواعد وهو ضعيف مخالف للإجماع قال في الفروع وأظن أنه قال في المغني قياس من جعل وقت الوجوب بدو الصلاح واشتداد الحب أنه كنقص نصاب بعد الوجوب قبل التمكن انتهى وتقدم ذلك في آخر كتاب الزكاة.
فائدة : لو بقي بعد التلف نصاب وجبت الزكاة فيه وإلا فلا على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع والمجد في شرحه وذكر بن تميم وصاحب الفائق فيما إذا لم يبق نصاب وجهين.
قال بن تميم: اختار الشيخ يعني به المصنف الوجوب فيما بقي بقسطه قال وهو أصح كما لو تلف بعض النصاب من غير الزرع والثمرة بعد وجوب الزكاة قبل تمكنه من الإخراج قال في الرعاية أظهرهما يزكي ما بقي بقسطه.
تنبيه : ظاهر قوله : "وإن ادعى تلفها قبل قوله بغير يمين".
ولو اتهم في ذلك وهو صحيح وهو المذهب نص عليه قال في الرعاية وهو أظهر وقدمه في الفروع وبن تميم وجزم به المجد في شرحه ونصره وكذا صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقيل: يقبل قوله بيمينه قدمه في الرعاية والحاويين وهو من المفردات ويصدق في دعوى غلط ممكن من الخارص قال في التلخيص والرعايتين والحاويين وبن تميم وغيرهم كالسدس ونحوه ولا يقبل في الثلث والنصف.
وقيل: إن ادعى غلطا محتملا قبل بلا يمين وإلا فلا.
قال في الفروع: فإن فحش فقيل يرد قوله وقيل ضمانا كانت أو أمانة يرد في الفاحش.
وظاهر كلامهم: لو ادعى كذب الخارص عمدا لم يقبل وجزم به في التلخيص والرعايتين والحاويين.
ولو قال ما حصل في يدي غير كذا قبل قولا واحدا.
فائدة : لا تسمع دعواه في جائحة ظاهرة تظهر عادة إلا ببينة ولم يصدق في التلف جزم به المجد وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يصدق مطلقا وجزم به في الرعاية وقدمه بن تميم.
قوله : "ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب قال في الفروع وأطلق بن تميم عن بن بطة له أن يخرج رطبا وعنبا قال وسياق كلامه إنما هو فيما إذا اعتبرنا نصابه كذلك وقال في الرعاية وقيل يجزئ رطبه.
وقيل: فيما لا يثمر ولا يزبب قال في الفروع كذا قال ثم قال وهذا وأمثاله لا عبرة به وإنما يؤخذ منها بما انفرد به بالتصريح وكذا يقدم في موضع الإطلاق ويطلق في موضع التقديم ويسوى بين شيئين المعروف التفرقة بينهما وعكسه قال فلهذا وأمثاله حصل الخوف وعدم الاعتماد.
فعلى المذهب: لو خالف وأخرج سنبلا رطبا وعنبا لم يجزه ووقع نفلا ولو كان الآخذ الساعي فإن جففه وجاء بقدر الواجب أجزأ وإلا أعطى إن زاد أو أخذ إن نقص وإن كان بحالة رديئة وإن تلف رد مثله على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاله المجد وقال عندي لا يضمنه ويأخذه منه باختيارة ولم يتعد واختاره بن تميم أيضا وقدم يضمنه قيمته قال وفيه وجه بمثله قال في الفروع كذا قال.
قوله : "فإن احتيج إلى قطعه قبل كماله لضعف الأصل ونحوه".
كخوف العطش أو لتحسين بقيته أو كان رطبا لا يجيء منه تمر أو عنبا لا يجيء منه زبيب زاد في الكافي أو يجيء منه زبيب ردىء انتهى.
قلت: وعلى قياسه إذا جاء منه تمر ردىء أخرج منه رطبا وعنبا يعني جاز قطعه وإخراج زكاة منه.
قال في المغني والشرح: وإن كان يكفي التجفيف لم يجز قطع الكل قال في الفروع وفي كلام بعضهم إطلاق فقدم المصنف هنا جواز إخراج الرطب والعنب والحالة هذه فله أن يخرج من هذا رطبا وعنبا مشاعا أو مقسوما بعد الجداد أو قبله بالخرص فيخير الساعي بين قسمه مع رب المال قبل الجداد بالخرص ويأخذ نصيبهم شجرات مفردة وبعد الجداد بالكيل وهذا الذي قدمه المصنف هنا اختاره القاضي وجماعة من الأصحاب قاله في الفروع وصححه بن تميم وبن حمدان وغيرهما وقدمه في الفروع والمحرر والفائق والنظم وتجريد العناية.
فأول كلام القاضي الذي ذكره المصنف وهو تخيير الساعي موافق لما قدمه المصنف وباقي كلامه مخالف للنص والمنصوص أنه لا يخرج إلا يابسا اختاره أبو بكر في الخلاف وجزم به في الإفادات والوجيز والمنور وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والرعايتين والحاويين وبن تميم وهو من المفردات.
قلت: هذا المذهب لأنه المنصوص.
واختاره أكثر الأصحاب وأطلقهما في المذهب.
وعنه يجوز إخراج القيمة هنا وإن منعنا من إخراجها في غير هذا الموضع.
تنبيه : أفادنا المصنف رحمه الله تعالى وجوب الزكاة في ذلك مطلقا وهو المذهب وعليه الأصحاب قاطبة والأئمة الأربعة قال في الفروع ويتوجه احتمال يعتبر بنفسه لأنه من الخضر وهو قول محمد بن الحسن واحتمال فيما لا يتمر ولا يصير زبيبا وهو رواية عن مالك انتهى.
فوائد :
الأولى : لا تجب فيه الزكاة حتى يبلغ حدا يكون منه خمسة أوسق تمرا أو زبيبا على الصحيح كغيره اختاره ابن عقيل وغيره وجزم به المصنف والشارح وابن رزين في شرحه وغيرهم قال المجد في شرحه هذا أصح.
وقيل: يعتبر نصابه رطبا وعنبا قال في الفروع اختاره غير واحد لأنه نهايته بخلاف غيره وأطلقهما في الفروع وهما وجهان عند الأكثر وروايتان في المستوعب.
فعلى ما اختاره القاضي وجماعة وقدمه في الفروع والمصنف وغيرهما في أصل المسألة لو أتلف رب المال نصيب الفقراء ضمن القيمة كالأجنبي ذكره القاضي وجزم به في الكافي.
وعلى المنصوص: يجب في ذمته تمرا أو زبيبا. [ولو أتلف رب المال جميع الثمرة فعليه قيمة الواجب على قول القاضي ومن تابعه كما لو أتلفها أجنبي وعلى المنصوص يضمن الواجب في ذمته تمرا أو زبيبا] كغيرهما إذا أتلفه. فلو لم يجد التمر أو الزبيب في المسألتين بقي الواجب في ذمته يخرجه إذا قدر على الصحيح من المذهب.
وقيل: يخرج قيمته في الحال وهما روايتان في الإرشاد ووجهان في غيره وهما مبنيان على جواز إخراج القيمة عند إعواز الفرض كما تقدم في كلام المصنف وذكر هذا البناء المجد وصاحب الفروع [وغيرهما وهي طريقة ثانية في الفروع وغيره].
الثانية : لو أخرج قيمة الواجب هنا ومنعنا من إخراج القيمة لم يجز ذلك في إحدى الروايتين كغيره قدمه بن تميم وبن حمدان وصاحب الحاويين.
وعنه يجوز دفعا لمشقة إخراجه رطبا بعينه فإنه عند أخذه قد لا يحضره الساعي والفقير ويخشى فساده بالتأخير ولذلك أجزنا للساعي بيعه وللمخرج شراءه من غير كراهة قاله المجد وأطلقهما هو وصاحب الفروع.
الثالثة : لا يجوز قطع ذلك إلا بإذن الساعي إن كان وإلا جاز.
الرابعة: لو قطعه قبل الوجوب لأكله خصوبا أو خلالا أو لبيعه أو تجفيفه عن النخل أو لتحسين الباقي أو لمصلحة ما لم تجب الزكاة وإن قصد به الفرار وجبت الزكاة.
تنبيه : قوله في تتمة كلام القاضي "يخير الساعي بين بيعه منه أو من غيره والمنصوص أنه لا يجوز له شراء زكاته".
اعلم أن الصحيح من المذهب أنه لا يجوز للإنسان شراء زكاته مطلقا وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وقدمه في الفروع وقال هو أشهر.
قال المجد في شرحه صرح جماعة من أصحابنا وأهل الظاهر أن البيع باطل احتج الإمام أحمد بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام "لا تشتره ولا تعد في صدقتك" وعللوه بأنه وسيلة إلى استرجاع شيء منها لأنه يسامحه رغبة أو رهبة.
وعنه يكره شراؤها اختاره القاضي وغيره وقدمه في الرعايتين والنظم والمجد في شرحه والفائق وقال في الوجيز ولا يشتريها لغير ضرورة وقدمه في الرعاية في هذا الباب.
وعنه يباح شراؤها كما لو ورثها نص عليه وأطلقهن في الحاويين.
فوائد :
منها: لو رجعت الزكاة إلى الدافع بإرث أبيحت له عند الأئمة الأربعة قال في الفروع وعلله جماعة بأنه بغير فعله قال فيؤخذ منه أن كل شيء حصل بفعله كالبيع ونصوص أحمد إنما هي في الشراء وصرح في رواية علي بن سعيد: أن الهبة كالميراث ونقل حنبل ما أراد أن يشتريه فلا إذا كان شيء جعله لله فلا يرجع فيه واحتج المجد للقول بصحة الشراء بأنه يصح أن
يأخذها من دينه ويأخذها بهبة ووصية فيعوض منها أولى.
ومنها: قال في الفروع ظاهر كلام الإمام أحمد أنه سواء اشتراها ممن أخذها منه أو من غيره قال وهو ظاهر الخبر ونقله أبو داود في فرس حميد وهو الذي قدمه في الرعاية الكبرى فإنه قال ويكره شراء زكاته وصدقته وقيل ممن أخذها منه انتهى.
قلت: وظاهر من علل بأنه يسامحه أنه مخصوص بمن أخذها.
وقال في الفروع أيضا: وكذا ظاهر كلامهم أن النهي يختص بعين الزكاة ونقل حنبل وما أراد أن يشتريه به أو شيئا من نتاجه.
ومنها: الصدقة كالزكاة فيما تقدم من الأحكام لا أعلم فيه خلافا.
قوله : "وينبغي أن يبعث الإمام ساعيا إذا بدا صلاح الثمر فيخرصه عليهم ليتصرفوا فيه".
بعث الإمام ساعيا للخرص مستحب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وذكر أبو المعالي بن منجا أن نخل البصرة لا يخرص وقال أجمع عليه الصحابة وفقهاء الأمصار وعلل ذلك بالمشقة وغيرها قال في الفروع كذا قال.
تنبيه: قوله : "ينبغي" يعني: يستحب
فوائد :
الأولى : لا يخرص غير النخل والكرم على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وقال بن الجوزي يخرص غير الزيتون وقال في الفروع كذا قال ولا فرق.
الثانية : يعتبر كون الخارص مسلما أمينا خبيرا بلا نزاع ويعتبر أن يكون غير متهم ولم يذكره جماعة من الأصحاب منهم بن تميم وبن حمدان وصاحب الحاوي وقيل عدل ولا يعتبر كونه حرا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وقيل يشترط قال في الرعاية الكبرى حر في الأشهر وجزم به في الفائق.
الثالثة : يكفي خارص واحد بلا نزاع بين الأصحاب ووجه في الفروع تخريجا بأنه لا يكفي إلا اثنان كالقائف عند من يقول به.
الرابعة : أجرة الخرص على رب النخل والكرم جزم به في الرعايتين والحاويين وغيرهم وقال في الفروع ويتوجه فيه ما يأتي في حصاد.
الخامسة : كره الإمام أحمد الحصاد والجذاذ ليلا.
السادسة : يلزم خرص كل نوع وحده لاختلاف الأنواع وقت الجفاف ثم يعرف المالك قدر الزكاة ويخير بين أن يتصرف بما شاء ويضمن قدرها وبين حفظها إلى وقت الجفاف فإن لم يضمن الزكاة وتصرف صح تصرفه قال في الرعاية وكره وقيل يباح.
وحكى بن تميم عن القاضي أنه لا يباح التصرف كتصرفه قبل الخرص وأنه قال في موضع آخر له ذلك كما لو ضمنها وعليهما يصح تصرفه.
وإن أتلفها المالك بعد الخرص أو تلفت بتفريطه ضمن زكاتها بخرصها تمرا على الصحيح من المذهب لأنه يلزمه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي وعنه رطبا كالأجنبي فإنه يضمنه بمثله رطبا يوم التلف وقيل بقيمته رطبا قال في الفروع قدمه غير واحد.
وتقدم قريبا إذا أتلف رب المال نصيب الفقراء وجميع المال فيما إذا كان لا يجيء منه تمر ولا زبيب أو تلفت بغير تفريق.
السابعة : لو حفظها إلى وقت الإخراج زكى الموجود فقط سواء وافق قول الخارص أو لا وسواء اختار حفظها ضمانا بأن يتصرف أو أمانة لأنها أمانة كالوديعة وإنما يعمل بالاجتهاد مع عدم تبين الخطأ لأن الظاهر الإصابة.
وعنه يلزمه ما قال الخارص مع تفاوت قدر يسير يخطئ في مثله وقال في الرعاية لا يغرم ما لم يفرط ولو خرصت وعنه بلى انتهى.
قوله : "ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع".
بحسب اجتهاد الساعي بحسب المصلحة فيجب على الساعي فعل ذلك على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال القاضي في شرح المذهب الثلث كثير لا يتركه وقال الآمدي وابن عقيل يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف بلا تحديد قال بن تميم وهو أصح قال في الرعاية وقيل هو أصح انتهى وقال بن حامد إنما يترك في الخرص إذا زادت الثمرة على النصاب فلو كانت نصابا فقط لم يترك شيئا.
تنبيهان
أحدهما : هذا القدر المتروك للأكل لا يكمل به النصاب على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وبن تميم والرعاية وغيرهم واختار المجد أنه يحتسب به من النصاب فيكمل به ثم يأخذ زكاة الباقي سواه.
الثاني : لو لم يأكل رب المال المتروك له بلا خرص أخذ منه زكاته على الصحيح جزم به المجد في شرحه وبن تميم وبن رجب في القاعدة الحادية والسبعين وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى وقال صاحب الفروع دل النص الذي في المسألة قبلها على أن رب المال لو لم يأكل شيئا لم يزكه كما هو ظاهر كلام جماعة وأظن بعضهم جزم به أو قدمه وذكره في الرعاية احتمالا له انتهى.
فائدتان :
إحداهما : قوله: "فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بقدر ذلك ولا يحتسب عليه".
نص عليه وكذا إذا لم يبعث الإمام ساعيا فعلى رب المال من الخرص ما يفعله الساعي ليعرف قدر الواجب قبل أن يتصرف لأنه مستخلف فيه ولو ترك الساعي شيئا من الواجب أخرجه المالك نص عليه.
الثانية : تقدم أنه لا يخرص إلا النخل والكرم فلا تخرص الحبوب إجماعا لكن للمالك الأكل منها هو وعياله بحسب العادة كالفريك وما يحتاجه ولا يحتسب به عليه ولا يهدى نص على ذلك كله.
وخرج القاضي في جواز الأكل منها وجهين من الأكل ومن الزرع الذي ليس له خليط.
وقال القاضي في الخلاف: أسقط أحمد رحمه الله عن أرباب الزرع الزكاة في مقدار ما يأكلون كما أسقط في الثمار قال وذكره في رواية الميموني وجعل الحكم فيهما سواء.
وقال في المجرد والفصول وغيرهما يحسب عليه ما يأكله ولا يترك له منه شيء وذكره الآمدي ظاهر كلامه كالمشترك من الزرع نص عليه لأنه القياس والحب ليس في معنى الثمرة وحكى رواية أنه لا يزكى ما يهديه أيضا.
وقدم بعض الأصحاب: أنه يزكي ما يهديه من الثمرة قال في الفروع وجزم الأئمة بخلافه.
وحكى بن تميم أن القاضي قال في تعليقه: ما يأكله من الثمرة بالمعروف لا يحسب عليه وما يطعمه جاره وصديقه يحسب عليه نص عليه.
وذكر أبو الفرج: لا زكاة فيما يأكله من زرع وثمر وفيما يطعمه روايتان وحكى القاضي في شرح المذهب في جواز أكله من زرعه وجهين.
قوله : "ويؤخذ العشر من كل نوع على حدة".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم المصنف وذلك بشرط أن لا يشق على ما يأتي.
وقال بن عقيل: يؤخذ من أحدهما بالقيمة كالضأن من المعز.
قوله : "فإن شق ذلك".
يعني لكثرة الأنواع واختلافها "أخذ من الوسط".
هذا أحد الوجهين. اختاره الأكثر قاله في الفروع وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين ومختصر بن تميم وغيرهم.
وقيل: يخرج من كل نوع وإن شق قدمه في المغني والكافي والشرح وصححاه وقدمه في الفروع وهو المذهب على ما اصطلحناه.
وقيل: يأخذ من الأكثر.
فوائد :
إحداها : لو أخرج الوسط عن جيد وردىء بقدر قيمتي الواجب منهما أو أخرج الرديء عن الجيد بالقيمة لم يجزه على الصحيح من المذهب قال بن تميم لا يجزئ في أصح الوجهين وقدمه في الفروع وفيه وجه يجزئ قال المجد قياس المذهب جوازه وقال أبو الخطاب في الانتصار يحتمل في الماشية كمسألة الأثمان على ما يأتي هناك.
الثانية : لا يجوز إخراج جنس عن آخر لأنه قيمة ولا مشقة ولو قلنا بالضم وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال ابن عقيل يجوز إن قلنا بالضم وإلا فلا.
الثالثة : قوله : "ويجب العشر على المستأجر دون المالك".
بلا خلاف أعلمه بخلاف الخراج فإنه على المالك على الصحيح من المذهب وعنه على المستأجر أيضا وهو من المفردات.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب حكم الأرضين المغنومة.
وكذلك المستعير لا يلزمه خراج على الصحيح من المذهب وحكى عنه يلزمه وقيل يلزم المستعير دون المستأجر.
الرابعة: قوله: "ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة".
وكذا كل أرض خراجية نص عليه فالخراج في رقبتها والعشر في غلتها.
الخامسة : لا زكاة في قدر الخراج إذا لم يكن له مال آخر يقابله قال المجد في شرحه على الصحيح من المذهب قال في المستوعب لأنه كدين آدمي وكذا ذكر المصنف وغيره أنه أصح الروايات وأنه اختيار الخرقي لأنه من مؤنة الأرض فهو كنفقة زرعه وسبق في كتاب الزكاة الروايات.
السادسة : إذا لم يكن له سوى غلة الأرض وفيها ما لا زكاة فيه كالخضر جعل الخراج في مقابلته لأنه أحوط للفقراء.
السابعة : لا ينقص النصاب بمؤنة الحصاد والدياس وغيرهما منه لسبق الوجوب ذلك وقال في الرعاية ويحتمل ضده كالخراج ويأتي في مؤنة المعدن ما يشابه ذلك.
الثامنة : تلزم الزكاة في المزارعة من حكم بأن الزرع له وإن صحت فبلغ نصيب أحدهما نصابا زكاه وإلا فروايتا الخلط في غير السائمة على ما تقدم.
التاسعة : متى حصد غاصب الأرض زرعه استقر ملكه على ما يأتي في أول الغصب وزكاه وإن ملكه رب الأرض قبل اشتداد الحب زكاه وكذا قيل بعد اشتداده لأنه استند إلى أول زرعه فكان أخذه إذن وقيل يزكيه الغاصب لأنه ملكه وقت الوجوب ويأتي قول أن الزرع للغاصب فيزكيه.
العاشرة : لا زكاة في المعشرات بعد أداء العشر ولو بقيت أحوالا ما لم تكن للتجارة.
قوله : "ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية".
هذا الصحيح من المذهب والروايتين جزم به في الوجيز والإفادات وقدمه في الرعايتين والحاويين والشرح وإدراك الغاية والخلاصة [والمغني] والكافي ونصره المجد في شرحه.
وعنه لا يجوز لهم شراؤها اختارها أبو بكر الخلال وصاحبه أبو بكر عبد العزيز وقدمه بن تميم والمستوعب والفائق وأطلقهما في الفروع والهداية [والمذهب].
فعلى الرواية الأولى اقتصر بعض الأصحاب على الجواز كالمصنف هنا وبعضهم قال يجوز ويكره منهم المصنف في الكافي وقال في الرعايتين والحاويين يجوز وعنه يكره وعنه يحرم.
وعلى الرواية الثانية: لو خالف واشترى صح قال في الفروع جزم به الأصحاب وهو كما قال وكلام الشيخ تقي الدين في اقتضاء الصراط المستقيم يعطى أن على المنع لا يصح شراؤه قاله في الفروع.
تنبيه : محل الخلاف في غير نصارى بني تغلب فأما نصارى بني تغلب فلا يمنعون من شراء الأرض العشرية والخراجية لا أعلم فيه خلافا ونقله بن القاسم عن أحمد وعليهم عشران كالماشية.
فائدة : يجوز لأهل الذمة شراء الأرض الخراجية على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وألحقها بن البنا بالارض العشرية.
قوله : "ولا عشر عليهم".
هذا مبني على ما جزم به من أنهم يجوز لهم شراء الأرض العشرية وهذا الصحيح على التفريع وعليه أكثر الأصحاب وذكر القاضي في شرحه الصغير أن إحدى الروايتين وجوب نصف العشر على الذمي غير التغلبي سواء اتجر بذلك أو لم يتجر به من ماله وثمرته وماشيته.
وقول المصنف "وعنه عليهم عشران" يسقط أحدهما بالإسلام.
قال في الفروع: ذكر شيخنا في اقتضاء الصراط المستقيم على هذا هل عليهم عشران أو لا شيء عليهم على روايتين قال وهذا غريب ولعله أخذه من لفظ المقنع انتهى.
يعني أن نقل هذه الرواية على القول بجواز الشراء غريب.
فأما على رواية منعهم من الشراء لو خالفوا واشتروا لصح الشراء بلا نزاع عند الأصحاب كما تقدم وعليهم عشران على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الشرح وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه في الرعاية الصغرى وغيره.
قال في الإفادات: وإن اشترى ذمي أرضا عشرية فعليه فيها عشران.
وعنه لا شيء عليهم قال في الفروع قدمه بعضهم.
وعنه عليهم عشر واحد ذكرها القاضي في الخلاف كما كان قبل شرائهم قدمها في الرعاية الكبرى وقال في الفروع لا وجه له انتهى.
وقال في الفائق: ويمنع الذمي من شراء أرض عشرية وعنه لا وعنا يحرم ويصح.
ولا شيء عليه في الخارج اختاره الشيخ وعنه يلزمه عشران اختاره شيخنا وعنه عشر واحد ذكره القاضي في التعليق.
فوائد :
منها: حيث قلنا عليهم عشران فإن أحدهما يسقط بالإسلام عند الأصحاب وذكر ابن عقيل رواية لا يسقط أحدهما بالإسلام.
ومنها: حكم ما ملكه الذمي بالإحياء حكم شراء الأرض العشرية على ما تقدم ويأتي حكم إحياء الذمي وما يجب عليه في باب إحياء الموات.
ومنها: حيث أخذ منهم عشر أو عشران فإن حكم مصرفه حكم ما يؤخذ من نصارى بني تغلب على ما يأتي.
ومنها: الأرض الخراجية ما فتح عنوة ولم يقسم وما جلا عنها أهلها خوفا وما صولحوا عليه على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج.
والأرض العشرية عند الإمام أحمد وأصحابه هي ما أسلم عليها أهلها نقله حرب كالمدينة ونحوها وما أحياه المسلمون واختطوه نقله أبو الصقر كالبصرة وما صولح أهله على أنه لهم بخراج يضرب عليهم نقله بن منصور كأرض اليمن وما فتح عنوة وقسم كنصف خيبر وكذا ما أقطعه الخلفاء الراشدون من السواد إن كان إقطاع تمليك على الروايتين.
ولم يذكر جماعة هذا القسم من أرض العشر منهم المصنف.
قال في الفروع: والمراد أن العشرية لا يجوز أن يوضع عليها خراج كما ذكره القاضي وغيره وأن العشر والخراج يجتمعان في الأرض الخراجية فلهذا لا تنافى بين قوله في المغني
والرعاية "الأرض العشرية هي التي لا خراج عليها" وقول غيره "ما يجب فيه العشر خراجية أو غير خراجية" وجعلها أبو البركات في شرحه قولين كان قول غير الشيخ أظهر.
قوله : "وفي العسل العشر سواء أخذه من موات أو من ملكه".
هذا المذهب رواية واحدة وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب وذكر في الفروع أدلة المسألة وقال من تأمل هذا وغيره ظهر له ضعف المسألة، وأنه يتوجه لأحمد رواية أخرى أنه لا زكاة فيه بناء على قول الصحابي قال وسبق قول القاضي في التمر يأخذه من المباح يزكيه في قياس قول أحمد في العسل فقد سوى بينهما عند أحمد فدل أن على القول الآخر لا زكاة في العسل من المباح [عند أحمد] وقد اعترف المجد أنه القياس لولا الأثر فيقال قد تبين الكلام في الأثر ثم إذا تساويا في المعنى تساويا في الحكم وترك القياس كما تعدى في العرايا إلى بقية الثمار وغير ذلك على الخلاف فيه انتهى.
ففي كلام صاحب الفروع إيماء إلى عدم الوجوب وما هو ببعيد.
قوله : "ونصابه عشرة أفراق".
هذا المذهب وعليه الأصحاب ووجه في الفروع تخريجا أن نصابه خمسة أفراق كالزيت قال لأنه أعلى ما يقدر به فيه فاعتبر خمسة أمثاله كالوسق.
قوله : "كل فرق ستون رطلا".
هذا قول بن حامد والقاضي في المجرد وجزم به في التسهيل والمبهج وقدمه في التلخيص.
والصحيح من المذهب أن الفرق ستة عشر رطلا عراقية ونص عليه وجزم به في الوجيز وهو ظاهر كلام القاضي في الأحكام السلطانية واختاره المجد وغيره وجزم به في المنور والمنتخب وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين والفائق.
وقيل: ستة وثلاثون رطلا قاله القاضي في الخلاف وأطلقهن في المحرر.
وقيل: مائة وعشرون ونفاه المجد وحكى بن تميم قولا أنه مائة رطل قال وعن أحمد نحوه.
وقيل: نصابه ألف رطل عراقية وهو احتمال في المغني وقدمه في الكافي نقل أبو داود من كل عشر قرب قربة.
فائدة : "الفرق" تفتح الراء وقيل بفتحها وسكونها مكيال معروف بالمدينة ذكره بن قتيبة وثعلب والجوهري وغيرهم ويدل عليه حديث كعب وهو مراد الفقهاء.
وأما الفرق بالسكون فمكيال ضخم من مكاييل أهل العراق قاله الخليل قال بن قتيبة وغيره يسع مائة وعشرين رطلا قال المجد ولا قائل به هنا قال في الفروع وحكى بعضهم قولا وتقدم ذلك.
فائدة : لا زكاة فيما ينزل من السماء على الشجر كالمن والترنجبين والشيرخشك ونحوها ومنه اللادن وهو طل وندا ينزل على نبت تأكله المعزى فتعلق تلك الرطوبة بها فيؤخذ قدمه بن تميم والفائق قال في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة لعدم النص وجزم به المصنف في المغني والمجد في شرحه والشارح في مسألة عدم الوجوب فيما يخرج من البحر.
وقيل: تجب فيه كالعسل واختاره ابن عقيل وغيره قال بعضهم وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وجزم به في المنور والمنتخب وتذكرة ابن عقيل وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين واقتصر في المستوعب على كلام ابن عقيل قال في الرعاية الكبرى فيه وجهان أشهرهما الوجوب وقيل عدمه انتهى وظاهر الفروع الإطلاق وأطلقهما في تجريد العناية.
فعلى الوجوب: نصابه كنصاب العسل صرح به جماعة منهم صاحب المنور والمنتخب قال ابن عقيل هو كالعسل.
قوله : "ومن استخرج من معدن نصابا من الأثمان".
ففيه الزكاة. الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أنه يشترط في وجوب الزكاة في المعدن استخراج نصاب وعنه لا يشترط فيجب في قليله وكثيره وخص هذه الرواية في الفروع بالأثمان وغيرها فقال قال الأصحاب من أخرج نصاب نقد وعنه أو دونه وظاهر كلام بن تميم والفائق وغيرهما عموم الرواية في الأثمان وغيرها فقال بن تميم وعنه تجب الزكاة في قليل المعدن وكثيره. ذكرها بن شهاب في عيونه وقال في الفائق وعنه لا يشترط للمعدن نصاب ذكرها بن شهاب.
تنبيه: قوله : "ومن استخرج من معدن نصابا ففيه الزكاة" مراده: إذا كان من أهل الزكاة فأما إن كان ذميا أو مكاتبا فلا شيء عليه ولا يمنع منه الذمي على الصحيح من المذهب.
وقيل: يمنع من معدن بدارنا جزم به جماعة منهم صاحب الرعاية الصغرى والحاويين والمنور وقدمه في الرعاية الكبرى.
فعليه يملكه آخذه قبل بيعه مجانا على الصحيح وعليه الأكثر وقال في التلخيص ذلك كإحيائه الموات وإن أخرجه عبد لمولاه زكاه سيده وإن كان لنفسه انبنى على ملك العبد على ما تقدم في أول كتاب الزكاة.
فائدة : إذا كان المعدن بدار الحرب ولم يقدر على إخراجه إلا بقوم لهم منعة فقيمته تخمس بعد ربع العشر.
قوله : "أو ما قيمته نصاب".
ففيه الزكاة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وأكثرهم قطع به واختار الآجري وجوب الزكاة في قليل ذلك وكثيره وتقدمت الرواية التي نقلها بن شهاب.
تنبيه : شمل قوله: "من الجوهر والصفر والزئبق والقار والنفط والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا".
قوله : المعدن المنطبع وغير المنطبع فغير المنطبع كالياقوت والعقيق والبنغش والزبرجد والفيروزج والبللور والموميا والنورة والمغرة والكحل والزرنيخ والقار والنفط والسبج والكبريت والزفت والزجاج واليشم والزاج ونحوه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب. ونقل مهنا لم أسمع في معدن القار والنفط والكحل والزرنيخ شيئا قال بن تميم وظاهره التوقف في غير المنطبع.
قلت: ذكر في الهداية والمذهب والمستوعب والرعاية والفروع وغيرهم الزجاج من المعدن وفيه نظر لأنه مصنوع اللهم إلا أن يوجد بعض ذلك من غير صنع.
فائدة : ذكر الأصحاب من المعادن الملح وجزم في الرعاية وغيرها بأن الرخام والبرام ونحوهما معدن وهو معنى كلام جماعة من الأصحاب ومال إليه في الفرع.
فائدة أخرى: قال بن الجوزي في التبصرة في مجلس ذكر الأرض وقد أحصيت المعادن فوجدوها سبعمائة معدن.
قوله : "ففيه الزكاة في الحال ربع العشر".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات وقال بن هبيرة في الإفصاح قال مالك والشافعي وأحمد في المعدن الخمس يصرف مصرف الفيء.
قوله : "من قيمته".
يعني إذا كان من غير الأثمان وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال أبو الفرج بن أبي الفهم شيخ بن تميم يخرج من عينه كالأثمان.
تنبيه : قوله : "أو من عينها إن كانت أثمانا".
ليس هذا من كلام المصنف وإنما زاده بعض من أجاز له المصنف الإصلاح قاله بن منجا وقال إنما اقتصر المصنف على قوله "من قيمته" إما لأن الواجب في الأثمان من جنسه ظاهر وإما على سبيل التغليب لأنه ذكر الأثمان وأجناسها كثيرة فغلب الأكثر انتهى.
قلت: الأول أولى والقيمة إنما تكون في غير الأثمان.
فائدة: قوله : "سواء استخرجه في دفعه أو دفعات ما لم يترك العمل بينها ترك إهمال".
مثاله: لو تركه لمرض أو سفر أو لإصلاح آلة أو استراحة ليلا أو نهارا أو اشتغاله بتراب خرج بين النيلين أو هرب عبيده أو أجيره أو نحو ذلك مما جرت به العادة قال في الرعاية أو سفر يسير انتهى.
فلا أثر لترك ذلك وهو في حكم استمراره في العمل قال الأصحاب إن أهمله وتركه فلكل مرة حكم [قال بن منجا: وجه الإهمال إن لم يكن عذر وإلا فمعدن].
قوله : "ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية".
وذلك لأن وقت الإخراج منها بعد السبك والتصفية ووقت وجوبها إذا أحرز على الصحيح من المذهب جزم به في المستوعب وبن تميم وغيرهما وقدمه في الفروع وجزم المصنف في الكافي والمجد في شرحه أن وقت وجوبها بظهوره كالثمرة بصلاحها قال في الفروع ولعل مراد الأولين استقرار الوجوب.
فوائد :
الأولى : لا يحتسب بمؤنة السبك والتصفية على الصحيح من المذهب كمؤنة استخراجه وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن عقيل يحسب النصاب بعدها.
الثانية : إن كان عليه دين احتسب به على الصحيح من المذهب قال في الفروع احتسب به في ظاهر المذهب وجزم به المصنف في المغني والمجد في شرحه قال الشارح احتسب به على الصحيح من المذهب كما يحتسب بما على الزرع على ما تقدم في كتاب الزكاة.
وأطلق في الكافي وغيره أنه لا يحتسب به كمؤنة الحصاد والزراعة.
الثالثة : لا يضم جنس من المعدن إلى جنس آخر على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره وقدمه في الفروع.
وقيل: يضم اختاره بعض الأصحاب قال بن تميم وهو أحسن.
وقيل: يضم إذا كانت متقاربة كقار ونفط وحديد ونحاس وجزم به في الإفادات وقال المصنف والصواب إن شاء الله تعالى إن كان في المعدن أجناس من غير الذهب والفضة ضم بعضها إلى بعض لأن الواجب في قيمتها فاشتبهت الفروض.
الرابعة : في ضم أحد النقدين إلى الآخر الروايتان الاثنتان نقلا ومذهبا قاله المصنف والشارح.
الخامسة : لو أخرج نصابا من نوع واحد من معادن متفرقة ضم بعضه إلى بعض كالزرع من مكانين وإن أخرج اثنان نصابا فقط فإخراجهما للزكاة مبني على خلطة غير السائمة على ما تقدم.
قوله : "ولا زكاة فيما يخرج من البحر من اللؤلؤ والمرجان والعنبر ونحوه".
هذا المذهب مطلقا نص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه بن تميم والناظم والفروع وقال اختاره الخرقي وأبو بكر واختاره أيضا المصنف والشارح وغيرهم قال في تجريد العناية لا زكاة فيه في الأظهر قال بن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه فيه الزكاة قال في الفروع نصره القاضي وأصحابه قال ناظم المفردات هو المنصور في الخلاف قال في الرعايتين والحاويين زكاة على الأصح وجزم به في المبهج وتذكرة ابن عقيل وبن عبدوس والإفادات وقدمه في الخلاصة والمحرر وناظم المفردات وهو منها وأطلقهما في الهداية، وخصال بن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والتلخيص والفائق والبلغة وأطلقهما في الكافي في غير الحيوان.
وقيل: يجب في غير الحيوان جزم به بعضهم كصيد البر وقدمه في الكافي ونص أحمد التسوية بين ما يخرج من البحر.
فائدة : مثل في الهداية ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والمحرر والإفادات وغيرهم بالمسك والسمك.
فعلى هذا: يكون المسك بحريا وذكر أبو يعلى الصغير أنه يرى فيه الزكاة قال في الفروع كذا قال ثم قال وكذا ذكره القاضي في الخلاف.
يؤيده من كلام أحمد أن في الخلاف بعد ذكر الروايتين قال وكذلك السمك والمسك نص عليه في رواية الميموني فقال كان الحسن يقول في المسك إذا أصابه صاحبه الزكاة شبهه بالسمك إذا اصطاده وصار في يده مائتا درهم وما أشبهه فظاهر كلامهم على هذا لا زكاة فيه ولعله أولى انتهى كلام صاحب الفروع.
وفصل القاضي في الجامع الصغير والناظم بين ما يخرجه البحر وبين المسك كما قاله القاضي في الخلاف وقال في الرعاية الكبرى ومن أخرج من البحر كذا وكذا أو أخذ مما قذفه البحر من عنبر وعود وسمك وقيل ومسك وغير ذلك انتهى.
وقطع في باب زكاة الزرع والثمار: أنه لا زكاة في المسك كما تقدم.
قلت: قد تقدم في باب إزالة النجاسة أن المسك سرة الغزال على الصحيح.
وقال بن عقيل: دم الغزلان وقيل من دابة في البحر لها أنياب.
فيكون من مثل بالمسك من الأصحاب مبني على هذا القول أو هم قائلون به.
قوله : "وفي الركاز الخمس أي نوع كان من المال قل أو كثر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ووجه في الفروع تخريجا لا يجب في قليله إذا قلنا إن المخرج زكاة.
فائدة : يجوز إخراج الخمس منه ومن غيره على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال القاضي في موضع يتعين أن يخرج منه.
فعلى هذا: لا يجوز بيعه قبل إخراج خمسه قاله في الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قوله : "لأهل الفيء".
هذا المذهب اختاره بن أبي موسى والقاضي في التعليق والجامع وابن عقيل والشيرازي والمصنف والشارح وبن منجا في شرحه وقال هو المذهب وجزم به بن عبدوس في تذكرته والمنتخب وقدمه في الهداية والخلاصة والكافي والنظم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وتجريد العناية وصححه المجد في شرحه.
وعنه أنه زكاة جزم به الخرقي وصاحب المنور وقدمه في مسبوك الذهب والبلغة والمحرر وبن تميم والفائق وشرح ابن رزين وأطلقهما في الفروع والمذهب والإفصاح والمستوعب والتلخيص والزركشي وقال في الإفادات لأهل الزكاة أو الفيء.
فعلى المذهب: يجب أن يخمس كل أحد وجد ذلك من مسلم أو ذمي ويجوز لمن وجده تفرقته بنفسه كما إذا قلنا إنه زكاة نص عليه وجزم به في الكافي وغيره وقاله القاضي وغيره وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى والمغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم.
وعنه لا يجوز وهو تخريج في المغني قدمه المجد في شرحه وغيره كخمس الغنيمة والفيء وأطلقهما بن تميم.
فعلى الأول: يعتبر في إخراجه النية.
واختار بن حامد يؤخذ الركاز كله من الذمي لبيت المال ولا خمس عليه.
وعلى القول بأنه زكاة: لا تجب على من ليس من أهلها لكن إن وجده عبده فهو لسيده ككسبه ويملكه المكاتب وكذا الصبي والمجنون ويخرجه عنهما وليهما.
وصحح بعض الأصحاب القول بأنه زكاة ووجوبه على كل واحد وهو تخريج في التلخيص نقله عنه الزركشي ولم أره في النسخة التي عندي وجزم به في المغني والشرح وصححاه وجعلا الأول تخريجا لهما وقدمه ابن رزين.
فوائد :
الأولى : يجوز للإمام رد سائر الزكوات على من أخذت منه إن كان من أهلها على الصحيح اختاره القاضي وغيره وقدمه المجد في شرحه ونصره وصاحب الحاويين [والرعايتين].
قلت: وهو الصواب.
وجزم به في التلخيص والبلغة لأنه أخذها بسبب متجدد كإرثها أو قبضها من دين بخلاف ما لو تركها له لأنه لم يبرأ منها نص عليه وعنه لا يجوز اختاره أبو بكر وذكره في المذهب.
قال بن تميم: يجوز في رواية وأطلقهما في الفروع.
وقال القاضي في موضع من المجرد لا يجوز ذلك ذكره في الركاز والعشر.
وحكى أبو بكر ذلك عن أحمد في زكاة الفطر وكذا الحكم في صرف الخمس إلى واجده إذا قلنا إنه زكاة فيقبضه منه ثم يرده إليه وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل: يجوز رد خمس الركاز فقط جزم به بن تميم.
وأما إذا قلنا: خمس الركاز فيء فإنه يجوز تركه له قبل قبضه منه كالخراج على الصحيح من المذهب قال في الرعايتين في الأقيس وقدمه بن تميم والفروع.
وعنه لا يجوز ذلك اختاره أبو بكر.
الثانية : يجوز للإمام رد خمس الفيء في الغنيمة على الصحيح من المذهب اختاره القاضي في الخلاف وابن عقيل قال في الفروع له ذلك في الأصح وصححه المجد في شرحه.
وقيل: ليس له ذلك واختاره القاضي في المجرد وأطلقهما في الرعاية ومختصر بن تميم وذكر بعضهم الغنيمة أصلا للمنع في الفيء وذكر الخراج أصلا للجواز فيه.
الثالثة : المراد بمصرف الفيء هنا مصرف الفيء المطلق للمصالح كلها فلا يختص بمصرف خمس الغنيمة.
تنبيهان
أحدهما : قوله : "وباقيه لواجده".
مراده: إن لم يكن أجيرا في طلب الركاز أو استأجره لحفر بئر يوجد فيه الركاز ذكره الزركشي وغيره لأنه ليس له إلا الأجرة.
الثاني : قوله : "وباقيه لواجده إن وجده في موات أو أرض لا يعلم مالكها".
وكذا إن وجده في ملكه الذي ملكه بالإحياء أو في شارع أو طريق غير مسلوك أو قرية خراب أو مسجد وكذا لو وجده على وجه الأرض بلا نزاع في ذلك.
قوله : "وإن علم مالكها أو كانت منتقلة إليه بهبة أو بيع أو غير ذلك فهو لواجده أيضا".
هذا المشهور في المذهب سواء ادعاه واجده أو لا قال في الفروع هذا أشهر قال الزركشي هذا نص الروايتين واختاره القاضي في التعليق وجزم به في الوجيز. وقدمه
في الرعايتين والحاويين وبن تميم والخلاصة وشرح ابن رزين وصححه المصنف والشارح.
وعنه أنه لمالكها أو لمن انتقلت عنه إن اعترف به وإلا فهو لأول مالك يعني على هذه الرواية إذا لم يعترف به من انتقلت عنه فهو لمن قبله إن اعترف به وإن لم يعترف به فهو لمن قبله كذلك إلى أول مالك فيكون له سواء اعترف به أو لا ثم لورثته إن مات فإن لم يكن له ورثة فلبيت المال وأطلقها في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والفائق.
وعنه رواية ثالثة: يكون للمالك قبله إن اعترف به فإن لم يعترف به أو لم يعرف الأول فهو لواجده على الصحيح وقيل لبيت المال.
فعلى المذهب: إن ادعاه المالك قبله بلا بينة ولا وصف فهو له مع يمينه جزم به أبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم وعنه لواجده وأطلق بعضهم وجهين فإن ادعاه بصفة وحلف فهو له.
وعلى الرواية الثانية: إن ادعاه واجده فهو له جزم به بعض الأصحاب قال في الفروع وظاهر كلام جماعة لا يكون له.
وعلى الرواية الثالثة: إن انتقل إليه الملك إرثا فهو ميراث فإن أنكر الورثة أنه لموروثهم فهو لمن قبله على ما سبق وإن أنكر واحد سقط حقه فقط.
فوائد :
منها : متى دفع إلى مدعيه بعد إخراج خمسه غرم واجده بدله إن كان إخراجه باختياره وإن كان الإمام أخذه منه قهرا غرمه الإمام لكن هل هو من ماله أو من بيت المال فيه الخلاف قاله في الفروع قدمه في الرعايتين وهو ظاهر ما جزم به في الحاويين أنه من مال الإمام وذكر أبو المعالي أنه إذا خمس ركازا فادعى ببينة هل لواجده الرجوع كزكاة معجلة؟.
ومنها : مثل ذلك الحكم لو وجد الركاز في ملك آدمي معصوم فيكون لواجده على الصحيح من المذهب عند الأكثرين فإن ادعاه صاحب الملك ففي دفعه إليه بقوله الخلاف المتقدم وعنه هو لصاحب الملك قال الزركشي وقطع صاحب التلخيص تبعا لأبي الخطاب في الهداية أنه لمالك الأرض وعنه إن اعترف به وإلا فعلى ما سبق.
ومنها : لو وجد لقطة في ملك آدمي معصوم فواجدها أحق بها على الصحيح قدمه بن تميم وصاحب الفائق والرعايتين والحاويين والمجد في شرحه وقال نص عليه في رواية الأثرم وهو الذي نصره القاضي في خلافه ولذلك ذكره في المجرد في اللقطة ولم يذكر فيه خلافا انتهى.
وعنه هي لصاحب الملك بدعواه بلا صفة لأنها تبع للملك حكاها القاضي والمجد في محرره وغيرهما وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في المحرر والفروع.
وكذا حكم المستأجر إذا وجد في الدار المؤجرة ركازا أو لقطة على الصحيح وعنه صاحب الملك: أحق باللقطة.
فلو ادعى كل واحد من مكر ومكتر أنه وجده أولا أو أنه دفنه فوجهان وأطلقهما في التلخيص ومختصر بن تميم والرعايتين والحاويين وكذا في المغني والشرح وقدم ابن رزين في شرحه أن القول قول المكري.
قلت: الصواب أن القول قول المستأجر.
وعليهما من وصفه صفة واحدة نص عليه في رواية الفضل وكذا لو عادت الدار إلى المكري وقال دفنته قبل الإجارة وقال المكتري أنا وجدته عند صاحب التلخيص وتبعه بن تميم وبن حمدان وصاحب الفروع.
قلت: الصواب أن القول قول المستأجر.
ومنها: لو وجده من استؤجر لحفر شيء أو هدمه فعلى ما سبق من الخلاف على الصحيح جزم به المصنف والشارح وغيرهما.
وقيل: هو لمن استأجره جزم به القاضي في موضع وأطلقهما في الفروع ومختصر بن تميم.
وذكر القاضي في موضع آخر: أنه لواجده في أصح الروايتين قال ابن رزين هو للأجير نص عليه.
والثانية: للمالك وقدم في الرعايتين والحاويين أنه لقطة ثم قالا وعنه ركاز يأخذه واجده وعنه رب الأرض.
ومنها: لو دخل دار غيره بغير إذنه فحفر لنفسه فقال القاضي في الخلاف لا يمتنع أن يكون له كالطائر والظبي انتهى.
ومنها: المعير والمستعير كمكر ومكتر قدمه في الفروع وجزم في الرعايتين وتبعه في الحاويين أنهما كبائع مع مشتر يقدم قول صاحب اليد قال في الفروع كذا قال وذكر القاضي الروايتين السابقتين إن كان لقطة نقل الأثرم لا يدفع إلى البائع بلا صفة وجزم به في المجرد ونصره في الخلاف.
وعنه بلى، لسبق يده قال وبهذا قال جماعة.
قوله : "وإن وجده في أرض حربي ملكه".
يعني أنه ركاز وهذا المذهب من حيث الجملة وعليه جماهير الأصحاب وهو من المفردات ونص عليه.
وقيل: هو غنيمة خرجه المجد في شرحه من قولنا الركاز في دار الإسلام للمالك وخرجه المصنف والشارح مما إذا وجده في بيت أو خرابة.
قوله : "إلا أن لا يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين".
يعني لهم منعه فيكون غنيمة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
فائدة : قال المجد في شرحه وغيره في المدفون في دار الحرب هو كسائر مالهم المأخوذ منهم وإن كانت عليه علامة الإسلام.
قال المصنف في المغني: إن وجد بدارهم لقطة من متاعنا فكدارنا ومن متاعهم غنيمة ومع الاحتمال تعرف حولا بدارنا ثم تجعل في الغنيمة نص عليه احتياطا.
وقال بن الجوزي في المذهب في اللقطة في دفين موات عليه علامة الإسلام لقطة وإلا ركاز قال في الفروع ولم يفرق بين دار ودار.
ونقل إسحاق: إذا لم تكن سكة المسلمين فالخمس وكذا جزم في عيون المسائل ما لا علامة عليه ركاز.
وألحق الشيخ تقي الدين بالمدفون حكما الموجود ظاهرا كجراب جاهلي أو طريق غير مسلوك.
قوله : "والركاز ما وجد من دفن الجاهلية عليه علامتهم".
بلا نزاع وكذا لو كان عليه علامة من تقدم من الكفار في الجملة في دار الإسلام أو عليه أو على بعضه علامة كفر فقط نص عليه.
قوله : "فإن كانت عليه علامة المسلمين أو لم تكن عليه علامة أيضا فهو لقطة".
إذا كان عليه علامة المسلمين فهو لقطة وكذا إن كان على بعضه علامة المسلمين وإن لم يكن عليه علامة فالمذهب أيضا أنه لقطة وعليه الأصحاب ونقل أبو طالب في إناء نقد إن كان يشبه متاع العجم فهو كنز وما كان مثل العرق فمعدن وإلا فلقطة.
باب زكاة الأثمان
قوله : "وهي الذهب والفضة ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا فيجب فيه نصف مثقال ولا في الفضة حتى تبلغ مائتي درهم فيجب فيها خمس دراهم".مراده: وزن مائتي درهم وهو المذهب وعليه الأصحاب إلا الشيخ تقي الدين فإنه قال نصاب الأثمان هو المتعارف في كل زمن من خالص ومغشوش وصغير وكبير وكذا قال في نصاب السرقة وغيرها وله قاعدة في ذلك.
فائدتان :
إحداهما : "المثقال" وزن درهم وثلاثة أسباع درهم ولم يتغير في جاهلية ولا إسلام والاعتبار بالدرهم الإسلامي الذي وزنه ستة دوانق والعشرة سبعة مثاقيل وكانت الدراهم في صدر الإسلام صنفين "سوداء" زنة الدرهم منها ثمانية دوانق "وطبرية" زنة الدرهم منها أربعة دوانق فجمعهما بنو أمية وجعلوا الدرهم ستة دوانق.
والحكمة في ذلك: أن الدراهم لم يكن منها شيء من ضرب الإسلام فرأى بنو أمية صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه فجمعوا أكبرها وأصغرها وضربوا على وزنهما.
وقال في الرعاية. وقيل: زنة كل مثقال اثنان وسبعون حبة شعير متوسطة وزنة كل درهم إسلامي خمسون حبة شعير وخمسا حبة شعير متوسطة انتهى.
وقيل: المثقال اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة وعشر عشر حبة.
الثانية : الصحيح من المذهب أن الفلوس كعروض التجارة فيما زكاته القيمة قدمه في الفروع.
وقيل: لا زكاة فيها اختاره جماعة منهم الحلواني وقدمه في الرعايتين فقال والفلوس أثمان ولا تزكى وقدمه ابن تميم.
وقيل: تجب إذا بلغت قيمتها نصابا وقيل إذا كانت رائجة وأطلق في الفروع إذا كانت نافقة وجهين ذكره في باب الربا.
وقال المجد في شرحه: فيها الزكاة إذا كانت أثمانا رائجة أو للتجارة وبلغت قيمتها نصابا في قياس المذهب وقال أيضا لا زكاة فيها إن كانت للنفقة وإن كانت للتجارة قومت كعروض.
وقال في الحاوي الكبير: والفلوس عروض فتزكى إذا بلغت قيمتها نصابا وهي نافقة وقال في الحاوي الصغير والفلوس ثمن في وجه فلا تزكى.
وقيل: سلعة فتزكى إذا بلغت قيمتها نصابا وهي رائجة وكذا قال في الرعايتين ثم قال في الكبرى وقيل في وجوب رائجة وجهان أشهرهما عدمه لأنها أثمان.
قلت: ويحتمل الوجوب إذن.
وإن قلنا: عرض فلا إلا أن تكون للتجارة.
قوله : "ولا زكاة في مغشوشها حتى يبلغ قدر ما فيه نصابا".
يعني حتى يبلغ الخالص نصابا وهو المذهب وعليه الجمهور وجزم به كثير منهم وحكى بن حامد في شرحه وجها إن بلغ مضروبه نصابا زكاة قال في الفروع وظاهره لو كان الغش أكثر وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين قريبا من ذلك وقال أبو الفرج الشيرازي يقوم مضروبه كالعروض.
قوله : "فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الإخراج".
يعني لو شك هل فيه نصاب خالص فإن لم يسبكه استظهر وأخرج ما يجزئه بيقين وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: لا زكاة فيه مع الشك هل هو نصاب أم لا؟.
فوائد :
إحداها : لو كان من المغشوش أكثر منه نصاب خالص لكن شك في قدر الزيادة فإنه يستظهر ويخرج ما يجزئه بيقين فلو كان المغشوش وزن ألف ذهبا وفضة ستمائة من أحدهما وأربعمائة من الأخرى زكى ستمائة ذهبا وأربعمائة فضة وإن لم يجز ذهبا عن فضة زكى ستمائة ذهبا وستمائة فضة.
الثانية : إذا أردت معرفة قدر غشه فضع في ماء ذهبا خالصا بوزن المغشوش وعلم قدر علو الماء ثم ارفعه ثم ضع فضة خالصة بوزن المغشوش وعلم علو الماء ثم ضع المغشوش وعلم علو الماء ثم امسح ما بين الوسطى والعليا وما بين الوسطى والسفلى فإن كان الممسوحان سواء فنصف المغشوش ذهب ونصفه فضة وإن زاد أو نقص فبحسابه.
الثالثة : قال أصحابنا إذا زادت قيمة المغشوش بصنعة الغش أخرج ربع عشره كحلى الكراء إذا زادت قيمته لصناعته.
الرابعة : لو أراد أن يزكي المغشوشة منها فإن علم قدر الغش في كل دينار جاز وإلا لم يجزه إلا أن يستظهر فيخرج قدر الزكاة بيقين وإن أخرج مالا غش فيه كان أفضل وإن أسقط الغش وزكى على قدر الذهب جاز ولا زكاة في غشها إلا أن تكون فضة وله من الفضة ما يتم به نصابا أو نقول برواية ضمه إلى الذهب زاد المجد أو يكون غشها للتجارة.
قوله : "ويخرج من الجيد الصحيح من جنسه".
هذا مما لا نزاع فيه فإن أخرج مكسرا أو بهرجاء وهو الردىء زاد قدر ما بينهما من الفضل نص عليه وكذا لو أخرج مغشوشا من جنسه وهذا المذهب المنصوص عن أحمد وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: يجزئ المغشوش ولو كان من غير جنسه.
وقيل: يجب المثل اختاره في الانتصار واختاره في المجرد في غير مكسر عن صحيح قاله في الفروع وقال بن تميم وإن أخرج عن صحاح مكسرة وزاد بقدر ما بينهما جاز على الأصح نص عليه وإن أخرج عن جياد بهرجا بقيمة جياد فوجهان أحدهما يجزئ والثاني لا يجزئ ولا يرجع فيما أخرج قاله القاضي وقيد بعضهم الوجهين بما عينه لا من جنسه انتهى.
فائدة : يخرج عن جديد صحيح وردىء من جنسه ويخرج من كل نوع بحصته على الصحيح من المذهب.
وقيل: إن شق لكثرة الأنواع أخرج من الوسط كالماشية جزم به المصنف وقدمه بن تميم.
قلت: وهو الصواب.
ولو أخرج عن الأعلى من الأدنى أو من الوسط وزاد قدر القيمة جاز نص عليه وإلا لم يجز على الصحيح من المذهب جزم به جماعة من الأصحاب منهم بن تميم وبن حمدان وقدمه في الفروع قال في الفروع وظاهر كلام جماعة وتعليلهم أنها كمغشوش عن جيد على ما تقدم.
وإن أخرج من الأعلى بقدر القيمة دون الوزن لم يجزه ويجزئ قليل القيمة عن كثيرها مع الوزن على الصحيح من المذهب وقيل وزيادة قدر القيمة.
قوله : "وهل يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب أو يخرج أحدهما عن الآخر على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والشرح والنظم.
أما ضم أحد النقدين إلى الآخر في تكميل النصاب فالصحيح من المذهب الضم وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع اختاره الأكثر قال الزركشي اختارها الخلال والقاضي وولده وعامة أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن عقيل في التذكرة وبن البناء انتهى.
قلت: ونصره في الفصول واختاره المجد في شرحه.
قال ابن رزين في شرحه: هذا أظهر وجزم به في الإيضاح والوجيز والمنور والإفادات والهادي وصححه في التصحيح وقدمه في الحاويين والخلاصة والمحرر.
والرواية الثانية: لا يضم قال المجد يروى عن أحمد أنه رجع إليها أخيرا واختاره أبو بكر في التنبيه مع اختياره في الحبوب الضم قال في الفائق ولا يضم أحد النقدين إلى الآخر
في أصح الروايتين وهو المختار انتهى قال بن منجا في شرحه هذه أصح وهو ظاهر ما نصره المصنف في المغني وجزم به في المنتخب وقدمه في الكافي وبن تميم والرعايتين وهذا يكون المذهب على المصطلح وأطلقهما في الفروع والزركشي.
وأما إخراج أحدهما عن الآخر فالصحيح من المذهب الجواز قال في الفائق ويجوز في أصح الروايتين قال المصنف وهي أصح ونصره الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل والشارح وصححه في التصحيح والحاوي الكبير وجزم به في الإفادات وقدمه بن تميم وغيره.
قلت: وهو الصواب.
والرواية الثانية: لا يجوز جزم به في المنتخب وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين واختاره أبو بكر كما اختار عدم الضم ووافقه أبو الخطاب وصاحب الخلاصة هنا وخالفاه في الضم فاختارا جوازه.
وصحح المصنف والشارح جواز الإخراج ولم يصححا شيئا في الضم وصحح في الفائق عدم الضم وصحح جواز إخراج أحدهما عن الآخر كما تقدم عنه.
قال بن تميم: وعنه لا يجوز واختلف أصحابنا في ذلك فمنهم من بناه على الضم ومنهم من أطلق انتهى.
قلت: بناهما على الضم في الكافي والمستوعب.
قال في الحاويين: وهل يجزئ مطلقا إخراج أحد النقدين عن الآخر أو إذا قلنا بالضم على وجهين وقال في الفروع بعد ذكر الروايتين وعنه يجزئ عما يضم وأطلق الروايتين في الفصول والحاوي الصغير وروى عن بن حامد أنه يخرج ما فيه الأحظ للفقراء.
فعلى المذهب هل يجوز إخراج الفلوس على وجهين وأطلقهما في الفروع وبن تميم والمجد في شرحه والفائق والحاويين والرعايتين وقال قلت إن جعلت ثمنا جاز وإلا فلا وتقدم أنه قدم أنها أثمان.
وقال في الحاويين بعد أن حكى الخلاف في إجزاء أحد النقدين مطلقا أو إذا قلنا بالضم وعليهما يخرج إجزاء الفلوس.
وقال في الرعايتين: وعنه يجوز إخراج أحدهما عن الآخر بالحساب مع الضم وقيل وعدمه مطلقا وفي إجزاء الفلوس عنها إذن مع الإخراج المذكور وجهان.
قوله : "ويكون الضم بالاجزاء".
يعني إذا قلنا بالضم في تكميل النصاب والصحيح من المذهب أن الضم يكون بالأجزاء كما قدمه المصنف وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي في تعليقه وجامعه والشريف
وأبو الخطاب في خلافيهما والمصنف والشارح وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه في الفروع والكافي في الرعايتين والحاويين والفائق والزركشي والمستوعب والهداية والخلاصة والتلخيص والبلغة والشرح وغيرهم.
وقيل: بالقيمة فيما فيه الحظ للمساكين يعني يكمل أحدهما بالآخر بما هو أحظ للفقراء من الأجزاء أو القيمة وهو رواية عن أحمد وذكرها القاضي وغيره قاله في الفروع وقال الزركشي وعن القاضي أظنه في المجرد أنه قال قياس المذهب أنه يعتبر الأحظ للمساكين.
فعلى هذا: لو بلغ أحدهما نصابا ضم إليه ما نقص عنه في أصح الوجهين.
وعنه يكون الضم بالقيمة مطلقا ذكرها القاضي أبو الحسين وصاحب الرعاية إلى وزن الآخر فيقوم الأعلى بالأدنى.
وعنه يضم الأقل منهما إلى الأكثر ذكرها المجد في شرحه فيقوم بقيمة الأكثر نقلها أبو عبد الله النيسابوري.
فائدتان :
إحداهما : في فوائد الخلاف لو كان معه مائة درهم وعشرة دنانير قيمتها مائة درهم ضما وإن كانت قيمتها دون مائة درهم ضما على غير رواية الضم بالقيمة ولو كانت الدنانير ثمانية قيمتها مائة درهم ضما على غير رواية الضم بالأجزاء وإن لم تبلغ قيمتها مائة درهم فلا ضم.
الثانية : يضم جيد كل جنس إلى رديئه ويضم مضروبه إلى تبره.
قوله : "وتضم قيمة العروض إلى كل واحد منهما".
هذا المذهب جزم به في المستوعب والشارح والمصنف في كتبه وقال لا أعلم فيه خلافا.
فائدة : لو كان معه ذهب وفضة وعروض ضم الجميع في تكميل النصاب قاله المصنف في المغني والكافي والشارح وغيرهما وقدمه بن تميم وبن حمدان وغيرهما وجعله المجد في شرحه أصلا لرواية ضم الذهب إلى الفضة.
قال في الفروع: اعترف المجد أن الضم في الذهب والفضة كعروض التجارة قال فيلزم حينئذ التخريج من تسويته بينهم لأن التسوية مقتضية لاتحاد الحكم وعدم الفرق قال وجزم بعضهم أظنه أبا المعالي بن منجا بأن ما قوم به العروض كناض عنده ففي ضمه إلى غير ما قوم به الخلاف السابق.
وقال بن تميم: وتضم العروض إلى أحد النقدين بلغ كل واحد منهما نصابا أولا وإن كان معه ذهب وفضة وعروض الكل للتجارة ضم الجميع وإن لم يكن النقد للتجارة ضم
العروض إلى إحديهما وفيه وجه يضم إليهما وكذا قال في الرعاية وزاد بعد القول الثاني إن قلنا يضم الذهب إلى الفضة قال في الفروع كذا قال.
قوله : "ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال في ظاهر المذهب".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه تجب فيه الزكاة قال في الفائق وهو المختار نظرا وعنه تجب فيه الزكاة إذا لم يعر ولم يلبس.
وقال القاضي في الأحكام السلطانية نقل بن هانئ زكاته عاريته وقال هو قول خمسة من الصحابة وذكره الأثرم عن خمسة من التابعين وجزم به في الوسيلة وذكره المصنف في المغني والمجد في شرحه جوابا.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "ولا زكاة في الحلي المباح" للرجل والمرأة إذا أعد للبس المباح أو الإعارة وهو صحيح وكذا لو اتخذه من يحرم عليه كرجل يتخذ حلى النساء لإعارتهن أو امرأة تتخذ حلى الرجال لإعارتهم ذكره جماعة منهم القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول وصاحب المستوعب والمصنف والمجد وغيرهم.
وقال بعض الأصحاب: لا زكاة فيه إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة.
قال في الفروع: ولعله مراد غيره وهو أظهر ووجه احتمالا لا يعدم وجوب الزكاة ولو قصد الفرار منها وحكى بن تميم أن أبا الحسن التميمي قال إن اتخذ رجل حلى امرأة ففي زكاته روايتان وحكاهما في الفائق وأطلقهما.
الثاني : ظاهر كلامه أنه سواء كان معتادا أو غير معتاد وهو ظاهر كلام جماعة وقيد بعض الأصحاب ذلك بأن يكون معتادا.
فائدة : لو كان الحلى ليتيم لا يلبسه فلوليه إعارته فإن فعل فلا زكاة وإن لم يعره ففيه الزكاة نص أحمد على ذلك ذكره جماعة قال في الفروع ويأتي في العارية أنه يعتبر كون المعير أهلا للتبرع.
قال: فهذان قولان أو أن هذا لمصلحة ماله ويقال قد يكون هناك كذلك فإن كان لمصلحة الثواب توجه خلاف كالقرض انتهى.
قوله : "فأما الحلي المحرم".
قال الشيخ تقي الدين وكذلك المكروه انتهى.
والآنية وما أعد للكراء أو النفقة ففيه الزكاة.
تجب الزكاة في الحلى المحرم والآنية المحرمة بلا خلاف أعلمه وكذا ما أعد للنفقة.
أو ما أعد للفقراء أو القنية أو الادخار وحلى الصيارف فالصحيح من المذهب وجوب الزكاة فيه وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه فيما أعد للكراء.
وقيل: ما اتخذه من ذلك لسرف أو مباهاة كره وزكى وإلا فلا وجزم به بعض الأصحاب قال في الفروع والظاهر أنه قول القاضي إلا فيمن اتخذ خواتيم ومراده مع نية لبس أو إعارة قال وظاهر كلام الأكثر لا زكاة وإن كان مراده اتخاذه لسرف أو مباهاة فقط فالمذهب قولا واحدا لا تجب الزكاة انتهى.
واختار ابن عقيل في مفرداته وعمد الأدلة أنه لا زكاة فيما أعد للكراء وقال صاحب التبصرة لا زكاة في حلى مباح لم يعد للتكسب به.
فائدة . لو انكسر الحلي وأمكن لبسه فهو كالصحيح وإن لم يمكن لبسه فإن لم يحتج في إصلاحه إلى سبك وتجديد صنعة فقال القاضي إن نوى إصلاحه فلا زكاة فيه كالصحيح وجزم به المجد في شرحه ولم يذكر نية إصلاح ولا غيرها وذكره بن تميم وجها فقال ما لم ينو كسره فيزكيه قال في الفروع والظاهر أنه مراد غيره وعند ابن عقيل يزكيه ولو نوى إصلاحه وصححه في المستوعب وجزم به المصنف ولم يذكر نية إصلاح ولا غيرها.
وأما إذا احتاج إلى تجديد صنعة فإنه يزكيه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره قال بن تميم فيه وجهان أظهرهما فيه الزكاة وقال في المبهج إن كان الكسر لا يمنع من اللبس لم تجب فيه الزكاة وحكى بن تميم كلام صاحب المبهج إن كان الكسر لا يمنع من اللبس لم تجب فيه الزكاة.
فقال في الفروع: كذا حكاه بن تميم وإنما هو قول القاضي المذكور ولا زائدة غلط انتهى.
قلت: إن أراد أن بن تميم زاد "لا" فليس كما قال فإن ذلك في المبهج في نسخ معتمدة وإن اراد أن صاحب المبهج زاد "لا" غلطا منه فمن أين له أن ذلك غط بل هو موافق لقواعد المذهب فإن الكسر إذا لم يمنع من اللبس فهو كالصحيح وذلك لا زكاة فيه فكذا هذا.
قوله : "والاعتبار بوزنه".
إلا ما كان مباح الصناعة فإن الاعتبار في النصاب بوزنه وفي الإخراج بقيمته الحلى المباح الصناعة عنه وعن غيره الاعتبار في النصاب فيه بوزنه على الصحيح من المذهب قال في الفروع هذا المذهب قال بن رجب هذا المشهور في المذهب وحكاه بعض الأصحاب إجماعا.
وقيل: الاعتبار بقيمته قال بن رجب اختاره ابن عقيل في موضع في فصوله وحكى رواية بناء على أن المحرم لا يحرم اتخاذه وتضمن صنعته بالكسر وأطلقهما في التلخيص والبلغة.
وقيل: الاعتبار بقيمته إذا كان مباحا وبوزنه إذا كان محرما واختاره ابن عقيل أيضا.
فعلى هذا: لو تحلى الرجل بحلى المرأة أو بالعكس أو اتخذ أحدهما حلى الآخر قاصدا لبسه أو اتخذ أحدهما ما يباح لما يحرم عليه أو لمن يحرم عليه فإنه يحرم وتعتبر القيمة لإباحة الصنعة في الجملة.
وجزم في البلغة في حلى الكراء باعتبار القيمة وذكر بعضهم وجهين.
تنبيه : محل الخلاف في مباح الصناعة دون الحلى المباح للتجارة فأما المباح للتجارة فالصحيح من المذهب أنه تعتبر قيمته نص عليه.
فعلى هذا: لو كان معه نقد معد للتجارة فإنه عرض يقوم بالإجزاء إن كان أحظ للفقراء أو نقص عن نصابه وقال بعض الأصحاب هذا ظاهر نقل إبراهيم بن الحارث والأثرم وجزم به في الكافي وغيره.
قال المجد في شرحه: ونص في رواية الأثرم على خلاف ذلك قال فصار في المسألة روايتان قال في الفروع وأظن هذا من كلام ولده وحمل القاضي بعض المروي عن أحمد على الاستحباب وجزم به بعضهم وجزم المصنف في المغني بالأول إذا كان النقد عرضا.
قوله : "إلا ما كان مباح الصناعة فإن الاعتبار في النصاب بوزنه وفي الإخراج بقيمته".
الأشهر في المذهب أن الاعتبار في مباح الصناعة في الإخراج بقيمته قاله في الفروع واختاره القاضي والمصنف والشارح وغيرهم قال بن تميم هذا الأظهر قال بن رجب اختاره القاضي وأصحابه قال القاضي هو قياس قول أحمد "إذا أخرج عن صحاح مكسرة يعطى ما بينهما" فاعتبر الصنعة دون الوزن كزيادة القيمة لنفاسة جوهره.
وقيل: تعتبر القيمة في الإخراج إن اعتبرت في النصاب وإن لم تعتبر في النصاب لم تعتبر في الإخراج قال أبو الخطاب هذا ظاهر كلام الإمام أحمد وصححه في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع.
فائدة : إن أخرج ربع عشره مشاعا أو مثله وزنا مما يقابل جودته زيادة الصنعة جاز وإن جبر زيادة الصنعة بزيادة في المخرج فكمكسرة عن صحاح على ما تقدم وإن أراد كسره منع لنقص قيمته وقال بن تميم إن أخرج من غيره بقدره جاز ولو من غير جنسه وإن لم تعتبر القيمة لم يمنع من الكسر ولا يخرج من غير الجنس وكذا حكم السبائك انتهى.
قوله : "ويباح للرجال من الفضة الخاتم".
اتخاذ خاتم الفضة للرجل مباح على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال بن رجب في كتاب الخواتيم هذا اختيار أكثر الأصحاب انتهى وجزم به في التلخيص
والشرح والوجيز والحاويين والرعاية الصغرى في باب الحلى وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم وغيرهما.
وقيل: يستحب قدمه في الرعاية في باب اللباس وقدمه في الآداب وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين في باب اللباس.
وقيل: يكره لقصد الزينة جزم به بن تميم قال بن رجب في كتاب الخواتيم قاله طائفة من الأصحاب وقال بن الجوزي النهي عن الخاتم ليتميز السلطان بما يختم به فظاهره الكراهة إلا للسلطان.
تنبيه : قدم في الرعاية الكبرى وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين في باب اللباس استحباب التختم بخاتم الفضة وجزموا في باب الحلى بإباحته وظاهره التناقض أو يكون مرادهم في باب الحلى إخراج الخاتم من التحريم لا أن مرادهم لا يستحب وهذا أولى.
فوائد :
منها : الأفضل للابسه جعل فصه مما يلي كفه لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام كان يفعل ذلك وهو في الصحيحين وكان بن عباس يجعله مما يلي ظهر كفه رواه أبو داود وكذا علي بن عبد الله بن جعفر كان يفعله رواه أبو زرعة الدمشقي وأكثر الناس يفعلون ذلك.
ومنها : جواز لبسه في خنصر يده اليمنى واليسرى والأفضل في لبسه في إحداهما على الأخرى قدمه في الرعاية الكبرى وتابعه في الفروع والآداب الكبرى والوسطى.
والصحيح من المذهب: أن التختم في اليسار أفضل نص عليه في رواية صالح والفضل بن زياد وقال الإمام أحمد "هو أقرب وأثبت وأحب إلي" وجزم به في المستوعب والتلخيص والبلغة وبن تميم والإفادات وغيرهم قال بن عبد القوي في آدابه المنظومة ويحسن في اليسرى كأحمد وصحبه انتهى.
قال ابن رجب: وقد أشار بعض أصحابنا إلى أن التختم في اليمنى منسوخ وأن التختم في اليسار آخر الأمرين انتهى.
قال في التلخيص: ضعف الإمام أحمد حديث التختم في اليمنى وهذا من غير الأكثر الذي ذكرناه في الخطبة أن ما قدمه في الفروع هو المذهب.
وقيل: اليمنى أفضل قدمه في الرعاية الصغرى والحاويين [فلصاحب الرعاية في هذه المسألة ثلاث اختيارات].
ومنها : يكره لبسه في السبابة والوسطى للرجل نص عليه للنهي الصحيح عن ذلك وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وقال ولم يقيده في الترغيب وغيره انتهى.
قلت أكثر الأصحاب لم يقيدوا الكراهة في اللبس بالسبابة والوسطى للرجال بل أطلقوا.
قال بن رجب في كتابه: وذكر بعض الأصحاب أن ذلك خاص بالرجال انتهى.
قلت: منهم صاحب المستوعب والرعاية.
وقال بن رجب أيضا: وظاهر كلام الأصحاب جواز لبسه في الإبهام والبنصر قال في الفروع وظاهر ذلك لا يكره في غيرهما وإن كان الخنصر أفضل اقتصارا على النص.
وقال أبو المعالي: الإبهام مثل السبابة والوسطى يعني في الكراهة قال في الفروع من عنده فالبنصر مثله ولا فرق.
قلت: لو قيل بالفرق لكان متجها لمجاورتها لما يباح التختم فيها بخلاف الإبهام لبعده واستهجانه.
ومنها: لا بأس بجعله مثقالا وأكثر ما لم يخرج عن العادة قال في الفروع هذا ظاهر كلام الإمام أحمد والأصحاب.
وقال بن حمدان في كتبه الثلاثة يسن جعله دون مثقال وتابعه في الحاويين والآداب.
قال بن رجب في كتابه: قياس قول من منع من أصحابنا تحلي النساء بما زاد على ألف مثقال أن يمنع الرجل من لبس الخاتم إذا زاد على مثقال وأولى لورود النص هنا وثم ليس فيه حديث مرفوع بل من كلام بعض الأصحاب انتهى.
ومنها: ما ذكره بن تميم وغيره عن القاضي أنه قال لو اتخذ لنفسه عدة خواتيم أو مناطق لم تسقط الزكاة فيما خرج عن العادة إلا أن يتخذ ذلك لولده أو عبده.
قال بن رجب: فهذا قد يدل على منع لبس أكثر من خاتم واحد لأنه مخالف للعادة وهذا قد يختلف باختلاف العوائد انتهى.
قال في الفروع: ولهذا ظاهر كلام جماعة لا زكاة في ذلك.
قال في المستوعب وغيره لا زكاة في كل حلى أعد لاستعمال مباح قل أو كثر لرجل كان أو امرأة ثم قال وعلى هذين القولين يخرج جواز لبس خاتمين فاكثر جميعا.
ومنها: يستحب التختم بالعقيق عند صاحب المستوعب والتلخيص وبن تميم وقدمه في الرعاية والآداب ولم يستحبه بن الجوزي.
قال بن رجب في كتابه: وظاهر كلام أكثر الأصحاب لا يستحب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية مهنا وقد سأله ما السنة يعني في التختم فقال لم تكن خواتيم القوم إلا فضة قال العقيلي لا يصح في التختم بالعقيق عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء وقد ذكرها كلها بن رجب وأعلها في كتابه.
ومنها: فص الخاتم إن كان ذهبا وكان يسيرا فإن قلنا بإباحة يسير الذهب فلا كلام وإن قلنا بعدم إباحته فهل يباح هنا فيه وجهان.
أحدهما: التحريم أيضا وقد نص أحمد على منع مسمار الذهب في خاتم الفضة في رواية
الأثرم وإبراهيم بن الحارث وهذا اختيار القاضي وأبي الخطاب.
والوجه الثاني: الإباحة وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز والمجد والشيخ تقي الدين وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في العلم وإليه ميل بن رجب.
قلت. وهو الصواب والمذهب على ما اصطلحناه.
ومنها: يكره أن يكتب على الخاتم ذكر الله قرآن أو غيره على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه لا يكره دخول الخلاء بذلك فلا كراهة هنا قال في الفروع ولم أجد في الكراهة دليلا إلا قوله لدخول الخلاء به والكراهة تفتقر إلى دليل والأصل عدمه.
قلت: وهو الصواب.
وقد ورد عن كثير من السلف كتابة ذكر الله على خواتيمهم ذكره بن رجب في كتابه وهو ظاهر قوله عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال للناس "إني اتخذت خاتما ونقشت فيه محمد رسول الله فلا ينقش أحد على نقشي" لأنه إنما نهاهم عن نقشهم "محمد رسول الله" لا عن غيره قال في الفروع وظاهر ما ورد لا يكره غير ذكر الله قال في الرعاية وذكر رسوله قال في الفروع ويتوجه احتمال لا يكره ذلك.
ومنها: لا يجوز أن ينقش على الخاتم صورة حيوان بلا نزاع للنصوص الثابتة في ذلك لكن هل يحرم لبسه أو يكره فيه وجهان.
أحدهما: يحرم اختاره القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل في آخر الفصول وحكاه أبو حكيم النهرواني عن الأصحاب قال بن رجب وهو منصوص عن أحمد في الثياب والخواتم وذكر النص وهو المذهب.
والوجه الثاني: يكره ولا يحرم وهو الذي ذكره بن أبي موسى وذكره ابن عقيل أيضا في كتاب الصلاة وصححه أبو حكيم وإليه ميل بن رجب.
ومنها: يكره للرجل والمرأة لبس خاتم حديد وصفر ونحاس ورصاص نص عليه في رواية جماعة منهم إسحاق ونقل مهنا "أكره خاتم الحديد لأنه حلية أهل النار".
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أن المراد بالكراهة هنا كراهة تنزيه قال بن رجب عند أكثر الأصحاب وعنه ما يدل على التحريم نقله أبو طالب والأثرم قال بن رجب عند أكثر الأصحاب وظاهر كلام بن أبي موسى تحريمه على الرجال والنساء وحكى عن أبي بكر عبد العزيز أنه متى صلى وفي يده خاتم من حديد أو صفر أعاد الصلاة انتهى وقال بن الزاغوني في فتاويه الدملوج الحديد والخاتم الحديد نهى الشرع عنهما.
وأجاب أبو الخطاب عن ذلك فقال يجوز دملوج من حديد قال في الفروع فيتوجه مثله الخاتم ونحوه ونقل أبو طالب الرصاص لا أعلم فيه شيئا وله رائحة.
قوله : "وفي حلية المنطقة روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب، والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين وبن تميم والفائق وتجريد العناية.
إحداهما: يباح وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والمنور وصححه المجد في شرحه وصاحب التصحيح قال في الفروع تباح حلية المنطقة على الأصح وقدمه في الكافي قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
والرواية الثانية: لا تباح ففيها الزكاة وحكى ذلك عن بن أبي موسى وهو من المفردات.
قوله : "وعلى قياسها الجوشن والخوذة والخف والران والحمائل".
قاله الأصحاب. وجزم في الكافي بإباحة الكل قاله في الفروع.
قلت: قد حكى في الكافي عن بن أبي موسى وجوب الزكاة في ذلك ونص أحمد على تحريم الحمائل ومنع ابن عقيل من الخف والران ففيهما الزكاة وكذا الحكم عنده في الكمران والخريطة ومنع القاضي من حمائل السيف وحكاه عن أحمد.
قال في الفروع: وظاهر ذلك الاقتصار على هذه الأشياء وقال غير واحد بعد ذكر ذلك ونحو ذلك فيؤخذ منه ما صرح به بعضهم أن الخلاف في المغفر والنعل ورأس الرمح وشعيرة السكين ونحو ذلك وهذا أظهر لعدم الفرق انتهى وجزم بن تميم أنه لا يباح تحلية السكين بالفضة وجزم في الرعاية الصغرى والحاويين بالإباحة وقدمه في الرعاية الكبرى وقال عن عدم الإباحة وهو بعيد انتهى قال في الفروع ويدخل في الخلاف تركاش النشاب وقاله الشيخ تقي الدين وقال وكذلك الكلاليب لأنها يسير تابع وتقدم كلام أبي الحسن التميمي أول باب الآنية.
فائدتان :
إحداهما : لا يباح غير ما تقدم فلا يباح تحلية المراكب ولباس الخيل كاللجم وقلائد الكلاب ونحو ذلك وقد نص الإمام أحمد على تحريم حلية الركاب واللجام وقال ما كان سرج ولجام زكى وكذا تحلية الدواة والمقلمة والكمران والمرآة والمشط والمكحلة والميل والمسرجة والمروحة والمشربة والمدهن وكذا المسعط والمجمر والقنديل.
وقيل: يكره. قال في الفروع كذا قيل ولا فرق ونقل الأثرم أكره رأس المكحلة وحلية المرآة فضة ثم قال وهذا شيء تافه فأما الآنية فليس فيها تحريم.
قال القاضي: ظاهره لا يحرم لأنه في حكم المضبب فيكون الحكم في حلية جميع الأواني كذلك قاله في المستوعب وسبق في باب الآنية ما حكاه ابن عقيل في الفصول عن أبي الحسن التميمي في كتابه اللطيف.
الثانية : يحرم تحلية مسجد ومحراب والصحيح من المذهب أنه لو وقف على مسجد أو نحوه قنديل ذهب أو فضة لم يصح ويحرم وعليه أكثر الأصحاب وقال المصنف هو بمنزلة الصدقة فيكسر ويصرف في مصلحة المسجد وعمارته انتهى.
ويحرم أيضا: تمويه سقف وحائط بذهب أو فضة لأنه سرف وخيلاء قال في الفروع فدل الخلاف السابق على إباحته تبعا.
تنبيهان
أحدهما : حيث قلنا يحرم وجبت إزالته وزكاته وإن استهلك فلم يجتمع منه شيء فله استدامته ولا زكاة فيه لعدم الفائدة وذهاب المالية.
الثاني : ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب أنه لا يباح من الفضة إلا ما استثناه الأصحاب على ما تقدم وهو صحيح وعليه الأصحاب وقال صاحب الفروع فيه ولا أعرف على تحريم لبس الفضة نصا عن أحمد وكلام شيخنا يدل على إباحة لبسها للرجال إلا ما دل الشرع على تحريمه انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا: لبس الفضة إذا لم يكن فيه لفظ عام بالتحريم لم يكن لأحد أن يحرم منه إلا ما قام الدليل الشرعي على تحريمه فإذا أباحت السنة خاتم الفضة دل على إباحة ما في معناه وما هو أولى منه بالإباحة وما لم يكن كذلك فيحتاج إلى نظر في تحليله وتحريمه والتحريم يفتقر إلى دليل والأصل عدمه ونصره صاحب الفروع ورد جميع ما استدل به الأصحاب.
قوله : "ومن الذهب قبيعة السيف".
هذا المذهب قال الإمام أحمد كان في سيف عمر سبائك من ذهب وكان في سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب قال ابن عقيل في الفصول جعل أصحابنا الجواز مذهب أحمد قال في تجريد العناية يباح في الأظهر وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب وشرح بن منجا والنظم والمنور ومنتخب الأدمى وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر وبن تميم والفائق.
قال الزركشي: هذا المشهور وعنه لا يباح قدمه في المستوعب وهو ظاهر كلامه في التلخيص والبلغة وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين والمغني والشرح.
تنبيه : حكى بعض الأصحاب عدم الإباحة احتمالا وحكى بعضهم الخلاف وجهين كصاحب الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وقيد ابن عقيل الإباحة باليسير مع أنه ذكر أن قبيعة سيفه عليه أفضل الصلاة والسلام ثمانية مثاقيل وذكر بعض الأصحاب الروايتين في إباحته في السيف وتقدم ما نقله الإمام أحمد عن سيف عمر وعثمان.
وقيل: يباح الذهب في السلاح واختاره الآمدي والشيخ تقي الدين.
وقيل: كل ما أبيح تحليته بفضة أبيح تحليته بذهب وكذا تحلية خاتم الفضة به وقال أبو بكر يباح يسير الذهب تبعا لا مفردا كالخاتم ونحوه وقال في الرعاية وقيل يباح يسيره تبعا لغيره وقيل مطلقا وقيل ضرورة قلت أو حاجة لا ضرورة انتهى.
وتقدم ذلك في أوائل باب الآنية وتقدم هناك كلام الشيخ تقي الدين على اختيار أبي بكر.
قوله : "ويباح للنساء من الذهب والفضة كل ما جرت عادتهن بلبسه قل أو كثر".
كالطوق والخلخال والسوار والدملوج والقرط والعقد والمقلدة والخاتم وما في المخانق من حرائز وتعاويذ وأكر ونحو ذلك حتى قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والرعاية وغيرهم وتاج وهذا المذهب في ذلك كله وعليه جماهير الأصحاب قال في التلخيص ويباح للمرأة التحلي بالذهب والفضة مطلقا في إحدى الروايتين.
وفي الأخرى: إذا بلغ ألفا فهو كثير فيحرم للسرف قال في الفروع ولعل مراده عن الرواية الثانية عن الذهب كما صرح به بعضهم واختاره بن حامد انتهى وقال المصنف هنا وقال بن حامد إن بلغ ألف مثقال حرم وفيه الزكاة وكذا قال في المحرر والحاوي وغيرهم فظاهره أنه سواء كان من ذهب أو فضة.
وعنه أيضا ألف مثقال كثير من الذهب والفضة وعنه عشرة آلاف درهم كثير وأباح القاضي ألف مثقال فما دون وقال ابن عقيل يباح المعتاد لكن إن بلغ الخلخال ونحوه خمسمائة دينار فقد خرج عن العادة وتقدم قوله ما كان من ذلك لسرف أو مباهاة كره وزكى.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب جواز تحلية المرأة بدراهم ودنانير معراة وفي مرسلة وهو أحد الوجهين فلا زكاة فيه.
والوجه الثاني: لا يجوز تحليتها بذلك فعليها الزكاة فيه وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين وبن تميم والفائق والمذهب.
قلت: قد ذكر المصنف وغيره في باب جامع الأيمان إذا حلف لا يلبس حليا فلبس دراهم أو دنانير في مرسلة في حنثه وجهين جزم في الوجيز بعدم الحنث وصححه في التصحيح واختار بن عبدوس في تذكرته الحنث.
فالصواب في ذلك: أن يرجع فيه إلى العرف والعادة فمن كان عرفهم وعادتهم اتخاذ ذلك حليا فلا زكاة فيه ويحنث في يمينه وإلا فعليه الزكاة ولا حنث.
فوائد :
إحداها : لا زكاة في الجوهر واللؤلؤ ولو كان في حلى إلا أن يكون لتجارة فيقوم جميعه تبعا ذكره المصنف وغيره وقال في الرعاية الصغرى ولا زكاة في حلي جوهر وعنه ولؤلؤ وقال غير واحد إلا أن يكون لتجارة أو سرف منهم صاحب الرعاية الصغرى والحاويين وهو قول في الرعاية الكبرى.
وإن كان للكراء فوجهان وأطلقهما في مختصر بن تميم والرعايتين والحاويين والفروع.
قلت: الصواب وجوب الزكاة.
وظاهر كلامه في المستوعب عدم الوجوب.
الثانية : يباح للرجل والمرأة التحلي بالجوهر ونحوه على الصحيح من المذهب وذكر أبو المعالي يكره ذلك للرجل للتشبه قال في الفروع ولعل مراده غير تختمه بذلك.
الثالثة : هذه المسألة وهي تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في اللباس وغيره يحرم على الصحيح من المذهب قال المروذي كنت عند أبي عبد الله فمرت به جارية عليها قباء فتكلم بشيء قلت تكرهه قال كيف لا أكرهه جدا وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال قال وكره الإمام أحمد أن يصير للمرأة مثل جيب الرجال وجزم به المصنف وجزم به الأصحاب منهم صاحب الفصول والنهاية والمغني والمحرر وغيرهم في لبس المرأة العمامة وكذا قال القاضي يجب إنكار تشبه الرجال بالنساء وعكسه واحتج بما نقله أبو داود "ولا يلبس خادمته شيئا من زي الرجال لا يشبهها بهم" ونقل المروذي: لا يخاط لها ما كان للرجل وعكسه وقال في المستوعب والتلخيص وبن تميم وغيرهم يكره التشبه ولا يحرم وقدمه في الرعاية مع جزمهم بتحريم اتخاذ أحدهما حلي الآخر ليلبسه مع أنه داخل في المسألة قال في الفروع ولعله الذي عناه أبو الحسن التميمي بكلامه السابق في الفصل قبله وقال في الفصول تكره صلاة أحدهما بلباس الآخر للتشبه.
باب زكاة العروض
قوله : "وتؤخذ منها لا من العروض".هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وقال الشيخ تقي الدين ويجوز الأخذ من عينها أيضا.
قوله: "ولا تصير للتجارة إلا أن يملكها بفعله بنية التجارة بها فإن ملكها بإرث أو ملكها بفعله بغير نية ثم نوى التجارة بها لم تصر للتجارة. وإن كان
عنده عرض للتجارة فنواه للقنية ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي هذا أنص الروايتين وأشهرهما واختارها الخرقي والقاضي وأكثر الأصحاب قال في الكافي والفروع هذا ظاهر المذهب لأن مجرد النية لا ينقل عن الأصل كنية إسامة المعلوفة ونية الحاضر السفر وقدمه في المغني والهداية والخلاصة وبن تميم والشرح والكافي وغيرهم.
وعنه أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية نقله صالح وبن إبراهيم وبن منصور واختاره أبو بكر وبن أبي موسى وابن عقيل وصاحب الفائق وجزم به في التبصرة والروضة والمصنف في العمدة وأطلقهما في المذهب والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق.
تنبيه: قوله : "إلا أن يملكها بفعله الصحيح من المذهب أنه لا يعتبر فيما ملكه المعاوضة فحصوله بالنكاح والخلع والهبة والغنيمة كالبيع قال في الفروع هذا الأشهر واختاره القاضي في الخلاف وأبو الخطاب وابن عقيل وقدمه في المغني والكافي والشرح والفروع وبن تميم وغيرهم".
قال الزركشي: "لا يشترط أن يملكها بعوض على الأصح".
وقيل: تعتبر المعاوضة سواء تمحضت كبيع وإجارة ونحوهما أو لا كنكاح وخلع وصلح عن دم عمد قال المجد وهذا نصه في رواية بن منصور واختاره القاضي في المجرد.
فعلى هذا القول: لو ملك بغير عوض كالهبة والغنيمة ونحوهما لم يصر للتجارة لأنه لم يملكه بعوض أشبه الموروث وقال في الرعايتين والحاويين وإن ملكه بفعله بلا عوض كوصية وهبة مطلقة وغنيمة واحتشاش واحتطاب واصطياد أو بعوض غير مالي كدية عن دم عمد ونكاح وخلع زاد في الكبرى أو بعوض مالي بلا عقد كرد بعيب أو فسخ أو أخذه بشفعة فوجهان في ذلك كله.
وعنه يعتبر كون العوض نقدا ذكره أبو المعالي وذكر ابن عقيل رواية فيما إذا ملك عرضا للتجارة بعرض قنية لا زكاة قال في الفروع فهي هذه الرواية وقال بن تميم يخرج منها اعتبار كون بدله نقدا أو عرض تجارة.
فوائد :
إحداها : معنى نية التجارة أن يقصد التكسب به بالاعتياض عنه لا بإتلافه أو مع استبقائه فإذا اشترى صباغ ما يصبغ به ويبقى كزعفران ونيل وعصفر ونحوه فهو عرض تجارة يقومه عند حوله وكذا لو اشترى دباغ ما يدبغ به كعفص وقرض وما يدهن به كسمن وملح ذكره بن البنا وقدمه في الفروع وغيره وذكر المجد في شرحه لا زكاة فيه وقال أيضا لا زكاة فيما لا يبقى له أثر في العين كالحطب والملح والصابون والأشنان والقلى والنورة ونحو ذلك.
الثانية : لا زكاة في آلات الصباغ وأمتعة النجار وقوارير العطار والسمان ونحوهم إلا أن يريدوا بيعها بما فيها وكذا آلات الدواب إن كانت لحفظها وإن كان بيعها معها فهي مال تجارة.
الثالثة : لو لم يكن ما ملكه عين مال بل منفعة عين وجبت الزكاة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وصححه بن تميم وغيره.
وقيل: لا تجب فيه كما لو نواها بدين حال.
الرابعة : لو باع عرض قنية ثم استرده ناويا به التجارة صار للتجارة ذكره في الفروع ولو اشترى عرض تجارة بعرض قنية فرد عليه بعيب انقطع الحول ومثله لو باع عرض تجارة بعرض قنية فرد عليه قاله بن تميم وغيره.
ولو قتل عبد تجارة خطأ فصالح على مال صار للتجارة وإن كان عمدا وقلنا الواجب أحد شيئين فكذلك وإن قلنا الواجب القصاص عينا لم يصر للتجارة إلا بالنية ذكره القاضي في التخريج وجزم به في الفروع وابن تميم.
ولو اتخذ عصيرا للتجارة فتخمر ثم تخلل عاد حكم التجارة.
ولو ماتت ماشية التجارة فدبغ جلودها وقلنا تطهر فهي عرض تجارة قاله القاضي وجزم به في الفروع وبن تميم وغيرهما.
الخامسة : تقطع نية القنية حول التجارة وتصير للقنية على الصحيح من المذهب لأنها الأصل كالإقامة مع السفر.
وقيل: لا تقطع إلا المميزة.
وقيل: لا تقطع نية محرمة كناو معصية فلم يفعلها ففي بطلان أهليته للشهادة خلاف ذكره أبو المعالي.
قوله : "وتقوم العروض عند الحول بما هو أحظ للمساكين من عين أو ورق".
هذا المذهب مطلقا أعني سواء كان من نقد البلد أو لا وعليه جماهير الأصحاب وقال الحلواني تقوم بنقد البلد فإن تعدد فبالأحظ.
وعنه لا يقوم نقد بنقد آخر بناء على قولنا لا يبنى حول نقد على حول نقد آخر فيقوم بالنقد الذي اشترى به.
فوائد :
الأولى : ما قومه به لا عبرة بتلفه إلا قبل التمكن.
فعلى ما سبق في أواخر كتاب الزكاة ولا عبرة أيضا بنقصه بعد تقويمه ولا بزيادته إلا قبل التمكن فإنه كتلفه وإنما قلنا لم تؤثر الزيادة لأنه كنتاج الماشية بعد الحول.
الثانية : لو بلغت قيمة العروض بكل نقد نصابا قوم بالأنفع للفقراء على الصحيح صححه المجد في شرحه وبن تميم وغيرهما واختاره القاضي والمصنف وصاحب التلخيص وغيرهم وهو الصواب.
وقيل: يخير قاله أبو الخطاب وغيره وقدمه في الفروع وبن تميم وقاله المصنف في المغني إلا أنه قال ينبغي أن يقيد بنقد البلد وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة وقيل يقوم بفضة.
الثالثة : لو اتجر في الجواري للغناء قومهن سواذج ولو اتجر في الخصيان قومهم على صفتهم ولو اتجر في آنية الذهب والفضة لم ينظر إلى القيمة وهو عاص بذلك بل تحريم الآنية أشد من تحريم اللباس لتحريمها على الرجال والنساء والخرقي رحمه الله أطلق الكراهة ومراده التحريم بدليل قوله: "والمتخذ آنية الذهب والفضة عاص وعليه الزكاة" وذلك مصطلح المتقدمين في إطلاقهم "الكراهة" وإرادتهم التحريم وعلى هذا أكثر الأصحاب في إرادة الخرقي ذلك وقطع المصنف وغيره أنه لا خلاف فيه بين أصحابنا وفي جامع القاضي والوسيلة ظاهر الخرقي كراهة تنزيه.
تنبيه : تقدم في الباب الذي قبله ضم العروض إلى كل واحد من النقدين وضم النقدين إلى العروض في تكميل النصاب ونحوه.
قوله : "وإن اشتراه بنصاب من السائمة لم يبن على حوله".
وكذا لو باعه بنصاب من السائمة وهذا بلا نزاع فيهما إلا أن يشتري نصاب سائمة للتجارة بنصاب سائمة للقنية فإنه يبنى على الصحيح من المذهب قال في الفروع يبنى في الأصح وجزم به جماعة وقيل لا يبنى.
قوله : "وإن ملك نصابا من السائمة للتجارة فعليه زكاة التجارة دون السوم".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: عليه زكاة السوم دون التجارة ذكره القاضي وغيره لأنه أقوى للإجماع وتعلقها بالعين لكن إن نقص نصابه وجبت زكاة التجارة.
وقيل: يلزمه أن يزكي بالأحظ منهما للفقراء واختاره المجد في شرحه.
ويظهر أثر الخلاف في الأمثلة في الإبل والغنم وقد ذكرها هو ومن تبعه وأطلقهن في الفائق وبن تميم وقال في الروضة يزكى النصاب للعين والوقص للقيمة.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أنه سواء اتفق حولاهما أو لا وهو أحد الوجهين والصحيح منهما وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وجزم به المصنف وغيره.
وقيل: يقدم السابق في حول السائمة أو التجارة اختاره المجد لأنه وجد سبب زكاته بلا معارض وأطلقهما في الفروع.
قوله : "فإن لم تبلغ قيمتها نصاب التجارة فعليه زكاة السوم".
كأربعين شاة قيمتها دون مائتين أو دون عشرين مثقالا.
وكذا الحكم في عكس هذه المسألة لو كان عنده ثلاثون من الغنم قيمتها مائتا درهم أو عشرون مثقالا فعليه زكاة التجارة هذا المذهب في المسألتين وقطع به كثير من الأصحاب.
قال المصنف: لا خلاف فيه وصححه المجد في شرحه وبن تميم وقدمه في الفروع وغيره واختاره القاضي في المجرد وغيره.
وقيل: لا يقدم ما تم نصابه بل يغلب حكم ما يغلب إذا اجتمع النصابان وإن أدى إلى إسقاط الزكاة قاله أبو الخطاب في الخلاف وحكاه ابن عقيل عن شيخه من أنه متى نقصت قيمة الأربعين شاة عن مائتي درهم فلا شيء فيها.
قال المجد: وهذا ظاهر كلامه قال في الفروع وجزم غير واحد بأنه إن نقص نصاب السوم وجبت زكاة التجارة انتهى.
[ تنبيه : هذا الحكم المتقدم فيما إذا لم تبلغ قيمتها نصاب التجارة كلا الحول].
وهذا إذا لم يسبق حول السوم فأما إن سبق حول السوم وكانت قيمته أقل من نصاب في بعض الحول فلا زكاة مطلقا حتى يتم الحول من حين يبلغ النصاب في وجه اختاره القاضي وعن أحمد ما يدل عليه وفي وجه آخر تجب زكاة السوم عند حوله فإذا حال حول التجارة وجبت زكاة الزائد على النصاب.
قلت: وهو الصواب وهو احتمال في الشرح ومال إليه.
وكذا حكى المصنف إذا سبق حول السوم وأطلقهما في الفروع وبن تميم.
وأما إن نقص عن نصاب جميع الحول وجبت زكاة السوم على أصح الوجهين لئلا تسقط بالكلية صححه في الفروع وبن تميم واختاره القاضي وجزم به في المغني والشرح.
وقيل: لا تجب زكاة السوم.
فائدة: لو ملك سائمة للتجارة نصف حول ثم قطع نية التجارة استأنف حولا ولم يبن على الصحيح من المذهب واختار المصنف حتى لو وجد سبب الزكاة بلا معارض وبناه المجد على تقديم ما وجد نصابه في المسألة السابقة وأطلق بن تميم وجهان.
قوله : "وإن اشترى أرضا أو نخلا للتجارة فأثمر النخل وزرعت الأرض فعليه فيها العشر ويزكى الأصل للتجارة".
يعني إذا اتفق حولاهما وهذا أحد الوجهين اختاره المصنف والشارح وذكر بن منجا في شرحه أن جده أبا المعالي ذكر في شرح الهداية أنه اختيار القاضي وبن عقيل.
قلت جزم به القاضي في الجامع الصغير.
وقال القاضي: يزكي الجميع زكاة القيمة وهذا المذهب نص عليه وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز وجزم به في المنور والمنتخب وصححه في البلغة وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والمحرر وبن تميم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية.
قال المصنف والشارح وغيرهما: اختاره القاضي وأصحابه قال المجد في شرحه هذا المنصوص عن أحمد ونصره.
قوله : "ولا عشر عليه إلا أن يسبق وجوب العشر حول التجارة فيخرجه".
اعلم أنه تارة يتفق حول التجارة والعشر في الوجوب بأن يكون بدو الصلاح في الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الأصل تبلغ نصاب التجارة فهذه مسألة المصنف المتقدمة التي فيها الخلاف.
وتارة يختلفان في وقت الوجوب مثل أن يسبق وجوب العشر حول التجارة أو عكسه أو يتفقان ولكن أحدهما دون نصاب فالصحيح من المذهب أن حكم السبق هنا حكم ما لو ملك نصاب سائمة للتجارة وسبق حول أحدهما على الآخر وحكم تقديم ما كمل نصابه هنا حكم ما لو وجد نصاب أحدهما كما تقدم قريبا جزم به المجد وصاحب الفروع وغيرهما فقالا وإن اختلف وقت الوجوب أو وجد نصاب أحدهما فكمسألة سائمة التجارة التي قبلها في تقديم الأسبق وتقديم ما تم نصابه انتهيا.
وقيل: يزكي عشر الزرع والثمر إذا سبق وجوبه جزم به في الرعايتين والحاويين والوجيز والفائق قال بن منجا في شرحه فلو سبق نصاب العشر وجب العشر وجها واحدا وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا.
قلت: الذي يظهر أنه لا تنافي بين القولين وأن هذه المسألة كمسألة السائمة التي للتجارة وقطع هؤلاء الجماعة بناء منهم على أحد الوجهين في مسألة السائمة التي للتجارة.
تنبيهان
أحدهما : حيث أخرج العشر فإنه لا يلزمه سوى زكاة الأصل وحيث أخرج عن الأصل والثمرة والزرع زكاة القيمة فإنه لا يلزمه عشر للزرع والثمرة لا أعلم فيه خلافا بين الأصحاب وظاهر كلام المصنف أنه إذا سبق وجوب العشر حول التجارة أن عليه العشر مع إخراجه عن الجميع زكاة القيمة ولا قائل به ولذلك قال بن منجا في شرحه ينبغي أن يعود الاستثناء إلى الخلاف المذكور في المسألة إلى الخلاف في اعتبار القيمة في الكل أو في الأصل دون النماء إذا اتفق وجوب العشر وزكاة التجارة.
الث ا ني: فعلى ما قدمه المصنف يستأنف حول التجارة على زرع وثمر من الحصاد والجداد لأن به ينتهي وجوب العشر الذي لولاه لكانا جاريين في حول التجار وهذا الصحيح قدمه المجد
في شرحه وصاحب الفروع.
وقيل: لا يستأنف عليهما الحول حتى يباعا فيستقبل بثمنهما الحول كمال القنية وهو تخريج في شرح المجد وجزم بن تميم أنه يخرج على مال القنية.
فوائد :
الأولى : لو نقص كل واحد عن النصاب وجبت زكاة التجارة وإن بلغ أحدهما نصابا اعتبر الأحظ للفقراء.
الثانية : لو زرع بذرا للقنية في أرض التجارة فواجب الزارع العشر وواجب الأرض زكاة القيمة ولو زرع بذرا للتجارة في أرض قنية فهل يزكى الزرع زكاة عشر أو قيمة فيه الخلاف في أصل المسألة.
الثالثة : لو كان الثمر لا زكاة فيه كالسفرجل والتفاح ونحوهما أو كان الزرع لا زكاة فيه كالخضراوات أو كان العقار لتجارة وعبيدها أجرة ضم قيمة الثمرة والأجرة إلى قيمة الأصل في الحول على الصحيح من المذهب كالربح وقيل لا يضم.
الرابعة : لو أكثر من شراء عقار فارا من الزكاة قال في الفروع ظاهر كلام الأكثر أو صريحه أنه لا زكاة عليه وقيل عليه الزكاة وقدمه في الرعايتين والفائق وأطلقهما في الفروع والحاويين.
الخامسة : لا زكاة في قيمة ما أعد للكراء من عقار وحيوان وغيرهما وذكر ابن عقيل في ذلك تخريجا من الحلى المعد للكراء.
السادسة : لا زكاة في غير ما أعد للتجارة من عرض وحيوان وعقار وثياب وشجر وتقدم في أول الباب ما لا تجب فيه الزكاة من الآلات والأمتعة والقوارير ونحوها التي للصناع والتجار والسمان ونحوهم.
السابعة : لو اشترى شقصا للتجارة بألف فصار عند الحول بألفين زكاهما وأخذه الشفيع بألف ولو اشتراه بألفين فصار عند حوله بألف زكى ألفا واحدة وأخذه الشفيع بألفين لأنه يأخذ بما وقع عليه العقد.
قوله : "وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته فأخرجاها معا ضمن كل واحد نصيب صاحبه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقدموه لأنه انعزل حكما لأنه لم يبق على الموكل زكاة كما لو علم ثم نسي والعزل حكما يستوي فيه العلم وعدمه بدليل ما لو وكل في بيع عبد فباعه الموكل أو أعتقه وزاد في شرح المحرر وجهل السبق قال بن نصر الله وهو غريب حسن.
وقيل: لا يضمن من لم يعلم بإخراج صاحبه بناء على أن الوكيل لا ينعزل قبل العلم.
وقيل: لا يضمن وإن قلنا ينعزل قبل العلم لأنه غره كما لو وكله في قضاء دين فقضاه بعد قضاء الموكل ولم يعلم اختاره المصنف.
وفرق المجد في شرحه بينهما بأنه لم يفوت حق المالك بدفعه إذ له الرجوع على القابض وقال في الرعاية ضمن كل واحد منهما حق الآخر.
وقيل: لا كالجاهل منهما والفقير الذي أخذها منهما في الأقيس فيهما قال في الفروع كذا قال.
قوله : "وإن أخرجها أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الأول علم أو لم يعلم".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ويتخرج أن لا ضمان عليه إذا لم يعلم بناء على عدم انعزال الوكيل قبل علمه كما تقدم وتأتي المسألة في الوكالة.
وقيل: لا يضمن وإن قلنا ينعزل الوكيل قبل علمه كما تقدم اختاره المصنف وهما القولان اللذان قبل ذلك.
فوائد :
الأولى : لو أذن غير الشركاء كل واحد للآخر في إخراج زكاته. فحكمه حكم المسألة التي قبلها لكن هل يبدأ بزكاته وجوبا فيه روايتان وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين.
إحداهما: لا يجب إخراج زكاته أولا بل يستحب وهو الصحيح وقطع به القاضي وفرق بينها وبين الحج.
والرواية الثانية: يجب إخراج زكاته قبل زكاة الآذن قال في الفروع وقد دلت هذه المسألة على أن نفل الصدقة قبل أداء الزكاة في جوازه وصحته ما في نفل بقية العبادات قبل أدائها.
الثانية : لو لزمته زكاة ونذر قدم الزكاة فإن قدم النذر لم يصر زكاة على الصحيح من المذهب وعنه يبدأ بما شاء.
ويأتي نظيره في قضاء رمضان قبل صوم النذر.
الثالثة : لو وكل في إخراج زكاته ثم أخرجها هو ثم أخرج الوكيل قبل علمه قال في الفروع فيتوجه أن في ضمانه الخلاف السابق ولهذا لم يذكرها الأكثر اكتفاء بما سبق وأطلق بعضهم ثلاثة أوجه.
ثالثها: لا يضمن إن قلنا لا ينعزل وإلا ضمن وصححه في الرعايتين والحاويين.
الرابعة : يقبل قول الموكل أنه أخرج قبل دفع وكيله إلى الساعي وقول من دفع زكاة ماله إليه ثم ادعى أنه كان أخرجها.
الخامسة : حيث قلنا لا يصح الإخراج فإن وجد مع الساعي أخذ منه وإن تلف أو كان دفعه إلى الفقراء أو كانا دفعا إليه فلا.
تنبيه : سبق حكم المضارب ورب المال في كتاب الزكاة عند قول المصنف "ولا زكاة في حصة المضارب من الربح قبل القسمة".
باب زكاة الفطر
قوله : "وهي واجبة على كل مسلم".هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: يختص وجوب الفطرة بالمكلف بالصوم وحكى وجه لا تجب في مال صغير والمنصوص خلافه.
تنبيه : مفهوم قوله "على كل مسلم" أنها لا تجب على غيره وهو صحيح وهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وعنه رواية مخرجة تجب على المرتد.
وظاهر كلامه: أنها لا تجب على كافر لعبده المسلم وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب [ونصره المصنف في المغني قال في الحاوي الكبير هذا ظاهر المذهب] وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تلزمه. اختاره القاضي في المجرد وصححه بن تميم [وحكاه بن المنذر إجماعا] وكذا حكم كل كافر لزمته نفقة مسلم في فطرته الخلاف المتقدم.
قال الزركشي: ينبني الخلاف على أن السيد هل هو متحمل أو أصيل فيه قولان إن قلنا متحمل وجبت عليه وإن قلنا أصيل لم تجب.
فائدة : قوله: "وهي واجبة" هل تسمى فرضا فيه الروايتان اللتان في المضمضة والاستنشاق وقد تقدمتا في باب الوضوء وتقدمت فائدة الخلاف هناك.
قوله : "إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته".
وهذا بلا نزاع لكن يعتبر كون ذلك فاضلا عما يحتاجه لنفسه أو لمن تلزمه مؤنته من مسكن وخادم ودابة وثياب بذله ونحو ذلك على الصحيح من المذهب جزم به في الحاويين والمغني والشرح وقدمه في الفروع وقال وذكر بعضهم هذا قولا كذا قال انتهى.
قلت: قدم في الرعايتين والفائق وجوب الإخراج مطلقا وذكر الأول قولا موجزا.
تنبيه : ألحق المصنف في المغني والشارح بما يحتاجه لنفسه الكتب التي يحتاجها للنظر والحفظ والحلى للمرأة للبسها أو لكراء تحتاج إليه قال في الفروع ولم أجد هذا في كلام أحد قبله ولم يستدل عليه قال وظاهر ما ذكره الأكثر من الوجوب واقتصارهم على ما سبق من المانع أن هذا لا يمنع وجوب زكاة الفطر ووجه احتمالا أن الكتب تمنع بخلاف الحلى للبس للحاجة إلى العلم وتحصيله قال ولهذا ذكر الشيخ يعني به المصنف أن الكتب تمنع في الحج والكفارة ولم يذكر الحلى.
فهذه ثلاثة أقوال: المنع وعدمه والمنع في الكتب دون الحلى.
فعلى ما قاله المصنف والشارح: هل يمنع ذلك من أخذ الزكاة قال في الفروع ويتوجه احتمالان المنع وعدمه.
قلت: وهو الصواب.
قال الشيخ تقي الدين: يجوز للفقير الأخذ من الزكاة لشراء كتب يحتاجها.
وعلى القول الثاني الذي هو ظاهر كلام أكثر الأصحاب يمنع ذلك أخذ الزكاة.
وعلى الاحتمال الأول وهو المنع من أخذ الزكاة هل يلزم من كون ذلك مانعا من أخذ الزكاة أن يكون كالدراهم والدنانير في بقية الأبواب لتسوية بينهما أم لا لأن الزكاة أضيق قال في الفروع يتوجه الخلاف.
وعلى الاحتمال الثاني الذي هو الصواب هو كسائر ما لا بد منه ذكر ذلك في الفروع.
فائدة: قوله: "وإن كان مكاتبا".
يعني: أنها تجب على المكاتب وهذا بلا نزاع وهو من المفردات.
ويلزمه أيضا: فطرة قريبة ممن تلزمه مؤنته وهو من المفردات أيضا.
وتجب فطرة زوجته عليه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل لا تجب عليه.
قوله : "وإن فضل بعض صاع فهل يلزمه إخراجه على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والتلخيص والبلغة والشرح وشرح بن منجا وشرح المجد والفروع وقال الترجيح مختلف.
إحداهما: يلزمه إخراجه كبعض نفقة القريب وهذا المذهب صححه في التصحيح والنظم وبن رجب في قواعده وفرق بينه وبين الكفارة.
قال في الرعايتين والحاويين والفائق أخرجه على أصح الروايتين واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في المحرر.
والرواية الثانية: لا يلزمه إخراجه كالكفارة جزم به [في الإرشاد و] ابن عقيل في التذكرة وقال في الفصول هذا الصحيح من المذهب وهو ظاهر الوجيز والمبهج والعمدة وقدمه بن تميم وابن رزين في شرحه وإدراك الغاية وتجريد العناية.
فعلى المذهب: يخرج ذلك البعض ويجب الإتمام على من تلزمه فطرته.
وعلى الثانية: يصير البعض كالمعدوم ويتحمل ذلك الغير جميعها.
تنبيه : شمل قوله: "ويلزمه فطرة من يمونه من المسلمين" الزوجة ولو كانت أمة وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: لا يلزمه فطرة زوجته الأمة.
وتقدم إذا كان للكافر عبد مسلم أو أقارب مسلمون وأوجبنا عليه النفقة: هل تجب عليه الفطرة لهم أم لا في أول الباب وتقدم إذا ملك العبد عبدا هل تجب عليه فطرته في أول كتاب الزكاة.
قوله : "فإن لم يجد ما يؤدى عن جميعهم بدأ بنفسه".
بلا نزاع ثم بامرأته ثم برقيقه ثم بولده هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يقدم الرقيق على امرأته لئلا تسقط بالكلية لأن الزوجة تخرج مع القدرة وأطلقهما في الفصول.
وقيل: يقدم الولد على الزوجة وقيل يقدم الولد الصغير على الزوجة والعبد.
قوله : "ثم بولده ثم بأمه ثم بأبيه".
تقديم الولد على الأبوين أحد الوجوه قال في الفروع جزم به جماعة وقدمه آخرون قال المجد في شرحه هذا ظاهر المذهب وجزم به في [الهادي و] الوجيز وإدراك الغاية والإفادات والمنور وقدمه في الرعايتين والحاويين وبن تميم.
والوجه الثاني: يقدم الولد مع صغره على الأبوين جزم به بن شهاب.
والوجه الثالث: يقدم الأبوان على الولد قدمه في الفروع والمذهب وجزم به المصنف في تقديم الأم على الأب جزم به في الوجيز وإدراك الغاية والمذهب والمستوعب وقدمه في الفروع والهادي وبن تميم والرعايتين والحاويين.
وقيل يقدم الأب على الأم وحكاه بن أبي موسى رواية وقيل بتساويهما.
فائدة : لو اشترى اثنان فأكثر من القرابة ولم يفضل سوى صاع فالصحيح من المذهب أنه يقرع بينهم وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يوزع بينهم وقيل يخير في الإخراج عن أيهم شاء.
قوله : "ويستحب أن يخرج عن الجنين ولا تجب".
هذا المذهب بلا ريب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه تجب: نقلها يعقوب بن بختان واختاره أبو بكر.
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع ويحتمل وجوبها إذا مضت له أربعة أشهر ويستحب قبل ذلك.
فائدة : يلزمه فطرة البائن الحامل إن قلنا النفقة لها وإن قلنا للحمل لم تجب على أصح الروايتين بناء على وجوبها على الجنين.
وقال في الرعاية: ويستحب فطرة الجنين إن قلنا النفقة له وعنه تجب فلو أبان حاملا لزمته فطرتها إن وجبت النفقة لها وفي فطرة حملها إذن وجهان.
وإن وجبت النفقة للحمل وجبت فطرته وفي أمه إذن وجهان قال في الفروع كذا قال.
وقيل تسن فطرته وإن وجبت النفقة له وتجب فطرته وإن وجبت النفقة لأمه.
قوله : "ومن تكفل بمؤنة شخص في شهر رمضان لم تلزمه فطرته عند أبي الخطاب".
وهو رواية عن أحمد واختاره المصنف والشارح وحمل كلام أحمد على الاستحباب لعدم الدليل واختاره صاحب الفائق أيضا قال في التلخيص والأقيس أن لا تلزمه انتهى.
والمنصوص أنها تلزمه وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله المصنف وغيره قال في الهداية قاله الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وهو من المفردات وأطلقهما في الفائق.
تنبيه : ظاهر قوله: "في شهر رمضان" أنه لا بد أن يمونه كل الشهر وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال ابن عقيل قياس المذهب يلزمه إذا مانه آخر ليلة من الشهر كمن ملك عبدا وزوجة قبل الغروب ومعناه في الانتصار والروضة وأطلق في الرعايتين والحاويين وبن تميم وغيرهم وجهين فيمن نزل به ضيف قبل الغروب ليلة العيد زاد في الرعاية الكبرى قلت أو نزل به قبل فجرها إن علقنا الوجوب به.
وظاهر كلامه أيضا على المنصوص أنه لو مانه جماعة في شهر رمضان أنها لا تجب عليهم وهو أحد الاحتمالين.
قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في الفائق وقدمه في الرعاية الكبرى.
والاحتمال الثاني: تجب عليهم بالحصص كعبد مشترك وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والزركشي وبن تميم وحكاهما وجهين.
وعلى قول بن عقيل: تجب فطرته على من مانه آخر ليلة.
فائدتان :
إحداهما : لو استأجر أجيرا أو ظئرا بطعامهما لم تلزمه فطرتهما على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل بلى قال في الرعاية الكبرى وهو أقيس.
الثانية : لو وجبت نفقته في بيت المال فلا فطرة له قاله القاضي ومن بعده وجزم به بن تميم وغيره لأن ذلك ليس بإنفاق إنما هو إيصال المال في حقه أو أن المال لا مالك له قاله في الفروع والمراد معين كعبيد الغنيمة قبل القسمة والفيء ونحو ذلك.
قوله : "وإذا كان العبد بين شركاء فعليهم صاع واحد".
قال المصنف وغيره: هذا الظاهر عنه قال المجد في شرحه وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه رجع عن رواية وجوب صاع على كل واحد.
قال المصنف وغيره: قال فوزان رجع أحمد عن هذه المسألة يعني عن إيجاب صاع كامل على كل واحد وصححه ابن عقيل في التذكرة وبن منجا في شرحه وقال هو المذهب واختاره المصنف والمجد والشارح وبن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع وبن تميم والهداية وجزم به في الوجيز والإفادات والمنتخب.
وعنه على كل واحد صاع اختاره الخرقي وأبو بكر قاله المجد قال في الفروع اختاره أكثر الأصحاب وقدمه بن البنا في عقوده وغيره وصححه في المبهج وغيره وهو من المفردات وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والمذهب والحاويين.
قوله : "وكذلك الحكم فيمن بعضه حر".
وكذا الحكم أيضا لو كان عبدان فأكثر بين شركاء منهم أو من ورثة اثنان فأكثر أو من ألحقته القافة باثنين أو بأكثر ونحوهم حكمهم كحكم العبيد بين الشركاء على ما تقدم نقلا ومذهبا على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع: لو ألحقت القافة ولدا باثنين فكالعبد المشترك جزم به الأصحاب منهم صاحب المغني والمحرر قال وتبع بن تميم قول بعضهم يلزم كل واحد صاع وجها واحدا وتبعه في الرعايتين ثم خرج خلافه من عنده وجزم بما جزم به بن تميم في الحاويين وجوب الصاع على كل واحد في هذه المسائل من مفردات المذهب.
واختار أبو بكر فيمن بعضه حر لزوم السيد بقدر ملكه ولا شيء على العبد في الباقي ويأتي لو كان نفع الرقيق لواحد ورقبته لآخر على من تجب فطرته بعد قوله: "وتجب بغروب الشمس".
فائدة : لو هايأ من بعضه حر سيد باقيه لم تدخل الفطرة في المهايأة على الصحيح من المذهب ذكره القاضي وجماعة لأنه حق لله كالصلاة قال بن تميم وابن حمدان في الرعاية
الكبرى: لم تدخل الفطرة فيها على الأصح وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى والحاويين وجزم به في المنور.
فعلى هذا: أيهما عجز عما عليه لم يلزم الآخر قسطه كشريك ذمي لا يلزم المسلم قسطه فإن كان يوم العيد نوبة العبد المعتق نصفه مثلا اعتبر أن يفضل عن قوته نصف صاع وإن كان نوبة سيده لزم العبد نصف صاع ولو لم يملك غيره لأن مؤنته على غيره.
قلت: فيعايى بها.
وقيل: تدخل الفطرة في المهايأة بناء على دخول كسب نادر فيها كالنفقة فلو كان يوم العيد نوبة العبد وعجز عنها لم يلزم السيد شيء لأنه لا تلزمه نفقته كمكاتب عجز عن الفطرة.
وقال في الرعاية الكبرى: وقلت تلزمه إن وجبت بالغروب في نوبته قال في الفروع وهو متوجه وإن كانت نوبة السيد وعجز عنها أدى العبد قسط حريته في أصح الوجهين بناء على أنها عليه بطريق التحمل كموسرة تحت معسر وقيل لا تلزمه.
قوله : "وإن عجز زوج المرأة عن فطرتها فعليها أو على سيدها إن كانت أمة لأنه كالمعدوم".
وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره ويحتمل أن لا تجب واختاره بعض الأصحاب كالنفقة قال بن تميم وإن أعسر زوج الأمة فهل تجب على سيدها على وجهين.
فعلى هذا الوجه الثاني: هل تبقى في ذمته كالنفقة أم لا كفطرة نفسه يتوجه احتمالين قاله في الفروع.
قلت: الأولى السقوط وهو كالصريح في المغني والشرح.
وعلى المذهب: هل ترجع الحرة والسيد إذا أخرجا على الزوج إذا أيسر كالنفقة أم لا كفطرة القريب فيه وجهان وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الفروع ومختصر بن تميم والحاويين.
إحداهما: يرجعان عليه قال في الرعايتين في الحرة ترجع عليه في الأقيس إذا أيسر بالنفقة وقال في مسألة السيد يرجع على الزوج الحر في وجه.
والوجه الثاني: لا يرجعان عليه إذا أيسر وهو ظاهر بحثه في المغني والشرح.
ومأخذ الوجهين أن من وجبت عليه فطرة غيره هل تجب عليه بطريق التحمل عن ذلك الغير أو بطريق الأصالة فيه وجهان للأصحاب قال في الفائق ومن كانت نفقته على غيره ففطرته عليه وهل يكون متحملا أو أصيلا على وجهين وكذا قال بن تميم وبن حمدان وقال والأشهر أنه متحمل غير أصيل قال في التلخيص ظاهر كلام أصحابنا أنه يكون متحملا والمخرج عنه أصيل بل هو أصيل.
فوائد :
الأولى : الصحيح من المذهب وجوب فطرة زوجة العبد على سيده قال المصنف هذا قياس المذهب كالنفقة وكمن زوج عبده بأمته قال بن تميم هذا أصح وقدمه في الرعاية.
وقيل: تجب عليها إن كانت حرة وعلى سيدها إن كانت أمة قدمه بن تميم قال في المغني والشرح قاله أصحابنا المتأخرون وقدمه ابن رزين في شرحه [قال في الحاويين هذا أصح الوجهين قال في الرعاية الصغرى هذا أشهر الوجهين] وأطلقهما في الفروع قال المجد وغيره القول بالوجوب مبني على تعلق نفقة الزوجة برقبة العبد أو أن السيد معسر فإن كان موسرا وقلنا نفقة زوجة عبده عليه ففطرته عليه وتبعه بن تميم وغيره.
الثانية : لو كانت زوجته الأمة عنده ليلا وعند سيدها نهارا ففطرتها على سيدها لقوة ملك اليمين في تحمل الفطرة على الصحيح وإليه ميل المجد في شرحه وجزم به في المنور وقدمه في الرعايتين والحاويين.
وقيل: بينهما نصفان كالنفقة وأطلقهما في الفروع والمجد في شرحه.
وتقدم وجوب فطرة قريب المكاتب وزوجته.
الثالثة : لو زوج قريبه ولزمته نفقة امرأته فعليه فطرتها.
قوله : "ومن له غائب أو آبق فعليه فطرته".
وكذا المغصوب. وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل: لا تجب على الغائب فطرة زوجته ورقيقه وحكاه بن تميم وغيره رواية [واحدة] قال في الفروع وعنه رواية محرجة من زكاة المال لا تجب قال ابن عقيل يحتمل أن لا يلزمه إخراج زكاته حتى يرجع كزكاة الدين والمغصوب.
فائدة : يخرج الفطرة عن العبد والحر مكانه على الصحيح من المذهب قال في الفروع وهو ظاهر كلامه قال المجد نص عليه وقيل مكانهما قال في الفروع قدمه بعضهم وأطلقهما.
قوله : "إلا أن يشك في حياته فتسقط".
هذا المذهب نص عليه في رواية صالح وعليه أكثر الأصحاب لأن الأصل براءة الذمة والظاهر موته كالنفقة وذكر بن شهاب أنها لا تسقط فتلزمه لئلا تسقط بالشك.
قلت وهو قوي في النظر والأصل: عدم موته.
قال بن رجب في قواعده: ويتخرج لنا وجه بوجوب الفطرة للعبد الآبق المنقطع خبره بناء على جواز عتقه.
قوله : "وإن علم حياته بعد ذلك أخرج لما مضى".
هذا مبني على الصحيح من المذهب في التي قبلها وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال بن تميم المنصوص عن أحمد لزومه وقيل لا يخرج ولو علم حياته.
وقيل: لا يخرج عن القريب فقط كالنفقة ورد ذلك بوجوبها وإنما تعذر أيضا لها كتعذره بحبس ومرض ونحوهما.
قوله : "ولا يلزم الزوج فطرة الناشز".
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال أبو الخطاب [تلزمه قال المجد في شرحه هذا ظاهر المذهب] وأطلقهما في الخلاصة والمحرر وتجريد العناية.
فائدة: وكذا الحكم في كل من لا تلزم الزوج نفقتها كالصغيرة وغيرها قاله في الفروع وغيره.
قوله : "ومن لزم غيره فطرته فأخرج عن نفسه بغير إذنه فهل تجزئه على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمنتهى والكافي والهادي والتلخيص وبن تميم والفروع والشرح والفائق والحاويين وإدراك الغاية.
أحدهما: تجزئه وهو الصحيح من المذهب جزم به في الإفادات والوجيز والمنور والمنتخب قال في تجريد العناية أجزأه على الأظهر وقدمه في المحرر والرعايتين واختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح [والنظم قال بن منجا في شرحه هذا ظاهر المذهب].
والوجه الثاني: لا تجزئه قدمه ابن رزين في شرحه وقال في الانتصار فإن أخرج بغير إذنه ونيته فوجهان.
تنبيه: مأخذ الخلاف هنا مبني على أن من لزمته فطرة غيره هل يكون متحملا عنه أو أصيلا فيه وجهان تقدما ذكره المجد في شرحه وصاحب التلخيص والفروع وغيرهم وذكر في الرعاية المسألة وقال إن أخرج عن نفسه جاز وقيل لا وقيل إن قلنا الزوج والقريب متحملان جاز وإن قلنا هما أصيلان فلا فظاهره أن المقدم عنده عدم البناء.
فوائد :
إحداها : لو لم يخرج من لزمته فطرة غيره عن ذلك الغير لم يلزم الغير شيء وللغير مطالبته بالإخراج على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قال في الفروع جزم به الأصحاب منهم أبو الخطاب في الانتصار كنفقته وقال أبو المعالي ليس له مطالبته بها ولا افتراضها عليه قال في الفروع كذا قال.
فعلى المذهب: هل تعتبر نيته فيه على وجهين وأطلقهما في الفروع والرعاية وبن تميم.
قلت: الصواب لا اكتفاء بنية المخرج.
الثانية : لو أخرج عمن لا تلزمه فطرته بإذنه أجزأ وإلا فلا قال أبو بكر الآجري هذا قول فقهاء المسلمين.
الثالثة : لو أخرج العبد بغير إذن سيده لم تجزه مطلقا على الصحيح من المذهب ولعله خارج عن الخلاف الذي ذكره المصنف.
وقيل: إن ملكه السيد مالا وقلنا يملكه ففطرته عليه مما في يده فيخرج العبد عن عبده مما في يده.
وقيل: بل تسقط لتزلزل ملكه ونقصه قال في الرعاية وعلى الوجوب إن أخرجها بلا إذن سيده أجزأت.
قلت: لا تجزئه.
وقيل: فطرته عليه مما في يده فإن تعذر كسبه فعلى سيده انتهى.
قوله : "ولا يمنع الدين وجوب الفطرة إلا أن يكون مطالبا به".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال المجد في شرحه وصاحب الفروع وغيرهما هذا ظاهر المذهب قال الزركشي هذا المذهب المجزوم به عند الشيخين وغيرهما وجزم به الخرقي والمصنف في المغني وصاحب الشرح والإفادات والمنتخب وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه يمنع سواء كان مطالبا به أو لا وقاله أبو الخطاب.
وعنه لا يمنع مطلقا اختاره ابن عقيل وجزم به بن البنا في العقود وقدمه في الرعايتين والفائق وجعل الأول اختيار المصنف وأطلقهن في الحاويين.
قوله : "وتجب بغروب الشمس من ليلة الفطر".
هذا الصحيح من المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يمتد وقت الوجوب إلى طلوع الفجر الثاني من يوم الفطر واختار معناه الآجري.
وعنه تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر قال في الإرشاد ويجب إخراج زكاة الفطر بعد طلوع الفجر الثاني من يوم الفطر قبل صلاة العيد.
وعنه يمتد الوجوب إلى أن يصلي العيد ذكرها المجد في شرحه.
فعلى المذهب: لو أسلم بعد غروب الشمس أو ملك عبدا أو زوجة أو ولد له ولد لم تلزمه فطرته وإن وجد ذلك قبل الغروب وجبت وإن مات قبل الغروب ونحوه لم تجب ولا تسقط بعد.
فوائد :
الأولى : لا يسقط وجوب الفطرة بعد وجوبها بموت ولا غيره بلا نزاع أعلمه ولو كان معسرا وقت الوجوب ثم أيسر لم تجب الفطرة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يخرج متى قدر فتبقى في ذمته وعنه يخرج إن أيسر أيام العيد وإلا فلا قال الزركشي فيحتمل أن يريد أيام النحر ويحتمل أن يريد الستة من شوال لأنه قد نص في رواية أخرى أنه إذا قدر بعد خمسة أيام أنه يخرج وعنه تجب إن أيسر يوم العيد اختاره الشيخ تقي الدين.
الثانية : تجب الفطرة في العبد المرهون والموصى به على مالكه وقت الوجوب وكذا المبيع في مدة الخيار ولو زال ملكه كمقبوض بعد الوجوب ولم يفسخ فيه العقد وكما لو رده المشتري بعيب بعد قبضه.
الثالثة : لو ملك عبدا دون نفعه فهل فطرته عليه أو على مالك نفعه أو في كسبه فيه الأوجه الثلاثة التي في نفقته التي ذكرهن المصنف وغيره في باب الموصى به له فالصحيح هناك هو الصحيح هنا هذا أصح الطريقين قدمه في الفروع وقدم جماعة من الأصحاب أن الفطرة تجب على مالك الرقبة لوجوبها على من لا نفع فيه وحكوا الأول قولا منهم المصنف وبن تميم وبن حمدان وغيرهم وتقدم لو كان العبد مستأجرا أو كانت الأمة ظئرا أن فطرتهما تجب على السيد على الصحيح.
تنبيه : مفهوم قوله : "ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين".
أنه لا يجوز إخراجها بأكثر من ذلك وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات.
وعنه يجوز تقديمها بثلاثة أيام قال في الإفادات ويجوز قبله بيومين أو ثلاثة. وقطع في المستوعب والنظم أنه يجوز تقديمها بأيام وهو في بعض نسخ الإرشاد فيحتمل أنهم أرادوا ثلاثة أيام كالرواية ويحتمل غير ذلك.
وقيل: يجوز تقديمها بخمسة عشر يوما وحكى رواية جعلا للأكثر كالكل.
وقيل: يجوز تقديمها بشهر ذكره القاضي في شرحه الصغير.
قوله : "والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة من بعد طلوع الفجر الثاني".
صرح به في المستوعب والرعاية وغيرهما أو قدرها إن لم يصل وهذا المذهب قال الإمام أحمد تخرج قبلها وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال غير واحد من الأصحاب الأفضل أن تخرج إذا خرج إلى المصلى وجزم به بن تميم فدخل في كلامهم لو خرج إلى المصلى قبل الفجر.
قوله : "ويجوز في سائر اليوم".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: يحرم التأخير إلى بعد الصلاة وذكر المجد أن الإمام أحمد أومأ إليه ويكون قضاء وجزم به بن الجوزي في كتاب أسباب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب وهذا القول من المفردات قال في الرعاية عن القول بأنه قضاء وهو بعيد.
تنبيه : يحتمل قول المصنف "ويجوز في سائر اليوم" الجواز من غير كراهة وهو بعيد وهو أحد الوجهين اختاره القاضي.
ويحتمل إرادته الجواز مع الكراهة وهو الوجه الثاني وهو الصحيح قال في الكافي والمجد في شرحه وكان تاركا للاختيار.
قال في الفروع: القول بالكراهة أظهر وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين وغيرهم وأطلقهما في الفروع وبن تميم.
قوله : "فإن أخرها عنه أثم وعليه القضاء".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يأثم نقل الأثرم أرجو أن لا بأس وقيل له في رواية الكحال فإن أخرها قال إذا أعدها لقوم.
قوله : "والواجب في الفطرة صاع من البر والشعير".
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم واختار الشيخ تقي الدين إجزاء نصف صاع من البر قال وهو قياس المذهب في الكفارة وأنه يقتضيه ما نقله الأثرم قال في الفروع كذا قال واختار ما اختاره الشيخ تقي الدين صاحب الفائق.
فائدة : الصاع قدر معلوم وقد تقدم قدره في آخر باب الغسل.
فيؤخذ صاع من البر ومثل مكيل ذلك من غيره.
وتقدم ذكر ذلك مستوفى في أول باب زكاة الخارج من الأرض.
ولا عبرة بوزن التمر وقطع به الجمهور وقال في الرعاية الكبرى ولا عبرة بوزن التمر.
قلت: وكذا غيره مما يخرجه سوى البر.
وقيل: يعتبر الصاع بالعدس كالبر.
وقلت: بل بالماء كما سبق انتهى ويحتاط في الثقيل ليسقط الفرض بيقين.
قوله : "ودقيقهما وسويقهما".
يعني دقيق البر والشعير وسويقهما فيجزئ إخراج أحدهما هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وقدمه في المحرر.
وعنه لا يجزئ ذلك.
وقيل: لا يجزئ السويق اختاره بن أبي موسى والمجد في شرحه.
فعلى المذهب: يشترط أن يكون صاع ذلك بوزن حبه بلا نزاع أعلمه. ونص عليه لأنه لو أخرج الدقيق بالكيل لنقص عن الحب لتفرق الإجزاء بالطحن.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف الإجزاء وإن لم ينخل وهو الصحيح من المذهب جزم به في التلخيص والبلغة والزركشي وغيرهم وقدمه في الفصول والفروع وبن تميم والرعايتين وغيرهم.
وقيل: لا يجزئ إخراجه إلا منخولا وأطلقهما في الحاويين والفائق.
قوله : "ومن الأقط في إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والفصول والخلاصة والتلخيص والبلغة.
إحداهما: الإجزاء مطلقا وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد قال الزركشي هذا المذهب انتهى واختاره أبو بكر وبن أبي موسى والقاضي وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل وبن عبدوس المتقدم وبن البنا والشيرازي وغيرهم وجزم به في تذكرة ابن عقيل والمبهج والعقود لابن البنا والوجيز والمنور والمنتخب والإفادات وقدمه في الفروع ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر وبن تميم والرعايتين والحاويين والفائق وإدراك الغاية وغيرهم وصححه في التصحيح والمجد في شرحه والناظم.
قال في تجريد العناية: ويجزئ صاع أقط على الأظهر.
وعنه يجزئ لمن يقتاته دون غيره اختاره الخرقي وقدمه في المذهب نقله المجد وغيره وقال أبو الخطاب والمصنف وصاحب التلخيص وجماعة وعنه لا يجزئ إلا عند عدم الأربعة فاختلف نقلهم في محل الرواية وعنه لا يجزئ مطلقا وهو ظاهر ما جزم به في التسهيل قال في الفروع اختاره أبو بكر.
قلت: قال في الهداية فأما الأقط فعنه أنه لا يخرج منه مع وجود هذه الأصناف وعنه أنه يخرج منه على الإطلاق وهو اختيار أبي بكر فحكى اختيار أبي بكر جواز الإخراج مطلقا. وحكى في الفروع اختياره عدم الجواز مطلقا.
فلعل أن يكون له في المسألة اختياران.
فعلى المذهب: هل يجزئ اللبن غير المخيض والجبن أو لا يجزئان أو يجزئ اللبن دون الجبن أو عكسه أو يجزئان عند عدم الأقط فيه أقوال وأطلقهن في الفروع والرعاية الكبرى وبن تميم.
وأطلق الثلاثة الأول في الرعاية الصغرى والحاويين والفائق.
وأطلق الأوليين: الزركشي قال بن تميم وبن حمدان ظاهر كلام الإمام أحمد إجزاء اللبن دون الجبن قال في الفروع والذي وجد عن الإمام أحمد أنه قال يروى عن الحسن صاع لبن لأن الأقط ربما ضاق فلم يتعرض للجبن انتهى.
قلت: الجبن أولى من اللبن
والقول الرابع: احتمال في الرعاية وبن تميم والفروع وقال في المذهب ومسبوك الذهب إذا قلنا يجوز إخراج الأقط مطلقا فإذا عدمه أخرج عنه اللبن قال القاضي إذا عدم الأقط وقلنا له إخراجه جاز إخراج اللبن.
قال ابن عقيل في الفصول: إذا لم يجد الأقط على الرواية التي تقول يجزئ وأخرج عنه اللبن أجزأه لأن الأقط من اللبن لآنه لبن مجمد مجفف بالمصل وجزم به ابن رزين في شرحه وقال لأنه أكمل منه.
وقال المصنف: ظاهر كلام الخرقي أنه لا يجزئ اللبن بحال.
وقال في المستوعب: وإذا قلنا يجوز إخراج الأقط لم يجز إخراج اللبن مع وجوده ويجزئ مع عدمه ذكره القاضي وذكر بن أبي موسى لا يجزئ.
قوله : "ولا يجزئ غير ذلك".
يعني إذ وجد شيء من هذه الأجناس التي ذكرها لم يجزئه غيرها وإن كان يقتاته وهو الصحيح وهو من المفردات ويأتي كلام الشيخ تقي الدين قريبا.
وظاهر كلامه. إجزاء أحد الأجناس المتقدمة وإن كان يقتات غيره وهو صحيح لا أعلم فيه خلافا وصرح به الأصحاب.
تنبيه: دخل في كلام المصنف وهو قوله: "ولا يجزئ غير ذلك" القيمة والصحيح من المذهب أنها لا تجزئ وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وعنه رواية مخرجة يجزئ إخراجها.
وقيل: يجزئ كل مكيل مطعوم وقال بن تميم وقد أومأ إليه الإمام أحمد واختاره الشيخ تقي الدين يجزئه من قوت بلده مثل الأرز وغيره ولو قدر على الأصناف المذكورة في الحديث وذكره رواية وأنه قول أكثر العلماء وجزم به ابن رزين وحكاه في الرعاية قولا.
قوله : "إلا أن يعدمه فيخرج مما يقتات عند بن حامد".
سواء كان مكيلا أو غيره كالذرة والدخن واللحم واللبن وسائر ما يقتات به وجزم به في العمدة والتلخيص والبلغة قال في التلخيص هذا المذهب وقيل لا يعدل عن اللحم واللبن.
"وعند أبي بكر: يخرج ما يقوم مقام المنصوص" من حب وتمر يقتات فلا بد أن يكون مكيلا مقتاتا يقوم مقام المنصوص وهذا المذهب.
قال المجد: هذا أشبه بكلام أحمد نقل حنبل ما يقوم مقامها صاع وهو قول الخرقي ومعناه قول أبي بكر وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب والإفادات وغيرهم وقدمه في الكافي والمحرر والفروع والرعايتين والنظم وبن تميم والفائق والحاويين زاد في التلخيص والبلغة وبن تميم وبن حمدان مما يقتات غالبا.
وقيل: يجزئ ما يقوم مقامها وإن لم يكن مكيلا.
قال الزركشي: ولأبي الحسن بن عبدوس احتمال لا يجزئ غير الخمسة المنصوص عليها وتبقى عند عدم هذه الخمسة في ذمته حتى يقدر على أحدها.
قوله : "ولا يخرج حبا معيبا".
كحب مسوس ومبلول وقديم تغير طعمه ونحوه وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقيل إن عدم غيره أجزأ وإلا فلا.
فائدتان :
إحداهما: لو خالط الذي يجزئ ما لا يجزئ فإن كان كثيرا لم يجزئ وإن كان يسيرا زاد بقدر ما يكون المصفى صاعا لأنه ليس عيبا لقلة مشقة تنقيته قاله في الفروع.
قلت: لو قيل بالإجزاء ولو كان ما لا يجزئ كثيرا إذا زاد بقدره لكان قويا.
الثانية: نص الإمام احمد على تنقية الطعام الذي يخرجه.
قوله : "ولا خبزا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا ابن عقيل فإنه قال يجزئ وحكاه في الرعاية وغيرها قولا وقال الزركشي في كتاب الكفارات لو قيل بإجزاء الخبز في الفطرة لكان متوجها وكأنه لم يطلع على كلام بن عقيل.
قوله : "ويجزئ إخراج صاع من أجناس".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وهو من المفردات لتفاوت مقصودها,
واتحاده وقاسه المصنف على فطرة العبد المشترك وقال في الرعاية الكبرى وقلت لا يخرج فطرة عبده من جنسين إذا كان لاثنين احتمل وجهين وقال في الفروع ويتوجه تخريج واحتمال من الكفارة لا يجزئ لظاهر الأخبار إلا أن تعد بالقيمة وخرج في القواعد وجها بعدم الإجزاء.
قوله : "وأفضل المخرج التمر".
هذا المذهب مطلقا ونص عليه وعليه الأصحاب اتباعا للسنة. ولفعل الصحابة والتابعين ولأنه قوت وحلاوة وأقرب تناولا وأقل كلفة.
قلت: والزبيب يساويه في ذلك كله لولا الأثر.
وقال في الحاويين. وعندي: الأفضل أعلى الأجناس قيمة وأنفع.
فظاهره: أنه لو وجد ذلك لكان أفضل من التمر ويحتمل أنه أراد غير التمر وقال الشارح وابن رزين ويحتمل أن يكون أفضلها أغلاها ثمنا كما أن أفضل الرقاب أغلاها ثمنا.
قوله : "ثم ما هو أنفع للفقراء".
وهذا أحد الوجوه. اختاره المصنف هنا وجزم به في التسهيل وقدمه في النظم وقيل الأفضل بعد التمر الزبيب [وهو المذهب] وجزم به في الهداية وعقود بن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهداية والتلخيص والبلغة والمحرر والمنور وإدراك الغاية وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق وبن تميم وابن رزين في شرحه واختاره بن عبدوس في تذكرته قال بن منجا في شرحه والأفضل عند الأصحاب بعد التمر الزبيب قال الزركشي هو قول الأكثرين وأطلقهما المجد في شرحه.
وقيل: الأفضل بعد التمر البر جزم به في الكافي والوجيز وقدمه في المغني والشرح ونصراه وحمل بن منجا في شرحه كلام المصنف هنا عليه وأطلقهن في الفروع وتجريد العناية.
وعنه الأقط أفضل لأهل البادية إن كان قوتهم.
وقيل: الأفضل ما كان قوت بلده غالبا وقت الوجوب.
قلت: وهو قوي
قال في الرعاية قلت: الأفضل ما كان قوت بلده غالبا وقت الوجوب لا قوته هو وحده انتهى.
وأيهما كان أعني الزبيب والبر كان أفضل بعده في الأفضلية الآخر ثم الشعير بعدهما ثم دقيقهما ثم سويقهما قاله في الرعاية.
قوله : "ويجوز أن يعطى الجماعة ما يلزم الواحد والواحد ما يلزم الجماعة".
هذا المذهب نص عليه على ما يأتي في استيعاب الأصناف في باب ذكر أهل الزكاة لكن الأفضل أن لا ينقص الواحد عن مد بر أو نصف صاع من غيره على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وعنه الأفضل: تفرقة الصاع قال في الفروع وهو ظاهر ما جزم به جماعة للخروج من الخلاف.
وعنه الأفضل: أن لا ينقص الواحد عن الصاع قال في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة للمشقة وعدم نقله وعمله.
وقال في عيون المسائل: لو فرق فطرة رجل واحد على جماعة لم يجزه قال في الفروع كذا قال.
فوائد :
الأولى : الصحيح من المذهب أن تفريق الفطرة بنفسه أفضل وعنه دفعها إلى الإمام العادل أفضل نقله المروذي.
ويأتي مزيد بيان على ذلك في الباب الذي بعده.
الثانية : لو أعطى الفقير فطرة فردها الفقير إليه عن نفسه جاز عند القاضي قال في التلخيص جاز في أصح الوجهين وقدمه في الفائق.
قلت: وهو الصواب إن لم يحصل حيلة في ذلك.
وقال أبو بكر: مذهب أحمد لا يجوز كشرائها وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
ولو حصلت عند الإمام فقسمها على مستحقيها فعاد إلى إنسان فطرته جاز عند القاضي أيضا وهو المذهب قدمه المجد في شرحه ونصره وغيره.
وقال أبو بكر: مذهب أحمد لا يجوز كشرائها.
وظاهر الفروع وابن رزين إطلاق الخلاف فيهما فإنهما قالا جائز عند القاضي وعند أبي بكر لا يجوز وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفائق قال في الرعايتين الخلاف في الإجزاء وقيل في التحريم انتهى.
وتقدمت المسألة بأعم من ذلك في الركاز فلتعاود.
ولو عادت إليه بميراث جاز قولا واحدا.
الثالثة : مصرف الفطرة مصرف الزكاة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب فلا يجوز دفعها لغيرهم وقال ابن عقيل في الفنون عن بعض الأصحاب تدفع إلى من لا يجد ما يلزمه وقال الشيخ تقي الدين لا يجوز دفعها إلا لمن يستحق الكفارة وهو من يأخذ لحاجته.
ولا تصرف في المؤلفة والرقاب وغير ذلك.
الرابعة : قال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ما أحسن ما كان عطاء بن أبي رباح يفعل يعطى عن أبويه صدقة الفطر حتى مات. وهذا تبرع.
باب إخراج الزكاة
قوله : "لا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها مع إمكانه".هذا المذهب في الجملة نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: لا يلزم إخراجها على الفور لإطلاق الأمر كالكفارة.
قوله : "مع إمكانه".
يعني أنه إذا قدر على إخراجها لم يجز تأخيرها وإن تعذر أخراجها من النصاب لغيبة أو غيرها جاز التأخير إلى القدرة ولو كان قادرا على الإخراج من غيره وهذا المذهب قدمه المجد في شرحه وصاحب الفروع وغيرهما.
ويحتمل أن لا يجوز التأخير إن وجبت في الذمة ولم تسقط بالتلف.
فعلى المذهب في أصل المسألة يجوز التأخير لضرر عليه "مثل أن يخشى رجوع الساعي عليه ونحو ذلك" كخوفه على نفسه أو ماله.
ويجوز له التأخير أيضا لحاجته إلى زكاته إذا كان فقيرا محتاجا إليها تختل كفايته ومعيشته بإخراجها نص عليه ويؤخذ منه ذلك عند ميسرته.
قلت: فيعايى بها.
ويجوز أيضا التأخير ليعطيها لمن حاجته أشد على الصحيح من المذهب نقل يعقوب لا أحب تأخيرها إلا أن لا يجد قوما مثلهم في الحاجة فيؤخرها لهم قدمه في الرعاية والفروع وقال جزم به بعضهم.
قلت: منهم صاحب المذهب ومسبوك الذهب والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وابن رزين.
وقال جماعة منهم المجد في شرحه ومجرده يجوز بزمن يسير لمن حاجته أشد لأن الحاجة تدعو إليه ولا يفوت المقصود وإلا لم يجز ترك واجب لمندوب.
قال في القواعد الأصولية: وقيد ذلك بعضهم بالزمن اليسير.
قال في المذهب: ولا يجوز تأخيرها مع القدرة فإن أمسكها اليوم واليومين ليتحرى الأفضل جاز قال في الفروع وظاهر كلام جماعة المنع.
ويجوز أيضا التأخير لقريب قدمه في الفروع وقال جزم به جماعة.
قلت: منهم ابن رزين وصاحب الحاويين
وقدم جماعة المنع منهم صاحب الرعايتين [والحاويين] والفائق.
قال في القواعد الأصولية: وأطلق القاضي وابن عقيل روايتين في القريب ولم يقيداه بالزمن اليسير.
ويجوز أيضا التأخير للجار كالقريب جزم به في الحاويين وقدمه في الفروع وقال ولم يذكره الأكثر وقدم المنع في الرعايتين والفائق.
وعنه له أن يعطى قريبه كل شهر شيئا وحملها أبو بكر على تعجيلها قال المجد وهو خلاف الظاهر.
وعنه ليس له ذلك وأطلق القاضي وابن عقيل الروايتين.
فائدتان :
إحداهما : يجوز للإمام والساعي تأخير الزكاة عند ربها لمصلحة كقحط ونحوه جزم به الأصحاب.
الثانية : وهي كالأجنبية مما نحن فيه نص الإمام أحمد على لزوم فورية النذر المطلق والكفارة وهو المذهب قاله في القواعد وغيره.
وقيل: لا يلزمان على الفور قال ذلك بن تميم وتبعه صاحب القواعد الأصولية وقال في الفائق المنصوص عدم لزوم الفورية ولعله سبق قلم.
قوله : "ومن منعها بخلا بها أخذت منه وعزر".
وكذا لو منعها تهاونا زاد في الرعاية من عنده "أو هملا" قال في الفروع كذا أطلق جماعة التعزيز.
قلت: أطلقه كثير من الأصحاب وقدمه في الرعاية.
وقال القاضي وابن عقيل إن فعله لفسق الإمام لكونه لا يضعها مواضعها لم يعزر وجزم به غير واحد من الأصحاب منهم صاحب الرعاية والفائق.
قلت: وهذا الصواب بل لو قيل بوجوب كتمانه والحالة هذه لكان سديدا.
تنبيه : مراده بقوله وعزر إذا كان عالما بتحريم ذلك والمعزر له هو الإمام أو عامل الزكاة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية.
وقيل: إن كان ماله باطنا عزره الإمام أو المحتسب.
قوله : "فإن غيب ماله أو كتمه أو قاتل دونها وأمكن أخذها أخذت منه من غير زيادة".
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال أبو بكر في زاد المسافر يأخذها وشطر ماله وقدمه الحلواني في التبصرة وذكره المجد رواية.
قال أبو بكر أيضا يأخذ شطر ماله الزكوي وقال إبراهيم الحربي يؤخذ من خيار ماله زيادة القيمة بشطرها من غير زيادة عدد ولا سن.
قال المجد: وهذا تكلف ضعيف.
وعنه تؤخذ منه ومثلها ذكرها ابن عقيل وقاله أبو بكر أيضا في زاد المسافر.
وقال ابن عقيل في موضع من كلامه إذا منع الزكاة فرأى الإمام التغليظ عليه بأخذ زيادة عليها اختلفت الرواية في ذلك.
تنبيهات
أحدها : محل هذا عند صاحب الحاوي وجماعة فيمن كتم ماله فقط وقال في الحاوي وكذا قيل إن غيب ماله أو قاتل دونها.
الثاني : قال جماعة من الأصحاب منهم بن حمدان وإن أخذها غير عدل فيها لم يأخذ من الممتنع زيادة.
قلت: وهو الصواب.
وأطلق جماعة آخرون الأخذ كمسألة التعزير السابقة.
الثالث : قدم المصنف هنا أنه إذا قاتل عليها لم يكفر وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف وغيره: هذا ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال بعض أصحابنا إن قاتل عليها كفر وهو رواية عن الإمام أحمد وجزم به بعض الأصحاب وأطلق بعضهم الروايتين.
وعنه يكفر وإن لم يقاتل عليها
وتقدم ذلك في كتاب الصلاة
قوله : "فإن لم يمكن أخذها استتيب ثلاثا فإن تاب وأخرج وإلا قتل".
حكم استتابته هنا: حكم استتابة المرتد في الوجوب وعدمه على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى في بابه وإذا قتل فالصحيح من المذهب أنه يقتل حدا وهو من المفردات وعنه يقتل كفرا.
فائدة : إذا لم يمكن أخذ الزكاة منه إلا بالقتال وجب على الإمام قتاله على الصحيح من المذهب وذكر بن أبي موسى رواية لا يجب قتاله إلا من جحد وجوبها.
قوله : "وإن ادعى ما يمنع وجوب الزكاة من نقصان النصاب أو الحول أو انتقاله عنه في بعض الحول ونحوه كادعائه أداءها أو أن ما بيده لغيره أو تجدد ملكه قريبا أو أنه منفرد مختلط قبل قوله بغير يمين نص عليه".
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال بن حامد يستحلف في ذلك كله ووجه في الفروع احتمالا يستحلف إن اتهم وإلا فلا وقال القاضي في الأحكام السلطانية إن رأى العامل أنه يستحلفه فعل فإن نكل لم يقض عليه بنكوله وقيل يقضي عليه.
قلت: فعلى قول القاضي يعايى بها.
فائدة : قال بعض الأصحاب ظاهر كلام الإمام أحمد أن اليمين لا تشرع.
قال في عيون المسائل: ظاهر قوله: "لا يستحلف الناس على صدقاتهم" لا يجب ولا يستحب بخلاف الوصية للفقراء بمال.
قوله : "والصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا يلزمه الإخراج إن خاف أن يطالب بذلك كمن يخشى رجوع الساعي لكن يعلمه إذا بلغ وعقل.
قوله : "ويستحب للإنسان تفرقة زكاته بنفسه".
سواء كانت زكاة مال أو فطرة نص عليه قال بعض الأصحاب منهم بن حمدان يشترط أمانته قال في الفروع وهو مراد غيره أي من حيث الجملة انتهى.
قوله : "وله دفعها إلى الساعي وإلى الإمام أيضا".
وهذا المذهب في ذلك كله مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات قال ناظمها:
زكاته يخرج في الأيام
...
بنفسه أولى من الإمام
وقيل يجب دفعها إلى الإمام إذا طلبها وفاقا للأئمة الثلاثة.
وعنه يستحب أن يدفع إليه العشر ويتولى هو تفريق الباقي.
وقال أبو الخطاب: دفعها إلى الإمام العادل أفضل واختاره بن أبي موسى للخروج من الخلاف وزوال التهمة.
وعنه دفع المال الظاهر إليه أفضل.
وعنه دفع الفطرة إليه أفضل نقله المروذي كما تقدم في آخر باب الفطرة.
وقيل: يجب دفع زكاة المال الظاهر إلى الإمام ولا يجزئ دونه.
فوائد :
الأولى : يجوز دفع زكاته إلى الإمام الفاسق على الصحيح من المذهب وقال القاضي في الأحكام السلطانية يحرم عليه دفعها إن وضعها في غير أهلها ويجب كتمها إذن عنه واختاره في الحاوي.
قلت: وهو الصواب.
ويأتي في باب قتال أهل البغي أنه يجزئ دفع الزكاة إلى الخوارج والبغاة نص عليه في الخوارج.
الثانية : يجوز للإمام طلب الزكاة من المال الظاهر والباطن على الصحيح من المذهب إن وضعها في أهلها وقال القاضي في الأحكام السلطانية لا نظر له في زكاة المال الباطن إلا أن يبذل له وقال بن تميم فيما تجب فيه الزكاة.
قال القاضي: إذا مر المضارب أو المؤذن له بالمال على عاشر المسلمين أخذ منه الزكاة قال وقيل لا تؤخذ منه حتى يحضر المالك.
الثالثة : لو طلبها الإمام لم يجب دفعها إليه وليس له أن يقاتله على ذلك إذا لم يمنع إخراجها بالكلية نص عليه وجزم به بن شهاب وغيره وقدمه في الفروع ومختصر بن تميم وهو من المفردات.
وقيل: يجب عليه دفعها إذا طلبها إليه ولا يقاتل لأجله لأنه مختلف فيه جزم به المجد في شرحه قال في الفروع وصححه غير واحد في الخلاف.
قلت: صححه في الرعايتين والحاويين.
وقيل: لا يجب دفع الباطنة بطلبه قال بن تميم وجها واحدا.
وقال الشيخ تقي الدين: من جوز القتال على ترك طاعة ولي الأمر جوزه هنا ومن لم يجوزه إلا على ترك طاعة الله ورسوله لم يجوزه.
الرابعة : يجوز للإمام طلب النذر والكفارة على الصحيح من المذهب نص عليه في الكفارة والظهار.
وقيل: ليس له ذلك وأطلقهما بن تميم وبن حمدان وصاحب الفروع.
الخامسة : يجب على الإمام أن يبعث السعاة عند قرب الوجوب لقبض زكاة المال الظاهر وأطلقه المصنف وقاله في الرعاية الكبرى والوجوب هو المذهب ولم يذكر جماعة هذه المسألة فيؤخذ منه لا يجب.
قال في الفروع: ولعله أظهر وفي الرعاية قول يستحب.
ويجعل حول الماشية المحرم لأنه أول السنة وتوقف أحمد ومثله إلى شهر رمضان فإن وجد مالا لم يحل حوله فإن عجل ربه زكاته وإنما وكل ثقة يقبضها ثم يصرفها في مصارفها وله جعل ذلك إلى رب المال إن كان ثقة وإن لم يجد ثقة فقال القاضي يؤخرها إلى العام الثاني وقال الآمدي لرب المال أن يخرجها.
قلت: وهو الصواب.
وقال في الكافي: إن لم يعجلها فإما أن يوكل أو يؤخرها إلى الحول الثاني.
وإذا قبض الساعي الزكاة فرقها في مكانها وما قاربه فإن فضل شيء حمله.
وله بيع مال الزكاة لحاجة أو مصلحة وصرفه في الأحظ للفقراء أو حاجتهم حتى في أجرة مسكن.
وإن باع لغير حاجة فقال القاضي لا يصح وقيل يصح وقدمه بعضهم وهو بن حمدان في رعايتيه واقتصر المصنف في الكافي على البيع إن خاف تلفه ومال إلى الصحة وكذا جزم بن تميم أنه لا يبيع لغير حاجة لخوف تلف ومؤنة نقل فإن فعل ففي الصحة وجهان أطلقهما في الحاويين والفروع.
قوله : "ولا يجوز إخراجها إلا بنية".
هذا بلا نزاع من حيث الجملة فينوي الزكاة أو صدقة الفطر فلو نوى صدقة مطلقة لم يجزه ولو تصدق بجميع ماله كصدقته بغير النصاب من جنسه لأن صرف المال إلى الفقير له جهات فلا تتعين الزكاة إلا بالتعيين وقال القاضي في التعليق إن تصدق بماله المعين أجزأه.
ولو نوى صدقة المال أو الصدقة الواجبة أجزأه على الصحيح من المذهب قال في الرعاية كفى في الأصح وقدمه في الفروع وقال جزم به جماعة وقال وظاهر التعليل المتقدم لا يكفي نية الصدقة الواجبة أو صدقة المال وهو ظاهر ما جزم به جماعة من أنه ينوي الزكاة قال وهذا متجه.
فائدتان :
إحداهما : لا تعتبر نية الفرض ولا تعيين المال المزكى على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وفي تعليق القاضي في كتاب الطهارة وجه تعتبر نية التعليق إذا اختلف المال مثل شاة عن خمس من الإبل وشاة أخرى عن أربعين من الغنم ودينار عن نصاب تالف ودينار آخر عن نصاب قائم وصاع عن فطرة وصاع آخر عن عشر.
فعلى المذهب: لو نوى زكاة عن ماله الغائب فإن كان تالفا فعن الحاضر أجزأ عنه إن كان
الغائب تالفا وإن كانا سالمين أجزأ عن أحدهما ولو كان له خمس من الإبل وأربعون من الغنم فقال هذه الشاة عن الإبل أو الغنم أجزأته عن إحداهما وكذا لو كان له مال حاضر وغائب وأخرج وقال هذا زكاة مالي الحاضر أو الغائب وإن قال هذا عن مالي الغائب إن كان سالما وإن لم يكن سالما فتطوع فبان سالما أجزأه عنه على الصحيح من المذهب قدمه المجد في شرحه وصاحب الفروع والقواعد الفقهية وقال أبو بكر لا يجزئه لأنه لم يخلص النية للفرض كمن قال هذه زكاة مالي أو نفل أو هذه زكاة إرثي من مورثي إن كان مات لأنه لم يبن على أصل وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
قال المصنف وغيره كقوله ليلة الشك: إن كان غدا من رمضان ففرضي وإلا فنفلي وقال المجد كقوله إن كان وقت الظهر دخل فصلاتي هذه عنها وقال جماعة منهم بن تميم لو قال في الصلاة إن كان الوقت دخل ففرض وإلا فنفل فعلى الوجهين.
وقال أبو البقاء فيمن بلغ في الوقت التردد في العبادة يفسدها ولهذا لو صلى أو نوى إن كان الوقت قد دخل فهي فريضة وإن لم يكن دخل فنافلة لم يصح له فرضا ولا نفلا وتقدم في كتاب الزكاة في فوائد وجوب الزكاة في العين أو في الذمة "هل يلزمه إخراج زكاة ماله الغائب أم لا؟".
الثانية : الأولى مقارنة النية للدفع ويجوز تقديمها على الدفع بزمن يسير كالصلاة على ما سبق من الخلاف قال المصنف والشارح يجوز تقديم النية على الأدنى بالزمن اليسير كسائر العبادات وقال في الروضة تعتبر النية عند الدفع.
قوله : "ولا يجوز إخراجها إلا بنية إلا أن يأخذها الإمام منه قهرا".
إذا أخذ الإمام الزكاة منه وأخرجها ناويا للزكاة ولم ينوها ربها أجزأت عن ربها على الصحيح من المذهب قال المجد هو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي لمن تأمله قال بن منجا في شرحه هذا المذهب واختاره القاضي وغيره قال في القواعد هذا أصح الوجهين وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والتلخيص والشرح والحاويين وابن رزين والرعايتين وصححه.
وقال أبو الخطاب: لا يجزئه أيضا من غير نية واختاره ابن عقيل وصاحب المستوعب والشيخ تقي الدين أيضا في فتاويه قاله الزركشي قال في القواعد الأصولية وهذا أصوب.
وظاهر الفروع: الإطلاق فإنه قال أجزأت عند القاضي وغيره وعند أبي الخطاب وابن عقيل لا تجزئ وأطلقهما المجد في شرحه وبن تميم والزركشي وصاحب الفائق.
فعلى [المذهب] الأول تجزئ ظاهرا وباطنا.
وعلى الثاني: تجزئ ظاهرا لا باطنا.
فائدة : مثل: ذلك لو دفعها رب المال إلى مستحقها كرها وقهرا قاله المجد وغيره.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أنه لو دفع زكاته إلى الإمام طائعا ونواها الإمام دون ربها أنها لا تجزئ بل هو كالصريح في كلام المصنف وهو صحيح وهو المذهب.
قال المجد: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي لمن تأمله وهو اختيار أبي الخطاب وابن عقيل وبن البناء واختاره المصنف والشارح والشيخ تقي الدين في فتاويه وقدمه بن تميم وابن رزين وصاحب الفائق.
وقيل: تجزئ اختاره بن حامد والقاضي وغيرهما.
قال في المستوعب: وهو ظاهر كلام الخرقي قال في الفروع أجزأت عند القاضي وغيره وظاهر الفروع الإطلاق كما تقدم.
وأما إذا لم ينوها ربها ولا الإمام فإنها لا تجزئه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال القاضي في موضع من كلامه لا يحتاج الإمام إلى نية منه ولا من رب المال.
قلت: فعلى هذا القول يعايى بها.
وأطلقهما المجد في شرحه والزركشي فعلى المذهب تقع نفلا ويطالب بها.
فائدتان :
إحداهما : لو غاب المالك أو تعذر الوصول إليه بحبس ونحوه فأخذ الساعي من ماله أجرا ظاهرا وباطنا وجها واحدا لأن له ولاية أخذها إذن ونية المالك متعذرة بما يعذر فيه.
الثانية : إذا دفع زكاته إلى الإمام ونواها دون الإمام أجزأته لأنه لا تعتبر نية المستحق فكذا نائبه.
تنبيه : ظاهر قوله : "وإن دفعها إلى وكيله اعتبرت النية من الموكل دون الوكيل".
أنه سواء بعد دفع الوكيل أو لا.
واعلم أنها إذا دفعها الوكيل من غير نية فتارة يدفعها بعد زمن يسير وتارة يدفعها بعد زمن طويل فإن دفعها إلى مستحقها بعد زمن يسير أجزأت وإن دفعها بعد زمن طويل من نية الوكيل فظاهر كلام المصنف الإجزاء وهو أحد الوجهين اختاره أبو الخطاب والمجد في شرحه.
قال في الفروع: تجزئ عند أبي الخطاب وغيره وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة وقدمه في المذهب والمحرر والنظم والفائق.
وقال القاضي وغيره: لا بد من نية الوكيل أيضا والحالة هذه وهو المذهب وجزم به في المغني والتلخيص والمستوعب وابن رزين وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وصححه الشارح وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعاية الكبرى.
فوائد :
الأولى : لو لم ينو الموكل ونواها الوكيل عند إخراجها لم تجزه وإن نواها الوكيل صح وهو الأفضل بعد ما بينهما أو قرب.
الثانية : أفادنا المصنف رحمه الله تعالى جواز التوكيل في دفع الزكاة وهو صحيح لكن يشترط فيه أن يكون ثقة نص عليه وأن يكون مسلما على الصحيح من المذهب قال في الفائق مسلما في أصح الوجهين وقدمه في الفروع ومختصر بن تميم وحكى القاضي في التعليق وجها بجواز توكيل الذمي في إخراجها وجزم به المجد في شرحه ونقله بن تميم عن بعض الأصحاب ولعله عنى شيخه المجد كما لو استناب ذميا في ذبح أضحية جاز على اختلاف الروايتين وقال في الرعاية ويجوز توكيل الذمي في إخراج الزكاة إذا نوى الموكل وكفت نيته وإلا فلا انتهى قلت وهو قوي.
الثالثة : لو قال شخص لآخر أخرج عني زكاتي من مالك ففعل أجزأ عن الآمر نص عليه في الكفارة وجزم به جماعة منهم المصنف في الزكاة واقتصر عليه في الفروع قال في الرعاية بعد ذكر النص وألحق الأصحاب بها الزكاة في ذلك.
الرابعة : لو وكله في إخراج زكاته ودفع إليه مالا وقال تصدق به ولم ينو الزكاة فأخرجها الوكيل من المال الذي دفعه إليه ونواها زكاة فقيل لا تجزئه لأنه خصه بما يقتضي النفل وقيل تجزئه لأن الزكاة صدقة.
قلت: وهو أولى وقد سمى الله الزكاة صدقة.
وأطلقهما في الفروع والرعاية ومختصر بن تميم.
ولو قال: تصدق به نفلا أو عن كفارة ثم نوى الزكاة به قبل أن يتصدق أجزأ عنهما لأن دفع وكيله كدفعه فكأنه نوى الزكاة ثم دفع بنفسه قاله المجد في شرحه وعلله بذلك وجزم به في الرعاية ومختصر بن تميم وقدمه في الفروع وقال فظاهر كلام غير المجد لا يجزئ لاعتبارهم النية عند التوكيل.
الخامسة : في صحة توكيل المميز في دفع الزكاة وجهان ذكرهما في المذهب ومسبوك الذهب وأطلقهما هو وصاحب الفروع.
قلت: الأولى الصحة لأنه أهل للعبادة.
السادسة : لو أخرج شخص من ماله زكاة عن حي بغير إذنه لم يصح وإلا صح قال في الرعاية قلت فإن نوى الرجوع بها رجع في قياس المذهب.
السابعة : لو أخرجها من مال من هي عليه بغير إذنه وقلنا يصح تصرف الفضولي موقوفا على الإجازة فأجازه ربه كفته كما لو أذن له وإلا فلا.
قال في الرعاية وقلت: إن كان باقيا بيد من أخذه أجزأت عن ربه وإلا فلا لأنه إذن
كالدين فلا يجزئ إسقاطه من الزكاة.
الثامنة : لو أخرج زكاته من مال غصب لم يجزه مطلقا على الصحيح من المذهب وقيل إن أجازها ربه كفت مخرجها وإلا فلا.
التاسعة: قوله : "ويستحب أن يقول عند دفعها اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما".
وهذا بلا نزاع زاد بعضهم ويحمد الله على توفيقه لأدائها.
قوله : "ويقول الآخذ: أجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا".
يعني يستحب له قول ذلك وظاهره سواء كان الآخذ الفقراء أو العامل أو غيرهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال القاضي في الأحكام السلطانية على العامل إذا أخذ الزكاة أن يدعو لأهلها وظاهره الوجوب لأن لفظة على ظاهرة في الوجوب.
وأوجب الدعاء له الظاهرية وبعض الشافعية وذكر المجد في قوله: "على الغاسل ستر ما رآه" أنه على الوجوب وذكر القاضي في العمدة وأبو الخطاب في التمهيد في باب الحروف أن "على" للإيجاب وجزم به بن مفلح في أصوله قال في الرعاية وقيل على العامل أن يقولها.
فائدتان:
إحداهما : إن علم رب المال وقال بن تميم إن ظن أن الآخذ أهل لأخذها: كره إعلامه بها على الصحيح من المذهب نص عليه وقال لم يبكته يعطيه ويسكت ما حاجته إلى أن يقرعه وقدمه في الفروع والفائق ومختصر بن تميم والقواعد الأصولية وغيرهم.
وذكر بعض الأصحاب: أن تركه أفضل.
وقال بعضهم: لا يستحب نص عليه قال في الكافي لا يستحب إعلامه وقيل يستحب إعلامه وقال في الروضة لا بد من إعلامه قال بن تميم وعن أحمد مثله كما لو رآه متجملا هذا إذا علم أن من عادته أخذ الزكاة فأما إن كان من عادته أن لا يأخذ الزكاة فلا بد من إعلامه فإن لم يعلمه لم يجزه قال المجد في شرحه هذا قياس المذهب عندي واقتصر عليه وتابعه في الفروع لأنه لا يقبل زكاة ظاهرا واقتصر عليه بن تميم وقال فيه بعد.
قلت: فعلى هذا القول قد يعايى بها.
وقال في الرعاية الكبرى: وإن علمه أهلا لها وجهل أنه يأخذها أو علم أنه لا يأخذها لم يجزه قلت بلى انتهى.
الثانية : يستحب إظهار إخراج الزكاة مطلقا على الصحيح من المذهب قال في الفروع والرعاية الصغرى والحاويين يستحب في أصح الوجهين وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل لا يستحب.
وقيل: إن منعها أهل بلده استحب له إظهارها وإلا فلا وأطلقهن بن تميم وقيل إن نفى عنه ظن السوء بإظهاره استحب وإلا فلا اختاره يوسف الجوزي ذكره في الفائق ولم يذكره في الفروع وأطلقهن في الفائق.
قوله : "ولا يجوز نقلها إلى بلد تقصر إليه الصلاة".
هذا المذهب قاله المصنف وغيره وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي هذا المعروف في النقل يعني أنه يحرم وسواء في ذلك نقلها لرحم أو شدة حاجة أو لا نص عليه وقال القاضي في تعليقه وروايتيه وجامعه الصغير وابن البناء يكره نقلها من غير تحريم ونقل بكر بن محمد لا يعجبني ذلك.
وعنه يجوز نقلها إلى الثغر وعلله القاضي بأن مرابطة الغازي بالثغر قد تطول ولا يمكنه المفارقة.
وعنه يجوز نقلها إلى الثغر وغيره مع رجحان الحاجة قال في الفائق وقيل تنقل لمصلحة راجحة كقريب محتاج ونحوه وهو المختار انتهى واختاره الشيخ تقي الدين وقال يقيد ذلك بمسيرة يومين وتحديد المنع من نقل الزكاة بمسافة القصر ليس عليه دليل شرعي وجعل محل ذلك الأقاليم فلا تنقل الزكاة من إقليم إلى إقليم وتنقل إلى نواحي الإقليم وإن كان أكثر من يومين انتهى واختار الآجري جواز نقلها للقرابة.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف جواز نقلها إلى ما دون مسافة القصر وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع: ويتوجه احتمال يعني بالمنع.
قوله : "فإن فعل فهل تجزئه على روايتين".
ذكرهما أبو الخطاب ومن بعده يعني إذا قلنا يحرم نقلها وأطلقهما في الهداية وعقود بن البنا والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والتلخيص والبلغة وشرح المجد وشرح بن منجا والشرح والرعايتين والحاويين والفروع والفائق والزركشي وتجريد العناية.
إحداهما: تجزئه وهي المذهب جزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وصححه في التصحيح واختاره المصنف وأبو الخطاب وبن عبدوس في تذكرته قال في الفروع اختاره أبو الخطاب والشيخ وغيرهما قال القاضي ظاهر كلام أحمد: يقتضي ذلك. ولم أجد عنه
نصا في هذه المسألة وقدمه ابن رزين في شرحه.
الرواية الثانية: لا تجزئه اختاره الخرقي وبن حامد والقاضي وجماعة قال في الفروع وصححه الناظم وهو ظاهر ما في الإيضاح والعمدة والمحرر والتسهيل وغيرهم لاقتصارهم على عدم الجواز.
قوله : "إلا أن يكون في بلد لا فقراء فيه أو كان ببادية فيفرقها في أقرب البلاد إليه".
وهذا عند من لم ير نقلها لأنه كمن عنده المال بالنسبة إلى غيره وأطلق في الروضة.
فوائد :
الأولى : أجرة نقل الزكاة حيث قلنا به على رب المال كوزن وكيل.
الثانية : المسافر بالمال في البلدان يزكيه في الموضع الذي اقامه المال فيه أكثر على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية يوسف بن موسى وجزم به في الفائق وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين والزركشي والفروع وقال نقله الأكثر لتعلق الأطماع به غالبا.
وقال المجد في شرحه وتبعه في الفروع وظاهر نقل محمد بن الحكم تفرقته في بلد الوجوب وغيره من البلدان التي كان بها في الحول وعند القاضي هو كغيره اعتبارا بمكان الوجوب لئلا يفضي إلى تأخير الزكاة وقيل يفرقها حيث حال حوله في أي موضع كان وظاهر المجد في شرحه إطلاق الخلاف.
الثالثة : لا يجوز نقل الزكاة لأجل استيعاب الأصناف إذا أوجبناه وتعذر بدون النقل جزم به المجد في شرحه وقدمه في الفروع وقال ويتوجه احتمال يعني بالجواز وما هو ببعيد.
قوله : "فإن كان في بلد وماله في آخر أخرج زكاة المال في بلده".
يعني في بلد المال وهذا بلا نزاع نص عليه لكن لو كان المال متفرقا زكى كل مال حيث هو.
وإن كان نصابا من السائمة في بلدين فعنه وجهان.
أحدهما: تلزمه في كل بلد تعذر ما فيه من المال لئلا ينقل الزكاة إلى غير بلده وقدمه في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
الوجه الثاني: يجوز إخراجها في أحدهما لئلا يفضي إلى تشقيص زكاة الحيوان قال المجد في شرحه هذا ظاهر كلام الإمام أحمد.
قلت: وهو أولى ويغتفر مثل هذا لأجل الضرر لحصول التشقيص وهو منتف شرعا وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الفروع.
قوله : "وفطرته في البلد الذي هو فيه".
وهذا بلا نزاع لكن لو نقلها ففي الإجراء الروايتان المتقدمتان في كلام المصنف نقلا ومذهبا.
فائدتان :
إحداهما : يؤدي زكاة الفطر عمن يمونه كعبده وولده الصغير وغيرهما في البلد الذي هو فيه قدمه المجد في شرحه ونصره وقال نص عليه قال في الفروع هو ظاهر كلامه وكذا قال في الرعاية الكبرى.
وقيل: يؤديه في بلد من لزمه الإخراج عنهم قال في الفروع قدمه بعضهم.
قلت: قدمه في الرعاية الكبرى في الفطرة وأطلقهما في الفروع.
الثانية : يجوز نقل الكفارة والنذر والوصية المطلقة إلى بلد تقصر فيه الصلاة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وصححوه وقال في التلخيص وخرج القاضي وجها في الكفارة بالمنع فيخرج في النذر والوصية مثله أما الوصية الفقراء البلد فيتعين صرفها في فقرائه نص عليه في رواية إسحاق بن إبراهيم.
فائدة: قوله : "وإذا حصل عند الإمام ماشية استحب له وسم الإبل في أفخاذها".
وكذلك البقر وأما الغنم ففي آذانها كما قال المصنف وهذا بلا نزاع لكن قال أبو المعالي بن المنجا الوسم بالحناء أو بالقير أفضل انتهى.
ويأتي متى تملك الزكاة والصدقة في أواخر الباب الذي بعده.
قوله : "ويجوز تعجيل الزكاة عن الحول إذا كمل النصاب".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به كالدين ودية الخطأ نقل الجماعة عن الإمام أحمد لا بأس به زاد الأثرم هو مثل الكفارة قبل الحنث والظهار أصله قال في الفروع فظاهره أنهما على حد واحد فيهما الخلاف في الجواز والفضيلة.
فائدتان :
إحداهما : ترك التعجيل أفضل قال في الفروع هذا ظاهر كلام الأصحاب قال ويتوجه احتمال تعتبر المصلحة.
قلت: وهو توجيه حسن وتقدم نقل الأثرم.
الثانية : قال في الفروع في كلام القاضي وصاحب المحرر وغيرهما إن النصاب والحول سببان فقدم الإخراج على أحدهما.
قلت: صرح بذلك المجد في شرحه.
وقال في المحرر: الحول شرط في زكاة الماشية والنقدين وعروض التجارة قال في الفروع وفي كلام الشيخ وغيره أنهما شرطان.
قلت: صرح بذلك في المقنع فقال في أول كتاب الزكاة "الشرط الثالث ملك نصاب" وقال بعد ذلك "الخامس: مضى الحول شرط" وصرح به في المبهج والكافي قال في الفروع وفي كلام بعضهم أنهما سبب وشرط.
قلت وهو أيضا في كلام المجد في شرحه.
وقال في الوجيز: وملك النصاب شرط وسكت عن الحول.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف جواز تعجيل زكاة مال المحجور عليه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وكثير من الأصحاب وهو أحد الوجهين وقدمه في تجريد العناية.
والوجه الثاني: لا يجوز تعجيلها.
قلت: وهو الأولى.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي الكبير والفائق وبن تميم.
قوله : "وفي تعجيلها لأكثر من حول روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر ومنتهى الغاية له والنظم والفائق والزركشي والشارح.
إحداهما: يجوز تعجيلها لحولين فقط وهو الصحيح من المذهب صححه بن تميم وصاحب الرعايتين والحاويين والتصحيح وقدمه في الفروع ومال إليه في الشرح.
والرواية الثانية: لا يجوز لأكثر من حول لأن الحول الثاني لم ينعقد جزم به في الوجيز والمنور والتسهيل قال في الإفادات والمنتخب ويجوز لحول وصححه في الخلاصة والبلغة وتصحيح المحرر واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وابن رزين في شرحه وابن تميم.
فعلى المذهب لا يجوز تعجيلها لثلاثة أعوام فأكثر. قال ابن عقيل في الفصول: لا تختلف الرواية فيه اقتصارا على ما ورد قال بن تميم وصاحب الفائق رواية واحدة وجزم به في الشرح وقدمه في الفروع.
وعنه يجوز التعجيل لثلاثة أعوام فأكثر وقدمه في الرعاية الصغرى وهو ظاهر كلام المصنف هنا وهو تابع لصاحب الهداية والمستوعب فيهما وهكذا في التلخيص.
لكن وجد في بعض نسخ المقنع "وفي تعجيلها لحولين روايتان" والنسخة الأولى مقروءة على المصنف.