كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد
بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي
الصالحي
فائدة : الصحيح أن حكم هذه المسألة كالمسألة الآتية بعد ذلك وعليه الأكثر
وقال القاضي ليس له في هذه المسألة رد أحدهما وله الرد في المسألة الآتية
قال في الحاوي الكبير وإن بانا معيبين ردهما أو أمسكهما
وقيل هي كالمسألة الأولى وهي ما إذا كان أحدهما معيبا الآتية
قوله : وإن كان أحدهما معيبا فله رده بقسطه
يعني إذا أبى أن يأخذ الأرش
وقوله : فله رده يعني لا يملك إلا رده وحده بدليل الرواية الثانية الآتية وهذا إحدى الروايتين وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب
وعنه لا يجوز إلا ردهما أو إمساكهما قدمه في الهداية والخلاصة والهادي والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق والنظم وجزم به في الفروق الزريرانية وأطلقهما في المذهب والمغني والكافي والشرح
وعنه له رد المعيب وحده أو ردهما معا قال في المحرر وهو الصحيح قال في الفائق وهو الأصح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهن في الفروع
فائدة : مثل ذلك لو اشترى طعاما في وعاءين ذكره في الترغيب وغيره واقتصر عليه في الفروع
تنبيه محل الخلاف في ذلك إذا كان المبيع مما لا ينقصه التفريق أو مما لا يحرم فيه التفريق بينهما كما صرح به المصنف بعد ذلك
قوله : وإن كان المبيع مما ينقصه التفريق كمصراعي باب وزوجي خف وجارية وولدها فليس له رد أحدهما
وقال في الرعاية وقيل له رد أحدهما
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم سواء كانا معيبين أو أحدهما
وقال في الرعاية وقيل له رد أحدهما مع أرش نقص القيمة بالتفريق المباح
وقيل إن تلف أحدهما فله رد المعيب الباقي مع أرش نقص قيمته بالتفريق انتهى
تنبيه قول المصنف وجارية وولدها كذا وجد في نسخ مقروءة على المصنف وزاد من أذن له في الإصلاح أو ممن يحرم التفريق بينهما قاله ابن منجا في شرحه
قلت: وفي تمثيل المصنف كفاية ويقاس عليه ما ذكره وقد نبه المصنف على ذلك في كتاب الجهاد
قوله : وإن اختلفا في العيب هل كان عند البائع أو حدث عند المشتري ففي أيهما يقبل قوله: روايتان
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والكافي والمغني والتلخيص والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والرعاية الكبرى والفروع والفائق والقواعد الفقهية والزركشي
إحداهما : يقبل قول المشتري صححه في التصحيح والنظم
قال في إدراك الغاية يقبل قول المشتري في الأظهر وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز وناظم المفردات وهو منها وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة وشرح ابن رزين والرعاية الصغرى والحاويين
والرواية الثانية يقبل قول البائع وهي أنصهما واختارها القاضي في الروايتين وأبو الخطاب في الهداية وابن عبدوس في تذكرته وجزم بها في المنور ومنتخب الأدمى وقدمها في المحرر
وقال في القواعد الفقهية وفرق بعضهم بين أن يكون المبيع عينا معينة أو في الذمة فإن كان في الذمة فالقول قول القابض وجها واحدا لأن الأصل اشتغال ذمة البائع فلم تثبت براءتها
وقال في الإيضاح يتحالفان كالحلف في قدر الثمن على ما يأتي إن شاء الله تعالى
فائدة : إذا قلنا القول قول المشتري فمع يمينه ويكون على البت قاله الأصحاب وإن قلنا القول قول البائع فمع يمينه وهي على حسب جوابه وتكون على البت على الصحيح من المذهب
وعنه على نفي العلم ذكرها ابن أبي موسى
قوله : إلا أن لا يحتمل إلا قول أحدهما فالقول قوله: بغير يمين
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وأكثرهم قطع به
وقيل القول قوله: مع يمينه اختاره أبو الخطاب قاله في المستوعب وأطلقهما في الرعاية
تنبيه محل الخلاف في أصل المسألة إن لم يخرج عن يده فإن خرج عن يده إلى يد غيره لم يجز له رده نقله مهنا واقتصر عليه في الفروع
فوائد
إحداها : لو رد المشتري السلعة بعيب فأنكر البائع أنها سلعته فالقول قوله: مع يمينه لأنه منكر كون هذه سلعته ومنكر استحقاق الفسخ والقول قول المنكر
الثانية لو رد المشتري السلعة بخيار الشرط فأنكر البائع أنها سلعته فالقول قول المشتري لأنهما اتفقا على استحقاق فسخ العقد والرد بالعيب بخلافه
وهذان الفرعان نص عليهما الإمام أحمد رحمه الله وجزم بهما المصنف والشارح وصاحب المحرر والفروع وغيرهم
وقال في الرعاية الكبرى قبيل باب السلم وإن رده بعيب فقال ليس هذا المبيع الذي قبضته مني صدق إن حلف واختار فيها هذا إن كان عينه في العقد وإن كان عينه بعده عما وجب في ذمته بالعقد صدق المشتري إن حلف انتهى
الثالثة لو باع سلعة بنقد أو غيره معين حال العقد وقبضه البائع ثم أحضره وبه عيب وادعى أنه الذي دفعه إليه المشتري وأنكر المشتري كونه الذي اشترى به ولا بينة لواحد منهما فالقول قول المشتري مع يمينه لأن الأصل براءة ذمته وعدم وقوع العقد على هذا العيب
ولو كان الثمن في الذمة ثم نقده المشتري أو قبضه من قرض أو سلم أو غير ذلك مما هو في ذمته ثم اختلفا كذلك ولا بنية فالقول قول البائع وهو القابض مع يمينه على الصحيح من المذهب لأن القول في الدعاوى قول من الظاهر معه والظاهر مع البائع لأنه يثبت له في ذمة المشتري ما انعقد عليه العقد غير معيب فلم يغفل
قوله : في براءة ذمته
وجزم به في الفروق الزريرانية وصححه في الحاوي الكبير في باب القبض في أثناء الفصل الرابع وصححه في الحاوي الصغير في باب السلم
وقال في الرعاية الكبرى قبل القرض بفصل ولو قال المسلم هذا الذي أقبضتني وهو معيب فأنكر أنه هذا قدم قول القابض
وقيل القول قول المشتري وهو المقبوض منه لأنه قد أقبض في الظاهر ما عليه وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى في آخر باب القبض
ومحل الخلاف إذا لم يخرجه عن يده كما تقدم في التي قبلها
تنبيه هذه طريقة صاحب الفروق والرعاية والحاويين والفروع وغيرهم في هذه المسألة
وقال في القواعد في الفائدة: السادسة لو باعه سلعة بنقد معين ثم أتاه به فقال هذا الثمن وقد خرج معيبا وأنكر المشتري ففيه طريقان
أحدهما إن قلنا النقود تتعين بالتعيين فالقول قول المشتري لأنه يدعى عليه استحقاق الرد والأصل عدمه وإن قلنا لا يتعين فوجهان
أحدهما القول قول المشتري أيضا لأنه أقبض في الظاهر ما عليه
والثاني قول القابض لأن الثمن في ذمته والأصل اشتغالها به إلا أن يثبت براءتها منه وهي طريقته في المستوعب
الطريق الثانية إن قلنا النقود لا تتعين فالقول قول البائع وجها واحدا لأنه قد ثبت اشتغال ذمة المشتري بالثمن ولم يثبت براءتها منه وإن قلنا تتعين فوجهان مخرجان من الروايتين فيما إذا ادعى كل واحد من المتبايعين أن العيب حدث عنده في السلعة
أحدهما القول قول البائع لأنه يدعي سلامة العقد والأصل عدمه ويدعى عليه الفسخ والأصل عدمه
والثاني قول القابض لأنه منكر التسليم والأصل عدمه
وجزم صاحب المغني والمحرر بأن القول قول البائع إذا أنكر أن يكون المردود بالعيب هو المبيع ولم يحكيا خلافا ولا فصلا بين أن يكون المبيع في الذمة أو معينا نظرا إلى أنه يدعى عليه استحقاق الرد والأصل عدمه
وذكر الأصحاب مثل ذلك في مسائل الصرف
وفرق السامري في فروقه بين أن يكون المردود بعيب وقع عليه معينا فيكون القول قول البائع وبين أن يكون في الذمة فيكون القول قول المشتري لما تقدم
وهذا فيما إذا أنكر المدعى عليه العيب أن ماله كان معيبا
أما إن اعترف بالعيب وقد فسخ صاحبه وانكر أن يكون هو هذا المعين فالقول قول من هو في يده صرح به في التفليس في المغني معللا بأنه قبل استحقاق ما ادعى عليه الآخر والأصل معه ويشهد له أن المبيع في مدة الخيار إذا رده المشتري بالخيار فأنكر البائع أن يكون هو المبيع فالقول قول المشتري حكاه ابن المنذر عن الإمام أحمد لاتفاقهما على استحقاق الفسخ بالخيار
وقد ينبني على ذلك أن المبيع بعد الفسخ بعيب ونحوه هل هو أمانة في يد المشتري أو مضمون عليه فيه خلاف
وقد يكون ما أخذه أمانة عنده
ومن الأصحاب من علل بأن الأصل براءة ذمة البائع مما يدعى عليه فهو كما لو أقر بعين ثم أحضرها فأنكر المقر له أن تكون هي المقر بها فإن القول قول المقر مع يمينه انتهى كلامه في القواعد
الرابعة لو باع الوكيل شيئا ثم ظهر المشتري على عيب فله رده على الموكل فإن كان مما يمكن حدوثه فأقر الوكيل أنه كان موجودا حالة العقد وأنكر الموكل فقال أبو الخطاب يقبل إقراره على موكله بالعيب
قال المصنف والأصح أنه لا يقبل وصححه في الفائق
وظاهر الشرح الإطلاق
الخامسة لو اشترى جارية على أنها بكر فقال المشتري هي ثيب أريت النساء الثقات ويقبل قول واحدة فإن وطئها المشتري وقال ما وجدتها بكرا خرج فيها الوجهان بناء على العيب الحادث قاله المصنف والشارح
السادسة لو باع أمة بعبد ثم ظهر بالعبد عيب فله الفسخ وأخذ الأمة أو قيمتها لعتق مشتر وليس لبائع الأمة التصرف فيها قبل الاسترجاع بالقول لأن ملك المشتري عليها تام مستقر فلو أقدم البائع وأعتق الأمة أو وطئها لم يكن ذلك فسخا ولم ينفذ عتقه قاله القاضي
وذكر في المجرد وابن عقيل في الفصول احتمالا أن وطئه استرجاع ورده في القاعدة الخامسة والخمسين
قوله : ومن باع عبدا يلزمه عقوبة من قصاص أو غيره يعلم المشتري ذلك فلا شيء له بلا نزاع وإن علم بعد البيع فله الرد أو الأرش وإن لم يعلم حتى قتل فله الأرش
يعني يتعين له الأرش وهذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب وخرج مالك الفسخ وغرم قيمته وأخذ ثمنه الذي وزنه ذكره في الرعاية
فائدة : لو كانت الجناية من العبد موجبة للقطع فقطعت يده عند المشتري فقد تعيب عنده لأن استحقاق القطع دون حقيقته قاله المصنف والشارح
وهل يمنع ذلك رده بعيبه على روايتين قاله المصنف والشارح
قلت: الذي يظهر أن ذلك ليس بحدوث عيب عند المشتري لأنه مستحق قبل البيع غايته أنه استوفى ما كان مستحقا فلا يسقط ذلك حق المشتري من الرد
قوله : والشركة بيع بعضه بقسطه من الثمن ويصح بقوله: أشركتك في نصفه أو بثلثه
بلا نزاع أعلمه لكن لو قال أشركتك وسكت صح على الصحيح من المذهب وينصرف إلى النصف وقيل لا يصح
فعلى المذهب إن لقيه آخر فقال أشركني عالما بشركة الأول فله نصف نصيبه وهو الربع وإن لم يكن عالما فالصحيح من المذهب صحة البيع وقيل لا يصح
فعلى المذهب يأخذ نصيبه كله وهو النصف وهو الصحيح اختاره القاضي وقدمه في الفروع
قال في القاعدة السابعة والخمسين لو باع أحد الشريكين نصف السلعة المشتركة هل
يتنزل البيع على نصف مشاع وإنما له نصفه وهو الربع أو على النصف الذي يخصه بملكه وكذلك في الوصية فيه وجهان
واختار القاضي أنه يتنزل على النصف الذي يخصه كله بخلاف ما إذا قال له أشركتك في نصفه وهو لا يملك سوى النصف فإنه يستحق منه الربع لأن الشركة تقتضي التساوي في الملكين بخلاف البيع
والمنصوص في رواية ابن منصور أنه لا يصح بيع النصف حتى يقول نصيبي وإن أطلق تنزل على الربع انتهى
وقيل يأخذ نصف ما في يده وهو الربع
قلت: وهو الصواب
وقيل له نصف ما في يده ونصف ما في يد شريكه إن أجاز وأطلقهن في المغني والشرح
وعلى الوجهين الأخيرين لطالب الشركة وهو الأخير منهما الخيار إلا أن يقول بوقوفه على الإجازة في الوجه الثاني ويجيزه الآخر
وإن كانت السلعة لاثنين فقال لهما آخر أشركاني فأشركاه معا فله الثلث على الصحيح صححه المصنف والشارح وقدمه في الرعايتين والفائق
وقيل له النصف وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في الفروع
وإن أشركه كل واحد منهما منفردا كان له النصف ولكل واحد منهما الربع
وإن قال أشركاني فيه فشركه أحدهما فعلى الوجه الأول وهو الصحيح له السدس وعلى الثاني له الربع
وإن قال أحدهما أشركناك انبنى على تصرف الفضولي فإن قلنا به وأجازه فهل يثبت له الملك في ثلثه أو نصفه على الوجهين
فائدة : لو اشترى قفيزا وقبض نصفه فقال له شخص بعني نصف هذا القفيز فباعه انصرف إلى نصف المقبوض
وإن قال أشركني في هذا القفيز بنصف الثمن ففعل لم تصح الشركة إلا فيما قبض منه فيكون النصف المقبوض بينهما ذكره القاضي
وقال المصنف والصحيح أن الشركة تنصرف إلى النصف كله فيكون بائعا لما يصح بيعه وما لا يصح فيصح في نصف المقبوض في أصح الوجهين ولا يصح فيما لم يقبض كما قلنا في تفريق الصفقة
قلت: وهو الصواب وظاهر الشرح الإطلاق
قوله : والمرابحة أن يبيعه بربح فيقول رأس مالي فيه مائة بعتكه بها وربح عشرة أو على أن أربح في كل عشرة درهما
المسألة الأولى وهو قوله: بعتكه بها وربح عشرة لا يكره قولا واحدا
والمسألة الثانية وهي قوله: على أن أربح في كل عشرة درهما مكروهة نص عليه في رواية الجماعة وهو من المفردات
نقل الأثرم أنه كره بيع ده يازده وهو هذا
ونقل أبو الصقر هو الربا واقتصر عليه أبو بكر في زاد المسافر
ونقل أحمد بن هاشم كأنه دراهم بدراهم لا يصح
وقيل لا يكره وذكره رواية في الحاوي والفائق وجزم به في الرعاية الصغرى وقدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير
وحيث قلنا إنه ليس بربا فالبيع صحيح بلا نزاع
قوله : والمواضعة أن يقول بعتك بها ووضيعة درهم من كل عشرة فيلزم المشتري تسعون درهما
وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقيل يلزمه تسعون درهما وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم كما لو قال ووضيعة درهم لكل عشرة أو عن كل عشرة اختاره القاضي ذكره في التلخيص وصححه في الرعاية الكبرى قال الشارح وهذا غلط
وقيل يلزمه تسعون درهما وتسعة أعشار درهم وحكاه الأزجي رواية قال في الرعاية وهو سهو وهو كما قال
فائدتان
إحداهما : متى بان الثمن أقل حط الزيادة ويحط في المرابحة قسطها وينقصه في المواضعة ولا خيار له فيها على الصحيح من المذهب نص عليه
قال في الفروع اختاره الأكثر وعنه بلى
الثانية حكم بيع المواضعة في الكراهة وعدمها والصحة وعدمها حكم بيع المرابحة على ما تقدم
قوله : ومتى اشتراه بثمن مؤجل ولم يبين ذلك للمشتري في تخييره بالثمن فللمشتري الخيار بين الإمساك والرد
هذا إحدى الروايات جزم به في الوجيز وشرح ابن منجا وصححه في الفائق وقدمه في الرعاية
وعنه يأخذه مؤجلا ولا خيار له نص عليه وهذا المذهب وقدمه في الفروع وقال واختاره الأكثر وأطلقهما في المحرر
فعلى الأول إذا اختار الإمساك فإنه يأخذه مؤجلا على الصحيح قدمه في الفروع والرعاية والمحرر وغيرهم ويحتمله كلام المصنف هنا
وعنه يأخذه حالا أو يفسخ ويحتمله كلام المصنف أيضا
فوائد
الأولى لو علم تأجيل الثمن بعد تلف المبيع حبس الثمن بقدر الأجل ويحتمل أن يبطل البيع قاله في الرعاية
الثانية لو ادعى البائع غلطا وأن الثمن أكثر مما أخبره به لم يقبل قوله: إلا بينة مطلقا اختاره المصنف والشارح وحمل المصنف كلام الخرقي عليه وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقدمه ابن رزين في شرحه وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة
وعنه يقبل قوله: مطلقا مع يمينه اختاره القاضي وأصحابه وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر ونظم المفردات والرعايتين والحاويين والفائق واختاره ابن عبدوس في تذكرته والمحرر وجزم به في المنور
وقال ابن رزين في شرحه وهو القياس وللمشتري الخيار
وعنه يقبل قوله: إن كان معروفا بالصدق وإلا فلا
وعنه لا يقبل قوله: وإن أقام بينة حتى يصدقه المشتري وأطلقهن في الفروع والزركشي وأطلق الأولى والأخيرتين في الكافي
فإن لم يكن للبائع بينة أو كانت له وقلنا لا يقبل فادعى أن المشتري يعلم أنه غلط وأنكر المشتري ذلك فالقول قوله بلا يمين على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وقدمه في الفروع
وقال المصنف والشارح الصحيح أن عليه اليمين لأنه لا يعلم ذلك وجزم به في الكافي
قلت: وهو الصواب وأطلقهما الزركشي
الثالثة لو باعها بدون ثمنها عالما لزمه على الصحيح من المذهب وخرجها الأزجي على التي قبلها
قوله : أو بأكثر من ثمنه حيلة
مثل أن يشتري من غلام دكانه لحر أو غيره على وجه الحيلة لم يجز بيعه مرابحة حتى يتبين
وإن لم يكن حيلة فقال القاضي إذا باع غلام دكانه سلعة ثم اشترى منه بأكثر من ذلك لم يجز بيعه مرابحة حتى يتبين أمره لأنه يتهم في حقه
وقال المصنف والشارح والصحيح جواز ذلك وجزم به في الكافي وظاهر الفائق إطلاق الخلاف
قوله : أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن ولم يبين ذلك للمشتري في تخييره بالثمن فللمشتري الخيار
هذا المذهب سواء كانت السلعة كلها له أو البعض المبيع إذا كان الجميع صفقة واحدة وعليه الأصحاب جزم به في المحرر والوجيز وغيرهما وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم
وعنه يجوز بيع نصيبه مرابحة مطلقا من اللذين اشترياه واقتسماه ذكره ابن أبي موسى وعنه عكسه
تنبيه محل الخلاف إذا كان المبيع من المتقومات التي لا ينقسم عليها الثمن بالأجزاء كالثياب ونحوها
فأما إن كان من المتماثلات التي ينقسم عليها الثمن بالأجزاء كالبر والشعير ونحوهما المتساوي فإنه يجوز بيع بعضه مرابحة بلا نزاع أعلمه
قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا
قوله : وما يزاد في الثمن أو يحط منه في مدة الخيار
يلحق برأس المال ويخبر به وهو المذهب وعليه الأصحاب
وقيل إن قلنا الملك في زمن الخيار ينتقل إلى المشتري فلا يلحق برأس المال كما بعد اللزوم على ما يأتي ذكره في الرعاية ولم يقيده في الفروع بانتقال ولا بعدمه وكذا الحكم لو زاد في الثمن في مدة الخيار
فائدتان
إحداهما : قال بعض الأصحاب في طريقته مثل ذلك لو زاد أجلا أو خيارا في مدة الخيار وقطع به في المحرر وغيره
الثانية قال في الرعاية الكبرى فلو حط كل الثمن فهل يبطل البيع أو يصح أو يكون هبة يحتمل أوجها
قلت: الأولى أن يكون ذلك هبة
قوله : أو يؤخذ أرشا لعيب يلحق برأس المال
أي يحط منه ويخبر بالباقي هذا أحد الوجهين اختاره أبو الخطاب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والوجيز والفائق والرعايتين والحاويين والهادي والمصنف هنا
وقال القاضي يخبر بذلك على وجهه وقدمه في الكافي والمغني وقال هو أولى وجزم به في المحرر والمنور وهذا المذهب على ما اصطلحناه لاتفاق الشيخين وأطلقهما في الشرح والفروع
قوله : أو يؤخذ أرشا لجناية عليه يلحق برأس المال
يعني يحط من رأس المال ويخبر بالباقي وهذا أحد الوجهين
اختاره أبو الخطاب قاله في الشرح وصححه في المذهب ومسبوك الذهب وجزم به في الوجيز والهادي وقدمه في الخلاصة
والوجه الثاني يجب عليه أن يخبر به على وجهه اختاره القاضي قاله الشارح وقدمه في الكافي وقال هو أولى وقدمه في المغني وانتصر له وجزم به في المحرر والمنور
قلت: وهذا المذهب
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق والفروع والشرح
وقيل لا يحط ها هنا من الثمن قولا واحدا
فوائد
الأولى لو أخذ نماء ما اشتراه أو استخدمه أو وطئه لم يجب بيانه على الصحيح من المذهب وفيه رواية كنقصه
الثانية لو رخصت السلعة عن قدر ما اشتراها به لم يلزمه الإخبار بذلك على الصحيح من
المذهب نص عليه وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب
قال في الكافي وعليه الأصحاب
ويحتمل أن يلزمه الإخبار بالحال ذكره المصنف والشارح وغيرهما
قلت: وهو قوي فإن المشتري لو علم بذلك لم يرضها بذلك الثمن ففيه نوع تغرير ثم وجدت في الكافي قال الأولى أن يلزمه
الثالثة لو اشتراها بثمن لرغبة تخصه كحاجته إلى إرضاع لزمه أن يخبر بالحال ويصير كالشراء بثمن غال لأجل الموسم الذي كان حال الشراء ذكره الفنون واقتصر عليه في الفروع
قلت: وهو الصواب فيهما
قوله : أو زيد في الثمن أو حط منه بعد لزومه لم يلحق به
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يلحق به واختاره في الفائق
وتقدم التنبيه على ذلك آخر خيار المجلس
فائدة : هبة مشتر لوكيل باعه كزيادة ومثله عكسه
قوله: وإن اشترى ثوبا بعشرة وقصره بعشرة أخبر به على وجهه فإن قال تحصل علي بعشرين فهل يجوز ذلك على وجهين
وأطلقهما في الحاويين
أحدهما لا يجوز وهو المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله واختاره القاضي ونصره المصنف والشارح
قال في الرعايتين والفروع لا يجوز في الأصح وصححه في التصحيح وجزم به في المذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم
والوجه الثاني يجوز وهو احتمال في الهداية
فائدة : مثل ذلك حكما وخلافا ومذهبا أجرة كيله ووزنه ومتاعه وحمله وخياطته
قال الأزجي وعلف الدابة وذكر المصنف لا
قال أحمد إذا بين فلا بأس
قوله : وإن اشتراه بعشرة ثم باعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة أخبر بذلك على وجهه فإن قال اشتريته بعشرة جاز
اختاره المصنف والشارح وقدمه في الفروع
قلت: وهو الصواب
وقال أصحابنا يحط الربح من الثمن الثاني ويخبر أنه اشتراه بخمسة وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب كما قال المصنف
قلت: وهو ضعيف
ولعل مراد الإمام أحمد رحمه الله استحباب ذلك لا أنه على سبيل اللزوم
تنبيه محل الخلاف إذا بقي شيء بعد حط الربح أما إذا لم يبق شيء فإنه يخبر بالحال قولا واحدا عندهم
فائدتان
إحداهما : لو اشترى شخص نصف سلعة بعشرة واشترى آخر نصفها بعشرين ثم باعاها مساومة بثمن واحد فهو بينهما نصفان وهذا المذهب وقطع به الأكثر
قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا
قال في الحاوي رواية واحدة قال ابن رزين إجماعا
وخرج أبو بكر أن الثمن يكون على قدر رؤوس أموالهما كشركة الاختلاط
وإن باعاها مرابحة أو مواضعة أو تولية فالحكم كذلك على الصحيح من المذهب ونص عليه
قال المصنف والشارح هذا المذهب وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعاية الكبرى
وعنه الثمن بينهما على قدر رؤوس أموالهما نقلها أبو بكر وأنكرها المصنف
لكن قال في الفروع نقل ابن هانئ وحنبل على رأس مالهما وصححه في الرعاية الكبرى والحاويين وأطلقهما في الكافي وقال وقيل المذهب رواية واحدة أنه بينهما نصفان والقول الآخر وجه خرجه أبو بكر انتهى
وعنه لكل واحد رأس ماله والربح نصفان
الثانية قال الإمام أحمد المساومة عندي أسهل من بيع المرابحة
قال في الحاوي الكبير وذلك لضيق المرابحة على البائع لأنه يحتاج أن يعلم المشتري بكل شيء من النقد والوزن وتأخير الثمن وممن اشتراه ويلزمه المؤنة والرقم والقصارة والسمسرة والحمل ولا يغر فيه ولا يحل له أن يزيد على ذلك شيئا إلا بينه له ليعلم المشتري بكل ما يعلمه البائع وليس كذلك المساومة انتهى
قلت: اما بيع المرابحة في هذه الأزمان فهو أولى للمشتري وأسهل
قوله : ومتى اختلفا في قدر الثمن تحالفا
هذا المذهب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد وعليه الأصحاب لأن كلا منهما مدع ومنكر صورة وكذا حكم السماع لبينة كل واحد منهما
قال في عيون المسائل ولا تسمع إلا بينة المدعي باتفاقنا انتهى
وعنه القول قول البائع مع يمينه ذكرها ابن أبي موسى وابن المنذر وذكره في الترغيب المنصوص كاختلافهما بعد قبضه وفسخ العقد في المنصوص
قال الزركشي هذه الرواية وإن كانت خفية مذهبا فهي ظاهرة دليلا وذكر دليلها ومال إليها وعنه القول قول المشتري
ونقل أبو داود قول البائع أو يترادان قيل فإن أقام كل واحد منهما بينة قال كذلك
قال الزركشي وعنه إن كان قبل القبض تحالفا وإن كان بعده فالقول قول المشتري حكاها أبو الخطاب في انتصاره
قوله : فيبدأ بيمين البائع فيحلف ما بعته بكذا وإنما بعته بكذا ثم يحلف المشتري ما اشتريته بكذا وإنما اشتريته بكذا
اعلم أن كلا من المتبايعين يذكر في يمينه أثباتا ونفيا ويبدأ بالنفي على الصحيح من المذهب كما قال المصنف
وعنه يبدأ بالإثبات وذكرها الزركشي وصاحب الحاوي وغيرهما وجها وذكرها في الرعاية قولا فيقول البائع بعته بكذا لا بكذا ويقول المشتري اشتريته بكذا لا بكذا وأطلقهما في الحاوي الكبير
قال في الفروع والأشهر يذكر كل واحد منهما إثباتا ونفيا فظاهره أن خلاف الأشهر الاكتفاء بأحدهما أعني الإثبات أو النفي
وقد قال في الرعاية الصغرى حلف البائع ما باعه إلا بكذا ثم المشتري أنه ما اشتراه إلا بكذا
قوله : فإن نكل أحدهما لزمه ما قال صاحبه
وهو المذهب وعليه الأصحاب
قال بعض الأصحاب لو نكل مشتر عن إثبات قضى عليه
قال في التلخيص فإن نكل المشتري عن الإثبات قضى عليه بتخيير البائع
قوله : وإن تحالفا فرضي أحدهما بقول صاحبه أقر العقد وإلا فلكل واحد منهما الفسخ
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقيل يقف الفسخ على الحاكم وهو احتمال لأبي الخطاب وقطع به ابن الزاغوني
تنبيه ظاهر قوله : وإلا فلكل واحد منهما الفسخ أن البيع لا ينفسخ بنفس التحالف وهو الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقيل ينفسخ قال ابن الزاغوني وهو المنصوص
وكذا لا ينفسخ البيع لو امتنع البائع من إعطائه بما قاله المشتري وامتنع المشتري من الأخذ بما قاله البائع على الصحيح من المذهب
قال الزركشي هو المعروف عند الشيخين وغيرهما
وعنه ينفسخ بمجرد إبائهما وهو ظاهر كلام الخرقي
قوله : وإن كانت السلعة تالفة رجعا إلى قيمة مثلها
وهو كالصريح أنهما يتحالفان مع تلف السلعة وقد دخل ذلك في عموم قوله: ومتى اختلفا في قدر الثمن تحالفا وهذا المذهب
قال في التلخيص أصح الروايتين التحالف
قال الزركشي هذا اختيار الأكثرين
قال ابن منجا في شرحه هذا أولى وجزم به في الوجيز والخرقي وتذكرة
ابن عبدوس والمنور ونصره في المغني وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم والفائق وإدراك الغاية والمذهب الأحمد
وعنه لا يتحالفان إن كانت تالفة والقول قول المشتري مع يمينه اختاره أبو بكر رحمه الله
قال الزركشي هي أنصهما وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح والحاوي الكبير والقواعد الفقهية والفروع
وقال المصنف والشارح وينبغي أن لا يشرع التحالف ولا الفسخ فيما إذا كانت قيمة السلعة مساوية للثمن الذي ادعاه المشتري ويكون القول قول المشتري مع يمينه لأنه لا فائدة: في ذلك لأن الحاصل به الرجوع إلى ما ادعاه المشتري وإن كانت القيمة أقل فلا فائدة: للبائع في الفسخ فيحتمل أن لا يشرع اليمين ولا الفسخ لأن ذلك ضرر عليه من غير فائدة: ويحتمل أن يشرع لتحصيل الفائدة: للمشتري انتهيا
تنبيهان
أحدهما قوله : رجعا إلى قيمة مثلها هكذا قال الخرقي وشراحه وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وغيرهم من الأصحاب
وقال في التلخيص ثم يرد عين المبيع عند التفاسخ إن كانت باقية وإلا فمثلها فإن لم تكن مثلية وإلا فقيمتها
فاعتبر المثلية فإن لم تكن مثلية فالقيمة والجماعة أوجبوا القيمة وأطلقوا
الثاني قوله : في الرواية الأولى رجعا إلى قيمة مثلها ويكون القول قول المشتري في قيمة التالف نقله محمد بن العباس في قدره وصفته وعليه الأصحاب كما صرح به المصنف بقوله: فإن اختلفا في صفتها فالقول قول المشتري
فظاهر كلامه أنه سواء كان الاختلاف في صفة العين أو العيب
أما صفة العين فلا خلاف فيها أن القول قول المشتري وإن كانت الصفة عيبا كالبرص والخرق في الثوب فالقول قول المشتري أيضا على الصحيح من المذهب
قال الزركشي هو المشهور
وقيل القول قول البائع في نفي ذلك
فعلى المذهب في أصل المسألة إن رضي المشتري بما قال البائع وإلا رجع كل منهما إلى ما خرج منه فيأخذ المشتري الثمن إن كان قد قبض ويأخذ البائع القيمة فإن تساويا وكانا من جنس تقاصا وتساقطا على ما يأتي وإلا سقط الأقل ومثله من الأكثر
قال الزركشي هذا المشهور المعروف
وقال ابن منجا في شرحه ظاهر كلام أبي الخطاب أن القيمة إذا زادت عن الثمن لا يلزم المشتري الزيادة لأنه قال المشتري بالخيار بين دفع الثمن الذي ادعاه البائع وبين دفع القيمة لأن البائع لا يدعي الزيادة
قال الزركشي وكلام أبي الخطاب ككلام الخرقي وليس فيه أن ذلك بعد الفسخ بل هذا التخيير مصرح به بأنه بعد التحالف وليس إذ ذاك فسخ ولا شك أن المشتري والحالة هذه يخير على المشهور
والذي قاله ابن منجا بحث لصاحب الهداية يعني جده أبا المعالي صاحب الخلاصة فإنه حكى عنه بعد ذلك أنه قال وجوب الزيادة أظهر لأن بالفسخ سقط اعتبار الثمن
وبحث ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا فقال يتوجه أن لا تجب قيمته إلا إذا كانت أقل من الثمن أما إن كانت أكثر فهو قد رضي بالثمن فلا يعطى زيادة لاتفاقهما على عدم استحقاقها
ومثل هذا في الصداق ولا فرق إلا أن هنا انفسخ العقد الذي هو سبب استحقاق المسمى بخلاف الصداق فإن المقتضى لاستحقاقه قائم انتهى
قوله : ومتى فسخ المظلوم منهما انفسخ العقد ظاهرا أو باطنا وإن فسخ الظالم لم ينفسخ في حقه باطنا وعليه إثم الغاصب
قال المصنف في المغني ويقوى عندي أنه إن فسخ المظلوم منهما انفسخ ظاهرا وباطنا وإن فسخه الكاذب عالما بكذبه لم ينفسخ بالنسبة إليه
فوافق اختياره في المغني ما جزم به هنا
ووافقه ابن عبدوس في تذكرته فقال وينفسخ ظاهرا فقط لفسخ أحدهما ظلما ومطلقا لفسخ المظلوم وقدمه الناظم فقال
وإن فسخ المظلوم يفسخ مطلقا ... وينفذ فسخ المعتدي ظاهرا قد
ثم ذكر الخلاف
وقال في الوجيز وإذا فسخ العقد انفسخ ظاهرا وباطنا مطلقا وينفذ فسخ المعتدي
فأدخل الظالم والمظلوم وقدمه في الفروع واختاره القاضي
ثم قال في الفروع وقيل مع ظلم البائع وفسخه ينفسخ ظاهرا
وقيل وباطنا في حق المظلوم
وقال في الرعايتين ومع ظلم البائع وفسخه ينفسخ ظاهرا وقيل وباطنا ومع ظلم المشتري وفسخه ينفسخ ظاهرا وباطنا فيباح للبائع جميع التصرفات في المبيع وقيل لا ينفسخ باطنا
ومع فسخ المظلوم منهما ينفسخ ظاهرا وباطنا انتهى
وقال في الهداية فإن انفسخ العقد فقال شيخنا ينفسخ ظاهرا وباطنا فيباح للبائع جميع التصرفات في المبيع
وعندي إن كان البائع ظالما انفسخ في الظاهر دون الباطن لأنه كان يمكنه إمضاء العقد واستيفاء حقه فإذا فسخ فقد تعدى فلا ينفسخ العقد ولا يباح له التصرف لأنه غاصب
وإن كان المشتري هو الظالم انفسخ العقد ظاهرا وباطنا لأن البائع لا يمكنه استيفاء حقه بإمضاء العقد فكان له الفسخ كما لو أفلس المشتري انتهى
وتابعه في المستوعب والكافي والتلخيص والحاوي الكبير والشرح
وقال في الخلاصة وينفسخ في الباطن وقيل إن كان البائع ظالما لم ينفسخ في الباطن
وقال في المذهب والبلغة ومتى وقع الفسخ انفسخ ظاهرا وباطنا في حقهما في أحد
الوجهين وفي الآخر إن كان البائع ظالما انفسخ في الظاهر دون الباطن
وهو كما قال في الخلاصة إلا أنهما أطلقا وقيد هو
وقال ابن منجا في شرحه عن كلام المصنف وظاهر كلامه الفرق بين الظالم والمظلوم سواء كان الظالم البائع أو المشتري
ولم أجد نقلا صريحا يوافق ذلك ولا دليلا يقتضيه بل المنقول في مثل ذلك وذكر كلام القاضي وأبي الخطاب انتهى
وهو عجيب منه فإن المسألة ليس فيها منقول صريح عن الإمام أحمد رحمه الله حتى يخالفه بل المنقول فيها عن الأصحاب وهو من أعظمهم
وقد اختار ما قطع به هنا في المغني فقال ويقوى عندي ذلك وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في النظم وذكره قولا في الفروع والرعايتين
وقوله: ولا وجدت دليلا يقتضيه غير مسلم فإن فسخ المظلوم ظاهرا وباطنا ظاهر الدليل وهو ظاهر كلام الإمام أحمد واختاره القاضي وغيره
واما فسخ الظالم للعقد فإنه لا يصح بالنسبة إليه لأنه لا يحل له الفسخ فلم يثبت حكمه بالنسبة إليه
وهذه عادة ابن منجا في شرحه مع المصنف إذا لم يطلع على منقول بما قاله المصنف اعترض عليه وهذا ليس بجيد فإن الاعتذار عنه أولى من ذلك والمصنف إمام جليل له اختيار واطلاع على ما لم يطلع عليه
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب في حكم المسألة أن العقد ينفسخ ظاهرا وباطنا مطلقا كما جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والخلاصة واختاره القاضي وقال هو ظاهر كلام الإمام أحمد
واختار أبو الخطاب إن كان البائع ظالما انفسخ في حقه ظاهرا لا باطنا وإن كان المشتري ظالما انفسخ ظاهرا وباطنا وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في المذهب والبلغة واختيار المصنف قول ثالث والله أعلم
قوله : وإن اختلفا في صفة الثمن تحالفا إلا أن يكون للبلد نقد معلوم فيرجع إليه
إذا كان للبلد نقد واحد واختلفا في صفة الثمن أخذ به نص عليه في رواية الأثرم وإن كان في البلد نقود فقال في الفروع أخذ بالغالب وعنه الوسط اختاره أبو الخطاب وعنه الأقل
قال القاضي وغيره ويتحالفان
وقال في المحرر وإن اختلفا في صفة الثمن فظاهر كلامه أنه يرجع إلى أغلب نقود البلد فإن تساوت فأوسطها وقال القاضي يتحالفان
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير أخذ نقد البلد أو غالبه إن تعددت نقوده نص عليه فإن استوت فالوسط ومن قبل قوله: حلف وقيل يتحالفان
زاد في الكبرى وقيل إن قال بعتك هذا الثوب بدرهم وأطلق وهناك نقود مختلفة فله أقل ذلك
فظاهره جواز البيع بثمن مطلق وللبلد نقود مختلفة وله أدناها لأنه اليقين
وقال في الهداية فإن اختلفا في صفة الثمن فإن كان فيه نقود رجع إلى أوسطها
وقال شيخنا يتحالفان وكذا قال في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والنظم والحاوي الكبير وإدراك الغاية وغيرهم
قال في المغني والشرح إن كان في البلد نقود رجع إلى أوسطها نص عليه في رواية الجماعة
قالا فيحتمل أنه أراد إذا كان هو الأغلب والمعاملة به أكثر لأن الظاهر وقوع المعاملة به أشبه ما إذا كان في البلد نقد واحد
ويحتمل أنه ردهما إليه مع التساوي لأن فيه تسوية بينهما في الحق وتوسطا بينهما وفي العدول إلى غيره ميل على أحدهما فكان التوسط أولى وعلى مدعي ذلك الثمن انتهى
وقال ابن رزين في شرحه وإن كان للبلد نقود رجع إلى أوسطها تسوية بينهما ويحلف مدعيه فإن كانت متساوية تحالفا انتهى
وقال في الخلاصة أخذ بنقد البلد وقيل يتحالفان
وقال في التلخيص فإن كان فيه نقود فهل يرجع إلى الوسط أو يتحالفان على وجهين
وقال في الفائق إذا اختلفا في صفة الثمن رجع إلى نقد البلد وغالبه نص عليه ولو تساوت نقوده فهل يرجع إلى الوسط أو يتحالفان على وجهين
وقال ابن عبدوس في تذكرته ويلزم نقد البلد أو غالبه أو أحد المتساوية أو وسط المتقاربة بحلفهما في صفة الثمن
إذا علمت ذلك فالمصنف رحمه الله هنا قطع بالتحالف إذا كان في البلد نقود وهو قول القاضي وغيره وقدمه ابن منجا في شرحه
والصحيح من المذهب أنهما لا يتحالفان لكن هل يؤخذ الغالب وهو الصحيح من المذهب جزم به في البلغة والمنور والفائق وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير
قال في المحرر وهو ظاهر كلامه وقال في الرعايتين والفائق نص عليه
أو يؤخذ الوسط اختاره أبو الخطاب وجزم به في التلخيص وشرح ابن رزين وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والهادي والنظم والحاوي الكبير وإدراك الغاية وغيرهم
أو يؤخذ الأقل فيه ثلاث روايات
والثالثة قول في الرعاية كما تقدم
وتقدم كلام المصنف والشارح في الكلام على رواية الوسط
ولنا قول رابع بالتحالف وهو قول القاضي وغيره
فعلى المذهب إن تساوت النقود ولم يكن فيها غالب فقال في المحرر والرعايتين والفائق والمنور أخذ الوسط لكن قال في التلخيص والفائق هل يؤخذ الوسط أو يتحالفان على وجهين كما تقدم
وتقدم كلام ابن عبدوس
والوسط الذي في الفروع غير الموسط الذي في المحرر والرعايتين فليعلم ذلك
قوله : وإن اختلفا في أجل أو شرط فالقول قول من ينفيه
هذا إحدى الروايتين
قال في تجريد العناية يقدم قول من ينفي أجلا أو شرطا على الأظهر وجزم به في الوجيز والمذهب الأحمد ومنتخب الأدمى والمنور
وقال ابن منجا هذا المذهب وقدمه في الهادي
وعنه يتحالفان جزم به في تذكرة ابن عبدوس وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين ونهايته ونظمها وإدراك الغاية وهو المذهب على ما اصطلحناه وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والكافي والتلخيص والبلغة والشرح والنظم والفروع والفائق
تنبيه مثل ذلك خلافا ومذهبا إذا اختلفا في رهن أو في ضمين أو في قدر الأجل أو الرهن أو المبيع
قوله : إلا أن يكون شرطا فاسدا فالقول قول من ينفيه
فظاهره أنه سواء كان الشرط الفاسد يبطل العقد أو لا
واعلم أنه إذا كان لا يبطل العقد فالقول قول من ينفيه على الصحيح من المذهب وقدمه المصنف هنا وجزم به وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه ابن رزين وغيره
وعنه يتحالفان ويأتي كلام ابن عبدوس وأطلقهما في الفروع
وإن كان يبطل العقد فالقول قول من ينفيه وهذا المذهب وعليه عامة الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه في دعوى عبد عدم الإذن ودعوى أنه كان صغيرا حالة العقد
وفيمن يدعي الصغر وجه يقبل قوله: لأنه الأصل وأطلقهما في الفروع في كتاب الإقرار فيما إذا أقر وقال لم أكن بالغا
وقطع ابن عبدوس في تذكرته أنه لو ادعى الصغر أو السفه حالة البيع أنهما يتحالفان
وقال في الانتصار في مد عجوة لو اختلفا في صحته وفساده قبل قول البائع مدعى فساده
ويأتي نظير ذلك في الضمان وكتاب الإقرار فيما إذا ضمن أو أقر وادعى أنه كان صغيرا حالة الضمان والإقرار بأتم من هذا
قوله : وإن قال بعتني هذين فقال بل أحدهما يعني بثمن واحد فالقول قول البائع
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والهادي والوجيز وإدراك الغاية والمنور وغيرهم وقدمه في المستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق
وقيل يتحالفان اختاره القاضي وذكره ابن عقيل رواية وصححها وقدمه في التبصرة وغيرها
قال الشارح هذا أقيس وأولى إن شاء الله تعالى
قال في التلخيص هذا أقيس
قال القاضي في المجرد في باب المزارعة وباب الدعاوى والبينات إذا اختلف المتبايعان في قدر المبيع تحالفا ذكره عنه في التلخيص
قوله : وإن قال بعتني هذا فقال بل هذا حلف كل واحد منهما على ما أنكره ولم يثبت بيع واحد منهما
هذا إحدى الطريقتين وهي طريقة المصنف هنا وفي الهادي والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والشرح وإدراك الغاية والفائق والحاوي الكبير
والطريقة الثانية أن حكم هذه المسألة حكم التي قبلها وهي المنصوصة عن أحمد وهي طريقة صاحب المحرر والنظم وتجريد العناية وتذكرة ابن عبدوس وقدمها في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلق الطريقتين في الفروع
فائدتان
إحداهما : إذا قلنا يتحالفان وتحالفا فإن كان ما ادعاه البائع معيبا بيد المشتري فعليه رده إلى البائع وليس للبائع طلبه إذا بذل له ثمنه لاعترافه ببيعه وإن لم يعطه ثمنه فله فسخ البيع واسترجاعه قاله المصنف والشارح
وقال في المنتخب لا يرده المشتري إلى البائع
واما إذا كان بيد البائع فإنه يقر في يده ولم يكن للمشتري طلبه وعلى البائع رد الثمن قولا واحدا
وإن أنكر المشتري شراء الأمة لم يطأها البائع لأنه معترف ببيعها نقل جعفر هي ملك لذاك أي المشتري قال أبو بكر لا يبطل البيع بجحوده
ويأتي في الوكالة خلاف خروجه في النهاية من الطلاق
الثانية لو ادعى البيع ودفع الثمن فقال بل زوجتك وقبضت المهر فقد اتفقا على إباحة الفرج له وتقبل دعوى النكاح بيمينه
وذكر أبو بكر قولا تقبل دعواه البيع بيمينه
ويأتي عكسها في أوائل عشرة النساء
ذكر هذه المسألة المصنف في أواخر باب ما إذا وصل بإقراره ما يغيره
وتقدم في كتاب البيع في فصل السابع إذا اختلفا في صفة المبيع
قوله : وإن قال البائع لا أسلم المبيع حتى أقبض ثمنه وقال المشتري لا أسلمه حتى أقبض المبيع والثمن عين جعل بينهما عدل يقبض منهما ويسلم إليهما
وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين والنظم والوجيز والفائق والقواعد وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع وغيرهم
وعنه ما يدل على أن البائع يجبر على تسليم المبيع على الإطلاق
فعلى المذهب يسلم المبيع أولا ثم الثمن على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل بل يسلم إليهما معا ونقله ابن منصور عن الإمام أحمد
وقيل أيهما يلزمه البداءة يحتمل وجهين ذكره في الرعاية الكبرى
فائدة : من قدر منهما على التسليم وامتنع منه ضمنه كغاصب
قوله : وإن كان دينا يعني في الذمة حالا أجبر البائع على التسليم ثم يجبر المشتري على تسليم الثمن إن كان حاضرا يعني في المجلس
وهذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب
وقيل له حبسه حتى يقبض ثمنه الحال كما لو خاف فواته واختاره المصنف واختاره في الانتصار قاله في الفروع والقواعد
فعلى ما اختاره المصنف لو سلمه البائع إلى المشتري لم يملك بعد ذلك استرجاعه ولا منع المشتري من التصرف فيه
قال في القواعد وهو خلاف ما قاله القاضي وأصحابه في مسألة الحجر القريب
فائدة : لو كان الخيار لهما أو لأحدهما لم يملك البائع المطالبة بالنقد ذكره القاضي في الإجارات من خلافه وصرح به الأزجي في نهايته
ولا يملك المشتري قبض المبيع في مدة الخيار بدون إذن صريح من البائع نص على ما قاله في القاعدة الثامنة والأربعين
قوله : وإن كان غائبا بعيدا أو المشتري معسرا فللبائع الفسخ
هذا المذهب قطع به الجمهور منهم صاحب الفروع
وقيل له الفسخ مع إعساره فقط أو يصبر مع الحجر عليه قاله في الرعاية
قال ويحتمل أن يباع المبيع وقيل وغيره من ماله في وفاء ثمنه إذا تعذر لإعسار أو بعد
تنبيه قد يقال ظاهر قوله : المشتري معسرا أنه سواء كان معسرا به كله أو ببعضه وهو أحد الوجهين
قلت: وهو الصواب
وقيل لا بد أن يكون معسرا به كله قدمه في الرعاية
فائدة : لو أحضر نصف الثمن فهل يأخذ المبيع كله أو نصفه أو لا يأخذ شيئا حتى يزن الباقي أو يفسخ البيع ويرد ما أخذه
قال في الرعاية يحتمل وجهين
وقيل نقد بعض الثمن لا يمنع الفسخ انتهى
وقال في الفروع وإن أحضر نصف ثمنه فقيل يأخذ المبيع وقيل نصفه وقيل لا يستحق مطالبته بثمن ومثمن مع خيار شرط انتهى
قلت: أما أخذ المبيع كله ففيه ضرر على البائع وكذا أخذ نصفه للتشقيص فالأظهر أنه
لا يأخذ شيئا من المبيع حتى يأتي بجميع الثمن
قال في الفروع ومثله المؤجر بالنقد في الحال
تنبيه مفهوم قوله : والمشتري معسرا أنه لو كان موسرا مماطلا ليس له الفسخ وهو الصحيح في الحال وهو المذهب وعليه الأصحاب إلا الشيخ تقي الدين فإنه قال له الفسخ
قلت: وهو الصواب
قوله : وإن كان في البلد حجر على المشتري في ماله كله حتى يسلمه
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقيل له الفسخ
قوله : وإن كان غائبا عن البلد قريبا احتمل أن يثبت للبائع الفسخ
وهو أحد الوجهين وقدمه في الرعايتين والحاويين وجزم به ابن رزين في نهايته وهو ظاهر ما جزم به في الهادي
واحتمل أن يحجر على المشتري من غير فسخ وهو الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المغني والكافي والمحرر والشرح والفائق وشرح ابن منجا والهداية والخلاصة
فائدتان
إحداهما : لو كان الثمن مؤجلا فالصحيح من المذهب أن المبيع لا يحبس عن المشتري نص عليه وقدمه في الفروع
وقيل يحبسه إلى أجله جزم به في الرعاية والوجيز
قال في الفروع اختاره الشيخ يعني به المصنف
الثانية مثل البائع في هذه الأحكام المؤجر بالنقد في الحال قاله في الوجيز والفروع وغيرهما
تنبيهات
الأول ظاهر قوله : ومن اشترى مكيلا أو موزونا
أنه سواء كان مطعوما أو غير مطعوم وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب
وعنه محل ذلك إذا كان مطعوما مكيلا أو موزونا
وعنه محل ذلك في المطعوم سواء كان مكيلا أو موزونا أو لا
الثاني أناط المصنف رحمه الله الأحكام بما يكال ويوزن لا بما يباع من كيل أو
وزن فدخل في قوله: ومن اشترى مكيلا أو موزونا الصبرة وهو
إحدى الروايتين وهي طريقة الخرقي والمصنف والشارح ونصره القاضي وأصحابه وذكره الشيخ تقي الدين ظاهر المذهب وصححه في النظم
والصحيح من المذهب أن الحكم منوط بذلك إذا بيع بالكيل أو الوزن لا بما بيع من ذلك جزافا كالصبرة المعينة وهي طريقة صاحب المحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفائق وغيرهم وصاحب الفروع وقال هذا المذهب
قال في التلخيص هذه الرواية أشهر وهي اختيار أكثر الأصحاب وهي الرواية التي ذكرها المصنف بقوله: وعنه في الصبرة المتعينة أنه يجوز بيعها قبل قبضها وإن تلفت فهي من ضمان المشتري وأطلقهما في الحاوي الكبير
الثالث في اقتصار المصنف على المكيل والموزون إشعار بأن غيرهما ليس مثلهما في الحكم ولو كان معدودا أو مذروعا وقد صرح به في:
قوله : وما عدا المكيل والموزون يجوز التصرف فيه قبل قبضه
وهو وجه قدمه في الشرح والفائق والرعاية الكبرى
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وظاهر المذهب أن المعدود كالمكيل والموزون قاله في الفروع وقطع به الخرقي وصاحب التلخيص والمحرر والنظم والحاوي الكبير وقال لا تختلف الرواية فيه
والمشهور في المذهب أن المذروع كالمكيل والموزون قاله في الفروع وقطع به في التلخيص والمحرر والبلغة والحاوي الكبير وغيرهم
قوله : لم يجز بيعه حتى يقبضه
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب
وعنه يجوز بيعه لبائعه اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وجوز التولية فيه والشركة وخرجه من بيع دين
والمذهب خلاف ذلك وعليه الأصحاب
تنبيه ظاهر قوله : لم يجز بيعه أنه ملكه بالعقد ولكن هو ممنوع من بيعه قبل قبضه وهو صحيح وهو المذهب نقله ابن مشيش وغيره وعليه الأصحاب وحكاه الشيخ تقي الدين رحمه الله إجماعا
وذكر في الانتصار رواية أنه لا يملكه بالعقد ذكرها في مسألة نقل الملك زمن الخيار
ونقل ابن منصور ملك البائع قائم حتى يوفيه المشتري
فائدتان
إحداهما : يلزم البيع بالعقد مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل في قفيز من صبرة ورطل من زبرة لا يلزم إلا بقبضه
وقال القاضي في موضع من كلامه ما يفتقر إلى القبض لا يلزم إلا بقبضه ذكره الزركشي
وقال في الروضة يلزم البيع بكيله ووزنه ولهذا نقول لكل واحد منهما الفسخ بغير اختيار الآخر ما لم يكيلا أو يزنا
قال في الفروع كذا قال قال فيتجه إذن في نقل الملك روايتا الخيار
وقال في الروضة ولا يحيل به قبله
وقال غير المكيل والموزون كهما في رواية
وتقدم التنبيه على ذلك أول الباب عند قوله: ولكل واحد من المتبايعين الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما
الثانية المبيع برؤية أو صفة متقدمة من ضمان البائع حتى يقبضه المشتري ولا يجوز للمشتري التصرف فيه قبل قبضه مكيلا أو موزونا أو غيرهما
تنبيه ظاهر قوله : لم يجز بيعه حتى يقبضه جواز التصرف فيه بغير البيع
وهو اختيار الشيخ تقي الدين وتقدم أنه اختار جواز بيعه لبائعه وجواز التولية فيه والشركة وهنا مسائل
منها العتق ويصح رواية واحدة قال الشيخ تقي الدين إجماعا
ومنها رهنه وهبته بلا عوض بعد قبض ثمنه وفي جوازهما وجهان وأطلقهما في الفروع وظاهر ما قطع به المصنف في باب الرهن عدم جواز رهنه حيث قال ويجوز رهن المبيع غير المكيل والموزون قبل قبضه
قال في التلخيص ذكر القاضي وابن عقيل أنه لا يصح رهنه
قال في القاعدة الثامنة والخمسين قال القاضي في المجرد وابن عقيل لا يجوز رهنه ولا هبته ولا إجارته قبل القبض كالمبيع ثم ذكر في الرهن وهو ظاهر كلامه في المرتهن عن الأصحاب أنه يصح رهنه قبل قبضه انتهى
وقطع في الحاوي الكبير أنه لا يصح رهنه ولا هبته وهو ظاهر كلامه في الرعايتين والحاوي الصغير في هذا الباب
واختار القاضي الجواز فيهما واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله
وقال في التلخيص أيضا وذكر القاضي وابن عقيل في موضع آخر إن كان الثمن قد
قبض صح رهنه وتقدم كلامهما فيما نقلاه عن الأصحاب
وللأصحاب وجه آخر بجواز رهنه على غير ثمنه قاله في القواعد وغيره
وقدم في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والنظم وغيرهم صحة رهنه وصححه في الرعاية الكبرى والفائق ذكروا ذلك في باب الرهن
ويأتي هناك بأتم من هذا
ومنها الإجارة والصحيح من المذهب أنها لا تصح مطلقا اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل وقدمه في الفروع
وقيل تصح من بائعه اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله
ومنها الوصية به والخلع عليه فجوزه أبو يعلى الصغير واختاره الشيخ تقي الدين
وفي طريقة بعض أصحابنا يصح تزويجه به واختاره الشيخ تقي الدين
قال في القاعدة الثانية والخمسين ومن الأصحاب من قطع بجواز جعله مهرا معللا بأن ذلك غرر يسير فيغتفر في الصداق ومنهم المجد انتهى
وفيه وجه آخر لا يصح جعله مهرا
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا جواز التصرف فيه بغير بيع
وظاهر كلام الأكثر وصرح به كثير منهم عدم الجواز
قوله : وإن تلف قبل قبضه فهو من مال البائع
اعلم أنه إذا تلف كله وكان بآفة سماوية انفسخ العقد وكان من ضمان بائعه وكذا إن تلف بعضه لكن هل يخير المشتري في باقيه أو يفسخ فيه روايتا تفريق الصفقة وقد تقدم المذهب فيها
قال الزركشي ظاهر كلام أبي محمد أنه يخير بين قبول المبيع ناقصا ولا شيء له وبين الفسخ والرجوع بالثمن
وظاهر كلام غيره أن التخيير في الباقي وأن التالف يسقط ما قابله من الثمن انتهى
وأما في العيب بآفة سماوية فيتعين ما قاله المصنف في تلف البعض بآفة سماوية
قوله : إلا أن يتلفه آدمي فيخير المشتري بين فسخ العقد وبين إمضائه ومطالبة متلفه بالقيمة
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم
قال المصنف والشارح وغيرهما قاله أصحابنا
وقيل إن أتلفه بائعه انفسخ العقد وهو احتمال في الكافي
قال الزركشي قد يقال إن إطلاق الخرقي يقتضي بطلان العقد مطلقا وظاهر ما روى إسماعيل بن سعيد إذا كان التلف من جهة البائع لا يبطل العقد ولا يخير المشتري انتهى
تنبيه قوله : ومطالبة متلفه بالقيمة كذا قال كثير من الأصحاب
قال في الفروع ومرادهم إلا المحرر بقوله:م بقيمته ببدله وقد نقل الشالنجي يطالب متلفه في المكيل والموزون بمثله
فوائد
منها لو خلطه بما لا يتميز فهل ينفسخ العقد فيه وجهان وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفائق والزركشي
أحدهما ينفسخ العقد وقدمه في الرعايتين وصححه في النظم
والثاني لا ينفسخ وقال في الفائق والمختار ثبوت الخيرة في فسخه
ولعل الخلاف مبني على أن الخلط هل هو اشتراك أو إهلاك على ما يأتي في كلام المصنف في الغصب
ومنها لو اشترى شاة بشعير فأكلته قبل القبض فإن لم تكن بيد أحد انفسخ العقد كالسماوي وإن كانت بيد المشتري أو البائع أو أجنبي فمن ضمان من هي بيده
ومنها لو كان المبيع قفيزا من صبرة أو رطلا من زبرة فتلفت إلا قفيزا أو رطلا فهو المبيع
ومنها لو اشترى عبدا أو شقصا بمكيل أو موزون أو معدود أو مذروع فقبض العبد وباعه أو أخذ الشقص بالشفعة ثم تلف الطعام قبل قبضه انفسخ العقد الأول دون الثاني ولا يبطل الأخذ بالشفعة ويرجع مشتري الطعام على مشتري العبد أو الشقص بقيمة ذلك لتعذر رده وعلى الشفيع مثل الطعام لأنه عوض الشقص
تنبيه يأتي حكم الصرف والسلم قبل قبضهما في بابيهما ويأتي حكم الثمرة إذا باعها على الشجر هل يجوز بيعها قبل جذها ونحوه
قوله : وما عدا المكيل والموزون يجوز التصرف فيه قبل قبضه وإن تلف فهو من ضمان المشتري
وهذا بناء منه على ما ذكره في المكيل والموزون
وقد تقدم أن المعدود والمذروع كهما فما عدا هذه الأربعة يجوز التصرف فيه قبل قبضه وإن تلف فهو من ضمان المشتري كما قال المصنف وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب
قال في الفروع هذا المذهب كأخذه بشفعة
قال في التلخيص هذا أشهر الروايات واختيار أكثر الأصحاب
قال في المحرر هذا المشهور
قال في الشرح هذا الأظهر
قال في الرعاية والفائق هذا الأشهر
قال الزركشي هو الأشهر عن الإمام أحمد والمختار لجمهور الأصحاب
وصححه ابن عقيل في الفصول وهو من مفردات المذهب
وعنه يجوز التصرف فيه إن لم يكن مطعوما
وفي طريقة بعض الأصحاب رواية يجوز في العقار فقط
وذكر أبو الخطاب رواية أخرى أنه كالمكيل والموزون في ذلك فلا يجوز التصرف فيه مطلقا ولو ضمنه اختاره ابن عقيل في غير الفصول والشيخ تقي الدين وجعلها طريقة الخرقي وغيره وقال عليه تدل أصول أحمد كتصرف المشتري في الثمرة والمستأجر في العين مع أنه لا يضمنها وعكسه كالصبرة المعينة كما شرط قبضه لصحته كسلم وصرف
وقال في الانتصار في الصرف إن تميز له الشراء بعينه ويأمر البائع بقبضه في المجلس وقال في الترغيب المتعينان في الصرف قبل من صور المسألة
وقيل لا لقوله: إلا هؤلاء
فوائد
الأولى ضابطه المبيع متميز وغيره فغير المتميز مبهم تعلق به حق توفية كقفيز من صبرة ونحوه فيفتقر إلى القبض على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وفي كلام المصنف ما يقتضي رواية بعدم الافتقار
قال الزركشي ولا يتابع عليها
ومبهم لم يتعلق به حتى توفية كنصف عبد ونحوه ففي البلغة هو كالذي قبله
وفي التلخيص هو من المتميزات فيه الخلاف الآتي
والمتميز قسمان ما يتعلق به حق توفية كبعتك هذا القطيع كل شاة بدرهم ونحوه فهو كالمبهم الذي تعلق به حق توفية عند الأصحاب وخرج أنه كالعبد وهو ظاهر رواية ابن منصور
وما لا يتعلق به حق توفية كالعبد والدار والصبرة ونحوها من الذميات ففيه الروايات المذكورة بعد كلام المصنف
الثانية ما جاز له التصرف فيه فهو من ضمانه إذا لم يمنعه البائع نص عليه قال في الفروع فظاهره تمكن من قبضه أو لا وجزم به في المستوعب وغيره
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يكون من ضمانه إلا إذا تمكن من قبضه
وقال ظاهر المذهب أن الفرق بين ما يتمكن من قبضه وغيره ليس هو الفرق بين المقبوض وغيره
قال في الفروع كذا قال قال ولم أجد الأصحاب ذكروه ورد ما قاله الشيخ تقي الدين واستشهد للرد بكلام بعض الأصحاب
الثالثة الثمن الذي ليس في الذمة حكمه حكم الثمن فأما إن كان في الذمة فله أخذ بدله لاستقراره
قال المصنف في فتاويه فيمن اشترى شاة بدينار فبلعته إن قلنا يتعين الدينار بالتعيين وينفسخ العقد بتلفه قبل قبضه انفسخ هنا وإن لم نقل بأحدهما لم ينفسخ
الرابعة حكم كل معين ملك بعقد معاوضة ينفسخ بهلاكه قبل قبضه كالأجرة المعينة والعوض في الصلح بمعنى البيع ونحوهما حكم العوض في البيع في جواز التصرف ومنعه كما سبق قطع به الأصحاب
وجوز الشيخ تقي الدين البيع فيه وغيره لعدم قصد الربح انتهى
وحكم ما لا ينفسخ العقد بتلفه قبل قبضه كالعوض في الخلع والعوض في العتق والمصالح به عن دم العمد قيل حكم البيع كما تقدم في الذي قبله اختاره القاضي في المجرد لكن يجب بتلفه مثله أو قيمته جزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير ولا فسخ على الصحيح
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله لهما فسخ نكاح لفوت بعض المقصود كعيب مبيع انتهى
وقيل له التصرف قبل قبضه فيما لا ينفسخ فيضمنه جزم به في المغني والشرح والحاوي الكبير وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق وأطلقهما في الفروع وفي المستوعب وفي التلخيص بل ضمانه كبيع
وحكم المهر كذلك عند القاضي وهو ظاهر كلام جماعة وجزم به في الحاوي الكبير والمحرر وقدمه في الرعاية الكبرى
وقال أبو الخطاب إن لم يكن متعينا ذكره المصنف وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والفائق
الخامسة لو تعين ملكه في موروث أو وصية أو غنيمة لم يعتبر قبضه في صحة تصرفه
فيه ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله بلا خلاف وجزم به في التلخيص والمغني والمحرر والشرح والحاوي الكبير والفائق وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وغيرهما لعدم ضمانه بعقد معاوضة كمبيع مقبوض وكوديعة وكماله في يد وكيله ونحو ذلك
وقيل وصية كبيع وقيل وإرث أيضا كبيع
وفي الإفصاح عن أحمد منع بيع الطعام قبل قبضه في إرث وغيره
وفي الانتصار منع تصرفه في غنيمة قبل قبضها إجماعا وعارية كوديعة في جواز التصرف ويضمنها مستعير
ويأتي حكم القرض في أول بابه
قوله : ويحصل القبض فيما بيع بالكيل والوزن بكيله أو وزنه
وكذا المعدود والمذروع بعده وذرعه على ما تقدم نص عليه وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب لكن يشترط في ذلك كله حضور المستحق أو نائبه
وعنه إن قبض جميع الأشياء بالتخلية مع التمييز نصره القاضي وغيره
وقال في المحرر ومن تابعه وإن تقابضاه جزافا لعلمهما بقدره جاز إلا في المكيل فإنه على روايتين
ويأتي في أواخر السلم هل يكتفي بعلم كيله أو وزنه ونحو ذلك عن المكيل والموزون ونحوهما أم لا
فوائد
إحداها : نص الإمام أحمد رحمه الله على كراهة زلزلة الكيل
الثانية الصحيح من المذهب صحة استنابة من عليه الحق للمستحق في القبض
قال في التلخيص صح في أظهر الوجهين وقدمه في الفروع وقيل لا يصح
الثالثة نص الإمام أحمد رحمه الله وقاله القاضي وأصحابه طرفه كيده بدليل تنازعهما ما فيه وقيل لا
الرابعة نص الإمام احمد رحمه الله أيضا على صحة قبض وكيل من نفسه لنفسه وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب قاله في الفروع
قال في التلخيص هذا المشهور في المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقاله في الترغيب وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقيل لا يصح
ولو قال له اكتل من هذه الصبرة قدر حقك ففعل صح وقيل لا ويأتي ذلك في آخر باب السلم
قوله : وفي الصبرة وما ينقل بالنقل وفيما يتناول بالتناول
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وعنه أن قبض جميع الأشياء بالتخلية مع التمييز ونصره القاضي وغيره كما تقدم
فائدة : قال المصنف في المغني في كتاب الهبة والقبض في المشاع بتسليم الكل إليه فإن أبى الشريك أن يسلم نصيبه قيل للمتهب وكل الشريك في قبضه ونقله فإن أبى نصب الحاكم من يكون في يده لهما فينقله ليحصل القبض لأنه لا ضرر على الشريك في ذلك ويتم به عقد شريكه
وقال في الرعاية ومن اتهب مبهما أو مشاعا من منقول وغيره مما ينقسم أو غيره فأذن له شريكه في القبض كان سهمه أمانة مع المتهب أو يوكل المتهب شريكه في قبض سهمه منه ويكون أمانة وإن تنازعا قبض لهما وكيلهما أو أمين الحاكم انتهى
وقال في الفروع في باب الهبة قال في المجرد يعتبر لقبض المشاع إذن الشريك فيكون نصفه مقبوضا تملكا ونصف الشريك أمانة وقال في العيون بل عارية انتهى
وقال في الرعاية أيضا في باب القبض والضمان ومن باع حقه المشاع من عين وسلم الكل إلى المشتري بلا إذن شريكه فهو غاصب حق شريكه فإن علم المشتري عدم إذنه في قبض حقه فتلف ضمن أيهما شاء والقرار على المشتري وكذا إن جهل الشركة أو وجوب الإذن ومثله يجهله لكن القرار على البائع لأنه غره ويحتمل أن يختص بالمشتري
قوله : وفيما عدا ذلك بالتخلية
كالذي لا ينقل ولا يحول وهذا بلا نزاع لكن قال المصنف والشارح وصاحب الترغيب والرعاية والحاوي وغيرهم مع عدم المانع
قلت: ولعله مراد من أطلق
فائدتان
إحداهما : أجرة توفية الثمن والمثمن على باذله منهما قاله الأصحاب
وقال في النهاية أجرة نقله بعد قبض البائع له عليه انتهى
وأجرة المنقولات على المشتري سواء قلنا كمقبوض أو لا جزم به في التلخيص وغيره وقدمه في الفروع والرعاية
وقال المصنف والشارح وغيرهما أجرة المنقولات على المشتري سواء قلنا كمقبوض أو لا
قال المصنف لأنه لم يتعلق به حق توفية نص عليه
وقال في الرعاية الكبرى ومؤنة توفية كل واحد من العوضين من أجرة وزنه وكيله وذرعه وعده وغير ذلك على باذله ومؤنة قبض ما بيع جزافا وهو متميز على من صار له إن قلنا هو في حكم المقبوض وإلا فلا
وما بيع بصفة أو رؤية متقدمة فهو كالمكيل والموزون ونحوهما في حق التوفية وغيرها
وقيل أجرة الكيال على البائع وكذا أجرة الوزان والنقل وقيل بل على المشتري
ثم قال من عنده ويحتمل أن عليه أجرة النقاد وزنة الوزان انتهى
وقال القاضي في التعليق وأجرة النقاد فإن كان قبل أن يقبض البائع الثمن فهي على المشتري لأن عليه تسليم الثمن إليه صحيحا وإن كان قد قبض فهي على البائع لأنه قد قبضه منه وملكه فعليه أن يبين أن شيئا منه معيبا يجب رده
الثانية يتميز الثمن عن المثمن بدخول باء البدلية مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في التلخيص والرعاية وقال وهو أولى
قال الأزجي في نهايته وهو أظهر
وقيل إن اشتملت الصفقة على أحد النقدين فهو الثمن وإلا فهو ما دخلته باء البدلية نحو لو قال بعتك هذا بهذا فقال المشتري اشتريت أو قال اشتريت هذا بهذا فقال البائع بعتك
وذكر الأزجي في نهايته وجها ثالثا وهو أن الثمن الدراهم والدنانير الموضوعة للثمينة اصطلاحا فيختص بها فقط
قلت: وهو قريب من الذي قبله
فوائد
منها لا يضمن النقاد ما أخطأوا على الصحيح من المذهب نص عليه
زاد في الرعاية إذا عرف حذقه وأمانته والظاهر أنه مراد من أطلق
وقيل يضمنون
ومنها إتلاف المشتري للمبيع قبض مطلقا على الصحيح من المذهب
وقيل إن كان عمدا فقبض وإلا فلا
وغصبه ليس بقبض
وفي الانتصار خلاف إن قبله هل يصير قابضا أم يفسخ ويغرم قيمته؟.
وكذا متهب بإذنه هل يصير قابضا فيه وفي غصب عقار لو استولى عليه وحال بينه وبين بائعه صار قابضا؟.
ومنها يصح قبضه من غير رضا البائع على الصحيح من المذهب وقال في الانتصار يحرم في غير متعين
ومنها لو غصب البائع الثمن أو أخذه بلا إذنه لم يكن قبضا إلا مع المقاصة
فائدة : يحرم تعاطيهما عقدا فاسدا فلو فعلا لم يملك به ولا ينفذ تصرفه على الصحيح من المذهب
وخرج أبو الخطاب في انتصاره صحة التصرف فيه من الطلاق في النكاح الفاسد
واعترضه أحمد الحربي في تعليقه وفرق بينهما
وأبدى ابن عقيل في عمد الأدلة احتمالا بنفوذ الإقالة في البيع الفاسد كالطلاق في النكاح الفاسد قال ويفيد ذلك أن حكم الحاكم بعد الإقالة بصحة العقد لا يؤثر انتهى
قال في الفائق قال شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين رحمه الله يترجح أنه يملكه بعقد فاسد
فعلى المذهب حكمه حكم المغصوب في الضمان على الصحيح من المذهب جزم به في الرعايتين والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
قال في القاعدة السادسة والأربعين هذا المعروف من المذهب
وقال ابن عقيل وغيره حكمه حكم المقبوض على وجه السوم ومنه خرج ابن الزاغوني لا يضمنه
ويأتي حكم المقبوض على وجه السوم في باب الضمان وإن كان هذا محله لمعنى ما
وعلى المذهب أيضا يضمنه بقيمته على الصحيح نص عليه في رواية ابن منصور وأبي طالب
وذكر أبو بكر يضمنه بالمسمى لا القيمة كنكاح وخلع وحكاه القاضي في الكتابة واختاره الشيخ تقي الدين
وقال في الفصول يضمنه بالثمن والأصح بقيمته كمغصوب
وفي الفصول أيضا في أجرة المثل في مضاربة فاسدة أنه كبيع فاسد إذا لم يستحق فيه المسمى استحق ثمن المثل وهو القيمة كذا تجب قيمة المثل لهذه المنفعة انتهى
وقال في المغني في تصرف العبد وصاحب المستوعب أو يضمن مثله يوم تلفه وخرج القاضي وغيره فيه وفي عارية كمغصوب وقاله في الوسيلة
وقيل له حبس المقبوض بعقد فاسد على قبض ثمنه
وعلى المذهب يضمن زيادته على الصحيح
قال في الرعاية الكبرى وله مطلقا نماؤه المتصل والمنفصل وأجرته مدة قبضه بيد المشتري وأرش نقصه
وقيل هل أجرته وزيادته مضمونة أو أمانة على وجهين انتهى
وقال في الصغرى ونماؤه وأجرته وأرش نقصه لمالكه
وقيل عليه أجرة المثل لمنفعة وضمانه إن تلف بقيمته وزيادته أمانة انتهى
وقدم الضمان أيضا في الزيادة وصححه في تصحيح المحرر
وقال في الفروع والمحرر والنظم وفي ضمان زيادته وجهان
وقال في المغني والترغيب والرعايتين والحاويين وغيرهما إن سقط الجنين ميتا فهدر وقاله القاضي وعند أبي الوفاء يضمنه انتهى
ويضمنه ضاربه بلا نزاع وحكمه في الوطء حكم الغاصب إلا أنه لا حد عليه وولده حر
قوله : والإقالة فسخ
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب قاله في القواعد الفقهية اختارها الخرقي والقاضي والأكثرون
قال الزركشي هي اختيار جمهور الأصحاب القاضي وأكثر أصحابه
قال في المغني والشرح والفائق وغيرهم ويشرع إقالة النادم وهي فسخ في أصح الروايتين وقدمه في الفروع والرعايتين والمحرر وغيرهم وحكاه القاضي والمصنف وغيرهما عن أبي بكر
وعنه إنها بيع اختارها أبو بكر في التنبيه
تنبيه ينبني على هذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها ابن رجب في فوائده وغيره
منها إذا تقايلا قبل القبض فيما لا يجوز بيعه قبل قبضه فيصح على المذهب ولا يصح على الثانية إلا على رواية حكاها القاضي في المجرد في الإجارات أنه يصح بيعه من بائعه خاصة قبل القبض وقد تقدمت واختارها الشيخ تقي الدين وقاله أبو الخطاب في الانتصار
ومنها جوازها في المكيل والموزون بغير كيل ووزن على المذهب ولا يصح على الثانية وهي طريقة أبي بكر في التنبيه والقاضي والأكثرين وجزم بها في الفروع وغيره
وحكي عن أبي بكر أنه لا بد فيها من كيل أو وزن ثان على الروايتين جميعا وقطع به المصنف والشارح عن أبي بكر
ومنها إذا تقايلا بزيادة على الثمن أو بنقص منه أو بغير جنس الثمن لم تصح الإقالة والملك باق للمشتري على المذهب
وعلى الثانية فيه وجهان وأطلقهما المصنف هنا وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر والرعاية والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم
أحدهما لا يصح إلا بمثل الثمن أيضا صححه المصنف والشارح وصاحب الحاوي الكبير والمستوعب والفائق وهو المذهب عند القاضي في خلافه قال في القواعد وهو ظاهر ما نقله ابن منصور
والوجه الثاني يصح بزيادة على الثمن ونقص وصححه القاضي في الروايتين وهو ظاهر ما قدمه في الفروع فإنه قال وعنه بيع فينعكس ذلك إلا مثل الثمن في وجه ويكون هذا المذهب على ما اصطلحناه
ومنها تصح الإقالة بلفظ الإقالة والمصالحة على المذهب ذكره القاضي وابن عقيل
وعلى الثانية لا تنعقد صرح به القاضي في خلافه وقال ما يصلح للحل لا يصلح للعقد وما يصلح للعقد لا يصلح للحل فلا تنعقد الإقالة بلفظ البيع ولا البيع بلفظ الإقالة قاله في القواعد
وظاهر كلام كثير من الأصحاب انعقادها بذلك وتكون معاطاة قاله في الفوائد
ومنها عدم اشتراط شروط البيع من معرفة المقال فيه والقدرة على تسليمه وتمييزه عن غيره على المذهب
وعلى الثانية يشترط معرفة ذلك ذكره في المغني في التفليس
قال في القواعد وفي كلام القاضي ما يقتضي أن الإقالة لا تصح مع غيبة الآخر على الروايتين ولو قال أقلني ثم غاب فأقاله لم يصح قدمه في الفروع وقدم في الانتصار يصح على الفور
وقال ابن عقيل وغيره الإقالة لما افتقرت إلى الرضا وقفت على العلم
ومنها لو تلفت السلعة فقيل لا تصح الإقالة على الروايتين وهي طريقة القاضي في موضع من خلافه والمصنف في المغني
وقيل إن قيل هي فسخ صحت وإلا لم تصح
قال القاضي في موضع من خلافه هو قياس المذهب
وفي التلخيص وجهان وقال أصلهما الروايتان فيما إذا تلف المبيع في مدة الخيار وأطلقهما في الفروع وقالا وفارق الرد بالعيب لأنه يعتمد مردودا
ومنها صحتها بعد نداء الجمعة على المذهب
وعلى الثانية لا تصح قاله القاضي وابن عقيل ومن تابعهما
ومنها نماؤه المنفصل فعلى الثانية لا يتبع وعلى المذهب قال القاضي هو للمشتري
قال ابن رجب وينبغي تخريجه على الوجهين كالرد بالعيب والرجوع للمفلس
وخرج القاضي وجها برده مع أصله حكاه المجد عنه في شرحه
وقال في المستوعب والرعاية النماء للبائع على المذهب مع ذكرهما أن نماء العيب للمشترى
ومنها لو باعه نخلا حاملا ثم تقايلا وقد أطلع فعلى المذهب يتبع الأصل سواء كانت مؤبرة أو لا
وعلى الثانية إن كانت مؤبرة فهي للمشتري الأول وإن لم تكن فهي للبائع الأول
ومنها خيار المجلس لا يثبت فيها على المذهب
وعلى الثانية قال في التلخيص يثبت فيها كسائر العقود قال ويحتمل عندي لا يثبت
ومنها هل يرد بالعيب فعلى الثانية له الرد
وعلى المذهب يحتمل أن لا يرد به ويحتمل أن يرد به قاله في القواعد
ومنها الإقالة في المسلم فيه قبل قبضه فقيل يجوز الإقالة فيه على الروايتين وهي طريقة الأكثرين ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك
وقيل يجوز على المذهب لا الثانية وهي طريقة القاضي وابن عقيل في روايتيهما وصاحب الروضة وابن الزاغوني ويأتي ذلك أيضا في باب السلم
ومنها لو باعه جزءا مشاعا من أرضه فعلى المذهب لا يستحق المشتري ولا من حدث له شركة في الأرض قبل المقايلة شيئا من الشقص بالشفعة
وعلى الثانية يثبت لهم
وكذا لو باع أحد الشريكين حصته ثم عفا الآخر عن شفعته ثم تقايلا وأراد العافي أن يعود إلى الطلب فليس له ذلك على المذهب
وعلى الثانية له ذلك
ومنها لو اشترى شقصا مشفوعا ثم تقايلاه قبل الطلب
فعلى الثانية لا يسقط وعلى المذهب لا يسقط أيضا وهو قول القاضي وأصحابه
وقيل يسقط وهو المنصوص وهو ظاهر كلام أبي حفص والقاضي في خلافه
ومنها هل يملك المضارب أو الشريك الإقالة فيما اشترياه فالأكثرون على أنهما يملكانها عليهما من المصلحة
وقال ابن عقيل في موضع من فصوله على المذهب لا يملكها وعلى الثانية يملكها
ويأتي ذلك في كلام المصنف في أول الشركة
ومنها هل يملك المفلس بعد الحجر المقايلة لظهور المصلحة
فعلى الثانية لا يملك وعلى المذهب الأظهر يملكها قاله ابن رجب
ومنها لو وهب الوالد لولده شيئا فباعه ثم رجع إليه بإقالة
فعلى المذهب يمتنع رجوع الأب وعلى الثانية فيه وجهان أطلقهما في الفوائد
ويأتي هذا هناك
وكذا حكم المفلس إذا باع السلعة ثم عادت إليه بإقالة ووجدها بائعها عنده ويأتي هذا في باب الحجر
ومنها لو باع امة ثم أقاله فيها قبل القبض فقال أبو بكر وابن أبي موسى والشيرازي يجب استبراؤها على الثانية ولا يجب على المذهب
وقيل فيها روايتان من غير بناء
قال الزركشي والمنصوص في رواية ابن القاسم وابن بختان وجوب الاستبراء مطلقا ولو قبل القبض وهو مختار القاضي وجماعة من الأصحاب إناطة بالملك واحتياطا للأبضاع
ونص في رواية أخرى أن الإقالة إن كانت بعد القبض والتصرف وجب الاستبراء وإلا لم يجب
وكذلك حكى الرواية القاضي وأبو محمد في الكافي والمغني
وكأن الإمام أحمد لم ينظر إلى انتقال الملك إنما نظر للاحتياط
قال والعجب من المجد حيث لم يذكر قيد التفرق مع وجوده وتصريح الإمام به لكنه قيد المسألة بقيد لا بأس به وهو بناؤها على القول بانتقال الملك أما لو كانت الإقالة في بيع خيار وقلنا لم ينتقل فظاهر كلامه أن الاستبراء لا يجب وإن وجد القبض
ولم يعتبر المجد أيضا القبض فيما إذا كان المشتري لها امرأة بل حكى فيه الروايتين وأطلق وخالف أبا محمد في تصريحه بأن المرأة بعد التفرق كالرجل
ونص الإمام أحمد رحمه الله الذي فرق فيه بين التفرق وعدمه وقع في الرجل انتهى كلام الزركشي
وقال في القواعد بعد أن حكى الطريقتين الأوليين ثم قيل إنه ينبني على انتقال الضمان عن البائع وعدمه وإليه أشار ابن عقيل
وقيل بل يرجع إلى أن تجدد الملك مع تحقق البراءة من الحمل هل يوجب الاستبراء أم لا قال وهذا أظهر انتهى
ومنها لو حلف لا يبيع أو لأبيعن أو علق في البيع طلاقا أو عتقا ثم قال فإن قلنا هي بيع ترتب عليه أحكامه من البر والحنث وإلا فلا
قال ابن رجب وقد يقال الأثمان تنبني على العرف وليس في العرف أن الإقالة بيع
ومنها لو باع ذمي ذميا خمرا وقبضت دون ثمنها ثم أسلم البائع وقلنا يجب له الثمن فأقال المشتري فيها فعلى الثانية لا يصح
وعلى المذهب قيل لا يصح أيضا وقيل يصح وأطلقهما في الفوائد
ومنها هل تصح الإقالة بعد موت المتعاقدين ذكر القاضي في موضع من خلافه أن خيار الإقالة يبطل بالموت ولا يصح بعده
وقال في موضع آخر إن قلنا هي بيع صحت من الورثة وإن قلنا فسخ فوجهان
وبنى في الفروع صحة الإقالة من الورثة على الخلاف إن قلنا فسخ لم تصح منهم وإلا صحت
ومنها لو تقايلا في بيع فاسد ثم حكم حاكم بصحة العقد ونفوذه فهل يؤثر حكمه إن قلنا الإقالة بيع فحكمه بصحة البيع صحيح
وإن قلنا فسخ لم ينفذ لأن العقد ارتفع بالإقالة
ويحتمل أن ينفذ وتلغى الإقالة وهو ظاهر ما ذكره ابن عقيل في عمد الأدلة
ومنها مؤنة الرد فقال في الانتصار لا تلزم مشتريا وتبقى بيده أمانة كوديعة وفي التعليق للقاضي يضمنه
قال في الفروع فيتوجه تلزمه المؤنة وقطع به في الرعاية في معيب وفي ضمانه النقص خلاف في المغني
قال في الفروع فإن قيل الإقالة بيع توجه على مشتر
فائدة : إذا وقع الفسخ بإقالة أو خيار شرط أو عيب أو غير ذلك فهل يرتفع العقد من حينه أو من أصله
قال القاضي في الإقالة في النماء المنفصل إذا قيل إنها فسخ يكون للمشتري فيحكم بأنها فسخ من حينه وهذا المذهب
قال في آخر القاعدة السادسة والثلاثين وخامسها أن ينفسخ ملك المؤجر ويعود إلى من انتقل الملك إليه منه فالمعروف في المذهب أن الإجارة لا تنفسخ بذلك لآن فسخ العقد رفع له من حينه لا من أصله انتهى
وقال أبو الحسين في تعليقه والفسخ عندنا رفع للعقد من حينه
وقال أبو حنيفة من أصله انتهى
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله القياس أن الفسخ رفع العقد من حينه كالرد بالعيب وسائر الفسوخ
وقال في الفروع وفي تعليق القاضي والمغني وغيرهما الإقالة فسخ للعقد من حينه وهذا أظهر انتهى
والذي رأينا في المغني الإقالة فسخ للعقد ورفع له من أصله ذكره في الإقالة في السلم
فلعل صاحب الفروع اطلع على مكان غير هذا أو هو كما قال شيخنا في حواشيه إن الضمير في قوله: من حينه يرجع إلى العقد لا إلى الفسخ
قلت: وهو بعيد
وصرح أبو بكر في التنبيه بانفساخ النكاح لو نكحها المشتري ثم ردها بعيب بناء على أن الفسخ يرفع العقد من أصله انتهى
وقال القاضي وابن عقيل في خلافيهما الفسخ بالعيب رفع للعقد من حينه والفسخ بالخيار رفع للعقد من أصله لأن الخيار يمنع اللزوم بالكلية ولهذا يمنع من التصرف في المبيع وثمنه بخلاف المعيب انتهيا
وتلخص لنا في المسألة ثلاثة أوجه
ثالثها فرق بين الفسخ بالخيار وبين الفسخ بالعيب وأن المذهب أنه فسخ للعقد من حينه
آخر الجزء الرابع من الإنصاف. ويليه بمشيئة الله ومعونته وحسن توفيقه:
الجزء الخامس وأوله
"باب الربا والصرف"
والله المستعان على الإكمال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه، وصفوة رسله: محمد إمام المهتدين، وعلى آله أجمعين.
المجلد الخامس
تابع لكتاب البيوع
باب الربا والصرف...
بسم الله الرحمن الرحيم
باب الربا والصرف
قوله: "فأما ربا الفضل فيحرم في الجنس الواحد من كل مكيل أو موزون".
هذا الصحيح من المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال هذا المذهب.
قال الشارح هذا أشهر الروايات وذكره الخرقي وابن أبي موسى وأكثر الأصحاب.
قال القاضي اختارها الخرقي وشيوخ أصحابنا.
قال الزركشي هي الاشهر عنه ومختار عامة أصحابه.
قال في الفائق اختاره الأكثرون.
فعليها علة الربا في الذهب والفضة كونهما موزون جنس وعلة الأربعة الباقية المنصوص عليها في الحديث كونهن مكيلات جنس على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال بعض الأصحاب الكيل بمجرده علة والجنس شرط.
وقال أو اتصافه بكونه مكيل جنس هو العلة وفعل الكيال شرط أو نقول الكيل أمارة فالحكم على المذهب إيجاب المماثلة مع ان الأصل إباحة بيع الأموال الربوية بعضها ببعض مطلقا والتحريم لعارض.
وعلى المذهب يجوز إسلام النقدى في الموزون وبه بطلت العلة لأن كل شيئين شملهما إحدى علتي ربا الفضل يحرم النساء فيهما وفي طريقة بعض الأصحاب يحرم سلمهما فيه ولا يصح وإن صح فللحاجة.
تنبيه فعلى هذه الرواية يجرى الربا في كل مكيل أو موزون بجنسه مطعوما كان أو غير مطعوم كالحبوب والأشنان والنورة والقطن والصوف والحناء والكتان والحديد والنحاس والرصاص ونحو ذلك ولا يجرى في مطعوم لا يكال ولا يوزن كالمعدودات ونحوها.
وعنه لا يحرم إلا في الجنس الواحد من الذهب والفضة.
وكل مطعوم مراده مطعوم للآدمي وهو واضح قال أبو بكر روى ذلك عن أحمد جماعة فتكون العلة في الأثمان الثمنية وفيما عداها.
كونه مطعوم جنس فتختص بالمطعومات ويخرج ما عداها وعنه لا يحرم إلا في ذلك إذا كان مكيلا أو موزونا اختارها المصنف والشيخ تقي الدين رحمه الله وقواها الشارح وجزم به في العمدة.
فتكون العلة في الأثمان الثمنية وفي الأربعة الباقية كونهن مطعوم جنس إذا كان مكيلا أو موزونا فلا يجري الربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن كالتفاح والرمان والبطيخ والجوز والبيض ونحوه ولا فيما ليس بمطعوم كالزعفران والأشنان والحديد ونحوه وأطلقهن على المذهب.
فوائد
الأولى: قولنا في الروايتين الأخيرتين العلة في الأثمان الثمنية هي علة قاصرة قال في الفروع لا يصح التعليل بها في اختيار الأكثر ونقضت طردا بالفلوس لأنها أثمان وعكسا بالحلى وأجيب بعدم النقدية الغالبة.
قال في الانتصار ثم يجب أن يقولوا إذا نفقت حتى لا يتعامل إلا بها إن فيها الربا لكونها ثمنا غالبا.
قال في التمهيد من فوائدها ربما حدث جنس آخر يجعل ثمنا فتكون تلك علة.
الثانية: رجح ابن عقيل أخيرا في عمد الأدلة أن الأعيان الستة المنصوص عليها لا تعرف علتها لخفائها فاقتصر عليها ولم يتعداها لتعارض الأدلة عنده في المغنى وهو مذهب طاوس وقتادة وداود وجماعة.
الثالثة: القاعدة على غير قول ابن عقيل أن كل شيء اجتمع فيه الكيل والوزن والطعم من جنس واحد فيه الربا رواية واحدة كالأرز والدخن والذرة والقطنيات والدهن واللبن ونحو ذلك وما عدم فيه الكيل والوزن والطعم أو اختلف جنسه فلا ربا فيه رواية واحدة كالتين والنوى والقت والطين إلا الأرمنى فإنه يؤكل دواء فيكون موزونا مأكولا فهو من القسم الأول وما وجد فيه الطعم وحده أو الكيل أو الوزن من جنس واحد ففيه الخلاف.
قال الشارح والأولى إن شاء الله حله.
الرابعة: لا ربا في الماء مطلقا على الصحيح من المذهب لإباحته أصلا وعدم تموله عادة وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به منهم القاضي والمصنف وعدم تموله عادة وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به منهم القاضي والمصنف وابن الجوزي والسامري والشارح وصاحب التلخيص والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وصححه في الفروع.
فعليها قال المصنف وتبعه الشارح والزركشي لأنه ليس بمكيل فلا يجرى فيه الربا.
وظاهر كلامه في الفروع وغيره أنه مكيل فيكون مستثنى من عموم كلامهم ويعايى بها وقيل يجرى فيه الربا إن قيل إنه مكيل.
قال الزركشي والأقيس جريان الربا فيه على رواية أن علة الربا الطعم قال وهو ظاهر ما في خلاف أبي الخطاب الصغير.
وتعليلهم بأن الأصل الإباحة ينتقض بلحم الطير وبالطين الأرمنى ونحوهما وبأنه مما لا يتمول مردود بأن العلة عندنا ليست المالية.
الخامسة: الذهب والفضة داخلان على الروايات كلها فيحرم التفاضل فيهما مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب إلا أن الشيخ تقى الدين رحمه الله جوز بيع المصوغ المباح بقيمته حالا.
قلت وعمل الناس عليه.
وكذا جوزه نساء ما لم يقصد كونها ثمنا قال وإنما خرج عن القرب بالصنعة فليس بربوي وإلا فجنس بنفسه فيباح خبز بهريسة.
وجوز الشيخ تقى الدين رحمه الله أيضا بيع موزون ربوى بالتحرى للحاجة.
السادسة: فعلى المذهب في أصل المسألة هل يجوز التفاضل فيما لا يوزن بصناعة أم لا فيه روايتان وذلك كالمعمول من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص ونحوه وكالمعمول من الموزونات كالخواتم والأسطال والإبر والسكاكين والثياب والأكيسة ونحو ذلك وأطلقهما في المذهب والفروع والفائق وأطلقهما في التلخيص فيما لا يقصد وزنه.
إحداهما: يجوز التفاضل وهو المذهب اختاره المصنف والشارح والشيخ تقى الدين وهو الصواب وقدمه ابن رزين في شرحه.
الثانية: لا يجوز اختاره ابن عقيل في الفصول وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاويين.
قال الزركشي المنع اختيار جماعة منهم ابن عقيل وغيره.
وعنه يجوز بيع ثوب بثوبين وكساء بكساءين يدا بيد وأصل ذلك الوزن ولم يراع أصله.
وقال القاضي في الجامع الصغير والتعليق إن قصد وزنه كالاسطال والإبريسم ونحوهما لم يجز التفاضل وإن لم يقصد وزنه كالصوف والقطن ونحوهما جاز التفاضل وجزم به في التلخيص.
قال الزركشي وهو قول جماعة وهو أوجه وقاله في الكافي في الموزون وقطع في المنسوج من القطن والكتان أنه لا ربا فيه.
قال في الفروع وعلى هذه المسألة يخرج بيع فلس بفلسين وفيه روايتان منصوصتان وأطلقهما في التلخيص والفروع.
إحداهما: لا يجوز التفاضل نص عليه في رواية جماعة قدمه في الحاوى الكبير والمستوعب.
والرواية الثانية: يجوز التفاضل.
فعلى هذه الرواية لو كانت نافقة هل يجوز التفاضل فيها على وجهين وأطلقهما في التلخيص والفروع.
إحداهما: لا يجوز جزم به أبو الخطاب في خلافه الصغير وقدمه في الحاوى الكبير والمستوعب.
والوجه الثاني: يجوز قال الزركشي قال القاضي في الجامع الصغير وابن عقيل والشيرازي وصاحب المستوعب والتلخيص وغيرهم سواء كانت نافقة أو كاسدة بيعت بأعيانها أو بغير أعيانها.
وجزم ابو الخطاب في خلافه الصغير بأنها مع نفاقها لا تباع بمثلها إلا مماثلة معللا بأنها أثمان ثم حكى الخلاف في معمول الحديد قال وتلخص من ذلك في الفلوس النافقة هل تجرى مجرى الأثمان فيجرى الربا فيها إن قلنا العلة في النقدين الثمنية مطلقا وهو ظاهر ما حكاه أبو الخطاب في جامعة الصغير أو لا يجرى مجراها نظرا إلى أن العلة ما هو ثمن غالبا وذلك يختص الذهب والفضة وهو قول أبى الخطاب في خلافه الكبير على القولين.
وعلى الثاني لا يجرى الربا فيها إلا إذا اعتبرنا أصلها وقلنا العلة في النقدين الوزن كالكاسدة انتهى كلام الزركشي.
قوله: ""ولا يباع ما أصله الكيل بشيء من جنسه وزنا، ولا ما أصله الوزن" أي بشيء من جنسه "كيلا".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال في الفائق وقال شيخنا يعنى به الشيخ تقى الدين رحمه الله إن بيع المكيل بجنسه وزنا شاع.
وقال في الفروع ويتوجه من جواز بيع حب بدقيقه وسويقه جواز بيع مكيل وزنا وموزون كيلا اختاره شيخنا.
قوله: "فإن اختلف الجنس جاز بيع بعضه ببعض كيلا ووزنا وجزافا".
شمل مسألتين.
إحداهما: باع مكيلا بموزون أو موزونا بمكيل فهذا يجوز بيع بعضه ببعض كيلا ووزنا وجزافا إذا اختلف الجنس قولا واحدا ونص عليه لكن الإمام أحمد رحمه الله كره المجازفة في رواية ابن الحكم.
الثانية: باع مكيلا بمكيل أو موزونا بموزون واختلف الجنس فعموم كلام المصنف هنا أنه يجوز وهو قول أكثر الأصحاب وهو ظاهر كلام الخرقي والمذهب الأحمد والنظم والوجيز وتجريد العناية والمنور وإدراك الغاية وغيرهم واختاره ابن عقيل والمصنف والمجد وصاحب التلخيص وابن منجا في شرحه وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
قال في الفروع وهو أظهر وقدمه في الشرح والفائق والهداية والمستوعب والخلاصة والرعاية الكبرى وغيرهم.
وعنه لا يجوز ذلك جزافا اختاره جماعة من الأصحاب منهم أبو بكر وابن أبى موسى والقاضى في المجرد والخلاف والشريف أبو جعفر.
قال في الرعاية الكبرى وقيل يحرم وهو أظهر وأومأ إليه أحمد وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
قال ابن أبى موسى لا خير فيما يكال بما يكال جزافا ولا فيما يوزن بما يوزن جزافا اتفقت الأجناس أو اختلفت وقاله القاضي وهو المنصوص عن الإمام أحمد في رواية الحسن بن ثواب وغيره.
قال في الفروع ونصه لا يجوز.
قلت هذا المذهب لأنه المنصوص عن الإمام أحمد.
والأول اختاره كثير من الأصحاب لكن لم ينقل عن صاحب المذهب وأطلقهما في المذهب والرعاية الصغرى والحاويين.
قوله: "والجنس ماله اسم خاص يشمل أنواعا كالذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح".
نص عليه قال في الطريق الأقرب والأبازير جنس.
تنبيه: صرح المصنف أن البر والشعير جنسان وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه هما جنس واحد.
قوله: "وفروع الأجناس أجناس كالأدقة والأخباز والأدهان".
وكذا الخلول وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه أن خل التمر والعنب جنس واحد ورده المصنف والشارح وغيرهما.
وقال في التلخيص وفي الخلول وجهان.
قال الزركشي وفي التلخيص الخلول كلها جنس واحد ولا معول عليه انتهى.
قلت يحتمل أن يكون الوجه الثاني الذي في التلخيص موافقا للرواية.
وخرج في النهاية من هذه الرواية أن الأدهان المائعة جنس واحد وأن الفاكهة كتفاح وسفرجل جنس.
فائدة: لا يصح بيع خل العنب بخل الزبيب مطلقا نص عليه.
وقال القاضي وغيره لانفراد أحدهما بالماء.
قلت فبعاني بها.
واقتصر عليه الزركشي.
قوله: "واللحم أجناس باختلاف أصوله".
وهو المذهب وعليه الأكثر منهم أبو بكر والقاضي في تعليقه وأبو الحسين وأبو الخطاب في خلافه وابن عقيل وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع والنظم والفائق وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في تجريد العناية اللحم أجناس باعتبار أصوله على الأظهر.
وعنه جنس واحد اختاره الخرقي.
وأنكر القاضي كون هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في الرعايتين والحاويين وإدراك الغاية ونهاية ابن رزين.
قوله: "وكذلك اللبن".
يعني أن فيه روايتين هل هو أجناس باختلاف أصوله وهو المذهب كاللحم أو جنس واحد كاللحم سواء خلافا ومذهبا.
وقال ابن عقيل لبن البقر الأهلية والوحشية جنس واحد على الروايات كلها لأن اسم البقر يشملها ورده المصنف والشارح.
وعنه في اللبن أنه أربعة أجناس أيضا كاللحم ذكرها في المذهب والهادي والتلخيص والرعاية وغيرهم.
وعنه في اللحم أنه أربعة أجناس لحم الأنعام ولحم الوحش ولحم الطير ولحم دواب الماء اختارها القاضي في روايتيه وحمل كلام الخرقي عليه وضعف المصنف اختيار القاضي وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والهادي والخلاصة والتلخيص والبلغة وقال ابن أبي موسى لا خلاف عن الإمام أحمد أن لحم الطير والسمك جنسان انتهى.
وعنه في اللحم أنه ثلاثة أجناس لحم الأنعام ولحم الطير ولحم دواب الماء.
قلت وهو ضعيف فإن لحم الوحش على هذه الرواية لم يذكر له حكم.
فائدتان:
إحداهما: لحم الغنم جنس واحد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل جنسان ضأن ومعز لتفريقه سبحانه وتعالى بينهما وهو احتمال ذكره المصنف والشارح.
الثانية: الشحوم والأكبدة والأطحلة والرئات والجلود والأصواف والعظام والرؤوس والأكارع ونحو ذلك مما اشتمل عليه اللحم يجرى فيهن من الخلاف ما يجرى في اللحم هل ذلك جنس أو أجناس أو أربعة أو ثلاثة قاله الزركشي والسامري وغيرهما.
قوله: "واللحم والشحم والكبد أجناس".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز وغيرهما وقدمه في الفروع والرعاية وغيرهما.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب.
وقال القاضي وصاحب عيون المسائل لا يجوز بيع اللحم بالشحم.
قال الزركشي ولا أعلم له وجها.
قال في عيون المسائل لأنه لا ينفك عنه ولهذا لو حلف لا يأكل لحما فأكل شحما حنث قال في الفروع كذا قال.
قال المصنف والشارح فإن منع القاضي منه لكون اللحم لا يخلو عن شحم لم يصح لأن الشحم لا يظهر وإن كان فيه شيء فهو غير مقصود فلا يمنع البيع ولو منع لذلك لم يجز بيع لحم بلحم لاشتمال كل واحد منهما على ما ليس من جنسه ثم لا يصح هذا عند القاضي
لأن السمين الذي يكون مع اللحم عنده لحم فلا يتصور اشتمال اللحم على الشحم انتهيا.
فوائد:
منها: القلوب والرؤوس والأطحلة والرئات والجلود والأصواف والعظام والأكارع كاللحم والشحم والكبد يعني كل واحد من ذلك جنس غير اللحم وهذا الصحيح من المذهب.
وقيل الرءوس من جنس اللحم وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل لا.
ومنها: الألية والشحم جنسان على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره.
قال الزركشي هو المشهور عند الأصحاب وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين وتذكره ابن عبدوس وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل هما جنس واحد وهو ظاهر ما قدمه في النظم وقدمه ابن رزين في شرحه واختاره المصنف وقال ظاهر كلام الخرقي أن كل ما هو أبيض الحيوان يذوب بالإذابة ويصير دهنا فهو جنس واحد قال وهو الصحيح وأطلقهما في الفروع.
ومنها: اللحم الأبيض كسمين الظهر والجنبين ونحوه هو واللحم الأحمر الخالص جنس واحد قاله القاضي وابن البنا وغيرهما.
قال الزركشي جنس واحد على الأشهر وجزم به في المستوعب والرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقال المصنف ظاهر كلام الخرقي أنهما جنسان.
ومنها: حكى ابن البنا وابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب في جواز بيع اللبأ باللبن وجهين.
وخصهما القاضي بما مست النار أحدهما ورده المصنف والشارح.
وعندهما مع صاحب المستوعب أنهما جنس واحد يجوز بيع أحدهما بالآخر متماثلا ولا يجوز متفاضلا ولا يجوز إن مست النار أحدهما وجزم به في النظم.
وحمل صاحب المستوعب وجه منع ابن البنا على ما إذا مست النار أحدهما وجزم في الرعاية الكبرى بعدم الجواز.
ومنها: لا يجوز بيع الزبد بالسمن على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح ونصراه وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين وجزم به في الكافي.
وقيل يجوز اختاره القاضي ورده المصنف.
قال في المحرر وعندي أنه جائز واقتصر عليه وصححه في النظم وأطلقهما في الفروع والمستوعب وقال ذكرهما ابن عقيل وذكرهما ابن عقيل روايتين قاله في الفروع.
ومنها: يجوز بيع الزبد أو السمن بالمخيض على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع يجوزان به في ظاهر المذهب متماثلا
ومتفاضلا وجزم به في الرعاية الكبرى وقال نص عليه في الزبد وجزم به في النظم في بيع السمن بالمخيض.
وقيل لا يجوز.
ومنها: لا يجوز بيع اللبن بالزبد ولا بالسمن ولا بشيء منه من فروع اللبن كاللبأ ونحوه وسواء كان فيه شيء من غيره أولا.
قدمه في المغنى والشرح وقال هذا ظاهر المذهب وقدمه في الرعاية الكبرى والنظم.
وعنه يجوز بيع اللبن بالزبد إذا كان الزبد المنفرد أكثر من الزبد الذي في اللبن وهذا يقتضي جواز بيعه متفاضلا ومنع جوازه متماثلا.
قال القاضي وهذه الرواية لا تخرج على المذهب.
قلت هذه الرواية شبيهة بالرواية الثانية الذى في مد عجوة على ما يأتى قريبا وقد صرح بذلك في المذهب.
والحكم في السمن كالحكم في الزبد وقدم في الرعاية أنه لا يجوز بيعه بسمن وإن جوزناه بزبد.
ومنها لا يجوز بيع اللبن بالمخيض نص عليه ويتخرج الجواز من التي قبلها.
قلت صرح في المذهب بها مثلها وحكى الخلاف في الكل.
ومنها قال في الرعاية الكبرى لا يجوز بيع اللبن سواء كان رائبا أو حليبا بلبن جامد أو مصل أو جبن أو أقط وجزم به في المذهب وجزم به في النظم في غير المصل.
قوله: "ولا يجوز بيع لحم بحيوان من جنسه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب قال المصنف والشارح لا يختلف المذهب في ذلك وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يحرم إذا كان الحيوان مقصود اللحم وإلا فلا.
قوله: "وفي بيعه بغير جنسه وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمذهب الأحمد والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والفروع والفائق وغيرهم.
أحدهما لا يجوز قال الزركشي وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى والقاضي في تعليقه وجامعه الصغير وأبي الخطاب في خلافة الصغير وغيرهم انتهى.
وصححه في التصحيح وقدمه في الرعايتين والحاويين واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
والوجة الثاني: يجوز قال المصنف والشارح اختاره القاضي وجزم به في الوجيز والمنور ونهاية ابن رزين ومنتخب الآدمي وصححه المجد في شرحه وشيخنا في تصحيح المحرر وهو المذهب.
وقال الزركشي وبعض الأصحاب المتأخرين ينبنى القولين على الخلاف في اللحم هل هو جنس أو أجناس.
وصرح أبو الخطاب أنهما على القول بأنه أجناس قال الزركشي وهو الصواب انتهى.
قلت قال في الكافي وإن باع اللحم بحيوان مأكول غير أصله وقلنا هما أصل واحد لم يجز وإلا جاز.
وقال في المغنى احتج من منعه بعموم الأخبار وبأن اللحم كله جنس واحد.
ومن أجازة قال مال الربا بيع بغير أصله ولا جنسه فجاز كما لو باعه بالأثمان.
وقال في إدراك الغاية وعنه اللحم أجناس باختلاف أصوله فلا يصح بيعه بحيوان من جنسه وفي غيره وجه.
فبنى الخلاف على القول بأن اللحم أجناس.
وقال الشارح والظاهر أن الإختلاف مبنى على الاختلاف في اللحم فإن قلنا إنه جنس واحد لم يجز وإن قلنا أجناس جاز بيعه بغير جنسه.
فوائد
الأولى يجوز بيع اللحم بحيوان غير مأكول على الصحيح من المذهب.
قال في الفائق جاز في أصح الوجهين.
قال المصنف والشارح جاز في ظاهر قول أصحابنا.
وكأنهما لم يطلعا على نقل فيه خاص.
قال أبو الخطاب ولا رواية فيه فيحتمل وجهين.
وصرح بالجواز القاضي في التعليق وأبو الخطاب في خلافه الصغير وابن الزاغوني.
وصححه ابن عقيل في الفصول وقدمه في الفروع والرعاية وهو ظاهر كلام الشريف أبي جعفر والقاضي في الجامع الصغير.
وقيل هو كالمأكول جزم به ابن عقيل في التذكره وأطلق وجهين في المستوعب.
الثانية يجوز بيع اللحم بمثله بشرطه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي ذهب جمهور الأصحاب إلى الجواز.
واختاره القاضي وأبو الخطاب وغيرهما وقدمه في المحرر والشرح والفروع والنظم وغيرهم وعنه لا يجوز إذا كان رطبا اختاره الخرقي وأبو حفص العكبري وقدمه في الرعايتين والحاويين.
ويأتي قريبا بيع رطبة برطبة وهو شامل لهذه المسألة.
فعلى المذهب يشترط نزع عظمه على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي اشترط القاضي والأكثرون في بيع اللحم نزع العظم.
قال في الفروع ويعتبر نزع عظمه في الأصح وقدمه في الرعاية الكبرى وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير والتلخيص والمحرر وتذكرة ابن عبدوس والإيضاح وقيل لا يشترط.
قال المصنف والشارح وصاحب الحاوى الكبير وغيرهم وكلام الإمام أحمد يقتضي الإباحة من غير نزع عظامه ومالوا إلى ذلك وقدمه في النظم.
الثالثة يشترط لصحة بيع العسل بالعسل تصفيته من الشمع فإن لم يصف فحكمه حكم مد عجوة على ما يأتى في كلام المصنف.
قوله: "ولا يجوز بيع حب بدقيق ولا بسويقه في أصح الروايتين".
وهي المذهب وعليه الأصحاب.
والرواية الثانية: يجوز فيباع وزنا اختارها في الفائق وعلل الإمام أحمد رحمه الله المنع بأن الأصل الكيل.
فوائد
إحداها يحرم بيع دقيق بسويقه على الصحيح من المذهب قدمه في المغنى والشرح والفروع وغيرهم.
قال في الرعايتين يجوز على الأضعف.
وعنه لا يجوز وزنا قال في الحاويين يجوز بيع دقيق بسويقه في أصح الوجهين.
الثانية لا يجوز بيع خبز بحبه ولا بدقيقة نص عليه مرارا وجزم به في الرعاية والمذهب وغيرهما نقل ابن القاسم وغيره المنع لأن فيه ماء.
وعلله ابن شهاب بأنهما إذا صارا خبزا كان أكثر من هذا.
وفي الفروع هنا كلام محتمل فلم نذكره.
الثالثة لا يجوز بيع حب جيد بمسوس ذكره ابن عقيل وغيره واقتصر عليه في الفروع ويصح بيع حب جيد بحب خفيف.
قال ابن عقيل وبيع عفنه بسليمه يحتمل كذلك.
قوله: "ولا أصله بعصيره".
يعنى لا يجوز كزيتون بزيت ونحوه.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
ونقل مهنا في الزيتون يكره وهو قول في الرعاية.
قوله: "ولا خالصة بمشوبة".
وكذا لا يجوز مشوبه بمشوبه وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
ويجوز بيع ذلك والذى قبله على الرواية التي في "مد عجوة".
وظاهر ما قطع به في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير والخلاصة جواز بيع خالصه بمشوبه وفيه نظر ظاهر وربما كان سهوا.
قوله: "ويجوز بيع دقيقة بدقيقة إذا استويا في النعومة".
وهذا المذهب وعليه اكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدم في التبصرة عدم الجواز.
فعلى المذهب يباع بالكيل على الصحيح من المذهب قدمه في المغنى والشرح والفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وقيل بالوزن اختاره القاضي ورده المصنف والشارح.
قال في الرعايتين والحاويين وقيل أو وزنا.
قوله: "ومطبوخة بمطبوخة".
يعني يجوز كاللبأ بمثله والأقط بمثله والسمن بمثله وما أشبهه وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المغنى والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يصح.
وقيل إن استويا في عمل النار صح وإلا فمد عجوة.
قوله: "وخبزه بخبزه".
هذا المذهب في الجملة وعليه الأصحاب وأكثرهم قطع به.
قال وفي المبهج لا يجوز فطير بخمير.
قوله: "إذا استويا في النشاف أو الرطوبة".
وهذا المذهب جزم به في المغنى والشرح والوجيز وشرح ابن منجا والحاويين والتلخيص وتذكرة ابن عبدوس.
وقال في الرعايتين وخبزه بخبزه وأطلق وقال استويا جفافا.
وقال في الفروع وخبزه بخبزه ولم يحك خلافا وكذا قال في الهداية.
قال في المذهب يجوز بيع الخبز بالخبز وإن تفاوتا في الرطوبة واليبوسة ولعل هذا المذهب.
قوله: "وعصيره بعصيره".
هذا المذهب وعليه اكثر الأصحاب جزم به في المغنى والشرح والهداية والخلاصة وصححه في الفروع وقدمه في الرعاية الكبرى وقال نص عليه وقيل لا يجوز.
قوله: "ورطبه برطبه".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والفروع والرعاية الكبرى وقال نص عليه وغيرهم.
قال الزركشي هو قول جمهور الأصحاب القاضي وأبى الخطاب والشيخين وغيرهم.
ومنع منه ابن شهاب وأبو حفص العكبرى وهو رواية عن الإمام أحمد وقالا يحتمله كلام الخرقي في اللحم بمثله.
قال في المحرر ولم يجزه الخرقي في اللحم رطبا.
وقال المصنف ومفهوم كلام الخرقي إباحته هنا لقوله: "ولا يباع شيء من الرطب بيابس من جنسه فإن مفهومه جواز بيع الرطب بالرطب.
وتقدم بيع اللحم باللحم عند بيع اللحم بالحيوان.
قوله: "ولا يجوز بيع المحاقلة وهو بيع الحب في سنبلة بجنسه".
أطلق المصنف قوله: "الحب في سنبله وأطلق أيضا جماعة منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والتلخيص والنظم والرعاية الصغرى والحاويين والشرح وإدراك الغاية وغيرهم.
والصحيح من المذهب أن بيع المحاقلة هو ببيع الحب المشتد في سنبله فلا بد أن يكون مشتدا جزم به في المحرر والمنور والرعاية الكبرى وقدمه في الفروع وقال ولم يقيده جماعة.
قوله: "وفي بيعه بغير جنسه وجهان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق والشرح والفروع أحدهما يصح وهو الصحيح صححه في التصحيح والتلخيص والنظم وهو ظاهر ما صححه في البلغة وجزم به في المنور وجزم في المغنى في باب الربا عند مسألة والبر والشعير جنسان.
الوجة الثاني: لا يصح.
تنبيه: قوله: "وفي بيعه بغير جنسه".
قال في الفروع وفي بيعه بمكيل غير جنسه ثم قال ويصح بغير مكيل فخص الخلاف بالمكيل وهو الصحيح وجزم به في التلخيص والمحرر والفائق والرعايتين وقدمه في الفروع.
ومثل في الحاوى الصغير بالشعير ونحوه ومثله في الهداية والمذهب والخلاصة والحاوي الكبير وغيرهما بالشعير وخص المصنف والشارح وصاحب التلخيص وغيرهم الخلاف بالحب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
فالأول أعم من الثاني لأن كل حب مكيل وليس كل مكيل بحب وتظهر فائدة الخلاف في الأشنان ونحوه فإنه داخل في القول الأول لا الثاني لأنه ليس بحب.
قوله: "ولا بيع المزابنة وهي بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر إلا في العرايا وهو بيع الرطب في رؤوس النخل خرصا بمثله من التمر كيلا فيما دون خمسة أوسق لمن به حاجة إلى أكل الرطب ولا ثمن معه".
"العرايا" التي يجوز بيعها هي بيع الرطب في رؤوس النخل سواء كان موهوبا أو غير
موهوب على الصحيح من المذهب واختاره القاضي وجمهور الأصحاب وهو ظاهر عموم كلام المصنف والمجد وصاحب الوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والرعايتين والحاويين والفائق.
وظاهر كلام الخرقي وتبعه جماعة من الأصحاب منهم صاحب التلخيص تخصيص العرايا بالهبة وهو ظاهر كلام الأمام أحمد رحمه الله.
قال في رواية سندي وابن القاسم العرية أن يهب الرجل للجار أو ابن العم النخلة والنخلتين ما لا تجب فيه الزكاة فللموهوب له أن يبيعها بخرصها تمرا للرفق.
قوله: "فيما دون خمسة أوسق".
يشترط في صحة ذلك أن يكون فيما دون خمسة أوسق على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يجوز في خمسة أوسق.
وذكر ابن الزاغوني في الوجيز أنه لا تشترط الأوسق أصلا فيما إذا كان المشترى هو الواهب إذا كان يشق عليه دخول الموهوب له وخروجه في بستانه أو يكره الموهوب له دخول بستان غيره.
قال الزركشي وأغرب ابن الزاغوني في ذلك ولا نظير له.
قوله: "لمن به حاجة إلى أكل الرطب".
ولا نزاع في ذلك.
ومفهوم كلام المصنف أن البائع لو احتاج إلى أكل التمر ولا تمر معه إلا الرطب أنه لا يجوز له ذلك وهو الصحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو ظاهر ما جزم به في المغنى والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع.
وقيل يجوز ذلك وعللوه فقالوا جواز ذلك بطريق التنبيه لأنه إذا جاز مخالفة الأصل لحاجة التفكه فلحاجة الاقتيات أولى اختاره أبو بكر في التنبيه وجزم به في المحرر والوجيز والرعاية الصغرى والحاويين والنظم وتذكره ابن عبدوس والفائق والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه في الرعاية الكبرى.
وجعل ابن عقيل من صور الحاجة إذا كانت موهوبة ويشق على الواهب دخول الموهوب له وخروجه أو يكره الواهب دخول غيره فيجوز البيع إذا.
تنبيه: يكتفى بالحاجة المتقدمة من جهة البائع أو المشترى على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور المختار لأبي محمد وغيره وجزم به أبو بكر في التنبيه.
وحكى المصنف والشارح عن أبى بكر والقاضي اشتراط الحاجة من جانبي البائع والمشتري وهو المقدم عند ابن عقيل.
قال الزركشي وظاهر ما في التلخيص أنه يشترط مع حاجة المشترى المتقدمة أن يشق على الموهوب له القيام عليها.
فعلى المذهب وهو اشتراط حاجة المشترى وعدم اشتراط حاجة البائع يجوز للبائع أن يبيع أكثر من مائة وسق في عقود متعدده بالشروط الآتية.
وعلى القول باشتراط الحاجة من البائع أو المشترى لا يجوز أن يبيع عريقين من رجلين خمسة أوسق فأكثر وهو قول أبي بكر والقاضي وابن عقيل.
قوله: "ويعطيه من التمر مثل ما يؤول إليه ما في النخل عند الجفاف".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يعطيه مثل رطبه قال الزركشي ولعله ظاهر الأحاديث.
وقيل إنه المنصوص وأطلقهما في المذهب والخلاصة والمستوعب والكافي والزركشي.
تنبيه تلخص مما تقدم أنه يشترط لصحة بيع العرايا شروط بعضها متفق عليه وبعضها مختلف فيه.
فمنها كونه رطبا على رؤوس النخل فلا يجوز بيع الرطب الذى على الأرض بتمر.
ومنها كونها دون خمسة أوسق على المذهب.
ومنها كونها خرصا لا جزافا ومنها كون المبيع بتمر فلا يجوز بيعها بخرصها رطبا.
ومنها كون التمر المشترى به كيلا لا جزافا.
ومنها كون التمر مثل ما حصل به الخرص لا أزيد ولا أنقص.
ومنها الحلول والقبض من الطرفين في مجلس العقد نص عليه وقبض كل واحد منهما بحسبه ففي النخلة بالتخلية وفي التمر بكيله فإن سلم أحدهما ثم مشى إلى الآخر فسلمه جاز التبايع.
ويأتي إذا ترك الرطب حتى أثمر في الباب الذي يليه.
ومنها الحاجة إلى أكل الرطب أو التمر على ما تقدم.
ومنها أن لا يكون مع المشترى نقد يشترى به فهذه تسعة شروط.
قوله: "ولا يجوز في سائر الثمار في أحد الوجهين".
وهو المذهب اختاره ابن حامد وابن عقيل والمصنف والشارح وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في المحرر وتذكره ابن عبدوس وهو ظاهر كلام الخرقي والوجيز وقدمه في المغنى والشرح.
والوجة الثاني يجوز قاله القاضي وهو مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين.
قلت وهو الصواب عند من يتعاده وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين والفروع والفائق.
وقيل يجوز في العنب وحده وهو احتمال للمصنف وهو ظاهر ما قطع به الطوفي في مختصره في الأصول في القياس.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف وغيره أنه لا يجوز في غير التمر قولا واحدا وهو كذلك إلا أن الشيخ تقي الدين جوز ذلك في الزرع وخرج الشيخ تقي الدين جواز بيع الخبز الطرى باليابس في برية الحجاز ونحوها ذكره عنه في الفائق والزركشي وزاد بيع الفضة الخالصة بالمغشوشة نظرا للحاجة.
قوله: "ولا يجوز بيع جنس فيه الربا بعضه ببعض ومع أحدهما أو معهما من غير جنسهما كمد عجوة ودرهم بمدين أو بدرهمين أو بمد ودرهم".
وهو المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقدموه ونصروه.
ويأتي إذا ظهر أن المدين من شجرة أو زرع واحد أو الدرهمين من نقد واحد.
وعنه يجوز بشرط أن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره أو يكون مع كل واحد منهما من غير جنسه اختاره الشيخ تقي الدين في مواضع من كلامه.
فعليها يجوز بيع درهمين بمد ودرهمين ومدين بدرهم ومد ودرهم ومد بدرهم ومد ومدين ودرهم بمد ودرهم وعكسه ولا يجوز درهم بمد ودرهم ولا مد بدرهم ومد ونحو ذلك ومن المتأخرين كصاحب المستوعب من يشترط فيما إذا كان مع كل واحد من غير جنسه من الجانبين التساوى وجعل كل جنس في مقابلة جنسه.
وهو أولى من جعل الجنس في مقابلة غيره لا سيما مع اختلافهما في القيمة.
فعلى هذه الرواية يشترط أن لا يكون حيلة على الربا.
ونص الإمام أحمد رحمه الله على هذا الشرط في رواية حرب ولا بد منه.
وعنه رواية ثالثة يجوز إن لم يكن الذى معه مقصودا كالسيف المحلى اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وذكره ظاهر المذهب ونصره صاحب الفائق في فوائده.
فأما إن كانت الحيلة من غير جنس الثمن فإنه يجوز على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه لا يجوز قال الإرشاد وهي أظهرهما لأنه لو استحق وتلف لم يدر بم يرجع؟.
قال ابن رجب في قواعده للأصحاب في المسألة طريقة ثانية وهي أنه لا يجوز بيع المحلى بجنس حليته قولا واحدا وفي بيعه بنقد آخر روايتان ويجوز بيعه بعرض رواية واحدة وهي طريقة أبى بكر في التنبيه وابن أبى موسى والشيرازي وأبى محمد التميمي وأبى عبد الله الحسين الهمداني في كتابه المقتدى.
ومن هؤلاء من جزم بالمنع من بيعه بنقد من جنسه وغير جنسه كأبى بكر وقال الشيرازي الأظهر المنع.
ومنهم من جزم بالجواز في بيعه بغير جنسه كالتميمى.
ومنهم من حكى الخلاف كابن أبي موسى.
ونقل البرزاطى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يشهد لهذه الطريقة في حلى صنع من مائة درهم فضة ومائة نحاس أنه لا يجوز بيعه كله بالفضة ولا بالذهب ولا بوزنه من الفضة والنحاس ولا يجوز بيعه حتى تخلص الفضة من النحاس ويبيع كل واحد منهما وحده.
تنبيه: فعلى المذهب في أصل المسألة يكون من باب توزيع الأفراد على الجمل وتوزيع الجمل على الجمل.
وعلى الرواية الثانية يكون من باب توزيع الأفراد على الأفراد.
فائدتان
إحداهما للأصحاب في توجيه المذهب مأخذان:.
أحدهما وهو ما أخذ القاضي وأصحابه أن الصفقة إذا اشتملت على شيئين مختلفى القيمة يقسط الثمن على قيمتهما وهذا يؤدي هنا إما إلى تعيين التفاضل وإما إلى الجهل بالتساوى وكلاهما مبطل للعقد في باب الربا.
والمأخذ الثاني أن ذلك ممنوع سدا لذريعة الربا فإن اتخاذ ذلك حيلة على الربا الصريح واقع كبيع مائة درهم في كيس بمائتين جعلا للمائة في مقابلة الكيس وقد لا يساوى درهما فمنع من ذلك وإن كانا مقصودين حسما لهذه المادة.
وفي كلام الإمام أحمد رحمه الله إيماء إلى هذا المأخذ.
فلو فرض أن المدين من شجرة واحدة أو من زرع واحد وأن الدرهمين من نقد واحد.
ففيه وجهان ذكرهما القاضي في خلافه احتمالين.
أحدهما الجواز لتحقق التساوى.
والثاني المنع لجواز أن يغلب أحدهما قبل العقد فيقبض قيمته وحده وصححه أبو الخطاب في انتصاره.
قلت: وهو المذهب وداخل في كلام الأصحاب لكن القياس الأول وأطلقهما في الفروع وقواعد ابن رجب.
الثانية لو دفع إليه درهما وقال أعطنى بنصف هذا الدرهم نصف درهم وبنصفه فلوسا أو حاجة أخرى جاز كما لو دفع إليه درهمين وقال أعطنى بهذا الدرهم فلوسا وبالآخر نصفين وكذا لو قال أعطنى بهذا الدرهم نصفا وفلوسا جاز ذكره المصنف والشارح وغيرهما.
قوله: "وإن باع نوعي جنس بنوع واحد منه كدينار قراضة وهو قطع الذهب وصحيح بصحيحين وكذا عكسه جاز".
وكذا لو باع حنطة حمراء وسمراء ببيضاء أو تمرا برنيا ومعقليا بابراهيمى ونحوه وهذا المذهب في ذلك كله أومأ إليه الإمام أحمد واختاره أبو بكر والمصنف والشارح وصاحب الترغيب.
قال في التلخيص وهو الأقوى عندى وصححه في النظم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الشرح والفائق وعند القاضي هي كالتي قبلها.
قال في القواعد وهي طريقة القاضي وأصحابه وجزم به في الخلاصة والمنور وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في المحرر وأطلقهما في المستوعب والكافي والرعاية الصغرى والحاويين قال في الرعاية الكبرى وجهان وقيل روايتان انتهى.
ونقل ابن القاسم إن كان نقدا فكمد عجوة وأطلقهن في الفروع والقواعد الفقهية.
فائدة هذه المسألة ومسألة مد عجوة وفروعها الربا فيها مقصود فلذلك وقع الخلاف فيهما أما إذا كان الربا غير مقصود بالإصالة وإنما هو تابع لغيره فهو على ثلاثة أنواع.
أحدها ما لا يقصد عادة ولا يباع مفردا كتزويق الدار ونحوه قال في الرعاية وكذا ثوب طرازه ذهب فلا يمنع من البيع بجنسه بالاتفاق.
الثاني ما يقصد تبعا لغيره وليس أصلا لمال الربا كبيع العبد ذي المال بمال من جنسه فهذا له حكم يأتى في كلام المصنف.
الثالث ما لا يقصد وهو تابع لغيره وهو أصل لمال الربا إذا بيع بما فيه منه وهو ضربان أحدهما أن يمكن إفراد التابع بالبيع كبيع نخلة عليها رطب برطب ففيه طريقان.
أحدهما المنع وهي طريقة القاضي في المجرد.
الثاني الجواز وهي طريقة أبى بكر والخرقي وابن بطة والقاضي في الخلاف.
الضرب الثاني أن يكون التابع مما لا يجوز إفراده بالبيع كبيع شاة لبون بلبن أو ذات صوف بصوف وبيع التمر بالنوى وهو قول المصنف في بيع النوى بتمر فيه نوى واللبن بشاة ذات لبن والصوف بنعجة عليها صوف روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والرعايتين والحاويين والنظم.
إحداهما وهي المذهب يجوز جزم به في الوجيز وغيره وصححه في التصحيح وغيره واختاره ابن حامد وابن أبى موسى والقاضي في المجرد والشارح وغيرهم وقدمه في الهداية وشرح ابن رزين.
والثانية لا يجوز اختارها أبو بكر والقاضي في خلافة وقدمه في الهادي.
وقال ابن عبدوس في تذكرته يجوز بيع اللبن والصوف بشاة ذات لبن أو صوف ولا يجوز بيع نوى بتمر بنواه.
قال الشارح على القول بالجواز يجوز بيعه متفاضلا ومتساويا على المذهب.
قال في القواعد الفقهية ولعل المنع ينزل على ما إذا كان الربوي مقصودا فالجواز على عدم القصد.
وقد صرح باعتبار عدم القصد ابن عقيل وغيره وشهد له تعليل الأصحاب كلهم الجواز بأنه تابع غير مقصود.
فائدتان
إحداهما: الصحيح من المذهب تحريم بيع تمر بلا نوى بتمر فيه النوى وإن أبحناه في عكسها.
وقيل يباح كالعكس.
الثانية قال ابن رجب واعلم أن هذه المسائل منقطعة عن مد عجوة فإن القول بالجواز فيها لا يتقيد بزيادة المفرد على ما معه وقد نص الإمام أحمد رحمه الله في بيع العبد الذى له مال بمال دون الذي معه.
وقال القاضي في خلافه في مسألة العبد والنوى بالتمر وكذلك المنع فيها عند الأكثرين ومن الأصحاب من خرجها أو بعضها على مسائل مد عجوة.
ففرق بين أن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره أو لا وقد صرح به طائفة من الأصحاب كأبي الخطاب وابن عقيل في مسألة العبد ذي المال.
وكذلك حكى أبو الفتح الحلواني رواية في بيع الشاة ذات الصوف واللبن بالصوف واللبن أنه يجوز بشرط أن يكون المفرد أكثر مما في الشاة من جنسه.
قال ابن رجب ولعل هذا مع قصد اللبن والصوف بالأصالة والجواز مع عدم القصد فيرتفع الخلاف وإن حمل على إطلاقه فهو منزل على أن التبعية هنا لا عبرة بها وأن الراوي التابع كغيره فهو مستقل بنفسه.
قوله: "والمرجع في الكيل والوزن إلى عرف أهل الحجاز في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والهادى والتلخيص والبلغة ونهاية ابن رزين وتذكرة ابن عبدوس وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم.
وقال في المجرد ومرد الكيل عرف المدينة والوزن عرف مكة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين والنظم والمنور ومنتخب الأدمى والفروع والوجيز والزركشي وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى.
قلت لو قيل إن عبارات الأولين مطلقة وهذه مبينة لها وأن المسألة قولا واحدا لكان متجها ويقوى ذلك أن صاحب الفروع جزم بذلك مع كثرة اطلاعه.
وقد استدل المصنف والشارح وغيرهما للأول بقوله: "عليه أفضل الصلاة والسلام: "المكيال مكيال أهل المدينة والميزان ميزان أهل مكة" فدل أن مرادهم ما قلناه وهو واضح.
لكن قال في الفائق ومرجع الكيل والوزن إلى عرف أهل الحجاز.
ورد في المحرر الكيل إلى المدينة والوزن إلى مكة زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحكى في الرعاية الكبرى الخلاف.
فظاهرهما التغاير.
ويمكن الجواب بأنهما حكيا عبارات الأصحاب.
قوله: "وما لا عرف لهم به ففيه وجهان".
أصلهما احتمالان للقاضي في التعليق.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والهادي والكافي والتلخيص والبلغة والشرح والفائق.
أحدهما يعتبر عرفه في موضعه وهذا المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وتذكره ابن عبدوس والمنور ومنتخب الأدمى وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين.
والوجه الآخر يرد إلى أقرب الأشياء شبها به بالحجاز وقدمه في الخلاصة وإدراك الغاية وتجريد العناية ونهاية ابن رزين.
وقيل يرد إلى أقرب الأشياء شبها به بالحجاز في الوزن لا غير.
فعلى المذهب لو اختلف عرف البلاد فالاعتبار بالغالب فإن لم يكن غالب تعين الوجه الثاني.
وعلى الوجه الثاني إن تعذر رجع إلى عرف بلده قاله في الحاوى وغيره.
فوائد
إحداها المائع كله مكيل على الصحيح من المذهب.
والأدهان والزيت والشيرج والعسل والدبس والخل واللبن ونحوه قدمه في الفروع قال المصنف والشارح الظاهر أنها مكيلة قال القاضي الأدهان مكيلة وفي اللبن يصح السلم فيه كيلا.
وقدمه في الرعاية الكبرى إلا في اللبن والسمن فإنه أطلق الخلاف فيهما.
وقدم في موضع أن اللبن مكيل وقال الزبد مكيل.
وسئل الإمام أحمد رحمه الله عن السلف في اللبن فقال نعم كيلا أو وزنا.
وجزم ابن عبدوس في تذكرته أن الدهن واللبن مكيل.
وقال المصنف والشارح يباع السمن بالوزن ويتخرج أن يباع بالكيل وجزما بأن الزبد موزون وجعل في الروضة العسل موزونا.
قال المصنف والشارح والخبز إذا يبس ودق وصار فتيتا بيع كيلا.
وقال ابن عقيل فيه وجه يباع بالوزن انتهى.
والدقيق مكيل على الصحيح من المذهب.
وقال القاضي يجوز بيع بعضه ببعض وزنا ولا يمتنع أن يكون موزونا وأصله مكيل كالخبز وتقدم ذلك عند جواز بيع بعضه ببعض.
الثانية من جملة الموزون الذهب والفضة والنحاس الأصفر والرصاص والزئبق والكتان والقطن والحرير والقز والصوف والشعر والوبر والغزل واللؤلؤ والزجاج واللحم والشحم والشمع والزعفران والعصفر والورس والخبز والجبن وما أشبهه.
ومن ذلك البقول والسفرجل والتفاح والكمثرى والخوخ والإجاص وكل فاكهة رطبة ذكره القاضي.
ومن جملة المكيل كل حب وبزر وأبازير وجص ونورة وأشنان وما أشبهه.
وكذلك سائر ثمر النخل من الرطب والبسر وغيرهما وسائر ما فيه الزكاة من الثمار كالزبيب والفستق والبندق واللوز والعناب والمشمش والزيتون والبطم والبلح وما أشبهه.
الثالثة قال في النهاية والترغيب والتلخيص والرعاية وغيرهم يجوز التعامل بكيل لم يعهد.
قوله: "وأما ربا النسيئة فكل شيئين ليس أحدهما ثمنا علة ربا الفضل فيهما واحدة كالمكيل بالمكيل والموزون بالموزون لا يجوز النساء فيهما وإن تفرقا قبل القبض بطل العقد".
فيشترط الحلول والقبض في المجلس في ذلك نص عليه فيحرم مدبر بجنسه أو بشعير ونحوهما بلا خلاف أعلمه.
فائدة لو صرف الفلوس النافقة بذهب أو فضة لم يجز النساء فيهما على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين والفائق.
ونقل ابن منصور الجواز ويحتمله كلام المصنف هنا واختاره ابن عقيل والشيخ تقى الدين وذكره رواية.
قال في الرعاية قلت إن قلنا هي عروض جاز وإلا فلا.
قال في المذهب يجوز إسلام الدراهم في الفلوس إذا لم تكن ثمنا ولا يجوز إذا كانت ثمنا.
قوله: "وإن باع مكيلا بموزون جاز التفرق قبل القبض".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم قال أبو الخطاب والمصنف وغيرهما جاز رواية واحدة.
قال الزركشي هو المعروف عند كثير من المتأخرين.
قال في الفروع والخلاصة جاز على الأصح.
وعنه لا يجوز ويحتمله كلام الخرقي فإنه قال وما كان من جنسين فجائز التفاضل فيه يدا بيد.
قال الزركشي هو ظاهر كلام الخرقي.
قوله: "وفي النساء روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والهادي والمغنى والمستوعب والتلخيص والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والحاويين والزركشي والفروع وشرح ابن رزين.
إحداهما يجوز وهو المذهب صححه في الخلاصة والنظم وجزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في المحرر والفائق.
والرواية الثانية لا يجوز قطع به الخرقي وصاحب الوجيز وصححه في التصحيح.
وذكر جماعة من الأصحاب هاتين الروايتين فيما إذا اختلفا في العلة أو كان أحدهما غير ربوى.
وأطلق في المغنى والشرح والتلخيص فيما إذا كان أحد المبيعين غير ربوي كالمكيل أو الموزون بالمعدود روايتين.
قلت ظاهر كلام أكثر الأصحاب هنا الصحة.
قوله: "وما لا يدخله ربا الفضل كالثياب والحيوان يجوز النساء فيهما".
وهو الصحيح من المذهب سواء بيع بجنسه أو بغير جنسه متساويا أو متفاضلا اختاره القاضي وأبو الخطاب وابن عبدوس المتقدم والمصنف والشارح وغيرهم وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق ونهاية ابن رزين ونظمها والخلاصة وغيرهم.
وقال القاضي إن كان مطعوما حرم النساء وإن لم يكن مكيلا ولا موزونا وهو مبنى على أن العلة الطعم.
وعنه رواية ثانية لا يجوز النساء في كل مال بيع بآخر سواء كان من جنسه أو لا اختاره أبو بكر وابن أبى موسى.
قال القاضي وأبو الخطاب وغيرهما واختاره الخرقي.
فعليها علة النساء المالية وضعف المصنف هذه الرواية فعلى هذه الرواية لو باع عرضا بعرض ومع أحدهما دراهم والعروض نقدا والدراهم نسيئة جاز وإن كان بالعكس لم يجز لأنه يفضى إلى النسيئة في العروض.
وعنه رواية ثالثة لا يجوز في الجنس الواحد كالحيوان بالحيوان ويجوز في الجنسين كالثياب بالحيوان فالجنس أحد صفتى العلة فأثر.
وعنه رواية رابعة يجوز النساء إلا فيما بيع بجنسه متفاضلا.
اختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله وأطلقهن في التلخيص والبلغة والمستوعب والزركشي فعلى المذهب قال بعض الأصحاب الجنس شرط محض فلم يؤثر قياسا على كل شرط كالإحصان مع الزنى.
فائدتان
إحداهما حيث قلنا يحرم فإن كان مع أحدهما نقد فإن كان وحده نسيئة جاز وإن كان نقدا والعوضان أو أحدهما نسيئة لم يجز نص عليه وقاله القاضي وغيره وجزم به في المستوعب والرعاية واقتصر عليه في المغنى والشرح وقدمه في الفروع.
وفي الواضح رواية يحرم بأفضل من جنسه لأنه ذريعة إلى قرض جر نفعا.
الثانية قوله: "ولا يجوز بيع الكالئ بالكالئ وهو بيع الدين بالدين".
قال في التلخيص له صور.
منها بيع ما في الذمة حالا من عروض أو أثمان بثمن إلى أجل ممن هو عليه.
ومنها جعل رأس مال السهم دينا.
ومنها لو كان لكل واحد من اثنين دين على صاحبه من غير جنسه كالذهب والفضة وتصادقا ولم يحضرا شيئا فإنه لا يجوز سواء كانا حالين أو مؤجلين نص عليه فيما إذا كانا نقدين.
واختار الشيخ تقى الدين الجواز رحمه الله.
فإن أحضر أحدهما جاز بسعر يومه وكان العين بالدين وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه لا يجوز.
فعلى المذهب لو كان مؤجلا فقد توقف أحمد عن ذلك وذكر القاضي فيه وجهين.
أحدهما يجوز أيضا اختاره المصنف والشارح.
قال في الرعاية الأظهر لا يشترط حلوله.
والوجة الثاني لا يجوز وجزم به في الوجيز وأطلقهما في الفروع والفائق وهي من مسائل المقاصة والمصنف رحمه الله لم يذكرها هنا وقد ذكر في كتاب الصداق ما يدل عليها في قوله: "وإن زوج عبده حرة ثم باعها العبد بثمن في الذمة تحول صداقها أو نصفه إن كان قبل الدخول إلى ثمنه" فنذكرها في آخر السلم والخلاف فيها كما ذكرها كثير من الأصحاب هناك.
قوله: "في الصرف والسلم وإن قبض البعض ثم افترقا بطل في الجميع في أحد الوجهين" جزم به في الوجيز في الصرف وصححه في التصحيح.
وفي الآخر يبطل فيما لم يقبض وهو المذهب لأنهما مبنيان عند الأصحاب على تفريق الصفقة وقد علمت فيما مضى المذهب في ذلك.
قوله: "وإن تصارفا ثم افترقا فوجد أحدهما ما قبضه رديئا فرده بطل العقد في إحدى الروايتين".
وفي الأخرى إن قبض عوضه في مجلس الرد لم يبطل.
اعلم أنه إذا تصارفا ووجدا أو أحدهما بما قبضه عيبا أو غصبا فتارة يكون العقد قد وقع على عينين وتارة يكون في الذمة.
فإن كان قد وقع على عينين فتارة يكون العيب من جنسه وتارة يكون من غير جنسه.
فإن كان من غير جنسه فتارة يكون قبل التفرق وتارة يكون بعده.
وإن كان من جنسه فتارة أيضا يكون قبل التفرق وتارة يكون بعده.
وإن وقع العقد قد وقع في الذمة فتارة يكون العيب من غير جنسه وتارة يكون من جنسه فإن كان من غير جنسه فتارة يكون قبل التفرق وتارة يكون بعده.
وإن كان من جنسه فتارة أيضا يكون قبل التفرق وتارة يكون بعده كما قلنا فيما إذا وقع العقد على عينين.
فهذه ثمان مسائل أربعة فيما إذا وقع العقد على عينين وأربعة فيما إذا كان في الذمة.
وهذه الثمانية تارة تكون المصارفة فيها من جنس واحد وتارة تكون من جنسين فهذه ستة عشر مسألة.
فإن وقع العقد على عينين من جنسين ولو بوزن متقدم يعلمانه أو إخبار صاحبه وكان العيب من غير جنسه فالصحيح من المذهب بطلان العقد سواء كان قبل التفرق أو بعده وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قال المصنف كقوله: بعتك هذا البغل فإذا هو حمار.
وعنه يصح ويقع لازما قال في الرعاية وهو بعيد.
قال الزركشي ولا معول عليها.
وعنه له رده وأخذ البدل.
وقال في القواعد ويحتمل أن يصح بما في الدينار من الذهب بقسطه من البيع ويبطل في الباقي وللمشترى الخيار لتبعيض المبيع عليه.
قلت وهو قوى في النظر.
فعلى المذهب ظاهرة سواء كان العيب كثيرا أو يسيرا وهو كذلك.
وظاهر كلام أبي الحسين التميمي في خصاله إن كان العيب يسيرا من غير جنسه لا يبطل العقد وإليه ميل ابن رجب وما هو ببعيد.
وإن وقع على عينين من جنسين والعيب من جنسه وقلنا النقود تتعين بالتعيين فتارة يكون قبل التفرق وتارة يكون بعده.
فإن كان قبل التفرق فالصحيح من المذهب صحة العقد وعليه اكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والقواعد وغيرهما قال في الفروع هذا الأشهر.
وقال في الواضح وغيره يبطل وهو ظاهر نقل جعفر وابن الحكم.
فعلى المذهب له قبوله وأخذ أرش العيب من غير جنس الثمن وهذا الصحيح وعليه أيضا أكثر الأصحاب وهو في بعض نسخ الخرقي.
وقال في القواعد والزركشي وظاهر ما أورده أبو الخطاب في الهداية مذهبا وإحدى نسخ الخرقي لا يجوز أخذ الأرش مطلقا.
وإن كان بعد التفرق عن مجلس العقد فالصحيح من المذهب أن حكمه حكم ما لو كان قبل التفرق على ما تقدم وهو ظاهر ما جزم به في الشرح.
قال في الفروع هذا الأشهر.
قال الزركشي والصواب لا فرق بين المجلس وبعده وقيده في الوجيز بالمجلس وهو اختيار المصنف.
قال الزركشي وأظنه أنه اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وفي الواضح وغيره يبطل وهو ظاهر نقل جعفر وابن الحكم كما تقدم.
فعلى المذهب له قبوله وأخذ أرش العيب ويكون من غير جنس الثمن لأنه لا يعتبر قبضه كبيع بر بشعير فيجد أحدهما عيبا فيأخذ أرشه درهما بعد التفرق ولا يجوز أخذه من جنس الثمن كما تقدم.
والصحيح من المذهب له رده سواء ظهر على العيب في المجلس أو بعده ولا بدل له لأنه يأخذ ما لم يشتره إلا على رواية أن النقود لا تتعين بالتعيين قدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به في المحرر.
ونقل الأكثر عن أحمد أن له رده وبدله ولم يفرق في العيب.
وأما إذا وقع العقد في الذمة على جنسين وكان العيب من جنسه فتارة يجده قبل التفرق وتارة بعده.
فإن وجده قبل التفرق فالصرف صحيح وله المطالبة بالبدل وله الإمساك وأخذ الأرش في الجنسين على الصحيح من المذهب قاله الزركشي.
وجزم في الوجيز بأن له المطالبة بالبدل وجزم به في الشرح وغيره.
وإن وجده بعد التفرق فالصرف أيضا صحيح ثم هو مخير بين الرد.
والإمساك فإن اختار الرد فعنه يبطل العقد اختاره أبو بكر وعنه لا يبطل وله البدل في مجلس الرد فإن تفرقا قبله بطل العقد وهو اختيار الخرقي والخلال والقاضي وأصحابه وغيرهم وجزم به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في المحرر وأطلقهما المصنف هنا والشارح وابن منجا في شرحه والزركشي وصاحب الفروع.
قال الزركشي وحكى رواية ثالثة أن البيع قد لزم قال وهي بعيدة.
فعلى الأولى إن وجد البعض رديئا فرده بطل فيه وفي البقية روايتا تفريق الصفقة والمصنف أطلق هنا الوجهين.
وعلى الثانية له بدل المردود في مجلس الرد.
وإن اختار الإمساك فله ذلك بلا ريب لكن إن طلب معه الأرش فله ذلك في الجنسين على الروايتين.
قال الزركشي هذا هو المحقق.
وقال أيضا وقال أبو محمد يعني به المصنف له الأرش على الرواية الثانية لا الأولى انتهى وإن كان العيب من غير الجنس فيما إذا كانا جنسين فإن كان قبل التفرق رده وأخذ بدله والصرف صحيح على الصحيح من المذهب اختاره ابن عقيل والشيرازي والمصنف وصاحب التلخيص وغيرهم وجزم به في الوجيز وهو ظاهر كلام أبى الخطاب.
وقال صاحب المستوعب والشيخ تقى الدين الصرف فاسد وهو ظاهر كلام الخرقي.
فعلى المذهب لو وجد العيب في البعض فبعد التفرق يبطل فيه وفي غير المعيب روايتا تفريق الصفقة وقبل التفرق ببدله وإن وجده بعد التفرق فسخ العقد على الصحيح من المذهب قال الزركشي هذا هو المذهب المحقق وعليه يحمل كلام الخرقي عندي انتهى وجزم به في الفائق والوجيز.
وأجرى المصنف في الكافي وصاحب التلخيص فيه قال في الفروع وجماعة الروايتين اللتين فيما إذا كان العيب من الجنس.
إحداهما بطلان العقد برده.
والثانية لا يبطل وبدله في مجلس الرد يقوم مقامه.
فمجرد وجود العيب من غير الجنس عندهما بعد التفرق لا يبطل قولا واحدا عكس المذهب.
قال الزركشي وليس بشيء.
تنبيه: هذه الأحكام التي ذكرت فيما إذا كانت المصارفة في جنسين وحكم ما إذا كانت من جنس واحد حكم ما إذا كانت من جنسين إلا في أخذ الأرش فإنه لا يجوز أخذه من جنسه قولا واحدا كما تقدم.
وقيل يجوز قال في الفروع وهو سهو.
قال المصنف والشارح ولا وجه له ويأتى ذلك قريبا.
وأما مسألة السلم التى ذكرها المصنف هنا فيأتى حكمها في باب السلم في أول الفصل السادس.
فوائد
إحداها يجوز اقتضاء نقد من آخر على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية الأثرم وابن منصور وحنبل وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم ويؤخذ ذلك من كلام المصنف في قوله: "في آخر الإجارة وإذا اكترى بدراهم وأعطاه عنها دنانير.
وعنه لا يصح فعلى المذهب يشترط أن يحضر أحدهما والآخر في الذمة مستقر يسعر يومه نص عليه ويكون صرفا بعين وذمة.
وهل يشترط حلوله على وجهين وأطلقهما في الفروع والفائق وشرح ابن رزين وقال توقف أحمد.
أحدهما لا يشترط وهو الصحيح صححه في المغنى والشرح والنظم والرعاية الكبرى وغيرهم.
والثاني يشترط قال في الوجيز حالا.
الثانية لو كان له عند رجل ذهب فقبض منه دراهم مرارا فإن كان يعطيه كل درهم بحسابه من الدينار صح نص عليه وإن لم يفعل ذلك ثم تحاسبا بعد فصارفه بها وقت المحاسبة لم يجز نص عليه لأنه بيع دين بدين وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع وإن كان في ذمتيهما فاصطرفا فنصه لا يصح وخالف شيخنا انتهى.
الثالثة متى صارفه وتقابضا جاز له الشراء منه من جنس ما أخذ منه بلا مواطأة على الصحيح من المذهب وقدمه في المغنى والشرح وشرح ابن رزين والفروع وغيرهم.
وعنه يكره في المجلس قدمه في الرعاية الكبرى ومنعه ابن أبى موسى إلا أن يمضى ليصارف غيره فلم يستقم.
ونقل الأثرم وغيره ما يعجبني إلا أن يمضى فلم يجد.
ونقل حرب وغيره من غيره أعجب إلى.
قوله: "والدراهم والدنانير تتعين بالتعيين في العقد في أظهر الروايتين".
وهو المذهب وعليه الأصحاب حتى أن القاضي في تعليقه أنكر ثبوت الخلاف في ذلك في المذهب والأكثرون أثبتوه.
قال الزركشي هذا المنصوص عن احمد في رواية الجماعة والمعول عليه عند الأصحاب كافة انتهى وعنه لا تتعين بالتعيين.
تنبيهات
أحدها: قوله: "تتعين بالتعيين في العقد".
يعنى في جميع عقود المعاوضات صرح به صاحب التلخيص والقواعد والرعايتين وغيرهم وهو واضح.
الثاني لهذا الخلاف فوائد كثيرة ذكر المصنف هنا بعضها.
منها على المذهب لا يجوز إبدالها وإن خرجت مغصوبة بطل العقد ويحكم بملكها للمشترى بمجرد التعيين فيملك التصرف فيها وإن تلفت فمن ضمانه وإن وجدها معيبة من غير جنسها بطل العقد.
وإن كان العيب من جنسها وهو مراد المصنف هنا خير بين الفسخ والإمساك بلا أرش على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وإذا وقع العقد على مثلين كالذهب بالذهب والفضة بالفضة وخرج القاضي وجها بجواز أخذ الأرش في المجلس.
قال المصنف ولا وجه له.
قال في الفروع وهو سهو وإن كان العقد وقع على غير مثله كالدراهم والدنانير فله أخذ الأرش في المجلس وإلا فلا وجزم به في المغنى وغيره.
قال ابن منجا فيجب حمل كلام المصنف هنا على ما إذا كان العقد مشتملا على الدراهم
والدنانير من الطرفين انتهى.
قال في المحرر وغيره في هذا التفريع فإن أمسك فله الأرش إلا في صرفها بجنسها وظاهر كلام الشارح أنه أجرى كلام المصنف في الصرف وغيره.
وقال المصنف هنا ويتخرج أن يمسك ويطالب بالأرش وهو لأبى الخطاب.
قال الزركشي أطلق التخريج فدخل في كلامه الجنس والجنسان وفي المجلس وبعده انتهى وعلى الرواية الثانية له إبدالها مع عيب وغصب ولا يملكها المشترى إلا بقبضها وهي قبله ملك البائع وإن تلفت فمن ضمانه.
ومنها لو باعه سلعة بنقد معين وتشاحا في التسليم فعلى المذهب يجعل بينهما عدل يقبض منهما ويسلم إليهما.
وعلى الثانية هو كما لو باعه بنقد في الذمة يعنى أنه يجبر البائع على التسليم أولا ثم يجبر المشترى على تسليم الثمن على ما تقدم في كلام المصنف في الباب قبله في آخر فصل اختلاف المتبايعين محررا.
ومنها لو باعه سلعة بنقد معين حالة العقد وقبضه البائع ثم أحضره وبه عيب وادعى أنه الذى دفعه إليه المشترى وأنكر المشترى ففيه طريقان.
وتقدم ذلك مستوفى في الباب الذي قبله بعد قوله: "وإن اختلفا في العيب هل كان عند البائع أو حدث عند المشترى فليعاود.
قوله: "ويحرم الربا بين المسلم والحربي وبين المسلمين في دار الحرب كما يحرم بين المسلمين في دار الإسلام".
يحرم الربا بين المسلمين في دار الحرب ودار الإسلام بلا نزاع والصحيح من المذهب أن الربا محرم بين الحربي والمسلم مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه الإمام أحمد.
وقال في المستوعب في باب الجهاد والمحرر والمنور وتجريد العناية وإدراك الغاية يجوز الربا بين المسلم والحربي الذي لا أمان بينهما ونقله الميموني وقدمه ابن عبدوس في تذكرته وهو ظاهر كلام الخرقي في دار الحرب حيث قال ومن دخل إلى أرض العدو بأمان لم يخنهم في مالهم ولا يعاملهم بالربا.
وأطلقهما الزركشي ولم يقيد هذه الرواية في التبصرة وغيرها بعدم الأمان.
وفي الموجز رواية لا يحرم الربا في دار الحرب وأقرها الشيخ تقي الدين رحمه الله على ظاهرها.
قلت يمكن أن يفرق بين الرواية التي في التبصرة وغيرها وبين الرواية التي في الموجز وحملها على ظاهرها بأن الرواية التى في التبصرة وغيرها لم يقيدها بعدم الأمان فيدخل فيها لو كانوا بدارنا أو دارهم بأمان أو غيره.
فرواية التبصرة أعم لشمولها دار الحرب ودار الإسلام بأمان أو غيره ورواية الموجز أخص لقصورها على دار الحرب وحملها على ظاهرها سواء كان بينهم أمان أو لا ولا يتوهم متوهم أن ظاهرها يشمل المسلم فإن هذا بلا نزاع فيه ومعاذ الله أن يريد ذلك الإمام أحمد رضى الله عنه.
وقال في الانتصار مال كافر مصالح مباح بطيب نفسه والحربي مباح أخذه على أى وجه كان.
فائدة: لا ربا بين عبد أو مدبر أو ام ولد ونحوهم وبين سيدهم هذا المذهب وقطع به الأصحاب ونص عليه.
والتزم المجد في موضع جريان الربا بينه وبين سيده إذا قلنا بملكه قاله في القواعد الأصولية والصحيح من المذهب تحريم الربا بين السيد ومكاتبه كالاجنبي وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا ربا بينه وبين مكاتبه كعبده اختاره أبو بكر وابن أبى موسى ويستثنى من ذلك مال الكتابة فإنه لا يجرى الربا فيه قاله في الوجيز والرعايتين وغيرهم هناك.
فعلى المذهب لو زاد الأجل والدين جاز في احتمال.
ويأتى ذلك في أول الكتابة في أول الفصل الثاني.
باب بيع الأصول والثمار
قوله: "ومن باع دارا تناول البيع أرضها وبناءها".بلا نزاع.
وشمل قوله: "أرضها" المعدن الجامد وهو صحيح ولا يشمل المعادن الجارية على الصحيح من المذهب.
وعنه يدخل في المبيع فيملكه المشترى.
ويأتى في إحياء الموات إذا ظهر فيما أحياه معدن جار هل يملكه أو لا؟.
ويدخل أيضا الشجر والنخل المغروس في الدار قولا واحدا عند أكثر الأصحاب وقيل فيه احتمالان.
فائدة مرافق الأملاك كالطرق والأفنية ومسيل المياة ونحوها هل هي مملوكة أو يثبت فيها حق الاختصاص فيه وجهان.
أحدهما ثبوت حق الاختصاص فيها من غير ملك جزم به القاضي وابن عقيل في إحياء الموات والغصب ودل عليه نصوص الإمام أحمد وطرد القاضي ذلك حتى في حريم البئر ورتب عليه أنه لو باعه أرضا بفنائها لم يصح البيع لأن الفناء لا يختص به إذ استطراقه عام بخلاف ما لو باعها بطريقها.
وذكر ابن عقيل احتمالا يصح البيع بالفناء لأنه من الحقوق كمسيل المياه.
والوجة الثاني الملك صرح به الأصحاب في الطرق وجزم به في الكل صاحب المغنى وأخذه من نص أحمد والخرقي على ملك حريم البئر ذكر ذلك في القاعدة الخامسة والثمانين.
قوله: "إلا ما كان من مصالحها كالمفتاح وحجر الرحا الفوقاني فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والكافي والمغنى والهادي والتلخيص والبلغة والشرح والنظم والرعايتين والحاويين والفائق وشرح ابن منجا.
أحدهما لا يدخل وهو المذهب قدمه في الفروع.
والوجة الثاني يدخل صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وقيل يدخل في المبيع المفتاح ولا يدخل الحجر الفوقاني جزم به ابن عبدوس في تذكرته.
فائدتان
إحداهما لو باع الدار وأطلق ولم يقل بحقوقها فهل يدخل فيه ماء البئر التى في الدار على وجهين وأطلقهما في التلخيص والفائق وأصلهما هل يملك الماء أو لا قاله في التلخيص والصحيح من المذهب أنه لا يدخل قاله المصنف والشارح.
الثانية لو كان في الدار متاع وطالت مدة نقله وقيده جماعة بفوق ثلاثة أيام منهم صاحب الرعاية الكبرى فهو عيب.
والصحيح من المذهب يثبت اليد عليها وقيل لا.
وكذا الحكم في أرض بها زرع للبائع فلو تركه له ولا ضرر فلا خيار له.
وفي الترغيب وغيره لو قال تركته لك ففي كونه تمليكا وجهان.
ولا أجرة لمدة نقله على الصحيح من المذهب وقيل مع العلم وقيل له الأجرة مطلقا وأطلقهن في الرعاية الكبرى.
وينقله بحسب العادة فلا يلزم ليلا ولا جمع الحمالين.
ويلزمه تسوية الحفر وإن لم ينص مشتر ببقائه ففي إجباره وجهان وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
قلت الأولى أن له إجباره.
قوله: "وإن باع ارضا بحقوقها دخل غراسها وبناؤها في البيع بلا نزاع وإن لم يقل بحقوقها فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والمغنى والتلخيص والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والنظم والفائق والحاويين وإدراك الغاية.
أحدهما يدخل وهو المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الأزجى وصححه في التصحيح وقدمه في المحرر والهادى والفروع والرعايتين.
والوجة الثاني لا يدخل وللبائع تبقيته.
فوائد
الأولى: حكم الأرض إذا رهنها حكمها إذا باعها خلافا ومذهبا وتفصيلا على ما تقدم وصرح به في النظم والفروع.
وقال في الترغيب والتلخيص هل يتبعهما في الرهن كالبيع إذا قلنا يدخل أولا فيه وجهان لضعف الرهن عن البيع وكذا الوصية.
الثانية لو باعه بستانا بحقوقه دخل البناء والأرض والشجر والنخل والكرم وعريشه الذى يحمله وإن لم يقل بحقوقه ففي دخول البناء غير الحائط الوجهان المتقدمان حكما ومذهبا قاله في الفروع.
وقال في الرعاية وفيما فيه من بناء غير الحيطان وجهان وظاهرة أنه سواء قال بحقوقه أو لا وهي طريقة في المذهب.
الثالثة لو باعه شجرة فله بيعها في أرض البائع كالثمر على الشجر.
قال أبو الخطاب وغيره ويثبت له حق الاجتياز وله الدخول لمصالحها.
الرابعة لو باع قرية لم تدخل مزارعها إلا بذكرها.
وقال المصنف وغيره أو قرينة قاله في الفروع وهو أولى.
قلت: وهو الصواب.
الخامسة لو كان في القرية شجر بين بنيانها ولم يقل بحقوقها ففيه الخلاف المتقدم نقلا ومذهبا وجزم في الرعاية الصغرى والحاوى الصغير هنا بدخوله.
السادسة لو باع شجرة فهل يدخل منبتها في البيع على وجهين ذكرهما القاضي.
وحكى عن ابن شاقلا أنه لا يدخل وأن ظاهر كلام الإمام أحمد الدخول حيث قال فيمن أقر بشجرة لرجل هي له بأصلها.
وعلى هذا لو انقلعت فله إعادة غيرها مكانها.
ولا يجوز ذلك على قول ابن شاقلا كالزرع إذا حصد فلا يكون له في الأرض سوى حق الانتفاع ذكره في القاعدة الخامسة والثمانين.
قوله: "وإن كان فيها زرع يجز مرة بعد أخرى كالرطبة والبقول".
أو تكون ثمرته كالقثاء والباذنجان فالأصول للمشترى والجزة الظاهرة واللقطة الظاهرة من القثاء والباذنجان للبائع.
هذا المذهب جزم به في الوجيز والحاويين والرعاية الصغرى والفائق وقدمه في المغنى والشرح.
قال في الرعاية الكبرى فأصله للمشترى في الأصح.
واختار ابن عقيل إن كان البائع قال بعتك هذه الأرض بحقوقها دخل فيها ذلك وإلا فوجهان وهو ظاهر كلامه في الفروع.
قال في القاعدة الثمانين هل هذه الأشياء كالشجر أو كالزرع فيه وجهان إن قلنا كالشجر انبنى على أن الشجر هل يدخل في بيع الأرض مع الإطلاق أم لا وفيه وجهان وإن قلنا هي كالزرع لم يدخل في البيع وجها واحدا.
وقيل حكمها حكم الشجر في تبعية الأرض وهي طريقة ابن عقيل والمجد.
وقيل يتبع وجها واحدا بخلاف الشجر وهي طريقة أبى الخطاب وصاحب المغنى.
فائدة وكذا الحكم لو كان مما يؤخذ زهره ويبقى في الأرض كالبنفسج والنرجس والورد والياسمين واللينوفر ونحوه فإن تفتح زهرة فهو للبائع وما لم يتفتح فهو للمشترى على الصحيح ويأتى على قول ابن عقيل التفصيل .
قوله: "وإن كان فيها زرع لا يحصد إلا مرة كالبر والشعير فهو للبائع مبقي إلى الحصاد" وكذلك القطنيات ونحوها وهذا المذهب وعليه الأصحاب قال في المغنى لا أعلم فيه خلافا.
وقال في المبهج إن كان الزرع بدا صلاحه لم يتبع الأرض وإن لم يبد صلاحه فعلى وجهين فإن قلنا لا يتبع أخذ البائع بقطعه إلا أن يستأجر الأرض.
قال في القواعد وهو غريب جدا مخالف لما عليه الأصحاب انتهى.
كذا ما المقصود منه مستتر كالجزر والفجل والقت والثوم والبصل وأشباه ذلك وكذا القصب الفارسي إلا أن العروق للمشترى.
فأما قصب السكر فالصحيح من المذهب أنه كالزرع جزم به في الرعاية الكبرى وقدمه في المغنى والشرح والفروع.
وقيل هو كالقصب الفارسي وهو احتمال في المغنى والشرح.
قال في الفروع ويتوجه مثله الجوز.
تنبيه قوله: "مبقى إلى الحصاد" يعنى بلا أجرة ويأخذه أول وقت أخذه زاد المصنف وتبعه الشارح ولو كان بقاؤه خيرا له.
وقيل يأخذه في عادة أخذه إن لم يشترطه المشترى.
فوائد
الأولى لو اشترى أرضا فيها زرع للبائع أو شجرا فيه ثمر للبائع وظن دخوله في البيع أو ادعى الجهل به ومثله يجهله فله الفسخ.
الثانية لو كان في الأرض بذر فإن كان أصله يبقى في الأرض كالنوى وبذر الرطبة ونحوهما فحكمه حكم الشجر على ما تقدم.
وإن كان لا يبقى أصله كالزرع ونحوه فحكمه حكم الزرع البادي هذا المذهب اختاره القاضي وجزم به في المغنى والشرح وشرح ابن رزين وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وعند ابن عقيل لا يدخل فيهما جميعا لأنه عين مودعة في الأرض فكانت في حكم الحجر والخشب المدفونين وأطلقهما في التلخيص.
قال في الفروع والفائق والبذر إن بقى أصله فكشجر وإلا كزرع عند القاضي وعند ابن عقيل لا يدخل.
وأطلق في عيون المسائل أن البذر لا يدخل لأنه مودع.
وقال في المبهج في بذر وزرع لم يبد صلاحه قيل يتبع الأرض وقيل لا ويؤخذ البائع بأخذه إن لم يستأجر الأرض.
الثالثة لو باع الأرض بما فيها من البذر ففيه ثلاثة أوجه.
أحدها يصح اختاره القاضي في المجرد.
قلت وهو الصواب لأنه دخل تبعا.
والثاني لا يصح مطلقا.
والثالث إن ذكر قدره ووصفه صح وإلا فلا وهو احتمال لابن عقيل وأطلقهن في الفروع.
قوله: "ومن باع نخلا مؤبرا وهو ما تشقق طلعه".
التأبير هو التلقيح وهو وضع الذكر في الأنثى والمصنف رحمه الله فسره بالتشقق لأن الحكم عنده منوط به وإن لم يلقح لصيرورته في حكم عين أخرى وعلى هذا إنما نيط الحكم بالتأبير في الحديث لملازمته للتشقق غالبا.
إذا علمت هذا فالذى قاله المصنف هو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به الخرقي وصاحب المحرر والوجيز وغيره وقدمه في الشرح والفروع والفائق والزركشي وغيرهم.
وبالغ المصنف فقال لا خلاف فيه بين العلماء.
وعنه رواية ثانية الحكم منوط بالتأبير وهو التلقيح لا بالتشقق ذكرها ابن أبى موسى وغيره فعليها لو تشقق ولم يؤبر يكون للمشترى ونصر هذه الرواية الشيخ تقى الدين رحمه الله واختارها في الفائق وقال قلت وعلى قياسه كل مفتقر إلى صنع كثير لا يكون ظهوره الفصل بل إيقاع الفعل فيه وأطلقهما في التلخيص والرعاية الكبرى.
فتلخص أن ما لم يكن تشقق طلعه فغير مؤبر وما تشقق ولقح فمؤبر وما تشقق ولم يلقح فمحل الروايتين.
فائدة طلع الفحال يراد للتلقيح كطلع الإناث على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وذكر ابن عقيل وأبو الخطاب احتمال أنه للبائع بكل حال.
قوله: "فالتمر للبائع متروكا في رؤوس النخل إلى الجذاذ".
وهذا إذا لم يشترط عليه قطعه.
فائدة حكم سائر العقود في ذلك كالبيع في أن ما لم يؤبر يلحق بأصله وما أبر لا يلحق وذلك مثل الصلح والصداق وعوض الخلع والأجر والهبة والرهن والشفعة إلا أن في الأخذ بالشفعة وجها آخر أنه يتبع فيه المؤبر إذا كان في حالة البيع غير مؤبر وأما الفسوخ ففيها ثلاثة أوجه.
أحدها يتبع الطلع مطلقا بناء على أنه زيادة متصلة او على أن الفسخ رفع للعقد من أصله.
والثاني لا يتبع بحال بناء على أنه زيادة منفصلة وإن لم يؤبر.
والثالث أنه كالعقود المتقدمة.
هذا كله على القول بأن النماء المنفصل لا يتبع في الفسوخ.
أما على القول بأنه يتبع فيتبع الطلع مطلقا وأطلقهن في القواعد وصرح في الكافي بالثالث وصرح في المغني بالثاني وقاله ابن عقيل في الإفلاس والرجوع في الهبة.
وأما الوصية والوقف فالمنصوص أنه تدخل فيهما الثمرة الموجودة يوم الوصية إذا بقيت إلى يوم الموت سواء أبرت أو لم تؤبر.
تنبيه محل قوله: "متروكا في رؤوس النخل إلى الجذاذ" إذا لم تجر العادة بأخذه بسرا أو يكون بسره خيرا من رطبه فإن كان كذلك فإنه يجذه حين استحكام حلاوة بسره قاله الزركشي وغيره.
وظاهر كلام المصنف وغيره أنها تبقى إلى وقت الجذاذ ولو أصابتها آفة بحيث أنه لا يبقى في بقائها فائدة ولا زيادة.
وهذا أحد الاحتمالين والآخر يقطع في الحال.
قلت وهو الصواب.
وظاهر كلامه وكلام غيره أنها لا تقطع قبل الجذاذ ولو تضرر الأصل بذلك ضررا كبيرا وهو أحد الوجهين.
والوجه الثاني يجبر على قطعها والحالة هذه وأطلقهما الزركشي.
قوله: "وكذلك الشجر إذا كان فيه ثمر باد كالعنب والتين والرمان والجوز".
يعنى يكون للبائع متروكا في شجره إلى استوائه ما لم يظهر للمشترى.
واعلم أنه إذا كان ما يحمل الشجر يظهر بارزا لا قشر عليه كالعنب والتين والتوت والجميز والليمون والأترنج ونحوه أو كان عليه قشر يبقى فيه إلى أكله كالرمان والموز ونحوهما أوله قشران كالجوز واللوز ونحوهما فالصحيح من المذهب في ذلك كله أنه يكون للبائع بمجرد ظهوره وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال القاضي ماله قشران لا يكون للبائع إلا بتشقق قشرة الأعلى وصححه في التلخيص وقدمه في الرعايتين والحاويين وجزم به في عيون المسائل في الجوز واللوز وقال لا يلزم الموز والرمان والحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره لا يتبع الأصل لأنه لا.
غاية لظهوره ورد ما قاله القاضي ومن تابعه المصنف والشارح وأطلقهما في الفائق.
وقال في المبهج الاعتبار بانعقاد لبه فإن لم ينعقد تبع أصله وإلا فلا.
قوله: "وما ظهر من نوره كالمشمش والتفاح والسفرجل للبائع وما لم يظهر للمشترى" أناط المصنف رحمه الله الحكم بالظهور من النور فظاهره سواء تناثر أو لا وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه في المغنى والشرح واختاره.
قال في القواعد الفقهية وهو أصح.
وقيل إن تناثر نوره فهو للبائع وإلا فلا وجزم به القاضي في خلافه لأن ظهور ثمره يتوقف على تناثر نوره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الحاوي الكبير والفائق وقيل يكون للبائع بمجرد ظهور النور ذكره القاضي احتمالا جعلا للنور كما في الطلع.
فائدة قوله: "وما خرج من أكمامه كالورد والقطن للبائع".
بلا نزاع جزم به في المغني والشرح والفروع وغيرهم وكذا الياسمين والبنفسج والنرجس ونحوه.
وقال الأصحاب القطن كالطلع وألحقوا به هذه الزهور.
قال في القواعد الفقهية وفيه نظر فإن هذا المنظم هو نفس الثمرة أو قشرها الملازم لها كقشر الرمان فظهوره ظهور الثمرة بخلاف الطلع فإنه وعاء للثمرة.
وكلام الخرقي يدل عليه حيث قال وكذلك بيع الشجر إذا كان فيه ثمر باد وبدو الورد ونحوه ظهوره من شجره وإنما كان منظما انتهى.
قوله: "والورق للمشتري بكل حال".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
ويحتمل في ورق التوت المقصود أخذه إن تفتح فهو للبائع وإن كان حبا فهو للمشتري وهو وجه وأطلقهما في التلخيص والحاوي الكبير.
قوله: "وإن ظهر بعض الثمرة فهو للبائع وما لم يظهر فهو للمشتري".
وكذلك ما أبر بعضه هذا المذهب وإن كان نوعا واحدا نص عليه وعليه اكثر الأصحاب وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والفروع والفائق وابن منجا وقال هذا المذهب وغيرهم.
قال في الحاوي الكبير وغيره المنقول عن احمد في النخل أن ما أبر للبائع وما لم يؤبر للمشترى وكذلك يخرج في الورد ونحوه وكذا قال في الحاوي الصغير والرعايتين والوجيز والهادي وغيرهم.
وقال ابن حامد الكل للبائع وهو رواية في الانتصار واختاره غير ابن حامد كشجرة.
وقال في الواضح فيما لم يبد من شجره للمشترى وذكره ابو الخطاب ظاهر كلام أبي بكر ولو أبر بعضه فباع ما لم يؤبر وحده فهو للمشتري وقدمه في الرعاية الكبرى والمغنى والشرح وشرح ابن رزين.
وقيل للبائع وأطلقهما في الفروع.
فائدة يقبل قول البائع في بدو الثمرة بلا نزاع.
وقال في الفروع ويتوجه وجه من واهب ادعى شرط ثواب.
وأما إن كان جنسا فلم يفرق أبو الخطاب بينه وبين النوع وهو وجه وقدمه في التبصرة والصحيح من المذهب الفرق بين الجنس والنوع قدمه في الفروع.
ورد المصنف والشارح الأول وقالا الأشبه الفرق بين النوع والنوعين فما أبر من نوع أو ظهر بعض ثمره لا يتبعه النوع الآخر.
قال الزركشي هذا أشهر القولين.
تنبيه ظاهر كلام المصنف في قوله: "وإن احتاج الزرع أو الثمرة إلى سقى لم يلزم المشترى ولم يملك منع البائع منه".
أنه لا يسقيه إلا عند الحاجة وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلام الشارح والزركشي وغيرهما.
والوجة الثاني له سقيه للمصلحة سواء كان ثم حاجة أولا ولو تضرر الأصل وهو المذهب قدمه في الفروع.
وكذا الحكم لو احتاجت الأرض إلى سقى.
فائدة حيث حكمنا أن الثمر للبائع فإنه يأخذه أول وقت أخذه بحسب العادة على الصحيح من المذهب زاد المصنف ولو كان بقاؤه خيرا له.
وقيل يؤخره إلى وقت أخذه في العادة إن لم يشترطه المشترى.
وقيل يلزمه قطع الثمرة لتضرر الأصل زاد المصنف والشارح تضررا كثيرا وأطلقاهما وتقدم معناه عند قوله: "يبقى إلى الحصاد".
قوله: "ولا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها ولا الزرع قبل اشتداد حبه".
بلا نزاع في الجملة إلا بشرط القطع في الحال نص عليه لكن يشترط أن يكون منتفعا به في الحال قاله في الرعاية والشيخ تقى الدين في تعليقه على المحرر.
قلت وهو مراد غيرهما.
وقد دخل في كلام الأصحاب في شروط البيع حيث اشترطوا أن يكون فيه منفعة مباحة.
فوائد
الأولى يستثنى من عموم كلام المصنف من عدم الجواز لو باع الثمرة قبل بدو صلاحها بأصلها فإنه يصح على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وحكاه المصنف والشارح والزركشي إجماعا لأنه دخل تبعا.
وقيل لا يجوز وهو ظاهر كلام المصنف هنا وجماعة وأطلقهما في المحرر.
ويستثنى أيضا لو باع الأرض بما فيها من زرع قبل اشتداد حبه فإنه يصح جزم به في المحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والحاوي الكبير والمغنى والشرح وصححه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الفروع.
وقيل لا يصح وقدمه في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
الثانية يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لمالك الشجر جزم به في الرعاية الصغرى واختاره في الحاوي الكبير وصححه في المستوعب والتلخيص والحاوي الصغير والرعاية الكبرى وفيه وجه آخر لا يصح وهو ظاهر كلام المصنف والخرقي وأطلقهما في المغنى والشرح والمحرر والفروع والفائق والزركشي.
فعلى الوجه الثاني لو شرط القطع صح قال المصنف ولا يلزم الوفاء بالشرط لأن الأصل له قال الزركشي ومقتضى هذا أن اشتراط القطع حق للآدمي وفيه نظر بل هو حق لله تعالى ويجوز بيع الزرع قبل اشتداده لمالك الأرض جزم به في تذكره ابن عبدوس والحاوي الكبير واختاره أبو الخطاب وصححه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وفيه وجه آخر لا يصح وقدمه في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام المصنف وأطلقهما في المغنى والشرح والمحرر والفروع والفائق والزركشي.
الثالثة لو باع بعض ما لم يبد صلاحه مشاعا لم يصح ولو شرط القطع قاله الأصحاب قلت: فيعايى بها.
قوله: "والحصاد واللقاط على المشترى".
بلا نزاع وكذا الجذاذ لكن لو شرطه على البائع صح على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وابن حامد والقاضي وأصحابه وغيرهم وجزم به في الشرح وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال الخرقي لا يصح وجزم به في الحاوي الكبير في هذا الباب وهو الذي أورده ابن أبي موسى مذهبا وقدمه في القاعدة الثالثة والسبعين.
قال القاضي لم أجد بقول الخرقي رواية.
قال في الروضة ليس له وجه.
قال في القاعدة المتقدمة وقد استشكل مسألة الخرقي أكثر المتأخرين.
وتقدم ذلك مستوفى في باب الشروط في البيع فليراجع.
قوله: "فإن باعه مطلقا لم يصح".
يعنى إذا باعه ولم يشترط القطع ولا التبقية وإنما أطلق لم يصح وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب جزم به في المغنى والمحرر والشرح والفائق وأكثر الأصحاب قال الزركشي جزم به الشيخان والأكثرون.
وعنه يصح إن قصد القطع ويلزم به في الحال نص عليه في رواية عبد الله.
وقدم في الروضة أن إطلاقه كشرط القطع.
وحكى الشيرازي رواية بالصحة من غير قصد القطع.
وما حكاه في المستوعب والحاوي الكبير عن ابن عقيل في التذكره أنه ذكره في هذه المسألة أربع روايات ليس بسديد إنما حكى ذلك على ما اقتضاه لفظه فيما إذا شرط القطع ثم تركه.
قوله: "ولا يجوز بيع الرطبة والبقول إلا بشرط جزه".
حكم بيع الرطبة والبقول حكم الثمر والزرع فلا يباع قبل بدو صلاحه إلا مع أصله أو لربه أو مع أرضه كما تقدم خلافا ومذهبا ولا يباع مفردا بعد بدو صلاحه إلا جزة جزة بشرطه. .
قوله: "ولا القثاء ونحوه إلا لقطة لقطة إلا أن يبيع أصله".
إن باعه بأصله صح على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في التلخيص ويحتمل عندى عدم جواز بيع البطيخ ونحوه مع أصله إلا أن يبيعه مع أرضه.
قال في القاعدة الثمانين ورجح صاحب التلخيص أن المقائى ونحوها لا يجوز بيعها إلا بشرط القطع وهو مقتضى كلام الخرقي وابن أبي موسى انتهى.
وإن باعه في غير أصله فإن لم يبد صلاحه لم يصح إلا بشرط قطعه في الحال إن كان ينتفع به وإن بدا صلاحه لم يجز بيعه إلا لقطة لقطة.
قال في الفروع ولا يباع قثاء ونحوه إلا لقطة لقطة نص عليه إلا مع أصله ذكره في كتاب البيع في الشرط الخامس.
وقال هنا وما له أصل يتكرر حمله كقثاء وكالشجر وثمره كثمرة فيما تقدم ذكره جماعة لكن لا يأخذ البائع اللقطة الظاهرة ذكره في الترغيب وغيره وإن تعيب فالفسخ أو الأرش وقيل لا يباع إلا لقطة لقطة كثمر لم يبد صلاحه ذكره شيخنا انتهى.
وقيل لا يباع بطيخ قبل نضجه ولا قثاء وخيار قبل أوان أخذه عرفا إلا بشرط قطعة في الحال.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجوز بيع اللقطة الموجودة والمعدومة إلى أن تيبس المقتاة وقال أيضا يجوز بيع المقائى دون أصولها وقال قاله كثير من الأصحاب لقصد الظاهر غالبا.
فائدة القطن إن كان له أصل يبقى في الأرض أعواما كقطن الحجاز فحكمه حكم الشجر في جوار إفراده بالبيع وإذا بيعت الأرض بحقوقها دخل في البيع وثمره كالطلع إن تفتح فهو للبائع وإلا فهو للمشترى وإن كان يتكرر زرعه كل عام فحكمه حكم الزرع.
ومتى كان جوزه ضعيفا رطبا لم يقو ما فيه لم يصح بيعه إلا بشرط القطع كالزرع الأخضر وإن قوى حبه واشتد جاز بيعه بشرط التبقية كالزرع إذا اشتد حبه.
وإذا بيعت الأرض لم يدخل في البيع إلا بشرطه.
والباذنجان الذى تبقى أصوله وتتكرر ثمرته كالشجر وما يتكرر زرعه كل عام كالزرع.
قوله: "وإن شرط القطع ثم تركه حتى بدا صلاح الثمرة وطالت الجزة وحدثت ثمرة أخرى فلم تتميز أو اشترى ثمرته ليأكلها رطبا فأثمرت بطل البيع".
شمل كلامه قسمين.
أحدهما إذا حدثت ثمرة أخرى قبل القطع ولم تتميز من المبيع.
الثاني ما عدا ذلك.
فإن كان ما عدا حدوث ثمرة أخرى فالصحيح من المذهب بطلان البيع كما قال المصنف وعليه أكثر الاصحاب ونص عليه.
قال في الفروع فسد العقد في ظاهر المذهب.
قال في القواعد الفقهية هذه أشهر الروايات.
قال القاضي هذه أصح.
قال الزركشي هذا المذهب المنصوص والمختار للأصحاب وصححه في التصحيح والخلاصة وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الأزجى وغيرهم واختاره الخرقي وأبو بكر وابن أبى موسى والقاضى وأصحابه وغيرهم وقدمه في الكافي والهادي والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وقال اختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله وهو من مفردات المذهب.
فعليها الأصل والزيادة للبائع قطع به أكثر الأصحاب واختاره ابن أبى موسى والقاضي وغيرهما ونقلها أبو طالب وغيره عن الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه الزيادة للبائع والمشترى فتقوم الثمرة وقت العقد وبعد الزيادة.
وهذه الرواية ذكرها في الكافي والفروع وغيرهما.
وحكى ابن الزاغوني والمصنف وغيرهما رواية أن البائع يتصدق بالزيادة على القول بالبطلان.
قال في التلخيص وعنه يبطل البيع ويتصدق بالزيادة استحبابا لاختلاف الفقهاء انتهى وحكى القاضي رواية يتصدقان بها.
قال المجد وهو سهو من القاضي وإنما ذلك على الصحة فأما مع الفساد فلا وجه لهذا القول انتهى.
وعنه رواية ثانية في أصل المسألة لا يبطل البيع ويشتركان في الزيادة.
قال في الحاويين وهو الأقوى عندي واختاره أبو جعفر البرمكي.
وقال القاضي الزيادة للمشترى وجزم به في كتابه الروايتين.
قال في الحاوي كما لو أخره لمرض.
ورده في القواعد وقال هو مخالف نصوص أحمد ثم قال لو قال مع ذلك بوجوب الأجرة للبائع إلى حين القطع لكان أقرب.
قال المجد يحتمل عندي أن يقال إن زيادة الثمرة في صفتها للمشترى وما طال من الجزة للبائع انتهى وعنه يتصدقان بها.
قال في الفروع وعنه يتصدقان بها على الروايتين وجوبا وقيل ندبا وكذلك قال في الرعاية فاختار القاضي أنه على سبيل الاستحباب وإليه ميل المصنف والشارح وتقدم كلامه في التلخيص.
وقال ابن الزاغوني على القول بالصحة لا تدخل الزيادة في ملك واحد منهما ويتصدق بها المشترى.
وعنه الزيادة كلها للبائع نقلها القاضي في خلافه في مسألة زرع الغاصب.
ونص أحمد في رواية ابن منصور فيمن اشترى قصيلا وتركه حتى سنبل يكون للمشترى منه بقدر ما اشترى يوم اشترى فإن كان فيه فضل كان للبائع صاحب الأرض.
وعنه يبطل البيع إن أخره بلا عذر وعنه يبطل بقصد حيلة ذكرها جماعة منهم ابن عقيل في التذكرة والفخر في التلخيص.
قال بعض الأصحاب متى تعمد الحيلة فسد البيع من أصله ولم ينعقد بغير خلاف.
ووجه في الفروع فيما إذا باعه عرية فأثمرت إن ساوى الثمر المشترى به صح.
وقال في الفائق والمختار ثبوت الخيار للبائع ليفسخ وعنه إذا ترك الرطبة حتى طالت لم يبطل المبيع ذكره الزركشي.
تنبيه صرح المصنف ان حكم العرية إذا تركها حتى أثمرت حكم الثمرة إذا تركها حتى بدا صلاحها وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي.
وقطع بعض الأصحاب بالبطلان في العرايا وحكى الخلاف في غيرها منهم الحلواني وابنه وفرقوا بينهما.
فائدتان
الأولى: للقول بالبطلان مأخذان.
أحدهما أن تأخيره محرم لحق الله فالبيع باطل كتأخير القبض في الربويات ولأنه وسيلة إلى شراء الثمرة وبيعها قبل بدو صلاحها وهو محرم ووسائل المحرم ممنوعة.
المأخذ الثاني أن مال المشترى اختلط بمال البائع قبل التسليم على وجه لا يتميز منه فبطل به البيع كما لو تلف.
فعلى الأول لا يبطل البيع إلا بالتأخير إلى بدو الصلاح واشتداد الحب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي ويكون تأخيره إلى ما قبل ذلك جائزا.
ولو كان المشتري رطبة أو ما أشبهها من النعناع والهندبا أو صوفا على ظهر فتركها حتى طالت لم ينفسخ البيع لأنه لا نهى في بيع هذه الأشياء وهذه هي طريقة القاضي في المجرد.
وعلى الثاني يبطل البيع بمجرد الزيادة واختلاط المالين إلا أنه يعفى عن الزيادة اليسيرة كاليوم واليومين ولا فرق بين الثمر والزرع وغيرهما من الرطبة والبقول والصوف وهي طريقة أبى بكر والقاضي في خلافه والمصنف وغيرهم ومتى تلف بجائحة بعد التمكن من قطعه فهو من ضمان المشترى وهو مصرح به في المجرد ولمغنى وغيرهما.
وتكون الزكاة على البائع على هذا المأخذ بغير إشكال وأما على الأول فيحتمل أن تكون على المشترى لأن ملكه إنما ينفسخ بعد بدو الصلاح ويحتمل أن يكون على البائع ولم يذكر الأصحاب خلافه لأن الفسخ ببدو الصلاح استند إلى سبب سابق عليه وهو تأخير القطع قال ذلك في القواعد وقال وقد يقال ببدو الصلاح يتبين انفساخ العقد من حين التأخير انتهى.
الثانية تقدم هل تكون الزكاة على البائع أو على المشترى إذا قلنا بالبطلان وحيث قلنا بالصحة فإن اتفقا على التبقية جاز وزكاة المشترى وإن قلنا الزيادة لهما فعليهما الزكاة إن بلغ نصيب كل واحد منهما نصابا وإلا انبنى على الخلطة في غير الماشية على ما تقدم.
تنبيه واما إذا حدثت ثمرة ولم تتميز فقطع المصنف هنا أن حكمها حكم المسائل الأولى وهو رواية عن أحمد ذكرها أبو الخطاب وجزم به في الوجيز والرعايتين والحاويين والهداية والمذهب والخلاصة والهادي وغيرهم وهو احتمال في الكافي.
والصحيح من المذهب أن حكمه حكم المبيع الذي اختلط بغيره فهما شريكان فيهما كل واحد بقدر ثمرته فإن لم يعلما قدرها اصطلحا ولا يبطل العقد في ظاهر المذهب قاله المصنف في المغني والشارح وصاحب الفروع والفائق وغيرهم.
قال الزركشي وهو الصواب وقدمه في الكافي وغيره واختاره ابن عقيل وغيره.
قال القاضي إن كانت الثمرة للبائع فحدثت أخرى قيل لكل منهما اسمح بنصيبك فإن فعل أجبر الآخر على القبول وإلا فسخ العقد وإن اشترى ثمرة فحدثت أخرى وقيل للبائع ذلك لا غير انتهى.
فائدة: لو اشترى خشبا بشرط القطع فأخر قطعه فزاد فالبيع لازم والزيادة للبائع قدمه في الفائق فقال لو اشترى خشبا ليقطعه فتركه فنما وغلظ فالزيادة لصاحب الأرض نص عليه واختاره البرمكي انتهى.
قال في الفروع ونقل ابن منصور الزيادة لهما واختاره البرمكي وقاله في القواعد أيضا فاختلف النقل عن البرمكي في الزيادة.
وقيل البيع لازم والكل للمشترى وعليه الأجرة اختاره ابن بطة.
وقيل ينفسخ العقد والكل للبائع.
قال الجوزي ينفسخ العقد قال في الفائق بعد قول الجوزي قلت ويتخرج الإشتراك فوافق المنصوص.
وقال في الفروع وإن أخر قطع خشب مع شرطه فزاد فقيل الزيادة للبائع وقيل للكل وقيل للمشترى وعليه الأجرة.
ونقل ابن منصور الزيادة لهما اختاره البرمكي انتهى.
قوله: "وإذا بدا الصلاح في الثمرة واشتد الحب جاز بيعه مطلقا ويشترط التبقية".
وكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال في المحرر والفروع والفائق وغيرهم وإذا طاب أكل الثمر وظهر نضجه جاز بيعه.
وفي الترغيب بظهور مبادئ الحلاوة.
فائدة يجوز لمشتريه أن يبيعه قبل جده على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب لأنه وجد من القبض ما يمكن فكفى للحاجة المبيحة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه.
وعنه لا يجوز بيعه حتى يجده اختاره أبو بكر وأطلقهما في المحرر والفائق.
قوله: "وإن تلفت بجائحة من السماء رجع على البائع".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وسواء أتلفت قدر الثلث أو أكثر أو أقل إلا أنه يتسامح في الشيء اليسير الذي لا ينضبط نص عليه.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا اختيار جمهور الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الكافي والمحرر والفروع والرعايتين وغيرهم وهو من مفردات المذهب.
وعنه إن أتلفت الثلث فصاعدا ضمنه البائع وإلا فلا اختاره الخلال وجزم به في الروضة وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والحاوي الكبير وغيرهم.
وعنه لا جائحة في غير النخل نص عليه في رواية حنبل ذكره في الفائق.
واختار الزركشي في شرحه إسقاط الجوائح مجانا وحمل أحاديثها على أنهم كانوا يبيعونها قبل بدو صلاحها.
تنبيهات
أحدها قيد ابن عقيل وصاحب التلخيص وجماعة الروايتين بما بعد التخلية وظاهرة أن قبل التخلية يكون من ضمان البائع قولا واحدا قاله الزركشي.
وجزم في الفروع أن محل الجائحة بعد قبض المشترى وتسليمه وهو موافق للأول وقطع به في الرعايتين والحاويين والظاهر أنه مراد من أطلق لأنه قبل التحلية ما حصل قبض.
الثاني أفادنا المصنف بقوله: "رجع على البائع صحه البيع وهو المذهب وعليه الأصحاب إلا صاحب النهاية فإنه أبطل العقد كما لو تلف الكل.
الثالث على الرواية الثانية وهي التي قلنا فيها لا يضمن إلا إذا أتلفت الثلث فصاعدا قيل يعتبر ثلث الثمرة وهو الصحيح قدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والتلخيص والبلغة والشرح والرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين.
وقبل يعتبر قدر الثلث بالقيمة وقدمه في المحرر والنظم وتجريد العناية وأطلقهما الزركشي والفائق.
وقيل: يعتبر قدر الثلث بالثمن وأطلقهن في الفروع.
الرابع على المذهب يوضع من الثمرة بقدر التالف نقله أبو الخطاب وجزم به في الفروع
الخامس لو تعيبت بذلك ولم تتلف خير المشترى بين الإمضاء والأرش وبين الرد وأخذ الثمن كاملا قاله الزركشي وغيره.
فائدة تختص الجائحة بالثمن على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وكذا ماله أصل يتكرر حمله كقثاء وخيار وباذنجان ونحوها قاله جماعة وقدمه في الفروع وتقدم لفظه وقال في القاعدة الثمانين لو اشترى لقطة ظاهرة من هذه الأصول فتلفت بجائحة قبل القطع فإن قلنا حكمها حكم ثمن الشجر فمن مال البائع.
وإن قيل هي كالزرع خرجت على الوجهين في جائحة الزرع.
وقال القاضي من شرط الثمن الذي تثبت فيه الجائحة أن يكون مما يستبقى بعد بدو صلاحه إلى وقت كالنخل والكرم وما أشبهها وإن كان مما لا تستبقى ثمرته بعد بدو صلاحه كالتين والخوخ ونحوهما فلا جائحة فيه.
قال بعض الأصحاب وهذا أليق بالمذهب.
وعنه لا جائحة في غير النخل نص عليه في رواية حنبل كما تقدم وتقدم اختيار الزركشي وقال في الكافي والمحرر وتثبت أيضا في الزرع.
وذكر القاضي فيه احتمالين ذكره الزركشي.
وقال في عيون المسائل إذا تلفت الباقلا أو الحنطة في سنبلها فلنا وجهان الأقوى.
يرجع بذلك على البائع.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله ثبوت الجائحة في زرع مستأجر وحانوت نقص نفعه عن العادة وحكم به أبو الفضل بن حمزة في حمام.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا قياس نصوصه وأصوله إذا تعطل نفع الأرض بآفة انفسخت الإجارة فيما بقي كانهدام الدار وأنه لا جائحة فيما تلف من زرعه لأن المؤجر لم يبعه إياه ولا ينازع في هذا من فهمه.
تنبيهان
أحدهما قوله: "بجائحة من السماء" ضابطها أن لا يكون فيها صنع لآدمي كالريح والمطر والثلج والبرد والجليد والصاعقة والحر والعطش ونحوها وكذا الجراد جزم به الأصحاب
الثاني يستثنى من عموم كلام المصنف لو اشترى الثمرة مع أصلها فإنه لا جائحة فيها إذا تلفت قاله الأصحاب.
ويستثنى أيضا ما إذا أخر أخذها عن وقته المعتاد فإنه لا يضمنها البائع والحالة هذه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال القاضي ظاهر كلام الإمام أحمد وضعها عمن أخر الأخذ عن وقته واختاره وفيه وجه ثالث يفرق بين حالة العذر وغيره.
فائدة لو باع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع ثم تلفت بجائحة فتارة يتمكن من قطعها قبل تلفها وتارة لا يتمكن فإن تمكن من قطعها ولم يقطعها حتى تلفت فلا ضمان على البائع قاله القاضي في المجرد والمجد وهو احتمال في التعليق وقدمه الزركشي.
قال في القواعد الفقهية وهو مصرح به في المغنى.
وذكره الشارح عن القاضي واقتصر عليه.
وقال القاضي في التعليق ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله أنه من ضمان البائع اعتمادا على إطلاقه ونظرا إلى أن القبض لم يحصل.
قال في الحاوي يقوى عندي وجوب الضمان على البائع هنا قولا واحدا لأن ما شرط فيه القطع فقبضه يكون بالقطع والنقل فإذا تلف قبله يكون كتلف المبيع قبل القبض انتهى وأما إذا لم يتمكن من قطعها حتى تلفت فإنها من ضمان البائع قولا واحدا.
قوله: "وإن أتلفه آدمي خير المشتري بين الفسخ والإمضاء ومطالبة المتلف".
هذا المذهب مطلقا وعليه اكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في
الفروع وغيره واختاره القاضي وغيره فهو كإتلاف المبيع المكيل أو الموزون قبل قبضه على ما تقدم.
لكن جزم في الروضة هنا أنه من مال المشتري واختاره أبو الخطاب في الانتصار.
قال الزركشي قال ناظم نهاية ابن رزين وهو القياس.
وقيل إن كان تلفه بعسكر أو لصوص فحكمه حكم الجائحة وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والتلخيص والشرح والرعايتين والحاويين والفائق.
قوله: "وصلاح بعض ثمر الشجرة صلاح لجميعها".
بلا نزاع أعلمه وهو أن يبدو الصلاح في بعضه على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب واختاره ابن أبي موسى وأبو الخطاب وغيرهما وقدمه في الفروع.
ونقل حنبل إذا غلب الصلاح وجزم به في المحرر في النوع وقاله القاضي وأبو حكيم النهرواني وغيرهم فيما إذا غلب الصلاح في شجرة.
قال في الرعاية والحاوي إذا بدا الصلاح في بعض النوع جاز بيع بعض ذلك النوع في إحدى الروايتين وإن غلب جاز بيع الكل نص عليه.
قوله: "وهل يكون صلاحا لسائر النوع الذي في البستان على روايتين".
وأطلقهما في التلخيص والهداية والمذهب والمستوعب والحاوي الكبير والزركشي.
إحداهما يكون صلاحا لسائر النوع الذي في البستان وهو المذهب نص عليه وعليه اكثر الأصحاب وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هذا اختيار الأكثرين وقدمه في الكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
قال المصنف والشارح أظهرهما يكون صلاحا واختاره ابن حامد وابن أبي موسى والقاضي وأصحابه وغيرهم.
والرواية الثانية لا يكون صلاحا له فلا يباع إلا ما بدا صلاحه.
قال الزركشي هي أشهرهما واختاره أبو بكر في الشافي وابن شاقلا في تعليقه.
تنبيهات
أحدها مفهوم كلام المصنف أنه لا يكون صلاحا للجنس من ذلك البستان وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وابن عقيل والمصنف والشارح وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي اختاره الأكثرون.
وقال أبو الخطاب يكون صلاحا لما في البستان من ذلك الجنس فيصح بيعه قاله الزركشي وقال هذا ظاهر النص وجزم به في المنور واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الهداية والمذهب.
الثاني مفهوم كلامه أيضا أن صلاح بعض نوع من بستان لا يكون حاصلا لذلك النوع من بستان آخر وهو الصحيح وهو المذهب.
قال المصنف والشارح هذا المذهب قال في الفائق هذا أصح الروايتين وجزم به في الوجيز وغيره.
وعنه أن بدو الصلاح في شجرة من القراح يكون صلاحا له ولما قاربه وأطلق في الروضة في البساتين روايتين.
الثالث ليس صلاح بعض الجنس صلاحا لجنس آخر بطريق أولى على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله صلاح جنس في الحائط صلاح لسائر أجناسه فيتبع الجوز التوت والعلة عدم اختلاف الأيدي على الثمر قاله في الفائق.
قال في الفروع واختار شيخنا بقية الاجناس التي تباع عادة كالنوع.
فائدة لو أفرد ما لم يبد صلاحه مما بدا صلاحه وباعه لم يصح على الصحيح من المذهب قدمه في المغنى والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يصح وهو احتمال في المغنى والشرح وأطلقهما في المحرر والرعايتين والزركشي والحاويين والفائق وهما وجهان في المجرد.
قوله: "وبدو الصلاح في ثمرة النخل أن يحمر أو يصفر وفي العنب أن يتموه".
وكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال المصنف في المغنى والشارح وغيرهما حكم ما يتغير لونه عند صلاحه كالإجاص والعنب الأسود حكم ثمرة النخل بأن يتغير لونه وفي سائر الثمر أن يبدو فيه النضج ويطيب أكله.
وقال صاحب المحرر وتبعه في الفروع وجماعة بدو صلاح الثمر أن يطيب أكله ويظهر نضجه.
وهذا الضابط أولى والظاهر أنه مراد غيرهم وما ذكروه علامة على هذا.
هذا حكم ما يظهر من الثمار قولا واحدا وهذا بلا نزاع.
فأما ما يظهر فما بعد فم كالقثاء والخيار والبطيخ واليقطين ونحوها.
فبدو الصلاح فيه أن يؤكل عادة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب واختاره المصنف وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال القاضي وابن عقيل صلاحه تناهي عظمه.
وقال في التلخيص صلاحه التقاطه عرفا وإن طاب أكله قبل ذلك.
فائدة صلاح الحب أن يشتد أو يبيض.
قوله: "ومن باع عبدا له مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع".
بلا نزاع في الجملة.
وقياس قول المصنف في مزارع القرية أو بقرينة يكون للمبتاع بتلك القرينة.
قلت وهو الصواب واختاره المصنف في شراء الأمة من الغنيمة يتبعها ما عليها مع علمها به ونقل الجماعة عن أحمد لا يتبعها وهو المذهب.
قوله: "فإن كان قصده المال اشترط علمه وسائر شروط البيع وإن لم يكن قصده المال لم يشترط".
فظاهر ذلك أنه سواء قلنا العبد يملك بالتمليك أولا وهو اختيار المصنف وذكره نص الإمام أحمد واختيار الخرقي وذكره في المنتخب والتلخيص عن أصحابنا وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والشرح وقدمه في الرعايتين والحاويين.
نقل صالح وأبو الحارث إذا كان إنما قصد العبد كان المال تبعا له قل أو كثر واقتصر عليه أبو بكر في زاد المسافر.
وقال القاضي إن قيل العبد يملك بالتمليك لم تشترط شروط البيع وإلا اعتبرت وقطع به في المجرد وزاد إلا إذا كان قصده العبد.
قال الزركشي واعلم ان مذهب الخرقي أن العبد لا يملك فكلامه خرج على ذلك وهو ظاهر كلامه في التعليق وتبعهما أبو البركات.
أما إذا قلنا يملك فصرح أبو البركات بأنه يصح شرطه وإن كان مجهولا.
ولم يعتبر أبو محمد الملك بل أناط الحكم بالقصد وعدمه وزعم أن هذا منصوص الإمام أحمد والخرقي.
وفي نسبة هذا إليهما نظر لاحتمال بنائهما على الملك كما تقدم وهو أوفق لكلام الخرقي ولمشهور كلام الإمام أحمد.
وحكى أبو محمد عن القاضي أنه رتب الحكم على الملك وعدمه فإن قلنا يملك لم يشترط وإن قلنا لا يملك اشترط.
وحكى صاحب التلخيص عن الأصحاب أنهم رتبوا الحكم على القصد وعدمه كما يقوله: "أبو محمد.
ثم قال وهذا على القول بأن العبد يملك أما على القول بأنه لا يملك فيسقط حكم التبعية ويصير كمن باع عبدا ومالا وهذا عكس طريقة أبي البركات.
ثم يلزمه التفريع على الرواية الضعيفة.
ويتلخص في المسألة أربعة طرق انتهى كلام الزركشي.
وقال ابن رجب في فوائده إذا باع عبدا وله مال ففيه للأصحاب طرق.
أحدها البناء على الملك وعدمه فإن قلنا يملك لم يشترط معرفة المال ولا سائر شرائط البيع لأنه غير داخل في العقد وإنما اشترط على ملك العبد ليكون عبدا ذا مال وذلك صفة في العبد لا تفرد بالمعاوضة فهو كبيع المكاتب الذي له مال.
وإن قلنا لا يملك اشترط معرفة المال وإن تبعه بغير جنس المال أو بجنسه بشرط أن يكون الثمن أكثر على رواية ويشترط التقابض لأن المال داخل في عقد البيع وهذه طريقة القاضي في المجرد وابن عقيل وأبي الخطاب في انتصاره وغيرهم.
والطريقة الثانية اعتبار قصد المال أو عدمه لا غير فإن كان المال مقصودا للمشتري اشترط علمه وسائر شروط البيع وإن كان غير مقصود بل قصد المشتري تركه للعبد لينتفع به وحده لم يشترط ذلك لأنه تابع غير مقصود وهذه الطريقة هي المنصوصة عن الإمام أحمد وأكثر أصحابه كالخرقي وأبي بكر والقاضي في خلافة وكلامه ظاهر في الصحة وإن قلنا العبد لا يملك.
وترجع المسألة على هذه الطريقة إلى بيع ربوي بغير جنسه ومعه من جنسه ما هو غير مقصود ورجح صاحب المغنى هذه الطريقة.
وقال في القواعد وأنكر القاضي في المجرد أن يكون القصد وعدمه معتبرا في صحة العقد في الظاهر وهو عدول عن قواعد المذهب وأصوله.
والطريقة الثالثة الجمع بين الطريقتين وهي طريقة القاضي في الجامع الكبير وصاحب المحرر ومضمونها أنا إن قلنا العبد يملك لم يشترط لماله شروط البيع بحال وإن قلنا لا يملك فإن كان المال مقصودا للمشترى اشترط له شرائط البيع وإن كان غير مقصود لم يشترط له ذلك انتهى.
وذكرها أيضا في القواعد وذكر الزركشي أربع طرق.
قوله: "وإن كانت عليه ثياب فقال أحمد ما كان للجمال فهو للبائع وما كان للبس المعتاد فهو للمشتري".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وتقدم اختيار المصنف فيما إذا اشترى أمة من المغنم وإذا كان هناك قرينة تدل على أن مراده جميع الثياب.
فائدتان
إحداهما عذار الفرس ومقود الدابة كثياب العبد ويدخل نعلها في بيعها كلبس العبد قال في الترغيب وأولى.
الثانية لو باع العبد وله سرية لم يفرق بينهما كامرأته وهي ملك للسيد نقله حرب ذكره في الفروع في أحكام العبد والله أعلم.
باب السلم
فائدة قال في المستوعب هو أن يسلم إليه مالا في عين موصوفة في الذمة.وقال المصنف في المغنى والكافي والشارح هو أن يسلم عينا حاضرة في عوض موصوف في الذمة إلى أجل.
وقال في المطلع هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد وهو معنى الأول وهو حسن.
وقال في الوجيز هو بيع معدوم خاص ليس نفعا إلى أجل بثمن مقبوض في مجلس العقد وقال في الرعاية الكبرى وغيرها هو بيع عين موصوفة معدومة في الذمة إلى أجل معلوم مقدور عليه عند الأجل بثمن مقبوض عند العقد.
وقال في الرعاية الصغرى هو بيع معدوم خاص بثمن مقبوض بشروط تذكر.
تنبيه قوله: "ولا يصح إلا بشروط سبعة".
وكذا ذكره جماعة وذكر في الفروع وغيره ستة وذكر في الهداية وغيرها خمسة وذكر في الكافي والمحرر وغيرهما اربعة مع ذكرهم كلهم جميع الشروط.
والظاهر أن الذي لم يكمل عدد ذلك جعل الباقي من تتمة الشروط لا شروطا لنفس السلم.
قوله: "أحدها أن يكون فيما يمكن ضبط صفاته كالمكيل والموزون والمذروع".
أما المكيل والموزون فيصح السلم فيهما قولا واحدا.
وأما المذروع فالصحيح من المذهب صحة السلم فيه كما قال المصنف وعليه الأصحاب.
وعنه لا يصح السلم فيه ذكرها إسماعيل في الطريقة.
قوله: "فأما المعدود المختلف كالحيوان والفواكه والبقول والرؤوس والجلود ونحوها ففيه روايتان".
فأما الحيوان فأطلق المصنف فيه الروايتين سواء كان آدميا أو غيره وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والهادي والمحرر وغيرهم.
إحداهما يصح السلم فيه وهو الصحيح من المذهب.
قال المصنف في المغنى هذا ظاهر المذهب.
قال الشارح المشهور صحة السلم في الحيوان نص عليه في رواية الأثرم.
قال في الكافي هذا الأظهر.
قال في تجريد العناية صح على الأظهر.
قال الناظم هذا أولى.
قال في الفروع يصح على الأصح.
قال في الفائق يصح في أصح الروايتين واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإرشاد والمستوعب والتلخيص والبلغة والوجيز وصححه في التصحيح ونظم نهاية ابن رزين.
والرواية الثانية لا يصح فيه وقدمه في الخلاصة وشرح ابن رزين والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وصححه في الرعاية الكبرى.
فوائد
منها يصح السلم في اللحم النيء بلا نزاع ولا يعتبر نزع عظمه لأنه كالنوى في التمر لكن يعتبر قوله: بقر أو غنم ضأن أو معز جذع أو ثنى ذكر أو أنثى خصى أو غيره رضيع أو فطيم معلوفة أو راعية من الفخذ أو الجنب نقلها الجماعة سمين أو هزيل.
ومنها لا يصح السلم في اللحم المطبوخ والمشوي على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية الكبرى وغيرهما واختاره القاضي وغيره.
وقيل يصح قدمه ابن رزين وهما احتمالان مطلقان في التلخيص.
وأطلق وجهين في المغنى والشرح والرعاية الصغرى والحاويين.
ومنها يصح السلم في الشحم جزم به في الفروع.
وقيل للإمام أحمد رحمه الله إنه يختلف قال كل سلف يختلف.
وأما الفواكه والبقول فأطلق المصنف في جواز السلم فيها روايتين وأطلقهما في الهداية وعقود ابن البناء والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والحاوي والمغني والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح والنظم والفروع والفائق.
إحداهما لا يصح وهو المذهب صححه في التصحيح.
قال في الرعاية الكبرى ولا يصح في معدود مختلف على الأصح.
قال أبو الخطاب لا أرى السلم في الرمان والبيض وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة وشرح ابن رزين والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
والرواية الثانية يصح جزم به ابن عبدوس في تذكرته.
وأما الجلود والرؤوس ونحوها كالأكارع فأطلق المصنف في جواز السلم فيها روايتين وأطلقهما في الكافي والمغني والتلخيص والبلغة والمحرر والشارح والفروع والفائق والزركشي.
إحداهما لا يصح وهو المذهب جزم به في الوجيز وصححه في التصحيح والرعاية الكبرى وقدمه ابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
والرواية الثانية يصح السلم واختاره ابن عبدوس في تذكرته قال الناظم وهو أولى وقدمه في التلخيص في مكان آخر جزم به القاضي يعقوب في التبصرة وصححه في تصحيح المحرر قلت: وهو الصواب فيما قاله المصنف كله حيث امكن ضبطه.
قوله: "وفي الأواني المختلفة الرءوس والأوساط كالقماقم والأسطال الضيقة الرءوس وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والتلخيص والهادي وشرح ابن منجا والزركشي والشرح والنظم والحاوي الكبير والفائق والفروع.
أحدهما لا يصح وهو المذهب جزم به في مسبوك الذهب والوجيز وإدراك الغاية واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في المغنى وشرح ابن رزين.
والوجة الثاني يصح صححه في التصحيح فيضبط بارتفاع حائطه ودور أسفله أو أعلاه.
قوله: "وفيما يجمع أخلاطا متميزة كالثياب المنسوجة من نوعين وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والهادي والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع والفائق والزركشي.
أحدهما يصح وهو المذهب جزم به في المغنى والوجيز وصححه في الكافي والشرح والتصحيح وقدمه في النظم وشرح ابن رزين.
والوجة الثاني لا يصح اختاره القاضي وابن عبدوس في تذكرته.
فائدة حكم النشاب المريش والنبل المريش والخفاف والرماح حكم الثياب المنسوجة من نوعين خلافا ومذهبا قاله في الفروع والمحرر وغيرهما.
وقدم في المغنى والشرح وابن رزين وغيرهم الصحة هنا أيضا.
وأما القسي فجعلها صاحب الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم كالثياب المنسوجة من نوعين والصحيح من المذهب أنها ليست كالثياب المنسوجة من نوعين ولا يصح السلم فيها لأنها مشتملة على خشب وقرن وعصب ووتر إذ لا يمكن ضبط مقادير ذلك وتمييز ما فيها بخلاف الثياب وما أشبهها قدمه في الكافي والمغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا أولى وجزم به في الهادي.
تنبيه مفهوم كلام المصنف صحة السلم في الثياب المنسوجة من نوع واحد وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقد دخل في كلام المصنف السابق في قوله: "والمذروع" وتقدم هناك رواية أنه لا يصح السلم في المذروع.
قوله: "ولا يصح فيما لا ينضبط كالجواهر كلها".
هذا المذهب في الجواهر كلها وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
ونقل أبو داود السلم فيها لا بأس به.
وفي طريقة بعض الأصحاب في اللؤلؤ منع وتسليم.
وأطلق في الفروع في العقيق وجهين وجزم في المغنى والكافي والشرح وابن رزين وغيرهم بعدم الصحة فيه.
قوله: "والحوامل من الحيوان".
لا يصح السلم في الحوامل من الحيوان على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والوجيز والرعاية الكبرى والحاوي الصغير والفروع والرعاية وغيرهم وقدمه في الشرح.
وفيه وجه آخر يصح وفي طريق بعض الأصحاب في الخلفات منع وتسليم وأطلقهما في الكافي والنظم والفائق.
فوائد
إحداها لا يصح السلم في شاة لبون على الصحيح من المذهب.
وقيل يصح وأطلقهما في النظم.
الثانية لا يصح السلم في أمة وولدها أو وأخيها أو عمتها أو خالتها لندرة جمعهما الصفة
الثالثة يصح السلم في الشهد على الصحيح من المذهب جزم به في النظم والرعاية الصغرى والحاويين وتذكرة ابن عبدوس وصححه في التلخيص.
وقيل لا يصح وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
تنبيه مفهوم قوله: "ولا يصح فيما لا ينضبط" ومثل من جملة ذلك المغشوش من الأثمان أن السلم يصح في الأثمان نفسها إذا كانت غير مغشوشة وهو صحيح وهو الصحيح من المذهب فيصح أن يسلم عرضا في ذهب أو فضة.
قال في الفروع ويصح إسلام عرض في عرض أو في ثمن على الأصح.
قال في الرعاية الصغرى وإن أسلم في نقد أو عرض عرضا مقبوضا جاز في الأصح وجزم به ابن عبدوس في تذكرته ونصره في المغنى والشرح.
وعنه لا يصح قدمه في المستوعب والرعاية الكبرى وأطلقهما في التلخيص والفائق.
فعلى المذهب يشترط كون رأس المال غيرهما فيجعل عرضا وهذا الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وصححه في الفروع وجزم به في الرعاية.
وقال أبو الخطاب والمنافع أيضا كمسألتنا.
فائدتان
إحداهما يجوز إسلام عرض في عرض على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وصححه في الفروع وغيره وجزم به في الكافي وابن عبدوس وغيرهما وقدمه في الرعايتين والحاوين وغيرهم.
وعنه لا يجوز السلم إلا بعين أو ورق خاصة ذكرها ابن أبي موسى.
قال ابن عقيل لا يجوز جعل رأس المال غير الذهب والفضة.
فعليها لا يسلم العروض بعضها في بعض وهو ظاهر كلام الخرقي.
وعلى المذهب يصح.
فعلى المذهب لو جاءه بعينه عند محله لزمه قبوله صححه في الفائق وقدمه في شرح ابن رزين والرعايتين.
وقال فإن اتحد صفة فجاءه عند الأجل بما أخذه منه لزمه أخذه وقيل لا.
وإن أسلم جارية صغيرة في كبيرة فصارت عند المحمل كما شرط ففي جواز أخذها وجهان وإن كان حيلة حرم انتهى.
وقيل لا يلزمه أخذ عينه إذا جاءه به عند محله.
ورده ابن رزين وغيره وأطلقهما في الكافي.
الثانية في جواز السلم في الفلوس روايتان وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفروع.
نقل أبو طالب وابن منصور في مسائله عن الثوري والإمام احمد وإسحاق الجواز ونقل عن ابن سعيد المنع ونقل حنبل الكراهة.
ونقل يعقوب وابن أبي حرب الفلوس بالدراهم يدا بيد ونسيئة وإن أراد فضلا لا يجوز فهذه نصوصه في ذلك.
قال في الرعاية بعد أن أطلق الروايتين قلت هذا إن قلنا هي سلعة انتهى.
اختار ابن عقيل في باب الشركة من الفصول أن الفلوس عروض بكل حال واختاره علي بن ثابت الطالباني من الأصحاب ذكره عنه ابن رجب في الطبقات في ترجمته وهي قبل ترجمة المصنف بيسير.
فعليه يجوز السلم فيها وصرح به ابن الطالباني واختاره وتأول رواية المنع.
وقال أبو الخطاب في خلافه الصغير وغيره الفلوس النافقة أثمان وهو قول كثير من الأصحاب قاله ابن رجب.
واختار الشيرازي في المبهج أنها أثمان بكل حال.
فعليها حكمها حكم الأثمان في جواز السلم فيها وعدمه على ما تقدم وتوقف المصنف في جواز السلم فيها فقال أنا متوقف عن الفتيا في هذه المسألة ذكره عنه ابن رجب في ترجمة ابن الطالباني انتهى.
قلت الصحيح السلم فيها لأنها إما عرض أو ثمن لا يخرج عن ذلك والصحيح من المذهب صحة السلم في ذلك على ما تقدم.
وأما أنا نقول بصحة السلم في الأثمان والعروض ولا نصحح السلم فيها فهذا لا يقوله: "احد فالظاهر أن محل الخلاف المذكور إذا قلنا بعدم صحة السلم في الأثمان.
قوله: "ولا يصح فيما يجمع أخلاطا غير متميزة كالغالية والند والمعاجين ونحوها" بلا نزاع أعلمه "ويصح فيما يترك فيه شيء غير مقصود لمصلحته كالجبن توضع فيه الأنفحة والعجين يوضع فيه الملح وكذا الخبز وخل التمر يوضع فيه الماء والسكنجيين يوضع فيه الخل ونحوها".
بلا نزاع.
قوله: "الثاني أن يصفه بما يختلف به الثمن ظاهرا فيذكر جنسه ونوعه وقدره وبلده وحداثته وقدمه وجودته ورداءته".
قال في التلخيص وأصحابنا يعتبرون ذكر الجودة والرداءة مع بقية الصفات.
قال وعندي أنه لا حاجة إلى ذلك لأنه إذا أتى بجميع الصفات التي يزيد الثمن لأجلها فلا يكون إلا جيدا أو بالعكس انتهى.
ويذكر على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ما يميز مختلف النوع وسن الحيوان وذكورته وأنوثته وهزاله وراعيا أو معلوفا على ما تقدم أول الباب ويذكر آلة الصيد أحبولة أو صيد كلب أو فهد أو صقر.
وعند المصنف والشارح لا يشترط ذلك لأن التفاوت فيه يسير.
قالا وإذا لم يعتبر في الرقيق ذكر السمن والهزال ونحوهما مما يتباين به الثمن فهذا أولى انتهيا ويعتبر ذكر الطول بالشبر في الرقيق.
قال في المستوعب والتلخيص والترغيب إلا أن يكون رجلا فلا يحتاج إلى ذكره لكن يذكر طويلا أو قصيرا أو ربعا.
ويعتبر في الرقيق ذكر الكحل والدعج وتكلثم الوجة وكون الجارية خميصة ثقيلة الأرداف سمينة بكرا أو ثيبا ونحو ذلك مما يقصد ولا يطول ولا ينتهى إلى عزة الوجود عند أكثر الأصحاب.
قال في التلخيص قاله غير القاضي في المستوعب وهو الصحيح عندي.
وقيل لا يعتبر ذكر ذلك اختاره القاضي في المجرد والخصال وأطلقهما في البلغة والفروع قال في الرعاية الكبرى وفي اشتراط ذكر الكحل والدعج وثقل الأرداف ووضاءه الوجه
وكون الحاجبين مقرونين والشعر سبطا أو جعدا وأشقر أو أسود والعين زرقاء والأنف أقنى في صحة السلم وجهان انتهى.
وقال المصنف والشارح ويذكر الثيوبة والبكارة ولا يحتاج إلى ذكر الجعودة والسبوطة انتهى.
وإن اسلم في الطير ذكر النوع واللون والكبر والصغر والجودة والرداءه ولا يعرف سنها أصلا.
وقال في عيون المسائل يعتبر ذكر الوزن في الطير كالكركي والبط لأن القصد لحمه وينزل الوصف على أقل درجة.
وقال في التلخيص وعيون المسائل ويذكر في العسل المكان بلدي أو جبلي ربيعي أو خريفي واللون ولا حاجة إلى عتيق أو حديث.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل في المسلم فيه خمسة أضرب.
الأول ما يضبط كل واحد منه بثلاثة أوصاف إن حفظ أوصافه كاللبن وحجارة البناء الثاني ما يضبط كل واحد منه بأربعة أوصاف وإن اختلفت وهو أربعة عشر شيئا الرصاص والصفر والنحاس وحجارة الآنية كالبرام والرجس الطاهر والشوك ولحم الطير والسمك والإبريسم والآجر والرؤوس والسمن والجبن والعسل.
الثالث ما يضبط كل واحد منه بخمسة أوصاف وهو ثلاثة عشر شيئا الجلود وحجارة الأرحاء والصوف والقطن والغزل وخشب الوقود والبناء والخبز والزبد واللبأ والرطب والطعام والنعم والخيل.
الرابع ما يضبط كل واحد منه بستة أوصاف وهو ثلاثة أشياء السمر في العبيد وخشب القسى.
الخامس ما يضبط كل واحد منه بسبعة أوصاف وهو شيئان الثياب ولحم الصيد وغيره انتهى.
قلت جزم بهذا في المستوعب ومن الأوصاف المضبوطة بذلك كله.
وقال في الرعاية أيضا وغيره غير ما تقدم ويذكر أيضا ما يختلف الثمن لأجله غالبا كالعرض والسمك والتدوير والسن واللون واللين والنعومة والخشونة والدقة والغلظ والرقة والصفاقة وجلب يومه وزبد يومه والحلاوة والحموضه والمرعى والعلف وكون المبيع حديثا أو عتيقا رطبا أو يابسا ربيعيا أو خريفيا وغير ذلك كل شيء بحسبه من ذلك وغيره انتهى وتقدم بعض ذلك.
وذكر أوصاف كل واحد مما يجوز السلم فيه يطول وقد ذكره المصنف والشارح وصاحب التلخيص والرعاية وغيرهم فليراجعوا.
قوله: "وإن شرط الأردأ فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغنى والحاوي والشرح وشرح ابن منجى والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفائق والفروع.
أحدهما لا يصح جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر وقدمه ابن رزين في شرحه وتجريد العناية.
والوجة الثاني يجوز جزم به في المنور ومنتخب الأزجي وصححه في التلخيص والبلغة والزركشي.
قال في التلخيص لأن طلب الأردأ من الأردأ عناد فلا يثور فيه نزاع.
فائدة لو شرط جيدا أو رديئا صح بلا نزاع.
قوله: "وإذا جاءه بدون ما وصفه له أو نوع آخر فله أخذه".
إذا جاءه بدون ما وصف من نوعه فلا خلاف أنه مخير في أخذه.
وإن جاءه بنوع آخر فالصحيح من المذهب أنه مخير أيضا في أخذه وعدمه جزم به في الوجيز والنظم وغيرهما واختاره المصنف وغيره وقدمه في الشرح والفروع والرعايتين والحاويين والكافي وقال هو أصح وغيرهم.
وعند القاضي وغيره يلزمه أخذه إذا لم يكن أدنى من النوع المشترط.
واختاره المجد وهو ظاهر ما جزم به في المحرر.
وعنه يحرم أخذه كأخذ غير جنسه نقله جماعة عن الإمام أحمد.
وأطلقهن الزركشي وأطلق في التلخيص في الأخذ وعدمه روايتين.
وقال بناء على كون النوعية تجرى مجرى الصفة أو الجنس.
قوله: "وإن جاءه بجنس آخر لم يجز له أخذه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل جماعة عن أحمد جواز الأخذ للأردأ عن الأعلى كشعير عن بر بقدر كيله نقله أبو طالب والمروزي.
وحمله المصنف والشارح على رواية أنهما جنس واحد.
قال في التلخيص جعل بعض أصحابنا هذا رواية في جواز الأخذ من غير الجنس بقدره إذا كان دون المسلم فيه.
قال وليس الأمر عندي كذلك وإنما هذا يختص الحنطة والشعير مطابقا لنصه في إحدى
الروايتين عنه أن الضم في الزكاة يختصهما دون القطنيات وغيرها بناء على كونهما جنسا واحدا في إحدى الروايتين عنه وإن تنوع نقله حنبل ولا يجوز التفاضل بينهما ذكره القاضي أبو يعلى وغيره انتهى.
قوله: "وإن جاءه بأجود منه من نوعه لزمه قبوله".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا يلزمه قبوله وقيل يحرم أخذه.
وحكي رواية نقل صالح وعبد الله لا يأخذ فوق صفته بل دونها.
فائدة لو وجده معيبا كان له رده أو أرشه.
قوله: "فإن أسلم في المكيل وزنا وفي الموزون كيلا لم يصح".
وهو إحدى الروايتين نص عليه واختاره أكثر الأصحاب.
قال الزركشي هو المشهور والمختار للعامة.
قلت: منهم القاضي وابن أبي موسى وجزم به ناظم المفردات وهو منها والخلاصة والهادي والمذهب الأحمد والبلغة وصححه في المحرر وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والرعاية الصغرى والزبدة والحاويين وإدراك الغاية والفائق وهذا المذهب.
وعنه يصح وهي من زوائد الشارح اختاره المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي ويحتمله كلام الخرقي وهما روايتان منصوصتان وأطلقهما في الكافي والمحرر والرعاية الكبرى والفروع.
فائدة لا يصح السلم في المذروع إلا بالذرع على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وخرج الجواز وزنا.
قوله: "ولا بد أن يكون المكيال معلوما فإن شرط مكيلا بعينه أو صنجة بعينها غير معلومة لم يصح".
وكذا الميزان والذراع وهذا بلا نزاع فيه لكن لو عين مكيال رجل واحد أو ميزانه صح ولم يتعين على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لم يتعين في الأصح.
قال في الرعاية صح العقد ولم يتعينا في الأصح.
وجزم به في المغنى والتلخيص والشرح وغيرهم.
قال الزركشي هذا المذهب وقيل يتعين.
فعلى المذهب في فساد العقد وجهان وأطلقهما في التلخيص والفروع والزركشي.
وأطلق أبو الخطاب روايتين في صحة العقد يتعين مكيال انتهى.
أحدهما يصح وهو الصحيح جزم به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام المصنف والشارح وغيرهما.
والثاني لا يصح.
قوله: "وفي المعدود المختلف غير الحيوان روايتان".
يعنى على القول بصحة السلم فيه كما تقدم وأطلقهما في الهداية والمذهب والتلخيص والمستوعب والهادي وشرح ابن منجا والفائق والزركشي.
إحداهما يسلم فيه عددا صححه في التصحيح وهو مقتضى كلام الخرقي.
والأخرى يسلم فيه وزنا قدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين.
وقيل يسلم في الجوز والبيض عددا وفي الفواكه والبقول وزنا.
قال الشارح يسلم في الجوز والبيض عددا في أظهر الرواية وأطلق في الفواكه وجهين.
وقدم في الفروع صحة السلم في معدود غير حيوان يتقارب عددا وهذا المذهب.
قال في الكافي فأما المعدود فيقدر بالعدد وقيل بالوزن والأول أولى فإن كان يتفاوت كثيرا كالرمان والبطيخ والسفرجل والبقول قدره بالوزن.
وقال في المغنى يسلم في الجوز والبيض ونحوهما عددا وفيما يتفاوت كالرمان والسفرجل والقثاء وجهان.
وتقدم كلام الشارح فالصحيح إذن من المذهب أن ما يتقارب السلم فيه عددا فيه وما يتفاوت تفاوتا كثيرا يسلم فيه وزنا.
قوله: "الرابع أن يشترط أجلا معلوما له وقع في الثمن".
يعنى في العادة كالشهر ونحوه قاله الأصحاب.
قال في الرعاية ويتغير فيه الثمن غالبا بحسب البلدان والأزمان والسلع.
قال في الكافي كالشهر ونصفه ونحوه.
قال الزركشي وكثير من الأصحاب يمثل بالشهر والشهرين فمن ثم قال بعضهم أقله شهر انتهى.
قلت: قال في الخلاصة ويفتقر إلى ذكر الأجل فيكون شهرا فصاعدا قال في الرعاية الكبرى وقيل أقله شهر.
قال في الفروع وليس هذا في كلام أحمد وظاهر كلامه اشتراط الأجل ولو كان أجلا قريبا ومال إليه وقال هو أظهر.
قوله: "فإن أسلم حالا أو إلى أجل قريب كاليوم ونحوه لم يصح".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر في الانتصار رواية يصح حالا واختاره الشيخ تقي الدين إن كان في ملكه قال وهو المراد بقوله: "عليه أفضل الصلاة والسلام لحكيم بن حزام رضي الله عنه لا تبع ما ليس عندك أي ما ليس في ملكك فلو لم يجز السلم حالا لقال لا تبع هذا سواء كان عندك أولا وتكلم على ما ليس عنده.
ذكره عنه صاحب الفروع في كتاب البيع في الشرط الخامس واختاره في الفائق.
قال في النظم وما هو ببعيد.
وحمل القاضي وغيره هذه الرواية على المذهب ولم يرتضه في الفروع واختار الصحة إذا أسلمه إلى أجل قريب كما تقدم ورد ما احتج به الأصحاب.
قال في القاعدة الثامنة والثلاثين لنا وجه قاله القاضي في موضع من الخلاف بصحة السلم حالا ويكون بيعا انتهى.
قوله: "إلا أن يسلم في شيء يأخذ منه كل يوم أجزاء معلومة".
كاللحم والخبز ونحوهما "فيصح".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل إن بين قسط كل أجل وثمنه صح وإلا فلا.
قوله: "وإن أسلم في جنس إلى أجلين أو في جنسين إلى أجل صح" إذا أسلم في جنسين أو جنس واحد إلى أجلين صح بشرط أن يبين قسط كل أجل وثمنه وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وإن أسلم في جنسين إلى أجل صح أيضا بشرط أن يبين ثمن كل جنسين وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه يصح وإن لم يبين.
ويأتى هذا قريبا في كلام المصنف في آخر الفصل السادس حيث قال: "وإن أسلم ثمنا واحدا في جنسين لم يجز حتى يبين ثمن كل جنس".
وقال في الرعاية بعد ذكر هاتين المسألتين وغيرهما وعنه يصح في الكل قبل البيان.
فائدة مثل المسألة الثانية لو أسلم ثمنين في جنس واحد على الصحيح من المذهب نقله أبو داود واختاره أبو بكر وابن أبى موسى وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يصح هنا اختاره المصنف والشارح.
قال الزركشي وهو الصواب.
قوله: "ولا بد أن يكون الأجل مقدرا بزمن معلوم فإن أسلم إلى الحصاد والجداد فعلى روايتين".
وأطلقهما في الهداية والتلخيص والبلغة والرعايتين والمحرر.
إحداهما لا يصح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب.
قال في الخلاصة والفروع لم يصح على الأصح.
وصححه في المذهب والنظم والتصحيح وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الكافي والمغنى والشرح ونصراه هما وغيرهما.
والرواية الثانية يصح قدمه في الفائق.
قال الزركشي وقيل محل الخلاف في الحصاد إذا جعله إلى زمنه أما إلى فعله فلا يصح.
قلت: جزم بهذه الطريقة في الرعاية الكبرى وهو ظاهر الرعاية الصغرى.
وتقدم نظيرها في مسالة خيار الشرط.
فائدة لو اختلفا في قدر الأجل أو مضيه ولا بينة فالقول قول المدين مع يمينه في قدر الأجل على المذهب ونقله حرب وفيه احتمال ذكره في الرعاية وكذا في مضيه على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر وغيره وصححه في الفروع.
وقيل لا يقبل قوله. ويقبل قول المسلم إليه وهو المدين في مكان تسليمه نقله حرب وجزم به في الفروع وغيره.
قوله: "أو شرط الخيار إليه فعلى روايتين".
قد تقدم ذكر الروايتين في خيار الشرط وذكرنا الصحيح من المذهب هناك فلا حاجة إلى إعادته.
فوائد
منها لو جعل الأجل مقدرا بأشهر الروم كشباط ونحوه وعيد لهم لا يختلف كالنيروز
والمهرجان ونحوهما مما يعرفه المسلمون صح على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف وغيره واختاره القاضي وغيره وقدمه في الكافي والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
وقيل لا يصح كالشعانين وعيد الفطير ونحوهما مما يجهله المسلمون غالبا وهو ظاهر كلام الخرقي وابن أبى موسى وابن عبدوس في تذكرته حيث قالوا بالأهلة.
ومنها لو قال محله شهر كذا صح وتعلق بأوله على الصحيح من المذهب.
وصححه في المغنى والشرح وقدمه في الفروع وغيره وجزم به في الرعاية الكبرى وغيره وقيل: لا يصح.
ومنها لو قال محله أول شهر كذا أو آخره صح وتعلق بأول جزء منه أو آخره على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يصح لأن أول الشهر يعبر به عن النصف الأول وكذا الآخر وهو احتمال في التلخيص.
ومنها لو قال مثلا إلى شهر رمضان حل بأوله هذا المذهب جزم به الأصحاب.
قال في القواعد الأصولية ويتخرج لنا وجه أنه لا يحل إلا بانقضائه.
ومنها لو جعل الأجل مثلا إلى جمادي أو ربيع أو يوم النفر ونحوه مما يشترك فيه شيئان لم يصح على الصحيح من المذهب قدمه في التلخيص والفروع.
وقيل يصح ويتعلق بأولهما جزم به في المغنى والكافي والشرح وغيرهم.
وأما إذا جعله إلى الشهر وكان في أثناء شهر فيأتي حكمه في أثناء باب الإجارة.
قوله: "وإذا جاءه بالسلم قبل محله ولا ضرر في قبضه لزمه قبضه وإلا فلا".
هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد وجزم به في المحرر والمستوعب والوجيز والمغنى والشرح والفائق والرعاية والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقال في الروضة إن كان مما يتلف أو يتغير قديمه أو حديثه لزمه قبضه وإلا فلا.
وقطع القاضي وابن عقيل والمصنف والشارح وغيرهم أنه إن كان مما يتلف أو يتغير قديمه أو حديثه لا يلزم قبضه للضرر وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
تنبيه عبر المصنف رحمه الله بالسلم عن المسلم فيه كما يعبر بالسرقة عن المسروق وبالرهن عن المرهون.
فائدتان
إحداهما حيث قلنا يلزمه قبضه وامتنع منه قيل له إما أن تقبض حقك أو تبرئ منه فإن أبى رفع الأمر إلى الحاكم فيقبضه له.
قال في الفروع هذا المشهور وجزم به في الشرح هنا وكذلك في الكافي.
وقال المصنف والشارح أيضا إن أبى قبضه بريء ذكراه في المكفول به.
قال في القاعدة الثالثة والعشرين لو أتاه الغريم بدينه الذي يجب عليه قبضه فأبى أن يقبضه قال في المغنى يقبضه الحاكم وتبرأ ذمة الغريم لقيام الحاكم مقام الممتنع بولايته.
الثانية وكذا الحكم في كل دين لم يحل إذا أتى به قبل محله ذكره في الفروع وغيره.
ويأتى في كلام المصنف في باب الكتابة "إذا عجلها قبل محلها".
قوله: "الخامس أن يكون المسلم فيه عام الوجود في محله فإن كان لا يوجد فيه أو لا يوجد فيه إلا نادرا كالسلم في العنب والرطب إلى غير وقته لم يصح".
بلا نزاع.
قوله: "فإن أسلم في ثمرة بستان بعينه أو قرية صغيرة لم يصح".
وكذا لو أسلم في مثل هذا الثوب وهذا المذهب في ذلك وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم.
ونقل أبو طالب وحنبل يصح إن بدا صلاحه أو استحصد وقاله أبو بكر في التنبيه إن أمن عليها الجائحة.
قال الزركشي قلت وهو قول حسن إن لم يحصل إجماع.
وقال في الروضة إن كانت الثمرة موجودة فعنه يصح السلم فيها وعنه لا وعليها يشترط عدمه عند العقد.
تنبيه مقتضى قول المصنف: "الخامس: أن يكون المسلم فيه عام الوجود في محله" أنه لا يشترط وجوده حالة العقد وهو كذلك وكذلك لا يشترط عدمه على الصحيح من الوجهين قاله ابن عبدوس المتقدم وغيره.
قوله: "وإن أسلم إلى محل يوجد فيه عاما فانقطع خير بين الصبر والفسخ والرجوع برأس ماله أو عوضه إن كان معدوما في أحد الوجهين وفي الآخر ينفسخ بنفس التعذر".
اعلم أنه إذا تعذر كل المسلم فيه عند محله أو بعضه إما لغيبة المسلم فيه أو لعجز عن
التسليم أو لعدم حمل الثمار تلك السنة وما أشبهه فالصحيح من المذهب أنه مخير بين الصبر والفسخ في الكل أو البعض جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وغيرهم وصححه في الكافي والمغنى والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والهادي والمحرر والفروع والرعايتين والحاويين والنظم والفائق وغيرهم وقيل ينفسخ بنفس التعذر وهو الوجه الثاني وأطلقهما في الهداية والمذهب.
وقيل ينفسخ في البعض المتعذر وله الخيار في الباقي قاله في المحرر.
وقال في المغنى والشرح والفروع فيما إذا تعذر البعض وقيل ليس له الفسخ إلا في الكل أو يصبر.
تنبيه قال في الفروع في نقل المسألة وإن تعذر أو بعضه وقيل أو انقطع وتحقق بقاؤه.
فذكر أنه إذا انقطع وتحقق بقاؤه يلزم بتحصيله على المقدم.
وذكر المصنف هنا أنه لا يلزم بتحصيله إذا انقطع بلا خلاف.
فيحتمل أن يحمل على ظاهره فيكون موافقا للقول الضعيف.
ويحتمل أن يحمل الانقطاع في كلام المصنف على التعذر فيكون موافقا للصحيح وهو أولى.
قوله: "السادس أن يقبض رأس مال السلم في مجلس العقد".
نص عليه وهذا بلا نزاع لكن وقع في كلام القاضي في الجامع الصغير إن تأخر القبض اليومين أو الثلاثة لم يصح.
فوائد
الأولى لو قبض البعض ثم افترقا بطل فيما لم يقبض ولا يبطل فيما قبض على الصحيح من المذهب بناء على تفريق الصفقة قاله أبو الخطاب والمصنف في الكافي وغيرهما.
قال الزركشي هذا المشهور
قال الناظم هذا الأقوى وجزم به في الوجيز وغيره واختاره الشريف أبو جعفر وابن عبدوس في تذكرته.
وعنه يبطل في الجميع وهو ظاهر كلام الخرقي وأبى بكر في التنبيه وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين والفائق وصححه في التصحيح في باب الصرف وأطلق المصنف وجهين في باب الصرف وكذلك صاحب التلخيص وأطلقهما هنا في الهداية والمذهب
الثانية لو قبض رأس مال السلم ثم افترقا فوجده معيبا فتارة يكون العقد قد وقع على عين وتارة يكون قد وقع على مال في الذمة ثم قبضه.
فإن كان وقع على عين وقلنا النقود تتعين بالتعيين وكان العيب من غير جنسه بطل العقد وإن قلنا لا تتعين فله البدل في مجلس الرد.
وإن كان العيب من جنسه فله إمساكه وأخذ أرش عيبه أو رده وأخذ بدله في مجلس الرد وإن كان العقد وقع على مال في الذمة ثم قبضه فتارة يكون العيب من جنسه وتارة يكون من غير جنسه فإن كان من جنسه لم يبطل السلم على الصحيح من المذهب وله البدل في مجلس الرد وإن تفرقا قبله بطل العقد قدمه في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
وعنه يبطل إن اختار الرد.
وإن كان العيب من غير جنسه فسد العقد على الصحيح من المذهب.
وأجرى المصنف وغيره فيه رواية بعدم البطلان وله البدل في مجلس الرد على ما تقدم في الصرف فليعاود.
الثالثة لو ظهر رأس مال السلم مستحقا بغصب أو غيره وهو معين وقلنا تتعين النقود بالتعيين لم يصح العقد وإن قلنا لا تتعين كان له البدل في مجلس الرد.
وإن كان العقد وقع في الذمة فله المطالبة ببدله في المجلس وإن تفرقا بطل العقد إلا على رواية صحة تصرف الفضولي أو أن النقود لا تتعين.
وتقدم في الصرف أحكام كهذه الأحكام واستوفينا الكلام هناك بأتم من هذا فليعاود فإن أكثر أحكام الموضعين على حد سواء.
قوله: "وهل يشترط كونه معلوم الصفة والقدر كالمسلم فيه على وجهين".
وأطلقهما في المغنى والشرح والمحرر والفروع والفائق.
أحدهما يشترط وهو المذهب جزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والوجيز وغيرهم وصححه في التصحيح والنظم وقدمه في الكافي والرعايتين والحاويين واختاره القاضي وغيره.
والوجة الثاني لا يشترط ويكفي مشاهدته وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه لم يذكره في شروط السلم وإليه ميل المصنف والشارح وجزم به في التلخيص واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
فعلى المذهب لا يجوز أن يجعل رأس مال السلم فيه مالا يمكن ضبطه بالصفة كالجواهر وسائر ما لا يجوز السلم فيه فإن فعل بطل العقد.
وتقدم هل يصح السلم في أحد النقدين والعروض عند ذكر المغشوش من الأثمان.
قوله: "وإن أسلم ثمنا واحدا في جنسين لم يجز حتى يبين ثمن كل جنس".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يصح قبل البيان وهي تخريج وجه للمصنف والشارح من المسألة التي قبلها وقال الجواز هنا أولى.
قال الزركشي ولهذه المسألة التفات إلى معرفة رأس مال السلم وصفته ولعل الوجهين ثم من الروايتين هنا انتهى.
وقد شمل كلام المصنف هذه المسألة حيث قال وإن أسلم في جنسين إلى أجل وأطلقهما في الفائق.
قوله: "السابع أن يسلم في الذمة فإن أسلم في عين لم يصح".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال في الواضح إن كانت العين حاضرة صح ويكون بيعا بلفظ السلم فيقبض ثمنه فيه.
فائدة هذه الشروط السبعة هي المشترطة في صحة السلم لا غير لكن هذه زائدة على شروط البيع المتقدمة في كتاب البيع.
وذكر في التبصرة أن الإيجاب والقبول من شروط السلم أيضا.
قلت هما من أركان السلم كما هما من أركان البيع وليس هما من شروطه.
قوله: "ولا يشترط ذكر مكان الإيفاء إلا أن يكون موضع العقد لا يمكن الوفاء فيه كالبرية فيشترط ذكره".
إذا كان موضع العقد يمكن الوفاء فيه لم يشترط ذكر مكان الإيفاء ويكون الوفاء في موضع العقد على ما يأتي وإن كان لا يمكن الوفاء فيه كالبرية والبحر ودار الحرب فالصحيح من المذهب أنه يشترط ذكر مكان الوفاء وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الإرشاد والكافى والمغنى والشرح والوجيز والبلغة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقال القاضي لا يشترط ذكره ويوفى بأقرب الأماكن إلى مكان العقد.
قال شارح المحرر ولم أجده في كتب القاضي وجزم به في المنور وقدمه في الرعاية الكبرى وقال قلت إذا كان مكان العقد لا يصلح للتسليم أو يصلح لكن لنقله مؤنة وجب ذكر موضع الوفاء وإلا فلا انتهى.
ولم يذكر المقدم في المذهب.
قوله: "ويكون الوفاء في مكان العقد".
يعنى إذا عقداه في موضع يمكن الوفاء فيه فإن شرط الوفاء فيه كان تأكيدا وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وعنه لا يصح هذا الشرط ذكرها القاضي وأبو الخطاب واختاره أبو بكر.
قوله: "وإن شرطه في غيره صح".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا يصح اختاره أبو بكر أيضا في التنبيه.
قال في القاعدة الثالثة والسبعين والمنصوص فساده في رواية منها وأطلقهما في الكافى والقواعد.
فائدة يجوز له أخذه في غير موضع العقد في غير شرط إن رضيا به لا مع أجرة حمله إليه قال القاضي كأخذ بدل السلم.
قوله: "ولا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وفي المبهج وغيره رواية بأن بيعه يصح واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله وقال هو قول ابن عباس رضي الله عنهما لكن يكون بقدر القيمة فقط لئلا يربح فيما لم يضمن.
قال وكذا ذكره الإمام أحمد في بدل القرض وغيره.
فعلى المذهب في جواز بيع دين الكتابة ورأس مال السلم بعد الفسخ وجهان وأطلقهما فيهما في المحرر والرعاية الصغرى والنظم وأطلقهما في دين الكتابة في الفروع.
وأما رأس مال السلم فالصحيح من المذهب أنه لا يصح بيعه بعد الفسخ نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره.
واختار القاضي في المجرد وابن عقيل الجواز وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
وأما بيع مال الكتابة فالصحيح من المذهب أنه لا يصح أيضا صححه في الرعاية الكبرى في باب القبض والضمان من البيوع وصححه في تصحيح المحرر.
وقال جزم به في الهداية ووافقه في شرحها عليه ولم يزد انتهى.
وقيل يصح وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
قوله: "ولا هبته".
ظاهره أنه سواء كان لمن هو في ذمته أو لغيره فإن كانا لغير من هو في ذمته فالصحيح من المذهب أنه لا يصح وعليه الاصحاب وجزم به كثير منهم.
وعنه لا يصح نقلها حرب واختارها في الفائق وهو مقتضى اختيار الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وإن كان لمن هو في ذمته فظاهر كلامه في الوجيز وغيره أنه لا يصح وجزم به في الرعاية الكبرى في مكان.
والصحيح من المذهب صحة ذلك وعليه جماهير الأصحاب وقد نبه عليه المصنف في كلامه في هذا الكتاب في باب الهبة حيث قال وإن أبرأ الغريم غريمه من دينه أو وهبه له أو أحله منه برئت ذمته.
فظاهره إدخال دين السلم وغيره وهو كذلك.
قال في الفروع ولا يصح هبة دين لغير غريم ويأتى الكلام هناك بأتم من هذا وأعم.
قوله: "ولا أخذ غيره مكانه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وعنه يجوز أخذ الشعير عن البر ذكرها ابن ابى موسى وجماعة وحمل على أنهما جنس واحد.
وتقدم ذلك عند قول المصنف: "وإن جاءه بجنس آخر لم يجز له أخذه".
قوله: "ولا الحوالة به".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل يصح.
وفي طريقه بعض الأصحاب تصح الحوالة على دين السلم وبدين السلم ويأتى ذلك في باب الحوالة
فعلى المذهب في صحة الحوالة على رأس مال السلم وبه بعد الفسخ وجهان وأطلقهما في المحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاويين والفائق وشرح المحرر والزركشي.
أحدهما لا يصح قال في الرعاية الكبرى في باب القبض والضمان في البيع ولا يصح التصرف مع المديون وغيره بحال في دين غير مستقر قبل قبضه وكذا راس مال السلم بعد فسخه مع استقراره إذن.
وقيل يصح تصرفه انتهى.
والوجه الثاني يصح قال في تصحيح المحرر وهو أصح على ما يظهر لى.
ومستند عموم عبارات الأصحاب أو جمهورهم لأن بعضهم اشترط فى الدين أن يكون مستقرا وبعضهم يقول يصح فى كل دين عدا كذا ولم يذكر هذا في المستثنى وهذا دين فصحت الحوالة عليه على العبارتين انتهى .
قوله: "ويجوز بيع الدين المستقر".
من عين وقرض ومهر بعد الدخول وأجرة استوفى نفعها وفرغت مدتها وأرش جناية وقيمة متلف ونحو ذلك.
"لمن هو في ذمته".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب اختاره المصنف والشارح وغيرهما وصححه في النظم والحاوى الكبير وغيرهما وقدمه في الفروع والمحرر وغيرهما وقطع به ابن منجا وابن عبدوس في تذكرته وغيرهما.
وعنه لا يجوز اختاره الخلال وذكرها في عيون المسائل عن صاحبه أبى بكر كدين السلم وأطلقهما في التلخيص.
وتقدم الخلاف في جواز بيع دين الكتابة قريبا.
تنبيه يستثنى على المذهب إذا كان عليه دراهم من ثمن مكيل أو موزون باعه منه بالنسيئة فإنه لا يجوز أن يستبدل عما في الذمة بما يشاركه المبيع في علة ربا الفضل نص عليه حسما لمادة ربا النسيئة كما تقدم ذلك في كلام المصنف في آخر كتاب البيع.
ويستثنى أيضا ما في الذمة من رأس مال السلم إذا فسخ العقد فإنه لا يجوز الاعتياض عنه وإن كان مستقرا على الصحيح كما تقدم قريبا.
وقيل يصح وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
فعلى المذهب في أصل المسألة في جواز رهنه عند من عليه الحق له روايتان ذكرهما في الانتصار في المشاع.
قلت: الأولى الجواز وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب حيث قالوا يجوز رهن ما يصح بيعه.
قوله: "بشرط أن يقبض عوضه في المجلس".
إذا باع دينا في الذمة مستقرا لمن هو في ذمته وقلنا بصحته فإن كان مما لا يباع به نسيئة أو بموصوف في الذمة اشترط قبض عوضه في المجلس بلا نزاع وإن كان بغيرهما مما لا يشترط التقابض مثل مالو قال بعتك الشعير الذى في ذمتك بمائة درهم أو بهذا العبد أو الثوب ونحوه فجزم المصنف باشتراط قبض العوض في المجلس أيضا وهو أحد الوجهين جزم به ابن منجا في شرحه وقدمه في الرعاية في باب القبض والضمان.
قال في التلخيص وليس بشيء انتهى.
والصحيح من المذهب أنه لا يشترط للصحة قبض العوض في المجلس قدمه في المغني والتلخيص والمحرر والشرح وغيرهم وصححه في النظم.
قوله: "ولا يجوز لغيره".
يعنى لا يجوز بيع الدين المستقر لغير من هو في ذمته وهو الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يصح قاله الشيخ تقى الدين رحمه الله.
قال ابن رجب في القاعدة الثانية والخمسين نص عليه.
وقد شمل كلام المصنف مسألة بيع الصكاك وهى الديون الثابتة على الناس تكتب في صكاك وهو الورق ونحوه.
قال في القاعدة المذكورة فإن كان الدين نقدا أو بيع بنقد لم يجز بلا خلاف لأنه صرف بنسيئة.
وإن بيع بعرض وقبضه في المجلس ففيه روايتان عدم الجواز قال الإمام أحمد رحمه الله وهو غرر والجواز نص عليها في رواية حرب وحنبل ومحمد بن الحكم انتهى.
قوله: "ويجوز الإقالة في السلم".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا يجوز ذكرها ابن عقيل وابن الزاغوني وصاحب الروضة.
تنبيه ظاهر كلام المصنف صحة الإقالة في المسلم فيه سواء قلنا الإقالة فسخ أو بيع وهو صحيح.
قال في القواعد الفقهية قيل يجوز الإقالة فيه على الطريقتين وهي طريقة الأكثرين ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.
وقيل إن قيل هي فسخ صحت الإقالة فيه وإن قيل هي بيع لم يصح وهي طريقة القاضي وابن عقيل وصاحب الروضة وابن الزاغوني انتهى.
قلت جزم بهذه الطريقة في الرعاية الصغرى والحاويين وقدمها في الرعاية الكبرى وتقدم ذلك في فوائد الإقالة.
فائدة لو قال في دين السلم صالحني منه على مثل الثمن فقال القاضي يصح ويكون إقالة.
وقال هو وابن عقيل لا يجوز بيع الدين من الغريم بمثله لأنه نفس حقه.
قال في القاعدة التاسعة والثلاثين فيخرج في المسألة وجهان إلتفاتا إلى اللفظ والمعنى.
قوله: "ويجوز في بعضه في إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والهادي والمغني والمحرر والشرح والرعاية الصغرى والحاويين والفروع وشرح ابن منجا.
إحداهما يجوز ويصح وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور والعمدة وصححه في الكافي والنظم والتصحيح والفائق واختاره ابن عبدوس في تذكرته وهو ظاهر ما اختاره أبو بكر وابن أبي موسى.
والرواية الثانية لا يجوز ولا يصح وصححه في التلخيص وقدمه في الرعاية الكبرى والخلاصة والمستوعب.
قوله: "إذا قبض رأس مال السلم أو عوضه".
يعني إذا تعذر ذلك في مجلس الإقالة يعني يشترط ذلك في الصحة وهذا اختيار أبي الخطاب وغيره وجزم به ابن منجا في شرحه.
وقال صرح به أصحابنا وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والهادي والمستوعب وصححه في النظم وقدمه في الرعايتين والحاويين.
والصحيح من المذهب أنه لا يشترط قبض رأس مال السلم ولا عوضه إن تعذر في مجلس الإقالة جزم به في الوجيز والمنور وقدمه في المحرر والفروع والفائق.
قال في الفروع وفي المغني لا يشترط في ثمن لأنه ليس بعوض ويلزم رد الثمن الموجود فإن أخذ بدله ثمنا وهو ثمن فصرف وإلا فبيع يجوز التصرف فيه قبل القبض.
قوله: "وإذا انفسخ العقد بإقالة أو غيرها لم يجز أن يأخذ عن الثمن عوضا من غير جنسه".
قدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وجزم به ابن منجا في شرحه.
وقيل يجوز من غير جنسه وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب.
وقال في المغني والشرح إذا أقاله رد الثمن إن كان باقيا أو مثله إن كان مثليا أو قيمته إن لم يكن مثليا.
فإن أراد أن يعطيه عوضا عنه فقال الشريف أبو جعفر ليس له صرف ذلك الثمن في عقد آخر حتى يقبضه.
وقال القاضي أبو يعلى يجوز له أخذ العوض عنه انتهيا.
وقال في الفائق يرجع برأس المال أو عوضه عند الفسخ فإن كان من غير جنسه ففي جوازه وجهان.
وقال في موضع آخر إذا تقايلا السلم لم يجز أن يشتري برأس المال شيئا قبل قبضه نص عليه ولا جعله في سلم آخر.
وقال في المجرد يجوز الاعتياض حالا عنه قبل قبضه انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى في الإقالة ويقبض الثمن أو عوضه من غير جنسه في مجلس الإقالة وقيل متى شاء.
وقيل متى انفسخ بإقالة أو غيرها أخذ ثمنه الموجود.
وقيل أو بدله من جنسه وقيل أو غيره قبل التفرق إن كانا ربويين.
وإن كان الثمن معدوما أخذ قبل التفرق مثل المثلى وقيل أو بدله كغيره.
وقيل لا يشتري بثمنه غيره قبل قبضه نص عليه.
وقيل يجوز أخذ عوضه ولم يجز قبله سلما في شيء آخر انتهى.
قوله: "وإن كان لرجل سلم وعليه سلم من جنسه فقال لغريمه اقبض سلمي لنفسك ففعله لم يصح قبضه لنفسه".
لأن قبضه لنفسه حوالة به والحوالة بالسلم لا تجوز.
قوله: "وهل يقع قبضه للآمر على وجهين".
وهما روايتان وأطلقهما في المغني والتلخيص والشرح وشرح ابن منجى والفائق.
أحدهما لا يقع قبضه للآمر وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني يقع قبضه للآمر وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
فعلى المذهب يبقى المقبوض على ملك المسلم إليه.
فائدة لو قال الأول للثاني أحضر اكتيالي منه لأقبضه لك ففعل لم يصح قبضه للثاني ويكون قابضا لنفسه على أولى الوجهين قاله المصنف والشارح وقيل لا يصح قبضه لنفسه أيضا وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
قوله: "وإن قال اقبضه لى ثم اقبضه لنفسك صح".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به فى الرعاية الصغرى والحاوى الصغير والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وصححه في الرعاية الكبرى والفروع وغيرهما.
وعنه لا يصح قال في التلخيص صار للآمر وهل يصير مقبوضا له من نفسه على وجهين.
قوله: "وإن قال أنا أقبضه لنفسى وخذه بالكيل الذى تشاهده فهل يجوز على روايتين".
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا وابن رزين والرعايتين والحاوى الصغير والزركشى في الرهن.
إحداهما يجوز ويصح ويكون قبضا لنفسه وهو المذهب صححه فى التصحيح وجزم به فى الوجيز وتذكرة ابن عبدوس.
الثانية لا يجوز ولا يصح ولا يكون قبضا لنفسه صححه في النظم واختاره أبو بكر والقاضى.
قال في الفروع في باب التصرف في المبيع وإن قبضه جزافا لعلمهما قدره جاز وفي المكيل روايتان ذكره في المحرر.
وذكر جماعة فيمن شاهد كيله قبل شرائه روايتين في شرائه بلا كيل ثان.
وخصهما في التلخيص بالمجلس وإلا لم يجز وأن الموزون مثله.
ونقل حرب وغيره إن لم يحضر هذا المشترى المكيل فلا إلا بكيل.
وقال في الانتصار ويفرغه في المكيال ثم يكيله انتهى كلامه في الفروع.
قوله: "وان اكتاله وتركه في المكيال وسلمه إلى غريمه فقبضه صح القبض لهما".
وهو المذهب جزم به في المغنى والشرح والنظم والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والرعاية والزركشي وغيرهم.
فوائد
منها لو دفع إليه كيسا وقال له استوف منه قدر حقك ففعل فهل يصح على وجهين بناء على قبض الموكل من نفسه لنفسه.
والمنصوص الصحة في رواية الأثرم وهو المذهب ويكون الباقي في يده وديعة.
وعلى عدم الصحة قدر حقه كالمقبوض على وجه السوم والباقى أمانة ذكره فى التلخيص.
وتقدم ذلك في احكام القبض في آخر باب الخيار في البيع.
ومنها لو أذن لغريمه في الصدقة بدينه الذى عليه عنه أو في صرفه أو المضاربة به لم يصح ولم يبرأ على الصحيح من المذهب.
وعنه يصح بناه القاضي على شرائه من نفسه.
وبناه في النهاية على قبضه من نفسه لموكله وفيهما روايتان تقدمتا في أحكام القبض من نفسه لموكله وتأتى المضاربة في كلام المصنف في الشركة.
وكذا الحكم لو قال اعزله وضارب به.
ونقل ابن منصور لا يجعله مضاربة إلا ان يقول ادفعه إلى زيد ثم يدفعه إليك.
ومنها لو قال تصدق عنى بكذا ولم يقل من ديني صح وكان إقراضا كما لو قال ذلك لغير غريمه ويسقط من الدين بمقداره للمقاصة قاله في المحرر والفائق وغيرهما.
ومنها مسألة المقاصة وعادة المصنفين بعضهم يذكرها هنا وبعضهم يذكرها في أواخر باب الحوالة.
والمصنف رحمه الله لم يذكرها رأسا ولكن ذكر ما يدل عليها في كتاب الصداق وهو قوله: "وإذا زوج عبده حرة ثم باعها العبد بثمن في الذمة تحول صداقها أو نصفه إن كان قبل الدخول إلى ثمنه".
فنقول من ثبت له على غريمه مثل ما له عليه قدرا وصفة وحالا ومؤجلا فالصحيح من المذهب أنهما يتساقطان أو يسقط من الأكثر قدر الأقل مطلقا جزم به في المغنى والشرح في هذه المسألة وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وصاحب المنور وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوى الصغير والفروع والفائق وغيرهم بل عليه الأصحاب.
وعنه لا يتساقطان إلا برضاهما.
قال في الفائق وتتخرج الصحة بتراضيها وهو المختار.
وعنه يتساقطان برضى أحدهما.
وعنه لا يتساقطان مطلقا.
تنبيه محل الخلاف في غير دين السلم أما إن كان الدينان أو أحدهما دين سلم امتنعت المقاصة قولا واحدا قطع به الأصحاب منهم صاحب المحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وغيرهم.
وقال القاضي أبو الحسين في فروعه وكذلك لو كان الدينان من غير الأثمان.
وقال في المغنى والشرح من عليها دين من جنس واجب نفقتها لم تحتسب به مع عسرتها لأن قضاء الدين فيما فضل.
ومنها لو كان أحد الدينين حالا والآخر مؤجلا لم يتساقط ذكره الشيرازى في المنتخب والمصنف في المغنى والشارح في وطء المكاتبة وذكره المصنف أيضا والشارح في مسألة الظفر.
ومنها لو قال لغريمه استلف ألفا في ذمتك في طعام ففعل ثم أذن له في قضائه بالثمن الذي له عليه فقد اشترى لغيره بمال ذلك الغير ووكله في قضاء دينه بما له عليه من الدين.
ومنها لو قال أعط فلانا كذا صح وكان قرضا.
وذكر في المجموع والوسيلة فيه روايتي قضاء دين غيره بغير إذنه.
وظاهر التبصرة يلزمه إن قال عنى فقط وإن قاله لغير غريمه صح إن قال عنى وإلا فلا ونصر الشريف الصحة وجزم به الحلواني.
ومنها لو دفع لغريمه نقدا ثم قال اشتر به مالك على ثم اقبضه لك صحا نص عليه.
قال في الرعاية وإن قال اشتره لي ثم اقبضه لنفسك صح الشراء ثم إن قال اقبضه لنفسك لم يصح قبضه لنفسه.
وفي صحة قبضه للموكل روايتان وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية صح الشراء دون القبض لنفسه.
وإن قال اقبضه لي ثم اقبضه لك صح على الصحيح من المذهب وعنه لا يصح.
وإن قال اشتر به مثل مالك علي لم يصح جزم به في المغنى والشرح والرعاية وغيرهم.
قال في الفروع لم يصح لأنه فضولي.
قال ويتوجه في صحته الروايتان في التي قبلها
ومنها لو أراد قضاء دين عن غيره فلم يقبله ربه أو أعسر بنفقة زوجته فبذلها أجنبي لم يجبرا وفيه احتمال كتوكيله وكتمليكه للزوج والمديون.
ومتى نوى مديون وفاء دين بريء وإلا فمتبرع وإن وفاه حاكم قهرا كفت نيته إن قضاه من مديون.
وفي لزوم رب دين نية قبض دينه فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب عدم اللزوم.
وإن رد بدل عين فلا بد من النية ذكره في الفنون واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه عادة بعض المصنفين ذكر مسألة قبض أحد الشريكين من الدين المشترك في التصرف في الدين منهم صاحب المحرر والفروع وغيرهما.
وذكرها في النظم والرعايتين والحاويين وغيرهم في أخر باب الحوالة.
وذكرها المصنف والشارح في باب الشركة.
فنذكرها هناك ونذكر ما يتعلق بها من الفروع إن شاء الله تعالى.
وعادة المصنفين أيضا ذكر مسألة البراءة من الدين والبراءة من المجهول هنا ولم يذكرهما المصنف هنا وذكر البراءة من الدين في باب الهبة فنذكرها هناك وما يتعلق بها من الفروع إن شاء الله تعالى.
قوله: "وإن قبض المسلم فيه جزافا فالقول قوله في قدره".
متى قبضه جزافا أو ما هو في حكم المقبوض جزافا أخذ منه قدر حقه ويرد الباقي إن كان ويطالب بالبعض إن كان.
وهل له أن يتصرف في قدر حقه بالكيل قبل أن يعتبره كله فيه وجهان وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح والفروع.
أحدهما يصح التصرف في قدر حقه منه قدمه ابن رزين في شرحه عند كلام الخرقي في الصبرة.
والوجه الثاني لا يجوز ولا يصح وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير وجزم به القاضي في المجرد.
ولو اختلفا في قدر ما قبضه جزافا فالقول قول القابض بلا نزاع.
لكن هل يده يد أمانة أو يضمنه لمالكه لأنه قبضه على أنه عوض عما له فيه قولان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه يضمنه.
ثم إنه في الكافي علل القول بجواز التصرف في قدر حقه بأنه قدر حقه وقد أخذه ودخل في ضمانه.
وقال في التلخيص لو دفع إليه كيسا وقال اتزن منه قدر حقك لم يكن قابضا قدر حقه قبل الوزن وبعده فيه الوجهان
وعلى انتفاء الصحة يكون في حكم المقبوض للسوم والكيس وبقية ما في يده أمانة كالوكيل.
وفي طريقة بعض الأصحاب في ضمان الرهن لو دفع إليه عينا وقال خذ حقك منها تعلق حقه بها ولا يضمنها إذا تلفت.
قال ومن قبض دينه ثم بان لا دين له ضمنه.
قال ولو اشترى به عينا ثم بان لا دين له بطل البيع.
قوله: "وإن قبضه كيلا أو وزنا ثم ادعى غلطا لم يقبل قوله في أحد الوجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والهادي والمغنى والكافي والمذهب الأحمد والتلخيص والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والفروع والفائق.
أحدهما لا يقبل صححه في التصحيح.
قال في الخلاصة لم يقبل في الأصح.
قال في تجريد العناية لا يقبل قوله في الأظهر وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني يقبل قوله إذا ادعى غلطا ممكنا عرفا صححه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والنظم وتصحيح المحرر وجزم به ابن عبدوس في تذكرته والمنور ومنتخب الآدمي وقدمه في إدراك الغاية.
قلت والنفس تميل إلى ذلك مع صدقه وأمانته.
فائدة وكذا حكم ما قبضه من مبيع غيره أو دين آخر كقرض وثمن مبيع وغيرهما خلافا ومذهبا قاله في الرعاية وغيرها.
قوله: "وهل يجوز الرهن والكفيل بالمسلم فيه على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والهادي والشرح وشرح ابن منجا وأطلقهما في المحرر في الرهن وفي الكفيل في بابه وأطلقهما في المستوعب والكافي والتلخيص والرعاية الكبرى والحاوي الكبير في الكفيل في بابه.
إحداهما لا يجوز وهو المذهب جزم به الخرقي وابن البنا في خصاله وصاحب المبهج والإيضاح وناظم المفردات.
قال في الخلاصة لا يجوز أخذ الرهن وإلا كفل به على الأصح.
واختاره أبو بكر في التنبيه وابن عبدوس تلميذ القاضي وابن عبدوس في تذكرته وإليه ميل الشارح وقدمه في المستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين في هذا الباب والفروع وشرح ابن رزين وإدراك الغاية وغيرهم وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية يجوز ويصح نقلها حنبل وصححه في التصحيح والرعاية والنظم وجزم به في الوجيز واختاره المصنف وحكاه القاضي في روايتيه عن أبي بكر.
قال الزركشي وهو الصواب قال وفي تعليلهم على المذهب نظر.
قال الناظم هذا الأولى.
قال الآدمي في منتخبه ويصح الرهن في السلم.
فعلى المذهب لا يجوز الرهن برأس مال السلم قدمه في المستوعب والرعايتين والحاويين وعزاه المجد في شرحه إلى اختيار القاضي في المجرد في أول الرهن نقله في تصحيح المحرر وعنه يجوز ويصح صححه في الرعاية الكبرى في أخر باب السلم.
وقال في باب الرهن ويصح الرهن برأس مال السلم على الأصح.
قال في الوجيز ويجوز شرط الرهن والضمين في السلم والقرض وأطلقهما في التلخيص والترغيب.
وحكى في الفروع كلام صاحب الترغيب واقتصر عليه.
باب القرض
فائدتانإحداها يشترط في صحة القرض معرفة قدره بقدر معروف ووصفه ويأتي قرض الماء وأن يكون المقرض ممن يصح تبرعه ويأتي هل للولي أن يقرض من مال المولى عليه؟.
الثانية القرض عبارة عن دفع مال إلى الغير لينتفع به ويرد بدله قاله شارح المحرر.
قوله: "ويصح في كل عين يجوز بيعها إلا بني آدم والجواهر ونحوهما مما لا يصح السلم فيه في أحد الوجهين فيهما".
أما قرض بني آدم فأطلق المصنف في صحة قرضه وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب والكافي والمغنى والهادي والتلخيص والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
أحدهما لا يصح وهو المذهب وصححه في التصحيح.
قال في تجريد العناية لا يصح قرض آدمي في الأظهر واختاره القاضي وغيره وجزم به في المذهب الأحمد والوجيز ونهاية ابن رزين وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه في المستوعب والخلاصة والنظم والرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني يصح مطلقا.
وقيل يصح في العبد دون الأمة وهو ضعيف وقدمه في النظم وأطلقهن في الشرح والفائق وقيل يصح في الأمة إذا كانت غير مباحة للمقترض.
قال في الرعاية الكبرى وقيل يصح قرض الأمة لمحرمها وجزم بأنه لا يصح لغير محرمها.
وأما قرض الجواهر ونحوها مما يصح بيعه ولا يصح السلم فيه فأطلق المصنف في صحته وجهين وأطلقهما في المذهب والمستوعب والكافي والمغنى والتلخيص والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والحاويين والفروع والفائق.
أحدهما يصح وهو الصحيح اختاره القاضي في المجرد وغيره وجزم به في الوجيز وتجريد العناية وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
فعليه يرد المقترض القيمة على ما يأتي.
والوجه الثاني لا يصح جزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي والمذهب الأحمد وصححه في النظم وقدمه في الخلاصة وشرح ابن رزين والرعايتين واختاره أبو الخطاب في الهداية.
قال في التلخيص أصل الوجهين في المتقومات القيمة أو المثل على روايتين يأتيان.
فائدة قال في الفروع ومن شأن القرض أن يصادف ذمة لا على ما يحدث ذكره في الانتصار.
وفي الموجز يصح قرض حيوان وثوب لبيت المال لأحد المسلمين.
فعلى الأول لا يصح قرض جهة كالمسجد والقنطرة ونحوه مما لا ذمة له.
تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله: "ويصح في كل عين يجوز بيعها" أنه يصح قرض المنافع لأنها ليست بأعيان.
قال في الانتصار لا يجوز قرض المنافع وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب حيث قالوا ما صح السلم فيه صح قرضه إلا ما استثنى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجوز قرض المنافع مثل أن يحصد معه يوم ويحصد معه الآخر يوما أو يسكنه الآخر دارا ليسكنه الآخر بدلها.
الثاني ظاهر قوله: "ويثبت الملك فيه بالقبض".
أنه لا يثبت الملك فيه قبل قبضه وهو أحد الوجهين جزم به المصنف في المغنى والشرح وشرح ابن المنجا قال في الهداية والمذهب والخلاصة والتلخيص والمحرر وغيرهم ويملكه المقترض بقبضه انتهوا.
والصحيح من المذهب أنه يتم بقبوله ويملكه بقبضه.
قال في الفروع ويتم بقبوله قال جماعة ويملك.
وقيل يثبت ملكه بقبضة كهبة وله الشراء من مقترضه نقله مهنا انتهى.
قال في الرعايتين والحاويين والفائق والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم ويتم بالقبول ويملكه بقبضه.
وقال في القاعدة التاسعة والأربعين القرض والصدقة والزكاة وغيرها فيه طريقان.
أحدهما لا يملك إلا بالقبض رواية واحدة وهي طريقة المجرد والمبهج.
ونص عليه في مواضع.
والثانية لا يملك المبهم بدون القبض ويملك المعين بالقبض وهي طريقة القاضي في خلافه وابن عقيل في مفرداته والحلواني وابنه إلا أنهما حكيا في المعين روايتين انتهى.
وأما اللزوم فإن كان مكيلا أو موزونا فبكيله أو وزنه وإن كان غير ذلك ففيه روايتان وأطلقهما في الفروع.
قلت حكم المعدود والمذروع حكم المكيل والموزون والصحيح أنه لا يلزم إلا بالقبض وجزم في التلخيص أنه يجوز التصرف فيه إذا كان معينا.
وكذا جزم به في الرعاية الكبرى في باب القبض والضمان.
قوله: "فلا يملك المقرض استرجاعه وله طلب بدله".
بلا نزاع.
قوله: "فإن رده المقترض عليه لزمه قبوله".
إن كان مثليا لزمه قبوله بلا نزاع وإن كان غير مثلى فظاهر كلام المصنف أنه يلزمه قبوله أيضا وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والتلخيص والبلغة والنظم ومنتخب الآدمي وغيرهم لإطلاقهم الرد.
قال شارح المحرر وأصحابنا لم يفرقوا بينهما وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين.
وقيل لا يلزمه قبوله لأن القرض فيه يوجب رد القيمة على أحد الوجهين فإذا رده بعينه لم يرد الواجب عليه وهو ظاهر كلامه في المحرر وغيره.
قال شارح المحرر ولم أجد ما قال في كتاب آخر وهو احتمال في المغنى والشرح.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن له رده سواء رخص السعر أو غلا وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يلزمه القيمة إذا رخص السعر.
قوله: "ما لم يتعيب أو يكن فلوسا أو مكسرة فيحرمها السلطان.
فالصحيح من المذهب أن له القيمة أيضا سواء اتفق الناس على تركها أو لا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به كثير منهم وقدمه في المغنى والشرح والفروع والرعايتين والحاويين وقال القاضي إن اتفق الناس على تركها فله القيمة وإن تعاملوا بها مع تحريم السلطان لها لزمه أحدها.
قوله: "فيكون له القيمة وقت القرض".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الإرشاد والهداية والمذهب والخلاصة والكافي والمحرر والوجيز وشرح ابن رزين والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في التلخيص والفروع والرعايتين والحاويين والمغنى والشرح والفائق وغيرهم واختاره القاضي وغيره.
وقيل له القيمة وقت تحريمها قاله أبو بكر في التنبيه.
وقال في المستوعب وهو الصحيح عندي.
قال في الفروع وغيره والخلاف فيما إذا كانت ثمنا.
وقيل له القيمة وقت الخصومة.
فائدتان
إحداهما: قوله: "فيكون له القيمة" اعلم أنه إذا كان مما يجري فيه ربا الفضل فإنه يعطي مما لا يجري فيه الربا فلو أقرضه دراهم مكسرة فحرمها السلطان اعطى قيمتها ذهبا وعكسه بعكسه صرح به في الإرشاد والمبهج وهو واضح.
قال في الفروع فله القيمة من غير جنسه.
الثانية: ذكر ناظم المفردات هنا مسائل تشبه مسألة القرض فأحببت أن أذكرها هنا لعظم نفعها وحاجة الناس إليها فقال:
والنقد في المبيع حيث عينا ... وبعد ذا كساده تبينا
نحو الفلوس ثم لا يعامل ... بها فمنه عندنا لا يقبل
بل قيمة الفلوس يوم العقد ... والقرض أيضا هكذا في الرد
ومثله من رام عود الثمن ... برده المبيع خذ بالأحسن
قد ذكر الأصحاب ذا في ذي الصور ... والنص في القرض عيانا قد ظهر
والنص في القيمة في بطلانها ... لا في ازدياد القدر أو نقصانها
بل إن غلت فالمثل فيها أحرى ... كدانق عشرين صار عشرا
والشيخ في زيادة أو نقص ... مثلا كقرض في الغلا والرخص
وشيخ الإسلام فتى تيمية ... قال قياس القرض عن جلية
الطرد في الديون كالصداق ... وعوض في الخلع والإعتاق
والغصب والصلح عن القصاص ... ونحو ذا طرا بلا اختصاص
قال وفيه جاء في الدين نص مطلق ... حرره الأثرم إذ يحقق
وقولهم إن الكساد نقصا ... فذاك نقص النوع عابت رخصا
قال ونقص النوع ليس يعقل ... فيما سوى القيمة ذا لا يجهل
وخرج القيمة في المثلى ... بنقص نوع ليس بالخفى
واختاره وقال عدل ماضي ... خوف انتظار العسر بالتقاضي
لحاجة الناس إلى ذي المسألة ... نظمتها مبسوطة مطولة
قوله: "ويجب رد المثل في المكيل والموزون والقيمة في الجواهر ونحوها".
يجب رد المثل في المكيل والموزون بلا نزاع لكن لو أعوز المثل فيهما لزمه قيمته يوم إعوازه ذكره الأصحاب.
وقال في المستوعب ولو اقترض حنطة فلم تكن عنده وقت الطلب فرضى بمثل كيلها شعيرا جاز ولا يجوز أخذ أكثر.
وأما الجواهر ونحوها فيجب رد القيمة على الصحيح من المذهب كما قال المصنف وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم يوم قبضه.
وقيل يجب رد مثله جنسا وصفة وقيمه.
قوله: "وفيما سوى ذلك".
يعني في المذروع والمعدود والحيوان ونحوه "وجهان" وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمغنى والمحرر والشرح والنظم والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية.
أحدهما يرد بالقيمة صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس ونهاية ابن رزين ومنتخب الآدمي والتسهيل والمذهب الأحمد وقدمه في الخلاصة والهادي وشرح ابن رزين والرعايتين والزبدة.
والوجه الثاني يجب رد مثله من جنسه بصفاته وإليه ميله في الكافي والمغنى والشرح وهو ظاهر كلامه في العمدة.
فعلى الأول يرد القيمة يوم القرض جزم به في المغنى والشرح والكافي والفروع وغيرهم وعلى الثاني يعتبر مثله في الصفات تقريبا فإن تعذر المثل فعليه قيمته يوم التعذر.
فائدتان
إحداهما لو اقترض خبزا أو خميرا عددا ورد عددا بلا قصد زيادة جاز على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وعنه بل مثله وزنا وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في التلخيص والفائق.
وقال في الرعاية وقيل يرد مثله عددا مع تحري التساوي والتمائل بلا وزن ولا مواطأة.
الثانية: يصح قرض الماء كيلا ويصح قرضه للسقي إذا قدر بابنوبة ونحوها قاله في الرعايتين والحاويين وتذكرة ابن عبدوس.
وسأله أبو الصقر عن عين بين أقوام لهم نوائب في أيام يقترض الماء من صاحب نوبة الخميس للسقي به ويرد عليه يوم السبت قال إذا كان محدودا يعرف كم يخرج منه فلا بأس وإلا أكرهه.
قوله: "ويثبت القرض في الذمة حالا وإن أجله".
هذا المذهب نص عليه في رواية يوسف ابن موسى وأخيه الحسين وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
واختار الشيخ تقي الدين صحة تأجيله ولزومه إلى أجله سواء كان قرضا أو غيره وذكره وجها.
قلت وهو الصواب وهو مذهب مالك والليث وذكره البخاري في صحيحه عن بعض السلف.
وقال في الرعاية وقيل إن كان دينه من قرض أو غصب جاز تأجيله إن رضى.
وخرج رواية من تأجيل العارية ومن إحدى الروايتين في صحة إلحاق الأجل والخيار بعد لزوم العقد.
فائدة وكذا الحكم في كل دين حل أجله لم يصر مؤجلا بتأجيله.
فعلى المذهب في أصل المسألة يحرم التأجيل على الصحيح من المذهب قطع به أبو الخطاب وغيره وصححه في الفروع.
قال الإمام أحمد رحمه الله القرض حال وينبغي أن يفي بوعده.
وقيل لا يحرم تأجيله وهو الصواب.
ويأتي آخر الباب وجوب أداء ديون الآدميين على الفور في الجملة.
قوله: "ولا يجوز شرط ما يجر نفعا نحو أن يسكنه داره أو يقضيه خيرا منه أو في بلد آخر". أما شرط ما يجر نفعا أو أن يقضيه خيرا منه فلا خلاف في أنه لا يجوز.
وأما إذا شرط أن يقضيه ببلد أخر فجزم المصنف هنا أنه لا يجوز وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو الصحيح جزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين والهداية والمستوعب.
قال المصنف هنا: "ويحتمل جواز هذا الشرط" وهو عائد إلى هذه المسألة فقط وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره المصنف والشيخ تقي الدين رحمه الله وصححه في النظم والفائق وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى.
وأطلق المصنف الجواز فيما إذا لم يكن لحمله مؤنة وعدمه فيما لحمله مؤنة وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
وعنه الكراهة إن كان لبيع.
وعنه لا بأس به على وجه المعروف.
فعلى الأول في فساد العقد روايتان وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والفروع والرعايتين والحاويين وجزم ابن عبدوس في تذكرته بالفساد قلت الأولى عدم الفساد.
فائدة لو اراد إرسال نفقة إلى أهله فأقرضها رجلا ليوفيها لهم جاز.
وقيل لا يجوز ذكره في الرعاية الصغرى وغيره.
قوله: "وإن فعله بغير شرط أو قضى خيرا منه يعني بغير مواطأة نص عليه أو أهدى له هدية بعد الوفاء جاز".
وهو الصحيح من المذهب قال في الفروع صح على الأصح وكذا قال في الخلاصة والنظم وصححه في الثانية والثالثة في الفائق وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وجزم به في المذهب والفائق فيما إذا فعله بغير شرط وقدمه في الجميع في الرعاية الصغرى والحاويين.
وعنه لا يجوز وأطلقهما في التلخيص وأطلقهما في المذهب والمستوعب فيما إذا أهدى له هدية بعد الوفاء أو زاده.
وجزم الحلواني أن يأخذ أجود مع العادة.
فائدتان
إحداهما لو علم أن المقترض يزيده شيئا على قرضه فهو كشرطه اختاره القاضي وجزم به في الحاوي الصغير وقدمه في الرعايتين.
وقيل يجوز اختاره المصنف والشارح.
وفي الحاوي الكبير وقالوا لأنه عليه افضل الصلاة والسلام كان معروفا بحسن الوفاء فهل يسوغ لأحد أن يقول إن إقراضه مكروه وعللوه بتعليل جيد وقدمه ابن رزين في شرحه قلت وهو الصواب وصححه في النظم وأطلقهما في الفائق والفروع وقيل إن زاد مرة في الوفاء فزيادة مرة ثانية محرمة ذكره في النظم.
الثانية: شرط النقص كشرط الزيادة على الصحيح من المذهب جزم به في المغنى والشرح والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين.
وقيل يجوز قال في الفروع ويتوجه أنه فيما لا ربا فيه.
قلت قال المصنف والشارح وإن شرط في القرض أن يوفيه أنقص وكان مما يجري فيه الربا لم يجز وإن كان في غيره لم يجز أيضا.
وقال ابن رزين في شرحه وإن شرط أن يوفيه أنقص وهو مما يجري فيه الربا لم يجز وإلا جاز وقيل لا يجوز.
فائدة لو أقرض غريمه ليرهنه على ماله عليه وعلى المقرض ففي صحته روايتان وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى والمستوعب.
قال في الحاوي الكبير لو قال صاحب الحق اعطني رهنا وأعطيك مالا تعمل فيه وتقضيني جاز وكذا قال أيضا في الرعاية الكبرى وجزم به في موضع.
قوله: "وإن فعله قبل الوفاء لم يجز إلا أن تكون العادة جارية بينهما قبل القرض".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه يجوز.
تنبيه قوله: "لم يجز" يعني لم يجز أخذه مجانا فأما إذا نوى احتسابه من دينه أو مكافأته جاز نص عليه وكذلك الغريم فلو استضافه حسب له ما أكله نص عليه وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه لا يحسب له قلت ينبغي أن ينظر فإن كان له عادة بإطعام من أضافه لم يحسب له وإلا حسب له.
قال في الفروع وظاهر كلامه أنه في الدعوات كغيره.
فوائد
منها لو أقرض لمن له عليه دين ليوفيه كل وقت شيئا جاز نقله مهنا وجزم به المصنف وغيره.
ونقل حنبل يكره واختاره في الترغيب.
ومنها لو أقرض فلاحه في شراء بقرا وبذر بلا شرط حرم عند الأمام أحمد واختاره ابن أبي موسى وجوزه المصنف وصححه في النظم والرعاية الصغرى وقدمه في الفائق والرعاية الكبرى.
وإن أمره ببذره وأنه في ذمته كالمعتاد في فعل الناس ففاسد له تسمية المثل ولو تلف لم يضمنه لأنه أمانة ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ومنها لو أقرض من عليه بر يشتريه به ويوفيه إياه فقال سفيان مكروه أمر بين.
قال الإمام أحمد رحمه الله جود.
وقال في المستوعب يكره وقال في المغنى والشرح يجوز.
ومنها لو جعل له جعلا على اقتراضه له لجاهه صح لأنه في مقابلة ما بذله من جاهه فقط ولو جعل له جعلا على ضمانه له لم يجز نص عليهما لأنه ضامن فيكون قرضا جر منفعة ومنع الأزجي في الأولى أيضا.
قوله: "وإن أقرضه أثمانا وكذا لو غصبه أثمانا فطالبه بها ببلد آخر لزمته".
مراده إذا لم يكن لحملها على المقترض مؤنة فلو أقرضه أثمانا كثيرة ولحملها مؤنة على المقترض وقيمتها في بلد القرض أنقص لم يلزمه بل يلزمه إذن قيمته فيه فقط.
وقولي ولحملها مؤنة قدمه في الفروع وأطلق أكثر الأصحاب لزوم الرد في الأثمان كالمصنف هنا.
وصرح في المستوعب أن الأثمان لا مؤنة لحملها.
والظاهر أنهم أرادوا في الغالب والتحقيق ما قاله في الفروع.
قوله: "وإن أقرضه غيرها لم تلزمه فإن طالبه بالقيمة لزمه أداؤها".
ظاهره أنه سواء كان لحمله مؤنة أو لا أما إن كان لحمله مؤنة فلا يلزمه.
وإن كان ليس لحمله مؤنة فظاهر كلامه أنه لا يلزمه أيضا وقدمه في الرعايتين والحاويين والصحيح من المذهب أن حكمه حكم الأثمان وجزم به في المغنى والشرح والوجيز والفروع وغيرهم وهو مراد المصنف هنا وكلامه جار على الغالب.
تنبيه ذكر المصنف والشارح وصاحب الخلاصة وجماعة ما لحمله مؤنة لا يلزم المقترض بذله بل قيمته وما ليس له مؤنة يلزمه.
وذكر صاحب النظم والرعايتين والوجيز والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع لو طلب المقرض من المقترض بدله في بلد آخر لزمه إلا إذا كان لحمله مؤنة إذا كان ببلد المقرض أنقص قيمة فلا يلزمه سوى قيمته فيه.
قال شارح المحرر إن لم يكن لحمله مؤنة وهو في بلد القرض بمثل ثمنه أو أعلى منه في ذلك البلد لزمه رد بدله وإن كان لحمله مؤنة فإن كان في بلد القرض أقل قيمة لم يجب رد البدل ووجبت القيمة وإن كان في بلد القرض بمثل قيمته أو أكثر أمكنه أن يشتري في بلد المطالبة مثلها ويردها عليه.
فوائد
أحدها أداء ديون الآدميين واجب على الفور عند المطالبة قطع به الأصحاب وبدون المطالبة لا يجب على الفور على الصحيح من المذهب.
قال في القواعد الأصولية هذا المذهب وقاله أبو المعالي والسامري وغيرهما وقدمه في الفروع في أول الفلس.
قال الشيخ زين الدين ابن رجب محل هذا إذا لم يكن عين له وقتا للوفاء فأما إن عين له وقتا للوفاء كيوم كذا فلا ينبغي أن يجوز تأخيره لأن تعين الوفاء فيه كالمطالبه.
قال في القواعد الأصولية قلت وينبغي أن يكون محل جواز التأخير إذا كان صاحب المال عالما بأنه يستحق في ذمته الدين وأما إذا لم يكن يعلم فيجب إعلامه انتهى.
والوجه الثاني يجب على الفور من غير مطالبة قاله القاضي في الجامع والمصنف في المغنى في قسم الزوجات أنه يجب على الفور ذكراه محل وفاق.
الثانية: لو بذل المقترض للمقرض ما عليه من الدين في بلد آخر فلا يخلو إما أن يكون لحمله على المقرض مؤنة أو لا فإن كان لحمله مؤنة لم يلزم المقرض أخذها وإن لم يكن لحمله مؤنة فلا يخلو إما أن يكون البلد والطريق آمنان أولا فإن كانا آمنين لزمه أخذه بلا نزاع.
قلت لو قيل بعدم اللزوم لم يكن بعيدا لأنه قد يتجدد عدم الأمن وإن كانا غير آمنين لم يلزمه أخذه.
الثالثة: لو بذل الغاصب بدل المغصوب التالف في غير بلد المغصوب منه فحكمه حكم بذل المقترض للمقرض في بلده على ما تقدم وإن كان غير تالف لم يجبر على قبضه مطلقا.
باب الرهن
فوائدإحداها الرهن عبارة عن توثقة دين بعين يمكن أخذه من ثمنها إن تعذر الوفاء من غيره قال الزركشي توثقة دين بعين أو بدين على قول.
الثانية المرهون عبارة عن كل عين جعلت وثيقة بحق يمكن استيفاؤه منها.
الثالثة لا يصح الرهن بدون إيجاب وقبول أو ما يدل عليهما.
قال في الرعاية من عنده وتصح بالمعاطاة.
الرابعة لا بد من معرفة الرهن وقدره وصفته وجنسه قاله في الرعاية.
الخامسة يصح أخذ الرهن على كل دين واجب في الجملة وهنا مسائل فيها خلاف.
منها دين السلم وقد تقدم الخلاف فيه والصحيح من المذهب.
ومنها الأعيان المضمونة كالغصوب والعوارى والمقبوض على وجه السوم أو في بيع فاسد وفي صحة أخذ الرهن عليها وجهان وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والفائق.
أحدهما لا يصح قال في الكافي هذا قياس المذهب وقدمه في الرعاية الكبرى.
قال في الفائق قلت وعليه يخرج الرهن على عوارى الكتب للوقف ونحوها.
والوجه الثاني يصح أخذ الرهن بذلك.
قال القاضي هذا قياس المذهب.
قلت وهو أولى.
وأما رهن هذه الأشياء فيصح بلا نزاع.
ومنها الدية التي على العاقلة قبل الحول ففي صحة أخذ الرهن عنها وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما لا يصح وهو المذهب جزم به في الكافي والنظم والرعاية الصغرى والحاويين وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المغنى والشرح والرعاية الكبرى وشرح ابن رزين والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني يصح.
قال في الرعاية وقيل يصح إن صح الرهن بدين قبل وجوبه انتهى.
وأما بعد الحول فيصح قولا واحدا.
ومنها دين الكتابة وفيه وجهان وفي الموجز روايتان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاويين والفائق وشرح المحرر والزبدة.
أحدهما لا يصح أخذ الرهن به وهو المذهب جزم به في الكافي والمغنى والتلخيص والشرح والمحرر وشرحه والبلغة وتذكرة ابن عقيل والإيضاح وتذكرة ابن رزين وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
والوجه الثاني يصح.
وقيل إن جاز أن يعجز المكاتب نفسه لم يصح وإلا صح.
ومنها هل يجوز أخذ الرهن على الجعل في الجعالة قبل العمل على وجهين وأطلقهما في الرعاية الكبرى والنظم.
أحدهما لا يصح وهو المذهب جزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الفروع والفائق والكافي والمغنى والشرح وقالا هذا أولى.
والوجه الثاني يصح وهو احتمال القاضي.
وأما بعد العمل فيصح أخذ الرهن قولا واحدا.
ومنها هل يصح أخذ الرهن على عوض المسابقة فالصحيح من المذهب أنه لا يصح.
وقطع به كثير من الأصحاب لأنها جعالة ولم يعلم إفضاؤها إلى الوجوب.
وقال بعض الأصحاب فيها وجهان هل هي إجارة أو جعالة.
فإن قلنا هي إجارة صح أخذ الرهن بعوضها.
وقال القاضي إن لم يكن فيها محلل فهي جعالة وإن كان فيها محلل فعلى وجهين.
قال المصنف والشارح وهذا كله بعيد ذكروه في آخر السلم.
السادسة لا يصح الرهن بعهدة المبيع ولا بعوض غير ثابت في الذمة كالثمن المعين والإجارة المعينة في الإجارة والمعقود عليه في الإجارة إذا كان منافع معينة مثل إجارة الدار والعبد المعين والجمل المعين مدة معلومة أو لحمل شيء معين إلى مكان معلوم.
فأما إن وقعت الإجارة على منفعة في الذمة كخياطة ثوب وبناء دار ونحو ذلك صح أخذ الرهن عليه.
السابعة يصح عقد الرهن من كل من يصح بيعه.
قال في الترغيب وغيره وصح تبرعه.
وفي المستوعب وغيره لولي رهنه عند أمين لمصلحة كحل دين عليه.
قال في الرعاية يصح ممن له بيع ماله والتبرع به فلا يصح من سفيه ومفلس ومكاتب وعبد ولو كان مأذونا لهم في تجارة ونحوهم.
قوله: "يجوز عقده مع الحق وبعده بلا نزاع ولا يجوز قبله".
على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال أبو الخطاب يجوز قبله وقال ويحتمله كلام الإمام أحمد رحمه الله وأطلقهما في الحاويين.
فائدة تجوز الزيادة في الرهن ويكون حكمها حكم الأصل ولا يجوز زيادة دين الرهن لأنه رهن مرهون.
قال القاضي وغيره كالزيادة في الثمن وهذا المذهب فيهما وقطع به الأصحاب.
وقال في الروضة لا يجوز تقوية الرهن بشيء أخر بعد عقد الرهن ولا بأس بالزيادة في الدين على الرهن الأول.
قال في الفروع كذا قال.
ويأتي آخر الباب أن المرتهن لو فدا الرهن الجاني وشرط جعله رهنا بالفداء مع الدين الأول هل يصح أم لا.
فعلى الصحة يكون كالمستثنى من هذه المسألة.
قوله: "ويجوز رهن كل عين يجوز بيعها إلا المكاتب إذا قلنا استدامة القبض شرط لم يجز رهنه".
يصح رهن كل عين يجوز بيعها في الجملة وهنا مسائل فيها خلاف.
منها المكاتب ويصح رهنه إذا قلنا يصح بيعه على الصحيح من المذهب.
قال القاضي قياس المذهب صحة رهنه.
قال في الرعاية هذا المذهب وجزم به في الفائق وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الفروع.
وقيل لا يصح رهنه وإن قلنا بصحة بيعه إذا اشترطنا استدامة القبض في الرهن وهو الذي جزم به المصنف هنا وصححه في المغنى وجزم به في الوجيز والنظم وقدمه في الشرح.
قال في الرعاية الصغرى والحاويين ويصح رهن المكاتب إن جاز بيعه ولم يلزم بقاء القبض.
فعلى المذهب يمكن من الكسب كما قبل الرهن.
وأما أداؤه فهو رهن معه فان عجز ثبت الرهن فيه وفي أكسابه وإن عتق كان ما أداه من نجومه بعد عقد الرهن رهنا.
ومنها العين المؤجرة ويصح رهنها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل لا يصح.
ومنها ما قاله المصنف وهو قوله: "ويجوز رهن ما يسرع إليه الفساد بدين مؤجل ويباع ويجعل ثمنه رهنا.
وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في التلخيص والرعاية والفروع وغيرهم وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وفيه وجه أنه لا يصح ذكره القاضي.
قوله: "ويجوز رهن المشاع".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وخرج عدم الصحة.
فائدة يجوز رهن حصته من معين مثل أن يكون له نصف دار فيرهن نصيبه من بيت منها على الصحيح من المذهب قدمه في المغنى والشرح ونصراه وصححه في الفائق وقدمه ابن رزين.
وقيل لا يصح رهن حصته من معين من شيء يمكن قسمته وهو احتمال للقاضي وجزم في التلخيص لغير الشريك وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية ولا يصح رهن حقه من بيت معين من دار مشتركة تنقسم.
وفيه احتمال وإن رهنه عند شريكه فاحتمالان وإن لم تنقسم صح.
وقيل إن لزم الرهن بالعقد صح وإلا فلا انتهى.
والوجهان الأولان في بيعه أيضا وأطلقهما في الفروع.
وقال في الانتصار لا يصح بيعه نص عليه.
وقطع في المغنى والشرح بصحة بيعه وهو المذهب.
فعلى المذهب لو اقتسما فوقع المرهون لغير الراهن فهل يلزم الراهن بدله أو رهنه لشريكه فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب إلزامه ببدله أو رهنه لشريكه.
وقطع المصنف والشارح بأن الراهن ممنوع من القيمة في هذه الصورة قلت فيعايى بها.
فائدة قوله: "فإن اختلفا" أي الشريك والمرتهن في كونه في يد أحدهما أو غيرهما "جعله الحاكم في يد أمين أمانة أو بأجرة".
بلا نزاع.
لكن هل للحاكم أن يؤجره فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما له إجارته جزم به في الرعاية الصغرى والحاويين والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
والثاني لا يجوز له وهو الصواب.
قوله: "ويجوز رهن المبيع غير المكيل والموزون قبل قبضه إلا على ثمنه في أحد الوجهين".
إذا أراد رهن المبيع للغير فلا يخلو إما أن يكون قبل قبضه أو بعده فإن كان بعد قبضه جاز بلا نزاع وإن كان قبل قبضه فلا يخلو إما أن يكون مكيلا أو موزونا وما يلحق بهما من المعدود والمذروع أو غير ذلك.
فإن كان غير هذه الأربعة فلا يخلو إما أن يرهنه على ثمنه أو على غير ثمنه فإن رهنه على غير ثمنه صح جزم به في الشرح والهداية والمذهب والخلاصة والحاوي الكبير والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمصنف هنا وغيرهم وقدمه في الرعاية الصغرى وصححه في الرعاية الكبرى والفائق سواء قبض ثمنه أو لا.
وقيل لا يصح وأطلقهما في الحاوي الصغير.
وقيل لا يصح قبل نقد ثمنه.
وإن رهنه على ثمنه فأطلق المصنف في صحته وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والمغنى والشرح وشرح ابن منجا والرعاية الصغرى والحاويين.
أحدهما يصح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس.
والوجه الثاني لا يصح مطلقا صححه في النظم والرعاية الكبرى.
وأما المكيل والموزون وما يلحق بهما من المعدود والمذروع قبل قبضه فذكر القاضي جواز رهنه وحكاه هو وابن عقيل عن الأصحاب.
قاله في القاعدة الثانية والخمسين واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الرعاية الكبرى والفائق يصح في أصح الوجهين وقدمه في النظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وجعلها كغير المكيل والموزون وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم لأنهم أطلقوا.
وقال في الشرح ويحتمل أن لا يصح رهنه.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
واختاره القاضي في المجرد وابن عقيل وجزم به في الحاوي الكبير في أحكام القبض.
وقال في التلخيص ذكر القاضي وابن عقيل في موضع آخر إن كان الثمن قد قبض.
صح رهنه وإلا فلا وأطلقهما في الفروع في باب التصرف في المبيع وتقبض لكن محلهما عنده بعد قبض ثمنه.
تنبيه اقتصار المصنف على المكيل والموزون بناء منه على أن غيرهما ليس مثلهما في الحكم وهو رواية واختاره بعض الأصحاب والمصنف.
والصحيح من المذهب أن حكم المعدود والمذروع حكم المكيل والموزون على ما تقدم في آخر الخيار في البيع.
قال ابن منجا في شرحه وأما كون رهن المكيل والموزون قبل قبضه لا يجوز فمبني على الرواية التي اختارها المصنف وهي أن المنع من بيع المبيع قبل قبضه مختص بالمكيل والموزون وتقدم في ذلك أربع روايات هذه.
والثانية مختص بالمبيع غير المعين كقفيز من صبرة فعليها لا يجوز رهن غير المعين قبل قبضه ويجوز رهن ما عداه على غير ثمنه وفي رهنه على ثمنه الخلاف.
والثالثة المنع مختص بالمطعوم فعليها لا يجوز رهنه قبل قبضه ويجوز رهن ما عداه على غير ثمنه وفي رهنه على ثمنه الخلاف.
والرابعة المنع يعم كل مبيع فعليها لا يجوز رهن كل مبيع قبل قبضه على غير ثمنه وفي رهنه على ثمنه الخلاف انتهى.
فعلى الأول يزول الضمان بالرهن على قياس ما إذا رهن المغصوب عند غاصبه قاله في القاعدة السابعة والثلاثين.
وقد تقدم ما يحصل به القبض في آخر باب الخيار في البيع في أول الفصل الأخير.
وتقدم في أواخر شروط البيع "لو باعه بشرط رهنه على ثمنه".
قوله: "وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه إلا الثمرة قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع" وكذا الزرع الأخضر "في أحد الوجهين فيهما".
وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية الصغرى والحاويين والنظم والفروع والفائق.
أحدهما يجوز يعني يصح وهو المذهب جزم به في الخلاصة والمحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وناظم المفردات وغيرهم.
واختاره القاضي وغيره وصححه في التصحيح وشرح ابن منجا وغيرهما وهو من مفردات المذهب.
والوجه الثاني لا يجوز يعني لا يصح.
قال في الرعاية الكبرى وإن رهنها قبل بدو صلاحها بدين مؤجل صح في الأصح إن.
شرط القطع لا الترك وكذا الخلاف إن أطلقا فتباع إذن على القطع ويكون الثمن رهنا بدين حال بشرط القطع صح وباع كذلك انتهى.
فائدة لو رهنه الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع صح على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا يصح وأطلقهما في الحاوي وتقدم كلامه في الرعاية.
تنبيه يستثنى من عموم كلام المصنف رهن الأمة دون ولدها وعكسه فإنه يصح ويباعا حيث حرم التفريق جزم به الأصحاب.
فائدة متى بيعا كان متعلق المرتهن ما يختص المرهون منهما من الثمن وفي قدره ثلاثة أوجه
أحدها: أن يقال إذا كانت الأم المرهونة كم قيمتها مفردة فيقال مائة ومع الولد مائة وخمسين فله ثلثا الثمن وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني أن يقوم الولد أيضا مفردا فيقال كم قيمته بدون أمه فيقال عشرون فيكون للمرتهن خمسة أسداس.
الوجه الثالث أن تقوم الأم ولها ولد ويقوم الولد وهو مع أمه فإن التفريق ممتنع.
قال في التلخيص وهذا الصحيح عندي إذا كان المرتهن يعلم أن لها ولدا.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
تنبيه ظاهر كلام المصنف جواز رهن المصحف إذا قلنا يجوز بيعه لمسلم وهو إحدى الروايتين نص عليه صححه في الرعاية الكبرى.
قال في الفروع ويصح في عين يجوز بيعها.
قال المصنف والشارح والخلاف هنا مبني على جواز بيعه.
والرواية الثانية لا يصح نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى والحاويين فإنهما ذكرا حكم رهن العبد المسلم لكافر وقدما عدم الصحة وقالا وكذا المصحف إن جاز بيعه وأطلقهما في الفائق وقال في الرعاية الكبرى وإن صححنا بيع مصحف من مسلم صح رهنه منه على الأصح فظاهرهم أن لنا رواية بعدم صحة رهنه وإن صححنا بيعه.
وأما رهنه على دين كافرا إذا كان بيد مسلم ففيه وجهان.
أحدهما يصح صححه في الرعاية الكبرى.
قلت وهو الصواب.
والثاني لا يصح وإن صححنا رهنه عند مسلم وجزم به في الفائق والكافي.
وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة وأطلقهما في الفروع.
فوائد
الأولى قال في الرعاية الكبرى وألحقت بالمصحف كتب الحديث يعني في جواز رهنها بدين كافر.
قال في الكافي وإن رهن المصحف أو كتب الحديث لكافر لم يصح انتهى.
الثانية في جواز القراءة في المصحف لغير ربه بلا إذن ولا ضرر وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما لا يجوز قدمه في الرعاية الكبرى في هذا الباب وهو ظاهر ما قطع به في المغنى والشرح فإنهما قالا وعنه يجوز رهنه.
قال الإمام أحمد رحمه الله إذا رهن مصحفا لا يقرأ فيه إلا بإذنه انتهى.
الثاني يجوز اختاره في الرعاية.
وجوز الإمام أحمد رحمه الله القراءة للمرتهن.
وعنه يكره ونقل عبد الله لا يعجبني بلا إذنه.
الثالثة يلزم ربه بذله لحاجة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل يلزم مطلقا.
وقيل لا يلزم مطلقا كغيره وقدمه في الرعاية الكبرى ذكر ذلك في الفروع في أول كتاب البيع.
وتقدم بعض أحكام المصحف هناك وأكثرها في أخر نواقض الوضوء.
قوله: "ولا يجوز رهن العبد المسلم لكافر".
هذا أحد الوجهين وجزم به في الهادي وقدمه في الخلاصة والكافي والرعايتين والحاويين والنظم واختاره القاضي.
والوجه الثاني يصح إذا شرطه في يد عدل مسلم اختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح والشيخ تقي الدين رحمه الله وقال اختاره طائفة من أصحابنا وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
قال في المحرر ويصح في كل عين يجوز بيعها وكذا في التلخيص والوجيز.
قلت وهو الصواب وهو المذهب وإن كان مخالفا لما أطلقناه وأطلقهما في المذهب والفروع والفائق.
فوائد
إحداها يجوز أن يستأجر شيئا ليرهنه وأن يستعيره ليرهنه بإذن ربه فيهما سواء بين قدر الدين لهما أولا قاله القاضي وجزم به في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقدم في الرعاية أنه لا بد أن يعين الدين.
ويجوز لهما الرجوع قبل إقباضه على الصحيح من المذهب كما قبل العقد وقدمه في الفروع.
وقيل ليس لهما الرجوع قدمه في التلخيص.
قال في القواعد في العارية قال الأصحاب هو لازم بالنسبة إلى الراهن والمالك.
وأما بعد إقباضه فلا يجوز لهما الرجوع وإن جوزناه فيما قبله على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم.
وقال في الانتصار يجوز لهما الرجوع أيضا.
فإن حل الدين وبيع رجع المعير أو المؤجر بقيمته أو بمثله إن كان مثليا ولا يرجع بما باعه به سواء زاد على القيمة أو نقص على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع والفائق والرعاية الصغرى والحاويين.
وقيل يرجع بأكثرهما اختاره في الترغيب والتلخيص وجزم به في المحرر والمنور في باب العارية.
قال في الرعاية الكبرى وإن بيع بأكثر منها رجع بالزيادة في الأصح وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
قلت وهو الصواب.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع وهو الصواب قطعا انتهى وأطلقهما في المغنى والشرح
الثانية لو تلف المرهون ضمن المستعير فقط على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه الوجه في مستأجر من مستعير.
الثالثة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجوز أن يرهن الإنسان مال نفسه على دين غيره كما يجوز أن يضمنه وأولى وهو نظير إعارته للرهن انتهى.
قوله: "ولا يلزم الرهن إلا بالقبض".
يعني للمرتهن أو لمن اتفقا عليه فلو استناب المرتهن الراهن في القبض لم يصح قاله في التلخيص وغيره.
فشمل كلام المصنف مسألتين.
إحداهما أن يكون الرهن موصوفا غير معين فلا يلزم إلا بالقبض كما يجوز.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
فعلى هذا يكون قبل القبض جائزا ويصح على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي فظاهر كلام الخرقي وابن أبي موسى والقاضي في الجامع الصغير وابن عقيل في التذكرة وابن عبدوس أن القبض شرط في صحة الرهن وأنه قبل القبض غير صحيح ويأتي ذلك.
وحمل المصنف وابن الزاغوني والقاضي كلام الخرقي على الأول.
الثانية أن يكون الرهن معينا كالعبد والدار ونحوهما فالصحيح من المذهب أنه لا يلزم إلا بالقبض كغير المتعين.
قال في الكافي وابن منجا وغيرهما هذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
وهو ظاهر كلام الخرقي وأبي بكر في التنبيه وابن أبي موسى ونصره أبو الخطاب والشريف أبو جعفر وغيرهما.
قال في الفروع ذكره الشيخ وغيره المذهب.
وعنه أن القبض ليس بشرط في المتعين فيلزم بمجرد العقد نص عليه.
قال القاضي في التعليق هذا قول أصحابنا.
قال في التلخيص هذا أشهر الروايتين وهو المذهب عند ابن عقيل وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق.
فعليهما متى امتنع الراهن من تقبيضه أجبر عليه كالبيع وإن رده المرتهن على الراهن بعارية أو غيرها ثم طلبه أجبر الراهن على رده.
وذكر جماعة من الأصحاب أنه لا يصح الرهن إلا مقبوضا سواء كان معينا أو لا ذكره في الفروع.
قال في القاعدة التاسعة والأربعين وصرح أبو بكر بأن القبض شرط لصحة الرهن وأنه يبطل بزواله وكذلك قال المجد في شرحه والشيرازي وغيرهما انتهى.
وقد تقدم أنه ظاهر كلام الخرقي وغيره.
فائدة صفة قبض الرهن كقبض المبيع على ما تقدم.
لكن لو كان في يد المرتهن عارية أو وديعة أو غصبا أو نحوه صح الرهن.
والمذهب لزوم الرهن بنفس العقد من غير احتياج إلى أمر زائد واليد ثابتة والقبض حاصل وإنما يتغير الحكم لا غير وهذا على الأكثر وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رضى الله عنه وقال القاضي وأصحابه لا يصير رهنا حتى تمضي مدة يتأتى قبضه فيها فإن كان منقولا فبمضي مدة يمكن نقله فيها وإن كان مكيلا فبمضي مدة يمكن اكتياله فيها وإن كان غير منقول فبمضي مدة التخلية.
وإن كان غائبا عن المرتهن لم يصر مقبوضا حتى يوافيه هو أو وكيله ثم تمضي مدة يمكن قبضه فيها لأن العقد يفتقر إلى القبض والقبض إنما يحصل بفعله أو بإمكانه ويكفي ذلك ولا يحتاج إلى وجود حقيقة القبض لأنه مقبوض حقيقة فإن تلف قبل مضي مدة يتأتى قبضه فيها فهو كتلف الرهن قبل قبضه وكذا الهبة على الخلاف والمذهب على ما يأتي.
قوله: "فإن أخرجه المرتهن باختياره إلى الراهن زال لزومه".
ظاهره سواء أخذه الراهن بإذنه نيابة أو لا وهو صحيح وهو المذهب وظاهر كلام الأصحاب.
وذكر في الانتصار احتمالا أنه لا يزول لزومه إذا أخذه الراهن منه بإذنه نيابة.
فائدة لو أجره أو أعاره للمرتهن أو غيره بإذنه فلزومه باق على الصحيح من المذهب. اختاره المصنف في المغنى والمجد في المحرر وغيرهما.
قال في الانتصار هو المذهب كالمرتهن وقدمه في الفروع والمحرر وصححه الناظم وعنه يزول لزومه نصره القاضي وقطع به جماعة واختاره أبو بكر في الخلاف وقدمه في الرعايتين والحاويين.
قال المجد في شرحه ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يصير مضمونا بحال انتهى.
فلو استأجره المرتهن عاد اللزوم بمضي المدة ولو سكنه بأجرته بلا إذن فلا رهن نص عليهما ونقل ابن منصور إن أكراه بإذن الراهن أو له فإذا رجع صار رهنا والكراء للراهن.
وقيل إن أعاره للمرتهن لم يزل اللزوم وإلا زال وهي طريقة المصنف في المغنى.
وقال الزركشي وفي المذهب قول إن أجر المرتهن بإذن الراهن لم يزل اللزوم وإن أجر الراهن بإذن المرتهن زال اللزوم انتهى.
وقال في الرعاية وقيل إن زادت مدة الإجارة على أجل الدين لم يصح بحال.
فائدة لو رهنه شيئا ثم أذن له في الانتفاع به فهل يصير عارية حالة الانتفاع به أم لا قال القاضي في خلافه وابن عقيل في نظرياته والمصنف في المغنى وصاحب التلخيص وغيرهم يصير مضمونا بالانتفاع.
وذكر ابن عقيل احتمالا أنه يصير مضمونا بمجرد القبض إذا قبضه على هذا الشرط.
تنبيه محل الخلاف إذا اتفقا على ذلك فإن اختلفا تعطل الرهن على المذهب واختار في الرعاية لا يتعطل ويجبر من أبى منهما الإيجار انتهى.
قلت الذي يظهر أنه إن امتنع الراهن يتعطل الإيجار وإن امتنع المرتهن لم يتعطل.
قوله: "واستدامته شرط في اللزوم".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب يعني حيث قلنا لا يلزم إلا بالقبض.
وعنه أن استدامته في المتعين ليست بشرط واختاره في الفائق.
فائدة لو رهنه ما هو في يد المرتهن ومضمون عليه كالغصوب والموارى والمقبوض على وجه السوم حيث قلنا يضمن والمقبوض بعقد فاسد صح الرهن وزال الضمان كما لو كان غير مضمون عليه كالوديعة ونحوها.
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله لزوم الرهن بمجرد العقد ولا يحتاج إلى أمر زائد على ذلك وقدمه في المغنى والشرح.
قلت: وهذا المذهب وهي شبيهة الهبة.
قال في الفروع فإن رهنه ما في يده ولو غصبا فكهبته إياه.
وقال القاضي وأصحابه لا يصير رهنا حتى تمضي مدة يتأتى قبضه فيها وأطلقهما في الرعاية فعلى الثاني إن كان منقولا فبمضي مدة يمكن نقله فيها وإن كان مكيلا أو موزونا فبمضي مدة يمكن اكتياله واتزانه فيها وإن كان غير منقول فبمضي مدة التخلية وإن كان غائبا لم يصر مقبوضا حتى يوافيه به هو أو وكيله ثم تمضي مدة يمكن قبضه فيها فهو كتلف الرهن قبل قبضه.
ثم هل يفتقر إلى إذن الراهن في قبضه فيه وجهان وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية.
قال في الفروع فإن رهنه ما في يده ولو غصبا فكهبته إياه ويزول ضمانه.
وظاهره أنه يلزم بمجرد العقد على المذهب ولا يصح القبض إلا بإذنه على المذهب كما في الهبة على ما يأتي في باب الهبة.
قوله: "وتصرف الراهن في الرهن لا يصح إلا بالعتق فإنه ينفذ وتؤخذ منه قيمته رهنا مكانه".
إذا تصرف الراهن في الرهن فلا يخلو إما أن يكون بالعتق أو بغيره فإن كان بالعتق فالصحيح من المذهب أنه ينفذ وسواء كان موسرا أو معسرا وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في المعسر.
قال الزركشي وهو المشهور والمختار من الروايات للأكثرين.
ويحتمل أن لا ينفذ عتق المعسر ذكره في المحرر تخريجا وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في بعض نسخ المقنع كذلك اختارها أبو محمد الجوزي.
قلت وهو قوى في النظر.
وهي طريقة بعض الأصحاب إن كان المعتق معسرا استسعى العبد بقدر قيمته تجعل رهنا وقيل لا يصح عتق الموسر أيضا وذكره في المبهج وغيره رواية واختاره صاحب المبهج.
وقال في الفائق وعنه لا ينفذ عتق الموسر بغيره واختاره شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فعلى المذهب في الموسر يؤخذ منه قيمته رهنا على الصحيح من المذهب.
وخيره أبو بكر في التنبيه بين الرجوع بقيمته وبين أخذ عبد مثله.
وعلى المذهب في الموسر يؤخذ منه قيمته رهنا على الصحيح من المذهب ة على المذهب في المعسر متى أيسر بقيمته قبل حلول الدين أخذت وجعلت رهنا وأما بعد الحلول فلا فائدة في أخذها رهنا بل يؤمر بالوفاء.
فائدتان
إحداهما حيث قلنا يأخذ القيمة فإنها تكون وقت العتق.
وحيث قلنا لا ينفذ عتقه فقال الزركشي ظاهر كلام الأصحاب أنه لا ينفذ بعد زوال الرهن وفي الرعاية احتمال بالنفوذ.
الثانية يحرم على الراهن عتقه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يحرم ويأتي إذا أقر بعتقه أو بيعه أو غيرهما في كلام المصنف قريبا.
وإن كان تصرف الراهن بغير العتق لم يصح تصرفه مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف هنا وهو أصح وجزم به كثير منهم.
وقيل يصح وقفه.
وقال القاضي وجماعة يصح تزويج الأمة ويمنع الزوج من وطئها ومهرها رهن معها وقاله أبو بكر وذكره عن الإمام أحمد واختاره ابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في التلخيص والحاويين والفائق.
وفي طريقة بعض الأصحاب يصح بيع الراهن للرهن ويلزمه ويقف لزومه في حق المرتهن كبيع الخيار.
وتقدم في كتاب الزكاة حكم إخراجها من المرهون.
قوله: "وإن وطى ء الجارية فأولدها خرجت من الرهن".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي وعامة الأصحاب يجزمون بذلك بخلاف العتق لأن الفعل أولى من القول بدليل نفوذ إيلاد المجنون دون عتقه.
وظاهر كلامه في التلخيص إجراء الخلاف فيه فإنه قال والاستيلاد مرتب على العتق وأولى بالنفوذ لأنه فعل انتهى.
فائدة للراهن الوطء بشرط ذكره في عيون المسائل والمنتخب نقله في الفروع في الكتابة
قوله: "وأخذت منه قيمتها فجعلت رهنا".
وهذا بلا نزاع وأكثر الأصحاب قالوا كما قال المصنف.
وقال بعضهم يتأخر الضمان حتى تضع فتلزمه قيمتها يوم أحبلها قاله في القاعدة الرابعة والثمانين.
فائدة له غرس الأرض إذا كان الدين مؤجلا في أصح الاحتمالين وأطلقهما في الفروع.
ولا يمنع من سقى شجر وتلقيح وإنزاء فحل على إناث مرهونة على الصحيح من المذهب قطع به في المذهب وقدمه في التبصرة والفروع.
وقيل يمنع.
ولا يمنع من مداواة وفصد ونحوه بل من قطع سلعة فيها خطر.
ويمنع من ختانة إلا مع دين مؤجل يبرأ قبل حله.
وللمرتهن مداواة ما فيه للمصلحة قاله المصنف وغيره.
قوله: "وإن أذن المرتهن له في بيع الرهن أو هبته ونحو ذلك ففعل صح وبطل الرهن".
بلا نزاع في الجملة إلا أن يأذن له في بيعه بشرط أن يجعل ثمنه رهنا فهذا الشرط صحيح ويصير رهنا على الصحيح من المذهب جزم به في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع صح وصار ثمنه رهنا في الأصح وذكر الشيخ صحة الشرط وذكره في الترغيب وأن الثواب في الهبة كذلك انتهى.
وقيل يبطل الرهن.
فوائد
الأولى يجوز للمرتهن الرجوع في كل تصرف أذن فيه بلا نزاع فلو ادعى أنه رجع قبل البيع فهل يقبل قوله: "على وجهين وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
أحدهما يقبل قوله واختاره القاضي واقتصر عليه في المغنى.
والثاني لا يقبل قوله.
قلت وهو الصواب.
الثانية لو ثبت رجوعه وتصرف الراهن جاهلا رجوعه فهل يصح تصرفه على وجهين وأطلقهما في المحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاويين والفائق والمغنى والشرح والكافي وقالا بناء على تصرف الوكيل بعد عزله قبل علمه.
والصحيح من المذهب هناك أنه ينعزل كما يأتي فكذا هنا.
ولا يصح تصرفه هنا على الصحيح من المذهب أيضا.
الثالثة لو باعه الراهن بإذن المرتهن بعد أن حل الدين صح البيع وصار ثمنه رهنا بمعنى أنه يأخذ الدين منه وهذا المذهب وجزم به في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع صح وصار رهنا في الأصح.
وقيل لا يبقى ثمنه رهنا لو كان الدين غير حال ولم يشترط جعل ثمنه رهنا مكانه بل فيه الأمران فهل يبقى ثمنه رهنا أو يبطل الرهن فيه وجهان أطلقهما في المحرر والرعاية الكبرى والحاويين والفائق والمذهب والبلغة.
أحدهما يبقى ثمنه رهنا اختاره القاضي وقدمه في الرعاية الصغرى.