كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد
بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي
الصالحي
باب حكم العيوب في النكاح
.قوله : "فإن اختلفا في إمكان الجماع بالباقي فالقول قولها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الخلاصة والكافي والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الفروع قبل قوله: في الأصح.
ويحتمل أن القول قوله: وهو لأبي الخطاب واختاره بعض الأصحاب.
ومحله ما لم تكن بكرا صرح به في المحرر وغيره وهو واضح وأطلقهما في البلغة.
قوله : "الثاني أن يكون عنينا لا يمكنه الوطء".
العنين هو الذي لا يمكنه الوطء على الصحيح من المذهب.
وقيل: هو الذي له ذكر ولكنه لا ينتشر.
قوله : "فإن اعترف بذلك أجل سنة منذ ترافعه فإن وطى ء فيها وإلا فلها الفسخ".
إذا اعترف بالعنة أو أقامت هي بينة بها أجل سنة على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الفروع هذا المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب المنصوص والمختار لعامة الأصحاب انتهى.
واختار جماعة من الأصحاب أن لها الفسخ في الحال منهم أبو بكر في التنبيه والمجد في المحرر.
تنبيه: مفهوم قوله: وإن اعترف بذلك أجل أنه لو أنكر لا يؤجل ما لم تقم بينة وهو صحيح وهو المذهب اختاره القاضي في التعليق.
قال في الفروع والأصح لا يؤجل.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: يؤجل وقدمه في النظم.
وهو ظاهر كلام الخرقي وقاله القاضي في التعليق أيضا في موضع آخر.
وعنه يؤجل للبكر.
فعلى المذهب يحلف على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويحلف في الأصح.
قال الزركشي يحلف على الصحيح من الوجهين وجزم به في المنور.
وقدمه في المستوعب والمحرر والنظم.
وقيل: لا يحلف.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال القاضي الوجهان مبنيان على دعوى الطلاق.
فعلى المذهب لو نكل أجل على الصحيح من المذهب جزم به في المنور والزركشي.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل: ترد اليمين فيحلف ويؤجل.
فائدتان
إحداهما: المراد بالسنة هنا السنة الهلالية اثنى عشر شهرا هلاليا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا هو المفهوم من كلام العلماء فإنهم حيث أطلقوا السنة أرادوا بها الهلالية.
قال ولكن تعليلهم بالفصول يوهم خلاف ذلك.
قال ابن رجب وقرأت بخط ولد أبي المعالي ابن منجا يحكي عن والده أن المراد بالسنة هنا هي الشمسية الرومية وأنها هي الجامعة للفصول الأربعة التي تختلف الطباع باختلافها بخلاف الهلالية.
قال وما أظنه أخذ ذلك إلا من تعليل الأصحاب لا من تصريحهم به انتهى.
قلت الخطب في ذلك يسير والمدة متقاربة فإن زيادة السنة الشمسية على السنة الهلالية أحد عشر يوما وربع يوم أو خمس يوم.
الثانية: لو اعتزلت المرأة الرجل لم تحتسب عليه من المدة ولو عزل نفسه أو سافر احتسب عليه ذلك ذكره في البلغة.
وذكر في عمد الأدلة احتمالين هل يحتسب عليه في مدة نشوزها أم لا.
ووقع للقاضي في خلافه تردد.
وذكر فيه أيضا أنه لا يحتسب عليه بمدة الرجعة.
تنبيه شمل قوله: "فإن اعترفت أنه وطئها مرة بطل كونه عنينا".
الوطء في الحيض والإحرام وغيرهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل: لا يبطل كونه عنينا بوطئه في الحيض والإحرام.
قال القاضي هذا قياس المذهب.
قلت هذا ضعيف جدا.
فائدتان
إحداهما: يكفي في زوال العنة تغييب الحشفة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل: يشترط إيلاجه جميعه قطع به القاضي في الجامع ونقله عنه ابن عقيل.
فعلى الأول يكفي تغييب قدر الحشفة من الذكر المقطوع قدمه في الرعاية الكبرى والزركشي.
وقيل: يشترط إيلاج بقيته قاله القاضي في الجامع وقدمه بن رزين في شرحه وذكر الوجهين في المجرد.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
الثانية: لو وطئها في الردة لم تزل به العنة.
ذكره القاضي محل وفاق مع الشافعية.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب زوالها بذلك وهو الصواب.
قوله : "وإن وطئها في الدبر أو وطى ء غيرها لم تزل العنة".
وهو المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح والرعايتين وغيرهم.
ويحتمل أن تزول وهو وجه.
قال في الهداية ويخرج على قول الخرقي أنها تزول.
قال في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب لم تزل العنة على قول الخرقي وجزم به في المنور.
وهو مقتضى قول أبي بكر واختاره ابن عقيل.
وهو ظاهر ما جزم به بن عبدوس في تذكرته فإنه قال وتزول بإيلاج الحشفة في فرج.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والزركشي والفروع.
وقال لاختلاف أصحابنا في إمكان طريان العنة على ما في الترغيب وغيره. وعلى ما في المغني وغيره ولو أمكن لأنه بمعناه ولهذا جزم بأنه لو عجز لكبر أو مرض لا يرجى برؤه ضربت المدة انتهى.
قلت وهو الصواب.
قال في البلغة اختلف أصحابنا هل يمكن طريانها على وجهين.
وينبني عليها لو تعذر الوطء في إحدى الزوجتين أو كان يمكن في الدبر دون غيره.
قال في الرعايتين وإن وطى ء غيرها أو وطئها في الدبر أو في نكاح آخر لم تزل عنته لأنها قد تطرأ في الأصح.
وقيل: تزول كمن أقر بأنه وطئها في هذا النكاح.
قال الزركشي ولعل هذين الوجهين مبنيان على تصور طريان العنة.
وقد وقع للقاضي وابن عقيل أنها لا تطرأ وكلامهما هنا يدل على طريانهما.
قوله : "وإن ادعى أنه وطئها وقالت إنها عذراء وشهدت بذلك امرأة ثقة فالقول قولها".
الصحيح من المذهب أنه يكفي شهادة امرأة ثقة كالرضاع وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هي المشهورة وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المستوعب والرعاية والزركشي وغيرهم.
وعنه لا يقبل إلا اثنتان وأطلقهما في المغني والشرح.
فلو قال أزلت بكارتها ثم عادت وأنكرت هي كان القول قوله: بلا نزاع ويحلف على الصحيح من المذهب.
قطع به القاضي وأبو الخطاب وبن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب والسامري في المستوعب وأبو المعالي في الخلاصة والمجد وغيرهم.
وقيل: لا يمين عليها ويحتمله كلام الخرقي وبن أبي موسى قاله الزركشي.
فائدة: لو تزوج بكرا فادعت أنه عنين فكذبها وادعى أنه أصابها وظهرت ثيبا فادعت أن ثيوبتها بسبب آخر فالقول قول الزوج ذكره الأصحاب.
قال في القاعدة الثالثة عشر ويتخرج فيه وجه آخر.
قوله : "وإن كانت ثيبا فالقول قوله".
هذا إحدى الروايات جزم به في العمدة والوجيز ومنتخب الأزجي وغيرهم.
واختاره القاضي في كتاب الروايتين والمصنف والشارح وبن عبدوس في تذكرته.
وعنه القول قوله: وهو المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال الخرقي يخلى معها في بيت ويقال له أخرج ماءك على شيء فإن ادعت أنه ليس بمنى جعل على النار فإن ذاب فهو منى وبطل قولها.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها مهنا وأبو داود وأبو الحارث وغيرهم.
واختارها القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
فعلى هذا لو ادعت أنه منى غيره فقال في المبهج القول قولها
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي داود أن القول قولها
قلت وهو الصواب.
وقال أبو بكر في التنبيه يزوج امرأة من بيت المال.
قال القاضي لها دين.
وقال المصنف لها حظ من الجمال.
فإن ذكرت أنه قربها كذبت الأولى وخيرت الثانية في الإقامة والفراق ويكون الصداق من بيت المال وإن كذبته فرق بينه وبين الأولى وكان الصداق عليه من ماله.
واعتمد في ذلك على أثر رواه عن سمرة وضعفه الأصحاب وردوه منهم المصنف.
تنبيه اعلم أن المجد ومن تابعه خص الرواية الثانية بما إذا ادعى الوطء بعد ما ثبتت عنته وأجل لأنه انضم إلى عدم الوطء وجود ما يقتضي الفسخ.
وجعلوا على هذه الرواية إذا ادعى الوطء ابتداء وأنكر العنة أن القول قوله: مع يمينه وهي طريقة صاحب الفروع.
قال الزركشي وأطلق هذه الرواية جمهور الأصحاب ولفظها يشهد لهم فإنه قال إذا ادعت المرأة أن زوجها لا يصل إليها استحلفت انتهى.
فائدة: لو ادعت زوجة مجنون عنته ضربت له مدة عند ابن عقيل.
قلت وهو الصواب.
وعند القاضي لا تضرب وأطلقهما في الفروع.
وهل تبطل بحدوثه فلا يفسخ الولي فيه الوجهان قاله في الفروع.
قوله : "القسم الثاني يختص النساء وهو شيئان الرتق وهو كون الفرج مسدودا ملتصقا لا مسلك للذكر فيه وكذلك القرن والعفل وهو لحم يحدث فيه يسده.
فجعل الرتق السد وجعل القرن والعفل لحما يحدث في الفرج فهما في معنى الرتق إلا أنهما نوع آخر.
وهو قول القاضي في المجرد وتبعه أبو الخطاب وابن عقيل وصاحب الخلاصة وقدمه في الرعايتين.
وجعل القاضي في الخلاف الثلاثة لحما ينبت في الفرج.
ويحتمله كلام المصنف هنا وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقال أبو حفص العفل رغوة تمنع لذة الوطء وهو بعض القول الذي حكاه المصنف.
قال في الرعاية بعد هذا القول فإذن لا فسخ له في وجه.
وقال الزركشي وإذن في ثبوت الخيار به وجهان وأطلقهما في الفروع أيضا.
قلت الصواب ثبوته بذلك وهو ظاهر كلام المصنف وغيره.
وقيل: القرن عظم وهو من تتمة القول الذي ذكره المصنف.
وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب وقدمه في المستوعب.
قال صاحب المطلع والزركشي هو عظم أو غدة تمنع من ولوج الذكر.
وقالا العفل شيء يخرج من فرج المرأة وحيا الناقة شبيه بالأدرة التي للرجال في الخصية وعلى كلا الأقوال يثبت به الخيار على الصحيح.
وقال في الرعاية الكبرى فإذن لا فسخ له في وجه كما قال في العفل.
قوله : "والثاني الفتق وهو انخراق ما بين السبيلين وقيل: انخراق ما بين مخرج البول والمنى".
وكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقال في الخلاصة هو انخراق ما بين القبل والدبر أو ما بين مخرج البول والمنى.
وجزم في المحرر والوجيز والفروع أن الفتق انخراق ما بين السبيلين.
وقدم في الكافي أن الفتق انخراق ما بين مخرج البول والمنى.
وثبوت الخيار في الفتق من مفردات المذهب.
إذا علمت ذلك فانخراق ما بين السبيلين يثبت للزوج الخيار بلا خلاف أعلمه.
قال في الروضة أو وجد اختلاطهما لعلة لأن النفس تعافه أكثر.
وأما انخراق ما بين البول والمني فالصحيح أيضا من المذهب أنه يثبت به للزوج الخيار.
قال في الهداية والمستوعب يثبت به الخيار عند أصحابنا.
وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والبلغة والمنور وهو ظاهر ما قدمه في الكافي.
وقيل: لا يثبت به خيار وهو ظاهر ما قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا والمصنف.
وأطلقهما في المحرر والفروع والزركشي.
قوله : القسم الثالث مشترك بينهما وهو الجذام والبرص والجنون سواء كان مطبقا أو يخنق في الأحيان.
وقال في الواضح جنون غالب.
وقال في المغني أو إغماء لا إغماء مريض لم يدم.
قال الزركشي فإن زال العقل بمرض فهو إغماء لا يثبت خيارا.
فإن دام بعد المرض فهو جنون.
قوله : "واختلف أصحابنا في البخر واستطلاق البول والنجو والقروح السيالة في الفرج والناسور والباسور والخصى وهو قطع الخصيتين والسل وهو سل البيضتين والوجء وهو رضهما وفي كونه خنثى وفيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله أو حدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار على وجهين".
وأطلقهما في المحرر والشرح وشرح ابن منجا والفروع وتجريد العناية والحاوي الصغير والزركشي.
وأطلقهما في الرعايتين فيما سوى الخصى والسل والوجء.
وأطلقهما في البلغة في الجميع إلا فيما إذا حدث به عيب بعد العقد.
وأطلق في المستوعب وشرح بن رزين الخلاف فيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله.
وأطلق في المذهب الخلاف في الخصي والسل والوجء.
وإذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله.
أحدهما: يثبت الخيار في ذلك كله جزم به في الوجيز وصححه في التصحيح واختاره بن القيم.
وصححه في النظم فيما إذا حدث العيب بعد العقد.
واختاره بن عبدوس في تذكرته في غير ما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله أو حدث العيب بعد العقد.
واختاره أبو البقاء في الجميع وزاد وكل عيب يرد به المبيع.
قال الزركشي وهو غريب.
وقال أبو بكر وأبو حفص يثبت الخيار فيما إذا كان أحدهما لا يستمسك بوله ولا نحوه.
قال أبو الخطاب فيخرج على ذلك من به باسور وناسور وقروح سيالة في الفرج.
قال أبو حفص والخصاء عيب يرد به.
وقال أيضا أبو بكر وبن حامد يثبت الخيار بالبخر.
وقال في المستوعب إذا وجد أحد الزوجين خنثى فله الخيار في أظهر الوجهين.
واختار القاضي في تعليقه الجديد قاله الزركشي وصاحب المجرد قاله الناظم والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي والمصنف والشارح ثبوت الخيار فيما إذا حدث العيب بعد العقد وهو ظاهر كلام الخرقي فيه.
وقدم في الرعايتين ثبوت الخيار بالخصى والسل والوجء وصحح في المذهب ثبوت الخيار في البخر واستطلاق البول والنجو والبخر والناسور والباسور والقروح السيالة في الفرج والخنثى المشكل وحدوث هذه العيوب بعد العقد.
والوجه الثاني لا يثبت الخيار بذلك كله وهو مفهوم كلام الخرقي لأنه ذكر العيوب التي يثبت بها الخيار في فسخ النكاح ولم يذكر شيئا من هذه.
وقدم بن رزين في شرحه غير ما تقدم إطلاق الخلاف فيه.
وإليه ميل المصنف والشارح في غير حدوث العيب بعد العقد.
وظاهر كلام أبي حفص أنه لا يثبت الخيار بالبخر مع كونه عيبا.
وذكر القاضي في المجرد لو حدث به عيب بعد العقد لا يملك به الفسخ قاله الزركشي وهو مناقض لما تقدم عنه فيه.
واختاره أيضا في التعليق القديم.
اختاره أبو بكر في الخلاف وبن حامد وبن البنا وصححه في البلغة وقدمه في النظم.
تنبيهات
أحدها: قوله: في البخر وهو نتن الفم هو الصحيح.
قال ابن منجا هذا المذهب واختاره أبو بكر وقدمه في المغني والبلغة والشرح والرعايتين.
وقال بن حامد نتن في الفرج يثور عند الوطء.
قال المصنف والشارح إن أراد أنه يسمى بخرا ويثبت به الخيار وإلا فلا معنى له لأن نتن الفم يمنع مقاربة صاحبه إلا على كره.
وقال في الفروع البخر يشملهما.
وقال في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيره في كل منهما وجهان في ثبوت الخيار به.
وجزم بن عبدوس في تذكرته بثبوت الخيار بهما.
وقال في المستوعب بعد أن ذكر الخلاف بين أبي بكر وبن حامد وعلى قول أبي بكر وبن حامد يثبت الخيار.
وظاهر كلام الخرقي وأبي حفص أنه عيب لا يثبت به خيار.
الثاني: ظاهر قوله: "وفي كونه خنثى" أنه سواء كان مشكلا وقلنا يجوز نكاحه أو غير مشكل وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقال قاله جماعة.
وجزم به في المستوعب وتذكرة بن عبدوس.
وقال في الفروع وخصه في المغني بالمشكل وفي الرعاية عكسه.
قلت ظاهر كلامه في المغني يخالف ما قال فإنه قال وفي البخر وكون أحد الزوجين خنثى وجهان وأطلق الخنثى.
وقال في الرعايتين وبكون أحدهما خنثى غير مشكل أو مشكلا وصح نكاحه في وجه انتهى.
فما نقله المصنف عنهما مخالف لما هو موجود في كتابيهما والله أعلم.
وقال في المحرر والوجيز والحاوي الصغير وكون أحدهما خنثى غير مشكل فخصوا الخنثى بكونه غير مشكل وخصه في المذهب بكونه مشكلا.
الثالث: كثير من الأصحاب حكوا الخلاف في ذلك كله وجهين.
وحكى ابن عقيل في البخر روايتين.
وحكى في الترغيب والبلغة فيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله روايتين.
الرابع: ظاهر كلام المصنف ان ما عدا ما ذكره لا يثبت به خيار.
وكذا قال الشارح والزركشي.
وأطلق في الفروع في ثبوت الخيار بالاستحاضة والقرع في الرأس إذا كان له ريح منكرة الوجهين.
وأطلقهما في الاستحاضة في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يثبت بالاستحاضة الفسخ في أظهر الوجهين.
قلت الصواب ثبوت الخيار بذلك.
وألحق ابن رجب بالقرع روائح الإبط المنكرة التي تثور عند الجماع.
وأجرى في الموجز الخلاف في بول الكبير في الفراش.
واختار ابن عقيل في الفصول ثبوت الخيار بنضو الخلق كالرتق.
واختار ابن حمدان ثبوت الخيار فيما إذا كان الذكر كبيرا والفرج صغيرا.
وعن أبي البقاء العكبري ثبوت الخيار بكل عيب يرد به المبيع كما تقدم قريبا.
وقال أبو البقاء أيضا لو ذهب ذاهب إلى أن الشيخوخة في أحدهما يفسخ بها لم يبعد.
وقال بن القيم رحمه الله في الهدى فيمن به عيب كقطع يد أو رجل أو عمى أو خرس أو طرش وكل عيب يفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة يوجب الخيار وأنه أولى من البيع وإنما ينصرف الإطلاق إلى السلامة فهو كالمشروط عرفا انتهى.
قلت وما هو ببعيد وما في معناه إن لم يكن دخل في كلامه من عرف بالسرقة.
ونقل ابن منصور إذا كان عقيما أعجب إلي أن يبين لها.
ونقل حنبل إذا كان به جنون أو وسواس أو تغير في عقل وكان يعبث ويؤذى رأيت أن أفرق بينهما ولا يقيم على هذا.
الخامس مفهوم قوله: وإن وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله أنه إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به من غير جنسه ثبت به الخيار وهو صحيح وهو المذهب.
قال في البلغة والفروع والأصح ثبوته إن تغايرت ولم يستثن شيئا.
ويستثنى من ذلك إذا وجد المجبوب المرأة رتقاء.
قال المصنف والشارح فينبغي أن لا يثبت لهما الخيار.
وقيل: حكمه كالمماثل وقدمه في الفروع.
قوله : "وإن علم بالعيب وقت العقد أو قال قد رضيت به معيبا أو وجد منه دلالة على الرضى من وطء أو تمكين مع العلم بالعيب فلا خيار له".
بلا خلاف في العلم بالعيب أو الرضى به وأما التمكين فيأتي.
فائدة: خيار العيوب على التراخي على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وأبو الخطاب والمصنف والشارح والمجد وبن عبدوس وغيرهم.
قال في البلغة هذا أظهر الوجهين.
قال الناظم هذا أقوى الوجهين وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل: هو على الفور.
وقاله القاضي في المجرد وابن عقيل وبن البنا في الخصال.
قال ابن عقيل ومعناه أن المطالبة بحق الفسخ تكون على الفور فمتى أخر ما لم تجر العادة به بطل لأن الفسخ على الفور.
فعلى المذهب لا يبطل الخيار إلا بما يدل على الرضى من الوطء والتمكين مع العلم بالعيب أو يأتي بصريح الرضى.
قال الزركشي وجزم به المصنف هنا وغيره.
قال المجد لا يسقط خيار العنة إلا بالقول فلا يسقط بالتمكين من الاستمتاع ونحوه وجزم به في الوجيز والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لم نجد هذه التفرقة لغير الجد.
قوله : "ولا يجوز الفسخ إلا بحكم حاكم".
فينفسخ بنفسه أو يرده إلى من له الخيار على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية وغيرها وقدمه في الفروع.
وقال في الموجز يتولاه الحاكم.
وقال الشيخ تقي الدين ليس هو الفاسخ وإنما يأذن ويحكم به فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ فعقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم.
بصحته بلا نزاع لكن لو عقد هو أو فسخ فهو كفعله فيه الخلاف وإن عقد المستحق أو فسخ بلا حكم فأمر مختلف فيه فيحكم بصحته.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله جواز الفسخ بلا حكم في الرضى بعاجز عن الوطء كعاجز عن النفقة.
قال في القاعدة الثالثة والستين ورجح الشيخ تقي الدين أن جميع الفسوخ لا تتوقف على حكم حاكم.
فائدة لو فسخ مع غيبته ففي الانتصار الصحة وعدمها.
وقال في الترغيب لا يطلق على عنين كمول في أصح الروايتين.
قوله : "فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر وإن فسخ بعده فلها المهر المسمى".
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره ونصره المصنف والشارح وقدمه في المغني والمحرر والشرح والخلاصة والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل: عنه مهر المثل وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
وبنى القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول هاتين الروايتين على الروايتين في النكاح الفاسد هل الواجب فيه المسمى أو مهر المثل على ما يأتي في آخر الصداق.
وقيل: يجب مهر المثل في فسخ النكاح بشرط أو عيب قديم لا بما إذا حدث العيب بعد العقد.
قلت وهو قوي وقيد المجد الرواية بهذا.
وقيل: في فسخ الزوج بعيب قديم أو بشرط ينسب قدر نقص مهر المثل لأجل ذلك إلى مهر المثل كاملا فيسقط من المسمى بنسبته فسخ أو أمضى.
وقاسه القاضي في الخلاف على المبيع المعيب.
وحكاه بن شاقلا في بعض تعاليقه عن أبي بكر.
واختاره ابن عقيل ويحتمله كلام الشيرازي ورجحه الشيخ تقي الدين.
قلت وفيه قوة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا وكذلك إن ظهر الزوج معيبا فللزوجة الرجوع عليه بنقص مهر المثل وكذا في فوات شرطها.
قال ابن رجب وقد ذكر الأصحاب مثله في الغبن في البيع في باب الشفعة.
فائدة: الخلوة هنا كالخلوة في النكاح الذي لا خيار فيه.
قوله : "ويرجع به على من غره من المرأة والولي".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الخلاصة والرعايتين والفروع ويرجع على الغار على الأصح.
قال المصنف في المغني والصحيح أن المذهب رواية واحدة.
قال الشارح هذا المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار من الروايتين.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه لا يرجع اختاره أبو بكر في الخلاف وهو قول علي رضى الله عنه.
وقد روى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه رجع عن هذه الرواية.
قال في رواية بن الحكم كنت أذهب إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم هبته فملت إلى قول عمر رضي الله عنه.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
فائدة: قوله : "ويرجع بذلك على من غره من المرأة والولي".
وكذلك الوكيل وهذا المذهب.
فعلى هذا أيهم انفرد بالتغرير ضمن.
فلو أنكر الولي عدم علمه بذلك ولا بينة قبل قوله: مع يمينه وهو المذهب.
اختاره المصنف والشارح وبن رزين وغيرهم.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير فإن أنكر الغار علمه به ومثله يجهله وحلف بريء.
واستثنى من ذلك إذا كان العيب جنونا.
وقيل: القول قول الزوج إلا في عيوب الفرج.
وقيل: إن كان الولي مما يخفى عليه أمرها كأباعد العصبات فالقول قوله: وإلا فالقول قول الزوج.
اختاره القاضي وابن عقيل إلا أنه فصل بين عيوب الفرج وغيرها فسوى بين الأولياء كلهم في عيوب الفرج بخلاف غيرها وأطلقهن الزركشي.
وقال في الفروع ويقبل قول الولي في عدم علمه بالعيب فإن كان ممن له رؤيتها فوجهان.
وأما الوكيل إذا أنكر العلم بذلك فينبغي أن يكون القول قوله: مع يمينه بلا خلاف.
وأما المرأة فإنها تضمن إذا غرته لكن يشترط لتضمينها أن تكون عاقلة قاله ابن عقيل وشرط مع ذلك أبو عبد الله بن تيمية بلوغها.
فعلى هذا حكمها إذا ادعت عدم العلم بعيب نفسها واحتمل ذلك حكم الولي على ما تقدم قاله الزركشي.
فائدتان
إحداهما: لو وجد التغرير من المرأة والولي فالضمان على الولي على قول القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم لأنه المباشر.
وقال المصنف فيما إذا كان الغرر من المرأة والوكيل الضمان بينهما نصفان فيكون في كل من الولي والوكيل قولان.
وتقدم نظيرها في الغرر بالأمة على أنها حرة.
الثانية: مثلها في الرجوع على الغار لو زوج امرأة فأدخلوا عليه غيرها ويلحقه الولد ويجهز زوجته بالمهر الأول نص على ذلك.
قوله : "وليس لولي صغيرة أو مجنونة أو سيد أمة تزويجها معيبا ولا لولي كبيرة تزويجها به بغير رضاها".
بلا نزاع من حيث الجملة لكن لو خالف وفعل فثلاثة أوجه.
أحدها: الصحة مع جهله به وهو المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وشرح بن رزين.
وهو ظاهر الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
والثاني: لا يصح مطلقا وهو احتمال في المغني والشرح وصححه في النظم.
والثالث: يصح مطلقا.
فعلى المذهب هل له الفسخ إذن أو ينتظرها فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما له الفسخ إذا علم قدمه في المغني والشرح.
والوجه الثاني ينتظرها.
وذكر في الرعاية الخلاف إن أجبرها بغير كفء وصححه في الإيضاح مع جهله وتخير.
وذكر في الترغيب في تزويج مجنون أو مجنونة بمثله وملك الولي الفسخ وجهين.
قوله : "فإن اختارت الكبيرة نكاح مجبوب أو عنين لم يملك منعها".
هذا المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وصححه في النظم وقدمه في الفروع.
وقيل: له منعها قال المصنف هذا أولى.
قوله : فإن اختارت نكاح مجنون أو مجذوم أو أبرص فله منعها في أصح الوجهين" وهو المذهب.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والفروع فله منعها في الأصح.
قال في المغني والشرح هذا أولى الوجهين.
وقدمه بن رزين في شرحه وقال هذا أظهر وصححه في النظم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: لا يملك منعها.
فائدتان
إحداهما: الذي يملك منعها وليها العاقد للنكاح على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع.
وقيل: لبقية الأولياء المنع كما قلنا في الكفاءة.
قلت وهو أولى وجزم به بن رزين في شرحه.
الثانية: قوله : وإن علمت العيب بعد العقد أو حدث به لم يملك إجبارها على الفسخ.
بلا نزاع لأن حق الولي في ابتدائه لا في دوامه قاله الأصحاب.
باب نكاح الكفار
قوله : "وحكمه حكم نكاح المسلمين فيما يجب به وتحريم المحرمات".هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال في الترغيب حكمه حكم نكاح المسلمين في ظاهر المذهب.
قوله : "ويقرون على الأنكحة المحرمة ما اعتقدوا حلها ولم يرتفعوا إلينا".
هذا المذهب بهذين الشرطين نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه في مجوسي تزوج كتابية أو اشترى نصرانية يحول الإمام بينهما.
فيخرج من هذا أنهم لا يقرون على نكاح محرم.
وهو لأبي الخطاب في الهداية قال في المحرر وغيره لا يقرون على مالا مساغ له في الإسلام كنكاح ذات المحارم ونكاح المجوسي الكتابية ونحوه.
وتقدم في باب المحرمات في النكاح هل يجوز للمجوسي نكاح الكتابية.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله والصواب أن أنكحتهم المحرمة في دين الإسلام حرام مطلقا فإذا لم يسلموا عوقبوا عليها وإن أسلموا عفى لهم عنها لعدم اعتقادهم تحريمها.
وأما الصحة والفساد فالصواب أنها صحيحة من وجه فاسدة من وجه فإن أريد بالصحة إباحة التصرف فإنما يباح لهم بشرط الإسلام وإن أريد نفوذه وترتب أحكام الزوجية عليه من حصول الحل به للمطلق ثلاثا ووقوع الطلاق فيه وثبوت الإحصان به فصحيح.
وهذا مما يقوى طريقة من فرق بين أن يكون التحريم لعين المرأة أو لوصف لأن ترتب هذه الأحكام على نكاح المحارم بعيد جدا.
وقد أطلق أبو بكر وبن أبي موسى وغيرهما صحة أنكحتهم مع تصريحهم بأنه لا يحصل الإحصان بنكاح ذوات المحارم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى أيضا رأيت لأصحابنا في أنكحتهم أربعة أقوال.
أحدها: هي صحيحة وقد يقال هي في حكم الصحة.
والثاني: ما أقروا عليه فهو صحيح وما لم يقروا عليه فهو فاسد وهو قول القاضي في الجامع وابن عقيل وأبي محمد.
والثالث: ما أمكن إقرارهم عليه فهو صحيح وما لا فلا.
والرابع: أن كل ما فسد من مناكح المسلمين فسد من نكاحهم وهو قول القاضي في المجرد انتهى.
قوله : "وإن كان في أثنائه يعني إذا أسلموا وترافعوا إلينا في أثناء العقد لم نتعرض لكيفية عقدهم بل إن كانت المرأة ممن لا يجوز ابتداء نكاحها كذات محرمه ومن هي في عدتها أو شرط الخيار في نكاحها متى شاء أو مدة هما فيها أو مطلقته ثلاثا فرق بينهما وإلا أقرا على النكاح".
إذا أسلموا أو ترافعوا إلينا في أثناء العقد والمرأة ممن لا يجوز ابتداء نكاحها فرق بينهما مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا يفسخ إلا مع مفسد مؤبد أو مجمع عليه.
فلو تزوجها وهي في عدتها وأسلما أو ترافعا إلينا فإن كان تزوجها في عدة مسلم فرق بينهما بلا نزاع.
وإن كان في عدة كافر فجزم المصنف هنا أنه يفرق بينهما وهو المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم.
وعنه لا يفرق بينهما نص عليه صححه في النظم وقدمه في الرعاية الكبرى.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع.
تنبيه: شمل كلامه ولو كانت حبلى من زنا قبل العقد وهو أحد الوجهين أو الروايتين.
أحدهما: يفرق بينهما وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
جزم به في المنور وهو الصواب.
والثاني: لا يفرق بينهما وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وأما إذا شرط الخيار في نكاحها متى شاء أو مدة هما فيها فجزم المصنف بأن يفرق بينهما وهو المذهب.
جزم به في الخلاصة والكافي والمغني والبلغة والشرح والوجيز وغيرهم وجزم به في المذهب في الأولى.
وقيل: لا يفرق بينهما وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وأما إذا استدام مطلقته ثلاثة وهو معتقد حله فجزم المصنف أنه يفرق بينهما وهو المذهب.
قال في الفروع لم يقر على الأصح.
وجزم به في الخلاصة والمنور والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا يفرق بينهما واختاره في المحرر فيما إذا أسلما.
تنبيه مفهوم ق:وله: "وإن قهر حربي حربية فوطئها أو طاوعته واعتقداه نكاحا أقرا وإلا فلا".
أنه لو فعل ذلك أهل الذمة أنهم لا يقرون عليه وهو ظاهر كلام غيره وصرح به في الترغيب وجزم به البلغة.
ظاهر كلام المصنف في المغني والشارح أنهم كأهل الحرب.
قلت وهو الصواب.
قوله : "وإن كان المهر مسمى صحيحا أو فاسدا قبضته استقر".
وهذا بلا نزاع لكن لو أسلما فانقلبت خمر خلا وطلق فهل يرجع بنصفه أم لا فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب رجوعه بنصفه.
ولو تلف الخل ثم طلق ففي رجوعه بنصف مثله احتمالان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب رجوعه بنصف مثله لأنه مثلى.
قوله : "وإن كان فاسدا لم تقبضه فرض لها مهر المثل".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا شيء لها في خمر وخنزير معين وهو رواية مخرجة خرجها القاضي.
فائدة: لو كانت قبضت بعض المسمى الفاسد وجب لها حصة ما بقي من مهر المثل ويعتبر قدر الحصة فيما يدخله الكيل والوزن وفيما يدخله العد بعده على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وقيل: بقيمته عند أهله وأطلقهما في الفروع.
قال المصنف الشارح لو أصدقها عشر زقاق خمر متساوية فقبضت نصفها وجب لها نصف مهر المثل.
وإن كانت مختلفة اعتبر ذلك بالكيل في أحد الوجهين.
والثاني يقسم على عددها.
وإن أصدقها عشر خنازير ففيه الوجهان.
أحدهما: يقسم على عددها.
والثاني: يعتبر قيمتها.
وإن أصدقها كلبا وخنزيرين وثلاث زقاق خمر فثلاثة أوجه.
أحدها: يقسم على قدر قيمتها عندهم.
والثاني: يقسم على عدد الأجناس فيجعل لكل جزء ثلث المهر.
والثالث: يقسم على المعدود كله فيجعل لكل واحد سدس المهر.
تنبيه ظاهر قوله : "وإذا أسلم الزوجان معا فهما على نكاحهما".
أن يتلفظا بالإسلام دفعة واحدة وهو صحيح وهو المذهب من حيث الجملة.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يدخل في المعية لو شرع الثاني قبل أن يفرغ الأول.
وقيل: هما على نكاحهما إن أسلما في المجلس وهو احتمال في المغني.
قلت وهو الصواب لأن تلفظهما بالإسلام دفعة واحدة فيه عسر واختاره الناظم.
قوله : "وإن أسلمت الكتابية أو أحد الزوجين غير الكتابيين قبل الدخول انفسخ النكاح" بلا نزاع.
"فإن كانت هي المسلمة فلا مهر لها".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
قال الزركشي قطع بهذا جمهور الأصحاب ونص عليه.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه لها نصف المهر اختاره أبو بكر.
قلت وهو أولى وأطلقهما في تجريد العناية.
قال الزركشي وحكى أبو محمد رواية بأن لها نصف المهر وأنها اختيار أبي بكر نظرا إلى أن الفرقة جاءت من قبل الزوج بتأخره عن الإسلام.
والمنقول في رواية الأثرم التوقف انتهى.
قوله : "وإن أسلم قبلها فلها نصف المهر".
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب أيضا.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال في الهداية وهي اختيار عامة أصحابنا.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين والمختار للأصحاب الخرقي وأبي بكر والقاضي وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح.
وهذا من غير الأكثر الذي ذكرناه عن الفروع في الخطبة.
وعنه لا شيء لها جزم به في المنور وغيره وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وتجريد العناية.
ويأتي ذلك أيضا في كلام المصنف في كتاب الصداق فيما ينصف المهر.
فعلى الأول إن أسلما وقالت سبقتني وقال أنت سبقتني فالقول قوله: ولها نصف المهر قاله الأصحاب.
وإن قالا سبق أحدنا ولا نعلم عينه فلها أيضا نصف المهر على الصحيح من المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وصححه في المغني والشرح والنظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي إن لم تكن قبضته لم تطالبه بشيء وإن كانت قبضته لم يرجع عليها بما فوق النصف.
قوله : "وإن قال أسلمنا معا فنحن على النكاح وأنكرته فعلى وجهين".
وأطلقهما في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والفروع وشرح ابن منجا والقواعد الفقهية.
وظاهر المغني والشرح إطلاق الخلاف.
أحدهما: القول قولها. وهو المذهب لأن الظاهر معها اختاره القاضي.
قال في الخلاصة فالقول قولها على الأصح وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والحاوي الصغير وشرح بن رزين.
قلت وهو الصواب.
والثاني القول قوله. لأن الأصل بقاء النكاح صححه في التصحيح وتصحيح المحرر واختاره بن عبدوس في تذكرته جزم به في الوجيز.
قوله : "وإن أسلم أحدهما قبل الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايات.
قال أبو بكر رواه عنه نحو من خمسين رجلا والمختار لعامة الأصحاب الخرقي والقاضي وأصحابه والشيخان وغير واحد.
قال في الرعاية الكبرى هذا أظهر وأولى وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والحاوي وغيرهم.
وعنه أن الفرقة تتعجل بإسلام أحدهما كما قبل الدخول اختاره الخلال وصاحبه أبو بكر وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
وعنه رواية ثالثة الوقف بإسلام الكتابية والانفساخ بغيرها.
قال الزركشي وعنه رواية رابعة بالوقف وقال أحب إلي الوقف عندها.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيما إذا أسلمت قبله بقاء نكاحه قبل الدخول وبعده ما لم تنكح غيره والأمر إليها ولا حكم له عليها ولا حق لها عليه وكذا لو أسلم قبلها وليس له حبسها وأنها متى أسلمت ولو قبل الدخول وبعد العدة فهي امرأته إن اختار انتهى.
قوه- مفرعا على المذهب "فإن أسلم الثاني قبل انقضائها فهما على نكاحهما وإلا تبينا أن الفرقة وقعت حين أسلم الأول".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله.
تنبيه: مفهوم قوله : "وقف الأمر على انقضاء العدة" أنه ليس له عليها سبيل بعد انقضائها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال الزركشي وقيل: عنه ما يدل على رواية وهي الأخذ بظاهر حديث زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأنها ترد له ولو بعد العدة.
قوله : "فعلى هذا" يعني على القول بأن الأمر يقف على انقضاء العدة.
"لو وطئها في عدتها ولم يسلم الثاني فعليه المهر وإن أسلم فلا شيء لها".
بلا نزاع على هذا البناء.
وقوله : "وإذا أسلمت قبله فلها نفقة العدة وإن كان هو المسلم فلا نفقة لها".
هذا المذهب مطلقا جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والعمدة والوجيز والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل: لها النفقة إن أسلمت بعده في العدة.
وأطلقهما في الرعاية الصغرى.
وقال في الرعاية الكبرى وإن أسلمت بعده في العدة وهي غير كتابية فهل لها النفقة فيما بين إسلامهما على وجهين.
قوله : "وإن اختلفا في السابق منهما فالقول قوله: في أحد الوجهين".
وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: القول قوله: وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
فوائد
إحداها: لو اتفقا على أنها أسلمت بعده وقالت أسلمت في العدة وقال بل بعدها كان القول قولها
الثانية: لو لاعن ثم أسلم صح لعانه وإلا فسد ففي الحد إذن وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع وقال هما فيمن ظن صحة نكاحه فلاعن ثم بان فساده.
الثالثة: قوله : "وإن ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر لها إن كانت هي المرتدة وإن كان هو المرتد فلها نصف المهر" بلا نزاع.
لكن لو ارتدا معا فهل يتنصف المهر أو يسقط فيه وجهان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والفروع والحاوي الصغير والزركشي.
وظاهر كلامه في المنور أنه يسقط.
وقال في الرعاية الكبرى وإن كفرا أو أحدهما قبل الدخول بطل العقد وإن سبقها وحده أو كفر وحده فلها نصف المهر وإلا يسقط.
وقيل: إن كفرا معا وجب.
وقيل: فيه وجهان.
فقدم السقوط وكذا قدم في الرعاية الصغرى.
وجزم به في الوجيز وصححه في تصحيح المحرر.
قال الزركشي في شرح الوجيز والأظهر التنصيف.
قوله : "وإن كانت الردة بعد الدخول فهل تتعجل الفرقة أو تقف على انقضاء العدة على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والهادي والمحرر والنظم والفروع والحاوي الصغير والبلغة وتجريد العناية.
إحداهما: تقف على انقضاء العدة صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي واختاره الخرقي.
وقال الزركشي في شرح الوجيز وهو المذهب ونصره المصنف.
قال ابن منجا هذا المذهب ومال إليه الشارح وهو الصحيح.
والثاني: تتعجل الفرقة اختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الخلاصة والرعايتين والزبدة وإدراك الغاية.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله هنا مثل اختياره فيما إذا أسلم أحدهما بعد الدخول كما تقدم قريبا.
قوله : "فإن كان هو المرتد فلها نفقة العدة".
هذا مبني على القول بأن النكاح يقف على انقضاء العدة قاله في المحرر وغيره.
فائدة: لو وطئها أو طلقها وقلنا لا تتعجل الفرقة ففي وجوب المهر ووقوع الطلاق خلاف ذكره في الانتصار.
قلت جزم المصنف والشارح بوجوب المهر إذا لم يسلما حتى انقضت العدة.
قوله : "وإن انتقل أحد الكتابيين إلى دين لا يقر عليه فهو كردته".
إن انتقل الزوجان أو أحدهما إلى دين لا يقر عليه أو تمجس كتابي تحته كتابية فكالردة بلا نزاع.
وإن تمجست المرأة تحت كتابي فظاهر كلام المصنف أنه كالردة أيضا وهو أحد الوجهين جزم به في المستوعب والمغني والشرح والمنور.
وهو الصواب لأنها لا تقر عليه وإن كانت تباح للكتابي على الصحيح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقيل: النكاح بحاله.
جزم به في الوجيز وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قلت قد تقدم في باب المحرمات في النكاح أن الكتابي يجوز له نكاح المجوسية على الصحيح من المذهب وهذا في معناه.
قوله : "وإن أسلم كافر وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه اختار منهن أربعا وفارق سائرهن".
إن كان مكلفا اختار وإن كان صغيرا لم يصح اختياره والصحيح من المذهب لا يختار له الولي ويقف الأمر حتى يبلغ قاله الأصحاب لأنه راجع إلى الشهوة والإرادة.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن وليه يقوم مقامه في التعيين وضعف الوقف.
وخرج بعض الأصحاب صحة اختيار الأب منهن وفسخه على صحة طلاقه عليه.
قال في الرعاية الكبرى قلت فإن قلنا يصح طلاق والده عليه صح اختياره له وإلا فلا.
فعلى المذهب يوقف الأمر حتى يبلغ فيختار على الصحيح قاله القاضي في الجامع وجزم به في المغني والشرح.
وقال القاضي في المجرد يوقف الأمر حتى يبلغ عشر سنين فيختار.
وأطلقهما في المستوعب والرعاية الكبرى.
وقال قلت إن صح إسلامه بنفسه صح اختياره وإلا فلا.
وقال ابن عقيل يوقف الأمر حتى يراهق ويبلغ أربع عشر سنة فيختار.
فائدة لو أسلم على أكثر من أربع أو على أختين فاختار أربعا أو إحدى الأختين فقال المصنف والشارح يعتزل المختارات ولا يطأ الرابعة حتى تنقضي عدة المفارقة.
فلو كن خمسا ففارق إحداهن فله وطء ثلاثا من المختارات ولا يطأ الرابعة حتى تنقضي عدة المفارقة وعلى ذلك فقس وكذلك الأخت.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله في شرح المحرر وفي هذا نظر فإن ظاهر السنة يخالف ذلك.
قال وقد تأملت كلام عامة أصحابنا فوجدتهم قد ذكروا أنه يمسك أربعا ولم يشترطوا في جواز وطئه انقضاء العدة لا في جمع العدد ولا في جمع الرحم.
ولو كان لهذا أصل عندهم لم يغفلوه فإنهم دائما ينبهون في مثل هذا على اعتزال الزوجة كما ذكره الإمام أحمد رحمه الله فيما إذا وطى ء أخت امرأته بنكاح فاسد أو زنا بها وقال هذا هو الصواب فإن هذه العدة تابعة لنكاحها وقد عفا الله عن جميع نكاحها فكذلك يعفو عن توابع ذلك النكاح وهذا بعد الإسلام لم يجمع عقدا ولا وطئا انتهى.
وتقدم في المحرمات في النكاح إذا زنا بامرأة وله أربع نسوة هل يعتزل الأربع حتى يستبرئ الرابعة أو واحدة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره جواز الاختيار في حال إحرامه وهو صحيح وهو المذهب.
قدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه بن رزين في شرحه لأنه استدامة.
وقال القاضي لا يختار والحالة هذه وأطلقهما في الفروع.
فوائد
إحداها: موت الزوجات لا يمنع اختيارهن فلو أسلم وتحته ثمان نسوة أسلم معه أربع منهن ثم متن ثم أسلم البواقي في العدة فله أن يختار الأحياء ويتبين أن الفرقة وقعت بينه وبين الموتى باختلاف الدين فلا يرثهن.
وله ان يختار الموتى فيرثهن ويتبين أن الأحياء بن لاختلاف الدين وعدتهن من ذلك الوقت.
ذكره القاضي في الجامع لأن الاختيار ليس بإنشاء عقد في الحال وإنما تبين به من كانت زوجته والتبين يصح في الموتى كما يصح في الأحياء.
وقاله المصنف والشارح وغيرهما.
الثانية: لو أسلم وتحته أكثر من أربع أو من لا يجوز جمعه في الإسلام فاختار وانفسخ نكاح العدد الزائد قبل الدخول فلا مهر لهن.
ذكره القاضي في الجامع والخلاف وجزم به صاحب المغني والمحرر.
قال في القواعد ويتخرج وجه بوجوب نصف المهر.
الثالثة: صفة الاختيار أن يقول اخترت نكاح هؤلاء أو أمسكتهن أو اخترت حبسهن أو إمساكهن أو نكاحهن ونحوه أو يقول تركت هؤلاء أو فسخت نكاحهن أو اخترت مفارقتهن ونحوه فيثبت نكاح الأخر وإن لم يختر أجبر عليه بحبس وتعزير.
وعدة ذوات الفسخ منذ اختار على الصحيح.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والمحرر والنظم وغيرهم.
قال في القواعد الفقهية هذا المشهور.
وقيل: منذ أسلم وأطلقهما في الفروع.
ويأتي إذا اختار أربعا قد أسلمن أن عدة البواقي إن لم يسلمن من وقت إسلامه وكذا إن أسلمن على الصحيح.
قوله : "فإن طلق إحداهن أو وطئها كان اختيارا لها".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والشرح والنظم والوجيز والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وجزم به الزركشي في الطلاق وقدمه في الوطء.
وقال المصنف والشارح وإن وطى ء كان اختيارا في قياس المذهب وقدمه فيهما في الفروع.
وقيل: ليس اختيارا فيهما.
وفي الواضح وجه أن الوطء هنا كالوطء في الرجعة.
وذكر القاضي في التعليق في باب الرجعة أن الوطء لا يكون اختيارا.
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة لو أسلم الكافر وعنده أكثر من أربع نسوة فأسلمن أو كن كتابيات فالأظهر أن له وطء أربع منهن ويكون اختيارا منه لأن التحريم إنما يتعلق بالزيادة على الأربع.
وكلام القاضي قد يدل على هذا.
وقد يدل على تحريم الجميع قبل الاختيار انتهى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف في الطلاق أنه سواء كان بلفظ الطلاق أو السراح أو الفراق وهو صحيح لكن يشترط أن ينوي بلفظ السراح أو الفراق الطلاق وهذا المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع.
وقال القاضي في الفراق عند الإطلاق وجهان.
أحدهما: أنه يكون اختيارا للمفارقات لأن لفظ الفراق صريح في الطلاق.
قال المصنف والشارح والأول أولى.
وقال في الكافي والبلغة والرعاية الكبرى وفي لفظ الفراق والسراح وجهان يعنون هل يكون فسخا للنكاح أو اختيارا له.
واختار في الترغيب أن لفظ الفراق هنا ليس طلاقا ولا اختيارا للخبر.
قوله : "وإن طلق الجميع ثلاثا أقرع بينهن فأخرج بالقرعة أربعا منهن وله نكاح البواقي".
يعني بعد انقضاء عدتهن صرح به الأصحاب.
وهذا المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل: لا قرعة ويحرمن عليه ولا يبحن إلا بعد زوج وإصابة.
قال القاضي في خلافه في كتاب البيع يطلق الجميع ثلاثا.
قال في القواعد وهذا يرجع إلى أن الطلاق فسخ وليس باختيار.
ولكن يلزم منه أن يكون للرجل في الإسلام أكثر من أربع زوجات يتصرف فيهن بخصائص ملك النكاح من الطلاق وغيره وهو بعيد.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله ان الطلاق هنا فسخ ولا يحتسب به من الطلاق الثلاث وليس باختيار.
فائدة: لو وطى ء الكل تعين له الأول.
قوله : "وإن ظاهر أو آلى من إحداهن فهل يكون اختيارا لها على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح ابن منجا.
أحدهما: لا يكون اختيارا وهو المذهب صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
قال في البلغة لم يكن اختيارا على الأصح.
قال الزركشي هذا أشهر الوجهين واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز ونهاية بن رزين.
وهو ظاهر ما جزم به الأزجي في منتخبه وقدمه في الكافي.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو الذي ذكره القاضي في الجامع والمجرد وابن عقيل.
والوجه الثاني: يكون اختيارا وهو احتمال في الكافي.
قال في المنور لو ظاهر منها فمختارة.
وقال في إدراك الغاية وتجريد العناية وطلاقه ووطؤه اختيار لاظهاره وإيلاؤه في وجه.
قوله : "وإن مات فعلى الجميع عدة الوفاة".
هذا أحد الوجهين اختاره القاضي في الجامع وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
ويحتمل أن يلزمهن أطول الأمرين من ذلك أو ثلاثة قروء إن كن ممن يحضن أو إن كانت حاملا فبوضعه والآيسة والصغيرة عدة الوفاة وهو المذهب.
قال الشارح هذا الصحيح والأولى والقول الأول لا يصح.
وجزم به في الفصول والكافي والمغني وقدمه في تجريد العناية.
قلت وهو الصواب وأطلقهما في البلغة والفروع.
وقيل: يلزمهن الأطول من عدة الوفاة أو عدة الطلاق وقطع به القاضي في المجرد.
قال في الرعايتين لزمهن عدة الوفاة.
وقيل: يلزم المدخول بها الأطول من عدة الوفاة أو عدة طلاق من حين الإسلام.
وقيل: هذا إن كن ذوات أقراء وإلا فعدة وفاة كمن لم يدخل بها انتهى.
فوائد
إحداها: لو أسلم معه البعض دون البعض ولسن بكتابيات لم يخير في غير مسلمة وله إمساك من شاء عاجلا وتأخيره حتى يسلم من بقى أو تفرغ عدتهن هذا المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته والفروع وغيرهما.
وقيل: متى نقص الكوافر عن أربع لزمه تعجيله بقدر النقص.
وإذا عجل اختيار أربع قد أسلمن فعدة البواقي إن لم يسلمن من وقت إسلامه وكذا إن أسلمن على الصحيح.
قدمه في الرعايتين والزبدة وصححه في تصحيح المحرر والنظم وغيرهما.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقيل: تعتد من وقت اختياره.
قال في الرعايتين وهو أولى.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
وإذا انقضت عدة البواقي ولم يسلم إلا أربع أو أقل فقد لزم نكاحهن.
ولو اختار أولا فسخ نكاح مسلمة صح إن تقدمه إسلام أربع سواها وإلا لم يصح بحال وهذا الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وجزم به بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقيل: يوقف فإن نكل بعد إسلام أربع سواها ثبت الفسخ فيها وإلا بطل.
الثانية: لو أسلمت المرأة ولها زوجان أو أكثر تزوجاها في عقد واحد لم يكن لها أن تختار أحدهما ذكره القاضي محل وفاق.
الثالثة: قوله : "وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما".
بلا نزاع لكن المهر يكون للأم.
قاله في الترغيب وغيره وجزم به في الفروع.
قوله : "وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن معه وكان في حال اجتماعهم على الإسلام ممن يحل له الإماء فله الاختيار منهن وإلا فسد نكاحهن".
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر إن كان قد دخل بهن ثم أسلم ثم أسلمن في عدتهن لا يجوز له الاختيار هنا بل يبن بمجرد إسلامه ورده المصنف وغيره.
قوله : "وإن أسلم وهو موسر فلم يسلمن حتى أعسر فله الاختيار منهن".
قطع به الأصحاب.
وقال في الفروع اختار إن جاز له نكاحهن وقت اجتماع إسلامه بإسلامهن وإلا فسد.
وإن تنجزت الفرقة اعتبر عدم الطول وخوف العنت وقت إسلامه قاله في الترغيب.
تنبيه: مفهوم قوله : "وإن عتقت ثم أسلمت ثم أسلمن لم يكن له الاختيار من البواقي".
أنها لو عتقت ثم أسلمت بعد إسلامهن كان له الاختيار وهو أحد الوجهين.
والوجه الثاني: ليس له الاختيار بل تتعين الأولى إن كانت تعفه وهو المذهب قدمه في الفروع وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
تنبيه: قوله : "وإن أسلم وتحته حرة وإماء فأسلمت الحرة في عدتها قبلهن أو بعدهن انفسخ نكاحهن".
وتعينت الحرة إن كانت تعفه.
هذا مقيد بما إذا لم تعتق الإماء ثم يسلمن في العدة فأما إن عتقن ثم أسلمن في العدة فإن حكمهن كالحرائر.
فائدة: قوله: "وإن أسلم عبدة وتحته إماء فأسلمن معه ثم عتق فله أن يختار منهن".
هذا صحيح لكن لو أسلم وتحته أربع إماء فأسلمت اثنتان ثم عتقن فأسلمت الثنتان الباقيتان كان له أن يختار من الجميع أيضا على أحد الوجهين.
وجزم به في الرعاية.
والوجه الثاني: يتعين الأولتان وأطلقهما في الفروع.
قوله : "وإن أسلم وعتق ثم أسلمن فحكمه حكم الحر لا يجوز له أن يختار منهن إلا بوجود الشرطين فيه".
بلا نزاع أعلمه.
فائدة: لو كان تحته أحرار فأسلم وأسلمن معه لم يكن للحرة خيار الفسخ على الصحيح من المذهب اختاره المصنف وغيره.
قال القاضي وابن عقيل هذا قياس المذهب.
وقال القاضي في الجامع هو كالعيب الحادث.
كتاب الصداق
كتاب الصداق...
كتاب الصداقفائدة للمسمى في العقد ثمانية أسماء الصداق والصدقة بضم الدال المهملة ومنه {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] و"الطول" ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} [النساء: 25] ( أي مهر حرة والنحلة والأجر والفريضة والمهر والنكاح ومنه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً} [النور: 33] والعلائق والعقر بضم العين وسكون القاف والحباء ممدودا مع كسر الحاء المهملة.
قوله : "ويستحب أن لا يعرى النكاح عن تسميته".
الصحيح من المذهب أن تسمية الصداق في العقد مستحبة وعليه جماهير الأصحاب رحمهم الله.
وقال في التبصرة يكره ترك التسمية فيه ويأتي ذكر الخلاف.
تنبيه: قوله : "ويستحب أن لا يعرى النكاح عن تسميته".
هذا مبني على أصل وهو أن الصداق هل هو حق لله أو للآدمي.
قال القاضي في التعليق وأبو الخطاب وغيره من أصحابه في كتب الخلاف هو حق للآدمي لأنه يملك إسقاطه بعد ثبوته والعفو عنه.
وتردد ابن عقيل فقال مرة كذلك وقال أخرى هو حق لله لأن النكاح لا يعرى عنه ثبوتا ولزوما فهو كالشهادة وقاله أبو يعلى الصغير.
قال الزركشي وهو قياس المنصوص في وجوب المهر فيما إذا زوج عبده من أمته.
فإن قيل بالأول وهو كونه حقا للآدمي فالحل مستفاد من العقد بمجرده ويستحب ذكره فيه وصرح به الأصحاب.
وهل هو عوض حقيقي أم لا.
للأصحاب فيه تردد ومنهم من ذكر احتمالين.
وينبني على ذلك لو أخذه بالشفعة وغير ذلك.
وإن قيل هو حق لله فالحل مرتب عليه مع العقد.
وتقدم في أول كتاب النكاح هل المعقود عليه المنفعة أو الحل.
قوله : "وأن لا يزيد على صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته وهو خمسمائة درهم".
وكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المستوعب وغيره.
وقال بن عبدوس في تذكرته يسن أن لا يعبر خمسمائة درهم.
وقال في المحرر والنظم والوجيز والفروع وغيرهم من أربعمائة إلى خمسمائة.
وقال القاضي في الجامع قول الإمام أحمد رحمه الله أربعمائة يعني من الدراهم التي وزن الدرهم منها مثقال فتكون الأربعمائة خمسمائة أو قريبا منها بضرب الإسلام.
وقدم في الترغيب أن السنة أن لا يزيد على مهر بناته صلى الله عليه وسلم وهو أربعمائة.
قال في البلغة السنة أن لا يزيد على مهر بنات النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربعمائة درهم.
وقيل: على مهر نسائه وهو خمسمائة درهم.
وقال في الرعاية الكبرى يستحب جعله خفيفا أربعمائة كصداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم وإلى خمسمائة كصداق زوجاته.
وقيل: بناته انتهى.
قال في المستوعب وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال الذي نحبه أربعمائة درهم على فعل النبي صلى الله عليه وسلم في بناته.
قال القاضي وهذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق بناته غير ما أصدقه زوجاته لأن حديث عائشة انه أصدق نساءه اثنتي عشرة أوقية ونشا والنش نصف أوقية وهو عشرون درهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حنبل يقتضي أنه يستحب أن يكون الصداق أربعمائة درهم وهو الصواب مع القدرة واليسار فيستحب بلوغه ولا يزاد عليه.
قال وكلام القاضي وغيره يقتضي أنه لا يستحب بل يكون بلوغه مباحا انتهى.
قوله : "ولا يتقدر أقله ولا أكثره بل كل ما جاز أن يكون ثمنا أو أجرة جاز أن يكون صداقا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
واشترط الخرقي أن يكون له نصف يحصل فلا يجوز على فلس ونحوه.
وتبعه على ذلك ابن عقيل في الفصول والمصنف والشارح وفسروه بنصف يتمول عادة.
قال الزركشي وليس في كلام الإمام أحمد هذا الشرط وكذا كثير من أصحابه حتى بالغ ابن عقيل في ضمن كلام له فجوز الصداق بالحبة والتمرة التي ينتبذ مثلها.
قال الزركشي ولا يعرف ذلك.
فائدة ذكر القاضي أبو يعلى الصغير والمصنف في المغني وغيرهما أنه يستحب أن لا ينقص المهر عن عشرة دراهم.
قوله : "وإن تزوجها" يعني الحر "على منافعه مدة معلومة فعلى روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
إحداهما: يصح وهو المذهب.
جزم به في تذكرة ابن عقيل وشرح بن رزين والكافي والوجيز وغيرهم وصححه المصنف والشارح وصاحب البلغة والنظم والتصحيح وتجريد العناية وغيرهم واختاره بن عبدوس وغيره.
والرواية الثانية: لا يصح.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله قولا أن محل الخلاف يختص بالخدمة لما فيه من المهنة والمنافاة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وإذا لم تصح الخدمة صداقا فقياس المذهب أنه يجب قيمة المنفعة المشروطة إلا إذا علما أن هذه المنفعة لا تكون صداقا فيشبه ما لو أصدقها مالا مغصوبا في أن الواجب مهر المثل في أحد الوجهين.
تنبيه: ذكر صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتبصرة والترغيب والبلغة وغيرهم الروايتين في منافعه مدة معلومة كما قال المصنف هنا.
وأطلقوا المنفعة ولم يقيدوها بالعلم لكن قيدوها بالمدة المعلومة ثم قالوا بعد ذلك وقال أبو بكر يصح في خدمة معلومة كبناء حائط وخياطة ثوب.
ولا يصح إن كانت مجهولة كرد عبدها الآبق أو خدمتها في أي شيء أرادته سنة فقيد المنفعة بالعلم ولم يذكر المدة وهو الصواب.
وقال في الفروع وفي منفعته المعلومة مدة معلومة روايتان.
ثم ذكر بعض من نقل عن أبي بكر فقيد المنفعة والمدة بالعلم.
وقال في الرعاية وفي منفعة نفسه وقيل: المقدرة روايتان.
وقيل: إن عينا العمل صح وإلا فلا.
فوائد
إحداها: لو تزوجها على منافع حر غيره مدة معلومة صح على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر وغيره.
واختاره بن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: هي كالأولى وقاله القاضي في التعليق وابن عقيل.
الثانية : لا يضر جهل يسير ولا غرر يرجى زواله على الصحيح من المذهب.
وقيل: يضر.
فعلى المذهب لو تزوجها على أن يشتري لها عبد زيد صح على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل: لا يصح.
فعلى المنصوص لو تعذر شراؤه بقيمته فلها قيمته.
الثالثة : يصح عقده أيضا على دين سلم وغيره وعلى غير مقدور له كآبق ومغتصب يحصله وعلى مبيع اشتراه ولم يقبضه نص على ذلك كله.
وجزم به في الرعايتين وغيره وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وقيل: لا تصح التسمية في الجميع كثوب ودابة ورد عبدها أين كان وخدمتها سنة فيما شاءت كما تقدم وما يثمر شجره ومتاع بيته.
قوله : "وإن أصدقها تعليم أبواب من الفقه أو الحديث أو قصيدة من الشعر المباح صح".
وكذا لو أصدقها تعليم شيء من الأدب أو صنعة أو كتابة وهذا المذهب وأطلقه كثير من الأصحاب هنا.
قال في الهداية وغيره في القصيدة يصح رواية واحدة وقدمه في الرعايتين.
قال في البلغة وتجريد العناية ويصح على تعليم حديث وفقه وشعر مباح وقطعا به.
وقيده المصنف والمجد والشارح والحاوي وغيرهم بما إذا قلنا بجواز أخذ الأجرة على تعليمها.
وجزم في المنور بعدم الصحة وقدمه في النظم في الفقه.
وأطلق في الفروع في باب الإجارة في جواز أخذ الأجرة على تعليم الفقه والحديث الوجهين كما تقدم هناك.
قوله : "وإن كان لا يحفظها لم يصح".
وجزم به في الوجيز.
قال الشارح ينظر في قوله: فإن قال أحصل لك تعليم هذه السورة صح لأن هذا منفعة في ذمته لا يختص بها فجاز أن يستأجر عليها من يحسنها.
وإن قال على أن أعلمك فذكر القاضي في الجامع أنه لا يصح.
وذكر في المجرد احتمالا بالصحة أشبه ما لو أصدقها مالا في ذمته ولو كان معسرا به.
قال في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع ويصح على قصيدة لا يحسنها فيتعلمها ثم يعلمها.
وقيل: لا تصح التسمية.
وقال في الرعايتين في القراءة لو شرط سورة لا يعرفها تعلم وعلم كمن شرط تعليمها.
وقيل: يبطل.
وقال بعد ذلك وإن أصدقها تعليم فقه أو حديث أو أدب أو شعر مباح معلوم أو صنعة أو كتابة صح وفروعه كفروع القراءة انتهى.
قوله : "ويحتمل أن يصح ويتعلمها ثم يعلمها".
وهذا المذهب نص عليه وهو الذي قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في تجريد العناية يصح ولو لم يحفظه نصا.
فائدة: قوله : "وإن تعلمتها من غيره لزمه أجرة تعليمها".
وهذا بلا نزاع لكن لو ادعى الزوج أنه علمها وادعت أن غيره علمها كان القول قوله: على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقيل: القول قولها
قوله : "وإن طلقها قبل الدخول وقبل تعلمها فعليه نصف الأجرة".
وهو المذهب جزم به في الفصول والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وقيل: يلزمه نصف مهر المثل.
ويحتمل أن يعلمها نصفها بشرط أمن الفتنة.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ووجه في المغني والشرح وغيرهما.
وجزم به في الهداية والخلاصة وقدمه في المستوعب والرعايتين.
وأطلقهما في المذهب والمغني والشرح.
فعلى هذا الوجه يعلمها من وراء حجاب من غير خلوة بها.
فائدتان
إحداهما: وكذا الحكم لو طلقها بعد الدخول وقبل تعليمها قاله المصنف والشارح وغيرهما فعليه الأجرة كاملة.
وقيل: يلزمه مهر المثل.
ويحتمل أنه يلزمه تعليمها كاملة لها قياسا على ما تقدم قبله.
الثانية: قوله : "وإن كان بعد تعليمها رجع عليها بنصف الأجرة".
بلا نزاع ولو حصلت الفرقة من جهتها رجع بالأجرة كاملة عليها.
قوله : "وإن أصدقها تعليم شيء من القرآن معين لم يصح".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر والمصنف والشارح وابن منجا وغيرهم.
وصححه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وتجريد العناية وغيرهم.
قال في البلغة والنظم هذا المشهور.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وعنه يصح.
قال بن رزين هذا الأظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في عيون المسائل.
وأطلقهما في تذكرة ابن عقيل والمستوعب والرعايتين.
وقيل: يصح مطلقا.
وقيل: بل يصح إن جاز أخذ الأجرة عليه ذكره في الرعايتين.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير.
قلت الذي يظهر أن هذا مراد من قال لا يصح وأطلق وأن الخلاف مبني على جواز أخذ الأجرة على ذلك على ما تقدم في باب الإجارة.
قوله : "ولا يحتاج إلى ذكر قراءة من".
يعني على القول بالصحة لا يشترط أن يعين قراءة شخص من القراء وهذا هو الصحيح اختاره المصنف والشارح وقدمه في الفروع.
وقال أبو الخطاب يحتاج إلى ذلك.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وصححه في النظم والرعايتين وأطلقهما ابن منجا في شرحه.
فوائد
الأولى: هل يتوقف الحكم بقبض السورة على تلقين جميعها أو تلقين كل آية قبض لها فيه احتمالان ذكرهما الأزجي.
قلت الصواب الذي لا شك فيه أن تلقين كل آية قبض لها لأن تعليم كل آية يحصل به نفع كامل فهو كقبض بعض الصداق إذا كان عينا.
الثانية: أجرى في الواضح الروايتين في بقية القرب كالصلاة والصوم ونحوهما.
الثالثة: لا يصح إصداق الذمية شيئا من القرآن وإن صححناه في حق المسلمة على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل: يصح.
قال القاضي في المجرد وابن عقيل يصح بقصدها الاهتداء.
وقطع به في المذهب.
وتقدم في أحكام أهل الذمة أنهم يمنعون من قراءة القرآن على الصحيح من المذهب.
الرابعة لو طلقها ووجدت حافظة لما أصدقها وتنازعا هل علمها الزوج أم لا فأيهما يقبل قوله: فيه وجهان.
أطلقهما في القاعدة الثالثة عشر.
قلت الصواب قبول قولها.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله : "وإذا تزوج نساء بمهر واحد وخالعهن بعوض واحد صح ويقسم بينهن على قدر مهورهن في أحد الوجهين".
وهو المذهب اختاره بن حامد والقاضي والمصنف والشارح وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه في الهداية والمستوعب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وفي الآخر يقسم بينهن بالسوية.
اختاره أبو بكر وذكره بن رزين رواية.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة.
وقيل: في الخلع يقسم على قدر مهورهن وفي الصداق يقسم بينهن بالسوية.
وقال الصداق يقسم بينهن بالسوية على عددهن.
وفي المحرر والفروع وغيرهما في الخلع أن العوض يقسم بينهن على قدر مهورهن المسماة لهن.
والقولان الأولان فيهما على قدر مهور مثلهن أو على عددهن بالتسوية كالقولين في الصداق ونحوه.
فائدة: لو كان عقد بعضهن فاسدا ففيه الخلاف المتقدم على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل: للتي عقدها فاسد مهر المثل وهو احتمال في الترغيب من صحة العقود.
قوله : "ويشترط أن يكون معلوما كالثمن فإن أصدقها دارا غير معينة أو دابة لم يصح".
وهذا المذهب مطلقا اختاره أبو بكر وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه ابن منجا في شرحه وهو ظاهر ما قدمه الشارح.
وقال القاضي يصح مجهولا ما لم تزد جهالته على مهر المثل.
فعليه لو تزوجها على عبد أو أمة أو فرس أو بغل أو حيوان من جنس معلوم أو ثوب هروي أو مروي وما أشبهه مما يذكر جنسه صح ولها الوسط.
وكذا لو أصدقها قفيز حنطة أو عشرة أرطال زيت وما أشبهه.
فإن كانت الجهالة تزيد على جهالة مهر المثل كثوب أو دابة أو حيوان من غير ذكر الجنس أو على حكمها أو حكم أجنبي أو على حنطة أو زبيب أو على ما اكتسبه في العام لم يصح.
ذكره المصنف والشارح وغيرهما.
ويأتي معنى هذا قريبا عند قوله: وكذلك يخرج إذا أصدقها دابة من دوابه ونحوه.
قوله : "وإن أصدقها عبدا مطلقا لم يصح".
وهو المذهب اختاره أبو بكر وأبو الخطاب والمصنف والشارح.
وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والكافي ونصره.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وقال القاضي يصح ولها الوسط.
قال في الفروع وظاهر نصه صحته.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور وإدراك الغاية.
وقدمه في المحرر والنظم والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وقال نص عليه وإدراك الغاية.
وظاهر المستوعب والفروع الإطلاق.
فائدة: قوله : "وهو السندي".
قال في المحرر والرعايتين والفروع لها في المطلق وسط رقيق البلد نوعا وقيمة كالسندي بالعراق.
زاد في الفروع فقال لأن أعلى العبيد التركي والرومي وأدناهم الزنجي والحبشي والوسط السندي والمنصوري.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية جعفر النسائي أن لها وسطا يعني فيما إذا أصدقها عبدا من عبيده على قدر ما يخدم مثلها.
وهذا تقييد للوسط بأن يكون مما يخدم مثلها انتهى.
وقال أيضا والذي ينبغي في سائر أصناف المال كالعبد والشاة والبقرة والثياب ونحوها أنه إذا أصدقها شيئا من ذلك أنه يرجع فيه إلى مسمى ذلك اللفظ في عرفها وإن كان بعض ذلك غالبا أخذته كالبيع أو كان من عادتها اقتناؤه أو لبسه فهو كالملفوظ به انتهى.
ويأتي إذا أصدقها ثوبا هرويا أو مرويا أو ثوبا مطلقا قريبا.
وتقدم ذلك أيضا.
قوله : "وإن أصدقها عبدا من عبيده لم يصح ذكره أبو بكر".
واختاره هو والمصنف والشارح وقدمه في الكافي ونصره.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يصح وهو المذهب.
قال في المستوعب والفروع وظاهر نصه صحته واختاره القاضي وأبو الخطاب وبن عبدوس في تذكرته وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وقال نص عليه وإدراك الغاية وغيرهم.
قال في القاعدة الخامسة بعد المائة إذا أصدقها مبهما من أعيان مختلفة ففي الصحة وجهان أصحهما الصحة انتهى.
وظاهر الفروع الإطلاق فإنه قال فيها وفي التي قبلها لم يصح عند أبي بكر والشيخ وظاهر نصه صحته انتهى.
فتلخص في المسالتين أن أبا بكر والمصنف وجماعة قالوا بعدم الصحة فيهما وأن القاضي وجماعة قالوا بالصحة فيهما وأن أبا الخطاب وجماعة قالوا لا يصح في الأولى ويصح في الثانية وهو المذهب كما تقدم.
فعلى المذهب لها أحدهم بالقرعة على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية مهنا.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع.
وعنه لها الوسط اختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وأطلقهما في القاعدة الستين بعد المائة.
وقيل: لها ما اختارت منهم.
وقيل: هو كنذره عتق أحدهم ذكرهما ابن عقيل.
وقيل: لها ما اختار الزوج.
وأطلق الثلاثة الأول والأخير في البلغة.
واختار ابن عقيل أنهم إن تساووا فلها واحد بالقرعة وإلا فلها الوسط.
قوله : "وكذلك يخرج إذا أصدقها دابة من دوابه أو قميصا من قمصانه".
وكذا لو أصدقها عمامة من عمائمه أو خمارا من خمره ونحو ذلك.
وهذا التخريج لأبي الخطاب ومن تابعه من الأصحاب.
وقطع في المحرر وغيره أنه كذلك.
قال في الفروع والمحرر وثوب مروي ونحوه كعبد مطلق لأن أعلى الأجناس وأدناها من الثياب غير معلوم وثوب من ثيابه ونحوه كقفيز حنطة وقنطار زيت ونحوه كعبد من عبيده.
وجزم بالصحة في ذلك في الوجيز.
ومنع في الواضح في غير عبد مطلق.
ومنع أبو الخطاب في الانتصار عدم الصحة في قوس أو ثوب.
وقال كل ما جهل دون جهالة المثل صح.
وتقدم ذلك عن القاضي أيضا.
قوله : "وإن أصدقها عبدا موصوفا صح".
قطع به الأصحاب وفي الرعاية الصغرى وجه بعدم الصحة وفيه نظر قاله بعضهم.
قوله : "وإن جاءها بقيمته أو أصدقها عبدا وسطا أو جاءها بقيمته أو خالعته على ذلك فجاءته بقيمته لم يلزمها قبولها".
هذا أحد الوجهين وهو المذهب.
اختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف والشارح.
وصححه في تصحيح المحرر والخلاصة وقدمه في النظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به الشيرازي.
وقال القاضي يلزمها وقدمه في الرعايتين.
وقطع به ابن عقيل في عمد الأدلة والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والحاوي الصغير والفروع.
قوله : "وإن أصدقها طلاق امرأة له أخرى لم يصح".
يعني لم يصح جعل الطلاق صداقا وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في النظم وتجريد العناية لم يصح في الأصح.
وجزم به في منتخب الآدمي وقدمه في الخلاصة والكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يصح جزم به في الوجيز ولم أر من اختاره غيره مع أن له قوة.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والبلغة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو قيل ببطلان النكاح لم يبعد لأن المسمى فاسد لا بدل له فهو كالخمر ونكاح الشغار.
فعلى المذهب لها مهر مثلها قاله القاضي في الجامع وأبو الخطاب وغيرهما.
وجزم به في المغني والشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وحكى القاضي في المجرد عن أبي بكر أنها تستحق مهر الضرة وقاله ابن عقيل.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو أجود ذكره في الاختيارات.
قوله : "فإن فات طلاقها بموتها فلها مهرها في قياس المذهب".
وهكذا قال في الهداية وهو الصحيح على هذه الرواية.
جزم به في المذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم وصححه في النظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمغني والشرح وفرضا المسألة فيما إذا لم يطلقها.
وقيل: لها مهر مثلها وهو احتمال في المغني والشرح ووجه في البلغة وأطلقهما.
فائدتان
إحداهما: وكذا الحكم لو جعل صداقها أن يجعل إليها طلاق ضرتها إلى سنة قاله في المستوعب والفروع وغيرهما.
وقيل: يسقط حقها من المهر إذا مضت السنة ولم تطلق ذكره أبو بكر وأطلقهما في المغني والشرح.
الثانية: لو أصدقها عتق أمته صح بلا نزاع.
قوله : "وإن تزوجها على ألف إن كان أبوها حيا وألفين إن كان ميتا لم يصح نص عليه".
وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
قال المصنف والشارح هذا أولى.
قال في الفروع ونصه لا يصح.
وصححه في النظم والخلاصة وغيرهما.
قال في المذهب ومسبوك الذهب بطل في المشهور.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في البلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه يصح وهي مخرجة خرجها بعض الأصحاب من التي بعدها وأطلقهما في الفروع.
قوله : "وإن تزوجها على ألف إن لم تكن له زوجة وألفين إن كان له زوجة لم يصح في قياس التي قبلها".
واختاره أبو بكر والمصنف والشارح.
قال في الخلاصة لم يصح على الأصح.
قلت وهو الصواب وهو رواية مخرجة.
والمنصوص أنه يصح وهو المذهب.
قال في الفروع ونصه يصح وصححه في النظم.
قال في المذهب صح في المشهور.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في البلغة والمحرر والرعايتين وأطلقهما في الفروع.
قال في الهداية والحاوي الصغير وغيرهما نص الإمام أحمد رحمه الله في الأولى على وجوب مهر المثل وفي الثانية: على صحة التسمية فيخرج في المسألتين روايتان.
وقال في المستوعب قال أصحابنا تخرج المسألة على روايتين.
وقدم في البلغة عدم التخريج وهو المذهب كما تقدم قال وحمل بعض أصحابنا كل واحدة على الأخرى.
فائدة: وكذا الحكم لو تزوجها على ألف إن لم يخرجها من دارها وعلى ألفين إن أخرجها ونحوه.
قوله : "وإذا قال العبد لسيدته أعتقيني على أن أتزوجك فأعتقته على ذلك عتق ولم يلزمه شيء".
وهذا المذهب وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والفروع وغيرهم.
وكذا لو قالت أعتقتك على أن تتزوج بي لم يلزمه ذلك ويعتق.
وتقدم التنبيه على ذلك في باب أركان النكاح عند قوله: إذا قال أعتقتك وجعلت عتقك صداقك.
قوله : "وإذا فرض الصداق مؤجلا ولم يذكر محل الأجل صح في ظاهر كلامه ومحله الفرقة عند أصحابنا".
اعلم أن الصداق يجوز فرضه مؤجلا أو معجلا بطريق أولى ويجوز بعضه معجلا وبعضه مؤجلا.
ومتى فرض الصداق وأطلق اقتضى الحلول.
وإن شرطه مؤجلا إلى وقت فهو إلى أجله.
وإن شرطه مؤجلا ولم يذكر محل الأجل وهي مسألة المصنف فالصحيح أنه يصح نص عليه وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي.
وقدمه في المستوعب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقال أبو الخطاب لا يصح.
يعني لا يصح فرضه مؤجلا من غير ذكر محل الأجل ولها مهر المثل.
وقال عن الأول فيه نظر وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره القاضي في الجامع الصغير.
وقدمه في الخلاصة وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
فعلى المذهب قال المصنف هنا ومحله الفرقة عند أصحابنا منهم القاضي وجزم به في المحرر والنظم والوجيز وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الأزجي وغيرهم وقدمه في الفروع والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه يكون حالا وذكرها بن أبي موسى احتمالا.
وقال ابن عقيل يحتمل عندي أن يكون الأجل إلى حين الفرقة أو حين الخلوة والدخول.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله الأظهر أنهم أرادوا بالفرقة البينونة.
فعلى هذا الرجعية لا يحل مهرها إلا بانقضاء عدتها.
قوله : "وإن أصدقها خمرا أو خنزيرا أو مالا مغصوبا صح النكاح".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وبن حامد والقاضي والشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والمصنف والشارح وبن عبدوس وغيرهم.
قال المصنف هنا والمذهب صحته.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه: أنه يعجبه استقبال النكاح يعني أن النكاح فاسد اختاره أبو بكر.
واختاره أيضا شيخه الخلال والجوزجاني لكن يشترط أن يكونا يعلمان حالة العقد أنه خمر أو خنزير أو مغصوب.
وحملها القاضي والمصنف والشارح وغيرهم على الاستحباب.
تنبيه: إلحاق المغصوب بالخمر والخنزير عليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وبن أبي موسى وأبو الخطاب وابن عقيل وصاحب المذهب والمستوعب والخلاصة والفروع وغيرهم.
وقيل: محل الخلاف فيما هو محرم لحق الله كالخمر والخنزير والحر ونحو ذلك ولا يدخل المغصوب فيصح به قولا واحدا.
قال الزركشي وهذا اختيار الشيخين حتى بالغ أبو محمد فحكى الاتفاق عليه.
قلت وهو ظاهر كلام صاحب الرعاية والحاوي.
قوله : "ووجب مهر المثل".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعند بن أبي موسى يجب مثل المغصوب أو قيمته.
قال الزركشي واختاره أبو العباس.
وقال في الواضح إن باع المغصوب صاحبه بثمن مثله لزمه.
وعنه يجب مثل الخمر خلا.
فائدة يجب المهر هنا بمجرد العقد على الصحيح من المذهب.
وقال في الترغيب والبلغة وعنه يجب بالعقد بشرط الدخول.
قوله : "و إن تزوجها على عبد فخرج حرا أو مغصوبا أو عصيرا فبان خمرا فلها قيمته".
يعني يوم التزويج.
قال القاضي في التعليق إن خرج حرا فلها قيمته وقطع به الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
وإن خرج العبد مغصوبا فلها قيمته أيضا وهو المذهب.
وقطع به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وإن بان العصير خمرا فجزم المصنف هنا أن لها قيمته وهو أحد الوجوه اختاره القاضي.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير وقالا رواية واحدة وبن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والنظم.
وقيل: لها مثل العصير وهو المذهب واختاره المصنف والشارح وردا قول القاضي.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: لها مهر المثل وقدمه في الإيضاح.
قال في البلغة يرجع إلى مهر المثل في المثلى وبالقيمة في غيره.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يلزمه في هذه المسائل شيء.
وكذا قال في مهر معين تعذر حصوله.
فائدة: لو تزوج على عبدين فبان أحدهما حرا فالصحيح من المذهب أن لها قيمة الحر فقط وتأخذ الرقيق نص عليه وجزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أن لها قيمتهما.
ولو تزوجها على عبد فبان نصفه مستحقا أو أصدقها ألف ذراع فبانت تسعمائة خيرت بين أخذه وقيمة التالف وبين قيمة الكل ذكره أبو بكر وقال هو معنى المنقول عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح نص عليه وقدمه في الفروع.
وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يلزمه شيء.
قوله : "وإن وجدت به عيبا فلها الخيار بين أخذ أرشه أو رده وأخذ قيمته".
وكذا لو بان ناقصا صفة شرطتها.
فأما الذي بالذمة إذا قبض مثله عنه ثم بان معيبا ونحوه فإنه يجب بدله لا أرشه ولا قيمته كما قد صرح به المحرر وغيره.
وحكم ذلك كله كالبيع كما تقدم ذكره في الفروع.
وقال الناظم لها أخذا الأرش في الأصح.
وقال في المحرر وغيره وعنه لا أرش لها مع إمساكه.
فائدة: ذكر الزركشي عن الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه ذكر في بعض قواعده جواز فسخ المرأة النكاح إذا ظهر المعقود عليه حرا أو مغصوبا أو معيبا.
والإمام والأصحاب على خلاف ذلك.
قوله : "وإن تزوجها على ألف لها وألف لأبيها صح وكانا جميعا مهرها فإن طلقها قبل الدخول بعد قبضهما رجع عليها بألف ولم يكن على الأب شيء مما أخذه".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
لكن يشترط في الأب أن يكون ممن يصح تملكه قاله الأصحاب.
وذكر في الترغيب رواية أن المسمى كله لها ويرجع به على الأب.
قال الزركشي وحكى أبو عبد الله بن تيمية رواية ببطلان الشرط وصحة التسمية.
وقيل: يبطلان ويجب مهر المثل قاله الزركشي وغيره.
فائدة: لو شرط أن جميع المهر له صح كشعيب صلى الله عليه وسلم.
فلو طلقها قبل الدخول رجع بنصفه عليها ولا شيء على الأب وهذا الصحيح.
وقاله القاضي وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل: يرجع عليه بنصف ما أخذ وهو احتمال المصنف.
قلت والنفس تميل إلى ذلك.
فعلى هذا لو كان ما شرطه الأب أكثر من النصف رجع على الأب بما زاد على النصف وببقية النصف على الزوجة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف رحمه الله وغيره أنه سواء أجحف الأخذ بمال البنت أولا.
قال الزركشي وهو ظاهر إطلاق الإمام أحمد رحمه الله والقاضي في تعليقه وأبي الخطاب وطائفة.
وشرط عدم الإجحاف القاضي في المجرد وابن عقيل والمصنف والشارح.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذا ضعيف ولا يتصور الإجحاف لعدم ملكها له.
فائدة: يملك الأب ما شرطه لنفسه بنفس العقد كما تملكه هي حتى لو مات قبل القبض ورث عنه لكن يقدر فيه الانتقال إلى الزوجة أولا ثم إليه كأعتق عبدك عن كفارتي ذكر ذلك ابن عقيل في عمد الأدلة وقدمه الزركشي.
وقال القاضي والمصنف والشارح لا يملكه إلا بالقبض مع النية.
قال الزركشي وضعف هذا بأنه يلزم منه بطلان خصيصة هذه المسألة.
قال ويتفرع من هذا على قول أبي محمد أنه لو وجد الطلاق قبل القبض فللأب أن يأخذ من الألف التي استقرت للبنت ما شاء والقاضي يجعل الألف بينهما نصفين كجملة الصداق.
تنبيه: ظاهر قوله: "فإن فعل ذلك غير الأب فالكل لها".
صحة التسمية وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل: تبطل التسمية ويجب لها مهر المثل قاله القاضي في المجرد.
قوله : "وللأب تزويج ابنته البكر والثيب بدون صداق مثلها وإن كرهت".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وأصحابه.
قال الزركشي هذا المنصوص والمختار لعامة الأصحاب وقطع به المصنف والشارح وصاحب الوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وهو مقتضى كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وهو من مفردات المذهب.
وظاهر كلام ابن عقيل في الفصول اختصاص هذا الحكم بالأب المجبر.
وهو قول القاضي في المجرد وهو من المفردات أيضا.
وقيل: يختص ذلك بالمحجور عليها في المال ذكره بن أبي موسى في الصغيرة وفي معناها السفيهة.
وفي التعليق احتمال أن حكم الأب مع الثيب حكم غيره من الأولياء.
تنبيه: حيث قلنا للأب ذلك فليس لها إلا ما وقع عليه العقد فلا يتممه الأب ولا الزوج على الصحيح من المذهب.
وقيل: يتممه الأب كبيعه بعض مالها بدون ثمنه لسلطان يظن به حفظ الباقي ذكره في الانتصار.
وقيل: يتممه لثيب كبيرة.
وفي الروضة بما وقع عليه العقد قبل لزوم العقد.
وقيل: على الزوج بقية مهر المثل ذكره ابن حمدان في رعايتيه.
تنبيه: قوله: "وإن كرهت" هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال الزركشي وقد يستشكل من لا يملك إجبارها إذا قالت أذنت لك أن تزوجني على مائة درهم لا أقل فكيف يصح أن يزوجها على أقل من ذلك.
وقد يقال إذنها في المهر غير معتبر فيلغى ويبقى أصل إذنها في النكاح.
قوله : "وإن فعل ذلك غيره بإذنها صح ولم يكن لغيره الاعتراض".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل: على الزوج بقية مهر المثل ذكره ابن حمدان في رعايتيه.
قلت وهو مشكل لأنها إن كانت رشيدة فكيف يلزم الزوج ذلك مع رضاها بغيره وإن كانت غير رشيدة ولها إذن وأذنت في ذلك فهذا يحتمل أن يلزم الزوج التتمة ويحتمل أن يلزم الولي لكن الأولى هنا لزوم التتمة إما على الزوج أو الولي هذا ما يظهر.
قوله : "وإن فعله بغير إذنها فعليه مهر المثل".
فيكمله الزوج على الصحيح من المذهب وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يلزم الزوج إلا المسمى والباقي على الولي كالوكيل في البيع وهو لأبي الخطاب.
قلت وهو الصواب وقد نص عليه الإمام أحمد رحمه الله واختاره الشيخ تقي الدين وقدمه في القواعد في الفائدة العشرين وقال نص عليه في رواية ابن منصور.
قال في الفروع وبدون إذنها يلزم الزوج تتمته ويضمنه الولي.
وعنه تتمته عليه كمن زوج بدون ما عينته له قال ويتوجه كخلع.
وفي الكافي للأب تعويضها.
قوله : "وإن زوج ابنه الصغير بأكثر من مهر المثل صح ولزم ذمة الابن" هذا المذهب.
قال القاضي هذا المذهب رواية واحدة.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وعنه على الأب ضمانا.
وعنه أصالة ذكرهما الشيخ تقي الدين.
ونقل بن هانئ يلزم ذمة الابن مع رضاه.
وقيل: لا يتزوج له بأكثر من مهر المثل اختاره القاضي.
وتقدم ذلك بأبسط من هذا في أركان النكاح بعد قوله: الثاني رضي الزوجين.
فعلى المذهب لو قضاه عنه أبوه ثم طلق ابنه قبل الدخول وقيل: بعد البلوغ فنصف الصداق للابن دون الأب قاله في الرعاية.
قوله : "فإن كان معسرا فهل يضمنه الأب يحتمل وجهين".
وهما روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا.
أحدهما: لا يضمنه الأب كثمن مبيعه وهو المذهب.
قال القاضي هذا أصح.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والثاني: يضمنه للعرف اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
وعنه يلزمه أصالة ذكرها في الرعاية.
وقيل: يضمن الأب الزيادة فقط.
وقال في النوادر نقل صالح كالنفقة فلا شيء على الابن.
قال في الفروع كذا قال.
وقال الشيخ تقي الدين ويتحرر لأصحابنا فيما إذا زوج ابنه الصغير بمهر المثل أو أزيد روايات.
إحداهن: هو على الابن مطلقا إلا أن يضمنه الأب فيكون عليهما.
الثانية: هو على الابن إلا أن يضمنه الأب فيكون عليه وحده.
الثالثة: على الأب ضمانا.
الرابعة: على الأب أصالة.
الخامسة: إن كان الابن مقرى فهو على الأب أصالة.
السادسة: فرق بين رضى الابن وعدم رضاه.
تنبيه قوله: "وللأب قبض صداق ابنته الصغيرة بغير إذنها" وهذا بلا نزاع.
"ولا يقبض صداق الثيب الكبيرة إلا بإذنها".
يعني إذا كانت رشيدة.
فأما إن كانت محجورا عليها فله قبضه بغير إذنها وهو واضح وتقدم ذلك في باب الحجر.
قوله : "وفي البكر البالغ روايتان".
يعني الرشيدة وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
إحداهما: لا يقبضه إلا بإذنها إذا كانت رشيدة وهو المذهب اختاره القاضي وغيره وصححه في المغني والشرح والتصحيح وقدمه في الفروع والحارثي في باب الهبة.
والثانية: يقبضه بغير إذنها مطلقا زاد في المحرر ومن تابعه ما لم يمنعه.
فعلى الثانية يبرأ الزوج بقبض الأب وترجع على أبيها بما بقي لا بما أنفق منه.
فائدتان
إحداهما: قوله: "وإن تزوج العبد بإذن سيده على صداق مسمى صح".
بلا نزاع ويجوز له نكاح أمة ولو قدر على نكاح حرة ذكره أبو الخطاب وابن عقيل وهو معنى كلام الإمام أحمد رحمه الله.
الثانية: متى أذن له وأطلق لم ينكح إلا واحدة نص عليه.
وزيادته على مهر المثل في رقبته على الصحيح من المذهب.
وعنه بذمته.
وفي تناول النكاح الفاسد احتمالان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه لا يتناوله.
قوله : "وهل يتعلق برقبته أو بذمة سيده على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا.
إحداهما: يتعلق بذمة سيده وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وصححه في التصحيح.
قال في تجريد العناية ويتعلق بذمة سيده على الأسد.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وإدراك الغاية.
والثانية: يتعلق برقبته قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه يتعلق بذمة السيد ورقبة العبد.
وعنه يتعلق بذمتهما ذمة العبد أصالة وذمة السيد ضمانا.
وعنه يتعلق بكسبه وأطلقهن في القواعد الأصولية.
فإن قيل هذه الرواية هي عين الرواية الأولى لأن السيد يملك كسبه فهو في ذمته.
قيل ليست هي بل غيرها.
وفائدة الخلاف أنا إذا قلنا يتعلق بذمة السيد تجب النفقة عليه وإن لم يكن للعبد كسب وليس للمرأة الفسخ لعدم كسبه وللسيد استخدامه ومنعه من التكسب.
وإن قلنا يتعلق بكسبه فللمرأة الفسخ إذا لم يكن له كسب وليس لسيده منعه من الثلاث ذكره المصنف وغيره.
ويأتي في آخر نفقة الأقارب والمماليك هل له أن يتسرى بإذن سيده أم لا.
تنبيه إذا قلنا يتعلق المهر بذمة السيد ضمانا فقضاه عن عبده فهل يرجع عليه إذا عتق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبغي أن يخرج هنا على الخلاف في مهر زوجته إذا كانت أمة للسيد فحيث رجع هناك رجع هنا.
فائدتان
إحداهما: حكم النفقة حكم الصداق خلافا ومذهبا قاله في الفروع والمصنف والشارح وغيرهم.
قال ناظم المفردات:
وزوجة العبد بإذن السيد ... عليهما ينفق في المجود
الثانية: لو طلق العبد فإن كان الطلاق رجعيا فله الرجعة بدون إذن سيده ذكره القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وغيرهم واقتصر عليه في القواعد الفقهية لأن الملك قائم بعد.
وإن كان الطلاق بائنا لم يملك إعادتها بغير إذنه لأنه تجديد ملك والإذن مطلق فلا يتناول أكثر من مرة واحدة قاله في القاعدة الأربعين.
قوله : "وإن تزوج بغير إذنه لم يصح النكاح".
هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الأصولية وغيرهم.
وعنه النكاح موقوف.
قال في الفروع بعد أن قدم الأول وقال أصحابنا كفضولي ونقله حنبل.
وإن وطى ء فيه فكنكاح فاسد.
فعلى القول بالوقف على إجازة السيد لو أعتقه عقب النكاح فقال أبو الخطاب في الانتصار صح نكاحه ونفذ بخلاف ما لو اشترى شيئا بغير إذن السيد ثم أعتقه عقب الشراء لم ينفذ شراؤه.
قال في القواعد الأصولية وما قاله فيه نظر.
قوله : "فإن دخل بها وجب في رقبته مهر المثل".
هذا المذهب نص عليه واختاره أبو بكر.
قال في المذهب ومسبوك الذهب وجب مهر المثل في أصح الروايتين.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الأصولية.
وقيل: في ذمته وهو احتمال في المغني وغيره واختاره الشارح وغيره.
وعنه الواجب هو المسمى ويتعلق برقبته.
وقيل: الواجب خمسا مهر المثل وهو احتمال في المغني أيضا وغيره.
وعنه الواجب خمسا المسمى نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره الخرقي والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
وقال الزركشي هذه أشهر الروايات.
وقدمه في الخلاصة وإدراك الغاية وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
وعنه إن علمت أنه عبد فلها خمسا المسمى وإن لم تعلم فلها المهر في رقبته.
ونقل حنبل لا مهر لها مطلقا.
قال في المحرر وعنه إن علما فلا مهر لها بحال.
فقيدها بما إذا علما التحريم وكذا حملها القاضي أيضا وتبعه في الرعاية.
وزاد قلت إن علمت المرأة وحدها.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة أو علمته هي يعني وحدها.
قال والإخلال بهذه الزيادة سهو انتهى.
وقال المصنف يحتمل ما نقل حنبل أن يحمل على إطلاقه ويحتمل أن يحمل على ما قبل الدخول ويحتمل أن يحمل على أن المهر لا يجب في الحال بل يجب في ذمة العبد يتبع به إذا عتق.
قال في القواعد الأصولية وأولت هذه الرواية بتأويلات فيها نظر.
وعنه تعطي شيئا نقله المروذي قال قلت أتذهب إلى قول عثمان قال أذهب إلى أن تعطى شيئا.
قال أبو بكر وهو القياس.
تنبيهان
أحدهما: ظاهر قول المصنف وغيره أن خمسا المسمى تجب في رقبة العبد وقالوا اختاره الخرقي والخرقي إنما قال على سيده خمسا المهر.
والجواب عن ذلك أن القول بوجوبه في رقبة العبد هو على السيد لأنه ملكه غايته أنهم خصصوه برقبة العبد والخرقي جعله على السيد ولا ينفك ذلك عن مال السيد.
الثاني: مراده والله أعلم بالدخول في قوله: فإن دخل بها الوطء وقد صرح به في الوجيز وغيره.
فعلى هذا لا يجب بالخلوة إذا لم يطأ.
والظاهر أن هذا من الأنكحة الفاسدة يعطي حكمها في الخلوة على ما يأتي في آخر الباب والخلاف فيه.
فائدتان
إحداهما: ظاهر كلام الأكثر أن الإمام أحمد رحمه الله إنما صار إلى أن الواجب خمسا المسمى توقيفا لأنه نقل عن عثمان رضي الله عنه.
ووجهها الشيخ تقي الدين رحمه الله فقال المهر في نكاح العبد يجب بخمسة أشياء النكاح وعقد الصداق وإذن السيد في النكاح وإذنه في الصداق والدخول فإذا نكح بلا إذنه فالنكاح باطل ولم يوجد إلا التسمية من العبد والدخول فيجب الخمسان.
الثانية: يفديه سيده بالأقل من قيمته أو المهر الواجب.
قوله : "وإن زوج السيد عبده أمته لم يجب مهر".
ذكره أبو بكر واختاره هو وجماعة منهم القاضي.
وصححه في النظم وغيره وقدمه في المحرر والحاوي الصغير وتجريد العناية.
وقيل: يجب ويسقط وهو رواية في التبصرة.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والرعايتين وإدراك الغاية.
وعنه يجب المهر ويتبع به بعد عتقه نقله سندي وهو المذهب.
قال في المحرر وغيره وهو المنصوص وجزم به في الوجيز والمنور.
وظاهر الفروع إطلاق الخلاف.
قوله : "وإن زوج عبده حرة ثم باعها العبد بثمن في الذمة تحول صداقها أو نصفه إن كان قبل الدخول إلى ثمنه".
يعني إذا قلنا يتعلق المهر برقبة العبد قاله الأصحاب.
فأما إن قلنا يتعلق بذمة السيد وهو المذهب كما تقدم فإن كان المهر وثمن العبد من جنس واحد واتفقا في الحلول أو التأجيل تقاصا.
وأما إن قلنا إن المهر يتعلق بذمتيهما فإنه يسقط على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم لملكها العبد والمالك لا يجب له شيء على مملوكه والسيد تبع له لأنه ضامن ويبقى الثمن للسيد عليها لسقوط مهرها.
وقيل: لا يسقط لثبوته لها عليهما قبل أن تملكه.
قال في الفروع وغيره بناء على من ثبت له دين على عبد ثم ملكه فإن في سقوطه وجهين.
قال في المحرر أصلهما من ثبت له دين على عبد ثم ملكه هل يسقط على وجهين.
وقدم في المحرر وغيره السقوط وقاله في الرعايتين والحاوي.
وقيل: لا يسقط لثبوته لها قبل شرائه.
فمن ثبت له على عبد دين أو أرش جناية ثم ملكه سقط.
وقيل: لا يسقط.
وتقدم ذلك في أواخر باب الحجر.
تنبيه: صرح المصنف بقوله: تحول صداقها أو نصفه أن شراءها له قبل الدخول لا يسقط نصف مهرها وهو إحدى الروايتين وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة هنا وقدمه في الرعايتين هنا والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: يسقط لأن الفسخ إنما تم بشرائها فكأنها هي الفاسخة وهما وجهان مطلقان في المغني والشرح.
ويأتي هذا محررا في كلام المصنف فيما إذا جاءت الفرقة من جهتها.
قوله : "وإن باعها إياه بالصداق صح قبل الدخول وبعده".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يصح قبل الدخول.
وهو رواية ذكرها في الفروع والمستوعب وقال لأنها متى ملكته انفسخ النكاح قال فعلى هذا يجب أن لا يصح شراؤها لزوجها قبل الدخول لأنه مبطل مهرها لأن الفرقة بسبب من جهتها وإذا بطل المهر بطل الشراء قال وهذه إحدى مسائل الدور.
قال وعلى الأولة السيد قائم مقام الزوج في توفية المهر فصارت الفرقة مشتركة بين الزوج والزوجة وإذا كان كذلك غلب فيها حكم الزوج كالخلع.
وإذا ثبت أن الفسخ من جهة الزوج فعليه نصف المهر فيصح البيع ويغرم النصف الآخر كما لو قبضت جميع الصداق ثم طلقت قبل الدخول فإنها ترد نصفه انتهى.
قال في الفروع واختار ولد صاحب الترغيب أنه إن تعلق برقبته أو ذمته وسقط ما في الذمة بملك طارئ برئت ذمة السيد.
فعلى هذا يلزم الدور فيكون في الصحة بعد الدخول الروايتان قبله انتهى.
فعلى المذهب وهو الصحة في رجوعه قبل الدخول بنصفه أو بجميعه الروايتان المتقدمتان.
فائدة: لو جعل السيد العبد مهرها بطل العقد كمن زوج ابنه على رقبة من يعتق على الابن لو ملكه إذ نقدره له قبلها فيقدر الملك فيمن يعتق على الابن للابن قبل الزوجة.
وقيل: عقد الزوجية إذا دخل في ملكه هو قبلها عتق عليه دونها.
قوله : "وتملك المرأة الصداق المسمى بالعقد".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المعروف المجزوم به عند الأكثرين انتهى.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا تملك إلا نصفه ذكره القاضي ومن بعده.
قوله : "فإن كان معينا كالعبد والدار فلها التصرف فيه ونماؤه لها وزكاته ونقصه وضمانه عليها إلا أن يمنعها قبضه فيكون ضمانه عليه".
وهذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن منجا وقال هذا المذهب وغيرهم.
وعنه فيمن تزوج على عبد ففقئت عينه إن كانت قد قبضته فهو لها وإلا فهو للزوج.
فعلى هذا لا يدخل في ضمانها إلا بقبضه.
قال في المحرر وغيره ومن شرط تصرفها فيه ودخوله في ضمانه قبضه إلا المتميز فإنه على روايتين كما بيناه في البيع.
وقال في الفروع وتقدم الضمان والتصرف في البيع.
قوله : "وإن كان غير معين كقفيز من صبرة لم يدخل في ضمانها ولم تملك التصرف فيه إلا بقبضه كالمبيع".
قاله الأصحاب وتقدم الخلاف في ذلك والصحيح من المذهب وما يحصل به القبض في آخر باب خيار البيع فإن هذا مثله عند الأصحاب.
وذكر القاضي في موضع من كلامه أن ما لم ينتقض العقد بهلاكه كالمهر وعوض الخلع يجوز التصرف فيه قبل قبضه.
قوله : "وإن قبضت صداقها ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إن كان باقيا ويدخل في ملكه حكما كالميراث".
هذا المذهب نص عليه.
قال المصنف في الكافي والمغني والشارح هذا قياس المذهب.
وجزم به في الخلاصة والمنور وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
ويحتمل أن لا يدخل حتى يطالب به ويختار وذكره القاضي وأبو الخطاب وهو وجه لبعضهم وأطلقهما في المستوعب.
قال في الترغيب والبلغة أصل هذين الوجهين الاختلاف فيمن بيده عقدة النكاح.
قال في القاعدة الخامسة والثمانين وليس كذلك ولا يلزم من طلب العفو من الزوج أن يكون هو المالك فإن العفو يصح عما يثبت فيه حق التملك. كالشفعة وليس في قولنا إن الذي بيده عقدة النكاح هو الأب ما يستلزم أن الزوج لم يملك نصف الصداق لأنه إنما يعفو عن النصف المختص بابنته انتهى.
فعلى المذهب ما حصل من النماء قبل ذلك فهو بينهما نصفان.
وعلى الثاني يكون لها.
وعلى المذهب لو طلقها على أن المهر كله لها لم يصح الشرط.
وعلى الثاني فيه وجهان قاله في الفروع.
وعلى المذهب أيضا لو طلق ثم عفا ففي صحته وجهان قاله في الفروع ويصح على الثاني ولا يتصرف.
وفي الترغيب على الثاني وجهان لتردده بين خيار البيع وخيار الواهب.
ويأتي "إذا طلقها قبل الدخول وكان الصداق باقيا بعينه هل يجب رده أم لا؟" بعد قوله: "وإن نقص الصداق بيدها".
قوله : "وإن كان الصداق زائدا زيادة منفصلة رجع في نصف الأصل والزيادة لها".
هذا الصحيح من المذهب نص عليه في رواية أبي داود وصالح.
وقال في الفروع لا يرجع في نصف زيادة منفصلة على الأصح.
قال في القاعدة الثانية والثمانين هذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وعنه له نصف الزيادة المنفصلة.
تنبيه: ظاهر قوله : "رجع في نصف الأصل والزيادة".
أن الأصل لو كان أمة وولدت عندها أن الولد لها وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب فإن الولد نماء منفصل على الصحيح على ما تقدم وصرح القاضي به في التعليق.
وقال في المجرد للزوج نصف قيمة الأم.
وقال في الخلاف يرجع بنصف الأمة قاله في القواعد.
واستثنى أبو بكر قاله في القواعد وصاحب المستوعب والمصنف والشارح وغيرهم من النماء المنفصل ولد الأمة فلا يجوز للزوج الرجوع في نصف الأمة حذرا من التفريق في بعض الزمان.
قلت وفي هذا نظر ظاهر فإن ذلك كالأمة المشتركة إذا ولدت.
وخرج بن أبي موسى أن الولد للمرأة ولها نصف قيمة الأم.
قال في القواعد وهذا ضعيف جدا وهو كما قال.
قوله : "وإن كانت متصلة فهي مخيرة بين دفع نصفه زائدا وبين دفع نصف قيمته يوم العقد".
اعلم أن الزيادة المتصلة للزوجة على الصحيح من المذهب وليس للزوج الرجوع فيها وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
قال في القاعدة الحادية والثمانين ذكره الخرقي ولم يعلم عن أحد من الأصحاب خلافه حتى جعله القاضي في المجرد رواية واحدة.
وخرج المجد ومن تبعه رواية بوجوب دفع النصف بزيادته من الرواية التي في المنفصلة.
وهذا التخريج رواية في الترغيب وأطلق في الموجز والروايتين في النماء.
وقال في التبصرة لها نماؤه بتعيينه وعنه يقبضه.
وخرج في القواعد وجها آخر بالرجوع في النصف بزيادته وبرد قيمة الزيادة كما في الفسخ بالعيب.
قال وهذا الحكم إذا كانت العين يمكن فصلها وقسمتها وأما إن لم يمكن فهو شريك بقيمة النصف يوم الأصداق.
تنبيهان
أحدهما: محل الخيرة للزوجة إذا كانت غير محجور عليها.
فأما المحجور عليها فليس لها أن تعطيه إلا نصف القيمة قاله المصنف وغيره وهو واضح.
الثاني: ظاهر قوله: "وبين دفع نصف قيمته يوم العقد".
أنه سواء كان متميزا أو لا وكذا قال الخرقي والمصنف في المغني والكافي والشارح وابن حمدان في رعايتيه وغيرهم.
وحرر في المحرر وتبعه في الفروع فقالا إن كان المهر المتميز يضمن بمجرد العقد فله نصف قيمته يوم العقد وإن كان غير متميز فله قيمة نصفه يوم الفرقة على أدنى صفة من وقت العقد إلى وقت قبضه.
وفي الكافي إلى وقت التمكين منه قاله الزركشي.
ويحمل كلام الخرقي وأبي محمد ومن تابعهما على ذلك قال إذ الزيادة في غير المتميز صورة نادرة.
ولذلك علل أبو محمد بأن ضمان النقص عليها فعلم أن كلامه في المتميز انتهى.
وقال في البلغة والترغيب المهر المعين قبل قبضه هل هو بيده أمانة أو مضمون فيكون مؤنة دفن العبد عليه فيه روايتان وبنى عليهما التصرف والنماء وتلفه.
وعلى القول بضمانه هل هو ضمان عقد بحيث ينفسخ في المعين ويبقى في تقدير المالية يوم الإصداق أو ضمان يد بحيث تجب القيمة يوم تلفه كعارية فيه وجهان.
ثم ذكر أن القاضي وجماعة قالوا ما نفتقر توفيته إلى معيار ضمنه وإلا فلا كبيع انتهى والوجهان في المستوعب.
قوله : "وإن كان ناقصا خير الزوج بين أخذه ناقصا ولا شيء له غيره وبين نصف القيمة وقت العقد".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي وهو اختيار الأكثرين.
قال في البلغة ولا أرش على الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والمحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال في المستوعب وحكى شيخنا في شرحه رواية أخرى أنه إن اختار أن يأخذ نصفه ناقصا ويرجع عليها بنصف النقصان فله ذلك واختاره القاضي في التعليق.
وقال في المحرر وخرج القاضي رواية بالأرش مع نصفه.
قال الشارح قال القاضي القياس أن له ذلك كالمبيع يمسكه ويطالب بالأرش ورده المصنف والشارح.
وفي التبصرة رواية ثالثة وقدمها له نصفه بأرشه بلا تخيير.
تنبيه: محل ذلك إذا حدث ذلك عند الزوجة فأما إن كان بجناية جان فالصحيح أن له مع ذلك نصف الأرش قاله في البلغة وغيره وهو واضح وعبارتها وأما النقصان فإن تعيب في يدها تخير هو فإن شاء رجع بقيمة النصف سليما وإن شاء قنع به معيبا إلا أن يكون بحيازته جاز فالصحيح أن له مع ذلك نصف الأرش.
فائدة : قوله "وقت العقد" هذا أحد الأقوال وقاله الخرقي.
واعتبر القاضي أخذ القيمة بيوم القبض.
وقال في المحرر والفروع وغيرهما له نصف قيمته يوم الفرقة على أدنى صفاته من يوم العقد إلى يوم القبض إلا المتميز إذا قلنا إنه يضمنه بالعقد فتعتبر صفته وقت العقد كما تقدم في الزيادة المتصلة.
قوله : "وإن كان تالفا أو مستحقا بدين أو شفعة فله نصف قيمته يوم العقد إلا أن يكون مثليا فيرجع بنصف مثله".
إذا فات ما قبضته بتلف أو انتقال أو غير ذلك فإن كان مثليا فله نصف مثله وإن كان غير مثلى فقدم المصنف أن له نصف قيمته يوم العقد وقاله الخرقي وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وقال في المحرر والفروع وغيرهما إن كان متميزا وقلنا يضمنه وهو المذهب كما تقدم اعتبرت صفته وقت العقد وإن كان غير متميز فله نصف قيمته يوم الفرقة على أدنى صفاته من يوم العقد إلى يوم القبض كما تقدم في نظائره فإنهم قد قطعوا في المسائل الثلاث بذلك.
وقال القاضي له القيمة أقل ما كانت يوم العقد إلى يوم القبض.
قال المصنف والشارح هذا مبني على أن الصداق لا يدخل في ضمان المرأة إلا بقبضه وإن كان معينا كالمبيع في رواية.
فائدة: لو طلق قبل أخذ الشفيع فقيل يقدم الشفيع وهو الصحيح قدمه بن رزين في شرحه لأن حقه أسبق.
وقيل: يقدم الزوج لأن حقه آكد لثبوته بنص القرآن والإجماع.
وأطلقهما في المغني والفروع والشرح وغيرهم.
قوله : "وإن نقص الصداق في يدها بعد الطلاق فهل تضمن نقصه يحتمل وجهين".
فإذا كانت منعته منه بعد طلبه منها حتى نقص أو تلف فعليها الضمان لأنها غاصبة.
وإن تلف أو نقص قبل المطالبة بعد الطلاق فقال المصنف هنا يحتمل وجهين وكذا قال في الهداية.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
أحدهما: تضمنه وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والثاني: لا تضمنه اختاره المصنف والشارح وقالا هو قياس المذهب.
قال في الخلاصة لم تضمن في الأصح.
وقيل: لا تضمن المتميز ذكره في الرعاية.
وقيل: هو كتلفه في يده قبل طلبها.
فوائد
إحداها: لو زاد الصداق من وجه ونقص من وجه كعبد صغير كبر ومصوغ كسرته وأعادته على صياغة أخرى وحمل الأمة فلكل منهما الخيار قاله في البلغة والرعايتين والفروع وغيرهم وقالوا حمل البهيمة زيادة محضة ما لم يفسد اللحم.
والزرع والغرس نقص للأرض والإجارة والنكاح نقص.
ولا أثر لمصوغ كسرته وأعادته كما كان أو أمة سمنت ثم هزلت ثم سمنت على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وفي المغني والشرح وجهان.
ولا أثر أيضا لارتفاع سوق ولا لنقلها الملك فيه ثم طلق وهو بيدها.
ولا يشترط للخيار زيادة القيمة بل ما فيه غرض مقصود قاله في البلغة والترغيب وغيرهما.
قال في الفروع وظاهر كلام بعضهم خلافه.
الثانية: إن كان النخل حائلا ثم أطلعت فزيادة متصلة وكذا ما أبر قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
وقال في البلغة زيادة متصلة على المشهور.
وذكر في الترغيب وجهين.
الثالثة: لو أصدقها أمة حاملا فولدت لم يرجع في نصفه إن قلنا لا يقابله قسط من الثمن وإن قلنا يقابله فهو بعض مهر زاد زيادة لا تتميز ففي لزومها نصف قيمته ولزومه قبول نصف الأرض بنصف زرعها وجهان.
وأطلقهما في الفروع فيهما وأطلقهما في المغني والشرح وفي البلغة والرعايتين والحاوي الصغير في الأولى.
واختار القاضي أنه يلزمه قبول نصف الأرض بنصف زرعها.
والصحيح أنه لا يلزمه.
قدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين.
الرابعة: مما يمنع الرجوع البيع والهبة المقبوضة والعتق وكذا الرهن والكتابة على الصحيح من المذهب قدمه في البلغة والرعاية.
وقيل: يرجع إلى نصف المكاتب إن اختار ويكون على كتابته.
ولو قال في الرهن أنا أصبر إلى فكاكه فصبر لم يلزمها دفع العين كما لو رجعت بالابتياع بعد الطلاق.
وهل يمنع التدبير الرجوع على وجهين وأطلقهما في البلغة.
وقدم في الرعاية أنه لا يمنع وهو المذهب.
قال المصنف في المغني والشارح هذا ظاهر المذهب لأنه وصية أو تعليق نصفه وكلاهما لا يمنع الرجوع.
قال في الفروع له الرجوع في المدبر إن رجع فيه بقول.
وفي لزوم المرأة رد نصفه قبل تقبيض هبة ورهن وفي مدة خيار بيع وجهان وأطلقهما في الفروع والمغني والشرح.
أحدهما لا يلزمها ذلك قدمه بن رزين في شرحه.
والثاني يلزمها.
الخامسة: لو أصدقها صيدا ثم طلق وهو محرم فإن لم يملكه بإرث في الإحرام فله هنا نصف قيمته وإلا فهل يقدم حق الله فيرسله ويغرم لها قيمة النصف أو يقدم حق الآدمي فيمسكه ويبقى ملك المحرم ضرورة أم هما سواء فيخيران فيه الأوجه وأطلقهن في الفروع.
فعلى الوجه الثالث لو أرسله برضاها غرم لها وإلا بقيا مشتركين.
قال في الترغيب ينبني على حكم الصيد المملوك بين محل ومحرم.
السادسة: لو أصدقها ثوبا فصبغته أو أرضا فبنتها فبذل الزوج قيمة زيادته لتملكه فله ذلك على الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح والخرقي.
وقدمه في الرعايتين وبن رزين في شرحه.
قال في الفروع فله ذلك عند الخرقي والشيخ تقي الدين.
وقال القاضي ليس له إلا القيمة انتهى.
فلو بذلت المرأة النصف بزيادته لزم الزوج قبوله.
قال الزركشي قلت ويتخرج عدم اللزوم مما إذا وهب العامر تزويق الدار ونحوها للمغصوب منه وهو أظهر في البناء انتهى.
السابعة: لو فات نصف الصداق مشاعا فله النصف الباقي وكذا لو فات النصف معينا من المتنصف على الصحيح من المذهب فيأخذ النصف الباقي.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال المصنف في المغني والشارح له نصف البقية ونصف قيمة الفائت أو مثله.
الثامنة: إن قبضت المسمى في الذمة فهو كالمعين إلا أنه لا يرجع بنمائه مطلقا.
ويعتبر في تقويمه صفة يوم قبضه وفي وجوب رده بعينه وجهان.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والنظم والفروع.
أحدهما: يجب رده بعينه جزم به بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: لا يجب ذلك.
قوله : "والزوج هو الذي بيده عقدة النكاح".
هذا المذهب بلا ريب وهو المشهور وعليه الجمهور.
حتى قال أبو حفص رجع الإمام أحمد رحمه الله عن القول بأنه الأب.
وصححه المصنف وغيره واختاره الخرقي وأبو حفص والقاضي وأصحابه وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي عليه الأصحاب.
وعنه أنه الأب قدمه بن رزين.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال ليس في كلام الإمام أحمد رحمه الله أن عفوه صحيح لأن بيده عقدة النكاح بل لأن له أن يأخذ من مالها ما شاء.
وتعليله بالأخذ من مالها ما شاء يقتضي جواز العفو بعد الدخول عن الصداق كله وكذلك سائر الديون.
وأطلق الروايتين في الهداية والمستوعب والبلغة.
وقيل: سيد الأمة كالأب.
فعلى المذهب إذا طلق قبل الدخول فأيهما عفى لصاحبه عما وجب له من المهر وهو جائز الأمر في ماله بريء منه صاحبه.
وعلى الثانية للأب أن يعفو عن نصف مهر ابنته الصغيرة إذا طلقت قبل الدخول كما قاله المصنف هنا.
وكلامه يشمل البكر والثيب الصغيرتين.
وهو الصحيح من المذهب.
وعبارته في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة وإدراك الغاية وغيرهم كعبارة المصنف وقدمه في الفروع.
وقال في المغني والكافي والشرح ليس للأب ذلك إذا كانت بكرا صغيرة.
واشترط في المحرر والنظم وتجريد العناية البكارة لا غير.
فائدة المجنونة كالبكر الصغيرة.
تنبيهان
الأول: مفهوم قوله: ابنته الصغيرة أن الأب ليس له أن يعفو عن مهر ابنته البكر البالغة وهو صحيح وهو المذهب.
اختاره أبو الخطاب وبن البناء وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمصنف والشارح وإدراك الغاية وغيرهم.
واختار جماعة أنها كالصغيرة.
وهو ظاهر كلام القاضي وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وتجريد العناية.
وهو ظاهر كلامه في النظم وأطلقهما في البلغة.
وقال في الترغيب والبلغة أيضا أصل الوجهين هل ينفك الحجر بالبلوغ أم لا ولم يقيد في عيون المسائل بصغر وكبر وبكارة وثيوبة.
الثاني: ظاهر قوله: للأب أن يعفو أن غيره من الأولياء ليس له أن يعفو وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وذكر ابن عقيل رواية في عفو الولي في حق الصغيرة.
قلت إذا رأى الولي المصلحة في ذلك فلا بأس به.
الثالث: ظاهر كلام المصنف وغيره أن المعفو عنه من الصداق سواء كان دينا أو عينا وهو صحيح وهو المذهب.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في البلغة قاله جماعة من أصحابنا.
قال الزركشي هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والجمهور.
وقيل: من شرطه أن يكون دينا قدمه في البلغة والترغيب.
فليس له أن يعفو عن عين.
قال الزركشي نعم يشترط أن لا يكون مقبوضا وهو مفهوم من كلامهم لأنه يكون هبة لا عفوا.
الرابع: مفهوم قوله: إذ طلقت قبل الدخول.
أنها إذا طلقت بعد الدخول ليس للأب العفو وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في البلغة لا يملكه في أظهر الوجهين.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: له ذلك ما لم تلد أو يمضي لها سنة في بيت الزوج.
وهو مبني أيضا على أنه هل ينفك الحجر عنها بالبلوغ أم لا قاله في الترغيب وقال فيه وفي البلغة وعلى هذا الوجه ينبني ملك الأب لقبض صداق ابنته البالغة الرشيدة.
فائدة: إن كان العفو عن دين سقط بلفظ الهبة والتمليك والإسقاط والإبراء والعفو والصدقة والترك ولا يفتقر إلى قبول على الصحيح من المذهب وقيل: يفتقر.
وإن كان العفو عن عين صح بلفظ الهبة والتمليك وغيرهما كعفوت على الصحيح من المذهب اختاره القاضي والمصنف والشارح وصاحب القواعد وغيرهم.
وقيل: لا يصح بها اختاره ابن عقيل.
وأطلقهما في البلغة والرعاية وقدم أنه لا يصح بالإبراء واقتصر في الترغيب على وهبت وملكت.
وقال في القواعد وإن كان عينا وقلنا لم يملكه الزوج وإنما يثبت له حق التمليك فكذلك.
يعني هو كالعفو عنه إذا كان دينا.
وهل يفتقر إلى قبوله فيه وجهان وأطلقهما في البلغة والرعايتين.
قال في القواعد قال القاضي وابن عقيل يشترط هنا الإيجاب والقبول والقبض.
والصحيح أن القبض لا يشترط في الفسوخ كالإقالة ونحوه صرح القاضي في خلافه.
وقد تقدم ذلك في أول كتاب الهبة في العين وبعده بيسير في الدين في إبراء الغريم وسواء في ذلك عفو الزوج والزوجة.
قوله : "وإذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها أو وهبته له ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه".
هذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه لا يرجع بشيء لأن عقد الهبة لا يقتضي ضمانا.
وعنه لا يرجع مع الهبة ويرجع مع الإبراء.
قال في المحرر والرعايتين وهو الأصح.
قال في القواعد الفقهية هل يرجع عليها ببدل نصفها على روايتين.
فإن قلنا يرجع فهل يرجع إذا كان الصداق دينا فأبرأته منه على وجهين أصحهما لا يرجع لأن ملكه لم يزل عنه انتهى.
قال في تجريد العناية فلو وهبته بعد قبضه ثم طلق قبل مس رجع بنصفه لا إن أبرأته على الأظهر فيهما واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال المصنف والشارح فإن كان الصداق دينا فأبرأته منه فإن قلنا لا يرجع في المعين فهنا أولى.
وإن قلنا يرجع هناك خرج هنا وجهان الرجوع وعدمه وكذا قال في البلغة.
وقال فيها وفي الترغيب أصل الخلاف في الإبراء هل زكاته إذا مضى عليه أحوال وهو دين على الزوجة أو على الزوج فيه روايتان.
قال في الفروع وكلامه في المغني على أنه إسقاط أو تمليك.
فوائد
إحداها: لو وهبته أو أبرته من نصفه أو بعضه فيهما ثم تنصف رجع بالباقي على الرواية الأولى وبنصفه أو بباقيه على الرواية الأخرى.
قال في الرعايتين وهي أصح.
وقيل: له نصف الباقي وربع بدل الكل أو نصف بدل الكل فقط.
وقيل: يرجع في الإبراء من المعين دون الدين ذكرهما في الرعاية.
قال في الفروع وإن وهبته بعضه ثم تنصف رجع بنصف غير الموهوب.
ونصف الموهوب استقر ملكا له فلا يرجع به ونصفه الذي لم يستقر يرجع به على الأولى لا الثانية.
وفي المنتخب عليها احتمال.
الثانية: لو وهب الثمن لمشتر فظهر المشتري على عيب فهل بعد الرد لها الأرش أم ترده وله ثمنه.
وقال في الترغيب القيمة فيه الخلاف قاله في الفروع.
وقال في القواعد فيه طريقان.
أحدهما: تخريجه على الخلاف في رده.
والأخرى: تمتنع المطالبة هنا وجها واحدا وهو اختيار ابن عقيل.
قلت الصحيح من المذهب أن له الأرش على ما تقدم في خيار العيب وقدمه في الفروع هناك في هذه المسألة.
الثالثة : لو قضى المهر أجنبي متبرعا ثم سقط أو تنصف فالراجع للزوج على الصحيح من المذهب.
اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في النظم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل: الراجع للأجنبي المتبرع.
ومثله خلافا ومذهبا حكما لا صورة لو باع عينا ثم وهب ثمنها للمشتري أو ابرأه منه ثم بان بها عيب يوجب الرد.
[ومثله أيضا فيهما لو تبرع أجنبي عن المشتري بالثمن ثم فسخ بعيب خلافا ومذهبا].
قال في الفروع ومثله أداء ثمن ثم يفسخ بعيب انتهى.
وكذا لو أبرأه من بعض الثمن.
واختار القاضي في خلافه عدم الرجوع عليه مما أبرأه منه.
وكذا الحكم لو كاتب عبده ثم أبرأه من دين الكتابة وعتق فهل يستحق المكاتب الرجوع عليه بما كان له عليه من الإيتاء الواجب أم لا قدمه في الفروع.
وضعف المصنف ذلك وقال لا يرجع به المكاتب.
ذكر هذا وغيره في القاعدة السابعة والستين.
قوله : "وإن ارتدت قبل الدخول فهل يرجع عليها بجميعه على روايتين".
يعني إذا أبرأته أو وهبته ثم ارتدت وأطلقهما في الشرح.
إحداهما: يرجع بجميعه وهو الصحيح صححه في التصحيح والنظم وظاهر كلام ابن منجا أن هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين.
والثانية: لا يرجع إلا بنصفه.
وعنه يرجع بجميعه مع الهبة وبنصفه مع الإبراء.
قال في تجريد العناية على الأظهر.
قال في الرعايتين وهو أصح.
قوله : "وكل فرقة جاءت من" قبل "الزوج كطلاقه وخلعه، وإسلامه وردته أو من أجنبي كالرضاع ونحوه قبل الدخول يتنصف بها المهر بينهما".
وكذا تعليق طلاقها على فعلها وتوكيلها فيه ففعلته فيهما على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو علق طلاقها على صفة وكانت الصفة من فعلها الذي لها منه بد وفعلته فلا مهر لها.
وقواه صاحب القواعد.
أما إذا خالعها فجزم المصنف بأنه يتنصف به لأنه من قبله وهو أحد الوجهين وهو ظاهر ما جزم به في الشرح وشرح ابن منجا.
وجزم به في الكافي والوجيز وقدمه في المستوعب.
قال في القواعد: المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن لها نصف الصداق وهو قول القاضي وأصحابه.
والوجه الثاني: يسقط الجميع وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل: يتنصف المهر إن كان الخلع مع غير الزوجة.
تنبيه: محل الخلاف إذا قيل هو فسخ على الصحيح من المذهب.
وقيل: أو طلاق أيضا ذكره في الرعاية.
قال في القواعد بعد حكايته القول الثاني في أصل المسألة ومن الأصحاب من خرجه على أنه فسخ فيكون كسائر الفسوخ من الزوج.
ومنهم من جعله مما يشترك فيه الزوجان لأنه إنما يكون بسؤال المرأة فتكون الفرقة فيه من قبلها.
وكذلك يسقط أرشها في الخلع في المرض وهذا على قولنا لا يصح مع الأجنبي أظهر.
أما إن وقع مع الأجنبي وصححناه فينبغي أن يتنصف وجها واحدا انتهى.
وأما إذا اسلم أو ارتد قبل الدخول فتقدم ذلك محررا في باب نكاح الكفار.
وأما إذا جاءت الفرقة من الأجنبي كالرضاع ونحوه فإنه يتنصف المهر بينهما ويرجع الزوج على من فعل ذلك.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب الرضاع حيث قال وكل من أفسد نكاح امرأة برضاع قبل الدخول فإن الزوج يرجع عليها بنصف مهرها الذي يلزمه لها.
فائدة: لو أقر الزوج بنسب أو رضاع أو غير ذلك من المفسدات قبل منه في انفساخ النكاح دون سقوط النصف.
ولو وطى ء أم زوجته أو ابنتها بشبهة أو زنا انفسخ النكاح ولها نصف الصداق نص عليه في رواية بن هانئ.
قوله : "وكل فرقة جاءت من قبلها كإسلامها وردتها وإرضاعها من ينفسخ به نكاحها" وارتضاعها منه بنفسها "وفسخها لعيبه وإعساره وفسخه لعيبها يسقط به مهرها ومتعتها".
أما إذا اسلمت أو ارتدت قبل الدخول فتقدم ذلك أيضا في أول باب نكاح الكفار مستوفي فليعاود.
وأما إذا جاءت الفرقة من قبلها برضاعها أو ارتضاعها ممن ينفسخ به نكاحها فيأتي ذلك أيضا في كتاب الرضاع حيث قال فإذا أرضعت امرأته الكبرى الصغرى فانفسخ نكاحهما فعليه نصف مهر الصغرى يرجع به على الكبرى ولا مهر للكبرى.
وأما فسخها لعيبه وفسخه لعيبها فإن ذلك يسقط مهرها بلا خلاف في المذهب إلا توجيه لصاحب الفروع يأتي في الفائدة الآتية.
قال المصنف والشارح فإن قيل فهلا جعلتم فسخها لعيبه كأنه منه لحصوله بتدليسه.
قلنا العوض من الزوج في مقابلة منافعها فإذا اختارت فسخ العقد مع سلامة ما عقد عليه وهو نفع بضعها رجع العوض إلى العاقد معها وليس من جهتها عوض في مقابلة منافع الزوج وإنما يثبت لها لأجل ضرر يلحقها لا لتعذر ما استحقت عليه في مقابلته عوضا فافترقا.
وقال في القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة هذا الفرق يرجع إلى أن الزوج غير معقود عليه في النكاح وفيه خلاف.
والأظهر في الفرق أن يقال الفسوخ الشرعية التي يملكها كل من الزوجين على الآخر إنما شرعت لإزالة ضرر حاصل.
فإذا وقعت قبل الدخول فقد رجع كل من الزوجين إلى ما بذله سليما كما خرج منه فلا حق له في غيره بخلاف الطلاق وما في معناه كالخلع ونحوهما لا كالانفساخات القهرية بأسبابها كالرضاع واللعان والردة والإسلام والرق والحرية ونحوها بشروطها وكثبوت القرابة ونحوها من موجبات الفرقة بغير ضرر ظاهر فإنه يحصل للمرأة به انكسار وضرر فجبره الشارع بإعطائها نصف المهر وبالمتعة عند فقد التسمية انتهى.
فائدة: لو شرط عليه شرط صحيح حالة العقد فلم يف به وفسخت سقط به مهرها على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية والفروع.
قال في القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة وهو قول القاضي والأكثرين.
وعنه يتنصف بفسخها قبل الدخول اختاره أبو بكر في التنبيه.
قال في الفروع فتتوجه هذه الرواية في فسخها لعيبه.
ولو فسخت بعد الدخول فلها المتعة إن لم يسم لها مهرا.
وأما فسخها لإعساره بالمهر أو بالنفقة وغير ذلك فهو من جهتها فلا تستحق شيئا بلا نزاع أعلمه.
قوله : "وفرقة اللعان تخرج على روايتين".
وأطلقهما في المغني والكافي والمحرر والشرح وشرح ابن منجا وتجريد العناية والفروع.
إحداهما يسقط بها المهر وهو المذهب صححه في التصحيح وتصحيح المحرر والنظم وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين وشرح بن رزين والحاوي الصغير واختاره أبو بكر.
والرواية الثانية: ينتصف بها المهر.
وخرج القاضي إن لاعنها في مرضه تكون الفرقة منه لا منها.
قوله : "وفي فرقة بيع الزوجة من الزوج وشرائها له وجهان".
وهما روايتان في الثانية.
وأطلقهما في المغني والكافي والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
إحداهما: يتنصف بها المهر وهو المذهب صححه في التصحيح وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز.
قال في القواعد هذا أشهر الوجهين وهو اختيار أبي بكر والقاضي وأصحابه فيما إذا اشترت الزوج.
والثاني: يسقط بها كله واختاره أبو بكر فيما إذا اشتراها الزوج.
وقيل: محل الخلاف إذا اشتراها من مستحق مهرها وهي طريقته في المحرر.
وقال أبو بكر إن اشتراها سقط المهر وإن اشترته هي تنصف.
واختار في الرعاية إن طلب الزوج شراء زوجته فلها المتعة وإن طلبه سيدها فلا.
فائدة : لو جعل لها الخيار بسؤالها فاختارت نفسها فالمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه لا مهر لها قاله في القواعد.
وقيل: يتنصف وأطلقهما في الفروع.
وإن جعل لها الخيار من غير سؤال منها فاختارت نفسها لم يسقط مهرها جزم به في المغني والشرح.
قوله : "ولو قتلت نفسها لاستقر مهرها كاملا".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه لا يجب سوى النصف.
وقال في الوجيز يتقرر المهر إن قتل نفسه أو قتله غيرهما.
قال في الفروع فظاهره لا يتقرر إن قتل أحدهما الآخر قال وهو متوجه إن قتلته هي.
فوائد جمة
اعلم أن المهر يتقرر كاملا سواء كانت الزوجة حرة أو أمة بأشياء ذكر المصنف بعضها فذكر الموت وهو بلا خلاف.
قال في الفروع ويتقرر المسمى لحرة أو أمة بموت أحدهما انتهى.
وذكر القتل وتقدم الخلاف فيه.
ومما يقرر المهر كاملا وطؤه في فرج حية لا ميتة ذكره أبو المعالي وغيره ولو بوطئها في الدبر على الصحيح من المذهب.
وقيل: لا يقرره الوطء في الدبر.
ومنها الخلوة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وهو من المفردات قال في الفروع وعنه أولا اختاره في عمد الأدلة بزيادة أو قبل لا.
والذي يظهر أنها سهو.
وقال في القاعدة الخامسة والخمسين بعد المائة من الأصحاب من حكى رواية بان المهر لا يستقر بالخلوة بمجردها بدون الوطء.
وأنكر الأكثرون هذه الرواية وحملوها على وجه آخر وذكره.
فعلى المذهب يتقرر كاملا إن لم تمنعه بشرط أن يعلم بها على الصحيح من المذهب.
وعنه يتقرر وإن لم يعلم بها.
ويشترط في الخلوة أن لا يكون عندهما مميز مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل: مميز مسلم وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
ويشترط أيضا أن يكون الزوج ممن يطأ مثله.
ولا تقبل دعواه عدم علمه بها.
والصحيح من المذهب ولو كان أعمى نص عليه لأن العادة أنه لا يخفى عليه ذلك.
وقيل: تقبل دعواه عدم علمه إذا كان أعمى.
وقال في المذهب إن صدقته لم تثبت الخلوة وإن كذبته فهي خلوة.
فعلى المنصوص قدم الأصحاب هنا العادة على الأصل.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فكذا دعوى إنفاقه فإن العادة هناك أقوى انتهى.
والنائم في الخلوة كالأعمى.
ويقبل قول مدعى الوطء يعني في الخلوة على الصحيح من المذهب.
[وإلا فسيأتي أن القول قول الزوج فيما إذا اختلفا فيما يستقر فيه المهر من جملة الوطء بلا خلوة على الصحيح من المذهب].
وفي الواضح يقبل قول منكرة كعدمها قاله ابن عقيل وجماعة.
فلا يرجع هو بمهر لا يدعيه ولا لها ما لا تدعيه.
وسيأتي أن القول قوله: هو دونها فيما إذا اختلفا فيما يستقر به المهر ومنه الوطء ونحوه بلا خلوة.
قال في الانتصار والتسليم بالتسلم ولهذا لو دخلت البيت فخرج لم تكمل قاله قبيل المسألة.
وفي الانتصار أيضا يستقر به وإن لم يتسلم كبيع وإجارة.
وفي العدة والرجعة وتحريم الربيبة بالخلوة الخلاف قاله في الفروع.
ويأتي في أول باب العدد حكم الخلوة من جهة العدة.
وتقدم أحكام الربيبة إذا خلا بأمها في المحرمات في النكاح.
وقطع المصنف والشارح وغيرهما بثبوت الرجعة لها عليها إذا خلا بها في عدتها.
قال في المستوعب الخلوة تقوم مقام الدخول في أربعة أشياء تكميل الصداق ووجوب العدة وملك الرجعة إذا طلقها دون الثلاث وثبوت الرجعة إن كانت مطلقة بعد الدخول.
وقيل: هذه الخلوة دون الثلاث انتهى.
ولا يتعلق بالخلوة بقية حكم الوطء على الصحيح من المذهب.
وقيل: كمدخول بها إلا في حلها لمطلقها وإحصان قاله في الفروع.
ونقل أبو الحارث وغيره هي كمدخول بها ويجلدان إذا زنيا انتهى.
وأما لحوق النسب فقال بن أبي موسى روى عن الإمام أحمد رحمه الله في صائم خلا بزوجته وهي نصرانية ثم طلقها قبل المسيس وأتت بولد ممكن روايتان.
إحداهما: يلزمه لثبوت الفراش وهي أصح.
والأخرى: قال لا يلزمه الولد إلا بالوطء انتهى.
ولو اتفقا على أنه لم يطأ في الخلوة لزم المهر والعدة نص عليه لأن كلا منهما مقر بما يلزمه.
وذكر ابن عقيل وغيره في تنصيف المهر هنا روايتين.
إذا علم ذلك فالخلوة مقررة للمهر لمظنة الوطء.
ومن الأصحاب من قال إنما قررت المهر لحصول التمكين بها وهي طريقة القاضي.
وردها ابن عقيل وقال إنما قررت لأحد أمرين إما لإجماع الصحابة وهو حجة وإما لأن طلاقها بعد الخلوة بها وردها زهدا منه فيها فيه ابتدال لها وكسر فوجب جبره بالمهر.
وقيل: بل المقرر هو استباحة ما لا يباح إلا بالنكاح من المرأة فدخل في ذلك الخلوة واللمس بمجردهما.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب ذكره في القواعد.
فلو خلا بها ولكن بهما مانع شرعي كإحرام وحيض وصوم أو حسي كجب ورتق ونضاوة تقرر المهر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي وهو المختار للأصحاب.
وقال اتفقوا فيما علمت أن هذا هو المذهب انتهى.
وهو من مفردات المذهب وقدمه المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه لا يقرره.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه يقرره إن كان المانع به وإلا فلا وهو قول في الرعاية.
قال في المستوعب إن خلا بها وهو مدنف أو صائم أو محرم أو مجبوب استقر الصداق رواية واحدة وإن خلا بها وهي محرمة أو صائمة أو رتقاء أو حائض كمل الصداق في أشهر الروايتين.
وقال في الرعاية وعنه يكمل مع ما لا يمنع دواعي الوطء بخلاف صوم رمضان والحيض والإحرام بنسك ونحوها.
قال القاضي إن كان المانع لا يمنع دواعي الوطء كالجب والعنة والرتق والمرض والحيض والنفاس وجب الصداق وإن كان يمنع دواعيه كالإحرام وصيام الفرض فعلى روايتين.
قال المصنف والشارح وعنه رواية إن كانا صائمين صوم رمضان لم يكمل الصداق وإن كان غيره كمل انتهى.
وقيل: إن خلا بها وهو مرتد أو صائم أو محرم أو مجبوب استقر الصداق وإن كانت صائمة أو محرمة أو رتقاء أو حائضا كمل الصداق على الأصح.
وتقدم كلامه في المستوعب.
تنبيه: قال الزركشي وغيره بعد أن ذكر الروايتين اختلفت طرق الأصحاب في هذه المسألة فقال أبو الخطاب في خلافه والمجد والقاضي في الجامع فيما نقله عنه في القواعد محل الروايتين في المانع سواء كان من جهته أو من جهتها شرعيا كان كالصوم والإحرام والحيض أو حسيا كالجب والرتق ونحوهما.
وقال القاضي في الجامع والشريف في خلافه محلهما إن كان المانع من جهتها أما إن كان من جهته فإن الصداق يتقرر بلا خلاف.
ونسب هذه الطريقة في القواعد إلى القاضي في خلافه.
وقال القاضي في المجرد فيما أظن وبن البناء محلهما إذا امتنع الوطء ودواعيه كالإحرام والصيام.
فأما إن كان لا يمنع الدواعي كالحيض والجب والرتق فيستقر رواية واحدة.
ونسب هذه الطريقة في القواعد إلى القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول.
وقال القاضي في الروايتين محلهما في المانع الشرعي أما المانع الحسي فيتقرر معه الصداق وهي قريبة من التي قبلها.
ويقرب منها طريقة المصنف في المغني أن المسألة على ثلاث روايات.
الثالثة: إن كان المانع متأكدا كالإحرام والصيام لم يكمل وإلا كمل انتهى.
وهذه الرواية الثالثة لم يصرح الإمام أحمد رحمه الله فيها بالإحرام وإنما قاسه المصنف على الصوم الذي صرح به الإمام أحمد.
ومما يقرر المهر أيضا اللمس والنظر إلى فرجها ونحوه لشهوة حتى تقبيلها بحضرة الناس نص عليه وهي من المفردات وقدمه في الفروع.
وخرجه ابن عقيل على المصاهرة وقاله القاضي مع الخلوة وقال إن كان ذلك عادته تقرر وإلا فلا هكذا نقله في الفروع.
قلت قال ابن عقيل في التذكرة إن كان ممن يقبل أو يعانق بحضرة الناس عادة كانت خلوة منه وإلا فلا.
ونقله عنه في المستوعب والبلغة والقواعد.
فلعل قول صاحب الفروع وقال إن كان ذلك عادته تقرر عائد إلى ابن عقيل لا إلى القاضي أو يكون ابن عقيل وافق القاضي ويكون لابن عقيل فيها قولان.
قال في القواعد والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا أنه إذا تعمد النظر إليها وهي عريانة تغتسل وجب لها المهر.
ولا يقرره النظر إليها على الصحيح من المذهب.
وعنه بلى إذا كانت غير عريانة فأما إن كانت عريانة وتعمد النظر إليها فالمنصوص أنه يجب لها المهر.
قال في الرعاية ويقرره النظر إليها عريانة.
وقطع ناظم المفردات أن النظر إلى فرجها يقرر المهر.
قال في القواعد أما مقدمات الجماع كاللمس لشهوة والنظر إلى الفرج أو إلى جسدها وهي عريانة فمن الأصحاب من ألحقه بالوطء وهو المذهب ومنهم من خرجه على وجهين أو روايتين من الخلاف في تحريم المصاهرة به ولم يقيده فيهما بالشهوة لأن قصد النظر إلى الفرج أو إلى جسدها وهي عريانة لا يكون إلا لشهوة بخلاف اللمس إذ الغالب فيه عدم اقترانه بالشهوة فلذلك قيده فيه بها انتهى.
فإن تحملت بماء الزوج ففي تقرير الصداق به وجهان وأطلقهما في الفروع وقال ويلحقه نسبه.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه لا يقرره.
وقال في الرعاية ولو استدخلت مني زوج أو أجنبي بشهوة ثبت النسب والعدة والمصاهرة ولا تثبت رجعة ولا مهر المثل ولا يقرر المسمى انتهى.
قوله : "وإن اختلف الزوجان في قدر الصداق فالقول قول الزوج مع يمينه".
وهو المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية.
وعنه القول قول من يدعي مهر المثل منهما.
جزم به الخرقي وصاحب العمدة والوجيز ومنتخب الأزجي وناظم المفردات ونصره القاضي وأصحابه منهم الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي وغيرهم.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب.
قال في الفروع نصره القاضي وأصحابه.
وهو من مفردات المذهب بلا خلاف بينهم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والشرح وشرح ابن منجا.
وعنه يتحالفان حكاها الشيرازي في المبهج.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتخرج لنا قول كقول مالك رحمه الله إن كان الاختلاف قبل الدخول تحالفا وإن كان بعده فالقول قول الزوج.
فعلى الرواية الثانية وهو أن القول قول من يدعي مهر المثل منهما لو ادعى أقل منه وادعت أكثر منه ردت إليه بلا يمين عند القاضي في الأحوال كلها.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة.
وقيل: يجب اليمين في الأحوال كلها.
اختاره أبو الخطاب في الهداية وقطع به هو والشريف أبو جعفر في خلافيهما وقدمه بن رزين في شرحه.
قال المصنف وتبعه الشارح إذا ادعى أقل من مهر المثل وادعت أكثر منه رد إلى مهر المثل ولم يذكر الأصحاب يمينا والأولى أن يتحالفا فإن ما يقوله: كل واحد منهما محتمل للصحة فلا يعدل عنه إلا بيمين من صاحبه كالمنكر في سائر الدعاوي ولأنهما تساويا في عدم الظهور فشرع التحالف كما لو اختلف المتبايعان انتهيا.
وقال في المحرر وعنه يؤخذ بقول مدعي مهر المثل ولم يذكر اليمين فيخرج وجوبها على وجهين.
وقال في الهداية وعنه القول قول من يدعي مهر المثل فإن ادعى هو دونه وادعت هي زيادة رد إليه ولا يجب يمين في الأحوال كلها على قول شيخنا.
وعندي أنه يجب فيها كلها يمين لإسقاط الدعاوي.
وفي كلام الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على الوجهين انتهى.
وتبعه في المستوعب وغيره.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
لكن صاحب الفروع حكى الخلاف فيما إذا ادعى مهر المثل من غير زيادة ولا نقصان تبعا لصاحب المحرر ولم يذكرا يمينا في غيرها.
وصاحب الرعايتين والحاوي قد حكيا الخلاف كذلك وأطلقاه أيضا وحكياه وجهين فيما إذا ادعى هو نقصا وادعت هي زيادة وقدما عدم اليمين.
وأبو الخطاب ومن تبعه كالسامري والمصنف هنا أجروا الخلاف في جميع الصور وحكوه أيضا عن القاضي أبي يعلي الكبير.
والظاهر أن المصنف والمجد والشارح حالة التصنيف لم يطلعا على الخلاف أو ما استحضراه.
لكن المجد لم يصرح في كلامه في حكم اليمين نفيا ولا إثباتا في المسألة المذكورة.
نعم حيث رد إلى مهر المثل فإنه يكون كالمسألة قبلها على الخلاف.
وأيضا فإنه لم ينف ذكر اليمين إلا عن الرواية ولم يتعرض لثبوته في كلام الأصحاب ولا لنفيه وكيف ينفيه عنهم وهو ثابت في المقنع وقبله في الهداية والمذهب.
ويمكن أن يقال إنما جزم الشيخ في المقنع بوجوب اليمين في الأحوال أو بعدمه فيها اختيارا منه لإطلاق الحالة الأخيرة بالأحوال الأولة وهي ما يؤخذ من قوله: مدعى مهر المثل في وجوب اليمين أو عدمه وأن ذلك هو ظاهر كلامهم.
والذي ذكره في المغني من أن الأصحاب لم يذكروا يمينا لا ينافي صنيعه في المقنع حينئذ فإن ذلك مختص بالحال الأخير فقط.
فائدة: وكذا الحكم لو اختلف ورثتهما في قدر الصداق قاله في المستوعب والوجيز والفروع وغيرهم.
وكذا لو اختلف الزوج وولى الزوجة الصغيرة في قدره قاله القاضي وغيره واقتصر عليه في المستوعب وغيره.
ويحلف الولي على فعل نفسه.
قوله : "وإن قال تزوجتك على هذا العبد فقالت بل على هذه الأمة خرج على الروايتين".
يعني اللتين فيما إذا اختلفا في قدر الصداق.
وكذا قال أبو الخطاب وغيره من الأصحاب.
وكذا الحكم لو اختلفا في جنسه أو صفته عند الأكثرين.
لكن على رواية من يدعى مهر المثل لو كانت الأمة تساوي مهر المثل لم تدفع إليها بل يدفع إليها القيمة لئلا يملكها ما ينكره قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال في المحرر وغيره بعد ذكر الروايتين لكن الواجب القيمة لا شيء من المعينين.
وقيل: إن كان معين المرأة أعلى قيمة وهو كمهر المثل أو أقل وأخذنا بقوله: أعطيته بعينه وكذا قال في الفروع وغيره.
وقال المصنف في فتاويه إن عينت المرأة أمها وعين الزوج أباها فينبغي أن يعتق أبوها لأنه مقر بملكها له وإعتاقه عليها ثم يتحالفان ولها الأقل من قيمة أمها أو مهر مثلها انتهى.
وفي الواضح يتحالفان كبيع ولها الأقل مما ادعته أو مهر مثلها.
وفي الترغيب يقبل قول مدعي جنس مهر المثل في أشهر الروايتين.
والثانية قيمة ما يدعيه هو.
وقدم في البلغة والرعاية ما قال في الترغيب إنه أشهر الروايتين.
فائدة لو ادعت تسمية الصداق وأنكر كان القول قوله: في تسمية مهر المثل في إحدى الروايتين قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: القول قوله: ولها مهر مثلها.
وأطلقهما في البلغة والمحرر والفروع.
فعلى الأول يتنصف المهر إذا طلق قبل الدخول.
وعلى الثانية في تنصفه أو المتعة فقط الخلاف الآتي.
قوله : "وإن اختلفا في قبض المهر فالقول قولها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وذكر في الواضح رواية أن القول قوله: بناء على ما إذا قال كان له علي كذا وقضيته على ما يأتي في كلام الخرقي في "باب طريق الحاكم وصفته".
قوله : "وإن اختلفا فيما يستقر به المهر فالقول قوله".
بلا نزاع.
قوله : "وإن تزوجها على صداقين سر وعلانية أخذ بالعلانية وإن كان قد انعقد بالسر ذكره الخرقي".
وذكره في الترغيب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وهو منصوص عن الإمام أحمد رحمه الله لأنه قد أقر به.
نقل أبو الحارث يؤخذ بالعلانية.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المذهب والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم قاله في الخلاصة.
فإن رضيت المرأة بمهر السر وإلا لزمه العلانية.
وقال القاضي وإن تصادقا على السر لم يكن لها غيره.
وحمل كلام الإمام أحمد والخرقي على أن المرأة لم تقر بنكاح السر.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
فائدة: ذكر الحلواني أن البيع مثل النكاح في ذلك.
وتقدم ذلك في كتاب البيع بأتم من هذا.
تنبيه: قال المصنف في المغني ومن تابعه من الشارح، وغيره وجه قول الخرقي: أنه إذا عقد في الظاهر عقدا بعد عقد السر فقد وجد منه بذل الزائد على مهر السر فيجب ذلك عليه كما لو زادها على صداقها.
قالوا ومقتضى ما ذكرناه من التعليل لكلام الخرقي أنه إن كان مهر السر أكثر من العلانية وجب مهر السر لأنه وجب عليه بعقده ولم تسقطه العلانية فبقي وجوبه انتهوا.
قال الزركشي قد حملنا كلام الخرقي على ما إذا كان مهر العلانية أزيد وهو متأخر بناء على الغالب انتهى.
قلت بل هذا هو الواقع ولا يتأتى في العادة غيره.
وقال في المحرر وإذا كرر العقد بمهرين سرا وعلانية أخذ بالمهر الزائد وهو العلانية وإن انعقد بغيره نص عليه وقاله الخرقي.
قال شارحه فقوله: أخذ بالمهر الزائد وهو العلانية أخرجه مخرج الغالب انتهى.
وأما صاحب الفروع فجعل قول الخرقي ومن تابعه قولا غير القول بالأخذ بالزائد.
فقال ومن تزوج سرا بمهر وعلانية بغيره أخذ بأزيدهما.
وقيل: بأولهما.
وفي الخرقي وغيره يؤخذ بالعلانية.
وذكره في الترغيب نص الإمام أحمد مطلقا انتهى.
قلت أما على تقدير وقوع أن مهر السر أكثر فلا نعلم أحدا صرح بأنها لا تستحق الزائد وإن كان أنقص فيأتي كلام الخرقي والقاضي.
فوائد
الأولى لو اتفقا قبل العقد على مهر وعقداه بأكثر منه تجملا مثل أن يتفقا على أن المهر ألف ويعقداه على ألفين فالصحيح من المذهب أن الألفين هي المهر.
جزم به المصنف والمجد والشارح وصاحب البلغة والرعاية والنظم والحاوي وغيرهم وقاله القاضي وغيره.
وقيل: المهر ما اتفقا عليه أولا.
فعلى المذهب قال الإمام أحمد رحمه الله تفي بما وعدت به وشرطته من أنها لا تأخذ إلا مهر السر.
قال القاضي والمصنف والشارح وغيرهم هذا على سبيل الاستحباب.
وقال أبو حفص البرمكي يجب عليها الوفاء بذلك.
قلت وهو الصواب.
الثانية لو وقع مثل ذلك في البيع فهل يؤخذ بما اتفقا عليه أو بما وقع عليه العقد فيه وجهان وأطلقهما في الرعاية والفروع.
أحدهما: يؤخذ بما اتفقا عليه قطع به ناظم المفردات وحكاه أبو الخطاب وأبو الحسين عن القاضي وهو من المفردات.
والثاني: يؤخذ بما وقع عليه العقد قطع به القاضي في الجامع الصغير.
وتقدم التنبيه على ذلك في كتاب البيع بعد قوله: فإن كان أحدهما مكرها.
الثالثة: أفادنا المصنف رحمه الله بقوله: وإن تزوجها على صداقين سر وعلانية أخذ بالعلانية أن الزيادة في الصداق بعد العقد تلحق به ويبقى حكمها حكم الأصل فيما يقرره وينصفه وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا تلحق به وإنما هي هبة تفتقر إلى شروط الهبة فإن طلقها بعد هبتها لم يرجع بشيء من الزيادة.
وخرج على المذهب سقوطه بما ينصفه من وجوب المتعة لمفوضة مطلقة قبل الدخول بعد فرضه.
فعلى المذهب يملك الزيادة من حينها نقله مهنا في أمة عتقت فزيد مهرها.
وجعلها القاضي لمن أصل الزيادة له.
قال في المحرر وإذا ألحق بالمهر بعد العقد زيادة ألحقت به ولزمته وكانت كأصل فيما يقرره وينصفه نص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
ويتخرج أن تسقط هي بما ينصفه ونحوه انتهى بما معه.
الرابعة هدية الزوجة ليست من المهر نص عليه فإن كانت قبل العقد وقد وعدوه بأن يزوجوه فزوجوا غيره رجع بها قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
واقتصر عليه في الفروع.
قلت وهذا مما لا شك فيه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا ما قبض بسبب النكاح فكمهر.
وقال أيضا ما كتب فيه المهر لا يخرج منها بطلاقها.
وقال في القاعدة الخمسين بعد المائة حكى الأثرم عن الإمام أحمد رحمه الله في المولى يتزوج العربية يفرق بينهما فإن كان دفع إليها بعض المهر ولم يدخل بها يردوه وإن كان أهدى هدية يردونها عليه.
قال القاضي في الجامع لأن في هذه الحال يدل على أنه وهب بشرط بقاء العقد فإذا زال ملك الرجوع كالهبة بشرط الثواب انتهى.
وهذا في الفرقة القهرية لفقد الكفاءة ونحوها ظاهر.
وكذا الفرقة الاختيارية المسقطة للمهر.
فأما الفسخ المقرر للمهر أو لنصفه فتثبت معه الهدية.
وإن كانت العطية لغير المتعاقدين بسبب العقد كأجرة الدلال والخاطب ونحوهما ففي النظريات لابن عقيل إن فسخ البيع بإقالة ونحوها لم يقف على التراضي فلا ترد الأجرة وإن فسخ بخيار أو عيب ردت لأن البيع وقع مترددا بين اللزوم وعدمه.
وقياسه في النكاح أنه إن فسخ لفقد الكفاءة أو لعيبه ردت وإن فسخ لردة أو رضاع أو مخالعة لم ترد انتهى نقله صاحب القواعد.
تنبيهان
أحدهما: قوله : "والتفويض على ضربين تفويض البضع وهو أن يزوج الأب ابنته البكر".
مراده إذا كانت مجبرة وكذلك الثيب الصغيرة إذا قلنا يجبرها.
وأما إذا قلنا لا يجبرها فلابد من الإذن في تزويجها بغير مهر حتى يكون تفويض بضع.
الثاني: ظاهر قوله : "ويجب مهر المثل بالعقد ولها المطالبة بفرضه".
أنها ليس لها المطالبة بالمهر قبل الفرض وهو أحد الوجهين لأنه لم يستقر وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقال جماعة من الأصحاب لها المطالبة به منهم المصنف في المغني والشارح وبن رزين وغيرهم وهو ظاهر كلامه في الرعاية الكبرى كما أن لها المطالبة بفرضه لأنه لم يستقر.
فائدة: حيث فسدت التسمية كان لها المطالبة بفرض مهر المثل كما أن لها ذلك هنا.
قوله : "وإن مات أحدهما قبل الإصابة ورثه صاحبه ولها مهر نسائها".
هذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه الأصحاب.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب وهو الصحيح.
قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه بن أبي موسى وغيره فما قرر المهر المسمى قرره هنا.
وقيل: عنه لا مهر لها حكاها بن أبي موسى.
وقيل: إنه ينتصف بالموت إلا أن يكون قد فرضه لها.
قال ابن عقيل لا وجه للتنصيف عندي.
قال الشيخ تقي الدين في القلب حزازة من هذه الرواية والمنصوص عليه في رواية الجماعة أن لها مهر المثل على حديث بروع بنت واشق نص عليه في رواية علي بن سعيد وصالح ومحمد بن الحكم والميموني وابن منصور وحمدان بن علي وحنبل.
قال ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله رواية تخالف السنة وإجماع الصحابة بل الأمة.
فإن القائل قائلان قائل بوجوب مهر المثل وقائل بسقوطه.
فعلمنا أن ناقل ذلك غالط عليه والغلط إما في النقل أو ممن دونه في السمع أو في الحفظ أو في الكتاب.
إذ من أصل الإمام أحمد الذي لا خلاف عنه فيه أنه لا يجوز الخروج عن أقوال الصحابة ولا يجوز ترك الحديث الصحيح من غير معارض له من جنسه وكان رحمه الله شديد الإنكار على من يخالف ذلك فكيف يفعله هو مع إمامته من غير موافقة لأحد ومع أن هذا القول لاحظ له في الآية ولا له نظير هذا مما يعلم قطعا أنه باطل انتهى.
قوله : "وإن طلقها قبل الدخول بها لم يكن لها عليه إلا المتعة".
إذا طلق المفوضة قبل الدخول فلا يخلو إما أن يكون قد فرض لها صداقا أولا.
فإن كان ما فرض لها صداقا وهو مراد المصنف فلا يخلو إما أن يكون تفويض بضع أو تفويض مهر.
فإن كان تفويض بضع فليس لها إلا المتعة على الصحيح من المذهب.
ونص عليه في رواية جماعة وعليه أكثر الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وأصحابه.
قال في المحرر وهو أصح عندي وصححه في النظم وتجريد العناية.
قال في البلغة هذا أصح الروايتين.
قال في الرعايتين وهو أظهر.
واختاره الشيرازي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والكافي وقال هذا المذهب والشرح وشرح بن رزين وغيرهم.
وعنه يجب لها نصف مهر المثل قدمه في الخلاصة والرعايتين ونهاية بن رزين وإدراك الغاية وجزم به في المنور.
قال الزركشي هذه أضعفهما.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والفروع.
وإن كان تفويض مهر فقدم المصنف هنا أنه ليس لها إلا المتعة وهو إحدى الروايتين والمذهب منهما قدمه في الكافي وقال هذا المذهب.
وصححه في المحرر والنظم وتجريد العناية وغيرهم.
وهو ظاهر كلامه في المحرر والفروع.
قال في الرعايتين وهو أظهر.
وعنه يجب لها نصف مهر المثل وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز وبن رزين في شرحه والمنور.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين ونهاية بن رزين وإدراك الغاية وأطلقهما الزركشي والفروع.
وإن كان فرض لها صداقا صحيحا فالصحيح من المذهب وجوب نصف الصداق المسمى وعليه الأصحاب.
وعنه يسقط وتجب المتعة.
فائدة : لو سمى لها صداقا فاسدا وطلقها قبل الدخول لم يجب عليه سوى المتعة على إحدى الروايتين نصره القاضي وأصحابه قاله في الفروع.
قال الزركشي اختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
واختاره المجد وصاحب الرعايتين.
وعنه يجب عليه نصف مهر المثل وهو المذهب.
جزم به الخرقي وبن رزين في شرحه.
واختاره الشيرازي والمصنف والشارح.
وأطلقهما في الحاوي الصغير والفروع والزركشي.
فما نصف المسمى نصفه هنا إلا في هاتين المسألتين على الخلاف فيهما.
قوله : "وإن طلقها قبل الدخول لم يكن لها عليه إلا المتعة على الموسع قدره وعلى المقتر قدره فأعلاها خادم وأدناها كسوة تجزيها في صلاتها".
اعلم أن الصحيح من المذهب اعتبار وجوب المتعة بحال الزوج نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي وغيرهم.
وقيل: الاعتبار بحال المرأة.
وقيل: الاعتبار بحالهما.
وعنه يرجع في تقديرها إلى الحاكم.
وعنه يجب لها نصف مهر المثل ذكرها القاضي في المجرد.
قال المصنف وهذه الرواية تضعف لوجهين.
أحدهما : مخالفة نص الكتاب لأن نص الكتاب يقتضي تقديرها بحال الزوج وتقديرها بنصف المهر يوجب اعتبارها بحال المرأة.
الثاني: أنا لو قدرناها بنصف مهر المثل لكانت نصف المهر إذ ليس الهر معينا في شيء انتهى.
قال الزركشي وهذه الرواية أخذها القاضي في روايتيه من رواية الميموني وسأله كم المتاع فقال على قدر الجدة وعلى من قال تمتع بنصف صداق المثل لأنه لو كان فرض لها صداقا كان لها نصفه.
قال القاضي وظاهر هذا أنها غير مقدرة وأنها معتبرة بيساره وإعساره.
وقد حكى قول غيره أنه قدرها بنصف مهر المثل ولم ينكره.
فظاهر هذا أنه مذهب له انتهى.
قال الزركشي وهذا في غاية التهافت لأنه إنما حكى مذهب غيره بعد أن حكى مذهبه.
قال وإنما تكون هذه الرواية مذهبا معتمدا له إذا لم يكن الإمام أحمد قد ذكر مذهبه معها مع أنه قد ذكره هنا معها.
قال ولا تليق هذه الرواية بمذهب الإمام أحمد رحمه الله لأنه حينئذ تنفى.
فائدة: اعتبار الموسع والمقتر ولا تبقى فائدة في إيجاب نصف مهر المثل أو المتعة إلا أن غايته أن ثم الواجب من النقدين وهنا الواجب متاع.
قوله : "وإن دخل بها استقر مهر المثل فإن طلقها بعد ذلك فهل تجب المتعة على روايتين أصحهما لا تجب".
وكذا قال في الهداية والمستوعب وغيرهما وهو كما قالوا وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وصححوه.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
والرواية الثانية: تجب لها المتعة نقل حنبل لكل مطلقة متعة.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله في موضع من كلامه.
وقد تقدم لنا أن كلام المصنف فيما إذا لم يفرض لها صداقا الرواية لا تختص بذلك كما يدل عليه سياق كلامه بل هي مطلقة فيه وفي جميع المطلقات كما هو ظاهر الفروع وغيره.
وقال أبو بكر والعمل عندي عليه التواتر الروايات بخلافه.
قال الزركشي وإليه ميل أبي بكر لذلك.
فائدتان
إحداهما: إذا دخل بها وكان قد سمى لها صداقا ثم طلقها فلا متعة لها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لها المتعة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله فيما خرجه في محبسه قال بن عمر لكل مطلقة متاع إلا التي لم يدخل بها وقد فرض لها واختار هذه الشيخ تقي الدين رحمه الله في الاعتصام بالكتاب والسنة ورجحه بعضهم على التي قبلها.
قال في المحرر لا متعة إلا لهذه المفارقة قبل الفرض والدخول.
وعنه تجب لكل مطلقة.
وعنه تجب للكل إلا لمن دخل بها وسمى مهرها انتهى.
وتابعه في الرعايتين والحاوي وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله عن هذه الرواية الثالثة صوابه إلا من سمى مهرها ولم يدخل بها.
قال وإنما هذا زيغ حصل من قلم صاحب المحرر انتهى.
قلت رأيت في كلام بعضهم أنه قال رأيت ما يدل على كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله بخط الشيخ تقي الدين الزريراني رحمه الله.
الثانية: في سقوطه المتعة بهبة مهر المثل قبل الفرقة وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: لا تسقط بها صححه الناظم وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والمحرر.
والثاني: تسقط قدمه في المغني والشرح.
وجزم به بن رزين في شرحه.
وذكر المصنف الأول احتمالا.
قوله : "ومهر المثل معتبر بمن يساويها من نساء عصباتها كأختها وعمتها وبنت أخيها وعمها".
هذا إحدى الروايتين اختاره المصنف والشارح وصححه في البلغة.
وعنه يعتبر جميع أقاربها كأمها وخالتها.
وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والكافي والزركشي.
فائدة: يعتبر في ذلك الأقرب فالأقرب من النساء على كلا الروايتين قاله في الفروع وغيره.
قوله : "وإن كان عادتهم التأجيل فرض مؤجلا في أحد الوجهين".
وهو المذهب صححه في التصحيح واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والفروع.
والوجه الثاني: يفرض حالا كما لو اختلفت عادتهم.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والحاوي الصغير.
فائدة: لو اختلفت مهورهن أخذ بالوسط الحال.
قوله : "فأما النكاح الفاسد فإذا افترقا قبل الدخول بطلاق أو غيره فلا مهر فيه".
إذا افترقا في النكاح الفاسد قبل الدخول بغير طلاق ولا موت لم يكن لها مهر بلا نزاع.
وإن كان بطلاق فجزم المصنف هنا بأنه لا مهر لها وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه وصححه في الفروع وغيره.
وقيل: لها نصف المهر وحكاه ابن عقيل وجها.
وإن افترقا بموت فظاهر كلامه هنا أنه لا مهر لها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع ويتوجه أنه على الخلاف في وجوب العدة به.
قوله : "وإن دخل بها استقر المسمى".
هذا المذهب نص عليه.
قال في القواعد الفقهية وهي المشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهي المذهب عند أبي بكر وبن أبي موسى.
واختارها القاضي وأكثر أصحابه في كتب الخلاف.
وجزم به في المنور وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يجب مهر المثل.
قال المصنف هنا وهي أصح وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره الشارح وجزم به في الوجيز.
فعلى المذهب يفرق بين النكاح والبيع بأن المبيع في البيع الفاسد إذا تلف يضمنه بالقيمة لا بالثمن على المنصوص وبأن النكاح مع فساده منعقد ويترتب عليه أكثر أحكام الصحيح من وقوع الطلاق ولزوم عدة الوفاة بعد الموت والاعتداد منه بعد المفارقة في الحياة ووجوب المهر فيه بالعقد وتقرره بالخلوة فلذلك لزم المهر المسمى فيه كالصحيح.
يوضحه أن ضمان المهر في النكاح الفاسد ضمان عقد كضمانه في الصحيح وضمان البيع الفاسد ضمان تلف بخلاف البيع الصحيح فإن ضمانه ضمان عقد.
قوله : "ولا يستقر بالخلوة".
هذا اختيار المصنف والشارح وذكره في الانتصار والمذهب رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال بن رزين ويحتمل أن لا يجب لظاهر الخبر وهو قول الجمهور.
ومراده والله أعلم جمهور العلماء لا جمهور الأصحاب.
وقال أصحابنا يستقر وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
لكن هل يجب مهر المثل أو المسمى مبني على الذي قبله وجزم به في الوجيز وغيره وأطلقهما في الرعاية.
وقيل: يجب لها شيء ولا يكمل المهر.
فائدة: لا يصح تزويج من نكاحها فاسد قبل طلاق أو فسخ فإن أبى الزوج الطلاق فسخه الحاكم هذا المذهب قاله في القواعد الأصولية وغيره.
قال في الفروع وظاهره ولو زوجها قبل فسخه لم يصح مطلقا ومثله نظائره.
وقال بن رزين لا يفتقر إلى فرقة لأنه منعقد كالنكاح الباطل انتهى.
وقال في الإرشاد لو زوجت نفسها بلا شهود ففي تزويجها قبل الفرقة روايتان وهما في الرعاية إذا زوجت بلا ولي أو بدون الشهود.
وفي تعليق بن المنى في انعقاد النكاح برجل وامرأتين أنه إذا عقد عليها عقدا فاسدا لا يجوز صحيح حتى يقضي بفسخ الأول ولو سلمنا فلأنه حرام والحرام في حكم العدم.
قوله : "ويجب مهر المثل للموطوءة بشبهة".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وظاهر كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يجب لها مهر لأنه قال البضع إنما يتقوم على زوج أو شبهه فيملكه.
قوله : "والمكرهة على الزنا".
يعني يجب لها مهر المثل وهو المذهب مطلقا وعليه جمهور الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يجب للبكر خاصة اختاره أبو بكر.
وعنه لا يجب مطلقا ذكرها واختارها الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال هو خبيث.
فائدة لو أكرهها ووطئها في الدبر فلا مهر على الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الكافي والمغني وشرح بن رزين وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والشرح وغيرهم.
وقيل: حكمه حكم الوطء في القبل جزم به في المحرر وأطلقهما في الفروع وتجريد العناية.
تنبيهان
أحدهما: يدخل في عموم كلام المصنف الأجنبية وذوات محارمه وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره وقدمه في الفروع والمغني والشرح ونصراه.
وعنه لا مهر لذات محرمه كاللواط بالأمرد.
قال المصنف والشارح لأن تحريمهن تحريم أصل وفارق من حرمت تحريم مصاهرة فإن تحريمها طارئ.
قال وكذلك ينبغي أن يكون الحكم فيمن حرمت بالرضاع لأنه طارئ أيضا انتهيا.
وعنه أن من تحرم ابنتها لا مهر لها كالأم والبنت والأخت ومن تحل ابنتها كالعمة والخالة لها المهر.
قال بعضهم عن رواية من تحرم ابنتها بخلاف المصاهرة لأنه طارئ.
الثاني: مفهوم كلام المصنف أنه لا مهر للمطاوعة وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع.
وقال في الانتصار يجب المهر للمطاوعة ويسقط.
ويستثنى من ذلك الأمة إذا وطئت مطاوعة فإن المهر لا يسقط بذلك على الصحيح من المذهب قطع به في المغني والشرح وغيرهما بل يأخذه السيد.
وقيل: لا مهر لها وأطلقهما في الفروع فقال وفي أمة أذنت وجهان.
فائدتان
إحداهما: إذا كان نكاحها باطلا بالإجماع ووطئ فيه فهي كمكرهة في وجوب المهر وعدمه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره.
وجزم به في الكافي والرعاية وغيرهم.
وفي الترغيب رواية يلزم المسمى.
الثانية لو وطى ء ميتة لزمه المهر.
قال في الفروع لزمه المهر في ظاهر كلامهم وهو متجه.
وقال القاضي في جواب مسألة ووطء الميتة محرم ولا مهر ولا حد فيه.
قوله : "ولا يجب معه أرش البكارة".
يعني مع وجوب المهر للموطوأة بشبهة أو زنا هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يجب للمكرهة.
وهو رواية منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره القاضي في المجرد وقاله في المستوعب وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
فائدة: يتعدد المهر بتعدد الزنى لا بتكرر الوطء بشبهة قاله في الترغيب وغيره.
وذكر أبو يعلى الصغير أنه يتعدد بتعدد الوطء في الشبهة لا في نكاح فاسد.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ويتعدد المهر بتعدد الشبهة.
وفي المغني والشرح والنهاية وغيرهم في الكتابة يتعدد المهر في نكاح فاسد.
وقالوا إن استوفت المكاتبة في النكاح الفاسد المهر عن الوطء الأول فلها مهر ثان وثالث وإلا فلا.
وقال في عيون المسائل والمغني والشرح هنا لا يتعدد في نكاح فاسد.
وقاله القاضي في التعليق كدخولها على أن لا تستحق مهرا.
وفي التعليق أيضا بكل وطء في عقد فاسد مهر إن علم فساده وإلا مهر واحد.
وفي التعليق أيضا في المكرهة لا يتعدد لعدم التنقيص كنكاح وكاستواء موضحة.
وفي التعليق أيضا لو أقر بشبهة فلها المهر ولو سكتت.
قوله : "وإذا دفع أجنبية فأذهب عذرتها فعليه أرش بكارتها".
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح وقال هو القياس لولا ما روي عن الصحابة.
وقال القاضي يجب مهر المثل وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وأطلقهما في المحرر.
قوله : "وإن فعل ذلك الزوج ثم طلق قبل الدخول لم يكن عليه إلا نصف المسمى".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج وجوب المهر كاملا من الرواية التي قال بها القاضي قبل.
قال في الرعاية قلت ويحتمل وجوبه.
فائدة قال المصنف في فتاويه لو مات أو طلق من دخل بها فوضعت في يومها ثم تزوجت فيه وطلق قبل دخوله ثم تزوجت في يومها من دخل بها فقد استحقت في يوم واحد بالنكاح مهرين ونصفا فيعايي بها.
قلت ويتصور أن تستحق أكثر من ذلك بأن تطلق من الثالث قبل الدخول وكذا رابع وخامس.
تنبيهان
أحدهما: قوله : "وللمرأة منع نفسها حتى تقبض مهرها".
مراده المهر الحال وهذا بلا نزاع بين الأصحاب.
ونقله بن المنذر اتفاقا وعلله الأصحاب بأن المنفعة المعقود عليها تتلف بالاستيفاء فإذا تعذر استيفاء المهر عليها لم يمكنها استرجاع عوضها بخلاف المبيع.
الثاني: هذا إذا كانت تصلح للاستمتاع.
فأما إن كانت لا تصلح لذلك فالصحيح من المذهب أن لها المطالبة به أيضا اختاره بن حامد وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
ورجح المصنف في المغني خلافه.
وخرجه صاحب المستوعب مما حكى الآمدي أنه لا يجب البداءة بتسليم المهر بل بعدل كالثمن المعين.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الأشبه عندي أن الصغيرة تستحق المطالبة لها بنصف الصداق لأن النصف يستحق بإزاء الحبس وهو حاصل بالعقد.
والنصف الآخر: بإزاء الدخول فلا يستحق إلا بالتمكين.
فوائد
الأولى: لو كان المهر مؤجلا لم تملك منع نفسها لكن لو حل قبل الدخول فهل لها منع نفسها كقبل التسليم كما هي عبارة الكافي والمحرر والفروع وغيرهم فيهما فيه وجهان وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: ليس لها ذلك وهو الصحيح صححه في النظم وجزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لها ذلك.
الثانية: حيث قلنا لها منع نفسها فلها أن تسافر بغير إذنه قطع به الجمهور.
وقال في الروضة لها ذلك في أصح الروايتين والصحيح من المذهب أن لها النفقة.
وعلل الإمام أحمد رحمه الله وجوب النفقة بأن الحبس من قبله وجزم به في المغني والشرح والنظم والرعاية الكبرى.
وقدمه في الفروع وقال وظاهر كلام جماعة لا نفقة وهو متجه.
الثالثة: لو قبضت المهر ثم سلمت نفسها فبان معيبا فلها منع نفسها حتى تقبض بدله بعده أو معه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع واختاره المصنف والشارح.
وقيل: ليس لها ذلك وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله : "فإن تبرعت بتسليم نفسها ثم أرادت المنع".
يعني بعد الدخول أو الخلوة.
"فهل لها ذلك على وجهين".
وأطلقهما في الرعايتين والشرح والحاوي الصغير والمذهب.
أحدهما: ليس لها ذلك وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر انتهى.
منهم أبو عبد الله بن بطة وأبو إسحاق بن شاقلا وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني: لها ذلك اختاره بن حامد.
فعلى المذهب لو امتنعت لم يكن لها نفقة.
ويأتي ذلك أيضا في كتاب النفقات في أثناء الفصل الثالث.
فائدتان
إحداهما: لو أبى كل واحد من الزوجين التسليم أولا أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا ثم تجبر هي على تسليم نفسها على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: يؤمر الزوج بجعله تحت يد عدل وهي بتسليم نفسها فإذا فعلته أخذته من العدل.
وإن بادر أحدهما فسلم أجبر الآخر فإن بادر هو فسلم الصداق فله طلب التمكين فإن أبت بلا عذر فله استرجاعه.
الثانية لو كانت محبوسة أو لها عذر يمنع التسليم وجب تسليم الصداق على الصحيح من المذهب كمهر الصغيرة التي لا توطأ مثلها كما تقدم.
وقيل: لا يجب.
قوله : "وإن أعسر بالمهر قبل الدخول فلها الفسخ".
يعني إذا كان حالا وهذا المذهب.
قال في التصحيح في كتاب النفقات هذا المشهور في المذهب واختاره أبو بكر وجزم به في المحرر والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والوجيز وشرح ابن منجا وغيرهم.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير فلها الفسخ في أصح الوجهين.
ورجحه في المغني وقدمه في المحرر فيما إذا كان ذلك بعد الدخول لا قبله والشرح وغيرهما.
وقيل: ليس لها ذلك.
اختاره المصنف وبن حامد قاله الشارح.
والذي نقله في المحرر عن بن حامد عدم ثبوت الفسخ بعد الدخول ومقتضاه أنه لا يخالفه في ثبوته لها قبل ذلك وأطلقهما في الفروع.
قوله : "فإن أعسر بعده فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والنظم والفروع.
أحدهما: لها الفسخ.
قال في الرعايتين والحاوي فلها الفسخ في أصح الوجهين وجزم به في الوجيز واختاره أبو بكر وقدمه في المحرر.
والوجه الثاني: ليس لها الفسخ بعد الدخول.
نقل ابن منصور إن تزوج مفلسا ولم تعلم المرأة لا يفرق بينهما إلا أن يكون قال عندي عرض ومال وغيره.
قال في التصحيح في كتاب النفقات المشهور في المذهب لا فسخ لها واختاره بن حامد والمصنف.
وقيل: إن أعسر بعد الدخول انبنى على منع نفسها لقبض صداقها بعد الدخول كما تقدم.
إن قلنا لها منع نفسها هناك فلها الفسخ هنا وإلا فلا وهي طريقته في المغني وابن منجا في شرحه.
فائدتان
إحداهما :لو رضيت بالمقام معه مع عسرته ثم أرادت بعد ذلك الفسخ لم يكن لها ذلك على الصحيح من المذهب.
وقيل: لها ذلك.
فعلى المذهب لها منع نفسها.
الثانية: لو تزوجته عالمة بعسرته لم يكن لها الفسخ على الصحيح من المذهب.
وقيل: لها ذلك.
تنبيه: محل هذه الأحكام إذا كانت الزوجة حرة.
فأما إن كانت أمة فالخيرة في المنع والفسخ إلى السيد على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية والفروع وغيرهما وجزم به في المحرر والنظم وغيرهما.
وقيل: لها قال في الرعاية وهو أولى كولي الصغيرة والمجنونة.
قوله : "ولا يجوز الفسخ إلا بحكم حاكم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وقيل: لا يحتاج إلى حكم حاكم كخيار المعتقة تحت عبد انتهى.
باب الوليمة
فائدة قال الكمال الدميري في شرحه على المنهاج في النقوط المعتاد في الأفراح قال النجم البالسي إنه كالدين لدافعه المطالبة به ولا أثر للعرف في ذلك فإنه مضطرب فكم يدفع النقوط ثم يستحق أن يطالب به انتهى.قوله : "وهي اسم لدعوة العرس خاصة".
هذا قول أهل اللغة قاله في المطلع.
وفيه أيضا أن الوليمة اسم لطعام العرس كالقاموس وزاد أو كل طعام صنع لدعوة أو غيرها.
فقولهم اسم لدعوة العرس على حذف مضاف لطعام دعوة وإلا فالدعوة نفس الدعاء إلى الطعام وقد تضم دالها كدال الدعاء.
قال بن عبد البر قاله ثعلب وغيره.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في النظم.
وقال بعض أصحابنا الوليمة تقع على كل طعام لسرور حادث إلا أن استعمالها في طعام العرس أكثر.
وقيل: تطلق على كل طعام لسرور حادث إطلاقا متساويا قاله القاضي في الجامع نقله عنه الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال في المستوعب وليمة الشيء كماله وجمعه وسميت دعوة العرس وليمة لاجتماع الزوجين.
فائدة الأطعمة التي يدعى إليها الناس عشرة.
الأول: الوليمة وهي طعام العرس.
الثاني: الحذاق وهو الطعام عند حذاق الصبي أي معرفته وتمييزه وإتقانه.
الثالث: العذيرة والإعذار لطعام الختان.
الرابع: الخرسة والخرس لطعام الولادة.
الخامس: الوكيرة لدعوة البناء.
السادس: النقيعة لقدوم الغائب.
السابع: العقيقة وهي الذبح لأجل الولد على ما تقدم في أواخر باب الأضحية.
الثامن المأدبة وهو كل دعوة لسبب كانت أو غيره.
التاسع الوضيمة وهو طعام المأتم.
العاشر التحفة وهو طعام القادم.
وزاد بعضهم حادي عشر وهو الشندخية وهو طعام الإملاك على الزوجة.
وثاني عشر المشداخ وهو الطعام المأكول في ختمة القارئ.
وقد نظمها بعضهم ولم يستوعبها فقال:
وليمة عرس ثم خرس ولادة ... وعق لسبع والختان لإعذار
ومأدبة أطلق نقيعة غائب ... وضيمة موت والوكيرة للدار
وزيدت لإملاك المزوج شندخ ... ومشداخ المأكول في ختمة القارئ
فأخل بالحذاق والتحفة.
قوله : "وهي مستحبة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب ولو بشاة فأقل قاله في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وغيرهم يستحب أن لا تنقص عن شاة.
قال المصنف والشارح وغيرهما تستحب بشاة.
وقال ابن عقيل ذكر الإمام أحمد رحمه الله أنها تجب ولو بشاة للأمر.
وقال الزركشي قوله: عليه الصلاة والسلام ولو بشاة الشاة هنا والله أعلم للتقليل أي ولو بشيء قليل كشاة.
فيستفاد من هذا أنه تجوز الوليمة بدون شاة.
ويستفاد من الحديث أن الأولى الزيادة على الشاة لأنه جعل ذلك قليلا انتهى.
فائدتان
إحداهما تستحب الوليمة بالعقد قاله بن الجوزي واقتصر عليه في الفروع وقدمه في تجريد العناية.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تستحب بالدخول.
قلت الأولى أن يقال وقت الاستحباب موسع من عقد النكاح إلى انتهاء أيام العرس لصحة الأخبار في هذا وكمال السرور بعد الدخول لكن قد جرت العادة فعل ذلك قبل الدخول بيسير.
الثانية: قال ابن عقيل السنة أن يكثر للبكر.
قلت الاعتبار في هذا باليسار فإنه عليه أفضل الصلاة والسلام ما أو لم على أحد ما أولم على زينب وكانت ثيبا لكن قد جرت العادة بفعل ذلك في حق البكر أكثر من الثيب.
قوله : "والإجابة إليها واجبة".
هذا المذهب مطلقا بشروطه وعليه جماهير الأصحاب ونصروه.
قال بن عبد البر لا خلاف في وجوب الإجابة إلى الوليمة.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في الإفصاح ويجب في الأشهر عنه.
وقيل: الإجابة فرض كفاية.
وقيل: مستحبة واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وعنه إن دعاه من يثق به فالإجابة أفضل من عدمها.
وقدم في الترغيب لا يلزم القاضي حضور وليمة عرس ذكره عنه في الفروع في باب أدب القاضي وذكره في الرعاية هناك قولا.
قوله : "إذا عينه الداعي المسلم".
مقيد بما إذا لم يحرم هجره فإن حرم هجره لم يجبه ولا كرامة.
ومقيد أيضا بما إذا لم يكن كسبه خبيثا فإن كان كسبه خبيثا لم يجبه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل: بلى.
ومنع بن الجوزي في المنهاج من إجابة ظالم وفاسق ومبتدع ومفاخر بها أو فيها ومبتدع يتكلم ببدعته إلا لراد عليه.
وكذا إن كان فيها مضحك بفحش أو كذب كثير فيهن وإلا أبيح إذا كان قليلا.
وقيل: يشترط أن لا يخص بها الأغنياء وأن لا يخاف المدعو الداعي ولا يرجوه وأن لا يكون في المحل من يكرهه المدعو أو يكره هو المدعو.
قال في الترغيب والبلغة إن علم حضور الأراذل ومن مجالستهم تزري بمثله لم تجب إجابته.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله عن هذا القول لم أره لغيره من أصحابنا.
قال وقد أطلق الإمام أحمد رحمه الله الوجوب واشترط الحل وعدم المنكر.
فأما هذا الشرط فلا أصل له كما أن مخالطة هؤلاء في صفوف الصلاة لا تسقط الجماعة وفي الجنازة لا تسقط حق الحضور فكذلك ها هنا.
وهذه شبهة الحجاج بن أرطاة وهو نوع من التكبر فلا يلتفت إليه.
نعم إن كانوا يتكلمون بكلام محرم فقد اشتملت الدعوة على محرم وإن كان مكروها فقد اشتملت على مكروه.
وأما إن كانوا فساقا لكن لا يأتون بمحرم ولا مكروه لهيبته في المجلس فيتوجه أن يحضر إذا لم يكونوا ممن يهجرون مثل المستترين.
أما إن كان في المجلس من يهجر ففيه نظر والأشبه جواز الإجابة لا وجوبها انتهى.
قوله : "فإن دعا الجفلى كقوله: أيها الناس تعالوا إلى الطعام أو دعاه فيما بعد اليوم الأول أو دعاه ذمي لم تجب الإجابة".
إذا دعا الجفلي لم تجب إجابته على المذهب وعليه الأصحاب ويحتمل ان يجب قاله بن رزين في شرحه.
فعلى المذهب يكره على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والرعايتين والوجيز وغيرهم.
قال المصنف والشارح وغيرهما لم تجب ولم تستحب.
وقيل: تباح وأطلقهما في الفروع.
وأما إذا دعاه فيما بعد اليوم الأول وهو اليوم الثاني والثالث فلا تجب: الإجابة بلا نزاع لكن تستحب إجابته في اليوم الثاني وتكره في اليوم الثالث.
ونقل حنبل إن أحب أجاب في الثاني ولا يجيب في الثالث.
وأما إذا دعاه ذمي فالصحيح من المذهب لا يجب إجابته كما قطع به المصنف هنا وعليه الأصحاب.
وقال أبو داود قيل لأحمد تجيب دعوة الذمي قال نعم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد يحمل كلامه على الوجوب.
فعلى المذهب تكره إجابته على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز.
وقيل: تجوز من غير كراهة.
قال المصنف في المغني قال أصحابنا لا تجب إجابة الذمي ولكن تجوز.
وقال في الكافي وتجوز إجابته.
قلت ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله المتقدم عدم الكراهة وهو الصواب.
قال بن رزين في شرحه لا بأس بإجابته.
وأطلقهما في الفروع وخرج الزركشي من رواية عدم جواز تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم عدم الجواز هنا.
قوله : "وسائر الدعوات والإجابة إليها مستحبة".
هذا قول أبي حفص العكبري وغيره وقطع به في الكافي والمغني والشرح وشرح ابن منجا وهو ظاهر كلام بن أبي موسى قاله في المستوعب.
والصحيح من المذهب أن بقية الدعوات مباحة وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي قاله القاضي وعليه عامة أصحابه.
وقطع به في الهداية والفصول وخصال بن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والحاوي ونظم المفردات.
وقدمه في المستوعب والنظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
وعنه تكره دعوة الختان وهو قول في الرعاية ويحتمله كلام الخرقي.
وأما الإجابة إلى سائر الدعوات فالصحيح من المذهب استحبابها كما جزم به المصنف هنا.
وجزم به في الكافي والمغني والشرح وشرح ابن منجا.
قال الزركشي وهو الظاهر.
وقدمه في الرعاية والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وقيل: تباح ونص عليه وهو قول القاضي وجماعة من أصحابه.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الموجز والمحرر والنظم والحاوي الصغير والمنور.
وقدمه ناظم المفردات وهو منها.
قال في الفروع وهو ظاهر.
وقال أيضا وظاهر رواية ابن منصور ومثنى تجب الإجابة.
قال الزركشي لو قيل بالوجوب لكان متجها.
وكره الشيخ عبد القادر في الغنية حضور غير وليمة العرس إذا كانت كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم "يمنعها المحتاج ويحضرها الغني".
فائدة : قال القاضي في آخر المجرد وابن عقيل والشيخ عبد القادر يكره لأهل الفضل والعلم الإسراع إلى إجابة الطعام والتسامح لأن فيه بذلة ودناءة وشرها لا سيما الحاكم.
قوله : "وإن حضر وهو صائم صوما واجبا لم يفطر وإن كان نفلا أو كان مفطرا استحب الأكل".
الصحيح من المذهب استحباب الأكل لمن صومه نفل أو هو مفطر قاله القاضي وصححه في النظم وقدمه في المحرر والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وقيل: يستحب الأكل للصائم إن كان يجبر قلب داعيه وإلا كان إتمام الصوم أولى وجزم به في الرعاية الصغرى والوجيز وهو ظاهر تعليل المصنف والشارح.
وقيل: نصه يدعو وينصرف.
وقال في الواضح ظاهر الحديث وجوب الأكل للمفطر.
وفي مناظرات ابن عقيل لو غمس إصبعه في ماء ومصها حصل به إرضاء الشارع وإزالة المأثم بإجماعنا ومثله لا يعد إجابة عرفا بل استخفافا بالداعي.
فائدة: في جواز الأكل من مال من في ماله حرام أقوال.
أحدها: التحريم مطلقا قطع به ولد الشيرازي في المنتخب قبيل باب الصيد.
قال الأزجي في نهايته هذا قياس المذهب كما قلنا في اشتباه الأواني الطاهرة بالنجسة وهو ظاهر تعليل القاضي وقدمه أبو الخطاب في الانتصار.
قال ابن عقيل في فنونه في مسألة اشتباه الأواني وقد قال الإمام أحمد رحمه الله لا يعجبني أن يأكل منه.
وسأله المروزي عن الذي يعامل بالربا يأكل عنده قال لا.
قال في الرعاية الكبرى في آدابها ولا يأكل مختلطا بحرام بلا ضرورة.
والقول الثاني: إن زاد الحرام على الثلث حرم الأكل وإلا فلا قدمه في الرعاية لأن الثلث ضابط في مواضع.
والقول الثالث: إن كان الحرام أكثر حرم الأكل وإلا فلا إقامة للأكثر مقام الكل قطع به بن الجوزي في المنهاج.
نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد رحمه الله فيمن ورث مالا فيه حرام إن عرف شيئا
بعينه: رده وإن كان الغالب على ماله الفساد تنزه عنه أو نحو هذا.
ونقل حرب في الرجل يخلف مالا إن كان غالبه نهبا أو ربا ينبغي لوارثه أن يتنزه عنه إلا أن يكون يسيرا لا يعرف.
ونقل عنه أيضا هل للرجل أن يطلب من ورثة إنسان مالا مضاربة ينفعهم وينتفع.
قال إن كان غالبه الحرام فلا.
والقول الرابع عدم التحريم مطلقا قل الحرام أو كثر لكن يكره وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته جزم به في المغني والشرح وقاله ابن عقيل في فصوله وغيره وقدمه الأزجي وغيره.
قلت وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
وأطلقهن في الفروع في باب صدقة التطوع والآداب الكبرى والقواعد الأصولية.
قال في الفروع وينبني على هذا الخلاف حكم معاملته وقبول صدقته وهبته وإجابة دعوته ونحو ذلك.
وإن لم يعلم أن في المال حراما فالأصل الإباحة ولا تحريم بالاحتمال وإن كان تركه أولى للشك.
وإن قوى سبب التحريم فظنه يتوجه فيه كآنية أهل الكتاب وطعامهم انتهى.
قلت الصواب الترك وأن ذلك ينبني على ما إذا تعارض الأصل والظاهر وله نظائر كثيرة.
فوائد جمة
في آداب الأكل والشرب وما يتعلق بهما
كره الإمام أحمد رحمه الله أن يتعمد القوم حين وضع الطعام أن يفجأهم وإن فجأهم بلا تعمد أكل نص عليه.
وأطلق في المستوعب وغيره الكراهة إلا من عادته السماحة.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الخبز الكبار وقال ليس فيه بركة.
وكره الإمام أحمد في رواية مهنا وضعه تحت القصعة لاستعماله له.
وقال الآمدي يحرم عليه ذلك وأنه نص الإمام أحمد وكرهه غيره وكرهه الأصحاب في الأولتين.
وجزم به في المغني في الثانية.
ذكر ذلك كله في الفروع في باب الأطعمة.
ويحرم عليه أخذ شيء من الطعام من غير إذن ربه فإن علم بقرينة رضا مالكه فقال في الترغيب يكره.
وقال في الفروع يتوجه أنه يباح وأنه يكره مع ظنه رضاه.
وقال في الرعاية الكبرى له أخذ ما علم رضي ربه به وإطعام الحاضرين معه وإلا فلا.
ويأتي هل له أن يلقم غيره؟ وما يشابهه.
ويأتي أيضا في كلام المصنف تحريم الأكل من غير إذن ولا قرينة وأن الدعاء إلى الوليمة إذن في الأكل.
ويغسل يديه قبل الطعام وبعده على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يكره قبله اختاره القاضي قاله في الفروع قال وأطلق جماعة رواية الكراهة.
قلت قال في المستوعب وغيره وعنه يكره اختاره القاضي.
وقال بن الجوزي في المذهب يستحب غسل يديه بعد الطعام إذا كان له غمر انتهى.
ولا يكره غسله في الإناء الذي أكل فيه نص عليه وعليه الأصحاب.
ويكره الغسل بطعام ولا بأس بنخالة نص عليه.
قال بعضهم يكره بدقيق حمص وعدس وباقلاء ونحوه.
وقال في الآداب ويتوجه تحريم الغسل بمطعوم كما هو ظاهر تعليل الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال المصنف والشارح لما أمر الشارع عليه أفضل الصلاة والسلام المرأة أن تجعل مع الماء ملحا ثم تغسل به الدم عن حقيبته صلى الله عليه وسلم والملح طعام ففي معناه ما يشبهه انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله كلام أبي محمد يقتضي جواز غسلها بالمطعوم وهو خلاف المشهور.
وجزم الناظم بجواز غسل يديه بالملح وهو قول في الرعاية.
وقال إسحاق تعشيت مع أبي عبد الله مرة فجعل يأكل وربما مسح يديه عند كل لقمة بالمنديل.
ويتمضمض من شرب اللبن ويلعق قبل الغسل أو المسح أصابعه أو يلعقها.
ويعرض رب الطعام الماء لغسلهما ويقدمه بقرب طعامه ولا يعرض الطعام.
ذكره في التبصرة وغيرها واقتصر عليه في الفروع.
ويسن أن يصغر اللقمة ويجيد المضغ ويطيل البلع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إلا أن يكون هناك ما هو أهم من الإطالة.
وذكر بعض الأصحاب استحباب تصغير الكسر انتهى.
ولا يأكل لقمة حتى يبلع ما قبلها.
وقال بن أبي موسى وبن الجوزي ولا يمد يده إلى أخرى حتى يبتلع الأولى وكذا قال في الترغيب وغيره.
وينوي بأكله وشربه التقوى على الطاعة.
ويبدأ بهما الأكبر والأعلم جزم به في الرعاية الكبرى وقدمه في الآداب الكبرى.
وقال الناظم في آدابه:
ويكره سبق القوم للأكل نهمة
ولكن رب البيت إن شاء يبتدي
وإذا أكل معه ضرير أعلمه بما بين يديه.
وتستحب التسمية عليهما والأكل باليمين.
ويكره ترك التسمية والأكل بشماله إلا من ضرورة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وذكره النووي في الشرب إجماعا.
وقيل: يجبان اختاره بن أبي موسى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبغي أن نقول بوجوب الاستنجاء باليسرى ومس الفرج بها لأن النهى في كليهما.
وقال بن البنا قال بعض أصحابنا في الأكل أربع فرائض أكل الحلال والرضا بما قسم الله والتسمية على الطعام والشكر لله عز وجل على ذلك.
وإن نسي التسمية في أوله قال إذا ذكر بسم الله أوله وآخره.
وقال في الفروع قال الأصحاب يقول بسم الله.
وفي الخبر فليقل بسم الله أوله وآخره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو زاد الرحمن الرحيم عند الأكل لكان حسنا فإنه أكمل بخلاف الذبح فإنه قد قيل لا يناسب ذلك انتهى.
ويسمى المميز ويسمى عمن لا عقل له ولا تمييز غيره قاله بعضهم إن شرع الحمد عنه.
وينبغي للمسمى أن يجهر بها قاله في الآداب لينبه غيره عليها.
ويحمد الله إذا فرغ ويقول ما ورد.
وقيل: يجب الحمد وقيل: يحمد الشارب كل مرة.
وقال السامري يسمى الشارب عند كل ابتداء ويحمد عند كل قطع.
قال في الآداب وقد يقال مثله في أكل كل لقمة وهو ظاهر ما روى عن الإمام أحمد رحمه الله.
نقل بن هانئ أنه جعل عند كل لقمة يسمى ويحمد.
وقال أكل وحمد خير من أكل وصمت.
ويسن مسح الصحفة وأكل ما تناثر والأكل عند حضور رب الطعام وإذنه ويأكل بثلاث أصابع ويكره بإصبع لأنه مقت وبإصبعين لأنه كبر وبأربع وخمس لأنه شره.
قال في الآداب ولعل المراد ما يتناول عادة وعرفا بإصبع أو إصبعين فإن العرف يقتضيه.
ويسن أن يأكل مما يليه مطلقا على الصحيح من المذهب.
قال جماعة من الأصحاب منهم القاضي وابن عقيل وابن حمدان في الرعاية وغيرهم إذا كان الطعام لونا أو نوعا واحدا.
وقال الآمدي لا بأس بأكله من غير ما يليه إذا كان وحده قاله في الفروع.
وقال في الآداب نقل الأمدي عن بن حامد أنه قال إذا كان مع جماعة أكل مما يليه وإن كان وحده فلا بأس أن تجول يده انتهى.
قلت وظاهر كلامهم أن الفاكهة كغيرها.
وكلام القاضي ومن تابعه محتمل الفرق.
ويؤيده حديث عكراش بن ذؤيب رضي الله عنه لكن فيه مقال انتهى.
ويكره الأكل من أعلى القصعة وأوسطها.
قال ابن عقيل وكذلك الكيل.
وقال بن حامد يسن أن يخلع نعليه.
ويكره نفخ الطعام على الصحيح من المذهب.
زاد في الرعاية والآداب وغيرهما والشراب.
وقال في المستوعب النفخ في الطعام والشراب والكتاب منهى عنه.
وقال الآمدي لا يكره النفخ في الطعام إذا كان حارا.
قلت وهو الصواب إن كان ثم حاجة إلى الأكل حينئذ.
ويكره أكل الطعام الحار.
قلت عند عدم الحاجة.
ويكره فعل ما يستقذره من غيره.
وكذا يكره الكلام بما يستقذر أو بما يضحكهم أو يحزنهم قاله الشيخ عبد القادر في الغنية.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الأكل متكئا.
قال الشيخ عبد القادر في الغنية وعلى الطريق أيضا.
ويكره أيضا الأكل مضطجعا ومنبطحا قاله في المستوعب وغيره.
ويسن أن يجلس للأكل على رجله اليسرى وينصب اليمنى أو يتربع قاله في الرعاية الكبرى وغيره.
وذكر بن البناء أن من آداب الأكل أن يجلس مفترشا وإن تربع فلا بأس انتهى.
وذكر في المستوعب من آداب الأكل أن يأكل مطمئنا كذا قال.
ويكره عيب الطعام على الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية يحرم.
ويكره قرانه في التمر مطلقا على الصحيح من المذهب.
قدمه الناظم في آدابه وابن حمدان في آداب رعايتيه وبن مفلح في آدابه.
وقيل: يكره مع شريك لم يأذن.
قال في الرعاية لا وحده ولا مع أهله ولا من أطعمهم ذلك.
وأطلقهما بن مفلح في الفروع.
وقال أبو الفرج الشيرازي في كتابه أصول الفقه لا يكره القران.
وقال ابن عقيل في الواضح الأولى تركه.
قال صاحب الترغيب والشيخ تقي الدين رحمه الله ومثله ما العادة جارية بتناوله وله أفراد.
وكذا قال الناظم في آدابه وهو الصواب.
وله قطع اللحم بالسكين والنهى عنه لا يصح قاله الإمام أحمد رحمه الله.
والسنة أن يكون البطن أثلاثا ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للنفس.
ويجوز أكله كثيرا بحيث لا يؤذيه قاله في الترغيب.
قال في الفروع وهو مراد من أطلق.
وقال في المستوعب وغيره ولو أكل كثيرا لم يكن به باس.
وذكر الناظم أنه لا بأس بالشبع وأنه يكره الإسراف.
وقال في الغنية يكره الأكل كثيرا مع خوف تخمة.
وكره الشيخ تقي الدين أكله حتى يتخم وحرمه أيضا.
قلت وهو الصواب.
وحرم أيضا الإسراف وهو مجاوزة الحد.
ويأتي في الأطعمة كراهة إدمان أكل اللحم.
ولا يقلل من الأكل بحيث يضره ذلك.
وليس من السنة ترك أكل الطيبات.
ولا يكره الشرب قائما على الصحيح من المذهب.
ونقله الجماعة وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يكره وجزم به في الإرشاد واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال صاحب الفروع وظاهر كلامهم لا يكره أكله قائما ويتوجه أنه كالشرب وقاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قلت إن قلنا إن الكراهة في الشرب قائما لما يحصل له من الضرر ولم يحصل مثل ذلك في الأكل امتنع الإلحاق.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الشرب من فم السقاء واختناث الأسقية وهو قلبها.
ويكره أيضا الشرب من ثلمة الإناء.
وقال في المستوعب ولا يشرب محاذيا العروة ويشرب مما يليها.
وظاهر كلام الأصحاب أنهما سواء وحمله في الآداب على أن العروة متصلة برأس الإناء.
وإذا شرب ناول الإناء الأيمن.
وقال في الترغيب وكذا غسل يده.
وقال بن أبي المجد وكذا في رش ماء الورد.
وقال في الفروع وما جرت العادة به كإطعام سائل وسنور وتلقيم وتقديم يحتمل كلامه وجهين قال: وجوازه أظهر.
وقال في آدابه الأولى جوازه.
وقال في الرعاية الكبرى ولا يلقم جليسه ولا يفسح له إلا بأذن رب الطعام.
وقال الشيخ عبد القادر يكره أن يلقم من حضر معه لأنه يأكل ويتلف بأكله على ملك صاحبه على وجه الإباحة.
وقال بعض الأصحاب من الآداب أن لا يلقم أحدا يأكل معه إلا بإذن مالك الطعام.
قال في الآداب وهذا يدل على جواز ذلك عملا بالعادة والعرف في ذلك لكن الأدب والأولى الكف عن ذلك لما فيه من إساءة الأدب على صاحبه والإقدام على طعامه ببعض التصرف من غير إذن صريح.
وفي معنى ذلك تقديم بعض الضيفان ما لديه ونقله إلى البعض الآخر لكن لا ينبغي لفاعل ذلك أن يسقط حق جليسه من ذلك.
والقرينة تقوم مقام الإذن في ذلك.
وتقدم كلامه في الفروع.
وقال في الفنون كنت أقول لا يجوز للقوم أن يقدم بعضهم لبعض ولا لسنور حتى وجدت في صحيح البخاري حديث أنس في الدباء انتهى.
ويسن أن يغض طرفه عن جليسه.
قال الشيخ عبد القادر من الآداب أن لا يكثر النظر إلى وجوه الآكلين انتهى.
ويسن أن يؤثر على نفسه.
قال في الرعاية الكبرى والآداب ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا بالأدب والمروءة ومع الفقراء بالإيثار ومع الإخوان بالانبساط ومع العلماء بالتعلم.
وقال الإمام أحمد يأكل بالسرور مع الإخوان وبالإيثار مع الفقراء وبالمروءة مع أبناء الدنيا انتهى.
ويسن أن يخلل أسنانه إن علق بها شيء.
وقال في المستوعب روى عن بن عمر ترك الخلال يوهن الأسنان.
وذكره بعضهم مرفوعا.
قال الناظم ويلقى ما أخرجه الخلال ولا يبتلعه للخبر.
ويسن الشرب ثلاثا ويتنفس دون الإناء ثلاثا فإن تنفس فيه كره.
ولا يشرب في أثناء الطعام فإنه مضر ما لم يكن عادة.
ويسن أن يجلس غلامه معه على الطعام وإن لم يجلسه أطعمه.
ويسن لمن أكل مع الجماعة أن لا يرفع يده قبلهم ما لم توجد قرينة.
ويكره مدح طعامه وتقويمه على الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية يحرم عليه ذلك.
وقال الآمدي السنة أن يأكل بيده ولا يأكل بملعقة ولا غيرها ومن أكل بملعقة أو غيرها أكل بالمستحب انتهى.
وقال الشيخ عبد القادر ويستحب أن يبدأ بالملح ويختم به.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله زاد الملح.
ويكره إخراج شيء من فيه ورده في القصعة.
ولا يمسح يده بالخبز ولا يستبذله ولا يخلط طعاما بطعام قاله الشيخ عبد القادر.
ويستحب لصاحب الطعام أن يباسط الإخوان بالحديث الطيب والحكايات التي تليق بالحالة إذا كانوا منقبضين.
وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يباسط من يأكل معه.
وذكر بن الجوزي أن من آداب الأكل أن لا يسكتوا على الطعام بل يتكلمون بالمعروف ويتكلمون بحكايات الصالحين في الأطعمة انتهى.
ولا يتصنع بالانقباض وإذا أخرج من فيه شيئا ليرمي به صرف وجهه عن الطعام وأخذه بيساره.
قال ويستحب تقديم الطعام إليهم ويقدم ما حضر من غير تكلف ولا يستأذنهم في التقديم انتهى.
قال في الآداب كذا قال.
وقال بن الجوزي أيضا ولا يكثر النظر إلى المكان الذي يخرج منه الطعام فإنه دليل على الشره.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا دعي إلى أكل دخل إلى بيته فأكل ما يكسر نهمته قبل ذهابه.
وقال بن الجوزي ومن آداب الأكل أن لا يجمع بين النوى والتمر في طبق واحد ولا يجمعه في كفه بل يضعه من فيه على ظهر كفه.
وكذا كل ما فيه عجم وثقل وهو معنى كلام الآمدي.
وقال أبو بكر بن حماد رأيت الأمام أحمد رحمه الله يأكل التمر ويأخذ النوى على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى.
ورأيته يكره أن يجعل النوى مع التمر في شيء واحد.
ولرب الطعام أن يخص بعض الضيفان بشيء طيب إذا لم يتأذ غيره.
ويستحب للضيف أن يفضل شيئا لا سيما إن كان ممن يتبرك بفضلته أو كان ثم حاجة.
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والشيخ تقي الدين أن الخبز لا يقبل ولا بأس بالمناهدة.
نقل أبو داود لا بأس أن يتناهد في الطعام ويتصدق منه لم يزل الناس يفعلون هذا.
قال في الفروع ويتوجه رواية لا يتصدق بلا إذن ونحوه انتهى ومعنى النهد أن يخرج كل واحد من الرفقة شيئا من النفقة ويدفعونه إلى رجل ينفق عليهم منه ويأكلون جميعا.
وإن أكل بعضهم أكثر من بعض فلا بأس.
قوله : "فإن دعاه اثنان أجاب أسبقهما".
وهذا بلا خلاف أعلمه لكن هل السبق بالقول وهو الصواب أو بقرب الباب فيه وجهان.
قال في الفروع وحكى هل السبق بالقول أو بالباب فيه وجهان انتهى.
قلت ظاهر كلام الأصحاب أن السبق بالقول وهو كالصريح في كلام المصنف وغيره خصوصا المغني والشرح.
فإن استويا في السبق فقطع المصنف هنا بتقديم الأدين ثم الأقرب جوارا وقاله في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي.
وقال في الخلاصة والكافي ونهاية بن رزين فإن استويا أجاب أقربهما بابا.
زاد في الخلاصة ويقدم إجابة الفقير منهما.
وزاد في الكافي فإن استويا أجاب أقربهما رحما فإن استويا أجاب أدينهما فإن استويا أقرع بينهما.
وكذا قال في المغني والشرح.
وقال في المحرر ومن دعاه اثنان قدم أسبقهما ثم إن أتيا معا قدم أدينهما ثم أقربهما رحما ثم جوارا ثم بالقرعة.
وجزم به في النظم والوجيز والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
وقال في تجريد العناية ويقدم أسبق ثم أدين ثم أقرب جوارا ثم رحما وقيل: عكسه ثم قارع.
وقال في الفصول يقدم السابق فإن لم يسبق أحدهما الآخر فقال أصحابنا ينظر أقربهما دارا فيقدم في الإجابة.
وقيل: الأدين بعد الأقرب جوارا.
وقال في البلغة فإن جاءا معا أجاب أقربهما جوارا فإن استويا قدم أدينهما.
قوله : "وإن علم أن في الدعوة منكرا كالزمر والخمر وأمكنه الإنكار حضر وأنكر وإلا لم يحضر" بلا نزاع "وإن حضر وشاهد المنكر أزاله وجلس فإن لم يقدر انصرف" بلا خلاف.
قوله : "وإن علم به ولم يره ولم يسمعه فله الجلوس".
ظاهره الخيرة بين الجلوس وعدمه وهو المذهب.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا بأس به.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال الناظم إن شاء يجلس ولكن عنهم البعد أجود.
وقال الإمام أحمد رحمه الله لا ينصرف.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
قوله : وإن شاهد ستورا معلقة فيها صور الحيوان لم يجلس إلا أن تزال.
هكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع وفي تحريم لبثه في منزل فيه صورة حيوان على وجه محرم وجهان والمذهب لا يحرم.
وهو ظاهر ما قطع به في المغني والشرح وشرح بن رزين وغيرهم.
وتقدم في ستر العورة هل يحرم ذلك أم لا.
فائدة: إذا علم به قبل الدخول فهل يحرم الدخول أم لا فيه الوجهان المتقدمان وأطلقهما في الفروع.
وجزم في المغني والشرح أنه لا يحرم الدخول وهو المذهب.
قوله : "وإن كانت مبسوطة أو على وسادة فلا بأس بها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الإرشاد الصور والتماثيل مكروهة عند الإمام أحمد رحمه الله إلا في الأسرة والجدر.
وتقدم ذلك أيضا في باب ستر العورة.
فائدة: يحرم تعليق ما فيه صورة حيوان وستر الجدر به وتصويره.
وقيل: لا يحرم وذكره ابن عقيل والشيخ تقي الدين رحمه الله رواية كافتراشه وجعله مخدا.
وتقدم بعض ذلك في ستر العورة.
قوله : "وإن سترت الحيطان بستور لا صور فيها أو فيها صور غير الحيوان فهل تباح على روايتين".
مراده إذا كانت غير حرير.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والفروع.
إحداهما: يكره وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وتصحيح المحرر واختاره المصنف.
وجزم به في المغني والشرح في موضع والوجيز وشرح بن رزين.
وقدمه في البلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: يحرم.
وقال في الخلاصة وإذا حضر فرأى ستورا معلقة لا صور عليها فهل يجلس فيه روايتان أصلهما هل هو حرام أو مكروه.
تنبيهان
أحدهما: محل الخلاف إذا لم تكن حاجة فأما إن دعت الحاجة إليه من حر أو برد فلا بأس به.
ذكره المصنف والشارح وغيرهما وهو واضح.
الثاني: ظاهر قوله: فهل يباح أن الخلاف في الإباحة وعدمها وليس الأمر كذلك وإنما الخلاف في الكراهة والتحريم فمراده بالإباحة الجواز الذي هو ضد التحريم.
فعلى القول بالتحريم يكون وجود ذلك عذرا في ترك الإجابة.
وعلى القول بالكراهة يكون أيضا عذرا في تركها على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح وقدمه في الرعاية.
وقيل: لا يكون عذرا وهو ظاهر كلامه في الخلاصة المتقدم.
قلت وهو الصواب.
والواجب لا يترك لذلك وأطلقهما في الفروع.
ونقل بن هانئ وغيره كل ما كان فيه شيء من زي الأعاجم وشبهه فلا يدخل.
ونقل ابن منصور لا بأس أن لا يدخل قال لا كريحان منضد.
وذكر ابن عقيل أن النهي عن التشبه بالعجم للتحريم.
ونقل جعفر لا يشهد عرسا فيه طبل أو مخنث أو غناء أو تستر الحيطان ويخرج لصورة على الجدار.
ونقل الأثرم والفضل لا لصورة على ستر لم يستر به الجدر.
قوله : "ولا يباح الأكل بغير إذن أو ما يقوم مقامها" بلا نزاع.
فيحرم أكله بلا إذن صريح أو قرينة ولو من بيت قريبه أو صديقه ولم يحرزه عنه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره.
ونقله بن القاسم وبن النضر وجزم به القاضي في الجامع.
وظاهر كلام بن الجوزي وغيره يجوز أكله من بيت قريبه وصديقه إذا لم يحرزه واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفروع وهو أظهر وقدمه في آدابه وقال هذا هو المتوجه.
ويحمل كلام الإمام أحمد رحمه الله على الشك في رضاه أو على الورع انتهى.
وجزم القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول في آخر الغصب فيمن يكتب من محبرة غيره يجوز في حق من ينبسط إليه ويأذن له عرفا.
قوله : "والدعاء إلى الوليمة إذن فيه".
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وكذا تقديم الطعام إليه بطريق أولى.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية لا يحتاج بعد تقديم الطعام إذنا إذا جرت العادة في ذلك البلد بالأكل بذلك فيكون العرف إذنا.
وقد تقدم أن المسنون الأكل عند حضور رب الطعام وإذنه.
وتقدم جملة صالحة في آداب الأكل والشرب.
فائدتان
إحداهما: قال في الفروع ظاهر كلام الأصحاب أن الدعاء ليس إذنا في الدخول.
وقال المصنف والشارح هو إذن فيه.
وقدمه في الآداب ونسبه إلى المصنف وغيره.
قلت إن دلت قرينة عليه كان إذنا وإلا فلا.
الثانية: قال المجد مذهبنا لا يملك الطعام الذي قدم إليه بل يهلك بالأكل على ملك صاحبه.
قال في القاعدة السادسة والسبعين أكل الضيف إباحة محضة لا يحصل الملك به بحال على المشهور عندنا انتهى.
قال المصنف في المغني في مسألة غير المأذون له هل له الصدقة من قوته الضيف لا يملك الصدقة بما أذن له في أكله.
وقال إن حلف لا يهبه فأضافه لم يحنث لأنه لم يملكه شيئا وإنما أباحه الأكل ولهذا لم يملك التصرف فيه بغير إذنه انتهى.
قلت فيحرم عليه تصرفه فيه بدونه.
قال الشيخ عبد القادر والشيخ تقي الدين أيضا يأكل الضيف على ملك صاحب الطعام على وجه الإباحة وليس ذلك بتمليك انتهى.
قال في الآداب مقتضى تعليله في المغني التحريم.
قلت والأمر كذلك.
قال في الانتصار وغيره لو قدم لضيفانه طعاما لم يجز لهم قسمته لأنه إباحة نقله عنهم في الفروع في آخر الأطعمة.
وقال في القواعد وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية بإجزاء الطعام في الكفارات وتنزل على أحد قولين.
وهما أن الضيف يملك ما قدم إليه وإن كان ملكا خاصا بالنسبة إلى الأكل.
وإما أن الكفارة لا يشترط فيها تمليك انتهى.
وقال في الآداب ووجهت رواية الجواز في مسألة صدقة غير المأذون له بأنه مما جرت العادة بالمسامحة فيه والإذن عرفا فجاز كصدقة المرأة من بيت زوجها.
قال وهذا التعليل جار في مسألتي الضيف انتهى.
وللشافعية فيها أربعة أقوال يملكه بالأخذ أو بحصوله في الفم أو بالبلع أو لا يملكه بحال كمذهبنا.
قوله : "والنثار والتقاطه مكروهان".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وأبو الخطاب والشريف في خلافيهما والشيرازي ونصره المصنف والشارح.
قال الناظم هذا أولى.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به الخرقي وصاحب الإيضاح والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور والمنتخب وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه إباحتهما اختاره أبو بكر كالمضحي يقول من شاء اقتطع.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والبلغة.
وقيل: يكره في العرس دون غيره.
وعنه لا يعجبني هذا نهبة لا يأكله ولا يؤكله لغيره.
وعنه أنه يحرم كقول الإمام والأمير في الغزو وفي الغنيمة من أخذ شيئا فهو له ونحوه.
قوله : "ومن حصل في حجره شيء منه فهو له".
وكذا من أخذ شيئا منه فهو له وهذا المذهب فيهما مطلقا جزم به في الخلاصة والكافي والمغني والبلغة والوجيز وغيرهم وصححه في النظم وقدمه في الشرح والفروع.
وقيل: لا يملكه إلا بالقصد.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة: يجوز للمسافرين خلط أزوادهم ليأكلوا جميعا وهو النهد على ما تقدم.
قوله : "ويستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف".
إعلان النكاح مستحب بلا نزاع.
وكذا يستحب الضرب عليه بالدف نص عليه وعليه الأصحاب.
واستحب الإمام أحمد رحمه الله أيضا الصوت في العرس.
ونقل حنبل لا بأس بالصوت والدف فيه.
قال في الرعاية في باب بقية من تصح شهادته ويباح الدف في العرس انتهى.
تنبيه: ظاهر قوله : "والضرب عليه بالدف" أنه سواء كان الضارب رجلا أو امرأة.
قال في الفروع وظاهر نصوصه وكلام الأصحاب التسوية.
قيل له في رواية المروذي ما ترى الناس اليوم تحرك الدف في إملاك أو بناء بلا غناء فلم يكره ذلك.
وقيل: له في رواية جعفر يكون فيه جرس قال لا.
وقال المصنف ضرب الدف مخصوص بالنساء.
قال في الرعاية ويكره للرجال مطلقا.
فائدتان
إحداهما: ضرب الدف في نحو العرس كالختان وقدوم الغائب ونحوهما كالعرس نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل: يكره.
قال المصنف وغيره أصحابنا كرهوا الدف في غير العرس.
وكرهه القاضي وغيره في غير عرس وختان.
ويكره لرجل للتشبه.
قال في الرعاية وقيل: يباح في الختان.
وقيل: وكل سرور حادث.
الثانية: يحرم كل ملهاة سوى الدف كمزمار وطنبور ورباب وجنك وناي ومعزفة وسرناي نص على ذلك كله.
وكذا الجفانة والعود.
قال في المستوعب والترغيب سواء استعملت لحزن أو سرور.
وسأله بن الحكم عن النفخ في القصبة كالمزمار فقال أكرهه.
وفي تحريم الضرب بالقضيب وجهان وأطلقهما في الفروع.
وقدم في الرعايتين والحاوي الصغير الكراهة.
وقال في المغني لا يكره إلا مع تصفيق أو غناء أو رقص ونحوه.
وجزم بن عبدوس في تذكرته بالتحريم.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الطبل لغير حرب ونحوه.
واستحبه ابن عقيل في الحرب وقال لتنهيض طباع الأولياء وكشف صدور الأعداء.
وكره الإمام أحمد رحمه الله التغبير ونهى عن استماعه وقال هو بدعة ومحدث.
ونقل أبو داود لا يعجبني.
ونقل يوسف لا يستمعه قيل هو بدعة قال حسبك.
قال في المستوعب فقد منع الإمام أحمد رحمه الله من إطلاق اسم البدعة عليه ومن تحريمه لأنه كشعر ملحن كالحداء للإبل ونحوه.
باب عشرة النساء
.قوله : "وإذا تم العقد وجب تسليم المرأة في بيت الزوج إذا طلبها وكانت حرة يمكن الاستمتاع بها ولم تشترط دارها".
متى كان يمكن وطؤها وطلبها الزوج وكانت حرة لزم تسليمها إليه على الصحيح من المذهب.
جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم واختاره المصنف وغيره.
وقال الإمام أحمد رحمه الله تكون بنت تسع سنين.
وجزم به في المحرر والنظم والمنور وتجريد العناية وغيرهم.
قال القاضي هذا عندي ليس على سبيل التحديد والتضييق وإنما هو للغالب.
فوائد
الأولى: لو كانت صغيرة نضوة الخلقة وطلبها لزم تسليمها فلو خشي عليها استمتع منها كالاستمتاع من الحائض.
ولا يلزم تسليمها مع ما يمنع الاستمتاع بالكلية ويرجى زواله كإحرام ومرض وصغر ولو قال لا أطأ وفي الحائض احتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قلت الصواب عدم لزوم التسليم بل لو قيل بالكراهة لاتجه أو ينظر إلى قرينة الحال.
وجزم في المغني في باب الحال التي تجب فيها النفقة على الزوج باللزوم.
وكذلك بن رزين في شرحه والشارح في كتاب النفقات.
الثانية: يقبل قول امرأة ثقة في ضيق فرجها وقروح فيه وعبالة ذكره يعني كبره ونحو ذلك وتنظرهما وقت اجتماعهما للحاجة.
ولو أنكر أن وطأه يؤذيها لزمتها البينة.
الثالثة: إذا امتنعت قبل المرض ثم حدث بها المرض فلا نفقة لها.
قوله : "وإن سألت الإنظار أنظرت مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها".
قال في الفروع وغيره لا لعمل جهاز وهذا هو المذهب جزم به في المحرر والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل: تمهل ثلاثة أيام.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية إن استمهلت هي وأهلها استحب له إجابتهم ما يعلم به التهيؤ من شراء جهاز وتزين.
قوله : "وإن كانت أمة لم يجب تسليمها إلا بالليل".
يعني مع الإطلاق نص عليه.
فلو شرطه نهارا وجب على السيد تسليمها ليلا ونهارا وكذا لو بذله السيد بلا شرط عليه.
ولو بذله السيد وكان قد شرطه لنفسه فوجهان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والفروع والزركشي.
أحدهما يجب تسليمها قدمه في الرعاية الكبرى وصححه في تصحيح المحرر.
والثانية لا يجب ويأتي حكم نفقتها في كتاب النفقات.
فائدتان
إحداهما: ليس لزوج الأمة السفر بها.
وهل يملكه السيد بلا إذن الزوج سواء صحبه الزوج أو لا فيه وجهان وهما احتمالان في المغني والشرح.
وأطلقهما في المغني والشرح والنظم والفروع والمحرر.
أحدهما: له ذلك من غير إذنه على الصحيح جزم به في المنور والمجرد للقاضي نقله المجد وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: ليس له ذلك صححه في تصحيح المحرر.
قال المجد جزم به القاضي في التعليق.
وعليها ينبني لو بوأها مسكنا ليأتيها الزوج فيه هل يلزمه قاله في الترغيب.
وأطلق في الرعايتين الوجهين إذا بذل السيد لها مسكنا ليأتيها الزوج فيه.
الثانية: قوله : "وله الاستمتاع بها".
يعني على أي صفة كانت إذا كان في القبل ولو من جهة عجيزتها عند أكثر الأصحاب وقطعوا به.
وذكر بن الجوزي في كتاب السر المصون أن العلماء كرهوا الوطء بين الأليتين لأنه يدعو إلى الدبر وجزم به في الفصول.
قال في الفروع كذا قالا.
قوله : "ما لم يشغلها عن الفرائض من غير إضرار بها".
بلا نزاع ولو كانت على التنور أو على ظهر قتب كما رواه الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
فائدة قال أبو حفص والقاضي إذا زاد الرجل على المرأة في الجماع صولح على شيء منه وروى بإسناده عن بن الزبير أنه جعل لرجل أربعا بالليل وأربعا بالنهار.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه صالح رجلا استعدى على امرأة على ستة.
قال القاضي لأنه غير مقدر فقدر كما أن النفقة حق لها غير مقدرة فيرجعان في التقدير إلى اجتهاد الحاكم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة وكوطئه إذا زاد انتهى.
قلت ظاهر كلام أكثر الأصحاب خلاف ذلك وأنه يطأ ما لم يشغلها عن الفرائض وما لم يضرها بذلك ويأتي كلام الناظم والشيخ تقي الدين رحمه الله عند وجوب الوطء.
تنبيه: قوله : "وله السفر بها إلا أن تشترط بلدها".
مراده غير زوج الأمة كما تقدم قريبا.
قوله : "ولا يجوز وطؤها في الحيض" بلا نزاع.
وتقدم حكم وطئها وهي مستحاضة في كتاب الحيض.
قوله : "ولا في الدبر".
وهذا أيضا بلا نزاع بين الأئمة ولو تطاوعا على ذلك فرق بينهما.
ولا يعذر العالم بالتحريم منهما ولو أكرهها الزوج عليه نهى عنه فإن أبى فرق بينهما ذكره بن أبي موسى وغيره.
وتقدم في أواخر النكاح عند قوله: ولكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع البدن ولمسه هل يجوز لها استدخال ذكر زوجها من غير إذنه وهو نائم.
قوله : "ولا يعزل عن الحرة إلا بإذنها ولا عن الأمة إلا بإذن سيدها".
وهذا هو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في البلغة والوجيز والمنور ومنتخب الأزجي.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وصححه في المغني والشرح.
ومحل هذا إذا لم يشترط حرية الأولاد فأما إذا اشترط ذلك فله العزل بلا إذن سيد الأمة.
وقيل: لا يباح العزل مطلقا وقيل: يباح مطلقا.
تنبيهان
أحدهما: ظاهر قوله : ولا عن الأمة إلا بإذن سيدها أنه لا يعتبر إذنها هي وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقيل: يشترط إذنها أيضا وهو احتمال في المغني والشرح.
قلت وهو الصواب.
الثاني: أفادنا المصنف رحمه الله بقوله: إلا بإذن سيدها جواز عزل السيد عن سريته بغير إذنها وإن لم يجز له العزل عن زوجته الأمة إلا بإذنها وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال ابن عقيل يحتمل من مذهبنا أنه يعتبر إذنها.
قلت وهو متجه لأن لها فيه حقا.
وذكر في الترغيب هل يستأذن أم الولد في العزل أم لا على وجهين.
قوله : "وله إجبارها على الغسل من الحيض والجنابة والنجاسة واجتناب المحرمات".
أما الحيض والجنابة إذا كانت بالغة واجتناب المحرمات فله إجبارها على ذلك إذا كانت مسلمة رواية واحدة وعليه الأصحاب.
وعنه لا تجبر على غسل الجنابة ذكرها في الرعايتين والحاوي وغيرهم.
قلت وهو بعيد جدا.
وأما غسل النجاسة فله أيضا إجبارها عليه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وفي المذهب رواية يملك إجبارها عليه.
قلت وهو بعيد أيضا.
قوله : "إلا الذمية فله إجبارها على غسل الحيض".
وكذا النفاس وهذا الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يملك إجبارها فعليها في وطئه بدون الغسل وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب الجواز جزم به في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعايتين فيعايي بها.
والوجه الثاني: لا يجوز.
قال في الرعاية الكبرى وهو أصح وهو ظاهر كلامه في المغني فإنه قال وللزوج إجبار زوجته على الغسل من الحيض والنفاس مسلمة كانت أو ذمية لأنه يمنع الاستمتاع الذي هو حق له.
فعلى المذهب في أصل المسألة وهو إجبارها في وجوب النية للغسل منه والتسمية والتعبد به لو أسلمت وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: وجوب ذلك.
والوجه الثاني: لا يجب ذلك.
قال في الرعاية الكبرى في باب صفة الغسل وفي اعتبار التسمية في غسل الذمية من الحيض وجهان ويصح منها الغسل بلا نية وخرج ضده انتهى.
وقدم صحة الغسل بلا نية بن تميم والقواعد الأصولية.
قلت الصواب ما قدمه وأن التسمية لا تجب.
وتقدم في أوائل الحيض شيء من ذلك فليراجع.
وهل المنفصل من غسلها من الحيض والنفاس طاهر لكونه أزال مانعا أو طهور لأنه لم يقع قربة فيه روايتان.
وأطلقهما في المغني والشرح وبن عبيدان والفروع وكذلك صاحب الرعايتين والحاوي وهما وجهان في الحاوي الكبير ذكروه في كتاب الطهارة.
إحداهما هو طاهر غير مطهر.
قال في الرعاية الكبرى الأولى جعله طاهرا غير طهور.
والثانية هو طهور قدمه بن تميم وبن رزين في شرحه في كتاب الطهارة.
وقيل: إن لزمها الغسل منه بطلب الزوج قال في الرعاية قلت أو السيد فظاهر وإن لم يطلبه أحدهما أو طلبه وقلنا لا يجب فطهور.
وأما المنفصل من غسلها من الجنابة فالصحيح من المذهب أنه طهور قدمه في الرعايتين والفروع.
وصححه في الحاويين في كتاب الطهارة.
قال المصنف في المغني والشارح وبن عبيدان وبن رزين في شرحه في كتاب الطهارة فطهور قولا واحدا.
وقيل: طاهر وهو احتمال للمصنف.
قال في الرعاية وهو أولى ثم قال قلت إن وجب غسلها منه في وجه فطاهر وإلا فهو طهور.
قوله : "وفي سائر الأشياء روايتان".
يعني غير الحيض في حق الذمية.
فدخل في هذا الخلاف الذي حكاه غسل الجنابة والنجاسة واجتناب المحرمات وأخذ الشعر الذي تعافه النفس وإنما الروايتان في الجنابة.
وفي أخذ الشعر والظفر وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
أحدهما: له إجبارها على ذلك وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وصححه في تصحيح المحرر في الغسل.
وجزم به في الوجيز في ذلك كله وقدمه بن رزين.
وقال في الرعايتين له إجبارها على غسل الجنابة على الأصح كالحيض والنفاس والنجاسة وعلى ترك كل محرم وأخذ ما تعافه النفس من شعر وغيره.
قال الناظم هذه الرواية أشهر وأظهر.
وجزم به في الحاوي الصغير في غير غسل الجنابة وأطلقهما في غسل الجنابة.
قال المصنف والشارح له إجبارها على إزالة شعر العانة إذا خرج عن العادة رواية واحدة ذكره القاضي وكذلك الأظفار انتهيا.
والرواية الثانية: ليس له إجبارها على شيء من ذلك.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل: إن طال الشعر والظفر وجب إزالتهما وإلا فلا.
وقيل: في التنظيف والاستحداد وجهان.
فائدتان
إحداهما: في منعها من أكل ما له رائحة كريهة كالبصل والثوم والكراث ونحوها وجهان وقيل: روايتان وخرجهما ابن عقيل.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما: تمنع جزم به في المنور وصححه في النظم وتصحيح المحرر وقدمه بن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: لا تمنع من ذلك وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
الثانية: تمنع الذمية من شربها مسكرا إلى أن تسكر وليس له منعها من شربها منه ما لم يسكرها على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه تمنع منه مطلقا.
وقال في الترغيب ومثله أكل لحم خنزير ولا تمنع من دخول بيعة وكنيسة.
ولا تكره على الوطء في صومها نص عليه ولا إفساد صلاتها وسنتها.
قوله : "ولها عليه أن يبيت عندها ليلة من أربع ليال".
وهو من مفردات المذهب.
"وإن كانت أمة فمن كل ثمان".
يعني إذا طلبتا ذلك منه لزم مبيت الزوج عند الأمة ليلة من كل ثمان ليال.
اختيار المصنف والشارح.
وجزم به في التبصرة والعمدة.
وقال أصحابنا من كل سبع وهو المذهب وعليه الأصحاب كما قاله المصنف.
وقال القاضي وابن عقيل يلزمه من البيتوتة ما يزول معه ضرر الوحشة ويحصل منه الأنس المقصود بالزوجية بلا توقيت فيجتهد الحاكم.
قلت وهو الصواب.
وعنه لا يلزم المبيت إن لم يقصد بتركه ضررا.
قوله: "وله الانفراد بنفسه فيما بقي".
هذا المذهب جزم به في الفروع وغيره من الأصحاب.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا يبيت وحده ما أحب ذلك إلا أن يضطر.
وتقدم كلام القاضي وابن عقيل.
وقال في الرعايتين بعد أن حكى اختيار الأصحاب والمصنف وقيل: حق الزوجة المبيت المذكور وحده وينفرد بنفسه فيما بقي إن شاء.
قوله : "وعليه وطؤها في كل أربعة أشهر مرة إن لم يكن عذر".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال ناظم المفردات هذا هو المشهور وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وهو من مفردات المذهب.
وقيل: يرجع فيه إلى العرف وهو من المفردات أيضا.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله وجوب الوطء بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنه أو يشغله عن معيشته من غير تقدير بمدة وهو من المفردات أيضا.
وعنه ما يدل على أن الوطء غير واجب إن لم يقصد بتركه ضررا اختاره القاضي.
ولم يعتبر ابن عقيل قصد الإضرار بتركه للوطء.
قال وكلام الإمام أحمد رحمه الله غالبا ما يشهد لهذا القول.
ولا عبرة بالقصد في حق الآدمي.
وحمل كلام الإمام أحمد في قصد الإضرار على الغالب.
قال في الفروع كذا قال فيلزمه أن لا فائدة في الإيلاء.
وأما إن اعتبر قصد الإضرار فالإيلاء دل على قصد الإضرار فيكفي وإن لم يظهر منه قصده انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله خرج ابن عقيل قولا أن لها الفسخ بالغيبة المضرة بها وكما لو لم يكن معقودا كما لو كوتب فلم يحضر بلا عذر.
وقال المصنف في المغني في امرأة من علم خبره كأسير ومحبوس لها الفسخ بتعذر النفقة من ماله وإلا فلا إجماعا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا إجماع.
وإن تعذر الوطء لعجز فهو كالنفقة وأولى للفسخ بتعذره إجماعا في الإيلاء وقاله أبو يعلى الصغير.
وقال أيضا: حكمه كعنين. قال الناظم:
وقيل: يسن الوطء في اليوم مرة ... وإلا ففي الأسبوع إن يتزيد
وليس بمسنون عليه زيادة ... سوى عند داعي شهوة أو تولد
قوله : "وإن سافر عنها أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك إن لم يكن عذر".
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب قد يغيب الرجل عن أهله أكثر من ستة أشهر فيما لا بد له منه.
قال القاضي معنى هذا أنه قد يغيب في سفر واجب كالحج والجهاد فلا يحتسب عليه بتلك الزيادة لأنه معذور فيها لأنه سفر واجب عليه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فالقاضي جعل الزيادة على الستة الأشهر لا تجوز إلا لسفر واجب كالحج والجهاد ونحوهما.
[فشرطه أن يكون واجبا ولو كان سنة أو مباحا أو محرما كتغريب زان وتشريد قاطع طريق فإن كان مكروها فاحتمالان للأصحاب].
وكلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضي أنه مما لا بد له منه وذلك يعم الواجب الشرعي وطلب الرزق الذي هو محتاج إليه انتهى.
قلت قد صرح الإمام أحمد رحمه الله بما قال.
فقال في رواية بن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر قال إذا كان في حج أو غزو أو مكسب يكسب على عياله. أرجو أن لا يكون به بأس إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها ومحرم رجل يكفيها.
قوله : "فإن أبى شيئا من ذلك ولم يكن له عذر فطلبت الفرقة فرق بينهما".
ولو قبل الدخول نص عليه.
يعني حيث قلنا بوجوب المبيت والوطء والقدوم وأبى ذلك من غير عذر.
وحيث قلنا بعدم الوجوب فليس لها ذلك مع امتناعه منه.
وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم ونصره المصنف والشارح.
قال في الترغيب هو صحيح المذهب وقدمه في المحرر والفروع.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يفرق بينهما.
قال في المغني والشرح فظاهر قول أصحابنا أنه لا يفرق بينهما بذلك وهو قول أكثر الفقهاء.
تنبيه: ظاهر كلامه أنها لو طلبت قدومه من السفر بعد ستة أشهر وأبى من القدوم أن لها الفسخ سواء قلنا الوطء واجب عليه أم لا.
وهو أحد الوجهين قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قلت وهو الصواب.
وقيل: ليس لها الفسخ إلا إذا قلنا بوجوب الوطء وهو ظاهر ما جزم به في تجريد العناية.
قلت وهو بعيد جدا وأطلقهما في الفروع.
وقال ابن عقيل في المفردات وقيل: قد يباح الفسخ.
وطلاق الحاكم لأجل الغيبة إذا قصد بها الإضرار بناء على ما إذا ترك الاستمتاع بها من غير يمين أكثر من أربعة أشهر.
فوائد
الأولى قوله: ويستحب أن يقول عند الجماع بسم الله اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني بلا نزاع.
لحديث بن عباس رضي الله عنهما الذي في الصحيحين.
قلت قد روى بن أبي شيبة في مصنفه عن بن مسعود رضي الله عنه موقوفا أنه إذا أنزل يقول اللهم لا تجعل للشيطان فيما رزقتني نصيبا.
فيستحب أن يقول ذلك عند إنزاله ولم أره للأصحاب وهو حسن.
وقال القاضي في الجامع يستحب إذا فرغ من الجماع أن يقرأ {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً} [الفرقان: 54].
قال وهذا على بعض الروايات التي تجوز للجنب أن يقرأ بعض آية ذكره أبو حفص.
واستحب بعض الأصحاب أن يحمد الله عقب الجماع قاله ابن رجب في تفسير الفاتحة.
قلت وهو حسن.
وقال القاضي محب الدين بن نصر الله هل التسمية مختصة بالرجل أم لا لم أجده والأظهر عدم الاختصاص بل تقوله: المرأة أيضا انتهى.
قلت هو كالمصرح به في الصحيحين أن القائل هو الرجل وهو ظاهر كلام الأصحاب والذي يظهر أن المرأة تقوله: أيضا.
الثانية يستحب تغطية رأسه عند الوقاع وعند الخلاء ذكره جماعة وأن لا يستقبل القبلة.
وقيل: يكره استقبالها.
وقال القاضي في الجامع والمصنف في المغني والشارح وغيرهم يستحب للمرأة أن تتخذ خرقة تناولها للزوج بعد فراغه من جماعها.
قال أبو حفص ينبغي أن لا تظهر الخرقة بين يدي امرأة من أهل دارها فإنه يقال إن المرأة إذا أخذت الخرقة وفيها المنى فتمسحت بها كان منها الولد.
وقال الحلواني في التبصرة ويكره أن يمسح ذكره بالخرقة التي تمسح بها فرجها وعكسه.
وقال القاضي في الجامع قال أبو الحسن بن العطار في كتاب أحكام النساء ويكره نخرها عند الجماع وحال الجماع ولا نخره وهو مستثنى من الكراهة في غيره.
وقال مالك لا بأس بالنخر عند الجماع وأراه سفها في غير ذلك يعاب على فاعله.
وقال معن بن عيسى كان بن سيرين وعطاء ومجاهد يكرهون النخر عند الجماع.
وقال عطاء من انفلتت منه نخرة فليكبر أربع تكبيرات.
وقال مجاهد لما أهبط الله إبليس إلى الأرض أن ونخر فلعن من أن ونخر إلا ما أرخص فيه عند الجماع.
وسئل نافع بن جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النخر عند الجماع فقال أما النخر فلا ولكن يأخذني عند ذلك حمحمة كحمحمة الفرس.
وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يرخص في النخر عند الجماع.
وسألت امرأة عطاء بن أبي رباح فقالت إن زوجي يأمرني أن أنخر عند الجماع فقال لها أطيعي زوجك.
وعن مكحول لعن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام الناخر والناخرة إلا عند الوقاع ذكر ذلك أبو بكر في أحكام الوطء.
تنبيه: قوله : "ولا ينزع إذا فرغ قبلها حتى تفرغ".
يعني أنه يستحب ذلك فلو خالف كره له.
الثالثة يكره الجماع وهما متجردان بلا نزاع.
قال في الترغيب والبلغة لا سترة عليهما لحديث رواه بن ماجه.
تنبيه: قوله : "ويستحب الوضوء عند معاودة الوطء".
وتقدم حكم ذلك والخلاف فيه في آخر باب الغسل.
قوله : "ولا يجوز الجمع بين زوجتيه في مسكن واحد إلا برضاهما".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل: يحرم مع اتحاد المرافق ولو رضيتا.
قال المصنف في المغني والشارح وصاحب الترغيب وإن أسكنهما في دار واحدة كل واحدة منهما في بيت جاز إذا كان في مسكن مثلها.
فائدة: قال في الفروع ظاهر كلام الأصحاب المنع من جمع الزوجة والسرية إلا برضا الزوجة كما لو كانا زوجتين لثبوت حقها كالاجتماع ونحوه والسرية لا حق لها في الاجتماع قال وهذا متجه.
قلت وهو أولى بالمنع.
قوله : "ولا يجامع إحداهما بحيث تراه الأخرى".
يحتمل أن يكون مراده أن ذلك مكروه وهو الصحيح من المذهب جزم به في الرعايتين وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن يكون مراده أن ذلك محرم ولو رضيتا به وهو اختيار المصنف والشارح وقطعا به في المغني والشرح.
قلت وهو الصواب.
قوله : "ولا يحدثها بما جرى بينهما" بلا نزاع.
لكن يحتمل أن يكون مراده أن ذلك مكروه وهو المذهب.
جزم به في الرعايتين وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن يكون مراده التحريم.
وقطع به الشيخ عبد القادر في الغنية والأدمي البغدادي في كتابه.
قال في الفروع وهو أظهر.
قلت وهو الصواب أيضا.
فائدة: قال في أسباب الهداية يحرم إفشاء السر.
وقال في الرعاية يحرم إفشاء السر المضر.
قوله : "وله منعها من الخروج عن منزله".
بلا نزاع من حيث الجملة.
ويحرم عليها الخروج بلا إذنه فإن فعلت فلا نفقة لها إذن.
ونقل أبو طالب إذا قام بحوائجها وإلا فلا بد لها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن حبسته امرأته لحقها إن خاف خروجها بلا إذنه أسكنها حيث لا يمكنها الخروج فإن لم يكن له من يحفظها غير نفسه حبست معه فإن عجز أو خيف حدوث شر أسكنت في رباط ونحوه ومتى كان خروجها مظنة للفاحشة صار حقا لله يجب على ولي الأمر رعايته.
قوله : "فإن مرض بعض محارمها أو مات استحب له أن يأذن لها في الخروج إليه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم صاحب البلغة والرعايتين والوجيز والحاوي الصغير وقدمه في الفروع.
وقال ابن عقيل يجب عليه أن يأذن لها لأجل العيادة.
تنبيهان
أحدهما: دل كلام المصنف بطريق التنبيه على أنها لا تزور أبويها وهو المذهب وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل: لها زيارتهما ككلامهما.
الثاني: مفهوم قوله: فإن مرض بعض محارمها أو مات أنه لو مرض أو مات غير محارمها من أقاربها أنه لا يستحب أن يأذن لها في الخروج إليه.
وهو صحيح وهو المذهب جزم به في البلغة وقدمه في الفروع.
وقيل: يستحب له أن يأذن لها أيضا.
قلت وهو حسن وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
فوائد
الأولى: لا يملك الزوج منع أبويها من زيارتها على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والرعايتين ولا يملك منعهما من زيارتها في الأصح وجزم به في الحاوي الصغير.
وقيل: له منعهما.
قلت الصواب في ذلك إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا.
الثانية: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها بل طاعة زوجها أحق.
الثالثة: ليس عليها عجن ولا خبز ولا طبخ ونحو ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال الجوزجاني عليها ذلك.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجب عليها المعروف من مثلها لمثله.
قلت الصواب أن يرجع في ذلك إلى عرف البلد.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله الوجوب من نصه على نكاح الأمة لحاجة الخدمة.
قال في الفروع وفيه نظر لأنه ليس فيه وجوب الخدمة عليها.
الرابعة: قوله: "ولا تملك المرأة" ولا وليها أو سيدها "إجارة نفسها للرضاع والخدمة بغير إذن زوجها" بلا نزاع.
لكنه لو تزوجها بعد أن أجرت نفسها للرضاع لم يملك الفسخ مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل: يملكه إن جهله.
قال في الرعاية الكبرى وإن تزوجت بآخر فله منعها من إرضاع ولدها من الأول ما لم يضطر إليها.
قلت ويكون الأول استأجرها للرضاع انتهى.
الخامسة يجوز له وطؤها بعد إجارتها نفسها مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل: ليس له ذلك إن أضر الوطء باللبن.
قال في الرعاية الكبرى وللزوج الثاني وطؤها ما لم يفسد اللبن فإن أفسد فللمستأجر الفسخ والأشهر تحريم الوطء.
قوله : "وله أن يمنعها من إرضاع ولدها إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه".
إن كان الولد لغير الزوج فله منعها من إرضاعه إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه نص عليه.
وجزم به في المغني والبلغة والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
ونقل مهنا لها ذلك إذا شرطته عليه.
وإن كان الولد منهما فظاهر كلام المصنف هنا أن له منعها إذا انتفى الشرطان وهي في حباله وهو أحد الوجهين ولفظ الخرقي يقتضيه.
وهو ظاهر كلام القاضي والوجيز هنا كخدمته نص عليها.
والوجه الثاني: ليس له منعها وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ويحتمله كلام الخرقي.
وجزم به المصنف في هذا الكتاب في أول الفصل الأول من باب نفقة الأقارب والمماليك فقال وليس للأب منع المرأة من إرضاع ولدها إذا طلبت ذلك.
وجزم به هناك في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قلت يحتمل أن يحمل كلام المصنف هنا على ما إذا كان الولد لغير الزوج.
وأما إذا كان له فقد ذكره في باب نفقة الأقارب فيكون عموم كلامه هنا مقيد بما هناك وهو أولى وأطلقهما هنا في الشرح.
ويأتي ذلك في باب نفقة الأقارب بأتم من هذا.
تنبيهان
أحدهما: مراده بقوله: "وعلى الرجل أن يساوي بين نسائه في القسم".
غير الزوج الطفل وهو واضح.
الثاني: ظاهر قوله: وعليه أن يساوي بين نسائه في القسم.
أنه لا يجب عليه التسوية في النفقة والكسوة إذا كفى الأخرى وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجب عليه التسوية فيهما أيضا.
وقال لما علل القاضي عدم الوجوب بقوله: لأن حقهن في النفقة والكسوة والقسم وقد سوى بينهما وما زاد على ذلك فهو متطوع فله أن يفعله إلى من شاء قال موجب هذه العلة أن له أن يقسم للواحدة ليلة من أربع لأنه الواجب ويبيت الباقي عند الأخرى انتهى.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله لا بأس بالتسوية بينهن في النفقة والكسوة.
فائدة: قوله: وعلى الرجل أن يساوي بين نسائه في القسم.
وهذا بلا نزاع لكن يكون في المبيت ليلة وليلة فقط إلا أن يرضين بالزيادة عليها هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب منهم القاضي في الجامع.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع وغيرهم.
وقال القاضي وغيره له أن يقسم ليلتين ليلتين وثلاثا ثلاثا ولا تجوز الزيادة إلا برضاهن لأن الثلاث في حد القلة فهي كالليلة الواحدة لكن.
الأولى ليلة وليلة قدمه بن رزين في شرحه وجزم به في المستوعب والبلغة وأطلقهما الزركشي.
تنبيه: قوله: "وليس له البداءة بإحداهن ولا السفر بها إلا بقرعة".
يستثنى من ذلك إذا رضى الزوجات بسفر واحدة معه فإنه يجوز بلا قرعة.
نعم إذا لم يرض الزوج بها وأراد غيرها أقرع.
قوله : "وليس عليه التسوية بينهن في الوطء بل يستحب".
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله في الجماع لا ينبغي أن يدعه عمدا يبقى نفسه لتلك.
فائدتان
إحداهما : قوله: "ويقسم لزوجته الأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن كانت كتابية" بلا نزاع.
ويقسم للمعتق بعضها بالحساب قاله الأصحاب.
الثانية: لو عتقت الأمة في نوبتها أو في نوبة حرة مسبوقة فلها قسم حرة ولو عتقت في نوبة حرة سابقة فقيل يتم للحرة على حكم الرق جزم به بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والزبدة وصححه في تصحيح المحرر.
وقيل: يستويان بقطع أو استدراك.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
وقال في المغني والشرح إن عتقت في ابتداء مدتها أضاف إلى ليلتها ليلة أخرى.
وإن كان بعد انقضاء مدتها استأنف مدة القسم متساويا ولم يقض لها ما مضى لأن الحرية حصلت بعد استيفاء حقها.
وإن عتقت وقد قسم للحرة ليلة لم تزد على ذلك لأنهما تساويا انتهيا.
ومعناه في الترغيب وزاد إن عتقت بعد نوبتها بدأ بها أو بالحرة.
وقال في الكافي وإن عتقت الأمة في نوبتها أو قبلها أضاف إلى ليلتها ليلة أخرى.
وإن عتقت بعد مدتها استأنف القسم متساويا.
تنبيه هكذا عبارة صاحب الرعايتين والفروع.
أعني أن الأمة إذا عتقت في نوبة حرة مسبوقة لها قسم حرة وإذا عتقت في نوبة حرة سابقة فيها الخلاف.
وقال بن عبدوس في تذكرته ولأمة عتقت في نوبة حرة سابقة كقسمها وفي نوبة حرة مسبوقة يتمها على الرق.
بعكس ما قال في الرعايتين والفروع.
وجعل لها إذا عتقت في نوبة حرة سابقة قسم حرة وإذا عتقت في نوبة حرة مسبوقة أن يتمها على الرق.
ورأيت بعض من تقدم صوبه.
وأصل ذلك ما قاله في المحرر.
فإنه قال وإذا عتقت الأمة في نوبتها أو في نوبة الحرة وهي المتقدمة فلها قسم حرة وإن عتقت في نوبة الحرة وهي المتأخرة فوجهان.
فابن حمدان وصاحب الفروع جعلا قوله: وهي المتقدمة وهي المتأخرة عائدا إلى الأمة لا إلى الحرة.
وجعله بن عبدوس عائدا إلى الحرة لا إلى الأمة.
وكلامه محتمل في بادي الرأي.
وصوب شارح المحرر أن الضمير في ذلك عائد إلى الحرة كما قاله بن عبدوس وخطأ ما قاله في الرعايتين والفروع.
وكتب القاضي محب الدين بن نصر الله البغدادي قاضي قضاة مصر كراسة في الكلام على قول المحرر ذلك.
وقال في حواشي الفروع قول الشارح أقرب إلى الصواب.
فائدة: يطوف بمجنون مأمون وليه وجوبا ويحرم تخصيص بإفاقته.
وإن أفاق في نوبة واحدة ففي قضاء يوم جنونه للأخرى وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب القضاء وهو ظاهر كلام الأصحاب.
قوله : "ويقسم للحائض والنفساء والمريضة والمعيبة".
وكذا من آلى منها أو ظاهر والمحرمة ومن سافر بها بقرعة والزمنة والمجنونة المأمونة نص على ذلك.
وأما الصغيرة فقال المصنف والشارح إن كانت توطأ قسم لها وهو أحد الوجهين.
وقيل: إن كانت مميزة قسم لها وإلا فلا.
واقتصر عليه في المحرر وتذكرة بن عبدوس والرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع.
قوله : "فإن دخل في ليلتها إلى غيرها لم يجز إلا لحاجة داعية فإن لم يلبث عندها لم يقض وإن لبث أو جامع لزمه أن يقضي لها مثل ذلك من حق الأخرى".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: لا يقضي وطئا في الزمن اليسير وقدمه بن رزين في شرحه.
وقال في الترغيب فيمن دخل نهارا لحاجة أو لبث وجهان.
تنبيه: ظاهر قوله: أو جامع لزمه أن يقضي أنه لو قبل أو باشر ونحوه لا يقضي وهو أحد الوجهين وقدمه بن رزين في شرحه.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وتذكرة بن عبدوس والحاوي وغيرهم.
والوجه الثاني: يقضي كما لو جامع.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في الرعايتين والنظم والفروع والمغني والشارح.
فائدتان
إحداهما: يجوز له أن يقضي ليلة صيف عن ليلة شتاء وعكسه على الصحيح من المذهب.
وقال في الترغيب والبلغة لا يقضي ليلة صيف عن شتاء انتهى.
ويقضي أول الليل عن آخره وعكسه على الصحيح من المذهب.
وقيل: يتعين مثل الزمن الذي فوته في وقته.
الثانية له أن يأتي نساءه وله أن يدعوهن إلى منزله فإن امتنع أحد منهن سقط حقها وله دعاء البعض إلى منزله ويأتي إلى البعض على الصحيح من المذهب.
وقيل: يدعو الكل أو يأتي الكل.
فعلى هذا ليست الممتنعة ناشزا انتهى.
والحبس كغيره إلا أنه إن دعاهن لم يلزم ما لم يكن سكن مثلهن.
قوله : "ومتى سافر بقرعة لم يقض".
هذا الصحيح من المذهب مطلقا.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وجزم به في المحرر والحاوي في غير سفر النقلة وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقيل: يقضي مطلقا.
وقيل: يقضي في سفر النقلة دون غيره.
وأطلق في المحرر والحاوي الصغير في القضاء في سفر النقلة الوجهين.
وقيل: يقضي في السفر القريب دون البعيد على ما يأتي.
فائدة: يقضي ما تخلله السفر أو ما يعقبه من الإقامة مطلقا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقال في المغني والشرح والترغيب إن أقام في بلدة مدة إحدى وعشرين صلاة فما دون لم يقض وإن زاد قضى الجميع.
وقال في المغني والشرح أيضا إن أزمع على المقام قضى ما أقامه وإن قل.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره أن حكم السفر القصير حكم السفر الطويل وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال القاضي ويحتمل ان لا يقضي للبواقي في السفر القصير وهما وجهان مطلقان في البلغة.
قوله : "وإن كان بغير قرعة لزمه القضاء للأخرى".
يعني مدة غيبته إذا لم ترض الضرة بسفرها وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر
والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
واختار المصنف والشارح أنه لا يقضي زمن سيره.
قال في تجريد العناية لا يقضي زمن سيره في الأظهر.
تنبيه: مفهوم قوله : "وإن امتنعت من السفر معه أو من المبيت عنده أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم".
أنه لا يسقط حقها من النفقة وهو قول فيما إذا كان يطؤها.
والصحيح من المذهب سقوط حقها من النفقة أيضا.
وجزم به المصنف في هذا الكتاب في أواخر الفصل الثاني من كتاب النفقات.
وجزم به الخرقي والزركشي فيما إذا كانت قد سافرت بغير إذنه.
ويأتي هذا هناك إن شاء الله تعالى.
وكلام المصنف هنا في القسم لأنه بصدده.
قوله : "وإن سافرت لحاجتها بإذنه فعلى وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح ابن منجا ومسبوك الذهب.
أحدهما سقوط حقها من القسم والنفقة وهو المذهب.
صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في المنور ومنتخب الأزجي والخرقي في بعض النسخ.
واختاره القاضي والمصنف.
وقدمه في المغني وشرح بن رزين.
والوجه الثاني: لا يسقطان وجزم به في الوجيز ذكره في مكانين منه.
وقيل: يسقط القسم وحده وهو احتمال في المغني والشرح.
واختاره ابن عقيل وبن عبدوس في تذكرته وأطلقهن الزركشي وفي تجريد العناية.
ويأتي في كتاب النفقات في كلام المصنف هل تجب لها النفقة إذا سافرت لحاجتها بإذنه أم لا.
قوله : "وللمرأة أن تهب حقها من القسم لبعض ضرائرها بإذنه وله فيجعله لمن شاء منهن".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمغني والشرح.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي وغيرهم.
وذكر جماعة يشترط في الأمة إذن السيد لأن ولدها له.
قال المصنف والقاضي هذا قياس المذهب كالعزل.
وقال في الترغيب لو قالت له المرأة خص بها من شئت لأشبه أنه لا يملكه لأنه لا يورث الغيظ بخلاف تخصيصها واحدة.
فائدتان
إحداهما: لا تصح هبة ذلك بمال على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والفروع وغيرهما من الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله القياس في المذهب جواز أخذ العوض عن سائر حقوقها من القسم وغيره.
ووقع في كلام القاضي ما يقتضي جوازه.
الثانية: لا يجوز له نقل ليلة الواهبة لتلي ليلة الموهوبة على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والمغني والشرح وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقيل: له ذلك اختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والزبدة.
وقيل: إن وهبته له جاز ولهن لم يجز والمراد فيهما إلا بإذنهما معها أو بإذن من عليها فيه تطويل في الزمن دون غيرها وهو أظهر.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والبلغة والمحرر.
فعلى الوجه الثاني لو وهبت رابعة ليلتها لثانية فقيل يطأ ثانية ثم أولى ثم ثانية ثم ثالثة.
وقيل: له وطء الأولى أولا ثم يوالي الثانية ليلتها وليلة الرابعة وأطلقهما في الفروع.
تنبيه: ظاهر قوله : "فمتى رجعت في الهبة عاد حقها".
ولو كان رجوعها في بعض ليلتها وهو صحيح لكن لا يقضيها إن علم بعد تتمة الليلة قاله في الفروع وغيره.
قلت ويتخرج أنه يقضيها وله نظائر.
فوائد
الأولى: يجوز للمرأة بذل قسمها ونفقتها وغيرهما ليمسكها ولها الرجوع لأن حقها يتجدد شيئا فشيئا.
وقال بن القيم في الهدى لزم ذلك ولا مطالبة لأنها معاوضة كما لو صالح فيما عليه من الحقوق والأموال ولما فيه من العداوة ومن علامة المنافق إذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب انتهى قاله في الفروع كذا قاله.
الثانية: لو قسم لاثنتين من ثلاث ثم ترتب له رابعة إما بعود في هبة أو رجوع عن نشوز أو بنكاح أو رجعة أو بلوغ زمن وطء أو زوال حيض أو نفاس أو استحاضة أو مانع من وطء حسا أو شرعا أو عرفا أو عادة وفاها حق العقد ثم جعل ربع الزمن من القدر المستقبل للرابعة منهن وثلاثة أرباعه للثالثة حتى يكمل حقها ثم يستأنف التسوية.
الثالثة: لو بات ليلة عند إحدى امرأتيه ثم نكح ثالثة وفاها حق العقد ثم ليلة للمظلومة ثم نصف ليلة للثالثة ثم يبتدئ.
هذا المذهب اختاره القاضي وقدمه في الفروع.
وقال المصنف والشارح إذا قضى حق الجديدة بدأ بالثانية فوفاها ليلتها ثم يبيت عند الجديدة نصف ليلة ثم يبتدئ القسم.
وذكر القاضي أنه إذا وفى الثانية نصفها من حقها ونصفها من حق الأخرى فيثبت للجديدة في مقابلة ذلك نصف ليلة بإزاء ما حصل لكل واحدة من ضرتيها.
قال المصنف والشارح وعلى هذا القول يحتاج أن ينفرد بنفسه في نصف ليلة وفيه حرج.
قال في الفروع بعد أن قدم قول القاضي واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يبيت نصفها بل ليلة كاملة لأنه حرج.
وقال في الترغيب لو أبان المظلومة ثم نكحها وقد نكح جديدات تعذر القضاء.
الرابعة: قوله : "ولا قسم عليه في ملك يمينه وله الاستمتاع بهن كيف شاء وتستحب التسوية بينهن".
وهذا بلا نزاع.
لكن قال صاحب المحرر وغيره يساوي في حرمانهن.
تنبيه: ظاهر قوله : "فإن أحبت أن يقيم عندها سبعا فعل وقضى للبواقي".
أن الخيرة لها وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل: أو أحب هو أيضا.
قوله : فعل وقضى للبواقي يعني سبعا سبعا وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الروضة يقضي للبواقي من نسائه الفاضل عن الأيام الثلاثة.
تنبيه: ظاهر كلامه وكلام غيره أنه لا فرق في ذلك بين الحرة والأمة فيقسم للأمة البكر سبعا وللثيب ثلاثا كالحرة وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل: للأمة نصف الحرة وأطلقهما في الرعاية.
فائدة: قوله : "وإن زفت إليه امرأتان قدم السابقة منهما".
يعني الأولى دخولا منهما وقطع به الأصحاب.
لكن فعل ذلك مكروه بلا خلاف.
قوله : "فإن زفتا معا قدم إحداهما بالقرعة".
هذا المذهب مطلقا مع الكراهة لهذا الفعل وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقال في التبصرة يبدأ بالسابقة بالعقد وإلا أقرع بينهما.
قال في تجريد العناية فإن زفتا فسابقة بمجئ وقيل: بعقد ثم قرعة.
فالظاهر من كلام صاحب التبصرة أنه يشمل ما إذا زفت واحدة بعد واحدة أو زفتا معا.
وهو ظاهر كلامه في تجريد العناية وهو بعيد.
فالظاهر أن مرادهما إذا زفتا معا لا غير.
قوله : "وإذا أراد السفر فخرجت القرعة لإحداهما سافر بها ودخل حق العقد في قسم السفر فإذا قدم بدأ بالأحرى فوفاها حق العقد".
هذا المذهب فيهما.
قال في الفروع فيقضيه للأخرى في الأصح بعد قدومه.
قال في تجريد العناية هذا الأصح وجزم به في البلغة والوجيز وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
وقيل: لا يقضي للأخرى شيئا إذا قدم.
وهو احتمال في الهداية وقدمه في تجريد العناية.
وقيل: لا يحتسب على المسافرة معه بمدة سفرها فيوفيها إذا قدم.
قال الشارح وهذا أقرب للصواب.
تنبيه: ظاهر قوله : وإذا طلق إحدى نسائه في ليلتها أثم فإن تزوجها بعد قضى لها ليلتها.
أنه يقضي لها ليلتها ولو كان قد تزوج غيرها بعد طلاقها وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال في الترغيب لو أبان المظلومة ثم نكحها وقد نكح جديدات تعذر القضاء كما قد تقدم آنفا.
فصل في النشوز
قوله : "وهو معصيتها إياه فيما يجب له عليها وإذا ظهر منها أمارات النشوز بأن لا تجيبه إلى الاستمتاع أو تجيبه متبرمة متكرهة: وعظها".بلا نزاع في ذلك.
قوله : "فإن أصرت هجرها في المضجع ما شاء".
هذا المذهب جزم به في الوجيز والمغني والشرح وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم في التبصرة والغنية والمحرر بأنه لا يهجرها في المضجع إلا ثلاثة أيام.
قوله : "وفي الكلام فيما دون ثلاثة أيام".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الواضح يهجرها في الفراش فإن أضاف إليه الهجر في الكلام ودخوله وخروجه عليها جاز.
تنبيه: مفهوم قوله : "فإن أصرت فله أن يضربها ضربا غير مبرح".
أنه لا يملك ضربها إلا بعد هجرها في الفراش وتركها من الكلام وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه له ضربها أو لا يعني من حين نشوزها.
قال الزركشي تقدير الآية الكريمة عند أبي محمد على الأول {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34]فإن نشزن فاهجروهن فإن أصررن فاضربوهن وفيه تعسف.
قال ومقتضى كلام أبي البركات وأبي الخطاب أن الوعظ والهجران والضرب على ظهور أمارات النشوز على جهة الترتيب.
قال المجد إذا بانت أماراته زجرها بالقول ثم هجرها في المضجع والكلام دون ثلاث ثم يضرب غير مبرح.
قال الزركشي وهو ظاهر الآية والواو وقعت للترتيب.
فائدتان
إحداهما: قوله: "فله أن يضربها ضربا غير مبرح".
قال الأصحاب عشرة فأقل.
قال في الانتصار وضربها حسنة.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا ينبغي سؤاله لم ضربها.
ولا يتركه عن الصبي لإصلاحه له في القول الأول وقياسهما العبد والدابة والرعية والمتعلم فيما يظهر.
قال في الترغيب وغيره الأولى ترك السؤال إبقاء للمودة والأولى أن يتركه عن الصبي لإصلاحه انتهى.
فالضمير في تركه عائد إلى الضرب في كلامه السابق ويدل عليه قوله: بعده فيه والأولى أن يتركه عن الصبي.
وقد جعله بعضهم عائدا إلى السؤال عن سبب الضرب وهو بعيد.
والموقع له في ذلك ذكر الفروع فيه لكلام الترغيب وغيره عقب قول الإمام أحمد رحمه الله ولا ينبغي سؤاله لم ضربها.
الثانية لا يملك الزوج تعزيرها في حق الله تعالى قدمه في الفروع.
نقل مهنا هل يضربها على ترك زكاة قال لا أدري.
قال في الفروع وفيه ضعف لأنه نقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يضربها على فرائض الله قاله في الانتصار.
وذكر غيره أنه يملكه.
قلت قطع في المغني والشرح وغيرهما بجواز تأديبها على ترك الفرائض فقالا له تأديبها على ترك فرائض الله.
وسأل إسماعيل بن سعيد الإمام أحمد رحمه الله عما يجوز ضرب المرأة عليه فقال على فرائض الله.
وقال في الرجل له امرأة لا تصلي يضربها ضربا رفيقا غير مبرح.
وقال الإمام أحمد رحمه الله أخشى أنه لا يحل للرجل أن يقيم مع امرأة لا تصلي ولا تغتسل من الجنابة ولا تتعلم القرآن.
قوله : "فإن ادعى كل واحد منهما ظلم صاحبه له أسكنهما الحاكم إلى جانب ثقة ليشرف عليهما ويلزمهما الإنصاف".
قال في الترغيب واقتصر عليه في الفروع يكشف عنهما كما يكشف عن عدالة وإفلاس من خبرة باطنة انتهى.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أن الإسكان إلى جانب ثقة قبل بعث الحكمين كما قطع به المصنف هنا.
وقطع به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وتجريد العناية والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
ولم يذكره الخرقي والقدماء.
ومقتضى كلامهم أنه إذا وقعت العداوة وخيف الشقاق بعث الحكمان من غير إسكان إلى جانب ثقة.
قوله : "فإن خرجا إلى الشقاق والعداوة بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين عدلين" ويكونان مكلفين.
اشتراط الإسلام والعدالة في الحكمين متفق عليه.
وقطع المصنف هنا باشتراط الحرية فيهما وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي.
قال في الرعايتين حرين على الأصح.
وصححه في النظم وتصحيح المحرر.
وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وتذكرة بن عبدوس.
وقيل: لا تشترط الحرية.
وهو ظاهر الهداية والبلغة والوجيز وجماعة فإنهم لم يذكروه.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع والزركشي.
وقال المصنف في المغني والكافي قال القاضي ويشترط كونهما حرين.
والأولى أن يقال إن كانا وكيلين لم تعتبر الحرية وإن كانا حكمين اعتبرت الحرية وقدم الذي ذكره في المغني أنه الأولى في الكافي.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط كونهما فقيهين وهو ظاهر كلامه في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز والحاوي وغيرهم لعدم ذكره.
وهو أحد الوجهين وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: يشترط.
قال الزركشي يشترط أن يكونا عالمين بالجمع والتفريق انتهى.
قلت أما اشتراط ذلك فينبغي أن يكون بلا خلاف في المذهب وأطلقهما في الفروع.
وقال في الكافي ومتى كانا حكمين اشترط كونهما فقيهين وإن كانا وكيلين جاز أن يكونا عاميين.
قلت وفي الثاني ضعف.
وقال في الترغيب لا يشترط الاجتهاد فيهما.
وظاهر كلام المصنف وغيره اشتراط كونهما ذكرين بل هو كالصريح في كلامه.
وقطع به في المغني والشرح والنظم والوجيز وغيرهم.
وقال الزركشي وقد يقال بجواز كونها أنثى على الرواية الثانية.
قوله : "فإن امتنعا من التوكيل" يعني الزوجين "لم يجبرا".
واعلم أن الصحيح من المذهب أن الحكمين وكيلان عن الزوجين لا يرسلان إلا برضاهما وتوكيلهما.
فإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا عليه.
قال الزركشي هذا المشهور عند الأصحاب حتى إن القاضي في الجامع الصغير والشريف أبا جعفر وبن البنا لم يذكروا فيه خلافا ورضيه أبو الخطاب.
قال في تجريد العناية هذا أشهر.
وقطع به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه أن الزوج إن وكل في الطلاق بعوض أو غيره أو وكلت المرأة في بذل العوض برضاهما وإلا جعل حاكم إليهما ذلك.
فهذا يدل على أنهما حكمان يفعلان ما يريان من جمع أو تفريق بعوض أو غيره من غير رضا الزوجين.
قال الزركشي وهو ظاهر الآية الكريمة انتهى.
واختاره بن هبيرة والشيخ تقي الدين رحمهما الله.
وهو ظاهر كلام الخرقي قاله في الفروع وأطلقهما في الكافي والشرح.
تنبيه: لهذا الخلاف فوائد ذكرها المصنف وغيره.
منها لو غاب الزوجان أو أحدهما لم ينقطع نظر الحكمين على الرواية الأولى وينقطع على الثانية.
هذا هو الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب.
وقيل: لا ينقطع نظرهما أيضا على الثانية وهو احتمال في الهداية.
ومنها لو جنا جميعا أو أحدهما انقطع نظرهما على الأولى ولم ينقطع على الثانية لأن الحاكم يحكم على المجنون هذا هو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم المصنف في المغني والكافي بأن نظرهما ينقطع أيضا على الرواية الثانية لأنه لا يتحقق معه بقاء الشقاق وحضور المدعيين وهو شرط.
فائدة: لا يصح الإبراء من الحكمين إلا في الخلع خاصة من وكيل المرأة فقط قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهما.
كتاب الخلع
كتاب الخلع...
كتاب الخلعفائدة: قال في الكافي معنى الخلع فراق الزوج امرأته بعوض على المذهب وبغيره على اختيار الخرقي بألفاظ مخصوصة.
قوله : "وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه فلا بأس أن تفتدى نفسها منه".
فيباح للزوجة ذلك والحالة هذه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم الحلواني بالاستحباب.
وأما الزوج فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه وعليه الأصحاب.
واختلف كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله في وجوب الإجابة إليه.
وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء.
فائدة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله عبارة الخرقي ومن تابعه أجود من عبارة صاحب المحرر ومن تابعه.
فإن صاحب المحرر وغيره قال الخلع لسوء العشرة بين الزوجين جائز.
فإن قولهم: لسوء العشرة بين الزوجين فيه نظر فإن النشوز قد يكون من الرجل فتحتاج هي أن تقابله انتهى.
وعبارة المصنف قريبة من عبارة الخرقي.
فإن الخرقي قال وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتكره أن تمنعه ما تكون عاصية بمنعه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه.
قوله : فإن خالعته لغير ذلك ووقع.
يعني إذا خالعته مع استقامة الحال وهذا المذهب وعليه الجمهور.
قال الزركشي والمذهب المنصوص المشهور المعروف حتى إن أبا محمد حكاه عن الأصحاب وقوع الخلع مع الكراهة كالطلاق أو بلا عوض انتهى.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال هو المذهب.
وعنه لا يجوز ولا يصح.
وهو احتمال في الهداية وإليه ميل المصنف والشارح.
واختاره أبو عبد الله بن بطة وأنكر جواز الخلع مع استقامة الحال وصنف فيه مصنفا وأطلقهما في البلغة.
واعتبر الشيخ تقي الدين رحمه الله خوف قادر على القيام بالواجب أن لا يقيما حدود الله فلا يجوز انفرادها به.
قوله: "فأما إن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها".
اعلم أن للمختلعة مع زوجها أحد عشر حالا.
أحدها: أن تكون كارهة له مبغضة لخلقه وخلقه أو لغير ذلك من صفاته وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقوقه الواجبة عليها فالخلع في هذا الحال مباح أو مستحب على ما تقدم.
الحال الثاني: كالأول ولكن للرجل ميل إليها ومحبة فهذه أدخلها القاضي في المباح كما تقدم.
ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه ينبغي لها أن لا تختلع منه وأن تصبر.
قال القاضي قول الإمام أحمد ينبغي لها أن تصبر على طريق الاستحباب والاختيار ولم يرد بهذا الكراهة لأنه قد نص على جوازه في غير موضع.
ويحتمل دخول هذه الصورة في كلام المصنف.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكراهة الخلع في حق هذه متوجهة.
الحال الثالث: أن يقع والحال مستقيمة فالمذهب وقوعه مع الكراهة.
وعنه يحرم ولا يقع.
وتقدم ذلك قريبا في كلام المصنف.
الحال الرابع: أن يعضلها أو يظلمها لتفتدي منه فهذا حرام عليه والخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها كما قال المصنف.
الحال الخامس: كالذي قبله لكنها زنت فيجوز ذلك نص عليه وقطع به الأصحاب.
ويأتي في أول كتاب الطلاق هل زني المرأة يفسخ النكاح.
الحال السادس: أن يظلمها أو يعضلها لا لتفتدي فتفتدي فأكثر الأصحاب على صحة الخلع.
وجزم به القاضي في المجرد وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يحل له ولا يجوز.
الحال السابع: أن يكرهها فلا يحل له نص عليه.
الحال الثامن: أن يقع حيلة لحل اليمين فلا يقع.
وتأتي المسألة في كلام المصنف في آخر الباب.
الحال التاسع: أن يضربها ويؤذيها لتركها فرضا أو لنشوز فتخالعه لذلك فقال في الكافي يجوز.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعليل القاضي وأبي محمد يعني به المصنف يقتضي أنها لو نشزت عليه جاز له أن يضربها لتفتدي نفسها منه وهذا صحيح.
الحال العاشر: أن يتنافرا أدنى منافرة فذكرها الحاوي في قسم المكروه قال ويحتمل أن لا تصح المخالعة.
الحال الحادي عشر أن يمنعها كمال الاستمتاع لتختلع فذكر أبو البركات أنه يكره على هذا الحال.
تنبيه: قوله: "فأما إن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها إلا أن يكون طلاقا".
فيقع رجعيا فإذا رد العوض وقلنا الخلع طلاق وقع الطلاق بغير عوض فهو رجعي.
وإن قلنا هو فسخ ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء لأن الخلع بغير عوض لا يقع على إحدى الروايتين.
وعلى الرواية الأخرى إنما رضي بالفسخ هنا بالعوض فإذا لم يحصل العوض لم يحصل المعوض.
وقيل: يقع بائنا إن قلنا يصح الخلع بغير عوض وهو تخريج للمصنف والشارح من مذهب الإمام مالك رحمه الله.
تنبيه: آخر قوله: "ويجوز الخلع من كل زوج يصح طلاقه مسلما كان أو ذميا" بلا نزاع.
ويأتي إذا تخالع الذميان على محرم عند تخالع المسلمين عليه.
قوله : "فإن كان محجورا عليه دفع المال إلى وليه وإن كان عبدا دفع إلى سيده".
هذا المذهب اختاره المصنف والشارح.
قال أبو المعالي في النهاية هذا أصح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في البلغة وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقال القاضي يصح القبض من كل من يصح خلعه.
فعلى هذا يصح قبض المحجور عليه والعبد وقاله الإمام أحمد في العبد وصححه الناظم.
قال في الفروع ومن صح خلعه قبض عوضه عند القاضي انتهى.
وجزم به في المنور وقدمه في المحرر وتجريد العناية.
ويأتي في أول كتاب الطلاق أحكام طلاقه.
فائدة: في صحة خلع المميز وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: يصح وهو المذهب جزم به في تجريد العناية وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره وهو ظاهر كلام المصنف المتقدم.
والثاني لا يصح جزم به في المنور وغيره وقدمه في المحرر والنظم.
والخلاف هنا مبني على طلاقه على ما يأتي.
وظاهر الهداية والمذهب والرعايتين عدم البناء لأنهم أطلقوا الخلاف هنا وقدموا هناك الوقوع.
قلت لو قيل بالعكس لكان أوجه.
قوله : "وهل للأب خلع زوجة ابنه الصغير أو طلاقها على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
إحداهما: ليس له ذلك وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
ذكره في أول كتاب الطلاق.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: له ذلك.
قال أبو بكر والعمل عندي على جواز ذلك.
وذكر في الترغيب أنها أشهر في المذهب.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أنها ظاهر المذهب.
قال في الخلاصة وله ذلك على الأصح.
واختارها بن عبدوس في تذكرته ونصرها القاضي وأصحابه.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
فائدتان:
إحداهما: وكذا الحكم في أبي المجنون وسيد الصغير والمجنون خلافا ومذهبا وصحة خلع أبي المجنون وطلاقه من المفردات.
الثانية: نص الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال طلق بنتي وأنت بريء من مهرها ففعل بانت ولم يبرأ ويرجع على الأب قاله في الفروع.
وحمله القاضي وغيره على جهل الزوج وإلا فخلع بلا عوض.
ولو كان قوله: طلقها إن برئت منه لم تطلق.
وقال في الرعاية ومن قال طلق بنتي وأنت بريء من صداقها فطلق بانت ولم يبرأ نص عليه ولا يرجع هو على الأب.
وعنه يرجع إن غره وهي وجه في الحاوي.
وقيل: إن لم يرجع فطلاقه رجعي.
وإن قال إن أبرأتني أنت منه فهي طالق فأبرأه لم تطلق.
وقيل: بلى إن أراد لفظ الإبراء.
قلت أو صح عفوه عنه لصغرها وبطلاقها قبل الدخول والإذن فيه إن قلنا عقدة النكاح بيده وإن قال قد طلقتها إن أبرأتني منه فأبرأه طلقت نص عليه.
وقيل: إن علم فساد إبرائه فلا انتهى.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أن غير الأب ليس له أن يطلق على الابن الصغير وهو صحيح وهوالمذهب وعليه أكثرالأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه أن يملك طلاقه إن ملك تزويجه قال وهو قول ابن عقيل فيما أظن.
وتقدم هل يزوج الوصي الصغير أم لا وهل لسائر الأولياء غير الأب والوصي تزويجه أم لا في مكانين من باب أركان النكاح.
أحدهما: عند قوله: ووصيه في النكاح بمنزلته.
والثاني: عند قوله: ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج كبيرة إلا بإذنها.
قوله : "وليس له خلع ابنته الصغيرة بشيء من مالها".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
فعليه لو فعل كان الضمان عليه نص عليه في رواية محمد بن الحكم.
وقيل: له ذلك وهو رواية في المبهج.
نقل أبو الصقر فيمن زوج ابنه الصغير بصغيرة وندم أبواهما هل ترى في فسخها وطلاقهما عليهما شيئا قال فيه اختلاف وأرجو ولم ير به بأسا.
قال أبو بكر والعمل عندي على جواز ذلك منهما عليهما.
قال المصنف في المغني والشارح ويحتمل أن يملك ذلك إذا رأى لها فيه المصلحة والحظ.
قلت هذا هو الصواب.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة وكذلك أشار إليه ابن عقيل في الفصول.
واختار في الرعاية أن ما صح عفو الأب عنه فهو كخلعه به وما لا فلا.
قوله : "وهل يصح الخلع مع الزوجة".
بلا خلاف ومع الأجنبي.
على الصحيح من المذهب إذا صح بذله.
قال في الفروع والأصح يصح من غير الزوجة واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: لا يصح مع الأجنبي إذا قلنا إنه فسخ.
وقيل: لا يصح مطلقا ذكره في الرعايتين.
فعلى المذهب يقول الأجنبي له اخلع أو خالع زوجتك على ألف أو على سلعتي هذه وكذا إن قال على مهرها أو سلعتها وأنا ضامن أو على ألف في ذمتها وأنا ضامن فيجيبه إليه فيصح منه ويلزم الأجنبي وحده بذل العوض.
فإن لم يضمن حيث سمى العوض منها لم يصح الخلع قاله في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قوله : "فإن خالعت الأمة بغير إذن سيدها على شيء معلوم كان في ذمتها تتبع به بعد العتق".
جزم المصنف هنا بصحة خلع الأمة بغير إذن سيدها.
وجزم به الخرقي وصاحب الجامع الصغير والشريف وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والترغيب ومنتخب الآدمي.
قال في القواعد الأصولية وهو مشكل إذ المذهب لا يصح تصرف العبد في ذمته بغير إذن سيده.
وقيل: لا يصح بدون إذن سيدها كما لو منعها فخالعت وهو المذهب صححه في النظم.
قال في تجريد العناية لا يصح في الأظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور.
وهو ظاهر ما جزم به في العمدة فإنه قال ولا يصح بذل العوض إلا ممن يصح تصرفه في المال.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وهذه من جملة ما جزم به المصنف في كتبه الثلاثة وما هو المذهب.
ويتخرج وجه ثالث وهو أنه إن خالعته على شيء في ذمتها صح وإن خالعته على شيء في يدها لم يصح ذكره الزركشي.
فعلى الأول تتبع بالعوض بعد عتقها قاله الخرقي.
وقطع به المصنف هنا وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه يتعلق برقبتها وأطلقهما في الفروع.
واختار في الرعاية الكبرى تتبع بمهر المثل.
وقال المصنف والشارح إن وقع على شيء في الذمة تعلق بذمتها وإن وقع على عين فقياس المذهب أنه لا شيء له.
قالا ولأنه إذا علم أنها أمة فقد علم أنها لا تملك العين فيكون راضيا بغير عوض.
قال الزركشي فيلزم من هذا التعليل بطلان الخلع على المشهور لوقوعه بغير عوض.
فائدة: يصح خلع الأمة بإذن سيدها بلا نزاع.
والعوض فيه كدينها بإذن سيدها على ما تقدم في آخر باب الحجر هل يتعلق بذمة السيد أو برقبتها.
قوله : "وإن خالعته المحجور عليها لم يصح الخلع".
هذا المذهب سواء أذن لها الولي أو لا ولأنه لا إذن له في التبرع وصححه في الفروع وغيره.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقيل: يصح إذا أذن لها الولي.
قلت إن كان فيه مصلحة صح بإذنه وإلا فلا.
قوله : "وإن خالعته المحجور عليها لم يصح الخلع ووقع طلاقه رجعيا".
يعني إذا وقع بلفظ الطلاق أو نوى به الطلاق.
فأما إن وقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولم ينو به الطلاق فهو كالخلع بغير عوض وسيأتي حكمه.
وقال المصنف في المغني والشارح ويحتمل أن لا يقع الخلع هنا لأنه إنما رضي به بعوض ولم يحصل له ولا أمكن الرجوع في بدله.
ومراده بوقوع الطلاق رجعيا إذا كان دون الثلاث وهو واضح.
تنبيه: مراده بالمحجور عليها المحجور عليها للسفه أو الصغر أو الجنون.
أما المحجور عليها للفلس فإنه يصح خلعها ويرجع عليها بالعوض إذا فك عنها الحجر وأيسرت قطع به المصنف والشارح وغيرهما.
قوله : "والخلع طلاق بائن إلا أن يقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولا ينوي به الطلاق فيكون فسخا لا ينقص به عدد الطلاق في إحدى الروايتين".
الصحيح من المذهب أن الخلع فسخ لا ينقص به عدد الطلاق بشرطه الآتي وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذه الرواية هي المشهورة في المذهب واختيار عامة الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم.
قال في الخلاصة فهو فسخ في الأصح.
قال في البلغة هذا المشهور.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو الأصح.
قال في تجريد العناية هذا الأظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين وإدراك الغاية والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية أنه طلاق بائن بكل حال.
وقدمه في المحرر والحاوي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والكافي والهادي والشرح وغيرهم.
تنبيه: من شرط وقوع الخلع فسخا أن لا ينوي به الطلاق كما قال المصنف.
فإن نوى به الطلاق وقع طلاقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه هو فسخ ولو نوى به الطلاق اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ومن شرط وقوع الخلع فسخا أيضا أن لا يوقعه بصريح الطلاق.
فإن أوقعه بصريح الطلاق كان طلاقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل: هو فسخ ولو أتى بصريح الطلاق أيضا إذا كان بعوض.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا.
وقال عليه دل كلام الإمام أحمد رحمه الله وقدمه أصحابه.
قال في الفروع ومراده ما قال عبد الله رأيت أبي كان يذهب إلى قول بن عباس رضي الله عنهما وبن عباس صح عنه انه قال ما أجازه المال فليس بطلاق.
وصح عنه أنه قال الخلع تفريق وليس بطلاق.
قال في الفروع والخلع بصريح طلاق أو بنية طلاق بائن.
وعنه مطلقا وقيل: عكسه.
وعنه بصريح خلع فسخ لا ينقص عددا.
وعنه عكسه بنية طلاق انتهى.
فوائد
إحداها: للخلع ألفاظ صريحة في الخلع وألفاظ كناية فيه.
فصريحه لفظ الخلع والمفاداة بلا نزاع.
وكذا الفسخ على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة، والمغني
والكافي والهادي والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل: هو كناية.
وفي الواضح وجه ليس بكناية.
وأما كناياته فالإبابة بلا نزاع نحو ابنتك والتبرئة على الصحيح من المذهب نحو بارأتك وأبرأتك جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح والزركشي والرعايتين وقدمه في الفروع.
زاد في الرعايتين والحاوي وتذكرة بن عبدوس المبارأة.
وقال في الروضة صريحه لفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة أو بارأتك.
الثانية: إذا طلبت الخلع وبذلت العوض فأجابها بصريح الخلع أو كنايته صح الخلع من غير نية لأن دلالة الحال من سؤال الخلع وبذل العوض صارفة إليه فأغنى عن النية.
وإن لم تكن دلالة حال وأتى بصريح الخلع وقع من غير نية سواء قلنا هو فسخ أو طلاق.
وإن أتى بكناية لم يقع إلا بنية ممن تلفظ به منهما ككنايات الطلاق مع صريحه قاله المصنف والشارح وغيرهما.
وقال في الرعاية فإن سألته الخلع بصريح فأجابها بصريح وقع وإلا وقف على نية من أتى منهما بكناية.
الثالثة: يصح ترجمة الخلع بكل لغة من أهلها قاله في الرعاية.
الرابعة: قال الأزجي في نهايته يتفرع على قولنا الخلع فسخ أو طلاق مسألة ما إذا قال خالعت يدك أو رجلك على كذا فقبلت.
فإن قلنا الخلع فسخ لا يصح ذلك وإن قلنا هو طلاق صح كما لو أضاف الطلاق إلى يدها أو رجلها.
الخامسة: نقل الجراحي في حاشيته على الفروع أن بن أبي المجد يوسف نقل عن شيخه الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه قال تصح الإقالة في الخلع وفي عوضه كالبيع وثمنه لأنهما كهما في غالب أحكامهما من عدم تعليقهما واشتراط العوض والمجلس ونحو ذلك.
وقياسه الطلاق بعوض وأنه إن أريد به أن تبطل البينونة أوالطلاق ففيه نظر ظاهر كما أنكره عليه فيه صاحب الفروع في غيره.
وقال له في بعض مناظراته إنك أخطأت في النقل عن شيخنا المذكور.
وإن أريد بقاؤهما دون الفرض وأنه يرجع إلى الزوجة أو تبرأ منه ولا تحل له إلا بعقد جديد فمسلم كعتق على مال وعقد نكاح وصلح عن دم عمد على مال ونحوها ولمن جهل خروج العوض أو البضع.
وعنه الخيار في الأول فقط في الأصح فيهما إذ لا إقالة في الطلاق للخبر فيه وقيس عليه نحوه.
ويقبل قوله: فيه بيمينه إن جهله مثله لأنه مال وإلا فلا فهو حينئذ تبرع لها أو للسائل غيرها بالعوض المذكور أو بنظيره.
قوله : "ولا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق ولو واجهها به".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الترغيب لا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق ولو واجهها به إلا أن قلنا هو طلقة ويكون بلا عوض ويكون بعد الدخول أيضا وقاله في الرعاية الصغرى.
قوله : "فإن شرط الرجعة في الخلع لم يصح الشرط في أحد الوجهين".
وهو المذهب اختاره بن حامد وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والفروع والرعايتين.
وفي الأخرى يصح الشرط ويبطل العوض فيقع رجعيا.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح وشرح ابن منجا.
فعلى المذهب تستحق المسمى في الخلع على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والفروع وهو احتمال في المغني والشرح.
وقيل: يلغو المسمى ويجب مهر مثلها اختاره القاضي.
وقدمه ابن منجا في شرحه.
فائدة: لو شرط الخيار في الخلع صح الخلع ولغا الشرط.
قوله : "ولا يصح الخلع إلا بعوض في أصح الروايتين".
وكذا قال في المستوعب وصححه في النظم وتجريد العناية وهو المذهب وعليه
جماهير الأصحاب القاضي وعامة أصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب والشيرازي قاله الزركشي.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والأخرى يصح بغير عوض اختاره الخرقي وابن عقيل في التذكرة.
وجعله الشيخ تقي الدين رحمه الله كعقد البيع حتى في الإقالة وأنه لا يجوز إذا كان فسخا بلا عوض إجماعا.
واختلف فيه كلامه في الانتصار.
وظاهر كلام جماعة جوازه قاله في الفروع.
قوله : "فإن خالعها بغير عوض لم يقع إلا أن يكون طلاقا فيقع رجعيا".
يعني إلا أن ينوي بالخلع الطلاق أو نقول الخلع طلاق.
تنبيه: فعلى الرواية الثانية التي هي اختيار الخرقي ومن تابعه لا بد من السؤال وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال ولو خالعها على غير عوض كان خلعا ولا شيء له.
قال الأصفهاني مراده ما إذا سألته فأما إذا لم تسأله وقال لها خالعتك فإنه يكون كناية في الطلاق لا غير انتهى.
قال أبو بكر لا خلاف عن أبي عبد الله أن الخلع ما كان من قبل النساء فإذا كان من قبل الرجال فلا نزاع في أنه طلاق يملك به الرجعة ولا يكون فسخا ويأتي بعد هذا ما يدل عليه.
فائدة: لا يحصل الخلع بمجرد بذل المال وقبوله من غير لفظ الزوج فلا بد من الإيجاب والقبول في المجلس.
قال القاضي هذا الذي عليه شيوخنا البغداديون وقد أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وذهب أبو حفص العكبري وبن شهاب إلى وقوع الفرقة بقبول الزوج للعوض.
وأفتى بذلك بن شهاب بعكبرا.
واعترض عليه أبو الحسين بن هرمز واستفتى عليه من كان ببغداد من أصحابنا قاله القاضي.
قال في الرعايتين والحاوي وقيل: يتم بقبول الزوج وحده إن صح بلا عوض وهو رواية في الفروع.
قوله : "ولا يستحب أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها فإن فعل كره وصح".
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المنصوص والمختار لعامة الأصحاب وصححه الناظم وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقال أبو بكر لا يجوز ويرد الزيادة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله : "وإن خالعها بمحرم كالخمر والحر فهو كالخلع بغير عوض".
يعني إذا كانا يعلمان تحريم ذلك فإنهما إذا كانا لا يعلمان ذلك فلا شيء له وهو كالخلع بغير عوض على ما مر وهذا هو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب في الهداية.
قال في القواعد هو قول أبي بكر والقاضي والأصحاب.
فإذا صححناه لم يلزم الزوج شيء بخلاف النكاح على ذلك.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله يرجع إلى المهر كالنكاح انتهى.
وقال الزركشي إذا كانا يعلمان انه حر أو مغصوب فإنه لا شيء له.
بلا ريب لكن هل يصح الخلع أو يكون كالخلع بغير عوض فيه طريقان للأصحاب.
الأولى: طريقة القاضي في الجامع الصغير وبن البناء وابن عقيل في التذكرة.
والثانية: طريقة الشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي والشيخين انتهى.
قلت وهذه الطريقة هي المذهب كما تقدم.
والطريقة الأولى قدمها في الرعايتين والحاوي والخلاصة.
فعليها تبين مجانا.
فائدتان
إحداهما: لو جهل التحريم صح وكان له بدله قاله في الرعايتين.
الثانية: إذا تخالع كافران بمحرم يعلمانه ثم أسلما أو أحدهما قبل قبضه فلا شيء له على الصحيح من المذهب اختاره القاضي في الجامع وبن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل: له قيمته عند أهله اختاره المصنف وغيره.
وقيل: له مهر المثل اختاره القاضي في المجرد.
قوله : "وإن خالعها على عبد فبان حرا أو مستحقا فله قيمته عليها".
يعني إذا لم يكن مثليا فإن كان مثليا فله مثله ويصح الخلع على الصحيح من المذهب.
قال في الرعايتين يصح الخلع على الأصح وقطع به المصنف في المغني والشارح وصاحب الحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه لا يصح الخلع ذكرها في الرعايتين.
قوله : "وإن بان معيبا فله أرشه أو قيمته ويرده".
فهو بالخيرة في ذلك تغليبا للمعاوضة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم وقدمه الزركشي وعنه لا أرش له مع الإمساك كالرواية التي في البيع والصداق.
تنبيه: قوله : "فبان حرا أو مستحقا".
يحترز عما إذا كانا يعلمان ذلك فإنه لا شيء له.
وهل يصح الخلع أو يكون كالخلع بغير عوض فيه طريقان.
الأول: طريق القاضي في الجامع الصغير وبن البنا وابن عقيل في التذكرة.
والثاني: طريق الشريف وأبي الخطاب والشيرازي والمصنف والمجد وغيرهم.
قوله : "وإن خالعها على رضاع ولده عامين أو سكنى دار صح فإن مات الولد أو خربت الدار رجع بأجرة باقي المدة".
من أجرة الرضاع والدار وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم وتذكرة بن عبدوس والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
قال في المستوعب رجع عليها بأجرة رضاعة أو ما بقي منها.
وقيل: يرجع بأجرة المثل جزم به في المغني والكافي.
قال الشارح فإذا خربت الدار رجع عليها بأجرة باقي المدة وتقدر بأجرة المثل.
وأطلقهما في الفروع فقال يرجع قيل ببقية حقه وقيل: بأجرة المثل.
فعلى المذهب هل يرجع به دفعة واحدة أو يستحقه يوما فيوما فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يرجع يوما بيوم.
قلت وهو أولى وأقرب إلى العدل وذكره القاضي في المجرد.
قال المصنف والشارح وهو الصحيح.
والثاني: يستحقه دفعة واحدة قاله القاضي في الجامع.
فائدتان
إحداهما: موت المرضعة وجفاف لبنها في أثناء المدة كموت المرتضع في الحكم على ما تقدم وكذا كفالة الولد مدة معينة ونفقته.
لكن قال في الرعاية لو مات في الكفالة في أثناء المدة فإنه يرجع بقيمة كفالة مثلها لمثله.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وفي اعتبار ذكر قدر النفقة وصفتها وجهان.
قال في الرعاية الكبرى فإن صح الإطلاق فله نفقة مثله وقطع به في المغني والشرح.
الثانية: لو أراد الزوج أن يقيم بدل الرضيع من ترضعه أو تكفله فأبت أو أرادته هي فأبى لم يلزما وإن أطلق الرضاع فحولان أو بقيتهما.
قوله : "وإن خالع الحامل على نفقة عدتها صح".
وسقطت هذا المذهب نص عليه.
قال في الفروع ويصح بنفقتها في المنصوص.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعلى قول أبي بكر الآتي قريبا الخلع باطل.
وقيل: إن أوجبنا نفقة الزوجة بالعقد صح وفيه روايتان.
وجزم به في الفصول وإلا فهو خلع بمعدوم.
قال في القاعدة الرابعة عشر لو اختلعت الزوجة بنفقتها فهل يصح جعل النفقة عوضا للخلع.
قال الشيرازي إن قلنا النفقة لها صح وإن قلنا للحمل لم يصح لأنها لا تملك.
وقال القاضي والأكثرون يصح على الروايتين انتهى.
ويأتي ذلك أيضا في النفقات.