كتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام
المؤلف : محمد بن فراموز الشهير بمنلا خسرو

.
إلَخْ ) أَيْ يَقْصِدُ تَعَلُّقَ عَدَمِ الْعَيْبِ بِالشَّرْطَيْنِ جَمِيعًا وَيَقْصِدُ قِيَامَهُ حَالَةَ التَّسْلِيمِ خَاصَّةً فَتَكُونُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ
إلَخْ صَادِقَةً إذَا كَانَ حُدُوثُ الْعَيْبِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَقَصْدُهُ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ بِرَّهُ شَرْعًا فَإِنْ تَأَوَّلَهُ كَذَلِكَ لَا يُخَلِّصُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْيَمِينِ بَلْ هِيَ يَمِينٌ غَمُوسٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ وَلَهُ عَلَى مَا قَالَ الْبَعْضُ
إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَحْلِيفُ الْبَائِعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ ( قَوْلُهُ فَعِنْدَهُمَا يَحْلِفُ ) قَالَ الْكَمَالُ وَالْوَجْهُ مَا قَالَا مِنْ إلْزَامِ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ وَنَفْيِ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَ الْبَعْضُ ا هـ .
( قَوْلُهُ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ أَيْضًا كَذَلِكَ
إلَخْ ) قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا فِي كُلِّ عَيْبٍ يُدَّعَى وَيَخْتَلِفُ فِيهِ الْحَالُ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَلِفُ كَالْجُنُونِ ا هـ ، ثُمَّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ تَرْتِيبِ الْخُصُومَةِ وَتَقْسِيمِ الْعُيُوبِ فَلْيُرَاجَعْ

( اخْتَلَفَا ) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي ( بَعْدَ التَّقَابُضِ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ ) يَعْنِي اشْتَرَى عَبْدًا وَتَقَابَضَا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا وَآخَرَ مَعَهُ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتَنِيهِ وَحْدَهُ فَائِدَةُ دَعْوَى الْبَائِعِ جَرُّ نَفْعِ تَخْصِيصِ الثَّمَنِ عَلَى تَقْدِيرِ الرَّدِّ ، وَلِهَذَا قَالَ وَتَقَابَضَا ( أَوْ الْمَقْبُوضِ ) بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَقَالَ الْبَائِعُ قَبَضْتَهُمَا ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا قَبَضْتُ إلَّا أَحَدَهُمَا ( فَالْقَوْلُ ) فِي الصُّورَتَيْنِ ( لِلْمُشْتَرِي ) لِأَنَّهُ قَابِضٌ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ كَمَا فِي الْغَصْبِ ( اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً ) وَاحِدَةً ( وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِهِ أَوْ بِالْآخِرِ عَيْبًا أَخَذَهُمَا أَوْ رَدَّهُمَا ، وَلَوْ قَبَضَهُمَا رَدَّ الْمَعِيبَ فَقَطْ ) لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ بِالْقَبْضِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُمَا ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ بَقَاءً وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ ( قَبَضَ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا وَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا رَدَّ كُلَّهُ أَوْ أَخَذَ ) لِأَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَانَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَا فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ كَانَا فِي وِعَاءَيْنِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدَيْنِ حَتَّى يَرُدَّ الْوِعَاءَ الَّذِي فِيهِ الْعَيْبُ لَا الْآخَرَ ( وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ ) أَيْ بَعْضُ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ لَمْ يُخَيَّرْ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ إذْ لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ ؛ لِأَنَّ تَمَامَهَا بِرِضَى الْعَاقِدِ لَا الْمَالِكِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ .
( وَفِي الثَّوْبِ خُيِّرَ ) لِأَنَّ التَّبْعِيضَ فِيهِ عَيْبٌ ، وَقَدْ كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ وَظَهَرَ بِالِاسْتِحْقَاقِ .

( قَوْلُهُ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ
إلَخْ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِبَعْضِهِ كَزَوْجَيْ خُفٍّ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَثَوْرَيْنِ أَلِفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ بِدُونِهِ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْعَيْبِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ ( قَوْلُهُ قَبَضَ كَيْلِيًّا
إلَخْ ) .
أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ فِي إنَاءَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ ( قَوْلُهُ لَا الْمَالِكِ ) يَعْنِي بِهِ الْمُسْتَحِقَّ .

( اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ عُيُوبِهَا فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهَا مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا عَيْبٌ حَادِثٌ ( وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ) لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ ( إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِهَا ) لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ كَانَ لِحَقِّهِ ، فَإِذَا رَضِيَ زَالَ الِامْتِنَاعُ ( الْحَادِثِ ) مِنْ الْعَيْبِ ( إذَا زَالَ فَالْقَدِيمُ يُوجِبُ الرَّدَّ ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ لَمْ يَرُدَّهُ ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ وَإِذَا زَالَ جَازَ الرَّدُّ لِعَوْدِ الْمَمْنُوعِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ ( ظَهَرَ عَيْبُ مَبِيعِ الْغَائِبِ عِنْدَ الْقَاضِي فَوَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ فَهَلَكَ كَانَ ) أَيْ الْهَلَاكُ ( عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا قَضَى بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ ) يَعْنِي اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ وَغَابَ الْبَائِعُ فَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبِ الْجَارِيَةِ فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ الشِّرَاءَ وَالْعَيْبَ فَأَخَذَهَا الْقَاضِي وَوَضَعَهَا عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ وَحَضَرَ الْبَائِعُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَثْبُتْ لِمَكَانِ غَيْبَتِهِ فَكَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي .
قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ أَخَذَهَا مِنْهُ وَوَضَعَهَا عِنْدَ عَدْلٍ أَمَّا إذَا قَضَى عَلَى الْبَائِعِ بِالرَّدِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَهْلِكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَسْتَرِدَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ وَلَكِنَّهُ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا ( مُدَاوَاةُ الْمَعِيبِ وَعَرْضُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَلُبْسُهُ وَاسْتِخْدَامُهُ وَرُكُوبُهُ فِي حَاجَتِهِ رِضًا ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا دَلِيلُ

الِاسْتِبْقَاءِ ( وَلَوْ ) كَانَ رُكُوبُهُ ( لِلرَّدِّ لَا ) أَيْ لَا يَكُونُ رِضًا ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى الرَّدِّ ( كَالسَّقْيِ وَشِرَاءِ الْعَلَفِ عَنْ ضَرُورَةٍ ) فَإِنَّهُمَا إذَا كَانَا عَنْ ضَرُورَةٍ بِأَنْ لَا تَنْسَاقَ وَلَا تَنْقَادَ أَوْ يَكُونُ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونَانِ رِضًا وَإِذَا عَدِمَ الضَّرُورَةَ كَانَا رِضًا ( قُطِعَ الْمَقْبُوضُ ) أَيْ قُطِعَ يَدُ الْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ ( أَوْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ رَدَّ الْمَقْطُوعَ ) لِبَقَاءِ عَيْنِهِ ( وَأَخَذَ ثَمَنَيْهِمَا ) أَيْ ثَمَنَيْ الْمَقْطُوعِ وَالْمَقْتُولِ يَعْنِي اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ سَرَقَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَقُطِعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ ، وَقَالَا لَا يَرُدُّهُ بَلْ يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَارِقًا وَغَيْرِ سَارِقٍ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قُتِلَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِسَبَبٍ وُجِدَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ وَبِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا لَهُمَا أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي يَدِ الْبَائِعِ سَبَبُ الْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْمَالِيَّةَ فَيَنْفُذُ الْعَقْدُ فِيهِ لَكِنَّهُ تَعَيَّبَ فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَلَهُ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ حَصَلَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ، وَالْوُجُوبُ يُفْضِي إلَى الْوُجُودِ فَيُضَافُ الْوُجُودُ إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ .
قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي يُفِيدُ عَلَى مَذْهَبِهِمَا ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْعَيْبِ رِضًا بِهِ وَلَا يُفِيدُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الصَّحِيحِ ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَبَاحِثِ الِاسْتِحْقَاقِ .

( قَوْلُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً
إلَخْ ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ أَوَائِلَ الْبَابِ ( قَوْلُهُ أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا
إلَخْ ) كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَسَّ بِشَهْوَةٍ وَلَكِنْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ التَّقْبِيلُ بِشَهْوَةٍ يَمْنَعُ الرَّدَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ ا هـ ، وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَوَطِئَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ ، ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِالنَّقْصِ أَيْ وَيَرُدُّهَا ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَطْءَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا إلَّا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لِنُقْصَانِ الْعَيْنِ بِزَوَالِ الْعُذْرَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ أَمْ لَا وَقِيلَ لَا يَمْنَعُ فَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ .
( تَنْبِيهٌ ) : الْبَكَارَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ إذَا لَمْ يَكُنْ شَرَطَ الْبَكَارَةَ فَعَدَمُهَا مِنْ بَابِ عَدَمِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ لَا مِنْ بَابِ وُجُودِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَاضِي خَانْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَعَلِمَ بِالْوَطْءِ عَدَمَ الْبَكَارَةِ فَلَمَّا عَلِمَ نَزَعَ بِلَا لَبْثٍ مِنْ سَاعَتِهِ رَدَّ ، وَإِنْ لَبِثَ بَعْدَ الْعِلْمِ لَا ا هـ .
( قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ) كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ جَوَّزَ الرُّجُوعَ بِالنَّقْصِ مَعَ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ وَمَنَعَهُ مَعَ الْوَطْءِ كَالرَّدِّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا عَيْبٌ حَادِثٌ ) فِيهِ تَأَمُّلٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَمُسَلَّمٌ ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَعَدَمُ رَدِّهَا لِاسْتِيفَائِهِ مَاءَهَا وَهُوَ جُزْؤُهَا فَإِذَا رَدَّهَا صَارَ كَأَنَّهُ أَمْسَكَ بَعْضَهَا وَرَدَّ بَاقِيَهَا كَذَا عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ، وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالْمَسُّ فَكَيْفَ يُعَلِّلُ

بِأَنَّهُ عَيْبٌ حَادِثٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ وَلَكِنَّهُ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا ) قَالَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ عَنْ الْمُحِيطِ كَانَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِعَدَمِ النَّفَاذِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقُوا إلَى هَدْمِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا ا هـ وَسَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامُهُ ) قَالَ الْكَمَالُ ، وَلَوْ مَرَّةً بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ا هـ .
وَلَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ بَعْدَ الْعِلْمِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ رِضًى أَيْ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ رُكُوبُهُ لِلرَّدِّ لَا يَكُونُ رِضًى كَالسَّقْيِ وَشِرَاءِ الْعَلَفِ عَنْ ضَرُورَةٍ ) جَعْلُ الرُّكُوبِ لِلرَّدِّ غَيْرُ مَانِعٍ مَعَ الضَّرُورَةِ ضَعِيفٌ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَا يَكُونُ الرُّكُوبُ لِيَسْقِيَهَا الْمَاءَ أَوْ لِيَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ أَوْ لِيَشْتَرِيَ لَهَا الْعَلَفَ رِضًى بِالْعَيْبِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ ، وَقَدْ لَا تَنْقَادُ وَلَا تَنْسَاقُ فَلَا يَكُونُ دَلِيلُ الرِّضَى إلَّا إذَا رَكِبَهَا فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ، وَقِيلَ تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ الرُّكُوبِ بِأَنْ كَانَ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا تَنْسَاقُ وَلَا تَنْقَادُ ، وَقِيلَ الرُّكُوبُ لِلرَّدِّ لَا يَكُونُ رِضًى كَيْفَمَا كَانَ ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الرَّدِّ وَلِغَيْرِهِ يَكُونُ رِضًى إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ ا هـ .
( قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا إذَا كَانَا عَنْ ضَرُورَةٍ ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَنْ ضَرُورَةٍ لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلرُّكُوبِ حَالَةَ السَّقْيِ وَشِرَاءِ الْعَلَفِ ( قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ وَاحِدٍ ) قَالَ الْكَمَالُ تَقْيِيدُهُ بِعِدْلٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي عِدْلَيْنِ فَرَكِبَهَا يَكُونُ الرُّكُوبُ رِضًى ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ

الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي رُكُوبِهَا لِلسَّقْيِ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ مَعَهَا تَجْرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ ثُمَّ رَكِبَهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ امْتِنَاعُ الرَّدِّ إذَا كَانَ الْعَلَفُ فِي عِدْلٍ ا هـ .
وَفِي الْمَوَاهِبِ الرُّكُوبُ لِلرَّدِّ أَوْ لِلسَّقْيِ أَوْ شِرَاءِ الْعَلَفِ لَا يَكُونُ رِضًى مُطْلَقًا فِي الْأَظْهَرِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ ( فَرْعٌ ) وَجَدَ بِالدَّابَّةِ عَيْبًا فِي السَّفَرِ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى حِمْلِهِ حَمَلَهُ عَلَيْهَا وَيَرُدُّ بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّفَرِ وَهُوَ مَعْذُورٌ ا هـ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ حِمْلًا وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُ حِمْلَهُ ، وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ يَتْلَفُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ وَقِيلَ يَتَمَكَّنُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا حَمَلَ عَلَيْهِ عَلَفَهُ .
قُلْت الْفَرْقُ وَاضِحٌ فَإِنَّ عَلَفَهُ مِمَّا يُقَوِّمُهُ إذْ لَوْلَاهُ لَا يَبْقَى وَلَا كَذَلِكَ الْعِدْلُ فَكَانَ مِنْ ضَرُورَاتِ الرَّدِّ فَذَكَرَ اللَّامِشِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعَلَفِ بِلَا حَمْلٍ فَحَمَلَ لَا يَرُدُّ ا هـ عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ ( قَوْلُهُ أَوْ قُتِلَ بِسَبَبٍ ) أَيْ كَرِدَّةٍ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ نَفْسٍ ( قَوْلُهُ وَأَخَذَ ثَمَنَيْهِمَا ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ ثَمَنَهُ لِلْعَطْفِ بِأَوْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ) يَعْنِي وَقْتَ الْبَيْعِ وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ ) أَيْ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّهُ ( قَوْلُهُ وَبِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا ) يَعْنِي فِي الْحُكْمِ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدَهُمَا لَا بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ قَالَهُ الْكَمَالُ ( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ تَعَيَّبَ
إلَخْ ) .
أَيْ بِعَيْبِ الْعُقُوبَةِ مَعَ مَا بِهِ مِنْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيُقَوَّمُ سَارِقًا وَغَيْرَ سَارِقٍ وَحَلَالَ الدَّمِ وَحَرَامَهُ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِ نِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عِنْدَهُمَا ( قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ

) أَيْ وُجُوبِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ ( قَوْلُهُ فَيُضَافُ الْوُجُودُ ) أَيْ وُجُودُ الْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ أَيْ سَبَبِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَهُوَ سَرِقَتُهُ أَوْ قَتْلُهُ كَائِنًا فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيُضَافُ إلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قُطِعَ أَوْ قُتِلَ عِنْدَ الْبَائِعِ الَّذِي عِنْدَهُ السَّبَبُ فَانْتَقَضَ قَبْضُ الْمُشْتَرِي .

( بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ) وَلَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ بِعَدَدِهَا ( صَحَّ ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَجْهُولَةِ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ ، وَتَمْلِيكُ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ وَلَنَا أَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْإِسْقَاطِ لَا تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ ، وَإِنْ تَضَمَّنَ التَّمْلِيكَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى التَّسْلِيمِ فَلَا تَكُونُ مُفْسِدَةً ( وَيَدْخُلُ فِيهِ ) أَيْ فِي هَذَا الْإِبْرَاءِ الْعَيْبُ ( الْمَوْجُودُ ) حَالَ الْعَقْدِ ( وَالْحَادِثُ ) بَعْدَ الْعَقْدِ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ( قَالَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ لِمَنْ سَاوَمَهُ اشْتَرِهِ فَلَا عَيْبَ بِهِ ) صُورَتُهُ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ غُلَامًا فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ بِشْرٍ فَقَالَ لِبِشْرٍ حِينَ الْمُسَاوِمَةِ اشْتَرِهِ فَلَا عَيْبَ بِهِ ( وَلَمْ يَبِعْ ) الْغُلَامَ مِنْ بِشْرٍ ( فَوَجَدَ ) زَيْدٌ ( بِهِ عَيْبًا ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ لِإِقْرَارِهِ بِعَدَمِ الْعَيْبِ لَكِنَّهُ ( يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ ) وَلَا يُبْطِلُهُ أَيْ الرَّدَّ ( الْإِقْرَارُ السَّابِقُ ) بِعَدَمِ الْعَيْبِ ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ التَّرْوِيجِ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَيْبٍ مَا فَتَيَقَّنَ الْقَاضِي بِأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ ( وَلَوْ عَيَّنَهُ ) أَيْ الْعَيْبَ بِأَنْ قَالَ لَا عَوَرَ بِهِ أَوْ لَا شَلَلَ ( لَا ) أَيْ لَا يَرُدُّهُ لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا أَنْ لَا يَحْدُثَ مِثْلُهُ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ بِهِ إصْبَعٌ زَائِدَةٌ ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ إصْبَعًا زَائِدَةً لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ لِتَيَقُّنِنَا بِكَذِبِهِ فِي الْإِقْرَارِ كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ قَطَعْت يَدَك وَيَدُهُ صَحِيحَةٌ ( قَالَ ) بَائِعُ عَبْدٍ ( لِآخَرَ عَبْدِي هَذَا آبِقٌ فَاشْتَرِهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ وَبَاعَ مِنْ آخَرَ فَوَجَدَهُ ) الْمُشْتَرِي ( الثَّانِي آبِقًا لَا يُرَدُّ بِمَا سَبَقَ مِنْ إقْرَارِ ) الْبَائِعِ ( الْأَوَّلِ مَا

لَمْ يُبَرْهِنْ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ الْمُقِرِّ ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي السُّكُوتُ عِنْدَ إقْرَارِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي ( مُشْتَرٍ ) لِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ( قَالَ أَعْتَقَ الْبَائِعُ ) الْعَبْدَ ( أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَوْلَدَ ) الْأَمَةَ ( أَوْ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ ) لِعَجْزِ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ ( قَضَى عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي ( بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ ) لِإِقْرَارِهِ بِمَا ذَكَرَ ( وَرَجَعَ بِالْعَيْبِ إنْ عَلِمَ بِهِ ) لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلرُّجُوعِ إزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِهِ بِإِنْشَائِهِ أَوْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى لَوْ قَالَ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ وَأَخَذَهُ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ فِي الظَّاهِرِ بِإِقْرَارِهِ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ .
( بَاعَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِينُهُ غَنِيمَةً مُحْرَزَةً ) حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمْلَكْ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ ( وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي ) فِي الْمَبِيعِ ( عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِمَا ) أَيْ الْإِمَامُ وَأَمِينُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا ( بَلْ الْإِمَامُ يُنَصِّبُ لَهُ خَصْمًا وَلَا يُحَلِّفُهُ ) لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ النُّكُولُ وَلَا يَصِحُّ نُكُولُهُ وَإِقْرَارُهُ ( فَإِذَا أَثْبَتَ عَلَيْهِ الْعَيْبَ وَرَدَّ يُبَاعُ وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ إلَيْهِ وَالنَّقْصُ أَوْ الْفَضْلُ يَرْجِعُ إلَى مَحَلِّهِ ) أَيْ إنْ نَقَصَ الثَّمَنُ الْآخَرُ عَنْ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ يُعْطَى مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخُمُسِ يُعْطَى مِنْهُ ، وَكَذَا الزِّيَادَةُ تُوضَعُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ

( قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ ) أَيْ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا إذْ لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ قَائِمٍ بِهِ لَا يَدْخُلُ الْحَادِثُ فِي الْبَرَاءَةِ اتِّفَاقًا ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ أَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ حَادِثٌ .
وَعِنْدَ زُفَرَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ التَّرْوِيجِ ) كَذَا فِي الْمُحِيطِ ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا كَمَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ يَا زَانِيَةُ يَا مَجْنُونَةُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالْعَيْبِ وَلَكِنَّهُ لِلشَّتِيمَةِ حَتَّى قِيلَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ أَيْ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِهِ فَإِنَّهُ لَا عَيْبَ بِهِ يَكُونُ إقْرَارًا بِنَفْيِ الْعَيْبِ ؛ لِأَنَّ عُيُوبَ الثَّوْبِ ظَاهِرَةٌ ا هـ .
( قَوْلُهُ قَالَ لِآخَرَ عَبْدِي هَذَا آبِقٌ
إلَخْ ) كَذَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ إبَاقِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ يَرُدُّهُ الثَّانِي عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا وَصْفًا لِلْإِيجَابِ أَوْ شَرْطًا فِيهِ وَالْإِيجَابُ يَفْتَقِرُ إلَى الْجَوَابِ وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي الْخِطَابِ فَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ ذَلِكَ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَيَكُونُ اعْتِرَافًا بِكَوْنِهِ آبِقًا يَقْتَضِي الْجَوَابَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْإِبَاقَ إلَى الْعَبْدِ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا بِوُجُودِ الْإِبَاقِ لِلْحَالِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَمَا يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ إبَاقٍ مَوْجُودٍ مِنْ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ إبَاقٍ سَيَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ آبِقًا لِلْحَالِ بِالشَّكِّ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ بِالشَّكِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلْيُنْظَرْ مَعَ مَا قَالَهُ

الْكَمَالُ لَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَّا إبَاقَهُ بَرِئَ مِنْ إبَاقِهِ ، وَلَوْ قَالَ إلَّا الْإِبَاقَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي السُّكُوتُ
إلَخْ ) يَعْنِي وَالسُّكُوتُ لَيْسَ تَصْدِيقًا مِنْهُ لِبَائِعِهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَجَدْتُهُ آبِقًا الْآنَ صَارَ مُصَدِّقًا لِلْبَائِعِ فِي إقْرَارِهِ بِكَوْنِهِ آبِقًا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

( بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ) .
لُقِّبَ الْبَابُ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْبَاطِلُ وَالْمَوْقُوفُ وَالْمَكْرُوهُ أَيْضًا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ بِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهِ وَالْبَاطِلُ مَا لَا يَصِحُّ أَصْلًا وَوَصْفًا وَلَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِوَجْهٍ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَيْتَةٍ وَقَبَضَهُ وَأَعْتَقَهُ لَا يُعْتَقُ وَالْفَاسِدُ مَا يَصِحُّ أَصْلًا لَا وَصْفًا وَيُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ اتِّصَالِ الْقَبْضِ بِهِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَمْرٍ وَقَبَضَهُ فَأَعْتَقَهُ يُعْتَقُ وَالْمَوْقُوفُ مَا يَصِحُّ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ وَيُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ وَلَا يُفِيدُ تَمَامَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ ، وَالْمَكْرُوهُ مَا يَصِحُّ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ لَكِنْ جَاوَرَهُ شَيْءٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَالْبَيْعِ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ ( بَطَلَ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَالْبَيْعُ بِهِ ) أَيْ جَعْلُهُ ثَمَنًا بِإِدْخَالِ الْبَاءِ عَلَيْهِ ( كَالدَّمِ وَالرِّيحِ وَالْحُرِّ وَالْمَيْتَةِ ) بِسُكُونِ الْيَاءِ الْمَيِّتَةِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ الْمَيْتَةِ الَّتِي مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا ، فَإِنَّ الْمَيْتَةَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا مِثْلَ الْمَوْقُوذَةِ مَالٌ عِنْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَالْمَعْدُومِ ) وَمِنْهُ حَقُّ التَّعَلِّي فَإِنَّهُ مَعْدُومٌ مَحْضٌ .

( بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ) قَوْلُهُ وَمِلْكٍ ضُمَّ إلَى وَقْفٍ
إلَخْ ) صَرَّحَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَأَحْسَنَ بِذَلِكَ وَبِجَعْلِهِ مِنْ قِسْمِ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ إذْ لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِ بَيْعِ الْوَقْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ وَالتَّمَلُّكَ ، وَغَلَّطَ مَنْ جَعَلَهُ فَاسِدًا وَأَفْتَى بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْقَرْنِ الْعَاشِرِ وَرَدَّ كَلَامَهُ فِي عَصْرِهِ بِجُمْلَةِ رَسَائِلَ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ هِيَ حُسَامُ الْحُكَّامِ مُتَضَمِّنَةٌ لِبَيَانِ فَسَادِ قَوْلِهِ وَبُطْلَانِ فَتْوَاهُ .
( قَوْلُهُ : فَبُطْلَانُهَا ) وَاضِحٌ بِرَدِّ مَالِكِ الْقِنِّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ لَكِنَّ النُّسْخَةَ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ أَحْسَنُ لِتَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُمَا مَحَلُّ الْبَيْعِ عِنْدَ الْبَعْضِ فَيَرْجِعُ إلَى الْمُدَبَّرِ وَإِلَى الْوَقْفِ وَكَانَ الْأَحْسَنُ التَّعْلِيلَ بِكَوْنِهِمَا مَالًا لِإِطْبَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ نَفَاذِ بَيْعِ الْوَقْفِ الْعَامِرِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْبَيْعُ فِي الْجُمْلَةِ كَالْمُتْلِفِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ قِنِّ الْغَيْرِ مَحَلٌّ لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْكُلِّ

( وَ ) مِنْهُ أَيْضًا ( الْمَضَامِينِ ) جَمْعُ مَضْمُونَةٍ وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ مِنْ الْمَاءِ ( وَالْمَلَاقِيحِ جَمْعُ ) مَلْقُوحَةٍ وَهِيَ مَا فِي الْبَطْنِ مِنْ الْجَنِينِ ، وَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ هَاهُنَا عَلَى مَا سَيَكُونُ وَإِلَّا مَا كَانَ حَمْلًا وَسَيَأْتِي أَنَّ بَيْعَ الْحَمْلِ فَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ ( وَالنِّتَاجِ ) بِكَسْرِ النُّونِ مِنْ نُتِجَتْ الدَّابَّةُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ حَبَلُ الْحَبَلَةِ .

( وَ ) بَيْعُ ( أَمَةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِتَذْكِيرِ الْخَبَرِ ( عَبْدٌ وَعَكْسُهُ ) وَهُوَ بَيْعُ عَبْدٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمَةٌ فَإِنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِعَبْدٍ وَكَذَا الْعَكْسُ فَيَكُونُ بَيْعَ مَعْدُومٍ ، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَالًا ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَوْجُودٌ يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَيَجْرِي فِيهِ الْبَذْلُ وَالْمَنْعُ ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْمَالِيَّةِ لِلشَّيْءِ تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ كُلِّ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ إيَّاهُ وَالتَّقَوُّمُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا ، وَقَدْ ثَبَتَ صِفَةُ التَّقَوُّمِ بِلَا صِفَةِ الْمَالِيَّةِ فَإِنَّ حَبَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ لَيْسَتْ بِمَالٍ حَتَّى لَا يَصْلُحُ بَيْعُهَا ، وَإِنْ أُبِيحَ الِانْتِفَاعُ بِهَا لِعَدَمِ تَمَوُّلِ النَّاسِ إيَّاهَا ، كَذَا فِي الْكَافِي .

( وَمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا ) ، فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْعَقْدُ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ بِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ كَالْمُدَبَّرِ فَيَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي قُلْنَا : حُرْمَتُهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا وَلَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ وَلَا يَنْفُذُ بِالْقَضَاءِ ، كَذَا فِي الْكَافِي ( وَمَا فِي حُكْمِهِ ) أَيْ حُكْمِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ عَطْفٌ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ ( كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ ) فَإِنَّ بَيْعَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا بَاطِلٌ لَكِنْ لَيْسَ كَبُطْلَانِ بَيْعِ الْحُرِّ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً لِعَدَمِ مَحَلِّيَّتِهِ لِلْبَيْعِ أَصْلًا لِثُبُوتِ حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ وَبَيْعُ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ بَقَاءً لِحَقِّ الْحُرِّيَّةِ لَا ابْتِدَاءً لِعَدَمِ حَقِيقَتِهَا وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَبَطَلَ مَا قِيلَ : لَوْ بَطَلَ بَيْعُ هَؤُلَاءِ لَكَانَ كَبَيْعِ الْحُرِّ وَلَزِمَ بُطْلَانُ بَيْعِ الْقِنِّ الْمَضْمُومِ إلَيْهِمْ فِي الْبَيْعِ كَالْمَضْمُومِ إلَى الْحُرِّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الْبَيْعِ ابْتِدَاءً لِكَوْنِهِمْ مَحَلًّا لَهُ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ خَرَجُوا مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ فَبَقِيَ الْقِنُّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ بَقَاءً جَائِزٌ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْحُرِّ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ لَزِمَ الْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً وَإِنَّهُ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي .

( وَبَيْعُ مَالٍ ) عَطْفٌ عَلَى بَيْعِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ ( غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَمَيْتَةٍ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا ) قَيَّدَهَا بِهِ لِتَكُونَ مَالًا كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ حَتَّى لَوْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا لَا تَكُونُ مَالًا عِنْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَيْضًا ( بِالثَّمَنِ ) أَيْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَبَيْعُ مَالٍ ، وَإِنَّمَا بَطَلَ بَيْعُهَا بِالثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْحُكْمَ فِي طَرَفِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ لِتَوَقُّفِ الْبَيْعِ عَلَى وُجُودِهِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ وَالْأَصْلُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ فَكَذَا الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ فِي الذِّمَّةِ إنَّمَا يَكُونُ حُكْمًا لِتَمَلُّكِهِ بِمُقَابَلَةِ تَمَلُّكِ مَالٍ آخَرَ ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ الْمِلْكُ لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الْمَعْدُومِ ، وَإِنْ قُوبِلَتْ بِعَيْنٍ فَسَدَ الْبَيْعُ حَتَّى يَمْلِكَ مَا يُقَابِلُهَا ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ عَيْنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ كَمَا سَيَأْتِي .

( وَ ) بَطَلَ أَيْضًا ( بَيْعُ قِنٍّ ضُمَّ إلَى حُرٍّ وَذَكِيَّةٍ ضُمَّتْ إلَى مَيْتَةٍ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا ) قُيِّدَتْ بِهِ لِتَكُونَ كَالْحُرِّ ، وَإِنَّمَا بَطَلَ بَيْعُ الْقِنِّ وَالذَّكِيَّةِ ( وَإِنْ سُمِّيَ ثَمَنُ كُلٍّ ) ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْبَيْعِ أَصْلًا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَالٍ وَبِضَمِّهِ إلَى الْقِنِّ جُعِلَ شَرْطًا لِقَبُولِ الْقِنِّ وَجَعَلَ غَيْرَ الْمَالِ شَرْطًا لِقَبُولِ الْمَبِيعِ مُبْطِلٌ لِلْبَيْعِ ، وَصَحَّ بَيْعُ قِنٍّ ضُمَّ إلَى مُدَبَّرٍ أَوْ قِنَّ غَيْرِهِ وَمِلْكٍ ضُمَّ إلَى وَقْفٍ ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْبَيْعِ عِنْدَ الْبَعْضِ فَبُطْلَانُهَا لَا يَسْرِي إلَى غَيْرِهَا .

( وَبَيْعُ مَا لَا مُجِيزَ لَهُ حَالَ الْعَقْدِ كَبَيْعِ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيَّةِ مَالِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ) قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ ، فَإِنْ كَانَ بَيْعُهُمْ وَإِجَازَاتُهُمْ يَعْنِي الْأَبَ وَالْجَدَّ وَوَصِيُّهُمَا وَالْقَاضِي بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَقَلَّ بِقَدْرِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ ؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ لَا مُجِيزَ لَهُ حَالَ الْعَقْدِ .

( وَبَيْعٌ نُفِيَ فِيهِ الثَّمَنُ ) فَإِنَّهُ إذَا نُفِيَ فَقَدْ نُفِيَ الرُّكْنُ فَلَمْ يَكُنْ بَيْعًا وَقِيلَ : يَنْعَقِدُ ؛ لِأَنَّ نَفْيَهُ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ نَفْيُ الْعَقْدِ ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهُ صَارَ كَأَنَّهُ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَ وَسَكَتَ عَنْهُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي .

( وَحُكْمُهُ ) أَيْ حُكْمُ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ ( أَنَّ الْمَبِيعَ بِهِ لَا يُمْلَكُ ) أَيْ لَا يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ هَلَكَ ) الْمَبِيعُ ( عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا بَطَلَ بَقِيَ مُجَرَّدُ الْقَبْضِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إلَّا بِالتَّعَدِّي ، وَقِيلَ يَكُونُ مَضْمُونًا ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَهُوَ أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَيَقُولُ اذْهَبْ بِهَذَا ، فَإِنْ رَضِيتَ بِهِ اشْتَرَيْته بِمَا ذُكِرَ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّهِ فَذَهَبَ بِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ نَصَّ عَلَيْهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ قِيلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ .

( الْبَيْع الْفَاسِد ) ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْفَاسِدِ فَقَالَ ( وَفَسَدَ مَا ) أَيْ بَيْعٌ ( سَكَتَ ) أَيْ وَقَعَ السُّكُوتُ ( فِيهِ عَنْ الثَّمَنِ ) فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَبْطُلُ بِهِ بَلْ يَنْعَقِدُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ ، فَإِذَا سَكَتَ كَانَ غَرَضُهُ الْقِيمَةَ فَكَأَنَّهُ بَاعَ بِقِيمَتِهِ فَيَفْسُدُ وَلَا يَبْطُلُ .

( وَ ) فَسَدَ أَيْضًا ( بَيْعُ عَرْضٍ بِالْخَمْرِ وَعَكْسِهِ ) ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْعَرْضِ إنَّمَا يَقْصِدُ تَمَلُّكَ الْعَرْضِ بِالْخَمْرِ وَفِيهِ إعْزَازٌ لِلْعَرْضِ لَا الْخَمْرِ فَبَقِيَ ذِكْرُ الْخَمْرِ مُعْتَبَرًا فِي تَمَلُّكِ الْعَرْضِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِ الْخَمْرِ حَتَّى فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ لَا الْخَمْرِ ، وَكَذَا إذَا بَاعَ الْخَمْرَ بِالْعَرْضِ بِأَنْ أَدْخَلَ الْبَاءَ فِي الْعَرْضِ إذْ يُعْتَبَرُ شِرَاءُ الْعَرْضِ لَا الْخَمْرِ لِكَوْنِهِ مُقَايَضَةً .
( وَ ) فَسَدَ أَيْضًا ( بَيْعُهُ ) أَيْ الْعَرْضِ ( بِأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ حَتَّى لَوْ تَقَابَضَا مَلَكَ مُشْتَرِي الْعَرْضِ الْعَرْضَ ) لِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ الْعَقْدُ فِيمَا ضُمَّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَبِيعَ مَعَهُ ، وَلَوْ كَانُوا كَالْحُرِّ لَبَطَلَ .

.
( وَ ) فَسَدَ بَيْعُ ( سَمَكٍ لَمْ يُصَدْ ) لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ ( أَوْ صِيدَ وَأُلْقِيَ فِيمَا ) أَيْ حَظِيرَةٍ ( لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا بِحِيلَةٍ ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ ( وَإِنْ أُخِذَ بِدُونِهَا صَحَّ ) لِأَنَّهُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ ( إلَّا إذَا دَخَلَ ) فِي الْحَظِيرَةِ بِنَفْسِهِ ( وَلَمْ يَسُدَّ مَدْخَلَهُ ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ .
قَوْلُهُ : وَفَسَدَ بَيْعُ سَمَكٍ لَمْ يُصَدْ ) أَطْلَقَهُ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَبَطَلَ بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ صَيْدِهِ وَفَسَدَ لَوْ بِالْعَرْضِ .
ا هـ .
فَمَحَلُّ الْفَسَادِ لَوْ بِيعَ بِمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ صِيدَ وَأُلْقِيَ
إلَخْ ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ ، وَإِنْ أَخَذَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي حَظِيرَةٍ كَبِيرَةٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ لَا يَجُوزُ فَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي بَيْعِ الْآبِقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ أَوْ فَاسِدٌ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَخَذَهُ بِدُونِهَا صَحَّ ) أَقُولُ وَثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِرُؤْيَتِهِ وَهُوَ فِي الْمَاءُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ فِي الْمَاءِ وَخَارِجِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : لَا إذَا دَخَلَ فِي الْحَظِيرَةِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَسُدَّ مَدْخَلُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ ) مَفْهُومُ التَّعْلِيلِ فِيهِ تَسَامُحٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْ قُدْرَةِ التَّسْلِيمِ مَعَ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمِلْكِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ وَأَلْقَاهُ فِي حَظِيرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهَا إلَّا بِحِيلَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ حَظِيرَةً يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهَا بِلَا حِيلَةِ فَسَادِهَا .

.
( وَ ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ ( طَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ ) ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْأَخْذِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَيَكُونُ الْفَسَادُ بِمَعْنَى الْبُطْلَانِ وَبَعْدَهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ ، وَإِنَّمَا قَالَ ( لَا يَرْجِعُ ) لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : إذَا كَانَ الطَّيْرُ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ وَلَا يَرْجِعُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَكْرٌ عِنْدَهُ يَطِيرُ مِنْهُ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ جَازَ بَيْعُهُ وَالْحَمَامُ إذَا عُلِمَ عَوْدُهَا وَأَمْكَنَ تَسْلِيمُهَا جَازَ بَيْعُهَا ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ .
( قَوْلُهُ : فَسَدَ بَيْعُ طَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ ) الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا فِي السَّمَكِ قَبْلَ صَيْدِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا قَالَ لَا يَرْجِعُ
إلَخْ ) أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَلَوْ كَانَ يَعْنِي الطَّيْرُ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ كَالْحَمَامِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا فِي الظَّاهِرِ .

.
( وَ ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ ( الْحَمْلِ ) جَعَلَ بَيْعَ النِّتَاجِ بَاطِلًا وَبَيْعَ الْحَمْلِ فَاسِدًا ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْأَوَّلِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَعَدَمَ الثَّانِي مَشْكُوكٌ فِيهِ .
( قَوْلُهُ : وَفَسَدَ بَيْعُ الْحَمْلِ
إلَخْ ) أَقُولُ صَرَّحَ بِفَسَادِهِ وَفَسَادِ بَيْعِ النِّتَاجِ فِي الِاخْتِيَارِ .
وَفِي الْكَنْزِ عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمَيْتَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا كَالْمَيْتَةِ .
وَفِي الْبُرْهَانِ جَعَلَ بَيْعَ الْحَمْلِ وَالنِّتَاجِ مِنْ الْبَاطِلِ ا هـ .

( وَ ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ ( أَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْعَقْدِ وَالْحَمْلُ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهَا خِلْقَةً ، وَبَيْعُ الْأَصْلِ يَتَنَاوَلُهَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ الْمُوجِبِ فَلَمْ يَصِحُّ فَيَصِيرُ شَرْطًا فَاسِدًا وَالْبَيْعُ يَفْسُدُ بِهِ .

.
( وَ ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ ( لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ ) لِلْغَرَرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ نِفَاخًا ( وَلُؤْلُؤٍ فِي صَدَفٍ ) لِلْغَرَرِ ( وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ ( وَجِذْعٍ فِي سَقْفٍ وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ ) إذَا بَاعَ جِذْعًا فِي سَقْفٍ أَوْ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ يَعْنِي ثَوْبًا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ كَالْقَمِيصِ لَا الْكِرْبَاسِ فَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَ الْقَطْعَ أَوْ لَا إذْ لَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِضَرَرٍ لَمْ يُوجِبْهُ الْعَقْدُ ، وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ لَازِمًا فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَتَتَحَقَّقُ الْمُنَازَعَةُ ، بِخِلَافِ مَا لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ كَبَيْعِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ نُقْرَةِ فِضَّةٍ وَذِرَاعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ فَإِنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الضَّرَرَ مَرْضِيٌّ بِهِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُفْسِدًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْجِذْعُ مُعَيَّنًا لَا يَجُوزُ لِلُزُومِ الضَّرَرِ وَلِلْجَهَالَةِ أَيْضًا ، وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ الذِّرَاعَ أَوْ قَلَعَ الْجِذْعَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُشْتَرِي عَادَ الْبَيْعُ صَحِيحًا لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ التَّقَرُّرِ .
( قَوْلُهُ : وَلُؤْلُؤٍ فِي صَدَفٍ ) أَقُولُ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى لُؤْلُؤَةً فِي صَدَفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
ا هـ .

( وَضَرْبَةِ الْقَانِصِ ) وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَاءِ بِضَرْبِ الشَّبَكَةِ مَرَّةً ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ ( وَالْمُزَابَنَةِ ) وَهُوَ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالثَّاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِالثَّلَاثِ عَلَى النَّخِيلِ بِتَمْرٍ بِالتَّاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِثِنْتَيْنِ مَجْذُوذٍ مِثْلَ كَيْلِهِ خَرْصًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِشَبَهِ الرِّبَا ( وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ ) فَإِنَّهَا بُيُوعٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِأَنْ يَتَسَاوَمَ الرَّجُلَانِ عَلَى سِلْعَةٍ ، فَإِذَا لَمَسَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ نَبَذَهَا إلَيْهِ الْبَائِعُ أَوْ وَضَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا حَصَاةً لَزِمَ الْبَيْعُ فَالْأَوَّلُ الْمُلَامَسَةُ وَالثَّانِي الْمُنَابَذَةُ وَالثَّالِثُ إلْقَاءُ الْحَجَرِ ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْأَوَّلَيْنِ وَأُلْحِقَ بِهِمَا الثَّالِثُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ .
( قَوْلُهُ : وَضَرْبَةِ الْقَانِصِ ) أَقُولُ هُوَ مِنْ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَاءِ بِضَرْبِ الشَّبَكَةِ مَرَّةً ) أَقُولُ فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنْ الْقَنْصِ يُقَالُ قَنَصَ يَقْنِصُ قَنْصًا إذَا صَادَ وَرَوَى فِي تَهْذِيبِ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ وَهُوَ الْغَوَّاصُ عَلَى اللَّآلِئِ ، وَكَذَا رَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ حَيْثُ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ هِيَ أَنْ يَقُولَ أَغُوصُ غَوْصَةً فَمَا أَخْرَجْته فَهُوَ لَك بِكَذَا وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ ا هـ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .

.
( وَ ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ ( الْكَلَا ) بِالْقَصْرِ وَهُوَ مَا تَحْوِيهِ الْأَرْضُ مِنْ النَّبَاتِ ( كَذَا ) أَيْ يَفْسُدُ أَيْضًا ( إجَارَتُهُ ) أَمَّا فَسَادُ بَيْعِهِ فَلِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِلْبَائِعِ إذْ بِمُجَرَّدِ نَبَاتِ الْكَلَا فِي أَرْضِهِ لَا تَنْقَطِعُ شَرِكَةُ النَّاسِ عَنْهُ وَلَا يَصِيرُ مَمْلُوكًا لَهُ فَيَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْإِحْرَازُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ : فِي الْمَاءِ وَالْكَلَا وَالنَّارِ } ، وَأَمَّا فَسَادُ إجَارَتِهِ فَلِوُرُودِهَا عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَمَحَلُّ الْإِجَارَةِ الْمَنَافِعُ دُونَ الْأَعْيَانِ وَلَا يَلْزَمُ الصَّبْغُ وَاللَّبَنُ فِي اسْتِئْجَارِ الصَّبَّاغِ وَالظِّئْرِ ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ ثَمَّةَ آلَةٌ لِإِقَامَةِ الْعَمَلِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْإِجَارَةِ ، وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَوْضِعًا مِنْ الْأَرْضِ لِيَضْرِبَ فِيهِ فُسْطَاطًا أَوْ لِيَجْعَلَهَا حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيُبِيحُ صَاحِبُ الْمَرْعَى الِانْتِفَاعَ لَهُ بِالرَّعْيِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا ، كَذَا فِي الْكَافِي .
قَوْلُهُ : وَالْكَلَا كَذَا إجَارَتُهُ ) أَقُولُ بَيْعُهُ بَاطِلٌ وَإِجَارَتُهُ بَاطِلَةٌ أَيْضًا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .

( وَالنَّحْلِ ) فَإِنَّ بَيْعَهُ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَصَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ مُحْرَزًا لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً وَشَرْعًا ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَلَهُمَا أَنَّهُ مِنْ الْهَوَامِّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالزَّنَابِيرِ وَالِانْتِفَاعُ لَيْسَ بِهِ بَلْ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ مُنْتَفَعًا بِهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ ( إلَّا مَعَ كُوَّارَاتٍ فِيهَا الْعَسَلُ ) فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لَهَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا يَجُوزُ مَعَهَا أَيْضًا لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ مِنْ حُقُوقِهِ كَالشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ ، كَذَا فِي الْكَافِي .
( قَوْلُهُ : وَصَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ
إلَخْ ) أَقُولُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ .
( قَوْلُهُ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ
إلَخْ ) أَقُولُ أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّبِيعَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْحُقُوقِ كَالْمَفَاتِيحِ فَالْعَسَلُ تَابِعٌ لِلنَّحْلِ فِي الْوُجُودِ وَالنَّحْلُ تَابِعٌ لَهُ فِي الْمَقْصُودِ بِالْبَيْعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ

( وَدُودِ الْقَزِّ ) وَبَيْضُهُ فَإِنَّ بَيْعَهُمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مَعَهُ فِي الدُّودِ وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي بِيضِهِ وَقِيلَ فِيهِ أَيْضًا مَعَهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدُّودَ مِنْ الْهَوَامِّ وَبِيضَهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَأَشْبَهَ الْخَنَافِسَ وَالْوَزَغَاتِ وَبِيضَهُمَا وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الدُّودَ يُنْتَفَعُ بِهِ وَكَذَا بِيضُهُ فِي الْمَآلِ فَصَارَ كَالْجَحْشِ وَالْمُهْرِ وَلِأَنَّ النَّاسَ قَدْ تَعَاطَوْهُ فَمَسَّتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ فَصَارَ كَالِاسْتِصْنَاعِ ( وَبِهِ يُفْتَى ) كَذَا فِي الْكَافِي .
( قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتِي ) أَيْ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ

( وَالْآبِقِ ) لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِهِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ ( إلَّا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ بَيْعُ آبِقٍ مُطْلَقٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ آبِقًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهَذَا غَيْرُ آبِقٍ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي ، فَلَوْ قَالَ هُوَ عِنْدَ فُلَانٍ فَبِعْهُ مِنِّي لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ آبِقٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ وَقِيلَ يَتِمُّ .

( وَلَبَنِ امْرَأَةٍ ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ وَهُوَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُكَرَّمٌ مَصُونٌ عَنْ الِابْتِذَالِ بِالْبَيْعِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْأَمَةِ إذْ يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهَا فَكَذَا جُزْؤُهَا قُلْنَا نَفْسُهَا مَحَلٌّ لِلرِّقِّ لِاخْتِصَاصِهِ بِمَحِلِّ الْقُوَّةِ الَّتِي هِيَ ضِدُّهُ وَهُوَ الْحَيُّ وَلَا حَيَاةَ فِي اللَّبَنِ ( فِي وِعَاءٍ ) قَدَحًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ قَيَّدَ بِهِ دَفْعًا لِمَا عَسَى يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَيْعَهُ فِي الضَّرْعِ لَا يَجُوزُ كَسَائِرِ أَلْبَانِ الْحَيَوَانَاتِ وَفِي الْوِعَاءِ يَجُوزُ .

( وَشَعْرُ الْخِنْزِيرِ ) ؛ لِأَنَّهُ نَجَسُ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ( وَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلْخَرْزِ ) وَنَحْوِهِ لِلضَّرُورَةِ ، فَإِنَّ الْأَسَاكِفَةَ يَحْتَاجُونَ فِي خَرْزِ النِّعَالِ وَالْأَخْفَافِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِهِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي شِرَائِهِ لِوُجُودِهِ مُبَاحَ الْأَصْلِ وَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَفْسَدَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِانْتِفَاعِ بِهِ دَلِيلُ طَهَارَتِهِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ لِلضَّرُورَةِ فَلَا تَظْهَرُ إلَّا فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَحَالَةُ الْوُقُوعِ تَغَايُرُهَا .
( قَوْلُهُ وَشَعْرُ الْخِنْزِيرِ ) أَقُولُ هُوَ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .

( وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ ) ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مُكَرَّمٌ غَيْرُ مُبْتَذَلٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ مُهَانًا مُبْتَذَلًا ( كَذَا ) أَيْ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ ( الِانْتِفَاعُ بِهِ ) لِمَا ذُكِرَ .
قَوْلُهُ : وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ ) أَقُولُ بَيْعُهُ بَاطِلٌ كَرَجِيعِهِ فِي الْأَصَحِّ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ التُّرَابُ أَوْ السِّرْقِينُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .

( وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ } وَهُوَ غَيْرُ الْمَدْبُوغِ مِنْهُ ( وَيُبَاعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ طَهُرَ بِالدِّبَاغِ ( كَعَظْمِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَقَرْنِهَا ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا يُبَاعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ لِكَوْنِهِ طَاهِرًا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ لِعَدَمِ حُلُولِ الْحَيَاةِ فِيهَا كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ ( وَالْفِيلُ كَالسَّبُعِ ) حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُ عَظْمِهِ وَالِانْتِفَاعُ بِعَظْمِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ نَجَسُ الْعَيْنِ .
( قَوْلُهُ : وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ ) أَقُولُ الْأَظْهَرُ أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ : وَالْفِيلُ كَالسَّبُعِ ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ .

( وَ ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ ( زَيْتٍ عَلَى أَنْ يُوزَنَ بِظَرْفِهِ وَيُطْرَحَ عَنْهُ بِكُلِّ ظَرْفٍ كَذَا رِطْلًا بِخِلَافِ شَرْطِ طَرْحِ وَزْنِ الظَّرْفِ ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ وَزْنُ الظَّرْفِ ، فَإِذَا طَرَحَ كَذَا رِطْلًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الظَّرْفِ أَوْ أَقَلَّ ( إلَّا إذَا عُرِفَ أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا رِطْلًا ) فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ .

( اخْتَلَفَا فِي الزِّقِّ ) يَعْنِي اشْتَرَى سَمْنًا فِي زِقٍّ وَرَدَّ الظَّرْفَ فَوَزَنَ فَجَاءَ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ فَقَالَ الْبَائِعُ الزِّقُّ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ ( فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِي تَعْيِينِ الزِّقِّ الْمَقْبُوضِ أَوْ مِقْدَارِ السَّمْنِ ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَالْمُشْتَرِي قَابِضٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ ضَمِينًا كَانَ كَالْغَاصِبِ أَوْ أَمِينًا كَالْمُودَعِ ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اخْتِلَافٌ فِي مِقْدَارِ السَّمْنِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ .

( وَشِرَاءُ مَا بَاعَ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبَيْعُ عَرْضٍ أَيْ فَسَدَ شِرَاءُ مَا بَاعَ ( بِالْأَقَلِّ ) أَيْ بِأَقَلِّ مِمَّا بَاعَ ( قَبْلَ النَّقْدِ ) أَيْ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ صُورَتُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ حَالَّةٍ أَوْ نَسِيئَةٍ فَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ الْبَائِعِ بِخَمْسِمِائَةٍ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَسَدَ الْبَيْعُ الثَّانِي .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَجُوزُ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَمَّ فِيهَا بِالْقَبْضِ فَصَارَ الْبَيْعُ مِنْ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ سَوَاءً وَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ أَوْ بِالْعَرْضِ ، وَلَنَا أَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ ، فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ وَوَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَقِيَ لَهُ خَمْسُمِائَةٍ وَهُوَ بِلَا عِوَضٍ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِالْعَرْضِ ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ إنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمُجَانِسَةِ ( بِخِلَافِ مَا ضُمَّ إلَيْهِ ) .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِالْعَرَضِ ) أَقُولُ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ هُنَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بِالدَّرَاهِمِ فَاشْتَرَاهُ بِالدَّنَانِيرِ وَقِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا وَجَازَ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ

( وَبَيْعُ الْمَجْمُوعِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ نَقْدِهِ ) صُورَتُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا وَأُخْرَى مَعَهَا مِنْ الْبَائِعِ بِخَمْسِمِائَةِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْبَائِعِ وَصَحِيحٌ فِي الَّتِي لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَ بَعْضَ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الَّتِي لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْأُخْرَى بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ وَهُوَ فَاسِدٌ وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَعْنَى فِي صَاحِبَتِهَا وَلَا يَشِيعُ الْفَسَادُ ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الرِّبَا فَلَوْ اُعْتُبِرَتْ فِيمَا ضُمَّتْ إلَيْهَا كَانَ اعْتِبَارًا لِشُبْهَةِ الشُّبْهَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ .

( صَحَّ بَيْعُ الطَّرِيقِ حُدَّ ) أَيْ بُيِّنَ لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ ( أَوْ لَا ) أَيْ لَمْ يُحَدَّ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ يُقَدَّرُ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ عَيْنًا مَعْلُومًا فَيَصِحُّ بَيْعُهُ ( وَهِبَتُهُ ) .
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة الطُّرُقُ ثَلَاثَةٌ : طَرِيقٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ .
وَطَرِيقٌ إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ .
وَطَرِيقٌ خَاصٌّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ .
فَالطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ إمَّا نَصًّا أَوْ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ أَوْ الْمَرَافِقِ وَالطَّرِيقَانِ الْآخَرَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ ( لَا بَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ ) لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ إذْ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا يَشْغَلُهُ مِنْ الْمَاءِ ( وَصَحَّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا ) لِلْأَرْضِ ( بِالْإِجْمَاعِ وَوَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ ) وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ وَصَحَّحَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ وَبَيْعُ الْحُقُوقِ بِالِانْفِرَادِ لَا يَجُوزُ ( وَالشِّرْبُ كَذَلِكَ ) أَيْ صَحَّ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَوَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخِي لِأَنَّهُ نَصِيبٌ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ يَجُزْ فِي أُخْرَى وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بُخَارَى لِلْجَهَالَةِ ( لَا بَيْعُ حَقِّ التَّسْيِيلِ وَهِبَتُهُ ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ كَانَ حَقَّ التَّعَلِّي ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ كَانَ مَجْهُولًا لِجَهَالَةِ مَحَلِّهِ ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ حَقِّ الْمُرُورِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَحَقِّ التَّعَلِّي أَنَّ حَقَّ التَّعَلِّي يَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ لَا تَبْقَى وَهِيَ الْبِنَاءُ فَأَشْبَهَ الْمَنَافِعَ وَحَقَّ الْمُرُورِ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ تَبْقَى وَهِيَ الْأَرْضُ فَأَشْبَهَ الْأَعْيَانَ .

قَوْلُهُ : وَالطَّرِيقَانِ الْآخَرَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ ) فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ يُدَافِعُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ نَحْوِ كُلِّ حَقٍّ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي طَرِيقِ خَاصٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : كَانَ حَقَّ التَّعَلِّي ) لَعَلَّهُ كَحَقِّ التَّعَلِّي فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : وَالْجِدَادِ ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ خَاصٌّ بِالنَّخْلِ وَبِالْمُعْجَمَةِ عَامٌّ فِي قَطْعِ الثِّمَارِ وَالْجِزَازِ بِالزَّايِ جَزُّ الصُّوفِ ( قَوْلُهُ صَحَّ بَيْعُ الطَّرِيقِ ) يُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ وَلَا بَيْعُ الطَّرِيقِ بِدُونِ الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الشِّرْبِ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي جَائِزٌ ا هـ .
وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ الْآتِي وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ .
( قَوْلُهُ : .
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة
إلَخْ ) لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا .
( قَوْلُهُ : فَالطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ
إلَخْ ) فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِأَجْنَبِيٍّ لَا يَمْلِكُ الْمُرُورَ فِيهِ إلَّا بِالْإِبَاحَةِ وَلَيْسَتْ لَازِمَةً لِلتَّمْلِيكِ ، فَإِنْ أُرِيدَ إحَاطَةُ مِلْكِ إنْسَانٍ بِهَا صَحَّ لَكِنْ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ .

( وَلَا ) الْبَيْعُ ( إلَى النَّيْرُوزِ ) مُعَرَّبُ نَوْرُوزٍ وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ الرَّبِيعِ ( وَالْمِهْرَجَانِ ) وَهُوَ الْخَرِيفُ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ النَّيْرُوزَ مُخْتَلَفٌ بَيْنَ نَيْرُوزِ السُّلْطَانِ وَنَيْرُوزِ الدَّهَّاقِينَ وَنَيْرُوزِ الْمَجُوسِ ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ .
( وَ ) إلَى ( صَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِ الْيَهُودِ إذَا لَمْ يَعْرِفَاهُ ) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ خُصُوصَ الْيَوْمِ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ ، فَإِذَا عَرَفَاهُ جَازَ ( بِخِلَافِ فِطْرِ النَّصَارَى بَعْدَمَا شَرَعُوا فِي صَوْمِهِمْ ) ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُ بِالْأَيَّامِ مَعْلُومَةٌ وَهِيَ خَمْسُونَ يَوْمًا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ ( وَقُدُومِ الْحَاجِّ وَالْحَصَادِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا قَطْعُ الزَّرْعِ ( وَالدِّيَاسِ ) وَهُوَ أَنْ يُوطَأَ الطَّعَامُ بِقَوَائِمِ الدَّوَابِّ أَوْ نَحْوِهَا ( وَالْقِطَافِ ) قَطْعُ الْعِنَبِ ( وَالْجِدَادِ ) قَطْعُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالصُّوفِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ ( وَيَكْفُلُ إلَيْهَا ) أَيْ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مُتَحَمَّلَةٌ فِي الْكَفَالَةِ وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ يَسِيرَةٌ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فِي أَنَّهُ يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ أَوْ لَا ( وَصَحَّ ) أَيْ الْبَيْعُ ( إنْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ قَبْلَ حُلُولِهِ ) لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ وَلَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ صَحَّ ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْجِيلُ الدَّيْنِ ، وَالْجَهَالَةُ فِي الدُّيُونِ مُتَحَمَّلَةٌ ( وَبِشَرْطِ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَى النَّيْرُوزِ أَيْ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطٍ ( لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا ) أَيْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ ( وَالْمَبِيعُ يَسْتَحِقُّهُ ) أَيْ النَّفْعَ بِأَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا ، وَإِنَّمَا فَسَدَ الْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُمَا إذَا قَصَدَا الْمُقَابَلَةَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فَقَطْ خَلَا الشَّرْطُ عَنْ الْعِوَضِ ، وَقَدْ وَجَبَ بِالْبَيْعِ بِالشَّرْطِ فِيهِ فَكَانَ زِيَادَةً مُسْتَحَقَّةً بِعَقْدِ

الْمُعَاوَضَةِ خَالِيَةً عَنْ الْعِوَضِ فَيَكُونُ رِبًا وَكُلُّ عَقْدٍ شُرِطَ فِيهِ الرِّبَا يَكُونُ فَاسِدًا ( كَشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَهُ ) أَيْ الْمَبِيعُ وَهُوَ ثَوْبٌ ( الْبَائِعُ وَيَخِيطَهُ قَبَاءً ) فَإِنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا ( أَوْ ) كَشَرْطِ ( أَنْ يَحْذُوَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ وَهُوَ صَرْمٌ ( نَعْلًا ) يُقَالُ حَذَا لِي نَعْلًا أَيْ عَمِلَهَا ( أَوْ ) كَشَرْطِ ( أَنْ يُشَرِّكَهَا ) أَيْ النَّعْلَ مِنْ التَّشْرِيكِ أَيْ يَضَعَ عَلَيْهَا الشِّرَاكَ وَهُوَ سَيْرُهَا الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ ، كَذَا فِي الْمُغْرِبِ ( وَصَحَّ ) الْبَيْعُ ( فِي النَّعْلِ ) اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ فِيهِ فَصَارَ كَصَبْغِ الثَّوْبِ ( أَوْ ) كَشَرْطِ ( أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ وَهُوَ عَبْدٌ هَذَا نَظِيرُ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ ، وَإِنَّمَا قَالَ ( شَهْرًا ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ جَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِ الِاسْتِخْدَامَ ( أَوْ يُدَبِّرَهُ أَوْ يُكَاتِبَهُ أَوْ يَسْتَوْلِدَهَا أَوْ لَا يُخْرِجُ الْقِنَّ ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً ( عَنْ مِلْكِهِ ) هَذَا مِثَالٌ لِشَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمَبِيعِ وَهُوَ يَسْتَحِقُّهُ فَإِنَّ الْقِنَّ يُعْجِبُهُ أَنْ لَا تَتَدَاوَلَهُ الْأَيْدِي فَيُوجَدُ زِيَادَةٌ خَالِيَةٌ عَنْ الْعِوَضِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ وَفَرَّعَ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ ( فَصَحَّ ) أَيْ الْبَيْعُ ( بِشَرْطٍ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَشَرْطِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَا يَقْتَضِيهِ ) الْعَقْدُ ( وَلَا نَفْعَ فِيهِ لِأَحَدٍ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَ الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ ) فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لِلنَّفْعِ .
الْبَيْعُ ( إلَى النَّيْرُوزِ ) .
( قَوْلُهُ : وَصَحَّ إنْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ قَبْلَ حُلُولِهِ ) يَعْنِي إنْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَيَنْفَرِدُ بِإِسْقَاطِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي ، وَقَوْلُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ ، فَإِنْ تَرَاضَيَا بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَقَعَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ .

( جَازَ أَمْرُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَشِرَائِهِمَا أَوْ ) أَمْرُ ( الْمُحْرِمِ غَيْرَهُ ) أَيْ غَيْرَ الْمُحْرِمِ ( بِبَيْعِ صَيْدِهِ ) وَقَالَا : لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يَلِيهِ بِنَفْسِهِ فَلَا يُوَلِّيهِ غَيْرَهُ كَتَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ مَجُوسِيًّا بِتَزْوِيجِ مَجُوسِيَّةٍ وَلِأَنَّ مَا يَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ ، وَلَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَهْلِيَّتَانِ : أَهْلِيَّةُ الْوَكِيلِ وَهِيَ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَأْمُورِ بِهِ وَلِلنَّصْرَانِيِّ ذَلِكَ وَأَهْلِيَّةُ الْمُوَكِّلِ وَهِيَ أَهْلِيَّةُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ لَهُ وَلِلْمُوَكِّلِ ذَلِكَ حُكْمًا لِلْعَقْدِ لِئَلَّا يَلْزَمَ انْفِكَاكُ الْمَلْزُومِ عَنْ اللَّازِمِ ، أَلَا يَرَى إلَى صِحَّةِ ثُبُوتِ مِلْكِ الْخَمْرِ لِلْمُسْلِمِ إرْثًا إذَا أَسْلَمَ مُوَرِّثُهُ النَّصْرَانِيُّ وَمَاتَ عَنْ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ ، وَأَيْضًا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ النَّصْرَانِيُّ إذَا اشْتَرَى خَمْرًا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا لِمَوْلَاهُ الْمُسْلِمِ اتِّفَاقًا ، وَإِذَا ثَبَتَ الْأَهْلِيَّتَانِ لَمْ يَمْتَنِعْ الْعَقْدُ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّهُ جَالِبٌ لَا سَالِبٌ ثُمَّ الْمُوَكَّلُ بِهِ إنْ كَانَ خَمْرًا خَلَّلَهُ ، وَإِنْ كَانَ خِنْزِيرًا سَيَّبَهُ ، وَقَدْ قَالُوا هَذِهِ الْوَكَالَةُ مَكْرُوهَةٌ أَشَدَّ الْكَرَاهَةِ ( وَحُكْمُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ بِرِضَا بَائِعِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً ) بِأَنْ قَبَضَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بِحَضْرَتِهِ وَلَمْ يَنْهَهُ ( مَلَكَهُ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَمْلِكُهُ ، وَإِنْ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ حَرَامٌ فَلَا يَنَالُ بِهِ نِعْمَةَ الْمِلْكِ وَلِأَنَّ النَّهْيَ نَسْخٌ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ لِتَنَافٍ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا لَا يُفِيدُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَصَارَ كَمَا إذَا بَاعَ بِالْمَيْتَةِ أَوْ بَاعَ الْخَمْرَ بِالدَّرَاهِمِ ، وَلَنَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ وَوَقَعَ فِي مَحَلِّهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ وَلَا شَكَّ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَالْمَحَلِّيَّةِ وَرُكْنُهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ

بِالْمَالِ وَهُوَ حَاصِلٌ وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ يَقْتَضِي تَقْرِيرَ الْمَشْرُوعِيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَصَوُّرَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إذْ النَّهْيُ عَمَّا لَا يُتَصَوَّرُ لَغْوٌ ، وَتَحْقِيقُهُ مَا ذَكَرْت فِي مِرْقَاةِ الْأُصُولِ أَنَّ مَدَارَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الْمَقْدُورِيَّةُ وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ يَقْتَضِي كَوْنَهَا مَقْدُورَةً حِسًّا وَعَنْ الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ يَقْتَضِي كَوْنَهَا مَقْدُورَةً عَقْلًا وَعَنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ يَقْتَضِي كَوْنَهَا مَقْدُورَةً شَرْعًا وَإِلَّا كَانَ عَبَثًا مَحْضًا ، فَإِنَّ الطَّيَرَانَ مِنْ الْأُمُورِ الْحِسِّيَّةِ ، فَإِذَا قُلْت لِشَخْصٍ لَا تَطِرْ يُنْكِرُهُ كُلُّ مَنْ يَسْمَعْهُ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ ، وَكَذَا إذَا قُلْت لِلْأَعْمَى لَا تُبْصِرْ وَالْبَيْعُ مِنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ ، فَإِذَا نُهِيَ عَنْهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا شَرْعًا وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِ عُلَمَائِنَا النَّهْيُ عَنْ الْفِعْلِ الشَّرْعِيِّ يَقْتَضِي الْمَشْرُوعِيَّةَ بِأَصْلِهِ وَغَيْرَ الْمَشْرُوعِيَّةِ بِوَصْفِهِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ نَاظِرٌ إلَى الْمَقْدُورِ بِهِ شَرْعًا وَالثَّانِيَ إلَى النَّهْيِ فَنَفْسُ الْبَيْعِ مَشْرُوعٌ وَبِهِ يَنَالُ نِعْمَةَ الْمِلْكِ إنَّمَا الْحُرْمَةُ لِأَمْرٍ عَارِضٍ وَعَدَمُ ثُبُوتِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَذَرًا عَنْ تَقْرِيرِ الْفَسَادِ الْمُجَاوِرِ ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبُ الدَّفْعِ بِالِاسْتِرْدَادِ فَبِالِامْتِنَاعِ عَنْ الْمُطَالَبَةِ أَوْلَى لِأَنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ وَالْمَيْتَةُ لَيْسَتْ بِمَالٍ فَانْعَدَمَ الرُّكْنُ ، وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ مُثَمَّنًا فَقَدْ مَرَّ وَجْهُهُ .

قَوْلُهُ : جَازَ أَمْرُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ خَمْرٍ
إلَخْ ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورَةِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَا لَا يَجُوزُ ) هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الْجَوَازِ الْبُطْلَانُ لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَتَوْكِيلُ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا بِشِرَاءِ خَمْرٍ وَبَيْعِهَا وَمُحْرِمٍ حَلَالًا بِبَيْعِ صَيْدٍ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا وَإِبْطَالُهُ هُوَ الْأَظْهَرُ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ بِرِضَى بَائِعِهِ صَرِيحًا ) الصَّرِيحُ يَشْمَلُ مَا بَعْدَ الْمَجْلِسِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ قَبَضَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ ) قَصْرُ الدَّلَالَةِ قَاصِرٌ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ مَا بَعْدَ الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَقْبُوضًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَالْمَتْنُ يَحْتَمِلُهُ .
( قَوْلُهُ : مَلَكَهُ ) أَقُولُ لَكِنْ لَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي الِانْتِفَاعُ بِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ الِانْتِفَاعُ بِهِ حَرَامًا كَبَيْعٍ وَأَكْلٍ وَوَطْءٍ ، وَإِذَا رُدَّ أَوْ اسْتَرَدَّ لَزِمَهُ الْعُقْرُ لِلْبَائِعِ ا هـ .
وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَلَا يَغْرَمُ الْعُقْرَ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي كِتَابِ الشِّرْبِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي كِتَابِ الشِّرْبِ عَلَيْهِ الْعُقْرُ .
ا هـ .
وَأَقُولُ فِي لُزُومِ الْعُقْرِ تَأَمُّلٌ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي حَاصِلٌ بِتَسْلِيطٍ مِنْ الْبَائِعِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِمِلْكِهِ الْعَيْنَ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ قُلْنَا بِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ عَلَى رَأْيِ الْعِرَاقِيِّينَ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ مُثَمَّنًا فَقَدْ مَرَّ وَجْهُهُ ) وَالْوَجْهُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَبِيعًا مَقْصُودًا بِجَعْلِ ثَمَنَهَا دَرَاهِمَ وَالْخَمْرُ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ بَطَلَ بَيْعُهَا ، وَإِذَا كَانَتْ مَبِيعًا مِنْ وَجْهٍ بِمُقَابِلِهَا بِعَرْضٍ فَسَدَ فِيهِ وَوَجَبَ قِيمَتُهُ لِكَوْنِهِ مَبِيعًا مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ مَحَلٌّ لِلتَّمْلِيكِ

( وَلَزِمَهُ ) أَيْ ، وَإِنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ ( مِثْلُهُ حَقِيقَةً ) وَهُوَ الَّذِي يُمَاثِلُهُ صُورَةً وَمَعْنًى إنْ كَانَ الْهَالِكُ مِثْلِيًّا ( أَوْ ) مِثْلُهُ ( مَعْنًى ) فَقَطْ وَهُوَ الْقِيمَةُ إنْ كَانَ الْهَالِكُ قِيَمِيًّا لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْغَصْبِ وَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ فَأَتْلَفَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ فَلَا يُعْتَبَرُ كَالْمَغْصُوبِ ، كَذَا فِي الْكَافِي ( وَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَمْ يَقُلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إشَارَةٌ إلَى وُجُوبِ الْفَسْخِ وَاللَّامُ تُفِيدُ الْجَوَازَ ( فَسْخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ) دَفْعًا لِلْفَسَادِ ( كَذَا بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ ( مَا دَامَ ) أَيْ الْمَبِيعُ ( فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ) لَمْ يَقُلْ إنْ كَانَ الْفَسَادُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَلِمَنْ لَهُ الشَّرْطُ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ زَائِدٍ لِمَا نَقَلَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ عَنْ التَّجْرِيدِ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقُّ الْفَسْخِ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لِحَقِّ الشَّرْعِ لَا لِحَقِّ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِنَّهُمَا رَاضِيَانِ بِالْعَقْدِ .

( فَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مَا قَبَضَهُ ( أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَإِعْتَاقُهُ ) لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْفَسْخُ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِالتَّصَرُّفِ الثَّانِي وَفَسْخُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ كَانَ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ ( فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْغَصْبِ وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ كَالْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَازِمَانِ فَيَثْبُتُ عَجْزُهُ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إلَّا أَنَّ حَقَّ الِاسْتِرْدَادِ يَعُودُ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَفَكِّ الرَّهْنِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ قَبْلَ تَحَوُّلِ الْحَقِّ إلَى الْقِيمَةِ ، كَذَا فِي الْكَافِي ( وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ فِي فَسْخِ الْفَاسِدِ ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ شَرْعًا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ .

( وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ) أَيْ أَحَدٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَبِهِ يُفْتَى ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِيهِ زِيَادَةُ تَفْصِيلٍ فَمَنْ أَرَادَهُ فَلْيَنْظُرْهُ ثَمَّةَ ( وَلَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ ) أَيْ لَا يَأْخُذُ الْمَبِيعَ بَائِعُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ ( حَتَّى يَرُدَّ ثَمَنَهُ ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُقَابَلٌ بِهِ فَيَصِيرُ مَحْبُوسًا بِهِ كَالرَّهْنِ ( فَإِنْ مَاتَ ) أَيْ الْبَائِعُ ( فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهِ ) أَيْ بِمَا اشْتَرَاهُ ( حَتَّى يَأْخُذَ ثَمَنَهُ ) لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَغُرَمَائِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَالْمُرْتَهِنِ ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ قَائِمَةً يَأْخُذْهَا بِعَيْنِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً أَخَذَ مِثْلَهَا ؛ لِأَنَّهَا مِثْلِيَّةً .
قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ ) فَكَذَا عَلَى وَرَثَتِهِ كَذَا يُقَدَّمُ عَلَى تَجْهِيزِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .

( طَابَ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ فِي الثَّمَنِ لَا الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ ) صُورَتُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَتَقَابَضَا فَبَاعَهَا وَرَبِحَ فِيهَا تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ وَيَطِيبُ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ فِي الثَّمَنِ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَارِيَةَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهَا فَيَتَمَكَّنُ الْخُبْثُ فِي الرِّبْحِ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْعُقُودِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْعَقْدُ الثَّانِي بِعَيْنِهَا فَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْخُبْثُ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ .
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ : فَإِنْ قِيلَ : ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ قَائِمَةً يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ فَهَذَا يُنَاقِضُ مَا قُلْتُمْ مِنْ عَدَمِ تَعْيِينِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قُلْنَا : يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لِهَذَا الْعَقْدِ شَبَهَيْنِ شَبَهَ الْغَصْبِ وَشَبَهَ الْبَيْعِ ، فَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً اُعْتُبِرَ شَبَهُ الْغَصْبِ سَعْيًا فِي رَفْعِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً فَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا يُعْتَبَرُ شَبَهُ الْبَيْعِ حَتَّى لَا يَسْرِيَ الْفَسَادُ إلَى بَدَلِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ أَقُولُ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ الْمُنْصِفِ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْهِدَايَةِ ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ دَلِيلًا لِلْمَسْأَلَةِ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا يَرِدُ عَلَى الْهِدَايَةِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ لَا عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ مَا مَرَّ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اعْلَمْ أَنَّ الْخُبْثَ فِي الْمَالِ نَوْعَانِ خُبْثٌ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ظَاهِرًا وَخُبْثٌ لِفَسَادٍ فِي الْمِلْكِ وَالْمَالُ أَيْضًا نَوْعَانِ مَا يَتَعَيَّنُ كَالْعُرُوضِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ كَالنُّقُودِ فَالْخُبْثُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ يَعْمَلُ

فِي النَّوْعَيْنِ كَالْمُودِعِ وَالْغَاصِبِ إذَا تَصَرَّفَ فِي الْعَرْضِ أَوْ النَّقْدِ وَرِبْحٍ يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِمَا لِغَيْرِهِ ظَاهِرًا فِيمَا يَتَعَيَّنُ فَيَتَمَكَّنُ حَقِيقَةُ الْخُبْثِ وَفِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ يَتَمَكَّنُ شُبْهَةُ الْخُبْثِ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِهِ مِنْ حَيْثُ تَكُونُ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ بِهِ أَوْ تَقْدِيرُ الثَّمَنِ فَصَارَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَسِيلَةً إلَى الرِّبْحِ مِنْ وَجْهٍ فَيَتَمَكَّنُ فِيهِ شُبْهَةُ الْخُبْثِ ، وَأَمَّا الْخُبْثُ لِفَسَادِ الْمِلْكِ فَيَعْمَلُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ لَا فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الْمِلْكِ دُونَ عَدَمِ الْمِلْكِ فَيَنْقَلِبُ حَقِيقَةُ الْخُبْثِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّةَ شُبْهَةً هَاهُنَا فَتُعْتَبَرُ وَشُبْهَتُهُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّةَ تَنْقَلِبُ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ هُنَا فَلَا تُعْتَبَرُ .
( قَوْلُهُ : وَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً فَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا يُعْتَبَرُ شَبَهُ الْبَيْعِ ) بِشِرَائِهِ بِهَا وَهِيَ مَعْدُومَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ الْحَالِيَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ .

( كَمَا طَابَ رِبْحُ مَالٍ ادَّعَاهُ فَقَضَى ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُهُ بِالتَّصَادُقِ ) صُورَتُهُ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَقَضَاهُ فَرَبِحَ فِيهِ الْمُدَّعِي ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالرِّبْحُ طَيِّبٌ ؛ لِأَنَّ الْخُبْثَ هُنَا لِفَسَادِ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَجَبَ بِالْإِقْرَارِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِالتَّصَادُقِ وَبَدَلُ الْمُسْتَحَقِّ مَمْلُوكٌ فَلَا يَعْمَلُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ .

( بَنَى فِي دَارٍ شَرَاهَا فَاسِدًا أَوْ غَرَسَ ) فِي أَرْضٍ شَرَاهَا فَاسِدًا ( لَزِمَهُ قِيمَتُهُمَا ) أَيْ قِيمَةُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَقَالَا لَا يُنْقَضُ الْبِنَاءُ وَتُرَدُّ الدَّارُ وَكَذَا الْغَرْسُ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ أَضْعَفُ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ إذْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا يُورَثُ بِخِلَافِ حَقِّ الْبَائِعِ وَالْأَضْعَفُ إذَا لَمْ يَبْطُلْ بِشَيْءٍ فَالْأَقْوَى أَوْلَى أَنْ لَا يَبْطُلُ بِهِ وَحَقُّ الشَّفِيعِ لَا يَبْطُلُ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَحَقُّ الْبَائِع كَذَلِكَ وَلَهُ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ حَصَلَا لِلْمُشْتَرِي بِتَسْلِيطٍ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ كَالْبَيْعِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الشَّفِيعِ إذْ التَّسْلِيطُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي بِالثَّمَنِ أَوْ بِالْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْفَاسِدِ شُفْعَةٌ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ قَدْ انْقَطَعَ هَاهُنَا وَعَلَى هَذَا صَارَ حَقُّ الشَّفِيعِ لِعَدَمِ التَّسْلِيطِ مِنْهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ لِوُجُودِهِ مِنْهُ .

( الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ ) ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَحْكَامِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ فَقَالَ ( وَوَقْفُ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ ) عَلَى إجَازَتِهِ .
( وَ ) بَيْعُ ( الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورَيْنِ ) عَلَى إجَازَةِ مَوْلَاهُ وَعَلَى إجَازَةِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ .
قَوْلُهُ : وَوَقْفُ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ عَلَى إجَازَتِهِ ) فَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا يَتَعَيَّنُ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى بِعَرْضٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ثُمَّ أَجَازَ مَوْلَى الْعَبْدِ جَازَ بَيْعُهُ وَالْمُشْتَرَى بِالْعَبْدِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ ، فَإِنَّ اشْتِرَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَا يَتَوَقَّفُ وَكَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ قَاضِيًا ثَمَنَهُ بِالْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَيَكُونُ الْمُشْتَرَى بِالْعَبْدِ لَهُ ا هـ فَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْبَيْعِ عَلَى الْمَالِكِ فِيمَا إذَا بِيعَ بِمَا لَا يَتَعَيَّنُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ .

.
( وَ ) بَيْعُ ( مَالِهِ فَاسِدِ عَقْلٍ غَيْرِ رَشِيدٍ ) عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي ( وَبَيْعُ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَأَرْضٍ فِي مُزَارَعَةِ الْغَيْرِ ) عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُزَارِعِ وَلَوْ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ، وَكَذَا لَوْ قَضَى الرَّاهِنُ الْمَالَ أَوْ أَبْرَأَهُ الْمُرْتَهِنُ وَرَدَّ الرَّهْنَ عَلَيْهِ تَمَّ الْبَيْعُ ( وَبَيْعُ شَيْءٍ بِرَقْمِهِ ) وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ تَوَقَّفَ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ نَفَذَ ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بَطَلَ .

( قَوْلُهُ : وَبَيْعُ مَالِهِ
إلَخْ ) هَذَا التَّرْكِيبُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ الْخَانِيَّةِ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ إذَا بَلَغَ سَفِيهًا يَتَوَقَّفُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى إجَازَةِ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي ا هـ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا بَاعَ مَالَهُ وَهُوَ غَيْرُ رَشِيدٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَبَيْعُ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ ) هَذَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ إلَّا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَمْلِكُ نَقْضَ الْبَيْعِ وَيَمْلِكُ إجَازَتَهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَمْلِكُ الْإِجَازَةَ لَا الْفَسْخَ ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّهْنِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنْ فَسَخَ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْأَصَحِّ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ تَفَاسَخَا
إلَخْ ) يُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ فِي الْخَانِيَّةِ ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ السَّابِقُ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا لَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ حَتَّى فُكَّ الرَّهْنُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ .
ا هـ .
وَاَلَّذِي فِي قَاضِي خَانْ نَفَذَ الْبَيْعُ وَلَا يَفْسُدُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَاضِي خَانْ .
( قَوْلُهُ : وَبَيْعُ الشَّيْءِ بِرَقْمِهِ ) مِنْ قَبِيلِ الْفَاسِدِ لَا الْمَوْقُوفِ ( قَوْلُهُ : إنْ عَلِمَ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ نَفَذَ ) فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ النَّافِذَ لَازِمٌ وَهَذَا فِيهِ الْخِيَارُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بَطَلَ ) غَيْرَ مُسَلَّمٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا فَاسِدٌ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ .

( وَبَيْعُ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي ) يَعْنِي بَاعَ شَيْئًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ بَكْرٍ لَا يَنْعَقِدُ الثَّانِي حَتَّى لَوْ تَفَاسَخَا الْأَوَّلَ لَا يَنْفُذُ الثَّانِي لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الْمَنْقُولِ ؛ أَمَّا لَا فِي الْعَقَارِ فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي سَيَأْتِي .
( وَ ) بَيْعُ ( الْمُرْتَدِّ ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِهِ .
( وَ ) الْبَيْعُ ( بِمَا بَاعَ فُلَانٌ ) وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ إنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ ( وَالْبَيْعُ بِمِثْلِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ بِهِ أَوْ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ بِهِ فُلَانٌ ) ذَكَرَ فِي شَرْحِ الشَّافِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي نُسْخَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ ، فَإِنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَبَيْعُ الشَّيْءِ بِقِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْجَهَالَةِ وَلَوْ عُيِّنَتْ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ ( وَبَيْعٌ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ) ، وَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ .

( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الْمَنْقُولِ لَا فِي الْعَقَارِ ) سَقَطَ مِنْهُ حَرْفُ الْوَاوِ فِي الْعَقَارِ فَاخْتَلَّ وَالْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا كَمَا ذَكَرَ هُنَا لَكِنْ قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ مُتَّحِدًا سَاغَ هَذَا التَّعْبِيرُ وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَنْقُولِ لَا وَفِي الْعَقَارِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ فُلَانٌ ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَالْبَيْعُ بِمَا بَاعَ فُلَانٌ وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الْفَاسِدِ لَا الْمَوْقُوفِ .
( قَوْلُهُ : إنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ ) أَيْ وَلَهُ الْخِيَارُ .
( قَوْلُهُ : وَإِلَّا بَطَلَ ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ كَمَا تَقَدَّمَ .
( قَوْلُهُ : فِي شَرْحِ الشَّافِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ) يَعْنِي فَيَكُونُ فَاسِدًا ، فَإِنْ عَلِمَ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ خُيِّرَ .
( قَوْلُهُ : وَبَيْعُ الشَّيْءِ بِقِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْجَهَالَةِ ) فَمُوجَبُهُ الْفَسَادُ لَا التَّوَقُّفُ كَمَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَشَرْحُهُ خَيْرٌ مِنْ مَتْنِهِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ عُيِّنَتْ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ ) أَيْ لِارْتِفَاعِ الْفَسَادِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ .
( قَوْلُهُ : وَبَيْعٌ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ) لَيْسَ مِنْ الْمَوْقُوفِ وَالْخِيَارُ الْمَشْرُوطُ الْمُقَدَّرُ بِالْمَجْلِسِ صَحِيحٌ وَلَهُ الْخِيَارُ مَا دَامَ فِيهِ ، وَإِذَا شَرَطَ الْخِيَارَ وَلَمْ يُقَدَّرْ لَهُ أَجَلٌ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَقَطْ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ ) ذَلِكَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ الَّذِي لَمْ يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ لَا نَقُولُ بِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا الْمَشْرُوطُ فِيهِ فَصَحِيحٌ اتِّفَاقًا .

( وَبَيْعُ الْغَاصِبِ ) فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ إنْ أَقَرَّ بِهِ الْغَاصِبُ ثُمَّ الْبَيْعُ ، وَإِنْ جَحَدَ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى هَلَكَ يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ ( وَحُكْمُهُ ) أَيْ حُكْمُ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ ( أَنَّهُ إنَّمَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَائِمًا ) الْمُرَادُ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ قَائِمًا أَنْ لَا يَكُونَ مُتَغَيِّرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ شَيْئًا آخَرَ فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَصَبَغَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ رَبُّ الثَّوْبِ الْبَيْعَ جَازَ وَلَوْ قَطَعَهُ وَخَاطَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَارَ شَيْئًا آخَرَ ( كَذَا الثَّمَنُ لَوْ ) كَانَ ( عَرْضًا ) أَيْ كَمَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ يُشْتَرَطُ قِيَامُ الثَّمَنِ أَيْضًا إذَا كَانَ عَرْضًا ( وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَيْضًا ) أَيْ كَمَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْمَذْكُورَيْنِ يُشْتَرَطُ قِيَامُ صَاحِبِ الْمَتَاعِ الْمَبِيعِ حَتَّى لَوْ بَاعَ مَتَاعَ غَيْرِهِ فَمَاتَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ فَأَجَازَ وَارِثُهُ لَا يَجُوزُ .
( وَ ) حُكْمُهُ أَيْضًا ( إنْ أَخَذَ الثَّمَنَ ) أَيْ أَخَذَ الْمَالِكُ الثَّمَنَ ( أَوْ طَلَبَهُ ) مِنْ الْمُشْتَرِي ( لَيْسَ بِإِجَازَةٍ ) لِلْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ ( وَاخْتُلِفَ فِي أَحْسَنْت ) فَقِيلَ إجَازَةٌ وَقِيلَ لَا .
( وَ ) قَوْلُهُ ( لَا أُجِيزُ رَدٌّ لَهُ ) أَيْ لِلْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ : لَا أُجِيزُ بَيْعَ الْأَجِيرِ ثُمَّ أَجَازَ جَازَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

( قَوْلُهُ : إنْ أَقَرَّ بِهِ الْغَاصِبُ ثُمَّ الْبَيْعُ
إلَخْ ) فِيهِ تَسَامُحٌ .
( قَوْلُهُ : وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَائِمًا ) أَقُولُ هَذَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قِيَامُ الْمُزَوَّجِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
( قَوْلُهُ : كَذَا الثَّمَنُ لَوْ كَانَ عَرَضًا ) أَقُولُ وَتَكُونُ الْإِجَازَةُ إجَازَةَ نَقْدٍ لَا إجَازَةَ عَقْدٍ ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا وَهُوَ نَافِذٌ هُنَا عَلَى الْفُضُولِيِّ وَصَارَ مُسْتَقْرِضًا عَرَضَ الْمُجِيزِ ضِمْنًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَهُ وَقَرْضُ الْقِيَمِيِّ ضِمْنًا جَائِزٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ عَرَضٍ فَالثَّمَنُ يَكُونُ لِلْمُجِيزِ وَهِيَ إجَازَةُ عَقْدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَظَاهِرُهُ شُمُولُ بَيْعِ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ صَرْفًا فَيَكُونُ إجَازَةَ عَقْدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : وَحُكْمُهُ أَيْضًا إنْ أَخَذَ الثَّمَنَ أَوْ طَلَبَهُ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ عِبَارَةَ الْخُلَاصَةِ ثُمَّ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ أَوْ طَلَبَهُ يَكُونُ إجَازَةً وَهُوَ الصَّوَابُ .
( قَوْلُهُ : كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْخُلَاصَةِ ) فِيهِ التَّأَمُّلُ الَّذِي عَلِمْته وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُ قَاضِي خَانْ وَمِنْ الْبُيُوعِ الْمَوْقُوفَةِ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ .

( الْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُكْمِهِ ) ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُكْمِهِ فَقَالَ ( وَكُرِهَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ إخْلَالًا بِوَاجِبِ السَّعْيِ إذَا قَعَدَا أَوْ وَقَفَا يَتَبَايَعَانِ ، وَأَمَّا إذَا تَبَايَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ فَلَا كَرَاهَةَ .
( قَوْلُهُ : وَأَمَّا إذَا تَبَايَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ فَلَا كَرَاهَةَ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا مُشْكِلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ الْبَيْعِ مُطْلَقًا فَمَنْ أَطْلَقَهُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ يَكُونُ تَخْصِيصًا وَهُوَ نَسْخٌ فَلَا يَجُوزُ بِالرَّأْيِ .

.
( وَ ) كُرِهَ ( النَّجْشُ ) وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ لِيَرْغَبَ غَيْرُهُ وَلَا يَزِيدَ الشِّرَاءَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنَاجَشُوا .
( قَوْلُهُ : وَكُرِهَ النَّجْشُ ) بِفَتْحَتَيْنِ وَرُوِيَ بِالسُّكُونِ ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّاغِبُ فِي السِّلْعَةِ يَطْلُبُهَا بِمِثْلِ ثَمَنِهَا ، أَمَّا إذَا طَلَبَهَا بِدُونِ ثَمَنِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَزِيدَ إلَى أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتَهَا .

.
( وَ ) كُرِهَ ( السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ بَعْدَ رِضَاهُمَا بِثَمَنٍ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَسْتَامُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطِبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ } فَإِنَّهُ نَهْيٌ بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَهُوَ أَبْلَغُ فَأَمَّا إذَا سَاوَمَهُ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَرْكَنْ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَلَا بَأْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يُسَاوِمَهُ وَيَشْتَرِيهِ فَإِنَّهُ بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ وَلِذَا قَالَ ( بِخِلَافِ بَيْعِ مَنْ يَزِيدُ ) فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِوُرُودِ الْأَثَرِ وَهُوَ مَحْمَلُ النَّهْيِ فِي الْخُطْبَةِ أَيْضًا .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ مَحْمَلُ النَّهْيِ فِي الْخِطْبَةِ ) يُتَأَمَّلُ فِي مَرْجِعِ ضَمِيرِهِ وَإِفَادَتِهِ حُكْمَيْنِ

( وَ ) كُرِهَ أَيْضًا ( تَلَقِّي الْجَلَبِ ) أَيْ أَنْ يَتَلَقَّى بَعْضُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبَ مِنْ خَارِجِ الْبَلَدِ إلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ ( الْمُضِرِّ لِأَهْلِ الْبَلَدِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيقَ الْأَمْرِ عَلَى الْحَاضِرِينَ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا إذَا لَبَّسَ السِّعْرَ عَلَى الْوَارِدِينَ وَاشْتَرَى بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ .

( وَبَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي زَمَانَ الْقَحْطِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَبِيعُ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي } وَهَذَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ فِي قَحْطٍ وَهُوَ يَبِيعُ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ رَغْبَةً فِي الثَّمَنِ الْغَالِي فَيُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهِمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِعَدَمِ الْإِضْرَارِ وَقِيلَ صُورَتُهُ أَنْ يَجِيءَ الْبَادِي بِالطَّعَامِ إلَى مِصْرٍ فَيَتَوَكَّلُ الْحَاضِرُ عَلَى الْبَادِي وَيَبِيعُ الطَّعَامَ وَيُغَالِي السِّعْرَ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَبَاعَ بِنَفْسِهِ وَرَخَّصَ فِي السِّعْرِ ( وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } { وَوَهَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ غُلَامَيْنِ صَغِيرَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا فَعَلَ الْغُلَامَانِ فَقَالَ بِعْتُ أَحَدَهُمَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرِكْ أَدْرِكْ } وَيَرْوِي { اُرْدُدْ اُرْدُدْ } وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ يَسْتَأْنِسُ بِالصَّغِيرِ وَبِالْكَبِيرِ ، وَالْكَبِيرُ يُنْفِقُ عَلَى الصَّغِيرِ وَيَقُومُ بِحَوَائِجِهِ بِاعْتِبَارِ الشَّفَقَةِ النَّاشِئَةِ مِنْ قَرِيبِ الْقَرَابَةِ فَكَانَ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا قَطْعُ الِاسْتِئْنَاسِ وَالْمَنْعِ مِنْ التَّعَاهُدِ وَفِيهِ تَرْكُ الْمَرْحَمَةِ عَلَى الصِّغَارِ ، وَقَدْ أَوْعَدَ عَلَيْهِ ( بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ ) إذْ لَيْسَ هُنَا تَرْكُ الْمَرْحَمَةِ عَلَيْهِمَا ( وَالزَّوْجَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ النَّصَّ مَعْلُولٌ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِيهِ مُحَرَّمٌ غَيْرُ قُرْبٍ وَلَا قَرِيبٍ غَيْرُ مُحَرَّمٍ ، وَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُ الصَّغِيرَيْنِ لَهُ وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَا بَأْسَ بِهِ كَدَفْعِ أَحَدِهِمَا بِالْجِنَايَةِ وَبَيْعِهِ بِالدَّيْنِ وَرَدِّهِ بِالْعَيْبِ ؛

لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ غَيْرِهِ لَا الْإِضْرَارُ بِهِ ( وَحُكْمُهُ ) أَيْ حُكْمُ الْبَيْعِ مَكْرُوهٌ ( أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ ) ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى مُجَاوِرٍ لِلْبَيْعِ لَا فِي صُلْبِهِ وَلَا فِي شَرَائِطِ صِحَّتِهِ وَمِثْلُ هَذَا النَّهْيِ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ بَلْ الْكَرَاهَةَ ( وَلَا يَجِبُ فَسْخُهُ ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ فِي الْفَاسِدِ لِدَفْعِ الْحُرْمَةِ وَلَا حُرْمَةَ هَاهُنَا ( وَيَمْلِكُ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ حَذَرًا عَنْ تَقْرِيرِ الْفَسَادِ الْمُجَاوِرِ وَلَا فَسَادَ هَاهُنَا ( وَيَجِبُ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ ) إنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ، لَا وُجُوبُ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ .
قَوْلُهُ : حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُ الصَّغِيرَيْنِ لَهُ وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا ) كَذَا لَا بَأْسَ بِهِ إذَا تَعَذَّرَ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ وَلَهُ إعْتَاقُ أَحَدِهِمَا وَبَيْعُهُ مِمَّنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إنْ اشْتَرَاهُ أَوْ مَلَكَهُ .

( بَابُ الْإِقَالَةِ ) ( هِيَ ) لُغَةً الْإِسْقَاطُ وَالرَّفْعُ وَشَرْعًا ( رَفْعُ الْبَيْعِ وَتَصِحُّ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْتَقْبَلٌ ) فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ الْإِقَالَةُ تَثْبُتُ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمَاضِي وَالْآخَرُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ أَقِلْنِي وَيَقُولُ صَاحِبُهُ أَقَلْتُكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ كَالْبَيْعِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي .
وَفِي الْفَتَاوَى اخْتَارَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ( وَتَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ ) فِي التَّجْرِيدِ يَتَوَقَّفُ قَبُولُ الْإِقَالَةِ عَلَى الْمَجْلِسِ وَكَمَا يَصِحُّ قَبُولُهَا فِي مَجْلِسِهَا نَصًّا بِالْقَوْلِ يَصِحُّ قَبُولُهَا دَلَالَةً بِالْفِعْلِ كَمَا إذَا قَطَعَهُ قَمِيصًا فَوْرَ مَقَالَةِ الْمُشْتَرِي ( وَهِيَ فَسْخُ فِيمَا هُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَوْلُهُمْ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ غَيْرُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا فِيمَا هُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بَلْ وَجَبَ بِشَرْطٍ زَائِدٍ فَالْإِقَالَةُ فِيهِ تُعْتَبَرُ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَيْضًا كَمَا إذَا اشْتَرَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عَيْنًا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثُمَّ تَقَايَلَا عَادَ الدَّيْنُ حَالًّا كَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَكَمَا إذَا تَقَايَلَا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَبِيعَ مَلَّكَهُ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ ، ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ فَسْخًا لَقُبِلَتْ ، أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَادَّعَى الْمَبِيعَ رَجُلٌ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذْ بِالْفَسْخِ عَادَ مِلْكُهُ الْقَدِيمُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَلَقِّيًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا فَسْخًا فُرُوعًا ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ ( فَبَطَلَتْ ) أَيْ الْإِقَالَةُ ( بَعْدَ وِلَادَةِ الْمَبِيعَةِ )

لِامْتِنَاعِ الْفَسْخِ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا مَحْضًا لَجَازَ قَالُوا هَذَا إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَهُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُ وَذَكَرَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ ( وَصَحَّتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا بَاعَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ) حَيْثُ لَا يَجُوزُ إقَالَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ رِعَايَةً لِجَانِبِ الْوَقْفِ وَحَقِّ الصَّغِيرِ ( وَإِنْ ) وَصْلِيَّةٌ ( شَرَطَ غَيْرَ جِنْسِهِ ) أَيْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ( أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ( أَوْ الْأَقَلِّ ) أَيْ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِمِثْلِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ شَرَطَ غَيْرَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ وَالْفَسْخُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الشَّرْطَ فَاسِدٌ وَالْإِقَالَةُ لَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا سَيَأْتِي ( إلَّا إذَا تَعَيَّبَ ) أَيْ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الْأَقَلُّ فَإِنَّ الْإِقَالَةَ حِينَئِذٍ تَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الثَّمَنِ يَكُونُ بِمُقَابَلَةِ الْفَائِتِ بِالْعَيْبِ وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ ( وَلَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ ) ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الْبَيْعِ بِهِ لِلُزُومِ الرِّبَا كَمَا مَرَّ وَلَا رِبَا فِي الْفَسْخِ وَذَكَرَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ ( وَجَازَ لِلْبَائِعِ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) يَعْنِي إذَا تَقَايَلَا وَلَمْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حَتَّى بَاعَهُ مِنْهُ ثَانِيًا جَازَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَفَسَدَ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا .

( بَابُ الْإِقَالَةِ ) قَالَ : الْعَيْنِيُّ هِيَ مَصْدَرٌ مِنْ أَقَالَ أَجْوَفُ يَائِيٌّ وَمَعْنَاهُ الْقَلْعُ وَالرَّفْعُ ا هـ .
وَقَالَ : الْكَمَالُ قِيلَ : الْإِقَالَةُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْهَمْزَةُ لِلسَّلْبِ فَأَقَالَ بِمَعْنَى أَزَالَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْبَيْعُ كَشَكَاهُ أَزَالَ شِكَايَتَهُ وَدَفَعَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا أَقِلْته بِالْكَسْرِ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَيْنَهُ يَاءٌ لَا وَاوٌ فَلَيْسَ مِنْ الْقَوْلِ وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ الْإِقَالَةَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ الْقَافِ مَعَ الْيَاءِ لَا مَعَ الْوَاوِ وَأَيْضًا ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ اللُّغَةِ قَالَ الْبَيْعَ قَيْلًا وَإِقَالَةً فَسَخَهُ ا هـ .
وَكَذَا ذَكَرَ مِثْلَهُ الْعَيْنِيُّ مُصَرِّحًا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الْقَوْلِ لَقِيلَ قُلْته بِالضَّمِّ .
( قَوْلُهُ : وَتَصِحُّ بِلَفْظَيْنِ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَادَّةُ قَافْ لَامْ بَلْ لَوْ قَالَ تَرَكْتُ الْبَيْعَ وَقَالَ الْآخَرُ رَضِيتُ أَوْ أَجَزْتُ تَمَّتْ وَيَجُوزُ قَبُولُ الْإِقَالَةِ دَلَالَةً بِالْفِعْلِ كَمَا إذَا قَطَعَهُ قَمِيصًا فِي فَوْرِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي أَقَلْتُكَ وَتَنْعَقِدُ بِفَاسَخْتُكَ وَتَارَكْتُكَ .
ا هـ .
فَقَوْلُ الْجَوْهَرَةِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي مَا اشْتَرَيْتَ مِنِّي بِكَذَا فَقَالَ بِعْتُ فَهُوَ بَيْعٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الْبَيْعِ ا هـ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَصْرَ جَوَازِهَا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ دُونَ الْمُتَارَكَةِ وَالدَّلَالَةِ بَلْ الِاحْتِرَازُ عَنْ عَدَمِ حُصُولِهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : الْإِقَالَةُ تَثْبُتُ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْمَاضِي ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الدِّرَايَةِ وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ ا هـ كَذَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي الْفَتَاوَى اخْتَارَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ ) جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ مُقَابِلًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ مَتْنًا وَيُرَجِّحُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَيْضًا

كَوْنُ الْإِمَامِ مَعَهُ عَلَى مَا فِي قَاضِي خَانْ قَوْلُهُ قَالُوا هَذَا إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ ) صِيغَةُ قَالُوا تُذْكَرُ فِيهَا فِيهِ خِلَافٌ وَلَمْ أَرَهُ وَالْكَمَالُ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ جَازَ مَا بِهِ دُونَ هَذِهِ الصِّيغَةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ كَالْوَلَدِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ يَتَعَذَّرُ مَعَهَا الْفَسْخُ حَقًّا لِلشَّرْعِ ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تُمْنَعُ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ كَالسِّمَنِ لَا تُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ .
( قَوْلُهُ : إلَّا إذَا بَاعَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَصِيُّ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ) يَعْنِي أَوْ اشْتَرَيَا بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَنَصَّ عَلَى شِرَاءِ الْمُتَوَلِّي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْوَصِيِّ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ وَالْوَقْفِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا إذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ
إلَخْ ) كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَقَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَقَالَ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِقَدْرِ حِصَّةِ مَا فَاتَ مِنْ الْعَيْبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ أَكْثَرَ مِنْهُ ، كَذَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَيَّدَ بِالْعَيْبِ لَمَّا قَالَ الْكَمَالُ ( فَرْعٌ ) بَاعَ صَابُونًا رَطْبًا ثُمَّ تَقَايَلَا بَعْدَمَا جَفَّ فَنَقَصَ وَزْنُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ لِأَنَّ كُلَّ الْمَبِيعِ بَاقٍ .
( قَوْلُهُ : يَعْنِي إذَا تَقَايَلَا وَلَمْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ
إلَخْ ) إنَّمَا ذَكَرَ الْعِنَايَةَ لِتَقْيِيدِهِ بِبَيْعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ كَالْعَقَارِ جَازَ بَيْعُهُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا وَهَذَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا ذُكِرَ الْفَسْخُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ
إلَخْ ) يُوَضِّحُهُ قَوْلُ الْجَوْهَرَةِ إنَّمَا جُعِلَتْ الْإِقَالَةُ فَسْخًا فِي حَقِّ

الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَمَلًا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ ؛ لِأَنَّ لَفْظَهَا يُنْبِئُ عَنْ الْفَسْخِ وَالرَّفْعِ ، وَإِنَّمَا جُعِلَتْ بَيْعًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا عَمَلًا بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ لَا بِلَفْظِهَا ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَعْنَى مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي وَهَذَا حَدُّ الْبَيْعِ فَاعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَاعْتُبِرْنَا الْمَعْنَى فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ ، وَإِنَّمَا لَمْ نَعْكِسْ بِأَنْ نَعْتَبِرَ اللَّفْظَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا وَالْعَمَلَ بِالْمَعْنَى فِي حَقِّهِمَا ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ قَائِمٌ بِالْمُتَعَاقِدِينَ وَاللَّفْظُ لَفْظُ الْفَسْخِ فَاعْتَبَرْنَا جَانِبَ اللَّفْظِ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِقِيَامِ اللَّفْظِ بِهِمَا ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا لَفْظَ الْفَسْخِ فِي حَقِّهِمَا نُعَيِّنُ الْعَمَلَ بِالْمَعْنَى فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا لَا مَحَالَةَ لِلْعَمَلِ بِالشَّبَهَيْنِ

وَذَكَرَ الْخَامِسَ بِقَوْلِهِ .
( وَ ) جَازَ ( بَيْعُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِلَا إعَادَةِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا ، وَقَدْ بَاعَهُ مِنْهُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَاسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعِيدَ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ جَازَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمْ يَجُزْ .

وَذَكَرَ السَّادِسَ بِقَوْلِهِ .
( وَ ) جَازَ ( هِبَةُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) يَعْنِي إذَا وَهَبَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمْ تَجُزْ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهِبَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ( وَبَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَسْخٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ : الْخِلَافُ فِيمَا إذَا ذَكَرَ الْفَسْخَ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ وَلَوْ ذَكَرَ بِلَفْظِ الْمُفَاسَخَةِ أَوْ الْمُتَارَكَةِ لَا يُجْعَلُ بَيْعًا اتِّفَاقًا إعْمَالًا لِمَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ ، وَقَدْ فَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا بَيْعًا فُرُوعًا ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ ( فَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ فِي الْبَيْعِ لَا يُنَافِي أَخْذَهَا فِي الْإِقَالَةِ ) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ تَقَايَلَا يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ ( وَلَا يَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّانِيَ عَلَى الْأَوَّلِ بِعَيْبٍ عَلِمَهُ بَعْدَهَا ) أَيْ بَعْدَ الْإِقَالَةِ يَعْنِي إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ ( وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ إذَا بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ مِنْ آخَرَ فَتَقَايَلَا ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَوْهُوبًا فَبَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ فِي حَقِّ الْوَاهِبِ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ ، وَذَكَرَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ ( وَالْمُشْتَرِي إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ قَبْلَ النَّقْدِ جَازَ لِلْبَائِعِ شِرَاؤُهُ مِنْهُ بِالْأَقَلِّ ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَقَبَضَهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى بَاعَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا وَعَادَ

إلَى الْمُشْتَرِي فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ وَكَانَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ كَالْمَمْلُوكِ بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي .
قَوْلُهُ : وَالْمُشْتَرِي إذَا بَاعَ مِنْ آخَرَ
إلَخْ ) حِيلَةٌ لِلشِّرَاءِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهِ .

وَذَكَرَ الْخَامِسَ بِقَوْلِهِ ، ( وَإِذَا اشْتَرَى ) بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ بَعْدَ الْحُلُولِ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ( وَاسْتَرَدَّ الْعُرُوضَ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ بَعْدَمَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَاسْتَرَدَّ الْعُرُوضَ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ وَهُوَ الْفَقِيرُ إلَّا أَنَّ الرَّدَّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إقَالَةٌ ( وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ يَمْنَعُهَا ) أَيْ الْإِقَالَةَ ( لَا هَلَاكُ الثَّمَنِ ) لِأَنَّهَا رَفْعُ الْبَيْعِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَبِيعُ لَا الثَّمَنُ وَلِهَذَا إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِخِلَافِ هَلَاكِ الثَّمَنِ ( وَهَلَاكُ بَعْضِهِ ) أَيْ بَعْضِ الْمَبِيعِ يَمْنَعُهَا ( بِقَدْرِهِ ) اعْتِبَارٌ لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَلَوْ تَقَايَضَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا وَلَا تَبْطُلُ بِهَلَاكِهِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ فَكَانَ الْبَيْعُ بَاقِيًا .

( قَوْلُهُ : وَذَكَرَ الْخَامِسَ
إلَخْ ) يُزَادُ سَادِسٌ هُوَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ صَرْفًا فَالتَّقَابُضُ مِنْ كِلَا الْجَانِبَيْنِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْإِقَالَةِ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الشَّرْعِ كَبَيْعٍ جَدِيدٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَهَلَاكُ بَعْضِهِ بِقَدْرِهِ ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ أَرْشَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا رَدَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَأَخَذَ الْعَبْدَ وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مِنْ أَرْشِ الْيَدِ وَيَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ تَقَايَضَا ) بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ أَيْ تَبَايَعَا بَيْعَ الْمُقَايَضَةِ فَهَلَكَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ وَعَلَى مُشْتَرِي الْهَالِكِ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَيُسَلِّمُهُ إلَى صَاحِبِهِ وَيَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ مِنْهُ ، وَكَذَا لَوْ تَقَايَلَا وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِمَا قَائِمَانِ ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ وَلَوْ هَلَكَ الْآخَرُ قَبْلَ الرَّدِّ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ بَعْدَ هَلَاكٍ عَرَضَ جُعِلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَقَبَضَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْهَالِكِ أَوْ مِثْلَهُ كَمَا فِي حَقِيقَةِ الْمُقَايَضَةِ وَهَلَاكِ الْبَدَلَيْنِ فِي الصَّرْفِ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ الْإِقَالَةِ لِعَدَمِ لُزُومِ رَدِّ عَيْنِ الْمَقْبُوضِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ بَلْ يَرُدُّهُ أَوْ مِثْلُهُ فَلَا تَتَعَلَّقُ الْإِقَالَةُ بِعَيْنِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْبِيَاعَاتِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْفَتْحِ وَالْجَوْهَرَةِ .

( بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ ) ( الْأُولَى بَيْعُ مَا مَلَكَهُ ) لَمْ يَقُلْ بَيْعُ الْمُشْتَرِي لِيَتَنَاوَلَ مَا إذَا ضَاعَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ حَيْثُ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً وَتَوْلِيَةً عَلَى مَا ضَمِنَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرَاءٌ ( بِمِثْلِ مَا قَامَ عَلَيْهِ ) لَمْ يَقُلْ بِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لَيْسَ ثَمَنُهُ الْأَوَّلَ بَلْ مِثْلَهُ وَقَالَ بِمِثْلِ مَا قَامَ عَلَيْهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَضُمَّ أَجْرَ الْقَصَّارِ وَنَحْوِهِ إلَى الثَّمَنِ وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا ( بِزِيَادَةٍ ) عَلَى مَا قَامَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ ( وَالثَّانِيَةُ بَيْعُهُ بِهِ ) أَيْ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ ( بِدُونِهَا ) أَيْ بِدُونِ الزِّيَادَةِ ( وَالثَّالِثَةُ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ ) أَيْ مِمَّا قَامَ عَلَيْهِ ( وَشَرْطُهَا ) أَيْ الْبُيُوعِ الثَّلَاثَةِ ( شِرَاؤُهُ ) أَيْ شِرَاءُ مَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً وَنَحْوِهَا ( بِمِثْلِيٍّ ) مِنْ الْمَوْزُونَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ ( أَوْ مَمْلُوكٍ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ) وَاللَّامُ فِي ( لِلْمُشْتَرِي ) مُتَعَلِّقٌ بِمَمْلُوكٍ ( وَالرِّبْحُ مِثْلِيٌّ مَعْلُومٌ ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْبُيُوعَ لَا تَصِحُّ إذَا كَانَ عِوَضُ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ سَابِقًا قِيَمِيًّا لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ الْخِيَانَةِ وَشُبْهَتِهَا وَالِاحْتِرَازُ عَنْ الْخِيَانَةِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ إنْ أَمْكَنَ فَقَدْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ شُبْهَتِهَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَّا بِقِيمَةِ مَا دَفَعَ فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ إذْ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ عَيْنِهِ حَيْثُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا دَفْعُ مِثْلِهِ إذْ الْغَرَضُ عَدَمُهُ فَتَعَيَّنَتْ الْقِيمَةُ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ تُعْرَفُ بِالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ فَيَتَمَكَّنُ فِيهِ شُبْهَةُ الْخِيَانَةِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُرَابَحَةً مِمَّنْ مَلَكَ ذَلِكَ الْبَدَلَ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ

فَاشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً بِرِبْحٍ مَعْلُومٍ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ الْمَوْصُوفِ لِاقْتِدَارِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِرِبْحٍ زِيَادَةً فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِرَأْسِ الْمَالِ وَبَعْضِ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَصَارَ الْبَائِعُ بَائِعًا لِلْمَبِيعِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الْقِيَمِيِّ كَالثَّوْبِ مَثَلًا وَبِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الثَّوْبِ وَالْجُزْءُ الْحَادِيَ عَشَرَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْقِيمَةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَلَا يَجُوزُ .

( بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضْعِيَّةِ ) ( قَوْلُهُ : الْأُولَى بَيْعُ مَا مَلَكَهُ
إلَخْ ) يَرُدُّ عَلَيْهِ الْمِثْلِيُّ إذَا غَيَّبَهُ الْغَاصِبُ وَقَضَى عَلَيْهِ بِمِثْلِ مِلْكِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِأَزْيَدَ مِنْهُ لِكَوْنِهِ رِبًا وَلَا يُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ( قَوْلُهُ وَشَرْطُهَا شِرَاؤُهُ ) يَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَغْصُوبُ الْقِيَمِيَّ إذْ لَيْسَ فِيهِ شِرَاءٌ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لَمَّا عَبَّرَ بِهِ أَنْ يَقُولَ وَشَرْطُهَا مِلْكُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا فَرَّ مِنْهُ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِرِبْحٍ ده يازده فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِرَأْسِ الْمَالِ وَبِبَعْضِ قِيمَتِهِ ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِنَّ مَعْنَى ده يازده كُلُّ عَشَرَةٍ أَحَدَ عَشَرَ وَهَذَا فَرْعُ مَعْرِفَةِ الْعَشَرَاتِ وَهُوَ بِتَقْدِيمِ الْعَبْدِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ ده يازده مَعْنَاهُ الْعَشَرَةُ أَحَدُ عَشَرَ أَيْ كُلُّ عَشَرَةٍ رِبْحُهَا وَاحِدٌ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ جِنْسِ الْعَشَرَة وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ مَفْهُومِ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَزِمَ ذَلِكَ رَفْعًا لِلْجَهَالَةِ وَلَا تَثْبُتُ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَابَحَةُ عَلَى الْعَبْدِ بده يازده يَقْتَضِي أَنَّهُ بَاعَهُ بِالْعَبْدِ وَبِبَعْضِهِ أَوْ بِمِثْلِ بَعْضِهِ وَهُوَ كُلُّ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ الْعَبْدِ رِبْحُهَا جُزْءٌ آخَرُ مِنْهُ وَحِينَ عَرَفَ أَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَحَدَ عَشَرَ لَزِمَ حِينَئِذٍ مَا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّهُ بَاعَهُ بِالْعَبْدِ وَبِبَعْضِ قِيمَتِهِ .
ا هـ .

( وَلَهُ ) أَيْ لِلْبَائِعِ ( ضَمُّ أَجْرِ الْقَصَّارِ وَالصَّبْغِ ) بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وَبِالْكَسْرِ مَا يُصْبَغُ بِهِ ( وَالطِّرَازِ ) عَلَمُ الثَّوْبِ ( وَالْفَتْلِ وَالْحَمْلِ وَطَعَامِ الْمَبِيعِ وَكِسْوَتِهِ وَسُوقِ الْغَنَمِ وَالسِّمْسَارِ الْمَشْرُوطِ أَجْرُهُ فِي الْعَقْدِ ) فَإِنَّ أُجْرَةَ السِّمْسَارِ إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ تُضَمُّ وَإِلَّا فَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَضُمُّ بِخِلَافِ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ فَإِنَّهَا لَا تَضُمُّ اتِّفَاقًا ( إلَى ثَمَنِهِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ضُمَّ ، وَإِنَّمَا ضُمَّتْ إلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ كَالصَّبْغِ وَأَخَوَاتِهِ أَوْ فِي قِيمَتِهِ كَالْحَمْلِ وَالسُّوقِ ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ فَيُلْحِقُ أُجْرَتَهَا بِرَأْسِ الْمَالِ ، وَإِنْ فَعَلَ الْمُشْتَرِي بِيَدِهِ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ مِنْ الْفَتْلِ وَنَحْوِهِ لَا يَضُمُّهُ وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ مَا يَزِيدُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ قِيمَتِهِ يَضُمُّ وَمَا لَا فَلَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .

( قَوْلُهُ : وَالسِّمْسَارِ الْمَشْرُوطِ أَجْرُهُ فِي الْعَقْدِ ) هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ وَيَضُمُّ أُجْرَةَ السِّمْسَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي جَامِعِ الْبَرَامِكَةِ لَا يَضُمُّ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِبَيَانِ الْمُدَّةِ وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْعُرْفُ وَقِيلَ : إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ تَضُمُّ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَطَعَامِ الْمَبِيعِ ) قَالَ الْكَمَالُ إلَّا مَا كَانَ صَرْفًا أَيْ فَيَسْقُطُ الزَّائِدُ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَيُحْسَبُ مَا عَدَاهُ ا هـ .
وَيَضُمُّ عَلَفَ الدَّوَابِّ إلَّا أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مُتَوَلِّدٌ مِنْهَا كَأَلْبَانِهَا وَبَيْضِهَا وَأَصْوَافِهَا وَسَمْنِهَا فَيَسْقُطُ قَدْرُ مَا نَالَ وَيَضُمُّ مَا زَادَ بِخِلَافِ أَجْرِ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ وَالدَّارِ فَإِنَّهُ يُرَابِحُ مَعَ ضَمِّ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَيْسَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْعَيْنِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ فَإِنَّهَا لَا تُضَمُّ اتِّفَاقًا ) مَبْنَاهُ عَلَى الْعَادَةِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ وَقِيلَ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ لَا تَضُمُّ كُلَّ هَذَا مَا لَمْ تَجْرِ عَادَةُ التُّجَّارِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ فَعَلَ الْمُشْتَرِي بِيَدِهِ إلَخْ ) كَذَا لَا يَضُمُّ مِنْهَا شَيْئًا تَطَوَّعَ بِهِ مُتَطَوِّعٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ .

( لَا ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ( ضَمُّ أَجْرِ الطَّبِيبِ ) لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ شَيْئًا فِي الْعَيْنِ وَلَا فِي الْقِيمَةِ .
( وَ ) أَجْرُ ( الْمُعَلِّمِ ) لِأَنَّ أَجْرَهُ لَمْ يُزِدْ مَالِيَّةَ الْمَبِيعِ فَإِنَّ التَّعَلُّمَ حَصَلَ فِيهِ لِذِهْنِهِ وَشَغْلِهِ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيمُهُ شَرْطًا وَهُوَ لَا يَكْفِي فِي الضَّمِّ ( وَالدَّلَّالِ وَالرَّاعِي وَنَفَقَةِ نَفْسِهِ ) فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُ فِي الْمَبِيعِ شَيْئًا بِخِلَافِ أَجْرِ السِّمْسَارِ الْمَشْرُوطِ وَنَفَقَةِ الْمَبِيعِ كَمَا مَرَّ .
( قَوْلُهُ : وَأَجْرُ الْمُعَلِّمِ
إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ لَا شَكَّ فِي حُصُولِ الزِّيَادَةِ بِالتَّعْلِيمِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْ التَّعْلِيمِ عَادَةً وَكَوْنُهُ بِمُسَاعَدَةِ الْقَابِلِيَّةِ فِي الْمُتَعَلِّمِ هُوَ كَقَابِلِيَّةِ الثَّوْبِ لِلصَّبْغِ فَلَا يَمْنَعُ نِسْبَتَهُ إلَى التَّعْلِيمِ كَمَا لَا يَمْنَعُ نِسْبَتَهُ إلَى الصَّبْغِ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ وَالتَّعْلِيمُ عِلَّةٌ عَادِيَةٌ فَكَيْفَ لَا يُضَمُّ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ أَضَافَ نَفْيَ ضَمِّ الْمُنْفِقِ فِي التَّعْلِيمِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عُرْفٌ قَالَ وَكَذَا تَعْلِيمُ الْغِنَاءِ وَالْعَرَبِيَّةِ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ عُرْفٌ ظَاهِرٌ يَلْحَقُ بِرَأْسِ الْمَالِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : أَيْ ظَهَرَ خِيَانَتُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ إقْرَارُهُ أَوْ بِنُكُولِهِ ) هُوَ الْمُخْتَارُ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ بِدَعْوَاهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَيِّنَةٌ وَلَا نُكُولٌ وَأُلْحِقَ سَمَاعُهَا كَدَعْوَى الْعَيْبِ وَدَعْوَى الْحَطِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ

( وَجُعْلُ الْآبِقِ وَكِرَاءُ بَيْتِ الْحِفْظِ ) فَإِنَّهُمَا أَيْضًا لَا يَزِيدَانِ شَيْئًا بِخِلَافِ كِرَاءِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ لِإِفَادَتِهِ زِيَادَةً فِي الْقِيمَةِ ( وَيَقُولُ ) الْبَائِعُ حِينَ الْبَيْعِ وَضَمُّ مَا يَجُوزُ ضَمُّهُ ( قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا لَا اشْتَرَيْته بِكَذَا ) تَحَرُّزًا عَنْ الْكَذِبِ ( خَانَ ) أَيْ الْبَائِعُ ( فِي الْمُرَابَحَةِ ) أَيْ ظَهَرَ خِيَانَتُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِنُكُولِهِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ ( أَخَذَهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( بِثَمَنِهِ أَوْ رَدَّهُ وَفِي التَّوْلِيَةِ حَطَّ ) إذْ لَوْ لَمْ يَحُطَّ فِي التَّوْلِيَةِ لَمْ تَبْقَ تَوْلِيَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَيَصِيرُ مُرَابَحَةً فَيَتَغَيَّرُ بِهِ التَّصَرُّفُ وَلَوْ لَمْ يَحُطَّ فِي الْمُرَابَحَةِ تَبْقَى مُرَابَحَةً عَلَى حَالِهَا ، وَإِنْ كَانَ الرِّبْحُ أَكْثَرَ مِمَّا ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَتَغَيَّرُ التَّصَرُّفُ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِفَوَاتِ الرِّضَا .

( وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ ) أَوْ اسْتَهْلَكَهُ فِي الْمُرَابَحَةِ ( قَبْلَ الرَّدِّ أَوْ حَدَثَ بِهِ مَانِعٌ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الرَّدِّ ( لَزِمَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ ) الْمُسَمَّى ( وَسَقَطَ خِيَارُهُ ) لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ اخْتِيَارٍ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ لِلْمُشْتَرِي الْجُزْءُ الْفَائِتُ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ
إلَخْ ) لُزُومُ جَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْأُصُولِ أَنَّهُ يَفْسَخُ الْبَيْعَ عَلَى الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .

( شَرَى ثَانِيًا بَعْدَ بَيْعِهِ بِرِبْحٍ فَإِنْ رَابَحَ ) أَيْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً ( طَرَحَ عَنْهُ مَا رَبِحَ ) أَيْ كُلَّ رِبْحٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ( وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الرِّبْحُ الثَّمَنَ لَمْ يُرَابِحْ ) صُورَتُهُ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعِشْرِينَ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً بِثَلَاثِينَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ وَبَاعَهُ بِأَرْبَعِينَ مُرَابَحَةً ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً أَصْلًا لِأَنَّ شُبْهَةَ حُصُولِ الرِّبْحِ الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي ثَابِتَةٌ ؛ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ بِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ بِالْوُقُوفِ عَلَى عَيْبٍ وَالشُّبْهَةُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ كَالْحَقِيقَةِ احْتِيَاطًا بِخِلَافِ مَا إذَا تَخَلَّلَ ثَالِثٌ بِأَنْ اشْتَرَى مِنْ مُشْتَرِي مُشْتَرِيهِ ؛ لِأَنَّ التَّأَكُّدَ حَصَلَ بِغَيْرِهِ ( يُرَابَحُ ) أَيْ جَازَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً .
قَوْلُهُ : وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الرِّبْحُ الثَّمَنَ لَمْ يُرَابِحْ ) يَعْنِي بِلَا بَيَانٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ ، فَإِنْ بَيَّنَ وَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي جَازَ ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ لِمَعْنًى رَاجِعٍ إلَى الْعِبَادِ لَا الشَّرْعِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِبَيْعِهِ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَخِيرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .

( سَيِّدٌ شَرَى مِنْ مَأْذُونِهِ الْمُحِيطِ دَيْنَهُ بِرَقَبَتِهِ ) قَيَّدَ بِهِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَبَاعَ مِنْ مَوْلَاهُ شَيْئًا لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمَوْلَى شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَلَا مِلْكُ التَّصَرُّفِ ( عَلَى مَا شَرَى الْمَأْذُونُ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُرَابِحُ ، صُورَتُهُ اشْتَرَى عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَبَاعَهُ مِنْ الْمَوْلَى بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ ( كَعَكْسِهِ ) وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَوْلَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ الْمَدْيُونُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ أَيْضًا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةِ ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْعَقْدِ ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُهُ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يَخْلُو عَنْ حَقِّهِ فَاعْتُبِرَ عَدَمًا فِي حَقِّ الْمُرَابَحَةِ لِابْتِنَائِهَا عَلَى الْأَمَانَةِ فَبَقِيَ الِاعْتِبَارُ لِلشِّرَاءِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كَأَنَّ الْعَبْدَ اشْتَرَاهُ لِلْمَوْلَى بِعَشَرَةٍ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَيَبِيعُهُ لِلْمَوْلَى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي ، فَيُعْتَبَرُ الثَّمَنُ فِي الْأَوَّلِ .
( قَوْلُهُ : شَرَى مِنْ مَأْذُونِهِ
إلَخْ ) كَذَا مِنْ مُكَاتَبِهِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .

.
( وَ ) يُرَابِحُ ( رَبُّ الْمَالِ عَلَى مَا شَرَاهُ مُضَارِبُهُ بِالنِّصْفِ ) مُتَعَلِّقُ بِ " مُضَارِبُهُ " ( أَوَّلًا ) مُتَعَلِّقٌ بَشَرَاهُ .
( وَ ) عَلَى ( نِصْفِ مَا رَبِحَ بِشِرَائِهِ ثَانِيًا مِنْهُ ) أَيْ مِنْ مُضَارِبِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِشِرَائِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسَةِ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفَ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ وَإِنْ قُضِيَ بِجَوَازِهِ عِنْدَنَا إذَا عُدِمَ الرِّبْحُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ هَاهُنَا ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا بِيعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَفِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ وَكِيلٌ عَنْ رَبِّ الْمَالِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ فَاعْتُبِرَ الْبَيْعُ الثَّانِي عَدَمًا فِي حَقِّ نِصْفِ الرِّبْحِ ( يُرَابِحُ بِلَا بَيَانٍ بِالتَّعَيُّبِ وَوَطْءِ الثَّيِّبِ ) يَعْنِي اشْتَرَى جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ أَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ ( وَلَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ ) يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إذْ لَمْ يَحْتَبِسْ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ إلَّا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا وَلِهَذَا قَالَ وَلَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا بِكَذَا مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ أَصَابَهُ الْعَيْبُ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَأَمَّا نَفْسُ الْعَيْبِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ بِأَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ وَالثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ الْعَيْبُ عِنْدَهُ ( كَقَرْضِ الْفَأْرِ وَحَرْقِ النَّارِ لِلْمُشْتَرِي ) فَإِنَّ مَا ضَاعَ بِالْقَرْضِ أَوْ الْحَرْقِ ، وَإِنْ كَانَ جُزْءًا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَالْعُذْرَةِ لَمْ يُحَبِّسْ عِنْدَهُ .

( قَوْلُهُ يَعْنِي اشْتَرَى جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ ) أَيْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ بَلْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِصُنْعِهَا بِنَفْسِهَا لِأَنَّهُ هَدَرٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ كَمَا إذَا احْتَبَسَ بِفِعْلِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَقَوْلُ زُفَرَ أَجْوَدُ وَبِهِ نَأْخُذُ قَالَ الْكَمَالُ وَاخْتِيَارُ هَذَا حَسَنٌ ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْمُرَابَحَةِ عَلَى عَدَمِ الْخِيَانَةِ وَعَدَمُ ذِكْرِ أَنَّهَا انْتَقَصَتْ إيهَامٌ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ كَانَ لَهَا نَاقِصَةٌ .

.
( وَ ) يُرَابَحُ ( بِبَيَانٍ بِالتَّعَيُّبِ ) بِأَنْ فَقَأَ عَيْنَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ فَقَأَهَا أَجْنَبِيٌّ فَأَخَذَ أَرْشَهَا لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ فَيُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ( وَوَطْءُ الْبِكْرِ ) لِأَنَّ الْعُذْرَةَ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ ، وَقَدْ حَبَسَهَا ( كَتَكَسُّرِهِ بِنَشْرِهِ وَطَيِّهِ ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ ( شَرَى بِنَسِيئَةٍ وَرَابَحَ بِلَا بَيَانٍ ) يَعْنِي اشْتَرَى شَيْئًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً وَبَاعَهُ بِرِبْحِ مِائَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَعَلِمَ الْمُشْتَرِي ( خُيِّرَ مُشْتَرِيهِ ) إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُشْبِهُ الْمَبِيعَ حَتَّى يُزَادَ فِي الْمَبِيعِ لِأَجْلِ الْأَجَلِ ، وَالشُّبْهَةُ هَاهُنَا مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَبَاعَ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً بِثَمَنِهَا فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ عِلْمِهِ بِالْخِيَانَةِ ( فَإِنْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ عَلِمَ لَزِمَهُ كُلُّ ثَمَنِهِ ) وَهُوَ أَلْفٌ وَمِائَةٌ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ( كَذَا التَّوْلِيَةُ ) يَعْنِي إنْ كَانَ وَلَّاهُ إيَّاهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ خُيِّرَ ؛ لِأَنَّ الْخِيَانَةَ فِي التَّوْلِيَةِ مِثْلُهَا فِي الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ عَلِمَ لَزِمَهُ بِأَلْفٍ حَالٍّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَجَلَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ( وَلِيَ ) رَجُلًا شَيْئًا ( بِمَا قَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيهِ قَدْرَهُ ) أَيْ قَدْرَ مَا قَامَ عَلَيْهِ ( فَسَدَ ) الْبَيْعُ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ ( وَإِنْ عَلِمَ ) أَيْ الْمُشْتَرِي قَدْرَهُ ( فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ ) الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ ( وَخُيِّرَ ) الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَمْ يَتِمَّ قَبْلَهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ فَيَتَخَيَّرُ كَمَا فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ .

( قَوْلُهُ : وَيُرَابِحُ بِبَيَانٍ بِالتَّعَيُّبِ ) كَذَا لَوْ اشْتَرَى مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ مِنْ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَالزَّوْجَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالِ صَاحِبِهِ وَلِأَنَّهُ يُحَابِيهِمْ فَصَارَ كَالشِّرَاءِ مِنْ عَبْدِهِ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ سَوَاءً عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا أَوْ مَمَالِيكُهُ اشْتَرَوْا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ قَوْلُهُ أَوْ فَقَأَهَا أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ أَرْشَهَا ) لَيْسَ أَخْذُ الْأَرْشِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ إذَا عَوَّرَهَا الْأَجْنَبِيُّ لَا يُرَابَحُ بِلَا بَيَانٍ لِتَحَقُّقِ وُجُوبِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .

( فَصْلٌ ) ( صَحَّ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا الْمَنْقُولِ ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا اشْتَرَيْتَ شَيْئًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ } وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْمَنْقُولِ وَلَهُمَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ وَوَقَعَ فِي مَحِلِّهِ وَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِاحْتِمَالِ الْهَلَاكِ وَهُوَ فِي الْعَقَارِ نَادِرٌ حَتَّى لَوْ تُصُوِّرَ هَلَاكُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْمَنْقُولِ ، وَقَدْ اضْطَرَبَ هَاهُنَا كَلِمَاتُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْأَظْهَرُ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْأُصُولِ مَا ذُكِرَ فِي الْعِنَايَةِ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْمَنْقُولِ وَغَيْرِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } لَكِنْ خَصَّ مِنْهُ الرِّبَا بِدَلِيلٍ مُسْتَقَلٍّ مُقَارِنٍ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَحَرَّمَ الرِّبَا } وَالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ } ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُولًا بِغَرَرِ الِانْفِسَاخِ أَوَّلًا ، فَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ الْمَطْلُوبُ حَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُ الْعَقَارَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ } وَبَيَّنَهُ وَبَيَّنَ أَدِلَّةَ الْجَوَازِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّرْكَ وَجَعَلَهُ مَعْلُولًا بِذَلِكَ إعْمَالًا لِثُبُوتِ التَّوْفِيقِ حِينَئِذٍ وَالْإِعْمَالُ مُتَعَيَّنٌ لَا مَحَالَةَ فَيَكُونُ مُخْتَصًّا بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْعِوَضِ قَبْلَ الْقَبْضِ .

( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ : صَحَّ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ إجَارَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ كَمَا قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْقُولِ وَالْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ فَيُمْتَنَعُ جَوَازُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ .
وَفِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، كَذَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : لَا الْمَنْقُولُ ) أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَنَفْيُ الصِّحَّةِ يَحْتَمِلُ ثُبُوتَ فَسَادِ الْعَقْدِ وَبُطْلَانَهُ صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ فِي الْمَوَاهِبِ فَقَالَ وَفَسَدَ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ ا هـ .
وَصَرَّحَ بِالثَّانِي فِي الْجَوْهَرَةِ وَنَصُّهُ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ : إذَا اشْتَرَى مَنْقُولًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مِنْ بَائِعِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ، فَإِنْ بَاعَهُ فَالْبَيْعُ الثَّانِي بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ جَائِزٌ ا هـ .
وَفَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَيْعِ لِتَكُونَ اتِّفَاقِيَّةً مَعَ مُحَمَّدٍ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ وَكَذَا الْإِجَارَةُ قَالَ الْكَمَالُ ، وَقَدْ أُلْحِقَ بِالْبَيْعِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا التَّصَدُّقُ بِهِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَا إقْرَاضُهُ وَرَهْنُهُ مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ ا هـ .
وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ وَالْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ يَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْكِتَابَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُبَادَلَةٍ كَالْبَيْعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ مِنْ الْبَيْعِ جَوَازًا ، وَإِنْ زَوَّجَ جَارِيَتَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ ا هـ وَيَكُونُ وَطْءُ زَوْجِهَا قَبْضًا لَا عَقْدُهُ .

( شَرَى الْكَيْلِيُّ كَيْلًا لَا جُزَافًا ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ مُعَرَّبُ كزافا وَيَجُوزُ فِي الْجِيمِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ ( لَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَأْكُلْهُ حَتَّى يَكِيلَهُ ) لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ صَاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَذَلِكَ لِلْبَائِعِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ جُزَافًا ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الثَّوْبَ مُذَارَعَةً ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ إذْ الذَّرْعُ وَصْفٌ فِي الثَّوْبِ بِخِلَافِ الْقَدْرِ كَمَا مَرَّ ذِكْرُ الشِّرَاءِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ جَازَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ الْكَيْلِ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْمَكِيلِ مَبِيعًا ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَنًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ مُطْلَقًا ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( إلَّا أَنْ يَكِيلَ الْبَائِعُ بَعْدَ بَيْعِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِكَيْلٍ وَاحِدٍ وَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى التَّسْلِيمِ وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ اجْتِمَاعُ الصَّفْقَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ ، وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَاعَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَهُوَ الشَّرْطُ وَكَذَا لَوْ كَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ إذْ بِهِ يَعْلَمُ الْمَبِيعُ وَلَا تَسْلِيمَ إلَّا بِحَضْرَتِهِ ( كَذَا الْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ ) أَيْ لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَأْكُلُهُ حَتَّى يَزِنَهُ أَوْ يَعُدَّهُ ثَانِيًا وَيَكْفِي أَنْ وَزْنَهُ أَوْ عَدَّهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي ( لَا الْمَذْرُوعُ ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَذْرُوعَاتِ ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الذَّرْعِ لِمَا مَرَّ مِرَارًا أَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي ، قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ ذِرَاعٍ

ثَمَنًا ، وَإِنْ سَمَّى فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَذْرَعَ .

( قَوْلُهُ : ذَكَرَ الشِّرَاءَ
إلَخْ ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشُ فَيَرْجِعُ قَوْلُهُ جَازَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِقَوْلِهِ أَوْ وَصِيَّةٌ وَيَرْجِعُ قَوْلُهُ قَبْلَ الْمَكِيلِ لِقَوْلِهِ بِهِبَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْهُوبِ بِقَبْضِهِ وَفِي الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَصِيِّ ، يُوَضِّحُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَلَكِ قَيَّدْنَا بِالِاشْتِرَاءِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ قَبْلَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ ا هـ قَوْلُهُ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْمَكِيلِ مَبِيعًا ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَنًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ مُطْلَقًا ) قَالَ الْكَمَالُ بِأَنْ اشْتَرَى بِهَذَا الْبُرِّ عَلَى أَنَّهُ كُرُّهُ فَقَبَضَهُ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ مَا هُوَ تَمَامُ قَبْضِهِ ا هـ .
وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَذْكُرَ هُنَا مَا يُمَيِّزُ الْمَبِيعَ عَنْ الثَّمَنِ فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَثْمَانٌ أَبَدًا أَيْ عَلَى حَالٍ سَوَاءٌ صَحِبَهَا حَرْفُ الْبَاءِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يُقَابِلُهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَذَوَاتُ الْقِيَمِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ مَبِيعَةٌ أَبَدًا وَالْمِثْلِيَّاتُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ الْمُتَقَارِبَةِ إذَا قُوبِلَتْ بِالنَّقْدِ مَبِيعَةً أَوْ بِالْأَعْيَانِ وَهِيَ مُعَيَّنَةُ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ فَمَبِيعَةٌ كَمَنْ قَالَ اشْتَرَيْتُ كُرًّا مِنْ الْحِنْطَةِ بِهَذَا الْعَبْدِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرَائِطِ السَّلَمِ وَقَبْلَ الْمِثْلِيَّاتِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً وَقُوبِلَتْ بِغَيْرِهَا ثَمَنٌ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهَا الْبَاءُ إذَا عُرِفَ هَذَا فَالْأَثْمَانُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ اسْتِبْدَالًا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَرْضِ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمِثْلِيَّاتُ

غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ مَا نَصَّهُ ، وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ أَيْ الْمِثْلِيَّاتُ ، فَإِنْ صَحِبَهَا حَرْفُ الْبَاءِ وَقَابَلَهَا مَبِيعٌ فَهِيَ ثَمَنٌ ، وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهَا حَرْفُ الْبَاءِ وَلَمْ يُقَابِلْهَا ثَمَنٌ فَهِيَ مَبِيعَةٌ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ ا هـ .
( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكِيلَ الْبَائِعُ بَعْدَ بَيْعِهِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي هُوَ الصَّحِيحُ ) وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَحَضْرَةُ وَكِيلِهِ بِالْقَبْضِ كَحَضْرَتِهِ وَقِيلَ لَا يَكْتَفِي بِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ صَاعَيْنِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْحِ .

( جَازَ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ كَالنُّقُودِ أَوْ يَتَعَيَّنُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ حَتَّى لَوْ بَاعَ إبِلًا بِدَرَاهِمَ أَوْ بِكُرٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهَا شَيْئًا آخَرَ لِوُجُودِ الْمُجَوِّزِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَانْتِفَاءُ الْمَانِعِ وَهُوَ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ هُوَ الْمَبِيعُ وَبِهَلَاكِهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ النُّقُودِ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ فَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ وَثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ فِي صُورَةِ الْمُقَايَضَةِ بِهَلَاكِ أَحَدِهِمَا ، وَقَدْ مَرَّ .
( وَ ) جَازَ ( زِيَادَةُ الْمُشْتَرِي فِيهِ ) أَيْ الثَّمَنِ ( إنْ قَامَ الْمَبِيعُ ) لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقُمْ لَمْ يَبْقَ بِحَالَةٍ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَوْجُودٍ وَالشَّيْءُ يَثْبُتُ ثُمَّ يُسْتَنَدُ وَلَمْ تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ لِعَدَمِ مَا يُقَابِلُهُ فَلَا يُسْتَنَدُ أَيْ لَا يَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ بِالِاسْتِنَادِ .
( وَ ) جَازَ ( حَطُّ الْبَائِعِ عَنْهُ ) لِأَنَّهُ بِحَالٍ يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْبَدَلِ عَمَّا يُقَابِلُهُ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا وَالْإِسْقَاطُ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ مَا يُقَابِلُهُ فَيَثْبُتُ الْحَطُّ فِي الْحَالِ وَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ اسْتِنَادًا .
( وَ ) جَازَ ( زِيَادَتُهُ ) أَيْ الْبَائِعِ ( فِي الْمَبِيعِ ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي حَقِّهِ وَمِلْكِهِ ( وَيَتَعَلَّقُ الِاسْتِحْقَاقُ ) أَيْ اسْتِحْقَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ( بِالْكُلِّ ) أَيْ كُلِّ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالزَّائِدِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ فَالزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ يَلْتَحِقَانِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهُمَا بِالْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ يُغَيِّرَانِ الْعَقْدَ مِنْ وَصْفٍ مَشْرُوعٍ إلَى وَصْفٍ مَشْرُوعٍ وَهُوَ كَوْنُهُ رَابِحًا أَوْ خَاسِرًا أَوْ عَدْلًا ، وَلَهُمَا وِلَايَةُ الرَّفْعِ فَأَوْلَى أَنْ تَكُونَ وِلَايَةُ التَّغْيِيرِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ إذَا

اسْتَحَقَّ مُسْتَحِقُّ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ فَالِاسْتِحْقَاقُ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَزِيدِ وَالْمَزِيدِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الزَّائِدُ صِلَةً مُبْتَدَأَةً كَمَا هُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ أَقُولُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَدَارَ هَذَا الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ مُجَرَّدَ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَهُ ، وَإِنْ ادَّعَاهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَأَثْبَتَهُ أَخَذَهُ ، وَكَذَا إنْ ادَّعَى الزِّيَادَةَ فَقَطْ ، ثُمَّ إنَّ حُكْمَ الِالْتِحَاقِ يَظْهَرُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ ( فَيُرَابِحُ وَيُوَلِّي عَلَيْهِ ) أَيْ الْكُلِّ ( إنْ زِيدَ وَعَلَى الْبَاقِي إنْ حَطَّ ) فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا حَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي قَالَ لِآخَرَ وَلَّيْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ وَقَعَ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْحَطِّ فَكَانَ الْحَطُّ بَعْدَ الْعَقْدِ مُلْحِقًا بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَكَانَ الثَّمَنُ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ هُوَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَكَذَا إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَصْلِ الثَّمَنِ أَوْ الْبَائِعُ عَلَى أَصْلِ الْمَبِيعِ .

( قَوْلُهُ : جَازَ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ بَدَلُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ ؛ لِأَنَّ لِلْمَقْبُوضِ مِنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ حُكْمَ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالِاسْتِبْدَالُ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا فِي الصَّرْفِ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ نَحْوُ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ كَالثَّمَنِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ كَالْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ وَضَمَانِ الْمُتْلِفَاتِ وَغَيْرِهَا كَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَبَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ دَمٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْجَوْهَرَةِ .
( قَوْلُهُ : وَجَازَ زِيَادَةُ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَيْ الثَّمَنِ ) قَالَ الْكَمَالُ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَضَمِنَهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا عِوَضًا ا هـ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا ( قَوْلُهُ إنْ قَامَ الْمَبِيعُ ) أَيْ شَرَطَ جَوَازَ الزِّيَادَةِ قِيَامَ الْمَبِيعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَوْ هَلَكَ حَقِيقَةً بِأَنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ الدَّابَّةُ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ رَهَنَ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ طَبَخَ اللَّحْمَ أَوْ طَحَنَ أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَسْلَمَ مُشْتَرِي الْخَمْرِ ذِمِّيًّا لَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْعَقْدِ إذَا الْعَقْدُ لَمْ يُرَدَّ عَلَى الْمَطْحُونِ وَالْمَنْسُوجِ وَكَذَا الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ شَرْطُهُ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ الْمَبِيعَةَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ رَهَنَ أَوْ خَاطَ الثَّوْبَ أَوْ اتَّخَذَ الْحَدِيدَ سَيْفًا أَوْ قَطَعَ يَدَ الْمَبِيعِ فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَهُ ثُمَّ زَادَ ثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ هَذَا ، وَقَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ احْتِرَازٌ عَمَّا رَوَاهُ الْحَسَنُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الزِّيَادَةَ تَصِحُّ

بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ كَمَا يَصِحُّ الْحَطُّ بَعْدَ هَلَاكِهِ قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ : وَحَطُّ الْبَائِعِ ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ وَزِيَادَتُهُ أَيْ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَيَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُنْتَقَى ( قَوْلُهُ : أَقُولُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَلَيْسَ فِيمَا قَالَ إبْطَالٌ لِكَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

( وَالشَّفِيعُ يَأْخُذُهَا بِالْأَقَلِّ فِيهِمَا ) أَيْ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ وَالْحَطِّ ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْإِلْحَاقِ بِالْأَصْلِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْكُلِّ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِي الزِّيَادَةِ إبْطَالٌ لَهُ وَلَيْسَ لَهُمَا إبْطَالُهُ ( قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ بِعْ عَبْدَكَ مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ كَذَا مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ أَخَذَهُ ) أَيْ مَوْلَى الْعَبْدِ الْأَلْفَ ( مِنْ زَيْدٍ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الضَّامِنِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الثَّمَنِ فَالْأَلْفُ عَلَى زَيْدٍ ) ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْعَبْدِ ( وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْقَائِلِ أَصْلُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنُ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَتَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَكَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ ابْتِدَاءً عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ كَمَا مَرَّ وَإِنَّ أَصْلَ الثَّمَنِ لَمْ يُشْرَعْ بِغَيْرِ مَالٍ يُقَابِلُهُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ إيجَابُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِإِزَائِهِ مَالًا فَأَمَّا فُضُولُ الثَّمَنِ فَيَسْتَغْنِي عَنْهُ حَتَّى تَصِحَّ الزِّيَادَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا تَصِحُّ مِنْ الْمُشْتَرِي إذْ لَا يُسَلَّمُ لَهُمَا شَيْءٌ بِمُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ وَصَارَتْ كَبَدَلِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ إذْ لَا يُسَلَّمُ لَهُمَا شَيْءٌ إذْ الْبِضْعُ عِنْدَ الْخُرُوجِ غَيْرُ مُقَوَّمٍ لَكِنْ مَنْ شَرَطَ الزِّيَادَةَ الْمُقَابِلَةَ تَسْمِيَةً وَصُورَةً حَتَّى يَجِبَ حَسَبَ وُجُوبِ الثَّمَنِ بِوَاسِطَةِ الْمُقَابِلَةِ ، فَإِذَا قَالَ مِنْ الثَّمَنِ فَقَدْ جَعَلَ الْمِائَةَ بِمُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ صُورَةً فَوُجِدَ شَرْطُهَا فَتَصِحُّ ، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ تُوجَدْ الْمُقَابَلَةُ صُورَةً وَلَا مَعْنًى فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُهَا فَلَا تَصِحُّ وَبَقِيَ الْتِزَامُ الْمَالِ ابْتِدَاءً بِبَيْعِ دَارِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ رِشْوَةٌ وَهِيَ حَرَامٌ .

( قَوْلُهُ : قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ بِعْ عَبْدَك
إلَخْ ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ .
( قَوْلُهُ : وَتَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ ) أَيْ الزِّيَادَةُ لَكِنْ لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالشَّفِيعِ وَالْمُرَابَحَةِ فَلَا يُحْبَسُ الْمَبِيعُ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالْأَلْفِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَيُرَابَحُ عَلَى الْأَلْفِ وَيَسْتَرِدُّ الْأَجْنَبِيُّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ إقَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي ظَهَرَتْ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْعَقْدِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ، وَأَمَّا حُصُولُهَا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْمُشْتَرِي وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ .

( صَحَّ تَأْجِيلُ الدُّيُونِ ) وَإِنْ كَانَتْ حَالَّةً فِي الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ تَيْسِيرًا عَلَى الْمَدْيُونِ كَمَا لَهُ إبْرَاؤُهُ ( إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ جَهَالَةً يَسِيرَةً ) كَالتَّأْجِيلِ إلَى الْحَصَادِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فَاحِشَةً كَهُبُوبِ الرِّيحِ ( سِوَى الْقَرْضِ ) فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ انْتِهَاءٍ ، وَإِنْ كَانَ إعَارَةً وَصِلَةً ابْتِدَاءً ( إلَّا إذَا أَوْصَى بِهِ ) فَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى أَنْ يَقْرِضَ مِنْ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فُلَانًا إلَى سَنَةٍ لَزِمَ مِنْ ثُلُثِهِ أَنْ يَقْرِضُوهُ وَلَا يُطَالِبُوهُ قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالتَّبَرُّعِ وَالْوَصِيَّةُ يُتَسَامَحُ فِيهَا نَظَرًا لِلْمُوصِي وَلِذَا جُوِّزَتْ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَلَزِمَتْ ( أَوْ أَحَالَ الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ عَلَى آخَرَ بِدَيْنِهِ فَأَجَّلَهُ الْمُقْرِضُ مُدَّةً مَعْلُومَةً ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمُقْرِضُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَقْرِضَ بِذَلِكَ الدَّيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مُبَرِّئَةٌ بَرَاءَةَ الدَّيْنِ فِي رِوَايَةٍ وَبَرَاءَةَ الْمُطَالَبَةِ فِي أُخْرَى ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : سِوَى الْقَرْضِ فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَصِحُّ ) يَعْنِي لَا يَلْزَمُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ أَوْ أَحَالَ الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ
إلَخْ ) حِيلَةُ لُزُومِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

( بَابُ الرِّبَا ) ( هُوَ ) لُغَةً الْفَضْلُ مُطْلَقًا وَشَرْعًا ( فَضْلُ أَحَدِ الْمُتَجَانِسَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ) فَفَضْلُ قَفِيزَيْ شَعِيرٍ عَلَى قَفِيزِ بُرٍّ لَا يَكُونُ رِبًا لِانْتِفَاءِ الْمُجَانَسَةِ ( بِالْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ ) وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فَفَضْلُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ عَلَى خَمْسَةِ أَذْرُعٍ مِنْهُ لَا يَكُونُ رِبًا لِانْتِفَاءِ الْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ ( خَالِيًا عَنْ عِوَضٍ ) احْتِرَازٌ عَنْ بَيْعِ كُرِّ بُرٍّ وَكُرِّ شَعِيرٍ بِكُرَّيْ بُرٍّ وَكُرَّيْ شَعِيرٍ فَإِنَّ الثَّانِيَ فَاضِلٌ عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنْ غَيْرَ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ بِصَرْفِ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ ( شَرَطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ ) حَتَّى لَوْ شَرَطَ لِغَيْرِهِمَا لَا يَكُونُ رِبًا ( فِي الْمُعَاوَضَةِ ) حَتَّى لَمْ يَكُنْ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ رِبًا ( وَعِلَّتُهُ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَالْفَضْلُ رِبًا } أَيْ بِيعُوا مِثْلًا بِمِثْلٍ أَوْ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْخَبَرُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَالْبَيْعُ مُبَاحٌ صُرِفَ الْوُجُوبُ إلَى رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } حَيْثُ صُرِفَ الْإِيجَابُ إلَى الْقَبْضِ فَصَارَ شَرْطًا لِلرَّهْنِ وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ تَكُونُ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى مَعًا وَالْقَدْرُ يُسَوِّي الصُّورَةَ وَالْجِنْسِيَّةُ تُسَوِّي الْمَعْنَى فَيُنْظَرُ الْفَضْلُ الَّذِي هُوَ الرِّبَا وَلَا يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ } ( فَإِنْ وُجِدَا ) أَيْ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ ( حَرُمَ الْفَضْلُ ) كَقَفِيزِ بُرٍّ بِقَفِيزَيْنِ مِنْهُ ( وَالنَّسَاءُ ) وَلَوْ مَعَ التَّسَاوِي كَقَفِيزِ بُرٍّ بِقَفِيزٍ مِنْهُ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا نَسِيئَةً ( وَإِنْ عُدِمَا ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( حَلَّا ) أَيْ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ (

وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا ) فَقَطْ ( حَلَّ الْفَضْلُ ) كَمَا إذَا بِيعَ قَفِيزُ حِنْطَةٍ بِقَفِيزَيْ شَعِيرٍ يَدًا بِيَدٍ حَلَّ ، فَإِنْ أَجِدْ جُزْأَيْ الْعِلَّةِ وَهُوَ الْكَيْلُ مَوْجُودٌ هُنَا لَا الْجُزْءُ الْآخَرُ وَهُوَ الْجِنْسُ ، وَإِنْ بِيعَ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ مِنْ الثَّوْبِ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْهُ يَدًا بِيَدٍ حَلَّ أَيْضًا لِوُجُودِ الْجِنْسِيَّةِ ، وَإِنْ عُدِمَ الْقَدْرُ ( لَا النَّسَاءُ ) أَيْ لَا يَحِلُّ النَّسَاءُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَلَوْ بِالتَّسَاوِي فَحُرْمَةُ رِبَا الْفَضْلِ بِالْوَصْفَيْنِ وَرِبَا النَّسِيئَةِ بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ جُزْءَ الْعِلَّةِ لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ لَكِنَّهُ يُورِثُ الشُّبْهَةَ وَهِيَ فِي بَابِ الرِّبَا مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَدْنَى مِنْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الطَّرَفَيْنِ ، فَفِي النَّسِيئَةِ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ مَعْدُومٌ وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ غَيْرُ جَائِزٍ فَصَارَ هَذَا الْمَعْنَى مُرَجِّحًا لِتِلْكَ الشُّبْهَةِ فَلَمْ تَحِلَّ وَفِي غَيْرِ النَّسِيئَةِ لَمْ يَعْتَبِرْ الشُّبْهَةَ لِمَا ذُكِرَ أَنَّهَا أَدْنَى مِنْ الْحَقِيقَةِ ( كَسَلَمِ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فِي هَرَوِيٍّ ) فَإِنَّهُ لَمْ يَجُزْ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ ( وَبُرٍّ فِي شَعِيرٍ ) فَإِنَّهُ أَيْضًا لَمْ يَجُزْ لِوُجُودِ الْقَدْرِ ( وَالْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ سَوَاءٌ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ } وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ سَدَّ بَابِ الْبِيَاعَاتِ .

( بَابُ الرِّبَا ) ( قَوْلُهُ وَشَرْعًا فَضْلُ أَحَدِ الْمُتَجَانِسَيْنِ
إلَخْ ) يَرُدُّ عَلَيْهِ بَيْعُ الْمُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ جِنْسٍ نَسِيئَةً فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فَضْلٌ ، وَلِذَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ هُوَ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِصِفَةٍ أَيْ خَاصَّةٍ لِيَخْرُجَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ زِيَادَةٌ أَوْ لَا ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً رِبًا وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ .
ا هـ .
وَمِنْ شَرَائِطِ الرِّبَا عِصْمَةُ الْبَدَلَيْنِ وَكَوْنُهُمَا مَضْمُونَيْنِ بِالْإِتْلَافِ فَعِصْمَةُ أَحَدِهِمَا وَعَدَمُ تَقَوُّمِهِ لَا يُمْنَعُ فَشِرَاءُ الْأَسِيرِ أَوْ التَّاجِرِ مَالَ الْحَرْبِيِّ أَوْ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا جَائِزٌ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْبَدَلَانِ مَمْلُوكَيْنِ ؛ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَالسَّيِّدِ مَعَ عَبْدِهِ وَلَا مُشْتَرَكَيْنِ فِيهِمَا بِشَرِكَةِ عَنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ .
( قَوْلُهُ : فَفَضْلُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ
إلَخْ ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ أَيْضًا وَفَضْلُ سِتِّ حَفَنَاتٍ عَلَى خَمْسٍ لَا يَكُونُ رِبًا لِانْتِفَاءِ الْقَدْرِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ بُلُوغُ أَحَدِ الْحَفَنَاتِ نِصْفَ الصَّاعِ فَإِنَّهُ لَوْ بَلَغَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ .
( قَوْلُهُ : شَرَطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ ) أَيْ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ لِغَيْرِهِمَا لَا يَكُونُ رِبًا إلَّا أَنَّ هَذَا يَكُونُ بَيْعًا فَاسِدًا لِشُمُولِهِ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ .
( قَوْلُهُ : وَعِلَّتُهُ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ ) أَيْ مَعَ الْجِنْسِ ، وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ وَاحِدًا وَأُضِيفَ إلَيْهِ مُخْتَلِفُ الْجِنْسِ صَارَ جِنْسَيْنِ حُكْمًا حَتَّى يَجُوزَ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ مَعَ دُهْنِ الْوَرْدِ أَصْلُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الزَّيْتُ أَوْ الشَّيْرَجُ فَصَارَا جِنْسَيْنِ بِاخْتِلَافِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ مِنْ الْوَرْدِ أَوْ الْبَنَفْسَجِ نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ وَالْغَرَضِ وَلَمْ يُبَالِ بِاتِّحَادِ الْأَصْلِ كَمَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ كَسَلَمٍ هَرَوِيٍّ فِي هَرَوِيٍّ )

يَعْنِي أَوْ بَيْعُهُ بِهِ نَسِيئَةً فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا ، وَكَذَا إذَا بَاعَ شَاةً بِشَاةٍ أَوْ عَبْدًا بِعَبْدٍ نَسِيئَةً كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ ، فَإِنْ وُجِدَا حَرُمَ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ قَوْلُهُ ( فَحَرُمَ بَيْعُ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِجِنْسِهِ ) أَيْ بَيْعِ الْكَيْلِيِّ بِالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِالْوَزْنِيِّ ( مُتَفَاضِلًا وَلَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ كَالْجِصِّ ) فَإِنَّهُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ ( وَالْحَدِيدِ ) فَإِنَّهُ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ وَالطَّعْمُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا بَلْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ( وَبِالنَّسَاءِ ) عَطْفٌ عَلَى مُتَفَاضِلًا وَبِهِ يَتِمُّ التَّفْرِيعُ ( إلَّا أَنْ لَا يَتَّفِقَا ) أَيْ الْعِوَضَانِ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ فَحَرُمَ بَيْعُ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِجِنْسِهِ ( فِي صِفَةِ الْوَزْنِ ) بِأَنْ يُوزَنَ بِهِ الْآخَرُ ( كَالنُّقُودِ وَالزَّعْفَرَانِ ) وَالْقَطْرِ وَالْحَدِيدِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ الْوَزْنَ جَمَعَهُمَا ظَاهِرًا لَكِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي صِفَةِ الْوَزْنِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ يُوزَنُ بِالْأَمْنَاءِ وَالنُّقُودَ بِالصَّنَجَاتِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ مُثَمَّنٌ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَالنُّقُودَ ثَمَنٌ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِالنُّقُودِ مُوَازَنَةً بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت هَذَا الزَّعْفَرَانَ بِهَذَا النَّقْدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مِثْلًا وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ صَحَّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْوَزْنِ وَلَوْ بَاعَ الزَّعْفَرَانَ عَلَى أَنَّهُ مَنَوَانِ مَثَلًا وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ حَتَّى يُعِيدَ الْوَزْنَ ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْوَزْنِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمُهُ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقَدْرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَتَنْزِلُ الشُّبْهَةُ فِيهِ إلَى شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ الْمَوْزُونَيْنِ إذَا اتَّفَقَا كَانَ الْمَنْعُ لِلشُّبْهَةِ ، وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقَا كَانَ ذَلِكَ شُبْهَةَ الْوَزْنِ وَالْوَزْنُ وَحْدَهُ شُبْهَةٌ فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ ( وَحَلَّ ) عَطْفٌ عَلَى حَرُمَ أَيْ حَلَّ الْبَيْعُ الْكَيْلِيُّ وَالْوَزْنِيُّ ( مُتَسَاوِيًا ) بِلَا تَفَاضُلٍ ( وَ )

حَلَّ أَيْضًا بَيْعُهُمَا ( بِلَا قَدْرٍ كَمَا ) أَيْ كَبَيْعِ ( مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ ) فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَدْرِ الْمَكِيلَاتِ نِصْفُ الصَّاعِ لَا مَا دُونَهُ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِي الشَّرْعِ بِمَا دُونَهُ ( بِأَقَلَّ مِنْهُ ) مُتَعَلِّقٌ بِالْبَيْعِ الْمُقَدَّرِ أَيْ كَبَيْعِ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ بِأَقَلَّ مِنْهُ ( كَحَفْنَتَيْنِ ) مِنْ بُرٍّ ( بِحَفْنَةٍ مِنْهُ ) فَإِنَّ بَيْعَهُمَا بِهَا جَائِزٌ ، وَإِنْ وُجِدَ الْفَضْلُ لِانْتِفَاءِ الْقَدْرِ الشَّرْعِيِّ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا قَدْرٍ أَيْ إنَّمَا يَحِلُّ بَيْعُ الْأَقَلِّ مِنْ الْقَدْرِ الشَّرْعِيِّ بِأَقَلَّ مِنْهُ إذَا كَانَ حَالًّا أَمَّا إذَا كَانَ ( بِالنَّسَاءِ ) فَلَا يَحِلُّ لِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْ الْعِلَّةِ مُحَرِّمٌ لِلنِّسَاءِ وَهُوَ الْجِنْسُ حَتَّى إذَا انْتَفَى الْجِنْسُ أَيْضًا حَلَّ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَلَوْ بِالتَّسَاوِي لِانْتِفَاءِ كُلٍّ مِنْ جُزْأَيْ الْعِلَّةِ كَبَيْعِ حَفْنَةٍ مِنْ بُرٍّ بِحَفْنَتَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ .

قَوْلُهُ : اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ فَحَرُمَ بَيْعُ الْوَزْنِيِّ بِجِنْسِهِ ) كَانَ الْأَنْسَبُ إسْقَاطَ الْفَاءِ وَيُقَالُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ حَرُمَ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَالْوَزْنِيُّ .
( قَوْلُهُ : كَالنُّقُودِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْقُطْنِ وَالْحَدِيدِ ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَالنُّقُودِ مَعَ الزَّعْفَرَانِ أَوْ مَعَ الْقُطْنِ أَوْ مَعَ الْحَدِيدِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ جَوَازِ الْقُطْنِ بِالْحَدِيدِ لِمُقَابَلَتِهِ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ كَمَا إذَا سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ فِي الزَّعْفَرَانِ أَوْ فِي الْقُطْنِ أَوْ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِانْعِدَامِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْقَدْرُ الْمُتَّفِقُ أَوْ الْجِنْسُ أَمَّا الْمُجَانَسَةُ فَظَاهِرُ الِانْتِفَاءِ ، وَأَمَّا الْقَدْرُ الْمُتَّفَقُ فَلِأَنَّ وَزْنَ الثَّمَنِ يُخَالِفُ وَزْنَ الْمُثَمَّنِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ تُوزَنُ بِالْمَثَاقِيلِ وَالْقُطْنُ وَالْحَدِيدُ يُوزَنَانِ بِالْقَبَّانِ فَلَمْ يَتَّفِقْ الْقَدْرُ فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ .
( قَوْلُهُ : أَمَّا الْأَوَّلُ ) يَعْنِي بِهِ صِفَةَ الْوَزْنِ فِي قَوْلِهِ لَكِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي صِفَةِ الْوَزْنِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمُهُ .
( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الثَّانِي ) يَعْنِي بِهِ مَعْنَاهُ .
( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الثَّالِثُ ) يَعْنِي بِهِ حُكْمُهُ .
( قَوْلُهُ : وَحَلَّ بَيْعُهُمَا أَيْضًا بِلَا قَدْرٍ ) يَعْنِي بِلَا بُلُوغٍ قَدْ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ نِصْفُ الصَّاعِ وَبُلُوغُ أَحَدِهِمَا مَانِعٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَقَدْ أَوْضَحَهُ بِقَوْلِهِ كَبَيْعِ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ
إلَخْ .
( قَوْلُهُ : فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَدْرِ الْمَكِيلَاتِ نِصْفُ الصَّاعِ لَا مَا دُونَهُ
إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ بَاحِثًا وَلَا يَسْكُنُ الْخَاطِرُ إلَى هَذَا بَلْ يَجِبُ بَعْدَ التَّعْلِيلِ بِالْقَصْدِ إلَى صِيَانَةِ أَمْوَالِ النَّاسِ تَحْرِيمُ التُّفَّاحَةِ

بِالتُّفَّاحَتَيْنِ وَالْحَفْنَةُ بِالْحَفْنَتَيْنِ ، أَمَّا إنْ كَانَتْ مَكَايِيلَ أَصْغَرَ أَيْ مِنْ نِصْفِ الصَّاعِ كَمَا فِي دِيَارِنَا مِنْ وَضْعِ رُبُعِ الْقَدَحِ وَثَمَنِ الْقَدَحِ الْمِصْرِيِّ فَلَا شَكَّ وَكَوْنُ الشَّرْعِ لَمْ يُقَدِّرْ نِصْفَ الْمُقَدَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ بِأَقَلَّ مِنْهُ لَا يَسْتَلْزِمُ إهْدَارَ التَّفَاوُتِ الْمُتَيَقَّنِ بَلْ لَا يَحِلُّ بَعْدَ تَيَقُّنِ التَّفَاضُلِ مَعَ تَيَقُّنِ تَحْرِيمِ إهْدَارِهِ وَلَقَدْ أُعْجِبَ غَايَةَ الْعَجَبِ مِنْ كَلَامِهِمْ هَذَا وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَرِهَ التَّمْرَةَ بِالتَّمْرَتَيْنِ وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ فِي الْكَثِيرِ فَالْقَلِيلُ مِنْهُ حَرَامٌ .
ا هـ .
كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

( كَذَا حُكْمُ كُلِّ عَدَدِيٍّ مُتَقَارِبٍ ) ، فَإِنْ بِيعَ الْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا جَازَ إنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ لِانْعِدَامِ الْمِعْيَارِ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ ( وَالْمُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ التَّعْيِينُ لَا التَّقَابُضُ ) حَتَّى لَوْ بَاعَ بُرًّا بِبُرٍّ بِعَيْنِهِمَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ كَمَا فِي الصَّرْفِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ { يَدًا بِيَدٍ } وَلَنَا أَنَّهُ مَبِيعٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ كَالثَّوْبِ وَمَعْنَى يَدًا بِيَدٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ كَذَا رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ كَيْلِيٌّ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَزْنِيٌّ ) فَإِنَّ كُلَّ مَا نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهِ كَيْلًا فَهُوَ كَيْلِيٌّ أَبَدًا ، وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْكَيْلَ فِيهِ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ وَكُلُّ مَا نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَزْنًا فَهُوَ وَزْنِيٌّ أَبَدًا ، وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ فِيهِ الْوَزْنَ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ( لَا يُغَيَّرَانِ بِعُرْفٍ ) لِأَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ وَالْأَقْوَى لَا يُتْرَكُ بِالْأَدْنَى ( بِخِلَافِ مَا عَدَاهَا ) أَيْ مَا عَدَا الْأَشْيَاءَ السِّتَّةَ فَإِنَّ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَادَاتِ النَّاسِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ } .

( قَوْلُهُ : إنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ ) يَعْنِي مُعَيَّنَيْنِ وَلَيْسَ كِلَاهُمَا وَلَا أَحَدُهُمَا دَيْنًا وَالصُّورَةُ رَبَاعِيَةٌ وَتَوْجِيهُهَا بِفَتْحِ الْقَدِيرِ قَوْلُهُ : لَا يُغَيَّرَانِ بِالْعُرْفِ
إلَخْ ) كَذَا فِي الْفَتْحِ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَازَ أَنْ يَكُونَ عَلَى بَاطِلٍ كَتَعَارُفِ أَهْلِ زَمَانِنَا إخْرَاجَ الشُّمُوعِ وَالسِّرَاجِ إلَى الْمَقَابِرِ لَيَالِيَ الْعِيدِ وَالنَّصُّ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى بَاطِلٍ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ
إلَخْ ) جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَقَالَ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا .
ا هـ .

( فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْبُرِّ بِالْبُرِّ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا كَمَا لَمْ يَجُزْ مُجَازَفَةً ) وَإِنْ تَعَارَفُوا ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْفَضْلِ عَلَى مَا هُوَ الْمِعْيَارُ فِيهِ إلَّا أَنَّ السَّلَمَ يَجُوزُ فِي الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا وَزْنًا لِوُجُودِ السَّلَمِ فِي مَعْلُومٍ ( وَجَازَ بَيْعُ الْفَلْسِ بِالْفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ أَنَّ الثَّمَنِيَّةَ تَثْبُتُ بِاصْطِلَاحِ الْكُلِّ فَلَا تَبْطُلُ بِاصْطِلَاحِهِمَا ، وَإِذَا بَقِيَتْ أَثْمَانًا لَا تَتَعَيَّنُ فَصَارَ كَبَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ ، وَلَهُمَا أَنَّ الثَّمَنِيَّةَ فِي حَقِّهِمَا ثَبَتَتْ بِاصْطِلَاحِهِمَا إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْغَيْرِ عَلَيْهِمَا فَتَبْطُلُ بِاصْطِلَاحِهِمَا ، وَإِذَا بَطَلَتْ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ بِخِلَافِ النُّقُودِ ؛ لِأَنَّهَا لِلثَّمَنِيَّةِ خِلْقَةً .
( وَ ) أَجَازَ بَيْعُ ( الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَبِالتَّمْرِ ، وَ ) بَيْعُ ( التَّمْرِ بِالْبُسْرِ ، وَ ) بَيْعُ ( الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ ، وَ ) بَيْعُ ( الْبُرِّ رُطَبًا أَوْ مَبْلُولًا بِمِثْلِهِ أَوْ بِالْيَابِسِ ، وَ ) بَيْعُ ( التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ الْمُنْقَعِ بِالْمُنْقَعِ مِنْهُمَا ، وَ ) بَيْعُ ( الدَّقِيقِ بِمِثْلِهِ ) نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّ بَيْعَ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مَكْبُوسَيْنِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَوْلُهُ ( مُتَسَاوِيًا ) قُيِّدَ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْعُ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ بِلَا اخْتِلَافِ الصِّفَةِ جَازَ مُتَسَاوِيًا وَكَذَا مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ } وَإِلَّا جَازَ كَيْفَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ } .

.
( وَ ) جَازَ بَيْعُ ( اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَ ) بَيْعُ ( اللُّحُومِ وَالْأَلْبَانِ الْمُخْتَلِفَيْنِ ) أَيْ بَيْعُ لَحْمِ الْغَنَمِ بِلَحْمِ الْبَقَرِ وَبِالْعَكْسِ وَكَذَا لَبَنُهُمَا ( بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ، وَ ) بَيْعُ ( الْكِرْبَاسِ بِالْقُطْنِ وَبِالْغَزْلِ ، وَ ) بَيْعُ ( خَلِّ الدَّقَلِ ) وَهُوَ أَرْدَأُ التَّمْرِ ( بِخَلِّ الْعِنَبِ وَبَيْعُ شَحْمِ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ وَبِاللَّحْمِ ، وَ ) بَيْعُ ( الْخُبْزِ بِالْبُرِّ وَالدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا ) هَذَا قَيْدٌ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ مِنْ اللَّحْمِ إلَى هَاهُنَا وَجْهُ جَوَازِهِ مُتَفَاضِلًا اخْتِلَافُ أَجْنَاسِهَا ( وَبِالنَّسْءِ ) عَطْفٌ عَلَى مُتَفَاضِلًا أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ بِالنَّسْءِ أَيْضًا ( فِي الْأَخِيرِ ) وَهُوَ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْبُرِّ وَالدَّقِيقِ ( وَبِهِ يُفْتَى ) لِحَاجَةِ النَّاسِ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُحْتَاطَ وَقْتَ الْقَبْضِ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي سُمِّيَ لِئَلَّا يَصِيرَ اسْتِبْدَالًا بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ ( لَا ) بَيْعُ ( الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ أَوْ بِالنُّخَالَةِ ) فَإِنَّ بَيْعَهُ بِهَا لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا لِبَقَاءِ الْمُجَانَسَةِ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْبُرِّ وَالْمِعْيَارُ فِيهَا الْكَيْلُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَوٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبُرِّ لِاكْتِنَازِهَا فِي الْكَيْلِ وَتَخَلْخُلِ حَبَّاتِ الْبُرِّ فَلَا يَجُوزُ ، وَإِنْ كَانَ كَيْلًا بِكَيْلٍ .
( وَ ) لَا بَيْعُ ( الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ ) مُطْلَقًا أَيْضًا إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْمَشْوِيَّةِ وَلَا بَيْعُ السَّوِيقِ بِالْحِنْطَةِ فَكَذَا بَيْعُ أَجْزَائِهِمَا لِقِيَامِ الْمُجَانَسَةِ مِنْ وَجْهٍ .
( وَ ) لَا ( الزَّيْتُونُ بِالزَّيْتِ وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ وَالشَّيْرَجُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ ) لِيَكُونَ الدُّهْنُ بِمِثْلِهِ وَالزِّيَادَةُ بِالثَّجِيرِ وَلَا يَلْزَمُ الرِّبَا ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَ مِقْدَارُ مَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهِ كَالْحَقِيقَةِ .

( قَوْلُهُ : وَبِالنَّسْءِ فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْبُرِّ وَالدَّقِيقِ ) يَعْنِي إذَا جَعَلَ الدَّقِيقَ أَوْ الْبُرَّ رَأْسَ مَالِ الْمُسْلِمِ فِي الْخُبْزِ لَكَانَ قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى أَيْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لَهُمَا ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْخُبْزُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فِي الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُحْتَاطَ
إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالِاحْتِيَاطُ فِي مَنْعِهِ .
( قَوْلُهُ : لَا بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ السَّوِيقِ ) أَيْ سَوِيقَةً أَمَّا سَوِيقُ الشَّعِيرِ فَيَجُوزُ .
( قَوْلُهُ : وَلَا بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ ) أَيْ وَهُمَا مِنْ الْبُرِّ ، أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ الشَّعِيرِ وَالْآخَرُ مِنْ الْبُرِّ فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ : وَلَا الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ وَالشَّيْرَجُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ
إلَخْ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ .
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ إذَا كَانَ الثِّقَلُ فِي الْبَدَلِ الْآخَرِ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ كَمَا فِي الزُّبْدِ بَعْدَ إخْرَاجِ السَّمْنِ مِنْهُ فَيَجُوزُ مُسَاوَاةُ الْخَارِجِ لِلسَّمْنِ الْمُفْرَزِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُجَانَسَةَ تَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا فِي الضِّمْنِ فَتَمْنَعُ النَّسِيئَةَ كَمَا فِي الْمُجَانَسَةِ الْعَيْنِيَّةِ وَذَلِكَ كَالزَّيْتِ مَعَ الزَّيْتُونِ وَالشَّيْرَجِ مَعَ السِّمْسِمِ ، وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْمُتَجَانِسَيْنِ مُطَيَّبًا صَيَّرَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُ قَفِيزِ سِمْسِمٍ مُطَيَّبٍ بِقَفِيزَيْنِ غَيْرَ مُطَيَّبٍ وَرِطْلِ لَوْزِ مُطْبَقٍ بِوَرْدٍ أَوْ بَانٍ أَوْ خِلَافٌ بِرِطْلَيْ لَوْزٍ غَيْرِ مُطْبَقٍ وَرِطْلِ دُهْنِ لَوْزٍ مُطْبَقٍ بِزَهْرِ النَّارِنْجِ بِرِطْلَيْ دُهْنِ اللَّوْزِ الْخَالِصِ ، وَكَذَا الزَّيْتُ الْمُطَيَّبُ بِغَيْرِ الْمُطَيَّبِ فَجَعَلُوا الرَّائِحَةَ الَّتِي فِيهَا

بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ عَلَى الرِّطْلِ ا هـ .
وَقَوْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْجَوْزُ بِدُهْنِهِ وَاللَّبَنُ بِسَمْنِهِ وَالْعِنَبُ بِعَصِيرِهِ وَالتَّمْرُ بِدِبْسِهِ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ قَالَ الْكَمَالُ يَعْنِي إنْ كَانَ الدُّهْنُ الْمُفْرَزُ وَالسَّمْنُ وَالدِّبْسُ أَكْثَرَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْجَوْزِ وَاللَّبَنِ وَالتَّمْرِ جَازَ ، وَقَدْ عَلِمْت تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الثُّفْلُ لَهُ قِيمَةٌ وَأَظُنُّ أَنْ لَا قِيمَةَ لِثُفْلِ الْجَوْزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِيعَ بِقِشْرَةٍ فَيُوقِدُ وَكَذَا الْعِنَبُ لَا قِيمَةَ لِثُفْلِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الْعَصِيرِ عَلَى مَا يَخْرُجُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَالزِّيَادَةُ بِالثَّجِيرِ وَلَا يَلْزَمُ الرِّبَا ) أَيْ لَا يَلْزَمُ حَالَ وُجُودِ كَثْرَةِ الْخَالِصِ عَلَى مَا يَخْرُجُ وَإِلَّا لَزِمَ .

( وَيُسْتَقْرَضُ الْخُبْزُ بِوَزْنٍ لَا عَدَدٍ ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ آحَادَهُ مُتَفَاوِتَةٌ بِالْعَدَدِ دُونَ الْوَزْنِ ( وَبِهِ يُفْتَى ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ( وَ ) يُسْتَقْرَضُ ( الْفُلُوسُ بِهِمَا ) أَيْ بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ بِالْعُرْفِ ( إذْ لَا نَصَّ ) فِيهَا ( وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ ) تُسْتَقْرَضُ ( بِالْوَزْنِ فَقَطْ ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ بِالنَّصِّ ( كَذَا مَا ثُلُثَاهُ خَالِصٌ ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ ( وَمَا ثُلُثُهُ خَالِصٌ ) يُسْتَقْرَضُ ( بِعَدَدٍ إنْ تَعَامَلُوا بِهِ وَبِوَزْنٍ إنْ تَعَامَلُوا بِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ فَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا مَرَّ ( وَلَا يُسْتَقْرَضُ الْقِيَمِيُّ ) ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمِثْلِيِّ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ نَحْوُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسِّمْسِمِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَفِي التَّجْرِيدِ وَيَجُوزُ فِي الْعَدَدِيَّاتِ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ .
وَفِي الْكَافِي ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إعَارَةُ شَرْعٍ لِإِطْلَاقِ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانِهَا وَكَانَتْ الْمَنْفَعَةُ عَائِدَةً إلَى ذَاتِهَا فَقَامَ الْمِثْلُ فِي الذِّمَّةِ مَقَامَ الْعَيْنِ كَأَنَّهُ انْتَفَعَ بِالْعَيْنِ وَرَدَّهُ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لِيُمْكِنَ إيجَابُ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ إذْ لَا مِثْلَ لَهُمَا .

( قَوْلُهُ : وَبِهِ أَيْ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُفْتَى ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِبَيَانِ قَوْلِ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ الْكَمَالُ جَعَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَا أَرَى أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَحْسَنُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ قَدْ أَهْدَرَ الْجِيرَانُ تَفَاوُتَهُ وَبَيْنَهُمْ يَكُونُ اقْتِرَاضُهُ غَالِيًا وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ فَجَازَ اقْتِرَاضُهُ وَزْنًا وَعَدَدًا ا هـ .
( قُلْت ) بَحْثُ الْكَمَالِ نَصٌّ فَهُوَ مُؤَيِّدٌ بِهِ قَالَ شَارِحُ الْمَجْمَعِ جَوَّزَ مُحَمَّدٌ اسْتِقْرَاضَهُ وَزْنًا وَعَدًّا لِتَعَارُفِ النَّاسِ عَلَى إهْدَارِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ آحَادِهِ كَمَا أَهْدَرُوا مَا بَيْنَ الْجَوْزَتَيْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ا هـ .
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ : لَا خَيْرَ فِي اسْتِقْرَاضِ الْخُبْزِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِالْخَبْزِ وَالْخَبَّازِ وَالتَّنُّورِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جَدِيدًا أَوْ عَتِيقًا وَالتَّقْدِيمُ فِي التَّنُّورِ وَالتَّأْخِيرُ عَنْهُ وَيَتَفَاوَتُ جُودَةُ خُبْزِهِ بِذَلِكَ ( حَتَّى إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَتَحَقَّقُ الرِّبَا ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وَلَكِنْ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّ كَسْبَهُ مَشْغُولٌ بِحَقِّ غُرَمَائِهِ فَلَا يُسْلِمْ لَهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ دَيْنِهِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ لَا بِجِهَةِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحُرِّ يَدًا وَتَصَرَّفَا فِي كَسْبِهِ فَيَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُمَا .
ا هـ .

( وَلَا رِبَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَأْذُونًا غَيْرَ مَدْيُونٍ ) لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا فِي يَدِهِ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِلْكَ مَوْلَاهُ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ لِيَتَحَقَّقَ الرِّبَا حَتَّى إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَتَحَقَّقُ الرِّبَا لِتَحَقُّقِ الْبَيْعِ .

.
( وَ ) لَا رِبَا ( بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ ثَمَّةَ ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ } وَكَذَا إذَا تَبَايَعَا فِيهَا بَيْعًا فَاسِدًا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ وَبِعَقْدِ الْأَمَانِ لَمْ يَصِرْ مَعْصُومًا لَكِنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَغْدِرَهُمْ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ بِلَا رِضَاهُمْ ، فَإِذَا أَخَذَهُ بِرِضَاهُمْ أَخَذَ مَالًا مُبَاحًا بِلَا غَدْرٍ ( أَوْ مِنْ أَمْنٍ ثَمَّةَ ) فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ ثَمَّةَ لَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ مُسْتَأْمَنٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ رِبًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ مَالَ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ لَا عِصْمَةَ لَهُ فَصَارَ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ وَيَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْحَرْبِيِّ بِرِضَاهُ لِلْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ وَقَالَا : إنَّهُ رِبًا جَرَى بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ وَهُوَ حَرَامٌ ، كَذَا فِي الْكَافِي
( قَوْلُهُ : وَكَذَا إذَا تَبَايَعَا فَاسِدًا ) قَالَ الْكَمَالُ وَكَذَا إذَا بَاعَ مِنْهُمْ مَيْتَةً أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ قَامَرَهُمْ وَأَخَذَ الْمَالَ يَحِلُّ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ مَالَ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ لَا عِصْمَةَ لَهُ ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْعِصْمَةِ التَّقَوُّمَ أَيْ لَا تَقَوُّمَ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لِمَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ مُعَلِّلًا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ ، وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَالتَّقَوُّمُ لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَهُ حَتَّى لَا يَضْمَنَ بِالْإِتْلَافِ وَعِنْدَهُمَا نَفْسُهُ وَمَالُهُ مَعْصُومَانِ مُتَقَوِّمَانِ ا هـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ ) .
لَمْ يَذْكُرْ الْحُقُوقَ كَمَا ذَكَرَ فِي سَائِرِ الْمُتُونِ ؛ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ ( هُوَ نَوْعَانِ ) أَحَدُهُمَا ( مُبْطِلٌ لِلْمِلْكِ ) أَيْ مُزِيلٌ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حَقُّ التَّمَلُّكِ ( كَالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَفُرُوعِهِ ) كَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ .
( وَ ) ثَانِيهِمَا ( نَاقِلٌ لَهُ ) أَيْ لِلْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ ( كَالِاسْتِحْقَاقِ بِالْمِلْكِ ) بِأَنْ ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى بَكْرٍ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْعَبْدِ مِلْكٌ لَهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَالنَّوْعَانِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا فِي أَنَّهُمَا يَجْعَلَانِ الْمُسْتَحِقَّ عَلَيْهِ وَمَنْ تَمَلَّكَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ جِهَتِهِ مُسْتَحِقًّا عَلَيْهِ ، حَتَّى أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَوْ ادَّعَى وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ يَخْتَلِفَانِ بِوَجْهٍ آخَرَ إذْ النَّوْعُ ( الْأَوَّلُ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعُقُودِ ) الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْبَاعَةِ بِلَا حَاجَةٍ فِي انْفِسَاخِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى حُكْمِ الْقَاضِي بِلَا اخْتِلَافِ رِوَايَةٍ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( فَلِكُلٍّ مِنْ الْبَاعَةِ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَعْ عَلَيْهِ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ ( وَيَرْجِعُ ) هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ ( عَلَى الْكَفِيلِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ ) فَإِنْ تَوَقَّفَ رُجُوعُ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي إنَّمَا يَكُونُ إذَا بَقِيَ أَثَرُ الْعَقْدِ وَهُوَ مِلْكٌ كَمَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَأَيْضًا بَدَلُ الْحُرِّ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ فَلَا يَجْتَمِعُ ثَمَنَانِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْمِلْكِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ حُكْمٌ عَلَى الْكَافَّةِ ) أَيْ كَافَّةِ النَّاسِ ( حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْ أَحَدٍ ، كَذَا الْعِتْقُ وَفُرُوعُهُ ) فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَا

يَجُوزَ اسْتِرْقَاقُ الْحُرِّ بِرِضَاهُ وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ خُصُومٌ فِي إثْبَاتِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى نِيَابَةً عَنْهُ تَعَالَى لِكَوْنِهِمْ عَبِيدَهُ فَكَانَ حُضُورُ الْوَاحِدِ كَحُضُورِ الْكُلِّ بِخِلَافِ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ خَاصَّةً فَلَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ انْتِصَابَهُ خَصْمًا إلَّا أَنَّ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ أَيْضًا لِتَعَدِّي أَثَرِ الْقَضَاءِ إلَيْهِ لِاتِّحَادِ الْمِلْكِ وَمَنْ قَضَى إلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَمْ يَصِرْ مُقْتَضِيًا لَهُ فِيهَا بِتِلْكَ الْجِهَةِ ( وَأَمَّا ) الْحُكْمُ ( فِي ) الْمِلْكِ ( الْمُؤَرَّخِ فَعَلَى الْكَافَّةِ مِنْ التَّارِيخِ لَا قَبْلَهُ ) يَعْنِي إذَا قَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ إنَّكَ عَبْدِي مَلَكْتُكَ مُنْذُ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ فَقَالَ بَكْرٌ إنِّي كُنْتُ عَبْدَ بَشَرٍ مَلَكَنِي مُنْذُ سِتَّةِ أَعْوَامٍ فَأَعْتَقَنِي فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ انْدَفَعَ دَعْوَى زَيْدٍ ، ثُمَّ إذَا قَالَ عَمْرٌو لِبَكْرٍ إنَّكَ عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ وَأَنْتَ مِلْكِي الْآنَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ يُقْبَلُ وَيُفْسَخُ الْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ وَيُجْعَلُ مِلْكًا لِعَمْرٍو ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ مِنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ بَعْدَمَا حَقَّقَ الْمَسْأَلَةَ حَقَّ التَّحْقِيقِ فَصَارَتْ مَسَائِلُ الْبَابِ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا عِتْقٌ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَالْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ ، وَالثَّانِي الْقَضَاءُ بِالْعِتْقِ فِي مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ وَلَا يَكُونُ قَضَاءً قَبْلَهُ فَلْيَكُنْ هَذَا عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّ الْكُتُبَ الْمَشْهُورَةَ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْفَائِدَةِ .

( بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ ) .
( قَوْلُهُ : لَمْ يَذْكُرْ الْحُقُوقَ ) أَيْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ كَمَا ذُكِرَتْ فِيهِ فِي سَائِرِ الْمُتُونِ لِأَنَّهُ أَيْ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَهَا فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ لِمُنَاسَبَتِهَا ( قَوْلُهُ هُوَ نَوْعَانِ ) ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ عَنْ الزِّيَادَاتِ قَوْلُهُ مُسْتَحِقًّا عَلَيْهِمْ ) أَيْ الْبَاعَةِ الْمَعْلُومِينَ مِنْ الْمَقَامِ .
( قَوْلُهُ : حَتَّى أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُ ) أَيْ الْبَاعَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمَادِيُّ بَعْدَ هَذَا وَوَجْهُ عَدَمُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ قَوْلُ الْكَمَالِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ كَاسْمِهَا مُبَيِّنَةً لِمَا كَانَ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ فَيَظْهَرُ بِهَا مَا كَانَ قَبْلَهُ قِبْلِيَّةً لَا تَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ مُعَيَّنٍ وَلِهَذَا يَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يَسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمْ أَنَّهُ مَلَكَهُ ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ صَارُوا مَقْضِيًّا عَلَيْهِمْ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ فِي يَدِ الْأَخِيرِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ حَيْثُ يَرْجِعُونَ .
( قَوْلُهُ : يَخْتَلِفَانِ بِوَجْهٍ آخَرَ ) قَالَ الْعِمَادِيُّ وَوَجْهُ الِاخْتِلَافِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ النَّاقِلَ إذَا وَرَدَ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاعَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ مَا لَمْ يَقْضِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ حُكْمٌ عَلَى الْكَافَّةِ ) قَالَ الْعِمَادِيُّ وَمَنْ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ أُمِّهِ وَلَا اسْمَ أَبِ الْأُمِّ وَجَدِّهَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ حُرَّ الْأَصْلِ وَتَكُونُ أُمُّهُ رَقِيقَةً بِأَنْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَتَهُ فَالْوَلَدُ عَلَقَ حُرَّ الْأَصْلِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ حُرِّيَّةً .

.
( وَ ) النَّوْعُ ( الثَّانِي لَا يُوجِبُ انْفِسَاخَهَا ) أَيْ انْفِسَاخَ الْعُقُودِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْمِلْكِ ( وَالْحُكْمُ ) بِهِ أَيْ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ ( حُكْمٌ عَلَى ذِي الْيَدِ ) حَتَّى يُؤْخَذَ الْمُدَّعِي مِنْ يَدِهِ ( وَعَلَى مَنْ تَلَقَّى ) ذُو الْيَدِ ( الْمِلْكَ مِنْهُ ) بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ وَسَائِطَ ( فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْهُمْ ) لِكَوْنِهِمْ مَحْكُومًا عَلَيْهِمْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْحُكْمُ بِهِ حُكْمٌ عَلَى ذِي الْيَدِ إلَى آخِرِهِ ( بَلْ دَعْوَى النِّتَاجِ ) بِأَنْ يَقُولَ بَائِعٌ مِنْ الْبَاعَةِ حِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَنَا لَا أُعْطِي الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ كَاذِبٌ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ نَتَجَ فِي مِلْكِي أَوْ مِلْكِ بَايِعِي بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِهَا فَيُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ إنْ أَثْبَتَ ( أَوْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ ) بِأَنْ يَقُولَ : أَنَا لَا أُعْطِي الثَّمَنَ ؛ لِأَنِّي اشْتَرَيْته مِنْ الْمُسْتَحِقِّ فَيُسْمَعُ أَيْضًا ( وَلَا تُعَادُ الْبَيِّنَةُ لِلرُّجُوعِ ) هَذَا أَيْضًا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْحُكْمُ بِهِ إلَى آخِرِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْحُكْمُ لِلْمُسْتَحِقِّ حُكْمًا عَلَى الْبَاعَةِ ، فَإِذَا أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُشْتَرِينَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ .
( وَ ) لَكِنْ ( لَا يَرْجِعُ أَحَدٌ ) مِنْ الْمُشْتَرِينَ ( عَلَى بَائِعِهِ فَقَبِلَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ ) حَتَّى لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوْسَطِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ ( وَلَا يُرْجَعُ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَا يَحْصُلُ رُجُوعُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ ( عَلَى الْكَفِيلِ ) أَيْ الضَّامِنِ بِالدَّرْكِ ( قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ ) لِأَنَّهُ أَصْلٌ وَمِنْهُ يَسْرِي الْحُكْمُ إلَى الْكَفِيلِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ ثَمَنَانِ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْمُسْتَحِقِّ مَمْلُوكٌ .

( قَوْلُهُ : وَالثَّانِي لَا يُوجِبُ انْفِسَاخَهَا ) أَيْ فَيُوجِبُ تَوَقُّفَ الْعَقْدِ السَّابِقِ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ ، فَإِذَا لَمْ يُجِزْ قِيلَ يَنْفَسِخُ إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحَقُّ وَقِيلَ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الْقَضَاءِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ ، فَإِذَا رَجَعَ الْآنَ يَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَمَا قَضَى لَهُ أَوْ بَعْدَمَا قَبَضَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ يَصِحُّ .
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقَضَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يَكُونُ فَسْخًا لِلْبِيَاعَاتِ مَا لَمْ يَرْجِعْ كُلٌّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْقَضَاءِ .
وَفِي الزِّيَادَاتِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ مَا لَمْ يَأْخُذْ الْعَيْنَ بِحُكْمِ الْقَاضِي وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَفْسَخْ وَهُوَ الْأَصَحُّ ا هـ .
وَمَعْنَى هَذَا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ .
( قَوْلُهُ : بَلْ دَعْوَى النِّتَاجِ بِأَنْ يَقُولَ بَائِعٌ مِنْ الْبَاعَةِ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا لَا يَصِحُّ عَلَى إطْلَاقِهِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي بَائِعٍ لَمْ يَتَلَقَّ الْمِلْكَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَصِحُّ مِنْهُ دَعْوَى النِّتَاجِ عِنْدَهُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ مِنْهُ ، أَمَّا مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَمْتَنِعُ دَعْوَى النِّتَاجِ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النِّتَاجُ قَدْ وُجِدَ عِنْدَهُ حَقِيقَةً فَإِعْدَامُهُ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ بِبَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا فَيَمْتَنِعُ دَعْوَى النِّتَاجِ لِلتَّنَاقُضِ كَمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ النِّتَاجُ عِنْدَهُ أَصْلًا لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ أَنَّ الِاسْتِشْرَاءَ وَالِاسْتِيهَابَ وَالِاسْتِيدَاعَ وَالِاسْتِئْجَارَ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ لِلطَّالِبِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا إقْرَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِلْكٌ لِذِي الْيَدِ فَيَكُونُ الطَّلَبُ بَعْدَهُ

تَنَاقُضًا ا هـ .
وَالتَّنَاقُضُ حَاصِلٌ مِنْ بَائِعٍ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ غَيْرِهِ يَدَّعِي النِّتَاجَ عِنْدَهُ فَتَأَمَّلْ .

( ثُمَّ الرُّجُوعُ ) أَيْ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ( إنَّمَا يَكُونُ إذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ ) لِمَا عَرَفْت أَنَّهَا حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ ، أَمَّا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ بِإِقْرَارِ وَكِيلِ الْمُشْتَرِي بِالْخُصُومَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ فَلَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِ .
وَفِي زِيَادَاتِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَامِدٍ الْبُخَارِيِّ اشْتَرَى دَارًا وَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ لِيَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ لَا يُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ ، أَمَّا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ تُقْبَلُ وَيُؤْخَذُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِذَلِكَ وَلَكِنْ طَلَبَ يَمِينَهُ بِاَللَّهِ مَا هِيَ لِلْمُدَّعِي كَانَ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَنْكُلَ عَنْ الْيَمِينِ فَيَصِيرُ بِنُكُولِهِ كَالْمُقِرِّ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ الثَّمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ ، وَقَدْ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( فَمَبِيعَةٌ وَلَدَتْ ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا بِاسْتِيلَادِهِ ( فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ تَبِعَهَا وَلَدُهَا ) أَيْ يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ وَوَلَدَهَا ( وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا ) لِرَجُلٍ ( لَا ) أَيْ لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا بَلْ يَأْخُذُهَا الْمُقِرُّ لَهُ لَا وَلَدَهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ الْمِلْكَ مِنْ الْأَصْلِ وَالْوَلَدُ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا يَوْمَئِذٍ فَيَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِحْقَاقُ فِيهِمَا وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي الْمُخْبِرِ بِهِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْخَبَرِ وَمَا ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ .

( قَوْلُهُ : فَمَبِيعَةٌ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا بِاسْتِيلَادِهِ ) إنَّمَا قُيِّدَ بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِيلَادِهِ لِمَكَانِ قَوْلِهِ أَيْ يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ وَوَلَدَهَا وَإِلَّا فَاسْتِيلَادُهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ وَهُوَ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيَلْزَمُ عُقْرَهَا بِالْوَطْءِ وَيَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى بَائِعِهِ لَا بِالْعُقْرِ ، وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى أَبِيهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ .
( قَوْلُهُ : تَبِعَهَا وَلَدُهَا ) قَالَ الْكَمَالُ وَيُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ بِالْوَلَدِ بِخُصُوصِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ الْمَذْهَبِ ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ يَوْمَ الْقَضَاءِ لِانْفِصَالِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ وَقِيلَ يَصِيرُ مُقْتَضِيًا بِهِ تَبَعًا كَمَا أَنَّ ثُبُوتَ اسْتِحْقَاقِهِ يَكُونُ تَبَعًا ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَا يَتَّبِعُهَا وَلَدُهَا ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ النِّهَايَةِ الْوَلَدُ إنَّمَا لَا يَتَّبِعُهَا فِي الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُقِرُّ لَهُ مَا إذَا ادَّعَاهُ كَانَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ .
ا هـ .
.

( التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ ) لِأَنَّهُ يَكُونُ مُتَّهَمًا فِيهَا ( لَا ) دَعْوَى ( الْحُرِّيَّةِ ) أَمَّا الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ فَلِخَفَاءِ حَالِ الْعُلُوقِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يُجْلَبُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ صَغِيرًا وَلَا يَعْلَمُ بِحُرِّيَّةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيُقِرُّ بِالرِّقِّ ثُمَّ يَعْلَمُ بِحُرِّيَّةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَالتَّنَاقُضُ فِيمَا فِي طَرِيقِهِ خَفَاءٌ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى ، وَأَمَّا الْعَارِضِيَّةُ فَلِأَنَّ الْمَوْلَى يَنْفَرِدُ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ بِلَا عِلْمِ الْعَبْدِ فَيَجْرِي فِيهِ أَيْضًا الْخَفَاءُ فَيُجْعَلُ التَّنَاقُضُ فِيهِ عَفْوًا ، وَإِذَا أَقَامَ الْمُكَاتَبُ بَيِّنَةً عَلَى إعْتَاقِ سَيِّدِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ تُقْبَلُ لِاسْتِقْلَالِ سَيِّدِهِ بِالتَّحْرِيرِ ( وَالطَّلَاقِ ) فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اخْتَلَعَتْ ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ ، وَإِنْ تَنَاقَضَتْ لِلْخَفَاءِ فِي تَطْلِيقِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِهِ ( وَالنَّسَبِ ) كَمَا إذَا قَالَ لَيْسَ هَذَا ابْنِي ثُمَّ قَالَ هَذَا ابْنِي فَيُسْمَعُ ، وَكَذَا إذَا قَالَ لَسْتُ أَنَا بِوَارِثِ فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ وَبَيَّنَ جِهَةَ إرْثِهِ يَصِحُّ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ ) لِآخَرَ ( اشْتَرِنِي فَإِنِّي عَبْدٌ فَاشْتَرَاهُ ) ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ ( فَأَثْبَتَ حُرِّيَّتَهُ ضَمِنَ ) الْعَبْدُ ( إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ بَائِعُهُ ) لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ ضَمِنَ سَلَامَةَ نَفْسِهِ أَوْ سَلَامَةَ الثَّمَنِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَجَعَلَ الْمُشْتَرِيَ مَغْرُورًا وَالتَّغْرِيرَ فِي الْمُعَاوَضَةِ سَبَبُ الضَّمَانِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ، فَإِذَا ظَهَرَ حُرِّيَّتُهُ وَأَهْلِيَّتُهُ لِلضَّمَانِ وَتَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الْبَائِعِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ ( وَرَجَعَ ) أَيْ الْعَبْدُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ إذَا وَجَدَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنًا عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمُعِيرِ

الرَّهْنِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ لِتَخْلِيصِ الرَّهْنِ حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ اشْتَرِنِي أَوْ قَالَهُ وَلَمْ يَقُلْ : إنِّي عَبْدٌ لَيْسَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ ( وَإِنْ عَلِمَ ) أَيْ مَكَانَ بَائِعِهِ ( فَلَا ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْعَبْدُ ( بِخِلَافِ الرَّهْنِ ) فَإِنَّهُ إذَا قَالَ ارْتَهِنِّي فَإِنِّي عَبْدٌ لَا يُجْعَلُ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَالرَّهْنُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حَبْسٌ بِلَا عِوَضٍ يُقَابِلُهُ وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ بِطَرِيقِ التَّفْرِيعِ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ دَفْعُ إشْكَالٍ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ ذُكِرَ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الدَّعْوَى شَرْطٌ فِي حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالتَّنَاقُضُ يُفْسِدُ الدَّعْوَى .
قَوْلُهُ : إنَّ الدَّعْوَى شَرْطٌ فِي حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ ) يَعْنِي مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الْكَمَالُ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَالْعِتْقِ الْعَارِضِ .
ا هـ .

( لَا عِبْرَةَ لِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ ) بَلْ الْعِبْرَةُ لِتَارِيخِ الْمِلْكِ ( فَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ غَابَتْ عَنِّي مُنْذُ سَنَةٍ ) يَعْنِي اسْتَحَقَّ رَجُلٌ دَابَّةً مِنْ يَدِ آخَرَ وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَ الدَّعْوَى غَابَتْ عَنِّي هَذِهِ الدَّابَّةُ مُنْذُ سَنَةٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِالدَّابَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْبَرَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْبَائِعَ عَنْ الْقِصَّةِ ( فَقَالَ الْبَائِعُ لِي بَيِّنَةٌ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لِي مُنْذُ سَنَتَيْنِ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ ) بَلْ يَقْضِي الْقَاضِي بِالدَّابَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مَا ذَكَرَ تَارِيخَ الْمِلْكِ بَلْ ذَكَرَ تَارِيخَ غَيْبَةِ الدَّابَّةِ فَبَقِيَتْ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ بِلَا تَارِيخٍ وَالْبَائِعُ ذَكَرَ تَارِيخَ الْمِلْكِ وَدَعْوَاهُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ فَصَارَ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى مِلْكَ بَائِعِهِ بِتَارِيخِ سَنَتَيْنِ ، إلَّا أَنَّ التَّارِيخَ لَا يُعْتَبَرُ حَالَةُ الِانْفِرَادِ كَمَا سَيَأْتِي فَسَقَطَ اعْتِبَارُ ذِكْرِهِ وَبَقِيَتْ الدَّعْوَى فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَيَقْضِي بِالدَّابَّةِ ( الْعِلْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرُّجُوعِ ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ رَجُلٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ بَلْ لِغَيْرِهِ فَبَعْدَمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَمْنَعُ عِلْمُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ صِحَّةَ رُجُوعِهِ ( فَإِذَا اسْتَوْلَدَ مَشْرِيَّةً يُعْلَمُ غَصْبُ الْبَائِعِ إيَّاهَا كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ) يَعْنِي اشْتَرَى جَارِيَةً مَغْصُوبَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْبَائِعَ غَاصِبٌ فَاسْتَوْلَدَهَا كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِانْعِدَامِ الْغُرُورِ لِعِلْمِهِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِمَلَكِيَّةِ الْمَبِيعِ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ .

( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِمَلَكِيَّةِ الْمَبِيعِ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ) قُلْت قَدْ نَقَلَ الْعِمَادِيُّ قَبْلَ هَذَا عَنْ الذَّخِيرَةِ مَا صُورَتُهُ ثُمَّ اسْتِحْقَاقُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُشْتَرِي إنَّمَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ ، أَمَّا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ بِإِقْرَارِ وَكِيلِهِ بِالْخُصُومَةِ أَوْ نُكُولِهِ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ .
ا هـ .

( لَا يَحْكُمُ بِسِجِلِّ الِاسْتِحْقَاقِ بِشَهَادَةِ أَنَّهُ كِتَابُ كَذَا بَلْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى مَضْمُونِهِ ) يَعْنِي إذَا اسْتَحَقَّ دَابَّةً مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِبُخَارَى وَقَبَضَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ السِّجِلَّ وَوَجَدَ بَائِعُهُ بِسَمَرْقَنْدَ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَأَظْهَرَ سِجِلَّ قَاضِي بُخَارَى وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا كِتَابُ قَاضِي بُخَارَى لَا يَجُوزُ لِقَاضِي سَمَرْقَنْدَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَيَقْضِي لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّ قَاضِيَ بُخَارَى قَضَى بِبُخَارَى عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِالدَّابَّةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ هَذَا الْبَائِعِ وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ هَذَا لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى نَفْسِ السِّجِلِّ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَعَلَى قَصْرِ يَدِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ كَذَا مَا سِوَى نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَالْوَكَالَةِ الْمُرَادُ بِمَا سِوَاهُمَا الْمَحَاضِرُ وَالسِّجِلَّاتُ وَالصُّكُوكُ فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْهَا تَجِبُ الشَّهَادَةُ عَلَى مَضْمُونِ الْمَكْتُوبِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِكُلٍّ مِنْهَا كَوْنُهُ حُجَّةً عَلَى الْخَصْمِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ بِخِلَافِ نَقْلِ الْوَكَالَةِ وَالشَّهَادَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمَا حُصُولُ الْعِلْمِ لِلْقَاضِي وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ كَوْنُ شُهُودِ الطَّرِيقِ كُفَّارًا ، وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ كَافِرًا ( قَبَضَ كُلَّ الْمَبِيعِ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي قَدْرِهِ ) أَيْ قَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ ( فَإِنْ أَوْرَثَ ) أَيْ اسْتِحْقَاقُ الْبَعْضِ ( الْعَيْبَ فِي الْبَاقِي أَوْ كَانَ ) الْمُسْتَحِقُّ ( شَيْئَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ ) كَالسَّيْفِ بِالْغِمْدِ وَالْقَوْسِ بِالْوَتَرِ ( خُيِّرَ ) الْمُشْتَرِي ( فِيهِ ) أَيْ الْبَاقِي وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُورِثْ عَيْبًا فِي الْبَاقِي وَلَمْ يَكُنْ شَيْئَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ ( لَزِمَهُ ) أَيْ لَزِمَ الْبَاقِي الْمُشْتَرِيَ ( بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ) تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا

بَطَلَ فِي قَدْرِ الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُ مَا اسْتَحَقَّ يُورِثُ الْعَيْبَ فِي الْبَاقِي ، كَمَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَاحِدًا مِمَّا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْكَرْمِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهَا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ رَضِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ وَفِي الْحُكْمِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَاسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي ، وَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُ مَا اسْتَحَقَّ لَا يُورِثُ عَيْبًا فِي الْبَاقِي ، كَمَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ فَاسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ أَوْ حَمْلَةَ وَزْنِيٍّ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَبْعِيضِهِ فَلَزِمَ الْبَاقِي الْمُشْتَرِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ( أَوْ بَعْضِهِ ) عَطْفٌ عَلَى كُلِّ الْمَبِيعِ ( فَاسْتَحَقَّ الْمَقْبُوضَ أَوْ غَيْرَهُ ) أَيْ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ ( بَطَلَ ) الْبَيْعُ ( فِيهِ ) أَيْ فِيمَا إذَا قَبَضَ الْبَعْضَ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا بَطَلَ فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ فِي صُورَةِ قَبْضِ الْكُلِّ ( وَخُيِّرَ ) الْمُشْتَرِي ( فِي الْبَاقِي ) سَوَاءٌ ( أَوْرَثَ ) اسْتِحْقَاقُ الْبَعْضِ ( الْعَيْبَ فِيهِ أَوْ لَا ) لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ التَّمَامِ .

( ادَّعَى حَقًّا ) مَجْهُولًا ( فِي دَارٍ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ ) كَمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا ( فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا ) أَيْ بَعْضَ الدَّارِ ( لَمْ يَرْجِعْ ) صَاحِبُ الدَّارِ ( بِشَيْءٍ ) مِنْ الْبَدَلِ ( عَلَى الْمُدَّعِي ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ ، وَإِنْ قَلَّ ( أَوْ ) اسْتَحَقَّ ( كُلَّهَا ) أَيْ كُلَّ الدَّارِ ( رَدَّ كُلَّ الْعِوَضِ ) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ فَيَرُدُّ ( وَإِنْ ادَّعَاهَا ) أَيْ الدَّارَ كُلَّهَا ( فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ ) كَمِائَةٍ ( فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا ) أَيْ بَعْضَ الدَّارِ ( رَجَعَ بِحِصَّتِهِ ) لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مِائَةٍ وَقَعَ عَنْ كُلِّ الدَّارِ ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ مِنْهَا شَيْءٌ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيُرَدُّ بِحِسَابِهِ مِنْ الْعِوَضِ ( صَالَحَ عَنْ الدَّنَانِيرِ عَلَى دَرَاهِمَ وَقَبَضَهَا ) أَيْ الدَّرَاهِمَ ( فَاسْتُحِقَّتْ ) أَيْ الدَّرَاهِمُ ( بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِالدَّنَانِيرِ ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فِي مَعْنَى الصَّرْفِ ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْبَدَلُ بَطَلَ الصُّلْحُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ .

( جَازَ إعْتَاقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ ) يَعْنِي لَوْ غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْغَاصِبِ جَازَ عِتْقُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ إذْ لَا عِتْقَ بِدُونِ الْمِلْكِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ } وَالْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ وَلَوْ أَفَادَ يَثْبُتُ مُسْتَنَدًا وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَالْمُصَحِّحُ لَهُ الْمِلْكُ الْكَامِلُ لِلْحَدِيثِ وَلَهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ مَوْقُوفًا بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ مَوْضُوعٍ لِإِفَادَةِ الْمِلْكِ فَيَتَوَقَّفُ الْإِعْتَاقُ مُرَتَّبًا عَلَيْهِ وَيَنْفُذُ بِنَفَاذِهِ وَصَارَ كَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الرَّاهِنِ وَإِعْتَاقِ الْوَارِثِ عَبْدًا مِنْ تَرِكَةٍ مُسْتَغْرِقَةٍ بِالدَّيْنِ حَيْثُ يَصِحُّ وَيَنْفُذُ إذَا قُضِيَ الدَّيْنُ بَعْدَهُ ( لَا بَيْعُهُ ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ بَعْدَمَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْغَاصِبِ إذْ بِالْإِجَازَةِ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِلْكُ بَاتٍّ ، فَإِذَا طَرَأَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ لِغَيْرِهِ أَبْطَلَهُ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ الْمِلْكِ الْبَاتِّ وَالْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ( بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ وَبَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ الْمَوْلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالْبَيْعِ وَأَرَادَ رَدَّ الْمَبِيعِ لَمْ يُقْبَلْ ) لِلتَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى إذْ قَدَّمَهُ عَلَى الشِّرَاءِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِصِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ النَّافِذِ وَالْبَيِّنَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ ، فَإِذَا بَطَلَتْ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ .
قَوْلُهُ : جَازَ إعْتَاقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ ) كَذَا لَوْ أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ وَكَذَا وَقْفُ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَاةِ مِنْ غَاصِبِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ

( وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي بَطَلَ إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي ) ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِخِلَافِ الدَّعْوَى ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ فَلِمُشْتَرِي أَنْ يُسَاعِدَهُ عَلَيْهِ فَيَتَحَقَّقُ الِاتِّفَاقُ بَيْنَهُمَا فَلِهَذَا شَرَطَ طَلَبَ الْمُشْتَرِي .
( بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ بِلَا أَمَرَهُ وَاعْتَرَفَ بِالْغَصْبِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ ) قَالَ فِي الْكَنْزِ مَنْ بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِالْغَصْبِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ الدَّارَ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْبَائِعِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَأْخُذَهَا ، فَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْمُسْتَحِقُّ وَهُوَ صَاحِبُ الدَّارِ الْبَيِّنَةَ كَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى عَجْزِهِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا إلَى عَقْدِ الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ وَقَعَ اتِّفَاقًا إذْ لَا تَأْثِيرَ لِلْإِدْخَالِ فِي الْبِنَاءِ فِي ذَلِكَ وَلِهَذَا تَرَكَ تِلْكَ الْعِبَارَةَ هَاهُنَا .

( بَابُ السَّلَمِ ) ( هُوَ ) لُغَةً بِمَعْنَى السَّلَفِ فَإِنَّهُ أَخْذُ عَاجِلٍ بِآجِلٍ سُمِّيَ بِهِ هَذَا الْعَقْدُ لِكَوْنِهِ مُعَجَّلًا عَلَى وَقْتِهِ فَإِنَّ وَقْتَ الْبَيْعِ بَعْدَ وُجُودِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ ، وَالسَّلَمُ عَادَةً يَكُونُ بِمَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي مِلْكِهِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ مُعَجَّلًا وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } الْآيَةَ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ السَّلَمَ وَالْبَيْعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَتَأْجِيلُهُ بَعْدَ الْحُلُولِ وَالسَّنَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ } وَالْإِجْمَاعُ وَيَأْبَاهُ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ لَكِنَّهُ تُرِكَ لِمَا ذُكِرَ وَلَمْ يُسْتَدَلَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ } لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْعِزِّ الْحَنَفِيَّ قَالَ فِي حَوَاشِي الْهِدَايَةِ هَذَا اللَّفْظُ هَكَذَا لَمْ يُرْوَ مِنْ أَحَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَشَرْعًا ( بَيْعُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يَكُونَ ) ذَلِكَ الشَّيْءُ ( دَيْنًا عَلَى الْبَائِعِ بِشَرَائِطَ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا ( وَالْبَائِعُ ) فِي الِاصْطِلَاحِ ( مُسْلَمٌ إلَيْهِ وَالْمُشْتَرِي رَبُّ السَّلَمِ وَالْمَبِيعِ فِيهِ وَالثَّمَنُ رَأْسُ الْمَالِ وَيَصِحُّ فِيمَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ ) أَيْ مِقْدَارُهُ أَعَمَّ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ ( وَصِفَتُهُ ) أَيْ جَوْدَتُهُ وَرَدَاءَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ ( كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ الْمُثَمَّنِ ) احْتِرَازًا عَنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِمُثَمَّنَةٍ بَلْ أَثْمَانٌ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا السَّلَمُ ( وَالْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ وَالْفَلْسِ وَاللَّبِنِ وَالْآجُرِّ بِمِلْبَنٍ مُعَيَّنٍ ، وَالذَّرْعِيُّ كَالثَّوْبِ مُبَيِّنًا قَدْرَهُ ) أَيْ طُولَهُ

وَعَرْضَهُ ( وَصِفَتَهُ ) أَيْ غِلَظَهُ وَرِقَّتَهُ ( وَوَزْنَهُ إنْ بِيعَ بِهِ ) أَيْ بِالْوَزْنِ ( فَصَحَّ فِي السَّمَكِ الْمَلِيحِ ) أَيْ الْقَدِيدِ بِالْمِلْحِ يُقَالُ سَمَكٌ مَلِيحٌ وَمَمْلُوحٌ وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ ( وَالطَّرِيُّ حَيْثُ يُوجَدُ ) غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَنْقَطِعُ يَجُوزُ مُطْلَقًا ( وَزْنًا ضَرْبًا ) أَيْ نَوْعًا ( مَعْلُومَيْنِ ) قَيْدٌ لِلْمَلِيحِ وَالطَّرِيِّ .

بَابُ السَّلَمِ ) .
( قَوْلُهُ : وَالسُّنَّةُ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَسْلَمَ إلَخْ ) كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ .
( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ }
إلَخْ ) نَفْيُ وُرُودِهِ أَصْلًا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ فِيهِ تَأَمُّلٌ وَأَحْسَنُ مِنْهُ قَوْلُ الْكَمَالِ لَفْظُ الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهِ غَرَابَةٌ ، وَإِنْ كَانَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْقُرْطُبِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَثَرَ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ قِيلَ : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ حَدِيثٌ مُرَكَّبٌ مِنْ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ إلَى أَنْ قَالَ وَلَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك } قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَتَقَدَّمَ وَالرُّخْصَةُ فِي السَّلَمِ رَوَاهُ السِّتَّةُ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ { قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُسَلِّفُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ } وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ { إنَّا كُنَّا لَنُسَلِّفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ } .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَشَرْعًا بَيْعُ الشَّيْءِ إلَخْ ) إشَارَةٌ إلَى رُكْنِهِ وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَمَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ السَّلَمِ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَالتَّبْيِينِ وَعَلَى انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَفْظِ السَّلَمِ اتِّفَاقُ

الرِّوَايَاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَوْلُهُ احْتِرَازٌ عَنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ) أَخْرَجَ الْفُلُوسَ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا لِأَنَّهَا سِلَعٌ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالسَّلَمِ فِي التِّبْرِ لَا يَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ رِوَايَةِ الصَّرْفِ ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِالْمَضْرُوبِ وَعَلَى رِوَايَةِ الشَّرِكَةِ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِالْعُرُوضِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا أَنَّهُ كَالْعُرُوضِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ .
( قَوْلُهُ : وَالْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ ) أَيْ عَدًّا وَيَجُوزُ أَيْضًا كَيْلًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ذُكِرَ فِي الْمُخْتَلَفِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ عَدَدًا وَكَيْلًا وَوَزْنًا عِنْدَنَا ( قَوْلُهُ وَوَزْنُهُ إنْ بِيعَ بِهِ ) أَيْ بِالْوَزْنِ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبَ حَرِيرٍ يُبَاعُ بِالْوَزْنِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ وَزْنِهِ مَعَ ذَلِكَ أَيْ الذَّرْعِ وَالصِّفَةِ وَالصَّنْعَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِهِ ا هـ .
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ .
وَفِي الْإِيضَاحِ فِي الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ لَا يَكْفِي ذِكْرُ الذَّرْعِ وَالصِّفَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْوَزْنِ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْوَزْنِ فَإِنَّ الدِّيبَاجَ كُلَّمَا ثَقُلَ وَزْنُهُ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ وَالْحَرِيرُ كُلَّمَا خَفَّ وَزْنُهُ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ احْتَجُّوا لَهَا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ بَصْرِيَّةٌ تَزَوَّجَتْ بَصْرِيًّا أَطْعَمَهَا الْمَالِحَ وَالطَّرِيَّا وَالْحُجَّةُ لِلُّغَةِ الْفَصِيحَةِ قَوْله تَعَالَى { وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } أَيْ شَدِيدُ الْمُلُوحَةِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَزْنًا ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ الْمِلْحِ وَالطَّرِيِّ عَدَدًا ؛ لِأَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ ، وَأَمَّا السَّمَكُ الصِّغَارُ إذَا كَانَ يُكَالُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَيْلًا وَوَزْنًا ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَسَوَاءٌ فِيهِ الطَّرِيُّ وَالْمَمْلُوحُ كَمَا

فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
( قَوْلُهُ : كَالْحَيَوَانِ ) شَامِلٌ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ حَتَّى الْعَصَافِيرَ ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَفْصِلْ ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَاللَّحْمِ ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَنْزُوعَ الْعَظْمِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَجَازَاهُ مُطْلَقًا كَالْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ وَالسَّمَكِ وَزْنًا وَبِهِ يُفْتِي ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ مَوْزُونٌ مَضْبُوطٌ إذَا بَيَّنَ وَصْفَهُ وَمَوْضِعَهُ كَمَا فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ لَوْ أَسْلَمَ فِي مَنْزُوعِ الْعَظْمِ جَازَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَيْ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ا هـ فَصَارَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مُوَافِقَةً لِقَوْلِهِمَا .

.
( وَ ) صَحَّ ( فِي الطَّسْتِ وَالْقُمْقُمَةِ وَالْخُفَّيْنِ إذَا عَيَّنَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ ( لَا فِيمَا لَا يَعْلَمَانِ ) أَيْ قَدْرَهُ وَصِفَتَهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَصِفَتَهُ ( كَالْحَيَوَانِ وَأَطْرَافِهِ وَاللَّحْمِ وَالْجُلُودِ عَدَدًا ) قَيْدٌ لِلْجُلُودِ ( وَالْحَطَبِ حُزَمًا ) جَمْعُ حُزْمَةٍ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ بند هيزم ( وَالرَّطْبَةُ جُرُزًا ) جَمْعُ جُرْزَةٍ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ دست تره .
( قَوْلُهُ وَالْجُلُودِ عَدَدًا ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَزْنًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ إذَا كَانَا يُبَايِعَانِ وَزْنًا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا بِالْوَزْنِ .
ا هـ .

( وَالْجَوْهَرُ وَالْخَرَزُ ) بِالتَّحْرِيكِ الَّذِي يُنَظَّمُ فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْهَا تَفَاوُتًا فَاحِشًا يَمْنَعُ السَّلَمَ حَتَّى إنَّ بَيْنَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالصِّفَةِ فِي الْجُلُودِ ، وَقَدْرِ مَا يُشَدُّ بِهِ الْحُزْمَةُ جَازَ ( وَالْمُنْقَطِعُ ) أَيْ وَلَا فِيمَا انْقَطَعَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ ( إلَى ) حِينِ ( الْمَحَلِّ ) أَيْ الْأَجَلِ بِأَنْ اسْتَغْرَقَ الْعَدَمُ جَمِيعَ الْوَقْتِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْأَجَلِ .
( وَ ) لَا ( بِكَيْلٍ أَوْ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ يَتَأَخَّرُ فِيهِ فَرُبَّمَا يَضِيعُ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ .
( قَوْلُهُ وَالْجَوْهَرِ ) هَذَا فِي الْكِبَارِ مِنْهُ وَيَجُوزُ فِي صِغَارِ اللُّؤْلُؤِ وَزْنًا لِأَنَّهُ يُعْلَمُ بِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ( قَوْلُهُ : وَقَدْرُ مَا يَشُدُّ بِهِ الْحُزْمَةُ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ عُرِفَ ذَلِكَ بِأَنَّ بَيْنَ الْحَبْلِ الَّذِي يَشُدُّ بِهِ الْحَطَبَ وَالرَّطْبَةَ وَبَيْنَ طُولِهِ وَضُبِطَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ جَازَ .
( قَوْلُهُ : الْمَحِلِّ ) مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِكَسْرِ الْحَاءِ بِمَعْنَى الْحُلُولِ .
( قَوْلُهُ : بِأَنْ اسْتَغْرَقَ الْعَدَمُ جَمِيعَ الْوَقْتِ ) لَيْسَ شَرْطًا حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحِلِّ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبُيُوتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ .

.
( وَ ) لَا ( بُرِّ قَرْيَةٍ أَوْ تَمْرِ نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ ) إذْ قَدْ تَعْتَرِيهِ آفَةٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ ( وَشَرْطُ صِحَّتِهِ بَيَانُ الْجِنْسِ ) كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ ( وَالنَّوْعِ ) كَسَقْيِهِ وَبَخْسِهِ ( وَالصِّفَةِ ) كَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ ( وَالْقَدْرِ ) نَحْوِ كَذَا كَيْلًا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ ( وَالْأَجَلِ وَأَقَلُّهُ شَهْرٌ فِي الْأَصَحِّ ) وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ ( وَقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالْعَدَدِيِّ ) يَعْنِي يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ ، وَإِنْ كَانَ مُشَارًا إلَيْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ ( الْمُتَقَارِبِ ) كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ وَقَالَا : لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ بَعْدَ التَّعْيِينِ بِالْإِشَارَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَسْلَمْتُ إلَيْكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي كُرِّ بُرٍّ وَلَمْ يَدْرِ وَزْنَ الدَّرَاهِمِ أَوْ قَالَ أَسْلَمْتُ إلَيْكَ هَذَا الْبُرَّ فِي كَذَا مَنًّا مِنْ الزَّعْفَرَانِ وَلَمْ يَدْرِ قَدْرَ الْبُرِّ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ ثَوْبًا أَوْ حَيَوَانًا يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ ( وَمَكَانِ إيفَاءِ مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ ( فَيُوَفِّيهِ حَيْثُ شَاءَ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْأَمَاكِنَ كُلَّهَا سَوَاءٌ وَلَا وُجُوبَ فِي الْحَالِ ( كَذَا الثَّمَنُ ) أَيْ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ بِأَنْ بَاعَ عَبْدًا حَاضِرًا بِبُرٍّ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ حَيْثُ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ ( وَالْقِسْمَةُ ) بِأَنْ اقْتَسَمَا دَارًا وَشَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لِزِيَادَةِ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ فِي نَصِيبِهِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانَ الْإِيفَاءِ ( وَالْأَجْرُ ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ دَابَّةً بِمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ ( وَشَرْطُ بَقَائِهَا ) أَيْ بَقَاءِ صِحَّةِ السَّلَمِ ( قَبْضُ رَأْسِ

مَالِهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ ) فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا ثُمَّ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ لَا عَنْ قَبْضٍ .

( قَوْلُهُ : وَلَا بُرِّ قَرْيَةٍ ) قَيَّدَ بَقَرِيَّةٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي طَعَامِ وِلَايَةٍ يَجُوزُ لِأَنَّ حُصُولَ الْآفَةِ لِطَعَامِ الْوِلَايَةِ نَادِرٌ وَهَذَا إذَا نُسِبَ إلَى قَرْيَةٍ لِيُؤَدِّيَ مِنْ طَعَامِهَا ، وَأَمَّا إذَا نُسِبَ إلَيْهَا لِبَيَانِ وَصْفِ الطَّعَامِ فَالسَّلَمُ جَائِزٌ ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ .
( قَوْلُهُ : وَشَرْطُ صِحَّتِهِ
إلَخْ ) بَيَانٌ لِلشُّرُوطِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي الْعَقْدِ وَمُحَصِّلُهَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَقْدِ بَيَانُ ضَبْطِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَبَيَانُ ضَبْطِ رَأْسِ الْمَالِ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الْمَعْدُودِ وَذَلِكَ أَيْ ضَبْطُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ مَالٍ يُذْكَرُ جِنْسُهُ وَنَوْعُهُ وَصِفَتُهُ ، وَقَدْرُهُ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ تُذْكَرُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ الْمَالِ وَيُشْتَرَطُ لِدَوَامِ صِحَّةِ الْعَقْدِ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَنَقْدِ الدَّرَاهِمِ لِتَمْيِيزِ الْجَيِّدِ مِنْ الرَّدِيءِ وَخُلُوصِ الْبَدَلَيْنِ عَنْ أَحَدِ وَصْفَيْ عِلَّةِ الرِّبَا وَهُوَ الْقَدْرُ أَوْ الْجِنْسُ كَإِسْلَامِ الْهَرَوِيِّ فِي الْهَرَوِيِّ وَالْحِنْطَةِ فِي الشَّعِيرِ وَالْحَدِيدِ فِي الرَّصَاصِ وَكَوْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّا يُتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِتَخْرُجَ النُّقُودُ وَالْأَجَلُ وَوُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مُدَّةَ تَأْجِيلِهِ وَمَكَانَ الْإِيفَاءِ فِيمَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَخُلُوصُ الْعَقْدِ عَنْ الْخِيَارِ شَرْطُ الْأَحَدِ ا هـ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفَتْحِ وَالْمُحِيطِ وَغَيْرِهِمَا .
( قَوْلُهُ : فَيُوفِيهِ حَيْثُ شَاءَ وَهُوَ الْأَصَحُّ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْإِجَارَاتِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُيُوعِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَتَعَيَّنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ قَوْلُهُمَا ا هـ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِمَا .
ا هـ .
ثُمَّ قَالَ فِي الْمُحِيطِ ، وَإِذَا شَرَطَ مَكَانًا آخَرَ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ فِي رِوَايَةٍ لَا يَتَعَيَّنُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ لِمَا مَرَّ وَفِي رِوَايَةٍ يَتَعَيَّنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛

لِأَنَّهُ يُفِيدُ ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : كَذَا الثَّمَنُ
إلَخْ ) قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ وَالْقِسْمَةِ ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَقَالَ قَبْلَهُ مَكَانُ الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ يَتَعَيَّنُ لِلْإِيفَاءِ اتِّفَاقًا مِنْ الْمُحِيطِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا بِطَعَامٍ مِنْ جِنْسِهِ وَشَرَطَ أَحَدُهُمَا التَّوْفِيَةَ إلَى مَنْزِلِهِ لَمْ يَجُزْ بِالْإِجْمَاعِ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ زِيَادَةَ بَدَلٍ وَهُوَ الْحَمْلُ وَالْإِيفَاءُ ا هـ .
( قَوْلُهُ : ثُمَّ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ لَا عَنْ قَبْضٍ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ أَمَّا إذَا كَانَ رَأْسُ السَّلَمِ مِنْ النُّقُودِ فَلِأَنَّهُ افْتِرَاقٌ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ، وَقَدْ { نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ } ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَلِأَنَّ السَّلَمَ أَخْذُ عَاجِلٍ بِآجِلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الِاسْمِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ لِيَنْقَلِبَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِيهِ فَيَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَلِذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ إذَا كَانَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَمَامَ الْقَبْضِ وَكَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْقَبْضِ .

( فَإِنْ أَسْلَمَ مِائَةً نَقْدًا وَمِائَةً عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي كُرِّ بُرٍّ بَطَلَ فِي حِصَّةِ الدَّيْنِ ) لِانْتِفَاءِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ وَجَازَ فِي حِصَّةِ النَّقْدِ لِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِهِ وَلَا يَشِيعُ الْفَسَادُ ؛ لِأَنَّهُ طَارَ لِوُقُوعِ السَّلَمِ صَحِيحًا ابْتِدَاءً حَتَّى لَوْ نَقَدَ رَأْسَ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ ( لَا يَتَصَرَّفُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ الْقَبْضِ الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ كَمَا مَرَّ ( بِشَرِكَةٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا يَتَصَرَّفُ بِأَنْ يَقُولَ رَبُّ السَّلَمِ أَعْطِنِي نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ لِيَكُونَ نِصْفُ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَك ( أَوْ تَوْلِيَةٍ ) بِأَنْ يَقُولَ : أَعْطِنِي مِثْلَ مَا أَعْطَيْت الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لِيَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ لَك ( أَوْ نَحْوِهِمَا ) ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا أَكْثَرَ وُقُوعًا مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَالْوَضْعِيَّةِ وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَتَصَرَّفُ إلَى آخِرِهِ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ تَقَايَلَا السَّلَمَ لَمْ يَشْتَرِ ) أَيْ رَبُّ السَّلَمِ ( مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ شَيْئًا بِرَأْسِ الْمَالِ حَتَّى يَقْبِضَهُ ) كُلَّهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّصَرُّفُ فِي رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ قَبْضِهِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ أَسْلَمَ مِائَةً نَقْدًا وَمِائَةً عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ
إلَخْ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ بِأَنْ أَسْلَمَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ دَيْنًا أَوْ عَكْسُهُ لَا يَجُوزُ فِي الْكُلِّ ، أَمَّا حِصَّةُ الدَّيْنِ فَلِمَا ذَكَرْنَا ، وَأَمَّا حِصَّةُ الْعَيْنِ فَلِجَهَالَةِ مَا يَخُصُّهُ وَهَذَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الْعَيْنِ ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ .

( اشْتَرَى كُرًّا وَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً لَمْ يَصِحَّ ) يَعْنِي أَسْلَمَ كُرًّا فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ كُرًّا وَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً لَمْ يَكُنْ قَضَاءً ، وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ ثُمَّ يَقْبِضُهُ لِنَفْسِهِ فَاكْتَالَهُ لَهُ ثُمَّ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ جَازَ لِاجْتِمَاعِ الصَّفْقَتَيْنِ بِشَرْطِ الْكَيْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْكَيْلِ مَرَّتَيْنِ { لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ صَاعَانِ } ( وَإِنْ أَمَرَ مُقْرِضَهُ صَحَّ ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَمًا وَكَانَ قَرْضًا فَأَمَرَ مُقْرِضَهُ بِقَبْضِ الْكُرِّ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ الْإِعَارَةُ وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ إعَارَةٍ فَكَانَ الْمَرْدُودُ عَيْنَ الْمَأْخُوذِ مُطْلَقًا حُكْمًا فَلَا يَجْتَمِعُ الصَّفْقَتَانِ ( كَذَا ) أَيْ صَحَّ أَيْضًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ( وَلَوْ ) اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَ ( أَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ لَهُ ) أَيْ لِأَجَلِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( ثُمَّ لِنَفْسِهِ فَفَعَلَ ) أَيْ اكْتَالَهُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثُمَّ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا صَحَّ لِاجْتِمَاعِ الْكَيْلَيْنِ ( وَلَوْ أَمَرَهُ رَبُّ السَّلَمِ ) أَيْ أَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ الْمُسْلَمَ فِيهِ ( فِي ظَرْفِ رَبِّ السَّلَمِ فَكَالَ فِي ظَرْفِهِ بِغَيْبَتِهِ أَوْ أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فَكَالَ فِي ظَرْفِهِ ) أَيْ ظَرْفِ الْبَائِعِ ( لَمْ يَكُنْ قَبْضًا ) لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْكَيْلِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ مِلْكَ الْأَمْرِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الدَّيْنِ لَا الْعَيْنِ فَصَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُسْتَعِيرًا لِظَرْفِ رَبِّ السَّلَمِ وَوَاضِعًا مِلْكَ نَفْسِهِ فِيهَا ( بِخِلَافِ كَيْلِهِ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى مَثَلًا حِنْطَةً مُعَيَّنَةً فَأَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَنْ يَكِيلَهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِغَيْبَتِهِ صَارَ قَابِضًا ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْحِنْطَةَ بِالشِّرَاءِ فَأَمْرُهُ مُصَادِفٌ مِلْكَهُ .
( كَيْلُ الْعَيْنِ ثُمَّ

كَيْلُ الدَّيْنِ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَعَكْسُهُ لَا ) صُورَتُهُ رَجُلٌ أَسْلَمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اشْتَرَى رَبُّ السَّلَمِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا وَدَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ ظَرْفًا إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِيَجْعَلَ الْكُرَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَالْكُرَّ الْمُشْتَرَى فِي ذَلِكَ الظَّرْفِ ، فَإِنْ بَدَأَ بِكَيْلِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَى فِي الظَّرْفِ صَارَ قَابِضًا لِلْعَيْنِ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ وَلِلدَّيْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ كَمَنْ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً وَأَمَرَ الْمُقْرِضَ أَنْ يَزْرَعَهَا فِي أَرْضِهِ ، وَإِنْ بَدَأَ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا لِشَيْءٍ مِنْهُمَا أَمَّا الدَّيْنُ فَلِعَدَمِ صِحَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ ، وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمِلْكِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَصَارَ مُسْتَهْلِكًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْتَقِضُ الْبَيْعُ وَهَذَا الْخَلْطُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ بِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْبِدَايَةَ بِالْعَيْنِ وَعِنْدَهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ ، وَإِنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي الْمَخْلُوطِ ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ عِنْدَهُمَا .
قَوْلُهُ : وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلِأَنَّهُ ) أَيْ الْمَأْمُورَ خَلَطَهُ بِمِلْكِهِ وَهَذَا الْخَلْطُ غَيْرُ مَرَضِيٍّ بِهِ يَعْنِي لَمْ يَرْضَ بِهِ الْآمِرُ .
( قَوْلُهُ : وَعِنْدَهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ
إلَخْ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَنَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِيرُ قَابِضًا بِهِمَا جَمِيعًا كَمَا إذَا بَدَأَ بِالْعَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِيرُ قَابِضًا لِلْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ وَخَلَطَ الْمَأْمُورُ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْنِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ ا هـ مُلَخَّصًا

( أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ وَقُبِضَتْ ) أَيْ قَبَضَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ( فَتَقَايَلَا فَمَاتَتْ بَقِيَ ) أَيْ التَّقَايُلُ ( أَوْ مَاتَتْ فَتَقَايَلَا صَحَّ ) أَيْ التَّقَايُلُ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ( قِيمَتُهَا ) يَوْمَ قَبْضِهِ ( فِيهِمَا ) أَيْ فِي الْمَوْتِ بَعْدَ التَّقَايُلِ وَقَبْلَهُ ، يَعْنِي إذَا اشْتَرَى كُرًّا بِعَقْدِ السَّلَمِ وَجَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ أَمَةً وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا عَقْدَ السَّلَمِ ثُمَّ مَاتَتْ الْأَمَةُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَقِيَ التَّقَايُلُ وَلَوْ مَاتَتْ وَتَقَايَلَا صَحَّ التَّقَايُلُ ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ رَأْسُ الْمَالِ وَهُوَ فِي حُكْمِ الثَّمَنِ فِي الْعَقْدِ وَالْمَبِيعُ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَصِحَّةُ الْإِقَالَةِ تَعْتَمِدُ قِيَامَ الْمَبِيعِ لَا الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ فَهَلَاكُ الْأَمَةِ لَا يُغَيِّرُ حَالَ الْإِقَالَةِ مِنْ الْبَقَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَالصِّحَّةِ فِي الثَّانِيَةِ ، فَإِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ انْفَسَخَ فِي الْجَارِيَةِ تَبَعًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ فَوَجَبَ رَدُّهَا ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فَوَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهَا ( كَذَا الْمُقَايَضَةُ ) وَهِيَ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ كَمَا مَرَّ ( فِي وَجْهَيْهِ ) يَعْنِي تَبْقَى الْإِقَالَةُ وَتَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ وَثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ فَفِي الْبَاقِي يُعْتَبَرُ الْمَبِيعِيَّةُ وَفِي الْهَالِكِ الثَّمَنِيَّةُ ( بِخِلَافِ الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ فِيهِمَا ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفٍ فَتَقَايَلَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ فَلَا تَبْقَى بَعْدَ هَلَاكِهَا فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ ابْتِدَاءً وَلَا تَبْقَى انْتِهَاءً لِعَدَمِ مَحِلِّهَا .

( الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرَّدَاءَةِ وَالْأَجَلِ ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَ عَاقِدُ السَّلَمِ فِي شَرْطِ الرَّدَاءَةِ وَالْأَجَلِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِمَا أَمَّا الرَّدَاءَةُ فَبِأَنْ يَقُولُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ شَرَطْنَا الرَّدِيءَ وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ لَمْ نَشْرِطْ شَيْئًا لِيَكُونَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ مُتَعَنِّتٌ فِي إنْكَارِهِ الصِّحَّةَ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ زَائِدٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ عَادَةً وَلَوْ ادَّعَى رَبُّ السَّلَمِ شَرْطَ الرَّدَاءَةِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَمْ نَشْتَرِطْ شَيْئًا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَبِالْجُمْلَةِ الْقَوْلُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ عِنْدَهُ وَلِلْمُنْكِرِ عِنْدَهُمَا ، وَأَمَّا الْأَجَلُ فَأَيُّهُمَا ادَّعَاهُ فَالْقَوْلُ لَهُ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَلِلْمُنْكِرِ عِنْدَهُمَا ( الِاسْتِصْنَاعُ ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِصَانِعٍ كَالْخِفَافِ اصْنَعْ لِي مِنْ مَالِك خُفًّا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ بِكَذَا ( بِأَجَلٍ ) كَأَنْ يَقُولَ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا ( سَلَمٌ ) سَوَاءٌ ( تَعَامَلُوا ) نَحْوُ خُفٍّ وَطَسْتٍ وَقُمْقُمَةٍ وَنَحْوِهَا ( أَوْ لَا ) كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا أَمَّا كَوْنُ الِاسْتِصْنَاعِ بِأَجَلٍ سَلَمًا إذَا لَمْ يَتَعَامَلُوا فَبِالْوِفَاقِ ، وَأَمَّا إذَا تَعَامَلُوا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ سَلَمًا وَعِنْدَهُمَا لَا ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ لِلِاسْتِصْنَاعِ فَيُحَافَظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَيُحْمَلُ الْأَجَلُ عَلَى التَّعْجِيلِ ، بِخِلَافِ مَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِصْنَاعٌ فَاسِدٌ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّلَمِ الصَّحِيحِ وَلَهُ أَنَّهُ دَيْنٌ يَحْتَمِلُ السَّلَمَ وَجَوَازُ السَّلَمِ بِإِجْمَاعٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَفِي تَعَامُلِهِمْ الِاسْتِصْنَاعُ نَوْعُ شُبْهَةٍ فَكَانَ الْحَمْلُ عَلَى السَّلَمِ أَوْلَى .
( وَ ) الِاسْتِصْنَاعُ ( بِدُونِهِ ) أَيْ بِدُونِ الْأَجَلِ ( صَحَّ ) اسْتِحْسَانًا لِلْإِجْمَاعِ الثَّابِتِ بِالتَّعَامُلِ مِنْ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ

لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ ( بَيْعًا لَا عِدَّةً ) كَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ صَحَّ بَيْعًا بِقَوْلِهِ ( فَالصَّانِعُ يُجْبَرُ عَلَى عَمَلِهِ ) وَلَوْ كَانَ عِدَّةً لَمْ يُجْبَرْ وَبِقَوْلِهِ ( وَالْأَمْرُ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ ) وَلَوْ كَانَ عِدَّةً لَجَازَ رُجُوعُهُ ( الْمَبِيعُ هُوَ الْعَيْنُ لَا عَمَلُهُ ) كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْدَعِيُّ قَوْلًا بِأَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ اسْتِفْعَالٌ مِنْ الصُّنْعِ وَهُوَ الْعَمَلُ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهِ الْعَيْنَ بِقَوْلِهِ ( فَلَوْ جَاءَ ) أَيْ الصَّانِعُ ( بِمَا صَنَعَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ غَيْرَهُ ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ صَنَعَهُ وَجَازَ لِلْفَصْلِ ( صَحَّ ) وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَمَلَهُ لَمَا صَحَّ ( وَلَا يَتَعَيَّنُ ) أَيْ الْمَبِيعُ ( لَهُ ) أَيْ لِلْآمِرِ ( بِلَا رِضَاهُ فَصَحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْآمِرِ ) وَلَوْ تَعَيَّنَ لَهُ لَمَا صَحَّ بَيْعُهُ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْآمِرِ ( الْخِيَارُ ) بَعْدَ رُؤْيَتِهِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ ( وَلَمْ يَصِحَّ ) أَيْ السَّلَمُ ( فِي غَيْرِ الْمُتَعَامَلِ كَالثَّوْبِ إلَّا بِأَجَلٍ ) يَعْنِي لَوْ أَمَرَ حَائِكًا أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثِيَابًا بِغَزْلٍ مِنْ عِنْدِهِ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ لَمْ يَجُزْ إذْ لَمْ يَجُزْ فِيهِ التَّعَامُلُ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ إلَّا إذَا شَرَطَ فِيهِ الْأَجَلَ وَبَيَّنَ شَرَائِطَ السَّلَمِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بِطَرِيقِ السَّلَمِ .

( قَوْلُهُ : الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرَّدَاءَةِ وَالْأَجَلِ ) أَيْ أَصْلُ الْأَجَلِ مُطْلَقًا وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَى أَدْنَى الْآجَالِ وَذَلِكَ شَهْرٌ وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ أَيْ رَبُّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَدَّعِي عَلَيْهِ إبْقَاءَ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَالْمَطْلُوبُ يُنْكِرُ ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ أَجَلٍ فَتَكُونُ أَكْثَرَ إثْبَاتًا ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الْأَجَلُ فَأَيُّهُمَا ادَّعَاهُ فَالْقَوْلُ لَهُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَلِلْمُنْكِرِ عِنْدَهُمَا ) أَقُولُ تَعْمِيمُ الْخِلَافِ سَهْوٌ بَلْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْأَجَلَ فَيُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِيَمِينِهِ لَا عِنْدَهُمَا ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَاهُ رَبُّ السَّلَمِ فَيُصَدَّقُ اتِّفَاقًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّبْيِينِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمَجْمَعِ وَالْمَوَاهِبِ وَالْمُحِيطِ مُوَضَّحًا بِالتَّعْلِيلِ قَوْلُهُ الْمَبِيعُ هُوَ الْعَيْنُ ) قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَلَهُ أَيْ لِلْأَمْرِ الْخِيَارُ ) أَيْ دُونَ الصَّانِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الصَّانِعَ لَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَصِحَّ أَيْ السَّلَمُ فِي غَيْرِ الْمُتَعَامَلِ كَالثَّوْبِ إلَّا بِأَجَلٍ ) لَعَلَّ صَوَابَهُ وَلَمْ يَصِحَّ أَيْ الِاسْتِصْنَاعُ ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَدَّثَ عَنْهُ كَمَا يُفْصِحُ عَنْهُ شَرْحُهُ بِقَوْلِهِ يَعْنِي لَوْ أَمَرَ حَائِكًا أَنْ يَنْسِجَ
إلَخْ عَلَى أَنَّ هَذَا مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ الِاسْتِصْنَاعُ بِأَجَلٍ سَلَمٌ تَعَامَلُوا أَوْ لَا .

( مَسَائِلُ شَتَّى ) جَمْعُ شَتِيتٍ بِمَعْنَى الْمُتَفَرِّقِ ( صَحَّ بَيْعُ كُلِّ ذِي نَابٍ أَوْ مِخْلَبٍ ) كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ وَالسِّبَاعِ وَالطُّيُورِ وَالْجَوَارِحِ عُلِّمَتْ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ آلَةُ الِاصْطِيَادِ ( إلَّا الْخِنْزِيرَ ) لِأَنَّهُ نَجَسُ الْعَيْنِ ( وَالذِّمِّيَّ فِيهِ ) أَيْ فِي الْبَيْعِ ( كَالْمُسْلِمِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ } وَلِأَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ مُحْتَاجُونَ كَالْمُسْلِمِينَ ( إلَّا فِي بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ ) فَإِنَّ عَقْدَهُمْ فِيهَا كَعَقْدِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْعَصِيرِ وَالشَّاةِ ( وَمَيْتَةً لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا ) فَإِنَّهَا كَالْخِنْزِيرِ ، وَإِنَّمَا قَالَ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا ؛ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ كَذَلِكَ بَطَلَ بَيْعُهَا اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ عِنْدَ أَحَدٍ ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ .

( قَوْلُهُ : كَالْكَلْبِ ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْكِلَابِ الْمُعَلَّمِ وَغَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَشَرَطَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِجَوَازِ بَيْعِ الْكَلْبِ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا أَوْ قَابِلًا لِلتَّعْلِيمِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
وَفِي الْمُحِيطِ يَجُوزُ بَيْعُ الْكَلْبِ مَذْبُوحًا لِطَهَارَةِ جِلْدِهِ وَلَحْمِهِ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَالسِّبَاعِ ) شَامِلٌ لِلْقِرْدِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ لُحُومِهَا وَلُحُومُ الْحُمْرِ الْمَذْبُوحَةِ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ مِنْ حَيْثُ إيكَالِ الْكِلَابِ وَالسَّنَاوِيرِ بِخِلَافِ لَحْمِ الْخَنَازِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعَمَ الْكِلَابَ وَالسَّنَاوِيرَ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ا هـ .
( قُلْت ) وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى تَصْحِيحِ طَهَارَةِ اللَّحْمِ بِالذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَأَمَّا عَلَى أَصَحِّ التَّصْحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا الْجِلْدَ دُونَ اللَّحْمِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ اللَّحْمِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَآلَةُ الِاصْطِيَادِ ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ هَوَامِّ الْأَرْضِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْوَزَغِ وَالْعَطَّافَةِ وَالْقَنَافِذِ وَنَحْوِهَا ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَلَقِ فِي الصَّحِيحِ لِتَمَوُّلِ النَّاسِ وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ لِمُعَالَجَةِ مَصِّ الدَّمِ مِنْ الْجَسَدِ بِوَضْعِهَا عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ .

وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُسْلِمُ فِيهِ كَالذِّمِّيِّ بِقَوْلِهِ ( فَإِذَا اشْتَرَى ) أَيْ الذِّمِّيُّ ( عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا يَصِحُّ ) لِدُخُولِهِ تَحْتَ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ ( وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ ) ؛ لِأَنَّ فِي إبْقَائِهِ فِي يَدِهِ إذْلَالًا لَهُ ( وَطْءُ زَوْجِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْضٌ لَا نِكَاحُهَا ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَزَوَّجَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا صَحَّ ، فَإِنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا فَقَدْ قُبِضَتْ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ تَزْوِيجِهَا قَابِضًا لَهَا ( اشْتَرَى عَبْدًا فَغَابَ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ ) وَعَدَمُ قَبْضِ ثَمَنِهِ ( إنْ عُلِمَ مَكَانُهُ لَمْ يَبِعْ لِدَيْنِهِ ) أَيْ دَيْنِ الْبَائِعِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَصِلَ الْبَائِعُ إلَى حَقِّهِ بِدُونِ الْبَيْعِ وَفِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمُشْتَرِي ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ ( بِيعَ الْعَبْدُ ) وَأَدَّى الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فَيَظْهَرُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مَشْغُولًا بِحَقِّهِ ، وَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ يَبِيعُهُ الْقَاضِي كَالرَّاهِنِ إذَا مَاتَ مُفْلِسًا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ وَيَقْضِي الدَّيْنَ .

( قَوْلُهُ : وَطْءُ زَوْجِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْضٌ ) كَذَا الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ ؛ لِأَنَّ الْمَالِيَّةَ قَدْ تَلِفَ بِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ حَقِيقَةً أَوْ حَقُّهُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ يَصِيرُ قَابِضًا ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ ( قَوْلُهُ اشْتَرَى شَيْئًا فَغَابَ ) يَعْنِي قَبْلَ الْقَبْضِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا غَابَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ حَيْثُ لَا يُجِيبُ الْحَاكِمُ الْبَائِعَ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْمَبِيعِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ وَعَدَمِ قَبْضِهِ ) فِيهِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَيْسَتْ لِلْقَضَاءِ بَلْ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ وَانْكِشَافِ الْحَالِ فَبَعْدَ انْكِشَافِهِ عَمِلَ الْقَاضِي بِمُوجِبِ إقْرَارِ الْبَائِعِ وَلِذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى خَصْمِ الْحَاضِرِ قَوْلُهُ : كَالرَّاهِنِ إذَا مَاتَ مُفْلِسًا ) كَذَا لَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا قَبْلَ الْقَبْضِ .

( وَإِنْ اشْتَرَيَا ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اثْنَيْنِ ( وَغَابَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَاضِرِ دَفْعُ كُلِّ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( وَحَبْسُهُ حَتَّى يَنْقُدَ شَرِيكُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ فِي الدَّفْعِ إذْ لَا يُمْكِنْهُ الِانْتِفَاعُ بِنَصِيبِهِ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ وَالْمُضْطَرِبُ يَرْجِعُ كَمُعِيرِ الرَّهْنِ ، وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ عَنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا قَضَى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ( بَاعَ ) شَيْئًا ( بِأَلْفِ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ تَنَصَّفَا ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ( بِهِ ) أَيْ بِالْمِثْقَالِ بِأَنْ يَجِبَ خَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ الذَّهَبِ وَخَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ الْفِضَّةِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمِثْقَالَ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ .
( وَ ) بَاعَ شَيْئًا ( بِأَلْفٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَنَصَّفَا ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ( بِمِثْقَالٍ وَدِرْهَمٍ وَزْنَ سَبْعَةٍ ) أَيْ يَجِبُ مِنْ الذَّهَبِ مَثَاقِيلُ وَمِنْ الْفِضَّةِ دَرَاهِمُ وَزْنُ سَبْعَةٍ ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْأَلْفَ إلَيْهِمَا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ( قَبَضَ زَيْفًا عَنْ جَيِّدٍ بِلَا عِلْمٍ وَتَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ كَانَ قَضَاءً ) يَعْنِي إذَا كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جِيَادٍ فَقَضَاهُ زُيُوفًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَنْفَقَهَا أَوْ هَلَكَتْ فَهُوَ قَضَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ زُيُوفِهِ وَيَرْجِعُ بِجِيَادِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْوَصْفِ مَرْعِيٌّ كَحَقِّهِ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُمْكِنُ رِعَايَتُهُ بِإِيجَابِ ضَمَانِ الْوَصْفِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَا قُلْنَا وَلَهُمَا أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ حَتَّى لَوْ تَجُوزُ بِهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ جَازَ فَيَقَعُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ وَلَا يَبْقَى حَقُّهُ إلَّا فِي الْجُودَةِ وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهَا بِإِيجَابِ ضَمَانِهَا لِمَا

مَرَّ وَلَا بِإِيجَابِ ضَمَانِ الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ إيجَابٌ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ ، كَذَا فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا فِي الشَّرْعِ كَثِيرٌ فَإِنَّ جَمِيعَ تَكَالِيفِ الشَّرْعِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ؛ لِأَنَّهَا إيجَابُ ضَرَرٍ قَلِيلٍ لِأَجْلِ نَفْعٍ كَثِيرٍ أَقُولُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ تَكَالِيفِ الشَّرْعِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَإِنَّ الضَّرَرَ فِيهَا دُنْيَوِيٌّ وَالنَّفْعَ أُخْرَوِيٌّ وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ تَرْكُ النَّفْعِ الْأُخْرَوِيِّ ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الضَّرَرَ وَالنَّفْعَ فِيهِ دُنْيَوِيَّانِ وَيَجُوزُ لِلْعَبْدِ تَرْكُ النَّفْعِ الدُّنْيَوِيِّ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلِهَذَا جَازَ التَّجَوُّزُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَبِالْعُثُورِ عَلَى صُدُورِ أَمْثَالِ هَذَا عَنْ هَذَا الْفَاضِلِ يَتَبَادَرُ إلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَثِيرٌ مَا يَغْفُلُ عَنْ دَقَائِقِ هَذَا الْفَنِّ .

( قَوْلُهُ : وَالْمُضْطَرَبُ يَرْجِعُ ) يُشِيرُ إلَى مَا لَوْ كَانَا مُسْتَأْجِرَيْنِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَنَقَدَ الْآخَرُ كُلَّ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ فِي نَقْدِ نَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ إذْ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ حَبْسُ الدَّارِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ ، كَذَا عَنْ الْعِنَايَةِ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَجِّرُ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ : أَوْ بَاعَ شَيْئًا بِأَلْفٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَنَصَّفَا
إلَخْ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ ثُلُثُهُ أَيْ الْكُرِّ وَهَذَا قَاعِدَتُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كُلِّهَا كَالْمَهْرِ وَالْوَصِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ وَالْإِجَارَةِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : فَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ) أَقُولُ هَذَا بِاعْتِبَارِ زَمَانِهِمْ فِي الْمُعَامَلَةِ ، وَأَمَّا الْآنَ فَالْقِصَّةُ لَيْسَ فِيهَا دَرَاهِمُ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَهِيَ قِطَعٌ صِغَارٌ كُلُّ أَرْبَعَةٍ وَزْنَ دِرْهَمٍ تُسَمَّى أَنْصَافًا وَنَوْعٌ يُسَمَّى قِرْشًا كُلِّيًّا يَبْلُغُ ثَلَاثِينَ نِصْفًا فِضَّةً وَآخَرَ يُسَمَّى رِيَالًا وَآخَرُ بُنْدُقِيًّا وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ وَزْنًا وَمَالِيَّةً وَأَيْضًا الذَّهَبُ مُخْتَلِفٌ مَالِيَّةً بِالدِّينَارِ وَبِالْبُنْدُقِيِّ وَالشَّرِيفِيِّ وَالْإِبْرَاهِيمِيّ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِإِطْلَاقِ الشِّرَاءِ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِهَذَا ( قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ زُيُوفِهِ وَيَرْجِعُ بِجِيَادِهِ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْحَقَائِقِ نَقْلًا عَنْ الْعُيُونِ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ حَسَنٌ دَفْعًا لِلضَّرَرِ فَاخْتَرْنَاهُ لِلْفَتْوَى ، كَذَا فِي النَّهْرِ .

( أَفْرَخَ طَيْرٌ أَوْ بَاضَ أَوْ تَكَنَّسَ ظَبْيٌ فِي أَرْضِهِ ) قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ ( كَانَ ) كُلٌّ مِنْ الْفَرْخِ وَالْبِيضِ وَوَلَدِ الظَّبْيَةِ ( لِلْآخِذِ ) لَا لِرَبِّ الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ ( كَصَيْدٍ تَشَبَّثَ بِشَبَكَةٍ نُصِبَتْ لِلْجَفَافِ وَدِرْهَمٍ أَوْ سُكَّرٍ نُثِرَ فَوَقَعَ عَلَى ثَوْبٍ لَمْ يُعَدَّ لَهُ ) أَيْ سَابِقًا ( وَلَمْ يَكْفِ ) أَيْ لَاحِقًا حَتَّى إذَا عُدَّ الثَّوْبُ لِذَلِكَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ وَكَذَا إذَا لَمْ يُعَدْ لَكِنْ لَمَّا وَقَعَ فِيهِ كَفُّهُ صَارَ بِهَذَا الْفِعْلِ لَهُ ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَسَلَ النَّحْلُ فِي أَرْضِهِ لِأَنَّهُ عُدَّ مِنْ إنْزَالِهِ بِتَمَلُّكِهِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ كَالشَّجَرِ النَّابِتِ فِيهَا وَالتُّرَابِ الْمُجْتَمَعِ فِيهَا بِجَرَيَانِ الْمَاءِ .
( قَوْلُهُ أَفْرَخَ طَيْرًا أَوْ بَاضَ أَوْ تَكَنَّسَ ظَبْيٌ فِي أَرْضِهِ
إلَخْ ) يَعْنِي وَهِيَ غَيْرُ مُعَدَّةٍ لِذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَتْ مُهَيَّأَةً لَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِهَا .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا عَسَلَ النَّحْلُ فِي أَرْضِهِ
إلَخْ ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُهُ مُعَدَّةً لِذَلِكَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .

( مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ ) هَاهُنَا أَصْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ مِنْ بَابِ الرِّبَا وَهُوَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ لَا غَيْرِهَا مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ ؛ لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ وَحَقِيقَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَمَا مَرَّ هِيَ زِيَادَةُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ فَيَكُونُ فِيهَا فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ وَهُوَ الرِّبَا وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْغَيْرِ الْمَالِيَّةِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ وَالْخُلْعِ وَنَحْوِهَا وَلَا فِي التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ بَلْ يَفْسُدُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ وَثَانِيهِمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ الْمَحْضِ لَا يَجُوزُ فِي التَّمْلِيكَاتِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقِمَارِ وَمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ الَّذِي يَحْلِفُ بِهِ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ مُطْلَقًا وَذَلِكَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقَاتِ وَالْوِلَايَاتِ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْمُلَائِمِ وَكَذَا التَّحْرِيضَاتُ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ } وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ( الْبَيْعُ ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَ ( إجَازَتُهُ ) فَإِنَّ إجَازَةَ الْبَيْعِ كَالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ قَالَ إنْ زَادَ فُلَانٌ فِي الثَّمَنِ فَقَدْ أَجَزْت الْبَيْعَ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ ( وَالْقِسْمَةُ وَالْإِجَازَةُ ) فَإِنَّ فِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ وَالْأُجْرَةِ ( وَالرَّجْعَةُ ) فَإِنَّهَا اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِابْتِدَائِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ ( وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ ) بِمَالٍ فَيَكُونُ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ فَيَكُونُ بَيْعًا ( وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ ) فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَيَكُونُ

مُعْتَبَرًا بِالتَّمْلِيكَاتِ ( إلَّا إذَا عُلِّقَ بِكَائِنٍ ) أَيْ بِشَرْطٍ وَاقِعٍ حَتَّى لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ : مَال بِمِنْ ده فَقَالَ بشريك توداده ام فَقَالَ الْمُدَّعِي : اكر داده بيزام شدم ازتو وداده ات صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ ؛ لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِشَرْطٍ كَائِنٍ ، كَذَا فِي الأسروشنية ( وَعَزْلُ الْوَكِيلِ وَالِاعْتِكَافُ ) فَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِمَّا يَحْلِفُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ ( وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ ) فَإِنَّهُمَا إجَارَةٌ ؛ لِأَنَّ مَنْ يُجِيزُهَا لَمْ يُجِزْهُمَا إلَّا عَلَى اعْتِبَارِ الْإِجَارَةِ فَيَكُونَانِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ فَيَفْسُدَانِ بِالشَّرْطِ ( وَالْإِقْرَارُ ) فَإِنَّهُ إخْبَارٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ ، فَإِنْ كَانَ كَذِبًا لَا يَكُونُ صِدْقًا لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَلَا بِالْعَكْسِ ، وَإِنَّمَا التَّعْلِيقُ فِي الْإِيجَابِ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاقِعٍ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ ( وَالْوَقْفُ ) فَإِنَّ فِيهِ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ ( وَالتَّحْكِيمُ ) فَإِنَّهُ تَوْلِيَةٌ صُورَةً وَصُلْحٌ مَعْنًى إذْ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صُلْحٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَوْلِيَةٌ يَصِحُّ فَلَا يَصِحُّ بِالشَّكِّ .

( مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ ) .
( قَوْلُهُ : هَهُنَا أَصْلَانِ
إلَخْ ) مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ قَوْلُهُ : وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ) زِدْت عَلَيْهِ مَسَائِلَ إجَازَةِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ عِنْدَ أَبِيهَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَحَجْرِ الْمَأْذُونِ وَتَعْلِيقِ الْقَاضِي حَجْرَ رَجُلٍ بِسَفَهِهِ ، فَإِذَا قَالَ الْقَاضِي لِرَجُلٍ حَجَرْت عَلَيْك إذَا سَفِهْتَ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بِحَجْرِهِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْأَجَلُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ قَالَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِبْطَالُ الْأَجَلِ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حَلَّ نَجْمٌ وَلَمْ تُؤَدِّ فَالْمَالُ حَالٌّ صَحَّ وَالْمَالُ يَصِيرُ حَالًّا فِي حِيَلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ ا هـ .
وَالصُّلْحُ عَنْ الْقَتْلِ خَطَأٌ وَالْجِرَاحَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْمَالِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَالْإِقَالَةُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تُزَادُ عَلَى الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ .
( قَوْلُهُ : الْبَيْعُ ) صُورَةُ الْبَيْعِ بِشَرْطٍ كَقَوْلِهِ بِعْته بِشَرْطِ اسْتِخْدَامِهِ شَهْرًا وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَقَوْلِهِ بِعْته إنْ كَانَ زَيْدٌ حَاضِرًا وَفِي إطْلَاقِ الْبُطْلَانِ عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطٍ تَسَامُحٌ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَاسِدِ لَا الْبَاطِلِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ( قَوْلُهُ ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ) لَكِنَّهُ لَمْ يَفْصِلْ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ بِكَلِمَةِ إنْ أَوْ بِكَلِمَةِ عَلَى ، وَقَدْ فَصَّلَهُ الْعِمَادِيُّ وَالزَّيْلَعِيُّ فَقَالَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ مُطْلَقًا إنْ كَانَ الشَّرْطُ بِكَلِمَةِ إنْ بِأَنْ قَالَ : بِعْت مِنْك إنْ كَانَ كَذَا وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ نَافِعًا أَوْ ضَارًّا زَادَ الْعِمَادِيُّ أَوْ كَيْفَمَا كَانَ ا هـ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ بِعْت مِنْك إنْ رَضِيَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا

وَقَعَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ؛ لِأَنَّهُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ جَائِزٌ كَذَا أَطْلَقَ الْجَوَازَ الزَّيْلَعِيُّ وَنَسَبَهُ الْعِمَادِيُّ بِقَوْلِهِ قَالَ أَبُو الْفَضْلِ يَجُوزُ إذَا وَقَّتَ
إلَخْ ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بِكَلِمَةِ عَلَى ، فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ يُلَائِمُهُ أَوْ فِيهِ أَثَرٌ أَوْ جَرَى التَّعَامُلُ بِهِ كَمَا إذَا شَرَطَ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ أَوْ التَّأْجِيلِ أَوْ الْخِيَارِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَيَجُوزُ الشَّرْطُ ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِي الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ لِأَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلَا .
( قَوْلُهُ : وَإِجَارَتُهُ ) ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْكَنْزِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكَنْزِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْعِمَادِيُّ .
( قَوْلُهُ : وَالرَّجْعَةُ
إلَخْ ) أَمَّا كَوْنُهَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ فَوَاضِحٌ ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّكَاحِ .
وَقَالَ الْعِمَادِيُّ النِّكَاحُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَا إضَافَتُهُ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ .
ا هـ .
وَأَمَّا بُطْلَانُهَا بِالشَّرْطِ فَلَمْ يَتَّضِحُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا فَرْقَ بِهِ بَيْنَهُمَا فِي النَّهْرِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِشَرْطٍ كَائِنٍ ) قَالَ الْعِمَادِيُّ وَالتَّعْلِيقُ بِشَرْطٍ كَائِنٍ تَحْقِيقٌ قُلْت فَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَصُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ زَوَّجْتُهَا مِنْ فُلَانٍ فَقَدْ زَوَّجْتُهَا مِنْكَ فَقَبِلَ وَظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَوَّجَهَا يَنْعَقِدُ هَذَا النِّكَاحُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إطْلَاقَ الشَّرْطِ عَلَى مِثْلِ هَذَا مَجَازٌ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مَا كَانَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ كَمَا إذَا قَالَ لِمَدْيُونِهِ إنْ مِتَّ بِنَصْبِ تَاءِ الْخِطَابِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ لَا يَصِحُّ ؛

لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِخَطَرٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ وَلَوْ قَالَ إنْ مِتُّ بِضَمِّ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ أَوْ أَنْتَ فِي حِلٍّ جَازَ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَاضِي خان وَالتَّتَارْخَانِيَّة عَنْ النَّوَازِلِ وَغَيْرِهَا فَلْيُتَنَبَّهْ لِهَذَا فَإِنَّهُ مُهِمٌّ .
( قَوْلُهُ : وَالِاعْتِكَافُ ) هَذَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ نَذْرِ الِاعْتِكَافِ قُبَيْلَ بَابِ الِاعْتِكَافِ ، قَالَ صَاحِبُ النَّهْرِ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى رِوَايَةٍ فِي الِاعْتِكَافِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَالْإِقْرَارُ
إلَخْ ) كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجُحُودِ أَوْ دَعْوَى الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ لِلْحَالِ .
( قَوْلُهُ : وَالْوَقْفُ ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ ا هـ .
وَقَالَ الْعِمَادِيُّ وَفِي تَعْلِيقِ الْوَقْفِ بِالشَّرْطِ رِوَايَتَانِ .
( قَوْلُهُ : وَالتَّحْكِيمُ ) هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ إطْلَاقَ الْوِلَايَةِ ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25