كتاب : درر الحكام شرح غرر الأحكام
المؤلف : محمد بن فراموز الشهير بمنلا خسرو

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ا هـ .
وَهُوَ تَصْحِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ ا هـ مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ .

.
( وَ ) يُفْسِدُهَا ( قِرَاءَتُهُ مِنْ مُصْحَفٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّنُ مِنْ الْمُصْحَفِ فَأَشْبَهَ التَّلَقُّنَ مِنْ غَيْرِهِ ( وَفَتْحُهُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ فَكَانَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ يَشْمَلُ فَتْحَ الْمُقْتَدِي عَلَى الْمُقْتَدَى وَعَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي وَعَلَى الْمُصَلِّي وَحْدَهُ وَفَتْحَ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ عَلَى أَيِّ شَخْصٍ كَانَ فَكُلُّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ التِّلَاوَةَ دُونَ الْفَتْحِ نَظِيرُهُ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ مَالَكَ فَقَالَ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَإِنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إنْ أَرَادَ بِهِ جَوَابًا وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ لَا تَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا ، وَقِيلَ إنْ قَرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ ، وَقِيلَ إنْ انْتَقَلَ إلَى آيَةٍ أُخْرَى فَفَتَحَ عَلَيْهِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ ، وَكَذَا صَلَاةُ الْإِمَامِ إنْ أَخَذَ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَيَنْبَغِي لِلْمُقْتَدِي أَنْ لَا يُعَجِّلَ بِالْفَتْحِ إذْ رُبَّمَا يَتَذَكَّرُ الْإِمَامُ فَيَكُونُ التَّلْقِينُ بِلَا حَاجَةٍ ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُلْجِئَهُمْ إلَيْهِ بَلْ يَرْكَعُ إذَا قَرَأَ قَدْرَ الْفَرْضِ وَإِلَّا انْتَفَلَ إلَى آيَةٍ أُخْرَى .

( قَوْلُهُ وَقِرَاءَتُهُ مِنْ مُصْحَفٍ ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْقِرَاءَةَ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذْ لَمْ يَفْصِلْ فِيهِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي الْفَسَادِ ، وَقِيلَ إنْ قَرَأَ آيَةً تَفْسُدُ ، وَقِيلَ بَلْ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ .
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ عِنْدَهُ فِي الْإِفْسَادِ وَعِنْدَهُمَا فِي عَدَمِهِ سَوَاءٌ فَلِهَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّنُ مِنْ الْمُصْحَفِ
إلَخْ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُصْحَفِ مَحْمُولًا أَوْ مَوْضُوعًا فَتَفْسُدُ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْكَافِي وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَافِظًا إذْ لَوْ كَانَ يَحْفَظُ إلَّا أَنَّهُ نَظَرَ فَقَرَأَ لَا تَفْسُدُ كَمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ ، وَلَوْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَقَرَأَهُ مِنْ مَكْتُوبٍ مِنْ غَيْرِ حَمْلِ الْمُصْحَفِ قَالُوا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ا هـ يَعْنِي التَّلْقِينَ وَالْحَمْلَ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ ا هـ .
وَقَالَ الْفَضْلِيُّ وَلِهَذَا أَيْ لِكَوْنِ التَّلْقِينِ مِنْ الْغَيْرِ مُفْسِدًا فَكَذَا مِنْ الْمُصْحَفِ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ الْمُصْحَفِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْرَأَ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ تُجْزِئُهُ ا هـ ، ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ مَا ذَكَرَهُ الْفَضْلِيُّ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ تَلَقُّنُهُ ، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ تَصْحِيحَ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا إلَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ مِنْ الْمُصْحَفِ فَصَلَّى بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ الْحَمْلُ وَتَقْلِيبُ الْأَوْرَاقِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَفَتْحُهُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ ) أَقُولُ التَّعَلُّمُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي فَسَادِ

صَلَاةِ الْفَاتِحِ نَعَمْ هُوَ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِالنَّظَرِ لِمَنْ فَتَحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُصَلِّي بِفَتْحِ مَنْ فَتَحَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ فَسَدَتْ ، وَلَوْ أَخَذَ فِي التِّلَاوَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْفَتْحِ لَمْ تَفْسُدْ ، وَلَوْ سَمِعَهُ الْمُؤْتَمُّ مِمَّنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ فَفَتَحَهُ عَلَى إمَامِهِ يَجِبُ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاةُ الْكُلِّ ، كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ لَا تَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَرَأَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوَّلًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَقِبَهُ ، وَقِيلَ إنْ قَرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ تَفْسُدُ وَسَوَاءٌ انْتَقَلَ أَوْ لَا عَلَى مَا عَلَيْهِ عَامَّتُهُمْ مِنْ عَدَمِ الْفَسَادِ وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْمُرَخِّصِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ، وَقِيلَ إنْ انْتَقَلَ
إلَخْ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسَوَاءٌ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفَتْحُ أَوْ لَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيَنْوِي الْفَتْحَ عَلَى إمَامِهِ دُونَ الْقِرَاءَةِ هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّهُ مُرَخَّصٌ فِيهِ وَقِرَاءَتُهُ مَمْنُوعٌ عَنْهَا ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ يَنْوِي الْقِرَاءَةَ وَهُوَ سَهْوٌ لِأَنَّهُ عُدُولٌ إلَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَنْ الْمُرَخَّصِ فِيهِ ا هـ .
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ أَيْضًا إنَّهُ سَهْوٌ .
( قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُلْجِئَهُمْ ) أَيْ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُلْجِئَهُمْ إلَيْهِ بَلْ يَرْكَعُ إذَا قَرَأَ قَدْرَ الْفَرْضِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ أَوَانَ الرُّكُوعِ إذَا قَرَأَ الْمَفْرُوضَ وَهُمْ قَاضِي خَانْ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ وَبَكْرٍ فَكَرِهُوا لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْجِئَهُمْ إلَى الْفَتْحِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْمَفْرُوضِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ الِاسْتِحْبَابَ فَقَالَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا ارْتَجَّ أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَى سُورَةٍ أُخْرَى أَوْ يَرْكَعَ إذَا كَانَ يَقْرَأُ الْمُسْتَحَبَّ صِيَانَةً لِلصَّلَاةِ عَنْ الزَّوَائِدِ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا

هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ ، أَلَا يُرَى إلَى مَا ذَكَرُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي هَلَا فَتَجِبُ عَلَيَّ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ .
ا هـ .

( وَأَكْلُهُ وَشُرْبُهُ ) ؛ لِأَنَّهُمَا يُنَافِيَانِ الصَّلَاةَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الصَّلَاةِ مُذَكَّرَةٌ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَسْنَانِهِ مَأْكُولٌ أَمَّا إذَا كَانَ فَابْتَلَعَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا سَيَأْتِي .
( قَوْلُهُ وَأَكْلُهُ وَشُرْبُهُ ) يَعْنِي شَيْئًا مِنْ خَارِجِ فَمِهِ مُطْلَقًا ، كَذَا أَطْلَقَ فِي الْكَنْزِ ، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَطْلَقَ الْأَكْلَ وَمُرَادُهُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ ، وَمَا لَا يُفْسِدُهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ كُلِّيًّا فَإِنَّهُ لَوْ ابْتَلَعَ شَيْئًا مِنْ أَسْنَانِهِ وَكَانَ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَفِي الصَّوْمِ يَفْسُدُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْوَلْوَالِجِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ بِأَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ مُعَلَّقٌ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ فَسَادِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ بِوُصُولِ الْمُغَذِّي إلَى جَوْفِهِ لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ وَالْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ فَسَادِهِمَا فِي قَدْرِ الْحِمَّصَةِ ا هـ .
وَفِي الْأَكْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا بَقِيَ أَثَرُهُ لَا يَضُرُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِقَوْلِهِ كَانَ فِي فَمِهِ سُكَّرٌ أَوْ فَانِيدُ يَذُوبُ وَيَدْخُلُ مَاؤُهُ فِي حَلْقِهِ فَسَدَتْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ، وَلَوْ أَكَلَ السُّكْرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ ثُمَّ شَرَعَ وَالْحَلَاوَةُ فِي فَمِهِ فَدَخَلَ حَلْقَهُ مَعَ الْبُزَاقِ لَا تَفْسُدُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ ) أَيْ وَالْخَطَأِ لِمَا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ وَقَعَ فِي فَمِهِ بَرَدَةٌ أَوْ ثَلْجٌ أَوْ مَطَرٌ فَابْتَلَعَهُ فَسَدَتْ .
ا هـ .

( وَسُجُودُهُ عَلَى نَجِسٍ ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تَفْسُدُ السَّجْدَةُ لَا الصَّلَاةُ حَتَّى لَوْ أَعَادَهَا عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ صَحَّ ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهَا عَلَى النَّجَاسَةِ كَالْعَدَمِ ، لَهُمَا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَتَجَزَّأُ فَإِذَا فَسَدَ بَعْضُهَا فَسَدَ كُلُّهَا بِخِلَافِ وَضْعِ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ وَضْعَهُمَا عَلَيْهِ كَتَرْكِ الْوَضْعِ أَصْلًا وَتَرْكُ وَضْعِهِمَا لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ بِخِلَافِ الْوَجْهِ فَإِنَّ تَرْكَ وَضْعِهِ يَمْنَعُهُ .
( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تَفْسُدُ السَّجْدَةُ ) ، كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مَذْهَبًا لَهُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمَعِ وَالْبُرْهَانِ تُفِيدُ أَنَّهُ مَذْهَبُهُ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ وَضْعِ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَجُوزُ
إلَخْ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ مَرْجُوحٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُفْتَرَضُ وَضْعٌ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ فِي السُّجُودِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ مَوْضِعِ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ عَلَى اخْتِيَارِ أَبِي اللَّيْثِ وَتَصْحِيحِهِ فِي الْعُيُونِ وَعُمْدَةِ الْفَتَاوَى فَتَنَبَّهْ لَهُ .

( وَأَدَاءُ رُكْنٍ أَوْ إمْكَانُهُ بِكَشْفِ عَوْرَةٍ أَوْ نَجَاسَةٍ ) لَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ فَسَتَرَهَا بِلَا لَبْثٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ إجْمَاعًا ؛ لِأَنَّ الِانْكِشَافَ الْكَثِيرَ فِي الزَّمَانِ الْيَسِيرِ كَالِانْكِشَافِ الْيَسِيرِ فِي الزَّمَانِ الْكَثِيرِ وَذَا لَا يَمْنَعُ فَكَذَا هَذَا فَإِنْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الِانْكِشَافِ أَوْ مَكَثَ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ أَدَاءِ رُكْنٍ فَسَدَتْ ، وَكَذَا لَوْ قَامَ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ أَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ وَقَعَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ لِلزَّحْمَةِ فَأَدَّى أَوْ مَكَثَ فَسَدَتْ ( عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا ) أَيْ لَا يُفْسِدُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ وَمُلَابَسَةُ النَّجَاسَةِ بِالْمُكْثِ ( مَا لَمْ يُؤَدِّهِ ) أَيْ الرُّكْنَ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ قَدْرَ أَدَاءِ الرُّكْنِ بَلْ حَقِيقَةَ أَدَائِهِ .
( قَوْلُهُ وَأَدَاءُ رُكْنٍ
إلَخْ ) أَقُولُ جَعَلَ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَقَطْ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا قَوْلَ لِلْإِمَامِ .
وَفِي الْكَافِي مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَشَيْخَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الِانْكِشَافِ أَوْ مَكَثَ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ أَدَاءِ رُكْنٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي التَّمَكُّنِ ا هـ .
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْفَسَادَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِأَدَاءِ رُكْنٍ أَوْ إمْكَانِهِ مَعَ الْمُنَافِي وَقَيَّدَهُ فِي السَّابِقَةِ بِمَا إذَا لَمْ يُعِدْهُ مَعَ عَدَمِ الْمُنَافِي عِنْدَهُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَالْقَيْدُ مُطَّرِدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ .

( وَاسْتِخْلَافُ مُقْتَدٍ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ مَلْآنَا مِنْ الْقَوْمِ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ بِهِمْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَسَبَقَ الْإِمَامَ حَدَثٌ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ لِمَا مَرَّ أَنَّ خُلُوَّ مَكَانِ الْإِمَامِ عَنْهُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لَكِنَّهُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ جُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ مَكَانُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّ لِمَوَاضِعِ الصُّفُوفِ حُكْمَ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الصَّحْرَاءِ .
( قَوْلُهُ وَاسْتِخْلَافُ مُقْتَدٍ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ
إلَخْ ) هَذَا أَيْضًا مِنْ الْكَافِي وَقَدَّمْنَا الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى عَكْسِ مَا ذَكَرَ هُنَا فَعَلَيْهِ لَا بُطْلَانَ بَلْ إنَّهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَطْلَقَ عَدَمَ الْفَسَادِ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ فِيمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ .

.
( وَ ) اسْتِخْلَافُ ( أُنْثَى ، وَلَوْ خَلْفَهُ نِسَاءٌ ) أَيْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ امْرَأَةً ، وَقَدْ سَبَقَهُ حَدَثٌ وَخَلْفَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ لِاشْتِغَالِهِ بِاسْتِخْلَافِ مَنْ لَا يَصْلُحُ خَلِيفَةً لَهُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَبِفَسَادِهَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْقَوْمِ ( وَكُلُّ عَمَلٍ كَثِيرٍ ) اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ نَاظِرُهُ أَنَّ عَامِلَهُ غَيْرُ مُصَلٍّ ، وَقِيلَ مَا يَسْتَكْثِرُهُ الْمُصَلِّي قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ هَذَا أَقْرَبُ إلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ دَأْبَهُ التَّفْوِيضُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى ، وَقِيلَ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْيَدَيْنِ .

( قَوْلُهُ أَيْ اسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ امْرَأَةً
إلَخْ ) أَقُولُ هُوَ مِنْ الْكَافِي أَيْضًا وَحَكَى فِيهِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَهُوَ قَالَ زُفَرُ صَلَاةُ النِّسَاءِ صَحِيحَةٌ ؛ لِأَنَّهَا تَصْلُحُ لِإِمَامَتِهِنَّ .
( قَوْلُهُ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ نَاظِرُهُ أَنَّ عَامِلَهُ غَيْرُ مُصَلٍّ ) أَقُولُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ ، وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَهَذَا أَصَحُّ وَتَابَعَهُ الزَّيْلَعِيُّ والْوَلْوَالِجِيّ .
وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ إنَّهُ الْأَحْسَنُ .
وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إنَّهُ الصَّوَابُ ، وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالنَّاظِرِ مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِشُرُوعِ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ فَحِينَئِذٍ إذَا رَآهُ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ عَمَلٌ كَثِيرٌ ، وَإِنْ شَكَّ فَهُوَ قَلِيلٌ ، كَذَا فِي الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فُرُوعَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ اخْتَلَفَتْ وَلَمْ تَتَفَرَّعْ كُلُّهَا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ بَلْ بَعْضُهَا عَلَى قَوْلٍ وَبَعْضُهَا عَلَى غَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَكْثَرَهَا تَفْرِيعَاتٌ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ تَكُنْ مَنْقُولَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَكُلُّ مَا لَمْ يُرْوَ عَنْ الْإِمَامِ فِيهِ قَوْلٌ بَقِيَ كَذَلِكَ مُضْطَرِبًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا حَكَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ يَضْطَرِبُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَكَانَ يَقُولُ كُلُّ مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لِشَيْخِنَا فِيهَا قَوْلٌ فَنَحْنُ فِيهَا هَكَذَا .
ا هـ .

( لَا نَظَرُهُ ) عَطْفُ عَلَى قِرَاءَتُهُ ( إلَى مَكْتُوبٍ وَفَهْمُهُ ) قُرْآنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ( أَوْ أَكْلُ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ ) فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِرِيقِهِ وَلِهَذَا لَا يَفْسُدُ بِهِ الصَّوْمُ ، وَقِيلَ إذَا كَانَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ قَلِيلًا كَمَا دُونَ الْحِمَّصَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ تَفْسُدُ ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ .

قَوْلُهُ لَا نَظَرُهُ عَطْفٌ عَلَى قِرَاءَتُهُ ) أَقُولُ هَذَا عَطْفٌ عَلَى مُتَوَسِّطٍ وَهُوَ خِلَافُ الصِّنَاعَةِ .
( قَوْلُهُ أَوْ أَكْلُ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ ) أَيْ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ كَثِيرٍ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ إذَا كَانَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ
إلَخْ ) أَقُولُ لَمْ يَقْتَصِرْ فِي النِّهَايَةِ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَنْقُلْهُ بِصِيغَةِ قِيلَ وَعِبَارَتُهَا أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ فَابْتَلَعَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ تَبَعٌ لِرِيقِهِ وَهَذَا لَا يَفْسُدُ بِهِ الصَّوْمُ ، قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا إذَا كَانَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ قَلِيلًا كَمَا دُونَ الْحِمَّصَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّوْمِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قُلْت هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ ا هـ مَا دُونَ مِلْءِ الْفَمِ لَا يُفْسِدُ صَلَاتُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ الصَّوْمِ ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ا هـ .
وَإِلَيْهِ أَيْ عَدَمِ الْفَسَادِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ حُسَامُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ .
ا هـ .
وَقَدَّمْنَا أَنَّ صَاحِبَ الْمُحِيطِ والْوَلْوَالِجِيّ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَصَاحِبُ الْبَدَائِعِ وَالْخُلَاصَةِ لَمْ يُفَرِّقَا فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالشَّأْنُ فِيمَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْهَا وَهُوَ يَبْتَنِي عَلَى مَعْرِفَةِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ كَمَا سَبَقَ ا هـ .
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّ مِلْءَ الْفَمِ يُفْسِدُ ، وَكَذَا نَحْوُهُ لَا يَشْتَرِطُ مَعَهُ الْعَمَلَ الْكَثِيرُ بَلْ عِلَّتُهُ إمْكَانُ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِلَا كُلْفَةٍ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ لِكَوْنِهِ تَبَعًا لِرِيقِهِ فَلَا يُفْسِدُ إلَّا بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ وَفِي مَعْرِفَتِهِ الِاخْتِلَافُ الْمَعْلُومُ .

( أَوْ مُرُورُ مَارٍّ فِي الصَّحْرَاءِ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ ) تَكَلَّمُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُكْرَهُ الْمُرُورُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُوَ مِنْ قَدَمِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ ( وَإِنْ أَثِمَ ) الْمَارُّ ( وَيَغْرِزُ ) الْمُصَلِّي ( أَمَامَهُ فِيهِ ) أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ ( سُتْرَةً إنْ ظَنَّ الْمُرُورَ وَيَدْفَعُهُ ) أَيْ الْمَارَّ ( بِالْإِشَارَةِ أَوْ التَّسْبِيحِ لَا بِهِمَا ) تَحَرُّزًا عَنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ ( إنْ عَدِمَهَا ) أَيْ السُّتْرَةَ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَيَدْفَعُهُ ( أَوْ مَرَّ بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ إنْ وُجِدَتْ ( وَكَفَى ) لِلْجَمَاعَةِ ( سُتْرَةُ الْإِمَامِ وَأَثِمَ ) الْمَارُّ ( فِي الْمَسْجِدِ الصَّغِيرِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا بَيْنهمَا قَدْرَ الصَّفَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ( بِلَا حَائِلٍ ) بَيْنَهُمَا .
( وَ ) الْمَسْجِدُ ( الْكَبِيرُ قِيلَ كَالصَّغِيرِ ، وَقِيلَ كَالصَّحْرَاءِ ) .

( قَوْلُهُ أَوْ مُرُورُ مَارٍّ فِي الصَّحْرَاءِ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ ) أَقُولُ التَّقْيِيدُ بِالصَّحْرَاءِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَا فَسَادَ بِالْمُرُورِ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِالصَّحْرَاءِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِمَا ا هـ .
وَأَطْلَقَ فِي الْمَارِّ فَشَمِلَ الْمَرْأَةَ وَالْحِمَارَ وَالْكَلْبَ وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ } رَوَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي .
( قَوْلُهُ تَكَلَّمُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُكْرَهُ الْمُرُورُ فِيهِ
إلَخْ ) أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ إلَى مَا بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ ، وَإِنْ أَثِمَ الْمَارُّ .
( قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ فِي الصَّحْرَاءِ ) أَقُولُ اخْتَارَ هَذَا كَثِيرٌ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ ، وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ صَلَّى صَلَاةَ خَاشِعٍ لَا يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى الْمَارِّ فَلَا يُكْرَهُ الْمُرُورُ نَحْوُ أَنْ يَكُونَ بَصَرُهُ فِي قِيَامِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَفِي رُكُوعِهِ إلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ ، وَهَكَذَا وَاخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ .
وَفِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَرَجَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي يَرْجَحُ مَا اخْتَارَهُ فِي النِّهَايَةِ مِنْ مُخْتَارِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ ا هـ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ أَنَّ الرَّاجِحَ مَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَثِمَ الْمَارُّ ) أَقُولُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْعِنَايَةِ عَلَيْهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَوْ عَلِمَ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْوِزْرِ لَوَقَفَ أَرْبَعِينَ } ا هـ .
وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ لِلْآثِمِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَأَنْ يَقِفَ أَحَدُكُمْ مِائَةَ عَامٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ

بَيْنَ يَدَيْ أَخِيهِ وَهُوَ يُصَلِّي } .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَيَغْرِزُ الْمُصَلِّي أَمَامَهُ فِيهِ أَيْ الصَّحْرَاءِ سُتْرَةً ) أَقُولُ لَمْ يَنُصَّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُنْيَةِ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ إذَا خَافَ الْمُرُورَ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ أَنْ يَنْصِبَ شَيْئًا فَأَفَادَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ فَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَمْرُ لِلنَّدَبِ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى صَارِفٍ عَنْ الْحَقِيقَةِ ا هـ قُلْت الصَّارِفُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ الْفَضْلِ وَالْعَبَّاسِ { رَأَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَادِيَةٍ لَنَا يُصَلِّي فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ } وَلِأَحْمَدَ وَابْنُ عَبَّاسٍ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ ا هـ .
كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا .
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ إنَّمَا قَيَّدَ بِالصَّحْرَاءِ ؛ لِأَنَّهَا الْمَحَلُّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْمُرُورُ غَالِبًا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ تَرْكِ السُّتْرَةِ فِيمَا يُخَافُ فِيهِ الْمُرُورُ أَيَّ مَوْضِعٍ كَانَ ا هـ .
وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ طُولَ السُّتْرَةِ وَغِلَظَهَا .
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِقْدَارُهَا ذِرَاعٌ فَصَاعِدًا ، وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِي غِلَظِ الْأُصْبُعِ لِأَنَّ مَا دُونَهُ لَا يَبْدُو لِلنَّاظِرِ مِنْ بَعِيدٍ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ ا هـ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَكَانَ مُسْتَنَدُهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مَرْفُوعًا { اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ } وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { يُجْزِئُ مِنْ السُّتْرَةِ قَدْرُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ وَلَوْ بِدِقَّةِ شَعْرَةٍ } وَلِهَذَا جَعَلَ بَيَانَ الْغِلَظِ فِي الْبَدَائِعِ قَوْلًا ضَعِيفًا وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْعَرْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ا هـ .
وَكَذَا لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ قِيَامِهِ عِنْدَهَا وَالسُّنَّةُ الْقُرْبُ مِنْهَا وَجَعْلُهَا عَلَى أَحَدِ حَاجِبَيْهِ وَلَا

يَصْمُدُ إلَيْهَا صَمْدًا ا هـ .
وَأَشَارَ بِالْغَرْزِ إلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ دُونَ الْإِلْقَاءِ وَالْخَطِّ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِمَا وَاعْتَبَرَهُمَا غَيْرُهُ .
وَقَالَ الْكَمَالُ بِهَذَا أَيْ بِمَا عَلَّلَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَلَّلَ الْمَانِعُ ، وَالْمُجِيزُ يَقُولُ وَرَدَ الْأَثَرُ بِهِ وَهُوَ مَا فِي أَبِي دَاوُد { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَلَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ } وَالسُّنَّةُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ أَيْ مِمَّا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد قَالُوا الْخَطُّ بِالطُّولِ ، وَقَالُوا بِالْعَرْضِ مِثْلِ الْهِلَالِ ا هـ .
وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنْ يَكُونَ طُولًا لِيَصِيرَ شِبْهَ ظِلِّ السُّتْرَةِ .
( قَوْلُهُ وَيَدْفَعُهُ أَيْ الْمَارَّ بِالْإِشَارَةِ ) أَقُولُ لَكِنْ تَرْكُ الدَّرْءِ أَفْضَلُ رَوَاهُ الْمَاتُرِيدِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَمْرُ بِالدَّرْءِ فِي الْحَدِيثِ لِبَيَانِ الرُّخْصَةِ كَالْأَمْرِ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فَيَكُونُ تَرْكُهُ الْعَزِيمَةَ ، ذَكَرَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْإِشَارَةَ فَشَمِلَ الْإِشَارَةَ بِالْيَدِ وَالرَّأْسِ وَالْعَيْنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ أَوْ التَّسْبِيحِ ) زَادَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ ا هـ قُلْت فِيهِ تَأَمُّلٌ لِأَنَّ الْجَهْرِيَّةَ الْعِلْمُ حَاصِلٌ بِهَا ا هـ .
وَهَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ أَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ يُصَفِّقْنَ لِلْحَدِيثِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ تَضْرِبَ بِظَهْرِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ مِنْ الْيُسْرَى ، وَلِأَنَّ فِي صَوْتِهِنَّ فِتْنَةً فَكُرِهَ لَهُنَّ التَّسْبِيحُ ، كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ .
( قَوْلُهُ لَا بِهِمَا تَحَرُّزًا عَنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ ) أَقُولُ ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كُرِهَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي .

وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ قِيلَ يُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ بِأَحَدِهِمَا كِفَايَةً ا هـ .
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يُقَاتِلُ الْمَارَّ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ إنْ لَمْ يَقِفْ بِإِشَارَتِهِ جَازَ دَفْعُهُ بِالْقِتَالِ وَتَأْوِيلُ مَا وَرَدَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ كَانَ الْعَمَلُ مُبَاحًا فِي الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ .
( قَوْلُهُ بِلَا حَائِلٍ ) أَقُولُ الْحَائِلُ كَسَارِيَةٍ وَظَهْرُ جَالِسٍ سُتْرَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَائِمِ ، وَقَالُوا حِيلَةُ الرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ فَيَجْعَلَ الدَّابَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي فَتَصِيرَ هِيَ سُتْرَةً فَيَمُرَّ ، وَلَوْ مَرَّ رَجُلَانِ فَالْإِثْمُ عَلَى مَنْ يَلِي الْمُصَلِّيَ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ كَالصَّحْرَاءِ ) أَقُولُ هُوَ الصَّحِيحُ وَحَاصِلُ الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُكْرَهُ الْمُرُورُ فِيهِ هُوَ أَمَامَ الْمُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ صَغِيرٍ وَمَوْضِعُ سُجُودِهِ فِي مَسْجِدٍ كَبِيرٍ أَوْ الصَّحْرَاءِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ الدُّكَّانِ بِشَرْطِ مُحَاذَاةِ أَعْضَاءِ الْمَارِّ أَعْضَاءَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ .

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يُفْسِدُهَا وَمَا لَا يُفْسِدُهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُكْرَهُ فِيهَا وَمَا لَا يُكْرَهُ فَقَالَ ( وَكُرِهَ تَثَاؤُبُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّكَاسُلِ وَالِامْتِلَاءِ فَإِنْ غَلَبَهُ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ ، وَإِنْ زَادَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ كُمَّهُ عَلَى فَمِهِ ( وَتَمَطِّيهِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ الْكَسَلِ ( وَتَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ ( وَكَفُّ ثَوْبِهِ ) أَيْ رَفْعُ ثَوْبِهِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ إذَا أَرَادَ السُّجُودَ فَإِنَّهُ نَوْعُ تَجَبُّرٍ ( وَسَدْلُهُ ) وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يُرْسِلَ أَطْرَافَهُ مِنْ جَوَانِبِهِ فَإِنَّهُ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ ( وَعَبَثُهُ ) أَيْ لَعِبُهُ ( بِهِ ) أَيْ بِثَوْبِهِ ( وَبِبَدَنِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَمَا ظَنُّك فِيهَا ( وَعَقْصُ شَعْرِهِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ شَعْرَهُ عَلَى هَامَتِهِ وَيَشُدَّهُ بِخَيْطٍ أَوْ صَمْغٍ لِيَتَلَبَّدَ ( وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا ( وَالْتِفَاتُهُ ) بِأَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ لَا لِحَاجَةٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا فَلَوْ نَظَرَ بِمُؤَخِّرِ عَيْنَيْهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ وَأَوْ يَلْوِيَ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ ، وَلَوْ حَوَّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ( وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا ( وَإِقْعَاؤُهُ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا وَهُوَ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ وَيَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ إقْعَاءَ الْكَلْبِ ( وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا ( وَتَرَبُّعُهُ ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ ( بِلَا عُذْرٍ ) فَلَوْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ يُكْرَهْ ( وَتَخَصُّرُهُ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ ( وَقَلْبُ الْحَصَى لِيَسْجُدَ إلَّا مَرَّةً ) أَيْ وَكُرِهَ قَلْبُ الْحَصَى لِيَتَمَكَّنَ مِنْ السُّجُودِ إلَّا أَنْ يَقْلِبَ مَرَّةً لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا وَالرُّخْصَةُ فِي الْمَرَّةِ { لِقَوْلِهِ

عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَرَّةً أَوْ فَذَرْ } ( وَعَدُّ الْآيِ ) جَمْعُ آيَةٍ ( وَالتَّسْبِيحُ بِالْيَدِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا وَفِيهِ خِلَافٌ لَهُمَا فَلَا يُكْرَهُ عَدُّهُمَا بِالْقَلْبِ وَلَا بِالْيَدِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ( وَقِيَامُ الْإِمَامِ فِي الْمِحْرَابِ أَوْ عَلَى دُكَّانٍ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ وَحْدَهُ ) هَذَا قَيْدٌ لِلصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ يَعْنِي يُكْرَهُ قِيَامُ الْإِمَامِ فِي الْمِحْرَابِ وَحْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لَا قِيَامُهُ فِي الْخَارِجِ وَسُجُودُهُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ الْكَرَاهَةِ ، وَكَذَا يُكْرَهُ قِيَامُهُ عَلَى دُكَّانٍ وَحْدَهُ وَالْقَوْمُ عَلَى الْأَرْضِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِلتَّشَبُّهِ ، وَكَذَا عَكْسُهُ فِي الْأَصَحِّ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْمَكَانَيْنِ فَكَانَ تَشَبُّهًا ، وَلِأَنَّ فِيهِ ازْدِرَاءً بِالْإِمَامِ ثُمَّ قَدْرُ الِارْتِفَاعِ قَامَةٌ وَلَا بَأْسَ بِمَا دُونَهَا ، ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، وَقِيلَ مِقْدَارُ ذِرَاعٍ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ الْقَوْمِ لَا يُكْرَهُ فِي الصَّحِيحِ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْكَرَاهَةِ ( وَالْقِيَامُ خَلْفَ صَفٍّ فِيهِ ) أَيْ فِي ذَلِكَ الصَّفِّ ( فُرْجَةٌ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ ( وَلُبْسُ ثَوْبٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ حَامِلَ الصَّنَمِ ( وَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَنُّورٌ أَوْ كَانُونٌ فِيهِ نَارٌ ) لِشَبَهِهِ بِعِبَادَةِ الْمَجُوسِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْجَمْرَ ( أَوْ ) يَكُونَ ( فَوْقَ رَأْسِهِ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِحِذَائِهِ صُورَةٌ ) لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ } وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ تَكُونَ أَمَامَ الْمُصَلِّي ثُمَّ فَوْقَ رَأْسِهِ ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ خَلْفَهُ .
وَفِي الْغَايَةِ إنْ كَانَ التِّمْثَالُ فِي مُؤَخِّرِ الظَّهْرِ لَا يُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ عِبَادَتَهُ .
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ ( إلَّا أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً أَوْ مَقْطُوعَةَ الرَّأْسِ أَوْ

لِغَيْرِ ذِي رُوحٍ ) فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ لَا تُعْبَدُ فَلَا يُكْرَهُ ( وَصَلَاتُهُ حَاسِرًا رَأْسَهُ ) لِلتَّكَاسُلِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ ( لَا لِلتَّذَلُّلِ ) حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ لَمْ يُكْرَهْ ( أَوْ ) صَلَاتُهُ ( وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثِينَ ) أَيْ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ وَهُوَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ صَلَاتُهُ حَالَ مُدَافَعَتِهِ لَهُمَا ( أَوْ الرِّيحَ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا .
( وَ ) صَلَاتُهُ ( فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ ) وَهِيَ مَا يُلْبَسُ فِي الْبَيْتِ وَلَا يُذْهَبُ بِهَا إلَى إلَى كَابِرٍ ( وَمَسْحُ جَبْهَتِهِ مِنْ التُّرَابِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا .

( قَوْلُهُ وَكَفُّ ثَوْبِهِ ) فَسَّرَهُ بِمَا ذَكَرَ فَأَخْرَجَ الِائْتِزَارَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الِائْتِزَارَ فَوْقَ الْقَمِيصِ مِنْ الْكَفِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ فَعَلَى هَذَا يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَشْدُودَ الْوَسْطِ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَنَحْوَهُ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ صَنِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ .
ا هـ .
قُلْت وَصَرَّحَ الْكَمَالُ أَيْضًا بِعَدَمِ كَرَاهَةِ شَدِّ الْوَاسِطِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَيَدْخُلُ فِي كَفِّ الثَّوْبِ تَشْمِيرُ كُمَّيْهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَيَّدَ الْكَرَاهَةَ بِأَنْ يَكُونَ رَافِعًا كُمَّيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ رَفْعُهُمَا إلَى مَا دُونَهُمَا وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِصِدْقِ كَفِّ الثَّوْبِ عَلَى الْكُلِّ .
ا هـ .
قُلْت فِي قَوْلِ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ نَظَرٌ إنْ يَكُنْ سَنَدُهُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ ؛ لِأَنَّ الْكَمَالَ ، وَإِنْ أَطْلَقَ هُنَا قَدْ قَيَّدَ كَلَامَهُ فِيمَا بَعْدُ عِنْدَ اسْتِطْرَادِ فُرُوعٍ ذَكَرَهَا فَقَالَ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ أَيْضًا مَعَ تَشْمِيرِ الْكُمِّ عَنْ السَّاعِدِ ا هـ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُلَاصَةِ وَالْمُنْيَةِ فِي التَّقْيِيدِ فَانْتَفَى مَا قِيلَ إنَّ الظَّاهِرَ الْإِطْلَاقُ ا هـ .
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَنْ رَفْعِهِ مِنْ خَلْفِهِ فَإِنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ لِلسُّجُودِ كُرِهَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِقَصْدِ رَفْعِهِ عَنْ التُّرَابِ أَوْ لَا كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي ، وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِصَوْنِهِ عَنْ التُّرَابِ لِلَّهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى ( قَوْلُهُ وَسَدْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ
إلَخْ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمِنْدِيلُ مُرْسَلًا مِنْ كَتِفَيْهِ كَمَا يَعْتَادُهُ كَثِيرٌ فَيَنْبَغِي لِمَنْ عَلَى عُنُقِهِ مِنْدِيلٌ أَنْ يَضَعَهُ عِنْدَ الصَّلَاةِ ا هـ .

وَهَذَا التَّفْسِيرُ لِلطَّيْلَسَانِ أَمَّا الْقَبَاءُ وَنَحْوُهُ فَهُوَ أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي كُمَّيْهِ وَيَضُمَّ طَرَفَيْهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَلَكِنْ سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي الْفَرْجِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ا هـ .
وَلَا يُكْرَهُ السَّدْلُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبُغْيَةِ .
( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ نَوْعُ تَجَبُّرٍ ) أَقُولُ وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي السُّنَّةِ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظَمَ وَأَنْ لَا أَكُفَّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ ، وَكَذَا يُكْرَهُ الِاشْتِمَالَةُ الصَّمَّاءُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ أَنْ يَلُفَّ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ رَأْسَهُ وَسَائِرَ بَدَنِهِ وَلَا يَدَعُ مَنْفَذًا لِيَدِهِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الِائْتِزَارِ مَعَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ يُشْتَرَطُ وَغَيْرُهُ لَا يَشْتَرِطُهُ وَيُكْرَهُ الِاعْتِجَارُ وَهُوَ أَنْ يَلُفَّ الْعِمَامَةَ حَوْلَ رَأْسِهِ وَيَدَعَ وَسَطَهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الدَّعَرَةُ وَمُتَوَشِّحًا لَا يُكْرَهُ وَفِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ بَعْضُهُ يُكْرَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ وَعَبَثُهُ أَيْ لَعِبُهُ ) أَقُولُ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ الْعَبَثُ هُوَ كُلُّ فِعْلٍ لَا لَذَّةَ فِيهِ فَأَمَّا الَّذِي فِيهِ لَذَّةٌ فَهُوَ لَعِبٌ ا هـ وَفَسَّرَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَيْ الْعَبَثُ فِعْلٌ لِغَرَضٍ غَيْرِ صَحِيحٍ فَلَوْ كَانَ لِغَرَضٍ كَسَلْتِ الْعَرَقِ عَنْ وَجْهٍ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَأَطْلَقَ فِي الْعَبَثِ وَالْمُرَادُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيًا لِمَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا حَكَّ جَسَدَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ يَعْنِي إذَا فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ مِرَارًا وَبَيْنَ كُلِّ مَرَّتَيْنِ فُرْجَةٌ أَمَّا إذَا فَعَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ نَتَفَ

شَعْرَهُ مَرَّتَيْنِ لَا تَفْسُدُ وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَفْسُدُ .
وَفِي الْفَتَاوَى إذَا حَكَّ جَسَدَهُ ثَلَاثًا تَفْسُدُ إذَا كَانَ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَكِّ هَلْ الذَّهَابُ وَالرُّجُوعُ مَرَّةً أَوْ الذَّهَابُ مَرَّةً وَالرُّجُوعُ مَرَّةً أُخْرَى ا هـ .
وَقَالَ فِي الْفَيْضِ الْحَكُّ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ فِي رُكْنٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ إنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَإِلَّا لَا تَفْسُدُ ا هـ فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِمَا فِي الْجَوْهَرَةِ ، وَكَذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ تَقْيِيدٌ غَرِيبٌ وَتَفْصِيلٌ عَجِيبٌ يَنْبَغِي حِفْظُهُ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَمَا ظَنُّك فِيهَا ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَهْيٌ عَنْهُ فِيهَا ، وَقَدْ وَرَدَ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّفَثَ فِي الصِّيَامِ وَالضَّحِكَ فِي الْمَقَابِرِ } ا هـ ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةٌ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَمَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ ، وَلِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ فَمَا ظَنُّك فِي الصَّلَاةِ ا هـ أَرَادَ بِهِ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ .
وَفِي الْغَايَةِ لِلسُّرُوجِيِّ قَوْلُهُ ، وَلِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَهَا بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْحَدِيثُ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَعَقْصُ شَعْرِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ ) أَقُولُ وَذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ .
وَقَالَ الْعُلَمَاءُ حِكْمَةُ النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ الشَّعْرَ يَسْجُدُ مَعَهُ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قُلْت وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ فَإِنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرَّ بِرَجُلٍ سَاجِدٍ عَاقِصًا شَعْرَهُ فَحَلَّهُ حَلًّا عَنِيفًا .
وَقَالَ إذَا طَوَّلَ أَحَدُكُمْ شَعْرَهُ فَلْيُرْسِلْهُ يَسْجُدْ مَعَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ شَعْرَهُ عَلَى هَامَّتِهِ
.

إلَخْ ) أَيْ قَبْلَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِيهَا عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ ، وَذَكَرَ لَهُ تَفْسِيرًا غَيْرَ هَذَا وَكُلُّهُ مَكْرُوهٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ بِلَا صَارِفٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَعَمَّدَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَتِهَا فِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةً لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ ، وَلِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ الْعَبَثِ بِخِلَافِ الْفَرْقَعَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا لِإِرَاحَةِ الْمَفَاصِلِ فَإِنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ كَرِهَهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّيْطَانِ بِالْحَدِيثِ ا هـ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَارِجَهَا نَهْيٌ لَمْ تَكُنْ تَحْرِيمِيَّةً وَأَلْحَقَ فِي الْمُجْتَبَى الْمُنْتَظِرَ لِلصَّلَاةِ وَالْمَاشِيَ إلَيْهَا بِمَنْ فِي الصَّلَاةِ فِي كَرَاهَتِهَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَالْتِفَاتُهُ بِأَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ لَا لِحَاجَةٍ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةً ، وَقَدْ خَالَفَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ عَامَّةَ الْكُتُبِ فِي الِالْتِفَاتِ الْمَكْرُوهِ فَجَعَلَهُ مُفْسِدًا وَعِبَارَتُهُ ، وَلَوْ حَوَّلَ الْمُصَلِّي وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَسَدَتْ ، وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَجَعَلَ فِيهَا الِالْتِفَاتَ الْمَكْرُوهَ أَنْ يُحَوِّلَ بَعْضَ وَجْهِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَالْأَشْبَهُ مَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ مِنْ أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْمَكْرُوهَ أَعَمُّ مِنْ تَحْوِيلِ جَمِيعِ الْوَجْهِ أَوْ بَعْضِهِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ نَظَرَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ
إلَخْ ) قَيَّدَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ بِأَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ ، وَقَدْ أَطْلَقَهُ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْتِفَاتَ الْبَصِيرِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلِ الْوَجْهِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ مُطْلَقًا وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ
.

إلَخْ ) أَقُولُ النَّهْيُ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ لَيَنْتَهُنَّ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ } كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ وَإِقْعَاؤُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ
إلَخْ ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي التَّفْسِيرِ لِلْإِقْعَاءِ ؛ لِأَنَّ إقْعَاءَ الْكَلْبِ يَكُونُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ إلَّا أَنَّ إقْعَاءَ الْكَلْبِ فِي نَصْبِ الْيَدَيْنِ وَإِقْعَاءَ الْآدَمِيِّ فِي نَصْبِ الرُّكْبَتَيْنِ إلَى صَدْرِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ } ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ وَتَرَبُّعُهُ ) مَعْرُوفٌ وَسُمِّيَ بِالتَّرَبُّعِ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْجِلْسَةِ قَدْ رَبَّعَ نَفْسَهُ كَمَا يُرَبَّعُ الشَّيْءُ إذَا جُعِلَ أَرْبَعًا وَالْأَرْبَعُ هُنَا السَّاقَانِ وَالْفَخِذَانِ رَبَّعَهَا بِمَعْنَى أَدْخَلَ بَعْضَهَا تَحْتَ بَعْضٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ ) أَقُولُ ، كَذَا عَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ وَمَا قِيلَ فِي وَجْهِ الْكَرَاهَةِ ؛ لِأَنَّ التَّرَبُّعَ جُلُوسُ الْجَبَابِرَةِ فَلِذَا كُرِهَ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَتَرَبَّعُ فِي جُلُوسِهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَعَامَّةُ جُلُوسِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَرَبُّعًا ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَخَارِجَهَا لَيْسَ أَيْ التَّرَبُّعُ بِمَكْرُوهٍ ؛ لِأَنَّ جُلَّ قُعُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ التَّرَبُّعَ ، وَكَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ السُّنَّةِ يُفِيدُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا إذْ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ لِيَكُونَ تَحْرِيمًا ا هـ .
( قَوْلُهُ وَتَخَصُّرُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ ) أَقُولُ ، وَكَذَا يُكْرَهُ التَّخَصُّرُ خَارِجَ

الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ النَّهْيِ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ ) هَذَا التَّفْسِيرُ هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَفُسِّرَ بِغَيْرِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ وَالرُّخْصَةُ فِي الْمَرَّةِ ) أَقُولُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ التَّرْكَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ وَصَاحِبُ الْبَدَائِعِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ التَّرْكَ أَحَبُّ إلَيَّ اسْتَدَلَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْبُرْهَانِ بِمَا عَنْ جَابِرٍ { سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فَقَالَ وَاحِدَةً وَلَأَنْ تُمْسِكَ عَنْهَا خَيْرٌ لَك مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ سُودِ الْحَدَقِ } ا هـ .
وَفِي الْهِدَايَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ تَسْوِيَتَهُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ السُّجُودِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّسْوِيَةَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مَرَّةً هَلْ هِيَ رُخْصَةٌ أَوْ عَزِيمَةٌ ، وَقَدْ تَعَارَضَ فِيهَا جِهَتَانِ فَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِلسُّجُودِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ كَانَتْ عَزِيمَةً وَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّ تَرْكَهَا أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ كَانَ تَرْكُهَا عَزِيمَةً وَالظَّاهِرُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الثَّانِي ، وَذَكَرَ مَا يُرَجِّحُهُ ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا أَبَا ذَرٍّ
إلَخْ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ أَيْ أَبِي ذَرٍّ { سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْته عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فَقَالَ وَاحِدَةً أَوْ دَعْ } .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَعَدُّ الْآيِ وَالتَّسْبِيحُ بِالْيَدِ ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ صَلَاةَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ ، وَكَذَا عَدُّ السُّوَرِ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقَيَّدَ بِالتَّسْبِيحِ

وَالْآيِ احْتِرَازًا عَنْ عَدِّ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ .
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ عَدَّ النَّاسَ أَوْ مَوَاشِيَهُ يُكْرَهُ اتِّفَاقًا أَيْ فِي الصَّلَاةِ .
( قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافٌ لَهُمَا ) أَقُولُ هُوَ كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ ، وَقِيلَ مُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ .
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَنَفَيَاهَا أَيْ الْكَرَاهَةَ فِي رِوَايَةٍ ا هـ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُمَا يُكْرَهُ كَقَوْلِ الْإِمَامِ .
( قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ عَدُّهُمَا بِالْقَلْبِ ) تَفْرِيعٌ بِمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَدِّ بِالْيَدِ بِالْأَصَابِعِ أَوْ بِخَيْطٍ يُمْسِكُهُ أَمَّا إذَا أَحْصَى بِقَلْبِهِ أَوْ غَمَزَ بِأَنَامِلِهِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ وَلَا بِالْيَدِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ) أَقُولُ هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ وَقِيَامُ الْإِمَامِ فِي الْمِحْرَابِ ) أَقُولُ حَكَى الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ عَلَى الْقَوْمِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ ) أَقُولُ كَذَا عَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ هَذِهِ إحْدَاهُمَا وَالثَّانِيَةُ إنَّمَا يُكْرَهُ كَيْ لَا يَشْتَبِهَ عَلَى مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ حَالُهُ حَتَّى إذَا كَانَ بِجَنَبَيْ الطَّاقِ عَمُودَانِ وَرَاءَهُمَا فُرْجَتَانِ يَطَّلِعُ مِنْهُمَا أَهْلُ الْجِهَتَيْنِ عَلَى حَالِهِ لَا يُكْرَهُ فَمَنْ اخْتَارَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ لَا يُكْرَهُ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَمَنْ اخْتَارَ الْأُولَى يُكْرَهُ عِنْدَهُ مُطْلَقًا .
وَقَالَ الْكَمَالُ لَا يَخْفَى أَنَّ امْتِيَازَ الْإِمَامِ مُقَرَّرٌ مَطْلُوبٌ فِي الشَّرْعِ فِي حَقِّ الْمَكَانِ حَتَّى كَانَ التَّقَدُّمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَغَايَةُ مَا هُنَا كَوْنُهُ فِي خُصُوصِ مَكَان وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ بُنِيَ فِي

الْمَسَاجِدِ الْمَحَارِيبُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوْ لَمْ تُبْنَ كَانَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي مُحَاذَاةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ ؛ لِأَنَّهُ يُحَاذِي وَسْطَ الصَّفِّ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ إذْ قِيَامُهُ فِي غَيْرِ مُحَاذَاتِهِ مَكْرُوهٌ وَغَايَتُهُ اتِّفَاقُ الْمِلَّتَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَلَا بِدَعَ فِيهِ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ إنَّمَا يَخُصُّونَ الْإِمَامَ بِالْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ عَلَى مَا قِيلَ فَلَا تَشَبُّهَ ا هـ .
( قَوْلُهُ لَا قِيَامُهُ فِي الْخَارِجِ وَسُجُودُهُ فِيهِ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْقَدَمُ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ .
( قَوْلُهُ ثُمَّ قَدْرُ الِارْتِفَاعِ قَامَةٌ ) أَيْ قَامَةُ رَجُلٍ وَسَطٍ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ مِقْدَارُ ذِرَاعٍ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ ) ، كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ .
( قَوْلُهُ وَالْقِيَامُ خَلْفَ صَفٍّ فِيهِ فُرْجَةٌ ) أَقُولُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قِيلَ يَقُومُ وَحْدَهُ وَيُعْذَرُ ، وَقِيلَ يَجْذِبُ وَاحِدًا مِنْ الصَّفِّ إلَى نَفْسِهِ فَيَقِفُ إلَى جَنْبِهِ وَالْأَصَحُّ مَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ إلَى الرُّكُوعِ فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ وَإِلَّا جَذَبَ إلَيْهِ رَجُلًا أَوْ دَخَلَ فِي الصَّفِّ قَالَ مَوْلَانَا الْبَدِيعُ وَالْقِيَامُ وَحْدَهُ أَوْلَى فِي زَمَانِنَا لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَى الْعَوَامّ فَإِذَا جَرَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ .
وَفِي شَرْحِ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَأَوْلَى فِي زَمَانِنَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ ثُمَّ قَالَ وَبَحَثَ الْمُصَنِّفُ التَّفْوِيضَ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى فَإِنْ رَأَى مَنْ لَا يَتَأَذَّى لِدِينٍ أَوْ صَدَاقَةٍ زَاحَمَهُ أَوْ عَالِمًا جَذَبَهُ .
( قَوْلُهُ أَوْ خَلْفَهُ ) ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ .
وَفِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَا يُكْرَهُ خَلْفَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ الْعِبَادَةَ وَمَشَى عَلَيْهَا فِي الْغَايَةِ كَمَا

سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ ، وَكَذَا فِي شَرْحِ عَتَّابٍ قَالَ لَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ خَلْفَهُ أَوْ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ وَلَكِنْ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ جَعْلِ الصُّورَةِ فِي الْبَيْتِ لِلْحَدِيثِ { إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ } ا هـ كَمَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ لِحَدِيثِ جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
إلَخْ ) مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الصُّورَةُ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِهَانَةِ لَهَا فَإِنَّهُ وَقَعَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَعِنْدَ النَّسَائِيّ { اسْتَأْذَنَ جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اُدْخُلْ فَقَالَ كَيْفَ أَدْخُلُ وَفِي بَيْتِك سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاقْطَعْ رُءُوسَهَا أَوْ اقْطَعْهَا وَسَائِدَ أَوْ اجْعَلْهَا بِسَاطًا } كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ عَتَّابٍ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تُكْرَهُ كَرَاهَةَ جَعْلِ الصُّورَةِ فِي الْبَيْتِ ا هـ .
وَالْمُرَادُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ لَا الْحَفَظَةُ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَ الشَّخْصَ إلَّا فِي خَلْوَتِهِ بِأَهْلِهِ وَعِنْدَ الْخَلَاءِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ بِحَيْثُ لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ قَالَ الْكَمَالُ أَيْ عَلَى مَنْ بَعُدَ وَالْكَبِيرَةُ مَا تَبْدُو عَلَى بُعْدٍ ا هـ .
وَقَالَ .
وَفِي الْبَحْرِ وَهَلْ تَمْنَعُ أَيْ الصَّغِيرَةُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ ذَهَبَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَى أَنَّهُمْ لَا يَمْتَنِعُونَ وَأَنَّ الْأَحَادِيثَ مُخَصَّصَةٌ وَذَهَبَ النَّوَوِيُّ إلَى الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ .
( قَوْلُهُ أَوْ مَقْطُوعَةَ الرَّأْسِ ) أَقُولُ وَمَحْوُ وَجْهِهَا كَقَطْعِ الرَّأْسِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ .
( قَوْلُهُ أَوْ صَلَاتُهُ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ
إلَخْ ) سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الشُّرُوعِ أَوْ قَبْلَهُ ، وَكَذَا تُكْرَهُ مَعَ نَجَاسَةٍ لَا تُمْنَعُ إلَّا إنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أَوْ الْجَمَاعَةِ وَلَا جَمَاعَةَ أُخْرَى ، وَيَقْطَعُ الصَّلَاةَ إنْ لَمْ يَخَفْ ذَلِكَ إذَا تَذَكَّرَ هَذِهِ النَّجَاسَةَ كَمَا فِي

الْفَتْحِ .
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَتُكْرَهُ مَعَ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَانِعَةٍ لِاسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ إلَّا إذْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أَوْ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا نُدِبَ قَطْعُهَا وَإِزَالَتُهَا كَمَا فِي مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيَجُوزُ قَطْعُهَا بِسَرِقَةٍ مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَلَوْ لِغَيْرِهِ وَخَوْفِ ذِئْبٍ عَلَى غَنَمٍ أَوْ خَوْفِ تَرَدِّي أَعْمَى فِي بِئْرٍ وَيَجِبُ قَطْعُهَا بِاسْتِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ مَظْلُومٍ بِالْمُصَلِّي وَلَا يَجِبُ قَطْعُهَا بِنِدَاءِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ ا هـ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ إلَّا أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِ أَيْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَهَذَا فِي الْفَرْضِ فَأَمَّا فِي النَّفْلِ إذَا نَادَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا بَأْسَ أَنْ لَا يُجِيبَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُجِيبُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ ا هـ .
وَتَقْطَعُهَا الْمَرْأَةُ إذَا فَارَ قِدْرُهَا وَالْمُسَافِرُ إذَا نَدَّتْ دَابَّتُهُ أَوْ خَافَ فَوْتَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ كَافِي الْفَتْحِ مِنْ بَابِ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ .
( قَوْلُهُ وَمَسْحُ جَبْهَتِهِ مِنْ التُّرَابِ ) أَقُولُ أَيْ فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِي الْبُرْهَانِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَا يُكْرَهُ مَسْحُ جَبْهَتِهِ مِنْ التُّرَابِ فِي وَسْطِ الصَّلَاةِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يُكْرَهُ إلَّا لِلْأَذَى وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَسَحَ مَرَّةً يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَمْسَحَ عَنْهُ فِي كُلِّ سُجُودٍ يَتَلَطَّخُ بِهِ فَلَا يُفِيدُ الْمَسْحُ وَلَا بَأْسَ بِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ قَبْلَ السَّلَامِ ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِيهِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ .
ا هـ .

( لَا ) أَيْ لَا يُكْرَهُ ( قَتْلُ حَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ ) فِي الصَّلَاةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ } ثُمَّ قِيلَ إنَّمَا يَقْتُلُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهِمَا بِفِعْلٍ يَسِيرٍ كَالضَّرْبِ .
وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى الْمُعَالَجَةِ وَالْمَشْيِ فَتَفْسُدُ ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ كَالْمَشْيِ فِي الْحَدِيثِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ ( وَلَا ) الصَّلَاةُ ( إلَى ظَهْرِ قَاعِدٍ يَتَحَدَّثُ ) ، وَقِيلَ يُكْرَهُ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا لِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الصَّحْرَاءِ أَمَرَ عِكْرِمَةَ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُصَلِّيَ } ( وَإِلَى مُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ مُعَلَّقَيْنِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعْبَدَانِ وَالْكَرَاهَةُ بِاعْتِبَارِهَا ، وَإِنْ قَالَ بَعْضٌ بِكَرَاهَتِهِمَا ( أَوْ ) إلَى ( سِرَاجٍ ) ؛ لِأَنَّ الْمَجُوسَ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَبَ بَلْ الْجَمْرَ ( أَوْ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ ) ؛ لِأَنَّهَا إهَانَةٌ وَتَحْقِيرٌ لِلصُّورَةِ وَلَيْسَ بِتَعْظِيمٍ ( إنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَيْهَا ) أَيْ الصُّورَةِ بِأَنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ فَإِنَّ السُّجُودَ عَلَيْهَا تَشَبُّهٌ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ ( كَذَا ) لَفْظَةُ كَذَا هَاهُنَا كَالْفَصْلِ فِي عِبَارَةِ الْكَنْزِ ، وَوَجْهُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ .

( قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ قَتْلُ حَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ ) أَطْلَقَهُ وَقَيَّدَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِخَوْفِ الْأَذَى ا هـ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ كُرِهَ فِي النِّهَايَةِ ا هـ .
وَأَطْلَقَ فِي الْحَيَّةِ فَشَمِلَ جَمِيعَ أَنْوَاعِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْأَوْلَى الْإِمْسَاكُ عَمَّا فِيهِ عَلَامَةُ الْجِنِّ لَا لِلْحُرْمَةِ بَلْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُتَوَهَّمِ مِنْ جِهَتِهِمْ ، وَقِيلَ يُنْذِرُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَقُولُ خَلِّي طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ ارْجِعِي بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِنْ أَبَتْ قَتَلَهَا ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ
إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، وَقَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَقْلِهِ بَاحِثًا ثُمَّ الْحَقُّ فِيمَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ أَيْ بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ ا هـ .
وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسَادِ مُطْلَقًا .
وَقَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ ؛ لِأَنَّ فِي قَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ اخْتِلَافًا ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَخْذِ فَضْلًا عَنْ الْقَتْلِ أَوْ الدَّفْنِ ، فَإِنْ تَعَرَّضَا بِالْأَذَى إنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ وَالْقَتْلِ وَالدَّفْنِ بِغَيْرِ عَمَلٍ كَثِيرٍ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِالْقَتْلِ بِغَيْرِ عَمَلٍ كَثِيرٍ وَلَا يَطْرَحُهَا وَلَا يَدْفِنُهَا فِيهِ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَظْفَرُ بِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَلَا إلَى ظَهْرِ قَاعِدٍ يَتَحَدَّثُ ) أَفَادَ الْكَرَاهَةَ إلَى وَجْهِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ وَبَيْنَهُمَا ثَالِثٌ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْمُصَلِّي لَا يُكْرَهُ وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْمُصَلِّي بِالْوَجْهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَمِنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَضْعُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا تَمْنَعُهُ الْقِرَاءَةَ وَمِنْهَا إتْمَامُ

الْقِرَاءَةِ رَاكِعًا وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِيَامِ وَالصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ وَالْمَقْبَرَةِ ، وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى إذَا غَسَلَ مَوْضِعًا فِي الْحَمَّامِ لَيْسَ فِيهِ تِمْثَالٌ وَصَلَّى لَا بَأْسَ بِهِ ، وَكَذَا فِي الْمَقْبَرَةِ إذَا كَانَ فِيهَا مَوْضِعٌ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ قَبْرٌ وَلَا نَجَاسَةٌ ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَجِّلَهُمْ عَنْ إكْمَالِ السُّنَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .

( يُكْرَهُ الْوَطْءُ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي ) أَيْ التَّغَوُّطُ ( فَوْقَ مَسْجِدٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي احْتِرَامَهُ ؛ لِأَنَّ لِسَطْحِ الْمَسْجِدِ حُكْمَهُ حَتَّى لَوْ قَامَ عَلَيْهِ مُقْتَدِيًا بِالْإِمَامِ صَحَّ ، وَلَوْ صَعِدَ إلَيْهِ الْمُعْتَكِفُ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ وَلَمْ يَحِلَّ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ ( لَا فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ ) وَالْمُرَادُ مَا أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مِحْرَابٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَتَّى جَازَ بَيْعُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسَاجِدِ ، كَذَا فِي الْكَافِي .

( قَوْلُهُ يُكْرَهُ الْوَطْءُ
إلَخْ ) أَشَارَ بِهِ إلَى كَرَاهَتِهِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ بِالْأَوْلَى ، وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ تُكْرَهُ الْمُجَامَعَةُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَصَرَّحَ بِالتَّحْرِيمِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } لَكِنَّ الْحَقَّ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ ا هـ .
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَرَاهَةَ الْبَوْلِ وَالْمُجَامَعَةِ وَالتَّخَلِّي فِي مُصَلَّى الْجِنَازَةِ .
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى الْقَوَارِعِ وَعِنْدَ الْحِيَاضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَمَا كَانَ هَذَا إلَّا نَظِيرَ الْمُعَدِّ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَذَلِكَ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ فَهَذَا مِثْلُهُ وَالْمَسَاجِدُ الَّتِي عَلَى الْقَوَارِعِ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنَّ الِاعْتِكَافَ فِيهَا لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ مَعْلُومٌ ، وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُتَّخَذُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ أَنَّهُ مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ ، وَإِنْ انْفَصَلَ الصُّفُوفُ رِفْقًا بِالنَّاسِ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ ا هـ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ وَمِثْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَيْ مُصَلَّى الْعِيدِ يَأْخُذُ حُكْمَهَا أَيْ الْمَسَاجِدِ ؛ لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ لِأَعْظَمِ الْجُمُوعِ عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَانِ إلَّا أَنَّهُ أُبِيحَ إدْخَالُ الدَّوَابِّ فِيهَا ضَرُورَةَ الْخَشْيَةِ عَلَى ضَيَاعِهَا ، وَقَدْ يَجُوزُ إدْخَالُ الدَّوَابِّ فِي بُقْعَةِ الْمَسَاجِدِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ ا هـ فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَاتَّفَقَ فِي مُصَلَّى الْجِنَازَةِ .
( قَوْلُهُ وَالتَّخَلِّي أَيْ التَّغَوُّطُ ) أَقُولُ ، كَذَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ دُونَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ

أَنَّهُ الْخَلْوَةُ بِالْمَرْأَةِ .
( قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لَهُ مِحْرَابٌ ) أَقُولُ إنَّمَا قَيَّدَ بِالْمِحْرَابِ لِيُفِيدَ الْحُكْمَ فِيمَا لَا مِحْرَابَ لَهُ بِالْأَوْلَى وَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ وَلَا بَأْسَ بِالْبَوْلِ فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ وَالْمُرَادُ مَا أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ .
ا هـ .

.
( وَ ) يُكْرَهُ ( غَلْقُ بَابِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَصِحُّ مَنْعُهُ عَنْهُمْ قَالُوا هَذَا فِي زَمَانِهِمْ وَفِي زَمَانِنَا لَا بَأْسَ فِي غَيْرِ أَوَانِ الصَّلَاةِ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَلَى مَتَاعِ الْمَسْجِدِ .
( قَوْلُهُ قَالُوا هَذَا فِي زَمَانِهِمْ وَفِي زَمَانِنَا
إلَخْ ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالزَّمَانِ فِي الْهِدَايَةِ بَلْ قَالَ ، وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا خِيفَ عَلَى مَتَاعِ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الصَّلَاةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَانِنَا كَمَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ فَالْمَدَارُ خَشْيَةُ الضَّرَرِ ا هـ .
وَفِي نَفْيِ الْبَأْسِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَفْلُهُ .
وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ صِيَانَةً لِلْمَصَاحِفِ الْمَوْضُوعَةِ وَالْقَنَادِيلِ الْمُعَلَّقَةِ .

( لَا ) أَيْ لَا يُكْرَهُ ( تَزْيِينُهُ بِالْجِصِّ وَالسَّاجِ ) وَهُوَ خَشَبٌ مُقَوَّمٌ يُجْلَبُ مِنْ الْهِنْدِ ( وَمَاءِ الذَّهَبِ بِمَالِهِ ) أَيْ بِمَالِ الْبَانِي ( وَأَمَّا الْمُتَوَلِّي فَيَضْمَنُ ) قِيمَةَ مَا زَيَّنَهُ بِهِ ( إذَا فَعَلَ ) ذَلِكَ ( مِنْ مَالِ الْوَقْفِ ) .

( قَوْلُ لَا يُكْرَهُ تَزْيِينُهُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُنْقَشَ الْمَسْجِدُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ لَا بَأْسَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ بِذَلِكَ فَيَكْفِيهِ أَنْ يَنْجُوَ رَأْسًا بِرَأْسٍ .
ا هـ .
؛ لِأَنَّ فِي لَفْظِ لَا بَأْسَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ غَيْرُهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْبَأْسَ الشِّدَّةُ ا هـ قُلْت وَفِيهِ نَفْيٌ لِقَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ قُرْبَةً لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ وَإِجْلَالِ الدِّينِ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَعِنْدَنَا لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَصَرْفُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ أَحَبُّ ا هـ .
وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ ؛ لِأَنَّهُ نَفْيُ اسْتِحْبَابٍ صَرَفَهُ بِمَا تَقَدَّمَ .
( قَوْلُهُ بِمَالِهِ أَيْ بِمَالِ الْبَانِي ) قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ طَيِّبِ مَالِهِ أَمَّا إذَا أَنْفَقَ فِي ذَلِكَ مَالًا خَبِيثًا أَوْ مَالًا مُسَبِّبُهُ الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ فَيُكْرَهُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ إلَّا الطَّيِّبَ فَيُكْرَهُ تَلْوِيثُ بَيْتِهِ بِمَا لَا يَقْبَلُهُ ا هـ .
وَقَيَّدَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا الْإِبَاحَةَ بِأَنْ لَا يَتَكَلَّفَ لِدَقَائِقِ النَّقْشِ فِي الْمِحْرَابِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ؛ لِأَنَّهُ يُلْهِي الْمُصَلِّي .
ا هـ .
قُلْت فَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمِحْرَابِ بَلْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ يَكُونُ أَمَامَ مَنْ يُصَلِّي بَلْ أَعَمُّ مِنْهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ فَقَالَ بِكَرَاهَةِ التَّكَلُّفِ بِدَقَائِق النُّقُوشِ وَنَحْوِهَا خُصُوصًا فِي الْمِحْرَابِ .
( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الْمُتَوَلِّي فَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا زَيَّنَهُ بِهِ
إلَخْ ) أَقُولُ فِي تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ تَسَامُحٌ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ضَمَانُ مَا صَرَفَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لَا قِيمَةِ مَا صَرَفَ الْمَالَ فِيهِ .
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَكَانَ الزَّرَنْجَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلُ أَيْ بِضَمَانِ الْمُتَوَلِّي فِي زَمَانِهِمْ أَمَّا فِي زَمَانِنَا لَوْ صَرَفَ مَا يَفْضُلُ فِي الْعِمَارَةِ إلَى النَّقْشِ يَجُوزُ ؛

لِأَنَّ الظَّلَمَةَ يَأْخُذُونَ ذَلِكَ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَافِي إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا خِيفَ الضَّيَاعُ بِطَمَعِ الظَّلَمَةِ .
وَفِي الْغَايَةِ جَعْلُ الْبَيَاضِ فَوْقَ السَّوَادِ لِلنَّقَاءِ يُوجِبُ ضَمَانَ الْمُتَوَلِّي .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَكِلْ الْوَاقِفُ فِعْلَ مِثْلِ ذَلِكَ أَمَّا إنْ كَانَ فَلَهُ الْبَيَاضُ لِقَوْلِهِمْ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ إنَّهُ يَعْمُرُهُ كَمَا كَانَ ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ لِلنَّقَاءِ إذْ لَوْ قَصَدَ بِهِ إحْكَامَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ ا هـ قُلْت وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ ا هـ قَالَ وَقَيَّدُوا بِالْمَسْجِدِ إذْ نَقْشُ غَيْرِهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ إلَّا إذَا كَانَ مَكَانًا مُعَدًّا لِلِاسْتِظْلَالِ تَزِيدُ الْأُجْرَةُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ ، وَأَرَادُوا مِنْ الْمَسْجِدِ دَاخِلَهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ تَرْغِيبِ الِاعْتِكَافِ فَيُفِيدُ أَنَّ تَزْيِينَ خَارِجِهِ مَكْرُوهٌ .
وَأَمَّا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَيَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي كَدَهْنِ الْحِيطَانَ خُصُوصًا بِقَصْدِ الْحِرْمَانِ .

( قَرَأَ ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ( مِنْ وَسْطِ السُّورَةِ لَا يُكْرَهُ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ) قِرَاءَةُ خَاتِمَةِ السُّورَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ يُكْرَهُ ، وَكَذَا خَاتِمَةُ سُورَةٍ فِي رَكْعَةٍ أَوْ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَتَيْنِ ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ فِيهِمَا جَمَعَ بَيْنَ سُوَرٍ فِي رَكْعَةٍ لَا يُكْرَهُ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَلَوْ كَرَّرَ سُورَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ يُكْرَهُ إلَّا فِي النَّفْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَةٍ أَوْ سُورَتَيْنِ ، وَإِنَّمَا يَفْصِلُ بِسُوَرٍ ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ ، قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الْمُعَوِّذَتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةٍ وَشَيْءٍ مِنْ الْبَقَرَةِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعِيدُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فِي الثَّانِيَةِ ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ، قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا ، قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيلَ يُكْرَهُ ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَرَأَ سُورَةً فَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةً فَوْقَهَا يُكْرَهُ وَالْآيَةُ كَالسُّورَةِ ، كَذَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى سَقَطَتْ قَلَنْسُوَتُهُ أَوْ عِمَامَتُهُ فِي الصَّلَاةِ فَرَفْعُ الْقَلَنْسُوَةِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ بِكَشْفِ الرَّأْسِ .
وَأَمَّا الْعِمَامَةُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهَا وَوَضْعُهَا عَلَى الرَّأْسِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ مَعْقُودَةٍ كَمَا كَانَتْ فَسَتْرُ الرَّأْسِ أَوْلَى ، وَإِنْ انْحَلَّتْ وَاحْتَاجَ إلَى تَكْوِيرِهَا فَالصَّلَاةُ بِكَشْفِ الرَّأْسِ أَوْلَى مِنْ عَقْدِهَا وَقَطْعِ الصَّلَاةِ ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ، لَوْ صَلَّى رَافِعًا بِكُمَّيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ يُكْرَهُ ، وَلَوْ صَلَّى مَعَ السَّرَاوِيلِ وَالْقَمِيصُ عِنْدَهُ يُكْرَهُ الْمُصَلِّي إذَا كَانَ لَابِسَ شُقَّةٍ أَوْ فَرَجِيَّةٍ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الْكَرَاهَةِ ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ .

( قَوْلُهُ قَرَأَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ إلَى آخِرِ الْبَابِ ) أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى هَذَا الْفَصْلِ وَكَانَ يَنْبَغِي اسْتِطْرَادُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ وَلَهُ أَحْكَامٌ أُفْرِدَتْ عَلَى حِدَةٍ فِي الشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى مِنْهَا تَحِيَّتُهُ وَسَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ وَيَكْفِيهِ فِي الْيَوْمِ رَكْعَتَانِ إذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ وَلَا تَسْقُطُ بِالْجُلُوسِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَيَقُومُ مَقَامَهَا كُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا عِنْدَ الدُّخُولِ بِلَا نِيَّةِ التَّحِيَّةِ فَلَوْ نَوَى التَّحِيَّةَ مَعَ الْفَرْضِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ وَصَرَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِكَرَاهَةِ الْحَدِيثِ أَيْ الْكَلَامِ فِيهِ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِأَنْ يَجْلِسَ لِأَجْلِهِ .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ فِيهِ مَكْرُوهٌ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَمَّا إنْ جَلَسَ لِلْعِبَادَةِ ثُمَّ بَعْدَهَا تَكَلَّمَ فَلَا وَاخْتُلِفَ فِي النَّوْمِ فِيهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْأَشْبَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ الْكَرَاهَةُ وَاخْتُلِفَ فِي كَرَاهِيَةِ إخْرَاجِ الرِّيحِ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ إدْخَالُ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَلَا اسْتِطْرَاقُهُ وَلَا الْبُزَاقُ فِيهِ وَيَأْخُذُ النُّخَامَةَ بِثَوْبِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَنْزَوِي مِنْهَا كَمَا يَنْزَوِي الْجِلْدُ مِنْ النَّارِ عَلَى مَا رُوِيَ ( قَوْلُهُ قَرَأَ مِنْ وَسْطِ السُّورَةِ لَا يُكْرَهُ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَفِي غَرِيبِ الرِّوَايَاتِ لِأَبِي جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا ا هـ .
وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ فِيهِمَا ) أَقُولُ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ قَرَأَ آخِرَ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ يُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ آخِرَ سُورَةٍ أُخْرَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ جَمَعَ بَيْنَ سُوَرٍ فِي رَكْعَةٍ لَا يُكْرَهُ ) أَقُولُ أَيْ عَلَى جِهَةِ

التَّأْلِيفِ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى التَّأْلِيفِ عُرِفَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ .

( بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ ) ( الْوِتْرُ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ لَا اعْتِقَادِيٌّ ) ، وَقَدْ مَرَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ وَاجِبٌ .
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ فَرِيضَةٌ عَمَلًا لَا عِلْمًا وَوَاجِبٌ عِلْمًا وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَهُمَا ( فَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ غَيْرَ اعْتِقَادِيٍّ ( وَيُقْضَى ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ فَرْضًا إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمْ يُقْضَ ، وَكَذَا قَوْلُهُ ( وَتَذَكُّرُهُ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ يُفْسِدُهَا ) ، وَلَوْ كَانَ سُنَّةً لَمَا أَفْسَدَهَا .
وَقَوْلُهُ ( وَتَذَكُّرُ فَائِتَةٍ فِيهِ يُفْسِدُهُ ) ، وَلَوْ كَانَ سُنَّةً لَمَا أَفْسَدَهُ .
وَقَوْلُهُ ( وَلَا يُعَادُ ) الْوِتْرُ ( لِإِعَادَةِ الْعِشَاءِ ) ، وَلَوْ كَانَ سُنَّةً لَأُعِيدَ تَبَعًا لِلْفَرْضِ .

بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ ) .
( قَوْلُهُ ، وَقَدْ مَرَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ) أَيْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ وَاجِبٌ ) أَقُولُ وَهُوَ آخِرُ أَقْوَالِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ لَيْسَ فِي الْوِتْرِ رِوَايَةٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي الظَّاهِرِ ، وَذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ أَيْ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ فَرْضٌ وَاجِبٌ سُنَّةٌ ا هـ .
وَقَالَ الْكَاكِيُّ وَلَا اخْتِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ
إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ الْمَشَايِخَ وَفَّقُوا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ أَيْ الثَّلَاثِ بِهَذَا وَآخِرُ أَقْوَالِ الْإِمَامِ إنَّهُ وَاجِبٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَهُمَا ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ حُكِيَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي وُجُوبِهِ إجْمَاعُ السَّلَفِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمَا دَلِيلُ الْوُجُوبِ فَنَفَيَاهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَهَرَ بِهَذَا أَيْ بِمَا سَاقَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ بِوُجُوبِهِ وَقَوْلِهِمَا بِسُنِّيَّتِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ إلَّا فِي فَسَادِ الصُّبْحِ بِتَذَكُّرِهِ وَفِي قَضَائِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ الشَّمْسِ وَبَعْدَ صَلَاةٍ ؛ لِأَنَّ الْعَصْرَ وَاجِبٌ عِنْدَهُ فَيَقْضِيهِ كَالْفَرْضِ وَعِنْدَهُمَا لَا ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا ا هـ .
قُلْتُ وَمِنْ أَحْكَامِهِ إعَادَتُهُ عِنْدَهُمَا لَوْ ظَهَرَ فَسَادُ الْعِشَاءِ دُونَهُ لَا عِنْدَ الْإِمَامِ ا هـ .
( قَوْلُهُ فَلَا يُكْفَرُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ أَيْ لَا يُنْسَبُ إلَى الْكُفْرِ .
( قَوْلُهُ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمْ يُقْضَ ) أَقُولُ لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ صَرَّحَ فِي الْكَافِي بِأَنَّ وُجُوبَ قَضَائِهِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا وَرُوِيَ عَنْهُمَا عَدَمُهُ .

( وَهُوَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ ) لِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي أُخْرَاهُنَّ } رَوَاهُ أُبَيٌّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ( يَقْرَأُ ) الْمُصَلِّي ( فِي كُلٍّ ) مِنْ الرَّكَعَاتِ ( الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَرْوِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي ، وَلِأَنَّ وُجُوبَهُ لَمَّا كَانَ بِالسُّنَّةِ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ فِي الْجَمِيعِ احْتِيَاطًا ( وَقَبْلَ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ يُكَبِّرُ رَافِعًا يَدَيْهِ فَيَقْنُتُ فِيهِ ) أَيْ فِيمَا قَبْلَ الرُّكُوعِ لِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ قَرَأَ فِي الْأُولَى { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } وَفِي الثَّانِيَةِ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } وَفِي الثَّالِثَةِ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ } وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَعْدَهُ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَهْدِيكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوبُ إلَيْكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُكَ وَلَا نَكْفُرُكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ إنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ يُرْوَى بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَالْقَوْمُ يُتَابِعُونَ الْإِمَامَ إلَى هُنَا فَإِذَا شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الدُّعَاءِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُتَابِعُونَهُ وَيَقْرَءُونَ مَعَهُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُتَابِعُونَهُ وَلَكِنْ يُؤَمِّنُونَ وَالدُّعَاءُ هَذَا اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ إنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْتَ وَنَسْتَغْفِرُك اللَّهُمَّ وَنَتُوبُ إلَيْكَ وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ

وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ( دَائِمًا ) أَيْ فِي كُلِّ السَّنَةِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ إلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ ( دُونَ غَيْرِهِ ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ أَيْضًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا } وَلَنَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ثُمَّ تَرَكَهُ } وَالتَّرْكُ دَلِيلُ النَّسْخِ وَالتَّرْجِيحُ بِفِقْهِ الرَّاوِي أَوْ بِالْمَرْوِيِّ فَإِنَّهُ حَاظِرٌ فَيَتَرَجَّحُ عَلَى الْمُبِيحِ .

.
( قَوْلُهُ وَهُوَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى نَفْيِ قَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ وَاحِدَةٌ إلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَثْنَى مَثْنَى .
( قَوْلُهُ بِتَسْلِيمَةٍ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ بِمَنْ يَفْصِلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ .
وَفِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ ا هـ .
وَمَشَى ابْنُ وَهْبَانَ فِي نَظْمِهِ عَلَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ إنْ لَمْ يُتَابِعْ إمَامَهُ فِي السَّلَامِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَتَمَّهُ مَعَهُ صَحَّ كَمَا ذَكَرَ الرَّازِيّ فِي شَرْحِهِ .
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رَأْيُ الْمُقْتَدِي أَوْ رَأْيُ الْإِمَامِ وَعَلَى الثَّانِي يَتَخَرَّجُ كَلَامُ الرَّازِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الْهِنْدُوَانِيِّ وَجَمَاعَةٍ .
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ أَقْيَسُ فَلَوْ رَأَى إمَامَهُ الشَّافِعِيَّ مَسَّ امْرَأَةً وَصَلَّى فَإِنَّ الْإِمَامَ غَيْرُ مُصَلٍّ فِي زَعْمِ نَفْسِهِ وَلَا بِنَاءً عَلَى الْمَعْدُومِ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ يَتَخَرَّجُ كَلَامُ قَاضِي خَانْ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِمُصَلٍّ فِي رَأْيِ الْمُقْتَدِي وَلَا بِنَاءَ عَلَى الْمَعْدُومِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُؤَيِّدُهُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ إمَامِهِ فِي الْمُتَحَرِّي الْقِبْلَةَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ إذَا صَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ إلَى جِهَةٍ لَا مَنْ عَلِمَ لِاعْتِقَادِهِ خَطَأَ إمَامِهِ ا هـ .
وَكَذَا أَشَارَ إلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ إذَا وَصَلَهُ الْإِمَامُ ، وَإِنْ رَآهُ سُنَّةً وَهُوَ الْأَظْهَرُ ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ .
( قَوْلُهُ فَيَقْنُتُ ) الْقُنُوتُ الطَّاعَةُ وَالدُّعَاءُ وَالْقِيَامُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ وَالْمَشْهُورُ الدُّعَاءُ } .
وَقَوْلُهُمْ دُعَاءُ الْقُنُوتِ إضَافَةُ بَيَانٍ قَالَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ .
( قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْتَرَ

بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ قَرَأَ فِي الْأُولَى }
إلَخْ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الثَّالِثَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ قَالَ رَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى { عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ بِسَبِّحْ اسْمِ رَبِّك الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } قَالَ إِسْحَاقُ هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْوِتْرِ وَزِيَادَةُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ أَنْكَرَهَا أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ا هـ .
( قَوْلُهُ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك
إلَخْ ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَوْقِيتِ الْقُنُوتِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ التَّوْقِيتَ يَذْهَبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ وَمَشَايِخُنَا قَالُوا مُرَادُهُ فِي أَدْعِيَةِ الْحَجِّ لِلْمَنَاسِكِ فَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يُوَقِّتْ فَرُبَّمَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِ الْمُصَلِّي مَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ .
( قَوْلُهُ نَشْكُرُك ) ، كَذَا فِي غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ .
وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ وَفِي الْقُنُوتِ نَشْكُرُك كَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ لَيْسَ بِمُثْبَتٍ فِي الرِّوَايَةِ أَصْلًا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَنَخْلَعُ ) عَطَفَهُ بِالْوَاوِ وَأَسْقَطَهَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَنَحْفِدُ ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْإِسْرَاعُ فِي الْخِدْمَةِ فَإِنْ قَرَأَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ .
( قَوْلُهُ : وَإِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا زِيَادَةُ الْجِدِّ .
وَقَالَ الشُّمُنِّيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ الْجِدَّ ا هـ .
وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِمَا فِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد كَمَا فِي الْبَحْرِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ بِمَعْنَى الْحَقِّ .
ا هـ .
قُلْت ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْجِدِّ تَاجُ الشَّرِيعَةِ ، وَكَذَلِكَ لَفْظَ نَسْتَهْدِيكَ

وَنَتُوبُ إلَيْكَ ثُمَّ قَالَ الْمَعْنَى يَا اللَّهُ نَطْلُبُ مِنْكَ الْعَوْنَ عَلَى الطَّاعَةِ وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ وَنَطْلُبُ الْمَغْفِرَةَ مِنْ الذُّنُوبِ وَنُثْنِي مِنْ الثَّنَاءِ وَهُوَ الْمَدْحُ وَانْتِصَابُ الْخَيْرِ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ نُثْنِي عَلَيْكَ الثَّنَاءَ فَيَكُونُ تَأْكِيدًا ؛ لِأَنَّ الثَّنَاءَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ كَقَوْلِهِمْ أَثْنَى عَلَيَّ شَرًّا وَالْكُفْرُ نَقِيضُ الشُّكْرِ وَأَصْلُهُ السَّتْرُ يُقَالُ كَفَرَ النِّعْمَةَ إذَا لَمْ يَشْكُرْهَا كَأَنَّهُ سَتَرَهَا بِجُحُودِهِ .
وَقَوْلُهُمْ كَفَرْت فُلَانًا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَالْأَصْلُ كَفَرْت نِعْمَتَهُ وَمِنْهُ وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ مِنْ خَلَعَ الْفَرَسُ رَسَنَهُ إذَا أَلْقَاهُ وَطَرَحَهُ وَمَنْ مَفْعُولُ نَتْرُكُ .
وَأَمَّا مَفْعُولُ نَخْلَعُ فَمَحْذُوفٌ وَمِنْهُ { هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ } وَهُوَ مِنْ بَابِ تَوْجِيهِ الْفِعْلَيْنِ إلَى اسْمٍ وَاحِدٍ وَبِهِ يُحْتَجُّ فِي إعْمَالِ الْأَقْرَبِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ وَيَفْجُرُكَ أَيْ يَعْصِيكَ وَيُخَالِفُكَ وَالسَّعْيُ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ وَنَحْفِدُ أَيْ نَعْمَلُ لَكَ بِطَاعَتِكَ مِنْ الْحَفْدِ الْإِسْرَاعِ فِي الْخِدْمَةِ وَأَلْحَقَ بِمَعْنَى لَحِقَ وَمُلْحَقٌ أَيْ لَاحِقٌ ، وَقِيلَ الْمُرَادُ مُلْحَقٌ بِالْكُفَّارِ الْفُسَّاقِ قَالَ الْإِمَامُ الْمُطَرِّزِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّ عَذَابَك اسْتِئْنَافٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِلرَّجَاءِ وَالْخَشْيَةِ فَلَوْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَحْسُنْ ا هـ قُلْتُ الْحَمْلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْلَى احْتِرَازًا عَنْ الْإِضْمَارِ ، وَلِأَنَّ الْخَوْفَ وَالرَّجَاءَ مَرْكَزُ دَائِرَةِ الْإِيمَانِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَوْ وُزِنَ خَوْفُ الْمُؤْمِنِ وَرَجَاؤُهُ بِمِيزَانٍ يَرْبِضُ لَاعْتَدَلَا } فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ ؛ لِأَنِّي مُؤْمِنٌ حَقًّا وَعَذَابُكَ لَاحِقٌ بِالْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ يَرْبِضُ أَيْ يَقُومُ .
ا هـ .
كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ .
( قَوْلُهُ وَالْقَوْمُ يُتَابِعُونَهُ إلَى هُنَا ) أَقُولُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى نَفْيِ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَقْنُتُ الْإِمَامُ

وَيَسْكُتُ الْمُقْتَدِي وَهَذَا كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي الْقُنُوتِ يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُقْتَدِي كَالْقِرَاءَةِ وَيَجْهَرُ بِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْنُتُ كَالْإِمَامِ ثُمَّ هَلْ يَجْهَرُ الْإِمَامُ بِهِ اخْتَارَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
وَفِي الْبُرْهَانِ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ .
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ اخْتَارَ مَشَايِخُنَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ الْإِخْفَاءَ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ ا هـ .
وَفِي الْعِنَايَةِ الْمُخْتَارُ فِي الْقُنُوتِ الْإِخْفَاءُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْقَانِتُ إمَامًا أَوْ مُقْتَدِيًا أَوْ مُنْفَرِدًا ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَخَيْرُ الدُّعَاءِ الْخَفِيُّ ا هـ .
وَمَنْ اخْتَارَ الْجَهْرَ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ دُونَ جَهْرِ الْقِرَاءَةِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ .
( قَوْلُهُ فَلَكَ الْحَمْدُ
إلَخْ ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْبُرْهَانِ بَلْ ذَكَرَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ فَقَالَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَهَلْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ أَيْ الدُّعَاءِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ لَا ، وَقِيلَ نَعَمْ ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةُ الدُّعَاءِ وَنَحْنُ قَدْ أَوْجَدْنَاكَ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ ثُبُوتَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ .
ا هـ .
وَاخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

( وَيُتَّبَعُ قَانِتُ الْوِتْرِ ) أَيْ يَتَّبِعُ فِي قِرَاءَةِ الْقُنُوتِ حَنَفِيٌّ شَافِعِيًّا يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْفَجْرِ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُتَابِعُهُ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا بِيَقِينٍ فَصَارَ كَالثَّنَاءِ وَالتَّشَهُّدِ وَالدُّعَاءِ بَعْدَهُ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ( لَا الْفَجْرِ ) أَيْ لَا يَتَّبِعُ شَافِعِيًّا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَتَّبِعُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ وَالْقُنُوتُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَصَارَ كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ وَالْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَنَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا مُتَابَعَةَ فِي الْمَنْسُوخِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَبَّرَ خَمْسًا فِي الْجِنَازَةِ حَيْثُ لَا يَتَّبِعُهُ ( بَلْ يَسْكُتُ ) قَائِمًا لِيُتَابِعَهُ فِيمَا يَجِبُ مُتَابَعَتُهُ ( وَقِيلَ يَقْعُدُ ) تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ ؛ لِأَنَّ السَّاكِتَ شَرِيكُ الدَّاعِي وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ فِي غَيْرِ الْقُنُوتِ ( وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْهُ ) أَيْ الْقُنُوتَ ( يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ) مَرَّاتٍ ( ثَلَاثًا ) وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ أَبِي اللَّيْثِ ( أَوْ ) يَقُولُ ( اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) وَهُوَ اخْتِيَارُ سَائِرِ الْمَشَايِخِ ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ .

قَوْلُهُ أَيْ يَتَّبِعُ فِي قِرَاءَةِ الْقُنُوتِ حَنَفِيٌّ شَافِعِيًّا
إلَخْ ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقْنُتُ بِالدُّعَاءِ اللَّهُمَّ اهْدِنَا
إلَخْ وَالْحَنَفِيُّ بِاللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ فَمَا يَفْعَلُهُ فَلْيُنْظَرْ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ يَقْعُدُ ) أَقُولُ ، وَقِيلَ يُطِيلُ الرُّكُوعَ ، وَقِيلَ يَسْجُدُ إلَى أَنْ يُدْرِكَهُ فِيهِ .
( قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ) ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبُرْهَانِ ا هـ .
وَيُرْسِلُ يَدَيْهِ فِي الْقِيَامِ .
( قَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ
إلَخْ ) أَقُولُ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ كَيَا رَبِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ اسْتِحْبَابُ حُكْمِهِ ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ وَاجِبٌ فَبَدَلُهُ كَذَلِكَ وَاجِبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ سَائِرِ الْمَشَايِخِ ) أَيْ بَاقِي الْمَشَايِخِ إذْ مِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ غَيْرَهُ وَبَقِيَ قَوْلٌ ثَالِثٌ مُخْتَارٌ يَقُولُ يَا رَبِّ مَرَّاتٍ ثَلَاثًا كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ لَمْ يَقْنُتْ فِيهِ أَيْ الرُّكُوعِ
إلَخْ ) أَقُولُ ، وَكَذَلِكَ لَا يَعُودُ لِلْقُنُوتِ لَوْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيَقْنُتُ ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ عَنْ الْحَاوِي بِخِلَافِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا عِنْدَ تَذَكُّرِهَا فِي الرُّكُوعِ .

( تَذَكَّرَ ) أَنَّهُ تَرَكَ ( الْقُنُوتَ فِي الرُّكُوعِ ) مُتَعَلِّقٌ بِتَذَكَّرَ ( أَوْ الْقِيَامَ مِنْهُ ) أَيْ الرُّكُوعِ ( لَمْ يَقْنُتْ فِيهِ ) أَيْ الرُّكُوعِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْقُنُوتِ ( وَلَوْ قَنَتَ فِي الْقِيَامِ ) بَعْدَ الرُّكُوعِ ( لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ ) ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ فَرْضٌ وَالْقُنُوتَ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ رَفْضُ الْفَرْضِ لِإِقَامَةِ الْوَاجِبِ ( وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ) لِزَوَالِ الْقُنُوتِ عَنْ مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَنَتَ فِي الْقِيَامِ لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ ) أَقُولُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ فَسَادِ صَلَاتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشُّمُنِّيُّ فَقَالَ ، وَلَوْ عَادَ وَقَنَتَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ .
ا هـ .

( رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي مِنْهُ ) أَيْ الْقُنُوتِ ( تَابَعَهُ ) أَيْ قَطَعَ الْمُقْتَدِي الْقُنُوتَ وَتَابَعَ الْإِمَامُ ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمُتَابَعَةِ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ دُونَ تَرْكِ الْقُنُوتِ ( بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ ) يَعْنِي إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي مِنْ التَّشَهُّدِ لَا يَقْطَعُ التَّشَهُّدَ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي السَّلَامِ إذْ لَا يَلْزَمُ هَاهُنَا مِنْ تَرْكِهَا فَسَادُ الصَّلَاةِ ( أَدْرَكَ ) الْمُقْتَدِي ( الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فِي الثَّالِثَةِ ) أَيْ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ ( مِنْ وِتْرِ رَمَضَانَ كَانَ ) الْمُقْتَدِي ( مُدْرِكًا لِلْقُنُوتِ ) ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَهُ فِي الرُّكُوعِ إدْرَاكٌ فِي الْقِيَامِ .

.
( قَوْلُهُ رَكَعَ الْإِمَامُ
إلَخْ ) أَقُولُ فَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْقُنُوتَ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْنُتَ وَيُدْرِكَ الرُّكُوعَ قَنَتَ وَإِلَّا تَابَعَ ذَلِكَ الْكَمَالُ ثُمَّ قَالَ وَفِي نَظْمِ الزَّنْدِ وَيُفْتِي خَمْسَةٌ إذَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْإِمَامُ لَا يَفْعَلُهَا الْقَوْمُ الْقُنُوتُ وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ وَالْقَعْدَةُ الْأُولَى وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالسَّهْوِ وَأَرْبَعَةٌ إذَا فَعَلَهَا لَا يَفْعَلُهَا الْمُقْتَدِي زِيَادَةُ سَجْدَةٍ أَوْ تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ خَارِجًا عَنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَسَمِعَهُ مِنْ الْإِمَامِ لَا الْمُؤَذِّنِ وَخَامِسَةٌ فِي الْجِنَازَةِ وَالْقِيَامُ لِخَامِسَةٍ وَتِسْعَةٌ إذَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْإِمَامُ يَفْعَلُهَا الْقَوْمُ إذَا لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ فِي الِافْتِتَاحِ وَإِذَا لَمْ يُثْنِ مَا دَامَ فِي الْفَاتِحَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي السُّورَةِ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَهُ فِي جَهْرِ الْقِرَاءَةِ لَا يُثْنِي وَإِذَا لَمْ يُكَبِّرْ لِلِانْتِقَالِ أَوْ لَمْ يُسَبِّحْ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ التَّشَهُّدَ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ يُسَلِّمُ الْقَوْمُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ لَا يُسَلِّمُونَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَكَلَّمَ وَإِذَا نَسِيَ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمُتَابَعَةِ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ ) أَقُولُ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِرَكْعَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إنْ أَتَمَّهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ ) أَيْ الْأَخِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إذَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الثَّالِثَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يُتَابِعُهُ كَالْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ لَوْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ يُتِمُّهُ ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ وَقَامَ جَازَ وَفِي الْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ إذَا سَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ يُتِمُّهُ ، وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ أَيْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ يُسَلِّمُ مَعَهُ ، وَلَوْ أَحْدَثَ أَيْ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ التَّشَهُّدِ لَا يُسَلِّمُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَ حَدَثِ الْإِمَامِ عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ بَلْ يَفْسُدُ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَيَبْقَى بَعْدَ سَلَامِهِ وَكَلَامِهِ ، وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَتَأَخَّرَ الْإِمَامُ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ أَيْ الْإِمَامِ وَحْدَهُ .

( قَنَتَ فِي ) الرَّكْعَةِ ( الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ سَهْوًا لَمْ يَقْنُتْ فِي الثَّالِثَةِ ) ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْقُنُوتِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ .
قَوْلُهُ قَنَتَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ سَهْوًا
إلَخْ ) ، كَذَا نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَنَظَرَ فِيهِ بِمَا فِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى الْأَجْنَاسِ لَوْ شَكَّ أَنَّهُ فِي الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَقْنُتُ فِي الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِقَعْدَتَيْنِ وَيَقْنُتُ فِيهِمَا احْتِيَاطًا وَهُوَ الْأَصَحُّ ، وَقِيلَ لَا يَقْنُتُ فِي الْكُلِّ أَصْلًا ثُمَّ قَالَ فَلَعَلَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَأْتِي بِهِ فِي الْأَصَحِّ مَعَ الشَّكِّ فَمَعَ الْيَقِينِ أَوْلَى .

لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْوَالِ الْوِتْرِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ النَّوَافِلِ فَقَالَ ( سُنَّ ) سُنَّةً مُؤَكَّدَةً ( رَكْعَتَانِ ) قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ .
( وَ ) سُنَّ ( أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ ) حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهَا وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ فَصَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَنْ النَّذْرِ وَبِالْعَكْسِ يَخْرُجُ ، كَذَا فِي الْكَافِي ( قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا ) أَيْ الْجُمُعَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ } وَفَسَّرَ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا ( وَنُدِبَ أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ ) أَيْ الْعِشَاءِ بِتَسْلِيمَةٍ ( وَسِتٌّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِتَسْلِيمَةٍ وَكُرِهَ زِيَادَةُ نَفْلِ النَّهَارِ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاللَّيْلِ عَلَى ثَمَانٍ ) ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ إلَى الثَّمَانِ وَفِي صَلَاةِ النَّهَارِ إلَى الْأَرْبَعِ وَلَمْ تَرِدْ بِالزِّيَادَةِ فَتُكْرَهُ ؛ لِأَنَّ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ ( وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا ) أَيْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ( رُبَاعُ ) أَيْ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً وَعِنْدَهُمَا فِي النَّهَارِ رُبَاعُ وَفِي اللَّيْلِ مَثْنَى وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِمَا مَثْنَى .

( قَوْلُهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ النَّوَافِلِ ) أَقُولُ عَبَّرَ بِالنَّوَافِلِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَالْكَافِي .
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ تَرْجَمَ بِالنَّوَافِلِ لِكَوْنِهَا أَعَمَّ وَأَشْمَلَ .
وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ النَّفَلُ فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَا وَاجِبٍ وَلَا مَسْنُونٍ وَكُلُّ سُنَّةٍ نَافِلَةٌ وَلَيْسَ كُلُّ نَافِلَةٍ سُنَّةً فَلِهَذَا لَقَّبَهُ بِالنَّوَافِلِ ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى السُّنَنِ .
وَفِي النِّهَايَةِ لَقَّبَهُ بِالنَّوَافِلِ وَفِيهِ ذَكَرَ السُّنَنَ لِكَوْنِ النَّوَافِلِ أَعَمَّ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ النَّفَلُ شُرِعَ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ تَمَكَّنَ فِي الْفَرْضِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ ، وَإِنْ عَلَتْ رُتْبَتُهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ حَتَّى إنَّ أَحَدًا لَوْ قَدَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ لَا يُلَامُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ سُنَّ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ ) ابْتَدَأَ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى السُّنَنِ حَتَّى رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ صَلَّاهَا قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ ابْتَدَأَ بِسُنَّةِ الظُّهْرِ ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ فِي الْوُجُودِ ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ رَكْعَتَا الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدَعْهُمَا سَفَرًا وَلَا حَضَرًا ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعَصْرِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعِشَاءِ ، وَقِيلَ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ وَاَلَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهُ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ كُلُّهَا سَوَاءٌ ، وَقِيلَ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ آكَدُ وَصَحَّحَهُ الْمُحْسِنُ ، وَقَدْ أَحْسَنَ ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْمُوَاظَبَةِ الصَّرِيحَةِ عَلَيْهَا أَقْوَى مِنْ نَقْلِهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ .
( قَوْلُهُ وَبَعْدَ الظُّهْرِ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْكَنْزِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ

بِاسْتِحْبَابِ أَرْبَعٍ بَعْدَ الظُّهْرِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ثُمَّ قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ الرَّاتِبَةِ ، وَقِيلَ مَعَهَا كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَعَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَخْصِيصِ نِيَّتِهَا وَلَا فَصْلِهَا بِسَلَامٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ بَاحِثًا .
( قَوْلُهُ وَالْمَغْرِبُ ) أَقُولُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُطِيلَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا { الم تَنْزِيلُ } وَفِي الثَّانِيَةِ { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .
( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَكُونُ مُعْتَدٍ بِهَا ) أَقُولُ أَيْ عَنْ السُّنَّةِ وَتَكُونُ نَافِلَةً كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى كَوْنِهَا بِتَسْلِيمَةٍ بِقَوْلِهِ ، كَذَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ رَوَاهُ الْكَمَالُ فَقَالَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ تُفَتَّحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ } ثُمَّ قَالَ وَفِي قَالَ لِلتِّرْمِذِيِّ فِي الشَّمَائِلِ قُلْت أَيْ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفِيهِنَّ تَسْلِيمٌ فَاصِلٌ قَالَ لَا ا هـ قُلْت وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ حُكْمَ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ كَاَلَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ الْعُذْرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنْ عُجِّلَ بِك شَيْءٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْنِ إذَا رَجَعْت } ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْبُرْهَانِ فِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى ثُبُوتِ الْأَرْبَعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

) مَنْ ثَابَرَ
إلَخْ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ { رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ } كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَغَيْرِهِ .
وَأَمَّا دَلِيلُ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ فَهُوَ مَا فِي الْكَافِي { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ } ثُمَّ قَالَ وَبَعْدَهَا أَرْبَعٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلِيُصَلِّ بَعْدَهَا } ا هـ قُلْت وَمِنْ فَضِيلَتِهَا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا كَانَ كَأَنَّمَا تَهَجَّدَ مِنْ لَيْلَتِهِ وَمَنْ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ كَانَ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ } ذَكَرَهُ الْكَمَالُ ( قَوْلُهُ وَسِتٌّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِتَسْلِيمَةٍ ) أَقُولُ ، وَذَكَرَ الْغَزْنَوِيُّ أَنَّهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ ذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ السِّتَّ بِثَلَاثِ تَسْلِيمَاتٍ ا هـ قُلْت وَظَاهِرُ الْعَطْفِ أَنَّ السُّنَنَ الْمَنْدُوبَةَ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ ذَكَرَ الْكَمَالُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا هَلْ السُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ فِي الْأَرْبَعِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ فِي السِّتِّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَوْ لَا ؟ الثَّانِيَةُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا مِنْهَا هَلْ يُؤَدِّي الْكُلَّ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ فِيهِمَا وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ إطَالَةً حَسَنَةً كَمَا هُوَ دَأْبُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ مَنْ تَقَدَّمَهُ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ هَلْ يُنْدَبُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَانِ ذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ وَأَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ ثُمَّ

قَالَ بَعْدَ دَلِيلِ كُلٍّ وَالثَّابِتُ بَعْدَ هَذَا هُوَ نَفْيُ الْمَنْدُوبِيَّةِ أَمَّا ثُبُوتُ الْكَرَاهَةِ فَلَا إلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ آخَرُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اسْتِلْزَامِ تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الْقُنْيَةِ اسْتِثْنَاءَ الْقَلِيلِ وَالرَّكْعَتَانِ لَا تَزِيدُ عَلَى الْقَلِيلِ إذَا تَجَوَّزَ فِيهِمَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَكُرِهَ زِيَادَةُ نَفْلِ النَّهَارِ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا التَّفْصِيلُ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمَشَايِخِ وَصَحَّحَ السَّرَخْسِيُّ عَدَمَ كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ الْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تُكْرَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ وَصْلِ الْعِبَادَةِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَنَقَلَ الْكَمَالُ تَصْحِيحَ السَّرَخْسِيِّ عَدَمَ كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِقَوْلِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ أَيْ مِنْ أَئِمَّتِنَا بَلْ تَصْحِيحٌ لِلْوَاقِعِ مِنْ مَذْهَبِهِمْ ا هـ .
وَلَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ زَيْنٌ فِي بَحْرِهِ أَنَّهُ رَدَّ فِي الْبَدَائِعِ تَصْحِيحَ السَّرَخْسِيِّ ، وَقَالَ فِيهَا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُكْرَهُ .
( قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ
إلَخْ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا يُصَلَّى بَعْدَ صَلَاةٍ مِثْلُهَا } يَعْنِي رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَيَكُونُ بَيَانُ فَرْضِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ قَالَ أَيْ قَالَ مُحَمَّدٌ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلَخْ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ التَّنَفُّلَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا أَفْضَلُ مُطْلَقًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْرَدَ عَلَيْهِ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ إلَى أَنْ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يُصَلَّى عَلَى إثْرِ صَلَاةٍ مِثْلُهَا فَفَسَّرَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ إذْ هُوَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الظُّهْرِ عَقِبَهُ مَقْصُورًا ، وَكَذَا الْعِشَاءَ

أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى هَيْئَةِ الْأُولَى أَوْ عَلَى النَّهْيِ عَنْ قَضَاءِ الْفَرَائِضِ مَخَافَةَ الْخَلَلِ فِي الْمُؤَدَّى فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَفْيٌ لِقَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ بِإِبَاحَةِ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا ، وَإِنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ .
وَأَمَّا كَوْنُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنَّا ا هـ .
( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا فِي النَّهَارِ رُبَاعُ وَفِي اللَّيْلِ مَثْنَى ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَفْضَلِيَّةِ الْأَرْبَعِ بِتَسْلِيمَةٍ نَهَارًا وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمَثْنَى لَيْلًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ ، وَقَالَا لَا يَزِيدُ بِاللَّيْلِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْكَرَاهَةُ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِمَا لَيْسَتْ بِمَكْرُوهَةٍ بِالِاتِّفَاقِ فِي اللَّيْلِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ ا هـ .
وَبِقَوْلِهِمَا إنَّ الْأَفْضَلَ فِي اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى يُفْتَى اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ نَقَلَهُ الْكَاكِيُّ عَنْ الْعُيُونِ .
( تَتِمَّةٌ ) : قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ اعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { تَتَجَافَى جَنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ } ثُمَّ قَالَ تَعَالَى { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَطَالَ قِيَامَ اللَّيْلِ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .
ا هـ .

( لَا يُصَلَّى ) عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فِي أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا ) أَيْ الْجُمُعَةِ ( وَإِذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ ) مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ ( لَا يَسْتَفْتِحُ ) أَيْ لَا يَقْرَأُ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ
إلَخْ ؛ لِأَنَّهَا لِتَأَكُّدِهَا أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ سَجْدَةِ السَّهْوِ عَلَى مَنْ زَادَ عَلَى التَّشَهُّدِ فِيهَا ( وَالْبَوَاقِي ) مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَهِيَ مَا سِوَى الْمَذْكُورَاتِ ( يُصَلِّي وَيَسْتَفْتِحُ ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهَا يُعْتَبَرُ صَلَاةً مُسْتَقِلَّةً لِانْتِفَاءِ شُبْهَةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا .

( طُولُ الْقِيَامِ أَوْلَى مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ } أَيْ الْقِيَامِ ، وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ تَكْثُرُ بِطُولِ الْقِيَامِ وَبِكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَكْثُرُ التَّسْبِيحُ وَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ .
( قَوْلُهُ طُولُ الْقِيَامِ أَوْلَى مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْآثَارِ كَمَا فِي الْكِتَابِ وَصَحَّحَهُ الْبَدَائِعُ وَنَسَبَ مَا قَابَلَهُ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ وَنُقِلَ فِي الْمُجْتَبَى عَنْهُ أَيْ مُحَمَّدٍ أَنَّ كَثْرَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ } وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ } ، وَلِأَنَّ السُّجُودَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَالْعُبُودِيَّةِ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ أَنَّ كَثْرَةَ الرَّكَعَاتِ أَفْضَلُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَجْهُهُ .

( وَسُنَّ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ ) وَهِيَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْقُعُودِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسَ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ } ( وَأَدَاءُ الْفَرْضِ يَنُوبُهَا ) كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ
( قَوْلُهُ وَأَدَاءُ الْفَرْضِ يَنُوبُهَا ) قَدَّمْنَا أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ أَدَّاهَا عِنْدَ الدُّخُولِ تَنُوبُ عَنْهَا بِلَا نِيَّةِ التَّحِيَّةِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبُغْيَةِ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ الِاقْتِدَاءِ يَنُوبُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهَا إذَا دَخَلَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ ا هـ .
وَمِنْ الْمَنْدُوبَاتِ صَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ وَالْحَاجَةِ ، وَذَكَرَ كَيْفِيَّتَهُمَا وَدُعَاءَهُمَا فِي الْبَحْرِ وَيُنْدَبُ صَلَاةُ الضُّحَى وَأَقَلُّهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ا هـ .
وَصَلَاةُ اللَّيْلِ وَأَقَلُّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَفَّلَ بِاللَّيْلِ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَتَرَدَّدَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هَلْ التَّهَجُّدُ سُنَّةٌ فِي حَقِّنَا أَمْ تَطَوُّعٌ وَمِنْ الْمَنْدُوبَاتِ إحْيَاءُ لَيَالِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ وَلَيَالِيِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَالْمُرَادُ بِإِحْيَاءِ اللَّيْلِ قِيَامُهُ وَظَاهِرُهُ الِاسْتِيعَابُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ غَالِبُهُ وَيُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى إحْيَاءِ لَيْلَةٍ مِنْ هَذِهِ اللَّيَالِي فِي الْمَسَاجِدِ .

( وَنُدِبَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوُضُوءِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ بِقَلْبِهِ ، وَوَجْهِهِ عَلَيْهِمَا إلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ } ( وَأَرْبَعٌ فَصَاعِدًا فِي الضُّحَى ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ مَا يَشَاءُ } ( فُرِضَ الْقِرَاءَةُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَرْضِ ) يَعْنِي أَنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْفَرْضِ غَيْرِ مُعَيَّنَتَيْنِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْكُلِّ أَوْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَاجِبٌ فِي الْأُولَيَيْنِ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا فِيهِمَا وَقَرَأَ فِي الْآخَرَيْنِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ إنْ سَهَا وَيَأْثَمُ إنْ تَعَمَّدَ .
( وَ ) فُرِضَتْ ( فِي كُلِّ ) النَّفْلِ وَالْوِتْرِ أَمَّا النَّفَلُ فَلِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْقِيَامُ مِنْهُ إلَى الثَّالِثَةِ بِمَنْزِلَةِ تَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ بِالتَّحْرِيمَةِ الْأُولَى الرَّكْعَتَانِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَصْحَابِنَا .
وَأَمَّا الْوِتْرُ فَلِلِاحْتِيَاطِ كَمَا مَرَّ .

( قَوْلُهُ وَنُدِبَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوُضُوءِ ) يَعْنِي قَبْلَ الْجَفَافِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ .
( قَوْلُهُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ ) الْمُرَادُ بِهِ الْفَرْضُ الْعَمَلِيُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ .
( قَوْلُهُ وَاجِبٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ ) قَالَ الْكَمَالُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْأَصْلِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ رَكْعَتَانِ غَيْرُ عَيْنٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْقُدُورِيُّ ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ بِالتَّحْرِيمَةِ الْأُولَى الرَّكْعَتَانِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَصْحَابِنَا ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ هَذَا إذَا نَوَى أَرْبَعًا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَشْهُورِ أَمَّا إذَا شَرَعَ بِمُطْلَقِ نِيَّةِ النَّفْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ .
ا هـ .

( لَزِمَ النَّفَلُ بِالشُّرُوعِ قَصْدًا ) احْتِرَازٌ عَنْ الشُّرُوعِ ظَنًّا كَمَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَرْضَ الظُّهْرِ فَشَرَعَ فِيهِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّاهُ صَارَ مَا شَرَعَ فِيهِ نَفْلًا لَا يَجِبُ إتْمَامُهُ حَتَّى لَوْ نَقَضَهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ ( وَلَوْ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ وَالِاسْتِوَاءِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ ) ، وَقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ .
( قَوْلُهُ لَزِمَ النَّفَلُ بِالشُّرُوعِ ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا شَفْعٌ وَاحِدٌ .
وَأَمَّا إذَا نَوَى مَا فَوْقَ أَرْبَعٍ فَأَبُو يُوسُفَ يَلْزَمُهُ بِهِ ، وَإِنْ كَثُرَ أَوْ بِأَرْبَعٍ فَقَطْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى لُزُومِ شَفْعٍ وَاحِدٍ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَعَلَى هَذَا سُنَّةُ الظُّهْرِ ، وَقِيلَ يَقْضِي أَرْبَعًا ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ كَالظُّهْرِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .

( نَاوِي الْأَرْبَعِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَقَضَ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِي ) يَعْنِي إذَا شَرَعَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ وَأَفْسَدَ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ يَقْضِيهِ فَقَطْ ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهُ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الثَّانِي وَكُلُّ شَفْعٍ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ وَقَعَدَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ وَأَفْسَدَ يَقْضِي الشَّفْعَ الثَّانِي فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ وَأَفْسَدَ الثَّانِي فَلَزِمَ قَضَاؤُهُ ( أَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِمَا ) أَيْ الشَّفْعَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ وَفِي إحْدَاهُمَا لَا بَلْ يُفْسِدُ الْأَدَاءَ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ بَطَلَتْ التَّحْرِيمَةُ فَلَزِمَ قَضَاءُ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فِيهِ لَا الثَّانِي لِفَسَادِ الشُّرُوعِ لِبُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ ( أَوْ ) لَمْ يَقْرَأْ ( فِي ) الشَّفْعِ ( الْأَوَّلِ ) فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَفْسُدُ وَتَبْطُلُ التَّحْرِيمَةُ فَلِفَسَادِهِ يَلْزَمُ قَضَاءٌ وَلِبُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ لَمْ يَصِحَّ الشُّرُوعُ فِي الثَّانِي ( أَوْ فِي ) الشَّفْعِ ( الثَّانِي ) ؛ لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ وَالثَّانِي فَسَدَ فَلَزِمَ قَضَاؤُهُ ( أَوْ ) فِي ( إحْدَى ) الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الشَّفْعِ ( الْأَوَّلِ ) ؛ لِأَنَّهُ فَسَدَ فَلَزِمَ قَضَاؤُهُ وَبَقِيَ التَّحْرِيمَةُ فَصَحَّ الثَّانِي ( أَوْ ) فِي ( إحْدَى ) الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الشَّفْعِ ( الثَّانِي ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ وَفَسَدَ الثَّانِي فَلَزِمَ قَضَاؤُهُ ( أَوْ ) لَمْ يَقْرَأْ ( فِي ) الشَّفْعِ ( الْأَوَّلِ وَإِحْدَى ) الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الشَّفْعِ ( الثَّانِي ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَطَلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَلَزِمَ قَضَاؤُهُ وَلَا يَصِحُّ الشُّرُوعُ فِي الثَّانِي لِبُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ ( وَقَضَى ) رَكَعَاتٍ ( أَرْبَعًا إنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي إحْدَى كُلٍّ ) مِنْ الشَّفْعَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي إحْدَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَسَدَ أَدَاءُ كُلٍّ مَعَ صِحَّةِ الشُّرُوعِ فَلَزِمَ قَضَاءُ

الرَّكَعَاتِ ( أَوْ ) تَرْكُ الْقِرَاءَةِ ( فِي ) الشَّفْعِ ( الثَّانِي وَإِحْدَى ) رَكْعَتَيْ ( الْأَوَّلِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَرَكَ فِي إحْدَى الْأَوَّلِ فَسَدَ الْأَدَاءُ وَبَقِيَ التَّحْرِيمَةُ فَصَحَّ الشُّرُوعُ فِي الثَّانِي ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الثَّانِي فَسَدَ أَيْضًا فَلَزِمَ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ وَقَعَدَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ
إلَخْ ) قَيَّدَ لُزُومَ قَضَاءِ الشَّفْعِ الثَّانِي فَقَطْ بِإِفْسَادِهِ بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ إذْ لَوْ لَمْ يَقْعُدْ وَأَفْسَدَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ بِالْإِجْمَاعِ لِسِرَايَةِ الْفَسَادِ مِنْ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ بِعَدَمِ الْقُعُودِ الْمُتَمِّمِ لَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
إلَخْ ) أَقُولُ اقْتَصَرَ عَلَى أَصْلِ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْرِغْ إلَّا عَلَيْهِ وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ إنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي إحْدَى الشَّفْعِ الْأَوَّلِ لَا يُفْسِدُ التَّحْرِيمَةَ وَمُحَمَّدٌ فَقَالَ إنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي إحْدَى الشَّفْعِ الْأَوَّلِ يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا أُفْرِدَ بِالتَّأْلِيفِ وَمَنْ عَلِمَ الْأُصُولَ فَرَّعَ عَلَيْهَا مَا أَمْكَنَهُ .
( قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ
إلَخْ ) كَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ
إلَخْ ؛ لِأَنَّهُ مُغْنٍ عَنْهُ .

( وَلَا قَضَاءَ إنْ لَمْ يَقْعُدْ بَيْنَهُمَا ) أَيْ إذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ وَلَمْ يَقْعُدْ بَيْنَ الشَّفْعَيْنِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَفْسُدُ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْضِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ
( قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ ) أَقُولُ هُوَ أَنَّ الْقِيَاسَ الْفَسَادُ كَقَوْلِ زُفَرَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّطَوُّعَ كَمَا شُرِعَ رَكْعَتَيْنِ شُرِعَ أَرْبَعًا أَيْضًا وَإِذَا لَمْ يَقْعُدْ أَوَّلًا أَمْكَنَنَا أَنْ نَجْعَلَ الْكُلَّ صَلَاةً وَاحِدَةً وَفِيهَا الْفَرْضُ الْجُلُوسُ آخِرَهَا .

( أَوْ نَقَضَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَوَّلًا ) أَيْ نَوَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ وَقَعَدَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ ثُمَّ نَقَضَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَّاهُ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لِيَجِبَ قَضَاؤُهُ .
( قَوْلُهُ أَوْ نَقَضَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَوَّلًا ) أَقُولُ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا أَيْ الْأَوَّلُ .

( وَيَتَنَفَّلُ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَةِ الْقِيَامِ ابْتِدَاءً وَكُرِهَ بَقَاءٌ إلَّا بِعُذْرٍ ) أَيْ إنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ جَازَ أَنْ يَشْرَعَ فِي النَّفْلِ قَاعِدًا ، وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَائِمًا كُرِهَ أَنْ يَقْعُدَ فِيهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَإِذَا عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ لَمْ يُكْرَهْ .

( قَوْلُهُ وَيَتَنَفَّلُ قَاعِدًا ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقُعُودِ أَيْ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَقْعُدَ كَمَا يَقْعُدُ فِي حَالِ التَّشَهُّدِ ؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ مَشْرُوعًا فِي الصَّلَاةِ ا هـ .
وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ مُخْتَارُ الْفَقِيهِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَرُوِيَ عَنْ زُفَرَ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ .
وَقَالَ الْكَاكِيُّ ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَلَكِنْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ مُحْتَبِيًا .
وَفِي شَرْحِ الضَّوْءِ الِافْتِرَاشُ أَفْضَلُ فِي قَوْلٍ وَالتَّرَبُّعُ فِي قَوْلٍ ، وَقِيلَ يَنْصِبُ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى كَالْقَارِئِ يَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُقْرِئِ ا هـ .
وَفِي النِّهَايَةِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ مُحْتَبِيًا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ مَعَ قُدْرَةِ الْقِيَامِ ) أَقُولُ لَكِنْ لَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ } كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا عَنْ { عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا فَقَالَ مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ } ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَفِي الْحَدِيثِ { صَلَاةُ النَّائِمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ } وَلَا نَعْلَمُ الصَّلَاةَ نَائِمًا تَسُوغُ إلَّا فِي الْفَرْضِ حَالَةَ الْعَجْزِ عَنْ الْقُعُودِ وَلَا أَعْلَمُ جَوَازَهَا فِي النَّافِلَةِ فِي فِقْهِنَا ا هـ .
وَرَأَيْتُ بِخَطِّ شَيْخِي عَنْ شَيْخِهِ مَا صُورَتُهُ حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِ وَجْهَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَكُرِهَ بَقَاءً إلَّا بِعُذْرٍ ) أَقُولُ مُفَادُهُ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ ابْتِدَاءً وَسَنَذْكُرُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

التَّصْرِيحَ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ بَقَاءً أَيْضًا .

.
( وَ ) يَتَنَفَّلُ ( رَاكِبًا خَارِجَ الْمِصْرِ ) وَهُوَ كُلُّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَسَيَأْتِي وَالتَّقْيِيدُ بِهِ يَنْفِي اشْتِرَاطَ السَّفَرِ وَالْجَوَازِ فِي الْمِصْرِ ( مُومِيًا ) وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ ( وَلَوْ ) كَانَ صَلَاتُهُ ( إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ) ؛ لِأَنَّ النَّوَافِلَ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِوَقْتٍ فَلَوْ الْتَزَمَ النُّزُولَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ انْقَطَعَ عَنْ الْقَافِلَةِ بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِوَقْتٍ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ، وَكَذَا الْوَاجِبَاتُ مِنْ الْوِتْرِ وَالْمَنْذُورِ وَمَا شَرَعَ فِيهِ فَأَفْسَدَهُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةٌ تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ .
وَأَمَّا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ فَنَوَافِلُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ غَيْرِهَا ( وَبَنَى بِنُزُولِهِ ) يَعْنِي إذَا افْتَتَحَ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ بَنَى ( لَا رُكُوبِهِ ) يَعْنِي إذَا افْتَتَحَ غَيْرَ رَاكِبٍ ثُمَّ رَكِبَ لَا يَبْنِي ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ مَا شَرَعَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يُؤَدِّيهِ أَكْمَلَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَفِي الثَّانِي انْعَقَدَتْ التَّحْرِيمَةُ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُ بِالْإِيمَاءِ وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ كَلَامٍ فِيهِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( قَوْلُهُ وَرَاكِبًا خَارِجَ الْمِصْرِ وَهُوَ كُلُّ مَوْضِعٍ
إلَخْ ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي اعْتِبَارِ خَارِجَ الْمِصْرِ ، وَقِيلَ قَدْرُ فَرْسَخَيْنِ ، وَقِيلَ قَدْرُ مِيلٍ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ ا هـ .
وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تَسِيرُ بِنَفْسِهَا أَمَّا إذَا سَيَّرَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ وَلَا الْفَرْضُ وَإِذَا حَرَّكَ رِجْلَهُ أَوْ ضَرَبَ دَابَّتَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا كَثِيرًا ا هـ قُلْت قَوْلُهُ أَمَّا إذَا سَيَّرَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَجُوزُ
إلَخْ عِلَّتُهُ الْعَمَلُ الْكَثِيرُ صَرَّحَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَيُشِيرُ إلَيْهِ آخِرُ كَلَامِ الْأَتْقَانِيِّ فَإِذَا انْتَفَى جَازَتْ الصَّلَاةُ ا هـ .
وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَجْزُهُ عَنْ إيقَافِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَاكِيُّ شَرَطَ عَدَمَ إمْكَانِ وَقْفِ الدَّابَّةِ فِي الْمُحِيطِ فَقَالَ ، وَلَوْ أَوْمَأَ عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ لَمْ يَجُزْ إذَا قَدَرَ أَنْ يُوقِفَهَا ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْوَقْفُ جَازَ ا هـ قُلْت وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى صَلَاةِ الْفَرْضِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرَّحَ بِحُكْمِهَا ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يُتَوَسَّعُ فِيهِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي الْفَرْضِ لِمَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيَجُوزُ الْفَرْضُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَابِسًا وَقَفَ عَلَيْهَا مُسْتَقِلًّا وَأَوْمَى إنْ أَمْكَنَهُ إيقَافُ الدَّابَّةِ وَإِلَّا لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ ا هـ أَيْ وَلَا الْإِيقَافُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَمَّا إذَا سَيَّرَهَا إلَى آخِرِ مَا قَدَّمْنَاهُ ا هـ .
وَالتَّقْيِيدُ بِالدَّابَّةِ يَنْفِي جَوَازَ صَلَاةِ الْمَاشِي وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى ( قَوْلُهُ ، وَلَوْ كَانَ صَلَاتُهُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ الْعَامَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ .
وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا تَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ افْتِتَاحِهَا ثُمَّ تَرَكَ التَّوَجُّهَ أَمَّا لَوْ افْتَتَحَ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ لَا تَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي حَالِ الِابْتِدَاءِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ

وَالْمُرَادُ بِالْقَائِلِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ ا هـ .
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ النَّجَاسَةِ عَلَى الدَّابَّةِ ، وَإِنَّمَا لَا تُمْنَعُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالْكَافِي ، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ عَلَى السَّرْجِ وَالرِّكَابَيْنِ تُمْنَعُ ، وَقِيلَ مَوْضِعُ الْجُلُوسِ فَقَطْ وَالْعَجَلَةُ وَالْمَحْمِلُ عَلَى الدَّابَّةِ سَائِرَةٌ أَوْ لَا كَالدَّابَّةِ ، وَلَوْ جَعَلَ تَحْتَ الْمَحْمِلِ خَشَبَةً حَتَّى بَقِيَ قَرَارُهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا الدَّابَّةِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْفَتْحِ ( قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ كَخَوْفِ اللِّصِّ وَالسَّبُعِ وَطِينِ الْمَكَانِ وَجُمُوحِ الدَّابَّةِ وَعَدَمِ وِجْدَانِ مَنْ يَرْكَبُهُ لِعَجْزِهِ ا هـ .
وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا أَيْ جَوَازُهَا لِلطِّينِ إذَا كَانَ بِحَالٍ يَغِيبُ وَجْهُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَكِنَّ الْأَرْضَ نَدِيَّةٌ صَلَّى هُنَالِكَ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ
إلَخْ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا لِبَيَانِ الْأَوْلَى يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَنْزِلَ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْ الْإِمَامِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَعَلَى هَذَا اُخْتُلِفَ فِي أَدَائِهَا قَاعِدًا .
( قَوْلُهُ وَبَنَى بِنُزُولِهِ ) أَيْ بِلَا عَمَلٍ كَثِيرٍ بِأَنْ ثَنَى رِجْلَهُ فَانْحَدَرَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ( قَوْلُهُ لَا رُكُوبِهِ ) هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَعَكَسَهُ مُحَمَّدٌ فِي رِوَايَةٍ فَأَجَازَ بِنَاءَ مَنْ رَكِبَ لَا مَنْ نَزَلَ ، وَقِيلَ يَمْنَعُهُ أَبُو يُوسُفَ مُطْلَقًا بَعْدَ نُزُولِهِ فَيَسْتَقْبِلُ كَالْمُومِي إذَا قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي خِلَالِهَا وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَبْنِي بَعْدَ رَكْعَةٍ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّهَا بَنَى .
وَقَالَ زُفَرُ يَبْنِي فِي النُّزُولِ

وَالرُّكُوبِ لِتَجْوِيزِهِ الْبِنَاءَ عَلَى الْإِيمَاءِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ كَلَامٍ ) أَيْ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ حُكْمَ الْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ لِلرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ لِذِكْرِهِ هُنَا .

( التَّرَاوِيحُ ) جَمْعُ تَرْوِيحَةٍ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْجِلْسَةِ وَسُمِّيَتْ بِالتَّرْوِيحَةِ لِاسْتِرَاحَةِ النَّاسِ بَعْدَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِالْجِلْسَةِ ثُمَّ سُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ تَرْوِيحَةٌ مَجَازًا لِمَا فِي آخِرِهَا مِنْ التَّرْوِيحَةِ وَهِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقَامَهَا فِي بَعْضِ اللَّيَالِي وَبَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَرْكِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ خَشْيَةُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا ثُمَّ وَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي } وَهِيَ ( سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ) .
وَقَالَ بَعْضُ الرَّوَافِضِ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ فَقَطْ .

( قَوْلُهُ وَسُمِّيَتْ بِالتَّرَاوِيحِ
إلَخْ ) ، كَذَا فِي الْفَتْحِ ، وَقِيلَ لِإِعْقَابِهِ رَاحَةَ الْجَنَّةِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ .
( قَوْلُهُ إذْ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقَامَهَا فِي بَعْضِ اللَّيَالِي ) يَعْنِي صَحَّ إقَامَتُهُ أَيَّاهَا فِي الْجُمْلَةِ لَا إقَامَةُ الْعِشْرِينَ رَكْعَةً ؛ لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَمَاعَةِ إحْدَى عَشْرَةَ بِالْوِتْرِ وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ سِوَى الْوِتْرِ فَضَعِيفٌ وَالْعِشْرُونَ ثَبَتَتْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ كَمَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ مُقَدِّمَتِي نُورِ الْإِيضَاحِ .
( قَوْلُهُ ثُمَّ وَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ هُوَ تَغْلِيبٌ إذْ لَمْ يُرِدْ كُلَّهُ بَلْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
( قَوْلُهُ وَهِيَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ) أَقُولُ وَالْقَوْلُ بِسُنِّيَّتِهَا هُوَ الصَّحِيحُ .
وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ .
وَفِي الْمُجْتَبَى لَا خِلَافَ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا سُنَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ بَعْضُ الرَّوَافِضِ إنَّهَا سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ ) أَقُولُ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ أَصْلًا كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ .

( وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا ) أَيْ التَّرَاوِيحِ ( سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ ) حَتَّى لَوْ تَرَكَ أَهْلُ مَسْجِدٍ أَسَاءُوا ، وَلَوْ أَقَامَهَا الْبَعْضُ فَالْمُتَخَلِّفُ تَارِكٌ لِلْفَضِيلَةِ وَلَمْ يَكُنْ مُسِيئًا إذْ قَدْ تَخَلَّفَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ كَمَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ فَصَلَاتُهُ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ فَضِيلَةً ، وَلِلْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَضِيلَةٌ أُخْرَى فَهُوَ حَازَ إحْدَى الْفَضِيلَتَيْنِ وَتَرَكَ الْفَضِيلَةَ الزَّائِدَةَ ، كَذَا فِي الْكَافِي .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَقَامَهَا لِبَعْضٍ
إلَخْ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى نَفْيِ مَا أَفْتَى بِهِ ظَهِيرُ الدِّينِ مِنْ إسَاءَةِ مَنْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مُنْفَرِدًا .
( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ
إلَخْ ) هُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ فِي بَيْتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا عَظِيمًا يُقْتَدَى بِهِ .
( قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ
إلَخْ ) هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْخَانِيَّةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .

( وَإِنْ فَاتَتْ لَا تُقْضَى أَصْلًا ) أَيْ لَا بِالْجَمَاعَةِ وَلَا مُنْفَرِدًا ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ خَوَاصِّ الْفَرْضِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْمُؤَكَّدَاتِ
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ خَوَاصِّ الْفَرْضِ ) أَيْ ، وَلَوْ عَمَلِيًّا كَالْوِتْرِ .
( قَوْلُهُ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْمُؤَكَّدَاتِ ) الْمُرَادُ بِهِ سُنَّةُ الْفَجْرِ عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ .

( وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ) انْتِهَاءِ ( ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ وَهِيَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ لِكُلٍّ ) أَيْ لِكُلِّ تَرْوِيحَةٍ ( تَسْلِيمَتَانِ ) فَتَكُونُ التَّسْلِيمَاتُ عَشْرًا وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ يَأْتُونَ بِالثَّنَاءِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَالِافْتِتَاحِ ( وَيَجْلِسُ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ قَدْرَ تَرْوِيحَةٍ ، وَ ) ، كَذَا بَيْنَ ( الْخَامِسَةِ وَالْوِتْرِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَارَثُ مِنْ زَمَنِ الْأَصْحَابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إلَى يَوْمِنَا هَذَا ( وَيَزِيدُ عَلَى التَّشَهُّدِ ) أَيْ الْإِمَامُ يَزِيدُ عَلَى التَّشَهُّدِ ( الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَنْ يَمَلَّ الْقَوْمُ ) فَحِينَئِذٍ يَتْرُكُهَا .

( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى انْتِهَاءِ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهَا إلَى نِصْفِهِ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ ا هـ .
وَفِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِهَا إلَى مَا بَعْدَ النِّصْفِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبُرْهَانِ حَيْثُ قَالَ الصَّحِيحُ عَدَمُ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهَا ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا آخِرُهُ ا هـ .
وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ ابْتِدَاءَ وَقْتِهَا وَهُوَ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ كَمَا فِي الْكَنْزِ ( قَوْلُهُ وَهِيَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ
إلَخْ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي أَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا عَشْرُ تَسْلِيمَاتٍ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْمُتَوَارَثُ فَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَأَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَدَمُ الْفَسَادِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ تَنُوبُ عَنْ تَسْلِيمَةٍ أَوْ تَسْلِيمَتَيْنِ الصَّحِيحُ عَنْ وَاحِدَةٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، وَلَوْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ وَصَلَ التَّرَاوِيحَ كُلَّهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَقَدْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُخِلَّ شَيْئًا مِنْ الْأَرْكَانِ إلَّا أَنَّهُ جَمَعَ الْمُتَفَرِّقَ وَاسْتَدَامَ التَّحْرِيمَةَ فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ ؛ لِأَنَّهُ أَشَقُّ وَأَتْعَبُ لِلْبَدَنِ .
ا هـ .
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُنْيَةِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمُتَوَارَثِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِكَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَانٍ فِي مُطْلَقِ التَّطَوُّعِ لَيْلًا فَلَأَنْ يُكْرَهَ هُنَا أَوْلَى فَلِذَا نَقَلَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ أَنَّ فِي النِّصَابِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يُكْرَهُ ا هـ قُلْت وَيَنْبَغِي

اتِّبَاعُهُ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ التَّرَاوِيحِ .
( قَوْلُهُ وَيَجْلِسُ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ قَدْرَ التَّرْوِيحَةِ ) هَذَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ وَأَهْلُ كُلِّ بَلْدَةٍ بِالْخِيَارِ يُسَبِّحُونَ أَوْ يُهَلِّلُونَ أَوْ يَنْتَظِرُونَ سُكُوتًا أَوْ يُصَلُّونَ فُرَادَى كَمَا فِي الْفَتْحِ وَلَكِنْ قَالَ الْكَاكِيُّ .
وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ يُكْرَهُ لِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا بَيْنَ الْخَامِسَةِ وَالْوِتْرِ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِيهِ نَفْيٌ لِمَا قَالَهُ الْبَعْضُ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَاسْتَحْسَنَ الْبَعْضُ الِاسْتِرَاحَةَ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ وَهُوَ نِصْفُ التَّرَاوِيحِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْ مُسْتَحَبٍّ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَيَزِيدُ عَلَى التَّشَهُّدِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَقُولُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأْتِي بِهِ إنْ لَمْ يَثْقُلْ عَلَى الْقَوْمِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَعَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ .
( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَمَلَّ الْقَوْمُ فَحِينَئِذٍ يَتْرُكُهَا ) أَقُولُ الْمُخْتَارُ أَنْ لَا يَتْرُكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا ثَنَاءَ الِاسْتِفْتَاحِ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَيُحْتَاطُ لِلْإِتْيَانِ بِهَا أَوْ سُنَّةٌ عِنْدَنَا وَلَا يُتْرَكُ السُّنَنُ لِلْجَمَاعَاتِ كَالتَّسْبِيحَاتِ ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ .

( وَالسُّنَّةُ الْخَتْمُ مَرَّةً ) وَيَخْتِمُ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ بِأَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ( وَلَا يَتْرُكُ ) الْخَتْمَ مَرَّةً ( لِكَسَلِهِمْ ) أَيْ الْقَوْمِ .
( وَقِيلَ ) الْقَائِلُ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ ( الْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا قَدْرُ مَا لَا يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ بِالْإِمَامِ ، وَلَوْ تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ فِي الْفَرْضِ لَمْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ بِجَمَاعَةٍ ، وَلَوْ لَمْ يُصَلِّهَا ) أَيْ التَّرَاوِيحَ ( بِالْإِمَامِ صَلَّى الْوِتْرَ بِهِ وَلَا يُوتِرُ ) أَيْ لَا يُصَلَّى الْوِتْرُ ( بِجَمَاعَةٍ خَارِجَ رَمَضَانَ ) لِلْإِجْمَاعِ وَلَا يُصَلَّى التَّطَوُّعُ بِجَمَاعَةٍ إلَّا قِيَامُ رَمَضَانَ وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْكَرْدَرِيِّ أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالْجَمَاعَةِ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي أَمَّا لَوْ اقْتَدَى وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ وَاثْنَانِ بِوَاحِدٍ لَا يُكْرَهُ وَإِذَا اقْتَدَى ثَلَاثَةٌ بِوَاحِدٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ ، وَإِنْ اقْتَدَى أَرْبَعَةٌ بِوَاحِدٍ كُرِهَ اتِّفَاقًا ، كَذَا فِي الْكَافِي .

( قَوْلُهُ : وَقِيلَ الْقَائِلُ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ
إلَخْ ) أَقُولُ عِبَارَتُهُ تُفِيدُ ضَعْفَهُ .
وَفِي الْبَحْرِ خِلَافُهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ الْخَتْمُ مَرَّةً ، وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِقْدَارَ مَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ فِي زَمَانِنَا ؛ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ .
وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْمُتَأَخِّرُونَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي زَمَانِنَا بِثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى لَا يَمَلَّ الْقَوْمُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْطِيلُهَا وَهَذَا حَسَنٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَمَا ظَنُّك فِي غَيْرِهَا ا هـ .
وَفِي التَّجْنِيسِ ثُمَّ بَعْضُهُمْ اعْتَادُوا قِرَاءَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي كُلِّ رَكْعَةِ وَبَعْضُهُمْ اخْتَارُوا قِرَاءَةَ سُورَةِ الْفِيلِ إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ وَهَذَا حَسَنٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ وَلَا يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِحِفْظِهَا فَيَتَفَرَّغُ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ ا هـ فَيَجْتَنِبُ الْمُنْكَرَاتِ هَدْرَمَةُ الْقِرَاءَةِ وَعَدَمُ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَرْكُ الثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ وَالْبَسْمَلَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ
إلَخْ ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ .
( قَوْلُهُ وَلَا يُوتِرُ بِجَمَاعَةٍ خَارِجَ رَمَضَانَ إلَى آخِرِ الْبَابِ ) مِنْ الْكَافِي وَالصَّحِيحُ أَنَّ صَلَاةَ الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ أَدَائِهَا مُنْفَرِدًا آخِرَ اللَّيْلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ اخْتَارَ عُلَمَاؤُنَا أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ لَا بِجَمَاعَةٍ ، وَذَكَرَ الْكَمَالُ مَا يُرَجِّحُ كَلَامَ قَاضِي خَانْ فَيَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ .

( بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ ) ( الشَّارِعِ فِيهَا ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ نَقْضَ الْعِبَادَةِ قَصْدًا بِلَا عُذْرٍ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } وَأَنَّ النَّقْضَ لِلْإِكْمَالِ إكْمَالٌ مَعْنًى فَيَجُوزُ كَنَقْضِ الْمَسْجِدِ لِلْإِصْلَاحِ وَنَقْضِ الظُّهْرِ لِلْجُمُعَةِ وَلِلصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ مَزِيَّةٌ عَلَى الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا فَجَازَ نَقْضُ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا لِإِحْرَازِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي فَرِيضَةٍ مُنْفَرِدًا ( إذَا أُقِيمَتْ ) أَيْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي تِلْكَ الْفَرِيضَةِ ( قَطَعَهَا ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ الشَّارِعِ فِيهَا ( وَاقْتَدَى ) بِالْإِمَامِ ( إنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى ) ؛ لِأَنَّهَا بِمَحَلِّ الْقَطْعِ لِلْإِكْمَالِ ( أَوْ سَجَدَ وَهُوَ فِي غَيْرِ رُبَاعِيٍّ ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْطَعْ وَصَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى يُتِمُّ صَلَاتَهُ فِي الثُّنَائِيِّ وَيُوجَدُ الْأَكْثَرُ فِي الثُّلَاثِيِّ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ فَفِيهِ شُبْهَةُ الْفَرَاغِ وَحَقِيقَتُهُ لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَكَذَا شُبْهَتُهُ ( أَوْ فِيهِ ) أَيْ فِي الرُّبَاعِيِّ ( لَكِنْ ضُمَّ إلَيْهَا أُخْرَى ) لِتَصِيرَ رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً وَيُحْرِزُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِقَطْعِهِ ( وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا مِنْهُ ) أَيْ الرُّبَاعِيِّ ( أَتَمَّ ) أَيْ ضَمَّ إلَيْهَا أُخْرَى ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى الْأَكْثَرَ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْصَ لِمَا مَرَّ ( ثُمَّ أَتَمَّ ) أَيْ اقْتَدَى مُتَنَفِّلًا ( إلَّا فِي الْعَصْرِ ) ؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَهُ مَكْرُوهٌ ( وَالشَّارِعُ فِي النَّفْلِ لَا يَقْطَعُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِكْمَالِ .

( بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ ) قَالَ الْكَمَالُ حَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ شَتَّى تَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ فِي الْأَدَاءِ الْكَامِلِ وَكُلُّهُ مَسَائِلُ الْجَامِعِ ا هـ ( قَوْلُهُ إذَا أُقِيمَتْ أَيْ شَرَعَ الْإِمَامُ
إلَخْ ) حَقِيقَةُ إقَامَةِ الشَّيْءِ فِعْلُهُ فَلِذَا فَسَّرَ الْإِقَامَةَ بِالشُّرُوعِ حَتَّى لَوْ أُقِيمَتْ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ يَضُمُّ الشَّارِعُ مُنْفَرِدًا ثَانِيَةً فِي الرُّبَاعِيَّةِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالسَّجْدَةِ وَمَحِلُّ الْقَطْعِ لَوْ أُقِيمَتْ فِي مَوْضِعِ صَلَاتِهِ إذْ لَوْ أُقِيمَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي فِي الْبَيْتِ مَثَلًا فَأُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي مَسْجِدٍ فَأُقِيمَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى ) أَقُولُ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ إلَيْهِ مَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ مُخْتَارِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ .
( قَوْلُهُ أَوْ فِيهِ ) أَيْ الرُّبَاعِيِّ لَكِنْ ضَمَّ إلَيْهَا أُخْرَى قَالَ فِي الْبَحْرِ صَرَّحَ الْكُلُّ هُنَا بِأَنَّهُ يَضُمُّ رَكْعَةً أُخْرَى صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي بُطْلَانِ الْبَتِيرِ إلَّا أَنَّهَا صَحِيحَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ حَنِيفَةِ عَصْرِنَا ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا مِنْهُ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذْ لَمْ يُقَيِّدْ الثَّالِثَةَ بِالسَّجْدَةِ يَقْطَعُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ ، وَقَالَ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ وَقَعَدَ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الدُّخُولَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ قَالَ السَّرَخْسِيُّ يَعُودُ لَا مَحَالَةَ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ .
وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْطَعُ قَائِمًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَشْرُوطٌ لِلتَّحَلُّلِ وَهَذَا قَطْعٌ صَحَّحَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى فَخْرِ

الْإِسْلَامِ ا هـ وَاخْتُلِفَ إذَا عَادَ هَلْ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ قِيلَ نَعَمْ ، وَقِيلَ يَكْفِيهِ الْأَوَّلُ ثُمَّ قِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً ، وَقِيلَ ثِنْتَيْنِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .

( وَاخْتُلِفَ فِي سُنَنِ الظُّهْرِ ) إذَا أُقِيمَتْ ( وَالْجُمُعَةُ ) إذَا خَطَبَ فَقِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهَا نَوَافِلُ سُنَّتْ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، وَقِيلَ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَالْقَطْعُ هُنَا لَيْسَ لِلْإِكْمَالِ بِخِلَافِ الظُّهْرِ .
( قَوْلُهُ فَقِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ ) مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَيْهِ مَالَ السَّرَخْسِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَضَاءِ بَعْدَ الْفَرْضِ وَلَا إبْطَالَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا يَفُوتُ فَرْضُ الِاسْتِمَاعِ وَالْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِلَا سَبَبٍ ، كَذَا فِي الْبُرْهَانِ .

( لَا يَخْرُجُ ) أَحَدٌ ( مِنْ مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ ( إلَّا مُقِيمُ جَمَاعَةٍ أُخْرَى ) أَيْ مَنْ يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُهَا بِأَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنَ مَسْجِدٍ أَوْ إمَامَهُ أَوْ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ جَمَاعَةٌ يَتَفَرَّقُونَ أَوْ يَقِلُّونَ بِغَيْبَتِهِ .
وَفِي النِّهَايَةِ إنْ خَرَجَ لِيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ .
( وَ ) إلَّا ( مُصَلِّي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ مَرَّةً ) يَعْنِي إنْ كَانَ صَلَّى فَرْضَ الْوَقْتِ لَا يُكْرَهُ لَهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ النِّدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجَابَ دَاعِيَ اللَّهِ مَرَّةً فَلَا بَأْسَ فِي تَرْكِهِ ثَانِيًا .
( قَوْلُهُ لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ
إلَخْ ) فَإِنْ خَرَجَ كُرِهَ لِلنَّهْيِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَذَانِ دُخُولُ الْوَقْتِ سَوَاءٌ أَذَّنَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ سَوَاءٌ خَرَجَ أَوْ مَكَثَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَنْقُولًا .

( وَلَا يَخْرُجُ ) مِنْ مَسْجِدٍ أَحَدٌ ( عِنْدَ الْإِقَامَةِ فِيهِ ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ ؛ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ اُتُّهِمَ بِمُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا إذْ رُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّهُ لَا يَرَى جَوَازَ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَهْلِ السُّنَّةِ ( إلَّا الْمُقِيمُ ) أَيْ مُقِيمُ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَلَا بَأْسَ فِي خُرُوجِهِ ( وَمُصَلِّي الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ مَرَّةً ) فَإِنَّهُ لَهُ الْخُرُوجُ أَيْضًا لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا كَمَا سَبَقَ ( لَا مُصَلِّي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ ) فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ لِجَوَازِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهُمَا .
( قَوْلُهُ لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا كَمَا سَبَقَ ) أَقُولُ لَا تَطَّرِدُ الْعِلَّةُ فِي الْمَغْرِبِ ؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَهَا لَا يُكْرَهُ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ لَهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ إقَامَتِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى فِيهَا يَلْزَمُهُ أَحَدُ مَحْظُورَيْنِ أَمَّا التَّنَفُّلُ بالبتيراء بِمُوَافَقَتِهِ الْإِمَامَ فِي السَّلَامِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ الْإِمَامَ بِالْإِتْمَامِ أَرْبَعًا وَيُكْرَهُ ذَلِكَ تَحْرِيمًا ، وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ عَنْ بِشْرٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ، وَقِيلَ فَسَدَتْ وَيَقْضِي أَرْبَعًا .
( قَوْلُهُ لَا مُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ
إلَخْ ) أَقُولُ وَالْمُرَادُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ مُتَنَفِّلًا فَإِنْ مَكَثَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ كُرِهَ كَمَا فِي الْبَحْرِ .

( خَائِفٌ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَجْرِ يَتْرُكُ سُنَّتَهُ وَيَقْتَدِي ) ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ وَالْوَعِيدُ بِتَرْكِهَا أَلْزَمُ فَكَانَ إحْرَازُ فَضِيلَتِهَا أَوْلَى ( وَمُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْهُ ) أَيْ الْفَجْرِ ( صَلَّاهَا ) أَيْ سُنَّتَهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ يَتَوَقَّعُ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ مِنْ فَرْضِ الْفَجْرِ صَلَّى السُّنَّةَ ، وَإِنْ فَاتَتْ عَنْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى ( وَلَا يَقْضِيهَا ) أَيْ سُنَّةَ الْفَجْرِ ( إلَّا تَبَعًا ) لِلْفَرْضِ إذَا فَاتَتْ مَعَهُ وَقَضَاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ وَحْدَهُ وَالْقِيَاسُ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقْضَى لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ لَكِنْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِقَضَائِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَضَاهَا مَعَ الْفَرْضِ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُ عَلَى الْأَصْلِ وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ .
وَأَمَّا إذَا فَاتَتْ بِلَا فَرْضٍ فَلَا تُقْضَى عِنْدَهُمَا .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ أُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَى الزَّوَالِ وَلَا تُقْضَى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِالْإِجْمَاعِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الصُّبْحِ .

( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ ) أَيْ مِنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ بِجَمَاعَةٍ يَفْضُلُ الْفَرْضَ مُنْفَرِدًا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفًا لَا تَبْلُغُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ضِعْفًا وَاحِدًا مِنْهَا ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
( قَوْلُهُ وَالْوَعِيدُ بِتَرْكِهَا أَلْزَمُ ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ وَهَمُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيقِ بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ وَمُدْرِكُ رَكْعَةٍ مِنْهُ أَيْ الْفَجْرِ
إلَخْ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ ، وَلَوْ كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَهُ فِي التَّشَهُّدِ قِيلَ هُوَ كَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ عِنْدَهُمَا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ أَيْ عِنْدَهُ ا هـ .
وَقَالَ الشُّمُنِّيُّ لَوْ كَانَ يُدْرِكُ التَّشَهُّدَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَقُولُ يُصَلِّيهَا أَيْ السُّنَّةَ ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَهُمَا وَلَا يُصَلِّيهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهِيَ فَرْعُ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَنْ أَدْرَكَ تَشَهُّدَ الْجُمُعَةِ ا هـ .
قُلْت الَّذِي تَحَرَّرَ عِنْدِي أَنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ إذَا كَانَ يُدْرِكُهُ ، وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ بِالِاتِّفَاقِ فِيمَا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَشَيْخَيْهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ وَتَفْرِيعُ الْخِلَافِ هُنَا عَلَى خِلَافِهِمْ فِي مُدْرِكِ تَشَهُّدِ الْجُمُعَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى إدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِإِدْرَاكِ التَّشَهُّدِ بِالِاتِّفَاقِ نَصَّ عَلَى الِاتِّفَاقِ الْكَمَالُ لَا كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِزْ فَضْلَهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِقَوْلِهِ فِي مُدْرِكِ أَقَلِّ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَبْنِيَ عَلَيْهَا الظُّهْرَ بَلْ قَوْلُهُ هُنَا كَقَوْلِهِمَا مِنْ أَنَّهُ يُحْرِزُ ثَوَابَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي الْجُمُعَةِ كَذَلِكَ احْتِيَاطًا ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُهَا وَلِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي

الظُّهْرَ جَمَاعَةً فَأَدْرَكَ رَكْعَةً لَا يَحْنَثُ ، وَإِنْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا قِيلَ فِيمَنْ يَرْجُو إدْرَاكَ التَّشَهُّدِ فِي الْفَجْرِ لَوْ اشْتَغَلَ بِرَكْعَتَيْهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَيَتْرُكُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَى قَوْلِهِ فَالْحَقُّ خِلَافُهُ لِنَصِّ مُحَمَّدٍ هُنَا عَلَى مَا يُنَاقِضُهُ ا هـ .
وَمَا قِيلَ أَنَّهُ يُشْرَعُ فِيهَا أَيْ السُّنَّةِ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ ثُمَّ يَقْطَعُهَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَدْفُوعٌ وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ صَلَّاهَا ) لَمْ يُبَيِّنْ مَحَلَّ صَلَاتِهَا ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَدَاءِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ مَكَانٌ ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ الْمَكْرُوهَ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ السُّنَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَتَفَاوَتُ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ فَصَلَاتُهُ إيَّاهَا فِي الشَّتْوِيِّ أَخَفُّ مِنْ صَلَاتِهِ فِي الصَّيْفِيِّ وَقَلْبُهُ وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصُّفُوفِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ .
( قَوْلُهُ التَّعْرِيسُ ) هُوَ النُّزُولُ آخِرَ اللَّيْلِ .
( قَوْلُهُ وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ أَيْ مَشَايِخُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَقْضِيهَا تَبَعًا وَلَا يَقْضِيهَا مَقْصُودَةً ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَقْضِيهَا مُطْلَقًا قِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ا هـ .

( وَفِي الظُّهْرِ يَتْرُكُهَا ) أَيْ السُّنَّةَ ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءً أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهُ أَوْ لَا إذْ لَيْسَ لِسُنَّةِ الظُّهْرِ فَضِيلَةَ سُنَّةِ الْفَجْرِ حَتَّى قَالُوا لَوْ كَانَ الْعَالِمُ مَرْجِعًا لِلْفَتْوَى لَهُ تَرْكُ سَائِرِ السُّنَنِ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ ، كَذَا فِي الْكَافِي ( وَقَضَاهَا قَبْلَ شَفْعِهِ ) أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْفَرْضِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَعْدَهُمَا وَنَقَلَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْخِلَافَ عَلَى الْعَكْسِ ( وَلَا يَقْضِي غَيْرَهُمَا ) مِنْ السُّنَنِ فَإِنَّهَا لَا تُقْضَى بَعْدَ الْوَقْتِ وَحْدَهَا إجْمَاعًا وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُقْضَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ صَلَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ أَوْ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ السُّنَّةَ إمَّا بِأَكْلِ لُقْمَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ فَلَا تَبْطُلُ السُّنَّةُ ، وَقِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا .
تَرْكُ سُنَنِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إنْ لَمْ يَرَهَا حَقًّا كَفَرَ وَإِلَّا أَثِمَ ، كَذَا فِي الْكَافِي ( مُدْرِكُ رَكْعَةٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ ) كَالظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ ( مُدْرِكُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لَا مُصَلٍّ بِهَا وَاخْتُلِفَ فِي مُدْرِكِ الثَّلَاثِ وَاللَّاحِقِ ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ لِوُجُودِ الِاشْتِرَاكِ مَعَهُمْ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا جَمَاعَةً إذْ فَاتَهُ الْأَكْثَرُ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُدْرِكْ الثَّلَاثَ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ ، وَقَدْ انْفَرَدَ عَنْهُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ ، وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَفَاتَهُ رَكْعَةٌ فَعَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ اللَّاحِقِ ؛ لِأَنَّهُ خَلَفَ الْإِمَامَ حُكْمًا وَلِهَذَا لَا يَقْرَأُ فِيمَا سَبَقَ بِهِ ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ

الْكُلِّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ اللَّاحِقَ أَيْضًا لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَقُولَ إنْ صَلَّيْت بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْقِيَاسُ ، كَذَا قَالُوا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمُدْرِكِ الرَّكْعَتَيْنِ أَقُولُ وَجْهُ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ أَنَّ حُكْمَهُ يُفْهَمُ مِنْ حُكْمِ الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ مُدْرِكَ رَكْعَةٍ إذَا أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ فَأَوْلَى أَنْ يُدْرِكَهُ مُدْرِكُ رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ مُدْرِكِ الثَّلَاثِ مُصَلِّيًا بِالْجَمَاعَةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُصَلِّيَ بِهَا مُدْرِكُ الرَّكْعَتَيْنِ فَتَدَبَّرْ .

( قَوْلُهُ وَقَضَاهَا قَبْلَ شَفْعِهِ ) أَقُولُ أَيْ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِانْفِهَامِهِ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ وَالْقَضَاءُ سُنَّةٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَإِطْلَاقُ الْقَضَاءِ هُنَا مَجَازٌ كَإِطْلَاقِهِ فِي الْحَجِّ بَعْدَ فَسَادِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يَصِيرُ بِخُرُوجِهِ قَضَاءً كَمَا فِي الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قَضَاهَا بَعْدَهُمَا ) أَقُولُ هَذَا عَلَى غَيْرِ الْمُخْتَارِ فِي نَقْلِ الْخِلَافِ .
( قَوْلُهُ وَنَقَلَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ
إلَخْ ) أَقُولُ هُوَ الْأَصَحُّ فِي نَقْلِ الْخِلَافِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ .
وَقَالَ الْكَمَالُ يَقْضِيهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ قَبْلَهُمَا ، وَقِيلَ الْخِلَافُ عَلَى عَكْسِهِ ا هـ فَقَدْ أَشَارَ إلَى ضَعْفِ الْعَكْسِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الرَّكْعَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ فَاتَتْ عَنْ الْمَوْضِعِ الْمَسْنُونِ فَلَا يُفَوِّتُ الرَّكْعَتَيْنِ أَيْضًا عَنْ مَوْضِعِهِمَا قَصْدًا بِلَا ضَرُورَةٍ .
وَفِي الْمُصَفَّى وَتَبِعَهُ شَارِحُ الْكَنْزِ جَعْلُ قَوْلِهِمَا بِتَأْخِيرِ الْأَرْبَعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَقَعُ سُنَّةً بَلْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَقَعُ سُنَّةً فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَاَلَّذِي يَقَعُ عِنْدِي أَنَّ هَذَا مِنْ تَصَرُّفِ الْمُصَنِّفِينَ ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ ا هـ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَحُكْمُ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ كَاَلَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ كَمَا لَا يَخْفَى ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي غَيْرَهُمَا ) أَيْ غَيْرَ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ فَاتَتْ عَنْ مَحِلِّهَا وَالْوَقْتُ بَاقٍ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ فِي الْوَقْتِ وَالظَّاهِرُ قَضَاؤُهَا وَأَنَّهُ سُنَّةٌ ا هـ .
وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِشَاءِ ، وَقَدْ نَصَّ عَنْ الظُّهْرِ وَقِيسَ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْعِشَاءُ وَمَا قَبْلَهَا مَنْدُوبٌ .
( قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُقْضَى ) ، كَذَا صَحَّحَ

فِي الْعِنَايَةِ عَدَمَ الْقَضَاءِ .
( قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ
إلَخْ ) ظَاهِرُهُ بُطْلَانُ السُّنَّةِ بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ .
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ إنَّ الْأَظْهَرَ نَقْصُ الثَّوَابِ بِالْمُنَافِي وَالْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِالسُّنَنِ فِي الْبَيْتِ إنْ لَمْ يَخَفْ شُغْلًا حَتَّى مَا بَعْدَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَفْضَلُ فِي عَامَّةِ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ الْمَنْزِلُ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ قَالَ الْبَعْضُ يُؤَدِّي مَا بَعْدَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ فِي الْمَسْجِدِ لَا مَا سِوَاهُمَا وَعَامَّتُهُمْ عَلَى إطْلَاقِ الْجَوَابِ كَمَا فِي الْكِتَابِ وَبِهِ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ إلَّا أَنْ يَخْشَى أَنْ يَشْتَغِلَ عَنْهَا إذَا رَجَعَ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَالْأَفْضَلُ الْبَيْتُ .
( قَوْلُهُ مُدْرِكُ رَكْعَةٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ
إلَخْ ) يُفِيدُ أَنَّ مُدْرِكَهَا فِي غَيْرِ الرُّبَاعِيَّةِ مُحْرِزٌ فَضْلَهَا بِالْأَوْلَى لِكَوْنِهَا شَطْرَ الصَّلَاةِ أَوْ ثُلُثَهَا وَلَيْسَتْ الرَّكْعَةُ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَنْ إدْرَاكِ مَا دُونَهَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ مُحْرِزٌ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالِاتِّفَاقِ .
( قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي مُدْرِكِ الثَّلَاثِ ) يَقْتَضِي اسْتِوَاءَ الْخِلَافِ وَلَيْسَ لِمَا نَذْكُرُهُ .
( قَوْلُهُ وَاللَّاحِقُ ) ظَاهِرُهُ أَيْضًا جَرْيُ الْخِلَافِ فِيهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ اللَّاحِقَ مُصَلِّي جَمَاعَةً إلَّا فِيمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا نَذْكُرُهُ .
( قَوْلُهُ : وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ
إلَخْ ) هُوَ اخْتِيَارُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَمِمَّا يُضْعِفُ قَوْلَ السَّرَخْسِيِّ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ كُلِّهِ وَأَنَّ الْأَكْثَرَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ سُورَةً فَقَرَأَهَا إلَّا حَرْفًا حَنِثَ ، وَلَوْ قَرَأَهَا إلَّا آيَةً طَوِيلَةً لَا يَحْنَثُ ا هـ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ

الْقِيَاسُ ) أَيْ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .

( مَنْ أَمِنَ فَوْتَ الْوَقْتِ يَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْفَرْضِ ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ مُنْفَرِدًا فَهَلْ يَأْتِي بِالسُّنَنِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَأْتِي بِهَا ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا يُؤْتَى بِهَا إذَا أَدَّى الْفَرْضَ بِالْجَمَاعَةِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ، وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ فَحِينَئِذٍ يَتْرُكُ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهَا إذَا أَدَّى الْفَرْضَ بِالْجَمَاعَةِ ) عَلَّلَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاظَبَ عَلَى السُّنَنِ عِنْدَ أَدَاءِ الْمَكْتُوبَاتِ بِجَمَاعَةٍ لَا مُنْفَرِدًا .
( قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَصَحُّ ) قَالَ الْكَمَالُ الْحَقُّ أَنَّ سُنِّيَّتَهَا مُطْلَقَةٌ كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِإِطْلَاقِ الْمَعْنَى الْمَعْقُولِ فِي شَرْعِيَّتِهَا وَهُوَ تَكْمِيلُ الْفَرَائِضِ يُجْبَرُ الْخَلَلُ فِي حَقِّنَا أَمَّا فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَزِيَادَةُ الدَّرَجَاتِ إذْ لَا خَلَلَ وَلَا طَمَعَ لِلشَّيْطَانِ فِي صَلَاتِهِ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي شُمُولَ الْمُسَافِرِ .
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتْرُكَهَا أَيْ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا يَعْنِي سَوَاءٌ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ أَوْ مُنْفَرِدًا مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا ا هـ .
وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ بِنَفْيِ الِاسْتِنَانَ فِي السَّفَرِ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِمَّنْ قَالَ بِالسُّنَنِ سَفَرًا كَالْحَضَرِ .

( اقْتَدَى بِرَاكِعٍ فَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ ) يَعْنِي اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ فَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَتَهُ لِفَوْتِ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِفَوْتِ الرَّكْعَةِ ( بِخِلَافِ رَاكِعٍ لَحِقَهُ إمَامُهُ فِيهِ ) يَعْنِي اقْتَدَى بِإِمَامٍ فَرَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَوَقَفَ حَتَّى لَحِقَهُ إمَامُهُ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِي جُزْءٍ .
( قَوْلُهُ اقْتَدَى بِرَاكِعٍ فَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ
إلَخْ ) .
أَقُولُ ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقِفْ بَلْ انْحَطَّ فَرَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ رُكُوعِ الْمُقْتَدِي لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لِهَذِهِ مَعَ الْإِمَامِ .
وَعِنْدَ زُفَرَ يَصِيرُ مُدْرِكًا حَتَّى كَانَ لَاحِقًا عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ فَيَأْتِي بِهَا قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ إذْ الْوَاجِبُ عَلَى اللَّاحِقِ قَضَاءُ مَا فَاتَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَلَكِنَّهُ إنْ صَلَّى بَعْدَ فَرَاغِهِ جَازَ وَعِنْدَنَا هُوَ مَسْبُوقٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ إذْ الْوَاجِبُ عَلَى الْمَسْبُوقِ قَضَاءُ مَا فَاتَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ .
( قَوْلُهُ جَازَ ) أَقُولُ أَيْ صَحَّ لِقَوْلِ الْكَافِي رَكَعَ مُقْتَدٍ فَلَحِقَهُ إمَامُهُ صَحَّ وَكُرِهَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ } وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْكَعُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَيَرْفَعُ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ } ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ لِلنَّهْيِ وَقَيَّدَ الصِّحَّةَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنْ يَرْكَعَ الْمُقْتَدِي بَعْدَمَا قَرَأَ الْإِمَامُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْخِلَافِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِي جُزْءٍ ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِنَا لَا لِقَوْلِ زُفَرَ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ أَوْ ذَكَرَ تَعْلِيلَ زُفَرَ بَعْدَهُ وَهُوَ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ .

( بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ ) ( التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفُرُوضِ الْخَمْسَةِ وَالْوِتْرِ أَدَاءُ وَقَضَاءً فَرْضٌ عَمَلِيٌّ ) بِمَعْنَى مَا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ قَدْ مَرَّ مِرَارًا يَعْنِي أَنَّ الْكُلَّ إنْ كَانَ فَائِتًا لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفُرُوضِ الْخَمْسَةِ ، وَكَذَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوِتْرِ ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْبَعْضُ فَائِتًا وَالْبَعْضُ وَقْتِيًّا لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ فَيَقْضِي الْفَائِتَةَ قَبْلَ الْوَقْتِيَّةِ وَعِنْدَهُمَا لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْفُرُوضِ وَالْوِتْرِ ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْفُرُوضِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَصْلُ فِي لُزُومِ التَّرْتِيبِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ لِيَقْضِ الَّتِي تَذَكَّرَ ثُمَّ لِيُعِدْ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ } ، وَقَدْ صَرَّحَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ خَبَرٌ مَشْهُورٌ تَلَقَّتْهُ الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضُ الْعَمَلِيُّ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْمُحَاذَاةِ ( فَإِنْ صَلَّى ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفُرُوضِ فَرْضٌ ( خَمْسَة ) مِنْ الْفُرُوضِ ( ذَاكِرًا ) فَرْضًا ( فَائِتًا فَسَدَتْ ) الْخَمْسَةُ فَسَادًا ( مَوْقُوفًا ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفَسَدَتْ عِنْدَهُمَا بِلَا تَوَقُّفٍ لَكِنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَسَدَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَصْلُ الصَّلَاةِ ( إنْ أَدَّى ) فَرْضًا ( سَادِسًا صَحَّ الْكُلُّ ) .
أَيْ السِّتَّةُ عِنْدَهُ مَعَ وَضْعِ الْفَرْضِيَّةِ ( وَإِنْ قَضَاهُ ) أَيْ ذَلِكَ الْفَائِتَ ( قَبْلَ السَّادِسِ ) بَطَلَ فَرْضِيَّةُ الْخَمْسِ وَتَصِيرُ نَفْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا كَانَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قَبْلَ قَضَائِهِ لَهُمَا أَنَّ الْخَمْسَةَ أُدِّيَتْ مَعَ قِلَّتِهَا بِلَا تَرْتِيبٍ فَفَسَدَتْ فَلَا تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً وَالْكَثْرَةُ الْحَاصِلَةُ بِالسَّادِسِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ حَيْثُ يَصِحَّانِ

اتِّفَاقًا لَا فِي الْخَمْسَةِ الْمَاضِيَةِ كَمَا أَنَّ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ إذَا تَرَكَ الْأَكْلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَثْبُتُ الْحِلُّ فِيمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ لَا فِيهَا وَلَهُ فِي الْقَوْلِ بِفَسَادِ الْخَمْسَةِ مُلَاحَظَةُ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِيمَا دُونَ السِّتَّةِ وَفِي الْقَوْلِ بِالتَّوَقُّفِ أَنَّ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ فَلَمَّا احْتَمَلَ أَنْ يُؤَدِّيَ السَّادِسَ فَيَبْلُغَ إلَى الْكَثْرَةِ فَلَا يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فَتَصِحُّ الْخَمْسَةُ وَأَنْ يَقْضِيَ الْفَائِتَ قَبْلَ السَّادِسِ وَيَبْقَى قَلِيلًا فَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ فَيَفْسُدَ قَطَعَا لَمْ يَصِحَّ الْجَزْمُ بِالْفَسَادِ مَعَ أَنَّ الْكَثْرَةَ الْمُوجِبَةَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ قَائِمَةٌ بِمَجْمُوعِ السِّتَّةِ مُسْتَنِدَةً إلَى أَوَّلِهَا كَسَائِرِ الْمُسْتَنِدَاتِ فَكَأَنَّهُ صَلَّى الْخَمْسَ حَالَ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ فَوَقَعَتْ صَحِيحَةً ، وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ الْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ الْوَصْفُ بِمَا يَخُصُّهُ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَصْلِ كَمَا فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ مُعْسِرٍ إذَا أَيْسَرَ حَيْثُ لَا يَقَعُ كَفَّارَةً بَلْ يَصِيرُ نَفْلًا .

( بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ لَمَّا كَانَ الْأَدَاءُ أَصْلًا وَالْقَضَاءُ عِوَضًا عَرَّفَهُمَا عَلَى طِبْقِ وَضْعِهِمَا فَقَالَ الْأَدَاءُ تَسْلِيمُ عَيْنِ الْوَاجِبِ بِالْأَمْرِ أَيْ مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ بِالْأَمْرِ كَفِعْلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا وَهُوَ أَنْوَاعٌ قَاصِرٌ وَكَامِلٌ وَشَبِيهٌ بِالْقَضَاءِ وَالْقَضَاءُ تَسْلِيمٌ مِثْلُهُ بِهِ أَيْ بِالْأَمْرِ فَلَا يَقْضِي النَّفَلَ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ بِالتَّرْكِ ا هـ .
وَفِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ فِي الْقَضَاءِ فِي حَقِّ إزَالَةِ الْمَأْثَمِ لَا فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ ا هـ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَأْثَمِ إثْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ فَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا إذَا قَضَاهَا .
وَأَمَّا إثْمُ تَأْخِيرِهَا عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ فَبَاقٍ لَا يَزُولُ بِالْقَضَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ التَّوْبَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهَا وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا لِعُذْرٍ كَمَا قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ الْقَابِلَةُ إذَا خَافَتْ مَوْتَ الْوَلَدِ لَا بَأْسَ بِأَنْ تُؤَخِّرَهَا وَتُقْبِلَ عَلَى الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ يَجُوزُ بِعُذْرٍ ، أَلَا تَرَى { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ } ، وَكَذَا الْمُسَافِرُ إذَا خَافَ مِنْ اللُّصُوصِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الْوَقْتِيَّةِ ا هـ .
وَأَمَّا تَأْخِيرُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ فَفِي الْمُجْتَبَى الْأَصَحُّ أَنَّ تَأْخِيرَ الْفَوَائِتِ لِعُذْرِ السَّعْيِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْحَوَائِجِ يَجُوزُ ، قِيلَ وَإِنْ وَجَبَ عَلَى الْفَوْرِ يُبَاحُ لَهُ التَّأْخِيرُ ا هـ .
وَلَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَمْدًا كَسَلًا يُضْرَبُ ضَرْبًا شَدِيدًا حَتَّى يَسِيلَ مِنْهُ الدَّمُ ذَكَرَهُ ابْنُ الضِّيَاءِ ا هـ .
وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ ا هـ .
وَكَذَا تَارِكُ صَوْمِ رَمَضَانَ كَمَا فِي الْمَنْبَعِ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا جَحَدَ أَوْ اسْتَخَفَّ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي لُزُومِ التَّرْتِيبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ

الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ) بَحَثَ فِيهِ الْأَكْمَلُ بِأَوْجُهٍ وَأَجَابَ عَنْهَا .
( قَوْلُهُ ذَاكِرًا فَرْضًا ) أَيْ ، وَلَوْ عَمَلِيًّا .
( قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَصْلَ الصَّلَاةِ ) قَالَ الْكَاكِيُّ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْ الَّذِي سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَصْلِ لُزُومِ التَّرْتِيبِ يَصْلُحُ حُجَّةً عَلَى مُحَمَّدٍ حَيْثُ { أَمْرُهُ أَيْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْمُصَلِّي الَّذِي تَذَكَّرَ فَائِتَةً خَلْفَ الْإِمَامِ بِالْمُضِيِّ } .
وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِلَّا لِمَا خَالَفَهُ ا هـ .
( قَوْلُهُ إذَا أَدَّى فَرْضًا سَادِسًا صَحَّ الْكُلُّ ) أَقُولُ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْأَدَاءَ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا بَلْ وَلَا دُخُولَ الْوَقْتِ السَّادِسِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْمُؤَدَّاةِ الَّتِي هِيَ سَادِسَةٌ بِالْمَتْرُوكَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ الدُّخُولُ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ ، وَقَدْ وُجِدَ ا هـ .
ثُمَّ رَأَيْت مُوَافَقَتَهُ لِلْكَمَالِ وَصَاحِبِ الْبَحْرِ قَالَ اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا كَالنِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ ، وَكَذَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ ، وَأَكْثَرُ الْكُتُبِ أَنَّ انْقِلَابَ الْكُلِّ جَائِزًا مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَاءِ سِتِّ صَلَوَاتٍ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ ثُمَّ الْعَصْرُ يَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا أَيْ لِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ وَلَمْ يُعِدْ الظُّهْرَ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ حَتَّى لَوْ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَخَرَجَ وَقْتُ الْخَامِسَةِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ الْمُسْقِطَةَ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا وَإِذَا صَلَّى خَمْسًا وَخَرَجَ وَقْتُ الْخَامِسَةِ صَارَتْ الْفَوَائِتُ سِتًّا بِالْفَائِتَةِ الْمَتْرُوكَةِ أَوَّلًا وَعَلَى مَا صَوَّرَهُ يَقْتَضِي أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سَبْعًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا ثُمَّ أَطْلَعَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ مَنْقُولًا فِي الْمُجْتَبَى وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ اعْلَمْ

أَنَّ فَسَادَ الصَّلَوَاتِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ كَثُرَتْ وَصَارَتْ الْفَوَاسِدُ مَعَ الْفَوَائِتِ سِتًّا ظَهَرَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا ا هـ قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَمَنْ وَافَقَهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ تَأْكِيدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْمُؤَدَّاةِ لَا أَدَاءَ السَّادِسَةِ فَتَجَوَّزَ فِيهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ ، وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ رَتَّبَهَا فِي الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى سِتٍّ ا هـ فَقَدْ قَيَّدَ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى سِتٍّ وَلَمَّا كَانَ غَيْرَ مُرَادٍ قَالَ بَعْدَهُ وَجَدَ الْكَثْرَةُ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ ا هـ .
وَلِهَذَا قَالَ الْكَمَالُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَقْتِيَّةَ الْمُؤَدَّاةَ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ كَمَالَ خَمْسِ وَقْتِيَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ السَّادِسَةِ صَارَتْ كُلُّهَا صَحِيحَةً فَإِنْ قُلْت إنَّمَا ذَكَرَ مَنْ رَأَيْت فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى السَّادِسَةَ مِنْ الْمُؤَدَّيَاتِ وَهِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ صَارَتْ الْخَمْسُ صَحِيحَةً وَلَمْ يَحْكُمُوا بِالصِّحَّةِ عَلَى قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ كَوْنُ هَذَا مِنْهُمْ اتِّفَاقِيًّا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي السَّادِسَةَ فِي وَقْتِهَا لَا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَأُقِيمَ أَدَاؤُهَا مُقَامَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِمَا سَنَذْكُرُ مِنْ أَنَّ تَعْلِيلَهُ لِصِحَّةِ الْخَمْسِ يَقْطَعُ بِثُبُوتِ الصِّحَّةِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَدَّاهَا أَوْ لَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ قَضَاهُ أَيْ ذَلِكَ الْفَائِتَ قَبْلَ السَّادِسِ بَطَلَ ) أَقُولُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيُقَالُ ، وَإِنْ قَضَاهُ أَيْ ذَلِكَ الْفَائِتَ قَبْلَ دُخُولِ السَّادِسِ أَيْ فِي وَقْتِ الْخَامِسِ بَطَلَ .
( قَوْلُهُ إذَا أَيْسَرَ ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الصِّيَامِ لِلْكَفَّارَةِ .

( وَلَمْ يَجُزْ فَجْرُ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُوتِرْ ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بَيْنَ الْفُرُوضِ وَالْوِتْرِ فِيهِ خِلَافٌ لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ عِنْدَهُ وَسُنَّةٌ عِنْدَهُمَا .

( وَيُسْقِطُ ) التَّرْتِيبُ ( بِفَوْتِ سِتَّةٍ ) مِنْ الْفُرُوضِ فَإِنَّ الْفَائِتَ حِينَئِذٍ يَبْلُغُ حَدَّ الْكَثْرَةِ ( بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسِ ) حَتَّى يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْ الْفُرُوضِ مُكَرَّرًا فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ بِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ الْوَاجِبِ بَيْنَهَا أَنْفُسِهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ أَغْيَارِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ الْقَضَاءُ بِالْإِغْمَاءِ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَضَى الصَّلَاةَ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَقَضَاهُنَّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَمْ يَقْضِهِنَّ فَدَلَّ أَنَّ التَّكْرَارَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّخْفِيفِ .
( وَ ) يَسْقُطُ أَيْضًا ( بِضِيقِ الْوَقْتِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ ) أَيْ الْوَقْتِ ( مَا يَسَعُ بَعْضَ الْفَوَائِتِ مَعَ الْوَقْتِيَّةِ يَقْضِي مَا يَسَعُهُ ) مِنْ الْفَوَائِتِ ( مَعَهَا ) أَيْ مَعَ الْوَقْتِيَّةِ كَمَا إذَا فَاتَتْ الْعِشَاءُ وَالْوِتْرُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الْفَجْرِ إلَّا مَا يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ يَقْضِي الْوِتْرَ وَيُؤَدِّي الْفَجْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَكَذَا إذَا فَاتَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إلَّا مَا يُصَلِّي فِيهِ سَبْعَ رَكَعَاتٍ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْمَغْرِبَ .
( وَ ) يَسْقُطُ أَيْضًا ( بِالنِّسْيَانِ فَيُعِيدُ الْعِشَاءَ وَالسُّنَّةَ لَا الْوِتْرَ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِلَا وُضُوءٍ وَالْآخَرَيْنِ بِهِ ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَذَكَّرَ فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِلَا وُضُوءٍ وَالسُّنَّةَ وَالْوِتْرَ بِهِ يُعِيدُ الْعِشَاءَ وَالسُّنَّةَ إذْ لَمْ يَصِحَّ أَدَاءُ السُّنَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ مَعَ أَنَّهَا أُدِّيَتْ بِالْوُضُوءِ ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْفَرْضِ أَمَّا الْوِتْرُ فَصَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ عِنْدَهُ فَصَحَّ أَدَاؤُهُ ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِشَاءِ فَرْضٌ لَكِنَّهُ أَدَّى الْوِتْرَ بِزَعْمِ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِالْوُضُوءِ فَكَانَ نَاسِيًا أَنَّ الْعِشَاءَ فِي

ذِمَّتِهِ فَسَقَطَ التَّرْتِيبُ وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي الْوِتْرَ أَيْضًا تَبَعًا لِلْفَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا .

( قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِفَوْتِ سِتَّةٍ مِنْ الْفُرُوضِ ) أَيْ الْعِلْمِيَّةِ لِيَخْرُجَ الْوِتْرُ ؛ لِأَنَّهُ عَمَلِيٌّ لَا يُعَدُّ مُسْقَطًا ، وَإِنْ وَجَبَ تَرْتِيبُهُ .
( قَوْلُهُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسِ ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ وَاكْتَفَى مُحَمَّدٌ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِلَا اشْتِرَاطِ اسْتِيعَابِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالْكَنْزِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَالْقُدُورِيِّ حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْفَوَائِتُ عَلَى سِتٍّ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْكَافِي ، وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ رَتَّبَهَا إلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى سِتٍّ ثُمَّ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا وَيَدْخُلُ وَقْتُ السَّابِعَةِ فَيَجُوزُ أَدَاءُ السَّابِعَةِ ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ تَجُزْ السَّابِعَةُ ا هـ فَقَدْ نَبَّهَ عَلَى التَّجَوُّزِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ ا هـ .
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَوَائِتِ فَشَمِلَ الْحَدِيثَةَ وَالْقَدِيمَةَ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فَصَحَّحَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ عَدَمَ سُقُوطِهِ بِالْقَدِيمَةِ .
وَفِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْمُجْتَبَى الْأَصَحُّ سُقُوطُهُ .
وَفِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْفَتْوَى ، وَالْعَمَلُ بِمَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الْمُتُونِ أَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ .
ا هـ .
قُلْت وَهُوَ كَمَا قَالَ الْكَمَالُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَوْ اجْتَمَعَتْ الْفَوَائِتُ الْقَدِيمَةُ وَالْحَدِيثَةُ قِيلَ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَعَ تَذَكُّرِ الْحَدِيثَةِ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ ، وَقِيلَ لَا تَجُوزُ وَيُجْعَلُ الْمَاضِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ .
ا هـ .
؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْ الثَّانِي تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَمَا قَالُوا يُؤَدِّي إلَى التَّهَاوُنِ لَا إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ اعْتَادَ تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ وَغَلَبَ عَلَى نَفْسِهِ التَّكَاسُلُ لَوْ أُفْتِيَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ

يُفَوِّتُ أُخْرَى وَهَلُمَّ جَرًّا حَتَّى يَبْلُغَ حَدَّ الْكَثْرَةِ ا هـ مَا عَلَّلَ بِهِ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُرَادَ بِضِيقِ الْوَقْتِ ا هـ .
وَأَصْلُهُ أَوْ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ بَيْنَ الْمَشَايِخِ وَنَسَبَ الطَّحَاوِيُّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالثَّانِي أَيْ الْوَقْتَ الْمُسْتَحَبَّ إلَى مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالظُّهْرِ يَقَعُ قَبْلَ التَّغْيِيرِ وَيَقَعُ الْعَصْرُ أَوْ بَعْضُهُ فِيهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ وَعَلَى الثَّانِي يُصَلِّي عَلَى الْعَصْرِ ثُمَّ الظُّهْرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَذَكَرَهُ بِصِيغَةِ عِنْدَنَا .
وَفِي الْمَبْسُوطِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ هَهُنَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّالِثَةِ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ الثَّانِي فَقَالَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ حُكْمِ الْكِتَابِ وَهُوَ نُقْصَانُ الْوَقْتِيَّةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ا هـ قَالَ فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ الْوَقْفُ الْمُسْتَحَبُّ وَرَجَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ ا هـ .
وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَدَاءُ الْوَقْتِيَّةِ إلَّا مَعَ التَّخْفِيفِ فِي قَصْرِ الْقِرَاءَةِ وَالْأَفْعَالِ يُرَتِّبُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى .
( قَوْلُهُ وَبِالنِّسْيَانِ فَيُعِيدُ الْعِشَاءَ
إلَخْ ) وَكَمَا يُعِيدُ الْعِشَاءَ مَنْ نَسِيَ الطَّهَارَةَ لَهَا كَذَلِكَ لَوْ نَسِيَ الْفَائِتَةَ فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْحَاضِرَةِ .
( قَوْلُهُ يَعْنِي مَنْ تَذَكَّرَ فِي الْوَقْتِ ) أَقُولُ تَقْيِيدُهُ بِالْوَقْتِ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ وَإِلَّا

فَالْحُكْمُ أَعَمُّ إذْ لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الْوِتْرَ وَعَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْعِشَاءِ وَالْحَاضِرَةِ .

.
( وَ ) يَسْقُطُ أَيْضًا ( بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ ذَاكِرًا لِتَرْكِ الْفَجْرِ فَسَدَ فَإِذَا قَضَى الْفَجْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ذَاكِرًا لِلظُّهْرِ جَازَ الْعَصْرُ ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ وَأَنَّهُ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ فَسَدَ ظُهْرُهُ فَإِذَا قَضَى الْفَجْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ يَجُوزُ الْعَصْرُ إذْ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَاءِ الْعَصْرِ وَهُوَ ظَنٌّ مُعْتَبَرٌ ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
( قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ أَيْضًا بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ
إلَخْ ) الْمُرَادُ بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ ظَنُّ مُجْتَهِدٍ مَا ، لَا ظَنُّ الْمُصَلِّي مِنْ حَيْثُ هُوَ فَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فِي جَاهِلٍ صَلَّى كَمَا ذُكِرَ وَلَمْ يُقَلِّدْ مُجْتَهِدًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ فَقِيهًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لِمُصَادَفَتِهَا مُجْتَهَدًا فِيهِ أَمَّا لَوْ كَانَ مُقَلِّدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ الْمُخَالِفِ لِمَذْهَبِ إمَامِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِلشَّافِعِيِّ وَصَلَّى الظُّهْرَ ذَاكِرًا لِتَرْكِ الْفَجْرِ فَلَا فَسَادَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى شَيْءٍ هَكَذَا يَنْبَغِي حَمْلُ هَذَا الْمَحَلِّ وَإِلَّا فَيُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْمُؤَدَّاةِ بَعْدَ الْمَتْرُوكَةِ عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ مِنْهَا حَتَّى لَوْ قَضَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ بَطَلَ مَا صَلَّاهُ بَعْدَهَا وَلَيْسَ هَذَا مُسْقِطًا رَابِعًا مُطْلَقًا بَلْ فِيمَا صَوَّرْنَاهُ بِهِ فَتَأَمَّلْ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ ) لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ .

( اجْتَمَعَتْ الْحَدِيثَةُ وَالْقَدِيمَةُ جَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ بِتَذَكُّرِ الْحَدِيثَةِ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بِعَوْدِ الْكَثْرَةِ إلَى الْقِلَّةِ فَيَصِحُّ وَقْتِيُّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ ) مَثَلًا حَتَّى سَقَطَ التَّرْتِيبُ ( وَأَخَذَ يُؤَدِّي الْوَقْتِيَّاتِ فَتَرَكَ فَرْضًا ) قَوْلُهُ فَيَصِحُّ
إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ اجْتَمَعَتْ الْحَدِيثَةُ وَالْقَدِيمَةُ
إلَخْ فَإِنَّهُ إذَا أَخَذَ يُؤَدِّي الْوَقْتِيَّاتِ صَارَتْ فَوَائِتُ الشَّهْرِ قَدِيمَةً وَهِيَ مُسْقِطَةٌ لِلتَّرْتِيبِ فَإِذَا تَرَكَ فَرْضًا يَجُوزُ مَعَ ذِكْرِهِ أَدَاءُ وَقْتِيٍّ ( أَوْ قَضَى صَلَاةَ شَهْرٍ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ وَتَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ إلَى آخِرِهِ أَيْ وَلَا يَصِحُّ وَقْتِيُّ مَنْ قَضَى صَلَاةَ شَهْرٍ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا قَضَاهَا كَذَلِكَ قَلَّتْ الْفَوَائِتُ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ فَيَصِحُّ أَدَاءُ الْوَقْتِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إنْ قَلَّتْ بَعْدَ الْكَثْرَةِ عَادَ التَّرْتِيبُ زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ بِالصَّلَاةِ وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .

( قَوْلُهُ اجْتَمَعَتْ الْحَدِيثَةُ
إلَخْ ) قَدَّمْنَا فِيهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بِعَوْدِ الْكَثْرَةِ إلَى الْقِلَّةِ ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ كَمَاءٍ قَلِيلٍ نَجِسٍ دَخَلَ عَلَيْهِ مَاءٌ جَارٍ حَتَّى سَالَ فَعَادَ قَلِيلًا لَمْ يَعُدْ نَجِسًا بِخِلَافِ النِّسْيَانِ وَضِيقِ الْوَقْتِ ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ ثَمَّةَ لِلْعَجْزِ وَهُنَا سَقَطَ حَقِيقَةً حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ هُنَا مِنْ أَدَاءِ الْفَائِتَةِ مَعَ الْوَقْتِيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّرْتِيبُ ، كَذَا فِي الْكَافِي ، وَلَوْ تَمَكَّنَ هُنَاكَ بِزَوَالِ النِّسْيَانِ وَظَهَرَ سَعَةُ الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ .
( قَوْلُهُ فَيَصِحُّ وَقْتِيُّ مَنْ تَذَكَّرَ صَلَاةَ شَهْرٍ ) تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَرْضُهُ فِي الشَّهْرِ لِمُوَافَقَةِ زُفَرَ عَلَى سُقُوطِ التَّرْتِيبِ إذْ لَا يَسْقُطُ عِنْدَهُ بِفَوَاتِ مَا دُونَ شَهْرٍ ( قَوْلُهُ وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ
إلَخْ ) أَقُولُ اخْتَارَ فِي الْهِدَايَةِ فَقَالَ يَعُودُ التَّرْتِيبُ بِالْعَوْدِ إلَى الْقِلَّةِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ا هـ .
وَذَكَرَ دَلِيلَهُ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَوْدِ التَّرْتِيبِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّرْتِيبَ إذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ .
( قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ عَدَمُ الْعَوْدِ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ
إلَخْ ) أَقُولُ وَاخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبِ الْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ
إلَخْ ) كَذَلِكَ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ عَلَيْهِ الْفَتْوَى .

( إذَا كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ ) فَاشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَنَحْوِهِمَا وَيَنْوِي أَيْضًا ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا أَوْ عَصْرَ يَوْمِ كَذَا إذْ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الظُّهْرَيْنِ فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا فَاخْتِلَافُ الْوَقْتِ كَاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَاخْتِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنْ أَرَادَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ ( نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَهُ ) أَيْ آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ فَإِذَا نَوَى الْأَوَّلَ وَصَلَّى فَمَا يَلِيهِ يَصِيرُ أَوَّلًا ، وَكَذَا لَوْ نَوَى آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ وَصَلَّى فَمَا قَبْلَهُ يَصِيرُ آخِرًا فَيَحْصُلُ التَّعْيِينُ ( كَذَا الصَّوْمُ ) أَيْ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ فِي الصَّلَاةِ يَحْتَاجُ أَيْضًا إلَيْهِ فِي الصَّوْمِ ( لَوْ ) كَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ ( مِنْ رَمَضَانَيْنِ ) فَيَنْوِي أَوَّلَ صَوْمٍ عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَوْ آخِرَ صَوْمٍ عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَمَضَانَيْنِ ( فَلَا ) يَحْتَاجُ إلَى التَّعَيُّنِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ فَقَضَى يَوْمًا وَلَمْ يُعَيِّنْ جَازَ ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي الصَّوْمِ وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّهْرُ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ إكْمَالَ الْعَدَدِ وَالسَّبَبُ فِي الصَّلَاةِ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الْوَقْتُ وَبِاخْتِلَافِ السَّبَبِ يَخْتَلِفُ الْوَاجِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي النِّصَابِ .
وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى إذَا قَضَى الْفَائِتَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَهَا فِي بَيْتِهِ لَا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى لَا يَقِفَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي حَالِ الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا يَضُرُّهُ الْوُضُوءُ فَكَانَ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ فَأَدَّى الْفَوَائِتَ فِي الْمَرَضِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ جَازَ ، وَلَوْ صَحَّ

وَقَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ يَسْقُطُ الْقَضَاءُ .
( قَوْلُهُ إذَا كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ
إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَخِلَافُهُ مَا قَالَهُ فِي الْكَنْزِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى لَوْ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ صَحَّ ، وَلَوْ عَنْ رَمَضَانَيْنِ كَقَضَاءِ الصَّلَاةِ صَحَّ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَوَّلَ صَلَاةٍ أَوْ آخِرَ صَلَاةٍ عَلَيْهِ ا هـ .
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي رَمَضَانَ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ فِي رَمَضَانَيْنِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ صَائِمٌ عَنْ رَمَضَانَ سَنَةَ كَذَا ، وَكَذَا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَهُ ) أَقُولُ اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فِي النِّيَّةِ كَالزَّيْلَعِيِّ وَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ نِيَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ زِيَادَةَ قَوْلِهِ أَدْرَكْت وَقْتَهُ وَلَمْ أُصَلِّهِ بَعْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ .

( بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ ) ( إذَا تَعَذَّرَ الْقِيَامُ لِمَرَضٍ ) حَصَلَ ( قَبْلَهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( أَوْ فِيهَا أَوْ خَافَ زِيَادَتَهُ ) أَيْ الْمَرَضِ ( أَوْ ) خَافَ بُطْءَ الْبُرْءِ بِهِ أَيْ بِسَبَبِ الْقِيَامِ ( أَوْ ) خَافَ ( دَوَرَانَ الرَّأْسِ أَوْ يَجِدُ لِلْقِيَامِ أَلَمًا شَدِيدًا قَعَدَ ) جَوَابُ إذَا تَعَذَّرَ ( كَيْفَ شَاءَ ) مِنْ التَّرَبُّعِ وَغَيْرِهِ ( وَصَلَّى ) قَاعِدًا ( بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ ) ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ قَامَ بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّكْبِيرِ قَائِمًا أَوْ عَلَى التَّكْبِيرِ وَبَعْضِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ ، وَلَوْ تَرَكَ هَذَا خِيفَ أَنْ لَا تَجُوزَ صَلَاتُهُ ( وَإِنْ تَعَذَّرَا ) أَيْ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَا الْقِيَامُ ( أَوْمَأَ قَاعِدًا ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِيمَاءِ قَائِمًا .
( وَ ) لَكِنْ ( سُجُودُهُ أَخْفَضُ مِنْ رُكُوعِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ قَائِمٌ مُقَامَهُمَا فَأَخَذَ حُكْمَهُمَا وَلَا يُرْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَرِيضٍ دَخَلَ عَلَيْهِ عَائِدًا { إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ فَاسْجُدْ وَإِلَّا فَأَوْمِئْ } ( وَلَوْ رُفِعَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَخَفَضَ رَأْسَهُ أَوْ سَجَدَ عَلَى مَا لَا يَجِدُ حَجْمَهُ ) وَلَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ جَبْهَتُهُ ( جَازَ ) لِوُجُودِ الْإِيمَاءِ وَإِلَّا فَلَا ( وَإِنْ تَعَذَّرَ ) أَيْ الْقُعُودُ ( أَوْمَأَ مُسْتَلْقِيًا وَرِجْلَاهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى قَفَاهُ يُومِئُ إيمَاءً فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ مِنْهُ } وَيَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ لِيُشْبِهَ الْقَاعِدَ وَيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِيمَاءِ إذْ حَقِيقَةُ الِاسْتِلْقَاءِ تَمْنَعُ الْإِيمَاءَ لِلصَّحِيحِ فَكَيْفَ لِلْمَرِيضِ ، كَذَا فِي الْكَافِي .

( بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ ) ( قَوْلُهُ إذَا تَعَذَّرَ الْقِيَامُ ) أَرَادَ بِهِ التَّعَذُّرَ الْحَقِيقِيَّ لِذِكْرِهِ الْحُكْمِيَّ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ يَجِدُ لِلْقِيَامِ أَلَمًا شَدِيدًا تَبَعًا لِمَا قَالَ فِي الْكَافِي التَّعَذُّرُ قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا بِحَيْثُ لَوْ قَامَ يَسْقُطُ ، وَقَدْ يَكُونُ حُكْمِيًّا بِأَنْ يَخَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ يَجِدَ وَجَعًا لِذَلِكَ ا هـ .
وَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَ الْمُصَنِّفِ فِي النُّقَايَةِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إذَا تَعَذَّرَ الْقِيَامُ قَالَ شَارِحُهَا الشُّمُنِّيُّ تَعَذَّرَ الْقِيَامُ أَيْ شَقَّ وَعَسِرَ وَلَا يُرِيدُونَ بِالتَّعَذُّرِ عَدَمَ الْإِمْكَانِ ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْقِيَامِ
إلَخْ قَالَ الْكَمَالُ الْمُرَادُ أَعَمُّ مِنْ الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ حَتَّى لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لَكِنْ يَخَافُ بِسَبَبِهِ إبْطَاءَ الْبُرْءِ أَوْ كَأَنْ يَجِدَ أَلَمًا شَدِيدًا إذَا قَامَ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ .
( قَوْلُهُ أَوْ خَافَ زِيَادَتَهُ ) قَدَّمْنَا فِي بَابِ التَّيَمُّمِ الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ .
( قَوْلُهُ أَوْ يَجِدَ لِلْقِيَامِ أَلَمًا شَدِيدًا ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ لَحِقَهُ نَوْعُ مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ تَرْكُ الْقِيَامِ بِسَبَبِهَا .
( قَوْلُهُ كَيْفَ شَاءَ مِنْ التَّرَبُّعِ وَغَيْرِهِ ) هُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ لَمَّا قَالَ قَاضِي خَانْ يَجْلِسُ الْمَرِيضُ فِي صَلَاتِهِ كَيْفَ شَاءَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرْكَعُ مُتَرَبِّعًا ا هـ قُلْت وَرِوَايَةُ مُحَمَّدٍ تَشْمَلُ حَالَةَ التَّشَهُّدِ لِإِطْلَاقِهَا وَلِذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ كَيْفَ شَاءَ ا هـ .
وَفِي الْجَوْهَرَةِ كَيْفَ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ ا هـ لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ أَمَّا فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ بِالْإِجْمَاعِ .
وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَحَالِ الرُّكُوعِ

رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجْلِسُ كَيْفَ شَاءَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ شَاءَ مُحْتَبِيًا ، وَإِنْ شَاءَ مُتَرَبِّعًا ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ .
وَقَالَ زُفَرُ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَالصَّحِيحُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ عُذْرَ الْمَرَضِ أَسْقَطَ عَنْهُ الْأَرْكَانَ فَلَأَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ الْهَيْئَاتِ أَوْلَى ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّجْنِيسِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْسَرُ عَلَى الْمَرِيضِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ الْأَيْسَرُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِكَيْفِيَّةٍ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ فَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ا هـ مَا فِي الْبَحْرِ قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ فِي حَالِ التَّشَهُّدِ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّقْيِيدِ فِيهِ أَيْضًا .
( قَوْلُهُ وَصَلَّى قَاعِدًا ) أَيْ ، وَلَوْ مُسْتَنِدًا إلَى حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَلَا تُجْزِئُهُ مُضْطَجِعًا ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ النِّهَايَةِ قُلْت فَقَوْلُهُ يَجِبُ الْمُرَادُ بِهِ اللُّزُومُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ قَامَ ) أَقُولُ أَيْ ، وَلَوْ مُتَّكِئًا لِمَا فِي التَّبْيِينِ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي مُتَّكِئًا وَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَصًا أَوْ خَادِمٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَتَّكِئُ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ا هـ .
وَالتَّقْيِيدُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّ الْقِيَامِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ لَا يَنْفِي لُزُومَ الِاتِّكَاءِ فِي الْبَعْضِ بَلْ يُفِيدُ لُزُومَهُ ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ مُعْتَبَرٌ بِالْكُلِّ .
( قَوْلُهُ أَوْمَأَ ) بِالْهَمْزِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِيمَاءِ قَائِمًا ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالسُّجُودِ .
وَقَالَ خُوَاهَرْ

زَادَهْ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ قَائِمًا وَلِلسُّجُودِ قَاعِدًا ، وَقَالَ زُفَرُ كَالشَّافِعِيِّ يُومِئُ بِهِمَا قَائِمًا لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ قُلْتُ وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى جَوَازِ الْإِيمَاءِ قَائِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبُرْهَانِ فَمَا فِي الْمُجْتَبَى ، وَإِنْ أَوْمَأَ بِالسُّجُودِ قَائِمًا لَمْ يَجُزْ وَهَذَا أَحْسَنُ وَأَقْيَسُ كَمَا لَوْ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ جَالِسًا لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ ا هـ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ خُوَاهَرْ زَادَهْ ، وَقَدْ ضَعَّفَ قَوْلَهُ لِنَقْلِهِ فِي الْبُرْهَانِ بِصِيغَةِ قِيلَ وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِمَا فِي الْمُجْتَبَى وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْإِيمَاءِ بِهِمَا قَائِمًا وَقَاعِدًا كَمَا لَا يَخْفَى .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ رُفِعَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَخَفَضَ
إلَخْ ) أَقُولُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةُ لَا الْحِلُّ وَاسْتَدَلَّ لِلْكَرَاهَةِ بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَأَرَادَ بِخَفْضِ الرَّأْسِ خَفْضَهَا لِلرُّكُوعِ ثُمَّ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ حَتَّى لَوْ سَوَّى لَمْ يَصِحَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ ا هـ .
وَفِي إطْلَاقِ اسْمِ السُّجُودِ فِي قَوْلِهِ أَوْ سَجَدَ عَلَى مَا لَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ تَجَوُّزٌ ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةُ السُّجُودِ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَهُوَ وَضْعُ بَعْضِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ .
( قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْإِيمَاءِ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى قَدْ كَانَ كَيْفِيَّةُ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُتَشَبِّهًا عَلَى أَنَّهُ يَكْفِيهِ بَعْضُ الِانْحِنَاءِ أَوْ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ إلَى أَنْ ظَفِرْت بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى الرِّوَايَةِ وَهُوَ مَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ الْمُومِئَ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ شَيْئًا ثُمَّ لِلسُّجُودِ شَيْئًا جَازَ ، وَلَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَائِدَ وَأَلْصَقَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهَا وَوَجَدَ أَدْنَى الِانْخِفَاضِ جَازَ عَنْ الْإِيمَاءِ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ

إذَا كَانَ بِجَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ عُذْرٌ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَقْرِيبُ الْجَبْهَةِ إلَى الْأَرْضِ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ ا هـ قُلْت وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْعُذْرِ بِكُلٍّ مِنْ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ لِجَوَازِ الْإِيمَاءِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِهِ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ كَانَ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهَا لَمْ يُجْزِهِ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ ا هـ .
وَلَعَلَّ هَذَا عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ جَوَازِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَنْفِ أَوْ الْجَبْهَةِ .
وَأَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ وَهُوَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَنْفِ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ وَجَبَ ضَمُّهُ إلَى الْجَبْهَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَهُ الْإِيمَاءُ مَعَ قُدْرَةِ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ ، وَإِنْ أَثِمَ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ .
( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا }
إلَخْ ) ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَقَالَ الْكَمَالُ هُوَ غَرِيبٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ .
وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْكَمَالِ غَرِيبٌ ، وَذَكَرَ لَهُ وَجْهًا ثُمَّ قُرِئَ ذَلِكَ عَلَى الْكَمَالِ فَقَالَ قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ عَلَيَّ فِي قَوْلِي غَرِيبٌ لَيْسَ وَارِدًا ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ فَقَوْلِي غَرِيبٌ لَيْسَ بِغَرِيبٍ كَمَا ذَكَرَ وَمَا تَكَلَّفَهُ أَيْ الْمُعْتَرِضُ مِنْ الْإِشْكَالِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِمَنْ تَأَمَّلَ فِي ذَلِكَ ا هـ .
وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَأَثْبَتَ جَمِيعَ ذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ تَعَذَّرَ أَيْ الْعُقُودُ أَوْمَأَ مُسْتَلْقِيًا
إلَخْ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ اسْتَلْقَى عَلَى جَنْبِهِ ، وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَأَوْمَأَ جَازَ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى هُوَ الْأَوَّلُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى الْقَفَا وَالِاضْطِجَاعِ عَلَى الْجَنْبِ جَوَابُ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ كَالْهِدَايَةِ

وَشُرُوحِهَا وَفِي الْقُنْيَةِ مَرِيضٌ اضْطَجَعَ عَلَى جَنْبِهِ وَصَلَّى وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِلْقَاءِ قِيلَ يَجُوزُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِلْقَاءُ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ ، وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَهَذَا الْأَظْهَرُ خَفِيَ وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ ا هـ .
وَفِي الْمُجْتَبَى وَيَنْبَغِي لِلْمُسْتَلْقِي أَنْ يَنْصِبَ رُكْبَتَهُ إنْ قَدَرَ حَتَّى لَا يَمُدَّ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ .

( وَإِنْ تَعَذَّرَ ) الْإِيمَاءُ ( أُخِّرَتْ ) الصَّلَاةُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ ( وَلَا يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ وَلَا بِحَاجِبَيْهِ وَلَا بِقَلْبِهِ ) لِمَا رَوَيْنَا وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ ( مَرِضَ فِي صَلَاتِهِ يُتِمُّ بِمَا قَدَرَ ) أَيْ صَلَّى صَحِيحٌ بَعْضَ صَلَاتِهِ قَائِمًا ثُمَّ مَرِضَ يُتِمُّهَا قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ أَوْ يُومِئُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ مُسْتَلْقِيًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ ؛ لِأَنَّهُ بَنَى الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى كَاقْتِدَاءِ الْمُومِئِ بِالصَّحِيحِ ( صَحَّ فِيهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ قَاعِدًا ) يَعْنِي إنْ كَانَ مَرِيضًا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فَصَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إذَا صَحَّ فِيهَا ( يَبْنِي قَائِمًا ) ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ كَالِاقْتِدَاءِ وَالْقَائِمُ يَقْتَدِي بِالْقَاعِدِ فَكَذَا الْمُنْفَرِدُ يَبْنِي آخِرَ صَلَاتِهِ عَلَى أَوَّلِهَا ( وَمُومِئٌ كَذَلِكَ ) أَيْ صَحَّ فِي الصَّلَاةِ لَا يَبْنِي بَلْ ( يَسْتَأْنِفُ ) ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ بِالْمُومِئِ لَمْ يَجُزْ فَكَذَا الْبِنَاءُ ( لِلْمُتَطَوِّعِ ) الْقَائِمِ ( يَجُوزُ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ ) كَعَصًا أَوْ حَائِطٍ ( أَوْ يَقْعُدَ إنْ أَعْيَا ) ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ هَاهُنَا مَسْأَلَتَانِ مَسْأَلَةُ الْإِتْكَاءِ وَمَسْأَلَةُ الْقُعُودِ وَكُلٌّ عَلَى نَوْعَيْنِ بِعُذْرٍ وَبِلَا عُذْرٍ أَمَّا الِاتِّكَاءُ بِعُذْرٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ إجْمَاعًا وَبِغَيْرِ عُذْرٍ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ .
وَأَمَّا الْقُعُودُ بِعُذْرٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ جَازَ وَكُرِهَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يَجُزْ .

( قَوْلُهُ : وَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِيمَاءُ أُخِّرَتْ ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا سَاقَهُ مِنْ الْحَدِيثِ لِكَوْنِهِ دَلِيلًا لَهُ كَمَا فَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ .
( قَوْلُهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ ) أَقُولُ ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ .
وَقَوْلُهُ أُخِّرَتْ عَنْهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ ، وَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذَا كَانَ مُفِيقًا هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّهُ يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَمَّا صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إذَا كَثُرَ ، وَإِنْ كَانَ يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ فَجَعَلَهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَفِي الْمُحِيطِ مِثْلُهُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ .
وَفِي الْيَنَابِيعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَمَنْ تَأَمَّلَ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ فِي الْأُصُولِ وَمَسْأَلَةَ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَقْضِي وَفِيمَا دُونَهَا يَقْضِي إنْ قَدَحَ فِي ذِهْنِهِ إيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْمَرِيضِ إلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَتَّى يَلْزَمَ الْإِيصَاءُ بِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ وَسُقُوطُهُ إنْ زَادَ ا هـ .
وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ مَعَ زِيَادَةٍ قَالَ قَاضِي خَانْ إنَّ الصَّحِيحَ السُّقُوطُ عِنْدَ الْكَثْرَةِ لَا الْقِلَّةِ .
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَجَزَمَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ وَصَاحِبُ التَّجْنِيسِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ قُلْت صَاحِبُ التَّجْنِيسِ هُوَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَحَيْثُ خَالَفَ مَا فِيهَا مُوَافِقًا لِلْأَكْثَرِ يُرْجَعُ إلَيْهِ دُونَ مَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ } أَيْ عُذْرِ السُّقُوطِ وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مَعْنَاهُ بِقَبُولِ عُذْرِ التَّأْخِيرِ ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ

الدِّرَايَةِ ا هـ .
( تَنْبِيهٌ ) : لَوْ مَاتَ الْمَرِيضُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ بِالْإِيمَاءِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِهَا ، وَإِنْ قَلَّتْ كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ إذَا أَفْطَرَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَالصِّحَّةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ لَا فِدْيَةَ فِي الصَّلَوَاتِ حَالَةَ الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ ا هـ قُلْت يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَصِلْ الْمَرِيضُ إلَى حَالَةٍ يَعْجِزُ فِيهَا عَنْ الْإِيمَاءِ ، أَمَّا لَوْ كَانَ وَدَامَ إلَى الْمَوْتِ وَفَدَى فَصِحَّتُهَا مُتَّجِهَةٌ .
ا هـ .
وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ كَيْفِيَّةَ الْفِدْيَةِ لِلصَّلَاةِ فِي الصَّوْمِ .
( قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ ) أَقُولُ لَكِنَّهُ قَالَ إذَا صَحَّ أَعَادَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الْإِيمَاءِ بِالْعَيْنِ وَالْقَلْبِ وَالْحَاجِبِ عِنْدَ زُفَرَ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَكِنْ رَتَّبَ زُفَرُ فِي الْجَوَازِ لِمَا قَالَ الشُّمُنِّيُّ .
وَقَالَ زُفَرُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ يُومِئُ بِالْحَاجِبِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْعَيْنِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْقَلْبِ ا هـ .
( قَوْلُهُ مَرِضَ فِي صَلَاتِهِ يُتِمُّ بِمَا قَدَرَ
إلَخْ ) هُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ إذَا صَارَ إلَى الْإِيمَاءِ ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا تَجُوزُ بِدُونِهِمَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ .
( قَوْلُهُ صَحَّ فِيهَا رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ
إلَخْ ) هَذَا عِنْدَهُمَا ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْتَقْبِلُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
( قَوْلُهُ وَمُومِئٌ كَذَلِكَ أَيْ صَحَّ فِي الصَّلَاةِ لَا يَبْنِي
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ ، وَقَالَ زُفَرُ يَبْنِي بِنَاءً عَلَى إجَازَتِهِ اقْتِدَاءَ الرَّاكِعِ بِالْمُومِئِ قُلْت فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا إذَا أَدَّى بَعْضَهَا قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا بِالْإِيمَاءِ فَإِنْ افْتَتَحَهَا قَاعِدًا بِنِيَّةِ الْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ قَبْلَ

الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ يُتِمُّهَا ، وَإِنْ افْتَتَحَهَا مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ هُوَ الْمُخْتَارُ ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْقُعُودِ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَالْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
إلَخْ ) .
أَقُولُ أَيْ لَا يُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ عِنْدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْأَظْهَرُ الْكَرَاهَةُ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ يُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ عِنْدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ ؛ لِأَنَّهُ إسَاءَةُ أَدَبٍ ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْقُعُودُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَيَجُوزُ الِاتِّكَاءُ بِلَا كَرَاهَةٍ ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ ا هـ .
وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَقَالَ الْكَمَالُ تَعْلِيلُ عَدَمِ كَرَاهَةِ الِاتِّكَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَمْنُوعُ الْمُلَازَمَةِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُكْرَهَ الْقُعُودُ وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ إسَاءَةَ أَدَبٍ دُونَ الْقُعُودِ إذَا كَانَ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تُعَدُّ إسَاءَةً .
( قَوْلُهُ .
وَأَمَّا الْقُعُودُ بِعُذْرٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ ) أَيْ بَعْدَ مَا شَرَعَ قَائِمًا ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَعَمَّ مِنْهُ .
( قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ جَازَ وَكُرِهَ عِنْدَهُ ) قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَابِ النَّوَافِلِ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ ابْتِدَاءً وَكُرِهَ بَقَاءً إلَّا بِعُذْرٍ ا هـ فَأَفَادَ عَدَمَ كَرَاهَةِ الْقُعُودِ ابْتِدَاءً بِلَا عُذْرٍ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الْقُعُودُ بَعْدَمَا شَرَعَ قَائِمًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَكِنْ هُوَ مَرْجُوحٌ لِمَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ ذَكَرَ فِي مَبْسُوطِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَجَامِعِ ابْنِ الْمُعِينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ فِي النَّفْلِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّحِيحِ ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَشْرُوعٌ بِلَا كَرَاهَةٍ

فَالْبَقَاءُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ حُكْمِ الِابْتِدَاءِ ا هـ .
وَلِقَوْلِ الْكَمَالِ الْأَصَحُّ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ ، وَإِنْ قَعَدَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الِاتِّكَاءَ يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْقُعُودُ لَا يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَوْلُهُ ، وَإِنْ قَعَدَ يَعْنِي بَعْدَمَا افْتَتَحَ قَائِمًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ .
وَقَوْلُهُ بِالِاتِّفَاقِ يُخَالِفُ قَوْلَهُ قُبَيْلَ هَذَا لَوْ قَعَدَ يَجُوزُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ .
ا هـ .
قُلْتُ الْحُكْمُ بِالْمُخَالَفَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ غَيْرُ مُتَّحِدَةٍ إذْ مَوْضُوعُ قَوْلِهِ أَوَّلًا فِي الْقُعُودِ ابْتِدَاءً وَثَانِيًا فِي الْقُعُودِ بَقَاءً وَأَيْضًا فِي تَعْبِيرِ الْعِنَايَةِ بِلَفْظِ يَعْنِي تَجَوُّزٌ ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْهِدَايَةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْقُعُودِ بَقَاءً إذْ هُوَ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُ فَتَأَمَّلْ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يَجُزْ ) أَقُولُ أَيْ لَمْ يَجُزْ بَعْدَ مَا افْتَتَحَ قَائِمًا إتْمَامَهُ جَالِسًا بِلَا عُذْرٍ عِنْدَهُمَا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ ؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ قَاعِدًا ابْتِدَاءً مُطْلَقًا جَائِزٌ اتِّفَاقًا .

( جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَضَى الْخَمْسَ ، وَإِنْ زَادَ وَقْتُ الصَّلَاةِ لَا ) لِمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ الْفَوَائِتِ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَضَاهُنَّ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَقَضَاهُنَّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَمْ يَقْضِهِنَّ فَدَلَّ أَنَّ التَّكْرَارَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّخْفِيفِ وَالْجُنُونُ كَالْإِغْمَاءِ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ هُوَ الصَّحِيحُ ( وَهُوَ الْأَصَحُّ ) إلَّا مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ أَيْ الْأَزْمِنَةُ لَا مَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ النُّجُومِ ( زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ أَوْ الْخَمْرِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ ، وَإِنْ طَالَ ) أَيْ زَوَالُ الْعَقْلِ ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عُرِفَ بِالْأَثَرِ إذَا حَصَلَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ .
( قَوْلُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الْمَسْطُورُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّبْيِينِ وَالْكَافِي ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَلَمْ أَرَهُ كَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْت مِنْ النُّقُولِ .
( قَوْلُهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ بِسَبَبِ ضَعْفِ قَلْبِهِ وَهُوَ مَرَضٌ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .

( قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ مِنْ الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ ) لَفٌّ وَنَشْرٌ ( لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ ) ، كَذَا فِي الْكَافِي ( وَقِيلَ إنْ وَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ يَأْمُرُهُ لِيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَمَوْضِعَ الْقَطْعِ وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ وَإِلَّا وَضَعَ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ فِي الْمَاءِ أَوْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ وَمَوْضِعَ الْقَطْعِ عَلَى جِدَارٍ فَيُصَلِّيَ ) ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
( قَوْلُهُ قُطِعَتْ يَدَاهُ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ .
وَفِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ لَوْ كَانَ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ مَقْطُوعًا مِنْ الْكَعْبِ أَوْ دُونَهَا فَإِنْ غَسْلَ مَوْضِعِ الْقَطْعِ فَرْضٌ ، وَلَوْ قُطِعَتْ فَوْقَ الْكَعْبِ سَقَطَ لِزَوَالِ الْمَحَلِّ ، وَلَوْ شُلَّتْ يَدَاهُ وَعَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الطُّهُورَيْنِ يَمْسَحُ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ بِالْحَائِطِ أَوْ الْأَرْضِ وَلَا يَدَعْ الصَّلَاةَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْكَرْخِيِّ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَلَا يُعِيدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْفَيْضِ .

( بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ ) ( كُلُّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ ) أَيْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَهُوَ خَارِجَ عُمُرَانِ مُقَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقَامُهُ مِصْرًا أَوْ قَرْيَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ ( جَازَ فِيهِ ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ( التَّطَوُّعُ لَهُ ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ ( وَلِغَيْرِهِ عَلَيْهَا ) أَيْ عَلَى الدَّابَّةِ ( بِإِيمَاءٍ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ ) الدَّابَّةُ قِبْلَةً كَانَ أَوْ لَا ( وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ ) أَيْ جَازَ التَّطَوُّعُ فِيهِ عَلَى تَقْدِيمِ عَدَمِ الْعُذْرِ .
( وَ ) جَازَ فِيهِ ( الْمَكْتُوبَةُ بِهِ ) أَيْ بِعُذْرٍ قَالَ قَاضِي خَانْ إذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ بِعُذْرٍ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إيقَافِهَا جَازَ الْإِيمَاءُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَتْ تَسِيرُ ، وَإِنْ قَدَرَ لَمْ يَجُزْ لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ بِسَيْرِهَا .
وَفِي الْقُنْيَةِ إذَا سَيَّرَهَا رَاكِبُهَا لَا يُجْزِئُهُ الْفَرْضُ وَلَا التَّطَوُّعُ ( وَهُوَ ) أَيْ الْعُذْرُ ( أَنْ يَخَافَ فِي النُّزُولِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ كَانَ فِي طِينٍ لَا يَجِدُ مَكَانًا جَافًّا أَوْ ) كَانَ ( عَاجِزًا ) لِكِبَرِ سِنِّهِ أَوْ ضَعْفِ مِزَاجِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ( أَوْ دَابَّتُهُ جَمُوحٌ لَوْ نَزَلَ لَا يَرْكَبُ بِغَيْرِ مُعِينٍ ) ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ( أَوْ ) كَانَ ( فِي الْبَادِيَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْقَافِلَةُ تَسِيرُ ) فَإِنَّهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَثِيَابِهِ لَوْ نَزَلَ ، كَذَا فِي الْكَافِي ( وَيَنْزِلُ لِلْوِتْرِ ) وَعِنْدَهُمَا لَا كَالسُّنَنِ .
( بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ ) إلَخْ تَقَدَّمَ فِي الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ عَنْهُ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا كَالسُّنَنِ ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ .

( بَابُ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ ) الْأَصْلُ فِيهَا مَا رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى الْحَبَشَةِ أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا إلَّا أَنْ يَخَافَ الْغَرَقَ } وَعَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ سَأَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فَقَالَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَصَلِّ قَاعِدًا ، وَإِنْ كَانَتْ رَاسِيَةً فَصَلِّ قَائِمًا ( يَتَوَجَّهُ الْمُصَلِّي فِيهَا الْقِبْلَةَ ) بِأَنْ يَدُورَ إلَيْهَا ( كَيْفَمَا دَارَتْ ) السَّفِينَةُ ( عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَفِي الصَّلَاةِ ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ سَيْرِ الدَّابَّةِ ( الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ ) فِي السَّفِينَةِ ( وَ ) الْقَادِرُ عَلَى ( الْخُرُوجِ ) عَنْهَا ( صَلَّى قَاعِدًا فِيهَا ) لَفٌّ وَنَشْرٌ أَيْ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ فِيهَا صَلَّى قَاعِدًا وَالْقَادِرُ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْهَا صَلَّى فِيهَا ( جَازَتْ ) تِلْكَ الصَّلَاةُ يَعْنِي أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَلْزَمُ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْعَجْزُ وَاسْوِدَادُ الْعَيْنِ وَالْغَالِبُ كَالْكَائِنِ لَكِنَّهُ تَرَكَ الْأَفْضَلَ ( وَالْأَفْضَلُ الْقِيَامُ ) فِي الْأَوَّلِ ( وَالْخُرُوجُ ) فِي الثَّانِي ( لَا تَجُوزُ ) الصَّلَاةُ ( قَاعِدًا فِي الْمَرْبُوطَةِ فِي الشَّطِّ ) بِالْإِجْمَاعِ ( إلَّا أَنْ يَدُورَ رَأْسُهُ ) فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ .

( بَابُ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ ) .
( قَوْلُهُ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ
إلَخْ ) أَيْ حَالَ جَرَيَانِهَا .
( قَوْلُهُ جَازَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَا لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا قَاعِدًا إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْعُذْرُ كَدَوَرَانِ الرَّأْسِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ الْقِيَامُ فِي الْأَوَّلِ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي صَلَاتِهِ قَاعِدًا عِنْدَ الْإِمَامِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ أَجْزَأَهُ ، وَقَدْ أَسَاءَ .
( قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا فِي الْمَرْبُوطَةِ بِالشَّطِّ بِالْإِجْمَاعِ ) أَقُولُ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ فِي الْمَرْبُوطَةِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْمَرْبُوطَةِ قَائِمًا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ .
وَفِي الْإِيضَاحِ فَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً فِي الشَّطِّ وَهِيَ عَلَى قَرَارِ الْأَرْضِ فَصَلَّى قَائِمًا جَازَ ؛ لِأَنَّهَا إنْ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَرْضِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً وَيُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهَا ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَسْتَقِرَّ فَهِيَ كَالدَّابَّةِ ا هـ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقَرَّتْ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ كَالسَّرِيرِ ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
ا هـ .
وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ ا هـ .
وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَرْبُوطِ بِالشَّطِّ احْتِرَازًا عَنْ الْمَرْبُوطَةِ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ ، وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ الرِّيحُ يُحَرِّكُهَا شَدِيدًا فَهِيَ كَالسَّائِرَةِ وَإِلَّا فَكَالْوَاقِفَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدُورَ رَأْسُهُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ ) أَقُولُ وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ وَأَرَادَ بِالصَّلَاةِ قَاعِدًا كَوْنَهَا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِالْإِيمَاءِ فِيهَا اتِّفَاقًا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُحِيطِ .

( لَا يَقْتَدِي أَهْلُ سَفِينَةٍ بِإِمَامٍ فِي ) سَفِينَةٍ ( أُخْرَى ) لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ ( إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَا ) فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ لِاتِّحَادِ الْمَكَانِ حُكْمًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا عَلَى الدَّابَّتَيْنِ ( الْمُقْتَدِي عَلَى الشَّطِّ وَالْإِمَامُ فِيهَا ) أَيْ فِي السَّفِينَةِ ( أَوْ بِالْعَكْسِ لَوْ ) كَانَ ( بَيْنَهُمَا مَانِعٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ ) كَالطَّرِيقِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنْ النَّهْرِ ( لَمْ يَجُزْ ) الِاقْتِدَاءُ ( وَإِلَّا جَازَ ) .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الدَّابَّتَيْنِ ) أَقُولُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ اُسْتُحْسِنَ أَنَّهُ يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُمْ إذَا كَانَتْ دَوَابُّهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ دَابَّةِ الْإِمَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَكُونُ الْفُرْجَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ إلَّا بِقَدْرِ الصَّفِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى صَلَاةِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ .
( قَوْلُهُ كَالطَّرِيقِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنْ النَّهْرِ ) أَطْلَقَ فِي الطَّائِفَةِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِمِقْدَارِ نَهْرٍ عَظِيمٍ قُلْت وَالْمُرَادُ بِالْعَظِيمِ مَا يَجْرِي فِيهِ الزَّوْرَقُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ .

( بَابُ الْمُسَافِرِ ) ( هُوَ مَنْ جَاوَزَ بُيُوتَ مُقَامِهِ ) أَيْ مَوْضِعَ إقَامَتِهِ أَعَمُّ مِنْ الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ فَإِنَّ الْخَارِجَ مِنْ قَرْيَتِهِ لِلسَّفَرِ مُسَافِرٌ أَيْضًا فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِمْ بُيُوتُ بَلَدِهِ جَمْعُ الْبُيُوتِ إذْ لَوْ بَقِيَ أَمَامَهُ بَيْتٌ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا ( قَاصِدًا قَطْعَ مَسَافَةٍ ) فَمَنْ جَاوَزَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَوْ قَصَدَ وَلَمْ يُجَاوِزْ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا ( تُقْطَعُ ) أَيْ مِنْ شَأْنِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ أَنْ تُقْطَعَ ( بِسَيْرٍ وَسَطٍ ) اُعْتُبِرَ فِي الْوَسَطِ لِلْبَرِّ سَيْرُ الْإِبِلِ وَالرَّاجِلِ وَلِلْبَحْرِ اعْتِدَالُ الرِّيحِ وَلِلْجَبَلِ مَا يَلِيقُ بِهِ ( فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ ) مَعْنَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ الَّتِي تَكُونُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْشِيَ دَائِمًا بَلْ يَمْشِي فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَيَسْتَرِيحُ فِي بَعْضِهَا وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِكَوْنِ اللَّيَالِي مِنْ أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ تُرِكَتْ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَذُكِرَتْ فِي بَعْضِهَا ( وَيُرَخَّصُ لَهُ ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ ( وَلَوْ ) كَانَ ( عَاصِيًا فِيهِ ) أَيْ فِي سَفَرِهِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَسَفَرِ الْمَرْأَةِ لِلْحَجِّ بِلَا مَحْرَمٍ وَسَفَرِ الْعَبْدِ الْآبِقِ مِنْ مَوْلَاهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هَذَا السَّفَرُ لَا يُفِيدُ الرُّخْصَةَ ( قَصْرُ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ ) فَاعِلُ يُرَخَّصُ قَيَّدَ بِالْفَرْضِ إذْ لَا قَصْرَ فِي السُّنَنِ وَبِالرُّبَاعِيِّ لِيُخْرِجَ الْفَجْرَ وَالْمَغْرِبَ لِمَا رُوِيَ { عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ فِي الْأَصْلِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ضَمَّ إلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا غَيْرَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرًا لِنَهَارٍ ثُمَّ زِيدَتْ فِي الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ } ( حَتَّى يَدْخُلَ مُقَامَهُ )

غَايَةٌ لِقَوْلِهِ وَيُرَخَّصُ ( أَوْ يَنْوِي إقَامَةَ نِصْفِ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ بِبَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ ) تَقْيِيدُهُ بِهِمَا إشْعَارٌ بِأَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ لَا تَصِحُّ فِي الْمَفَاوِزِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ قَالَ فِي الْكَافِي قَالُوا هَذَا إذَا سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا فَإِنْ لَمْ يَسِرْ ثَلَاثَةً تَصِحُّ ( فَيَقْصُرَ ) أَيْ إذَا كَانَ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ مُقَدَّرَةً بِنِصْفِ شَهْرٍ لَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِيمَا دُونَهُ فَيَقْصُرَ ( إنْ نَوَى ) الْإِقَامَةَ ( فِي أَقَلَّ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ ( أَوْ فِيهِ ) لَكِنْ ( بِمَوْضِعَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ ) كَمَكَّةَ وَمِنًى فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذْ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا فَأَمَّا إذَا تَبِعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِأَنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ قَرِيبَةً مِنْ الْمِصْرِ بِحَيْثُ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى سَاكِنِهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِمَا فَيُتِمُّ بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْحُكْمِ كَمَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، كَذَا فِي التُّحْفَةِ ( أَوْ دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَنْوِهَا ) أَيْ الْإِقَامَةَ ثَمَّةَ بَلْ هُوَ عَلَى عَزْمِ أَنْ يَخْرُجَ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ ( وَبَقِيَ سِنِينَ ) فَإِنَّهُ أَيْضًا يَقْصُرُ ( وَعَسْكَرَ ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ يَقْصُرُ أَيْ يَقْصُرُ عَسْكَرٌ دَخَلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ( وَنَوَاهَا ) أَيْ الْإِقَامَةَ بِدَارِ الْحَرْبِ نِصْفَ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ ( وَإِنْ حَاصَرُوا حِصْنًا فِيهَا ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ الْقَرَارِ وَالْفِرَارِ لَكِنْ مَنْ دَخَلَ فِيهَا بِأَمَانٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ صَحَّتْ ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ( أَوْ ) نَوَاهَا ( بِدَارِنَا وَحَاصَرَ الْبُغَاةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ) أَيْ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُمْ أَيْضًا يَقْصُرُونَ وَلَا تَجُوزُ إقَامَتُهُمْ .

( بَابُ الْمُسَافِرِ ) أَيْ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَأَصْلُ الْمُفَاعَلَةِ أَنْ تَكُونَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُنَا مِنْ وَاحِدٍ أَوْ نَقُولُ الْمُسَافَرَةُ مِنْ السَّفَرِ وَهُوَ الْكَشْفُ ، وَقَدْ حَصَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يَنْكَشِفُ لِلطَّرِيقِ وَالطَّرِيقُ تَنْكَشِفُ لَهُ ا هـ .
كَذَا فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ لِنَظْمِ الْكَنْزِ .
وَأَمَّا الْإِضَافَةُ فِيهِ فَهِيَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى شَرْطِهِ أَوْ الْفِعْلِ إلَى فَاعِلِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالسَّفَرُ فِي اللُّغَةِ قَطْعُ الْمَسَافَةِ وَهُنَا قَطْعٌ خَاصٌّ ( قَوْلُهُ مَنْ جَاوَزَ بُيُوتَ مُقَامِهِ
إلَخْ ) لَا يَشْمَلُ أَهْلَ الْأَخْبِيَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مُجَاوَزَةُ بَيْتٍ بَلْ انْتِقَالٌ عَنْ مَحَلِّهِ ا هـ .
وَيَدْخُلُ مَا كَانَ مِنْ مَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ وَفِي الْقَدِيمِ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْمِصْرِ وَيَدْخُلُ فِي بُيُوتِ الْمِصْرِ رَبَضُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالرَّبَضُ مَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ كَمَا فِي الْبَحْرِ .
وَأَمَّا فِنَاءُ الْمِصْرِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمِصْرِ كَرَكْضِ الدَّوَابِّ وَدَفْنِ الْمَوْتَى فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ ، وَقَدْ فَصَّلَ فِيهِ قَاضِي خَانْ فَقَالَ وَهَلْ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ إنْ كَانَ بَيْنَ الْمِصْرِ وَفِنَائِهِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ غَلْوَةٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَزْرَعَةٌ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ أَيْضًا ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَزْرَعَةٌ أَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْمِصْرِ وَفِنَائِهِ قَدْرَ غَلْوَةٍ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ عُمْرَانُ الْمِصْرِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ هَذَا الِانْفِصَالُ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ قَرْيَةٍ وَمِصْرٍ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَّصِلَةً بِرَبَضِ الْمِصْرِ فَالْمُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقُرَى هُوَ الصَّحِيحُ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مُتَّصِلَةً بِفِنَاءِ الْمِصْرِ لَا بِرَبَضِ الْمِصْرِ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقَرْيَةِ ا هـ .
وَقَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَقْلِهِ

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ مُفَارَقَةُ بُيُوتِ الْمِصْرِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ فَفِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ أَيْ الْهِدَايَةِ إرْسَالٌ غَيْرُ وَاقِعٍ ، وَلَوْ ادَّعَيْنَا ثُبُوتَ تِلْكَ الْقُرَى دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الْمِصْرِ انْدَفَعَ هَذَا لَكِنَّهُ تَعَسُّفٌ ظَاهِرٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ إذْ لَوْ بَقِيَ أَمَامَهُ بَيْتٌ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُحَاذَاةُ الْعُمْرَانِ لِأَحَدِ جَانِبَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ .
( قَوْلُهُ قَاصِدًا قَطْعَ مَسَافَةٍ ) أَقُولُ أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ حَتَّى لَوْ خَرَجَ صَبِيٌّ وَكَافِرٌ قَاصِدَيْنِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَفِي أَثْنَائِهَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ يَقْصُرُ الَّذِي أَسْلَمَ فِيمَا بَقِيَ وَيُتِمُّ الَّذِي بَلَغَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ مِنْ الصَّبِيِّ حَيْثُ أَنْشَأَ السَّفَرَ بِخِلَافِ النَّصْرَانِيِّ وَالْبَاقِي بَعْدَ صِحَّةِ النِّيَّةِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ لَكِنْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ الْحَائِضُ إذَا طَهُرَتْ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَقْصِدِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تُصَلِّي أَرْبَعًا هُوَ الصَّحِيحُ ا هـ قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا لَا تَنْزِلُ عَنْ رُتْبَةِ الَّذِي أَسْلَمَ فَكَانَ حَقُّهَا الْقَصْرَ مِثْلَهُ ا هـ .
وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ أَحَدَ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ ذَكَرَهَا الْمَقْدِسِيُّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ وَثَانِيهَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْحُكْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّابِعِ وَثَالِثُهَا أَنْ يَنْوِيَ سَفَرًا صَحِيحًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا فَوْقَهَا وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
( قَوْلُهُ وَلِلْبَحْرِ اعْتِدَالُ الرِّيحِ ) هَذَا مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَمْ يَذْكُرْ مَسِيرَ السَّفَرِ فِي الْمَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ .
( قَوْلُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) أَقُولُ الْمُرَادُ مَنْ قَصَرَ أَيَّامَ السَّنَةِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا

يُقَدَّرُ بِالْمَرَاحِلِ وَلَا الْفَرَاسِخِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْفَرَاسِخِ هُوَ الصَّحِيحُ .
ا هـ
وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّهُمْ قَدَّرُوهَا بِالْفَرَاسِخِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ .
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ اخْتَارَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ تَقْدِيرَ أَقَلِّ مُدَّةِ السَّفَرِ بِالْأَمْيَالِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ بِثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ مِيلًا ، وَقِيلَ يُفْتَى بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَقِيلَ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ ا هـ .
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى اعْتِبَارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا .
وَفِي الْمُجْتَبَى فَتْوَى أَكْثَرِ أَئِمَّةِ خَوَارِزْمَ عَلَى خَمْسَةَ عَشْرَةَ فَرْسَخًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِالْفَرَاسِخِ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَأَنَا أَعْجَبُ مِنْ فَتْوَاهُمْ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ بِمَا يُخَالِفُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ خُصُوصًا الْمُخَالِفَ لِلنَّصِّ الصَّرِيحِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ
إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِمَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَفَرُ كُلِّ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ حَتَّى لَوْ بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَشَى إلَى الزَّوَالِ وَبَلَغَ الْمَرْحَلَةَ وَنَزَلَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَبَاتَ فِيهَا ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَصِيرُ مُسَافِرًا ا هـ .
وَهُوَ تَصْحِيحُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ عَاصِيًا فِيهِ ) أَقُولُ خِلَافَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لَا فِي سَفَرِهِ ؛ لِأَنَّ الْعَاصِيَ فِي سَفَرِهِ يَقْصُرُ اتِّفَاقًا .
( قَوْلُهُ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ
إلَخْ ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْعَاصِي فِي سَفَرِهِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِصْيَانُ فِي السَّفَرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْعَاصِي بِسَفَرِهِ بِأَنْ ابْتَدَأَهُ مُلْتَبِسًا بِالْمَعْصِيَةِ .
( قَوْلُهُ قَصْرُ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ فَاعِلُ يُرَخَّصُ ) أَقُولُ لَعَلَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ يُرَخَّصُ وَسَقَطَ الْمُضَافُ فِي خَطِّ النَّاسِخِ أَوْ

هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الزَّمَخْشَرِيِّ .
( قَوْلُهُ غَيْرَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ ) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ الصَّلَاةُ فُرِضَتْ فِي الْأَصْلِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَجْرَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ الضَّمِّ .
( قَوْلُهُ ثُمَّ زِيدَتْ فِي الْحَضَرِ ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ ضُمَّ إلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلُهَا .
( قَوْلُهُ وَأُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ عِنْدَنَا وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَنْ حَكَى خِلَافًا بَيْنَ الشَّارِحِينَ فِي أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَنَا عَزِيمَةٌ أَوْ رُخْصَةٌ فَقَطْ غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ رُخْصَةٌ عَنَى رُخْصَةَ الْإِسْقَاطِ وَهِيَ الْعَزِيمَةُ وَتَسْمِيَتُهَا رُخْصَةً مَجَازٌ وَهَذَا بَحْثٌ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ أَوْ يَنْوِيَ إقَامَةَ نِصْفِ شَهْرٍ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى إنَّمَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ بِخَمْسِ شَرَائِطَ تَرْكُ السَّيْرِ وَصَلَاحِيَةُ الْمَوْضِعِ وَاتِّحَادُهُ وَالْمُدَّةُ وَالِاسْتِقْلَالُ بِالرَّأْيِ ا هـ قُلْت وَهِيَ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
( قَوْلُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ ) أَقُولُ لَكِنَّهُ قَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ قُلْتُ وَظَاهِرُهُ شُمُولُ أَهْلِ الْأَخْبِيَةِ لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ وَلَكِنْ قَالَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إنَّهُ أَيْ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ الْأَصَحُّ فَفِيهِ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ الْمُتَقَدِّمَ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ .
( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكَافِي قَالُوا هَذَا
إلَخْ ) أَقُولُ ، وَقَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ مِنْ الْعَسْكَرِ قَبْلَ الْفَتْحِ ا هـ .
وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِمَّا سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَحِلَّ فِطْرُهُ رَمَضَانَ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ يَوْمَانِ ا هـ .
وَقَالَ الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُجْتَبَى لَا يَبْطُلُ السَّفَرُ إلَّا بِنِيَّةِ

الْإِقَامَةِ أَوْ دُخُولِ الْوَطَنِ أَوْ الرُّجُوعِ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَحْثًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمِصْرِ مُطْلَقًا وَسَاقَ فِي اسْتِدْلَالِهِ مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ فَقَصَرَ وَهُوَ يَرَى الْبُيُوتَ فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ الْكُوفَةُ قَالَ لَا حَتَّى نَدْخُلَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالْكُوفَةُ بِمَرْأًى مِنْهُمْ فَقِيلَ لَهُ إلَخْ .
ا هـ .
قُلْت وَمَا اسْتَظْهَرَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مَا لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ قَبْلَ اسْتِحْكَامِ مُدَّةِ السَّفَرِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ .
( قَوْلُهُ : كَذَا فِي التُّحْفَةِ ) أَقُولُ .
وَفِي التَّبْيِينِ ( قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَنْوِهَا ) أَقُولُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَمِيرَ الْقَافِلَةِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلِسَانُ الْحَالِ أَنْطَقُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
( قَوْلُهُ أَوْ حَاصَرَ الْبُغَاةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ) أَقُولُ ، كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْهَا الْهِدَايَةُ قَالَ ، وَكَذَا أَيْ يَقْصُرُونَ إذَا حَاصَرُوا أَهْلَ الْبَغْيِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ أَوْ حَاصَرُوهُمْ فِي الْبَحْرِ ؛ لِأَنَّ حَالَهُمْ يُبْطِلُ عَزِيمَتَهُمْ ا هـ فَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُحَاصَرَةُ بِمِصْرٍ صَحَّتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي غَيْرِ مِصْرٍ وَقَوْلَهُ فِي الْبَحْرِ لَيْسَ بِقَيْدٍ حَتَّى لَوْ نَزَلُوا مَدِينَةَ أَهْلِ الْبَغْيِ وَحَاصَرُوهُمْ فِي الْحِصْنِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُمْ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ مَدِينَتَهُمْ كَالْمَفَازَةِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ لَا يُقِيمُونَ فِيهَا ا هـ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ وَالْغَزِّيُّ لِهَذَا .

( لَا أَهْلُ أَخْبِيَةٍ ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ يَقْصُرُ أَيْ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ أَهْلُ أَخْبِيَةٍ كَالْأَعْرَابِ وَالْأَتْرَاكِ وَهُوَ جَمْعُ خِبَاءٍ وَهُوَ بَيْتٌ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ ( نَوَوْهَا ) أَيْ الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ( فِي الْأَصَحِّ ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ لَا تَجُوزُ إقَامَتُهُمْ بَلْ يَقْصُرُونَ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْأَمْصَارِ أَوْ فِي الْقُرَى وَالْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الرُّعَاةَ إذَا كَانُوا فِي تَرْحَالٍ مِنْ الْمَفَاوِزِ كَانُوا مُسَافِرِينَ إلَّا إذَا نَزَلُوا مَرْعًى وَعَزَمُوا عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَجْعَلَهُمْ مُقِيمِينَ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ جَمْعُ خِبَاءٍ وَهُوَ بَيْتٌ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ ) أَقُولُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الشَّعْرِ فَلَيْسَ بِخِبَاءٍ كَمَا فِي ضِيَاءِ الْحَلُومِ وَفِي الْمُغْرِبِ الْخِبَاءُ الْخَيْمَةُ مِنْ الصُّوفِ ا هـ .
وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ ( قَوْلُهُ إلَّا إذَا نَزَلُوا مَرْعًى
إلَخْ ) أَطْلَقَ فِيهِ ، وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ يَكْفِيهِمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ ا هـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ حَتَّى لَا يُخَالِفَ حَالُهُمْ عَزِيمَتَهُمْ .

( وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيَقْصُرُوا وَالضَّمِيرُ لِلْمُسَافِرِ أَيْ إنْ لَمْ يَقْصُرْ الْمُسَافِرُ بَلْ أَتَمَّ الْأَرْبَعَ ( فَإِنْ قَعَدَ الْأُولَى تَمَّ فَرْضُهُ ) ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ ثِنْتَانِ فَالْقَعْدَةُ الْأُولَى فَرْضٌ عَلَيْهِ فَإِذَا وُجِدَتْ يَتِمُّ فَرْضُهُ .
( وَ ) لَكِنَّهُ ( أَسَاءَ ) لِتَأْخِيرِ السَّلَامِ وَتَرْكِهِ وَاجِبَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فِي النَّفْلِ وَشَبَهُهُ عَدَمُ قَبُولِ صَدَقَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلِأَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَنَا رُخْصَةُ إسْقَاطٍ وَحُكْمُهُ أَنْ يَأْثَمَ الْعَامِلُ بِالْعَزِيمَةِ ( وَمَا زَادَ ) عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ ( نَفْلٌ وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ الْأُولَى ( بَطَلَ فَرْضُهُ ) وَانْقَلَبَ الْكُلُّ نَفْلًا لِمَا عَرَفْت أَنَّهُ تَرْكُ فَرْضٍ وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ افْتَتَحَهَا الْمُسَافِرُ بِنِيَّةِ الْأَرْبَعِ أَعَادَ حَتَّى يَفْتَتِحَهَا بِنِيَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ الرَّازِيّ وَهُوَ قَوْلُنَا ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى أَرْبَعًا فَقَدْ خَالَفَ فَرْضَهُ كَنِيَّةِ الْفَجْرِ أَرْبَعًا ، وَلَوْ نَوَاهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نَوَاهَا أَرْبَعًا بَعْدَ الِافْتِتَاحِ فَهِيَ مُلْغَاةٌ كَمَنْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ ثُمَّ نَوَى الْعَصْرَ ، كَذَا فِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي السُّنَنِ فَقِيلَ الْأَفْضَلُ هُوَ التَّرْكُ تَرَخُّصًا ، وَقِيلَ الْفِعْلُ تَقَرُّبًا .
وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ الْفِعْلُ حَالَ النُّزُولِ وَالتَّرْكُ حَالَ السَّيْرِ ، وَقِيلَ يُصَلِّي سُنَّةَ الْفَجْرِ خَاصَّةً ، وَقِيلَ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ أَيْضًا ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ .

( قَوْلُهُ فَإِنْ قَعَدَ فِي الْأُولَى تَمَّ فَرْضُهُ ) أَقُولُ يَعْنِي وَكَانَ قَدْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ تَمَّ فَرْضُهُ سَوَاءٌ نَوَى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
إلَخْ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ الْأُولَى بَطَلَ فَرْضُهُ ) أَقُولُ إلَّا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ لَمَّا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَيَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الرَّازِيِّ وَهُوَ قَوْلُنَا ) أَقُولُ الْمُرَادُ إسْنَادُ الْقَوْلِ لِلْمُتَكَلِّمِ فَقَطْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ نِيَّةَ أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا لَوْ نَوَى الْفَجْرَ أَرْبَعًا فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْعَدَدِ إذَا جَلَسَ آخِرَهَا قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَوْلُ الرَّازِيِّ الْمَنْقُولُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ مُقَابِلٌ لِلْمَذْهَبِ يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ فَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ أَجْزَأَتْهُ عَنْ فَرْضِهِ وَكَانَتْ الْأُخْرَيَانِ لَهُ نَافِلَةً وَيَصِيرُ مُسِيئًا بِتَأْخِيرِ السَّلَامِ وَهَذَا إذَا أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ أَمَّا إذَا نَوَى أَرْبَعًا فَإِنَّهُ يُبْتَنَى عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ سِتَّ رَكَعَاتٍ يَنْوِي الظُّهْرَ وَرَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجْزِيهِ عَنْ الْفَرْضِ خَاصَّةً وَيَبْطُلُ التَّطَوُّعُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجْزِيهِ الصَّلَاةُ وَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِيهَا لَا فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ يُوجِبُ الْخُرُوجَ مِنْ الْأُخْرَى فَكَذَا هُنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ تَفْسُدُ وَلَا تَكُونُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَنْقَلِبُ كُلُّهَا نَفْلًا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي السُّنَنِ ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ هُوَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ حَالُ الْفَرْضِ فَمَا حُكْمُ السُّنَنِ ؟ فَأَجَابَ بِمَا ذَكَرَ وَهُوَ أَيْضًا مِنْ شَرْحِ

الزَّاهِدِيِّ الْمُسَمَّى بِالْمُجْتَبَى .

( اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الْوَقْتِ صَحَّ ) اقْتِدَاؤُهُ ( وَأَتَمَّ ) مَا شَرَعَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الِاقْتِدَاءِ مِنْ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ وُجُوبِ التَّكْمِيلِ ( لَا بَعْدَهُ فِيمَا يَتَغَيَّرُ ) أَيْ لَا يَقْتَدِي الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ بَعْدَ الْوَقْتِ فِي فَرْضٍ يَتَغَيَّرُ بِالسَّفَرِ ( وَهُوَ الرُّبَاعِيُّ ) وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّ اقْتِدَاءَهُ بِهِ فِيهِمَا يَصِحُّ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَعْدَ الْوَقْتِ فِيمَا يَتَغَيَّرُ لِاسْتِلْزَامِهِ بِنَاءَ الْفَرْضِ عَلَى غَيْرِ الْفَرْضِ حُكْمًا أَمَّا فِي الْقَعْدَةِ إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ إذْ الْقَعْدَةُ فَرْضٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْإِمَامِ أَوْ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهِ نَفْلٌ عَلَى إمَامٍ فَرْضٌ عَلَى الْمُقْتَدِي وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ .

( قَوْلُهُ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الْوَقْتِ صَحَّ وَأَتَمَّ ) أَقُولُ أَيْ سَوَاءٌ اقْتَدَى بِهِ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ كُلِّهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَسَوَاءٌ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَإِذَا أَفْسَدَ صَلَاتَهُ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِزَوَالِ الِاقْتِدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا إذَا أَفْسَدَ ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَهُنَا لَمْ يَقْصِدْ سِوَى إسْقَاطَ فَرْضِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا حَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُ الْإِمَامِ إلَى الْأَرْبَعِ مَعَ أَنَّهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِخَلِيفَتِهِ الْمُقِيمِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُؤْتَمُّ الْمُسْتَخْلِفُ خَلِيفَةً عَنْ الْمُسَافِرِ كَانَ الْمُسَافِرُ كَأَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَأْخُذُ الْخَلِيفَةُ صِفَةَ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ مِنْ الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ كَمَا فِي الْفَتْحِ .
( قَوْلُهُ أَوْ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي
إلَخْ ) أَقُولُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَقْرَأْ الْإِمَامُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْآخَرَيْنِ فَاقْتَدَى بِهِ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّ بِالْقَضَاءِ تَلْحَقُ الْقِرَاءَةُ بِمَحَلِّ الْأَدَاءِ فَيَبْقَى الثَّانِي خَالِيًا عَنْ الْقِرَاءَةِ فَكَانَ بِنَاءُ الْمَوْجُودِ عَلَى الْمَعْدُومِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ .

( وَعَكْسُهُ ) أَيْ إنْ اقْتَدَى الْمُقِيمُ بِالْمُسَافِرِ ( صَحَّ فِيهِمَا ) أَيْ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ ؛ لِأَنَّ حَالَ الْمُقِيمِ لَا يَتَغَيَّرُ عَمَّا كَانَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ فِي الْوَقْتِ كَانَ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ ، وَكَذَا لَوْ اقْتَضَى بَعْدَ الْوَقْتِ ثُمَّ إنَّ الْمُقِيمَ الْمُقْتَدِي بِالْمُسَافِرِ إذَا قَامَ إلَى الْإِتْمَامِ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ ؛ لِأَنَّهُ كَاللَّاحِقِ حَيْثُ أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَفَرْضُ الْقِرَاءَةِ صَارَ مُؤَدًّى بِقِرَاءَةِ إمَامِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ بِالشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِ ، وَإِنْ قَرَأَ الْإِمَامُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ قِرَاءَةَ نَافِلَةٍ ( وَأَتَمَّ الْمُقِيمُ ) الْمُقْتَدِي بِالْمُسَافِرِ ؛ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي سَفَرِهِ بِالنَّاسِ ، وَقَالَ حِينَ سَلَّمَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ يَا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّا قَوْمٌ سُفْرٌ } .

( قَوْلُهُ كَانَ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ ) أَقُولُ الْقَعْدَةُ وَاجِبَةٌ ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ النَّفْلِ مَجَازًا لِاشْتِرَاكِ الْوَاجِبِ وَالنَّفَلِ فِي عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالتَّرْكِ .
( قَوْلُهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالَ الْكَاكِيُّ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ حَيْثُ قَالُوا يَقْرَأُ ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ وَلِهَذَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ، وَلَوْ سَهَا فِيمَا يُتِمُّ سَجَدَ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقْتَدٍ فَيَقْرَأُ السُّورَةَ مَعَ الْفَاتِحَةِ .
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ، وَلَوْ سَهَا فِيمَا يُتِمُّ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ كَاللَّاحِقِ فَإِنَّهُمْ أَدْرَكُوا أَوَّلَ الصَّلَاةِ ، وَقَدْ تَمَّ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
ا هـ .
قُلْت فَوُجُوبُ الْقِرَاءَةِ ضَعِيفٌ وَالِاسْتِشْهَادُ لَهُ بِوُجُوبِ السَّهْوِ اسْتِشْهَادٌ بِضَعِيفٍ مُوهِمٍ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ قَوْمٌ سَفْرٌ ) أَيْ مُسَافِرُونَ جَمْعُ مُسَافِرٍ كَرَكْبٍ وَصَحْبٍ فِي رَاكِبٍ وَصَاحِبٍ .

( وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ ) الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ ( أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنِّي مُسَافِرٌ ) كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( السَّفَرُ وَالْحَضَرُ لَا يُغَيِّرَانِ الْفَائِتَةَ ) أَيْ إذَا قَضَى فَائِتَةَ السَّفَرِ فِي الْحَضَرِ يَقْصُرُ وَإِذَا قَضَى فَائِتَةَ الْحَضَرِ فِي السَّفَرِ يُتِمُّ ( وَالْعِبْرَةُ فِي تَغْيِيرِ الْفَرْضِ بِآخِرِ الْوَقْتِ ) فَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ مُسَافِرٌ أُوجِبَ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّبَبِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَدَاءِ قَبْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ ( يَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِمِثْلِهِ فَقَطْ ، وَ ) يَبْطُلُ ( وَظَنُّ الْإِقَامَةِ بِمِثْلِهِ وَالسَّفَرِ وَالْأَصْلِيِّ ) الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْمَسْكَنُ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ مَوْضِعٌ نَوَى أَنْ يَتَمَكَّنَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّخِذَهُ مَسْكَنًا فَإِذَا كَانَ لِشَخْصٍ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ فَإِنْ اتَّخَذَ وَطَنًا أَصْلِيًّا آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ السَّفَرِ أَوْ لَا بَطَلَ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ الْأَوَّلُ حَتَّى لَوْ دَخَلَهُ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَا يُبْطِلُ الْوَطَنَ الْأَصْلِيَّ السَّفَرُ حَتَّى لَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ إلَيْهِ يَصِيرُ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ .
وَأَمَّا وَطَنُ الْإِقَامَةِ فَيَبْطُلُ بِمِثْلِهِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ وَطَنَ إقَامَةٍ اتَّخَذَهُ وَطَنًا بَعْدَ الْأَوَّلِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ ، وَكَذَا إذَا سَافَرَ عَنْهُ أَوْ انْتَقَلَ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ ( الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْأَصْلِ لَا التَّبَعِ ) يَعْنِي إذَا نَوَى الْأَصْلُ السَّفَرَ أَوْ الْإِقَامَةَ يَكُونُ التَّبَعُ كَذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ اسْتِقْلَالًا ( كَالْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا ) فَإِنَّهَا تَكُونُ تَبَعًا لَهُ إذَا كَانَتْ مُسْتَوْفِيَةً بِمَهْرِهَا وَإِلَّا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهَا ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ( وَالْعَبْدُ مَعَ مَوْلَاهُ وَالْجُنْدِيُّ مَعَ الْأَمِيرِ ) الَّذِي يَلِي عَلَيْهِ وَرِزْقُهُ مِنْهُ وَمِثْلُهُ

الْأَمِيرُ مَعَ الْخَلِيفَةِ ( وَالْأَجِيرُ مَعَ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ ) وَرِزْقُهُ مِنْهُ .

( قَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ
إلَخْ ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ .
وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ الْإِمَامُ الْقَوْمَ قَبْلَ شُرُوعِهِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ أَخْبَرَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي السِّرَاجِ .
وَقَالَ الْكَمَالُ مُعَلِّلًا لِلِاسْتِحْبَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَلْفَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلَا يَتَسَيَّرُ لَهُ الِاجْتِمَاعُ بِالْإِمَامِ قَبْلَ ذَهَابِهِ فَيَحْكُمُ حِينَئِذٍ بِفَسَادِ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ إقَامَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ إفْسَادُهُ بِسَلَامِهِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا مَحْمَلُ مَا فِي الْفَتَاوَى أَيْ كَقَاضِي خَانْ إذَا اقْتَدَى بِإِمَامٍ لَا يَدْرِي أَمُسَافِرٌ هُوَ أَوْ مُقِيمٌ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِحَالِ الْإِمَامِ شَرْطُ الْأَدَاءِ بِجَمَاعَةٍ ا هـ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ مُسْتَحَبًّا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُعَرِّفًا صِحَّةَ صَلَاتِهِ لَهُمْ لِحُصُولِهِ بِالسُّؤَالِ مِنْهُ .
( قَوْلُهُ بِآخِرِ الْوَقْتِ ) أَقُولُ وَهُوَ قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ .
( قَوْلُهُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ ) هُوَ الْمَسْكَنُ أَرَادَ بِهِ الْأَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَلَا عِيَالَ لَهُ أَوْ بِأَهْلِهِ كَأَنْ تَأَهَّلَ فِيهِ وَمِنْ قَصْدِهِ التَّعَيُّشُ لَا الِارْتِحَالُ ، وَكَذَا مَحَلُّ مَوْلِدِهِ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ وَهَذَا الْوَطَنُ وَطَنُ الْقَرَارِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّخَذَ وَطَنًا أَصْلِيًّا آخَرَ ) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ أَهْلٌ إذْ لَوْ بَقِيَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .
( قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهَا مُدَّةُ سَفَرٍ أَوْ لَا ) هَذَا بِالْإِجْمَاعِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ وَتَقْدِيمُ السَّفَرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْأَصْلِيِّ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ لِثُبُوتِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي أُخْرَى إنَّمَا يَصِيرُ الْوَطَنُ وَطَنَ إقَامَةٍ بِشَرْطِ أَنْ

يَتَقَدَّمَهُ سَفَرٌ وَيَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَارَ إلَيْهِ مِنْهُ مُدَّةُ سَفَرٍ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ لَا لِقَصْدِ السَّفَرِ فَوَصَلَ إلَى قَرْيَةٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا تَصِيرُ تِلْكَ الْقَرْيَةُ وَطَنَ إقَامَةٍ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ السَّفَرِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ السَّفَرِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ دَخَلَهُ ) أَيْ بَعْدَ مَا خَرَجَ مُسَافِرًا لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ .
( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ دَخَلَ وَطَنَ إقَامَةٍ اتَّخَذَهُ وَطَنًا بَعْدَ الْأَوَّلِ ) أَيْ بَعْدَ وَطَنِ الْإِقَامَةِ الْأَوَّلِ .
( قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ نِيَّةِ السَّفَرِ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا إذَا سَافَرَ ) أَيْ ، وَكَذَا يَبْطُلُ وَطَنُ الْإِقَامَةِ إذَا سَافَرَ عَنْهُ أَوْ انْتَقَلَ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لِوَطَنِ السُّكْنَى تَبَعًا لِلْمُحَقِّقِينَ قَالُوا لَا فَائِدَةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَعَامَّتُهُمْ أَيْ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ ، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فَائِدَتَهُ وَنَاقَشَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ .
( قَوْلُهُ الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْأَصْلِ لَا التَّبَعِ ) أَقُولُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَرْطِ عِلْمِ التَّبَعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْأَحْوَطُ كَمَا فِي الْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ التَّبَعِ لِتَوَقُّفِ الْخِطَابِ بِالْحُكْمِ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ .
( قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ مُسْتَوْفِيَةً بِمَهْرِهَا ) أَيْ مَهْرِهَا الْمُعَجَّلِ أَوْ مَا تُعُورِفَ تَعْجِيلُهُ .
( قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَشْمَلَ الْمُكَاتَبَ ؛ لِأَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَالْجُنْدِيُّ ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْكَنْزِ قَصْرُ التَّبَعِ عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ أَيْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْجُنْدِيِّ بَلْ هُوَ كُلُّ مَنْ كَانَ تَبَعًا

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25