كتاب : المبدع شرح المقنع
المؤلف : إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان
الدين
-------------------------------------
خاف بدأ بالفرض وفي تقديم الوتر إن خاف فوته والتراويح عليه وجهان وقيل إن صليت التراويح جماعة قدمت لمشقة الانتظار وإن كسف بعرفة صلى ثم دفع وإن منعت وقت نهي ذكر ودعا وقيل لا يتصور كسوف إلا في ثامن أو تاسع وعشرين ولا خسوف إلا في إبدار القمر واختاره الشيخ تقي الدين ورده في الفروع بما ذكره أبو شامة في تاريخه أن القمر خسف ليلة السادس عشر من جمادى الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة وكسف الشمس في غده والله على كل شيء قدير واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعيد واستبعده أهل النجامة وكسف الشمس يوم مات إبراهيم عاشر ربيع الأول قاله غير واحد ويستحب العتق في كسوفها نص عليه لأمر به عليه السلام قال في المستوعب وغيره لقادر وهو الظاهر.
باب صلاة الاستسقاء
وإذا أجدبت الأرض وقحط المطر فزع الناس إلى الصلاة ،.
-------------------------------------
باب صلاة الاستسقاءهو استفعال من السقيا قال القاضي عياض الاستسقاء بالدعاء بطلب السقيا فكأنه قال باب الصلاة لأجل طلب السقيا على صفة مخصوصة.
"وإذا أجدبت الأرض" أي أصابها الجدب وهو نقيض الخصب "وقحط المطر" أي احتبس "فزع الناس إلى الصلاة" وهي سنة مؤكدة لقول عبد الله بن زيد خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعوا وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة متفق عليه وظاهره يسن حضرا وسفرا جماعة وفرادى والأفضل جماعة حتى ولو كان القحط في غير أرضهم وظاهره اختصاصها بالجدب فلو غار ماء عين أو نهر أو نقص وضر فروايتان ولا استسقاء لانقطاع مطر عن أرض غير مسكونة ولا مسلوكة لعدم الضرر.
وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة العيد وإذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس وأمرهم بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم والصيام.
------------------------------------
"وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة العيد" لأنها في معناها قال ابن عباس سنة الاستسقاء سنة العيدين فعلى هذا تسن في الصحراء وأن يصلي ركعتين يكبر في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا من غير أذان ولا إقامة لأنه عليه السلام لم يقمها إلا في الصحراء وهي أوسع عليهم من غيرها وقال ابن عباس صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما كان يصلي في العيد قال الترمذي حديث حسن صحيح وعن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أنهم كانوا يصلون صلاة يكبرون فيها سبعا وخمسا رواه الشافعي من رواية إبراهيم بن أبي يحيى وهو مرسل وعن ابن عباس نحوه وزاده فيه وقرأ سبح وفي الثانية بالغاشية رواه الدارقطني وعنه ركعتين كصلاة التطوع وهي ظاهر الخرقي لقوله عبد الله بن زيد استسقى النبي صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتين رواه البخاري والأول أصح لأنها مطلقة ورواية ابن عباس مقيدة وقد علم أنها تفعل أول النهار وقيل الزوال وذكره ابن عبد البر من جماعة من العلماء.
"وإذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس" أي يخوفهم ويذكرهم بالخير فيما يرق به قلوبهم وينصحهم ويذكرهم بالعواقب "وأمرهم بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم" وذلك واجب لأن المعاصي سبب القحط والتقوى سبب للبركات لقوله تعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْض} [لأعراف: من الآية96] "والصيام" لأنه وسيلة إلى النزول الغيث وقد روي دعوة الصائم لا ترد ولما فيه من كسر الشهوة وحضور القلب والتذلل للرب زاد جماعة ثلاثة أيام وأنه يخرج صائما
وظاهر ما ذكروه: أنه لا يلزم الصوم بأمره مع أنهم صرحوا بوجوب طاعته
والصدقة وترك التشاحن ويعدهم يوما يخرجون فيه ويتنظف لها ولا يتطيب ويخرج متواضعا متخشعا متذللا متضرعا ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ ويجوز خروج الصبيان وقال ابن حامد يستحب.
-------------------------------------
في غير المعصية وذكره بعضهم إجماعا قال الفروع ولعل المراد في السياسة والتدبير والأمور المجتهد فيها لا مطلقا ولهذا جزم بعضهم يجب في الطاعة ويسن في المسنون ويكره في المكروه.
"والصدقة" لأنها متضمنة للرحمة المفضية إلى رحمتهم بنزول الغيث وترك التشاحن وهو تفاعل من الشحناء وهي العداوة لأنها تحمل على المعصية والبهت وتمنع نزول الخير بدليل قوله عليه السلام "خرجت لأخبركم بليلة القدر بتلاحى فلان وفلان فرفعت"
"ويعدهم يوما" أي يعينه لهم "يخرجون فيه" ليتهيئوا للخروج على الصفة المسنونة "ويتنظف لها" من إزالة الرائحة وتقليم الأظفار ونحوهما لئلا يؤذي الناس وهو يوم يجتمعون له أشبه الجمعة.
"ولا يتطيب" وفاقا لأنه يوم استكانة وخضوع "ويخرج متواضعا متخشعا متذللا متضرعا" لما روى ابن عباس قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللا متواضعا متخشعا متضرعا حتى أتى المصلى قال الترمذي حديث حسن صحيح.
"ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ" لأنه أسرع إلى إجابتهم وظاهره تخرج العجائز ومن لا هيئة لها والأشهر لا يستحب بل قال ابن عقيل ظاهر كلام أحمد أنه لا يجوز خروجهم وقيل يستحب وهو ظاهر كلام جماعة ولا تخرج ذات هيئة لأن الضرر في خروجهن أكثر.
"ويجوز خروج الصبيان" كالبهائم لأن الرزق مشترك بين الكل لكن المميز يستحب خروجه "وقال ابن حامد يستحب" لما روى البزار مرفوعا "لولا أطفال رضع وعباد ركع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا" ولأنهم لا ذنوب لهم فيكون دعاؤهم مستجابا كالمشايخ.
وإن خرج أهل الذمة لم يمنعوا ولم يختلطوا بالمسلمين.
-----------------------------------
والمذهب الأول لأن النص لا يدل على الاستحباب وألا لزم استحباب خروج البهائم وفي الفصول نحن لخروج الشيوخ والصبيان أشد استحبابا قال ويؤمر سادة العبيد بإخراج عبيدهم وإمائهم ولا يجب والمراد مع عدم الفتنة.
"وإن خرج أهل الذمة لم يمنعوا" لأنه خروج لطلب الرزق والله ضمن أرزاقهم كما ضمن أرزاق المسلمين والمذهب يكره لأنهم أعداء الله فهم بعيدون من الإجابة وإذا غيث المسلمون فربما ظنوه بدعائهم ونقل الميموني أنه لا يكره وهو ظاهر كلام أبي بكر
"ولم يختلطوا بالمسلمين" لقوله تعالى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [لأنفال: من الآية25] ولأنه لا يؤمن أن يصبيهم عذاب فيعم من حضر وظاهره أنهم لا يفردون بيوم لئلا يتفق نزول غيث يوم خروجهم وحدهم فيكون أعظم لفتنتهم وربما افتتن بهم غيرهم وقال ابن أبي موسى والسامري وصاحب التلخيص إفرادهم بيوم أولى لئلا يظنوا إنما حصل من السقيا بدعائهم وفي خروج عجائزهم الخلاف ولا تخرج منهم شابة بلا خلاف في المذهب ذكره في الفصول وجعل لأهل الذمة من خالف دين الإسلام في الجملة.
فائد: يستحب الاستسقاء بمن ظهر صلاحه لأنه أقرب إلى الإجابة وقد استسقى عمر بالعباس ومعاوية بيزيد بن الأسود واستسقى به الضحاك بن قيس مرة أخرى ذكره المؤلف وقال السامري وصاحب التلخيص لا بأس بالتوسل في الاستسقاء بالشيوخ والعلماء المتقين وقال في المذهب ويجوز أن يستشفع إلى الله برجل صالح وقيل يستحب قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه وجزم به في المستوعب وغيره.
فيصلي بهم ثم يخطب خطبة واحدة يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد ويكثر فيه الاستغفار وقراءة الآيات التي فيها الأمر به ،
---------------------------------------
"فيصلي بهم" ركعتين كالعيد وعنه بلا تكبير زائد وهو ظاهر الخرقي وفي النصيحة يقرأ في الأولى {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً} وفي الثانية ما أحب "ثم يخطب خطبة واحدة" لأنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فيه بأكثر منها
وعنه خطبتين كالعيد وهي بعد الصلاة على الأصح قال ابن عبد البر وعليه جماعة الفقهاء لقول أبي هريرة صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم ثم خطبنا رواه أحمد وكالعيد
وعنه قبلها روي عن عمر وابن الزبير كالجمعة وعنه يخير اختاره جماعة وعنه لا خطبة لها صححها ابن عقيل ونصرها في الخلاف فعليها يدعو بعدها وعلى الأول يخطب على منبر ويجلس للاستراحة ذكره الأكثر كالعيد في الأحكام والناس جلوس
"يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد" لقول ابن عباس صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء كما صنع في العيد وعنه يفتتحها بالحمد كالجمعة وقيل بالاستغفار لأنه مناسب قال المحرر والفروع ويكثر فيها الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن ذلك معونة على الإجابة وعن عمر قال الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك رواه الترمذي.
"ويكثر فيها الاستغفار" لأنه سبب لنزول الغيث روى سعيد أن عمر خرج يستسقي فلم يزد على الاستغفار فقالوا ما رأيناك استسقيت فقال لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي ينزل به المطر ثم قرأ {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} [نوح:10 ، 11 ] مدرارا نوح وعن علي نحوه
"وقراءة الآيات التي فيها الأمر بت" لقوله تعالى {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ
ويرفع يديه فيدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مجللا سحا عاما طبقا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانتين اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم إن بالبلاد والعباد من اللأواء والجهد
--------------------------------
تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: من الآية3].
"ويرفع يديه" في الدعاء وهو سنة لقول أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وكان يرفع حتى يرى بياض إبطه متفق عليه قال جماعة وظهورهما نحو السماء لحديث رواه مسلم
"فيدعوا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم" روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال ذلك كله وروى ابن عباس مرفوعا "اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا غدقا عاجلا غير رائث" رواه ابن ماجه وإسناده ثقات قوله غير رائث أي غير بطيء ولا متأخر وظاهره أن الدعاء مختص به وأن الناس يؤمنون وقال الخرقي بل يدعون.
"اللهم" أي يا لله "اسقنا "بوصل الهمزة وقطعها "غيثا" هو مصدر والمراد به المطر ويسمى الكلأ غيثا "مغيثا" هو المنقذ من الشدة يقال غاثه وأغاثه وغيثت الأرض فهي مغيثة ومغيوثة "هنيئا" هو ممدود مهموز وهو الذي يحصل من غير مشقة "مريئا" السهل النافع وهو ممدود مهموز المحمود العاقبة "غدقا" بفتح الدال وكسرها والمغدق الكثير الماء والخير "مجللا" السحاب الذي يعم العباد والبلاد نفعه "سحا" الصب يقال سح الماء يسح إذا سال من فوق إلى أسفل وساح يسيح إذا جرى على وجه الأرض "عاما" شاملا "طبقا" بفتح الطاء والباء الذي طبق البلاد مطره "دائما" أي متصلا إلى أن يحصل الخصب "اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين" القانط اليائس لقوله تعالى {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: من الآية53] أي لا تيأسوا "اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم إن بالبلاد والعباد من اللأواء" أي: الشدة وقال الأزهري شدة المجاعة "والجهد" بفتح الجيم.
والضنك ما لا نشكوه إليك اللهم انبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنزل علينا من بركاتك اللهم ارفع عنا الجوع والجهد والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا" ويستقبل القبلة في أثناء الخطبة ويحول رداءه فيجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على لأيمن.
------------------------------------
المشقة وبضمها الطاقة قاله الجوهري وقال ابن منجا هما المشقة ورد بما سبق
"والضنك" الضيق "ما لا نشكوه إلى إليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع" قال الجوهري الضرع لكل ذات ظلف أو خف "واسقنا ممن بركات السماء وأنزل علينا من بركاتك اللهم ارفع عنا الجوع والجهد والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا" المدرار الدائم إلى وقت الحاجة هذا الدعاء بكماله رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أن قوله "اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق" رواه الشافعي في مسنده عن المطلب بن حنطب وهو مرسل
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال "اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت" رواه أبو داود.
"و" يسن للإمام أن "يستقبل القبلة في أثناء الخطبة" لأنه عليه السلام حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه متفق عليه وقيل يستقبل بعد الخطبة وأطلقهما في الفروع قال النووي فيه استحباب استقبالها للدعاء ويلحق به الوضوء والغسل والتيمم والقراءة وسائر الطاعات إلا ما خرج بدليل كالخطبة
"ويحول رداءه" بعد استقبالها لما في حديث عبد الله أنه حول رداءه حين استقبل القبلة رواه مسلم "فيجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن"
ويفعل الناس كذلك ويتركونه حتى ينزعوه مع ثيابهم ويدعو سرا حال استقبال القبلة فيقول اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا.
---------------------------------------------
نص عليه لما روى أحمد وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن
وكان الشافعي يقول بهذا ثم رجع فقال يجعل أعلاه أسفله لما روى عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى وعليه خميصة سوداء فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها فثقلت عليه فقلبها الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن رواه أحمد وأبو داود وأجيب عن هذه الرواية على تقدير ثبوتها فهي ظن من الراوي وقد نقل التحويل جماعة لم ينقل أحد منهم أنه جعل أعلاه أسلفه ويبعد أنه عليه السلام ترك ذلك في جميع الأوقات لثقل الرداء
"ويفعل الناس كذلك" وهو قول أكثرهم لأن ما ثبت في حقه ثبت في حق غيره ما لم يقم دليل على اختصاصه كيف وقد عقل المعنى وهو التفاؤل بقلب الرداء ليقلب ما بهم من الجدب إلى الخصب مع أنه روى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه ليتحول القحط رواه الدارقطني.
"ويتركونه حتى ينزعوه مع ثيابهم" لعدم نقله ولم يذكرها المؤلف في الكافي وظاهر ما سبق أنه لا تحويل في كسوف ولا حالة الأمطار والزلزلة صرح به في الفروع وغيره
"ويدعوا سرا حال استقبال القبلة" لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبلغ في الخشوع لقوله تعالى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [لأعراف:55] الأعراف ويسن الجهر ببعضه حتى يحصل التأمين.
"فيقول اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا" لأن في ذلك استنجازا لما وعد من فضله,
فإن سقوا وإلا عادوا ثانيا وثالثا وإن سقوا قبل خروجهم شكروا الله تعالى وسألوه المزيد من فضله.
---------------------------------------------
حيث قال {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: من الآية186] فإن دعا بغير ذلك فلا بأس فإذا فرغ منه استقبلهم بوجهه ثم حثهم على الصدقة والبر والخير ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوا للمؤمنين وللمؤمنات ويقرأ آية ويقول أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين وقد فرغ منها ذكره السامري
" فإن سقوا" فذلك فضل من الله ونعمة "وإلا عاودوا ثانيا وثالثا" لأنه أبلغ في التضرع وقد روي أن الله تعالى يحب الملحين في الدعاء ولأن الحاجة داعية إلى ذلك فاستحب كالأول وقال أصبغ استسقي للنيل بمصر خمسة وعشرين مرة متوالية وحضره ابن وهب وابن القاسم وجمع.
"وإن" تأهبوا للخروج و "سقوا قبل خروجهم شكروا الله تعالى وسألوه المزيد من فضله" لأنهم إذا فعلوا ذلك زادهم الله من فضله قال الله تعالى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [ابراهيم: من الآية7] وظاهره أنهم لا يصلون لأنها تراد لنزول الغيث وقد وجد وقال القاضي وابن عقيل والجد في فروعه وجمع إنه يستحب خروجهم بعد التأهب ويصلون شكرا لله ويسألون المزيد لأن الصلاة شرعت لإزالة العارض من الجدب وذلك لا يحصل بمجرد النزول وقيل يخرجون ولا يصلون وقيل عكسه وذكر ابن منجا أن التشاغل عند نزول الغيث بالدعاء مستحب لقوله عليه السلام "يستجاب الدعاء عند ثلاث التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث" وقالت عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال "اللهم صيبا نافعا" رواه أحمد والبخاري فلو سقطوا بعد خروجهم صلوا وجها واحدا فإن كان في الصلاة أتمها وفي الخطبة روايتان.
مسألة: ذكر القاضي وجمع أن الاستسقاء ثلاثة أضرب أحدها ما وصفنا وهو أكملها الثاني استسقاء الإمام يوم الجمعة في خطبتها كما.
وينادى لها الصلاة جامعة وهل من شرطها إذن الإمام؟ على روايتين ويستحب أن يقف في أول المطر ويخرج رحله وثيابه ليصيبها.
----------------------------------
فعل النبي صلى الله عليه وسلم متفق عليه من حديث أنس والثالث يدعو الله تعالى عقيب صلواتهم وفي خلواتهم.
"وينادى لها الصلاة جامعة كالكسوف وهل من شرطها إذن الإمام على روايتين" إحداهما لا يشترط اختارها أبو بكر وابن حامد وقدمها في الفروع وهي ظاهر كلام الأكثر لأنها نافلة أشبهت النوافل فعليها يفعلها المسافر وأهل القرى ويخطب بهم أحدهم والثانية يشترط لفعله عليه السلام بأصحابه وكذلك الخلفاء من بعده وكالعيد فعليها إن خرجوا بغير إذنه دعوا وانصرفوا بلا صلاة وفي ثالثة يعتبر إذنه للصلاة والخطبة دون الخروج لها والدعاء وقال أبو بكر إن خرجوا بغير إذن صلوا ودعوا من غيرخطبة.
"ويستحب أن يقف في أول المطر ويخرج رحله" هو مسكن الرجل وما يستصحبه من الأثاث "وثيابه ليصيبها" لقول أنس أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا لم صنعت هذا قال "لأنه حديث عهد بربه" رواه مسلم وروي أنه عليه السلام كان ينزع ثيابه في أول المطر إلا الإزار يتزر به ولم يذكر المؤلف استحباب الوضوء والغسل منه وذكره جماعة واقتصر في الشرح على الوضوء فقط لأنه روي أنه عليه السلام كان يقول إذا سال الوادي "اخرجوا بنا إلى الذي جعله الله طهرا فنتطهر به" قال أبو المعالي ويقرأ عند فراغه {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس: من الآية89] تفاؤلا بالإجابة.
فائد: إذا سمع الرعد ورأى البرق سبح لما في الموطأ أن عبد الله بن الزبير كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ولا يتبع البصر البرق لأنه منهي عنه.
وإن زادت المياه فخيف منها استحب أن يقول اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الظراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا
------------------------------------
"وإن زادت المياه فخيف منها استحب أن يقول اللهم حوالينا ولا علينا" إلى آخره واقتصر في المذهب والفروع على ذلك لما في الصحيح أنه عليه السلام كان يقول ذلك ما عدا الآية وهي اللائقة بالحال فاستحب قولها كسائر الأقوال اللائقة بمحالها وفهم منه أن ماء العيون إذا زادت كذلك وأنه لا يصلى بل يدعو لأنه أحد الضررين فاستحب الدعاء لانقطاعه قال النووي ولا يشرع له الاجتماع في الصحراء وقد مر أن الآمدي قال يصلى لكثرة المطر.
قوله "اللهم حوالينا" أي أنزله حوالي المدينة مواضع النبات ولا علينا في المدينة ولا في غيرها من المباني
"اللهم على الظراب" جمع ظرب قال الجوهري هو بسكر الراء واحد الظراب وهي الروابي االصغار "والآكام" بفتح الهمزة يليها مدة على وزن آصال وتكسر الهمزة بغير مد على وزن جبال فالأول جمع أكم ككتب وأكم جمع إكام كجبال وأكم واحده أكمة فهو مفرد جمع أربع مرات قال عياض هو ما غلظ من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلا وكان أكثر ارتفاعا مما حوله كالتلول ونحوها وقال مالك هي الجبال الصغار قال الخليل هي حجر واحد.
"وبطون الأودية" هي الأمكنة المنخفضة "ومنابت الشجر" أي أصولها لأنه أنفع لها "ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به" أي لاتكلفنا من الأعمال ما لا نطيق وقيل هو حديث النفس والوسوسة وعن مكحول هو الغلمة وعن إبراهيم هي الحب وعن محمد بن عبد الوهاب هو العشق وقيل هو شماتة الأعداء وقيل هو الفرقة والقطيعة نعوذ بالله منها "واعف عنا" أي تجاوز وامح عنا ذنوبنا "واغفر لنا" أي استر علينا ذنوبنا ولا تفضحنا "وارحمنا" فإنا لا ننال العمل بطاعتك ولا ترك معاصيك إلا برحمتك "أنت مولانا" ناصرنا وحافظنا "فانصرنا
على القوم الكافرين.
---------------------------
على القوم الكافرين".
يستحب أن يقول مطرنا بفضل الله ورحمته ويحرم بنوء كذا لخبر زيد بن خالد وهو في الصحيحين وإضافة المطر إلى النوء دون الله كفر إجماعا ولا يكره في نوء كذا خلافا للآمدي إلا أن يقول مع ذلك برحمة الله تعالى.
كتاب الجنائز
باب الجنائز
كتاب الجنائز----------------------------------
كتاب الجنائز
الجنائز بفتح الجيم لا غير جمع جنازة بالكسر والفتح لغة ويقال بالفتح للميت وبالكسر للنعش عليه ميت ويقال عكسه فإذا لم يكن عليه ميت فلا يقال نعش ولا جنازة وإنما يقال له سرير قاله الجوهري واشتقاقه من جنز إذا ستر والمضارع بكسر النون وكان من حقه أن يذكر بين الوصايا والفرائض لكن ذكر هنا لأن أهم ما يفعل بالميت الصلاة فذكر في العبادات.
فصل: يستحب الإكثار من ذكر الموت والاستعداد لقوله عليه السلام "أكثروا من ذكر هاذم اللذات" هو بالذال المعجمة ويكره الأنين على الأصح وكذا تمنى الموت عند نزول الشدائد ويستحب أن يقول "اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي" ومراد الأصحاب غير تمني الشهادة على ما في الصحيح "من تمنى الشهادة خالصا من قلبه أعطاه الله منازل الشهداء" ولا يكره لضرر بدنه وقيل يستحب وفي كراهة موت الفجأة راويتان وفيه خبران متعارضان رواه أحمد ولعل الجمع بينهما يختلف باختلاف الأشخاص وكذا هما في حقنة لحاجة وقطع العروق وفصدها.
مسألة: التداوي مباح وتركه أفضل نص عليه واختار القاضي وجماعة فعله وقيل يجب زاد بعضهم إن ظن نفعه ويحرم بمحرم مأكول وغيره من صوت ملهاة وغيره نقله الجماعة في ألبان الأتن واحتج بتحريمها وفي الترياق والخمر ونقله المروزي في مداواة الدبر بالخمر ويجوز ببول إبل فقط ونقل الفضل في حشيشة تسكر تسحق وتطرح مع دواء لا بأس أما مع الماء فلا وشدد فيه وذكر جماعة أن الدواء المسموم إن غلب منه السلامة ورجي نفعه أبيح شربه لدفع ما هو أخطر منه كغيره وقيل لا لأن فيه تعريضا للتلف ويكره أن يستطب مسلم ذميا لغير ضرورة وأن يأخذ منه دواء لم يبين
تستحب عيادة المريض وتذكيره التوبة والوصية.
------------------------------------
مفرداته وصرح في المذهب بجوازه.
"تستحب عيادة المريض" والسؤال عن حاله لأخبار وقيل بعد ثلاثة أيام لفعله عليه السلام رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف عن أنس وأوجب الشيرازي وجماعة عيادته لظاهر الأمر به والمراد مرة واختاره الآجري وفي الرعاية فرض كفاية كوجه في ابتداء السلام ويغب بها وظاهر إطلاق جماعة خلافه قال في الفروع ويتوجه اختلافه باختلاف الناس والعمل بالقرائن
بكرة وعشيا ويكره وسط النهار نص عليه وفي رمضان ليلا لا مبتدع نص عليهما ويأخذ بيده ويقول لا بأس طهور إن شاء الله تعالى لفعله عليه السلام ويخبر بما يجد بلا شكوى وكان أحمد يحمد الله أولا لخبر ابن مسعود إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك.
وينفس له في أجله لخبر رواه ابن ماجه عن أبي سعيد فإن ذلك لا يرد شيئا ويدعو له ويستحب بما رواه أبو داود والحاكم وقال على شرط البخاري عن ابن عباس مرفوعا "ما من مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله يقول سبع مرات أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي" لكن ذكر ابن الجوزي يكره أن يعود امرأة غير محرم أو تعوده وتعود امرأة امرأة من أقاربها وإن كانت أجنبية فهل يكره يحتمل وجهين وأطلق غيره عيادتها.
"وتذكيره" إذا خيف موته قاله في الوجيز "التوبة" لأنها واجبة عليه على كل حال وهو أحوج إليها من غيرها لقوله عليه السلام "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" يعنى ما لم تبلغ روحه إلى حلقه "والوصية" لقوله عليه السلام "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه من حديث عمر
فإذا نزل به تعاهد بل حلقه بالماء أو الشراب وندى شفتيه بقطنة ولقنه قول لا إله إلا الله مرة ولم يزد على ثلاث إلا أن يتكلم بعده فيعيد تلقينه بلطف ومداراة ويقرأ عنده سورة يس وتوجيهه إلى القبلة.
-------------------------------------------
"فإذا نزل به" أي نزل الملك به لقبض روحه "تعاهد" أرفق أهله وأتقاهم لربه "بل حلقه بماء أو شراب وندى شفتيه بقطنة" لأن ذلك يطفئ ما نزل به من الشدة ويسهل عليه النطق بالشهادة.
"ولقنه قول لا إله إلا الله" لما روى مسلم عن أبي سعيد مرفوعا "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" وأطلق على المختضر ميتا باعتبار ما هو واقع لا محالة وعن معاذ مرفوعا "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" رواه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد واقتصر عليها لأن إقراره بها إقرار بالأخرى وفيه شيء وفي الفروع احتمال وقال بعض العلماء يلقن الشهادتين لأن الثانية تبع فلهذا اقتصر في الخبر على الأولى قال أبو المعالي ويكره من الورثة بلا عذر.
"مرة" نقله مهنا وأبو طالب "ولم يزد على ثلاث" لئلا يضجره وعن ابن المبارك لما حضره الموت فجعل رجل يلقنه لا إله إلا الله فأكثر عليه فقال إذا قلت مرة فأنا على ذلك ما لم أتكلم "إلا أن يتكلم بعده فيعيد تلقينه بلطف ومداراة" ذكره النووي إجماعا لأن اللطف مطلوب في كل موضع فهنا أولى.
"ويقرأ عنده سورة "يّس" لقوله عليه السلام "اقرؤوا {يّس} على موتاكم" رواه أبو داود وابن ماجه وفيه لين من حديث معقل بن يسار ولأنه يسهل خروج الروح ونص على أنه يقرأ عنده فاتحة الكتاب وقيل وتبارك.
"و" يستحب "توجيهه إلى القبلة" لقوله عليه السلام عن البيت الحرام "قبلتكم أحياء وأمواتا" رواه أبو داود ولقول حذيفة وجهوني.
وعلى جنبه الأيمن أفضل نص عليه إن كان المكان واسعا وعنه:
فإذا مات أغمض عينيه وشد لحييه ولين مفاصله وخلع ثيابه وسجاه بثوب يستره وجعل على بطنه مرآة أو نحوها.
------------------------------------------
مستلقيا اختاره الأكثر وعنه سواء وعلى الثانية يرفع رأسه قليلا ليصير وجهه إلى القبلة ذكره جماعة ويستحب تطهير ثيابه ذكره في المغني والشرح لأن أبا سعيد لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول "الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها" رواه أبو داود وذكر ابن الجوزي عن بعض العلماء أن المراد بثيابه عمله
"فإذا مات أغمض عينيه" لأن عليه السلام أغمض أبا سلمة وقال "إن الملائكة يؤمنون على ما تقولون" رواه مسلم وعن شداد مرفوعا "إذا حضرتم الميت فأغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح وقولوا خيرا فإنه يؤمن على ما قال" رواه أحمد ولئلا يقبح منظره ويساء به الظن ويقول من يغمضه بسم الله وعلى وفاة رسول الله نص عليه.
فرع: يغمض الرجل ذات محرم وتغمضه وكره أحمد أن تغمضه حائض أو جنب أو يقرباه وتغمض الأنثى مثلها أو صبي وفي الخنثى وجهان.
"وشد لحييه" لئلا يدخله الهوام أو الماء في وقت غسله
"ولين مفاصله" لتبقى أعضاؤه سهلة على الغاسل لينة ومعناه أن يرد ذراعيه إلى عضديه ثم يردهما إلى جنبيه ثم يردهما ويرد ساقيه إلى فخذيه وهما إلى بطنه ثم يردهما ويكون ذلك عقب موته قبل قسوتها فإن شق ذلك تركه
"وخلع ثيابه" لئلا يحمى جسده فيسرع إليه الفساد ويتغير وربما خرجت منه نجاسة فلوثتها "وسجاه" أي غطاه "بثوب يستره" لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة متفق عليه ولأنه أعظم في كرامته وينبغي أن يعطف فاضل الثوب عند رأسه ورجليه لئلا يرتفع بالريح.
"وجعل على بطنه مرآة" بكسر الميم التي ينظر فيها "أو نحوها" من حديد أو
ووضعه على سرير غسله متوجها منحدرا نحو رجليه ويسارع في قضاء دينه وتفريق وصيته وتجهيزه إذا تيقن موته بانفصال كفيه وميل أنفه وانخساف صدغيه ،.
------------------------------------------------
طين لقول أنس ضعوا على بطنه شيئا من حديد ولئلا ينتفخ بطنه قال ابن عقيل وهذا لا يتصور إلا وهو ظهره.
"ووضعه على سرير غسله" لأنه يبعد عن الهوام ويرتفع عن نداوة الأرض "متوجها" إلى القبلة على جنبه الأيمن وقيل على ظهره "منحدرا نحو رجليه" أي يكون رأسه أعلى من رجليه لينصب عنه ماء الغسل وما يخرج منه.
"و" يجب أن "يسارع في قضاء دينه" لما روى الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه عن أبي هريرة مرفوعا "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" ولا فرق بين دين الله تعالى ودين الآدمي زاد في الرعاية قبل غسله وقال السامري قبل دفنه بوفائه أو برهن أو ضمين عنه إن تعذر وفاؤه عاجلا ولما فيه من إبراء الذمة.
"و" يسن "تفريق وصيته" لما فيه من تعجيل الأجر واقتضى ذلك تقديم الدين على الوصية لقول علي قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية وذهب أبو ثور إلى عكسه لظاهر النص وجوابه أن الوصية لما أشبهت الميراث في كونها بلا عوض فكان في إخراجها مشقة على الوارث فقدمت حثا على إخراجها قال الزمخشري ولذلك جيء بكلمة أو التي للتسوية أي فيستويان في الاهتمام وعدم التضييع وإن كان مقدما عليها.
"وتجهيزه" لقوله عليه السلام "لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله" رواه أبو داود ولأنه أصون له وأحفظ من التغيير لكن لا بأس أن ينتظر من يحضره من وليه وغيره إن كان قريبا ولم يخش عليه أن يشق على الحاضرين نص عليه فإن مات فجأة أو شك في موته انتظر به حتى يعلم موته قال أحمد من غدوة إلى الليل وقال القاضي ترك يومين أو ثلاثة ما لم يخف فساده.
"إذا تيقن موته بانفصال كفيه وميل أنفه وانخساف صدغيه,
واسترخاء رجليه ،
--------------------------------------
واسترخاء رجليه" لأن هذه العلامات دالة على الموت يقينا زاد في الشرح والرعاية وامتداد جلدة وجهه وظاهر المستوعب والتلخيص والفروع أن ذلك راجع إلى المسارعة في تجهيزه وكلام ابن تميم دال على أنه راجع إلى قوله "ولين مفاصله" وما بعده وظاهر كلامه في المذهب وصرح به ابن المنجا أنه راجع إلى قضاء الدين وما بعده لأن الأولين لا ولاء به لأحد عليهما إلا بعد الموت والتجهيز قبل تيقن الموت تفريط.
مسألة: لا يستحب النعي وهو النداء بموته بل يكره نص عليه ونقل صالح لا يعجبني وعنه يكره إعلام غير صديق أو قريب ونقل حنبل أو جار وعنه أو أهل دين ويتوجه يستحب لإعلامه عليه السلام أصحابه بالنجاشي في اليوم الذي مات فيه متفق عليه من حديث أبي هريرة وفيه كثرة المصلين فيحصل لهم ثواب ونفع للميت ولا بأس بتقبيله والنظر إليه ولو بعد تكفينه نص عليه.
فصل: في غسل الميت
غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فرض كفاية ،
--------------------------------------
فصل: في غسل الميت
"غسل الميت" المسلم "وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فرض كفاية" لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته "اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه" متفق عليه من حديث ابن عباس وقال عليه السلام "صلوا على من قال لا إله إلا الله" رواه الخلال والدارقطني وضعف ابن الجوزي طرقه كلها والسترة واجبة في الحياة فكذا بعد الموت ولأن في تركه أذى للناس وهتكا لحرمته ولا نعلم فيه خلافا وظاهر الوجيز أن حمله كفاية وصرح في المذهب بالاستحباب وأما اتباعه فسنة ذكره المؤلف وابن تميم ؛
وأولى الناس به وصيه ثم أبوه ثم جده ثم الأقرب فالأقرب من عصباته.
-------------------------------------------
لحديث البراء فعلى ما ذكره يسقط فرضها برجل أو خنثى أو امرأة.
ويسن لها الجماعة إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ويشترط لغسله ماء طهور وإسلام غاسل وعقله ولو جنبا وحائضا وفي مميز روايتان كأذانه فدل على أنه لا يكفي من الملائكة وهو ظاهر كلام الآكثر وفي الانتصار يكفي إن علم
تذنيب: كره أحمد للغاسل والحفار أخذ أجرة على عمله إلا أن يكون محتاجا فيعطى من بيت المال فإن تعذر أعطي بقدر عمله وذكر بعضهم أن ما لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة أنه يجوز على الصحيح لكن ذكر القاضي في الجامع أنه إذا أعطي على الصلاة والحج وتعليم القرآن من غير شرط أنه يجوز وأحسبه كلامه في الخصال إذا اختص فاعله أن يكون من أهل القربة إذا فعله عن نفسه عاد نفعه إلى غيره كالجهاد والقضاء والإمامة جاز أخذ الرزق عليه وإن لم يعد نفعه إلى غيره لم يجز كالصلاة والصيام والحج وكل ما لم يختص فاعله أن يكون من أهل القربة كالبناء يجوز أخذ الأجرة عليه فقط.
"وأولى الناس به وصيه" العدل لأن أبا بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء وأوصى أنس أن يغسله محمد بن سرين ولأنه حق للميت يقدم فيه وصيه على غيره.
وقيل أو فاسق وقيل لا تصح الوصية بذلك وقيل بالصلاة فقط مع وجود عصبته الصالح للإمامة
"ثم أبوه" لاختصاصه بالحنو والشفقة لأنه مقدم على الابن في ولاية النكاح فكذلك في الصلاة "ثم جده" وإن علا فلمشاركة الأب في المعنى وعنه يقدم الابن على الجد لا على الأب قال في الفروع ويتوجه تخريج في النكاح.
"ثم الأقرب فالأقرب من عصباته" فيقدم الابن ثم ابنه وإن نزل ثم الأخ
ثم ذوو أرحامه إلا الصلاة عليه فإن الأمير أحق بها بعد وصيه وغسل المرأة أحق الناس به الأقرب فالأقر ب من نسائها ولكل واحد من الزوجين غسل صاحبه في أصح الروايتين.
------------------------------------------------
من الأبوين ثم الأب على ترتيب الميراث وعنه يقدم أخ وابنه على جد وعنه سواء
"ثم ذوو أرحامه" كالميراث ثم الأجانب وهم أولى من زوجه وأجنبية أولى من زوج وسيد وزوج أولى من سيد وزوجة أولى من أم ولد ثم صديقه قاله بعضهم قال في الفروع فيتوجه منه تقديم الجار على أجنبي.
"إلا الصلاة عليه فإن الأمير" وهو الإمام أو الحاكم من قبله "أحق بها بعد وصيه" لأنه عليه السلام كان يصلي على الجنائز ولم ينقل أنه كان يستأذن أحدا من العصبيات وقد دل على أن الوصي يقدم على الأمير لأن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر قاله أحمد وقال أوصى عمر أن يصلي عليه صهيب وأوصت أم سلمة أن يصلي عليها سعيد بن زيد وأوصى أبو بكرة أن يصلي عليه أبو هريرة فإن قدم الوصي غيره فوجهان فإن وصى إلى اثنين قيل يصليان معا وقيل منفردين ووصيته إلى فاسق مبني على صحة إمامته.
"وغسل المرأة أحق الناس به" وصيتها قاله في المحرر والفروع زاد في الوجيز وغير الفاسقة والمؤلف ترك ذكرها استغناء بما سبق" الأقرب من نسائها" فتقدم أمها وإن علت ثم بنتها وإن نزلت ثم القربى كالميراث وعمتها وخالتها سواء لا ستوائها في القرب والمحرمية وكذا بنت أخيها وبنت أختها وقيل تقدم بنت الأخ ثم أقرب نساء محارمها ثم الأجنبيات.
فرع: تسن البداءة بمن يخاف عليه ثم بأقرب ثم بأفضل ثم بأسن ثم بقرعة
"ولكل واحد من الزوجين غسل صاحبه في أصح الروايتين" هذا هو
وكذلك السيد مع سريته.
------------------------------------
المذهب لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة "ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك" رواه أحمد والدارقطني بإسناد فيه ابن إسحاق.
وروى ابن المنذر أن عليا غسل فاطمة وقد روي عن عائشة أنها قالت لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه وقد وقع ولم ينكر ولأن آثار النكاح من عدة الوفاة والإرث باقية فكذا الغسل.
والثانية: ليس له ذلك لأنها فرقة تباح بها أختها سواها فوجب أن يحرم النظر واللمس كالمطلقة قبل الدخول ولأن البينونة حصلت بالموت وما زالت عصمة النكاح فلم يجر كالأجنبية وعنه يجوز لعدم غيره فيحرم نظر عورة وحكي عنه المنع مطلقا كالمذهب فيمن أبانها في مرضه وعنه يجوز لها دونه اختاره الخرقي وابن أبي موسى
والفرق أن للمرأة رخصة في النظر للأجنبي بخلاف الرجل إذ محذور الشهوة فيها أخف وقد نفاه المؤلف وحمل كلامه على التنزيه وفيه نظر فإنه ظاهر رواية صالح وعلى الأولى يشمل ما قبل الدخول وأنها تغسله وإن لم تكن في عدة كما لو ولدت عقب موته والمطلقة الرجعية إن أبيحت وعنه المنع بناء على تحريمها وكذلك السيد مع سريته لأنها فراش له ومملوكة وحكم الملك في إباحة اللمس والنظر حكم الزوجة في الحياة بل بقاء الملك أولى لبقاء وجوب تكفينها ومؤنة دفنها كالحياة بخلاف الزوجة.
والثانية: المنع لأن الملك ينتقل منها إلى غيره وعلى الأولى لا يغسل أمته المزوجة والمعتدة من زوج فإن كانت في استبراء فوجهان ولا المعتق بعضها وحكم أم الولد كالأمة وفيه وجه لأنها عتقت بموته ولم يبق علقة من ميراث ونحوه.
فائد: السرية هي الأمة التي بوأها بيتا منسوبة إلى السر وهو الجماع ,
وللمرأة والرجل غسل من له دون سبع سنين وفي ابن سبع وجهان ، وإن مات رجل بين نسوة أو امرأة بين رجال أو خنثى مشكل يمم في أصح الروايتين.
------------------------------------
وضموا السين لأن الحركات قد تغير في الأبنية خاصة كما قالوا في النسبة إلى الدهر دهري وقال الأخفش هي مشتقة من السر لأنه يسر بها.
"وللمرأة والرجل غسل من له دون سبع سنين" ذكرا كان أو أنثى نص عليه واختاره الأكثر لأنه لا عورة له بدليل أن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم غسله النساء قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه أن المرأة تغسل الصبي الصغير فتغسله مجرد بغير سترة وتمس عورته والنظر إليها وعنه الوقف في الرجل للجارية وقيل بمنعه اختاره المؤلف وصاحب الوجيز لأن عورتها أفحش.
وعنه يغسل ابنته الصغيرة وعنه يكره دون السبع إلى ثلاث.
"وفي ابن السبع وجهان" أحدهما يجوز قدمه ابن تميم لأنه فاقد أهلية فهم الخطاب وليس محلا للشهوة أشبه الطفل لكن قال أحمد يستر إذا بلغ السبع والثاني لا اختاره أبو بكر وابن حامد وهو ظاهر المحرر والوجيز لأنه بلغ سنا يحصل فيه التمييز أشبه من فوقها ولأنه مأمور بالصلاة والتفرقة بينهم في المضاجع وقيل تحد الجارية بتسع لقول عائشة إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة رواه أحمد وذكره البخاري.
وظاهره أنه إذا زاد على السبع لا يغسله غير نوعه صرح به في النهاية وغيرها لأنه يصير محلا للشهوة ويحرم النظر إلى عورته المغلظة كالبالغ وعنه إلى عشر اختاره أبو بكر أمكن الوطء أولا.
"وإن مات رجل بين نسوة أو امرأة بين رجال أو خنثى مشكل يمم في أصح الروايتين" هذا هو المنصور في المذهب لما روى تمام في فوائده عن واثلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا ماتت المرأة مع الرجال ليس بينها وبينهم محرم تيمم كما
وفي الأخرى يصب عليه من فوق القميص ولا يمس ولا يغسل مسلم كافرا ولا يدفنه
--------------------------------------
ييمم الرجال" ولأنه لا يحصل بالغسل من غير مس تنظيف ولا إزالة نجاسة بل ربما كثرت
والمنصوص أنه يلف على يده خرقة لئلا يمسه وقيل لا يجب إن كان ذا رحم محرم وعلم منه أنه لا مدخل للرجال في غسل الأقارب من النساء ولا بالعكس في قول أكثرهم لتحريمها كالأجنبية وبناه ابن تميم على تحريم النظر إلى ما لا يظهر غالبا وعنه لا بأس بغسل ذات محرم من فوق قميص عند الضرورة.
"وفي الأخرى يصب عليه الماء من فوق القميص" لأنه أمكن غسله مع ستر ما حرم النظر إليه "ولا يمس" وتغطى وجوههم وقيل بل يمس من وراء حائل وعنه هو والتيمم سواء والرجال أولى بالخنثى وقيل النساء.
"ولا يغسل مسلم كافرا" لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: من الآية13] وفي غسله تول لهم ولأنه لا يصلي عليه كالأجنبي.
"ولا يدفنه" ولا يحمله ولا يكفنه ولا يتبع جنازته للنهي عن الموالاة وهو عام ولأنه تعظيم وتطهير له أشبه الصلاة عليه وفارق غسله في حياته فإنه لا يقصد ذلك.
ولا فرق فيه بين القريب والزوجة وغيرهما وعنه يجوز ذلك كله اختاره الآجري وأبو حفص قال رواه الجماعة وعنه يجوز دون غسله قدمه ابن تميم واختاره المجد قال في الرعاية وهو أظهر لعدم ثبوته في قصة أبي طالب
وعنه دفنه كالعدم لأنه عليه السلام لما أخبر بموت أبي طالب قال لعلي اذهب فواره رواه أبو داود والنسائي وإذا غسل فكثوب نجس فلا
إلا ألا يجد من يواريه غيره ، وإذا أخذ في غسله ستر عورته وجرده قال القاضي يغسله في قميص خفيف واسع الكمين.
-------------------------------------------
وضوء ولا نية للغسيل ويلقى في حفرة وإذا أراد أن يتبعه ركب وسار أمامه.
"إلا أن لا يجد من يواريه غيره" فإنه يلزمنا دفنه في ظاهر كلام أصحابنا لأن قتلى بدر ألقوا في القليب ولأنه يتضرر بتركه ويتغير ببقائه زاد بعضهم وكذا حمله وتغسيله.
وظاهر ما سبق أن الكافر لا يغسل مسلما نص عليه وقد تقدم وفيه وجه يجوز إن لم تجب نية غسله ويغسل حلال محرما وبالعكس لأن كل واحد منهما تصح طهارته وغسله.
"وإذا أخذ في غسله ستر عورته" وهو ما بين سرته وركبته على المذهب حذارا من النظر إليها لقوله عليه السلام لعلي "لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت"
"وجرده" نص عليه في رواية الأثرم وهو المذهب لأن ذلك أمكن في تغسيله وأبلغ في تطهيره وأشبه بغسل الحي وأصون له من التنجيس إذ يحتمل خروجها منه ولفعل الصحابة بدليل أنهم قالوا لا ندري أنجرد النبي صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا والظاهر أنه عليه السلام أمرهم به وأقرهم عليه.
"وقال القاضي" وهو رواية عن أحمد واقتصر ابن هبيرة في حكايتها عنه فقط واختارها الشريف وابن عقيل وقدمها السامري وصاحب التلخيص "يغسله في قميص خفيف واسع الكمين" لأنه عليه السلام غسل في قميصه رواه مالك وأحمد قال يعجبني أن يغسل وعليه ثوب يدخل يده من تحت الثوب ولأنه أستر للميت وإن لم يكن واسع الكمين توجه أن يفتق رؤوس الدخاريص وأدخل يده منها والأول أشهر وغسله عليه السلام في قميص من خصائصه واحتمال المفسدة منتفية في حقه لأنه طيب حيا وميتا وظاهره أنه لا يغطى وجهه نقله الجماعة والحديث المروي فيه لا أصل له.
ويستر الميت عن العيون ولا يحضره إلا من يعين في غسله ثم يرفع رأسه برفق إلى قريب من الجلوس ويعصر بطنه عصرا رفيقا ويكثر صب الماء حينئذ ثم يلف على يده خرقة فينجيه.
---------------------------------------
وظاهر كلام أبي بكر يسن وأومأ إليه لأنه ربما تغير لدم أو غيره فيظن السوء.
"ويستر الميت عن العيون" تحت ستر أو سقف لأنه ربما كان به عيب يستره في حياته أو تظهر عورته.
واستحب ابن سيرين أن يكون البيت مظلما ذكره أحمد لأنه أستر فدل على أنه لا يستحب تغسيله تحت السماء لئلا يستقبلها بعورته وللخبر ولا ينظر الغاسل إلا لما لا بد منه
"ولا يحضره إلا من يعين في غسله" لأنه ربما حدث أمر يكره الحي أن يطلع منه على مثله وربما ظهر فيه شيء وهو في الظاهر منكر فيتحدث به فيكون فضيحة والحاجة غير داعية إلى حضوره بخلاف من يعين الغاسل بصب ونحوه واستثنى القاضي وابن عقيل أن لوليه الدخول عليه كيف شاء.
"ثم يرفع إلى قريب من الجلوس ويعصر بطنه" ليخرج ما في جوفه من نجاسة "عصرا رفيقا" لأن الميت في محل الشفقة والرحمة وعنه يفعله في الثانية وعنه بل في الثالثة لأنه لا يلين حتى يصيبه الماء ويستثنى منه الحامل فإنه لا يعصر بطنها لخبر رواه الخلال وظاهره أنه لا يجلسه لأن فيه أذية له ويكون ثم بخور لئلا يظهر منه ريح.
"ويكثر صب الماء حينئذ" ليذهب ما خرج ولا يظهر رائحته "ثم يلف على يده خرقة فينجيه" وفاقا لأن في ذلك إزالة النجاسة وطهارة للميت من غير تعدي النجاسة إلى الغاسل وظاهره أنه لا يكفي مسحها ولا وصول الماء بل يجب أن ينجى ويكفيه خرقة واحدة قاله في المجرد وقال غيره بل لا بد لكل فرج من خرقة لأن كل خرقة خرج عليها شيء من النجاسة لا يعتد بها إلا أن تغسل
ولا يحل مس عورته ، ويستحب ألا يمس سائر بدنه إلا بخرقة ثم ينوي غسله ويسمي ويدخل أصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح أسنانه وفي منخريه فينظفهما ويوضئه.
----------------------------------
"ولا يحل مس عورته" لأن النظر إليها حرام فمسها أولى "ويستحب أن لا يمس سائر بدنه إلا بخرقة" لفعل علي مع النبي صلى الله عليه وسلم وليزيل ما على بدنه من النجاسة ويأمن مس العورة المحرم مسها قال ابن عقيل بدنه عورة إكراما له من حيث وجب ستر جميعه فيحرم نظره ولا يجوز أن يحضره إلا من يعين في أمره وهو ظاهر كلام أبي بكر فحينئذ يعد الغاسل خرقتين إحداهما للسبيلين والأخرى لبقية بدنه
"ثم ينوي غسله" وهي فرض على الغاسل على الأصح لأنها طهارة تعبدية أشبهت غسل الجنابة والثانية وهي ظاهر الخرقي وابن أبي موسى وابن عقيل في التذكرة لا لأن القصد التنظيف أشبه غسل النجاسة والأولى أولى لأنه لو كان كذلك لما وجب غسل متنظف ولجاز غسله بماء الورد ونحوه وظاهر أنه لا يجب الفعل وهو وجه فلو كان الميت تحت ميزاب فنوى غسله إنسان ومضى زمن بعد النية أجزأ ويجب في آخر وهو ظاهر كلام أحمد فعلى هذا لا يجزئ فلو حمل ووضع تحت ميزاب بنية غسله أجزأ وجها واحدا وكذا حكم الغريق
"ويسمي" وفيها الروايات السابقة "ويدخل أصبعيه" وهما السبابة والإبهام بعد غسل كفيه نص عليه "مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح أسنانه وفي منخريه فينظفهما" لإزالة ما على تلك الأعضاء من الأذى ولا يجب ذلك في الأصح والأولى أن يكون ذلك بخرقة نص عليه صيانة لليد وإكراما للميت قاله الزركشي وقال ابن أبي موسى يصب الماء على فيه وأنفه ولا يدخله فيها.
"ويوضئه كوضوء الصلاة لما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية في غسل ابنته "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" .
ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه ويضرب الستر ويغسل برغوته رأسه ولحيته وسائر بدنه ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ثم يفيض الماء على جميع بدنه
---------------------------------------------
وظاهره أنه يمسح رأسه قال أحمد يوضأ الميت مرة واحدة في الغسلة الأولى إلا أن يخرج منه شيء فيعاد وهو مستحب لقيام موجبه وهو زوال عقله وظاهر كلام القاضي وابن الزغواني أنه واجب.
"ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه" لأنه لا يؤمن معه وصوله إلى جوفه فيفضي إلى المثلة وربما حصل من الانفجار وبهذا علل أحمد "ويضرب السدر فيغسل برغوته" هو مثلث الراء "رأسه ولحيته وسائر بدنه" لقوله عليه السلام في المحرم "اغسلوه بماء وسدر" وقوله للنساء اللاتي غسلن ابنته "اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا إن رأيتن ذلك بماء وسدر" ولأن الرغوة تزيل الدرن ولا تعلق بالشعر وتزول بمجرد مرور الماء وصريحه أن استعماله يكون في جميع البدن.
وفي الكافي والمحرر وقدمه في الفروع أنه يكون في الرأس واللحية فقط ولا يشترط كونه يسيرا خلافا لابن حامد وقال إنه الذي وجد عليه أصحابنا ليجمع بين العمل بالخبر ويكون الماء باقيا على إطلاقه
وقال القاضي وأبو الخطاب يغسل أول مرة بماء وسدر ثم يغسل عقب ذلك بالماء القراح فيكون الجميع غسلة واحدة والاعتداد بالآخر منها لأن أحمد شبه غسله بغسل الجنابة لأن السدر إن كثر سلب الطهورية واليسير لا يؤثر بناء على أن الماء تزول طهوريته بتغير بالطهارات والمؤلف لا يراه لكن إن غلب على أجزائه سلبه الطهورية قولا واحدا والمنصوص أنه يكون في كل الغسلات
"ثم يغسل شقة الأيمن ثم الأيسر" لقوله عليه السلام "ابدأن بميامنها" ولأنه مسنون في غسل الحي فكذا الميت
"ثم يفيض الماء على جميع بدنه" ليعمه بالغسل وصفته أن يغسل رأسه
يفعل ذلك ثلاثا يمر يده في كل مرة فإن لم ينق بالثلاث أو خرج منه شيء غسله إلى خمس فإن زاد فإلى سبع ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورا.
-----------------------------------------
ولحيته أولا ثم يده اليمنى من منكبه إلى كتفه وصفحة عنقه اليمنى وشق صدره وفخذه وساقه فيغسل الظاهر منه وهو مستلق ثم يغسل الأيسر كذلك ثم يرفعه من جانبه الأيمن ولا يكبه لوجهه فيغسل الظهر وما هناك من وركه وفخذه وساقه ثم يغسل شقه الأيسر كذلك ذكره القاضي والمؤلف فيفرغ من غسله مرة في أربع دفعات وظاهر كلام أحمد وأبي الخطاب وقاله المجد يفعل ذلك في دفعتين فيحرفه أولا على جنبه الأيسر فيغسل شقه الأيمن من جهة ظهره وصدره ثم يحرفه على جنبه الأيمن ويغسل الأيسر كذلك والأول أبلغ في التنظيف وكيفما فعل أجزأه
"فيفعل ذلك ثلاثا" لما تقدم إلا الوضوء فإنه مختص بأول مرة وقيل يعاد وحكي رواية والتثليث مستحب ويجزئ مرة كالجنابة لكن يكره الاقتصار عليها نص عليه
"يمر يده في كل مرة" على بطنه برفق لأن فيه إخراجا لما تخلف وأمنا من فساد الغسيل بما يخرج منه بعد "فإن لم ينق بالثلاث أو خرج منه شيء غسله إلى خمس فإن زاد فإلى سبع" لما سبق واختار أبو الخطاب وابن عقيل أنه إذا خرج منه نجاسة بعد الثالثة أنه لا يعاد غسله بل يغسل محل النجاسة ويوضأ لأن حكم الحي كذلك فالميت مثله والمذهب خلافه لأن الظاهر أن الشارع إنما كرر الأمر بغسلها من أجل توقع النجاسة وظاهره أن الخارج لا فرق بين أن يكون من السبيلين أو من غيرهما وعنه في الدم هو أسهل فعليها في الإعادة احتمالان.
فائد: يستحب خضب لحية الرجل ورأس المرأة بالحناء نص عليه.
"ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورا" لقوله عليه السلام "واجعلن في
والماء الحار والخلال والأشنان يستعمل إن احتيج إليه ويقص شاربه ويقلم أظافره.
------------------------------------------
الآخرة كافورا" متفق عليه ولأنه يصلب الجسم ويبرده ويطيبه ويطرد عنه الهوام بريحه قيل مع السدر نقله الجماعة وعليه العمل ذكره الخلال وقيل وحده في ماء قراح وقيل يجعل في الكل.
"والماء الحار والخلال" هو العود الذي يتخلل به "والأشنان يستعمل إن احتيج إليه" كشدة برد أو إزالة وسخ لأن إزالته مطلوبة شرعا والمستحب أن تكون الخلال من شجرة لينة تنقي من غير جرح كالصفصاف ونحوه وظاهره أنه إذا لم يحتج إليه لا يستعمله وصرح جماعة بالكراهة وهو الأصح بلا حاجة لأن السنة لم ترد به والمسخن يرخيه واستحبه ابن حامد لأنه ينقي ما لا ينقي البارد.
"ويقص شاربه ويقلم أظافره" أي إن طال لقول أنس اصنعوا بموتاكم ما تصنعون بعرائسكم ولأن تركه يقبح منظره فشرع إزالته كقبح عينيه ولأنه فعل مسنون في الحياة لا مضرة فيه أشبه الغسل وعنه لا يقلم أظافره بل ينقي وسخها لكونها لا تظهر وهو ظاهر الخرقي فيخرج في نتف الإبط وجهان.
ويأخذ شعر إبطه في المنصوص وكذا عانته قاله في المحرر وتزال بالموسى أو المقراض نص عليه لفعل سعد بن أبي وقاص وقال القاضي بنورة لأنها أسهل ولا يمسها بيده بل حائل والمذهب أنها لا تؤخذ لما فيه من لمس العورة وربما احتاج إلى نظرها وهو محرم فلا تفعل لأجل مندوب وهذا في غير المحرم
ويدفن معه ما أخذ منه كعضو ساقط ويعاد غسله نص عليه لأنه جزء منه كعضو والمراد يستحب وظاهره أنه لا يحلق رأسه وظاهر كلام جماعة يكره قال في الفروع وهو أظهر ورد بأنه ليس من السنة في الحياة وإنما يراد به الزينة أو النسك وهما لا يطلبان هنا وكذا لا يختن ؛
ولا يسرح شعره ولا لحيته ويضفر شعر المرأة ثلاثة قرون ويسدل من ورائها ثم ينشفه بثوب وإن خرج منه شيء بعد السبع حشاه بالقطن فإن لم يستمسك فبالطين الحر.
-----------------------------------------
لأنه إبانة جزء من أعضائه.
مسألة: يزال عظم نجس جبر به كسر إذا أمكن من غير مثلة كالحياة وقيل لا وقيل عكسه فإن كانت عليه جبيرة قلعت للغسل الواجب وإن سقط منه شيء بقيت ومسح عليها ولا يبقى خاتم ونحوه ولو ببردة لأن بقاءه إتلاف لغير غرض صحيح قال أحمد يربط أسنانه بذهب إن خيف سقوطها وقيل لا يجوز كما لو سقطت لم تربط به في الأصح ويؤخذ إن لم تسقط
"ولا يسرح شعره ولا لحيته" نص عليه لقول عائشة علام تقصون ميتكم أي لا تسرحوا رأسه بالمشط لأنه يقطع الشعر وينتفه وقال القاضي وغيره يكره واستحبه ابن حامد إذا كان خفيفا وحكى ابن المنجا عنه وعن أبي الخطاب استحباب تسريح الشعر مطلقا.
"ويضفر شعر المرأة ثلاثة قرون ويسدل من ورائها" نص عليه لقول أم عطية فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه من خلفها رواه البخاري ولمسلم فضفرنا شعرها ثلاثة قرون قرنيها وناصيتها وقال أبو بكر أمامها لأنه يضفر على صدرها قيل لأحمد العروس تموت فتجلى فأكره شديدا.
"ثم ينشفه بثوب" هكذا فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم ولئلا ينبل كفنه فيفسد به وفي الواضح لأنه سنة في الحي في رواية ولا يتجنس ما نشف به في المنصوص.
"وإن خرج منه شيء بعد السبع حشاه" أي محل الخارج "بالقطن" لمنع الخارج وكالمستحاضة وقال أبو الخطاب وصاحب النهاية إنه يلجم المحل بالقطن فإن لم يمتنع حشاه به إذ الحشو يوسع المحل فلا يفعل إلا عند الحاجة
"فإن لم يستمسك" الخارج بالقطن "فبالطين الحر" أي الخالص لأنه له قوة
ثم يغسل المحل ويوضأ وإن خرج منه شيء بعد وضعه في أكفانه لم يعد إلى الغسل ويغسل المحرم بماء وسدر ولا يلبس المخيط ولا يخمر رأسه ولا يقرب طيبا.
---------------------------------
تمنع الخارج وعنه يكره وفاقا لمشايخ الحنفية وظاهره أنه لا يعاد غسله بعد السبع نص عليه وجزم به الأكثر لأنه عليه السلام لم يزد عليها وقال جماعة إنه يعاد غسله لأن الزيادة على الثلاث لأجل الإنقاء فكذا ما بعد السبع.
"ثم يغسل المحل" أي محل النجاسة "ويوضأ" وجوبا كالجنب إذا أحدث بعد غسله لتكون طهارته كاملة وعنه لا وهي ظاهر الخرقي للمشقة والخوف عليه
"وإن خرج منه شيء بعد وضعه في أكفانه لم يعد إلى الغسل" بل يحمل على حاله دفعا للمشقة لأنه يحتاج إلى إخراجه وإعادة غسله وتطهير أكفانه وتجفيفها أو إبدالها فيتأخر دفنه وهو مخالف للسنة ثم لا يؤمن مثل هذا بعده وظاهره لا فرق بين الخارج أن يكون قليلا أو كثيرا وعنه يعاد غسله ويطهر كفنه وعنه من الكثير لكن إن وضع على الكفن ولم يلف ثم خرج منه شيء أعيد غسله قاله ابن تميم.
"ويغسل المحرم بماء وسدر ولا يلبس المخيط ولا يخمر رأسه ولا يقرب طيبا" والشهيد لما في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في محرم مات "اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا" وللنسائي "ولا تمسوه طيبا فإنه يبعث القيامة محرما" وحينئذ يجنب ما يجنب الحي لبقاء إحرامه وقيل ويفدي الفاعل ولا يوقف بعرفة ولا يطاف به بدليل المحرم الذي مات مع النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه لا يحس بذلك كما لو جن وعنه ويصب عليه الماء صبا ولا يفعل به كالحلال لئلا ينقطع شعره.
والشهيد لا يغسل.
----------------------------------------
وظاهره أنه يجب تغطية وجه وكذا رجليه ونقل حنبل يجب كشفهما ذكره الخرقي وصاحب التلخيص قال الخلال هي وهم من حنبل لأن الإحرام لا تعلق له بالرجلين لكن قال الزركشي كلام الخرقي خرج على المعتاد إذ في الحديث أنه يكفن في ثوبيه الرداء والإزار والعادة عدم تغطيتهما للرجلين وفيه نظر وعنه أنه يكفن في ثوبيه لا يزاد أي يستحب.
وظاهره لا فرق بين أن يموت قبل رمي جمرة العقبة أو بعدها وفي الثانية وجه أنه لا يمنع من الطيب ولبس المخيط بناء على أنه حل بها
هذا كله إذا كان رجلا فإن كانت امرأة فحكمها بعد الموت حكمها في الحياة لا تمنع من لبس المخيط ويغطى رأسها لا وجهها.
فرع: لا تمنع المعتدة للوفاة من الطيب في الأصح.
"والشهيد" وهو من قتل بأيدي الكفار في معركتهم "لا يغسل" لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن قتلى أحد في دمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم رواه البخاري ولأحمد معناه وظاهره ولو كان غيرمكلف صرح به في الفروع وجزم أبو المعالي بتحريمه وحكي رواية لأنه أثر الشهادة والعبادة وهو حي "إلا أن يكون جنبا" فإنه يغسل على الصحيح لما روى ابن إسحاق في المغازي عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن صاحبكم لتغسله الملائكة" يعنى حنظلة قالوا لأهله ما شأنه فقالت خرج وهو جنب حين سمع الهائعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لذلك غسلته الملائكة" وفي الكافي أنه رواه أبو داود الطيالسي
ولأنه غسل واجب لغير الموت فلم يسقط كغسل النجاسة والثانية لا يجب للعموم ومثله حائض ونفساء طهرتا أولا.
وعلى الوجوب لو مات وعليه حدث أصغر فهل يوضأ على الوجهين.
إلا أن يكون جنبا بل ينزع عنه السلاح ويزمل في ثيابه وإن أحب كفنه بغيرها ولا يصلى عليه في أصح الروايتين.
---------------------------------------
وظاهره أنه إذا أسلم ثم استشهد أنه لا يغسل للإسلام لأن أصرم بن عبد الأشهل أسلم يوم أحد ثم قتل فلم يأمر بغسله وقيل يجب قدمه في الفروع وهو ظاهر الوجيز لقوله ولا يغسل شهيد إلا لموجبه
"بل ينزع عنه" أي عن الشهيد لأمة الحرب "من السلاح والجلود" لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحد بالشهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود وقال "ادفنوهم بدمائهم وثيابهم" رواه أحمد وأبو داود وفيه علي بن عاصم وفيه ضعف وكذا ينزع عنه خف وفرو نص عليه وتغسل نجاسة عليه ويجب بقاء دم لا تخالطه نجاسة فإن خالطته غسلا في الأصح.
"ويزمل" أي يلف "في ثيابه" ويدفن فيها لما روى أحمد عبد الله بن ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد "زملوهم في ثيابهم" والمنصوص عنه وهو المذهب أن ذلك واجب لأنه أثر العبادة فعليه لا يزاد ولا ينقص بحسب المسنون ويرد عليه لو كان لابسا الحرير ولعله غير مراد وذكر القاضي في تخريجه لا بأس بهما.
"وإن أحب كفنه" الولي "بغيرها" تبع القاضي في المجرد وحكاه في المحرر قولا ونسبه الزركشي إلى الشذوذ لما روي أن صفية أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفن فيهما حمزة فكفنه في أحدهما وكفن في الآخر رجلا آخر رواه يعقوب بن شيبة وقال هو صالح الإسناد وأجاب في الخلاف بأنه يحتمل أن ثيابه سلبت أو أنهما ضما إلى ما كان عليه وقد روى في المعتمد ما يدل عليه.
"ولا يصلى عليه في أصح الروايتين" اختاره القاضي وأصحابه وجزم به في الوجيز للأخبار وهل ذلك لكونهم أحياء عند ربهم أو لغناهم عن الشفاعة فيه احتمالان
والثانية يصلى عليه اختاره الخلال وأبو بكر وأبو الخطاب لصلاته عليه
وإن سقط من دابته أو وجد ميتا ولا أثر به أو حمل فأكل أو طال بقاؤه غسل وصلي عليه.
-------------------------------------------
السلام على أهل أحد متفق عليه من حديث عقبة بن عامر وجوابه بأنه مخصوص بشهداء أحد بدليل أنه صلى عليهم بعد ثمان سنين رواه البخاري توديعا للأحياء والأموات والثالثة يخير لتعارض الأخبار فيخير كرفع اليدين إلى الأذنين أو إلى المنكبين وحكي عنه التحريم.
"وإن سقط ممن دابته أو وجد ميتا ولا أثر به أو حمل" بعد جرحه "فأكل أو طال بقاؤه غسل وصلي عليه" وفيه أمور.
أحدها: أنه إذا سقط في المعركة من دابة أو شاهق أو تردى في بئر فمات فيها أنه يغسل ويصلى عليه لأن موته بسبب ذلك أشبه ما لو مات بغير قتل المشركين وشرطه أن يكون بغير فعل العدو فأما إذا كان بفعلهم فلا.
الثاني: إذا وجد ميتا ولا أثر فكذلك لأن الأصل وجوب الغسل والصلاة فلا يسقط بالاحتمال وعنه لا لأنه مات بسبب من أسباب القتال وظاهره أنه إذا به أثر فإنه لا يغسل زاد أبو المعالي لا دم من أنفه أو دبره أو ذكره لأنه معتاد قال القاضي وغير اعتبرنا الأثر هنا احتياطا للغسل ولم نعتبره في القسامة احتياطا لوجوب الدم فإن مات حتف أنفه غسل كمن رد عليه سهمه فقتله نص عليه ونصر المؤلف أنه كقتل الكفار لأن عامر بن الأكوع بارز رجلا يوم خبير فعاد عليه سيفه فقتله فلم يفرد عن الشهداء بحكم وهذا هو الظاهر.
الثالث: أنه إذا حمل بعد جرحه فأكل أنه يغسل لتغسيله عليه السلام سعد بن معاذ ولأن الأكل لا يكون إلا من ذي حياة مستقرة وظاهره إذا شرب أو تكلم أنه لا يغسل ولا يصلى عليه صححه المؤلف وابن تميم لأنه عليه السلام لم يغسل سعد بن الربيع وأصرم بن عبد الأشهل وقد تكلما وماتا بعد انقضاء الحرب ولكن قدم السامري وابن تميم والمجد يروي أن من شرب أو نام أو بال كمن أكل زاد جماعة أو عطس.
ومن قتل مظلوما فهل يلحق بالشهيد؟ على روايتين.
--------------------------------
الرابع: أنه إذا طال بقاؤه عرفا لا وقت صلاة أو يوما وليلة وهو يعقل لأنها تقتضي حياة مستقرة وظاهر الخرقي أنه لها يشترط لغسله والصلاة عليه طول الفصل: بل لو مات عقب الحمل وفيه رمق فإنه يغسل ويصلى عليه وأورده المجد مذهبا ونقل جماعة إنما يترك غسل من قتل في المعركة.
"ومن قتل مظلوما فهل يلحق على الروايتين" إحداهما يلحق به قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وصححه في الفروع فعليها لا يغسل ولا يصلى عليه كشهيد المعركة والثانية لا لأن عمر وعثمان وعليا والحسين قتلوا ظلما وغسلوا وصلي عليهم ولأنه ليس بشهيد المعركة أشبه المبطون وعلى الأولى من بغي عليه لا يغسل وفي الصلاة عليه وجهان والمذهب أن كل شهيد غسل صلي عليه وجوبا ومن لا يغسل لا يصلى عليه.
تذنيب: يغسل الباغي ويصلى عليه اختاره الخرقي والقاضي وفيه وجه يلحق بشهيد أهل العدل للمشقة لأنه لم ينقل غسل أهل الجمل وصفين من الجانبين وقال ابن تميم من قتله المسلمون أو الكفار خطأ غسل رواية واحدة وكذا النفساء تغسل ويصلى عليها كالشهيد بغير قتل كحريق وغرق وهدم وهم بضعة عشر
ومن أغربها ما رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف والدارقطني وصححه عن ابن عباس مرفوعا "موت الغريب شهادة" وأغرب منه ما ذكره أبو المعالي وابن المنجا وبعض الشافعية أن العاشق منها وأشاروا إلى الخبر المرفوع "من عشق وعف وكتم فمات مات شهيدا" وهذا الخبر مذكور في ترجمة سويد بن سعيد فيما أنكر عليه قاله ابن عدي والبيهقي.
مسألة: قاطع الطريق يقتل أولا ويغسل ويصلى عليه ثم يصلب وقيل يؤخران عن الصلب قاله في التلخيص.
وإذا ولد السقط لأكثر من أربعة أشهر غسل وصلي عليه.
-------------------------------
"وإذا ولد السقط لأكثر ممن أربعة أشهر غسل وصلي عليه" ذكره معظم الأصحاب نص عليه في رواية حرب وصالح لقوله عليه السلام "والسقط يصلي عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة" رواه أحمد وأبو داود ورواه النسائي والترمذي وصححه ولفظهما والطفل يصلى عليه واحتج به أحمد ولأنه نسمة نفخ فيها الروح فظاهره أنه يغسل ويصلى عليه وإن لم يستهل وأنه قبل استكمالها لا يغسل ولا يصلى عليه لأنه لم ينفخ فيه الروح وقدم في التلخيص وابن تميم أنه يغسل ويصلى عليه إذا بان فيه خلق الإنسان وإن لم يستكملها.
فائد: تستحب تسميته نص عليه اختاره الخلال ونقل جماعة بعد أربعة أشهر لأنه لا يبعث قبلها واختار في المعتمد أنه يبعث وهو ظاهر كلام أحمد قال الشيخ تقي الدين وكثير من الفقهاء فإن جهل أذكر أم أنثى سمي بصالح لهما كطلحة وإن كان من كافرين فإن حكم بإسلامه فمسلم وإلا فلا ونقل حنبل يصلى على كل مولود يولد على الفطرة.
تتميم: إذا مات بدارنا مجهول الإسلام غسل وصلي عليه ودفن في مقابرنا ولو كان أقلف على المشهور وإن وجد بدار حرب وعليه علامة المسلمين غسل وصلي عليه ونقل ابن المنذر الإجماع إذا وجد الطفل في بلاد المسلمين ميتا يجب غسله ودفنه في مقابرنا وإن مات في سفينة غسل وصلي عليه بعد تكفينه وألقي في البحر سلا كإدخاله القبر مع خوف فساده أو حاجة ويثقل بشيء وذكره في الفصول عن أصحابنا قال ولا موضع لنا الماء فيه بدل عن التراب إلا هنا ومن مات ببئر أخرج منها إذا أمكن بأجرة من ماله ثم من بيت المال فإن لم يمكن إخراجه إلا بمثله طمت وجعلت قبره ومع حاجة الأحياء يخرج وقيل لا مع مثله.
ومن تعذر غسله يمم وعلى الغاسل ستر ما رآه إن لم يكن حسنا.
----------------------------------------
"ومن تغدر غسله" لعدم الماء أو عذر غيره كالحرق والجذام والتبضيع "يمم" لأن غسل الميت طهارة على البدن فقام التيمم عند العجز عنه مقامه كالجنابة وهل يلف من ييممه على يده خرقة سبق وإن تعذر غسل بعضه غسل بعضه ما أمكن وييمم للباقي في أصح الوجهين وعنه يكفن ويصلى عليه بلا غسل ولا تيمم لأن المقصود بالغسل التنظيف وقال ابن أبي موسى المحترق والمجذوم والمبضع يصب الماء عليه صبا ثم يكفن فعلى الأول لو يمم لعدم الماء ثم صلي عليه ثم وجد الماء قبل دفنه غسل وكذا إن وجده فيها فلو وجده بعد دفنه لم ينبش وإن بذله أجنبي لزم الوارث قبوله بخلاف ثمنه فإن عدما صلي عليه بدونهما ودفن فإن وجدا أو أحدهما بعد دفنه لم ينبش ويجوز إن أمن تفسخه وإن وجد الماء قبل دفنه غسل وإن وجد التراب وحده ففي وحده ففي إنشاء التيمم وإعادة الصلاة احتمالان.
"وعلى الغاسل ستر ما رآه إن يكن حسنا" ينبغي أن يكون الغاسل أمينا ليستر ما يطلع عليه وفي الخبر مرفوعا عنه "ليغسل موتاكم المأمونون" رواه ابن ماجه وعن عائشة مرفوعا "من غسل ميتا وأدى فيه الأمانة ولم يفش عليه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" رواه أحمد من رواية جابر الجعفي.
عارفا بالغسل دينا فاضلا وظاهره يلزمه ستر الشر لا إظهار الخير ليترحم عليه وقيل يستحب قال جماعة ولا بد أن يلحظ في الستر اختصاصه بأهل السنة فأما أهل البدع أو معروف بفجور فيسن إظهار شره وستر خيره
ونرجو للمحسن ونخاف على المسيء ولا نشهد إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم قاله الأصحاب وذكر الشيخ تقي الدين أو اتفقت الأمة على الثناء أو الإساءة عليه وهو مراد الأكثر.
فصل: في الكفن
يجب كفن الميت في ماله مقدما على الدين وغيره فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته.
----------------------------------------
فصل: في الكفن
لما فرغ من الكلام على الغسل أتبعه الكفن فقال "يجب كفن الميت" ومؤنة تجهيزه لحق الله وحق الميت "في ماله" لقوله عليه السلام في المحرم "كفنوه في ثوبيه" ولأن حاجة الميت مقدمة في ماله على ورثته بدليل قضاء دينه
"مقدما على الدين وغيره" لأن المفلس يقدم بالكسوة على الدين فكذا الميت ولأنه إذا قدم على الدين فعلى فيره أولى وقيل يقدم دين الرهن وأرش الجناية سواء قلنا الواجب ثوب يستره أو أكثر لأمر الشارع بتحسينه رواه أحمد ومسلم فيجب ملبوس مثله جزم به غير واحد ما لم يوص بدونه وفي الفصول أن ذلك بحسب حاله كنفقته في حياته
وظاهره: أنه لا يجب الحنوط والطيب لعدم وجوبهما في الحياة وقيل بلى لأنه مما جرت العادة به ولا بأس بالمسك فيه نص عليه فإن أراد الورثة أخذ ذلك من السبيل لم يجابوا وإن أراد أحدهم أن ينفرد به لم يلزم بقية الورثة قبوله لكن ليس للبقية نقله وسلبه من كفنه بعد دفنه بخلاف مبادرته إلى دفنه في ملك الميت لانتقاله إليهم لكن يكره لهم ولا يستر بحشيش ويقضى دينه في ظاهر كلامهم.
فرع: الجديد أفضل في المنصوص زاد في الشرح إلا أن يوصى لغيره فيتمثل لقضية أبي بكر وقال ابن عقيل العتيق غير البالي أفضل
"فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته" لأن ذلك يلزمه حال الحياة فكذا بعد الموت بقدر إرثه نص عليه وينفرد به الأب فإن عدم فمن بيت المال إذا كان مسلما فإن لم يكن فعلى المسلمين العالمين بحاله قال في الفنون قال
إلا الزوج لا يلزمه كفن امرأته ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض.
--------------------------------
حنبل بثمنه كالمضطر وذكره غيره قال الشيخ تقي الدين من ظن أن غيره لا يقوم به تعين عليه.
مسألة: إذا جبي له ثمن كفن ففضل منه شيء أو كفنه ورثته صرف في كفن آخر نص عليه فإن لم يكن تصدق به ولا يأخذه ورثته في الأصح
"إلا الزوج لا يلزمه كفن امرأته" نص عليه لأن النفقة والكسوة وجبا بالزوجية والتمكن من الاستمتاع وقد انقطع ذلك بالموت أشبه ما لو بانت في الحياة أشبهت الأجنبية ودليل الانقطاع إباحة أختها وأربع سواها وقيل بلى وحكي رواية وهي قول أكثر العلماء وقال الآمدي إن لم يكن لها تركة فعليه كفنها وقيل يكفن الزوجة الذمية أقاربها فإن عدموا أو كانوا مسلمين فمن بيت المال والأصح لا وأما الرقيق فكفنه على مالكه.
مسائل الأولى: يدفن في مقبرة مسبلة بقول بعض الورثة لأنه لا منة وعكسه الكفن والمؤنة نص عليه.
الثانية: مات إنسان مع جماعة في سفر كفنوه من ماله فإن لم يكن كفنوا ورجعوا فإن أبى الحاكم الإذن أو تعذر إذنه أو أمكن ولم يستأذنوه أو لم ينووا الرجوع فوجهان.
الثالثة: إذا سرق كفنه كفن من تركته ثانيا نص عليه ولو قسمت فإن كانت في قضاء دينه أو وصيته لم يسترجع منها كفن آخر فإن أكله سبع فكفنه تركه.
"ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض" لقول عائشة كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة وعن ابن عباس مرفوعا "البسوا البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم" رواه أحمد والترمذي وصححه وقال العمل عليه عند أكثر العلماء ولأن
يبسط بعضها فوق بعض بعد تجميرها ثم يوضع عليها مستلقيا ويجعل الحنوط فيما بينها ويجعل منه في قطن يجعل منه بين إليتيه ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالتبان تجمع إليتيه ومثانته ويجعل الباقي.
------------------------------
حال الإحرام أكمل أحوال الحي وهو لا يلبس المخيط فكذا بعد موته.
وظاهره: يكره في غير البياض من مزعفر ومعصفر لأمره بالبياض وظاهر الوجيز خلافه أنه يكره بما زاد كالخمسة صرح به في المستوعب والشرح وغيرهما وصحح ابن تميم وقدمه في الفروع أنه لا يكره بل في سبعة أثواب وظاهره أنه لا يعمم وقيل لا يكره
وأما الصغير فيكفن في واحد ويجوز في ثلاثة نص عليه وظاهر الخرقي يستحب أيضا ويكون من قطن وقيل وكتان
"يبسط بعضها فوق بعض" أوسعها وأحسنها أعلاها ثم التي تليها دونها لأن عادة الحي جعل الظاهر أفخر ثيابه
"بعد تجميرها" أي تبخيرها زاد جماعة ثلاثا لما روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا جهزتم الميت فأجمروه ثلاثا" ولأن هذا عادة الحي
عند غسله وتجديد ثيابه فكذا الميت بعد رشها بماء ورد أو غيره ليعلق.
"ثم يوضع عليها مستلقيا" لأنه أمكن لإدراجه فيها "ويجعل الحنوط" وهو أخلاط من طيب معد للميت خاصة "فيما بينها" لأنه مشروع وظاهره أنه لا يجعل فوق العليا لكراهة عمر وابنه وأبي هريرة ذلك وفي الشرح أنه يجعل فوق الأولى حنوطا فقط وقيل بين الثانية والثالثة طيب وكافور نص عليه وقيل لا يذر على اللفائف شيء كما لا يوضع على الثوب الذي يستر النعش نص عليه.
"ويجعل منه" أي من الحنوط "في قطن يجعل بين أليتيه" برفق ويكثر ذلك ليرد ما يخرج عند تحريكه "ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالتبان" وهو السراويل بلا أكمام "تجمع بين أليتيه ومثانته" بشدة الخرقة "ويجعل الباقي" في
على منافذ وجهه ومواضع سجوده وإن طيب جميع بدنه كان حسنا ثم يرد طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن ويرد طرفها الآخر فوقه ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه ثم يعقدها وتحل العقد في القبر
---------------------------------------
القطن "على منافذ وجهه" وهي عيناه ومنخراه وأذناه وفمه لأن في جعلها على المنافذ منعا من دخول الهوام ولأنها تمنع سرعة الفساد إذا حدث حدث وظاهره لا يحشى بقطن وفي الغنية إن خاف حشاه بقطن وكافور وفي المستوعب إن خاف لا بأس به نص عليه "ومواضع سجوده" وهي ركبتاه ويداه وجبهته وأطراف قدمه تشريفا لها لكونها مختصة بالسجود ويطيبها مع مغابنه نص عليه
"وإن طيب جميع بدنه كان حسنا" لأن أنسا طلي بدنه بالمسك وطلي ابن عمر ميتا بالمسك وذكر السامري أنه يستحب تطييب جميع بدنه بالصندل والكافور لدفع الهوام والمنصوص يكره داخل عينيه وقاله الأكثر لأنه يفسدها ويكره خلط زعفران وورس بحنوط لأنه ربما ظهر لونه على الكفن لأنه يستعمل غذاء وزينة ولا يعتاد التطييب به ويكره طليه بصبر ليمسكه وبغيره لعدم نقله
"ثم يرد طرف اللفافة العليا" من الجانب الأيمن "على شقه الأيمن ويرد طرفها الآخر" أي من الجانب الأيسر "فوقه" أي فوق الطرف الآخر وهو الأيمن لئلا يسقط عنه الطرف الأيسر إذا وضع على يمينه في القبر وعكس صاحب الفصول والمستوعب والمحرر وقال لأنه عادة لبس الحي من قباء ورداء ونحوهما ويتوجه أنهما سواء
"ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك" أي كالأولى لأنهما في معناهما
"ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه" كالحي لشرفه ولأنه أحق بالستر من رجليه ويعيد الفاضل على وجهه ورجليه بعد جمعة ليصير الكفن كالكيس فلا ينتشر
"ثم يعقدها" إن خاف انتشارها "وتحل العقد في القبر" لأنه عليه السلام لما
ولا يخرق الكفن وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز وتكفن المرأة بخمسة أثواب إزار وخمار وقميص ولفافتين.
----------------------------------------
أدخل نعيم بن مسعود القبر نزع الأخلة بفيه وعن ابن مسعود وسمرة نحوه ولأن الخوف قد زال زاد أبو المعالي وغيره ولو نسي بعد تسوية التراب عليه قريبا لأنه سنة لكن لا يحل الإزار نص عليه.
"ولا يخرق الكفن" لما فيه من إفساده وتقبيح الكفن المأمور بتحسينه وكرهه أحمد وقال بأنهم يتزاورون فيها وجوزه أبو المعالي خوف نبشه قال أبو الوفاء ولو خيف وهو ظاهر كلام غيره
"وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز" لأنه عليه السلام ألبس عبد الله بن أبي قميصه لما مات رواه البخاري وعن عمرو بن العاص أن الميت يؤزر ويقمص ويلف بالثالثة وهذا عادة الحي وصرح في الشرح وهو ظاهر الهداية أنه يكره والمنصوص أن يكون القميص بكمين ودخاريص لا بزر لأنه لا يسن للحي زره فوق إزار لعدم الحاجة وقيل عكسه للحي لأنه العادة في العرف فيؤزر بالمئزر ثم يلبس القميص ثم يلف باللفافة وقيل يزره وهو رواية وعنه يستحب ذلك وعبارة الوجيز ويجزئ وفيها شيء.
"وتكفن المرأة في خمسة أثواب إزار وخمار وقميص ولفافتين" استحبابا وجزم به جماعة لما روى أحمد وأبو داود وفيه ضعف عن ليلى الثقفية قالت كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أول ما أعطانا الحقي ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر قال أحمد الحقي الإزار والدرع القميص فعلى هذا تؤزر بالمئزر ثم تلبس القميص ثم تخمر بمقنعة ثم تلف باللفافتين
ونص أحمد أن الخامسة تشد بها فخديها تحت المئزر وصرح به الخرقي وأبو بكر وجزم به في المحرر وظاهره أنها لا تنقب وذكر ابن تميم ابن حمدان لا بأس به وأما الصغيرة فتكفن في قميص ولفافتين لعدم احتياجها إلى خمار في
والواجب من ذلك ثوب يستره جميعه.
-------------------------------------
حياتها فكذا في موتها وكذا بنت تسع ونقل الجماعة كالبالغة وهو ظاهر.
فرع: الخنثى كامرأة.
"والواجب من ذلك ثوب يستره جميعه" لأن العورة المغلظة يجزئ في سترها ثوب واحد فكفن الميت أولى ولا فرق بين الرجل والمرأة وعنه يجب ثلاثة
احتج القاضي وغيره بأنها لو لم تجب لم يجز مع وارث صغير ورده المؤلف بالكفن الحسن وقيل بقدر الثلاثة على غير الدين من الإرث والوصية اختاره المجد وجزم به أبو المعالي قال وإن كفن من بيت المال فثوب وفي الزائد للكمال وجهان ويعتبر أن لا يصف البشرة ويكره رقة تحكي هيأة البدن نص عليه وشعر وصوف وكذا منقوش ذكره ابن تميم ويحرم بجلود ذكره جماعة وكذا تكفينها بحرير لصبي نص عليه وعنه يكره وقيل لا ومثله المذهب ويجوز لعدم تكفينه في ثوب واحد حرير للضرورة لا مطلقا فإن لم يجد إلا بعض ثوب ستر العورة كحال الحياة وذكر السامري وقدمه في الرعاية أنه يستر رأسه لأنه أفضل من باقيه والباقي بحشيش أو ورق
مسائل: الأولى: يحرم دفن حلي وثياب غير الكفن لأنه إضاعة مال وكرهه أبو حفص زاد في الشرح لغير حاجة.
الثانية: إذا أوصى بدون ما يستر بدنه لم يصح كما لو أوصى بتكفينه في ثياب ثمينة لا يليق به قاله في الرعاية وإن وصى في ثوب أو دون ملبوس مثله جاز ذكره جاز ذكره المجد إجماعا وإن وصى بثوب وقلنا يجب أكثر ففي صحة وصيته وجهان.
الثالثة: إذا مات جماعة ولم يوجد سوى ثوب واحد جمع فيه ما أمكن لخبر أنس في قتلى أحد وقال ابن تميم قال شيخنا يقسم بينهم ويستر عورة.
------------------------------------
كل واحد ولا يجمعون فيه.
الرابعة: إذا كان للميت كفن وثم حي يحتاجه لدفع حر أو برد فالأصح له أخذه بثمنه زاد المجد إن خشي التلف وقال ابن عقيل وابن الجوزي يصلى عليه عادم في أحد لفافتيه والأشهر عريانا كلفافة واحدة يقدم الميت بها.
فصل: في الصلاة على الميت
السنة أن يقوم الإمام عند رأس الرجل ووسط المرأة ويقدم إلى الأمام أفضلهم.
------------------------------------
فصل: في الصلاة على الميت
وهو مناسب لما قبله "السنة أن يقوم الإمام عند رأس الرجل ووسط المرأة" لما روى أحمد والترمذي وحسنه وإسناده ثقات عن أنس أنه صلى على رجل فقام عند رأسه ثم صلى على امرأة فقام وسطها فقال العلاء بن زياد هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم قال نعم وعن سمرة بن جندب قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة فقام وسطها متفق عليه ولأنه استر لها وعنه يقوم عند صدر الرجل جزم به الخرقي وصاحب التلخيص والمحرر والوجيز وقدمه في الفروع قال في الشرح وهو قريب من الأول وعنه عند صدرهما لأنها سواء والخنثى بين ذلك
ولم يتعرض المؤلف للمقام من الصبي والصبية وظاهر الوجيز أنهما كما سبق فلو خالف الموضع صحت ولم يصب السنة ويسن لها الجماعة ولم يصلوها على النبي صلى الله عليه وسلم بإمام إجماعا احتراما له وتعظيماويسقط الفرض برجل أو امرأة كغسله وفي سقوطه بفعل خنثيين وجهان
"ويقدم إلى الأمام" إذا اجتمعت جنائزهم "أفضلهم" لأن الفضيلة يستحق بها التقدير في الإمامة فكذا هنا يؤيده أنه كان عليه السلام يقدم في القبر من كان أكثر قرآنا وقيل الأدين وقيل الأكبر نص عليه ذكره في الشرح وقال
ويجعل وسط المرأة حذاء رأس الرجل وقال القاضي يسوي بين رءوسهم.
-----------------------------------
القاضي يقدم السابق وإن كان صبيا إلا المرأة وجزم به أبو المعالي كما لا يؤخر المفضول في صف المكتوبة في الصف الأول وقرب الإمام.
فإن تساووا قدم الإمام من شاء فإن تشاحوا أقرع بينهم وذكر ابن تميم أنه مع التشاح فهل يقدم من أحق بها أو من ميته سبق الحضور أو الموت فيه أوجه ويحتمل من سبق ميته التطهير فيستحب تقديم الحر ثم العبد المكلف ثم الصبي ثم الخنثى ثم المرأة نقلة الجماعة كالمكتوبة وعنه يقدم الصبي على العبد وعنه عبد على حر دونه وعنه المرأة على الصبي كما قدمها الصحابة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اختاره الخرقي وأبو الوفاء ونصره القاضي ولحاجتها إلى الشفاعة ويقدم الأفضل أمامها في المسير ذكره ابن عقيل ويقدم في أولياء مولى أولادهم بالإمامة ثم قرعة ولولي كل ميت أن ينفرد بالصلاة عليه.
مسألة: جمع الموتى في الصلاة أفضل نص عليه كما لو تغير أو شق وقيل عكسه قال في الفروع ويتوجه احتمال بالتسوية
"ويجعل وسط المرأة حذاء رأس الرجل" اختاره أبو الخطاب وقدمه السامري وابن حمدان ليقف في كل واحد منهما موقفه وعلى المذهب يجعل وسطها حذاء صدر الرجل وخنثى بينهما
"وقال القاضي يسوي بين رؤوسهم" قدمه في المحرر والكافي والفروع وجزم به في الوجيز لأن أم كلثوم وابنها زيد توفيا جميعا فصل:ى عليهما أمير المدينة فسوى بين رؤوسهما رواه سعيد ورواه أبو حفص عن عمر ولأن المرأة تابع لا حكم لها وعليه يقوم مقامه في الرجل اختاره جماعة ونقل الميموني في رجال أو نساء يجعلون درجا رأس هذا عند رجل هذا وإن هذا والتسوية سواء قال الخلال وعلى هذا يثبت قوله.
ويكبر أربع تكبيرات يقرأ في الأولى الفاتحة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية.
-------------------------------------
فصل: يستحب تسوية صفوف الجنازة وأن لا ينقصهم عن ثلاثة صفوف لخبر مالك بن هبيرة مرفوعا "ما من ميت يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف إلا غفر له" وسبق حكم الفذ
ويستحب لمن صلى أن لا يبرح من مكانه حتى ترفع روي عن ابن عمر ومجاهد.
"ويكبر أربع تكبيرات" لتكبير النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي أربعا متفق عليه واشتهرت الروايات به
"يقرأ في الأولى الفاتحة" لما روى ابن ماجه بإسناده فيه شهر بن حوشب عن أم شريك الأنصارية قالت أمرنا رسول الله أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بالفاتحة بعد التكبيرة الأولى وكالمكتوبة وظاهره أنه لا يستفتح وهو المشهور لأن مبناها على التخفيف وعنه بلى اختاره الخلال وجزم به في التبصرة ثم يتعوذ للآية وعنه لا ويضع يمينه على شماله وكان أحمد يفعله ونقل الفضل أنه أرسلهما ويبتدئ الحمد بالبسملة كسائر الصلوات قاله في الشرح وظاهره الاكتفاء بها قال في الفصول بغير خلاف في مذهبنا وجزم في التبصرة بقراءة سورة معها قال أحمد يقرأ الفاتحة سرا ولو ليلا لا يقال ابن عباس جهر بها وقال سنة وحق لأجل تعليمهم.
"ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية" سرا لما روى الشافعي أنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبير الأولى سرا في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للميت ثم يسلم ويكون كما في التشهد نص عليه.
ويدعو في الثالثة فيقول اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم متقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة ومن توفيته فتوفه عليهما اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خير من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار وافسح له في.
------------------------------------------
واستحب القاضي بعدها صل على ملائكتك المقربين وأنبيائك والمرسلين وأهل طاعتك أجمعين وفي الكافي لا يتعين صلاة لأن القصد مطلق الصلاة
"ويدعو" لنفسه ولوالديه والميت والمسلمين "في الثالثة" لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا صليتم على الميت فأخلصوا الدعاء" رواه أبو داود وابن ماجه وفيه ابن إسحاق ولا توقيت فيه نص عليه ويستحب أن يدعوا "فيقول اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم متقلبا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة ومن توفيته منا فتوفه عليهما" رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة زاد ابن ماجه "اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده" وفيه ابن إسحاق قال الحاكم حديث أبي هريرة صحيح على شرط الشيخين لكن زاد فيه المؤلف وأنت على كل شيء قدير ولفظ السنة.
"اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خير من زوجه وأدخله الجنة وأغذه من عذاب القبر وعذاب النار" رواه مسلم من حديث عوف بن مالك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على جنازة حتى تمنى أن يكون ذلك الميت وفيه "وأبدله أهلا خيرا من أهله" وزاد المؤلف لفظ من الذنوب "وافسح له في
قبره ونور له فيه وإن كان صبيا قال اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم ويقف بعد الرابعة قليلا
----------------------------------
قبره ونوره له فيه" لأنه لائق بالمحل فإن كان الميت امرأة أنث الضمير وإن كان خنثى قال هذا الميت ونحوه.
تذنيب: نزله بضم الزاي وقد يسكن ومدخله بفتح الميم موضع الدخول وبضمها الإدخال والزوج بغير هاء للمذكر والمؤنث وقد يقال لامرأة الرجل زوجه حكاها الخليل والجوهري وذكر جماعة أنه يستحب أن يقول اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به اللهم إن كان محسنا فجازه بإحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه اللهم إنا جئنا شفعاء له فشفعنا فيه ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله إنك غفور رحيم وإن لم يعلم شرا من الميت قال اللهم لا نعلم إلا خيرا للخبر ولا بأس بالإشارة بالإصبع حال الدعاء للميت نص عليه
و"إن كان صبيا" وعبارة المحرر والفروع صغيرا وهو أولى "قال اللهم اجعله ذخرا لولديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم" لقوله عليه السلام "والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة" رواه أبو داود وما ذكره من الدعاء لائق بحاله مناسب لما مر فيه فشرع كالاستغفار للبالغ زاد جماعة سؤال المغفرة له والأشهر عدمه لأنه لا ذنب له وإنما يدعو لوالديه هذا هو السنة.
فرع: إذا لم يعرف إسلام والديه دعا لمواليه وفي الفروع ومرادهم فيمن بلغ مجنونا ومات أنه كصغير.
"ويقف بعد الرابعة قليلا" لما روى الجرجاني عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم
ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه ويرفع يديه مع كل تكبيرة.
--------------------------------
كان يكبر أربعا ثم يقف ما شاء الله فكنت أحسب هذه الوقفة ليكبر آخر الصفوف ظاهره أنه لا يشرع بعدها دعاء نص عليه واختاره الخرقي وابن عقيل وغيرهم ولم يذكر بعضهم الوقوف ونقل جماعة يدعوا فيها كالثالثة اختاره أبو بكر والآجري والمجد في شرح الهداية لأن ابن أبي أوفى فعله وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله قال أحمد هو أصلح ماروي وقال لا أعلم شيئا يخالفه ولأنه قيام في جنازة أشبه الذي قبله فيقول {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: من الآية201] واختاره جمع وحكاه ابن الزاغواني عن الأكثر وصح أن أنسا كان لا يدعوا بدعاء إلا ختمه بهذا واختار أبو بكر اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله لأنه لائق بالمحل وفي الوسيلة رواية أيهما شاء وقد نص في رواية جماعة أنه يدعوا للميت بعد الرابعة وللمسلمين بعد الثالثة وهي اختيار الخلال وظاهره أنه لا يتشهد ولا يسبح مطلقا نص عليه واختار حرب يقول السلام عليك أيها النبي إلى قوله وأن محمدا عبده ورسوله وهو قول عطاء.
"ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه" نص عليه وقال عن ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "وتحليلها التسليم" روى عطاء بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم على الجنازة تسليمة رواه الجوزجاني وقال ابن المبارك من سلم عليها تسليمتين فهو جاهل ولأن التسليمة عن يمينه أكثر ما روى فيه وهو أشبه وإن سلم تلقاء وجهه جاز نص عليه وتجوز ثانية واستحبها القاضي وذكره الحلواني رواية وقد روى الحاكم عن ابن أبي أوفى تسليمتين وظاهر كلامهم يجهر بها الإمام وقيل ويتابع إماما في الثانية كالقنوات
"ويرفع يديه مع كل تكبيرة" روي عن ابن عمر رواه الشافعي وعن ابن عباس رواه سعيد وعمر عن زيد بن ثابت رواه الأثرم ولأنه لا يتصل طرفها بسجود ولا قعود فسن فيها الرفع لتكبيرة الإحرام وحكى في الشرح
والواجب من ذلك القيام والتكبيرات والفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأدنى دعاء للميت والسلام.
-------------------------------
الإجماع على أنه يرفع في الأولى وصفة الرفع وانتهاؤه كما سبق.
"والواجب من ذلك القيام والتكبيرات" الأربع لما روى ابن عباس وأبو هريرة وجابر أنه عليه السلام كبر أربعا متفق عليه فلو نقص تكبيرة عمدا بطلت وسهوا يكره ما لم يطل الفصل: وقيل يعيدها لفعل أنس المنصوص أنه لا يستأنفها إلا إذا أطال أو وجد مناف من كلام أو نحوه "والفاتحة" ولم يوجب الشيخ تقي الدين قراءة بل استحبها وهو ظاهر نقل أبي طالب "والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" لقوله "لا صلاة لمن لا يصلي على نبيه" وقال ابن تميم وإن قلنا لا تجب في الصلاة لم تجب هنا "وأدنى دعاء للميت" لأنه هو المقصود فلا يجوز الإخلال به "والسلام" لأنه عليه السلام كان يسلم على الجنائز وقال "صلوا كما رأيتموني أصلي" والمراد به واحدة وعنه ثنتان وظاهر ما ذكره في المستوعب والكافي وهنا أنه يتعين القراءة في الأولى والصلاة في الثانية والدعاء في الثالثة وقدم في الفروع خلافه.
ويشترط لها النية فينوي الصلاة على الميت ولا يضر جهله بالذكر وغيره فإن جهله نوى من يصلي عليه الإمام وإن نوى أحد الموتى اعتبر تعيينه فإن نوى على رجل فبان امرأة أو عكسه فقال أبو المعالي يجزئه لقوة التعيين على الصفة.
والقيام في فرضها لأنها فرض كفاية فيجب فيها القيام كالمكتوبة فلا تصح من قاعد ولا على راحلة بلا عذر وظاهره ولو تكررت إن قيل الثانية فرض والمؤلف ترك ذكرهما لظهورهما وإسلام الميت والطهارة من حدث ونجس والاستقبال والسترة كمكتوبة فإن تعذر تطهير الميت صلي عليه وحضور الميت بين يدي المصلي ولا تصح على جنازة محمولة ذكره جماعة في المسبوق لأنها كإمام ولهذا لا صلاة بدون الميت وقال المجد وغيره قربها من الإمام مفصولة كقرب المأموم من الإمام لأنه يسن الدنو
وإن كبر الإمام خمسا كبر بتكبيره وعنه لا يتابع في زيادة على أربع وعنه يتابع إلى سبع.
----------------------------------------
منها ولو صلى وهي من وراء جدار لم يصح.
"وإن كبر الإمام خمسا كبر بتكبيره" نقله الأثرم واختاره الخرقي وقدمه في التلخيص وذكر في الشرح أنه ظاهر المذهب لما روى مسلم عن زيد بن أرقم أنه كبر على الجنازة خمسا وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبرها وعن حذيفة نحوه رواه أحمد.
"وعنه لا يتابع في زيادة على أربع" نقلها حرب واختارها ابن عقيل وجزم به في الوجيز وهو المذهب قاله أبو المعالي لأنه زاد على القدر المشروع فلم يتبعه كالقنوت في الأولى وكما لو زاد على عدد الركعات وكما لو علم أو ظن بدعة وأجاب الثوري عما سبق بالنسخ بالإجماع وفيه نظر.
"وعنه يتابع إلى سبع" نقله الجماعة واختارها أكثر الأصحاب وقدمها في المحرر والفروع لأنه عليه السلام كبر على حمزة سبعا رواه ابن شاهين وعن الحكم بن عتيبة قال كانوا يكبرون على أهل بدر خمسا وستا وسبعا رواه سعيد ولأن المأموم يتابع إمامه في تكيبرات العيد فكذا هنا وظاهره أنه لا يتابعه فيما زاد عليها قال أحمد هو أكثر ما جاء فيه ولا تبطل مجاوزة سبع نص عليه وينبغي أن يسبح بعدها لا قبلها قاله أحمد وذكر ابن حامد وجها تبطل مجاوزة أربع عمدا وبكل تكبيرة لا يتابع فيها وفي الخلاف قول أحمد في رسالة مسدد خالفني الشافعي في هذا فقال إذا زاد على أربع تعاد الصلاة واحتج بحديث النجاشي قال أحمد والحجة له ويمكن الجمع بينهما فإن المداومة على أربع تدل على الفضيلة وغيرها يدل على الجواز فتعين المتابعة وإذا لم يتابع في الزيادة فلا يجوز للمأموم السلام قبله نص عليه لأنها زيادة مختلف فيها وذكر أبو المعالي وجها ينوي مفارقته ويسلم كما لو قام إلى خامسة وعجب أحمد من ذلك مع ما ورد قال ابن مسعود كبر ما
وإن فاته شيء من التكبير قضاه على صفته وقال الخرقي يكفيه متتابعا فإن سلم ولم يقضه فعلى روايتين.
------------------------------------------
كبر إمامك.
تنبيه: المنفرد كإمام في زيادة ولو كبر فجيء بثانية أو أكثر وكبر الإمام ونواهما جاز نص عليه إذا بقي من تكبيره أربع فيقرأ في الخامسة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في السادسة ويدعو في السابعة ولو جيء بخامسة لم يكبر عليها الخامسة لئلا يفضي إلى زيادة التكبير على سبع أو نقصان الخامسة من أربع وكلاهما ممنوع فإن أراد أهل الجنازة الأولى رفعها قبل سلام الإمام لم يجز لأن الصلاة لا تتم إلا به
ويستحب للمسبوق إذا حضر بين تكبيرتين أن يحرم ويدخل معه كالصلاة وعنه وينتظر تكبيره لأن كل تكبيرة كركعة فلا يشتغل بقضائها ورده المؤلف بأن هذا ليس اشتغالا بقضاء ما فاته وإنما يصلي معه ما أدركه وخيره في الفصول كسائر الصلوات وإن أدركه بعد الرابعة فمسألتها إن شرع بعد ذكر كبر وتبعه.
"وإن فاته شيء من التكبير قضاه على صفته" قدمه جماعة لأن القضاء محل الأداء كسائر الصلوات والمقضي أول صلاته يأتي فيه بحسب ذلك وفيه وجه آخر هنا فيأتي بالقراءة فيما أدركه مع الإمام وهذا ظاهر التلخيص لكن إذا خشي رفعها تابع رفعت أم لا نص عليه.
"وقال الخرقي يقضيه متتابعا" هذا رواية عن أحمد وقدمه في المحرر وحكاه أحمد عن إبراهيم لقول ابن عمر لا يقضي فإن كبر سابعا فلا بأس ولم يعرف له مخالف في الصحابة وقال القاضي وأبو الخطاب وهو الأصح إن رفعت قبل إتمام التكبير قضاه متتابعا لعدم من يدعى له وإن لم يرفع قضاه على صفته
"فإن سلم" مع الإمام "ولم يقضه فعلى روايتين" إحداهما يصح ,
ومن فاتته صلاة على الجنازة صلى على القبر إلى شهر.
-----------------------------------
اختارها الأكثر لقوله عليه السلام لعائشة "ما فاتك فلا قضاء عليك" ولأنها تكبيرات حال القيام فلم يجب قضاؤها كتكبيرات العيد والثانية لا تصح اختاره أبو بكر والآجري وابن عقيل وحكاه عن شيخه لقوله "وما فاتكم فاقضوا" .
أصل: إذا صلى لم يصل ثانيا كما لا يستحب له رد السلام ثانيا ذكره جماعة ونص أحمد أنه يكره وقيل يحرم ذكره في المنتخب نصا كالغسل ونحوه وقيل يصلي اختاره في الفنون والشيخ تقي الدين لأنه دعاء واختار ابن حامد والمجد يصلي تبعا وإلا فلا إجماعا كبقية الصلوات ومن لم يصل جاز أن يصلي بل يستحب كصلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم كما لو صلى عليه بلا إذن وال حاضر أو ولي بعده حاضر وإنما تعاد تبعا ومتى رفعت بعد الصلاة لم توضع لأحد ويبادر إلى دفنها وقال القاضي إلا أن يرجى مجيء الولي فيؤخر إلا أن يخاف تغيره.
"ومن فاته الصلاة على الجنازة صلى على القبر إلى شهر" نص عليه واختاره الأكثر لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر وعن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر رواه الترمذي ورواته ثقات.
قال أحمد أكثر ما سمعت هذا ولأنه لا يعلم بقاؤه أكثر منه فيقيده به قيل من دفنه جزم به في الوجيز وقيل من موته ويحرم بعده نص عليه قال في الخلاف أجاب أبو بكر فيما سأله أبو إسحاق عن قول الراوي بعد شهر يريد شهرا {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} أراد الحين لكن ذكر المؤلف وابن تميم أنه لا يضر زيادة يسيرة لما روى الدارقطني عن ابن عباس مرفوعا "أنه صلى على قبر بعد شهر" قال القاضي كاليومين وقيل إلى سنة وقيل ما لم يبل فإن شك في بقائه فوجهان وقيل يصلى
ويصلى على الغائب بالنية فإن كان في أحد جانبي البلد لم يصل عليه بالنية في أصح الروايتين
------------------------------
عليه أبدا ولو لم يكن من أهل فرضها يوم موته وإنما يجد على قبره عليه السلام لئلا يتخذ مسجدا
ومن شك في المدة صلى حتى يعلم فراغها وحكم الغريق كذلك وأما إذا لم يدفن فإنه يصلى عليه وإن مضى أكثر من شهر وقيده ابن شهاب وقدمه في الرعاية بالشهر.
"ويصلى على الغائب بالنية" كالصلاة على قبر في أصح الروايتين وظاهره لا فرق بين الإمام وغيره ولا من مسافة القصر وغيرها في جهة القبلة أو غيرها.
والثانية: لا يجوز لأن حضور الجنازة شرط كما لو كانا في بلد واحد وقيل إن كان صلي عليه واختاره الشيخ تقي الدين والأول المذهب لأنه عليه السلام صلى على النجاشي فصف وكبر عليه أربعا متفق عليه.
لا يقال: لم يكن بأرض الحبشة من يصلي عليه لأنه ليس من مذهبكم فإنكم تمنعون الصلاة على الغريق والأسير وإن لم يكن صلي عليه مع أنه يبعد ما ذكرتم فإن النجاشي ملك الحبشة وقد أظهر الإسلام فيبعد أنه لم يوافقه أحد يصلي عليه ومدته كمدة صلاة على القبر ويعتبر انفصال مكانه عن البلد بما يعد الذهاب إليه نوع سفر وقال القاضي يكفي خمسون خطوة قال الشيخ تقي الدين وأقرب الحدود ما تجب فيه الجمعة لأنه إذن من أهل الصلاة في البلد فلا يعد غائبا عنها ويعتبر أن يكون غير وقت نهي قاله في الرعاية.
"فإن كان في أحد جانبي البلد لم يصل عليه في أصح الروايتين" هذا المذهب لأنه يمكن حضوره أشبه ما لو كانا في جانب واحد والثانية يجوز اختاره ابن حامد كالعيد وللمشقه.
مسائل:
منها: إذا صلى على غائب ثم حضر به استحب أن يصلي عليه ثانيا جزم به
ولا يصلي الإمام على الغال ولا على من قتل نفسه.
------------------------------------
ابن تميم وغيره فيعايا بها.
ومنها: أنه لا يصلى كل يوم على كل غائب لأنه لم ينقل قاله الشيخ تقي الدين.
ومنها: الصلاة على مستحيل بإحراق وأكيل سبع ونحوه وجهان قال في التلخيص الأظهر المنع لاستحالته بخلاف الغريق في اللجة قال في الفصول فأما إن حصل في بطن سبع لم يصل عليه مع مشاهدة السبع.
ومنها: أنه لا يصلى على من في تابوت معغطى وقيل إن أمكن كشفه عادة وقال ابن حامد يصح كالمكبة.
"ولا يصلي الإمام" أي الإمام الأعظم نقله الجماعة واختاره الخلال وجزم به في التبصرة وقيل أو نائبه وإمام قرية وهو واليها في القضاء نقله حرب "على الغال" من الغنيمة نص عليه لأنه عليه السلام امتنع من الصلاة على رجل من المسلمين فقال "صلوا على صاحبكم" فتغيرت وجوه القوم فقال "إن صاحبكم غل في سبيل الله" رواه أحمد واحتج به وأبو داود والنسائي بإسناده من حديث زيد بن خالد وهو شامل للقليل والكثير
"ولا على من قتل نفسه" عمدا في الأصح لما روى مسلم عن جابر بن سمرة أن رجلا قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه وفي رواية للنسائي قال النبي صلى الله عليه وسلم "أما أنا فلا أصلي عليه" وهو سهم له نصل عريض ليس بالطويل وقيل يحرم وحكي رواية.
قال ابن عقيل هو في هجر أهل البدع والفساق فيجيء الخلاف فلا يصلي أهل الفضل على الفساق لأن في امتناع الإمام ردعا وزجرا وظاهره أنه يصلي عليها غير الإمام قاله السامري وغيره لقوله عليه السلام "صلوا على من قال لا إله إلا الله" رواه الخلال على كل عاص نص عليه وقال ما نعلم أنه عليه السلام ترك الصلاة على أحد إلا على الغال وقاتل نفسه ويلحق بهما
وإن وجد بعض الميت غسل وصلي عليه ، وعنه لا يصلى على الجوارح ، وإن اختلط من يصلى عليه بمن لا يصلى عليه صلى على الجميع ،
---------------------------------
صاحب بدعة مكفرة وعنه ولا يصلي على أهل الكبائر جزم به في الترغيب واختاره المجد في كل من مات عن معصية ظاهرة بلا توبة وهو متجه وعنه ولا على من قتل في حد ولا على مدين وعنه يصلي على كل أحد اختاره ابن عقيل كما يصلي غيره حتى على باغ ومحارب.
"وإن وجد بعض الميت" تحقيقا ذكره ابن عقيل "غسل وصلي عليه" على المذهب لأن أبا أيوب صلى على رجل قاله أحمد وصلى عمر على عظام بالشام وصلى أبو عبيدة على رؤوس بعد تغسيلها وتكفينها رواهما عبد الله بن أحمد وقال الشافعي ألقى طائر يدا بمكة في وقعة الجمل عرفت بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فصل:ى عليها أهل مكة والمراد بالبعض غير شعر وظفر رواية واحدة لأنه لا حياة فيه وكذا سن قاله في الفروع فعلى ما ذكره يلف في شيء بعد تطهيره ويصلى عليه وجوبا إن لم يكن صلي عليه وقيل مطلقا كغسله وتكفينه ودفنه في الأصح فقيل ينوي الجملة إذا صلى ثم وجد الأكثر ففي الوجوب احتمالان وإن تكرر الوجوب جعلا للأكثر كالكل
"وعنه لا يصلى على الجوارح" التي يكتسب بها كما لو بان في حي وجوابه بأنه من جملة من لا يصلى عليه ولئلا تتكرر الصلاة فمتى وجد الأكثر صلى عليه وهل ينبش ليدفن معه أم بجنبه فيه وجهان.
فرع: إذا بان من حي كيد سارق انفصل: في وقت لو وجدت فيه الجملة لم يغسل ولم يصل عليها وقيل يصلى عليها إن احتمل موته.
"وإن اختلط من يصلى عليه" كمسلم "ومن لا يصلى عليه" ككافر "صلى على الجميع" لأن الصلاة على المسلم واجبة ولا يمكنه الخروج عن العهدة إلا بذلك وفهم منه أنه يغسل الجميع ويكفنون سواء كان من يصلى عليه
ينوي من يصلى عليه ولا بأس بالصلاة على الميت في المسجد وإن لم يحضره غير النساء صلين عليه.
----------------------------------
أكثر أم لا وسواء في ذلك دار الحرب وغيرها وعنه إذا اشتبهوا في دار الحرب فلا
"ينوي من يصلي عليه" أي ينوي الصلاة على المسلم في ذلك لأن الصلاة على الكافر لا تجوز فلم يكن بد من ذلك ثم إن أمكن عزلهم وإلا دفنوا مع المسلمين قاله أحمد.
مسألة: يصلي على المسلمة الحاملة دون حملها قبل مضي تصويره وعليهما معا بعده ولا يصلى على أطفال المشركين لأن لهم حكم آبائهم إلا من حكمنا بإسلامه منهم ذكره جماعة.
"ولا بأس بالصلاة على الميت في المسجد" قال الآجري السنة أن يصلى عليها فيه لقول عائشة صلى النبي صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء في المسجد رواه مسلم وصلي على أبي بكر وعمر فيه رواه سعيد ولأنها صلاة فلم تكره فيه كسائر الصلوات وقيل هو أفضل وقيل عكسه وخيره أحمد واقتصر عليه في الوجيز وإن لم يؤمن تلويثه لم يجز ذكره أبو المعالي وذهب قوم إلى الكراهة لما روى أحمد ثنا وكيع ثنا ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له" ولأنه يحتمل انفجاره فيه وجوابه بأن صالحا فيه ضعف وبأن احتمال انفجاره نادر ثم هو عادة بعلامة فمتى ظهرت كره إدخاله المسجد.
"وإن لم يحضره غير النساء صلين عليه" لأن عائشة أمرت أن يؤتى بأم سعد وكسائر الصلوات وظاهره أنهن يصلين عليه مع عدم الرجال وجوبا ضرورة الخروج عن عهدة الفرض ويسقط بهن وفي كلام القاضي ما يشعر بخلافه وتسن لهن جماعة نص عليه وتقف إمامتهن وسطا كمكتوبة ويقدم منهن من يقدم من الرجال حتى قاضية ووالية وكره ابن عقيل لسرعان
---------------------------------
الاجتهاد وقيل فرادى أفضل واختاره القاضي كصلاتهن بعد رجال في وجه.
فائد: يحصل له بالصلاة عليها قيراط وهو أمر معلوم عند الله تعالى وذكر ابن عقيل أنه قيراط بنسبته من أجر صاحب المصيبة وله بتمام دفنها آخر وذكر أبو المعالي وجها أن الثاني بوضعه في قبره وقيل إذا ستر باللبن وهل يعتبر للثاني أن لا يفارقها من الصلاة حتى تدفن أم يكفي حضور دفنها فيه وجهان ولا تحمل الجنازة إلى مكانه ومحله ليصلى عليها فهي كالإمام يقصد ولا يقصد ذكره ابن عقيل.
فصل: في حمل الميت
يستحب التربيع في حمله وهو أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة على الكتف الأيمن ثم ينتقل إلى المؤخرة.
---------------------------------
فصل: في حمل الميت
وهو فرض كفاية ولا يختص كون فاعله من أهل القربة فيسقط بكافر وغيره وكذا تلقينه ودفنه وفاقا لعدم اعتبار النية
"يستحب" أن يحمله أربعة لأنه يسن "التربيع في حمله" لما روى سعيد وابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال من أتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليدع إسناده ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه لكن كرهه الآجري وغيره إذا ازدحموا عليها
"وهو أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة على كتفه الأيمن ثم ينتقل إلى المؤخرة ثم يضع قائمة اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى ثم ينتقل إلى المؤخرة" هذا صفة التربيع ونقله الجماعة وهو المذهب لأنه أحد الجانبين فبدئ فيه بالمقدمة وعنه ينتقل من رجل السرير اليمنى إلى رجله اليسرى ثم يختم
ثم يضع قائمة اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى ثم ينتقل إلى المؤخرة وإن حمل بين العمودين فحسن ويستحب الإسراع بها ويكون المشاة أمامها
------------------------------------
برأسه رواه البخاري عن ابن عمر ولأنه أخف
"وإن حمل" كل واحد على عاتقه "بين العمودين فحسن" نص عليه في رواية ابن منصور لأنه عليه السلام حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين وروي عن سعد وابن عمر وأبي هريرة أنهم فعلوا ذلك وعنه يكره حكاها ابن الزاغواني والأصح عدمها وليس بأفضل من التربيع وعنه هما سواء والأولى الجمع بينهما فإن عجز عن حملها على ما ذكر حملت بالتابوت والرجال
وإن كان الميت طفلا فلا بأس بحمله على الأيدي صرح به جماعة ويستحب أن يكون على نعش كما قدمنا وإن كانت امرأة استحب ستر نعشها بمكبة لأنه أستر لها وروي أن فاطمة صنع لها ذلك بأمرها وما نقله بعضهم أنه أول من اتخذ ذلك له زينب أم المؤمنين فيه نظر فإن وفاتها كانت سنة عشرين قال في التلخيص ويجعل فوق المكبة ثوب وكذا إن كان به حدب ونحوه لأنه يشهر بالمثلة.
ولا بأس بحمله على دابة لغرض صحيح كبعد قبره وعنه يكره وظاهر كلامهم لا يحرم حملها على هيأة مزرية أو هيأة يخاف معها سقوطها.
"ويستحب الإسراع بها" لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم" متفق عليه ويكون دون الخبب نص عليه زاد في المذهب وفوق السعي وفي الكافي لا يفرط في الإسراع فيمخضها ويؤذي متبعها وقال القاضي يستحب أن لا يخرج عن المشي المعتاد ولكن يراعي الحاجة نص عليه فإن خيف عليه التغير أسرع.
"ويكون المشاة أمامها" نص عليه وهو قول أكثرهم قال ابن المنذر ثبت
والركبان خلفها ولا يجلس من تبعها حتى توضع وإن جاءت وهو.
---------------------------------------
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة ورواه أحمد عن ابن عمر ولأنهم شفعاء والشفيع يتقدم المشفوع له واختار ابن حمدان حيث شاء وفي الكافي حيث مشى قريبا منها فحسن وقال الأوزاعي أفضل لأنها متبوعة.
"والركبان خلفها" لما روى المغيرة بن شعبة مرفوعا "الراكب خلف الجنازة" رواه الترمذي وقال حسن صحيح ولأن سيره أمامها يؤذي متبعها وقال المجد يكره أمامها وفي راكب سفينة وجهان بناء على أن حكمه كراكب أو كماش وإن عليهما ينبني دورانه في الصلاة ويكره للمرأة اتباعها وحرمه الآجري في الشابة قال أبو المعالي يمنعن من اتباعها وهو قول الجمهور وأباحه قوم لقرابة وقال أبو حفص هو بدعة ويجب طردهن فإن رجعن وإلا رجع الرجال بعد أن يحثوا في وجوههن التراب.
وكذا يكره لمتبعها الضحك والتبسم والتحدث بأمر الدنيا وأن توضع عليها الأيدي وأن يقال حال المشي معها اللهم سلم رحمه الله واستغفروا له نص عليه ويسن أن يسكتوا أو يذكروا الله قال بعضهم خفية.
فرع: يكره الركوب لمن تبعها إلا لحاجة وكعوده وتقدمها إلى موضع الصلاة لا إلى المقبرة.
تنبيه: إذا كان معها منكر وقدر على إزالتها تبعها وأزاله فإن عجز عنه لم يجز أن يتبعها وعنه بل وينكره بحسبه ومن كان حضوره يزيل المنكر لزمه على الروايتين كحصول المقصود فيعايا بها.
"ولا يجلس من تبعها حتى توضع" لقوله عليه السلام "من تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع" متفق عليه من حديث أبي سعيد والمراد بها وضعها على الأرض للدفن نقله الجماعة وعنه للصلاة وعنه في اللحد لاختلاف الخبر وعنه لا يكره الجلوس قبل وضعها كمن بعد "وإن جاءت وهو
جالس لم يقم لها ويدخل قبره من عند رجل القبر إن كان أسهل عليهم.
----------------------------------------
جالس لم يقم لها" لقوله علي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد رواه مسلم وقال علي كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقيام ثم جلس وأمرنا بالجلوس رواه أحمد وغيره وإسناده ثقات وكذا إذا مرت به وعنه القيام وتركه سواء وعنه يستحب القيام اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين لأمره بذلك وعنه حتى تغيب أو توضع فيقوم قبل وصولها إليه حين رؤيتها للخبر وظاهره لو كانت جنازة كافر لفعله عليه السلام متفق عليه والأصح الكراهة إذ دليله ناسخ لما ذكرناه.
"ويدخل قبره من عند رجل القبر" أي من شرقه ثم يسله سلا لأنه عليه السلام سل من قبل رأسه سلا وعبد الله بن يزيد أدخل الحارث قبره من قبل رجل القبروقال هذا من السنة رواه أحمد ولأنه ليس بموضع موجه بل دخول الرأس أولى كعادة الحي لكونه يجمع الأعضاء الشريفة ولهذا يقف عند رأسه في الصلاة ويبدأ به في حمله.
"إن كان أسهل عليهم" كذا ذكره جماعة منهم المجد لأن في ضدها ضررا ومشقة وهو منفي شرعا ولم يقبل منه وفي الوجيز والفروع وظاهر كلامه أنه يدخله معترضا من قبلته إذا لم يسهل من عند رجل القبر وخرج به في المحرر وقيل يبدأ بإدخال رجله من عند رأسه ذكره ابن الزاغواني.
وظاهره أنه لا توقيت فيمن يدخله بحسب الحاجة كسائر أموره وقيل الوتر أفضل وأنه لا حد لعمقه نص عليه لقوله "احفروا وأعمقوا وأحسنوا" رواه النسائي قال أحمد يعمق إلى الصدر وقدره أكثر أصحابنا بقامة وبسطة وذكره جماعة نصا والبسطة الباع وجعلهما في الوسيلة أربعة أذرع ونصفا نصا وبالجملة يكفي ما يمنع الرائحة والسباع ولا يجوز جعله على الأرض وموضع فوقه خشبا لا في تراب لأنه ليس بسنة كما لا يجوز ستره إلا بالثياب ذكره ابن عقيل.
ولا يسجى القبر إلا أن يكون لامرأة ويلحد له لحدا ،.
-----------------------------
تنبيه: الأحق بالتلقين والدفن أحقهم والدفن أحقهم بالغسل وذكر المجد وابن تميم أنه يستحب أن يتولى دفن الميت غاسله فيقدم الوصي ثم الأقرب فالأقرب ثم الرجال الأجانب ثم النساء المحارم ثم الأجنبيات والمرأة محارمها الرجال أولى من الأجانب ومن محارمها النساء بدفنها وهل يقدم الزوج على محارمها الرجال أم لا فيه روايتان فإن عدما فالرجال الأجانب أولى في المشهور وعنه نساء محارمها قدمه المؤلف وذكر أنه أولى وشرطه عدم محذور من تكشفهن بحضرة الرجال أو غيره قال المجد أو اتباعهن الجنازة ويقدم من الرجال خصي ثم شيخ ثم أفضل دينا ومعرفة ومن بعد عهده بجماعة أولى ممن قرب.
فرع: لا يكره للرجال دفن امرأة مع حضور محرم نص عليه قال في الفروع ويتوجه احتمال يحملها من المغتسل إلى النعش ويسلمها إلى من في القبر ويحل عقد الكفن وقاله الشافعي في الأم ومتى كان الأولى بغسله الأولى بدفنه تولاهما بنفسه ثم نائبه إن شاء.
"ولا يسجى القبر إلا أن يكون امرأة" فإنه يسن تغطية قبرها بغير خلاف نعلمه لأنها عورة ولا يؤمن أن يبدو منها شيء فيراه الحاضرون وظاهر كلام الوجيز ولو كانت صغيرة ويكره ستر قبر الرجل نص عليه لقول علي وتقدم بقوم دفنوا ميتا وبسطوا على قبره الثوب فجذبه وقال إنما يصنع هذا بالنساء رواه سعيد ولأن كشفه أمكن وأبعد من التشبه بالنساء فإن كان ثم عذر من مطر ونحوه لم يكره.
"ويلحد له لحدا" لقول سعد الحدوا لي لحدا وانصبوا اللبن علي نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم واللحد إذا بلغ الحافر قرار القبر حفر فيه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت وهو أفضل من الشق على الأصح وهو أن يحفروا أرض القبر شقا يضع فيه الميت ويسقف عليه شيء فيكره الشق بلا عذر فلو تعذر اللحد لكون التراب ينهار يبنيه بلبن وحجارة إن أمن نص
وينصب اللبن عليه نصبا ولا يدخله خشبا ولا شيئا مسه النار ويقول الذي يدخله القبر بسم الله وعلى ملة رسول الله ويضعه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة.
----------------------------------------
عليه ولا يشق إذن قال أحمد لا أحب الشق لما روى ابن عباس مرفوعا "اللحد لنا والشق لغيرنا" رواه أحمد والترمذي وقال غريب.
"وينصب اللبن عليه نصبا" لحديث سعد وإن جعل عليه طن قصب جاز لقول عمرو بن شرحبيل رأيت المهاجرين يستحبون ذلك ولكن اللبن أفضل لأنه من جنس الأرض وأبعد من أبنية الدنيا وعنه القصب اختارها الخلال وصاحبه وابن عقيل لأنه عليه السلام خرج على قبره طن من قصب وفي المحرر هما سواء ويسد الخلل بما يمنع التراب من طين وغيره قال أحمد ويسد الفرجة بحجر فدل على أن البلاط كاللبن وإن كان اللبن أفضل.
"ولا يدخله خشبا" بلا ضرورة "ولا شيئا مسه النار" لقول إبراهيم كانوا يستحبون اللبن ويكرهون الخشب والآجر ولأن فيه تشبها بأهل الدنيا وتفاؤلا أن لا تمسه النار ويكره دفنه في تابوت ولو كان الميت امرأة أو في حجر منقوش قال بعضهم أو يجعل فيه حديد ولو كانت الأرض رخوة أو ندية.
"ويقول الذي يدخله القبر بسم الله وعلى ملة رسول الله" لقول ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع الميت قال ذلك وفي لفظ "وعلى سنة رسول الله" روى ذلك أحمد والترمذي وقال حسن غريب وعنه يقول اللهم بارك في القبر وصاحبه وإن قرأ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} الآية وأتى بذكر أو دعاء لائق عند وضعه وإلحاده فلا بأس لفعله عليه السلام وفعل الصحابة.
"ويضعه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة" لأنه عليه السلام هكذا دفن والمذهب عند القاضي وأصحابه والمؤلف وقدمه في الفروع يجب دفنه مستقبل القبلة وعند صاحب الخلاصة والمحرر وظاهر كلامه أنه يستحب كجنبه الأيمن.
ويحثي التراب في القبر ثلاث حثيات ثم يهال عليه التراب ويرفع القبر عن الأرض.
---------------------------------------
وظاهره أنه لا يجعل تحت رأسه شيئا لقول عمر إذا جعلتموني في اللحد فأفضوا بخدي إلى الأرض واستحب عامتهم أن يجعل تحت رأسه لبنة كالمخدة للحي ويجعل قدامه وخلفه ما يمنع وقوعه على قفاه أو وجهه وفي الشرح والفروع يدنيه من قبلة اللحد ويسند خلفه ويكره المرقعة والمضربة نص عليه وكذا قطيفة تحته لكراهة الصحابة وهو قول الأكثر ونص أنه لا بأس بها من علة في الأرض وعنه مطلقا وقيل يستحب لأن شقران وضع في قبر النبي صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء لكن من غير اتفاق منهم.
"ويحثي التراب في القبر ثلاث حثيات" استحبابا لما روى جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حثى على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا رواه الشافعي وروي عن علي وابن عباس وأن يكون ذلك باليد قاله في المحرر والفروع وهو شامل لحاضر به زاد ابن تميم من قبل رأسه لفعله عليه السلام رواه ابن ماجه وقيل من دنا منه وعنه لا بأس بذلك وذكر ابن المنجا أنه ينبغي أن يقول إذا حثى الأولى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} وفي الثانية {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} وفي الثالثة {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}
"ثم يهال" أي يصب "عليه التراب" لقول عائشة ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي رواه أحمد وقالت فاطمة لأنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب رواه البخاري.
ويكره أن يزاد في القبر من غير ترابه نص عليه لنهي عقبة عنه رواه أحمد قال في الفصول إلا أن يحتاج إليه ولا بأس بتعليمه بحجر أو خشبة ونحوهما عند رأسه نص عليه لأنه عليه السلام ترك عند قبر عثمان بن مظعون صخرة رواه أبو داود ونص على استحبابه واختلف عنه في اللوح والأشبه أنه لا بأس به بلا كتابة قاله ابن تميم
"ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر" لأنه عليه السلام رفع قبره عن الأرض
مسنما ويرش عليه الماء ولا بأس بتطيينه ويكره تجصيصه.
-------------------------------------
قدر شبر رواه الساجي من حديث جابر ولأنه يعلم أنه قبر فيتوقى ويترحم عليه ويكره فوق شبر لأن فضالة أمر بقبر فسوي وقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك رواه مسلم وحمله المجد على تقريبه من الأرض والمنع عن علوها الفاحش.
"مسنما" لما روى البخاري عن سفيان التمار أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما ولأن التسطيح يشبه أبنية أهل الدنيا وهو شعار أهل البدع فكان مكروها وقال الشافعي التسطيح أفضل وخالفه كثير من أصحابه قال وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سطح قبر ابنه إبراهيم وهو محمول على أنه سطح جوانبها وسنم سطحها لكن يستثنى منها إذا دفن بدار الحرب بعد تعذر نقله فالأولى تسويته بالأرض وإخفاؤه قاله أبو المعالي وغيره.
"ويرش عليه الماء" لأنه عليه السلام رش على قبر سعيد ماء رواه ابن ماجه من حديث أبي رافع وروى الخلال بإسناده أنه رش على قبر النبي صلى الله عليه وسلم الماء ولأن الماء يلبده وهو آثار الرحمة ويوضع عليه حصى صغار وظاهر كلام جماعة أنه يعمه بها ليحفظ ترابه وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه ماء ووضع عليه حصى رواه الشافعي
"ولا بأس بتطيينه" قاله أحمد لأنه عليه السلام طين قبره ولأن فيه صيانة عن الدرس وكرهه أبو حفص وقيل يستحب والنهي الوارد فيه محمول على طين فيه تحسين للقبر وزينة
"ويكره تجصيصه" وتزويقه وتحليقه وهو بدعة "والبناء" عليه أطلقه أحمد والأصحاب لاصقة أو لا لقول جابر نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يعقد عليه وأن يبنى عليه رواه مسلم وذكر جماعة أنه لا بأس بالقبة والبيت والحظيرة في ملكه قال المجد ويكره في صحراء للضيق والتشبه بأبنية الدنيا وكره في الوسيلة البناء الفاخر كالقبة.
والبناء والكتابة عليه والجلوس والوطء عليه والاتكاء إليه
-----------------------------------
وظاهره لا بأس ببناء ملاصق لأنه يراد لتعليمه وحفظه دائما فهو كالحصباء ولم يدخل في النهي لأنه خرج على المعتاد أو يخص منه وعنه منع البناء في وقف عام وقال الشافعي رأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما تبقى.
والمنقول هنا المنع خلاف ما اقتضاه كلام ابن تميم يؤيد ما نقله أبو طالب عنه عمن اتخذ حجرة في المقبرة لغيره قال لا يدفن فيها والمراد لا يختص به وهو لغيره.
وجزم ابن الجوزي بأنه يحرم حفر قبر في مسبلة قبل الحاجة فها هنا أولى وتكره الخيمة والفسطاط نص عليه لأمر ابن عمر بإزالته وقال إنما يظله عمله وظاهر ما سبق أن الصحراء أفضل لأنه عليه السلام كان يدفن أصحابه بالبقيع وهو أشبه بمساكن الآخرة وأكثر للدعاء له والترحم عليه سوى النبي صلى الله عليه وسلم واختار صاحباه الدفن عنده تشرفا وتبركا ولم يزد عليهما لأن الخرق يتبع والمكان ضيق وجاءت أخبار تدل على دفنهم كما وقع ذكرها المجد.
"والكتابة عليه" لما روى الترمذي وصححه من حديث جابر مرفوعا "نهى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن توطأ".
"والجلوس" لما روى مسلم عن أبي هريرة مرفوعا "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر" .
"والوطء عليه" لما روى ابن ماجه والخلال مرفوعا "لأن أطأ على جمرة أو سيف أحب إلي من أن أطأ على قبر مسلم" وفي الكافي إن لم يكن له طريق إلى قبر من يزوره إلا بالوطء جاز للحاجة "والاتكاء إليه" لما روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عمرو بن حزم متكئا على قبر فقال "لا تؤذه" .
مسألة: لا يجوز الإسراج على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها ولا بينها قال الشيخ تقي الدين ويتعين إزالتها لا أعلم فيه خلافا ولا تصح الصلاة فيها على ظاهر المذهب فلو وضع المسجد والقبر معا لم يجز ولم يصح الوقف ولا
ولا يدفن فيه اثنان إلا للضرورة.
------------------------------------------
الصلاة قاله في الهدى وفي الوسيلة يكره اتخاذ المساجد عندها ويكره الحديث عندها والمشي بالنعل فيها ويسن خلعه إلا خوف نجاسة أو شوك نص عليه.
فصل: يستحب الدعاء له عند القبر بعد دفنه نص عليه فعله أحمد جالسا واستحب الأصحاب وقوفه ونص أحمد أنه لا بأس به وقد فعله علي والأحنف وقال أبو حفص هو بدعة واستحب الأكثر تلقينه بعد دفنه لقول راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وحكيم بن عمير كانوا يستحبون أن يقالعند قبره يا فلان قل لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات يا فلان قل ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد رواه عنه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف ولحديث أبي أمامة رواه ابن شاهين والطبراني فيجلس الملقن عند رأسه وقال أحمد ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام وقال الشيخ تقي الدين تلقينه مباح عند أحمد وبعض أصحابه ولا يكره وفي تلقين غير المكلف وجهان بناء على نزول الملكين وسؤاله وانتخابه النفي قول القاضي وابن عقيل والإثبات قول أبي حكيم وحكاه ابن عبدوس عن الأصحاب وصححه الشيخ تقي الدين.
"ولا يدفن فيه اثنان" أي يحرم دفن اثنين فأكثر في قبر لأنه عليه السلام كان يدفن كل ميت في قبر وعلى هذا استمر فعل الصحابة ومن بعدهم وعنه يكره اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين قال في الفروع وهي أظهر وعنه يجوز وهو ظاهر الخرقي نقل أبو طالب لا بأس به وقيل يجوز في المحارم وقيل فيمن لا حكم لعورته وعلى الأول لا فرق بين أن يدفنا معا أو أحدهما بعد الآخر لكن إن لم يبل لم يجز نص عليه وإن بلي جاز في الأصح ويعمل بقول أهل الخبرة بتلك الأرض وإن حفر فوجد عظام الميت دفنها وحفر في مكان آخر نص عليه.
"إلا لضرورة" وككثرة الموتى وقلة من يدفنهم وخوف الفساد عليهم لقوله
ويقدم الأفضل إلى القبلة ويجعل بين كل اثنين حاجز من التراب
---------------------------------------
عليه السلام "يوم أحد ادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد" رواه النسائي.
"ويقدم الأفضل إلى القبلة" لقوله عليه السلام "قدموا أكثرهم قرآنا" حين سألوه من يقدم فيه ؟ رواه النسائي والترمذي وصححه وكما يقدم إلى الأمام في الصلاة
"ويجعل بين كل اثنين حاجز من التراب" نص عليه ليصير كل واحد كأنه في قبر منفرد وقال الآجري إن كان فيهم نساء وفيه نظر ولا بأس بالذهاب بعد دفنه من غير إذن أهل الميت نص عليه.
تذنيب: كره أحمد الدفن عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها وفي المغني لا يجوز ويجوز ليلا ذكره في شرح مسلم قول الجمهور وعنه يكره حكاه ابن هبيرة اتفاق الأئمة الأربعة وفيه نظر فإنه حكى في الإفصاح الإجماع أنه لا يكره وأنه بالنهار أمكن وعنه لا يفعله إلا لضرورة.
مسألة: يستحب جمع الأقارب في بقعة لتسهل زيارتهم قريبا من الشهداء والصالحين لينتفع بمجاورتهم من البقاع الشريفة فلو أوصى أن يدفن في ملكه دفن مع المسلمين قاله أحمد كما إذا اختلف الورثة وحمل المجد الأول على ما إذا نقصها نقصا لا يحتمله الثلث قال في الفروع وهو متجه قال أحمد لا بأس بشراء موضع قبره و يوصي بدفنه فيه فعله عثمان وعائشة.
قال ابن تميم بشرط خروجه من الثلث ويصح بيع ما دفن من ملكه ما لم يجعل أو يصر مقبرة نص عليه وقال ابن عقيل لا يجوز بيع موضع القبر مع بقاء رمته وإن ثقلت وجب ردها لتعيينه لها قال جماعة وله حرثها إذا بلي العظم ومن سبق إلى مسبلة قدم ثم يقرع وقيل يقدم ممن له مزية نحو كونه عند أهله.
وإن وقع في القبر ما له قيمة نبش وأخذ.
--------------------------------
"وإن وقع في القبر ماله قيمة" عادة وعرفا وإن قل خطره قاله أصحابنا أو رماه ربه فيه "نبش وأخذ" نص عليه في مسحاة الحفار دليله ما روي عن المغيرة بن شعبة أنه وضع خاتمة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال خاتمي فدخل وأخذه ولتعلق حقه بعينه ولا ضرر في أخذه.
وعنه المنع إن بذل له عوضه فدل على رواية تمنع نبشه بلا ضرورة وفي النبش ضرر.
مسائل
منها: من أمكن غسله ودفن قبله فإنه ينبش نص عليه وجزم جماعة بأنه يترك إن خشي تفسخه وقيل يحرم نقله مطلقا فيصلى عليه لعدم ماء وتراب.
ومنها: إذا دفن قبل الصلاة فإنه ينبش ويصلى عليه نص عليه ليوجد شرط الصلاة وهو عدم الحائل وقيل يصلى على القبر وهو ظاهر وعنه يخير.
ومنها: إذا دفن قبل تكفينه فإنه ينبش نص عليه وصححه في الرعاية كالغسل وقيل لا لستره بالتراب.
ومنها: إبدال كفنه بأحسن منه وخير من بقعته ودفنه لعذر بلا غسل ولا حنوط كإفراده نص على الكل.
ومنها: إذا دفن غير موجه للقبلة وقيل يحرم نبشه وقدم ابن تميم يستحب.
ومنها: إذا دفن في مسجد فنص أحمد على نبشه.
ومنها: إذا دفن في ملك غيره فللمالك نقله والأولى تركه وكرهه أبو
وإن كفن بثوب غصب أو بلع مال غيره غرم ذلك من تركته وقيل ينبش ويؤخذ الكفن ويشق جوفه فيخرج.
-------------------------------------------------
المعالي لهتك حرمته.
ومنها: إذا كفن الرجل في حرير لغير حاجة نبش وأخذ في وجه قال في الشرح فإن تغير الميت لم ينبش بحال وكل موضع أجزنا نبشه فالأفضل تركه.
"وإن كفن بثوب غصب" لم ينبش لهتك حرمته مع إمكانه دفع الضرر بدونها فعلى هذا تجب قيمته في تركته وقال المجد يضمنه من كفنه به لمباشرته الإتلاف عالما وإن جهل فالقرار على الغاصب ولو أنه الميت فإن تعذر نبش وإن كان قبل الدفن أخذ لتعلق حقه بعينه
"أو بلع مال غيره" بغير إذنه "غرم ذلك من تركته" بطلب ربه لأن استحقاق العين يسقط عند تعذر الرجوع وينتقل إلى القيمة كما لو أتلف شيئا في حياته وظاهره لا فرق بين أن تبقى ماليته كخاتم أو غيره يسيرا كان أو كثيرا وذكر جماعة أنه يغرم الكثير من تركه وجها واحدا وإطلاق غيرهم بخلافه
فإن تعذرت القيمة ولم يعدلها وارث شق جوفه في الأصح فلو بلعه بإذن مالكه لم يجب شيء ويؤخذ إذا بلي ولا تعرض له قبله بحال ولا يضمنه وكذا إذا بلع مال نفسه لأنه أتلف ملكه حيا فإن كان عليه دين فوجهان وقيل بل يشق ويؤخذ وفي المبهج تحسب من ثلثه.
"وقيل ينبش ويؤخذ الكفن ويشق جوفه فيخرج" قدمه في الكافي والرعاية لما فيه من تخليص الميت من الإثم ورد المال إلى مالكه ودفع الضرر عن الورثة بحفظ التركة لهم فعلى هذا إن كان ظنه أنه ملكه ففيه وجهان.
تنبيه: إذا اتخذ أنفا من ذهب ومات لم يقلع عنه ويأخذ البائع ثمنه من تركته فإن لم يكن أخذه إذا بلي وقيل يؤخذ في الحال فدل أنه لا يعتبر
وإن ماتت حامل لم يشق بطنها وتسطو عليه القوابل فيخرجنه ويحتمل أن يشق بطنها إذا غلب على الظن أنه يحيا وإن ماتت ذمية حامل من مسلم دفن وحدها.
------------------------------------------
للرجوع حياة المفلس في قول مع أن فيه هنا مثلة.
"وإن ماتت حامل لم يشق بطنها" نص عليه وقدمه ونصره الأكثر لما فيه من هتك حرمة متيقنة لإبقاء حياة موهومة ثم إنه لو خرج حيا فالغالب المتعاد أنه لا يعيش وقد احتج أحمد بقوله عليه السلام "كسر عظم الميت ككسر عظم الحي" رواه أبو داود.
"وتسطو عليه" النساء "القوابل" فيدخلن أيديهن في رحم الميتة "فيخرجنه" إذا طمعن في حياته بأن قربت الحركة وانفتحت المخارج قاله في الخلاف وابن المنجا في شرحه والمذهب أنهن يفعلن ذلك إذا احتملت حياته لأن فيه إبقاء للولد من غيرمثلة بائنة فإن عجزن أو عدمن واختار ابن هبيرة أنه يشق بطنها والمذهب لا وعنه يفعل ذلك الرجال والمحارم أولى اختاره أبو بكر والمجد كمداواة الحي والأشهر لا فإن لم يخرج لم تدفن ما دام حيا ولا يوضع عليها ما يموته فلو خرج بعضه حيا شق حتى يخرج فإن مات قبل خروجه أخرج إن أمكن وغسل فإن تعذر غسل ما خرج ولا يحتاج إلى تيمم لأنه في حكم الباطن في الأشهر وصلي عليه معها بشرطه وإلا عليه دونه
"ويحتمل أن يشق بطنها إذا غلب على الظن أنه يحيا" لأنه تعارض حقاهما فقدم حق الحي لكون حرمته أولى.
"وإن ماتت ذمية حامل من مسلم دفنت وحدها" نص عليه لأنه جائز ودفن الميت عند من يباينه في دينه منهي عنه واختار الآجري يدفن بجنب قبور المسلمين
وقال أحمد لا بأس أن تدفن معنا روي عن عمر لما في بطنها وعبارة
ويجعل ظهرها إلى القبلة ولا تكره القراءة على القبر في أصح الروايتين.
---------------------------------
المحرر حامل بمسلم وهي أولى لشمولها صورا
"ويجعل ظهرها إلى القبلة" على جنبها الأيسر ليكون وجه الجنين إلى القبلة على جنبه الأيمن لأن وجه الجنين إلى ظهرها ويتولى المسلمون دفنها وظاهره أنه لا يصلي عليه لأنه ليس مولودا ولا سقطا وقيل يصلى عليه إن مضى زمن تصويره قال في الفروع ولعل مراده إذا انفصل وهو الظاهر.
"ولا تكره القراءة على القبر" وفي المقبرة في أصح الروايتين هذا المذهب روى أنس مرفوعا قال "من دخل المقابر فقرأ فيها {يس} خفف عنهم يومئذ وكان له بقدرهم حسنات" وصح عن ابن عمر أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها ولهذا رجع أحمد عن الكراهة قاله أبو بكر وأصلها أنه مر على ضرير يقرأ عند قبر فنهاه عنها فقال له محمد بن قدامة الجوهري يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي قال ثقة فقال أخبرني مبشر عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر أوصى بذلك فقال أحمد عند ذلك ارجع فقل للرجل يقرأ فلهذا قال الخلال وصاحبه المذهب رواية واحدة أنه لا يكره لكن قال السامري يستحب أن يقرأ عند رأس القبر بفاتحة البقرة وعند رجله بخاتمتها والثانية يكره اختارها عبد الوهاب الوارق وأبو حفص وهي قول جمهور السلف لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا تجعلوا بيوتكم مقابر لا يقرأ فيها شيئا من القرآن فإن الشيطان ينفر من بيت يقرأ فيه سورة البقرة" وعلله أبو الوفاء وغيره بأنها مدفن النجاسة كالحش قال بعضهم شدد أحمد حتى قال لا تقرأ فيها في الصلاة الجنازة ونقل المروذي فيمن نذر أن يقرأ عند قبر أبيه يكفر عن يمينه ولا يقرأ واختار في الفروع أنه يقرأ إلا عند القبر وعنه أنها بدعة لأنه ليس من فعله عليه السلام ولا فعل أصحابه.
وأي قربة فعلها وجعلها للميت المسلم نفعه ذلك.
-------------------------------------
"وأي قربة فعلها" من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك "وجعل ثواب ذلك للميت المسلم نفعه ذلك" قال أحمد الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر ويقرؤون ويهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعا وكالدعاء والاستغفار حتى لو أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم جاز ووصل إليه الثواب ذكره المجد
وقال الأكثر لا يصل إلى الميت ثواب القراءة وإن ذلك لفاعله واستدلوا بقوله تعالى {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [لنجم:39] {و لها ما كسبت} [البقرة] وبقوله عليه السلام "إذا مات الإنسان انقطع عمله" .
وجوابه بأن ذلك في صحف إبراهيم وموسى قال عكرمة هذا في حقهم خاصة بخلاف شرعنا بدليل حديث الخثعمية أو بأنها منسوجة بقوله تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور: من الآية21] أو أنها مختصة بالكافر أي ليس له من الجزاء إلا جزاء سعيه توفاه في الدنيا وماله في الآخرة من نصيب أو أن معناه ليس للإنسان إلا ما سعى عدلا وله ما سعى غيره فضلا أو أن اللام بمعنى على لقوله تعالى {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرعد: من الآية25] وعن الثانية بأنها بدل المفهوم ومنطوق السنة بخلافه وعن الحديث بأن الكلام في عمل غيره لا عمله فعلى هذا لا يفتقر أن ينويه حال القراءة نص عليه وذكر القاضي أنه يقول اللهم إن كنت أثبتني على هذا فاجعله أو ما يشابه لفلان وقيل يسير الثواب ثم يجعله له ولا يضر جهله به لأن الله يعلمه وبالغ القاضي فقال إذا صلى فرضا وأهدى ثوابه صحت الهدية وأجزأ فاعله وفيه بعد فلو أهدى بعض القربة فنقل الكحال في الرجل يعمل شيئا من الخير من الصلاة ونحوها ويجعل نصفه لأبيه أو أمه قال أرجو وظاهر كلامه وكلام صاحب التلخيص والمحرر أنه إذا جعل ثواب قربة لحي لا ينفعه ذلك والمذهب أن الحي كالميت في ذلك قال القاضي لا يعرف رواية بالفرق بل ظاهر الرواية يعم لأن المعنى فيهما.
ويستحب أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث إليهم ولا يصلحون هم طعاما للناس.
فصل:
يستحب للرجال زيارة القبور.
----------------------------------
واحد قال ابن المنجا ولعل المصنف إنما ذكر الميت لأن أكثر الأدلة فيه وحاجته إلى الثوب أكثر وأنه إذا جعلها لغير مسلم لا ينفعه وهو صحيح لنص ورد فيه.
"ويستحب أن يصلح لأهل الميت طعاما يبعث إليهم" لقوله عليه السلام "اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم" رواه الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه ولأن فيه جبرا والمذهب ثلاثة أيام
"ولا يصلحون هم طعاما للناس" فإنه مكروه لما روى أحمد عن جرير قال كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة وإسناده ثقات زاد في المغني والشرح إلا لحاجة وقيل يحرم قال أحمد ما يعجبني ونقل المروذي هو من أفعال الجاهلية وأنكره شديدا.
فرع: يكره الذبح عند القبر والأكل منه لخبر أنس لا عقر في الإسلام رواه أحمد بإسناده صحيح وفي معناه الصدقة عند القبر فإنه محدث وفيه رياء.
فصل:
"يستحب للرجال زيارة القبور" نص عليه وحكاه النووي إجماعا لقوله عليه السلام "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" رواه مسلم والترمذي وزاد "فإنها تذكر الآخرة" وقال أبو هريرة زار رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله وقال "استأذنت ربي أن استغفرا لها فلم يؤذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكركم
وهل تكره للنساء على روايتين وأن يقول إذا زارها أو مر بها سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ,
------------------------
الموت" متفق عليه وعنه لا بأس به وقاله الخرقي وغيره وأخذ منه جماعة الإباحة لأنه الغالب في الأمر بعد الحظر لاسيما وقد قرنه بما هو مباح وفي الرعاية يكره الإكثار منه وفيه نظر.
فوائد: يستحب للزائر أن يقف أمام القبر وعنه حيث شاء وعنه قعوده كقيامه ذكره أبو المعالي وينبغي قربه كزيارته في حياته ويجوز لمس القبر باليد وعنه يكره لأن القرب تتلقى من التوقيف ولم ترد به سنة وعنه يستحب صححها أبو الحسن لأنه يشبه مصافحة الحي ولاسيما ممن ترجى بركته واجتماع الناس للزيارة كما هو المعتاد بدعة قال ابن عقيل أبرأ إلى الله تعالى منه ويجوز زيارة قبر المشرك والوقوف لزيارته لما سبق ذكره المجد وجوزه حفيده للاعتبار قال ولا يمنع الكافر زيارة قبر أبيه المسلم
"وهل يكره للنساء على روايتين" إحداهما وهي المذهب يكره لأن المرأة قليلة الصبر فلا يؤمن تهييج حزنها برؤية الأحبة فيحملها على فعل محرم والثانية يباح لأن عائشة زارت قبر أخيها عبد الرحمن وقال لها ابن أبي مليكة أليس كان نهي عن الزيارة القبور قالت نعم ثم أمر بزيارتها رواه الأثرم واحتج به أحمد وعنه يحرم لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور رواه أحمد والترمذي وصححه وكما لو علمت أنها تقع في محرم ذكره المجد مع تأثيمه بظن وقوع النوح ولا فرق ولم يحرم هو وغيره دخول الحمام إلا مع العلم المحرم ويستثنى منه زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما.
"و" يستحب "أن يقول إذا زارها أو مر بها سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا شاء الله بكم للاحقون" كذا رواه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا والسلام فيه معرف وقاله جماعة والتنكير من طريق لأحمد عن أبي هريرة وعائشة وظاهره أن تنكيره أفضل نص عليه وخيره المجد وبعضهم
ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ويستحب تعزية أهل الميت.
---------------------------
حكاه نصا وكذا السلام على الأحياء وعنه تعريفه أفضل كالرد وقال ابن البنا سلام التحية منكر وسلام الوداع معرف والاستثناء للتبرك قاله العلماء وفي البغوي أنه يرجع إلى اللحوق لا إلى الموت وفي الشافي أنه يرجع إلى البقاع.
"ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين" روي من حديث عائشة ذكره في الشرح "فنسأل الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم من حديث بريدة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية فدل على أن اسم الدار يقع على المقابر وإطلاق الأهل على ساكن المكان من حي وميت.
"اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم" رواه أحمد من حديث عائشة "واغفر لنا ولهم" لأنه روي يغفر الله لنا ولكم وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الغرقد فقال "اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد" سمي به لغرقد كان به وهو ما عظم من العوسج وقيل كل شجر له شوك.
فائد: يسمع الميت الكلام ويعرف زائره قاله أحمد يوم الجمعة بعد الفجر قبل طلوع الشمس وفي الغنية يعرفه كل وقت وهذا الوقت آكد ويكره مشيه بين القبور بنعلين إلا خوف نجاسة أو شوك نص عليه واحتج بخبر بشير بن الخصاصية وعنه لا يكره كالخف للمشقة وفي التمشك ونحوه وجهان.
"ويستحب تعزية أهل الميت" نص عليه لما روى ابن ماجه وإسناده ثقات عن عمرو بن حزم مرفوعا "ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من
ويكره الجلوس لها ويقول في تعزية المسلم بالمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك.
-------------------------------
حلل الكرامة يوم القيامة" وعن عبد الله بن مسعود مرفوعا "من عزى أخاه مصيبته فله مثل أجره" رواه الترمذي وفي سنده علي بن عاصم وهو ضعيف وهي التسلية والحث على الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت والمصاب وينبغي أن يستعين بالصبر والصلاة ويسترجع ولا يقول إلا خيرا ويسأل الله أجر الصابرين
وظاهره: لا فرق بين أن يكون قبل الدفن أو بعده ويعم بها أهل الميت حتى الصغير لكن يكره لامرأة شابة أجنبية ولو شق نص عليه لزوال المحرم وهو الشق واستدامة لبسه مكروه ويبدأ بخيارهم وهو مخير في أخذ يد من يعزيه قاله أحمد.
وظاهره: أنه لا حد لآخر وقت التعزية فدل أنها تستحب مطلقا وهو ظاهر الخبر وحدها في المستوعب إلى ثلاثة أيام وذكر ابن شهاب والآمدي وأبو الفرج يكره بعدها لتهيج الحزن واستثنى أبو المعالي إذا كان غائبا فلا بأس بها إذا حضر واختاره صاحب النظم وزاد ما لم ينس.
فرع: إذا جاءته التعزية في كتاب ردها على الرسول لفظا قاله أحمد ويكره تكرارها فلا يعزي من عزى
"ويكره الجلوس لها" نص عليه واختاره الأكثر لأنه محدث مع ما فيه من تهييج الحزن وعنه الرخصة فيه قال الخلال سهل أحمد في الجلوس إليهم من غير موضع قال ونقل عنه المنع وفيه وجه لا بأس فيه لأهل الميت دون غيرهم وعنه لا بأس بالجلوس عندهم إذا خيف عليهم شدة الجزع وأما المبيت عندهم فأكرهه لكن يستثنى منه الجلوس بقرب دار الميت ليتبع الجنازة أو يخرج وليه فيعزيه فعله السلف.
"ويقول في تعزية المسلم بالمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك" قال المؤلف لا أعلم في التعزية شيئا محدودا إلا أنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم
وفي تعزيته عن كافر أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وفي تعزية الكافر بمسلم أحسن الله عزاءك وغفر لميتك وفي تعزيته عن كافر أخلف الله عليك ولا نقص عددك ويجوز البكاء على الميت،
---------------------------
عزى رجلا فقال "رحمك الله وآجرك" رواه أحمد وعزى رجلا فقال "آجرنا الله وإياك في هذا الرجل" وروي أنه قال "أعظم الله أجركم وأحسن عزاءكم" ويقول المعزى استجاب الله دعاءك ورحمنا وإياك نقله أحمد.
فرع: إذا قال الآخر عز عني فلانا توجه أن يقول له فلان يعزيك
"وفي تعزيته عن كافر أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وفي تعزية الكافر بمسلم أحسن الله عزاءك وغفر لميتك" لأن ذلك لائق بحال الميت والمصاب ويحرم تعزية كافر وعنه يجوز فيقول ما ذكره المؤلف وظاهره أنه لا يدعو لكافر حي بالأجر ولا لكافر ميت بالمغفرة "وفي تعزيته" أي الكافر "عن كافر أخلف الله عليك ولا نقص عددك" فيدعو له بما يرجع إلى طول الحياة وكثرة المال والولد لأجل الجزية وقال ابن بطة يقول أعطاك الله على مصيبتك أفضل ما أعطى أحدا من أهل دينك يقال لمن ذهب له شيء يتوقع مثله أخلف الله عليك أي رد الله عليك مثله وإن لم يتوقع حصول مثله خلف الله عليك أي كان الله خليفة منه عليك ذكره ابن فارس والجوهري.
"ويجوز البكاء على الميت" من غير كراهة لما روى أنس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعيناه تدمعان وقال "إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم" متفق عليه ودخل عليه السلام على ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه فجعلت عيناه تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله فقال "يا ابن عوف إنها رحمة" ثم أتبعها بأخرى فقال "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم المحزنون" رواه البخاري.
وأن يجعل المصاب على رأسه ثوبا يعرف به ولا يجوز الندب ولا النياحة.
-------------------------------------
وظاهرة لا فرق قبل الموت أو بعده أو بعد الدفن وأخبار النهي كقوله "فإذا وجب فلا تبكين باكية" محمولة على بكاء معه ندب أو نياحة قال المجد أو أنه كره كثرة البكاء والدوام عليه أياما ذكر الشيخ تقي الدين أنه يستحب رحمة للميت وأنه أكمل من الفرح لفرح الفضيل لما مات ابنه علي وقال عليه السلام "هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" .
"و" يجوز "أن يجعل المصاب على رأسه ثوبا يعرف به" والمراد به علامة ليعرف بها فيعزى لأنها سنة وهو وسيلة إليها فإذا لم تكن سنة بقي الجواز وقال ابن الجوزي يكره لبسه خلاف زيه المعتاد وقيل يكره تغير حاله من خلع ردائه ونعله وغلق حانوته وتعطيل معاشه وسئل أحمد يوم مات بشر عن مسألة: فقال ليس هذا يوم جواب هذا يوم حزن فدل على ما ذكرنا قال جماعة لا بأس بهجر المصاب للزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام
"ولا يجوز الندب" وهو تعداد المحاسن نحو وارجلاه "ولا النياحة" نص عليهما وذكره في المذهب و التلخيص و الوجيز و الفروع وذكر ابن عبد البر تحرم النياحة إجماعا لقول عبد الرحمن بن عوف ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فجرين صوت عند مصيبة وخمش وجه حديث حسن رواه الترمذي.
وقالت أم عطية أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في البيعة أن لا ننوح متفق عليه وقال أحمد في قوله تعالى
{وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: من الآية12] هو النوح وقدم في الكافي وهو ظاهر الخرقي الكراهة لقول أم عطية إلا آل فلان فإنهم أسعدوا في الجاهلية فلا بد لي من أن أسعدهم فقال "إلا آل فلان"
ولا شق الثياب ولطم الخدود وما أشبه ذلك.
----------------------------------
حديث صحيح وهو خاص بها لخبر أنس "لا إسعاد في الإسلام" رواه أحمد وعنه يكره الندب والنياحة الذي ليس فيه إلا تعداد المحاسن بصدق وعنه إباحتهما اختاره الخلال وصاحبه لأن واثلة وأبا وائل كانا يسمعان النوح ويبكيان رواه حرب لكن قال المؤلف ظاهر الأخبار التحريم وجزم المجد وابن تميم أنه لا بأس بيسير الندب إذا كان صدقا ولم يخرج مخرج النوح ولا قصد نظمه نص عليه لفعل أبي بكر وفاطمة
"ولا شق الثياب ولطم الخدود" لقوله عليه السلام "ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" متفق عليه من حديث ابن مسعود "وما أشبه ذلك" كتخميش الوجه ونتف الشعر وإظهار الجزع.
كتاب الزكاة
باب الزكاة
كتاب الزكاةتجب الزكاة في أربعة أصناف من المال السائمة من بهيمة الأنعام والخارج من الأرض والأثمان وعروض التجارة ولا تجب في غير ذلك.
--------------------------------
كتاب الزكاة
وهي في اللغة النماء والزيادة يقال زكا الزرع إذا نما وزاد ويطلق على المدح لقوله تعالى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [لنجم: من الآية32] وعلى التطهير لقوله تعالى
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:9] أي طهرها عن الأدناس ويطلق على الصلاح يقال رجل زكي أي زائد الخير من قوم أزكياء وزكى القاضي الشهود إذا بين زيادتهم في الخير فسمي المال المخرج زكاة لأنه يزيد في المخرج منه ويقيه الآفات
وفي الشرع حق يجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص وتسمى صدقة لأنها دليل لصحة إيمان مؤديها وتصديقه وهي أحد أركان الإسلام وهي واجبة بالإجماع وسنده {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: من الآية43] البقرة والأحاديث المستفيضة واختلف العلماء هل فرضت بمكة أم في المدينة وفي ذلك آيات وذكر صاحب المغني والمحرر وحفيده أنها مدنية قال في الفروع ولعل المراد طلبها وبعث السعاة لقبضها فهذا بالمدينة.
"تجب الزكاة في أربعة أصناف" واحدها صنف وفتح الصاد فيه لغة حكاه الجوهري "من المال" وهو اسم لجميع ما ملكه الإنسان وعن ثعلب أقل المال عند العرب ما يجب فيه الزكاة وقال ابن سيده العرب لا توقع المال مطلقا إلا على الإبل وربما أوقعوه على المواشي "السائمة من بهيمة الأنعام والخارج من الأرض والأثمان وعروض التجارة" وسيأتي ذلك "ولا تجب في غير ذلك" لأنه الأصل فلا زكاة في
وقال أصحابنا يجب في المتولد من الوحشي والأهلي وفي بقر الوحش روايتان ولا تجب إلا بشروط خمسة الإسلام والحرية فلا تجب على كافر.
-------------------------
الخيل والرقيق لقوله عليه السلام "ليس على المسلم في عبده وفرسه صدقة" متفق عليه ولأبي داود "ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر" لأنه لا يطلب درها ولا يعتبر في الغالب إلا للزينة والاستعمال ولا في العقار والثياب إلا أن يكون معدا للتجارة ولا في الظباء نص عليه وعنه بلى اختاره ابن حامد لأنها تشبه الغنم.
"وقال أصحابنا" أي أكثرهم "يجب في المتولد من الوحشي والأهلي" تغلبا للوجوب واحتياطا لتحريم قتله وإيجاب الجزاء والنصوص تتناوله واختيار المؤلف أولى لأن الواجبات لا تثبت احتياطا ولأنه ينفرد باسمه وخفته فلم يتناوله النص ولا يجزئ في الهدي ولا أضحية ولا يدخل في وكالة
"وفي بقر الوحش" وغنمه بشرط "روايتان" أصحهما: الوجوب لعموم قوله عليه السلام لمعاذ "خذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا" قال القاضي وغيره ويسمى بقرا حقيقة فيدخل تحت الظاهر
وفي ندائها حرام وإحرام وجواز هدي وأضحية وجهان والثانية: لا يجب اختارها المؤلف وصححها في الشرح لأنها تفارق البقر الأهلية صورة وحكما والإيجاب من الشرع ولم يرد ولا يصح القياس لوجود الفارق وكغنم الوحش.
"ولا يجب إلا بشروط خمسة الإسلام والحرية فلا تجب على كافر" لأنه عليه السلام جعل شرطا لوجوبها متفق عليه من حديث معاذ ولأنها قربة وطاعة والكفر يضاد ذلك وطهرة والكافر لا يطهره إلا الإسلام وهو يفتقر إلى النية فلم تجب كالصوم وظاهره لا فرق بين الأصلي والمرتد أما الأصلي فلا تجب عليه زاد في الرعاية على الأشهر ولا يقضيها إذا أسلم إجماعا وأما المرتد فالمذهب عدم الوجوب فقيل مأخذه كونها عبادة ,
ولا عبد ولا مكاتب وإن ملك السيد عبده مالا وقلنا إنه يملكه فلا زكاة فيه.
----------------------------------
وقيل لمنعه من ماله وإن قلنا يزول ملكه فلا زكاة عليه
والثانية: تجب نصره أبو المعالي وصححه الأزجي لأنها حق مالي أشبه الدين والردة لا تنافي الوجوب ولا استمراره لكنها تنافي الأداء فيأخذها الإمام منه وينوى عنه للتعذر وكسائر الحقوق الممتنع منها وإن لم يكن قربة كالحدود تستوفى ردعا وزجرا مع وجود التوبة قال أبو المعالي فإن أخذها الإمام بعد ردته ثم أسلم أجزأت في الظاهر وكذا فيما بينه وبين الله في وجه فلو ارتد بعد الوجوب أخذت من ماله مطلقا وفيه وجه
وظاهره إيجابها على الصبي والمجنون للعموم وأقوال الصحابة ولأنها مواساة وهما من أهلها كالمرأة
"ولا عبد" لأنه لا مال له فإن كان معتقا بعضه فبقدره لأنه يملك ملكا تاما أشبه الحر "ولا مكاتب" نص عليه لأنه عبد وملكه غير تام يؤيده ما روي أنه عليه السلام قال "لا زكاة في مال المكاتب" وقاله ابن عمر وجابر ولم يعرف لهما مخالف فكان كالإجماع ولأن ملكه متزلزل لأنه بعرضية أن يعجز وهو محجور عليه لنقص ملكه ولا يرث ولا يورث وهو مشغول بوفاء نجومه بخلاف المحجور عليه لنقص تصرفه والمرهون فإنه منع من التصرف فيه بعقده فلم يسقط حق الله تعالى وعنه هو كالقن وعنه يزكي بإذن سيده ولا عشر في زرعه فإن عتق أو عجز أو قبض من نجوم كتابته وفي يده نصاب استقبل به حولا وما دون نصاب فكمستفاد
"وإن ملك السيد عبده مالا وقلنا إنه يملكه" على رواية "فلا زكاة فيه" على واحد منهما قاله الأصحاب لأن سيده لا يملكه وملك العبد ضعيف لا يحتمل المواساة بدليل أنه لا يعتق عليه أقاربه إذا ملكهم ولا يجب عليه نفقة قريبه والزكاة إنما تجب بطريق المواساة وحينئذ فلا فطرة إذن في الأصح وعنه يزكيه العبد وعنه بإذن السيد ويحتمل أنه يزكيه السيد وعنه الوقف.
وإن قلنا لا يملكه فزكاته على سيده الثالث ملك نصاب فإن نقص عنه فلا زكاة فيه إلا أن يكون نقص يسيرا كالحبة والحبتين.
--------------------------------------
"وإن قلنا لا يملكه" على رواية وهي اختيار أبي بكر والقاضي وظاهر الخرقي "فزكاته على سيده" نص عليه لأنه مالكه.
أصل: أم الولد والمدبر كالقن.
فرع: هل تجب في المال المنسوب إلى الجنين إذا انفصل: حيا اختاره ابن حمدان لحكمنا له بالملك ظاهرا حتى منعنا باقي الورثة أم لا كما هو ظاهر كلام الأكثر فإنه لا مال له فيه وجهان.
"الثالث: ملك نصاب" للنصوص ولا فرق بين بهيمة الأنعام وغيرها ولا يرد الركاز لأن شبهه بالغنيمة أكثر من الزكاة ولهذا وجب فيه الخمس "فإن نقص عنه فلا زكاة فيه" في رواية واختارها أبو بكر وهو ظاهر الخرقي وجزم به في الوجيز قال في الشرح وهو ظاهر الأخبار فينبغي أن لا يعدل عنه "إلا أن يكون نقصا يسيرا كالحبة والحبتين" فإنها تجب كذلك قاله الأكثر لأنه لا ينضبط غالبا فهو كنقص الحلول ساعة أو ساعتين وهو لا يخل بالمواساة لأن اليسير لا حكم له في أشياء كثيرة كالعمل اليسير في الصلاة وانكشاف العورة والعفو عن يسير الدم فكذا هنا
وظاهره: أنه إذا كان نقصا بينا كالدانق والدانقين أنها لا تجب في رواية وصححها في المذهب وذكرها في الشرح عن الأصحاب وعنه إن جازت جواز الوازنة وجبت ولعل المراد المضروبة وهو الظاهر قاله في الفروع ولأنها تقوم مقام الوازنة وذكر جماعة إذا نقص النصاب ثلاثة دراهم أو ثلث مثقال فلا زكاة في أصح الروايتين وقيل الدانق والدانقان لا يمنع في الفضة بخلاف الذهب قال أبو المعالي وهذا أوجه وقيل النقص اليسير لا يؤثر في آخر الحول بل في أوله ووسطه.
وظاهره: أن نصاب الباقي تحديد وهو كذلك في بهيمة الأنعام وكذا في الزرع والثمرة كما سيأتي.
وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا السائمة الرابع تمام الملك فلا زكاة في دين الكتابة ولا في السائمة الموقوفة.
---------------------------
"وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب" أما زيادة الحب فيجب فيها بالحساب اتفاقا وكذا زيادة النقدين لقوله عليه السلام "هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهما وليس عليكم شيء حتى تتم مائتين فتجب فيها خمسة دراهم فما زاد فبحساب ذلك" رواه الأثرم والدارقطني وروي عن علي وابن عمر ولم يعرف لهما مخالف في الصحابة ولأنه مال من الأرض يتجزأ ويتبعض من غير ضرر أشبه الأربعين وظاهره أنه يجب ولو لم يبلغ نقد أربعين درهما أو أربعة دنانير.
"إلا السائمة" فلا زكاة في وقصها لما روى أبو عبيد في غريبه مرفوعا أنه قال "ليس في الأوقاص صدقة" وقال الوقص ما بين النصابين وفي حديث معاذ أنه قيل له أمرت في الأوقاص بشيء قال لا وسأسأل رسوله الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال "لا" رواه الدارقطني ولما فيه من ضرر وعدم التشقيص وقيل يجب اختاره الشيرازي فعليه لو تلف بعير من تسع أو ملكه قبل التمكن إن اعتبرنا سقط تسع شاة ولو تلف منها ستة زكى الباقي ثلث شاه ولو كانت مغصوبة فأخذ منها بعيرا بعد الحول زكاه بتسع شاة.
"الرابع: تمام الملك" لأن الملك الناقص ليس نعمة كاملة وهي إنما تجب في مقابلتها إذ الملك التام عبارة عما كان بيده لم يتعلق فيه حق غيره يتصرف فيه على حسب اختياره وفوائده حاصلة له قاله أبو المعالي
"فلا زكاة في دين الكتابة" وفاقا لعدم استقراره لأنه يملك تعجيز نفسه ويمتنع من الأداء ولهذا لا يصح ضمانها وفيه رواية فدل على الخلاف هنا
"ولا في السائمة الموقوفة" على معين قال في التلخيص الأشبه أنه لا زكاة وجزم به في الكافي لنقصه والثاني: يجب وهو المنصوص للعموم وكسائر أملاكه وبنى بعض أصحابنا الخلاف على الملك الموقوف.
ولا في حصة المضارب ومن الربح قبل القسمة على أحد الوجهين فيهما ومن كان له دين على مليء.
------------------------------
عليه وعلى الوجوب لا يخرج منها لأن الوقف لا يجوز نقل الملك فيه وأما الوقف على غير معين كالمساكين والمساجد ونحوها فلا زكاة فيه قولا واحدا.
تنبيه: إذا وقف على معين أرضا أو شجرا فحصل له من غلته نصاب وجبت الزكاة نص عليه لأن الزرع والثمر ليس وقفا بدليل بيعه وقال أبو الفرج لا عشر فيها إن كان فقيرا وجزم به الحلواني وإن حصل لأهل الوقف خمسة أوسق خرج على الروايتين في تأثير الخلطة في غير السائمة
"ولا في حصة المضارب ومن الربح قبل القسمة على أحد الوجهين" هذا ظاهر المذهب واختاره أبو بكر والقاضي والمؤلف إما لعدم الملك أو لنقصانه لأنه وقاية كرأس المال ولا ينعقد الحول إلا باستقرار ملكه نص عليه والثاني: الوجوب وينعقد حوله بظهور الربح اختاره أبو الخطاب وقدمه في المستوعب و الرعاية لأنه ملكه فيجب كسائر أملاكه فعلى هذا لا يجوز أن يخرج من المضاربة بدون إذن رب المال في الأصح
والثاني: يجوز لأنهما دخلا على حكم الإسلام ومن حكم وجوب الزكاة وإخراجها من المال وعلى قولنا لا يملك العامل الربح بظهوره فلا يلزم رب المال زكاة حصة العامل في الأصح وإن كان حق العامل دون نصاب انبنى على الخلطة في غير السائمة وظاهره وجوبها على رب المال فيزكي حقه من الربح مع الأصل عند حوله نص عليه أمانة أو من غيره لأنه يملك حقه من الربح بظهور في الأظهر فإن أخرج شيئا من المال جعل من الربح ذكره في المغني وقدمه في الرعاية لأنه وقاية لرأس المال وفي الكافي يجعل من رأس المال نص عليه لأنه واجب كديته وقال القاضي يجعل منهما بالحصص فينقص ربع عشر رأس المال وقيل إن قلنا الزكاة في الذمة فمنهما وإن قلنا في العين فمن الربح.
"فيهما" أي في الصورتين المذكورتين "ومن كان له دين على مليء" باذل
من صداق أو غيره زكاه إذا قبضه لما مضى. وفي الدين على غير المليء والمؤجل والمجحود والمغصوب والضائع ، روايتان : إحداهما: كالدين على المليء.
---------------------------------------
أو غيره "من صداق زكاه إذا قبضه لما مضى" روي عن علي وقاله أبو ثور لأنه يقدر على قبضه والانتفاع به أشبه سائر ماله وللعموم ولأنه ليس من المواساة إخراج زكاة مال لم يقبضه ولا فرق بين أن يقصد ببقائه عليه الفرار من الزكاة أم لا وعنه يجب إخراجها في الحال قبل قبضه كالوديعة وعنه لسنة واحدة وقاله ابن المسيب وعطاء بناء على أنه يعتبر لوجوبها إمكان الأداء ولم يوجد فيما مضى وعنه لا زكاة في دين بحال روي عن عائشة لأنه غير نام والأول المذهب لما روى أحمد عن علي وابن عمر وعائشة لا زكاة في الدين حتى يقبض ذكره أبو بكر بإسناده ولم يعرف لهم مخالف.
فرع: لو قبض دون نصاب زكاة نص عليه خلافا للقاضي وابن عقيل وكذا لو كان بيده دون نصاب وباقيه دين أو غصب أو ضال والحوالة به والإبراء كالقبض.
"وفي الدين على غير المليء" وهو المعسر "والمؤجل والمجحود" الذي لا بينة به "والمغصوب والضائع" إذا عاد إليه "روايتان" وكذا أطلقها في المحرر "إحداهما" هو "كالدين على المليء" اختارها الأكثر وذكرها جماعة ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز لصحة الحوالة به والإبرار فيزكي ذلك إذا قبضه لما مضى من السنين رواه أبو عبيد عن علي وابن عباس للعموم وكسائر ماله وقال الشيرازي إذا قلنا يجب في الدين وقبضه فهل يزكيه لما مضى على روايتين ويتوجه ذلك في بقية الصور وقيد في المستوعب المجحود ظاهرا وباطنا وقال أبو المعالي ظاهرا وقال غيرهما ظاهرا أو باطنا أو هما وإن كان به بينة فوجهان.
فرع: حكم مسروق ومدفون ومنسي وموروث جهله أو جهل عند من هو كذلك.
والثانية: لا زكاة فيه قال الخرقي : واللقطة إذا جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها.
---------------------------------------
"والثانية لا زكاة فيه" صححها في التلخيص وغيره ورجحها جماعة واختارها ابن شهاب والشيخ تقي الدين روي عن عثمان وابن عمر لأنه غير نام وهو خارج عن يده وتصرفه أشبه الحلي ودين الكتابة ولأن الزكاة وجبت في المقابلة الانتفاع بالنماء حقيقة أو مظنة وهو مفقود هنا
وفي ثالثة: إن كان لا يؤمل رجوعه كالمسروق والمغصوب فلا زكاة فيه وما يؤمل رجوعه كالدين على المفلس والغائب المنقطع خبره فيه الزكاة قال الشيخ تقي الدين وهذا أقرب إن شاء الله تعالى
وفي رابعة: إن كان من عليه الدين يؤدي زكاته فلا شيء على ربه وإلا وجبت نص عليه في المجحود حذارا من وجوب زكاتين في مال واحد.
"قال الخرقي واللقطة إذا جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها" هذا من صور المال الضائع ذكرها لتأكيد وجوب الزكاة وهو المذهب ولذلك ذكرها بغير واو وفيه إشارة أن الملتقط يملكها بعد حول التعريف إذ لو لم يملكها لوجب على مالكها زكاتها لجميع الأحوال على المذهب وحينئذ إذا ملكها الملتقط استقبل بها حولا وزكى نص عليه لأنه ملكها تاما فوجبت كسائر ماله وكون المالك له انتزاعها إذا عرفها كمال وهبه لابنه وقيل لا يلزمه لأنه مدين بها وعلى الأول لا زكاة على ربها إذا زكاها الملتقط على الأصح وإن أخرج الملتقط زكاتها عليه منها ثم أخذها ربها رجع عليه بما أخرج في الأشهر.
مسائل: يجزئ الصداق وعوض الخلع والأجرة قبل القبض وإن لم يستوف المنفعة في حول الزكاة نص عليه لأن الملك جميعه مستقر وتعريضه للزوال لا تأثير له وهو ظاهر إجماع الصحابة وعنه حتى يقبض ذلك وعنه لا زكاة في صداق قبل الدخول حتى يقبض فيثبت الانعقاد والوجوب قبل الدخول وحكاه المجد إجماعا مع احتمال الانفساخ وعنه:
ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب.
-----------------------------------------------
يملك نصفه قبل الدخول قال في الفروع وكذا الخلاف في اعتبار القبض في كل دين لا في مقابلة مال أو مال غير زكوي عند الكل كموصى به وموروث وعن مسكن وعنه لا حول لأجرة اختاره الشيخ تقي الدين كالمعدن وقيده بعضهم بأجرة العقار وإن سقط قبل القبض لانفساخ النكاح من جهتها فلا زكاة عليها في الأشهر وإن زكت صداقها ثم تنصف بطلاقه رجع الزوج فيما بقي بجميع حقه ذكره جماعة وإن لم تكن زكته قبل الطلاق فليس لها أن تخرج بعده فإن فعلت لم يجزئها لأنه صار مشتركا وإن زكته من غيره رجع بنصفه كاملا
ولا زكاة في الفيء والخمس ولو عزلها الإمام منهما ولا في الغنيمة والحرب قائمة ولا في الذمة على العاقلة وتجب في مبيع قبل القبض جزم به جماعة فيزكيه المشتري مطلقا وكذا مبيع بشرط الخيار أو خيار المجلس فيزكيه من حكم له بملكه ولو فسخ العقد ودين السلم إن كان للتجارة ولم يكن أثمانا وعن المبيع ورأس مال السلم قبل عوضهما ولو انفسخ العقد ويجب في مال الابن وإن كان معرضا لتملك الأب ورجوعه ويجب في وديعة ومرهون في الأصح ولا يجب في مال حجر عليه القاضي للغرماء كالمغصوب تشبيها للمنع الشرعي بالمنع الحسي فإن حجر عليه بعد وجوبها لم يسقط وقيل بل إن كان قبل تمكنه من الإخراج وله إخراجها منه في وجه ولا يقبل إقراره بها وعنه بلا كما لو صدقه الغريم
"ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب" أي يمنع الدين وإن لم يكن من جنس المال وجوب الزكاة في قدره من الأموال الباطنة رواية واحدة لقول عثمان هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه وليزك ما بقي رواه سعيد وأبو عبيد واحتج به أحمد والأموال الباطنة هي الأثمان وعروض التجارة ذكره الشيخان والسامري وفي المعدن وجهان وجزم الشيرازي بأنها الأثمان فقط وعنه لا يمنع لمن لا دين عليه وعلى الأول لا فرق بين الحال والمؤجل ,
إلا في المواشي والحبوب في إحدى الروايتين.
-------------------------------------
ذكره السامري قال ولم يفرق أصحابنا وجزم في الإرشاد وغيره بأن مانعها الدين الحال خاصة وهو رواية
ويستثنى من كلامه إلا دينا بسبب ضمان أو مؤونة حصاد ودياس ولا يمنع الدين خمس الركاز ويمنع الخراج نص عليه وكذا دين المضمون عنه لا الضامن خلافا لما ذكره أبو المعالي كنصاب غصب من غاصبه وأتلفه فإن المنع يختص بالثاني مع أن للمالك طلب كل منهما ولو استأجر لرعي غنمه بشاة موصوفة صح وهي كالدين في منعها الزكاة.
فرع: إذا كان عليه دين وله دين مثله جعل الدين في مقابلة ما في يده نص عليه وفيه وجه في مقابلة دينه إن كان على مليء
"إلا في المواشي والحبوب" والثمار وتسمى الأموال الظاهرة "في إحدى الروايتين" فإنه لا يمنع لأنه عليه السلام كان يبعث سعاته فيأخذون الزكاة مما وجدوا من المال الظاهر سؤال عن دين صاحبه بخلاف الباطنة وكذا الخلفاء بعده ولأن تعلق الأطماع من الفقراء بها أكثر والحاجة إلى حفظها أوفر بخلاف الباطنة والثانية يمنع اختارها القاضي وأصحابه وجمع وهي الأصح لأن توجه المطالبة أظهر وإلزام الحاكم بالأداء منها آكد وأشد وفي ماله يمنع ما استدانه للنفقة على ذلك دون ما استدانه للنقفة على نفسه وأهله لأنه في الأول من مصالح الزرع فهو كالخراج بخلاف الثاني.
ورده بعضهم لكونهم لا تخرج عن الأولتين لأن ما هو من مصالح الزرع فله إخراجه منه على كلتا الروايتين فإذا لم يخرجه أولا أخرجناه ثانية لأن الزكاة إنما تجب فيما بقي بعده وفي رابعة يمنع ما استدانه للنفقة على زرعه وثمره أو كان من ثمنه خاصة خلا الماشية وهو ظاهر الخرقي قال أحمد اختلف ابن عمر وابن عباس وقال ابن عباس يخرج ما استدانه على ثمرته ويزكي ما بقي وإليه أذهب لأن المصدق إذا جاء فوجد إبلا أو بقرا أو غنما لم يسال أي شيء
والكفارة كالدين في أحد الوجهين الخامس مضي الحول شرط.
------------------------------------------------
على صاحبها وليس المال هكذا.
"والكفارة كالدين في أحد الوجهين" وهذا رواية وصححها صاحب المحرر والرعاية وجزم به ابن البنا في خلافه في الكفارة والخراج ولأن ذلك يجب قضاؤه أشبه دين الآدمي ولقوله عليه السلام "دين الله أحق بالقضاء" وكذا حكم نذر مطلق وزكاة ودين حج وغيرها والثاني لا يمنع وهو رواية وفي المحرر الخراج من دين الله لأن حقوق الله مبناها على المساهلة ولا مطالب بها معين وعلى ما ذكره فيه نظر فإن المطالب به الإمام الذي لا يمكن دفعه ولا مماطلته فهو أشد من دين غيره.
تنبيه: إذا نذر الصدقة بمال بعينه فحال الحول فلا زكاة لزوال أو نقصه وقال ابن حامد تجب وفي الرعاية إذا نذر التضحية بنصاب معين فلا زكاة ويحتمل وجوبها إذا تم حوله قبلها وإن قال لله علي الصدقة بهذا النصاب إذا حال الحول فقيل لا زكاة وقيل بلى فتجزئه الزكاة منه في الأصح ويبرأ بقدرها من الزكاة والنذر إن نواهما معا لكون الزكاة صدقة وكذا لو نذر الصدقة ببعض النصاب هل يخرجهما أو يدخل النذر في الزكاة وينويهما ذكره في الفروع.
"الخامس: مضي الحول شرط" لقول عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" رواه ابن ماجه من رواية حارثه بن محمد وقد ضعفه جماعة وقال النسائي متروك وروى الترمذي معناه من حديث ابن عمر من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقد تكلم فيه غير واحد قال الخطابي أراد به المال النامي كالمواشي والنقود لأن نماءها لا يظهر إلا بمضي الحول عليها وإذا ثبت فيهما ثبت في عروض التجارة لأن الزكاة في قيمتها ولأنها لا تجب إلا في ملك تام فاعتبر له الحول رفقا بالمالك وليتكامل النماء فيتساوى فيه
وظاهره: لا بد من تمام الحول والأشهر أنه يعفى عن ساعتين وكذا نصف
إلا في الخارج من الأرض فإذا استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول إلا نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصابا وإن لم يكن نصابا فحوله من حين كمل النصاب.
---------------------------------------
يوم وفي المحرر وقاله جماعة لا يؤثر نقصه دون اليوم لأنه لا يضبط غالبا ولا يسمى في العرف نقصا ولا يعتبر طرفا الحول خاصة ولنا وجه
"إلا في الخارج من الأرض" لقوله تعالى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: من الآية141] وذلك ينفي اعتباره في الثمار والحبوب وأما المعدن والركاز فبالقياس عليهما
"فإذا استفاد مالا" بإرث أو هبة ونحوها "فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول" لقوله عليه السلام "ليس في المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول" رواه الترمذي وقال روي موقوفا على ابن عمر وهو أصح ولأنه مال ملكه بسبب منفرد فاعتبر له الحول أشبه ما لو استفاده ولا مال له غيره وظاهره لا فرق بين أن يكون من جنس ما عنده كمن استفاد إبلا وعنده إبل أو من غير جنسه
"إلا نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما" أي يجب ضمهما إلى ما عنده من أصله "إن كان نصابا" في قول الجمهور ولقول عمر اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم رواه مالك ولقول علي عد عليهم الصغار والكبار ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة ولأن السائمة يختلف وقت ولادتها فإفراد كل واحدة يشق فجعلت تبعا لأماتها ولأنها تابعة لها في الملك فيتبعها في الحول فلو ماتت واحدة من الأمَّات فنتجت سخلة انقطع بخلاف ما لونتجت ثم ماتت وربح التجارة كذلك معنى فوجب أن يكون مثله حكما.
"وإن لم يكن" الأصل "نصابا فحوله من حين كمل النصاب" لأنه حينئذ تتحقق فيه التبعية كما وجبت فيه الزكاة وقد علم أنه قبل ذلك لا تحب فيه الزكاة لنقصانه عن النصاب ونقل حنبل حول الكل منذ ملك الأمات
وإن ملك نصابا صغارا انعقد عليه الحول حين ملك وعنه لا ينعقد حتى يبلغ سنا يجزئ مثله في الزكاة ومتى نقص النصاب في بعض الحول أو باعه أو أبدله بغير جنسه.
----------------------------
لنماء النصاب وفيه شيء.
تنبيه: إذا نض الربح قبل الحول لم يستأنف له حولا ولا يبني الوارث على حول الموروث نقله الميموني عن أحمد ويضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو ما في حكمه ويزكي كل واحد إذا تم حوله وقيل يعتبر النصاب في مستفاد
"وإن ملك نصابا صغارا انعقد عليه الحول حين ملك" هذا هو المذهب لعموم قوله "في أربعين شاة شاة" لأنها تقع على الكبير والصغير ولقول أبي بكر لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها وهي لا تجب في الكبار لكن لو تغذت باللبن فقط فقيل يجب لوجوبها فيها للأمات كما يتبعها في الحول وقيل لا لعدم السوم اختاره المجد
"وعنه لا ينعقد حتى يبلغ سنا يجزئ مثله في الزكاة" لقول مصدق النبي صلى الله عليه وسلم أمرني ألا آخذ من راضع شيئا إنما حقنا في الثنية والجدعة وعليها إذا ماتت الأمات كلها إلا واحدة لم ينقطع الحول بخلاف ما إذا ماتت كلها قاله في الشرح وذكر القاضي في شرحه الصغير أنها تجب في الحقاق وفي بنات المخاض واللبون وجهان بناء على السخال "ومتى نقص النصاب في بعض الحول" انقطع لأن وجود النصاب في جميع الحول شرط للوجوب وظاهره عدم العفو عنه مطلقا لكن اليسير معفو عنه كالحبة والحبتين ولا فرق في النقص بين أن يكون في وسط الحول أو طرفه وظاهر كلام القاضي وغيره أن اليسير من وسط الحول مؤثر وظاهر الخبر يقتضي التأثير مطلقا قال في الشرح وهو أولى إن شاء الله تعالى
"أو باعه" ولو بيع خيار على المذهب "أو أبدله بغير جنسه" كمن أبدل أربعين
انقطع الحول إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة عند قرب وجوبها فلا تسقط.
-----------------------------------
من الغنم بعشرين دينارا أو مائتي درهم بثلاثين من البقر "انقطع الحول" لما تقدم ويستأنف حولا لكن لا ينقطع بموت الأمات والنصاب تام النتاج ولا بيع فاسد وظاهره أنه ينقطع إذا أبدل ذهبا بفضة وبالعكس وهو رواية مخرجة من عدم الضم وإخراجه عنه لأنهما جنسان والمذهب لا ينقطع لأنهما كالجنس الواحد فإن لم ينقطع أخرج مما معه عند وجوب الزكاة وذكر القاضي أنه يخرج مما ملكه أكثر الحول قال ابن تميم ونص أحمد على مثله وذكر القاضي وأصحابه والشيخان إذا اشترى عرضا لتجارة بنقد أو باعها به أنه يبنى على حول الأول لأن الزكاة تجب في أثمان العروض وهي من جنس النقد وفاقا وفي عطفه الإبدال على البيع دليل على أنهما غيران وقال أبو المعالي المبادلة هل هي بيع فيه رويتان ثم ذكر نصه بجواز إبدال المصحف لا بيعه وقول أحمد المعاطاة بيع والمبادلة معاطاة وبعض أصحابنا عبر بالبيع وبعض بالإبدال ودليلهم يقتضي التسوية.
فرع: لا ينقطع الحول في أموال الصيارفة لئلا يفضي إلى سقوطها فيما ينمو ووجوبها في غيره والأخرى يقتضي العكس.
"إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة عند قرب وجوبها فلا تسقط" ويحرم لقوله تعالى {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: من الآية17] فعاقبهم تعالى بذلك لفرارهم من الزكاة لأنه قصد به إسقاط حق غيره فلم يسقط كالمطلق في مرض موته وشرط المؤلف وجماعة أن يكون ذلك عند قرب وجوبها لأنه مظنة قصد الفرار ما لو كان في أول الحول أو وسطه لأنها بعيدة أو منتفية وفي الرعاية قبل الحول بيومين وقيل أو بشهرين لا أزيد والمذهب أنه إذا فعل ذلك فرارا منها أنها لا تسقط مطلقا أطلقه أحمد وحكم الإتلاف كذلك وحينئذ يزكي من جنس المبيع لذلك الحول.
وفي "مفردات أبي يعلى الصغي"ر عن بعض أصحابنا يسقط بالتحيل وهو
وإن أبدله بنصاب من جنسه بنى على حوله ويتخرج أن ينقطع وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال وعنه تجب في الذمة ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء.
---------------------------------
قول أكثرهم كما بعد الحول الأول لعدم تحقق التحيل فيه.
فرع: إذا ادعى عدم الفرار وثم قرينة عمل بها وإلا فالقول قوله في الأشهر.
"وإن أبدله بنصاب من جنسه بنى على حوله" نص عليه لأنه لم يزل مالكا لنصاب في جميع الحول نص عليه فوجبت الزكاة لوجود شرطها وإن زاد بالاستبدال يتبع الأصل في الحول نص عليه كنتاج فلو أبدل مائة شاة بمائتين لزمه شاتان إذا حال حول المائة وقال أبو المعالي يستأنف لزائد حولا وهو ظاهر ومقتضاه أنه أبدله بدون نصاب أنه ينقطع وهو كذلك "ويتخرج أن ينقطع" ذكره أبو الخطاب لأن كل واحد منهما لم يحل عليه الحول وكالحقين وكرجوعه إليه بعيب أو فسخ.
"وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال" نقله واختاره الأكثر قال الجمهور هو ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز لقوله عليه السلام "في أربعين شاة شاة" و "فيما سقت السماء العشر" وغيرها من الألفاظ الواردة بلفظ "في" المقتضية للظرفية وإنما جاز الإخراج من غير رخصة "عنه: يجب في الذمة" اختاره الخرقي وأبو الخطاب قال ابن عقيل هو الأشبه بمذهبنا لأنه يجوز إخراجها من غير النصاب أشبه صدقة الفطر ولو وجبت فيه لامتنع تصرف المالك فيه بغير إذن الفقير ولتمكنه من أدائها من غير المال ولسقطت بتلفه من غير تفريط لسقوط أرش الجناية بتلف الجاني.
"ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء" كخبر اشتراط الحول فإنه يدل على الوجوب بعد الحول مطلقا ولأنها حق الفقير فلم يعتبر فيها إمكان الأداء كدين الآدمي ولأنه لو اشترط لم ينعقد الحول الثاني حتى يمكن من الأداء ,
ولا تسقط بتلف المال وعنه أنها تسقط إذا لم يفرط وإذا مضى حولان على نصاب لم يؤد زكاتهما فعليه زكاة واحدة إن.
----------------------------------
وليس كذلك بل ينعقد عقب الأول إجماعا واحتج القاضي بأن للساعي المطالبة ولا يكون إلا لحق سبق وجوبه كالصوم فإنه يقضيه المريض بخلاف الإطعام عنه على الأصح لأن في الكفارة والفدية معنى العقوبة وعنه ويعتبر لأنها عبادة فاشترط لوجوبها إمكان كسائر العبادات وعنه يعتبر في غير المال الظاهر والأول هو المجزوم به وقياسهم ينقلب فيقال عبادة فلا يشترط لوجوبها إمكان الأداء كسائر العبادات فإن الصوم يجب على المريض والحائض والعاجز عن أدائه وعليه لو أتلف النصاب بعد الحول قبل التمكن من الأداء ضمنها وعلى الثانية لا وجزم في الكافي ونهاية أبي المعالي بالضمان.
"ولا يسقط بتلف المال" لأنها عين يلزمه مؤنة تسليمها إلى مستحقها يضمنها بتلفها في يده كعارية وغصب وظاهره ولو فرط لأنها حق آدمي أو مشتملة عليه فلا تسقط بعد وجوبها لدين آدمي ويستثني منه المعشرات إذا تلفت بآفة قبل الإحراز وفي المحرر قبل قطعها لأنها من ضمان البائع بدليل الجائحة إذ استقراره منوط بالوضع في الجرين وزكاة الدين بعدم تلفه بيده
"وعنه أنها تسقط إذا لم يفرط" قال المؤلف وهو الصحيح إن شاء الله تعالى لأنها تجب على سبيل المواساة فلا يجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه ولأنها حق يتعلق بالعين فيسقط بتلفها من غير تفريط كالوديعة وجزم بعضهم إن علقت بالذمة لم يسقط وإلا فالخلاف وقال المجد على الرواية الثانية يسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة نص عليه وقال أبو حفص العكبري روى أبو عبد الله النيسابوري الفرق بين الماشية والمال والعمل على ما روى الجماعة أنها كالمال ذكره القاضي وغيره.
"وإذا مضى حولان على نصاب لم يؤد زكاتها فعليه زكاة واحدة إن
قلنا تجب في العين وزكاتان إن قلنا تجب في الذمة إلا ما كانت زكاته الغنم من الإبل ، فإن عليه لكل حول زكاة وإن كان أكثر من نصاب فعليه زكاة لكل حول إن قلنا تجب في الذمة.
----------------------------------------
قلنا تجب في العين" ولو تعدى بالتأخير لأن المال يصير ناقصا لتعليق حق الفقراء بجزء منه فلا تجب فيه للحول الثاني لنقصانه وتصير زكاة الحول الأول باقية
"وزكاتان إن قلنا تجب في الذمة" أطلقه أحمد وبعض الأصحاب لأن المال نصاب كامل من كل حول فلم يؤثر في تنقيص النصاب قال ابن عقيل ولو قلنا إن الدين يمنع لم يسقط هنا لأن الشيء لا يسقط نفسه وقد يسقط غيره
واختار جماعة منهم صاحب المستوعب والمحرر إن سقطت الزكاة بدين الله وليس له سوى النصاب فلا زكاة للحول الثاني لأجل الدين لا للتعلق بالعين زاد صاحب المستوعب متى قلنا يمنع الدين فلا زكاة للعام الثاني تعلقت بالعين أو الذمة وإن أحمد حيث لم يوجب زكاة الحول الثاني فإنه بناء على رواية منع الدين لأن زكاة العام الأول صارت دينا على رب المال والعكس بالعكس فعلى المذهب في مائتين وواحدة من الغنم خمس ثلاث للأول واثنتان للثاني وعلى الثاني ست لحولين
"إلا ما كانت زكاته الغنم من الإبل فإن عليه لكل حول زكاة" نص عليه في رواية الأثرم أن الواجب فيه من الذمة وإن الزكاة تتكرر لأن الواجب من غير الجنس أي ليس بجزء من النصاب وبه يفرق بينه وبين الواجب من الجنس وظاهر كلام أبي الخطاب واختاره السامري والمحرر أنه كالواجب من الجنس لأن تعلق الزكاة كتعلق الأرش بالجاني فعلى ما ذكره لو لم يكن سوى خمس من الإبل ففي امتناع زكاة الحول الثاني لكونها دينا ما سبق من الخلاف.
"وإن كان أكثر من نصاب فعليه زكاة جميعه لكل حول إن قلنا تجب في الذمة" لأن الزكاة لما وجبت في الذمة لم تتعلق بشيء من المال فوجب إخراجها
وإن قلنا تجب في العين نقص عليه من زكاته في كل حول بقدر نقصه بها وإذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته فإن كان عليه دين اقتسموا بالحصص.
---------------------------------
لكل حول ما لم تفن الزكاة المال
"وإن قلنا تجب في العين يسقط من زكاة كل حول بقدر نقصه بها" لأنها لما وجبت في العين نقص من المال مقدار الزكاة لتعلقها به فوجب أن لا تجب فيه زكاة لكونه مستحقا للفقراء فوجب أن ينقص من الجميع مقدار زكاة النقص الذي تعلقت به الزكاة.
فعلى الأول لو كان له أربعمائة درهم وجب فيها لحولين عشرون وعلى الثاني تسعة عشر درهما ونصف درهم وربعه لأنه تعلق قدر الواجب في الحول الأول بالمال من الحول الثاني فينقص عشرة فيبقى ثلاثمائة وتسعون درهما وقوله "سقط من زكاة كل حول" لا يشمل الحول الأول لأنه بلا حول لم يكن قبله شيء وجب حتى ينقص بقدره على التعلق بالعين "وإذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته" نص عليه لقوله عليه السلام "دين الله أحق بالقضاء" ولأنه حق واجب تصح الوصية به فلم يسقط بالموت كدين الآدمي وظاهره ولو لم يوص بها كالعشر ونقل إسحاق بن هانئ في حج لم يوص به وزكاة وكفارة من الثلث ونقل عنه أيضا من رأس المال سوى النص السابق
"فإن كان عليه دين" ولم يف بالكل "اقتسموا بالحصص" نص عليه كديون الآدميين إذا ضاق عنها المال وعنه يبدأ بالدين وذكره بعضهم قولا لتقديمه بالرهينة ولأن حقه مبني على الشح بخلاف حق الله وأجاب ابن المنجا بأنها حق آدمي أو مشتملة على حقه وقيل يقدم الزكاة إن علقت بالعين اختاره في المجرد والمستوعب
قال صاحب المحرر لبقاء المال الزكوي فجعله أصلا ولو علقت بالذمة لأن تعلقها بالعين قهري فيقدم على مرتهن وغريم مفلس كأرش جناية وإن
----------------------------------
تعلقت بالذمة فهذا التعلق بسبب المال فيزداد وينقص ويختلف بحسبه وعنه تقدم الزكاة على الحج لأن قدر الواجب منها مستقر ويقدم النذر بمعين عليها وعلى الدين.
باب زكاة بهيمة الأنعام
ولا تجب إلا في السائمة منها وهي التي ترعى في أكثر الحول.
----------------------------------
باب زكاة بهيمة الأنعامبدأ به اقتداء بكتاب الصديق الذي كتبه لأنس رضي الله عنهما أخرجه البخاري بطوله مفرقا سميت بهيمة لأنها لا تتحكم والأنعام في الإبل والبقر والغنم وقال عياض النعم هي خاصة فإذا قيل الأنعام دخل فيه البقر والغنم.
"ولا تجب إلا في السائمة منها" السائمة الراعية وقد سامت تسوم سوما إذا رعت وأسمتها إذا رعيتها ومنه قوله تعالى {فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: من الآية10] وقوله عليه السلام "في الإبل السائمة في كل أربعين بنت لبون وفي سائمة الغنم أربعين شاة" فذكره السوم يدل على نفي الوجوب في غيرها لأنها تراد للنسل والدر بخلاف العلوفة والعوامل وقيل يجب في العوامل كالإبل التي تكرى قال في الفروع وهو أظهر ونص أحمد على عدم الوجوب وقيل وتجب في معلوفة كمتولد بين سائمة ومعلوفة
"وهي التي ترعى" المباح فلو اشترى لها ما ترعاه أو جمع لها ما تأكل فلا زكاة واختلف الأصحاب هل السوم شرط أو عدمه مانع فلا يصح التعجيل قبل الشروع فيه على الأول دون الثاني "أكثر الحول" نص عليه لأن الأكثر يقوم مقام الكل في كثير من الإحكام ولأنه لو اعتبر في جميع الحول لا متنع وجوب الزكاة أصلا وقيل يعتبر كله زاد بعضهم ولا أثر لعلف يوم أو يومين.
ولا يعتبر للسوم والعلف نية في وجه فلو سامت بنفسها أو أسامها غاصب ,
وهي ثلاثة أنواع أحدها: الإبل ولا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا فتجب فيها شاة فإن أخرج بعيرا لم يجزئه.
---------------------------------------
وجبت كغصبه حبا وزرعه في أرض مالكه فيه العشر على ربه كنباته بلا زرع وإن اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب فلا زكاة لفقدان الشرط وفي آخر يعتبر فتنعكس الأحكام وقيل تجب إذا علفها غاصب اختاره جماعة فقيل لتحريم فعله وقيل لانتفاء المؤنة عن ربها وقيل يجب إن أسامها لتحقق الشرط كما لو كمل النصاب بيد الغاصب.
"وهي ثلاثة أنواع أحدها الإبل" بدأ بها لبداءة الشارع حين فرض زكاة الأنعام ولأنها أهم لكونها أعظم النعم قيمة وأجساما وأكثر أموال العرب ووجوب الزكاة فيها مما أجمع عليه علماء الإسلام
"ولا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا" وهي أقل نصابها لقوله عليه السلام "من لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة وليس فيما دون خمس ذود صدقة"
"فتجب فيها شاة" إجماعا لقوله عليه السلام "إذا بلغت خمسا ففيها شاة" رواه البخاري وقال أبو بكر يجزئه عشرة دراهم لأنها بدل شاة الجبران وجعله في الشرحين إذا عدم الشاة وذكر بعضهم لا يجزئه مع وجود الشاة في ملكه وإلا فوجهان وتعتبر الشاة بصفة الإبل ففي كرام سمينة كريمة سمينة والعكس بالعكس وإن كانت بديل معيبة فقيل الشاة كشاة الصحاح لأن الواجب من غير الجنس كشاة الفدية والأضحية وقيل بل صحتها بقدر المال ينقص قيمتها بقدر نقص الإبل كشاة الغنم وقيل شاة تجزيء في الأضحية من غير نظر إلى القيمة قال في الشرح وبكل حال لا يخرج مريضة وكذا شاة الجبران ولا يعتبر كونها من جنس غنمه ولا جنس غنم البلد ولا يجزئ الذكر وقيل بلا لإطلاقها.
"فإن أخرج بعيرا لم يجزئه" نص عليه لأنه عدل عن المنصوص عليه فلم تجزئه كما لو أخرج بقرة وكنصفي شاتين في الأصح وسواء كانت قيمته أكثر
وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي العشرين أربع شياه فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض وهي التي لها سنة فإن عدمها أجزأه ابن لبون.
----------------------------------
من قيمة الشاة أولا وإنما أجزأت بنت لبون عن بنت مخاض لأنه مخرج للواجب وزيادة من جنس الواجب بخلاف البعير وقيل يجزئ إن كانت قيمته قيمة شاة وسط فأكثر بناء على إخراج القيمة وقيل يجزئ إن أجزأ عن خمس وعشرين
"وفي العشر شاتان وفي خمس ثلاث شياه وفي العشرين أربع شياه" هذا كله مجمع عليه وثابت بسنة رسول الله لقوله في حديث أبي بكر "في أربع وعشرين من الإبل فما دونها في كل خمس شاة"
"فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض" لا نعلم فيه خلافا إلا ما يحكى عن علي لقوله عليه السلام "فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض"
"وهي التي لها سنة"ودخلت في الثانية سميت بذلك لأن أمها قد حملت غالبا والمخاض الحائل وليس بشرط وإنما ذكر تعريفا بغالب حالها كتعريفه الربيبة بالحجر
"فإن عدمها" في ماله أو كانت معيبة "أجزأه ابن لبون" لقوله عليه السلام "فإن لم يكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر" رواه أبو داود وفي لفظ "فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها" لأن وجودها كالعدم في الانتقال إلى البدل والأشهر أو خنثى وظاهره أنه يجزئ ولو نقصت قيمته عن بنت مخاض ويجزئ حق أو جزع أوثني وأولى لزيادة السن وفي بنت لبون وله جبران وجهان فإن اشترى بنت مخاض وأخرجها أجزأ بلا نزاع لأنها الأصل ولا يجزئ إخراج ابن لبون بعد شرائها فإن كان في ماله بنت مخاض أعلى من الواجب لم يجزئه ابن لبون والأشهر لا يلزمه
وهو الذي له سنتان فإن عدمه أيضا لزمه بنت مخاض وفي ست وثلاثين بنت لبون وفي ست وأربعين حقة وهي التي لها ثلاث سنين وفي إحدى وستين جذعة وهي التي لها أربع سنين
------------------------------------------
إخراجها بل يخير بينها وبين سوى بنت مخاض بصفة الواجب وقال أبو بكر يجب عليه إخراجها بناء على قوله إنه يخرج عن المراض صحيحة حكاه ابن عقيل عنه
"وهو الذي له سنتان" ودخل في الثالثة سمي بذلك لأن أمه وضعت فهي ذات لبن "فإن عدمه أيضا لزمه" شراء "بنت مخاض" ولا يجزئه هو لقوله عليه السلام في خبر أبي بكر "فمن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه" ذكره ابن حامد وتبعه الأصحاب ولأنهما استويا في العدم فلزمه بنت مخاض كما لو استويا في الوجود والخبر محمول عليه
"وفي ست وثلاثين بنت لبون" لقوله في خبر أبي بكر "فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أثنى" وظاهره لا يجزئ ابن لبون وقيل بل يجبران لعدم
"وفي ست وأربعين حقة" لحديث الصديق فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الفحل "وهي التي لها ثلاث سنين" ودخلت في الرابعة سميت به لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها ويطرقها الفحل والذكر منها حق.
"وفي إحدى وستين جذعة" لقوله عليه السلام في الصدقة "وإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة" "وهي التي لها أربع سنين" ودخلت في الخامسة سميت به لأنها تجذع إذا سقط منها سنها والذكر جذع فلو أخرج ثنية وهي التي دخلت في السادسة أجزأ بلا جبران سميت به لأنها ألقت ثنيتها وقيل يجزئ عن الجذعة حقتان وابنتا لبون وابنتا لبون عن الحقة ذكره المؤلف ونقضه بعضهم ببنت مخاض عن العشرين وببنت بنات مخاض عن الجذعة .
وفي ست وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان فإن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء خمس بنات لبون.
-------------------------------------
فصل:
الأسنان المذكورة للإبل هو قول أهل اللغة وذكر ابن أبي موسى لبنت مخاض سنتان ولبنت لبون ثلاث ولحقة أربع ولجذعة خمس كاملة فحمله المجد على بعض السنة وهو غريب لقوله كاملة وقيل لبنت مخاض نصف سنة ولحقة سنتان ولجذعة ثلاث
"وفي ست وسبعين ابنتا لبون" إجماعا لقوله عليه السلام "فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون" .
"وفي إحدى وتسعين حقتان" إجماعا لقوله عليه السلام "فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل"
"فإذا زادت واحدة" أي على العشرين والمائة "ففيها ثلاث بنات لبون" في المشهور والمختار للعامة لظاهر خبر الصديق "فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة" وبالواحدة حصلت الزيادة فقيل الواحدة عفو وإن تغير بها الفرض وقيل يتعلق بها الوجوب
"ثم" تستقر الفريضة "ففي كل أربعين بنت لبون وفي خمسين حقة" هذا المذهب لخبر الصديق رواه البخاري وعنه لا يتغير الفرض إلا إلى مائة وثلاثين فتستقر الفريضة ففي مائة وثلاثين حقة وبنتا لبون اختاره أبو بكر والآجري لخبر عمرو بن حزم وفيه ضعف فإن صح عورض بروايته الأخرى وبما أكثر منه وأصح.
"فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان فإن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء خمس بنات لبون" هذا المذهب واختاره الأكثر ونص أحمد على مثله في البقر ,
والمنصوص أنه يخرج الحقاق وليس فيها بين الفريضتين شيء ومن وجبت عليه سن فعدمها أخرج سنا أسفل منها ومعها شاتان أو عشرون درهما وإن شاء أخرج أعلى منها وأخذ مثل ذلك من الساعي.
-----------------------------
ذكره المجد وجزم به في الوجيز للأخبار وزاد بعضهم ما لم يكن المال ليتيم أو مجنون فحينئذ يتعين إخراج الأدون المجزئ فلو جمع بين النوعين في الإخراج كأربع حقاق وخمس بنات لبون عن أربع مائة جاز جزم به الأئمة فإطلاق وجهين سهو أما مع الكسر فلا كحقين وبنتي لبون ونصف عن مائتين وفيه تخريج وهو ضعيف.
فرع: إذا وجد أحد الفرضين كاملا والآخر ناقصا لا بد له من جبران يعين الكامل لأن الجبران بدل.
"والمنصوص أنه يخرج الحقاق" أي يجب إخراجها وقاله القاضي في الشرح نظر لحظ الفقراء إذ هي أنفع لهم لكثرة درها ونسلها وأول في المغني والشرح النص على صفة التخير وقدم في الأحكام السلطانية أن الساعي يأخذ أفضلها وقال القاضي وابن عقيل يأخذ ما وجد عنده منها ومرادهم ليس للساعي تكليف المالك سواه لأن الزكاة سببها النصاب فاعتبرت به.
"وليس فيما بين الفريضتين شيء" وتسمى الأوقاص لعفو الشارع عنها وقد تقدم "ومن وجبت عليه سن فعدمها" لم يكلف تحصيلها وخير المالك فإن شاء "أخرج سنا أسفل منها ومعها شاتان أو عشرون درهما وإن شاء أخرج أعلى منها وأخذ مثل ذلك من الساعي" هذا هو المذهب كما في كتاب أنس "ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما" متفق عليه وهذا التخيير ثابت في كون ما عدل إليه في ملكه فإن عدمها حصل الأصل.
وظاهره: أنه لا يجوز أن يخرج أدنى من بنت مخاض لأنها أقل ما يجب في
فإن عدم السن التي تليها انتقل إلى الأخرى وجبرها بأربع شياه أو أربعين درهما قال أبو الخطاب لا ينتقل إلا إلى سن تلي الواجب ولا مدخل للجبران في غير الإبل.
--------------------------------
زكاتها ولا يخرج أعلى من الجذعة إلا أن يرضى رب المال بغير جبران ذكره في الشرح واقتضى أن من وجبت عليه الجذعة وليست عنده وأخرج الثنية أن يأخذ الجبران من الساعي وليس كذلك لعدم وروده وأنه لا يجبر بشاة وعشرة دراهم في وجه حذارا من تخيير ثالث ويجوز من آخر وقاله القاضي لأن الشارع جعل العشرة في مقابلة الشاة.
"فإن عدم السن التي تليها انتقل إلى الأخرى وجبرها بأربع شياه أو أربعين درهما" أومأ إليه أحمد واختاره القاضي وأورده الشيخان مذهبا لأن الشارع جوز له الانتقال إلى الذي يليه مع الجبران وجوز العدول عنها إذا عدم الجبران إذا كان هو الوصي وهاهنا لو كان موجودا فإذا عدم جاز العدول إلى ما يليه مع الجبران ولا شك في التعدية إذا عقل معنى النص ومحله ما إذا كان بصفة الصحة أو لجائز الأمر فأما إذا كان النصاب معيبا وعدمت الفريضة فله دفع السن السفلى مع الجبران وليس له دفع ما فوقها مع الجبران لأن الجبران قدره الشارع وقيل ما بين الصحيحين وما بين المعيبين أقل فإذا دفعه المالك صار كتطوعه بالزائد بخلاف الساعي وولي اليتيم فإنه لا يجوز لهما إلا إخراج الأدون وهو أقل الواجب كما لا يتبرع.
"وقال أبو الخطاب" وابن عقيل وذكره صاحب النهاية ظاهر المذهب "لا ينتقل إلا إلى سن تلي الواجب" إذ النص إنما لم يرد به والزكاة فيها شيابة التعبد.
"ولا مدخل للجبران في غير الإبل" لأن النص إنما ورد فيها فيقتصر عليه وليس غيرهما في معناها لكثرة قيمتها لأن الغنم لا تختلف فريضتها باختلاف سنها وما بين الفريضتين في البقر يخالف ما بين الفريضتين في الإبل فامتنع القياس فلو غير صفة الواجب بشيء من جنسه وأخرج الرديء عن الجيد ,
فصل:
النوع الثاني البقر ولا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين فيجب فيها تبيع أو تبيعة وهي التي لها سنة وفي أربعين مسنة وهي التي لها سنتان.
--------------------------------.
وزاد قدر ما بينهما من الفضل لم يجزئ لأن القصد من غير الأثمان النفع بعينها فيفوت بعض المقصود ومن الأثمان القيمة وقال المجد قياس المذهب جوازه في الماشية وغيرها.
فصل:
"النوع الثاني البقر" وهو اسم جنس والبقرة تقع على الأنثى والذكر ودخلت الهاء على أنها واحدة من جنس والبقرات الجمع والباقر جماعة البقر مع رعاتها وهي مشتقة من بقرت الشيء إذا شققته لأنها تبقر الأرض بالحراثة.
والأصل في وجوبها أحاديث منها ما روى معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم دينارا أو عدله معافر رواه أحمد ولفظه له وأبو داود وغيرهما وصححه بعضهم وقال على شرط الشيخين وإنما لم يذكر في خبر الصدقة لقلتها في الحجاز إذ يندر ملك نصاب منها بل لا يوجد ولما أرسل معاذ إلى اليمن ذكر له حكمها لوجودها ولا خلاف في وجوبها.
"ولا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين" وهي أقل نصابها "فيجب فيها تبيع" سمي به لأنه يتبع أمه وهو جذع البقر الذي استوى قرناه وحاذى قرنه أذنه غالبا "أو تبيعة وهي التي لها سنة" وعبارة الفروع لكل منهما سنة وذكره الأكثر وفي الأحكام السلطانية نصف سنة وقال ابن أبي موسى سنتان
"وفي أربعين مسنة" لأنها ألقت سنا غالبا وهي الثنية "وهي التي لها سنتان" وفي الأحكام السلطانية سنة وقيل ثلاث وقيل أربع ولا يجزئ عنها
وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة ولا يجزئ الذكر في الزكاة في غير هذا إلا ابن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمها إلا أن يكون النصاب كله ذكورا فيجزئ الذكر في الغنم وجها واحدا ومن الإبل والبقر في أحد الوجهين.
--------------------------------
مسن بل عن الأولين وقيل يجزئ عنها تبيعان
"وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة" وقاله الأكثر لما روى أحمد بإسناده عن يحيى بن الحكم عن معاذ قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات وأربعة أتباع وأمرني أن لا آخذ مما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مسنة أو جذعا وظاهره أنها إذا بلغت مائة وعشرين اتفق فيها الفرضان كالإبل ونص أحمد هنا على التخير.
"ولا يجزئ الذكر في الزكاة" إذا كانت ذكورا أو إناثا لأن الأنثى أفضل لما فيها من الدر والنسل وقد نص الشارع على اعتبارها في الإبل في الأربعين من البقر "في غير هذا" إذ التبيع مكان التبيعة للنص السابق ولأنه أكثر لحما فتعادل الأنوثة "إلا ابن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمها" لأنه يمتنع من صغار السباع ويرعى الشجر فيجزئ بنفسه ويرد الماء لكن ليس بأصل لكونه لا يجزئ مع وجودها بخلاف التبيع فيجزئ في الثلاثين وما تكرر منها كالستين وأما الأربعون وما تكرر منها كالثمانين فلا يجزئ في فرضها إلا الإناث لنص الشارع عليها إلا أن يخرج عن المسنة تبيعين فيجزئ ذكره في الشرح.
"إلا أن يكون النصاب كله ذكورا فيجزئ الذكر في الغنم وجها واحدا" لأن الزكاة مواساة فلا يكلفها من غير الجنس وقيل لا فيخرج أنثى بقيمة الذكر
و يجزئ "من الإبل والبقر في أحد الوجهين" هذا المذهب جزم به في
ويؤخذ من الصغار صغيرة ومن المراض مريضة وقال أبو بكر لا يؤخذ إلا كبيرة صحيحة على قدر المال.
-----------------------------------
الوجيز لما سبق الثاني لا يجزئ فيهما لأن الشارع نص على الأنثى وهي أفضل ففي العدول عنها عدول عن المنصوص وصحح في الكافي والشرح الإجزاء في البقر لأنه قد جوزنا الذكر في الغنم مع أنه لا مدخل له في زكاتها مع وجود الإناث فالبقر التي فيها مدخل أولى وفي الإبل وجهان أحدهما يجزئ لما ذكر من المواساة والثاني لا يجزئ لإفضائه إلى إخراج ابن لبون عن خمس وعشرين وست وثلاثين وفيه تسوية بين النصابين
فعلى هذا: يخرج أنثى ناقصة بقدر قيمة الذكر وعلى الأول يخرج ابن لبون عن النصابين ويكون التعديل بالقيمة والفرق أن الشارع أطلق الشاة الواجبة ونص على الأنثى من الإبل والبقر.
"ويؤخذ من الصغار صغيرة" نص عليه لقول أبي بكر والله لو منعوني عناقا الخبر ويتصور أخذها إذا أبدل الكبار بالصغار أو بموت الإناث وتبقى الصغار وهذا على المشهور أن الحول ينعقد عليها مفردة وهذا في الغنم دون الإبل والبقر فلا يجزئ إخراجه فصل:انا وعجاجيل فيقوم النصاب من الكبار ويقوم فرضه ثم تقوم الصغار ويؤخذ عنها كبيرة بالقسط وقيل يجزئ فيؤخذ من خمس وعشرين إلى إحدى وستين واحدة والتعديل بالقيمة مكانه زيادة السن.
"ومن المراض مريضة" لأنها وجبت مواساة وليس منها أن يكلف غير الذي في ماله ولا اعتبار بقلة العيب وكثرته لأن القيمة تأتي على ذلك لكون أن المخرج وسط القيمة "وقال أبو بكر لا يؤخذ" فيهما "إلا كبيرة صحيحة على قدرالمال" لقوله في رواية أحمد بن سعيد لا يأخذ إلا ما يجوز في الأضاحي قال القاضي وأومأ إليه في رواية ابن منصور وذكره الحلواني ظاهر الخرقي لقول مصدق النبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا آخذ من راضع شيئا إنما
فإن اجتمع صغار وكبار وصحاح ومراض وذكور وإناث لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين.
-----------------------------
حقنا في الثنية والجذعة ولقول عمر اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم وكشاة الإبل فعلى هذا يكلف سواء كبيرة أو صحيحة بقدر قيمة الفرض لتحصل المواساة والأول أشهر وما ذكرناه محمول على ما إذا اشتمل على نوعين وشاة الإبل ليست من جنس المال فلا يرتفق المالك وهنا من جنسه فهو كالحبوب
"فإن اجتمع" في النصاب "صغار وكبار وصحاح ومراض وذكور وإناث لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين" للنهى عن أخذ الصغير والمعيب والكريمة لقوله ولكن من وسط أموالكم ولتحصل المواساة فإذا كان قيمة المال المخرج إذا كان المزكى كله كبارا صحاحا عشرين وقيمته بالعكس عشرة وجب كبيرة صحيحة قيمتها خمسة عشر هذا مع تساوي العددين فلو كان الثلث أعلى والثلثان أدنى فشاة قيمتها ثلاثة عشر وثلث وبالعكس قيمتها ستة عشر وثلثان.
"وإن كان نوعين كالبخاتي" الواحد بختي والأنثى بختية قال عياض هي إبل غلاظ ذوات سنامين "والعراب" هي جرد ملس حسان الألوان كريمة "والبقر والجواميس" واحدهما جاموس قال موهوب هو أعجمي تكلمت به العرب "والضأن والمعز أو كان فيه كرام" واحدها كريم وذكر عياض في قوله "واتق كرائم أموالهم" أنها جمع كريمة وهي الجامعة للكمال الممكن في حقها من غزارة لبن أو جمال صورة أو كثرة لحم أو صوف وقيل هي التي يختصها مالكها لنفسه ويؤثرها "ولئام" واحدها لئيمة وهي ضد الكريمة "وسمان ومهازيل أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين" لأنها مع اتحاد الجنس هي المقصودة وذكره أبو بكر في بقيمة سمينة وظاهره أنه مخير في أي الأنواع أحب سواء دعت إليه الحاجة أولا لكن من كرام وسمان وضدهما يخرج وسطا نص عليه ,
وإن كان نوعين كالبخاتي والعراب والبقر الجواميس والضأن والمعز أو كان فيه كرام ولئام ومهازيل أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين.
فصل:
النوع الثالث الغنم ولا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين فيجب فيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه ثم في كل مائة شاة شاة.
------------------------------
قدمه في الفروع وجزم به في المحرر وقيل يخير الساعي ونقل حنبل في ضأن ومعز يخير الساعي لاتحاد الواجب ولم يعتبر أبو بكر القيمة في النوعين قال المجد وهو ظاهر نقل حنبل ولا يلزمه من أكثرهما عددا وقد تضمن كلامه ضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض في إيجاب الزكاة وخرج به الخرقي في الضأن والمعز وحكاه ابن المنذر إجماعا.
مسألة: إذا أخرج عن النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله منه جاز إن لم ينقص قيمة المخرج عن النوع الواجب وعلى قول أبي بكر ولو نقصت وقيل لا يجزئ هنا مطلقا كغير الجنس.
فصل:
"النوع الثالث: الغنم ولا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين" وهي أقل نصابها إجماعا "فيجب فيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين" إجماعا "فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه" وفاقا "ثم" تستقر الفريضة فيجب "في كل مائة شاة شاة" وسنده ما روى أنس في كتاب الصدقات أنه قال في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل
ويؤخذ من المعز الثني ومن الضأن الجذع ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا تيس ولا ذات عوار وهي المعيبة.
--------------------------
مائة شاة وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها مختصر رواه البخاري وعنه في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ خمسمائة فيكون خمس شياه وعنه أن المائة زائدة ففي أربعمائة وواحدة خمس شياه وفي خمسمائة وواحدة ست وعلى هذا أبدا واختلف اختيار أبي بكر والمذهب الأول نص عليه وعلى هذا لا يتغير بعد مائتين وواحدة حتى تبلغ أربعمائة فيجب في كل مائة شاة والوقص مائتين مائتين وواحدة إلى أربعمائة وهو مائة وتسعة وتسعون.
"ويؤخذ من المعز الثني ومن الضأن الجذع" لما روى سويد بن غفلة قال أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أمرنا أن نأخذ الجذعة من الضأن والثنية من المعز ولأنهما يجريان في الأضحية فكذا هنا الجذع من الضأن ماله ستة أشهر وقيل ثمانية أشهر لا سنة والثني من المعز ماله لا سنتان
"ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا تيس ولا ذات عوار" لقوله تعالى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: من الآية267] البقرة وفي كتاب أبي بكر ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ما شاء المصدق رواه البخاري وكان أبو عبيدة يرويه بفتح الدال من المصدَق يعني المالك فيكون الاستثناء راجعا إلى التيس فقط وخالفه عامة الرواة فقالوا بكسرها يعني الساعي ذكره الخطابي وقال التيس لا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه فيكون كتيس لا يضرب لكن قدم في الفروع أن فحل الضراب لا يؤخذ لخيره فلو بذله المالك لزم قبوله حيث يقبل الذكر والهرمة هي الكبيرة الطاعنة في السن والعوار بفتح العين على الأفصح "وهي المعيبة" التي لا يضحى بها قاله الأكثر وفي نهاية الأزجي وأومأ إليه المؤلف إذا ردت في البيع ونقل حنبل لا يؤخذ عوراء ولا عرجاء ولا ناقصة الخلق
ولا الربى وهي التي تربي ولدها ولا الحامل ولا كرائم المال إلا أن يشاء ربه ولا يجوز إخراج القيمة وعنه يجوز.
-----------------------------
واختار المجد جوازه إن رآه الساعي انفع للفقراء لزيادة صفة فيه وأنه أقيس بالمذهب لأن من أصله إخراج المكسورة عن الصحاح إذا زاد قدر ما بينهما من الفضل فيكون الاستثناء راجعا إلى الثلاثة وقاله بعض العلماء.
"ولا الربى وهي التي تربي ولدها" قاله أحمد وقيل هي التي تربى في البيت لأجل اللبن "ولا الحامل" لقول عمر لا تؤخذ الربى ولا الماخض ولا الأكولة ومراده السمينة مع أنه يجب إخراج الفريضة على صفة مع الاكتفاء بالسن المنصوص عليه وكذا لا يؤخذ طروقة الفحل لأنها تحبل غالبا "ولا كرائم المال" وهي النفسية فهذه لا تؤخذ لشرفها ولحق المالك إلا أن يشاء ربه لأنه خير المال فلم يجزئ أخذه بغير رضا مالكه والحق في الوسط قال الزهري إذا جاء المصدق قسم الشاء أثلاثا ثلث خيار وثلث وسط شرار وأخذ من الوسط
وروي عن عمر يؤيد قوله عليه السلام ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم شره رواه أبو داود.
"ولا يجوز إخراج القيمة" في ظاهر المذهب لقوله عليه السلام لمعاذ خذ الحب من الحب والإبل من الإبل والبقر من البقر والغنم من الغنم رواه أبو داود وابن ماجه ومقتضاه عدم الأخذ من غيره لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده ولا فرق بين الماشية وغيرها قال أبو داود قيل لأحمد أعطي دراهم في الصدقة الفطر فقال أخاف أن لا يجزئ خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
"وعنه: يجوز" لقول معاذ ائتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم من الصدقة مكان الذرة والشعير فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة ولأن المقصود دفع حاجة الفقراء ولا يختلف ذلك باختلاف صور الأموال إذا حصلت القيمة
قال في الشرح هذا فيما عدا صدقة الفطر فتكون بالبر وعنه يجزئ
وإن أخرج سنا أعلى من الفرض من جنسه جاز.
---------------------------------------------
للحاجة إن تعذر الفرض والأول أولى للنصوص وقول معاذ محمول على الجزية فإنه يطلق عليها صدقة مجازا وقوله مكان الذرة والشعير يجوز أن يكون صالحهم عن أراضيهم بذلك قاله ابن المنجا ولأنها وجبت لدفع حاجة الفقراء وشكرا لنعمة المال فيتنوع الواجب ليصل إلى الفقير من كل نوع ما تندفع به الحاجة ويحصل شكر النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه مع أن في تجويز إخراج غيرها عدول عن المفروض
"وإن أخرج سنا أعلى من الفرض من جنسه" كبنت لبون عن بنت مخاض جاز قاله الأئمة لما روى أبي بن كعب أن رجلا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي فزعم أن ما علي بنت مخاض فعرضت عليه ناقة فتية سمينة فقال عليه السلام "ذاك الذي وجب عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك" فقال ها هي ذه فأمر بقبضها ودعا له بالبركة رواه أحمد وأبو داود ولأنه زاد على الواجب من جنسه ما يجرئ عن غيره فأجزأ كما لو زاد في العدد
وذكر ابن عقيل وجها لا يجزئ وظاهره أنه لا يجزئ في غيرالجنس لأنه عدول عن المنصوص عليه.
فصل: في الخلطة
وإذا اختلط نفسان أو أكثر من أهل الزكاة في نصاب من الماشية حولا لم يثبت لهما حكم الانفراد في بعضه فحكمهما في الزكاة حكم الواحد سواء كانت خلطة أعيان بأن يكون مشاعا بينهما أو خلطة أوصاف بأن يكون مال كل واحد منهما متميزا.
------------------------
فصل: في الخلطة
بضم الخاء الشركة وهي جائزة في الجملة لما روى الترمذي عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتاب الصدقة "لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من الخلطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" ورواه البخاري من حديث أنس "وإذا اختلط نفسان" لأن اقل من ذلك الواحد ولا خلطة معه "أو أكثر من أهل الزكاة" فلو كان أحدهما مكاتبا أو ذميا فلا أثر لها لأنه لا زكاة في ماله فلم يكمل النصاب به "في نصاب" فلو كان المجموع أقل من نصاب فلا عبرة في ذلك سواء كان له مال غيره أو لا وظاهره الجواز فيما زاد عليه من باب أولى من الماشية فلا يؤثر في غيرها وسيأتي "حولا لم يثبت لهما حكم الانفراد في بعضه" لأن الخلطة معنى يتعلق به إيجاب الزكاة فاعتبرت في جميع الحول كالنصاب "فحكمها في الزكاة حكم الواحد" لأنه لو لم يكن كذلك لما نهى الشارع عن جمع التفرق وعكسه خشية الصدقة وسواء أثرت في إيجاب الزكاة أو إسقاطها أو في تغيير الفرض فلو كان لأربعين من أهل الزكاة أربعون شاة أو لواحد شاة وللآخر تسعة وثلاثون لزمهم شاة نص عليهما ومع الانفراد لا يلزمهم شيء ولو كان لثلاثة مائة وعشرون شاة لزمهم شاة ومع الانفراد ثلاث شياه "سواء كانت خلطة أعيان" لأن أعيانها مشتركة "بأن يكون مشاعا بينهما" بأن ملكاه بإرث أو شراء أو غيرها "أو خلطة أوصاف بأن يكون مال كل واحد منها متميزا" عن الآخر بصفة أو صفات "واشتركا"
فاشتركا في المراح والمسرح والمشرب والمحلب والراعي والفحل.
---------------------------
في الأوصاف الآتي ذكرها ويعتبر فيها أن لا يتميز "في المراح" بضم الميم المكان الذي تروح إليه الماشية عند رجوعها فتبيت فيه "والمسرح" موضع الرعي وفسره صاحب التلخيص وغيره موضع جمعها عند خروجها للرعي "والمشرب" بفتح الميم والراء المكان الذي يشرب فيه وكذا ذكره أبو الخطاب وصاحب التلخيص والوجيز ولم يذكره الأكثر "والمحلب" بفتح الميم واللام الموضع الذي يحلب فيه وبكسر الميم الإناء والمراد الأول لأنه ليس المقصود خلط اللبن في إناء واحد لأنه ليس بمرفق بل مشقة لما فيه من حاجة إلى قسم اللبن وربما أفضي إلى الربا وقيل يلزم خلط اللبن وقيل يشترط اتحاد الآنية جزم به في الوجيز
"والراعي" كذا قاله أبو الخطاب وصاحب الوجيز والمستوعب وأسقط المحلب "والفحل" جزم به معظم الأصحاب والمراد به المعد للضراب وليس المعتبر اتحاده ولا أن يكون مشتركا بل أن لا يتميز فحول أحد المالين عن الآخر عند الضراب وجمع في المحرر والوجيز بين المسرح والمرعى كالخرقي قال ويحتمل أن الخرقي أراد بالرعي الرعي الذي هو المصدر لا المكان وأنه أراد بالمسرح المصدر الذي هو السروح لا المكان فإذا كان كذلك زال التكرار وحصل به اتحاد الراعي والمشرب
وقال ابن حامد المرعى والمسرح شرط واحد وإنما ذكر أحمد المسرح ليكون فيه راع واحد وقال في الواضح الفحل والراعي والمحلب وذكر الآمدي المراح والمسرح والفحل والمرعى وذكر القاضي أنه الراعي فقط وذكر رواية أنه يعتبر الراعي والمبيت فقط وفيه طرق أخرى واحتج الأصحاب لاعتبار ذلك بحديث سعد بن أبي وقاص قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول "الخليطان ما اجتمعا على الحوض والفحل والراعي" رواه
فإن اختل شرط منها أو ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول زكيا زكاة المنفردين فيه وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده.
------------------------------------
الخلال والدارقطني ورواه أبو عبيد وجعل بدل الراعي المرعى وضعفه أحمد فإنه من رواية ابن لهيعة فيتوجه العمل بالعرف في ذلك ويحتمل أن خلطة الأوصاف لا أثر لها كما يروى عن طاووس وعطاء لعدم الدليل والأصل اعتبار المال بنفسه ذكره في الفروع وظاهره أنه لا يشترط للخلطة نية وهي في خلطة الأعيان إجماع وكذا في خلطة الأوصاف في الأصح واحتج المؤلف بنية السوم في السائمة وكنية السقي في المعشرات واختار في المحرر أنها يعتبر فيها لأنها معنى يتغير به الفرض فافتقر إلى النية كالسوم وفائد: الخلاف في خلط وقع اتفاقا أو فعله راع وتأخر النية عن الملك وقيل لا يضر تأخيرها بزمن يسير لتقديمها على الملك بزمن يسير.
"فإن اختل شرط منها" بطل حكمها لفوات شرطها وصار وجودها كالعدم فيزكي كل واحد ماله إن بلغ نصابا وإلا فلا.
"أو ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول" كرجلين لكل واحد منهما نصاب ملكه في أول المحرم ثم اختلط بعد ذلك "زكيا زكاة المنفردين فيه" يعنى على كل واحد منهما عند تمام حوله شاة وفيما بعد ذلك من السنين يزكيان زكاة الخلطة فإن اتفق حولاهما أخرجا شاة عند تمام الحول نصفين وإن اختلف فعلى الأول عند تمام حوله نصف شاة وإذا تم حول الثاني فإن كان الأول أخرجها من غير المال فعلى الثاني نصف شاة أيضا وإن أخرجها من المال فقد تم حول الثاني على تسعة وسبعين شاة ونصف شاة له منها أربعون شاة يلزمه أربعون جزءأ من تسعة وسبعين جزءاً ونصف جزء من شاة فيضعفها لتكون ثمانين جزءا من مائة وتسعة وخمسين جزءأ من شاة كلما تم حول أحدهما لزمه من زكاة الجميع بقدر ماله فيه
"وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده" بأن يملك رجلان نصابين ثم يخلطاهما ثم يبيع أحدهما نصيبه أجنبيا بعد ملك المشتري أربعين ثم يثبت
فعليه زكاة المنفرد وعلى الثاني زكاة الخلطة ثم يزكيان فيما بعد ذلك الحول زكاة الخلطة كلما تم حول أحدهما فعليه بقدر ماله منها وإن ملك نصابا شهرا ثم باع نصفه مشاعا أو أعلم على بعضه وباعه مختلطا فقال أبو بكر ينقطع الحول ويستأنفانه من حين البيع.
---------------------------------
لها حكم الانفراد فإذا تم الحول "فعليه زكاة المنفرد" وهو شاة لثبوت حكم الانفراد من حقه "وعلى الثاني" إذ اتم حوله "زكاة الخلطة" وهو نصف شاة لكونه لم يزل مخالطا في جميع الحول إن كان الأول أخرجها من غير المال وإن كان أخرج منه لزمه أربعون جزءأ من تسعة وسبعين جزءأ من شاة "ثم يزكيان فيما بعد ذلك الحول زكاة الخلطة" لأنها موجودة في جميع الحول بشروطها "كلما تم حول أحدهما فعليه بقدر ماله منها" أي يزكي بقدر ملكه فيه وفيه تنبيه: على أمرين أحدهما: أن من ثبت له حكم الانفراد في الحول الأول يزكي ما عليه عند تمام حوله الثاني ولا ينتظر حوله المشتري لأن الزكاة بعد حولان الحول لا يجوز تأخيرها وإن المشتري لا يجب عليه تقديم زكاته إلى رأس حول شريكه لأن تقديمها قبل حولان الحول لا يجب وثانيهما: أنه إذا كان لكل واحد نصاب فعلى كل منها نصف شاة فإن كان للأول أربعون وللثاني ثمانون فعلى الأول ثلث شاة وعلى الثاني ثلثاها ذكره ابن المنجا
تنبيه: يثبت حكم الانفراد أيضا فيما إذا كان لأحدهما نصاب وللآخر دونه ثم يختلطان في أثناء الحول به وكذا إذا أبدل نصابا منفردا بنصاب مختلط من جنسه وقلنا لا ينقطع الحول به زكيا زكاة انفراد كمال واحد حصل الانفراد في أحد طرفي حوله وكذا لو اشترى أحد الخليطين بأربعين مختلطة أربعين منفردة وخلطها في الحال لوجود الانفراد في بعض الحول وقيل يزكي زكاة خلطة لأنه يبني على حول خلطة وزمن الانفراد يسير
"وإن ملك نصابا شهرا ثم باع نصفه مشاعا أو أعلم على بعضه" أي عينه "وباعه مختلطا فقال أبو بكر ينقطع الحول ويستأنفانه من حين البيع" هذا
وقال ابن حامد لا ينقطع حول بائع وعليه إذا تم حوله زكاة حصته فإن كان أخرجها من المال انقطع حول المشتري لنقصان النصاب وإن أخرجها من غيره وقلنا الزكاة في العين فكذلك وإن قلنا في الذمة فعليه عند تمام حوله زكاة حصته.
--------------------------------
هو المذهب وجزم به في الوجيز لأنه قد انقطع في النصف المبيع فصار كأنه لم يجر في حول الزكاة أصلا فلزم انقطاع الحول في الثاني "وقال ابن حامد لا ينقطع حول البائع" فيما لم يبع لأنه لم يزل مخالطا لمال جار في حول الزكاة "وعليه إذا تم حوله زكاة حصته" فيلزمه نصف شاة لكونه ما خلا حوله من ملك نصف نصاب فهو كالخليط إذا تم ماله بمال شريكه
"فإن كان" البائع "أخرجها من المال انقطع حول المشتري" ذكره المجد إجماعا فعلى هذا لا زكاة عليه لنقصان النصاب في بعض الحول إلا أن يستديم الفقير الخلطة بنصفه فلا ينقص النصاب إذن ويخرج الثاني نصف شاة وقيل إن زكى البائع منه إلى الفقير زكى المشتري "وإن أخرجها" البائع "من غيره وقلنا الزكاة في العين فكذلك" وكذا ذكره المؤلف في بقية كتبه وصححه وعزاه إلى أبي الخطاب لأن تعلقها بالعين ينقص النصاب فمنع وجوبها على المشتري
وجزم الأكثر منهم القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل وقاله في المستوعب والمحرر وقدمه في الفروع أنه يجب على المشتري نصف شاة إذا تم حوله لأن التعلق بالعين لا يمنع انعقاد الحول الثاني بالاتفاق والفقير لا يملك جزءا من النصاب وإنما يتعلق حقه به كتعلق أرش الجناية بالجاني فلم يمنع وجوبها وضعف المجد الأول عن أبي الخطاب وقال هذا مخالف لما ذكره في كتابه ولا يعرف له موضع يخالفه مع أن في كلامه نظر من حيثية إنه بعد إخراجها كيف يتصور التعلق لأن بعد الأداء لا يجوز تعلقها كما لا يتعلق الدين بالرهن بعد أدائه وأرش الجناية بالجاني بعد فدائه.
"وإن قلنا في الذمة فعليه" أي المشتري "عند تمام حوله زكاة حصته" ؛
وإن أفرد بعضه وباعه ثم اختلفا انقطع الحول وقال القاضي يحتمل ألا ينقطع إذا كان الزمن يسيرا وإن ملك نصابين شهرا ثم باع أحدهما مشاعا فعلى قياس قول أبي بكر يثبت للبائع حكم الانفراد وعليه عند تمام حوله زكاة المنفرد وعلى قياس قول ابن حامد عليه زكاة خليط فإذا تم حول المشتري فعليه زكاة خليط وجها واحدا وإذا ملك نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض مثل أن يملك أربعين شاة في المحرم.
-------------------------------
لعدم نقصان النصاب في حقه مطلقا وعكسها صورة لو كان لرجلين نصاب خلطة فباع أحدهما خليطه في بعض الحول لأنه في الأول خليط نفسه ثم صار خليط أجنبي وهاهنا كان خليط أجنبي ثم صار خليط نفسه ذكره في الشرح فإن كان البائع استدان ما أخرجه ولا مال له يجعل في مقابلة دينه إلا مال الخلطة أو لم يخرج البائع الزكاة حتى تم حول المشتري فإن قلنا الدين لا يمنع وجوب الزكاة أو قلنا يمنع لكن للبائع مال يجعل في مقابلة دين الزكاة زكى المشتري حصته زكاة الخلطة نصف شاة وإلا فلا
"وإن أفرد بعضه وباعه ثم اختلطا انقطع الحول" في قول الأكثر لوجود الانفراد وكحدوث بعض مبيع بعد ساعة "وقال القاضي يحتمل ألا ينقطع إذا كان زمنا يسيرا" لأن اليسير معفو عنه فوجب ألا ينقطع كما لو باعه مشاعا "وإن ملك نصابين شهرا ثم باع أحدهما مشاعا فعلى قياس قول أبي بكر يثبت للبائع حكم الانفراد" لأنه اختار أن البيع يقطع الحول فيصير البائع كأنه ملك نصابا منفردا "وعليه عند تمام حوله زكاة المنفرد" لثبوت حكم الانفراد له "وعلى قياس قول ابن حامد عليه زكاة خليط" لاختياره عدم الانقطاع بالبيع فوجب عليه زكاة خلطة لكونه لم يزل مخالطا في جميع الحول.
"فإذا تم حول المشتري فعليه زكاة خليط وجها واحدا" لأن الأربعين التي له تزل مختلطة في جميع الحول "وإذا ملك نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض مثل أن يملك أربعين شاة في المحرم
وأربعين في صفر فعليه زكاة الأول عند تمام حوله ولا شيء عليه في الثاني في أحد الوجهين وفي الآخر عليه للثاني زكاة خلطة كالأجنبي في التي قبلها وإن كان الثاني يتغير به الفرض مثل أن يكون مائة شاة فعليه زكاته إذا تم حوله وجها واحدا
-----------------------------------
"وأربعين في صفر فعليه زكاة الأول عند تمام حوله" وهي شاة لانفرادها في بعض الحول "ولا شيء عليه في الثاني" إذا تم حوله" في أحد الوجهين" قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأن الجميع ملك واحد فلم يزد فرضه على شاة كما لو اتفقت أحواله وللعموم في الأوقاص كمملوك دفعة
"وفي الآخر عليه للثاني زكاة خلطة" وهو نصف شاة لاختلاطها بالأربعين الأولى "كالأجنبي في" المسألة "التي قبلها" وقيل يجب شاة كالأولى وكما لمنفرد وعلى الثاني فيما بعد الحول الأول يزكيهما زكاة خلطة كلما تم حول إحداهما أخرج قسطها نصف شاة فلو ملك أربعين أخرى في ربيع فعلى الأول لا شيء سوى الشاة الأولى وعلى الثاني زكاة خلطة ثلث شاة لأنها ثلث الجمع وفيما بعد الحول الأول في كل ثلث شاة لتمام حولها وعلى الثالث شاة.
"وإن كان الثاني يتغير به الفرض مثل أن يكون مائة شاة فعليه زكاته إذا تم حوله وجها واحدا" قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز كما لو انقضت أحواله لأنه إما أن يجعلا كالمال الواحد لمالك أو كمالين لمالكين وعلى التقديرين يجب شاة أخرى بخلاف التي قبلها.
وهذا على الأول لأنه ينظر هنا إلى زكاة الجميع فيسقط منها ما وجب في الأول ويجب الباقي في الثاني وكذا على الثالث لأنه هناك يعتبر مستقلا بنفسه وكذا هنا.
وعلى الثاني: يجب زكاة خلطة وهي شاة وثلاثة أسباع شاة لأن في كل شاتين حصة المائة منها خمسة أسباع الكل بحصتها من فرضه خمسة أسباعه فلو
وإن كان الثاني يتغير به الفرض ولا يبلغ نصابا مثل أن ملك ثلاثين من البقر في المحرم وعشرا في صفر فعليه في العشر إذا تم حولها ربع مسنة وإن ملك مالا يغير الفرض كخمس فلا شيء وفيها في أحد الوجهين وفي الثاني عليه سبع تبيع إذا تم حولها وإذا كان لرجل ستون شاة كل عشرين منها مختلطة بعشرين لآخر فعلى الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على خلطائه على كل واحد سدس شاة.
-------------------------------
ملك مائة أخرى في ربيع فعلى الأول والثالث شاة وعلى الثاني شاة وربع لأن في الكل ثلاث شياه والمائة ربع كل وسدسه فحصتها من فرضه ربعه وسدسه وفي إحدى وثمانين شاة بعد أربعين شاة شاة وقيل شاة واحدة وأربعون جزءأ من مائة وأحد وعشرين جزءا من شاة الخليط.
"وإن كان الثاني يتغير به الفرض ولا يبلغ به نصابا مثل أن ملك ثلاثين من البقر في المحرم وعشرا في صفر" فيجب في ثلاثين إذا تم حولها تبيع وأما المستفاد "فعليه في العشر إذا تم حولها ربع مسنة" ذكره في المحرر وجها واحدا لأن الفريضة الموجبة للمسنة قد كملت وقد أخرج زكاة الثلاثين فوجب في العشر يقطعها من المسنة وهو ربعها وعلى الثالث لا يجب شيء كما لو ملكها منفردة
"وإن ملك ما لا يغير الفرض كخمس فلا شيء فيهما في أحد الوجهين" قدمه في الفروع وجزم به في الوجيز لأنه وقص وكما لو ملكها دفعة واحدة وكذا على الثالث "وفي الثاني عليه سبع تبيع إذا تم حولها" لأنه مخالط بخمس كثلاثين كالأجنبي.
"وإذا كان لرجل ستون شاة كل عشرين منها مختلطة بعشرين لآخر فعلى الجميع شاة" لأنهم يملكون شيئا يجب فيه شاة واحدة على الانفراد فكذا في الاختلاط "نصفها على صاحب الستين ونصفها على خلطائه على كل واحد سدس شاة" ضم مال كل خليط إلى مال الكل فيصير كمال واحد قاله الأصحاب ومحله إذا لم يكن بينهما مسافة قصر أو كان على رواية ,
وإن كان كل عشر منها مختلطة بعشر لآخر فعليه شاة ولا شيء على خلطائه لأنهم لم يختلطوا في نصاب وإذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين لا تقصر بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة وإن كان بينهما مسافة القصر فكذلك في قول أب الخطاب والمنصوص أن لكل مال حكم نفسه كما لو كان لرجلين.
----------------------------------
وقيل يلزمهم شاتان وربع على صاحب الستين ثلاثة أرباع شاة لأنه مخالط العشرين خلطة وصف ولأربعين بجهة الملك وحصة العشرين من زكاة الثمانين ربع شاة لأنه مخالط العشرين وقال ابن عقيل يجب في الجميع ثلاث شياه على رب الستين شاة ونصف جعلا للخلطة قاطعة بعض ملكه عن بعض وعلى كل خليط نصف شاة لأنه لم تخالط سوى عشرين
"وإن كانت كل عشر منها مختلطة بعشر لآخر فعليه شاة" لأن من شرط صحتها أن يكون المجموع نصابا وقد فات هنا فوجب على مالك الستين شاة
"ولا شيء على خلطائه" وأبرز المؤلف علته فقال "لأنهم لم يختلطوا في نصاب" بخلاف الأول "وإذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين لا تقصر بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة" يضم بعضها إلى بعض ويزكيها كالمختلطة لا نعلم فيه خلافا "وإن كان بينهما مسافة القصر فكذلك" في رواية هي "قول" أكثر العلماء واختيار "أبي الخطاب" وصححه في المغني والشرح لقوله في أربعين شاة شاة ولأنه ملك واحد أشبه ما لو كان دون مسافة القصر وكغير السائمة إجماعا وعليها يخرج الفرض في أحد البلدين لأنه موضع حاجة وقيل بالقسط "والمنصوص" عن أحمد كما نقله الأثرم وغيره "أن لكل مال حكم نفسه" فإن كان نصابا وجبت الزكاة وإلا فلا فجعل التفرقة في البلدين كالتفرقة في الملكين فصار "كما لو كانا لرجلين" احتج أحمد بقوله عليه السلام "لا يجمع بين متفرق" الخبر وعندنا أن من جمع أو فرق خشية الصدقة لم يؤثر ذلك ولأن كل مال ينبغي معرفته ببلده فتعلق الوجوب به لكن قال ابن المنذر لا أعلم هذا القول عن غير
ولا تؤثر الخلطة في غير السائمة وعنه أنها تؤثر ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء مع الحاجة وعدمها.
---------------------------------
أحمد وحمل المؤلف النص على المجتمعة وكلام أحمد على أن الساعي لا يأخذها وإنما رب المال فيخرج إذا بلغ ماله نصابا وظاهره أن غير الماشية لا تكون كذلك لكن جعل أبو بكر في سائر الأموال روايتين كالماشية قاله ابن تميم.
"ولا تؤثر الخلطة في غيرالسائمة" نص عليه لقوله "لا يجمع الخليطان" ولأن السائمة تقل تارة وتكثر أخرى وسائر المال يجب فيما زاد على النصاب بحسابه فلا أثر لجمعها والخلطة من الماشية يؤثر في النفع والضرر فلو اعتبرناها في غيرها لأثرت ضررا محضا برب المال.
"وعنه: أنها تؤثر" لأن الارتفاق المعتبر فيها موجود في غيرها وظاهره مطلقا وخصها الأكثر بخلطة الأعيان وهي قول إسحاق والأوزاعي قال في الشرح فأما خلطة الأوصاف فلا مدخل لها في غير السائمة بحال لأن الاختلاط لا يحصل.
وقيل: لها مدخل نقل حنبل كالمواشي فقال إذا كانا رجلين لهما من المال ما فيه الزكاة من النقدين فعليهما بالحصص فيعتبر على هذا الوجه اتحاد المؤن ومرافق الملك وما يتعلق بإصلاح الشركة وخصها القاضي في شرحه الصغير بالنقدين.
"ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء" لأن الجميع كالمال الواحد "مع الحاجة" بأن تكون الفريضة عينا واحدة لا يمكن أخذها إلا من أحد المالين أو يكون أحدهما صغارا والآخر كبارا ونحوه "وعدمها" بأن يجد فرض كل من المالين فيه نص أحمد على ذلك وظاهره ولو بعد قسمة في خلطة أعيان مع بقاء النصيبين وقد وجبت الزكاة خلافا لـ "المحرر" فأما من لا زكاة عليه كذمي ومكاتب فلا أثر لخلطته في جواز الأخذ لأن الجزء من
ويرجع المأخوذ منه على خليطه بحصته من القيمة فإن اختلفا في القيمة فالقول قول المرجوع عليه إذا عدمت البينة وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما لم يرجع بالزيادة على خليطه.
----------------------------------
خليطين يمكن رجوع كل منهما على الآخر
"ويرجع المأخوذ به على خليطه" لقوله عليه السلام "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" أي إذا أخذ من أحدهما "بحصته من القيمة" يوم أخذت لزوال ملكه إذن ولأنها ليست من ذوات الأمثال فيرجع بالقسط الذي قابل ماله من المخرج فإذا كان لأحدهما ثلث المال وأخذ الفرض منه رجع بقيمة ثلثي المخرج على شريكه وإن أخذه من الآخر رجع بقيمة الثلث يرجع رب عشرة من الإبل أخذت منه بنت مخاض على رب عشرين بقيمة ثلثيها وبالعكس بقيمة ثلثها.
"فإن اختلفا في القيمة" بأن قال المأخوذ منه قيمتها عشرون وقال الآخر بل قيمتها عشرة "فالقول قول المرجوع عليه" مع يمينه "إذا عدمت البينة" واحتمل صدقه لأنه منكر غارم وكالغاصب وظاهره أنه لا يقبل قوله مع وجود البينة لأن العمل يجب بما يقوله لأنها ترفع النزاع "وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما" أي ثلاثا قيل كأخذه عن أربعين مختلطة شاتين من مال أحدهما "لم يرجع بالزيادة على خليطه" لأنها ظلم فلا يجوز رجوعه على غير ظالمه وفاقا وحينئذ يرجع على خليطه بنصف شاة فقط وذكر الشيخ تقي الدين فيها قولين للعلماء أظهرهما يرجع وقال في المظالم المشتركة وحينئذ تطلب من الشركاء يطلبها الولاة من البلدان أو التجار أو الحجيج أو غيرهم والكلف السلطانية على الأنفس أو الأموال أو الدواب ويلزمهم التزام العدل في ذلك كما يلزم فيما يؤخذ منهم بحق ولا يجوز لأحد أن يمتنع من أداء قسطه من ذلك بحيث يؤخذ قسطه من الشركاء لأنه لم يدفع الظلم عنه إلا بظلم شركائه.
وإن أخذه بقول بعض العلماء رجع عليه.
----------------------------------
"وإن أخذه بقول بعض العلماء" كأخذه صحيحة عن مراض أو كبيرة عن صغار أو قيمة الواجب "رجع عليه" لأن الساعي نائب الإمام فعله كفعله ولهذا لا ينقض لكونه مختلفا فيه كما في الحاكم قال في المغني و الشرح ما أداه اجتهاده إليه وجب دفعه وصار بمنزلة الواجب وقال غيره لأن فعله في محل الاجتهاد سائغ نافذ فترتب عليه الرجوع لسوغانه وقال أبو المعالى إن أخذ القيمة وصار أحدها رجع بنصفها إن قلنا القيمة أصل وإن قلنا بدل فبنصف قيمة الشاة وإن لم تجزئ القيمة فلا رجوع ولم يرتضه في الفروع وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء ولو اعتقد المأخوذ به عدمه وعلم منه أنه إذا أخرج أحد الخليطين فوق الواجب لم يرجع بالزيادة قال صاحب المحرر عقد الخلطة جعل كل واحد منهما كالإذن لخليطه في الإخراج عنه وكذا قاله ابن حامد غاب الآخر أو حضر واختار ابن حمدان لا يجزئ.
تنبيه: إذا أخذ الساعي فرضا مجمعا عليه لكنه مختلف فيه هل هو عن الخليطين أو عن أحدهما عمل كل في التراجع بمذهبه لأنه لا نقض فيه لفعل الساعي فعشرون خلطة بستين فيها ربع شاة فإذا أخذ الشاة من الستين رجع ربها بربع الشاة وإن أخذها من العشرين رجع ربها بثلاثة أرباعها لا بقيمتها كلها ولا يسقط زيادة مختلف فيها بأخذ الساعي مجمعا عليه كمائة وعشرين خلطة بينهما ثلاث وستون عقب الحول بأخذ نصف شاة بناء على تعلق الزكاة بالنصاب والعفو وجعل للخلطة والتلف تأثيرا لزمهما إخراج نصف شاة ذكرهما في منتهى الغاية.
باب زكاة الخارج من الأرض
تجب الزكاة في الحبوب كلها وفي كل ثمر يكال ويدخر كالتمر والزبيب واللوز والفستق والبندق.
------------------------------
باب زكاة الخارج من الأرضوالأصل في وجوبها قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: من الآية267] والزكاة تسمى نفقة لقوله تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: من الآية34] وقوله تعالى {وَءآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِه} [الأنعام: من الآية141] الأنعام قال ابن عباس حقه الزكاة مرة العشر ومرة نصف العشر والسنة مستفيضة بذلك وأجمعوا على وجوبها في الحنطة والشعير والتمر والزبيب حكاه ابن المنذر.
"تجب الزكاة في الحبوب كلها" سواء كان قوتا كالحنطة والشعير والأرز والدخن أو من القطنيات كالباقلاء والعدس والحمص أو من الأبازير كالكسفرة والكمون وكبزر الكتان والقثاء والخيار وحب البقول كحب الرشاد والفجل والقرطم لعموم النص السابق ولقوله عليه السلام "فيما سقت السماء والعيون العشر" رواه البخاري.
"وفي كل ثمر يكال ويدخر" نقله أبو طالب لقوله عليه السلام "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" متفق عليه فدل على أن مالا يدخله التوسيق ليس مرادا من عموم الآية والخبر وإلا لكان ذكر الأوسق لغوا ولأن غير المدخر لا تكمل فيه النعمة لعدم النفع فيه مالا "كالثمر والزبيب واللوز" نص عليه وعلله بأنه مكيل "والفسق والبندق" والسماق نقل صالح وعبد الله وأن يكال ويدخر ويقع فيه القفيز ففيه العشر وما كان مثل البصل والرياحين والرمان فليس فيه زكاة إلا أن يباع ويحول على ثمنه حول اختاره جماعة وجزم به آخرون
ولا تجب في سائر الثمر ولا في الخضر والبقول والزهر وعنه أنها تجب في الزيتون والقطن والزعفران إذا بلغا بالوزن نصابا.
-----------------------------------------
"ولا تجب في سائر الثمر" كالجوز نص عليه وعلل بأنه معدود والخوخ والآجاص والكمثري والمشمش والتين والتوت ونحوه لأنها ليست مكيلة وقد روي أن عامل عمر كتب إليه في كروم فيها من الفرسك والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافا فكتب إليه عمر ليس فيها عشر هي من العضاة رواه الأثرم وكذا العناب وجزم في الأحكام السلطانية و المستوعب و الكافي بالزكاة فيه قال في الفروع وهذا أظهر والتين والمشمش والتوت مثله واختاره شيخنا في التين لأنه يدخر كالتمر.
"ولا في الخضر" كالقثاء والباذنجان واللفت لما روى الدارقطني بإسناده عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس في الخضروات صدقة" وعن عائشة نحوه
"والبقول والزهر" لأنه غير مكيل مدخر ونحوهما الورق وطلع الفحال والسعف والخوص والحطب والخشب وأغصان الخلاف والحشيش والقصب مطلقا ولبن الماشية وصوفها وكذا الحرير ودود القز.
"وعنه: أنها تجب في الزيتون" اختاره القاضي والمجد لقوله تعالى {وَالزَّيْتُونَ} [الأنعام: من الآية99] ولأنه حب مكيل ينتفع بدهنه الخارج منه أشبه السمسم والكتان فيزكى إذا بلغ خمسة أوسق كيلا نص عليه ويخرج منه وإن صفاه وأخرج عصير زيته فهو أفضل لأنه المقصود منه والثانية واختارها الخرقي وأبو بكر والمؤلف عدم الوجوب لأن الادخار شرط ولم تجر العادة به فلم يجب والآية بمكة نزلت قبل وجوب الزكاة فلا تكون مرادة بدليل أنها لا تجب في الرمان
"والقطن والزعفران" لأن ذلك موزون مدخر تام المنفعة والوزن أقيم مقام الكيل لاتفاقهما في عموم المنفعة "إذا بلغا بالوزن نصابا" وهو ألف وستمائة رطل عراقية لأنه لما تعذر اعتباره بالكيل رجع فيه إلى الوزن ذكره القاضي في
وقال ابن حامد لا زكاة في حب البقول كحب الرشاد والأبازير كالكسفرة والكمون وبزر القثاء والخيار ونحوه ويعتبر لوجوبها شرطان أحدهما: أن قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق.
__________
المجرد وعنه أن نصاب ذلك ما يبلغ قيمته قيمة نصاب من أدنى العشرات
والثانية: لا يجب فيهما وهو اختيار الأكثر لعدم الكيل فيهما وقيام الوزن مقام الكيل لم يرد به نص ولا يصح قياسه على الكيل لأن معقولة فيه وقال ابن عقيل لم أجد فيهما نصا عن أحمد غير أن القاضي حكى عنه روايتين فإذا لم يجب في القطن وجب في حبه جزم به جماعة وقدم ابن تميم عدم الوجوب والكتان مثله وذكره القاضي وكذا العنب واختار المجد أنه لا يجب في الزعفران ويخرج عليه العصفر والورس والنيل قال الحلواني والفوة وفي الحناء الخلاف
"وقال ابن حامد لا زكاة في حب البقول كحب الرشاد والأبازير كالكسفرة والكمون وبزر القثاء والخيار ونحوه" كبزر الرياحين لأنها ليست بقوت ولا أدم ويدخل في هذا بزر اليقطين وذكره في المستوعب من المقتات ويخرج الصعتر والأشنان على الخلاف وجزم أبو الخطاب والمجد بالوجوب لأنه نبات مكيل مدخر وماله ورق مقصود كورق السدر والخطمي والآس على الخلاف والأشهر الوجوب وحكى ابن المنذر عن أحمد لا زكاة إلا في التمر والزبيب والبر والشعير قدمه ابن رزين في مختصره يروى عن ابن عمر وأبي موسى وقاله جمع من التابعين
"ويعتبر لوجوبها شرطان أحدهما أن قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق" فلا يجب في أقل من ذلك لقوله عليه السلام "ليس فيما دون خمسة أوسق من ثمر ولا حب صدقة" رواه أحمد ومسلم فتقديره بالكيل يدل على إناطة الحكم به ولا يعتبر له الحول لتكامل النماء عند الوجوب بخلاف غيره ويشترط كون النصاب بعد التصفية في الحبوب ؛
والوسق ستون صاعا والصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي فيكون ذلك ألفا وستمائة رطل.
----------------------------------
لأنه حال الكمال والادخار والجفاف في الثمار لأن التوسيق لا يكون إلا بعد التجفيف فوجب اعتباره عنده فلو كان عشرة أوسق عنبا لا يجيء منه خمسة أوسق زبيبا لم يجب شيء.
"والوسق" بفتح الواو وكسرها "ستون صاعا" لقوله عليه السلام "الوسق ستون صاعا" رواه الأثرم بإسناده من حديث سلمة بن صخر وعن أبي سعيد وجابر ونحوه رواه ابن ماجه وهذا أشهر في اللغة وتوارد عليه علماء الشريعة فيكون ثلاثمائة صاع
"والصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي" وهو رطل وسبع دمشقي فرد على الثلاثمائة سبعها تكن ثلاثمائة واثنين وأربعين رطلا وستة أسباع رطل بالدمشقي على ما حكاه في المغني الجديد أن الرطل العراقي مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وبالقدسي وما وافقه مائتان وسبعة وخمسون رطلا وسبع رطل وبالحلبي وما وافقه مائتان وخمسة وثمانون رطلا وخمسة أسباع رطل وبالمصري وما وافقه ألف وأربعمائة وثمانية وعشرون رطلا وأربعة أسباع رطل
"فيكون ذلك" أي بالعراقي "ألفا وستمائة رطل" وعلى ما ذكره أبو عبيد أنه بلا كسر ثلاثمائة رطل وأحد وأربعون رطلا وثلث رطل والوسق والصاع كيلان لا صنجان وإنما نقل إلى الوزن ليحفظ وينقل إذ المكيل يختلف في الوزن فمنه ثقيل كالأرز والتمر ومتوسط كالحنطة والعدس وخفيف كالشعير والذرة والاعتبار في ذلك بالمتوسط نص عليه فيجب في الخفيف إذا قارب هذا الوزن وإن لم يبلغه لأنه في الكيل كالرزين قال في الفروع وأكثر الثمر أخف من الحنطة على الوجه الذي يكال شرعا لأن ذلك على هيئة غير مكبوس وعنه أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي بالحنطة أي بالرزين لأنه الذي يساوي العدس في وزنه وحكى القاضي عن ابن حامد أنه يعتبر أبعد الأمرين الكيل أو الوزن.
إلا الأرز والعلس نوع من الحنطة ويدخر في قشره فإن نصاب كل واحد منهما مع قشرة عشرة أوسق وعنه أنه يعتبر نصاب ثمرة النخل والكرم رطبا ثم يؤخذ عشرة يابسا.
__________
تنبه: نصاب الزرع والثمرة تحديد في الأشهر لتحديد الشارع بالأوسق وعنه تقريب فيؤثر نحو رطلين ومدين على الأول لا الثاني وجعله في الرعاية فائد: الخلاف وقدم الثانية ولا اعتبار بنقص ذلك في الأصح جزم به الأئمة وقال صاحب التلخيص إذا نقص ما لو وزع على الخمسة أوسق ظهر فيها فلا زكاة وإلا وجبت
فرع: إذا شك في بلوغ قدر النصاب احتاط وأخرج ولم تجب لأنه الأصل قاله في المغني و الشرح و منتهى الغاية ومن اتخذ وعاء يسع خمسة أرطال وثلثا من البر الرزين ثم كال به ما شاء عرف أبلغ حد الوجوب من غيره نص عليه
"إلا الأرز والعلس نوع من الحنطة" وهو منقول عن أئمة اللغة والفقه "يدخر في قشره" عادة لحفظه "فإن نصاب كل واحد منهما مع قشره عشرة أوسق" لأن أهله زعموا أنه يخرج على النصف وأنه إذا خرج من قشره لا يبقى كغيره فيجب العشر إذا بلغا ذلك لأن فيه خمسة أوسق حبا وإن صفيا فخمسة أوسق ويختلف ذلك بثقل وخفة فيرجع إلى أهل الخبرة ويؤخذ بقدره
"وعنه أنه يعتبر نصاب ثمرة النخل والكرم رطبا ثم يؤخذ عشرة يابسا" لما روى أبو داود والترمذي بإسنادهما عن عتاب بن أسيد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص العنب كما يخرص النخل فيؤخذ زكاته زبيبا كما يؤخذ صدقة النخل تمرا وما وجب خرصه اعتبر بحال رطوبته كما لو كانت الثمرة لا وعنه يعتبر نصابهما رطبا وعنبا اختاره الخلال وصاحبه والقاضي وأصحابه ويؤخذ عشر ما يجيء منه وحملها في المغني على أنه أراد أن يؤخذ عشر ما يجيء منه من التمر إذا بلغ رطبها خمسة أوسق لأن إيجاب قدر عشر الرطب من التمر إيجاب لأكثر من العشر وذلك مخالف للنص والإجماع ورده الزركشي بأن أحمد قال في
وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر ولا يضم جنس إلى آخر في تكميل النصاب وعنه أن الحبوب يضم بعضها إلى بعض.
------------------------------
رواية الأثرم قال الشافعي يخرص ما يؤول إليه وإنما هو على ظاهر الحديث قيل له فإن خرص عليه مائتا وسق رطبا يعطي عشرة أوسق تمرا قال نعم هو على ظاهر الحديث فهذا نص صريح في مخالفة التأويل
"وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب" لعموم الخبر وكما لو بدا صلاح إحداهما قبل الأخرى وهو محمول على اختلاف الأنواع كالبرني والمعقل وسواء اتفق وقت إطلاعها وإدراكها أو اختلف أو تعدد البلد أو لا نص عليه فيأخذ عامل البلد حصته من الواجب في محل ولاية وعنه لا يجوز لنقص ما في ولايته عن نصاب فيخرج المالك فيما بينه وبين الله وليس المراد بالعام هنا اثني عشر شهرا بل وقت استغلال المغل من العام عرفا وأكثره عادة ستة أشهر بقدر فصل:ين وعلم منه أنه لا يضم ثمرة عام أو زرعه إلى آخر
"فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر" لزرع العام الواحد وكالذرة التي تنبت مرتين "وقال القاضي لا يضم" لقدرته مع بيان أصله فهو لثمرة عام آخر بخلاف الزرع فعليه لو كان له نخل يحمل بعضه في سنة حملا وبعضه حملين ضم ما يحمل حملا إلى أيهما بلغ معه وإن كان بينهما فإلى أقربهما إليه
"ولا يضم جنس إلى آخر في تكميل النصاب" اختاره المؤلف وغيره وصححه في الشرح كأجناس الثمار والماشية
"وعنه: أن الحبوب يضم بعضها إلى بعض" نقلها جماعة وصححها القاضي وغيره وقدمها في المحرر واختارها أبو بكر لاتفاقهما في قدر النصاب والمخرج كضم أنواع الجنس.
وعنه يضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض الثاني: أن يكون النصاب مملوكا له وقت وجوب الزكاة ولا يجب فيما يكتسبه اللقاط أو يأخذه بحصاده ولا فيما يجتنيه من المباح كالبطم والزعبل وبزر قطونا ونحوه وقال القاضي فيه الزكاة إذا ثبت في أرضه.
فصل:
ويجب العشر فيما سقي بغير كلفة كالغيث.
---------------------------------
"وعنه يضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض" اختاره الخرقي وأبو بكر وجماعة وجزم به في الوجيز لأن ذلك يتقارب منفعة أشبه نوعي الجنس وعليها تضم الأبازير بعضها إلى بعض وكذا حب البقول لتقارب المقصود والذرة إلى الدخن وكل ما يقارب من الحبوب ضم ومع المسك لا ضم لأن الأصل عدم الوجوب "الثاني أن يكون النصاب مملوكا له وقت وجوب الزكاة" وهو بدو الصلاح "ولا يجب فيما يكتسبه اللقاط" من السنبل "أو يأخذه" أجرة "بحصاده" وكذا ما ملكه بعد بدو الصلاح بشراء أو إرث أو غيره بخلاف العسل للأثر "ولا فيما يجتنيه من المباح كالبطم والزعبل" بوزن جعفر وهو شعير الجبل "ويزر قطونا ونحوه" كحب النمام وبزر البقلة وهذا هو المشهور لأن وقت الوجوب لم يملكه فلم تجب كما لو اتهبه "وقال القاضي" وأبو الخطاب "فيه الزكاة" لكونه مكيلا مدخرا "إذا ثبت في أرضه" وهو مبني على أن المباح إذا ثبت في أرضه هل يملك بملك الأرض أو يأخذه والأصح أنه لا يملكه بملكها بل يأخذه فإن ثبت بنفسه ما يزرعه الآدمي كمن سقط له حب حنطة في أرضه أو أرض مباحة ففيه الزكاة لأنه ملكه وقت الوجوب
فصل:
"ويجب العشر" واحد من عشرة إجماعا "فيما سقي بغير كلفة كالغيث
والسيوح وما يشرب بعروقه ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالدوالي والنواضح فإن سقى السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر وإن سقى بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر أكثرهما.
----------------------------------------
والسيوح" جمع سيح وهو الماء الجاري على وجه الأرض والمراد الأنهار والسواقي "وما يشرب بعروقه" كالبعل "ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالدوالي" واحدتها دالية وهي الدولاب تديره البقر والناعورة تديرها الماء "والنواضح" جمع ناضح وناضحة وهما البعير والناقة يستقى عليهما والأصل فيه ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر" رواه البخاري
سمي عثريا لأنهم يجعلون في مجرى الماء عاثورا فإذا صدته الماء يزاد مدخل تلك المجار فتسقيه ولأن للكلفة تأثيرا في إسقاط الزكاة ففي تخفيفها أولى ولا تؤثر مؤنة حفر الأنهار والسواقي لأنه من جملة إحياء الأرض ولا يتكرر كل عام وكذا من يحول الماء في السواقي لأنه كحرث الأرض وتسحيتها فلو اشترى ماء بركة أو حفيرة وسقى سيحا فالعشر في ظاهر كلامهم لندرة هذه المؤنة وفيه وجه نصفه وكذا إن جمعه ثم سقى به فيجب العشر فإن كان يجري من النهر في ساقيه إلى الأرض ويستقر في مكان قريب من وجهها إلا أنه يحتاج في ترقية الماء إلى الأرض إلى آله من غرف أو دولاب فهو من الكلفة المسقطة لنصف العشر.
فرع: إذا سقيت أرض العشر بماء الخراج لم يؤخذ منها وعكسه لم يسقط خراجها ولا يمنع من سقي كل واحدة بماء الأخرى نص على ذلك
"فإن سقى السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر" بغير خلاف نعلمه لأن كل واحد منهما لو وجد في جميع السنة لأوجب مقتضاه فإذا وجد في نصفه أوجب نصفه "فإن سقى بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر أكثرهما نص عليه" لأن مقدار عدد السقي ومراته وقدر ما
نص عليه وقال ابن حامد يؤخذ بالقسط وإن جهل المقدار وجب العشر وإذا اشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة فإن قطعها قبله فلا زكاة فيها إلا أن يقطعها فرارا من الزكاة فيلزمه.
--------------------------------
يسقى به في كل مرة يشق فاعتبر الأكثر كالسوم وقال القاضي بعدد السيقات وقيل باعتبار المدة.
"وقال ابن حامد يؤخذ بالقسط" لوجوبه عند التماثل فكذا عند التفاضل كفطرة العبد المشترك فلو اختلف المالك والساعي فيما سقي به أكثر صدق المالك بغير يمين لأن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم وقيل يحلف لكن إن نكل لزمه ما اعترف به فقط
"وإن جهل المقدار وجب العشر" نص عليه لأن الأصل وجوبه كاملا ولأنه خروج عن عهدة الواجب بيقين وعلى قول ابن حامد يجعل منه بكلفة المتقين والباقي سيحا ويؤخذ بالقسط وهو معنى القول بلزوم الأنفع للفقير.
مسألة: إذا كان له حائطان أحدهما يسقي بمؤنة والآخر بغيرها ضما في النصاب ولكل منهما حكم نفسه في سقيه بمؤنتها أو غيرها
"وإذا اشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة" لأنه يقصد للأكل والا قتيات كاليابس ولأنه وقت خرص الثمرة لحفظ الزكاة ومعرفة قدرها بدليل أنه لو أتلفه لزمه زكاته ولو باعه أو وهبه قبل الخرص وبعده فزكاته عليه دون المشتري والموهوب له ولو مات وله ورثة لم يبلغ حصته واحد منهم نصابا لم يؤثر ذلك وقال ابن أبي موسى تجب زكاة الحب يوم حصاده لقوله تعالى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: من الآية141] وفائد: الخلاف في التصرف
"فإن قطعها قبله فلا زكاة فيها" كما لو أكل السائمة أو باعها قبل الحول "إلا أن يقطعها فرارا من الزكاة فيلزمه" لتفويته الواجب بعد انعقاد سببه أشبه العامل والمطلق ثلاثا في مرض موته.
ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت سواء كانت خرصت أو لم تخرص وإذا ادعى تلفها قبل قوله بغير يمين ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا.
-----------------------------
"ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين" ويجعل الزرع في البيدر لأنه قبل ذلك في حكم ما لم يثبت اليد عليه بدليل ما لو كانت مبيعة فتلفت بجائحة رجع المشتري على البائع وهذا ظاهر على قول من لم يجعل التمكن من الأداء شرطا
"فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت" لأنها لم تستقر أشبه ما لو لم يتعلق به فإن تلف بعض الثمرة فقال القاضي إن كان الباقي نصابا ففيه الزكاة وإلا فلا والمذهب إن كان التلف قبل الوجوب فهو كما قال القاضي وإن كان بعده وجب في الباقي بقدره مطلقا وظاهره أنه إذا أتلفها أو تلفت بتفريطه أنه يضمن نصيب الفقراء صرح به في الكافي و الشرح لأنه مفرط "سواء كانت خرصت أو لم تخرص" لأن الخرص لا يوجب وإنما فعل ذلك للتمكن من التصرف فوجب سقوط الزكاة مع وجوده كعدمه
"وإذا ادعى تلفها" بغير تفريط "قبل قوله" ولو أنهم "بغير يمين" نص عليه لأنه خالص حق الله فلا يستخلف فيه كالصلاة.
"ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا" لحديث عتاب بن أسيد ولا يسمى زبيبا وتمرا إلا اليابس وإذا ثبت ذلك فالكل كذلك لأن حالة اليباس حالة الكمال وفي الرعاية وقيل يجزئ رطبه وقيل فيما لا يتمر ولا يزبب فهذا وأمثاله لا عبرة به قاله في الفروع وأطلق ابن تميم عن ابن بطة له أن يخرج رطبا وعنبا فعلى الأول لو أخرج سنبلا ورطبا وعنبا لم يجزئه ووقع نفلا وإن كان الساعي أخذه فجففه وصفاه وكان قدر الواجب أجزأه وإن كان دونه أخذ الباقي وإن كان زائدا رد الفضل وإن كان رطبا بحاله رده وإن تلف رد مثله قاله الأصحاب .
فإن احتيج إلى قطعه قبل كماله لضعف الأصل ونحوه أو كان رطبا لا يجيء منه تمر أو عنبا لا يجيء منه زبيب أخرج منه عنبا ورطبا وقال القاضي يخير الساعي بين قسمته مع رب المال قبل الجذاذ أو بعده وبين بيعها منه أو في غيره والمنصوص أنه لا يخرج إلا يابسا وأنه لا يجوز له شراء زكاته.
----------------------------------------
"فإن احتيج إلى قطعه قبل كماله لضعف الأصل ونحوه" كخوف عطش قال في الفروع أو لتحسين بقيته "أو كان رطبا لا يجيء منه تمر" كالحسنوي "أو عنبا لا يجيء منه زبيب" كالخمري "أخرج منه عنبا ورطبا" إن كان قدر نصاب يابسا اختاره القاضي والشيخان وصاحب الفروع لأنها وجبت مواساة ولا مواساة في إلزامه ما ليس في ملكه وقد تضمن ذلك جواز القطع لأنه لا يتمكن من الإخراج إلا به ولأن عليه ضررا في إبقائه لكن قال المؤلف إن كفى التجفيف لم يجز قطع الكل وفي كلام بعضهم إطلاق وإنما قيل جاز لأنه مستثنى من عدم الجواز ومراده يجب لإضاعة المال ولا يجوز القطع إلا بإذن الساعي إن كان
"وقال القاضي" وجماعة "يخير الساعي بين قسمته مع رب المال قبل الجذاذ" بالخرص ويأخذ نصيبهم نخلات مفردة بأخذ تمرتها "أو بعده" بأن جذها وقاسمه إياها بالليل ويقسم الثمرة في الفقراء "وبين بيعها منه أو في غيره" ويقسم ثمنها ولأن رب المال يبذل فيها عوض مثلها أشبه الأجني
"والمنصوص: أنه لا يخرج إلا يابسا" مصفاة اختاره أبو بكر وجزم به في الوجيز لقوله عليه السلام يخرص العنب فتؤخذ زكا ته زبيبا ولأنه حالة الكمال فاعتبر فإن أتلف رب المال هذه الثمرة ضمن الواجب في ذمته تمرا أو زبيبا كغيرها فإن لم يجده فهل يخرج قيمته أو يبقى في ذمته يخرجه إذا قدر فيه روايتان "وأنه لا يجوز له شراء زكاته" لقوله عليه السلام لعمر في سرير الفرس "لا تشتره ولا تعد في صدقتك ولو أعطاكه بدرهم" وقيده في الوجيز بغير ضرورة وهو مراد.
وينبغي أن يبعث الإمام ساعيا إذا بدا صلاح الثمر ليخرصه عليهم ليتصرفوا فيه فإن كان أنواعا خرص كل نوع وحده وإن كان نوعا واحدا فله خرص كل شجرة وحدها وله خرص الجميع دفعة واحدة.
----------------------------
"وينبغي أن يبعث الإمام ساعيا إذا بدا صلاح الثمر ليخرصه عليهم ليتصرفوا فيه" لقول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه رواه أبو داود ولحديث عتاب وغيره ولأنه اجتهاد في معرفة الحق بالظن للحاجة لغيره وذكر ابن المنجا أن نخل البصرة لا يخرص وأنه أجمع عليه الصحابة ومعها الأمصار للمشقة ويكفي خارص واحد لأنه يفعل ما يؤدي إليه اجتهاده كحاكم وقائف ويعتبر كونه مسلما أمينا لا يتهم خبيرا وقيل حرا وأجرته على بيت المال فإن لم يبعث فعلى رب المال من الخرص ما يفعله الساعي ليعرف قدر الواجب قبل تصرفه ويخيره بين أن يتصرف بما شاء ويضمن قدرها وبين حفظها إلى وقت الجفاف فإن لم يضمن الزكاة وتصرف صح تصرفه وحكى ابن تميم عن القاضي أنه لا يباح التصرف كتصرفه قبل الخرص
"فإن كان أنواعا خرص كل نوع وحده" لأنه أقرب إلى العدل وعدم الجور لأن الأنواع تختلف فمنها ما يكثر رطبه ويقل تمره وبالعكس "وإن كان نوعا واحدا فله خرص كل شجرة وحدها" فيطيف بها "وله خرص الجميع دفعة واحدة" لأن النوع الواحد لا يختلف غالبا ولما فيه من المشقة بخرص كل شجرة على حدة والخرص خاص بالنخل والكرم فقط للنص وللحاجة إلى أكلها رطبين وخرصهما ممكن لظهور ثمرتهما واجتماعهما في عناقيدهما بخلاف الزيتون لتفرق حبه واستتاره بورقه وقيل يخرص.
فرع: إذا ادعى المالك غلط الخارج وكان ممكنا فإن فحش فقيل يرد قوله وقيل ضمانا كانت أو أمانة ترد في الفاحش وظاهر كلامهم لو ادعى كذبه عمدا لم يقبل ولو قال ما حصل بيدي إلا هذا قبل ويكلف ببينة في دعواه جائحة ظاهرة ثم يصدق في التلف وإن ادعى بالحالف العادة لم يقبل
ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بقدر ذلك ولا يحسب عليه ويؤخذ العشر في كل نوع على حدته.
-------------------------------------
"ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع" بحسب اجتهاد الساعي لما روى سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع" رواه الخمسة إلا ابن ماجه ورواه ابن حبان والحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد وهذا توسعة على رب المال لأنه يحتاج إلى الأكل هو وأضيافه وجيرانه وأهله ويأكل منها المارة ومنها الساقطة فلو استوفى الكل أضربهم.
وذكر جماعة أنه يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف بلا تحديد للأخبار وقاله أكثر العلماء وقال ابن حامد إنما يترك في الخرص إذا زادت الثمرة على النصاب فإن كانت نصابا فلا وهذا القدر المدرك لا يكمل به النصاب نص عليه فدل أن رب المال لو لم يأكل شيئا لم يزكه وهو ظاهر كلام جماعة وفي الوجيز يزكي الكل وفي المحرر ويوضع ثلث الثمرة أو ربعها فلا يحتسب له زكاة ويزكي الباقي إن بلغ نصابا
"فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بقدر ذلك ولا يحسب عليه" نص عليه لأنه حق له بأن يرى الساعي شيئا من الواجب أخرجه المالك نصا
تذنيب: ظاهر ما سبق أن الحبوب لا تخرص وللمالك الأكل منها هو وعياله بحسب العادة كالفريك وما يحتاجه ولا يحتسب عليه ولا يهدي نص على ذلك قال في الخلاف أسقط أحمد عن أرباب الزرع الزكاة في مقدار ما يأكلون كما أسقط في الثمار وفي المحرر و الفصول يحتسب عليه ولا يترك له منه شيء وذكره الآمدي ظاهر كلامه كالمشترك من الزرع نص عليه لأنه القياس والحب ليس في معنى الثمرة.
"ويؤخذ العشر في كل نوع على حدته" لأن الفقراء بمنزلة الشركاء فينبغي
فإن شق ذلك أخذ من الوسط ويجب العشر على المستأجر دون المالك ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة.
--------------------------
أن يتساووا في كل نوع ولا مشقة فيه بخلاف السائمة فإن أخرج زكاة كل نوع أفضى إلى التشقيص وفيه مشقة ولا يجوز الرديء عن الجيد وبالعكس لا يجب لما فيه من الإضرار بالمالك
"فإن شق ذلك أخذ من الوسط" لانتفاء الحرج والمشقة شرعا وكالسائمة فلو كان المال نوعا واحدا أخذ منه مطلقا بغير خلاف لأنها وجبت على طريق المواساة فهم بمنزلة الشركاء
"ويجب العشر على المستأجر دون المالك" في قول الأكثر لقوله تعالى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: من الآية141] ولأنه مالك للزرع كالمستعير وكتاجر استأجر حانوتا وفي إيجابه على المالك إجحاف ينافي المواساة وهو من حقوق الزرع بدليل أنها لا تجب إذا لم يزرع ويتقدر بقدره بخلاف الخراج فإنه من حقوق الأرض والغاصب إذا حصد زرعه يزكيه لاستقرار ملكه فإن ملكه رب الأرض قبل اشتداد حبه زكاه وكذا بعد اشتداد الحب لأنه استند إلى أول زرعه فكأنه أخذه إذن وقيل يزكيه الغاصب لأنه تملكه وقت الوجوب.
"ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة" وكل أرض خراجية نص عليه للعموم فالخراج في رقبتها والعشر في غلتها ولأن سبب الخراج التمكين من النفع لوجوبه وإن لم يزرع وسبب العشر الزرع كأجرة المتجر مع زكاة التجارة ولأنها بسببين مختلفين لمستحقين فجاز اجتماعهما كالجزاء والقيمة في الصيد المملوك والحديث المروي "لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم" ضعيف جدا قال ابن حبان ليس هذا الحديث من كلام النبوة ثم يحمل على الخراج الذي هو الجزية ولو كان عقوبة لما وجب على مسلم كالجزية وشرطه أن يكون لمسلم قال أحمد ليس في أرض أهل الذمة صدقة وظاهره أنهما لا يجتمعان في أرض الصلح.
ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ولا عشر عليهم وعنه عليهم عشران
------------------------------
تذنيب: الأرض الخراجية ما فتح عنوة ولم تقسم وما جلا عنها أهلها خوفا منا وما صولحوا عليها على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج والعشرية عند أحمد وأصحابه ما أسلم أهلها عليها نقله حرب كالمدينة ونحوها وما اختطه المسلمون كالبصرة وما صولح أهله على أنه لهم بخراج يضرب عليهم كأرض اليمن وما فتح عنوة وقسم كنصف خيبر وما أقطعه الخلفاء الراشدون من السواد إقطاع تمليك
فرع: لا زكاة في قدر الخراج إذا لم يكن له مال آخر لأنه من مؤنة الأرض كنفقة زرعه ومتى لم يكن له سوى غلة الأرض وفيها ما لا زكاة فيه كالخضروات جعل ما لا زكاة فيه في معاملة الخراج لأنه أحوط للفقراء ولا ينقص النصاب بمؤنة حصاد ودياس وغيرهما منه لسبق الوجوب
"ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية" في رواية وقالها الأكثر لأنها مال مسلم يجب الحق فيها للفقراء فلم يمنع من بيعها لذمي كالسائمة واقتصر جمع كالمؤلف على الجواز ومنهم من قال يكره نص عليه وعنه يمنعون من شرائها اختارها الخلال وصاحبه فعليها يصح جزم به الأصحاب وحكى أحمد عن الحسن وعمر بن عبد العزيز يمنعون من الشراء فإن اشتروا لم يصح نقل عدم المنع
"ولا عشر عليهم" لأنه زكاة فلا يجب على ذمي كالسائمة وذكر القاضي في شرحه الصغير أنه يجب على الذمي غير التغلبي نصف العشر في إحدى الروايتين سواء اتجر بذلك أم لم يتجر به من ماله وثمرته وماشيته وعلى المنع
"وعنه: عليهم عشران" لأن فيه تصحيح كلام المتعاقدين ودفع الضرر المؤبد عن الفقراء بوجوب الحق فيه وكان ضعف ما على المسلم كما يجب
يسقط أحدهما بالإسلام.
فصل:
وفي العسل العشر
-------------------------------------------------
في الأموال التي يمرون بها على العاشر نصف العشر ضعف الزكاة.
"يسقط أحدهما بالإسلام" وكذا لو باعها مسلما فإنه يسقط عشر ويبقى عشر الزكاة للمستقبل لعموم الأخبار وقدم في الفروع أنهما يسقطان بالإسلام لسقوط جزية الرؤوس وجزية الأرض وهو خراجها بالإسلام ولم يكن وقت الوجوب من أهل الزكاة
وعنه: لا شيء عليهم قدمه بعضهم وعنه عليهم عشر واحد ذكرها في الخلاف كما كان لتعلقه بالأرض كبقاء الخراج وظاهر ما سبق أنه يجوز إجارتها منه لكن يكره لإفضائه إلى إسقاط عشر الخارج منها وهذه الأرض لا تصير خراجية بما ذكرنا لأنها أرض عشر كما لو كان مشتريها مسلما ولا يجوز بقاء أرض بلا عشر ولا خراج بالاتفاق.
فصل:
"وفي العسل العشر" لما روى سليمان بن موسى عن أبي سيارة المتعي قال قلت يا رسول الله إن لي نحلا قال "فأد العشور" قال قلت يا رسول الله احم لي جبلها قال فحمى لي جبلها رواه أحمد وابن ماجه ورواته ثقات إلا سليمان الأشدق قال البخاري عنده مناكير وقد وثقه ابن معين قال الترمذي هو ثقة عند المحدثين غير أنه لم يدرك أبا سيارة واحتج أحمد بقول عمر قيل لأحمد إنهم تطوعوا به قال لا بل أخذ منهم وعنه لا زكاة فيه بناء على قول الصحابي لأنه تابع خارج من حيوان أشبه اللبن قال ابن المنذر ليس في وجوب الصدقة حديث يثبت ولا إجماع وعنه ما يدل على أنه لا زكاة فيه من المباح واعترف المجد أنه القياس لو لا الأثر.
سواء أخذه من موات أو من ملكه ونصابه عشرة أفراق كل فرق ستون رطلا.
--------------------------------
"سواء أخذه من موات أو من ملكه" قال في الرعاية وغيرها أو ملك غيره ونقل صالح لا فرق بين أرض الخراج والعشر.
تنبيه: ما ينزل من السماء على الشجر كالمن والزنجبين والشيرخشك وشبهها ومنه اللادن وهو طل ينزل على نبت تأكله المعزى فيه العشر كالعسل في ظاهر كلام أحمد وقيل لا لعدم النص وجزم به جماعة منهم في المغني و المحرر فيما يخرج من البحر
"ونصابه عشرة أفراق" نص عليه لقول عمر في كل عشرة أفراق فرق رواه الجوزجاني وتقدم قول في نصاب الزيت خمسة أفراق فيتوجه منه تخريج لأنه أعلى ما يقدر فيه فاعتبر خمسة أمثاله كالوسق وحينئذ فلا زكاة في قليله بل يعتبر نصابه بالأفراق وهو جمع فرق قيل بسكون الراء وقيل بفتحها قال عياض وهو الأشهر.
"كل فرق ستون رطلا" عراقية في قول ابن حامد والقاضي في المجرد وروي عن الخليل بن أحمد فيكون نصابه ستمائة رطل وزنها بالدمشقي مائة وعشرون رطلا وثلث رطل وفي الخلاف ستة وثلاثون رطلا عراقية والأشهر أنه ستة عشر رطلا عراقية وهو مكيال معروف بالمدينة ذكره الجوهري وغيره لخبر كعب في الفدية وحمل كلام عمر على المتعارف ببلده وهي الحجاز أولى وهذا ظاهر الأحكام السلطانية واختاره صاحب المحرر و الوجيز وقيل نصابه ألف رطل عراقية قدمه في الكافي نقل أبو داود من عشر قرب قربة وأما الفرق بسكون الراء مكيال ضخم من مكايل أهل العراق قاله الخليل قال ابن قتيبة وغيره يسع مائة وعشرين رطلا قال المجد ولا قائل به هنا.
مسألة: من زكى ما ذكرنا من المعشرات مرة فلا زكاة فيه بعد ذلك خلافا للحسن لأنه غير مرصد للنماء فهو كالقنية بل أولى لنقصه بأكل ونحوه.
----------------------------
فرع: تضمين أموال العشر والخراج باطل نص عليه وعلله في الأحكام السلطانية بأن ضمانها بقدر معلوم يقتضي الاقتصار عليه في ملك ما زاد وغرم ما نقص وهذا مناف لموضوع العمالة وحكم الأمانة.
فصل: في المعدن
ومن استخرج من معدن نصابا من الأثمان وأما قيمته نصاب من الجوهر والصفر والزئبق والقاري والنفط والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا ففيه الزكاة.
----------------------------
فصل: في المعدن
بكسر الدال سمي به لعدون ما أثبته الله فيه لإقامته يقال عدن عدونا والمعدن المكان الذي عدن فيه الجوهر
"ومن استخرج" إذا كان من أهل الزكاة وترك التنبية عليه لدلالة ما سبق من معدن سواء كان في أرض مملوكة أو مباحة ولو من داره نص عليه أو في موات خرب فإن أخرجه من أرض غيره فإن كان جاريا فكأرضه إن قلنا هو على الإباحة وأنه يملك وإن قلنا لا يملكه وأنه يملك بملك الأرض أو كان جامدا فهو لرب الأرض لكن لا يلزمه زكاته حتى يصل إلى بلده كالمغصوب "نصابا من الأثمان" فلعموم الأدلة "أو ما قيمته نصاب" من غير النقدين بقيمة أحدهما لأنهما قيم الأشياء وعنه يجب فيما دون نصاب الأثمان ثم مثله بقوله "من الجوهر والصفر والزئبق والقار والنفط والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا" كالبلور والعقيق والحديد والكبريت والمغرة ونحوها.
"ففيه الزكاة" لقوله تعالى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: من الآية267] ولما روى ربيعة بن عبد الرحمن عن غير واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية قال فتلك لا يؤخذ منها إلا
في الحال ربع العشر من قيمته سواء استخرجه من دفعة أو دفعات لم يترك العمل بينهما ترك إهمال ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية.
------------------------------
الزكاة إلى اليوم رواه مالك وأبو داود ولأنه حق يحرم على أغنياء ذوي القربى ففيه الزكاة لا الخمس كسائر الزكوات
وظاهره وإن لم ينطبع من غير جنس الأرض وقد روي مرفوعا "لا زكاة في حجر" إن صح فمحمول على الأحجار التي لا يرغب فيها عادة فدل أن الرخام معدن وجزم به جماعة قال الأصحاب الطين والماء غير مرغوب فيه فلاحق فيه ولأن الطين تراب ونقل مهنا لم أسمع في معدن النار والنفط والكحل والزرنيخ شيئا قال بعضهم وظاهره التوقف من غير المنطبع "في الحال" لأهلها لأنه مال مستفاد من الأرض فلم يعتبر له حول كالزرع "ربع العشر" من عين أثمان أو "من قيمته" من غيرها وظاهره أنه يجب بظهوره جزم به في الكافي و منتهى الغاية وغيرهما كالثمرة "سواء استخرجه من دفعة أو دفعات لم يترك العمل بينهما ترك إهمال" لأنه لو اعتبر دفعة واحدة لأدى إلى عدم الوجوب فيه لأنه يبعد استخراج نصاب دفعة واحدة فإن أخرج دون نصاب ثم ترك العمل مهملا له أخرج دون نصاب فلا شيء فيهما وإن بلغ نصابا فعلى هذا لا أثر لتركه لمرض وسفر وصلاح آلة ونحوه مما جرت العادة به كالاستراحة ليلا أو نهارا أو لاشتغاله بنقل تراب خرج بين المثلين أو هرب عبيده لأن كل عرق يعتبر بنفسه وحد ابن المنجا الإهمال بترك العمل ثلاثة أيام إن لم يكن عذر وإن كان فبزواله.
مسألة: لا يضم جنس لآخر في تكميل نصاب غير نقد وقيل بلى وقيل مع تقاربهما كنار ونفط ومن أخرج نصابا من معادن ضم كالزرع في مكانين
"ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية" لأنه قبل
ولا زكاة فيما يخرج من البحر من اللؤلؤ والمرجان والعنبر ونحوه وعنه فيه الزكاة.
------------------------------
ذلك لا يتحقق إخراج الواجب فلم يجز كالحبوب فلو أخرج ربع عشر ترابه قبل تصفيته رده إن كان باقيا أو قيمته إن كان تالفا ويقبل قول الآخذ في قدره لأنه غارم فإن صفاه الآخذ مكان الواجب أجزأ وإن زاد رد الفاضل إلا أن يتركه المخرج وإن نقص كمله ولا يحتسب بمؤنتهما في الأصح كمؤنة استخراجه فإن كان دينا عليه احتسب به على الصحيح كما يحتسب بما أنفق على الزرع وأطلق في الكافي لا يحتسب به بكون الحصاد والزراعة وظاهره أنه يجزئ إخراج القيمة عن غيرها قبل السبك والتصفية وهو غير ظاهر.
مسألة: يجوز بيع تراب معدن وصاغة بغير جنسه نص عليه كعرض لأنه مستور بما هو من أصل الخلقة كالباقلاء في قشرته وعنه لا كجنسه ونقل مهنا لا في تراب صاغة وإن غيره أهون وزكاته على البائع لوجوبها عليه كبيع حب بعد صلاحه.
"ولا زكاة فيما يخرج من البحر من اللؤلؤ والمرجان" هو نبات حجري يتوسط في خلقه بين النبات والمعدن ومن خواصه أن النظر إليه يشرح الصدر ويفرح القلب "والعنبر ونحوه" نص عليه وهو المذهب وقاله عمر بن عبد العزيز والأكثر لقول ابن عباس ليس في العنبر شيء إنما هو شيء دسره البحر وعن جابر نحوه رواهما أبو عبيد ولم تأت به سنة صحيحة ولأن الأصل عدم الوجوب لأن الغالب فيه وجوده من غير مشقة فهو كالمباحات الموجودة في البر
"وعنه: فيه الزكاة" نصره القاضي وأصحابه وقدمه في المحرر لأنه مستخرج فوجب فيه الزكاة كالمعدن وقيل غير حيوان جزم به بعضهم كصيد البر ونص أحمد التسوية ومثل في الهداية و المستوعب و المحرر بالمسك والسمك فيكون المسك بحريا وفي الشرح أنه لا شيء في السمك في قول أهل العلم كافة ونص في رواية الميموني بأن قال كان الحسن يقول في المسك إذا أصابه صاحبه فيه الزكاة شبهه بالسمك إذا صاده وصار في
فصل:
وفي الركاز خمس ، أي نوع كان من المال ، قل أو كثر ، لأهل الفيء. وعنه: أنه زكاة.
-----------------------------
يده منه مائتا درهم وما أشبهه وظاهر كلامهم أنه لا زكاة فيه قال في الفروع وهو أولى.
فصل:
"وفي الركاز الخمس" لحديث أبي هريرة مرفوعا "وفي الركاز الخمس" متفق عليه قال ابن المنذر لا نعلم أحدا خالف هذا الحديث إلا الحسن فإنه قال في أرض الحرب الخمس وفي أرض العرب الزكاة "أي نوع كان من المال" كالنقدين والحديد والرصاص ونحوها لأنه مال مظهور عليه من مال الكفار فوجب فيه الخمس والغنيمة "قل" ذلك الموجود "أو أكثر" بخلاف المعدن والزرع لكونهما يحتاجان إلى كلفة واعتبر لهما النصاب تحقيقا واختلفت الرواية في مصرفه فروى عنه محمد بن عبد الحكم أنه "لأهل الفيء" اختارها ابن أبي موسى والقاضي في تعليقه وابن عقيل وصححها في المغني لفعل عمر رواه سعيد عن هشيم عن مجاهد عن الشعبي ولأنه مال مخموس كخمس الغنيمة ولا يختص بمصرف الغنيمة بل الفيء المطلق للمصالح كلها
"وعنه: أنه زكاة" نقلها حنبل واختارها الخرقي وقدمها في المحرر لأن عليا أمر صاحب الكنز أن يتصدق بالخمس على المساكين ولأنه حق يجب في الخارج من الأرض كالمعدن فيصرف مصرف الزكاة ويجب على كل واحد إذا قلنا بأنه فيء إلا إذا كان عبدا فيكون لسيده لأنه كسب ماله كالاحتشاش وإذا قلنا بأنه زكاة لم يجب على من ليس من أهلها ويملكه صبي ومجنون ويخرجه عنهما وليهما وصحح بعضهم وجوبه على كل واحد
وباقيه لواجده إن وجده في موات ، أو أرض لا يعلم مالكها. وإن علم مالكها ، أو كانت منتقلة إليه ، فهو له أيضا.
----------------------------
مطلقا
ويجوز لواجده تعر يفه بنفسه كما لو قلنا إنه زكاة نص عليه واحتج بقول علي وجزم به في الكافي لأنه أدى الحق إلى مستحقيه وعنه لا يجوز قدمه في منتهى الغاية كخمس الغنيمة والفيء فعلى هذا هل يضمن ولا يجوز لواجده والمعدن إمساك الحق لنفسه لحاجة
"وباقيه لواجده" لفعل عمر وعلي فإنهما دفعا باقي الركاز لواجده ولأنه مال كافر مظهور عليه فكان لواجده بعد الخمس كالغنيمة وظاهره أنه له ولو كان مستأمنا بدارنا ومحله ما لم يكن أجيرا لطلبه فإنه لا شيء له سوى الأجرة
"إن وجده في موات" لأنه مباح لا حق لأحد فيه كالصيد منها "أو أرض لا يعلم مالكها" كالأرض التي يوجد فيها آثار الملك من الأبنية القديمة وجدران الجاهلية وقبورهم ولو كان على وجهها قاله في الشرح أو قرية خراب أو طريق غير مسلوك لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال "وما لم يكن في طريق مأتي ولا في قرية عامرة ففيه وفي الركاز الخمس" رواه النسائي وفي لفظ "وإن وجده في خربة جاهلية أو في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس"
"وإن علم مالكها" كمن دخل دار غيره أو استأجرها أو استعادها "أو كانت منتقلة إليه" ببيع أو هبة "فهو له أيضا" في الأشهر لأنه ليس من أجزاء الأرض بل هو مودع فيها فهو كالصيد والكلأ يملكه من ظفر به كالمباحات كلها وعليها لا فرق بين أن يدعيه المالك أولا
ونقل محمد بن يحيى الكحال عن أحمد فيمن استأجر أجيرا ليحفر له في داره فأصاب كنزا فهو للأجير وصححه القاضي
وعنه أنه لمالكها أو لمن انتقلت عنه إن اعترف به وإلا فهو لأول مالك وإن وجده في أرض حربي ملكه إلا ألا يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين فتكون غنيمة والركاز ما وجد من دفن الجاهلية.
-------------------------------------
"وعنه: أنه لمالكها" قطع به في الهداية و التلخيص لأن يده عليها فكان ما فيها له كالقماش "أو لمن انتقلت عنه" لأن الظاهر أنه له "إن اعترف به" كل من المالك والمنتقل عنه فإن انتقلت إليه ميراثا حكم بأنه ميراث فإن أنكر الورثة أنه لمورثهم فلأول مالك وإن اختلفوا أعطي كل حكمه
"وإلا" فإن لم يعترف به ولم يدعه "فهو لأول مالك" لأنه في ملكه فكان له كحيطانه وظاهره أنه له وإن لم يعترف به كما لو ادعاه بصفة وفي المغني و الشرح أنه يكون كالمال الضائع حيث لم يعترف به وإذا لم يعترف به فادعاه واجده فهو له جزم به بعضهم وظاهر كلام جماعة خلافه وعلى الأولى إن ادعاه المالك قبله بلا بينة ولا وصف فهو له مع يمينه لأنه ادعى ممكنا وكانت يده عليها فالظاهر صدقه
وعنه: لا تقبل دعواه كسائر الدعاوي بلا بينة ولا ما يقوم مقامها فعليها يكون لواجده ومتى دفع إلى مدعيه بعد إخراج خمسه غرم واجده بدله إن كان أخرج باختياره وإن كان الإمام أخذه منه قهرا غرمه لكن هل هو من ماله أو من بيت المال فيه الخلاف وعنه ماله يكون للمالك قبله إن اعترف به فإن لم يعترف به أو لم يعرفه الأول فلواجده وقيل لبيت المال
"وإن وجده في أرض حربي ملكه" نص عليه إذا قدر عليه بنفسه لأن المالك لا حرمة له كما لو وجده في موات وقيل غنيمة خرجه في منتهى الغاية كما لو قدر عليه بمنعة "إلا ألا يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين فتكون غنيمة" لأن قوتهم أوصلته إليه فكان غنيمة كالمأخوذ بالحرب
"والركاز" اشتقاقه من ركز يركز كغرز يغرز إذا خفي ومنه غرزت الرمح إذا أخفيت أسفله فهو في اللغة المال المدفون في الأرض وفي الاصطلاح "ما وجد من دفن الجاهلية" لأن دفنهم تقادم عهده وخفي
باب زكاة الأثمان
وهي الذهب والفضة ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا فيجب فيه نصف مثقال.
---------------------------
باب زكاة الأثمان"وهي الذهب والفضة" فدل أن الفلوس الرائجة لا تسمى به ونص عليهما خاصة والأصل في وجوبها الإجماع وسنده قوله تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: من الآية34] والسنة مستفيضة بذلك
"ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا فيجب نصف مثقال" لما روى ابن عمر وعائشة مرفوعا "أنه كان يأخذ من كل عشرين مثقالا نصف مثقال" رواه ابن ماجه عن علي نحوه فالمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم وهو ثنتان
باب زكاة العروض
تجب الزكاة في عروض التجارة.
--------------------------------
باب زكاة العروضهي جمع عرض بإسكان الراء وهو ما عدا الأثمان والحيوان والنبات وبفتحها فهو كثرة المال والمتاع وسمي عرضا لأنه يعرض ثم يزول ويفنى وقيل لأنه يعرض ليباع ويشتري تسمية للمفعول باسم المصدر كتسمية المعلوم علما وفي اصطلاح المتكلمين هو الذي لا يبقى زمانين وبوب عليه في المحرر والفروع تبعا للخرقي بزكاة التجارة وهي أشمل لدخول الإيجار في النقدين وعدل المؤلف عنه لأنه ترجم في أول كتاب الزكاة والعروض
"تجب الزكاة في عروض التجارة" لقوله تعالى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج:24] و {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: من الآية103] ومال التجارة أعم الأموال فكانت أولى بالدخول واحتج الأصحاب بما روى جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه قال أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع رواه أبو
إذا بلغت قيمتها نصابا ، ويؤخذ منها لا من العروض. ولا تصير للتجارة إلا أن يملكها بفعله.
------------------------------------
داود قال ابن حزم جعفر وحبيب مجهولان وقال الحافظ عبد الغني إسناده مقارب
وعن أبي ذر مرفوعا "وفي البز صدقته" رواه أحمد ورواه الحاكم من طريقين بكذا إسنادهما وقال إنه على شرط الشيخين واحتج أحمد بقول عمر قومها ثم أد زكاتها وقال المجد هو إجماع متقدم وذكر الشافعي في القديم لا يجب وحكاه أحمد عن مالك واحتج بقوله عليه السلام "عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق" ولأن الأصل عدم الوجوب والأول قول الجماهير وادعاه ابن المنذر إجماع أهل العلم ولأنه مال نام فوجبت فيه الزكاة كالسائمة وخبرهم المراد به زكاة العين لا القيمة على أن خبرنا خاص وهو متقدم على خبرهم العام
"إذا بلغت قيمتها نصابا" وحال عليها الحول لأنه مال نام فاعتبر له ما ذكرنا كالماشية فعلى هذا لو نقصت قيمة النصاب في بعض الحلول ثم زادت القيمة فبلغته ابتدئ حينئذ كسائر أموال الزكاة
"ويؤخذ منها" أي من القيمة لأنها محل الوجوب كالدين ربع العشر وما زاد فبحسابه لتعلقها بالقيمة "لا من العروض" إلا أن يقول بإخراج القيمة فيجوز بقدرها وقت الإخراج وتتكرر الزكاة لكل حول نص عليه "ولا تصير" العروض "للتجارة إلا" بشرطين أحدهما "أن يملكه بفعله" سواء كان بعوض كالبيع والنكاح أولا كالهبة والغنيمة هذا هو الأشهر وأنه لا تعتبر المعاوضة لظاهر خبر سمرة ولأنه ملكها بفعله واختار في المجرد أنه يعتبر المعاوضة محضة كبيع وإجارة أولا كنكاح وخلع وصلح عن دم عمد قال المجد وهو نصه في رواية ابن منصور لأن الغنيمة والهبة ليستا من جهات