كتاب : التدوين في أخبار قزوين
المؤلف : الرافعي

الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الاستعاذة والتوفيق
رب يسر وأتمم بالخير
سبحان الله مقلب الليل والنهار، عبرة لأولي الأبصار، وأحمد الله الذي رفع بنعمته الأقدار، ووضع برحمته الأغلال والآصار، ولا إله إلا الله المنزه عن أن يغيره تعاقب الأدوار، أو يبله تناسخ الإعصار، والله أكبر من أن يقاوم أن بدا منه اقتهار أو أن ينحل بملكه إمهال واقصار.
والصلاة على رسوله محمد المختار، وعلى آله وصحبه المهاجرين والأنصار، وبعد! فقد كان يدور في خلدي أن أجمع ما حضرني من تاريخ بلدي ووقع في ألسنة الناس قبل شروعي، فبما أني مشغول بضم قوادمه إلى خوافيه.
فطمعت في أن تكون الأراجيف مقدمات الكون، واستعنت بالله ونعم العون، وشارعت إلى تحقيق ظنون الطالبين، وسعيت في إقرار عيونهم، ونقلت ما ظفرت في الأصول والتعاليق المتفرقة والأوراق المسودة إلى هذا البياض متحرياً في ألفاظه الاختصار، وفي معانيه الاكتثار مبيناً لك أو مذكراً أن كتب التاريخ ضربان: ضرب تقع العناية فيه بذكر الملوك والسادات والحروب والغزوات ونبأ البلدان وفتوحها والحوادث العامة كالأسعار والأمطار، والصواعق، والبوائق، والنوازل والزلازل: والانتقال الدول، وتبدل الملل، والنحل، وأحوال أكابر الناس والمواليد والأملاكات والتهاني والتعازي وما يجري مجراها.
ضرب يكون المقصد فيه بيان أحوال أهل العلم والقضاة وفضلاء الرؤساء والولاة، وأهل المقامات الشريفة، والسير المحمودة من أوقات ولادتهم ووفاتهم وطرف من مقالاتهم ورواياتهم ومشائخهم ورواتهم، وبهذا الضرب اهتمام علماء الحديث.
للكتب المصنفة فيه تنقسم إلى عامة كالتاريخ عن ابن نمير وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وتاريخ محمد بن إسماعيل البخاري، وابن أبي خيثمة وأبي زرعة الدمشقي وأبي عبد الله ابن مندة وكالجرح والتعديل لابن أبي حاتم وابن عدي رحمهم الله وإلى خاصة إما بإقليم - كتاريخ الشام.
إما ببلدة كتواريخ بغداد للحافظ أبي بكر الخطيب وغيره وتاريخ مصر لأبي سعد بن يونس وواسط لأسلم ابن سهل واصبهان لأبي بكر ابن مردويه، وابن مندة، وأبي نعيم، وهمدان لصالح بن أحمد الحافظ ثم لكياشيرويه، ونيسابور للحاكم وهراة لأبي إسحاق بن معين وبلخ، لأبي إسحاق المستملي، ومرو للعباس بن مصعب، ولأحمد بن سيار وغيرهما وبخارا لأبي عبد الله غنجار، وسمرقند لأبي سعد الإدريسي.
لم أر من هذا الضرب تاريخاً لقزوين إلا المختصر الذي ألفه الحاحظ الخليل بن عبد الله رحمه الله، وإنه غير واف بذكر من تقدمه وقد خلت من عصره أمم ونشأ في كلّ قرن ناشئة ولم يقم إلى الآن أحد بتعريفهم في تأليف يشرح أحوالهم - وكان الإمام هبة الله بن زاذان رحمه الله على عزم أن يجمع فيه شيئاً، فقد رأيت بخطه في خلال كلام في أحوال البلدة.
إني معتزم قديماً وحديثاً أن أجمع في أخبارها وأخبار ساكنيها والصاد عن ذاك قلة الرغبات في أمور عددها ولم يساعده القدر فيما أظن، وهذا كتاب إن يسره الله تعالى، وفىّ بذكر أكثر المشهورين والخاملين من الآخرين والأولين من أرباب العلوم وطالبيها وأصحاب المقامات المرضية وسالكيها من الذين نشأوا بقزوين ونواحيها أو سكنوها أو طرقوها أذكرهم وأورد أحوالهم فيه بحسب ما سمعته من الشيوخ والعلماء أو وجدته في التعاليق والأجزاء وأودعه مما نقل من سيرهم وكلماتهم ومقولاتهم ورواياتهم ما أراه أحسن وأتمّ فائدة.
سميته كتاب التدوين في ذكر أهل العلم بقزوبن، ورأيت أن أصدره بأربعة فصول، أحدها في فضائل البلدة وخصائصها، وثانيها في اسمها وثالثها في كيفية بنائها وفتحها، ورابعها في نواحيها، وأوديتها وقنيها ومساجدها ومقابرها ثم أتبع هذه الفصول بذكر من وردها من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، ثم أندفع في تسمية من بعدهم والله الموفق.
أما فصول الصور، فالفصل الأول في فضائل قزوين وخصائصها وهي تنقسم إلى منقولة ومستنبطة.
الفصل الأول
في فضائل قزوين وخصائصها
القسم الأول
المنقول

وقد ألف وجمع فيها الإمام المشهور عبد الرحمن بن أبي حاتم، رأيت فهرست كتبه التي وقفها وتصدق بها في جملة ما سماها من مصنفاته الصغيرة الكبيرة وجزء في فضائل قزوين، وجمع فيها أيضاً إسحاق بن محمد بن يزيد بن كيسان، وبعدهما الحافظ علي بن أحمد بن ثابت البغدادي، ثم الحافظ الخليل بن عبد الله.
ثم سميه الخليل بن عبد الجبار، وأخوه نصر بن عبد الجبار، وبعدهم الحافظ الحسن بن أحمد العطار، رحمهم الله، ولو استوعبنا المنقول في الباب لأطلنا، فنقتصر على عيون فيما بلغنا فيه، وهو نوعان أخبار وآثار.
النوع الأول في الأخبار قرأ الإمام والدي على الإمام أبي الفضل محمد بن عبد الكريم، الكرجي رحمهما الله، سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وقد أحضرت مجلس القراءة، أخبركم القاضي أبو الفتح إسماعيل بن عبد الجبار أنا الحافظ الخليل بن عبد الله، ثنا محمد بن سليمان بن يزيد ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا أبو زرعة، ثنا أبو نعيم ثنا بشر بن سلمان قال حدثني رجل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اغزوا قزوين، فإنه من أعلى أبواب الجنة " .
قدمت هذا الحديث على إرساله لأن علي بن أحمد بن ثابت قال أنا أحمد بن محمد بن داؤد الواعظ، حدثني إسحاق بن محمد، سمعت أبا زرعة الرازي يقول ليس في قزوين حديث أصح من هذا وبشر بن سلمان هو أبو إسماعيل النهدي الكوفي، روى عن مجاهد وعكرمة، وأبي حازم والقاسم بن صفوان، روى عنه الثوري، ووكيع ابن عيينة، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وقد أخرج عنه مسلم.
في الرواة آخر يقال له بشير بن سلمان، مدني يروي عن جابر بن عبد الله ويروي هذا الحديث عن بشير بن سلمان عن أبي السدى عن رجل نسي أبو السدى اسمه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذا الطريق رواه ابن ثابت البغدادي. وقوله: " اغزوا قزوين أي اقصدوها للمرابطة بها والجهاد فيها، وقوله فإنه من أعلى أبواب الجنة يجوز رد الكناية إلى الغزو، ويجوز ردها إلى قزوين، والتذكير على تقدير الصرف إلى البلد والموضع على ما اشتهر، أنها باب من أبواب الجنة وقد ذكر بعض شيوخنا أن المعنى فيه أنها موضع الجهاد، وهو أحد الأبواب الثمانية المذكورة في قوله تعالى: وفتحت أبوابها، وأحد الأسهم الثمانية من الإسلام.
أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار عن أبيه، أنا أبو القاسم الزهري، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا سويد بن سعيد، ثنا حبيب بن خبيب أخو حمزة الزيات، عن أبي إسحاق عن الحارث، عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الإسلام ثمانية أسهم، فالصلاة سهم، والزكوة سهم، والجهاد سهم، وصوم رمضان سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وخاب من لا سهم له " وفي غير هذه الرواية إتمام الثمانية بكلمة الشهادة والحج.
ذكر إسحاق بن محمد بن يزيد بن كيسان فيما جمع من فضائل قزوين، ثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن زكريا الكوفي ببغداد، عن ميسرة بن عبد ربه عن سفيان يعني الثوري، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش عن أبي كعب رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال زر أخبرني أبي رضي الله تعالى عنه أنه يكون في آخر الزمان قوم بقزوين يضيء نورهم للشهداء كما تضيء الشمس لأهل الدنيا يجوز أن يكون المعنى يضيء نورهم لشهداء غيرهم لارتفاع مكانهم ويجوز أن يكون المعنى أنه يضيء لمكان الشهداء فيهم.
أخبرنا محمد بن عبد الكريم الكرجي بقرأة والدي رحمهما الله، أنا إسماعيل بن عبد الجبار، أنا الخليل بن عبد الله ثنا محمد بن سليمان بن يزيد ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا إبراهيم بن الوليد ثنا داؤد بن المحبر عن الربيع بن الصبيح عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: قال قال رسول الله صلى الله عليه و وآله وسلم: " يفتح عليكم الآفاق، ويفتح عليكم مدينة، يقال لها قزوين، من رابط فيها أربعين صباحاً كان له في الجنة عمود من ذهب، على رأسه قبة من ياقوتة حمراء على رأسها سبعون ألف مصراع على كل باب منها زوجة من الحور العين مشهور.

رواه عن داؤد جماعة منهم الحارث بن أبي أمامة، وإسماعيل بن أسد وسليمان بن خلاد، أبو خلاد المؤدب وأودعه الإمام أبو عبد الله بن ماجة في سننه والحفاظ يقرنون كتابه بالصحيحين وسنن أبي داؤد والنسائي ويحتجون بما فيه، ورواه عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه عن إبراهيم بن الوليد بن مسلمة بن داؤد، لكن يحكى تضعيف داؤد بن المحبر عن أحمد بن حنبل وعلي بن المديني، وأبي زرعة وأبي حاتم والربيع بن صبيح بفتح الصاد بصري يروي عنه الثورين ووكيع وأبو نعيم وعبد الرحمن بن مهدي.
في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم أن أحمد بن حنبل وأبا زرعة أثنيا عليه وأن يحيى بن معين ضعفه وأن أباه حدثه عن حرملة بن يحيى، عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال كان الربيع بن صبيح رجلاً غزاء قال: وإذا مدح الرجل بغير صناعته فقد قنص أي كسر ودق.
روى لنا غير واحد عن زاهر الشحامي عن أبي صالح المؤذن أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر قال: لم أر محمد ابن يوسف يعني الأصبهاني الذي يقال له عروس الزهاد روى حديثاً مسنداً إلا حديثاً رواه علي بن شعبة العسكري ثنا محمد بن أحمد بن أبي سلم، ثنا عبد الله بن عمران الاصبهاني ثنا عامر بن حماد الأصبهاني، عن محمد ين يوسف بن عمر بن صبيح عن أبان عن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " يحول الله تعالى ثلاث قرى من زبرجدة خضراء تزف إلى أزواجهن، عسقلان والإسكندرية وقزوين كذا كان في الأَصل " محمد بن أحمد بن أبي سلم، والصواب أحمد بن محمد بن أبي سلم وكذلك سماه على الصحة ابن ثابت البغدادي، وروى الحديث سليمان ابن يزيد عنه، و أورده الحافظ أبو نعيم في الحلية، وقوله يزف إلى أزواجهن يجوز أن يريد إلى أشكالهن من القصور الزبرجدية في الجنة ويجوز أن يريد يزف بعد ما يحول زبرجدة إلى أهلهن لتقربهما أعينهم.
أنبأنا الحافظ الحسن بن أحمد أنبا هبة الله بن الفرج أنبا محمد ابن الحسين الصوفي أنبا أبو بكر محمد بن الحسين بن الفرا أنبا إبراهيم بن علي بن مالويه، أنبا جحدر بن إبراهيم الغازي بالشاش، أنبا محمد بن لقمان، أنبا شداد ابن سعيد، أنبا خالد بن يزيد، أنبا إبراهيم بن طهمان، عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال " إن جبلاً من جبال فارس بأرض الديلم يقال له قزوين نبأني خليلي جبرئيل عليه السلام قال يحشرون يوم القيامة فيقومون على أبواب الجنة صفوفاً، والخلائق في الحساب وهم يجدون رائحة الجنة.
قوله من جبال فارس يعني أرض العجم لا ناحية فارس وهذا كما أن لغة العجم تسمى فارسية وقوله يحشرون يعني أهله.
أخبرنا عطاء الله بن علي في كتابه عن الخليل بن عبد الجبار ثنا أبو بكر الشافعي بن محمد بن إدريس، وجماعته قالوا: أنبأ الزبير ثنا سليمان بن يزيد ثنا محمد بن يونس، ثنا العباس ين عبد الله الترقفي، ثنا القاسم بن الحكم عن محمد بن بشير عن إسحاق بن مالك عن القاسم بن مهران، عن أبان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لو لا أن الله أقسم بيمينه وعهد أن لا يبعث بعدي نبياً لبعث من قزوين ألف نبي " رواه علي ابن جمعة عن حمدان بن المعيرة. عن القاسم بن الحكم الغزي.
أنبأنا المرتضى بن الحتسن بن خليفة الحسيني، أنبأنا أبو علي أنبا أبو نعيم، عن أبي الشيخ الأصبهاني، أنبا أحمد بن عيسى، ثنا خالد بن زاذان العباداني، ثنا عبدة بن عاصم التغلبي عن عنبثة عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " بابان مفتوحان في الجنة عبادان وقزوين، قلنا عبادان محدث قال ولكنها أول بقعة آمنت بعيسى ابن مريم، هكذا كان هذا الإسناد في الأصل المنقول منه.

رأيت بخط موسى بن محمد بن يونس الفقيه ثنا ميسرة ابن علي الخفاف قرى على أبي الحريش، أحمد بن عيسى الكوفي، ثنا خالد بن يزداد العباداني ثنا عبدة بن محمد، وذكر الحديث، وكتب إلينا الحسن بن أحمد الحافظ أنبا الحسن بن أحمد المقري أنبا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن وأنبأنا أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس أنبأنا أبو عثمان إسماعيل ابن محمد بن أحمد بن جعفر بن ملة الواعظ، أنبا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا عبد الله ابن محمد بن جعفر بن حيان، أنبأنا إبراهيم هو ابن محمد بن الحسن ثنا إسحاق هو ابن زريق ثنا عثمان بن عبد الرحمن حدثني مجاشع بن عمرو، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إني لأعرف أقواماً يكونون في آخر الزمان، قد اختلط الإيمان بلحومهم ودمائهم، يقاتلون في بلدة يقال لها قزوين، تشتاق إليهم الجنة وتحن كما تحن الناقة إلى ولدها. " رواه الحافظ أبو بكر الجعابي عن الحسين بن موسى بن خلف عن إسحاق بن زريق وقال إني لأعرف أقواماً في آخر الزمان يحبون الله ويحبهم يقاتلون في بلد إلى آخره، وإسحاق بن زريق بتقديم الزاي، ويقال له الرسغي نسبة إلى رأس العين، وقد يقال الرأسي واختلاط الأيمان باللحوم والدماء كناية عن شدة الاعتناق وطول الملازمة.
وقرأ الإمام والدي على محمد بن عبد الكريم الكرجي رحمهما الله، وأنا حاضر أنبا القاضي أبو الفتح إسماعيل بن عبد الجبار، عن أبي يعلى الحافظ ثنا محمد بن سليمان بن يزيد أنبا أبي أنبا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله المقري ثنا أسامة بن بشر البجلي عن بقية بن الوليد، عن عبد الله ابن عون عن جابر بن يزيد، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ما من قوم أحب إلى الله تعالى من قوم حملوا القرآن، وركبوا إلى التجارة التي ذكر الله تعالى تنجيكم من عذاب أليم، وقرأوا القرآن وشهروا السيوف يسكنون بلدة يقال لها قزوين يأتون يوم القيامة وأوداجهم تقطر دماً يحبهم الله ويحبونه لهم ثمانية أبواب الجنة، فيقال لهم ادخلوا بها من أيها شئتم " رواه يحيى بن عبد الوهاب بن مندة الحافظ في تاريخه عن الواقد ابن الخليل، عن أبيه، وثنا محمد بن سليمان، حدثني أبي، أنبا أحمد بن عبد الله ثنا أبو بهز، ثنا سلمة بن بشير عن بقية فزاد أبا بهز وقال مسلمة ابن بشير بدل أسامة روى علي بن ثابت، الحافظ عن سليمان بن يزيد، قال أنبا أحمد بن عبد الله بن عاصم القزويني ثنا محمد بن إسحاق البجلي وكان ثقة ثنا الحسن بن زياد، عن الحسن بن أبي جعفر، عن محمد بن عثمان، عن عمران بن سليم، عن أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أنه سيكون في آخر الزمان قوم ينزلون مكاناً يقال لم قزوين يكتب لهم فيه، قتال في سبيل الله " أنبأنا أبو منصور الديلمي عن أبي عثمان إسماعيل بن محمد المحتسب أنبا عبد الرحمن بن محمد أنبا أبو الشيخ الحافظ في كتاب الأمصار والبلدان أنبا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا إسحاق بن زريق برأس العين، أنبا عثمان ابن عبد الرحمن الحراني، حدثني جميل مولى منصور، عن ابن عطا عن أبيه، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ينظر الله إلى أهل قزوين في كلّ يوم مرتين، فيتجاوز عن مسيئهم ويقبل من محسنهم " حدث به القاضي أبو بكر الجعابي بقزوين عن الحسين بن موسى ابن خلف عن ابن زريق وقوله: ينظر الله إليهم أي يرحم ويعطف وقوله مرتين يمكن أن يؤخذ بظاهره ويقال أنه في كل مرة يتجاوز عن المسيء ويقبل عن المحسن، ويمكن أن يكنى بالمرتين عن النوعين ويجعل التجاوز أحد النوعين والتقبل الثاني.
ذكر الحافظ علي بن أحمد بن ثابت فيما جمعه من فضائل قزوين ومن خطه نقلت أنبا سليمان بن يزيد، أنبا أحمد بن عبد الله بن عاصم، ثنا محمد بن إسحاق البجلي ثنا الحسن بن زياد، عن ابن جريج، عن عطا، عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يخرج الدجال من يهودية أصبهان حتى يأتي الكوفة فيلحقه قوم من الطور وقوم من ذي يمن وقوم من قزوين " .

قيل يا رسول الله: وما قزوين قال قوم يكونون باخرة يخرجون من الدنيا زهداً، فيها يرد الله بهم قوماً من الكفر إلى الإيمان، قوله فيلحقه قوم، يعني قاصدين له رادين عليه، وقوله من ذي يمن يمكن أن يريد من جهة صاحب اليمن وملوك اليمن من قضاعة كانوا يسمون ألاذواء، وقوله بآخرة أي أخيراً، الخاء مفتوحة.
فيه أيضاً أنبأنا أحمد بن إبراهيم الفقيه، ثنا القاسم بن زكريا، حدثني الحسن بن السكن، ثنا أبو الشيخ الحراني، أنبا مخلد عن مجاشع بن ميسرة، عن سفيان عن أبيه، عن ميمون بن مهران، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " سيكون جهاد، ورباط بقزوين يشفع أحدهم في مثل ربيعة ومضر " أخبرنا القاضي عطاء الله بن علي كتابة عن الخليل بن عبد الجبار، أنبا أبو إبراهيم حاجي بن علي الصوفي، أنبا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن وكيع الأسكندارني، ثنا أبو محمد إسحاق بن محمد أنبا يعقوب بن إبراهيم، أنبا يعقوب بن إسحاق، عن ميسرة بن عبد ربه عن عمر، عن ثور عن مكحول، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " من سره أن يفتح الله له باباً من أبواب الجنة، فليشهد باباً من أبواب العجم سكانه رهبان بالليل ليوث بالنهار.
قوله: فليشهد يشبه أن يريد غازياً ومرابطاً والرهبان جمع راهب كركبان وراكب، ويجمع على رهابن وميسرة بن عبد ربه ممن أساؤا القول فيه.
أنبأنا أيضاً عن الخليل أنبا أبو منصور أميركا بن أحمد بن زيادة، ثنا أبو القاسم علي بن الحسن الصيدناني، وأبو محمد الطيبي، وأبو طلحة، القاسم بن أبي المنذر قالوا أنبا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ أملاء بقزوين ثنا أبو عبد الله الحسين بن موسى بن خلف برأس العين، ثنا إسحاق ابن زريق ثنا عثمان الحراني عن جميل مولى منصور عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من سره أن يحرم الله وجهه، وبدنه على النار فليمت بقزوين كأن المعنى فليقم بها مرابطاً إلى أن يموت.
أخبرنا محمد بن عبد الكريم، أنبا إسماعيل بن عبد الجبار عن الحافظ أبي يعلى أنبا محمد بن إسحاق الكيساني، أنبا أبي إسحاق بن محمد أنبا يعقوب بن إسحاق ثنا زكريا. ثنا ميسرة عن ثور بن يزيد، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " صلوات الله على أهل قزوين، فإن الله ينظر إليهم في الدنيا، فيرحم بهم أهل الأرض " .
أنبأنا الحسن بن أحمد عن هبة الله بن الفرج، عن محمد بن الحسين الصوفي، عن أبي بكر الفراء عن إبراهيم بن علي، عن جحدر الغازي، عن محمد بن لقمان عن شداد بن سعد، عن خالد بن يزيد أنبا قيس ابن الربيع عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " من سره أن يختم له بالشهادة والسعادة، فليشهد باب قزوين " أخبر لنا عن حمد بن نصر بن أحمد أنبا أبو ثابت بن بجير بن منصور الصوفي أنبا جعفر بن محمد الأبهري، أنبا أبو بكر بن بلال الفقيه، أنبا أبو بكر عبد الله بن الحسن الكرجي، ثنا علي بن سعيد العسكري، حدثني عمرو بن سلمة الجعفي، ثنا أحمد بن عبد الرحمن، أنبا أبو هشام الحوشبي عن أيوب ابن مقدم عن أبي هاشم عن زاذان عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال الله: " إن الله وملائكته يصلون في كل يوم وليلة على موتى قزوين والتجار وشهداؤهم مائة صلاة، يمكن أن يكون المراد من الموتى الذين رابطوا إلى أن ماتوا فيلحقون بالشهداء.

أنبأنا علي بن عبيد الله الحافظ عن كتاب الشافعي ابن محمد بن إدريس عن أبيه أنبا المحسن الراشدي وأخبرنا عالياً محمد بن عبد الكريم، عن إسماعيل، عن الخليل الحافظ قال: أنبا محمد بن علي بن عمر، أنبا سليم بن يزيد، أنبا حازم ابن يحيى الحلواني: أنبا هاني ابن المتوكل الإسكندراني، عن خالد بن حميد، عن سليمان الأعمش عن أبي صالح عن علي رضي الله عنه أنه قال للربيع بن خيثم، ما يمنعك أن تدخل معنا قال ما كنت لأقاتلك ولا أقاتل معك فدلني على جهاد أو رباط قال: " عليك بالإسكندرية أو بقزوين فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ستفتحان على أمتي وأنهما بابان من أبواب الجنة من رابط فيهما أو في أحديهما ليلة واحدة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .
رواه عن هاني بن المتوكل محمد بن سنان القزاز وأبو منصور محمد ابن سليمان البجلي أيضاً، ورواه أبو حفص عمر بن عبد الله بن زاذان، عن علي بن إبراهيم، عن خازم، وقال هو غريب من حديث الأعمش لا أعلم رواه عنه غير خالد بن حميد المهري، ورواه أبو الحسن الصيقلي عن أبي بكر بن روضة عن خازم بالخاء والزاي المعجمتين وهو أخو أحمد ابن يحيى الحلواني.
قول الربيع: ما كنت لأقاتلك ولا أقاتل معك، جرى على مذهب التورع، وطلب السلامة وقد تورع جماعة من الصحابة والتابعين عن حضور الوقايع التي جرت بين علي ومعاوية لا رغبة عن مبايعة علي ومتابعته لكنهم رأوا العزلة أسلم فاستأذنوه فيها وقوله: فدلني على جهاد أو رباط كأنه يقول لا بد لك ممن يجاهد ويرابط في الثغور وأنا فيهما أرغب مني في قتال الباغين فإن رأيت أذنت لي فيهما له.
قرأت على والدي رحمه الله سنة خمس وستين وخمس مائة في ذي حجتها، أخبركم أبو الفضل عبد الملك بن سعد التميمي أنبا أبو عثمان بن إسماعيل بن محمد المحتسب، أنبا عبد الرزاق بن أحمد بن عبد الرحمن ثنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد الغزال، ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد ابن مهرويه، وإسماعيل بن عبد الوهاب بقزوين سنة ثلاثين وثلاث مائة.
أنبأنا عاليا الحافظ أبو العلاء العطار، أنبا الهيثم بن محمد، أنبا أبو عثمان العيار الصوفي، أنبا أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار العنبري، أنبا ابن مهرويه قالا أنبا أبو أحمد داؤد بن سليمان بن يوسف الغازي، أنبا علي ابن موسى الرضا، نبا أبي عن أبيه جعفر عن أبيه، محمد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه، علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " قزوين باب من أبواب الجنة هي اليوم في أيدي المشركين وسيفتح على يدي أمتي من بعدي المفطر فيها كالصائم في غيرها والقاعد فيها كالمصلي في غيرها وأن الشهيد فيها يركب يوم القيامة على براذين من نور، فيساق إلى الجنة ثم لا يحاسب على ذنب أذنبه، ولا عمل عمله وهو في الجنة خالداً، ويزوج من الحور العين ويسقى من الألبان والعسل والسلسبيل فطوبى للشهداء فيها مع ماله عند لله من المزيد " وقوله: ولا شيء عمله كذا قيده ويمكن أن يقرأ ولا شيء عمله وقوله من الحور العين ومن الألبان والعسل والسلسبيل الألف واللام في جميع ذلك للتعريف يعني الحور العين والعسل والألبان التي سبق الوعد بها من الله تعالى.
قوله مع ماله عند الله من المزيد يجوز أن يريد مع مزيد ثواب ودرجات لم يقع النص عليها، وقد يشير به إلى النظم إلى الله تعالى كما فسر به قوله تعالى: " الذين أحسنوا الحسنى وزيادة وبه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " رحم الله إخواني بقزوين " قالوا يا رسول الله ما قزوين وما إخوانك قال: بلدة في آخر الزمان يقال لها قزوين إن الشهيد فيها يعدل عند الله شهداء بدر، يقال عدل الشيء بالشيء أي سواه به ولم يوردوا في كتب اللغة عدل الشيء الشيء بمعنى ساواه.

كتب إلينا الحافظ أبو العلاء العطار، أنبا هبة الله الكاتب، أنبا عبدوس بن عبد الله، أنبا أبو طاهر الحسين بن علي سلمة العدل، ثنا الفضل ابن الفضل الكندي ثنا عيسى بن هارون ثنا هارون بن هزازي ثنا ابن سالم ثنا أبو سعيد النجراني عن محارب بن دثار، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول صلى الله على أخي يحيى بن زكريا قال: " يكون في آخر الزمان ترعة من ترع الجنة، يعني باباً من أبواب الجنة يقال له قزوين، فمن أدركها فليرابطها ويشركني في رباطها أشركه في فضل نبوتي.
أورده أبو حفص عمر بن عبد الله بن زاذان في فوائده، عن علي ابن محمد بن أبي سهل البزار عن هارون بن هزازي ثنا الحسن بن عبد الله أبو سالم ثنا يحيى بن سعيد، عن محارب بن دثار عن علي والترعة قد تفسر بالباب كما صرح به الحديث ويقال هي الروضة ويقال الدرجة.
ذكر علي بن ثابت في جمعه، أنبا سليمان ثنا علي بن سعيد العسكري ثنا عمرو بن مسلمة الجعفي، أنبا أحمد بن عبد الرحمن المخزومي، ثنا أبو هشام الحوشبي عن أيوب بن مقدم، عن عبد العزيز بن سعيد، عن أبيه عن أبي الدرداء رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال " المرابطون بقزوين والروم وساير المرابطين في البلاد يختم لكل من رابط منهم في كل يوم وليلة أجر قتيل في سبيل الله متشحط في دمه " .
أنبا عطاء الله بن علي، عن الخليل بن عبد الجبار، أنبا حاجي بن علي، أنبا القاضي أبو الحسن بن وكيع، ثنا إسحاق بن محمد، عن يعقوب ابن إسحاق عن ميسرة ابن عبد ربه، عن عروة، عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " ترك قزوين حسرة وأتيانها بركة، والجنة إلى أهلها مسرعة " قرأ والدي على محمد بن عبد الكريم الكرجي رحمهما الله، وأنا حاضر أنبا القاضي أبو الفتح إسماعيل بن عبد الجبار عن أبي يعلى الحافظ ثنا محمد ابن سليمان بن يزيد ثنا أبي حدثني محمد بن أحمد بن محمد النخعي بنا عبدان الجواليقي ثنا محمد بن عبد الأعلى عن معتمر بن سليمان التيمي عن عبد الملك ابن أبي جميلة عن أبي بكر بن بشر قال: لقيت كعب بن عجرة رضي الله عنه خارجاً من مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أول يوم من شعبان فقلت له: أين تريد يا كعب قال إلى الجبل قلت وأي شيء تصنع بالجبل وتترك جوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أمضي إلى مدينة سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " إنها تجيء يوم القيامة ولها جناحان تطير بهما بين السماء والأرض من درة بيضاء مجوفة بأهلها تنادي أنا قزوين قطعة من الفردوس مندخلني حتى أشفع له إلى ربي وفي بعض النسخ قطعت من الفردوس وروى الحديث على بن ثابت وقال في أول يوم من شهر رمضان وقوله: بأهلها متعلق بقوله تطير بها.
عن أبي يعلى الحافظ بنا الحسين بن علي بن محمد بن زنجويه نبا علي ابن محمد بن مهرويه ثنا عبد الله بن أحمد الدشتكي ثنا إبراهيم بن أحمد بن مسعود ابن أخي سندول نبا القاسم بن حكم بنا إسماعيل بن سليمان حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من بات ليلة بقزوين على قدر فواق ناقة بعث الله تعالى من كل سماء سبعين ألفاً من الملائكة مع كلّ ألف ملك دفتر من نور وأقلام من نور يستمدون من نهر من نور يكتبون ثوابه إلى ينفخ في الصور " .
رواه أبو الحسن الصقلي عن العباس الصفار الرازي عن الدشتكي وسماه عبد الرحمن والفواق ما بين الحلبتين من المدة وذلك لأن الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل فيها فيدر لبنها وقوله: من بات على قدر فواق ناقة أي بات من ليلة هذا لقدر وتخصيص الليل بالذكر يمكن أن يكون سببه أن خوف أصحاب الثغور في الليالي أشد.
أملى الحافظ أبو بكر الجعابي بقزوين حدثني محمد بن سهل أبو عبد الله العطار، ثنا عبد الله بن محمد البلوي ثنا عمارة بن زيد حدثني أبو نعيم عمر ابن صبيح عن مقاتل بن حيان عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " اللهم أرحم إخواني بقزوين قلنا ومن إخوانك هؤلاء قال قزوين باب من أبواب الجنة يقاتلون الديلم الشهداء فيهم، كشهداء بدر " .

وفيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " يكون لأمتي مدينة يقال لها قزوين الساكن بها أفضل من ساكن الحرمين، كأنه يريد أن السكون بها للمرابط أفضل " .
روى الخليل بن عبد الجبار وقد أجاز لمن أجاز لنا عن أميركا بن زيتارة ثنا سليمان بن يزيد ثنا أبو الحسين أحمد بن محمد، ثنا محمد بن هبيرة الغاضري ثنا سلم بن قادم ثنا سليمان بن عوف النخعي ثنا عثمان بن الأسود عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أفضل الثغور أرض ستفتح يقال لها قزوين من بات بها ليلة احتساباً مات شهيداً وبعث مع الصديقين في زمرة النبيين، حتى يدخل الجنة " .
قوله مع الصديقين: في زمرة النبيين كأنه يشير إلى أن زمرة النبيين أو أتباعهم أصناف منهم الصديقون وهم أعلى الأصناف درجة.
روى الخليل هذا عن أبي محمد عبد الله بن أحمد زرده نبا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ بأصبهان نبا سليمان بن أحمد الطبراني، نبا الحسن بن علي بن الحجاج ثنا إبراهيم بن محمد الترجماني ثنا شريح بن محمد بن زيد عن أبي نعيم الخراساني عن مقاتل بن سليمان عن مكحول عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم قاعد معنا إذ رفع بصره إلى السماء كأنه يتوقع أمراً فقال: " رحم الله إخواني بقزوين يقولها ثلاثاً " فقال أصحابه يا رسول الله بآبائنا وأمهاتنا ما قزوين هذه وما إخوانك الذين هم بها قال: " قزوين باب من أبواب الجنة وهي اليوم في يد المشركين، ستفتح في آخر الزمان على أمتي فمن أدرك ذلك الزمان فليأخذ نصيبه من فضل الرباط بقزوين.
قريب من هذا الحديث ما روى عن عبد الرحمن بن أبي حاتم أنه أورده بإسناده عن هشام بن عبيد الله عن زافر يعني أبن سليمان عن عبد الحميد ابن جعفر يرفعه إلى أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنه عنهما قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرفع بصره إلى السماء كأنه يتوقع شيئاً فقال يرحم الله إخواني بقزوين ثلاث مرات فسالت دموعه فجعلت يقطر من أطراف لحيته فقالوا يا رسول الله ما قزوين ومن إخوانك الذين ذكرتهم فرققت لهم قال قزوين أرض من أرض الديلم وهي اليوم في يد الديلم وستفتح على أمتي وتكون رباطاً لطوائف من أمتي قمن أدرك ذلك فليأخذ نصيبه من فضل رباط قزوين فإنه يستشهد بها قوم يعدلون شهداء بدر.
فيما جمع الحافظ علي بن أحمد بن ثابت، ذكر أبو بكر محمد بن عبد الله الأصبهاني نزيل قزوين ثنا الحسين بن مأمون البردعي نبا الحسن بن محمد الصباح نبا عبد الغفار ابن عبيد الله الكريزي أنبا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال قزوين باب من أبواب الجنة يحشر من مقبرتها كذا وكذا ألف شهيد.
أخبرنا القاضي عطاء الله علي كتابة أن الخليل بن عبد الجبار أجاز له أنبا أبو الحسن علي بن محمد بن مخلد الوكيل نبا عمي إبراهيم بن علي ابن مخلد نبا أبو داؤد سليمان بن يزيد نبا أبو حاتم الرازي ثنا نعيم بن حماد ثنا رشد بن سعد عن جرير بن حازم عن الأعمش عن مولى لعمر بن عبد العزيز قال رأيت رجلاً يحدث عمر بن عبد العزيز يقول حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ستفتح على أمتي مدينتان، أحدهما من أرض الديلم يقال لها قزوين والأخرى من أرض الروم، يقال لها الإسكندرية من رابط في أحدهما يوماً أو قال يوماً وليلة وجبت له الجنة، قال فجعل عمر بن عبد العزيز يقول للرجل حدثك أبوك عن جدك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال عمر بن عبد العزيز اللهم لا تمتني حتى يجعل لي في إحديهما دارا ومنزلاً ثم دعا بدواة وقرطاس فكتب الحديث.
أخرجه محمد بن داؤد بن ناجية المهري في فضائل الإسكندرية عن داؤد بن حماد بن أخي رشدين قال نبا رشدين عن أبي عبد الله الخراساني عن سفيان الثوري عن الأعمش ورواه أبو الحسن الصقلي عن علي بن إسحاق بن خشنام بن رنجلة الرازي عن العباس بن أحمد البغدادي عن محمد بن إسحاق الصاغاني عن نعيم بن حماد ورواه ميسرة بن علي عن العباس بن أحمد البغدادي أبي أحمد وقال ثنا به بالري في مجلس ابن أيوب.

روى لنا غير واحد من الشيوخ عن الحسن بن أحمد المقري أنبا عبد الرحمن بن محمد أنبا عبد الله بن جعفر بن حيان أبو الشيخ في كتاب الأمصار، ثنا محمد بن جعفر نبا الجراح بن مخلد نبا محمد بن بكير نبا عبد الله ابن هيثم الزهري عن جده أبي عقيل عن عمر بن عبد العزيز عن أبه عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يفتح مدينتان في آخر الزمان مدينة الروم ومدينة الديلم أما مدينة الروم فالإسكندرية ومدينة الديلم قزوين من رابط بهما في شيء منهما خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
رأيت بخط الفقيه الحجازي بن شعبويه أنبا الشيخ أبو إبراهيم الخليل ابن عبد الجبار سنة تسعين وأربعمائة. أخبرني أبو الحسن علي ابن أبي عبد الله بن أبي الحسين البناء وكان رجلاً صالحاً، قال: سمعت أستاذي حسان بن حمزة بن أبي يعلى البناء وكان مقدماً في صناعته أنه أقبل في آخر عمره على عمارة سور قزوين واشتغل بمرمته صيفاً وشتاء وترك سائر الأعمال حتى توفي.
فسئل عن ذلك فقال كنت أعمل على السور يوماً فإذا أنا برجل قد أقبل من الطريق وبيده كوز وعصا فدخل البلدة وصعد السور وصلى عليه ركعتين، ثم نزله وأخذ قدراً يسيراً من الطين وبله بالماء الذي كان معه في الكوز وجعله في بعض الشقوق وأخذ يرجع من الطرق الذي جاء منه فتعجبت منه فلحقته وسألته.
فقال أنا رجل من ناحية كذا من نواحي ما وراء النهر قرأت في خبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يكون في آخر الزمان بلدة بقرب الديلم يقال لها قزوين، هي باب من أبواب الجنة من عمل في عمارة سورها ولو بقدر كف من طين غفر الله له ذنوبه صغيرها وكبيرها.
قال حسان بن حمزة: فذلك الذي دعاني إلى أن أصرف بقية عمري في عمارته ووجدت في بعض الأجزاء العتيقة أحاديث غير مسندة في فضل الطالقان التي بين الري وقزوين ومنها أن تربة قزوين وتربة الطالقان من تربة الجنة من كبر بها تكبيرة فله عند الله أن يعتقه من النار.
النوع الثاني في الآثار أخبرنا محمد بن عبد الكريم عن إسماعيل بن عبد الجبار عن الخليل الحافظ ثنا محمد بن سليمان بن يزيد ثنا أبي ثنا الحسن بن أيوب نبا علي بن محمد الطنافسي نبا زيد بن الحباب عن زائدة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمداني قال قال علي رضي الله عنه من كره المقام معنا فليلحق بالديلم فخرج مرة في أربعة آلاف رواه سفيان بن عيينة ومعاوية بن عمرو والحسين بن علي أبو عبد الله الجعفي عن زائدة.
وبه عن محمد بن سليمان نبا الفضل بن محمد نبا أبو سهل موسى ابن نصر الرازي نبا حكام بن سلم عن أبي سنان قال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من كره القتال معنا فليلحق بقزوين قال فسار إليه الربيع ابن خيثم في أربعة آلاف.
وبه عن محمد بن سليمان عن أبيه حدثني أحمد بن محمد القرشي نبا جعفر بن محمد البزار ثنا عمرو بن مالك ثنا سعيد بن عبد الرحمن الحراني، ثنا محمد بن أبي عائشة عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه ذكر الثغور يوماً فعد فضلها ثم قال ومن الثغور قزوين وهي روضة من رياض الجنة ومن استشهد بها كان أكرم الشهداء عند الله يوم القيامة.
وبه عن سليمان نبا عيسى بن عبد الله العسقلاني ثنا محمد بن راشد الدمشقي حدثني أبي ثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه قال من مشى بأرض قزوين أربعين خطوة فما فوقها عند فزعة العدو ثم لقي الله بمثل تراب الأرض خطيئة غفر الله له ولا يبالي.
وبه عن سليمان، نبا أحمد بن محمد بن أبي سلم، ثنا سعيد بن أبي سعيد الدوري، وكتب إلي مدرك بن عامر الجزري من أهلي رأس العين نبا إسحاق بن زريق، نبا عثمان بن عبد الرحمن، حدثني جميل مولى منصور، عن ثور بن يزيد، عن مكحول عن واثلة ابن الأسقع رضي الله عنه قال مثل قزوين في الأرض كمثل جنة عدن في الجنان.
وبه عن الخليل الحافظ، نبا علي بن أحمد بن صالح، نبا محمد بن مسعود، ومحمد بن يونس بن هارون، قال دخل سعيد بن جبير قزوين وهو هارب متوار من الحجاج فبات بها ليلة فقال ليجتهد عباد المسجدين فلن يدركوا فضل هذه الليلة قال عبد الله بن أسوار كان في مسجدنا هذا يعني مسجد التوث يريد بالمسجدين المسجد الحرام ومسجد المدينة.

وبه عنه نبا محمد بن علي بن عمر، نبا أحمد بن محمد بن الشحام ثنا حجاج بن حمزة، ثنا يزيد بن هارون، قال بلغني أن محمد بن جبير بن مطعم خرج من مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قزوين في الغزو.
وبه عنه نبا الواحد بن محمد نبا عبد الوهاب بن محمد الخطيب، ثنا أحمد بن محمد ابن أبي سلم، نبا نصر بن خلف حدثني الحسن بن عبد الله عن عمرو بن جرير عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال قلت لأبى ما قزوين هذه التي تذكر قال: مباركة بها باب من أبواب الجنة.
فيها جمعه علي بن ثابت، نبا جعفر بن أحمد بن يحيى العدل، نبا أحمد بن عبيد القزويني نبا حامد بن محمود الهروي، نبا يحيى بن سعيد الأموي ثنا شيبان النحوي، عن عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه عن علي رضي الله عنه، قال أربعة أبواب في الدنيا من الجنة، الإسكندرية وعسقلان وقزوين وعبادان، رواه أبو الحسن الصقلي عن أبي علي الطهراني عن عمه عبد الرحمن بن محمد الطهراني عن محمد بن أبي موسى عن إسماعيل بن مالك، عن أبي المضا الحجاج بن خالد عن عبد الملك بأسناده مرفوعاً وزاد وفضل جدة على الأربع فضل بيت الله على سائر البيوت.
روى ابن ثابت فيه عن أحمد بن محمد بن داؤد الواعظ، نبا زكريا ابن يحيى النيسابوري حدثنا إسماعيل بن توبة عن عبد الله بن أسوار، عن أبي سنان الشيباني، قال قال عمر بن عبد العزيز لو كان لي من يكفيني أمر الأمة لتحولت إلى قزوين بعيالي أرابط فيها، فأما أن استشهد وإما أن أموت مرابطاً بها فأبعث يوم القيامة مع شهداء بدر.
عن علي بن إبراهيم، ثنا محمد بن إدريس بن المنذر، ثنا هشام بن عبيد الله الرازي ثنا يعقوب بن عبد الله الأشعري،عن ابن المجالد الصنعاني، ثنا عمر بن حفص العبدي، عن عون بن أبي شداد، عن محمد بن كعب القرظي قال بلغنا أنه يحشر من كل واحدة من قزوين وعسقلان سبعون ألفاً، أو نحو ذلك كلهم شهداء.
عن إسحاق بن محمد بن يزيد بن كيسان عن ابن أبي سلم حدثنا أحمد بن حمك بن السندي نبا عيسى بن أبي فاطمة، ثنا يزيد العجمي قلنا لسفيان الثوري مجاورة سنة بمكة أحب إليك أم رباط أربعين يوماً، فقال رباط أربعين يوماً بقزوين أحبّ إلي من مجاورة سنة بمكة أورده الشيخ الحافظ في ثواب الأعمال عن خاله عن أبي حازم عن عيسى بن أبي فاطمة عن يزيد أبي خالد الجلاب قال قلت لسفيان.
وحدث ابن ثابت عن أبي عبد الله، ثنا علقمة بن الحصين، نبا هناد ابن السري، قال: قدم رجل من همدان علي شريك فقال له كم بينكم وبين قزوين فقال كذا وكذا فرسخا فقال له حججت قال: نعم قال غزوت قال لا قال لو مت ما صليت عليك.
عن أحمد بن محمد بن داؤد الواعظ عن أحمد بن عبيد، ثنا أحمد ابن ثابت فرخونة الرازي، ثنا عيسى بن أبي فاطمة، قال أتينا سفيان الثوري ومعنا الخليل بن زرارة فقال سفيان كم بينكم وبين قزوين قلنا دون الثلثين فرسخا قال فيكم من لا يأتيها في كل شهر مرة قلنا نعم، ومنا لم يأتها قط فقال سبحان الله سبحان.
عن سليم بن يزيد ثنا أحمد بن محمد بن أبي سلم، نبا علي ابن خلف المقري قال: كنا بقزوين في مسجد التوت ومعنا الدشتكي وحمدويه العطار وغيرهما، فخرج علينا أبو جعفر محمد بن إبراهيم وراق وكيع فقال رأيت وكيعاً في النوم بقزوين، كأنه على سطح فسلمت عليه فقال: أنت هاهنا قلت نعم، قال ارتفع إلي قلت كيف أصعد فدلى يده فصرت معه، فقلت يا أبا سفيان ما تقول في قزوين، قال أرض رباط وفضل وعبادة.
ذكر فيه أن موسى بن هارون بن حيان قال ثنا عبد الله بن محمد، ثنا جرير بن عبد الحميد، عن حكيم بن جبير قال: قال علي أبي رضي الله عنه للربيع بن خثبم ومرة الطيب من كره الخروج معي إلى صفين فليخرج إلى هذا الوجه يعني قزوين، فأخذوا عطياتهم وخرجوا وكانوا أربعة آلاف.
أخبرنا أبو العلاء الحافظ في كتابه أنبا أحمد بن محمد بن علي بن أحمد، أنبا الحسن بن علي الواعظ التميمي، أنبا أحمد بن جعفر القطيعي، أنبا عبد الله ابن احمد بن حنبل حدثني أبو معمر، أنبا جرير عن حكيم بن جبير، قال قال عمر بن عبد العزيز لوددت إن منزلي بقزوين حتى أموت يعني بذلك الرباط.

أنبأنا الحافظ عن الحسن بن أحمد، أنبا عبد الرحمن بن محمد، أنبا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثني خالي أنبا أبو حاتم، أنبا علي بن ميسرة سمعت عبد العزيز بن عثمان، قال سألت سفيان الثوري قلت: عسقلان أحب إليك أم قزوين، قال قزوين أما سمعت حديث الحسن قاتلوا الذي يلونكم من الكفار قال كل قوم وما يليهم الري والديلم.
أخبرنا القاضي عطاء الله بن علي في كتابه عن الخليل بن عبد الجبار، ثنا أبو منصور وجماعة نبا الزبير بن محمد نبا أبو داؤد نبا أحمد بن محمد بن ساكن الزنجاني، سمعت عمي المسيب: يقول كان رجل من أهل البادية يحضر معنا غزو بابك قال فقضى الله تعالى للمسلمين الفتح قال فقضى الله أنه تلك السنة لم يحضر، فنزل بعض ضياعنا وقد اغتم لما لم يقض له الحضور، قال فنام تلك الليلة فرأى فيما يرى النائم كأنه يقول اغتمت لما لم تشهد هذا الفتح أذهب حتى تصلى بقزوين هذا العيد فإنه مثل من شهد هذا الفتح.
عن الخليل أنبا حاجي بن علي الصوفي، نبا علي بن محمد بن وكيع ثنا إسحاق بن محمد ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا عبد العزيز بن عثمان ختن عثمان ابن زائدة، سمعت سفيان يقول وددت أن منزلي بقصران قال أبو حاتم لقربها من قزوين.
رأيت بخط أحمد بن محمد بن داؤد الواعظ ثنا محمد بن يزيد ثنا جعفر بن محمد بن عبد الجبار الهمداني المعروف بسندول سمعت أبي يقول شاورت وكيعاً وهو بمكة فقلت له يا أبا سفيان الإقامة بمكة أحب إليك أم الخروج إلى جدة فقال أرى أن تقيم بمكة وتنوي أن كان بجدة فزع أن تنفر إليه.
ثم سألني من أي البلاد أنت قلت من أهل همدان قال: أين أنتم من قزوين قلت بيننا وبينهم مسيرة ثلاث أو أربع، قال يأتي على أحدكم الشره ولا يأتيها قلت رحمك الله نعم والعمر لا يأتيها، قال أظن قزوين حسرة على أهل هذه البلاد يوم القيامة.
حدث القاضي أبو خليفة الفضل بن إسماعيل بن ماك وأنبأنا غير واحد عنه عن أبي منصور المقومي، نبا المحسن بن الحسين الراشدي، نبا الخضر بن أحمد الفقيه ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا أبي وأبو زرعة، قالا حدثنا عن يعقوب بن عبد الله القمي عن أبي مالك، ثعلبة عن أبي سنان قال قيل لإبراهيم النخعي ما تقول في قزوين قال وددت أن منزلي بدستبى.
في مختصر جمع في فضل عسقلان أن أبا إسحاق الطالقاني حدث عن أبي حفص بن ميسرة الصنعاني عن سلمان الباهلي عن سالم بن أبي الجعد قال وجدت في بعض الكتب أن عسقلان وقزوين قريتان من قرى الجنة - هذا ما اتفق إيراده من الفضائل المنقولة وأعلم أن الآثار في هذا الباب أوضح إسناداً وأوثق رجالاً من الأخبار فإن في أكثر أسانيدها اضطرابا لكنك إذا تأملت في النوعين ووقفت على تظاهرهما وكثرة طرقها واعتضاد البعض بالبعض لم تشك في أن لها أصلاً وأن للبقعة عن الأولين مرتبة وفضلاً وبالله التوفيق.
القسم الثاني

فضائلها وخصائصها المستنبطة
فمنها أنها لم تزل رباطاً وثغراً قرأت على علي بن عبد الله بن بابويه، أخبركم عبد الرحيم بن المظفر الحمدوني إجازة نبا عبد الواحد بن الحسن الصفار، نبا محمد بن أحمد بن موسى الشروطي، نبا محمد بن الحسين ابن الخليل، ثنا أبو سعيد مسعدة ابن بكر الفرغاني، ثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى النيسابوري، ثنا أحمد بن حرب عن محمد بن الفضل، عن عبد الملك ابن جريج، عن أبي الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال من بات بالري ليلة واحدة صلى فيها وصام فكأنما في غيره ألف ليلة صامها وقامها.
خير خراسان نيشابور وهرات ثم بلخ، ثم أخاف على الري وقزوين أن تغلب عليهما العدو والثغر هو الموضع الذي يخاف عليه من غلبة العدو وقوله ليلة واحدة صلى فيها وصام أي ليلة واحدة بيومها.

ذكر أصحاب التواريخ منهم مؤلف كتاب البلدان قال الكياشيروية الديلمي وهو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأخباري الهمداني يعرف بابن الفقيه يروي عن أبيه وابن ديزبل ومحمد بن أيوب الرازي روى عنه أبو بكر بن لال وغيره ومنهم أبو الفرج قدامة بن جعفر بن قدامة الكاتب أن أحوال الديلم لم تزل مذبذبة لم تكن لهم شريعة محصلة ولا طاعة مستقرة وقد نقضوا وغدروا ورجعوا إلى الكفر غير مرة وجيل الديلم مشهورون بالقسوة وغلظ الطبع والذهاب بالنفس والتأني عن الطاعة والانقياد وبهم يضرب المثل في ذلك.
أنبأنا أبو زرعة المقدسي أنبا أبو منصور المقومي بالري سنة أربع وثمانين وأربعمائة، أنبا الزبير بن محمد، أنبا علي بن محمد بن مهرويه، أنبا علي بن عبد العزيز، نبا أبو عبيد، نبا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال استعمل علي بن أبي طالب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما على الموسم فخطب عليهم خطبة لو سمعتها الديلم لأسلمت ثم قرأ، عليهم سورة النور.
وبه عن عبيد، نبا عبد الرحمن عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل قال قرأ ابن عباس رضي الله عنه سورة النور، وجعل يفسرها، فقال رجل لو سمعت الديلم هذا لأسلمت، وكان للفرس قبل البعثة مقاتلة بقزوين مرتبون يرابطون فيه ويدفعون الديلم إذا لم يكن مهادنة ويحتاطون إذا جرت مهادنة لأنهم كانوا يخافون عليهم النقض والنكث.
يذكر أن كسرى وجه سابور بن اندكان في عشرة آلاف رجل وأمره أن يقيم بقزوين ويمنع من أراد النفوذ من أرض الديلم إلى ممالكه وسببه على ما فيه - حكى أبو حنيفة أحمد بن داؤد الدينوري في تاريخه المعروف بالأخبار الطوال أن بهرام المعروف بجوبين قتل ببلاد الترك في أيام كسرى بتدبير من بعثه كسرى لذلك.
فخرج أصحاب بهرام وعبروا جيحون وأخذوا في شاطئ النهر حتى انتهوا إلى بلاد الديلم فسكنوها وعاهدوا الديلم وتابوا ثم قتل كسرى بعد ذلك خالد بندويه وكتب إلى خاله الآخر بسطام يأمره بالقدوم عليه وأراد الحاقه بأخيه فبلغه في الطريق خبر قتله فعدل إلى من الديلم من أصحاب بهرام ففرحوا بقدومه وملكوه وعقدوا على رأسه التاج وزوجوه أخت بهرام ووافقهم أشراف الديلم وأهل جيلان والطيلسان.
فخرج بسطام إلى دسبتى وبث السرايا في الجبال حتى بلغوا حلوان ووجه كسرى إليه العساكر واشتد القتال بين الفريقين أياما، ثم بعث كسرى إلى أخت بهرام ووعدها أن ينكحها، ويجعلها سيدة نسائه أن قتلت زوجها فأجابته إليه وارتحل أهل بسطام هاربين نحو بلاد الديلم ففي ذلك وجه كسرى سابور إلى قزوين ونواحيها وغلبوا عليها ثم إن بني أمية في أيامهم بعثوا الجيوش إليها وجرت بينهم وبين الديلم حروب كثيرة.
في تاريخ محمد بن جرير رحمه الله إن في سنة ثلاث وأربعين ومائة ندب المنصور الناس إلى غزو الديلم لما بلغه من إيقاعهم بالمسلمين وكثرة فتكهم بهم، وفي سنة أربع وأربعين ومائة غزا محمد بن أمير المؤمنين أبي العباس عبد الله بن محمد بن علي في أهل الكوفة والبصرة والموصل والجزيرة، فأشعرت هذه الدلالات بأن قزوين لم تزل ثغراً في الجاهلية والإسلام، وفيما قدمنا من الآثار والأخبار ما يصرح بكونها ثغراً.
هذا صاحب المسالك والممالك يقول قزوين ثغر الديلم، والبديع أبو الفضل الهمداني يقول في إحدى مقاماته غزوت الثغر بقزوين سنة خمس وسبعين والرئيس الأسدي في سقيا الهيمان يعبر عن القزويني بالثغري وكونها ثغراً من وقت استيلاء الملاحدة دمرهم الله على ديار الديلم وقلاعها أوضح من أن يحتاج إلى شرحه، وإذا كان بلد من البلاد ثغراً لم يزل حكمه بإسلام الكفار الذين يلونه حتى قال علماء الأصحاب لو وقف على ثغر فاتسعت رقعة الإسلام تحفظ ربع الوقف لاحتمال عوده ثغراً.
منها أنها ليست على الجادة التي يسلك فيها من الشرق إلى الغرب ومن إقليم إلى إقليم بل هي مزورة عن الجواد المسلوكة وإنما يدخلها من يتخذها مقصد المرابط أو زيارة أو تجارة أو غيرها بخلاف البلاد الواقعة.
على الجواد فإنها كثيراً ما يقع منزلاً لا مقصداً فلا يكون واردوها قاصدين لها.

منها صلابة أهلها في الدين وشدة غيرتهم وصفا عقيدتهم إلا في الأقلين، رأيت في بعض مكتوبات شيخنا أبي محمد النجار رحمه الله عن الحسن البصري رضي الله عنه أن قوله تعالى: " قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة، نزلت في أهل قزوين والغلظة خشونة ركزت في طباعهم غيرة للدين.
منها أن الخمر وسائر المنكرات المشهورة لا يتأتى إظهارها فيها ولا يجتاز بها بين أهلها إلا بضرب حيلة أو انتهاز فرصة ولا يصبرون على مشاهدتها إلا إذا استولى عسكر، وخافوا من الإنكار فحينئذ يتجرعون غيظاً، وإن أدت الضرورة إلى السكوت.
منها كثرة حفاظ القرآن بها ومداوتهم على تلاوتها ومدارستها واشتغالهم بعلم التفسير إسماعاً واستماعاً.
منها غلبة الفقر على أكثر أهلها وقناعتهم بالمراتب النازلة في المطعوم والملبوس ومثل ذلك محمود عن السالكين.
منها إقبالهم على الجهاد على اختلاف الطبقات وقد مدحوا لهاتين الخصلتين، فإنهم آخذون بحرفتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفقر والجهاد.
منها كثرة حجاجها الوافدين إلى بيت الله تعالى حسب ما يقدورن عليه راجلين وراكبين.
من خصائصها المتعلقة بالأمور الدنيوية عموم الأمن في نواحيها من السراق وقطاع الطريق بخلاف أكثر البلاد وكونها على الأرض مستوية بالقرب منها جبل يمنع من وصل الرياح الطيبة إليها ونزاهة مياهها عن المستخبثات لأن قنواتها تجري تحت الأرض حتى تنصب في الحياض بحسب الحاجة ونظافة مواضع الفراغ فيها نفاسة أرضها سيما قصبة البلد.
سمعت غير واحد من رؤسا نواحي الري يقول لو كان عندنا مثل هذه الأرض لحصل من الجريب الواحد كذا وكذا لغزارة مياهها. منها جودة الحبوب بها ونقاؤها وكثرة تنزلها.
منها طيب ثمارها على وفور منافعها، وقصور مضارها وللإطناب في مثل هذا مجال لمن يعنيه، ورأيت لأبي العميس محمد بن إسماعيل المكي فصلاً يصف فيه الري وقزوين مدحاً وذماً ويذكر ما يفضل به كل واحدة منها للأخرى قال فيه بعد وصف الري.
أما قزوين فإنها أبين فضلاً وأشرف أهلاً، ثغر من ثغور المسلمين وأهلها من العرب المشهورين وهي باب من أبواب الجنة العمل بها أفضل، والثواب فيها أجزل النائم فيها كالعابد والمقيم فيها كالمجاهد، وحصنها أمنع، وسورها أجمع، وماؤها امرأ وخبزها أشهى، وكرومها أعجب، وأعنابها أعذب وعصيرها أحد، وشرابها أشد وهي بعد أرخص أسعاراً، وأكثر ثلوجاً وأمطاراً.
استغنت بنفسها عن الري أن تمتاز منها، وافتقرت الري إليها فإن تستغني عنها، وأهلها أسرع إلى الدعاء، وأثبت عند اللقاء، وأعلم بالحروب، وأسرع في الخطور، راحلهم جلد، وفارسهم فهد، إلى أن عكس فقال أهل فظاظة وقسوة وغلظ وجفرة لقاؤهم شيئم، وبشرهم دميم، وسلامهم قليل، وردهم كليل، فقيههم ضعيف، وعالمهم سحيف، وأديبهم بارد، وطبيبهم واحد، وهم أهل الري في سبيل الجود كما قال الشاعر:
إذا ما قستهم في باب جود ... وجدته كأسنان الحمار
في كتاب اللمع الفضة لأبي منصور الثعالبي عن أبي الحسن المصيصي قال كان أبو دلف الخزرجي وأبو علي الهائم من ندماء عضد الدولة فجرت بينهما يوماً مداعبة أدت إلى المهاترة، بعد المحاضرة والمذاكرة، فقال أبو علي لأبي دلف: صب الله عليك طواعين الشام، وحمى خيبر، وطحال البحرين وضربك بالعرق المدني، والنار الفارسية، والقروح البلخية.
فقال أبو دلف يا مسكين أتقرأ تبت على أبي لهب وتنقل التمر إلى هجر فخذ إليك صب ثعابين مصر، وأفاعي سجستان، وعقارب شهر زور، وجرارات الأهواز، وصب علي برود اليمن، وقصب مصر، وخزوز السوس، وأكسية فارس، وخلل أصبهان، وسقلاطون بغداد، وسمور بلغار، وفنك كاشغر، وثعالب الخرز، وجوارب قزوين وكذا وكذا فعد الجوارب من خواص قزوين ولا يدري أقصد الجوارب الصوفية أو جوارب من الجلود.
الفصل الثاني

في اسمها
ذكروا في عدة من البلدان والنواحي، أنها سميت بأسماء من بناها أو نزل في مواضعها كهمدان وأصبهان، قالوا سميا باسم أخوين هما ابنا ملوح لبطن من بين يافث، وحلوان قيل أنه بناها حلوان بن الحاف وذكر مثل ذلك في تفليس وأران وبردعة وفارس والري وجرجان ونيسابور، وبلخ وبخارا بل قيل مثل ذلك في الشام وخراسان ويمكن أن يكون قزوين مثلها لكن اشتهر أنها كانت تسمى بالفارسية كشوين فعربت اللفظة وقيل قزوين.

قال قدامة الكاتب وتفسيره المرموق أي الطرف الذي لا ينبغي أن يهمل ويغفل عنه، ولم يزل الخلفاء وأعاظم الملوك معتنين بأمر قزوين خائفين عليها.
حدث القاضي المحسن بن علي التنوخي عن أبي علي محمد بن حمدون قال : كنت بحضرة المعتضد ليلة إذ جاءه كتاب فقرأه وقطع ما كان فيه وتنقص عليه وعلى الحاضرين عنده الوقت، واستدعى عبيد الله بن سليمان فأحضر في الحال، وقد كاد أن يتلف وظن أنه قبض عليه، فرمى بالكتاب إليه فإذا هو كتاب صاحب السر يقول للوزير: أن رجلاً من الديلم وجد بقزوين متنكراً، فقال لعبيد الله اكتب الساعة إلى صاحبي الحرب والخراج وأقم عليهما القيامة وتهددهما وطالبهما بتحصيل الرجل ولو من أقصى أرض الديلم وأعلمها أن ذمتها مرتهن به وأرسم لهما أن لا يدخل البلد أحد مستأنفاً ولا يخرج إلا بجواز.
فقال عبيد الله: السمع والطاعة أمضي إلى داري وأكتب فقال: لا أجلس واكتب واعرضه علي، قال فأجلسه وعقله ذاهل، فكتب وعرضه عليه فأرضاه وأنفذه وقال لعبيد الله: أنفذ معه من يأتيك بخبر عبوره النهروان، فنهض عبيد الله وعاد المعتضد إلى ما كان فيه وكأنه قد لحقه تعب عظيم، فاستلقى ساعة، فقلت له: يا مولاي تأذن في الكلام قال نعم.
قلت: كنت على سرور وطيب عيش فورد الخبر بأمر كان يجوز أن تأمر فيه غدا بما أمرت الساعة فضيقت صدرك، ونغصت على نفسك وروعت وزيرك، وأطرت عقل عياله وأصحابه. باستدعائك إياه في هذا الوقت المنكر.
فقال يا بن حمدون ليس هذا من مسائلك ولكنا أذنا لك في الكلام، اعلم أن الديلم شر أمة في الدنيا وأتمهم مكراً وأشدهم بأساً وأقواهم قلوباً ويطير قلبي فزعاً على الدولة لو تمكنوا من دخول قزوين سراً فيجتمع منهم فيها عدة فيوقعون بمن فيها وهي الثغر بيننا وبينهم فيطول ارتجاعها منهم ويلحق الملك من الضعف والوهن بذلك أمر عظيم وتخيلت أني إن أمسكت عن الله بير ساعة واحدة فات الأمر، والله لو ملكوا قزوين ساعة لبغوا على من تحت سريري هذا واحتووا على دار الملك والمعتضد رحمة الله عليه موصوف بالحزم والكفاية وحسن التدبير وضبط الممالك على أحسن الوجوه.
رأيت في كتاب التبيان تأليف أحمد بن أبي عبد الله البرقي أنه روى الهيثم أن قزوين كانت ثغراً وكان بعض الأكاسرة قد وجه إليها قائداً في جمع كثير فأتاهم العدو وهم معسكرون بذلك معسكرون بذلك المكان فاصطفوا لهم واستعدوا للحرب.
فنظر القائد إلى ذلك المكان فرأى فيه خللاً، فقال لرجل من أصحابه أين كش وين أي، احفظ ذلك الموضوع فهزموا العدو وبنوا بذلك المكان مدينة وسميت كشوين، فعربت وقيل قزوين ويمكن أن يكون الزاي من قزوين مبدلة من السين كالزراط والسراط ويكون اللفظ من قسا يقسو أي صلب واشتد.
يقال رجل قاس أي صلب أو من أقسان العود إذا اشتد وقسا وأقسا الرجل إذا كبر وذلك لما في أهلها من الشدة والصلابة فهو على التقدير الأول على أمثال فعلين وعلى التقدير الثاني على مثل فعويل والهمزة ملينة والواو مبدلة من الهمزة لان اللسان بها أطوع، هذا ما يتعلق باسمها المشهور.
قرأت عبد العزيز بن الخليل الخطيب أخبركم الشافعي المقري أنبا إبراهيم بن حمير، أنبا الكشميهني، أنبا الفربري، عن محمد بن إسماعيل البخاري نبا علي بن عبد الله نبا سفيان قال قال إسماعيل أخبرني قيس قال أتينا أبا هريرة فقال صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث سنين لم أكن في شيء أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن، سمعته يقول وقال هكذا بيديه بين يدي الساعة تقاتلون قوماً نعالهم الشعر وهو هذا البارز، وقال سفيان مرة: وهم أهل البارز.
قوله، لم أكن في شيء أحرص وفي بعض النسخ لم أكن في سني وهما صحيحان، وقوله وقال هكذا بيديه يعني أشار، يقال قال بيده وقال بعينه كأن السبب في التعبير عن الإشارة بالقول أن الإشارة تفهم المقصود إفهام اللفظ، وقوله نعالهم الشعر أن نعالهم من ضفاير الشعر، أو من جلود غير مدبوغة بقيت عليها الشعور، وذكر أنه يحتمل أنه أشار به إلى وفور شعورهم وانتهاء طولها إلى أن يطأوها بأقدامهم أو أن يقرب من الأرض.

قوله وهو هذا والبارز ذكر الحافظ أبو إسحاق الحمري المغربي المعروف بابن قرقول أن الراء في اللفظ مقدمة على الزاي مفتوحة باتفاق الرواة وأن بعضهم قال أنهم الديلم والبارز بلدهم، وحكى اختلافاً في اللفظ المحكية عن سفيان ثانياً فذكر أن بعض الرواة نقلها بتقديم الزاء أيضاً لكن كسرها.
قيل على هذا أن المعنى هؤلاء البارزون لقتال الإسلام الظاهرون في البراز من الأرض وأن بعضهم نقلها البازر بتقديم الزاي وفتحها وأشعر ما ساقه بأن التفسير على هذا كتفسير البارز وقضية ما ذكر أن البارز أو البازر بلد الديلم أن يكون ذلك اسما لقزوين لما اشتهر أنها بلد الديلم، ومدينتهم ألا ترى إلى ما قدمنا عن رواية عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال يفتح مدينتان في آخر الزمان مدينة الروم ومدينة الديلم أما مدينة الروم فالإسكندرية، ومدينة الديلم قزوين.
واعلم أن إيراد جماعة من العلماء يشعر بحمل الحديث على الترك على ما ورد في بعض روايات الحديث الصحيح، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تقاتلون بين يدي الساعة قوماً نعالهم الشعر كأن وجوههم المجان المطرقة حمر الوجوه صغار الأعين وهذا نعت الترك وقد أفصح به بعض الروايات، فقال لا تقوم الساعة حتى تقاتل المسلون الترك قوماً وجوههم كالمجان المطرقة، ويلبسون الشعر، ويمشون في الشعر.
لكن في كثير من الروايات المدونة في الصحاح ما يدل على مقاتل قوم وراء الترك كما روى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لا تقوم الساعة، حتى تقاتلوا قوماً كأن وجوههم المجان المطرقة، وعلى هذا وفتتجه تفسير الأولين بالديلم والآخرين بالترك، ووصف الترك في الرواية السابقة بأن نعالهم الشعر لا يمنع من إختلاف الفريقين، أما إذا حملناه على أن نعالهم من الشعور أو من جلود بقيت عليها الشعور فلأنهم في الأصل بعيداً من التنعم والترفه، فالترك سكان البوادي والديلم سكان الشعاب والغياض وأما إذا حملناه على كثرة الشعور وطولها فأنهم جميعاً مشعوفون بها أما الديلم فيعتنون بتوفيرها منشورة وأما الترك فيعتنون بتطويلها مضفورة.
الفصل الثالث

في كيفية بنائها وفتحها
سمعت الإمام والدي رحمه الله غير مرة يحكي، عن مشائخه، أن البقعة الملاصقة للمقبرة المعروفة بكهنبر وتدعى القرية الفارسية دهك أقدم الأبنية بقزوين وأنه لا يدري من بناها لتقادم عهدها ومن المشهور أن المدينة العتيقة بناها سابور ذو الأكتاف وذلك أن مرزبانا من قبله كان يقيم بالدستبى والقاقزان ويغزو الديلم مرة ويهادنهم أخرى وكانوا ينقضون الهدنة ويغيرون على الناحيتين فأمر سابور المرزبان ببناء المدينة للتحصن بها.
فلما أخذ في البناء كانت الديلم تجمع الجموع وتهدم ما كان يرتفع من البناء فأنهى الحال إلى سابور، فأمره أن يرضيهم بمال إلى أن يتم البناء ففعل، وكان سابور حينئذ مشغولاً بمحاربة العرب والتوغل في بلادهم، فلما فرغ خرج نحو الديلم، ودخل بلادهم في وقت شدة البرد وأقام بها حتى انكسر البرد وطاب الهواء ونفقت هناك دوابهم من شدة البرد فسموا موضع نزولهم اسمرد.
ثم شن الغارة فيهم بعد طيب الهواء وقتل من وجد منهم وأوغل حتى انتهى إلى بحر الجيل، ولم يحمل شيئاً من مالهم، استنكافاً بل زفتها في ديارهم في مملكة آل لنجر، وكان دخوله من مملكة آل حسان وخرج من مملك آل مسافر بن أسوار بن لنجر.
ثم مصر سعيد بن العاص قزوين، وكان قد ولاه عليها الوليد ابن عتبة بن أبي معيط حين كان والياً على الكوفة من قبل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ثم إن موسى الهادي دخل قزوين في أيام خلافته وخروجه إلى الري متنكراً وأمر الوالي بها أن يستنفر الناس لينظر إليهم فأمر الوالي بضرب الطبول وبالنداء فيهم بالنفير وأشرف موسى على مكان مرتفع ينظر إليهم فاستحسن مبادرتهم وأعجبه جدهم فأمر ببناء.
وحصن بقزوين وسماه مدينة موسى وأسكنه مواليه ووقف عليها وعلى أهلها قريتين تسميان أراذ برسه ورستما باذ وذلك في سنة ثمانية وستين ومائة.

قيل في سنة سبع ونسب بعضهم مدينة موسى إلى بناء موسى بن بغا وهو وغلط وبني المبارك التركي مولى الهادي بها مدينة أخرى تنسب إلى اليوم إليه وهي آهلة بعد ويقال أنه بناها سنة ست وسبعين ومائة ومدينة موسى قد اندرست وجعلت بساتين ومزارع.
ثم دخل هارون الرشيد قزوين في خلافته وأمر ببناء المسجد الجامع وهو الصحن الصغير من المسجد الكبير، والمقصورة العتيقة وأمر بابتياع حوانيت مستغلات وقفها على مصالح المدينة وعمارة مسجدها وسورها وهي الرشيديات، وسور قزوين المحيط بالمداين الثلثاء وساير المحال بناه موسى بن بغامولي المعتصم سنة أربع وخمسين ومائتين وأنفق عليه مالاً جليلاً.
رأيت بخطّ بعض بني عجل أن بروج سور قزوين مائتان وخمسة سوى البرج المعروف بكاه دان وأن دور السور يبلغ عشرة آلاف وشمار وثلاث مائة وشمار، ثم أنه استرم السور، وأصابه الخلل بعوارض حدثت غير مرة فأصلح وأعيدت عمارته.
منها أن الصاحب إسماعيل بن عباد أمر بعمارته حين دخل قزوين سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة فقام بها أصحابه سنتين، ومنها نقض السلار إبراهيم بن المرزبان السور في طريق الجوشق ودرج سنة عشر وأربعمائة بعد ما قامت الحرب على ساق بينه وبين أهل البلد ستة أشهر فأمر الشريف أبو علي الجعفري بإعادة ما نقضه سنة إحدى عشرة وأربعمائة آخر من اعتنى به الوزير السعيد محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن مالك قاضي المراغة رحمه الله أمر برم المسترم وتجديد المنهدم منه سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة وستين بعدها وكان يتولى عمارته والدي قدس الله روحه لما كان بينهما من الاتحاد والمودة القديمة وصحبة المدرسة ببغداد ونيسابور.
في كتاب البنيان لأحمد بن أبي عبد الله أن مدينة قزوين بناها سابور بن أردشير وسماها شاذ سابور.
أما فتحها: فقد أنبأنا جماعة عن إسماعيل بن عبد الجبار، عن الخليل ابن عبد الله الحافظ، قال: حدثني عبد الله بن محمد القاضي، نبا إسماعيل بن محمد النحوي، نبا الحسين بن الحسن أبو سعيد السكري في كتاب البلدان من تصنيفه قال قزوين فتحها البراء بن عازب رضي الله عنه مع زيد الخيل، ويقال: أن البراء غزا بعد فتح قزوين وابهر والطيلسان وزنجان ففتحها وغزا الديلم وانصرف إلى قزوين فرابط بها ثم انصرف إلى الكوفة فكانت قزوين مغزى أهل الكوفة وفي خروجه إلى هذه النواحي قال بعض من كان معه:
وقد تعلم الديلم إذ نحارب ... حين أتى في جيشه ابن عازب
بأن ظن المشركين كاذب ... وكم قطعنا في دجى الغياهب
من جبل وعرو من سباسب ... يؤمهم في الخيل والكتائب
حتى فتحناها بعون الغالب
لم يكن بقزوين حين أتاها البراء رضي الله عنه إلا المدينة العتيقة وكان أهلها يقاتلون محاصرين، وإذا عرض عليهم الإسلام أو أدوا الأتاوة قالوا وهم وقوف على أطراف السور: نه مسلمان بييم ونه كريت دهيم - ثم إنهم بعد القتال الشديد سالموا وأظهروا أنهم قد أسلموا فلما انصرف القوم عادوا إلى ما كانوا عليه فعاد المسلمون واستولوا عليها قهرا.
يذكر أن كثير بن شهاب الحارثي أنبا عبد الرحمن هو الذي فتح قزوين المرة الثانية بهذا القدر قد اشتهر النقل ولم يثبت بطريق معتمد أن المسالمة والمصالحة في المرة الأولى كيف كانت، وعلى ماذا جرت وأن القهر والاستيلاء في المرة الثانية إلى ما أفضى وكيف فعلوا بها واستولوا عليه من الدور والأراضي وهل جرى في امتناعهم ثانياً ما يقتضي الردة أم لا، وإن لم يجر فذلك لأنه لم يقع الاعتماد، على إسلامهم أولاً، ولم يعرف حقيقة حالهم فيه أو لأن الامتناع الثاني كان خروجاً عن الطاعة لا ردة والله أعلم بحقائق الأمور.
رأيت بخط أبي عبد الله النساج رحمه الله محكياً عن بعضهم إن قزوين والري عشريتان لأنهما فتحتا صلحاً ألا ترى أنه ترك فيها بيوت النيران ولو فتحتا قهراً لما تركت بيوت النيران وإنما جعل أهلها أراضيها خراجية رفقاً بهم وفي كتب الفقه في باب الجزية ذكر أن الري فتحت صلحاً كما حكاه.

يروي أن دستبى والقاقزان فتحا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يدي عروة بن زيد الخيل الطائي وذلك أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمرائه بعد فتح نهاوند يأمرهم بأن يبعث عروة في ثمانية آلاف إلى ناحية الري ودستبي ففعل فلما انتهى عروة إلى جبال القاقزان جعل مرزبان الديلم ومرزبانا القاقزان ودستبى كلمتهم واحدة وتهيأوا للقتال وجمعوا الجموع واشتد الحرب بين الفريقين حتى قال بعض العرب.
أجول فلا أدري لعل منيتي ... بذ كان أو ذا كان أو بالجبرندق
هذه القرى من الناحية المعروفة باهروذ ثم نصر الله المسلمين ورجعت الديلم إلى أماكنها، وطلب أهل القاقزان ودستبى الصلح وأقام أهل دستبي على دينهم، فصارت تلك الناحية خراجية وأسلم أهل القاقزان فصارت ناحيتهم عشرية، ولما ولى القاسم بن الرشيد جرجان وطبرستان وقزوين التجأ أهل القاقزان إليه، وشكوا جور العمال وجعلوا له عشراً ثانياً وتعززوا.
الفصل الرابع

في ذكر نواحيها وأوديتها
وقنيها ومساجدها ومقابرها
أما النواحي فقد ذكر أبو عبد الله الجيهاني صاحب كتاب المسالك والممالك أن قزوين كانت ثغراً ورباطاً للجند المرتبطين هناك، ثم ضم إليها رستاق من رساتيق الري يقال له دستبى الري فصارت قزوين كورة مفردة جليلة، والذي ضم إليها دستبي الري موسى بن بغا.
في كتاب أبي عبد الله القاضي وغيره أن دستبي كانت مقسومة بين همدان والري فقسم يدعى دستبى همدان كان عامل همدان ينفذ خليفة له مقيم في قرية اسفقنان حتى يجبي خراجه وينقل إلى همدان وقسم يدعى دستبى الري، وقد حازه السلطان لنفسه مدة حين تغلب كوتكين التركي على قزوين سنة ست وستين ومائتين وقبض على محمد بن الفضل ابن محمد بن سنان العجلي رئيس قزوين واستولى على ضياعه.
أنه لما ظهر العدل بقزوين من جهة طاهر بن الحسين صاحب المأمون والجور بهمدان من جهة عمالها وتظلم رجل يقال له محمد بن ميسرة وشكا سوء سيرة عمال همدان وتوجه وفد إلى نيسابور وسئلت الطاهرية نقل رستاق سلقان روذ الخرقان إلى قزوين فأجيبوا ويقال إن الذي سعى في تكوير قزوين ونقل الدستبى إليها بقسميه رجل تميمي من ساكني قرى قزوين يقال له حنظلة بن خالد ويكنى أبا مالك.
في كتاب البنيان الذي كور قزوين هو الحسن بن عبد الله بن سيار العبدي كورها أيام الرشيد واقتطع إليها نسا وسلقان روذ الزهراء والطرم وغيرها وفي كتاب اصبهان تأليف حمزة بن الحسن أنه نقلت نسا وسلقان روذ والخرقان من رساتيق همدان إلى قزوين سنة إحدى وأربعين ومائتين ثم ردت آنفا إلى همدان سنة أربع وخمسين ومائتين ثم ردت بعد ذلك إلى قزوين واستقر الأمر عليه ودستبى أشهر نواحي قزوين ومن نواحيها القاقزان، قرى طيبة الهواء كثيرة الماء.
منها الرامند قرى كبيرة كثيرة الربع، وقصبتها قرقسين و خيارج ويمكن أن تكون هي دستبى الهمدان وفي البنيان للبرقي أن الكلبي قال إنما سميت رامند لأن بعض الأكاسرة في غزاته خراسان مر بهذه المفازة فانتهى إلى موضع رامند، فقال كم بين العمران وبين هذا الموضع فقالوا عشرة، فقال رآه مند أي بقى الطريق واشتهرت بذلك.
ومنها أهروذ ومنا الزهراء وهي ناحية معمورة غزيرة المياه كثيرة الثمار قصبتها مسكن وذكر البرقي أن الزهراء بنيت باسم الزهراء بنت ردى صاحب الري وأنه وهب تلك البقع من ابنته فبنت هناك.
منها البشاريات، ومنها ناحية السفح وناحية الإقبال وهي أقرب النواحي إلى البلد، ومنها رستاق اندجن، وأكثر أهل الزهراء من الشيعة وأكثر أهل البشاريات والسفح من الحنفية وأهل ساير النواحي شافعيون، وفي فرق البدعة من أهل البلدة ونواحيها لدد وشدة كما أن في أهل الاستقامة منهم غيرة وصلابة.
رأيت في بعض المجاميع أن غريباً حضر في قرية من قرى قزوين أهلها متناهون في التشيع فسألوه عن اسمه فقال عمران فأخذوا يضربونه ويستخفون به، فقال لست بعمر إنما أنا عمران فقالوا فيك حروف عمر وحرفان من عثمان، وكانت زنجان والطرم وتلك النواحي تعد من كورة قزوين وكذلك سهرورد وسجائن وقد ينسب إلى قزوين في الوثائق اليوم أيضاً.

عد في البنيان من قرى قزوين جيكان وباجرون وزنجان، وقصر البراذين إلى ناحية الديلم، ومن نواحيها فشكل وقد يضاف الطالقان إليها أيضاً، وذكر البرقي أنه بناها الطالقان الأصغر بن خراسان، وهو توأم الطالقان الأكبر صاحب طالقان خراسان.
أما أوديتها فلها ثلاثة أودية، ويسقى منها كروم القصبة على كثرتها والأغلب وفاؤها بها، وتكتفي أرضوها بالسقي مرة واحدة بجودة تربتها وقد لا تجد الماء سنتين إلى خمس وتشهر كرومها وأصل هذه الأودية ثلوج يجتمع في الجبل وعيون هناك لكن العيون بحيث لا يصل ماؤها إلى البلد، إلا بمعاونة الثلج والمطر.
أحدها وادي دزج يسقى منها كروم دروب الجوسق ودزج وارداق في داخل البلد وقد تزيد فتضر بالدور والعمارات.
الثاني وارى ارنوك يسقي منه كروم دروب دستجرد والصامغان والري وبعض بساتين البلد.
الثالث وادي زرارة تنصب إلى الكروم بطريق أبهر والسد المعروف بدهل بندهو دلف بندبناه دلف بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي حين قدم قزوين وتوطنها لصرف الماء عن العمران وهو بآزاء السد الذي عقده سابور ذو الأكتاف وسمى سابور بند وهذه الأودية مباحة والحكم في المحتاجين إلى السقي منها تقديم الأعلى فالأعلى وما اصطلحوا عليه من المناوبة مسامحة من أصحاب الأرضي العالية والأشبه أنها غير لازمة ولهم الرجوع إذا شاؤا.
رأيت محضراً كتب في آخر صفر سنة أربع عشرة وخمسمائة وفيه خطوط جماعة من الأئمة المعروفين من البلديين وغيرهم مقصودة أنه لما وقعت الزلزلة العظيمة بقزوين ليلة الخامس من رمضان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة وحدث بسببها خراب كثير خربت مقصورة الجامع لأصحاب أبي حنيفة رحمه الله وانكسرت القبة واحتاج إلى إعادتها.
فالتمس من الأمير الزاهد خمار تاش العمادي لرغبته في الخير، أن يعيد عمارتها فلما أمر بالعمارة نقضت المقصورة فوجد تحت المحراب المنصوب في الجدار لوح منقور عليه.
الحمد لله رب العالمين، وصلواته على محمد وآله أجمعين أمر الملك العادل المظفر المنصور عضد الدين علاء الدولة وفخر الأمة وتاج الملة أو جعفر محمد بن دشمن زيار حسام أمير المؤمنين أطال الله بقاه بتخليد هذا اللوح ذكر ما رآه وأباحه من ماء وأدبني دزج واربرك لخاصة أهل قزوين ليشربوا وليسبحوه إلى مزارعهم وكرومهم في القصبة على النصفة وتحريم أخذ ثمر له وإلزام مؤنة عليه على التأبيد.
فمن غير ذلك أو نقضه أو خالف مرسومه فقد باء لغضب من الله واستحق اللعنة واستوجب العقاب الأليم، فمن بدله بعد ما سمعه فإنما أثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم، وكتب في شهر رمضان سنة اثنين وعشرين وأربعمائة.
أما قنواتها ففي كتاب إصبهان تأليف حمزة بن الحسن أن حمزة بن اليسع الاشعري كان رئيساً بقم وهو الذي مصرها ونصب المنبر في مسجدها ثم زاد السلطان ولاية قزوين فأنشأ بقزوين قناة وأجرى مائها وسط المدينة، وليس بقزوين ماء جار غيره قال له على هذه القناة وقف قائم بقزوين يعرف بوقف حمزة وهذا شيء لا يعرف اليوم وقوله وليس هناك ماء جار غيره أراد به ما اشتهر من حال البلد قديماً أنهم كانوا يستقون من الآبار وهي باقية إلى الآن في جميع الحال.
من قنواتها القديمة القناة الطيفورية وهي كثيرة الماء إذا ساعدتها العمارة تدخل من درب دزج ويقسم ماؤها على المحال القريبة والبعيدة، ورأيت في محاضر عتيقة كيفية قسمة مائها في تفصيل طويل، وفي المحاضر ذكر قناة أخرى تعرف بالطرخانية وأخرى تعرف باللمطابادية وهما إما مندرستان الآن أو شعبتان تنصبان في الطيفورية.
ومنها القناة الخمار تاشية استنبطها الأمير الزاهد خمار تاش ابن عبد الله في أيامه ويقال إنه انفق عليها أكثر من أثني عشر ألف دينار، وعليها الاعتماد في أكثر محال البلد.
منها القناة الزرارية وهي قديمة.
منها القناة السيدية يذكر أنها منسوبة إلى بعض العلوية إما لإحداثه لها أو لتولية القيام بها.
منها القناة الخاتونية وهي مستمدة من ماء الوادي وكثيراً ما يتطرق إليها الخلل بسببه.

منها قناة استنبطها الحاجب الحسن بعد سنة سبعين وخمسمائة، وأورد الحاكم أبو عبد الله الحافظ في تاريخ نيسابور أن بقزوين مياها إذا داوم الغريب على شربها ولم يكثر الحركة انتفخت رجلاه، حتى لا يجد بداً من قطعهما، وهذا شيء إن كان في ذلك الزمان، فقد عافى الله منه الآن وله الحمد.
أما مساجدها، فمن المساجد المشهورة المسجد الجامع الكبير، بنى صدره هارون الرشيد والمفهوم مما أورده المؤرخون أن الصحن الكبير وصفوقه زيدت فيه بعد ذلك وذكروا أنه أصاب طبقات الصحن الكبير خلل فأصلحها وأعادها أبو أحمد الكسائي، ومنارة المنادى سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة في سنة ثلاثة عشرة وأربعمائة أمر السلار إبراهيم بن المرزبان بإعادة طبقات وهت من الصحن الكبير وانفق عليها مالاً كثيراً وذكر أنه وقف لهذا التاريخ قرية زرارة على الجامع والقناة وكان يسمى الباب الشارع إلى الحلاويين من أبواب الجامع الباب المعتصمي.
حكى الخليل الحافظ، عن أبي عبد الله بن حلبس، أن الباب الذي يشرع إلى الدقاقين اتخذه الشيخ محمد بن عبد الوهاب المرزي ليقرب الطريق إلى داره، وهذا الباب في غالب الظن هو المنسوب اليوم إلى الخزريين، والصحن الصغير الذي يلي الأبواب الشارعة إلى الحلاويين اتخذه عبد الجبار ابن أبي حاتم ورتب هناك صندوقاً في الحظيرة المنسوبة الآن إلى الأستاذ علي بن الشافعي المقري وأودعها كتباً وقفها على المسلمين، وفي غير موضع من المسجد صناديق فيها كتب موقوفة وغير موقوفة.
فمنها صندوق أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا صاحب المجمل في الصف المقدم، ومنها صندوق الخضر، وهو الموضوع في الحظيرة التي فيها اليوم قبور الكرجية وكان يتولاه حاجي الاسترابادي.
منها صندوق أبي تمام وأبي الحسن الكندري، وضع فيه المحسن الراشدي وغيره كتباً موقوفة وهو الصندوق الموضوع في الحظيرة الواقعة في الزاوية التي يشرع عندها الباب إلى باب لغ.
منها الصندوق الذي ضمنه علي بن أحمد بن علي المعروف بحاجي البيع كتباً وقفها وهو المنسوب إلى الإمام ملكداد بن علي رحمه الله، وفي وضع الصناديق في المسجد نظر للفقيه، وكذا في وضع المنابر الكثيرة لما فيه من شغل الموضع والمنع من الصلاة ويشبه أن يقال إذا لم يكثر وكان في المسجد سعة، وأذن فيه السلطان فلا بأس به ويدل عليه وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنبر في المسجد، وإطباق المسلمين على نصب المنابر ووضع الكتب في المواضع المهيأة لها في جوامع المسلمين وعد ذلك من شعاير الدين.
المقصورة العتيقة من بناء أبي الحسن محمد بن يحيى بن زكريا القاضي صاحب أبي العباس ابن شريح رحمهما الله، وهو الذي أمر باتخاذ منبرها، والمقصورة الكبيرة الجديدة ابتدأ الأمير الزاهد خمار تاش بعمارتها في شوال سنة خمسمائة، وتمت في رجب سنة تسع وخمسمائة وتنقل الخطيب إليها وبنى البهو الكبير في جهة القبلة بعد ذلك والبهو الذي يعقد فيه المجلس تجاه القبلة عمره الأمير ألب أرغو بن برنقش وفرغ منه في شهور سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
المسجد الجامع لأصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه برستاق القطن محدث، وكان دار عيسى النصراني الذي كان والياً بقزوين مدة، وحمل منبره الكبير من الري سنة أربع وأربعمائة، وجهة أبو عبد الله الزعفراني، ولا بأس بإقامة الجمعة في مسجدين إن جعلنا اختلاف البناء مؤثراً فإن مسجدنا في داخل المدينة العتيقة ومسجدهم خارجها، وبناء المدينة سابق وإن لم نجعله مؤثراً فنودي الجمعة في مسجدنا قبل أن تقام في مسجدهم فتصح لنا جمعتنا وعند أبي يوسف يجوز إقامة جمعتين في بلدة واحدة فتصح جماعتهم أيضاً على مذهبه وقد تحتاج الزحمة إلى التعديد.
من المساجد القديمة مسجد التوث وهي من بناء محمد بن الحجاج ابن يوسف وكانوا يجمعون فيه إلى أن بنا هارون الرشيد الجامع ويروي أن الحجاج بعث إلى الديلم، يدعوهم إلى الإسلام أو الجزية، فأبوا فأمر أن تصور له ناحية الديلم سهلها وجبلها وبنيانها فصورت له فدعا من كان قبله من الديلم وعرض عليهم الصورة وقال رأيت فيها مطمعاً فقالوا صوروا لك البلاد ولم يصوروا لك الفرسان الذين يحمون عقابها وجبالها، وستعلم ذلك لو تكلفته فأغزاهم الجنود وأمر عليها ابنه محمد بن الحجاج فلم يصنع شيئاً، وانصرف إلى قزوين وبنى مسجد التوث.

قال محمد بن زياد المذحجي: رأيت في مسجد قزوين لوحاً نقش عليه هذا مما أمر به محمد بن الحجاج، وكان عمال خالد بن عبد الله القسري وسائر عمال بني أمية يلعنون في هذا المسجد علياً رضي الله عنه حتى وثب رجل من موالي بني الجند وقتل الخطيب وانقطع اللعن من يومئذ.
روى عبد الرحمن بن محمد بن حماد الطهراني، فيما رأيت بخط علي ابن ثابت البغدادي، قال نبا علي بن شهاب ثنا مقاتل بن محمد النصرابادي قال: كان بقزوين في مسجد التوث رجل يؤذن فأتى في منامه فقيل له إذا فرغت من كلمة لا إله إلا الله في آخر الأذان فقل الواحد القهار رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار، فكان يقوله حتى توفي فرئي في المنام وقيل له ما فعل الله لك فقال غفر لي بالكلمات التي كنت أقولها بعد الآذان.
منها مسجد بني مرار في المدينة العتيقة كان يؤم فيه محمد بن سعيد ابن سائق.
منها مسجد الطيبين في المدينة أيضاَ، وذكر لي أنه المسجد الذي ينسب اليوم إلى القاضي أبي خليفة.
منها مسجد أبي عبد الله النساج في آخر طريق الري ومسجد محمد بن مسعود، وكان يصلي فيه بعده علي بن أحمد بن صالح.
منها مسجد القاضي إسماعيل المالكي وسلفه برأس طريق الصامغان.
منها مسجد بني مادا بطريق دزج والمسجد عند حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
منها مسجد الكتاب بطريق الجوسق ومسجد أبي الغريب، ومسجد مدينة المباركة، ومسجد مدينة موسى، وقد أندرس مع المدينة.
منها مسجد دهك والمسجد بطريق المقابر الذي فيه قبر الصيقلي.
منها مسجد باب المدينة، وقد أمر الشريف أبو الطيب الجعفري بإعادة عمارته سنة أربع عشرة وأربعمائة، وهذه مساجد موصوفة بالفضل درس فيها القرآن والعلم كثيراً فتبركت بذكرها.
مقابرها ومزاراتهافأعظم المقابر المقبرة التي يتصل أحد أطرافها بالمارستان ودهك ويمتد طرف منها إلى باب كادول وطريق أرادق وطرف منها يدعى باب المشبك وينتهي بعض أطرافها إلى الأومشت من طريق الري، وفي الطريق المتصل بطريق أرادق قبر واحد من الصحابة رضي الله عنهم كذلك سمعت والدي رحمه الله.
في هذه المقبرة المشهد المعروف بابن لعلي بن موسى الرضا رضي الله عنه وكان قد مات في الصغر، وفيه قبر جماعة من العلوية والشيعة وفيها قبر الشيخ إبراهيم المعروف بستنبه، وقبور ومزارات معروفة يطول تعدادها، وعند باب المشبك الجم الغفير من العلماء والأحبار والشهداء والأخيار.
من مقابرها مقبرة طريق الجوسق ويعرف مقبرة علك لأن الشيخ علك القزويني مدفون فيها، وفيها قبور جمع كثير من أهل العلم والصلاح. وبقعة تدعى قبور الشهداء تستجاب عندها الدعاء.
منها مقبرة طريق دستجرد وتدعى كوهك وفيها مسجد على رأس تل يتبرك به، ويصلي فيه لغرض الحاجات واستنجاح الطلبات، وسمعت عن واحد من المعمرين أنه كان عند الدرب بطريق الصامغان، قبور داخل البلد وخارجه، وأنهم دفنوا هناك لموتات وقع ولم يتيسر نقلهم إلى المقابر المعهودة، ولم استحسن التطويل في وصف القبور المزورة لأن البعيد عنها لا ينتفع بالوصف كثير انتفاع ومن وردها يسهل عليه البحث والمراجعة.
من القبور التي تزار في غير المقابر قبر الشهيد أبي القاسم الكرجي، وجماعة من أئمة نسله في الجامع، في الخطيرة المعروفة برأس التربة ولا أدري ما العذر في الدفن في المسجد.
منها قبر الاسكاف إمام الجامع في أصل حائط في شارع محلة ابن مراد وقبر الشهيد إسكندر بن حاجي في خانقاه شهر هيزه وقبر ابتكين التركي في مدرسته برأس كوكبره، وقبر في المسجد القديم بدهك في الصف الداخل وقبر في المسجد المبني في مقابل حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقال أنه لبعض العلوية، وفي الرستاق مواضع يتبرك بها.
منها مسجد بالجرندق فيه قبر بعض الصحابة كما يقال وقبور عظيمة عند دربند اشنستان، ذكر غير واحد ممن زارها أن الدعاء عندها مستجاب، وأن الزاير إذا أتاها أخذته هيبة عظيمة عندها وبطزرك من ناحية الرامند مشهد مشهور يتبرك به وبشنستان مسجد عزيز ومزار وهذا آخر الفصول الأربعة وبالله التوفيق.
القول في بيان

من ورد قزوين من الصحابة والتابعين
رضي الله عنهم أجمعين.

نقدم عليه ما بلغنا في قصة تسخير الريح لسليمان عليه السلام أنه كان ينزل في سيره غدوا ورواحا بقزوين قال الله تعالى في سورة سبا " ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر " ، أي سخرناها له ويقرأ الريح بالرفع، وقال تعالى " فسخرنا له الريح تجري بأمره ورخاء " ، وقرئت الآيتان بالرياح على الجمع.
قوله: غدوها شهر ورواحها شهر أي يسير بالغدو مسيرة شهر، وبالرواح كذلك ويقطع في اليوم الواحد مسيرة شهرين.
قوله: رخاء قيل: لينة الهبوب وقيل طيبة وقيل مطيعة له، وقوله: حيث أصاب أي أراد وقصد من النواحي، تقول العرب أصاب الصواب فأخطأ الجواب، أي قصد الصواب، وذكروا أقوالاً في المسافة التي قطعها غدوا ورواحا.
فمنها أن الريح كانت تحمله غدوة من اصطخر فارس إلى مصر وعشية من مصر إلى اصطخر.
منها في تفسير أبي علي الحسن بن محمد الزعفراني بروايته عن يزيد بن هارون عن أبي هلال وهو الراسبي عن الحسن، قال: كان نبي الله سليمان عليه السلام يغدو من بيت المقدس فيقيل باصطخر ثم يروح من اصطخر فيبيت بقلعة بخراسان يقال لها قلعة سليمان.
منها عن الحسن أنه كان يغدوا من دمشق فيقيل باصطخر وبينهما مسيرة شهر ثم يروح من اصطخر ويبيت بكابل وبينهما مسيرة شهر ومنها في تفسير النقاش أنه يقال أنه كان يتغدى بالري ويتمشى بسمرقند، ويتغدى بسمرقند ويتعشى بالري.
منها وهو المقصود قال محمد بن جرير الطبري في تفسيره: نبا محمد ابن عبد الله بان بزيع، نبا بشر بن المفصل عن عوف عن الحسن أن نبي الله سليمان عليه السلام لما عرضت عليه الخيل فشغله النظر إليها عن الصلاة العصر حتى توارت بالحجاب، غضب الله تعالى فأمر بها فعقرت فأبدله الله مكانها أسرع منها سخر له الريح تجري بأمره رخاء حيث شاء.
وكان يغدو من إيليا ويبيت بقزوين ثم يروح من قزوين ويبيت بكابل.
رأيت هذا القول أولا في نكت علم القرآن تلخيص محمد بن يوسف ابن بندار من كتاب أبي الحسن علي بن عيسى البغدادي النحوي، ثم رأيت في الأصل الملخص منه، ثم وجدته في تفسير ابن جرير المشهور بالأسناد المذكور.
اعلم أنه لا تنافي بين الأقوال والظاهر أنه كانت له عليه السلام توجهات ومقاصد مختلفة وكانت تجري بأمره تارة هكذا وتارة هكذا، وكل نقل من سيره ما بلغه أو نوعاً مما بلغه ويذكر أن الحكمة في تسخير الريح له وتسيره بأهل مملكته بها أن يعرف أن ملك الدنيا مبنيّ على ما لا يقبل الضبط والتقيد ولا ثبات له ولا استقرار بل يميل تارة هكذا وأخرى هكذا - أنشد:
إن ابن آوى لشديد المقتنض ... وهو إذا ما صيد زج في قفص
وأيضاً:
أفا وتعسا لمن مودته ... إن زلت عنه سويعة زالت
إن مالت الريح هكذا وكذا ... مال مع الريح حيث مالت
وقيل:
وكل ريح لها هبوب ... يوماً فلا بد من ركود
ثم أنه قد ورد قزوين ألجم الغفير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم، ألا ترى إلى ما روينا في الآثار في فصل الفضائل أن مرة الهمداني خرج إليها في أربع آلاف وعن الربيع بن خثيم مثله، وهذا عدد كثير سواء تداخلت الأربعتان أو لم يتداخلا وكان العصر عصر الصحابة والتابعين إلا إن الذين نقل ورودهم بأعيانهم جماعة معدودون.
منهم البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس الأنصاري الحارثي أبو عمارة، ويقال أبو الطفيل ويقال أبو عمرو، صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك أبوه واستصغر البراء يوم أحد، وقيل أنه استصغر يوم أحد أيضاً وأول مشاهدة الخندق.
كذلك ذكره أبو عبد الله بن مندة الحافظ وحدث الإمام البخاري في التاريخ عن عبد الله بن رجاء قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق نبا البراء قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم خمس عشرة غزوة، قال ابن مندة وروى عنه أبو جحيفة وبنوه الربيع ويزيد وعبيد وذكر أبو بكر بن أبي خيثمة له ابنا آخر وهو لوط.
في تاريخ البخاري في باب إبراهيم بن البراء بن عازب، وأورد روايته عن أبيه وفي باب يحيى، يحيى بن البراء بن عازب، وذكر أنه روى عن ابن مسعود في المعارف لابن قتيبة، أنه كان للبراء ابنان يزيد وسويد وقد سبق ما اشتهر من فتح البراء قزوين رضي الله عنه.

قال بكر بن الهيثم: ولى في أول زوال ملك العجم المغيرة بن شعبة الكوفة وجرير بن عبد الله همدان، والبراء بن عازب قزوين سار إليها وفتحها الله على يده، وعن أبي عمر الشيباني، أن البراء افتتح قزوين والري وأبهر وزنجان وشهد مع علي رضي الله عنه الجمل وصفين والنهروان وكان رسوله إلى أهل النهروان.
ذكر الخليل الحافظ في تاريخه أنه كان للبراء بقزوين أجناد فيهم رواة وعلماء وأنه بقي فيهم سنتان، أنبأنا أبو منصور الديلمي، أنبا أبو القاسم البرجي، أنبا أبو نعيم الحافظ، أنبا أبو محمد بن فارس، أنبا يونس بن حبيب أنبا أبو داؤد، ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر، ولم يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤسنا الطير.
فجعل يرفع بصره وينظر إلى السماء، ويخفض بصره وينظر إلى الأرض، قال عوذوا بالله من عذاب القبر، قالها مراراً ثم قال: إن العبد إذا كان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا جاءه ملك فجلس عند رأسه فقال اخرجي أيتها النفس الطيبة، إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج نفسه، وتنزل ملائكة من الجنة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم أكفان من أكفان الجنة، وحنوط من حنوطها، فيجلسون منه مد البصر، فإذا قبضها الملك لم يدعوها في يده طرفة عين.
قال فذلك قوله تعالى: " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " ، قال: فتخرج بنفسه كأطيب ريح فتعرج به الملائكة فلا يأتون على جند فيما بين السماء والأرض إلا قالوا ما هذه الروح فيقال فلان بأحسن أسمائه حتى ينتهوا به إلى باب سماء الدنيا، فيفتح لهم وتبعه من كل سماء مقربوها، حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة، فيقال اكتبوا كتابه في عليين، وما أدريك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون، فيكتب كتابه في عليين.
ثم يقال ردوه إلى الأرض، فإن وعدتهم إني منها خلقتهم ومنها أعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى، قال فيرد إلى الأرض ويعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان شديد الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان: من ربك وما دينك فيقول ربي الله وديني الإسلام.
فيقولان فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم، فيقول هو رسول الله، فيقولان، وما يدريك فيقول: جاءنا بالبينات من ربنا فآمنا به وصدقنا قال وذلك قوله: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
قال: وينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي، فألبسوه من الجنة وافرشوه منها، وأروه منزلة منها، فيلبس من الجنة ويفرش منها ويرى منزله منها، ويفسح له مد بصره وبمثل له عمله في صورة رجل حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب، فيقول أبشر بما أعد الله لك ابشر برضوان من الله، وجنات فيها نعيم مقيم.
فيقول بشرك الله بخير، من أنت فوجهك الذي جاء بالخير، فيقول هذا يومك الذي كنت توعد والأمر الذي كنت توعد أنا عملك الصالح فو الله ما علمتك إلا سريعاً في طاعة الله بطيئاً عن معصيته فجزاك الله خيراً فيقول يا رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
قال فإن كان فاجراً وكان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا جاء ملك فجلس عند رأسه فقال: أخرجي أيتها النفس الخبيثة، وابشري بسخط من الله وغضبه وينزل ملائكة سود الوجوه، معهم مسوخ فإذا قبضها الملك قاموا فلم يدعوه بيده طرفة عين قال فيفرق في جسده فيستخرجها يقطع معها العروق والعصبة كالسفود الكثير الشعب في الصوف المبلول، فتؤخذ من الملك فتخرج كأنتن ريح وجد فلا تمر على جسده فيما بين السماء والأرض إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة.
فيقولون: هذا فلان بن فلان بأسوأ أسمائه حتى تنتهي إلى السماء الدنيا فلا يفتح له فيقول ردوه إلى الأرض إني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها نعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى قال فيرمى به من السماء وتلا هذه الآية " ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق " .

قال فيعاد إلى الأرض فتعاد فيه روحه ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه، ويجلسانه فيقولان من ربك وما دينك فيقولان: ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فلا يهتدي لاسمه فيقال محمد، فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون ذلك، فيقال لا دريت، فيضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويمثل له عمله في صورة رجل قبيح الوجه منتن الريح قبيح الثياب فيقول أبشر بعذاب من الله وسخط.
فيقول من أنت فوجهك الوجه الذي جاء بالشر، فيقول أنا عملك الخبيث والله ما عملتك إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله سريعاً إلى معصية الله.
قوله: فانتهيا إلى القبر ولم يلحد فجلس، إنما جلس ليتم اللحد فإن المستحب للمشيع أن يمكث إلى مواراة الميت.
قوله كأنما على رؤسنا الطير معناه إنا كنا جموداً لا نتحرك تعظيماً لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورعاية لأدب مجلسه كما أن من على رأسه الطير لا يتحرك لئلا ينفر ورفع البصر وخفضه يشعر بالتفكير، وهو اللايق بحال حضور الجنازة والحضور في المقبرة والأمر بالعياذ من عذاب القبر، في تلك الحالة كأن سببه اطلاعه على معذبين هناك.
قوله في قبل من الآخرة: قبل الشيء أوله ومقدمه إما زماناً كما يقال كان ذلك في قبل الصيف وإما مكاناً كما يقال وقع السهم قبل الهدف.
قوله معهم أكفان من أكفان الجنة وحنوط من حنوطها، أي للنفس الطيبة يدرجونها في الأكفان ويطيبونها بذلك الحنوط، والحنوط والحناط ما يخلط من الطيب للموتى خاصة قاله في الغريبين، وجلوسهم منه مد البصر يشبه أن يكون المراد منها بيان كثرة عددهم، ويمكن أن يريد جلوسهم على بعد منه إما لتوقيره، وتوقير النفس الطيبة أو لئلا يرتاع منهم ومن اجتماعهم.
قوله: فتخرج نفسه كأطيب ريح، أي بأطيب ريح، أو في ريح كأطيب ريح، وقوله: فتعرج به الملائكة ذكر الكناية في الحديث في مواضع فالتأنيث على الرد إلى النفس والتذكير على الرد إلى الخارج أو المقبوض.
قوله في هذه الروح بعد ما سبق، ذكر النفس حيث قال أيتها النفس، وقال فخرج نفسه يبين أن المراد من الروح النفس شيء واحد وقوله: فلان بأحسن أسمائه يشير إلى أن العبد الصالح يعرف فيما بينهم بالصلاح والطاعة.
قوله فيرد إلى الأرض ويعاد روحه إلى جسده أي يرد روحه ويعاد روحه المردود إلى جسده وانتهر ونهر واحد.
روى عن محمد بن الحجاج بن هارون المقري القزويني قال سمعت أبا بكر الأسدي ينشد قصيدة التي يهجو فيها الجهمية ويرد فيها على إنكارهم عذاب القبر بقوله:
سليمان والمنهال قالا وحدثا ... وزاذان يروي والبراء المخبر
عن الصادق المصدوق إذ في جنازة ... يحدث في الأنصار والقبر يحفر
فمن شك فيه للشفاء فإنه ... سيعرفه في قبره حين يقبر
أراد به الخبر الذي رويناه وسليمان هو الأعمش وزاذان مولى كندة أبو عمرو يقال أبو عبد الله روى عن علي وابن مسعود والبراء فتح قزوين مع زيد الخيل الطائي رضي الله عنهم.
حكينا عن أبي سعيد البكري، أن البراء فتح قزوين مع زيد الخيل رضي الله عنهما وهو زيد الخيل بن مهلهل بن يزيد بن صهب بن عبد رضا ابن المختلس بن ثوب بن كنانة بن مالك بن نابل سودان ويقال أسودان، وهو نبهان بن عمرو بن الغوث بن طي، ويكنى بأبي مكنف بابنه مكنف بن زيد شاعر فارس وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسلم، ويعد في المؤلفة مع عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وقد يقال له زيد الخير بالراء، ويروى أنه كان يشهر في العرب بزيد الخيل فلما قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدل اللام بالراء.
سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أبو عثمان يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عبد مناف ويقال له سعيد بن العاص الأصغر ولجده سعيد بن العاص الأكبر وهو أبو احيحة، وربما قيل له سعيد بن العاص ابن أبي أحيحة، وربما حذف جده وأبي جده وقيل سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس وله صحبة فيما ذكر ابن أبي حاتم وغيره.

في الذيل لمحمد بن جرير الطبري، أنه كان يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابن تسع سنين أو نحوها وأبوه العاص بن سعيد قتل في يوم بدر مشركاً قتله علي رضي الله عنه ويروى أن عمر بن الخطاب لقي سعيد أو رأى منه إعراضاً، فقال مالي أراك معرضاً كأني قتلت أباك إنما قتله علي ولو قتلته ما اعتذرت من قتل مشرك وقد قتلت بيدي خالي العاص ابن هشام بن المغيرة فقال سعيد يا أمير المؤمنين لو قتلته كنت على حق وكان على باطل.
جده أبو أحيحة مات مشركاً وله أعمام صحابيون منهم، خالد بن سعيد بن العاص قديم الإسلام، يقال أنه خامس من أسلم، وعذبه أبو أحيحة أبوه على الإسلام فهاجر مع زوجته إلى أرض الحبشة.
منهم عمرو بن سعيد بن العاص أسلم بعد أخيه خالد بيسير وتبعه في الهجرة إلى الحبشة ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السفينتين اللتين بعثهما النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع جعفر ابن أبي طالب.
أبان بن سعيد بن العاص أسلم قبل الفتح، وهو الذي أجار عثمان رضي الله عنه حين دخل مكة وكان مشركاً بعد، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخالد عامله على صدقات مذحج وعمرو، عامله على خيبر وتيماء و وادي القرى، وأبان على البحرين وقتل خالد شهيداً في خلافة عمر رضي الله عنه، وعمرو شهيداً في خلافة أبي بكر رضي الله عنه بأجنادين.
ذكر ابن جرير وابن منده أن الحكم بن سعيد بن العاص أسلم فسماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله فسمى به، وترك الحكم فهذا عم رابع، وسعيد من أجواد الإسلام المجتمعين في عصر واحد وهم أحد عشر على ما ذكر هشام الكلبي وغيره، وقد صنف الجاحظ كتاباً في ذكرهم وأحوالهم وفيه أن سعيداً كان ذابيان، وأنه كان يقال له عكة العسل وأنه روى عن ابن عمر أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثوب برد فقالت: يا رسول الله إني نويت أن أعطي هذا الثوب أكرم شاب في العرب فقال لها أعطيه هذا الغلام يعني سعيد بن العاص وهو واقف، فبذلك سميت الثياب السعيدية.
قال ابن جرير أنه اعتزل أيام الجمل وصفين فلم يشهد تلك الحروب، ولاه معاوية المدينة بعد ما تم له الأمر ثم عزله، ويقال أنه ولي الري لعثمان رضي الله عنه ودخل قزوين.
عن بكر بن الهيثم أنه مصرها وغزا الديلم ويبين وروده هذه الديار، وكونه من الصحابة ما قرأت على الحافظ علي بن عبيد الله، أنبا القاضي عبد الكريم بن إسحاق إذناً، أنبا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الجرجاني سنة ستة وسبعين وأربعمائة، أنبا أبو زرعة إبراهيم بن محمد بن الحسن الرازي، ثنا الضحاك على المكتب ثنا أبو علي الحسين بن حمدان، ثنا محمد بن يوسف الفرا، ثنا محمد بن شادان عن محمد بن أبان عن سعيد بن عبد الجبار، أخبرني من سمع الزهري يقول نزل الري أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنهم.
نزل عبد الله ابن عمر أندرمان ونزل عبد الله بن عمرو بن العاص جاموران ونزل سعيد بن العاص شيروان ونزل عبد الله بن عباس فيروز ورام كانوا يتزاورون وكان لسعيد بنون عمرو ويحيى وعنبسة وروى عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة وروع عنه يحيى وسالم وعبد الله ابن عمر، وتوفي سنة سبع أو ثمان وخمسين.
أخبرنا عن أبي طاهر هاجز عن ابني شجاع المصقليين، أنبا أبو عبد الله ابن مندة، أنبا بن سليمان، ثنا أبو زرعة، ثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب ابن حمزة عن الزهري، أخبرني يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص قال استأذن أبو بكر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مضطجع على فراشه لابسا مرط عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأذن لأبي بكر وهو كذلك، فقضى إليه حاجته ثم انصرف.
قال ثم استأذن عمر رضي الله عنه فآذن له وهو على تلك الحالة فقضى إليه حاجته، ثم انصرف وقال عثمان بن عفان ثم استأذنت إليه فجمع عليه ثيابه فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت، فقالت عائشة يا رسول الله مالك لم تفزع لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عثمان رجل حيي وخشيت أن أذنت له وأنا على حالي تلك أن لا يبلغ حاجته.

المرط كساء من صوف أوخز أو كتان قاله الخليل قيل هو الإزار وقولها لم يفزع يرويه بعضهم لم يفزع وكما فزعت من الفزاع وبعضهم لم تفزع وكما فزعت أي بادرت من الذعر والهيبة وفيه ما يدل على أن مباسطة الإخوان بعضهم مع بعض لا يخل بالأدب ورعاية الاحترام وعلى رأفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
حيث أشفق أن يمنع الحياء عثمان رضي الله عنه من عرض الحاجة في تلك الحالة، وعلى أنه ينبغي أن يعامل كل أحد بحسب طبعه ومزاجه، وطبايع الناس مختلفة وشيمهم ومزاجهم متفاوتة جوده ورداءة وطيباً وخبثاً ثم كل صنف من ذوي الأخلاق الجيدة والردية، على درجات ومراتب وينشد لمنصور الفقيه:
بنو آدم كالنبت ونبت الأرض ألوان
فمنه شجر الصندل والكافور والبان
ومن شجر أفضل ما يحمل قطران
منهم سلمان الفارسي رضي الله عنه أبو عبد الله يقال له سلمان بن الإسلام وسلمان الخير وكان اسمه الأول على ما حكى الحافظ أبو نعيم ما هويه وقيل بوذ بن بدخشان بن آذر جشنش من ولد منوجهر الملك وقيل غيره وكان من أهل أصبهان ويقال من جي أصبهان ويقال من رامهرمز ويذكر أنه عاد إلى أصبهان وفي زمن عمر رضي الله عنه وأنه كان له أخ بشيراز قد أعقب بها وبنتان بمصر وأنه كان له ابن اسمه كثير وقد تداولته أيد كثيرة بعد ما استرق إلى أن أتى رسول صلى الله عليه وآله وسلم في السنة الأولى من الهجرة وأسلم وقصة إسلامه تروي بطرق كثيرة مطولة ومختصرة.
فمنها ما كتب إلينا غير واحد من الشيوخ رحمهم الله - عن هبة الله ثنا محمد بن الحصين سماع بعضهم منه وإجازته لبعضهم، أنبا أبو علي بن المذهب، أنبا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي ثنا يعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد، ثنا أبي عن محمد بن إسحاق بن بشار، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس، قال حدثني سلمان الفارسي رضي الله عنهما حديثه.
قال كنت رجل فارسياً من أهل أصبهان من أهل قرية يقال لها جي فكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله تعالى إليه لم يزل في حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة قال وكانت لأبي ضيعة عظيمة قال: فشغل في بنيان له يوماً قال يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد.
فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنايس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس، يحبس أبي إياي في بيته فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت أنظر ما يصنعون قال فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم ورغبت في أمرهم، وقلت هذا والله خير من الدين الذين نحن عليه، فوالله ما تركتهم، حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم آتها.
فقلت لهم أين أصل هذا الدين فقالوا بالشام قال ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله قال فلما جئته قال لي أي نبي أين كنت ألم أكن عهدت إليك ما عهدت، قال قلت يا أبه مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه.
قال قلت كلا والله أنه لخير من ديننا، قال فخافني فجعل في رجلي قيداً ثم حبسني في بيته قال وبعثت إلى النصارى فقلت لهم إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم قال فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى قال فأخبروني بهم قال فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم، وأرادوا الرجعة إلى بلدهم فأذنوني بهم.
فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين قالوا الأسقف في الكنيسة قال: فجئته فقلت إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك لخدمتك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك.

قال فأدخل فدخلت معه، قال فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها شيئاً اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق قال فأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعطه المساكين منها شيئاً فقالوا أو ما علمك بذلك.
قال فقلت أنا أدلكم على كنزه، قالوا فدلنا عليه، قال فأريتهم موضعه قال فاستخرجوا منه سبع قلال مملؤة ذهباً وورقاً، قال فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنوه أبداً فصلبوه ثم رموه بالحجارة، ثم جاؤا برجل آخر فجعلوه مكانه، قال يقول سليمان: فما رأيت رجلاً يعني لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلاَ ونهاراَ منه فأحببته حباً لم أحبه من قبل.
فأقمت معه زماناَ ثم حضرته الوفاة فقلت له يا فلان إني قد كنت معك وأحببتك حباَ لم أحبه من قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله عز وجل فإلى من توصي في وما تأمرني قال أي بني والله ما أعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثرها ما كانوا عليه إلا رجل بالموصل وهو فلان فهو على ما كنت عليه فالحق به.
فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره فقال أقم عندي، قال فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان إن فلاناً أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وما تأمرني قال: أي بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلاً بنصيبين وهو فلان فالحق به.
قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته خبري وما أمرني به صاحبه، قال فأقم فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبه فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبثت أن نزل به الموت فلما حضر قلت له يا فلان أن فلاناً أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان يعني إلى فلان وفلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني قال أي بني والله ما أعلم أحداً بقي على أمرنا أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية فإنه على مثل ما نحن عليه فإن أحببت فأته فإنه على أمرنا.
فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري، فقال أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم قال واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة قال ثم نزل به أمر الله تعالى فلما حضر قلت له يا فلان إني كنت مع فلان فأوصي بي فلان إلى فلان وأوصى بي فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي وما تأمرني.
قال أي بني والله ما أعلم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك بأن تأتيه ولكن أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا يخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل قال ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله عز وجل أن امكث.
ثم مر بي نفر من كلب تجاراً فقلت لهم تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي قالوا نعم فأعطيتهموها وحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل من يهود عبداً فكنت عنده ورأيت النخل ورجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق في نفسي بينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة، من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها.
بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له يذكر ما أنا فيه من شغل الدولج، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس إذا أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال يا فلان قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن يجتمعون بقبا على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي قال فلما سمعتها أخذتني العروا حتى ظننت أني سأسقط على سيدي.

قال ونزلت عن النخل فجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا تقول قال فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال مالك ولهذا أقبل على عملك قال قلت لا شيء إنما أردت أن استثبته عما قال وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بقبا فدخلت عليه فقلت أنه قد بلغني إنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم.
فقال فقربته إليه فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه كلوا وأمسك يده فلم يأكل. فقلت في نفسي هذه واحدة، قال ثم انصرفت عنه فجمعت شيئاً وتحول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، ثم جئته به فقلت إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها قال فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه.
قال فقلت في نفسي هاتان اثنتان، قال ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ببقيع الغرقد قال: وقد شيع جنازة رجل من أصحابه عليه شملتان له فهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل يرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استدبرته عرف أني استثبت في شيء لي فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكبت عليه أقبله وأبكي.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحول فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك بابن عباس فأعجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يسمع ذلك أصحابه ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدر واحد قال ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نحلة أحييها له بالفقير وأربعين وقية.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة والرجل بعشرة ويعين الرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا سلمان فتقفر لها فإذا فرغت فأتني أكون أنا أضعها بيدي قال فقفرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معي إليها فجعلنا تقرب له الودى ويضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده، فوالذي نفس سلمان بيده ما مات منها ودية واحدة فأديت النخل وبقي على المال فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل بيضة دجاجة من ذهب من بعض المغازي فقال ما فعل الفارسي المكاتب قال فدعيت له.
فقال خذ هذه فأدبها ما عليك يا سلمان قال قلت وأين يقع هذه يا رسول الله مما على قال خذها فإن الله سيؤدي بها عنك قال فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم وعتقت فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق حراً ثم لم يفتني معه مشهد.
قاطن النار الذي يقيم عندها ويلازمها، يقال قطن بالمكان إذا أقام به وخبت النار سكنت والبنيان البناء كان اشتغال بالبنا منعه من تعهد ضيعته وقوله من الدين نحن كذلك هو في الأصل وهو صحيح ويمكن أن يكون من الذي نحن عليه أو الدين الذين نحن عليه.
الحرة الأرض التي ألبست الحجارة السود والدولج النقب في الأرض والمواضع التي يستتر فيها يقال أنه شبه موضع عمله في البعد عن الناس وقلة وصول الأخبار إليه بالمواضع التي يستتر فيها.
العذق بفتح العين النخلة وبنو قيلة الأنصار والعروا شبه الرعدة واللكم الضرب باليد، وقوله هذه واحدة أي من العلامات التي وصفت لي وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأكل في المرة الأولى، وأكلهم معه في مرة الثانية مع كونه عبداً لا يملك، محمول على أنه كان مأذوناً له في الاطعام والأهدا - والله أعلم.
قوله أحييها له بالفقير أي أفقر مواضعها وانصبها فيها والفقير والفقرة: الحفرة التي تحفر لذلك وقفرت أي حفرت للغرس حفراً وكانت تلك الكناية على عين ومنفعة والعين نوعان ودي ونقد والذي أخير عنه جملة ما كونت عليه فأما بيان أوصاف العوض المشروط والتأجيل المعتبر في النجوم فهي غير مقصودة بالذكر.

الواقية والأوقية قدر أربعين درهماً والودي صغار النخل ووفاء القدر الذي أعطاه وقد استحقره سلمان كوفاء الطعام اليسير بإشباع الجمع الكثير وهو نوع من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
في الحديث بيان أول مشهد شهده سلمان الخندق ويقال إن حفر الخندق كان بإشارة منه وخرج سلمان رضي الله عنه مع الصحابة والتابعين إلى العراق وحضر فتح المدائن وذكر الحافظ الخليل أنه ورد كور قزوين مع أبي هريرة رضي الله عنهما عند منصرفهما من الباب وكان والياً بالمداين وبها وتوفي في خلافة عثمان وقيل في خلافة علي رضي الله عنه سنة ست وثلاثين.
أنبأنا علي بن عبد الله نبا أبو زرعة عبد الكريم بن إسحاق بن سهلويه نبا أبو بكر الدينوري إجازة سمعت أبا هنصور عبد الله بن علي الأصبهاني ببروجرد سمعت أبا القاسم الطبراني، ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة عن أشياخه قال لما كان يوم السقيفة اجتمعت الصحابة على سلمان الفارسي يا أبا عبد الله أن لك سنك ودينك وعملك وصحبتك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقل في هذا الأمر قولاً يخلد عنك فقال كويم اكرشنوبد ثم غدا عليهم فقالوا ما صنعت أبا عبد الله فقال: كفتم أكربكار بريد ثم أنشأ يقول:
ما كنت أحسب أن الأمر منصرف ... عن هاشم ثم منهم عن أبي الحسن
أليس أول من صلى لقبلته ... وأعلم القوم بالأحكام والسنن
ما فيهم من صنوف الفضل يجمعها ... وليس في القوم ما فيه من الحسن
يقال ليس لسلمان غير هذه الأبيات.
سلمان بن ربيع التميمي الباهلي، ذكر الحافظ أبو يعلى الخليلي أنه فمن دخل قزوين وأن له صحبة ولذلك عده أحمد ابن فارس صاحب المجمل في الصحابة رأيته في بعض أماليه وعدة آخرون في التابعين، وقال الحافظ أبو عبد الله بن مندة أن البخاري ذكره في الصحابة ولا يصح وذكر أنه كان يقال له سلمان الخيل لأنه كان يلي الخيول في خلافة عمر رضي الله عنه بأرض العراق، وأنه كان يحج كل سنة، وأنه كان قد استقضاه عمر رضي الله عنه بالكوفة، وكان أول قاض بها، وعن أبي وايل قال اختلفت إلى سلمان بن ربيع حين قدم على قضاء الكوفة أربعين صباحاً لا يأتيه فيها خصم.
ذكر الحاكم أبو عبد الله أن سلمان بن ربيع أعقب بنيسابور سمع عمر رضي الله عنه وروى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة وعدي بن عدي والصبي بن معبد أخبرنا الحافظ أبو موسى المديني كتابة عن أبي نصر أحمد بن عمر الغازي قال أنبا الواقد بن الخليل بأصبهان أنبا والدي حدثني محمد بن أحمد بن ميمون الكاتب، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي ثنا الفريابي، ثنا سفيان عن منصور الأعمش عن أبي وائل عن الصبي بن معبد التغلبي.
قال قرنت بين الحج والعمرة خرجت التي بهما فقال لي زيد بن صوحان وسلمان بن ربيع وسمعاني التي بهما لأنت أضل من بعيرك قال فخرجت كأني أحمل بعيري على عنقي حتى قدمت على عمر بن الخطاب فحدثته بما قالا بي وما صنعت فقال إنهما لا يقولان شيئاً هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم.
الصبي روى عنه مسروق الأجدع والشعبي وأبو إسحاق السبيعي وإبراهيم النخعي، ويقال أنه كان نصرانياً فأسلم وقوله وسمعاني التي بهما الواو للحال وقولهما لانت أضل من بعيرك جواب قسم محذوف، وقوله كأنما أحمل بعيري على عنقي يريد من ثقل قولهما لي وتوبيخها أياي على ما صنعت، واختلاف الناس في الأفضل من الأفراد والقران والتمتع مشهور، وقد صح عن عائشة وجابر وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفراد الحج وعن أنس وعمران بن الحصين ويروي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهم أنه قرن وعن عثمان وعلي وابن عباس رضي الله عنهم أنه تمتع.
رجح الشافعي رضي الله عنه رواية جابر في الإفراد على رواية التمتع والقران، بأن جابراَ رضي الله عنه كان أشد عناية بضبط المناسك، وأفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من لدن خرج من المدينة وإلى أن تحلل وكانت وفاة سلمان بن ربيع ببلنجر من ناحية أرمينية سنة إحدى وثلاثين يقال أنه قتل.
في دلائل النبوة لأبي محمد بن عبد الله بن مسلم قتيبة أن أهل تلك الناحية جعلوا عظامه في تابوت فإذا احتبس عنهم القطر أخرجوه واستسقوا به فيسقون قال ابن جمانة الباهلي يفتخر:

إن لنا قبرين قبراً بلنجر ... وقبراً بأعلى الصين يالك من قبر
فهذا الذي بالصين عمت فتوحه ... وهذا الذي بالترك يسقي به القطر
لو قال يسقي من القطر لكان أولى، والقبر الذي بالصين قبر قتيبة ابن مسلم الباهلي والذي بالترك قبر سلمان بن ربيع.
النعمان بن مقرن المزني رضي الله عنه أبو عمرو وفي تاريخ الخليل الحافظ تكنيته بأبي حكيم ومقرن على ما ذكر محمد بن جرير، والحافطان الدارقطني وابن مندة جد النعمان، وهو نعمان بن عمرو بن عايذ بن منجا بن بجير بن نصر بن حبشية بن كعب بن عبد بن ثور بن هذمة بن لاطم شهد مع سنة إخوة له الخندق منهم سويد ومعقل وعقيل وفي أعقابهم رواة، منهم معاوية بن سويد بن مقرن، روى عن أبيه، وعن البراء بن عازب وعبد الله بن معقل بن مقرن، روى عن ابن مسعود، نقل ورود النعمان ظاهر قزوين كان أمير الجيش يوم نهاوند واستشهد بها سنة إحدى عشرين وبها قبره.
أخبرنا الخطيب عبد الكافي بن عبد الغفار بن مكي بن محمد الحربي في كتابه أخبرنا جدي أبو بكر مكي ابن محمد قراءة عليه سنة ثلاث وخمسمائة أنبا أبو حفص عمر بن محمد بن عمر بن حاباره المالكي سنة خمسين وأربعمائة أنبا أبو بكر محمد بن عمر بن حابارة، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي حماد، ثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن ساكن، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا حسين بن علي عن زائدة عن حصين بن عبد الرحمن عن سالم بن أبي الجعد، قال ثنا النعمان بن مقرن قال.
قدمنا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أربعمائة من مزينة قال فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ببعض أمره، فقال بعض القوم يا رسول الله ما معنا طعام نتزود قال فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا عمر زودهم فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله ما عندي إلا قطع من تمر ما أرى أن يغني عنهم شيئاً قال انطلق فزودهم فانطلق بنا ففتح لنا عليه له فإذا فيها من تمر مثل البكر الأورق قال فأخذ القوم حاجتهم قال وكنت في آخر القوم فالتفت فما افقد موضع تمرة وقد احتمل أربعمائة رجل.
العلية الغرفة والجمع العلالي والبكر الفتى من الإبل والورقة في الإبل لون يضرب إلى الخضرة كلون الرماد ويقال إلى السواد.
به عن ابن ساكن قال ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث أميراً على جيش أو سرية، أوصاه قال إذا حاضرتم أهل حصن فأرادوكم على أن تجعلوا لهم ذمة الله ورسوله فلا تجعلوا لهم ذمة الله ولا ذمة رسوله ولكن اجعلوا لهم ذممكم وذمم أبنائكم فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم خير لكم من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله.
قال سفيان قال علقمة فحدث سليمان بن بريدة مقاتل بن حبان فقال مقاتل حدثني سلم بن هيضم عن النعمان بن مقرن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله أخرجه مسلم في الصحيح أكمل من هذا وقوله أن تخفروا يقال أخفرته إذا لم تف بذمة وغدرت وخضرته عقدت له ذمة والخفارة بالضم الذمة والعهد.
أخبرنا عن كتاب أبي طاهر المعروف بهاجر عن ابني شجاع المصقليين أنبا الحافظ أبو عبد الله بن منده، أنبا محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة، ثنا جعفر بن شاكر، ثنا عفان مسلم، ثنا حماد بن مسلمة عن أبي عمران الحربي عن علقمة بن عبد الله عن معقل بن يسار عن النعمان بن مقرن قال كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا غزا فلم يقاتل أول النهار ولم يقاتل حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر - أورده البخاري في التاريخ الكبير فقال قال موسى بن إسماعيل: ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران بإسناده.
الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف أبو وهب القرشي الأموي واسم أبي معيط أبان قال ابن جرير هو وأخواه عمارة وخالد إبنا عقبة من مسلمة الفتح والوليد أخو عثمان رضي الله عنه لأمه وهي أروى بنت كريز بن ربيع بن خبيب بن عبد شمس بن عبد مناف وله صحبة ورواية وولي الكوفة لعثمان رضي الله عنه وغزا أذربيجان، وشهد أهل الكوفة عليه بالشرب فضربه عثمان رضي الله عنه وأخرجه منها فنزل الرقة.

ذكر ابن أبي حاتم أنه أعقب بها ومات بها وكان من رجال قريش وشعرائهم وعن بكر بن الهيثم أنه بعد ما ولى الكوفة غزا الديلم مما يلي قزوين ودخل قزوين وغزا جيلان وموقان والبر والطيلسان.
أنبأنا غير واحد عن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي، أنبا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد بن موسى، أنبا أحمد بن عبدان بن محمد، أنبا محمد بن إسماعيل قال قال محمد بن عبد الله العمري، ثنا زيد بن أبي الزرقا الموصلي، ثنا جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج الكلابي عن عبد الله الهمداني عن الوليد بن عقبة قال لما فتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة جعل أهل مكة يجيئون بصبيانهم فيمسح رؤسهم ويدعو لهم بالبركة فجيء بي إليه أنا مطيب بالخلوق ضرب من الطيب معروف عندهم وخلقه بالتشديد علاه به.
كان عقبة بن أبي معيط والد الوليد شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه فقوله، ولم يمنع من ذلك إلا أن أمي خلقتني يكن أن يشير به أبي أن امتناعه صلى الله عليه وآله وسلم من مسح رأسه لم يكن على سبيل المجازاة لأفعال أبيه السيئة وإنما كان للخلوق ومدحت بنت لبيد بن ربيعة الوليد بقولها:
إذا هبت رياح أبي عقيل ... ذكرنا عند هبتها الوليدا
أشم الأنف أصيد عبشمياً ... أعان على مروته لبيدا
وأبو عقيل كنية لبيد وكان قد نذر أن ينحر كلما هبت الصبا.
أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه أنبا أبو سعد السمعاني بالإجازة العامة أنبا أبو نصر الغازي عن الواقد بن الخليل عن أبيه ثنا علي بن عمر الفقيه ومحمد بن إسحاق بن محمد قال ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا أبي ثنا معاذ بن أسد المروزي نزيل البصرة ثنا منصور بن عبد الحميد بن راشد وكان قديم السن من أهل مرو قال رأيت أبا هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقزوين عليه عمامة بيضاء قد خضب بالصفرة وهذا الرواية تعتضد بروايات آخر متطابقة على ورود أبي هريرة بقزوين وقد كثر الاختلاف في اسم أبي هريرة واسم أبيه ورجح مرجحون من الروايات في اسمه عبد الرحمن وفي اسم أبيه صخراً.
يقال أنه كان ينزل ذا الحليقة وأنه تصدق بداره بالمدينة على مواليه وأنه قدم المدينة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بخيبر سنة سبع فسار إلى خيبر وعاد منه إلى المدينة وأنه كان من أحفظ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحرصهم على طلب العلم وأنه كان من ملازمي الصفة يسكنها حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان عريف أهلها وأنه كان يلي الأعمال استعمله عمر رضي الله عنه على البحرين ومروان على المدينة وكان مع تولى الإمارة لا يتحاشى عن إظهار ما كان عليه من رقة الحال في الابتداء ويشكر الله تعالى على ما أتاه.
حدث الحافظ أبو نعيم فيما أنسى عن أبي علي عنه عن سليمان بن أحمد قال ثنا أبو زرعة الدمشقي، ثنا أبو اليمان أنبا شعيب ابن أبي حمزة عن الزهري حدثني سعيد وأبو سلمة، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال أنكم تقولون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقولون ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل أبي هريرة، فإن أخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكان يشغل أخواني من الأنصار عمل أموالهم وكنت امرأً من مساكين الصفة الزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ملء بطيء فأحضر حين يغيبون وأعي حين ينسون.
يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال إن كنت لاستقري الرجل في السورة لأنا اقرأ لها منه رجاء أن يذهب بي إلى بيته فيطعمني وذلك حين لا آكل الخمير ولا ألبس الحبر قوله آكل الخمير أين الذي أجيد عجنه وتخميره ويمكن أن يريد حين لا أجد ما أخمره فأقتصر على السويق، ونحوه والحبر من البرود ما فيه وشيئ وتخطيط، يقال حبرت الثوب وحبرته بالتخفيف.

هذا مما ذكرنا أنه كان لا يبالي بإظهار رقة الحال، ثم لم يكن لبسه الجير تزيناً وتكاثراً بل كان يلبس ما ينفق على زهده في الدنيا وتزهيده فيها، وقد روى في حديثه أنه قال: تعس الدينار والدرهم الذي أن أعطى مدح وصيح وإن منع قبح وكلح تعس فلا انتعش وشيك فلا انتعش تعس أي عثر وهلك ومنه يقال تعسا له وصيح أي صاح يقال صيح الثعلب ونحوه إذا صوت ويجوز أن يريد تشبيه صوته عند تملقه بصوت الثعلب قبح شتم وعاب قال تعالى " هم من المقبوحين " وقوله فلا انتعش أيلاقام من مصرعه يقال انتعش العليل إذا أفاق من علته ونهض وقوله وشيل أي أصيب بالشوكة وقوله: ولا انتعش أي فلا أخرجها من موضعها الذي دخلت فيه يقال نقشت الشوكة إذا استخرجتها ومنه المنقاش، هكذا فسر القتبي اللفظة وقضية تفسيره أن يكون النقش والانتقاش واحد، وقال غيره نقشت الشوكة من رجله فانتقشت هي، والحمد لله حق حمده وصلواته على محمد وآله.
؟

وأما التابعون
فمنهم إبراهيم بن يزيد بن عمر والنخعي أبو عمران ورفع الخليل الحافظ في نسبة فقال إبراهيم بن يزيد بن عمرو بن ربيع بن حارثة بن سعد ابن مالك وذكر أنه ورد قزوين، وقال ثنا محمد بن إسحاق بن محمد الكيساني أنبأ أبي ثنا أبو حاتم الرازي ثنا محبوب بن موسى، والمسيب بن واضح قالا: نبا أبو إسحاق القزاري عن سليمان الأعمش.
قال كان عبد الرحمن بن يزيد وإبراهيم النخعي وعمارة بن عمير يغزون في أيام الحجاج قلت أين كانوا يغزون قال طبرستان والديلم غير ذلك فقال رجل كانوا يكرهون على ذلك قال لا كانوا يخفون فيه ويعجبهم ذلك وأدرك إبراهيم عائشة وأنساً رضي الله عنهما وروى علقمة ومسروق وخالد الأسود بن يزيد وروى عنه الحكم ومنصور وسلمة ابن كهيل وتوفي سنة ست وتسعين متوارياً من الحجاج ودفن ليلاً ويقال أنه لم يكن في جنازته إلا سبعة رجل وحمل الإمام البخاري ما روى أنه بلغ موت الحجاج فخر ساجداً على أنه سمع به ولم يكن كما أسمع ويروى أن الشعبي لما بلغه موت إبراهيم قال مات رجل ما ترك من بعده مثله بالكوفة ولا بالبصرة ولا بالمدينة ولا بالشام.
كتب إلينا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي وقرأت على يوسف بن عمر بسماعه منه قال أنبا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون أنبا أبو علي أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شادان، أنبا أبو بكر بن كامل ثنا القاسم بن العباس، ثنا زكريا بن يحيى الخراز، ثنا إسماعيل بن عباد، ثنا شريك عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيت زينب بنت جحش، وأتى بيت أم سلمة وكان يومها من رسول صلى الله عليه وآله وسلم.
فلم يلبث أن جاء علي رضي الله عنه فدق الباب دقاً خفيفاً فأثبت النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدق أي أعرف أنه دق وأنكرته أم سلمة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قومي فافتحي له قالت يا رسول الله من هذا الذي بلغ من خطره ما أفتح له الباب أتلقاه بمعاصمي وقد نزلت في آية من كتاب الله تعالى بالأمس فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كهيئة المغضب إن طاعة الرسول كطاعة الله ومن عصى رسول الله فقد عصى الله.
إن بالباب رجلاً ليس بنزق ولا غلق يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لم يكن ليدخل حتى يقطع الوطا قالت فقمت وأنا أختال في مشيتي وأنا أقول بخ بخ من الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ففتحت الباب فأخذ بمضادتي الباب حتى إذا لم يسمع حسيساً ولا حركة وصبرت في خدري استأذن فدخل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أم سلمة أتعرفينه قالت نعم يا رسول الله.
هذا علي بن أبي طالب قال صدقت سيد أحبه لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو عيبة علمي أسمعي واشهدي وهو قاتل الناكثين والمارقين والقاسطين من بعدي فاسمعي واشهدي وهو قاصم عداتي فاسمعي واشهدي لو أن عبداً عبد الله ألف عام وألف عام وألف عام بين الركن والمقام، ثم لقي الله تعالى مبغضاً لعلي بن أبي طالب وعترتي أكبه الله على منخريه يوم القيامة في نار جهنم.

تخفيف الدق أدب ليلاً ينزعج من في البيت وقوله: أثبت الدق من يقال أثبت وتثبت، والمعصم موضع السوار من اليد، وقولها نزلت في آية من كتاب الله تعالى يمكن يريد به آية الحجاب ويناسبه قولها أتلقاه بمعاصمي، ويمكن أن يريد الآيات الواردة في فضيلة زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويناسبه استبعادها فتح الباب له وعلى التقديرين المعنى في وفي مثلي.
النزق الطياش يقال نزق ينزق أي طاش ويقال غلق الرجل أي غضب والغلق الذي يغضب كثيراً ويجوز أن يكون اللفظ ولا علق، بالعين يقال علق به وعلقه إذا هو به ويقال نظرة من ذي علق أي ذي هوى يعني أنه ضابط لنفسه يعرف أدب الدخول وقته وقولها وأنا اختال في مشيتي.
يجوز أن يكون الاختيال تعجبها مما وصف به النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدق به ويجوز أن يكون السبب بتججها بفتح الباب لمن وصفه به وحسيس الشيء حسه ويقال أراد بالمناكثين الذين بغوا على علي رضي الله عنه وبالمارقين الخوارج قال صلى الله عليه وآله وسلم يمرقون من الدين وبالقاسطين الكفار قال تعالى: وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً.
يروى عن كلام إبراهيم رحمه الله أنه قال استتماز رجل من رجل به بلاء فابتلي به استماز منه أي تحاشى وتباعد، وأصله من الميز وهو الفصل بين الشيئين يقال من ذا من ذا قال النابغة:
ولكنني كنت امرأً لي جانب ... من الأرض فيه مستماز ومذهب
أويس القرني أبو عمرو يقال هو أويس بن أنيس ويقال أويس ابن عامر ويقال أويس بن عمرو، وذكره الحافظ أبو عبد الله بن مندة في كتاب معرفة الصحابة، فقال أويس بن أنيس ويقال ابن عامر، وهو منسوب على قرن بفتحتين بن ردمان بن ناجية بن مراد، كذلك نقل أبو الحسن الدارقطني الحافظ والحفاظ وأما قرن الذي هو أحد المواقيت فالراء منه ساكنة على الصحيح، وادعى الجوهري في صحاح اللغة أن الراء منه متحركة وأن أويساً منسوب إليه ولا يكاد يثبت، وقد ورد في الخبر أن أويساً خير التابعين.
أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار، عن أبيه أنبا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي أنبا أبو حفص بن شاهين، نبا عبد بن سليمان، نبا إسحاق بن منصور الكوسج، نبا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي نضرة عن أسير بن جابر، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لأويس استغفر لي قال وكيف استغفر لك وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: خير التابعين رجل يقال له أويس - أخرجه مسلم في الصحيح، من حديث زهير وابن المثنى عن عفان - روى لنا غير واحد عن الحسن بن أحمد عن أبي نعيم، ثنا أبي حامد ابن محمود، ثنا سلمة بن شبيب، ثنا الوليد بن إسماعيل الحراني، ثنا محمد بن إبراهيم بن عبيد، حدثني مخلد بن يزيد عن نوفل بن عبد الله، عن الضحاك ابن مزاحم عن أبي هريرة قال بيننا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حلقة من أصحابه إذ قال ليصلين معكم غداً رجل من أهل الجنة.
قال أبو هريرة فطمعت أن أكون ذلك الرجل، فغدوت فصليت خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقمت في المسجد حتى انصرف الناس وبقيت أنا وهو فبينا نحن كذلك إذا أقبل رجل أسود متزر بخرقة مرتد برقعة فجاء حتى وضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال يا نبي الله ادع الله لي فدعا له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالشهادة وإن لنجد منه ريح المسك الاذفر.
فقلت يا رسول الله أهو هو، قال نعم أنه مملوك بني فلان قلت أفلا تشتريه فتعتقه يا نبي الله، قال وإني لي ذلك إن كان الله يريد أن يجعله من ملوك أهل الجنة، يا أبا هريرة أن لأهل الجنة ملوكاً وسادة وأن هذا الأسود أصبح من ملوك أهل الجنة وسادتهم يا أبا هريرة أن الله يحب من خلقه الأصفياء الشعثة رؤسهم، المغبرة وجوههم، الخمصة بطونهم من كسب الحلال.

الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم وإن خطبوا المتنعمات لم ينكحوا وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم وإن مرضوا لم يعادوا وإن ماتوا لم يشهدوا قالوا يا رسول الله كيف لنا برجل قال ذاك أويس القرني قالوا وما أويس القرني قال أشهل ذو صهوبة بعيد ما بين المنكبين، معتدل القامة آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه إلى صدره رام بصره إلى موضع سجوده واضع يمنيه على شماله يتلو القرآن يبلي على نفسه، ذو طمرين لا يؤبه له متزر بإزار من صوف ورداء من صوف مجهول في الأرض معروف في السماء، لو أقسم على الله لأبر قسمه.
ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء ألا وأنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد ادخلوا الجنة ويقال لأويس قف فاشفع فيشفعه الله في مثل عدد ربيعة ومضر، يا عمر ويا علي إذا أنتما لقيتماه فاطلبا إليه يستغفر لكما فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه فلما كان في آخر السنة التي توفي فيها عمر رضي الله عنه قام علي أبي قيس فنادى بأعلى صوته يا أهل الحجيج من أهل اليمن أفيكم أويس بن مراد.
فقام شيخ كبير طويل اللحية فقال أنا لا أدري ما أويس ولكن ابن أخ لي يقال له أويس وهو أخمل ذكراً وأقل مالاً، وأهون أمراً من أن نرفعه إليك، وأنه ليرعى إبلنا حقير بين أظهرنا فعمى عليه عمر كأنه لا يريد قال أين ابن أخيك هذا يخدمنا هو قال نعم قال وأين نصاب. قال بأراك عرفات قال فركب عمر وعلي رضي الله عنهما سراعاً على عرفات فإذا هو قائم يصلي إلى شجرة والإبل حوله ترعى فشد حماريهما ثم أقبلا إليه فقالا السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فخفف أويس الصلاة ثم قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قالا: من الرجل قال راعي إبل وأجير قوم قالا لسنا نسألك عن الرعاية ولا عن الإجارة ما اسمك قال عبد الله قالا علمنا أن أهل السماوات والأرض كلهم عبيد الله، فما اسمك الذي سمتك أمك قال يا هذان ما تريدان إلي، قالا وصف لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أويس القرني فقد عرفنا الصهوبة والشهلة وأخبرنا أن تحت منكبك الأيسر لمعة بيضاء فأوضحها لنا فإن كان بك فأنت هو.
فأوضح منكبه فإذا اللمعة فابتدراه يقبلانه وقالا نشهد أنك أويس القرني فاستغفر لنا يغفر الله لك قال ما أخص نفسي بالاستغفار ولا أحداً من ولد آدم ولكنه في البر والبحر في المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، يا هذان قد أشهر الله لكما حالي وعرفكما أمري، فمن تتما قال علي أما هذا أمير المؤمنين وأما أنا فعلي بن أبي طالب فاستوى أويساً قائماً.
فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته وأنت يا ابن أبي طالب فجزاكما الله عن هذه الأمة خيراً قالا وأنت فجزاك الله عن نفسك خيراً فقال عمر مكانك يرحمك الله حتى أدخل مكة فأتيك بنفقة من عطائي وفضل كسوة من ثيابي هذا المكان بيني وبينك فقال يا أمير المؤمنين لا ميعاد بين وبينك أراك بعد اليوم تعرفني ما أصنع بالنفقة ما أصنع بالكسوة.
أما تراني على إزار من صوف ورداء من صوف، متى تراني اخرقهما أما ترى أن نعلي مخصوفتان متى تراني أبليهما أما تراني قد أخذت من رعايتي أربعة دراهم متى تراني آكلهما يا أمير المؤمنين أن بين يدي ويديك عقبة كؤداً لا يجاوزها إلا ضامر مخف مهزول، فأخف يرحمك الله.
فلما سمع ذلك من كلامه ضرب بدرته الأرض ثم نادى بأعلى صوته ألا ليت أن أم عمر لم تلده يا ليتها كانت عاقراً لم تعالج حملها إلا من نأخذها بما فيها ولها، ثم قال يا أمير المؤمنين خذ أنت ماهنا حتى آخذ أنا ها هنا فولى عمر رضي الله عنه ناحية مكة وساق أويس إبله فوافى القوم إبلهم وخلى عن الرعاية وأقبل على العبادة حتى لحق بالله عز وجل فهذا ما أنا عن أويس خير التابعين، قال سلمة بن شبيب كتبنا غير حديث في قصة أويس ما كتبنا أتم منه.
قوله وإني ذلك لي أن كان الله يريد أن يجعله من ملوك الجنة، يجوز أن يكون معناه كيف اشتريه واعتقه والله يريد أن يجعله من ملوك الجنة بإبقاء الرق فيه ليطيع الله ويطيع مولاه فيوفيه الله الأجر مرتين كما ورد في الخبر ويتدرج بالمملوكية في الدنيا إلى الملكية في العقبى، ويجوز أن يكون المعنى، أني محتاج إلى الشراء والإعتاق وهو منتهى إلى ملك الآخرة وإليه تتمته لا إلى العتق في الدنيا.

قوله الخمصة بطونهم من كسب الحلال، يكن أن يريد به أنهم بقوا خماصاً لاشتغالهم باكتساب الحلال، قياماً بأمر العيال وتعففاً عن السؤال، ويكن أن يريد أن بطونهم خاوية عن الحلال فضلاً عن الحرام تودعا.
قوله وما أويس القرني، قد يحمل ما على من وقد يجعل الكلمة إشارة إلى بعد ذهنهم عنه، وشدة خمول المسمى بهذا الاسم عندهم كما قال فرعون: وما رب العالمين، والمعنى فيه أن من يعبر عنه، عن باعتبار أنه يعقل ويعلم قد يعبر عنه بما باعتبار أن شيء وذات، فإذا جهلت صفاته الخاصة، استعمل فيه ما إشارة إلى الجهل بصفاته وأحواله الخاصة.
قوله ضارب بذقنه إلى صدره عبارة عن خضوعه واخباته ويقرب منه قوله رام ببصره إلى موضع سجوده ويمكن أن هذا كناية عن أدامته الصلاة، لأن المستحب أن يكون نظر المصلي إلى موضع سجوده يؤيده قوله على أثره واضع يمينه على شماله.
قول ذلك الشيخ لا أدري ما أويس ولكن لي ابن أخ يقال له أويس يعني لا أدري من تطلبون، ولكن لي ابن أخ هذا اسمه أستبعد أن يكون ابن أخيه على خموله بغيتهما.
قوله فعمى عليه عمر رضي الله عنه كأنه خاف أن يطلع أويس على أنه يطلب فيخفي نفسه هرباً من الناس.
قوله فابتدرا فأقبلا يقبلانه الكناية يرجع إلى أويس دون اللمع كان المراد أنهما لما وجدا العلامة أيقنا أنه أويس فأقبلا يقبلان ما أمكنهما من أعضائه وسؤاله عنهما من أنتما قد يتعجب منه وقد اشتهر عنه أنه عرف هرم بن حيان، انتهى إليه ولم يتلاقيا قط فسلم عليه وخاطبه باسمه ونسبه، لكن الحال قد يختلف فقد يكون للولي شعور بنفسه ورجوع إليها.
فيعرف من كان بينه وبين نفسه تعارف على ما ورد في قصة هرم، وقد تكون في مشاهدة التي تذهله عن نفسه وإذا ذهل عن نفسه فهو عمن يناسبها ويؤالفها أشد ذهولاً.
قوله: أراك بعد اليوم تعرفني أي إذا عرفت أني أويس المنعوت لك، عرفت إني ما أرغب في النفقة والكسوة.
قوله: ضرب بدرته الأرض أي ألقاها من يده، وقوله من يأخذها بما فيها ولها أي من يرغب في الخلافة ويأخذها بما فيها من الخوف والحظر وما لها من القدر والحظر قوله خذ أنت ها هنا حتى آخذ أنا هاهنا أي خذ في طريقك لآخذ في طريقي ونفترق.
قوله فوافى القوم إبلهم إلى آخره كأنه ترك ما كان عليه إخفاء لنفسه كيلا يستدل عليه بذلك وربما تأثر بلقاء أميري المؤمنين فزاد في العبادة.
به عن أبي نعيم قال: ثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد ثنا أبي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار، عن محارب بن دثار قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العري يحجزه إيمانه أن يسأل منهم أويس القرني وفرات بن حيان.
يقال أويساً استشهد في حرب الديلم فطلبوا مكاناً ليدفنوه فيه فظهر بيت منجد فأدخلوه فيه ثم انضم البيت وخفي عليهم ولذلك عده الحافظ أبو يعلى الخليلي فيمن ورد هذه الناحية من التابعين وذكر أنه روى عن عمر وعلي رضي الله عنهما وقال حدثني أحمد بن علي بن عمر بن أبي رجاء أنبا سعيد بن محمد بن نصر الهمداني بقزوين، ثنا علي بن نصر ابن عبد العزيز الرازي، ثنا أبو عبد الله الجرجاني، ثنا سليمان بن داؤد عن سفيان عن إبراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أويس القرني عن عمر وعلي رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن لله تعالى أمانين في الأرض أنا أولهما، والثاني الاستغفار فاستكثروا من الاستغفار، فإنه أمان من النار، وذلك من قول الله تعالى : " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " فالاستغفار أمان بعدي.
الربيع بن خثيم أبو يزيد الكوفي الثوري من ثور بن عبد مناة بن اد بن طابخة بن إلياس بن مضر كذلك ذكره البخاري وغيره، وورد الربيع على ما سبقت الرواية قزوين وسكنها - قاله الخليل الحافظ، ويقال أنه توفي بها وهو من كبار التابعين علماً وزهداً، ومن الزهاد الثمانية سمع ابن مسعود وروى عنه إبراهيم الشعبي والمنذر بن يعلى وبكر بن ماعز.

قرأت على والدي قدس الله روحه، أخبركم سعيد بن محمد بن عمر ثنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، أنبا أبو طالب عمر بن إبراهيم الزهري أنبا عبيد الله ابن عبد الله بن أبي ثمرة البغوي، ثنا محمد ين محمد بن سليمان الواسطي، ثنا محمد بن المصطفى، ثنا يحيى بن سعيد الحمصي، ثنا يزيد ابن عطا عن علقمة بن مرثد، قال انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين رحمة الله عليهم عامر بن عبد الله وأويس القرني وهرم بن حيان، والربيع ابن خثيم وأبي مسلم الخولاني والأسود بن يزيد ومسروق بن الأجدع والحسن بن أبي الحسن، وذكر بعض أحوالهم وسيرهم.
قال عند ذكر الربيع قيل له حين أصابه الفالج لو تداويت فقال قد عرفت أن الدواء حق، ولكن ذكرت عادا وثمود وقرونا بين ذلك كثيراً كانت فيهم الأوجاع، وكانت فيهم الأطباء فما بقي المداوي ولا المداوي ولا الناعت ولا المنعوت وقيل له ألا تذكر الناس فقال ما أنا عن نفسي براض فاتفرغ من ذمها إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله في ذنوب الناس وآمنوا على ذنوبهم.
قيل له كيف أصبحت قال أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا، قال وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذا رآه قال وبشر المخبتين لو رآك محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأحيك، قال وكان الربيع يقول أما بعد فأعد زادك وخذ في جهازك وكن وصي نفسك.
أنبأنا العدد الجم عن أبي علي عن أبي نعيم ثنا أحمد بن سنان، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن الصباح، ثنا سفيان قال قال رجل صحبنا الربيع بن خثيم عشرين سنة، فما تكلم إلا بكلمة تصعد وقال آخر صحبته سنين فما كلمني إلا بكلمتين.
عن سربة الربيع قالت لما حضر الربيع الوفاة بكت ابنته فقال يا بينة لم تبكين قولي يا بشري لقي أبي الخير.
ويروى عن الربيع أنه قال لا تقولن أحدكم استغفر الله وأتوب إليه فيكون ذلك ذنباَ جديداً إذا لم يفعل ولكن ليقل اللهم اغفر لي وتب علي.
عنه أنه كان يقول السراير السراير اللاتي يخفين على الناس، وهن عند الله بواد دواؤهن أن تتوب ولا تعود.
وكتب إلينا طاهر بن محمد المقدسي أن أبا منصور المقومي أخبره بالري سنة أربع وثمانين وأربعمائة عن الزبير بن محمد قال: أنبا علي بن محمد بن مهروية أنا علي بن عبد العزيز، أنبا أبو عبيد ثنا حجاج عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن الربيع بن خثيم، عن عمر بن ميمون عن امرأة عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال وقل هو الله أحد، ثلث القرآن.
روى معناه الربيع عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبو سعيد الخدري وأبو مسعود الأنصاري وأبي بن كعب، وعدة ثلث القرآن يمكن أن يكون باعتبار أن جملة ما في القرآن إما وصف للخالق، أو للخلق والثاني إما أن يتعلق بالدنيا والعقبى فالأقسام ثلاثة.
سعيد بن جبير بن هشام أبو عبد الله مولى بني والبة، من أسد بن خزيمة، وهو والبة بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، من مشاهير علماء التابعين كثير العلم والرواية، سمع عباد الله ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وابن عمرو، وابن مغفل وأبا هريرة وأبا موسى الأشعري، وعدي بن حاتم.
يروي عن ابن مهدي أن سفيان كان يقدم سعداً على إبراهيم في العلم، وعن خصيف بن عبد الرحمن قال كان أعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب، وبالحج عطاء وبالحلال والحرام طاؤس وبالتفسير مجاهد وأجمعهم لذلك كله سعيد بن جبير.
عن جعفر بن المغيرة قال: كان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول أليس فيكم ابن أم الدهماء يعني سعيداً وكان مستجاب الدعوة.
روى عن أصبغ بن زيد قال كان لسعيد بن جبير ديك يقوم إلى الصلاة إذا صاح فلم يصح في ليلة من الليالي، فأصبح سعيد ولم يصل قال فشق عليه ذلك فقال له قطع الله صوتك، قال فما سمع ذلك الديك يصيح بعدها فقالت له أمه أي بني لا تدع على شيء، قتله الحجاج بن يوسف الثقفي سنة خمس وتسعين وكان ابن تسع وأربعين ورود سعيد قزوين ومبيته في مسجد التوث مشهور وقد مر ذكره.

وقال أبو الشيخ الحافظ في كتاب ثواب الأعمال حدثني خالي ثنا أبو حاتم، ثنا أبو حجر، ثنا عبد الله بن سعيد الدشتكي عن أبي سنان قال قدم سعيد بن جبير قزوين وهو متوار من الحجاج فبات بها ليلة، فلما كان عند وجه الصبح، قال ليجتهد عباد المسجد من أن يدركوا مثل ليلتي هذه.
قرأت على أبي بكر بن الخليل، أنبا أبو عمرو المقري، أنبا إبراهيم أنبا محمد بن المكي، أنبا عبد الله أنبا محمد بن إسماعيل، ثنا عبد الله بن محمد، ثنا عبد الرزاق، أنبا معمر عن أيوب السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة يزيد أحدهما على أخر، عن سعيد بن جبير، قال ابن عباس رضي الله عنه أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل عليه السلام.
اتخذت منطقاً لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم، وبابنها إسماعيل عليهما السلام وهي مرضعة حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم، في أعلا المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هناك، ووضع عندهما جراباً فيه ثمر وسقاء فيه ماء ثم قفي إبراهيم منطلقاً فتبعته أم إسماعيل.
فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي ليس فيه أنيس ولا شيء فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها فقالت له: والله أمرك بهذا؟ قال نعم، قالت إذا لا يضيعنا. ثم رجعت فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات.
فقال: " رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم " حتى بلغ يشكرون وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظره يتلوى أو قال يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً.
فلم ترى أحداً فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليه فنظرت هل ترى أحداً فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات.
قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلذلك سعى الناس بينهما فلما أشرفت على المروة، سمعت صوتاً فقالت صه تريد نفسها ثم فسمعت أيضاً فقالت قد أسمعت إن كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوضه ويقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في صفائها وهو يفور بعد ما تغرف.
قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف الماء لكانت زمزم عيناً معيناً، قال فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك لا تخافوا الضيعة فإن ها هنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله.
كان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم، أو أهل بيت من جرهم، مقبلين من طريق كذا فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طايرا عايفاً، فقالوا إن هذا الطاير ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه من ماء فأرسلوا جرياً أو جريتين فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا أتأذنين لنا أن ننزل عندك قالت نعم، ولكن لا حق لكم في الماء قالوا نعم.
قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فألقى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم، فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته فقالت خرج يبتغي لنا.
ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم،فقالت نحن بشر نحن في ضيق وشدة فشكت إليه قال فإذا جاء زوجك اقرأي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه فلما جاء إسماعيل كأنه أنس شيئاً قال هل جاءكم من أحد قالت نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا فسأر لنا عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة.

قال فهل أوصاك بشيء قالت نعم أمرني أن اقرء عليك السلام ويقول غير عتبة بابك قال ذلك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخرى فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم، بعد فلم يجده ودخل على امرأته فسألها عنه فقالت خرج يبتغي لنا قال كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بخير وسعة، وأثنت على الله عز وجل قال ما طعامكم قالت اللحم قال فما شرابكم قالت الماء، قال اللهم بارك لهم في اللحم والماء.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه قال: فهما لا يخلوا عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه قال فإذا جاء زوجك فاقرأي عليه السلام، ومريه يثبت عتبة بابه فلما جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد قالت نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير فأوصاك بشيء قالت نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك.
قال ذاك أبي وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريباً من زمزم فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد، والولد بالوالد، ثم قال يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر قال فاصنع ما أمرك ربك، قال وتعينني قال وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن ابني ها هنا بيتاً وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها قال فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضع له.
فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " قال فجعلا يبنيان حتى يدورا حوله البيت وهما يقولان " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " .
المنطق النطاق وهو ثوب تلبسه المرأة وتشد وسطها بحبل ثم ترسل الأعلى على الأسفل وأم إسماعيل عليه السلام هاجر وربما قيل لها آجر وعفى الشيء محاه، كأنها أرادت أن لا تعرف أثرها سارة فتقصدها بمكروه فإنها كانت قد غارت عليها.
عفا بالتخفيف لازم ومتعد ويقال عفت الريح المنزل، فعفا ولو كانت الرواية لتعفو لجاز.
الدوحة الشجرة العظيمة، وفسر قوله قفي بولي أخذا من المعنى المشهور من معنى التقفية إتباع الإنسان الإنسان قال تعالى: " وقفينا بعيسى بن مريم " ولو كانت الرواية بالتخفيف لجاز يقال قفا أثره أي اتبع فيكون المعنى قفي أثره في مجيئه أو منزله الذي جاء منه.
في قوله استقبل بوجهه البيت دليل على أن موضع البيت كان معظماً وكان إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم عالماً بشرفه قبل أن يبنيه.
قوله يتلبط أي يضرب نفسه على الأرض ويتقلب عطشاً.
قوله ثم سعت سعى الإنسان المجهود، المجهود الذي أصابه الجهد.
وهو المشقة ويقال: الجهد بالضم الطاقة وبالفتح المبالغ، وعن ابن دريد أنهما لغتان.
يقال بلغ الرجل جهده وجهده قرى قوله تعالى: " لا يجدون إلا جهدهم " بالضم والفتح، ويشبه أن يكون الموضع الذي سعت فيه هو الذي أمرنا بشدة السعي فيه بين الصفا والمروة، وصه أي اسكت.
قوله تريد نفسها المعنى أنها سمعت حساً فسكنت نفسها وتسمعته، والغواث والغواث الاسم من أغاث يغيث، وكذلك الغوث وعن الفراء أنه يقال أجاب الله دعاءه وغواثه وغواثه وأنه لم يأت من الأصوات بالفتح شيء غيره إنما يأتي بالضم كالدعاء والبكاء وبالكسر كالصياح والنداء.
قوله فإذا هي بالملك يعني جبرئيل عليه السلام على ما هو مبين في بعض الروايات ولذلك عرف.
قوله تحوضه أي تحفر له كالحوض ليستقر الماء فيه أو يسيل إليه.
المعين قيل هو مفعول كمبيع ومكيل أي جار من العيون وقيل هو فعيل إما من الماعون والمعن وهو بالمعروف أو من الماعون الذي هو الماء يقال معن الماء وأمعن إذا سال.
جرهم قبيلة كانت تسكن مكة وكان يسكنها قبيلة أخرى يقال لها طسم.
قوله من طريق كذا أهملوا بيانه في هذا الموضع، وربما ظن أن اللفظة كذا وأنها كناية كما يقال الطريق الفلاني لكن المشهور أنه كداء بالدال أو فتح الكاف، والمد وهي ثنية بأعلى مكة مشهورة في المناسك كأنهم أقبلوا من طريقها ونزلوا بأسفل مكة.

قوله عايفاً أي دايراً حول الماء، يقال عاف يعيف والجري عن الخليل أنه الرسول لأنك تجريه في الحوائج وعن أبي عبيدة أنه الوكيل وعلى ذلك حمل قوله لايستجرينكم الشيطان أين يستتبعنكم فيجدكم كالوكيل الطائع.
قوله فألقى ذلك أم إسماعيل قيل معناه وافقها قولهم ووجدته لايقاً بحالها.
قوله وأنفسهم قال الخطابي أي أعجبهم لكن أعجبهم مذكور معه، وفي اللغة أنفسني فيه أي رغبتي فالأولى أن يحمل اللفظ عليه.
قوله: يطالع تركته أي ولده وأهله اللذين تركهما هناك.
آنس: أي أبصر وتفرس كأنه وجد ريح أبيه فبحث عن الحال.
قوله: شيخ كذا وكذا يريد أنها سبته وحقرته.
قوله لا يخلوا عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه أي لا يقتصر عليهما أحد بغير مكة إلا مرض منه، وأضر به واستفاد المعبرون من القصة تأويل عتبة الدار في المنام على المرأة وأَصل الحديث لابن عباس ثم أنه ضمنه كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غير موضع.
سماك بن خرشة الأنصاري حكى الحافظ أبو الحسن الدارقطني عن سيف بن عمر أن سماكاً هذا أول من ولى مصالح الدستبى وقاتل الديلم وأنه ليس بأبي دجانة صاحب الآثار المشهورة والمقامات المحمودة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكنه يشاركه في اسمه واسم أبيه وفي النسبة إلى الأنصار وسماك بن مخرمة الأسدي الكوفي وهو الذي نسب إليه مسجد سماك بالكوفة وكان خال سماك بن حرب المشهور في التابعين.
سماك بن عبيد العبسي ذكر الخليل الحافظ أنه دخل قزوين في وفود أهل الكوفة حين غزو الديلم - وعن سيف ابن عمر أن هؤلاء الثلاثة قدموا على عمر رضي الله عنه فيمن وفد من أهل الكوفة وانتسبوا له سماك وسماك وسماك فقال عمر بارك الله فيكم اللهم إسمك بهم الإسلام وأيدهم.
قوله اسمك بهم أي ارفع يقال سمك أي رفع وسمك السنام ارتفع متعد ولازم، بالمعنى الأول قال الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول
تردد الإمام هبة الله ابن زاذان في ورود هؤلاء الثلاثة هذه الناحية وقال لم أجده في تواريخ الري.
شمر بن عطية بن عبد الرحمن الأسدي الكاهلي الكوفي روى عن المغيرة بن سعد الأخرم.
شهر بن حوشب قال الخليل الحافظ وعن أسامة بن زيد وسويد بن غفلة، روى عنه أبو إسحاق السبيعي والأعمش مات في ولاية خالد بن عبد الله القسري وهو ممن ورد قزوين، روى الخليل عن محمد بن إسحاق الكيساني عن أبيه عن علي بن سهل بن حماد، عن عبد الرحمن بن الحكم بن بشير، عن حكام بن سلم الرازي عن أبي سنان قال قدم علينا شمر بن عطية قزوين فقوم فرسه ودرعه أحدهما ثلاثة آلاف والآخر أربع آلاف وسائر ثيابه باثني عشر درهماً.
أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار، عن أبيه، عن أبي القاسم عبيد الله ابن أحمد بن عثمان الصيرفي الأزهري، أنبا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أبو هشام الرفاعي، ثنا حفص بن غياث عن الأعمش، عن شمر بن عطية عن المغيرة بن سعد الأخرم، عن أبيه، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لا تتخذوا الضيعة فترغبوا فيها.
شهر بن حوشب أبوعبد الرحمن الأشعري روى عن أم سلمة وعبد الله بن عمر وبن عمرو، وابن عباس وأبي هريرة وروى عنه قتادة، ومعاوية بن قرة، ويحكى توثيقه عن يحيى بن معين وأبي زرعة الرازي وتكلم فيه متكلمون، وفي حقه قيل أن شهراً نزكوه يقال نزكه ينزكه إذا عابه وأصل النزل الطعن بالنيزك وهو أصغر من الرمح، وصحف بعضهم نزكوه بتركوه، وتوفي سنة ثمان وتسعين وقيل بعد المائة - ورأيت في بعض التواريخ أنه دخل قزوين غازياً والله أعلم.
قرأت على والدي قدس الله روحه أنبا عبد الصمد بن عبد الرحمن الجنزي، أنبا محمد بن أحمد أنبا أبو مالك البلخي، أنبا نصر بن محمد، ثنا منصور بن الدبوسي، ثنا عيسى بن أحمد بن حم، ثنا عيسى بن أحمد، ثنا علي بن عاصم، عن عبيد الله بن عثمان عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول من شرب الخمر لم يقبل منه صلاة سبعاً، فإن هي أذهبت عقله لم تقبل صلاته أربعين يوماً وإن مات مات كافراً وإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد كان حقاً على الله أن يسقيه طينة الخبال.
قوله مات كافراً أي لأنعم الله تعالى، وأشبه الكفار في لحوق العقوبة الشديدة.

طينة الخبال مفسرة في الحديث بأنها عصارة أهل النار وصديدهم، والخبال: الفساد قيل أضيفت إليه لإفسادها أجسامهم.
صخر أو الضحاك بن قيس بن معاوية بن حصين أبو بحر السعدي المشهور بالأحنف وهو لقب، واختلف في اسمه فقيل صخر وبه قال ابن قتيبة وقيل الضحاك وهو الذي ذكره البخاري، والحاكم أبو عبد الله وأورداه في باب الألف اعتباراً بلقبه وهو من بني سعد بن زيد مناة بن تميم ابن مر سمع عمر بن الخطاب وعثمان وعليا العباس رضي الله عنهم وأدرك زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ذكر ابن قتيبة أنه أسلم حينئذ لكنه لم يفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان حليماً حكيماً رئيساً بليغاً محمود السير وجبر كمال صفاته ما كان من نقصان في ذاته، فعن عبد الملك بن عمير أنه كأنه صعل الرأس متراكب الأسنان مائل الذقن ناتي الوجنة باحق العين خفيف العارضين أحنف الرجلين ولكنه كان إذا تكلم جلى عن نفسه.
صعل الرأس صغيره وكانوا لا يحمدون ذلك.
باحق العين المنخسف العين وكانت قد ذهبت إحدى عينيه قيل بالجدري وقيل أصيبت حين خرج إلى خراسان بسمرقند ويعد في العور الأشراف.
أحنف الرجل الذي يميل ويقبل كل واحدة من إبهاميه على الأخرى، وقيل الأحنف الذي يمشي على ظهر قدميه وكان مع ذلك نحيف الجسم.
روى الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في التاريخ، عن حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف قال بينا أنا أطوف بالبيت زمن عثمان رضي الله عنه أخذ بيدي رجل من بني ليث فقال ألا أبشرك قلت نعم، قال أما تذكر إذ بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى قومك بني سعد، فجعلت أعرض عليهم الإسلام فقلت أنه يدعو إلى خير ويأمر بالخير فبلغت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال اللهم اغفر لأحنف فقال الأحنف ما عمل أرجي لي منه.
نزل الأحنف قزوين على ما حكى الخليل الحافظ وحارب الديلم، وحدث محمد ابن إسحاق عن أبيه، قال ثنا أبو زرعة، ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن ثعلبة، قال خرج الديلم فعسكروا عسكراً بالري، وعسكراً بهمدان، وعسكراً بماه، فتوجه لهم الأحنف فانتهى إلى العسكر الأول، فاستباحهم وقتلهم وبادر إلى العسكر الآخر قبل أن يبلغهم الخبر واستباحهم وبادر إلى العسكر الثالث، قبل أن يبلغهم الخبر فبيتهم وقتلهم وولد الأحنف ولداً واحداً يقال له بحر وولد بحر بنتاً واحدة وماتت وانقرض نسله.
قد حكى ابن أبي خيثمة عن سلمان بن أبي شيخ أن أم الأحنف كانت ترقصه في صباه وتقول:
والله لو لأحنف برجله ... وفلة أخافها من نسله
ما كان في فتياتكم من مثله
مات الأحنف بالكوفة سنة إحدى وسبعين، وصلى عليه مصعب ابن الزبير، وقال ذهبت اليوم الرأي والحزم.
طليحة بن خويلد الأسدي حكة الخليل الحافظ عن بكر بن الهيثم أن البراء بن عازب رضي الله عنه غزا الدستبى ومعه خمسمائة رجل من المسلمين فيهم طلحة بن خويلد وأولادهم، سكنوها وتوارثوا الضياع بعد ما بنوها وعمروها.
عبد خير بن يزيد الهمداني ثم الخيواني أبو عمارة الكوفي روى عن علي رضي الله عنه وروى عنه ابنه المسيب وعبد الملك بن سلع الهمداني الكوفي، وعبد خير من المعمرين جاهلي ثم إسلامي، روى عن مسهر بن عبد الملك عن أبيه: قلت لعبد خيركم أتى عليك قال عشرون ومائة سنة قلت هل تذكر من أمر الجاهلية شيئاً قال اذكر إني كنت ببلدنا باليمن، فجاءنا كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنودي بالصلوة فخرجوا إلى حيز واسع فكان أبي ممن خرج فلما ارتفع النهار جاء أبي فقالت له أمي ما حبسك وهذه القدر قد بلغت وهؤلاء عيالك يتضورون يريدون الغدا.
فقال يا أم فلان أسلمنا فأسلمي واستصبينا فاستصبئي فقلت له: فما قوله استصبينا، فقال: هو في كلام العرب أسلمنا قال: وآمرك بهذا القدر فلترق الكلاب كانت ميتة فهذا ما أذكره من أمر الجاهلية.
قوله فنودي للصلاة يشبه أن يريد بنداء كما ينادي للصلاة ويمكن أن يكون لهم صلاة فنادوا لها فاجتمع الناس، والحيز شبه لحظيرة أو الحمى.
التضور: القلق والاضطراب من الجوع وقوله كانت ميتة من كلام عبد خير بقوله إنما أبى بإراقتها لأن ذبيحتهم ميتة، وعبد خير ممن ورد هذا النواحي.

حدث محمد بن إسحاق عن أبيه، ثنا أبو حاتم الرازي ثنا الحسين بن عمرو، ثنا أبي أسباط بن نصر عن السدي عن عبد خير قال غزونا مع سلمان بن ربيع بلنجر حتى خرجنا على جيلان وموقان والديلم.
حدثنا الإمام والدي رحمه الله أنبا عبد الوهاب بن إسماعيل الصيرفي أنبا عبد الواحد بن عبد الكريم أنبا محمد بن عبد الملك بن بشران أنبا أبو الحسن الدارقطني ثنا محمد بن مخلد ثنا أبو عقيل الجمال نبا حسن بن جميل الجزري عن شعيب بن إسحاق عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن رجل عن عبد خير قال وضأت علياً رضي الله عنه برحية الكوفة قال يا عبد خير سلني قلت عم أسألك يا أمير المؤمنين.
فتبسم ثم قال وضأت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما وضأتني فقلت: من أول من يدعى إلى الحساب يوم القيامة فقال أنا أقف بين يدي ربي تعالى ما شاء الله ثم أخرج وقد غفر لي قلت ثم من قال أبو بكر يقف كما وقفت مرتين ويخرج وقد غفر الله له قلت ثم من قال عمر يقف كما يقف أبو بكر مرتين ويخرج وقد غفر الله له قلت ثم من قال ثم أنت يا علي قلت فأين عثمان يا رسول الله قال عثمان رجل ذو حياء سألت ربي عز وجل أن لا يوقفه للحساب فشفعني فيه تجويز التوضية وبيان أن من هو أعلى مرتبة يكون وقوفه للحساب أخف وفي السياق ما يشعر بتقديم عثمان على علي رضي الله عنهما.
عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي أبو بكر الكوفي أخو الأسود ابن يزيد وهما خالا إبراهيم النخعي وسمع عبد الرحمن عثمان وابن مسعود وهو موصوف بالزهد وحسن السيرة، ويروي عن الأعمش أنه قال: سمعتهم يذكرون أن عبد الرحمن بن يزيد، لم يعمل عملاً قط إلا وهو يريد وجه الله تعالى، وعنه أن عبد الرحمن ممن غزا الديلم وطبرستان.
في الإرشاد للخليل أنه دخل قزوين في البعث في أيام علي رضي الله عنه روى عنه ابنه محمد بن عبد الرحمن أبو جعفر وله ابن آخر يقال له عبد الرحمن بن عبد الرحمن محتج به في الصحيحين.
قرأت على عبد الله بن أبي الفتوح أنبا عبد الملك بن أبي القاسم أنبا محمود بن القاسم أنبا عبد الجبار بن محمد أنبا أحمد بن محمد أنبا محمد بن عيسى ثنا قتيبة وعلي بن حجر قال قتيبة ثنا شريك وقال علي أنبا عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسئلته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح " قيل يا رسول الله وما يغنيه قال خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب.
قوله في وجهه خموش، أو كدوح كأنه شك من بعض الرواة والألفاظ متقاربة المعنى فالخدش قشر الجلد والخمش في معناه يقال خمشت المرأة وجهها تخمشه خمشاً والخماشات الجراحات والجنايات وكدوح وجهه مثل خمش والكدح أيضاً السعي والعمل، قال تعالى: إنك كادح إلى ربك كدحاً.
أخذ جماعة من العلماء بظاهر الخبر فقالوا من ملك خمسين درهماً لم تحل له الصدقة لأنه غني والصدقة لا تحل لغني، وعند الشافعي رضي الله عنه لا تحديد بل المعتبر الكفاية لما روى أن صلى الله عليه وآله وسلم قال لا تحل الصدقة إلا لثلاثة فذكر رجلاً أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له الصدقة، حتى يصيب سداداً من عيش ومن لم يجد ما يكفيه لم يصب سداداً والسداد ما يسد به الخلة والسداد بالفتح لغة.
عبد الله بن خليفة الهمداني روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكرت روايته عن جابر بن عبد الله الأنصاري، ويروي أنه ممن غزا الديلم.
أنبأنا الإمام أحمد بن حسنويه عن جده لأمه الوقد بن الخليل عن أبيه، قال ثنا عبد الله بن محمد القاضي، ثنا إسماعيل بن محمد النحوي، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله ابن خليفة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة قال فعظم الله قال أن كرسيه وسع السماوات والأرض وله أطيط كأطيط الرحل الحديد من الثقل.
قوله فعظم الله كأن أراد في جواب المرأة انتهى الكلام إلى تعظيم الله عز وجل.

قوله إن كرسيه وسع السماوات والأرض هو كما ذكره الله تعالى في آية الكرسي واختلف في معنى الكرسي، فعن ابن عباس في رواية سعيد بن جبير أن كرسيه علمه والمعنى أن علمه أحاط بكل شيء.
عنه في رواية عطا والسدي أن المراد هذا الكرسي المعروف ويروي أنه من لؤلؤ وإن السماوات السبع فيه كسبع دراهم ألقيت في ترس وهذا ما رضيه أبو إسحاق الزجاج وقال هو المعروف باللغة.
ثم قيل سمى الكرسي كرسياً لتراكيب بعضه على بعض، وكل ما تركب فقد تكارس، ومنه الكراسة لتراكب بعض أوراقها على بعض وقيل لثبوته ومنه الكراسة لثبوتها ولزوم بعضها بعضاً.
منهم من فسر الكرسي بالملك والسلطان، يقال كرسي فلان من كذا إلى كذا أي ملكه ويقرب منه قول من قال كرسيه قدرته، والمعنى أنه يمسك بقدرته السماوات والأرض جميعاً.
قوله وسع أي احتمل وأطلق يقال وسع فلان الشيء يسعه سعة أي احتمله فأطاقه.
الأطيط: نقيض صوت المحامل وأطيط الإبل صوتها يقال لا افعله ما أطت الإبل، والرحل رحل البعير وهو من مراكب الرجال والرحل أيضاً منزل الرجل ومسكنه ومنه قوله فالصلوة في الرحال وإذا كان الرحل حديداً كان أكثر أطيطاً وقد يقال كيف يستمر قوله وله أطيط من الثقل مع قوله تعالى: ولا يؤده حفظهما، أي لا يثقل الكرسي حفظهما، والجواب أن الصحيح في التفسير عود الكناية في قوله ولا يؤده إلى الله تعالى، والحديث يدل على أن المراد من الكرسي هذا المعروف دون العلم والقدرة.
عبيد الله بن خليفة الهمداني أبو الغريف الأرحبي الكوفي ولم يذكروا أهو وعبد الله أخوان، أم لا روى عن علي والحسن بن علي وصفوان ابن عسال رضي الله عنهم، وروى عنه أبو روق الحسن بن صالح وعامر ابن السمط وأبو الغريف كنيته غريبة نعم في الأسماء الغريف بن الديلمي روى عن واثلة بن الأسقع وغريب اليماني العابد وورد أبو الغريف قزوين عاملاً.
حدث الخليل بن عبد الله عن محمد بن علي بن الجارود، قال أخبرني هارون بن علي قال: وجدت في كتاب عتيق لبعض المتقدمين من أهل قزوين أنه كان لعلي رضي الله عنه أربعة من الولاة على قزوين الربيع بن خثيم ومرة وأبو الغريف والرابع أظنه عبيد.
أنباؤنا عن إسماعيل بن عبد الجبار، عن الحافظ أبي يعلى قال أنبأ جدي ثنا علي بن محمد ثنا عبد الله بن محمد بن شاكر ثنا أبو أسامة ثنا أبو روق ثنا أبو الغريف الهمداني عن صفوان بن عسال المرادي قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سرية فقال: سيروا في سبيل الله قاتلوا أعداء الله، لا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليداً ولا تمثلوا وليمسح أحدكم إذا كان مسافراً إذا أدخلهما طاهرتين ثلاثة أيام ولياليهن ويمسح المقيم يوماً دليلة.
أبو روق عطية بن الحارث كوفي وأبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي مولى بني هاشم وعبيدة بن عمرو والسلماني أبو مسلم ويقال أبو عمرو وقال ابن قتيبة هو عبيدة بن قيس والأشهر الأول، وسلمان الذي نسب إليه عبيدة هو سلمان بن يشكر بن ناجية بن مراد، وهو من كبار فقهاء التابعين من أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود سمع عمر وعلياً وعبد الله والزبير ابن العوام.
روى عنه ابن سيرين وإبراهيم وأبو إسحاق الهمداني وهو محتج به في الصحيحين وليس في صحيح البخاري عبيدة بفتح العين سواه إلا عبيدة بن حميد الحذاء ولا في صحيح مسلم عبيدة سواه، إلا عبيدة بن سفيان الحضرمي وكان قد أسلم وصلى قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسنتين إلا أنه لم يلقه توفي سنة اثنتين وسبعين وصلى عليه الأسود ابن يزيد بوصية وقد ورد قزوين وذكرنا أنه كان أحد الولاة الأربعة لعلي رضي الله عنه.
قرأت على أبي بكر بن الخليل عن أبي عمرو المقري عن إبراهيم العجلي أنبا الكشمهيني أنبا محمد بن يوسف أنبا محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن كثير أنبا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يولنهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته " قاله قال إبراهيم: وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار وهذا الحديث أصل في بيان فضيلة الصحابة والتابعين.

قوله يسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته، يجوز أن يريد به أنهم لا يحتاطون ولا يتدبرون بل يتبادر المبادر منهم إلى اليمين في مظنة اليمين وإلى الشهادة في مظنة الشهادة فيكاد لمبادرته وقلة مبالاته يسبق شهادته يمينه وبالعكس.
عروة بن زيد الخليل الطائي ذكر أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم القاضي، ثم الخليل بن عبد الله وغيرهما أن دستبى والقاقزان فتحا على يده في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد نقلنا قصة فتحها من قبل ويروى ذلك عن لوط بن يحيى، قال ولما نصر الله الدين وهزم المشركين بعد المقاتلات العظيمة استخلف عروة ابنه على الجيش وانصرف إلى عمر رضي الله عنه وبشره بالفتح.
ذكر الدارقطني وغيره أن عروة شهد القادسية وأن أخاه حربث ابن زيد له صحبة، وقد قدمنا ذكر زيد في الصحابة.
عمارة بن عمير التيمي الكوفي وليس هو من تيم قريش رأى ابن عمر رضي الله عنه وسمع عبد الرحمن بن يزيد والأسود بن يزيد وعبد الله ابن سخبرة، أنبا معمر وسمع منه الأعمش وسعد بن عبيدة ختن أبي عبد الرحمن السلمي توفي في خلافة سليمان بن عبد الملك وقد سبق عند ذكر إبراهيم النخعي أن عمارة ممن غزا الديلم وطبرستان.
قرأت على عبد الله بن عمران أنبأ عمر بن أحمد أنبا نصر الله بن علي أنبا أحمد بن الحسن أنبا محمد بن يعقوب أنبا الربيع أنبا الشافعي أنبا سفيان عن سليمان بن مهران عن عمارة عن الأسود عن عبد الله قال: لا تجعلن أحدكم للشيطان من صلاته جزأ يرى أن حتم عليه أن لا ينتقل إلا عن يمينه فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر ما ينصرف عن يساره.
قوله لا تجعلن أحدكم للشيطان من صلاته جزأً يريد أنه إذا تحتم ما ليس بمتحتم أخذ الشيطان منه بخط فكما لا يجوز تحليل الحرام لا يجوز تحريم الحلال والمقصود أن الانصراف عن الصلاة جايز يميناً ويساراً فإن لم تختلف الغرض فالتيامن أولى.
قرظة بن أرطاة العبدي، عده الخليل الحافظ في التابعين الذي وردوا قزوين وقال إنه قدمها غازياً مع كثير بن شهاب وعن خليفة بن خياط أنه قدمها والياً سمع قرظة كثير بن شهاب وروى عنه أبو إسحاق السبيعي.
كثير بن شهاب أبو عبد الرحمن الحارثي ويقال أبو شهاب، سمع عمر رضي الله عنه روى عنه قرظة بن أرطاه، وصبيح المري، وذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم أن أبا زرعة سئل عن كثير فقال كان أمير الري في خلافة عمر رضي الله عنه ثم صار بعده على قزوين.
عن أبي عبد الله بن ماجة أن كثيراً هو الذي فتح قزوين، يعني المرة الثانية ويقال أنه أعقب بقزوين وسمعت غير واحد من القبيلة المعروفة بالكثيرية أنهم من ولده.
أنبأنا الحافظ محمد بن عمر عن أحمد بن عمر الغازي، أنبا الواقد بن الخليل عن أبيه محمد بن سليمان ثنا أبي ثنا زنجويه بن خالد. ثنا عمرو ابن رافع ثنا جرير عن حمزة الزيات قال كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى كثير بن شهاب مر من قبلك من المسلمين أن يأكلوا الخبز القطير بالجبن فإنه أبقى للبطن، كأن مقصود الأثر إرشادهم إلى ما يؤثر في الإمساك وهو من المهمات في الأسفار.
محمد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف أبو سعيد القرشي يعد في أهل الحجاز قريب النسب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبوه من مشاهير الصحابة، سمع أباه ومعاوية بن أبي سفيان.
روى عنه الزهري وسعد بن إبراهيم وعمرو بن دينار وبنوه عمرو وسعيد وجبير توفي بالمدينة زمن عمر بن عبد العزيز وقد مر في فصل الفضائل أنه خرج إلى قزوين للغزو ومنهم من لم يصحح وروده قزوين.
قرأت على والدي قدس الله روحه أخبركم الحسن بن أحمد الغزال أنبا أحمد بن محمد الزيادي أنبا علي بن أحمد الخزاعي، أنبا الهيثم بن كليب أنبا محمد بن عيسى ثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغير واحد قالوا أنبا سفيان عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي.
رواه البخاري عن إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى عن مالك عن الزهري ومسلم عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جده عن عقيل عن الزهري.

الحشر الجمع مع سوق والحاشر في أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مفسر في الحديث بأنه الذي يحشر الناس على قدمه ثم قيل أراد على عهدي وذمتي، لأنه ليس بينه وبين الحشر نبي، يقال كان ذلك على رجل فلان وعلى قدمه أي في عهده، وقيل أراد أمامي أي يجتمعون إلى يوم القيامة، وقيل بعدي وهذا ما ذكره الهروي في الغريبين، فقال يحشر الناس على قدمي أين على أثري وعلى هذا فوجهان، قيل: معناه ليس ورأي إلا القيامة، وقيل أي أنا أول من يبعث وتنشق عنه الأرض ثم يبعث الناس.
العاقب الذي خلف الأنبياء، يقال عقبة يعقبه عقوبا ومنه عقب الرجل لولده، وعن ابن الأعرابي أن العاقب والعقوب هو الذي يخلف من كان قبله في الخير.
محمد بن الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو الحجاج بن يوسف بن الحكم ابن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معقب بن مالك بن كعب مات في حياة أبيه وقد تقدم ذكر وروده قزوين عند ذكر مسجد التوث وكان لقي أنس بن مالك رضي الله عنه.
حدث أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة فيما رأيته في بعض الأجزاء العتيقة عن إبراهيم بن نصر ثنا الحسن بن بشر حدثني أبي عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك قال: كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج ابن يوسف أن أنظر أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأذن مجلسه وأحسن جايزته وأكرمه فأتيته ذات يوم فقال يا أبا حمزة إني أريد أن أعرض عليك خيلي فتعلمني أين هي من الخيل التي كانت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت شتان بينهما تلك كانت أبوالها وأوراثها أجراً.
فقال الحجاج لو لا كتاب أمير المؤمنين فيك لضربت الذي فيه عيناك فقلت ما أقدرك الله على ذلك قال: ولم قلت: لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علمني دعاء أقوله لا أخاف من شيطان ولا سلطان ولا سبع قال يا أبا حمزة علمه ابن أخيك محمد بن الحجاج فأبيت عليه، فقال لأبنه: ائت عمك أنساً فسله أن يعلمك ذلك قال أبان فلما حضرته الوفاة دعاني فقال يا أحمر إن لك انقطاعاً وقد وجبت حرمتك وأنا معلمك ذلك الدعاء الذي علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تعلمه من لا يخاف الله.
قل الله أكبر الله أكبر بسم الله على نفسي وديني بسم الله على كل شيء أعطاني ربي، بسم الله خير الأسماء. بسم الله رب الأرض والسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء بسم الله افتتحت وعلى الله توكلت الله الله ربي لا أشرك به شيئاً اللهم إني أسألك محمد خيرك الذي لا يعطيه غيرك، عز جارك، وجل ثناؤك ولا إله غيرك، اجعلني في عياذك من كل سوء ومن الشيطان الرجيم.
اللهم إني احترس بك من كل شيء خلقت واحترز بك منهم، واقدم بين يدي بسم الله الرحمن الرحيم: " قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد " ومن خلفي مثل ذلك وعن يميني مثل ذلك وعن يساري مثل ذلك ومن فوقي مثل ذلك.
قوله كتب عبد الملك أن انظر أي تأمل في الحال، وتدبر ثم ابتدأ أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
مرة ابن شراحيل الهمداني الكوفي ويقال له مرة الطيب ومن العجيب أن يوصف المر بالطيب لكن في الألقاب والأسماء ما ينزل من أسماء، سمع ابن مسعود وذكر أنه روى عن أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم، وروى عنه عمرو ابن مرة وأبو إسحاق السبيعي والشعبي، وقد تقدم أنه خرج إلى الديلم في عدد جم في أيام علي رضي الله عنه، وفي الإرشاد للخليل أنه دخلها في آخر أيام عمر رضي الله عنه وربما أتاها مرتين.
أنبا والدي عن أبي بكر بن علي عن محمد بن الحسين وأنبأنا غير واحد، عن كتاب ابن الحسين، أنبا القاسم بن محمد أنبا علي بن إبراهيم، أنبا محمد بن يزيد ثنا يحيى بن حكيم ثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن طلحة عن زبيدة عن مرة عن عبد الله قال حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صلاة العصر، حتى غابت الشمس فقال حبسونا عن صلاة الوسطى ملاء الله قبورهم وبيوتهم ناراً.

الوسطى تأنيث الأوسط، ووسط القوم بسطهم أي صار وسطهم، فظهر اختلاف علماء الصحابة فمن بعدهم في أن الصلاة الوسطى أية صلاة هي فعن زيد بن ثابت وعائشة وأبي سعيد الخدري، وأسامة بن زيد أنها صلاة الظهر، لأنها في وسط النهار ولأنها الوسطى من صلاة النهار، وقال الأكثرون هي صلاة العصر لأنها متوسطة بين صلاتي نهار وصلاتي ليل والحديث حجة لهذا القول.
عن قبيصة بن ذوئب أنها صلاة المغرب لتوسطها بين الطول والقصر، وعن بعضهم أنها صلاة العشاء لأنها بين صلاتين لا يقصران، وعن ابن عباس وابن عمر ومعاذ وطاؤس وعكرمة وهو اختيار الشافعي أنها صلاة الصبح لوقوعها بين سواد الليل وبياض النهار، وذكر أن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف وإلا لما أخلى الوقت عن الصلاة.
منارة الغامدي، وغامد،بطن من الأزد، حكة الخليل الحافظ وغيره أن البراء بن عازب رضي الله عنه، لما ولي قزوين سار ومعه عروة ابن زيد الخيل حتى أتى أبهر فأقام على حصنها وهو من بناء سابور فقاتلوه ثم طلبوا الأمان فآمنهم، ثم غزا قزوين فأظهر أهلها الإسلام فرتب البراء معهم خمسمائة رجل معهم طليحة بن خويلد الأسدي، ومنارة وميسرة الغامديان وجماعة من تغلب على دستبى وغزا البراء الديلم.
منصور بن عبد الحميد بن راشد الخراساني من أهل مر وأستوطن البصرة وانصرف إلى خراسان بأخرة ومات بسرخس، وذكر أنه يكنى أبا رباح وأنه مولى عمار بن ياسر رأى أبا هريرة، وروى عن ابن عمر وأنس وأبي أمامة رضي الله عنهم، ومن التابعين عن عطاء بن أبي رباح وطاؤس ومكحول وروى عنه سلمة بن سليمان ومعاذ بن أسد المروزيان وغيرهما.
أنبأنا أحمد بن حسنويه عن الواقد بن الخليل عن أبيه. نبا الحسن ابن عبد الرزاق أنبا علي بن إبراهيم، حدثني أبو الحسين محمد بن عطية القزويني، حدثني أبو المنتصر مقيل بن رجاء الحارثي بطوس ثنا أبو الهذيل عيسى بن نصر السرخسي ثنا منصور بن عبد الحميد، سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا قرأ الرجل القرآن وأحتشى من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت هناك عزيزة كان خليفة من خلفاء الأنبياء عليهم السلام.
قوله إذا قرأ الرجل القرآن يعني قراءة فهم ومعرفة، وعلى مثل ذلك حمل الشافعي قوله صلى الله عليه وآله وسلم يؤم القوم أقرأوهم لكتاب الله.
قوله واحتشى من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضبط بالشين وكأنه من قولهم حشا الوشاة واحتشت الحائض بكذا ويجوز أن يكون الرواية بالسين من قولهم: حسا المرقة وتحساها واحتساها وللفظ على التقدير الأول يشير إلى الإكثار منها وعلى الثاني إلى الحرص عليها والغوص فيها وفي معانيها والغريزة الطبيعة والمقصود أن الطبيعة القويمة إذا ساعدت علم الكتاب والسنة كان صاحبها من خلفاء الأنبياء ووراثتهم.
ميسرة الغامدي يقال أنه ورد البراء قزوين وأنه من الذين سكنوا دستبى وأعقبوا بها وعمروا الضياع، وكانت في أيديهم قبالة من السلطان أنها لهم وسموا متقبلين لتقبلهم البلد من السلطان.
يزيد بن كيسان اليشكري الكوفي أبو منين فيما روى عن يعلى بن عبيد وأبو إسماعيل فيما ذكر مروان بن معاوية الفزاري روى عن أبي حازم لأشجعي، ويذكر أنه رأى أنس بن مالك رضي الله عنه وروى عنه يحيى بن سعيد القطان وعبد الواحد بن زياد ومروان ابن معاوية وكتب عنه سفيان الثوري وشريك وفي تاريخ البخاري أن يحيى القطان قال في يزيد أنه صالح وسط، وليس ممن يعتهد عليه لكن عن الحسين الجعفي، أنه حدث عنه وقال كان أبو منين عندنا من الأخيار الصالحين وأخرج عنه مسلم في الصحيح.
ذكر الخليل في الإرشاد أنه دخل قزوين مرابطاً ومات بها، وأما أن له أعقاباً مبرزين من أهل العلم والحديث بقزوين فهو مشهور وسيأتي ذكرهم في تراجمهم، إن شاء الله.
حدث علي بن بياع الحديد عن أحمد بن محمد الذهبي، ثنا عبد الله ابن هاشم ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال إن كان ليصلي خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم نيف وسبعون رجلاً من أصحاب الصفة لهم ثوب واحد لا يبلغ سوقهم، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للنساء لا ترفعن رؤسكن من السجدة حتى يستوي هؤلاء صفوفاً قال أبو هريرة وأنتم اليوم تصلون في الثوبين والثلاثة.

فيه بيان أن جماعة من الصحابة كانوا يشهرون بأهل الصفة وقد جمع أسماءهم جامعون وتتبع الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في الحلية ما ذكر تصحيحاً وتزييفاً.
قوله لهم ثوب واحد أي لكل واحد ويروي في أحوالهم أنهم ربما تناوبوا في الثوب الفرد، وفيه أن الصلاة تؤدي في الثوب الواحد، قوله لا يبلغ سوقهم كأنه لا يجاوز الركبة أو كان فويقها فليست هي من العورة وليس ذلك لأن السنة تقصير الثوب إلى هذا الحد وإنما كان السبب فيه قلة ذات يدهم، ومنع النساء من رفع الرؤس إلى أن يستوي القوم لئلا يقع نظرهن على شيء من العورة، وفيه أن ستر العورة يرعى من الأعلى ومن الجوانب لا من الأسفل، وأن النساء كن يقفن خلف الرجال.
قوله وأنتم تصلون في الثوبين والثلاثة يشير إلى ما كانوا عليه من المجاهدة إلى أن وسع الله عليهم - فهؤلاء هم المشهورون ممن ورد قزوين من الصحابة والتابعين رحمة الله عليهم أجمعين.
القول فيمن بعد الصحابة والتابعين أخوص الآن مستعيناً بالله تعالى ونعم المعين في ذكر من بعد الصحابة والتابعين ممن يعرف بنوع من العلم والدراية أو طرف من السماع والرواية من سكان قزوين وأهاليها ومن توطنها ونسب إليه وإلى نواحيها، وممن دخلها من غير أهلها متفقهاً أو تاجراً أو وردها أو اجتاز بها، غازياً أو زائراً، وأرتب أسمائهم على حروف المعجم من غير دعاية القرون ومن غير تميز متقدم عن متأخر وفاضل عن مفضل ليكون الوقوف على اسم من يطلب منهم عند المراجعة أسهل.
أوردها المسمين بالاسم الواحد على ترتيب حروف المعجم في أسماء آبائهم، وأسعى في إيراد المتفقين في أسمائهم وأسماء آبائهم على ترتيب الحروف في أسماء أجدادهم، وأودع الذين لا أعرفهم إلا بالكنية في آخر ذكر المسمين بالاسم المتكنى به، وكل ذلك بعد أن أقدم المسمين بأشهر أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم المحمدون توقيراً له بتقدم أسمائه واقتداء لمن سلك هذه الطريقة وأثر من السابقين والخالفين من علماء الأثر، وإلى الله سبحانه أرغب في تقريب البعيد وتسهيل القريب وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
المحمدون

حرف الألف في آبائهم
محمد بن آدم الغزنوي أبو عبيد الله المقري المعروف باللهاوري شيخ متقن في القراءة بارع في الورع وحسن السمت ومتانة الديانة مداوم على العبادة مواظب على التهجد، بلغني أنه كان يصلي وعنده قوم يقرؤن القرآن عليه فخر في صلاته فظن القوم الظنون إلى أن انتعش لأنهم وجدوا السقطة منكرة يم بحثوا على السبب وراجعوا من كان يخدمه ويلازمه فقال ما أعرف له سببا إلا أن يديم إحياء الليل ولا يتناول من الطعام إلا اليسير وكان مهيباً مستقيم الطريقة مبالغاً في الاحتياط.
يخطر لي والله أعلم أن آدم المنسوب إليه أراد به أبا البشر عليه السلام، ولم يزد في النسب عليه لشدة الاحتياط قدم قزوين ونزل خانقاه جوهر خاتون الشارع بابه إلى المسجد الجامع، ثم انتقل إلى المدرسة العنبرية وأقام بها يستفاد من علمه وعمله ويتبرك به وبسيرته إلى أن توفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة ودفن بباب المشبك وقبره ظاهر مزور وما في وجدان بركاته وقضاء الحاجات عنده نزور.
سمع منه بقزوين جماعة منهم الإمام والدي رحمه الله كتاب الغابة للإمام أبي بكر بن مهران وشرحها لأبي الحسن علي بن محمد بن عبيد الله الفارسي، سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، بروايته الغابة عن عمر بن زكريا السرخسي عن الأديب سعيد بن عثمان الغزنوي عن عبد الكافي المقرئ عن أبي الحسن الفارسي عن ابن مهران وروايته الشرح بهذا الإسناد عن الفارسي وذكر الجماعة أنه لقي بعد سماع الكتابين من ابن زكريا السرخسي الأديب سعيداً فقرأهما عليه.
أنبأنا غير واحد وقرأت بعضه على والدي رحمه الله قالوا أنبأ محمد ابن آدم المقرئ أنبأ سعيد عن عبد الكافي عن الفارسي، قال أما حجة من قرأ ملك وذكر فصلاً طويلاً في حجة القرائتين المشهورتين في قوله تعالى: " ملك يوم الدين " تلخيصه أنه احتج لمن قرء ملك بغير ألف بأنه يوافق قوله تعالى: لملك القدوس فتعالى الله الملك الحق، ونحوهما وبأنه يوافق خط المصاحف كلها وبأنه أبلغ في الثناء لأن كل ملك مالك لشيء، وليس كل مالك بملك وبأن مصدر الملك والملك بضم الميم ومصدر المالك الملك بالكسر.

الأول أكثر في القرآن كقوله: الملك يومئذ، لمن الملك اليوم، وبأن من قرأ ملك فقد قرأ مالك، ولا ينعكس لأن أصل ملك مالك فنقل إلى ملك للمبالغة في المدح كما نقل لابث إلى لبث وبأن الملك مستغن عن الإضافة والمالك محتاج إليها وغير المحتاج، أفضل من المحتاج، وبأنه قرأه الشافعي وانتقل إليه أبو حنيفة رضي الله عنهما بعد ما كان يقرأ بالألف فهذه سبعة أوجه.
احتج للقراءة الأخرى بأنها توافق قوله تعالى: مالك الملك، وبأنها قراءة الخلفاء الراشدين وجماعة كثيرة من الصحابة وبأن فيها زيادة حرف ولكل حرف عشر حسنات، وبأن مالكاً أكثر استعمالاً ومجالاً من ملك فيقال مالك للدواب والطيور، ولا يقال ملكها وإنما يقال ملك الناس وبأن اللفظ مضاف إلى اليوم، والإضافة بمالك أحسن منها بملك فهذه خمسة أوجه هذا آخر كلامه بالمعنى وفي بعض هذه الوجوه توقف لا يخفى.
اختيار أبي عبيد ملك بغير ألف قال لأن الأسناد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أثبت واحتج له أيضاً بأن الملك يومئذ لله على ما قال الملك يومئذ الحق للرحمن، وقال لمن الملك اليوم وإذا كان ملك يوم الدين له كان ملك يوم الدين.
فصلمحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الله القاضي أبو عبد الله الرازي، ثم القزويني الأخباري، كان عالماً بالمعجزات والمبعث والمغازي والقصص والتواريخ جموعاً كتوباً لها وصنف فيها مصنفات مطولة ومختصرة ومنها مجموع التواريخ يقع في جلود صالحة، ابتدأ فيه بذكر التاريخ العام وأخبار الأنبياء والخلفاء والملوك، واقتصر في أواخر الكتاب على الحوادث والوقائع المتعلقة بقزوين ونواحيها خاصة، وسمع أباه أبا إسحاق إبراهيم ابن أحمد القاضي ونصر بن علي العجلي، وعلي بن إبراهيم وغيرهم، وأورده الخليل الحافظ في جملة شيوخه.
فقال في المشيخة ثنا محمد بن إبراهيم صاحب التاريخ، ثنا إبراهيم بن أحمد يعني أباه ثنا يوسف بن موسى ثن ابن أبي ناجية ثنا زياد بن يونس عن مسلمة بن علي عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي جعفر، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ثلاثة لا يعادون الرمد وصاحب الضرس وصاحب الدمل.
روى محمد بن إبراهيم هذا عن أبيه عن إبراهيم بن عبد المؤمن بن أبي خالد عن محمد بن أبان الخراساني، تفسيره بأسانيده عن ابن عباس رضي الله عنه.
محمد بن إبراهيم بن أحمد الفقيه أبو نصر البخاري قاضي القضاة ولي القضاء بقزوين سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وبقي على الولاية إلى أن توفي بها سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وكان ظاهر السداد موقراً فقيهاً ينتحل مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وله الطبع القويم والشعر الجيد والخصال المرضية إلا أنه كان شديداً في الاعتزال وهو الذي أثبت في آخر ولايته المحضر بالمسائل السبع الاتفاقية بقزوين وهذا نسختها نقلتها عن خط والدي رحمه الله.
اتفق رأي قاضي القضاة أبي نصر محمد بن إبراهيم بن أحمد الفقيه وجماعة أعيال الأئمة والأماثل بقزوين لما رأوه من الصلاح لأنفسهم ولأعقابهم في أملاكهم، ومعايشهم على تقرير ما تضمنه هذه الفصول السبع فأخذها أن كل من عقد من أهل بلدهم عقداً على ملك له ظاهر باسم غيره في شرى أو غيره من وجوه التمليكات وأشهد على نفسه فيه فسلمه إلى من عقد فيه وبقي زماناً في يده على حكم ذلك التملك من غير منازعة منازع.
ثم أبرز هو بنفسه أو بعض من يتصل به حال حياته أو أبرز بعض أقاربه بعد موته عقداً يخالف ما عقده فيه لم ينظر إليه ولم يسمع فيه دعوى ولم يقم الشهود فيه شهادة، ولم تعترض على يد من هو في يده بإزالة كما اتفق عليه آراء من تقدمهم من العلماء.
ثانيها أن كل امرأة عقد زوجها عليه، عقد برأة في صداقها على وجه لا يقف عليه أهلها وأقاربها أو لا يظهر ذلك في مجلس الحاكم في مدينة قزوين، أو لا يظهر سبب من أسباب البراءة لا يتهم فيه زوجها أبو بعض من يتصل به بحيلة لم ينظر فيه ولم يسمع في تلك البراءة دعوى وكانت البراءة منسوخة.

ثالثها أن كل من عقد على نفسه عقد بيع في عقار بثمن مثله، في وقت بيعه وحصل ذلك في يد من كتب باسمه الشرى فيه فتظهر منه تصرف بما يظهر به تصرف المشتريين، ثم حصل في ثمن ذلك العقار تراجع ولم يكن المشتري أشهد على نفسه بشرائه في عقد الشرى المكتسب فيه فادعى أنه لم يشتر ذلك وأن له حق الرجوع على البائع بالثمن لم تسمع هذه الدعوى.
رابعها أن كل امرأة عقدت على نفسها لزوجها أو عقد بعض أهلها له عقداً في ملك ليزيد هو لآجل ذلك في صداقها، ثم أبرزت هي أو بعض من عقد ذلك العقد من أهلها عقداً يخالف ما عقدوه في الظاهر لهذا الزوج لم ينظر فيه ولم يسمع دعواه وأجرى الأمر فيه على أحد الوجهين أما أن يرد ذلك المهر إلى مهر مثلها ويبطل العقد الذي في يد هذا الزوج أو يقرر هذا العقد في يد الزوج على ما وقع عليه وتقرر تلك المرأة على ما وقع عليه.
خامسها أن كل من ثبت في ذمته دين من ثمن أو مهراً وغير ذلك وظهر في مجلس الحكم، وتوجه عليه الحبس فأبرز هذا الخصم عقداً بأن ما كان له من عقار وغيره وقد جعله باسم غيره وأنه وأن كان ظاهر الغنى فهو الآن في الحكم فقير لا يسمع هذه الشهادة سادسها أنه تقرر رأي الجماعة فيما يقع من الشهادة النساء أن يبلغ الاحتياط في ذلك المبلغ الممكن فيه من اعتبار حال المعرف، وكونه ممن يقبل قوله في ذلك ولا يقتصر على واحد حتى يضم إليه غيره وإن أمكن الشاهد الاستقصاء في التعرف يستقصي فيه ويبلغ أقصى ما يمكن ويجمع في التعرف بين من كان من أهلها وبين أجانب الناس إذا كان ذلك عنده أقوى وإذا وقعت الشبهة بخلل وقع في بعض الأمور توقف عن شهادته.
سابعها إذا حصل التنازع في مجلس الحكم في قبالة ظاهرها شرى فادعى من أضيف إليه للبيع فيها أنه عقد رهن في الباطن وأن كان قد كتب في الظاهر لفظ الشرى، يحلف المدعي للشرى فيه أنه عقد شرى في الظاهر والباطن وأن أقام البائع فيه بينة إلى إقرار المشتري أنه رهن في الباطن سمع من ذلك وإن أقام شهادة إلا على إقرار المشتري ولكن قال الشاهد إني أعلم ذلك لم يقبل، اتفقت أراء جماعتهم على تقرير هذه الفصول السبع المشروحة فيه وجعلوها مثالاً يمتثلونه هم بأنفسهم، ويمتثل الكافة من أهل بلدهم فلا يتجاوزونه وذلك في يوم الأحد التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة ثلاثين وأربعمائة وجدد العهد بالاتفاق على المسئلة الأولى من السبع غير مرة.
فمنها في سنة إحدى عشر وخمسمائة في أيام ذي السعادات أبي علي شرفشاه بن محمد بن أحمد الجعفري كتب كتاباً باتفاق الأئمة عليها وبذلك المشهورون من الفرق خطوطهم به رأيت أصل المحضر بخط مخلد بن محمد ابن حيدر المخلدي الشروطي وفيه خط الشيخ ملكداد بن علي والأستاذ علي بن الشافعي، والحسن بن عبد الكريم الكرجي، وعبد الوهاب ابن الحجازي، وآخرين من الحنفية وحمزة بن سيدي ابن أبي ليلى الحسني وأمير كابن أبي اللبجم وغيرهم، وهذه أبيات للقاضي أبي نصر من قصيدة له في الأستاذ أبي طاهر وزير ابن كاكويه:
حليف مساع نقشن على ... غرة الدهر نقش السطور
خلقن فواقر صما لكسر ... فقار العدو وجبر الفقير
وسائل عن سيكون الزمان ... فقلت لها قوله طب خيبر
فإن يك موسى قضى نحبه ... فإن عصاه بكف الوزير
أسير عذري إلى بابه ... وقل لأدنى رضاه مسيري
فهذا اعترافي فهل قائل ... وهذا اعتذاري لهل من عذير
ولولا التقى وشعار القضاء ... لأشعر شعري بما في ضميره
شفيعاً لي شكرو ودله ... وما لي غيرها من نصيره
ذكر أن القاضي كانت له هيبة وقبول عند الخواص والعوام، وسمع الحديث من القاضي عبد الجبار ابن أحمد وسمع مع ابنه الحسن وله ابن آخر موصوف بالفضل، يقال له صاعد بن محمد تولى القضاء بخوزستان، وكان شعر من أبيه ويأتي ذكرهما في موضعه أن شاء الله تعالى.

محمد بن إبراهيم بن أحمد بن الواقد أبو عبد الله الخليلي، كريم نبيل نسيب صاحب مروة وجاه ومحبة للعلم وأهله انتهت رياسة الأئمة إليه في عصره وكان يكرم العلماء البلديين والغرباء وينزل الواردين من أهل العلم والأكابر مدرسته وخانقائه ودوره ويرتبطهم، ويسدي إليهم الجميل محمد أقاموا ويسرحهم بإحسان إذا ارتحلوا وفوض تدريس مدرسته إلى والدي رحمه الله وصودر في سنة أربع وخمسين وخمسمائة بأربعين ألف دينار فاداها من غير أن يستخف به أو يشدد عليه واحتفظ بجاهه ومروئته وتوفي في شعبان سنة سبع وخمسين وخمسمائة وكان قد سمع الحديث.
من مسموعه صحيح البخاري سمع بتمامه من الأستاذ الشافعي ابن داؤد المقري سنة إحدى عشرة وخمسمائة ومسند الشافعي سمعه من السيد أبي حرب الهمداني سنة خمس وعشرين وخمسمائة بروايته عن أبي بكر الشيروي عن القاضي أبي بكر عن الأصم عن الربيع عن الإمام الشافعي رضي الله عنه ولما أقعدت في مدرسته مكان والدي رحمه الله في اليوم الثالث أو الرابع من وفاته وقد حضر أعيان البلد وفيهم ابنا صاحب المدرسة إبراهيم والفضل أنشأت في خلال فضل رتبته وألقيته على رسم الدروس:
طوبى له طوبى له طوبى ... قزوين منه ملئت طيبا
بزينة دام له نوره ... وركنه يؤتيه تهذيبا
كان أبو عبد الله يلقب بنور الدين واحد ابنيه بالزين والآخر بالركن.
محمد بن إبراهيم بن أبي نعيم إسحاق أبو بكر الاصبهاني ثقة من أهل الحديث ورد قزوين سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وحدث بها سمع أبا مسعود أحمد بن الفرات وروى عنه سننه وروى عنه علي بن أحمد بن ابن صالح والخضر بن أحمد وغيرهما حدث علي بن أحمد بن صالح عن أبي بكر الأصبهاني هذا بسماعه منه بقزوين، قال ثنا يوسف بن زكريا ثنا يعلى عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول قبل موته بثلاث لا يموتن أحد منكم إلا وهو حسن الظن بالله.
رواه أبو داؤد الطيالسي في سنة عن سلام عن الأعمش وأبو سفيان اسمه طلحة بن نافع، وهو واسطي روى عن جابر وابن عمر وابن عباس وقوله لا يموتن أحد منك إلا وهو حسن الظن بالله، يجوز أن يريد به الترغيب في التوبة والخروج من المظلمة فإنه إذا فعل ذلك حسن ظنه ورجاء الرحمة.
محمد بن إبراهيم بن بندار البصير أبو جعفر التومجيني شيخ صالح خاشع وتومجين من قرى قزوين سمع والدي وأبا بكر محمد بن خليفة الصانعي وأقرانهما، أخبر والدي رحمه الله سنة إحدى وستين وخمسمائة أنبا عبد الخالق بن أحمد بن عبد العالم أنبا أحمد بن الحسن الباقلاني أنبا عبد الملك بن عبد الله بن بشران أنبا أبو بكر الأجري أنبا عبد الله بن صالح أنبا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الإسلام بدأ غريباً كما بدأ.
رواه ابن ماجه في سننه عن سفيان بن وكيع عن حفص وقال في آخره فطوبى للغرباء قيل ومن الغرباء قال النزاع من القبائل، ورواه عبدان القاضي عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حفص مع هذه الزيادة، ثم قال عبدان هم أصحاب الحديث.
قوله بدأ غريباً إن قرئ بغير همزة فهو ظاهر، يقال: بدأ بالشيء يبدو أي ظهر وقد يسبق إلى اللفظ، بدأ بالهزة لأنه ذكر العود على الأثر والابتداء والإعادة متقابلان يقال بدأ الشيء وابتدأ وعلى هذا فالمبتدأ به محذوف كأنه قال ابتدأ الإسلام لصحبة القرن الأول والغريب البعيد عن الوطن يقال اغترب الرجل وتغرب وغرب يغرب غربة فهو غريب وغرب وغربت الشمس تغرب غروباً وغرب الرجل يغرب وتنحى وتباعد.
يقال اغرب عني أي تباعد وغربت الكلمة غرابة وذلك لبعدها عن الفهم، واغترب إذا تزوج إلى غير أقاربه وسمى الإسلام في أول الأمر غريباً لبعده عما كانوا عليه من الشرك، وأعمال الجاهلية ويعود غريباً لفساد الناس آخر وظهور الفتن وبعدهم عن القيام بواجب الإيمان قوله النزاع من القبائل هو جمع نزيع ونازع وهو الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته وصلى الله على محمد وآله.

محمد بن إبراهيم بن الحسن المقرئ الخياط كان صالحاً عارفاً بطرف من علم القراءة سمع الوسيط لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي، أو بعضه من القاضي عطاء الله بن علي مع جماعة كثيفة في الجامع بقزوين، سنة ثمان وستين وخمسمائة، وفيما سمع حديث الواحدي عن سعيد بن محمد العدل أنبا أبو علي بن أبي موسى أنبا جعفر بن محمد بن المغلس ثنا أبو سعيد الأشج حدثني عتبة بن خالد ثنا سعد بن سعيد ثنا عمر بن كثير بن أفلح عن سفينة عن أم سلمة رضي الله عنها.
قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول من قال عند مصيبته، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف له خيراً منها قالت أم سلمة فلما هلك أبو سلمة قلت من خير من أبي سلمة ثم عزم الله لي فقلتها وأخلفني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة عن سعد.
عقبة هو ابن خالد بن عقبة بن خالد بن مسعود، أبو مسعود السكوني سمع عبد الله بن عمر، وهشام بن عروة وسعد هو ابن سعيد بن ابن قيس بن عمرو الأنصاري، أخو يحيى وعبد الله وبه حدث عن أنس والقاسم بن محمد والزهري، وعمر بن كثير بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري سمع نافعاً مولى أبي قتادة وسفينة وروى عنه يحيى وسعد أنبا سعيد الأنصاري، والحديث يدخل في رواية التابعي عن التابعي ثم الصحابي وفي غير هذه الرواية أن أم سلمة حدثت به عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وربما سمعته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن أبي سلمة أيضاً.
قوله: اللهم أجرني يقال أجره الله يأجره، أي أثابه والأجر الثواب، ويقال أيضاً أجره بأجره أي صار أجيراً له، ومنه قوله تعالى: على أن تأجرني ثماني حجج، وذكر بعضهم أنه قد يقال بالمعنى الأول آجره بالمد أيضاً وإن الأصمعي أنكره فإن جوز فيجوز آجرني بالمد وأما من أجر يأجر فيسكن الهمزة وتضم الجيم.
يقال: أخلف الله عليك أي رد عليك مثل ما ذهب منك ليكون خلقاً عنه واخلف الرجل لنفسه إذا ذهب له شيء فجعل مكانه آخر والاسترجاع عند المصيبة مستحب ورد به القرآن والسنة، وكلمه إنا لله إقرار بأنه المالك يفعل في ملكه ما يشاء، وإنا إليه راجعون إقرار بالفنا والبعث وقيل معناه نرجع إليه ليكشف عنا ما أصابنا.
محمد بن إبراهيم بن حمك ورأيت بخط الراشدي في غير موضع ابن حمدك الرزاز القزويني أبو سعيد الأنصاري، يقال انه من ولد جابر ابن عبد الله الأنصاري، سمع أبا حاتم ويحيى بن عبدك ومحمد بن عبد العزيز الدينوري، روى عنه محمد بن علي بن عمر الختلي وغيره، وذكر الحافظ الخليل في الإرشاد ووثقة وذكر أنه حدثه عنه جماعة ونه مات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وأن أولاده لم يكونوا من أهل العلم.
حدث أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر عن محمد بن إبراهيم هذا قال ثنا محمد بن عبد العزيز بن المبارك ثنا عبد الله بن أمية الفزاري، ثنا يعقوب القمي ثنا حفص بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال ثنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقول أنا فرطكم على الحوض، الفرط والفارط الذي يسبق القوم إلى الماء فيهيئه لهم بالاستقاء أو الجمع في الحوض، ومنه الدعا في الصلاة على الصبيان اللهم اجعله شفيعاً وفرطاً لأبويه، يقال من فرط القوم يفرطهم أي سبقهم إلى الماء وفرط من القول أي سبق وفرط عليه أي عجل، قال تعالى: إنا نخاف أن يفرط علينا، والحوض منعوت في الأحاديث الصحيحة.
فعن رواية ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إن حوضي ما بين عدن إلى إيلة أشد بياضاً من اللبن وأحلا من العسل، وعدن معروف وأيلة مدينة من بلاد الشام على ساحل البحر يقال هي على نصف الطريق بين فسطاطا مصر ومكة وايلة أيضاً من رضوى، وهو جبل منيع بين مكة والمدينة.
عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمامكم حوضي، وفي بعض النسخ حوض كما بين جربا وأذرح وصورة الخط يقتضي أن يكون جرباء بالمد وكذلك روى في صحيح البخاري وقيل بالقصر من بلاد الشام واذرح بالحاء مدينة من أداني الشام ويقال أنها فلسطين وبينهما على ما حكى عن كتاب مسلم مسيرة ثلاثة أيام.

في رواية أبي سعيد الخدري أن لي حوضاً ما بين الكعبة إلى بيت المقدس، وفي رواية حذيفة أن حوضي لا بعد من أيلة من عدن، وفي رواية أنس ما بين ناحيتي حوضي كما بين صنعاء والمدينة أو كما بين المدينة وعدن، وعن حارثة بن وهب الخزاعي، أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن حوضه ما بين صنعاء والمدينة، وفي رواية عبد الله بن عمرو أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال حوضي مسيرة شهر، وهذا الاختلافات تشعر بأن ذكرها - جرى على التقريب دون التحديد وبأن المقصود بيان بعد ما بين حافيته وسعته لا للتقدير بمقدار معين ويمكن أن ينزل بعضها على طول الحوض وبعضها على عرضه.
قد ورد من رواية أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال طول حوضي ما بين مكة إلى أيلة وعرضه ما بين المدينة إلى الروحاء يقال أنه على نحو أربعين ميلاً من المدينة، وقيل على ستة وثلاثين وقيل على ثلاثين.
محمد بن إبراهيم بن سليمان البزاز القزويني أجاز له علي بن أحمد بن صالح بياع الحديد ولا يخفى سعة روايته ودرايته وشهرته في علوم القرآن في جماعة يذكر أسمائهم في مواضعها وهذا حكاية الاستجازة والإجازة أن رأى الشيخ الفاضل أطال الله بقاه أن يجيزه المطيب بن علي الطيبي وأخويه أحمد ومحمد ومحمد بن الحسن بن جعفر الطيبي وأحمد والخليل ابني عبد الله الخليلي وأحمد بن الحسن بن دلك وأحمد بن عمر الصفار، وعلي بن محمد بن عمران البزار وعلي بن الحسين القطان وأخيه أحمد وعبد الغفار ابن الحسن بن حوالة وعبد الله بن إبراهيم القطان ومحمد بن إبراهيم الخرزي ومحمد بن إبراهيم بن سليمان البزاز فعل يقول علي بن أحمد ابن صالح أجزت لهؤلاء النفر أن يرووا عني جميع ما يصح عندهم من أحاديثي عن مشائخي بعد أن تكون النسخ صحيحة ولا أطلق لأحد منهم أن يروي عني لحنا ولا تصحيفاً أو خطأ وكتبت بيميني في ربيع الأول سلخها سنة سبعين وثلاثمائة.
محمد بن إبراهيم بن عبد الله المغربي، أبو عبد الله الأندلسي القرطبي يعرف بابن الخطاب شاب ورد قزوين متفقها وطالباً للحديث بعد سنة ثمانين وخمسمائة وسمع من الإمام أحمد بن إسماعيل وغيره وسمع بها جامع محمد بن يزيد بن ماجه من بعض رواته في الجامع ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن علية عن أبي حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً بارزاً للناس فأتاه رجل فقال يا رسول الله ما الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر قال يا رسول الله ما الإسلام قال الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكوة المفروضة وتصوم رمضان. قال يا رسول الله ما الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك.
قال يا رسول الله متى الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربتها بذلك من أشراطها، وإذا تطاول رعاء الغنم في البنيان، فذلك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله فتلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير " أخرجه البخاري عن مسدد عن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي حيان واللفظ: فإن لم تكن تراه فإنه يراك وإذا ولدت الأمة ربتها وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان وزاد بعد الآية ثم أدبر فقال ردوه فلم يروا شيئاً فقال هذا جبرئيل جاء يعلم الناس دينهم ورواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة وزهير بن حرب عن ابن علية.
قوله كان يوماً بارزاً للناس أي ظاهراً لا حجاب دونه واللقا في الكتاب والسنة يفسر بالثواب والحساب والموت والرؤية والبعث وليحمل ها هنا على غير البعث لأنه مذكور من بعد حيث قال ويؤمن بالبعث الآخر، وفي الحديث بيان أن الإيمان التصديق والإسلام والانقياد والطاعة ولم يكن المقصد البحث عن حقيقتها وإنما كان المطلوب بيان ما أمر الناس بالتصديق به والانقياد والطاعة فيه.

فانطبق الجوابان على المقصد المبحوث عنه الإحسان في العمل تجويده والإتيان به على أكمل الوجوه ومن يراقب غيره ويعظمه يجود ما يعمل له سيما إذا كان بمرأ منه فعبر عن هذا المعنى بقوله كأنك تراه وبين أن العابد إن لم يكن حاضراً مشاهداً، فالمعبود قريب شاهد بعمله.
أشراط الساعة علاماتها الواحد شرط بفتح الراء كذا ذكره في ديوان الأدب، ويقال أشرط نفسه لكذا أي أعلمه له ومنه الشرط لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها وشروط الأشياء علامات لها وواحد الشروط شرط بسكون الراء وهو في الأصل مصدر.
الرب السيد والربة السيدة وأشهر ما قيل في قوله أن تلد الأمة ربتها أن السبي والغنائم تكثر والناس يبالغون في اتخاذ السراري وعلى هذا فعده من علامات الساعة يجوز أن يكون لأعراض الناس عن سنة النكاح ويجوز أين يكون لظهور الدين واتساع وقعة الإسلام ويلي ذلك قيام الساعة.
آراء المشهور قولان قيل المراد أن يفشو العقوق حتى يقهر الولد أمه قهر السيد أمته وعلى هذا فتخصيص الأمة بالذكر يجوز أن يكون سببه أن العاق لمكان رقها أكثر استحقاراً لها، وقيل المراد أن الناس لا يحتاطون في أمر الجواري، وقد ينتهي التهاون إلى أن تباع أمهات الأولاد ربما تقع في يد ابنها وهو لا يدري أنها أمه وتسمية الولد ربا وربة على الأقوال باعتبار أنه في الحرية والشرف كسيدها أو أنه ولد سيدها وولد السيد قد يسمى سيداً، وقد يثبت له الولاء كالسيد أو أنه سبب عتقها فهو كسيدها المنعم عليها بالعتق كل قد قيل.
الرعاء بكسر الراء والمد والرعاة جمع راع والمعنى أن البلدن يفتح فيترك الرعاة أصحاب البوادي ويسكنون البلاد ويتطاولون في البنيان ومعنى التطاول أن بعضهم يطاول بعضاً يقال: طاول فلان فلاناً من الطول والتطول، ويجوز أن يحمل على أنهم يتغلبون ويستطيلون، على الجيران في أمر الأبنية ومرافقها يقال تطاول عليه واستطال.
قوله في خمس أي وقت الساعة المسؤل عنها يقع في خمس لا يعلمهن إلا الله تعالى وإنما يستدل عليها بعلاماتها.
قوله رعاة الإبل البهم الأشهر من اللفظ في صحيح البخاري إليهم بضم الباء وهو جمع بهيم والبهيم الأسود وقيل ما كان على لون واحد لا شية فيه ومنهم من يفتح الباء هو المشهور في رواية من روى رعا البهم ولم يرو لفظ الإبل والبهم جمع بهمة وهي الصغيرة من أولاد الغنم وهي قريبة من رواية من روى رعا الغنم ويشير إلى زيادة تحقير بأن راعي البهم أضعف وأخس.
ثم الذين ضموا الباء منهم من جعل البهم نعتاً للإبل ومنهم من جعله نعتاً للرعاة ورفع الميم وهو الأظهر، ثم قيل أراد الرعاة السود، وقال الخطابي: أراد المجهولين، ومنه قولهم أمر مبهم، إذا لم يعرف حاله وقيل هم الذين لا شيء لهم ومنه يحشر الناس حفاة عراة بهما.
محمد بن إبراهيم بن العباس يقال له الأبهري فيما أظن سمع بقزوين أبا عبد الله بن محمد بن علي بن عمر، في فوائد العراقيين رواية عبد الرحمن ابن أبي حاتم بسماع أبي عبد الله منه حديث ابن أبي حاتم عن عمار بن خالد ثنا إسحاق الأرزق عن عبد الله، يعني ابن عمر العمري عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة، قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل أخته على أن يزوجه ابنته.
نكاح الشغار قيل سمى شغاراً من قولهم شغر البلد عن السلطان إذا خلا وذلك لخلوه عن المهر وقيل من قولهم شغر الكلب إذا رفع رجليه ليبول كأن يقول كل واحد منهما لا ترفع رجل موليتي ما لم أرفع رجل موليتك، وقوله والشغار أن يزوج إلى آخره يجوز أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويجوز أن يكون كلام الراوي ويفسره.
في رواية ابن عمر رضي الله عنه وهي مخرجه في الصحيح والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق.

محمد بن إبراهيم بن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن دلف بن عبد العزيز ابن أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي أبو بكر الكرجي القزويني شيخ معمر موصوف بالعلم والورع، وفي نيته أئمة مقدمون وإليهم إمامة لجامع العتيق بقزوين سمع أباه والزبير بن محمد وأبا الحسن بن إدريس والقاضي عبد الجبار بن أحمد وروى عنه إسماعيل المخلدي وإسماعيل الحافظ الأصبهاني وغيرهما وكان يروي تفسير هشام ابن الكلبي عن أبيه وعن عمر بلويه المقرئ عن أحمد بن علي الأستاذ عن محمد بن جعفر الأشناني عن محمد بن يوسف الفراء عن هشام.
حدث إسماعيل بن حمزة المخلدي عن محمد بن إبراهيم، قال ثنا القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد ثنا أحمد بن محمد بن عيسى بن مزيد الخشاب ثنا سمعان بن يحيى العسكري ثنا إسحاق بن محمد القمي ثنا أبي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس ابن مالك، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى الناس، ونصف العلم حسن المسئلة والاقتصاد في المعيشة نصف العيش وصدقة السر تطفئ غضب الرب وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
قوله أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة يفسر بمعنيين أحدهما يستمرون على اصطناع المعروف يومئذ فيشفعون للمجرم ويهدون إلى المكرم، والثاني أنهم أهل المعروف والإحسان إليهم في الآخرة.
التودد إلى الناس المذكور في الخبر ينبغي أن يقصد به نفع الناس أو الانتفاع بهم، وأن يحترز عن الافتتان بالناس قد رأيت بخط والدي رحمه الله أن محمد بن إبراهيم الكرجي الذي نحن في ذكره كان يقول لسبط أخيه والناس ينتابون بابه، على طبقاتهم لسؤدده يا أسفي على ابني أبي القاسم سال به السيل أين هو والحالة هذه من دينه وكان يقول إذا خلا به يا بني عليك بدينك فإن خفق النعال خلف الإنسان وعلى باب داره معلول تهدم دينه وعقله.
محمد بن إبراهيم بن علي أبو نصر سمع الشهيد اسكندر بن حاجي بقزوين روى عنه الحافظ يحيى بن عبد الوهاب بن مندة في كتاب الطبقات من جمعه فقال وقد كتب إلينا غير واحد عنه أنبا أبو نصر محمد بن إبراهيم لفظاً أنبا اسكندر بن حاجي بقزوين، روى عنه أنبا عمر بن محمد الزاهد ثنا أبو الدرداء انكمرد بن إسحاق الجيلي ثنا بشر بن أحمد ثنا داؤد ابن الحسين ثنا يحيى بن يحيى ثنا العلاء بن عمرو ثنا محمد بن الفضل ثنا يونس عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من شرب شربة من ماء، فتجرعه في ثلاث جرع، يسمى الله تعالى في أوله، ويحمده في آخره لم يزل الماء يسبح في بطنه حتى يخرج مرسل والتنفس في الإناء ثلاثاً عند الشرب محبوب.
فقد صح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتنفس ثلاثا، وعن ابن عباس، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تشربوا واحداً كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شربتم وإذا أنتم رفعتم كأنه يريد رفعتم رؤسكم من الإناء.
محمد بن إبراهيم بن عامر أبو منصور القزويني سمع بدمشق أبا محمد طلحة بن أسد بن مختار الرقي جزأً من حديثه ومما سمع في ذلك الجزء حديث طلحة هذا عن أبي الحسين محمد بن محمد بن الخصيب ثنا حفص بن عمر بن الصباح أبو عمرو ثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال لما نزلت: يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً.
جاء رجل فقال يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة قال قال: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد - قرأت الحديث على والدي رحمه الله قال أنبا أبو نصر حامد بن محمد وأنباني حامد أنبا السيد حمزة بن هبة الله أنبا إسماعيل ابن الحسن أنبا أبو الحسن الخفاف أنبا أبو العباس السراج ثنا يوسف بن موسى القطان ثنا وكيع ثنا مسعر وشعبة بن الحجاج عن الحكم عن عبد الرحمن والحديث مخرج في الصحيحين.

قولنا اللهم صلي على محمد قيل في تفسيره عظم محمداً في الدنيا بإعلاء ذكره وإدامة شرعه في الآخرة بتشفعه في أمته واجزال مثوبته وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود وتقديمه على كافة المؤمنين الشهود، وهذا أمور أنعم الله تعالى عليه لكن لها درجات ومراتب، وقد يزيدها الله تعالى بدعاء المصلين عليه ويذكر أن أصل الصلاة في اللسان التعظيم وأن هذه العبادة المعروفة تسمى صلاة لأن المصلى ينحني للصلاة وهو وسط ظهره وهذا شيء يفعله الصغير للكبير تعظيماً.
أما الآل فقد يراد به ذات الشخص ونفسه وعليه حمل قوله: لقد أوتي مزماراً من مزامير داؤد، وقد يراد به أتباع الرجل وأشياعه وعليه حمل قوله تعالى: ادخلوا آل فرعون أشد العذاب، وقد يراد به أهل بيت الرجل الأدنون - وفي الحديث، من آل محمد؟ قال عباس وعقيل وجعفر وعلي رضي الله عنهم.
الآل في قولنا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد فسره الشافعي رضي الله عنه في رواية حرملة ببني هاشم، وبني المطلب ويوافقه ما ورد في الحديث لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد، فيدخل في آله زوجاته ألا ترى إلى قول عائشة رضي الله عنها كنا آل محمد نمكث شهراً ما نستوقد ناراً وأيضاً فاصل آل أهل ولذلك إذا صغر قيل أهيل رداً على الأصل ولا شك في وقوع اسم الأهل على الزوجة وللأصحاب وجه أن كل مسلم يدخل في اسم الآل.
محمد بن إبراهيم بن عمرو سمع أبا الحسن القطان بقزوين جزأً من حديث عبد الله بن يزيد المقرئ بسماع أبي الحسن من يحيى بن عبدك سنة سبعين ومائتين فيه حديث عبد الله ثنا سعيد بن أبي أيوب عن عطاء بن دينار عن عمار بن سعد التجيبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال من ملاء عينيه من قاعة أو قاعة بيت قبل أن يؤذن له فقد فسق.
القاعة ساحة الدار والقاع المستوي من الأرض والنظر في دار الغير عظيم الموقع ولذلك جاز دفعه من غير تقديم الإنذار.
محمد بن إبراهيم بن الفضل الجيلي، سمع بقزوين القاضي أبا محمد بن أبي زرعة يحدث عن أبي بكر بن داسة عن أبي داؤد ثنا زهير بن حرب أو خثيمة ثنا عبد الرحمن بن مهدي نبا أبو عوانة عن داؤد بن عبد الله الأودي عن عبد الرحمن السلمي عن الأشعث بن قيس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يسئل الرجل فيما يضرب زوجته.
ضرب الرجل زوجته جائز في الجملة قال تعالى: اضربوهن ويمكن حمل الحديث من جهة اللفظ على أنه يوأخذ بالضرب ولا يسأل عنه في الآخرة وحينئذ فيكون المقصود بيان أن الضرب جائز ولكن المراد من الحديث أنه لا يبحث عن سبب الضرب فقد يستحيي عن الإفصاح به ولا يحسن الدخول بين الزوجين، حينئذ ببينة ما في غير هذه الرواية.
عن يحيى بن حماد عن داؤد عن عبد الرحمن عن الأشعث قال ضفت عمر رضي الله عنه فلما كان في جوف الليل قام إلى امرأته يضربها فحجزت بينهما فلما آوى إلى فراشه قال يا أشعث احفظ عني ثلاثاً حفظتهن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تسأل الرجل فيما يضرب امرأته ولا تنم إلا على وتر ونسيت الثالثة.
ضفته نزلت عليه ضيفاً يقال: ضاف يضيفه ضيفاً.
محمد بن إبراهيم بن قليبة الهمداني أبو جعفر الصوفي سمع بقزوين أبا إسحاق الشحاذي سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وفيما سمع حديثه عن الواقد بن الخليل عن أبيه ثنا علي بن عمر الفقيه ثنا عمر بن أحمد ثنا عبد العزيز بن حاتم ثنا الحارث بن مسلم ثنا زياد بن ميمون ثنا أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما سمى شعبان لأنه ينشعب فيه خير كثير للصائم فيه حتى يدخل الجنة.
رواه سلمة بن شبيب عن الحارث بن مسلم، بإسناده وقال إنما سمى شعبان لأنه ينشعب فيه خير كثير لرمضان، ومعنى هذه الرواية أن المؤمنين يستعدون فيه للذكر والخير وقراءة القرآن ويتأهبون لمجيء رمضان.
عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما إنه سمي شعبان لأن الأرزاق ينشعب فيه وهذا يشير إلى ما روى أنه يقسم فيه رزق السنة وقيل سمي شعبان لأنه ينشعب فيه كل متصدع ويجبر كل كسر يقال شعبت الأمر إذا أصلحته، وقال أبو عمرو بن العلاء وأهل اللغة سمى شعبان لأنه تشعبت فيه القبائل واعتزل بعضها بعضاً ويجمع شعبان على شعبانات.

محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي البكراني أبو جعفر الخطيب القزويني كان هو وجماعة من عشيرته متميزين عمن في درجتهم من خطباء النواحي بمزيد الديانة ومعرفة طرف من الفقه والحديث وسمع محمد هذا الفقيه الحجازي ابن شعبويه سنة ثمان وخمسمائة، وبعد ذلك سنة تسع عشرة وخمسمائة بقرية شرفاباد ومما سمع منه لهذا التاريخ كتاب الأربعين في البسملة من جمع أحمد بن أبي الخطاب الطبري برواية الحجازي عنه.
في الأربعين أنبا إسماعيل بن علي بن أحمد الخطيب أنبا عبد الرحمن ابن محمد السراج أنبا أبو العباس الأصم أنبا الربيع أنبا الربيع أنبا الشافعي ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن أبي جريج أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك قال صلى معاوية بالمدينة فجهر فيها بالقراءة فقرأ لأم القرآن ولم يقرأ بها السورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة.
فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان يا معاوية اسرقت الصلوة أم نسيت فلما صلى بعد ذلك قرأ، للسورة التي بعد أم القرآن، والحديث مدون في الشافعي رضي الله عنه وفيه دليل على استحباب الجهر بالتسمية للفاتحة وللسورة بعدها.
ذكر يوسف بن علي جبارة الهذلي أبو القاسم في كتابه المعروف بالكامل إن نافعاً إمام أهل المدينة في القراءة لما قال أن السنة الجهر بالتسمية سلم له مالك بن أنس على علو رتبته ما قاله وقال كل علم يسأل عنه أهله.
محمد بن إبراهيم بن محمد أبو والحمد الدولابي فقيه من أصحاب أبي حنيفة رحمه الله سمع أبا حاتم بن خاموش وغيره وورد قزوين قبل الخمسمائة، وحدث بها عن أبيه وكان هو وأبوه من المعتبرين عندهم والمعروفين بفقههم حدث الفقيه أبو زرعة عبد الحميد بن عبد الكريم الحنفي سنة خمسمائة في رجب، فقال حدثنا الشيخ الإمام أبو الحمد محمد بن إبراهيم الدولابي بقزوين ثنا والدي أبو الفتح إبراهيم بن محمد أنبا أبو العباس أحمد ابن الحسين الضرير ثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن علي بن طرخان ببلخ ثنا سعيد ثنا محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا سيد ولد أدم وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع.
قوله أنا أول من تنشق عنه الأرض هو معنى ما روى في حديث آخر رواه أنس رضي الله عنه أنا أول الناس خروجاً إذا بعثوا.
قوله أنا أول شافع وأول مشفع فيه دليل على أن غيره يشفع ويشفع كونه أولاً في الشفاعة والتشفيع يبين علو مرتبته.
محمد بن إبراهيم بن ناصر العمروآبادي القزويني كنت أراه في صغري يتفقه ثم رأيته بأصبهان وعنده طرف من المذهب والخلاف واللغة وكان يورق ويتعيش بأجرة الوراقة، وما يجري له من النظامية بها وأقام فيها على التفلك إلى أن توفى وله إجازة من مشائخها كمحمد بن الحسن ابن الفضل الآدمي وعبد الملك بن الحسين بن عبد الملك ومحمد بن أبي نصر القاشاني وستية بنت إسماعيل بن محمد الحافظ وأحمد بن أبي منصور بن محمد ابن ينال الصوفي وأجاز له من غير الاصبهانين جماعة، منهم علي بن المختار ابن عبد الواحد الغزنوي.
على هذا يرى الصحيح لمحمد بن إسماعيل البخاري عن أبي الفتح ناصر بن نصر بن أبي الفوارس عن أبي نصر محمد بن أحمد المقرئ عن أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي عن الفربري عن البخاري وفي الصحيح في كتاب الجمعة ثنا آدم ثنا ابن أبي ذؤيب عن سعيد المقرئ قال أخبرني أبي وديعة عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهر ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته ثم يخرج ولا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى.
أورد الحافظ أبو الحسن الدارقطني الحديث في جملة الأحاديث المعلولة التي أخرجها الشيخان أو أحدهما وقال اختلف علي ابن ذويب في الحديث فقال ابن عجلان عن سعيد عن أبيه عن ابن وديعة عن أبي ذر، وأرسله الدرا وردى فقال: عن عبيد الله عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال الضحاك بن عثمان عن المقبري عن أبي هريرة، وقال أبو معشر عن المقبري عن أبيه عن ابن وديعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

فيه بيان آداب وهيئات الجمعة، منها الغسل ومنها التطهير بسائر وجوه التنظيف كالاستباك قلم الظفر ومنها الأدهان ومس الطيب، ويمكن أن يكون إدخال كلمة أبو بينهما لأن الأدهان والتطيب ضربان من الترفه والتزيين فقد يكتفي بأحدهما عن الآخر بخلاف التنظيف والتطهر فإنه يراعيه ما استطاع لأن التحرز عن المكروهات لا يقول بعضه مقام بعض.
قوله من دهنه وطيب بيته كأنه أشار به إلى أنه يمس ما عنده ولا يتكلف فوق ذلك أو إلى أنه يستوعب من أنواع ما عنده ومنها أن لا يفرق بين اثنين حاضرين ويتخطى رقابهما أو يحول بالجلوس بينهما من غير ضرورة، ومنها التنفل بقدر ما يتيسر ومنها الإنصات عند الخطبة.
محمد بن إبراهيم أبو جعفر وراق وكيع سبق ذكره في الآثار الواردة في فضائل قزوين وحضوره مسجد التوت مع جماعة من أهل العلم والحديث والظاهر أن وكيعاً المنسوب إليه هو وكيع بن الجراح الكوفي المعروف بين أهل العلم ولا أقف لمحمد بن إبراهيم هذا على حال ورواية ولم أجد ذكره إلا في ذلك الأثر ولا أحب أن تخلو الترجمة عن فوائد.
فأقول فيها سبع كلمات إحديها محمد وهو مفعل من التحميد وهو أبلغ من الحمد يقال: رجل محمد إذا كثرت خصاله المحمودة، قال الأعشى يمدح النعمان بن المنذر:
إليك أبيت اللعن كان كلالها ... إلى الماجد القوم الجواد المحمد
يقال حمدت فلاناً وأتيت موضع كذا فأحمدته أي وجدته محموداً مرضياً كما يقال أبخلته أي وجدته بخيلاً وأحمد الرجل إذا صار أمره إلى الحمد، المحمدة خلاف المدمة ورجل حمدة كهمزة إذا كان يكثر حمد الشيء فوق ما يستحقه، وفلان يتحمده على فلان أي يمتن.
قولهم حماد لفلان أي حمداً له وشكرا بني على الكسر لأنه معدول عن المصدر وقولهم حماداك أن يفعل كذا أي قصاراك وغايتك المحمودة منك، ويحمد بطن من الأزد ومحمود اسم الفيل المذكور بالقرآن في سورة الفيل وفي المثل العود أحمد، يقال إن أول من قاله خداش بن حابس التميمي، وذكر الميداني إن أحمد يجوز أن يكون أفعل من الحامد أي من ابتداء العرف حلب الحمد فإذا أعاد كان أحمد له، أي أكسب للحمد، ويجوز أن يكون أفعل من المفعول أي الابتداء محمود والعود أحق بأن يحمد، وحمدة النار صوت التهابها.
قال أحمد بن فارس في المقايس ليس هو من هذا الباب إنما هو من المقلوب وأصله خدمة ويمكن أن يرد إلى مثل ما رد إليه قولهم حماداك حتى يرجع إلى معنى الحمد، لأن صوت النار من شدة التوقد وغاية الالتهاب.
الثانية ابن وأصله بنو تقديره فعل والجمع أبناء كجمل وأجمال والتصغير بني وتصغير أبناء أبيناء، وللنسبة إلى ابن بنوي وقد يقال ابني وتبنيت فلاناً أي اتخذته ابناً، ويقول: هذه ابنة فلان وبنت فلان والجمع بنات لا غير وقد يزاد في الابن الميم فيقال ابنم وهو معرب من مكانين يقال هو ابنم ورأيت ابنما ومررت بابنم تتبع النون والميم في الإعراب قال حسان:
فأكرم بنا خالا ... وأكرم بنا ابنما
قال الشيخ أبو الحسين ابن فارس في تفسير الابن هو الشيء يتولد عن الشيء كابن الإنسان وغيره وعلى ذلك تسمى العرب أشياء كثيرة ابن كذا كقولهم هو ابن بجدتها أي عالم متقن وبجدة الأمر دخلته وباطنه وكما قالوا ابن ذكاء للصبح وذكاء اسم للشمس غير مصروف، ولا تدخله الألف واللام وابن جمير لليل المظلم وابنا جمير لليل والنهار سميا بذلك الاجتماع يقال هذا جمير القوم أي مجتمعهم، ويقال لهما أيضاً ابنا سمير لأنه يسمر فيهما وابن السبيل المسافر وابن ليلة صاحب السري وابن عمل، صاحب العمل الجاد فيه وابن أقوال المحجاج، وابن ملمة الذي تنزل به الملمات فيكشفها وهذا باب واسع، وقد جمع منه طرفاً صالحاً صاحب البلغة في باب الكنى من كتابه.

الثالثة إبراهيم وهو أسم أعجمي وفيه لغات أخر وهي أبراهام وإبراهم وأبراهم وللقراء فيها اختلاف وتفصيل طويلان وتصغير إبراهيم مختلف فيه فصغره سيبويه على بريهيم وتوم الهمزة زايدة وعن المبرد أنه يصغر على أبيره وأن الألف أصلية لأن بعدها أربعة أحرف أصول والهمزة لا تلحق بنات الأربع في أولها، وإذا كان كذلك فتحذف من الآخر كما يقال في تصغير سفرجل سفيرجل، ومنهم من يقول يريه فيطرح الهمزة، والميم جميعاً وتصغير إسماعيل وإسرافيل كتصغير إبراهيم والبراهمة قوم لا يجوزون بعثة الرسل ويقولون تكفينا عقولنا والبرهمة إدامة النظر وإسكان الطرف.
الرابعة الأب وأصله أبو والدليل على أن الذاهب منه الواو إنك تقول في التثنية أبوان وعن بعض العرب في تثنية أبان والجمع الآباء كقفاء وأقفا، وقد يجمع بالواو والنون، فيقال أبون وعلى ذلك قرأ بعضهم: إله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق يريد جمع أب على أبين والنون محذوفة، والنسبة إلى الأب أبوي ويقال أبوت أبوة أي صرت أبا وما له أب يأبوه أي يغدوه ويربيه، والأبوة أيضاً الآباء كالخؤلة والعمومة، وقولهم يا أبت أفعل جعلوا علامة التأنيث فيه عوضاً عن ياء الإضافة، وهو كقولهم لأم يا أمه، والوقف في يا أبة بالهاء كما في يا أمه إلا في القرآن بصورة الخط، ولا تسقط الهاء في الأب إذا وصلت، وتسقط في الأم مثل أن يقول يا أم أقبلي لأن الأب أخل به في الأصل فجعلت الهاء لازمة له.
الخامسة جعفر وجعفر النهر الصغير وربما فسر بمطلق النهر - وذكر الشيخ أبو الحسن ابن فارس أنه منحوت من كلمتين من جعف إذا صرع لأنه يصرع ما يلقاه من نبات وما أشبهه ومن الجفر والجفار والأجفر وهي كالحفر وجعفر أبو قبيلة من عامر وهو جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر، وهم الجعافرة والجعفريون اليوم أولاد جعفر الطيار رضي الله عنه.
السادسة الوراق وهو الذي يكتب وينسخ والوراق أيضاً الكثير الدرهم - قال:
جارية من ساكني العراق ... تأكل من كيس امرئ وراق
الوراق الدراهم المضروبة وكذلك الرقة ويقال أيضاَ ورق وورق الورق للكتاب والشجر الواحدة ورقة وشجرة ورقة، ووريقة أي كثيرة الأوراق وورق الشجرة وأورق خرج ورقة وورقت الشجرة ورقاً إذا أخذت ورقة وورق القوم أحداثهم ويقال في القوس ورقة بالتسكين أي عيب والأورق من الإبل الذي في لونه بياض إلى سواد والجمع ورق.
السابعة، وكيع يقال: سقاء وكيع وفرس وكيع أي صلب شديد وقد وكع بالضم وأوكعه غيره وقال: على أن مكتوب العجال وكيع.
والعجال: جمع عجلة وهي السقاء ويقال في جمعها عجل أيضاً كقربة وقرب وبذلك سمى الرجل وكيعاً واستوكعت معدته أي اشتدت طبيعة والوكيع إقبال الإبهام على السبابة من الرجل يقال: منه رجل أوكع وأمرأة وكعاء وعبد أوكع وأمة وكعاء يريدون اللئم وقلت في تركيب هذا الكلمات السبع:
كن ابن من شئت وعش محمداً ... تنج كإبراهيم من كيد العدى
قد خاض آباؤك جعفر الردى ... من مقتر راح ووراق غدا
وتمتطى أنت وكيعاً أجردا ... يوردك اليوم ويرديك عدا
محمد بن إبراهيم الروذباري سمع بقزوين سنة خمس وأربعمائة غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام من أبي الحسن بن جعفر بن محمد الطيبي بروايته عن أبي الحسن القطان عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد، وفي الكتاب حدثني حجاج عن شعبة عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد حدثني من سمع سعد بن عبادة، يقول قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله أجذم - رواه أبو عبيد في فضائل القرآن من جمعه عن جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى وهو ابن فائد بالفاء.
قوله أجذم قال أهل اللغة أصل الجيم والذال والميم القطع، يقال جذمت الشيء جذماً فانجذم أي انقطع والجذمة القطع من الجبل، وجذم الحائط: قطعه والجذم قطع السياط والأجذام السرعة في السير، وأيضاً الإقلاع عن الشيء وقيل أجذم عني أي انقطع، والجذام العلة المعروفة سمي به لما يتولد منه من التقطع.

فسر أبو عبيد الأجذم بمقطوع اليد واحتج عليه بحديث علي رضي الله عنه من نكث بيعته لقي الله وهو أجذم ليست له يد، ويقال جذمت يده تجذم جذماً واعترض عليه ابن قتيبة في كتاب إصلاح الغلط بأن العقوبة ينبغي أن يتشاكل الذنب ويتعلق بما يتعلق به الذنب كنا قال تعالى: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى الآية، وفي الحديث رأيت ليلة أسرى بي قوماً تقرض شفاههم، كلما قرضت وفت فقال جبرئيل هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون.
قال والأجذم ها هنا المجذوم يقال رجل أجزم ومجذوم ومجذم وهو الذي تهافت أعضاؤه من الجذام، وهو داء شامل للبدن، قال وهذا المعنى أشبه كأن القرآن كان يدفع عن جسمه العاهة فلما نسيه نالته الآفة في جميع بدنه ونصر الأكثرون أبا عبيد، منهم ابن الأنباري وأبو الحسين ابن فارس وأبو سليمان الخطابي وغيرهم وذكروا أن سويد بن جبلة الفزاري سبق أبا عبيد إلى تفسيره وأجابوا إلى الاحتجاج لمشاكله.
العقوبة الذنب بأن هذا ليس بقياس مطرد ألا ترى أن القاذف يقذف بلسانه فيجلد ظهره والزاني يزني بفرجه فيغرق الجلد على أعضائه ويجتنب الفرج وسائر المقاتل، قالوا الأجذم في الاستعمال هو الأقطع كما ورد في الخبر: كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله، فهو أجذم، ويروي كل خطبة ليس فيها شهادة كاليد الجذما، ومن أصابه الجذام لا يقال أجذم في الغالب إنما يقال مجذوم.
ثم اختلف هؤلاء فعن ابن الأعرابي أن المعنى من نسى القرآن، لقي الله خالي اليد، من الخير والثواب، كني باليد عما تحويه اليد، كما يقال لمن انقطعت قدرته لا يد له، وللبخيل قصير اليد، ويشهد له ما روى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا تعجلوا ثواب القرآن في الدنيا فتلقوا الله يوم القيامة وأيديكم مما حملتم صفر، وقيل: اليد ها هنا بمعنى الحجة والبرهان وقد يقول السليم قطعت يدي ورجلي ويريد أبطلت حجتي، وقيل: لقي الله منقطع السبب، وفي الحديث بيان ما في نسيان القرآن من التشديد، وقد يلحق ذلك بالإعراض عن فروض الكفايات بعد الشروع فيها بأن حفظ القرآن من فروض الكفايات.
محمد بن إبراهيم الطالبي شريف يوصف بالفضل وكان مع الحسين الكوكبي الذي تغلب بقزوين، واستخلفه الكوكبي على قصر البراذين فلما هزم موسى بن بغا الكوكبي، وابن حسان بعث قواده في طلب محمد هذا، وقد تحصن ببعض الحصون، فحاربوه وأسروه وحملوه إلى موسى وهو بقزوين فبعثه أسيراً إلى سر من رأى وقصة الكوكبي معروفة في أخبار فزوين.
محمد بن إبراهيم الصائغ الهمداني سمع ميسرة بن علي بقزوين يحدث عن أبي العباس أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل قال: حدثني كردوس خلف بن محمد بن أبي الحسن الواسطي، ثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي ثنا سفيان عن موسى بن عبيدة الربذي، عن القاسم بن مهران عن عمران ابن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله عز وجل يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف أبا العيال.
اعتبر بعد الإيمان ثلاث صفات: الفقر والتعفف، وأبوة العيال، أما أبوة العيال والاهتمام بشأنهم، ففضله ظاهر، وفي الحديث: الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله، وأما الجمع بين الفقر والتعفف، فلأن الفقر قد يكون عن ضرورة وصاحبه غير صابر عليه ولا راض به وقد يكون لعجز وكسل في طلب الكفاية من جهات المكاسب، فإذا انضم إليه التعفف أشعر ذلك بالصبر والقناعة والتحرز عن التبعات، وركوب الهوى.
محمد بن إبراهيم الكاكائي القزويني سمع الخليل بن عبد الجبار القرائي جزأ خرجه الخليل هذا في فضائل رجب وشعبان ورمضان وفيه ثنا الفقيه إسحاق بن عبيد ثنا أبو الحسن الصيقلي ثنا عبد الله بن محمد ثنا أبو داؤد سليمان بن يزيد ثنا أبو عمرو عثمان بن محمد ثنا الحسن بن الصباح ثنا عبيد الله بن عبد الله عن منصور بن زيد ثنا موسى بن عمران، قال أنس قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن في الجنة نهراً يقال له رجب من صام يوماً من رجب سقاه الله من ذلك النهر " .

رواه علي بن الحسين الخواص عن منصور وقال ثنا أبو عمران خادم أنس ويمكن أن يكون أبو عمران كنية موسى بن عمران، ورواه محمد بن المغيرة عن منصور، فقال ثنا منصور بن زيد الأسدي ثنا موسى ابن عبد الله سمعت أنس بن مالك، ومنهم من زاد فقال موسى بن عبد الله ابن يزيد الأنصاري، وأظهر ما قيل في اشتقاق رجب أنه من التعظيم، يقال رجبته بالكسر أي هبته وعظمته فهو مرجوب، والترجيب التعظيم سمي به لأنهم كانوا يعظمونه ولا يستحلون فيه القتال والجمع أرجاب، وربما ضموا إليه شعبان وسموهما رجبين فترجيب العتيرة ذبحها في رجب، والترجيب أيضاً أن تدغم أغصان الشجرة عند كثرة حملها لئلا تنكسر الأغصان ومنه: أنا عذيقها المرجب.
محمد بن إبراهيم الفقيه فزويني وأورد قزوين أنبأنا الحافظ أحمد ابن محمد بن سلفة بالإجازة العامة وغيره عن أبي الفتح إسماعيل بن عبد الجبار أنبا محمد بن علي بن مخلد ثنا أبو بكر بن حمشاد ثنا محمد بن إبراهيم الفقيه بقزوين ثنا محمد بن إسحاق بن يسار ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " صحيح متفق عليه من حديث مالك عن نافع ورواه الأوزاعي عن نافع مع زيادة فقال من فاته صلاة العصر وفواتها أن تدخل الشمس صفرة فكأنما وتر أهله وماله.
قوله صلى الله عليه وآله وسلم فكأنما وتر أهله وماله لو رفع للأمان من الأهل والمال لكان صحيحاً لكن الحفاظ ضبطوهما بالنصب وقالوا المعنى أنه نقص وسلب منه ذلك فنصب لأنه مفعول ثان، وتر ونقص يتعديان إلى مفعولين يقال وتره حقه وتراً، وقال تعالى: " ولن يتركم أعمالكم " والموتور الذي قتل حميمه، أو أخذ ماله فلم يدرك بثأره يقال منه أيضاً وتره يتره وتراً، والأشهر من معنى الحديث سلب ونقص أهله وما له فبقي وتراً وقيل: إنه من الموتور شبه ما يلحق الذي يفوته العصر بما يلحق الموتور من قتل حميمه وأخذ ماله وتخصيص صلاة العصر بذلك يبين زيادة فضلها.
قوله في رواية الأوزاعي وفواتها أن تدخل الشمس صفرة مع ما ثبت وتقرر أن وقت العصر يبقى إلى غروب الشمس كان المقصود منه بيان المراد من الفوات المذكور في قوله من فاته صلاة العصر وذلك لأنه إذا أصفرت الشمس كان الوقت وقت الكراهية وإن لم يكن الصلاة فيه مقضية والتأخير إلى دخول وقت الكراهية يفوت فضلاً عظيماً وفوات الفضائل الجليلة عند أهل الاعتبار من المصائب.
محمد بن إبراهيم سمع أبا الحسن القطان يحدث عن أبي الحسن خازم بن يحيى، ثنا هاشم بن الحارث ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله ابن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا كان يوم القيامة كنت أمام النبيين وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم غير فخر ولو لا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار " قوله وصاحب شفاعتهم يجوز أن يقال معناه وصاحب الشفاعة العامة بينهم، ويجوز أن يريد، صاحب الشفاعة لهم وفيه بيان فضيلة الأنصار، ومحمد بن إبراهيم هذا يجوز أن يكون أحد المذكورين من قبل وكذلك الذي تلاه محمد هذا.
محمد بن إبراهيم الخرزي من طلاب الحديث، أجاز له علي بن أحمد بن صالح، بياع الحديد وهو أحد المذكورين في الاستجازة التي حكيناها عند ذكر محمد بن إبراهيم بن سليمان البزاز.
محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الكردي، نزيل أصبهان، سمع بقزوين علي بن محمد بن مهروية، وروى عنه أبو طاهر الثقفي، حدث الشيخ أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل العجلي في إملائه، عن الحسين بن عبد الملك الخلال وعبد الواحد بن أحمد بن شيذة وسعيد بن أبي الرجاء الصيرفي إذناً قالوا أنبأ أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكردي في سنة ستة وسبعين وثلاثمائة، أنبا أبو الحسن علي بن محمد بن مهروية البزاز بقزوين، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، ثنا داؤد ابن سليمان الغازي حدثني علي بن موسى الرضا حدثني أبي موسى عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الإيمان إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالأركان "
فصل

محمد بن أحمد بن إبراهيم الخباز أخو كاسوويه القزويني، سمع أبا بكر الجعابي وقرأ عليه الحافظ أبو سعد إسماعيل بن علي السمان، فقال حدثكم أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم الحافظ، وكان القرأة بقزوين، قال: ثنا جعفر بن محمد بن الحسن، ثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا كثير ابن مروان الرملي عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وساج عن عمران ابن حصين رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: :كفى بالمرء إثماً أن يشار إليه بالأصابع " قالوا: يا رسول الله، وإن كان خيراً قال إن كان خيراً فهو له إلا من رحمه الله وإن كان شراً فهو شر - كذا كان في النسخة وربما كانت اللفظة فهو له شر إلا من رحمه الله والسبب فيه أن المشار إليه قل ما يسلم عن العجب والاغترار.
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن إبراهيم بن محمد ابن علي بن عبد الله بن جعفر الطيار أبو الحسن بن أبي طاهر كان هو وأخوه أبو القاسم مشغوفين، بالصدقات، وأعمال الخير، وكان إليهما الرياسة بقزوين وكان الصاحب ابن عباد يخصهم بقبول الهدايا اللطيفة نحو مجلدات الكتب والحلاوي، وسمع أبو الحسن الحديث من العليين ابن مهرويه وابن إبراهيم وسليمان بن يزيد وبالري من عتاب الوراميني وغيره.
حج سنة سبع وخمسين وثلاثمائة ففات في تلك السنة الحج لأكثر الناس سبب أعواز الماء وشدة الوباء فبذل ما لا لبعض الأعراب حتى سار به إلى عرفات فحج وفرق هناك أموالاً على الطالبية والبكرية والعمرية ومات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وكانت ولادته سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ولم يعقب هو ولا أخوه ذكراً.
محمد بن إبراهيم الخليل الخليلي أبو علي عم الخليل الحافظ وهو معدود من الحفاظ سمع أباه أحمد ومحمد بن هارون بن الحجاج، علي بن محمد بن مهروية، وعلي بن إبراهيم، وعلي بن جمعة، فمن بعدهم من شيوخ قزوين، وسمع بهمدان عبد الرحمن بن حمدان وبغداد إسماعيل الصفار، وبالكوفة ابن عقدة، ومات وهو شاب سنة سبع وأربعين وثلاثمائة ومما سمع من أبي الحسن القطان ما حدث سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة فقال ثنا يحيى بن عبد الأعظم ثنا عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقرئ ثنا سعيد بن أبي أيوب عن عمرو بن جابر الحضرمي عن جابر الحضرمي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من صام رمضان ثم أتبعه بستة أيام من شوال - الحديث.
عمرو بن عامر الحضرمي أبو زرعة يعد في المصريين روى عن جابر، وروى عنه سعيد بن أبي أيوب وبكر بن مضر يروي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من رواية أبي هريرة وثوبان، وأبي أيوب الأنصاري، ومن روايته أخرجه مسلم في الصحيح، والسبب في تعديل صوم رمضان وستة أيام من شوال بسنة شهور وهو أن الحسنة بعشر أمثالها فيكون صوم ستة وثلاثين يوماً في معنى صوم ثلاثمائة وستين يوماً وهي تمام السنة.
محمد بن أحمد بن إدريس بن محمد بن زيد بن يونس بن يزيد بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو بكر العدوي القزويني كان فقيهاً زاهداً ورعاً و محتاطاً وهو ابن أخي جعفر بن إدريس القزويني إمام الحرم، سمع الحديث من علي بن أبي طاهر وأقرانه، وسمع أبا علي الطوسي، إن شاء الله مات سنة نيف وعشرين وثلاثمائة.
محمد بن أحمد بن إدريس الضرير القاري القزويني، شيخ كثير السماع سمع أبا الحسن بن إدريس، وسمع سنن أبي عبد الله ابن ماجه من أبي طلحة الخطيب سنة تسع وأربعمائة، وسمع في الصحيح البخاري من أبي الفتح الراشدي سنة ست، حديث البخاري، عن عبد الله بن محمد قال ثنا معاوية بن عمرو، ثنا أبو إسحاق عن حميد سمعت أنساً رضي الله عنه يقول: أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب وإن يكن الأخرى نرى ما أصنع فقال ويحك أو هبلت، أو جنة واحدة؟ هي أنها جنان كثيرة وأنه في جنة الفردوس وحارثة هو ابن سراقة بن الحارث من بني عدي من النجار ابن عمه انس بن مالك وهي الربيع بنت النضر ويقال حارثة بن الربيع.

قوله أو هبلت يقال هبلته أمه أي ثكلته، وفقدته والمصدر الهبل والهابل التي مات ولدها وعن أبي زيد أنه لا يقال ذلك إلا للنساء ويقال إن المقصود أفقدت عقلك وتمييزك من الثكل الذي أصابك حتى جهلت صفة الجنة، والواو مفتوحة في قوله أو هبلت وكذا قوله أو جنة واحدة وهي واؤ الابتداء دخلت عليها ألف الاستفهام والأولى على التوبيخ والثانية على الإنكار.
محمد بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني الحاكمي أبو إسماعيل سمع الكثير من أبيه، الإمام أحمد بن إسماعيل ومن غيره وكان رجلاً كافياً ذا جلادة وحسن تدبير في أمور الدنيا مع تعبد وتقشف وكان يذكر ويحفظ أطرافاً من التفسير والحديث، وأجاز له جماع من الشيوخ منهم عبد الهادي بن علي الهمداني والحسن بن أحمد الموسيابادي وإسماعيل الناصحي وتوفي في حياة أبيه رحمهما الله.
محمد بن أحمد بن إسماعيل الطالقاني أبو المناقب، سمع أباه وأجاز له الذي أجازوا لأخيه وعلي بن أبي صادق السعدي وأو الوقت عبد الأول وقد تزهد في حياة أبيه وتولى الاحتساب مدة وزاد في التزهد بعد وفاته ولبس الخشن وهو غائب عن قزوين منذ سنين يسكن الشام مدة والروم أخرى وأذربيجان أخرى وزار الكعبة أعواماً التوالي.
محمد بن أحمد بن إسماعيل أبو بكر الطالقاني أخو الأولين وكان أصغرهم وأعلمهم، وكان له جاه وهمة عالية ومرؤة ومهارة في التذكير وقبول عند السلاطين، وسمع الحديث الكثير من أبيه وغيره ببغداد وقزوين وغيرهما وتقلد القضاء ببلاد الروم مدة ثم خرج منها ثم استدعاه سلطانها فتوفي في الطريق سنة أربع عشرة وستمائة، وأجاز لثلاثتهم محمد بن الحسن بن الحسين المنصوري، سنة ست وسبعين وخمسمائة وذكر أنه من ولد نوح بن منصور وأنه ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
محمد بن أحمد بن أميري بن محمد أبو سعد الرامشبي ثم الأبهري فقيه فاضل صالح تلمذ لوالدي رحمه الله مدة ولازمني بعده وحصل طرفاً من المذهب والخلاف والشروط وغيرها، وسمع الحديث من الإمام أحمد بن إسماعيل و والدي وطبقتهما، وكتب الكثير من كل فن وله سلف من أهل العلم يأتي ذكرهم وسكن قزوين وتوفي بها.
محمد بن أحمد بن الورت القاضي أبو بكر القزويني الفقيه مذكور بالفقه والحديث روى عن أحمد بن جعفر القطيعي وعبد الواحد بن بكر الفريابي، وقال محمد بن الحسين البزار في فوائده أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن أحمد بن الورت أنبا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ثنا بشر بن موسى الأسدي ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثني سعيد بن أبي أيوب، حدثني يزيد بن عبد العزيز الرعيني عن يزيد بن محمد القرشي عن علي بن رباح اللخمي عن عقبة بن عامر أنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أقرء المعوذتين في دبر كل صلاة.
علي بن رباح اللخمي المصري أبو موسى، سمع أبا هريرة وعمرو ابن العاص وعقبة بن عامر، ويقال هو وعلي على التصغير قال البخاري والصحيح علي.
محمد بن أحمد البراء البغدادي القاضي أبو الحسن ورد قزوين وحدث بها عن علي بن المدني والمعافا بن سليمان وغيرهما، رأيت بخط أبي الحسن القطان ثنا أبو الحسن هذا بقزوين سنة سبع أو ثمان وسبعين ومائتين حدثني علي بن الجعد الجوهري، ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أنا محمد وأنا أحمد وأنا المقفى وأنا الحاشر وأنا نبي الرحمة " .
محمد بن أحمد بن أبي بكر الأصبهاني سمع طرفاً من أول سنن الصوفية للشيخ أبي عبد الرحمن السلمي من الإمام أحمد بن إسماعيل الطالقاني بقزوين وقال السلمي في صدر الكتاب أنبا محمد بن محمد بن سعيد الأنماطي ثنا الحسن بن علي بن يحيى ثنا محمد بن علي الترمذي ثنا سعيد بن حاتم البلخي ثنا سهل بن أسلم ثنا خلاد بن محمد ثنا أبو حمزة السكري عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً على أهل الصفة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم فقال ابشروا يا أصحاب الصفة فمن بقي من أمتي على النعت الذي أنتم عليه راضياً بما فيه فإنه من رفقائي.
يزيد النحوي هو ابن أبي سعيد أبو الحسين النحوي مولى قريش روى عن عكرمة ومجاهد وروى عنه حسين بن واقد وأبو حمزة السكري هو محمد بن ميمون المروزي.

محمد بن أحمد بن جابارة أبو سليمان الجاباري القزويني سمع أبا طلحة الخطيب في الطوالات لأبي الحسن القطان بسماع الخطيب منه أنبا أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون أنبا أبان بن أبي عياش قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الكلام في القنوت، فقال اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير، ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى، ونحفد ونرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد أن عذابك بالكافرين ملحق، اللهم عذب الكفرة والق في قلوبهم الرعب وخالف بين كلمتهم وانزل عليهم رجزك وعذابك.
اللهم عذب الكفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك ويجهدون بآياتك ويجعلون معك إلهاً لا إله غيرك، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلحهم واستصلحهم وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وثيتهم على ملة رسولك، وأوزعهم أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم، وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه وانصرهم على عدوهم، وعدوك إله الحق قال أنس والله أن أنزلنا إلا من السماء.
أبان بن أبي عياش هو أبو إسماعيل البصري يروي عن شعبة إساءة القول فيه.
محمد بن أحمد بن جعفر أبو الطيب، فقيه قزويني رأيت شهادته على حكومة القاضي أبي سعيد عثمان بن أحمد العباد آبادي في سجل أثبت في رمضان سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، ويشبه أن يكون أبو الطيب هذا هو الذي يوجد سماعه عن أبي منصور القطان وأبو بكر الجعابي وفيما سمع الجعابي سنة خمسين وثلاثمائة، حديثه عن الفضل بن الخباب عن أبي الوليد ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العمري جائزة يقال أعمرته داراً أو إبلا إذا أعطيته وقلت له هي لك عمرك أو عمري والاسم العمري مشتقة من العمر.
محمد بن أحمد بن جعفر الزنجاني سمع بقزوين كتاب تعبير الرؤيا لأبي حاتم محمد بن إدريس الحنظلي وهو في جزء واحد خفيف من أبي الحسن القطان بروايته عن أبي حاتم وسمع من أبي الحسن في الطوالات يحدث عن حازم ابن يحيى قال ثنا محمد بن الصباح أنبا عمار بن محمد عن الليث عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البرأ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: : يكسى الكافر لوحين من نار في قبره، فذلك قوله تعالى: " لهم من جهنم مهاد، ومن فوقهم غواش وكذلك نخزي الظالمين " .
محمد بن أحمد بن حاجي أبو الفوارس الرزاز تفقه مدة وسمع الحديث وأجاز به عامة شيوخ والدي رحمهما الله في أسفاره بتحصيله له.
محمد بن أحمد بن الحسن بن زيد المالك الفقيه، أبو سعد القزويني كان كبير الحمل في الفقه يفضل على المالكيين في أيامه قال الخليل الحافظ ولم نر بقزوين مثله زهداً وديانة وكان ختن محمد بن الحسن بن فتح الصفار، سمع أبا الحسن القطان ومحمد بن هارون الثقفي وعلي بن أحمد ابن يوسف الشيباني، وميسرة بن علي، وعلي بن أحمد بادوية الصوفي، والقاضي أبو بكر الجعابي وسمع ببغداد أبا بكر محمد بن عبد الله الشافعي، وأحمد بن خلاد النصيبي وبالبصرة فاروق بن عبد الكبير الخطابي، وأجاز له رواية ما صح عنده من حديثه أبو حفص بن شاهين سنة خمس وسبعين وثلاثمائة كذلك أبو الحسن علي بن محمد القزويني القاضي بمصر، وأجاز له أبو الصعاليك محمد بن عبيد الله بن يزيد الطرسوسي، جزأ من حديثه وقال فيه حدثني أبو عبيد الله بن يزيد ثنا أبو علي الحسن بن محمد ثنا إسحاق بن شاهين الواسطي ثنا محمد بن يعلى الكوفي ثنا عمر بن صبيح عن أبي سهل عن الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " تنظفوا بكل ما استطعتم فإن الله بنى الإسلام على النظافة،ولم يدخل الجنة إلا كل نظيف " وروى عنه غير واحد منهم أبو مسعود البجلي، حدث عنه في الأربعين من جمعه بسماعة منه بمكة، وتوفي أبو سعد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.

محمد بن أحمد بن الحسن السجزي أبو عبد الله المعروف بخوبكار شيخ عزيز قنوع متبرك بسيرته عارف بالفقه والحديث، سمع وكتب وسافر الكثير وجاور بمكة سنين ولقيته بالري وقزوين، وأجاز لي وحدث بقزوين عن القاضي عمر بن محمد بن الفضل بن علي، قال: ثنا والدي ثنا عبد العزيز بن أحمد الحلواني ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم الفارسي ثنا أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل أنبا علي بن محمد بن مروان السامري ثنا الزبير بن بكار ثنا عبد الله بن نافع المديني ثنا عبد الله ابن مصعب بن زيد بن خالد الجهني عن أبيه عن جده زيد بن خالد.
قال تلقيت هذه الخطبة من في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتبوك، وسمعته يقول " أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد، وأشرف الحديث، ذكر الله وأحسن القصص هذا القرآن " ، وكان لهذا الشيخ اعتناء بأن يستجيز من الشيوخ لمن أدرك حياتهم.
ممن فعل ذلك باستجازته حمزة بن إبراهيم بن حمزة البخاري وأبو المكارم فضل الله بن محمد بن أحمد النوقاني ومحمد بن ناصر بن سهل النوقاني البغدادي الأصل وأبو بكر بن أبي عبد الله الطرابلسي نزيل مكة والقاسم بن علي بن الحسين بن هبة الله بن عساكر الشافعي.
محمد بن أحمد بن الحسن أبو بكر الشعيري القزويني رأيت بخط بعضهم ثنا أبو بكر الشعيري هذا بالدينور، ثنا أبو حازم محمد بن أحمد بن عبد الحميد الزاهد بآمل ثنا علي بن محمد بن ماهان ثنا عمر بن سعيد بن سنان ثنا حاجب سليمان ثنا محمد بن مصعب ثنا الحسن بن دينار عن الحسن بن جحدر عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: : لا يصلح التملق والحسد إلا في طلب العلم " .
محمد بن أحمد بن الحسين بن مهران القزويني كان يعرف طرفا من الفقه وسمع الحديث وأجاز له الشيخ أبو الوقت عبد الأول سنة اثنين وخمسين وخمسمائة باستجازة أخيه القاضي الحسين بن أحمد وأخوه الحسين وأبوهما وجدهما فقهاء عندهم محصول.
محمد بن أحمد بن الحسين أبو بكر البابي سمع بقزوين من أبي الحسن القطان تعبير الرؤيا لأبي حاتم الرازي بسماع أبي الحسن منه وقد يوجد في بعض الأجزاء محمد بن أحمد بن عيسى البابي أبو بكر وكذلك نسبه محمد بن الحسين بن عبد الملك البزاز وروى عنه، ويمكن أن يكون هذا غير الأول.
محمد بن أحمد بن حمدان، سمع بقزوين تفسير قتادة من محمد ابن الفضل بن موسى بروايته، عن محمد بن عبيد بن حسان عن محمد بن ثور عن معمر.
محمد بن أحمد بن الخضر ابن زيتارة أبو منصور القزويني يعرف بأميركا فقيه جليل سمع علي بن الحسن الصيدناني وأبا طلحة القاسم بن أبي المنذر وسمع أبا عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، حين قدم قزوين سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، جزأ من حديث أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن إسحاق المصري برواية أبي عمر عنه.
فيه ثنا الربيع بن سليمان ثنا عبد الله بن وهب أخبرني سليمان بن بلال حدثني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: " فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً وأرسلت إلى الناس كافة وختم بي الأنبياء " .
رأيت تعليقة أبي منصور في علم الفرائض وحده في مجلدتين ضخمتين، عن أبي الحسن أحمد بن أحمد بن محمد الفارسي الكازروني علقهما عنه بمدينة السلام، وسمع سنن أبي داؤد السجستاني من أبي عمر الهاشمي بروايته عن اللؤلؤي عن أبي داؤد، روى عنه نظام الملك الحسن بن علي بن إسحاق وأجاز للحافظ إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي سنة ثمان وستين وأربعمائة.
رأيت بخط والدي رحمه الله أن الشيخ أبا منصور بن زيادة أنشد في آل ماك حين خلا مسجدهم عن مشائخهم.
هذي منازل أقوام عهدتهم ... في ظل عيش أنيق ما لهم خطر
صاحب بهم بأبيات الدهر فانقلبوا ... إلى القبور فلا عين ولا أثر

محمد بن أحمد بن الخضر المؤدب، سمع مع أبيه من أبي الفتح الراشدي بقراءة خدا دوست الديلمي سنة اثنين وعشرين وأربعمائة التاريخ الصغير للإمام محمد بن إسماعيل البخاري، أو بعضه وهو يرويه عن جبرئيل ابن محمد بن إسماعيل عن القاضي أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن لأشقر عن البخاري، وسمع من الراشدي بهذا التاريخ جزأ من حديث أبي القاسم علي بن أحمد بن راشد الدينوري بسماعة منه بها.
قال فيه ثنا أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الحكم، حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم ثنا أحمد بن عمر قال: خرج عمر بن عبد العزيز ذات يوم في مركب له فهاجت ريح شديدة فتقنع عمر بثوبه ثم جلس وهو يقول:
من كان حين تصيب الشمس جبهته ... أو الغبار يخاف الشين والشعثا
ويألف الظل كي تبقي بشاشته ... فسوف يسكن يوماً راغماً جدثه
في قعر مظلمة غبراء مقفرة ... يطيل تحت الثرى في جوفها اللبثا
محمد بن أحمد بن ديزويه المقرئ القزويني، سمع علي بن محمد بن مهرويه، وروى عنه الخليل بن عبد الله الحافظ، وفيها روى عنه حدثه عن ابن مهرويه قال ثنا محمد بن علي ثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يحب الحلو أو العسل ورأيت شهادة ابن ديزويه على عيسى بن أحمد القاضي بقزوين في سجل أنشأ سنة تسع وسبعين وثلاثمائة.
محمد بن أحمد السري أبو بكر القرشي، سمع الحديث بقزوين وكان قاضياً بالديلمان حدث بقاراب منها سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة عن أبي القاسم عبد العزيز بن ماك القزويني قال ثنا أبو علي الحسن بن علي ابن نصر الطوسي، ثنا الحسن بن عرفة ثنا محمد بن مروان الكوفي عن عمرو بن منصور عن الحجاج بن فرافصة عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: : من قرأ القرآن طاهراً أو ناظراً حتى يختمه غرس الله له به شجرة في الجنة لو أن غراباً أفرخ في ورقة منها، ثم نهض يطير لأدركه الهرم، قبل أن يقطع تلك الورقة من تلك الشجرة.
محمد بن أحمد بن سلمة بن عمار العجلي، أبو بكر المقرئ، يعرف بابن كوجك القزويني من المتقدمين، روى عن أبي مصعب المديني صاحب مالك وسمع منه على ابن إبراهيم، وأحمد بن محمد بن ميمون، ذكر الخليل الحافظ أنه مات سنة تسعين ومائتين.
محمد بن أحمد بن سلام الصوفي الرازي، سمع مشيخة ميسرة بن علي سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وفي المشيخة ثنا أبو العباس أحمد بن الصلت المغلس ابن أخي حبارة ثنا يحيى بن سليمان بن بصلة المالكي ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لرد دانق من حرام أفضل عند الله من سبعين حجة مبرورة " محمد بن أحمد بن سهلويه الصيرفي، رأيت في بعض الأجزاء العتيقة، ما أشعر يكونه من الشيعة وبأنه سمع بقزوين، وسمع منه بها أن لم يكن قزويناً وفي الجزء، ثنا محمد بن أحمد بن سهلويه الصيرفي ثنا أبو العباس محمد بن حمكويه الرازي الخطيب، بقزوين، ثنا العباس حمزة النيسابوري ثنا أحمد بن عبد الله ثنا نصر بن ثابت عن الأشعث، عن الحسن قال بلغني أن الله تعالى ملكاً في السماء له ألف ألف رأس في كل رأس ألف ألف وجه، في كل وجه ألف ألف فم في كل فم ألف ألف لسان يسبح الله بكل لسان بلغة.
قال فقال الملك هل خلقت خلقاً أكثر تسبيحاً لك مني قال فقال الرب إن لي في الأرض عبداً أكثر تسبيحاً منك، قال فقال له الملك يا رب أفتأذن فآتيه قال نعم، فأتى الملك ينظر إلى تسبيحه فكان الرجل يقول: سبحان الله عدد ما سبحه المسبحون منذ قط إلى الأبد، أضعافاً مضاعفة أبداً سرمداً، إلى يوم القيامة والحمد لله عدد ما حمده الحامدون منذ قط إلى الأبد أضعافاً كذلك، ولا إله إلا الله عدد ما هلله المهللون منذ قط إلى الأبد، كذلك والله أكبر عددها كبره المكبرون، منذ قط إلى الأبد كذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله عدد ما مجده الممجدون، منذ قط إلى الأبد كذلك.
قال أحمد قال نصر بن ثابت لو أن عبداً تكلم بهذا في السنة مرة لكان من الذاكرين.

محمد بن أحمد بن أبي سهل البيع المروزي سمع بقزوين من الإمام أبي حفص عمر بن محمد بن عمر بن زاذان هبة الله سنة ثمان وأربعين وأربعمائة في مسند أبي إسحاق إبراهيم بن نصر الرازي بروايته عن أبي طالب أحمد بن علي بن أبي رجاء عن سليمان بن يزيد القاضي عن إبراهيم، قال: ثنا الجمابي أنبا جرير بن عبد الحميد عن ليث عن شيخ عن معقل بن يسار قال قال أبو بكر الصديق وشهدته على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال فقال أخفى فيكم من دبيب النمل.
قال أبو بكر يا رسول الله وهل الشرك إلا من دعا مع الله إلهاً آخر، قال: فقال الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل ثم قال ألا أعلمك شيئاً يذهب عنك صغاره وكباره، قل اللهم إني أعوذ بك من الشرك بك وأنا أعلم واستغفرك لما لا أعلم.
محمد بن أحمد بن سويد القزويني أبو عبد الله التميمي المعلم، سمع علي بن أبي طاهر، وأبا علي الطوسي وإبراهيم الشهرزوري وعبد الله بن محمد الإسفرائني، قال الخليل الحافظ روى لنا جزأً واحداً عن علي بن أبي طاهر، وذكر أنه ولد سنة أربع وثمانين ومائتين ومات سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة ويقال سنة تسع وسبعين.
محمد بن أحمد بن سوار، سمع أبا علي الحسن بن علي الطوسي بقزوين أجزاء من القراءت لأبي حاتم السجستاني وفيما سمع: سأوريكم داد الفاسقين، قراءة العامة سأريكم من أرى يرى، وحدثني يعقوب حدثني يوسف، صاحب المشاجب، عن عوف عن قسامة بن زهير أنه قرأ سأورثكم وهو حسن لقوله تعالى: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون، ويقويه إثبات الواو في سأوريكم، وكان الوجه على قرأة العامة أن نكتب سأريكم بغير واو لكنهم كتبوا أوليك بالواو ولا واو في اللفظ.
محمد بن أحمد بن شيبان، سمع أبا الحسن القطان بقزوين في جماعة يقول ثنا حازم بن يحيى ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسحاق بن منصور عن أبي رجاء عبد الله بن واقد عن محمد بن مالك عن البراء قال جلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قبر فبكى حتى بل الثرى، ثم قال إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا.
محمد بن أحمد بن صالح الوراق القزويني، روى عن علي بن محمد ابن مهرويه وسليمان بن يزيد، روى الخليل الحافظ في مشيخته، فقال ثنا محمد بن أحمد بن صالح الوراق ثنا سليمان بن يزيد ثنا أبو حاتم الرازي ثنا قطبة بن العلاء ثنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ارحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء ابن عفان وأقضاهم علي وأفرضهم زيد وأقرأهم أبي وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ورأيت بخطه أجزاء من مسند أبي داؤد الطيالسي، وكتب في مواضع منها محمد بن أحمد ابن صالح بياع الحديد فيمكن أن يكون أخا علي بن أحمد بن صالح المعروف.
محمد بن أحمد بن عبد الأعلى بن القاسم الأندلسي أبو عبد الله المقرئ سمع بقزوين علي بن أحمد بن صالح، وذكر الخليل الحافظ في مشيخته أنه قدم قزوين سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وأنه حدثهم، فقال ثنا أبو إسماعيل خلف ابن أحمد بن العباس الرامهرمزي ثنا همام بن محمد ابن أيوب العبدي ثنا حفص بن عمر ثنا سعيد أبو عثمان القداح المكي عن ابن جريج عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن أهل الدرجات لينظرون إلى أهل عليين كما تنظرون إلى الكوكب الدري في أفق السماء وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما " قال الحافظ الخيل رأيت الحاكم أبا عبد الله كتبه عن رجل عن خلف قال وأنشدنا أبو عبد الله الأندليسي أنشدنا لؤلؤ القيصري:
كأنه قد سقانا ... بكأسه حيث كانا
ما أقرب الموت منا ... تجاوز الله عنا
ذكر الحاكم أو عبد الله الأندليسي هذا في تاريخه، وروى عنه، وقال: إنه كان متقدماً في علم القرآن، وإنه سمع بمصر والشام والعراق والجبال وأصبهان وأنه ورد بلاد خراسان وتوفي بسجستان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.

محمد بن أحمد بن عبد الله وتعرف بابن خدا داذ أبو عبد الله الجيلاني ثم القزويني تفقه بقزوين ثم بأصبهان، وسمع الحديث بها، وحصل كتباً نفسية وعنده إجازة الشيخ عبد الأول والحسن بن العباس الرستمي وعبد الجليل ابن محمد كوتاه وأبي الخير الباغيان أجازوا له سنة اثنين وخمسين وخمسمائة، وسمع لهذا التاريخ بأصبهان من أبي مسعود عبد الرحيم بن أبي الوفاء بن أبي طالب، الأربعين على مذاهب المتصوفة للحافظ أبي نعيم بروايته عن أبي علي الحداد عنه.
فيه ثنا عبد الله بن محمد الواسطي ثنا عبد الله بن محطبة ثنا محمد ابن الصباح ثنا الوليد بن موسى عن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي بن حرب أن رجلاً قال يا رسول الله، إن نأكل وما نشبع قال فلعلكم تفرقون على طعامكم اجتمعوا عليه واذكروا اسم الله يبارك لكم.
محمد بن أحمد بن عبد الله العجلي أبو العباس القزويني سمع سهل ابن زنجلة، وروى عنه ميسرة بن علي قال في مشيخته ثنا أبو العباس العجلي هذا في داره في مدينة المبارك سنة تسع وتسعين ومائتين ثنا سهل بن زنجلة ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
محمد بن أحمد بن عبد الله النيسابوري أبو سعيد الفارسي سمع كتاب اليوم الليلة لأبي بكر بن السني من الشيخ اسكندر الخيارجي في خانقاهه بقزوين سنة اثنين وتسعين وأربعمائة محمد بن أحمد بن عبد الله المؤدب القزويني، سمع أبا الفتح الراشدي سنة أربع عشرة وأربعمائة.
محمد بن أحمد بن عبد الواسع البابائي أبو طاهر القزويني فقيه، سمع مسند الشافعي رضي الله عنه من الشيخ أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي، بروايته عن السلار مكي وفضائل القرآن لأبي عبيد من أبي زرعة أيضاً بروايته عن أبي منصور المقومي، وسمع أبا سليمان الزبيري، وأبا الفضل الكرجي ووالدي وأقرانهم رحمهم الله وما سمع من أبي الفضل الكرجي أجزاء جمعت من مسموعاته.
فيها ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي عم جدي ثنا علي بن الحسن القطان ثنا محمد بن يونس بن موسى البصري ثنا المنهال بن حماد ثنا الحسن بن عجلان عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق، ذو الشيبة في الإسلام والإمام المقسط ومعلم الخير " محمد بن أحمد بن العباس سمع أبا الحسن القطان بقزوين يقول في الطوالات ثنا أبو يعقوب إسماعيل بن محمد بن أبي كثير الفارسي، قاضي المدائن ببغداد سنة إحدى وثمانين ومائتين، أنبا مكي بن إبراهيم ثنا إسماعيل ابن رافع عن محمد بن يزيد عن أبي زياد عن رجل من الأنصار عن محمد ابن كعب القرظي عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ونحن عصابة من أصحابه فينا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما " فقال إن الله عز وجل لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل عليه السلام وهو واضع على فيه، شاخصاً بصره إلى العرش ينتظر متى يومر حديث الصور بطوله.
محمد بن أحمد بن عثمان بن طلحة بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام الزبيري قال الخليل الحافظ سمع إسحاق بن محمد وعلي بن جمع وابن مهرويه وعلي بن إبراهيم وسليمان بن يزيد وأحمد بن محمد بن ميمون وسمعنا منه وانتخبت عليه وعمر حتى نيف على المائة سنة ثمان وأربعمائة ولم يرزق ولداً.

محمد بن أحمد بن عمر الفنجكروي أبو نصر النيسابوري، شيخ من أهل العلم، حسن السيرة والطريقة وكان من المختصين بالإمام عبد الرحمن الأكاف، ورد قزوين غير مرة وسمعت منه بتبريز كتاب الأربعين لعبد الرحمن الأكاف سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وسمعت منه بأبهر بقراءة والدي عليه رحمهما الله سنة أربع وستين وخمسمائة، وأخبركم فضل الله بن إسماعيل بن سعد الكبكاني أنبا علي بن منصور الهروي، أنبا أبو علي المظفر بن إلياس السعيدي ثنا أبو بكر محمد بن أحمد الحدادي ثنا أبو معاذ عبد الرحمن بن محمد بن علي ثنا أحمد بن محمد بن علي السعيدي بجرجان ثنا عبد الله بن أحمد ثنا محمد بن المسيب الأرغياني ثنا أحمد بن شيبان الرميلي ثنا عبد الله بن ميمون ثنا جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جابر ابن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " سارعوا في طلب العلم فالحديث من صادق خير من الدنيا وما عليها من ذهب وفضة " محمد بن أحمد بن علي بن أسد البردعي الحافظ المعروف بابن جرادة الأسدي أبو الحسن ورد قزوين وحدث بها قال الخليل الحافظ في الإرشاد هو وأبوه حافظان مذكوران وسمع محمد بن العراق البغوي، وابن أبي داؤد ابن صاعد، بالشام أبا عمير النحاس وآخرين، وروى بالري وقزوين من حفظه سنتين زيادة على ثلاثة آلاف حديث ولم يكن معه ورقة من الأصول وفي أماليه غرايب مستفادة وحدثنا عنه شيوخنا وكهولنا ومات بقزوين سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وفي مجموع التواريخ سنة سبع وأربعين وثلاثمائة.
أنبأنا محمد بن عمر الحافظ، قال قرأت على أبي نصر أحمد بن الغازي أنبا الواقد بن الخليل بن عبد الله، سنة ثمان وستين وأربعمائة، عن أبيه عن جده أنبأ محمد بن أحمد البردعي، بقزوين أخبرني إسحاق بن محمد بن مروان أن أباه حدثهم ثنا محلد بن شداد ثنا يحيى بن عبد الرحمن الأرزق عن أبان ابن تغلب ومحمد بن خالد الضبي عن أبي إسحاق عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قفل من سفر قال: آئبون تائبون لربنا حامدون.
محمد بن أحمد بن علي بن إبراهيم المؤدب، سمع أبا حاتم بن خاموش سنة تسع وأربعمائة بقزوين وأبا الحسن بن إدريس سنة ثمان وأربعمائة، وأبا الفتح الراشدي جزءاً من فوائده سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وفي الجزء ثنا علي بن أحمد بن صالح، ثنا أبو بكر الذهبي حدثني عيسى بن أحمد العسقلاني، بأسناده عن عمر بن عبد العزيز، قال حسدت الحجاج على خصلتين حبه للقرآن وإعطائه عليه، وقوله اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل، ، وفيما سمع أبا حاتم بن خاموش قوله سمعت أحمد بن علي بن سعدويه الأسفرائني، سمعت إبراهيم بن محمد الفقيه النصرابادي، سمعت أبا علي الرزوباري بمصر يقول: دخل أحمد بن أبي الحواري مصر فاستقبلته جنازة فيها عالم من الناس فسأل عنه فقالوا جنازة فتى سمع قائلاً يقول: كبرت همة عين طمعت في أن تراكا فصرخ ومات.
محمد بن أحمد بن علي بن عامر العامري القزويني الأصل ذكر الشيخ الإمام محمود بن محمد بن عباس الخوارزمي فيما جمع من تاريخ خوارزم، أنه فقيه نبيل من أصحاب الحديث بخوارزم تفقه بها وكان أصله من قزوين دخل أبوه خوارزم مع السلطان محمود قال: رأيت سماعه عن أبي عبد الله الحمديجي.
محمد بن أحمد بن علي السراج، سمع تفسير بكر بن سهل الدمياطي، أو بعضه من أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد الكيساني بقزوين وهذا تفسير يرويه بكر عن عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس عن موسى بن عبد الرحمن عن مقاتل ابن سليمان الضحاك عن ابن عباس.
محمد بن أحمد بن علي الواعظ المعروف بلام أبو بكر القزويني مذكر محقق حسن الكلام ورأيت له مختصراً سماه بآداب المريدين شرح فيه مقامات السالكين، وقال فيه: سمعت مشائخنا، يقولون إن الرضا استقبال البلاء بالفرح والسرور، وأنا أقول إن ذلك يكون من قرب النفس من انفكاك رق الهوى استنارة القلب من الظلمة وصفاء مشاهدة الغيب بلا كدر فيتلذذ بورود البلاء عليه، سمع هذا المختصر جماعة منه سنة إحدى وأربعمائة.

محمد بن أحمد بن علي بن محمد التميمي أبو عبد الله القزويني، روى عن ابن أبي طاهر وإبراهيم بن محمد بن عبيد، ومحمد بن هارون بن الحجاج، حدث عنه الخليل الحافظ في مشيخته وذكر أنه حدثه سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، فقال هو محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن أسود بن سعيد بن عتاب ابن سليك بن إياس بن حصين بن قيس بن همام بن يربوع بن حنظلة بن عبد مناف ابن قصي بن مرة بن كعب التميمي قال: ثنا علي بن أحمد المعروف بابن أبي طاهر ثنا أحمد بن محمد الأثرم صاحب أحمد بن حنبل ثنا القعنبي ثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بنى أحمد بن إبراهيم التميمي عن علقمة قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر حديث الأعمال بالنية.
محمد بن أحمد بن علي، أبو عبد الله بن أبي سعد القزويني المقرئ سكن مصر مذكور بها بالقراآت والروايات، وسمع بها وبالشام وبالحجاز وغيرهما، أخبرنا الحافظ أحمد بن سلقة بالإجازة العامة والخاصة أنبأ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الرازي أنبا محمد بن أبي سعيد القزويني بمصر أنبا الميمون بن حمزة بانتقاء عبد الغني الحافظ ثنا أحمد بن محمد الطحاوي ثنا أحمد بن أبي عمران ثنا إسحاق بن إسماعيل، سمعت أبا معاوية يقول إنما سميت الأكدرية لأن قول زيد بن ثابت رضي الله عنه تكدر فيها.
محمد بن أحمد بن علي بن أحمد، تعرف أبوه بالكيا حاجي الخضري، كان قومه وقبيلته معروفين بالثروة والسادة والجاه، ويُقال أن أصلهم من جيلان، سمع محمد الحديث من أبي منصور المقرئ سنة أربع وسبعين وأربعمائة.
محمد بن أحمد بن لام أبو العباس قزويني، سمع الخضر بن أحمد إعراب القرآن، لأحمد بن يحيى ثعلب بسماعة من أبي الحسن القطان عنه.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن ميمون بن عون الكاتب، أبو بكر القزويني من بيت العلم والحديث، بقزوين وسيأتي أسماء أقاربه وسلفه في مواضعها إن يسر الله تعالى، سمع إسحاق بن محمد، ومحمد بن هارون بن الحجاج، وعلي بن جمع، وعم أبيه علي بن أحمد بن ميمون، وسمع بالري عبد الرحمن بن أبي حاتم، وكان من المكاثرين، قال الخليل الحافظ: كان أبوه أحمد بن محمد وعمه القاسم بن انتخبنا له عن الشيوخ ألف جزء وحدث عنه الخليل في مشيخته.
قال ثنا إسحاق بن محمد الكيساني، ثنا محمد بن إسحاق الصنعاني ثنا روح بن عبادة ثنا سعيد عن المفضل بن فضالة عن أبي رجاء العطاردي قال خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف خز ولم نره عليه قبل ولا بعد فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " يقول إن الله تعالى إذا أنعم على عبد نعمة فإنه يحب أن يرى أثر ذلك عليه حسناً " قال الصنعاني: لم يروه عن سعيد غير روح وهو ثقة وحدث عنه الخليل أيضاً قال: ثنا عم أبي علي بن أحمد بن ميمون ثنا أبو حاتم الرازي ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا الشافعي، قال قيل لعمرين بن عبد العزيز ما تقول في أهل صفين قال تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني.
محمد بن أحمد بن محمد بن إسحاق السني، سمع مشيخته ميسرة بن علي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وفيها سمعت أبا جعفر أحمد بن كثير الدينوري، يقول: سمعت إسحاق ابن داؤد الشعراني، يقول: سألت أحمد بن حنبل أو سأله رجل عن شرب الفقاع فقال: بلغني عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أنه كان يشرب الفقاع قال فقلت له: فإن قوماً يكرهونه قال: أحدثك عن واثلة صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتقول قوماً يكرهون قال أحمد بن كثير ثم لقيت أنا أحمد بن حنبل فقلت له حدثني عنك أبو يعقوب في شرب الفقاع هو كما قال: عن واثلة فقال نعم.

محمد بن أحمد بن محمد بن أمية بن آدم بن مسلم، أبو أحمد الساوي من بيت العلم، جده محمد بن أمية كبير في الحديث، ورد محمد بن أحمد قزوين وحدث بها وروى عنه أبو الحسن القطان حديث الخليل الحافظ عن الحسن بن عبد الرزاق قال ثنا علي بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن محمد بن أمية ورد علينا قزوين، ثنا أبي ثنا أبو محمد بن أمية ثنا نوفل ابن سليمان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن في بعض ما أنزل الله على نبي يقول الله تعالى: " ابن آدم، أخلقك وأرزقك وتعبد غيري، ابن آدم أدعوك وتفرقني، ابن آدم أذكرك وتنساني، ابن آدم اتق الله ونم حيث شئت - رواه أحمد ابن فارس في بعض أماليه عن علي بن إبراهيم كذلك.
محمد بن أحمد بن محمد بن الخضر القزويني ذكر الخليل الحافظ أنه سمع الحسن بن علي الطوسي وإبراهيم الشهزوري ومحمد بن يونس بن هارون ووثقة، مات سنة نيف وستين وثلاثمائة، وهو أخو الخضر بن أحمد بن محمد الخضر الفقيه.
محمد بن أحمد بن راشد أبو بكر بن أبي الوزير القزويني حدث عنه أبو الحسن القطان في الطوالات فقال: ثنا محمد بن أبي الوزير القزويني ثنا أحمد بن محمد بن أبي سلم ثنا محمد بن حسان ثنا أسباط ومالك بن إسماعيل عن أبي إسرائيل عن الحكم قال: شهد مع علي رضي الله عنه ثمانون بدرياً ومائتان وخمسون ممن بايع تحت الشجرة - وبه عن محمد بن حسان ثنا نصر عن عبد الله بن مسلم الملائي عن أبيه عن حبة العرني عن علي رضي الله عنه أنه تقدم على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشهباء بين الصفين.
قال فدعا الزبير فكلمه فدنا حتى اختلفت أعناق دابتهما، فقال: يا زبير أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ستقاتله وأنت ظالم له قال اللهم نعم قال فلم جئت قال جئت لأصلح بين الناس، قال فأدبر الزبير وهو يقول:
ترك الأمور التي تخشى عواقبها ... لله أمثل في الدنيا وفي الدين
أتى علي بأمر كنت أعرفه ... قد كان عمر أبيك الخير مذ حين
فقلت حسبك من عذل أبا حسن ... بعض الذي قلت من ذا اليوم يكفيني
فاخترت عاراً على نار مؤججة ... أتى بقول لها خلقا من الطين
قد كنت أنصره حينا وينصرني ... في النايبات ويرمي من يراميني
حتى ابتلينا بأمر ضاق مصدره ... فأصبح اليوم ما يعنيه يعنيني
محمد بن أحمد بن محمد بن أبي سماعة القزويني، قال الحافظ الخليل: هو من العدول في الرواية سمع عبد الله بن الجراح، وعلينا الطنافسي، وروى عنه العليان ابن مهرويه وابن إبراهيم وسليمان بن يزيد مات بعد ثمانين ومائتين.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، سمع مشكل القرآن لابن قتيبة أو بعضه من أبي الحسن القطان بقزوين، بسماعه عن أبي بكر المفسر، عن ابن قتيبة وسمع في غريب الحديث لأبي عبيد من أبي القاسم علي بن عمر الصيدناني بروايته عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد ثنا يزيد عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين أن مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مريد اليتيمين في حجر معاذ بن عفرا فاشتراه معوذ بن عفرا فجعله للمسلمين، فبناه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسجداً.
المربد كل موضع حبست فيه الإبل ومنه مربد النعم بالمدينة ومربد البصرة وهو سوق الإبل والمربد أيضاً الموضع المهيأ للتمر كالبيد للحنطة وأصل الكلمة الإقامة واللزوم يقال ربد بالمكان أقام به.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله أبو جعفر المقرئ الرازي سمع بقزوين أباه العباس، أحمد بن محمد المقرئ سنة سبع وأربعين وخمسمائة الأربعين في الرباعي عن الأربعين تخريج أبي إسحاق المراغي الرازي، برواية أبيه عن أبي غالب الصيقلي الجرجاني عنه.

محمد بن أحمد ابن محمد بن علي بن مردين، أبو منصور النهاوندي، ورد قزوين وحدث بها ذكر أبو نصر حاجي بن الحسين بن عبد الملك أن أبا منصور هذا حدثه بقزوين لفظاً قال ثنا أبي قال أملى علينا أبو حفص عمر بن عبيد بن هارون القطان ابن بنت عمار بن كثير الواسطي بها، ثنا محمد بن علي الوراق ثنا سعد بن شعبة بن الحجاج، سمعت أبي شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسر إلى رجل فقال إذا أردت أن تنام فقل: اللهم أني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة لا ملجاء ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فقال الرجل برسولك فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنبيك، فإن مات من ليلته مات على الفطرة.
محمد بن أحمد بن محمد بن الفرج بن فروج أبو زرعة بن أبي بكر يعرف بابن متويه القزويني من المشهورين المكثرين قال الخليل الحافظ: كان عالماً بهذا الشأن وارتحل إلى أبي خليفة سنة ثلاثمائة، وسمع بقزوين علي بن أبي طاهر، ومحمد بن مسعود وغيرهما ودخل الشام ومصر سنة ثلاثين فمات عند رجوعه بقرميسين وهو في حد الكهولة.
أنبأنا محمد بن عبد الكريم عن إسماعيل بن عبد الجبار عن الخليل ابن عبد الله، حدثني عبد الله بن محمد ثنا الزبير بن عبد الواحد، حدثني أو زرعة بن متويه ثنا خالي الحسن بن يعقوب ثنا أحمد بن عيسى بن زنجة ثنا القاسم بن الحكم ثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كذب على متعمداً فليتبوأ معقده من النار.
قال الخليل غريب من حديث أبي حنيفة بهذا الأسناد إنما المشهور حديث أبي حنيفة عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل الخطيبي القزويني، أبو حامد ابن أبي بكر ابن بنت عمتي حصل طرفاً من الخلاف، والفقه وكان له طبع قويم وشعر وجرى في الكلام، وصرف أكثر همه إلى التذكير، وفي سلفه فقهاء وعدول وشروطيون، وسمع الحديث من عطاء الله بن علي ابن ملكويه ومات في أول حد الكهولة.
محمد بن أحمد بن محمد بن ماوا أبو جعفر القزويني سمع ناصر ابن أحمد بن الحسين الفارسي وأبا منصور المقومي سنة تسعة وأربعين وأربعمائة وفيما سمع المقومي ما رواه عن المحسن الراشدي، قال: ثنا علي بن أحمد المقرئ ثنا أبو علي الطوسي ثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي ثنا حفص بن عمر ثنا عبيد الله بن محمد بن عمر بن محمد بن علي عن أبيه عن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول " من كثر همه سقم بدنه ومن ساء خلقه عذب نفسه ومن لاقى الرجال سقطت وذهبت كرامته " سمع أبو جعفر بطبرستان سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة أبا الفرج محمد بن محمود بن الحسن القزويني وأبا حامد عبد الواحد بن أحمد بن أبي أحمد المقانعي.
المادابية قبيلة في البلد كان فيهم علماء عباد وأصلهم من الديلم.
محمد بن أحمد بن محمد أبو طالب المذكر القزويني، سمع كتاب الأحكام تصنيف أبي علي الحسن بن علي الطوسي أو بعضه من محمد بن إسحاق بن محمد الكيساني، وسمع الخضر بن أحمد الفقيه، وأحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وروى فيه محمد بن الحسين بن عبد الملك البزاز في فوائده فقال أنبأنا أبو طالب محمد بن أحمد المذكر ثنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي أنبا يوسف بن يعقوب بن إسماعيل القاضي، ثنا عارم أبو الربيع ومسدد قالوا ثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " تسحروا فإن في السحور بركة " محمد بن أحمد بن محمد أبو منصور القومساني حدث بقزوين فقال ثنا أبو أحمد يحيى بن محمد بن يحيى القاضي، بنهاوند سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ثنا علي بن سعيد العسكري ثنا محمد بن القاسم النيسابوري ثنا عبد الملك بن دليل ثنا أبي عن السدي عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من أراد أن يتمسك بقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه الله في جنة عدن فليتمسك بحب علي بن أبي طالب " .

محمد بن أحمد بن محمد أبو طاهر بن أبي علي الجعفري، السيد ذو الشرفين شريف معروف صاحب ثروة وأمرة ومال وجاه عظيمين، ومحبة للعلم وأهله، وكان أبوه مشهور بالصيانة والديانة، وأمه فاطمة بنت الشريف أبي الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم الجعفري الذي تقدم ذكره وهو والد الأمير شرفشاه، وتولى هو وأخوه أبو طيب رياسة قزوين ولهما يقول الشيخ الإمام أبو الفضل يوسف بن أحمد الجلودي:
إلى السيدين الحفيين بي ... أبي طاهر وأبي الطيب
إلى الراجعيين ليوم الفخار ... إلى النسب الأشرف الأطيب
إلى جعفر بن أبي طالب ... شقيق الرسول وصنوا النبي
كان السيد أبو طاهر معتنياً بسماع الحديث سمع صحيح البخاري من أبي الفتح الراشدي، سنة سبع وأربعمائة والطوالات لأبي الحسن القطان في مجلدات من أبي طلحة الخطيب القاضي عبد الجبار بن أحمد سنة ثمان وأربعمائة حين ورد قزوين ونزل في داره وخرج إلى الحج في هذه السنة وهو الذي بنى دار الكتب على باب الجامع، ووقف عليها أوقافاً، وكان ابتداء وبنيانها سنة خمس عشرة وأربعمائة، وكان يعرف الأدب والتاريخ والشعر ورأيت هذه القطعة منسوبة إليه في غير موضع:
أقول لمن أمسى وأصبح لاهياً ... وإني بما قد قلته لأمين
على الخير لا تندم إذا ما فعلته ... وبادر به إن الزمان خؤون
تصير حديثاً سائراً فاجتهد تكن ... من أحسنه أن أدركتك منون
فكم من كريم نابه الدهر نوبة ... فخيب آمال له وظنون
ألا إنما الدنيا جميعاً بأسرها ... هبوب رياح بعدهن سكون
رياحك يا بن الجعفري غنيمة ... فخذها وللدنيا عليك عيون
رأيت بخط القاضي عبد الملك بن المعافا أن السيد أبا طاهر كتب إلى جده محمد بن عبد الملك من قلعة شروين في صدر كتاب له.
كأن لم يكن بين وبين أحبتي ... سلام ولا حال ولا متعارف
ولد السيد أبو طاهر سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وذكر أنه توفي سنة خمس وأربعين وأربعمائة، لكن رأيت في جزء من حديث أبي طلحة الخطيب سمعه منه أبو طاهر سماع جماعة عليه سنة ست وأربعين وأربعمائة - والله أعلم.
محمد بن أحمد بن محمد الجعفري الرئيس أبو الطيب أخو أبي طاهر كان شجاعاً جواداً وخرج إلى الحج سنة أربع عشرة وأربعمائة، وسمع أبا طلحة الخطيب في الطوالات لأبي الحسن القطان حديثه، عن يحيى بن عبد الأعظم وعمرو بن سلمة الجعفي، قالا ثنا عبد الله بن الجراح ثنا جرير عن ليث عن عبد الرحمن ابن سابط عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ترآبي ربي في أحسن صورة، فقال يا محمد فقلت لبيك وسعديك قال فيم يختصم الملاء الأعلى الحديث " محمد بن أحمد بن أبي بكر محمد الزنجاني أبو بكر، سمع بقزوين التلخيص في القرأآت لأبي معشر عبد الكريم ابن عبد الصمد الطبري من الأستاذ أبي إسحاق الشحاذي سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بسماعه منه.
محمد بن أحمد بن محمد القارئ الرازي، سمع فضائل الصحابة لأحمد بن محمد الزهري بقزوين تطرأة علي بن عبيد الله بن بابويه سنة سبع وأربعين وخمسمائة عن عبد الرحيم بن الشافعي بن محمد الرعوني.
محمد بن أحمد بن المرزبان القاضي روى عنه محمد بن سليمان بن يزيد أنبأنا الإمام أحمد بن حسنويه عن أبي الفتح إسماعيل بن عبد الجبار عن الحافظ الخليل ثنا محمد بن يزيد ثنا محمد بن أحمد المرزبان القاضي بقزوين سنة ثمان وثلاثمائة، ثنا سلمة بن شبيب ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " محمد بن أحمد بن مزيد بن نبهان، أبو الثناء الأسدي الأبهري، فقيه قاض وابن قاض سمع الحديث بقزوين، من الإمام أحمد بن إسماعيل سنة خمس وأربعين وخمسمائة.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9